استثمر مالا لدى مؤسسة فاحترقت البضاعة في مخازنها
[السُّؤَالُ]
ـ[تم استثماري مبلغا من المال لدى إحدى المؤسسات الخاصة للمساهمة في شراء منتج معين ثم بيعه مع العلم أن المشتري موجود في دولة مجاورة على أن يكون مبلغ ربحي 30% من صافي الربح ولكن ما حصل أن المشتري رفض الدفع بعد أن تم شحن البضاعة فما كان من المؤسسة إلا أن أعادت شحن البضاعة مرة أخرى إلى مقرها وتم تخزين البضاعة للبحث عن مشتر آخر وشاء الله أن يتعرض المستودع إلى حريق بسبب أحد الورش المجاورة وتعرض كثير من البضاعة إلى التلف فما هو الحكم الشرعي في مثل هذه الحالة هل أطالب بكامل المبلغ أو أتحمل أنا أيضا ما حصل من تلف علما بأن اتفاقي مع المؤسسة بعدم تحملي أي أضرار ناتجة عن تأخر البيع أو إتمام الصفقة، وأيضا اتفاقي معهم على مدة الاستثمار أربعة أشهر وقد مضى الآن سنة على ذلك الاستثمار؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استثمار هذا المبلغ لدى المؤسسات الخاصة يعتبر مضاربة أنت فيها رب المال تشارك بمالك، والمؤسسة عامل يشارك بجهده وعمله، والربح بينكما النسبة الشائعة المتفق عليها كالنسبة المحددة في السؤال.
ولا يجوز لرب المال أن يشترط ما اشترطت من عدم تحمل الأضرار الناتجة عن تأخر البيع أو إتمام الصفقة، لأن ذلك يؤول إلى شرط ضمان رأس المال، وشرط ضمان رأس المال شرط باطل لأن فيه ضررا على العامل والعامل أيضا مؤتمن فلا يضمن إلا ما فرط فيه.
وبناء على هذا فليس لك المطالبة بكامل المبلغ هذا لكن على المؤسسة أن تطالب من تسبب في الحريق الذي أتلف بضاعتكم بالتعويض عن الخسائر الناجمة عن الحريق.
ثم إن تحديد مدة المضاربة، فيه خلاف بين العلماء فذهب الجمهور إلى أنه يفسد المضاربة، لما فيه من التطبيق على العامل، وزيادة الضرر لأنه ربما بارت عنده سلع فيضطر عند بلوغ الأجل إلى بيعها كاسدة فيلحقه بذلك ضرر، وذهب ألإمام أبو حنيفة والحنابلة في إحدى الروايتين عندهم إلى جواز تقييد المضاربة بمدة نظرا لشبهها بالإجارة ولأن المضاربة أيضا تصرف فيجوز تخصيصه بنوع من المتاع فجاز توقيته بالزمان كالوكالة.
جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في جواز تأقيت المضاربة: فيرى الحنفيّة والحنابلة أنّه يجوز توقيت المضاربة، مثل أن يقول: ضاربتك على هذه الدّراهم سنةً، فإذا انقضت فلا تبع ولا تشتر.
فإذا وقّت لها وقتاً انتهت بمضيّه؛ لأنّ التّوقيت مقيّد، وهو وكيل، فيتقيّد بما وقّته، كالتّقييد بالنّوع والمكان. ولأنّه تصرّف يتوقّت بنوع من المتاع، فجاز توقيته في الزّمان، كالوكالة؛ ولأنّ لربّ المال منعه من البيع والشّراء في كلّ وقت إذا رضي أن يأخذ بماله عرضاً، فإذا شرط ذلك فقد شرط ما هو من مقتضى العقد، فصحّ، كما لو قال: إذا انقضت السّنة فلا تشتر شيئاً.
ويرى المالكيّة، والشّافعيّة، أنّه لا يجوز توقيت المضاربة.
والراجح – والله أعلم هو مذهب الحنفية والحنابلة في إحدى الروايتين ما دام التقييد بزمن يمثل رغبة صاحب المال مع انتفاء الضرر عن الآخر وحصول الرضا منه، لقوله تعالى: إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29} .
ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 10670.
والذي يظهر أن إبقاء مالك عندهم بعد انقضاء المدة المحددة وعدم المطالبة به وعدم اعتراضهم هم على ذلك أن ذلك تراضيا منكما على استمرار المضاربة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1429(12/2860)
الاستثمار في شركة بالبورصة تضمن الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال: هنالك شركات تعمل في البورصات الدولية وتجارة العملات لا أعرف تحديداً كيفية التعامل لديها، فهل تأخذ فائدة هل تدفع فائدة (ربا) أنا أستثمر لديهم مبلغا من المال سيعطوني عليه أرباحا شهرية دون خسارة لم يثبتوا الأرباح ليبتعدوا عن ضمان نسبة أرباح، ولكنهم يدفعون ما مقداره بشكل متوسط 16% ولم يخسر أحد من المستثمرين (أنا إنسان أستفتي قلبي فأبتعد عن هذه الأمور) ، فأفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب في حق المسلم أن يتحرى الرزق الحلال ويرجع إلى أهل العلم ليسألهم عما أشكل عليه من المعاملات، فإذا اختلفوا عليه ولم يترجح عنده من يقلد منهم كان لمسألة استفتاء القلب وجه صحيح معتبر.
أما في المسائل البينة الحرمة فلا وجه لاستفتاء القلب، ومسألة الأخ السائل من هذا النوع إذا كانت الشركة تضمن الخسارة بمعنى تتحمل هي الخسارة إن وجدت فهذا وحده كاف في التحريم، وأيضاً إذا كانت تعطي صاحب المال نسبة مضافة إلى رأس المال كأرباح فهذا محرم، والمشروع في حصة كل منهما أن تكون نسبة شائعة من الربح لا من رأس المال، وهذه الحصة يجب أن يتفق عليها في العقد فيقال للمضارب مثلاً 10 أو 20 أو غير ذلك من الأرباح ولصاحب رأس المال 30 أو 50 وهكذا ولا يجوز أن يقوم العقد على جهالة حصة كل منهما.
وليعلم السائل أن المضاربة في العملات في سوق البورصة لا تنفك عن محاذير شرعية ذكرناها في الفتوى رقم: 94817..
فعليه أن يتحرى كيفية تعامل هذه الشركات، فإذا كانت تقع في هذه المحاذير فيجب عليه ألا يستثمر أمواله فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1429(12/2861)
من صور الضمان في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت مع شريك باستثمار مبلغ من المال بنصف الربح ويعمل بالصيرفة وحسب الاتفاق إذا ضاع المال أو صار عليه شيء بسبب أوضاع العراق وهذا متفق معي ومع بقيه شركاء شريكي ومرت الفترة الماضية بسلام ولكن أخيرا جاء من كان وسيطا له في أحد المصارف ويعمل معه منذ أكثر من سنة واحتال عليه وعلى آخرين وأخذ المال بحجة العمل وذهب ولم يعد فهل لي حق عليه، مع العلم أنه بقي شريكي يعمل لحد الآن.
وجزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
العامل في مال المضاربة أمين لا يضمن إلا في حالة التعدي والتفريط، ومن التعدي أن يضارب بمال المضاربة عند آخر بدون إذن صريح أو تفويض من قبل صاحب رأس المال.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يدفع شخص ماله إلى آخر يضارب له فيه بجزء من ربحه كالنصف والربع ونحو ذلك، ويشترط في المضاربة أن لا يكون رأس المال مضمونا على المضارب إلا في حالة التعدي في العمل أو التفريط في الحفظ، وقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في هذا الشأن راجعها منها الفتوى رقم: 11158، والفتوى رقم: 73222، والفتوى رقم: 94616.
وأما عن حكم ضمان المضارب في الصورة المعروضة فينظر فيه فإذا كان ذلك الشخص المحتال أخذ الأموال من المضارب ليضارب بها بدون إذن سابق من صاحب رأس المال السائل فضاع المال فإن المضارب يضمن لتعديه بأن دفع مال غيره إلى آخر بدون إذن من صاحب المال، وأما إن كان قد أذن له إذنا عاما في أن يضارب مع من شاء، أو خاصا في أن يضارب مع فلان الشخص المحتال فلا ضمان عليه.
وراجع للمزيد في هذه المسألة الفتوى رقم: 77714.
وكذلك يضمن المضارب رأس المال إن دفعه إلى ذلك الشخص بإذن لكنه لم يحتط ولم يستوثق التوثق المتعارف عليه عادة فيكون هذا مفرطا في حفظ المال فيضمن، وجملة ذلك أن ما يعده أهل السوق تفريطا في الحفظ والاستيثاق للمال يضمن به رأس المال.
وراجع ضوابط المضاربة في العملات في الفتوى رقم: 107791.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(12/2862)
المضاربة في الأسهم بشرط ردها بعد عام مع نسبة محددة
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرض إحدى شركات السمسرة بالأوراق المالية الآتي:
أن آخذ من هذه الشركة 1000 سهم وأقوم بالمضاربة بهذه الأسهم لمدة عام وفي نهاية العام أقوم برد هذه الأسهم أو ما يعادلها بالإضافة إلى 15% من قيمتها، فهل هذه المعاملة حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة المذكورة حرام بلا شك لسببين:
الأول: اشتراط ضمان رأس المال، وفي المضاربة المباحة لا يضمن العامل رأس مال المضاربة إلا في حالتي التعدي أو التفريط.
الثاني: اشتراط نسبة مضافة إلى رأس مال المضاربة كربح غير جائز، ولا فرق بين تحديد مبلغ محدد أو نسبة مضافة إلى رأس المال فهما بمعنى واحد، والمشروع في المضاربة أن تكون حصة كل من المضارب وصاحب رأس المال حصة شائعة من الربح، وراجع لتفصيل ذلك وأدلته الفتوى رقم: 103282
وراجع في تأقيت المضاربة الفتوى رقم: 98067.
وراجع في المضاربة بالأسهم وشروطها الفتوى رقم: 3099.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(12/2863)
تخسر ما ضاع من رأس المال ويخسر شريكك مجهوده
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت أنا وشخص آخر يعمل في البورصة أن يعمل بمبلغ 300000 من حسابي الشخصي في البورصة وكان يعمل لحسابه واتفقنا أن تكون أرباح المبلغ 60000 جنيه شهريا وإن خسرت الحسابات الخسارة تصبح عليه هو وعملنا لمدة اربعة شهور ومن المفترض دفع قيمه الأرباح شهريا دم دفع 120000 جنيه بعد شهرين وفي آخر شهرين قال إن الفلوس خسرت وأنا أستطيع آخذ فلوسي كاملة لما لدي من شيكات عليه فهل هذه الأرباح (60000 جنيه) وهي حوالي من 15-20% تعد ربا أم لا الرجاء الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذا الذي اتفقت عليه مع ذلك الشخص يعتبر مضاربة فاسدة، والواجب ردها إلى قراض المثل. والقراض إذا حصلت فيه خسارة فإنه لا يكون لرب المال استرجاع رأس ماله كاملا ما لم يثبت تعدي عامل القراض أو تفريطه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أنك قد اتفقت عليه مع ذلك الشخص، من عمله في المبلغ المذكور بربح محدد كل شهر، ومن ضمانه لرأس المال هو مضاربة فاسدة. جاء في المنتقى شرح الموطأ قال مالك: في الرجل يدفع إلى الرجل مالا قراضا (مضاربة) ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان، قال: لا يجوز ... لأن شرط الضمان في القراض باطل. انتهى.
وإذا فسدت المضاربة ردت إلى قراض المثل، أي إلى المسموح به شرعا مما هو معتاد في البلد في اقتسام الربح. قال الباجي في المنتقى: فإذا دفع القراض على الضمان وجب فسخه ما لم يفت، فإن فات بطل الشرط ورد فيما قد مضى منه ما لا بد منه في تحصيل رأس المال على هيئته إلى قراض المثل ... انتهى. وإذا كان المال قد خسر -كما ذكر صاحبك- فإنك تخسر ما ضاع من رأس المال ويخسر صاحبك مجهوده.
ومن هذا تعلم أنه ليس من حقك استخدام الشيكات التي في حوزتك لاسترجاع فلوسك كاملة. اللهم إلا إذا ثبت أن العامل قد تعدى على المال أو فرط فيه فإنه في هذه الحالة يضمنه، وبالتالي يكون من حقك استرجاع رأس مالك كاملا، دون أي ربح، وما كنت قد أخذته يعتبر من رأس مالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1429(12/2864)
مسائل حول المضاربة في العملات
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أود أن أشكركم على هذا الموقع الرائع. سؤالي هو: ما هو الحكم الشرعي في المتاجرة بالعملات عن طريق الأنترنت؟؟
حيث إن لي صديقا يعرف شخصا له حساب على الشبكة الألكترونية ويقوم بشراء وبيع العملات عن طريق الإنترنت. طريقة الاشتراك هي أن تشترك بسهم أو أكثر (قيمة السهم حوالي 500 دولار) وفي كل نهاية شهر تأخذ أرباحك عن كل سهم. وصديقي هذا مشترك من فترة وقيمة أرباح السهم في كل شهر من 100 إلى 120 دولار.وقد سألت صديقي عن طريقة تجارة الشخص المذكور فأجاب أنه يتاجر بنصف المبلغ المتوفر لديه ويبقي النصف احتياطا في حالة الخسارة. وبالتالي لم يسبق لصديقي ان خسر في أي شهر.
أرجو أن يتم إجابة سؤالي من شخص مخول لديه من العلم والفقه ما يغنيني عن السؤال مرة أخرى.
ملاحظة: أنا قد سألت عددا من شيوخ المساجد لدينا في المدينة ولم أجد الجواب الواضح حول حلال أو حرام.
في ما إذا كان هذا الأمر حراما ماذا يفعل صديقي في المال الذي اكتسبه كل هذه الفترة؟؟
أدامكم الله وأعزكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
يشترط للمضاربة في العملات التقابض الحقيقي أو الحكمي في مجلس العقد، كما يشترط أن يكون البيع والشراء فيها منجزا، وإذا كان الشخص يضارب في العملات من طريق فيلزم أن يكون العقد بينهما عقدا شرعيا تراعى فيها الأحكام والضوابط الشرعية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمتاجرة بالعملات من أصعب المعاملات وأشدها ضوابط في الفقه الإسلامي، حيث يشترط فيها التقابض في مجلس البيع، وأن يتم البيع والشراء بصورة فورية بدون شرط التأخير، وأن تدخل العملتان وتسجلا في حسابي البائع والمشتري مباشرة، وهذا ما يعرف بالقبض الحكمي.
فهذه بعض ضوابط المتاجرة في العملات، وإذا كان الشخص يدفع ماله إلى آخر ليضارب له في العملات فيشترط في عمل المضاربة تلك الشروط المتقدمة وأيضا يشترط أن يكون العقد بين صاحب رأس المال والمضارب عقدا صحيحا، ومن شروط العقد الصحيح هنا أن تكون حصة كل من صاحب رأس المال والمضارب نسبة شائعة من الربح كالربع والنصف ونحو ذلك، وإذا كانت حصة أحدهما أو كلاهما مبلغا معلوما كانت المضاربة فاسدة.
ومن الشروط كذلك عدم ضمان المضارب لرأس المال إلا في حالتي التفريط والتعدي، وبناء على ما تقدم فإذا لم يلتزم المتعاقدان بهذه الشروط فالمضاربة فاسدة ويجب فسخها، والربح فيها لصاحب رأس المال. وأما المضارب فله أجرة المثل فقط، وقيل له مضاربة مثله.
وننبه السائل إلى أنه لا يكون ربح إلا بعد أن يستوفى رأس المال، ومتى كانت هناك خسارة جبرت من الربح سواء كانت الخسارة والربح في مرة واحدة أو الخسارة في صفقة والربح في أخرى لأن معنى الربح هو الفاضل عن رأس المال وما لم يفضل فليس بربح وهذا لا خلاف فيه عند العلماء.
وبهذا يتبين للأخ السائل أن ما يفعله ذلك الشخص الذي يضارب لصديقه بالعملات غير صحيح شرعا، إذا كان يفعل ما ورد في السؤال من أنه يعوض خسارة رأس المال ببعضه، ويجب فسخ هذه المعاملة، فما كان من ربح فهو لصاحب رأس المال فإنه يستحقه لأنه نماء ماله، وللآخر أجرة مثله أو قراض مثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1429(12/2865)
المضاربة على مبلغ معلوم ومصرف عائد شهادة الاستثمار
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت لحمايا 25 ألف يشغلهم لي في صميم عمله في الطباعة ويعطيني عنهم 600 ج كل شهر وهو رجل متدين والمفروض أنه يعلم أن بذلك يعتبر ربا، فهل لو كانت 600ج تخرج من ربح في شراء ورق ومكسبها ثابت فماذا أفعل وكانت عندي شهادة استثمار بـ 1000 فلما رددتها للبنك أخذت 3250 فما مصير 2250ج من الربا، وكنت في حاجة ماسة للمال فصرفتهم لدرجة أني استلفت مالا من أشخاص فدلوني عن الربا في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب السؤال إنه لا يجوز في المضاربة والشركة أن يكون ربح أحد الطرفين مبلغاً معلوماً كما هو المثال المعروض في السؤال، وبالتالي فالمعاملة فاسدة، ويجب فسخها، والأرباح الناتجة عن رأس مال السائل كلها له وللمضارب فيه أجرة مثله فقط، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 75921.
وأما عن حكم شهادة الاستثمار فهي نوع من أنواع الربا، وليس لصاحبها سوى رأس ماله، وما زاد عليه من فوائد يجب التخلص منها بصرفها في منافع المسلمين العامة، ولا يجوز لصاحب شهادة الاستثمار أن ينفقها في مصلحة نفسه إلا بشرط الفقر والحاجة، فإن كنت أنفقت ذلك المال في حال فقرك وحاجتك فلا حرج عليك، وإلا لزمك أن تخرج قدر تلك الفوائد في وجوه الخير والبر مع التوبة إلى الله عز وجل على كل حال والعزم على عدم العود لمثل هذا الذنب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(12/2866)
أعطاه ذهبا ليضارب فيه فاتجر في السيارات بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعطيت شخصا كيلو ذهبا كي يستثمره لي والربح بيننا بالنصف، وبعد فترة اكتشفت أنه لا يتاجر بالذهب وأنه باع الذهب ويتاجر يالسيارات والنقالات وأحسست بأن أموالي قد تضيع، فاستلفت منه قيمة قدرت أنها ثمن كيلو الذهب وقلت له بع الذهب وخذ القيمة التي استلفتها منك من قيمة الذهب الخاص بي، وهكذا أنا وصلني حقي وهو مستاء ويقول إني نصبت عليه؟ فهل هذا جائز علما أني ليس لي طريقة أخرى كي أسترد مالي منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المضاربة بالذهب لا تصح حتي يصير نقدا، ومن كان له حق عند آخر فجحده ولم يتمكن من استيفائه عن طريق المحاكم أو غيره جاز له أخذه منه ولو بغير إذنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل أعطى الذهب إلى الشخص المذكور ليضارب به والربح بينهما فإن هذا لا يصح مضاربه إذ يشترط في رأس مال المضاربة أن يكون نقدا لا تبرأ أو حليا، وراجع الفتوى رقم: 105686.
وفي حال ضارب الشخص المذكور بالذهب فإن المضاربة فاسدة ويجب فسخها ويستحق العامل فيها أجرة مثله والربح كله إن حصل لصاحب الذهب.
وإذا كانت المضاربة بالذهب فاسدة فإن تصرف العامل على خلاف الشرط ومضاربته في غير ما اتفق عليه مع صاحب الذهب يزيدها فسادا ويجعله متعديا على مال صاحب المال ويترتب على ذلك ضمانه للمال..
وبناء على ما تقدم فالذهب صار بالتعدي دينا عند العامل ويلزمه تسليمه لصاحبه، فإن جحده أو منعه جاز للسائل أن يطالب بحقه بالطرق الشرعية كأن يقاضيه إلى الحاكم أو إلى من ينصفه منه، فإن علم أن الحاكم أو غيره لا يستطيع رد حقه جاز له الوصول إليه بطريقة ما.
جاء في المغني: إذا كان لرجل على غيره حق، وهو مقر به، باذل له، لم يكن له أن يأخذ من ماله إلا ما يعطيه، بلا خلاف بين أهل العلم.... وإن كان مانعا له لأمر يبيح المنع، كالتأجيل والإعسار، لم يجز أخذ شيء من ماله بغير خلاف، وإن أخذ شيئا، لزمه رده إن كان باقيا، أو عوضه إن كان تالفا، ولا يحصل التقاضي هاهنا؛ لأن الدين الذي له لا يستحق أخذه في الحال، بخلاف التي قبلها.
وإن كان مانعا له بغير حق، وقدر على استخلاصه بالحاكم أو السلطان، لم يجز له الأخذ أيضا بغيره وإن لم يقدر على ذلك لكونه جاحدا له ولا بينة له به أو لكونه لا يجيبه إلى المحاكمة ولا يمكنه إجباره على ذلك أو نحو هذا، فالمشهور له أخذ قدر حقه ...
قال ابن عقيل: وقد جعل أصحابنا المحدثون وجها في المذهب.... وقال أبو الخطاب يترجح لنا جواز الأخذ فإن كان المقدور عليه من جنس حقه أخذ بقدره وإن كان من غير جنسه تحرى واجتهد في تقويمه..
وعليه فالمطلوب من السائل فسخ المعاملة المذكورة فورا، ومن حقه مطالبة الشخص المذكور برأس ماله وأرباحه إن وجدت، وللآخر عليه أجرة أمثاله في هذا العمل، فإن أبى المذكور رد الحق أو ماطل قاضاه إلى الحاكم، فإن خشي ضياع حقه لعدم وجود بينة بيده أو لنحو ذلك من الموانع فله أن يستوفي قيمة ذهبه من المبلغ الذي عنده ويرد ما زاد على ذلك إلى صاحبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(12/2867)
صورة شركة المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي العقود المتدلولة (مصاديق المضاربة) بين الناس والبنوك والشركات والتى ينطبق عليها عقد المضاربة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
المضاربة أو القراض -كما تسمى عند بعض الفقهاء- هي شركة مال وبدن بمعنى أن يكون المال من جهة والعمل من جهة أخرى، سواء كانت الجهة الدافعة للمال شخصا أو شركة أو غير ذلك، وسواء كانت الجهة القابضة للمال شخصا أو أكثر، مؤسسات أو شركات ونحو ذلك.
وصورة هذا العقد أن يتفق الطرفان على دفع طرف منهما مالا للطرف الآخر على أن يعمل فيه هذا بالتجارة، وما حصل من الربح بينهما على ما اتفقا عليه حال العقد من ثلث أو ربع أو نحو ذلك مشاعا من الربح.
ولابد من الالتزام بالضوابط المذكورة في الفتوى رقم: 70327، وكذلك الفتاوى التالية أرقامها: 72138، 72156، 72156، 93294. فإن هذه الضوابط لا يصح عقد المضاربة إلا بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(12/2868)
لا يجوز أن يجعل الرجل دينا له على رجل مضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[تشارك رجلان في محل تجاري فدفع الأول (مغترب يعمل خارج البلد) مبلغ 7000 دينار، والثاني (المدير للمحل) مبلغ 5000 دينار، والربح مناصفة وتولى الثاني إدارة المحل بحكم خبرته في العمل التجاري (مقابل راتب شهري) وبحكم عمل الطرف الآخر خارج بلده، واتفق الطرفان على أن يتولى الطرف المدير للمحل تزويده بالبضائع بما يتضمن شراءها بالدّيْن عن طريق شيكات على اسم هذا الطرف المدير دون شريكه المغترب خارج بلده، وبعد مدة اضطر المدير أن يستدين مبلغ 5000 دينار من الطرف الأول لسداد بعض ديون المحل، ولما طالبه هذا الأخير بسداد هذا المبلغ قال له المدير: أضمها إلى رأس مالك فيصير مجموعه 12000 دينار، واستمرّ الحال على ذلك إلى أن حدث خلاف بينهما (بسبب توسع الطرف المدير في العمل والنفقات من غلة المحل وشراء البضائع بالدين وإقراض أخته مبلغا من المال من غلة المحل تسده له على دفعات، مما أدى إلى تكالب الدائنين من تجار الجملة عليه لاستيفاء ديونهم، ما أدى إلى انشغال المدير كليا بسداد الديون وعدم حصول الطرف الأول على أية أرباح تذكر طيلة ثلاث أو أربع سنين) ، فعرض المدير على شريكه المغترب أن يدفع له مبلغ 20000 دينار ثمن حصته في المحل ويخرج من الشركة فوافق، واتفق الطرفان على ذلك وعلى أن يكون الدفع على شكل دفعات شهرية حتى ينتهي المبلغ، (أعطى الطرف المدير لشريكه منها مبلغ 2000 دينار دفعة مقدمة قبل أن يسافر) ، ولمدة عام لم يوف المدير بالتزامه ولم يدفع للطرف الأول إلا تلك الدفعة المقدمة (وذلك نظراً للديون الكثيرة التي كان مطالبا بها من تجار الجملة والبضائع) ، فاقترح المدير على شريكه السابق عندما قدم من السفر أن يرجعا شريكين على نظام شركة المضاربة، على أن يكون الشريك السابق بما له في ذمة المدير من مبلغ مالي هو صاحب رأس المال، والمدير شريك مضارب بجهده، فوافق واتفقا على ذلك وعلى أن يدفع المدير للطرف الثاني مبلغ (200) دينار شهريا مقابل ما يأخذه الطرف المدير من راتب شهري، علما بأن المحل التجاري كان عليه ديون كثيرة على شكل شيكات على اسم الطرف المدير، وبعد عامين ولمّا لم يوف الطرف المدير بما تعهد به للطرف الثاني، رفع الأخير قضية عليه وطالبه بمبلغ (30000) دينار مقابل ترك المحل للمدير، فما الحكم الشرعي في هذه القضية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة التي صارت بين الشريكين والمذكورة في صدر السؤال كانت شركة صحيحة؛ لأن من أنواع الشركات الجائزة أن يشترك شخصان بماليهما وعمل أحدهما، ولا بأس بتفاوت ماليهما وتساويهما في الربح بحسب ما اشترطاه، ويجب في هذه الشركة أن لا يتصرف الشريك العامل في مال الشركة تصرفات خارجة عن موضوعها كأن يقرض أو يحابي، فإن فعل فهو ضامن لتعديه، جاء في المغني: وليس له -الشريك- أن يقرض ولا يحابي لأنه تبرع، وليس له أن يتبرع. انتهى.
وليس للشريك أن يستدين على مال الشركة إلا بإذن صريح أو ضمني في قول، وفي قول أن له الاستدانة ويلزم الشريكين وربحه لهما.
وعلى كل حال فإذا اتفق الشريكان على فض الشركة بينهما ورضي أحدهما ببيع نصيبه فلا مانع، ويصح البيع بالثمن المتراضى عليه، وعلى الشريك المشتري تسليم الثمن إلى شريكه، فإن أعسر فحقه الإنظار إلى ميسرة.
أما أن يجعل هذا الثمن رأس مال مضاربة جديدة فلا يصح، ففي المغني: عن ابن المنذر قال: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أنه لا يجوز أن يجعل الرجل ديناً له على رجل مضاربة. انتهى.
وبناء على ما تقدم فليس للشريك الدائن هنا إلا قدر دينه والذي هو عشرون ألفاً، ولا يجوز مطالبة المدين بأكثر منه، كما ينبغي أن نشير إلى أنه في المضاربة الصحيحة لا يجوز أن يكون حصة كل من الشريكين من الربح مبلغاً مقطوعاً، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 104127.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1429(12/2869)
حكم دفع المضارب المال إلى آخر ليضارب فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم علي مجهودكم الرائع والذي أدعو الله أن يثيبكم عليه خير إثابة إن شاء الله ... أضع مبلغا من المال عند أحد الأقارب بغرض التوظيف وأمنته أن يكون النشاط مشروعا وحلالا وبعد عدة أشهر استفسرت منه عن طبيعة المشروع الذي يستخدم فيه النقود حيث إنني كنت خارج البلاد فقال لي الآتي: أضع كل النقود لدى متجر للسيارات حيث يقوم هذا المتجر بشراء عدد من السيارات بهذه النقود ثم يعلن عن بيعها بالتقسيط فإذا أراد أحد شراء سيارة بالتقسيط يقوم المتجر بأخذه إلي أحد البنوك ليتحرى عنه ويقوم البنك بإعطاء المتجر ثمن السيارة كاملاً ويقوم المشتري بالتقسيط مع البنك بعد ذلك, علما بأن للشاري الحق في الرجوع عن التعاقد إذا ما تم، فأرجو توضيح هل الربح من هذا المشروع حلال أم لا، واذا كان حراما فما العمل فيما أخذت من نقود كربح، وما هو الشكل الشرعي الذي يجب اتباعه لكي تكون هذه المعاملة حلالا؟ أشكركم علي حسن تعاونكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز للعامل في المضاربة أن يدفع المال إلى مضارب آخر بإذن من صاحب رأس المال، ولا يجوز لعامل المضاربة وغيره أن يعين أحداً على الاقتراض بالفائدة ولو بمجرد دلالته على من يقرضه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دفع شخص ماله إلى من يتجر به بجزء من ربحه فإن ذلك يعتبر مضاربة، وللمضاربة ضوابط وشروط شرعية يرجى مراجعتها في الفتوى رقم: 72823.
ومن شروط المضاربة أنه لا يجوز للعامل فيها أن يضارب برأس المال عند مضارب ثان إلا بإذن من صاحب رأس المال، والإذن قد يكون صريحاً بهذا وقد يكون ضمنياً كأن يقول له اعمل فيه برأيك، جاء في المغني: وليس للمضارب دفع المال إلى آخر مضاربة نص عليه أحمد في رواية الأثرم.. قال: إن أذن له رب المال، وإلا فلا. انتهى.
وإذا دفع العامل المال مضاربة إلى آخر بإذن صاحب المال فالربح بين صاحب رأس المال والعامل حسب الاتفاق السابق ويقتسم العامل حصته من الربح مع المضارب الثاني حسب ما اتفقا عليه أيضاً، وإذا تقرر ذلك فإن ما فعله قريب السائل من دفع المال إلى تاجر السيارات تصرف صحيح إذا كان بإذن منه، كما تقدم بيانه، والأرباح الناتجة عن ذلك مباحة، وإنما المحذور في المعاملة هو قيام تاجر السيارات بدلالة المشتري على البنك ليقرضه ثمن السيارة بفائدة ربوية وهذا يعد من الإعانة على الإثم والدلالة عليه، وحيث إن السائل صاحب رأس المال علم بذلك فالمطلوب منه أن يمنع العامل في ماله عن هذا التصرف في المستقبل، أما الأرباح الناتجة عن المعاملة فمباحة لأن المعاملة بين التاجر والمشتري بيع صحيح، ويلحقهما إثم الاقتراض بفائدة هذا بالإعانة وذاك بالمباشرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1429(12/2870)
الأرباح تقسم حسب رأس المال مع زيادة متفق عليها للشريك العامل
[السُّؤَالُ]
ـ[سعادة الشيخ موضوعي يتلخص كالآتي:
قام شخصان جزاهما الله خيرا. بفتح مكتب صغير لكي أقوم بإدارته. أحدهما دفع إيجار هذا المكتب لأول سنة فقط. والثاني أودع مبلغا لحسابي كبداية مصاريف.
فقمت أنا بإيداع مبلغ آخر من طرفي يعادل تقريبا قيمة الإيجار.
الآن أكثر من سنتين في هذا العمل. لا توجد خسائر فمن الدخل تسدد كل المصاريف مثل إيجار , موظفين.......الخ
أسئلتي هي كالتالي:
1-هل تقسم الأرباح حتى لو كانت بسيطة على الثلاثة بحسب نسبة كل واحد (أي حسب قيمة ما أودع في رأس المال) ؟
علما بأنني أقوم بالعمل لوحدي من إيجاد الزبون حتى إنهاء العمل ولا آخذ أي راتب من المكتب.
(الشركاء لا يقومون بأي عمل فقط أودعوا رأس المال)
2-هناك شركة خارجية (معرفة قديمة) أعطتني وكالتها بصفه خاصة لا تدري بأنني قمت بعمل مكتب مع شريكين آخرين وطلبت مني متابعة مبيعاتها مقابل 10%.لكونها في بلد آخر فعندما يصلها أي طلب من بلدي تخبرني لأ تابع الطلب والاتصال بالزبون للتسديد....الخ. فهل هذه ال 10% تدخل للمكتب ثم تقسم للثلاثة؟
3-أحيانا يطلب مني عمل براتب شهري من بعض الزبائن. فهل هذا الراتب خاص لي. علما أن عمولات هذا العمل (غير الراتب) تودع دخل للمكتب.؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
من الشركات الجائزة أن يشترك مالان فأكثر على أن يعمل في المال أحد الشريكين، ويشترط أن له من الربح أكثر من ربح ماله نظير عمله في مال شريكه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أحكام شركة العقود أن يصير المعقود عليه وما يستفاد منه مشتركا بين المتعاقدين، وبالتالي، فالمال المستفاد من عمل الشريك في مال الشركة لا يملكه وحده دون بقية الشركاء، ولا يحق له أن يخص نفسه بصفقة أو بشيء معين من الربح دون إذن شركائه. وأما إن كان العمل خارج دوامه بالشركة في عمل خاص به فلا مانع شريطة أن لا يكون ذلك العمل مما يتقبله أثناء عمله في الشركة.
وأما عن كيف تقسم الأرباح في مثل صورة الشركة المذكورة في السؤال؟ فهذه الشركة اشترك فيها ثلاثة أشخاص اثنان بماليهما وواحد بماله وبدنه، وهذا جائز.
جاء في كشاف القناع في بعض صور الشركة: يشترك اثنان فأكثر بماليهما على أن يعمل فيه أحدهما بشرط أن يكون له -أي للعامل- من الربح أكثر من ربح ماله ليكون له الجزء الزائد في نظير عمله في مال شريكه. اهـ
وبنا على ما تقدم فالأرباح في الشركة المتقدمة تقسم على حسب قدر رأس المال مع زيادة متفق عليها للشريك العامل نظير عمله، فإن كان قد دخل متطوعا فلا شيء له غير نصيب رأس ماله من الربح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(12/2871)
دفع عامل المضاربة المال لمضارب آخر بغير إذن
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل وفاة والدي فى 2003 أعلمني بأنه أعطى مالاً إلى أحد أصدقائه ليتاجر به مع أحد الأشخاص.. وأن هذا الصديق يضمن هذا المال.. وأعطاني إيصال أمانة موقع من هذا الصديق, وقابلني به وأعلمني أمامه أن المال أمانة عند هذا الصديق إلى أن أطلب رده ... وذلك طبعا وفقا للقواعد الإسلامية فى التجارة.. على الربح والخسارة.. بعد وفاة الوالد أتى هذا الصديق لي وأعطانى مبلغا من المال كحصيلة الربح للفترة السابقة, ثم بدأ يتهرب مني بعد ذلك, ولمدة سنة كاملة لم يعطني شيئا, فطالبته بأصل المبلغ, فقال لي كم تريد فقلت أصل المبلغ كله مع حساب أي أرباح أو خسائر طبقا للشرع.. فقال إن التجارة خسرت وإنه خسر المال كله وإن هناك مالا لأشخاص آخرين تمت خسارته أيضا.. فقلت قدر الله وما شاء فعل ولكن أرنى ما يثبت ذلك.. فقال إن هناك شخصا كان يتاجر بالمال وإنه ضمنه ولكن عند الخسارة ومطالبات الناس, هرب ذلك الشخص بالأموال كلها ومنها مالي, وإنه غير مسئول عن ذلك.. فقمت برفع قضية عليه والإجراءات بالمحكمة علما بأنني محام وأعرف أنه فى حالة عدم السداد سوف يحكم عليه بالسجن، ما أريد السؤال عنه, هل هو مسئول كضامن عن الشخص الذي خان الأمانة وهرب.. مع العلم بأنه يقول لي إنه غير مسؤول وإنه حرر لوالدي ذلك الإيصال من قبيل الإجراء المؤقت.. وأنا لا أصدقة فى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
اشتراط ضمان رأس المال على عامل المضاربة لا يصيره ضامناً، ولكنه إذا فرط في المال فإنه يضمنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجدر الإشارة هنا إلى مسألتين هما:
1- أن ما ذكرته من إعطاء أبيك مالاً لأحد أصدقائه ليتاجر به.. إلى قولك وذلك طبعاً وفقاً للقواعد الإسلامية في التجارة.. على الربح والخسارة.. يفيد أن أباك وذلك الصديق قد وقع بينهما عقد مضاربة، لكن اشتراط أبيك على صديقه المذكور ضمان رأس المال يجعل العقد فاسداً، وكنا قد بينا ذلك من قبل ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 11158.
وإذا فسدت المضاربة فمن أهل العلم من قال إن لصاحب المال الأرباح وللعامل أجرة المثل، يجتهد في تقديرها أهل الخبرة بهذا الموضوع، وقيل بل له قراض المثل، وراجع في هذا الفتوى رقم: 78071.
2- أن ما ادعاه عامل المضاربة من أن المال كان يتاجر به شخص آخر، إلى آخر ما ذكره ... يجعله ضامناً لهذا المال إذا كان قد أعطاه لذلك الشخص دون إذن من أبيك جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير:.... حاصله أن عامل القراض إذا دفع المال لعامل آخر قراضاً بغير إذن رب المال فإن حصل تلف أو خسر فالضمان من العامل الأول، وإن حصل ربح فلا شيء للعامل الأول منه، وإنما الربح للعامل الثاني ورب المال ... انتهى.
فتحصل من هذا أن ما اشترط على الرجل المذكور من ضمان المال لا يجعله ضامناً له، ولكن تفريطه بإعطائه لشخص آخر دون إذن ممن يملك الإذن وهو الوالد حال حياته والورثة بعد موته يجعله ضامناً، وبالتالي فمن حقك أن تطالبه بأصل المال وبالربح إذا كان قد حصل ربح، اللهم إلا إذا ثبت أن أباك قد أذن له في هذا التصرف، فإنه في تلك الحالة لا يعتبر ضامناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(12/2872)
اتفاق استثماري يتضمن عدة محاذير شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في العبارة التالية: يفوض الفريق الأول تفويضا غير قابل للنقض باستثمار أموال المستثمر وفق الطرق والأسس التي يراها مناسبة لتحقيق الربحية من خلال المتاجرة بالعملات والأسهم ومؤشراتها في الأسواق العالمية بحيث يكون مفوضا ببيع وشراء مواد الاستثمار مع بنك النظير أو مؤسسات مصرفية متخصصة وتنفيذ جميع الأوامر التجارية حسبما يعتقد الفريق الأول أنها مناسبة بحيث يتم تحقيق نسبة أرباح تتراوح بين (10% - 15%) عشرة إلى خمسة عشرة بالمائة من الأرباح يتسلمها الفريق الثاني في نهاية كل ثلاثين يوم عمل فعلي ويتحمل الفريق الثاني ما نسبته 5% من المبلغ المودع من الخسارة في حال حدوثها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الاتفاق يتضمن عدة محاذير شرعية منها ما يلي:
اشتراط أن يكون الاستثمار غير قابل للنقض وحسب ما يراه الطرف الأول القائم بعملية الاستثمار من غير تقييد الاستثمار بأحكام الشريعة الإسلامية يلزم منه غالبا – ولا سيما أن الاستثمار في الأسواق العالمية وفي مجال المتاجرة بالعملات – الاستثمار بطرق محرمة لا يحق للطرف الأول الاعتراض عليه حسب العقد.
ثانيا: اشتراط نسبة معينة من الربح وهي ما بين 5،10 لا يجوز وهو مفسد للعقد، لأن الاستثمار قد يربح أكثر من ذلك، وقد يربح أقل، وقد يخسر. قال ابن قدامة في المغني نقلا عن ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه على إبطال القراض – عقد المضاربة من الخسارة الذي يتم على أساسه الاستثمار – إذا جعل أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم. انتهى
ثالثا: اشتراط أن يتحمل الطرف الأول- وهو عامل المضاربة- 5 من الخسارة لا يجوز لأن الخسارة تكون على رأس المال، ولا يتحمل العامل منها شيئا باتفاق العلماء. وراجع الفتوى رقم: 6743، والفتوى رقم: 5480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(12/2873)
دفع المال لمن يتجر به مقابل ربح شهري أو نسبة من البيع
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني شخص مبلغا من المال مقابل إما ربح شهري ثابت أعطيه إياه، أو نسبة عمولة تحسب لي من المبيعات، فأيهما أصح شرعا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز في عقد المضاربة أن يُشترط لطرفٍ أو لكليهما دراهم معلومة، ومتى وقع ذلك فالمضاربة فاسدة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لحكم الصورة الأولى من المعاملة المذكورة فإنها غير جائزة بالإجماع، جاء في المغني: قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة. انتهى. وإعطاء صاحب رأس ألمال مبلغاً ثابتاً معناه أن يجعل له دراهم معلومة، وقد علمت أن هذا لا يجوز في المضاربة بالإجماع.
وأما عن الصورة الثانية وهي إذا دفع إليك آخر مالاً لتشتري به وتبيع ولك نسبة من المبيعات، فإذا كنت تقصد بالمبيعات أنه كلما بعت كمية كذا فلك كذا وإذا لم تبع فلا شيء لك فهذه جعالة جائزة، ويستحق فيها العامل الأجر بالشرط، وإن كنت تقصد أن لك نسبة من الأرباح فهي مضاربة ويشترط فيها ما يشترط في المضاربة، وراجع شروط المضاربة في الفتوى رقم: 103282.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(12/2874)
دفع عامل المضاربة بعض أرباحه لصاحب المال
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عنا كل خير.. لي صديق صاحب شركة معروفة ومشهورة وذات نشاطات متجددة واسم عريق وثق به من حوله حتى أنهم أودعوا حسابات لديه لاستثمارها في شركته.. ولكن مؤخراً ساءت الأحوال في الشركة وانخفضت الأرباح بشكل كبير حتى أنه صار يعطيهم أرباحاً تفوق ما يستحقونه ويتنازل عن جزء كبير من ربحه حتى أنه ربما يكلفه ذلك أن يدفع من ميزانيته.. كل ذلك لقاء أن لا يقوم المستثمرون بسحب أرصدتهم ومطالبتهم بمبالغهم بحجة أن الأرباح قليلة.. أي أنه يدفع أرباحاً أكثر مما هو طبيعي لكي يحافظ على استمرار الشركة.. ولكي لا يهدم اسمها.. لدرجة أنه ربما لا يأخذ أية أرباح حالياً.. فأرجو إبداء الفتوى الشرعية في ذلك التصرف وهل يترتب عليه شيء.. وشرحه مفصلاً؟ لكم كل الشكر والاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
في المضاربة الشرعية لا يضمن العامل فيها رأس المال إلا في حالتي التعدي أو التفريط، وإذا ظهر الربح وتطوع العامل بشيء من نصيبه لصاحب رأس المال فلا مانع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة المسؤول عنها تعتبر مضاربة، ولكي تكون مضاربة جائزة يجب أن يلتزم فيها المتعاقدان (صاحب رأس المال والعامل) بضوابط المضاربة الشرعية، ومن هذه الضوابط:
أولاً: عدم ضمان العامل لرأس المال المضارب به إلا في حالتي التفريط أو التعدي، وعلى هذا فإذا حصلت خسارة فهي من نصيب صاحب رأس المال ويخسر العامل جهده وتعبه.
ثانياً: أن يكون نصيب كل منهما من الربح مشاعاً كالثلث أو الربع ونحو ذلك، فإذا كان الربح مبلغاً معلوماً أو نسبة مضافة إلى رأس المال لا إلى الربح كان ذلك محرماً مفسداً للمضاربة.
ثالثاً: في المضاربة المشتركة يجب تمييز رؤوس أموال المضاربين حتى لا يجبر خسران أحدهما من ربح مال الآخر، كما يشترط استئذان صاحب رأس المال في خلط ماله بمال الآخرين.. جاء في الدر المختار: لا يملك العامل في المضاربة المضاربة والشركة والخلط بمال نفسه إلا بإذن أو (اعمل برأيك) ، قال ابن عابدين: والخلط بمال نفسه وكذا بمال غيره. انتهى.
وعليه، فإذا التزم الطرفان في عقد المضاربة بهذه الشروط، ثم تطوع العامل بشيء من أرباحه لصاحب رأس المال فلا مانع ما لم يكن ذلك عن اشتراط أو مواطأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(12/2875)
الخسارة المتكررة في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر وأتعامل بالتجارة منذ مدة طويلة، المشكلة أنني لم أنجح ولا مرة في مشروع تجاري رغم حسن التخطيط وتعدد الأشخاص والمجالات، والسبب أنه كل ما أعطي شخصا مالاً على أن يكون هو بجهده وأنا بمالي وندخل معا في الربح والخسارة والحلو والمر تجنبا للربا ثم بعد ذلك يحدث أن يخسر شريكي ثم تضيع أموالي هباء منثورا، وهو لم يخسر درهما واحدا، ورغم أنني أحتاط في اختيار أهل الدين والأمانة إلا أنني في كل مرة أخسر كل أموالي أو جلها وصاحبي يذهب في طريقه، أشار علي بعض الناس أن أكتب أوراقا على من أعطيهم المال حتى أضمن حقي ولا يقوم من أتاجر معه بالمخادعة وادعاء الخسارة، ولكنني وقعت في حرج شرعي إذ لو كتبت عليهم أوراقا بأن بيننا عقد مضاربة حينئذ سيدعون أنهم خسروا وبذلك ينجون من المطالبة، ولو
كتبت عليهم أوراقا تثبت حقي فقط دون الإشارة إلى المضاربة لأصبح تعاملي ربا لأنني حينها سأطالبه بالأموال التي أعطيتها له رغم خسارة المشروع، والمشكلة تكررت معي عشرات المرات ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فهل هناك مخرج شرعي لمشكلتي مع العلم بأنني أؤدي الزكاة؟ نسأل الله القبول وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدنيا دار بلاء يبتلى فيها العبد بالخير والشر والقبض والبسط، فقد قال الله تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35} ، وقال تعالى: اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ {الروم:37} ، وبناء عليه فننصحك بالصبر على قضاء الله والرضى بما قسم الله لك والسعي في نجاح كسبك بالدعاء بأن تحافظ على الأذكار الواقية من العين والحسد وأنواع الشرور، وأن تحاول أن تباشر العمل بنفسك إن أمكنك وتؤجر عمالاً يساعدونك، واحرص على أصحاب الخبرة في التجارة وأهل الأمانة فأن خير من استأجرت القوي الأمين.
ففي حديث مسلم: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز. وفي حديث الترمذي: وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس. وعليك بالالتزام بالشرع في معاملاتك وتحرى أصحاب الصدق، فالمضاربة عقد بين رب المال وصاحب العمل، ولا نعلم خطة تضمن لك رأس المال عند المضاربة غير التأكد من صدق وثقة من تعاملهم، فالعامل في المضاربة لا ضمان عليه، ولا يجوز أن يشترط عليه ضمان رأس المال. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60327، 104356، 101759، 97954.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1429(12/2876)
حكم مضاربة العامل لنفسه دون إذن صاحب المال
[السُّؤَالُ]
ـ[تاجر مواد غذائية بالجملة، عند حاجته المالية لتمويل صفقة ما فإنه يعرض ذلك على شخص ليقوم بتمويل هذه الصفقة بالمضاربة أو بالمشاركة حسب حاجة التاجر للتمويل، إذا علمنا أن هذه الصفقات يتم بيعها فوراً بشيكات مؤجلة تحصل تباعاً، فإذا كان يتم تحصيل قيمة الصفقة مثلاً على ثلاثة شيكات أي كل عشرة أيام يستحق شيكا بمعنى أن الصفقة تنتهي كلياً بعد شهر.
هل يجوز لهذا التاجر ما يلي:
أولاً: أن يستخدم أموال الشيكات المحصلة خلال الشهر لتغطية صفقات أخرى لصالحه (أي يأخذ ربحها كاملاً له) أو التجارة واستغلال هذا المال الذي هو مال الممول لصالحه الشخصي.
ثانياً: هل يجوز لهذا التاجر أن يخبر الممول أن الصفقة تنتهي بعد شهرين مع علمه أنها تنتهي بعد شهر ثم يستخدم السيولة لصالحه الشخصي ولتغطية صفقات خاصة بها تعود أرباحها عليه كاملة.
ثالثاً: هل يجوز لهذا التاجر أن يشترط على الممول أن يرد له ماله بعد شهر من انتهاء الصفقة حتى يستخدمه هو لصالحه الشخصي ولصفقات خاصة به ولا يعطى الممول إلا ربح الصفقة الأولى التي تنتهى بعد شهر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المضاربة مبناها على الأمانة والوكالة، فلا يحل للعامل أن يضارب برأس المال لنفسه دون إذن من رب المال، ومن فعل ذلك كان غاصبا متعديا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال يجاب عليه من عدة نقاط.
النقطة الأولى: إذا كان الممول يدفع للتاجر شيكات مؤجلة فالمضاربة غير صحيحة لأن المضاربة يشترط فيها أن يكون رأس المال نقدا لا دينا، وقد بينا هذا مفصلا في الفتوى رقم: 10437 فتراجع.
النقطة الثانية: إذا كان الممول يدفع قيمة الصفقة نقدا ويتفق مع التاجر على إنهاء المضاربة في شهر أو شهرين أو أي مدة يتفقان عليها فهذا جائز على قول من يجيز المضاربة المقيدة بمدة كالحنفية وجار على إحدى الروايتين عند الحنابلة وقد فصلنا القول فيها في الفتوى رقم: 51152.
وأيضا يجوز تقييد المضاربة بسلعة معينة على تفصيل عند أهل العلم لا داعي لذكره.
النقطة الثالثة: لا يحل للتاجر أن يضارب برأس مال الممول لنفسه سواء التصرف في المال أو أثناء المضاربة أو بعدها، فإن ذلك يعد خيانة وتصرفا في مال الغير بدون حق فالمضاربة مبناها على الوكالة والأمانة.
والتصرف المذكور خارج عن الأمانة والوكالة وتصرفه في هذا المال على هذا الوجه غصب واعتداء.
ففي كشاف القناع ما نصه: المضارب أمين وأجير ووكيل وشريك فأمين إذا قبض المال، ووكيل إذا تصرف فيه) أي المال (وأجير فيما يباشره من العمل بنفسه) ومراده في حكم الأجير وشريك إذا ظهر فيه أي المال الربح. انتهى
النقطة الرابعة: ينبغي أن يعلم السائل أن للمضاربة والمشاركة شروطا يجب التزامها حتى لا تتحول المضاربة إلى مجرد قرض ربوي.
وأهم هذه الشروط أن يكون رأس مال التجار معلوما متميزا إذا كان يتم خلط رأس مال الممول مع رأس مال التجارة لأن الشركة تقتضي المفاصلة إلا بالرجوع على شيء معلوم مميز حتى يعلم ربح كل من الممول والتاجر.
ومن شروط المضاربة والشركة أن تكون حصة الشريكين من الربح حصة شائعة كالثلث والربع وأن لا يكون رأس مال الممول مضمونا على التاجر إلا في حالة التفريط أوالتعدي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1429(12/2877)
خلط أموال المضاربة بغير علم الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[دفع أخ لي مالا للاتجار به وتقسيم الربح مناصفة وأخذت من آخر مبلغا مساويا له دون أن يعلم عن الأول شيئا وأضفت مبلغا مساويا لكل منهما فأصبحت شركة عنان ومضاربة بيني وبين الشخصين دون علم أي منهما بوجود الأخر. اتفقت مع كل منهما أن مده الشركة 3 سنوات وأقوم أنا بتقسيم الأرباح نهاية كل سنة علي ثلاثة أجزاء بالتساوي بيننا نحن الثلاثة ثم آخذ النصف من كل منهما ... هذا في السنة الأولي ثم في السنة الثانية أصبح رأس المال غير متساو وبعد ظهور الأرباح أقسمها بيننا نحن الثلاثة بحسب رأس مال كل شريك ثم آخذ النصف من كل منهما وهكذا..
فهل تجوز هذه القسمة أم لا بد وأن تكون في نهاية المدة المحددة بثلاث سنوات؟
أرجو توضيح المسألة بالتفصيل وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج في خلط أموال القراض دون علم الشركاء، ويشترط لذلك فقط أن يكون العامل قادرا على إدارتها جميعا. وليس للعامل أن يضيف حصته من الربح إلى رأس ماله؛ لأنه لا يملك ربحا مستقرا إلا بعد الانفصال.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
قبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن تأقيت المضاربة قد اختلف أهل العلم في جوازه، والذي نرى رجحانه هو عدم الجواز. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 51152.
ثم ما ذكرته من أنك أخذت مبلغين من شخصين للاتجار وأضفت مبلغا ثالثا من عندك ... ليس فيه من حرج إذا كانت لك القدرة على القيام بجميع ما يتطلبه ذلك من العمل. ولا يشترط علم الشركاء بذلك. قال في منح الجليل: ... فيها - يعني المدونة للإمام مالك رحمه الله - لو أخذ من رجل مالا قراضا فله أن يأخذ قراضا من رجل آخر إن لم يكن الأول كثيرا يشغله الثاني عنه. اهـ
وفي المدونة قال ابن القاسم: إذا أخذ العامل مائة قراضا فاشترى سلعة بمائتين نقدا كان شريكا فيها لرب المال يكون نصفها على القراض ونصفها للعامل. وإن كانت المائة الثانية مؤجلة على العامل قومت المائة المؤجلة بالنقد، فإن ساوت خمسين كان شريكا بالثلث. اهـ
لكن ما ذكرته من أنك تقوم بتقسيم الأرباح نهاية كل سنة على ثلاثة أجزاء بالتساوي بينكم أنتم الثلاثة، إلخ ... ثم في السنة الثانية أصبح رأس المال غير متساو إلخ ...
نقول: إن هذا الذي ذكرته يفهم منه أنك تضيف حصتك من الربح إلى رأس مالك، وهذا غير صحيح؛ لأن عامل القراض لا يملك حصته ملكا مستقرا إلا بعد القسمة وتصفية المال وتسليمه لأصحابه كاملا. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 19119.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1429(12/2878)
صرف المضارب المال والربح على ملذاته
[السُّؤَالُ]
ـ[شاركت صديقا لي على عمل ضمن محل تجارة أجهزة موبايل بمبلغ مائتي ألف مناصفة ولمدة سنة على أن يقدم تعبه وعمله كحصة وأنا أقدم المال كحصة وانقضت ثلاثة أشهر وأعطاني أرباح على هذه المدة عشرة آلاف وبعدها لم يدفع لي أي مبلغ لا من الأصل ولا من الربح وإذا به يعلمني أنه صرف المبلغ والربح على الملذات الشخصية وهو لا يعلم كمية الربح الناتج وأنا أطالبه بالربح وهو يقول لا أعلم كم ربح أو كم أنتج هذا المبلغ ولكن كم تريد أعطيك عليه وانقضت لحد اليوم ثلاث سنوات ونصف ولم يستطع سداد المبلغ الأصل ولا يعرف كمية الربح.السؤال هل يحق لي مطالبته بربح أم لا وكم نسبة الربح إذا كان من حقي ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما فعله شريكك ظلم وتعد على الأمانة، وبسببه يترتب في ذمته ضمان المال الذي أعطيته، وأما الربح ففيه تفصيل، والأولى لكما أن تصطلحا في شأنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن ما ذكرته عن شريكك من صرفه أموالك وتبذيرها في الملذات الشخصية ينافي الأمانة، بل وقد ورد في الذكر الحكيم ما يدل على أنه ينافي كمال الإيمان. قال الله تعالى: وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم [ص: 24] .
وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن شريكك قد ترتب في ذمته ما أعطيته من المال؛ لما اعترف به من التعدي، وبالتالي فإنه يحق لك أن تسترجع منه هذا المبلغ بلا خلاف، متى تيسر له دفعه.
وأما الربح فإذا كان يعلم أنه قد حصل بالفعل، وأنه هو أنفقه فمن واجبه أيضا أن يعطيه لك. وإن كان يجهل قدره فعليه –إذا كان يريد أن تبرأ ذمته- أن يحتاط لك في قدره.
وعلى هذا التقدير يحق لك أن تطالبه بالربح؛ لأنه بإقراره به يكون قد ترتب في ذمته أيضا.
وأما إن كان لا يعترف بحصول ربح، فإنه لا يكون لك الحق فيه؛ لأنه لا سبيل لك إلى إثباته. والله هو حسيبه في ذلك.
والذي نراه أصوب لكما هو أن تصطلحا، فإن أهل العلم قد أجازوا الصلح على المجهول إذا لم توجد سبيل إلى معرفته. جاء في المغني: ويصح الصلح عن المجهول، سواء كان عينا أو دينا، إذا كان مما لا سبيل إلى معرفته.
وقال الحطاب: (تنبيه) يجوز الصلح على المجهول إذا جهل القدر المصالح عليه، ولم يقدرا على الوصول إلى معرفته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(12/2879)
حكم المضاربة عن طريق وسيط في البورصة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفر لي بعض المال أخيرا وأريد استثماره، وبالمفاضلة بيت البدائل المتاحة وجدت سمسارا يعرض استثماره في البورصة في إحدى شركات الغزل، مع العلم بأنه يتعامل مع محفظة أوراق مالية لتخفيف المخاطر، وهو يتعامل بالبيع والشراء للمحفظة بالكامل، ويوزع أرباحا شهرية من هذا البيع والشراء، بالإضافة إلى ربح السهم في آخر العام. فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المضاربة عن طريق وسيط في البورصة جائزة إذا كانت هذه المضاربة قائمة على الضوابط الشرعية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من دفع المال إلى وسيط في البورصة ليضارب بهذا المال في الأسهم المباحة شرعا، وهي تلك الأسهم المملوكة لشركات لا تقوم على أعمال محرمة ولا تضع أموالها أو جزءا منها في بنوك ربوية لتأخذ عليها فائدة، وسواء كان هذا الوسيط يضارب بالمال منفردا أو بخلطه بأموال أخرى فيما يسمى بالمحافظ المالية إذا كان هذا يتم بإذن صاحب المال؛ كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 75222.
وبالنسبة لتوزيع الأرباح الشهرية لا مانع أن يكون تحت الحساب، ثم تكون المحاسبة في نهاية العام أو نهاية المضاربة حيث يتم ظهور الربح الفعلي للمضاربة، فإذا كان ما أخذه صاحب المال أكثر من نصيبه في الربح رد الباقي إلى الوسيط، وإن كان أقل دفع إليه الوسيط باقي نصيبه.
ويجب التنبيه هنا إلى أن التزام الوسيط بدفع مبالغ شهرية سواء ربح أو خسر في نهاية العام يجعل الاستثمار حرام شرعا.
فالمضاربة تقوم على عدم ضمان رأس المال، وعلى عدم اشتراط دراهم معلومة لصاحب رأس المال، أو للمضارب.
وراجع للمزيد في هذا الفتوى رقم: 104356.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1429(12/2880)
كيفية حساب المصروفات والأرباح في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[تشاركت مع رجل بتجارة قطع غيار للمكائن الثقيلة مني رأس المال وعليه جلب البضاعة وتصريفها في محله والربح يقسم نصفين، نصفا له ونصفا لي، جلبنا أربعة وجبات خلال السنة، وعندما عمل شريكي الحساب وقع في خطأ وهومثلا أخذ مني5000$ يسجل بضاعة مشتركة ب4000$ ومصاريف1000$ عندما يبيع البضاعة يحسبها على أساس قيمتها الكلية4000$ وليس 5000$ ويقسم الربح بالنصف ويأخذه مباشرة، مثلا باع البضاعة ب6000$ هو مباشرة يأخذ1000$ ويحسب لي المبلغ4000+1000ربح=5000$ ويسجل بضاعة باسمي للوجبة الجديدة5000$ والمفروض أنه يأخذ500$ ويسجل باسمي بضاعه ب5500$ للوجبة اللاحقة، وتكررت هذه الحسابات الخاطئة على كل الوجبات اللاحقة علما أنه في نفس الوقت شريكي يجلب بضائع من نفس الأصناف من ماله الخاص ويتاجر بها لنفسه.
السؤال: هو كيف نحسب تشغيل مبالغ المصاريف التي لم يحسبها ومن الوجبة الأولى علما أن مبلغ المصاريف الحقيقيه التي لا يحسبها لا يقل عن 6000$ في كل وجبة من الوجبات الأربعة عدا أرباحها التراكمية، وكان يسجل لنفسه وباسمه بضائع ويأخذ أرباحها كاملة له من دون قصد وبدون معرفة علما أن ارباحنا في كل الوجبات تتراوح بين 10---20% لكل واحد منا.
أرجو مساعدتنا لكي لانقع في الحرام، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشركة المذكورة نوع من أنواع المضاربة، فالسائل يدفع ماله إلى صاحب المحل ليضارب له به في المكائن مقابل الحصول على خمسين في المائة من الأرباح وهذا جائز، وقد نص العلماء على جواز خلط المضارب مال المضاربة بماله بإذن من صاحب رأس المال.
ويشترط قبل الخلط أن يكون مال صاحب المحل معلوما حتى يكون رأس مال كل من الشريكين معلوما لأنه لا بد من الرجوع في المفاصلة، ولا يمكن الرجوع مع الجهل والجزاف.
وبالنسبة لمصروفات ونفقات المضاربة فهي من مال المضارب في المضاربة، فما أنفقه المضارب في المضاربة من أجور مواصلات ومحل ونحوه يخصم من الربح، فإن لم يوجد ربح يخصم من رأس المال.
جاء في المبسوط في نفقة المضارب: وأما ما تحسب النفقة منه، فالنفقة تحسب من الربح أولا إن كان في المال ربح، فإن لم يكن فهي من رأس المال. انتهى.
وبهذا تعلم أن قيام صاحب المحل -العامل في المضاربة- بأخذ مبلغ محدد من رأس مال المضاربة قبل البدء وقبل معرفة نفقات المضاربة الفعلية لا يصح وكأنما أخذ لنفسه دراهم معلومة إلى جانب حصة من الربح وهذا محرم في المضاربة.
جاء في المغني: ولا يجوز أن يجعل لأحد الشركاء فضل دراهم، وجملته أنه من جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة أو جعل مع ... دراهم مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم بطلت الشركة.
وخلاصة القول في المسألة المعروضة: أن يعلم أولا قدر المالين إذا كانا سيخلطان، ثم يضارب صاحب المحل في المال ويحسب ما ينفقه أثناء المضاربة فيخرج من الربح جملة إن وجد، فإن لم يوجد فمن رأس المال كما سبق بيانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1429(12/2881)
المضاربة على مبلغ ثابت شهريا ونسبة من الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مع تاجر أعطيته 1000 دينار ويعطيني من 120 إلى 150 دينارا شهريا، وفي حالة الخسارة أخسر 5 % من رأس المال، فهل هذه العملية شرعية، أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ضمان رأس المال يفسد المضاربة، وإذا فسدت المضاربة فالربح كله لصاحب رأس المال، وللمضارب أجرة المثل أو قراض المثل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم السائل أن المعاملة المذكورة لا تكون شرعية إلا بأمرين أساسيين:
الأول: أن تكون حصة صاحب رأس المال من الربح حصه شائعة -نسبة مئوية- ويجب أن تكون هذه الحصة مضافة إلى الربح لا إلى رأس المال، وإذا لم يوجد ربح فليس لصاحب رأس المال شيء.
وعليه فإذا كان التاجر التزم أن يدفع للسائل ذلك المبلغ الشهري حصل ربح أو لم يحصل، فمعنى ذلك أن هذه ليست مضاربة شرعية وإنما هي عملية قرض ربوي.
الأمر الثاني: عدم ضمان رأس المال أو بعضه على المضارب ما لم يتعد أو يفرط ...
ولما كان من شروط المعاملة المذكورة أن صاحب رأس المال لا يتحمل من الخسارة إن وجدت إلا بقدر 5، فهذا شرط ظاهر الفساد وبه تبطل المضاربة ويجب فسخها.
وراجع في أحكام فساد المضاربة الفتوى رقم: 72779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(12/2882)
صورة المضاربة الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار وجدت شركة للتجارة العامة تستثمر أموال الراغبين بطريقة المضاربة، أهم ما جاء في العقد
- أن يكون العمل من قبل الطرف الأول يعني الشركة والمال من الطرف الثاني (المستثمر)
- الأرباح توزع بنسبة 60% للشركة و40% للمستثمر
- في حالة الخسارة لا قدر الله يخسر جهده يعني الشركة ويخسر ماله المستثمر ما لم يكن الخطأ من الشركة
- يلتزم بالمحافظة على المال ويتحرى الحلال في العمل، هذا أهم ما في العقد، فهل يجوز علما بأن حساب هذه الشركة في بنوك إسلامية كما يقول المسؤول في الشركة، فافيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بنود العقد التي أوردها السائل تنطبق على المضاربة الشرعية والتي تعني في صورتها البسيطة أن يدفع شخص لآخر مالاً يستثمره في المباح نظير جزء مشاع من ربحه، ويشترط لصحة المضاربة شروط على رأسها عدم ضمان رأس المال إلا في حالتي التعدي أو التفريط، وأن يتفق الطرفان على جزء مشاع من الربح لكل منهما لا مبلغاً مقطوعاً أو نسبة من رأس المال.
وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 70438، والفتوى رقم: 68719.
وعليه؛ فلا مانع من المعاملة المسؤول عنها إذا كان واقعها هو ما ذكره السائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(12/2883)
رأس مال شركة المضاربة حق أصيل لصاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت أنا وشخصان علي أن نفتح شركة تجارية يكون تمويلها كما يلي: -
الشخص الأول يدفع نصف مليون درهم نقدا.
الشخص الثاني يدخل بمجهوده الفني.
الشخص الثالث يدخل بإدارته للشركة واسمه التجاري المعروف في السوق.
وقد تم التراضي علي نسب توزيع الأرباح فيما بين الشركاء الثلاثة، وقد بدأت الشركة في جني الأرباح ولله الحمد.
والسؤال الآن هل النصف مليون درهم المدفوعة نقدا ستدخل في أصول الشركة وتقسم علي الثلاثة شركاء عند التصفية أو عند خروج أحد الشركاء أم أنها ستكون حقا أصيلا للطرف الأول الذي دفعها؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الملخص:
لا يستحق المضارب شيئا من أموال المضاربة حتى يستوفي صاحب رأس المال ماله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة المذكورة نوع من أنواع المضاربة ومنها اشتراك بدنين بمال غيرهما ويجوز أن يكون الربح بينهم على ما اتفقوا عليه في عقد المضاربة كما هو مذهب جمهور أهل العلم.
جاء في المبسوط: وإذا دفع رجل إلى رجلين ألف درهم مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فلأحدهما بعينه نصف الربح وللآخر سدس الربح، ولرب المال ثلث الربح، فهذا جائز على ما اشترطا لأن رب المال شرط لكل واحد من المضاربين جزءا معلوما من الربح وفاوت بينهما في الشرط لتفاوتهما في الهداية في التجارة المربحة وذلك صحيح. اهـ.
وجاء في المغني: ويجوز أن يدفع مالا إلى اثنين مضاربة في عقد واحد. اهـ.
وإذا تقرر ذلك فلا حق للمضاربين في رأس المال وإنما حقهما في الربح في حصة شائعة منه وحق رب المال سابق على حقهما من الربح فحيث ظهر ربح في المضاربة استحقا منها ما اشترطاه وإن لم يظهر ربح فلا شيء لهما.
جاء في المغني: وليس للمضارب ربح حتى يستوفي رأس المال يعني أنه لا يستحق أخذ شيء من الربح حتى يسلم المال إلى ربه. اهـ.
وبهذا يعلم السائل أن رأس مال الشركة حق أصيل لصاحبه، وأما السائل وصاحبه فهما شريكان في الربح فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1429(12/2884)
حكم الاستثمار مقابل نسبة من رأس المال ونسبة من الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن أقوم باستثمار أموالي عن طريق شركة تعمل لتحقيق الربحية من خلال المتاجرة بالعملات والأسهم ومؤشراتها في الأسواق العالمية، بحيث يتم تحقيق نسبة أرباح تتراوح ما بين 10%، 15% من رأس المال الذي أودعته في تلك الشركة، ويتم توزع تلك الأرباح في نهاية كل ثلاثين يوم عمل فعلي، بحيث يترتب عليّ كمستثمر في تلك الشركة أن أتحمل ما نسبته 5% من المبلغ المودع في حالة الخسارة، حال حدوثها، فأفيدوني بحكم الشرع في هذا العمل؟ بارك الله فيكم وجزاكم عنا وعن المسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستثمار في الشركة المذكورة على النحو الذي ذكر غير جائز لسببين:
الأول: أن حصة صاحب رأس المال من الربح مضافة إلى رأس المال لا إلى الأرباح، فهذا كمن اشترط مبلغاً معلوماً، فمن دفع مائة ألف واشترط 25 منها مثلاً كربح فهو كمن اشترط خمسة وعشرين ألفاً لا فرق، وهذا غير جائز في الاستثمار.
جاء في المغني: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة. انتهى.
السبب الثاني: أن صاحب رأس المال ضمن المضارب ماله إلا في حدود 5، وتضمين المضارب الخسارة أو بعضها إن وجدت بدون تعد منه ولا تفريط غير جائز في المضاربة أيضاً، جاء في المغني: قال مالك في الرجل يدفع إلى الرجل مالاً قراضاً ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان، قال لا يجوز. انتهى.
وعليه، فلا يحل الاشتراك في هذه الشركة ولا المضاربة عن طريقها لما تضمنه العقد من المحاذير الشرعية والشروط الباطلة. وراجع في حكم المضاربة في البورصة الفتوى رقم: 3099، والفتوى رقم: 103860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(12/2885)
حكم المضاربة إذا كان الربح نسبة من رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[وضعت أموالا مع شخص للمضاربة على أن يعطيني أرباحا شهرية نسبتها من 16% إلى 20% من رأس مال المرابحة، وأن تترتب علي خسارة نسبتها من 1% الى 3% من رأس المال في حال الخاسرة. وقد أعطاني شيكا بقيمة المبلغ الذي وضعته عنده.فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز ضمان رأس المال في المضاربة، ولا يجوز اشتراطه مبلغا معلوما من الأرباح وما كان في معناه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المضاربة المذكورة مضاربة محرمة لأمرين:
الأول: كون حصة صاحب رأس المال من الربح مضافة إلى رأس المال لا إلى الأرباح، وهذا كمن اشترط مبلغا معلوما، ولا يخفى أن اشتراط مبلغ معلوم في المضاربة غير جائز، وإنما المشروع في المضاربة أن تكون حصة الطرفين حصة شائعة من الأرباح لا من رأس المال.
الثاني: ضمان المضارب للخسارة أو لبعضها إن وجدت وهذا غير جائز في المضاربة، فالخسارة إن وجدت بدون تعد ولا تفريط من المضارب يتحملها صاحب رأس المال، بينما يضيع على المضارب جهده وسعيه،
وراجع في فساد المضارب بسبب الأمرين المذكورين الفتوى رقم: 103282.
ومما تقدم تعلم أنه يجب فسخ المضاربة المسؤول عنها، وإذا فسخت المضاربة الفاسدة فالأرباح كلها لصاحب رأس المال، وأما المضارب فله أجر مثله في قول جمهور أهل العلم، وقيل له قراض مثله، وراجع في معرفة الفرق بين أجرة المثل وقراض المثل الفتوى رقم: 72779.
وأما بخصوص الشيك الذي بيدك فهو وسيلة إثبات بأنك دفعت هذا المبلغ إلى المضارب، ولكن لا يجوز لك أن تستعمله فيما لا يحق لك من تضمينه الخسارة إن وجدت من غير تفريط منه ولا تعد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(12/2886)
الاستثمار في شركة تأخذ مالا وترده مضاعفا خلال سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شركة فرنسية تعمل في مجال الاستثمار عبر الإنترنت تأخذ مبلغا قدرة 1000 يورو وتعطي فائدة30% شهريا من رأس المال أي حوالي 300 يورو لمدة عام، ولا ترجع مبلغ الاستثمار الأصلي البالغ 1000 يورو ويجوز تجديد العقد بعد عام، فهل يجوز أخذ هذه الفائدة أم هي ربا، وإن كانت ربا فهل يجوز أخذ الربا من كافر ليس مسلما، أفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن المعاملة المذكورة حرام شرعاً، لأن حقيقتها أن الشركة تقترض المبلغ لترده خلال سنة مضاعفاً، فتأخذ ألف يورو وترد ثلاثة آلاف وستمائة، وهذا لا شك في تحريمه. فلا يجوز الدخول في هذا العقد ابتداء، ومن اشترك فيه فلا يحل له تجديده، وليس له من المال إلا رأس ماله، وما زاد يتخلص منه بصرفه في منافع المسلمين العامة، وأما عن معاملة الكافر بالربا فحرام، وراجع في هذا الفتوى رقم: 13433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(12/2887)
حكم المتاجرة في الصكوك الوطنية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المتاجرة بالصكوك الوطنية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصكوك الوطنية هذه عبارة عن شركة مساهمة خاصة يقع مقرها في دبي ويتم شراء الصكوك بفئات قيمتها 10 دراهم والحد الأدنى للشراء هو 100 درهم أي عشر صكوك، ويذكر في نشرة الإصدار أن كل صك يحمل رقماً مسلسلاً يتم إدخاله في سحب شهري على جوائز تتراوح قيمتها بين 100 درهم ومليون درهم، وإذا كانت الشركة تتاجر في الحرام أو تضمن للمضارب رأس ماله فكل واحد من الأمرين كاف في المنع من الاشتراك فيها، وإذا كانت لا تتاجر في نشاط محرم ولا تضمن رأس المال سلمت من المنع لهذين السببين وبقي سبب آخر وهو أن القائمين على هذه الصكوك يزعمون أن العلاقة بين حامل الصك وبين الشركة أنهما قاما بعقد مضاربة وأن حاملي الصكوك هم أرباب الأموال والشركة مضارب لهم في هذه الأموال على حصة شائعة من الربح، وأن الجوائز يتم توزيعها من نصيب الشركة في أرباح المضاربة من خلال القرعة ... ولكن بالنظر إلى صفحة موقع الشركة على الإنترنت نجد أن كل اهتمام الشركة بمسألة الجوائز هذه وحث الناس على الاشتراك في الصكوك رجاء الحصول على الجوائز، والجائزة الكبرى (المليون درهم) ، ويغفل الموقع ذكر المضاربة وتفاصيلها وطبيعة المشاريع المضارب عليها.
وهذا يجعلنا نذهب إلى أن المقصود من هذه الصكوك ليست المضاربة وإنما الطمع في الجائزة، فالمشترك في هذه الصكوك يدفع 100 درهم ليحصل على مليون درهم ولا ريب أن هذا من القمار، وبالتالي يحرم الاشتراك في هذه الصكوك، فإن لم يكن قصد المشترك الجائزة يبقى محذور آخر وهو أن الجوائز على فرض جوازها في هذه الصورة تعتبر هدية من المضارب -الشركة- لأرباب الأموال -حملة الصكوك-، وقد وجدنا من أهل العلم من يحرم هدية المضارب لرب المال، جاء في حاشية الدسوقي عند ذكر ما يحرم من الهدية:.... كرب القراض: أي يحرم عليه إهداء العامل لئلا يقصد بذلك أن يستديم عمله وكذلك يحرم هدية العامل لرب المال ولو بعد شغل المال أما قبل شغل المال فبلا خلاف. انتهى.
وأشار بقوله ولو بعد شغل إلى الرد على من يقول بجواز هدية العامل لرب المال بعد مباشرة العامل للمضاربة، والمنع من الإهداء هنا مقيد بعدم تقدم مثلها بينهما وعدم حدوث ما يوجب الهدية، وظاهر جداً أنه لم يسبق بين الشركة وحملة الصكوك إهداء ولا حدث موجب للهدية، إلا أن القصد من ورائها استدامة أصحاب الصكوك في الشركة وتشجيع من لم يشترك بالاشتراك، وبناء على ما سبق فلا نرى جواز الاشتراك في هذه الصكوك ما لم تقم على مضاربة حقيقية وتلغى منها هذه الجوائز، هذا بالإضافة إلى تحقق الشرطين الذين أشرنا إليهما في صدر الجواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(12/2888)
كيف تقسم الأرباح في المضاربة الفاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت بيني وبين شخص شراكة في عمل على أن يحصل على نصف المكسب الذي أحصل عليه وذلك مقابل أن يتحمل نصف الإيجار وأرد له مبلغ رأس المال الذي أقمت به المشروع وكنت أتقاضى راتبا حيث أني أنا الذي أقوم بالعمل وأحضر مشترياته وأقوم بالحسابات أيضا وهو لا يأتي إلا قليلاً، لآنه يعمل في عمل آخر، وبعد فترة أحضرت عاملا ليساعدني في العمل فجاء وقال لي شريكي أنت لا تستحق أخذ المبلغ الذي كنت أخذته كراتب شهري فتوقف الراتب ومع هذا أكون متواجدا في العمل دائما لأنه لا شيء لدي، مع العلم بأني أرجعت له رأس المال الذي أسس به المشروع، فهل هذا صحيح أم أني مظلوم، وهل هذه هي شركة المضاربة فأفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور دفع للسائل رأس مال ليقيم به مشروعاً والربح بينهما واشترط عليه أن يرد له رأس ماله.. فهذا معناه أن الأخ السائل ضمن لشريكه أو لصاحب رأس المال ماله، وهذا ما لا يحل في الشركة والمضاربة بإجماع أهل العلم، وعليه فالمضاربة أو الشركة المذكورة فاسدة رأساً بدون النظر إلى بقية بنودها الأخرى، وعند فساد المضاربة فالواجب فسخها.
وما تحصل من أرباح فهو محل خلاف، فمنهم من قال إن الأرباح لصاحب رأس المال، لأنه نماء ماله، وللمضارب العامل فيها أجرة مثله، ومنهم من قال للعامل قراض مثله.
وراجع في هذا المعنى والفرق بين أجرة المثل وقراض المثل الفتوى رقم: 47590.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(12/2889)
طلب رب المال بيع السلعة وأبى العامل فهلكت السلعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت صديقا لى 2350 ج لشراء عجل لإيداعها عند أحد معارفه مقابل ثلث الأرباح لي والثلثان للشخص الآخر احتجت 2000ج فقلت له بع العجلة وأعطني المبلغ فأعطاني المبلغ مما معه وقلت له سارع ببيع العجلة لأني أخشى أن تموت فأصبح مدينا لك وأنت تعلم ظروفي، فكلما رأيته أكدت على البيع وهو يقول لي إن شاء الله وأصبحنا على هذا المنوال عاما وأربعة شهور ولا يبيع، وفجأة قال لي إن العجلة ماتت ولا يريد أن يشارك في الخسارة لأن هذا قضاء وقدر، والآن يريد المبلغ الذي أخذته منه مع العلم أنه هو سبب الخسارة لأنه لم يسمع كلامي عن البيع.
فأرجو الفتوى في هذا الموضوع برمته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل دفع المال إلى آخر ليشتري به عجلا ليتاجر له فيه وله ثلثا الربح فهذه مضاربة مشروعة، والعامل في المضاربة لا يتحمل الخسارة في رأس المال إلا في حالة التفريط أو التعدي، وعليه ينظر في سبب موت هذا العجل.. إن حدث بسبب تفريط المضارب في حفظه فهو ضامن، أما إن كان مات بدون تفريط منه فلا يضمن.
جاء في البحر الرائق: وما هلك من مال المضاربة فمن الربح، فإن زاد الهالك على الربح لم يضمن المضارب لكونه أمينا.
وأما قول صاحب رأس المال للمضارب سارع في البيع.. فإذا كان على سبيل النصيحة فلا يلزم المضارب العمل بمقتضى هذه النصيحة على سبيل الوجوب، أما إن كان قال ذلك على سبيل الإلزام وإرادة نضوض المال أي أراد أن يصير رأس مال المضاربة نقدا فأبى العامل البيع فللمقرض في هذه الحالة أن يرفع الأمر إلى الحاكم ليقضي بينهما حسب المصلحة.
جاء في منح الجليل: وان استنضه أي طلب رب المال بيع السلع بالدنانير أو الدراهم ليأخذها من العامل وأبى العامل البيع في الحال وطلب التأخير فالحاكم ينظر فيه.. فإن رأى تأخيره مصلحة حكم به؛ وإلا أمره ببيعها حالا بلا تأخير، فيها. (يعن ي المدونة) للإمام مالك رضي الله عنه: ليس لرب المال جبر العامل على بيع سلع قراضه لأخذ رأس ماله، وينظر الإمام فيها، فإن رأى وجه بيعها عجله؛ وإلا أخرها إلى إبان سوقها كالحبوب، والضأن تشترى قبل أيام النحر وترفع ليومه.
وجاء في المغني: وإن طلب رب المال البيع وأبى العامل ففيه وجهان: أحدهما: يجبر العامل على بيع وهو قول الشافعي لأن عليه رد المال ناضا كما أخذه. والثاني: لا يجبر إذا لم يكن في المال ربح أو أسقطه حق من الربح.
وعلى ضوء ما تقدم فإنه لا يجوز للأخ السائل أن يضمن العامل ثمن العجل لأن الأصل أنه لا يضمن، ولأن القول قوله في الربح والخسارة والتجارة. كما جاء في المغني: وكذلك القول قوله فيما يدعيه من تلف المال أو خسارة فيه.
وما تقدم من الكلام في حق المضارب بهذا المال مباشرة، أما إذا كان المقصود هو التوسيل أي أن السائل وكل صديقه على دفع المال إلى ما اشترى العجل ثم أمر السائل الوكيل بأن يطلب من المضارب أن يبيع العجل فلم يفعل هذا الوكيل ما أمر به موكله حتى هلك العجل فالظاهر أن صديقه هذا يضمن قيمة العجل فإن الوكيل إذا خالف أمر موكله يضمن. هذا إذا كان أمره أمرا صريحا بالبيع فورا فأبى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(12/2890)
مسائل حول القراض
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بشراكة مع أحد الإخوة في تربية الأبقار، كتبنا عقداً بيننا ضبطنا فيه رأس المال، قيمة مساهمة كل طرف، كيفية الربح والخسارة، تكفلت أنا بالتربية والبيع، حضر الإنتاج وبدأنا بالبيع وكانت الأسعار متراجعة قليلا فقدر ثمن أول بقرة حضرت بـ 1650 د في السوق فاشتريتها أنا بـ 1670 د عسى أن يرتفع الثمن مرة أخرى وتم البيع بيننا، بعد مدة ارتفعت الأسعار فأحسست كأني أكلت حقه، فأفتوني يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن السؤال ثلاثة أمور هي:
1- الطريقة التي تم بها الاشتراك بينك وبين شريكك.
2- اشتراؤك من مال الشركة.
3- ظهور أنك قد اشتريت بأقل من السعر الصحيح.
وحول النقطة الأولى فإن أهل العلم قد اختلفوا في صحة الشركة إذا تولى أحد الشريكين العمل فيها دون الآخر، وكنا قد بينا من قبل ذلك ورجحنا الصحة، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 54201.
لكن اشتراط أن تتكفل أنت بالتربية والبيع، إذا كنت تعني به أنك ستقوم بالعمل الذي لا يمكن الاستغناء عنه من تربية الحيوان حتى يتم بيعه فلا حرج في ذلك، لأن تربية الحيوان -حينئذ- مما يقتضيها عملك، وأما إن كان معنى ذلك أنك مكلف بأمرين هما القيام على رعي الحيوان وتربيته ثم بيعه بعد ذلك، فإن ذلك لا يصح في القراض، وإن وقع كان لك فيه أجر مثلك، إلا أن يجعل لك الحق في الكراء عليه من مال القراض.
قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى مشبهاً بالمسائل التي لا يصح اشتراطها على عامل القراض: ... وكأن يخيط أو يخرز.. أو يزرع. قال الخرشي: لأن ذلك زيادة زادها رب المال على العامل وهو عمله في الزرع، وأما إن كان على معنى أن ينفق المال في الزرع من غير أن يعمل بيده فلا يمتنع. انتهى.
وحول النقطة الثانية فإن بعض أهل العلم قد منعوا للشريك أن يشتري من مال الشركة، لكن الذي نميل إلى رجحانه هو صحة ذلك إذا لم يكن لمقصد فاسد، لأنه لا يتضمن غرراً ولا موجباً للمنع، وقد قال بالصحة كثير من أهل العلم، قال في منح الجليل: (و) جاز (اشتراء ربه) أي القراض سلعة (منه) أي العامل من سلع القراض (إن صح) قصده بأن لم يقصد بالشراء التوصل إلى اختصاصه بشيء من ربحه قبل تفاصلهما. انتهى.
ومعلوم أن رب القراض هو أحد الشريكين وما جاز له يجوز لشريكه، وإذا تقرر ذلك فإن عامل القراض إذا اشترى من القراض بالسعر الذي يباع به في السوق، وأحرى إن كان بسعر زائد عليه، ثم حصل ارتفاع في الأسعار بعد ذلك فإنه لا يكون عليه في ذلك من حرج.
ومنه يتبين لك أنك لم تأكل حق شريكك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(12/2891)
حكم الاتفاق مع المضارب على مقدار ثابت من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مبلغ قيمته 20000 دولار لدي صديق يعمل في مجال البناء أعطيته المبلغ ليشغله لمدة سنة على أن يعطيني ربح 1000 دولار كل شهر وفي نهاية السنة آخذ المبلغ الذي أعطيته إياه فهل ما آخذه من ربح حلال، وإن لم يكن فما الشروط التي يجب أن تتوفر حتى يكون حلالا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن تتفق معه على مقدار ثابت من الربح مثل ألف دولار ونحوها، وإنما المشروع أن تتفق معه على نسبة من الربح كالثلث أو النصف ونحو ذلك، ومع عدم ضمان رأس المال في حالة الخسارة، وإلا كان هذا المبلغ الذي أعطيته له ليعمل فيه عبارة عن قرض ربوي وهو محرم باتفاق الفقهاء.
وإذا انضبطت المعاملة بما ذكرنا فلا مانع أن تأخذ مبلغاً شهرياً تحت الحساب، وراجع لتفصيل ذلك الفتوى رقم: 5160، والفتوى رقم: 71688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(12/2892)
الخسارة في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله:
دخلت في شراكة مع أحدهم هو بماله وأنا بجهدي، وكانت النتيجة أن خسرنا في هذه التجارة، وكان ذلك لعدة أسباب منها (سوء التسيير للعمال، وكثرة التكاليف، وعند المحاسبة رفض تحمل الخسارة بحجة أنني المسؤول عن التسيير) فهل هو على حق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اشتراك شخصين في تجارة، هذا بماله وهذا بجهده يعتبر مضاربة مشروعة إذا التزم فيها الطرفان بالضوابط الشرعية، وعلى رأس هذه الضوابط عدم ضمان العامل لرأس المال إلا في حالة التعدي والتفريط، لأن العامل فيها أمين والأمين لا يضمن ما لم يفرط في الحفظ أو يتعدى في الاستعمال، فإذا حصلت خسارة في المضاربة كانت في رأس المال ويخسر العامل جهده وكده.
وعليه فلا حق لصاحب رأس المال في تحميل الأخ السائل الخسارة في رأس ماله ما لم يثبت أنه تعدى أو فرط، وراجع في صور التعدي والتفريط الفتوى رقم: 42727، والفتوى رقم: 77714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(12/2893)
حكم الدين المعدوم في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسست أنا وشريكي المضارب شركة وكان ناتج الربح الإجمالي في السنة الأولى 66000 دولار وكان لنا دين عند زبون مقداره 32000 دولار. وأعلن الزبون إفلاسه فلم يسدد الدين. وشريكي له ثلث قيمة الربح فهل قيمة الربح الإجمالية هي التي نقسمها على ثلاثة أي 66000 أم نقوم بطرح الدين المعدوم وغير المتوفع سداده من إجمالي الربح ثم نقسم الباقي على ثلاثة. بعد القسمة نريد أن نقفل الشركة.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن الربح وقاية لرأس االمال، فلا ربح إلا بعد سلامة رأس المال لصاحبه، فما يهلك من مال المضاربة كالديون غير مرجوة السداد يجبر أولا من الربح، ثم تجري قسمة الربح المتبقي بعد ذلك الاسترداد.
وعليه، فهذا الدين المعدوم وغير مرجو السداد يطرح ويعوض من الربح فيكون الربح الفعلي هو: 34000 دولارا يقسم بينك وبين المضارب حسب الاتفاق.
قال في مجمع الأبحر: وما هلك من مال المضاربة صرف إلى الربح أولا دون رأس المال لأنه تابع ورأس المال أصل فينصرف الهالك إلى التابع.
على انه لو فرض أنه أمكن استرداد ذلك الدين بعد ذلك ممن هو عليه فإنه يقسم بينك وبين المضارب حسب الاتفاق لأنه قد تبين أنه جزء من الربح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1428(12/2894)
هل يضمن المضارب الخسارة في رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت في شراكة مع شخص ودفع لي مبلغا من المال وفتحنا محلا بعد فترة بدأت علائم الخسارة في المحل فاقترحت عليه أن أرجع له نقوده بالتقسيط كوني صرفت المال في تجهيز المحل بعلمه وموافقته ومباركته وليس عندي بالأصل إلا دخل لا يكاد يكفيني معيشتي وعائلتي فوافق أن يسترد ماله بالتقسيط، لكنه اشترط أن يأخذ مبلغا إضافيا حوالي ربع المبلغ الذي أعطاني إياه ولم يكن أمامي خيار فوافقت مكرهاً وطلبت منه تخفيض المبلغ المضاف فلم يقبل لم يمض شهر حتى أغلقت المحل وصرت أسدد له ماله أقساطا حتى استوفى المبلغ الأساسي وبقي المبلغ الإضافي وازداد عجزي المادي ولا أستطيع إيفاءه، مع العلم بأن كل ما بيننا مجرد اتفاق شفهي لا أكثر وإن المبلغ الأساسي المسدد له موثق بتوقيعه فماذا أفعل، وهل المبلغ الإضافي ربا، وهل يحق له أخذه بناء على موافقتي الشفهية الاضطرارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يتحمل المضارب ولا الشريك الخسارة في مال شريكه، إلا في حالتي التعدي أو التفريط.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت دخلت مع الشخص المذكور في شركة مضاربة هو بماله وأنت بجهدك، ثم خسرت هذه الشركة (محلاً أو غيره) بدون تعد منك ولا تفريط فإنك لا تضمن هذه الخسارة، ولا يحل لصاحب رأس المال أن يأخذ منك شيئاً سوى ما بقي من رأس ماله في صورة أثاث محل أو بضاعة، وإذا كنت شاركته بمال منك وجهد فالخسارة توزع على قدر المالين، ولا ضمان عليك في مال شريكك. وراجع في بيان هذه المسألة الفتوى رقم: 42727، والفتوى رقم: 72113.
وفي الصورتين على هذا الشخص أن يرد ما أخذه منك بدون وجه حق فضلاً عن أن يغرمك مبلغاً إضافياً فليس له شرعاً إلا ما نجى من ماله من هذه الخسارة، وبما تقدم تعلم أن اقتراحك على شريكك إرجاع ماله كان خطأ عظيماً ارتكبت بسببه إثماً بتعاملك بالربا، فإن ضمان رأس المال في الشراكة يعد من الربا، فالواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل، وإن استطعت استنقاذ ما أخذه منك بدون وجه حق فهذا هو المطلوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(12/2895)
لا ضمان على الوكيل أو الشريك ما لم يفرط أو يتعد
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية جزاكم الله عنا خير الجزاء ونرجو أن تتقبلوا عذرنا وتسامحونا على الإطالة، كما نرجو مشكورين أن تكون الإجابة تفصيلية ومباشرة ومبسطة وبالأرقام الحسابية مع سوق الأدلة الكافية، حتى يتسنى لنا الفهم والعمل إن شاء الله؛ ونسأل الله أن يجعلكم سببا فى حل مشكلة كبيرة جداً جداً بين الأقارب.
عناصر المشكلة هم: 1- شريك متضامن 2- شريك موصى 3- أحد أقرباء الشريك الموصى ... المشكلة هي: شريك موصى في شركة أعطاه أحد أقاربه مبلغا من المال وهو عشرون ألف جنيه بهدف استثمارها في هذه الشركة فقام الشريك الموصى بإعطاء هذا المبلغ للشريك المتضامن والشريك المتضامن هو المسؤول عن الإدارة والمضاربة؛ ولكن الشريك الموصى هو المسؤول أمام قريبه عن هذا المبلغ الذي استلمه منه وقد قام الشريك الموصى بتحرير إيصال أمانة لقريبه بهذا المبلغ؛ والقريب ليس له علاقة أو تعامل مع الشريك المتضامن، وكان الشريك المتضامن يبلغ الشريك الموصى بالأرباح كل فترة؛ والشريك الموصى بدوره يبلغ قريبه بالأرباح، واستمر هذا الأمر عدة سنوات إلى أن أصبح في النهاية مبلغ القريب المستثمر فى الشركة خمسين ألفا نتيجة إضافة الأرباح إلى رأس المال الأصلي الأول؛ وكان القريب قد سحب من رصيده ثمانية آلاف جنيه على فترات، فأصبح آخر كشف حساب هو:
- أصل رأس المال المسلم في البداية هو عشرون ألفا.
- المسحوبات هي ثمانية آلاف جنيه.
- آخر رصيد نتيجة إضافة الأرباح إلى رأس المال الأصلي هو خمسون ألفا ... ولكن انهارت الشركة تماما ولم يتبق منها أي شيء لا أموال ولا أصول ثابتة ولا أي شيء، والشريك الموصى لا يدري ولا يستطيع أن يجزم ما هو سبب هذا الانهيار المدمر؛ هل هو بسبب سوء إدارة أو خيانة الشريك المتضامن؛ أم بسبب الناحية الاقتصادية من أرتفاع أو انخفاض الأسعار أو المنافسين وخلافه؛ أم بسبب آخر، السؤال هو: ما هو الواجب شرعا على الشريك الموصى تجاه قريبه بعد أن أصبح رصيد الشركة صفرا في كل شيء، هل يقوم برد أصل المال لقريبه الذى تسلمه منه في البداية فقط وهو عشرون ألفا، أم يقوم برد أصل رأس المال الذى تسلمه في البداية وهو عشرون ألفا مطروحا منه ما أخذه من أرباح (ثمانية آلالف جنيه) وبالتالي يرد له اثني عشر ألف جنيه فقط، أم يقوم برد آخر حساب له في الشركة وهو خمسون ألفا، أم يقوم برد آخر حساب له في الشركة وهو الخمسون ألفا مطروحا منه ما أخذه وسحبه من أرباح (ثمانى ألف جنيها) فيرد اثنان وأربعون ألف جنيه، أم أنه لا يقوم برد أى شيء نهائيا لقريبه، وما مصير الخسارة هل سيشارك فيها القريب أم لا، وكيف، مع العلم أن الخسارة مائة فى المائة (100%) ، مع ملاحظة هامة جداً جداً وهي، أنه فى حالة أن الشريك الموصى عليه أن يرد شيئا لقريبه فسيرده من ماله الخاص لأن الشركة لم يعد فيها أي أموال ورصيد الشركة أصبح صفراً، القريب على دراية تامة بنشاط الشركة، وأخيراً مرة أخرى؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء ونرجو أن تتقبلوا عذرنا وتسامحونا على الإطالة كما نرجوا مشكورين أن تكون الإجابة تفصيلية ومباشرة وبالأرقام الحسابية مع سياق الأدلة الكافية حتى يتسنى لنا الفهم والعمل إن شاء الله؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقريب الشريك الموصى وهو صاحب المال يعتبر شريكاً في الشركة المذكورة، والشريك الموصى وكيل عنه في عقد الشراكة معها، ويد الشريك والوكيل يد أمانة، فلا ضمان على واحد منهما إذا تلف المال بخسارة أو آفة ونحو ذلك بغير تفريط منه، وأما إن فرط أو تعدى فتلف المال عنده فإنه يضمن حق غيره.
وما أخذه القريب المذكور وهو ثمانية آلاف جنيه فإن كان ذلك من الأرباح، بأن قسمت الشركة الربح فهو له، وإن كان أخذه قبل القسمة فلا بد أن يرجعه إلى رأس مال الشركة لأن الخسارة تخصم من الأرباح أولاً ثم من رأس المال إن زادت على الأرباح.
وأما الشريك الموصى فلا يلزمه شيء من الخسارة لقريبه لأنه وكيل عنه في العقد وقد قام بما عليه، فالخسارة في هذه الحالة كلها على قريبه المشارك، ونسأل الله تعالى أن يخلف عليه خيراً، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 74539.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(12/2896)
حكم فاسد العقود حكم صحيحها في الضمان
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أراد أن يشارك مجموعة من المستثمرين في استثماراتهم وعرض على أقاربه الدخول في هذه الشراكة واعدا إياهم بنسبة من الأرباح لن تقل بإذن الله عن 40% ضامنا لهم هؤلاء المستثمرين، وبعد ستة أشهر تعرضت تجارة أحد الشركاء لهزة عنيفة اختفي على إثرها وضاعت معه الأموال، فهل على هذا الرجل أن يرد لأقاربه أموالهم، علما بأن ماله كان في هذه التجارة أيضا وضاع إلا أن عنده بعض العقارات التي يستطيع بيعها للسداد لهم، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد الذي تم بين هذا الرجل مع أقاربه هو عقد مضاربة فاسد لضمانه الربح لهم.
وعليه فهؤلاء يتحملون ما حصل من تلف المال لأن يد المضارب يد أمانة، وفاسد العقود في الضمان كصحيحها، فإذا كانت المضاربة صحيحة وتلف المال بلا تعد من المضارب فلا ضمان عليه، وكذلك إذا كانت المضاربة فاسدة وتلف المال بلا تفريط فإنه لا ضمان عليه، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في منهاج الطالبين: وحكم فاسد العقود حكم صحيحها في الضمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(12/2897)
حكم هدايا شركة المضاربة للمساهمين
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد معرفة حكم عمل شركة الصكوك الوطنية التي صدرت الفتوى بتوافقها مع الشريعة الإسلامية, فهل هي مجازة أم لا، وهل طبيعة عمل الشركة يعتبر مخالفا لهذه الفتوى حيث إن برنامج الجوائز يعتبر صورة من صور اليانصيب المتفق على تحريمه شرعا وأن شراء "الصكوك " بمبلغ (100 درهم) ، وهو الحد الأدنى للاشتراك، والحق في استرداد هذا المبلغ بعد شهر، وكل شهر يدخل في السحب على جوائز تتراوح بين (100) وبين مليون درهم كما هو معلن في موقع الشركة الإلكتروني يعتبر معاوضة نقد بنقد مع التفاضل, والتأخير والجهالة, فيدخلها الربا والميسر معا، فالحاصل أن مضمون الفتوى شيء، وواقع الشركه شيء آخر، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عرفناه عن هذه الشركة من خلال ما كتب إلينا في الفتوى رقم: 72663، والفتوى رقم: 73199، أنها تعطي عشرة صكوك لكل مساهم أو أكثر ولا تعطي أقل من ذلك ثم تقوم بالمضاربة بالأموال التي تحصل عليها من المساهمين وتعطي الربح نهاية العام، وتقوم بسحب شهري على جوائز وتعطي الجائزة من حظي بالقرعة ونحن قلنا سابقاً إن ذلك لا يجوز، لأن فيه إهداء العامل وهي الشركة للمضاربين وهم مالكوا الصكوك وهو حرام، ونقلنا كلام الإمام الدسوقي المالكي رحمه الله تعالى فهذا هو وجه الحرمة، وهناك قول بأن الإهداء من المضارب لرب المال لا يحرم ولعل الدكتور المذكور أخذ به وأفتى بجواز ذلك، وهذا القول مشار إليه في الكلام الذي نقلناه عن الإمام الدسوقي.
وكذلك القمار فقد ذكرنا في الفتويين المشار إليهما أن المشتري لهذه الصكوك إذا كان هدفه الجائزة، ولم يكن من هدفه الاستثمار كان ذلك من الميسر المحرم، وهذا القصد فيما يظهر لنا قل من المشاركين من يخلو منه نظراً لأن الأرباح التي تصرفها هذه الشركة للمساهمين هي نسبة 10 فقط من الأرباح وهي نسبة ضئيلة جداً مما لا يغري بالدخول في هذه الشركة لولا الطمع في الحصول على الجائزة المرصودة.
وهذا كله إذا كانت الجوائز والهدايا ليست من رأس مال الشركة وأرباحها التي هي ملك للمساهمين وإلا حرم المشاركة فيها مطلقاً سواء كان قصد المشارك الجائزة أم لا لأنها في هذه الحالة قائمة على الميسر والمقامرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1428(12/2898)
لا يحق لرب المال مطالبة العامل بالتعويض عند الخسارة في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أشترك مع شخص في محل للحاسوب فكان منه رأس المال والمحل ومني العمل وبعد مضي زمن خسرنا المشروع ولم يسترجع رأس المال الذي وضعه وكانت الخسارة هي 10000 دينار فطالبني بدفع نصف الخسارة (5000 دينار) مع أنه كان يأخذ من الإيراد الثلثين وآخذ أنا الثلث وبعيداً عن المشاكل دفعت له مبلغ الـ 5000 دينار وفي الوقت الذي كنا فيه شركاء استدنت منه مبلغاً كدين قدره 3000 د. ل لشراء منزل وهو أقل من المبلغ الذي دفعته له كتعويض عن الخسارة وقد سمعت في إحدى الفتاوى أن لا حق له بمطالبتي بدفع الخسارة لأنني قد خسرت جهدي في ذلك الوقت، والسؤال هل أرجع له دينه أم أعتبره جزءا من المبلغ الذي ليس له به حق أن يأخذه وأطالبه بباقي المبلغ، وهل يعتبر هذا ما زال دينا علي لا أستطيع أن أذهب إلى الحج أو العمرة حتى أرده له، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد الذي تم بينكما يسمى عقد مضاربة أو قراض وهو أن يكون المال من شخص والعمل من آخر، والربح بينهما حسب الاتفاق، وقد نص أهل العلم على أن الخسارة في رأس المال تكون على صاحب المال، ولا يتحمل منها العامل شيئاً إذا لم يكن مفرطاً، بل تكفيه الخسارة في عمله وضياع جهده ووقته، وهذا إذا تمت المضاربة بشروطها؛ ومنها تحديد نسبة الربح لكل عند العقد، فإن لم تحدد فإنها تكون فاسدة، وتكون كل الأرباح لصاحب المال وللعامل أجرة المثل، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: الربح جميعه لرب المال، لأنه نماء ماله، وإنما يستحق العامل بالشرط، فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئاً، ولكن له أجر مثله.
وعليه، فما أخذه منك مقابل الخسارة التي لحقت بالمشروع لا يستحقه، بل لك مطالبته به ورفعه للقضاء لتأخذ منه حقك، فإن أبى وأنكر أن يكون بينك وبينه معاملة مثلاً ولا بينة لك على ذلك فحينها لا حرج عليك في أن لا ترد إليه المال الذي اقترضته منه إذا كان مثل حقك أو أقل على الصحيح من أقوال أهل العلم، ويسمى عندهم بمسألة الظفر، وقد فصلناها في الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1428(12/2899)
لا حرج في ضمان طرف ثالث غير المتضاربين بتعويض أحد الطرفين عند الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع إخوتي الأيتام على وضع مبلغ من كل واحد منهم على سبيل التجارة مع أحد الأقارب واشترطت أنا الخسارة علي لأنهم فقراء وأنا والحمد الله ميسورة الحال إلى حد ما لست مثلهم، ثم التجارة خسرت كل الفلوس ولم أخبرهم وأنا أريد رد هذه الفلوس لهم دون أن يعلموا بالخسارة حتى ولو على سبيل الهدية بيني وبين الله، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين لنا السائلة الوجه الذي تسلطت به على التصرف في مال إخوتها الأيتام، وعلى كل حال فإنا نقول إذا كان إخوتك غير بالغين راشدين ولم يكن لك حق شرعي في التصرف في مالهم لكونك مثلا وصية عليهم أو نحو ذلك فإنك تضمنين مالهم، إذ لا يجوز التصرف في مال الغير إلا بإذن من المالك أو من الشارع، ومعلوم أن الأيتام صغار لم يبلغوا فإذنهم وموافقتهم كالعدم، وعليه فيجب عليك رد ما أخذت من مال هؤلاء الأيتام إليهم حتى تسلمي من الوعيد الوارد في أكل أموال اليتامى ظلماً.
أما إذا كنت قد تصرفت في مالهم بحكم كونك وصية شرعاً عليهم أو أذن لك الوصي الشرعي أو كانوا بالغين واشترطت لهم ضمان رأس مالهم في المضاربة -التجارة- مع هذا القريب فلا حرج في ذلك إذا كان الشرط مستقلاً عن عقد المضاربة، فقد أجاز ذلك مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة حيث جاء في مقرراتها: ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة -المضاربة- على وعد طرف ثالث منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر الخسران في مشروع معين، على أن يكون التزاماً مستقلاً عن عقد المضاربة بمعنى أن قيامه بالتزامه ليس شرطاً في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1428(12/2900)
حكم اقتطاع البنك لجزء من الأرباح لمواجهة خسائر محتملة
[السُّؤَالُ]
ـ[فتحت دفتر التوفير لدى بنك البركة حيث قالوا لي بعد نهاية الدورة تمنح لكم أرباح من خلال أعمال البنك حيث إن البنك في معاملاته جعل حساب يقتطع جزءا من الربح لحساب يتحمل الأعباء إذا قدر أن هناك خسارة هل بفتح البنك هذا الحساب نكون قد خرجنا من دائرة أن البنك غير ضامن لرأس المال وفي هذه الحالة هل تعتبر المضاربة مشروعة، وما حكم الأرباح المقدمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البنك ملتزماً بالضوابط الشرعية لعملية المضاربة فإن هذه المضاربة مشروعة، والأرباح الناتجة عنها أموال حلال. ولمعرفة هذه الضوابط راجع فيه الفتوى رقم: 72138.
ولا حرج في اقتطاع جزء من الأرباح يكون كمخصص لمواجهة الخسائر المحتملة إذا كان ذلك مشترطاً من بداية التعاقد أو تم التراضي عليه بعد ذلك، ولا يدخل ذلك في ضمان رأس المال الذي يفسد المضاربة، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار على اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة إما من حصة الصكوك -أي صكوك المضاربة- في الأرباح في حالة وجود تنضيض دوري، وإما من حصصهم في الإيراد أو الغلة الموزعة تحت الحساب ووضعها في احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(12/2901)
المضاربة بين المنع والجواز
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن الاستثمار والأرباح والفوائد حيث إن لي أحد الزملاء يستثمر أمواله في مؤسسة تقدم مشاريع استثمارية عديدة، منها أن يستثمر عشرة آلاف ويحصل على أربعة أضعاف المبلغ بعد مضي سنة على بداية الاستثمار، كما تقدم مشاريع أخرى تعطي على الأقل ضعف المبلغ المستثمر من دون أي خسائر أو تبعات، ويملك هذه المؤسسة أخ مسلم يقول إنه يشغل الأموال في كثير من الشركات المتعددة الجنسيات، ويحصل منها على أرباح جيدة يتقاسمها مع المستثمرين، فأرجو أن تسلطوا الضوء على هذا الموضوع من حيث الضوابط الشرعية على أن تبينوا هل للمستثمر أن يأخذ ذلك القدر من الأرباح أم لا؟ وهل يجوز مصاحبة هذا الصديق الذي يستثمر أمواله بهذه الطريقة ومعاملته والانتفاع بأمواله أم لا؟ أريد إجابة عاجلة لأنها ستفيد الكثير من الإخوة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الأخ الذي يأخذ أموال الآخرين يضارب بها مضاربة شرعية ولا تكون مضاربة شرعية إلا بشروط منها:
* أن لا يكون رأس المال مضموناً من المضارب.
* ومنها أن لا يكون الربح بين المضارب وصاحب رأس المال دراهم محددة وإنما يكون جزءاً شائعاً كالنصف والربع والثلث ونحو ذلك.
* ومنها أن تكون المضاربة في الوجوه المباحة شرعاً وراجع للمزيد الفتوى رقم 87688 والفتوى رقم 86028.
وعليه فإذا كان الشخص المذكور يضمن لأصحاب رؤوس الأموال أموالهم أو يحدد مبلغاً محدداً للربح فإنه لا يجوز التعامل معه في هذه المعاملة وينصح بتركها والتوبة إلى الله عزو جل.
وأما معاملته في أمواله الحلال أو المختلطة فجائزة وما علم أنه مال حرام لم يجز معاملته فيه.
وبالنسبة لمصاحبته وصداقته فالنصيحة أن لا يتخذ المسلم صديقاً أو صاحباً إلا من كان تقياً ولا يكون المرء كذلك حتى يدع الحرام وفي الحديث:" لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي" رواه الترمذي
قال في فيض القدير: ومخالطة غير التقي يخل بالدين ويوقع في الشبة والمحظورات " أ. هـ. ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1428(12/2902)
نصيب الشركاء في المضاربة وحكم تقييدها بوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم توضيحا لهذه المسألة حيث منذ سنة تقريبا دخلت بمال لدي في شركة عقارية للاستثمار في أموالي حيث وقعت عقدا ينص على أن يتسلم المساهم نسبة شهرية من الشركة كأرباح عن المبلغ المدفوع.
يحق للمساهم المطالبة بالمبلغ في أي وقت يشاء على أن يعلم الشركة قبلها بشهرين.
تعتبر الشركة المسؤول الوحيد عن أي تأخير أو مطالبة قانونية أمام الجهات الرسمية.
علما أن العقد لمدة سنة قابل للتجديد.. وأيضا كانت الأرباح في بادئ الأمر متغيرة حتى مدة 4 أشهر كانت ثابتة الأرباح..
(علما أن صاحب الشركة العقارية يعمل في نطاق العقارات الحلال على حسب كلامه)
أريد أن أعرف إذا كانت هذه الأرباح حلالا أم حراما؟؟
وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحكم على هذه المعاملة يحتاج إلى الوقوف على صيغة العقد وبنوده فينظر في هذه البنود ومدى التزامها بالضوابط الشرعية.
ومن أهم ضوابط المضاربة والشركة عموما أن المال ليس مضمونا فيها على المضارب (المستثمر) أو الشريك ما لم يتعد أو يفرط.
ومن الضوابط كذلك أن لا يكون ربح المال أو المضارب مبلغا محددا وإنما يكون جزءا شائعا من الأرباح كالنصف والثلث ونحو ذلك.
جاء في المغني لابن قدامة: أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معدودة بطلت الشركة.
وأما قول السائل إن الأرباح صارت ثابتة في الفترة الأخيرة فإن هذا يشير إلى أن الشريك لم يلتزم بالضابط المتقدم، وإذا كان الواقع كذلك فالشركة فاسدة ويجب فسخها ويكون كل الربح في فترة الفساد لصاحب المال، وأما المستثمر فله أجرة المثل فقط، وقيل إن له قراض المثل وراجع الفتوى رقم: 72779.
وأما بالنسبة لمسألة تحديد وقت لانتهاء المضاربة فإن ذلك جائز بناء على جواز تقييد المضاربة.
وكذلك لا مانع أن يسحب الطرفان مبالغ شهرية وتكون هذه المبالغ تحت الحساب، وعند ظهور الأرباح ينظر فمن أخذ أكثر من حصته رده، ومن أخذ أقل استوفى الباقي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1428(12/2903)
الاتفاق على ربح معلوم وربطه بالبيع
[السُّؤَالُ]
ـ[اطلعت على الجواب بالنسبة للفتوى رقم 94799 ولكن ذكرت أنه أحياناً لا يباع، فأين وجه الربا في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي كتبته في السؤال الذي أشرت إلى رقم فتواه هو أن صديقك أراد أن يستثمر عشرة آلاف دولار في مصنعك على أن يأخذ ربحاً من الصنف رقم خمسة كلما بعت منه كمية، فهذا القدر يكفي لجعل العقد بينك وبينه عقداً ربوياً، لأنكما قد اتفقتما على أن له ربحا إذا بيعت أي كمية، ومعلوم أنه ستباع كميات من ذلك النوع، مع أننا لو افترضنا -جدلاً- أنه لم تبع أية كمية من النوع المتعاقد عليه، فإن مجرد العقد يعتبر محرماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(12/2904)
مسائل في تأسيس شركة مضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم توضيح هذه المسائل، أسس مجموعة من الأشخاص شركة في مجال الاتصالات، وكونوا مجلساً سموه مجلس التأسيس للشركة، ثم فتحوا المجال للمساهمين، هذا المجلس هو مجلس الإدارة للشركة ولا يسمح للمساهمين المشاركة في إدارة الشركة بحال من الأحوال ولا إبداء الرأي فيها، هذا المجلس يتقاضى من أرباح الشركة جزءاً من الربح مقابل عمله الإداري (30%) من مجموع الربح بعد (التكاليف، الكهرباء، رواتب الموطفين، الضرائب ... ) ، ثم يتقاسمون مع المساهمين ربح الشركة بقدر مشاركتهم فيها، السؤال: نرجو من فضيلتكم توضيح الآتي مع ذكر الأدلة والمراجع حسب ما تيسر: حكم استئثار المجلس بإدارة الشركة، حكم ما يأخذه المجلس من أرباح الشركة على صورة نسبية شائعة من الربح مقابل العمل، تم تحديد النسبة من المجلس نفسه، مع أخذهم نسبة ربح رأس مالهم في الشركة، حكم مشاركة الشركة بالمال مع البدن، العمل، حكم حق التأسيس، ماليا وإداريا، كما نرجو الإفادة المواقع في الإنترنت المخصصة لهذه المواضيع؟ وجزاكم الله خيراً.. ونفع الله بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من أن مجموعة من الأشخاص قد أسسوا شركة، وكونوا مجلساً سموه مجلس التأسيس للشركة، ثم فتحوا المجال للمساهمين، واستبد المجلس بإدارة وتسيير الشركة، وكان يتقاضى 30 من مجموع الربح بعد التكاليف، ثم تقسم بقية الأرباح بين المشاركين بحسب مشاركاتهم.... نقول: إن هذا هو عين ما يسميه الفقهاء بالقراض أو المضاربة، والمضاربة هي أن يدفع شخص لآخر رأس مال ليضارب به على أن يكون له جزء مشاع من الربح، ويشترط للمضاربة الصحيحة شروط، منها: أن يتفق الطرفان أو الأطراف على جزء مشاع من الربح لكل منهم، ومنها: أن لا يضمن المضارب رأس المال في حالة الخسارة إلا عند التفريط والتعدي ... وشروط أخرى مذكورة في كتب أهل العلم.
وعليه؛ فسيكون الرد على أسئلتك على النحو التالي:
1- فأما استئثار المجلس بإدارة الشركة فإنه لا حرج فيه، لأن المجلس يمثل عامل أو عمال القراض، وعمال القراض لهم الحق في إدارة أموال القراض ولو لم يشترطوا ذلك، وهذه هي الطريقة المتبعة في المصارف وكافة الشركات الإسلامية.
2- وأما السؤال عن حكم ما يأخذه المجلس من أرباح الشركة على صورة نسبة شائعة من الربح مقابل العمل.. فقد بينا في مقدمة هذه الإجابة أن ذلك شرط في صحة المضاربة، ولا يضر كون تلك النسبة قد تم تحديدها من المجلس نفسه، لأن من حق كل واحد من الطرفين في العقد أن يحدد القدر الذي لا يقبل الشركة بأقل منه، وللطرف الآخر أن يقبل أو يرفض.
3- وفيما يخص السؤال عن المشاركة بالمال مع البدن، فإنه قد قال بمنعه بعض أهل العلم، ولكن المفتى به عندنا أنه لا يضر، قال الخرقي: مسألة: قال: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما، تساوى المال أو اختلف، فكل ذلك جائز.
وأما عن حكم حق التأسيس، مالياً وإدارياً، فإن الذي ينبغي أن يُسأل عنه هو الدولة التي توجد الشركة على أرضها، وما إذا كان هذا الأمر يتفق أو يختلف مع قوانينها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1428(12/2905)
ضمان رأس المال في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر قطع غيار سيارات جاءني شخص إلى محلي وعرض علي مبلغ 7 آلاف دينار لأشتري بها مكائن سيارات وأبيعها في محلي على أن يربح هو في كل ماكينه مبلغ 10 دنانير إضافة إلى رأس المال على أن أعيد له السبعة آلاف إضافة إلى الأرباح على أقساط في مدة 4 شهور فهل هذا يعتبر من الربا؟ أفيدوني أفادكم الله. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة المذكورة تعتبر مضاربة غير جائزة شرعا لسببين رئيسين: الأول: أن المضارب (صاحب المحل) ملتزم بضمان رأس المال، ومعلوم أن ضمان رأس المال في المضاربة يفسدها وينقلها من مضاربة إلى قرض ربوي.
جاء في المصنف في شرط الضمان في المضاربة عن قتادة عن عكرمة قال: كل شرط في مضاربة فهو ربا.
وجاء في كشاف القناع: والعامل أمين في مال المضاربة لأنه متصرف فيه بإذن مالكه على على وجه لا يختص بنفعه فكان أمينا لا ضمان عليه فيما تلف بغير تعدولا تفريط. اهـ
الثاني: تحديد مبلغ محدد كربح لصاحب رأس المال وهذا غير جائز في المضاربة وإنما الجائز أن يكون الربح جزءا مشاعا كالنصف أو الربع أو الثلث أو حسب ما يتفقان عليه.
وإذا أراد الأخ السائل أن تكون المعاملة شرعية فتكون كالآتي: يدفع إليه صاحب المال المبلغ ليضارب له في مكائن السيارات على أن يكون الربح بينهما نسبة شائعة لا دراهم معلومة وبدون أن يكون الأخ ضامنا لرأس مال في هذه المعاملة إلا في حالة التعدي والتفريط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1428(12/2906)
حكم دفع الربح من عائد المضاربة فيما لم يتفق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن لي أن أتاجر بأموال الناس المضاربين في شأن وأعطيهم نسبة من الأرباح من شأن آخر دون ذلك الشأن الذي ساهموا فيه بموافقتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تسأل عما إذا كان يجوز لك أن تخالف ما اشترط عليك أهل المال أن تضارب فيه من أنواع التجارة، فالجواب أن ذلك لا يجوز، وإذا فعلته وحصل تلف أو خسارة في المال كنت ضامنا لما تلف أو خسر. قال ابن قدامة في المغني: والشروط في المضاربة تنقسم قسمين: صحيح وفاسد، فالصحيح مثل أن يشترط على العامل أن لا يسافر بالمال أو أن يسافر به أو لا يتجر إلا في بلد بعينه أو نوع بعينه ...
وفي مختصر الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى- يذكر ما يصح اشتراطه في المضاربة قال: ... واشتراطه أن لا ينزل واديا أو يمشي بليل أو ببحر أو يبتاع سلعة وضمن إن خالف ...
قال الخرشي شارحا: أي وضمن العامل المال إن خالف واحدا مما ذكر أي وحصل التلف بسبب المخالفة، وأما لو خاطر وسلم ثم تلف المال بعد ذلك فلا ضمان عليه. اهـ.
وإن كنت تعني أن أصحاب المال أعطوك أموالهم لتضارب فيها، فعملت بها في نوع معين من المضاربة، وكان لك نوع آخر تضارب فيه، ثم أردت أن تعطيهم نسبة من ربح النوع الآخر بدل ربح مالهم، فالجواب عن هذا أنه إذا كان القدر الذي تعطيهم من الربح أقل مما يستحقون أو جهل حاله، فلا يخفى أن ذلك لا يجوز لما فيه من أكل أموالهم بغير حق في الأول، وللغرر في الثاني. وإن كان الذي تعطيهم أكثر مما هو لهم، فإن كنت ستخبرهم بذلك كان ذلك غير مباح أيضا عند كثير من أهل العلم؛ لأنه هدية لرب القراض يراد منها في الغالب إبقاء المال عند العامل. وقد قال فيها الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى-: وحرم هديته إن لم يتقدم مثلها أو يحدث موجب، كرب القراض وعامله ولو بعد شغل المال على الأرجح.
وإن كنت لا تخبرهم بذلك كانت صدقة عليهم، ولا يبعد في هذه الحالة أن تكون مستحبة؛ لأنه ليس لك فيها نفع غير ما يرجى من الثواب في الآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(12/2907)
حكم شراء المضارب البضاعة من رب المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بالتجارة ولي ابن عم أراد أن يستثمر ماله فأقوم أنا بالسفر إلى الصين وأشتري البضاعة ثم عندما أعود وأستلم البضاعة في مدينتي أبيعها في شهرين أو ثلاثة وبعدها نتقاسم الأرباح هو يأخذ الثلثين وأنا الثلث سؤالي هو في المرة القادمة سأقوم بشراء بضاعة جديدة هل عندما أعود يجوز أن أشتري منه البضاعة بشيكات وأدفع له ربح معين مثل 8 آلاف أو عشرة بدل أن ينتظر ثم أنا أبيعها بعد ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في شراء المضارب سلعة لنفسه من مال المضاربة من رب المال، فذهبت الحنفية إلى جواز ذلك قال الكاساني: مال المضاربة في حق كل واحد منهما كمال الأجنبي، لذلك جاز الشراء بينهما.
وذهب المالكية أيضا إلى الجواز إذا كان نقدا، ولا يجوز إلى أجل خشية أن تكون هناك زيادة على العامل، والمضاربة مبنية على التساوي، قال الباجي في الاحتجاج لذلك: وجه قول مالك أن ما بقي من المال عند العامل هو الذي وجب لرب المال من مال القراض فلا يجوز أن يؤخره عنده لزيادة يزدادها منه؛ لأن ذلك مما يشابه الربا؛ لأن الذي له عنده عين فيتركه عنده ليزيده فيه، ووجه آخر أن على العامل بيع ذلك العرض وتحصيل ثمنه فإذا باعه منه بثمن إلى أجل قويت التهمة في أنه يعطيه الثمن المؤجل فيما بقي بيده من رأس مال القراض، وفي عمله ويضمن مع ذلك ما لم يأخذه على الضمان.
ومنع من ذلك الشافعية، قال الشربيني: ولا يعامل العامل المالك بمال القراض؛ لأنه يؤدي إلى بيع ماله بماله، ولا فرق في ذلك بين أن يظهر في المال ربح أو لا، فإن عامله بغيره صح.
كما منع منه أيضا الحنابلة ولكن قيدوه بأن يظهر في مال المضاربة ربح، قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: ليس لعامل الشراء من مال المضاربة؛ كأن يكون فيها عبد أو ثوب؛ فلا يصح أن يشتريه من رب المال قال في " شرح المنتهى " إن ظهر في المضاربة ربح؛ لأنه يصير شريكا فيه، فإن لم يظهر ربح صح شراؤه من رب المال أو بإذنه كالوكيل يشتري من موكله.
والذي يظهر لنا - والعلم عند الله- هو رجحان مذهب المالكية، لما فيه من التفصيل بين البيع نقدا والبيع إلى أجل، ولأن البيع إلى أجل في هذه الحالة ذريعة إلى دفع الزيادة والوقوع في الربا، أما مذهب الحنابلة فيشكل عليه ما ذكره الأحناف من أن مال المضاربة في حق كل واحد منهما كمال الأجنبي، لأن لرب المال في مال المضاربة ملك رقبة لا ملك تصرف، وللمضارب فيه ملك التصرف لا الرقبة، فكان في حق ملك الرقبة كملك الأجنبي حتى لا يملك رب المال منعه عن التصرف، فكان مال المضاربة في حق كل واحد منهما كمال الأجنبي، فلا يمنع فيه من الشراء والبيع، وراجع لمزيد من التفصيل كتاب المضاربة في الشريعة الإسلامية، للشيخ عبد الله بن حمد بن عثمان الخويطر.
ومن هذا تعرف عدم جواز شرائك منه هذه البضاعة ودفع بعض الثمن بشيكات إلى أجل، وجواز ذلك نقدا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(12/2908)
مسائل في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرات السادة الأفاضل
بداية اسمحوا لي أن أتقدم لكم بالتهنئة والتبريك بعيد الأضحى المبارك تقبل الله منا ومنكم
السادة الأفاضل حدثت علاقة تجارية بيني وبين شخص واختلفنا وأود عرضها عليكم لتفيدوني بالحكم الشرعي وهي كالأتي:
عرض علي رجل واسمه شفيق أن اعمل لديه في محل بن والمحل ليس له بالأساس إنما لابن أخته وهو قال إنه اتفق مع ابن أخته أن يشغل له المحل وطلب مني شفيق أن أشغل المحل مقابل ثلث الأرباح (شريك مضارب) كما يعرف تجاريا في منطقتنا أي أن ليس للشريك المضارب في المحل أو متعلقاته فقط يضارب بعمله مقابل رأس مال الشريك والمحل ويكون ثلث للمحل (مصاريف المحل) وثلث لصاحب رأس المال وثلث للعامل أو الصنايعي وبالطبع فان ثمن البضاعة الخام والمصاريف كالكهرباء والماء والغاز والضرائب.....الخ تخصم من الإيرادات ومن ثم يوزع الصافي على ثلاثة أثلاث.
اشتغلت معه وشغلت له المحل وأول ما دخلت المحل كان يبيع اثنين إلى ثلاث كيلو يوميا وعملت حملة دعائية وهدايا وتحفيزات وتخصصت في أجود أنواع البن ولم أوافقه على الغش بأنواع هال رخيصة أو أنواع بن رخيصة وصرت أحمص واطحن وأبيع وأصبح المحل يبيع ما يقارب المائة كيلو يوميا وأحيانا ما يزيد وكنت أسحب مخصصا يوميا لي وأسجله لحين عمل الحسابات وكان شفيق يسحب بالمقابل ضعف ما أسحب أنا وكنت كل شهر أطلب منه أن يعمل حساب الأرباح لأخذ حصتي فيقول لي أنت تأخذ 9 دنانير وأنا 18 دينارا وندفع ثمن البضاعة وليس عندنا فائض يعني هذا ربحك وهذا ربحي وما في داعي للحسابات واستمر الحال فترة طويلة وأدخلت إلى المحل السكاكر والحلويات وكان موسمها وبعد الموسم انزعج مما تبقى ورفض أن يبقيها كجزء من المحل وأجبرني على بيعها بخسارة كبيرة لمحل آخر هي وتجهيزاتها واستمررنا فترة مع عدد من الخلافات حول إدارة العمل وحول بعض المصاريف كالدعاية والهدايا وغيرها التي أراد شفيق أن يحسبها ويخصمها قبل توزيع الأرباح واختلفت مع شفيق وتركت العمل وكنت قد عملت لديه ما يزيد عن السنة وطالبني مرارا وما زال يطالبني بتسديد ديون يدعيها وهي حسب ادعائه مجموع ما سحبته فترة العمل لديه وهو 1700 دينار تقريبا نقص منها 500 دينار حصتي من الأرباح خلال فترة عملي (أي إن حصتي ما يعادل من 1 إلى 1.5 دولار يوميا) ويطالبني بما تبقى حوالي 1200 دينار وتجادلنا كثيرا وفي النهاية طلبت ومازلت اطلب منه دفاتر الحسابات أو صورة عنها لإرسالها عند محاسب لتدقيقها وهو يرفض ويقول لي أحضر المحاسب هنا على المحل لأفهمه الحساب ومازال يرفض إعطائي الحسابات أو صورة عنها علما أنه محاسب ومدير ضرائب محال على المعاش
وفي القانون حسبما سألت فإنني لست مديونا له في شيء ولرغبتي في تحري الشرع ومع عدم استعدادي أن آكل قرشا حراما إلا أن وضعي المادي صعب ولا أستطيع أن أعطيه ما يريد دون وجه حق.
مع العلم والتنبيه إلى أن طوال فترة عملي معه رفض عمل حسابات الأرباح على قول أنت تأخذ 9 دنانير وأنا 18 دينار ولا يوجد فائض بعد ثمن البضاعة فهدا ربحنا.
إضافة إلى أنه سجل عددا من المصاريف التي ليس لي بها علاقة كالدعاية والصيانة وغيره قبل احتساب الأرباح.
وما أود استبيانه من حضراتكم الوجه الشرعي لما يدعيه علي من ديون وهل له حق بها وهل علي أن أدفع دون تدقيق وبحال رفضه تسليمي نسخة عن الحسابات ما علي أن أفعل إضافة إلا أنني أود من حضرتكم أن تبينوا لي الحكم الشرعي في المضاربة بشكل عام (شريك مضارب) وتفاصيلها وكيف تحتسب وتوزيعاتها وتفرعاتها للأخذ بها مستقبلا.
مع الاحترام والتقدير لما تبذلونه من جهود.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما تعريف المضاربة الشرعية فإنها دفع شخص لآخر رأس مال ليضارب به على أن يكون له جزء مشاع من الربح كالثلث أو الربع ونحو ذلك، ولها شروط ذكرناها في الفتوى رقم: 72823، فتراجع.
فإذا كان الشخص المذكور هو صاحب المحل فهو صاحب رأس المال والأخ السائل مضارب فيه، أما إذا لم يكن هو صاحب المحل فإنه يعتبر مضاربا أول والسائل مضارب ثان.
ويشترط لصحة كون المضارب مضاربا ثانيا أن يأذن للأول صاحب رأس المال بذلك، إما بإذن صريح أو بتفويض عام. كما جاء في المبسوط من كتب الحنفية:
ولو دفع إلى رجل مال مضاربة بالنصف وقال له اعمل برأيك فدفعه المضارب إلى رجل مضاربة بالثلث فعمل به وربح فللمضارب الآخر ثلث الربح وللأول سدسه ولرب المال نصفه لأن دفعه إلى الثاني مضاربة كان بإذن رب المال حين قال له اعمل برأيك فالمضارب بهذا يملك الخلط والشركة والمضارب في المال. اهـ
وفي كل الأحوال يجب أن يكون نصيب كل واحد من أطراف المضاربة جزءا مشاعا من الربح لا دراهم محددة، وبهذا نعلم أن قول الشخص المذكور لك أنت تأخذ تسعة دنانير أو أنا آخذ ثمانية عشر لا داعي للحساب كلام فاسد لا يجوز موافقته عليه لأنه يؤدي إلى أن يكون لكل منكم دراهم معددة من الربح وهذا محرم في المضاربة، وعليه تسلم السجلات التي بحوزته، على أنه يجوز لكما أن تسحبا مبالغ مالية من المحل وتكون مبالغ مدفوعة تحت الحساب.
ثم يكون الحساب بعد ظهور الربح فمن أخذ أقل من نصيبه استوفى، ومن أخذ أكثر رده إلى المحل، كما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة ما يلي: بالنسبة للمشروع الذي يدر إيرادا أو غلة فإنه يجوز أن توزع غلته وما يوزع على طرفي العقد قبل التنضيض"التصفية" يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب. اهـ.
وبالنسبة لمصاريف المحل ونفقاته من كهرباء وتلفون ودعاية ونحو ذلك مما يعد في هذه المهنة من مصاريف المحل فإنها تكون على رب المال لا على العامل، بمعنى أنها تخصم قبل الأرباح فإن لم يوجد ربح فتخصم من رأس المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1428(12/2909)
حكم اشتراط أحد المضاربين دراهم معدودة
[السُّؤَالُ]
ـ[خالتي معها 1000 دينار وتريد المتاجرة بها فقالت لزوج ابنتها كونه تاجر أجهزة مختلفة ويبيع بالأقساط (أنا موكلك يا نسيبي أنك تأخذ 1000 دينار وتقوم بشراء لي أجهزة كهربائية أنت تحتاجها في محلك) علما أنها اتفقت معه على أنها تريد نسبة ربح على المبلغ 20 دينار قبل شراء أية مواد ووافق على ذلك، والآن تم توكيل ابنتها على استلام تلك الأجهزة من زوجها بالنيابة عنها، وللعلم أن الزوج يقوم ببيع تلك الأجهزة بسعر يتجاوز أضعاف السعر الحقيقي للمواد بطريقة الأقساط، الجهاز الذي سعره 100 دينار يبيعه ب 300 دينار ... ولقد قرأت أن الربح الذي يتجاوز الثلث يعتبر غبنا.. فهل الطريقة التي قامت بها حلال، علما أنها لم تر الأجهزة الكهربائية ولكن اكتفت بتوكيل ابنتها.. وهل تجارة زوج ابنتها جائزة.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود من السؤال هو أن خالة السائل دفعت ألف دينار إلى زوج ابنتها ليضارب لها في الأجهزة الكهربائية واشترطت عليه عشرين دينارا ربحا من وراء هذه المضاربة، فالمضاربة فاسدة ويجب فسخها لأن اشتراط أحد المضاربين دراهم معدودة يفسدها، والواجب أن يكون نصيب كل من صاحب رأس المال والمضارب جزءا مشاعا من الربح، جاء في المغني لابن قدامة: قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة. اهـ
وعليه فيحرم الاستمرار في هذه المضاربة مع وجود هذا الشرط ويجب الفسخ، وإذا فسخت المضاربة فالربح كله لرب المال وللمضارب أجرة المثل أو ربح المثل في ذلك خلاف بين العلماء، وقد بسطناه مع ذكر الراجح في الفتوى رقم: 47590، والفتوى رقم: 72779، وراجع في شروط المضاربة الشرعية الفتوى رقم: 63918، والفتوى رقم: 65877 هذا وليعلم السائل أنه في حال المضاربة الصحيحة لا يشترط لصاحب رأس المال أن يرى البضاعة المضارب فيها، بل عليه أن يسلم رأس المال إلى المضارب ويخلي بينه وبين المضاربة.
وأما عن حكم تفاوت الثمن في البيع الحال والبيع الآجل فجائز، وراجع الفتوى رقم: 49700.
وبالنسبة للربح في التجارة فليس صحيحا أنه يحد بالثلث إلا ما ذكره بعض أهل العلم في مسألة المشتري المسترسل، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 63265، والفتوى رقم: 33215.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1427(12/2910)
المضاربة وضمان ما لم يجب
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال حول الشركة والمضاربة، فقد سمعت عن أحد الأشخاص الذي يستقبل شركاء ليدخلوا معه في مشروع، وتكون نسبة الربح 70%، وفي حالة الخسارة فهي على الجميع، وبناء عليه دخلت في هذه الشركة، ثم جاءني أحد الأصدقاء ليعطيني مبلغاً من المال أدخله معي في الشركة لكنه متخوف جداً، فهل يجوز لي ما يلي: أن أضمن له رأس المال مقابل أن تكون أرباحه 50%، أن أكون شريكاً معه في الربح، وشريكاً في الخسارة أيضاً ضمن الاتفاق على نسبة محددة، مثل أن أقول له إذا ربحنا تربح 50% من قيمة رأس المال وإذا خسرنا تخسر 20% من قيمة رأس المال، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمضاربة هي أن يدفع شخص مالاً لآخر يستثمره نظير جزء من ربحه. ومن شروط صحة المضاربة أن يكون نصيب كل من المضارب وصاحب رأس المال من الربح نسبة مشاعة كالثلث والربع ونحو ذلك، ومن شروطها أيضاً أن لا يضمن المضارب رأس المال في حالة الخسارة إلا عند التفريط والتعدي.
وعليه فإذا كنت دفعت مالك للشخص المذكور ليضارب فيه حسب ما تقدم فالمضاربة صحيحة.
أما قبولك رأس مال صديقك لتضارب به عند المضارب الأول فيشترط له بالإضافة إلى الشرطين المتقدمين أن يأذن لك بإذن صريح أو بتفويض عام في المضاربة بماله عند مضارب ثان.
جاء في المبسوط من كتب الحنفية: ولو دفع إلى رجل مال مضاربة بالنصف وقال له اعمل برأيك فدفعه المضارب إلى رجل مضاربة بالثلث فعمل به وربح فللمضارب الآخر ثلث الربح وللأول سدسه ولرب المال نصفه لأن دفعه إلى الثاني مضاربة كان بإذن رب المال حين قال له اعمل برأيك فالمضارب بهذا اللفظ يملك الخلط والشركة والمضاربة في المال. انتهى.
فإذا وجد هذا الشرط بقي النظر في الشرطين المذكورين في السؤال وهما ضمان رأس المال أو بعضه، وهذا الشرط شرط فاسد لا يحل لك عرضه ولا العمل به؛ لأنه يخرج المعاملة من المضاربة الشرعية إلى أن تصير قرضاً ربوياً.
كما ننبه السائل الكريم إلى أنه في حال عقد مع صديقه عقد مضاربة صحيحة يجب أن يكون النصيب المتفق عليه بين صاحب المال والمضارب من الأرباح لا من رأس المال، فرأس المال ملك لصاحبه وما زاد عليه يقسم بينهما حسب الاتفاق، ولا يستحق الربح إلا بالظهور، ولا يملك إلا بالتنضيض، ولا يلزم إلا بالقسمة، هذا وإذا كان الأخ السائل يريد أن يطمئن صديقه المتخوف فيجوز له في حالة واحدة أن يضمن له رأس ماله وهي أن يقول له إذا تعدى أو فرط المضارب الأول في مالك فأنا ضامن، وهذا ما يعرف عند الفقهاء بضمان ما لم يجب وهو ضمان صحيح عند جمهور الفقهاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1427(12/2911)
حكم دفع المضارب المال إلى غيره مضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن آخذ مبالغ مالية من أناس معارف يحبون المتاجرة بها وأعطيها لأحد التجار الثقات وآخذ نصيبا من أرباحهم.
أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه مما كتبته هو أنك تسأل عما إذا كان يجوز لك أن تأخذ مالا ممن يريد دفعه لمن يضارب به، ثم تدفعه أنت إلى شخص آخر يضارب فيه بنسبة من الربح أقل مما اتفقت عليه مع صاحب المال، وتربح أنت الفارق بين النسبتين.
فإذا كان هذا هو ما تقصده فإنه لا يجوز إلا إذا أذن فيه رب المال. قال ابن قدامة في المغني: وليس للمضارب دفع المال إلى آخر مضاربة. نص عليه أحمد في رواية الأثرم وحرب وعبد الله قال: إن أذن له رب المال وإلا فلا.
وقال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى- في معرض ضمان عامل القراض: ... أو قارض بلا إذن وغرم للعامل الثاني إن دخل على أكثر كخسره وإن قبل عمله والربح لهما ... قال الدردير: أي لرب المال والعامل الثاني في مسألة ما إذا قارض بلا إذن ولا شيء للعامل الأول لتعديه وعدم عمله ...
وقال الشافعي في الأم: وإن قارض العامل بالمال آخر بغير إذن صاحبه فهو ضامن، فإن ربح فلصاحب المال شطر الربح، ثم يكون للذي عمل شطره فيما يبقى.
وفي الموسوعة الفقهية: إذا دفع مال المضاربة قراضا (أي ضارب فيه) بغير إذن ضمن؛ لأن الشيء لا يتضمن مثله إلا بالتنصيص عليه أو التفويض إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(12/2912)
ما يفعل عند فساد المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي أخت متزوجة انتقلت إلى جوار ربها ولم تترك ذرية غير زوجها، وسلمني زوجها بعد وفاتها مليون دينار عراقي وأنا بدوري سلمت المبلغ إلى تاجر ليعمل به ويعطيني التاجر أرباحا شهريا مقدارها يتراوح بين (20000-25000) دينار عراقي وأنا أوزعها شهريا إلى الفقراء صدقة باسمها.هل عملي هذا يعتبر صحيحا من الوجه الشرعي؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن زوج أختك هذا يرث من زوجته نصف ما تركت، لقول الله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ {النساء: 12} ".
وإذا لم يكن لها من الورثة إلا أنت وهو، فإن باقي متروكها يكون لك أنت بالتعصيب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر " كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وبناء على هذا فليس من حقك أن تتصرف في متروك أختك إلا برضا زوجها لأنه شريكك فيه، إلا أن يكون قصدك أن هذا الذي سلمك إياه هو نصيبك من التركة.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقولك إنك سلمت المبلغ إلى تاجر ليعمل به ويعطيك ربحا شهريا مقداره يتراوح ما بين (20000-25000) دينار عراقي، إن كنت تقصد أنك سلمت المبلغ إلى تاجر ليعمل به بجزء محدد من الربح، وكانت الأرباح كثيرة، بحيث يعطيك منها كل شهر ما يتراوح بين (20000-25000) دينار عراقي، فمثل هذا العقد يسمى في الشرع بالمضاربة أو القراض.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة ما يفيد إباحة هذه السحوبات، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 71688.
وإن كنت تقصد أنه ملزم بأن يعطيك هذا القدر من المال كل شهر، سواء قل الربح أم كثر، وسواء ربح المال أم خسر، فهذا يعتبر قراضا فاسدا.
قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض -وهو المضاربة- إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة.
وإذا فسدت المضاربة فلصاحب المال الأرباح وللعامل أجرة المثل، يجتهد في تقديرها أهل الخبرة بهذا الموضوع، مع التوبة إلى الله عز وجل من هذا العمل المحرم، وهذا هو قول الحنفية والشافعية والحنابلة وهو أحد القولين عند المالكية، فقد جاء في بدائع الصنائع: وأما حكم المضاربة الفاسدة ... وإنما له أجر مثل عمله سواء كان في المضاربة ربح أو لم يكن.
وقال الماوردي: (فإن شرط) العامل الأول (لنفسه شيئا) من الربح (فسد) القراض ... والربح كله للمالك (وأجرة الثاني على المالك) لأنه لم يعمل مجانا.
وقال ابن قدامة في المغني: فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئا، ولكن له أجرة مثله.
وذهب آخرون إلى أن له ربح المثل، وهو قول ثان للمالكية، قال ابن عاصم المالكي في تحفة الحكام:
وأجر مثل أو قراض مثل * لعامل عند فساد الأصل
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: ولهذا كان الصواب أن يجب في المضاربة الفاسدة ربح المثل لا أجرة المثل، فيعطى العامل ما جرت به العادة أن يعطاه مثله من الربح إما نصفه وإما ثلثه وإما ثلثاه.
وقال الشيخ ميارة عند شرح بيت التحفة السابق: ... (قال ابن الحاجب) وإذا فات القراض الفاسد فثلاث روايات قراض المثل وأجرة المثل، ابن القاسم: ما فسد لزيادة أحدهما أو لشرط رب المال ما يحوج إلى نظره فأجرة المثل وما عداه كضمان المال وتأجيله فقراض المثل.
وإذا تقررت إباحة العقد المذكور أو تصحيحه، فلا مانع من أن توزع ما تستفيده من الربح على سبيل الصدقة عن أختك، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 9998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1427(12/2913)
صور ضمان المضارب لرأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي محل تجاري شراكة مع شخص آخر، وفي أحد الأيام أحضر لي صديق مبلغا من المال لأستثمره له في المحل وبعد مرور الأيام تعرضت لعملية نصب من شريكي في المحل لدرجة أني أصبحت مديناً للتجار الآخرين بمبالغ كبيرة وأغلقت المحل، فهل يحق للصديق الذي أعطاني مالاً أستثمره له أن يطالب بحقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مناولة الغير مالاً ليتاجر به هو ما يعرف في الفقه الإسلامي بالمضاربة، وللمضاربة شروط وأحكام بينا بعضها في الفتوى رقم: 5480، وفي صورة السؤال المطروح فإن السائل أخذ المال من صديقه ليضارب به وخلطه بماله ومال شريكه، وهذا جائز إذا أذن بذلك صاحب رأس المال صراحة، أو قال له اعمل فيه برأيك ونحو ذلك من العبارات التي تفيد تفويضاً عاماً للمضارب، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 74699.
أما مسألة ضمان المضارب لرأس المال فإنه لا يضمن إلا في حالة التعدي أو التفريط، فإذا ثبت على المضارب أنه فرطّ في حفظ المال أو تعدى في مضاربته فإنه يضمن؛ وإلا فلا ضمان عليه، ومن صور الضمان في المضاربة أن يدخل المضارب بمال المضاربة في شركة مع ثالث بدون إذن من صاحب رأس المال، جاء في تبين الحقائق شرح كنز الدقائق: اعلم أن ما يفعله المضارب ثلاثة أنواع نوع يملكه بمطلق عقد المضاربة ... ونوع لا يملكه بمطلق العقد، ويملكه إذا قيل له اعمل برأيك ... وذلك مثل دفع المال مضاربة أو شركة وخلط مال المضاربة بماله أو بمال غيره لأن رب المال رضي شركته لا بشركة غيره ... ونوع لا يملكه بمطلق العقد ولا بقوله اعمل برأيك إلا أن ينص عليه وهو الاستدانة.
وعليه؛ فإذا كان صديقك أذن لك صراحة أو فوضك تفويضاً عاماً في المضاربة بماله فخسرت المضاربة بلا تعد منك ولا تفريط فلا يحق له مطالبتك بماله، وإن لم يكن أذن لك في خلط ماله بمالك ومال شريكك فأنت ضامن وله أن يطالبك بماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1427(12/2914)
كيف توزع الأرباح في المضاربة الفاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا شركة لتجارة الأخشاب يقوم بإدارتها عنا عمي وهو يقوم بإخراج مبلغ ثابت شهريا من المال من ربح هذه التجارة لكل شريك وهذا المبلغ ثابت ولا يتأثر بالربح أو الخسارة، فهل هذا يعتبر ربا أو نوع غير شرعي من المضاربة، وإن كان كذلك هل يكون حرام علينا أخذ هذا المال أم نأخذه مضطرين ويتحمل هو الوزر، خاصة أننا لا نستطيع أن نجبره على غير ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن ما يقوم به عمك من دفع مبلغ ثابت إلى شركائه على أنها نصيبهم من الربح في الشركة يخرج هذه المعاملة من الشركة المباحة إلى الربا المحرم، وفساد هذه الشركة محل اتفاق عند أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء فضل دراهم، وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معدودة، أو جعل مع نصيبه دراهم مثل أن يشترط لنفسه جزءاً وعشرة دراهم بطلت الشركة، قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة. انتهى.
وعليه، فالشركة فاسدة، والربح كله لصاحب رأس المال، وليس للمضارب أو العامل فيه سوى أجرة مثله، وإذا كنتم مشتركين في رأس المال فيقسم الربح على قدر مال كل منكم، وما عمله الشريك في مال شريكه فله زيادة على ربحه في ماله أجرة مثله.
قال في كشاف القناع: وإذا فسد العقد أي عقد الشركة بأنواعها قسم ربح شركة عنان ووجوه على قدر المالين، لأن التصرف صحيح لكونه بإذن مالكه، والربح نماء المال كالوضيعة. فهي بقدر المالين، وما عمله كل واحد منهما أي الشريكين في الشركتين أي شركة العنان وشركة الوجوه فله أجرته، لأنه عمل في نصيب شريكه فيرجع به، لأنه عقد يبتغي الفضل فيه في ثاني الحال فوجب أن يقابل العمل فيه عوض كالمضاربة. انتهى.
فالمقصود أن هذه الشركة غير جائزة، ويجب عليكم فسخها، ولا يطلب موافقة عمك في فسخها؛ بل تفسخ وإن أبى الفسخ. فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وتقسم الأرباح كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(12/2915)
مسائل حول المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أنا مواطن عربي أعيش في بلد أجنبي ساهمت مع صديق مسلم أجنبي الجنسية من أهل هذا البلد الذي أعيش فيه بمبلغ من رأس المال وساهمت زوجته من مالها الخاص أيضا بالجزء الباقي من رأس المال (علما بأنها غير مسلمة) ، في فتح محل للألبسة، وقد تم الاتفاق بيننا منذ البداية بأنه سيكون هو المسؤول عن العمل في المحل وأنا فقط سأساهم بالمال واتفقنا على تقسيم الربح مناصفة أي 50% له و50% لرأس المال يتم تقسيمه بيني وبين زوجته حسب نسبة رأس المال, والآن لدي الأسئلة التالية:
1- هل يجوز تقسيم الربح بيننا قبل أن ينضض المال أو بمعنى آخر هل يجوز أن يأخذ المضارب (الذي يعمل في المحل) شيئا من الربح حتى يستطيع العيش لأنه ليس لديه مورد آخر للعيش؟
2- هل يجوز تحديد راتب شهري محدد بغض النظر عن الربح للمضارب مثلا 1500 دولار بالإضافة لنسبة يتفق عليها من الربح (مثلا 40 %) ، لقد قرأت في عدة كتب أنه لا يجوز، ولكن أحد الأشخاص قال لي بأن الحنابلة يجيزون ذلك؟
3- هل يوجد أي إشكال في شركة المضاربة هذه لأن زوجة المضارب (غير المسلمة) شاركت بجزء من رأس المال؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لجواب الشق الأول من السؤال نقول إن الربح وهو الزائد على رأس المال لا يعرف إلا بالتنضيض (التحويل إلى نقد) ، أو بالتقويم للمشروع بالنقد وما زاد على رأس المال فهو الربح يوزع على المشاركين حسب الاتفاق، ولا يستحق الربح إلا بالظهور، ولا يملك إلا بالتنضيض، ولا يلزم إلا بالقسمة، لكن يجوز للشريك أو المضارب أن يأخذ من الغلة قبل التنضيض، ويعتبر ذلك مبالغ مدفوعة تحت الحساب، وهذا ما انتهى إليه مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 75606.
وأما جواب الشق الثاني فإنه يجوز للشريك العامل أن يأخذ مبلغاً مقطوعاً شهرياً أو غير شهري أو يأخذ نسبة زائدة على شركائه مقابل عمله في المشروع دون بقية الشركاء فيكون بهذا الاعتبار أجيراً وشريكاً، وراجع الفتوى رقم: 42627.
أما مسألة هل للمضارب أن يأخذ مبلغاً محدداً من مال المضاربة سوى حصته من الربح فذلك غير جائز، وما أشار إليه الأخ من مذهب الحنابلة فنقول في جواب ذلك، إن الفقهاء اتفقوا على أنه لا يجوز أن يجعل نصيب للمضارب أو صاحب رأس المال دراهم معلومة أو يجعل مع نصيبه دراهم معلومة مثل أن يشترط النصف أو الربح ومعه عشرة دراهم، جاء في المغني لابن قدامة وهو من أئمة الحنابلة: ولا يجوز أن يجعل لأحدٍ من الشركاء فضل دراهم وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة أو جعل مع نصيبه دراهم مثل أن يشترط لنفسه جزءاً وعشرة دراهم بطلت الشركة. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدُهُما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة. انتهى.
إذا تقرر ذلك فإنه يجوز للمضارب أن يشترط نفقته من مال المضاربة، والنفقة هنا على سبيل الإباحة لا التمليك فلا تناقض بين جواز هذا وما تقدم من الاتفاق على منع جعل نصيب أحد الطرفين من المضاربة دراهم معلومة.
جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: وليس للمضارب نفقة من مال المضاربة ولو مع سفر بمال المضاربة لأنه دخل على أن يستحق من الربح فلا يستحق غيره إذ لو استحقها لأفضى إلى اختصاصه به حيث لم يربح سوى النفقة إلا بشرط كوكيل، قال الشيخ تقي الدين أو عادة فإن شرطها أي النفقة رب المال له أي المضارب وقدرها فحسن قطعاً للمنازعة فإن لم يقدرها واختلفا فله نفقة مثله عرفاً من طعام وكسوة ... وهي إباحة فلا ينافي ما تقدم إن شرطا دراهم معلومة يبطلها. انتهى.
هذا ولا مانع من مشاركة المسلم لغير المسلم إذا كانت الشركة فيما يحل والتزم فيها أحكام الشريعة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 528.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1427(12/2916)
ضمان رأس المال كله أو بعضه في المضاربة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[معي مبلغ بحدود العشرة آلاف دولار لي ولوالدتي الأرملة وليس لوالدتي وارد. فاقترح علي أحد الأصدقاء أن أودع هذا المبلغ في أحد البنوك الألمانية واستثمار المبلغ في البورصة العالمية، على أساس أن الشركة التي سيتم العمل عن طريقها تأخذ عمولة عن كل عملية بيع أو شراء 20 دولار فنأخذ هذا المبلغ مناصفة بيني وبين الشركة على عدد العمليات التي تمت وعلى أساس أن عمليات البيع والشراء ليست عمليات وهمية والمواد التي يتم التعاقد عليها هي مواد مشروع الاتجار بها، ومن الممكن أن تكون هذه العمليات خاسرة أو رابحة ويكون بيننا عقد بأن لا يخسر المبلغ أكثر من 20% فإذا كان هناك خسارة أكثر من 20 % تعوضنا الشركة عن الخسارة، وإذا ربح المبلغ تقاسمنا نحن والشركة الأرباح مناصفة.
سؤالي هو: هل هذه العملية مشروعة أو ما هي الطريقة حتى تكون مشروعة؟
مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يضع أمواله في بنوك ربوية لما في ذلك من التعاون معها على الإثم الذي ترتكبه، والله سبحانه وتعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} لكن إذا كان الشخص لا يجد بنكا إسلاميا واضطر للتعامل مع بنك ربوي لأجل إتمام ما يريد من معاملة فيجوز له في هذه الحالة إيداع ماله في البنك الربوي في الحساب الجاري، ويكون ذلك بقدر الضرورة فقط، وإن خرجت فوائد فلا يتمولها بل يصرفها في مصالح المسلمين، مع أن الأسلم له أن لا يخالط هذه البنوك بحال من الأحوال، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 72007.
ثم نقول: إن هناك غموضا في السؤال فيما يتعلق بأخذ العمولة ـ 20 دولارا ـ مناصفة بينك وبين الشركة، وعلى كل حال فإن الاستثمار بهذه الطريقة المذكورة لا يجوز؛ لأنه في الحقيقة عبارة عن مضاربة، وضمان رأس المال كله أو جزء منه في المضاربة لا يجوز حيث إنه يفسد المضاربة ويجعلها مجرد قرض ربوي بحدود المبلغ المضمون، وهذا هو الحال في هذه المعاملة حيث إذا كان هناك خسارة فإنك تتحملها إلى 20 من رأس المال وتتحمل الشركة الباقي، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 8052، والفتوى رقم: 11158، والفتوى رقم: 50252.
الثاني: ما تأخذه هذه الشركة من عمولة مقابل كل عملية تجريها لك إضافة إلى مشاركتك بالنصف في الأرباح محل خلاف بين أهل العلم وأكثرهم على عدم الجواز، كما هو موضح في الفتوى رقم: 58979، ولتصحيح هذه المعاملة حتى تكون مشروعة لا بد أن يتحقق أمران:
الأول: أن يتم الاتفاق مع هذه الشركة على أنها لا تستحق إلا نسبة من الأرباح كـ النصف والثلث ونحو ذلك دون أي مبلغ آخر مقابل كل عملية، بحيث يكون العقد بينك وبينها في هذه الحالة هو عقد مضاربة، أو أن يتم الاتفاق على أنها تستحق هذا المبلغ مقابل كل عملية دون مشاركتك في الأرباح بحيث يكون العقد بينك وبينها في هذه الحالة هو عقد إجارة.
الثاني: أن يخلو الاتفاق مع هذه الشركة من أي ضمان جزئي أو كلي لرأس المال في حال الخسارة.
ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(12/2917)
المضاربة في الذهب وكيفية قسمة الأرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أعطيت لأحد أقاربي مبلغا من المال لكي يستثمره عند عديله الذي يعمل في مجال الذهب وعنده محل ذهب ولم يكن هناك اتفاق أو شرط علي كيفية استثمار ذلك المال إلا أنه سوف يستثمره في الذهب ويعطيني أرباحا شهرية غير محددة، وعندما أعطيته المال اشترى بمالي حوالي كيلو وربع من الذهب بمبلغ 45ألف ريال وبذلك أصبح رصيدي عنده ذهبا وأصبح يبيع ويشتري في الذهب ويعطيني أرباحا شهرية لمده تزيد على خمس سنوات 0
وعندما طالبت برصيدي عنده قال رصيدك عبارة عن 45 ألف ريال مع العلم بأن سعر الكيلو والربع من الذهب قد ارتفع إلي 100 ألف ريال فهل من حقي أن آخذ رصيدي منه بسعر البيع أم لا؟
ولكم جزيل الشكر.
المرسل /محمد سالم.
فاكس /026582291]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن الأخ السائل دفع مبلغا من المال قدره 45 ألف ريال إلى صاحب محل بيع ذهب ليضارب له في هذا المبلغ، وعليه فرأس مال السائل عند المضارب هو هذا المبلغ وما زاد على هذا المبلغ يعد أرباحا له بالغة ما بلغت، ولمعرفة الأرباح من رأس المال يجب أن يصار إلى التنضيض، أي جعل رأس المال الموجود نقدا، إما ببيعه أو تقويمه بالنقد ثم ما زاد على رأس المال في بداية المضاربة هو الأرباح تقسم حسب الاتفاق بين السائل وصاحب المحل، ومعنى ذلك أنه يجب أن يكون رأس مال صاحب محل الذهب معلوما عند دخول السائل معه في هذه المضاربة المشتركة حتى يمكن تقسيم الأرباح على حصتهما من رأس المال.
ونحن لا نعلم على أي أساس كان صحاب المحل يدفع أرباحا شهرية لصاحب رأس المال إذ أن الأرباح لا تظهر إلا بانتهاء المضاربة أو الجرد السنوي أو الشهري، ولكن يجوز أن تكون هذه المبالغ مبالغ تحت الحساب بناء على تنضيض حكمي تقديري، ثم في نهاية المضاربة ينظر إن كانت أرباح صاحب رأس المال أكثر مما أخذه دفع إليه الباقي، وإن كانت أقل رد الزائد عنده، ونحن نخشى أن يكون صاحب المحل إنما كان يدفع للأخ السائل مبالغ محددة لا علاقة لها بالأرباح وحقيقتها فتكون المعاملة عندئذ قرضا لا قراضا (المضاربة) ، وفي هذه الحالة فالحكم الشرعي أنه ليس لصاحب المحل إلا أجرة مثله، أما رأس المال وأرباحه كلها فلصاحبه، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 56869، والفتوى رقم: 64788، والفتوى رقم: 72779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1427(12/2918)
طلب أحد الشريكين حصته من المال وتنازله عن الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أتعامل بالأسهم كمستثمر صغير عرضت على قريب لي بأن أشتري له مجموعة من الأسهم ضمن محفظتي على أن أتقاسم وإياه الأرباح إلى النصف، دفع المبلغ واشتريت بهم أسهما، وبعد شهر اشتريت أسهما باكتتاب خاص بسعر خاص، بعد شهر طلب هذا الشخص فلوسه لحاجته إليهم فأخبرته أنني إذا أردت أن أبيع الأسهم في ذلك الوقت تخسر، وإذا كان مضطرا للمبلغ سأعطيه بعد شهر وفعلاً أعطيته المبلغ (وقال لا أريد أي أرباح لأنني سحبت المبلغ قبل أوانه) بعد 8 أشهر من شرائي للأسهم بعتهم وربحت مبلغاً معيناً، فهل أعطيه حصة من الأرباح (حيث لولا فلوسه ما تمكنت من شراء أسهم إضافية بسعر مخفض) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن نحيلك إلى الشروط الشرعية للتعامل بالبورصة، فلك أن تراجع فيها الفتوى رقم: 3099، والفتوى رقم: 1241.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن عرضك على قريبك أن تشتري له مجموعة من الأسهم ضمن محفظتك على أن تتقاسم وإياه الأرباح إلى النصف، هو ما يسمى بالمضاربة، ففي منح الجليل ممزوجاً بنص خليل: (و) جاز القراض إذا قال العامل لشخص (ادفع لي) مالا قراضا (فقد وجدت) شيئاً (رخيصا أشتريه) به..
وللمضاربة شروط من أهمها: أن يكون الربح الناشئ عن تحريك رأس المال بين رب المال والعامل بنسبة محددة، ومنها أيضاً: أن رأس المال غير مضمون. ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 5480.
فإذا تم العقد على النحو المذكور صحت المضاربة، وكان لكل من الطرفين حقه من الربح إذا وجد ربح، وليس لأي من المتعاقدين جبر الآخر على بيع السلع قبل إبان سوقها، ففي المدونة، قال مالك: ليس لرب المال جبر العامل على بيع سلع قراضه لأخذ رأس ماله وينظر الإمام فيها، إن رأى وجه بيعها عجله وإلا أخره إلى إبان سوقها كالحبوب تشترى في الحصاد ترفع لإبان نفاقها، والضأن تشتري قبل أيام النحر ترفع ليومه، اللخمي: وكذا العامل إن أراد تعجيل بيعها وأبى ربها. اهـ
وإذا تنازل أحد الطرفين عن حصته من الربح، وطلب من شريكه حصته من المال، وأعطاها له الشريك طواعية، فلا نرى حرجا في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1427(12/2919)
خلط الأموال في المضارب بها
[السُّؤَالُ]
ـ[جمعنا من أشخاص مبلغا من المال كمشتركين ونشتري به أغراضا ونبيعها بالتقسيط بعد الاتفاق مع المشتري مع زيادة عن السعر في السوق وهذه الأغراض إما موبايل أو أشياء ترفيهية وربما أساسية كالبراد ... والربح يحسب في نسبة معينة وليس عشوائيا هل هذا يجوز. يرجى إرسال مواقع فتاوى تفصيلية في هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود من السؤال أنكم تأخذون أموال هؤلاء الأشخاص لتضاربوا بها مختلطة في البيع والشراء أنتم بجهدكم وهم بأموالهم, فإنه يشترط لصحة هذه المعاملة شروط منها:
- أن يأذن هؤلاء بخلط أموالهم صراحة أو عرفا، بمعنى أنه لا يجوز أن تأخذوا من فلان مالا لتضاربوا به, ثم تأخذوا من آخر مالا وتخلطوا بالأول وهكذا, إلا بإذن صريح من أصحاب الاموال, أو بإذن عرفي بأن يكون عرف هذا النوع من التجارة والمضاربة قائما على الخلط. وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 56438.
- ومن الشروط أن يكون نصيب أصحاب الأموال والمضاربين من الربح جزءا شائعا كالنصف أو الثلث أو الربع ونحو ذلك مما يتفق عليه أصحاب رؤوس الأموال والمضاربون, ولا يجوز أن يكون الربح مبلغا محددا.
هذا، والربح المتحصل من المال المخلوط يقسم على قدر الأموال وحصة المضاربين على حسب ما يتفق عليه، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 48835.
- ومن الشروط أن لا يكون المضاربون ضامنين لرؤوس الأموال.
وأما مسألة بيع السلف بالتقسيط بسعر أعلى من سعرها الحال فهذا جائز حسب الضوابط المبينة في الفتوى رقم: 49700.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1427(12/2920)
حكم دفع المضارب المال إلى مضارب آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت مبلغا من صديق لأستثمره له في عمل ما وحددت له نسبة من الربح ووضعت المبلغ كمشاركة في مشروع صغير مع شريك وأنا الآن أستفيد بنسبة أيضا من هذا الربح علما أنني لا أشارك في رأس المال وكل ما ذكرته يعلمه الصديق الأول الذي أخذت منه المبلغ هل النسبة التي أحصل عليها فيها شيء؟ وماحكم ذلك؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج أن يضارب العامل في رأس المال عاملا آخر حسب ما يتفقان عليه من الربح إذا أذن المضارب (صاحب المال) في ذلك بإذن صريح أو بتفويض عام. جاء في المبسوط من كتب الحنفيه: ولو دفع إلى رجل مال مضاربة بالنصف وقال له اعمل برأيك فدفعه المضارب إلى رجل مضاربة بالثلث فعمل به وربح فللمضارب الآخر ثلث الربح وللأول سدسه ولرب المال نصفه؛ لأن دفعه إلى الثاني مضاربة كان بإذن رب المال حين قال له: اعمل برأيك, فالمضارب بهذا اللفظ يملك الخلط والشركة والمضاربة في المال اهـ وعليه فلا مانع من دفعك المال المذكور إلى مضارب آخر بإذن صاحبه ولك أن تتفق مع المضارب الثاني على نسبة مشاعة من الربح خارجة عن النسبة التي تقررت لصاحب رأس المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1427(12/2921)
المضاربة والمشاركة بالعروض
[السُّؤَالُ]
ـ[فإن إجابتكم على السؤال في الفتوى رقم 53070 هو مناقض لما ذكر في الفتوى رقم15291 حيث أجاز الإمام مالك وأحمد المضاربة بالعروض إذا علم رأس المال.
فان العقد بين الطرفين هو عقد على المضاربة وليس على الوكالة حيث إن رأس المال سلم للمضارب لتأسيس العيادة البيطرية وكما يبدو لي أن هذه النقطة لم تتضح لمفتي السؤال. كما أن تقيد الشركة على التجارة هو تقييد للشريعة علما بان كثيرا من العلماء أجازوا صورا مختلفة من المضاربة منها تنفيذ المشاريع
لذا أرجو منكم إيضاح آراء العلماء في هذا الموضوع جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفتويان اللتان أشرت إلى رقميهما ليس بينهما أي تناقض. ذلك أن إحداهما تتعلق بالمضاربة والأخرى بالشركة.
فالفتوى رقم: 53070، قد بينت أن المضاربة لا تصح بالعروض بل بالنقد لا غير. وهذا نص ما ورد فيها: ... ولا بد في المضاربة أن تكون على نقد، وهذا هو الصحيح عند جماهير أهل العلم، وعليه المذاهب الأربعة، قال ابن القيم في إعلام الموقعين: لا تجوز المضاربة على العرض، فإن كان عنده عرض فأراد أن يضارب عليه فالحيلة في جوازه أن يبيع العرض ويقبض ثمنه فيدفعه إليه مضاربة، ثم يشتري المضارب ذلك المتاع بالمال.
وأما الفتوى رقم: 15291، فقد بينت اختلاف أهل العلم في جواز أن يكون رأس مال أحد الشريكين عرضا والآخر ثمنا، أو يكون رأس مال كل واحد منهما عرضا. وهذا نص ما ورد فيها: فالشركة على أن يكون رأس مال أحد الشريكين عرضا والآخر ثمنا، أو يكون رأس مال كل واحد منهما عرضا.. الشركة على هذا الوجه محل خلاف بين العلماء، هل هي صحيحة أو فاسدة؟ فمذهب جمهورهم أنها فاسدة، لأن الشركة تقتضي الرجوع عند المفاصلة برأس المال أو بمثله، وهذه لا مثل لها يرجع إليه، وقد تزيد قيمة العرض فتستوعب جميع الربح أو جميع المال، وقد تنقص قيمته فيؤدي إلى أن يشاركه الآخر في ثمن ملكه الذي ليس بربح. وأجاز أحمد في إحدى الروايتين عنه ومالك -رحمهما الله- أجازا الشركة بالعروض على أن تجعل قيمتها وقت العقد رأس المال.
وما ذكرت أن كثيرا من العلماء قد أجازوه من المضاربة على تنفيذ المشاريع لا يناقض أيضا ما ورد في فتاوانا، فتأمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1427(12/2922)
حكم استثمار عامل القراض مال غيره مع ماله.
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أعطاني مالا لكي أستثمره فأنا عندي شقه في منزلي غير مشطبة وأنا أريد أن أشطب الشقة بهذا المبلغ ثم أحسب تكلفة الشقه من مباني وأرض وتشطيب ثم أقوم بتسكين الشقة وأقوم بتوزيع الإيجار كل حسب ما دفع ثم أعطيه حقه على القدر الذي دفعه وبعد المدة التي حددها وهي خمس سنوات أرجع له المبلغ الذي أعطاه لي فما رأي الدين؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الذي يعطيه المرء لغيره من أجل الاستثمار هو ما يسمى بالمضاربة. والمضاربة تقوم على أمرين أساسيين، أحدهما: أن لكل من رب المال والمضارب نسبة مشاعة من الربح حسبما يتفقان عليه، وليس لأحد منهما أن يشترط لنفسه مبلغا معينا من الربح.
والثاني: عدم ضمان رأس مال المضاربة لأنها شراكة بينهما. فرب المال مشارك بماله، والعامل مشارك بمجهوده، فإذا حصلت خسارة في رأس المال يتحملها رب المال فقط. كما أن العامل يتحمل خسارة مجهوده.
ومن الصور المباحة في الشركة أن يستثمر عامل القراض مال غيره مع ماله.
قال الخرقي ذاكرا أنواع الشركات الجائزة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما، تساوى المال أو اختلف فكل ذلك جائز. انتهى
وعليه، فلا مانع من استثمار المال المذكور بالطريقة التي بينتها، ولكن الشقة في هذه الحالة تكون مشتركة بين مالكها الأول وصاحب المال الذي استُثمر فيها، كل بحسب قدر مساهمته.
ولا يجوز أن يُضْمَن للشريك القدر الذي كان قد أعطاه للاستثمار، وإنما له من الشقة بقدر حصته بالغة ما بلغت. ثم إن هذا كله يشترط له رضى رب المال لأنه مشتمل على أن الوكيل -وهو أنت- باع جزءا من شقته لرب القراض، وبيع الوكيل وشراؤه من نفسه محل خلاف، ومن أجازه اشترط لذلك رضى الموكل، وراجع الفتوى رقم: 51388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1427(12/2923)
حكم تسامح صاحب المال للمضارب فيه بشيء من نصيبه
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: عندي صاحب مجوهراتي (بائع الذهب والفضة) ، وكان عندى مبلغ 20000 د. ج (لم أرد أن أدخره فى البنوك، وأخاف على ضياعه أو استهلاكه..) فدخلت معه بهذا المال فى تجارته فهو يشترى بهذا المال قيمتها من الذهب ويعيد بيعها والفائدة مناصفة بينى وبينه وأحيانا أسامح له فى بعض المال عن طيب نفس وكونه هو صاحب المتجر فهو الذى يتولى جميع العمل فأحيانا آخذ الفائدة وأحيانا أقول له أن يضيفها إلى المبلغ الأول، وعندنا دفتر نسجل فيه هذا العمل، فأنا مولت فقط والعمل الباقي هو الذى يقوم به وهكذا، فهل عملي هذا مشروع؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته مع صاحبك بائع المجوهرات هو ما يعرف في الفقه الإسلامي بالمضاربه، والمضاربة هي دفع مال لآخر يستثمره نظير جزء من ربحه، ويجب أن يكون هذا الجزء جزءاً مشاعاً كالربع أو الثلث أو النصف ونحو ذلك، حسب ما يتراضى عليه الطرفان.
فإذا حددت النسبة المستحقة ـ الربح ـ فلا مانع من أن يتسامح صاحب المال للمضارب فيه (العامل) بشيء من نصيبه بدون اتفاق أو تواطؤ مسبق، على أن يكون له جزء من الربح ودراهم محددة، أو يترك نصيبه هكذا دون تحديد, فإن كلا الأمرين غير جائز.
كما لا مانع أن يضيف صاحب المال ربحه إلى مال المضاربة ليكون مال مضاربة جديد يضاف إلى الأول فهذا لا مانع منه شرعاً، كما وضحنا ذلك في الفتوى رقم: 56438.
وراجع للمزيد من الفائدة في شروط المضاربة الفتوى رقم: 72823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1427(12/2924)
حكم إلزام الشركة للمضارب زيادة الشراء والبيع اليومي
[السُّؤَالُ]
ـ[حرصنا نحن شركة بيت الضيافة بإذن الله قبل العمل في المضاربة بالعملات فوركس أن نعرف كل المحظورات الشرعية لتجنبها وفتح محفظة إسلامية للمضاربة بالعملات، فتحنا حسابا لدى شركة لندخل للسوق، ولكن بشروطنا أن لا نأخذ قرضا عند الشراء بطريقة المارجن حتى لا ندخل بالربا، ولكن اشترطنا أن الشركة تدخل معنا كشريك بعقد الشراء وكل طرف يتحمل المكسب والخسارة وتوزع النسبة حسب رأس المال المشارك فيه بالعقد، نحن نعمل برأس مالنا وكامل الموظفين من عندنا وبأمر منا يتم الشراء أو البيع ونرفض التعويض الذي تقدمه هذه الشركات عند الخسارة وهو 10% من رأس مال العقد، وعند تبييت العقد هذه الشركات تأخذ عمولات وهذا أيضاً مرفوض لدينا وهي لا تأخذ منا أي عمولات ونحن أيضاً نحرص على عدم التبييت، كما وكان من شروطنا عليهم الإيداع والسحب الفوري في الحساب الخاص بنا عندهم عند البيع والشراء وذلك خلال دقائق ونستطيع السحب بعد نزول المبلغ في الحساب، وكل ما ذكرت تم تحقيقه بفضل الله بعد رفض كثير من الشركات التعامل معنا، شركة واحدة وافقت وذلك لقاء رفع عدد الشراء والبيع اليومي للعقود لأنهم يأخذون أجرا لقاء كل عملية وكذلك زيادة رأس المال شهرياً، وهذا شرطهم بمقابل كل شروطنا، السؤال هو: ما حكم العمل بالمضاربة بالعملات فوركس حسب ما تقدم ذكره بالشرح أعلاه للطريقة المستخدمه في عملنا؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المتاجر فيما يعرف بالفوركس وهي بورصة العملات الدولية والتي يتم البيع والشراء فيها عن طريق شركات الوساطة، تكتنفه محاذير شرعية، وعلى رأس هذه المحاذير ما يسمى بنظام المارجن، والذي هو في حقيقته قرض جر نفعاً، ومن المحاذير كذلك ما يعرف بتبييت الصفقة، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 7770، والفتوى رقم: 17351.
وعليه؛ فإذا استطاع المضارب في هذه السوق أن يتجنب المحذورات السابقة بأن يدخل كشريك مع الشركة الوسيط ويلزمها بالضوابط الشرعية فإن له ذلك.
وأما مسألة الشرط الذي اشترطته الشركة على المضارب في هذه السوق وهو زيادة عدد مرات الشراء والبيع اليومي، فالذي يظهر أنه شرط غير جائز لأن تحصيله يؤدي إلى خسارة المضارب، فمعلوم أن أسعار العملات ليست دائماً مربحة، فلو ألزم المضارب بالشراء اليومي في كل الأحوال أدى ذلك إلى خسارته، فيكون الشرط المذكور ينافي مقتضى عقد المضاربة، فمقصود العقد الربح، وهذا الشرط يفوت الربح، جاء في المغني لابن قدامة: الشروط الفاسدة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: ما ينافي مقتضى العقد مثل أن يشترط لزوم المضاربة أو لا يبيع إلا برأس المال أو أقل أو أن يوليه ما يختاره من السلع أو نحو ذلك، فهذه شروط فاسدة لأنها تفوت المقصود من المضاربة وهو الربح. انتهى.
وبهذا تعلم أن هذا الشرط لو صيغ بصيغة لا تنافي مقتضى العقد وهو الربح لكان ذلك جائزاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1427(12/2925)
أجرة العامل في المضاربة الفاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عنيتم بفضلا عن النصف في إجابتكم عن الفتوى رقم
241478
هل نصف الربح للوكيل في حالة البيع أم أنه لا حق للوكيل في أي ربح (وهذا العقد قد جمع بين المضاربة والبيع والشركة. وعليه فحقيقة ما وقع بين الطرفين هو أن الطرف الممول قد وكل الطرف الثاني في الإشراف على إنشاء المبنى المذكور، والذي يستحقه الطرف الثاني. هو أجرة مثل ما قام به من الأعمال خلال السنتين. بتقدير أهل الخبرة، وليس له غير ذلك إلا أن تطيب به نفس الممول. وما قام به الوكيل من الحصول على أفضل سعر هو مقتضى الوكالة، لأن الوكيل لا بد أن يتصرف وفقا لمصلحة الموكل. وليس له شيء في زيادة قيمة الأرض، لأن زيادة قيمة ما اشتراه الوكيل هي للموكل، وإذا باع المالك العيادة فليس للوكيل من ثمنها شيء، فضلا عن النصف. وبالمناسبة فإنا ننصح كل من يريد الدخول في عقود المضاربة والشركة وغيرهما من عقود المعاوضات أن يتفقه في أحكامها، وأن يسأل أهل العلم قبل الدخول في مثل هذه العقود، فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يسمح لتاجر بدخول السوق حتى يتفقه في أحكام البيع والشراء) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعبارة: فضلا عن النصف، في إجابة السؤال الذي أشرت إلى رقمه، جاءت ردا على ما ورد من قول السائل: هل يحق للشريك المضارب الحصول على نصف ثمن الأرض والعيادة في حالة البيع؟
فأجبنا بأن الذي يستحقه الطرف الثاني هو أجرة مثل ما قام به من الأعمال خلال السنتين ... وأن مالك العيادة إذا باعها، فليس للوكيل من ثمنها شيء، فضلا عن أن يكون له نصف ما بيعت به.
ونؤكد لك هنا أن هذا العامل ليس له إلا أجرة مثله، ولا نصيب له في الربح، كما هو الحال في سائر العقود الفاسدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1427(12/2926)
المضاربة بعرض ومشاركة صاحب المال في العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص تاجر عندي محل تجاري وكل ما فيه من بضاعة هي ملكي أنا وأتيت بشخصين بيني وبينهم عشرة طويلة ومحبة كالإخوان واتفقت معهم على أن أسلمهم هذا المحل بما فيه من بضاعة بحيث يكونوا هم شركاء مضاربين وأنا صاحب رأس المال الأساس ويعطونني مبلغا معلوما شهريآ وآخر السنة يجرد المحل وما تبقى من ربح يقسم بالثلث علينا، السؤال هنا: هل يجب علي كصاحب رأس المال أن أعمل معهم بدوام رسمي أم لا؟
السؤال الثاني: إذا قمت بأي عمل معهم يختص بمصلحة العمل كشراء بضاعة أو أي عمل آخر هل يحق لي أن أخذ مقابل ذلك أجرا؟ وهل يحق لي أن آخذ مصروفات تنقلاتي سواء سيارتي أو بأي طريقة أخرى؟
وجزاكم الله خيرأ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال فيه تفصيل:
أولا: لا يجوز أن يكون رأس مال المضاربة عرضا (بضاعة) وإنما يكون نقدا، فإذا أردت أن يضارب لك هذان الصديقان بما في محلك فيقوم ما في المحل بثمن ويكون الثمن هو رأس مال المضاربة، وراجع في الشركة بعرض ومال الفتوى رقم: 15291.
ثانيا: لا يجوز أن تشترط عليهما مبلغا محددا شهريا أو سنويا لأن هذا يفسد المضاربة ويحرمها، وإنما تكون حصتك منها جزءًا مشاعا كالثلث أو النصف ونحو ذلك، ففي كل آخر سنة ينظر في الربح وتأخذ منه ما تم الاتفاق عليه بينكما، وإذا لم يكن هناك ربح فليس على المضاربين شيء لأنهما لا يضمنان إلا في حالة التعدي، وراجع الفتوى رقم: 72539.
ثالثا: مشاركة صاحب رأس المال للمضارب في المضاربة جائزة، جاء في كشاف القناع: وإن أخرج إنسان مالا تصح المضاربة عليه ليعمل فيه هو أي مالكه وآخر والربح بيهما صح وكان مضاربة. أهـ.
هذا ومصروفات سيارتك الخاصة أو غيرها التي تستعملها في المضاربة تحسب من مصاريف المضاربة، وبعد خصم المصروفات يقسم الربح.
رابعا: دفع المال إلى أكثر من مضارب في عقد واحد جائز، جاء في مغني المحتاج: ويجوز أن يقارض في الابتداء المالك الواحد اثنين كزيد وعمرو متفاضلا ومتساويا فيما شرط لهما من الربح. أهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(12/2927)
المضاربة بهذه الصورة جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال وهو: هل يجوز هذا النوع من الشراكة وهي أن أقدم أنا فكرة المشروع والتسويق له وجلب الزبائن ويقدم شريكي تمويله وتكون الأرباح بيننا مناصفة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقديمك فكرة المشروع والتسويق له وجلب الزبائن وتقديم شريكك تمويله، على أن تكون الأرباح بينكما مناصفة هو ما يسمى بالمضاربة أو القراض، إذ المضاربة هي أن يدفع شخص لآخر رأس مال ليضارب به على أن يكون له جزء مشاع من الربح، ويشترط لصحة المضاربة شروط:
منها: أن يتفق الطرفان على جزء مشاع من الربح لكل منهما، لا مبلغاً مقطوعاً أو نسبة من رأس المال.
ومنها: أن لا يضمن المضارب رأس المال في حالة الخسارة إلا عند التفريط والتعدي.
ومنها: أن تكون على نقد، وهذا هو ما عليه المذاهب الأربعة، وهناك رواية عن بعض أهل العلم أنه لا بأس بأن تكون المضاربة على عروض، ثم تقوم العروض بالنقد، ولك أن تراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 5480.
وعليه.. فإذا توفر فيما تتعاقدان عليه جميع هذه الشروط كانت هذه الشراكة صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1427(12/2928)
من أحكام المضاربة الفاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بتوظيف أموالي في تجارة الأدوية بعائد شهري 8% وطلب بعض أقاربي أن أوظف لهم أموالهم دون أن يعرفوا قيمة العائد فوافقت وقلت لهم العائد 4% ففرحوا وأعطوني الأموال وأنا أحصل على 8% وأعطيهم 4% وهم في غاية الامتنان فما حكم الإسلام في الـ 4% التي آخذها، علماً بأنهم يأخذون المال بدون أدنى مجهود وأنا أبذل بعض الجهد لتحصيله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي قمت به من توظيف أموالك في تجارة الأدوية هو ما يسمى في الفقه الإسلامي بالقراض أو المضاربة، وهي أن يدفع شخص إلى آخر مبلغاً ليتاجر به، وله نسبة من الربح على أن تكون هذه النسبة مشاعة كالربع أو النصف أو الثلث، والذي يظهر من سؤالك أن رأس مالك مضمون في حال الربح والخسارة، وأن نسبة 8 هي من مجموع رأس المال، وليست من الربح، فإذا كان الاتفاق قد تم بينك وبين تاجر الأدوية على ضمان رأس مالك، وعلى تحديد النسبة المذكورة (8) بحيث لا يجوز لك المطالبة بما زاد على ذلك من الربح، كما لا يحق له أن ينقص منها إن كان الربح ناقصاً عنها، فإن ذلك لا يجوز، والمضاربة بذلك فاسدة، لأن من شروط صحتها تحديد نسبة شائعة من الربح وليس من رأس المال، ومن شروط صحتها أيضاً عدم ضمان رأس المال.
قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض - وهو المضاربة - إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة.
وإذا فسدت المضاربة فلصاحب المال الأرباح وللعامل أجرة المثل، يجتهد في تقديرها أهل الخبرة بهذا الموضوع، مع التوبة إلى الله عز وجل من هذا العمل المحرم، وهذا هو قول الحنفية والشافعية والحنابلة وهو أحد القولين عند المالكية، فقد جاء في بدائع الصنائع: وأما حكم المضاربة الفاسدة ... وإنما له أجر مثل عمله سواء كان في المضاربة ربح أو لم يكن.
وقال الماوردي: (فإن شرط) العامل الأول (لنفسه شيئاً) من الربح (فسد) القراض ... والربح كله للمالك (وأجرة الثاني على المالك) لأنه لم يعمل مجاناً.
وقال ابن قدامة في المغني: فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئاً، ولكن له أجرة مثله.
وذهب آخرون إلى أن له ربح المثل، وهو قول ثان للمالكية، قال ابن عاصم المالكي في تحفة الحكام: وأجر مثل أو قراض مثل لعامل عند فساد الأصل.
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: ولهذا كان الصواب أن يجب في المضاربة الفاسدة ربح المثل لا أجرة المثل، فيعطى العامل ما جرت به العادة أن يعطاه مثله من الربح إما نصفه وإما ثلثه وإما ثلثاه.
وقد سبق لنا أن رجحنا قول الجمهور فراجع في ذلك الفتوى رقم: 65877، والفتوى رقم: 68914.
هذا.. وإذا أردت أن تستثمر مالك على الوجه الحلال، فانظر شخصاً أميناً حاذقاً يضارب لك فيه بشروط المضاربة الشرعية الصحيحة والتي تجدها مبينة في الفتوى رقم: 10549، والفتوى رقم: 63918.
وأما في تعاملك مع أقاربك فقد وقعت في محظورين اثنين، الأول: إيقاعهم فيما سبق الكلام عنه من المضاربة الفاسدة، الثاني: إخفاء حقيقة الأمر عنهم، فإن كتمانه لا يجوز، فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى من ذلك، ولأن المضاربة فاسدة فلأقاربك الأرباح كلها، وللمتاجر في المال أجرة المثل، وكان بإمكانك مصارحتهم وطلب جُعل لك تتفقان عليه مقابل جهدك الذي تقوم به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(12/2929)
من أصول المضاربة عدم ضمان العامل رأس المال أو بعضه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أعلنت شركة لديها مزارع كبيرة أنها تستثمر الأموال مقابل عائد شهري متغير بنسبة10% مكسب أو خسارة وعلى سبيل المثال: أدفع 5000 جنية بعائد شهرى 500جنيه بعقد لمدة 6 شهور قابل للتجديد حسب رغبة الطرفين والمشروع قابل للمكسب والخسارة بنسبة 10% يتحملها العميل فهل هذا ربا أم استثمار؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد المذكور هنا عقد مضاربة فاسدة وذلك لسببين:
الأول: تحديد نصيب رب المال من الربح بنسبة من رأس المال، وهذا شرط مفسد للمضاربة لأن الأصل فيها أن يكون نصيب رب المال من الربح نسبة مشاعة حسبما يتفقان عليه، كالثلث أو النصف مثلا، وليس لأحد منهما أن يشترط لنفسه مبلغا معينا عن الربح، كما مضى بيانه في الفتوى رقم: 5480، والفتوى رقم: 8151، والفتوى رقم: 19965.
الثاني: تحمل الشركة (العامل) نسبة من الخسارة، وهذا يتنافى مع أصل من أصول المضاربة وهو عدم ضمان العامل رأس مال المضاربة أو بعضه لأنها شراكة بينهما، فرب المال مشارك بماله، والعامل مشارك بمجهوده، فإذا حصلت خسارة في رأس المال يتحملها رب المال فقط، كما أن العامل يتحمل خسارة مجهوده.
ولا شك أن تحمل العامل لجزء من الخسارة فيه ضمان لنسبة من رأس المال، علما بأن تردد المال المستثمر بين الربح والخسارة بمجرده لا يجعل العقد صحيحا حتى يتم الالتزام بما ذكرنا في جهتي الربح والخسارة، وكذا ما أحلنا عليه من فتاوى سابقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1427(12/2930)
ضوابط عامة لجواز المشاركة في محفظة استثمارية
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف حكم محفظة استثمارية في بنك إسلامي تشترك وضع مبلغ وقدره 10000 لمدة ستة أشهر وهي بدورها تشتري وتبيع في أسهم شركات إسلامية. وفي كل ستة أشهر تعطي لك أرباحا وفي حالة سحب المال في نصف المدة المذكورة يخصم منك 2 %؟ ما حكم التعامل في هذه المحافظ وهل يجب التحري أكثر في مجال العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنظرا لعدم اطلاعنا الكامل على هذا الصندوق بصورة يمكننا الحكم بها عليه فسنذكر لك بعض الضوابط العامة التي يلزم توافرها لمشروعية المشاركة فيه، علما بأنه لا يلتزم بهذه الضوابط غير البنوك الإسلامية فيما نعلم، وهذه الضوابط هي:
1- أن يكون لكل من رب المال والقائمين على إدارة الصندوق (الشركة) المضاربة أو البنك نسبة مشاعة من الربح حسبما يتفقان عليه كالنصف والثلث -مثلا- وليس لأحد منهما أن يشترط لنفسه مبلغا معينا من الربح كألف أو ألفين مثلا.
2- عدم ضمان رأس مال المضاربة لأنها شراكة بينهما؛ فرب المال مشارك بماله، والمضارب مشارك بمجهوده، فإذا حصلت خسارة في رأس المال يتحملها رب المال فقط، كما أن المضارب يتحمل خسارة مجهوده.
3- أن تكون أسهم الصندوق لشركة تزوال أنشطة مباحة وليست حراما. والاتجار في الأسهم تحفه كثير من المخاطر يجب التنبه لها والحذر منها، وقد ذكرنا ضوابط ذلك في الفتوى رقم: 3099، والفتوى رقم: 10779.
4- أن لا تكون هذه الشركة من الشركات التي تضع أموالها في البنوك الربوية وتأخذ عليها فوائد تضيفها على أرباح المساهمين. وراجع الفتوى رقم: 57190، وقد ذكرت أن البنك إسلامي وليس ربويا، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 13984، والفتوى رقم: 40552.
5- لا يجوز أن يتحمل رأس مال المضاربة من النفقات سوى النفقات الفعلية التي تلزم المضاربة والتي نص عليها الفقهاء، ويدخل في ذلك المصروفات الإدارية لإيداع المبلغ وسحبه، أما ما زاد عن ذلك فلا يجوز سواء كان باسم النفقات الإدارية أو غيرها، لأن المضارب مؤتمن على مال المضاربة.
وقد ذكرنا هذا كضابط عام لما ذكر في السؤال من نسبة الخصم التي لا علم لنا بطبيعتها أو أسبابها، فإن لم تنضبط بالضوابط السابقة فلا تجوز المشاركة فيها لحرمتها في ذاتها، ولما فيها من الإعانة على الإثم والعدوان وقد قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2} وراجع الفتاوى رقم: 64116، 66381، 61467.
ولمعرفة حكم انسحاب رب المال من المضاربة وكيفية قسمة الأرباح قبل نضوض المال راجع الفتوى رقم: 45397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1427(12/2931)
حكم ضمان المضارب تجنيب رأس المال الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم في جدة ولدي حساب إسلامي في البنك السعودي البريطاني وسمعت عن صندوق الأمانة الاستثماري الذي لديهم وكنت أريد أن أشترك فيه غير أنني خفت من أن يكون مشوباً بالربا.
يُفتح الحساب فيه بمبلغ وقدره.. فيستثمر البنك هذا المبلغ في مشاريع كثيرة والأرباح إن وجدت توزع على المساهمين وإن لم توجد وكان هناك خسارة بدلاً من الربح يظل حسابك كما كان عندما فتحت الحساب ولا ينقص منه شيء.
معنى ذلك أنك في الربح معهم بالزيادة على حسابك.. وفي الخسارة معهم بعدم حصولك على أي زيادة.
سؤالي هو: هل الاشتراك في هكذا استثمار حلال أم حرام؟ وما هو الدليل حتى أحاجج به ويتيقن قلبي تماماً بما أفعله؟
جزاكم الله خيراً.. ووضعه في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصورة المعاملة المذكورة في السؤال ليست استثمارا مباحا وإنما هي قرض بفائدة ربوية
وبيان ذلك هو أنه في المضاربة المشروعة لا يجوز أن يضمن المضارب (البنك أو غيره) رأس مال صاحب المال بمعنى أن رأس المال داخل في الربح والخسارة إن وجدت، سواء كانت الخسارة في أن لا تربح شيئا أو كانت في راس المال نفسه، فإن كان هناك ضمان من المضارب بتجنيب رأس المال الخسارة فتصير المعاملة قرضا مضمونا بفائدة. وعليه، فلا يجوز لك الاشتراك في هذا الصندوق بهذا الشرط المتقدم.
وراجع للوقوف على معنى المضاربة الشرعي وشروطها، وكذلك حكم التعامل مع البنوك الربوية وشروطها الفتوى رقم: 61467.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1427(12/2932)
من يتحمل مصاريف أجرة المحل والكهرباء ونحوها في شركة المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[تاجرت في محل، ولدي عامل يعمل في المحل وعندي تليفون وكهرباء وانترنت، وعرض علي من شخص أن يضع عندي مالا له على أن أشغل هذا المال مقابل ثلث الربح العائد علي من وراء هذا المال ويخسر إذا خسرت ولكنه لا يريد أن يدفع في المصاريف السابق ذكرها من أجرة محل وعامل وتليفون وكهرباء وانترنت.
هل يجوز التعامل بهذه الطريقة؟ ولماذا؟ أو ماهي الطريقة الأفضل بالتعامل في مثل هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الذي يدفعه صاحبه إلى غيره ليتجر فيه بجزء من الربح يسمى مضاربة، والمضاربة تقوم على أمرين أساسيين:
أحدهما: أن لكل من رب المال والمضارب نسبة مشاعة من الربح حسبما يتفقان عليه، وليس لأحد منهما أن يشترط لنفسه قدرا معينا من الربح، كألف أو ألفين؛ بل له أن يشترط الثلث أو النصف أو الثلثين.
والثاني: عدم ضمان رأس مال المضاربة لأنها شراكة بينهما، فرب المال مشارك بماله، والعامل مشارك بمجهوده، فإذا حصلت خسارة في رأس المال يتحملها رب المال فقط، كما أن العامل يتحمل خسارة مجهوده.
والمصاريف التي تدفع عن أجرة المحل أو العامل أو عن التليفون والكهرباء والأنترنت إذا كان العمل يحتاج إليها تكون على رب المال، وإذا اشترط رب المال أن يتحملها عنه عامل القراض كان ذلك فاسدا لأنه كمن اشترط لنفسه مبلغا زائدا على نسبته من الربح، ولما يؤدي إليه ذلك من الجهل بنسبة الربح، قال ابن قدامة في المغني نقلا عن ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه على إبطال القراض إذا جعل أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم. انتهى.
وعليه؛ فلا يجوز التعامل بهذه الطريقة، وإذا كان رب المال لا يقبل أن يصرف شيء من ماله في تلك المصاريف فليس من حل لذلك إلا أن تستثمر له أمواله بطريقة لا يحتاج فيها إلى مثل هذه المصاريف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1427(12/2933)
حكم تصرف المضارب بأموال الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ
رجل مضارب شارك آخر وأراد الشريك بثلث المال أن يسحب ماله وادعى الأول أجلا ستة أشهر بلا ضرر وأنكر الآخر ولا بينة.
ثم إن الأول ادعى أن الشريك هدده بقتل الأول إن لم يرد المال على الفورية مع شهود. ثم تعاقدا إن حل أول الشهر ولم يدفع الأول المال أن يأخذ بضاعة قيمتها نصف مليون وأن تقوم عليه بربع مليون ريال والأول كاره. وهو مضارب في مال الغير فهل يثبت له خيار الغبن؟ وهل شرطهما فاسد بتقويم البضاعة بنصف قيمتها الشرائية؟ فهل العقد صحيح وهل لأرباب المال الفسخ إن صح العقد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفصل في هذا النزاع لا يكون إلا أمام محكمة شرعية تقف على القضية وتحيط بجميع ملابساتها، ولكننا هنا في مركز الفتوى نذكر جوابا على هذا السؤال نقطتين يجب الوقوف عندهما:
النقطة الأولى: اعلم أن المضاربة من العقود غير اللازمة، ومعنى ذلك أنه يجوز لأي طرف فيها فسخها متى ما أراد ما لم يكن في ذلك ضرر بالغ على الطرف أو الأطراف الأخرى، فإن كان فله منع فسخها حتى ينض رأس المال ويصير نقودا، كما نص على ذلك ابن رجب في قواعده، والكاساني في بدائعه.
النقطة الثانية: توقيت المضاربة بزمن، وجمهور العلماء على عدم جواز ذلك، وذهب أبو حنيفة والحنابلة في إحدى الروايتين عندهم إلى جواز توقيتها بمدة. وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 10670
ومع القول بالجواز فإن المضارب لا يضمن رأس المال إلا في حالة التعدي أو التقصير؛ لأن المضارب أمين على المال، والأمين لا يضمن إلا في حالة التعدي.
وعليه؛ فليس لصاحب المال إلزام المضارب بما ذكر في السؤال، فالمضارب لا يملك ما في يده أصلا، وإنما يتصرف فيه كوكيل عن أصحاب الأموال الذين يضارب لهم في أموالهم، فسواء ألزم أو التزم هو بدفع البضاعة فإن ذلك تصرف باطل لأنه تصرف في مال الغير بدون إذن منهم، ولا ريب أنه إن فعل ذلك فإن لأصحاب المال الحق الكامل في إبطال فعله وتضمينه أموالهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1427(12/2934)
حكم اقتسام رأس مال المضاربة قبل نضوضه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مدينا لرجل بمبلغ من المال وكان هذا المبلغ على سبيل المضاربة بحيث أنا أستثمره له وبالفعل قمت ببيع بعض الأجهزة الكهربائية بالقسط بكامل المبلغ وبعد تحديد المكسب وقسمته فيما بيننا بالاتفاق وعرف مبلغه تم تحديد استرداد المبلغ مع نهاية الأقساط وبالفعل جاء ميعاد السداد ولم أتمكن من توفير المبلغ له فقال لي أحد أقاربي استقرض من البنك هذا المبلغ بضمان راتبي بفائدة بسيطة يقولون إنها مصاريف إدارية حتى يتم سداد مبلغ الرجل وقم أنت بسداد البنك على شهور
أفيدوني هل هذا حلال أم حرام مع العلم أني مضطر إلى ذلك حيث إنني طرقت أكثر من باب حتى أوفر هذا المبلغ ولم أستطع فماذا أفعل أستقرض المبلغ من البنك أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حصل بينكما من اتفاق على قسمة رأس مال المضاربة قبل نضوضه -أي تحوله من أعيان إلى نقود- صحيح سواء كانت قسمة عين أو قيمة، بشرط أن يكون المعتبر قيمة رأس المال وقت القسمة دون زيادة أو نقصان. قال السرخسي في المبسوط: ولو أن رجلا أعطى رجلا دنانير مضاربة فعمل بها ثم أراد القسمة كان لرب المال أن يستوفي دنانير أو يأخذ من المال بقيمتها يوم يقتسمون؛ لأن المضارب شريك في الربح، ولا يظهر الربح إلا بعد وصول كمال رأس المال إلى رب المال إما باعتبار العين أو باعتبار القيمة. وقد بينا في إظهار الربح أن المعتبر قيمة رأس المال في وقت القسمة. انتهى.
وإذا جاز اقتسام رأس المال بقيمته جاز أن يكون نصيب رب المال من رأس ماله وربحه في ذمة العامل كما هو الحاصل للسائل، ولا يجوز للعامل بعد ذلك أن يمتنع من السداد مع قدرته عليه، فمماطلة العامل لرب المال محرمة إذا كان مليئا، أما إذا كان معسرا فليس أمام رب المال إلا إنظاره إلى يساره. قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة: 280}
فإذا رأى رب المال شدة عسره وعدم تمكنه من السداد استحب له العفو والتنازل، ولا يجوز له أن يلجئه إلى الاقتراض بالربا لسداد دينه. قال الله تعالى: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 280} وراجع الفتوى رقم: 8151، والفتوى رقم: 53270.
فإذا لم ينظر رب المال المضارب ولم يعف عنه لم يجز للمضارب أن يقترض من البنك الربوي إلا عند الضرورة، وقد بينا ذلك في الفتويين: 21048، 36538.
ولمعرفة حكم دفع ما يسمى بالمصروفات الإدارية عند الاقتراض من البنوك الربوية راجع الفتوى رقم: 63989.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1427(12/2935)
حكم المشاركة على نحل مدة معلومة بجزء مشاع والإنتاج مناصفة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل هناك نوعان من المعاملات عندنا
النوع الأول أنا أخذت خلايا نحل من صاحبهم وحددنا ثمنهم بقيمة 2000 دينار وصرت أنا أخدم هذا المشروع وأعطي لصاحبي من الربح حتى صار عنده المبلغ كاملا أي ألفين كاملة وقسمنا النحل وما تبقي من إنتاج العسل مناصفة حسب الاتفاق الذي بيننا.
النوع الثاني أخذت النحل من صاحبه بدون تثمين
واتفقنا على مدة معينه أخدم فيها أنا النحل وعندما تأتي هذه المدة نقسم النحل وإنتاجه وكل شي مناصفة حسب اتفاق سابق بيننا.
أرجو حضرة الشيخ إفادتي أي المعاملتين أصح وموافقة للشريعة الإسلامية. جازاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد أن البائع باع لك النحل بثمن معلوم على أن تقتسما النحل والعسل بعد أن تقضيه الثمن فإن هذا غير جائز، وهو شرط على خلاف مقتضى عقد البيع، ذلك أن مقتضى عقد البيع زوال ملك البائع عن المبيع وانتقال الملك إلى المشتري، فكيف يبيع لك ثم يشترط عودة بعض المبيع إليه، وراجع في شروط البيوع الفتوى رقم: 49776.
وعليه، فالنوع الأول من المعاملة المسؤول عنها لا يصح.
أما النوع الثاني، ففيه تفصيل:
أولا: يصح أن تأخذ النحل من صاحبه لتقوم بخدمته مدة معلومة بجزء مشاع منه وما نتج من العسل بينكما حسب ملككما من النحل.
جاء في دقائق أولي النهى: ويصح دفع دابة أو نحل لمن يقوم به مدة معلومة كسنة أو نحوها بجزء مشاع معلوم منه، أي من المدفوع. والنماء الحاصل من الدابة والنحل ونحوهما ملك لهما، أي الدافع والمدفوع إليه على حسب ملكيهما لأنه نماؤه.
فأجرة من يخدم النحل جزء منه، ثم يستحق ما نتج من هذا الجزء لأنه نماء ملكه، ولو دفع صاحب النحل نحله لمن يقوم بخدمتها مدة معلومة بجزء من نتاجها لم يصح لجهالة الأجرة؛ كما جاء في نفس المرجع السابق: ولا يجوز دفع دابة أو نحل لمن يقوم بهما مدة معلومة بجزء منها من نماء وعسل ولعامل أجرة مثله، وعنه بلى واختاره الشيخ تقي الدين.
فالذي يخرجك من الخلاف أن تتفق مع صاحب النحل على أن تعمل وتخدم النحل مدة معلومة مقابل جزء منها كنصفها، ثم بعد ذلك تدفع إليه نصيبه منه ونماء ونتاج الجزء الذي يخصه ولك جزؤك ونتاجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1426(12/2936)
لا بأس بدفع نسبة معينة شائعة من الأرباح للمضارب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أستثمر بعضا من أموالي في (البرامج الاستثمارية ذات الربحية العالية) أو ما يسمى الهايب بالإنجليزية HYIP , كنت أود أن أعلم ما إذا كان الاستثمار فيها حلالا أم حراما علما بأن طريقة عمل هذا النوع من الاستثمارات هي أنه يتم إيداع مبلغ لمثل هذه البرامج على أن يتم سحبه بربح معين بعد فترة محددة مسبقا مع صاحب البرنامج (طبعا كل هذا يتم عن طريق الانترنت) ... أغلب هذه البرامج يستثمر الأموال التي تم إيداعها في بورصة الأموال (الفوركس) والتي تم إصدار فتوى بجوازها من مفتي القدس ...
وأخيرا أحب أن أعلمكم أنني أسأل هذا السؤال ممثلا عن مجموعة كبيرة ممن يستثمرون في هذه البرامج....وشكرا جزيلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بالإيداع المسؤول عنه هو أن يقوم الشخص بدفع مبلغ من المال لمن يضارب له فيه مضاربة شرعية بحيث يتفق الطرفان على نسبة معينة شائعة من الأرباح كالنصف والثلث ونحو ذلك، وعلى أن لا يتحمل المضارب الخسارة إذا لم يفرط أو يتعدى، فلا مانع من الاشتراك في هذه البرامج الاستثمارية شريطة أن تتم المضاربة في المجالات المباحة، ومنها المتاجرة في العملات إذا انضبط الأمر بالضوابط الشرعية. وراجع في حكم الاستثمار في العملات الفتوى رقم: 3708.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(12/2937)
ضوابط عامة لصناديق الاستثمار النقية
[السُّؤَالُ]
ـ[أمثلة على صناديق استثمار نقية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يمكننا أن نصدر حكما عاما بحل هذه الصناديق أو بحرمتها كما لا يمكننا ضرب أمثلة لها من الواقع لعدم اطلاعنا الكامل عليها لكننا نضع لك بعض الضوابط العامة التي يلزم توافرها لمشروعية المشاركة فيها ولا يلتزم بهذه الضوابط غير البنوك الإسلامية فيما نعلم وهذه الضوابط هي:
1- أن يكون لكل من رب المال والقائمين على إدارة الصندوق (الشركة المضاربة أو البنك) نسبة مشاعة من الربح حسبما يتفقان عليه، وليس لأحد منهما أن يشترط لنفسه قدرا معينا من الربح كألف أو ألفين مثلا.
2- عدم ضمان رأس مال المضاربة لأنها شراكة بينهما فرب المال مشارك بماله والمضارب مشارك بمجهوده فإذا حصلت خسارة في رأس المال يتحملها رب المال فقط كما أن المضارب يتحمل خسارة مجهوده.
3- أن تكون أسهم الصندوق لشركة تزاول أنشطة مباحة وليست حراما.
4- أن لا تكون هذه الشركة من الشركات التي تضع أموالها في البنوك الربوية وتأخذ عليها فوائد تضيفها إلى أرباح المساهمين، وراجع الفتوى رقم: 57190.
وإذا كانت البنوك الربوية هي التي تقوم بالمضاربة وانضبطت بالضوابط المذكورة ففي حكم المشاركة فيها تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 13984، والفتوى رقم: 40552.
فإن لم تنضبط بالضوابط السابقة وهذا هو الغالب فلا تجوز المشاركة فيها لحرمتها في ذاتها ولما فيها من الإعانة على الإثم والعدوان وقد قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} وراجع الفتاوى رقم: 64116، 66381، 61467.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1426(12/2938)
تجارة العملة عن طريق المواقع إذا كان بفائدة ثابتة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بالاستثمار في المواقع التي تقوم بتجارة العملات الأجنبية والتي تستفيد من فروق سعر الصرف في مختلف دول العالم مما يحقق عائدا لا بأس به إلا أن هذه المواقع تحدد معدل فائدة ثابت للتعامل على أساسه حتى لو كانت عوائد المبلغ المستثمر أكبر من هذه الفائدة مع احتمال ضعيف للخسارة.... هذه المواقع لا تقوم بالإقراض وإنما يقتصر نشاطها على تجارة العملات ... فهل هذا مشروع؟ ملاحظة ... لا أقوم بفعل شيء سوى تحويل المبلغ لحساب الموقع حتى يبدأ هو باستثماره.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أنك تقوم بتحويل المبلغ إلى هذه المواقع لاستثماره في تجارة العملات وتقوم بإعطائك نظير ذلك فائدة ثابتة بغض النظر عن عوائد المبلغ المستثمر وإذا كان ثمة خسارة فهي على رأس المال، فإذا كان الأمر كذلك، فإن هذه المعاملة لا تجوز، لأنها إما أن تكون مضاربة وتكون هذه المواقع فيها عامل المضاربة الذي يعمل في رأس المال المستثمر، ومعلوم أنه يشترط لجواز ذلك أن يكون ما يستحقه صاحب رأس المال وعامل المضاربة نسبة معلومة من الربح كأن يكون لرب المال النصف ولعامل المضاربة النصف أو يكون لرب المال الثلثان وللعامل الثلث ونحو ذلك، أما أن يكون ما يستحقه رب المال فائدة ثابتة فذلك لا يجوز.
وإما أن تكون إجارة تستأجر أنت فيها هذه المواقع لتستثمر لك المال نظير أجر، ويشترط أيضا في هذه الحالة أن تكون الأجرة معلومة، فإذا كانت مجهولة كما هو الحال في السؤال فسدت ولم تجز، ففي مسند الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيرا فأعلمه أجره.
وراجع للتفصيل الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10549،، 10980، 65418.
وننبه إلى أن تجارة العملات لا تجوز إلا بضوابط شرعية معينة، ولمعرفة هذه الضوابط راجع الفتوى رقم: 33719.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1426(12/2939)
لا نفقة للعامل في المضاربة الفاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قررت أن أذهب في رحلة للتجارة مع صديق لي وقد أقرضته مبلغ 20000 ألف جنيه لكي يتاجر بها على أن يتم اقتسام الربح أو الخسارة مناصفة بيني وبينه. وأيضا إنه سوف يتاجر فقط بنصف هذا المبلغ وسوف يستخدم النصف الآخر في سداد بعض الديون ومصاريف الرحلة ولقد وافقت على ذلك.
حدث وأننا لم نوفق في هذه الرحلة وأصبت أنا خسارة وأصاب هو ربحا بسيطا جدا جدا.
لكنه يقول لي إنه حقق خسارة هذا لأن هذا الربح البسيط لا يغطي مصاريف الرحلة والتي تبلغ 3000 جنيه.
أنا أريد الحق لذلك سؤالي هو
... هل لا بد وأن أشارك معه في مصاريف الرحلة مناصفة أيضا؟
... هل أطالبه بنسبتي الضئيلة من الربح البسيط الذي أصابه أم أتركه له كي يغطي مصاريف الرحلة؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لم يتضح لنا من السؤال ما هو المقصود من هذا المال نظرا لتضاد بعض المعاني الواردة فيه، لكننا سنتكلم على احتمالين:
الأول: أن يكون جميع المبلغ الذي أعطيته لصديقك قرضا مضمونا يرد مثله مع اشتراط زيادة عليه عند حصول أرباح نتيجة الاتجار به، وفي هذه الحالة تكون مشاركتك له في الخسارة بمعنى عدم أخذ زيادة على مبلغ القرض عند عدم وجود أرباح لا بمعنى خصم شيء من الخسارة من رأس مال القرض، وهذا النوع من القرض محرم شرعا لاشتماله على الربا الصريح، ولمنافاته لمعنى القرض الحسن الذي هو رد مثل المال مع عدم الزيادة المشروطة عليه.
الثاني: أن يكون نصف هذا المبلغ مال مضاربة وهو 10000 جنيه وأن يكون نصفه الآخر منه 7000 جنيه قرضا والذي ذكرت أنه سيسدد منها ديونه 3000 جنيه مصاريف الرحلة التجارية وهذا لا شيء فيه؛ إلا أن عقد المضاربة على مبلغ الـ 10000 آلاف جنيه عقد فاسد لاشتراط اشتراك العامل في الخسارة وهو شرط تفسد به المضاربة، وفي حالة فساد عقد المضاربة يكون المال وربحه لرب المال وللعامل أجرة مثله، وفي حالة الخسارة تكون الخسارة جميعها على رب المال وللعامل أجرة مثله أيضا.
قال السرخسي في المبسوط: وإذا دفع الرجل ألف درهم فقال نصفها قرض عليك ونصفها معك مضاربة بالنصف، فأخذها المضارب فهو جائز على ما سمى. اهـ.
أما عن مصاريف الرحلة فإن الراجح من أقوال الفقهاء أنها على المال أو على رب المال إذا سافر العامل بمال المضاربة -وهو الحاصل في مسألتنا- وهذا هو مذهب الأحناف والمالكية، لكن لما كانت المضاربة فاسدة فلا نفقة للعامل لأنه صار بمنزلة الأجير، وعلى هذا نص علماء الحنفية كما في المبسوط للسرخسي: وكل مضاربة فاسدة فلا نفقة للمضارب فيها على مال المضاربة لأنه بعد فساد المضاربة هو بمنزلة الأجير، ألا ترى أنه يستوجب أجر المثل ربح أو لم يربح، والإجارة الفاسدة معتبرة بالصحيحة، فكما أن في الإجارة الصحيحة لا يستوجب النفقة على المال لأنه استوجب بدلا مضمونا بمقابلة عمله فكذلك في الإجارة الفاسدة، فإن أنفق على نفسه من مال حسب من أجر مثل عمله.. اهـ.
وبناء على هذا، تكون نفقات الرحلة على صديقك لا عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1426(12/2940)
الأجرة في المضاربة الفاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي صديق عزيز واتفقنا أن نعمل سويا ونتشارك في كل أمور الحياة، ولكن لم يكن لدي المال وكان ذا مال وخير فاقترحت عليه أن ندخل تجارة الأسهم فدخلناها ووضعنا كل الأسهم باسمي حاولت أكثر من مرة أن يكون بيننا اتفاق مكتوب ما هي نسبتي بالربح أو الخسارة، ولكن كان دائما يقول لا فرق، كنت أقول له لو حدث أي مشكلة حتى تضمن حقك، فيقول لا أريد المال حلال عليك المهم اختلفنا بعد مدة حاولت أن أقاسمه ما جنينا من الأرباح، علما بأن الربح جيد والحمد الله، ولكنه يرفض ويطالبني بكامل المال مع أرباحه ولا يريد أن يعطيني شيئا اقترحت عليه أن أعطيه نصف رأس المال ونقتسم الربح فرفض وما زالت جميع الأسهم باسمي، فما حكم إذا احتفظت بنصف القيمة أو هل علي أن أردها كاملة له، وإني أخاف الله ولا أريد أن أقع في الحرام، وأرجو أن تجيبني على سؤالي؟ والله ولي التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل قد دخل مع صديقه في تجارة الأسهم بجهده فقط وكان المال كله من صديقه، فإن هذه الصورة تعتبر مضاربة، والمضاربة هي أن يدفع شخص لآخر رأس مال ليضارب به على أن يكون له جزء مشاع من الربح، ويشترط للمضاربه الصحيحة شروط، منها: أن يتفق الطرفان على جزء مشاع من الربح لكل منهما، ومنها أن لا يضمن المضارب رأس المال في حالة الخسارة إلا عند التفريط والتعدي ... وشروط أخرى مذكورة في كتب أهل العلم.
ولما كانت المضاربة المسؤول عنها عرية من هذه الشروط فإنها مضاربة فاسدة، وإذا فسدت المضاربة استحق المضارب أجرة مثله أي نظيره في مثل هذا العمل، ورجع رأس المال والأرباح كلها إلى صاحب رأس المال.
وعليه فيجب على السائل تسليم رأس المال وأرباحه إلى صديقه المذكور وليس له إلا أجرة المثل، فإن خشي أن يجحده صاحب المال أخذها من تحت يده وسلمه ما بقي مسجلاً باسمه من رأس المال والأرباح. وراجع الفتوى رقم: 45805.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1426(12/2941)
حصة المضارب من بيع بعض أملاك الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لشركة المضاربة, إذا تم بيع بعض أملاك الشركة أو تم بيعها بالخلو فهل يأخذ الشريك المضارب حصته في هذا البيع مع أنه لم يدفع شيئا عند شراء أو تأسيس الشركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال محتمل لعدة حالات:
الحالة الأولى: أن يكون عقد المضاربة في غير هذه الأملاك، فلا يستحق المضارب شيئا من ربحها إذا بيعت، لأنه لا يستحق إلا ربح ما ضارب فيه.
الحالة الثانية: أن يكون عقد المضاربة في هذه الأملاك، وقد قدمنا أن المضاربة لا تصح إلا إذا كانت على نقد عند جماهير أهل العلم، وهناك قول هو رواية عن أحمد وقول لبعض المالكية أنها تصح على العروض إذا قومت قبل العقد، ووقع العقد على قيمتها، فعلى هذا القول: إذا كانت أملاك هذه الشركة قد قومت قبل العقد ووقع عقد المضاربة على قيمتها، فإن المضاربة فيها صحيحة، ولكن العامل لا يملك شيئاً من ربحها إلا إذا تمت تصفية المضاربة وعرف الربح من الخسارة وتم فرز نصيبه من الربح، وراجع الفتوى رقم: 20335.
أما إذا لم تقوم هذه الأملاك قبل العقد، فإن المضاربة فاسدة، ولا يستحق العامل إلا أجرة مثله أو قراض مثله، على خلاف بين العلماء في ذلك وقد ذكرنا ذلك مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 47590.
الحالة الثالثة: أن تكون هذه الأملاك قد اشتراها المضارب بمال المضاربة فلا يستحق العامل شيئا من ربحها حتى تتم تصفية المضاربة ومعرفة الربح من الخسارة وفرز نصيبه من الربح كما تقدم.
ولم نفهم تحديداً ماذا تعني ببيع هذه الأملاك بالخلو، فإذا كنت تقصد أن المشتري يدفع شيئاً زائداً على ثمن هذه الأملاك نظير شهرتها التجارية، فقد سبق أن بينا أن هذه الشهرة التجارية ليست أمراً متمولاً بحيث يجري مجرى المنافع المتمولة، وبالتالي فلا يجوز بيعها وراجع لذلك الفتوى رقم: 22658. ... ...
وإن كنت تقصد شيئاً آخر فبينه لنا ليتسنى لنا الجواب عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(12/2942)
حكم المضاربة بالهامش
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المضاربة بالهامش في بورصة العملات الدولية حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بالمضاربة بالهامش هو المضاربة بنظام المارجن، فقد سبق الكلام عليه في الفتوى رقم: 7770، والفتوى رقم: 29435، والفتوى رقم: 20539.
وإن كان المقصود شيء آخر فنرجو بيانه تماماً حتى يتسنى لنا الجواب على حكم التعامل به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1426(12/2943)
اشتراط الشريك ضمان رأس المال في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أحد الأصدقاء طلب مني أن نشترك في مشروع بيننا واتفقنا على أن يكون الربح بالتساوي وأعطاني المال، وفعلاً بدأت في المشروع وبعد شهر قال لي كم أعطيتك من المال، قلت له كذا وكذا قال لي هو عليك دين حتى تقضيه، مع العلم بأن المشروع لم ينجح، سؤالي هو: هل هذا الدين في ذمتي كاملا أم ماذا أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حصل بينك وبين صديقك من مشاركة يُعرف في اصطلاح الفقهاء بالمضاربة، وقد تمت في أول الأمر بصورة صحيحة، حيث دفع إليك المال على أن تعمل فيه والربح بينكما على ما اتفقتما عليه.
وما حصل من اشتراط ضمان رأس المال بعد ذلك لا يصح، وهو شرط فاسد ولا يضر المضاربة طروؤه عليها، فتبقى المضاربة صحيحة مع بطلان الشرط المذكور، ولو كنت قد وافقت عليه، وبناء على ذلك يكون صاحبك شريكاً لك في الربح والخسارة إلى حين نضوض المال أو حلول الأجل المحدد لانتهائها عند من يقول بصحة تحديد مدة المضاربة، ومعنى كونه شريكاً لك في الربح والخسارة أن الربح يكون بينكما على ما اتفقتما عليه، وأن الخسارة تكون عليه هو وحده، وإنما تخسر أنت مجهودك فقط، وراجع الفتوى رقم: 57938.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1426(12/2944)
تحديد النسبة في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[استثمرت أموالي مع أحد الأشخاص في مقاولات وأبلغني أنه يربح حوالي 10% شهرياً ويعطيني ثلثين والثلث له، وقد أبلغته أني متحمل للمكسب والخسارة، وأبلغني أن هذه المشاريع أرباحها عالية مما يجعل الخسارة إلي حد كبير مستبعدة وأن الربح تم تقديره بناء على ما سبق من معاملات، هل هناك شبهة شرعية في ما سبق ولماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الاتفاق قد تم بينكما على تحديد النسبة المذكورة (10) بحيث لا يجوز لك المطالبة بما زاد على ذلك من الربح، كما لا يحق له أن ينقص منها إن كان الربح ناقصاً عنها، فإن ذلك لا يجوز، لأن الصورة المذكورة ما هي إلا مضاربة، ومن شروط صحة المضاربة: أن يكون الطرفان شركاء في الربح بنسبة شائعة يتفقان عليها كالنصف والربع ونحو ذلك.
وراجع الفتوى رقم: 32690.
أما إذا كانت النسبة غير محددة، وكان إخباره لك بنسبة الربح لمجرد بيان مستوى المشروع من الناحية الاستثمارية، وتم الاتفاق على أن يكون الربح بينكما الثلثان لك والثلث له (كما هو ظاهر السؤال) فلا نرى في ذلك شيئاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(12/2945)
ضمان رأس المال يفسد المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[شاركت صديقا لي في مشروع لتربية الأبقار أنا برأس المال وهو بالجهد والخبرة مع اقتسام الربح مناصفة مع ضمان رأس المال في حالة الخسارة. المشروع نجح وكانت له أرباح بعد مرور حوالي ثلات سنوات قرأت مصادفة في موقعكم هذا أن شرط ضمان رأس المال يبطل عقد المضاربه والربح الناتج منه يعتبر الربا بعينه بناء عليه طلبت من شريكي أن يعطيني رأس مالي فقط ورفضت أخذ الأرباح الناتجة من هذا المشروع ولكن الشريك أصر أن يعطيني الأرباح لسببين: الأول لأنه عند كتابة العقد لم نكن نعلم بأن ضمان رأس المال يبطل العقد ويصبح كقرض ربوي..ثانيا هو يريد أن يعطيني حصتي من الأرباح عن طيب خاطر.
فهل يجوز لي أخذ الأرباح؟ فإذا كان الجواب لا فما مصير هذه الأرباح؟ هل يجوز لشريكي الاستفادة من هذه الأرباح وحده لقاء جهده ووقته..
للأهميه نرجو إفادتنا على وجه السرعة وتقبلوا منا فائق التقدير والإحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز ضمان رأس المال في عقد المضاربة، وإذا تم العقد بناء على ذلك فهو عقد فاسد، وفي حالة فساد المضاربة يكون الربح كله لرب المال، لأنه نماء ماله وللعامل أجرة مثله، وتعرف هذه الأجرة بسؤال أهل الخبرة في هذا المجال.
وراجع في هذا الفتاوى التالية أرقامها:
5160، 11158، 45239.
وننبه السائل إلى أن الجهل بحكم حرمة اشتراط ضمان رأس المال يسقط الإثم عنكما، لكنه لا يصحح العقد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(12/2946)
الربح في الشركة والمضاربة يكون مشاعا لا دراهم معلومة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعيش في أوروبا من فضل الله وحمده أصلي وأصوم وأطيع الله وملتزم إسلاميا والحمد لله لقد مررت بظروف مادية صعبة جدا جدا جدا حيث إنني كنت لا أملك أي مال حتى للأكل والحمد لله. مع كل هذا أنا إنسان طموح ولي القدرة على التجارة ولقد استطعت أن أحصل على بضاعة من أحد المصانع وكانت بسعر جيد جدا حيث إن هذه التجارة بعد أن عملت بالأسباب أي الربح والخسارة كانت تجارة رابحة ولكن بحيث إنني لا أملك أي نقود قمت بالاتصال بأحد الأصدقاء وأخبرته بأنه توجد بضاعة وتجارة رابحة وينقصني بعض من رأس المال حيث أخبرته بأنه يوجد معي رأس مال وهذا غير صحيح حيث لا يوجد معي أي رأس مال ولكن خوفا من الرفض قلت له يدخل معي في التجارة وله نسبة واتفقنا على أن يأخذ ربح نصف المبلغ الذي يعطيني إياه لشراء البضاعة أي إذا أعطاني 1000 دولار يأخذ 1500 دولار هذا كمثال وكذلك اتفقنا على الربح والخسارة وفعلا تمت العملية وربحت البضاعة ووفيت بوعدي وأخذ رأس ماله والربح سؤالي: هل هذه التجارة حلال؟ مع العلم بأني لا أمتلك رأس مال ولكن أنا الذي جلبت البضاعة وقمت بالإشراف عليها وبيعها وهذا يتطلب جهدا كبيرا جدا جداجدا حيث حسبت أن هذا الجهد هو كرأس مالي مقابل رأس المال الذي أعطاني إياه صديقي. ثانيا أننا اتفقنا على الربح والخسارة ولكن حددنا نسبة الربح مسبقا ويكون الربح نصف رأس المال وذلك بعد أن قمت بحساب ثمن البضاعة قبل الشراء وثمن البضاعة بعد البيع مع الربح وحددنا مسبقا الربح.
الرجاء إفادتي بهذه التجارة ومدى الحلال أو الحرام فيها.
وماذا استطيع أن أعمل لتكون حلالا؟ مع العلم أنه لا يوجد رأس مال معي مطلقاً.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا لك أولاً: أن تتوب إلى الله عز وجل توبة نصوحاً، فإن ما فعلته من كذب واحتيال ذنب يستوجب التوبة. وفي الحديث: كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك به مصدق، وأنت له به كاذب. رواه أبو داود.
واعلم أيها الأخ الكريم أن ما عند الله تعالى لا يستجلب بمعصيته، فكان أجدر بك أن تخبر صديقك بحقيقة الأمر، فإذا وافق على الشركة فالحمد لله، وإن رفض فابحث عن غيره، فلله خزائن السماوات والأرض، ولن يضيع الله من اتقاه.
أما وقد حصل ما حصل، فإن هذا المال الذي اتجرت فيه وربح إنما جاءك عن طريق الكذب والاحتيال، كما أن رضا صديقك بمشاركتك شابه التغرير والتدليس، ويضاف إلى ذلك أنكما اتفقتما على مبلغ محدد من الأرباح وهذا غير جائز إجماعاً ذلك أن الربح مع الشركة والمضاربة يجب أن يكون جزءاً مشاعاً كالنصف والربع والثلث؛ لا أن يكون دراهم معلومة.
وعليه، فهذه الشركة شركة فاسدة، وإذا فسد هذا النوع من الشركات، فإن للعامل أجرة مثله يعني نظيره، والربح كله لصاحب رأس المال، وراجع الفتوى رقم: 53270.
فيلزمك أن تدفع لصاحب رأس المال جميع الربح باستثناء أجرتك، فانظر كم يأخذ الأجير في مثل عملك فخذه ليس لك إلا هذا.
وإذا أردت أن تضارب في مال صديقك أو مال غيره، فيجب أن تكون هذه المضاربة قائمة على الصدق والعدل، وراجع في ضوابط المضاربة الشرعية الفتوى رقم: 10549، والفتوى رقم: 5480، والفتوى رقم: 38503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1426(12/2947)
الجائز تحديد نسبة الربح وليس الربح نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إيداع المال لدى شركة تقوم باستثمار هذا المال في بورصة العملات؟ علما بأن الفائدة غير محددة وتصرف يوميا حسب ربح الشركة اليومي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا عدة فتاوى في بيان جواز الاتجار في الأسهم عبر البورصة إذا أمكن اجتناب المخالفت الشرعية فيها، فراجع الفتوى رقم: 3099، والفتوى رقم: 49514.
وقد بينا هناك محاذير البورصة التي يجب تجنبها، وقد فصلنا أيضاً شروط جواز بيع العملات في البورصة في الفتوى رقم: 3708، والفتوى رقم: 54524 فراجعهما.
وللوقوف على أحكام بيع العملات عموماً راجع الفتوى رقم: 3702، وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية: 57696، 8440، 1241، 9611.
وأما إيداعك للمال عند شركة تقوم باستثماره لك في البورصة على أن تأخذ نسبة من الربح تحدد مسبقاً كالنصف أو الربع أو أكثر أو أقل على حسب ما يتفق عليه مسبقاً، فإن ذلك جائز إذا خلا من المخالفات الشرعية، وهذا العقد هو عقد مضاربة، وقد بينا جواز ذلك بشروطه في الفتوى رقم: 59124، والفتوى رقم: 10549 فراجعهما.
وللمزيد من التفصيل حول عقد المضاربة راجع الفتوى رقم: 5480.
وأما قولك بأن الفائدة غير محدودة وتصرف يومياً حسب ربح الشركة، فإن كنت تقصد أن المحدد فقط هو نسبة الفائدة وليست كميتها، فإن هذا هو المشروع، لأن تحديد الربح بغض النظر عن الربح أو الخسارة يصير المضاربة مضاربة فاسدة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 57853.
وأما التحديد المشروع الذي أشرنا إليه سابقاً، فإنه هو تحديد نسبة من الربح كربع الربح أو ثلثه أو نصفه أو غير ذلك، وليس تحديد الربح نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1426(12/2948)
المضارب لا يملك ما بيده
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد عرض علي أحد الأخوة أن نشترك معا في محل تجاري وأوضحت له عدم استطاعتي من الناحية المالية وأن المحل يحتاج إلى مبلغ يصل إلى سبعمائة ألف ريال ولكنه أبدى استعداده أن يقوم بدفع رأس المال المطلوب وأنا بمجهودي وتكون الشراكة بيننا نصفين ودفع بالفعل الدفعة الأولى مبلغ 200 ألف ريال بشيك وقعت له بالاستلام على صورة الشيك وذكرت أنها سلفة حتى يطمأن قلبه وعلى الفور قمت بتجهيز المكان ودفع نقل قدم ودفع إيجارات المحل والورشة وعمل الديكورات اللازمة وغيرها ولم تمض غير فترة قصيرة حتى طلب فض الشراكة في الوقت الذي لم يبدأ العمل من جهة ومن جهة أخرى صرفنا فيه ما يقرب من ثلاثة أرباع المبلغ المدفوع في التأسيس.
أرجو من فضيلتكم إفتائي بما يجب علي شرعا نحو شريكي فأنا لا أريد إلا الحق؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصورة المذكورة للشركة هي صورة مضاربة، لأن رأس المال من طرف والعمل من طرف آخر. والأصل في شركة المضاربة أن صاحب العمل لا يضمن رأس المال، فإن ضمنه فسد العقد وبطلت الشركة.
وبناء عليه، فإذا كان توقيعك على الشيك وذكرك أنه سلفة من هذا الباب فالشركة باطلة من أصلها، لأن المضارب لا يملك ما بيده وإنما يتصرف فيه كوكيل عن صاحب رأس المال، فإذا ربح المال يقسم بينهما الربح بحسب ما اتفقا عليه، وإن خسرا فيتحمل صاحب المال الخسارة المالية، ويتحمل العامل ضياع جهده وعمله ولا ضمان عليه، كما ذكرنا فهذه هي المضاربة الصحيحة.
وأما إذا كان توقيعك على الشيك لا تقصدان منه ضماناً ولا أنه سلفة حقيقية وإنما هو حبر على ورق، فالشركة مضاربة صحيحة، والأصل أنها جائزة غير لازمة، يستحق كل طرف فسخها متى ما أراد ما لم يكن في ذلك ضرر بالغ على الطرف الثاني، فإن كان فله منع فسخها حتى ينفض رأس المال ويصير نقودا كما قال الأنصاري في أسنى المطالب، وابن رجب في قواعده، والكاساني في بدائعه.
مع العلم بأن صاحب العمل لا يضمن إلا في حالات بيناها في الفتوى رقم: 13412.
وعند حصول النزاع بينكما فينبغي أن ترفع المسألة إلى المحاكم الشرعية لتبت فيها وتحسم النزاع وتعطي كل ذي حق حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(12/2949)
بين القرض بفائدة والمضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة تتكون من الأب والأم وسبع إخوة أنا أكبرهم. ومنذ 14 عاما عند بداية التحاقي بالجامعة ونظرا لقلة دخل والدي حيث إ نه موظف بالحكومة ولارتفاع مصاريف الجامعة فقد اضطرت والدتي لبيع قطعة أرض لديها بمبلغ خمسة آلاف جنيه وكانت ستضعها في أحد البنوك التي تعطي فائدة ثابتة مقدارها100جنيه شهريا (وهو مصروفي الشهري حيث إنني أدرس في محافظة أخرى غير التي أعيش فيها) . ولكن خالي عرض عليها أن يأخذ هو المال ويتاجر به على أن يعطيها نفس مبلغ فائدة البنك 100 جنيه شهريا ثابتة لا تتغير سواء كسب أو خسر فوافقت والدتي واستمر هذا الوضع لمدة عام حصلت والدتي فيه على مبلغ 1200جنيه من خالي بمعدل 100جنيه كل شهر.
ثم قام خالي برد المبلغ بالكامل (5000جنيه) إلى والدتي فوضعته في أحد البنوك وكانت ترسل إلي كل شهر مبلغ الفائدة المقرر من البنك لأعيش به في الغربة واستمر ذلك لمدة 3سنوات تم بعدها سحب المبلغ بالكامل من البنك حيث إن الفائدة لم تعد تفي باحتياجات الأسرة لالتحاق إخوة لي بالتعليم الجامعي وعند تخرجي من الجامعة كانت والدتي قد أنفقت كل المال الذي لديها عليَ وعلى إخوتي. كل هذا حدث وجميعنا أنا وإخوتي ووالدتي ووالدي لا نعلم أن البنوك الربوية حرام حيث إنها تابعة للدولة.
وسؤالي هو
1- ما حكم الأموال التي أخذتها والدتي من خالي (100جنيه شهريا) هل هي ربا وهل أردها مرة أخرى إلى خالي حيث إننى الآن ولله الفضل والمنة من قبل ومن بعد تزوجت وأعمل بوظيفة ممتازة وأساعد والدي ووإخوتى الذين تخرج معظمهم من الجامعة.
2- وما حكم فوائد البنك التي أخذتها والدتي وهى ونحن لم نعلم أنها ربا إلا بعد مرور سنوات أفيدونى بالله عليكم فأنا أود أن أبر أبوي وأخلصهما من هذا الذنب
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يجزيك خيرا على حرصك على الابتعاد عن الحرام وعلى بر والديك؛ وإذا كانت والدتك قد أعطت مبلغ الخمسة آلاف لخالك على سبيل القرض فلا ريب أن المبلغ الشهري الذي حصلت عليه من خالك ربا لأنه في الحقيقة مقابل إقراضها له، ولا يؤثر في هذا كون خالك كان يتاجر بهذا القرض لأن الربا هو الزيادة المشروطة على القرض بغض النظر عما يستعمل فيه هذا القرض، وراجع لمزيد حول هذا الفتوى رقم: 24610.
وإذا عرفت هذا فإذا كنتم تجهلون تحريم ذلك أو تحريم الفوائد البنكية الربوية فلا يلزمكم أن تخرجوا قدر ما أخذتم من هذه الأموال والفوائد الربوية، لأنكم كنتم جاهلين بالحكم، وقد قال تعالى فيمن اكتسب مالا بالربا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة: 275}
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كل عقد اعتقد المسلم صحته بتأويل من اجتهاد أو تقرير مثل المعاملات الربوية التي يبيحها مجوزو الحيل، ومثل بيع النبيذ المتنازع فيه عند من يعتقد صحته، ومثل بيوع الغرر المنهي عنها عند من يجوز بعضها فإن هذه العقود إذا حصل فيها التقابض مع اعتقاد الصحة لم تنقض بعد ذلك لا بحكم ولا برجوع عن ذلك الاجتهاد.
وأما إذا كنتم عالمين بالحكم فليزم كل واحد منكم مع التوبة إلى الله أن يرد إلى خالك -مع الاستطاعة المالية- قدر ما أصاب من الربا الذي كان يدفعه، فإن لم يكن مستطيعا بقي في ذمته إلى أن يستطيع، وإن أخرج من كان منكم مستطيعا عن الباقين فحسن، ونسال الله أن يتقبل منه ويجزيه خيرا، والأصل في ذلك قوله تعالى في المتعاملين بالربا: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279}
وهذا كله -كما تقدم- إذا كانت والدتك قد أعطت خالك هذا المبلغ على سبيل القرض، أما إذا كانت أعطته له على سبيل المضاربة أي أن يتاجر لها في هذا المال فهي مضاربة فاسدة، لأن تحديد مقدار ثابت للربح، وكذلك ضمان رأس المال بحيث لا يتحمل صاحب المال الخسارة يفسد المضاربة ويجعل حقيقتها حقيقة القرض، والواجب في مثل هذه الحالة أن يرد إليها رأس المال مضافا له الربح إن كان هناك ربح أو مخصوما منه الخسارة إن كان هناك خسارة ولخالك أجرة مثله، وعلى هذا الأساس ينظر إلى مبلغ الألف والمئتين الذي أخذته من خالك كجزء مما لها أو مما عليها، فإن كان هذا المبلغ أو جزء منه مما عليها وأردت أن ترده إلى خالك فحسن، ونسأل الله أن يتقبل منك وراجع الفتوى رقم: 5480.
وأما ما يتعلق بالفوائد البنكية فينظر كل منكم -إذا كان عالما بتحريمها- قدر ما أصاب منها ويخرجه في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين والجمعيات الخيرية ونحو ذلك، وإنما لم نقل بردها إلى البنك كما قلنا في الرد إلى خالك لأن من دفع هذه الفوائد البنكية من المتعاملين مع البنك يتعذر معرفة عينه، وما كان كذلك من الأموال التي تتعذر معرفة أصحابها فإنه يصرف في مصالح المسلمين.
وراجع للأهمية الفتوى رقم: 32762 والفتوى رقم: 15282 والفتوى رقم: 56191.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(12/2950)
استبدال الدين بعرض أكثر منه قيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ الفاضل د. عبد الله الفقيه
أسأل الله تعالى أن يحفظ الشيخ وأن يعز به دينه وأن يعينه على الصدع بالحق وأن يقيه كل شر وبلاء ومكروه
السؤال: بعت سيارة جديدة إلى شركة مقاولات أنا أحد أفرادها بثمن (10500 دينار) وتم الاتفاق مع مدير الشركة إلى تحويل ثمن السيارة إلى مشروع الاستثمار الذي هو أحد فروع الشركة وذلك لاستثماره والحصول على أرباح خلال العقد المحدد ولكن مضت سنة ونصف ولم يتم تحويل هذا المبلغ إلى مشروع الاستثمار مع العلم أن ثمن السيارة الآن في السوق هو (14000 دينارا) .
وعرض علي مدير الشركة التالي:-
1- اعتبار أن ثمن السيارة كان موجودا ضمن مشروع الاستثمار ورفضت ذلك لعدم دخول الثمن في المشروع حقيقة وخوفا من الوقوع في الحرام
2- توفير سيارة جديدة بنفس المواصفات
نريد أن نعرف ما هو الذي يحق لي شرعا من العروض السابقة والعرض الذي أرغبه هو الحصول على سيارة بنفس المواصفات
شيخنا الفاضل نرجو الإفادة وبارك الله فيك ونفعنا الله بعلمكم
تاريخ الإنشاء 2005 - 02 - 28]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم الأخ السائل أن الاتفاق الذي تم بينه وبين مدير الشركة وهو أن يجعل ثمن سيارته- الذي لم يقبضه وإنما صار دينا في ذمة الشركة- أن يجعله رأس مال في المضاربة والاستثمار اتفاق فاسد، فإن رأس المال في المضاربة لا يصح أن يكون دينا، وصورة ذلك أن يقول الدائن للمدين: اعمل بديني الذي في ذمتك مضاربة فهذا لا يجوز، لاحتمال إعسار المدين وعدم قدرته على الوفاء كما صار في الحالة المعروضة، فيكون مثل هذا التعاقد بمثابة التحايل للوصول إلى زيادة على أصل الدين بأي طريقة، وهذا يعتبر ربا، إذا فالاتفاق باطل من أصله. أما العرض الذي عرضه مدير الشركة على الدائن فإنه عرض جائز. جاء في كشاف القناع: باب الصلح: النوع الثاني من نوعي الصلح على إقرار أن يصالح عن الحق المقر به بغير جنسه فهو معاوضة أي بيع، فإن كان بأثمان عن أثمان فصرف له حكمه، وإن بعرض عن نقد، أو عن العرض بنقد، أو بعرض فبيع وعن دين يصح بغير جنسه بأكثر من دين أو أقل بشرط القبض. اهـ.
والدين الذي أقر به المدير هو نقد، فلا مانع شرعا أن يأخذ الدائن بدله عرضا بأكثر من قيمته، والعرض هنا السيارة التي تساوي قيمتها 14000 دينار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1426(12/2951)
إذا احتاجت الشركة إلى أموال إضافية فهل تحتسب من مال المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمنا نحن 4 أشخاص بتأسيس شركة مع شريك من الإمارات برأس مال 300000 درهم وتفرغ واحد منا لإدارتها واحتجنا إلى ضخ مال إضافي في الشركة لشراء بعض المواد فهل يمكن اعتبار هذا المال الإضافي على أساس مال مضاربة أي تكون الشركة هي المضارب ومن يدفع المال هم أرباب المال وهم الشركاء مع أن أحدهم يدير الشركة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأموال الإضافية التي تحتاجها الشركة:
- لكم أن تجعلوها زيادة في نصيب من سيدفعها في الشركة إن كان من المشاركين، أو تجعلوها زيادة في عدد الشركاء إن كان من غير المشاركين
- ولكم أن تجعلوها مضاربة سواء كانت من قبل مشارك أو غيره، لكن بشرط أن يكون ذلك بموافقة رب المال وبموافقة الشركاء أو المدير إن كان مخولا
وإذا جعلتموها مضاربة فلا بد من توفر شروط المضاربة ومن ذلك:
- تحديد نسبة الربح الذي سيحصل عليه رب المال، وتحديد الربح الذي سيحصل عليه المضارب الذي هو الشركة, فإذا حدد الربح بأنه كان على النصفين -مثلا- فنصف ربح المال الذي دفعه رب المال له، ونصفه للمضارب (الشركة)
- ومن ذلك عدم ضمان رأس المال، ففي حالة الخسارة يخسر المضارب جهده، ويخسر رب المال ما نقص من مال
إلى غير ذلك من شروط المضاربة المعروفة المذكورة في الفتوى رقم: 17902
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم 56438
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1426(12/2952)
دفع مبلغ تحت حساب الأرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[مصرف يدعي أنه إسلامي، يقوم عمله على النحو التالي يعطي نسبة ربح 10% مقدما (بحيث إذا دفعت 1000 ريالاً يعطيك في البداية 100 وفي نهاية العام بعد تشغيل المبلغ بالمرابحة ينظر بالنسبة إلى الربح أو الخسارة فإن كانت مساوية للعشرة بالمئة فبها، وإن كانت زيادة أعطى الباقي وإن كانت أقل خصم ذلك من رأس المال، وهذا متفق عليه مسبقا عند توقيع العقد، أفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم على البنك بإنه إسلامي أو لا ينبني على مدى التزام هذا البنك بالضوابط الشرعية في معاملاته واستثماراته، وبالنسبة لخصوص السؤال فالذي يظهر أن العقد المذكور عقد مضاربة، ولا مانع فيه من أن يدفع البنك مبالغ لصاحب رأس المال، وتكون هذه المبالغ تحت الحساب إلى أن يتم ظهور الربح الفعلي للمضاربة.
وللمزيد حول هذه المسألة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 25960، ففيها تفصيل لما يعرف سندات المقارضة ونحسب أن العقد المسؤول عنه ذو صلة قوية بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1426(12/2953)
حكم الاتفاق أن يكون مال المضاربة قرضا والربح بالتساوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستفتيكم في قضية معقدة وشائكة، راجيا أن تجيبوني بالدقة لمعرفة حقوقي وحقوق غيري في القضية عسى الله أن يهدينا سواء السبيل والله من وراء القصد وأجركم على الله. رزقني الله مبلغا من المال، فأردت استثماره في الحلال لأنني كنت دائما ـ والحمد لله ـ حريصا على الكسب الحلال، وذات يوم اقترح علي صديق يتاجرفي العطور ـ أحسبه مؤمنا والله حسيبه ـ اقترح أن أعطيه مالي ليستثمره لي في الحلال ووعدني بأرباح غيرمحددة، ولجهلنا معا بعقود التجارة والشراكة والحلال والحرام في الربح والخسارة اقترحت عليه أن نتكاتب عند موثق فأبى ذلك، ولما كان شرطي المكاتبة اضطر إلى الموافقة، فاشترطت عليه بعد أن ساورتني شكوك في صدقه أن يكون هذا المبلغ المتاجر فيه قرضا يعيده لي في فترة محدودة بينما تكون الأرباح بيننا بالتساوي، فوافق على هذه الشروط وتم التكاتب عند الموثق برضا الطرفين وقد حدد بنفسه المهلة التي يتم فيها سداد المبلغ وكيفية سداده. وكنت أملك سيارة فاقترح علي استغلالها في التجارة والتنقل لترويج السلعة فاشترطت عليه أن يكون ذلك خارج الاتفاق الأول أي أن السيارة تكون نفقاتها مستقلة كي لا تختلط الأمور وتكون نفقاتها بيننا حسب الاتفاق وهو ماكان. وكان يسدد بعض الدين في البداية، ثم حدث بعد ذلك أن شريكي بدأ يماطل في تسديد الدين بحجة أن التجارة كاسدة في تلك الأيام مع العلم أنه أكد لي قبل دخولي معه كشريك أنها تجارة رائجة ومربحة، وذكرته مرارا بالعقد الذي يربطنا ولكنه كان يتهرب مني ويأبى سداد الدين، وحين استفسرت بعض الشيوخ علمت أن القرض الذي يأتي بفائدة هوعين الربا الذي كنت تحاشيته طول حياتي مع البنوك، مع العلم أنني عند الدخول معه في الشراكة كانت نيتي الحلال لا غير، ولما بدأ يتهرب مني ذهبت إليه وأعلمته أنني مخافة الوقوع في الحرام بسبب الفوائد، قررت أن لا آخذ أي سنتيم زائد على المبلغ الذي دفعته له، فأنا أقبل برأس المال فقط مع أنني دخلت بنية التجارة ومكتابتي للمبلغ لم يكن إلا على سبيل الاحتياط لا على سبيل القرض الذي يجر الفائدة.
أما وقد وصلت الأمور إلى الحد الذي لا يعطيني فيه لاربحا ولا فائدة ولا رأس مال، وأصبح يتهرب مني ويعدني ويخلف المواعيد ويكذب علي، فقد قررت أن أعتبر المبلغ قرضا أسترده وما كان من ربح أو خسارة أو تهاون فهو له. ولكنه مع هذا أصر على أن لا يسدد الدين ولا يوضح لي الخسارة أو الربح وكنت اتفقت معه على أن لا أتدخل في شؤون البيع فهو حر في التصرف، فالمهم بالنسبة لي أن يعمل ويربح ونتقاسم الربح
مع العلم أنه أكد لي مسبقا أن الخسارة غير واردة وأن الربح مضمون فهو أطمعني وغرر بي. وحدث أن حجزت الجمارك بضاعتنا فتدخلت بوساطة أحد الأصدقاء وتم إعادة سلعتنا دون رسوم وغرامات إضافية.
والآن وقد مرت ثلاث سنوات لم يسدد فيها الدين لجأت إلى المحكمة للفصل بيننا في القضية وهو ما سبب دفع نفقات إضافية تتعلق بالإجراءات والدفاع والتنقلات وما يترتب عنها. فالسؤال:
... *1/هل هذا العقد صحيح أم لا في بدايته؟ أي الدخول بنية التجارة والمكاتبة عند الموثق على أساس أنه قرض بسبب مخاوف وهو ما تأكد لاحقا. *2/ هل يجوز لي شرعا المطالبة برأس المال فقط والتنازل عن الربح أو الخسارة مهما بلغا؟ *3/ هل يجوز لي المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناتجة؟ حقوق الدفاع وحقوق المقاضاة والتنقلات وما نتج عن تماطلاته في سداد الدين؟ *4/إذا كانت هناك إضافات أرجو توضيحها حتى آخذ حقي فقط على الوجه الشرعي دون زيادة أو نقصان
أرجو التوضيح والتفصيل كما أرجو أن أتلقى الجواب عبر بريدي الألكتروني ولا حرج عندي في نشره للقراء للاستفادة من الموضوع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاتفاق على أن المبلغ يكون قرضا وأن لك نصف الربح عقد باطل، لأن القرض عقد إرفاق لا يجوز أن يشترط فيه نفع للمقرض، وكل نفع جره له ذلك القرض فهو ربا. وبما أن العقد فاسد فإنه يلزم صاحبك أن يرد لك رأس مالك وليس لك زيادة على ذلك، ولا علاقة لك بالخسارة إن حصلت مهما بلغت الأرباح والخسائر، ولك الآن أن تطالب برأس مالك.
وأما عن المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي حصلت عليك فإنه لا حرج عليك في ذلك إذا كانت أضرارا مادية كحقوق الدفاع والمقاضاة والتنقلات، أما الأضرار المعنوية أو ما نتج عن مماطلته بالدين فإنه لا يحق لك المطالبة بها في الدنيا، وراجع تفاصيل ذلك في الفتوى رقم: 9215.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1426(12/2954)
شركة المضاربة في مجال البورصة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مجال البورصة فهناك رجل ماله حلال يريد أن يشاركني، فهل إذا أعطاني أموالا على المكسب والخسارة والربح بالنصف فهل في هذا وزر علي؟ أو من فضلك اشرح لي شروط العقد الصحيح من رأي الشرع؟ وأرجو من فضيلتك الإفصاح عن نفسك حتى يطمئن قلبي؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذلك إذا كان التعامل في تلك البورصة منضبطا بالضوابط الشرعية، وكان العقد الذي بينك وبين صاحب رأس المال عقد مضاربة شرعية. ولمعرفة هذه الضوابط، وصفة عقد المضاربة الشرعية راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3099 و 9611 و 5480.
ولمعرفة طبيعة الفتوى بمركزنا وآلية ذلك راجع الفتوى رقم: 43412.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(12/2955)
ماهية القراض الباطل وما يترتب عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وصديقي قمنا بفتح فرع لمكتب كبير يعمل في مجال السياحة، اتفقنا على أن يكون هو بالمال وأنا بجهدي، هو 70 % وأنا أتحصل على 30 % من الأرباح وراتب شهري قدره 1500 ريال لكن شاء الله أن يخسر المكتب إلا من أرباح قليلة تقريبا 10000 ريال وأنا لم آخذ منها أي شيء والآن يطالبني شريكي بسداد 30 % من مجمل الخسارة وهي قيمة تأسيس المكتب وهي بمبلغ 46000 ريال ستة وأربعين ألف ريال ويطالبني الآن بسداد 30% من مجمل الخسارة وهي 13800 ريال وقد أفهمته بأنني خسرت عاما كاملا وهي فترة فتح المكتب دون أي دخل بل خلال هذه الفترة استدنت ما يقارب 35000 ريال وهي الآن على عاتقي وفقكم الله أرجو مجزيين خيرا من الله إفتائي في الآتي: هل يحق له مطالبتي بالخسارة بينما أنا خسرت عاما كاملا دون أي دخل علما بأنني أب ل5 أطفال إضافة للزوجة كما أنني استدنت مبلغ 35000ريال حتى الآن على عاتقي لم أسدد منها شيئا رجاء إفتائي في صحة مطالبة شريكي بسداد 30% من مجمل الخسارة وهي ال13800 جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم ونفع بكم أمة الإسلام، وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد الذي حصل بينكم يعتبر مضاربة فاسدة لأنه لا يصلح أن يكون نصيب المضارب جزءا مشاعا من الربح ومبلغا مقطوعا في آن واحد، بل إما أن يكون العقد مضاربة فيكون نصيب المضارب جزءا مشاعا من الربح بحسب الاتفاق، وإما أن يكون إجارة فيكون نصيبه مبلغا مقطوعا. أما الجمع بين الأمرين فلا يجوز وذلك يفسد العقد
قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء فضل دراهم، وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معدودة أو جعل مع نصيبه دراهم مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم بطلت الشركة. قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة ... انتهى
وعليه؛ فلا تستحق أنت شيئا من الربح (لو حصل) ولك أجرة المثل لأنه عقد يستحق به المسمى في صحيحه فاستحق أجرة المثل في فاسده؛ كما قاله زكريا الأنصاري في أسنى المطالب. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى: ولا يستحق الأجرة المسماة؛ لكن إذا عمل لليتامى -يعني الوصي- استحق أجرة المثل كالعمل في سائر العقود الفاسدة. انتهى
وقال ابن قدامة في "المغني": فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئا، ولكن له أجرة مثله
بل لو فرض أن المضاربة صحيحة فليس لصاحبك أن يطالبك بالخسارة لأنه وإن كان المتعاقدان في المضاربة شريكين في الربح والخسارة إلا أن خسارة العامل في جهده وخسارة صاحب المال في ماله، ولمعرفة شروط المضاربة الشرعية، راجع الفتوى رقم: 17902.
فالخلاصة أنه ليس لصاحبك أن يطالبك بالخسارة؛ بل لك أنت أن تطالبه بأجرة المثل، وراجع الجواب: 9743 والجواب: 23561 والفتوى رقم: 6554.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1425(12/2956)
حكم قسمة رأس مال المضاربة قبل تحوله من أعيان إلى نقود
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت لأحد التجار مبلغاً من المال لتشغيلها لي على أن نتقاسم الربح أو الخسارة، وقمنا بالفعل بالدخول في صفقة أرز قام بشرائها على مسؤوليته بالكامل وقال إن بيعها سوف يكون خلال أسبوع، وبعد أسبوعين جاء إلى منزلي وقال لي إنه لم يتم البيع وإنه سوف يحاسبني كأنه قد باع وبالفعل قال لي لك في ذمتي مبلغ كذا (رأس المال مضافاً إليه الأرباح) وأخذت عليه شيكاً بالمبلغ وأنه سوف يسدده لي خلال أسبوعين ومرت سنة كاملة وهو يرسل لي كل شهر جزءا من فلوسي بسيطا أقوم بصرفه دون استثمار ويقول لي إن البضاعة التي اشتريناها لم تبع وأنه سوف يسدد لي رأس المال فقط، وهكذا خسرت المبلغ وأخذته على دفعات متباعدة وبسيطة بحيث لا يمكن استثمارها، فهل لي أن آخذ منه تعويضاً عن وجود فلوسي معه لمدة عام وآخذها على دفعات لا يمكن استثمارها أم آخذ رأس المال فقط، علماً بأن ما أعطاني من دفعات قد صرفت على المنزل لأنها دفعات صغيرة لا يمكن استثمارها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا دفع شخص لآخر مالاً ليتاجر به على أن يكون الربح بينهما، فإن هذا يُسمى في اصطلاح الفقهاء مضاربة، أما التزام التاجر بضمان الصفقة المذكورة بعد تمام عقد المضاربة فالتزام باطل، لأن المضارب لا يضمن رأس المال ولا شيئاً منه، كما أن تحديد إنهاء المضاربة بزمن معين لا يصح على الراجح، لأن المضاربة عقد جائز فلم يتوقت بمدة من الزمان كالشركة، وهذا مذهب المالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 51152.
وبناء على هذا تبقى المضاربة صحيحة ويبطل ما اشترط فيها من شروط فاسدة، وما حصل بينكما من اتفاق بعد ذلك على قسمة رأس مال المضاربة قبل نضوضه-أي تحوله من أعيان إلى نقود- صحيح سواء كانت قسمة عين أو قيمة بشرط أن يكون المعتبر قيمة رأس المال وقت القسمة دون زيادة أو نقصان، قال السرخسي في المبسوط: ولو أن رجلاً أعطى رجلاً دنانير مضاربة فعمل بها، ثم أراد القسمة كان لرب المال أن يستوفي دنانير، أو يأخذ من المال بقيمتها يوم يقتسمون؛ لأن المضارب شريك في الربح، ولا يظهر الربح إلا بعد وصول كمال رأس المال إلى رب المال، إما باعتبار العين أو باعتبار القيمة، وقد بينا في إظهار الربح أن المعتبر قيمة رأس المال في وقت القسمة. انتهى.
وإذا جاز اقتسام رأس المال بقيمته، جاز أن يكون نصيب رب المال من رأس ماله وربحه في ذمة العامل كما هو الحاصل للسائل، ولا يجوز للعامل بعد ذلك أن يمتنع من السداد بعذر عدم البيع ونحو ذلك؛ بل يبقى المال المتفق عليه ديناً في ذمته، وتحرم عليه مماطلة رب المال إذا كان مليئاً، أما إذا كان معسراً فليس أمام رب المال إلا إنظاره إلى يساره، قال تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280} .
فإذا رأى رب المال شدة عُسره وعدم تمكنه من السداد استحب له العفو والتنازل، قال الله تعالى: وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280} ، وراجع الفتوى رقم: 8151، والفتوى رقم: 53270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(12/2957)
تنازل المضارب عن حقه في الربح لبعض المضاربين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أستثمر أموالا في التجارة وقد كانت نسبة الأرباح الفعلية في نهاية العام متدنية السؤال:
هل يجوز رفع هذه النسبة لبعض المودعين دون آخرين (مقابل نقص نصيبي من الأرباح طبعا) ؟ علما أن هذه الزيادة سوف تتم دون شرط مسبق بيني وبين هذا المودع الذي تقاضى هذه الزيادة كأن يكون قد اشترط أن لا تقل نسبة الأرباح عن كذا% ولكني أتنازل عن جزء من حصتي له لأسباب شخصية وتجارية.
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها الأخ الكريم أن الشركة التي تكون بين شخصين واحد ببدنه وآخر بماله تعرف في الشريعة باسم المضاربة، وهذه المضاربة لها ضوابط وأحكام يلزمك دراستها ومعرفتها ما دمت تمارس هذا النوع من النشاط التجاري، وذلك حتى لا تقع في مخالفات شرعية، ويمكنك أن تراجع جملة من الفتاوى على موقعنا بخصوص هذه المعاملة، من هذه الفتاوى الفتوى رقم: 19887، والفتوى رقم: 48492، والفتوى رقم: 6743
ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن خلط أموال المضاربين لا يجوز إلا بإذن أو بتفويض عام منهم، كما هو مذهب جماهير العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة، ذلك أن الخلط يوجب في مال رب المال حقاً لغيره فلا يجوز إلا بإذنه أو تفويض الأمر إلى المضارب في العقد.
وعلى كلٍ.. فالربح يقسم بين المضارب وصاحب المال على ما اتفقا عليه في العقد، فإن تطوع المضارب أو صاحب رأس المال بترك حقهما في الربح أو جزء منه فلا مانع، ولا يلزم المضارب إذا تنازل عن حقه في الربح أو في جزء منه لصاحب رأس مال أن يفعل ذلك مع بقية أصحاب رؤوس الأموال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1425(12/2958)
ما يترتب على فساد المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع: أخذت من مسيحي مبلغا من المال على سبيل الشركة للمضاربة في البورصة وأن أتحمل الخسارة مع دفع أرباح البنك المعتادة ومع الأسف فقد خسرنا كل المبلغ والحمد لله، ولكني وعدت بالسداد. السؤال: هل يصح أن أدفع المبلغ كله مع الفوائد المذكورة أو أكتفي بدفع المبلغ الأصلي؟
جزاكم الله خيرا رجاء الاهتمام وشكرا ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمضاربة التي عقدتها مع الرجل الذي ذكرت مضاربة فاسدة لاشتراط رب المال فيها ضمان رأس المال وربحه، ولأن نسبة الربح فيها مقطوعة محددة، بغض النظر عن الربح أو الخسارة، ولمعرفة هذا الأمر بالتفصيل راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8052، 9401، 6743.
وإذا فسدت المضاربة فلرب المال جميع المال، وله الربح كله في حالة حصول ربح، وعليه الخسارة كلها في حالة حصولها، وللمضارب أجر مثله، وراجع في هذا الفتوى رقم: 53270.
هذا إذا كانت حقيقة العقد مضاربة، أما إذا كانت قرضا بفائدة ربوية، فللمقرض رأس ماله دون ما اشترط من الفائدة، سواء ربحت أو خسرت، لقول الله عز وجل: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(12/2959)
هل يجوز جعل الأرباح رأس مال في الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت مبلغا من المال من شخصين بغرض التجارة به على أن يكون لي 60% من الربح ولهما 40% من الربح، كل واحد حسب المبلغ الذي ساهم به والحمد لله ربحت التجارة وبعد 6 شهور أراد أحد المساهمين أن يأخذ رأس ماله والأرباح التي هي من نصيبه وقمت بإعطائه ما أراد من مال التجارة، وللعلم أن أحدا لم يأخذ أي مبلغ من المال خلال هذه الفترة سوى أنا استفدت بما يعادل 20% من الأرباح فهل بذلك أكون قد تملكت سهما بدلا من السهم الذي خرج لأن ما أخذه المساهم الذي خرج هو من الأرباح التي لي فيها نصيب وكيف يكون حساب الزكاة بعد حلول الحول علما بأن رأس المال لم يكن يبلغ النصاب عند بدء التجارة، وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصورة المذكورة في السؤال مضاربة صحيحة مستوفية الأركان، ولا مانع أن يضارب عامل واحد لشخصين أو أكثر، وأن يخلط أموالهم إذا رضوا بذلك أو جرى به العرف على الراجح، كما بيناه في الفتوى رقم: 56438.
والمضاربة عقد جائز وغير مؤقت، فإذا طلب رب المال ماله وربحه من العامل جاز له ذلك بشروط ليس هذا مقام ذكرها، وقد بينا بعضها في الفتوى رقم: 51152 والفتوى رقم: 48733.
وبناء على هذا، فلرب المال الذي أخذ ماله بأرباحه ما أخذ، وليس لك أنت في الشركة إلا الأرباح التي حددها لك الشريكان في بدء الشركة، ولا يحق لك احتساب أرباحك رأس مال في الشركة إلا إذا رضي رب المال بذلك على الراجح. قال الحصكفي في الدر المختار: لا يملك- أي العامل -المضاربة والشركة والخلط بمال نفسه إلا بإذن، أو اعمل برأيك. اهـ. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 19406 والفتوى رقم: 11158.
ولمعرفة كيفية إخراج زكاة عروض التجارة راجع الفتوى رقم 4680.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1425(12/2960)
الطريقة الشرعية لاستثمار المال في مخبز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب عندي مبلغ من المال أريد استثماره وقد طلب مني ابن عمى أن أعطيه المال وهو يعطيني عنه راتبا شهريا مع العلم أنه مصدر ثقة وهو يستثمره في مخبز بدون خسارة كما قال وأنا لي راتبي ولي الحق في المال بعد شهر إذا أردت ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك الدخول مع ابن عمك في هذه المعاملة، لأنها محرمة شرعا وذلك لسببين:
الأول: تحديد مبلغ معين يعطيك إياه شهريا لا يجوز، لأن هذا يجعل المعاملة قرضا بفائدة، فكأنك تقرضه مبلغا محددا ليرده لك بزيادة محددة، وهذا لا شك في تحريمه.
الثاني: أنه لا يحل في المضاربة ضمان رأس المال على المضارب، بل يشترك صاحب المال والعامل في الربح على حسب ما اتفق عليه، وما حصل من خسائر فهو على صاحب رأس المال، وتكون خسارة العامل هي ضياع جهده.
والطريقة الشرعية لاستثمار هذا المبلغ عند ابن عمك أو غيره أن تدفع له المبلغ ليعمل به في المخبز على أن لك جزءا مشاعا من الربح كالثلث أو النصف ونحو ذلك، وأنه إذا وقعت خسارة بدون تفريط منه، فليس عليه شيء، وراجع الفتوى رقم: 52914.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(12/2961)
دفع مبلغ مقطوع للمضاربة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مديراً لمصنع ولتدوير حركة الانتاج المصنع يحتاج دائما إلى سيولة نقدية وإن صاحب الشركة دائماً ما يؤخر الدفع لذلك ومن خلال علاقاتي أنا أحصل على مبلغ من المال من شخص مقتدر مقابل نسبة من الأرباح وبعد فترة وجدت أن الأمور اختلطت علي ولم أستطع أن أضبط حسابات الأرباح والخسائر وصرت أدفع لهذا الشخص مبلغا مقطوعا من المال وإني أخاف أن أكون قد دخلت بالربا ولذلك حاولت أن أرد المال لهذا الشخص ولكن وضع الشركة المادي لا يسمح بذلك وحاولت أن أقترض من البنوك الإسلامية ولكن البنوك عقدت علي الموضوع ولم يفيدوني بشيء وإن هناك بنوكا غير إسلامية عرضت علي قروضا وإني أرى أني أستطيع أن أسدد قروض هذه البنوك بفترة سنة وأنهي هذا القرض، أفيدوني جزاكم الله خيراً، وإن لم يجز لي ذلك ما هو الحل برأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت مفوضاً من قبل صاحب الشركة بأخذ أموال من الآخرين وتشغيلها في المصنع على نسبة من الأرباح فإن ذلك جائز، ويجب عليك ضبط الأرباح ومعرفتها تماماً حتى تؤدي إلى الناس حقوقهم.
أما دفع مبلغ مقطوع إلى الشخص الذي دفع إليك المال مضاربة فلا يجوز بالاتفاق، قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة. انتهى.
فالواجب عليك معرفة أرباح المبلغ بيقين أو غلبة ظن، ثم تسلم صاحبه نصيبه منها، وإذا لم يمكن ذلك فالمضاربة فاسدة والربح كله لصاحب المال، وليس للمصنع إلا أجرة المثل.
وأما إن كنت غير مفوض بهذا التصرف، ولم يكن تصرفك هذا لضرورة يقتضيها العمل وتفترضها مصلحة الموكل، فإنك تعتد متعدياً وتصرفك باطل إلا أن يجيزه الموكل، فإذا أجازه الموكل فقد تقدم بيانه في صدر الجواب، وإن لم يجز ضمنت رأس مال الشخص، ولصاحب المصنع أجرة المثل في أرباح المبلغ الذي تم تشغيله في مصنعه، والباقي لصاحب المال المذكور.
وأما مسألة الاقتراض من البنوك الربوية فحرام ولا ريب لأنه ربا، وفي الحديث: لعن الله آكل الربا وموكله. رواه مسلم، فلا يحل لك إصلاح الخطأ بخطأ آخر، ولتحذر من الاسترسال مع الشيطان في أساليبه وخطواته، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ {النور:21} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(12/2962)
حظ العامل من الربح في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت أنا وشخص في شركة مضاربة على أن يقوم هو بتمويل مشروع بمبلغ معين وأنا بالجهد في التسويق على نسبة أرباح بالمناصفة وأسسنا المشروع بالدفعة الأولى التي استطاع توفيرها وهي نصف المبلغ والآن مضت ستة شهور وأنا أطالبه بالباقي من المبلغ ويعتذر بذريعة عدم استطاعته ذلك إلا أنه قبل شهر فقط سلمني ثلث آخر من المبلغ بمعنى أنني حتى اللحظة استلمت منه ثلثي المبلغ على دفعات وعند حساب حصته من الأرباح ذكرت له أنه يستحق نسبة على ما دفعه من مبلغ بتاريخ دفعه وليس النصف كاملا فرفض والخطأ أننا لم نكتب التزامه بدفع المبلغ في بنود العقد واكتفينا بالتزامه الشفهي فما رأيكم دام فضلكم والرجل على خير وأحسب أنه يقف عند حدود الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصورة المذكورة في السؤال مضاربة قد استوفت شروطها من تسليم رأس المال للعامل، وتحديد نسبة من الربح لكل من المضارب والعامل، وكون رأس المال نقداً لا عروضاً، وليس لرب المال سوى ما اتفقتما عليه من نسبة من الربح وهو النصف، فيكون له نصف ربح الدفعة الأولى عن مدة عمل ستة أشهر، ونصف ربح الدفعة الثانية عند مدة شهر واحد، لأنه يستحق الربح بماله وأنت تستحق الربح بعملك، فلا يجب له من الربح إلا بقدر ما سلم لك من المال، كلٌّ بحسب مدته، قال السرخسي في المبسوط: من شرط المضاربة دفع المال إلى المضارب. انتهى.
وقال المواق في التاج والإكليل: قال ابن عرفة: شرط المال يعني في المضاربة كونه معلوماً محوزاً، ويجب أن يكون حظ العامل جزءاً من الربح معلوم النسبة منه. انتهى.
وقال النووي في المنهاج: ومسلماً إلى العامل فلا يجوز شرط كون المال في يد المالك. انتهى.
وقد صرح الفقهاء بأنه إذا هلك بعض المال قبل عمل المضارب، فالمضاربة صحيحة فيما بقي من المال فقط، قال البهوتي في كشاف القناع: وإن تلف بعض رأس المال قبل تصرفه -أي العامل- فيه انفسخت فيه -أي التالف- المضاربة وكان رأس المال هو الباقي خاصة، لأنه مال هلك على جهته قبل التصرف أشبه التالف قبل القبض. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(12/2963)
هل يخلط عامل المضاربة مالا آخر بمال المضارب
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في تجارة الأغنام مع أحد الشركاء مناصفة في الربح وقد عرض علي صديق آخر أن يشاركني فهل يحق لي أن أحدد نسبة مئوية من الربح لهذا الصديق الثالث مع العلم بأن الربح متغير القيمة باستمرار سواء صعوداً أو هبوطا وجزاكم الله خيرا ...
... ... ... ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أخذ المال من صديقك الآخر مضاربة، بشرط عدم خلطه بمال صاحبك الأول لأنهما عقدان فلا يجبر خُسران أحدهما من ربح مال الآخر، كما أفاده الرحيباني في مطالب أولي النهي في مالين ربهما واحد، فإذا كانا الاثنين امتنع الجمع من باب أولى، قال الرحيباني: ولا يخلط عامل رأس مال قبضه من مالك واحد في وقتين بلا إذن نصاً، لأنهما ـ أي المالين ـ عقدان فلا يجبر خُسران أحدهما من ربح المال الآخر، كما لو نهاه عن خلطهما. اهـ. فإن أذن لك رب المال الأول بخلط المالين أو كان العرف يسمح بذلك جاز في الراجح، وهو مذهب الحنفية، قال الحصكفي في الدر المختار: لا يملك ـ أي العامل ـ المضاربة والشركة والخلط بمال نفسه إلا بإذن أو اعمل برأيك. اهـ. قال ابن عابدين في رد المختار شرحاً للعبارة قوله: والخلط بمال نفسه ـ أي أو غيره كما في البحر إلا أن تكون معاملة التجار في تلك البلاد أن المضاربين يخلطون ولا ينهونهم. ا. هـ. ويشترط في كل الأحوال لكي يصح العقد أن يكون نصيب كل من العامل ورب المال من الربح معلوماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1425(12/2964)
مسألة حول المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب أحد الزملاء مشاركتي في عمل بجانب عملنا الأساسي على أن أشارك بالنقود وهو بالمجهود والربح يكون بيننا مناصفة، ووافقت على ذلك ولكني وجدته أعطى هذا المبلغ لتأجير يقوم هو بتشغيل ذلك المبلغ ضمن تجارته، وبالطبع التاجر يعطيه الربح بعد خصم نصيبه مقابل تشغيله لهذا المبلغ، والمبلغ المستلم من التاجر يقوم زميلي بمناصفته معي على الرغم من أنه لا يقوم بأي مجهود فيه، فهل يحق له ذلك النصف من المبلغ المتبقى أم يكون له نسبة مقابل توصله للتاجر أم ماذا؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب السؤال سبق في الفتوى رقم: 53181 فتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(12/2965)
يجوز أن يشترك بدن ومال أو مالان وبدن
[السُّؤَالُ]
ـ[القضية: نحن 3 شركاء في مشروع غير أن المساهمة المالية ليست بالتساوي ومن الممكن أن لا يساهم أحدنا بالمال ولكن يساهم بالعمل (التسديد، الاتصال، تسيير العمل) ، علما بأن الأرباح تقسم بالثلث لكل منا ونفس الشيء بالنسبة للخسارة،
فهل هذه الشراكة جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن هذه الشركة جائزة؛ إذ يجوز أن يشترك بدن ومال أو مالان وبدن، ويكون الربح بينهم على حسب الاتفاق، والخسارة على صاحب المال في ماله وعلى صاحب البدن في ضياع تعبه وجهده، قال الخرقي ذاكراً أنواع الشركات الجائزة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما، تساوى المال أو اختلف فكل ذلك جائز. انتهى.
وهذه الشركة مضاربة في حال ما إذا سلم الشريكان مالهما للثالث ليعمل ويضارب فيه، أما إن اشترط صاحبا المال مشاركة صاحب البدن في العمل فلا تصح مضاربة عند مالك والشافعي، وتصح عند أحمد، وهذا الذي نختاره، إذ الأصل في المعاملات الحل.
قال ابن قدامة: القسم الخامس أن يشترك بدنان بمال أحدهما، وهو أن يكون المال من أحدهما والعمل منهما، مثل أن يخرج أحدهما ألفاً ويعملان فيه معاً، والربح بينهما فهذا جائز، ونص عليه أحمد في رواية أبي الحارث، وتكون مضاربة ... وقال: إن العمل أحد ركني المضاربة فجاز أن ينفرد به أحدهما مع وجود الأمرين من الآخر كالمال. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(12/2966)
ربح المضاربة حسب الاتفاق بين صاحب المال والمضارب
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان معي نقود والآخر اشترك معي بالجهد \"مضاربة\" فخسرنا في التجارة هل أخسر رأس المال أم أطالبه به، وإذا كانت الخسارة في الربح هل آخذ رأس المال كله وأتقاسم معه الربح، بالتفصيل ما أمكن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخسارة في عقد المضاربة الصحيح على رب رأس المال، ولا يتحمل منها المضارب العامل شيئاً، وأما الربح -قليلاً كان أو كثيراً- فهو بين رب رأس المال والمضارب حسب ما اتفقا عليه، وراجع الفتوى رقم: 34799.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(12/2967)
مسألة في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص (طرف أول) وضع مبلغاً من المال عند شخص آخر (طرف ثاني) لكي يستثمره وكان الاتفاق أن يعطيه الأرباح نهاية كل شهر، أما بالنسبة لرأس المال المستثمر فيعاد متى ما أراد الطرف الأول في ظرف شهر، ولكن عندما أراد الطرف الأول استعادة ماله لم يلتزم الطرف الثاني بالمتفق عليه، وحصل بينهم مشاكل ومرت الشهور والسنون وعندما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه من التزام الطرف الثاني بإعادة المبلغ على دفعات ولكن بدون الأرباح بحجة أنه أوقف الأرباح منذ حصول الخصومة من طرفه فقط، مع العلم بأن الطرف الثاني استمر باستثمار المبلغ فترة الخصومة، الآن هل للطرف الأول المطالبة بالأرباح خلال فترة الخصومة أم له رأس المال فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أنك اتفقت مع هذا الشخص على أن المال الذي أعطيته له ليستثمره لك مضمون، تستطيع استرداده منه متى أردت في ظرف شهر، فإذا كانت الأمر كذلك فهذه معاملة محرمة، لأن إعطاءك المال له ليستثمره يعرف في الفقه الإسلامي بالمضاربة، والمضاربة، إذا شرط فيها رب المال على المضارب -المستثمر- ضمان رأس المال، فسدت لأنها تصبح حينئذ قرضا، والقرض إذا تبعه ربح أو فائدة كان قرضاً ربوياً محرماً، وراجع لتفصيل ذلك الفتوى رقم: 5160.
ورأس المال في المضاربة الفاسدة، لرب المال وجميع الربح له والخسارة عليه، وللمضارب أجرة مثله، قال في المغني: الربح جميعه لرب المال، لأنه نماء ماله، وإنما يستحق العامل بالشرط، فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئاً، ولكن له أجر مثله. وراجع للمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 47590.
وإذا تقرر هذا.. فإذا كان رأس المال حاضرا عند الشخص عندما طلبته منه، أو كان عروضا -سلعا- يمكنه بيعه بلا خسارة، فلم يعطك إياه واستمر بالعمل فيه فهو غاصب لهذا المال، يضمن الخسارة، وفي استحقاقه للربح خلال فترة غصبه خلاف بين العلماء بسطناه مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 10486.
أما إذا كان رأس المال عروضاً لا تباع إلا بخسارة فانتظر المضارب حتى يتمكن من بيعها، فالمضاربة الفاسدة باقية بحالها، ورأس المال والربح لك والخسارة عليك، وللمضارب أجرة مثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(12/2968)
هل يجوز أن يقارض العامل غيره ويأخذ من الربح؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مبلغ (20.000 ريال سعودي) ، أعطيته أحد التجار، ليكون العمل منه، ونقتسم الربح مناصفة.. وبعد فترة أخذت من أخ آخر مبلغ (30.000 ريال سعودي) ليضارب به مع صاحبي التاجر، على أن يكون له 10%، دون أن أخبره أنَّ لي40%.. والربح الذي لي الآن -بعد اشتراك صاحبي- لا يزيد تقريباً عن الربح السابق لأن الربح الذي زاد بتوظيف الزيادة الأخيرة يساوي 10%، وهو المقدار الذي نقص من نصيبي.. ولكن أريد رأي الشرع؛ إذ خفت أن أكون واقعاً في محظور؟ ولكم جزيل الشكر على هذا المنبر اللامع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تدفع أموال هذا الشخص لشخص آخر ليضارب بها إلا إذا أذن لك بذلك، فإذا أذن لك فليس لك شيء من الأرباح، لأنك حينئذ وكيل عنه، ولا حرج عليك في الاتفاق معه على أن يعطيك أجرة معلومة مقطوعة مقابل الوكالة، فإن شرط لك في العقد شيئاً من الربح، فقد فسد العقد واستحق الشخص الثالث وهو عامل القراض أجرة المثل، والربح كله لصاحب المال.
قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: الحكم الثاني: أن لا يقارض العامل غيره، فإن أذن له المالك فيه ليشاركه الغير في العمل والربح (ففعل لم يصح) لأن القراض على خلاف القياس، وموضوعه أن يعقده المالك والعامل فلا يعدل إلى أن يعقده عاملان (إلا إن صار وكيلاً) للمالك في القراض مع الثاني (وانسلخ) من القراض، والمال نقد فيصح كما لو قارضه المالك بنفسه.
قال الماوردي: ولا يجوز عند عدم التعيين أن يقارض إلا أميناً خبيراً (فإن شرط) العامل الأول (لنفسه شيئاً) من الربح (فسد) القراض لما مر أنه لا يجوز شرط شيء منه لغير المالك والعامل والربح كله للمالك (وأجرة الثاني على المال) لأنه لم يعمل مجاناً. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1425(12/2969)
المضاربة تصح بالنقود لا بالعرض
[السُّؤَالُ]
ـ[عقد مضاربة تم الاتفاق عليه بتاريخ 23 / 11/ 2002
هذا ما اتفق عليه السيد عبد الحميد وزوجته السيدة صفية وهم الطرف الأول في العقد أو ما يعرف بالطرف الممول , والسيد محمد وهو الشريك المضارب, وقد تم الاتفاق على بناء عيادة في فيكتوريا. نص العقد على الشروط التالية:1. يقوم الشريك الممول بشراء قطعة الأرض وتسديد قيمة البناء الكلي للعيادة حسب تخطيط وتصميم الشريك المضارب.2. يكون الشريك المضارب مسؤولا مسؤولية كاملة عن اختيار الموقع المناسب للعيادة والقيام بإجراءات الشراء كاملة وما يترتب على ذلك من تعاملات مع مندوبي الأراضي ومحامين ومهندسين, معماريين ومصممين, وأي هيئة عامة أو خاصة لها علاقة بإجراءات البناء. كما وسيقوم الشريك المضارب كذلك بالإشراف الكامل على عملية البناء حتى المرحلة الأخيرة فيها.3. سيقوم الشريك المضارب بتجهيز العيادة وتأمين جميع مستلزماتها على نفقة الشريك الممول الذي سيقوم كذلك بإيداع مبلغ أولي لتسيير أمور ونفقات العيادة المالية اليومية.4. بعد تجهيز العيادة وقبل أن يتم تسليمها إلى الشريك المضارب لممارسة عمله فيها, يتم بين جميع الشركاء تحديد التكلفة النهائية للعيادة أو ما يسمى بثمن المضاربة أو تكلفة العيادة. 5. بعد تحديد التكلفة النهائية بين المتعاقدين يتم تسليم العيادة للشريك المضارب (محمد) ليقوم بممارسة عمله فيها كطبيب, والذي سيقوم بإدارة العيادة وتشغيلها إدارة تامة بدون أي تدخل من الشركاء الممولين للمشروع. 6. مدة هذا العقد 10 سنوات تحسب منذ بداية العمل في العيادة. خلال الفترة التي تسبق تملك الشريك المضارب لنصف العيادة (حسب سعر التكلفة أو ثمن المضاربة) , فقد تم الاتفاق على أن يحصل الشريك الممول على نصف قيمة الأرباح السنوية حيث لن يحصل الشريك المضارب على أي دخل خلال هذه الفترة والتي اتفق على أن تكون ثلاث سنوات بموافقة جميع الأطراف المتعاقدة. بعد أن يقوم الشريك المضارب بتسديد نصف القيمة فإن نسبة الشريك الممول من الأرباح السنوية ستنخفض إلى 25% وسيحصل المضارب على 75%. (يقصد بالأرباح المبلغ المتبقي بعد خصم جميع نفقات ومصاريف العيادة ودفع رواتب العاملين بها) بعد انتهاء فترة العشر سنوات كاملة يقوم الشريك المضارب بتسديد نصف ثمن العيادة المتبقي وذلك حسب سعر السوق وهذا سيتم بعد الاستعانة بخبراء الأراضي والعقار والذين سيقومون بتخمين السعر لها في ذلك الوقت وهذا السعر سيشمل ثمن الأرض وما عليها من بناء واسم الشهرة كذلك. هذا وقد تم كذلك الاتفاق على الأمور التالية:
1. تأسيس شركة تسمى (ابات) حيث يملي كل شريك نسبة الثلث. 2. يتم تسجيل الأرض والبناء تحت اسم هذه الشركة. 3. يقوم الشريك الممول بتسديد جميع الفواتير ومصاريف العيادة منذ بدء البناء وحتى تسليمها للشريك المضارب. 4. عند البدء بتشغيل العيادة فإن الشركة الأساسية ستقوم بتأجير العيادة لشركة يؤسسها الشريك المضارب بعقد إيجار ضمني ينتهي كل سنتين, وقد تم الاتفاق على أن يكون الإيجار 3000 دولار/ شهري تدفع من قبل شركة الشريك المضارب إلى شركة الشريك الممول. 5. تحسب تكاليف إنشاء الشركة الأساسية المالكة للأسهم من ضمن التكاليف الكلية للمشروع عامة. 6. لأي من الشركاء الحق بوقف الشركة في أي وقت من الأوقات 7. تعتبر الشركة لاغية بموت أحد الشركاء في حالة إيقاف عمل الشركة بطلب من أحد الشركاء وبعد حسم الثمن النهائي للبيع من ثمن المضاربة , يتم حصول كل من الشريكين على نسبة 50% من الثمن الكلي للعيادة بعد خصم جميع المصاريف والضرائب المترتبة عليه. في حالة عدم الاتفاق على أي من الشروط يتم الرجوع للشريعة الإسلامية للحكم بين الشركاء، في حالة فسخ الشركة من أحد الشركاء فإن هذا الشريك يحصل على نسبته بدون إيقاف العمل في العيادة, وعلى الطرف الآخر مزاولة المهنة مع ممول آخر أو مضارب. الآن وبعد الانتهاء من بناء العيادة وتجهيزها قرر الشريك الممول (عبد الحميد وصفية) عدم المضي بالاتفاق مع الشريك المضارب, والذي عرض عليه من قبل الشريك الممول أن يحصل فقط على ثمن اتعابه في بناء وتجهيز العيادة والتساؤل الآن هو الآتي: 1. ما هو حق الشريك المضارب الآن حسب الشريعة الإسلامية؟
2. ما هي نسبته بعد أن أمضي عامين بالعمل في بناء وتجهيز العيادة والإشراف عليها حتى اكتملت؟ مع العلم أنه سعى للحصول على أفضل سعر للأرض والذي تضاعف الآن بالطبع بعد اكتمالها؟ علما بأن الشريك المضارب في هذه الحالة قد خسر فرصة تملكه لنصف العيادة بعد ثلاث سنوات حسب ما اتفق عليه؟ 3. هل يحق للشريك المضارب الحصول على نصف ثمن الارض والعيادة في حالة البيع؟ 4. هل يحق للمضارب الحصول على نسبة من ربح الممول نتيجة ارتفاع ثمن الأرض الان؟ هل يحق للمضارب أن يطالب ببدل لأتعابه خلال السنتين الماضيتين حتى انتهاء العيادة؟
... ... ... ... ... ... ... ... ... جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاتفاق بين من أسميتموه بالشريك الممول والشريك المضارب، لا يمكن أن يكون مضاربة، لأن المضاربة تقوم على أن يدفع طرف لآخر مبلغا من المال ليتاجر به، على أن الربح بينهما بحسب الاتفاق. ولا بد في المضاربة أن تكون على نقد، وهذا هو الصحيح عند جماهير أهل العلم، وعليه المذاهب الأربعة، قال ابن القيم في إعلام الموقعين: لا تجوز المضاربة على العرض، فإن كان عنده عرض فأراد أن يضارب عليه فالحيلة في جوازه أن يبيع العرض ويقبض ثمنه فيد فعه إليه مضاربة، ثم يشتري المضارب ذلك المتاع بالمال. وتفسد المضاربة إذا اجتمعت مع البيع أو الشركة أو الجعل أو الصرف أو المسافاة أو القرض أو النكاح، قال الشيخ ميارة يعد المسائل التي لا يصح أن يجتمع منها اثنان في عقد واحد:
عقود منعنا اثنين منها بعقدة * لكون معانيها معا تتفرق
فجعل وصرف والمساقاة شركة * نكاح قراض قرض بيع محقق.
وهذا العقد قد جمع بين المضاربة والبيع والشركة. وعليه فحقيقة ما وقع بين الطرفين هو أن الطرف الممول قد وكل الطرف الثاني في الإشراف على إنشاء المبنى المذكور، والذي يستحقه الطرف الثاني. هو أجرة مثل ما قام به من الأعمال خلال السنتين. بتقدير أهل الخبرة، وليس له غير ذلك إلا أن تطيب به نفس الممول. وما قام به الوكيل من الحصول على أفضل سعر هو مقتضى الوكالة، لأن الوكيل لا بد أن يتصرف وفقا لمصلحة الموكل. وليس له شيء في زيادة قيمة الأرض، لأن زيادة قيمة ما اشتراه الوكيل هي للموكل، وإذا باع المالك العيادة فليس للوكيل من ثمنها شيء، فضلا عن النصف. وبالمناسبة فإنا ننصح كل من يريد الدخول في عقود المضاربة والشركة وغيرهما من عقود المعاوضات أن يتفقه في أحكامها، وأن يسأل أهل العلم قبل الدخول في مثل هذه العقود، فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يسمح لتاجر بدخول السوق حتى يتفقه في أحكام البيع والشراء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(12/2970)
اشتراط ضمان رأس المال يفسد المعاملة التجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مبلغ من المال أريد توظيفه في التجارة دون أن يكون لي دور في البيع أو الشراء أو إيجار المحل أو أجور العمال أو أية مصاريف أخرى (اؤمن المبلغ فقط) : ما هي أنواع التجارة الصحيحة شرعا في مثل حالتي؟ ما هي النسبة الكبرى من الأرباح التي يمكن أن أستحقها؟ إذا أردت أن أترك المشروع بعد 5 سنوات مثلا فهل لي أن أسترد خمس المبلغ كل سنة بالإضافة إلى الأرباح التي اتفقنا عليها؟ هل لي أن أشترط على شريكي أنني شريك فقط في الربح ولا علاقة لي بالخسارة؟
... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم ـ وفقك الله ـ أن أي اشتراط لضمان رأس المال، أو بعبارة أخرى اشتراط المشاركة في الربح دون الخسارة يفسد المعاملة التجارية ويجعلها معاملة ربوية محرمة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5160.
ولمعرفة أقرب الطرق الشرعية لاستثمار مالك راجع الفتوى رقم: 5314. وأما نسبة الأرباح التي يمكن أن تستحقها فليس هناك تحديد شرعي لذلك، وإنما مرد ذلك إلى الاتفاق بينك وبين الشريك أو المضارب أو نحوه ممن تتعامل معه. وأما هل لك أن تسترد رأس مالك خلال خمس سنوات بأن تأخذ خمس رأس المال كل سنة مع الأرباح المتفق عليها، فالجواب، أنه لا يجوز أن تأخذ شيئا من رأس المال أو الأرباح إلا بعد تصفية المشروع وتحويل رأس المال إلى نقود أو تقويمه بالنقود، وإذا تم تصفية المشروع وتحويل رأس المال إلى نقود أو تقويمه بالنقود، فلك أن تأخذ ما تستحق من الأرباح، إن كان هناك أرباح، وما شئت من رأس المال، ثم إذا شئت فاستأنف بالباقي مشروعاً تجارياً سواء كان مثل المشروع السابق أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(12/2971)
حكم أخذ عامل المضاربة زيادة عن نصيبه من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مع أحد أقربائي شريكاً مضارباً ولي النصف من الأرباح على أن أبيع بضائع خاصة بهم وعلى أن يتم تحديد السعر مسبقاً منهم ولي حرية التصرف، التصرف الكامل في العمل وأن أبيع بالسعر المناسب، ولكن حصل أن السعر لم يتم تحديده مسبقاً وإنما أبيع ويتم احتساب عمولة من قبلهم لذلك عمدت أن أبيع بأسعار زائدة ثم أخصم في الفاتورة عملة بحسب الزيادة على المبلغ الذي اتفقت معهم أن أبيع به وأضيفها للعمل ثم هم يحتسبون لي العمولة المقررة منهم، فهل إذا فعلت هذه الطريقة أكون غاشاً لهم، علما بأنني أضيف المبالغ للعمل وبالطبع هذا يحسن الدخل لي ولهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العامل في شراكة المضاربة ليس له إلا ما اتفق هو ورب المال عليه من الربح، ولا بد من تحديده بنسبة شائعة كثلث الربح أو نصفه، فيأخذ العامل نصيبه المحدد من الأرباح فقط، وما زاد عليه فهو لرب المال.
قال الكاساني في البدائع: وإذا ظهر في المال ربح صار (االعامل) شريكاً فيه بقدر حصته من الربح.... والباقي لرب المال لأنه نماء ماله.
وعليه فما تأخذه زيادة على نصيبك يعد أكلاً لأموال الناس بالباطل وخيانة للأمانة التي أسندت إليك، قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} ، فالواجب عليك أن ترد هذه الزيادات إلى صاحب رأس المال وليس لك منها إلا ما اتفقتم عليه مسبقاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(12/2972)
لا يؤثر على صحة المضاربة نية ضمان رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت من أختي مالا لاستثماره في تجارتي لمدة محددة على أن أعيده إليها بأرباحه عند تمام الأجل، وأنا في نيتي -دون إبلاغها- أني ضامن لهذا المال إذا خسرت التجارة، وقد شاء الله خسارة تجارتي، وأنا الآن أوفي لها مالها الذي أخذت لاستثماره بأقساط لحين سداد كامل رأس مالها المذكور، والسؤال: عن مدى شرعية ذلك علماً بأنني في نيتي تحمل هذا لأنني كنت أدير الاستثمار وفي نفس الوقت حتى لا توضع في موقف محرج مع زوجها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصورة المذكورة هي عقد مضاربة، وقد سبق بيانها مع بعض شروطها في الفتوى رقم: 11158، والفتوى رقم: 26778.
ويتبين من مضمون الفتويين أنه لا يجوز في المضاربة ضمان رأس المال ولا يؤثر على صحة العقد نية الضمان كما هو مذكور في السؤال، ما دام لم يذكر ذلك في العقد، ولا يجوز للأخت أن تطلب كامل ما لها عند الخسارة، بل تأخذ ما بقي من المال فقط، لكن إذا تبرعت لها بإكمال رأس مالها دون طلب منها فلا نرى مانعاً من ذلك، لأنه من المعروف الذي تثاب عليه، علماً بأن تحديد مدة المضاربة موضع خلاف بين العلماء فذهب الحنفية والحنابلة في المذهب إلى جواز تأقيت المضاربة، والراجح هو عدم جواز التأقيت وهو مذهب المالكية والشافعية ورواية عن الحنابلة، وبيان ذلك في كتبهم مبسوط.
قال الزيلعي وهو حنفي: وكذلك إن وقت للمضاربة وقتا بعينه يبطل العقد بمضيه، لأنه توكيل فيتوقت بما وقته، والتوقيت مفيد فإنه تقييد بالزمان فصار كالتقييد بالنوع والمكان. انتهى من نصب الراية.
وقال الباجي وهو مالكي: وهذا على ما قال إنه لا يجوز أن يوقت القراض بمدة معلومة لا يجوز فسخه قبلها، وإن عاد المال عينا، وإن انقضت المدة فقد كمل القراض فلا يكون للعامل ولا عليه أن يبيعه، ولا يعمل به إذا كان عرضا عند انقضاء المدة وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وقال بعض أصحاب أبي حنيفة ذلك جائز، والدليل على ما نقوله أنه عقد جائز فلم يتوقت بمدة من الزمان كالشركة، ووجهه أن القراض عقد جائز ومعنى ذلك أن لكل واحد من المتعاقدين فسخه متى شاء، ولم يوقت بزمن لم يكن لكل واحد منهما ذلك، لأن التوقيت يمنع ذلك. انتهى من المنتقى شرح الموطأ.
وقال زكريا الأنصاري وهو شافعي: (ولو قارضه سنة لم يصح) لإخلال التأقيت بمقصود القراض فقد لا يجد راغباً في السنة أو نحوها ولمخالفته مقتضاه وقد يحتاج العامل إلى تنضيض ما بيده آخراً ليتميز رأس المال سواء اقتصر على ذلك أم زاد: على أن لا أملك الفسخ قبل انقضائها. انتهى من أسنى المطالب.
وقال المرداوي وهو حنبلي: قوله (وإن شرطا تأقيت المضاربة، فهل تفسد؟ على روايتين: وأطلقهما في الهداية، والمذهب، ومسبوك الذهب، والمستوعب، والتلخيص والمحرر. إحداهما: لا تفسد وهو الصحيح من المذهب، نصره المصنف، والشارح وصححه في الفروع، والنظم، والفائق، والتصحيح، وتصحيح المحرر، وشرح ابن رزين، وقدمه في الكافي، وقال: نص عليه. والرواية الثانية: تفسد. جزم في الوجيز والمنور، واختاره أبو حفص العكبري والقاضي في التعليق الكبير، قاله في التلخيص. انتهى من الإنصاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(12/2973)
مسائل في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت شخصاً مبلغ100 ألف درهم بناء على طلبه لتشغيلها في تجارة مع شخص ثالث وكتب لي شيكاً بمبلغي وأعلمني أن الربح مضمون بإذن الله تعالى، حيث إن الشخص الثالث يستورد بضاعة بعد أن يطلبها التاجر هنا في الإمارات، وإنه ليس لي علاقة مع الشخص الثالث وإنه بسبب ضمانه لرأس مالي فسوف يقاسمني في الأرباح بالنصف، وقبلت ذلك، حصل أن الشخص الثالث بدأ يدعي الخسارة وبضغط مني على الرجل الذي أعطيته المبلغ أعطاني رأس مالي كاملاً، علما بأن الشخص الثالث لم يعطه المبلغ ولا الأرباح والتي قدرها لنا الاثنان بـ 33 ألف درهم، ولقد توفي الرجل رحمه الله، فهل مبلغ الربح والبالغ 16500 درهم يحق لي مطالبة ورثته به، حيث إنه استعد لي برأس مالي وأرباحه، علما بأن الشخص الثالث لم يعطه من رأس المال شيئاً يذكر، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك قد اشتمل على عدة أمور: الأمر الأول:
ما يتعلق بالمعاملة التي اتفقتم عليها وهذه المعاملة لا تجوز لأن من شروط المضاربة الشرعية عدم ضمان رأس المال وكون الربح نسبة مشاعة لا مبلغاً مقطوعاً فالمتعاقدان في المضاربة شريكان في الربح والخسارة إلا أن خسارة العامل في جهده وخسارة صاحب المال في ماله، ولمعرفة شروط المضاربة الشرعية، راجع الفتوى رقم: 17902.
الأمر الثاني: ما يتعلق بالشخص الثالث الذي دخل بينكم بإذنك وللجواب هنا نقول: إنه لا حرج في ذلك لكن ليس لصاحبك شيء من الأرباح لأنه وكيل حينئذ ولا حرج في الاتفاق على إعطائه أجرة عن الوكالة، فإن شرط له شيء من الربح فسد العقد واستحق الشخص الثالث وهو عامل القراض أجرة المثل والربح كله لك.
قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: الحكم الثاني: أن لا يقارض العامل غيره فإن أذن له المالك فيه ليشاركه الغير في العمل والربح (ففعل لم يصح) لأن القراض على خلاف القياس، وموضوعه أن يعقده المالك والعامل فلا يعدل إلى أن يعقده عاملان (إلا أن صار وكيلاً) للمالك في القراض مع الثاني (وانسلخ) من القراض، والمال نقد فيصح كما لو قارضه المالك بنفسه قال الماوردي ولا يجوز عند عدم التعيين أن يقارض إلا أمينا خبيراً (فإن شرط) العامل الأول (لنفسه شيئاً) من الربح (فسد) القراض لما مر أنه لا يجوز شرط شيء منه لغير المالك والعامل والربح كله للمالك (وأجرة الثاني على المالك) لأنه لم يعمل مجاناً. انتهى.
الأمر الثالث: ما يتعلق بمطالبتك لورثة صاحبك بالأرباح التي اتفق عليها مع الشخص الثالث ولم يسلم له منها شيئاً، ونقول هنا إن ذلك لا يجوز لك لأن صاحبك كان وكيلا عنك في المعاملة كما تقدم وقد بطلت الوكالة بموته، ولكن لك أن تطالب الشخص الثالث بالأرباح إن شئت وعليه أن يدفعها لك إن كانت هناك أرباح فعلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1425(12/2974)
مسائل في المضاربة والاستثمار
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مكتب تجارة وعقار وأسهم وأنا أستثمر فلوس الآخرين بنسبة معينة على أن أتحمل سبعين في المائة من الخسارة والمكسب يتقسم مناصفة طبعا مع البعض والبعض الآخر أستثمر فلوسهم على أساس أن أعطيهم مبلغا مقطوعا كل شهر مثال الخمسين ألف أعطي ربحا وقدره 2500 شهريا ولمدة 6 ستة شهور وبعد ذلك يأخذ رأس المال مع المكسب هل جائز أم لا أرجو الإفتاء وأرجو النصيحة كيف تكون المرابحة في المكتب على أساس أتعاب المكتب كيف تكون في بيع وشراء الأسهم للغير وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك قد اشتمل على ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: استثمارك أموال الآخرين على أن لهم خمسين بالمائة من الربح أو ما تتفقان عليه من النسب، وعلى أنك تتحمل سبعين بالمائة من الخسارة.
وهذا العقد لا يجوز، لأن عقد المضاربة وإن كان الربح والخسارة فيه يصيب كلا من طرفي العقد، إلا أن الخسارة تكون على المضارب بخسارة جهده، وعلى صاحب المال بخسارة ما خسر من ماله، ولا يجوز أن يتحمل المضارب مالاً في الخسارة.
ولتصحيح هذه المعاملة يكون الاتفاق بينكما على نسبة معينة من الربح، وعلى أن خسارة المضارب تكون على ما ذكرناه بخسارة جهده وعمله، وخسارة صاحب المال هي ما خسر من المال.
والمسألة الثانية: استثمارك أموال الآخرين على أن تعطيهم مبلغا معينا، ولذلك حالتان:
الحالة الأولى: أن تكون هذه المبالغ الشهرية المحددة عبارة عن قروض تسدد من الأرباح عند حصولها، فإن كانت الأرباح أكثر منها أعطي صاحبها الفارق، وإن كانت أقل دفع صاحبها الفارق، وإن كانت الأرباح مساوية لما أخذه فلا يعطى شيئا ولا يؤخذ منه شيء، وهذه المعاملة لا حرج فيها بشرط ألا تكون أنت ضامنا لرأس المال.
والحالة الثانية: أن تكون المبالغ الشهرية المحددة هي الربح أو هي جزء من الربح، فهذه المعاملة لا تجوز، لأن الربح في المضاربة لا يجوز أن يكون مبلغا مقطوعا يجعل المعاملة قرضا جر نفعا، وذلك من الربا.
قال ابن قدامة في "المغني": ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء فضل دراهم، وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معدودة أو جعل مع نصبيه دراهم مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم بطلت الشركة، قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة ... انتهى.
وفي ذلك أيضا ضمان لرأس المال، وهذا مما يفسد عقد المضاربة.
جاء في المنتقى شرح الموطأ: قال مالك في الرجل يدفع إلى الرجل مالا قراضا (مضاربة) ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان، قال: لا يجوز.. لأن شرط الضمان في القراض باطل. انتهى.
قال في الشرح: فإذا دفع القراض على الضمان وجب فسخه ما لم يفت، فإن فات بطل الشرط ورد فيما قد مضى منه ما لا بد منه في تحصيل رأس المال على هيئته إلى قراض المثل.. وهو معنى قوله: وإنما يقتسمان الربح على ما لو أعطاه إياه على غير ضمان. انتهى.
والمسألة الثالثة: هي كيفية بيع وشراء الأسهم، ولا حرج عليك في بيع وشراء الأسهم بأي كيفية تشاء إذا التزمت بالشروط والضوابط الشرعية لذلك، والتي ذكرناها في الفتاوى التالية: 2420، 1729، 18894.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(12/2975)
حساب الربح والخسارة في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ / الدكتور عبد الله الفقيه حفظه الله
... نرجو من فضيلتكم إفادتنا بهذه المسألة الهامة جداً ... وهي الآتي..وآسف سلفاً على الإطالة
نحن أربع شركاء دور الشريكين الأول والثاني تأمين رأس المال ... والشريك الثالث والرابع المجهود وإدارة الشركة وتسييرها ...
وفي بداية الاتفاق تم كتابة عقد بيننا وفي أحد البنود كتب أن تعطى الطرف الثالث والرابع سلف شهرية تقدر ب 1000 دولار على أن يتم استرجاع هذه السلف من الأرباح ... (لأن الطرفين الثالث والرابع لا دخل لهما من غير هذه السلف)
... وبعد مرور سنتين على هذه الشركة قرر الطرف الرابع الانسحاب لظروف خاصة به..؟ فوافق جميع الشركاء على انسحابه..؟ ولكن اشترط الشريك الأول والثاني بسداد مبالغ السلف التي كان يأخذها في الشهر على مر هاتين السنتين مع العلم بأني لا أملك أي مبالغ التي من خلالها يمكن لي أن أسدد هذه السلف؟؟؟ وقالوا لي نحن خسرنا ولا يمكن أن تذهب بدون تسديد المبالغ التي سحبت
وللعلم رأس المال الذي بدأنا به العمل يقدر ب 186000 دولار صرفت منها 86000 دولار ما بين تأسيس الشركة وشراء أجهزة ومعدات وتسديد أقساط سيارات ... الطرف الأول والثاني اعتبروا هذه المصاريف كلها خسارة ... وقالوا بأنه لو بعنا هذه الأشياء ستخسر النصف؟؟؟؟؟؟
سؤالي يا فضيلة الشيخ هل يحق لهم مطالبتي بالسلف التي أخذت أم لا؟؟؟؟؟ وهل يحق لهم مطالبتي بالخسارة التي وقعت في رأس المال أم لأ؟؟؟؟ مع العلم أنه في كتابة العقد لم يتطرقا الى الخسارة بأي شكل من الأشكال بل جميع البنود تتكلم عن الربح وعن كيفية تقسيم الربح بين الأطراف الأربعة ... مع العلم بأنه تم الاتفاق على أن تقسم الأرباح بالتساوي على جميع الأطراف؟؟؟؟؟؟ أي 25بالمائة لكل شريك
نرجو من فضيلتكم أن تكون الإجابة بالدليل من الكتاب أو السنه أو أقوال أهل العلم
وجزاكم الله عنا خير الجزاء وبارك الله فيكم وفي جهودكم وجعلها في ميزان حسناتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الشركة مضاربة متعددة بين صاحبي رأس المال وبين العاملين.
جاء في المغني لابن قدامة: ويجوز أن يدفع مالا إلى اثنين مضاربة في عقد واحد، فإن شرط لهما جزءا من الربح بينهما نصفين جاز، وإن قال لكما كذا وكذا من الربح ولم يبين كيف هو.. بينهما نصفان، لأن إطلاقه قوله "لكما" يقتضي التسوية.
وفي "مغني المحتاج": ويجوز أن يقارض في الابتداء المالك الواحد اثنين كزيد وعمرو متفاضلا ومتساويا فيما شرط لهما من الربح، وجاء في التجريد لنفع العبيد: فصل في أحكام القراض: ويجوز تعدد كل من المالك والعامل.
وعليه، فإذا تقرر أن هذه الشركة مضاربة فإن العامل في المضاربة لا يضمن رأس المال، فإذا حصلت خسارة في رأس المال يتحملها رب المال فقط، كما يتحمل العامل خسارة مجهوده. وهذا فيما إذا لم يحصل من العامل تقصير ولا تفريط، وأما بالنسبة للمبالغ التي دفعت للعاملين من قبل صاحبي رأس المال كدين عليهما يسددانه من الأرباح فينظر إن زاد القرض على نصيبيهما من الأرباح وجب عليهما سداد ما بقي منه لصاحبي رأس المال، وإن لم يزد لم يكن لصاحبي رأس المال حق في المطالبة، وإن نقص عن نصيب العاملين رجعا على صاحب رأس المال بالفارق، فإذا كنت مشاركا في هذه الشركة بجهدك فقط فلا يحق لشركائك تضمينك خسارة رأس المال.
فهذه الشركة المذكورة تعتبر مضاربة، ومن المقرر عند أهل العلم أن المضارب (العامل) لا يضمن رأس مال الشركة إلا بتعد وتفريط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1425(12/2976)
حكم تحديد مبلغ معين لرب المال في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال أريد أن أسألكم وأنا بصراحة محتار.... السؤال؟؟
الحين إذا أعطيت شخصا مبلغا معينا وأخبرته بأن في السنة القادمة مثلا يعطيني مبلغا محدودا
فما هو الحكم وكيف التخلص منه
طلب واحد أريد الجواب واحد ولا أريد رقم الفتوى
لأن الموضوع جدا مهم جدا جدا
مع جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حددت مبلغا زيادة على المال الذي أقرضته نظير مدة القرض، فهذا هو الربا بعينه، والواجب عليك هو أن تأخذ رأس مالك فقط وتدع الزيادة للمقترض.
قال تعالى: [وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ] (البقرة: 279) .
وكذا لا يجوز تحديد مبلغ معين إذا كنت أعطيت له هذا المال ليتاجر به على أن يكون الربح بينكما، ونعني المضاربة لأن المضاربة لا يجوز فيها تحديد مبلغ معين لرب المال، وإنما يكون الربح فيها سهما معلوما على سبيل الشيوع كالثلث، كما لا يجوز أن يضمن عامل المضاربة رأس المال، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18813، 20260، 39761.
هذا الذي فهمناه من سؤالك، فإن كان لك قصد آخر فبينه لنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(12/2977)
يباع الذهب في نهاية المضاربة بسعر يومه
[السُّؤَالُ]
ـ[شخصان دخلا في قراض (عقد مضاربة) واتفقا على نسبة من الربح وكان مجال المضاربة هو شراء وبيع الذهب حيث استلم الشخص الأول مبلغاً قدره 400 ألف دينار وكان سعر الذهب الخام في تلك السنة 33 دينارا للجرام الواحد، وبعد مضى عدة سنوات أرادا تصفية المشروع وفي سنة التصفية كان سعر الذهب الخام 13 دينارا للجرام الواحد، السؤال هل يحسب 400 ألف دينار على أنها رأس المال أو تحسب قيمة 400 ألف دينار، (400 ألف/ 33 دينار= 12.121 كيلو جرام ذهب* 13 دينار= 157.575 ألف دينار) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان رأس مال المضاربة الذي تم الاتفاق عليه هو مبلغ الـ 400 ألف ديناراً، فعند تصفية الشركة يباع الذهب الموجود بسعر يومه، وتضم قيمته إلى ما في الشركة من مال نقدي أو غيره، ثم يخصم من المجموع رأس مال الشركة وهو مبلغ الـ 400 ألف دينار، فما بقي كان ربحاً يتقاسمانه على حسب ما اشترطا، وإن لم يكن هناك ربح أو كانت هناك خسارة، فليس للعامل شيء والخسارة تكون على صاحب رأس المال ولا يتحمل العامل شيئاً منها.
وأما إذا كان رأس مال الشركة ذهباً تبراً أو مصوغاً اشتري بمبلغ400 ألف دينار، ففي صحة المضاربة خلاف بين العلماء مبني على الخلاف في صحة المضاربة بالعروض، والراجح لدينا عدم صحة المضاربة، كما في الفتوى رقم: 37703.
وعلى هذا فما كان في نهاية الشركة من ذهب أو نقد فهو لصاحب رأس المال، وهل يستحق العامل قراض مثله أم أجرة مثله؟
ذهب الجمهور إلى أن للعامل أجرة مثله وذهب المالكية في قول إلى أن له قراض مثله، قال ابن عاصم المالكي في تحفة الحكام: وأجر مثل أو قراض مثل ... لعامل عند فساد الأصل.
والفرق بين قراض المثل وأجرة المثل أنه إذا قلنا للعامل أجرة مثله فإنه يستحق الأجرة ربحت المضاربة أم لا، أما إذا قلنا له قراض المثل فإنه لا يستحق ذلك إلا إذا كان هناك ربح، والراجح لدينا أن للعامل أجرة المثل، لأنه عمل طامعاً في المسمى، فإذا فات وجب رد عمله عليه وهو متعذر، فتجب قيمته وهي الأجرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(12/2978)
حكم المضاربة بوديعة المال
[السُّؤَالُ]
ـ[مند ثلاث سنوات وضعت مبلغاً من المال لدى أحد الأصدقاء وهو تاجر ذهب وكان هذا المال مثل الوديعة وبعدها سألته إن كان بإمكاني المشاركة بمالى معه بالتجارة على أساس أن يعطيني جزء من الأرباح حسب المبلغ المودع وأن أتحمل الخسارة كذلك وفعلا كان هذا الاتفاق وأنا ما زلت آخد هذه الأرباح كل ثلاثة أشهر وتتغير بتغير الأرباح علماً بأنني سألت أحد المشايخ هنا فى البلد وأجاز لي في المعاملة ولكني مازلت غير متاكد أرجو إفادتي أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جعل الوديعة رأس مال للمضاربة جائز عند جمهور الفقهاء باعتبارها عيناً لا ديناً.
جاء في مغني المحتاج من كتب الشافعية: إذا قارض المودع غيره على الوديعة صح ذلك عند الشافعية إذا كانا يعلمان قدرها وصفتها.
وفي المبسوط من كتب الأحناف قال: وإذا كان لرجل عند رجل ألف درهم وديعة فأمره أن يعمل بها مضاربة بالنصف فهو جائز، لأنه أضاف العقد إلى رأس مال هو عين وهو شرط صحة المضاربة، ولا فرق في ذلك بين أن يكون في يد رب المال أو في يد المضارب، لأنه لا بد من تسليمه إلى المضارب عقب العقد. ا. هـ
وجاء في المغني: مسألة قال: وإن كان في يده وديعة جاز له أن يقول له: ضارب بها.
وعليه؛ فإذا كان المبلغ الذي وضعته عند هذا التاجر وديعة لا ديناً فإنه يجوز أن تضارب عنده حسب شروط المضاربة الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 5480 والفتوى رقم: 10549.
أما إن كان المبلغ ديناً عليه فلا يجوز أن يكون رأس مال مضاربة، وقد حكي الإجماع على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(12/2979)
لا يجعل الربح في المضاربة مبلغا مقطوعا
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: إذا أخذت مال من شخص لعمل تجاري هل يجوز تحديد الربح مثلاً لك10000 ليرة،
أم يجب أن نقول لك10%، 20% من الربح؟ وجزاك الله خيراًَ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكره السائل أخيراً صورة صحيحة للمضاربة، إذا تمت بشروطها، ولا يجوز جعل الربح في المضاربة مبلغاً مقطوعاً، بل لا يكون إلا نسبة محددة من الربح مثل 10 أو 20، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 10549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(12/2980)
نية عامل القراض
[السُّؤَالُ]
ـ[عامل القراض إذا اشترى في الذمة متاعا فلمن يقع العقد، وهل للنية دور في هذا، بمعنى أنه هل يجوز له أن يصرف العقد بالنية إلى نفسه أو إلى صاحب المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
سبق في الفتوى رقم: 43296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(12/2981)
إذا اشترى عامل القراض شيئا بعين مال القراض أو بالذمة
[السُّؤَالُ]
ـ[عامل القراض إذا اشترى في الذمة متاعا فلمن يقع العقد؟ وهل للنية دور في هذا؟ بمعنى أنه هل يجوز له أن يصرف العقد بالنية إلى نفسه أو إلى صاحب المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا اشترى عامل القراض شيئا بعين مال القراض فهو للقراض، وإذا اشترى بالذمة، فإن نوى للقراض، فهو للقراض، وإن نواه له فهو له، قال ابن محمد الهيتمي في "تحفة المحتاج": ويصدق العامل بيمينه في قوله لم أربح.. أو اشتريت هذا للقراض، أو لي والعقد في الذمة لأنه أعلم بقصده، أما لو كان الشراء بعين مال القراض، فإنه يقع للقراض، وإن نوى نفسه. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(12/2982)
متى يضمن العامل المضارب، وهل يضمن فوق رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أن الربح في مال المضاربة بين رب المال والعامل، والخسارة على العامل وحده، لكن إذا كان العامل هو المتسبب في تلك الخسارة، كأن اتفقا على التجارة في بلد وتاجر العامل في بلد آخر فخسر، فهل لرب المال أن يطالب العامل بتعويض عن تلك الخسارة فوق رأس المال؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فغير صحيح أن في المضاربة تكون الخسارة على العامل وحده، بل الخسارة في المضاربة تكون في رأس المال، ويتحملها رب المال وحده، وهذا هو ما أظن السائل يقصده، أما العامل فإنما يتحمل خسارة مجهوده.
ثم إن العامل إذا كان هو المتسبب في الخسارة، كأن يحذره رب المال من الذهاب إلى بلد معين، أو من تجارة معينة، أو أن لا يتاجر إلا في بلد معين، فخالف ذلك فإن عليه ضمان رأس المال إذا حدثت خسارة.
وقد كنا أجبنا عن ذلك في فتاوى سابقة، فراجع منها الفتوى ذات الرقم: 5480
وأما أن يضمن العامل شيئاً فوق رأس المال، فلم نعلم في ذلك قولاً لأحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(12/2983)
العامل في المضاربة لا ضمان عليه ما لم يقصر أو يتعدى
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسل لي صديق أسهماً عددها 3000 سهم لحفظها لدى شركة سمسرة، وبعد فترة تم توزيع سهم لكل سهم، أي الأسهم أصبح عددها 6000 سهم، لكن عند الاستعلام عن الرصيد وجدنا 4100 سهم فقط، وهو الآن يطلب مني باقي الأسهم، مع العلم بأن الشركة تم إفلاسها، فما العمل، هل أنا مسئول عن ضياع باقي الأسهم وهي 1900 سهم أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صديقك لا يحق له أن يكلفك ضمان ما ضاع من الأسهم بسبب إفلاس الشركة، ولا أن يكلف الشركة أيضاً بضمان ما ضاع، لأن الوكيل المؤتمن والعامل في المضاربة لا ضمان عليهما إن لم يثبت تعديهما أو تقصيرهما، وهما مُصدقان في ضياع المال، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 18433، والفتوى رقم: 19716، والفتوى رقم: 36671.
وراجع في حكم التجارة بالأسهم الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3099، 1214، 2735.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1424(12/2984)
تحديد النسبة تخرج المعاملة من دائرة المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحوز إعطاء مبلغ خمسةآلاف لتاجر فاكهة والحصول على إيراد شهري مائة جنيه، أو الحصول على مبلغ ألفي جنيه زيادة بعد عام، أي أخذ سبعة آلاف جنيه نهاية السنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصورتين المذكورتين في السؤال من باب القرض بفائدة، وهو محرم، لأن إعطاء هذا المال مع تحديد النسبة التي يحصل عليها المقرض، تخرج الأمر من دائرة المضاربة إلى دائرة القرض الربوي، إذ لا تصح المضاربة إذا تم تحديد المبلغ الذي يحصل عليه رب المال في فترة معينة، بل الواجب أن يكون نسبة محددة شائعة في الربح، كأن يشترط النصف أو أكثر منه أو أقل، أما تحديد مبلغ مقطوع فلا، ولمعرفة هذا الأمر بجلاء مع معرفة شروط المضاربة، راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28391، 17902، 19887، 19406.
لذا فإنا ننصح السائل بأن يعطي هذا المال للتاجر على وجه المضاربة، التي سبق حكمها في بعض الفتاوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(12/2985)
حساب الخسارة في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي مبلغ من المال سلمته إلى صديق لي يعمل تاجرا لأجل تحسين دخلي، ونحن متفقان على أن نقتسم الربح مهما كان كثيراً أو قليلا وأن كانت خسارة فإننا شريكان فيها، فهل هذا جائز شرعا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما اتفقتما عليه يسمى شرعاً مضاربة، وهي أن يدفع الشخص لشخص مبلغاً ليستثمره على أن يكون الربح بينهما على جزء مشاع كالنصف أو الربع أو حسب ما يتفقان عليه، وإن حصلت خسارة فمن رأس المال، ولا يضمن المضارب "التاجر" رأس المال، وتكون خسارته هي ضياع جهده وعمله دون فائدة، وعليه فهذه الشراكة التي حصلت بينكما غير جائزة، وانظر للمزيد في بيان المضاربة الفتويين التاليتين: 3023، 32830.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1424(12/2986)
يصدق العامل في المضاربة في ادعائه الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت أخي بعض المال ليستثمره في نشاط تجاري بجلب قطع غيار سيارات. واتفقنا على أن يكون الربح مناصفة بيننا. ولم نتحاسب خلال فترة طويلة قاربت 5 سنوات. وعندما طالبته بالحساب أبلغني أن التجارة خاسرة وأنه ليس لي أي مال عنده. فهل هذا يجوز؟ علما بأنه لا يوجد لدي أي مستند يفيد مشاركته في التجارة. أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعامل في المضاربة أمين على المال، لا يضمن ما تلف منه بغير تفريط منه، ويُصَدَّق فيما يدعيه من تلف أو خسارة.
قال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في المغني: والعامل أمين في مال المضاربة، لأنه متصرف في مال غيره بإذنه، لا يختص بنفعه، فكان أمينا كالوكيل..
إلى أن قال رحمه الله: القول قوله فيما يدعيه من تلف المال أو خسارة فيه.
وعلى هذا نقول للأخ السائل: إن ادعى أخوك الخسارة وذهاب مال المضاربة فالقول قوله، فإن كان كاذبا فحسابه على الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1424(12/2987)
المضاربة في الذهب تراعى فيها قواعد بيع الصرف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أعطي مبلغاً من المال وليكن 5000 جنيه لتاجر مجوهرات (ذهب) لتشغيلها في تجارة الذهب والعملة (المال) ما مدى شرعية هذا المكسب وهل هو حلال أم حرام نظراً لعدم تعاملي مع البنك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس بقيامك بهذا العمل، لأنه من المضاربة التي أباحتها الشريعة، وهي أن يدفع أحد الطرفين رأس المال، ويقوم الآخر بالعمل فيه بنسبة معلومة بينهما في الربح.
ولكن يجب أن تكون مضاربة التاجر بمالك وفق الأحكام الشرعية، خاصة قواعد بيع الصرف، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 3079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(12/2988)
تحديد مبلغ محدد كربح ربا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمتلك مبلغا من المال لا أعرف كيف أستثمره في هذا الزمن، فالمصارف حرام ولا توجد لدينا مصارف إسلامية، ونسمع كثيراً عن الشركات التي تدعي أنها تستثمر أموال الناس بالحلال، ثم نكتشف حالات نصب كثيرة
وقد قدم لي أخي عرضاً بأن أعطيه هذا المبلغ مقابل أن يعطني مبلغا شهريا محددا لقاء ذلك
ما العمل؟ أفيدونا
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإعطاؤك مبلغا معينا لأخيك ليستثمره على أن يكون نصيبك من الربح هو مبلغا شهريا محددا، لا يجوز، لأن ذلك من الربا، والسبيل الشرعي لتصحيح هذه المعاملة هو أن يكون نصيبك نسبة من الأرباح مشاعة، ولك أن تأخذ مبلغا شهريا على الحساب بخصم من الأرباح عند اقتسامها إذا حصلت أرباح، وإن لم يحصل خصم من رأس مالك.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 32755، والفتوى رقم: 16355..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(12/2989)
من الذي يتحمل الخسارة في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
شاركت صديقا لي في التجارة، أنا بالمال والجهد وهو بالجهد والخبرة مع اقتسام الربح مناصفة.
وبالفعل ربحنا والحمد لله واقتسمنا الربح.
والآن بعد مرور عامين من شراكتنا أردنا فك الشراكة لانعدام الربح، وعلى ضوء هدا قال لي: لا أتحمل معك الخسارة في رأس المال شرعا.
فهل إذا وجدنا عجزا في رأس المال أتحمل أنا وحدي الخسارة أم نتحملها معا؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يتحمل الخسارة هو صاحب رأس المال، وذلك لأن اشتراككما على النحو الذي ذكرت، بحيث أن المال من أحدكما والجهد منكما هو قسم من أقسام المضاربة. قال ابن قدامة في المغني: القسم الخامس: أن يشترك بدنان بمال أحدهما. وهو أن يكون المال من أحدهما والعمل منهما. مثل أن يخرج أحدهما ألفًا ويعملا فيه معًا، والربح بينهما، فهو جائز ... وتكون مضاربة (5/17) .
وعامل المضاربة إذا حصل ربح كان له منه القدر الذي حُدد له في العقد، وإن حصلت خسارة لم يكن عليه منها شيء؛ لأنه لا يضمن المال، وإنما الذي يتحمل الخسارة هو رب المال وحده، والعامل إنما يخسر مجهوده فقط، ولكن ذلك بشرط أن لا يقصر في العمل. وانظر ذلك في الفتوى رقم:
5480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(12/2990)
مضاربة فاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن من القدس ونعمل في وزارة المعارف الإسرائيلية كمعلمين في مدارس عربية تابعة للوزارة، ولدينا برنامج توفير كالآتي: تقوم الوزارة باقتطاع 4% من الراتب كل شهر، وتضيف إليه ضعفي المبلغ (مثلا تخصم 150 شيكلا وتضيف إليها 300) ، حيث تقوم بتشغيل المبلغ على أن تعيد لنا المبلغ المأخوذ منا كل شهر والمبلغ المضاف منها بعد 6 سنوات.
هل هذا حلال وكيف أجعل منه حلالا؟
أفيدونا وجزاكم الله خيرا عن المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمعلوم أن اليهود يستبيحون أكل الربا وقد حرم عليهم؛ كما قال الله تعالى: وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ [النساء:161] ، والمال الذي تدفعونه إليهم يستعملونه في الربا ويأخذون عليه الأرباح ويشركونكم في ذلك بما يأخذونه منكم من خصم، ولو افترض أنهم يعملون به في الحلال فلا يجوز لكم دفعه لهم؛ لأنها تكون مضاربة فاسدة بتحديد ما سيعطونكم إياه من الربح بعد نهاية المدة المحددة.
وننبهكم إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يكون أجيرًا لكافر حربي غير مستأمن. قال الكاساني: وإسلامه ليس بشرط -أصلاً- فتجوز الإجارة والاستئجار من المسلم والذمي والحربي المستأمن. اهـ
وفي حاشية قليوبي وعميرة: ولا يُمكَّن الكافر من استخدام المسلم، بل يؤمر بإزالة الملك عنه في إجارة العين.
وقال ابن قدامة في المغني وهو يتكلم عن استئجار الذمي للمسلم: وإن استأجره في مدة كيوم أو شهر، ففيه وجهان: أحدهما: لا يصلح لأن فيه استيلاء عليه وصغارًا أشبه الشراء، والثاني: يصح.
هذا إذا كانت الإجارة على ما يحل، فإن كانت على ما لا يحل، كتدريس الموسيقى أو ما يصادم الشرع، ازداد الأمر حرمة، بل يؤمر بإزالة الملك، والواجب عليكم عندئذ ترك العمل والبحث عن عمل آخر، ولا يجوز البقاء في هذا العمل إلا بقدر الضرورة الشرعية المعتبرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(12/2991)
تحديد مبلغ معين من الربح مفسد لعقد القراض
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عندي محل تجاري وزميلي يريد أن يعطيني مبلغاً، ويقول أريد أن يكون نظم أسهم وعلى كل ألف سهم بعشرين دينارا مرابح للشهر وإذا أديت له ألفاً سينقص عشرين من المجموع يعني الخمسة عليها 100، وإذا أردت له من المبلغ ألفاً ينقص من المائة 20 ديناراً، أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المعاملة لا تجوز، وهي عين الربا، فعليك أخي الكريم أن ترفض الدخول فيها، فإن أراد أن تضارب له بماله، فلا بأس، والربح بينكما على ما تتفقان عليه، وأما الخسارة، فهي على صاحب المال فقط، وتكون أنت في المقابل قد خسرت عملك.
أما تحديد مبلغ معين من الربح، فهذا مفسد لعقد القراض، وانظر الفتوى رقم: 12240.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(12/2992)
تحديد الربح في المضاربة يرجع إلى ما بتفقان عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت على أحد المشاريع ولا يوجد معي نقود فاقترح علي شخص التمويل، فما هي أحكام هذه الحالة أي كيف يكون تقسيم الربح بيننا؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عمل الشخص في مال غيره واستثماره له في الجملة، هو ما يسمى بالمضاربة وبالقراض، وهو مشروع بلا خلاف بين المسلمين في ذلك، قال ابن قدامة في المغني: وأجمع أهل العلم على جواز المضاربة في الجملة.
وقال الباجي: وأما القراض فهو جائز، لا خلاف في جوازه في الجملة.
وقال ابن رشد: ولا خلاف بين المسلمين في جواز القراض، وأنه مما كان في الجاهلية فأقره الإسلام.
والمضاربة عقد يتضمن (دفع مال خاص -وما في معناه- معلوم قدره ونوعه وصفته من جائز التصرف، لعاقل مميز رشيد يتجر فيه بجزء مشاع معلوم من ربحه له) .
وعليه، فإذا اتفق طرفان على أن يكون من أحدهما المال ومن الثاني العمل في مجال من مجالات الاستثمار المباحة التي تجوز فيها المضاربة، جاز ذلك إذا توافرت شروط المضاربة والتي من أهمها: أن يكون الطرفان شركاء في الربح بنسبة شائعة يتفقان عليها، سواء كانت قليلة أو كثيرة، كأن تكون مثلا نصف الربح أو غير ذلك، وألاّ يكون رأس المال مضمونا.
وبهذا يعلم السائل أن تحديد الربح الحاصل من عمله في مال غيره واستثماره له يرجع إلى ما يتفقان عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1424(12/2993)
لا يضارب لنفسه دون إذن شريكه
[السُّؤَالُ]
ـ[أشترك مع أحد الإخوة في مصلحة هو بماله وأنا بجهدي وبعلاقاتي، حيث أنني أتعامل مع شركة موردة تعطيني أسعارا جيدة وبما أن الشريك دفع رأس مال لا يكفي ما نقوم به من أنشطة حيث طالبته كثيرا أن يحسن الوضع إلا أنه اعتبر أن عقد الاتفاق بهذه الصيغة شطارة، وأنا أشعر بغبن بسبب هذا الوضع، ولتعويض وضعي في المصلحة هل يجوز باستغلال علاقاتي أن أبيع على شريكي أنظمة تعمل شركتنا على تسويقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فدفع شخص لآخر مالاً ليتاجر به بجزء من الربح مشاع هو المضاربة الشرعية الجائزة، والعامل فيها بجهده أمين على رأس مال صاحبه، ولا يتصرف فيه بمنفعة تخصه إلا بإذن من الآخر.
وكذلك لا يجوز للمضارب أن يضارب لنفسه أو لآخر إلا بإذن صاحب المال، لأن ذلك على خلاف مقصود المضاربة، بل هو عدوان عليها، واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: المسلمون على شروطهم.
وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما. رواه أبو داود.
وما ذكرته من أنك تشعر بالغبن فحلُّه هو التوصل إلى اتفاق مع شريكك يعطي كل ذي حق حقه، ولك أن تعمل لنفسك خارج دوام الشركة بصفة مستقلة تماماً عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1424(12/2994)
لا يملك العامل حصته من الربح إلا بعد إفرازها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
كنت شاركت شخصاً ما في الماضي وحدث أن دفع هو كل المال اللازم لعمل الشركة وأنا بمجهودى فقط وكنت أنا شريكاً لأولاده القُصّر بطلبه هو وهذا يجعلني مسؤولا بحكم القانون عن كل شيء ثم بعد ذلك استمرت الشركة 5 أشهر فقط وحققت الشركة مبلغ 18000 جنيه وحدثت مشاكل بيني وبينه فأخذت 12000 جنيه وتركت له 6000 بالاضافة للأثاث الذي دفع هو ثمنه وهو جديداً ويساوي 6000 جنيه وهو لا يعلم كم أخذت وبعد ذلك استمر هو بالشركة وحده وخرجت أنا. سؤالى الآن: أريد أن أعرف هل عليّ مال أرده لهذا الرجل أم لا؟ وإذا كان فكم أرد؟ وإذا كنت الآن مديوناً بقرض ربوي فأيهما أحق بالسداد أولاً؟ لأني لن أستطيع تسديد الاثنين معا إلا إذا بعت منزلي الذي ورثته عن أبي.
أفيدونى أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المشاركة التي ذكرت هي المسماة في الشرع بالقراض أو المضاربة، وقد سبق شيء من حكمها في الفتوى رقم: 10549.
والعامل في شراكة المضاربة ليس له إلا ما اتفق هو ورب المال عليه من الربح، ولابد من تحديده بنسبة شائعة كثلث الربح أو ربعه، أو نحو ذلك مما تنتفى معه الجهالة.
وعليه، فإذا كان المبلغ المذكور كله ربحاً فلك منه النسبة المتفق عليه، وما زاد عليها فهو لرب المال، علماً بأن أخذك الربح بدون علم من رب المال -ولو كان حصتك منه فقط- لا يجوز، إذ لابد من حضور رب المال أو وكيله، ثم قسمة المال والنظر في ما كان منه ديناً.
ولا يملك العامل حصته من الربح إلا بعد إفرازها، وبما أن السائل لم يذكر لنا نسبته من الربح المتفق عليها، فإنا نكتفي بالقول له: رأس المال بما فيه ثمن الأثاث هذا كله لرب المال، وكذلك نسبته من الربح، وهي في الغالب دائماً تكون الأكثر، فإذا أخذ الشريك شيئاً من ذلك كله، فقد تعدى وظلم، وأكل مال غيره، وخان أمانته، والله عز وجل لا يحب الخائنين.
لذا، فيجب عليك أخي الكريم أن ترد فوراً هذا المال لصاحبه، وتستسمحه عما مضى من الخيانة والغدر، ولو كان ذلك يستلزم بيع بيتك الذي ورثته مالم يكن هو الوحيد الذي عندك وليس لك ما تأوي إليه سواه، كما يجب عليك رد الدين الآخر ولو من بنك ربوي، لكن بدون الفوائد إلا إذا أجبرت على دفعها، لأنه لا يجوز لك دفعها، ولا يجوز للدائن أخذها، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله ... إلى آخر الحديث، وهو في الصحيحين.
أما عن الدائنين وأيهما أحق بالسداد، فنقول: هما في مرتبة واحدة ما لم يكن دين المصرف لم يَحُل بأن كان أقساطاً، فإن كان دين المصرف لم يحل، فتقدم ما في ذمتك لصاحب الشركة.
ثم لتعلم أن القرض الربوي حرام حرمة غليظة، فهو من الربا المتوعد عليه بحرب من الله تعالى ورسوله، وبمحق البركة، وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1424(12/2995)
تحديد الربح مسبقا ينافي صحة المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي محل صيانة به كهربائي وسباك وعامل وله 6 سنوات وأستلم منهم كمتوسط شهري أقل من 500 ريال علما بأن من الدخل يتم دفع مصاريف الإيجار وتجديدات الفيزا وتذاكر إجازاتهم، ولا يفصحون عن دخلهم وليس عندي وقت للجلوس بالمحل ولكن يبدو بأن الدخل جيد لأن كليهما لديه مركبة من دخل المحل والشراء بعلمي وأن سفرهم كل سنتين ولكن يمكث الواحد منهما حوالي 4 أشهر، هل يجوز أن أحدد مبلغا شهريا لي كأن آخذ منهم 1000 ريال والحال كما ذكرت. وسؤال آخر وهو أن الكهربائي يطالبني بتوقيع طلب استقدام زوجته وذكر في الطلب أن راتبه 3500 وإني موفر له سكن وطبعا قد يكون هذا دخله الفعلي ولكن ليس له مرتب شهري ويسكن ثلاثتهم بسكن عمال. فهل أوقع الطلب؟ وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لما ذكرت صورتين:
الأولى: أن تكون بنيت أمرك مع من ذكرت على أساس المضاربة، فهنا لا يجوز لك تحديد مبلغ من المال مسبقاً، وذلك لما نص أهل العلم على حرمة ذلك في المضاربة. قال ابن قدامة في المغني نقلاً عن ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه على إبطال القراض إذا جعل أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم. انتهى.
الثاني: أن تكون أجرت لهم المحل بالمبلغ المذكور ثم رغبت في مضاعفته، فهذا لا حرج فيه إذا انتهت مدة الإجارة المقررة بينكم.
أما بالنسبة للسؤال الثاني المتعلق باستقدام زوجة عمال الورشة، فالجواب إن كان هذا العامل من الدخل ما يكفيه فلا ينبغي أن يحال بينه وبين أهله، وذلك من الظلم الذي رفعه ودفعه ولو بالتوقيع على تلك الورقة جائز، وإن كان غير ذلك فلا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1423(12/2996)
المضاربة لا يجوز اشتراط ضمان رأس المال فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وعدت صديقتي بأنه إذا دخلنا بمشروع وخسر المشروع سوف أعطيها مالها المساهمة به وقد كنت أعتقد أنه إذا خسر المشروع سوف يبقى رأس المال ولكن لم يبق شيء فقد دفعت كل شيء حتى مهري ولقد خسر كل المشاركين أموالهم وهي الآن تطالبني بالمال ما هي فتواكم في هذه المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت صديقتك دخلت معك في المشروع بقصد الاستثمار والمضاربة بمالها لكسب الربح فإنه لا ضمان عليك إلا إذا حصل منك تفريط أو تقصير، فالمضاربة لا يجوز اشتراط ضمان رأس المال فيها.
وأما إذا كنت أخذت مالها على جهة القرض لتستثمريه أنت في مشروعك فهنا يجب عليك أن تردي لها مالها دون زيادة فيه أو نقص منه، سواء ربح المشروع أو خسر، ولمزيد من التفصيل والفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
11158.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(12/2997)
مال المضاربة قائم على الربح والخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت أخا لي مبلغا من المال ليستثمره في عمل له (الصيدليات) نظير مبلغ من المال شهرياً على أن تتم المحاسبة سنويا واستمر ذلك فترة وكنا نثق في تقديره وقد قام ببيع بعض الصيدليات وقام ببناء منزل لأسرته بتكلفة عالية وأدخل أبناءه في تعليم جامعي خاص يكلف كثيرا وهذه المصاريف لم يؤخذ رأينا فيها وأصبح الحال المادي سيئا وقد ادعى أن الصيدليات تخسر دون تقديم أي حسابات للأرباح والخسائر عن مدة استثماره للأموال هل تعتبر رؤوس الأموال والأرباح ديناً وما حكم سوء تصرفه فيها مع العلم أننا لا نحصل على الأرباح المتفق عليها ولا ربعها-لا توجد صيدلية تخسر إلا إذا تم صرف أرباح لم تحققها أي تم الصرف من رؤوس الأموال دون أخذ رأي أصحابها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمناولة الغير مالاً ليتاجر به هو ما يعرف في الفقه الإسلامية بالمضاربة، وله شروط بيناها في الفتوى رقم: 5480
وبينا في الفتوى رقم: 12556 أن تحديد مبلغ من المال شهرياً أو سنوياً يبطل عقد المضاربة، بل الواجب أن يكون الربح بنسبة مشاعة كـ50 ونحو ذلك، وانظر الفتوى رقم:
19406 ويتبين لك من خلال الفتاوى التي أحلناك عليها أن مال المضاربة قائم على الربح والخسارة، فهو غير مضمون إلا إن حدث تفريط أو خيانة، وما ذكرت من حال أخيك إن كان لك بينة فيمكنك مصارحته ومقاضاته في المحاكم، وإلا فليس لك إلا يمينه.
وننصحك ألا تبادر إلى اتهامه بل عليكم أن تستأجروا محاسباً مأموناً ليبين لكم الأمر جلياً. وننبهك إلى أمر التجارة وغيرها بيد الله فكما ترد الخسارة على التجارات ترد على الصيدليات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1423(12/2998)
شروط الصورة المقبولة شرعا لسندات المقارضة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال عن شهادات الاستثمار الحكومية والتي تعرف باسم (شهامة) في السودان. هل الاستثمار بشراء هذه الشهادات يعتبر ربا؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن البنوك والشركات الإسلامية وضعت بديلاً شرعياً لما يسمى بشهادات الاستثمار، هذا البديل هو سندات المقارضة. ونحسب أن شهادات الشهامة التي تصدرها البنوك بالسودان من هذا النوع، لعلمنا أن القانون في السودان يحظر الربا، ولكننا لا نجزم بشرعية هذا النوع من الشهادات لأن المسألة تحتاج إلى اطلاع كامل على شروط الاكتتاب فيها، ونحن نسوق لك قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن سندات المقارضة، وعليك أن تقارن بين القرار وهذه الشهادات.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الرابع:
بعد الاطلاع على الأبحاث المقدمة في الموضوع قرر ما ينبغي أن تكون عليه طبيعة صكوك المقارضة:
أولاً: سندات المقارضة هي أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال القراض (المضاربة) بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة على أساس وحدات متساوية القيمة ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصاً شائعة في رأس مال المضاربة، وما يتحول إليه بنسبة ملكية كل منهم فيه. ويفضل تسمية هذه الأداة الاستثمارية (صكوك المقارضة) .
ثانياً: الصورة المقبولة شرعاً لسندات المقارضة بوجه عام لا بد أن تتوافر فيها العناصر التالية:
العنصر الأول: أن يمثل الصك ملكية شائعة في المشروع الذي أصدرت الصكوك لإنشائه وتمويله، وتستمر هذه الملكية طيلة المشروع من بدايته إلى نهايته، وترتب عليها جميع الحقوق والتصرفات المقررة شرعاً للمالك في ملكه من بيع وهبة ورهن وإرث ... وغيرها، مع ملاحظة أن الصكوك تمثل رأس مال المضاربة.
العنصر الثاني: يقوم العقد في صكوك المقارضة على أساس أن شروط التعاقد تحددها نشرة الإصدار، وأن الإيجاب يعبر عنه (الاكتتاب) في هذه الصكوك، وأن القبول تعبر عنه موافقة الجهة المصدرية.
ولا بد أن تشتمل نشرة الإصدار على جميع البيانات المطلوبة شرعاً في عقد القراض (المضاربة) من حيث بيان معلومية رأس المال وتوزيع الربح مع بيان الشروط الخاصة بذلك الإصدار؛ على أن تتفق جميع الشروط مع الأحكام الشرعية.
العنصر الثالث: أن تكون صكوك المقارضة قابلة للتداول بعد انتهاء الفترة المحددة للاكتتاب باعتبار ذلك مأذوناً فيه من المضارب عند نشوء السندات مع مراعاة الضوابط التالية:
أ- إذا كان مال القراض المتجمع بعد الاكتتاب، وقبل المباشرة في العمل بالمال ما يزال نقوداً، فإن تداول صكوك المقارضة يعتبر مبادلة نقد بنقد، وتطبق عليه أحكام الصرف.
ب- إذا أصبح مال القراض ديوناً تطبق على تداول صكوك المقارضة أحكام تداول التعامل بالديون.
ج- إذا صار مال القراض موجودات مختلطة من النقود والديون والأعيان والمنافع فإنه يجوز تداول صكوك المقارضة وفقاً للسعر المتراضى عليه؛ على أن يكون الغالب في هذه الحالة أعياناً ومنافع.
أما إذا كان الغالب نقوداً أو ديوناً فتراعى في التداول الأحكام الشرعية التي ستبينها لائحة تفسيرية توضع وتعرض في المجمع في الدورة القادمة.
وفي جميع الأحوال يتعين تسجيل التداول أصولياً في سجلات الجهة المصدرة.
العنصر الرابع: أنه من يتلقى حصيلة الاكتتاب في الصكوك لاستثمارها وإقامة المشروع بها هو المضارب، أي عامل المضاربة، ولا يملك من المشروع إلا بمقدار ما يسهم به بشراء بعض الصكوك فهو رب مال بما أسهم به، بالإضافة إلى أن المضارب شريك في الربح، بعد تحققه بنسبة الحصة المحددة له في نشرة الإصدار، وتكون ملكيته في المشروع على هذا الأساس.
وأن يد المضارب على حصيلة الاكتتاب في الصكوك وعلى موجودات المشروع هي يد أمانة لا يضمن إلا بسبب من أسباب الضمان الشرعي.
ثالثا: مع مراعاة الضوابط السابقة في التداول يجوز تداول صكوك المقارضة في أسواق الأوراق المالية إن وجدت بالضوابط الشرعية، وذلك وفقاً لظروف العرض والطلب ويخضع لإرادة العاقدين. كما يجوز أن يتم التداول بقيام الجهة المصدرة في فترات دورية معينة بإعلان أو إيجاب يوجه إلى الجمهور تلتزم بمقتضاه خلال مدة محددة بشراء هذه الصكوك من ربح مال المضاربة بسعر معين، ويحسن أن تستعين في تحديد السعر بأهل الخبرة وفقاً لظروف السوق والمركز المالي للمشروع.
كما يجوز الإعلان عن الالتزام بالشراء من غير الجهة المصدرة من مالها الخاص على النحو المشار إليه.
رابعاً: لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال، فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمنا بطل شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل.
خامساً: لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار ولا صك المقاوضة الصادر بناء عليه على نص يلزم بالبيع، ولو كان معلقاً أو مضافاً إلى المستقبل، وإنما يجوز أن يتضمن صك المقارضة وعداً بالبيع. وفي هذه الحالة لا يتم البيع إلا بعقد بالقيمة المقدرة من الخبراء وبرضا الطرفين.
سادساً: لا يجوز أن تتضمن نشرة الإصدار ولا الصكوك المصدرة على أساسها نصاً يؤدي إلى احتمال قطع الشركة في الربح، فإن وقع كان العقد باطلاً، ويترتب على ذلك:
أ- عدم جواز اشتراط مبلغ محدد لحملة الصكوك أو أصحاب المشروع في نشرة الإصدار وصكوك المقارضة الصادرة بناء عليها.
ب- إن محل القسمة هو الربح بمعناه الشرعي، وهو الزائد عن رأس المال وليس الإيراد أو الغلة، ويعرف مقدار الربح إما بالتنضيض (التحويل إلى نقد) أو بالتقويم للمشروع بالنقد. وما زاد عن رأس المال عند التنضيض أو التقويم فهو الربح الذي يوزع بين حملة الصكوك وعامل المضاربة وفقاً لشروط العقد.
ج- أن يعد حساب أرباح وخسائر للمشروع، وأن يكون معلناً وتحت تصرف حملة الصكوك.
سابعاً: يستحق الربح بالظهور، ويملك بالتنضيض أو التقويم، ولا يلزم إلا بالقسمة.
وبالنسبة للمشروع الذي يدر إيراداً أو غلة فإنه يجوز أن توزع غلته وما يوزع على طرفي العقد قبل التنضيض يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب.
ثامناً: ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار على اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة إما من حصة الصكوك في الأرباح في حالة وجود تنضيض دوري، وإما من حصصهم في الإيراد أو الغلة الموزعة تحت الحساب ووضعها في احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس المال.
تاسعاً: ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار أوصكوك المقارضة وعد طرف ثالث منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ يخصص لجبر الخسران في مشروع معين على أن يكون التزاماً مستقلاً عن عقد المضاربة؛ بمعنى أن قيامه بالوفاء بالتزامه ليس شرطاً في نفاذ العقد، وترتب أحكامه عليه بين أطرافه، ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو عامل المضاربة الدفع ببطلان المضاربة أو الامتناع عن الوفاء بالتزامهم بما يسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به بحجة أن هذا الالتزام كان محل اعتبار في العقد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(12/2999)
لا تصح المضاربة إلا على قدر معلوم من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا عقد مضاربة فيه (على أن يترك رب المال تحديد نسبة الأرباح للعامل وعلى هذا تم الاتفاق والتراضي) فماحكمه علماً بأنه قد حصل التراضي بين الطرفين وعلى هذا تم توقيع العقد؟؟؟؟؟ أرجو سرعة الرد للأهمية القصوى مع ذكر الشيخ المفتي وحبذا أن يكون الشيخ القرضاوي أوالبوطي..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمركز الفتوى في الشبكة الإسلامية يتبع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر.. وهو تحت إشراف د / عبد الله الفقيه ولا يمكننا التواصل مع الشيخين القرضاوي أو البوطي.
وأما سألت عنه، فجوابه: أن معرفة قدر ما لكل واحد من صاحب المال والمضارب من الربح شرط في صحة المضاربة، قال ابن قدامة: وإن قال خذه مضاربة ولك جزء من الربح أو شركة في الربح أو شيء من الربح أو نصيب أو حظ لم يصح لأنه مجهول، ولا تصح المضاربة إلا على قدر معلوم.
وعليه فلا يصح عقد المضاربة المذكورة للجهالة بالجزء الذي سيكون لكل من المضارب ورب المال الذي سيحصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1423(12/3000)
مسألة قريبة من المضاربة إن استوفت الشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد:
يا مشايخنا الكرام توجد في الجزائر مؤسسة مالية للتوفير والاحتياط مجالها في بناء السكنات وحتى تتمكن من بناء هذه السكنات يجب عليها توفير رأس المال وهذا يتم بمساهمة المواطنين بمبالغ مالية محددة وبعد بناء السكنات وبيعها تأخذ هذه الشركة حصتها من الأرباح المحصل عليها من البيع وتعطي للمساهمين حصتهم من الأرباح (علماً أن ربح المساهمين محدد من البداية) فهل هذه الأرباح حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المسألة أقرب ما تكون إلى ما يسمى بالمضاربة.
وعليه، فإذا استوفت شروطها التي من أهمها أن يكون رأس المال غير مضمون، وأن تكون الفائدة التي تعود على رب المال هي مئوية من الربح على افتراض وجوده فلا حرج فيها، وقد سبق إجابات فيها بعض أحكام المضاربة بالأرقام التالية: 5480، 5314، 8168.
أما إذا كان الربح تحدده الشركة مسبقاً بعدد معين، سواء حصل ربح أو لم يحصل، فتكون هذه المعاملة محرمة، وتدخل في باب القرض بفائدة، لأن معنى ما قامت به هو أنها سترد للمساهم ما دفع لها مع زيادة، وهذا هو عين الربا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1423(12/3001)
لا يملك المضارب الربح حتى يمكنه التصرف فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأكارم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي يتعلق بزكاة الذهب والفضة حيث أنه لي متجر ذهب وفيه ما يلي: مواد خام من الذهب تصنع خلال السنة ذهبا وفضة مصنعة ومعروضة للبيع فكيف تحسب الزكاة خاصة أني دخلت بمضاربة مع صديق لي يقدم جهده ومني المال ويأخذ هو أجرة التصنيع على حدة وله باتفاقنا نسبة 50 % من نسبة الأرباح على ألا يأخذ الأرباح مباشرة بل نضعها في نفس المشروع كرأسمال لتطوير العمل.
وأرجو من العلماء الأفاضل أن يبينوا لي من أي الأسعار أحسب قيمة الذهب من رأسمالها علي أو من سعرها المعروض وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذهب والفضة من الأموال التي تجب الزكاة في عينها أصالة.
وعليه، فمن ملك منهما نصاباً لأي غرض وجب عليه أن يخرج الزكاة عنه منه إذا تم عليه الحول الهجري.
لذا، فإننا نرى أن من يتاجر فيها يجب عليه عند تمام الحول أن ينظر إلى ما في حوزته منها بالوزن، فيخرج عن كل خمسة وثمانين غراماً ما يعادل اثنان ونصف بالمائة (2.5) ، لأنها عين النصاب الذي إذا بلغه المال وجبت فيه الزكاة، ولا ينظر إلى القيمة، ولا إلى الثمن، ثم إن شاء أخرج تلك النسبة من نفس الذهب أو الفضة وسلمها للمستحقين، وإن شاء أخرج ثمنها من العملة الموجودة.
أما بالنسبة للكيفية زكاة مال المضاربة، فقد سبقت الإجابة عليه برقم: 16615.
هذا وننبه السائل الكريم إلى أن العامل في المضاربة لا يملك حصته من الربح إلا بعد القسمة والفرز، وبالتالي فلا يمكن له أن يجعل نسبته المفترضة من الربح رأسمال قبل أن يستلمها، لأنه لو حصل ربح ثم حصلت خسارة في رأس مال المضاربة جبرت خسارة رأس المال من الربح.. الأمر الذي يوضح أن العامل لا يملك حصته من الربح حتى يتصرف فيها ويجعلها رأس مال تدر له أرباحاً قبل أن يقتسم المال وتتمايز الحصص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/3002)
اشتراط أحد المضاربين قدرا معينا من المال لا يصح
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع أحد التجار على أن أودع لديه مبلغا ثم يقوم بإعطائي مبلغاً شهرياً يعادل قيمة نصيبي في رأس المال كله الخاص بي وبه وذلك بعد خصم نصيبه من الأرباح نتيجة قيامه بالتجارة فهل ذلك حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي قمت به هو ما يسمى في الفقه الإسلامي بالمضاربة.. وهي أن يدفع شخص إلى آخر مبلغاً ليتاجر به، وله نسبة من الربح على أن تكون هذه النسبة مشاعة كالربع أو النصف أو الثلث.... وليس لأحدهما أن يشترط لنفسه قدراً معيناً.
ومن شروط جواز المضاربة عدم ضمان رأس المال على المضارب، فإذا حصلت خسارة يتحملها رب المال فقط كما يتحمل المضارب خسارة مجهوده.
وعليه فإذا اتفقت مع التاجر على أن يدفع لك مبلغاً شهرياً محدداً مقابل استثماره للمال الذي أودعته إياه فهذا هو ما يسمى بالقرض بزيادة وهو حرام، وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها:
8151
6743
5480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(12/3003)
لا يحق للعامل استثمار الأرباح إلا بعد تقسيم المال وأخذه حصته
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بمشاركة شخص في محل تجاري على أساس أنه يقوم هو بتوفير رأس المال وأن أقوم أنا بإدارة المحل واتفقنا على أن يتحصل هو على ربع الأرباح وبعد مرور سنة من فتح المحل وجدت أنه أصبح لدي أنا رأس مال في هدا المحل فهل أعطيه ربع أرباح المحل بالكامل أو أعطيه ربع أرباح رأس ماله هو فقط؟
أرجو أن ترسلو إلي الجواب الشافي وشكرا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد شرع الله سبحانه وتعالى العقود والمعاملات لتحقيق مصالح العباد، ومن هذه الأعمال التي شرعها الإسلام وأقرها هذا العقد، ويسمى: القراض، ويسمى: المضاربة، فقد أجمع المسلمون على جوازه، فقد يكون رب المال لا يحسن التصرف فيه، ولا يجيد العمل والاستثمار، ويكون العامل الماهر لا يجد مالاً يحركه ويستثمره، فأباح الإسلام لهما هذا النوع من التعاون ليستفيد كل منهما من صاحبه، على أن يكون الربح بين العامل وصاحب العمل معلوماً بالنسبة، كالنصف أو الثلث أو الربع.
وعلى هذا، فإن معاملة السائل الكريم هي من نوع القراض وهي جائزة، والربح الناتج يكون موزعاً حسب الاتفاق بين رب رأس المال والعامل.
ولكن قول السائل: إنه بعد مرور سنة من فتح المحل وجد أنه أصبح يملك رأس مال في المحل.. الأمر الذي جعله يستفسر قائلاً: هل أعطي لرب المال ربع أرباح المال بالكامل أو أعطيه ربع أرباح رأس ماله فقط؟ كما اتفق عليه.
أقول: هذا التفكير غير صحيح، والصحيح أنه لا يحق للعامل أن يستثمر حصة من الأرباح الحاصلة إلا بعد تقسيم المال وأخذه لحصته، لأنه لا يملك حصته ملكاً مستقراً إلا بعد القسمة وتصفية المال وتسليمه لصاحبه كاملاً. وهذا محل اتفاق بين الفقهاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(12/3004)
حكم إيداع مبلغ عند تاجر لأخذ أرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إيداع مبلغ من المال عند صاحب متجر وتلقي بالمقابل نسبة من الأرباح آخر كل شهر
وبارك الله فيكم والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان قصدك أنك تعطي صاحب المتجر المبلغ ليضارب لك فيه على أن يكون الربح بينكما بنسبة مشاعة حسب الاتفاق كـ10 أو 50 أو غير ذلك، فلا بأس.
وإن كان المقصود هو أن تعطيه المال مقابل أن يعطيك مبلغاً محدداً من المال كألف أو ألفين أو عشرة فهذا عين الربا، وانظر الفتاوى التالية أرقامها:
5314
3023
8151
16157.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1423(12/3005)
المال الاحتياطي يوزع على الجميع ما لم يكن هناك اتفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[نمتلك شركة تجارية ونقوم باستثمار أموال الآخرين ونقوم بتخصيص 70% من صافي الربح لتوزع على رأس المال 20% نظير إدارة 10% تحتجز لحساب الاحتياطي لمواجهة ديون معلومة أو أي خسائر قد تلحق بالشركة ويتم توزيع هذا الاحتياطي في نهاية الشركة على المؤسسين فقط فهل هذا شرعي؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإقامة الشركة على هذه الصفة جائزة، وتسمى عند الفقهاء بشركة المضاربة، ولمزيد الفائدة عنها تراجع الفتوى رقم: 5480.
إلا أن المال الاحتياطي الذي ذكرته يجب أن يوزع على جميع أصحاب الأنصبة كل يأخذ منه على قدر نصيبه، ولا ينفرد به المؤسسون للشركة فقط، إلا إذا كنتم قد اتفقتم مع بقية أصحاب الأنصباء أنه يوزع على المؤسسين عند نهاية الشركة، فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1423(12/3006)
اشتراط تحمل أحد الشريكين الخسارة دون الآخر فاسد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ عندى مبلغ من المال وقد عرض علي ابن عمي أن أشاركهم فى تجارة المواد الغذائية هو منه النصف وأنا مني النصف وأنا لا أفهم فى التجارة فتفاهمنا أن يعمل لوحده وأنا أتحمل أي خسارة ونتقاسم الربح بالنصف فهل هذا يجوز؟ أفيدونا يرحمكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اشتراط تحمل أحد الشريكين للخسارة وحده اشتراط فاسد، إذ نص العلماء على أنه يشترط في مثل الصورة المذكورة في السؤال أن يكون الربح والخسارة على حسب حصة الشريكين من المال.
وأما كونك لا تفهم في أمور التجارة، وتريد من شريكك أن يعمل في المال المشترك بينكما وحده، فذلك جائز، وهو في هذه الحالة: إما أن يتبرع لك بعمله، وإما أن يشترط عليك أجراً معينا تتفقان عليه.
وأجاز بعض أهل العلم أن يشترط عليك نسبة من الربح زيادة على نسبته التي سيحصل عليها ربحاً لحصته من رأس المال، وهذه الصورة أقرب إلى المضاربة منها إلى الشركة.
والمضاربة هي أن يدفع شخص إلى آخر مبلغاً من المال ليتاجر به ويستثمره، وله نسبة من الربح، وليس عليه ضمان رأس المال إذا لم يتعدَّ ويفرط. والذي نراه أن الاتفاق بينكما هو من باب المضاربة، لكن ينبغي أن يكون الاتفاق واضحاً، بحيث يحدد مسئوليتك عن الخسارة المختصة بحصتك من المال في حال عدم تعديه أو تفريطه، وله نسبة من الربح معلومة مقابل عمله وجهده، ولا علاقة لك بماله، ربح أم خسر. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1422(12/3007)
المضارب غير المعتدي لايتحمل الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجوز عقد شركة المضاربة على أن صاحب الجهد لا يتحمل أي خسارة لا في رأس مال ولا في ربح ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن يد العامل في المضاربة يد أمانة وليست يد ضمان، ولذا فهو لا يتحمل أية خسارة وقعت لا في الربح ولا في رأس المال بدون تعد وقع منه أو تقصير، ولو أنه قد اشتُرِِط عليه الضمان؛ لأنه شرط باطل، وبالتالي فاشتراط عدم تحمله لأي خسارة متوقعة من باب تحصيل الحاصل، ولا يؤثر في صحة عقد المضاربة لعدم منافاته له. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1421(12/3008)
عقد المضاربة الصحيح يضمن لك حقوقك.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزاكم الله خيراً.. أود أن أستفسر عن شركات المضاربة.. هل بإمكاني وضع شروط جزائية عند الاتفاق في حالة إخلال الطرف الآخر بأي شرط متفق عليه.. أو أي إهمال يسبب أضرارا.. أو أي ادعاءات أو أي نوع من الكذب يخبرني به فأقيم على أساسه حساباتي.. وما حكم التعامل مع مكاتب الخدمات التي تقوم بإنهاء إجراءات معينة مقابل مبلغ مالي؟ مع العلم بأن أغلبها يقدم رشاوى إلى الجهات المعنية بإتمام الإجراءات.. وهل إذا تأكدت من أن شريكي يقدم رشاوى لإخراج البضاعة من الميناء أن أوقف تعاملي معه. حيث إنه لا يمكن أن تخرج بضاعتك إلا بدفع مبلغ رشوة وإلا تبقى البضاعة وأحيانا ربما تصادر.. أفتونا رحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمضاربة تقوم على أمرين أساسين أحدهما أن لكل من رب المال والمضارب نسبة مشاعة من الربح حسبما يتفقان عليه، وليس لأحد منهما أن يشترط لنفسه قدراً معيناً من الربح.
والثاني عدم ضمان رأس مال المضاربة لأنها شراكة بينهما. فرب المال مشارك بماله، والعامل مشارك ـ بمجهوده ـ فإذا حصلت خسارة في رأس المال يتحملها رب المال فقط. كما أن العامل يتحمل خسارة مجهوده.
وهذا فيما إذا لم يحصل من العامل تقصير ولا تفريط ولا إهمال ولا إخلال بما اشترطه رب المال من أن لا يسافر بالمال مثلاً، أو أن لا يضارب إلا في كذا وفي مكان كذا.
وكذلك يشترط أن لا يحصل من العامل تضليل لرب المال، ولا إخباره بمعلومات غير صحيحة سواء عن نفسه وخبرته، أو عن المجال الذي سيضارب فيه.
فإن حصل شيء من ذلك من العامل ضمن لرب المال الضرر الذي لحقه جراء ذلك.
فإن لم يحصل منه تفريط ولا تقصير ولا إهمال ولا إخلال بما اشترط أو تضليل لرب المال فلا ضمان عليه، لأنه شريك، كما تقدمت الإشارة إليه، ولأن التجارة مبناها على الربح والخسارة.
وبهذا تعلم أنك في غنى عن وضع شرط جزائي في المضاربة، إذ حقك المشروع مضمون لك بموجب عقد المضاربة، وما سوى ذلك فليس لك فيه حق المطالبة.
وكل ما ينبغي لك فعله أن تكون دقيقاً في صياغة العقد، وأن تكون بنوده واضحة محددة، غير محتملة لأكثر من تفسير.
أما التعامل مع المكاتب التي ذكرت فلا حرج فيها إذا لم يتوصل بذلك إلى أخذ حقوق الغير أو إبطالها أو نحو ذلك من المحرمات.
لأن هذا من باب الجعالة، وهي جائزة معروفة في الفقه الإسلامي.
أما ما يتعلق بالرشوة فإن الذي يدفعه المرء للوصول إلى أمر معين لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن يدفعه ليتوصل به إلى إبطال حق أو إحقاق باطل، فهذا هو الرشوة المحرمة شرعاً تحريماً غليظاً.
والحالة الثانية: أن يدفعه ليتوصل به إلى حق له، أو ليدفع به عنه ضرراً أو ظلماً، ليست له طريقة إلى الوصول إلى ذلك الحق أو ذلك الضرر أو الظلم إلا بذلك.
فهذا لا يعتبر رشوة بالنسبة للدافع وإن كان رشوة بالنسبة للآخذ. وراجع الأجوبة التالية أرقامها 1854 ـ 684.
وعلى ذلك فإذا كان من تتعامل معهم يدفعون رشاوى محرمة فأوقف تعاملك معهم، ولا تتعاون معهم على الإثم الذي يرتكبونه.
وإن كان الذي يدفعونه هو للوصول إلى حق مشروع فلا حرج في التعامل معهم إن شاء الله تعالى. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(12/3009)
صورة المضاربة المذكورة في السؤال غير جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... انني كنت شريكاً في شركة ثم قمت ببيع حصتي لشخص آخر وطلبت مني إدارة الشركة أن أقرض الشركة مبلغاً من المال مقابل عائد سنوي محدد (15%) من مبلغ القرض ربحاً أو خسارة بمعنى أنه فى حالة الربح يضاف الى حسابى 15% والعكس فى حالة الخسارة. فهل هذا جائز شرعاً أم أن هناك مايمنع ذلك شرعاً؟ الرجاء إفادتي حتى لاأقع فى شيء محظور شرعاً. وجزاكم الله خيراً. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فاعلم أولاً أن هنالك فرقاً بين القرض والقراض من حيث الصورة والأحكام الشرعية.
فالقرض هو أن تسلف شخصاً مبلغاً من المال على أن يرده لك من غير زيادة ولا نقصان. أما الزيادة فلأنها ربا وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سلف جر نفعاً. وأما النقصان فلأن المقترض ضامن لرأس المال ليرده إلى من أقرضه إياه. أما القراض فهو المضاربة والصورة الجائزة من ذلك هي أن تدفع لشخص أو شركة مبلغاً من المال على أن يستثمروه ولك نسبة من الربح وليس من رأس المال، تحدد مسبقاً 50 أو أكثر أو أقل على حسب ما يحصل عليه الاتفاق. إن حصل ربح،وإن حصلت خسارة كانت من رأس المال، قلت أم كثرت. ولا يضمن المضارب رأس المال. ... فإذا حصل القرض أو القراض على غير ما ذكر كانا ممنوعين شرعاً. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/3010)
دفع الأرض لمن يزرعها مقابل حصة من الزرع
[السُّؤَالُ]
ـ[في مناطقنا تكثر زراعة (الديم) كما نسميها أي الزراعة على الأمطار وفي بعض الأحيان يعطي صاحب الأرض أرضه لشخص آخر يزرعها على أن تكون هناك حصة لصاحب الأرض من الحاصل كأن يكون الخمس مثلا علما أن صاحب الأرض لا يضع أي مصاريف وتأتيه حصته صافية إن كانت السنة ممطرة ونما الزرع أما إن كانت غير ممطرة أو أن الزرع لم ينم فإن المتضرر الوحيد هو الذي يضع المصاريف من حبوب وبذر وغيره، هل هذا الأمر جائز شرعا؟ أفتونا ولكم الأجر إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المزارعة - وهي الشركة في الزرع – جائزة على الراجح من أقوال العلماء لما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم عامل خيبر بشطر ما يخرج منها. وقد عمل بذلك الخلفاء الراشدون، وخالف أبو حنيفة في جوازها فقال بكراهتها، قال ابن قدامة في المغني: معنى المزارعة: دفع الأرض إلى من يزرعها ويعمل عليها، والزرع بينهما، وهي جائزة في قول كثير من أهل العلم. قال البخاري: قال أبو جعفر: ما بالمدينة أهل بيت إلا ويزرعون على الثلث والربع، وزارع عليّ، وسعد، وابن مسعود، وعمر بن عبد العزيز، والقاسم، وعروة، وآل أبي بكر، وآل عليٍّ، وابن سيرين.
وهذه الصورة بالذات وهي اشتراط أن يكون البذر من العامل نص على جوازها شيخ الإسلام ابن تيمية ورد على القائلين بمنعها، جاء في فتاواه: وأما المزارعة فإذا كان البذر من العامل أو من صاحب الأرض ففي ذلك روايتان عن أحمد والصواب أنها تصح في ذلك كله..إلى آخر كلامه.
وبناء على هذا فلا حرج في المعاملة المذكورة في السؤال إذا حددت نسبة ما لكليهما من الزرع، ولا يؤثر على هذا الحكم أن العامل قد يتضرر إذا لم تكن السنة ممطرة أو لم ينم الزرع، كما لا يؤثر عليه أن تكون المصاريف المتعلقة بالبذر وما يتطلبه العمل من جهة العامل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(12/3011)
لا تتغير صورة المحاقلة بتغير العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك تطبيقات معاصرة لبيع المحاقلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحاقلة أن يباع الحقل بكيل من الطعام معلوم، وقد اتفق الفقهاء على عدم جواز المحاقلة، لحديث جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمحاقلة. رواه مسلم، ومثل ذلك لا تتغير صورته بتغير العصر.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(12/3012)
بيع الثمار قبل الصلاح وبدون العلم بالثمن.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الإسلام في شراء المحاصيل الزراعية قبل وقتها، وهل يجب تحديد سعر، وإذا كان هذا المحصول قد تم جمعه، هل من الممكن شرائه دون تحديد سعر ثم يتم المحاسبة عليه على أساس أول سعر سيظهر به هذا المحصول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك قد اشتمل على مسألتين:
المسألة الأولى: بيع المحاصيل الزراعية قبل وقتها فإن كنت تقصد بذلك بيعها قبل بدو صلاحها فمن المعلوم أن ذلك لا يجوز، وهو من أنواع الغرر التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها عموما وخصوصا في أحاديث كثيرة، منها ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، نهى البائع والمشتري.
فلا يجوز لمسلم أن يبيع أو يشتري ثمرة مجردة قبل بدو صلاحها ومن باب أولى إذا كان البيع قبل ظهورها.
فإذا بدا صلاحها ولو في بعض الشجر جاز بيع ثمر جميع البستان، مع العلم أن السقي على البائع، وإذا أصابتها آفة أو جائحة قبل أن يتمكن المشتري من الجذاذ (الحصاد) سقط الثمن ولا يجوز للبائع أن يأخذ منه شيئاً، لما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق.
ومن ذلك أيضاً ما يفعله كثير من الناس أنه يشتري الثمرة لعدة سنين وهو منهي عنه أيضا لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيع المعاومة. رواه مسلم، هو بيع الثمرة لسنين قادمة، وهو تعاقد على محل معدوم فيكون باطلا.
لكن يمكن أن يتم بين المتعاقدين ما يعرف بعقد السلم، وذلك بأن يسلم المشتري إلى البائع ثمنا معلوما مقابل أن يسلم له البائع بعد مدة معلومة وزنا أو كيلاً معلوماً من زرع معين أو ثمرة بأوصاف محددة إذا كان الوقت المحدد سلمها له سواء حصلها من بستانه أو من غيره، إذ لا يشترط في المسلم فيه أن يكون موجوداً حال السلم، لكن يشترط أن يكون مما هو متوفر عادة في وقت التسليم.
ودليل جواز السلم هو ما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث، فقال: من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم.
والمسألة الثانية: البيع مع عدم العلم بالثمن ومن ذلك تعليق السعر بأعلى سعر في الموسم أو أقل سعر أو متوسط السعر وكل ذلك لا يجوز والعقد حينئذ باطل لأن من شروط صحة البيع العلم بالثمن والعلم بالمثمن لأن في عدم العلم بهما ما لا يخفى من الغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر كما في صحيح مسلم.
والمعاملة المذكورة في السؤال قد اشتملت على الجهل بالاثنين فهي ظلمات بعضها فوق بعض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1425(12/3013)
يعملون في أرض وباعها صاحبها لآخر.. هل لهم حقوق فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[مزارعون كانوا يعملون في أرض رجل لأعوام عديدة بنسبة معينة، ثم باع المالك أرضه بدون إذنهم، فهل لهم الحق في الشفعة؟ أو هل لهم الحق في أخذ مبلغ من المال من المشتري لقاء ما لحق بهم من ضرر؟ وما العمل إذا كانوا قد أخذوا هذا المبلغ فعلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجبنا على مثل هذا السؤال في الفتوى رقم: 123045. وبينا أنه لاحق لأولئك في الأرض، وليس لهم أن يأخذوا شيئا من ثمنها، وعليهم أن يعيدوا ما أخذوه إلى صاحبه. فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه الإمام أحمد. وقال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
وما لحقهم من ضرر بسبب فوات الأرض لا يلزم صاحبها تحمله، لأنهم ليسوا شركاء فيها وإنما هم أجراء فليبحثوا عن عمل آخر بدل ما فاتهم من عمل في تلك الأرض. ولا يظلموا ربها بالاعتداء على ماله فهو عليهم حرام إلا أن تطيب نفسه لهم بشيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1430(12/3014)
من باع الأرض في حالة المزارعة والزرع لم يحصد
[السُّؤَالُ]
ـ[تعويض المزارع الذي بيعت عليه الأرض دون إذنه:
مزارعون يعملون في أرض شخص بنسبة من الوارد منذ أكثر من مائة وخمسين سنة، ثم قام مالك الأرض ببيع أرضه إلى شخص آخر أجنبي، دون أن يستأذن هؤلاء المزارعين، ودون أن يعرض عليهم شراء الأرض، فهل يحق لهؤلاء أن يبطلوا هذا العقد ويقوموا بشراء هذه الأرض؟ أو هل يحق لهم أن يطالبوا المشتري بدفع مبلغ من المال إليهم لقاء ما لحق بهم من الضرر، ولكونهم أحق بهذه الأرض من غيرهم؟ أرجو الجواب، وذكر الحل المناسب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد عمل هؤلاء المزارعين في أرض مملوكة لغيرهم بنسبة من الخارج منها -سواء كان عملهم على سبيل المزارعة أو الإجارة- لا يجعل لهم حقاً في شراء هذه الأرض، وإذا باع المالك هذه الأرض لغيرهم فلا يحق لهم المطالبة بتعويض ولا إبطال هذا العقد، ولكن من مكارم الأخلاق أن يعرض صاحب الأرض إن أراد بيعها على المزارعين شراءها رعايةً لجانبهم.
ولكن في حالة المزارعة يقتصر حق هؤلاء المزارعين على نصيبهم المتفق عليه من الزرع الخارج من الأرض، فإذا كان الزرع قد حصد وباع المالك الأرض فلا إشكال، أما إذا باع الأرض والزرع لم يحصد ففي ذلك تفصيل يوضحه ما جاء في الفتاوى الهندية ونصه: وإذا دفع الرجل أرضه مزارعة سنة ليزرعها المزارع ببذره وآلاته فلما زرعها المزارع باعها رب الأرض فهذا على وجهين:
الأول: أن يكون الزرع بقلا -يعني أن الزرع قد ظهر ولم يحصد- والبقل هو كل زرع ناعم أخضر، وفي هذا الوجه البيع موقوف على إجازة المزارع سواء باع الأرض مع الزرع أو باع الأرض بدون الزرع، فإن أجاز المزارع البيع في الأرض والزرع جميعا نفذ البيع، وانقسم الثمن على قيمة الأرض وعلى قيمة الزرع يوم البيع، فما أصاب الأرض فهو لرب الأرض، وما أصاب الزرع فهو بين رب الأرض وبين المزارع نصفان، هذا إذا أجاز المزارع البيع، فإن لم يجز المزارع البيع فالمشتري إن شاء تربص حتى يدرك الزرع، وإن شاء فسخ البيع، هذا إذا باع الأرض والزرع جملة، وإن باع الأرض وحدها بدون الزرع، فإن أجاز المزارع البيع فالأرض للمشتري، والزرع بين البائع والمزارع نصفان. وإن لم يجز المزارع البيع فالمشتري بالخيار على نحو ما بينا، وإن باع الأرض وحصته من الزرع وأجاز المزارع البيع أخذ المشتري الأرض وحصة رب الأرض بجميع الثمن، وإن لم يجز البيع فالمشتري بالخيار، وإن أراد المزارع أن يفسخ البيع في هذه الصورة فالصحيح أنه ليس له ذلك.
الوجه الثاني: إذا باع رب الأرض بعدما استحصد الزرع، فإن باع الأرض بدون الزرع جاز البيع من غير توقف، وإن باع الأرض مع جميع الزرع نفذ البيع في الأرض وحصة رب الأرض من الزرع، ويتوقف في نصيب المزارع، فإن أجاز المزارع البيع كان للمزارع من الثمن حصة نصيبه من الزرع والباقي من الثمن لرب الأرض، وإن لم يجز البيع يخير المشتري إذا لم يعلم بالمزارعة وقت الشراء لتفرق الصفقة عليه، وإن كان صاحب الأرض باع الأرض والزرع بقل فلم يجز المزارع البيع فخير المشتري فلم يفسخ البيع حتى استحصد الزرع نفذ البيع في الأرض وحصة رب الأرض من الزرع، وللمشتري الخيار إن شاء أخذ الأرض وحصة رب الأرض من الزرع بحصتهما من الثمن، وإن شاء ترك، وإن كان باع الأرض مع حصته من الزرع فلم يجز المزارع البيع، ولم يفسخه المشتري حتى استحصد الزرع نفذ البيع وكان للمشتري أن يأخذهما بجميع الثمن ولا خيار له، وكذلك إذا باع الأرض دون الزرع فلم يجز المزارع البيع ولم يفسخ المشتري حتى استحصد الزرع نفذ البيع في الأرض ولا خيار للمشتري، كذا في المحيط. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(12/3015)
ما يلزم عند فساد المزارعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بنشاط زراعي شراكة مع شخص آخر، وتتمثل الشراكة بمساهمته هو بالأرض الفلاحية (يعني أن الأرض ملك له) وبالعمل. بينما أتكفل أنا بكل التجهيزات اللازمة وتوفير السيولة. على أن يكون اقتسام المداخيل مناصفة. والآن نحن بصدد جمع محصول من الجلبان (البازلاء) .
سؤالي هو عن كيفية إخراج الزكاة في هذه الحالة، هل تجب على صاحب الأرض فقط أم يجب إخراجها قبل قسمة المحصول؟ ما هو النصاب بالنسبة لمحصول البازلاء؟ علما وأن الإنتاج هو بالطريقة المروية. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المزارعة فاسدة على الراجح، ولبيان فسادها وعلته راجع الفتوى رقم: 18499.
ويترتب على فساد المزارعة هنا دفع أجرة مثل الأرض ودفع أجرة مثل العامل، ودفع الثمرة لصاحب البذر والتكاليف لأنها نماء ماله.
جاء في البحر الرائق: وإذا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ عِنْدَهُ يَجِبُ على صَاحِبِ الْبَذْرِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ أو الْعَمَلِ وَالْغَلَّةُ له لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهِ،
وجاء في مطالب النهى: وَحَيْثُ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُسَاقَاةُ فَالزَّرْعُ فِي الْمُزَارَعَةِ لِرَبِّ الْبَذْرِ أَوْ الثَّمَرُ إذَا فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ لِرَبِّهِ أَيْ الشَّجَرِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ يَنْقَلِبُ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ، وَيَنْمُو كَالْبَيْضَةِ تُحْضَنُ فَتَصِيرُ فَرْخًا. وَعَلَيْهِ أَيْ رَبِّ الْبَذْرِ وَالشَّجَرِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَامِلٍ; لِأَنَّهُ بَذَلَ مَنَافِعَهُ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ، فَرَجَعَ إلَى بَدَلِهِ وَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْل.
وأما بخصوص ما سألت عنه من زكاة الجلبان فإنه تكون بالعشر إذا سقيت دون كلفة، وإذا سقيت بكلفة وآلة – كما يظهر من كلامك – فالواجب فيها نصف العشر، كل هذا إذا بلغت نصابا، فعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْر رواه البخاري
وللمزيد راجع الفتاوى: 16209، 103492، 110645، 94881.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1430(12/3016)
من المطالب بزكاة الحبوب في عقد المزارعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وإخواني ورثة لوالدي رحمه الله. له أراضي (يتم رزاعتها: عام قمح أو عدس وما شابه ذلك) وهذه الأراضي باسم والدي وعمي المتوفى أيضا وله ورثة أيضا يتم زرعها من قبل أشخاص (كل أرض في مكان كان يزرعها فلاح معين) وكان الاتفاق على أنه يأخذ هذا الفلاح ثلثي المحصول والثلث الآخر كان لأبي وعمي مناصفة، الفلاح يدفع هو تكاليف الزراعة وتعبه فهل علينا زكاة؟؟ إذا كان هناك ماذا نفعل للسنوات الماضية والتي لا أعرف عنها أي شيء أم تكون الزكاة على الفلاح؟؟ أرجوكم دلوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا العقدُ الذي عقده أبوكِ وعمك مع الفلاحين هو عقدُ المزارعة، وفي صحتها خلافٌ مشهورٌ بين الفقهاء والصحيحُ صحتها، وهو قول أحمد وعامة السلف، والواجبُ في زكاة الحبوب في عقدِ المزارعة أن يزكي كلٌ من العامل والمالك حصته إذا بلغت نصاباً وهذا أرجح القولين في المسألة.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: يلزم كل واحد منهما زكاة نصيبه، إذا بلغت حصته نصابا. نص عليه أحمد في المزارعة. وإن لم تبلغ النصاب إلا بجمعهما، لم تجب; لأن الخلطة لا تؤثر في غير المواشي في الصحيح. وعنه أنها تؤثر، فتؤثر هاهنا، فيبدأ بإخراج الزكاة ثم يقسمان ما بقي. وإن كانت حصة أحدهما تبلغ نصابا دون الآخر، فعلى من بلغت حصته نصابا الزكاة دون الآخر، يخرجها بعد المقاسمة، إلا أن يكون لمن لم تبلغ حصته نصابا ما يتم به النصاب من مواضع أخر، فتجب عليهما جميعا الزكاة، وكذلك إن كان لأحدهما ثمر من جنس حصته، يبلغان بمجموعهما نصابا، فعليه الزكاة في حصته. انتهى.
وبهذا يتبين أن الواجب على الفلاحين زكاة حصتهم وهي الثلثان إذا بلغت نصاباً وهو خمسة أوسق، وإذ قد آلت الأرض إليكم بعد وفاة أبيكم وعمكم فعلى كل واحدٍ من الورثة زكاة حصته من الثلث الذي تم عليه العقد إذا بلغت تلك الحصة نصاباً، ولا تسقط هذه الزكاة بالتقادم فعليكم النظر والتحري في نصيب كل واحد منكم في الأعوام السابقة مهما كثرت، وتخرجون زكاة كلِ عامٍ بلغت حصة الواحد منكم فيه النصاب وهو خمسة أوسق والوسقُ ستون صاعاً، والقدر الواجبُ إخراجه هو نصف العشر إن كانت الأرض تُسقى بالآلة، والعشر إن كانت تُسقى بدونها، وإن تعذر عليكم الوصول إلى اليقين فيما وجب عليكم فالواجبُ عليكم التحري والعمل بغلبة الظن.
وأما إذا كانت حصة الواحد منكم لم تبلغ نصاباً فلا تجبُ الزكاة، وإن كان والدكم لم يخرج الزكاة وكانت قد وجبت عليه بأن كان نصيبه يبلغ النصاب فإنه يجب أن تؤدى الزكاة من تركته، وللمزيد تُراجع الفتوى رقم: 78652، والفتوى رقم: 44009.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1429(12/3017)
ثلاثة اشتركوا قدم أحدهم الأرض وقام الآخران بالعمل والبذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ثلاثة أشخاص اشتركوا في أرض الأول بالزراعة والثاني بالحراثة والثالث اكترى الأرض فكيف يخرجون الزكاة؟
وإذا اكترى أحدهم الأرض وحده كيف يخرج الزكاة. وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح تماما، وعلى أية حال فإذا كان القصد أن هؤلاء الثلاثة قد اشتركوا فقدم أحدهم الأرض وقدم الثاني البذر وكان العمل على الثالث فإن هذه الشركة غير صحيحة، وقد بينا حكمها من قبل ومن يكون له المحصول الزراعي منهم، فراجع فيه فتوانا رقم: 16209، والذي يكون له المحصول الزراعي هو الذي تكون عليه الزكاة.
وأما إن كان القصد أن الثلاثة قد اشتركوا فقدم أحدهم الأرض وقام الآخران بالعمل والبذر منهم جميعا أو من صاحب الأرض فإن هذه مزارعة صحيحة إذا لم تكن مشتملة على شيء يخرجها عن ذلك، وفي هذه الحالة تكون الزكاة على كل واحد منهم في حصته إذا بلغت نصابا وهو خمسة أوسق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1429(12/3018)
دفع الأرض لمن يزرعها مقابل جزء معلوم من غلتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته أجمعين وبعد: لدي سؤال أود الإجابة عليه وهو كما يلي: لدي أرض فلاحية أريد أن أدفعها إلى شخص ليعمل بها وعند وجود الغلة آخذ النصف أو الربع أو الثلث وذلك حسبما نتفق عليه، والسؤال هو: هل أدفع معه المال لخدمة الأرض أم لا؟ وإذا دفعت هل آخذ رأس مالي عند وجود الغلة؟ أفيدونا يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز أن يدفع صاحب الأرض أرضه لمن يزرعها بجزء معلوم من غلتها كالنصف والربع ونحو ذلك، ويجوز أن تكون الأرض والبذر والآلات من صاحب الأرض والعمل من الآخر، وفي هذه الصورة يكون صاحب الأرض استأجر العامل ليعمل بالآلة وفي أرضه له وتكون أجرته ما شرط له من الخارج من الأرض، ولا يصح هنا أن ياخذ رب الأرض من الغلة كلفة الزرع من بذر والآلات ثم يقسم الباقي مع العامل فإنه قد لا يبقى له شيء فيكن غررا.
جاء في كشاف القناع: وإن شرط المزارع أن يأخذ رب الأرض مثل بذره وأن يقتسما الباقي ففاسد كأنه اشترط لنفسه قفزانا معلومة وهو شرط فاسد تفسد به المزارعة لأنه قد لا يخرج من الأرض إلا ذلك القدر فيختص به المالك وربما لا تخرجه. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1429(12/3019)
من صور المزارعة الفاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بالزراعة وسأوضح الوضع بالضبط لتفتوني فيه وجزاكم الله خير الجزاء، أنا أدفع تكاليف زراعة للموسم كاملا، وهناك مزارعون يزرعون ويراعون هذه الزراعة ويهتمون بها إلى نهاية الحصاد، ونظام الشراكة بيننا كالآتي:
1ـ أقوم أنا بدفع جميع المصاريف من ديزل وصيانة الماكينة والبذور والحراثة وكل أعمال الزراعة بلا استثناء.
2ـ كل التكاليف المذكورة تسجل ما عدا الديزل والماكينة وصيانتها وما يتعلق بها فهي على حساب الممول وليس للمزارعين علاقة بها.
3ـ في نهاية الموسم يتم احتساب ما صرفته على الزراعة "عدا الماكينة والديزل وما يتعلق بهما كما ذكرت"، ويسلم لي قيمة ما صرفته من المحصول ويقوم سعر المحصول بسعر يوم الحصاد.
4ـ إذا كانت المحاصيل لم تغط ما صرفته فإن المزراعين يصبحون مدينين لي بالفرق الذي لم يغط ويحمل عليهم للموسم الذي يليه.
5ـ في حالة تم تغطية جميع المصاريف التي صرفتها فبعد ذلك يقسم المتبقي على نصفين لي نصف ولهم نصف.
سؤالي هو: هل هذه الصيغة شرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الصورة لا تجوز، لأنها لم تدخل في شيء من صور المزارعة المشروعة، وقد نص أهل العلم على أن رب الأرض إذا اشترط أن يأخذ من المحصول شيئاً قبل القسمة، مقابل البذور أو الأسمدة أو غيرهما من النفقات، فإن ذلك يكون مفسداً للمزارعة، قال ابن قدامة في المغني: أما إذا اتفقا على أن يأخذ رب الأرض مثل بذره، فلا يصح، لأنه كأنه اشترط لنفسه قفزانا معلومة، وذلك شرط فاسد، تفسد به المزارعة، لأن الأرض ربما لا يخرج منها إلا تلك القفزان، فيختص رب المال بها، وربما لا تخرجها الأرض. انتهى. وهذه هي عين مسألتك.
وإذا فسدت المزارعة في مثل الصورة الواردة في السؤال فإن المحصول يكون كله لصاحب الأرض، قليلاً كان أو كثيراً، وعليه أجرة المثل يدفعها للزارع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(12/3020)
زراعة الأرض مقابل نسبة من المحصول
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو بيان الحكم الشرعي في اتفاق تم بين شخصين على أن يستأجرا قطعة أرض لزراعتها بحيث يدفع الأول رأس المال والثاني يقدم الجهد والخبرة على أن يأخذ الأول ثلثي إنتاج المحصول ويأخذ الثاني ثلث إنتاج المحصول دون أن يدفع الثاني شيئا من رأس المال, وعلى أن يتم تضمين الزرع لطرف ثالث مقابل نصف الإنتاج بمعنى أن يأخذ الشريكان الأول والثاني نصف المحصول ويقسم بينهما (الأول+ الثاني) حسب الاتفاق الأول (ثلثين إلى ثلث) ، فهل تصح القسمة على هذا النحو؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حيث الأصل، هذا الاتفاق الذي تم بين الشخصين يعرف في الفقه الإسلامي بالمزارعة وهي جائزة في الجملة عند أكثر أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 62403 لكننا لم نفهم -على وجه الدقة- ماذا تقصد بتضمين الزرع لهذا الشخص الثالث؟
فإذا كنت تقصد أن هذا الشخص الثالث يضمن لكم -في حالة إصابة الزرع بجائحة أو تلفه- ما بُذل في الأرض من رأس مال وجهد مقابل أن يحصل على نصف المحصول في حالة سلامته من ذلك، فهذه المعاملة معاملة محرمة، لأنها مبنية على الميسر والمقامرة، وحقيقتها حقيقة التأمين المحرم، فحيث سلم الزرع من الآفات أخذ نصف المحصول دون مقابل، وحيث أصابته الآفة تحمل تكاليف الزرع بلا مقابل، وقد سبق تفصيل القول في عدم جواز هذا النوع من المعاملات في عدة فتاوى انظر منها على سبيل المثال الفتوى رقم: 7394.
وإذا كنت تقصد أن هذا الشخص الثالث يباشر الزراعة بينما يقوم أحد الشخصين بدفع التكاليف المالية والآخر بتقديم الخبرة، فلا حرج في تلك المعاملة وما ينبني عليها من قسمة، إذ أنها داخلة في المزارعة الجائزة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(12/3021)
غرس الأرض وزرعها بغير إذن الوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نرجو أثابكم الله إجابة هذه المسألة:
توفي عن ذكر وأنثيين وترك أرضاً واضحة الحدود، تزوجت الأنثيان وتركتا الأخ مقيماً في تلك الأرض، بعد سنوات توفي الأخ وترك زوجته وخمسة أولاد. مارس هؤلاء أعمال فلاحة تلك الأرض زراعةً وغراساً وعادت عليهم بالنفع المادي بيعاً واستهلاكاً، بعد أكثر من عشرين عاماً طالب الأبناء قسمة الأرض بينهم وبين عمتيهم معلقين ذلك على كون أن لهم - فوق نصابهم الشرعي وهو النصف مع أمهم – ما يسمى بآثار حق المغارسة والتي مناطها أيلولة نصف نصيب عمتيهم إليهم جراء غرسهم الأرض، أو على الأقل قبضهم ثمن الأشجار (الزيتون) التي ستكون في نصيب العمتين بعد القسمة لكونهم هم من غرسها.
فما هو حقهم الشرعي، من تبنك الناحيتين، وهل تجري هنا قاعدة الغنم بالغرم بحسبان أن الأرض تركت لهم كل تلك الفترة على سبيل التسامح ولم ينشأ أي اتفاق بشأن مغارستها سواء كان صريحاً أو ضمنياً؛ كما لم يحصل مطلقاً أن أعطي للعمتين ثمار أية غلة مما أنتجتها تلك الأرض طوال تلك السنين.
وفقكم الله إلى ما فيه خير الأمة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحق الشرعي للأولاد وأمهم في تلك الأرض هو نصفها، ثمنه للأم والباقي للأولاد، لأن ذلك النصف هو نصيب المتوفى من تلك الأرض، وأما النصف الآخر فهو للعمتين أختي الميت، وقد بينا في الفتوى رقم: 35486 حكم تصرف أحد الورثة في نصيب الآخرين بإذنهم أو دونه.
وخلاصة القول في ذلك أنه إذا كان سكوت العمتين لتلك الفترة وعدم مطالبتهما بحقهما وقيام الأبناء بالغرس في الأرض على مرأى ومسمع منهما ولم يكن لهما عذر في ذلك السكوت فإنه يعتبر إذنا ضمنيا باستخدامها، وبناء عليه، فلا بد من دفع قيمة الشجر الكائن بحقهما في الأرض إلا إذا تنازل الابنان وتركا المطالبة بالعوض عنه، هذا على اعتبار أن سكوتهما إقرار وإذن.
وأما إذا كان هنالك مانع من المطالبة بحقهما حياء أو عرفا فلا يعتبر سكوتهما إذنا، وبناء عليه فالقول قولهما، إما أن تدفعا قيمة الشجر ويبقى بأرضهما وتكون القيمة حينئذ قيمة شجر مجتث لا قائم كما قال العلماء، وإن شاءتا نزع الأولاد الشجر عن أرضهما فلهما ذلك، لأن فعل الأولاد يعتبر تعديا وتصرفا في حق الغير دون إذنه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:.. وليس لعرق ظالم حق. أخرجه الترمذي وغيره، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله. قال أبو عيسى والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، والعرق الظالم هو الرجل يغرس في أرض غيره.
وننبه الأبناء هنا إلى أنه لا ينبغي لهم أن يتنكروا لجميل العمتين، فقد سكنتا كل تلك الفترة ولم تطالبا بحق ولا ثمرة، والمغارسة تقتضي أن يأخذ صاحب الأرض نسبة من الثمرة، وهما لم تأخذا أية ثمرة فهي عرية منهما إن كانتا أذنتا أو تعد على حقهما إن كانتا لم تأذنا، وقد قال صلى الله عليه وسلم من صنع إليكم معروفا فكافئوه. أخرجه أبو داود وغيره وصححه الألباني رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1426(12/3022)
حكم من دفع أرضأ لمن يزرعها والزرع على ما يتفقان عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي المفتي لي أرض زراعية أُعطيها لفلاح يزرعها ويعطيني الربع من المحصول، ما حكم الشرع في ذلك، علما بأني لا أعطيه شيئا من المصاريف وهذا هو اتفاقنا، وقد سمعت أن هذه الشركة غير صحيحة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دفع صاحب الأرضِ الأرضَ إلى من يزرعها ويعمل فيها والزرع بينهما أو حسب ما يتفقان عليه جائز عند أكثر أهل العلم، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 35688.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والمزارعة جائزة في أصح قولي العلماء، وهي عمل المسلمين على عهد نبيهم وعهد خلفائه الراشدين، وعليها عمل آل أبي بكر وآل عمر وآل عثمان وآل علي وغيرهم من بيوت المهاجرين، وهي قول أكابر الصحابة كابن مسعود، وهي مذهب فقهاء الحديث كأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود بن علي والبخاري ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وأبي بكر بن المنذر وغيرهم، ومذهب الليث بن سعد وابن أبي ليلى وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وغيرهم من فقهاء المسلمين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر وزرع حتى مات ولم تزل تلك المعاملة حتى أجلاهم عمر عن خيبر، وكان قد شارطهم أن يعمروها من أموالهم وكان البذر منهم لا من النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان الصحيح من قولي العلماء أن البذر يجوز أن يكون من العامل، بل طائفة من الصحابة قالوا لا يكون البذر إلا من العامل، والذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من المخابرة وكراء الأرض قد جاء مفسراً بأنهم كانوا يشترطون لرب الأرض زرع بقعة معينة، ومثل هذا الشرط باطل بالنص وإجماع العلماء، وهو كما لو شرط في المضاربة لرب المال دراهم معينة فإن هذا لا يجوز بالاتفاق لأن المعاملة مبناها على العدل، وهذه المعاملات من جنس المشاركات، والمشاركة إنما تكون إذا كان لكل من الشريكين جزء شائع كالثلث والنصف....
وعليه، فلا حرج في مزارعة أرضك لهذا الفلاح، على أن لك ربع الخارج منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(12/3023)
المغارسة على وجه الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال واحد ولكنه طويل قليلاً, نأمل أن تصبر في القراءة ونأمل منكم إجابة صريحة وواضحة وعلى بريدي الإلكتروني من فضلك
السؤال: كان أبي وابن عم أبي رحمهما الله قد أخذا قطعة أرض (مزرعة) مساحتها تقريباً 15 هكتار تفريباً من ابن عمهما منذ فترة حوالي سنة 1960 تقريباً على أساس زراعتها وغرس أشجار بها (نسميها مغارسة) وبعد عدة سنوات يتم تقاسم الأرض مناصفة, أي الشخص المالك للأرض يأخذ نصف الأرض ويأخذ أبي وعمي النصف الآخر ويتم توزيعه بينهما على ثلاثة بحيث يأخذ والدي الثلثين ويأخذ ابن عم والدي الثلث الآخر وهما متفقان على ذلك حيث يتم حتى الانفاق على الأرض على ثلاثة, المهم بقوا على هذه الحال حوالي 12 سنة تم تقسيم الأرض بين أبي وابن عمه فأخذ والدي ثلثي المزرعة وابن عمه الثلث الآخر وبموافقة صاحب الأرض الأصلي ولم يتم قسمتها بينهما وبين صاحب الأرض, ومنذ حوالي سنة 1980 انتقل ابن عم أبي إلى قطعة أرض أخرى خاصة به وبدأ يشتغل بها وترك حصته (الثلث) مع أبي وبقي أبي ونحن أبناؤه معه نشتغل بالمزرعة, وكان أبي وابن عمه يطلبان القسمة من صاحب الأرض الأصلي (توفي صاحب الأرض الأصلي سنة 1968 ولديه عدد 2 أبناء أي ورثته) ، ولكن لم يحدث أن تم ذلك، وفي سنة 1997 توفي ابن عم أبي ثم توفي أبي سنة 2001 ولكن قبل أن يتوفي أبي بسنة واحدة طالب أبي ونحن أبناؤه بقسمة المزرعة مع ورثة الأرض الأصليين فوقعنا في مشكلة أرض ابن عم والدي حيث إن قطعة أرض ابن عمه ليس بها بئر مياه ولكن نحن حفرنا بئر مياه, فذهب صاحب الأرض (ورثته) إلى ورثة ابن عم أبي وقالوا لهم يجب عليكم حفر بئر بقطعتكم لكي تتمكنوا من أخذ حصتكم في الأرض أو يجب عليكم أن تتنازلوا عن الأرض فأجابوا وقالو سنتنازل لكم عن الأرض ولا نريد شيئاً منها, فقال لهم والدي (قبل وفاته بسنة واحدة) إذا أردتم ان تتنازلوا عن الأرض يجب عليكم أن تتنازلوا لي أنا لأنني أخذتها أنا ووالدكم سنة 1960 واشتغلنا فيها معاً وزرعنا أشجار الزيتون والكثير من الأشجار الأخرى فأنا أحق بالتنازل لي ونعوضكم على الأشجار الموجودة بها بمبلغ مالي.
ولكن الآن نحن في حيرة من الأمر فوالدي توفى سنة 2001 وبقيت أنا وأخي في حيرة حيث نريد أن نتقاسم الأرض ونأخذ حصتنا، فهل يحق لنا مطالبة ورثة أبناء عم أبي بالتنازل لنا وتعويضهم عن الأشجار الموجودة بها بمبلغ مالي أو نتقاسم حصتنا نحن مع ورثة مالك الأرض الأصلي وليس لدينا علاقة بقطعة ورثة أبناء عم والدي، نأمل منكم الإجابة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمغارسة بالصفة المذكورة محل خلاف بين أهل العلم، فذهب الجمهور إلى عدم صحتها، قال التمرتاشي في تنوير الأبصار وهو حنفي: دفع أرضا بيضاء مدة معلومة ليغرس وتكون الأرض والشجر بينهما (لا تصح) .
وقال صاحب الإنصاف وهو حنبلي: لو كان الاشتراك في الغراس والأرض فسدت وجها واحداً. انتهى.
وذهب المالكية إلى جوازها، قال خليل وهو مالكي: وشركة جزء معلوم: في الأرض. والشجر، لا في أحدهما. قال عليش في منح الجليل، في شرح قول خليل السابق: (لا) تصح المغارسة على وجه الشركة بجزء معلوم (في أحدهما) أي الأرض أو الشجر لخروجها عن موردها، فيها إن قلت له أغرس هذه الأرض شجرا أو نخلا، فإذا بلغت كذا وكذا فالأرض والشجر بيننا نصفين جاز.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وأما المغارسة على وجه الشركة بينهما في الأرض والأشجار معا فلا تجوز عند الحنفية والحنابلة، وذلك لاشتراط الشركة فيما هو موجود قبل الشركة، لأنه نظير من استأجر صباغا يصبغ ثوبه بصبغ نفسه على أن يكون نصف المصبوغ للصباغ، فكان كقفيز الطحان، كما علله الحنفية، وإذا فسدت المغارسة بهذه الصورة، فالثمر والغرس لرب الأرض تبعا لأرضه، لأنها هي الأصل وللآخر قيمة غرسه يوم الغرس، وأجر مثل عمله، كما صرح به الحنفية، وقال المالكية: تجوز المغارسة بشركة جزء معلوم في الأرض والشجر.
وإذا تقرر هذا، فعلى القول بفساد المغارسة، فالأرض والشجر لورثة رب الأرض، ولورثة أبيك، وورثة ابن عم أبيك، قيمة الغرس يوم غرسه وأجر العمل، وعلى القول بصحتها وهو الذي نرجحه هنا -وهو قول المالكية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما نقله عنه صاحب الإنصاف- فلورثة ابن عم أبيك أن يتصرفوا في ملكهم في الأرض والشجر بهبته لورثة مالك الأرض الأصلي أو ببيعه لهم ولا أحقية لكم في طلب شرائه بالشفعة، لسببين:
الأول: لأن التصرف المجيز للشفعة هو عقد المعاوضة، وهو البيع وما في معناه، وذلك باتفاق الفقهاء، فلا تثبت الشفعة في الهبة لأن الأخذ بالشفعة يكون بمثل ما ملك فإذا انعدمت المعاوضة تعذر الأخذ بالشفعة.
الثاني: أن ورثة مالك الأرض شركاء لهم في الأرض والشريك مقدم -في الشفعة على الجار- عند عامة أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1426(12/3024)
زراعة العامل المزرعة في مقابل نسبة من المحصول
[السُّؤَالُ]
ـ[زراعة الطماطم / يقوم صاحب المزرعة بالاتفاق مع عامل لزراعة الطماطم، صاحب المزرعة يشتري كل ما يلزم المزرعة من سماد, بذور, أدوية وإلى ... والعامل عليه الجهد فقط.بعدما تنتج المزرعة يتم خصم المبلغ الذي اشترى به ما يلزم وبعدها يتم تقسيم الانتاج بينهما. هل يجوز أم لا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تم الإجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 35688.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(12/3025)
صالح النبي صلى الله عليه وسلم اليهود على نصف ثمر خيبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أصحيحٌ أن الرسول صلى الله عليه وسلم صالح اليهود على نصف تمر المدينة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب سؤالك الأول أن الصحيح هو ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها، وكانت هذه الأرض حين ظهر عليها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وللمسلمين وأراد إخراج اليهود منها فسألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقرهم بها، على أن يكفوا عملها ولهم نصف الثمر فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نقركم بها على ذلك ما شئنا فقروا بها حتى أجلاهم عمر إلى تيماء وأريحاء، فالصلح إذاً وقع على نصف ثمر خيبر، وليست المدينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(12/3026)
المزارعة جائزة ولكن ...
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:: سؤالي هو في المزارعة: حيث عندنا في البلد يقوم صاحب الأرض بشراء الأسمدة والمبيدات والبذور وكل ما يلزم لموسم زراعي جديد، ويتفق مع المزارع العامل الذي يفلح الأرض، بعد جني المحصول يقوم صاحب الأرض بخصم كل ما دفعه لإنجاح هذا الموسم، ويقسم الباقي مناصفة مع المزارع. هل في ذلك شيء؟ أفيدونا مأجورين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أصل المزارعة جائز عند جمهور أهل العلم. قال ابن قدامة في المغني: معنى المزارعة: دفع الأرض إلى من يزرعها ويعمل عليها، والزرع بينهما، وهي جائزة في قول كثير من أهل العلم. قال البخاري: قال أبو جعفر: ما بالمدينة أهل بيت إلا ويزرعون على الثلث والربع، وزارع عليّ، وسعد، وابن مسعود، وعمر بن عبد العزيز، والقاسم، وعروة، وآل أبي بكر، وآل عليٍّ، وابن سيرين. اهـ
واستدل الجمهور على جوازها بما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم عامل خيبر بشطر ما يخرج منها. وقد عمل بذلك الخلفاء الراشدون. وقد كرهها أبو حنيفة مستدلاً بما ورد من النهي عنها في حديث رافع بن خديج، لكن حمله الجمهور على صورة متفق على فسادها، وهي اشتراط خراج جزء معين من الأرض، وذكروا له محامل أخر. وعلى هذا فإن المزراعة جائزة.
لكن يبقى النظر في اشتراط رب الأرض أخذ ما أنفق واقتسام الباقي، فإن هذا لا يجوز. قال ابن قدامة في المغني: أما إذا اتفقا على أن يأخذ رب الأرض مثل بذره، فلا يصح لأنه كأنه اشترط لنفسه قفزانًا معلومة، وذلك شرط فاسد، تفسد به المزراعة؛ لأن الأرض ربما لا يخرج منها إلا تلك القفزان، فيختص رب المال بها، وربما لا تخرجها الأرض. اهـ
فإذا فسدت المزارعة في هذه الحالة فإن الزرع يكون لصاحب الأرض، وعليه أجرة المثل يدفعها للزارع.
ثم إننا ننبه إلى أنه يجوز أن يشترط رب الأرض نسبة أكبر كالثلثين مثلاً، لتكون الزيادة مقابل المؤونة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(12/3027)
المزارعة بهذه الصورة فاسدة وبيان المخرج الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ... هناك ما يسمى بالتدعيم الفلاحي بالجزائر مجانا للفلاحين فهل من الممكن للمقاول دفع مبلغ مالي للفلاح قصد إنجاز المشروع؟ علما بأن المشروع لا يمكن إنجازه إلا من طرف مقاول.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يتضح لنا بالتحديد الصورة التي سأل عنها الأخ السائل.. ولكن إن كان قصده أن هذا المقاول سيعطي مالك الأرض وهو الفلاح مبلغاً من المال تبرعاً أو قرضاً حسناً بدون فائدة لإقامة هذا المشروع الزراعي فلا حرج في ذلك بل هو أمر حسن.
وإن كان قصده أنه سيعطيه المبلغ بشرط أن يرد له أكثر منه فهذا رباً لا شك فيه وتحريمه معلوم.
وإن كان قصده أنه سيعطيه المبلغ وهو سيشتري مؤن الزراعة كالبذر وآلة الحرث ونحو ذلك والناتج سيكون بينهما بالسوية أو حسب الاتفاق، فهذه مزارعة فاسدة عند جمهور أهل العلم لأن فيها كراء الأرض ببعض ما يخرج منها. وقد نص على فساد هذه الصورة جماعة من أهل العلم، ففي شرح الطحاوي: ولو دفع البذر لمزارعه يزرعه في أرضه على أن الخارج بينهما لا يجوز.
وفي منح الجليل على شرح مختصر خليل: إذا أخرج أحدهما البذر والآخر العمل والأرض، فإن كانت الأرض لها خطب "قيمة" لم يجز، وإن لم يكن لها خطب فقولان: الجواز لسحنون وهو مبني على جواز التطوع بالتافه في العقد، والمنع لابن عبدوس. ورأي أنه يدخله كراء الأرض بما يخرج منها، ابن يونس وهو الصواب. انتهى.
وذكر ابن يونس أن في بعض أبواب المدونة ما نصه: إذا أخرج أحدهما الأرض والآخر البذر فلا يجوز إلا أن تكون أرضاً لا كراء لها، وقد تساويا فيما سواها فأخرج هذا البذر وهذا العمل وقيمتهما سواء فهو جائز لأن الأرض لا كراء لها، وأنكر ابن عبدوس هذا وقال: إنما أجاز مالك رضي الله عنه أن تلغى الأرض إذا تساويا في إخراج البذر والعمل، فأما إن كان مخرج البذر غير مخرج الأرض لم يجز وإن كانت لا كراء لها إذ يدخله كراؤها بما يخرج منها. ألا ترى أن لو أكريت هذه ببعض ما يخرج منها لم يجز. وهذا هو الصواب. انتهى.
وعلى كل حال فهذه مزارعة فاسدة والمخرج من محظورها الشرعي هو أن يأخذ المقاول الأرض إجارة بمبلغ من المال لمدة معينة ويستعين بصاحبها لحرثها والعمل فيها بأجرة معينة، أو يقوم صاحب الأرض بالعمل وإخراج البذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1423(12/3028)
عواقب الاشتغال بآلة الزرع
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله، سؤالي حول الحديث الذي يتحدث عن السكة وشيء من آلة الحرث الذي إذا دخل بيتاً أذله الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي أمامة الباهلي، قال: - ورأى سكة وشيئاً من آلة الحرث - سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذل ".
والسكة: هي الحديده التي تحرث بها الأرض، قال ابن حجر: والمراد بذلك ما يلزمهم من حقوق الأرض التي تطالبهم بها الولاة. أ. هـ. يعني أنهم لا يزالون في ذل بسبب ظلم الولاة لهم، بما يحصلون منهم من الضرائب وغيرها.
وهذا الحديث لا يعارض ما ورد في فضل الغرس والزرع، كحديث أنس رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة " رواه البخاري.
لأنه يمكن الجمع بين الحديثين، بأن الزرع في أصله ممدوح، لأن الله تعالى ذكره في القرآن على جهة الامتنان به، في قوله - عز وجل (أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون) [الواقعة: 63 -64] .
والله تعالى لا يمتن إلا بشيء حلال مباح فيه خير، أما إذا اشتغل بالزرع بحيث يضيع به ما عليه من حقوق أخرى، أو يجاوز الحد فيه، أو يكون قريباً من العدو فيشتغل به عن إعداد العدة للجهاد فيجرؤ عليه العدو، فهذا هو الذي يستحق الذم الوارد في الحديث.
وبهذا يتبين لنا أن الذم لم يرد من أجل حيازة آلة الحرث والسكة لذاتها، ولكن لما يترتب عليها مما ذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1423(12/3029)
المساقاة جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المساقاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس أولا بتعريف المساقاة قبل الحكم عليها.
فالمساقاة هي: دفع شجر لمن يقوم بسقيه وتعهده حتى يبلغ تمام نضجه نظير جزء معلوم من ثمره، أما حكمها المسؤول عنه فهو الجواز، فقد اتفق جمهور الفقهاء على جوازها للحاجة إليها، والدليل على جوازها حديث ابن عمر المتفق عليه وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر، وفي رواية لهما -أي الشيخين- فسألوه أن يقرهم بها على أن يكفوه عملها ولهم نصف الثمر. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نقركم بها على ذلك ما شئنا، فقروا بها حتى أجلاهم عمر رضي الله عنه".
ومن أدلة جوازها أيضا ما رواه البخاري من أن الأنصار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل قال: "لا. فقالوا: تكفونا المؤونة ونشرككم في الثمرة قال: نعم. قالوا: سمعنا وأطعنا". والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/3030)
غرست الدولة في أرضهم شجرا فسقاها المستأجر حتى أثمرت
[السُّؤَالُ]
ـ[قام والدي رحمه الله بتأجير قطعة أرضية زراعية إلى شخص ما، بعد وفاته بسنين طالبناه نحن الورٹة بإخلاء الأرض، قال لنا عليكم أن تعوضوني على الأشجار، مع العلم بأن الأشجار غرستها لنا الدولة في إطار تدعيم الفلاحة ولم يدفع عليها شيء، لكنه حافظ عليها وسقاها حتى أعطت ثمارها، فكان يستفيد من كل الثمار مقابل كراء الأرض بما فيها الأشجار، فهل يحق له المطالبة بالتعويض عن تعبه وعما أنفق عليها من أسمدة ... إذا كان كذلك كيف يكون التعويض، فهل يجوز له مزاولة النشاط إذا قلنا له إننا لا نريد تأجير الأرض مع العلم بأنه لا يربطنا معه أي عقد، فهل يحق له غرس الأشجار دون طلب الإذن؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك رحمه الله قد أجر هذه الأرض للشخص المذكور فيشترط في عقد الإجارة أن يكون لمدة معلومة، وعقد الإجارة من العقود اللازمة التي لا يجوز فسخها على مذهب الجمهور، فيلزم إتمام الإجارة إلى المدة المحددة، وموت والدكم - نسأل الله أن يرحمه - لا يبطل عقد الإجارة، لأن موت المؤجر لا يبطل الإجارة، قال ابن قدامة في المغني: وإذا مات المكري والمكتري أو أحدهما فالإجارة بحالها هذا قول مالك والشافعي.. وقال الثوري وأصحاب الرأي، والليث تنفسخ الإجارة بموت أحدهما.. ولنا أنه عقد لازم، فلا ينفسخ بموت العاقد، مع سلامة المعقود عليه. انتهى.
فإذا انتهت مدة الإجارة فمن حقكم أخذ الأرض والتصرف فيها بما تشاؤون، أما ما يتعلق بالأشجار فإذا كانت الدولة قد زرعتها لكم فإن الحكم فيها ينبني على التعاقد الذي تم بين والدكم والمستأجر، ولم تذكر لنا أيها السائل العقد الذي تم الاتفاق عليه ويحتمل ذلك ثلاث صور:
1- أن يكونا قد اتفقا على إجارة الشجر، فهذا عقد غير جائز لأن إجارة الشجر للثمر غير جائزة في مذهب جمهور العلماء، وهذا هو الراجح، وفي هذه الحالة يكون للعامل أجر مثله ويلزم صاحب الأرض النفقة التي أنفقها العامل على الأشجار، وما ظهر من ثمر يكون لصاحب الأرض.
2- أن يكونا لم يتفقا على شيء وكان الرجل يعمل في الأشجار ويأخذ ثمرتها، ففي هذه الحالة فإن كان ذلك تبرعاً منه بالعمل وتبرعاً من والدك بالثمر، فيجوز لكم استرداد الأرض والشجر ولا حق للعامل في شيء، وإن كان ذلك ليس على سبيل التبرع فالحكم فيه كالحكم في الصورة الأولى للعامل أجر مثله ويلزم صاحب الأرض النفقة التي أنفقها العامل على الأشجار، وما ظهر من ثمر يكون لصاحب الأرض.
3- أن يكون قد اتفقا على المساقاة، وهي أن يدفع صاحب الأرض أرضه للعامل ليغرس فيها شجراً على أن تكون الثمرة بينهما إذا أثمر، وهذه إحدى صور المساقاة الصحيحة في الراجح، وفي هذه الحالة يكون الثمر بينهما حسب ما اتفقا عليه، والمساقاة من العقود التي اختلف في لزومها، فعلى القول بأنها من العقود اللازمة يلزمكم إتمام المساقاة إلى نهاية المدة المتفق عليها، وعلى القول بجوازها وهو القول الراجح يجوز لكم فسخها، وفي حالة الفسخ قبل ظهور الثمر يكون للعامل أجر مثله.. قال ابن قدامة في المغني: ظاهر كلام أحمد أن المساقاة والمزارعة من العقود الجائزة، وقال بعض أصحابنا: هو عقد لازم. وهو قول أكثر الفقهاء ... ، ولنا ما روى مسلم بإسناده عن ابن عمر: أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم بخيبر على أن يعملوها، ويكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نقركم على ذلك ما شئنا. ولو كان لازما لم يجز بغير تقدير مدة، ولا أن يجعل الخيرة إليه في مدة إقرارهم ... ، وعمر رضي الله عنه أجلاهم من الأرض وأخرجهم من خيبر، ولو كانت لهم مدة مقدرة، لم يجز إخراجهم منها.. ومتى فسخ أحدهما بعد ظهور الثمرة فهي بينهما على ما شرطاه، وعلى العمل تمام العمل، وإن فسخ العامل قبل ذلك فلا شيء له، لأنه رضي بإسقاط حقه وإن فسخ رب المال قبل ظهور الثمرة فعليه أجر المثل للعامل، لأنه منعه إتمام عمله الذي يستحق به العوض. انتهى.
ومن أهم أحكام المساقاة ما ذكره ابن قدامة في المغني بقوله: ويلزم العامل بإطلاق عقد المساقاة ما فيه صلاح الثمرة وزيادتها، مثل حرث الأرض تحت الشجر، والبقر التي تحرث، وآلة الحرث، وسقي الشجر ... ، وعلى رب المال ما فيه حفظ الأصل كسد الحيطان، وإنشاء الأنهار وعمل الدولاب وحفر بئره، وشراء ما يلقح به، وعبر بعض أهل العلم عن هذا بعبارة أخرى، فقال: كل ما يتكرر كل عام فهو على العامل، وما لا يتكرر فهو على رب المال، وهذا صحيح في العمل، فأما شراء ما يلقح به، فهو على رب المال وإن تكرر لأن هذا ليس من العمل. انتهى.. وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5130، 46107، 48656، 73972، 75353.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1429(12/3031)
مذاهب العلماء فيمن دفع أرضه لمن يزرعها وتكون الثمرة بينهما
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت مع رجل صاحب أرض هو يملك الأرض وأنا أقوم بزراعتها (أشجار برتقال) بمالي أنا مقابل النصف في الربح ولكن الأرض محتاجة إلى ماتور ماء وصاحب الأرض لايملك ثمنه قمت بشراء ماتور على أن يخصم ثمنه من نصيب صاحب الأرض وذلك بالاتفاق بيننا ما حكم ذلك؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن صاحب الأرض يدفع أرضه للعامل ليغرس فيها شجرا على أن تكون الثمرة بينهما إذا أثمر، وهذه إحدى صور المساقاة الصحيحة في الراجح، وهو مذهب الحنابلة، قال ابن قدامة في المغني ـ وهو حنبلي ـ: وإن ساقاه على شجر يغرسه، ويعمل فيه حتى يحمل، ويكون له جزء من الثمرة معلوم، صح أيضا، والحكم فيه كما لو ساقاه على صغار الشجر، على ما بيناه، وقد قال أحمد، في رواية المروذي، في رجل قال لرجل: اغرس في أرضي هذه شجرا أو نخلا، فما كان من غلة فلك بعمل كذا وكذا سهما من كذا وكذا، فأجازه، واحتج بحديث خيبر في الزرع والنخيل، لكن بشرط أن يكون الغرس من رب الأرض، كما يشترط في المزارعة كون البذر من رب الأرض، فإن كان من العامل خرج على الروايتين، فيما إذا اشترط البذر في المزارعة من العامل. انتهى.
أما الشافعية فلا يجيزون المساقاة في غير الكرم (العنب) والنخيل، والحنفية لا يجيزون المساقاة أصلا، فتكون الصورة الواردة في السؤال ليست مفترضة عندهما.
والراجح جواز المساقاة في جميع أنواع الشجر المثمر.
وبناء على ما رجحناه يكون ثمن شراء موتور المياه على رب الأرض تخريجا على عمل الدولاب (الآلة التي تدور لاستخراج الماء من البئر) قال ابن قدامة: وعلى رب المال ما فيه حفظ الأصل، كسد الحيطان، وإنشاء الأنهار، وعمل الدولاب، وحفر بئره، وشراء ما يلقح به. وعبر بعض أهل العلم عن هذا بعبارة أخرى فقال: كل ما يتكرر كل عام فهو على العامل، وما لا يتكرر فهو على رب المال، وهذا صحيح في العمل. انتهى.
ويكون الوقود اللازم للموتور على العامل تخريجا على ثور الدولاب فهو على العامل في الراجح، وكذا إطعامه ورعايته، وهو الذي رجحه ابن قدامة في المغني فقال: فأما البقرة التي تدير الدولاب فقال أصحابنا: هي على رب المال، لأنها ليست من العمل، فأشبهت ما يلقح به، والأولى أنها على العامل، لأنها تراد للعمل، فأشبهت بقر الحرث، ولأن استقاء الماء على العامل إذا لم يحتج إلى بهيمة فكان عليه، وإن احتاج إلى بهيمة كغيره من الأعمال. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1427(12/3032)
حساب حريم قناة الماء وفق العرف الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[القناة ماء تجرى تحت الأرض وحريمها ما يصلح لإبقاء الطين فإذا ظهرالماء على وجه الأرض يكون حريمها خمسمائة ذراع مثل العين الفوارة. أسأل: الحريم يحسب من فم القناة أم من منبع الماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الأمر مما يرجع فيه إلى أهل الخبرة في شؤون الري ممن لهم علم بأحكام الشرع، وقد عرفوا بالعدل والإنصاف، فيحكموا به حسب ما جرى به العرف مما لا يتنافى مع قواعد الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1422(12/3033)
ترك الأجير والتعاقد مع غيره إذا فسد العقد الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[مشايخنا الكرام ,,, نص السؤال كالتالي رجل عزم على بناء بيته فتحدث مع حرفي في بلاط البيوت على بناء البلاط ببيته الجديد فاتفق معه على العمل والسعر لمتر المربع ومتى بداية العمل فوافق الحرفي على أن يكمل أولا ما بيده من بناء بيت سابق ثم يلتحق للعمل في هذا البيت ولم يدفع له قسطا مسبقا ولا اشترى سلعة ولم يصرف درهما في شأن صاحبنا بعد وبعد أيام قليلة حصل صاحب البيت الجديد على عامل وحرفي أحسن خبرة وتجربة في تلك الحرفة واستعد هذا الأخير لبناء البيت الجديد لصاحبنا، والسؤال هل لصاحبنا أن يلغي ما اتفق عليه مع الحرفي الأول ويبرم عقدا مع الثاني لكونه أحسن، وهل الاتفاق الأول يعد عقدا وهل لا يحل له فسخه؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجارة إذا كان الشروع فيها يتأخر فلا بد من تعجيل الأجر للعامل لأن تأخيره مع تأخير البدء في العمل يؤدي إلى تعمير الذمتين، وذاك مستلزم فساد العقد، قال الشيخ خليل يعدد شروط صحة الإجارة وعجل (يعني أجر العامل) إن عين أو بشرط أو عادة أو في مضمونة لم يشرع فيها ... قال المواق: ابن رشد: الإجارة على عمل معين كنسج الغزل إن كان مضمونا في الذمة لم يجز إلا بتعجيل الأجر أو الشروع، وإن تأخر كان الدين بالدين فلا يجوز إلا بتعجيل الطرفين أو أحدهما اهـ
فالعقد الذي حصل بين الطرفين اللذين ذكرت يعتبر عقدا غير صحيح وهو إذا منحل، وعليه فلا مانع لصاحبك أن يلغي ما كان قد اتفق عليه مع الحرفي الأول ويبرم عقدا مع الثاني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(12/3034)
كيف يعاقب العامل المقصر
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكله مع عمال هذه الأيام، فأنا رجل أحتاج في عملي إلى عامل يراعي نظافة نفسه والمكان والأمانة ولكني أواجه مشاكل معهم فكل من أتيت بهم عمال من بلاد إسلامية ولكني عجزت من كثرة النصح والتوبيخ فهم مقصرون في عملهم، وهذا العامل الذي لدي أنا مضطر أن أتركه على رأس عمله والسبب أني لا أستطيع أن أتكفل أعباء الإتيان بعامل آخر بالذات أني يئست من نصحهم وتوبيخهم وإرشادهم، وأصحبت الأن لا أملك نفسي عند الغضب فهو ينام ويفتح المحل متأخرا وهذا يسبب لي الخسارة بالرغم من أني آمره أن ينهي عمله ويغلق المحل ويذهب للنوم باكرا ولكن لا حياة لمن تنادي، ووصلت بي المرحله للتفاهم معه بالضرب والتعنيف، حتى أخذ ينفذ أوامري ولكن أمامي فقط،،،، فماذا أعمل وهل أحاسب على تأنيبي وتوبيخي له بالرغم من أني استخدمت الكثير من الوسائل ولكن بدون فائدة؟؟ السؤال الثاني هل أستطيع أن آخذ من راتبه ثمن ما يسببه لي من خسارة للمحل علما بأني لم أفعل ذلك حتى الآن لأنه فقير؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز ضرب العامل، لأن هذا عدوان، ولا بأس بتوبيخه وتأنيبه بقدر تقصيره دون سبه أو شتمه، ولا بأس أيضاً أن يخصم من أجرته بقدر تقصيره في عمله، لا بقدر خسارتك، ويرجع في تحديد ذلك القدر إلى أهل الخبرة لا إلى تقديرك أنت مخافة أن تظلمه، وراجع الفتوى رقم: 19755، وإن عفوت فهو أفضل قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ {النور: 22} . ويقول أيضا: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43} . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1425(12/3035)
لا بد لصحة الإجارة من عقد محدد المدة وأجرة يرضاها المالك
[السُّؤَالُ]
ـ[قمنا بتأجير شقة منذ 25 عاما ولم تحدد المدة في عقد الإيجار تبعا للقوانين السائدة في القطر المصري ثم قام المالك بعرض الشقة لنشتريها بمبلغ 10 آلاف جنيه وهي تستحق مبلغ 50 ألف جنيه وذلك لتضرره وعدم قدرته على التصرف في ملكه خضوعا للقوانين السائدة أفتونا جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيشترط لصحة عقد الإجارة بيان المدة التي تنتهي فيها الإجارة، وما كان من العقود خالياً من بيان المدة وجب فسخه، كما هو مبين في الجواب رقم:
6819 وإذا انفسخ العقد لم يجز للمستأجر البقاء في العين المؤجرة؛ ولو كانت القوانين الوضعية تجيز ذلك، إذ لا يجوز أن تصادم تلك القوانين شرع الله، كما لا يجوز للمسلم أن يظلم أخاه فيعتدي عليه معتمداً على تلك القوانين الباطلة، وإذا اعتمد عليها وبقي في العين المؤجرة بالإيجار الزهيد الذي لا يرضاه المؤجر أو بدون تحديد مدة إجارة، مما يُلجئ المالك إلى أن يبيع ملكه إلى المستأجر بثمن بخس، فإنه آثم غاصب لحق أخيه مشارك لتلك الجهة التي أصدرت تلك القوانين في الظلم، بل ظلمه هو أشد، لأنه مباشر للظلم.
وعليه؛ فلا يجوز لكم البقاء في الشقة إلا بعقد مع المالك تحدد فيه المدة والأجرة التي يرضاها المالك. وراجع الجواب رقم: 9057
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1423(12/3036)
حكم أجرة الوسيط - غير الموظف - بين الشركة وعملائها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أجمع جوازات السفر من الناس لتسفيرهم لأداء العمرة وأقوم بدور الوسيط بينهم وبين الشركة المنظمة وأنا معرض لكل شيء إذا حدث شيء ما فأنا مسئول أمام الناس وأقوم بتركيبهم الباص والسفر معهم والعمل على راحتهم وخدمتهم طوال الطريق وما فيها من معاناة ومشقة للمندوب مثلي وأنهي لهم الإجراءات على الحدود وأخدمهم وأسكنهم في المدينة ومكة وأقوم بعمل المزارات لهم وتدريسهم وتعليمهم خطوات وأركان العمرة وأساعد مريضهم وغيرها من الخدمات ولذلك فأنا أجعل لنفسي جزءا من المبلغ مقابل ذلك وخاصة أننى موظف ومرتبى لا يكفى فهل هذا المال حلال أم لا أفتونا مشكورين وفي أسرع وقت. جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن موظفا على هذه الإجراءات والخدمات التي تقوم بها لصالح المعتمرين وكنت تأخذ هذا المبلغ باتفاق مع المعتمرين أو الشركة المنظمة فلا بأس، ويعتبر عملك هذا إجارة جائزة، وأما إن كنت تأخذ هذا المبلغ بدون علم من تأخذه منه فلا يجوز لك وهو أكل لأموال الناس بالباطل. وقد حرم الله تعالى أكل أموال الناس بالباطل فقال: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1425(12/3037)
كيف يكون اللاعب داعية وحكم أخذ الأجرة على اللعب
[السُّؤَالُ]
ـ[أشترك في النشاط الرياضي (كرة القدم) بالجهة التي أعمل بها وفي هذا العمل يومي الجمعة والسبت إجازة رسمية وعندما نعمل يوم السبت يعتبر عملا إضافيا ونحن المشتركين في النشاط نذهب للتدريب في هذا اليوم طبقا للائحة العمل ويتم احتساب هذا اليوم إضافيا بالنسبة لنا وبالتالي نحصل على مقابل نقدي عنه كما يتم صرف ملابس رياضية لنا كما يتم صرف مقابل نقدي أو وجبة غذائية أثناء المباريات الرسمية (دورة داخلية) بين وحدات الهيئة التي أعمل بها.
السؤال: هل يحق لي هذا اليوم الإضافي وكذلك الملابس الرياضية وكذلك المقابل النقدي أو الوجبة الغذائية؟
توضيح: أنني ألتزم بعدم كشف العورة كما أننى ألتزم بالمحافظة على صلاة الجماعة عندما يؤذن للصلاة بل أن الله جعلنى سبب ألتزام زملائي للمحافظة على صلاة الجماعة كما تم تعديل مواعيد المباريات لأننى اعتذرت عن عدم اللعب بسبب تعارض المباريات مع مواعيد الصلاة لأنني أضحى بكل شيء ماستطعت للمحافظة على صلاة الجماعة.
أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من الاشتراك في هذا النشاط الرياضي في جهة عملك، ويحل لك أن تأخذ ما تدفعه من مال وملابس وغذاء، لأن ما تأخذه هو أجرة على عملك ونشاطك الرياضي هذا، وقد سبق لنا فتوى برقم: 7161 في جواز أخذ اللاعب الرياضي أجرة على عمله ضمن ضوابط ذكرناها هناك فلتراجع.
هذا، وإذا كان وجودك في هذا النشاط سبباً في صلاح زملائك وجالباً لمصالح دينية كالتي ذكرتها في سؤالك، فإننا نشد على يديك للبقاء في هذا النشاط، لما في ذلك من الخير، وهو لون من ألوان الدعوة إلى الله عز وجل، وهو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(12/3038)
حكم العمل في مذابح غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزالعمل في المذابح المسيحية؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى تحريم عمل المسلم خادما عند الكافر يطبخ له طعامه ويكنس له دراه ويغسل له ثيابه ونحو ذلك من أنواع الخدمة الباطنة، وعلة منع هذا النوع من الأعمال عند الكفار أن فيه إذلالا للمسلمين وتعظيما للكفار، وقد قال الله تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً {النساء: 141} . وأما الأعمال الأخرى فإن كانت مباحة في الأصل كالخياطة والجزارة والحياكة وغيرها من المهن فلا مانع من أن يمتهنها المسلم عند الكافر. وإن كانت محرمة كرعي الخنازير وحمل الخمر ونحوهما كانت محرمة، وعليه فإن كانت الجزارة التي يريد المسلم أن يعمل فيها تتم الذكاة فيها بالطريقة الشرعية وكان الحيوان مما يجوز ذبحه فلا حرج عليه في امتهانها في المذابح المسيحية، وإن كانت الدواب فيها تقتل عن طريق الصعق أو الخنق أو غير ذلك مما يعتبر ميتة فلا يجوز للمسلم العمل فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(12/3039)
معلومية الأجرة شرط في صحة الإجارة عند الجمهور
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة فتوى في التعامل مع شركة نزكوسوفت التي تدفع لي 100 ريال على كل واحد سجل عن طريقي في عضوية الذهبية التي يقدر مبلغها بـ 167 ريالا، والتي هي عبارة عن سهم في الشركة تأخذ الأرباح في آخر السنة، أو وضع إعلان مدفوع، و20 بـ 100 عن كل واحد اشترى موقعا، علما بأن هذه التجارة ليست هرمية ولا شبكية، فأرجو الإجابة عاجلاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم نظام تلك الشركة، لكن ما ذكرته يفيد أن المعاملة المذكورة إما أن تكون سمسرة، وإما أن تكون تسويقا هرميا، فإن كانت سمسرة بأن كنت تروج لتلك الشركة، ومن سجل عن طريقك لدى الشركة أو أعلن فيها أو اشترى منها أخذت جعلا عليه أو أجراً، فذلك لا حرج فيه إن كان مجال عمل الشركة مباحا، وأما إن كان مجال عملها محرما فلا يجوز الترويج لها، لقوله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {المائدة:2} . وانظر لذلك الفتوى رقم: 23575.
وإن كانت تسويقا هرميا فهي غير مشروعة لما تشتمل عليه من الغرر والمقامرة، وقد فصلنا القول في ذلك في الفتويين: 35492، 19359.
وننبه إلى أن النسبة التي يعطونك إياها عند شراء أي زبون تأتي به لموقع من مواقعهم، قد تكون معلومة إن كان ثمن المواقع محدداً معلوماً فيصح كونها أجرة أو جعلاً للسمسرة إن كان عملك سمسرة، وأما إن كان ثمن المواقع مجهولاً فإن النسبة تكون مجهولة حينئذ ولا بد في الأجرة أن تكون معلومة على الراجح؛ لما أخرجه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره. وهذا هو مذهب الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز جعل الأجر نسبة مما يحصل، وهي رواية عن أحمد، وإن لم تكن هي التي عليها أغلب أهل المذهب.
قال ابن قدامة في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً يبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلاً إلى رجل ينسجه ثوباً بثلث ثمنه أو ربع جاز، نص عليه، ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئاً من ذلك لأنه عوض مجهول وعمل مجهول، وقد ذكرنا وجه جوازه. وانظر لذلك الفتويين: 108011، 104732.
وعلى اعتبار فساد عقد الإجارة للجهالة في الأجرة فيكون للأجير أجرة المثل، وهذا كله على فرض أن المعاملة الكائنة بينك وبين تلك الشركة هي محض سمسرة لا تسويقاً هرمياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(12/3040)
لا أثر لتغيير المعلومات الشخصية على صحة الزواج وحلية الراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[عمي كان يعمل عسكريا ثم هرب من العمل، وبعدها قام بإخفاء معلوماته وأصدر بطاقة أحوال ثانية، ثم توظف في مقر عسكري ثان، واسم والده خطأ، وأمضى حتى تقاعد، ثم توفي. فهل هذا الراتب الذي يأخذه هو وأهله حلال؟ وما حكم ما فعله من إخفاء معلومات؟ وهل زوجته حلال عليه أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علاقة لتغيير المعلومات الشخصية بصحة الزواج أو حلية الراتب أو حرمته. وبناء عليه، فزواج ذلك الرجل كان صحيحا ولا تأثير لتغيير الاسم عليه، وكذلك ما كان يتقاضاه من راتب عن عمله لأن الراتب أجرة في مقابل العمل لا على الاسم والنسب.
لكن عليه وزر ما فعله من تزوير في الأوراق، إن لم يكن مضطرا إلى ذلك للتخلص من ظلم ودفع مكروه.
وننبه على أن ما يتقاضاه العامل أو أهله بعد موته قد يكون مستحقا للميت كأن يكون مقتطعا من راتبه في حال حياته ونحوه، وقد يكون هبة من جهة عمله. وقد فصلنا القول في ذلك في الفتويين: 105337، 14071.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1430(12/3041)
جهالة الأجرة تفسد عقد الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يمتلك شقة وأنا خاطب الآن، وكان من المتفق عليه أن يعطيني هذه الشقة، ولكنه طلب أن أستأجر بعقد محدد المدة 5- سنوات- فقبلت، وذلك بدون مقدم، علي أن أقوم بأعمال الشقة الداخلية -سباكة نجارة نقاشة كهرباء- وأترك ذلك بعد 5 سنوات، لكنه بعد تحرير العقد ودفعي للإيجار اختلف معي في أمر ويريد أن يأخذ مني الشقة، ويريد أخذ العقد بالقوة.
فهل في امتناعي من إعطائه العقد إثم؟
ونسأل الله الهداية لي وله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الأجرة المتفق عليها من تكاليف صيانة الشقة فهي مجهولة، وتكون الإجارة من والدك بهذه الطريقة غير جائزة شرعا، إذ لا يدري المستأجر كم تكون تكلفة أعمال تشطيب الشقة، وبالتالي فالأجرة مجهولة، والإجارة فاسدة، ويجب فسخها، ولم يستحق المؤجر إلا أجرة المثل مقابل سكن المستأجر المدة التي سكنها، فهذا من حقه.
وبهذا يعلم السائل ما الذي يستحقه والده منه، وهو أجرة مثل شقته لا المبلغ المدفوع مسبقا، وإذا بقي منه شيء بعد استيفاء أجرة المثل فهو من حق الوالد، وليس للولد من هذه الإجارة الفاسدة حق البقاء في الشقة إلا بعقد جديد صحيح تحدد فيه المدة والأجرة، وبرضى الطرفين.
أما إن كانت الأجرة معلومة، وتم عقد الإجارة بينكما فلا حق له في فسخها قبل مضي الفترة المتفق عليها، لأن الإجارة من العقود اللازمة، ويعد أخذ هذه الشقة منك غصبا، اللهم إلا إذا كنت غير محتاج لها، وكان هو يريدها لحاجته فعندئذ يكون له الحق في أخذها، وتراجع الفتوى رقم: 7490.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(12/3042)
الشروط بين وجوب الالتزام بها وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال:
أنا أعمل في شركة أجنبية، وتربطها اتفاقية مع شركة وطنية تقضي بأن تصرف على المواطنيين الوطنيين مبلغ 10% من ميزانيتها، مع أنها لا تقوم بصرف المبلغ كاملا على الوطنيين، ولذلك أقوم بمراجعتهم والضغط عليهم حتى يصرفوا بعض المبالغ على الوطنيين ويدربوهم.
المشكلة أنه في نيتهم الخروج من البلد من غير أن يسددوا التزاماتهم السابقة ولا اللاحقة.
أعمل معهم وآخذ رصيد الهاتف ووجبات الغداء، مع العلم بأنهم لا ديانة لهم، علما أنه لاأحد من الأجانب يشتغل بجد ولا الوطنيين في هذه الفترة، أرجو الرد سريعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تذكر لنا أيها السائل الكريم وجه الاتفاقية المذكورة لننظر فيها، هل هي من الشروط التي يجب الالتزام بها أم لا؟ وذلك لأن الشروط منها ما يجب الالتزام به، وهي الداخلة في عموم الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقاً، وأبو داود، وحسن إسناده ابن الملقن في خلاصة البدر المنير.
ومن الشروط ما هو غير معتبر شرعاً؛ كالشروط التي تخالف مقتضى العقود، أو التي فيها أكل أموال الناس بالباطل، أو الشروط التي تحل الحرام أو تحرم الحلال، فهذه لا عبرة بها، لما رواه البخاري عن عائشة قالت: قام رسول الله صلى الله عليه على المنبر فقال: ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له وإن اشترط مائة مرة.
وراجع في ذلك الفتاوى الآتية أرقامها: 107337، 111351، 118634.
وعلى هذا؛ فما كان من الشروط معتبراً فعليك أن تلزمهم به، وتسعى في سبيل ذلك بما يمكنك من الطرق المشروعة، وما كان غير معتبر فلا يجوز إلزامهم به، ويستوي في هذا الحكم كون الشركة المذكورة من الأجانب أو غير الأجانب.
وما يقع من تقصير من الأجانب أو الوطنيين في العمل فعليك أن تنصحهم بعدم جواز ذلك، وأن الواجب على الأجير أن يقوم بالعمل المكلف به، ومن لم يستجب لذلك فعليك أن ترفع أمره للمسئولين.
أما قولك بأنك تعمل معهم وتأخد رصيد الهاتف ووجبات الغداء، فإذا كان ذلك من ضمن حقوقك فلا حرج في أخذه. وأما إذا لم يكن من حقك فلا يجوز لك، ولو كانت الشركة لا تقوم بما اتفق عليه، ولكن عليك أن ترفع قضيتها إلى من يأخذ منها للناس حقوقهم المشروعة، إذا لم يستجيبوا لك كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(12/3043)
يشترط لصحة الإجارة معلومية الأجرة والمنفعة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بعمل تقويم أسنان لوجود بروز في الأسنان الأمامية، وطلب مني الطبيب عمل أشعة للأسنان، وبعد رؤيته للأشعة أخبرني بأن التقويم سيكلفني 6500 ريال، والتقويم يشمل الأسنان العلوية والسفلية، ولكني رفضت عمل تقويم للأسنان السفلية لعدم وجود ما يشوبها، واتفقنا على أن أدفع مبلغ 300 ريال لكل جلسة شد التقويم، وقد عادت أسناني لوضعها الطبيعي بعد عدة جلسات ومجمل المدفوع أصبح 4500 ريال، والطبيب يطالبني بدفع الباقي وهو 2000 ريال حسب الاتفاق، فهل يجب علي دفع المبلغ؟ أم يعتبر هذا داخلاً تحت حكم الإجارات الفاسدة؟؟
أفيدوني رجاءً شاكرين لكم جهودكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط في الإجارة أن تكون الأجرة معلومة والمنفعة معلومة، فإذا اتفقتما على الأجرة والمنفعة وجب عليك دفع الأجرة التي اتفقتما عليها، ولكن لم يظهر لنا من كلامك ما هو المتفق عليه، فإن كنتما قد ألغيتما الاتفاق الأول حيث إنك لم تقوِّمي الأسنان السفلية وكان اتفاقكما على أن تكون أجرة كل جلسة 300 ريال فلا يجب عليك دفع زيادة عن ذلك، وإذا كنتما لم تحددا الاتفاق الذي تلتزمان به وأصبحت الأجرة مجهولة فسدت الإجارة ولزم أجر المثل.
وننبهك إلى أن تقويم الأسنان لا يجوز إلا إذا كان لعيب فلا بأس بذلك فيها، فإن بعض الناس قد يبرز شيء من أسنانه إما الثنايا أو غيرها تبرز بروزاً مشيناً بحيث يستقبحه من يراه ففي هذا الحال لا بأس من أن يعدلها الإنسان، لأن هذا إزالة عيب وليس زيادة تجميل، كما أن على المرأة أن تجتنب العلاج عند الأطباء الذكور ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وإنما يجوز للمرأة أن تتداوى عند طبيب رجل إذا دعت إلى ذلك ضرورة أو حاجة في قول هذه الجماعة من أهل العلم.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 8107، 19439، 65418، 106501، 108098، 49680، 73418.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1429(12/3044)
لا يجوز فسخ عقد الإجارة إلا حسب الاتفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يعمل في شركة وهذه الشركة هي التي استقدمته من بلده بفيزا زيارة على أن تحول إلى فيزا عمل بعد 3 أشهر ويوجد فترة تجربة مبدئية هي الثلاثة شهور الأولى وخلال هذه الفترة يجوز لأحد الطرفين فسخ العقد وخلال هذه الفترة وجد عملا آخر بشركة أخرى بمميزات أفضل فهل يجوز له الانتقال للشركة الأخرى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جمهور الفقهاء اتفقوا على أن الإجارة من العقود اللازمة من الطرفين، وأنه ليس لواحد منهما فسخه إذا وقع صحيحاً خالياً من خيار الشرط والعيب والرؤية، ولكن إذا تم الاتفاق على أنه يجوز لأحد الطرفين فسخ العقد جاز لك أن تفسخ العقد حسب الاتفاق، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقاً وأبو داود وحسن إسناده ابن الملقن في خلاصة البدر المنير.. وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 46107، والفتوى رقم: 75353.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(12/3045)
من شروط استحقاق الأجير للأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لدي عاملة بأجرة وكانت تأخذ في الشهر حوالي100ريال وغبت فترة للسفر ولمدة أسبوعين وعند العودة عادت من نصف الشهر وعند محاسبتها عند نهايه الشهرة بمبلغ50ريال رفضت بحجة أنها بقي لها25ريالا لأنها تأتي كل أسبوع مرة واحدة.هل علينا شيء لها مع أنها عملت أسبوعا من الشهر الجديد وقد حاولنا إعطاءها مبلغ الأسبوع الجديد وقابلتنا بالرفض بنفس الحجة. بقولها إننا نحسبها بأجرة أسبوع وهذا غير صحيح والله علي ما أقول شهيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب تقدير منفعة الأجير بمدة أو بعمل، ومتى قدرت بمدة استحق الأجير أجرته كاملة ببذل نفسه لما استؤجر له ولو لم يوجد عمل بسبب من جهة المستأجر، وأما إن قدرت منفعته بعمل فلا يستحق أجرته إلا إذا عمل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجارة يجب تحديدها بمدة أو بعمل شهرا أسبوعا يوما، وإذا حددت بمدة وبذل الأجير نفسه للعمل فيها استحق الأجرة المتفق عليها ولو لم يعمل بسبب من جهة المستأجر؛ كأن سافر أو غاب ونحو ذلك.
جاء في العناية: الأجير الخاص الذي يستحق الأجرة بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل، كمن استؤجر شهراً للخدمة.
وإن حددت الإجارة بالعمل كأن يستأجره على تنظيف هذا البيت أو غسل هذه الثياب فإنه لا يستحق الأجرة حتى يعمل، ويسمى الأجير في هذا النوع أجيرا مشتركا، وهو من يعمل للمستأجر ولغيره، وهذا الأجير لا يستحق الأجرة بمجرد استعداده كالأجير الخاص ما لم يقم بعمل ما استؤجر له.
وإذا تقرر هذا فتنظر السائلة في نوع الاتفاق الذي صار بينها وبين العاملة، فإن كان على مدة استحقت أجرتها كاملة إذا سلمت نفسها للعمل عملت أو لم تعمل بسبب من جهة السائلة، وإن كان الاتفاق على عمل لا على مدة استحقت أجرتها بإنجاز العمل.
ونصيحتنا للسائلة أن تتعامل مع هذه العاملة وغيرها بسماحة نفس وترك الاستقصاء.
وفي الحديث: رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1429(12/3046)
معلومية الأجرة شرط في الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة تصنيع قطع غيار وفي بعض الأحيان يأتي عمل رسومات للمعمل فأقوم برسم هذه الرسومات في بيتي عندما لا يكون هناك وقت فارغ لرسمها في المعمل وقد أباح صاحب العمل الرئيسي ذلك وأن أقتطع الأجر الذي أراه مناسبا من المدير المالي ولكن في بعض الأحيان أخجل أن أطلب الأجر من المدير المالي فأقوم بخصم المبلغ الذي أقدره كتعب لعملي من ثمن بعض الأغراض التي أشتريها من المعمل نفسه فمثلا يكون سعر القطعة 500 ريال فيصبح 300 ريال وأعطي المدير المالي 300 ريال والباقي هو أجري الذي قدرته لنفسي بناء على كلام صاحب العمل الرئيسي.
وقد قمت بسؤال شريك صاحب العمل عن هذه العملية التي شرحتها لكم فأباح لي اقتطاع الأجر الذي أراه مع تنبيهي إلى عدم التجاوز لكي لا أقع في الحرام وأنا الآن غالبا ما أقتطع الاجر بهذه الطريقة أي لا أطالب بالأجر بل أقتطعه من ثمن القطع التي أشتريها بناء على سماح أحد شركاء المعمل لي بفعل ذلك.
فهل ما أقوم به فيه شيء من الحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من شروط الإجارة الصحيحة أن تكون الأجرة معلومة، ومتى كانت الأجرة مجهولة فسدت الإجارة واستحق الأجير أجرة المثل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صاحب العمل وشريكه أذنا لك في عمل الرسومات المذكورة خارج دوامك في الشركة مقابل أجر فهذا جائز.
ويشترط أن تكون أجرتك على هذا العمل معلومة، لأن من شروط الإجارة الصحيحة أن تكون معلومة، وقول صاحب الشركة للسائل: اقتطع ما تراه أو ما تستحقه فيه جهالة.
وجهالة الأجرة في الإجارة تفسدها، وعند فسادها -لهذا السبب ونحوه- يستحق الأجير أجرة مثله.
جاء في أسنى المطالب: لو قال لغسال -مثلا- وقد أعطاه ثوبا: اغسله وأنا أرضيك، أو لا ترى مني إلا ما يسرك، أو حتى أحاسبك، أو لا يضيع حقك أو نحوها فأجرة المثل. انتهى
وإذا استحق السائل أجرة المثل فله أن يستوفي هذه الأجرة نقدا أو يخصم قدرها من ثمن مبيع يشتريه من الشركة، ولكنه لا يشرع له أن يفعل ذلك في الصورة المسؤول عنها إلا بعد مراجعة المدير المالي كما اتفق عليه هو وصاحب العمل الرئيسي، ولا يكفيه في ذلك ما سمعه من أحد شركاء صاحب العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(12/3047)
شروط جواز تأجير العين المستأجرة بدون علم المؤجر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أنا والدي كان يعمل في محل ميكانيكي سيارات، وهو مستأجر هذا المحل منذ أكثر من 30 سنة، ولكن قبل حوالي 6 أشهر مرض ولم يستطع أن يعمل فيه، وعرض عليه من قبل أحد الأشخاص أن يستأجره منه، وأن يحوله إلى مطعم وأن يدفع له الأجرة، مع العلم بأن المؤجر الأصلي لا يعلم بذلك، كما أن والدي لم يدفع الإيجار منذ 3 سنوات بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، فهل يجوز لوالدي أن يؤجر المحل وهو أصلاً مستأجره من غيره، فأرجو أن تفيدوني؟ مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز للمستأجر أن يؤجر العين المستأجرة بدون علم المؤجر بشروط منها: أن يكون ذلك في زمن العقد، وأن يؤجرها لمن ينتفع بها بمثل منفعته أو دونها في الضرر، وأن لا يخالف ضرر المستأجر الجديد ضرر الأول، واشترط البعض أن لا يكون المؤجر اشترط على المستأجر أن يستوفي المنفعة بنفسه دون غيره.
جاء في كشاف القناع: (وتصح إجارة مستأجر) العين المؤجرة (لمن يقوم مقامه) في استيفاء النفع (أو) لمن (دونه في الضرر) ؛ لأن المنفعة لما كانت مملوكة له، جاز له أن يستوفيها بنفسه ونائبه. (ولا يجوز) للمستأجر أن يؤجرها (لمن هو أكثر ضرراً منه) ؛ لأنه لا يستحقه، (ولا) إجارتها (لمن يخالف ضررُه ضررَه) لما مر. انتهى.
ولما كان المستأجر استأجر المحل لعمل ميكانيكي سيارات ويريد أن يؤجره ليعمل فيه الثاني مطعماً لم يجز إلا بإذن وعلم المالك لأن ضرر المطعم يخالف ضرر المكانيك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1429(12/3048)
تنعقد الإجارة بما يدل على الرضا
[السُّؤَالُ]
ـ[شكراً لكم على تعاونكم بما فيه خير الدنيا والآخرة..
أنا صاحب السؤال الذي أجبتم عليه تحت رقم الفتوى (97958) . هنا أرجو الإيضاح بما يخص العقد للمستأجر الثاني هل يكون بالمشافهة يعني بالكلام لأن المستأجر الثاني قد اتفق مع المستأجر الأول بالكلام فقط وظل الاتفاق سار لأكثر من أسبوعين ثم المستأجر الثاني تراجع. فماذا على صديقي هل يخسر الرهن من المؤجر الأول أو يجب حمله على المستأجر الثاني، أفيدونا بالله عليكم بإيضاح أكثر جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يكفي في انعقاد الإجارة وغيرها من العقود المشافهة بالكلام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الأصل في العقود التراضي المذكور في قوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29} قال خليل في مختصره وهو من كتب المالكية: ينعقد البيع بما يدل على الرضا. ومثل البيع الإجارة لأن شروط صحتها مثل شروط صحته. قال في المختصر: صحة الإجارة بعاقد وأجر كالبيع.
ومن ذلك تعلم أنه يكفي أن يحصل الرضا بالمشافهة؛ بل هي أدل على الرضا من جميع ما سواها، فالواجب على من استأجر من صديقك أن يبقى ملتزما بما تم التعاقد بينهما عليه، ولا يحل لأي منهما الرجوع إلا بتراض منهما، وهذا إذا كانت المشافهة صيغة ملزمة لا إن كانت مجرد وعد، ثم إنه لا يمكن استرجاع الرهن قبل أجله أو قبل فكه، وليس في ذلك خسران لصديقك لأنا إذا قلنا ببقاء الرهن بيد المؤجر الأول فإن لصديقك الحق في أن يستوفي الأجرة من المستأجر الثاني كاملة أو يصطلح معه على غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(12/3049)
حكم الإبلاغ عن الموظف المهمل والعمل مكانه
[السُّؤَالُ]
ـ[انتفلت لعمل جديد في شركة وصاحب العمل أخبرني بأنه ينوي طرد المحاسب الموجود لإهماله وأني سوف أحل محله، ولكن بدون أن يعلم ويجب علي أن آخذ منه الأعمال جزءا جزءا فانتباني شعور بالضيق لأني سأكون سببا في قطع عيشه ثم عندما استلمت جزءاً من الأعمال وجدته فعلا مهمل أو ليس على قدر من الكفاءة ووجدت أخطاء كثيرة، فهل من الأمانة تقديم تقرير بكل هذا، مع العلم بأنه سوف يصيبه ضرر أم أصمت وما هو موقفي لو صاحب العمل طرده، مع العلم بأنه رجل أكبر مني سناً ويعول أسرة ومسلم ويصلي كل فرض في المسجد، فأرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج عليك في أن تحل محل العامل المذكور، وأما الإبلاغ عنه فإن كان جزءاً من المسؤولية التي كلفت بها فهو واجب عليك وإلا فلا..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز ترك شيء من واجبات العمل ولا التهاون به لما في ذلك من الإخلال بما تم الاتفاق عليه من الشروط بين الموظف وجهة العمل، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وصححه السيوطي.
وعليه.. فما ذكرته من نقص كفاءة هذا المحاسب وإهماله يفيد أنه غير مؤهل للعمل الذي أسند إليه وأن عزله عنه هو الصواب، علماً بأنه من الجائز أن تعمل أنت محله على أية حال، ولا عليك في أن يطرده صاحب العمل أو لا يطرده، وفيما يخص الإبلاغ عنه -وقد ذكرت أنه سيجلب له ضرراً- فإن كنت مكلفاً به من طرف صاحب العمل فالواجب أن تفي بذلك، وإن لم يكن الإبلاغ عنه داخلاً في مسؤوليتك فليس من اللازم أن تفعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1428(12/3050)
شروط استحقاق العامل للأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يساعد صديقه كثيرا في متجره وهو فقير ويستحي أن يطلب منه المال فيأخذ خلسة دون علمه وحسب حاجته فما الحكم في ذلك مع العلم أنه يعمل معه كثيرا من الصباح إلى المساء وهو يأخذ حسب حاجته وما حكم المال الذي أخذه في السابق؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا لم يكن هذا الشخص متعاقدا مع صديقه أو لم يكن عرف جار بأن من عمل ذلك العمل استحق على من عمل له أجرة فلا تحق له المطالبة بالأجرة أصلا ومن باب أولى أن يأخذها من دون علم صاحب العمل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشخص إذا عمل لغيره عملا فإنه لا يستحق الأجرة عليه إلا أن يكون قد اشترطها أو جرى بها عرف، وفي غير ذلك إنما يعتبر متطوعا بعمله.
قال ابن قدامة في المغني: إذا دفع ثوبه إلى خياط أو قصار ليخيطه أو يقصره من غير عقد ولا شرط ولا تعويض بأجر, مثل أن يقول: خذ هذا فاعمله وأنا أعلم أنك إنما تعمل بأجر. وكان الخياط والقصار منتصبين لذلك ففعلا ذلك فلهما الأجر. وقال أصحاب الشافعي: لا أجر لهما; لأنهما فعلا ذلك من غير عوض جعل لهما فأشبه ما لو تبرعا بعمله. ولنا أن العرف الجاري بذلك يقوم مقام القول ... فأما إن لم يكونا منتصبين لذلك لم يستحقا أجرا إلا بعقد أو شرط العوض أو تعويض به; لأنه لم يجر عرف يقوم مقام العقد. فصار كما لو تبرع به أو عمله بغير إذن مالكه. اهـ.
وعليه، فإذا كان السائل لم يتعاقد مع صاحب المتجر على أجر، ولم يجر عرف به فإن أخذه للمال دون علم صاحبه يعتبر سرقة، ويجب عليه أن يتوب إلى الله منها، وأن يرد جميع ما كان قد أخذه من المال، أو يستحل منه صاحبه.
وأما إن كان قد تعاقد مع صديقه على أجرة محددة، أو جرى العرف عند الناس أن كل من عمل لشخص هذا العمل يستحق عليه أجرة فله أن يطالبه بحقه، وليس في ذلك معرة؛ وإنما المعرة في أن يكتشف أنه كان يأخذ المال خلسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1428(12/3051)
عدم تعيين جزء من العين المؤجرة يفسد عقد الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم هذه المعاملة شخص تعاقد مع وزارة الزراعة لتأجيره مساحة 10 كم بأحد المنتزهات الوطنية، واستلم المساحة المتعاقد عليها كاملة، ثم تقدم إليه طرف آخر بطلب استئجار المساحة كاملة بعد أن عاين الموقع ووافق عليه، وقد كانت هناك نية بجدولة المساحة المسلمة إلى المستأجر الأول بحيث تكون 5 كم في المنتزه و5 كم أخرى تسلم لاحقا في أي منتزه وطني آخر لتحقيق الصالح العام، وقد علم المستأجر الثاني بذلك قبل التعاقد ووافق على الالتزام بقبول أي تفاهم يتم بين المستأجر الأول ووزارة الزراعة بدون أي اعتراض واستلم المساحة الأولية المسلمة إلى المستأجر الأول وهي 5 كم على أن يستلم المساحة الباقية عندما تسلمها الوزارة للمستأجر الأول، فهل هناك أي غرر بالعين المؤجرة في هذه المعاملة خصوصا ولم يحدد موقع المساحة الباقية الـ 5كم ولم يكن موعد تسليمها محددا أثناء توقيع العقد بين المستأجر الأول والوزارة، مع العلم بأن الوزارة ملزمة بتسليم المستأجر الأول كامل المساحة ولها القدرة على ذلك، والتزامها ثابت بموجب تعاقدها مع المستأجر الأول وبموجب حكم محكمة واجب النفاذ لصالح المستأجر الأول والمستأجر الثاني على علم تام بكل ملابسات الأمور وموافق عليها وعلى الالتزام بأي تفاهم يتم بين المستأجر الأول والوزارة، ف أرجو الإفادة السريعة لتوافر الضرورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت وزارة الزراعة لم تعين للمستأجر بقية الأرض ولم تحدد وقتاً لتسلمها فلا تصح هذه الإجارة لاشتمالها على جهل لبعض العين المؤجرة ووقت الانتفاع بها، فالأرض المؤجرة لا بد من تعيينها ورؤيتها، ولا يكتفى فيها بمجرد الوصف، وبالتالي فلا تجوز إجارة تلك الأرض ولا يحق للمستأجر الأول القيام بتأجيرها، وإليك التفصيل.
ففي أسنى المطالب ممزوجاً بروض الطالب وهو شافعي: (ولا تصح إجارة أرض مستورة بالزرع) أو غيره ما عدا الماء لوجود ما يمنع رؤيتها وليس من مصالحها ولما في ذلك من تأخير التسليم والانتفاع عن العقد ومشابهته إجارة زمان مستقبل. انتهى.
وفي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع الحنبلي: (و) تصح إجارة (أرض معينة) برؤية لا وصف، لأن الأرض لا تنضبط به. انتهى. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 13225.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1428(12/3052)
شروط استئجار العامل من يقوم بعمله عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع شخص علي رسم لوحات بمبلغ معين ثم أعطيت الرسم لشخص آخر ليرسمه وأخبرته عن المبلغ الذي سآخذه بالأمانة واتفقت معه أن نقتسم بالنصف ووافق فهل الأجر الذي أخذته بدون عمل حلال أم حرام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج على العامل أن يستأجر من يقوم بعمله أو يعينه عليه ويعطيه ما اتفقا عليه من أجرة معلومة ما لم يكن صاحب العمل شرط عليه صراحة أو ضمنا أن يقوم هو بنفسه بالعمل، وراجع الفتوى رقم: 54702، والفتوى رقم: 65418.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1428(12/3053)
ركن الإجارة الأصيل التراضي على العمل وعلى الأجر
[السُّؤَالُ]
ـ[الأجور في السوق تترواح بين 5 آلاف7 أعمل بـ 5، ولما طالبت الكفيل بزيادة رفض، طلبت نقل الكفالة رفض بحجة أنه جلبني من بلدي للعمل معه، وهذا صحيح ومتفقان على الأجر، ولكن الظروف تتغير فهل من حقه شرعا رفض نقل الكفالة ووضعي بين خيارين: إما العمل وأنا أحتاج أن أظل في هذا البلد لظروف بلدي السيئة، وإما تسفيري، ألا يعد ذلك استغلالا لحاجة العامل للعمل، وهل أنا بذلك عندي عدم رضا، وما هي الصورة الشرعية الصحيحة في هذا النوع من المشكلات للحل، وهذه مشكلة عامة فأرجو التركيز عليها، مع العلم بأنه زاد في راتبي من 3 إلى 5 حتى اليوم طوال فترة العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم الأخ السائل أن العلاقة بينه وبين الشخص الذي استقدمه للعمل عنده هي علاقة إجارة، وهذه العلاقة قائمة على التراضي الذي لا يحل حراماً، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ {النساء:29} ، والإجارة لها أحكام البيع لأنها في حقيقتها بيع منافع، فركنها الأصيل التراضي على العمل وعلى الأجر.
فإذا حصل ذلك وتم العقد، فالعقد لازم للطرفين حتى تنقضي المدة المتفق عليها، ومعنى لزوم الإجارة أن صاحب العمل لا يملك فسخ العقد قبل انقضاء مدته، فإن فسخه لزمه أجرة المدة كاملة يدفعها للعامل، وإن كان الفسخ من العامل مع قدرته على العمل لم يستحق شيئاً لما عمل قبل، كما جاء في مطالب أولي النهى من كتب الحنابلة: ... أو امتنع الأجير لعمل من تكميل العمل فلا أجرة له لما عمل قبل. انتهى.
وعليه؛ فليس أمام الأخ السائل إلا أن يفي بالعقد حتى انقضاء مدته، فإذا انقضت وأراد صاحب العمل نقل كفالته فهذا عمل مستحب لما فيه من إعانة المسلم، لكن لا يكون ذلك واجباً عليه، وإن أراد أن يجدد العقد معه فيتفقان على أجرة محددة ولا يشترط أن يكون العامل مقتنعاً بالأجرة.
ولو كان هذا شرطاً في العقود لما استقامت أحوال الناس، فإن أكثر الخلق غير مقتعنين بأجورهم ويطمحون إلى أكثر منها، وإنما الشرط هو التراضي على الأجرة، والرضا هو قصد العقد دون أن يشوبه إكراه، ولما كان الرضا أمراً خفياً لا يطلع عليه أحد أنيط الحكم بسبب ظاهر وهو الصيغة التي هي الإيجاب والقبول، فإذا حصل إيجاب وقبول بقول أو فعل أو إشارة انعقد العقد وترتبت عليه آثاره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1428(12/3054)
حكم تعاقد الحامل مع طبيب لمتابعتها حتى نهاية حملها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض النساء الحوامل تقوم بدفع مبلغ من المال للطبيب في بداية حملها وذلك مقابل متابعة الحمل حتى نهاية حملها ثم قد يحدث أن تتوقف المرأة عن المتابعة لأي سبب عارض كأن تريد مثلا أن تغير الطبيب ,أو غير ذلك من الأسباب. فهل لها أن تسترد باقي المبلغ الذي دفعته للطبيب بعد خصم أجر الطبيب عن الزيارات التي قامت بها له؟ وهل يحق للطبيب أن يمتنع عن رد ذلك المبلغ متذرعا بأن العقد شريعة المتعاقدين؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعاقد مع الطبيب لمتابعة الحمل حتى نهاية الحمل هو عقد إجارة، وعقد الإجارة تفسده الجهالة سواء جهالة المدة أو جهالة العمل، وهذه الجهالة متحققة في هذا التعاقد، إذ ربما تضع المرأة في الشهر السابع، وقد تضع في الشهر التاسع، وقد تُسقط جنينها قبل ذلك كله، كما أن النساء تتفاوت في عدد ما تحتاجه من مرات المتابعة نظرا لطبيعة حملها، وهل تعاني فيه من مشاكل أم لا.
وبناء على هذا.. فإن هذا التعاقد لا يصح، والطبيب يستحق فقط أجرة ما قام به من متابعة دون باقي المبلغ، كما هو الشأن في كل الإجارات الفاسدة. وراجع لزاما الفتوى رقم: 19439
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1428(12/3055)
حكم تغريم المستأجر إذا ترك العقار قبل انتهاء العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بتأجير شخص شقة لمدة 6 شهور وقمت بوضع شرط جزائي بالعقد إذا أراد المستأجر الخروج قبل انتهاء العقد عليه بدل إيجار شهر ويلتزم بدفع شهر مقدما والآن هو يريد الخروج قبل المدة المقررة وأنا طالبته بدفع شهر مقدما هل هذا يجوز شرعا؟ وثانيا حلفت بالله أمام المستأجر بأنني لا أذكر تفاصيل الحديث بيني وبينه لأنه أخبرني أنه رفض مبدأ (أن يدفع شهرا مقدما) ووافق وأنا وافقت على حد كلامه بدفع50 دينارا فقط عن كل شهر إذا أراد الخروج قبل المدة المقررة، وأنا صدقا لا أذكر تفاصيل الحديث بيني وبينه بالدقة، وللعلم أن المستأجر قد وقع العقد وهو يعلم أن به شرطا جزائيا يجبره على دفع مبلغ 450 دينارا إذا رغب بفسخ العقد والخروج من الشقة، السؤال: هل أنا آثم لأنني حلفت على القرآن أمامه بأنني لا أذكر ما جرى من حديث بيني وبينه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نفهم على وجه الدقة ماذا تعني بدفع شهر مقدم عند إرادة المستأجر فسخ عقد الإجارة قبل نهايته، ولكنك إذا كنت قد اشترطت عليه إذا أراد فسخ العقد دفع مبلغ زائد على ما يلزمه من أجرة المدة المتبقية على العقد فلا يلزمه إلا دفع أجرة المدة المتبقية، وذلك لأن الشرط الجزائي إنما صح اشتراطه في مقابل الإخلال بالالتزام، ولم يعد هناك مسوغ لإلزامه بالشرط.
وقد جاء في قرارات الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء: الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالالتزام الموجب له معتبر شرعا، فيكون العذر مسقطا لوجوبه حتى يزول، وإذا كان الشرط الجزائي كثيرا عرفا بحيث يراد به التهديد المالي ويكون بعيدا عن مقتضى القواعد الشرعية فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة، أو لحق من مضرة.
أما إذا كنت قد اشترطت عليه أنه إذا ترك الشقة قبل نهاية العقد فهو ملزم بدفع مبلغ معين فقط دون أجرة المدة المتبقية ووافق على هذا الشرط فلا حرج في هذا، روى البخاري في صحيحه بسنده عن ابن سيرين: أن رجلا قال لكريه: أدخل ركابك فإن لم أرحل معك يوم كذا أو كذا فلك مائة درهم فلم يخرج، فقال شريح: من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه، وقال أيوب عن ابن سيرين: إن رجلا باع طعاما وقال: إن لم آتك الأربعاء فليس بيني وبينك بيع، فلم يجئ، فقال شريح للمشتري: أنت أخلفت فقضى عليه، وراجع لمزيد من التفصيل الفتاوى التالية أرقامها: 34491، 9215، 46612، 52465.
وما لم تتيقن أو يغلب على ظنك صدقه في أنك وافقت على أن يدفع فقط خمسين دينارا عن كل شهر إذا أراد الخروج قبل المدة فلا يلزمك إجابته إلى ذلك، ولك أن تلزمه بالعقد الذي وقع عليه، وإن كان الأولى هو مسامحته والاكتفاء بقبول المبلغ الذي يدعيه، فقد قال تعالى: وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237}
وأما بالنسبة للحلف الذي حلفت.. فإذا كنت قد حلفت أنك لا تتذكر ما جرى بينك وبينه، وأنت فعلا لا تتذكره فلا إثم عليك، أما إذا كنت تتذكره وحلفت كذبا فلا ريب أنك تأثم بذلك، وهذا الحلف يمين غموس تجب المبادرة بالتوبة إلى الله منه، وراجع الفتوى رقم: 7258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1427(12/3056)
من شروط صحة الإجارة معلومية الأجرة عند التعاقد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا طبيب تقدمت لإحدى الكليات الجامعية لتدريس بعض المواد الطبية وقدمت لهم المطلوبات ومنها شهادة التخرج وهي البكالوريس ووقعت معهم عقدا للعمل بدون ذكر للراتب وبعد الاستمرار طيلة السنة الجامعية أعطوني الراتب وعندما حسبته وجدته نفس المرتب الذي يتقاضاه من له مؤهل ماجستير (300 دينار) بينما البكالوريس (150 دينار) مع العلم بأنني لم أقدم لهم إلا شهادة أخرى وهي دبلوم التخصص الطبي وهو أعلى من البكالوريس ولا يساوي الماجستير كما أن هذه الكلية تتبع الدولة وليس لي فيها نفوذ معين كما أنني أوضحت للمسؤولين عن إعداد المرتبات أنني في الطريق للماجستير ولم أتحصل عليها فهل ما أحصل عليه من راتب حلال أم لا؟ وإذا عملت معهم السنة القادمة ماذا أعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أهم شروط صحة الإجارة أن تكون الأجرة معلومة عند التعاقد، لأن الإجارة من جنس البيع، إذ البيع عقد على الأعيان، والإجارة عقد على المنافع، ومن شروط صحة البيع كون الثمن معلوماً، فيشترط في عوض المنافع من العلم ما يشترط في عوض الأعيان.
فإذا كانت الأجرة مجهولة عند العقد للإجارة، فهي إجارة فاسدة ويجب للأجير أجر المثل، فإذا زاد المستأجر الأجير دون غش أو تدليس، فلا مانع من ذلك، لأنه معروف رغب الشرع في فعله، قال تعالى عن سيدنا شعيب: قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ {القصص: 27} .
لكن يشترط أن تكون هذه الزيادة قد حصلت بإذن من له الحق في التصرف، أما إذا حصلت ممن ليس مخولاً بها، مع علمك بذلك فالواجب عليك هو ردها إلى جهة عملك، فإن تعذر ذلك تصدقت بها بإنفاقها في مصالح المسلمين.
وبناء على هذا يجب عليك أن تبرم عقد الإجارة في المستقبل مستوفياً شروطه كما ذكرنا من كون الأجرة معلومة، وكذلك مدة العمل أو قدره بحسب ما تقتضيه طبيعة عملك، وراجع الفتويين رقم: 17364، 63752.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1426(12/3057)
حكم تأجير السكن مدى الحياة وثبات الأجرة مهما تغيرت الظروف وزيارة هذا المؤجر
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على هذا الموقع المتميز وجعله في ميزان حسناتكم.
وبعد، انتشرت في مصر في العقود الماضية ظاهرة تعرف بالإيجار القديم، وهو عقد للشقق يبقى فيها المستأجر مدى الحياة في الشقة بنفس القيمة الإيجارية ويورثها لجيل واحد يليه. وقد فرضت الحكومة هذا الأمر على الملاك في الستينيات، ولكن هذا النوع من التعاقد استمر في السبعينيات برضا الطرفين أحياناً، حتى وصل في وقتنا الحالي أن بعض العقارات مؤجرة بقيمة زهيدة جداً بعد تدني قيمة العملة.
السؤال: هل تعتبر هذه الشقق مغصوبة من ملاكها؟ وهل يلزم على المستأجر الخروج منها حتى إن كان لا يملك مكاناً آخر للسكن؟ وهل على المستأجرين تعويض الملاك عن الفترات السابقة؟
وحيث إن هذه الظاهرة منتشرة جداً فان كثيراً من الأقارب والأصهار يسكنون في شقق بهذه العقود، فهل تجوز زيارتهم في هذه الشقق إن كانت تعتبر عيناً مغصوبة؟
جزاكم الله خيراً وعفواً على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز الالتزام بقانون الإيجار المعمول به في بعض الدول، والذي يقضي بلزوم الإيجار مدى حياة المستأجر وتوريثها لجيل واحد من أبنائه بعده، مع بقاء الأجرة ثابتة طوال هذه المدة دون نظر إلى أجرة المثل عند ارتفاع قيمة الإيجار وزيادة الأسعار، بل يعتبر المستأجر غاصبا في حالة مطالبة مالك العقار له بالخروج أو بزيادة الأجرة، فإن بقاءه متمسكا بالعين المستأجرة مستندا في ذلك إلى هذا القانون الجائر منكر عظيم، ويجب أن يعلم أن القانون لا يحل حراما ولا يحرم حلالا.
والصواب أن الإجارة عقد لا يقتضي التأبيد، بل لا بد من معلومية مدته كيوم أو شهر أو سنة ونحو ذلك، فتأبيد الإجارة يجعل المستأجر مالكا أو كالمالك، كما أنه يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل.
فإذا انتهت المدة وجب على المستأجر إخلاء العين المستأجرة للمؤجر، فإذا أراد البقاء فيها ورضي بذلك رب العقار مختارا وجب عليه دفع ما يتفق هو ورب العقار عليه، ويجب دفع أجرة المثل للملاك عن المدة السابقة، إلا إذا تنازلوا عنها طائعين.
أما عن زيارة سكان هذه البيوت التي هي في حكم المغصوب فلا تجوز، لما فيها من إقرارهم على المعصية والرضا بها، وراجع الفتوى رقم: 35388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1425(12/3058)
حكم البيع لأهل المعاصي والعمل عند من لا يعلم مصدر ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل بيع الشيء الحلال كبيع المواد الغذائية وغيرها من الأشياء المباحة لأهل الفجور والمعاصي إعانة على الإثم وعلى معصيتهم. 2- وإذا كان ماله حرام فهل يجوز البيع له حيث إن معرفة حل مال المشتري أو حرمته لا يعرف غالبا. 3- وإذا لم يعلم مصدر مال الشركة أو الشخص الذي يراد العمل لديه فهل يجوز العمل لديه بحيث كان مختلطاً بحرام أو مشتبها فيه أو لا يعلم مصدره أساسا. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذاتيقنت أو غلب على ظنك أن المواد التي تبيعها لصاحب الفجور يستعين بها على معصية الله، لم يجز لك بيعها له، وذلك سداً لذرائع الفساد، وقد مثل لها العلماء بالعنب فإنه لا يجوز بيعه لمن عُلم أو غلب على الظن أنه يصنعه خمراً، أما مجرد الظن فلا يمنع من إجراء البيع، لأن الأصل في البيع الحل، قال تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ {البقرة: 275} . ولا يُعدل عن هذا الأصل إلا بدليل، وراجع الفتوى رقم: 4277، والفتوى رقم: 52614. فلمعرفة الأمر بالتفصيل في معاملة حائز المال الحرام، راجع الفتوى رقم: 7707. 3ـ فالأصل في الأموال التي بأيدي المسلمين أنهم تملكوها بالطرق المشروعة، حتى يثبت خلاف ذلك، ولذا حرم الله الاعتداء عليها وأباح التعامل معهم فيما يحل، فلا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، وكذا يجوز البيع له والشراء منه، ولمعرفة حكم العمل عند من اختلط ماله، راجع الفتوى رقم: 11095. ولا ينبغي للمسلم أن يسيء الظن بإخوانه المسلمين وليحمل أمرهم على السلامة حتى يثبت له خلاف ذلك، ومجرد الشك في مال الغير لا يثبت حكماً، لأن الأحكام إنما تثبت باليقين أو بغلبة الظن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(12/3059)
حكم أجرة الوسيط - غير الموظف - بين الشركة وعملائها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أجمع جوازات السفر من الناس لتسفيرهم لأداء العمرة وأقوم بدور الوسيط بينهم وبين الشركة المنظمة وأنا معرض لكل شيء إذا حدث شيء ما فأنا مسئول أمام الناس وأقوم بتركيبهم الباص والسفر معهم والعمل على راحتهم وخدمتهم طوال الطريق وما فيها من معاناة ومشقة للمندوب مثلي وأنهي لهم الإجراءات على الحدود وأخدمهم وأسكنهم في المدينة ومكة وأقوم بعمل المزارات لهم وتدريسهم وتعليمهم خطوات وأركان العمرة وأساعد مريضهم وغيرها من الخدمات ولذلك فأنا أجعل لنفسي جزءا من المبلغ مقابل ذلك وخاصة أننى موظف ومرتبى لا يكفى فهل هذا المال حلال أم لا أفتونا مشكورين وفي أسرع وقت. جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن موظفا على هذه الإجراءات والخدمات التي تقوم بها لصالح المعتمرين وكنت تأخذ هذا المبلغ باتفاق مع المعتمرين أو الشركة المنظمة فلا بأس، ويعتبر عملك هذا إجارة جائزة، وأما إن كنت تأخذ هذا المبلغ بدون علم من تأخذه منه فلا يجوز لك وهو أكل لأموال الناس بالباطل. وقد حرم الله تعالى أكل أموال الناس بالباطل فقال: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1425(12/3060)
يشترط لصحة الإجارة تعيين مدة معلومة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في رجل له دكان يؤجره لرجل مقابل أجرة شهرية أو سنوية محددة. والشرط بينهما أن لا يكون للمالك حق إخراج المستأجر، ولا إيجار الدكان لآخر، إلا في حالة ما إذا قام المالك بإعادة بناء الدكان، فهل في هذا العقد من حرج بسبب عدم تحديد مدة الإيجار أو لغيره من الأسباب؟ وإذا كان من حرج فما المخرج الشرعي؟ وما الواجب على من وقع في الخطأ؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط لصحة عقد الإجارة بيان المدة التي تنتهي فيها، فإذا لم تبين هذه المدة فالإجارة فاسدة مفسوخة.
قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استئجار المنازل والدواب جائز، ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة.اهـ
وهذا الشرط الذي يشترطه المستأجر على المؤجر يجعل مدة الإجارة غير معينة ولا معلومة، وبالتالي تكون الإجارة فاسدة لخلوها من تحديد المدة، وما كان كذلك يجب فسخه، ثم المؤجر مخير بين تأجيره لهذا المستأجر أو لغيره ملتزماً بالشروط الشرعية في الإجارة
وننبه هنا المستأجر إلى أنه لا يحل له البقاء على عقد الإجارة الذي لم تحدد مدته، وإذا كان يتكئ على عقد فاسد أو قوانين وضعية تسمح بهذا، فعليه أن يعلم أن كل شرط أو قانون خالف حكم الله فهو باطل، وأن عليه بمقتضى الإسلام أن يذعن لحكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قال عز وجل ": إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " (النور:51)
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1425(12/3061)
الاتفاق بين العامل وجهة العمل على دفع تكاليف العلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعمل في شركة خاصة وتقدم هذه الشركة للعاملين بها خدمة الرعاية الصحية طبقا للطريقة الآتية:
إذا مرض العامل فله الحق أن يذهب إلى أي عيادة أو مستشفى سواء كان هناك اتفاق بين الشركة وهذه الأماكن أو لم يكن هناك اتفاق ويدفع العامل المصاريف من جيبه الخاص ثم يقدم الفاتورة للشركة ويحصل على المبلغ الذي دفعه بشرط ألا يزيد على ألف جنيه مصري في السنة الواحدة وإذا احتاج العامل لعملية جراحية تقوم الشركة بدفع المبلغ حتى عشرة آلاف جنيه مع العلم بأن الشركة تفعل ذلك من تلقاء نفسها دون التعاون مع شركة تأمين والسؤال هل هذه الخدمة حلال أم حرام؟.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الخدمة تقدم من الشركة على سبيل التبرع فلا حرج في ذلك، وهذه الخدمة حلال. أما إن كانت هذه الخدمة من الشروط التي يشترطها العامل في العقد فلا تجوز، لأنها تصبح بالاشتراط بعض ما يستحقه العامل من أجرة نظير عمله.
ولا يخفى أن هذا يؤدي إلى جهالة الأجرة، جهالة فاحشة لا تغتفر، نظرًا لتفاوت مصاريف العلاج التي يحتاجها كل عامل تفاوتًا كبيرًا - كما هو معلوم - وقد اتفق أهل العلم على أن مثل هذه الجهالة يبطل بها عقد الإجارة، لما رواه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(12/3062)
جهالة الأجرة تفسد عقد الإجارة.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع. وبعد،
فهل المعاملة التالية جائزة؟ والمعاملة هي أني أجرت بيتا من عند رجل بسعر معين، ويتولى هو أمر الكهرباء، ولكني أستعمل الكهرباء ولا أعلم القدر الذي أستعمل ولا يعلمه هو أيضا، حيث أن المنزل كله لديه عداد واحد على ما أعتقد، وإذا لم يكن جائزا، فكيف أتعامل معه إذا لم أجد من يناسبني غيره وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه العملية لا تجوز، لما فيها من الجهالة والغرر، وذلك لأن ما يستهلكه المستأجر من الكهرباء غير محدد، وبالتالي فيكون مقابله الذي التزم به المؤجر مجهولاً، وجهالته تستلزم جهالة أجرة البيت، ومن المعلوم أن جهالة الأجرة تفسد عقد الإجارة.
والحل لهذه المسألة سهل ولله الحمد، وهو أن يستأجر المؤجر البيت بأجرة معلومة، ويتولى هو دفع ما استهلك من الكهرباء والماء، وإذا كان عداد البيوت واحدًا، فمن الممكن أن يجعل لكل بيت عداد مستقل خاص به وهذا أمر هين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(12/3063)
من شروط تأجير الأرض الصالحة للزراعة والبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إيجار الأرض لعمل غير الزراعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في كراء الأرض لعمل مباح زراعة أو غرساً أو بناء أو غير ذلك، لكن إن كانت الأرض صالحة للزراعة والبناء والغراس فيشترط تعيين المنفعة، قال الإمام النووي رحمه الله في المنهاج: وإذا صلحت الأرض لبناء وزراعة وغراس اشترط تعيين المنفعة، ويكفي تعيين الزراعة عن ذكر ما يزرع في الأصح، ولو قال لتنتفع بها بما شئت صح، وكذا لو قال إن شئت فازرع وإن شئت فاغرس في الأصح. انتهى.
وقال الإمام ابن المنذر رحمه الله في كتاب الإجماع: وأجمعوا على أن اكتراء الأرض بالذهب والفضة وقتاً معلوماً جائز، وانفرد طاووس والحسن فكرهاها. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى: قد ثبت إباحة كراء الأرض بالسنة واتفاق الفقهاء المتبوعين.
وبين شيخ الإسلام -رحمه الله- أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن كراء الأرض محمول على صورة معينة فقال: المراد بذلك الكراء الذي كانوا يعتادونه من الكراء والمعاوضة اللذين يرجع كل منهما إلى بيع الثمرة قبل أن تصلح، وإلى المزارعة المشروط فيها جزء معين، وهذا نهي عما فيه مفسدة راجحة. انتهى.
دليل الجماهير من أهل العلم الحديث المتفق على صحته أن حنظلة بن قيس سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض؟ فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض، قال: فقلت: بالذهب والفضة، قال: إنما نهى عنها ببعض ما يخرج منها، أما بالذهب والفضة فلا بأس.
ويقاس على الذهب والفضة كل ما كان معلوماً حتى الطعام سواء كان من جنس ما يخرج منها أو لا، وهذا مذهب الحنفية والشافعية ورواية عن أحمد، وإجارة الأرض كما هو معلوم من إجارة المنافع، ومنفعة الأرض معلومة مقدور على استيفائها مع بقاء العين.
وأما إجارة الأرض بجزء مشاع مما يخرج منها، فأكثر أهل العلم على منعه، وهو الراجح لجهالة العوض في عقد الإجارة، وانظر الفتوى رقم:
15122.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(12/3064)
حكم اشتراط المؤجر عدم عود العربون للمستأجر إلا بعد وجود مستأجر جديد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
إذا أراد أحد أن يبني دكانا للإيجار يعلنون أن من أراد أن يستأجر الدكاكين التي ستبنى فليدفع عربونا حتى يسجل اسمه ضمن المستأجرين، كون الدكاكين في موقع مميز في وسط المدينة لا يستطيع الاستئجار من لا يدفع العربون مقدما.. وبعدما يتم بناء الدكاكين تؤجر للذين دفعوا العربون مقدما بعقد مدته سنة، ويطلب مالك الدكاكين من المستأجرين حق الإيجار سلفا للسنة.. أو ستة أشهور.. والعربون لا يُرجع للمستأجر إلا إذا أخلى الدكان ووجد المستأجر الجديد لمكانه.. إذا استمر الشخص في استئجار الدكان يتاجر مالك الدكان بالعربون ولو عشرين سنة وهذه الظاهرة قد شاعت في بلدنا الصين.. وهل هذه المعاملة مخالفة لشرعنا الحنيف....؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم بيع العربون في الفتوى رقم:
5387.
وليس عليكم حرج إن شاء الله تعالى في دفع العربون من أجل استئجار دكان ونحوه، وكون العربون يبقى عند صاحب العقار رهناً لا بأس به إذا تراضيتم على ذلك، إلا أنه لا يصح الانتفاع بالرهن بغير إذن الراهن. وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم:
17868 - والفتوى رقم: 18520.
وأما اشتراط عدم عود العربون إلى صاحبه إلا بعد وجود المستأجر الجديد فهذا شرط باطل لا يصح، وإلزام المستأجر بهذا ظلم.
وعليه؛ فلا يجوز الإقدام على التعاقد مع وجود هذا الشرط الباطل، وإن تم العقد مع وجود الشرط الفاسد فقيل يمضي البيع ويبطل الشرط، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق...... رواه البخاري ومسلم.
وقيل يفسد البيع، قال الإمام أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله: فإن شرط ما سوى ذلك من الشروط التي تنافي مقتضى البيع بأن باع عبداً بشرط أن لا يبيعه أو لا يعتقه، أو باع داراً بشرط أن يسكنها مدة، أو ثوباً بشرط أن يخيطه له أو فِلْعَة (جلدة النعل) بشرط أن يحذوها له بطل البيع، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن بيع وشرط. وروي أن عبد الله بن مسعود اشترى جارية من امرأته زينب الثقفية وشرطت عليه إنك إن بعتها فهي لي بالثمن، فاستفتى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال: لا تقربها وفيها شرط لأحد. انظر المجموع 9/452.
فعليك بالابتعاد عن هذا الاستئجار، فإن العلماء نصوا على أن الإجارة كالبيع لأنها في واقع الأمر بيع منفعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1423(12/3065)
شروط جواز ممارسة الأجير عملا آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الترويج لبضاعة (لا يبيعها المحل الذي أعمل فيه) مقابل عمولة من صاحب هذه البضاعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مقتضى عقد الإجارة أن يقوم الأجير بالعمل الذي استؤجر عليه إلى تمام المدة، ولا ينشغل بشيء آخر سوى الصلوات المكتوبة ونوافلها، أو ما جرى العرف به كالأكل والشرب وما شابهه.
وأما الاشتغال بعمل آخر في وقت العمل غير ما سبق فلا يجوز، لأنه إخلال بالعقد. والله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] .
وعليه، فلا يجوز للأخ السائل الاشتغال بالترويج للبضاعة التي لا يبيعها المحل الذي يعمل فيه إلاَّ إذا أذن له في ذلك المستأجر أي صاحب العمل، أو كان يقوم بالترويج لهذه البضاعة في غير أوقات مزاولته للعمل المناط به في العقد، ولم يخش أن يؤثر ذلك على عمله عند صاحب المحل في وقت مزاولته له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1423(12/3066)
حكم أخذ عمولة من العميل بدون علم صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في معرض للسيارات مسؤول مبيعات ونتعامل مع شركات تمويل إسلامية وعندما نبيع سيارة عن طريقها تصدر شيكا باسم المعرض بـ100 ريال عمولة لي كمسؤول مبيعات ولمندوب المعرض، ولكن صاحب المعرض يستحلها ويقول هي من حق المعرض، علما بأن شركة التمويل تقر بأن العمولة للمندوب، فهل أقع في الإثم عندما آخذ هذا الحق المسلوب مني بدون علم صاحب المعرض بأي صورة من الصور، علما بأننا حاولنا أن نوضح له أن هذه العمولة من حقنا دون جدوى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأخ السائل يعتبر أجيراً خاصاً لدى هذا المعرض، فليس له من الحق إلا ما تعاقد عليه مع صاحب المعرض من الراتب ونحوه، ولا يجوز له أخذ العمولة المشار إليها في السؤال إلا بإذن صاحب المعرض، فإن أخذها دون علمه كان ذلك من هدايا العمال التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وسبق بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 17863، 60670، 108676.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1430(12/3067)
حدود التصرف المسموح به للعامل في مجال الدعاية
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل في مجال الدعاية للأدوية، وفى الشركة يقومون بتوزيع بعض العينات المجانية وبعض الأشياء مثل الساعات الأقلام وأشياء كثيرة على سبيل الدعاية، وأحيانا زوجي يوزع منها على الأقارب أو المعارف، وأحيانا يقابل المندوبين في شركات أدوية أخرى ويأخذ منهم دعاية من شركاتهم، أو بعض الأدوية التي نستخدمها، ويقول لي إن الشركات تقوم بتوزيع هذه الأشياء على المندوبين على سبيل الدعاية، ولا يشترط أن تذهب إلى الأطباء فقط فأرجوا أن تسألوا لي هل هذا صحيح مع العلم أن زوجي يخرج بعض الأموال شهريا على سبيل الصدقة، وهو يسمح لي أن آخذ أحيانا من مصروف البيت دون إذنه، فأقوم بوضع هذا المبلغ في بناء مسجد أو عمل خيري بنية أن يطهر الله مالنا إذا كان في أخذ هذه الأشياء شبه، فأرجو التوضيح هل هذا العمل جائز، وهل يثاب زوجي عليه مع أنه بدون علمه، وهل يصح أن أضعه في بناء مسجد أم على أن أنفقه في مواضع أخرى. أرجو التوضيح.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان حكم العمل بوظيفة مندوب دعاية لشركة أدوية، في الفتوى رقم: 112921. فيرجى الاطلاع عليها للفائدة.
وأما بالنسبة لخصوص السؤال، فمبنى الجواب على العلم بكون مندوب الشركة يعتبر أجيرا خاصا لديها، والأجير الخاص أمين على أموال مؤجره، ويده على هذه الأموال يد أمانة، ومعنى ذلك أنه لا يجوز له التصرف فيها إلا بإذن المستأجر (الشركة) ويقابل ذلك أنه إذا تلف شيء أو هلك من أموال الشركة لا يضمن الأجير الخاص إلا في حالة التعدي والتفريط، كما سبق بيانه في عدة فتاوى، منها الفتويين: 54080، 80041.
وعلى ذلك فتصرف مندوب الدعاية في المواد الدعائية التي يستلمها من شركته يجب أن لا يخرج عن الحدود التي ترسمها له الشركة، فإن كانت تقصرها على الأطباء مثلا، فلا يجوز له توزيعها على غيرهم، وإن كانت تسمح بغير ذلك فلا بأس بالتصرف في حدود المسموح. ومن خرج عن هذا الحد فهو آثم، ولا يجوز قبول هذه العينات والهدايا منه.
ولا يخفى أن الحدود المسموح بها في هذه الأمور تختلف من شركة لأخرى، ومن دولة لأخرى، ولا يسعنا السؤال عن ذلك، فكل مندوب ينبغي أن يتعرف على قواعد الشركة التي يعمل بها في مثل هذه الأمور ويلتزم بها، ثم ينبغي أن يتحرى الحلال ويجتنب ما يتشابه عليه. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. متفق عليه.
وأما بالنسبة للشطر الثاني من السؤال، فالأصل أنه لا يجوز للزوجة أن تتصرف في مال زوجها ولو بالتصدق، إلا بما جرى به العرف من الأشياء اليسيرة التي يتسامح فيها، وأما ما سوى ذلك فلا بد من إذنه أو علمها برضاه بذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته عام حجة الوداع: لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها. قيل: يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: ذاك أفضل أموالنا. رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود وابن ماجه وأح مد، وحسنه الألباني.
فإن فعلت المرأة ذلك بإذن زوجها، أو إذا علمت رضاه بذلك، كما هو حال السائلة الكريمة، كان لها ولزوجها أجر بذلك حتى ولو لم يعلم الزوج، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فله نصف أجره. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إذا تصدقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة كان لها أجرها ولزوجها بما كسب وللخازن مثل ذلك. متفق عليهما. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 9457، 80772، 28821.
ولا شك أن إخراج مثل هذه الصدقات مما يطهر المال وصاحبه من آثار الذنوب، كما قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا. {التوبة: 103} . قال الطبري: (تُطَهِّرُهُمْ) من دنس ذنوبهم. اهـ.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم. رواه أبو داود. وروي أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من بني تميم: تخرج الزكاة من مالك فإنها طهرة تطهرك. قال المنذري والهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. انتهى.
ولا بأس بجعل هذا المال في بناء المساجد أو غير ذلك من أعمال الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(12/3068)
لا يحق للمستأجر أن يستبد بالعين المؤجرة استنادا إلى قانون باطل
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والدي وترك بيتا يتكون من أربع شقق، وأخ شقيق لي وزوجة أب وأخت من زوجة أبي، أسكن أنا بإحدى الشقق، ويسكن أخي الشقيق شقة أخرى، ويسكن الشقتين الأخريين ساكنان غريبان، وكلنا سكنا بعقد الإيجار القديم الدائم، وبعد وفاة أبي عرض علينا أحد الساكنين إخلاء شقته مقابل مبلغ من المال أضعاف أضعاف ما دفعه من إيجار طيلة السنوات التي سكن فيها في بيتنا، وكانت زوجة أبي وأختي لا يملكان المال، فدفعت أنا وأخي مناصفة للساكن المبلغ الذي طلبه، واستلمنا منه الشقة وأصبحنا بذلك نعطي لأختي وزوجة أبي نصيبهما من الإيجار الذي كان يدفعه ذلك الساكن، لأننا حللنا مكانه فهل هذا هو الحق بيننا أم ماذا؟ وإذا أرادت زوجة أبي وأختي أخذ ثمن نصيبهما من ميراثهما في البيت ماذا نفعل؟ هل نثمن البيت على ما هو عليه وكأن فيه أربعة سكان غرباء دائمين وأنا وأخي منهم وأنتم تعلمون أن الساكن على نظام الإيجار القديم لن يخرج منه وهو المالك ولكن بعقد إيجار، وهذا هو القانون مع الأخذ فى الاعتبار أن المشترى سيكون أنا وأخي أم ماذا نفعل؟ وإذا حدث بعد أن أخذت أختي وزوجة أبي نصيبهما من ثمن البيت إن بعت شقتي لصغرها لأشتري شقة أكبر، وثمنت الشقة بأعلى كثيراً من ثمنها ضمن البيت ككل لأنها ستباع خالية فهل لأختي وزوجة أبي حق فى هذا السعر الجديد إذا أخذنا في اعتبارنا قول الله عز وجل (ويل للمطففين) أشيروا علي هداكم الله للخير والرشاد وجزاكم الله كل الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعقد الإيجار الذي لا تحدد فيه المدة من العقود الباطلة المصادمة للشريعة، ولا يحل للمستأجر أن يستبد بالعين المؤجرة استنادا إلى قانون باطل، بل يجب فسخ هذا العقد وتسليم العقار للمالك أو ورثته، ثم إذا أراد المالك تأجير العقار بالشروط الشرعية فلا بأس أن يستأجره المستأجر الأول.. ولا يحق لأحد الورثة أن ينفرد بشيء من التركة دون إذن بقية الورثة، فليس للوارث من الميراث إلا نصيبه الشرعي.
وعلى ذلك، فبالنسبة للشقتين اللتين يسكنهما الشقيقان هما من جملة التركة، فلا يستحقان فيهما إلا نصيبهما من الميراث، وملكيتهما والتصرف فيهما يعود إلى الورثة جميعاً، ولا يحق لهما الاستبداد بمنافعها بناء على قانون باطل، ولذلك يجب أن يكون تقدير ثمن العقار عند تقسيم التركة تقديرا عادلا، بأن يكون ثمن هاتين الشقتين اللتين يسكنهما ثمنا عادلا وكأنهما خاليتان.. وبالنسبة لعقد الشقتين اللتين يسكنهما الغرباء هو عقد باطل أيضا يجب فسخه، لأنه مؤبد غير محدد المدة، وأما إن كان مشاهرة فهو غير ملزم لأحد الطرفين، بل هو منحل من جهتهما، فأيهما أراد فسخ العقد فله ذلك ما لم يدفع المستأجر الأجرة أو يبدأ في الشهر أو السنة، إن كان على سنة وعليه فلا يحل للمستأجر فرض مبلغ من المال نظير تركه للشقة.
وما دفعه الشقيقان لاسترداد الشقة الثالثة، إن كان بعلم بقية الورثة وإقرارهم، بغرض دفع الظلم واسترداد الحق، فهو دين على جميع الورثة بحسب أنصبتهم من الميراث.. وعلى ذلك فما قام به الشقيقان من إعطاء أختهما وزوجة أبيهما نصيبهن من الإيجار الذي كان يدفعه الساكن الثالث فيه بخس لحقهن، بل كان الواجب أن يؤجرا الشقة بإيجار مثلها وهي خالية، ثم يدفعان لهن نصيبهن، اللهم إلا إن كان ذلك برضاهن وعلمهن بما لهن من حق وتنازلهن عن بعضه، بشرط البلوغ بالنسبة للبنت وبشرط الرشد بالنسبة لها ولأمها.. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29773، 103971، 108911. وراجع الفتوى رقم: 9528 لبيان الصور الجائزة والممنوعة في بدل الخلو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(12/3069)
حكم جهالة العمل والأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني محام مسلم مختص في الاستثمار ولدي حليف بريطاني يريد إنشاء كازينو في بلد عربي وأتعابي القانونية ستكون مالا ًونسبة في رأس مال الشركة المتحكمة في الكازينو، فهل يجوز لي أن أستخلص أتعابي بهذه الطريقة؟ وما هو الحل عموما؟.
مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطريقة التي ذكرتها في سؤالك لاستخلاص أجرتك غير صحيحة، وذلك لجهالة الأجرة إذ أنها تشتمل على قدر مجهول، وهي نسبتك من رأس مال الشركة فطالما لم يكن رأس مال الشركة أو نسبتك أو كلاهما معلوماً، فلا يجوز كون ذلك أجرة، لعموم نهيه عليه الصلاة والسلام عن بيع الغرر كما في صحيح مسلم.
وهو كل ما تضمن جهالة أو عدم قدرة على التسليم، ومن المقرر شرعاً: أن الإجارة يشترط لصحتها ما يشترط لصحة البيع من حيث العلم بالعوضين، فكما يشترط في البيع العلم بالثمن وبالمثمن، فكذلك يشترط هنا تحديد عملك وتحديد أجرتك، فعلى ذلك تكون الطريقة الصحيحة لاستخلاص أتعابك أن تحدد كلا من عملك وأجرتك فتكون الأجرة معلومة ويتحقق فيها سائر شروط الثمن في البيع.
لكن يبقى النظر في نشاط هذا الكازينو، فإن اشتمل على محرمات كالدخان والموسيقى واللعب بالنرد ومشاهدة المنكرات، فإن الإعانة على إنشائه محرمة، لعموم قوله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2} .
وبالتالي، فإن الأتعاب تكون محرمة أيضاً، لأنها في مقابلة عمل محرم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فينظر في أنشطة الشركة المتحكمة في الكازينو، فإن اشتملت على محرم لم تجز المشاركة فيها، وبالتالي لا يجوز كون الأجرة أو بعضها نسبة في رأس مالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(12/3070)
تأخير أجور العمال بدون عذر من كبائر الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن تأخير الراتب بدون عذر مادي؟ مع العلم بأن راتب العمالة معروف قدره للجميع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتأخير أجور العمال وحقوقهم بدون عذر من كبائر الذنوب، فقد روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره.
نسأل الله تعالى أن يصلح حال الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(12/3071)
يلزمك أداء فرق الإيجار
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفتي في موضوع شخصي فيما يلي نصه: استأجرت شقة إيجارها السنوي: 6500 ريال سعودي وكنت أدفع الإيجار شهريا وهو: 542 ريالا، دفعت أجرة الشهر الأول ثم الثاني على هذا النحو وفي الشهر الثالث قلت لصاحب الشقة ياشيخ بلا 42 ريالا خليها 500 ريال صافية، خصوصا وأن ظروفي المادية صعبة ووقتها لم يكن عندي عمل، لكنه رفض فاقترحت أن أجمع له ال 42 ريالا عن كل شهر في نهاية السنة فسكت ومن سكوته عرفت أنه قبل ومضت السنة الأولى ولم أعطه ال 420 حق عشرة شهور وهو أيضا لم يطالب بها وبقيت في البيت 12 سنة ولم يطلب الرجل فرق الإيجار ويبدو أنه قدر حالتي المادية حتى إنه وفي سنة من السنوات وتحديدا في شهر رمصان من تلك السنة كانت ظروفي صعبة ودفعت له إيجار الشهر، ولكنه وبعد أن أخذ المبلغ 500 ريال أعاده إلي على أنه زكاة، وقبل نحو 3 شهور قمت بعمل بعض الإصلاحات في المنزل مثل باقي المستأجرين بمبلغ:400 ريال على أن تكون على حسابه فرفض وقام بزيادة الإيجار 100 ريال عن كل شهر أي أصبح الإيجار 600 ريال، بل وبدأ يطالب بفرق الإيجار للسنوات الماضية التي قضيتها عنده فتعجبت لأنه طوال 12 سنة لم يطالب بهذا الفرق وبسبب مطالبتي ب 400 ريال قام بزيادة الإيجار والمطالبة بفرق كل تلك المدة، وقبل ثلاثة أشهر تقريبا وبسبب مسألة ليس لها علاقة نهائيا بما حصل بيني وبينه تركت الشقة واستأجرت أخرى في حي آخر وكان لي عنده إيجار شهر واحد كنت قد أعطيته مقدما، لأنه وعند زيادته لإيجار الشقة اشترط أن أعطيه أجرة ثلاثة أشهر مقدما فبقي مبلغ 600 ريال معه علاوة على المطبخ الذي قمت بتركيبه على حسابي، فقلت له أعطيني ال 600 ريال فرفض وقال لي يجب عليك أن تدفع لي فرق الإيجار عن السنوات التي أقمت فيها بشقته ـ 12ـ سنة، والآن أفتوني جزاكم الله خيرا: هل يستحق الرجل فعلا فرق الإيحار عن تلك المدة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل لم يصرح بإسقاط هذا الفرق ـ كما هو الظاهر من كلامك ـ فيلزمك أداء فرق الإيجار إليه، ومجرد ترك المطالبة بهذا المال لا تدل على إسقاطه عنك.
أما بخصوص الإصلاحات التي قمت بها، فإن كانت بإذن المؤجر وعائدة على العقار بالنفع فهي على المؤجر، وإن كانت عائدة على المستأجر بالنفع فهي على المستأجر ما لم يفعل ذلك بشرط الرجوع على المؤجر، وراجع تفصيلا أكثر في الفتوى رقم: 104968.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(12/3072)
حكم إخراج المستأجر المنتهي عقده بالقوة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي شقة سكنية، كانت في الأصل لوالدتي ثم وهبتني إياها لاحقا.. المشكلة هي أن هذه الشقة تم تأجيرها لشخص منذ حوالي 15 سنة على أساس أن يخلي الدار فور انتهاء المدة المتفق عليها وهي سنتان فقط، ولكن هذا المستأجر تمسك بالدار، واستغل ضعف القانون في بلدي للاستمرار فيها، وهو يدفع مبلغا ماليا يكاد يكون زهيدا.. وعندما طالبته بالإخلاء لحاجتي للسكن بعد زواجي علما أن هذه الدار هي ما أملك في هذه الدنيا فقط، ولكنه رفض ذلك، فرفعت عليه قضية أمام المحاكم، والمشكلة الأكبر أنه بناء على قانون الإخلاء يتحتم علي دفع 40% من قيمة العقار السوقية لهذا المستأجر لكي يخلي الشقة ويسلمها إلي، علما أن هذه القيمة قد تصل إلى مبلغ مهول لا أملك منه شيئا ...
هل هذا الأمر يجوز شرعا، ويعتبر بحكم المال المغتصب، ويجوز الذود عنه بالدم، وإن خالف القانون..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الواقع ما ذكر من كون مدة الإجارة المتفق عليها في العقد قد انتهت، فيجب على المستأجر إخلاء هذا العقار، ولا حق له في المطالبة بشيء من المال مقابل إخلائه له، فإن هذا من الظلم البين، وقد ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
وإذا رفض هذا الرجل إخلاء العقار فهو معتد على حق الغير بغير وجه حق، فعليك بذل الحيلة في إخراجه منه، وإن لم يكن من سبيل إلى إخراجه إلا القوة فالأصل جواز ذلك، قال السرخسي في المبسوط – وهو في الفقه الحنفي: وكما أن له أن يقاتل دفعا عن ملكه إذا قصد الظالم أخذه منه، فكذلك له أن يقاتل في استرداده، والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد اهـ.
وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. إذن من جهة الأصل يجوز لك دفعه بالقوة، ولكن لا يخفى عليك أن هذا الرجل يجد حماية من قبل القانون، فإصابتك إياه بأي نوع من الضرر تجعلك في مواجهة القانون، فقد يقع عليك بسبب ذلك ضرر أكبر من ضرر أخذ مالك، ولهذا فلا ينبغي لك الإقدام على ذلك، بل اتخذ من الوسائل ما تتمكن به من إخراجه من غير أن تقع في شيء من الحرج.
لكن أفضل الوسائل هو أن توسط بعض أهل الفضل لعلهم يقنعونه بالخروج ولو بمقابل معقول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(12/3073)
حكم اشتراط دفع المستأجر مبلغا من المال أو نسبة من تكاليف الإصلاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الشيخ: لدي مجموعة أسئلة متعلقة بالتأجير المنتهي بالوعد بالتمليك:
1- عند حدوث حادث ـ لا قدر الله ـ فإن المستأجر يدفع مبلغا وقدره: خمسمائة ريال لشركة التأمين لإصلاح السيارة، علما بأن السيارة مؤمن عليها من قبل المؤجر، فما حكم ذلك؟.
2- إذا كانت هناك دفعة أخيرة ولتكن مثلاً: عشرين ألف ريال ثم بحلول دفعها لم يكن لدي المبلغ كاملا لأدفعه نقدا فطلبت منهم تقسيط المبلغ علي لمدة سنة جديدة فوافقوا، لكن بشرط زيادة المبلغ إلى ثلاثين ألف ريال، فما حكم ذلك؟.
3- إذا أردت أن أعيد السيارة بعد سنتين ـ مثلا ـ وقبل انتهاء مدة العقد فوافقوا على ذلك، ولكن طلبوا دفع مبلغ مالي لقبول طلبي مع اسقاط الدفعة الأولى، فما حكم ذلك؟.
4- عند حدوث حادث ـ لا قدر الله ـ فإن بعض الشركات تطالب بدفع 10% من قيمة قطع الغيار ودفع مبلغ وقدره: 1500 ريال عند الرغبة في إصلاح السيارة في الوكالة، أو دفع 750 ريالا عند الرغبة في إصلاح السيارة في ورشة أخرى غير الوكالة، فما حكم ذلك؟.
أفتونا وفقكم الله وحفظكم وجزاكم الله خيراً، ثم إذا كانت الشروط أعلاه محرمة، فهل تلك الشروط تقدح في صحة العقد ويصبح باطلا وينبني على ذلك الامتناع من الشراء منهم؟ أم أن الشروط أعلاه محرمة، ولكن العقد لا يفسد ولا يبطل؟.
نرجو التوضيح وفقكم الله لكل الخير والله يحفظكم ويرعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإيجار المنتهي بالتمليك لا يجوز إلا بشروط وضوابط سبق بيانها في الفتوى رقم: 126507، ومن هذه الضوابط أن يكون عقد الإجارة عقداً حقيقياً. وبناءً عليه، فإن السلعة في مدة الإجارة تكون في ضمان المالك وعلى ذلك، فاشتراط دفع المستأجر مبلغاً من المال أو نسبة من تكاليف الإصلاح عند حدوث حادث لا يصح، قال الكاساني ـ وهو حنفي: لا خلاف في أن المستأجَر أمانة في يد المستأجِر كالدار والدابة وعبد الخدمة ونحو ذلك حتى لو هلك في يده بغير صنعه لا ضمان عليه، لأن قبض الإجارة قبض مأذون فيه فلا يكون مضموناً. بدائع الصنائع.
وقال الشربيني ـ وهو شافعي: ويد المكتري على المستأجر من الدابة والثوب وغيرهما يد أمانة مدة الإجارة جزماً فلا يضمن ما تلف فيها بلا تقصير. مغني المحتاج.
وقال ابن قدامة في المغني: فإن شرط المؤجر على المستأجر ضمان العين فالشرط فاسد، لأنه ينافي مقتضى العقد، وقال: لأن ما لا يجب ضمانه لا يصيره الشرط مضموناً، وما يجب ضمانه لا ينتفي ضمانه بشرط نفيه.
وجاء في قرار المجمع الفقهي في شروط جواز الإيجار المنتهي بالتمليك: أن يكون ضمان العين المؤجرة على المالك لا على المستأجر، وبذلك يتحمل المؤجر ما يلحق العين من ضرر غير ناشئ من تعدي المستأجر أو تفريطه، ولا يلزم المستأجر بشيء إذا فاتت المنفعة. مجلة مجمع الفقه الإسلامي.
ومنها: أن التأمين على السلعة لا يجوز إلا أن يكون تأميناً تعاونياً، وأما عن اشترط زيادة عند التأخر في الدفع فذلك باطل بلا شك وهو صريح الربا المنهي عنه، وأما اشتراط دفع المستأجر مبلغاً من المال عند رده للسيارة قبل انتهاء مدة الإجارة فقد اختلف العلماء في جواز ذلك بناءً على: هل الإقالة فسخ أم بيع؟ وانظر الفتوى رقم: 49887.
وإذا كان هذا العقد يشتمل على هذه الشروط الفاسدة فلا يجوز لك الدخول فيه، لكن إن وقع هل يفسد أو لا؟ الجواب: نعم، يفسد وبه صرح جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1430(12/3074)
من أحكام الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[شقة إيجار هل يجوز توريثها بعد وفاة المستأجر؟ والمالك وافق على عرض الشقة للبيع ويأخذ نصيبا منه، أما المبلغ المتبقي هل يتم توزيعه كإرث أم بالتساوي؟ وبعد وفاة المستأجر تم تعديل العقد لأبناء المتوفى وبموافقة المالك وإبرام عقد جديد، هل بهذه الحالة المبلغ المتبقي بعد بيع الشقة وإعطاء صاحب العقار حصته يتم توزيعها حسب عقد الإيجار لأبناء المتوفى بالتساوي أم توزع كإرث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان عقد الإجارة صحيحا شرعاً بأن توافرت فيه شروط الإجارة ومنها تحديد المدة، فموت المستأجر لا يبطل عقد الإجارة على القول الراجح، وتظل منفعة البيت المؤجر باقية يرثها ورثته من بعده كل حسب نصيبهم الشرعي، ولا مانع في حالة صحة عقد الإجارة وسريان مدته من ترك هذا المنزل مقابل مبلغ يدفعه المالك، وفي هذه الحالة يتم تقسيم هذا المبلغ كتقسيم الإرث، لكن إذا تم التراضي على فسخ هذا العقد وإنشاء عقد آخر ثم تم التراضي على ترك هذا المنزل مقابل مبلغ من المال، ففي هذه الحالة يتم توزيع المبلغ بحسب نصيب كل مستأجر في العقد الجديد، فإن كان العقد الجديد بالسوية بين المستأجرين فيتم تقسيم المال بينهم بالسوية.
أما إذا كان عقد الإيجار من العقود غير محددة المدة فهو عقد باطل؛ لأن من شروط صحة عقد الإجارة كون المدة معلومة والأجرة معلومة، وفي هذه الحالة لا يجوز أخذ تعويض في مقابل ترك العين المستأجرة لأن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل. ولمزيد بيان راجع فتوانا رقم: 117242. والفتاوى المرتبطة بها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1430(12/3075)
هل يستحق الأولاد العاملون في شركة أبيهم بعد وفاته نصيبا أكبر من غير العاملين
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل له مؤسسة، وله أولاد يعملون بها برواتب شهرية ضعف رواتب الموظفين والعاملين في المؤسسة، وليس شأنهم كشأن العمال والموظفين في المؤسسة، ولهم معاملة خاصه وامتيازات عن سائر العمال، حيث إنهم يتقاضون رواتبهم كامله في حال سفرهم الخاص، أو في حال توقف المؤسسة عن العمل لفترات متفاوته على العكس من العمال الآخرين، وليسوا مسجلين في دائرة العمل والعمال، ولهم إخوه وأخوات آخرون لا يعملون في المؤسسه، ويعملون في وظائف خارجية وأعمال خاصة، والآن صاحب المؤسسة توفي وقبل وفاته بعدة أيام وهو بكامل قواه العقلية طلب منه الأولاد العاملون في المؤسسة أتعابا فرفض وبشدة معللا ذلك بأنه أعطاهم امتيازات كثيرة، وطلب منهم وبحضور أحد الأبناء غير العاملين أن يبلغوا جميع إخوانهم الباقين برفضه لذلك. فهل يحق لهم المطالبة بمستحقات عن السنوات التي عملوا في المؤسسة من الورثه كباقي عمال المؤسسة أو يكفيهم الميراث؟ أفيدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هناك عقد إجارة بين هؤلاء الأولاد وأبيهم فيجب الالتزام بهذا العقد، لعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ. {المائدة:1} ، فإن كانت هذه المستحقات من ضمن ما يستحقه هؤلاء الأولاد طبقاً للعقد فيحق لهم المطالبة بها، وقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة. وذكر منهم: ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعط أجره.
أما إذا لم يكن هناك عقد إجارة بينهم فيكون لهؤلاء الأولاد أجرة المثل كما يحددها أهل الخبرة، وإن كانت هذه المستحقات من ضمن أجرة المثل فيحق لهم المطالبة بها، أما إن كانت هذه المستحقات ليست من ضمن ما يستحقونه طبقاً للعقد في الحالة الأولى ولا من ضمن أجرة المثل في الحالة الثانية فلا حق لهم في المطالبة بها. هذا وننصح بمراجعة المحكمة الشرعية أو مشافهة أهل العلم في هذه القضية إذ هي من مسائل النزاع التي تحتاج إلى مزيد من التحقيق والتثبت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1430(12/3076)
مالك العين المؤجرة لا يزول ملكه لها بمجرد عقد الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[نقيم بشقة منذ 40 عاما إيجارا. هل يجوز توريثها بعد وفاة المستأجر، والمالك وافق على عرض الشقة للبيع ويأخذ نصيبا منه، أما المبلغ المتبقى هل يتم توزيعه كإرث أم بالتساوي؟ وبعد وفاة المستأجر تم تعديل العقد لأبناء المتوفى وبموافقة المالك وإبرام عقد جديد.هل في هذه الحالة المبلغ المتبقي بعد بيع الشقة وإعطاء صاحب العقار حصته يتم توزيعها حسب عقد الإيجار لأبناء المتوفى بالتساوي أم توزع كإرث؟ وجزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقد الإجارة لا بد فيه من تحديد زمن ينتهي إليه، حتى يخرج عن الجهالة والغرر، وما كان من العقود خالياً من بيان المدة فهو فاسد يجب فسخه، ولذلك فإذا كان إيجار الشقة المذكورة غير محدد بزمن فإنه يعتبر فاسداً، ولا يجوز لكم توريثها بعد وفاة مستأجرها إذ لا يملكها إلا إذا كانت مؤجرة لمدة محددة وتوفي، وقد بقي من هذه المدة شيء، فإن لوارث المستأجر الحق في استيفاء تلك المدة، فإذا انتهت وجب الخروج منها أو التعاقد مع صاحبها أو وارثه بعقد جديد.
وأما ما ذكرته من موافقة المالك على بيع الشقة وأخذه نصيباً. وتوريث الباقي فلم يتضح لنا، وعلى كل حال فالمالك الأصلي لا يزول ملكه للعين المؤجرة بمجرد الإجارة، وإذا كان ما ذكرت بناء على قانون الإيجار المعمول به في بعض البلاد، والذي يقضي بلزوم الإيجار مدى حياة المستأجر وتوريثه. فإن هذا القانون باطل ولا يجوز العمل بمقتضاه، فما بني على باطل فهو باطل، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 119445، 58077، 115215. فنرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(12/3077)
التصرف الصحيح مع العامل إذا أهمل وقصر في عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: توجد لدينا مزرعة وقمنا بجلب عامل آسيوي غير مسلم عن طريق صديق له يعمل في مزرعة مجاورة وقام صديقه بدفع رسوم التأشيرة ـ وهي لسنتين ـ من مال العامل الذي أحضرناه ولم نتفق مع صديق هذا العامل سوى على نوع العمل الذي سيعمله والراتب الذي سيتقاضاه وعند حضوره بشهر أوأكثر اتضح لنا أن العامل لا يرى جيدا وقلنا له أن يذهب للطبيب على حسابنا ورفض ذلك وقال إنه يرى جيدا وهو بالفعل لا يرى جيدا ولاحظنا ذلك أثناء قيامه بعمله وهو مقصر كثيرا في عمله، بعض ذلك بسسب النظر والبعض الآخربسبب الإهمال مما جلعنا نقوم باستئجار غيره ـ في بعض الأحيان ـ للقيام بالأعمال التي يفترض أن يقوم بها هو، والآن أكمل معنا 7 أشهر أعطيناه جميع مستحقاته ونرغب في استبداله بعامل آخر وتسفيره إلى بلده مما يترتب عليه دفعنا لتذكرة له، والدولة تقوم بإرجاع نصف مبلغ التأشيرة إذا لم يكمل العامل سنة واحدة، وسؤالي: هل نقوم بإرجاع نصف مبلغ التأشيرة للعامل؟ مع العلم أن ما دفعناه لاستئجار العال ومبلغ التذكرة يفوق نصف مبلغ التأشيرة، أم هذا المبلغ يحل لنا أن نأخذه؟ وهل نكون ظلمناه إذا قمنا بإرجاعه إلى بلده قبل مرورالسنتين؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العامل المذكور يستحق أجرة الأشهر السبعة التي عمل فيها بموافقتكم بعد أن علمتم بعيبه وأنه لا يصلح للعمل على الوجه المعروف، ولكم أن تفسخوا عقد إجارته لما بقي من المدة وأن ترجعوه إلى بلده ـ إن لزم ذلك ـ وإن أردتم الإحسان إليه وتركه يعمل لدى غيركم فحسن إذا كان هذا لا يعود عليكم بالضرر ولا يخالف قوانين الدولة، وأما قيمة التذكرة فينظر إلى العرف الجاري فيها إن لم يكن حصل اتفاق أنها من ضمن أجرالعامل، فإن حصل هذا فإنها تسقط إذا فسخت الإجارة للسبب المتقدم، وبالنسبة لرسوم التأشيرة، فإذا كان دفعها العامل من ماله فأرجعت الدولة نفصها فهي ملك العامل، وإن كانت منكم أو من ضمن أجرته فيقال فيها ما قيل في قيمة التذكرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(12/3078)
حكم عدم دفع أجرة العامل الذي لم ينجز عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مواطن خليجي, استقدمت شاباً لكي يعمل لدي ويقوم بدهان بيتين لي مقابل أجورالفيزاـ عمل يده فقط ـ حيث كنت أؤمن له المواد وأجور العمال, ولسبب فني في البناء استدعى تأخيرالعمل اتفقت معه ليقوم بطلاء بيتين آخرين مقابل مبلغ من المال محسوب على أساس سعر المتر فقام بإنجاز جزء من العمل ـ معجون وتجهيز حيطان ـ ثم ترك العمل وذهب يعمل في مكان آخر فلم يتم أيا من العملين, دعوته للعمل فلم يعد وضرب بطلبي عرض الحائط غير مبالٍ بما أقول، بل وتكلم بكلام غير لائق ثم تركني, جئت بعمال آخرين ليتموا العمل نفسه فرفضوا إتمام العمل وهكذا الحال مع أكثر من ورشة إلى أن حظيت بورشة أتمت العمل وتكلفت مبلغاً أكثر من اللازم, وبعد أكثر من سنة عاد الشخص ليطلب موافقة للسفر فأخذت مبلغاً كنت قد أعطيته إياه تحت الحساب ليقوم بتأمين احتياجاته ثم سلمت جواز سفره للإبعاد فقاموا بتسفيره إلى بلده، وبالتالي لم يحصل على أي شيء مقابل عمل يده، هل في ذمتي لهذا الشاب شيء يجب أن أدفعه له؟ مع أنه لم يلتزم بالعقد كما أسلفت وسبب لي الضرر.
أفتونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأجير لا يستحق أجرته كاملة إلا إذا أنجز عمله كاملاً حسب الاتفاق، وهذا هو قول الحنابلة وهو الراجح ـ إن شاء الله تعالى ـ لأن الأجير إذا لم يتم عمله فلم يوف بالعقد وربما كان عمله غير التمام أضر على صاحب العمل من ترك العمل ابتداءً كما ذكرت في حالتك، قال مصطفى الرحيباني في مطالب أولي النهى: أو امتنع الأجير لعمل من تكميل العمل كَمِنْ خياطة، أو كتابة، أو حفر ما شورط عليه، فلا أجرة له، لما عمل.هـ.
وعلى هذا، فما دام هذا الشاب لم يتم عمله فلا يستحق الأجر المتفق عليه، وراجع في حكم بيع الفيزا الفتوى رقم: 117822.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1430(12/3079)
وعدهم صاحب العمل بزيادة كل ثلاثة أشهر فلم يف
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بشركة بوظيفه قيادية فى السعودية براتب معين وهو المذكور بالعقد، ولكن عند توقيعى للعقد قال لى صاحب العمل بأن هناك زيادة كل ثلاثة أشهر ومدة العقد سنتان، ولكن الفعلي الذى أتسلمه من الشركة الراتب المذكور فقط وأما الزيادة الشفهية فلا أساس لها، وكل زملائى بنفس الطريقة. والآن السؤال يلح على زملائى بالاختلاس من الشركة وخاصة أننا في مناصب قيادية فلا هناك من يراقبنا إلا الله وذلك نظير وعود صاحب العمل ويقولون إنه طالما أخل بعقده فنحن نخل بعملنا. ماهو حكم الدين أفيدوني أفادكم الله وعظم أجركم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الزيادة الشفهية معلومة فلها احتمالان:
الأول: أن تكون مجرد وعد من صاحب العمل وقد تم الرضى بالراتب دونها، فالوفاء بالوعد مستحب عند جمهور أهل العلم، لكن من وعد آخر فدخل الموعود بسبب الوعد في ورطة أو عمل ونحو ذلك فهو ملزم بالوفاء بالوعد إلا من عذر، وهذا القول هو المشهور عند المالكية ورجحه كثير من الباحثين المعاصرين، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 117916.
وعلى كل حال فلا يجوز لكم الاستيلاء على مال صاحب العمل إذا لم يف بوعده لكم.
الثاني: أن تكون الزيادة المعلومة مشروطة عند التعاقد فالواجب الالتزام بها ولا يؤثر عدم كتابتها على وجوب الالتزام بها، ولكم في هذه الحالة أن تسلكوا السبل المشروعة للحصول على حقوقكم، وإن عجزتم عن الحصول على حقوقكم بالسبل المشروعة جاز لكم استيفاء حقكم بالحيلة، ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتويين: 111240، 119297. وما أحيل عليه فيهما.
أما إذا كانت هذه الزيادة غير معلومة بمعنى أن صاحب العمل قد ذكر لكم أنه توجد زيادة في الراتب كل ثلاثة أشهر ولم يحدد قدر هذه الزيادة فالظاهر أن هذا مجرد وعد من صاحب العمل وقد ذكرنا لك حكم الوعد.
ولو كانت الزيادة غير معلومة وتم التعاقد عليها فالذي يظهر لنا أن هذا العقد فاسد لجهالة الأجرة، وإذا فسد عقد الإجارة استحق العامل أجرة المثل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1430(12/3080)
حكم أخذ أجرة بدون عمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب عربي بألمانيا وكنت أشتغل في مطعم، كنت أتقاضى أجري سواء اشتغلت أو لم أشتغل، مع العلم بأن هذا شيء متداول في ألمانيا فيما يخص عقود شغل الطلاب، بعد أن كنت تقاضيت أجر شهرين دون عمل حصل أن انتحر صاحب المحل، أنا أريد أن أعلم ما حكم المال الذي أخذته؟ أنا كنت مستعدا لأشتغل بمقابل هذا المال لكن المحل أغلق، سألت أحد المسؤولين في المطعم قال لي: لا حاجة لي لإرجاع المال، أيجب علي استشارة أهل صاحب الشغل؟ ما حكم الشريعة في هذه الحالة؟ جزاكم الله عنا ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على العامل إذا تعاقد مع جهة معينة على وقت محدد ابتداء وانتهاء الالتزام بالعمل في هذا الوقت، لما وردت به النصوص من وجوب الوفاء بالعقود، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ. {المائدة:1} . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقاً وأبو داود وحسن إسناده ابن الملقن في خلاصة البدر المنير.
وإذا التزم العامل بالوقت المحدد وسلم نفسه للعمل استحق الأجر سواء كُلف بعمل أم لم يكلف، وإذا وقع منك تقصير في وقت العمل أو أداء العمل المكلف به، وكان ذلك بإذن صاحب العمل سواء كان هذا الإذن لفظاً أو عرفاً فلا حرج في ذلك، أما إذا كان هذا التقصير بغير إذن فلا تستحق من الأجر إلا بقدر ما عملت من الوقت، وما زاد على ذلك من الأجر فالواجب عليك أن ترده إلى ورثة صاحب المحل.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 19755، 63047، 95123، 110646، وراجع شروط جواز السفر للدراسة في ديار الكفار في الفتوى رقم: 123146.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1430(12/3081)
حكم العمل كمترجم مقابل أن يحج هو وزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي العمل كمترجم لفوج حج من الولايات المتحدة ونظير هذا العمل أحصل على إعفاء من نفقات الحج لي ولزوجتي-حج الفريضة لكلينا- مع العلم أنني لم أطلب ذلك العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما العمل المباح من الإجارة وغيرها في الحج فلا حرج فيه.
قال الجصاص في أحكام القرآن: باب التجارة في الحج قال الله عقيب ذكر الحج، والتزود له: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. {البقرة: 198} . يعني المخاطبين بأول الآية وهم المأمورون بالتزود للحج وأباح لهم التجارة فيه، وروى أبو يوسف عن العلاء بن السائب عن أبي أمامة قال: قلت لابن عمر: إني رجل أكري الإبل إلى مكة أفيجزي من حجتي؟ قال: ألست تلبي فتقف وترمي الجمار؟ قلت: بلى. قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثل ما سألتني، فلم يجبه حتى أنزل الله هذه الآية: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. {البقرة: 198} . فقال: أنتم حاج. وقال عمرو بن دينار: قال ابن عباس: كانت ذو المجاز وعكاظ متجرا للناس في الجاهلية، فلما كان الإسلام تركوا حتى نزلت: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. {البقرة: 198} في مواسم الحج. اهـ.
وقال الحطاب في مواهب الجليل: واستحبوا له أيضا أن تكون يده فارغة من التجارة ليكون قلبه مشغولا بما هو بصدده فقط إلا أن ذلك لا يقدح في صحة حجه ولا يأثم به. قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. {البقرة: 198} دليل على جواز التجارة في الحج للحاج مع أداء العبادات وأن القصد إلى ذلك لا يكون شركا ولا يخرج به المكلف عن رسم الإخلاص المفترض عليه ... أما الحج دون تجارة فهو أفضل لعروها عن شوائب الدنيا وتعلق القلب بغيرها. انتهى. اهـ.
وقال النووي في المجموع: قال الشافعي والأصحاب: يستحب لقاصد الحج أن يكون متخليا عن التجارة ونحوها في طريقه، فإن خرج بنية الحج والتجارة فحج واتجر صح حجه وسقط عنه فرض الحج، لكن ثوابه دون ثواب المتخلي عن التجارة، وكل هذا لا خلاف فيه. اهـ.
وقال الخرقي: وللمحرم أن يتجر، ويصنع الصنائع،..
وقال ابن قدامة في المغني معلقاً على ذلك: أما التجارة والصناعة فلا نعلم في إباحتهما اختلافا. اهـ.
بقي أن ننبه إلى أن من شروط الإجارة أن يكون الأجر معلوماً، فإذا تم الاتفاق على أجر معلوم فلا حرج في ذلك ولا بأس أن يكون قدر أجرك كمقدار نفقة الحج لك ولزوجك، أما إذا تم الاتفاق على أن يكون أجرك هو التكفل بنفتك ونفقة زوجك مدة الحج ففي صحة هذه الإجارة خلاف بين العلماء ينبني على اختلافهم في حكم استئجار الأجير بطعامه، وهذه الإجارة تجوز في قول المالكية والحنابلة، لما رواه ابن ماجه والبيهقي عن أبى هريرة رضي الله عنه أنه قال: كنت أجيراً لابنة غزوان بطعام بطني، وعقبة رجلي، أحطب لهم إذا نزلوا، وأحدو بهم إذا ركبوا. وصحح إسناده البوصيرى في زوائد ابن ماجه.
ولا تجوز هذه الإجارة عند الحنفية، والشافعية، ورواية للحنابلة، وراجع في هذا الفتويين: 68160، 98430.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(12/3082)
حكم تأجير محل لاستخدامه (كافيه)
[السُّؤَالُ]
ـ[استأجر رجل قهوه (كافيه) وأجرها لآخر ولكنه اشترط عليه أنه لن يأخذ الإيجار من الشيشة، ولكن من المشروبات العادية، وأنه غير مسؤول عن الشيشة ولا علاقة له بها. فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز تأجير المحل لمن يريد استخدامه في الحرام كبيع الشيشة ونحوها ولو كان سيستغله مع ذلك في أمور مباحة ومن فعل ذلك فإنه يكون شريكاً له في إثمه لتعاونه معه عليه، والأجرة التي يأخذها عن ذلك محرمة ولو لم تكن من مداخيل الشيشة، قال الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. {المائدة:2} .
وقد نص الفقهاء رحمهم الله تعالى على تحريم بيع العنب لمن يتخذه خمراً، وتأجير الدار لمن يستعملها في الحرام، لأن في ذلك إعانة على ما حرم الله تعالى.
قال ابن قدامة في المغني: وهذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام كبيع السلاح لأهل الحرب،.. أو إجارة دار لبيع الخمر فيها، أو لتتخذ كنيسة أو بيت نار أو أشباه ذلك فهو حرام، والعقد باطل. انتهى.
ولمعرفة شروط جواز تأجير العين المستأجرة من المستأجر انظر الفتوى رقم: 105196.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(12/3083)
هل يلزم صاحب البيت تحمل تكاليف إصلاحه التي قام بها المستأجر بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هذا شخص استأجر شقة فيها غرفتان فقط، وكانت متسخة عندما استأجرها، وبدون استشارة صاحب الشقة قام ببعض الأعمال فيها لكي يحسنها مثل: إنشاء مرحاض داخلها وتغييرالصباغة، وتغيير فراش الأرض، وقام بهذه الأعمال تقريبا بأربعة آلاف أورو، وعندما طلب من صاحب الشقة أن يساعده أو أن يعطيه فقط نصف ما دفعه في هذه الأعمال قال له إنه لم يأذن له بالقيام بهذه الأعمال، وأنه لم يستشره في هذا؛ لأنه لواستشاره لرفض عمل هذه الأعمال، والآن يرفض الشخص الذي استأجر الشقة أن يدفع مبالغ الكراء لهذا العام، وقال إنه سوف يقطعها في ما أنفقه في الأعمال التي قام بها لتحسين الشقة، فهل يجوز هذا؟ أم أنه الظلم بأم عينه حيث إنه يحرم أكل مال الرجل بغير رضاه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم المؤجر أن يدفع إليه ما تكلفه في تحسينات الشقة وما أضافه إليها دون إذنه فهو متبرع بذلك من تلقاء نفسه.
قال الكاساني: وتطيين الدار, وإصلاح ميزابها, وما وهى من بنائها على رب الدار دون المستأجر لأن الدار ملكه وإصلاح الملك على المالك, لكن لا يجبر على ذلك، لأن المالك لا يجبر على إصلاح ملكه وللمستأجر أن يخرج إن لم يعمل المؤجر ذلك، لأنه عيب بالمعقود عليه, والمالك لا يجبر على إزالة العيب عن ملكه, لكن للمستأجر أن لا يرضى بالعيب حتى لو كان استأجر وهي كذلك ورآها فلا خيار له، لأنه رضي بالمبيع المعيب, وإصلاح دلو الماء والبالوعة والمخرج على رب الدار ولا يجبر على ذلك وإن كان امتلأ من فعل المستأجر لما قلنا, وقالوا في المستأجر إذا انقضت مدة الإجارة وفي الدار تراب من كنسه فعليه أن يرفعه لأنه حدث بفعله فصار كتراب وضعه فيها, وإن امتلأ خلاها ومجراها من فعله فالقياس أن يكون عليه نقله، لأنه حدث بفعله فيلزمه نقله, كالكناسة, والرماد, إلا أنهم استحسنوا وجعلوا نقل ذلك على صاحب الدار للعرف والعادة، إذ العادة بين الناس أن ما كان مغيبا في الأرض فنقله على صاحب الدار, فحملوا ذلك على العادة، فإن أصلح المستأجر شيئا من ذلك لم يحتسب له بما أنفق، لأنه أصلح ملك غيره بغير أمره ولا ولاية عليه, فكان متبرعا. انتهى.
وبناء على ذلك، فعلى المستأجر أن يؤدي إليه أجرتها وإلا فهو ظالم له ممتنع عن أداء حقه إليه، ولا يجوز له أن يقتطع ما أنفقه في إصلاحها وتحسينها، لأن المالك لم يأذن له في ذلك ولا رضي به.
وإن كنا ننصح مالك الشقة أن يعين المستأجر ويضع عنه ما أنفقه أو بعضه في إصلاحها، لأن الشقة ملكه ونفع إصلاحها عائد إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1430(12/3084)
تأجير منزل لشركة تريده لبيع الخمور
[السُّؤَالُ]
ـ[اقتنت شركتنا منزلا راقيا، ستقوم بتفويضه لشركة أخرى للتصرف فيه مقابل نسبة محددة من الأرباح، والشركة المستغلة للمنزل ستقوم ببيع الخمر داخله، ولا ترغب الشركة في أن يكون المقابل الذي تجنيه حراما، فهل يكفي مثلا أن يتم فصل الربح الآتي من الخمرعن الربح الآتي من غيره؟ أو ما لحل في مثل هذه الحالة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت الشركة التي ستستغل المنزل تريده لبيع الخمور، فلا يجوز تأجيرها لها، لما في ذلك من التعاون معها على الإثم والعدوان، قال تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2} .
وقد نص الفقهاء ـ رضي الله عنهم ـ على أن الوسائل لها أحكام المقاصد، وأن ما يوصل إلى الحرام يكون مثله، ونصوا كذلك على تحريم بيع العنب لمن يتخذه خمرا وتأجير الدار لمن يستعملها في الحرام، لأن في ذلك إعانة على ما حرم الله تعالى، وروى ابن بطة: أن قيماً لسعد بن أبي وقاص في أرض له أخبره عن عنب أنه لا يصلح زبيباً ولا يصلح أن يباع إلا لمن يعتصره، فقال سعد: بئس الشيخ أنا إن بعت الخمر. وأمر بقلعه.
قال ابن قدامة في المغني: وهذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام كبيع السلاح لأهل الحرب، أو لقطاع الطريق أو في الفتنة، أو إجارة دار لبيع الخمر فيها، أو لتتخذ كنيسة، أو بيت نار، أوأشباه ذلك فهو حرام، والعقد باطل. انتهى.
وبناء عليه فلا يجوز لكم تأجير المنزل لتلك الشركة أوغيرها من الشركات التي تريده لأمور محرمة، ومجرد فصل نسبة مداخيل الخمر من مبلغ الإجارة لا يبيح لكم الباقي، فمبلغ الإجارة كله محرم لفساد عقد الإجارة وحرمته.
كما ننبه إلى أن الإجارة لابد أن تكون معلومة محددة على الراجح ولا يصح جعلها نسبة من الربح، كما بينا في الفتوى رقم: 40517.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(12/3085)
حكم استئجار من يقوم بالعمل بأقل مما أخذه
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك قسم من المعاملات يتطلب دفع مبالغ مادية لضمان إنجازها في الوقت المطلوب، وأنا أعرف شخصا ينجزها وكنت حلقة وصل بين منجز المعاملات والشخص الذي يجمع المعاملات من الناس: أي أن الشخص الأول يأخذ المعاملات بسعر وأنا آخذها بسعر أقل وأعطيها للشخص الثالث بسعر أقل، علما أن الشخص الأول لا يعلم بأني آخذ نسبة، فأرجو أن تبينوا لي هذا الأمر بالسرعة الممكنة حتى إذا كانت فيه حرمة أكف عنه، وإذا كان حلالا أوسع العمل.
وجزاكم الله خيرالجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن ما تقوم به من جمع تلك المعاملات ممن يأخذها من أصحابها يعد من باب الإجارة، وعليه فلا حرج عليك في دفعها إلى غيرك لإنجازها بأقل مما أخذتها به منه، ولا يشترط علمه بكونك تأخذ أجراً عليها أو لا تأخذ، فلك أن تستأجر غيرك ليعمل ما استؤجرت عليه ما لم يشترط عليك مباشرة ذلك بنفسك.
جاء في كشاف القناع: وإن شرط المستأجر عليه: أي على الأجير مباشرته فلا استنابة إذاً لوجود الشرط.
وفي الهداية: وإذا شرط على الصانع أن يعمل بنفسه فليس له أن يستعمل غيره، لأن المعقود عليه العمل في محل بعينه فيستحق عينه كالمنفعة في محل بعينه، وإن أطلق له العمل فله أن يستأجر من يعمله، لأن المستحق عمل في ذمته ويمكن إيفاؤه بنفسه وبالاستعانة بغيره بمنزلة إيفاء الدين. انتهى.
وجاء في كشاف القناع: وإذا تقبل الأجير عملاً في ذمته بأجرة كخياطة أو نحوها، فلا بأس أن يقبله غيره بأقل منها أي من أجرته. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(12/3086)
حكم إيجار بيت لمسلم عاص يعمل بفرقة موسيقية
[السُّؤَالُ]
ـ[إيجار بيت لمسلم عاص، ويعمل بفرقة موسيقية، هل يجوز؟ أم أنا آثم بذلك؟ وهل مال الأجرة حلال أم حرام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمل في الفرق الموسيقية محرم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28473، فإن كان هذا الشخص استأجر البيت لممارسة ذلك العمل الموسيقي، فلا يجوز تأجيره له، لأنه يكون حينئذ من التعاون على الإثم والعدوان والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2} .
وعلى ذلك يجب فسخ العقد معه، وانظر الفتويين رقم: 40985، ورقم: 117021.
أما إن كان قد استأجره للسكنى، لكنه يمارس فيه المعاصي من موسيقى أو غيرها، فلا يفسخ العقد، ولكن يمنع من ممارسة المحرمات فيه، وانظر الفتوى رقم: 108541.
وأما بالنسبة للأجرة، فإن كان جميع دخل هذا الرجل من ذلك العمل المحرم، فلا يجوز أخذ الأجرة حينئذ، أما إن كان ماله مختلطا من حلال ومحرم، فلا حرج في أخذها على الراجح، والأفضل أن يكون التأجير لإنسان تقي ورع، وراجع الفتوى التالية أرقمها: 43110، 37475، 36649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1430(12/3087)
يريد منه العملاء أن يترك شركته ليتعاقدوا معه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بشركة كمبيوتر كمدير لقسم الصيانة، ونتخصص بعقود سنوية للشركات، ومنذ مدة تدهورت أعمال الشركة بسبب سوء الإدارة. الآن معظم عملاء الشركة مستاؤون من الإدارة ويطالبون بتركي للعمل حتى أتمكن من التعاقد معهم بدلا من الشركة التي أعمل بها وأنا في حيرة من أمري هل هذا حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما مطالبة العملاء لك بترك الشركة ليتعاقدوا هم معك خارجها وأنت لازلت على عقدك مع الشركة فلا يجوز ذلك لأنه كبيع المسلم على بيع أخيه المنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم فلا يحل له أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه. رواه مسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومما هو كالبيع بطريق الأولى: إجارته على إجارة أخيه، مثل أن يكون الرجل مستقلا في داره حانوت (دكان) , وأهله قد ركنوا إلى أن يؤجروه السنة الثانية فيجيء الرجل فيستأجر على إجارته، فإن ضرره بذلك أشد من ضرر البيع غالبا، وأقبح منه أن يكون متوليا ولاية أو منزلا في مكان يأوي إليه أو يرتزق منه، فيطلب آخر مكانه. والله أعلم. انتهى من الفتاوى الكبرى.
ولو تركت إدارتك بانتهاء مدة إجارتك أو برضا أصحاب العمل، ثم رغبت في التعامل مع أولئك أو غيرهم فلا حرج عليك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(12/3088)
جواز تمديد عقد الإجارة المنتهي بالتمليك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تمديد عقد الإيجارة المنتهي بالتملك بعد انتهاء الفترة المتفق عليها؟ علماً بأن العقد ينص على التمديد لفترة مماثلة بعد موافقة الطرفين، وذلك لعدم القدرة على السداد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في تمديد عقد الإجارة المنتهي بالتمليك، لأنه قبل عقد التمليك يبقى العقد عقد إجارة ولطرفيه تمديده، لكن ننبه إلى أن عقد الإجارة المنتهية بالتمليك له ضوابط إذا تحققت جاز وإلا امتنع، فقد نص قرار للمجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي لجوازه على الضوابط التالية:
1- وجود عقدين منفصلين يستقل كل منهما عن الآخر زماناً، بحيث يكون إبرام عقد البيع بعد عقد الإجارة، أو وجود وعد بالتمليك في نهاية مدة الإجارة، والخيار يوازي الوعد في الأحكام.
2- أن تكون الإجارة فعلية وليست ساترة للبيع.
3- أن يكون ضمان العين المؤجرة على المالك لا على المستأجر، وبذلك يتحمل المؤجر ما يلحق العين من ضرر غير ناشئ من تعد المستأجر أو تفريطه، ولا يلزم المستأجر بشيء إذا فاتت المنفعة.
4- إذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجرة، فيجب أن يكون التأمين تعاونياً إسلامياً لا تجارياً ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر.
5- يجب أن تطبق على عقد الإجارة المنتهية بالتمليك أحكام الإجارة طوال مدة الإجارة وأحكام البيع عند تملك العين.
6- تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجر لا على المستأجر طوال مدة الإجارة، وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين رقم: 2884، 6374.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1430(12/3089)
حكم استئجار المجاهر بالمنكر
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا جزاكم الله خيرا عنا وعن المسلمين.
الموضوع باختصار شديد أن لي أخا متدينا ورقيق القلب ولا نزكي على الله أحدا، ويملك شركة تدر عليه دخلا طيبا والحمد لله، ولكني لاحظت أنه يولي إدارتها لاثنين من الرجال ظاهر فسوقهم وفساد أخلاقهم - هداهم الله - فهم يصرحون بفعلهم المعاصي والفواحش نهارا جهارا أمام موظفي الشركة، وعندما ألمحت إلى أخي بأني أخاف أن يصيبه من قلة البركة ولو النزر اليسير بسبب هؤلاء تعلل بأن أخلاقهم في المعاملة جيدة وبأنهم يعملون بجد وبجهد عالي مما يدخل إيرادات جيدة للشركة. إني والله أعلم أخاف على أخي وأريد نصيحتكم بهذا الخصوص؟
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هؤلاء الرجال الذين يوليهم أخوك إدارة شركته لا يترتب على إدارتهم للشركة معاملات مالية محرمة أو ارتكاب محاذير شرعية في حدود العمل، بل كان الإشكال أنهم فساق في أنفسهم، فاستئجارهم وتوظيفهم ليس بحرام، فإن استئجار الكافر فضلا عن الفاسق جائز، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 45497. بل إن مشاركة أمثال هؤلاء تجاريا جائزة. ولكن الأفضل بلا شك أن يختار المسلم لعمله وتجارته أجراء من ذوي الخلق والدين والأمانة، كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17220، 528، 5861.
هذا من ناحية الحلال والحرام في المكاسب، أما من ناحية الصحبة والمجالسة فمعاملة هؤلاء إن لم تضر فلن تنفع. وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 116068. بيان أن مجرد صحبة أو مجالسة المجاهر بالمعصية المفتخر بها مضرة في الدين والدنيا. وللاستزادة في ذلك يمكن الاطلاع على الفتويين: 34422، 28697.
وعلى أية حال فإنه يلزم أخاك ما دام عرف حقيقة حالهم أن يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويدعوهم إلى الخير ويبذل لهم النصيحة؛ أداء لحق الله تعالى، واستنقاذا لهم من الضلالة، فإن أصروا على ما هم عليه فالأولى بلا شك أن يستبدل بهم غيرهم من أهل الخير والصلاح والكفاءة والأمانة، فإنه يخشى عليه إن لم يفعل ذلك أن يكون معينا لهم على فجورهم بتوظيفه إياهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواهما مسلم.
ثم ننبه على أن كثرة المال وزيادة الأرباح إن نزعت منها البركة فإنها لا تعود على صاحبها بخير في دينه ولا نفع في دنياه. وقد سبق في الفتوى رقم: 27524. بيان أن المعاصي سبب لدفع الرزق ومحق البركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(12/3090)
حكم أجر العامل في حال طاعة رب العمل في الكذب على الزبائن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة أعمل في ميدان البيع، ألزمني رئيسي الشهر الماضي بالكذب على الزبائن. ما حكم ما تقاضيته؟ في حال ما لو تصدقت بهذا المال هل يجوز في عائلتي مع العلم أنهم سيستعملونه في بناء بيتنا؟ ما حكم ذلك في شهر رمضان؟ صديقتي ستعمل إلى الساعة 00 ليلا لمدة أسبوع ما حكم إذا عملت شهادة مرضية أم هو زور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للعامل طاعة رب العمل أو غيره في الكذب على الزبائن أو غشهم وخديعتهم. قال تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {المائدة: 2} .
وأما ما حصلت عليه من أجر، فإن كان مقابل عملك فلا حرج فيه ولا تأثير لما قمت به من الكذب على الزبائن لأن الأجر ليس في مقابل ذلك الكذب وإنما هو في مقابل عملك وإن كان عليك وزر ذلك الكذب.
وأما إن كان الأجر في مقابل الكذب والتغرير ونحو ذلك من الأمور المحرمة فهو محرم وكسب خبيث يجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين، وليس لك أن تأخذي منه أو تعطي لأهك إلا إذا كانوا فقراء.
قال النووي نقلا عن الغزالي: وله أن يتصدق به أي بالمال الحرام على نفسه وعياله إذا كان فقيرا، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله أن يأخذ قدر حاجته، لأنه أيضا فقير. انتهى.
وأما عمل شهادة مرضية مزورة فذلك محرم لأنه داخل في شهادة الزور وقول الزور، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك قائلاً: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور أو قول الزور. وكان رسول الله متكئاً فجلس فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.
ولا يستثنى من هذا الأصل إلا ما دعت إليه ضرورة ملجئة، ومهما يكن من أمر فإن عمل المرأة محفوف بكثير من المخاطر والفتن وقد فصلنا القول فيه في الفتويين: 3859، 522.
وننبهك إلى أن الأولى والأحوط للمرأة هو لزومها لبيتها وتربيتها لأبنائها ورعايتها لزوجها فذلك أبعد لها عن الريبة لفساد أهل هذا الزمان. كما أن عملها في البيت لا يمكن تعويضه بخادمة أو حاضنة بينما عملها في المكتب يمكن فيه ذلك سيما إذا لم تكن حاجة المجتمع داعية إليه. وللفائدة انظري الفتاوى: 5181، 66987، 10021.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(12/3091)
انهى خدمات عمال وأتى بعمال ينتمون لجنسيته
[السُّؤَالُ]
ـ[مدير معمل يعامل عماله على أساس عرقي، حيث قام بفصل العشرات من العمال الذين ليسوا من عرقه واستبدلهم بمن ينتمون إلى عرقه، كما أنه يقوم بالضغط على العمال المتبقين لإجبارهم على ترك عملهم من أجل تعيين عمال من طائفته، هل يجوز إعلام السلطات الأمنية عن تصرفاته العنصرية وإثارته للطائفية بين العمال؟ مع العلم أن هذه الأعمال ممنوعة حسب القانون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي هذا الأمر تفصيل، إذ لا يخلو هذا المعمل من: أن يكون من ضمن الأعمال الخاصة لهذا المدير بأن يكون هو المالك له، أو يكون تابعا لمؤسسات الدولة، وبناء على هذين الاحتمالين تكون الإجابة فنقول:
أولا: إذا كان هذا المعمل خاصا به ملكا له، فله الحق في التصرف فيه بما تتحقق له فيه المصلحة، فقد يكون هذا الرجل يريد الإحسان إلى عشيرته، أو يرى بأن أفراد عشيرته أرجى للإخلاص له في العمل، أو يخشى ضررا من الآخرين ونحو ذلك، ففي مثل هذه الحالة له الحق في التصرف بما يرى فيه مصلحة هذا العمل، وينبغي التنبه هنا إلى أنه إذا كان بينه وبين أحد العاملين عقد وجب عليه أن يفي له بعقده إلى مدته ولا يفسخه إلا لمبرر شرعي. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} . وروى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلمون على شروطهم.
ثانيا: إذا كان هذا المعمل من ضمن مؤسسات الدولة وهو يعمل في إدارته، فالأصل في مثل هذا العمل أن تراعى فيه كفاءة العامل بغض النظر عن عرقه ونحو ذلك، وهو مؤتمن عليه، فالواجب أن يراعي فيه الأصلح وإلا كان غاشا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
وعليه؛ فإذا كان هذا المدير يفعل ما يفعل من أجل المحاباة لعشيرته، فالواجب نصحه أولا برفق وتذكيره بالله، فإذا انتصح فالحمد لله، وإلا فيجب إبلاغ أمره إلى الجهات المسئولة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(12/3092)
عقد الإيجار المذكور فاسد لا يورث عن الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[شقة مستأجرة فى مصر بعقد إيجار بإسم الأم منذ 1979 كانت تسكن فيها العائله المكونة من الأب والأم وثلاثة أبناء، توفى الأب فى 1988، تزوج الأخ الأكبر 1989 وانتقل لمسكن منفصل، تزوج الأخ الأوسط 1989 وبقي هو وزوجته فى الشقه مع الأم والأخ الأصغر، انتقل الأخ الأوسط إلى مدينه أخرى مع أسرته 1992 لسكن مؤقت تابع لجهة عمله، سافر الأخ الأصغر لخارج مصر 1994، انتقلت الأم 1995 إلى مدينه أخرى وتم إغلاق الشقة. عاد الأخ الأوسط مع أسرته 1996 وأقام بالشقه ويقوم بسداد إيجار الشقه وكافة التزامتها منذ ذلك التاريخ وحتى الآن 2009 توفيت الأم 2002 وظل الأخ الأوسط يقيم بالشقة مع أسرته حتى الآن 2009 مع أنه سافر إلى خارج مصر ولكنه يعود فى كل إجازة صيف للإقامه بالشقة هو وأسرته. هل يحق للأخ الأكبر والأخ الأصغر مطالبة الأخ الأوسط بحقهم فى الميراث بالشقة المستأجرة؟ وكيف يتم حساب الميراث إذا كان هناك حق شرعى لهما؟
ملحوظه: قانون الإيجارات للمساكن فى مصر أنه يحق للمقيم مع المستأجر الأصلي فى الشقة المستأجرة لمدة تزيد عن سنة قبل وفاة المستأجر الأصلى بالاستمرار في السكن بالشقة بنفس عقد الإيجار الأصلي وبنفس شروطه بدون تغيير العقد، وعلى ألا ينتقل عقد الإيجار مرة أخرى إلى ورثته حين وفاته أو إلى أي من المقيمين معه حين وفاته، أي أن حق السكن بنفس عقد الإيجار ينتقل مرة واحدة فقط من المستأجر الأصلي إلى من كان يسكن معه قبل وفاته بغض النظر عن صلة القرابة بينهما، وفى حالة وفاة المستأجر الأصلي ولم يكن أي أحد يسكن معه فإن الشقة تعود إلى المالك ويعتبر عقد الإيجار منتهيا. ال رجاء التكرم بالإفادة والفتوى طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية؟ جزاكم الله كل خير وجعله فى ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشقة المستأجرة ليست ملكاً للأم وإنما هي للدولة أو لصاحبها إن كانت لمالك خاص، فلا حق فيها للورثة وعقد الإيجار المذكور عقد فاسد، وقد فصلنا القول في حكم نظام الإيجار القديم في منظار الشرع في الفتويين: 116630، 116712.
وبناء عليه فإن عقد الإيجار المذكور عقد فاسد لا يورث عن الأم، وليس لأخيكم أن يستمر على عقد الإجارة الذي لم تحدد مدته، أو فيه إلزام للمالك بقبول كراء قليل رغم تغير الأحوال وتبدل الأسعار فذلك ظلم له وأكل لماله بالباطل، ومن يتكئ على أن القوانين تسمح بهذا فعليه أن يعلم أن ما صادم حكم الله من القوانين وجب على المسلم أن يرمي به عرض الحائط، ومن كان يعلم أنه سيموت ويحاسب لم يتجرأ على مثل هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(12/3093)
حكم استقدام الخادمة وتأجيرها للغير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استقدام خادمة لغرض تأجيرها على الناس شهرياً بمبلغ يصل تقريبا إلى 1800 ريال وإعطاء الخادمه 800 كراتب والألف تكون لي؟ بشرط رضى الخادمة بمبدإ التأجير الشهري.
وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا ما ذكره الفقهاء من جواز استئجار المؤجر، وذلك في الفتوى رقم: 46144، ويجب مراعاة توفر شروط الإجارة من أهلية العاقد ومعلومية الأجرة ونحو ذلك، وهذا فيما يتعلق بالأجير عموماً.
وأما استقدام الخادمة على وجه الخصوص، فقد لا يخلو من محاذير، سبق بيان جملة منها في الفتوى رقم: 1962، ثم إن الدولة قد تمنع أحياناً استقدام أجراء لا يكون الشخص في حاجة إليهم، وفي هذه الحالة يجب مراعاة ذلك، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية: بعد المناقشة وتداول الآراء قرر المجلس أن كل استخدام وتشغيل للمستقدمين يخالف ما أقرته الدولة للمصلحة العامة فهو ممنوع، وأن كان ما يأخذه المستقدمون من العمال مقابل تمكينهم من العمل عند غيرهم يعتبر محرماً، لأن الكتاب والسنة قد دلا على وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف، ولما يترتب على استخدام العمال على غير الوجه الذي استقدموا من أجله من الفساد الكبير والشر العظيم على المسلمين فوجب منعه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1430(12/3094)
الأجير إذا قام بأعمال لا يلزمه القيام بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الموظف الأول-بائع- في شركة جديدة, ووجدت نفسي لوحدي وبلا إمكانيات- لا سيارة ولا عمال- وكل شئ -إصلاح ونظافة وترتيب وسفر وإدارة- مطلوب مني- بالإضافة لعملي الأساسي- فقمت بعمل بعض الأشياء بنفسي وبعضها استعنت بالأصدقاء فيها، وبعضها تم بالإيجار. فهل يجوز لي أن آخذ مقابلا مناسبا وعاديا علي ما فعلته أنا أو فعله أصدقائي لي-سواء مجاملة أو بأجر رمزي- أو بمعني آخر هل يجوز أن آخذ أجرا مناسبا على ما قمت به بنفسي وأجر كامل- بدل المجاملة والرمزي- علي ما قام به الآخرون وجزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قد تم الاتفاق على أن تقوم بأعمال معينة فالواجب عليك أن تقوم بها، وأما إذا لم يتم الاتفاق على أعمال معينة فالواجب عليك أن تقوم بالأعمال التي يلزمك بها القيام عادةً.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ولا بد في إجارة الأجير الخاص من تعيين المدة؛ لأنها إجارة عين لمدة. فلا بد من تعيينها؛ لأنها هي المعينة للمعقود عليه. والمنفعة لا تعتبر معلومة إلا بذلك ... ولم يشترط الفقهاء تعيين نوع الخدمة. وعند عدم التعيين يحمل على ما يليق بالمؤجر والمستأجر. انتهى.
أما ما لا يلزمك من الأعمال فإن أذن لك صاحب العمل في أن تقوم باستئجار من يقوم بهذه الأعمال وتأخذ من صاحب العمل أجورهم وتعطيها لهؤلاء العمال فلا حرج في ذلك.
أما ما قمت به من أعمال لا يلزمك القيام بها فله حالتان:
الأولى: أن يكون قيامك بهذه الأعمال أثناء وقت الدوام فلا يحق لك المطالبة بأجر، لأنك في عملك هذا تعتبر أجيراً خاصاً فمنافعك في جميع وقت العمل ملك للمستأجر.
الثانية: أن يكون قيامك بهذه الأعمال خارج وقت الدوام، فلك أن تطالب بأجر عن هذه الأعمال، وما اتفقتما عليه من أجر نظير هذه الأعمال فلا حرج فيه، أما ما سبق وقمت به من هذه الأعمال فلك حق المطالبة بأجرة المثل نظير ما قمت به من عمل، إن كان العرف جار بأخذ الأجرة في مثل تلك الأعمال.
ولك أن تمتنع عن أداء الأعمال التي لم يتم الاتفاق عليها، كما يمكنك إن شئت أن تطالب بتعديل عقدك بحيث تقوم بأداء هذه الأعمال مقابل أجر أكبر إن رضي صاحب العمل بذلك.
ولا يجوز لك أن تأخذ من صاحب العمل مالاً مقابل العمل الذي قام به أصدقاؤك مجاملة لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1430(12/3095)
احتساب ساعات عمل إضافي دون علم صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا عملت عند أحد وكان المتفق عليه عدد معين من الساعات. فهل يجوز أن أخصم عمولة على كل وقت إضافي أعمله دون علمه؟ علما بأنه في بعض الأحيان يأتي بعض الأشخاص بعد انتهاء عملي ويطلبون إنهاء عملهم ولو أخبرته بذلك سيرفض إعطائي المقابل. فهل أرفض هذا العمل وأريح نفسي أم أقبله ويستفيد الطرفان؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك احتساب ساعات عمل إضافي دون رضى صاحب العمل لأن المسلمين على شروطهم، والعقد شريعة المتعاقدين ما لم يخالف الشرع، فليس لك تجاوزه والاعتداء على حق صاحب العمل باحتساب شيء عليه لم يأذن فيه ولو كان من مصلحة العمل وخدمة زبنائه.
وبناء عليه، فأعلم صاحب العمل بما تريد، فإن أذن لك في احتساب ساعات العمل الإضافي فلا حرج عليك وإلا فليس لك احتسابها، ولا يلزمك أن تعمل إذا انتهى وقت عملك لأنك أجير خاص.
وقد قال صاحب تنوير الأبصار من الحنفية: الأجير الخاص هو: من يعمل لواحد عملاً مؤقتاً. اهـ.
وفي غاية المنتهى من كتب الحنابلة هو: من قدر نفعه بمدة معينة. اهـ.
ويجب على الأجير الخاص أن يقوم بالعمل في الوقت المحدد له نصاً أو عرفاً ولا يلزمه أن يزيد عليه، وله طلب أجر إضافي إن زاد على الوقت المحدد لعمله.
وبناء عليه فلا حرج عليك أن تمتنع من إنجاز أي معاملة بعد انقضاء الوقت المحدد بينك وبين رب العمل ما لم يحتسب لك ذلك عملا إضافيا.
وللمزيد انظر الفتاوى الآتية أرقامها: 78782، 93734، 50057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(12/3096)
هل يجوز للمستأجر الموعود بالتمليك بيع العقار
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد عندي عقار اشتريته بنظام الإجارة مع المواعدة بالتملك حيث إنني لا أملكه فعلياً حتى أقوم بسداد قيمة الإجارة كاملة.
السؤال: هو هل أستطيع بيع هذا العقار إلى شخص بحيث إن الشخص يعلم بأن العقار ليس ملكي حتى أتمم سداد المستحقات للبنك وأحصل على وثيقة التملك، ومن ثم أقوم بتحويله باسم المشتري الجديد؟ وهل أستطيع أن أقوم ببيع العقار إلى شخص آخر بنظام الإجارة المنتهية بالتملك بحيث إن الشخص يعلم بأن العقار ليس ملكي حتى أتمم سداد المستحقات للبنك وأحصل على وثيقة التملك ومن ثم أقوم بتحويله باسم المشتري الجديد، وبعد ذلك يقوم هو بتسديد قيمة المستحقات الخاصة بي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لك أن تبيع ذلك العقار لغيرك لا بيعاً مبتوتاً ولا بيعاً بنظام الإجارة المنتهي بالتملك، لأنك لم تملكه بعد، وقد صح في السنن نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الرجل ما ليس عنده وما لا يملكه، وإنما أنت مستأجر فحسب وموعود بملك العقار بعد انقضاء أمد الإجارة بالهبة أو البيع أو غير ذلك، وقد بينا ضوابط عقد الإجارة المنتهي بالتمليك بيعاً أو هبة وذكرنا صورة الجائزة والممنوعة كما قررها مجمع الفقه الإسلامي وذلك في الفتوى رقم: 6374.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(12/3097)
لرب العمل الانتفاع بالأجير في كل ما هو من جنس عمله وطاقته
[السُّؤَالُ]
ـ[موظف س يعمل بوظيفة إدارية بشركة قطاع خاص، يحضر له صاحب الشركة أعمال وأوراق واهتمامات أخرى بشكل يومي -لشركتين أخريين تابعين له لهما ميزانية وموظفين آخرين- ليخلصها له بدون مقابل في وقت الدوام وبذلك فهو يوفر أجور ومكافآت أكثر من موظف، في الوقت الذي يحصل فيه صاحب العمل هذا على أجور ومكافآت وأرباح لهذه الشركات. هل يحق للموظف (س) المطالبة بمقابل لهذا العمل حيث استمر هذا الإجراء سنوات وما زال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموظف أجير خاص، والأجير الخاص -كما في كشاف القناع ممزوجاً بالإقناع- هو: (من قدر نفعه بالزمن) لاختصاص المستأجر بمنفعته في مدة الإجارة لا يشاركه فيها غيره (وإذا تمت الإجارة وكانت على مدة ملك المستأجر المنافع المعقود عليها فيها) أي في مدة الإجارة لأنه مقتضى العقد (وتحدث) المنافع (على ملكه) أي المستأجر سواء استوفاها أو تركها.
وما دام عملك إدراياً وما يطلبه صاحب الشركة منك داخلاً في مجال عملك فليس لك أن تمتنع منه أو تطلب عليه أجراً خاصاً، لأن منفعتك مملوكة له في ذلك الوقت وله الانتفاع بها في كل ما هو من جنس عملك وطاقتك.
جاء في المبسوط للسرخسي أيضاً: فإذا بقيت منافعه بعد هذا التعيين مستحقة لرب الغنم كان له أن يكلفه في ذلك بقدر طاقته، ولكن لا يكلف عملاً آخر لأنه تبين مقصوده عند العقد وهو الرعي، فما ليس من عمل الرعي لا يكون داخلاً في حكم العقد.
وبإمكانك أن تطلع على مزيد من الفائدة والأدلة وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 18085، 14851، 63701.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1430(12/3098)
هل يجب على الموظف البحث عن مصادر كسب المكان الذي يعمل به
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة تصميم مواقع الإنترنت وأتقاضى مبلغا لابأس به، مع العلم بأن إيرادات الشركة لاتغطي رواتب الموظفين فيها، وأنا لا أعلم من أين يأتي راتبي، فهل هو حلال أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مجال عملك مع تلك الشركة مباحا بأن كانت المواقع التي يتم تصميمها مشروعة، فلا حرج عليك فيما تتقاضاه منه من راتب لقاء عملك ولست مكلفا بالبحث والتنقيب عن مصادر كسب تلك الشركة ومواردها إلا إذا غلب على ظنك أنها تكسب أمورا محرمة، كالفوائد الربوية ونحوها، فينبغي لك البحث عن غيرها مما لا شبهة في ماله، لكن لا يلزمك ذلك، لأن معاملة مختلط المال جائزة، كما بينا في الفتويين رقم: 6880، ورقم: 17296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1430(12/3099)
لا يجوز الانصراف عن العمل مبكرا مع أخذ الأجرة كاملة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل طبيبا بمؤسسة عمومية، ونظراً لعدم وجود الإمكانيات الملائمة للعمل خاصة المكيفات الهوائية ونحن في فصل الصيف حيث درجة الحرارة تفوق 40 ورغم الشكاوى للمدير ورئيس النقابة المشكل لم يحل، ونظراً لما لتأثير الحرارة على المردودية وحالتي الصحية قررت عدم العمل بعد الظهيرة وأنا أتقاضى راتبي كله. فما حكم هذا الراتب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تخل بشرط العقد وتأخذ راتباً عن وقت لا تعمل فيه، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ. {المائدة:1} . ولما روى البيهقي في سننه عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً أو شرطاً أحل حراماً. وقد رواه البخاري معلقاً. وهو في مستدرك الحاكم ومعجم الطبراني بألفاظ مختلفة، وللمزيد انظر الفتوى رقم: 114376.
وبناء عليه، فيلزمك إعادة ما تقاضيته من راتب عن ذلك الوقت الذي لم تعمل فيه إلى جهة عملك وإخبارها بما كان منك، وما ذكرت من شدة الحر ونحوه لا يعذرك ولا يبيح لك الإخلال بالعقد وأكل أموال الناس بالباطل، فإما أن ترضى بالحال على ما هو عليه وتوفي بالعقد كما اتفق عليه، أو تترك العمل لعجزك عنه وتخبر الجهة المسؤولة عن ذلك، لتمنحك من الراتب ما يناسب عملك ودوامك الجزئي فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(12/3100)
لا حرج على المدير المخول في ايجاد تغطية للمصاريف الكاملة للموظف
[السُّؤَالُ]
ـ[في كثير من الأحيان لا تغطي التعليمات والقوانين الحكومية المصاريف الكاملة التي يتحملها الموظف عند تنفيذه لواجباته خلال فترات الإيفاد. فهل يجوز للرئيس الأعلى كالمدير العام أو مدير المؤسسه أو غيرهما من المخولين بالصرف إيجاد حلول أو سبل أخرى لتغطية كامل المصاريف كزيادة مدة الإيفاد مثلا، أو زيادة أجور النقل أو غيرها؟ بارك الله فيكم ودمتم لنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت اللوائح لا تغطي المصاريف الكاملة التي يدفعها الموظف فعلا للقيام بمهمته الحكومية، فلا حرج في أن يقوم مدير المؤسسة أو المسؤول المخول بالصرف بإيجاد حلول مشروعة لتغطية كامل المصاريف التي ينفقها الموظف بالفعل ما دام المسؤول مخولا بمثل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(12/3101)
لا حرج في تصميمك للشعار بعد دوام المؤسسة، وبأدواتك الخاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بمكتب طباعة، والعمل يتضمن معاملات حكومية وطباعة وتصوير. طلب مني شخص تصميم شعار لشركة وبمبلغ قيم، أنا أستطيع تصميم شعار بإذن الله ولكن المكتب لا يتضمن تصميم شعارات وأنا بحاجة الآن لبعض المال. السؤال هو: إذا صممت الشعار وأخذت المال ولم أحسبه للمكتب فهل يكون ذلك حلالا؟ هل من حقي أم حق المكتب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الشعار ستعمله في وقت دوام المؤسسة وبأدواتها فلا يجوز لك أن تأخذ ثمنه لنفسك إلا أن ياذن لك من هو مخول بالإذن في المؤسسة بأخذه، لأنك أجير خاص ومنفعتك مملوكة للمؤسسة في ذلك الوقت.
جاء في كشاف القناع: الأجير الخاص من قدرّ نفعه بالزمن لاختصاص المستأجر بمنفعته في مدة الإجارة لا يشاركه فيها غيره.
وأما إن كان تصميمك للشعار في غير وقت دوام المؤسسة، وبأدواتك الخاصة. فلاحرج عليك، وثمن ذلك لك. وإن كان في غير وقت دوام الشركة، ولكنك استخدمت فيه أدوات المؤسسة فإن أجرة التصميم تكون من حقك وللمؤسسة عليك أن تعوض لها عن استخدم أدواتها إلا أن تسامح بذلك. وللفائدة انظر الفتاوى: 11171، 42937، 97852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(12/3102)
حكم جعل الأجر نسبة مما يحصل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معلمة أدرس علوم في مدرسة ابتدائية حكومية، وقررت أن أحضر في بيتي معلمة إنجليزي أجنبية لكي أجعلها تدرس، والنسبة بيني وبينها. سؤالي: هل لو قمت بإخبار طالباتي بالمدرسة عن هذا المشروع البيتي لمن ترغب في دراسة اللغة يجوز ذلك؟ مع العلم بأنني لن أستقبل إلا الطالبات اللاتي سيتخرجن من المدرسة بمعنى أنه لن يكون لي علاقة بهن في المدرسة. وهل إذا استقبلت طالبات لم يتخرجن من المدرسة هل أكون قد استغليت عملي لمصلحتي؟
ملاحظة: المادة التي أدرسها في المدرسة هي العلوم أما المادة التي تدرسها المعلمة الموجودة في بيتي هي اللغة الإنجليزية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المدرسة التي تدرسين بها تشترط على العاملين بها ألا يتعاملوا مع الطلاب فيما يتعلق بالدروس الخصوصية، وذلك سداً للذريعة المفضية غالباً إلى العديد من المفاسد كمحاباة المدرسة للطالبات اللواتي يدرسن عندها، أو عند من دلتهن عليه فلا تؤدي واجبها تجاههن ونحو ذلك. فلا يجوز لك الإعلان لطالباتك عن إنشائك لدرس خصوصي ببيتك ولو لم يكن فيما تدرسينه، وذلك وفاء بالشرط المذكور، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ. {المائدة:1} .
وأما إذا لم تكن المدرسة تشترط ذلك على عمالها فلا حرج عليك في إخبار الطالبات بإقامة حصص تقوية في مادة الإنجليزية أو غيرها من المواد في بيتك، وخارج دوامك الرسمي، سواء أكنت أنت المشرفة على ذلك أو بواسطة مدرسة أخرى إذا توفرت الشروط التي ذكرناها في الفتوى رقم: 25901.
وإذا جاز ذلك العمل فلا بد من تحديد مبلغ معين للمدرسة لا نسبة مما يحصل، إذ لا بد في الإجارة من معلومية الأجر، لما أخرجه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية النسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره.
هذا هو الراجح وهو مذهب الجمهور. وذهب بعض أهل العلم إلى جواز جعل الأجر نسبة مما يحصل وهي رواية عن أحمد.
قال ابن قدامة في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً يبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلاً إلى رجل ينسجه ثوباً بثلث ثمنه أو ربع جاز، نص عليه ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئاً من ذلك لأنه عوض مجهول وعمل مجهول، وقد ذكرنا وجه جوازه. وانظري لذلك الفتويين: 108011، 104732.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(12/3103)
حكم إجارة الشخص على إجارة أخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعرف شخصا يعمل في شركة أخرى وفي مجال عملي ويتمتع بكفاءة حصل عليها بذكائه، حيث علم نفسه بنفسه بنسبة 90%، وعمل لديهم 10 سنوات وطلب مني العمل لدي، حيث طالب بزيادة راتبه ورفضوا ذلك وقالوا له إن رفضت البقاء معنا أعطنا إنذارا بشهر قبل أن تتركنا، ولكنه لا بد أن يؤمن نفسه قبل أن يخبرهم بتركه العمل إذ لا يضمن في ظنه أنه إذا ترك العمل سيجد آخر.
ملاحظة هامة: الراتب الذي طلبه أنا أراه مرتفعا قليلا، والراتب الذي تعطيه الشركة الحالية له أراه جيدا جدا ولكن الحقيقة أيضا أن الراتب في ظل ظروف بلدنا يعتبر جيدا وليس أكثر بل قد يكون بمرتبة الحسن بالنسبة لغلاء المعيشة، والامر كله محصور بالراتب، فالشركة الأخرى أهلها مسلمون ويراعون أمور الإسلام فيما أعلم من صلاة وغيرها، والسؤال: هل إن قبلت أن أعطيه الراتب الذي يريده أكون بعت على بيع أخي كما في الحديث؟ أو يوجد أي مانع شرعي آخر؟ لأنني أخذت موظفهم.
ثانيا: في الحقيقة الراتب الذي يريده مرتفع بالنسبة لي ولكن أنا بحاجة له، لأن لدي نقصا، بالإضافة إلى أن لديه بعض الخبرات الإضافية على خبرتي من باب زيادة الإيضاح إن لزم الأمر.
1-الشركة لن تتأثر بشكل كبير أي أن عملها لن يتوقف ولكن بالتأكيد ستبحث عن موظف آخر ولو أقل خبرة
2- ربما لو حصل الموقف معكوسا كنت سأتضايق - لكنني أعلم أن شعوري ليس فتوى بالتحريم، وقد يتضايق الإنسان والشيء جائز.
وشكرا لكم على طول بالكم وتكرمكم بالقراءة والفتوى ـ إن شاء الله ـ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على هذا الشخص إخبار جهة عمله قبل فراقه لهم إن كان ذلك في شروط العقد بينهم وبينه، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} . وقوله: صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أصحاب السنن.
ويتأكد ذلك إن كان في تركه لهم دون إعلام مسبق إضرار بهم، وذلك ليحتاطوا له ويؤجروا من يسد مسده.
وأما قبولك لعرضه واتفاقك معه على راتب أكثر وهو لا يزال في عمله، فلا حرج فيه وليس من بيع الرجل على بيع أخيه، لأنه هو الذي طلب منك العمل لديك ولن يبدأ العمل معك إلا إذا أنهى عمله مع غيرك سيما إذا كان في اتفاقه مع الشركة التي عمل بها أنه متى وجد عرضا أفضل مما عندهم تركهم ورضوا بذلك، كما يدل عليه ما ذكر في السؤال من عدم ممانعتهم في انتقاله ولم يشترطوا سوى إخباره إياهم بذلك ليكونوا على بينة منه، ولا يفجؤهم به.
وأما لو كنت أنت من عرض عليه ذلك لينهي عقده مع شركته فذلك محرم كبيع المسلم على بيع أخيه المنهي عنه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله: ومما هو كالبيع بطريق الأولى: إجارته على إجارة أخيه، مثل أن يكون الرجل مستقلا في داره حانوت ـ دكان ـ وأهله قد ركنوا إلى أن يؤجروه السنة الثانية فيجيء الرجل فيستأجر على إجارته، فإن ضرره بذلك أشد من ضرر البيع غالبا، وأقبح منه أن يكون متوليا ولاية أو منزلا في مكان يأوي إليه أو يرتزق منه، فيطلب آخر مكانه. والله أعلم. انتهى من الفتاوى الكبرى (6/313) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(12/3104)
لا يجوز تغيير بعض بنود العقد دون إذن المسؤول المخول
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفتوني: أنا شاب أعمل في كلية تدريب مهني -فلسطين.
لقد طلبت علاوة في عملي بناءا على أعمال أقوم بها غير المتفق عليها في العقد، ووافق مديري على ذلك وطلب مني مسؤولى المباشر أن أكتب هذه الأعمال بنفسي كما أراه مناسبا، وبعد تقديم الطلب تبين لي أني أزج بنفسي في مشاكل كثيرة بسبب أحد بنود العمل الجديدة التي تجعل كثيرا من الموظفين يحملوني أعمالهم الخاصة بحجة أنهم مسؤولون وهم متسيبون وغير ملتزمين بأعمالهم حسب عقودهم الموقعة، وحصلت كثير من المشاكل معهم سابقا بسبب محاولتهم إجباري على القيام بأعمالهم الخاصة بهم، فذهبت إلى مدير المؤسسة وأخبرته أني أريد شطب أحد البنود التي كتبتها بنفسي لأن ذلك سيجلب لي مشاكل كثيرة في العمل، ووضحت له الأسباب وأعلمته بتسيب المسؤول المباشر لي، فرفض المدير ذلك حيث قال لي وما المانع من تحمل أعمال الآخرين؟ ولم يحرك ساكنا لمعاقبتهم أو إلزامهم حسب أعمالهم. فلما أحسست بأنه لم ينصفني ذهبت للمسؤول عن قسم العلاوات وأخبرته بالأمر حيث وافق على إجراء تعديل للبند المقصود، ولم أعلم مدير المؤسسة بأني فعلت ذلك. فهل عملي هذا حرام أم حلال؟
بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تغيير أي بند من بنود العقد المتفق عليه دون إذن من المسؤول المخول بذلك وفاء بشروط العقد والتزاما بما اتفق عليه الطرفان؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ. {المائدة:1} . وقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أصحاب السنن.
وبناء عليه، فإن كان مسؤول العلاوات مخولا بالتصرف في مثل ذلك وقبل تغييره فلا حرج عليك. وأما إن كان ذلك من مسؤولية المدير العام ونحوه فلابد من الرجوع إليه وبيان الحيف والظلم له ليقبل بتغييره، فإن رضي فبها ونعمت وإلا فلا يجوز لك تغييره عند من هو دونه. فإما أن تقبل به وتعمل وفق ما تضمنه أو ترفضه إذ العقد هو شريعة المتعاقدين.
وللفائدة انظر الفتويين: 112578، 43311.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(12/3105)
حكم أخذ راتبين من جهتين حكوميتين لعمل واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل لدى جهة حكومية، انتدبت للعمل بجهة حكومية أخرى تمنح امتيازات مالية أكبر. السؤال: تم التصديق لي بعلاوة سكن أسوة بنظيرى الذي يعمل معي الآن، ولا بد أن أتساوى معه في الاستحقاقات، ولا بد أيضا من التصديق لنظيري هذا بالعلاوة. أنا أتقاضى علاوة سكن من مخدمي القديم وراتب من مخدمي القديم كلها لم توقف وأمنح حوافز مالية شهرية من مكان عملي الجديد كذلك. هل يحل لي شرعا استلام علاوة بدل السكن الجديدة؟ أفيدوني عبر بريدى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت جهة عملك الأولى على علم بما يحصل ومنحتك الراتب والمنحة تبرعا فلا حرج عليك في قبول ذلك. وكذا ما اتفقت عليه مع الجهة الثانية التي تعمل معها من راتب أو علاوة بدل سكن، وكذا ما منحتك إياه تبرعا فلا حرج عليك في قبوله، ولا يلزم توحيد الرواتب والأجور بين العمال ولو كانت المؤهلات واحدة والعمل واحدا، بل ولو كان صاحب الأجرالعالي أقل مؤهلا أو أخف عملا من غيره، وإنما يرجع ذلك إلى العقد وما اتفق عليه رب العمل أو وكيله مع العامل، إذ العقد شريعة المتعاقدين ما لم يخالف الشرع، والمؤمنون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أوحرم حلالا. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً، أو حرم حلالاً. رواه أبو داود وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح عن عائشة.
لكن إن كانت جهة عملك الأولى تمنحك الراتب وعلاوة السكن خطأ فيلزمك أن تعيد إليها ماوصل إليك من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1430(12/3106)
لا حرج عليك ما دمت تتقاضى أجرك على عمل مباح
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل لدي شخص مسلم يصلي ويصنع ويبيع آلات تصفية الماء، ولقد قام بتركيب إحداها في مصنع خمر لغسل الزجاجات ولكن باقي الآلات الأخرى تستخدم في أشياء مباحة، وأنا لست مشاركا في التركيب لمصنع الخمر هل مال هذا الرجل حلال لي إذا أعطاني أجرتي لعملي لديه وهي شيء مباح؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت تتقاضى أجرك على ما تقوم به من عمل مباح، فلا حرج عليك في ذلك على الراجح، وإن تيسر لك العمل عند غيره فهو أفضل.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 7707.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(12/3107)
إلزام المستأجر بالتأمين التجاري يفسد عقد التأجير المنتهي بالتمليك
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول التأجير المنتهي بالتمليك: بينت اللجنة في صورة التأجيرالمنتهي بالتمليك الجائزة: أن لا يتضمن العقد التأمين التجاري، لكن الشركات التي تتعامل بالتأجير المنتهي بالتمليك تجبر المشتري على التامين التجاري.
مثال: أريد أن أشتري سيارة ومن شروط العقد أن السيارة لابد أن تكون مؤمنة تأمينا تجاريا شاملا ـ بل وتلزم الشركة أن يكون من شركة محددة ـ وهذا التأمين أتحمل تكلفته أنا بدفع مبلغ التأمين وقيمة السيارة إلى انتهاء مدة العقد، وذلك يتم بالصورة التالية:
قيمة السيارة: 90000 ريال مقسطة شهريا على60 شهرا.
و14000 تأمين شامل للسيارة خلال الستين شهرا.
قيمة السيارة الإجمالية تصبح:90000 و14000بما يساوي:104000، تقسم على 60 شهرا، علما بأن عقد التأمين يكون عقدا منفصلا عن عقد التأجير ويكون باسمي لا باسم الشركة المؤجرة.
وجميع شركات السيارات أصبحت تتعامل بهذا النظام وأصبحت تجبر المشتري على التأمين إذا أراد سيارة، علما بأن عقد التأجير المنتهي بالتمليك هو: عقد تأجير مع الوعد بالتملك، وأعتقد أنه جائز وفقا لما ذكرته اللجنة.
وللعلم أصبحت شركات السيارات الآن تتعامل مع نظام التأجير بالصورة الموضحة وترفض نظام البيع بالأقساط.
فما العمل في مثل هذه الحالة؟.
هل من الجائز الإقدام على مثل هذه المعاملة في حالة ما إذا أجبرت على التأمين التجاري؟ خاصة عند الضرورة للسيارة، أم ماذا أفعل؟.
وفي حالة الجواز عند الضرورة فالسيارة لا يستغنى عنها اليوم، فهل هذه ضرورة؟.
وأيضا أنا عندي مصلحة تجارية في بداية الإنشاء وتحتاج إلى سيارة، فهل لي أن أشتريها بالنظام المذكور؟
علما بأنني حاولت أن أستغني عن الإيجار المنتهي بالتمليك بالاتجارالعادي، فوجدت أن جميع شركات التأجير العادي أو المؤقت تتعامل بالتأمين التجاري وتلزم المستأجر بدفع قيمة التأمين بإضافة قيمته على قيمة الإيجار اليومي.
أفيدونا جزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل حكم التأجير المنتهي بالتمليك، ويمكنك مراجعة حكمه في فتوانا رقم: 111340، وما أحيل عليه فيها. وقد ذكرنا في الفتوى المذكورة قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 110 ـ4ـ12ـ في دورته الثانية عشرة 1421هـ 2000م وقد جاء فيه من ضمن ضوابط الجواز:
4- إذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين تعاونيا إسلامياً لا تجارياً، ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر. اهـ.
فلا يجوز التعامل بهذا العقد إذا كان مشتملاً على إجبار المستأجر على التأمين التجاري، لأن في ذلك محذورين هما اشتراط التأمين التجاري وهو محرم، واشتراط التأمين على المستأجر، والتأمين يجب أن يتحمله المالك.
ولا نرى أنه توجد ضرورة للتعامل بهذا العقد، إذ إن امتلاك السيارة ليس من الضرورات، والضرورة المبيحة للإقدام على عقد محرم هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو أن لا يتمكن من تحقيق الحد الأدنى من ضروريات الحياة من مأكل ومشرب ومسكن ولو بالإيجار، ومن احتاج للسيارة فله أن يشتريها بالطرق المباحة شرعاً، وإن عجز عن الشراء فله أن يستأجرها بعقد مباح لقضاء حاجاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(12/3108)
حكم الأجرة الغالية على خدمة الحجاج في المناسك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شخص يشتغل في الحرم؟ وشغله هو: أن يسعي ويطوف الناس، ولكن الأسعار غالية يعني بـ 300 أو 400 أو 250، ولكن هو لايجبرالحآج على ذلك بل الحاج يدفع برضاه، هل هذا الشغل جائز؟ لأن فيه نفعا لكبار السن الذين لا يستطيعون أن يسعوا ويطوفوا على أقدامهم لعجزهم، فمثل هذا النفع لهم، هل يجيز هذا الشغل؟ وهل المال حلال أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا لا حرج فيه، وهو من خدمة الحجاج وزوار البيت الحرام، ويجوز أخذ الأجرة عليه، لكن من شروط صحة عقد الإجارة أن تكون الأجرة معلومة، لما أخرجه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره. هذا هو الراجح وهو مذهب الجمهور، ويكفي في ذلك أن تجري العادة والعرف بأجر في مثل ذلك العمل.
قال المرداوي في الإنصاف: وإن دفع ثوبه إلى قصار أو خياط ليعملاه ولهما عادة بأجرة صح ولهما ذلك، وكذا لو استعمل حمالا أو شاهدا أو نحوه، قال في القواعد: وكالمكارى والحجام والدلال ونحوهم. هـ.
لكن ينبغي الرفق بالحجاج ومراعاة ظروفهم وعدم المغالاة في الأجورعليهم، فكثير منهم لم يحصل على نفقة الحج إلا بشق الأنفس، وبعدما شاخ وضعف، فرفقا بهم، ولكم الأجر في ذلك والمثوبة من عند الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(12/3109)
حكم الساعات التي يتغيب فيها الموظف عن العمل دون تصريح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مراقبا صحيا في مكتب الصحة، ونحن المراقبون الصحيون بالوحدة 4 ونقسم الأسبوع علينا نحن الأربعة، وهذا بعلم مدير الوحدة الصحية التي أعمل بها، علما بأنني إذا لم أذهب إلى الوحدة يقوم زميلي بعمل أحوال لي، أي أنني أستقصي حالات لمرض ما مثلا وأنا أعلم أن هذا كذب ولا يليق بي كمسلم لذا لا أعمل لزملائي أحوال وأعملها فقط لنفسي، وأكتب بورقة الأحوال أني أعلم المتخلفين عن موعد التطعيمات بالحضور إلى الوحدة للتطعيم وذلك تليفونيا وهذا بالفعل ما أقوم به تليفونيا. فالرجاء سرعة الإفتاء لي لأن مرتب الوحدة كما تعلمون لا يكفي وأقوم بعمل إضافي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموظفون العاملون في المؤسسات، تنطبق عليهم أحكام الأجير الخاص في الشريعة، والواجب على الأجير الخاص أن يلتزم بنص العقد الذي أجراه مع مستأجره، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. {المائدة:1} ولقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وصححه السيوطي، وقد ذكره البخاري تعليقاً بلفظ: المسلمون عند شروطهم.
وبناء عليه، فلا بد من وجود الموظف في عمله في ساعات العمل المتفق عليها بغض النظر عن قيامه بعمل ما أو عدم قيامه، فلا يجوز لك أيها الأخ السائل أن تتخلف عن عملك إلا بإذن ممن له حق الإذن لك في ذلك كالمدير ونحوه، ولا عبرة بعلم رئيس الوحدة ولا بإذنه إن لم تكن له سلطة الإذن.
وأما كتابة العامل خلاف العمل الذي عمل فعلا هو أو غيره فهو غش وخداع وإعانة على الإثم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم.
وعلى هذا العامل وأمثاله التخلي عن ذلك فوراً والتوبة والاستغفار، ولا يخفى أن الراتب الذي يحصل عليه العامل مقابل الساعات التي يكذب بشأنها لا يحل له، ويلزمه تعويض جهة العمل عن ذلك أو استحلالها منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(12/3110)
عقد الإجارة لازم للطرفين والإقالة مستحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل قمت ببناء بيت أسفله محلات، ولم أقم بتشطيب المحلات وقمت بعرضها للإيجار، وفعلا قمت بتأجير أحد المحلات إلى سيدة، وكان الاتفاق على أساس أني آخذ إيجار 650 شهريا على أن تدفع مقدم إيجار 3000 تخصم من الإيجار الشهري 250 شهريا، وتدفع الفرق وهذا المبلغ نظير محارة وتوصيلات الكهرباء وسيراميك المحل، على أن تقوم هي بجميع التشطيبات النهائية والحمام والإضاءة على حسابها، وفعلا كتبنا العقد لكن دون أي شرط جزائي على الطرفين، وبعد استلام المبلغ بدأت فعلا بعمل التجهيزات المتفق عليها ولكن حدث خلاف بيني وبين تلك السيدة على بعض الأمور الخاصة بالتشطيب، لأنها قامت بسؤال بعض المحلات المجاورة فقالوا لها إن المالك يجب أن يقوم بجميع التشطيبات وتركيب العداد وهذا لم نتفق عليه، فطلبت مني السيدة الرجوع في الاتفاق لأنها تشعر أنني أظلمها – برغم أنها ارتضت الاتفاق من البداية وكان عندها وقت كاف لتسأل قبل الاتفاق - وطلبت منى مقدم الإيجار. فهل يجوز لي خصم التكاليف التي قمت بتجهيز المحل بها وهي حوالي 800 جنيه حيث إني دفعت هذه المصاريف على أساس العقد بيننا، واستقطعت من وقتي ومجهودي للإشراف على العمال؟ أم يجب علي إعادة المبلغ كاملا كما تقول هي لي على أساس أنها لم تأخذ مني أي مقابل لهذا المال ولم تستلم المحل ولم تستفد منه، وأن جميع ما أنفقت أنفقته على ملكي أنا.أريد تحرى الحلال.فأرجو إفادتي هل من حقي ما أنفقت من تكاليف بعد أن رجعت هي في العقد أم لا؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعقد الإجارة من العقود اللازمة على الراجح من أقوال الفقهاء، فلا يجوز لأحد الطرفين الانفراد بفسخه، ومقتضى كون عقد الإجارة عقدا لازما أن المؤجر يملك الأجرة، وأن المستأجر يملك المنفعة بالعقد، فإذا كان العقد صحيحا شرعاً بأن كان محدد المدة، وكانت التشطيبات التي اتُفق على أن تقوم بها هذه السيدة معلومة ومحددة تحديدا واضحا ً، فلا حرج في هذا العقد، ومن حقك مطالبة السيدة المذكورة بالالتزام بمقتضى العقد الذي تم بينكما، ويكون من حقك الانتفاع بالأجرة ولو لم تستخدم هذه السيدة المحل مطلقاً أو استخدمته مدة ثم تركته، ولكن يستحب إذا طلبت هذه السيدة الإقالة من هذا العقد أن تقيلها، لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ. رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان وصححه ابن دقيق العيد. والإقالة هي: رفع العقد وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي الطرفين، فإذا قبلت الإقالة فمقتضى ذلك أن ترد لهذه السيدة ما دفعته من مال. أما إذا كان العقد غير صحيح لعدم تحديد المدة، أو لوجود جهالة في التشطيبات التي اتُفق على أن تقوم بها هذه السيدة. فهذا العقد غير صحيح ويجب فسخه، ويلزمك أن ترد للسيدة المذكورة ما دفعته لك من مال.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 46107، 48130، 70982، 80042.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(12/3111)
يجوز فسخ عقد الإجارة إذا وجد سبب يقتضي الفسخ
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال طارئ وجاد جدا: أنا الآن بفضل الله مدير اتحاد ملاك البرج الذي أسكن فيه، والمشكلة أننا ظللنا في حيرة من أمرنا من إنهاء خدمة الغفير- الحارس- وبعد أن تقدمت أنا وبعض الآخرين بالجوانب والأخطاء الكبيرة التي أخطأ بها الغفير، اتفقنا نحن-إدارة الاتحاد وبعض الملاك- على إنهاء خدمته لتجاوزه الأخطاء الأخلاقية لدرجة تلبيته لبعض المستأجرين بأمور غير أخلاقية، وكان غير مخلص معنا في أمور أخرى. المهم أن أحد الملاك بعد أن تأكد من نية الاتحاد من اتخاذ الموقف قال إن هذا يدخل تحت ما يسمى بقطع الأرزاق ولكن في نفسي لا أعتبرها كذلك لأخطائه الكبيرة، ولكني لا أريد رأيي وأريد معرفة الصواب في ديني الصحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقود الإجارة الآن على قسمين: عقد له أمد ينتهي إليه كسنة مثلا أو سنتين، وعقد مشاهرة يتجدد عند بداية كل شهر، فإن كان العقد بينكم وبين الحارس من النوع الأول فالإجارة هنا عقد لازم للطرفين فلا يجوز لأي منهما فسخها إلا إذا وجد سببا يقتضي الفسخ. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. {المائدة: 1} .
وبناء عليه، فإن كان هذا الأجير قد أخل بما هو متفق عليه في العقد وقصر فيما هو مكلف بالقيام به حسب مقتضى العقد، وانضم إلى ذلك ما ذكرتم من ممارسته أشياء غير أخلاقية، فلا حرج عليكم في إنهاء التعاقد معه وفسخ هذه الإجارة.
وأما اعتبار الفسخ قطعا للرزق كما ورد بالسؤال فاعتبار في غير محله، لأن الأجير في هذه الحالة هو الذي جنى على نفسه حين فعل ما يخل بالعقد، ثم إنه إذا صح الاحتجاج بمثل هذا على استمرار الأجير في العمل مع عدم قيامه بما هو لازم له على الوجه الأكمل لترتب على ذلك فساد عظيم، ولكان في ذلك إزالة ضرر أحد الطرفين بضرر الطرف الآخر، والقاعدة الفقهية تقول: الضرر لا يزال بالضرر.
وأما إن كانت الإجارة من النوع الثاني، فالأصل أن كل واحد من الطرفين مخير في تجديدها عند نهاية كل شهر ولو لم يوجد إخلال بالتزام أصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1430(12/3112)
الرشوة هي ما يدفع لإبطال حق أو لإحقاق باطل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص والدي يملك عقارا- محلا تجاريا- ملكا للدولة ينتفع به مقابل مبلغ قدره 47 دينارا ليبيا عن كل شهر. والمحل أقفل لمدة ما يقارب 9 سنوات ولم أدفع المبلغ -الإيجار- لمدة 14 سنة، وبعد ذلك أردت أن أنتفع به أنا، وذهبت إلى مصلحة الأملاك العامة وسألت عن وضع المحل إذ هم يقولون لي إن المحل عليه مبلغ وقدره 26 ألف دينار، ولا أدري كيف وصل المبلغ إلى هذا الحد وعلى أي أساس، ويجب أن تدفع نصف المبلغ على الأقل، وأن تدفع الباقي على أقساط، وأنا لا أستطيع أن أدفع هذا المبلغ، وبينما أنا ذاهب وجدت شخصا موظفا يعمل في هذه المصلحة إذ هو يقول لي ادفع لي مبلغ وقدره 6 آلاف دينار خارج نطاق العمل، وأنا أعفيك من المبلغ بالكامل بطريقتي الخاصة، ودفعت له هذا المبلغ. وقمت باستئجار هذا المحل لشخص مقابل مبلغ من المال. هل يعتبر هذا المبلغ الذي دفعته للموظف رشوة؟ وإذا كان رشوة ما حكم المبلغ الذي أقبضه من الشخص الذي استأجرت له المحل؟ علما بأني أريد أن أعتمر بهذا المبلغ. أفيدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المحل المذكور ملكا لوالدك، لكن الدولة وضعت نفوذها عليه بحكم القوانين الوضعية والأنظمة التي تمنع امتلاك الشخص الواحد لأكثر من محل ونحوه كالأنظمة الاشتراكية. وألزمت بدفع أجرة عنه للانتفاع به فذلك ظلم لا يجب الالتزام به، ويجوز التحايل عليه والتهرب منه. وبالتالي فلا حرج عليك فيما دفعت للتخلص منه إن كنت لم تستطع التخلص منه إلا بتلك الوسيلة، ويكون الإثم على من أخذها لا عليك، لأن الرشوة هي ما يُدفع لإبطال حق أو إحقاق باطل.
قال صاحب تحفة الأحوذي بشرح الترمذي: فأما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه. روي أن ابن مسعود أُخذ بأرض الحبشة في شيء، فأَعطى دينارين حتى خلِّي سبيله، وروي عن جماعة من أئمة التابعين، قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم ... وفي المرقاة شرح المشكاة: قيل الرشوة ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل، أما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق أو ليدفع به عن نفسه فلا بأس به.
وأما إن كان المحل مملوكا للدولة، وإنما استأجره والدك منها على سبيل المشاهرة، أي أن كل شهر بالمبلغ المذكور فهي إجارة صحيحة، ولا حرج عليك في الاستمرار في ذلك العقد، ولا تأثير للدين السابق على صحته.
لكن ما سبق من المدة التي انتفع فيها والدك بالمحل يلزمه أجرته. وكذا إن كان هو الذي أغلق المحل وليس الدولة، لأن استحقاق الأجرة بالتمكين فعليه دفع أجرة تلك السنوات التي أغلق المحل فيها ولم يفسخ العقد مع المستأجر لينتفع بمحله. وأما إن كانت الدولة صاحبة المحل هي التي أغلقته فلا يلزمه دفع أجرة عن تلك السنوات لأنه لم ينتفع فيها بالمحل بسبب الدولة.
وعلى كل فما كان من المبلغ المذكور مستحقا على أبيك فيلزم سداده سواء تم تجديد عقد الإجارة أم لا، ولا يجوز دفع رشوة للتحايل عليه وإسقاطه، وهو باق في ذمة أبيك حتى يؤديه أو تبرئه منه الجهة المستحقة له. وما كان منه غير مستحق كالفوائد الربوية التي تجعل بسبب التأخر في التسديد والضرائب المأخوذة بغير حق ونحو ذلك فلا يجب دفعه، ويجوز التحايل عليه لإسقاطه ولو بدفع تلك الرشوة، والإثم فيها على الآخذ لا على الدافع.
وأما حكم تأجيرك للمحل وما تأخذه منه فقد بينا شروط جواز تأجير العين المستأجرة من المستأجر وذلك في الفتوى رقم: 105196.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1430(12/3113)
لا يحل للموظف أخذ مال على مهمة لم يقم بها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال وأريد الإجابة عليه بارك الله فيكم.
السؤال: أعمل في شركة عامة في مكتب الشؤون الإدارية ومراقب التوقيت، يعني الشخص المسؤول عن الموظفين أثناء حضورهم للعمل، هناك مهمات تبعث فيها الإدارة التي أعمل فيها وهذه المهمات خارج المدينة التي أسكن فيها، وتعطي مبالغ للذين يكلفون بهذه المهمات، تعطي مبالغ مالية من 40 إلى 80 دينار يومياً، وبصراحة تحصلت على فرصة لكي أذهب لهذه المهمات حتى يتسنى لي الحصول على مبالغ مالية لتحسين دخلي الشهري، ولكن بسبب ارتباطي بعملي كمراقب توقيت ومسؤول على البريد الصادر والوارد وإعداد رسائل مدير الإدارة التي أعمل بها، واعتماد المدير علي بشكل أساسي في كل شيء يتعلق بأمور الإدارة، وتكليفي ببعض المهام الأخري كاستلام مواد من المزودين الذين تتعامل معهم الشركة، وتكليفي ببعض الأحيان بصرف مواد للإخوة الذين يعملون بإدارات أخرى، وتكليفي بإعداد وتركيب شبكة نت لبعض الدوائر التابعة للإدارة.
المهم اعتماد المدير علي بشكل أساسي يمنعني من الذهاب إلى تلك المهمات الخارجية.
المهم قال لي مديري أنا أحتاج إليك هنا وقلت له أنا أحتاج للمبالغ التي تعطي للموظفين الذين يكلفون بمهمة خارج المدينة، قال لي أنا أحتاجك وأنت تحتاج إلى المبالغ المالية، إذاً ابق هنا وأنجز الأعمال الموكلة إليك وأنا سوف أبعث بورقة مبيت إلى الدوائر الأخرى التي خارج المدينة لكي تحصل على المبالغ وتكون بهذا أنجزت العمل الموكل إليك وتحصلت على المبالغ المالية.
هل يجوز لي صرف هذه المبالغ أخي العزيز؟ وهل هي حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تحصل على أموال مقابل مهمات لا تقوم بها فعلاً، لما في ذلك من الكذب المحرم وأكل أموال الناس بالباطل، قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ. {البقرة:188} .
قال الشيخ السعدي: أي ولا تأخذوا أموالكم أي أموال غيركم ... ولما كان أكلها نوعين نوعا بحق ونوعا بباطل وكان المحرم إنما هو أكلها بالباطل قيده تعالى بذلك ويدخل في ذلك أكلها على وجه الغصب والسرقة والخيانة. ويدخل في ذلك استعمال الأجراء وأكل أجرتهم، وكذلك أخذهم أجرة على عمل لم يقوموا بواجبه. فكل هذا ونحوه من أكل المال بالباطل فلا يحل ذلك بوجه من الوجوه. اهـ.
وإذا كان المدير يحتاجك في العمل فيمكنه أن يطلب من المسؤولين زيادة راتبك أو إعطاءك مكافأة مالية.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتويين: 104730، 118080.
نسأل الله تعالى أن يغنيك بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1430(12/3114)
الاستفادة من الأجازة المرضية تعويضا عن الحرمان من أجرة أيام العمل الإضافي
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت الشركة التي أعمل بها تقوم باحتساب أجر إضافي لساعات العمل الإضافية، ثم قامت بإلغاء هذه المعاملة مستقبلا وبأثر رجعي، فقامت بإلغاء كل ما احتسبته لي للعام الماضي قبل استفادتي منه، حيث إنها تعطي مجموع هذه الساعات المحتسبة كإجازة بعد نهاية كل عام، فهل يجوز لي الاستفادة من الأيام المرضية دون مرض؟ أو مغادرة الشركة باكرا إذا لم يكن هناك عمل أي دون التأثير بضرر على الشركة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستفادة من الإجازات المرضية دون أن يكون الموظف مريضا يعتبر غشا وخداعا محرما، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. والموظف أجير خاص لجهة خاصة، ويتقاضى أجرة معلومة محددة مقابل عمل معلوم يقوم به، ويجب عليه الوفاء بالعقد المبرم بينه وبين الشركة، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1} . وفي الحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد.
ومن المعلوم أن شرط استحقاق الإجازة المرضية كون العامل مريضا لا بالتحايل والتزوير، كما يجب على العامل أيضا أن يحضر في وقت الدوام الرسمي، سواء وجد عمل أو لم يوجد، فليس عذرا في التخلف عن الحضور أن لا يوجد عمل يقوم به الموظف، لكن إن أذن للعامل من هو مخول بالإذن في الانصراف فلا مانع.
وما ذكرته من الأثر الرجعي فإن كان المقصود منه أن جهة العمل قد ألغت الساعات الإضافية التي كنت عملتها دون أن تعوضك عنها ما تستحقه من أجرة، فلك أخذ قدر حقك متى ما قدرت عليه، وهي مسألة الظفر المبينة في الفتوى رقم: 28871، وإذا لم تستطع استيفاءه بأية وسيلة وأردت الاستعاضة عنه بالعطل المرضية أو الانصراف قبل الوقت المحدد ونحو ذلك فلم نجد كلاما لأهل العلم في خصوص ذلك، والظاهر أنه لا يبعد دخوله في مسألة الظفر، وبالتالي لا يكون فيه من حرج.
وللمزيد حول ما ذكر، انظر الفتاوى رقم 31، 118704، 29093، 48848
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1430(12/3115)
مسائل متعلقة بالوظائف الحكومية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف أعمل في وزارة الكهرباء ورواتبنا تكون أعلى من رواتب بقية الوزارات على أن وزارتنا وزارة إنتاجية، بالرغم من أن بعض الموظفين في وزارات أخرى عندهم شهادات بكالوريوس يتقاضون راتبا أقل بكثير من راتب الموظف في وزارة الكهرباء، مع أن هذا الموظف لا تتعدى شهادته الإعدادية أو الثانوية، وربما تجد في وزارات أخرى الموظف يعمل أكثر مما يعمل موظف الكهرباء بحسب طبيعة العمل والاحتياج إلى ذلك والتدهور الذي حصل في العراق أمنيا وتنظيما قد يكون وراء هذا، حيث أصبحت بعض الوزارات تعد جدول رواتب يختلف عن بقية الوزارات بعلم مجلس النواب، فما حكم الرواتب التي نأخذها؟ وسؤالي الآخر يعطي المسؤول في بعض المرات مساعدة للموظفين وبدون علم المدير أي إجازة بدون كارت رسمي، هل يجوز هذا؟ وإذا علم المدير فما الحكم؟ وسؤالي الآخرـ إذا سمحتم ـ يبدأ الدوام الرسمي من الساعة الثامنة وحتى الساعة الثالثة عصرا، وعندما لا يكون لدينا عمل نأخذ راحتنا بالاستلقاء وأخذ قسط من النوم، علما أنهم إذا أرادونا فنحن جاهزون في أي وقت للعمل، ولا يوجد عمل شاق سوى بعض الأعمال البسيطة، وقد تكون روتينية في بعض الأحيان، ومع ذلك فهم يمنعون النوم بحجة: لا نوم في العمل، ونحن لا ننام في العمل، وتراهم حريصين أشد الحرص على أن الموظف لا ينام، ومئات الآلاف تهدر عن طريق المشتريات وغيرها وهذا ما أسمعه كثيرا من الموظفين ولم أمسكه بيدي ـ والله أعلم ـ فما الحكم في النوم؟ وهل إذا كان لا يجوز تكون رواتبنا حراما؟ أرجو التوضيح، جزاكم الله خيرا، أخوكم من العراق الجريح.
والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم توحيد الرواتب والأجور بين الوزرات أو الشركات أو هيئات العمل، ولو كانت المؤهلات واحدة والعمل واحدا، بل ولو كان أصحاب الأجور العالية أقل مؤهلات وأخف عملا، وإنما يرجع ذلك إلى العقد وما اتفق عليه رب العمل أو وكيله مع العامل، إذ العقد شريعة المتعاقدين ما لم يخالف الشرع، والمؤمنون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا.
وبناء عليه، فلا حرج عليكم فيما تأخذونه من رواتب في وزارتكم ولو كان أكثر مما يتقاضاه نظراؤكم في وزارات أخرى.
وأما النوم في وقت العمل فلا يجوز مادام صاحب العمل لا يأذن فيه، ولو لم يكن لدى العامل شغل لأنه أجير خاص، ووقت الأجير الخاص خلال مدة الدوام ملك لمستأجره، وقد نهاه عن النوم وقت الدوام ومنعه من ذلك.
فإذا نام العامل في وقت الدوام الرسمي مع ما ذكر من النهي له لم يجز له أن يأخذ أجرا على ساعات نومه، وعليه أن يرد ما يقابلها إلى جهة عمله إن أعطي أجره كاملا أو يستسمحها من ذلك.
وأما ما يعطيه المسؤول لبعض العمال دون علم المدير فإن كان مأذونا له فيه مخولا بالتصرف فيما تحت يده وقد فعل ذلك مراعاة لمصلحة العمل فلا حرج عليه في دفعه ولا حرج على العمال في أخذه وإلا حرم عليه وعليهم، لما فيه من خيانة المسؤول لما أوكل إليه من الأمانة قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} .
ولمزيد من الفائدة انظر الفتويين رقم: 20058، 11360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1430(12/3116)
إقراض المستأجر المالك مبلغا مقابل سكناه مجانا لوقت رد القرض من الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد بيع بيتي بسوريا لأشتري بيتا بالرياض، والمشكلة أنني عملت وكالة لوالدتي لتؤجره بعقد سنة، ولكنها أجرته 3 سنوات دون علمي، علما أنني دفعت خمسين ألفا عربونا لبيت الرياض، واقترح المستأجر بسوريا دفع ثلث ثمن بيتي مقابل أن يظل ساكنا بلا مقابل إلى أن أرد المبلغ، لأنه لا يملك ثمن البيت كاملا.
هل هذا جائز أوهو كالدين الربوي؟.
أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان القصد أن مستأجر البيت بسوريا أراد أن يقرضك المبلغ المذكور مقابل السكن مجانا، ويظل كذلك إلى أن يسترجع منك هذا القرض، فالجواب أن هذا ربا محرم، لأن كل قرض جر نفعا كان ربا.
وأما تصرف الأم ومخالفتها لمقتضى الوكالة فهو مردود مالم تجزه أنت. قال ابن قدامة في المغني: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق، أو من جهة العرف، لأن تصرفه بالإذن، فاختص بما أذن فيه. اهـ.
وعلى فرض إجازتك له فكون البيت مؤجرا لا يمنع من بيعه. قال ابن قدامة في المغني: إذا أجر عيناً ثم باعها صح البيع نص عليه أحمد، باعها للمستأجر أو لغيره. انتهى.
وإذا تم بيع العين المؤجرة، فإن منافعها تبقى للمستأجر إلى حين انقضاء مدة الإجارة، ولا حق للمشتري في منفعة العقار حتى تنتهي مدة الإجارة، جاء في المغني: إذا ثبت هذا - صحة بيع المؤجر- فإن المشتري يملك المبيع مسلوب المنفعة إلى حين انقضاء الإجارة. انتهى. إلا إذا وقع النص على أن المنفعة في هذه المدة تكون للمشتري، فإن ذلك يصح أيضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1430(12/3117)
متى يؤاخذ الموظف إذا سرقت أموال ومستندات العمل من بيته
[السُّؤَالُ]
ـ[عالمي الجليل: أريد منك فتوى ضرورية وهي: لدي صديق يعمل في شركة رحلات، وقد تعرض بيته للسرقة وكان داخل البيت فواتير وأموال تابعة للشركة وقد سرقت، فترك العمل للبحث عن السارق، ولكن حصلت مشاكل بسبب ترك العمل، فهو الآن في مشاكل مع رئيس القسم الذي يشتغل فيه، فترك القسم وذهب لقسم آخر لكن المدير قدم مذكرة للمدير العام في صديقي هذا، ويريد الآن من صديقي أن يترك العمل، فصديقي في حالة ضيق بسببه، ويريد ضرب رئيس القسم بسبب المذكرة التي كتبت فيه.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن ننبه إلى أن تلك الأموال والفواتير إن كانت محفوظة في بيت صديقك بإذن من صاحب الشركة التي يعمل بها أو ممن فوضه بإدارتها فإن يده عليها يد أمانة ولا ضمان عليه إذا سرقت من عنده إلا إذا كان متعديا أو مفرطا، وانظر الفتوى رقم: 70056، وإن كانت عنده بدون إذن فهو ضامن لما سرق مطلقا إلا أن يحله صاحب المال.
ولقد أخطأ صديقك عندما تغيب عن العمل للبحث عن السارق دون إذن؛ لأنه في وقت العمل الرسمي للشركة أجير لصاحب العمل ليس له الاشتغال بغير الأعمال المنوطة به، وانظر الفتوى رقم: 117118.
كما أنه ليس له ضرب رئيسه لمجرد أنه قدم فيه شكوى للمدير العام؛ لأن هذه الشكوى بمثابة دعوى، ولا بد من حكومة للفصل في أمره وبيان ما يلزمه تجاه الشركة، وانظر الفتوى رقم: 74568.
وإن وقع عليه ظلم، فإن استطاع أن يرفعه عن نفسه بالتحاكم إلى ولاة الأمر وأصحاب الشأن فعل، وإن عجز فليصبر، وعند الله تجتمع الخصوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1430(12/3118)
لا حرج في الشدة والحزم بدون ظلم لضمان حسن سير العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في الخليج في مجال المقاولات والبناء، والمشكلة أن طبيعة عملي تحتاج لشخصية قوية وجدية
في إدارة أمور العمل، وأحيانا يحتاج المرء لبعض الشراسة في التعامل لضمان حقوق صحة العمل والإتقان.
وأنا أستعمل هذه الصرامة وأنا كاره لها فهي ضد طبيعتي، وقد حاولت استعمال الرفق واللين عشرات المرات، فانعكس ذلك سلبيا على جودة العمل، خصوصا أن المعايير الفنية هنا عالية وصعبة، وللأسف فإن معظم العمال والمهنيين لا يملكون ضميرا مهنيا أو أخلاقيات المهنة، فتراهم يتفننون في التفلت من العمل وفي الكذب واختلاق الأعذار الواهية لعدم إتقان العمل، مما يضطرني لاستعمال الشدة والخصم والحزم الشديد، مع التأكيد أنني أجتهد كثيرا كثيرا في عدم ظلمهم والخصم عليهم، وحتى أتبع أسلوب المكافأة عند إتقانهم العمل - ونادرا ما يتقنون - فهل أنا مؤاخذ على شدتي التي تكون ضرورية لسلامة الأعمال-وأنا مسئول عنها أمام الإدارة- أم أتبع اللين ولو كان على حساب الإتقان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كتب الله الإحسان على كل شيء، وهو سبحانه يحب المحسنين، ويحب إذا عمل العبد عملا أن يتقنه، كما سبق بيانه في الفتويين: 47732، 53372.
والمسؤول عن إدارة أي عمل إنما هو راع فيه وهو مسؤول عن رعيته، وعليه أن يؤدي أمانة عمله، وأن يضع كل شيء في نصابه ومكانه اللائق به، فيضع اللين في موضعه، والشدة في موضعها، وهذا هو الحزم المحمود، كما قال أبو تمام:
فقسا ليزدجروا ومن يك حازماً * فليقس أحياناً على من يرحم.
فإذا اختل هذا الميزان اختل سير العمل وكانت مضرة، كما قال المتنبي:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا * مضر كوضع السيف في موضع الندى.
ومن المعروف من طبيعة البشر أنهم لا يعتدلون بشيء كاجتماع الترغيب مع الترهيب، فالثواب للمحسن والعقاب للمسيء، وهذه هي سنة الله تعالى في معاملة خلقه، كما قال سبحانه: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى. {النجم:31} .
ثم ننبه السائل الكريم على أن الأساس في إقامة العدل مع العاملين تحت إدارته أن يجري عليهم بنود العقد الذي تم الاتفاق عليه، ما دام خاليا من المخالفات الشرعية.
وقد سبق لنا التنبيه على أن الرفق بالعمال إنما يكون بما لا يضر العمل ولا يخالف النظام، في الفتوى رقم: 43311.
كما سبق بيان حكم معاقبة الموظف المقصر فصلاً أو خصماً، في الفتوى رقم: 48576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1430(12/3119)
حكم استقدام العمال غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استقدام العمالة الوافدة البوذية أو المسيحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل هو جواز استئجار الكفار واستقدامهم لعمل ما يصلحون له من الأعمال، ويدل لذلك استئجار النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر لأبي أريقط دليلا لهما في الهجرة، ولكنه يحسن بالمسلم أن يحرص على تقديم العمالة المسلمة إن كان وجودها ممكنا لما في ذلك من إعانة لهم على حصول وظائف يتكسبون بها ويستغنون بها عن السفر لبلاد الكفر للكسب.
ولو استقدم المسلم كافرا فيتعين معاملته بالتي هي أحسن والوفاء له بما تعهد له به والحرص على هدايته والعبد عن تمكينه من الخلوة بالنساء أو غرس معتقداته الباطلة في نفوس الصغار أو السماح له باستخدام الأجهزة استخداما محرما.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 17051، 3681، 15289، 9896.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(12/3120)
لمالك العقار إخراج المستأجرين بعد انتهاء مدة العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مستأجر لشقة في إحدى العمارات منذ 2001 بعقد سنوي ينتهي في أغسطس من كل عام، ويتجدد تلقائيا لسنة أخرى، وقبل انتهاء مدة العقد السنوية قام مالك العمارة ببيعها إلى مالك آخر، ولم يقم الأخير بإبرام عقود جديدة مع السكان، وإنما اكتفى بأخذ ذات الأجرة منهم، وبعد مدة قام برفع قضية لإخلاء العقار للهدم، فقمنا بتوكيل محام لاستئناف الحكم للحصول على تعويض أكبر بدل الإخلاء، وبعد مضي عدة أشهر قام المالك الثاني ببيع العمارة إلى مالك ثالث، ولم يقم كذلك بإبرام عقود جديدة مع السكان، بل وامتنع كذلك عن أخذ الأجرة منهم، مما اضطرهم إلى دفع الأجرة في المحكمة مع الاستمرار في القضية المرفوعة ضدهم، وقبل شهر تقريبا قام المالك الثالث ببيع العقار إلى رابع، يسعى الآن لإخراج السكان بأساليب منها: تعطيل المصعد وقطع الماء وتدمير الشقق الفارغة.. إلخ.
والسؤال:ما هو حكم الشرع في مثل هذه الحالة؟ وهل عدم قيام أي من الملاك الثلاثة بإبرام عقود تحريرية جديدة مع السكان يجيز لهم البقاء في العمارة ودفع الأجرة إلى المحكمة؟ وما هو الواجب علي الآن في مثل هذه الحالة؟ علما بأن الحكم الأول القاضي بإخلاء السكان يوجب لنا تعويضا قدره 6 أشهر.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعقد الإجارة مع المالك القديم كما ذكرت في سؤالك هو عقد سنوي، وقد أجاز المالكية مثل هذا العقد، ولكنه غير لازم عندهم، فيحق لكل من المتعاقدين فسخ الإجارة متى أراد، فيكون من حق المستأجر أن يترك العين أي وقت شاء، ولا يلزمه من أجرتها إلا حساب ما أمضى فيها من شهر أو أشهر أوأيام، وكذلك من حق المالك أن يخرج المستأجر أي وقت شاء ما لم يقدم المستأجر الأجرة فيملك المنفعة بقدرها. جاء في المدونة: قلت أرأيت إن اكترى الرجل حانوتا كل سنة بدرهم، أو كل شهر بدرهم، أو في كل شهر بدرهم أو في كل سنة بدرهم؟ قال: قال مالك: يخرج المكتاري متى شاء ويخرجه رب الدار متى شاء. اهـ.
وعند الحنفية مثل هذا العقد صحيح في أول سنة فقط، ولكن يلزم العقد في السنة التالية إذا لم يترك أحد العاقدين الإجارة في بداية السنة الثانية؛ لأن ذلك دال على رضاهما بتجديدالعقد. جاء في درر الحكام: آجر دارا كل شهر بكذا صح في واحد فقط، وفسد في الباقي، إذ لا يمكن تصحيح العقد على جملة الشهور لجهالتها، ولا على ما بين الأدنى، والكل لعدم أولوية بعضها من البعض فتعين الأدنى، وإذا تم الشهر الأول فلكل منهما أن ينقض الإجارة لانتهاء العقد الصحيح، وفي كل شهر سكن في أوله، فإنه إذا سكن ساعة من الشهر الثاني صح العقد فيه ولم يكن للمؤجر أن يخرجه إلى أن ينقضي إلا بعذر، وكذا كل شهر سكن في أوله لأن التراضي منهما بالعقد يتم بالسكنى في الشهر الثاني. اهـ.
وعلى هذا فيحق للمالك الأصلي، وكذلك المالك الجديد إخراج المستأجرين من هذه الشقق متى شاء كما ذهب إليه المالكية، أو عند نهاية كل سنة كما عند الحنفية، أما الشافعية فمثل هذا العقد فاسد عندهم، وبالتالي، فهو مفسوخ متى اطلع عليه، ويرجع المتكاريين إلى أجرة المثل، ولا يستحق المستأجر أي تعويض مقابل ترك الشقة، إلا إذا كان المستأجر قد أجرى إصلاحات في الشقة المستأجرة فما كان من الإصلاحات عائدا لمنفعة وإصلاح الشقة فهذه يرجع المستأجر بها على المؤجر بشرط أن تكون قد فعلت بإذن منه، أما إن كانت عائدة لمنفعة المستأجر فلا يرجع عليه إلا إذا كان فعل ذلك بشرط الرجوع أو الخصم من الأجرة.
ومن جميع ما تقدم يتبين لك أنه ليس لكم الحق في امتناعكم من الخروج، فواجبكم أن تتوبوا إلى الله من ذلك، وتسلموا الشقق إلى أصحابها، وليس لكم من التعويض إلا ما ذكر.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتويين رقم: 104968، ورقم: 105724.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(12/3121)
لا حرج لمن أجبر على العمل في استيفاء حقه بالطرق المشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في بريد تابع لحكومة ونقوم بتحصيل رسوم عبور للخارج، أحيانا نداوم في أيام الإجازات ونداوم أيضا إلى وقت متأخر من الليل، ولكن وزارتنا ترفض إعطاءنا ساعات إضافية وتقول إننا نعمل بلا مقابل، السؤال هو: إننا نقوم بتبديل عملة أثناء التحصيل من أجل التيسير على المواطنين لأنهم لا يستطيعون العودة لتبديل العملة من الخارج، فهل يجوز لنا أن نأخذ فارق العملة؟ حيث إننا نقوم بالصرف بسعر أقل من السوق بشيء يسير خوفا من الهبوط المفاجئ لأسعارالعملات، وللعلم أحيانا نضطر للدفع من جيوبنا إن كانت هناك خسارة في شراء العملات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الوزارة تجبركم على العمل في أوقات غير متفق عليها ولا تعطيكم أجراً مقابل ذلك، فهذا من الظلم المحرم، ولكم أن تسلكوا السبل المشروعة للمطالبة بحقوقكم، كما أن لكم أن تمتنعواعن العمل الزائد، وإذا كانت جهة العمل تجبركم على العمل الزائد ولم تتمكنوا من الحصول على حقوقكم بالسبل المشروعة، فيجوز لكم الاحتيال للحصول على حقكم وهو أجر المثل للساعات والأيام التي تعملون فيها زيادة على المتفق عليه ومن ذلك الطريقة المذكورة في السؤال بشرط أمن الضرر وألا تأخذوا أكثر من حقكم، وهذا من باب الظفر بالحق، وقد سبق بيان مسألة الظفر بالحق وأن في جوازها خلافا بين العلماء في الفتاوى الآتية أرقامها: 8780، 6022، 28871.
أما الفقرة الأخيرة من السؤال فهي غير واضحة ولكن إذا كان ما تقومون به من تبديل العملة أمرا خارجا عن عملكم الرسمي فلا حرج في أن تأخذوا الفارق الناتج عن استبدال العملة، ولو لم يكن هناك ظلم واقع عليكم من جهة العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(12/3122)
مسائل في الأجير الخاص وراتبه
[السُّؤَالُ]
ـ[لو أن إنسانا يعمل في عمل حكومي ويأخذ راتبا شهري، وكان المكان الذي فيه الشخص مثلا مسئولا عن الإنترنت في كل الأماكن الخاصة بهذه المصلحة الحكومية، وعندما يكون هناك أي شغل يقوم به، وفي بعض الأحيان لا يكون هناك شغل، ولكن يكون متواجدا في مكان عمله حتى الميعاد المحدد من الحكومة، بمعنى أن الشغل قد يكون كثيرا وقد يكون قليلا، ومثلا هل لو مر الشهر بدون أي عمل ما هو الحكم بالنسبة للراتب الشهري؟ وماذا لو أن الشخص في الصباح يأتي متأخرا نصف ساعة أو نحو ذلك، هل من الممكن إخراج صدقة من الراتب الشهري، وكيف يجعل الإنسان الراتب الذي يأخذه من الحكومة حلالا مباركا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموظف أجير خاص لدى جهة عمله، إذ الأجير الخاص كما عرفه صاحب تنوير الأبصار من الحنفية هو: من يعمل لواحد عملاً مؤقتاً. ا. هـ وكما عرفه الحنابلة بقولهم: من قدر نفعه بمدة معينة. ا. هـ من غاية المنتهى.
وقد ذكرالفقهاء أن الأجير الخاص يستحق الأجر بتسليم نفسه في المدة، لأن منافعه صارت مستحقة لمن استأجره في مدة العقد، ويجب على الأجير الخاص أن يقوم بالعمل في الوقت المحدد له نصاً أو عرفاً. فإن سلم نفسه في المدة المحددة ولم يكن لدى المؤسسة التي يعمل عندها عمل فله أجره كاملا.
وبناء عليه فلا حرج على الموظف المذكور في أخذ راتبه كاملا ولو ظل شهرا أو أقل أوأكثر دون عمل، لكنه إن قصر في عمله ولم يحضر في الوقت المحدد دون إذن ممن هو مخول في الإذن، فللمستأجر أن يُسقط من أجرته بقدر ذلك، أو يسامحه؛ اللهم إلا أن يكون التأخر قدرا يسيرا يتعارف عادة على التسامح فيه، وإن تأخر وقتا لا يتعارف بالتسامح بمثله، ولم يرد إخبار الجهة المسئولة بذلك فعليه أن يرد إليهم من راتبه قدر ذلك، ولا يتصدق به عنهم، إلا إذا تعذر إيصاله إليهم بأية وسيلة.
وأما المؤسسات الحكومية، فالواجب فيما أخذه الموظف من الرواتب مقابل زمن لم يعمله أن يرده إلى المؤسسة أو يصرفه في المصالح العامة للمسلمين.
وللفائدة راجع الفتويين رقم: 37682، 30058.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1430(12/3123)
لا حرج عليك إن أذنت لك الشركة باستخدام السيارة قبل تأمين سائق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اشتريت سيارة وتقدمت بطلب للشركة التى أعمل فيها بتأجير هذه السيارة للشركة وتمت الموافقة وبعد كتابة العقد قالوا لي دع السيارة معك حتى يتوفر لها سائق، وهى الآن معي أذهب بها للعمل وأعود منذ شهرين، فهل الإيجارالذى أتقاضاه حرام أو حلال؟ مع العلم أن الشركة توفر لي سيارة أنا ومجموعة من أصدقائي فى العمل أرجو من الله أن تفيدوني، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الجهة المخولة بالإذن في الشركة قد أذنت لك في استخدم السيارة قبل أن تجد سائقا تدفعها إليه فلا حرج عليك في ذلك وما تأخذه من أجر عن تلك المدة حلال لك لأنك مكنتهم من استيفاء المنفعه وقد رضوا ببقاء السيارة معك، فيكون ذلك هبة منهم لتلك المنافع لك.
جاء في الموسوعة الفقهية: ويتجه الشافعية والحنابلة إلى أن العقد إذا أطلق وجبت الأجرة بنفس العقد. ويجب تسليمها بتسليم العين والتمكين من الانتفاع وإن لم ينتفع فعلا , لأنه عوض أطلق ذكره في عقد المعاوضة فيستحق بمطلق العقد كالثمن والمهر.... وإذا استوفى المستأجر المنافع , أو مضت المدة ولا حاجز له عن الانتفاع استقر الأجر , لأنه قبض المعقود عليه , فاستقر البدل , أو لأن المنافع تلفت باختياره. ... وإذا تمت الإجارة وكانت على مدة ملك المستأجر المنافع المعقود عليها إلى تلك المدة , ويكون حدوثها على ملكه لأنه صار مالكا للتصرف فيها وهي مقدرة الوجود. انتهى بتصرف يسير.
وأما إن كانوا لم يأذنوا لك في استخدامها وإنما تركوها وديعة عندك لتحفظها فلا يجوز لك استخدامها دون إذنهم، وإن فعلت كان لهم الحق في مطابتك بأجر ذلك الاستخدام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1430(12/3124)
دفع للعامل نصف أجره لأنه لم يأت بالعمل على الوجه المطلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[دفعت لعامل بلاط نصف المبلغ المتفق عليه لأنه لم ينجز عمله بالشكل الصحيح والمتفق عليه،
ولم يرض بإصلاح العيوب، وأشعر بتأنيب الضمير.
علما أن أغلب البلاط يوجد تحته فراغات أي عمله لم يكن متقنا. ما حكم ذلك؟ وهل أسدد له باقي المبلغ. أرجو من سماحتكم المساعدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعامل المذكور عليه أن يأتي بالعمل على الوجه المتفق عليه، فإن امتنع ولم تجد وسيلة لحمله على ذلك، فتقدر قيمة ذلك النقص بتقدير أهل الخبرة، ويجوز لك أن تخصمه من أجره وتدفع إليه الباقي، أو تسامحه في نقصه وتؤدي إليه باقي أجره ولك المثوبة عند الله عز وجل في ذلك، وللمزيد يرجى مراجعة الفتوى رقم: 23099.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(12/3125)
حكم حبس العين بعد العمل على الأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يعمل في دهان الأثاث، ويقوم بدهانه، وعندما يأتي صاحب الأثاث ليتسلمه لا يعطى أبى ما يريد من أجر على ذلك، بل يقلل من الأجر، وتكررت وتضايق والدي من هذا، وفي يوم أتى الرجل بأثاث ليقوم أبي بدهانه فأخذ أبي منضدة تساوى قيمة ما خصمه الرجل سابقا، وقال هذا بقدر حقي. فهل هذا جائز أم يردها عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هناك اتفاق على الأجر فالواجب أن يلتزم صاحب الأثاث بالأجر المتفق عليه، أما إذا لم يكن هناك اتفاق على الأجر، فالواجب على صاحب الأثاث أن يدفع أجر المثل، وفي حالة امتناع صاحب الأثاث عن دفع الأجر المتفق عليه في الحالة الأولى أو أجر المثل في الحالة الثانية، فلوالدك أن يسلك السبل المشروعة للحصول على حقه، ومن هذه السبل على الراجح من أقوال الفقهاء أن يمتنع عن دفع الأثاث الذي قام بدهانه حتى يستوفي حقه من الأجر، وبهذا يستطيع أن يستوفي حقه، قال الزيلعي في تبيين الحقائق: ومن لعمله أثر في العين كالصباغ والقصار يحبسها للأجر. أي يحبس العين للأجر حتى يستوفيه؛ لأن المعقود عليه وصف في المحل، فكان له حق الحبس لاستيفاء البدل كما في المبيع.
وجاء في التاج والإكليل: قال ابن القاسم: لكل صانع أو حمال على ظهر أو سفينة منع ما حمل أو عمل حتى يأخذ أجره. اهـ.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: اختلف الفقهاء هل يملك البائع حبس السلعة على ثمنها؟ وهل يملك المستأجر حبس العين بعد العمل على الأجرة؟ على ثلاثة أقوال: أحدها: يملكه في الموضعين، وهو قول مالك وأبي حنيفة، وهو المختار، والثاني: لا يملكه في الموضعين، وهو المشهور من مذهب أحمد عند أصحابه، والثالث: يملك حبس العين المستأجرة على عملها، ولا يملك حبس المبيع على ثمنه اهـ.
ولا يجوز لوالدك أن يأخذ شيئاً من ممتلكات صاحب الأثاث لأنه يمكنه استيفاء حقه بالطريقة المذكورة.
وفي حال ما إذا كان صاحب الأثاث ممتعنا عن أداء ما لزمه بسلطانه ونحو ذلك، ولم يجد والدك وسيلة مشروعة لأخذ حقه سوى أن يأخذ ما يساوي قدر حقه من أثاث هذا الممتنع فلا بأس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(12/3126)
إذا فسدت الإجارة واستوفى المستأجر المنفعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت عارض سيارة في موقع تجاري، وكان الموقع يشترط عمولة عند إتمام البيع وهي 1% أنا بادلت سيارتي بسيارة أخرى فزادني صاحب السيارة الأخرى مبلغا وأخذت سيارته بنية بيعها وبعتها. هل تجب علي العمولة؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السعر الذي حددته لبيع سيارتك معلوما، واشترط الموقع تلك النسبة منه، فلا حرج، ويلزمك دفع تلك النسبة لأن السيارة قد بيعت فاستحق ببيعها العمولة المشروطة، وأما إن كان سعر السيارة غير محدد واشترطوا دفع تلك النسبة من أي ثمن تحصل عليه فذلك عقد فاسد عند جمهور أهل العلم، لأنها أجرة، والأجرة لا بد أن تكون معلومة، ومن أهل العلم من قال بصحته، وعلى مذهب الجمهور فإنه يجب أن يرجع حينئذ إلى أجرة المثل فليس لأصحاب الموقع سوى ذلك إن كان ما جرى بينكما هو الحالة الثانية.
جاء في الموسوعة الفقهية: إذا فسدت الإجارة واستوفى المستأجر المنفعة، فعند المالكية، والشافعية، والحنابلة، وزفر من الحنفية. يجب أجرة المثل بالغاً ما بلغ أي ولو زاد على المسمى. وعند أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد. يجب أجر المثل بشرط أن لا يزيد عن المسمى إذا كان في العقد تسمية، فإذا لم يكن في العقد تسمية وجب أجر المثل بالغاً ما بلغ.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(12/3127)
حكم الانصراف قبل نهاية الدوام
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في وظيفة حكومية ويخرج معظم الموظفين قبل نهاية الدوام ويأتون في الصباح متأخرين.
سؤالي هو: هل أأثم إذا خرجت قبل نهاية الدوام؟
في معظم الأحيان لا يكون لدي ما أعمله فأتصفح البريد الإلكتروني، والمواقع، وأقرأ الصحف أي أني منذ مجيئي في الصباح حتى أخرج لا يتم تكليفي بأي عمل.
فكرت أن استقطع جزءا من راتبي تطهيرا له بسبب خروجي مبكرة من العمل، ثم أقول لنفسي هو بالأساس لا يوجد لدي أي عمل أقوم به فبقائي حتى نهاية الدوام لا معنى له، حتى أنه في نهاية الدوام لا يوجد إلا موظف أو اثنين في جهة عملي فلما أبقى! أحاول قدر استطاعتي أن لا أتأخر على الدوام
والحمد لله في معظم الأحيان أكون في مكتبي قبل بدء الدوام بـ 45دقيقة كحد أقصى ودقيقة كحد أدنى.
ولكن مشكلتي في الخروج قبل نهاية الدوام حتى أهلي عندما يأتون لاصطحابي في نهاية اليوم يقولون لماذا تبقين ولا يوجد أحد في المبنى. بماذا تنصحوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يقوم به زملاؤك خطأ لا يجوز لك تقليدهم فيه، فالموظف أجير خاص لا يجوز له الانصراف قبل نهاية الدوام الذي حددته جهة العمل، وتم الاتفاق عليه معه، ولا الحضور متأخرا عنه دون إذن من الجهة المخولة بذلك، ولو أنهى العامل عمله قبل نهاية الدوام فليس له الانصراف دون إذن، فإن أذنت جهة العمل المخولة بالإذن للعامل في الإنصراف قبل نهاية الدوام أو عند الفراغ من الشغل ونحوه فلا حرج عليه في الانصراف.
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة في الفتاوى التالية أرقامها: 120696، 44925، 52629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1430(12/3128)
لا يجوز لك أخذ البدل إلا إذا كان المدير المالي مخولا بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل كمحاسب في شركة في الإمارات وكنت موعودا بزيادة 3000 درهم ليصبح راتبي 7000 درهم،ولكن الإدارة لم تف بوعدها، بعد ذلك رأى المدير المالي أن يعطي موظفيه بدلات نقدية ووافق المدير العام على ذلك على قوله، ولكن المدير العام لم يوافق على البدلات لي، وقرر المدير المالي إعطائي 1500 درهم شهريا دون علم الإدارة، وعلمت أيضا أن المدير المالي يأخذ عمولات ممن يعطيهم البدلات، أما بالنسبة لي فرفضت أن أعطيه عمولة. فهل يحل لي هذا المبلغ الذي آخذه؟ وماذا أفعل بالنسبة للمدير المالي علما أني إذا أخبرت الإدارة لن يصدقوني وسيقلب المدير المالي الحق علي بطريقة ما؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير علما أني أحاول البحث عن عمل آخر ولكن بسبب وضعي المادي السيء لا أستطيع البحث بشكل جيد لعدم قدرتي على تحمل مصاريف المواصلات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المدير المالي مخولا بالتصرف في فعل ما ذكرت، وله أن يعطي البعض ويمنع البعض حسب تقديره ومعرفته دون الرجوع إلى المدير العام ونحوه، فلاحرج عليك في أخذ ذلك البدل الذي يقدمه إليك. وأما إن كان غير مخول بالتصرف دون الرجوع إلى المدير العام -وهذا هو المتابدر من السؤال- فتصرفه غير صحيح، وليس لك أخذ ما يصرفه لك من بدل، وعليك أن تعيد ما أخذته من تلك البدلات سابقا؛ إلا أن ياذن لك في ذلك صاحب الحق ويبرئك مما أخذته.
وننبهك إلى أن ما ذكرته من الوعد بزيادة راتبك لا يجعلك مستحقا لتلك الزيادة إلا بعد موافقة جهة عملك، وحيث إنها لم توافق فليست لك تلك الزيادة، فإما أن ترضى بالحال على ما هو عليه أو تدع العمل.
ثم إن لرب العمل زيادة بعض عماله دون بعض، ومن لم يرض بذلك ليس له غير ترك العمل أو يسعى لدى جهة عمله كي تزيده وترفع راتبه، فإن وافقت فبها ونعمت، وإلا رضي أو ترك العمل، وليس له أن ياخذ شيئا من مالها دون إذن من له الإذن فيها.
وأما ما علمت به من أخذ المدير المالي لعمولات من بعض زملائك، فهو رشوة وخيانة للأمانة، وعليك نصحه ليكف عنه؛ إذ هو فعل محرم ولا حق له في أخذه، لأنه إنما يفعل الواجب عليه وينفذ مقتضى عمله فليس له أخذ عوض عنه من العمال.
وللفائدة انظر الفتاوى الآتية أرقامها: 49524، 67267، 74230.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(12/3129)
رئيس العمل لا يملك الإذن للموظف بالخروج دون تفويضه من جهة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بمصلحة حكومية من ذوات الرواتب المرتفعة، يقوم رئيسنا في العمل بصرف بعض الموظفات المحظيات قبل نصف الوقت والباقي بعد نصف الوقت، وبمراجعته يقول استوصوا بالنساء خيرا. ويقوم بعمل ماْموريات وهمية لبعض العاملين، ولايتم إسناد أي أعمال لبعض العاملين بدعوى أنهم لا يريدون أن يعملوا. فما حكم الدين في مثل هؤلاء الرؤساء؟ وما حكم الدين في العامل الذي يقبل ذلك على نفسه بدعوى أن المدير هو الذي يسمح له بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من وقع عقد اتفاق مع جهة ما، مؤسسة عامة أو خاصة أو غير ذلك، واشترطت عليه أن يكون الدوام من وقت كذا إلى وقت كذا ورضي بذلك، فإنه لا يجوز له الإخلال بالموعد المتفق عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وصححه السيوطي. ولعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ. {المائدة:1} .
وإذن رئيس القسم بالتأخرعن موعد العمل أو الانصراف قبل الدوام لا يبرره ولا يبيحه، ما لم يكن له تفويض من جهة العمل في تحديد وقت الدوام، أوالإذن لمن يرى الإذن له في الانصراف قبل الدوام.
فرئيس العمل ليس هو صاحب العمل، ولا يملك الإذن فيه دون التفويض له في ذلك من جهة العمل، فهو عامل كغيره من العمال.
وما ذكر من عمل مأموريات وهمية لبعض العمال، فإن ذلك محرم لما فيه من الغش والتدليس وخيانة الأمانة الموكلة إلى العامل وإلى رئيسه، فلا يجوز ذلك، وإذن الرئيس لا يبيح للعامل الإقدام على خيانة أمانته، لأن رئيسه لايملك الإذن في ذلك فهو كما لو أعطاه مال غيره فإنه لايجوز له أخذه.
وعلى الجميع أن يتقوا الله تعالى في ما وكل إليهم من عمل ولا يخلوا بما اتفق عليه من شروطه، وليعلموا أنهم مسؤولون جميعا أمام الله عز وجل، فليعدوا للسؤال جوابا، وللجواب صوابا، وللمزيد انظر الفتويين: 17110، 49003.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(12/3130)
مذاهب العلماء فيمن استؤجر لإيصال شخص لمكان فمات قبل إيصاله
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقي يسأل أنه أخذ مبلغا من 5 أشخاص لإخراجهم إلى أوروبا من تركيا إلى اليونان، وقدر الله أنهم غرقوا في الماء على الحدود التركيه اليونانية. وهو يسأل الآن ماذا يفعل بالمال الذي أخذه منهم لإخراجهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الصفقة بين صديقك وأولئك الأشخاص هي أن يوصلهم بطرق غير مشروعة إلى تلك البلاد فالعقد فاسد ولا أجرة له على ذلك، لكونه فعلا محرما، وعليه أن يعيد ما أخذه منهم إلى ورثتهم إن أمكن ذلك، أو يتصدق به عنهم إذا عجز عن إيصاله إليهم، وانظر الفتوى رقم: 9262.
وأما إن كان الاتفاق بينهم وبينه هو أن يوصلهم بطرق مشروعة إلى ذلك المقصد بأجرة وأخذ منهم الأجرة مقدمة وقد ماتوا قبل استيفاء تلك المنفعة المعقود عليها، فالجواب: أنهم إن كانوا قد استوفوا بعضا من تلك المنفعة بأن كان قد قطع بهم بعض الطريق وماتوا في أثنائه، فليأخذ من الأجرة بقدرما انتفعوا.
قال في الروض المربع: وتنفسخ الإجارة أيضا بموت الراكب، إن لم يخلف بدلا أي من يقوم مقامه في استيفاء المنفعة بأن لم يكن له وارث، أو كان غائبا.اهـ.
وذكر مثله البجيرمي الشافعي في حاشيته، ومن أهل العلم كالمالكية من ذكر أن المستأجر هنا لا يستحق شيئا لأن ذلك من الجعل فلا يستحقه قبل تمام العمل وحصوله. جاء في حاشية الدسوقي: واعلم أنه لا أجرة إذا غرقت في أثناء المسافة.
لكن القول الأول أرجح وهو كون ذلك العمل أجرة فيستحق المستأجر فيه بقدر ما استوفى المؤجر، وبناء عليه فليأخذ صاحبك بقدر ما استوفى أولئك من تلك المنفعة والباقي يعيده إلى ورثتهم إن أمكن الوصول إليهم، فإن لم يمكن ذلك وغلب على ظنه أنه لن يصل إليهم تصدق به عنهم على الفقراء والمساكين ليصلهم أجره وثوابه بإذن الله.
وكذا إن كانوا لم يستوفوا شيئا من المنفعة فليصرف المال كما ذكرنا من إعادته إلى ورثتهم إن أمكن ذلك أو التصدق به عنهم إن جهل وارثهم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(12/3131)
ترك العمل قبل انقضاء المدة المتعاقد عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى مشكله وأحتاج إلى استشارتكم فيها لأني في حيرة من أمري، ولكني أحتاج للرد على سؤالي هذا بسرعة لأنه لا وقت لدي للانتظار.
حكايتي باختصار: أنني مقيم بدولة عربية وزوجتي كانت معي لكنها مرضت بالسرطان وقمت بإرسالها إلى بلدنا الأم كي يتم علاجها، ولكن زوجتي مرتبطة بي ارتباطا روحيا شديدا وأنا بالمثل وقمت بتقديم استقالتي بعد عمل الاستخارة كي أكون معها، لكن المشكلة أنه من شروط العمل أنه في حالة الاستقالة لابد أن أبقى بالعمل لمدة 3 أشهر حتى أقوم بتسليم عملي إلى شخص آخر يحل محلي، وهنا المشكلة: زوجتي تريدني أن أنزل إجازة، (حيث إن العمل لا يمانع من أن آخذ إجازة خلال هذه ال 3أشهر) ثم لا أرجع للعمل، وهنا تكمن حيرتي فالعمل لم يحرمني من أخذ إجازة خلال الاستقالة (ولكنها إجازة قصيرة) كما أنهم متعاونون جدا معي، وفي نفس الوقت أحس بأنني أحمل أمانة على عنقي تجاههم حيث إنني إذا تركت العمل بدون إذنهم ودون أن يجدوا من يحل محلي فإنهم قد يتضررون بسببي؟
ولكن من الناحية الأخرى فإن أسرتي كلها مهددة بالانهيار فزوجتي مريضة وهي لا ترتاح إلا معي وعندما لا أكون معها تتعب بشدة ولكنها تستعيد ثقتها بنفسها إذا كنت معها وتقاوم المرض بفضل الله، كما أني قد علمت أن هذا المرض يحتاج لنفسية جيدة حتى تقاوم المرض، أضف إلى ذلك أن أهل زوجتي ليسوا متدينين وليس لديهم أي حكمة في التعامل مع إنسانة مريضة بهذا المرض، وهم في مشاكل يوميا.
الخلاصة أنني محتار بين أن أبقى بجانب زوجتي التي لا تطيق بعدي عنها كل هذه المدة والتي أحس أن حالتها الصحية تتأخر ببعدي عنها، وبين عملي الذى يثق أصحابه بي ويريدونني أن أبقى معهم هذه المدة حتى أسلم العمل لشخص آخر، المشكلة أيضا أنني لا أستطيع أخذ إجازات كثيرة لتكلفة الطيران العالية، فها أنا ذا سوف أسافر لها يوم الخميس المقبل وزوجتي تظن أنني سأخدع شركتي ولن أرجع للشركة مرة أخرى وسأبقى معها وكذلك صاحب العمل يظن أنني سأنزل هذه الإجازة ثم سأرجع إلى الشركة مرة أخرى، فماذا أفعل جزاكم الله خيرا؟
وأسألكم الدعاء بشفاء زوجتي وشفاء كل المسلمين شفاء لا يغادر سقما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك أولا على ثقتك بموقعنا، ونسأل المولى العلي القدير أن يشفي زوجتك ويشفي جميع مرضى المسلمين شفاء تاما لا يغادر سقما.
وإذا كان العقد بينك وبين جهة العمل متضمنا هذا الشرط فيجب عليك الوفاء به، فلا يجوز لك السفر وترك العمل قبل انقضاء هذه المدة إلا بإذن المستأجر، روى الترمذي عن كثير بن عبد الله بن عمرو المزني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما. ورواه أبو داود أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه. وراجع الفتوى رقم: 76170.
ولا بأس بأن تذكر لجهة العمل هذه الظروف التي تعيشها زوجتك فلعلهم يقبلون إعفاءك من هذا الشرط، فإذا لم يوافقوا على ذلك فعليك بالوفاء لهم بما اتفقت معهم عليه، فلعل الله تعالى يجعل ذلك سببا لشفاء زوجتك.
ونوصيك بكثرة الدعاء لها بالشفاء وتحين أرجى الأوقات للإجابة كثلث الليل الأخير والدعاء في السجود ونحو ذلك.
ونوصي أيضا برقيتها بالرقية الشرعية فإنها نافعة بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(12/3132)
حكم أخذ مكافأة نهاية الخدمة من غير علم الجهة المعنية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة كانت تعمل في شركة لمدة 8 سنوات، وكانت مسؤولة عن المال في الشركة، وكانت تراعى الله في كل شيء، ثم تزوجت ولم تأخذ من الشركة مكافأة نهاية الخدمة ولكنها أخذتها بدون علم أحد في الشركة، ولكنه حقها الذي لم تأخذه بعد خدمة 8 سنوات، وصاحب الشركة لو علم لن يمانع. فهل المال الذي أخته حرام مع العلم أنه حقها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصرف الموظفة المذكورة في أموال الشركة على النحو المذكور لا يجوز وهو من الخيانة، وعلى فرض استحقاق تلك المرأة لمكافأة نهاية الخدمة فليس لها أخذها دون علم أصحاب الشركة حتى يمنعوها حقها، فإن منعوها ولم تجد طريقا لأخذه إلا هذا فلا بأس، وحيث إنها قد فعلت ذلك، فالأبرأ لذمتها أن تخبر جهة عملها بما كان منها، فإن كانت مستحقة له فبها ونعمت، وإلا ردت ذلك المال إلى أصحابه وأبرأت ذمتها منه.
وانظري تفصيل المسألة في الفتاوى الآتية أرقامها: 66064، 28871، 38796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(12/3133)
لا حرج في إعطاء المتدربين من هذه الأموال طبقا للقرار المحدد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مديرا لإحدى المدارس الفنية، ويوجد قرار وزاري يسمح لمن يريد الحصول على الدبلوم نظير رسوم محددة على أن يحضر التدريبات العملية والمحاضرات (لمن أراد وليس إلزاما) وفي الواقع لا يحضر إلا نسبة قليلة جدا، وأنا مسؤول عن توزيع هذه الأموال بنسب معينة في جداول حددها القرار. وأيضا نسبة توزع بمعرفتي للمتعاونين. وعلى ذلك يحصل بعض العاملين على أموال بالرغم من عدم حضور للطالب وعلي تنفيذ القرار، وإلا أصبحت أنا المخالف. أرجو إفادتي باستفاضة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو الالتزام بتنفيذ هذا القرار، ولا نرى حرجاً في إعطاء العاملين من هذه الأموال طبقاً للقرار المحدد، ولو كان لا يحضر إلا عدد قليل من الطلاب أو لم يحضر أحد منهم، لأن حكم هؤلاء العاملين مع جهة عملهم حكم الأجير الخاص، والأجير الخاص هو من قدر نفعه بمدة زمنية محددة، فإذا سلم نفسه للمستأجر ولم يمتنع عن العمل استحق الأجرة كاملة، سواء وجد عمل أم لم يوجد.
قال الزيلعي في تبيين الحقائق: الخاص يستحق الأجر بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1430(12/3134)
أحكام عامة متعلقة بالأجير الخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأحكام العامة لكل مستخدم في عمله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولا إلى أن الموقع مشغول ببيان الأحكام الشرعية العملية التي يترتب عليها الالتزام بالواجبات والكف عن المحرمات، أما مثل السؤال المطروح فإنه أقرب إلى البحوث العلمية منه إلى السؤال عن الأحكام التي تعرض للمسلم في حياته اليومية، ولذا فإننا سنكتفي بإجابتك باختصار.
فالمستخدم في العمل إذا كان المقصود به الموظف والعامل ونحوهما فحكمه حكم الأجير الخاص، وله أحكام كثيرة ملخصها كما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الأجير هو المستأجر وهو على قسمين: أجير خاص وهو الذي يقع العقد عليه في مدة معلومة، يستحق المستأجر منفعته المعقود عليها في تلك المدة ويسمى بالأجير الواحد لأنه لا يعمل لغير مستأجره، كمن استؤجر شهرا للخدمة.
ومتى كان الأجير جائز التصرف مستوفيا لشروط العقد من سلامة الأسباب والآلات، قادرا على تسليم المنفعة المطلوبة منه حسا وشرعا، ولم يكن في ما يستأجر عليه معصية، فإنه يجب عليه الوفاء بما تم العقد عليه.
فإن كان أجيرا خاصا وجب عليه تسليم نفسه لمستأجره وتمكينه من استيفاء منفعته المعقود عليها في هذه المدة، وامتناعه من العمل لغير مستأجره فيها إلا أداء الصلاة المفروضة باتفاق، والسنن على خلاف، وإذا سلم نفسه في المدة فإنه يستحق الأجرة المسماة وإن لم يعمل شيئا. اهـ.
وقد بينا في عدة فتاوى أحكاما للأجير الخاص تمس الحاجة إليها وهي:
1- يجب على الأجير الخاص القيام بالأعمال التي تم الاتفاق عليها.
2- لا يجوز للأجير الخاص العمل في الأعمال المحرمة أو الإعانة عليها بأي وجه من وجوه الإعانة.
3- لا يجوز للأجير الخاص أن يستخدم أدوات العمل في منفعته الخاصة إلا بإذن جهة العمل.
4- لا يجوز للأجير الخاص أن يأخذ هدايا من المتعاملين مع جهة العمل إذا قدمت له بسبب الوظيفة إلا بإذن جهة العمل.
5- لا يجوز للأجير الخاص أن يعمل لغير جهة العامل في وقت عمله لأن وقت العمل ملك لجهة العمل.
6- لا ضمان على الأجير الخاص فيما تلف بغير تعد أو تفريط منه.
7- يجب على الأجير الخاص أن يلتزم بالشروط التي تضعها جهة العمل ما لم تخالف الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(12/3135)
استأجر أرضا ليزرعها فما له وما عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ضمنت أرضاً ليست لي، أي الأرض ملك لشخص غيري، واتفقت مع هذا الشخص على أن أزرع أنا هذه الأرض، علماً بأنني دفعت تكاليف حراثتها وبذرها، وحصاد محصولها، وإنتاجها، وتكاليف ثانوية كتوصيل الناتج الكلي إلى المنزل، كل هذا من حسابي الشخصي، مع العلم بأن الأرض سقيت بماء المطر، وأنا لا أعلم ما لي وما عليّ وما على صاحب الأرض وما له؟
أرجوأن تجيبونني على سؤالي جزاكم الله كل الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان العقد بينك وبين صاحب الأرض قد تم على أن تدفع إليه كراء معينا، فله ذلك، ولا يلزمك أن تدفع إليه غيره، وإذا لم يكن بينكما اتفاق على تحديد العوض فهذه معاملة فاسدة يكون له فيها أجرة المثل لأرضه، والمحصول لك، وإن كان العقد بينكما قد تم على أساس مزارعة فلا حرج في ذلك، إن تم بضوابطه التي بيناها في الفتويين رقم: 62403، 63833.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1430(12/3136)
حكم توصيل المشترك النت لغيره عبر شبكة لقاء أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في توصيل شبكة النت وأنا لست بتاجر، وإنما كنت وصلته للدراسة؟ علما بأني بكلية الطب ومن ثم عرف بعض جيراني وأصدقائي فألحوا علي بأن أوصل لهم، فوصلت لهم ووزعت عليهم ورقة من ضمن ما فيها: نحن غير مسؤولين عن أي استخدام خاطئ وغير شرعي للنت والله ورسوله شهيد على ذلك، قال تعالى: قل للمؤمنين يغضواْ من أبصارهم ويحفظواْ فروجهم، ولا تنس أن عقوبة من يسمع الأغاني يوم القيامة أنه سيصب في أذنيه الآنك وهو عبارة عن الرصاص المذاب من نار جهنم.
ثانيا: قمت بوضع برنامج على الشبكة كلها يمنع حوالى 97% من المواقع الإباحية.
ثالثا: ما الحكم لو تبقى لي بعض المال بعد دفع الاشتراك، علما بأنني الذي قمت بشراء الأجهزه من مالي الخاص، وأنني المسؤول أمام شركة النت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولا: شكر الله لك ما قمت به من نصح أصدقائك ونهيهم عن المنكر، وكذلك ما قمت به من منع أكثر المواقع الإباحية.
ثانيا: يجوز لك من حيث المبدأ إشراك غيرك معك في شبكة النت، ما دام عقدك مع شركة النت لم ينص على منعك من ذلك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 107173.
لكن إن غلب على ظنك استعمال هؤلاء المشتركين للنت في المحرمات، فحينئذ لا يجوز لك إشراكهم في الشبكة؛ لأن هذا يكون حينئذ من التعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. {المائدة:2} .
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 15432.
وأما قولك: نحن غير مسؤولين عن أي استخدام خاطئ وغير شرعي للنت، فإن ذلك لا يبرئك من المسؤولية أمام الله عز وجل، إذا غلب على ظنك استخدامهم له في الحرام.
ثالثا: حكم المال المتبقي بعد الاشتراك يكون بحسب اتفاقك معهم، فإن كنت أخذت المال منهم كوكيل عنهم في التعامل مع الشركة، فهذه وكالة، فيلزمك رد ما زاد من هذا المال إليهم، أما إن كنت قد اتفقت معهم على مبلغ معين كأجرة باعتبارك مالك المنفعة وهم يستأجرونها منك، فهذه إجارة، ولا حرج عليك في أخذ ذلك المبلغ حينئذ.
رابعا: قولك إن عقوبة من يسمع الأغاني يوم القيامة سيصب في أذنيه الآنك. لعلك تقصد به حديث: من استمع إلى قينة صب في أذنيه الآنك يوم القيامة. وهذا الحديث قال عنه الألباني في السلسلة الضعيفة: باطل، وقال عنه في ضعيف الجامع: موضوع. ولكن يغني عنه غيره من الأحاديث الصحيحة الدالة على التحريم، وقد سبق ذكرها في الفتويين رقم: 6110، 5282.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(12/3137)
هل يحق للمالك الجديد زيادة الأجرة على المستأجر
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بشراء عمارة منذ شهرين، ومعظم الدور الأرضي مستأجر بثمن زهيد لدكان تموينات غذائية، وحاولنا التفاهم مع المستأجر حول تعديل السعر دون جدوى، علماً بأن الدفعات الإيجارية المدفوعة للمالك القديم أقل من المذكورة بالعقد المبرم معه، وأرغب في إخلاء الدكاكين فوراً عن طريق القضاء للغبن الواقع علي جراء تمسكه بالإيجار القديم منذ 12 سنة، رغم اختلاف الأسعار الآن لكون الشارع أصبح تجاريا، كما أنني لم أوقع أي عقد إيجار جديد أو أستلم أي مبالغ من المستأجر بعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المستأجر ما يزال في مدة عقده مع المالك الأول فليس لك أن تزيد في الأجرة حتى تنتهي مدة العقد الأول، فإذا انقضت المدة فلك أن تؤجر لهذا المستأجر أو لغيره بالأجرة المتراضى عليها.
فالإجارة من العقود اللازمة فلا تفسخ ببيع العين المؤجرة، ومعنى هذا أن المستأجر لا يلزمه إخلاء العقار المبيع، ولا زيادة الأجرة، إذا كان قد استأجر إجارة صحيحة حتى تمضي المدة، أما إذا لم تكن الإجارة صحيحة، أو انتهت المدة، فيلزمه إخلاء العقار، أو إبرام عقد صحيح مع المالك الجديد، وراجع الفتوى رقم: 114139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(12/3138)
حقوق العامل مع رب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد تقدمت بسؤال لديكم رقم:2181262 وقد تفضلتم علي بإجابتكم بالفتوى رقم: 106914. فقد أردت إرسال رقم سؤالي السابق حتى تتضح لفضيلتكم الصورة كاملة قبل أن أبدأ سؤالي الحالي لأنه مرتبط جدا بما سبق: في ظل الظروف التي نمر بها بالعمل لا نستطيع أن نحصل على كامل حقوقنا قبل الرحيل، ولا يتركوننا نبحث عن فرصة عمل أخرى بعد انتهاء عقودنا معهم إلا بتنازلات مالية مجحفة، وبالتالي نجد أنفسنا مجبرين لترك عقودنا تتجدد تلقائيا إلى أن يحكم الله أمراً كان مفعولا، ومن ضمن هذه التنازلات لا زيادة في الراتب منذ سنوات تقارب الثلاث سنوات، ثم نفاجأ بمدرب جديد حديث التخرج وخارج تخصص الحاسب نقوم بتدريبه وتجهيزه على أكمل وجه لنجده يتقاضى نفس راتبنا وتسويته بنا مع فارق في المؤهل والشهادات والخبرة لست سنوات، هل هذا جائز شرعاً؟ وإذا كنا لا نملك أي خيارات لا نملك أن نترك العمل لننتظر شهورا عديدة، كما حدث مع آخرين في الشركة كي نتقاضى جزءا من مستحقاتنا بعد المماطلات والإجحافات، ولا نملك أن نبحث عن عمل آخر في ظل نظام الكفالة المتعارف عليه هنا في المملكة، وبالطبع مللنا من المطالبة بزيادة رواتبنا دون مجيب بالرفض أو القبول. فهل هناك ضابط شرعي يلزم صاحب العمل زيادة راتب العامل لديه بنسبة معلومة من راتب العامل سنويا في ظل انعدام الخيارات المتاحة وإجحاف صاحب العمل؟ وهل يجوز استقطاع جزء من التدريب لصالحنا دون علم الإدارة لدرء هذا الظلم الواقع علينا؟ فإذا كان هذا جائزاً فكيف نحدد هذا الجزء وإن لم يكن جائزا فأفيدونا في ذلك، وإن كان لديكم ما تقترحون علينا عمله فلا تبخلوا علينا بالنصيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد هو شريعة المتعاقدين ما لم يخالف كتاب الله تعالى. وبناء عليه فلا يلزم الشركة غير ما اتفق عليه مع العامل، سواء أكان اقل من أجرة مثله أو أكثر، فإذا انقضت مدة الإجارة جاز للعامل أن يطالب بزيادة الراتب، ومن حق الشركة أن تقبل ذلك أو ترفضه، وإذا رفضته فله أن يبحث عن عمل آخر يرضيه، وعلى الشركة أن تؤدي إليه حقوقه كاملة غير منقوصة، كما بينا في الفتاوى رقم: 35497، 106914، 6360.
وبناء عليه، فليس للعامل سوى ما اتفق عليه هو ورب العمل، لكن لا يجوز إكراه العامل على تجديد العقد بغير رضاه واستغلال حاجته وضعفه، وما أكره عليه من ذلك فإنه لا يلزمه، ولمن ظلم حق التظلم إلى المحاكم الشرعية لينصف من ظالمه ويؤتى حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(12/3139)
حكم إذن المدير بتغيب الموظفين بعض الأيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل موظفاً بإحدى كليات جامعة الأزهر، وعندما تأتى الإجازة الصيفية نكون قد فرغنا من أعمالنا المكلفين بها؛ لذلك يقوم مدير الكلية وبعلم رئيس الجامعة بتقسيم الموظفين إلى قسمين؛ قسم يأخذ يومين راحة، والقسم الآخر يأتي للعمل، وعندما يأتي القسم الذي أخذ يومين راحة إلى العمل يقوم بإمضاء هذين اليومين في كشوف الحضور والانصراف، فهل هذا العمل جائز علما بأن العمل لا يتعطل بهذه الراحات؟ أم أنه لا يجوز لأنه يعتبر مخالفا لقوانين الدولة التى تلزم الموظف بالحضور كل يوم ما عدا الإجازات الرسمية، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مدير الكلية ورئيس الجامعة له صلاحية الإذن للموظفين بعدم الحضور فلا حرج في ذلك، سيما وأن تنظيم دوام الموظفين أثناء الإجازة بحضور البعض والإذن بالغياب للبعض لا يخل بالعمل ولا يؤثر عليه لقلته وعدم الحاجة إلى حضور الجميع. وللفائدة في ذلك انظر الفتوى رقم: 121553.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(12/3140)
حكم ترك الموظف عمله من أجل الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة سجلت في الجامعة لإنهاء دراستي، وذلك بتدخل أحد الموظفين، لأنه ظهر مؤخرا قانون يمنع الموظفين من الدراسة بشكل عادي. يعني يتوجب عليهم الأداء والدراسة بالليل.
وللعلم فان الدبلوم المحصل عليه بالأداء في الماجستير مثلا، ليست له نفس القيمة، أقصد أنه لا يعطي الحق في الترقي في الدرجة في العمل.
لكن ضميري يعذبني، يعني لا أعرف من الناحية الشرعية وليس القانونية، هل يجوز لي أن أدرس بدون أداء مع العلم أن العديد من الموظفين يدرسون مع الطلبة مثلي تماما.
وهل من حق الدولة أن تطبق هذا القانون؟
أتمنى أن أكون قد أعطيتكم المعلومات الكافية للإجابة على سؤالي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يظهر لنا تماما ما هو المراد بقول السائلة أن القانون يمنع الموظفين من الدراسة، ويوجب عليهم الأداء ... الخ.
فإن كان المقصود أن القانون لا يأذن بأن يترك الموظف عمله من أجل الدراسة ففي هذه الحالة لا يحل لك مخالفة القانون وترك العمل من أجل الدراسة؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ. {المائدة:1} .
وإذا خالف بعض المسؤولين فليست مخالفتهم حجة، والله تعالى يقول: عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ. {المائدة:105} .
وإن كان ما فهمناه غير صحيح فنرجو أن تبين لنا السائلة سؤالها ببيان واضح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(12/3141)
يخصم عليه قيمة الأدوية المنتهية الصلاحية فيسترد الخصم سرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل صيدليا في السعودية، ويقوم المدير هناك بخصم الأصناف منتهية الصلاحية من الراتب حين إرجاعها للشركة، أو عدم اعتماد تخصيمها من عهدتي، وبالتالي يحدث عجز أقوم بدفعه من راتبي، لذلك أقوم بشراء بعض الأصناف من إيراد الصيدلية سرا لتعويض العجز، أو لأخذ ما تم خصمه من راتبي، مع العلم أن بند الخصومات هذا غير مذكور حين تم التعاقد في مصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأجير الخاص لا ضمان عليه ما لم يتعد عند عامة العلماء، وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة. فأما إذا تعدى فالضمان واجب بالاتفاق، وحكم الصيدلي حكم الأجير الخاص فلا ضمان عليه ما لم يتعد أو يفرط، كأن يفرط في رد الأدوية منتهية الصلاحية إلى الشركة الموزعة مثلا، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 121159.
فإذا كان المدير يلزمك بالضمان مع عدم التعدي أو التفريط فعليك إخباره بعدم جواز ذلك، ولك أن تسلك السبل المشروعة في الحصول على حقك، كما يجوز لك في حالة العجز أن تحتال للحصول على حقك بشرط أمن الضرر ويكون هذا من باب الظفر بالحق، وقد سبق بيان مسألة الظفر بالحق وأن في جوازها خلافا بين العلماء في الفتاوى الآتية أرقامها: 8780، 6022، 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1430(12/3142)
التوقف عن العمل في الأيام المنصوص عليها في العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوم السبت إجازة بمناسبة عيد العمال، ونحن نعمل في مؤسسة خيرية. فهل يجوز لنا أن نأخذ إجازة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجازات المستحقة للعاملين في مؤسسة ما، يرجع فيها إلى ما تم التعاقد عليه بين العاملين وبين تلك المؤسسة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود والترمذي.
فإذا كان التعاقد ينص صراحة أو عرفا على إجازة في يوم ما، فإنه يجوز ترك العمل في هذا اليوم، وإلا فلا.
ونلفت نظر السائل إلى أنه لا يشرع للمسلمين الاحتفال بأي عيد إلا عيدي الفطر والأضحى. ويراجع في ذلك الفتويين رقم: 119848 109648
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(12/3143)
استحقاق الأجر حسب الاتفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال وهو أني استأجرت مكبرات صوت من شخص واتفقت معه على سعر معين وهو 300 ريال. ثم سألته: هل يوجد معه مسجل لكي نشغل السماعات؟ كان رده إن شاء الله أحاول. المهم أتى بالسماعات وتم تركيبها، وأتى معه بمسجل ولم يقل لي أن هذا المسجل استأجره أو نحو ذلك، المهم أنه أرسل شخصا آخر الليل ليأخذ الأغراض وقال إن المبلغ هو 400 ريال بسبب زيادة المسجل، وعند الاتصال به حيث كانت المجادلة، وآخر شيء قال لن نختلف وأغلق الهاتف، حيث إني لم أدفع سوى 300 ريال لصاحبه وانتهت المكالمة على ذلك. هل هناك شيء علي في 100 ريال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حصل الاتفاق بينكما على أن يؤجر لك المكبرات مع المسجل فلا يلزمك إلا الأجرة المتفق عليها، وإن لم يكن حصل اتفاق على المسجل فيرجع إلى العرف.
فإن كان في العرف ما يقتضي كون المسجل يؤخذ بأجرة، فيلزمك دفع أجرة المثل إليه زيادة على الأجرة المتفق عليها.
وأما إن لم يكن في العرف ما يقتضي ذلك، وإنما يدفع صاحب المكبرات مسجلا معها لتشغيلها دون أخذ أجر عليه، ولم يشترط صاحبه أجرا -كما ذكرت- فلا حق له، ولا يلزمك دفع شيء إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1430(12/3144)
حكم تأجير المستأجر ما استأجره بأكثر من أجرة مثله
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل استأجر منزلا من رجل ثم أجره لأناس آخرين ومن وقت لحين يرفع قيمة الإيجار بدون داع وهذا ما يسمى الإيجار من الباطن فما حكم الإسلام أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا جاز له أن يؤجرها فله تأجيرها بأكثر من أجرة مثلها أوأقل ولا يلزمه أن يؤجرها بمثل ما أخذها به من مؤجرها الأول.
وللمستأجر الأخير أن يقبل تلك الزيادة أويرفضها فإن التزم بها في العقد لزمته.
لكن لا ينبغي استغلال حاجة الناس، فقد قال صلى الله عليه وسلم: رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى. رواه مالك في الموطأ عن جابر رضي الله عنه، وبعضه في البخاري.
والإجارة أخت البيع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(12/3145)
حكم استغلال وقت العمل في حضور درس علم
[السُّؤَالُ]
ـ[يتم تكليفنا بالنوبتجيات في أغلب الأيام وتكون النوبتجية 18 ساعة بدلا من 12 ساعة (الذي هو الوقت المعترف به للنوبتجية) وليس لها بدل راحة حيث نقوم بالعمل في اليوم التالي النوبتجية دون راحة والنوبتجية دائما ليس بها عمل نقوم به حيث من الممكن أن يقوم واحد بعمل النوبتجية في أغلب أوقاتها وبهذه الطريقة يضيع الوقت دون الاستفادة منه حيث إننا لا نقوم بشيء مفيد في النوبتجية.
كما أننا أحيانا نعمل ساعات إضافية (خارج أوقات النوبتجية) دون أجر أو مقابل كما أنه يتم خصم تأمينات وخلافه من المرتب..
والسؤال هل من الممكن تقسيم النوبتجية بيننا؟؟
وهل من الممكن استغلال هذا الوقت في حضور درس علم في مسجد بجوار العمل؟؟
وهل من الممكن استغلال هذا الوقت في حضور دورات تعليمية؟؟
ومع العلم أن النوبتجية تحمل على أكمل وجه ويكون هذا بعلم نائب المدير أو المدير وهل من الممكن إخراج القيمة المالية لهذا الوقت في أمور البر؟ أفيدونا يا شيخ جزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان العقد والاتفاق مع جهة العمل يلزمك بالحضور إلى مقر العمل كل يوم، فيجب عليك الوفاء بذلك بغض النظر عن وجود عمل أو عدمه.
وإذا كان المدير أو نائبه الذي يقسم بينكم أيام العمل مخولا بذلك من جهة العمل، وهي على علم بذلك فلا مانع من عدم الحضور، والراتب الذي تأخذه حلال إن شاء الله تعالى.
أما إذا كان يفعل ذلك دون علم جهة العمل وليس مخولا بذلك، فهذا لا يجوز شرعا، ولا يجوز لك التخلف عن العمل ولو بإذنه، كما لا يجوز لك أخذ أجرة مقابل أيام الغياب، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 26668، 105153، 119457.
وكذلك مسألة استغلال وقت الدوام في حضور درس علم أو دورة تعليمية لا يجوز؛ فإن هذا الوقت قد ملكته جهة العمل بالعقد، فالخروج بغير إذن جهة العمل يعتبر تعديا وتصرفا في حق الغير، ولا يسوغه مقابلته بالمثل أو أكثر في وقت آخر بلا موافقة من جهة العمل، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 11774. وانظر لمزيد الفائدة في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6326، 20058، 9558.
ومن حصل منه شيء من الإخلال في ذلك فأخرج ما يقابله من الراتب في أمور البر، فقد أصاب وأحسن إذا كان لا يستطيع رده لجهة عمله، وينبغي أن يجمع إلى ذلك عزيمة على التوبة النصوح من هذا التقصير أو الإخلال في حق جهة العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(12/3146)
فسخ عقد الإجارة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[استأجرت أرضا من البلدية بعقد مدته عشرون سنة، علي أن أنشىء عليها سوقا، وأنتفع به مدة العقد، وحالت ظروف قاهرة دون تشغيله حتى انقضاء ثمان سنوات من مدته، وهذه الظروف تتعلق بنظام السعودة الذي حد من حريتي في الانتفاع بمقتضى العقد، وكذلك وقوع الأرض في منخفض من الأرض كان مرتعا لتجمع مياه الأمطار مما يعيق الوصول إليه في موسم الأمطار، وعدم تجاوب البلدية مع الحلول التي اقترحتها لمعالجة الحالة. أرشدوني للدفع عن حقي. جزاكم الله خيرا وفقا للأصول الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على مسألتين:
الأولى: الظروف القاهرة التي منعت من الانتفاع بالعين المستأجرة، وهذه الظروف القاهرة التي تمنع المستأجر من الانتفاع بالعين المستأجرة يثبت بها حق الفسخ للمستأجر.
جاء في قرار رقم (7) بالدورة الخامسة للمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي ما ملخصه: فقد عُرِض على مجلس المجمع الفقهي الإسلامي مشكلة ما قد يطرأ بعد إبرام عقود التعهد ونحوها من العقود، ذات التنفيذ المتراخي، في مختلف الموضوعات، من تبدل مفاجئ، في الظروف والأحوال ذات التأثير الكبير، ... ما يسمى اليوم في العرف التعاملي بالظروف الطارئة. ... وقد نظر مجلس المجمع في النظائر الفقهية ذات الصلة بهذا الموضوع، من فقه المذاهب، واستعرض قواعد الشريعة ذات العلاقة، مما يستأنس به، ويمكن أن يوصى بالحكم القياسي، والاجتهاد الواجب فقهًا، في هذا الشأن، كما رجع إلى آراء فقهاء المذاهب فوجد ما يلي:
أن الإجارة يجوز للمستأجر فسخها بالطوارئ العامة، التي يتعذر فيها استيفاء المنفعة، كالحرب والطوفان ونحو ذلك، بل الحنفية- رحمهم الله- يسوغون فسخ الإجارة أيضًا بالأعذار الخاصة بالمستأجر، مما يدل على أن جواز فسخها بالطوارئ العامة مقبول لديهم أيضًا بطريق الأولوية، فيمكن القول: إنه محل اتفاق، وذكر ابن رشد في بداية المجتهد (أنه: (عند مالك أن أرض المطر -أي البعلية التي تشرب من ماء السماء فقط- إذا أكريت فمنع القحط من زراعتها، أو إذا زرعها المكتري فلم ينبت الزرع لمكان القحط -أي بسببه- أن الكراء ينفسخ، وكذلك إذا استعذرت بالمطر، حتى انقضى زمن الزراعة، فلم يتمكن المكتري من زرعها) انتهى.
وذكر ابن قدامة المقدسي في كتاب الإجارة من المغني أنه: إذا حدث خوف عام، يمنع من سكنى ذلك المكان، الذي فيه العين المستأجرة، أو تحصَّر البلد، فامتنع الخروج إلى الأرض المستأجرة للزرع، أو نحو ذلك: فهذا يثبت للمستأجر خيار الفسخ، لأنه أمر غالب يمنع المستأجر من استيفاء المنفعة، فأما إذا كان الخوف خاصًّا بالمستأجر، مثل أن يخاف وحده، لقرب أعدائه لم يملك الفسخ، لأنه عذر يختص به، لا يمنع استيفاء المنفعة بالكلية، فأشبه مرضه.
ولا يخفى أن طريق التدخل في مثل تلك الأحوال المعروضة آنفًا في العقود المتراخية التنفيذ، لأجل إيجاد الحل العادل الذي يزيل الجور إنما هو من اختصاص القضاء، ففي ضوء هذه القواعد والنصوص المعروضة، التي تنير طريق الحل الفقهي السديد، في هذه القضية المستجدة الأهمية، يقرر الفقه الإسلامي ما يلي:
في العقود المتراخية التنفيذ (كعقود التوريد والتعهدات والمقاولات) إذا تبدلت الظروف التي تم فيها التعاقد تبدلاً غَيَّرَ الأوضاع والتكاليف والأسعار، تغييرًا كبيرًا، بأسباب طارئة عامة، لم تكن متوقعة حين التعاقد، فأصبح بها تنفيذ الالتزام العقدي يلحق بالملتزم خسائر جسيمة غير معتادة، من تقلبات الأسعار في طرق التجارة، ولم يكن ذلك نتيجة تقصير أو إهمال من الملتزم في تنفيذ التزاماته، فإنه يحق للقاضي في هذه الحالة عند التنازع، وبناءً على الطلب، تعديل الحقوق والالتزامات العقدية، بصورة توزع القدر المتجاوز للمتعاقد من الخسارة على الطرفين المتعاقدين، كما يجوز له أن يفسخ العقد، فيما لم يتم تنفيذه منه، إذا رأى أن فسخه أصلح وأسهل في القضية المعروضة عليه، وذلك مع تعويض عادل للملتزم له، صاحب الحق في التنفيذ، يجبر له جانبًا معقولاً من الخسارة، التي تلحقه من فسخ العقد، بحيث يتحقق عدل بينهما، دون إرهاق للملتزم، ويعتمد القاضي في هذه الموازنات جميعًا رأي أهل الخبرة الثقات. اهـ.
الثانية: وجود عيب بالعين المستأجرة، ووجود العيب أو حدوثه بالعين المستأجرة يثبت للمستأجر الحق في الفسخ.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا اكترى عينا، فوجد بها عيبا لم يكن علم به، فله فسخ العقد، بغير خلاف نعلمه. قال ابن المنذر: إذا اكترى دابة بعينها، فوجدها جموحا، أو عضوضا، أو نفورا، أو بها عيب غير ذلك مما يفسد ركوبها، فللمكتري الخيار، إن شاء ردها وفسخ الإجارة، وإن شاء أخذها. وهذا قول أبي ثور، وأصحاب الرأي، ولأنه عيب في المعقود عليه، فأثبت الخيار، كالعيب في بيوع الأعيان. والعيب الذي يرد به ما تنقص به قيمة المنفعة كتعثر الظهر في المشي، ... ، وفي الدار انهدام الحائط، والخوف من سقوطها، وانقطاع الماء من بئرها، أو تغيره بحيث يمتنع الشرب والوضوء، وأشباه ذلك من النقائص، ومتى حدث شيء من هذه العيوب بعد العقد، ثبت للمكتري خيار الفسخ؛ لأن المنافع لا يحصل قبضها إلا شيئا فشيئا، فإذا حدث العيب، فقد وجد قبل قبض الباقي من المعقود عليه، فأثبت الفسخ فيما بقي منها، ومتى فسخ، فالحكم فيه كما لو انفسخ العقد بتلف العين. وإن رضي المقام ولم يفسخ، لزمه جميع العوض، لأنه رضي به ناقصا، فأشبه ما لو رضي بالمبيع معيبا. وإن اختلفا في الموجود، هل هو عيب أو لا؟ رجع فيه إلى أهل الخبرة، فإن قالوا: ليس بعيب.. فليس له فسخ. وإن قالوا: هو عيب. فله الفسخ. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(12/3147)
مسائل حول التزام الموظف بمواعيد الدوام ولوائح العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل محاسبا عاما بشركة استيراد للأقمشة وبيعها في بلد أجنبي، لا يوجد عقد عمل موقع بيني وبين الشركة، العمل قائم على الثقة والأمانة، فكل الحركات المالية من رواتب ومصاريف وحوالات للموظفين والمتعاملين تمر عن طريقي، بالإضافة إلى أنه يوجد برنامج للمحاسبة أنا أعمل عليه لإدخال البيانات اليومية
فهل يجب علي أن أقوم بإخبار أصحاب العمل بكل صغيرة وكبيرة؟ ووقت العمل غير مضبوط بشكل دقيق، المفروض يكون من 9 وحتى 17مساء لكن أنا لما تكون فيه حركة عمل أتأخر ولا أخرج باكرا حتى أنهي جميع المهام والأعمال، وفي الصباح لم أعد آتي في 9 إلا عندما تكون ضرورة للمجيء في الوقت المحدد مع العلم أنه لا أحد يحاسبني، فهل أنا آثم وفي المكتب يوجد سائق وسيارة للمكتب يقوم بتوصيلي من وإلى العمل وأحيانا أستخدمه من أجل قضاء حوائج خاصة في أغلب الأحيان، وإذا كنت خارج وقت العمل لساعات أعلم صاحب العمل؟ 0وأستخدم الكمبيوتر في تصفح الانترنت ومشاهدة التلفاز والأكل والجلوس عندما لا يكون عندي عمل فهل يجب أن آخذ إذنا من أصحاب العمل في هذه الأمور أو أخبرهم فهل هذا حرام؟ أفتوني ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته كله يتوقف جوازه على الإذن الصريح أو الضمني من جهة عملك وممن هو مخول بالإذن في ذلك كالمدير ونحوه، وبناء عليه فإن تأخرك في الدوام لإتمام العمل لا يلزمك، وتأخرك عن الدوام لا يجوز لك ما لم تتفق على ذلك مع الشركة، أويكن عندك إذن ضمني وعرف به، وكذلك استخدام السيارة الخاصة بالشركة في حوائجك، واستخدام حاسوب الشركة أو غيره من أدوات العمل في أمورك الخاصة لابد فيه من إذن صريح أو ضمني، وإلا فالأصل حرمة استخدامه دون إذن فيما سوى إنجاز العمل ووفق شروطه.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 14039، والفتوى رقم: 79291.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(12/3148)
لا يلزم المستأجر بيع داره للمؤجر
[السُّؤَالُ]
ـ[أجر رجل بيتا منذ 25 سنة تقريبا، وكان يواظب على أداء ثمن الإيجار، ويقول الآن بأن المؤجر ليس له أن يبيع هذا البيت إلا له وبثمن بخس، لأنه طيلة سنوات الإيجار يكون قد أدى له ثمن البيت وزيادة، فما هو التكييف الفقهي لهذه المسألة؟ وهل يمكن إدخالها في مسألة الإيجار مع الوعد بالتمليك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكره المؤجر غير صحيح، ولا يلزم المستأجر أن يبيع داره للمؤجر مهما قضى فيها من زمن ولو كان يبيعه الدار بسعر يومها، وإنما يرجع ذلك إلى رضى المؤجر إن شاء باعها له بثمن يومها أو أكثر أو أقل، وإن شاء باعها لغيره، وليس فيما ذكرت عقد إجارة منته بالتمليك. ولمعرفة صور ذلك العقد وضوابط الجائز منه والممنوع انظر الفتوى رقم: 6374.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(12/3149)
حكم الإجارة إذا مات أحد الطرفين
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي مستأجر محلا، وتوفي، ونحن الورثة. هل يحق لنا أن نؤجر المحل ونقبض فروغ، وأنا من ضمن مجموعة إخوة إذا هم رفضوا وأجروا وقبضوا، ماذا أعمل أنا بحصتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجارة لا تنفسخ بموت أحد الطرفين عند جمهور العلماء، وعليه فإذا كانت مدة العقد المبرم بين والدك والمالك ما تزال باقية فيحق لكم تأجير المحل إلى مدة العقد السابق ... وبالنسبة للفروغ أو بدل الخلو فقد أجاز مجمع الفقه الإسلامي للمستأجر الأول التنازل للمستأجر الثاني عن بقية مدة العقد لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية، وقد سبق هذا مفصلاً في الفتوى رقم: 9528.
وأما إذا كانت مدة العقد بين والدكم والمالك قد انقضت، فلا حق لكم في البقاء في المحل ولا في الخلو، ويجب تسليم المحل إلى مالكه، أو تجرون معه عقد إجارة جديد بالتراضي دون شائبة إكراه، وفي حال كان بدل الخلو ممنوعاً شرعاً، وقام إخوانك بأخذه، وأعطوك حصته منه فيجب عليك ردها إلى المستأجر الجديد إلا أن يأذن لك فيها بطيب نفس منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(12/3150)
العامل يستحق أجرة أمثاله
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: لقد قمت بإصلاح ريدتير عربتي لدى أحد المختصين بذلك، وبعد التصليح اختلفنا على مبلغ الخدمة حيث إنه طلب مني 5 ريالات عمانية وأنا لم أوافق، وهو أيضا لم يقبل أقل من ذلك، وبسبب ذلك غضب كل منا من الآخر، وذهبت من عنده بنية أني سأدفعها مستقبلا، ولكن نتيجة غضبي تلك اللحظة لم تطاوعني نفسي أن أدفعها له حينها، وبعدها بفترة أغلق العامل محله وغادر ولم أستطع الوصول إليه. فما هو الحل أفيدوني؟
جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا دفع الإنسان شيئاً لأخر ليصلحه وكان منتصباً لذلك بالأجر ولم يتفقا على الأجر فيجب أجر المثل. ... ... قال ابن القيم في أعلام الموقعين: الشرط العرفي كالشرط اللفظي ... لو دفع ثوبه إلى من يعرف أنه يغسل أو يخيط بالأجرة، أو عجينه لمن يخبزه، أو لحما لمن يطبخه، أو حبا لمن يطحنه، أو متاعاً لمن يحمله، ونحو ذلك، ممن نصب نفسه للأجرة على ذلك وجب له أجرة مثله، وإن لم يشترط معه ذلك لفظاً عند جمهور أهل العلم. انتهى.
وعليه، فالذي يجب عليك هو دفع أجر المثل لذلك العامل، فإن لم تقدر على الوصول إليه كما ذكرت ويئست من وجوده أو إمكانية إيصال حقه إليه فتتصدق بأجر المثل عنه، فإذا عثرت على العامل بعد ذلك خيرته بين ثواب الصدقة وبين أن يأخذ أجر مثله ويكون ثواب الصدقة لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(12/3151)
الأجير إذا سلم نفسه ولم يستعمله المستأجر يستحق الأجرة.
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ، أنا مهندس في دائرة اتصالات وأشكو من وجود أعمال قليلة جدا، فقد توجد أيام لا أعمل أي شيء فيها أو قد يصل وقت العمل إلى 5 إلى 10 بالمئة من الوقت الكلي للدوام. فما حكم الراتب؟ وأعمل أعمالا شخصية بالحاسبة الشخصية لي أثناء وقت الفراغ فما حكم ذلك؟
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموظف في العمل الإضافي أو الأساسي يعد أجيرا خاصا، قال في كشاف القناع: الأجير الخاص من قدرّ نفعه بالزمن لاختصاص المستأجر بمنفعته في مدة الإجارة لا يشاركه فيها غيره.
وإذا سلم نفسه للعمل فلم يوجد عمل، أو وجد وأذن له صاحب العمل أو شخص مخول من قبله بالانصراف فإنه يستحق الأجرة. جاء في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: الأجير الخاص إذا سلم نفسه ولم يستعمله المستأجر يستحق الأجرة.
وأما اشتغالك بالحاسبة الشخصية ونحوها في وقت فراغك حيث لا يكون له تأثير على العمل فلا حرج فيه والأولى أن تستأذن جهة العمل.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 93528.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(12/3152)
شريكه أجره الدكان بجزء مشاع من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي شريك مع شخص، وهذا الشخص هو مالك المحل، وكان بينهما عقد إيجار على شكل نسبة من الأرباح الشهرية، وهذا كان منذ 1997 وكانت الأمور طبيعية في البلد، والأرباح متفاوتة وجيدة، وكان يقبض الإيجار كنسبة شهريا كما هو متفق عليه، ومنذ سنتين بدأت أوضاع البلد (العراق) تتدهور وبدأت الأرباح بالتناقص وبعدها كان العمل بدون أرباح حتى بدأ بالخسارة، مما اضطر منذ شهرين لغلق المحل، السؤال هو هل يحق للمالك أن يطالب زوجي بإيجار السنتين الماضيتين مع تجاهل العقد المكتوب بينهما بالإضافة إلى عدم الاعتراف حتى بالخسارة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة التي اتفق عليها زوجك وشريكه - صاحب المحل - تحتوي على جهالة وغرر، لأن حقيقتها أنه أجره الدكان بجزء مشاع من ربح مما يجعل الأجرة مجهولة.. وعليه فلا بد من فض هذه المعاملة، فإذا فضت هذه المعاملة غير المشروعة، فلصاحب الدكان أجرة مثله في السنتين الماضيتين ولما مضى من السنين قبلهما، لأنه عقد يستحق به المسمى في صحيحه فاستحق أجرة المثل في فاسده.
أما الخسارة الحاصلة في العمل فهذه يتحملها الشريكان بقدر حصتهما من رأس المال، وننصح بالمفاهمة ومحاولة الصلح والتراضي، فذلك خير من المشاحة والخصومة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(12/3153)
حكم استعمال ما حددته الشركة من رصيد للهاتف في المكالمات الشخصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل فى شركة نفطية، وقد خصصت لنا مبلغا ماليا كل شهر لاستعماله فى الهاتف الجوال، فهل يجوز لي استعمال هذا الرصيد فى المكالمات الشخصية، علما بأنه عند ما صرحوا لنا بهذا المبلغ لم يذكروا لنا عدم استعمال هذا الرصيد فى المكالمات الشخصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرجع في ذلك إلى الشروط التي تحددها الشركة، فإن كان هذا المبلغ جزءا من الراتب أو هبة من الشركة فلا حرج في استخدامه في المكالمات الشخصية، أما إن كانت جهة العمل تشترط استخدام هذا الرصيد في المكالمات الخاصة بالعمل فلا يجوز استخدامه إلا في ذلك، لما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقاً وأبو داود وحسن إسناده ابن الملقن.
فعليك بسؤال جهة الإدارة عن المبلغ المخصص للهاتف الجوال وعن شروط استخدامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(12/3154)
دفع الأجرة المتفق عليها للعمال وحكم الإشراف على العمل من بعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال أول: اتفقت مع شركة على عمل نظير مبلغ من المال أنفق منه على مشروع مجلة في السعودية، وأعطي العاملين حقوقهم دون نقصان كأفضل مما يأخذون والحمد لله، ويتبقى لي مبلغ أنفق منه على نفسي وأهلي.
المشكلة أني أثناء التعاقد طلبوا مني عرضا به بنود الإنفاق التقديرية، وتحدثت مع المسؤول أن ذلك تقدير مبدئي، ومنه أجور العاملين، فقال لي نحن فوضناك وأعطهم ما تجده مناسبا، المشكلة أن زوجتي شككتني في ذلك، وقالت لي: لا بد أن أعطي العاملين ما قد كُتب على الورق وبتقديرات السعودية.
سؤال ثان: لو ذهبت إلى بلدي وتركت الكثير من المهام التي كنت أقوم بها ما عدا إدارة التحرير، وتأمين المواد الإعلامية، وألزمت نفسي بما كنت أعطي العاملين معي حين كنت في السعودية، وجاءني المال واحتسبت منه إنفاق المال للعاملين، وأتعابي من إجمالي التواصل مع العاملين، ووضع خطة العمل والإشراف عليها. هل فيما آخذه شيء من حرام؟ وهل يلزمني أن أصرح لأصحاب العمل وللعاملين بخط سير العمل وما آخذ، وما أترك من القيمة المادية المقررة، مع العلم أني أوفر للشركة السعودية 50 % تقريبا من قيمة العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيلزمك أن تعطي العاملين ما اتفقت عليه معهم، وما بقي بيدك من مال فاضلا عن أجرة العمال أو غير ذلك من النفقات لا يلزمك رده إلى الشركة إذا كنت تقبلت منها هذا العمل بأجرة معلومة، أما إذا كنت وكيلا للشركة فيلزمك رده ما لم تأذن لك في أخذه وتموله.
وننبهك إلى أنك وكيل مؤتمن فيلزمك التصرف فيما تحت يدك بأمانة، وأما إشرافك على العمل من بعيد فلا يجوز لك دون إذن من أصحاب الشركة ما لم يكن ذلك متفقا عليه في العقد بينك وبينها، إذ الواجب على الأجير الخاص أن يلتزم بنص العقد الذي أجراه مع مستأجره، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ. {المائدة:1} .
ومن ذلك أن يتواجد في عمله في ساعات العمل المتفق عليها، وأن ينجز العمل كله بالكيفية التي تم الاتفاق عليها، وأي تصرف خارج عن ذلك يخل بمقتضى العقد لايجوز دون إذن من جهة العمل.
وللمزيد انظر الفتاوى الآتية أرقامها رقم 78782، 93734، 50057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(12/3155)
الأصل أن الأجرة حلال على العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا جراح جزائري حر. أكري غرف الجراحة للعيادات الخاصة لعلاج المرضى. أنا لا أدري إن كانت الغرف والعتاد الذي أكريه ثمرة حلال أم حرام ... الذي يهمني هو قضاء العملية الجراحية. علاج المريض وكسب قوتي اليومي. هل أنا في حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت لا تعلم أصله هل من حلال أم من حرام، فإنه لا يلزمك البحث والتنقيب عنه، والأصل كونه حلالا عليك فيما تقوم به وما تأخذه من أجر على عملك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1430(12/3156)
حكم منع الموظفين من الاستماع للقرآن أثناء العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل كبائع بشركة تجارية لها عدة محلات، طبعاً يوجد وقت فراغ، خلال ساعات وجودي بالمحل مثل وقت الظهيرة بعض الزملاء في المحلات الأخرى يقومون بالاستماع للقرآن من خلال جهاز الكمبيوتر بصوت مرتفع أو قراءة القرآن خلال ساعات العمل -للأسف- دخل مدير عام الشركة على أحد الفروع فوجد صوت القرآن مرتفعا فأصدر تعميما ينص بعدم قراءة القرآن نهائياً خلال ساعات العمل، والاستماع للقرآن بصوت منخفض جداً، وكانت حجته بأن قراءة القرآن تلهي البائع عن القيام بعمله، والصوت المرتفع للقرآن مصدر إزعاج لبعض الزبائن، مع العلم أن أكثر الزبائن تشكرني للاستماع للقرآن. حيث إنه من القليل جداً أو النادر أن تدخل محلا من المحلات التجارية وتجد قرآناً مسموعاً لا تسمع إلا الأغاني وبصوت مرتفع جداً!!! حاولت الاعتراض وناقشت المسؤول- للأسف- قال بأنهم استفتوا أحد العلماء وقال لهم لكم الحق بمنع الموظفين بعدم القراءة أو الاستماع للقرآن خلال ساعات العمل فهل هذا صحيح؟
إن ما تقومون به من عمل لا يقدر بأي كلمة تقال جعل الله عملكم في ميزان حسناتكم وأثابكم الجنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الكلام عن مسألة حكم الإنصات لتلاوة القرآن، وحكم العمل أثناء الاستماع إلى القرآن، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11269، 14575، 22205، 30521.
ويحق للمسؤول عن العمل منع الموظف لديه من أداء أي شيء لا يتعلق بعمله حتى ولو كان ذلك قراءة القرآن أو الاستماع إليه، فالموظف أجير خاص لدى من يعمل لديهم، ووقته أثناء العمل ملك لهم في حدود المعروف وبما لا يتعارض مع الشرع، فإذا منعوه من فعل شيء لا يجب عليه فعله فلا يجوز له مخالفتهم في ذلك، وهذا من تمام الوفاء بالعقود كما أمر الله بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. {المائدة: 1} . وقال صلى الله عليه وسلم: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ. رواه أبوداود وقال الألباني: حسن صحيح.
إلا أنه إن كان الاستماع أو القراءة للقرآن لا تضيع مصلحة العمل، أو تشغل عنه، ولم يترتب على القراءة عدم احترام للقرآن، فلا ينبغي منع الموظف من ذلك، بل ينبغي إعانته على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(12/3157)
حكم الخروج قبل انتهاء الدوام وتصفح المواقع والصحف أثناءه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف جديد في إحدى الشركات الكبيرة المعروفة في مدينة الرياض، وتم إرسالي إلى مدينة الجبيل لكي آخذ فترة تدريبية في أحد فروعنا في مدينة الجبيل، المطلوب مني هو أن أتعلم وأستفيد من شركتنا في الجبيل، والوقت الذي سوف أقضيه في الجبيل أكثر من اللازم، حيث إنني في العمل غالبا يصبح عندي وقت فراغ كبير، فأتعلم وأستفيد من وقتي، وبقية الوقت في تصفح بعض المواقع المفيدة وتصفح الجريدة، وغالبا أنني أنهي المطلوب مني ثم أخرج قبل موعد الخروج (بحد معقول) وأذهب للمنزل وأحاول الاستفادة من الوقت بالقيلولة والاستفادة من الوقت، فهل خروجي من العمل مبكرا (كموظف تحت التدريب) جائز، وهل قراءتي للجريدة وتصفح المواقع المفيدة فيه شيء، مع العلم يا شيخ أن وقت الفراغ خلال هذه الفترة في الشركة كبير جدا، وليس مطلوبا مني أن أنفذ أوامر معينة، وإنما هي الاستفادة فقط (فترة التدريب من شهرين إلى ثلاثة أشهر) مع العلم أنني طالبت بتقليلها، ولكن تم الرفض، وزيادة على ذلك أنني لا آخذ انتدابا وللأسف، وأحيانا يا شيخ أجلس على الكرسي وبدون أي عمل، بل أقضيه في ملل، أفيدونا مشكورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أذنت لك جهة العمل في الخروج قبل انقضاء وقت الدوام، أوكان مشروطا في العقد أن من أنجز عمله يؤذن له له في الخروج، أوجرى عرف العمل عليه دون نكير، فلاحرج عليك في خروجك بعد إنجاز عملك. وإلا فلا بد من إذن من الجهة المسؤولة. وكذلك استخدامك لأجهزة جهة العمل وتصفحك للمواقع الخاصة مما لاعلاقة له بالعمل، فإن كان مأذونا فيه فلاحرج وإلا لزم الإذن.
وأما قراءة الكتب ومطالعة الجرائد أثناء وقت الدوام، فإن كان لايشغل عن العمل كأن يكون في وقت الفراغ كما ذكرت فلاحرج فيه، وإلا لم يجز دون إذن؛ لأن الوقت هو لصاحب العمل. وفترة التدريب مهمة وغالبا يرجى منها ملاحظة المتدرب للعمل وسيره وطرق إنجازه ونحو ذلك مما يستدعي دقة الملاحظة والتركيز التام على ما يقوم به العمال أثناء إنجازهم للمهام الموكلة إليهم كي يكتسب المتدرب خبرة عملية تمكنه من ممارسة عمله على أكمل وجه وأتمه. وبناء عليه فلا يمكن اعتبار فترة التدريب عبثا أو أن يستغلها العامل في غير مقصود صاحب العمل. فينبغي التنبه لذلك ومراعاته. ونشكر لك اهتمامك بأمر دينك وسؤالك عما أشكل عليك. وتواصلك معنا في هذا الموقع المبارك.ونسأل المولى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه، وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدا، إنه سميع مجيب.
وللمزيد انظر الفتويين رقم: 48484، 106443، وما أحيل إليه من فتاوى خلالهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(12/3158)
لا مانع من المطالبة بأجرة إجازة الأعياد
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل في شركة عند غير المسلمين، وعند حلول أعيادنا تتيح الشركة لهم فرصة لعدم المجيء إلى العمل لمدة أسبوع بدون أن يخصم من راتبهم، وفي المرة الأخيرة أعطوهم فقط ثلاثة أيام، وما تبقى من الأيام مخصوم من راتبهم، وفي هذه الحالة هدد زوجي صاحب الشركة بالاستقالة إن لم يدفع له ما خصمه، وفعلا دفع له ذلك. هل ما دفعه صاحب الشركة لزوجي حلال أم حرام وعليه إرجاعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يظهر ما يمنع من أخذ زوجك لهذا المال، لأن إجازة الأعياد خارجة عن أيام العمل بالعرف أو بالشرط، فإذا كان صاحب العمل منع زوجك حقه فطالبه به وهدده بترك العمل وتقديم استقالته، فهذه مطالبة بحق، وله أن ينتفع بذلك المال كسائر أمواله المباحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1430(12/3159)
حكم الزيادة على الأجرة المحددة
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع شخص على عمل معين وبأجر محدد، وبعد الانتهاء من هذا العمل أرسل لي ظرفا وفيه المبلغ المتفق عليه وزيادة. ماحكم أخذ المال الزائد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وجدته في هذا الظرف زائدا على راتبك المتفق عليه، فالذي ينبغي عليك الاستفسار عنه، فإن كان صاحبه أرسله سهوا ولم يعطه لك فلا يجوز أخذه، ويجب عليك رده لصاحبه، لأنه مال للغير لا يجوز أخذه دون إذن منه، وإن كان أعطاه لك تبرعا فلا حرج عليك في أخذه، وراجع الفتويين: 36896، 22569.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1430(12/3160)
مديره يطالبه بأعمال خاصة به فهل يحق له المطالبة بأجرة نظير ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في جهة منذ 17 عاماً، وبعد خمس سنوات من بدء عملي تولى رئاسة هذه الجهة رجل أعمال له تجارة ومؤسسات خاصة واستشارية، واختارني مديرا لمكتبه في هذه الجهة، ولكن نظرا لما لدي من شهادات علمية وخبرات، فقد بدأ يكلفني بإدارة أعماله التجارية والخاصة والشخصية الأخرى التي لا علاقة لها بعملي الرسمي دون أي مقابل، فقمت مرغماً بأداء التكليفات بشكل يومي ـ إضافة لعملي الرسمي ـ وأحيانا يستدعيني في الإجازات ليس لوظيفتي الرسمية بل لعمله الخاص وأنا مضطر للموافقة لأنني مدين لأشخاص ولو أقالني من العمل لدخلت السجن لا سمح الله بسبب الديون.
الآن والحمد لله انتهت مديونيتي وطالبته برواتبي طيلة الفترة السابقة عن عملي في إدارة أعماله الخاصة فأقالني من العمل كما توقعت، وقد سألني عن سبب سكوتي طيلة تلك السنوات فقلت: لأنني كنت خائفا على وظيفتي الرسمية، وقد حدث ما كنت أخافه، والحقوق لا تسقط بالتقادم.
سؤالي هل لي عليه حق في المطالبة بمستحقاتي، وهل أنا أملك الحق والحجة أمام الله عزوجل لمطالبته بمستحقاتي نظير خدمتي الخاصة له طيلة تلك السنوات مضطراً؛ لأنه سلط علي سيف الوظيفة الرسمية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي اتضح من السؤال أنك لم تشترط على مديرك أجرة فيما تقوم به من عمل خارج عملك في الشركة خدمة له وتسييرا لأعماله الخاصة به. وبناء عليه، فإن كان العرف يقتضي ترتب أجرة في مثل ذلك أوكنت مكرها فعلا على عمل تلك الأعمال له، ولا تستطيع طلب الأجرة منه خشية فصلك، ويغلب على ظنك حصول ذلك، فلك حق المطالبة بأجرة المثل نظير ما قمت به من عمل خدمة له. وأما إن كان العرف غير جار بأخذ الأجرة في مثل تلك الأعمال، ولم يتحقق الإكراه في مثل حالتك لكون ما تخشاه من الفصل وحصول الضرر مشكوكا فيه فحسب، فليس لك حق المطالبة بأجرة لعدم اشتراطها حقيقة أوعرفا. ولأن سكوتك عن المطالبة لغير عذر يقتضي تبرعك بذلك العمل.
ثم إننا ننبه إلى أن ما كان من ذلك الاستغلال المذكور في وقت الدوام الرسمي فإنه لا حق لك في أجر عليه، لأنه إما أن يكون المدير مأذونا له في استغلال العامل فيكون له الحق في ذلك ويعتبر العمل جزءا من العمل الرسمي، وإما أن لا يكون مأذونا له في ذلك، فيس له استغلال العامل في غير عمله الرسمي وحينئذ يكون اعتداء محرما على وقت جهة العمل من المدير والعامل وعليهما التوبة إلى الله والتحلل من جهة العمل، وإن لزم عوض فهو لجهة العمل لا للعامل؛ لأنه أخذ عوض الدوام الرسمي من جهة عمله فالوقت لها لا له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(12/3161)
حكم أخذ أجرة مقابل التوسط في رفع الغرامة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص له سيارة ينقل بها البضائع، فقامت الشرطة بحجزها مع السلعة، أعطوه غرامة مالية، فقال لصاحب البضاعة سأعطيك مبلغا من المال إن توسطت لي بأن يتنازلوا لي عن الغرامة، فهل هذا المال حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الغرامة إن كانت غرامة ظالمة فأخذ أجرة مقابل التوسط في رفعها محل خلاف عند العلماء، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 4714.
وإن كانت غرامة أو ضريبة عادلة فليس لك أن تتوسط في إسقاطها لا بأجر ولا بدون أجر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 26096.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(12/3162)
التزام الموظف بمواعيد الدوام والعمل المطلوب منه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على الموظف الالتزام بمواعيد الدوام، أم العمل المطلوب منه، أم الاثنان؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الموظف الالتزام بالدوام المتفق عليه في العقد، ومن ذلك مراعاة مواعيد الحضور والانصراف التي تحددها جهة العمل المسؤولة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ. {المائدة:1} .، وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 29950، 18750.
كما يجب عليه أيضا أداء العمل الذي كلف به ويأخذ مقابله أجراً ولا يكتفي بالحضور والانصراف، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 58633، 58405.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1430(12/3163)
حكم ربط المعاشات بالغلاء المعيشي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ربط المعاشات بجدول الغلاء المعيشي (أي أن يطالب الموظفون برفع أجورهم لتوقع ارتفاع الأسعار) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود هو أن تكون معاشات الموظفين غير معلومة عند التعاقد بمعنى أن تترك بدون تحديد دائماً يحددها ظروف المعيشة، فهذا تعاقد غير جائز، بل الواجب في عقد الإجارة معلومية الأجرة عند العقد، وكذا معلومية المدة.
وأما إن كان المقصود أن يكون للموظفين الحق في المطالبة برفع أجورهم، فهذا لا مانع منه، مع التزام الطرفين بالمضي في مدة العقد بالأجر المتفق عليه سلفاً حتى نهايتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1430(12/3164)
عدم الالتزام بمواعيد العمل مرجعه للوائح العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مهندسا ميكانيكاً بشركة مقاولات، مدرج بالعقد أن عدد ساعات العمل عشر ساعات يومية، وما يزيد عن ذلك فهو وقت إضافي من حقي أن أتقاضى مقابله، ولكن فى الحقيقة هذا لا يطبق إلا على العمال فقط، ولكن المهندسين لا يتقاضون مقابلا للساعات الإضافية، ولكن مقابل ذلك يعطى للمهندس الحرية فى مواعيد العمل طالما أن عمله يتم بأحسن صورة دون التقيد بميعاد العمل ولا مدته، وهذا لأن المهندسين دائما ما يعملون أكثر من مدة العمل نظراً لظروف العمل، وصاحب الشركة يعرف هذا جيداً، فهل من الضروري علي الالتزام بمواعيد العمل ومدته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أذن لك صاحب العمل حقيقة أو عرفاً بعدم الالتزام التام بمواعيد العمل لما ذكرت من كون المهندسين لا تجري عليهم أحكام العمال الآخرين فلا حرج في ذلك، وأما إن لم يكن هنالك إذن من صاحب الشركة حقيقي أو ضمني فلا يجوز الإخلال بما تم الاتفاق عليه في العقد، ومن ذلك الالتزام بوقت العمل والانضباط فيه، ولك الحق في المطالبة بالتعويض عن ساعات العمل الإضافي، إن كان ذلك في العقد المتفق عليه أو هو مما جرى به العرف، إذ المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، وانظر لذلك الفتوى رقم: 6326، والفتوى رقم: 60160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(12/3165)
العامل إذا لم يعد لأخذ باقي أجره ولا يعرف مكانه
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت في يوم من الأيام وتكرر ذلك مرتين وليس مع نفس الشخص وهو راعي الستائر على أن يعمل لي ستارة واتفقنا علي السعر، وأخذ القياسات، الأول ركب الستارة كل قطعة تختلف عن القطعة الثانية قليلا، وأخبرته بأن يقوم بتغييرها وأعطيته نصف السعر على أنه بعد تبديلها أعطيه الباقي، ولكن لم يأت ولم يقم بتغييرها، وأنا لم أعطه ما تبقى له ماذا علي الآن؟ خاصة أني لا أعرف مكانه الآن وأنا متلومة في ما تبقى له من مبلغ، وأخاف ان يبقى في ذمتي. والشخص الآخر نفس الشيء ولكنه لم يقم بتركيب الستارة كما يجب، واتفقت معه على تغييرها ولكن لم يقم بذلك، وأعطيته نصف المبلغ وتبقى النصف، ولكني نسيت أي محل هو لأعطيه المبلغ المتبقى علي. أفتوني أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الاختلاف المذكور في قطع الستائر على فرض أنه مؤثر في المبيع حيث يعطي المشتري خيار الرد أو الإمساك؛ فإنه قد سقط هذا الحق باستعمال السائلة للستائر؛ لأن استعمال المبيع لغير تجربته يعد رضا من قبل المشتري؛ ولذا فالبائع يستحق على السائلة جميع الثمن، ويبقى أمانة عندها حتى تجده وتسلمه إياه، فإن حصل يأس من وجوده جاز أن تتصدق به عنه.
وبالنسبة للشخص الثاني والذي استأجرته لتركيب ستارة فلم يركبها كما يجب فهذا أجير، والأجير إذا لم يقم بالعمل حسب الشرط لم يستحق إلا بقدر ما عمل، وقيل لا يستحق شيئا حتى يقوم بالعمل كله حسب الشرط.
وتوسط البعض فقال إذا كان فيما عمل مصلحة للمستأجر أعطي بقدره، وحيث يستحق الأجير أجرة فيقال فيها ما قيل في صدر هذا الجواب بالنسبة لثمن الستائر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1430(12/3166)
حكم تصوير الأوراق المدرسية وأخذ ضعف القيمة من الطلاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس في المدرسة، ونحتاج إلى تصوير بعض الأوراق، ولا أحد من الطلاب يريد أن يقوم بعملية التصوير، فأقوم أنا بها وآخذ مبلغا مضاعفا من كل طالب في الصف - أي أنني آخذ من كل طالب قيمة التصوير مضاعفاً- مع العلم أن بعضهم رفض في أول الأمر فقلت له: إذا لم ترد ذلك فاذهب وصورها بنفسك.
فما حكم الشرع في ذلك، نرجو الإفادة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقوم بتصوير الأوراق لزملائك مشترطا عليهم مبلغا معلوما فلا بأس، ويعد هذا من باب الإجارة حيث إن هؤلاء الطلاب رضوا بأن تقوم بتصوير الأوراق لهم مقابل أجرة معلومة، قد تكون مثل ثمن التصوير، أو أكثر،أو أقل، كل هذا لا يضر إذا كان بالتراضي لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29}
والإجارة كالبيع، وراجع الفتوى رقم: 50862.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(12/3167)
حكم تناول الأجير في مطعم من الطعام بغير إذن صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشتغل في إحد المطاعم، وصاحب العمل بخيل جدا لدرجه أنه يمنع الأكل عن العمال كلهم، أعمل 12 ساعة علي فترتين، وأثناء العمل أجوع بشدة، وأضطر إلى أن آكل أثناء الدوام بدون معرفة صاحب العمل.
هل يجوز ذلك أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأجيرُ ليس له أن يأكل من مال المستأجر بغير إذنه وإلا كان خائناً للأمانة، وقد قال الله عز وجل: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. أخرجه أبو داود.
وليسَ لك حق عند صاحب المطعم سوى أجرتك، فإن وفاكَ إياها فلا يحلُ لك ما زاد عليها، وما دام قد صرح بمنعكم من الأكل من طعام المطعم فالواجبُ عليكم الامتناع، وعدم الأكل.
وأما ما ذكرته من أنكَ تجوعُ جوعا شديداً، فيمكنك أن تشتريَ بمالك ما تدفع به عن نفسك الجوع، والواجبُ عليك الآن التوبة النصوح مما أقدمت عليه من المعصية والمخالفة، وعليكَ قيمة ما أكلته من طعامٍ بغير إذن صاحب المطعم، أو تُعلمه بما جرى فإن أحلك فلا شيء عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(12/3168)
حقوق العامل على صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[موضوعي هو أني ألتمس منكم أن تقوموا بتحرير رسالة توجيهية نقوم بموجبها بإرسالها إلى مدير الشركة التي أعمل فيها مستندين من الأحاديث النبوية الشريفة والقرآن الكريم لغرض أننا تقريبا ليسوا مهمشين بهذا القدر، ولكن أقل من هذا بتأخر الرواتب كل شهر (دون أن ننسى أن بيننا من هو مغترب عن أهله ولو حتى من هو مع أهله فهو من يقوم بالنفقة على إخوته زوجته......أمه....) هذا من ناحية. من ناحية أخرى أننا قمنا مع مدير الشركة بتوقيع عقد عمل قد تبين في الأخير أنه لا يتضمن ضمن سطوره ما يحمي حقوقنا كطبقة عمال تقوم بواجبها، والعقد يحمي الشركة بصفة كاملة.عفوا إن أطلت عليكم، ولكن قد فكرنا بالاتصال بكم لأننا واثقون بكم وبمعرفتكم الدينية في هذا المجال. وشكرا لكم جعل الله أعمالكم في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق العامل على صاحب العمل أن يحدد له أجر عمله مسبقا، وأن يوفيه إياه وقت استحقاقه له دون تأجيل أو مماطلة، فقد روى الإمام عبد الرزاق في مصنفه عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من استأجر أجيرا فليسم له إجارته. وفي مصنف ابن أبي شيبة: باب من كره أن يستعمل الأجير حتى يبين له أجره، ثم ساق بسنده عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا: من استأجر أجيرا فليعلمه أجره. وعن عثمان رضي الله عنه قال: من استأجر أجيرا فليبين له أجره.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره.
فهولاء خصمهم الله يوم القيامة، فليتق الله أصحاب المؤسسات وأصحاب الشركات الذي يستقدمون العمال، ثم يؤخرون أجورهم شهرا وشهرين وثلاثة.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه.
ومن حقه على صاحب العمل ألا يكلفه من العمل ومن الزمن فوق طاقته، ففي الحديث: إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم.
ومن حق العامل كذلك أن لا يحيف عليه صاحب العمل بالشروط المجحفة، سواء في الأجور أو في مدة العمل أو ينقصه حقوقه الثابتة بالشرط أو بالعرف. فالظلم ظلمات يوم القيامة، وهو أعظم ما يكون في حق الضعفاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1430(12/3169)
حكم تقسيم أيام العمل بين الأطباء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تقسيم أيام العمل بين الأطباء في وحدة صحية تابعه لوزارة الصحة بما لا يضر بمصلحة المرضى، لاسيما وأن هذا الوقت يستثمر في التعلم، أو العمل من أجل زيادة الدخل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمرد ذلك إلى الجهة المسؤولة، إن أذنت فيه فلا حرج، وإن لم تأذن فيه فلا يجوز، ولو لم يكن فيه ضرر.
وبناء عليه، فينبغي الرجوع إلى الجهة المسؤولة في الوحدة الصحية كالمدير ونحوه، والتشاور معه في ذلك، إن رضيه وأذن فيه، وكان مخولا له بذلك وفق صلاحياته الإدراية جاز، وإن لم يأذن لم يجز، لأنه إخلال بما اتفق عليه، وجرى العقد به.
وانظر الفتوى رقم: 105153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(12/3170)
حكم تأبيد الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان جدي يمتلك محل إيجار قديم بإحدى محافظات مصر، وقام جدي بكتابة نصف المحل الإيجار لابنه (أبي) وامرأته (جدتي) . قام الابن (أبي) بطلب من جدتي بالتوقيع على ورقة تنازل بنصف حقها، وهي لا تستطيع القراءة فقامت بالتوقيع ... وعندما علمت جدتي بأن ابنها (أبي) طلب منها التوقيع على ورقة التنازل بحقها بذلك غضبت منه كثيرا، وطلبت منه كتابة ورقة بالمبلغ مقابل الانتفاع بالمحل ... وعندما توفيت جدتي قامت أخته (عمتي) بإحراق الورقة التي تثبت المبلغ بالقيمة الموجودة.
نحن محتاجون الرد نظرا لما تمر بها الأسرة من أزمات متعاقبة نريد الحل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن جد السائل كان مستأجرا لهذا المحل فإن ما يسمى بعقود الإيجار القديم هي من العقود الباطلة شرعاً، لأن الواجب في عقد الإجارة بيان المدة، قال ابن قدامة في المغني: الإجارة إذا وقعت على مدة يجب أن تكون معلومة كشهر وسنة. ولا خلاف في هذا نعلمه، لأن المدة هي الضابطة للمعقود عليه، المعرفة له، فوجب أن تكون معلومة. اهـ.
ومن أهل العلم من يرى صحة العقد مشاهرة، أي أن لكل شهر كذاً ... دون تحديد مدة، وفي هذه الحالة يحق لكل من المتعاقدين فسخ الإجارة متى أراد. كما أن إجارة الدور المحددة بزمن معين لا تنتهي بموت المستأجر على المذهب الراجح، وهو مذهب جمهور العلماء، وإنما تظل باقية يرثها ورثته من بعده، وذهب الحنفية إلى أن الإجارة تنتهي بموت المستأجر.
أما قانون الإيجار القديم والذي يقضي بلزوم الإيجار مدى حياة المستأجر وتوريثها لجيل واحد من أبنائه بعده، مع بقاء الأجرة ثابتة طوال هذه المدة دون نظر إلى أجرة المثل عند ارتفاع قيمة الإيجار وزيادة الأسعار، فهو قانون باطل مخالف للشرع، بل يعتبر المستأجر غاصبا في حالة مطالبة مالك العقار له بالخروج أو بزيادة الأجرة، فإن بقاءه متمسكا بالعين المستأجرة مستندا إلى هذا القانون الجائر منكر محرم، فالقانون لا يحل حراما ولا يحرم حلالا.
فلا عبرة بقانون تأبيد الإجارة، لأنه قانون يخالف حكم الله تعالى، وما كان من العقود خالياً من بيان المدة وجب فسخه، ورد العين المستأجرة إلى المالك، ودفع أجرة المثل خلال مدة استخدامها إلا إذا تنازل عنها المالك، فهذا هو الواجب عليكم، ولا يحل أن تنتفعوا بهذا المحل إلا بعقد جديد بالضوابط الشرعية.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 43041، 43972، 58077، 103971، 116630.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(12/3171)
الموظف الذي يحصل على نسبة من وارد عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل طبيبا بمرتب معلوم، وأحصل على نسبة من وارد عملي. ما حكم النسبة. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنسبة المذكورة إن كانت جزءا من الأجر الذي تتقاضاه مقابل عملك فهي تخل بالعقد لجهالة الأجر، ولا بد في الإجارة من معلومية الأجر، لما أخرجه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره. هذا هو الراجح وهو مذهب الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك وهي رواية عند الحنابلة، وإن لم تكن هي التي عليها أغلب أهل المذهب، قال ابن قدامة في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً يبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربع جاز، نص عليه. ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئاً من ذلك، لأنه عوض مجهول وعمل مجهول. وقد ذكرنا وجه جوازه، وإن جعل له مع ذلك دراهم معلومة لم يجز نص عليه، وعنه الجواز، والصحيح الأول. اه ـ. وانظر الفتويين رقم: 108011، 104732.
وأما إذا لم تكن النسبة جزءا من الأجر المتفق عليه، وإنما هي مكافأة من الإدارة وتشجيعا للأطباء ونحو ذلك فلا حرج في أخذها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1430(12/3172)
الخروج من العمل بغرض تحصيل الخبرة لمنفعة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة أطباء في مستشفى حكومي، يجب علينا الحضور يوميا، والتوقيع بالحضور والانصراف. والمشكلة أن هذا المكان لا يمكننا من الحصول على الخبرة والمعلومات الكافية للتعامل مع كل الأمراض والوسائل الحديثة لعلاجها؛ لذلك قرر بعض الزملاء أن يذهبوا للأماكن المتاح بها وسائل للتعلم بالتبادل، بحيث أن لا يتأثر العمل الأصلي، وان الحاضر يوقع في كشف الحضور بدلا من الغائب، فإذا تم هذا بموافقة المسؤول عن التوقيع، وبنية التعلم لإفادة المرضى بالخبرة المطلوبة، هل يكون الراتب في هذه الحالة حلالا؟ مع العلم بأن الراتب من الحكومة، وإذا لم يكن حلالا، فما الحل حتى نستطيع تعلم العلم المفيد، وليس السطحي حتى لا يقع الضرر بالناس. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوفاء بالعقود واجب شرعا، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} ، فيجب عليكم الحضور يوميا والبقاء مكان العمل حتى نهاية الدوام.
وأما التعذر بتحصيل العلم والخبرة فهذا كله لا يحل لكم ترك ما يجب بالعقد، كما أن إذن المسؤول عن التوقيع لا يعد عذرا حتى يكون مخولا بالإذن من قبل الإدارة أو الجهة التي تملك هذا التخويل. وفي حال ترك الموظف عمله بدون إذن صحيح فإنه لا يستحق من الراتب إلا بقدر ما عمل. وراجعي الفتوى رقم: 58405.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1430(12/3173)
للعامل استيفاء حقه ولو بالحيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة قطاع خاص، وصاحب العمل -مع الأسف- يستغل حاجتنا للعمل ولا يعطينا الأجر المناسب لما نبذله من مجهود، بل إنه قد اصطحبني في مهمة عمل خارج بلدي، ونزلنا في العاصمة لمدة 4 أيام كاملة، كنت أعمل فيها طوال الليل والنهار بلا راحة، وفي كافة الأعمال سواء ما كان من تخصص عملي أو ما يخالفه، حتى أنني كنت السكرتير الخاص به في سفره.
والمتبع في كل الشركات أن يكون هناك بدلات خاصة بالسفر، أو على الأقل يتم حساب الدوام كاملاً طول اليوم ويضاف إليه الساعات الزائدة، فإن نظام العمل بمقر الشركة 8 ساعات في اليوم الواحد يتخللها ساعة راحة، وفي حالة الزيادة ولو 5 دقائق يتم الحساب بنظام الوقت الإضافي، وأيضاً لو قلت ساعاتي 5 دقائق تخصم من الراتب، وقد تفاجأت برد صاحب العمل على المحاسب عندما أراد الاستفسار عن نظام محاسبتي عن هذه الأيام هل يكون على الساعات الفعلية أي يحسب لي 4 أيام × 24 ساعة = 96 ساعة، أم يحسب لي بدل سفر مناسب؟.
إلا أن رد صاحب العمل كان بحساب 8 ساعات في اليوم الواحد بدون مراعاة لسفري وغربتي، وانقطاعي عن أهلي طيلة هذه المدة، وبدون تقدير لما بذلته معه من مجهود باعترافه هو وشكره، لكني لا أريد شكرا، فأنا أعمل لأحصل على المقابل المادي فقط، فضلا عن أنني بهذا الحال لم أكن أحصل على ساعة راحة عن كل 8 ساعات كما هو متبع للعاملين بمقر الشركة، وقد كان أغلب عملي تحت أشعة الشمس وأمام الجهات الحكومية، وهذا ما يخالف نظام عملي بمقر الشركة، والذي لا أتحمل فيه أي مجهود بدني يذكر.
والسؤال: ما هو التصرف مع صاحب العمل، هو كما أسلفت يستغل حاجتنا للعمل ونحن لا نستطيع أن نطالبه بهذه الحقوق ولا نسامحه فيها؟
هل لي حق لدي هذا الرجل؟
وما هو التصرف المناسب معه؟
وهل يجوز لي أن أزيد بعض الوقت على وقت انصرافي بدون علمه لأحصل على أجري كاملاً ومقابل ما قمت به من أعمال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العقد شريعة المتعاقدين بشرط أن لا يتضمن ما يخالف الكتاب والسنة، ولا يجوز الدخول في عقد ما من العقود سواء كان بيعا، أو إجارة، أو غير ذلك إلا بعد معرفة تفاصيله معرفة تامة لكلا المتعاقدين منعا لما قد يترتب على الجهالة من نزاع وخصومة في المستقبل، وما دام أن هناك نظاما متبعا ولوائح مقررة تحكم مثل هذه المؤسسات, فإنه ينبغي الرجوع إليها في تقرير الحقوق طالما أن صاحب العمل لم يشترط عليكم ما يخالفها.
والذي يظهر من كلامك أن هذا الرجل قد خالف هذه اللوائح عندما كلفك من العمل فوق ما هو متفق عليه ولم يوفك عليه أجرا، وهذا من أعظم الذنوب وأقبحها، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره.
وما دام أنه ظالم في فعله هذا ولا تستطيع استخراج حقك منه فحيلة أخرى، فإن لك أن تستوفي حقك بما يتاح لك، ومن ذلك ما ذكرت من زيادة بعض الوقت فوق وقت انصرافك دون علمه بشرط ألا تزيد عن حقك، وأن تأمن عاقبة فعلك هذا بحيث لا تنسب للخيانة أو الكذب، ولك أن تمتنع من القيام بأي عمل زائد في المستقبل إلا بما يقابله من أجر، فإن رفض فعليك بالبحث عن عمل آخر بعيدا عن مؤسسته.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(12/3174)
حكم تأجير أجهزة الكمبيوتر مقابل نسبة من ربح المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يمتلك مقهى للإنترنت، وعرض عليه صديق له أن يعطيه عددا من أجهزة الكمبيوتر لتعمل عنده في المقهى على أن يعطيه نسبة من الربح مقابل عمل هذه الأجهزة عنده، وعرض صاحب المقهى علي صديقه أن يعطيه بالإضافة إلي نسبة الربح مبلغا من المال شهريا لمدة معينة بحيث تصبح الأجهزة بعدها ملكا لصاحب المقهى فهل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصاحب المقهى والشخص الآخر مالك الأجهزة أمامهما أحد خيارين لا ثالث لهما:
الأول: أن يقوم مالك الأجهزة بتأجير أجهزته لصاحب المقهى مقابل أجرة معلومة لا نسبة من أرباح المقهى؛ لأنه يشترط في الإجارة أن تكون الأجرة فيها معلومة، والمدة كذلك معلومة، فإذا انتهت المدة دفع صاحب المقهى الأجهزة إلى مالكها، ويمكن القول بجواز تأجير الأجهزة على أن تكون أجرتها نسبة متفق عليها من عمل الأجهزة نفسها لا نسبة من ربح المحل، وهذا بناء على قول طائفة من أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 29854.
الخيار الثاني: أن يبيع مالك الأجهزة أجهزته لصاحب المقهى بثمن معلوم يدفع كله نقدا، أو يقسطه أقساطا على حسب ما يتفق عليه البائع والمشتري.
وننبه إلى أنه إذا كان صاحب المحل لا يضبط عمله في المقهى بضوابط الشرع فلا يجوز إعانته بهذه الأجهزة لا بيعا ولا إجارة على الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(12/3175)
حكم المنفعة الحاصلة من عقد قائم على الكذب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مهندسا في إحدى دول الخليج وكنت أبحث عن شخص ليعمل لي الإقامة داخل البلد بعد أن كنت تركت العمل الذي كانت عليه إقامتي، وبعد أن فقدت الأمل وانتهى بي الأمر أني سوف أغادر أنا وأولادي إلى وطننا اتصل بى شخص وقال نحن نريد مهندسا لتصنيف الشركة أي أنه مستفيد مني ليستخرج رخصة لشركته وحررنا العقد وقال لي إنه سوف يعطيني 1000 درهم شهريا مع أني لا أعمل عنده فقط يستفيد مني باستخراج الرخصة فهل إن قبلت الألف تكون حلالا أم حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد المحرر بينك وبين صاحب الشركة لا يراد منه أن تعمل كمهندس لدى هذه الشركة، وإنما المراد منه حصول صاحب الشركة على تصنيف معين من قبل الجهات المختصة يمكنه من الدخول في مناقصات وأعمال تستوجب أن يكون لديه مهندسا مختصا يشرف على هذه الأعمال أو ينفذها، وهذا غير موجود في الواقع، وبالتالي فالعقد وما ترتب عليه باطل لما فيه من التغرير والكذب والتوصل إلى ما لا يستحق، وما تأخذه مقابل هذه المنفعة غير جائز، وإذا أردت أن تكون معاملتك مباحة شرعا وتستحق بها الأجرة فلا بد من العمل بمقتضى العقد فعلا، فالعبرة في العقود بمقاصدها لا بعناوينها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1430(12/3176)
إصلاح الدار هل هو على المستأجر أم المؤجر
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي دور أرضي لورثة عمره 25 سنة قمت بتأجيره عل شخص وقلت له إن الأجرة 3000 إذا أردت مني إصلاحات قبل استلام الدور أو 2500 وأنت تصلح ما تشاء ورضي ب 2500 وزدت على ذلك بأن أعطيته 35 يوما مجانيا فوق السنة إبراء للذمة ومن باب التعاون، ولكن للأسف مر قرابة شهرين وطلب مني صبغا لغرفة قلت له إني تركت لك 35 يوما وتريد الصبغ ثم بعد ثمانية أشهر قال هناك ماء يطفو فوق أرض الحمام قد يكون من شبكة التصريف الأرضية وقد أحضرت السباك وأفاد أنها من الشبكة وتحتاج إلى تغيير.
السؤال: في العقد ذكر أنه استلم كل شيء سليما، وأي تلف في السباكة أو الكهرباء بعد الاستلام يقوم بإصلاحه ولكن لم يفعل وطلب مني الإصلاح، فبعد هذا الشرط وما ذكر أعلاه، فهل هو ملزم بالإصلاح أم أنا المؤجر، وهل لي أن أفسخ العقد عند الانتهاء لو تحملت الإصلاح لأن الثقة قد انعدمت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن إصلاح الدار المستأجرة على المؤجر لأنه ملكه، ولكن إن ترك المؤجر إصلاح الدار، ورضي المستأجر بذلك ولم يشترط عليه المؤجر إصلاح الدار فلا حرج في ذلك.
قال الكاساني: وتطيين الدار, وإصلاح ميزابها, وما وهى من بنائها على رب الدار دون المستأجر, لأن الدار ملكه وإصلاح الملك على المالك, لكن لا يجبر على ذلك، لأن المالك لا يجبر على إصلاح ملكه, وللمستأجر أن يخرج إن لم يعمل المؤاجر ذلك، لأنه عيب بالمعقود عليه, والمالك لا يجبر على إزالة العيب عن ملكه, لكن للمستأجر أن لا يرضى بالعيب حتى لو كان استأجر وهي كذلك ورآها فلا خيار له، لأنه رضي بالمبيع المعيب, وإصلاح دلو الماء والبالوعة والمخرج على رب الدار ولا يجبر على ذلك وإن كان امتلأ من فعل المستأجر لما قلنا, وقالوا في المستأجر إذا انقضت مدة الإجارة وفي الدار تراب من كنسه فعليه أن يرفعه لأنه حدث بفعله فصار كتراب وضعه فيها, وإن امتلأ خلاها ومجراها من فعله فالقياس أن يكون عليه نقله، لأنه حدث بفعله فيلزمه نقله, كالكناسة, والرماد, إلا أنهم استحسنوا وجعلوا نقل ذلك على صاحب الدار للعرف والعادة إذ العادة بين الناس أن ما كان مغيبا في الأرض فنقله على صاحب الدار, فحملوا ذلك على العادة فإن أصلح المستأجر شيئا من ذلك لم يحتسب له بما أنفق لأنه أصلح ملك غيره بغير أمره ولا ولاية عليه, فكان متبرعا. انتهى.
وجاء في درر الحكام: أعمال الأشياء التي تخل بالمنفعة المقصودة عائدة على الآجر: مثلا تطهير الرحى على صاحبها, كذلك تعمير الدار وطرق الماء وإصلاح منافذه وإنشاء الأشياء التي تخل بالسكنى وسائر الأمور التي تتعلق بالبناء كلها لازمة على صاحب الدار. انتهى.
ولكن لا يجوز أن يشترط المؤجر على المستأجر ترميم الدار المستأجرة، وفي هذه الحالة فالإجارة فاسدة عند الحنفية، وعلى المستأجر أجر المثل.
قال السرخسي في المبسوط: وإن تكارى دارا كل شهر بعشرة على أن يعمرها ويعطي أجر حارسها ونوابها فهذا فاسد لأن ما يعمر به الدار على رب الدار والثانية كذلك عليه فهي الجباية بمنزلة الخراج فهي مجهولة فقد شرط لنفسه شيئا مجهولا مع العشرة وضم المجهول إلى المعلوم يجعل الكل مجهولا, فأما أجر الحارس فهو على الساكن لأنه هو المنتفع بعمله وإذا سكن الدار فعليه أجر مثلها بالغا ما بلغ، لأنه استوفى المنفعة بعقد فاسد ورب الدار ما رضي بالمسمى حين ضم إليه شيئا آخر لنفسه فلهذا لزمه أجر المثل بالغا ما بلغ. انتهى.
ولكن أجاز المالكية اشتراط مرمة الدار على المكتري من الأجرة المستحقة، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وأجاز المالكية شرط المرمة للدار وتطيينها إن احتاجت على المكتري, بشرط أن يكون من كراء وجب على المكتري, إما في مقابلة سكنى مضت, أو باشتراط تعجيل الكراء, أو يجري العرف بتعجيله, لا إن لم يجب فلا يجوز. أو وقع العقد على أن ما تحتاج إليه الدار من المرمة والتطيين من عند المكتري , فلا يجوز للجهالة. انتهى.
وهذا النقل يبين أنهم أجازوا اشترط المرمة على المكتري إذا كان قدرها معلوما، أما إذا كان قدرها مجهولا كما هو الحال في العقد المذكور حيث اشترط على المكري إصلاح ما يفسد بعد العقد فلا يجوز.
والحاصل أن ما حدث في الشقة المستأجرة من العيوب يجب إصلاحه على المالك، إلا إذا ثبت أن هذا العيب حدث بسبب تفريط أو تعد من المستأجر – لا بمجرد استعماله لها - فيجب عليه الضمان، ويجب على المستأجر أجر المثل للمدة التي سكنها لفساد الإجارة، ولا حرج عليكما بعد ذلك أن تعقدا عقداً جديداً بدون هذا الشرط إن أردتما ذلك.
أما سؤالك عن فسخ العقد متى انتهى، فلو كان عقد الإجارة صحيحاً وانتهت مدته فلا يحتاج إلى فسخ، ولا حرج بعد انتهاء العقد في تجديده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1430(12/3177)
تأجير الشهادة لفتح محل تجاري وحكم عمل صاحبها أجيرا فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في عمل هذه صورته: وهو أنه إذا أراد شخص ما افتتاح محل لبيع النظارات الطبية ولم يكن مع ذلك مخولا لذلك حسب كراس الشروط لعدم حيازته على شهادة في الغرض، فإنه يتفق مع حامل للشهادة المطلوبة سنسميه (ش) اختصارا على أن يشركه في مؤسسة، المؤسسة قد تكون موجودة بالفعل وتدير محلات أخرى على قاعدة أن كل محل يلزمه حامل شهادة أو تحدث للغرض تدير المحل غير أن المسؤولية المهنية عن المحل تقع على (ش) - وذلك بأن يكون لـ (ش) نصيب رمزي من رأس المال ثم إن كراس الشروط يلزم (ش) بالتواجد في المحل وهنا يختار هذا الأخير إما: أن يتواجد في المحل فيأخذ أجرة على العمل فيه وهي الصورة الأولى، أن لا، فيأخذ أجرة تكون كأنها بدل إيجار للشهادة السؤال الأول: هل يجوز ل (ش) الدخول في الشركة علما أن المساهم الأكبر فيها، وبالتالي الذي يحق له التصرف قد يدخل في معاملاتها شيئا من الربا أو معاملات محرمة أخرى، وهل يجب على (ش) أن يشرط أولا على شريكه أن تكون الشركة منضبطة شرعيا؟ وهل يلزمه البحث والتقصي علما أنه لا يؤخذ نصيبه من الأرباح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا اشترطت الجهات المختصة في من يريد فتح محل نظارات طبية أن يكون حاصلا على شهادة في هذا التخصص، فيجب التزام هذا الشرط لأنه موضوع لمصلحة الناس، والإخلال يؤدي إلى الإضرار بالناس والتدليس عليهم وغشهم، فوجود شخص غير مؤهل في هذا المحل ينتج عنه ما تقدم من أضرار، وبالتالي فالطريقة المشروعة هي أن يعمل صاحب الشهادة في المحل مقابل أجرة معلومة لا مقابل تأجير شهادته لصاحب المحل، وراجع للمزيد في هذا الفتوى رقم: 45192.
وإذا تم الأمر على هذا النحو فلا حرج على الأجير صاحب الشهادة إذا ما قام صاحب المؤسسة بمعاملات ربوية إلا إذا كانت هذه المعاملات تتم باسم صاحب الشهادة أو كان يعين عليها، ففي هذه الحالة يحرم عليه أن يأذن في استعمال اسمه وشهادته في ما لا يحل أو يعين عليه، سواء عاد عليه ذلك بعوض أم لا، ولصاحب الشهادة أن يشترط في العمل مع صاحب المحل الالتزام بضوابط المعاملات الشرعية، مع أن هذا أصلا أمر واجب عليه بالشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(12/3178)
هل يستحق المشارك في الإضراب أجرة عن المدة التي شارك فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[التغيب عن العمل بحجة الإضراب. هل أجر ذلك اليوم حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإضراب منه ما هو مشروع، ومنه ما ليس كذلك، فما كان منه مشروعا محققا لمقصد معتبر شرعا نال حكمه من تحقيق ذلك المقصد؛ لأن الوسائل تأخذ حكم المقاصد، وانظر الفتوى رقم: 62803.
وبناء على هذا، فإذا كان الإضراب مشروعا وعقد العمل لا يتنافى مع التعويض للعامل عن فترته، فإن العامل يستحق أجره كاملا، وإذا لم يكن الإضراب مشروعا أثم المشارك فيه، ولا يستحق إلا أجر الزمن الذي عمل فيه، ولا يستحق الأجر إذا كان عقد عمله ينص على عدم التعويض عن فترته، ولو كان الإضراب مشروعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(12/3179)
حكم أخذ الموظف أجرة على الأجازة المرضية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة واضطررت لأخذ إجازة مرضية وبراتب تام هل من حقي أخذ الراتب؟ وبعدها أعطوني فروقات السنة الماضية وكنت في وقتها متمتعة بإجازة دون راتب. مع العلم أنني لم أدخل للجنة طبية لأخذ الإجازة بل استعنت بموظف بالمستشفى وعملها وصدرت الإجازة المرضية، أرجو الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقد العمل هو الذي يحدد ما إذا كانت الإجازة المرضية تعوض مدتها أو لا تعوض, وهو الذي يحدد شروط منحها, والجهة التي تمنحها , فإن كان عقدك ينص على تعويضك مدة الإجازة المرضية فلا حرج عليك في أخذ مقابلها من الأجرة, وإذا لم ينص العقد على ذلك فلا حق لك في الأجرة عنها إلا إذا تطوعت لك جهة العمل بها , وكان ذلك يدخل في صلاحيتها المخولة لها من الجهة العليا , وذلك أن عقد العمل هو شريعة المتعاقدين ما لم يخالف الشرع كما في الفتوى رقم: 32199
ومحل جواز أخذ الأجرة عن مدة الإجازة المرضية إذا كان الداعي لاستصدارها هو المرض , وإذا لم يكن المرض هو الداعي لها كان ذلك من أكل مال الناس بالباطل.
وقد قال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} .
فتجب التوبة منه إلى الله ورد المال المأخوذ إلى الجهة التي أخذ منها، وللأهمية راجعي الفتوى رقم: 80248
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(12/3180)
حكم تشغيل الأبناء نيابة عن آبائهم المسنين بدون علم جهة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسألكم وآمل الإجابة في أسرع وقت ممكن، أنا أعمل في إحدى القطاعات العسكرية، وأنا عريف، ويعمل تحت إدارتي ما يقارب عشرة أفراد. وسؤالي هو: أنني أترك بعض الأفراد الذين يعملون تحت إدارتي، أترك أحد أبنائهم بالقيام بالعمل عنهم، مع العلم أن ذلك في النظام ممنوع ومع العلم أيضا أن المسؤولين الذين هم أعلى مني لا يعلمون عن ذلك شيئا، ومع العلم أن الذين أسمح لهم بالسماح لأبنائهم بالعمل عنهم كبار في السن. هل في هذا إثم علي؟ مع العلم أنني سمحت لهم تقديرا لكبر سنهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قصدك تجنب المشقة على المسلمين والرفق بهم، وخاصة كبار السن منهم، فنسأل الله تعالى أن تشملك دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لمن ولي شيئا من أمر المسلمين فرفق بهم وعاملهم المعاملة الحسنة حيث قال: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به. رواه مسلم.
ولكن الرفق لا يجوز أن يكون على حساب العمل وما يضرُّ به أو يخالف النظام، والعقد الذي بموجبه توليت هذه المسؤولية، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} .
كما ينبغي أن لا يكون فيه الافتيات والتعدي على المسئولين، وتعريض نفسك للمخالفة التي تضرُّ بك. ومن هذا تعلم أن ما قمت به غير مباح. ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتويين: 31975، 103654.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(12/3181)
إذا شرط المؤجر على المستأجر ألا يؤجر العقار فهل يلزمه ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقتي تستأجر منزلا من مؤسسة للإيجار، هذه المؤسسة اشترطت عليها بأن تسكن هي في هذا المنزل، وليس لها الحق بأن تؤجرها للآخرين، لكن هذه الأخت لم تف بهذا وقامت بإيجاره لأسرة فقدت مسكنها، وهي تسكن في الحقيقة مع أمها، أخذت هذا المنزل فقط لتحصل على معونة من الشؤون الاجتماعية. بعد فترة علمت مؤسسة الإيجار بهذا، وقررت سحب المنزل من هذه الأخت، وأعطت مهلة وجيزة للأسرة بأن ترحل من هناك، فما حكم إن كذبت هذه الأسرة على المؤسسة بأن تلك الأخت تسكن هناك، ولا يدفعون لها ثمن الإيجار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه يحق للمستأجر أن يسكن غيره في المسكن الذي استأجره بشرط ألا يكون في ذلك زيادة ضرر بالمسكن، لكن اختلف العلماء في جواز ذلك إذا شرط المؤجر على المستأجر ألا يسكن فيه غيره ... جاء في الموسوعة الفقهية: إذا شرط المؤجر على المستأجر ألا يسكن غيره معه فالحنفية يرون أن الشرط لاغ والعقد صحيح، فله أن يسكن غيره معه، وذهب المالكية والحنابلة إلى اعتبار الشرط، فليس له أن يسكن غيره معه، إلا ما جرى به العرف. وذهب الشافعية إلى فساد الشرط والعقد.
والذي نراه راجحاً هو مذهب المالكية والحنابلة من اعتبار الشرط وهو اختيار ابن تيمية، وعلى ذلك فلا يجوز لهذه المرأة أن تسكن غيرها بالمنزل المؤجر، التزاماً بشرط المؤجر، وبناء على ذلك فلا يجوز لهذه الأسرة أن تكذب على المؤسسة، فإن الكذب حرام بلا شك، ولا يجوز إلا في حالات معينة للضرورة والمصلحة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 111035 وليس هذا منها، بل هذا من الإعانة على الإثم وأكل أموال الناس بالباطل، وذلك ما لا يليق بالمسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1430(12/3182)
القيمة الزائدة عن الثمن المحدد هل للعامل أخذها لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في متجر متعدد التخصصات يتوفر على محل لبيع مقتنيات الحاسوب والهواتف النقالة وكذا نادي الانترنت، أتقاضى أجرا هزيلا والحمد لله.....صاحب المحل يقول لي مثلا في سلعة من السلع أن أبيع ب 20 دولارا كحد أقصى وب 17 دولارا كحد أدنى وأنا غالبا ما أبيع إما ب 20 أو 18 فهل يجوز لي أن آخذ ما بين الثمن الأدنى والأعلى لخبرتي في البيع.
والسؤال الثاني هو أنني أعمل إلى حدود 11 ليلا في نادي الانترنت وذلك ما اتفقنا عليه أنا وصاحب المحل لكنني في الغالب أبقى إلى 12 ليلا فهل يجوز لي أن أقسم المدخول ما بين 11ليلا و12ليلا إلى نصفين وآخد النصف الذي سوف أشترك فيه أنا وصديق يعمل معي مع العلم أن صاحب المحل لا يحسب الساعات الزائدة في الأجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك في عملك هذا وكيل عن صاحب المحل مؤتمن على ما فيه مصلحته فلا يجوز لك الإخلال بمصلحته، ومن مصلحته الحصول على الزيادة المذكورة, فقد نص العلماء على أن الزيادة على الثمن المحدد للموكل كما في الفتوى رقم: 16386.
فأخذك لهذه الزيادة هي من أكل مال الناس بالباطل فيجب عليك التوبة منه ورد ما أخذت.
وما تقوم به من عمل خارج دوامك لا تستحق عليه شيئا إلا بالاتفاق مع صاحب المتجر, وقد ذكرت أنه لا يحسب الساعات الزائدة في الأجر مما يعني أنه لا يوافق على ما قمت به, فيجب عليك كذلك أن تتوب من أخذ أجر مقابل عملك خارج الدوام, وأن ترجع ما أخذت من أجر إلى صاحب المحل, وما وجب عليك يجب على صديقك.
وللأهمية راجع الفتوى رقم: 41417، والفتوى رقم: 117138.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1430(12/3183)
احتساب الأجرة في عقد الإجارة الفاسد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل صيدليا في مصر، وقد تعاقدت مع إحدى الشركات في السعودية للعمل بها، وقبل التعاقد قالوا إن الراتب مبلغ ثابت، ولكن تقوم الشركة بإعطاء عمولات على مبيعات الصيدلية تبلغ 1% ولكن عندما استلمت العقد قبل السفر لم أجد فيه النسبة محددة، ولكن قاموا بكتابة إن العمولات على حسب نظام الشركة، وعندما بدأت العمل في السعودية اكتشفت أنه لا بد أن تبلغ مبيعات الصيدلية مبلغا معينا يقومون بتحديده حتى يتم إعطاؤك هذه العمولة، وفي أول شهور العمل كنا نحقق المبلغ المطلوب، ولكن قامت الشركة برفع المبلغ المطلوب منا حتى يجدوا مفرا من دفع العمولات، لدرجة أن بعض زملائنا قاموا بتقديم استقالاتهم، وقامت الشركة بوقفهم عن العمل، ووقف الراتب وتحججوا أن مدة العقد لم تنته بعد، وأن عليك تحمل نفقات التأشيرة والإقامة وخلافه. فما الحكم في مثل هذا التصرف، فلا هم يعطوننا حقوقنا، ولا يدعوننا نرجع إلى بلادنا، فكيف لنا باسترداد حقنا المسلوب على مدار 5 شهور حتى الآن، ولا نعلم إلى متى سيستمر هذا الوضع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعاقد الذى تم بينكم وبين الشركة عقد اشتمل على غرر وجهالة في الأجرة، وهي جهالة أدت إلى نزاع وخصام، ومثل هذه الجهالة مفسدة للعقود، فالعامل في الشركة جمع بين أجرة معلومة ومجهولة، فلا يدري كم تبلغ أجرته.
قال المناوي في فيض القدير شارحا الحديث الذي رواه البيهقي في سننه: وفي الحديث (إذا استأجر أحدكم) أي أراد أن يستأجر (أجيرا فليعلمه) لزوما ليصح العقد (أجره) أي يبين قدر أجرته وقدر العمل ليكون على بصيرة ويكون العقد صحيحا، ونبه بذلك على أن من أركان الإجارة ذكر الأجرة وكونها مقدرة. انتهى.
وهذا الحديث له طرق كثيرة، لكن في رفعه مقال، وصح وقفه على أبي سعيد الخدري كما قال أبو زرعة، ومعناه صحيح. قال السرخسي في المبسوط عن الحديث: وهو مشهور تلقته العلماء بالقبول والعمل به. اهـ
وعليه، فالعقد فاسد، والإجارة فاسدة، ويجب فسخها فورا لا إلى حين انتهاء المدة، ويستحق الأجير فيها أجرة المثل أي أجرة أمثاله في مثل عمله، وإذا جحده أصحاب الشركة حقه (أجرة مثله) ولم يقدر على أخذها بطريق القضاء وأمكنه أن يظفر بها دون تعد جاز له ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(12/3184)
يجب على من استؤجر على عمل أن يقوم بما استؤجر عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: جزاكم الله خيراً على هذا الموقع المفيد، وأثابكم الله عن كل حرف نشرتموه حسنة، والله يضاعف الحسنات.. سؤالي هو: أنه في العمل لدينا عامل موكل له عمل يقوم به، لكن هذا الموظف (مواطن) يقوم بتحويل عمله إلى العامل الأجنبي لكي ينجزه بدلاً عنه، أما الموظف صاحب العمل والذي على أساسه تم توظيفه فإنه لا يقوم بعمله، وكلما طلبت منه شيئا يقوم بتحويله إلى العامل الأجنبي (مع العلم بأن العامل الأجنبي عمله يختلف تماما، عامل نظافة) ، ف ما رأي الشرع تجاه هذا التصرف، وماذا تنصحون من يفعل ذلك، ف أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى أمر بالوفاء بالعقود، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، والوجوب هنا لا فرق فيه بين مواطن وغير مواطن، فمن التزم شيئاً بموجب عقد صحيح شرعاً لزمه، فالواجب على العامل "المواطن" أن يقوم بالعمل الذي استؤجر عليه، ومعلوم أن الموظف ونحوه من الأجراء الخاصين إنما استؤجر ليقوم هو نفسه بالعمل لا أن يوكله إلى غيره، على خلاف الأجير المشترك الذي يتقبل الأعمال ويجوز له تقبيلها لغيره، ما لم يشترط في العقد أن يقوم بالعمل بنفسه، وراجع في هذا الفتوى رقم: 103713.
وعليه، فإذا امتنع الموظف عن العمل المنوط به لم يستحق الأجرة المسماة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1430(12/3185)
ترك العمل والسفر لعذر طارئ بدون علم صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تركت العمل لظروف طارئة، وعندما وصلت بلادي أخبرت صاحب العمل،لأنه سيؤخرني إذا علم قبل مغادرتي، وأسرتي تحتاجني في الوقت الحالي. ما حكم الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقد العمل من باب عقد الإجارة، وعقد الإجارة من العقود اللازمة التي لا يصح لأحد طرفيها الانفراد بالفسخ، وقد اختلف العلماء في فسخ الإجارة بالأعذار، ولبيان اختلافهم في ذلك راجع الفتوى رقم: 46107.
وبناء على الراجح من أن الإجارة لا تنفسخ إلا بالأعذار، فإن ما قمت به من ترك العمل دون إذن من صاحبه لا يجوز لأنه إخلال بعقد الإجارة اللازم، وقد أمر الله بالوفاء بالعقود، فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} فيجب عليك التوبة إلى الله، وإذا كان صاحب العمل سامحك بعد أن أخبرته لم تطالب بشيء.
وللأهمية راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 76170، 94959، 96812.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(12/3186)
من أدى عمله بالشكل المطلوب حل له راتبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مدرسا لمادة الفيزياء بإحدى المؤسسات التربوية، وأنا حريص على إتقان عملي، لكن أثناء دراستي بالثانوية وعند اجتياز البكالوريا ذهب أخي إلى أحد الكهان بأمر من الوالدة؛ ليساعدني هذا الكاهن في الحرص على المراجعة لأنني كنت غير مبال، فأحضر لي تمائم علقتها مدة ثم رميتها، ولم أنجح ذلك العام، وأعدت السنة ولم أذهب بعد ذلك إلى أي كاهن، فتحصلت على البكالوريا وسجلت بالجامعة فيزياء، لكني في العام الأول بالجامعة أوقع بي الشيطان فذهبت بنفسي إلى كاهن أخر، فأعطاني تميمة لأعلقها ليزداد حرصي على الدراسة وقال لي أغمض عينيك وضع أصبعك على ورقة فيها جدول أعدت ذلك عدة مرات حتى تشكلت لنا جملة قرأها هو: راك فيها بمعنى أنك ستبقى في دراستك، فعندما خرجت من عنده ندمت على ذلك العمل ولم أعلق تلك التميمة، وأقسمت أن لا أعود لأي فعل كهذا والحمدلله لم أذهب لأي كاهن ولن أذهب إن شاء الله، وأكملت دراستي. أنا موقن أن الكاهن ما فعل لي شيئا، وكان ذلك فضلا من الله علي، ثم باجتهادي، وكان سبب الذهاب قلة العلم الشرعي، لكن بعد أن التزمت بي وسواس أن مالي الذي أكتسبه حرام. فأرشدني يا شيخ فقد أفسد علي كل شيء- خاصة العبادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما المال الذي تكتسبه من عملك فهو حلال لا شك فيه، ما دمت تؤدي أمانة عملك.
وأما ما ذكرته من الذهاب للكهنة فهو من أعظم المنكرات؛ فإن طلب المعونة من الكهنة ينافي التوحيد، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28668. وقد سبق الكلام أيضا على التمائم، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4137، 51208، 28531.
وكفارة ذلك بالتوبة والاستغفار والإكثار من الطاعات، وليست هناك كفارة معينة، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 97367.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1430(12/3187)
ما يلزم إذا انهدم المسجد المبني في أرض مؤجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[الأرض المؤجرة لبناء مسجد إذا انهدم المسجد الذي بني فيها فما حكم تلك الأرض؟ مع الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستئجار الأرض للبناء عليها جائز؛ لأنه من جملة الإجارة المشروعة، قال ابن قدامة في المغني: وإن استأجر أرضا، صح ... ولا يصح حتى يذكر ما يكتري له من زرع أو غرس أو بناء. اهـ.
ولكن يشرط في ذلك أن تكون مدة الإجارة معلومة، فإذا لم تبين هذه المدة فالإجارة فاسدة مفسوخة.
قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استئجار المنازل والدواب جائز، ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة. اهـ. وراجع في ذلك فتوانا رقم: 48331.
إذا ثبت هذا، وكانت مدة إجارة الأرض للبناء معلومة، فبعد انتهاء المدة يحق للمالك استرداد العين المستأجرة. والتصرف في البناء فيه تفصيل يمكنك مراجعته في فتوانا رقم: 80227.
فإذا انهدم المسجد أثناء مدة الإجارة، فإن الأرض ترد لمالكها بعد انتهاء المدة، لأن الأرض ملكه، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: انتهاء مدة العقد في العقود المقيدة بمدة يثبت حق الاسترداد، ففي عقد الإجارة يكون للمؤجر أن يسترد ما أجره إذا انقضت مدة الإجارة. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1430(12/3188)
مسائل حول السيارة المؤجرة إذا تلفت بيد المستأجر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن إيجار السيارات:
أنا أملك مكتبا لتأجير السيارات، وفى حالة تأجير السيارة لشخص ما وعمل بها حادث عندها هذا الشخص مطالب بإصلاح السيارة وعلى حسابه الخاص، وعندما يحضر السيارة للمكتب نقوم بتقدير تكلفة السيارة قبل الحادث وبعد الحادث حيت أن سعر السيارة في السوق قد قل بسبب الحادث، فيدفع الفارق في سعر السيارة للمكتب، وكذلك يقوم بدفع قيمة إيجار الفترة التي تكون فيها السيارة في الورشة بنفس قيمة الإيجار اليومي المتفق عليه، ولا يتوقف الإيجار إلا بعد إكمال كافة الإصلاحات، وحتى تكون السيارة جاهزة للإيجار مرة أخرى. سؤالي: هل يجوز أخذ الفارق في سعر السيارة بعد إصلاحها؟ وكذلك هل يجوز أخذ قيمة الإيجار عن الفترة التي تكون فيها السيارة في الورشة بعد الحادث أم يتوقف الإيجار بمجرد وقوع الحادث أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن العين المؤجرة أمانة في يد المستأجر، والأمين لا يضمن إلا في حالة التعدي والتفريط ... والتعدي هو مجاوزة ما ينبغي الاقتصار عليه شرعاً أو عادة أو عرفاً، والتفريط هو ما يعد في عرف الناس تهاوناً في الحفظ والصون.
فهذا هو الأصل المعروف ومع هذا فثمت أمور أخرى توجب الضمان على الأمين مثل تطوع الأمين بالتزام الضمان بعد العقد ومثل ذلك المصلحة كمصلحة تضمين الصناع، كماقال الشاطبي: إن الخلفاء الراشدين قضوا بتضمين الصناع قال علي رضي الله عنه: لا يصلح الناس إلا ذاك ووجه المصلحة فيه أن الناس لهم حاجة إلى الصناع وهم يغيبون عن الأمتعة في غالب الأحوال والأغلب عليهم التفريط وترك الحفظ فلو لم يثبت تضمينهم مع مسيس الحاجة إلى استعمالهم لأفضى ذلك إلى أحد أمرين إما إلى ترك الاستصناع بالكلية.. وإما أن يعملوا ولا يضمنوا ذلك بدعواهم الهلاك والضياع فتضيع الأموال ويقل الاحتراز.. انتهى.
ومن أسباب تضمين الأمين التهمة.. ومعناها غلبة الاحتمال ورجحان الظن بشهادة العرف في كذب إدعاء الأمين هلاك الأمانة بدون تعد أو تفريط من قبله.. ومنها اشتراط الضمان على الأمين، وهذا محل خلاف عند العلماء، فالجمهور على أن اشتراط الضمان على الأمين باطل لمنافاته لمقتضى العقد وقالت طائفة إنه شرط صحيح.. وهو قول قتادة وعثمان البتي وداود الظاهري ورواية عن أحمد، وانتصر لهذا القول الشوكاني، جاء في المغني: وعن أحمد أنه سئُل عن شرط ضمان ما لا يجب ضمانه هل يصيره الشرط مضموناً فقال المسلمون على شروطهم.. انتهى.
فإذا تقرر هذا فإنه يجوز لمكاتب تأجير السيارات اشتراط ضمانها على المستأجر لعدة اعتبارات منها فساد الأمانة في هذا الزمان وصعوبة إثبات التعدي والتفريط من عدمها لأن السيارة يغيب بها المستأجر ويصعب في أحيان كثيرة إثبات تعديه وتفريطه، وإذا جاز تضمين الأمين بالتهمة كما هو عند المالكية في المشهور عنهم، فلأن يضمن بالشرط أولى لأن غالب الاشتراطات تكون للتهمة أصلاً، ثم إن المصلحة وصيانة أموال الناس اليوم تقتضي هذا الاشتراط.
وحيث قلنا بجواز تضمين مستأجر السيارة فإنه لا يضمن إلا المتلفات فيضمن مثل التالف إن كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل، وأما تضمينه أجرة المدة التي تبقى فيها السيارة في الورشة لإصلاحها فلا يصح.. لأن الإجارة تنفسخ بتلف العين المستأجرة سواء كان تلفها من قبل المستأجر أو تلفت بنفسها.
والله أعلم..
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(12/3189)
حكم تأجير الترخيص الممنوح من الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فلسطيني مقيم في إحدى الدول العربية، ممنوعون من العمل تبع الدولة، وليس لدي عمل، وأريد فتح محل تجاري، ولكن أحتاج إلى ترخيص لفتح المحل، لكن القانون لا يسمح لي بعمل ترخيص باسمي فيريد أحد المواطنين في هذه الدولة أن يعمل رخصة باسمه ويؤجرها لي، ولكن إذا عمل الترخيص باسمه فإنه سيحرم من التوظيف، فلذلك هو سيعمل الترخيص وسيخرج اسمه من منظومة الترخيص كي لا يحرم التوظيف. فما حكم هذا العمل علما بأنه إذا أخرج اسمه من المنظومة لن يضر بأحد سوى أنه لن يدفع الضرائب على الترخيص، ولن يحرم من التوظيف. أفيدونا أفادكم الله. أرجو من المشرفين على الموقع أعطاء السؤال للشيخ وعدم إرسال أجوبة مشابهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يقوم به هذا المواطن من إيجار الترخيص يدخل فيما يعرف عند الفقهاء المعاصرين بالحق المعنوي الذي يجوز الاعتياض عنه. وقد أجازالمجمع الفقهي نقله بالبيع أو الإجارة إذا سلم من الغرر والتدليس ومخالفة ولي الأمر.
فقد جاء في قرار صادر عنه: الصورة الأولى استخدام غير المواطن للترخيص صورة مستحدثة ليست من باب الكفالة المعروفة فقهاً، ولا هي من باب شركة الوجوه، وإنما هي حق معنوي يملكه المواطن بحكم القانون ثم ينقله لغيره بغير عوض، أو بعوض على سبيل البيع أو الإجارة. وهذا التعامل لا مانع منه شرعاً إذا انتفى الغرر والتدليس ومخالفة ولي الأمر. اهـ
وأما فيما يتعلق بعملك أنت بهذا المحل الذي لا تتوصل إلى العمل فيه إلا بإيجار رخصته من هذا المواطن، فإذا كان القانون لا يبيح ذلك فالأصل فيه التحريم لما فيه من مخالفة النظام الذي أشرت إليه، لكن إذا كنت مضطرا إليه فلا حرج عليك في الحصول على الرخصة بإيجارها إذا لم تجد طريقة غير ذلك، فقد قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ {الأنعام:119}
ويبقى الإثم على المؤجر، وننبه إلى أن الضرورة التي تبيح المحظور هي التي تؤدي إلى هلاك أو مشقة بالغة.
وللمزيد راجع الفتاوى تحت الأرقام التالية: 51382، 37966، 48131.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1430(12/3190)
حكم تأجير الدار لتستخدم كمدرسة للنصارى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من مصر ولدى منزل للإيجار، تقدم مجموعة من اللاجئين السودانيين النصارى لتأجير المنزل واستخدامه كمدرسة لتعليم السودانيين اللاجئين النصارى. فما حكم الدين في ذلك؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتأجير المسلم داره للنصراني جائز ما لم ينص في عقد الإجارة أو يعلم بالقرائن أنه سيتخدم الدار في ما يحرم شرعا.
جاء في مطالب أولي النهى: ولا تصح إجارة دار لتعمل كنيسة أو بيعه أو صومعة راهب أو بيت نار لتعبد المجوس أو لبيع خمر أو القمار ونحوه سواء شرط ذلك في العقد أو علم بقرينة لأنه فعل محرم فلم تجز الإجارة عليه.
وتأجير الدار كمدرسة للنصارى ينظر إن كانت المدرسة دينية فلا يجوز لأن تعليم الكفر ليس أقل من اتخاذ الدار كنيسة، وإن كان تعليما عاديا فلا بأس.
وإن كان مختلطا لم يجز لكون الاختلاط محرما والكفار مخاطبون بفروع الشريعة على الراجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1430(12/3191)
المسلم يؤدي واجبه في العمل وإن قصر غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[زميل لي في العمل كثيرا ما يتحدث عن نفسه أمام الزملاء، ومن خلفهم أيضا بأنه هو أكثر من يعمل في القسم، ملمحا بذلك إلى تقصير الزملاء سواء قاصدا التلميح أو غير قاصد، كما أنه دائما يقول في حضرة رؤساء العمل فلان يستأذن كثيرا، وفلان يأتي متأخرا، وفلان يعمل ببطء، وفلان لا يبذل كل ما عنده في العمل، وفلان ينصرف من العمل مبكرا، وفلان ... هلم جرا. وبهذا الأسلوب بالطبع يرتفع شأنه في العمل، وينحط شأن الآخرين، قاصدا أو غير قاصد (كما يدعي) وكثيرا ما نصحته أن هذا لا يجوز، وكثيرا ما يرد علي: وهل يجوز التقاعس في العمل؟ فأرد عليه بأنه عليه الاجتهاد في العمل دون الإضرار بالآخرين أو تقليدهم في التقاعس، والعمل سينتهي سينتهي، ولا شأن لك بهم خصوصا أن العمل يقع تحت أعين المسؤولين، لأنك غير مسؤول عن عملهم، كما أنك غير مسؤول عن نقل هذه الصورة عنهم للمسؤولين، مما يتسبب في الإضرار بهم والتسبب في قطع أرزاقهم، ولكن ما زال مصرا على الأسلوب، فهل يجوز هذا شرعاً؟ وهل أعمل مثلهم من البطء في العمل والانصراف مبكرا والحضور متأخرا أسوة بالجميع،علما بأن المسؤول على علم بهذا، وهو معنا يعرف كل كبيرة وصغيرة؟ أفتونا أفادكم الله مع توجيه رسالة للأخ الزميل. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الزميل يذكر أخطاء زملائه لرئيسه، لمنعهم منها فذلك جائز على أن يقتصر على قدر الحاجة، وكان ينبغي أن يحذرهم قبل التبليغ عنهم، أما إذا كان يذكر ذلك لمجرد الإضرار بهم فذلك غير جائز.
وأما عن كونك تريد أن تقلد زملاءك في مخالفاتهم في العمل، فذلك غير جائز، لأن العامل يجب أن يلتزم بمواعيد العمل المتفق عليها، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 13141.
لكن إذا كان صاحب العمل راضياً بذلك فلا حرج، والمقصود بصاحب العمل، مالك المؤسسة أو من يفوضه في هذا الأمر، وليس مجرد الرئيس المباشر، فإذا لم يكن الرئيس المباشر مفوضاً بالتجاوز عن مثل هذه الأمور فلا اعتبار لعلمه ورضاه بتلك التجاوزات، والواجب على المسلم أن يؤدي واجبه، وإن قصَّر غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(12/3192)
حكم استئجار الأجير غيره ليعمل فيما استؤجر عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[زميلي يتصل به أحد الأشخاص لإعطائه عملا مقابل أجر كترجمة بعض الأوراق أو تصحيحها، فيعطيها لي أو لغيري لعملها ويأخذ نسبة من الأجر. فهل تجوز له هذه النسبة شرعاً؟ وهل مجرد إرشادي لشخص ما على مكان عمل أو معاونته على الالتحاق بعمل ما مسوغ شرعي لأخذ المقابل منه لذلك، سواء مالا أو غيره؟
وهل هذا ينافي الرجولة والمروءة وغيرها من صفات المؤمن؟
أفتونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للأجير أن يؤجر غيره إذا لم يشترط مؤجره عليه أن يتولى العمل بنفسه.
جاء في الهداية: وإذا شرط على الصانع أن يعمل بنفسه فليس له أن يستعمل غيره؛ لأن المعقود عليه العمل في محل بعينه فيستحق عينه كالمنفعة في محل بعينه، وإن أطلق له العمل فله أن يستأجر من يعمله لأن المستحق عمل في ذمته ويمكن إيفاؤه بنفسه وبالاستعانة بغيره بمنزلة إيفاء الدين. اهـ
وبناء على ذلك، فلزميلك أن يتفق مع شخص آخر ليقوم بما استؤجر هو عليه مقابل أجرة أقل من الأجرة التي دفعت إليه إذا لم يشترط عليه أن يتولى العمل بنفسه.
وأما بخصوص سؤالك الأخير فإن ما ذكرت يسمى دلالة وسمسرة، وللقائم أجرته المتفق عليها شرعا، وإن كان الأفضل أن يقوم بذلك دون مقابل. وإذا كان أخذ هذه الأجرة مستقبحا عرفا في بلد كان ذلك من خوارم المروءة. وإذا لم يكن مستقبحا لم يكن منها، فالمدار في ذلك على العرف.
وللأهمية راجع الفتاوى: 50615، 51386، 114912.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1430(12/3193)
صرفت له رواتب بأثر رجعي قبل التحاقه بالعمل فما حكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أنا مواطن ليبي طلبت من أحد الأشخاص العاملين بالقطاع العام فى الجماهيرية الليبية تعيين فى وظيفة بالدولة، وهذا الشخص صديقه المقرب هو مدير المركز الوطني للتأهيل المهني فى المنطقة، وقام بإكمال تعييني فى هذا المركز، وذلك بإدراج اسمي عن طريق صديقه (المدير) فى التعيين بتاريخ رجعي، وتم التعيين ونزلت فى حسابي رواتب تلك الشهور الرجعية، وبدأ المرتب ينزل كل شهر، علماً بأن المركز الوطنى يمنح هذه الرواتب لكل التابعين له دون عمل لحين إحالتهم لإحدى الجهات المتخصصة أو التي تحتاج لموظفين أي أن الرواتب تعطى بدون مقابل عمل لكل الذين يتبعون للمركز (نظام متبع فى ليبيا) ، وعلما بأن الشخص الذي ساعدني فى ذلك لم يطلب مني مقابلا ولا رشوة.. والسؤال هو: هل هذا التعيين الذي نزل باسمي والمرتبات التي نزلت فى حسابي ومرتبي الشهري حلال أم حرام، علما بأن الوظيفة هنا كلها تحصل عليها بالمعرفة والأصحاب والواسطة، وإذا كانت ليست حلالاً فما الحل، علما بأن المرتب لن يتوقف لأنه نزل باسمي ولا أستطيع إيقافه لا أنا ولا المدير. وأيضا أن تركته كذلك قد يستغله إخوتي أو أصدقائي وأنا الأولى به فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان واقع المركز المذكور هو أن يصرف رواتب للموظفين من تاريخ تعيينهم حتى ولو لم يمارسوا عملاً فعلياً فلا مانع من أخذ هذه الرواتب؛ لأن الأجير الخاص ومنه الموظف يستحق الأجرة المتفق عليها ولو لم يعمل إذا كان باذلاً نفسه للعمل.
وأما إذا كانت المسألة محاباة من قبل المدير، وصرفت الرواتب بدون وجه حق، فلا يجوز للسائل تملك هذه الرواتب، وترد إلى الجهة المعنية إن أمكن، وإلا صرفت في وجوه البر ومنافع المسلمين.
وأما عن التوسط في الحصول على عمل مباح فهو مندوب شرعاً لما فيه من إعانة المسلم وقضاء حاجته، بشرط أن لا يكون في إبطال حق الآخرين أو إيصال حق لمن لا يستحقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1430(12/3194)
حكم ترك العمل في بعض الأيام لوجود عوائق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أستأذ بالمغرب، أعمل بالبادية بعيدا عن محل السكن بـ 130 كلم، وليس هناك كهرباء بمقر العمل ولا ماء فبعض السكان يحضرون لي الماء بسيارتهم من بعد 20 كلم، وهناك جمع 4 مستويات في قسم واحد إلى غير ذلك من المشاكل، لذا لا أستطيع أن أعمل كل الأيام المحددة في استعمال الزمان، فهل علي من إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكمك في هذا العمل حكم الأجير الخاص فيجب عليك أن تلتزم بما تم الاتفاق عليه من العمل، وإن كان ما ذكرته من العوائق يمنع استمرارك في العمل في كل المدة المتفق عليها فيجب عليك إخبار المسؤولين بذلك، فإن أذنوا لك في ترك العمل في بعض الأيام فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(12/3195)
حكم أخذ العامل عمولات مقابل ما اقتطع من راتبه ظلما
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بالتعاقد مع رجل أعمال في دولة عربية براتب معين والتزمت بكافة الشروط إلا أن صاحب العمل لم يلتزم بالراتب وقام بقطع ربع الراتب تقريبا فما الحكم إذا أخذت ما نقص من راتبي فى صورة عمولات من العملاء دون الضرر بمصلحة صاحب العمل، مع العلم بأنني طالبته براتبي أكثر من مرة ومع العلم بأن الراتب الذي أحصل عليه لا يكفي لمصروفات الشخص العادي وإيجار مسكنه ومصروفات أولاده وأهله، ومع العلم بأن هذا الشخص إذا علم بهذا العمل سيقوم بإيذائي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على صاحب العمل تسليم الأجرة كاملة غير منقوصة للعامل إذا وفى بعمله، وإذا امتنع أو جحد أجرته أو بعضها فللعامل الحق في شكايته ومقاضاته إلى من ينصفه، فإن لم يك ذلك ممكناً جاز له الاستيلاء على مال صاحب العمل بقدر حقه، وحقه هنا هو أجرته المتفق عليه فقط بغض النظر عن قلتها أو كثرتها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28871.
وأما التوصل إلى هذا الحق بأخذ عمولات من العملاء فينظر إن كانت هذه العمولات لازمة للعملاء بموجب العقد (بيعاً، شراء) فهي من مال صاحب الشركة، وقد سبق حكم الأخذ من ماله في مسألة الظفر المذكورة في الفتوى المحال عليها ... وإما إن كانت غير لازمة للعملاء فلا يجوز للعامل أخذ شيء منها لأن حقه عند صاحب العمل وليس العملاء، علماً بأنه إذا انقضت مدة الإجارة التي اتفق فيها على الأجرة السابقة فليس للعامل عندئذ إلا أن يتوقف عن العمل أو يرضى بالراتب الجديد الأقل من الراتب الأول، وإن لم يتوقف فإنه يعتبر راضياً موافقاً على الراتب الجديد وعليه فلا يجوز له أخذ ما زاد عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(12/3196)
إضاعة الوقت أثناء العمل في غير المصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة كلفت بإنجاز مشروع; لم يحددوا أجل إتمامه فتهاونت في إنجازه، مشكلتي تكمن في أنني مريضة بالدردشة الإلكترونية منذ 7 أشهر، وفي بعض الأوقات أمضي جل وقتي في العمل قي مواقع الدردشة، أصبحت أشك في مالي هل هو حلال أو حرام، أحاول الآن أن أعمل حتى في البيت لأكفر عن ذنبي، هل مالي حرام أم حلال، ما العمل للتوبة من هذا الذنب؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تفعله السائلة أثناء العمل من إضاعة جل وقتها في الدردشة يعتبر أمراً محرماً شرعاً؛ لأن منافعها في هذا الوقت مملوكة للشركة التي تعمل بها، وسواء حددت الشركة مدة للانتهاء من المشروع أو لم تحدد، فالموظف في هذه الشركات أجير خاص وليس أجيراً مشتركاً، فالواجب عليها التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن إضاعة الوقت أثناء العمل، وبالنسبة لما تستحق من راتبها تراجع بشأنه الفتوى رقم: 101324.
وعملها في البيت لا يغني عنها شيئاً إلا باتفاق مع جهة العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(12/3197)
حكم صيانة الموظف لبرامج يشتريها العملاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركه تقوم بعمل البرامج للقطاعين العام والخاص وتقوم ببيع هذه الأنظمة للعملاء ولا يحق للعميل تملك البرنامج قبل الانتهاء من تسديد كامل المبلغ وبعد تسديد كامل المبلغ فالعميل في هذه الحالة يكون متملكا للبرنامج ومن حقه عدم تجديد عقد الصيانة مع الشركة سؤالي جزاكم الله خيرا هل لو قمت بدعم هولاء العملاء بعد تسديد كامل قيمة البرنامج وأصبح ملكا لهم ولم يجددوا عقد الصيانة فهل يحق لي أن أدعمهم مقابل مبالغ آخذها لنفسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد بدعم العملاء صيانة برامجهم فلا مانع من صيانة هذه البرامج إذا كان هذا خارج دوامك الرسمي.
أما أثناء الدوام فلا يجوز لأن منافعك في هذا الوقت مملوكه للشركة التي تعمل بها، مع ضوابط أخرى لجواز هذا العمل راجعها في الفتوى رقم: 115333.
وراجع في عدم نقل ملكية المبيع إلى المشتري إلا بعد سداد كامل الثمن الفتوى رقم: 112599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(12/3198)
حكم تأجير العقار لشركة متخصصة في الدعاية والإعلان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في التأجير لشركة محلية (من ليبيا) متخصصة في الدعاية والإعلان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الإعلانات التي تقوم بها الشركة المذكورة مباحة بأن تكون عن أشياء مباحة كالإعلان عن السلع والخدمات التي أحلها الشرع فلا حرج في الإيجار لها, وإن كانت تقوم بالإعلان عن أشياء محرمة كالإعلان عن البنوك الربوية أو مؤسسات القمار لم يجز الإيجار لها لما في ذلك من الإعانة على الإثم, وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. {المائدة:2} .
قال في مطالب أولي النهى: وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ دَارٍ لِتُجْعَلَ كَنِيسَةً أَوْ بَيْعَةً أَوْ صَوْمَعَةً، أَوْ بَيْتَ نَارٍ لِتَعَبُّدِ الْمَجُوسِ، أَوْ لِبَيْعِ خَمْرٍ وَقِمَارٍ.
وللأهمية راجع الفتوى رقم: 19202، والفتوى رقم: 37317.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(12/3199)
حكم التبرع بالدم أثناء وقت العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بالتبرع بالدم أثناء وقت العمل فهل هذا حرام ولن اؤجر عليه؟ وإذا كان كذلك فماذا أفعل للتكفير عن هذا الإثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت الأجير الخاص ملك لجهة العمل، فلا يحق له أن يعمل في أوقات الدوام لغير صاحب العمل إلا بموافقته، ويستثنى من ذلك ما استثناه الشرع كالصلوات الخمس مع شروطها وسننها المؤكدة، أو ما استثناه العرف كأوقات الأكل والشرب وقضاء الحاجة ونحو ذلك، أو ما استثني بشرط، فلا يجوز لك القيام بالتبرع بالدم أثناء وقت العمل مالم يأذن لك رب العمل في ذلك إذنا صريحا أو ضمنيا، كأن يكون عندك علم بأنه لا يمانع من ذهابك. وسبق بيان ذلك في الفتاوى الآتية أرقامها: 95084، 105711، 106045.
والتبرع بالدم أثناء وقت الدوام إذا ترتب عليه تضييع وقت لا يجوز إلا بإذن جهة العمل، ومن حق جهة العمل أن تنقص من أجرتك بقدر الوقت الذي أنفقته في غير العمل، فعليك أن تستحل أصحاب العمل في هذا الوقت، وإن أرادوا أن يخصموا من أجرك بقدر ذلك الوقت فلهم ذلك.
وراجع للفائدة حكم التبرع بالدم في الفتاوى الآتية أرقامها: 5090، 7020، 17679، 95372.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1430(12/3200)
يعمل بغير أجرة فهل له أن يأخذ مالا بدون إذن
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا محل في المنزل ويوجد معنا شريك في هذا المحل، وأنا أعمل في المحل ولا آخذ أجرا على هذا العمل وأنا طالب جامعي وأحتاج مصاريف. السؤال هو أني آخذ مبالغ من الإيراد اليومي يعنى لو كسب 20.75 آخذ 25 قرشا وأسجل في الكشف 20.50 أو ممكن 2 جنيه وهي مبالغ صغيرة ولكني أخشى أن أقع في معصية الله وخيانة الأمانة. فهل يجوز لي أن آخذ هذه المبالغ أم تعتبر سرقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك وعلى صاحب المحل أن يكون هناك اتفاق بينكم على العمل وعلى الأجر، ومن أحكام الإجارة الرئيسة والتي تقطع النزاع والخلاف معلومية الأجرة قبل الشروع في العمل.
وإذا عمل الشخص لغيره عملا فإنه لا يستحق الأجرة عليه إلا أن يكون قد اشترطها أو جرى بها عرف، وفي غير ذلك إنما يعتبر متطوعا بعمله، فإذا لم يتم التعاقد مع صاحب المتجر على أجر، ولم يجر عرف به فإن أخذ المال دون علم صاحبه يعتبر سرقة، ويجب التوبة منها، ورد جميع ما كان قد أخذه من المال، أو يستحل منه صاحبه.
فإن كنت ممن تعمل بالأجرة لمثل أصحاب هذا المحل عادة فلك أجرة المثل. وإن لم تكن كذلك فليس لك شيء، لأنك متبرع بعملك، وإذا تقرر لك حق ولم يقبل أصحاب المحل بصرفه لك فمن حقك أخذه دون علمهم، وهو ما يسميه الفقهاء بالظفر بالحق، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 28871.
وإذا لم يكن لك حق في هذه المبالغ فبادر بردها.
ونذكرك بما رواه الإمام أحمد في مسنده عن سَهْلِ بن سَعْدٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، كَقَوْمٍ نَزَلُوا في بَطْنِ وَادٍ فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حتى أنضجوا خُبْزَتَهُمْ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بها صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ. وإسناده حسن كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري. ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 77130، 97826 , 98966، 111226.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1430(12/3201)
نظام الإيجار القديم في منظار الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب فى التاسعة والثلاثين من العمر متزوج ولى من الأبناء اثنان أعيش مع زوجتي وأبنائي فى شقة إيجار لمدة ستين عاماً، عند بدء التعاقد على إيجار الشقة كان محتما سداد مقدم إيجار بقيمة خمسة وعشرين ألف جنيه مصري إلى صاحب المنزل وبالفعل تم سداد ذلك المبلغ وقد ساهمت زوجتي بنصفه (12500 جنيها) ، وذلك لتعذر الحال وقتها بعد إتمام باقي نفقات الزواج، بعد ذلك طلبت مني زوجتي أن أغير عقد الإيجار باسمها حفاظا على حقها في ما ساهمت به في مقدم الإيجار وقد تم ذلك بالفعل لكي أرضيها ولا أجعل في نفسها أي خوف أو قلق، وبالتالي أصبح عقد إيجار الشقة باسمها مما يترتب عليه طبقا للقانون المدني أن أترك لها الشقة في حالة الطلاق والانفصال لا قدر الله ... يعيش والدي بمفردهما بعد أن تزوجت أنا وسائر أخواتي فى شقة بمنطقة أرقى بكثير من التي أسكن بها وهي شقة بنظام الإيجار القديم وهو عبارة عن 13 جنيه لا غير وهو طبعا مبلغ زهيد جداً بالنسبة لقيمة هذه الشقة التي قد تتجاوز النصف مليون جنيه اليوم نظراً لموقعها ومساحتها ولكن هذا هو الإيجار الذي استأجرت به الشقة منذ أكثر من ثلاثين عاما، وطبقا للقانون المدني والذي ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر بشأن العقارات فإنه يجيز لورثة المستأجر من أبنائه أو زوجته أن يستمروا فى الإقامة بالشقة وينتقل عقد الإيجار إليهم رغما عن المالك إذا ثبت أنه كان يقيم مع المستأجر الأصلي قبل وفاته بعام على الأقل وأنه لا يمتلك أي مسكن آخر يأوي إليه.
ولذلك فأني أفكر مليا أن أقوم أنا وأسرتي بالانتقال إلى مسكن والدي في حال وفاة أحد والدي لسببين: أولهما: أن أقوم برعاية من يتبقى منهما على قيد الحياة وخاصة أنهما قد تجاوزا السبعين من العمر (أطال لي الله فى عمرهما) ، أما السبب الآخر: وهو موضوع سؤالي هو الحفاظ على الشقة من صاحب المنزل الذي سوف يقوم بإستردادها في حالة وفاة والدي دون إقامتي معهما، سؤالي هو هل يحق لي أن أقدم على هذا الفعل بغرض أن ينتقل عقد الإيجار إلي بنفس القيمة الزهيدة رغما عن المالك طبقا لما يمليه القانون، وهل هذا القانون من الإسلام في شيء بأن أرث شيئا مستأجرا وليس بمملوك، وهل إن قمت بهذا بالفعل أكون قد اغتصبت حقاً للمالك مستندا على قانون موضوع من فعل البشر، علما بأنني أمتلك شقة صغيرة ولكن تقع خارج كردون المدينة بحوالي خمسة وعشرين كيلو مترا في منطقة نائية جداً يصعب الإقامة بها بشكل كبير لندرة الخدمات بها وكذلك احتياجها إلى سيارة لعدم انتظام المواصلات منها وإليها، فأرجو الإفادة من سيادتكم في أقرب وقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يسمى بنظام الإيجار القديم من العقود الباطلة شرعاً، فالواجب في عقد الإجارة بيان المدة، قال ابن قدامة في المغني: الإجارة إذا وقعت على مدة يجب أن تكون معلومة كشهر وسنة، ولا خلاف في هذا نعلمه، لأن المدة هي الضابطة للمعقود عليه، المعرفة له فوجب أن تكون معلومة. انتهى.
ومن أهل العلم من يرى صحة العقد مشاهرة، أي أن لكل شهر كذاً ... دون تحديد مدة، وفي هذه الحالة يحق لكل من المتعاقدين فسخ الإجارة متى أراد.. فالقانون المذكور لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً، وما كان من العقود خالياً من بيان المدة ولم يكن مشاهرة وجب فسخه، ورد العين المستأجرة إلى المالك ودفع أجرة المثل خلال مدة استخدامها إلا إذا تنازل عنها المالك، فلا يجوز لك أن تقيم مع والدك في الشقة المذكورة بل يجب على والدك رد هذه الشقة إلى مالكها، وعليك الاجتهاد في بر والديك بما تقدر عليه وبما لا يخالف الشرع.
علماً بأن إجارة الدور المحددة بزمن معين لا تنتهي بموت المستأجر قبل انتهاء المدة المذكورة على المذهب الراجح وهو مذهب جمهور العلماء، وإنما تظل باقية يرثها ورثته من بعده، وذلك لأن المنفعة مال وقد ملكها المستأجر بالعقد فتورث عنه إذا مات، وذهب الحنفية إلى أن الإجارة تنتهي بموت المستأجر، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43041، 43972، 58077، 103971.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1430(12/3202)
حكم تأجير الغرف المستأجرة بدون إذن المستأجر
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الكرام أنا مسؤول عن حجز وعن إدارة الاستقبال بفندق ببلد عربي وأريد أن أسأل عن حكم موضوع وهو أن هناك عقودا بين الفندق وبين بعض الشركات على حجز عدد معين من الغرف ولمدة معينة على أن تكون محجوزة ومدفوعة الفترة كلها المتفق عليها لصالح الشركة شاغرة كانت أو مشغولة حتى يتسنى للشركة أن تسكن موظفيها في الفندق في أي وقت شاءت، وذلك لأن هناك ضغط حجز شديد في البلد وذلك لقلة الفنادق الجيدة وكثرة الطلب، ولكن الشركة ترسل (فاكس) مسبقا بالحجز فالذي يحدث أن هذه الغرف أحيانا يتم تسكينها لصالح أشخاص وجهات أخرى في الأيام التي لا يكون فيها حجز للشركة المتعاقدة أي أن الغرفة الواحدة تم دفع قيمتها مرتين مرة من الشركة المتعاقدة ومرة من جهات أو أشخاص آخرين وذلك يتم بطلب من المدير العام للفندق أي أنني أترك الغرفة للشركة المتعاقدة ولكن المدير العام يأتي وينظر ويحقق في ملف الحجز أو يسألني إن كان للشركة المتعاقدة حجز أم لا حتى يستطيع أن يبيع الغرفة لآخرين.
فما حكم عملي بهذا الفندق وهل علي ذنب أم لا؟ الرجاء الإجابة حتى يطمئن قلبي حيث إنني أشعر بالذنب تجاه ذلك الموضوع وأريد أن أطيب مطعمي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقد الإجارة عقد لازم لكلا الطرفين بموجبه يملك المؤجر الأجرة والمستأجر المنفعة، ويتصرف كل بما يملكه من ذلك، ولا يجوز لغيره التصرف فيما يملكه إلا بإذنه.
وبناء على هذا، فلا يجوز لمدير الفندق المذكور أن يؤجر غرفة أو غرفا أجرها لغيره ما دامت مدة الإجارة سارية إلا إذا أذن له مستأجرها بذلك؛ لما في ذلك من أكل مال الناس بالباطل، وقد قال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة188} .
ولا يجوز لك مساعدة المدير على إبرام عقد جديد على تلك الغرف لما في ذلك من الإعانة على الإثم، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}
ولا حرج عليك في العمل فيما عدا ذلك في هذا الفندق من كل ما لا علاقة له بالمحرمات شرعا كتقديم الخمر.
وللأهمية راجع الفتويين: 62863، 98551.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1430(12/3203)
هل يجب على أصحاب المتاجر دفع أجرة الحراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك متجرا في في حي تجاري وقد جرت العادة أن يكلف أصحاب هذه المتاجر شخصا يقوم بالحراسة ليلا مقابل أجرة يجمعها من الجميع غير أني ومنذ مدة طويلة ولأن أحداث سرقة تكررت في تلك الفترة قررت أن لا أدفع هذا المعلوم لأي كان وأعلنت ذلك على الملأ غير أنه في الآونة الأخيرة وقع تعيين حارس جديد وجاء يطالبني بدفع القسط المترتب علي فرفضت وأخبرته بما قلت آنفا وأن هذا الأمر ليس متعلقا به هو شخصيا بل هو قرار اتخذته منذ زمن طويل فغضب واتهمني بأكل أموال الناس بالباطل بدعوى أنه يحرس كامل المنطقة بما فيها متجري ولا يستطيع أن يغمض عينيه عنه ويحرس المتاجر التي تجاوره والواقع أني أخاف أن يكون محقا في مطالبته لي وأن أكون بالفعل آكلا لعرق جبينه.
فأفتوني في أمري هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر -والله أعلم- أنه يلزم الأخ السائل نصيبه من أجرة هذا الحارس لأنه منتفع بهذا العمل.
جاء في درر الحكام: إذا استأجر رئيس سوق أو السواد الأعظم من أهله حارسا لحراسته جاز ولزمته الأجرة على الكل ولو لم يرض به بعض أهل السوق. انتهى.
وليعلم الأخ السائل أن الحارس يضمن ما سُرِق من المحلات إذا حصلت السرقة بسبب تفريطه في عمله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1430(12/3204)
وقت الأجير ملك لجهة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مؤسسة حكومية في طباعة أوراق خاصة بالمعاملين وتوقيعها ولكن يتوجب على المعامل أن يقوم ببعض الإجراءات قبل أن يأتي إلي لأطبع له أوراقه، ولكن بعض المتعاملين بسبب انشغالهم يطلبون مني أن أنوب عنهم في إتمام معاملاتهم ثم أواصل عملي المعتاد وأطبع لهم أوراقهم وأوقعها وأعطيها لهم، فهل يجوز لي أخذ مال من المعاملين كأجر لأن أنوب عنهم في إتمام معاملاتهم (التي هي خارج مهمتي) دون أي طلب مني للمال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكمك حكم الأجير الخاص، ووقت الأجير الخاص ملك لجهة العمل، فلا يحق له أن يعمل في أوقات الدوام لغير صاحب العمل إلا بموافقته، ويستثنى من ذلك ما استثناه الشرع كالصلوات الخمس مع شروطها وسننها المؤكدة، أو ما استثناه العرف كأوقات الأكل والشرب وقضاء الحاجة ونحو ذلك، أو ما استثنى بشرط فلا يجوز لك القيام بهذه المعاملات وأخذ أجر على ذلك في وقت الدوام، إلا بإذن جهة العمل.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 68664، 95084، 105711، 106045، 112296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1429(12/3205)
بيع البيت المؤجر وهل للمستأجر منع المالك من دخوله
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني أنا أعمل بالمجال العقاري في بلدي السعودية وقد قمت بشراء فيلا بقصد بيعها حيث الفيلا مؤجرة من قبل مالكها السابق وأنا أعلم أنها مؤجرة، أتاني مشتر يريد شراء الفيلا مني وعندما أخبرت المستأجر بذلك رفض أن يدخل المشتري الجديد للفيلا وقال لن يدخلها أحد حتى انتهاء العقد بعد ثمانية أشهر مما تسبب في تعطيل مصلحتي بعد ذلك اكتشفت أن العقد بين المستأجر وبين المالك السابق منته وأن العقد موقع من طرف واحد ألا وهو المالك السابق حيث إن المالك السابق يسكن خارج المدينة التي توجد بها الفيلا والمستأجر يقوم بإيداع كامل الإيجار عن كل سنة في البنك لحساب المالك حيث كتب المالك السابق عقدا من طرفه فقط ووقع عليه هو وأرسله للمستأجر بالفاكس ومدة العقد سنة واحدة من عام 1997م وقابل للتجديد لمدة ثلاث سنوات أي ينتهي في عام 2001م أي قبل 7 سنوات تقريبا السؤال هنا هل العقد منته، هل العقد في الأصل باطل لأنه من طرف واحد، علما بأني لم أنكر حق المستأجر وعرضت عليه مبلغ الإيجار المتبقي من المدة مقابل خروجه ولكنه رفض فأرجو منكم توجيهي لكي لا يضيع لي حق، شاكرا تعاونكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال في أكثر من نقطة.
الأولى: بيع العقار المؤجر وهو جائز ولا يفسخ به عقد الإجارة، وليس من حق المالك ولا المستأجر الجديد إخراج المستأجر قبل انتهاء المدة، وراجع للمزيد في هذا البيع الفتوى رقم: 111161.
الثانية: حكم منع المستأجر مالك البيت من دخوله.. والجواب والله أعلم أنه إذا لم يكن على المستأجر ضرر في دخول المالك والمشتري للبيت من أجل معاينته فليس له أن يمنعه، وذلك لأن المستأجر وإن كان يملك المنفعة وهو الذي يستأذن لدخوله، لكن المعاينة إذا لم يترتب عليها ضرر من حق المالك، إذ له أن يبيع البيت وهو مؤجر، واستيفاء هذا الحق قد يتوقف على دخول البيت ومعاينته، ولا ينبغي للمستأجر منع المالك والراغب في الشراء من الدخول إلى العقار، ولأن ذلك ينفع المالك ولا يضر المستأجر، وفي الحديث: من ضارّ أضر الله به ومن شاق شق الله عليه. رواه أحمد.
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره. وتراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 10851.
الثالثة: بالنسبة للعقد من طرف واحد أو بالمعنى الصحيح الإيجاب من طرف واحد إذا صادف قبولاً من الآخر حصل العقد، وعليه فإذا أرسل المالك العقد مقترناً بالإيجاب إلى المستأجر فوافق المستأجر على ما فيه انعقدت الإجارة.
الرابعة: إذا ثبت أن مدة العقد انتهت ولم يحصل تجديد بتراضي الطرفين فلا حق للمستأجر في البقاء في العقار إلا بعقد جديد مع المالك الجديد وللأخير أن يشكوه إلى من يلزمه بإفراغ العقار.
الخامسة: في مدة العقد إذا أراد المالك إخراج المستأجر مقابل مبلغ يدفعه فلا مانع من ذلك إذا تراضياً.. وراجع في بدل الخلو الفتوى رقم: 8584.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1430(12/3206)
خفضت أجرتهم ثم صرفوها كاملة بالخطأ فماذا عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[صاحب شركة سعودي أحضر عمالا من الخارج وتعاقد معهم بأربعة آلاف ريال شهريا لمدة سنتين، وبعد مضي ستة أشهر ادعى الرجل لا ندري صدقه من كذبه أن العمل تدهور معه ولا يستطيع أن يدفع إلا ثلاثة آلاف في الشهر، فقبل العمال من باب أنهم مغلوبون على أمرهم، ولكن الشركة في نهاية العقد صرفت لهم المعاشات أربعة آلاف ريال شهريا بطريق الخطأ، فأخذ العمال المال وسافروا إلى بلادهم، ما تقولون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أجرى صاحب الشركة عقد إجارة مع هؤلاء العمال لمدة سنتين على أن يدفع لهم في كل شهر أربعة آلاف ريال فهذا العقد لازم ويجب عليه دفع كامل الأجرة في كل المدة ما دام العمال باذلين أنفسهم للعمل حسب الاتفاق، وامتناع صاحب الشركة عن دفع الأجرة كاملة بحجة تدهور العمل ليس بعذر لكن إن قبل العمال العمل بالأجرة الجديدة بدون إكراه فهذا يعد منهم إقالة، والإقالة معناها فسخ العقد من أحد المتعاقدين بعد طلبه للآخر أو هي عبارة عن تراضي الطرفين على حل العقد السابق.
جاء في كشاف: وتصح الإقالة في الاجارة كما تصح في البيع. انتهى.
وعلى هذا إذا لم يرض العمال يإقالة صاحب الشركة فالإجارة الأولى باقية على حالها ويستحقون ما أخذوه ولو كان دفع لهم بطريق الخطأ، وإن كانوا قبلوا ذلك فليردوا ما زاد على الأجرة الجديدة إلى صاحب العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1429(12/3207)
الطريقة الشرعية للاستئجار في مثل حالة السائل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لفضيلتكم يا شيخ عن معاملة مالية متعلقة بإيجار العقارات فأرجو الإجابة عليها بأسرع وقت ممكن إذا تكرمتم وجزاكم الله خيرا وغفر لكم ولوالديكم..
الفكرة العامة: يتم الاتفاق مسبقا بيني وبين مكتب العقار على أنه إذا جاء مستأجر للعقار المعروض للإيجار السنوي على دفعتين (دفعة عند توقيع العقد ودفعة بعد ستة أشهر) بالسعر الذي حدده مالك العقار مسبقا أو عقار مؤجر بعقد قديم يتجدد تلقائيا كل سنة ومتفق على سعره فأطلب من مكتب العقار أن يعرض على المالك أني سوف أدفع له الإيجار دفعة واحدة بسعر أقل من سعر الدفعتين وأستلم من المستأجر الإيجار كاملا فما هي الطريقة الشرعية الجائزة لهذه المعاملة من التالي أو التعديلات المطلوبة عليها أو كتابة الطريقة الشرعية الجائزة كاملة لهذه المعاملة المالية. في حالة عقد إيجار جديد
الطريقه الأولى: كتابة عقد إيجار بين المالك والمستأجر وبعد أن يستلم المالك من المستأجر إيجار الستة أشهر الأولى أدفع له في نفس مجلس توقيع العقد الإيجار المخفض للستة أشهر الثانية وأستلم من المستأجر إيجار الستة أشهر الثانية كاملا بعد ستة أشهر من تاريخ العقد.
الطريقة الثانية: كتابة عقد إيجار بيني وبين المالك يوافق لي فيه على تأجير العقار على المستأجر فبعد توقيع العقد بيني وبين المستأجر واستلام إيجار الستة أشهر الأولى أدفع للمالك الإيجار السنوي المخفض دفعة واحدة في نفس مجلس توقيع العقد وبعد ستة أشهر من تاريخ العقد يدفع لي المستأجر إيجار الستة أشهر الثانية كاملا.
الطريقة الثالثة: كتابة عقد إيجار بيني وبين المالك يوافق لي فيه على تأجير العقار على المستأجر فأدفع له الإيجار السنوي المخفض دفعة واحدة ثم أقوم بتأجير العقار على المستأجر وأستلم منه الإيجار كاملا على دفعتين وأشترط في العقد على المالك أنه في حالة أن المستأجر تراجع فيكون العقد بيني وبينه لاغيا وأستلم منه الإيجار الذي دفعته.
في حالة عقد إيجار قديم يتجدد تلقائيا كل سنة: الطريقة الأولى: إذا انتهى عقد الإيجار السنوي واستلم المالك من المستأجر إيجار الستة أشهر الأولى للسنة الثانية أدفع له إيجار الستة أشهر الثانية المخفضة وأستلم إيجار الستة أشهر الثانية كاملا من المستأجر بعد ستة أشهر من تاريخ العقد.
الطريقة الثانية: إذا انتهى عقد الإيجار السنوي للعقار المؤجر يتم كتابة عقد إيجار جديد بيني وبين المالك يوافق لي فيه على تأجير العقار على المستأجر بعقد جديد فبعد توقيع العقد بيني وبين المستأجر واستلام إيجار الستة أشهر الأولى أدفع للمالك الإيجار السنوي المخفض دفعة واحدة في نفس مجلس توقيع العقد ويدفع لي المستأجر إيجار الستة أشهر الثانية كاملا بعد ستة أشهر من تاريخ العقد.
الطريقة الثالثة: إذا انتهى عقد الإيجار السنوي اللعقار المؤجر يتم كتابة عقد إيجار جديد بيني وبين المالك يوافق لي فيه على تأجير العقار على المستأجر فأدفع له الإيجار السنوي المخفض دفعة واحدة ثم أقوم بتأجير العقار على المستأجر وأستلم منه الإيجار كاملا على دفعتين وأشترط في العقد على المالك أنه في حالة أن المستأجر تراجع فيكون العقد بيني وبينه لاغيا وأستلم منه الإيجار الذي دفعته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحن هنا ننبه السائل إلى بعض المعاملات غير الجائزة في سؤاله ثم نذكر له الطريقة الشرعية في مثل عمله، فمما لا يجوز فيما ذكره في السؤال الطريقة الأولى وحقيقتها شراء الدين بأقل من قيمته وهذا من الربا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 48847.
وفي الطريقة الثالثة: لا يجوز في عقد الإجارة أن يشترط المستأجر على المالك أنه إن تم إجارتها على آخر وإلا فالعقد لاغ، فهذا شرط باطل وهل يصح معه العقد؟ على قولين عند أهل العلم، المهم أن الشرط باطل لاغ.
والطريقة الشرعية في مثل حالة السائل أن يستأجر العقار على خيار الشرط لنفسه مدة معلومة، فإذا جاء المستأجر الجديد أجرى معه عقد الإجارة ومضى العقد الأول، وإن لم يأت أمكن فسخ العقد الأول لوجود خيار الشرط، وخيار الشرط جائز في الإجارة المعينة، واشترط الحنابلة أن لا تبدأ مدة الإجارة عقب العقد مباشرة لأن هذا يؤدي إلى فوات بعض المنافع أو استيفائها في مدة الخيار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1430(12/3208)
الموظف الذي يتغيب عن عمله بدون إذن صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة كنت أتغيب باستمرار منذ سنين عن العمل لأن زوجي كان هو المسؤول في الإدارة إلا أنني أصبحت غير راضية عن الوضعية التي أنا فيها والآن أريد أن أطلب التقاعد النسبي فما حكم الشرع في ذلك علما أنني لست قادرة على إرجاع المبالغ التي كنت أتقاضاها وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموظف الذي يتغيب عن عمله بدون إذن من صاحب العمل لا يستحق من الراتب إلا بقدر ما عمل، ما لم يتسامح به صاحب العمل، وراجعي الفتوى رقم: 17110.
وعليه، يلزم السائلة التوبة إلى الله عز وجل، ويلزمها رد ما لا تستحق من تغيبها عن عملها بدون عذر إلى جهة عملها، فإن تعذر ذلك تصدقت بقدره في وجوه البر ومصالح المسلمين.
كما أن على زوجها التوبة أيضا من تفريطه في عمله ومحاباة زوجته على حساب أمانته وواجبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1429(12/3209)
تعاقد مع مقاول فوجد آخر أرخص ففسخ العقد وتعاقد مع الثاني
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب شركة مقاولات تعاقدت مع مقاول من الباطن لتنفيذ بعض الأعمال واتفقنا على السعر وقمت بعمل وثيقة تعاقد بيني وبينه وتم التوقيع عليها من كلا الطرفين ثم تم تحصيل مقاول باطن آخر سعره أرخص حوالي (80000) ثمانين ألف ريال فقمت بفسخ العقد مع المقاول الأول وتعاقدت مع الثاني.
فما الحكم في ذلك وماذا علي؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعاقدك مع المقاول الأول (المقاول الباطن) يعتبر عقد إجارة، وهذا العقد من العقود اللازمة لا يفسخ إلا باتفاق الطرفين أو بعذر شرعي أو عيب تنقص به المنفعة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} .
والفسخ من جانب واحد ليس من الوفاء، وليس حصولك على مقاول أقل أجرة بعذر يسوغ لك فسخ عقدك مع الأول بدون إذنه.
وعليه، فالعقد الأول باق كما هو لم يفسخ إن لم يحصل تراض على الفسخ، وعليك تسليم الأجرة، وعلى المقاول العمل، وتصرفك بفسخ العقد الأول باطل، وإجراؤك للعقد الجديد باطل لا عبرة به؛ لأنك تعاقدت على شيء خرج من يدك ولم يعد لك حق فيه، حتى يفسخ عن تراض مع الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1429(12/3210)
حكم عمل الأجير لمستأجره وغير مستأجره في مدة الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة عامة ملك للدولة كمشرف على تنفيذ (خزان خرساني) والمنفذ شركة تركية والسؤال هو عرضت الشركة التركية علي وظيفة مؤقتة لمدة شهرين وذلك لتنفيذ ومتابعة بعض الأعمال المساحية في تنفيذ الخزان أي أني أنفذ وأشرف على نفس المشروع. إذا كانت الإجابة لا يجوز ذلك فما مدى الحرمة في ذلك أفيدوني أرجوكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عملك في الشركة التي تتبع للدولة يعتبر من باب الإجارة الخاصة، والأجير الخاص منافعه في مدة الإجارة ملك للجهة التي يعمل فيها.
ولا يجوز له أن يعمل في هذه المدة لنفسه أو لغير مستأجره، ففي هذا إضاعة لحق المستأجر وخيانة للأمانة وكل هذا محرم. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 30058.
وفي صورة السؤال المعروض تظهر مفسدة أخرى وهي أن المشرف والمنفذ واحد وهذا يدعو إلى المحاباة وعدم الإخلاص للجهتين.
فالواجب على الأخ السائل الوفاء بعقد العمل المبرم مع الشركة التابعة للدولة؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، ورفض العمل في الشركة المنفذة، وإن أذنت الدولة له بالعمل مع الشركة الأخرى فلا مانع إن علم من نفسه الأمانة والصدق في عمله للطرفين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1429(12/3211)
حكم تأجير الأرض المزروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[اكتريت قطعة أرض وبذرتها شعيراً لكنها لم تثمر بسبب الجفاف فلم أحصدها وفي الموسم الموالي أثمرت ببذور الشعير المتساقط من الموسم الماضي وذلك لكثرة الأمطار في هذه السنة، فهل يجوز لي كراؤها لأحد جيراني الساكنين بجانبها فأفيدونا رحمكم الله، أرجو الإجابة على بريدي الإلكتروني؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال في مسألتين:
الأولى: حكم إجارة المؤجر وهذا جائز إذا كان في مدة الإجارة الأولى، وكانت المنفعة مثلها أو دونها في الضرر، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 46144.
الثانية: إذا أراد السائل تأجير الأرض المشغولة بزرعه فيجوز، لكن على أن تكون المدة بعد أخذه للزرع أي يؤجرها لمدة تبدأ من انتهاء حصاد ما عليها، لأن إجارة الأرض المشغولة بالزرع لا تصح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1429(12/3212)
حكم صبغ الشقة المستأجرة والتعديل فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[يا حضرة الشيخ إذا أنا كنت مستأجرة لشقة وحالتي أنا وزوجي ميسورة ولله الحمد، هل يجوز أني أعدل وأصبغ بشقتي لأني دائما فيها، وبعض الناس يقولون لا يجوز؟ دعيها بيضاء ولا تعديل فيها، يحرم أن تفعلي بها شيئا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى حرجاً في أن تقومي بما تريدين من تعديل أو صبغ للشقة المستأجرة إذا لم يبلغ ذلك حد الإسراف، ولكن إذا كان التعديل مما يضر بالشقة أو يغير من هيأتها فلا يجوز إلا إذا أذن المالك بذلك.
جاء في درر الحكام: وله – أي المستأجر - أن يضع فيها أشياءه وله أن يعمل فيها كل عمل لا يورث الوهن والضرر للبناء لكن ليس له أن يفعل ما يورث الضرر والوهن إلا بإذن صاحبها, وليس له أن يتصرف في البناء تصرفا مضرا كالهدم مثلا. حتى إنه لو استأجر أحد الناس حانوتين من شخصين وفتح بينهما بابا ليمر من الواحدة إلى الأخرى ضمن الحائط الذي هدمه وأعطى أجرة الحانوتين كاملة. انتهى.
وننبهك إلى أنه يحسن بالغني أن يتقلل من فضول الملبس والمسكن والمطعم وغير ذلك تواضعاً لله تعالى.
ويمكنك مراجعة حد الإسراف في الفتاوى الآتية أرقامها: 17775، 38482، 57901، 95898، 100064.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1429(12/3213)
يجب دفع الأجرة للمؤجر وإن لم يطالب بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش بأمريكا زارتني والدتي وأختي وطلبوا من زوجي أن يستأجر لهم منزلا لمدة شهرين وأعطوه الثمن ولكن صاحب المنزل أخذ إيجار أول شهر ثم لم يطالب بإيجار الشهر الثاني..واحتفظ زوجي بالنقود..هل عليه إعادة النقود لوالدتي؟ زوجي يظن أن النقود ليست سرقة لأن والدتي أعطته إياها برضاها..ولكنها أعطتهم له ليدفع الإيجار وأمنت به ووثقت به..لكن المالك لم يطالب بإيجار الشهر الثاني..هل يأخذ زوجي النقود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزوجك لا يعد سارقا، لكن يجب عليه دفع الأجرة للمؤجر وإن لم يطالب بها، ما دام قد استأجر منه منزله للفترة المذكورة. وإن كان استأجر منه بأقل مما دفعته له أمك فيجب عليه إعادة الزائد عن الأجرة التي اتفق عليها هو والمؤجر إلى أمك ما لم تتنازل له عنها، لأن حكم زوجك حكم الوكيل.
جاء في المغني لابن قدامة: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف لأن تصرفه بالإذن فاختص بما أذن فيه. انتهى. فأي زيادة يحصلها الوكيل فإنها لموكله، وكون والدتك أعطت النقود برضاها فإنما دفعت النقود على أنها للإيجار.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 48475، 65936، 80875، 97649، 105482.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(12/3214)
حكم أخذ الموظف أموالا بدون علم صاحب الشركة مقابل الظلم الواقع عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بوكالة ما بالرياض بالمملكة العربية السعودية وهناك من الظلم ما لا يحتمله بشر من حيث الرواتب والتمييز في المعاملة وغيرها من الأمور التي تجعل ميزان العدل في هذه الوكالة غير موزون بالمرة، وهناك من الأفراد وهم كثير ممن ضاعت حقوقهم ولم يستطيعوا أخذها من تلك الوكالة استباحوا لأنفسهم أخذ أموال بصفتهم في مواقع يقومون بالتحصيل فيها أو تأتي إليهم الأموال المحصلة للوكالة تحت أيديهم أو بمعرفتهم دون علم أصحاب الوكالة وقاموا باستقطاع ما يظنون أنه حق لهم من تلك الأموال وهم يرون أن لا فائدة من الشكوى؛ لأصحاب الوكالة لأنهم تقطعت بهم السبل ولم يستطيعوا تحصيل مالهم من حقوق وبالتالي هم يرون أنهم بهذا الشكل لهم كل الحق وأن مالهم حلال، فما حكم ذلك، وما حكم من اعتبرها سلفية ينوي ردها بعد تحسن الأحوال وفي حالة عدم استطاعته سوف يقوم بإخبار أصحاب الوكالة بها لمسامحته فيها, فهل يجوز ذلك، وما هي الكفارة في الحالتين!!!؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلاقة بين المؤجر والمستأجر أو بين العامل وصاحب العمل يجب أن تقوم على العدل وعدم الظلم، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان العقد بينهما واضحاً بيناً لا جهالة فيه ولا غرر.. والتزم الطرفان بموجبه، قال تعالى عن موسى عليه السلام ومستأجره الرجل الصالح: فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ* قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيل. ٌ {القصص:27-28} .
فالعدل أن يؤدي العامل عمله على وجه التمام والكمال ويوفيه صاحب العمل أجرته تامة غير منقوصة ولا يتعتعه فيه، وليعلم العامل أن حقه عند صاحب العمل هو الأجرة المتفق عليها في عقد العمل، فإذا جحد صاحب العمل هذا الحق ولم يستطع العامل أخذ حقه بطريقة علنية فله أن يأخذ ذلك بدون علم صاحب العمل شريطة أن لا يتعدى قدر حقه ...
وأما إذا لم يكن للعامل حق مجحود عند صاحب العمل فلا يحل تناول ماله على أي وجه سواء نوى العامل رد المال أو لم ينوه، فمال صاحب العمل مال معصوم لا يحل إلا بطيب نفس منه، ومن أخذ ماله بدون حق وجب عليه رده فوراً، أو طلب المسامحة منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(12/3215)
حكم العمل في شركة للإعلانات الربحية على الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل فى بعض شركات الإعلانات الربحية الموجودة على شبكة الإنترنت وطبيعة العمل كالتالي:
1- أن تقوم بالتسجيل المجاني فى أحد مواقع الإعلانات وبذلك يصبح لك حساب مجاني عليه، ولكن يسمى هذا الحساب بالحساب الابتدائي (فهذا الحساب لا يحتاج لدفع مال مني) .
2- يوجد فى حسابك عدد من الإعلانات.. وأنا أضغط عليهم يوميا حيث إن كل إعلان يحسب لي قيمة الضغط عليه.. فمثلاً أنا أضغط على إعلان فيحتسب لي قيمته.. مثلاً 1درهم، مع العلم بأن هذه الإعلانات بعيدة عن الإباحة.
3- والشركات الربحية هذه بها خاصية الريفير ومعناها أنك تستطيع بدعوة أشخاص للتسجيل عن طريقك ... فتعرف الشركة أن هؤلاء الأعضاء سجلوا عن طريقي، وهنا يجب على هؤلاء الأعضاء العمل حتى أتكسب من ورائهم، وهنا الشركة تحدد لك بأن نسبة الريفير نفسها مثلا 80% أو 100% أو % 50 من الأرباح على حسب الشركة نفسها، بمعنى إذا ضغط العضو المسجل عن طريقي على 10 إعلانات فتحتسب الشركة له 10درهم مثلاً، وأنا مثله هذا إذا كانت نسبة الأرباح 100% أو يحتسب له 10 درهم وأنا 5 درهم إذا كان نسبة الأرباح50 %.
4- وهنا الأهم وموضع السؤال: عندما أسجل فى شركة يكون حسابي -حساب ابتدائي- ولكنه لا يتميز بكل امتيازات الشركة فى سرعة الدفع والأرباح ولكي أطور حسابي - (ولي مطلق الحرية فى هذا من الشركة أي إنها لا تجبرني بهذا) ، تطلب مني الشركة دفع مبلغ من المال وهنا تكون مدة استلام نقودي من الشركة لي في يومين بدل شهر -وترتفع نسبة أرباحي بمعنى أن سعر الضغطة على الإعلان سوف يرتفع من درهم إلى درهم وربع مثلا، وترتفع نسبة أرباحي على الريفير (المسجلين عن طريقي) بمعنى أنه فى حالة ضغطه -المسجل عن طريقي- على الإعلان يحتسب له درهم ويحتسب لي درهم وربع إذا كان حسابي متطور.. على عكس إذا كان حسابي ابتدائي أي لم أدفع للشركة مالاً لتطوير الحساب.
5- والسؤال هنا: هل عملية تطوير الحساب حلال أم تعد حرام وربا بسبب زيادة نسبتي المالية مقابل دفعي للشركة مبلغا معينا من المال حتى أتمكن للوصول للحساب المتطور.. مع العلم إذا تخلف أحد الأشخاص عن العمل لم تحتسب لي أي مبالغ مادية، وليس للعضو أيضا أرباح، أي أن العضو الذى يتكاسل عن العمل لن أستفيد منه بشيء، فأ رجو أن تجيبوني على السؤال بأسرع وقت ممكن، مع الشرح إذا كان حراما فلماذا وإذا كان حلالاً فلماذا؟ وشكراً.. أنا آسف أطلت على سيادتكم وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخذ مقابل مالي مقابل الدخول على الإعلانات وتصفحها غير جائز ولو كانت هذه الإعلانات مباحة شرعاً، لأن هذا العقد يعتبر من عقود الإجارة وقد اشتمل على محذورات شرعية مثل جهالة الأجرة وعدم كون المنفعة المستأجرة عليها معتبرة شرعاً، وإذا تم دفع نقود مقابل زيادة نسبة الأرباح فهذا محذور شرعي آخر لأن المال المدفوع من المشترك ليس في مقابله منفعة معتبرة شرعاً، وفي هذا مبادلة النقد بالنقد مع التفاضل والتأخير، فضلاً عن الغرر والجهالة، فهو يجمع بين الربا والميسر.
وقد ذكر بعض الاقتصاديين أن نظام الإحالات (referrals) يختلف من موقع لآخر، وبعضها يندرج ضمن التسويق الشبكي، وبعضها ليس كذلك، فإن كانت عمولة الإحالة مقابل اشتراكات أعضاء جدد فرسوم الاشتراك كما تقدم يدخلها الربا والميسر، فكل ما يترتب عليها فهو محرم.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71270، 73300، 74766، 113812، 113471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(12/3216)
حكم استئجار الحيوان للانتفاع بلبنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تأجير البقرة الحلوب لقاء حليبها بحيث أحصل أنا على مبلغ ثابت والبقرة لي والمستأجر يبيع حليبها له ويطعمها ويسقيها ويقوم بشؤونها كاملة وله ما أنتجت من الحليب وأنا لي فقط مبلغ ثابت كل مدة ولا شأن لي بما أنتجت من زيادة أو نقصان ولا في علفها ويضمنها فقط في حال الإهمال المتعمد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استئجار حيوان لأخذ لبنه محل خلاف عند أهل العلم فذهب البعض إلى منع ذلك، بينما ذهب آخرون إلى جوازه.
جاء في مطالب أولى النهى: ولا تصح إجارة حيوان كبقر وغنم لأخذ لبنه أو صوفه أو شعره وهذا المذهب خلافاً للشيخ تقي الدين فإنه اختار جواز ... إجارة حيوان لأجل لبنه، قام به هو أو ربه فإن قام عليها المستأجر وعلفها فكأستئجار الشجر.. والمعتمد ما قاله المصنف. انتهى.
وعليه فإذا قلنا بجواز استئجار الحيوان لأخذ لبنه فإنه تجري عليه أحكام الإجارة من معرفة المدة أو الأجرة وعدم ضمان العين المؤجرة إلا في حالتي التعدي والتفريط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(12/3217)
حكم أخذ المالك متعلقات المستأجر الذي لم يدفع الإيجار
[السُّؤَالُ]
ـ[عين مؤجرة ولم يدفع المستأجر قيمة الإيجار لمدة ثلاث سنوات ثم ترك العين وفيها بعض من متعلقاته والآن يطالب بهذه المتعلقات والمالك يرفض رد متعلقات المستأجر تعويضا عن إيجار الثلاث سنوات، ما حكم الشرع في رد فعل المالك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق مالك العقار أن يمتنع عن تسليم هذه المتعلقات حتى يدفع له المستأجر المماطل الأجرة كاملة ويعد هذا من باب الظفر بالحق وتراجع بشأن هذه المسألة الفتوى رقم: 28871.
وإذا أمكن رفع القضية إلى الحاكم الشرعي ليرد الحق إلى أهله فهذا هو المتعين فعله، وإن كان لا يمكن ذلك فللمالك أن يأخذ من هذه المتعلقات بقدر حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(12/3218)
حكم تقاضي الموظف أجرة زائدة بطريقة غير رسمية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة قطاع عام وأتقاضى راتبا معينا- ثم جاءني عرض من شركة أخرى للعمل بدولة خليجية براتب أكثر من ضعف هذا الراتب الذي أتقاضاه ولما عرف ذلك مدير الفرع الذي أعمل به طلب مني عدم السفر وترك الشركة مقابل تعويضي بطريقة أو بأخرى ولكن تعويض داخلي بالمشروع بعلمه هو والمدير المالي للفرع حيث إن نظام الشركة لا يتيح زيادة المرتبات أكثر مما أتقاضى علما بأنه في حالة تركي للعمل سوف يتضرر العمل فهل هذا المال الذي سأتقاضاه بعلم مدير الفرع ومدير مالي الفرع ولكن بطريقة غير رسمية داخل الشركة حيث إن لائحة الشركة لا تسمح كما ذكرت لأنها شركة حكومية حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت مدة العقد بينك وبين شركة القطاع العام باقية فالواجب عليك البقاء في العمل فيها حتى تنقضي مدة العقد إلا إذا رضيت الجهة المسؤولة لأن عقدك معها عقد إجارة, وعقد الإجارة من العقود اللازمة التي لا يمكن لأحد أطرافها الانفراد بفسخها. اللهم إلا أن يكون عقد مشاهرة.
وعلى تقدير انتهاء العقد أو أنه عقد مشاهرة ف ما طلبه منك مدير الفرع من البقاء معهم في الشركة مقابل زيادة مرتبك زيادة غير رسمية, فإما أن يكون مأذونا من جهة العمل العليا بذلك فلا حرج عليك في أخذ تلك الزيادة مقابل البقاء معهم, وإما أن يكون غير مأذون بذلك فلا يجوز لك أخذها.
وللأهمية راجع الفتويين: 69820، 96455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(12/3219)
هل المستأجر ملزم بنفقة علاج خادمته الأجيرة عنده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي خادمة فلبينية وقد وقع حادث لها وأنا لم أكن موجودة في البيت فقد كانت تنظف مرآة غرفة النوم بعنف وقد كسرتها مما أدى إلى قطع الأوتار في الرسغ وأدخلتها المستشفى وتم إجراء عملية جراحية لإعادة الأوتار وقد كلفني ذلك مبلغ كبير مما اضطررني إلى الاستدانه من أجل إجراء عمليتها، مع العلم بأنني موظفة ولم أكن أملك المال الكافي من أجل إجراء هذه العملية وأنا أعاملها معاملة طيبة ولكنني اضطررت إلى خصم راتب شهر من راتبها من أجل تحملها مسؤولية هذا الفعل التي تسببت به نتيجة استهتارها ولا أدري إذا كانت قصدت فعل ذلك أم لا وعدم محافظتها على ممتلكات بيتي فهل أنا أكون آثمة في حال هي تحملت جزءا من هذا المبلغ أم لا؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإصابة التي لحقت بالخادمة نتيجة عملها في بيت مستأجرتها لا ضمان على الأخيرة بسببها لعدم مسؤوليتها عن تلك الإصابة، ولكن لا يلزم المستأجرة تحمل مصاريف علاج الأجيرة، فإن فعلت ذلك متبرعة فحسن، وفي الحديث: وفي كل كبد رطبة أجر. رواه البخاري.
وإن أنفقت عليها بإذنها مع نية الرجوع عليها بالنفقة أو بعضها فلها الرجوع، وإذا كانت تريد تضمينها ما أتلفته من مقتنيات البيت فلتعلم أن الخادمة لا تضمن شيئاً من ذلك إلا إذا أهملت وتعدت أو فرطت في الحفظ ولا ضمان عليها فيما عدا ذلك، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 7717.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(12/3220)
حكم أخذ أجرة على بذل الجاه
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع صديق لي أن أوظفه مقابل مال عن طريق مسؤول أعرفه والمسؤول لم يأخذ مالا، وأنا أخذت المال على سبيل العمولة وصديقي متفق معي وراض بهذه العمولة، مع العلم بأننا لم نأخذ حق أحد في هذا التعيين، فهل المال الذي أخذته على سبيل العمولة حرام، ويعتبر رشوة وهل أنا رائش وكيف أتوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة داخله فيما يعرف بثمن الجاه وهي بذل شخص جاهه ومعرفته في سبيل حصول آخر على ما هو من حقه، وهل يجوز لمن بذل جاهه أن يأخذ على ذلك أجراً فيه خلاف وتفصيل عند أهل العلم راجعه في الفتوى رقم: 46427.
وسبيل التوبة عند القول بالمنع هو رد المال إلى صاحبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(12/3221)
صرف له المحاسب راتبا عن أيام غيابه خطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في وظيفة حكومية وحدث خطأ من الموظف الإداري حيث لم يكتبني غائبا عن الأيام التي غبت فيها وقبضت زيادة غير حقي فقمت بتنبيهه على هذا الخطأ وقال: سوف أتخذ اللازم لعلاج هذا الخطأ, وبعد فترة صرفت لي وزملائي مكافآت فوجدت فرقا كبيرا جدا بيني وبينهم في قيمة المبلغ حيث حصلت على مبلغ هزيل جدا بالمقارنة بهم.
لكنى لا أعلم هل خصم منى بسبب الخطأ الذي حدث، أم أنه خطأ إداري آخر، وسؤالي هل لو كان هذا المبلغ الهزيل خطأ إداريا أيضا غير مقصود يعوض ما أخذته زيادة وكلاهما من جهة واحدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بارك الله لك في إبلاغ المسؤول عن ذلك الخطأ فإنه لا يجوز لك أخذ أجر مقابل الأيام التي تغيبت فيها عن العمل، والواجب عليك الآن هو أن تستفسر عن سبب الخصم في المكافأة فإن كان مقابل الخطأ الأول فقد برئت ذمتك.
أما إذا كان ذلك بسبب خطأ آخر، فإن كان مقدار ما أخذته بزيادة يساوي مقدار ما تم خصمه منك وكنت تستحق هذه الزيادة، فلا حرج أن تسقط ما لك من أجر مقابل ما عليك، ويكون هذا على سبيل المقاصة.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه: إذا انشغلت ذمة الدائن بمثل ما له على المدين في الجنس والصفة ووقت الأداء, برئت ذمة المدين مقابلة بالمثل من غير حاجة إلى تقابض بينهما, ويسقط الدينان إذا كانا متساويين في المقدار, لأن ما في الذمة يعتبر مقبوضا حكما, فإن تفاوتا في القدر, سقط من الأكثر بقدر الأقل, وبقيت الزيادة, فتقع المقاصة في القدر المشترك, ويبقى أحدهما مدينا للآخر بما زاد. اهـ.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتويين: 21448، 101308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(12/3222)
فتح موظف الحكومة مكتبا لتخليص المعاملات في الجهات الحكومية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تخليص المعاملات في الدوائر الحكومية وأنا موظف حكومي؟ ولكن يوجد عندي مكتب خارج العمل خاص يقوم بالخدمات العامة والعقارية ويوجد مخلصون في المكتب الخاص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع أن يكون للسائل مكتب خاص يقدم خدمات التخليص وغيرها مقابل أجر معلوم؛ لأن هذ نوع من الإجارة، لكن ليحذر السائل أن يتخذ من وظيفته الرسمية بابا لعمله الخاص هذا، فإن منافعه في وقت دوامه الرسمي ملك للجهة التي يعمل بها، ولا يجوز أن يعمل في هذا الوقت لمصلحة نفسه أو أن يمتنع أو يماطل في ما يطلبه منه بحكم عمله حتى يوفر فرص عمل لمكتبه الخاص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1429(12/3223)
حكم الاقتراض مقابل تخفيض الأجرة عن السائد في السوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب على أبواب القني زواج أود أن أستفسر عبر موقعكم عن قضية تؤرقني حيث لا أريد أن أبدأ زواجي بما يخالف الدين. الإشكال: لدينا في المغرب وخاصة بالمدينة التي أقيم بها عرف في إطار كراء الشقق يأخذ جوانب من الرهن وهو كالتالي: يقدم المكتري مبلغا من المال لصاحب الشقة في إطار رهن لكنه يحدد في عقد على أنه سلف الإحسان لا منفعة منه لمدة سنة مثلا، على أن يؤدي المكتري مبلغ كراء أقل مما هو في السوق دفعة واحدة يستغل من خلالها الشقة، وعند انتهاء السنة يستعيد المكتري المبلغ (مبلغ الرهن) ويترك الشقة بعد استفادته منه الإقامة بها طيلة سنة مقابل كراء بسيط لا يستعيده ولا يوثق في عقد, فهل هذا النوع من التعاقد حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الصورة من عقد الإجارة كما فهمناه تشتمل على دفع مبلغ مقدم ينتفع به المؤجر لمدة سنة لا يجوز التعامل بها؛ لأن المبلغ الذي دفع لمالك الشقة، ثم أعاده يعتبر قرضا من المكتري، قد استفاد منه تخفيض الأجرة وكل قرض جر نفعا فهو ربا، كما أن اشتراط عقد القرض مع عقد الإجارة لا يجوز، لأن هذا الشرط ينافي مقتضى العقد. قال ابن قدامة في المغني: وكل قرض شرط فيه أن يزيده، فهو حرام، بغير خلاف.... وإن شرط في القرض أن يؤجره داره، أو يبيعه شيئا، أو أن يقرضه المقترض مرة أخرى، لم يجز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف. ولأنه شرط عقدا في عقد، فلم يجز، كما لو باعه داره بشرط أن يبيعه الآخر داره. وإن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها، أو على أن يستأجر دار المقرض بأكثر من أجرتها، أو على أن يهدي له هدية، أو يعمل له عملا، كان أبلغ في التحريم. وإن فعل ذلك من غير شرط قبل الوفاء، لم يقبله، ولم يجز قبوله، إلا أن يكافئه، أو يحسبه من دينه، إلا أن يكون شيئا جرت العادة به بينهما قبل القرض. اهـ.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمر زواجك وأن يبارك لك في أهلك ومالك.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 38403، 71127، 102175.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1429(12/3224)
حكم أخذ أجرة على تصفح الإعلانات في الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر بشكل كبير في الآونة الأخيرة نوع جديد من مواقع الكسب عن طريق الإنترنت تختلف عن نظام التسويق الشبكي أو مواقع السيرفينج تعرف بالإنجليزية بسم (بيد تو كليك) أي الدفع مقابل الضغط وفكرة هذه المواقع مبنية على النقاط التالية:
1-تشترك مجاناً في الموقع وتقوم بالضغط على عدد من الإعلانات المتوفرة بالموقع وكل ضغطة تحصل مقابلها على 1 سنت أمريكي على سبيل المثال
2-عند جلبك لمشتركين جدد للموقع - إحالات - (ريفرالز) تحصل مقابل كل ضغطة منهم على أي إعلان نص سنت مثلاً (ولا تحصل على شيء عندما يدعو الشخص الذي أحلته محالين آخرين فهو ليس بنظام شبكي فأنت تستفيد من إحالاتك المباشرة فقط) وبعض المواقع لا تدفع لك هذه العمولة إذا لم تقم بالضغط على عدد معين من الإعلانات في اليوم السابق.
3-هناك عضوية مدفوعة اختياريه تحصل عليها بقيمة معينة لمدة سنة مقابل الحصول على عدد إعلانات أكثر وأولوية في الدفع (في بعض المواقع) ولكن ضغطاتك سيكون ربحك منها أعلى فبدلاً من سنت تصبح سنت ونص وكذالك ضغطات المحالين من قبلك تصبح سنت بدلاً من نصف سنت مثلاً وقيمة العضوية غير مستردة (وبالطبع إذا لم تضغط على إعلانات لن تحصل علي شيء)
4-هناك طريقه للاستثمار في هذه المواقع وهي بشراء المحالين (ريفرالز) الذين اشتركوا في الموقع بشكل مباشر وليس عن طريق أحد وبذلك يكونون كأنهم اشتركوا عن طريقك فتحصل على نصف سنت مقابل ضغطاتهم مثل إحالاتك المباشرة ورأس المال غير مسترد ولا يوجد ضمان على عدد الإعلانات التي سيقومون بضغطها أو حتى مغادرتهم الموقع بعد فترة لكن بعض المواقع تتيح لك استبدال أي عدد من الإحالات التي قمت بشرائها مقابل مبلغ رمزي.
5-هناك نوعان من هذه المواقع فمنها الذي يدفع لك رصيدك عند طلبه بشكل فوري وهناك مواقع تدفع لك خلال 30 يوم عمل إذا كانت عضويتك مدفوعة أو 60 يوم إذا كانت عضويتك مجانية.
6- بعض هذه المواقع يوجد بها إعلانات لمواقع مخلة لكنها أقل بكثير من الإعلانات غير المخلة ولك الخيار في عدم الضغط عليها أو حتى اختيار إخفائها وعدم إظهارها في قائمة الإعلانات (لكن تبقى مشكلة المحالين عن طريقك الذين يمكن أن يضغطوا على مثل هذه الإعلانات إذا لم يكن هناك وازع ديني)
فما حكم التعامل مع هذه المواقع بالتفصيل أفتونا مأجورين
وفي حال كان التعامل مع هذه المواقع محرما ماذا يفعل من سبق ودفع قيمة العضوية المدفوعة لمدة سنة وقام باستثمار بعض الأموال في شراء المحالين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التعامل مع هذه المواقع لأنه يشمل عدة محذورات: منها عدم كون المنفعة المستأجر عليها معتبرة شرعاً وهي مجرد تصفح الإعلانات، وقد ينضم إلى ذلك الغش والخداع لبعض الشركات الراغبة في الإعلان في هذا الموقع بإيهامها بكثرة زواره، وأخذ مال بسبب عمل المحالين دون مقابل، ودفع نقود مقابل زيادة نسبة الأرباح أو شراء المحالين، وهذا لا يجوز لأن المال المدفوع من المشترك ليس في مقابلة منفعة معتبرة شرعاً، وفي هذا مبادلة النقد بالنقد مع التفاضل والتأخير، فضلاً عن الغرر والجهالة، فهو يجمع بين الربا والميسر.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 71270، 71610، 71618، 73300، 74766، 113471، 113812.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1429(12/3225)
يتخلص من أجرة حمل الخمر فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة مسلمة ومتدينة والحمد لله نعيش في فرنسا وزوجي يعمل سائق شاحنة عند أجانب في بعض الأحيان ليس دائما يضطر لحمل حمولة من الخمر، سؤالي هل يستطيع أن يخرج ثمن ذلك اليوم صدقة لكي يكون راتبه حلالا مع العلم أنه حتى لو ذهب إلى عمل عند آخر فكلهم سواء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يتحرى الحلال في مكسبه وشأنه كله؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ {البقرة:172} .
وحمل الخمر لمن يشربه محرم شرعا، وعلى الأجير المسلم أن يمتنع عن حمله إن طلب منه المستأجر ذلك، فإن أصر فسخ عقد الإجارة، وإذا فعلها وحمل الخمر لمن يشربه فإن أجرة الحمل لا تطيب له، وليس أجرة سائر اليوم. وراجعي الفتوى رقم: 107149.
وإذا كان العمل المذكور يتضمن أعمالا محرمة كهذا العمل فليبحث عن عمل آخر لا محذور فيه، فإذا لم يجد فليتق الله ما استطاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(12/3226)
عنده موقع الكتروني للدعاية والإعلان بأجر فما الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[لأني صاحب موقع الكتروني على الشبكة العنكبوتية وأود السؤال عن مشروعية وضع إعلانات داخل موقعي الالكتروني تعود علي بالفائدة المالية أي أنها إعلانات غير مجانية ومقدمة من شركة معروفة والطريقة هي أنني أشترك ببرنامج معين للشركة ويقومون بإعطائي كود خاص بالإعلانات وأقوم بتنزيله بموقعي وعند النقر على الإعلان يقوم الموقع بدفع مبلغ من المال إلى حسابي الذي سبق وإن سجلت به داخل الموقع. فما هي مشروعية هذا العمل؟ وهل يحق لي أن أقوم به؟ هذا هو الشطر الأول من السؤال. أما الشطر الثاني من السؤال فهل يجوز لي أن أشترك بخدمة كوكل اد سينس؟ وهي مشابهة لما قمت بسرده، كما نود أن تتفضلوا بشرح هذه المواضيع-التي تخص الإعلانات- داخل الموقع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم الإعلان في الإنترنت أو غيره جائز إذا كان الشيء المعلن عنه مباحاً، ولا بأس بأخذ الأجرة عليه إذا كان الأجر معلوماً، أما بخصوص الاشتراك بخدمة جوجل أدسنس الإعلانية فإن شروط شركة جوجل تقبل الإعلانات عن مواقع البنوك الربوية وشركات الفوركس ومواقع الأفلام والأغاني والسياحه وشؤون المرأة، ولا يجوز الإعلان والترويج عن هذه المواقع التي تشتمل على الحرام، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} .
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 52763، 54312، 80472، 94306.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1429(12/3227)
حكم الانصراف من العمل قبل نهاية الدوام
[السُّؤَالُ]
ـ[في عملي إذا أتيت في الصباح أوقع على الوقت الذي آتي فيه يعترض زملائي على ذلك ويقولون وقع معنا كأنك أتيت باكرا وأيضا للانصراف أستأذن رئيسي المباشر للخروج وأخرج باكرا وأوقع بوقت نهاية الدوام مع العلم أنني أنهي أعمالي الواجبة علي مبكرا ولا يلزمني للمكوث شيء إلا أن أنتظر نهاية الدوام وأوقع وأنصرف ما هو الحكم الشرعي لكلا الأمرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يقوله زملاؤك خطأ لا يجوز لك العمل به لما فيه من الكذب وخلاف الواقع.
ولا يجوز الانصراف قبل نهاية الدوام الذي حددته جهة العمل، وإذا انصرف الموظف أو العامل قبل نهاية الدوام بإذن من الجهة المخولة بذلك، فعليه أن يسجل وقت خروجه الحقيقي، وأنه وقع بإذن من الجهة المسؤولة، وما عدا ذلك؛ فهو كذب لا يجوز.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة في الفتاوى: 44925، 52629، 59902، 75813.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(12/3228)
تأجير الأرض لمن يستخدمها في الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عنده قطعه أرض وهناك من يريد استئجار هذه الأرض ليفتح مشروع مطعم وكافتريا وربما يقدم شيشة (دخان) في الكافتريا. هل يجوز للرجل الأول أن يؤجر الأرض للرجل الثاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه يجوز لمالك الأرض أن يؤجرها لمن يستخدمها في الأمور المباحة، وإن علم أو غلب على ظنه أن من يستأجرها سيستخدمها في معصية فلا يجوز له تأجيرها لعموم قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ {المائدة:2} قال ابن قدامة في المغني: لا يجوز للرجل إجارة داره لمن يتخذها كنيسة أو بيعة أو يتخذها لبيع الخمر أو القمار. انتهى. وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه: لما كان المقصود من عقد إجارة البيت هو بيع منفعته إلى أجل معلوم، اشترط في المنفعة ما يشترط في المعقود عليه في عقد البيع، وهو أن لا يمنع من الانتفاع بها مانع شرعي، بأن تكون محرمة كالخمر وآلات اللهو ولحم الخنزير. فلا يجوز عند جمهور الفقهاء إجارة البيت لغرض غير مشروع، كأن يتخذه المستأجر مكانا لشرب الخمر أو لعب القمار، أو أن يتخذه كنيسة أو معبدا وثنيا. ويحرم حينئذ أخذ الأجرة كما يحرم إعطاؤها، وذلك لما فيه من الإعانة على المعصية. اهـ.
وإذا أجر المسلم داره أو أرضه فأظهر فيها المستأجر المعاصي وجب على المالك نهيه عن ذلك، قال السرخسي في المبسوط: ولو كان المستأجر مسلما فظهر منه فسق في الدار أو دعارة أو كان يجمع فيها على الشرب منعه رب الدار من ذلك كله لا لملكه الدار بل على سبيل النهي عن المنكر فإنه فرض على كل مسلم صاحب الدار وغيره فيه سواء. اهـ.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 401، 20813، 108541، 110525، 111080.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(12/3229)
تأجير المحل لمن يبيع السيارات عن طريق البنك الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي محل تجاري أريد تأجيره لشركة تبيع السيارات، مع العلم بأن هذا النوع من الشركات تبيع سياراتها لزبائنها عن طريق البنوك الربوية، فهل يجوز لي تأجير محلي لهذه الشركة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التعامل مع من يتعامل مع البنوك الربوية فيما هو مباح كالبيع والإجارة جائز، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة يتعاملون مع اليهود، وهم المعروفون بالتعامل بالربا، كما نص على ذلك القرآن الكريم، ولبيان ذلك راجع الفتوى رقم: 60316.
وبناء على هذا فلا حرج عليك في إيجار محلك التجاري لهذه الشركة، التي لا تبيع هي بالربا ولو كانت تبيع لمن يمول بطرق ربوية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(12/3230)
لا يلزم العامل من العمل إلا ما تم الاتفاق عليه في عقد العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة مختطلة منذ 8 سنوات، ولا نحظى فيها بأي ترقية ولا رفع في الأجور، نحن العمال نتعب، والزيادات من نصيب أصحاب المكاتب فقط، ما يقلقني حقا أن نوعية عملي مقسمة على طول السنة بحيث أن من واجبي إتمام ملف كل شهر، وهذا ما يحدث والحمد لله، وفي بعض الأشهر أتم عملي قبل نهاية الشهر، ولكني لا أعلم أحداً، لأنهم يقومون باستغلالي في أعمال أخرى ومن طرف الجميع لصالح من أعمل معه، فيتم إرهاقي وعند بداية الشهر الموالي أعود إلى عملي الخاص بي، ولأني أصبحت أعرف كل من أعمل معهم، فإني حاليا لا أقدم ملفاتي إلا في الوقت المتفق عليه ويكون مكتملا والحمد لله، إنهم يتفننون في أستغلالنا لصالحهم ولا نلقى منهم أي تقدير معنوي أو مادي، فهل تصرفي هذا صحيح؟ أشكركم على رحابة صدوركم وإرشادي إلى الحلال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت تلك الأعمال الأخرى والتي تكلفّ بها السائلة من ضمن ما استؤجرت عليه في عقد العمل فيلزمها أن تقوم بها، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، وأما إن كانت هذه الأعمال ليست من العمل المتعاقد عليه فلا يلزمها القيام بها، ولها أن تحتال لدفع هذا الظلم عنها.
فالظلم هو تكليفها بعمل لا يجب عليها بموجب العقد، أما مسألة قلة أجرها أو عدم ترقيتها فليس فيه ظلم إلا إذا كان العقد ينص صراحة أو عرفاً على زيادة أجرها أو ترقيتها، فلم تفعل الشركة ذلك فهي ظالمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(12/3231)
حكم أخذ أجرة من المرضى في الوحدات الحكومية المجانية
[السُّؤَالُ]
ـ[يثار جدل بين زملائي من الأطباء العاملين بالوحدات الصحية الريفية عن مدى جواز أخذ أجر على الكشف على الحالات في الفترة المسائية وكنا قبل العمل بها نسمع أن مسؤولين من الوزارة سمحوا للأطباء بتشغيل الوحدات لحسابهم الخاص بعد انتهاء الفترة الصباحية ولكن بعد أن عملت بها وجدت أن الفترة المسائية من الساعة: 2-8 مساء يوجد معي تمريض ومحصل لقطع تذاكر للحالات. وفي الفترة الليلية: من 8م-8ص. يوجد دفتر لتسجيل حالات الطوارئ. وبالسؤال عن هذا الأمر عرفت أنه لا يوجد أي منشور وزاري يبيح تشغيل الوحدة الصحية للحساب الخاص. وأن السماح الشفوي من بعض المسئولين هو من باب تشجيع الأطباء على التواجد في الوحدات الريفية والتي لا يوجد بها إفادة علمية تذكر وعائدها المادي متوسط. وقررت وقتها ألا آخذ مليما من مريض رغم أن بعضهم كان يصر على دفع كشف ظنا منه أن هذا المال سيجعلني أهتم به أكثر ولكن في هذه الأيام فتح بعض زملائي العاملين بالقطاع الريفي الذي لا أعمل به الآن الموضوع مرة أخرى متحججين بضغوط المرضى أو رضاهم على الأقل وقلة الموارد وعدم رضاهم عن المرتبات الحكومية أو أن هذا من تقدير الناس للطبيب ومجهوده فهل هذا الأمر جائز مع العلم أن هناك من يصل دخله من هذا الأمر إلى آلاف الجنيهات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأطباء أخذ أجرة من المرضى في الوحدات المذكورة إذا كان الأمر على ما ذكرت من عدم وجود إذن بذلك، ولا يصح الاحتجاج برضا المرضى وقلة المرتبات الحكومية، فإن حكم الأطباء حكم الأجير الخاص، وإذا تم الاتفاق بينهم وبين جهة عملهم على عمل معلوم مقابل أجر معلوم، فيجب عليهم الالتزام بهذا العقد، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1}
وقلة الأجر لا يبيح لهم الإخلال بالعقد، ولا يجوز للأجير الخاص أن يعمل في وقت الدوام عملاً خاصاً به إلا بإذن صاحب العمل، كما أن ما يعطيه المرضى لهم ولو برضاهم حكمه حكم هدايا العمال، وهي لا تجوز إلا بإذن صاحب العمل، وقد ورد النهي عنها في الأحاديث الصحيحة.
وإذا كان الأطباء يستخدمون أدوات العمل في الكشف على هؤلاء المرضى فهذا محذور آخر، لأنه لا يجوز استخدام أدوات العمل لغرض شخصي إلا بإذن جهة العمل.
وننصح هؤلاء الأطباء بأن يتقوا الله عز وجل، ويبتعدوا عن أكل الحرام، ومن رأى منهم أن الراتب في هذه الأماكن قليلٌ فلا حرج عليه أن لا يتعاقد مع هذه الجهات أو يستقيل منها ويبحث عن عمل آخر.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 17863، 68664، 106045.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(12/3232)
حكم من دفع غنما لمن يقوم عليها وله نصف أو ثلث ثمنها إذا بيعت
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت أن أشترك مع صديق لي، أنا لي سيارة وهو سائق واتفقنا على أن نقسم المبلغ المتحصل عليه في آخر الشهر إلى ثلاثة أقسام بالتساوي نصيب لي, ونصيب للسائق, ونصيب لصيانة السيارة والبنزين إلى آخره، وفي ما يخص السؤال الثاني نفس العملية اشترك صاحب غنم مع الراعي ليسرح له الغنم وعند ما تباع الغنم يأخذ كل واحد نصف المبلغ يعني اتفقوا على النصف فما حكم الشرع في تلك العمليتين وشكرا لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 29854 حكم من دفع سيارته إلى آخر ليعمل عليها وله جزء من غلتها، فراجع الفتوى المذكورة.
أما حكم من دفع غنما إلى راع ليقوم عليها وله نصف أو ثلث أو نحو ذلك من ثمنها إذا بيعت فلا يجوز.
جاء في المغني: ولو استأجر راعيا لغنم بثلث درها ونسلها وصوفها وشعرها، أو نصفه أو جميعه لم يجز. لأن الأجر غير معلوم..
وهكذا إذا جعل أجره نصف ما ستباع به لأنه لا يعلم كم يكون أجره، وقد لا يحصل بيعها، ولكن إن استأجره مدة معلومة بنصف الغنم الآن أو جزء منها صح، ثم للأجير بعد ذلك أن يبيع ما يملكه منها أو يستبقيه، والنماء الحاصل بينهما بحكم الملك.
جاء في المغني: وإن استأجره على رعايتها مدة معلومة بنصفها أو جزء معلوم منها صح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1429(12/3233)
الإيجار القديم وحكم زيادة المستأجر الأجرة طوعا منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ساكن في شقة ايجار قديم،هل أقوم بزيادة المبلغ لصاحب العقار أو لا، هل ذلك يعتبر حراما فى الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام رسول الله وعلى إله وصحبه، أما بعد:
عقد الإجارة من العقود اللازمة التي تلزم الطرفين، فإذا اتفقا فيها على أجرة محددة ألزم المستأجر بدفعها والمؤجر بقبولها طيلة مدة الإجارة، فإذا انقضت المدة انفسخ عقدها، فلهما الاتفاق على عقدها من جديد بنفس الأجرة السابقة أو أزيد أو أنقص.
وبناء على هذا فإنه لا يجب عليك دفع زائد على الأجرة المتفق عليها خلال مدة الإجارة المحدد، وإن تطوعت بذلك كان ذلك من حسن القضاء.
وأما إذا كان قصدك بالإيجار القديم ما تقوم به بعض الدول من فرض تأبيد الإيجار وفرض أجرة محددة فهذا لا عبرة به لمخالفته للشرع، لأن الإجارة لا بد أن تكون محددة المدة.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استئجار المنازل جائز، ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة. وراجع الفتوى: 103971.
وإذا فسدت الإجارة فالواجب أجرة المثل.
وللمزيد راجع الفتاوى: 72564، 9057، 58077، 114139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1429(12/3234)
أعطي راتبا مع كونه لم يعمل بسبب مرضه
[السُّؤَالُ]
ـ[تم إيداع مبلغ من المال لدى حسابي في البنك والمشكلة ليست في المال نفسه ولكن المشكلة فى سبب وجود هذا المال، حيث يتم تلقي المرتبات الشهرية في العمل لدى البنك، وبالفعل تم إيداع مرتب شهرين.
ولكن هذه الفترة لم أعمل بالشركة حتى آخذ مرتبا، بل بدأت في إجراء الفحصوات الطبية والأشعة ثم القيام بعمليات جراحية فى المخ، وبعدها كنت فى العناية المركزة ثم رجعت إلى المنزل وأكملت العلاج، مع عدم القدرة على الكلام لفترة، وبالطبع أخذ علاجي مدة من الزمن (شهور) ، ومع ذك تم إيداع مرتب شهرين لدى البنك، لقد كنت متواجدا بالشركة قرابة 7 أيام أو بمعنى أدق 6 أيام منذ بداية الشهر، ثم انشغلت بعدها بموضوع الفحوصات الطبية والأشعة والعمليات، وبالتالي هناك (مرتب 24 يوم + مرتب الشهر التالي لم أعمله حتى هذه الأيام القليلة كنت لا أنفذ أي عمل فعلي للشركة، فهل أرد المال كله إلى الشركة؟ أم أستقطع المبلغ المقدر في 6 أيام وأرد الباقي إلى الشركة؟ أم يكون هذا المال من حقي وآخذه كله؟ أفيدونى أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للأيام الستة التي حضرت وتواجدت في مكان عملك فيها فإنك تستحق الأجرة ولو لم تعمل، إذا لم يوجد عمل، أو وجد وأعفاك منه من يملك ذلك من المسؤولين، فالأجير الخاص ومنه الموظف يستحق الأجرة بتسليم نفسه للعمل ولو لم يوجد عمل.
أما عن أجرة الأيام التي كنت فيها مريضا فهذا يرجع إلى شروط عقد العمل المنصوصة أو المتعارف عليها، فإذا كان يعطى الموظف أجرته في مثل هذه الأحوال فإنه يستحقها، وإن لم يكن ذلك فلا حق له فيها، وإن نزلت في حسابه على سبيل الخطأ فيردها على جهة عمله، وينظر ماذا يقدر بشأنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(12/3235)
أنجز صهريجا وهو يجهل ارتفاع تكلفته فهل يلزم العميل دفع الفرق
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء عدم إحالتي على مواضيع ذات صلة الموضوع جاءني أحد الزبائن وطلب مني أن أنجز له صهريج ماء واتفقنا على الثمن والمقدربـ 1900000 دج علما أن ثمنه قد ارتفع إلى 2300000 دج وهو على علم بارتفاع ثمنه أما أنا فلا لعلينا وعند قيامي بإنجاز الصهريج اكتشفت ذلك غير أنني لم أراجعه في الثمن المتفق عليه سابقا1900000دج وأنجزت له الصهريج وعند مجيئه لأخذ الصهريج طالبه الذي يعمل عندي بزيادة الفارق المتبقي400000 دج رفض وقال لم لم تعلموني بهذه الزيادة وأنجزتم الصهريج في الأخير لم يزد سوى 80000 دج على المبلغ المتفق عليه سابقا علما أني غير ملزم بإنجاز هذا الصهريج ولو كنت موجودا لحظة استلامه للصهريج لما أعطيته إياه ورددت عليه ماله لأن من سلمه إياه هو الوالد واستلم منه مبلغ 1980000 دج بالزيادة المذكورة سابقا السؤال هل هو ملزم بزيادة الفارق المذكور سابقا 400000 دج إذا كان لا، هل الزيادة التي أخذتها 80000 دج حلال أم حرام؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإجارة هي أحد العقود اللازمة التي إذا انعقدت وفق شروطها وانتفاء موانعها لزمت الطرفين، فلا يصح لأحدهما الانفراد بفسخها، وبموجب عقدها يملك المؤجر المنفعة، كما يملك المستأجر الأجرة.
وبناء على هذا، فإن صاحب الصهريج لا يلزمه إلا ما اتفقتما عليه من أجرة، ولو كان عالما بارتفاع تكلفته لأن الفارق الحاصل بين ما اتفقتما عليه من أجرة، وبين ما طرأ من ارتفاع للكلفة لا يصل إلى حد الغبن الفاحش الذي يختلف العلماء في استحقاق الخيار به. ولبيان الخلاف فيه راجع الفتوى رقم: 33215.
وعلى هذا فما زاده المؤجر من مبلغ على الثمن إن كان زاده بطيب نفس منه فلا حرج عليكم في أخذه، وإن كان بغير طيب نفس لم يجز لكم، لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ... {البقرة: 188} .
وللمزيد راجع الفتاوى: 11224، 109524، 111973.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1429(12/3236)
حكم تأجير السيارة المشتراة بالتقسيط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء سيارة بالتقسيط ندفع في البداية مبلغا بسيطا من ثمن السيارة وندفع الباقي على أشهر لمدة سنة أو سنتين حسب سعر السيارة ونحن في هذه الفترة نؤجرها شهريا عند مكتب تأجير فتدفع السيارة من شغلها ثمن قسطها ومبلغ بسيط نأخذه نحن.
أفتونا هل التقسيط بهذه الطريقة حرام إذا كان متفقا عليه وهل إيجارها حرام ونحن لم نكمل ثمنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبيع بالتقسيط بيع صحيح إذا استوفى شروطه المذكورة في الفتوى رقم: 12927.
وإذا اشترى المشتري السيارة بالأقساط فله أن ينتفع بها على أي وجه مباح ومن ذلك أن يؤجرها لشخص أو لمكتب تأجيرا شهريا أو يوميا أو غير ذلك لمدة معلومة وبأجر معلوم حسب شروط عقد الإجارة الشرعي، وتراجع للمزيد الفتوى رقم: 79629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1429(12/3237)
حكم من دفع غنمه لآخر ليقوم بها مقابل نصف ثمنها إذا بيعت
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت أن أشترك مع صديق لي في سيارة وهو سائق اتفقنا على أن تقسم المبلغ الناتج منها في آخر الشهر إلى ثلاثة أقسام بالتساوي نصيب لي ونصيب للسائق ونصيب لصيانة السيارة والبنزين إلى آخره، وفي ما يخص السؤال الثاني نفس العملية اشترك صاحب غنم مع الراعي ليسرح له الغنم وعند ما تباع الغنم يأخذ كل واحد نصف المبلغ -أي اتفقا على النصف فما حكم الشرع في تلك المعاملتين؟ وشكراً لكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصورتان المذكورتان محل خلاف عند أهل العلم وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 29854، وذهبنا إلى ترجيح جواز دفع شخص سيارته لمن يعمل عليها بنسبة شائعة من الربح كالثلث والنصف، والعطب والخسارة تكون على صاحب السيارة، لأن يد العامل يد أمانة فلا يضمن إلا إذا فرط أو تعدى.
وبالنسبة لمن دفع غنمه إلى آخر ليقوم بها مقابل نصف ثمنها إذا بيعت ففيها جهالة وغرر، والبديل الصحيح هنا.. أن يقوم الأجير عليها مدة معلومة مقابل نصفها أو ربعها أو نحو ذلك، جاء في دقائق أولي النهى: ويصح دفع دابة أو نحل ونحوهما لمن يقوم بها مدة معلومة بجزء منها والنماء ملك لهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(12/3238)
حكم أخذ العامل ما زاد عن السعر الذي حدده صاحب المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في محل تجاري. وجرت العادة في المغرب أن يتم البيع بالثمن المحدد من طرف صاحب المحل وأن تكون الزيادة للبائع كنسبة في البيع. إلا أنه في هذا الشهر الكريم أخاف أن أفعل دلك لشبهة حول عدم جوازه. علما أن صاحب المحل لم يصرح بذلك لفظا. وجزاكم الله بالخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأخ السائل يعمل لدى صاحب المحل كأجير، وجرى العرف والعادة على أن أجرته هي ما زاد على الثمن الذي حدده صاحب المحل فلا بأس بهذا عند بعض أهل العلم.
روى البخاري تعليقا: قال ابن عباس: لا بأس أن يقول بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك. اهـ
جاء في المغني: إذا دفع إلى رجل ثوبا وقال بعه بكذا فما ازددت فهو لك صح.. اهـ
وأما إذا لم يجر بذلك عرف ولا عادة فالزيادة من حق صاحب المحل، وللعامل أجرة المثل. ونخشى أن يكون العرف الذي ذكره السائل هو ما يتواطأ عليه العمال فيما بينهم من أخذ الزيادة على ما حدده صاحب المحل، فهذا لا عبرة به. فالمقصود العرف الذي جرى عليه استئجار العمال وكيف تكون أجرتهم، وأما ما يفعله العمال من تلقاء أنفسهم فهذا أكل للمال بالباطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1429(12/3239)
من عمل عملا لغيره بإذنه دون تحديد أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مديرا للتسويق في شركة لها فروع مستقلة عنها ماليا وإداريا ومهمتي تسويق خدمات الشركة الأم وراتبي الشهري من الشركة الأم وأساعد الشركات الأخرى من خلال وضع خطط تسويقية من حين لآخر، يطلب مني أحيانا من الشركات الأخرى تصميم النشرات حيث أقوم بتصميمها وطباعتها، علما بأن هذا ليس من صميم عملي ولست مطالبا به، لكنه يوفر المال عليهم، أقوم بوضع نسبة ربح بدلاً للتصميم والجهد دون علم الشركة، فهل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تقوم به من وضع نسبة ربح كتعويض عن التصميم والجهد الذي تقوم به دون اتفاق على أجرة يندرج تحت الخلاف فيمن عمل عملاً لغيره بإذنه دون تسمية لأجرة، هل يستحق الأجرة؟ وقد اختلف العلماء في ذلك إلى عدة أقوال:
1- أنه لا يستحق أجرة لحمله على أنه متبرع بعمله.
2- أن له أجرة مثله.
3- أنه إن كان معروفاً بالعمل بالأجرة فله أجرة مثله، وإلا فلا.
جاء في المجموع: إذا عمل الصانع عملاً لغيره بإذنه كأن دفع ثوباً إلى قصار ليقصره. أو إلى خياط ليخيطه ففعل ولم يذكر أحدهما أجرة فلا أجرة له لتبرعه، بالإجماع كما في البحر. والأوجه كما بحثه الأذرعي وجوبها في قن ومحجور سفه لأنهما غير أهل للتبرع ومثلهما غير المكلف بالأولى.
وجاء في نهاية المحتاج للرملي الشافعي: (ولو) عمل لغيره عملاً بإذنه كأن (دفع ثوباً إلى قصار ليقصره أو) إلى (خياط ليخيطه ففعل ولم يذكر) أحدهما (أجرة) ولا ما يفهمها (فلا أجرة له) لتبرعه (وقيل له) أجرة مثله لاستهلاكه منفعته (وقيل إن كان معروفاً بذلك العمل) بالأجرة (فله) أجرة مثله (وإلا فلا، وقد يستحسن) ترجيحه لوضوح مدركه، إذ هو العرف وهو يقوم مقام اللفظ كثيراً، ونقل عن الأكثرين والمعتمد الأول، فإن ذكر أجرة استحقها قطعاً إن صح العقد وإلا فأجرة المثل، وأما إذا عرض بها كأرضيك أو لا أخيبك أو ترى ما تحبه، أو يسرك أو أطعمك فتجب أجرة المثل. والراجح -إن شاء الله- القول الأول ... ولبيان هذه الأقوال والمعتمد منها راجع في ذلك الفتوى رقم: 51654.
وبناء على هذا فإنه لا يجوز لك اقتطاع تلك النسبة، واقتطاعها دون علم الشركة يعد من خيانة الأمانة، وقد حرم الله خيانة الأمانة، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
وللمزيد من الفائدة يراجع في ذلك الفتوى رقم: 66662.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(12/3240)
حكم تأجير الحاسوب لاستخدامه في الألعاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أود شراء جهاز فيه ألعاب إلكترونية قيم للاستثمار المالي أي أن كل من يريد اللعب بهذا الجهاز يضع مبلغا من المال مقابل جلوسه للعب بهذا الجهاز والألعاب التي فيه عبارة عن أسئلة ومعلومات واختبار قدرات وذكاء. لكن عند بدء اللعب هناك موسيقى خفيفة تظهر عند بدء اللعب ومؤثرات أخرى. السؤال هل يجوز شراء هذا الجهاز واستثماره للربح ,أرجو الإجابة مع التوضيح وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز تأجير أجهزة الحاسب الآلي لاستخدامه في ألعاب الحاسوب إذا توافرت الضوابط الشرعية المبيحة لذلك والتي سبق بيانها في الفتاوى التي سنحيلك إليها، أما إذا انعدمت هذه الضوابط كلها أو بعضها، فلا يجوز العمل حينئذ بهذه الألعاب ولا تأجيرها.
ومن الضوابط الشرعية أن تكون الألعاب خالية من الموسيقى، فإن كانت تحتوى على الموسيقى فلا يجوز اللعب بها ولا تأجيرها، لأن الاستماع للموسيقى محرم لما في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف.
فإن استطعت إلغاء الموسيقى من الجهاز أو إغلاق السماعات عند وجود الموسيقى جاز لك استعمال الأجهزة وتأجيرها، وإن لم تستطع ذلك فلا يجوز ذلك.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 880، 4669، 5764، 6110، 9168، 11367، 18846، 36144.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1429(12/3241)
هل للمؤجر المطالبة بزيادة إذا ارتفعت الإيجارات
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالنا عن شركة المضاربة فأفيدونا رحمكم الله.. تم إنشاء شركة مضاربة بين شخصين الأول بالمال والثاني بالمجهود، مع العلم بأن الأول يملك عقارا قامت الشركة باستئجاره منه بأجر معلوم، سارت الأمور على خير ما يرام إلى أن حدثت طفرة عقارية رفعت مستويات الإيجارات إلى حد غير مقبول بتاتاً، فطالب الأول بأجر المثل مع العلم بأنه إذا تم ذلك فإن ما تبقى من حصة الثاني لا يعادل مجهوده على الإطلاق بل هو ظلم له وغبن شديد، ولو علم بأن هذا هو مآل الأمور لما وافق على الشركة من أساسها، فهل يجوز للأول أن يطالب بهذا مع ما قد يتسبب به للثاني من أضرار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقد الإجارة من العقود اللازمة التي لا يجوز لأحد الطرفين الانفراد بفسخها أو تعديلها، فإذا كانت إجارة لمدة محدودة فتغيرت قيمة الإيجار ارتفاعاً فليس للمؤجر حق إجبار المستأجر على الزيادة حتى تنقضي المدة، فإذا انقضت تلك المدة فإن له أن يؤجر بما شاء مما يتفق عليه مع هذا المستأجر أو مستأجر آخر.
وبناء على هذا فإن رب العقار المذكور ملزم بقبول الأجرة المتفق عليها ما دامت مدة الإيجار سارية، وله فسخ الإجارة إذا انقضت المدة، وعقدها على أجرة جديدة تتناسب مع تطور الأسعار مع هذا العامل أو غيره، وقبل ذلك ليس له المطالبة بأكثر مما وقع عليه الاتفاق من الأجرة، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 73493.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(12/3242)
حكم تأجير البيت قبل الانتهاء من سداد أقساطه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لنا كراء منزل ثان لنا لم ينته زوجي بعد من سداد أقساطه كاملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أن يقوم زوجك بتأجير البيت الذي اشتراه وقبضه قبل أن يقوم بسداد باقي أقساطه؛ لأنه بمجرد أن تم البيع بينه وبين البائع ترتبت آثار البيع، فيخرج المبيع من ملك البائع ويدخل في ملك المشتري، ولا يضر تأخر الثمن أو بعضه، فإذا انعقد البيع وصار البيت ملكاً لزوجك وقبضه، فله أن يتصرف فيه بما يريد من أنواع التصرفات من بيع وهبة وإجارة وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(12/3243)
حكم تقديم الموظف لعروض برامج لشركته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل موظفاً في وحدة التدريب بإحدى الشركات، ولدي مركز تدريب خاص بي وأحياناً أتعاون مع مراكز تدريبية أخرى لتنفيذ بعض البرامج التدريبية، فهل يجوز أن أقدم عروضا لعقد برامج تدريبية للشركة التي أعمل بها، مع العلم بأنني لست من يوافق على قبول العروض وإنما هي مسؤولية رئيس وحدة التدريب ومدير الإدارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قيام الأخ السائل أثناء الدوام بتقديم هذه العروض إلى شركته يعد من العمل لمصلحة نفسه في زمن الإجارة، وجواز ذلك يحتاج إلى إذن من الشركة لأن منافع الأجير في زمن الإجارة ملك للمستأجر، فإذا أذن المالك في صرف جزء من هذه المنافع إلى مصلحة الأجير نفسه أو غيره فلا بأس، وإذا حصل هذا الإذن فلا ينبغي أن يتدخل السائل في موضوع رفض أو قبول العروض لأنه متهم بعدم الاستقصاء للشركة والسعي لمصلحة نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(12/3244)
حكم أخذ أجرة على تصفح الإعلانات في الأنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني أعضاء قسم الشركات الربحية.
أولا الشركة تدفع للأعضاء حتى يضغطوا الإعلان وينتظر 30 ثانية هل تفعل ذلك أظن الإجابة لا بمجرد أنك تضغط على الإعلان لن تنتظر حتى يفتح العداد بل تنتقل إلى إعلان في شركة أخرى من شركاتك وهكذا حتى تستثمر الوقت فتفتح إعلانا من كل شركة مشترك فيها في نفس الوقت.
الجانب الثاني برنامج الاوتو كليك ظهرت في الآونة الأخيرة برامج تضغط على الإعلانات تلقائيا بدون تدخل منك ما عليك إلا وضع اسم حسابك وكلمة السر فما رأيكم؟؟
إذا فكرت فستجد أن هذا الأمر من أمور النصب والغش والخداع ولكن تعال لنناقش هذه المسألة، الشركة نفسها نصابة وأكثر واحد يمكن أن يغش ستقول لي مثل هذا؟ تخيلوا شركة مثل بوكس تو أعضاؤها حوالي 7 مليون منهم حوالي 3 مليون أعضاء حقيقية.
وال 4 مليون الباقون أعضاء وهميين يقوم بصناعتهم أدمن الشركة ليبيعهم كريفرال إلى الأعضاء فمن المتضرر من ذلك إلا المعلنين فى الشركة تخيلوا أربعة ملايين عضو يضغطون على الإعلانات بسيستم معين يعني لن يستفيد المعلنون بأي إعلان.
في انتظار الفتوى حتى يطمئن قلبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخذ مقابل مالي مقابل الدخول على الإعلانات وتصحفها غير جائز، ولو كانت هذه الإعلانات مباحة شرعا لأن هذا العقد يعتبر من عقود الإجارات ويشتمل على محذورات شرعية منها أن المنفعة المستأجر عليها غير معتبرة شرعا وهي مجرد تصفح الإعلانات، وإذا انضم إلى ذلك ما ذكرت من الكذب والغش والخداع فلا شك أن هذه من الأمور المحرمة.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 71270، 73300، 74766.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1429(12/3245)
الاشتراك في معهد يأخذ أقساطا بقيمة أكبر من الدفع الفوري
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الاشتراك في معهد تعليمي يأخذ من الطلاب إما نقداً بسعر مخفض أو تقسيطا بسعر أعلى، على سبيل المثال:
إذا كان نقداً المبلغ الإجمالي: 1000 درهم.
إذا كان تقسيط المبلغ الإجمالي: 1500 درهم.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المعهد يتفق مع الطالب على أن تكون الأجرة بكذا نقدا أو بكذا تقسيطا ثم يمضيان العقد على أحد هذين فلا مانع من هذه المعاملة، أما إن لم يحصل جزم قبل إبرام العقد هل يكون الدفع بالتقسيط أو بالنقد الحال فلا يجوز لدخول ذلك في باب بيعتين في بيعة، ولحصول الغرر به، والغرر ممنوع في الشريعة، وفي الحديث: من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا. رواه أبو داود.
قال الشوكاني: والعلة في تحريم بيعتين في بيعة عدم استقرار الثمن في صورة بيع الشيء الواحد بثمنين. والحديث وإن كان واردا في البيع إلا أنه يجري على الإجارة للمعنى المتقدم ولأن الإجارة كالبيع.
وراجع للمزيد الفتوى رقم: 108011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1429(12/3246)
غياب الموظف بهذه الصورة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل فى مصلحة حكومية ومعي زميل آخر فى نفس المصلحة وهذه المصلحة أي واحد منا يقوم بعملها كاملا دون أي تقصير فى هذه المصلحة، فهل يجوز لي أن أغيب يوما وهو يأتي وهو يغيب وأنا أتي للعمل، علما أن غيابي أو غيابه يكون بعلم مدير هذه المصلحة وأن جميع المصالح التي هي من نفس المصلحة يكون هذا هو النظام إذا وجد فيها عاملان يأتى واحد ويغيب الآخر، ولكن إذا جاء تفتيش على هذه المصلحة ووجد أن واحدا منا حاضر والثاني غائب يحسب للغائب انقطاع من العمل فنضطر أن نعمل استئذانا وهميا لكي لا يتغيب الآخر وكل هذا يتم بعلم مدير المصلحة والمفتش ورئيس المفتش الأساسي وهذا هو الذي يتم في جميع المصالح من نفس النوع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من الواضح أن نظام المصلحة أو قانون المصلحة لا يسمح بهذا الغياب ولا يعطي المدير الحق في الإذن بغياب الموظف حسب الطريقة المذكورة، وإلا لما كان الغائب يعاقب من قبل لجنة التفتيش.. وعليه فلا يجوز للموظفين فعل ذلك فضلاً عن التمادي فيه والاحتيال بالاستئذان الوهمي.. لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(12/3247)
أحوال المال المدفوع في إصلاح الشقة المؤجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة مع حماتي برضا أهلي وأهل زوجي وحماي متوفى والشقة إيجار دائم كان لدى أهل زوجي بيت بالمعصرة وتم بيعه وكل واحد أخذ نصيبه دخل به مشروع وزوجي أخذ نصيبه كله تم به توضيب الشقة للعرس من 3سنين الآن سيتم هدم المنزل من قبل مقاول وسوف يتم إعطاؤنا مبلغا تعويضيا لشراء شقه حسب تقييم المقاول أخوات زوجي يطالبون الآن بحقهم في الشقة لأنها سوف تبقى تمليكا علما بأن كل شخص منهم لديه شقة إيجار وتمليك ومشروع وزوجي هو الصغير ووقف بجوارهم لشراء شققهم ولتعيينهم ويقولون كل واحد يأخذ نصيبه وهو حر يصرف نفسه فهل لهم حق في الشقة أم تكتب باسم زوجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإيجار المسمى بالإيجار الدائم من العقود الفاسدة التي يجب فسخها، لأنه يشترط لصحة عقد الإجارة بيان المدة التي تنتهي فيها الإجارة، وما كان من العقود خالياً من بيان المدة وجب فسخه، ورد العين المستأجرة إلى المالك ودفع أجرة المثل خلال مدة استخدامها، ولا يجوز أخذ تعويض في مقابل ترك العين المستأجرة لأن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 6819، 27655، 43972، 72237.
أما ما دفعه زوجك من إصلاحات في الشقة فما كان منها عائداً لمنفعة وإصلاح الشقة فهذه يرجع المستأجر بها على المؤجر بشرط أن تكون قد فعلت بإذن منه، أما إن كانت عائدة لمنفعة المستأجر فلا يرجع عليه إلا إذا كان فعل ذلك بشرط الرجوع أو الخصم من الأجرة، ولك أن تراجعي في ذلك فتوانا رقم: 104968.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(12/3248)
ترك متاعه في بيت مستأجر فسرقها مستأجر آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[تركت أمتعتي عند عائلة كنت أستأجر من عندهم بيتا صغيرا للكراء لكن عند عودتي بعد العطلة المدرسية أبلغني مسوغي أن أمتعتي قد سرقت لأنه أجر البيت في غيابي لمدة أسبوع وأنه مستعد لتحمل المسؤولية.
أريد أن أعرف هل يجوز لي أن آخد من عنده ثمن الأمتعة كاملة مع العلم أنها باهظة جدا وأنه لا يمكنني أن أحدد ثمنها الحقيقي وإنما فقط بالتقريب لأن بعضها قد استعمل وبعضها يعز على كثيرا لقيمته المعنوية عندي كالتذكارات مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قيام المؤجر بإجارة البيت المؤجر أصلا بدون إذن من المستأجر يعد اعتداء على حق المستأجر، فإذا تسبب ذلك في ضياع أمتعته كان المؤجر ضامنا لهذه الأمتعة بمثلها أو بقيمتها.
فينظر في قيمة هذه الأمتعة على حالتها الراهنة ويلزم الشخص المذكور بدفعها، أما عن قيمتها المعنوية عند صاحبها فلا يلتفت إليها لأن هذا غير محسوس وغير ممكن تحديده وتقديره، ولكن إن حصل تراض من الطرفين فلا مانع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(12/3249)
حكم استئجار أجهزة الألعاب لمدة معلومة أو لممارسة لعبة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق سيفتح محلا لألعاب الحاسوب للأطفال كيف يحتسب الثمن فهل بالساعة أم بانتهاء اللعبة أي مع كل نهاية جولة يقبض ثمن الجولة؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في استئجار أجهزة الألعاب في مدة معلومة كساعة مثلاً أو لممارسة لعبة معينة معلومة كل ذلك جائز، وتراجع للأهمية الفتوى رقم: 18846، والفتوى رقم: 9168، والفتوى رقم: 11367.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1429(12/3250)
حكم اشتراط غرامة مالية على العامل إذا ترك العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مهندسا في شركة خاصة منذ 6 سنوات وجرى العرف على إرسال المهندسين إلى التدريب بالخارج على نفقة الشركة حسب الأقدمية، وعندما وجدت أن معظم من هم أحدث مني سافروا للتدريب هممت بترك الشركة حينها تفاوض معي صاحب العمل واتفق معي على ألا أترك العمل في مقابل:
1-أن يعطيني سيارة هي حق لي منذ سنوات.
2-أن يصرف لي علاوة استثنائية في حدود راتب شهرين.
3-أن يراعي الزيادة في العلاوة السنوية.
4-أن يبعثني للعمل فى السعودية لمدة سنة لتمكينى من أداء الحج والعمرة وكنوع من زيادة الراتب.
5-أن يرسلني للتدريب بالخارج، وبناء على هذا الاتفاق وافقت على الاستمرار بالعمل وعند سفري للتدريب جعلني أوقع على تعهد في حالة تركي للشركة قبل مضى 4 سنوات أقوم بدفع مبلغ 125 ألف جنيه مصري تتناقص مع الوقت وأخبرني أن كل العاملين وقعوا على نفس هذا التعهد فصدقته ووقعت، مع العلم بأنني لو لم أوقع على هذا الاتفاق لظن صاحب العمل لحد اليقين أنني سوف أترك الشركة ولم أكن أستطيع أن آخذ حقي في السفر ولا العلاوات ولا زيادة في الراتب بشهادة رئيسي المباشر ولكنت عوملت معاملة سيئة جداً. وفي سفري عرفت من مركز التدريب أن شركتي لا تتحمل أي مصاريف مقابل هذا التدريب وعرفت أن كل الزملاء الذين سبقوني أو سافروا بعدي لم يوقعوا على هذا المبلغ المبالغ فيه جداً ولا نفس المدة (4 سنوات) وإلى الآن بعد سنة وثلث تقريباً من انتهاء التدريب لم ينفذ البندين 2 و 4 ولن ينفذهما.
وقد جاءتني فرصة عمل في السعودية وصاحب العمل يطالبني بدفع نسبة باقي الأربع سنوات من المبلغ يعنى حوالي 83 ألف جنيه فعرضت عليه أن أدفع التكاليف والمصاريف الفعلية وهي عبارة عن مصاريف الانتقال والإقامة حيث إن هذا هو الضرر المادي الفعلي الواقع على الشركة وهو يقدر بحوالي 19 ألف جنيه مع تعويض معقول فرفض.
فمن الواضح أن هذه الشروط كانت يراد بها التهديد المالي. فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلاقات بين السائل وصاحب الشركة علاقة إجارة، والإجارة من العقود اللازمة فالواجب على صاحب الشركة أن يفي بما التزمه تجاه السائل كما على السائل أن يلتزم بالعمل في المدة المتفق عليها كاملة وهي أربع سنوات، وإذا لم يف صاحب العمل بما التزم به كان هذا عذرا للسائل في فسخ الإجارة قبل انتهاء المدة،
وأما اشتراط صاحب الشركة على السائل أنه في حال ترك العمل قبل انتهاء أربع سنوات فعليه غرامة قدرها كذا فالذي يظهر أن هذا اشتراط غير صحيح لما فيه من الغرر وأكل مال الغير بالباطل.
فصاحب العمل إما أن يعطي الأجير حقه كاملا وعلى الأجير الوفاء بالعمل في كل المدة، وإذا لم يلتزم صاحب العمل جاز للأجير فسخ الإجارة للضرر ولم يلزمه دفع شيء لأنه باذل نفسه للعمل.
وأما إن كان ترك العمل من قبل الأجير فيلزمه دفع ما تكلفته الشركة من نفقات ومصاريف بسبب دراسته وسفره وغير ذلك، ويكون هذا من باب الشرط الجزائي، وتراجع الفتوى رقم: 34491.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1429(12/3251)
التأجير من الكفار وهل له أثر في فشل التجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مستأجر لمحل من نصرانية وهي تملك العمارة التي يقع ضمنها المحل الذي أستأجره، وأمارس فيه مهنتي ولكن للمحل تاريخ طويل من المشاريع الفاشلة ممن كان مستأجرا قبلي وكان المحل مستأجرا من قبل أكثر من 5 - 6 أشخاص وكلهم فشلت مشاريعهم، وأنا أشعر أن الفشل بدأ يتسلل إلى مشروعي، هل لأن أصحاب الملك نصارى أثر في ذلك؟ أقوم بفتح القرآن يوميا ولكن والحمد لله الرزق يشتد صعوبة وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من اليأس من نجاح مشروعي خصوصا مع التاريخ السابق للمحل. أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التأجير من الكفار مباح لا حرج فيه شرعا كما يدل له تعامل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع المشركين واليهود، وأما موضوع فشل المشروع فليس عندنا ما يمكن الجزم به في شأنه، وقد يكون بسبب الوضع العام للبلد أو الحي أو لسوء التخطيط أو غير ذلك.
وننصحك بالحفاظ على الأذكار المأثورة والمواظبة على الأعمال الصالحة وتحري الحلال في معاملاتك والبعد عن الحرام في كل شيء، ونرجو الله إذا واظبت على ذلك أن يرزقك الله تحقيق طموحاتك.
وراجع الفتوى رقم: 69805، والفتوى رقم: 69893.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1429(12/3252)
حكم احتساب يوم حجز الغرفة من ضمن الإيجار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي منزل بجوار الجامعة أكري غرفه للطلبة فى الموسم الدراسي من كل عام، وقبل بداية كل موسم دراسي بشهر تقريبا يتصل بي الطلبة عبر الهاتف لحجز غرف لهم، هل يجوز اعتبار يوم الحجز بداية لدخول الغرفة في ذمة المكتري. وبالتالى يجب عليه أداء واجب الكراء رغم أنه لم يستغلها بعد في هذا الشهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط في مدة الإجارة أن تكون معلومة ولا يشترط أن تلي العقد عند الحنفية والحنابلة خلافاً للشافعية، قال ابن قدامة في المغني: ولا يشترط في مدة الإجارة أن تلي العقد, بل لو أجره سنة خمس, وهما في سنة ثلاث, أو شهر رجب في المحرم. صح, وبهذا قال أبو حنيفة. وقال الشافعي: لا يصح إلا أن يستأجرها من هي في إجارته, ففيه قولان لأنه عقد على ما لا يمكن تسليمه في الحال, فأشبه إجارة العين المغصوبة ... ولنا أن هذه مدة يجوز العقد عليها مع غيرها, فجاز العقد عليها مفردة مع عموم الناس, كالتي تلي العقد, وإنما تشترط القدرة على التسليم عند وجوب التسليم كالمسلم فيه, ولا يشترط وجوده ولا القدرة عليه حال العقد, ولا فرق بين كونها مشغولة أو غير مشغولة لما ذكرناه, وما ذكروه يبطل بما إذا أجرها من المكتري =, فإنه يصح مع ما ذكروه. انتهى.
إذا ثبت هذا فالأجرة تجب في المدة التي تتفقان على عقد الإجارة فيها فإن وقع الاتفاق على بدء الإجارة من أول الدراسة مثلاً فالأجرة تجب من أولها، ولا حرج عليك أن تتفق مع من يريد الاستئجار على أن تبدأ الإجارة من يوم الحجز ولا يشترط لوجوب الأجرة أن يقوم المستأجر باستغلال الغرفة بل يكفي التمكن من الاستغلال.
ولكن الذي ننصحك به هو الرفق والسماحة مع من تتعامل معهم، ونذكرك بما روى البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(12/3253)
حكم تحسين الابن منزل أبيه مقابل استئجار جزء منه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أقوم ببعض التحسينات على جزء من منزلنا لغرض السكن والآلية التي سأتفق عليها مع أبي هي كالآتي. سأستأجر هذا الجزء من أبى بمبلغ التحسينات وعند توزيع التركة بعد عمر طويل يخصم مبلغ هذه التحسينات من قيمة المنزل وتوزع التركة. هل هذه الآلية حلال أم حرام وإن كانت حراما فما هو الحلال. انصحوني جزاكم الله خيرا، أريد أن أسكن مع أبي وأمي وفي نفس الوقت أرضي الله ولا أستولي على حق أي شخص.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أراد السائل أن تكون معاملته صحيحة فينبغي أولا أن يتفق مع والده على ثمن الأجرة ويحددان الجزء الذي يستأجره السائل ومدة الإجارة بحيث تكون العين المؤجرة والأجرة معلومة للطرفين كما هو المطلوب شرعا في عقد الإجارة، ثم لا مانع بعد ذلك أن يدفع السائل الأجرة في صورة نفقات تحسينات في منزل والده، فإذا انقضت مدة وبقي شيء من المبلغ عند والده كدين على الوالد فللولد أن يخصم هذا الدين من التركة قبل القسمة.
وأما إذا لم يبق شيء فالمسألة احتيال على مال الورثة، والاتفاق على ذلك يعد من باب الوصية بمبلغ من المال للولد، وهذا غير جائز لحديث: لا وصية لوراث. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(12/3254)
حكم أخذ العامل الأجر مقابل الأيام التي لا يحضر فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة حكومية بأجر يومي أي أنني أحصل على أجر معين عن كل يوم عمل، ومن المفروض أن أحرم من أجر اليوم إذا لم أحضر لكن مسؤولة القسم وكذلك مدير الشركة يتغاضون عن ذلك وأحصل على أجر اليوم حتى لو لم أحضر إذا كان غيابي ليوم أو يومين مثلا وهم يفعلون ذلك مع جميع أمثالي في العمل بدافع المساعدة أو الدعم, فهل يجوز لي استلام أجور هذه الأيام أم أعيدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الإجارة محددة بمدة فالواجب على من يعمل أن يلتزم بالدوام المتفق عليه، لأن الله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} وفي أخذ الأجر مقابل الأيام التي لا يتم الحضور فيها غش وخداع وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم، والراتب الذي يحصل عليه العامل مقابل الأيام التي لم يحضرها لا يحل له، إلا إذا خولت جهة العمل لذلك المدير الإذن في مثل هذه التصرفات، فإن لم يكن هذا المدير مخولاً بذلك فيجب عليك عدم أخذ أجور الأيام التي لم تحضر فيها، وعليك أن تنصح هذا المدير والعاملين معك بعدم فعل ذلك، ولكم الحق أن تطالبوا بتحسين أوضاعكم دو ن الوقوع في مثل هذه المخالفات الشرعية.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 6326، 7443، 13933، 102455، 108633.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1429(12/3255)
أخذ أجرة الشهر كاملا ممن أجر من منتصف الشهر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي منزل للكراء، وغالبا يأتيني المكترون في منتصف الشهر أو قبله بقليل أو بعده فهل يجوز أخذ الأجرة منهم كاملة اعتبارا من أول الشهر كما هو الحال في القوانين الوضعية. أم فقط اعتبارا من يوم دخوله المحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب في قدر الأجرة هو ما تتفقان عليه، فإن اتفقتم على أن يكون أجر المدة المتبقية من الشهر مثل أجرة الشهر كاملا فلا حرج في ذلك بمعنى أن يكون أجر عشرة أيام مثلا ألف ريال ثم باقي المدة كل شهر بألف ريال، ولكن لا يجوز أخذ أجرة للأيام التي تسبق العقد لأن الأجرة لا تجب إلا بعد عقد الأجرة والتمكن من الانتفاع. والذي ننصحك به هو الرفق والسماحة مع من تتعامل معهم، ونذكرك بما روى البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(12/3256)
حكم تأجير أرض زراعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأجير أرض زراعية مزروعة شجر مانجو بدون ثمر لمدة محددة وبسعر محدد متفق عليه من الطرفين مع تحمل المستأجر كافة التكاليف للزراعة وطوال تلك المدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إجارة الأرض بثمن محدد ذهبا كان أو فضة مباحة، وعلى ذلك عامة الفقهاء.
قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن اكتراء الأرض وقتا معلوما جائز بالذهب والفضة. اهـ
وذهب ابن حزم إلى منع كراء الأرض مطلقا تبعا لطاووس والحسن البصري، واستدل هؤلاء المانعون بما في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض، واستدل المجيزون بالأحاديث المقيدة للنهي مثل ما رواه البخاري ومسلم أن رافع ابن خديج قال: أما بالذهب والفضة فلم ينهنا أي النبي صلى الله عليه وسلم. ومثل ما رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما بشيء معلوم مضمون فلا بأس، وعن سعد بن أبي وقاص قال: كان أصحاب المزارع يكرونها بما يكون على المساقي من الزرع، فاختصموا في ذلك فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكروا بذلك وقال: اكروا بالذهب والفضة، رواه النسائي وحسنه الألباني.
وأما إجارتها بطعام من جنس ما يخرج منها أو إجارتها بجزء مشاع مما تنبت فمحل خلاف.
وبناء على هذا، فلا حرج في كراء الأرض الزراعية التي عليها شجر مانجو بدون ثمر لمدة محددة وبسعر محدد بعملة من العملات لأنها تأخذ حكم الذهب والفضة.
وللمزيد راجع الفتوى رقم: 97170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1429(12/3257)
حكم تفاوت الأجرة من شخص لآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ أجرتين على نفس العمل مثلا: أخذ على شخص مبلغ 1000ريال من أجل عمل ثم شخص آخر 2000ريال على نفس العمل وفي نفس الوقت أي فلا فارق زمني بين العملين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لم توضح سؤالك بمثال لهذا العمل، فإن كان هذا العمل يمكن أن يستفيد منه اثنان فأكثر في وقت واحد كتسجيل شريطين -مثلا- فلا حرج في تفاوت قدر الأجرتين من شخص لآخر، لأن العبرة بما تتفق عليه مع هذا الشخص أو ذاك، والأجرة كالثمن، والأصل أن الثمن يصح بما يتفق عليه المتعاقدان ولا حد له، وكذلك الأجرة، وإنما الذي يشترط السلامة من الغش والكذب والتدليس وما يماثلها وهذا عام في المعاملات كلها.
جاء في قرار صارد عن المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي: الأصل الذي تقرره النصوص والقواعد الشرعية ترك الناس أحرار في بيعهم وشرائهم وتصرفهم في ممتلكاتهم وأموالهم، في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وضوابطها، عملا بمطلق قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ. {النساء:29}
ثانيا: ليس هناك تحديد لنسبة معينة للربح يتقيد بها التاجر في معاملاته، بل ذلك متروك لظروف التجارة عامة وظروف التاجر والسلع، مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشرعية من الرفق والقناعة والسماحة والتيسير.
ثالثا: تضافرت نصوص الشريعة الإسلامية على وجوب سلامة التعامل من أسباب الحرام وملابساته كالغش، والخديعة والتدليس والاستغفال وتزييف حقيقة الربح، والاحتكار الذي يعود بالضرر على العامة والخاصة.
وبناء على هذا، إذا كان المثال يصلح لما سألت عنه فلا حرج عليك في تفاوت الأجرة من شخص لآخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1429(12/3258)
لا يحل للعامل سوى الأجرة المتفق عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[لو كنت أعمل عند واحد من الساعة 8 صباحا حتى الساعة1مساء وهذا الرجل لا يعطيني مصروفا ولا حتى أكل وأنا آخذ فلوسا من الدرج لأصرف على نفسي هل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخذك لأموال الشخص الذي تعمل عنده بدون إذن منه يعد اعتداء على ماله بالباطل وخيانة للأمانة، التي أؤتمنت عليها، وقد حرم الله تعالى أكل المال بالباطل في قوله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ {البقرة:188} . وحرم الخيانة فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}
وفي الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد.
فليس لك عند من تعمل لديه إلا الأجرة المتفق عليها بينكما فهذا حقك اللازم، أما ما زاد على ذلك فلا حق لك فيه؛ إلا أن تطيب نفسه به.
فالواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل ورد ما أخذت من مال إلى صاحبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(12/3259)
حكم طلب تعديل الأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي اتفق مع أحد معارفه منذ خمس سنوات على المشاركة في عمل يعرفه زوجي، المكتب كان من صديقه، والعمل والإدارة والمسؤولية واتخاذ القرارات مسؤولية زوجي، علما أنه عمل متعب ويحتاج إلى تفرغ كامل وجهد عقلي، شريك زوجي له عمله الخاص ولا يفقه شيئا بالعمل الذي يقوم به زوجي، هل يلزمنا الاتفاق القديم بالمناصفة أي نمضي بقية حياتنا ونحن نعطيه نصف تعبنا، علما أن مكتبه قد تضاعف سعره وليس لنا في ذلك شيء، أريد فتوى بخصوص الموضوع لأننا لا نريد أن يدخل مال حرام علينا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صورة الشراكة المسؤول عنها لا يصح تخريجها إلا على أنها إجارة بجزء من الغلة فيكون صاحب المكتب استأجر زوج الأخت السائلة للعمل في مكتبه مقابل نصف أرباح المكتب، وهذه الطريقة في الإجارة غير جائزة شرعا عند جمهور العلماء لجهالة الأجرة فيها، والصحيح أن تكون الأجرة مبلغا معلوما.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز أن تكون الأجرة جزءا من الغلة، وراجعي للمزيد الفتوى رقم: 66911.
وعلى مذهب جمهور العلماء فيجب فسخ هذا النوع من الإجارة، وللعامل -الأجير- أجرة مثله فيما مضى منها، وإذا أراد الأجير ومستأجره بعد الفسخ المضي في العمل فيجب أن تكون أجرة الأجير معلومة -مبلغا محددا- لا حصة شائعة من الربح كالنصف والربع ونحو ذلك.
وأما على قول من يصحح هذه الإجارة فلا يحق لكم تغيير النسبة المتفق عليها بينكم وبين صاحب المكتب إلا برضاه، لعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} .
أما بعد انقضائها فلزوجك أن يطالبه بتغيير النسبة فإن أجابه فذاك، وإلا فله أن يترك العمل معه.
هذا ولم يتضح لنا المراد بقولك إن مكتبه تضاعف سعره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(12/3260)
يجوز للأجير أن يأخذ من مال من له عليه حق بقدر حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مطعم وصاحب العمل يظلمنا في ذلك العمل بأن يجعل الوردية أكثر من 13 و14 و15 و..... ساعة ولا يدفع المقابل فهل من الحلال أن نسرق بعض الطعام مقابل حقنا المهضوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الله السرقة وشرع لها حدا فقال سبحانه: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38} ، وقد ورد لعن السارق على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده. رواه البخاري ومسلم.
ويستثنى من منع السرقة ما إذا كان للشخص حق على آخر ولم يستطع التوصل إلى حقه، فيجوز له أخذه منه خفية، وهو ما يعرف عند العلماء بمسألة الظفر، وهي مأخوذة من حديث عائشة رضي الله عنها قالت هند أم معاوية لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح، فهل علي جناح أن آخذ من ماله سرا؟ قال: خذي أنت وبنوك ما يكفيك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم.
وفي المغني لابن قدامة: وقد أباح بعض أهل العلم لمن له على إنسان حق من دين وغصب أن يأخذ من مال من عليه الحق بقدر ما عليه إذا عجز عن استيفائه بغير ذلك. اهـ
وبناء على هذا إن كان صاحب المطعم يمنعكم من أجرة تستحقونها عليه حقا، ولم تستطيعوا التوصل لأخذها إلا بهذه الطريقة، فلكم أخذ مثل حقكم مما ذكرتم من الطعام.
وللمزيد تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18260، 32707، 34458.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(12/3261)
حكم شراء منزل عن طريق شركة سهل للتقسيط
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب من فضيلتكم التكرم بتوضيح مدى صحة عقد شراء منزل عن طريق شركة (سهل) للتقسيط ومن بنوده التالي:
1- العقد هو إيجار منتهي بالتمليك.
2- 10% دفعة أولى.
3- نسبة الفائدة 5% سنوياً لمدة تصل إلى 20 سنة.
4- مصدق من المجلس الشرعي للبنك العربي الوطني.
5- يبقى المنزل باسم الشركة لحين انتهاء كافة الأقساط ثم ينقل العقار باسمي.
6- إذا رغبت بدفع كامل المبلغ المستحق عليك قبل إتمام 7 سنوات يجب دفع 7% من قيمة المنزل الأصلية وتسمى غرامة.
7- وإذا قمت بدفع كامل المبلغ بعد سبع سنوات فلا شيء عليك.
8- تستطيع أن تؤجر المنزل إذا رغبت خلال مدة العقد.
9- تستطيع بيع المنزل خلال مدة العقد ولو بربح ودفع المبلغ المستحق عليك (بدون الفائدة للسنوات المتبقية) .
10- في كل سنة يوجد تقييم للدفعات، وهذا يعني أن الدفعة يمكن أن تكون أكثر أو أقل ولا تتجاوز 20% ولكن القيمة النهائية للعقد لن تتغير بل تتغير مدة العقد فقط، وهذه الـ 20% هي أقصى زيادة للدفعة للعقد كاملاً.
11- تستطيع دفع مبلغ سنة كاملة دفعة واحدة وفي هذه الحالة تسقط عنك أرباح هذه السنة، هذه أهم بنود العقد.. أشكر لكم تكرمكم بالرد على هذه الفتوى وأسأل الله العظيم أن يوفقكم ويسدد رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقود الإيجار المنتهية بالتمليك منها ما هو جائز ومنها ما هو حرام، وقد صدر في حكم هذه العقود قرار من مجمع الفقه الإسلامي، ولب القرار أنه إن كان هناك عقدان منفصلان عقد إجارة وعقد بيع ويستقل كل منهما عن الآخر مع شروط أخرى، فإنه يجوز الدخول في هذه المعاملة.
أما إن كانت حقيقة المعاملة هي عقدان مختلفان يردان على عين واحدة في زمن واحد فالمعاملة غير جائزة، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 6374، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 2344، والفتوى رقم: 2884.
والعقد المذكور هو من الصور غير المشروعة للإيجار المنتهي للتمليك كما أنه يحتوي فضلاً عن ذلك على جهالة وشروط ربوية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1429(12/3262)
طلب العامل مبلغا زائدا عن المتفق عليه مسبقا نظرا للغلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وأحد الزبائن اتفقنا على أن أنجز له عملا ما بسعر محدد, وعند قيامي بالعمل وجدت أن سعر المادة الأولية قد ارتفع, وعند مطالبة الزبون بالزيادة ما زادني إلا نسبة قليلة, السؤال: هل هو ملزم بالزيادة, وما حكم الزيادة التي أخذتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تذكر لنا أيها السائل صفة التعاقد الذي بينك وبين هذا الزبون، فإن كان ما تم بينكما هو عقد استصناع كما قد يفهم من كلامك، فإنه يجوز لك فسخ هذا العقد لأنه من العقود غير اللازمة.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: وأما صفة الاستصناع: فهي أنه عقد غير لازم قبل العمل في الجانبين جميعا, بلا خلاف, حتى كان لكل واحد منهما خيار الامتناع قبل العمل, كالبيع المشروط فيه الخيار للمتبايعين: أن لكل واحد منهما الفسخ; لأن القياس يقتضي أن لا يجوز; لما قلنا. وإنما عرفنا جوازه استحسانا; لتعامل الناس, فبقي اللزوم على أصل القياس. وأما بعد الفراغ من العمل قبل أن يراه المستصنع, فكذلك.... فأما إذا أحضر الصانع العين على الصفة المشروطة ; فقد سقط خيار الصانع. اهـ.
أما إذا كان ما تم بينكما هو جمع بين الإجارة والبيع في عقد واحد، وهذا جائز أيضا في أظهر قولي أهل العلم وهو المشهور عند المالكية والأصح عند الشافعية وأقوى الروايتين عند الحنابلة.
جاء في الإنصاف: وإن جمع بين البيع وإجارة بثمن واحد صح فيهما أي من أحد الوجهين وهذا هو المذهب، قال ابن تيمية رحمه الله: ويجوز الجمع بين البيع والإجارة في عقد واحد في أظهر قوليهم. اهـ.
ومذهب الحنفية عدم الجواز إلا فيما جرى العرف به، فالجمع بين البيع والإجارة من العقود اللازمة، ويجب الالتزام بالتعاقد الذي تم بينكما لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بالعقود {المائدة 1} .
لكن يجوز لك أن تطلب الإقالة ويستحب للعاقد الآخر أن يستجيب لك إذا طلبت إقالته لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ. رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان وصححه ابن دقيق العيد، كما قال الحافظ في تلخيص الحبير.
والإقالة هي: رفع العقد وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي الطرفين، فإذا قبل العاقد الآخر أن يقيلك من هذا العقد جاز ذلك، ويمكنكما أن تعقدا عقداً جديداً بعد ذلك، وكذلك إن رضي العاقد الآخر بزيادة المقابل جاز ذلك، وإن لم يقبل العاقد الآخر فيلزمك الوفاء بما تعاقدت عليه.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتويين رقم: 48130، 46107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1429(12/3263)
مسائل تتعلق بالإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أجر شخص محلاً تجارياً مدة عام غير مزود بالكهرباء والمستأجر يعلم ذلك وقال: أنا أجلب الكهرباء بنفسي, وبعد استلام المحل عجز عن إيصال الكهرباء، فتدخل المؤجر وربط المحل بالكهرباء من عند أحد السكان لمدة 6 أشهر ثم امتنع هذا الساكن عن تزويد المحل بالكهرباء, فتوقف العمل بالمحل وصار المستأجر يطالب المؤجر بتوفير الكهرباء فلم يستطع كلاهما الحصول على الكهرباء حتى انتهت مدة عقد التأجير (1عام) ، فطالب المؤجر بمحله للاستفادة من خدماته في مجال آخر فرفض المستأجر بحجة أنه لم يستوف المدة لأنه استغل المحل 6أشهر فقط, وطالب بإعادة نصف مبلغ التأجير، فرفض المؤجر بحجة أنه أعلمه بعدم توفر الكهرباء قبل العقد وأنه لم يسترجع منه المحل قبل انتهاء مدة التأجير حتى انقضت كاملة وزيادة (أكثر من عام) فهو غير ضامن؛ لأن شروطه كانت واضحة منذ البداية والمستأجر هو الذي غامر وليتحمل مسؤوليته الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جمهور الفقهاء اتفقوا على أن الإجارة من العقود اللازمة من الطرفين، وأنه ليس لواحد منهما فسخه إذا وقع صحيحاً خالياً من خيار الشرط والعيب والرؤية، ويترتب على ذلك ملك المؤجر للأجرة وملك المستأجر للمنفعة، وأنه لا ينحل عقد الإجارة إلا بانتهاء المدة، أو بانقضاء الغرض المستأجر له العين في بعض الحالات أو بوجود سبب من أسباب فسخه.
فإذا كان الأمر كما ذكرت وقبل المستأجر المحل بدون كهرباء وتعذر إدخال الكهرباء في باقي المدة، ففي هذه الحال ينظر إن لم يمكن الانتفاع بهذه العين بالكلية أو أمكن الانتفاع بها ولكن في غير ما استأجرت له انفسخت الإجارة، وعليك أن ترد له أجرة المدة التي انفسخت فيها الإجارة، وإن أمكن الانتفاع بهذه العين على وجه من القصور فإن هذا عيب ويكون للمستأجر الخيار في فسخ العقد أو المضي فيه.
ولكن إن لم يفسخ المستأجر العقد لزمته الأجرة لأنه رضي بالعيب، قال ابن قدامة في المغني: أن يحدث على العين ما يمنع نفعها، كدار انهدمت وأرض غرقت أو انقطع ماؤها فهذه ينظر فيها فإن لم يبق فيها نفع أصلاً، فهي كالتالفة سواء -يعني يجب فيها الأجر بقدر ما استوفى من المنفعة- وإن بقي فيها نفع غير ما استأجرها له، مثل أن يمكن الانتفاع بعرصة الدار والأرض لوضع حطب فيها، ... انفسخت الإجارة أيضاً لأن المنفعة التي وقع عليها العقد تلفت، فانفسخت الإجارة ... وأما إن أمكن الانتفاع بالعين فيما اكتراها له، على نعت من القصور مثل أن يمكنه زرع الأرض بغير ماء، أو كان الماء ينحسر عن الأرض التي غرقت على وجه يمنع بعض الزراعة أو يسوء الزرع، أو كان يمكنه سكني ساحة الدار، إما في خيمة أو غيرها لم تنفسخ الإجارة لأن المنفعة المعقود عليها لم تزل بالكلية، فأشبه ما لو تعيبت وللمستأجر خيار الفسخ على ما ذكرنا. انتهى ملخصاً.
وينبغي أن يعلم أن مسائل النزاع لا يرفعها إلا قضاء القاضي الشرعي أو بالتحكيم الشرعي إن لم توجد ببلدكم محاكم شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(12/3264)
حكم الإجارة بجزء مما يحصل من غلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي عمره 27 عاما وهو غير متزوج حتى الآن وهو ليس له عمل وأنا قلق عليه وأريد أن أساعده كي يبدأ حياته ويتزوج حيث إنه قبل مدة قبضت عليه الشرطة لأن كان يهاتف إارأة ذات سمعة سيئة وبعدها ندم على فعلته وقال إنه لن يعود لمثل هذه الفعلة فأنا أريد أن أشتري سياة أجرة وأن أستأجره للعمل عليها ونتقاسم حسب العرف عندنا في قطاع غزة فهل يجوز لي ذلك مع أني أعلم أنه مدخن ولا يلتزم بصلاة الفجر فهل إن ساعدته أكون آثما أم أن مساعدتي له ربما تكون سببا في زواجه وعفافه وابتعاده عن المحرمات ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن مساعدتك لأخيك من أعمال الخير والبر، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
فجزاك الله خيرا لاهتمامك بشأن أخيك خاصة وأنك تسعى في إعفافه خشية الوقوع في الحرام، ولكن ينبغي ألا تقف عند المساعدة المادية، بل حاول دائما دعوته إلى الله تعالى وإصلاحه حتى يستقيم على أمر الصلاة وترك ما يفعله من المنكرات، ولعل ما تقدمه له يكون عونا لقبول دعوتك.
لكننا ننبه هنا إلى أن استئجارك لأخيك بجزء مما يحصل من غلة السيارة قد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يصح، وأن الواجب هو تحديد مبلغ متفق عليه بينك وبينه، وذهب الحنابلة إلى جواز الإجارة بالجزء، فالصواب أن تحدد لأخيك راتبا تتفقان عليه خروجا من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(12/3265)
حكم فسخ عقد الإجارة قبل انتهاء مدته
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أترك عملي وأذهب إلى عمل آخر.... فهل من الحرام أن أكمل باقي الشهر مع عملي الحالي وأنا أعلم أنني سأتركهم، علما بأني تحت التدريب ولا أضيف أي فائدة للشركة لعدم وجود مشروعات في الفترة الحالية، مع العلم بأني أخاف إن تركته الآن أن يضيع على أجر المدة التي اشتغلتها هذا الشهر، وهل من الحرام أن أتركهم؟ وقد زودوني بتدريب عالي المستوى ولم يأخذوا مني أي فائدة حيث إنه لا توجد مشروعات فى الفترة الحالية, حيث إن الشركة حديثة وليس لها مشروعات حتى الآن، مع العلم بأنني سألت صاحب الشركة في المقابلة هل لديكم أي مشروعات ولقد ادعى أن لديهم ثلاث مشروعات, وفي الحقيقة أنا أخاف أن لا يستطيعوا الحصول على مشروعات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق جمهور الفقهاء على أن عقد الإجارة عقد لازم من الطرفين، وأنه ليس لواحد منهما فسخه إذا وقع صحيحاً خالياً من خيار الشرط وخيار العيب وخيار الرؤية، وذهب الحنفية إلى أن الإجارة تفسخ بالأعذار والراجح هو مذهب الجمهور، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 46107.
فإذا كنت تعمل بعقد محدد المدة فيجب عليك الالتزام بعقد الإجارة حتى تنتهي المدة المتفق عليها، وقد سبق نحو هذا في الفتوى رقم: 109621.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1429(12/3266)
حكم فسخ عقد الإجارة قبل انتهاء مدته
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أترك عملي وأذهب إلى عمل آخر.... فهل من الحرام أن أكمل باقي الشهر مع عملي الحالي وأنا أعلم أنني سأتركهم، علما بأني تحت التدريب ولا أضيف أي فائدة للشركة لعدم وجود مشروعات في الفترة الحالية، مع العلم بأني أخاف إن تركته الآن أن يضيع على أجر المدة التي اشتغلتها هذا الشهر، وهل من الحرام أن أتركهم؟ وقد زودوني بتدريب عالي المستوى ولم يأخذوا مني أي فائدة حيث إنه لا توجد مشروعات فى الفترة الحالية, حيث إن الشركة حديثة وليس لها مشروعات حتى الآن، مع العلم بأنني سألت صاحب الشركة في المقابلة هل لديكم أي مشروعات ولقد ادعى أن لديهم ثلاث مشروعات, وفي الحقيقة أنا أخاف أن لا يستطيعوا الحصول على مشروعات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق جمهور الفقهاء على أن عقد الإجارة عقد لازم من الطرفين، وأنه ليس لواحد منهما فسخه إذا وقع صحيحاً خالياً من خيار الشرط وخيار العيب وخيار الرؤية، وذهب الحنفية إلى أن الإجارة تفسخ بالأعذار والراجح هو مذهب الجمهور، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 46107.
فإذا كنت تعمل بعقد محدد المدة فيجب عليك الالتزام بعقد الإجارة حتى تنتهي المدة المتفق عليها، وقد سبق نحو هذا في الفتوى رقم: 109621.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1429(12/3267)
المرجع في حساب ساعات العمل الإضافي
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة في قطاع البترول وهناك وقت إضافي يأتي بعد ساعات العمل الرسمية وكذلك في أيام العطل، علما بأنه يجب تغطية واجبات العمل أحيانا في أيام الإجازة وعادة لا تتجاوز ساعات العمل خمس ساعات أقل أو أكثر، فهل يجوز لي تسجيل ذلك اليوم وهو في مقدار عشر ساعات يوميا في صالحي؟ والمطلوب في العمل تغطية اليوم وليس الساعة تحديداً، ولنفرض أن المسؤول لا يمانع ذلك، فأفتوني في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أن تذكر عدد الساعات التي تقوم فيها بالعمل، ولا يجوز تسجيل هذه الساعات على أنها يوم، فإن ذلك من الكذب المحرم، ثم المرجع في ذلك إلى شروط التعاقد، فإن كان الاتفاق على أن يتم احتساب ساعات في الوقت الإضافي بيوم فلا بأس بذلك، لأن العقد هو المرجع عند التنازع في الحقوق والواجبات.
وإذا كان المدير المذكور مخولاً من جهة العمل العليا ومصرحاً له باحتساب هذه الساعات في الوقت الإضافي بيوم فلا بأس بذلك أيضاً، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6326، 26668، 99036.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(12/3268)
الأجرة والربح المضاعف.. رؤية شرعية أخلاقية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيبة أسنان تخرجت حديثا عرض علي العمل في مركز متخصص بعلاج الأسنان لم أذهب للعمل سوى يوم واحد، لم أستطع بعدها الذهاب مرة أخرى لخوفي أنه هناك شيء غريب يحصل, الطبيب يأخذ من المرضى كشفا للعلاج خياليا يصل إلى أكثر من 10 أضعاف ما يستحق العلاج، سألت ولكن كان الجواب أن له الحرية في أن يأخذ ما شاء من أتعابه وهو الذي يقرر المبلغ المطلوب، علما بأن المواد المستخدمة والعلاج نفسه هي نفسها موجودة في مراكز العلاج الأخرى التي تأخذ تكاليف العلاج أقل بكثير من هذا المركز، سؤالي هو: هل طبيب المركز على حق وهو لا يخالف الشريعة، أنا لا ارتاح مطلقا إذا دخلت للمركز وأشعر بالاختناق فيه؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الربح سواء كان عن بيع أو إجارة ليس له حد ينتهي إليه عند أهل العلم، بحيث يحرم ما زاد عليه، وما يأخذه الطبيب في مثل هذه الحالة يعتبر أجرة كشفه، ولكن لا ينبغي للمسلم أن يكون جشعاً أنانياً، لا يهمه إلا الجانب المادي فقط، وإنما يجب أن يكون الجانب الخلقي في صدارة اهتماماته وأهدافه، فيراعي الناس في بيعه لهم وشرائه منهم وفي كل معاملاته، وقد روى البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قول النبي صلى الله عليه وسلم: رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى.
ولا شك أن عدم ارتياحك لما يفعله هذا الطبيب دليل على السماحة الموافقة لأخلاق المسلم، ويستحب لك نصح المسؤولين عن هذا المركز بالرفق بالمرضى والتعامل معهم بسماحة وبلا استغلال لحالتهم، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5393، 14755، 33215، 72103.
كما ننبهك إلى أن عمل المرأة لا يجوز إلا بالضوابط الشرعية التي سبق بيانها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 522، 3859، 5181، 8972.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(12/3269)
اشتراط شركة التوظيف عدم العمل مباشرة مع شركات إلا بعد مرور سنتين من انتهاء عقده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركه توظيف العمالة، وترسلني الشركة للعمل في شركات أخرى, وتقوم شركه التوظيف بخصم 1000 شهريا نظير إيجاد العمل لي. اشترطت شركة التوظيف بأن لا أعمل مباشرة مع الشركات التي أرسلتني إليها سابقا إلا بعد مرور سنتين على انتهاء العقد بيني وبين شركة التوظيف.
السؤال: هل يجب علي الالتزام بهذا الشرط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يلتزم بالشروط التي يتفق عليها عند التعاقد مع غيره؛ لما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلمون عند شروطهم. رواه البخار ي تعليقا وأبو داود، وحسن إسناده ابن الملقن في خلاصة البدر المنير.
وهذا في غير الشروط التي تحل الحرام أو تحرم الحلال فهذه لا تحترم ولا كرامة لها، لما رواه البخاري عن عائشة قالت: قام رسول الله صلى الله عليه على المنبر فقال ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له وإن اشترط مائة مرة.
والذي يظهر لنا أن هذا الشرط المذكور من الشروط التي لا يجب الالتزام بها؛ لأن عقد الإجارة بينك وبين هذه الشركة إذا انتهى فلا سلطان لهم عليك بعد ذلك، فلا يحق لهم منعك من العمل في شركة أخرى لأن حقهم قاصر على فترة الدوام في أثناء التعاقد في زمن الإجارة، أي في مدة الدوام الرسمي بالنسبة للموظف، أما خارج مدة الدوام الرسمي فليس له عليه سبيل، فله أن يعمل ما شاء خارج هذا الدوام، وأحرى إذا كان ذلك بعد انتهاء التعاقد معهم.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 107337، والفتوى رقم: 58694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(12/3270)
ضوابط جواز الإيجار المنتهي بالتمليك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مواطن تونسي حريف بمصرف إسلامي وهو "بيت التمويل التونسي السعودي " يقول إن كل معاملاته شرعية بما في ذلك قسم الإيجار المالي حيث يشتري المصرف مثلا سيارة ويضيف أرباحه ثم تسلم للحريف في شكل إيجار لمدة يتم الاتفاق عليها. وبعد تسديد كل الأقساط يتنازل المصرف عنها للحريف. أسال عن مدى شرعية هاته المعاملات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصورة المذكورة هي إحدى صور الإيجار المنتهي بالتمليك، وهذه الصورة من الصور الجائزة إذا تم الالتزام فيها بضوابط الجواز، وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 110 (4/12) في دورته الثانية عشرة 1421هـ 2000م ما يلي:
ب -ضابط الجواز:
1- وجود عقدين منفصلين يستقل كل منهما عن الآخر زماناً، بحيث يكون إبرام عقد البيع بعد عقد الإجارة، أو وجود وعد بالتمليك في نهاية مدة الإجارة، والخيار يوازي الوعد في الأحكام.
2- أن تكون الإجارة فعلية وليست ساترة للبيع.
3- أن يكون ضمان العين المؤجرة على المالك لا على المستأجر، وبذلك يتحمل المؤجر ما يلحق العين من غير ناشيء من تعد المستأجر، أو تفريطه، ولا يلزم المستأجر بشيء إذا فاتت المنفعة.
4- إذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين تعاونيا إسلامياً لا تجارياً، ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر.
5- يجب أن تطبق على عقد الإجارة المنتهية بالتمليك أحكام الإجارة طوال مدة الإجارة، وأحكام البيع عند تملك العين.
6- تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجر لا على المستأجر طوال مدة الإجارة.
ثالثاً: من صور العقد الجائزة:
1- عقد إجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة، واقترن به عقد هبة العين للمستأجر معلقا على سداد كامل الأجرة، وذلك بعقد مستقل، أو وعد بالهبة بعد سداد كامل الأجرة (وذلك وفق ما جاء في قرار المجمع بالنسبة للهبة رقم (13/1/3) في دورته الثالثة. انتهى
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 2884، 6374، 109463.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1429(12/3271)
حكم عمل الموظف خارج وقت الدوام والكسب منه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف أعمل في القطاع الحكومي، فما حكم استثمار المال الخاص في مشروع قصد تحسين وضعي المادي بغية الزواج إذا كان القانون يمنع إنشاء المشاريع بالموازاة مع الوظيفة, فهل المال الذي أجنيه من المشروع حلال؟
شكر الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموظف الحكومي يعد أجيراً خاصا لدى الجهة التي يعمل عندها، ومن أحكام الأجير الخاص أنه لا يجوز أن يعمل أثناء الدوام في وظيفة أخرى، وأما خارج وقت الدوام فالأصل فيه الجواز إلا إذا اشترط عليه عدم العمل في العقد ورضي هو بهذا الشرط فإنه يلزمه الوفاء بهذا الشرط، فعن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه الترمذي وأخرجه أبو داود عن أبي هريرة.
وأما عن كسبك فهو حلال ما دام العمل الذي تعمل فيه حلالا، ولكنك تأثم لمخالفتك الشرط المذكور أثناء العقد، وقد روى البيهقي عن كليب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى يحب من العامل إذا عمل أن يحسن العمل. حسنه الألباني.
ومن إحسان العمل أن يراعي العامل شروط الوظيفة التي بينه وبين صاحب العمل، لكن إذا حصلت بعد ذلك على إذن من الشخص المسؤول بالعمل خارج وقت الدوام بشرط أن يكون ممن يملك الحق في الإذن فإنه يجوز لك العمل.
وتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16885، 33287، 71869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1429(12/3272)
المدرس حكمه كحكم الأجير الخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مدرسا وأعطي العمل حقه في الشرح لكنني لا أحبس كل الوقت ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدوام الرسمي الذي حدد ابتداء وانتهاء وتعاقد عليه الموظف مع جهة العمل لا يجوز الخروج قبل انتهائه، ولا التأخر عن بدايته دون عذر، لما في ذلك من الإخلال بالشرط المتعاقد عليه، والمسلمون على شروطهم. أخرجه أبو داود وابن حبان والحاكم وصححه الألباني وقد ذكره البخاري تعليقاً بلفظ: المسلمون عند شروطهم.
فالمدرس في حكم الأجير الخاص، قال ابن قدامة في المغني: فالخاص هو الذي يقع العقد عليه في مدة معلومة يستحق المستأجر نفعه في جميعها؛ كرجل استؤجر لخدمة أو عمل في بناء أو خياطة أو رعاية يوما أو شهرا، سمي خاصا لاختصاص المستأجر بنفعه في تلك المدة دون سائر الناس.....
فلا شك أن عدم حبسك كل الدوام حرام؛ إلا إذا أذن لك من يسوغ له الإذن فيجوز ذلك، ويحق للجهة التي تعمل بها أن تخصم من مرتبك بقدر ذلك الوقت الذي لا تداوم فيه، فالواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل، والالتزام بكامل الدوام وشروط العقد، للحديث السابق..
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11774، 52476، 60125، 102455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1429(12/3273)
حكم أخذ الموظف جزءا من الربح الناتج من بيع تذاكر طيران لغير شركته
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل أنا في شركة سياحة تحديدا في مجال حجز تذاكر الطيران في المنصورة, والسؤال هو: قد تتم تنفيذ بعض تذاكر الطيران من شركات أخرى مع العلم بأن الشركة التي أعمل فيها ليست معتمدة على هذا النوع من التذاكر في الدخل لها, ونقوم بدفع مبلغ للشركة الأخرى وهو قيمة التذكرة من شركة لشركة ونقوم نحن بمحاسبة العميل على المبلغ الطبيعي للتذكرة, فمن المؤكد أن يكون هناك مكسب أو ربح فى هذه التذكرة, فهل أعطى للشركة التي أعمل فيها الربح بالكامل الفائض أو أعطيها الربح بالكامل ولا آخذ منه شيئا؟
مع العلم أن زملائى في العمل وهم مدير الفرع وموظف الحجز الآخر يقومون بتخيل جزء من الربح كربح للشركة ويقومون بجزء المبلغ المتبقى منه - وإذا كنت سآخذ جزءا من الربح فما هي النسبة التي أعطيها كربح للشركة وما هي نسبتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموظف لا يجوز له أخذ غير مرتبه، وما حصل في عمله من ربح فإنه كله من حق شركته، فإن أخذ منه شيئا كان خائنا، أما إذا أخذ شيئا من غير الربح وهو ما دفعه له العميل بصفة شخصية فإن هذا يسمى بهدايا العمال، وهدايا العمال غير جائزة شرعا إلا إذا أذنت جهة العمل فيها.
فعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ الْلَّتَبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ قَالَ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ فَيَأْتِي فَيَقُولُ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ وَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطِهِ يَقُولُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ بَصْرَ عَيْنِي وَسَمْعَ أُذُنِي. رواه البخاري ومسلم. وعنه أيضا: هدايا العمال غلول. رواه أحمد وصححه الألباني.
وبناء على هذا، فما تحصلون عليه من ربح بعد محاسبة العميل عن طريق تذاكر الطيران من شركات أخرى لا يجوز لكم أخذه ولا أخذ جزء منه إلا بإذن من شركة السياحة التي تعملون فيها.
ثم إننا ننبه إلى أن العمل في شركات السياحة لا يخلو في الغالب من مباشرة فعل محرم أو إعانة عليه، فالنصيحة للمسلم الذي يرغب أن يكون مكسبه حلالا أن يبحث عن عمل يدر عليه ربحا بطريق حلال.
وللأهمية راجع الفتوى رقم: 99213.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1429(12/3274)
حكم تأجير محل لبيع الألبسة النسائية والحلاقة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على خدمتكم للأمة وبعد,,,
فما حكم تأجير 3 محلات إذا علم أن المستأجر سيستخدم أحدها كبوتيك للألبسة النسائية والآخر كحلاق رجالي والآخر ربما صالون نسائي مع العلم أن في البوتك غالبا إن لم يكن يقينا أنه ستباع الألبسة الشرعية وغير الشرعية للمتحجبات وغيرهم ومع العلم أن طبيعة البلد الأكثر هم من غير المتحجبات وربما يشترون الألبسة لحفلة أو ما شابه ذلك مع عدم التقيد بالضوابط الشرعية في هذه الحفلات وقد يبيع مستحضرات التجميل والتي لا يقتصر اظهارها على المحارم بل تظهرها النساء للكل والصالون النسائي أيضا غالبا لا يلتزم بالتعاليم الشرعية فتأتي المتحجبة وغير المتحجبة والأكثر من غير المتحجبات. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} ، دلت الآية الكريمة على حرمة التعاون على فعل محرم، ولذا نص الفقهاء على حرمة تأجير الدور لمن يستخدمها في بيع المحرم أو فعله.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز للرجل إجارة داره لمن يتخذها كنيسة أو بيعة أو يتخذها لبيع الخمر أو القمار. انتهى.
وعليه.. فإذا كانت هذه الألبسة تباع لمن ينتفع بها الانتفاع المباح، كأن تباع للمرأة التي تتجمل بها لزوجها فإنه يجوز بيعها والحالة هذه.
وأما إن كانت تباع لمن تتبرج به أمام الأجانب فلا يجوز ذلك، وأما إن جهل البائع حال المشتري فالعبرة بحال غالب الناس، فإن كان الغالب استعمال تلك السلعة في معصية الله حرم بيعها، وإن كان العكس جاز.
وعلى هذا التفصيل يتبين حكم تأجير المحل للألبسة النسائية فحيث جاز بيعها جاز تأجير المحل، وحيث حرم حرم تأجيره، وإذا اجتمع فيه بيع الحلال والحرام حرم تأجيره أيضا لما قرره العلماء من أن الحرام إذا اجتمع مع الحلال غلب الحرام.
قال الزركشي في المنثور في القواعد: إذا اجتمع الحلال والحرام أو المبيح والمحرم غُلِّب جانب الحرام.
ومثل هذا أيضا يقال في المحلين الآخرين، فبالنسبة لصالون الحلاقة فحلاقة اللحى محرمة في شرع الله، فلا يجوز العمل فيها أو الإعانة عليها، وتأجير المحل إلى من يفعلون ذلك إعانة لهم على منكرهم، فيحرم عليك تأجير محلك صالوناً للحلاقة إلا إذا كان المستأجر سيلتزم بالضوابط الشرعية وهي:
1- أن يقتصر العمل فيها على حلق ما جاز حلقه من الشعر، كشعر الرأس والشارب وغيرهما.
2- أن لا يحلق الشعر على هيئة فيها تشبه بالكفار أو النساء.
3- أن لا يحلق بعض الشعر، ويترك البعض الآخر، لأن هذا قزع قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن القزع. قيل لنافع: ما القزع؟ قال: يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعض.
وأما عن صالون النساء والحال -كما تقول- أن غالب نساء البلد متبرجات فلا يجوز لأنه من باب الإعانة على المعصية.
وعليك البحث عن أنشطة أخرى بعيدة عن الفتن والمعاصي والشبهات لكي تؤجرها لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1429(12/3275)
اشتراط الأجرة على الرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في أخذ الأجر عن الرقية الشرعية، وهل يجوز قطع أجر بعينه أو ثابت، وهل إذا لم يكتب الله الشفاء للمريض يكون في هذا إثم على الراقي لاجتهاده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بأخذ العوض على الرقية بالقرآن، فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيهم لديغ أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق، إن في الماء رجلاً لديغاً أو سليماً، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجراً؟! حتى قدموا المدينة فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجراً!، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب ال له. رواه البخاري في باب (الشرط في الرقية بقطيع من الغنم) ، وقال البغوي في شرح السنة: في الحديث دليل على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وجواز شرطه، وإليه ذهب عطاء والحكم، وبه قال مالك والشافعي، وأبو ثور، قال الحكم: ما سمعت فقيهاً يكرهه، وفيه دليل على جواز الرقية بالقرآن وبذكر الله، وأخذ الأجرة عليه، لأن القراءة والفقه من الأفعال المباحة. انتهى.
وعن علاقة بن صحار رضي الله عنه قال: أقبلنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتينا على حي من العرب، فقالوا: إنا أنبئنا أنكم قد جئتم من عند هذا الرجل بخير فهل عندكم من دواء أو رقية، فإن عندنا معتوهاً في القيود؟ قال: فقلنا: نعم، قال: فجاءوا بمعتوه في القيود، قال: فقرأت عليه فاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية كلما ختمتها أجمع بزاقي ثم أتفل، فكأنما نشط من عقال، قال: فأعطوني جعلاً، فقلت: لا؛ حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كل، فلعمري من أكل برقية باطل، لقد أكلت برقية حق. رواه أبو داود وأحمد وصححه الألباني.
ولا بأس بتعيين واشترط هذا العوض قبل الرقية، فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال: بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ (الحمد لله رب العالمين) فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة، قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا. فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له، فقال: وما يدريك أنها رقية. ثم قال: قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهماً. رواه البخاري ومسلم.
وأما مسألة عدم حصول الشفاء بعد الرقية واستحقاق الأجرة، فهذا بحسب الشرط، فإن اشترط الراقي أخذ الأجرة على رقيته بغض النظر عن أثرها فلا بأس، وإن اشترط المريض أن لا يدفع شيئاً إلا إن عوفي فلا بأس أيضاً، فقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن أخذ الأجرة على الرقية، فقال: أما من جهة أخذ الأجرة على الرقية على المريض فلا بأس بها ... إلخ. فقال السائل: ولكن هل أخذ الأجرة مشروط بأنه إذا شفاه الله عز وجل؟ فقال الشيخ: نعم، يجوز أن يشترط المريض أو المصاب على القارئ على أنه إن عوفي من ذلك فله كذا وكذا، وإلا فلا شيء له. لقاء الباب المفتوح..
وقد سبق ذكر حكم أخذ الأجرة على الرقية الشرعية في الفتوى رقم: 6125. ثم لا يخفى أنه مع جواز أخذ الأجرة على الرقية إلا أن الأفضل أن يفعلها الراقي حسبة لله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(12/3276)
حكم الانتقال من عمل لآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس أعمل في إحدى الدوائر الحكومية أتقاضى راتبا شهريا حصلت على وظيفة أخرى لدى نفس الحكومة التي أعمل بها ولكن مخصصاتها الهندسية تفوق الدائرة التي أعمل بها 100%فهل يجوز ترك الأولى والالتحاق بالثانية.
أفتوني جزاكم الله خيرا....]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز لك ترك الوظيفة الأولى والالتحاق بالثانية إذا وافقت الجهة الأولى أو لم يكن هناك عقد يلزمك بمدة معينة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإجارة من العقود اللازمة، وعلى الطرفين الالتزام بما اتفقا عليه من شروط فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:.. والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
ولذلك لا يجوز لأحد الطرفين نقضها قبل انقضاء المدة المتفق عليها إلا بموافقة الطرف الآخر.
وعليه؛ فإن كان هناك عقد بينك وبين جهة العمل الأولى يقتضي الالتزام بمدة معينة فلا يجوز لك الانتقال إلا بموافقة جهة العمل أو انتهاء المدة المحددة.
وإذا لم يكن هناك عقد واتفاق على مدة محددة فيجوز لكلا الطرفين إنهاؤها متى شاء وبدون إذن الآخر وموافقته..
وللمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم انظر الفتوى رقم: 52202.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(12/3277)
يعاني من الإجحاف في العقد فهل يسوغ له ذلك الأخذ من مال الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: عندما تكون العقود مجحفة في حقنا من جهة معينة, هل نستطيع أخذ حقنا إن استطعنا؟ ..يعني على سبيل المثال زوجي يعمل كمخبري في شركة طرق في فرنسا وهو يضطر للسفر إلى موقع العمل, وأحيانا أكثر من 400كم يوميا ويستهلك العديد من الساعات على الطريق ويضطر أحيانا أن يبقى في موقع العمل حتى يأخذ العينات اللازمة حتى لو انتهى وقت دوامه، وبذلك فإنه يعمل أكثر بكثير من الساعات التي قدر عددها ب37ونصف في الأسبوع، ثمن ذلك مكافأة لا تكاد تدفع نصف الساعات الزائدة, وفي بعض الأحيان عندما يكون المشروع بعيدا عن مدينتنا فإنه يحق له أن يقيم في مكان المشروع ويأخذ ما يقابل أجرة الأوتيل والطعام فقط, وطبعا في هذه المشاريع لا يكسب شيئا سوى البعد عن بيته وأسرته فوجد حلا كي يوفر النقود أن يعود كل يوم عوضا من النوم في الأوتيل ويأكل في المنزل ويوفر ال60 يورو, علما أنه ليس هنالك من عقد مكتوب في هذا الأمر، ولكننا بعد ذلك خفنا من هذا الأمر أن لا يكون حلالا فتوقف زوجي عنه وقرر أن يطلب الإذن من مدير الشركة علما أننا لا نثق بذمته لكنه هو المسؤول والذي بدوره رفض رفضا قطعيا, فقط بالمناسبة أريد أن أذكر شيئا عن ذلك المدير ففي أول فترة من تثبيت زوجي في عمله هذا علم مديره أني كنت حاملا وفي القانون يحق لزوجي ان يأخذ 11يوما عند ولادتي حتى يبقى قربي ولكن مديره اشترط عليه إن أراد التثبيت قبل موعد ولادتي أن لا يأخذ ال11يوما, وقبل زوجي لأنه مضطر للعمل وبذلك وعلى الرغم من أن القانون يبيح له بعد التثبيت, وحتى بعد مدة 3 أشهر من ولادتي أن يأخذ ال11يوما إلا أنه اضطر أن يفرط بحقه هذا..فماذا نفعل نحن كمسلمين نحترم العقود والوعود ولكن نجد الإجحاف بحقنا حتى في تلك العقود، والتي نكون أحيانا مجبرين على القبول بها وليس بخيارنا، فما رأيكم بالأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يفرج همك وهم زوجك وأن يغنيكما بحلاله عن حرامه، وما ذكرتيه من الإجحاف الذي يقع مع زوجك لا يبيح له أن يأخذ أكثر من الأجرة المتفق عليها، فإن قلة الأجرة لا تبيح الإخلال بالعقد، وما أخذه زوجك من مال غير الأجرة المتفق عليها يجب رده إلى الشركة، وإنما يجوز لزوجك أن يفسخ العقد الذي بينه وبين الشركة إذا كانت الشركة لا تفي بالتزاماتها كما هو الظاهر من كلامك، والذي ننصحك به أنت وزوجك هو تقوى الله عز وجل وكثرة الاستغفار والدعاء، كما ننصح زوجك بمحاولة إقناع المسؤولين في الشركة بعدم بخس حقه أو السعي في البحث عن عمل أفضل.
ويمكنك أن تراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 108592.
كما يمكنك مراجعة حكم الإقامة في بلاد الكفر في الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(12/3278)
من اشتغل عند شخص ولم يتكلم معه في شأن الأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيبة وزوجي صيدلي ورزقنا الله صيدلية فتركت إكمال تكليفي وعملي ووقفت في الصيدلية وأنا الآن أعمل معه سنة كاملة بدون مقابل وهو يرفض إعطائي راتبا. أليس من حقي الحصول على راتب وهل يجوز لي الحصول عليه دون علمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن الأصل في عمل المرأة أن يكون في بيتها وتربية أبنائها ورعايتهم ... وخاصة إذا وجدت من يقوم بشؤونها خارج البيت، قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب:33} .
وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن من عمل لغيره عملا ولم يتكلم معه في شأن الأجرة، فإن كان ذلك الشخص ممن يعمل بالأجرة لمثل ذلك الشخص عادة فله أجرة المثل. وإن لم يكن ممن يعمل لمثله بأجر فليس له شيء؛ لأنه يعد متبرعا بعمله ما لم تطب نفس الآخر بشيء يعطيه له.
جاء في درر الحكام: إذا أمر أحدٌ آخر بعملٍ ما له ولم يذكر له أجرة عمله وكان ممن يشتغل ذلك العمل لذلك الرجل أو غيره عادة بلا أجرة كان متبرعا وليس له أجرة، وإذا كان ممن يشتغل ذلك بالأجرة فله أخذ أجرة المثل بالغا ما بلغ.
وعليه، فالواجب هنا النظر في الحال التي أنتِ فيها مع زوجك، فإن كان من المعتاد أن تعملي له بأجر فإنه يكون لك أجر المثل، وإلا لم يكن لك شيء.
وإذا تقرر لك حق ولم يقبل الزوج بصرفه لك فمن حقك أخذه دون علمه، وهو ما يسميه الفقهاء بالظفر بالحق، ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 28871.
وهذا بالنسبة لما مضى من الزمن قبل مطالبتك بالأجر، وأما بعد ذلك فإنه لا يجوز أن يستمر الحال على هذا النحو، بل الواجب أن يحدد لك زوجك أجرة أو ترضي بالعمل معه متبرعة؛ لأن من شروط صحة الإجارة معرفة قدر الأجرة.
وإذا أصر الزوج على أنه لا يعطيك شيئا فليس لك أخذه بدون علمه؛ لأنك بالعمل معه في هذه الحالة قد رضيت بالعمل دون أجرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1429(12/3279)
حكم تأجير قاعات للأفراح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في العمل في تأجير قاعات الأفراح مع العلم أن هذه الأفراح يكون فيها الكثير مما يغضب الله مثل الرقص والغناء والموسيقى والاختلاط.
مع العلم أنني غير مسؤول عما يحدث في القاعة، أنا بقوم بتأجير القاعة فقط بدون مطربين أو راقصين أنا أؤجر كراسي وترابيزات وقاعة فقط، هل المال الناتج عن هذا العمل حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المؤجر يعلم أن قاعات الأفراح يستأجرها المستأجرون لارتكاب المحرمات فيها مثل الرقص والغناء والموسيقى والاختلاط حرم تأجير هذه القاعات لهم لأن ذلك من باب التعاون على الإثم، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ {المائدة:2}
وبالتالي تكون الإجارة فاسدة ويكون المال المأخوذ حراما تجب التوبة منه بالتخلص منه بإنفاقه في وجوه البر.
قال في مطالب أولي النهى: ولا تصح إجارة دار لتجعل كنسية أو بيعة أو صومعة أو بيت نار لتعبد المجوس أو لبيع خمر وقمار لأن ذلك إعانة على المعصية قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ.
وفي الموسوعة الفقهية: إذا استأجر ذمي دارا من مسلم على أنه سيتخذها كنسية أو حانوتا لبيع الخمر فالجمهور المالكية والشافعية والحنابلة وأصحاب أبي حنيفة على أن الإجارة فاسدة لأنها على معصية.
وما قلت من أنك تقوم بتأجير القاعة فقط بدون مطربين أو راقصين لا يصحح الإجارة إذا كانت المنفعة المقصودة بها يستعان بها على محرم.
وانظر ما يترتب على فساد الإجارة في الفتوى رقم: 67088.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(12/3280)
حكم عمل الموظف بعد دوامه إذا منعته جهة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة وأريد أن أفتح حضانة في منزلي ولكني لن أضع لوحة لأنه لا يحق للموظف أن يعمل مشروعا تجاريا حيث لا يعطى للموظف ترخيص لفتح المشروع ووضع لوحة بالاسم المشروع وهذه الحضانة صغيرة يمكن يوجد بها قليل من الأطفال فهل ما أقوم به حلال من ناحية الكسب أم لا؟ ما فعلته أنا مثل ما يقوم به المدرس الخصوصي في منزلي وبدون لوحة بما إن الإنسان حر في منزله يأكل ويشرب و ... و... فهل عمله بتجارة بسيطة غير معلنة بشكل رسمي هو من باب الحرية أرجو أن يتضح سؤالي لكم بارك الله بكم أرجو الرد سريعا.
أخي الكريم / أختي الكريمة:
نحيلك على (سؤال/أسئلة) سابقة يتضمن الجواب عليها ما استفسرت عنه في سؤالك
الفتوى
الفهرس» فقه المعاملات (11768)
رقم الفتوى: 30048
عنوان الفتوى: حكم مزاولة العمل الحلال بدون ترخيص
تاريخ الفتوى: 25 محرم 1424 / 29-03-2003
السؤال
هل مزاولة عمل ما حلال.. ولكن بدون ترخيص.. أو موافقة جهة ما يجوز أو لا يجوز؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسؤالك مجمل يحتاج إلى بيان حتى يتم الجواب عليه مفصلاً؛ لأن بعض الأشياء لا يجوز للإنسان أن يفعلها إلا بموافقة الجهة الرسمية أو المسؤولة عن فعل ذلك الشيء لما في ذلك من الضبط والمصلحة، وتارة يكون مباحاً فعله مع منع الجهة الرسمية من ذلك لما في منعها من الظلم والمخالفة للشرع ونحو ذلك.
والله أعلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في تأسيس حضانة في البيت الجواز، والأجرة مقابل الرعاية التي يقوم بها مؤسس الحضانة مباحة لأنها عوض عن عمل مباح.
وإذا كان جهة العمل دولة كانت أو مؤسسة أو فردا اشترطت على موظفها أن لا يكون له شغل آخر ووافق الموظف على ذلك، وجب عليه الوفاء بذلك، فلا يحل له بمقتضى قبوله هذا الشرط أن يكون له شغل آخر، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
وبناء على هذا، فالكسب الحاصل من ريع الحضانة كسب مباح، لكن مخالفة الشرط المذكور معصية تجب التوبة منها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 31690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1429(12/3281)
حكم أخذ أجرة عن معلومات ثقافية يضعها في منتديات متنوعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عضو في 3 مجلات للمعلومات بإحدى المنتديات ومهمتنا نحن الأعضاء تقديم معلومات علمية ثقافية متنوعة , والهدف منها ثتقيف الأعضاء العرب مقابل فوز بوسام ونقاط تميز، وكل من يشارك يفوز.
السؤال هو: هل يكتسب أجر مقابل هذا العمل المتعب كثيرا مع العلم أني أضع نفس المعلومات في كل مرة (أي في كل عدد من المجلة) مثل جميع الأعضاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هذا العمل حلالا ومباحا، وما تقدمه من المعلومات الثقافية لا يضر بالدين ولا يحمل أفكارا هدامة، والهدف منه توعية المجتمع، فلا مانع من أن تأخذ أجرا على هذا العمل، وأما كون المعلومات متكررة فلا مانع، إلا في حالة أن القائمين على العمل يشترطون خلاف ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1429(12/3282)
حكم الإيجار المنتهي بالتمليك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استخراج السيارة من الوكيل بنظام التأجير المنتهي بالتمليك؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإيجار المنتهي بالتمليك له صور عدة منها ما هو جائز ومنها ما هو محرم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6374، فلتراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(12/3283)
عقد الإجارة لازم من الطرفين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مستأجرة بيتا, وعقد الإيجار لمدة سنة وكل سنة أدفع الإيجار في المدة المحددة, ولكن هذه السنة أود الانتقال إلى بيت آخر فدفعت نصف الإيجار لمدة 6 أشهر على أن أكمله بعد 6 أشهر.
فهل يجوز الانتقال إلى بيت آخر في النصف سنة الأولى من السنة ولا أكمل القسط الثاني من الإيجار؟ لأني أكون قد انتقلت إلى بيت آخر ولن أسكن في هذا البيت في نصف السنة الآخر.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو الالتزام بعقد الإجارة حسب ما تم الاتفاق عليه، فإذا كنت قد اتفقت على إجارة البيت لمدة سنة لزمك الوفاء بهذا العقد ودفع كامل الأجرة المتفق عليها، إلا أن يرضى المؤجر بفسخ عقد الإجارة في باقي المدة، ولكن لك الانتفاع بهذا البيت بقية المدة كأن تؤجريه لمالكه أو لشخص آخر حتى لا تخسري منفعة المنزل التي ملكتها بالعقد.
وقد اتفق جمهور الفقهاء على أن عقد الإجارة عقد لازم من الطرفين، وأنه ليس لواحد منهما فسخه إذا وقع صحيحا خاليا من خيار الشرط والعيب والرؤية، وذهب الحنفية إلى أن الإجارة تفسخ بالأعذار الخاصة، والراجح هو مذهب الجمهور، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 46107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(12/3284)
لا يجوز لك استعمال بطاقة صديقك في المواصلات العامة بحجة انتهاء مدة بطاقتك
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس في إحدى الدول الأوروبية وأستخدم بطاقة الطالب متوسطة السعر في المواصلات العامة، أجددها شهرياً وانتهت قبل سفري بأسبوع فقط، ولا يستحق هذا الأسبوع أن أدفع ثمن بطاقة شهر كامل، فهل يحق لي استخدام بطاقة صديقي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أن تستخدم بطاقة غير بطاقتك؛ لما فيه من التعدي على حقوق الغير، وأكل أموالهم دون وجه حق. فقد قال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} .
وقال صلى الله عليه وسلم: أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خطبته فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَتَدْرُونَ فِي أَيِّ شَهْرٍ أَنْتُمْ وَفِي أَيِّ يَوْمٍ أَنْتُمْ وَفِي أَيِّ بَلَدٍ أَنْتُمْ قَالُوا فِي يَوْمٍ حَرَامٍ وَشَهْرٍ حَرَامٍ وَبَلَدٍ حَرَامٍ قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَهُ. ثُمَّ قَالَ: اسْمَعُوا مِنِّي تَعِيشُوا أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا؛ إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ. رواه أحمد.
وقد سبقت فتوى في هذا المعنى برقم: 33032.
وأما كونك لن تستخدم البطاقة الجديدة إلا أسبوعا واحدا، فهذا لا يسوغ التعدي على حقوق الناس، وعليك أن توازن بين السعر المخفض للبطاقة الجديدة، وبين كامل السعر لمدة أسبوع بدون بطاقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(12/3285)
يجب عليك أجرة المثل.
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى محل الحلاقة وطلبت منه حلق رأسي فقط وأثناء الحلاقة بداء يغريني بأمور أخرى كعمل صنفرة للوجه وترطيب ومن هذه الأشياء وأنا لم أرغب في ذلك لكن هو بدا لي مصرا على فعله ولم أقل له شي وتركته ينفذ ما يقول وبعد الانتهاء سألته عن السعر وقال 50 ريالا وأنا لا أملك سوى 20 ريالا فأعطيته إياها وقلت له سوف أذهب إلى البيت وأكمل لك باقي المبلغ ولكن رجعت إلى البيت ولم أجد المبلغ الباقي متوفرا سؤالي: هل أنا مجبر أن أكمل المبلغ علما بأن الحلاق هو من بدا مصرا على فعل الأشياء المذكورة أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة تندرج في باب الإجارة، ومن شروط صحتها معلومية الأجرة.
قال ابن قدامة: يُشْتَرَطُ فِي عِوَضِ الْإِجَارَةِ كَوْنُهُ مَعْلُومًا. لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ, فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا, كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ. انتهى
وكون السائل لم يقل للحلاق شيئا وتركه ينفذ ما يقول، فهذا يعتبر رضا بعرضه، وعليه فلا فرق بين كون الحلاق هو الذي طلب بذل هذه المنفعة، وبين كونك أنت الذي طلبت منه ذلك. وإلحاحه في الطلب لا يغير الحكم، فكان في إمكانك الامتناع عن عرضه مهما ألح.
وإذا كان الحال كذلك، وقد استوفيت أنت المنفعة، فإنه يجب عليك أجرة المثل.
قال السيوطي في الأشباه والنظائر: إذَا اختلفا فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَتَحَالَفَا: فَسَدَ الْعَقْدُ , وَرُجِعَ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْل.
وجاء في الموسوعة الفقهية: يَجِبُ الْعِلْمُ بِالأَْجْرِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ ... وَلَوْ كَانَ فِي الأَْجْرِ جَهَالَةٌ مُفْضِيَةٌ لِلنِّزَاعِ فَسَدَ الْعَقْدُ، فَإِنِ اسْتُوْفِيَتِ الْمَنْفَعَةُ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْل، وَهُوَ مَا يُقَدِّرُهُ أَهْل الْخِبْرَةِ
وقد سبقت بعض الفتاوى في بيان أجرة المثل: 3297، 72491، 52619، 43972.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(12/3286)
استأجر شقة بدون تحديد مدة ثم تركها.. هل يلزمه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ ستة عشر عاما ولم يكن لزوجي منزل سوى شقة مؤجرة ورثها عن والده وعشنا بهذه الشقة حوالي ثلاثة عشر عاما وبالطبع كان أصحاب المنزل متضررين لأن الإيجارات القديمة زهيدة ولا تتناسب مع قيمة إيجار الشقة الجديد، وكنا ساعتها نعمل بمبدأ أن العقد شريعة المتعاقدين ولم نلق لاعتراضهم بالا إلا أننا حين تيسرت ظروفنا واستطعنا الحصول على شقة أخرى بعد ثلاثة عشر عاما تركنا لهم الشقة بدون أي مقابل، فهل علينا وزر فيما كنا نفعل؟ وهل على أصحاب هذه الشقة علينا الآن أي حقوق أمام الله عز وجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط لصحة عقد الإجارة بيان المدة التي تنتهي فيها، فإذا لم تبين هذه المدة فالإجارة فاسدة مفسوخة.
قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استئجار المنازل والدواب جائز، ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة. اهـ.
وتكون الإجارة فاسدة لخلوها من تحديد المدة، وما كان كذلك يجب فسخه، وتجب فيه أجرة المثل، ثم المؤجر مخير بين تأجيره لهذا المستأجر أو لغيره، ولا يحل للمستأجر البقاء على عقد الإجارة الذي لم تحدد مدته، متكئا في ذلك على عقد فاسد أو قوانين وضعية تسمح بهذا، فعليه أن يعلم أن كل شرط أو قانون خالف حكم الله فهو باطل، وأن عليه بمقتضى الإسلام أن يذعن لحكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وراجع الفتوى رقم: 58077.
وعلى هذا فإن بقاءكم في الشقة المستأجرة بذلك العقد الفاسد لا يجوز شرعاً ويجب عليكم التوبة من تلك المعصية، وقولكم بأن العقد شريعة المتعاقدين فهو مقيد بما لم يخالف الشرع، وقد أحسنتم بترككم لتلك الشقة ولكن يلزمكم في المدة التي سكنتم فيها بتلك الشقة أجر المثل إلا أن يرضى أصحابها عن طيب نفسٍ منهم أن يتنازلوا عن حقهم في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(12/3287)
حكم أخد أجرة على تعليم العربية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخد أجرة على تعليم العربية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخذ أجرة على تعليم اللغة العربية لا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1429(12/3288)
خلو عقد الإيجار عن مدة محددة
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم على هذا الموقع الرائع فعلا تستحقون كل شكر وتقدير، سؤالي يتعلق بالإجارة فقد كنت أبحث في موقعكم عن حكم أخد أجرة على تعليم العربية وإذا بي أرى أن الإجارة إذا كانت غير معلومة المدة والثمن فهي فاسدة فتبادر إلى ذهني كل عقود الإجارة التي نوقعها كالبيت الذي نسكن فيه فقد كنت سمعت قبل مدة أنه يجب تحديد المدة وبالفعل فعندما راجعت العقد وجدت أن مدة العقد شهر وأنها تتجدد تلقائيا وهو ما يسمى بالمشاهرة ورأيت أنكم تجيزون ولكن المالك يزيد في ثمن الكراء نسبة مؤوية غير معلومة تحددها الدولة كل سنة وليس للمالك أن يخرج الأجير من البيت علما بأن هذه المساكن تملكها الدولة أو مراكز لا تبتغي الربح وتكون ممولة من طرف الدولة وهي مخصصة لذوي الدخل المحدود فهل إلزام الدولة لنفسها أو للمراكز الغير الهادفة للربح بأن لا تخرج الأجير من البيت يجعل العقد غير فاسد
وبالنسبة للزيادة في النسبة المئوية فهي ما زالت لا تطبق بعد. أتمنى أن تفتوني في هذا الأمر فلا أدري ماذا أفعل
أما بالنسبة لسؤالي الثاني فيتعلق بزوجي فهو مضى على عقد عمل غير محدود المدة ولكن معولم الأجر وهو في الثلاث الأشهر الأولى التي يستطيع كل من الطرفين إنهاء العقد في الوقت الذي يريده وإذا مرت الثلاث الأشهر الأولى فليس للمستأجر فسخ العقد إذا كان ذلك لا يجوز فهل له أن يستمر في العمل الثلاث أشهر الأولى ويخرج من العمل بعدها لأنه يعمل حارس وأكثر الأعمال التي تعرض عليه هي حراسة الأسواق سوبرماركت التي يوجد من بين موادها الخمر مثلا فهل هذا ينطبق عليه الفتوى رقم 96378 ويجعله جائزا بما أننا في بلد غير مسلم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إلزام الدولة لنفسها أو للمراكز غير الهادفة للربح بأن لا تخرج المستأجر من البيت لا يؤثر على عقد الإجارة ما دام المستأجر حرا في ترك السكن عند انتهاء العقد، ولكن ما يشكل هاهنا هو خلو العقد عن مدة معلومة، وتحديد المدة شرط في صحة الإجارة.
قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استئجار المنازل والدواب جائز، ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة.
كما أنه لا بد من تحديد الاجرة فلا يمكن أن تكون مجهولة فأي نسبة مئوية تزاد عند تجديد العقد لا بد أن تكون معلومة فلا بد أن يحدد مدة للعقد ينتهي بنهايتها، ثم إذا أراد المؤجر والمستأجر تجديد العقد فلهما ذلك، ولا يضر كونهما اتفقا على أن يكون لكل منهما الحرية في فسخ العقد خلال الثلاثة شهور الأولى لأن ذلك من الشروط الجائزة، وقد قال صلى الله عليه وسلم المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني
وبخصوص انطباق الفتوى رقم: 96378، على حراسة الأسواق التي يوجد من بين موادها ما هو محرم فإنها منطبقة عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1429(12/3289)
هل تنفسخ الإجارة ببيع العين المستأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أجر شخص محلا تجاريا متصلا بمبنى بمبلغ معين وقبض الثمن مسبقاً لمدة 3 سنوات قادمة, وبعد انقضاء عام باع العقار والمحل بمبلغ 70 مليونا مثلاً, واشترط على المشتري أن يقبل البائع بهذا المبلغ بشرط أن لا يطالبه بمبلغ التأجير المتبقي لمدة العامين المقبلين اللذين قبض ثمنهما مسبقا، فوافق المشتري، وبذلك صار مبلغ البيع 70 مليونا+ مبلغ التأجير المتبقي، لكن بعد مدة قصد المشتري مستأجر المحل وطالبه بملغ التأجير لأنه صار هو المالك الآن, فأخبره بأنه سدد مبلغ التأجير للمالك الأول كما تم في شرط البيع، فاغتاظ المشتري وقال للبائع هذا خداع فكيف يحدث أنا المالك الآن وأنت تقبض الثمن، فقال له: المؤمنون عند شروطهم وأنا قبلت ثمن 70 مليونا بشرط الإستفادة من مبلغ التأجير الذي كنت أخذته مسبقا قبل البيع، فقال نتخاصم يوم القيامة أمام الله، فماذ يجب أن نفعل، وهل في هذا البيع خلل، ومن هو الظالم، والله هذه هي الحقيقة, أنا مستعد إذا كان الخطأ مني أن أعيد له المبلغ بالتقسيط من أجرة وظيفتي المتواضعة, أحب أن أكون عبد الله المظلوم ولا أكون عبد الله الظالم، فأريحونا بجواب شاف كاف؟ ولكم الأجر عند الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإجارة من العقود اللازمة ومن ثمار هذا اللزوم أن المؤجر يملك الثمن، والمستأجر يملك المنفعة، وأن الإجارة لا تنفسخ ببيع العين المستأجرة إذا علم بالإجارة، جاء في كشاف القناع: ولا تنفسخ الإجارة لشراء مستأجرها أي العين المؤجرة لأنه كان مالكاً للمنفعة ثم ملك الرقبة ولا تنافي بينهما. وجاء في المغني: إذا أجر عيناً ثم باعها صح البيع نص عليه أحمد، باعها للمستأجر أو لغيره ... فإن اشتراها المستأجر صح البيع أيضاً، لأنه يصح بيعها لغيره فله أولى.
ولا يجوز للمشتري أن يشترط الأجرة لنفسه عند المالكية، جاء في القوانين الفقهية لابن جزي من المالكية: يجوز بيع الرباع والأرض المكتراة خلافاً للشافعي، لا ينفسخ الكراء، ويكون واجب الكراء في بقية مدة الكراء للبائع، ولا يجوز أن يشترطه المشتري لأنه يؤول إلى الربا إلا إن كان البيع بعرض، وإن لم يعلم المشتري أن الأرض مكتراة فذلك عيب له القيام به.
وقال في أسنى المطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: (وللمشتري الخيار) في فسخ البيع (إن جهل) الإجارة بخلاف ما إذا علمها نعم لو قال علمتها ولكن ظننت أن لي أجرة ما يحدث على ملكي من المنفعة فأفتى الغزالي بثبوت الخيار له إن كان ممن يشتبه عليه ذلك والشاشي بالمنع، قال الزركشي والأول أوجه لأنه مما يخفى.
وبناء على هذا فإنه لا حق للمشتري في هذه الأجرة، ولا حق للمشتري في مطالبة المستأجر بأجرة بقية المدة، والبيع المذكور بيع صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1429(12/3290)
إيجار المحلات التجارية لبيع واقتراف المحرمات
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اشترى عمارة تجارية، فيها شقق ومحلات تجارية، وكانت العمارة مؤجرة لمجموعة محلات ومصالح تجارية قبل شرائها من مالكها السابق، وبعد الشراء وجد الشاري (المالك الجديد) أن أحد المحلات المؤجرة - والتي ما زال عقد إيجارها ساريا-، هو محل مقهى يبيع السجائر، وبه خدمة تقديم الشيشة، وهي كما تعلمون وحسب ما أخبرني بعضهم أن مادة دخانها من الفواكه المعمولة بطرق معينة، وسؤالي سواء كانت الشيشة من الغليون المحرم، أو من مادة الفواكه المصنعة وغير ذلك، فهل على مالك العمارة الجديد إثم في ذلك، وهل هو مطالب بإلغاء عقود المستأجرين الذين ما زالت عقودهم سارية، وماذا يفعل إذا كانت القوانين تحمي هؤلاء ولا يستطيع إلغاءها، والمالك الجديد يريد الحلال، فماذا يفعل وكيف يتصرف، أرجو بيان الحكم الشرعي وتفصيل هذا الأمر فيه وفي غيره مما يشبهه.
مع بيان حكم الشيشة التي مادة دخانها مصنعة من الفواكه وليس من الغليون. وذلك لعموم البلوى بها. ولكم تقديري وشكري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إيجار المحلات التجارية لبيع المحرمات شرعا كالخمر والشيشة لا يصح، ويجب فسخه لأن فيه إعانة على المعاصي، وقد حرم الله ذلك.
قال في مطالب أولي النهى: (ولا) تصح إجارة (دار لتجعل كنيسة) أو بيعة أو صومعة، (أو بيت نار) لتعبّد المجوس، (أو لبيع خمر وقمار) ؛ لأن ذلك إعانة على المعصية. قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.
وفي الموسوعة الفقهية: إذا استأجر ذمي دارا من مسلم على أنه سيتخذها كنيسة أو حانوتا لبيع الخمر، فالجمهور -المالكية والشافعية والحنابلة وأصحاب أبي حنيفة- على أن الإجارة فاسدة، لأنها على معصية.
هذا إذا حدد في العقد أنها تراد لذلك، وإذا لم يحدد ذلك فالإجارة صحيحة، ويلزم المستأجر باستخدامها في الحلال، وبترك استخدامها في المنكر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. راوه مسلم.
وإذا أكرهت من طرف السلطات على إقرار صاحب المحل على منكره حتى تنتهي مدة إيجاره المتفق عليها فلا إثم عليك، وإنما الإثم عليها هي لإقرارها المنكر.
وليس بيع العين المؤجرة موجبا لفسخ الإجارة، حتى يحق لك إلغاء عقود المستأجرين قبل نهاية مددها.
جاء في المغني: إذا أجر عينا ثم باعها صح البيع نص عليه أحمد، باعها للمستأجر أو لغيره ... فإن اشتراها المستأجر صح البيع أيضا، لأنه يصح بيعها لغيره فله أولى.
ولا عبره بما قيل عن تركيبها ـ إن صح ـ ما دامت العلل الموجبة للتحريم موجودة أو موجود بعضها؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1429(12/3291)
الواجب في الإجارة الفاسدة أجرة المثل
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الجليل أرجو من حضرتك توضيح قاعدة (أجرة المثل في الإجارة الفاسدة، وما وراء ذلك فهو حرام) ، ومدى تطبيقها على من يعمل بوظيفة في تخصصه على وجه لائق بعد أن قدم في أوراق تعيينه شهادة خبرة مزيفة في نفس التخصص فهل أمواله كلها حرام، أو جزء منها وهل يستمر في العمل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم قاعدة بهذا العنوان المذكور ولكن أجرة المثل تجب في مواضع منها: الإجارة الفاسدة، والإجارة الفاسدة هي التي اختل منها شرط أو أكثر من شروط الصحة، واختلفوا إذا زادت أجرة المثل على المسمى، جاء في الجوهرة من كتب الحنفية: والواجب في الإجارة الفاسدة أجرة المثل لا يتجاوز بها المسمى، وقال زفر: له أجرة المثل بالغة ما بلغت. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية: إذا فسدت الإجارة واستوفى المستأجر المنفعة فعند المالكية والشافعية والحنابلة وزفر من الحنفية يجب أجرة المثل بالغاً ما بلغ أي ولو زاد على المسمى.. وعند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد يجب أجر المثل بشرط أن لا يزيد عن المسمى إذا كان في العقد تسمية، فإذا لم يكن في العقد تسمية وجب أجر المثل بالغاً ما بلغ.
وأما عن المعاملة محل السؤال فليست من هذا الباب، والإجارة صحيحة إذا كان صاحبها يتقن المجال الذي يستخدم فيه ولم تكن الشهادة الصحيحة شرطاً في قبوله، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 17590، وراجع في حكم الشهادة المزورة الفتوى رقم: 107897.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1429(12/3292)
من تبرع بعمل فلا يصح له المطالبة بأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بتصميم مشروع بناء مصنع مقابل مبلغ من المال وبعد المباشرة في المشروع المتفق عليه طلب مني صاحب المشروع إتمام الإجراءات القانونية للحصول على رخصة بناء طابق ثان، فقمت بالإجراءات الإدارية وتم الحصول على رخصة بناء طابق ثان بدون الاتفاق المسبق على الأجر، وعند مطالبتي له بتسديد مبلغ ألف وخمسمائة دينار من المال مقابل الإجراءات الإدارية التي خولت له الحصول على رخصة بناء طابق ثان قام بتسديد مبلغ ألف دينار على أن أتنازل له عن خمسمائة دينار إلا أني رفضت وطلبت منه بأن يعطيني مقابل الخمسمائة دينار ملابس لأطفالي يقوم بصناعتها في مصنعه، إلا أنه قال لي خذ ما تريد من الملابس بدون مقابل وبعد مرور سنة لم آخذ منه الملابس رغم مطالبتي له بإعطائي الملابس، كما قمت بإضافة أعمال هندسية خارج الاتفاق بطلب منه دون أن أطلب منه أجراً مقابل هذا العمل بطيب نفس مني وأعلمته بذلك، هل يجوز لي مطالبة صاحب العمل بتسديد مبلغ خمسمائة دينار عوضا عن الملابس التي وعدني بأخذها ولم آخذها، وهل يجوز لي مطالبة صاحب المشروع بتسديد مبلغ من المال عن عمل قمت به بدون مقابل عن طيب نفس رغم مرور عام عن هذا العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط الإجارة الصحيحة أن تكون الأجرة معلومة، فإذا كانت الأجرة مجهولة فسدت الإجارة واستحق الأجير أجرة المثل، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 106501.
وبناء على ذلك فما دمت لم تتفق مع صاحب المصنع على أجرة لما تقوم به من إجراءات إدارية فالإجارة على إنجاز هذه الإجراءات فاسدة، والواجب لك فيها أجرة المثل، وإذا تراضيتما على شيء ما جاز لأن الحق لكما، فإذا كنت قد اتفقت معه على أن تأخذ استكمالاً لحقك ملابس بخمسمائة دينار، فالواجب عليه أن يوفيك ذلك، أما إذا كنت لم تتفق معه فلا يلزمه أن يعطيك هذه الملابس، ولك أن ترفع الأمر للقضاء ليحكم بما هو أجرة المثل.
هذا ما يتعلق بجواب الجزء الأول من السؤال.. أما جواب الجزء الثاني فلا يجوز لك مطالبة صاحب المشروع بتسديد مبلغ من المال عن عمل قمت به بدون مقابل عن طيب نفس، لأنك قد تبرعت بالقيام بهذا العمل وقبل منك صاحب العمل هذا التبرع فلا يجب لك أجر في مقابل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1429(12/3293)
استأجر مطربين ثم تاب قبل أن يعطيهم الأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل استأجر مطربين لحفل زفافه واشترط معهم على أن يعطيهم الأجرة بعد الزواج لمدة معينة وأثناء المدة المحددة تاب الرجل إلى الله وطالبه المطربون بالمبلغ.. فهل يعطيهم المبلغ أم لا؟، فأرشدوني جزاكم الله خيراً..علماً بأن الأجرة في محرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الغناء الذي فعله هؤلاء غناء محرماً كأن كان مشتملاً على آلة عزف ولهو أو كان بكلام فاحش يثير الغرائز والشهوات فإنه محرم يحرم فعله وسماعه وتحرم المعاوضة عليه.
جاء في أحكام القرآن للجصاص ف ي صور أكل المال بالباطل: أخذه من جهة محظورة نحو أجرة الغناء والقيان والملاهي. انتهى.
وجاء في المغني: وما لا يجوز أخذ الأجرة عليه في الإجارة مثل الغناء والزمر ... انتهى.
جاء في حاشية العدوي في شرائط الإجارة: المنفعة وشرطها أن تكون مباحة احترازاً من الغناء وآلات الطرب. انتهى.
وبناء على ما تقدم.. فلا يجوز لمن استأجر هؤلاء أن يدفع لهم شيئاً، ولكن مع ذلك فليس له أن يحتفظ به لنفسه؛ بل عليه أن يتخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين العامة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن باع خمراً لم يملك ثمنه ... بل يؤخذ هذ المال فيصرف في مصالح المسلمين، كما قيل في مهر البغي وحلوان الكاهن وأمثال ذلك مما هو عوض عن عين أو منفعة محرمة إذا كان العاصي قد استوفى العوض. انتهى..
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 46731.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1429(12/3294)
طلب من معقب معاملات مساعدته في أمر ولم يستطع أداءه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي من والدي يعمل معقبأ في الدوائر الحكومية فقد سألته إذا كان يستطيع أن يسهل لي الحصول على تصريح بالزواج من غير سعودية أي من بلد عربي وأن يجعل ذلك سراً عن زوجتي حتي يتم المراد فطلب مني مبلغ خمسة وعشرين ألف ريال فقلت له مستعد بالدفع فور حصولي على التصريح فرد وقال لي أنه يضمن ذلك والمطلوب أن أدفع مقدما وفي حالة عدم الحصول علي التصريح سيقوم برد المبلغ وفعلا دفعت له ومرت سنتان ولم يأت لي بالتصريح وعندما سألته كان رده أنه لم يستطع والله يعوض عليك في الفلوس واتضح أنه خطط لينصب علي وأنا وقعت في المصيدة بحسن نية، فهل يعتبر هذا ظلما لي وما هي عقوبته يوم الحساب.
فأرجو إفادتي ليستريح خاطري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص المسمى بالمعقب هو شخص يستأجر ليقوم بتخليص معاملات الأشخاص أمام الدوائر الحكومية، فهو بهذا الاعتبار وكيل أو أجير.
وعليه ... فينظر فإن كان حصل الاتفاق على أن المبلغ مقابل الحصول على التصريح فهذه مجاعلة ولا يستحق العامل فيها المبلغ إلا بحصول الغرض المجاعل عليه.. وإن كان الاتفاق حصل على أجرة عمله سواء خرج التصريح أو لم يخرج وقام الأجير بالعمل فعلاً فإنه لا يطالب بالمبلغ.
وأما إذا كانت المسألة كذباً ونصباً -كما يذكر السائل- فهي خيانة وأكل للمال بالباطل، وتعظم الخيانة والغدر إذا كانت بقريب، وفي الحديث: من كانت له مظلمة لأخيه فليتحلله منه قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1429(12/3295)
حكم تعويض المؤجر للمستأجر عن بقية المدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز طلب تعويض مادي للضرر لفك عقد إيجار من المالك الأصلي لأن فك عقد الإيجار فيه مصلحة للطرفين --------- بمعنى أن أمي تعيش في شقة ايجار وهي كبيرة في السن وأصيبت مؤخرا بمرض خبيث ونود أن ننقلها لسكن قريب منا لرعايتها في نفس عمارة أختنا ففكرنا في فك عقد إيجار مسكنها لأن صاحب البيت رحب بفسخ العقد قبل موعد انتهائه مقابل دفع ما يساعدها للسكن في مكان آخر، فما هو حكم الشرع في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفي أمك شفاء تاما لا يغادر سقما إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أما بخصوص السؤال فإن الإجارة من العقود اللازمة التي إذا وقعت وفق شروطها المعتبرة شرعا لم يجز لأحد الطرفين الانفراد بفسخها، وبما أن الطرفين هنا متفقان على فسخها فإنه يجوز أن يتفق المتعاقدان على تعويض المؤجر للمستأجر عن بقية المدة المحدودة مبلغا محددا، ولا يسمى هذا تعويضا عن الضرر، وإنما يسمى بدل خلو، وهو جائز إذا بقي من مدة الإجارة شيء، والعوض هنا في مقابلة المنفعة التي كان يمتلكها المستأجر في بقية المدة.
وبجواز هذا النوع من بدل الخلو صدر قرار للمجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، جاء فيه: إذا تم الاتفاق بين المالك وبين المستأجر أثناء مدة الإجارة على أن يدفع المالك إلى المستأجر مبلغا مقابل تخليه عن حقه الثابت بالعقد في ملك منفعة بقية المدة فإن بدل خلو هذا جائز شرعا لأنه تعويض عن تنازل المستأجر برضاه عن حقه في المنفعة التي باعها للمالك.
أما إذا انقضت مدة الإجارة ولم يتجدد العقد صراحة أو ضمنا عن طريق التجدد التلقائي حسب الصيغة المفيدة له فلا يحل بدل الخلو لأن المالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر.
وراجعي للأهمية والتفصيل الفتاوى التالية أرقامها: 80042، 9528، 97755، 30146.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1429(12/3296)
رئيس العمل يحسب له أجر أيام الإجازة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة بإحدى الشركات لكن لست موظفة رسمية أنا على نظام العقود والشركة تعطي موظفيها أيام إجازة خلال السنة ولا تمنح لموظفي العقود، يعني إما أني أداوم لوحدي أو يخصم من راتبي يوم.
رئيستي بالعمل متعاونة معي وتحسب لي اليوم كأني مداومة وأنا أكون إجازة لأنه ليس فيه أحد يداوم بهذا اليوم عدا رجال الأمن مما يسبب لي خطورة ...
سؤالي يافضيله الشيخ هل الراتب الذي آخذه بهذا اليوم حلال بما أن رئيستي بالعمل موافقة على أنه يحسب لي كساعات عمل؟
وإذا كان عكس ذلك ماذا يتوجب علي فعله مع العلم أن لي 4 سنوات أعمل على نظام العقود وبالسنة الواحدة يأتي أكثر من يوم إجازة للموظفين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان تعاون رئيستك بالعمل معك مخولا لها من جهة العمل فلا حرج عليها فيما فعلت، ولا حرج عليك فيما تأخذينه على أيام الإجازة التي تمنحك إياها، وإن كانت جهة العمل لا تخولها ذلك فلا يحل لها ما فعلت، ولا يحل لك أنت ما أخذت لأن ذلك من أكل مال الناس بالباطل والغش والكذب، وقد قال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُ ونَ {البقرة:188}
وقد بوب مسلم فقال: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا.
وقال صلى الله عليه وسلم: وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عندالله كذابا. رواه مسلم.
وإذا كان دوامك وحدك يسبب لك خطورة فإن واجبك أن تتفاديه بأخذ إجازة غير معوضة حفاظا على عرضك وكرامتك. وراجعي الفتويين التاليتين: 9558، 14591.
وعلى تقدير أن ما أخذته لا يحل لك فالواجب أن تعيديه إلى الشركة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وابن ماجه.
ولا يلزمك أن تعيديه مباشرة إن كان ذلك يسبب لك أو لرئيستك إحراجا بل يكفي أن تعيديه بالكيفية التي ترينها مناسبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1429(12/3297)
حكم استحقاق الأجير للأجرة إذا فسخ العقد صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بإنجاز مشروع تصميم مسكن وبالإشراف على إنجاز المشروع مقابل مبلغ من المال وأخذت جزءا من المال لتنفيذ المشروع وبعد مرور 15 يوما من بداية الأشغال وبالاتفاق مع أصحاب المشروع وقع إيقاف تنفيذ المشروع لحين إيجاد تصميم آخر للمشروع مخالف كليا عن التصميم الأول.
فشرعت في إنجاز تصميم آخر ودراسته مع أصحاب المشروع للنظر فيه وإبداء الرأي وبعد مناقشة التصميم وإبداء ملاحظتهم شرعت في تغيير التصميم، ولكن أصحاب المشروع توجهوا إلى مهندس آخر وقام بإنجاز المشروع والتنسيق معه دون الرجوع لي أو دفع مستحقاتي من المشروع الأول المتفق عليه بالرغم من مباشرتي في تصميم المشروع الثاني بطلب منهم.
سؤال 1: هل يجوز لي المطالبة بجميع المبلغ المتفق عليه بالرغم من إيقاف المشروع بطلب منهم والتوجه إلى مهندس آخر لإتمام المشروع بتصميم مغاير للتصميم الأول بالكامل، أم آخذ جزءا من المبلغ وكيف يمكن ضبط قيمة المبلغ المستحق.
سؤال 2: هل يجوز لي مطالبة صاحب المشروع بأخذ مستحقاتي من المال في تصميم المشروع الثاني مع العلم بأن صاحب المشروع هو من طلب مني القيام بتصميم المشروع الثاني وهو من طلب مني عدم إتمام تصميم المشروع الثاني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد الذي تم بينك وبين أصحاب المشروع هو عقد إجارة، وقد اتفق جمهور الفقهاء على أن عقد الإجارة عقد لازم من الطرفين، وأنه ليس لواحد منهما فسخه إذا وقع صحيحا خاليا من خيار الشرط والعيب والرؤية، وذهب الحنفية إلى أن الإجارة تفسخ بالأعذار، والراجح هو مذهب الجمهور، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 46107.
وعلى هذا فجواب السؤال الأول أنه إذا كان فسخ الإجارة من طرف أصحاب المشروع ولم يكن بسبب أنك لم تتمكن من الإنجاز على النحو المتفق عليه فإنه يجب عليهم إعطاؤك الأجر كاملاً، وذلك لعدم جواز فسخ الإجارة، وهذا على مذهب الجمهور وهو الذي بينا رجحانه، أما على مذهب الحنفية فيجوز لهم فسخ الإجارة إذا كان لهم عذر في ذلك، ويجب لك جزء من الأجر بمقدار العمل الذي قمت به ويحدده أهل الخبرة.
وما أجبنا به عن سؤالك الأول يصلح جوابا لسؤالك الثاني أي أنه يجوز لك المطالبة بهذا الأجر كاملاً إذا كان فسخ الإجارة من جانب أصحاب المشروع.
وإذا حدث نزاع بينك وبين أصحاب العمل في سبب فسخ الإجارة فيجب رفع النزاع بالرجوع إلى المحاكم الشرعية إن كانت موجودة في بلدك أو إلى التحكيم الشرعي.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1429(12/3298)
حكم راتب من يتأخر عن وظيفته لأجل الدراس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرس بالتعليم الابتدائي وأرغب في تحسين مستواي العلمي وذلك بإتمام دراستي في الجامعة ونظراً لبعد المسافة فإن ذلك قد يؤثر سلبيا على عملي بسبب التأخر والإرهاق والغياب عن العمل عند فترة الامتحانات الجامعية، فهل يجوز لي شرعا إتمام دراستي، وإذا كانت الإدارة متعاطفة معي ولا تخصم من مرتبي الشهري أيام التأخير والغياب عن العمل، فما حكم أموالي في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا سمحت لك إدارة عملك بمواصلة الدراسة أو فرغتك لها -وكانت مخولة بذلك- فإن راتبك حلال إن شاء الله تعالى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق المسلم أن يحاول رفع مستواه العلمي وتحسين ظروفه المادية والمعنوية كلما سنحت له الفرصة.. بل إنه مطلوب من المسلم أن يتقدم دائماً من الحسن إلى الأحسن، وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول: إن لي نفساً تواقه كلما نالت مرتبة تاقت إلى أعلى منها حتى نالت الخلافة، وإنني الآن أتوق إلى الجنة وأرجو أن أنالها. هكذا ينبغي أن يكون المسلم الطموح.
ولذلك فنحن ننصحك بأن تستعين بالله تعالى ولا تعجز.. كما ننصحك بإتقان عملك كمدرس، وإذا كانت الإدارة تسمح لك بالتفرغ للدراسة.. وهي مخولة بذلك فلا حرج عليك في ذلك، وما تحصل عليه من المال حلال إن شاء الله تعالى، لأن بإمكانها أن تغطي الفترات التي تسمح لك بالغياب فيها أو غير ذلك من الإجراءات التي تسير بها العمل، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 7443، والفتوى رقم: 56404.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1429(12/3299)
الأجير الخاص ملزم بتسليم نفسه مدة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا جزائري أعمل بطريقة المداومة أي 24/24، فهل مثلا أستطيع أن أغسل سيارتي أو أشحن بطارية المحمول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا المقصود من السؤال تحديداً، ولعل السائل الكريم يقصد هل يجوز له التغيب والخروج ... في فترة عمله المذكورة للإصلاح من شأنه كغسل سيارته أو شحن هاتفه ... فنقول: لا يجوز الخروج في فترة العمل إلا بإذن المسؤول المخول بذلك، ولو لم يكن عنده عمل في ذلك الوقت، لأن الأجير الخاص ملزم بتسليم نفسه مدة العمل ولو لم يكن عنده عمل، فإذا أذن له المسؤول جاز له التغيب.. وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 102455 فنرجو أن تطلع عليها.
أما إن كنت تقصد الحكم في استعمال أدوات العمل في شؤونك الخاصة كتنظيف السيارة وشحن البطارية.. فإن ذلك لا يجوز إلا بإذن المسؤول صاحب الصلاحية المخول بذلك، لأنها أمانة عندك لا يجوز استعمالها إلا في ما أذن فيه صاحب العمل، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 4140.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1429(12/3300)
حكم الدخول على غرف الدردشة أوقات الفراغ في العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أشكركم على الجهود الرائعة في خدمة هذا الدين العظيم ومعتنقيه، أنا شاب ملتزم بديني ولكن أجد صعوبة في جهاد النفس حيث أدخل على غرف الدردشة في أوقات الفراغ في العمل وأحس بأن هذا ليس من إتقان العمل لأنني أعلم أن الله يحب إذا عمل أحدنا عملا أن يتقنه وأيضا أنا متزوج وتأتيني وساوس الطلاق عندما أتكلم مع أصدقائي أو زوجتي بالهاتف، والله إني في حيرة من أمري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن الأجير الخاص يجب عليه أن يجعل وقته أثناء دوامه الرسمي تحت تصرف مؤجره، ولا يستثنى من ذلك إلا أوقات الصلاة وما تستدعيه الحاجات الضرورية، وبناء عليه فإن من كان عنده عمل لا يجوز له ترك عمله والدخول على غرف الدردشة، وأما إن كان عنده فراغ فلا حرج عليه فيما أباحه الشرع من الاتصال بزملائه والتحدث معهم فيما هو مباح.
وأما الوساوس التي ذكرت فالواجب الإعراض عنها وشغل الذهن عنها بأشياء نافعة، واعلم أن العصمة الثابتة لا يزيلها الشك في الطلاق للقاعدة الفقهية: أن الشك لا يرفع اليقين أو الشك في المانع لا يضر. كما أن طلاق الموسوس لا يقع، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 56096.
وراجع في المزيد من ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1568، 27869، 67820، 31218، 64096، 109878، 79891.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1429(12/3301)
هل يلزم من مولت الشركة دراسته وتسببت في تركه للعمل رد التكلفة
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت شركتي بتمويل الدراسات العليا لي ونظراً لظروف الإدارة السيئة بالشركة تسببت في ترك الموظفين لها فهل هناك حتمية شرعية لرد المبلغ في حالة ترك الشركة قبل المدة المقررة من قبل الشركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العقد الذي بين العمال وبين الشركة هو عقد إجارة، وعقد الإجارة من العقود اللازمة التي لا يمكن لأحد أطرافها الانفراد بفسخه إلا بانقضاء مدته أو بتراضي الطرفين.
وبخصوص ما سألت عنه فإن الشركة إذا كانت مولت دراستك العليا مشترطة عليك العمل عندها زمناً محدداً وجب عليك الوفاء بهذا الشرط إلا أن تقيلك منه الشركة، لقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وكذلك إذا كان العرف يقتضي هذا الشرط ولو لم تصرح هي به لأن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، وعلى هذا فإذا فسخت الإجارة بالتراضي بين الطرفين وجب بذل ما تراضيا عليه، وإن فسخت الإجارة بسبب منها هي كعدم قيامها بما يقتضيه العقد بسبب منك فالظاهر عدم إلزامك بإرجاع تكلفة الدراسة لأنك باذل نفسك للعمل، وسبب فسخ العقد منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1429(12/3302)
حكم التعريض في الأجر السابق للحصول على أجر أعلى
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء انتقالي من وظيفة إلى أخرى وحين تكلمت مع صاحب العمل الجديد قمت بالتعريض عن الأجر الذي كنت أحصل عليه من الوظيفة السابقة وفهم من ذلك أنه أكبر مما كنت أحصل عليه بالفعل ولكنني لم أكذب صراحة, وقد فعلت ذلك لأن التصريح بالمبلغ الحقيقي جعل راتبي أقل في العمل السابق، وفي الوقت نفسه لا أرضى لنفسي الكذب, وفعلا ترتب على هذا التعريض زيادة في أجري الجديد.
والسؤال هل في هذا الأجر شبهة بسبب هذا التعريض أم أنه عرض وطلب وقد كان بإمكانه أن يرفض هذا الأجر؟
أرجوكم أفيدوني سريعا جزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صاحب العمل الجديد قد أعطاك الراتب المذكور اعتمادا على ما سمعه وفهمه من كلامك فتكون في هذه الحالة قد غررته، فالعقد صحيح لكن صاحب العمل بالخيار بين إمضائه وفسخه، هذا ما رجحه كثير من أهل العلم في مسألة التغرير برفع ثمن السلعة، وهو مذهب الحنابلة وأحد الوجهين عند الشافعية، والوجه الثاني عندهم: أن العقد صحيح ولا خيار لتفريطه في التحري مع وقوع المغرِّر في الإثم.
وعلى القول الأول يتعين عليك إخباره بحقيقة الأمر فإن رضي بإعطائك الراتب السابق فهو حلال كله، وإن لم يرض بذلك فله الفسخ، ولك في الفترة السابقة من الأجر بقدر ما يستحقه من يعمل مثل عملك، ويجب رد الباقي إلى مالكه إذا لم يتنازل عنه ويجعلك في حل منه، وإذا كان صاحب العمل لم يلق بالا لما سمعه منك ولم يعطك ذلك الأجر بناء على كلامك فالأجر مباح كله ولا شيء عليك، وإن كان العلماء قد ذكروا حكم التغرير بالكذب في ثمن المبيع فإن الإجارة أحكامها أحكام البيع كما هو مقرر عند أهل العلم إلا فيما خصها من أحكام.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في المغني: لو قال البائع: أعطيت بهذه السلعة كذا وكذا فصدقه المشتري واشتراها بذلك ثم بان كاذبا فالبيع صحيح وللمشتري الخيار لأنه في معنى النجش. انتهى.
وقال مصطفى الرحيباني في مطالب أولي النهى: النجش حرام لما فيه من تغرير المشتري، ولذا حرم على بائع سوم مشتر كثيرا ليبذل المشتري قريبا مما سامه. ذكره الشيخ تقي الدين يعني ابن تيمية. انتهى.
مع التنبيه إلى أن التعريض لا يجوز اللجوء إليه من أجل الخديعة والحصول على أمر محرم كأخذ مال، بل يباح لأجل تحاشي الكذب وتفادي الضرر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7758.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(12/3303)
حكم ربط الوفاء بمستحقات سابقة بتجديد العقد على شروط جديدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اتفقت مع الشركة التي أعمل بها في العقد على أن يكون لي نسبة من المبيعات التي أقوم ببيعها ولكن بعد توقيع العقد والعمل لديهم لمدة 1 سنة لم يتم تقاضي أي شيء وتمت الشكوى لمكتب العمل، ولكن من دون أي فائدة لأنهم طلبوا أن يتجدد العقد على الشروط الجديدة مع أن نسبة المبيعات التي أستحقها من الشركة تتجاوز الـ5000 ريال سعودي فما الحل في هذه الحالة؟ وجزاكم الله الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر -كما وصفت- فإن هذه الشركة ملزمة بالوفاء بمقتضى ما تعاقدتما عليه وهو هذه النسبة المتفق عليها، فإن كانت مربوطة بالربح فهي منه إذا تحقق، وإن كانت مربوطة بالبيع فهي من الثمن الحاصل حصل ربح أم لم يحصل، ولا يجوز لهم ربط الوفاء بتجديد العقد على شروط جديدة، وإخلال الشركة بالوفاء بما تستحقه عليها هو إخلال بالعقود التي أمر الله بالوفاء بها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، وللتوصل إلى حقك حاول استخدام كافة الوسائل المشروعة لذلك من مثل ما فعلت من الشكاية إلى مكتب العمل أو غير ذلك كالشكاية إلى ديوان المظالم، أو القضاء أو توسيط ذوي المكانة كالعلماء والوجهاء، فإن هم استجابوا لذلك فهو المطلوب، وإن لم يستجيبوا فاعتبرها مصيبة واحتسب الصبر عليها عند الله، فقد قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه البخاري.
وإن أمكنك أن تأخذ مقابل حقك من مال الشركة دون أذى يلحق بك فلك ذلك وهو ما يعرف بمسألة الظفر، وتراجع لها الفتوى رقم: 8780.
وننبه إلى أن هذه النسبة المتفق عليها إذا كانت وحدها دون مرتب ثابت فلا إشكال فيها على قول من يجيز الجهالة في الجعل لتكييف العقد الذي بينكما على أساس أنه جعالة، والجعالة أجاز بعض أهل العلم فيها أن تكون بنسبة من الثمن، وإذا كانت مع مرتب ثابت فقد اختلف العلماء في الجمع بين الأجر الثابت والنسبة، والجمهور على المنع من ذلك، والجواز رواية عن الإمام أحمد، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور، قال ابن قدامة في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا يبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوباً بثلث ثمنه أو ربع جاز، نص عليه. ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئاً من ذلك، لأنه عوض مجهول وعمل مجهول وقد ذكرنا وجه جوازه، وإن جعل له مع ذلك دراهم معلومة لم يجز نص عليه، وعنه الجواز والصحيح الأول. انتهى..
وللمزيد من الفائدة تراجع في ذلك الفتوى رقم: 59471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1429(12/3304)
حكم استئجار راعي الغنم ببعض نمائها
[السُّؤَالُ]
ـ[أتقدم إلى حضرتكم بالأسئلة التالية راجيا من الله ثم منكم أن أجد الجواب بالنسبة للعمل بنسب في الفائدة أي مثلا، في التجارة أفتح مع شخص غيري دكانا وله الثلث في الفائدة أو عندي سيارة وأريد تشغيل عامل عليها بالثلث في الفترة التي تكون في عهدته سوء كان يوما أو نصف يوم أو عندي غنم وأبحث عن راع له وأعطيه ثلث المنتوج (الخروف المنتج) في السنة فما رأي الشرع في ذلك.
ملاحظة: نحن على المذهب المالكي، وفي الأخير جزاكم الله عن كل خير وأجركم عند الله بإذنه تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعامل بنسبة من الربح أو الغلة إما أن يكون مضارباً في المال أو شريكاً أو أجيراً، فالمضارب والشريك لا يصح أن تكون حصتهما من الربح إلا نسبة شائعة منه، وفي بعض صور الشركة يجوز أن يكون الشريك شريكاً وأجيراً يأخذ نسبة ومبلغاً محدداً كأجرة من رأس مال الشركة، وراجع هذا في الفتوى رقم: 42627.
وأما الأجير كمن استؤجر على رعاية غنم مقابل ثلث نمائها، أو يستؤجر على العمل في سيارة آخر مقابل ربع غلتها مثلاً، فالجمهور بما فيهم المالكية على منع هذا، وذهب آخرون إلى الجواز.
جاء في الإنصاف: لو أخذ ماشية ليقوم عليها برعي وعلف وسعي.. بجزء من درها ونسلها وصوفها لم يصح على الصحيح من المذهب ... وعنه يصح.. وقيل في صحة استئجار راعي الغنم ببعض نمائها روايتان.
والمرجح عندنا هو مذهب الجمهور لمشابهة هذا لبيع الأجنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1429(12/3305)
حكم زيادة الأجرة عند التأخر في استلام البضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشتغل في إدارة الجمارك، ولما يقوم المستورد بأخذ سلعته من الميناء, يقوم بأداء الضرائب, ولنفترض أنه يقوم بأداء مبلغ 1000 ريال.
المشكل أنه أذا تأخر الشخص في سحب البضاعة, تفرض عليه زيادة بنسبة 10 في المائة, وأنه أذا تأخر أكثر تفرض عليه زيادة بنسبة 20 في المائة, فهل هذا حلال, وإن كان حراما فهل يمكن اعتبار الزيادة كطريقة لتعويض تضرر الميناء من جراء التأخير.
السؤال الثاني: هو أن الشخص يقوم بسحب البضاعة في الوقت المحدد, إلا انه لا يملك مالا للدفع, أو لا يريد أن يدفع حالا, فنقول له: ادفع بعد شهر ولكن سيزداد المبلغ بنسبة 5 في المائة، فهل هذا حلال.
المرجو الإجابة بتفصيل إن كان ممكنا ...
وجزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمستورد يستأجر أرضية الميناء لبقاء بضاعته عليها إلى حين يأتي لأخذها في الموعد المحدد، وعند التأخر في استلام البضاعة تزاد عليه أجرة الأرضية، وهذا جائز لأن المستورد يزيد في مدة الإجارة ويفوت منفعة الأرض، فيحق للمؤجر الزيادة في الأجرة، ويجب أن تكون الأجرة هنا هي أجرة المثل، وقد نص العلماء على أن من استأجر شيئا بأجرة معلومة ثم زاد في المدة أو في العمل أنه يلزمه أجرة المثل لما زاد، وإذا كانت الزيادة نسبة محددة كعشرة في المائة أو عشرين في المائة فإن ذلك يجوز أيضا؛ لأن النسبة إذا كانت في مبلغ معلوم فإنها تكون معلومة، ولا مانع حينئذ من اعتبارها أجرة عن المدة المأخوذة عنها.
أما إذا صارت الأجرة دينا في ذمته -كما هي صورة السؤال الثاني- فلا يجوز أن يشترط عليه الزيادة لأن هذا ربا، وبالتالي لا يجوز لموظف الجمارك طلب هذه الزيادة ولا فرضها على المستورد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1429(12/3306)
حكم جعل الأجرة طعاما
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعمل سائق أجرة وعنده زبائن يعملون في مطعم جامعي فعندما يحتاجون إليه يدفعون الأجرة بالطعام الجامعي مرة اللحم أو الدجاج أو الفاكهة هل هذا حرام، وجزاكم الله كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من أن تكون الأجرة طعاما إذا كان معلوم القدر، وبشرط أن يكون ملكا للعاملين في المطعم أيضا وليس من الطعام الخاص بالطلاب والعاملين في الجامعة، فإن كانت الأجرة مجهولة أو كانت ملكا للغير كانت هذه المعاملة حراما.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 52461.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(12/3307)
الإجارة المحددة بمدة لا تفسخ إلا برضا الطرفين
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي زميل يعمل لدى شركة وهو الآن تحت التدريب ويتقاضى مرتبا والتدريب الذي يحصل عليه باهظ التكاليف على الشركة ولم يعط الشركة أي افادة حتى الآن لأنه تحت التدريب، جاءته فرصة عمل خارج مصر وأراد أن يترك الشركة فما المفروض أن يعمله في (المرتب , والتدريب) مع العلم أنه سيمرر ما أخذه من تدريب لزملائه الجدد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زميلك يعمل في فترة التدرب هذه بعقد حددت فيه مدة معلومة فلا يجوز له أن يترك الشركة حتى تنتهي المدة المتفق عليها مع الشركة لأن الإجارة التي تحدد فيها المدة من العقود اللازمة التي لا يملك أحد طرفيها فسخها إلا برضى الطرف الآخر، وراجع الفتوى رقم: 76170.
وراجع في معرفة الإجارة اللازمة وغير اللازمة الفتوى رقم: 64114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1429(12/3308)
حكم تأجير المحل المستأجر وما فيه من أجهزة وبضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[استأجرت محلا من البلدية وقمت بتحويله إلى فرن للخبز والحلويات والآن أريد أن أغير عملي ولكن لا أستطيع ترك المحل لأني سأخسر مالي الذي دفعته كإيجار للبلدية.
سؤالي:هل يجوز لي تأجير المحل لشخص ثان باعتبار أني أقوم بتأجير الفرن والمواد التابعة له من أواني وأجهزة وليس المحل لأن الفرن أغلى بكثير من المحل؟؛ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد ملكت منفعة المحل بعقد إجارة فلا حرج عليك في إجارته وما فيه من أدوات كالمكائن والأواني بمثل ما استأجرته أو بنقص أو بزيادة. قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: ويجوز للمستأجر إجارة الشيء لمن يقوم مقامه بمثل الأجرة وزيادة، وهو ظاهر مذهب الشافعي.
هذا ومما يتنبه له أنه إن كان في المحل بضاعة من الحلويات والخبز والكيل ونحو ذلك فإنما تباع بيعا ولا يصح تأجيرها لأن الإجارة هي بيع المنفعة لا بيع العين، فعليك إن كان الأمر كذلك ألا تدخلها في عقد الإجارة؛ بل تخرجها من المحل أو تبيعها لهذا المستأجر بعقد بيع مستقل غير عقد الإجارة، أو تبيعها لمن تشاء، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26837، 29757، 80525.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(12/3309)
هل يجوز لمن طلب منه كفيله أن لا يعمل عند غيره أن يعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مكتب هندسي بالسعودية ويوجد عقد بيني وبين صاحب العمل (الكفيل) وألتزم بساعات العمل الموجودة في العقد وأقوم بالعمل خارج المكتب في غير ساعات العمل المحددة وبعيداً عن زبائن المكتب وكان صاحب العمل يغض الطرف عن هذا العمل أحيانا ويطالبني بإيقاف العمل أحيانا أخرى، مع العلم بأن الراتب المخصص لي كان يحدث فيه تأخير متعمد من صاحب العمل أحيانا كثيرة ثم قام بإحضاري وطلب مني القسم أمامه بالله على كتاب الله ألا أقوم بالعمل خارج المكتب مطلقا، فهل له الحق في ذلك وهل يجوز لي إخراج كفارة عن هذا اليمين واستئناف العمل الخارجي دون الرجوع إلى الكفيل حيث إنه حدث منه بعض التنصل فيما يخص الآتي أقساط التأمينات الاجتماعية وتجديد ترخيص المكتب الهندسي وبعض الأمور الأخري، فهل يجوز لي استئناف العمل الخارجي دون الرجوع إلى الكفيل وهل له ساعات عمل محددة أم من حقه منعي من العمل الخارجي مطلقا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عمل الأخ السائل في المكتب المذكور يدخل في الإجارة الخاصة، والأجير الخاص هو من قدرّ نفعه بزمن، فمنافعه في هذا الزمن المتعاقد عليه ملك لمستأجره، وأما خارج هذا الوقت فلا سلطان للمستأجر عليه، لكن قد يمنع السائل من العمل خارج الدوام بالشرط، وفي الحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد.
هذا إذا كان الشرط في وقت العقد، أما بعد العقد فلا عبرة به والإجارة ماضية إلى نهاية العقد ثم يجبر الأجير في تجديد العقد على قبول الشرط أو ترك العمل، وراجع للمزيد من الفائدة في ذلك الفتوى رقم: 30874.
وإذا كان السائل حلف على أن لا يعمل ثم رأى الخير له في العمل فليكفر عن يمينه وليعمل في حال لم يلزمه الوفاء بالشرط كما تقدم بيانه.
وننبه السائل إلى أن مسألة التأخر في الراتب والأمور الأخرى المذكورة غير مؤثرة في ما سبق الحكم عليه، فعلى المستأجر أن يفي بالتزاماته، فإذا أخلّ بشيء منها لم يكن ذلك مسوغاً للأجير في التفريط في عمله، أو الإخلال بالشروط المرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(12/3310)
يلزمهم دفع أجرة مدة التجريب المتفق عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت مقابلة مع مديرة الحضانة واتفقنا أن أعمل شهرا تجريبيا وهذا الشهر يكون مأجورا، في حال كان الطرفان مرتاحان نتابع العمل ونعمل العقد وبعد 10 أيام طلبوا مني أن لا أرجع للعمل بحجة أني غير متفاعلة مع العمل مع أني كنت أعمل بضمير وطلبت منهم أجر 10 الأيام فقالوا نحن لا نعطي على التجريب شيئا، سؤالي ما حكم هذا التعامل في الشرع وما هو حقي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حصل الاتفاق على تحديد مدة العمل التجريبي هذا بشهر مقابل أجر معلوم فالعقد صحيح، ويلزم المستأجر أجرة شهر كاملة للموظف المجرب إذا كان هذا الأخير باذل نفسه للعمل، جاء في تبيين الحقائق: الأجير الخاص إذا سلم نفسه ولم يستعمله المستأجر يستحق الأجر.
وعليه؛ فإذا حصل الاتفاق على نحو ما تقدم وطلبت الجهة التي عملت معها السائلة عدم الرجوع للعمل في بقية المدة المتفق عليها فيلزم هذه الجهة دفع أجرة الشهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(12/3311)
مكافأة لأئمة يصلون التراويح بمساجد مكة وأم قوما خارجها.. هل يأخذ مكافأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفيدوني حول سؤال حيرني.. إن إدارة الأوقاف والمساجد بمكة تسجل أسماء أئمة لصلاة التراويح وإمامة المسلمين بمساجد مكة في رمضان وتعطي على ذلك مكافأة مالية، الإشكال: أنا قد صليت بالمسلمين في رمضان كاملا وختمت لكن بمحافظة خارج مكة، ما حكم أخذي للمكافأه من الأوقاف فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المكافأة خاصة بالأئمة الذين يصلون بمنطقة مكة -كما هو الظاهر في السؤال- فلا يشرع لك التحايل على أخذها، لأنك صليت في محافظة أخرى وإن دفعت لك من قبل المسؤولين من غير محاباة مع علمهم بالمنطقة التي كنت تصلي فيها فلا حرج عليك في أخذها، وإن لم تكن المكافأة خاصة بمن يصلي بمنطقة مكة ودفعت لك من قبل مسؤولي وزارة الأوقاف فلك أن تأخذها أيضاً، وللفائدة في ذلك راجع الفتوى رقم: 25060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(12/3312)
هل يترك العمل بدون إذن جهة العمل الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت على إجازة داخلية بدون مرتب ثم سافرت إلى قطر وهذا بعلم جهة العمل ولكنهم يحتِّمون الحصول على إجازة خارجية للسفر ولكن يتعنتون في ذلك؟ فما حكم المال المكتسب هل يكون حراما أم ماذا؟ علما بأني موظف حكومي بالبريد المصري وكنت أعمل بدفاتر التوفير الربوية ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوفاء بالعقود مما أمر الله به المؤمنين، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1}
وعليه فينظر في عقد عمل السائل مع جهة عمله الأولى فإن كان العقد على عمل مباح أصلا، فإنه يجب الوفاء به ولا يصح أن يسافر للعمل إلا بإذن من جهة عمله، أو يصبر حتى ينتهي عقده فيترك العمل معها ويسافر حيث يشاء. وتجدر الإشارة إلى أن المصلحة في مثل هذه الشروط تقديرية، وتقدير المسئول للمصلحة أولى من تقدير غيره.
وإن كان العقد على العمل في دفاتر التوفير الربوية حصرا فهذا عقد باطل لا يجوز الوفاء به ولا يترتب عليه شيء، وله أن يسافر ويعمل مع أي جهة أخرى، بل وعليه أن ينهي العقد مع هذه الجهة ويتوب إلى الله مما كان عليه من إعانتها على الإثم.
وعلى الاحتمال الأول إذا سافر وعمل بدون إذن من جهة عمله فإنه آثم لمخالفة شروط العقد، أما ما يكتسبه من مال من عمله الجديد فمباح، وإذا كان السؤال عن راتبه في عمله الأول في الصورة الجائزة منه فهذا لا يحل له إذا سافر بدون إذن من جهة عمله.
وفي الصورة المحرمة وهي التعاقد على العمل في دفتر التوفير الربوية فالراتب حرام سواء سافر أم لم يسافر لأنه مقابل منفعة محرمة وهي كتابة الربا والإعانة عليه، فيجب التخلص مما هو باق عنده من هذا المال في وجوه الخير ومصالح المسلمين.
وراجع للمزيد من الفتوى رقم: 81035.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(12/3313)
لم يعطه رب العمل حقوقه لكون أخيه أتلف جهاز كمبيوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عندي سؤال وأرجو منكم أن تجيبوا عليه بأسرع وقت ممكن، أنا أعمل عند صاحب عمل, واستحق لي عنده مبلغ 2000 ريال، وعند انتهاء العمل ذهبت إليه وطالبته بالمبلغ المذكور آنفا, فلم يعطني إياه متذرعا بأن أخي قد أتلف له جهاز كمبيوتر، ما حكم الشرع في هذه القضية, فأرجو منكم أن توضحوا الحل الشرعي بشيء من التفصيل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أتلف أخوك جهاز الكمبيوتر المملوك للشخص المذكور ولزمه قيمته شرعاً فالمطالب بها هو المتلف وليس أنت، لقوله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164} ، وعليه فيجب على صاحب العمل أن يدفع أجرتك المستحقة عليه كاملة غير ناقصة، وإن منعك إياها فهو في حكم الغاصب، وراجع الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1429(12/3314)
حكم العمل بدون معرفة الأجرة أو النصيب من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلكم لدي سؤال يحيرني: أنا بدأت العمل مع شخصين منذ تسع سنوات، ولم نتفاهم على الأجر وكلما أتكلم معهم عن ذلك يقولون لي أنت أخونا وشريكنا ويمكنك أخذ ما تحتاج من المال.. مع العلم بأنني أقوم بجميع العمل (التجارة) لوحدي بدلاًَ منهما حتى أن العملاء يعاملونني وكأنني أنا صاحب الأمر نظراً لتعاملي الكثير معهم.. سؤالي: أنا في حيرة من أمري عن الأموال التي آخذها من الصندوق فهل يجوز لي أن أحدد أجري بمفردي مع رفضهم لتحديده خوفا من أن يعرض علي أحد المنافسين أجراً أكبر.. أم ماذا أفعل فأفيدوني يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يظهر لنا هل السائل شريك لهذين الشخصين في تجارتهما أم أجير، وعلى كلا الاحتمالين فالعمل معهما دون معرفة الحصة من الربح إن كانت شراكة أو مضاربة أو معرفة الأجر إن كانت إجارة غير جائز لما في هذا من الجهالة والغرر المؤدي إلى النزاع والجهالة، والغرر في العقود منهي عنه، جاء في المغني: وإن قال خذه مضاربة ولك جزء من الربح أو شركة في الربح أو شيء من الربح أو نصيب أو حظ لم يصح لأنه مجهول. انتهى.
فالواجب الآن إلغاء هذا العقد وإذا أردت الاستمرار معهما فيجب إنشاء عقد جديد تحدد فيه الأجرة، ولا مانع أن تحدد أنت الأجرة ويتم القبول من قبل الشريكين، ولتعلم أن العقد إذا كان مضاربة أو شركة فيكون نصيبك حصة شائعة من الربح لا مبلغاً مقطوعاً، وراجع تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 75921، والفتوى رقم: 67736.
وأما ما مضى من العمل بدون معرفة الأجرة أو النصيب فلك فيه أجرة المثل أو قراض المثل، وراجع في هذا الفتوى رقم: 72779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1429(12/3315)
المشرف على عمل غيره هل يستحق أجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي الكرام، هذه فقط إضافة لسؤالي رقم 2185057، أحسست بوجوب إفادتكم بها لإتمام المراد بالسؤال، فكلمة (يشرف) التي وردت في السؤال تعني التوسط في الأمر والمتابعة، لأن الأخ لا يقوم بأي عمل مادي؟ شكر الله لكم جميع أعمالكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المتابعة والتوسط في تنفيذ العمل الوارد في السؤال عمل يستحق به صاحبه أجرة، إذا كان متفقاً عليها من البداية، أما إذا لم يتفق مع صاحب العمل على أجرة فليس له حق فيها، لأنه يعتبر متبرعاً بالعمل، وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 108756.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1429(12/3316)
ضعف الأجرة لا يبيح الكذب والخداع لزيادتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مجال الإعلام، وأراسل مجموعة صحف، هناك صحيفة صاحبها غني جداً، وأتقاضى منه مرتبا مقابل عملي، لكنه قليل ولم يوافق على الزيادة، قمت بعملية احتيال حيث أرسلت له باسم شخص آخر كمراسل صحفي ووافق على توظيفي، فأصبح لي مرتبان وهو لا يعرف أني نفس الشخص، فهل هذا حرام.. الرجاء الإجابة لأني أخشى على عائلتي من المال الحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت -أحسن الله إليك- في خشيتك على عائلتك من المال الحرام نسأل الله أن يديم عليك هذه النعمة، وأن يوفقنا وإياك إلى تجنب المال الحرام ... وبخصوص ما سألت عنه فإن الإجارة أخت البيع، والبيع يتم بالتراضي، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ {النساء:29} ، فالظاهر أن صاحب الصحف لو علم أنك أنت الذي راسلته لما تعاقد معك، ولو علم أنك متعاقد معه على أجرين على عمل واحد لما رضي بذلك.. وانطلاقاً من ذلك فإنه لا يجوز لك أخذ الأجر الجديد بهذه الحيلة المشتملة على خداع وكذب، وليس من حقك إلا ما اتفقتما عليه من الأجرة السابقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1429(12/3317)
حكم الخروج لصلاة الجمعة بغير إذن صاحب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التوضيح في صلاة الجمعة في المسجد دون إذن صاحب الشغل لأنني أخشى إن أخبرته ورفض أن يبدأ في مراقبتي يوم الجمعة وقد يطردني في هذه الحالة، أيضا أنا أصلي صلواتي الأخرى في مكتبي دون علم صاحب الشغل فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فإن صلاة الجمعة واجبة على كل مكلف كما تجب صلاة الجماعة في المسجد عند كثير من أهل العلم، وبناء عليه فقد كان يتعين عليك عند بداية التعاقد مع صاحب الشغل أن تبين له أن أوقات الصلاة ليست داخلة في نطاق العمل وأنه لا بد لك من الذهاب إليها فإما أن يأذن لك أو يخصم وقتها من الأجرة.
ولا شك أن من سلبيات العمل في بلاد الكفر تعرض عبادات المسلم للضياع، ولذا حذر أهل العلم من السفر إلى بلاد الكفر لغير ضرورة، فحاول من الآن أن تتفاهم مع صاحب العمل في موضوع الصلوات، فإن أصر على عدم الاستجابة فتركك إياه ابتغاء وجه الله يعوضك الله به خيرا كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك.
وقال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2،3} ا
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 94853، 2007، 56626، 20254.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1429(12/3318)
أخذ الأجرة من الصديق بغير علمه مقابل الإشراف على عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتنا الكرام، ما الحكم فيمن يشرف على عمل أخوي، لصالح شخص صديق أو ذي قرابة، ثم يأخذ مقابل هذا العمل أجرة (يدخلها في مصاريف العمل) ، لم يتفق عليها أبدا لا قبل العمل ولا بعده، ويكتمها على هذا الصديق أو القريب.
أفيدونا، من فضلكم بتبيان حكم هذه المعاملة بالدليل القاطع مع الإفادة فيما يجب على كل طرف العمل به في هذه النازلة اتجاه الطرف الآخر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عمل لآخر بطلب منه بدون أن يقاوله على أجرة مقابل عمله ينظر إن كان ذلك الشخص ممن يعمل بالأجرةعادة فله أجرته، وفي حال لم يتفقا على أجرة معلومة يأخذ أجرة المثل.
وأما إن كان ممن يعمل ويخدم بدون أجرة وعمل بدون مقاولة ولا اتفاق على أجرة فليس له شيء لأنه يعد متبرعا بعمله ما لم تطب نفس الآخر بشيء يعطيه له.
جاء في درر الحكام: إذا أمر أحد آخر بعمل ما له ولم يذكر له أجرة عمله وكان ممن يشتغل ذلك العمل لذلك الرجل أو غيره عادة بلا أجرة كان متبرعا وليس له أجرة، وإذا كان ممن يشتغل ذلك بالأجرة فله أخذ أجرة المثل بالغا ما بلغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(12/3319)
حكم من أجر بيته لشخص فاتخذه كنيسة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بتأجير بيتي لشخص أجنبي وبعد فترة تبين لي أنه قام بجعل بيتي كنيسة ودار عبادة للنصارى، فهل يعتبر فعله هذا نقضا علما بأن العقد بيني وبينه لمدة ثلاث سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا أجر المؤجر بيته لمنفعه مباحة شرعاً ثم أحدث المستأجر في البيت فجوراً أو معصية فلا يفسخ عقد الإجارة ويمنع المستأجر من المعصية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المقرر أنه لا يجوز للمسلم تأجير دار لتتخذ كنيسة، جاء في دقائق أولي النهى: ولا تصح إجارة دار لتعمل كنيس أو بيعة أو صومعة راهب أو بيت نار لتعبد المجوس ... سواء شرط ذلك في العقد أو علم بقرينة. انتهى.
وإذا تم العقد على السكن ثم اتخذها المستأجر كنيسه عامة، فالعقد باق ويستحق المؤجر الأجرة كاملة، ويمنع المؤجر المستأجر من فعل ذلك حسبة، ويقاضيه إلى الحاكم ليمنعه من ذلك، وإن رأى الحاكم أن يخرجه أخرجه وأخذ الأجرة ويسلمها للمؤجر إن كان لم يستلمها بعد، جاء في رد المحتار: لو أظهر المستأجر في الدار الشر كشرب الخمر وأكل الربا.... يؤمر بالمعروف، وليس للمؤجر ولا للجيران أن يخرجوه فذلك لا يصير عذراً في الفسخ ولا خلاف فيه للأئمة الأربعة. انتهى.
وجاء في منح الجليل شرح مختصر خليل: ولا تنفسخ الإجارة بظهور فسق مستأجر دار مثلاً ... ويُنهى عن فسقه فإن انتهى عنه أُقِر فيها، وإلا أجر الحاكم الدار مثلا عليه لغيره بعد إخراجه منها إن لم يكف..انتهى ...
وجاء في الموسوعة الفقهية: أما إذا استأجر الذمي داراً للسكن مثلاً ثم اتخذها كنيسة أو معبداً عاماً فالإجارة انعقدت بلا خلاف، ولمالك الدار وللمسلم عامة منعه حسبة. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1429(12/3320)
لايجوز للأولاد الاستمرار فيما استأجره أبوهم على وجه التأبيد
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتنا الكرام، ما الحكم فيمن يكتري حانوتا بغير تعاقد ويستغله في التجارة لفترة طويلة (أكثر من عشرين سنة، بثمن زهيد) ، والآن، بعد أن بلغ من العمر ما بلغ، حتى أنه ترك هذا المتجر بدون سلعة ولا يفتحه إلا قليلا؛ وحينما طالبه ورثة هذا المتجر بتسليمهم إياه، رفض. هل يجوز له أن يسلمه لأولاده وهل لأولاده الحق في الاستمرار في استغلال هذا المتجر بعد وفاته.
أفيدونا بالحكم الشرعي..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فظاهر من السؤال أن استغلال الشخص المذكور للدكان استغال غير مشروع بل هو أقرب للغصب إن لم يكن غصبا، ولعل هذا الشخص يفعل ذلك اعتمادا على قانون تأبيد الإجارة والأجرة المعمول به في بعض البلدان وهو قانون مصادم للشريعة، وقد تقدمت لنا فتاوى بهذا الخصوص راجع منها الفتوى رقم: 103971.
وعندها نعلم أن الواجب على من يستغل عقار غيره دكانا أو بيتا أو أرضا بموجب هذا القانون الظالم أن يسلم العقار إلى مالكه فورا ليفعل فيه المالك ما يشاء.
وإذا كان يجب على المستأجر تسليم العقار إلى مالكه فمن باب أولى أنه لا يجوز له تسليط أولاده على هذا العقار، ولا يحل للأولاد فعل ذلك أو قبوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1429(12/3321)
من أراد العمل خارج وقت عمله يحتاج إلى إذن
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي أنا موظف بالحكومة المصريه ووظيفتي سائق على فنطاس مياة صالحة للشرب، طبيعة عملي الرسمي من الساعة 8 صباحاً إلى 2 مساء، والمرتب على هذا الأساس، لكن أنا أشتغل لغاية المغرب أو العشاء يعني الثامنة مساء لعدم توفر المياه وليس فيه أحد يحاسبني على الوقت الإضافي بالحكومة أو غيره، هل يجوز عمل نسبة رمزية على كل مواطن تصله مياه شرب بعد الوقت المحدد للعمل لأن المرتب الشهري لا يكفي مصروف البيت، والمبلغ الرمزي الذي نود أن نحدده هو من خمس جنيهات إلى عشرة جنيهات للتنقل لكل مواطن نظراً لأنني أشتغل لغاية ما بعد العشاء بعض الوقت لعدم توفر المياه أو لتحصيل المياه من مكان بعيد غير المكان المخصص؟ جزاكم الله خيراً دلوني على الصحيح هل من حقي أن أعمل المبلغ الرمزي أم لا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم السائل الكريم أنه موظف مؤتمن على السيارة التي ينقل عليها الماء إلى الناس، ومؤتمن كذلك على العمل والوقت، فعليه أن يؤدي العمل على أكمل وجه وفي المدة المحددة، وإذا أراد أن يعمل خارج الوقت فيحتاج إلى إذن من جهة عمله لأنه -كما مرّ- مؤتمن على السيارة التي بحوزته فلا يتصرف فيها إلا وفق ما وكل عليه وأذن له فيه.
وبناء على ما تقدم إذا أذنت جهة العمل له بالعمل خارج الدوام الرسمي وأذنت له في أخذ أجرة من الناس فلا مانع، وإن لم تأذن فلا يجوز له ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1429(12/3322)
راتب الإمام الذي لا يقوم بالمسؤولية الموكلة إليه كاملة
[السُّؤَالُ]
ـ[المؤذن أو الإمام غير المنضبط الذي لا يخشى الله فلا يؤدي العمل الموكل إليه (الأذان والصلاة) على أكمل وجه هل هناك حرمة إذا كان يستلم راتبه كاملا شهريا وهل إدارة المساجد آثمة إذا هي لم تتابع أئمة المساجد والمؤذنين؟ أفتونا أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المؤذن والإمام أن يقوم بالمسؤولية الموكلة إليه، ولا يجوز له أن يأخذ راتبا على عمل لا يقوم به، فإذا كان مقصرا في عمله غير قائم بما أوكل إليه لم يجز له أن يأخذ الراتب كاملا؛ لأنه حينئذ أخذ شيئا لا يستحق موهما الجهة المسؤولية أنه قام بواجبه أحسن قيام.
كما ينبغي لإدارة المساجد أن تقوم أيضا بالمسؤولية الملقاة عليها، فإذا علمت أن مؤذنا لا يؤذن للصلاة أو إماما مقصرا في عمله، وكان هذا ديدنه فلتستبدله بغيره، فالصلاة والأذان من أعظم شعائر الدين، وبالأذان يعرف المسلمون دخول وقت الصلاة، ويترتب عليه أحكام شرعية، فالتهاون في شأنه أمر خطير، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 6424.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1429(12/3323)
من حق المستأجر أخذ مبلغ من المال مقابل إخلاء العقار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت قد أرسلت من قبل بعرض فتوى وكان رقمها 2182912 ولم أستفد بشيء، لكن المقصود أن أصحاب الشقة هم الذين يريدوننا أن نترك لهم العين المؤجرة ويعرضون علينا مبلغا من المال كما قد ذكرت سالفا؟ وجزاكم الله خيرا يا شيخنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أفتيناك في الفتوى رقم: 107714 وهي فتوى السؤال الذي كتبت رقمه، أفتيناك بأنه ليس من حق المستأجر أن يُلجِئ المؤجر إلى دفع مبلغ من المال مقابل إخلاء المكان له، بل له أن يأخذه مجاناً طالما أن مدة الإجارة قد انتهت أو أنها مشاهرة، وهذا جواب صريح عما سألت عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(12/3324)
فرغ للعمل في الجيش فزور وأخذ راتبا بغير عمل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال مهم يرجي مساعدتي في الإجابة عنه:
ـ سائل يسأل وهو موظف يعمل في شركة نفطية منذ خمس سنين، وهذه الشركة تطالب موظفيها بإحضار ورقة إنهاء شهر الجيش، وهو شهر يأتي كل سنة، حيث تفرّغ الشركة الموظف في هذا الشهر حتى يتمه، وهذا الموظف قد تحصل على إنهاء وخرج من الجيش نهائياً وعند ما تطالبه الشركة بورقة شهر الجيش يأتي بها مع أنه مفرّغ من الجيش، وذلك لمعرفته لبعض الأشخاص الذين يعملون في الجيش، وهو الآن يتقاضي هذا المرتب لمدة خمس سنين، فالسؤال:
ـ ما حكم هذه النقود التي يتقضاها هذا الموظف، وإذا كانت غير جائزة فماذا يفعل لكي يتخلص منها؟ وما حكم المداومة في هذا العمل؟
ملاحظة:
مضى على هذا العمل خمس سنين أي الجمع لهذا الشهر.
المطلوب:
الطريقة الناجحة في رد هذه النقود وكيف تتم؟ مع أخذ العلم بأنه قد تحصل مفسدة كبيرة إذا عُلم بذلك، من حيث ربما السجن أو الفصل من العمل، ثم كيف يتم ولمن ترد هذه النقود؟ وإشكال آخر وهو أن هذه النقود قد يصعب علي معرفة قيمتها بالضبط، حيث إنها قد خلط عليها أيام العمل والمبيت والعمل الإضافي. ثم هل يجوز لي أن أتخلص من هذه النقود إلي جهات خيرية آخرى بحيث تكون النية لهذه الشركة؟ عموماً أنا حيران لا أدري كيف أتصرف علماً بأني ما زلت أعمل في هذه الشركة حتى الآن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الشركة التي يعمل فيها السائل تفرغه من عمله الأساسي في كل سنة شهرا للعمل في الجيش فلا يعمل، ويحضر ورقة مزورة تفيد أنه عمل ولم يعمل في حقيقة الأمر، فمعنى هذا أنه لا يستحق راتب ذلك الشهر الذي لم يعمل فيه، لأنه إنما يستحق العوض بالعمل ولم يعمل، فالمطلوب منه أولا الإقلاع عن هذا الذنب والتوبة إلى الله عز وجل من تناول مال الشركة بغير حق.
وأما عن الأموال التي أخذها في السنين الماضية بدون عمل فالواجب ردها إلى الجهة المعنية بهذه الأموال من الشركة، وإذا خشي ضررا فيردها بدون إخبارهم بحقيقة أمره، والعاقل لن يعدم حيلة يتوصل بها إلى ذلك، وإذا كان لا يعلم قدر هذه الأموال عمل فيها بغالب ظنه.
وننبه السائل إلى أنه مطالب بالتخلص من راتب الشهر الذي لم يعمل فيه فقط دون سائر شهور السنة التي عمل فيها، ويجب عليه الامتناع في المستقبل عن إحضار ورق مزور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(12/3325)
حكم ترك المدرس التدريس لتقدمه في المنهج المدرسي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرس وعندي كتاب لابد من الانتهاء منه قبل نهاية السنة هل آثم اذا لم أعط الطلاب حصة أو جلست معهم في يوم لأني متقدم في المادة أو لأنه معي وقت لإنهاء المادة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فالمدرس كغيره من الأجراء مطالب بالالتزام ببنود وشروط عقد العمل النصية والعرفية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمدرس ونحوه يعتبر أجيرا خاصا وهو من يعمل لواحد ويقدر نفعه بزمن، ومعنى ذلك أن منافع المدرس في أثناء الدوام الدراسي ملك للمدرسة التي يعمل فيها فلا يصح أن يعمل هذا الوقت أو ينصرف إلى غير ما استؤجر عليه إلا ما استثني من ذلك بالشرع كعبادة مفروضة مع شرائطها وسننها أو بالعرف كطعام وشراب وقضاء حاجة أو بالشرط وهذا متروك للمتعاقدين.
وبناء على ما تقدم ينظر الأخ السائل في بنود العقد وشروطه النصية والعرفية فإذا كانت تجيز له أن يترك التدريس لحصة أو أكثر بناء على تقدمه في المنهج فلا مانع، وإن كان غير ذلك فلا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(12/3326)
خاط ثوبا عند خياط فلم ينجز العمل في موعده
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بتفصيل فستان سهرة وقميص آخر ولكن الخياط أخلف وعده لي ولم أستلم الفستان في الوقت المطلوب، ومر عليهم مدة 4 سنوات ولم أذهب له مرة آخرى فكيف أبرئ ذمتي من هذا الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز استئجار شخص على عمل واشتراط وقت معين يقوم بإنجاز العمل فيه فإن وفى بالشرط فله الأجر المسمى وإلا استحق أجر المثل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس أن تستأجر الخياط على أن يخيط ثوبا ونحوه، ويشترط صاحب الثوب عليه أن ينجزه في وقت محدد، فإذا وفى الخياط بهذا الشرط استحق الأجرة المسماة المتفق عليها، وإن أخلف استحق أجرة مثله بشرط أن لا يتجاوز الأجر المسمى.
جاء في درر الحكام: يجوز عقد الإجارة على عمل عينت أجرته وشرط إيفاؤه في الوقت الفلاني.. ويلزم المستأجر الأجر المسمى إذا أوفى الأجير العمل على الوجه المشروط وإلا فيلزمه أجر المثل على أن لا يتجاوز الأجر المسمى. انتهى.
وبناء على ما تقدم فيلزم السائل الذهاب إلى الخياط ودفع الأجرة إليه حسب التفصيل المتقدم إن كان قام بما استؤجر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(12/3327)
حكم رسم الموظف رسومات مقابل أجرة مجهولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على إجابتكم الواردة عن السؤال رقم: 2178898 وبناء على الفتوى رقم: 106501 التي أوردتموها مشكورين عليها فإنني قمت بسؤال ممثل (وكيل) صاحب العمل مرة أخرى عن موضوع أن أخصم مقدار التعب الذي أقوم به في رسم الرسومات من الأشياء التي أشتريها من دون أن أرجع إلى المدير المالي فأباح لي أن أقتطع أجرة نصف القيمة المادية التي يتقاضاها المعمل عن كل رسمة فمثلا إذا كان أجر الرسمة 1000 ريال مثلا فإنه سمح لي أن أقبض أجرا عنها 500 ريال..
هل في هذه الحالة يجوز لي أن أعتبر هذا الكلام من صاحب العمل بمثابة أنه يعلم ما أتقاضاه من أجر عن الرسومات التي أقوم برسمها وأن أخصم مقدار الأجرة من دون الرجوع إلى المدير المالي أم في ذلك حرام أيضا لأنني فعلا أخجل من أن أطلب المقدار المادي الذي أستحقه من المدير المالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من استؤجر على عمل أوصنع شيء على أن تكون أجرته جزءا من ثمنه إذا بيع فالأجرة مجهولة والإجارة فاسدة، وقيل بجواز ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ظهر لنا من السؤال أن المعمل التابع للشركة التي يعمل بها الأخ السائل تطلب منه رسومات معينة فيقوم السائل بعمل بعض هذه الرسومات في بيته بناء على اتفاق بينه وبين صاحب العمل مقابل أجرة يترك تقديرها للسائل.
وقد أجبنا في الفتوى المشار إليها في السؤال على هذه المسألة، وقلنا بوجوب معلومية الأجرة للطرفين.
وفي هذا السؤال الجديد تم الاتفاق بين وكيل صاحب العمل وبين السائل على أن يرسم الرسمة وله نصف ما يتقاضاه المعمل من ثمنها أو أجرتها، وإذا كان هذا التصور صحيحا ف الذي يظهر لنا عدم جواز هذه المعاملة أيضا للجهالة فإن السائل لا يدري كم تكون أجرة المعمل من وراء الرسمة التي يرسمها فقد تكون ألفا فتكون أجرته خمس مائة وقد تكون أكثر أو قل، فلا يعلم الأجير أجرته بالضبط.
والأسلم للأخ السائل أن يترك الخجل في هذه المسائل ويتفق مع المدير المالي على أجرة معلومة محدودة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1429(12/3328)
إن لم يسامح صاحب العمل ترد له قيمة ما حصل من تقصير
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل مع أحد الأشخاص منذ 6 سنوات وكنت أتلقى مرتبا وبدلا للانتقال ولم أكن أؤدي العمل على أكمل وجه ولم أكن أسافر بكل المبلغ الذي أتلقاه للانتقال وظللت هكذا 6 أشهر والآن أريد أن أعيد له هذه الأموال التي تلقيتها منه فهل أعيد له الأموال كلها أم أعيد له بدل الانتقال علما بأنه لم يستفد من عملي معه لأن العمل كان دعاية طبية لعلاج المرضى ولم أستطع أن أحضر له أي مريض..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فظاهر السؤال أن الاتفاق بين السائل والشخص المذكور عقد إجارة يقوم فيها السائل بالدعاية الطبية مقابل راتب وبدل تنقل، فإذا كان السائل قام بما وقع عليه العقد من الدعاية ووسائلها المتفق عليها فله الأجرة كاملة وإن لم تستفد الجهة الأخرى لأن العقد على الدعاية.
أما إن كان السائل قصر في عمله ولم يقم به على الوجه المطلوب منه؛ كأن يكون الاتفاق على أن يسافر كذا سفرة فلم يفعل، أو كان المطلوب منه أن يعمل كذا فلم يعمل فهذا تقصير وخيانة، والواجب على السائل التوبة إلى الله عز وجل وإخبار المستأجر له عن حقيقة الأمر، فإن عفا عنه لم يلزمه رد شيء من المال، وإن لم يعف لزمه أن يرد من الراتب وبدل التنقل بقدر تقصيره ومخالفته لشروط عقد الإجارة.
وراجع للمزيد الفتوى رقم: 72068.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1429(12/3329)
حكم إجارة الأرض للرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم كراء الأرض للزراعة أو الرعي بالمال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز كراء الأرض لأجل الزراعة إذا انضبط عقد الكراء بالضوابط الشرعية التي ذكرناها في الفتوى رقم: 31018.
أما إجارة الأرض للرعي فهي جائزة عند جمهور أهل العلم خلافا للحنفية الذين لا يجيزون إجارة الأرض للرعي إذا كان المرعى مقصودا بعقد الإجارة، إنما تؤجر الأرض ثم يباح للمستأجر ما فيها من الكلأ وذلك لأن الانتفاع بالكلأ لا يكون إلا باستهلاكه، وهذا لا يتفق مع عقد الإجارة التي يقتضي استيفاء المنفعة وبقاء العين.
ولقد لخصت الموسوعة الفقهية مذاهب العلماء في ذلك فجاء فيها تحت عنوان إجارة الأرض مع الماء أو المرعى: يجوز ذلك في الجملة اتفاقا، لكن الحنفية لا يجيزون إجارة الآجام والأنهار للسمك، ولا المرعى للكلأ، قصدا، وإنما يؤجر له الأرض فقط، ثم يبيح المالك للمستأجر الانتفاع بالكلأ، وذلك لأن الانتفاع بالكلأ لا يكون إلا باستهلاك عينه. أما عند غير الحنفية فيجوز العقد على الأرض والكلأ معا، ويدخل الكلأ تبعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(12/3330)
حكم إكراه الموظف على راتب أقل من المتفق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت بشركة بموجب عقد رسمي براتب محدد وبعد مضي عدة شهور قامت الشركة بتغيير الراتب ليصبح أقل من المتفق عليه ولم يكن أمامي إلا الموافقة بالاكراه لما يترتب على من ترك العمل من مضار كثيرة لي ولأسرتي.
وبعد انتهاء العقد قمت بحجز مبلغ وبدون علم الشركة وهو أقل من فرق الراتب بعد تعديله بالإكراه
فهل هذا المبلغ يحق لي.
بعد تجديد العقد كان اتفاق العمل ثمان ساعات وأنا الآن أعمل عشر ساعات وبعلمهم ولا يحسبون ساعتي العمل الإضافي:
السؤال: إذا كان المبلغ الذي أخذته سابقاً لا يحق لي فهل يمكن لي أن أرده عملاً فأحسبهما من ساعتي العمل الزائدة التي تكلفت بهما دون مقابل.علماً بأنهم على علم بأن الساعتين من حقي أن أتقاضى عليهما أجراً ولكنهم لا يحسبونها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أبرم السائل مع الشركة عقد إجارة لمدة محددة فإنه لا تملك الشركة فسخ هذا العقد إلا برضى الطرف الآخر، فإن فسخت العقد بإراداة منفردة من قبلها فالأجرة المتفق عليها تلزمها لجميع مدة العقد وذلك لأن الإجارة عقد لازم بين الطرفين لا يملك أحد المتعاقدين فسخه، وإن فسخه لم يسقط العوض الواجب عليه.
وعلى هذا فنقول: من حق السائل عندما قامت الشركة يتغيير الراتب أن يمتنع ويطالب براتب المدة كلها بموجب العقد.
أما إذا رضي بهذا التغيير اختيارا ومضى في العمل.. فالذي يظهر أنه لا حق له في المطالبة بأكثر من الراتب الجديد، واضطراره للقبول بالراتب الجديد لا يعد إكراها بالمعنى الاصطلاحي للإكراه الذي لا يصح معه العقد.
جاء في المجموع نقلا عن الخطابي: بيع المضطر يكون على وجهين:
أحدهما: أن يضطر إلى العقد من طريق الإكراه عليه فلا ينعقد معه العقد.
والثاني: أن يضطر إلى البيع لدين أو مؤنة ترهق ... فإن عقد البيع على هذا الوجه صح.. ولكن كرهه عامة أهل العلم.
وما قيل في أصل العقد يقال في الساعات الإضافية التي يسأل عنها السائل، فإذا كان يعمل فيها بدون اتفاق مع الشركة على احتسابها فلا شيء له، وإن كان اتفق معهم على احتسابها فلم يوفوه أجره جاز له أخذ مقابل أجرتها من المبلغ المحجوز لديه، ويرد ما زاد على ذلك إلى الشركة.
وليعلم أنه لا يجوز له حجز شيء من أموال الشركة لأنه بهذا التصرف يعتدي على أموال الغير بدون وجه حق.
ولله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1429(12/3331)
حكم أخذ عمولة على الإيداع النقدي
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عندنا شركة صرافة باليمن وسؤالي حول الايداعات النقدية من بعض الزبائن الذين لهم حسابات لدى الشركة حيث إن الشركة ترى أنها لاتستفيد من حساباتهم لديها فهل يجوز أخذ عمولة على الإيداع النقدي وهل يدخل هذا في الربا؟ افتونا جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه يجوز أخذ أجرة على حراسة أي أمر، وحفظ النقود لأصحابها يعتبر نوعا من الحراسة، وبالتالي فلا حرج في أخذ عمولة عليه.
إلا أنه يشترط في أخذ العمولة على الإيداع النقدي ما يشترط في الإجارة على العموم فلا بد أن تكون المنفعة معلومة، وأن تكون الأجرة معلومة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(12/3332)
حكم أخذ مبلغ من المالك للخروج من السكن المستأجر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم....
شيخنا الفاضل بارك الله فيك، أريد منك ردا مفصلا على سؤالي بارك الله فيك ...
نحن نسكن حاليا في شقة مؤجرة ... (إيجار قديم)
المهم توفر لنا إرث أمي وبنينا به بيتا وهو الآن ينقصه السقف وأشياء أخرى كثيرة لكي يكون مكانا نعيش فيه وهو يتطلب حوالي عشرين ألف جنيه لكي يكمل وليس معنا حتى ألف جنيه لكي نفعل في البيت شيئا وظروفنا لا تسمح لنا بإكمال البيت وكل ما كان معنا بنينا به المنزل ولكن لم يكتمل، المهم أصحاب البيت عرضوا علينا مبلغ عشرين ألف جنيه لكي نترك لهم الشقة المؤجرة.
سؤالي هو هل لو أخذنا هذا المبلغ لكي نكمل به البيت ونترك لهم الشقة يكون ذلك حراما أم لا؟، مع العلم أنهم يريدوننا أن نترك لهم الشقة ولو تركناها لهم إلى أين نذهب، وأذكركم بما ذكرته سالفا أن المنزل ليس مكتملا، في انتظار ردكم، وجزاكم وجزانا خيرا إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ليس من حق المستأجر أن يلجئ المؤجر إلى دفع مبلغ من المال مقابل إخلاء العين المؤجرة إذا انتهت مدة إجارتها أو كانت مشاهرة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعين المؤجرة سواء كانت شقة أو غيرها باقية على ملك صاحبها، وله كامل التصرف فيها، فله منافعها وله أخذها، وله رفع أجرتها إذا انتهت مدة العقد، ولا يملك المستأجر إلا الانتفاع مدة العقد المتفق عليه بين المؤجر والمستأجر.
والإجارة إذا لم تكن مدتها محددة فهي ما يعرف بالمشاهرة، وقد أباحها أكثر أهل العلم، ورأى البعض أنها غير صحيحة.
وعلى القول بفسادها فالواجب فسخها متى اطُّلع على ذلك، وعلى القول بصحتها، فإن لكل واحد من المتعاقدين فسخها متى أراد.
قال الدردير وهو من علماء المالكية: وجاز الكراء مشاهرة، وهو عبارة عندهم عما عبر فيه بكل، نحو كل شهر بكذا أو كل يوم أو كل جمعة أو كل سنة بكذا، ولم يلزم الكراء لهما، فلكل من المتكاريين حله عن نفسه متى شاء ...
ومن هذا تعلم أن من حق صاحب الشقة التي هي موضوع السؤال أن يسترجعها منكم متى أراد ذلك.
ولا يجوز لكم أن تلجئوه إلى دفع أي تعويض عن الإخلاء ولو تقرر لكم ذلك في القانون. بل ومن حقه إذا كان قد طلب منكم الشقة في الماضي ومنعتموه منها أن تضمنوا له أجرة المثل، فتكملوا له الفرق بين الأجرتين إذا كانت أجرة مثلها أكثر مما هي مؤجرة به الآن، وراجع الجواب رقم: 9057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(12/3333)
حكم الانتفاع بالشقق المؤجرة إلى زمن غير محدد
[السُّؤَالُ]
ـ[وهو إعطاء الحق للمستاجرين تابع هذا القانون بالبقاء بالعين المؤجره للمستاجر ووارثه أيضا مدى الحياة لهما وبنفس القيمة الايجارية الثابتة التى لاتتغير أبدا (مائتى عام) ؟ .
س2- ثم اذا تكلمت مع أحد المستاجرين أن ذلك القانون مخالف للشريعة الاسلامية – فيحتجون بأن العقد شريعة المتعاقدين – وأنه تم عن رغبه المالك ولا يوجد بالعقد تحديد للمدة الايجارية
فما حكم الشرع فى تلك الحجة لهم؟
س3- كما أن هناك من الناس من يحتجون بأن ذلك الوضع ليس بحرام لأن الضرورات تبيح المحظورات وأنه ليس لديهم مكان أخر تمليك يستقرون به ومن الصعب عليهم تنقلهم من مكان لآخر وقد أصبحت قيمه الايجارات الان مرتفعه جدا – فما هو الرد الشرعى على تلك المقوله مع العلم أنه يوجد عند كثير من المستأجرين ما يغنيهم عن تلك الشقة المحرمة التى بذلك الايجار الزهيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز أن تكون الإجارة مستمرة إلى زمن غير محدد، وإن وقع ذلك كانت فاسدة، ومن استمر فيها كذلك مستندا إلى قانون جائر كان غاصبا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شروط صحة عقد الإجارة كون المدة معلومة والأجرة معلومة، وأي قانون يفرض فيه ما يخالف هذا، فإنه قانون وضعي مضاد لحكم الشرع، وهو ظلم ظاهر وغصب لحق المالك وأكل لأموال الناس بالباطل، وما كان شأنه كذلك، فلا يحل لمسلم عمله ولا الرضا به وإن أذنت به الدولة، فحكم الحاكم لا يصِّير الحرام حلالا، وعلى المستأجر والمؤجر أن يلتزما الشروط الشرعية للإجارة، ومن أهمها أن يكون كل من الأجرة والمدة معلوما.
جاء في "المغني": يشترط في عوض الإجارة كونه معلوما، لا نعلم في ذلك خلافا.
وقال في موضع آخر: الإجارة إذا وقعت على مدة يجب أن تكون معلومة كشهر. وجاء في "المدونة": فإن لم يضرب للإجارة أجلا لم يجز ذلك، لأنه لا تكون الإجارة جائزة إلا أن يضرب لذلك أجلا، فإن لم يضرب للإجارة أجلا كانت الإجارة فاسدة.
وعليه، فهؤلاء المقيمون على القانون المذكور غاصبون آثمون، ولصاحب الشقة أجرة المثل فيما مضى؛ لأن استيفاء المنفعة بالإجارة الفاسدة سبب لضمان أجرة المثل.
وإذا تقرر أن الشقق المذكورة مغصوبة حرمت الصلاة فيها وكذا تناول الطعام والنوم.
وما ذكر من أن الضرورات تبيح المحظورات صحيح، ولكنه هنا مستعمل في غير موضعه. فالضرورة هي بلوغ الإنسان حدا إن لم يفعل المحظور هلك أو قارب على الهلاك أو وقع في مشقة لا يستطيع تحملها. وعند الأخذ بهذه القاعدة في هذه الحالة لا بد من مراعاة أمور أخرى منها ألا ينشأعن ذلك ضرر أعظم.
وكون المستأجرين ليس لديهم أماكن أخرى، ومن الصعب تنقلهم، وأن قيمة الإيجار قد أصبحت مرتفعه جدا ... ليس فيه ما يعد ضرورة تبيح غصب ممتلكات الغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(12/3334)
حكم أخذ بدل الخلو في الإجارات الطويلة المدة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان والدى يستأجر دكانا منذ أكثر من ثلاثين عاما وكان يعمل فيه في تجارة الأدوات الكهربائية وفي الفترة الأخيرة ونظرا لكبر سنه وظروفه الصحية اضطر إلى غلق الدكان وإيقاف نشاطه. ثم اتفق مع صاحب العقار عندما يبيع المحل أن يعطيه جزءا من المال والآن قام صاحب العقار ببيع الدكان وأعطى أبي نصف المبلغ بالتراضي. فهل المال الذي أخذه أبي حلال على أساس أنه لم يعد له أي مصدر للدخل أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
جاء في نص قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: في الإجارات الطويلة المدة خلافا لنص عقد الإجارة طبقا لما تسوغه بعض القوانين: لا يجوز للمستأجر أخذ بدل الخلو بها إلا بموافقة المالك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن والد السائلة قد استأجر الدكان بحسب القانون تأبيد الإجارة المعمول به في بعض البلدان، ومنها بلد السائلة.
وهذا القانون الذي يؤبد الإجارة أو الأجرة قانون يخالف الشريعة التي توجب تحديد مدة الإجارة في الدور والدكاكين، وتعطي المالك الحق في التصرف في العقار إذا انتهت المدة بأن يؤجره للمستأجر الأول أو لغيره وبالأجرة المتراضى عليها.
وعليه، فلا حق للمستأجر بهذا القانون في ما يعرف ببدل الخلو عند تركه للعقار أو بيع المالك له؛ لأن الإجارة أصلا فاسدة وهو في تلك المدة كلها مستول على ملك غيره بدون وجه حق، وإنما بقوة السلطات الجائرة.
وإذا أراد المالك هبة بعض المال لوالد السائلة أو التصدق عليه بدون إلزام فلا بأس. أما على وجه الإلزام والاستحقاق القهري فلا، وهو نوع من الغصب.
وراجعي الفتوى رقم: 104061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1429(12/3335)
حكم عدم دفع أجرة مدرسة اللغات لرداءة التعليم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أدرس في مدرسة لتعليم اللغات، بعد ذلك توقفت عن الدراسة فيها لرداءة الدراسة هناك لكني لم أقم بدفع ثمن شهر واحد لهذه المدرسة، فهل علي ذنب، وهل أنا ممن يصدق عليهم قول الله تعالى: الذين يأكلون أموال الناس بالباطل؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تسجيلك في مدرسة اللغات هذه يعتبر عقد إجارة بمعنى أنك استأجرت المدرسة لتقوم بتعليمك العلم أو اللغة المتفق عليها، والإجارة من العقود اللازمة التي لا يملك أحد المتعاقدين فسخها قبل المدة المتفق عليها إلا لعذر يقتضى الفسخ، ويترتب على لزوم عقد الإجارة تملك المؤجر للأجرة وتملك المستأجر المنفعة.
فالسائل يملك منفعة التعليم من قبل المدرسة، والمدرسة تملك أجرة المدة المتفق عليها كاملة ما دامت تبذل المنفعة على الوجه المتفق عليه، وإذا كانت لا تبذل منفعة التعليم حسب ما هو متفق عليه في العقد يطالب السائل بالوفاء ببنود العقد، وبذل منفعة التعليم حسب الشرط، فإن استجابت المدرسة وإلا جاز أن يُخصم من الأجرة المسماة بقدر ذلك، ولا يصح أن يكون الأخ السائل هو الخصم والحكم في نفس الوقت، فإما أن يدفع الأجرة كاملة أو يقاضي المدرسة إلى المحكمة لتفصل فيها إن لم يتصالح مع المدرسة على نقص الأجرة أو عدم دفعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(12/3336)
من أحكام بدل الخلو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الانتفاع بالأصل التجاري في الإسلام، علما بأن القيمة المالية التي يتحصل عليها المكتري من مالك المحل إذا ما طلب هذا الأخير منه مغادرة المحل فهي متأتية من ممارسة المكتري تجارة ما في ذلك المحل لمدة يحددها القانون الوضعي بعدد معلوم من السنوات؟ شكراً لكم على إجابتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا طلب المالك من المستأجر إخلاء العقار في أثناء مدة العقد فمن حق المستأجر الامتناع عن ذلك إلا بمال يدفع له مقابل تنازله عنه حقه في بقية المدة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بالأصل التجاري هو بدل الخلو بين المالك والمستأجر، فإن منه ما هو جائز ومنه ما ليس كذلك. فالجائز منه أن يطلب مالك العقار من المستأجر إخلاء المحل في أثناء مدة العقد، فيجوز أن يطالبه المستأجر بمبلغ مقابل تخليه عن حقه الثابت بالعقد، وهو ملك المنفعة بقية مدة العقد، وغير الجائز من بدل الخلو أن تنقضي مدة العقد فيطالب المستأجر بمال نظير تخليه عن المحل. وراجع للمزيد في أحكام بدل الخلو الفتوى رقم: 9528، والفتوى رقم: 97755.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(12/3337)
ركب له قطعة قديمة بطلبه فتعطلت السيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أدخل سيارته ورشة لإصلاحها ثم أخبره الفني المتخصص أن القطعة التي يريد إصلاحها قد تصلح وقد لا تصلح فوافق على تركيبها وألا يشتري جديدا ثم بعد تركيبها وخروجه عاد العطل.
ما الحكم أرجو أن يكون الجواب مدعما بالنقول عن أهل العلم ولا سيما الحنابلة حيث إنني طالب وأرغب في تحرير هذه المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأجير المشترك ومنه الميكانيكي والفني اللذان يعملان لأكثر من شخص في نفس الوقت يستحقون أجرتهم إذا قاموا بالعمل حسب الاتفاق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفني في المسألة المذكورة يستحق أجرته المسماة بعد فراغه من العمل ولو لم تصلح القطعة التي عمل فيها لأن الاتفاق تم بين صاحب السيارة والفني على تركيب القطعة والعمل فيها دون اشتراط إصلاحها، وعليه فإذا عمل استحق أجرته، جاء في الإنصاف من كتب الحنابلة: قال ابن أبي موسى: من استؤجر لعمل استحق الأجر عند إيفاء العمل.
وهذا الشخص استؤجر على تركيب القطعة لا على أن تعمل بعد تركيبها ولا بد.
وإذا أراد السائل المزيد من تحرير المسألة فليراجع كتب الفقه، باب الإجارة، وبالخصوص مبحث الأجير المشترك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1429(12/3338)
حكم عدم الوفاء بشرط عدم التدريس خارج أوقات الدوام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل حالياً في إحدى الجامعات وأقوم بالتدريس في أماكن أخرى ولكن دون علم الجامعة التي أعمل بها، مع العلم بأنني أعمل هذا العمل الإضافي في غير الأوقات المطالب أن أكون متواجدا فيها بالجامعة، وبالتالي لا يؤثر على عملي بالجامعة، ولكن يساورني الشك في هذا العمل الإضافي نظراً لأن العقد مع الجامعة ينص على عدم العمل في مكان آخر على الرغم من أن الكثير من الزملاء في العمل يعملون مثلي بل وقد يكون بعلم وسكوت بعض المسؤولين بالجامعة، لذا فهل العمل الإضافي الذي أقوم به حلال وإذا كان غير ذلك فما الكفارة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوفاء بما في العقد واجب، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، إلا في حالة ما إذا كان الشرط لا علاقة له بالعمل بل هو فيما لا يشمله زمناً كاشتراط عدم عمله خارج دوامه بعمل خارجي لا يؤثر على عمله المتعاقد عليه أي تأثير، فهذا الشرط باطل لعدم تعلقه بحقوق العقد البتة بل هو تعنت محض وقد أبطلت الشريعة كل شرط من هذا القبيل في قوله صلى الله عليه وسلم: ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل. رواه البخاري.
ومعنى في كتاب الله أي في الشريعة، ومن المعلوم أن الموظف الحكومي أو غيره كموظفي القطاع الخاص يعتبر أجيراً خاصاً، مقيداً بزمن معين، فإذا انقضى الزمن بانتهاء ساعات الدوام فللأجير أن يصنع في وقته وجهده ما شاء، وراجع الفتوى رقم: 58694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1429(12/3339)
اختلفت مع خادمتها حول الأجرة المستحقة لها
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لدي خادمة تأخذ في الشهر 100 ريال ولا تحضر إلى المنزل إلا في الأسبوع مرة واحدة، وقد سافرنا وعند العودة عادت من نصف الشهر يوم 15وعند محاسبتها نهاية الشهر بمبلغ50 ريال تقول بأن المبلغ ناقص حوالي25 ريال، بحجة أننا نحاسبها بالأسبوع وهذا غير صحيح وعملت من الشهر الذي بعده أسبوعا ولعدم عودتها للعمل فقد حاولت إعطاءها مبلغ الأسبوع الذي عملته فرفضت أن تأخذه، وأنا أحاول تبرئة ذمتي منها فهل علي شيء من القديم فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان العقد مع هذه الخادمة على العمل فعملت يوم الخامس عشر ثم بعد أسبوع يوم الثاني والعشرين ثم يوم التاسع والعشرين مثلاً فلها خمسة وسبعون ريالاً وهذا هو ما يظهر من السؤال، وأما إن كان العقد على المدة (الشهر) فليس لها إلا أجرة الأسبوعين (نصف شهر) .
أما إنها عملت أسبوعاً آخر من الشهر الثاني ورفضت تسلمه فعليك أن تسلمي المبلغ لمن يسلمه لها من صديقة أو قريبة لها ونحو ذلك، فإن تعذر إعطاؤها حفظ كوديعة إلى حين المطالبة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1429(12/3340)
رئيس العمل المخول يحق له منحك إجازة براتب لأداء الامتحان
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل لجهة ما عقد 10 أشهر، كان عندي امتحان خارج البلد فاستاذنت من رئيسي المباشر فأذن لي أن أسافر شهرين للامتحان والكورس، ولم أقم بالإجراءات الرسمية لذلك لأن الرئيس المباشر قال لي لا داعي لذلك، وعدت وواصلت العمل معهم إلى نهاية المدة دون تعويض الشهرين، كان من الممكن أن آخذ مرتب الشهرين اللذين لم أعمل فيهما، لكني لم أفعل ورعا، لكني الآن متحير هل آخذ المرتب وأوزعه على الفقراء أم أتركه للمؤسسة، بعض زملائي حذروني من أن الموظف المسؤول عن المرتبات قد يأخذ المال لنفسه إن لم أصرفه أنا، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان رئيسك المباشر مخولاً من قبل الجهة التي تعاقدت معها تخويلاً يبيح له صرف الراتب لك من غير عمل فيجوز لك أن تأخذ الراتب المشار إليه ويكون هبة من تلك الجهة لك، وإن لم يكن مخولاً فليس لك حق في الراتب ولا تأخذه، وإذا تم وضعه في حسابك فأرجعه إلى الجهة التي تعاقدت معها؛ إلا إذا علمت أن القائمين عليها سيتلاعبون به، ولم تستطع إيصاله إلى مالكه على فرض أن هذه الجهة جهة خاصة، أو إلى من يحسن صرفه إن كان جهة عامة، فلك أن تصرفه حينئذ في وجوه الخير كالصدقة على الفقراء والمساكين، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17110، 99036، 50404، 54608.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1429(12/3341)
حكم أخذ الأجير من مال مؤجره بدون علمه بدعوى أنه مظلوم في الراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل بإحدى دول الخليج في شركة لرجل خليجي وشريكه هندي مسيحي وبخلاء جدا وأنا منذ أن أتيت إلى هذه الدولة وأنا على كفالتهم ولا يرضون إعطائي نقل كفالة للعمل لدى أي شركة أخرى ومهنتي بالمقارنة لنفس المهنة لموظفي الشركات الأخرى لا آخذ حتى ولا ربع حقي علما بأنني أؤدي أعمالا تفوق هؤلاء الأشخاص أو كما يقولون أعمل كل الوظائف في الشركة أو معظمها وكبرت الشركة ووضعي كما هو لا فيه زيادة راتب ولا أي شيء علما بأن راتبي هو 1500 ريال وأنا متزوج ولي بنت وإخوتي 4 صبيان صغار وأمي مريضة وأبي مريض ولا بد من مبلغ شهري لعلاجهم حوالي 700 جنيه غير مصروف إخوتي وأسرتي علما بأنه لا يوجد أي دخل لنا في بلدي إلا الله سبحانه وتعالى وقدمت أوراقي في شركة كانت تطلب مهنتي حددوا لي مبلغ 5000 ريال كبداية معهم ولكن هذا الكفيل الظالم لم يوافق لي على نقل الكفالة وقال لي بالحرف الواحد (ما فيش نقل كفالة ولا زيادة راتب لو عاوز تروح اروحك) وعلما بأنني حكيت له على كل ظروفي ببلدي وأني مصاب بفيروس سي وأنا بعيد عن زوجتي وابنتي وأسرتي ولكن لا آذان لمن تنادي، وأنا بالشركة ممكن أن آخذ فلوسا من معاملات الشركة ولكني أرى هذا العمل حراما، فهل لو أخذت هذه المبالغ حتى أعادل راتبي ببعض رواتب من هم مثلي، فهل علي ذنب.
أرجو الرد أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
لا يحل للأجير أن يعتدي على مال مؤجره بدعوى أن راتبه أقل من راتب زملائه في نفس العمل، فليس للأجير عند مستأجره إلا أجره المتفق عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج عن السائل كربته وأن يرزقه الرزق الحلال الواسع، وليعلم أن المؤمن مبتلى فليصبر فإن مع العسر يسرا، وإن عاقبة الصبر الفرج.
وأما عن حكم أخذه أموالا من أموال الشركة بدون إذن من صاحبها بدعوى أنه مظلوم في الراتب وأن كفيله يرفض نقل كفالته فالجواب أن ذلك غير جائز لأنه اعتداء على مال الغير بدون حق.
فحق السائل عند صاحب الشركة بموجب عقد الإجارة هو الراتب المتفق عليه بينهما وإن كان أقل من راتب غيره، ولا يجبر صاحب الشركة على زيادة راتب السائل أو نقل كفالته لأن الإجارة عقد يقوم على التراضي ويلتزم الطرفان بموجبه بعد العقد.
وإذا قلنا إنه لا يجب فليس معنى ذلك أن لا يطلب ذلك على وجه الرفق والاستحباب، وفي الحديث: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفسه الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. رواه مسلم.
لكن إذا أصر على عدم إعانة أخيه المؤمن لم يكن أمام السائل إلا الصبر على هذه الأجرة الزهيدة المتفق عليها في عقد الإجارة، أو طلب نقل الكفالة والسعي في التخلص من كفالة هؤلاء حتى ييسر الله تعالى له رزقا آخر، وما عند الله لا يطلب بمعصيته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1429(12/3342)
تكليف الموظف بعمل فوق وظيفته المتعاقد عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف بشركة على وظيفة مصمم حاسب آلي وفي عقدي يوجد بند ينص على تكليفي بأي وظيفة تخص هذا العمل كحاسب آلي في اللجنة التنظيمية للشركة وقد تم تكليفي إضافة إلى هذا العمل كمصصم بوظيفة أخرى وهي مدرب حاسب آلي وبدون مقابل وحجتهم أنه داخل دوامي الرسمي فأنا رفضت إلا بأجر مقابل أجر تكليف الوظيفة الإضافية فما رأيكم في هذا الشيء وهل الشركة محقة فيما فعلت فأفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يشترط في الإجارة أن تكون المنفعة فيها معلومة علماً يمنع المنازعة، وتعلم المنفعة بالشرط أو بالعرف والعادة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بد في الإجارة -والوظيفة نوع منها- أن تنضبط بضوابط تمنع الاختلاف والتنازع ...
جاء في درر الحكام: ي شترط في الإجارة أن تكون المنفعة معلومة بوجه يكون مانعاً للمنازعة..
ومن هذه الضوابط معرفة المنفعة التي يتم التعاقد عليها بين الأجير والمستأجر، وتعرف المنفعة إما بالشرط أو بالعادة والعرف، ومتى اضطربت العادة في ذلك وجب البيان.. وإلا بطلت الإجارة للجهالة.
ومما يدل على اعتبار العرف في ذلك ما جاء في مطالب أولي النهى: وإن استأجر لضرب لبن ذكر عدده.. وموضع الضرب.. ولا يلزمه أي الأجير إقامته أي اللبن ليجف لأنه إنما استؤجر للضرب لا للإقامة ما لم يكن عرف أو شرط فيعمل به. انتهى.
وبناء على ما تقدم فينظر ما يقوله أهل الخبرة في طبيعة عمل السائل فإن قالوا إن تكليفه بالتدريب على الحاسب الآلي من ضمن وظيفته فيلزمه فعل ذلك وإلا فلا يلزمه، وله أن يمتنع عن العمل المذكور إلا بأجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1429(12/3343)
أجرة حمل الخمر لا تطيب للأجير
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد عملت أجيرا في حمل الخمر، وندمت كثيرا وتبت إن شاء الله، وهذا المال تراكم وسط حسابي فعزلته معتمدا على نسخ كشف الحساب البنكي وصرفته في تأمين السير والسفر صرفته عينا، الآن الحمد لله رزقت عملا حلالا، فهل يجب علي أن أصرف مما أدخره من مرتبي الحلال للفقراء تعويضا لما صرفته من المال الحرام، لقد كنت أجهل كيفية التخلص منه ولم يبق منه شيء الآن.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا حمل المسلم الخمر لمن يشربها أو لمن يبيعها لمن يشربها فإنه قد ارتكب إثما، والواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل والتخلص من أجرة هذا الحمل بالتصدق على الفقراء والمساكين أو صرفها في مصالح المسلمين العامة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل للمسلم أن يؤجر نفسه على حمل خمر لشربها ولا أجرة له على ذلك لأن حمل الخمر منفعة محرمة لا تقابل بعوض.
جاء في دقائق أولي النهى: ولا يصح استئجار لحمل ميتة ونحوها، أو لعمل خمر لشربها ولا أجرة له. انتهى.
وجاء في مواهب الجليل: والحرام أن تؤاجر نفسه منه فيما لا يحل من عمل الخمر أو رعي الخنازير، فهذا يفسخ قبل العمل، فإن فات تصدق بالأجرة على المساكين. انتهى.
وبناء على ما تقدم.. فإن أجرة حمل الخمر لشربها لا تطيب للأجير إن كان فعل ذلك عالما بالتحريم، وسبيلها أن يتصدق بها ولا ينفقها في مصلحة نفسه، فإذا قام السائل بإخراج قدر تلك الأجرة من ماله الحلال وأنفقها على الفقراء فقد فعل ما هو مطلوب منه وبرئت ذمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1429(12/3344)
حكم استئجار الراعي بنصف ما تنتجه الغنم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته أجمعين وبعد:
لدي سؤال أود الإجابة عليه وهو كما يلي: اشتريت قطيعا من الغنم واستأجرت لهم راعيا، وما تنجبه الغنم كل سنة أعطي نصفه لهذا الراعي كأجرة له، فهل هذه الأجرة جائزة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذه الإجارة فاسدة لما هي مشتملة عليه من الغرر والجهالة، وللراعي فيها أجرة مثله بالغة ما بلغت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شروط صحة الإجارة أن تكون الأجرة معلومة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من استأجر أجيراً فليسم له أجرته. رواه عبد الرزاق، وفي رواية لأحمد: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وما ذكرته من استئجارك للراعي بنصف ما تنتجه الغنم فيه جهالة وغرر واضحان، وبالتالي فهذه الإجارة غير صحيحة، ويستحق الراعي فيها أجرة مثله، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 104078.
ولله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(12/3345)
حكم الاشتغال خلال أوقات العمل بأمر خارج عن طبيعة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في المطار كمراقب جوي وفي هذا المطار لا توجد حركة جوية كثيرة بالتالي لدي أوقات فراغ لذلك تجدني أنتقل من مصلحة المراقبة الجوية إلى مصلحة التموين بالوقود للطائرات وذلك من أجل التحدث واحتساء الشاي، مع العلم بأني أحمل معي جهاز راديو، فما حكم الشرع في ذلك وهل الراتب الذي أتقاضاه فيه شبهة؟ وشكراً مسبقاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في الموظف الأجير أن يلتزم بالحضور في مقر العمل الذي استؤجر للقيام به إلا إن أذن له بمغادرته، فإن أذن له بالخروج جاز، أو جرى العرف بعدم ممانعة جهة العمل من الخروج لحاجة ونحوها.
وبناء عليه؛ فخروجك لاحتساء الشاي مباح إن كان مأذوناً فيه لا سيما في الوقت الذي لا تترقب فيه حركة جوية، وإلا لم يجز لك مغادرة المكان الذي استؤجرت للبقاء فيه، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29093، 95084، 102455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(12/3346)
الإجارة عقد لازم
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفق معي مديري بان أؤدي عملا غير طبيعة عملي بالشركة مقابل حافز محدد كل شهر طالما أنني أؤديه كما يجب وبعد مرور ثلاثة أشهر على قيامي بالعمل المطلوب قد حرمني من الحافز الذي وعدني به واعتبر هذا الاتفاق جزء من طبيعة عمل أو تهربا؟
علما بان الحافز الذي وعدني به لم آخذه رغم تأكيده لي بأنه سوف يمنحه لي ومضت فترة زمنية طويلة على هذا الموقف وأنا لم الح عليه في مطالبتي بحقي كما وعدني خوفا من أن ينتقم منى أو يحرض على أحد ما فماذا أفعل مع هذا المدير؟
أرجو الإفادة شاكرين لكم تعاونكم وأسال الله أن يزيدكم من علمه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أنه تم بينك وبين مديرك من الاتفاق على أن تقوم بعمل غير عملك بالشركة مقابل حافز يعتبر عقد إجارة والإجارة من العقود اللازمة فيجب عليك وعلى المدير أن يفي كل منكما بما تم التعاقد عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1429(12/3347)
لا يحق للإدارة إرغام الموظفين على التنازل عن حقوقهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مغترب وأعمل بالسعودية من 5 سنوات في معهد تعليمي كبير له العديد من الفروع ونظراً للفساد الإداري وتعاقب الإدارات السيئة ساءت حالة المعاهد كثيراً واعتدنا تأخر الرواتب لأكثر من ثلاثة أشهر ونظراً لشكاوى الكثير من العاملين للحصول على مستحقاتهم لدى مكتب العمل فقد تم إيقاف رقم الكفيل في الجوازات وتضررنا أيضا نحن العاملين بهذا القرار كثيراً إذ توقفت كل التعاملات مع الجوازات مثل التأشيرات والزيارات وتجديد الإقامات فأصبحنا كأننا في سجن كبير مع تأخر الرواتب ومماطلة الإدارة في سداد مستحقاتنا على الرغم من أننا نعمل في فرع تابع لها ويدر دخلاً جيداً ومع ازدياد الشكاوى قالت الإدارة صراحة من يرغب في نقل كفالته يتنازل عن كافة مستحقاته بإختصار شديد أمامنا خيارات محدودة ... إما أن نقبل بهذا الوضع حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا أو أن تذهب البقية الباقية من العاملين إلى مكتب العمل ليقفوا في طابور الانتظار حتى يتسلموا مستحقاتهم في مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وقد تزيد عن السنة كما حدث مع أسلافهم (بلا عمل وبلا راتب خلال هذه الفترة) أو أن نقبل بالتنازل عن مستحقاتنا مقابل نقل كفالتنا، فهل هذا التنازل مقبول شرعاً حتى وإن وافق عليه المكفول تحت ضغط الظروف، وهل بهذا التنازل يعفى الكفيل شرعاً من هذه الأموال المتنازل عنها أمام الله ... أما الخيار الأخير هو أن نعمل في بعض وقت الدوام لحسابنا الشخصي ثم نخصم ما نحصل عليه من أموال من مستحقاتنا حتى إذا أدركنا جزء مناسب من مستحقاتنا طالبنا بإنهاء الخدمات فإن تعرضنا للابتزاز نكون قد أصبنا جزء من المستحقات وإن تسلمنا كامل مستحقاتنا (ويعد ذلك مستحيلاً) نقوم برد ما أخذناه سابقا بطريقة ما، فهل هذا جائز شرعاً، فأفتونا في ذلك بارك الله فيكم؟ وجزاكم الله عنا خير.. وأعتذر للإطالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ليس لجهة العمل أن تجبر العمال على التنازل عما استقر لهم عندها من الحقوق، ولهم أن يستوفوا حقوقهم بأية طريقة متاحة إذا لم يتضمن ذلك ظلماً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم بين العامل وبين الجهة التي يعمل عندها هو العقد المبرم بينه وبين تلك الجهة، فإذا كان هذا العقد ينص على أن للعامل مستحقات يحصل عليها عند نهاية الخدمة أو عند مضي فترة معينة أو نحو ذلك ... فإنه ليس من حق جهة العمل أن تقوم بإجراء يجبره على التنازل عن هذا الحق، وإذا تنازل عنه تحت ضغط معين كان من حقه استيفاؤه متى ما أمكنه ذلك، وهذا بالنسبة لما مضى من الخدمة، وكذا باقي المدة المنصوص عليها في العقد إذا كانت ثمت مدة محددة.
وأما إذا انتهت المدة المتفق عليها في العقد فإن من حق جهة العمل أن تعلن للعمال أنها لا تلتزم لهم بحقوق بعد الخدمة، وقد علمت من هذا أنه ليس من حق الإدارة إرغامكم على التنازل عما تقرر لكم عندها من الحقوق إذا كانت قد تقررت لكم عندها حقوق.. كما أنه لا حرج عليكم في الخيار الثاني إذا كان هو الوسيلة المتاحة لكم لاستيفاء ما لكم من الحقوق، لأن من حق المرء إذا عجز عن استيفاء حقه أن يستوفيه بما يتاح له من الطرق لذلك، ولكن بشرط أن لا يكون فيه ظلم لجهة العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(12/3348)
حكم تعجيل إيجار الشقة مقابل إسقاط بعضه
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن مع اسرتي في شقة بالإيجار، وأدفع لصاحب البيت الأجرة بشكل شهري في بداية كل شهر. عرض علي صاحب البيت دفع إيجارات ستة أشهر دفعة واحدة مقدما، وبالمقابل يعفيني من إيجار الشهر السابع. فهل هذه المعاملة جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
لا يجوز اشتراط تعجيل الدين في الذمة مقابل إسقاط بعضه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأجرة في عقد الإجارة تملك بمجرد العقد وتصير دينا في ذمة المستأجر كثمن المبيع والمهر ونحوها.
وتستحق بتسليم العين المؤجرة وتستقر باستيفاء المنفعة، وبناء على ما تقدم فإن تعجيل المستأجر كل الأجرة أو بعضها مقابل أن يضع المؤجر عنه جزءا منها معناه تعجيل حقه مقابل إسقاط بعضه، فالأجرة كما هو ظاهر السؤال مؤجلة مقسطة بالشرط أو بالعرف وتعجيل دفعها مقابل إسقاط بعضها معناه أن المستأجر يسلف المؤجر نظير منفعة وهي إسقاط أجرة شهر وهذا غير جائز إذا كان بشرط وهي نفس مسألة السائل، وراجع لمزيد تفصيل في مسألة ضع وتعجل الفتوى رقم: 30303.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(12/3349)
حكم طلب المدير من الموظف أن يقضي له شؤونه أثناء الدوام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مؤسسة حكومية ومدير المؤسسة يأمرني أن أصلح بعض العطب في بيته في أوقات العمل واستعمال الأدوات من مغازة المؤسسة كما يأمرني أن أقضي له شؤونه الخاصة في أوقات العمل فهل أطيعه في هذا وهل علي وزر في استعمال أغراض المؤسسة في بيته مع العلم بأنه فاجر في القول والعمل ومتسلط على غيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإما أن يكون من حق المدير في المؤسسة المذكورة أن يكلف أحد الموظفين بعمل خاص به كما هو جار في بعض المؤسسات والشركات فلا حرج عليكما في ذلك، ومثل ذلك يقال في أدوات المؤسسة.
وإما أن يكون غير مأذون للمدير في فعل ذلك فلا يجوز لك أن تمتثل لأمره لأن في ذلك إعانة له على الإثم والعدوان ومشاركته فيه، فحاول أن تبين له الحكم الشرعي بالحسنى، وإن خشيت من أذاه فلك إبلاغ المسئولين ممن هم فوقه.
وراجع الفتويين التاليتين أرقامها: 103594، 68664.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(12/3350)
الأجر المكتسب عن طريق التسويق الشبكي
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعمل عند وكالة مهمتها جمع أكثر عدد ممكن من الزبائن من جميع أنحاء العالم من أجل شراء حاجيات من التاجر المنتمي للوكالة نفسها والزبون بدوره يبحث عن زبون آخر وهكذا إلى أن تصبح متتالية، وآخذ أجرا شهريا متغيرا عن كل زبائني وزبائن زبائني ويدخل في حسابي البنكي ومن أجل هذا العمل في البداية يجب أن أدفع مبلغ اشتراك رمزي من أجل الانضمام لهذه الوكالة وكل زبون في البداية يدفع نفس المبلغ،
فهل هذا الأجر الشهري الذي يتغير كل شهر حسب عدد زبائني وزبائن زبائني حلال ... ومعنى آخر: أدفع مبلغ اشتراك رمزي من أجل الانخراط وأحضر عمر ينضم معي وبدوره يدفع مبلغ اشتراك ويحضر الزبون زيدا فأتقاضى مبلغ عمر وزيد كل شهر وعمر بدوره يتقاضى مبلغ إحضار زيد وهكذا تكبر المجموعة وتنتمي كلها لي؟ ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة المسؤول عنها داخلة فيما يعرف بالتسويق الشبكي، وهي معاملة قائمة على الغرر والميسر وأكل أموال الناس بالباطل، وقد تقدمت لنا فتاوى في تحريم هذا النوع من النشاط، يرجى مراجعة ذلك في الفتوى رقم: 19359، والفتوى رقم: 70248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(12/3351)
إذا كانت الخسارة التي يطالب بها صاحب العمل هي الأجرة فهي من حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد أرسلت أستفتيكم في أني أعطيت أحد التجار كمية من الذهب يصنعها ويعطيني جزءا مما يتربح وقد أحصى أرباحي بواقع واحد ونصف بالمائة وقد اتفق معي أن أخبره قبل ثلاثة أشهر عندما أريد استرداد الكمية وهذا ما تم عمله وحسب الأرباح بناء على ذلك لكني فوجئت بأن قال لي إن علي تحمل خسارة بحجة كساد الأسواق وكان ذلك بعد انتهاء فترة إخباره وبعد أن حدد الأرباح للفترة الماضية فهل له ذلك لأنه كما يقول إن خسائره بدأت بعد احتساب أرباحي وإعطائي إشعارا بما يفيد ذلك أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من دفع تبرا إلى صائغ ليصنعه ثم يبيعه وله جزء من ربحه جاز في قول لأهل العلم، وذهب آخرون إلى عدم جواز ذلك لجهالة العوض.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم جواب هذا السؤال في الفتوى رقم: 105686، ونزيد الأمر هنا إيضاحا فنقول: إن ما قام به الأخ السائل من دفع كمية الذهب إلى التاجر أو الصائغ ليصوغها ثم يبيعها وله جزء من ربحها محل خلاف عند أهل العلم؛ فمنهم من منع ذلك لأن عوض الصائغ مجهول، ومنهم من أجاز ذلك شبيها لهذه المعاملة بالمساقاة والمزارعة.
جاء في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز. انتهى.
وعلى القول بالجواز -وهذا الذي نختاره لا سيما بعد فوات العمل- إذا باع الصائغ الذهب فالواجب عليه تسليم ثمنه إلى السائل ويأخذ من ربحه الجزء المتراضى عليه، ولا يحل له حبس الثمن بعد طلبه، وإذا كان السائل قام بسحب كمية الذهب قبل بيعها بعد أن عمل فيها الصائغ استحق عليه أجرة مثله بما عمل أو انتظر حتى بيعها ويأخذ نصيبه المتفق عليه.
وبناء على ما تقدم.. فإذا كان المقصود بالخسارة التي يطالب الصائغ من السائل تحملهاهي أجرة صناعته للذهب فهذا من حقه حتى لا يضيع عمله سدى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1429(12/3352)
حكم جهالة الأجرة وكون بعضها مجهولا
[السُّؤَالُ]
ـ[هذا سؤال علي ما يسمي عندنا بالموالى، والسؤال هو اتفق اثنان علي معاملة وهي عندنا تسمي الموالى حيث أعطى أحدهما للآخر ذودا من الإبل، ليقوم الثاني برعايته والمحافظة عليه لمدة ست سنوات علي أن يقتسما الإبل، بعد الست سنوات بالمناصفة علما بأنهما، اتفقا علي أن يبيعا أي ذكر جديد ويتقاسما ثمنه حالا.
السؤال: هل هذه المعاملة جائزة شرعا. وذا كانت غير جائزة فما هو البديل الشرعي؟ هل التالف من الإبل والنافق يلزم الأول أم الثاني صاحب المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب في الإجارة أن تكون الأجرة فيها معلومة ومتى كانت مجهولة أو بعضها معلوم وبعضها مجهول فالإجارة فاسدة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صاحب الإبل في المعاملة المذكورة استأجر الشخص الآخر ليقوم برعايتها وحفظها لمدة ست سنوات على أن تكون أجرته نصف الموجود منها وما لم يوجد بعد، واشترطا أيضا أن ما يوجد منها من الذكور يباع ويقتسمان ثمنه.
فالأجرة هنا مجهولة لأن بعضها على ما لم يخلق وقد لا يخلق، وإذا خلق لا يدري أيكون تاما أم ناقصا، وهل تلد ذكورا أو إناثا، كما أن اشتراط بيع حصته من الذكور شرطا يزيد المعاملة فسادا.
جاء في المنتقى: من المخاطرة والغرر اشتراء ما في بطون الإناث. انتهى
والإجارة مثل البيع فلا يجوز أن تكون الأجرة هي مافي بطون الإناث أو ما لم يوجد ويخلق. وبناء على ما تقدم فالمعاملة المذكورة غير جائزة.
والبديل الصحيح لها هو أن يستأجر صاحب الإبل الراعي ليرعى له إبله ويقوم على شأنها بمال صاحب الإبل في مدة معلومة وبأجر معلوم.
جاء في المبسوط: إذا استأجر راعيا يرعى له.... مدة معلومة فهو جائز. انتهى
وأما ما تلف من الإبل في يد الراعي فإنه غير ضامن إذا كان خاصا ما لم يتعد أو يفرط في عمله لأنه أمين والأمين لا ضمان عليه إلا إذا ضمن أوتعدى كما تقدم، وأما إن كان الراعي مشتركا يرعى لأكثر من شخص فهذا مختلف في تضمينه ما لم يأت ببينة أنه ما فرط ولا تعدى،
جاء في فتح العلى المالك: في مسألة ضمان الراعي: تنبيهات الأول: الخلاف إنما هو في المشترك وأما المخصوص فهو على أصل الأمانة لا ضمان عليه إلا بتعد أو تفريط.
الثاني: يجب تقييد تضمين المشترك على القول بأن لا يكون له بينة على الضياع من غير سببه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1429(12/3353)
تفصيل القول في حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في السلسله الصحيحة للألباني حديث عن حرمة أخذ الأجر عن تعليم القرآن فما صحته وهل الأجر خبيث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الألباني ذكر في الصحيحة حديثين في هذا الموضوع وهما حديث: من أخذ على تعليم القرآن قوساً، قلده الله قوساً من نار يوم القيامة. وحديث عبادة بن الصامت قال: علمت ناساً من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوساً فقلت ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه فأتيته فقلت: يا رسول الله رجل أهدى إلي قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله، قال: إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها. وذكر أحاديث شواهد لهذا المعنى يعضد بعضها بعضاً فأفادت عنده الثبوت وكان يفتي بحرمة الأجرة على تعليم القرآن محتجاً بهذه الأحاديث وبأن الأصل في العبادات أن تكون خالصة، ولكنه عارضه أهل العلم بما يفيد من النصوص إباحة أخذ العوض مقابل تعليم القرآن، والمسألة مختلف فيها عند أهل العلم على أقوال:
فذهبت طائفة من العلماء إلى منعه مطلقاً وقصر حديث الإباحة على الرقية أو الدواء وهذا هو مذهب الحنفية وهو معتمد مذهب الحنابلة، وذهبت طائفة أخرى إلى التفصيل فقالت: لا تجوز الإجارة على تعليم القرآن ولا على الأذان، ولا يقع ذلك إلا قربة لفاعله، ولكن يجوز أخذ رزق من بيت المال، أو من الوقف على عمل يتعدى نفعه، كتعليم القرآن ونحوه، لأنه من المصالح التي تفيد المسلمين، وليس المأخوذ بعوض، بل هو رزق للإعانة على الطاعة، ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة، ولا يقدح في الإخلاص وإلا لما استحقت الغنائم، وأسلاب القتلى وبعضهم يقول بجوازه من غير اشتراط وعدمه إن اشترط وفرق قوم بين من تعين عليه ومن لم يتعين عليه وعن بعضهم أنه يباح للمحتاج دون غيره.
وهناك طائفة ثالثة تقول: بجواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن والعلم، لأنه استئجار على عمل معلوم بعوض معلوم وهذا هو مذهب الشافعية والمالكية والظاهرية وهو رواية عن أحمد وبه يفتي متأخرو الحنفية، وهذا المذهب الأخير هو الأرجح عند كثير من المحققين ولا سيما عند الحاجة والتفرغ ومنهم معاصرون خالفوا الألباني في المسألة ويدل له عدة أدلة منها ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ فقال: ما عندي إلا إزاري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك، فالتمس شيئاً، فقال: ما أجد شيئاً، فقال: التمس ولو خاتماً من حديد، فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم، سورة كذا وكذا يسميها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد زوجتكما بما معك من القرآن. وفي رواية: قد ملكتكما بما معك من القرآن. فهذا الرجل أباح له النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل تعليمه بعض القرآن لهذه المرأة عوضاً عن صداقها، وهو صريح في أن العوض على تعليم القرآن جائز ويؤيد ذلك ما ثبت في بعض الروايات في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: انطلق فقد زوجتكما فعلمها من القرآن. وفي رواية لأبي داود: علمها عشرين آية وهي امرأتك. ويدل له أيضاً ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيه لديغ أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق؟ إن في الماء رجلاً لديغاً أو سليماً، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجراً، حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله. والحديث وإن كان سببه هو الرقية، إلا أن اللفظ هنا عام، وقد نص العلماء على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
قال الصنعاني في سبل السلام عند شرح الحديث الذي أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب ال له. قال: وقد عارضه ما أخرجه أبو داود من حديث عبادة بن الصامت، ولفظه: علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوساً فقلت ليست لي بمال فأرمي عليها في سبيل الله، فأتيته فقلت: يا رسول الله رجل أهدى إلي قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست لي بمال فأرمي عليها في سبيل الله، فقال: إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها. فاختلف العلماء في العمل بالحديثين، فذهب الجمهور ومالك والشافعي إلى جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن سواء كان المتعلم صغيراً أو كبيراً ولو تعين تعليمه على المعلم عملاً بحديث ابن عباس ويؤيده ما يأتي في النكاح من جعله صلى الله عليه وسلم تعليم الرجل لامرأته القرآن مهراً لها، قالوا: وحديث عبادة لا يعارض حديث ابن عباس إذ حديث ابن عباس صحيح وحديث عبادة في رواية مغيرة بن زياد مختلف فيه واستنكر أحمد حديثه وفيه الأسود بن ثعلبة فيه مقال فلا يعارض الحديث الثابت. قالوا: ولو صح فإنه محمول على أن عبادة كان متبرعاً بالإحسان وبالتعليم غير قاصد لأخذ الأجرة فحذره صلى الله عليه وسلم من إبطال أجره وتوعده، وفي أخذ الأجرة من أهل الصفة بخصوصهم كراهة ودناءة لأنهم ناس فقراء كانوا يعيشون بصدقة الناس فأخذ المال منهم مكروه، وذهب الهادوية والحنفية وغيرهما إلى تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن مستدلين بحديث عبادة وفيه ما عرفت فيه قريباً نعم استطرد البخاري ذكر أخذ الأجرة على الرقية في هذا الباب فأخرج من حديث أبي سعيد في رقية بعض الصحابة لبعض العرب وأنه لم يرقه حتى شرط عليه قطيعاً من غنم فتفل عليه وقرأ عليه (الحمد لله رب العالمين) ، فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة أي علة، فأوفاه ما شرط ولما ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهماً.
وذكر البخاري لهذه القصة في هذا الباب وإن لم تكن من الأجرة على التعليم وإنما فيها دلالة على جواز أخذ العوض في مقابلة قراءة القرآن لتأييد جواز أخذ الأجرة على قراءة القرآن تعليماً أو غيره إذ لا فرق بين قراءته للتعليم وقراءته للطب. انتهى.
وقال صاحب عون المعبود في شرح حديث عبادة السابق: قال الخطابي اختلف قوم من العلماء في معنى هذا الحديث وتأويله فذهب بعضهم إلى ظاهره فرأوا أن أخذ الأجرة على تعليم القرآن غير مباح وإليه ذهب الزهري وأبو حنيفة وإسحاق بن راهويه، وقال طائفة لا بأس به ما لم يشترط وهو قول الحسن البصري وابن سيرين والشعبي وأباح ذلك آخرون وهو مذهب عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور واحتجوا بحديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي خطب المرأة فلم يجد لها مهراً زوجتكما على ما معك من القرآن وتأولوا حديث عبادة على أنه كان تبرع به ونوى الاحتساب فيه ولم يكن قصده وقت التعليم إلى طلب عوض ونفع فحذره النبي صلى الله عليه وسلم إبطال أجره وتوعده عليه وكان سبيل عبادة في هذا سبيل من رد ضالة لرجل أو استخرج له متاعاً قد غرق في بحر تبرعاً وحسبة فليس له أن يأخذ عليه عوضاً ولو أنه طلب لذلك أجرة قبل أن يفعله حسبة كان ذلك جائزاً، وأهل الصفة قوم فقراء كانوا يعيشون بصدقة الناس فأخذ المال منهم مكروه ودفعه إليهم مستحب، وقال بعض العلماء أخذ الأجرة على تعليم القرآن له حالات فإذا كان في المسلمين غيره ممن يقوم به حل له أخذ الأجرة عليه، لأن فرض ذلك لا يتعين عليه، وإذا كان في حال أو في موضع لا يقوم به غيره لم تحل له الأجرة وعلى هذا يؤول اختلاف الأخبار فيه. انتهى.
وقال في فتح الودود: قال السيوطي: أخذ بظاهر هذا الحديث قوم وتأوله آخرون وقالوا هو معارض بحديث زوجتكها على ما معك من القرآن وحديث ابن عباس إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ... انتهى.
وقال الإمام النووي في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن: وأما أخذ الأجرة على تعليم القرآن فقد اختلف العلماء فيه فحكى الإمام أبو سليمان الخطابي منع أخذ الأجرة عليه من جماعة من العلماء منهم الزهري وأبو حنيفة وعن جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه وهو قول الحسن البصري والشعبي وابن سيرين وذهب عطاء ومالك والشافعي وآخرون إلى جوازها إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة واحتج من منعها بحديث عبادة بن الصامت أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن فأهدى له قوسا فقال: له النبي إن سرك أن تطوق بها طوقاً من نار فاقبلها وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره وبآثار كثيرة عن السلف وأجاب المجوزون عن حديث عبادة بجوابين أحدهما أن في إسناده مقالاً والثاني أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئاً ثم أهدي إليه على سبيل العوض فلم يجز له الأخذ بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم. والله أعلم. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: تنازع العلماء في أخذ الأجرة على تعليم القرآن ونحوه وفيه ثلاثة أقوال في مذهب الإمام أحمد وغيره أعدلها أنه يباح للمحتاج، قال أحمد: أجرة التعليم خير من جوائز السلطان وجوائز السلطان خير من صلة الإخوان.
وأصول الشريعة كلها مبنية على هذا الأصل أنه يفرق في المنهيات بين المحتاج وغيره كما في المأمورات ولهذا أبيحت المحرمات عند الضرورة لا سيما إذا قدر أنه يعدل عن ذلك إلى سؤال الناس، فالمسألة أشد تحريماً ولهذا قال العلماء يجب أداء الواجبات وإن لم تحصل إلا بالشبهات كما ذكر أبو طالب وأبو حامد أن الإمام أحمد سأله رجل قال: إن ابنا لي مات وعليه دين وله ديون اكره تقاضيها فقال له الإمام أحمد أتدع ذمة ابنك مرتهنة؟ يقول قضاء الدين واجب وترك الشبهة لأداء الواجب هو المأمور، ولهذا اتفق العلماء على أنه يرزق الحاكم وأمثاله عند الحاجة وتنازعوا في الرزق عند عدم الحاجة وأصل ذلك في كتاب الله في قوله في ولي اليتيم ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف وهكذا يقال في نظائر هذا إذ الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها والورع ترجيح خير الخيرين بتفويت أدناهما ودفع شر الشرين وإن حصل أدناهما ... انتهى.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم أخذ الأجرة على تحفيظ القرآن الكريم للأطفال الصغار؟ وإذا أفتيتم بالجواز فهل للمعلم ثواب عند الله بعد أخذه للأجرة الشهرية؟ فأجابوا: تعلم القرآن الكريم وتعليمه من أفضل القرب إلى الله جل وعلا، إذا صلحت النية، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تعلم القرآن وتعليمه بقوله: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. وأخذ معلمي القرآن الأجرة على تعليمه لا ينافي حصول الثواب والأجر من الله جل وعلا إذا خلصت النية، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى.
وقال الشنقيطي رحمه الله في تفسيره لسورة هود: قوله تعالى: وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ. ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة عن نبيه نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أنه أخبر قومه أنه لا يسألهم مالاً في مقابلة ما جاءهم به من الوحي والهدى، بل يبذل لهم ذلك الخير العظيم مجاناً من غير أخذ أجرة في مقابله، وبين في آيات كثيرة: أن ذلك هو شأن الرسل عليهم صلوات الله وسلامه، كقوله في سبأ عن نبينا صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} ، وقوله فيه أيضاً في آخر سورة ص: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} ، وقوله في الطور والقلم: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ} وقوله في الفرقان: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} ، وقوله في الأنعام: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} ، وقوله عن هود في سورة هود: {يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي} ، وقوله في الشعراء عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، وقوله تعالى في رسل القرية المذكورة في يس: {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ* اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا ... } ، ويؤخذ من هذه الآيات الكريمة: أن الواجب على أتباع الرسل من العلماء وغيرهم أن يبذلوا ما عندهم من العلم مجاناً من غير أخذ عوض على ذلك، وأنه لا ينبغي أخذ الأجرة على تعليم كتاب الله تعالى ولا على تعليم العقائد والحلال والحرام.
ويعتضد ذلك بأحاديث تدل على نحوه فمن ذلك ما رواه ابن ماجه والبيهقي والروياني في مسنده عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: علمت رجلاً القرآن، فأهدى لي قوساً فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخذتها أخذت قوساً من نار. فرددتها ... فهذه الأدلة ونحوها تدل على أن تعليم القرآن والمسائل الدينية لا يجوز أخذ الأجرة عليه، وممن قال بهذا: الإمام أحمد في إحدى الروايتين، وأبو حنيفة والضحاك بن قيس وعطاء. وكره الزهري وإسحاق تعليم القرآن بأجر. وقال عبد الله بن شقيق: هذه الرغف التي يأخذها المعلمون من السحت.
وممن كره أجرة التعليم مع الشرط: الحسن وابن سيرين، وطاوس، والشعبي، والنخعي، قاله في المغني. وقال: إن ظاهر كلام الإمام أحمد جواز أخذ المعلم ما أعطيه من غير شرط وذهب أكثر أهل العلم إلى جواز الأجرة على تعليم القرآن، وهو مذهب مالك والشافعي. وممن رخص في أجور المعلمين: أبو قلابة، وأبو ثور، وابن المنذر. ونقل أبو طالب عن أحمد أنه قال: التعليم أحب إلي من أن يتوكل لهؤلاء السلاطين، ومن أن يتوكل لرجل من عامة الناس في ضيعة، ومن أن يستدين ويتجر لعله لا يقدر على الوفاء فيلقى الله تعالى بأمانات الناس، التعليم أحب إلي.
وهذا يدل على أن منعه منه في موضع منعه للكراهة لا للتحريم، قاله ابن قدامة في المغني. واحتج أهل هذا القول بأدلة منها ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ فقال. ما عندي إلا إزاري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك. فالتمس شيئاً، فقال: ما أجد شيئاً، فقال: التمس ولو خاتماً من حديد، فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم، سورة كذا وكذا يسميها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد زوجتكها بما معك من القرآن. وفي رواية: قد ملكتكها بما معك من القرآن. فقالوا: هذا الرجل أباح له النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل تعليمه بعض القرآن لهذه المرأة عوضاً عن صداقها، وهو صريح في أن العوض على تعليم القرآن جائز، وما رد به بعض العلماء الاستدلال بهذا الحديث من أنه صلى الله عليه وسلم زوجه إياها بغير صداق إكراماً له لحفظه ذلك المقدار من القرآن، ولم يجعل التعليم صداقاً لها -مردود بما ثبت في بعض الروايات في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: انطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن. وفي رواية لأبي داود: علمها عشرين آية وهي امرأتك.
واحتجوا أيضاً بعموم قوله صلى الله عليه وسلم الثابت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله. قالوا: الحديث وإن كان وارداً في الجعل على الرقيا بكتاب الله فالعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب. واحتمال الفرق بين الجعل على الرقية وبين الأجرة على التعليم ظاهر.
ثم ختم رحمه الله بقوله: قال مقيده -عفا الله عنه- الذي يظهر لي والله تعالى أعلم، أن الإنسان إذا لم تدعه الحاجة الضرورية فالأولى له ألا يأخذ عوضاً على تعليم القرآن، والعقائد، والحلال والحرام للأدلة الماضية، وإن دعته الحاجة أخذ بقدر الضرورة من بيت مال المسلمين، لأن الظاهر أن المأخوذ من بيت المال من قبيل الإعانة على القيام بالتعليم لا من قبيل الأجرة.. والأولى لمن أغناه الله أن يتعفف عن أخذ شيء في مقابل التعليم للقرآن والعقائد والحلال والحرام. والعلم عند الله تعالى. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في بعض فتاواه: وأما أخذ الأجرة على إقراء القرآن أي على تعليم القرآن فهذا مختلف فيه والراجح أنه جائز لأن الإنسان يأخذه على تعبه وعمله لا على قراءته القرآن وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن أفضل ما أخذتم عليه أجراً أو قال أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال للرجل الذي لم يجد مهراً، قال: زوجتكها بما معك من القرآن أي يعلمها ما معه من القرآن فتبين بهذا أن الاستئجار لقراءة القرآن محرم وفيه إثم وليس فيه أجر ولا ينتفع به الميت وأما الأجرة على تعليم القرآن فالصحيح أنها جائزة ولا بأس بها. انتهى.
وقال الشيخ محمد مختار الشنقيطي حفظه الله في جواب لسؤال عن حكم أخذ المال على تدريس العلوم الشرعية: مذهب المحققين من العلماء رحمهم الله وهو الذي اختاره بعض الأئمة ومنهم الإمام ابن جرير الطبري، والحافظ ابن حجر وغيرهما من المحققين أن الإنسان إذا قصد بعلمه الآخرة، ثم أخذ أجراً على ذلك العلم بسبب عدم تمكنه من طلب الرزق فذلك لا يقدح في الإخلاص، ما دام أن مقصوده هو تعليم العلم، ونفع أبناء المسلمين، فلا يقدح في الإخلاص وجود حظ من الدنيا، وقد دل على هذا القول الصحيح دليل الكتاب والسنة، أما دليل الكتاب فإن الله عز وجل يقول في كتابه: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} . وهذه الآية نزلت في أهل بدر، فأخبر الله أنهم كانوا يتمنون العير بقوله تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} ، فهم خرجوا للعير، فلما واجهوا القتال صدقوا مع الله، فلم يقدح في قتالهم وجهادهم وجود حظ أو قصد حظ الدنيا من تلك العير، ومن الأدلة على صحة هذا القول قول الحق تبارك وتعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} ، فإنها نزلت -كما صح- في أقوام يريدون الحج والتجارة، فالحج عبادة والتجارة دنيا، فلم يقدح في إرادة الآخرة وجود حظ الدنيا، كما دل على صحة هذا القول دليل السنة الصحيح، فإن المصطفى عليه الصلاة والسلام قال قبل القتال: من قتل قتيلاً فله سلبه. وهذا القول قاله لترغيب الناس في القتال، فأعطى على القتال الذي يراد به وجه الله حظاً من الدنيا، قال بعض العلماء: في هذا دليل على أنه لا يقدح في الإخلاص وجود حظ من الدنيا إذا لم يكن هو مقصود العبد، فإذا كان مقصودك ما عند الله عز وجل فلا يؤثر فيه وجود حظ من الدنيا، وقد جاء في حديث أبي محذورة رضي الله عنه أنه قال: ألقى النبي صلى الله عليه وسلم علي الأذان، فلما فرغت، ألقى إلي صرة من فضة. قالوا: في هذا دليل أيضاً على أن حظ الدنيا لا يؤثر إذا لم يكن هو مقصود العبد. ومن مجموع هذه الأدلة خلص هؤلاء العلماء إلى القول بأنه ينظر في الإنسان، فإذا كان مقصوده من التعليم نفع أبناء المسلمين وإسداء الخير إليهم ودلهم على طاعة الله ومرضاته ثم حصل بعد ذلك أجر أو راتب أو غير ذلك ولم يكن هو مقصوده الأساس، فإن ذلك لا يقدح في إخلاصه. والله تعالى أعلم. انتهى.
وقال الدكتور الزحيلي وهو حنفي: أجاز العلماء بالاتفاق الاستئجار على تعليم اللغة والأدب والحساب والخط والفقه والحديث ونحوها، وبناء المساجد والقناطر والثغور والرباطات، لتعارف الناس وللحاجة أو الضرورة الداعية لذلك، وإلا تعطلت المصالح العامة وقال الإمامان مالك والشافعي: تجوز الإجارة على تعليم القرآن، لأنه استئجار لعمل معلوم بعوض معلوم، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم (زوج رجلاً بما معه من القرآن) ، فجاز جعل القرآن عوضاً، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) ، وقد ثبت (أن أبا سعيد الخدري رقى رجلاً بفاتحة الكتاب على جُعل فبرئ، وأخذ أصحابه الجعل فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه، وسألوه فقال: لعمري من أكل برقية باطل (أي كلام باطل) فقد أكلت برقية حق، كلوا واضربوا لي معكم بسهم) ثم لإتى المتأخرون من الفقهاء الآخرين كالحنفية وبعض الحنابلة بجواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وقراءته، والإمامة والأذان وسائر الطاعات من صلاة وصوم وحج، قياساً على الأفعال غير الواجبة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر حج صحابي عن غيره، ونظراً لانقطاع عطايا المعلمين وأرباب الشعائر الدينية من بيت المال، فلو اشتغل هؤلاء بالاكتساب من زراعة أو تجارة أو صناعة، لزم ضياع القرآن وإهمال تلك الشعائر.
قال بعض الحنابلة: ما يؤخذ من بيت المال فليس عوضاً وأجرة، بل رزق للإعانة على الطاعة، فمن عمل منهم لله أثيب، هذا مع العلم بأن فتوى هؤلاء المتأخرين مخالفة لما هو مقرر في أصل المذهب الحنفي الذي يشترط لصحة الإجارة ألا يكون العمل المأجور له فرضاً ولا واجباً على الأجير قبل الإجارة، فهذه الطاعات عبادات له، والعبادة لا تؤخذ أجرة عليها، وقد روي أن عثمان بن أبي العاص قال: (إن آخر ما عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن أتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً) . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(12/3354)
عدم طلب صاحب العمل بتعويض عن غياب الموظف مشعر بإسقاط حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت اعمل ممرضة في مؤسسة شخصية للمعاقين فقد كنت أطلب من بعض العمال أن يختموا كرت العمل قبل مجيئي إلى العمل وعندما علم صاحب العمل بذلك نبهني ولم أعد أفعل ذلك. لقد أنهيت عملي من ذلك المكان منذ حوالي سبع سنين وأنا أخجل أن أقول لصاحب العمل إنني سأعوضك عن ذلك وأخشى أن يسخر مني لأنه غير متدين فهل أستطيع أن أتبرع للمعاقين في هذه المؤسسة بطعام أو شراب أو حلويات مقابل ذلك؟ إذا لا فما هو العمل وأيضا لا أدري كم أعوضه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموظف في جهة خاصة أو عامة يعتبر أجيرا خاصا، والأجير الخاص هو من قدر نفعه بزمن. وبالتالي فإذا فرط هذا الموظف فترك العمل في بعض المدة التي استؤجر على العمل فيها فإنه ينقص من أجرته بقدر ذلك الزمن ما لم يعفو المستأجر.
وقد سبق بيان هذه المسألة في الفتوى رقم: 56569. فتراجع.
وبما أن صاحب العمل اطلع على تغيب الأخت السائلة عن عملها ولم يخصم شيئا من أجرتها ولا طالبها بتعويض زمن غيابها فهذا كاف في إسقاط حقه، ولا تطالب السائلة بتعويضة أو الصدقة لمؤسسته أو لغيرها، هذا إذا غلب على ظنها أنه كان قد اطلع على كل ما قامت به من غياب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1429(12/3355)
المال المأخوذ بغير علم الشركة مقابل مكافأة لم تصرف
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أدير مشروعا لإحدى الشركات بالكامل وفي نهاية المشروع تحققت أرباح كبيرة غير متوقعة حيث كان المتوقع خسارة المشروع، وقد قمت بحجز مبلغ بسيط جدا من المال من عوائد المشروع عندي دون إخطار الإدارة خوفا من أنهم لن يعطوني مكافأة المشروع والتي تعتبر شيئا متعارفا عليه ولا يذكر في العقد حيث إننا في مثل هذه الشركات نعمل بمعدل ساعتين إضافيتين يوميا طوال مدة المشروع ونستخدم سياراتنا وهواتفنا الخاصة بدون مطالبة الشركة لتحقيق الربح وأملا في الحوافز وهذا أيضا متعارف عليه.
فهل يعتبر المال الذي أخذته حراما علما بأنهم وكما توقعت لم يعطوني المكافأة وأن ما أخذته من المال أقل بكثير منها ومما دفعته من مصروفات خاصة. ومع العلم أيضا بأنني كنت سأعيد المال في حالة دفع الشركة لقيمة المكافأة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لابد في عقد الإجارة أن تعلم الأجرة علما يمنع المنازعة، وإذا مضى عقد الإجارة بدون بيان الأجرة فالإجارة فاسدة وللأخير فيها أجرة المثل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال في نقطتين:
الأولى: ما قام به السائل من حجز المبلغ المذكور من أموال الشركة لا يجوز لأنه اعتداء على حق الغير وتصرف في ماله بدون إذن منه، وهو كذلك خيانة وتعدٍ في الوكالة. والواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل من هذا الذنب.
ثانيا: المطلوب في الإجارة أن تكون الأجرة فيها معلومة علما لا يؤدي إلى النزاع والاختلاف بين المستأجر والأجير ولحديث: من استأجر أجيرا فليسم له أجرته. رواه البيهقي.
وإذا كان السائل دخل في هذا المشروع على أن له حوافز غير محددة إذا نجح المشروع فقد دخل في عقد غرر وجهالة، فالحوافز غير محددة، وبالتالي لا يعلم كم تكون أجرته.
وفي مثل هذا العقود يستحق الأجير فيها أجرة المثل مع المنع من الدخول فيها ابتداء وفسخها إن وقعت. وعليه فينظر في أجرة المثل التي يستحقها السائل، فإن كانت تساوي المبلغ الذي بحوزته فلا مانع أن يستوفيها منه، وإن كانت أكثر جاز له مطالبة صاحب المشروع بالفرق، وإن كانت أقل لزمه رد الزائد إلى صاحب المشروع ولا تتم توبته إلا بذلك. وهذا كله إذا كانت الصيغة التي تعرضت للحوافز ذكرتها على سبيل الإلزام، فإن ذكرتها على مجرد أنها وعد فإن الوفاء هنا غير واجب، وبالتالي فإنه يجب عليه رد جميع ما أخذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1429(12/3356)
حكم تقاضي أجرة كبيرة عن عمل خفيف لا تعب فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الكسب الكثير من عمل قليل بدون تعب؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حد لقدر الأجرة في أي عقد، ولكن الأفضل تجنب الغبن الفاحش في ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود هو السؤال عن حكم تقاضي أجرة كبيرة عن عمل خفيف لا يأخذ وقتا طويلا وليس فيه تعب ... فالجواب أن الإجارة والبيع وغيرهما من المعاملات بين العباد عقود مبنية على التراضي النفسي، وذلك لا يعلم لخفائه. فأقام الشارع القول المعبر عما في النفس من الرضى مقامه، وأناط به الأحكام. فإذا تم عقد الإجارة أو البيع واستوفى شروطه وأركانه، ترتب عليه استحقاق العوض المتفق عليه. ولا ضابط لكثرته أو قلته، وإنما المدار على صحة العقد، ووفاء الأجير بما اشترط عليه.
لكن الأكمل والأفضل ترك الغبن الفاحش في العقود، لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى. رواه البخاري. ومثل البيع الإجارة في كل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1429(12/3357)
عمل الموظف أقل من الوقت المتفق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الدوام أقل من الوقت المحدد في الوظيفة الحكومية مع العلم أن هذا لا يؤثر على العمل
-وهل يمكن التصدق بفرق الدوام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
لا يجوز للموظف الخروج وقت الدوام إلا بإذن صريح أو ضمني ممن هو مخول.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للموظف أن يخرج من عمله أو يحضر متأخرا ليعمل في وقت أقل من الدوام المتفق عليه في عقد العمل إلا بإذن من شخص مخول بالإذن لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} ولحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد.
فإن خالف الموظف العقد وداوم وقتا أقل من وقت الدوام المتفق عليه بدون إذن لم يستحق من الراتب إلا بقدر ما عمل ويجوز للجهة التي يعمل فيها أن تخصم من راتبه بقدر الزمن الذي لم يعمل فيه ويلزمه رد ما لا يستحقه من الراتب إلى الجهة التي يعمل عندها ولا يصح أن يتصرف به لأن مستحقه موجود ويمكن الرد إليه فإذا تعذر رده صح أن يتصدق به، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 66147.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(12/3358)
الإجارة على العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[اذكر لي ماهي إجارة الأعمال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
الإجارة على العمل إما أن تكون واردة على عين معينة كمن استأجر شخصا أو دابة معينة وإما أن تكون واردة على عمل موصوف في الذمة يستوفى بنفس الأجير أو غيره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إجارة الأعمال نوعان: د
الأول: استئجار شخص معين على عمل معين أو استئجار دابته أو عقاره المعين.
الثاني: أن يلتزم في ذمته العمل بذاته أو بغيره.
جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج باب الإجارة: وهي قسمان واردة على العين كإجارة العقار ودابة أو شخص معينين وواردة على الذمة كاستئجار دابة موصوفة وبأن يلزم ذمته عملا. اهـ
ولكل من هذين النوعين شروط وأحكام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(12/3359)
المستأجر للبيت هو الأحق بمنفعته
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل توفيت والدتي وكان والدي متزوجا من أخرى (علما بأننا أخ وأخت شقيقان) وبعد حوالي ثلاث سنوات من الوفاة أتى وزوجته ليقيم فى شقة والدتي (شقة مؤجرة) ، علما بأنه كان مقيما خارج منزل أمي وهذه هي الزيجة الرابعة له وحاولت أنا وأخي أن نثنيه عن هذا الفعل وصمم علما بأن هذه الشقة كان من المفترض وباتفاق والدي معنا ومع والدتي أن يأخذ أخي هذه الشقة، وحين أتى والدي رفض ذلك ورفض إقامتي معه، وطلبت أثاث والدتي وقال لي بالحرف إذا كان هذا هو مفروشات وأثاث والدتك فهو لوالدك أيضا وأنا لا أريده فخذيه واتركى الشقة خالية ... وفعلا أنزلت الأثاث عبارة عن غرفة نوم وأخرى وصالون وسفرة وانتريه والمفروشات، وأنا يعلم الله أني لم أخذ هذا الأثاث وإنما تبرعت به فى مساعدة بعض الأسر من زواج فتاة يتيمة ومن أسرة انهار بيتها ولم تجد أثاثا وذلك من خلال جمعية شرعية إسلامية وبمعرفة وموافقة أخي الوحيد، ولم نبقى شيئا سوى أن أخي طلب الثلاجة والغسالة وماكينة خياطة، وكان لي سرير فبعته وأخرجت ثمنه تصدقا على أمي، وأنا أبقيت الصينى وذهب أمي الذى عبارة عن 3 غوايش كانت أوصت بواحدة لي وأخرى لأخي وأخرى لكفنها و2 سلسلة وخاتم، سيدى الفاضل هل أنا مذنبة فى حق والدي باعتبار هذا ميراثا، علما بأنه قال بالحرف خذي ما في المنزل وأنا لا أريد شيئاً أتركيه خاويا، فأ رجوكم أفيدوني؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك هو الذي قد استأجر هذه الشقة فلا يحق لأحد أن يمنعه من سكناها مع زوجته الأخرى بعد وفاة والدتك، ولو كانت هذه الشقة في السابق هي منزل الزوجية بالنسبة للوالدة رحمها الله، وكونه سابقاً قد وافق على إسكان أخيك فيها فإن هذا لا يلزمه الوفاء به إلا إذا صدر منه على جهة الوعد وترتب على وعده دخول أخيك في كلفة ولم يكن له عذر شرعي في عدم الوفاء، فحينئذ يلزمه إما الوفاء بوعده أو تعويض أخيك عما أصابه من الضرر، وذلك على الراجح من أقوال العلماء، وراجعي في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 62371.
وإذا كنت غير متزوجة فلا يحق له أن يمنعك من السكن معه إلا إذا وفر لك سكناً آخر تأمنين فيه على نفسك ودينك، وأجرة هذا السكن من ماله هو إن لم يكن لك مال يكفي لذلك.
وأما بالنسبة لما تركت والدتك من أثاث أو من ذهب أوغير ذلك.. فالأصل أنه تركة يجب تقسيمها حسب القسمة الشرعية للميراث وذلك بعد إخراج مصاريف تجهيزها من غسل وكفن ودفن، وكذلك بعد قضاء ديونها وتنفيذ وصاياها الصحيحة، وإذا تنازل والدك عن شيء من ميراثه منها باختياره -دون أن يلجأ لذلك بسيف الحياء أو عن طريق المغاضبة والمخاصمة- صح تنازله؛ وإلا فيجب ضمانه له إلا أن يعفو عن ذلك.
ولا تصح وصية أمك لك ولا لأخيك بشيء إلا أن يجيز ذلك بقية الورثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، وفي رواية للدراقطني والبيهقي: لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة. وراجعي للأهمية في ذلك الفتوى رقم: 23531، والفتوى رقم: 58649.
ونوصيك في النهاية بالسعي لإرضاء والدك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، واعلمي أنه ليس في كونه تزوج أربع مرات ما يعاب به فإن هذا مما أباحه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(12/3360)
حقوق العامل إذا فسخ صاحب العمل العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الجليل سؤالي هو: منذ ثلاثة أشهر تم الاستغناء عني في العمل فجأة وبدون سبب يذكر ولكن كل ما في الأمر أن المدير أستغلني لأني معي سيارة للمشاوير الخارجية بالرغم من أني ليس لي أي علاقة بها وأحيانا لا تخص العمل ولكن لسداد جوالاته الشخصية وما إلى ذلك, المهم في ذلك اليوم طلب مني أن أذهب إلى محكمة تجارية وغرفة تجارية لكي أعيد حق صديقه ضمانة تجارية وعندما أعتذرت وقلت له لا أستطيع بحكم أني إمرأة ولا يصح دخولي مثل هذه الأماكن جن جنونه وعلى طول فصلني من عملي وطلب من ابنه أن يخلي عهدتي فرديت عليه وقلت له: جزاك الله خيراً, ولكن داخلي أتألم بعد أن فنيت نفسي معهم يستغنون عني بهذه الطريقة, فاتصل ابن المدير بي كي يأتي بنفس اليوم يستلم العهدة ولكني قلت له ليس الموضوع بهذه السهولة وخاصة أني ماسكة لهم الحسابات وعندي دفاتر شيكات وختم الشركة وكذلك بعض النقود فطلبت منه أن يأتي في اليوم الثاني وأسلمه العهدة كاملة ورحت بيتي وأنا في حالة ما يعلمها إلا الله ولكن عزائي الوحيد قول حسبي الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير فأنا متحملة مسؤولية أمي العجوز وبناتي الأيتام ولكن حاشى لله أن يضيعني رب العالمين المهم رحت في اليوم التالي ورتبت أموري كاملة وسلمت عهدتي لابن المدير وكنا في عشرة من الشهر فعندها قال لي ابن المدير بأني سأستلم فقط 10.000 ريال يمني من أصل 30.000 وهو راتبي الأساسي أي فقط حق 10أيام وعندها تأثرت وقلت له لماذا، أقلها كتعويض يجب أن يعطي لي راتب شهر كامل بحكم أن الاستغناء جاء من طرفكم ودون سابق إنذار ولكن المدير رفض رفضاً شديداً, وللعلم أنا من الملتزمين وقريبة جداً من ربي وأحاول قدر الإمكان أن أبتعد عن كل ما يغضب ربي ولكن في ذلك اليوم ولقهري الشديد من تصرفهم معي وسوس لي الشيطان والعياذ بالله أن آخذ مبلغا لا أتذكر بالضبط كم هو ولكنه ما بين 6000 إلى 8000 ريال يمني وهو مبلغ زهيد جداً كان عندي عهدة لكي أشتري فيه قرطاسية للمكتب فأخذته دون علمهم وعملت فيه سندا المهم أنا عارفة أن تصرفي ذلك لا يجوز وأنا ندمت أني عملت هكذا بالرغم من أني أعيش على الحلال دوما ولكن قهري منهم عماني وللآن لي ثلاثة أشهر بدون عمل قدمت في كذا مكان ولكن للأسف لم أتوفق إلى الآن وأدعو ربي في الليل والنهار بالتوفيق ولكن للأسف دعوتي لم تستجب بعد بالرغم من أني دائما كنت أدعو ربي ويستجيب لي لكن الآن أشعر أن ربي غضبان علي لأخذي تلك الفلوس بدون وجه حق، فماذا أعمل فأنا أستغفر دوما وفي كل لحظة وحين ولكن لم تفرج علي بعد فماذا أعمل فأفيدوني أفادكم الله وسدد على طريق الخير خطاكم والله والله لم يكن قصدي إغضاب ربي ولكن وسوس لي الشيطان لعنة الله عليه فما أفعل وطبعاً لا أستطيع أن أرد المبلغ الذي أخذته من الشركة لأني خرجت منها تماماً فماذا أفعل دلوني دلكم الله على كل خير وأنا منتظرة ردكم بفارغ الصبر؟ ودمتم بخير وعافية.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الإجارة من العقود اللازمة، وإذا أبى المستأجر استيفاء المنفعة من الأجير بدون سبب منه لزمه دفع أجرة المدة المتعاقد عليها كاملاً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلاقة بينك وبين الشركة التي كنت تعملين فيها علاقة إجارة خاصة، والإجارة من العقود اللازمة التي لا يملك أحد طرفيها فسخها إلا برضى الطرف الثاني، أو انتهاء مدتها.
وعليه؛ فإذا كان مدير الشركة فصلك في أثناء مدة العقد بدون سبب منك فيلزمه دفع راتبك إلى يوم انتهاء عقدك، جاء في الإنصاف: والإجارة عقد لازم من الطرفين ليس لأحدهما فسخها، وإن بدا له قبل تقضي المدة فعليه الأجرة.. قال في الرعاية: وكذا الخلاف والتفصيل إن أبى الأجير الخاص العمل أو بعضه ... أو أبى المستأجر الانتفاع بهم كذلك، ولا مانع من الأجير والمؤجر. انتهى.
وبهذا تعلمين أن لك الحق في مطالبة الشركة براتب المدة الباقية من العقد سواء كان المدة مشاهرة أو معاومة، (أي شهر أو عام)
أما عن المبلغ الذي بحوزتك فينظر فيه فإن كان لك حق عند الشركة حسب ما تقدم تفصيله فيحق لك الاحتفاظ به لأنه حقك ظفرت به، وإن كان لاحق لك عند الشركة فيلزمك ردّ هذا المبلغ إلى الشركة والتوبة إلى الله تعالى، ولا يشترط في الرد أن يكون مباشراً فيمكنك أن ترسليه لهم بحوالة بريدية من مجهول، أو تجعليه في ظرف وتدفعيه إلى من يسلمه لهم على أنه وصله ممن يطالبونه بحق.. أو بأي وسيلة أخرى تضمن إيصال الحق إلى صاحبه ورفع الحرج عنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(12/3361)
استئجار مساحة من الأرض لا يعلم مكانها ولا صفتها
[السُّؤَالُ]
ـ[يصح الإيجار في حال التعاقد على استئجار أرض بمساحة 10 أفدنة مع تسليم مساحة قدرها 2 فدان منها بأرض معينة مع الوعد بإتمام التعاقد على باقي المساحة والمقدرة بـ 8 أفدنة في أي أرض أخرى وبدون تحديد موعد للتعاقد على مساحة الـ 8 أفدنة الباقية أو مكانها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شروط الإجارة الصحيحة أن تكون العين المؤجرة معلومة للمتعاقدين، وأن استئجار مساحة من الأرض لا يعلم مكانها ولا صفتها جهالة ظاهرة.
جاء في التاج والإكليل شرح مختصر خليل: من اكترى مائة ذراع من أرض معينة جاز إن تساوت؛ وإلا لم يجز حتى يعين موضعها. اهـ. أي حتى يعين مائة ذراع من الأرض المعينة التي لا تتساوى أجزاؤها دفعا للجهالة، فكيف إذا كانت الجهالة بهذه الصورة التي لم تعين منها الأرض فضلا عن النظر في تساوي أجزائها.
والحاصل أن العقد المذكور فاسد للجهالة في العين المؤجرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(12/3362)
أخذ الميكانيكي المال من التاجر نظير جلبه الزبون
[السُّؤَالُ]
ـ[أبيع قطع الغيار للسيارات. يأتي عندي الزبون لشراء جزء من الأجزاء رفقة الميكانيكي. أعراف المهنة عندنا تقضي بأن أزود في الثمن على الزبون ليأتي الميكانيكي عندي بعد انتهائه من عمله ليأخذ القدر المزود على الزبون بدون علم هدا الأخير بدعوى أنه هو (يعني الميكانيكي) من جلب لي الزبون إلى باب الدكان.
فما حكم الشرع في ذلك؟ هل هو أكل لمال الزبون بالباطل؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
في عقد الإجارة يجب أن تكون الأجرة معلومة محددة، وفي الأعمال التي لا يجري فيها عقد إجارة لا بأس بألا تسمى فيها أجرة للحاجة والعادة ويستحق فيها العامل أجرة المثل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال في مسألتين:
الأولى: حكم أخذ الميكانيكي المال من قبل التاجر نظير جلب الزبون إلى دكانه، وهذا لا مانع منه لأنه نوع من السمسرة، وهي معاملة جائزة والأجرة عليها كذلك، ويشترط لجوازها أن تكون أجرة السمسار معلومة إذا كان يجري بينه وبين التاجر عقد إجارة أو جعالة. وأما إذا وقع ذلك بينهما بغير عقد كما هو الشائع في مثل الأعمال المذكورة في السؤال والتي جرت بها عادة السوق تعارف أهله على أجرة ما مقابلها فلا بأس أن يعمل بدون تسمية أجرة معلومة.
جاء في المنتقى شرح الموطأ: روي عن ابن حبيب أنه قال: لا ينبغي أن يستعمل الصانع إلا بأجر معلوم مسمى.. يريد بذلك أن يعقد بينهما بذلك عقد إجارة أو جعل فأما إذا وقع ذلك بغير عقد فلا بأس. اهـ
وجاء في الإنصاف: وإن دفع ثوبه إلى قصار أو خياط ليعملاه ولهما عادة بأجرة صح ولهما ذلك وكذا لو استعمل حمالا أو شاهدا أو نحوه. قال في القواعد: وكالمكارى والحجام والدلال ونحوهم. اهـ
المسألة الثانية: وهي زيادة التاجر في ثمن السلع على المشتري ليدفع من هذا الثمن أجرة الدلال فنقول في هذا إن ركن البيع الأصيل هو التراضي على الثمن والمثمن، فإذا حصل ذلك بدون تدليس من قبل البائع أو الدلال ولم يكن المشتري مسترسلا في البيع مستنصحا الدلال في الثمن فلا مانع من هذا البيع والمسترسل هو الجاهل بقيمة المبيع الذي لا يحسن أن يماكس.
جاء في فتاوى ابن تيمية ما يلي: إذا كان المشتري مسترسلا وهو الجاهل بقيمة المبيع لم يجز للبائع أن يغبنه غبنا يخرج عن العادة بل عليه أن يبيعه بالقيمة المعتادة أو قريب منها، فإن غبنه غبنا فاحشا فللمشتري الخيار في فسخ البيع وإمضائه. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1429(12/3363)
العلاقة بين الموظف وجهة عمله وحكم الإضراب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... والصلاة والسلام على رسوله المصطفى الكريم وبعد:
ما حكم المال الذي يتقاضاه موظف عند الدولة في وضعية الإضراب، أي يتقاضى أجرا بدون عمل، وما حكم الإضراب في الشريعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
العلاقة بين العمال والجهة التي يعملون لديها هي علاقة إجارة، وعلى الطرفين التزام أحكام الإجارة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلاقة بين الموظف والجهة التي يعمل بها، سواء كانت هذه الجهة هي الدولة أو غيرها علاقة إجارة، ولكل من الأجير والمؤجر حقوق وعليه التزامات.
فالواجب على المؤجر تسليم الأجرة المتفق عليها كاملة دون نقص أو مماطلة، كما يجب على الأجير القيام بالعمل المتعاقد عليه على وجه التمام والكمال، كما أن الواجب على جهة العمل تنفيذ جميع بنود العقد الشرعية التي تتضمن حقوق العمال، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، وإذا أدت هذه الجهة حقوق العمال والموظفين على الوجه المطلوب شرعاً، فالواجب على العمال الالتزام بأعمالهم وإتقانها والعمل باللوائح الإدارية التي تنظم العمل وعدم مخالفه هذه القوانين التزاماً بالشروط والعقود اللازمة، وفي الحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد.
وحيث أخلت جهة العمل بواجباتها تجاه العمال فلهم المطالبة بها بالأسهل فالأسهل، وإذاتعنتت فلم تؤد إلى العمال حقوقهم اللازمة بحكم العقد فلا حرج عليهم أن يمتنعوا عن العمل إلى أن تؤدى لهم حقوقهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(12/3364)
حكم عمل الأجير في وقت العمل لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الجليل أنا من أرسلت سؤالا رقم 2175794وقد تلقيت شاكرا الإجابة ولكني من خلالها تيقنت من قصور أسلوبي السابق في إيصال الوضع بدقه لذا اسمح لي بذلك أولا أنا لا أقوم بالبيع من خلال المرور على الأماكن والمحلات ولكن من خلال تواجدي بالمكتب طيلة الدوام وأيضا إذا تم طلب خارجي يتم من العميل عن طريق الهاتف وأنهيه عن طريق الهاتف وأنا في مكاني مع العلم بأنني حريص أن يتم ذلك في الوقت الذي لا يكون عندي اتصالات تخص الشركة ومن جوالي الخاص حال وجود مكالمات خارج المدينة علما بأن وظيفتي استقبال المكالمات والتسعير للعملاء وإنهاء طلباتهم إذا تم التثبيت من خلال الهاتف وأقسم بالله أني حريص على عدم تأثر مصلحه العمل أرجو إفادتي جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للموظف أن يعمل لمصلحة نفسه أو غيره في أثناء الدوام الرسمي لأن منافعه في هذا الوقت ملك للجهة التي يعمل بها.
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموظف يعتبر أجيرا خاصا، ويعرف الفقهاء الأجير الخاص بأنه من استؤجر مدة أو من يكون العقد ورادا على منافعه.
ولا يجوز لهذا الأجير أن يعمل لغير مستأجره، سواء كان هذا الغير هو الأجير نفسه أو شخصا آخر؛ لأن منافعه في وقت الدوام مملوكة للمستأجر، ويستثنى من ذلك ما ستثناه الشرع كالصلوات الخمس مع شروطها وسننها المؤكدة، أو ما استثناه العرف كأوقات الأكل والشرب وقضاء الحاجة ونحو ذلك، أو ما استثني بشرط.
وأما ما عدا ذلك فليس له أن يعمل لغيره من هذا الوقت، فإن عمل نقص من أجرته بقدر ما عمل.
جاء في رد المحتار: نجار استؤجر إلى الليل فعمل لآخر دواة بدرهم وهو يعلم فهو آثم، وإن لم يعلم فلا شيء عليه وينقص من أجر النجار بقدر ما عمل في الدواة. انتهى.
وبالنظر إلى طبيعة عمل الأخ السائل يظهر المنع من عمله لنفسه لأنه بهذا يفوت على المستأجر -الشركة- المنافع التي استؤجر عليها، فعندما يقوم بإجراء المكالمات ويبرم الصفقات الخاصة به فإنه في هذا الوقت يفوت على الشركة الاتصالات الخاصة بها، ويلحق الضرر بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1429(12/3365)
حكم أخذ الموظف من مال الدولة ليعوض عن أعباء العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المسؤول الذي يأخذ من مال الدولة علما بأنها لا تعطيه أجرا معقولا على مجهوداته القيمة وتستنزف طاقاته لذلك يضطر للأخذ من مال الدولة ليعوض نفسه عن مجهوداته هو ومن يشتغل تحت إمرته، فالدولة تعترف بذلك فقط شفويا مثال عمل جيد، عمل تستحق عليه التشجيع، ولكن ليس هناك تشجيع فأرجوكم أفيدونا كيف نعمل مع هذه الدولة الهاضمة للحقوق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما يكلف به هو ومن معه من الموظفين من أعمال داخلا في نطاق وظائفهم فلا يجوز لهم أن يأخذوا من أموال الدولة أكثر من رواتبهم المتفق عليها؛ وإلا كان ذلك من الاعتداء وخيانة للأمانة، وقد جاء فيه من الوعيد قوله صلى الله عليه وسلم: إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة. وراه البخاري.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في صدد الحديث عن صور من الخيانة: كمن يُستعمل على عمل بجعل (أجر) يفرض له ويكون جعل مثله أكثر من ذلك الجعل، فيغل بعض مال مستعمله على أنه يأخذ تمام حقه فإن هذا حرام. انتهى
وإذا كان يرى أنه يستحق هو والموظفون أكثر من الرواتب المبذولة لهم فليطالبوا بزيادتها دون أن يؤدي بهم ذلك إلى أن يأخذوا ما ليس لهم.
أما إذا كان ما يكلف به هو ومن معه من الموظفين من أعمال خارجا عن نطاق وظائفهم ولا يمكنهم الامتناع من أدائها فلهم أن يأخذوا أجرة بقدر أجرة المثل على تلك الأعمال دون زيادة. وهذه المسألة تسمى عند الفقهاء بمسألة الظفر وقد تقدم الحديث عنها في الفتوى رقم: 8780، والفتوى رقم: 6022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(12/3366)
حكم مطالبة المستأجر الجديد ببدل الخلو من المستأجر القديم لكون المالك يريد العقار
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مقيما في غرفة مشاركة مع صديقين. واضطرتني ظروف عملي لترك الغرفة. وكان لا بد من البحث عن شخص آخر ليسكن بدلا منى. وقمت بنشر إعلان بالجريدة. وتقدم للغرفة أكثر من شخص. وأخبرت كل من يريد الغرفة بدفع العمولة التي دفعتها أنا سابقا للحصول على هذه الغرفة. فوافق أحد الأشخاص وأراد أن يعطينى العمولة فورا. ولكن في نفس الوقت اتصل بي أحد الأشخاص من دبى يرجوني بعدم تأجير هذا المكان لأي شخص آخر غيره حيث إنه قادم من دبى ومعه أغراضه بالسيارة وليس له أي مأوى آخر ولا بد من إقامته بهذه البلدة من اليوم. وأخبرته بالعمولة وبجميع المواصفات تليفونيا ووافق عليها. واعتذرت للشخص الآخر على أن يمهلني يوما قبل الاتفاق معه. حيث إن هناك شخصا آخر قادما من دبي أكثر اضطرارا وحاجة للسكن.
وحضر هذا الشخص من دبى ورأى الغرفة ورحب بها ووافق عليها وعلى العمولة المتفق عليها. وتعرف على الشخصين المقيمين بالغرفة. ونقل حاجياته إلى الغرفة. وكان سعيدا بها حتى أنني بعد إقامته بحوالي 10 أيام سألته عما إذا كانت الغرفة مريحة له وكذلك عن مدى توافقه مع الأشخاص الموجودين بالغرفة وأقر بارتياحه واستقراره.
ولكن حدث شيئ غير متوقع على الإطلاق لأي شخص بالغرفة ولا لأي شخص بالشقة ولا حتى لصاحب الشقة نفسه (بعد حوالي أسبوعين من إقامة هذا الشخص الذي أقام مكاني بالغرفة) حيث فوجئ الجميع بقرار صاحب البنايه بإخلاء الشقة من العزاب المقيمين بها والإنذار لمدة شهر.
وفوجئت بأن هذا الشخص يتصل على ويخبرنى بما حدث ويطالبني برد العمولة إليه (400 درهم) التي دفعها إلى سابقا حيث إنه حتى تاريخ إخلاء الشقة ستكون المدة التي أقامها بالغرفة هى 40 يوما فقط.
أفيدوني بالله عليكم هل له الحق في استرداد هذه العمولة مني. علما بأنني لم يكن لدي أي علم مسبقا بما حدث. وأنه عاين بنفسه المكان والأشخاص وأنني لم أخبره إلا بكل أمانة وصراحة عن الشقة بأكملها (في حدود علمي) .
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
يجوز للمستاجر أخذ مبلغ من مستأجر ثان مقابل تنازل الأول عن منفعة العقار المؤجر، إذا كان ذلك في أثناء مدة الإجارة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل تنازل عن السكن في الغرفة للشخص المذكور، وما يزال في مدة الإجارة فلا بأس من أخذ مبلغ من المتنازل له، ويعد هذا المبلغ نوعا من أنواع الخلو، وفيه يتنازل المستأجر عن حقه في الانتفاع بالعين المؤجر بقية مدة العقد.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: إذا تم الاتفاق بين المستأجر وبين المستأجر الجديد أثناء مدة الإجارة على التنازل عن بقية مدة العقد لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية فإن بدل الخلو هذا جائز شرعا. اهـ
وليس لمالك العقار فسخ الإجارة حتى تنقضي المدة المتفق عليها سواء كانت شهرية أو سنوية؛ لأن الإجارة من العقود اللازمة التي لا يملك أحد الطرفين فسخها إلا برضى الطرف الثاني، فإن منع المالك المستأجر من الانتفاع بالعقار في بقية المدة لم يكن له أجر لما سكن، جاء في المغني: إذا استأجر عقارا مدة فسكنه بعض المدة ثم أخرجه المالك ومنعه من تمام السكن فلا شيء له من الأجرة، وقال أكثر الفقهاء: له أجر ما سكن. ولنا أنه لم يسلم إليه ما عقد الإجارة عليه فلم يستحق شيئا. اهـ
وعلى كل، فالمبلغ الذي أخذه السائل مقابل تنازله عن الانتفاع بالسكن لا يلزمه رده إلى من بذله، وإن تعذر عليه البقاء في العقار المؤجر ما لم يكن السائل قد غشه أو خدعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1429(12/3367)
إنهاء التعاقد مع الخادمة المقصرة وحسم التذكرة منها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا خادمة تم الاتفاق مع الشركة قبل مجيئها على أن تعمل لدينا بإخلاص لمدة عامين مقابل راتب محدد وتذكرة سفر للعودة لبلادها ولكن مع انقضاء نصف المدة فوجئنا بعدم التزامها بالعمل المطلوب أضف إلى ذلك أنها كانت تنوي القيام بعمل غير أخلاقي فقررنا إعادتها لبلادها وسددنا لها مستحقاتها لكننا حسمنا سعر تذكرة سفرها من تلك المستحقات لكونها لم تلتزم بالعمل والمدة المطلوبتين..فهل في هذا الأمر شيء أي تذكرة السفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يشرع الخصم من الأجير بقدر نقصه من العمل المتبقى عليه، كما يشرع فسخ العقد أن أخل بالعمل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الخادمة ليست أهلا للقيام بما تكلف به من الأعمال. أو كانت تقصر في أداء عملها وكلمتموها فلم تغير حالتها وانضم لذلك ما خفتموه من قيامها بعمل غير أخلاقي فإنه لا حرج عليكم إن شاء الله فيما قمتم به من إنهاء التعاقد معها.
إلا أنا نرى أن التذكرة تعتبر جزءا من الراتب فكان الأولى على الأقل أن تعطوها نصفها إذا كان الخلل الحاصل منها مبررا لإنهاء عقدها. وننصحكم بمراجعة المحاكم الشرعية ببلدكم ليسمعوا منكم ويعلموا مدى النقص في عمل الخادمة.
وراجع الفتاوى التالية: 14120، 19755، 52465.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(12/3368)
الإجارة لا تنفسخ بموت المؤجر أو المستأجر ولا بالبيع
[السُّؤَالُ]
ـ[قام جدي لأمي رحمه الله باستئجار محل من رجل ثم مات جدي وخلفه أولاده ثم باع هذا الرجل المحل لرجل آخر أراد إخراج خالي من المحل وما زالت القضية منظورة أمام المحاكم، ثم قام خالي بتأجير المحل بمبلغ يفوق المبلغ الذي يدفعه لصاحب المحل ويسدد الضرائب من هذا المال، فهل يحل له هذا التصرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الإجارة لا تنفسخ بموت المؤجر أو المستأجر ولا ببيع العين المؤجرة، وتبقى بحالها إلى انقضاء مدتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جمهور العلماء على أن الإجارة لا تنفسخ بموت المؤجر أو المستأجر، كما جاء في المغني: وإذا مات المكرى والمكتري أو أحدهما فالإجارة بحالها.
وعليه؛ فإذا مات المستأجر في مدة عقد الإجارة فالإجارة على حالها، وينتقل حق الانتفاع بالعقار إلى الورثة، فهذه المسألة الأولى في جواب السؤال.
وأما المسألة الثانية فهي بيع العقار المؤجر فهذا أيضاً لا تنفسخ به الإجارة، جاء في المغني: إذا أجر عيناً ثم باعها صح البيع سواء باعها للمستأجر أو لغيره. انتهى.
وعلى هذا تبقى منافع العقار للمستأجر إلى حين انقضاء مدة الإجارة، ولا حق للمشتري في منفعة العقار حتى تنتهي مدة الإجارة، جاء في المغني: إذا ثبت هذا - صحة بيع المؤجر - فإن المشتري يملك المبيع مسلوب المنفعة إلى حين انقضاء الإجارة. انتهى. وإذا كان المستأجر ما يزال في مدة الإجارة فيحق له أن يؤجر هذا المحل لمستأجر آخر بأكثر أو بأقل أو بمثل الأجرة بشروط انظرها في الفتوى رقم: 105196، وانظر في حكم الضرائب الفتوى رقم: 61821.
وما تقدم في حال كانت الإجارة إجارة صحيحة، أما إذا كانت إجارة مؤبدة كما هو الحال في كثير من البلدان التي يعطي القانون فيها للمستأجر حق البقاء في العقار أبداً، فهذا قانون باطل، وعلى من استأجر به أن يرد العقار إلى مالكه، ثم إذا أراد المالك إجارته له برضى منه وبمدة معلومة وأجرة معلومة فلا مانع، وفي مثل هذه الإجارات المؤبدة الباطلة لا يحل للمستأجر أن يؤجر العقار لغيره لأن ملكه لمنفعته ملك باطل وتصرفه فيه تصرف الغاصب، وراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 58077.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(12/3369)
العمل لصالح النفس في وقت الخدمة
[السُّؤَالُ]
ـ[في الحقيقة أنا أعمل في سايبر نت وأثناء عملي يأتي أحد الناس لا يريد أن يشتغل على النت، بل يريد مثلا أن أستخرج له موضوعا ما، وأطبعه بالطابعة بعدما أقوم بذلك.. أحسب ثمن الطابعة+ ثمن المجهود الشخصي، أحط ثمن الطبع لصاحب المحل وثمن مجهودي أقسمه معه مناصفة لأني قمت بالبحث بواسطة جهاز صاحب العمل، أريد أن أعرف هل ما آخذه في نصيبي حلال أم لا، علما بأن محلات الإنترنت معروفة بخدمة النت يعني الزبون يأتي ويجلس على جهازه ويشتغل بالساعة، ف ما حكم النصيب الذي آخذه من تقديم خدمات شخصية؟ جزاكم الله خيراً.. في انتظار رد عاجل.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن ما تقوم به يشتمل على استخدامك للجهاز دون إذن صاحبه، وقيامك في وقت خدمتك بعمل لصالح نفسك، ولا يجوز شيء من ذلك إلا بإذن رب العمل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللرد على سؤالك يلزم التطرق إلى الجزئيتين التاليتين:
1- أنك في السايبر نت الذي تعمل فيه تعتبر أجيراً خاصاً، والأجير الخاص ليس من حقه أن يفوت على مستأجره شيئاً من الخدمة التي استؤجر عليها، وإن فوت عليه شيئاً من ذلك كان من حق المستأجر أن يحط من الأجرة ما يقابل القدر الذي فوته، أو يأخذ الأجرة التي استفادها الأجير، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى مشبهاً على مسائل من هذا القبيل:.... كأجير لخدمة آجر نفسه، قال الشيخ الدردير: حتى فوت على المستأجر ما استأجره عليه أو بعضه فأجرته تكون لمستأجره الأول، وإن شاء أسقط عن نفسه أجرة ما فوته، فإن لم يفوت عليه شيئاً بأن وفى له بجميع ما استأجره عليه فلا كلام له. انتهى.
2- أنه ليس من حقك أن تستخدم أجهزة صاحب العمل في غير ما أريدت له، فإذا كان يريد منها إعمال خدمة النت، وأن يجلس الزبون على الجهاز ويشتغل بالساعة، فليس لك أن تصرفه عن هذا أو تفوت عليه هذه الخدمة إلا إذا كنت تحسب على الزبون مقدار ما تجلسه أنت على الجهاز لاستخراج المواضيع.
فالحاصل -إذاً- أن ما تقوم به من الأعمال دون علم رب العمل لا يجوز، وكذا النصيب الذي تأخذه من الأجرة، وإنما يجب أن تخبر صاحب العمل بكل ذلك ليأذن لك فيه أو يمنعك منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1429(12/3370)
الإجارة المؤبدة ورد الشقة إلى مالكها
[السُّؤَالُ]
ـ[استأجر الأب شقة بالقاهرة عام 1982 للأسرة وبعد تخرج الأولاد أراد أحد الأبناء الزواج بدون رغبة الأسرة قامت الدنيا وتم طرد الابن من حياتهم وحرمانه من الميراث (ليس موضوعنا) ثم قامت الأم بتغيير عقد الشقة بالاتفاق مع المالك بدون علم الأب (كل الأوراق الحكومية وعداد الكهرباء وحديدة الكهرباء والعوايد باسم الأب) وذلك لكي لا يستفيد الابن قانونا من الشقة، علما بأن التلفون بالشقة باسم الابن المطرود ثم توفي الأب ثم وفاة الأم والمالك الآن يطالب بالشقة لوفاة الأم المشكلة أن الشخص الذي تزوج بدون رغبتهم يريد الشقة (امتداد قانوني) لأنه مستأجر شقة قانون جديد والوحيد المستفيد من هذه الشقة وباقي أشقائه جميعا مقيمون ببلدهم وليس لهم صالح بالشقة إلا مرور الكرام حتى فى حياة الأبوين يريدون تسليمها للمالك نكاية فى أخيهم السؤال بصرف النظر عن الإجراءات القانونية وحقه من عدمه وكيفية الحصول على الشقة لأنه شغل محاماة فهل ما سبق يعتبر اغتصابا لحق الغير أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز أن تكون الإجارة مؤبدة، ومن استند إلى قانون يسمح بذلك كان ظالماً، وعليه أن يتوب إلى الله منه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجارة عقد على المنافع، وقد اشترط الفقهاء لصحتها أن تكون المنفعة معلومة، وذلك يتضمن معرفة المدة التي تنتهي فيها الإجارة، وأجاز كثير من العلماء في الإجارة الاكتفاء بتحديد أجرة مدة كالشهر مثلاً، دون تحديد المدة التي ينتهي إليها العقد، وهذا النوع من الإجارة يسميه الفقهاء مشاهرة، ولكل واحد من المتعاقدين فسخه متى شاء، قال الدردير: وجاز الكراء مشاهرة، وهو عبارة عندهم عما عبر فيه بكل، نحو: كل شهر بكذا أو كل يوم أو كل جمعة أو كل سنة بكذا، ولم يلزم الكراء لهما، فلكل من المتكاريين حله عن نفسه متى شاء. انتهى.
وأي قانون يفرض فيه ما يخالف هذين النوعين من الإجارة فإنه قانون وضعي مضاد لحكم الشرع، وهو ظلم ظاهر وغصب لحق المالك وأكل لأموال الناس بالباطل، وما كان شأنه كذلك، فلا يحل لمسلم عمله ولا الرضا به وإن أذنت به الدولة، فحكم الحاكم لا يصير الحرام حلالاً، ومن هذا يتبين لك أن مالك الشقة إذا كان يريد استردادها فمن حقه أن يستردها، ولا يجوز أن يمنع من ذلك استناداً إلى قانون ظالم، وعلى الأسرة أن تتوب إلى الله مما كانت عليه من الظلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1429(12/3371)
حكم من وضع ذهبا عند صاحب محل ليبيعه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي إن تكرمتم أرجو الجواب عليه ملخصه هو التالي أعطيت قريبي 3كغ ذهب ليضعها عنده في المحل لي يبيع به المصوغات الذهبية مرت 3 سنوات في نهايتها طالبت إليه إعطائي الأمانة والأرباح وقد سجل لي الأرباح بمالا يزيد عن واحد ونصف بالمائة وقد أمهلني 3 شهور حتى يرد المبلغ انتهت المدة وإذا به يقول إن المبلغ غير جاهز وان أردت المبلغ يجب أن أخسر كل الربح بحجه أنه سيبيع بعض المصوغات ليسدد لي يعني في النهاية لا أرباح وقد فند ذلك بأن السوق واقف هذه الفترة في حين مطالبتي له قبل هذه الفترة وبعد أن أعطاني كشفا بالأرباح وبعدان إمهاله 3 شهور فهل له ذلك؟ وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة المذكورة لا تخلو من احتمالين:
الاحتمال الأول: أن يكون السائل وضع هذا الذهب عند صاحب المحل ليبيعه له على أن تكون أجرة صاحب المحل جزءا من الربح، فهذه الإجارة مختلف في حكمها وجمهور أهل العلم أنها إجارة فاسدة. وذهب آخرون إلى جوازها. ففي كشاف القناع: إ ن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جائز. اهـ
وعلى كل حال فإذا باع صاحب المحل الذهب الذي استؤجر على بيعه فيجب عليه دفع ثمنه وأرباحه إلى صاحبه بعد أن يخصم أجرته المتفق عليها، سواء كانت مبلغا مقطوعا أو جزءا من الربح.
ولا يحل له مماطلة صاحب الذهب، ولا جحود شيء من أصل المال أو الربح. وأما قوله لصاحب الذهب: إذا أردت أن تقبض رأس مالك الآن فلن تحصل على الربح فهذا لا يصح وهو نوع من الغصب، فإنه بمجرد قيامه ببيع الذهب صار الثمن مع الربح الذي يخص المالك أمانة عنده، والواجب عليه تسليمها لصاحبها.
والاحتمال الثاني: أن يكون السائل سلم الذهب إلى صاحب المحل على أنه رأس مال مضاربة.
وعلى هذا الاحتمال فالمضاربة غير صحيحة لأنه يشترط في المضاربة أن يكون رأس المال فيها نقدا يتعامل به الناس، وأما الذهب والحلي غير المضروب فلا يصح أن يكون رأس مال في المضاربة.
وعليه؛ فالمعاملة فاسدة، وما نتج عنها من أرباح فلصاحب الذهب. أما صاحب المحل فله أجرة المثل فقط.
وفي كل الأحوال ليس له أن يمتنع من دفع المال مع أرباحه إلى صاحبه بعد أن باعه أو انتهت المضاربة الفاسدة هذه، وله أن يخصم منه قدر أجرته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(12/3372)
بقاء أغراضك في الشقة يجعلك مدينا بأجرتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في السعودية وكنت أسكن في شقة إيجار سنوي وكنت أدفع الإيجار كل ستة أشهر وغادرت السعودية نهائيا بعد مرور الستة أشهر الأولى وكنت قد دفعت ما علي من إيجار للستة أشهر الأولى في بداية العقد وبعد مغادرة السعودية وكنت لا أعلم أني سأعود أم لا وقررت عدم العودة وبعد مرور أسبوع واحد فقط من بداية الستة أشهر الثانية اتصلت بالمسؤول عن البناية وأخبرته أني لن أرجع السعودية (حتى يؤجر الشقة لغيري) وطلبت منه بيع الأثاث في الشقة ويأخذ حقه ويخرج الباقي لله ولكنه اعترض وصمم أن أرجع لكي أخلي له الشقة لأنه لا يستطيع فتح الشقة إلا بالشرطة وهذا يأخذ وقتا ولكني لم أذهب (مع العلم أنه يوجد شرط في العقد أنه لا يمكنني أن انقل أغراضي من الشقة إلا بعد دفع الإيجار المتأخر) فهل علي دفع الستة شهور هذه أم أكتفي بما تركته من أغراض داخل الشقة؟ مع العلم أني لا أعلم ماذا حدث بعد ذلك؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
العقد الذي حصل بينك وبين مالك الشقة هو عقد مسانهة، وبموجبه تلزمك أجرة سنة ما لم يرض صاحب الشقة بغير ذلك. كما أن إبقاء أغراضك في الشقة يجعلك مدينا بأجرتها ما لم تخرج أمتعتك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجارة تنقسم إلى قسمين: إجارة لازمة وإجارة غير لازمة.
والإجارة غير اللازمة: هي ما حصل التعاقد فيها على أن كل يوم بكذا أو كل شهر أو كل سنة، وهذا القسم يسمى مشاهرة أو مياومة أو مسانهة ... وهو منحل من الطرفين لكل واحد منهما فسخه متى شاء؛ إلا إذا نقد المكتري أجرة الشهر أو السنة أو بدأ فيه فيلزم العقد حينئذ.
وقولك إنك كنت تسكن في شقة إيجار سنوي ... يفيد أنك تعاقدت مع مالك الشقة عقد مسانهة، وبالتالي فأنت ملزم بإكمال السنة التي دخلت فيها ما لم يرض صاحب الشقة بغير ذلك.
كما أن إبقاء الشقة مشغولة بأثاثك يجعلها باقية على اسمك، وليس هو ملزما بأن يتولى إخراج أمتعتك وبيعها ونحو ذلك ...
وعليه، فالواجب هو أن تعود لإخلاء الشقة، أو توكل من يقوم بذلك نيابة عنك، وإلا كنت مدينا بالأجرة ما بقيت أغراضك في الشقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(12/3373)
أخذ الأجير بعض ممتلكات مؤجره بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[عمل صديقي في المجلس الثقافي البريطاني في غزة فلسطين بدوام جزئي لمدة ثلاثة شهور، وفي هذه المدة قام بأخذ بعض الكتب والمجلات والأفلام النافعة والصالحة للاستخدام دون أن يدري بها أحد، فهل هذه سرقة وهل يجوز إعطاؤها لجامعة أو مؤسسة أو جمعية ليتم الانتفاع بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأجير أمين على ما تحت يده من ممتلكات وأشياء مستأجرة، وأخذه لشيء منها بدون إذن يعد خيانة، ويجب عليه التوبة ورد ما أخذ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صديقك هذا قد استؤجر على العمل في المجلس المذكور، والأجير أمين على ما تحت يده من ممتلكات وأشياء المستأجر، وبالتالي فأخذه لهذه الكتب والمجلات والأفلام النافعة بدون أذن من المجلس حرام شرعاً وخيانة للأمانة، والواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل ورد الأمانة إلى أهلها، قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58} ، ولا يصح أن يدفعها لجهة أخرى ما دام يمكنه أن يردها إلى أهلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(12/3374)
لا بد من تحديد مدة الإجارة وإن طالت
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لقوانين الإيجارات التي تجعل العقد مؤبدا، ألا يكون للعرف اعتبار في تصحيح العقد؟ بمعنى أن المتعاقدين في وقت العقد كان العرف أن يظل الإيجار إلى أن ينهدم العقار مثلا، فهل يتم تصحيح العقد فينص على مدة معينة ولتكن مائة سنة مثلا ولا يحكم بفسخ العقد؟ علما بأن وقت إنشاء العقد كانت نية صاحب العقار هي الأبدية. وفي هذه الحالة هل يجوز إلزام صاحب العقار بالمائة سنة مثلا؟ علما أنه لو عرض عليه الأمر في وقت إنشاء العقد لقبل لكساد سوق العقارات في الماضي.
أفيدونا بارك الله فيكم حيث هذه مشكلة كبيرة عندنا في مصر يترتب على الحكم ببطلان العقد تشريد الكثير من الفقراء الذين لا مأوى لهم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا لم تحدد المدة في عقد الإجارة فهو عقد فاسد يجب فسخه، ثم المتعاقدان بعد ذلك بالخيار، إن شاءا عقدا
عقدا جديدا تحدد فيه المدة وإن طالت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإجارة بيع منافع، ويشترط في البيع أن يكون المبيع - المنفعة - معلوما، ولا سبيل إلى ذلك إلا أن تحدد المدة لتعلم المنفعة، ولا بأس أن تطول المدة. المهم أن تحدد الإجارة بمدة.
وإن كان بعض العلماء ذهب إلى أنه لا يجوز أن تكون المدة إلى أجل لا يعيش المستأجر أو المؤجر إلى مثله عادة. ورد هذا بأن الخيرة في هذا للمتعاقدين، وأنه يقتضي التوقيت ولا يقتضي تعيين الوقت.
جاء في غمز عيون البصائر: وقيل يجوز وهو الصحيح. انتهى. أي الإجارة إلى مائتي سنة ونحوها.
وعليه، فإذا لم تحدد المدة في عقد الإجارة فالعقد باطل، ويصحح بأن يفسخ ثم يجري المتعاقدان أو من يقوم مقامهما عقدا جديدا يذكر فيه المدة، ولا يصح إلزام المؤجر بمدة لا يرضاها، وأما ما مضى في العقد الفاسد فإنه يعتبر فيه أجرة المثل. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 43972.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(12/3375)
حكم تأجير المحل للحلاق بنسبة مما يحصل من الحلاقة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت أنا وصديق لي وشخص آخر صديقي يعمل حلاقا قمنا بعمل محل للحلاقة قمت أنا والشخص الآخر بإيجار وتجهيز المحل وصديقي لم يدفع شيئاً فقلنا له أنت ستكون شريكا بمجهودك، ولكن لن تأخذ منه شيئا تأكل وتشرب والباقي ندخره لشراء محل في بلدنا نحن الثلاثة تكون أنت شريكا معنا بالثلث فقام هو بتجميع مال الربح عنده لمدة 3 سنوات واستأجر شقتين وقام بتأجيرهما وتقسيم الريع علينا نحن الثلاثة، وبعد ذلك بسنة طلب منا أن يأخذ شقة منهما لحسابه الخاص ويعطينا شقة نحن الاثنين فوافقنا فأهمل في المحل وهو الآن لا يفتح المحل واستكفى بريع الشقة وخسرنا الزبائن ولا يعطينا من المحل ربح لمدة سنة، فماذا يجب علينا شرعا اتجاهه، وما حكم ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذه الصورة داخلة فيما يسمى بالأجرة بالجزء، والجمهور على فسادها خلافاً للحنابلة، وعلى القول بفسادها فيجب أن يرد العقد فيها إلى أجرة المثل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أن أقرب شيء يمكن تكييف المسألة إليه هو أن الصديقين قد ملكا منفعة المحل المذكور، ثم أجراً تلك المنفعة لصديقهما الثالث بنسبة مما يحصل من الحلاقة، والأجرة بالجزء قد اختلف أهل العلم في صحتها، فالجمهور على أنها لا تصح، وإذا نزلت ردت إلى أجرة المثل، وذهب الحنابلة إلى صحتها، والمرجح عندنا هو مذهب الجمهور، وعليه فإذا كان الذي أعطاكماه صديقكما يساوي أجرة المحل لما مضى من الزمن، فإنكما تكونان قد أخذتما حقكما، وإن كان أقل من ذلك أو أكثر فالواجب أن يسترد النقص من هو له، ثم الواجب بعد ذلك فسخ هذا الاشتراك، وإن أردتما استئنافه بأجرة محددة فلا بأس بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(12/3376)
الإيجار مدى الحياة وتأجير المحل بأجرة مجهولة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي محل مؤجر مدى الحياة وإيجاره يزيد بنسبة مئوية كل عام وهذا المحل أبيع فيه عطارة ويعمل عندي أبناء أخي برواتب شهرية وبسبب انتقالي إلى مدينة بعيدة عن موقع المحل قررت أن يشاركني أحد التجار على أن أدفع له مبلغا من قيمة البضائع يسترد بعد إنهاء المشاركة ويدخل هو بقيمة كل البضائع مقابل العين أي المحل بالديكور وموازينه ورفوفه وأكون أنا المسؤول أمام الحكومة من ناحية إنهاء وتجديد الرخص والضرائب والتأمينات وليس له هو علاقة بالجهات الحكومية مقابل أن يدفع لي جزء من الربح شهرياً يزيد أو يقل حسب السوق سنوياً وحسب الاتفاق بيننا، وسؤالي هو: هل فى ذلك شبه أم هذا حلال، هل لصاحب المحل المؤجر لي علاقة بذلك، فأفيدونا حياكم الله؟ ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لقد اشتملت الصورة المذكورة على وجوه عديدة من الفساد، فهي -إذاً- غير صحيحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل السؤال على وجوه كثيرة من الفساد، وهي:
1- كون المحل مؤجراً مدى الحياة لا يصح، لأن الإجارة لا بد أن يكون العقد فيها محددة المدة، أو يكون على سبيل المشاهرة ينفسخ متى أراد أي من الطرفين.
2- الصورة المذكورة مشتملة على بيع وسلف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل بيع وسلف. أخرجه النسائي. وصورة البيع والسلف فيها أنك ستدفع للرجل مبلغاً يسترد بعد إنهاء المشاركة، فهذا سلف شملته الصفقة المذكورة.
3- أنك أجرت له المحل بأجرة مجهولة، تزيد وتنقص حسب السوق، وهذا القدر كاف للقول بفساد الصورة المسؤول عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(12/3377)
استحقاق العمولة حسب بنود بالعقد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مندوب مبيعات بشركة دانمركية وأعالج من إصابة عمل لحقت بي أثناء تأدية فريضة صلاة الظهر ويرجى ملاحظة الآتي: ينص قانون العمل في الدولة التي أعمل بها على أن مصاب العمل يتقاضى أجره كاملا طوال مدة العلاج أو لمدة ستة أشهر أيهما أقرب، ويعرف القانون الأجر بأنه: الأجر الأساسي مضافا إليه جميع العلاوات والبدلات والمكافآت التي تدفع للعامل مقابل العمل أو بمناسبته مهما كان نوعها أوطريقة حسابها.. الشركة كانت قد أرسلت لي عرضا للتوظيف ذكرت فيه كافة بنود الراتب من أساسي وبدلات وبونص أو عمولة وبمجرد وصولي للشركة قدمت لي عقد العمل يحتوي على الأجر الأساسي فقط فرفضت التوقيع وطلبت كتابة كافة بنود الراتب المذكورة سابقا بعرض التوظيف أيضا في عقد العمل فكان الجواب أن هذا هو نظام الشركة مما يعتبر ادخالا للغش، وذلك بعد أن فقدت وظيفتي السابقة فوقعت مضطرا وآملاً في إثبات حسن النية وعدم إثارة المشاكل؛ لأنه لا يمكن لعاقل أن يوقع على نصف ما اتفق عليه بديهيا إلا تحت ضغط أمور غير طبيعية، والآن مشكلتي أن الشركة امتنعت عن دفع مبلغ البونص بدعوى إصابتي وعدم قيامي بالعمل، والبيع الذي على أساسه أحصل على مبلغ البونص الشهري المقدر بـ 36% من دخلي الشهري، وهذا المبلغ احصل عليه بصفة دورية منتظمة ومثبت بسندات قبض الراتب الشهرى وبعد مراجعة المدير المسؤول رفض صرف مبلغ البونص. وللعلم فالشركة تقوم بدفع كافة مفردات الراتب الأخرى من الأجر الأساسي وبدل الطعام وبدل الهاتف وبدل المواصلات، فهل من ناحية الشرع والدين هذا المبلغ حق لي استنادا إلى قانون العمل ويجب علي المطالبة به أم لا؟ واهتم برأي الدين لتحري الحلال والحرام في الرزق.
أفتوني أعانكم الله على تعليمنا بأمور ديننا وجعلكم عونا ونصرا للحق.
مع خالص الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يحكم العرف عند الاختلاف بين المؤجر والمستأجر إذا لم يصرح في العقد بخلافه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل قد تعاقد مع الشركة المذكورة على بنود صريحة تخالف ما جرى عليه العرف في مثل هذا الأعمال، فالذي يلزم الشركة من حقوقه هو ما تعاقدت عليه معه لا ما جرى به العرف.
لأنه إنما يعتبر العرف والعادة عند عدم التصريح بخلاف ما يدلان عليه، وبمعنى آخر إنما يعتبر العرف حيث لا شرط. أما مع وجود الشرط فيعمل به. جاء في المبسوط: إنما تعتبر العادة عند عدم التصريح بخلافها.
وأما قول السائل: إنه وقع العقد تحت ضغط الواقع والحاجة فغير مؤثر لعدم زوال الاختيار في هذه الحالة.
وعليه، فإذا كان العقد المبرم بين السائل والشركة ينص على أنه لا يستحق العمولة إلا بالعمل فليس له حق فيها ما لم يأت بالشرط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1429(12/3378)
يحق للمستأجر البقاء في العقار لانقضاء مدة الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتى باختصار بأن حماي قد حرر لزوجي عقد إيجار لشقة تمليك وهذه الشقة قد اشتراها حماي لزوجته ولكنه كان يملك التصرف فيها وقد أجرها لزوجي لأنه لا يملك شقة مثل إخوته وبعد وفاة حماي نشب خلاف بين زوجي وإخوته عليها وحاول زوجي حلها بشراء أنصبتهم لكنهم رفضوا وبقي الحال كما هو لمدة 18 عاما أو يزيد إلى أن توفي زوجي رحمة الله عليه منذ شهور وهنا سامحه إخوته على ذلك ولكنهم يطالبونني ببيع الشقة وأخذ نصيبي أنا وبناتي فى الميراث فقط، وطبعا المبلغ لا أستطيع عمل شيء به، فهل يحق لي أخذ مبلغ لإلغاء عقد الإيجار وإذا رفض أهل زوجي أي حلول فهل أستطيع أن أقيم فى الشقة أنا وبناتي بصفتى المؤجرة بدون أي وزر وخاصة أننا ليس لنا مكان إلا هذه الشقة، فأفيدوني بالله عليكم إنني أريد طاعة الله؟ وجزاكم الله خير الجزاء والله سبحانه وتعالى المستعان.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
قانون تأبيد الإيجارة لا عبرة به، وعلى المستأجر أن يسلم العقار إلى مالكه ليتصرف فيه كيف شاء، وفي الإجارة الصحيحة يحق للمستأجر البقاء في العقار إلى حين انقضاء مدة الإجارة، وإن مات المؤجر في أثنائها قام ورثته مقامه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينظر في عقد الإجارة الذي وقع بين زوج السائلة ووالده، فإن كان عقد إجارة صحيحاً قائماً على معلومية المدة والأجرة فهذا العقد باق إلى حين انقضاء المدة، ولا حق للأخوة الآخرين في المطالبة بفسخ العقد قبل انتهاء مدته، سواء بقي المستأجر حياً أو مات قبل انقضائها، فموت المؤجر والمستأجر لا ينفسخ به عقد الإجارة. جاء في المغني: وإذا مات المكري والمكتري أو أحدهما فالإجارة بحالها. انتهى.
وأما إن كان عقد الإجارة هذا عقداً باطلاً كعقود الإجارة القائمة على قانون تأبيد المدة، فلا حق للسائلة في البقاء في الشقة، وعليها تسليمها إلى مالكها إن كان حياً وإلى ورثته إن كان ميتاً، وليس لها أن تطالب المالك بخلو نظير تركها الشقة، وقد تقدم بيان الخلو الجائز وغير الجائز في الفتوى رقم: 9528.
وما تقدم فيما لو كانت السائلة وبناتها مجرد مستأجرين، أما إن كانت هي وبناتها يرثن شيئاً من الشقة بسبب من أسباب الميراث فلا يجوز لها الاستبداد بالمنفعة لوحدها دون سائر الورثة، ويجوز أن يصطلحوا جميعاً على كيفية الانتفاع بهذا الميراث فيأخذ كل واحد منهم ما يستحقه من عين ومنفعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1429(12/3379)
الإخلال بالاتفاق مع المكفول وحكم إفشاء أسرار العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرا ... سعادة الشيخ/ أنا شاب مصرى جئت إلى المملكة باحثا عن لقمة العيش فتعرفت على شخص مصري وسيط لآخر سعودي فأقنعني بالسفر حيث إني أعمل محاسبا وبرغم ترتيب الوضع المادي لي هنا إلا أنه أخل معي بالاتفاق، مع العلم بأني تحدثت إلى الكفيل السعودي وطلب مني الحضور وإن شاء الله سيصير خيرا، فمكثت 9 شهور أتقاضى 1200 ريال رغم أني اتفقت مع الوسيط على 2200 ريال وبرغم أن الكفيل حصل مني ثمن التأشيرة مضاعفة هذا أولاً.... طلب مني الكفيل أن أترك معه وأن يرسلني إلى أخية لترتيب بعض الأمور المالية بينهما، وبرغم أن أخاه كان يرفض تواجدي لإيمانه الشديد بأني جاسوس من طرف أخيه، إلا أنه بعد فترة تجددت الثقة بيني وبينه وتم والحمد لله إعلامي بجميع أرقام حساباتة وأصبحت المسؤول عن جميع إيراداته ثم بدأت الاتصالات من أخيه كفيلي يريد أن يطلع على جميع حساباته وبالأرصدة وإيراداته اليومية فطلبت منه إعلام أخيه الذي أعمل معه فقال لي أنا صاحب المال كله وعندما قلت لأخيه عما حصل قال لي لا تعطه شيئا، علما بأن أخاه هو الذي يعطيني راتبي الذي أعمل معه الآن وليس كفيلي وبدأت المشاكل وها هو حتى الآن لا يريد أن يجدد إقامتي وإقامة زوجتي وقد انتهت منذ شهرين ويهددني هذه الأيام بإعطائي خروجا نهائيا فماذا أفعل هل أبيع ضميري، علما بأنه قال لي فتح مخك معي وأنا سأحسن وضعك فماذا أفعل بالله عليك يا شيخ وأرجو سرعة الرد لأني فى حيرة من أمرى وأصبحت مهددا بالطرد أيضا من السكن؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للشق الأول من السؤال فإن كان مبلغ الـ 2200 هو المبلغ المتفق عليه بينك وبين الكفيل فيجب الوفاء بذلك، وكذا إذا كان هذا الوسيط مفوضاً من قبل الكفيل فيلزم الكفيل الوفاء أيضاً، وأما إذا لم يكن الوسيط مفوضاً ولم يكن اتفاق بينك وبين الكفيل فلا تستحق إلا هذا المبلغ الذي دفع لك، لأن الظاهر أنك ارتضيته وإلا لم يكن لك استلامه طيلة هذه المدة إضافة إلى أنك كان بإمكانك ترك هذا العمل، والعودة إلى بلدك أو البحث عن عمل آخر.
وأما بالنسبة للشق الثاني من السؤال فلا يجوز لك أن تفشي أسرار هذا الرجل لأخيه الذي هو كفيلك؛ لأن في هذا خيانة للأمانة، وكون كفيلك يهددك بإنهاء خدماتك أو إرجاعك إلى بلدك لا يسوغ لك خيانة الأمانة، وما ضرك لو أنهى خدماتك أو أرجعك إلى بلدك، فرزق الله واسع، ولعلك إذا اتقيت الله تعالى جعل لك فرجاً ومخرجاً، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:3} ، وثبت في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله جل وعز إلا أعطاك الله خيراً منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1429(12/3380)
عمل الموظف لمصلحة نفسه أثناء الدوام
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بمبيعات شركة تبيع أصنافا معينة من البلاستيك وأحيانا يطلب مني العميل بضاعة أخرى أقوم بالبحث عنها وإضافة ربح لي على ثمنها إذا وافق أقوم بإنهاء الطلبية له وآخذ ربحي، علما بأنه ليس من ضمن تعليمات الشركة أن أشتري وأبيع لصالحها وإلا فعلت ذلك لحسابها؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الموظف في شركة ونحوها يعتبر أجيراً خاصاً تملك الشركة منافعه وقت الدوام، وبالتالي لا يجوز له العمل لمصلحة نفسه إلا بإذن منها، وإن عمل بدون إذن وأضر بها رجعت الشركة عليه بقدر الضرر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يقوم به السائل من البيع والشراء لنفسه ينظر فيه، فإذا كان هذا يحصل خارج وقت الدوام المتفق عليه بينه وبين الشركة فلا مانع، أما إن كان ذلك يحصل في أثناء دوامه بالشركة فلا يخلو من حالين:
الأول: أن تكون الشركة قد أذنت له بهذا العمل صراحة أو ضمناً، فلا مانع منه ويحل له الربح الناتج عنه، لأن العامل أثناء دوامه الرسمي تعتبر منافعه مملوكة للشركة، فإذا أذنت له في صرف هذه المنافع لمصلحة نفسه أو غيره فلا إشكال في إباحته.
الحال الثاني: أن لا تكون الشركة أذنت له في العمل لمصلحة نفسه فهنا لا يجوز له العمل، ثم إن عمل فأضر بالشركة رجعت عليه الشركة بقدر الضرر. وراجع في تفصيل هذه المسألة الفتوى رقم: 93528.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1429(12/3381)
الإجارة مدى الحياة والشركة على مبلغ معلوم من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا مؤجر محلا إيجارا قديما مدى الحياة وإيجارة يزيد سنويا بنسبة محددة وهذا المحل كنت أديره وأبيع وأتاجر فيه وكنت أستعين بأبناء أخي برواتب شهرية ولكن بسبب خيانة الأمانة منهم وتركي للمدينة التي بها المحل وسكنت في مدينة أخرى أصبحت إدارتى للمحل صعبة فقررت أن أشارك تاجرا على أن يدخل هو بالمال وأنا بالمحل بتجهيزاته على أن يعطينى شهرية تتغير كل سنة من الربح ولما علم ابن أخى طلب مني أن يكون هو مقام الشريك ويعطينى نفس المبلغ الشهرى من الربح ووافقت كصلة رحم بذلك وتركت بالمحل بضاعة بمبلغ2000 جنيه لتكون المشاركة بالبضاعة أيضا وأقوم إنا بإنهاء أي إجراءت حكومية كضرائب والرخص والسجل التجاري والمخالفات والخ.. ويستشيرني في أي عمل ويعمل برأي.
وسؤالي: هو هل في ذلك شبهة وهل لمالك المحل المؤجر لي المحل علاقة في كيفية أي علاقة بيني وبين من أريد أن يشاركنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب في إجارة الدور والدكاكين أن تكون على مدة محدودة. وكل عقد إجارة لا تكون فيه المدة محددة فهو عقد فاسد، ولا عبرة بقانون يصحح ذلك، ويصح أن يكون المال في الشراكة على بضاعة إذا قيمت بالنقد عند العقد، والربح بين الشريكين حسب ما اشترطا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم السائل الكريم أن الإجارة مدى الحياة إجارة فاسدة شرعا؛ لأن المدة فيها مجهولة. وقد اتفق أهل العلم قاطبة على أنه في إجارة الدور والدكاكين يجب أن تكون المدة معلومة ومدى الحياة غير محددة ولا معلومة.
كما يجب في الإجارة أن تكون الأجرة معلومة. وعليه فيجب فسخ عقد الإجارة هذا وتسليم المحل للمالك، ثم إجراء عقد إجارة صحيح إن شاء المالك أن يؤجر، ولا يجوز للأخ السائل أن يتحاكم أو يستند إلى قانون تأبيد الإجارة المعمول به في بعض البلدان.
فإن هذا قانون يصادم الشريعة وقد سبق أن قلنا ذلك في الفتوى رقم: 103971
فهذا هو حق المالك، وإذا رضي بإجارة عقاره على الوجه الشرعي فلا علاقة له بشريك المستأجر.
وأما كيفية الشراكة فنقول لا مانع من أن يشترك بدنان في ماليهما، فيعملان فيهما، والربح حسب ما يتفقان عليه. ويشترط في الربح أن يكون نصيب كل منهما حصة شائعة من الربح لا مبلغا معلوما أو مقطوعا كما يفيد السؤال، فالتزام الشريك بدفع مبلغ شهري لشريك يجعل الشراكة محرمة باطلة.
جاء في المغني: متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة، أو جعل مع نصيبه دراهم، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم، بطلت الشركة.
كما يجب في الشركة التي يكون رأس مال أحد الشركاء فيها بضاعة أن تقوم بالنقد لأن الشركة تقتضي المفاصلة ولا تكون المفاصلة إلا على شيء معلوم يرجع إليه. وعليه فتقوم بضاعة السائل بالنقد وتحسب من ضمن رأس ماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1429(12/3382)
الأجرة إذا كانت نسبة من العين المؤجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتنا حيث إن شركتنا أجرت أحد المشاريع الخاصة بها إلى شركة أخرى وقسمت الايجار الى جزءين الأول مبلغ نقدي محدد ونسبة من دخل المشروع قدرها 10% {تلتزم المستأجرة بدفع المقابل النقدي مع نسبة من إيراداتها كل عام} ، فهل هناك أي مخالفة شرعية في أن يكون الايجار نسبة من الإيراد، وهل بها أي غرر؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تأجير ما يصح إيجاره على أن يكون أجرته نسبة من غلته غير جائز عند جمهور العلماء، وذهب البعض إلى جواز ذلك تشبيها لهذا العقد بالمساقاة والمزارعة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاتفاق بين المؤجر والمستأجر على أن تكون الأجرة جزءا من دخل العين المؤجرة التي تنمى بعمل المستأجر فيها محل خلاف عند أهل العلم، فبينما ذهب الجمهور مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى منع ذلك لما فيه من الغرر والجهالة ذهب الحنابلة إلى جوازه تشبيها له بالمضاربة والمزارعة والمساقاة، وقد فصلنا القولين في الفتوى رقم: 63067 فتراجع.
وجاء في رواية عن الحنابلة جواز الجمع بين مبلغ معين ونسبة من الدخل أيضا، قال ابن قدامة في المغني: وإن جعل له مع ذلك دراهم معلومة لم يجز نص عليه، وعنه الجواز والصحيح الأول. وقال أبو بكر هذا قول قديم، وما روي غير هذا، فعليه المعتمد. اهـ.
وجاء في دقائق أولي النهى: وإن جعل له مع الجزء المشاع درهما فأكثر لم يصح نصا. اهـ.
وعليه فالذي نرى أنه لا يصح كون الأجرة أو بعضها نسبة من دخل العين المؤجرة كما هو قول جمهور العلماء، والمسألة على كل حال محل خلاف ونظر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(12/3383)
حكم الاتفاق مع المدير على حضور الطبيب في يوم فقط أسبوعيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب أعمل بمستشفى حكومي تم الاتفاق بين الأطباء وبين مدير المستشفى علي أن يقوم كل طبيب بالحضور يوما فقط أسبوعيا ويقوم بعمل باقي الأطباء في هذا اليوم وكذلك كل طبيب في يومه وفي مقابل ذلك يقوم مدير المستشفي بإثبات حضور الأطباء يوميا مع العلم أن المرتب الذي أتقاضاه مرتب بسيط جدا لا يكاد يكفي مصاريف التنقل يوميا الي المستشفى.
أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فإذا كان هذا المدير مخولا بذلك، وكان وجود الطبيب الواحد كافيا في القيام بهذا العمل فلا مانع من عدم الحضور، والراتب الذي تأخذونه حلال إن شاء الله، وإذا لم يكن هذا المدير مخولا أو لم يكن وجود الطبيب الواحد كافيا للقيام بالعمل المطلوب فلا يجوز لكم الغياب أو أخذ أجرة مقابل أيام الغياب، ولا يجوز للمدير تسجيل حضوركم يوميا، وقلة الأجرة لا تبيح الإخلال بالعقد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا المدير مخولا بذلك وكان وجود الطبيب الواحد كافيا في القيام بهذا العمل فلا مانع من عدم الحضور، والراتب الذي تأخذونه حلال إن شاء الله تعالى، وما دام مخولا فلا حرج في تسجيله حضوركم يوميا، لأن حضوركم حينئذ يكون ثابتا حكما، وإن لم يكن حقيقة، إضافة إلى أن هذا التسجيل قد يتعلق به إجراء روتيني من الإجراءات الإدارية أو المالية.
وأما إذا لم يكن هذا المدير مخولا أو لم يكن وجود الطبيب الواحد كافيا للقيام بالعمل المطلوب فلا يجوز لكم الغياب أو أخذ أجرة مقابل أيام الغياب، ولا يجوز للمدير تسجيل حضوركم يوميا، وراجع الفتوى رقم: 26668.
وأما كون الراتب بسيطا فلا يبيح مخالفة العقد المتفق عليه؛ كما بينا بالفتوى رقم: 1980.
وننبه إلى أمر مهم وهو أنه إذا كان بهذا المستشفى عدد من الأطباء أكثر مما هو في حاجة إليه فينبغي إخبار الجهات العليا بذلك لأن هذا من النصح المطلوب شرعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1429(12/3384)
حكم الإصلاحات التي يجريها المستأجر في العقار
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن يتسع صدركم لهذا السؤال حتي لا نأكل أموال الناس بالباطل وفي نفس الوقت لا نُظلم، أنا صاحب السؤال رقم 2168019 بخصوص إخلاء السكن المستأجر بعقد غير محدد المدة، وكما فهمنا من الإجابة أنه لا يجوز للمستأجر الحصول علي أي مقابل نظير إخلاء السكن محل هذا العقد لصاحب الملك، ولكن يبقي هناك إشكال فيما تم صرفه من قبل المستأجر في تحسين وتعديل وتهيئة هذا المسكن لإقامته الدائمة، علي سبيل المثال تم تغيير التأسيسات الكهربائية وإعادة التجصيص والطلاء بالزيت وتغيير السباكة والبلاط وتدعيم السقف بكمرات حديد وأشياء ثابتة أخري، وهذه التعديلات تمت بعلم صاحب البيت وبموافقته في حينها ولا يمانع الآن في دفع ما يطلب منه الآن لتسهيل عمليه الإخلاء ليتم بيع البيت بسعر أعلي، فهل يحق للمستأجر طلب ما صرفه علي أساسيات الشقة وكيف يمكن تقدير ما صرف من عشرين سنة فهل بسعر الصرف الفعلي في ذلك الوقت أم بسعر اليوم، فأرجو أن يتسع صدركم للإجابة بالتفصيل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الإصلاحات التي يحدثها المستأجر في العقارات إن كانت بإذن المؤجر وعائدة على العقار بالنفع فهي على المؤجر، وإن كانت عائدة على المستأجر بالنفع فهي على المستأجر ما لم يفعل ذلك بشرط الرجوع على المؤجر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى المشار إليها أن الإجارة التي لا تحدد فيها المدة إجارة فاسدة، وأنه لا حق للمستأجر في بدل الخلو في الصورة المسؤول عنها، أما التعميرات والإصلاحات التي فعلها المستأجر في العقار فإنها ينظر فيها فما كان منها عائداً لمنفعة وإصلاح العقار فهذه يرجع المستأجر بها على المؤجر بشرط أن تكون قد فعلت بإذن منه، أما إن كانت عائدة لمنفعة المستأجر فلا يرجع عليه إلا كان فعل ذلك بشرط الرجوع أو الخصم من الأجرة، جاء في درر الحكام: (مادة 530) التعميرات التي أنشاها المستأجر بإذن الآجر إن كانت عائدة لإصلاح المأجور وصيانته عن تطرق الخلل.. فالمستأجر يأخذ مصروفات هذه التعميرات من الآجر وإن لم يجر بينهما شرط على أخذه وإن كانت عائدة لمنافع المستأجر فقط كتعمير المطابخ فليس للمستأجر أخذ مصروفاتها ما لم يذكر شرط أخذها بينهما، أي أن التعميرات التي ينشئها المستأجر بإذن الآجر الذي يكون هو المالك إن كانت عائدة لإصلاح المأجور وصيانته عن تطرق الخلل لتنظيم الآجر، فالمستأجر يأخذ مصروفات مثل هذه التعميرات من الآجر أو يحسبها من الأجرة، ولو لم يذكر هذا الشرط ويصرح به لأن التعمير يحسن حالة الملك ويصونه من أن يتطرق إليه خلل، فمصروفه عائد على الآجر ... وإن كانت عائدة لمنافع المستأجر ولم يجر شرط كهذا بين الطرفين ... فليس للمستأجر أخذ مصروفاتها بمجرد الإذن ما لم يذكر شرط أخذها بينهما لأن منافع ذلك للمستأجر. انتهى.
وأما عن القدر الذي يعود به المستأجر على المؤجر فيكون بما أنفق يوم التعمير والإصلاح، فهذا الذي يلزم المؤجر بذله للمستأجر حسب التفصيل المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1429(12/3385)
لا تسقط الأجرة بالتقادم
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن منزلا منذ حوالي 20 سنة على وجه الكراء، كان هذا المنزل على ملك امرأة عجوز ليس لها أبناء ولا زوج، وبعد موتها منذ حوالي 17 سنة تبين أن هذا المنزل يرجع في الأصل لعجوز فاقدة السند، وقد عادت ملكية هذا المنزل بعد وفاة هذه الأخيرة للمرأة التي اكتريت منها بموجب عقد تصرف قد حررته العجوز فاقدة السند لفائدة أبي زوج هذه الأخيرة مقابل القيام بكل مستلزماتها اليومية، ومنذ وفاة هذه الأخيرة لم يتقدم لي أي أحد من الورثة للتعريف بنفسه وتسلم معاليم الكراء، وفي الفترة الأخيرة تم الاتصال بي من طرف شخص يدعي أنه مكلف بتصفية أملاك الهالكة لفائدة ورثتها، سيدي الشيخ هل يجب علي تسديد ما تخلد بذمتي منذ 17 سنة، علما بأنني لا أقدر على توفير هذا المبلغ لضيق المعيشة، وما حكم الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الحق لا يسقط بالتقادم، والإجارة التي لا تكون فيها المدة معلومة تعتبر إجارة فاسدة يجب فسخها ويلزم المستأجر فيها أجرة المثل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب أن يعلم السائل أولاً أن حقوق الناس لا تسقط بالتقادم، وعليه أن يدفع الأجرة المستحقه عليه لورثة المؤجرة أو وكيلهم بعد أن تثبت وكالته عنهم لا بمجرد الدعوى، وإذا كان السائل لا يقدر الآن على دفع الأجرة دفعة فليدفعها مقسطة، فإن عجز عن التقسيط فإنها باقية في ذمته إلى حين القدرة والسداد، ما لم يعف عنه الورثة، ولا يعتبر عفوهم إلا إذا كانوا بالغين رشداء.
وأما بالنسبة لعقد الإجارة فإنه ينظر فيه.. فإن كان على مدة غير محددة فهو عقد فاسد ويجب فسخه ورد العقار إلى الورثة، فإن شاؤوا أجروا العقار بعقد جديد يبين فيه المدة والأجرة، وإن لم يشاؤوا تأجيره فعلى المستأجر إخلاء العقار وتسليمه لهم وإلا كان غاصباً، ولا عبرة بقانون يؤبد الإجارة والأجرة لمخالفته لكتاب الله تعالى، وفي حال بطلان عقد الإجارة بسبب جهالة المدة أو الأجرة، فإن الواجب على المستأجر دفع أجرة المثل.
وأما إذا كان عقد الإجارة حصل بتراضي الطرفين وحددت فيه المدة والأجرة فهو عقد صحيح، ولا ينفسخ بموت أحد الطرفين على الراجح حتى تنتهي المدة، ويقوم كل من ورثة الطرفين مقام مورثهم في واجبات وحقوق عقد الإجارة، وراجع الفتوى رقم: 72237.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1429(12/3386)
حكم تكليف الموظف بمهمات وهمية
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم أنا مهندسة موظفة في دائرة حكومية والدوام ينتهي في الساعة الثالثة ولكن في قسمنا نحن نضطر إلى الخروج في مهمات إلى مناطق مجاورة، وقد تصل الساعة إلى الثانية عشرة ولا تجد أحدا في القسم وعندما لا نخرج في مهمات تقوم رئيسة القسم بإعطائنا مهمات وهمية في أغلب الأحيان للانصراف وعدم التعرض للمساءلة، فما حكم ذلك بالنسبة لي علما أننا لدينا نظام مناوبات في القسم والتي عليها المناوبة تبقى.
وسؤالي الثاني أحيانا نقوم بكتابة مهمات وهمية من الصباح لعدم وجود عمل لدينا وننصرف في الحادي عشرة مثلا فما حكم ذلك.
وثالثا: إذا كان فعلي هذا حراما فما حكم راتبي الذي قبضته علما أنني حديثة العهد بالوظيفة أي أنني لم أكمل 6 أشهر.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
يجب على العالمين في أي قطاع كان وخاصة في القطاع العام مراعاة الأمانة التي اؤتمنوا عليها بالعمل حسب تعليمات الجهات التي يتبعونها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموظفين في الدوائر الحكومية يعتبرون أجراء مؤتمنين ويتقاضون أجورا مقابل قيامهم بالأعمال المنوطة بهم، فعلى هؤلاء أن يؤدوا عملهم على أحسن وجه، وأن يلتزموا بالعقود والشروط المتفق عليها مع هذه الدوائر؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ولحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد.
وإذا كان يوجد مسؤول في هذه الدوائر يسيء استعمال منصبه ويتجاوز صلاحياته ويفعل ما ليس مخولا بفعله فلا يجوز للموظفين طاعته في ذلك ولا متابعته على أخطائه؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهتديتم. {المائدة:105} ، ومن الهداية إنكار المنكر بحسب الطاقة.
وعليه، فإذا ترك الموظف عمله وخرج قبل انتهاء مدة العمل بدون إذن من شخص مخول بالإذن فإنه لا يستحق من الأجرة إلا بقدر ما عمل، وراجعي للمزيد الفتوى رقم: 19755، وراجعي في حكم عمل المرأة كمهندسة الفتوى رقم: 5807.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(12/3387)
حكم تناول العامل في مطعم من الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش مع خالي في إيطاليا وهو يعمل في مطعم وفي يوم الأحد يذهب إلى المطعم ليعمل بعض النظافة في المطبخ ويأخذ بعض الطعام إلى المنزل، علماً بأن في هذا اليوم يكون بمفرده، فهل إذا أكلت من هذا الطعام أكون مذنبا وهل هذه سرقة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما يأخذه خالك من الطعام من المطعم بإذن أهله صراحة أو عرفاً فإنه يعتبر حلالاً فيجوز لك الأكل منه، وأما إن كان يأخذه تعدياً فيكون حراماً ولا يجوز لك ولا لغيرك الأكل منه، وانظر في تفاصيل ذلك وأقوال أهل العلم الفتوى رقم: 104087.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(12/3388)
حكم بدل الخلو
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي قطعة أرض تجارية وأريد بناءها إن شاء الله محلات تجارية هل لي أن آخذ (خلو الرجل) من كل واحد ومن ثم يحدد إيجار حسب الاتفاق ومدى الحياة.
أرجو من فضيلتكم إجابة بالتفصيل. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز للمالك أن يأخذ من المستأجر بدل خلو إذا كان ذلك سيحسب من الأجرة المتفق عليها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بدل الخلو الذي يطلبه المالك من المستأجر مشروع في الجملة إذا احتسبه المالك جزءا من أجرة المدة المتفق عليها، وفي حالة الفسخ قبل انتهاء المدة تنطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 31 (6/4) :
إن المجلس المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخرة 1408 هـ والموافق 6-11 شباط (فبراير) 1988 بعد اطلاعه على الأبحاث الفقهية الواردة إلى المجمع بخصوص بدل الخلو.
وبناء عليه قرر ما يلي:
أولا: تنقسم صور الاتفاق على بدل الخلو إلى أربع صور هي:
1- أن يكون الاتفاق بين مالك العقار وبين المستأجر عند بدء العقد.
2- أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين المالك وذلك أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.
3- أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين مستأجر جديد في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.
أن يكون الاتفاق بين المستأجر الجديد وبين كل من المالك والمستأجر الأول قبل انتهاء المدة أو بعد انتهائها.
ثانيا: إذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغا مقطوعا زائدا عن الأجرة الدورية، وهو ما يسمى في بعض البلاد خلوا فلا مانع شرعا من دفع هذا المبلغ المقطوع على أن يعد جزءا من أجرة المدة المتفق عليها، وفي حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة. اهـ.
وأما الاتفاق على الإجارة مدى الحياة فلا يجوز لجهالة المدة، وقد أجمع العلماء أن هذا لا يجوز في الإجارة.
قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: أجمع من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استئجار المنازل والدواب جائز، ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(12/3389)
حكم تأجير المسارح وكاميرا الفيديو للأفراح والمناسبات
[السُّؤَالُ]
ـ[أستشير عن مشروع للكسب المادي وهو عبارة عن تأجير مسارح للأفراح والمناسبات، وأيضا تاجير كاميرا فيديو، فهل الكسب من هذا المشروع حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من تأجير مسارح للأفراح والمناسبات وكاميرات الفيديو إذا كان من يستأجرها لا يستخدمها في شيء محرم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في اتخاذ مسارح للأفراح والمناسبات وتأجيرها لمن يعلم أو يغلب على الظن أنه لا يعمل فيها إلا ما أذن فيه الشرع، بأن تكون المناسبة خالية من الأمور المحرمة، كالاختلاط بين الرجال والنساء أو الموسيقى. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 37317.
كما أن الفيديو يجوز تأجيره لمن يعلم أنه سيستخدمه في الأمور المباحة. ومن علم أنه يستخدمه في المجالات المحرمة حرم كراؤه له.
وإن جهل الحال، فالحكم للأغلب، فإن كان غالب حال أهل البلد هو أنهم يستخدمونه في الخير، فالكراء جائز مع جهل حال المستعمل، وإن غلب استخدامهم له في الشر حرم.
والغالب أنه في المناسبات يستخدم فيما هو محرم، وبالتالي فلا يجوز تأجيره إلا أن يعلم أنه يستخدم في المباح.
وبناء على ما ذكر، فإنك إذا تقيدت في تأجير المسارح وكاميرات الفيديو بما يأذن فيه الشرع كان المشروع مشروعا وكان كسبك حلالا، وإن لم تتقيد بذلك لم يكن مشروعك مشروعا ولم يكن كسبك حلالا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(12/3390)
حكم تأجير مرآب المسجد لمن يستخدمه كمقهى
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله رب العالمين ... نحمده حمد الشاكرين نشكره شكر الحامدين والصلاة والسلام على خير المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين..
عندنا مسجد بمدينة وزان المغربية له مجموعة من المرافق ومن بينها مرآب اكتراه أحد التجار ويريد استغلاله كمقهى، فهل يجوز شرعاً لهذا الشخص مزاولة هذا النشاط التجاري بهذا المرآب، علماً بأن السلطة الوصية من حقها الرفض أو الترخيص له، وهل تثبيت الصحن اللاقط "البرابول" لهذه المقهى فوق سطح المسجد أو أحد مرافقه عمل مقبول من الناحية الشرعية؟ وجزاكم الله خيراً.. وأطال عمركم في خدمة الدين والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ننصحكم بإبعاد المقهى واللاقط الهوائي عن حرم المسجد على العموم، وإذا كانا يتسببان في التشويش أو جلب الحرام حرم الترخيص لهما مطلقاً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ {الحج:30} ، وقال تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32} ، وقال صلى الله عليه وسلم: إنما بنيت هذه المساجد لما بنيت له. رواه مسلم. والذي بنيت إنما هو ذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن ... كما صح في حديث آخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولذلك ينبغي تجنيب المساجد المقاهي والصحون الهوائية لأنها غالباً ما تكون وكراً لتجمع السفهاء ومظنة للغط والتشويش.. والتقاط القنوات الفضائية التي تبث الحرام، فإذا كان المحل سيستخدم في مثل هذا فلا تجوز مجاورته للمسجد، ولا يجوز لكم السماح بذلك لما في ذلك من عدم احترام المسجد ومن التشويش على رواده من المصلين ... فينبغي تنزيه المسجد عن مجاورة أماكن اللهو والفساد.. وعلى من استأجر المرآب أن يستخدمه فيما وضع له أصلاً، أو فيما هو مباح شرعاً، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 70052، 33214، 74708.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(12/3391)
حكم استفادة العامل من ممتلكات المؤسسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل موظف أمن فى أحد النوادي الترفيهية حيث يقدم هذا النادي خدمات عديدة للزوار منها تقديم المأكولات والمشروبات ودوام عملى يمتد على مدى 12ساعة ليلا، أقضي الساعات الست الأولى في خدمة العملاء وبعدها نغلق النادي ونقضي طوال الليل داخل النادي والمشكلة هنا تبدأ في احتياجنا الى بعض المشروبات مثل الشاي والقهوة وخلاف ذلك ‘فقسم الأمن الذى أعمل به لا يوفر هذه المشروبات فنضطر إلى استخدام بعض من المشروبات التابعة للنادي؟ .. والسؤال الآن هل ما نقوم به يقع تحت ضمن المحرمات أم لا؟ مع العلم أننا نعمل تحت إدارة واحدة ولا نستخدم هذه الأشياء إلا للضرورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
استفادة العامل من ممتلكات المؤسسة التي يخدم عندها تجوز إذا سمحت بها المؤسسة نصا أو عرفا، وإلا كانت غشا وخيانة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن الموظف في مؤسسات الدولة أو في أية مؤسسة أخرى هو عامل بأجرة، وهو مؤتمن على ذلك العمل الذي نيط به وفوض إليه، ومؤتمن على ما جعل تحت يده من ممتلكات وأدوات وغيرها.
واستحقاقه أو عدم استحقاقه في الاستفادة من الممتلكات الموضوعة تحت رعايته يخضع لما تم التعاقد عليه بينه وبين جهة توظيفه نصا أو عرفا.
وقولك إنك تعمل موظف أمن في أحد النوادي الترفيهية، وأن دوام عملك يمتد على مدى 12ساعة ... وأنكم بعد ما تغلقون النادي يبدأ احتياجكم إلى بعض المشروبات مثل الشاي والقهوة ... إلى غير ذلك مما فصلت القول فيه.
نقول: إن هذه التفاصيل التي بينتها لا تخرجكم عن كونكم عمالا محكومين بالنظام الذي تم التعاقد عليه بينكم وبين جهة توظيفكم، أو بينكم وبين الجهة التي تخدمون عندها ...
فإذا وقع النص من أصحاب النادي على حقكم في الاستفادة من الشاي والقهوة في أوقات معينة أو جرى بذلك العرف مع شعور أرباب العمل به، فلا حرج عليكم في أن تستفيدوا من ذلك ...
وإن لم يجر بذلك نص ولا عرف فإن الاستفادة من الممتلكات الموضوعة تحت رعايتكم تعتبر غشا وخيانة للأمانة. وقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من غش فليس مني. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه الترمذي وأبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1429(12/3392)
هل يأخذ الولد الذي عمل مع أبيه من ماله بدون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الثانية والعشرين من عمري أعمل في شركة هي رسمياً باسمي ولكن هي ملك للوالد وقد بنيتها أنا وأبي معاً وكبرت الشركة بعد أن أكملت دراستي الثانوية وبدأت أعمل فيها، مع العلم بأني ذو خبرة عمل منذ كان عمري 12 سنة، أبي إنسان طيب ولكنه عصبي جداً جداً وبعض الأحيان يكون عصبيتة حادة إلى حد جنوني وأنا الآن مقدم على الزواج ولي من الإخوة الشباب 2 وقد حار بي السؤال هل أظل أعيش مع أبي في نفس البيت وأكتفي بغرفة أم هل آخذ من المال التابع للشركة وأبدأ أبني بيتي بنفسي وذلك لعدة أسباب: خوفا من عصبية أبي ومما يخفيه في المستقبل، وهروبا من العيش أنا وزوجتي الشابة في نفس البيت الذي يضم 2 شباب، مع العلم بأني أغار عليها جداً ولا أريد أن أعمل مشاكل مع إخواني، ولكن أمي رافضة ولا أريد عصيانها، فهل آخذ من مال الشركة دون علم أبي علما بأنه لو علم لن يوافق أن آخذ أي مبلغ وأنا أفكر بأن آخذ مبلغا أشغلة وأبني به بيتي ثم أعيده إليه إن شاء الله في المستقبل، علماً بأن الشركة أنا هو من بناها ويسيرها ويسير 90 % من أعمالها، أبي لا يستطيع أن يدير شيئا بل على العكس في كثير من الأحيان يخرب كثيرا من الصفقات لكن بعض الأحيان يأتي للشركة بصفقات جيدة، فأرجو إفتائي في أمري؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
العادة والعرف محكمان في مسألة استحقاق الولد العامل في مال والده.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال في مسألتين:
الأولى: هل يجوز للولد الذي عمل مع والده في تجارته وتنمية ماله أن يأخذ من هذا المال شيئاً بدون إذن والده، أم أنه يعتبر متبرعاً بهذا العمل؟ وجواب ذلك هو أن يحكم العرف والعادة، فإذا جرت عادة البلد وعرف أهله على أن للولد العامل في مال والده محاسبة والده فله أن يحاسبه بحسب تكسبه بنظر أهل المعرفة، وبهذا أفتى العلامة عليش في فتح العلي المالك ونقلنا كلامه في الفتوى رقم: 32659.
وإذا تقرر أن له أن يحاسبه بنظر أهل المعرفة فمعنى ذلك أن هذا يحتاج إلى علم ومحاسبة الوالد ولا يصح أن يقدم الولد على الأخذ بدون ذلك، لأنه بدون تحكيم أهل المعرفة وبدون محاسبة مع والده محاسبة الشريك لشريكه قد يأخذ ما لا يستحق وسيكون في هذه القضية الخصم والحكم في نفس الوقت.
المسألة الثانية: انفراد الولد المتزوج ببيت مستقل عن والديه، والجواب عنها أن ذلك لا يعد عقوقاً لأن من حق الزوجة أن يسكنها الزوج في بيت مستقل، لا سيما إذا كان هناك ما يدعو إلى الانفراد؛ كأن يخشى من وقوع ما حرم الله تعالى من نظرة إلى عورة أو خلوة من قبل إخوانه في البيت، وراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 53537. ومع حقك في الانفراد فينبغي أن تطلب ذلك من والديك بالرفق والحكمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1429(12/3393)
حكم تناول عمال المطابخ الحكومية من الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[تعود عمال المطابخ في المؤسسات الحكومية على أخذ بعض الشيء اليسير من المطعم الذي يعملون به وكذلك أخذ ما يحتاجونه من خبز لبيوتهم رغم أن القانون يفرض على كل من يأكل وجبة ان يسدد ثمنها بما في ذلك مدير المؤسسة ويعفى عمال المطبخ من التسديد.فهل ما يأخذونه حلال لهم أم لا خاصة أنه يمكن لهذه المواد أن تخفظ إلى يوم آخر ويستفيد منها العمال؟]ـ
[الفَتْوَى]
ملخص الفتوى:
لا يحل للعمال في مطابخ الدول أن يأخذوا شيئا من الطعام الذي في أيديهم إلا بإذن حقيقي أو عرفي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العمال في هذه المطابخ الحكومية يعتبرون أجراء، والأجراء أمناء على ما في أيديهم، ولا يحل لهم من هذا الطعام والخبز إلا بالقدر المأذون به نصا أو عرفا.
جاء في المغني: ال إذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي. اهـ. ولا عبرة بالعرف والعادة إذا كان القانون ينص على المنع من الأخذ مطلقا قليلا كان أو كثيرا، فلا يحل لهؤلاء أن يأخذوا شيئا وإن كان يسيرا، وكما أن الأصل منع الأجير من تناول طعام مستأجره لاستغنائه عنه بطلب الأجرة.
جاء في القواعد لابن رجب: والوكيل والأجير المعروف منعهما من الأكل لاستغنائهما عنه بطلب الأجرة من المؤجر والموكل لاسيما والأجير قد أخذ الأجرة على عمله. اهـ. ثم نقل رواية عن أحمد ظاهرها جواز الأكل للوكيل، ولهذا قلنا بالعمل بالإذن العرفي ما لم يكن هناك منع صريح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1429(12/3394)
حكم إجارة الغنم على الخارج من لبن وصوف
[السُّؤَالُ]
ـ[دفع رجل إلى آخر ثلاثين شاة على أن يدفع له كل سنة ثلاثين ألف ليرة سورية ولمدة أربع سنوات وبعد نهاية الأربع سنوات يكون الرجل الثاني قد استفاد من ألبانها وأصوافها، وأما نتاج الغنم فتكون الذكور للثاني، والإناث مع الأصل تقسم بالسويه بينهما بعد مرور الأربع سنوات، وأما الرعاية والعلف فتكون على الثاني ملاحظة: قد يكون صاحب الغنم عاجزا عن علفها وتربيتها، أما الثاني فلديه القدرة على رعاية الغنم وعلفها ولكن لا يملك أصل الغنم فكان ذلك العقد بينهما وكل منهما مستفيد فما حكم هذا العقد بينهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الجهالة في الإجارة مفسدة للعقد سواء كانت جهالة في الأجرة أو المنفعة أو فيهما معا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد المذكور غير جائز لما اشتمل عليه من الغرر والجهالة وانتفاء الجهالة في العقد شرط متفق عليه بين أهل العلم لعموم حديث: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر. كما في صحيح مسلم، ولحديث: نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. رواه أحمد.
وفي هذا العقد تعتبر أجرة من يقوم على الشياه مجهولة؛ لأنه قد لا تلد ذكورا، وقد لا تلد أصلا. فالأجره فيها على شىء لم يخلق، وقد لا يوجد، وإذا وجد لا يدري أيكون تاما أو ناقصا. جاء في المنتقى: من المخاطرة والغرر اشتراء ما في بطون الإناث. انتهى
كما أن الأجرة إذا كانت على ألبانها وأصوافها فهي مجهولة كذلك. جاء في المبسوط: لو دفع إليه غنمه يرعاها على أن أجرته ألبانها وأصوافها فهو فاسد لأنه مجهول وإعلام الأجر لابد منه لصحة الإجارة وإن اشترط عليه جنينا معلوما وسمنا لنفسه وما بقى بعد ذلك للراعي فهو كله فاسد. انتهى
وفي هذا العقد أيضا جهالة لعمل المستأجر عليه لأنه لا يدري ما تلد وكم تلد، ولو تم العقد على أن من يقوم على الغنم يدفع لصاحبها الثلاثين ألف ليره مقابل ألبان وأصواف الغنم فهذا أيضا فاسد لأنه اشترى ما لم يوجد بعد وإذا وجد لا يدري كم يكون ولا كيف يكون.
جاء في المجموع: فرع: في مذاهب العلماء في بيع الصوف على ظهر الغنم ذكرنا أن مذهبنا بطلانه وقال جماهير العلماء.. وقال سعيد بن جبير وربيعه ومالك ... يجوز بيعه بشرط أن يجز قريبا من وقت البيع. انتهى
وجاء في الأم للشافعي: لا يجوز بيع اللبن في الضروع لأنه مجهول. انتهى
ولو اعتبرنا أن هذا المبلغ الذي يدفع إلى من يقوم على رعاية الغنم أجرة مقابل ما يحصل عليه من صوفها ولبنها لم يكن ذلك جائزا.
جاء في المغني: لا يجوز استئجار الغنم ولا الإبل والبقر ليأخذ لبنها، ولا استئجارها ليأخذ صوفها ولا شعرها. انتهى.
والحاصل إن العقد في كل الأحوال عقد فاسد للجهالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(12/3395)
خرج للحج مع المقاول بدون اتفاق على الأجرة ثم اختلفا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي مبلغ من المال عند شخص وهو يماطلني فى المبلغ لدرجة أنه أغلق جواله لعدم الرد وسألت عنه الناس فقالوا نصاب واستعوض ربنا وفي موسم الحج السابق قال لي صديق أنا ذهبت معه للحج سابقا وأخذ منى ألف ريال عن الفرد فأنا لي ألفان فذهبت معه للحج بالمبلغ المدين به حيث إن صديقي أقسم لي أنه ذهب بألفي ريال هو وزوجته وعند ذهابي معه فوجئت أنه يطلب مني المزيد من المال فرفضت إعطاءه شيئا ذلك لأن السكن والمواصلات كانت غير جيدة ففي نهاية الحج طلب مني بعض المال فرفضت إعطاءه فقال لى إني غير مسامح مع العلم أنى كنت أحج عن جدتى وزوجتى تحج عن نفسها. ففي هذه الحالة حجي صحيح رغم أني ما ذهبت معه إلا لأستفيد من مالي لديه الذي طال 6 أشهر من المماطلة وجزاكم الله خيرا مع العلم أن صديقي أكد علي أنه ذهب معه بنفس المبلغ. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
ملخص الفتوى:
إذا مضت الإجارة مع جهالة الأجرة أو المنفعة أو هما معا استحق الأجير أجرة المثل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولا لا يحل للقادر على السداد أن يماطل في الدين لقوله صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. وللدائن أن يطالب بحقه من الغني المماطل ويقاضيه إلى من ينصفه منه هذا على الجملة، وأما بخصوص المسألة المعروضة فنقول إن ذهابك مع هذا الشخص والذي يظهر أنه مقاول حج نوع من الإجارة ويشترط في الإجارة معلومية الأجرة والمنفعة، ولا يجوز الدخول في عقد الإجارة مع جهالة ذلك، وعليه فإذا كنت اتفقت مع المقاول على أجرة معلومة فيجب الوفاء بهذا الاتفاق، وإذا كنت دخلت معه في هذا العقد بدون الاتفاق على أجرة معلومة فله أجرة المثل، ويحكم بأجرة المثل كذلك إذا اختلفتما في قدر المنفعة – السكن – المواصلات،
جاء في الأشباه والنظائر: أجرة المثل تجب في مواضع، ومنها إذا اختلفا في قدر الأجرة أو المنفعة، وإذا تقرر ذلك فيحكم بهذه الاجرة القاضي الشرعي أو أهل الخبرة والاختصاص، ويلزم الطرفان الرضى بحكمهم إن تحاكموا إليهم، وأما السؤال عن الحج وهل هو صحيح أم لا، فالحج صحيح إن قام الحاج بأركانه وليس من الحج بمال حرام أو فيه شبهة ونحو ذلك، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 69721.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1429(12/3396)
يريدون إبراء ذمة أبيهم من أخذه للخلو وتعطيله منفعة شقة ظلما
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وكان مستأجرا طبقا للقانون القديم في بلدنا بمصر والذى يقضي بأن قيمة الإيجار ثابتة أبدا لا تتغير ولا يوجد في عقد الإيجار تحديد لمدة الإجارة، وعلى ذلك انتقل والدي من الشقة المؤجرة له إلى مكان آخر؛ ولكنه أغلقها ولم يستغلها ولم يتركها للمالك أيضا، وظل يدفع إيجارها الباخس الأجر بالنسبة لمرور الزمن وارتفاع الأسعار.
ثم عندما عزم أن يترك الشقة لمالكها ذهب إلى لجنة الإفتاء، وسألهم هل من حقي أن آخذ من المالك خلو رجل كما أخذ هو مني عند وقت استئجار الشقة منه أم أن ذلك غير جائز شرعا؟
فأفتى أحدهما أن ذلك جائز لأن المالك قد أخذ منك سابقا، وأفتى آخر أن ذلك غير جائز لأن الشقة ملك لصاحبها.
وأخذ والدي بفتوى الأول وأخذ من المالك نقودا مقابل تركه له شقته – والآن قد تم لنا الإيضاح بأن ذلك حرام وأن ذلك كان غير جائز شرعا.
السؤال:
هل أبى عليه نصيب من الإثم في ذلك أم أن الإثم على المفتي؟ وحتى نرفع الإثم عن والدي، ماذا يجب أن نفعل له؟
فهل يجب رد المال فقط لمالك الشقة – أم مع زيادة أرباح هذه المدة، وقد مضى على ذلك حوالي عشر سنوات، أم يجب رده مع حساب المدة التي تم غلق الشقة فيها بدون انتفاع والدي بها – والمدة التي أقام بها أيضا رغما عن المالك ولكن ظل بها بحكم القانون وبأرخص الأسعار؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن أباكم إذا كان قصر في البحث عن الحكم الشرعي في مسألته، وعمل بفتوى غير صحيحة فإنه يكون آثما، ومن أراد تخليصه من الإثم فعليه تسديد ما نقص من أجرة كراء الشقة عن الفترة كلها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى الصور الجائزة والممنوعة في بدل الخلو، ولك أن تراجعي فيها فتوانا رقم: 9528.
ولقد تضمن السؤال ما يلي:
1. ما إذا كان على أبيك نصيب من الإثم في هذا الأمر، أم أن الإثم على المفتي وحده.
2. ماذا يجب فعله لرفع الإثم عن الوالد؟
3. هل يجب رد المال فقط أم مع زيادة أرباح المدة كلها؟
4. هل يجب حساب المدة التى تم فيها غلق الشقة بدون انتفاع بها؟
فأما السؤال الأول فجوابه أن من لم يكن من أهل العلم فواجبه أن يسأل العلماء المتخصصين الذين عرفوا بالعلم والحرص على الأخذ بالسنة مع الورع، والخشية لله تعالى. فهؤلاء هم الذين تطمئن النفس إلى أن ما يفتون به هو الصحيح، قال تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ. {النحل: 43} .
وإن اختلف عليه جوابان فإنه ليس مخيرا بينهما، أيهما شاء يختار، بل عليه العمل بنوع من الترجيح، من حيث علم المفتي وورعه وتقواه.
قال الشاطبي رحمه الله: لا يتخير؛ لأن في التخير إسقاط التكليف، ومتى خيرنا المقلدين في اتباع مذاهب العلماء لم يبق لهم مرجع إلا اتباع الشهوات والهوى في الاختيار. ولأن مبنى الشريعة على قول واحد، وهو حكم الله في ذلك الأمر، وذلك قياساً على المفتي، فإنه لا يحل له أن يأخذ بأي رأيين مختلفين دون النظر في الترجيح إجماعاً.. وذهب بعضهم إلى أن الترجيح يكون بالأشد احتياطاً.
وعليه، فكان من واجب أبيك – وقد أفتي بفتويين مختلفتين- أن لا يتخير دون مرجح.
وليس من شك في أنه إذا كان قد أخذ بقول ضعيف مع إمكان وقوفه على القول الصحيح فإنه يكون آثما.
كما أن الاستيلاء على تلك الشقة استنادا إلى قانون جائر يعد غصبا لتلك الشقة من صاحبها.
ومن شروط التوبة من الإثم أن ترد المظالم إلى أصحابها، فإذا كنتم تريدون تخليص أبيكم من الإثم فلا بد أن تعطوا صاحب الشقة ما فوته عليه أبوكم من منفعة شقته.
أما القدر الواجب رده من ذلك فإنه محل اختلاف بين أهل العلم، فقد ذهب الشافعية والحنابلة إلى ضمان الغاصب منفعة المغصوب، ووافقهما الحنفية في هذا إذا كان الشيء المغصوب معدا للاستغلال، ووافقهما المالكية فيما إذا استغل المغصوب، لا إذا لم يستغل. فقد جاء في الموسوعة الفقهية ما يلي: أما منافع المغصوب ففيه التفصيل الآتي: ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الغاصب يضمن منفعة المغصوب, وعليه أجر المثل, سواء استوفى المنافع أم تركها تذهب, وسواء أكان المغصوب عقارا كالدار, أم منقولا كالكتاب والحلي ونحوهما; لأن المنفعة مال متقوم, فوجب ضمانه كالعين المغصوبة ذاتها.
وذهب متقدموا الحنفية إلى أن الغاصب لا يضمن منافع ما غصبه من ركوب الدابة, وسكنى الدار, سواء استوفاها أو عطلها، لأن المنفعة ليست بمال عندهم، ولأن المنفعة الحادثة على يد الغاصب لم تكن موجودة في يد المالك, فلم يتحقق فيها معنى الغصب، لعدم إزالة يد المالك عنها. وأوجب متأخروا الحنفية ضمان أجر المثل في ثلاثة مواضع - والفتوى على رأيهم - وهي: أن يكون المغصوب وقفا, أو ليتيم, أو معدا للاستغلال, بأن بناه صاحبه أو اشتراه لذلك الغرض. وإن نقص المغصوب -أي ذاته- باستعمال الغاصب غرم النقصان, لاستهلاكه بعض أجزاء العين المغصوبة. وأما غلة المغصوب: فلا تطيب في رأي أبي حنيفة ومحمد للغاصب، لأنه لا يحل له الانتفاع بملك الغير, وقال أبو يوسف وزفر: تطيب له. وقال المالكية: للمغصوب منه غلة مغصوب مستعمل إذا استعمله الغاصب أو أكراه, سواء كان عبدا أو دابة أو أرضا أو غير ذلك على المشهور, فإذا لم يستعمل فلا شيء عليه ولو فوت على ربه استعماله, إلا إذا نشأ من غير استعمال كلبن وصوف وثمر. انتهى.
فضمان الغاصب لمنافع الشيء المغصوب قد اتفقت عليه المذاهب الأربعة إذا كان المغصوب معدا للاستغلال واستغل.
وإذا لم يستغل – وهو معد للاستغلال- فإن جمهور أهل العلم على ضمان المنافع.
ومن هذا يتبين لك أن الواجب على أبيكم هو إعطاء أجرة المثل عن جميع المدة التي بقيت فيها الشقة تحت يده، اتفاقا بالنسبة للفترة التي استغلها فيها، وعلى قول الجمهور بالنسبة للفترة التي لم يستغلها فيها.
وإذا كنتم تريدون تخليصه من هذا الإثم فأعطوا صاحب الشقة حقه كاملا أو صالحوه عنه بما يرضى به.
وفيما ذكرنا رد على بقية أسئلتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(12/3397)
حكم المطالبة ببدل الخلو الذي دفعه المستأجر للمالك
[السُّؤَالُ]
ـ[عمي وأخوه اشتريا شقة منذ 30 سنة بمبلغ 200 جنيه مناصفة للعيش فيها مع أمهم فتزوج أخوه وترك الشقة للآخر وتوفيت أمه وتزوج عمي، وكانت الشقة سيأخذها صاحب البيت فاتفق عمي مع صاحب البيت على أن يرفع من الإيجار الشهري ويحول الشقة إلى ورشة، فهل هنا يحق لأخيه أن يأخذ حقه الذي دفعه منذ حوالي أكثر من 30 سنة في نصف الشقة التي تحولت إلى ورشة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يفسد عقد الإجارة بجهالة المدة فيه، ولا عبرة بقانون يخالف ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم السائل أن قانون تأبيد الإجارة المعمول به في بعض البلدان من القوانين التي لا تجوز في شريعة الله تعالى، إذ الواجب في إجارة الدور والمنازل أن تكون مدة الإجارة مدة معينة معلومة، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم.
وعليه؛ فمن استأجر داراً أو عقاراً بناء على هذا القانون فالواجب عليه تسليم العقار للمالك، ثم إن شاء المالك أجره له على مدة معلومة وبأجرة معلومة يتراضى عليها الطرفان، وإن لم يشأ أن يؤجر له فهذا شأنه، ولا يحل إكراهه على التأجير.
وأما السؤال عن بدل الخلو الذي دفعه المستأجر للمالك قبل ثلاثين سنة ضمن هذا القانون الباطل فإنه لا حق للمستأجر فيه، لأنه كما هو معروف في هذا النظام أن الأجرة فيه لا تقوم على رضى المؤجر، وبالتالي لو حاسب المؤجر المستأجر على ما مضى من المدة لترتب في ذمة المستأجر مال عظيم يفوق ذلك المبلغ الذي دفعه قبل ثلاثين سنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1429(12/3398)
مسائل في عقود الإجارة الطويلة الأمد غير محددة المدة
[السُّؤَالُ]
ـ[استأجر والدي منذ ستين سنة محلا مساحتة 4متر في 8 متر في موقع على الشارع الرئيسي بقصد استخدامه ورشة إصلاح الكاوتش بإيجار 25 قرش واستمر هذا الحال حتى عام 1993 حيث انضم شريك مع والدي وتكونت شركة تضامن بنفس النشاط وفي عام 2001 توفي والدي واّلت هذه الشركة للورثة وبها الشريك المتضامن وتوفي أيضا صاحب العقار قبل والدي بمعنى أن أطراف العقد قد ماتوا وكما كان معروفا لدينا من سنين أن الإيجار مشاهرة أي مدى الحياة ثم انتقل للورثة من الجانبين والآن يطالب أصحاب العقار إخلاء هذا العقار وتسليمه لهم بحجة ان العقد الأصلي مخالف للشرع لأنه غير محدد بمدة معينة وفي المقابل يطالب الشريك المتضامن وهو مفوض في إدارة العمل والتجارات الورقية والقانونية في مقابل حصوله على نصف إيراد الشركة _يطالب هذا الشريك يدفع مبلغ مائة وخمسين ألف جنيه له من أصحاب العقار لأنه سيبحث عن مكان آخر يمارس فيه نشاطه علما بأن الايجارات مرتفعة جدا عن ذي قبل وبالتالي فإن أصحاب العقار يمكنهم تأجير العقار بألف جنيه فور إخلائه.
السؤال هو 1-إذا كان العفد شريعة المتعاقدين حيث وافق المالك بمحض إرادته على إيجار المحل ب25 قرش وكان مبلغا كبيرا جدا يومها فأين التعارض مع الشرع في ذلك؟
2-من المعروف أن أحل الأموال أموال الميراث وقد آلت هذه الشركة للورثة فهل على ذنب من استمرار هذه الشركة بالوضع القائم؟
3-أصحاب العقار يعرضون علي مبلغ 15 ألف جنيه وذلك بشراء حصتى في شركة التضامن فهل يكون هذا المبلغ حلالا خاصة وأن المعدات والمكينات التي دخلت شركة التضامن يقدر ثمنها ب80 ألف جنيه وتم استهلاكها في العمل وتبديد جزء منها عن طريق شريك التضامن.
4-هل من حقي أن أطلب مبلغ زيادة عن ال15 ألف جنيه من أصحاب العقار مقابل شرائهم نصيبي من شركة التضامن؟
5-هل يمكن أن أعتبر أي مبلغ استلمته مقابل هذه الشركة هو مقابل استهلاك معداتي؟
وجزاكم الله خيرا، أرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
عقود الإجارة الطويلة الأمد والتي لا تحدد فيها مدة معلومة تعتبر إجارة باطلة، ولا حق للمستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة إلا برضى المالك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي جواب هذا السؤال مسائل منها:
المسألة الأولى: مقولة العقد شريعة المتعاقدين ليست على إطلاقها، فكل عقد أو شرط خالف كتاب الله تعالى فهو باطل وإن تراضى الطرفان عليه؛ فالتراضي لا يحل الحرام.
الثانية: أجمع العلماء على أنه في إجارة الدور والمنازل يجب أن تكون المدة معلومة.
جاء في المغني: قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استئجار المنازل جائز، ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة.
وبهذا تعلم أنه لو حصل تراض على تأبيد الإجارة فلا عبرة به لمخالفة الشريعة، فكيف إذا كان هذا بدون رضى من المالك.
الثالثة: يجب على الورثة تسليم العقار إلى المالك فورا، وليس لهم حق في البقاء في ملكه إلا بإذن منه وعلى الوجه المشروع في الإجارة.
الرابعة: إذا أراد صاحب العقار أن يشتري من الورثة ما يملكون من المعدات والأجهزة في المحل فلا مانع والثمن حسب التراضي.
الخامسة: لا يحل للورثة أو للشريك في الورشة مطالبة صاحب العقار ببدل خلو، وعليهم إخلاء العقار مجانا؛ وإلا كانوا في حكم المغتصبين، وراجع قرار المجمع الفقهي في هذا المجال في الفتوى رقم: 79384.
السادسة: الشركة بين والد السائل وشريكه بطلت بموت والده، جاء في المغني: الشركة من العقود الجائزة وتبطل بموت أحد الشريكين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(12/3399)
قانون تأبيد الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[استأجرت شقة في منزل والدتي رحمها الله وأدخلها فسيح جناته بعقد إيجار قديم غير محدود المدة، والقانون المصري لا يجيز طرد المستأجر في هذه الحالة إلا بوفاته، بل يمكن لأحد أبنائه تكملة هذا العقد وفي نفس الوقت أنا أحد الورثة، يطالبني الورثه بإخلاء الشقة حتى ترتفع قيمة العقار عند بيعه، علما بأن معاشي لا يمكنني أن أستأجر شقة جديدة حيث يتطلب ذلك عشرة أضعاف مرتبي.. فأرجو منكم الرد ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
قانون تأبيد الإجارة قانون مصادم لشرع الله تعالى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم الأخ السائل أن عقد الإيجار الذي لا تحدد فيه مدة الإجارة من العقود الباطلة المصادمة للشريعة التي أقرت الملكية الفردية، وأعطت المالك حق التصرف في ملكه كيف يشاء على الوجه المباح شرعاً، وقد أجمع العلماء على وجوب بيان المدة في عقد الإجارة في الدور، جاء في المغني: قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استئجار المنازل جائز، ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة.
وعليه؛ فلا عبرة بقانون تأبيد الإجارة أو الأجر، لأنه قانون يخالف حكم الله تعالى، والشقة التي استأجرها السائل من والدته بهذا القانون تعود إلى ملكية وتصرف الورثة جميعاً، ولا يحق للسائل الاستبداد بمنافعها بناء على القانون الباطل، وليس له في هذه الشقة إلا بقدر نصيبه الشرعي من الميراث فيتفق مع الورثة على بيعها أو الانتفاع بها بالمهايأه (المناوبة) أو حسب ما يتفقون عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1429(12/3400)
طول المدة هل له أثر على صحة الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الكرام ... شخص عمره60 سنة يؤجر أرضا فلاحية لشخص آخر بعقد مدته 90 سنة.. فهل يجوز
فأفيدونا؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز لهذا الشخص إن كان عاقلاً مختاراً أن يؤجر هذه الأرض هذه المدة الطويلة لأن الغالب بقاء هذه العين لهذه المدة، وإن مات هذا الشخص قبل انتهاء مدة الإجارة فإن الإجارة لا تنفسخ بموت أحد المتعاقدين في قول جمهور الفقهاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الشخص مالكاً لهذه الأرض وأجرها وهو عاقل مختار، ولم يكن هذا التصرف قد حصل منه في مرض موته، صحت هذه الإجارة، ولا تأثير لطول هذه المدة في إجارة مثل هذه الأشياء التي يغلب على الظن بقاء العين فيها، وكذلك ليس لمجرد تقدم سن هذا الرجل أثر على صحة هذه الإجارة، ولو قدر أن مات هذا الشخص فإن جمهور الفقهاء على أن الإجارة لا تنفسخ بموت أحد المتعاقدين كما هو مبين في الفتوى رقم: 43041.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1429(12/3401)
حكم أخذ أجرة مخفضة مقابل المكالمات الدولية على النت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في وظيفة مؤقتة لا أعرف هل الدخل حلال أم حرام، وهي تنفيذ مكالمات دولية من خلال النت يكون سعر الدقيقة 1ج أو 2ج مع العلم بأن السنترال ينفذها 4ج، فأنا بذلك أكون أضررت بالمصلحة العامة ويكون دخلي حراما، أم أنا مرفق بالجمهور لعدم رفعي للسعر، مع العلم بأنها رخيصة على النت، وأناس كثيرون يتشتغلون هكذا، وأنا لا أجد عملا غير هذا لكي أعيش.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج في ممارسة العمل المذكور إذا لم تكن قوانين الدولة تمنعه،
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إذا لم تكن الدولة تمنع مثل هذا العمل فلا نرى عليك حرجاً في ممارسته، وكنا من قبلُ قد بينا هذا الحكم، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 19987.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1429(12/3402)
حكم تربية الماشية مقابل الانتفاع بمنتجاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[يشترك أهالي بلدتنا فى تربية الماشية كالتالي: يقوم شريك بشراء الماشية وعلى الآخر تربيتها ويحصل المربي على منتجات هذه المواشي من لبن وجبن وغيرها مقابل تربيته، وعند البيع يأخذ صاحب المال ماله ثم يقسم الربح على اثنين، وفي حالة الخسارة يتحمل صاحب المال هذه الخسارة دون المربي، فما حكم الشرع في هذه الشراكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صورة المعاملة المسؤول عنها لا تصح شركة ولا مضاربة، لأن رأس المال فيها عروض لا نقود، وهل تصح إجارة أم لا؟ مختلف فيه، والسبب في ذلك أن الأجرة فيها مجهولة لأنها بعض الخارج من هذه الماشية، فاللبن والجبن لم يوجد ولم يخلق عند عقد الإجارة، فالإجارة عليه إجارة على مجهول معدوم.
جاء في الإنصاف: لو أخذ ماشية ليقوم عليها برعي وعلف وسعي وحلب وغير ذلك بجزء من درها ونسلها وصوفها لم يصح على الصحيح من المذهب ... ذكروه في باب الإجارة وله أجرته وعنه يصح اختاره ابن عبدوس والشيخ تقي الدين وقدمه في الفائق ... وقيل في صحة استئجار راعي الغنم ببعض نمائها روايتان. انتهى.
والذين ذهبوا إلى جواز ذلك عللوا ذلك بأنها عين تنمى بالعمل عليها فيصح العقد عليها ببعض نمائها كالشجر في المساقاة والأرض في المزارعة.
والذي نراه المنع من هذه المعاملة، والبديل الصحيح لها هو أن يستأجر صاحب الماشية من يقوم على ماشيته ويبيعها نيابة عنه بأجرة معلومة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(12/3403)
حكم عمل الأجير الخاص لمصلحة نفسه أثناء الدوام الرسمي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة تعمل في مجالين الأول تعليم الكمبيوتر بكل مجالاته
والثاني فرع لتصميم المواقع على الإنترنت، أما أنا فأعمل كمحاضر في القسم التعليمي لتعليم مبادئ الكمبيوتر (بعيداً كل البعد عن تصميم المواقع) ، وقبل أن أعمل لدى هذه الشركة كنت أعمل كمصمم مواقع إنترنت وأتقاضى أجراً من أصحاب هذه المواقع كزبائن خاصة بي، أي أنني أعمل في هذا المجال منذ فترة بعيدة، أما الآن فعملي كمحاضر لا دخل له بتصميم المواقع، المشكلة أن أحد الطلبة الدارسين عندي طلب مني أن أصمم له موقعا على الإنترنت، فهل يعتبر ذلك حراما أم لا، وإذا افترضنا أن نفس الطالب حاول أن يصمم نفس الموقع لدى الشركة التي أعمل بها قبل أن يعرض علي هذا الأمر ثم لم يتفقوا على التكلفة حيث كانت باهظة فهل يعتبر قبولي لتصميم هذا الموقع حراما أيضا أم لا، وإذا كان أحد زملائي في قسم التدريب هو من طلب مني هذا الأمر (عمل موقع لأحد الطلبة عندي) فهل يكون حراما، أرجو الإيضاح لأن بعض المقربين قد أفادوا بأن أي مال سوف أتقاضاه سوف يكون حراما لأنني ما كنت لأعرف هذا الطالب إلا من خلال الشركة، وأرجو أيضا إيضاح أمر آخر هل لو كان أحد زملائي الذين كانوا يعملون لدى فرع التصميم منذ فترة (في قسم المبيعات) وقد ترك العمل الآن، هل لو طلب مني أن يوفر هو المواقع (الزبائن) وأنا أعمل على تصميمها، فهل يجوز أم لا، وهل لو لم أكن أعمل لدى هذه الشركة لكنت دخلت فى هذا الجدال أم أن الأمر سواء؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للأجير الخاص أن يعمل لنفسه أثناء الدوام الرسمي إلا بإذن صاحب العمل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأخ السائل يعتبر في عمله في الشركة المذكورة أجيراً خاصاً، ومنافع الأجير الخاص في وقت الدوام الرسمي ملك للشركة فلا يجوز له أن يعمل في أثناء هذا الوقت لمصلحة نفسه لا سيما في ما يعود بالضرر على الشركة.
جاء في كشاف القناع: فإن عمل الأجير الخاص لغير مستأجره وأضر بالمستأجر فله أي المستأجر قيمة ما فوته من منفعته عليه بعمله لغيره ... انتهى.
وعليه إذا كان السائل يعقد الصفقة مع الطالب في أثناء عمله بالشركة فهذا غير جائز لأنه يضر بالشركة، كما هو ظاهر، وراجع حكم هذا في الفتوى رقم: 94111.
وأما إن جاءه الطالب أو غيره خارج دوامه وطلب منه أن يصمم له موقعاً فلا مانع سواء كان هذا الشخص قد سبق له أن ساوم الشركة أم لا، بشرطين: أن لا يكون حصل ركون من الطرفين في المساومة لحديث: لا يسم المسلم على سوم أخيه. متفق عليه. وهذا عام في البيع والإجارة بشرط الركون وعدم الأذن، جاء في كشاف القناع: سوم إجارة يحرم بعد سوم أخيه والرضا له صريحاً. انتهى.
الثاني: أن لا يعلم المصمم أو يغلب على ظنه أن هذا الشخص يستعمل الموقع في المحرمات، فإن علم أو غلب على ظنه لم يجز أن يعمل له هذا التصميم لدخول ذلك في الإعانة على الإثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1429(12/3404)
حكم توكيل الغير ليقوم بالعمل المنوط به بسعر أقل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مجال شبكات المعلومات وعندما يطلب أحدهم مني أن أقوم بإنشاء شبكة معلومات في مكان معين أقوم بطلب عرض أسعار وكميات ومقايسة من أشخاص يعملون في نفس المجال وبعدها أتحقق من معقولية الأسعار ثم أقدم هذه الأسعار إلى الشخص الطالب بعد أن أضع هامش ربح لنفسي سواء على البضاعة أو على أتعاب الإنشاء وعند الموافقة على العرض يذهب الأشخاص الذين قدموا لي العرض لتنفيذ الشبكة وأقوم أنا بالإشراف الفني عليهم وبعد الانتهاء أستلم المبلغ المتفق عليه مع الطالب ثم أسلم بعد ذلك العمال أجورهم وأخذ أنا هامش ربحي، فهل هذا مال حلال؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسائل في هذا العمل المطلوب منه يعتبر أجيراً مشتركاً، والأجير المشترك يجوز له أن يقبل العمل ثم يكلف غيره ليقوم بتنفيذه بسعر أقل ليأخذ هو الفارق بين السعرين ولو لم يقم بعمل في المعقود عليه، جاء في كشاف القناع: وإذا تقبل الأجير عملاً في ذمته بأجرة.. فلا بأس أن يقبله غيره بأقل منها أي من أجرته. انتهى.
ولكن يشترط في هذا الجواز شرطان:
الأول: أن يلتزم شروط المستأجر في جودة العمل ونحو ذلك.
الثاني: أن لا يكون المستأجر اشترط قيام الأجير المشترك بالعمل بنفسه دون غيره، وتقوم القرائن والعرف مقام الشرط.
جاء في القواعد لابن رجب: العقد الوارد على عمل معين إما أن يكون لازماً ثابتاً في الذمة بعوض كالإجارة، فالواجب تحصيل ذلك العمل ولا يتعين أن يعمله المعقود معه إلا بشرط أو قرينة تدل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1429(12/3405)