الغش..ضابطه وصوره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مفهوم الغش في الإسلام؟ أرجو التوضيح بالامثلة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حرم الإسلام الغش لما فيه من المخادعة والتدليس على الغير، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من غشنا فليس منا رواه مسلم.
والغش له صور متعددة.. فأحياناً بستر العيب وعدم إبدائه، ومن جملة ذلك العيوب التي توجب الخيار بين الزوجين، ومنها: العيوب التي تكون في المبيع لو اطلع عليها المشتري لانعدمت رغبته في المبيع.
وأحياناً يكون في التطفيف في الكيل والوزن.
وبالجملة فكل عيب يستحق الإبداء للطرف الآخر ولم يبد له عد ذلك غشا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1423(12/2314)
الشهادة الدراسية لغير المستحق تنشر عدواها على الأمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من يدفع المال للحصول على شهادة علمية أو يقع إنجاحه دون دفع مال ودون جهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبيع الشهادات العلمية وشراؤها لا يجوز لما في ذلك من الغش الواضح والكذب البين، وقد سبق بيان حكم هذا الفعل في الفتوى رقم:
19189 - والفتوى رقم:
13237.
أما عن إنجاح الطالب من قبل مدرسه بدون جهد من الطالب، فهذا أيضاً لا يجوز، ولو لم يكن ذلك في مقابل دفع مال للمدرس، لأن إنجاح المدرس لغير المستحق للنجاح يدخل تحت باب شهادة الزور، ومعلوم أن شهادة الزور من الكبائر التي حرمها الله تعالى حيث قال في صفات المؤمنين: وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً [الفرقان:72] .
وقال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، قال: قول الزور أو قال: شهادة الزور. رواه البخاري ومسلم.
هذا فضلاً عما يصحب الحصول على مثل هذه الشهادة من تدليس على المؤسسات والشركات والهيئات التي تقبل التوظيف بناء على الحصول على مثل هذه الشهادات، وليعلم أن منح الشهادات لغير مستحقيها فيه إضعاف لقدرات الأمة، واعتداء على حرمة العلم، وإضعاف لمستوى التفكير الإبداعي والابتكار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(12/2315)
كتمان العيب في السلعة ممحقة للبركة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته:
أنا بعت سيارة فيها خراب بسيط وعندما سألني المشتري هل فيها خراب قلت لا قال لي بذمتك قلت نعم بذمتي وبعدما أخذت الفلوس ذهبت أنا وإياه وقلت هذا بيتي إذا السيارة فيها شيء تعال عند البيت وأرجعها وأنا الحين ندمان أريد أن أبريء ذمتي ولا أعرف مكانه ولا رقم هاتفه وهذه البيعة لها تقريبا خمس سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعلته من كتم العيب في السيارة من الغش الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غش فليس مني.
وإذا كتم البائع العيب في السلعة، واستعمل الكذب في ترويج سلعته محق الله تعالى بركة بيعه، وفي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البيعان بالخيار ما لم ينفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محيت بركة بيعهما.
وما فعلته أيها السائل فيه محذوران: الغش والكذب.
أما الغش فلا بد أن تبرئ ذمتك منه بالبحث عن المشتري الذي اشترى منك السيارة، وتبين له الأمر، ولا تستحق إلا قيمتها مع العيب فتقدر قيمتها مع العيب، وترد له الزائد، وتطلب منه العفو والمسامحة، وأما كونك لا تعرف مكانه ولا رقم هاتفه فبإمكانك أن تعرف ذلك عن طريق إدارة المرور من خلال رقم سيارتك التي بعتها له.
وأما الكذب فعليك أن تستغفر وتتوب إلى الله تعالى، والله تعالى يقبل توبة التائبين إنه جواد كريم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(12/2316)
الهزل في أمر الزواج كالجد فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا أعمل خارج بلدي مغترب وأعيل أسرتي في بلدي وأنا غير متزوج بسبب ظروفي الماديه وإذا تزوجت راتبي يزيد في الشركة التي أعمل بها علماً بأنني مظلوم في راتبي سؤالي: هل يجوز استخراج عقد زواج مزور لكي راتبي يكبر وأساعد أهلي وأتزوج وأرجع بلدي؟
... وجزاكم الله خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعله لا يخفى عليك أن التزوير والغش والخداع أمور لا تجوز في شريعة الإسلام، فقد دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة، ولا يبرر ذلك أن بعض جهات العمل أو الشركات تظلم عمَّالها، فالظلم لا يزال بظلم آخر والغاية لا تبرر الوسيلة.
ولتعلم أنه إذا حصل الزواج بقصد تحصيل مصلحة أو دفع مضرة أو لمجرد الهزل، فإنه يعتبر زواجًا شرعيًّا تترتب عليه جميع الحقوق الزوجية، لقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاث جدَّهنَّ جدّ، وهزْلهنَّ جدّ: النكاح، والطلاق، والرجعة. رواه أبو داود والترمذي.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
8003.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1423(12/2317)
التوبة من تزوير الشهادة لأجل العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[صراحة لي أخت شقيقة تركت الدراسة برغبتها طبعاً وبقيت في البيت لسنوات، المهم كانت تكثر من المشاكل وتقول بإنه لا أحد يشعر بها، وأنا خفت عليها طبعاً أن يصيبها شيء فحاولت مساعدتها بأن أبحث لها عن شغل، ولكن اضطررت إلى أن أزور لها شهادة بأنها خريجة وفعلاً تعينت على الدرجة السابعة، ومنذ ذلك اليوم وأنا نادمة لأني فعلت ذلك، ولكن غصباً عني وأنا أخاف الله كثيراً أصلي ومتحجبة وأحاول أن أرضي الله والحمد لله راضية على نفسي من جهة ربي ولكن هذه هي الحاجة الوحيدة التي أعتبرها خطأ وأنا أعرف عقوبتها أرجوكم ساعدوني ماذا أفعل لأكفر عن ذنبي، وأنا أتمنى لو أستطيع أن أسحب الشهادة، ولكن للأسف مستحيل سأزيد الطين بلة. أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم العمل بشهادة مزورة في الفتوى رقم:
17590 فليرجع إليها.
وعليه، فإن كانت أختك ليست أهلاً لهذا العمل، فلا بد من إبلاغ الجهات المختصة، بذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غش فليس مني. رواه مسلم.
وأما إن كانت أهلاً للعمل الذي تقوم به فنرجو -إن شاء الله- أن لا يكون حرج في بقائها فيه، وسكوتك على ذلك مع وجوب التوبة عما سبق من الكذب والتزوير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1423(12/2318)
تقديم شهادة خبرة مزيفة لجهة عمل كذب وزور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صديقي مهندس كهرباء قدم طلب عمل وكتب في سيرتة الذاتية أن له خبرة عشر سنوات وهذا غير صحيح وتم قبوله فهو يسأل هل راتبة حلال وإذا كان غير ذلك ماهو الحل وماذا يفعل براتبه؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليه أن يتوب لأنه قد ارتكب كبيرتين من كبائر الذنوب: أما الأولى فالكذب، وأما الثانية فالتزوير.
وأما مرتبه فإنه يأخذه أجرة على عمل، فإن كان يحسن القيام بذلك العمل وكان العمل نفسه مباحاً فالمرتب حلال، وإن كان لا يحسن القيام بالعمل أو كان العمل محرماً كتجهيز المراقص ونحوها كهربائياً فالمرتب حرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1423(12/2319)
حكم من اشترى عقارا فسجل له البائع غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت عقاراً من شخص ودفعت له ثلاثة أرباع ثمنه وعندما طلبت منه تسجيل العقار في المحكمة سجل لي عقارا آخر أقل قيمة من الأول المتفق عليه ورضيت كونه سيضيع حقي إذا لم أقبل كون موقفي كان الأضعف هل يحق لي مفاوضته على السعر الآن علما أنه لم يقبل الفراغة إلا بنفس السعر القديم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت قد اشتريت من هذا عقاراً بعينه سواء دفعت له الثمن كله أو بقي عليك بعضه وانقضت مدة الخيار فهو لك، ولا يحق له التراجع عن بيع العقار الأول وإبداله بعقار آخر، وإذا فعل ذلك فأنت بالخيار بين أن توافق على العقار الثاني وبين أن ترفع أمره إلى القاضي لينصف لك منه، وما دمت قد رضيت بالعقار الثاني نتيجة عدم وجود البينة الكافية ونحو ذلك، فلا حق لك في مرافعته بعد ذلك إلى القاضي.
وأما مفاوضته وطلب تخفيض في سعر العقار الثاني بعد الموافقة عليه، فلا حرج عليك فيها، وينبغي لك أن تبين له أن ما فعله خطأ وظلم فلعله أن يخفض لك شيئاً في السعر، فإن أبى فأمره إلى الله، ونسأل الله تعالى أن يعوضك خيراً مما فقدت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(12/2320)
حكم التواطؤ على رفع ثمن السلعة على السياح
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يتعامل مع السائحين الأجانب فيذهب مع أحدهم إلى متجر يعرف صاحبه فيجعل السائح يشتري سلعة ما بأضعاف ثمنها الأصلي مستغلا جهل السائح بالثمن ويبرر ذلك أنه ارتضى هذا الثمن ويقوم بعد ذلك بأخذ نصيبه من صاحب المتجر فهل فعله هذا حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاً يجب أن يكون عمل مرشد السياح الأجانب في مجال مباح، وإلا فلا يجوز له العمل معهم كما هو مبين في الفتوى رقم:
6554.
وأما تواطؤ مرشد السائح مع صاحب المحل على رفع ثمن السلعة ليأخذ نصيبه منه بعد ذلك فلا يجوز لما فيه من الغش والاحتيال على أخذ مال السائح بغير حق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(12/2321)
حكم التزوير للتوصل لحق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم لي أخ ملتزم دائم الصلاة والدعاء، وهو في انجلترا منذ ثلاث سنوات ويئس من العودة، هل نستطيع أن نرسل له زوجة على جواز سفر شخص آخر على أساس أنها زوجته بوثائق مزورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل هو تحريم التزوير لأنه داخل في شهادة الزور وقول الزور، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك قائلاً: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور أو قول الزور" وكان رسول الله متكئاً فجلس فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه.
وهذا لفظ مسلم ولا يستثنى من هذا الأصل إلا ما دعت إليه ضرورة ملجئة، ويبدو أن الحالة المذكورة في السؤال حالة مضطر لهذا النوع من التزوير، وهنا نقول له: إن هذه الضرورة تقدر بقدرها، فالتزوير الذي يقصد به التوصل إلى حق مشروع لا يمكن لصاحبه الوصول إليه إلا بهذا الطريق، وقد سدت في وجهه الطرق الأخرى له أن يعمل منه ما يتوصل به إلى حقه، قال الله تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) [الأنعام:119] والإثم هنا على من ألجأه إلى هذا العمل، وحال بينه وبين حقه المشروع.
أما إذا كان يمكن أن يتوصل إلى حقه بالطرق المشروعة دون تزوير، فيجب عليه أن يسلكها، ولا يلجأ إلى التزوير إلا لضرورة ملجئة، ويقتصر على محل الحاجة دون التوسع إلى ما عداها قال تعالى: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) [البقرة:173]
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1423(12/2322)
الوظيفة بشهادة مزيفة ... حكمها وحكم راتبها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أعمل بإحدى الدول العربية ويوجد شباب من بلدتي في نفس البلد ويعملون بمهنة التدريس ولكي يعملوا بهذه المهنة قاموا بتزوير شهادات الخبرة والشهادات العلمية من تقدير مقبول إلى تقدير جيد وجيد جداً حتي يقبلوا في هذه المهنة وسؤالي: هل المبالغ التي يحصلون عليها من هذا العمل حلال؟ أم مشكوك فيها وهل كشف هذا التزوير للجهات المسؤولة حلال أم حرام؟ وهل إذا أبلغت عنهم هل هذا يكون سببا في قطع أرزاقهم؟
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العمل الذي أقدم عليه هؤلاء المدرسون هو من الغش والتدليس المحرمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من غشنا، فليس منا" رواه مسلم.
ويجب عليهم أن يتوبوا إلى الله تعالى مما فعلوا، وذلك بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله، والعزم على عدم العودة إلى مثله في المستقبل، ولمعرفة المزيد راجع الفتوى رقم: 15764، والفتوى رقم: 17590.
أما عن الأموال التي حصل عليها هؤلاء من عملهم، ففيها تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 21329.
وخلاصته أنهم إذا كانوا أكفاء لهذه الوظيفة، ووجود الشهادة لا يقدم ولا يؤخر بالنسبة للكفاءة المطلوبة، فالأموال التي حصلوا عليها حلال لا شيء فيها، لأنها في مقابل العمل الذي قاموا به.
أما إذا لم يؤدوا العمل على الوجه المطلوب، فالمال الذي أخذوه لا يحل لهم، لأنهم حصلوا عليه بدون ما يقابله من عمل.
والواجب عليهم أن يوضحوا الأمر للمسؤولين، فإن شاؤوا أقروهم، وإن شاؤا عزلوهم.
أما بالنسبة للمال، فليس لهم منه إلا ما قابل عملاً حقيقياً، والباقي يرُد إلى الهيئة التي يعملون فيها إلا إذا تنازلوا عنه لهم.
وفي كل الأحوال لو كان حصولهم على هذه الوظيفة قد حصل لهم مع تقدم غيرهم لها ممن يستحقونها، فقد وقعوا في الاعتداء على حقوق الآخرين، ويجب عليهم في هذه الحالة أن يطلبوا المسامحة ممن اعتدوا على حقوقهم.
أما الواجب عليك أنت أيها السائل، فهو إخبار الجهة المختصة إذا كانوا غير أكفاء لهذه الوظيفة بنسبة تخل بالقيام بها، ولا اعتبار بالنسبة القليلة، لأنها لا تأثير لها في الغالب، والناس يتفاوتون فيها تفاوتاً طبيعياً ولو كانوا في مستوى تعليمي واحد، والأفضل أن تعرض عليهم هذه الفتوى، وتدعوهم إلى القيام بذلك بأنفسهم في هذه الحالة، لئلا يكون في صدرك حرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1423(12/2323)
الحاجة للإجازة هل تبرر استخراج شهادة مرضية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل يجوز للموظف أن يستخرج أوراق شهادة مرضية وهو ليس بمريض وذلك لأخذ إجازة مرضية وهو في أمس الحاجة إلى هذه الاجازة لإتمام زواجه مع العلم أنه في بداية تعيينه ولن يسمح له بإجازة إلا من خلال هذه الوسيلة وهو لن يأخذ على هذه المدة الأجر بل سينفقه في أي سبيل من سبل الخير. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للموظف أن يختلق الأعذار الكاذبة لتسويغ غيابه، ولا يجوز للطبيب أن يزور له الشهادات لأن ذلك من شهادة الزور التي هي من كبائر الذنوب.
وإذا كان الموظف بحاجة ماسة إلى إجازة، فبإمكانه أن يشرح ظروفه لأصحاب العمل، فإن قبلوا فذلك المطلوب، وإن رفضوا فعليه بتقوى الله والصبر حتى يجعل الله له مخرجاً.
والصدقة براتب مدة الغياب غير الشرعي لا تبرر التحايل، وشهادة الزور.
وإذا أراد المسلم أن يفعل الخير أو يتصدق، فإن عليه أن يتصدق بالحلال الطيب، فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(12/2324)
توظيف من حصل على الثانوية بالتزوير ثم أتم الجامعة.
[السُّؤَالُ]
ـ[تحصلت على شهادة جامعية بدون حصولي على الشهادة الثانوية أي أني زورت الشهادة الثانوية التي لم أحصل عليها علما بأني درست أربع سنوات في الجامعة وتحصلت على الشهادة الجامعية وأنا تائب مما فات فهل من الممكن العمل بهده الشهادة الجامعية مع إعادة دراستي الثانوية العامة أو مايعادلها أوعدم العمل بها بتاتا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى مما وقعت فيه من التزوير والغش، لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من غش فليس مني " رواه مسلم. ولا حرج عليك بعد التوبة أن تعمل بالشهادة الجامعية التي حصلت عليها دون تزوير، عملاً تحسنه وتتقنه وتؤدي حقه كما ينبغي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(12/2325)
المباشر لأخذ الزيادة يلزمه ردها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعت سيارة في السوق لأحد الناس واتفقنا على قيمة 12000 وعندما ذهبنا إلى البيت تبين لي بأن البيت ليس بيته بل بيت ابن عمه الذي كان قد وكله لشراء سيارة له على أن يعطيه 100 دينار عمولة المهم بعد أن جلسنا قال له إنه اشترى السيارة بمبلغ 12500 وأعطاني المبلغ كاملا أمامه واستغربت من ذلك وعندما خرجنا قال لي أعطني 500 قلت له لماذا كذبت على ابن عمك فقال لي إن مبلغ العمولة قليل وعوضه ب500 فأحسست وكأنني شاركت هذا الكذاب في جريمته على ابن عمه الآن ماذا علي أن أفعل هل أبلغ الرجل على هذا العمل أم أعوضه من نفسي والأجر علي الله
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا من الغش الصريح والخديعة العظمى والتحايل على أموال الناس بالباطل لذا فيجب عليك أنت أن ترد ما زاد على الثمن الذي أبرم العقد عليه وهوالاثنا عشر ألفاً إلى من أخذته منه وهو الموكل.... ثم بعد ذلك إن شئت فارجع إلى الوكيل الغاش بما دفعته له وإن شئت فهبه له.. المهم أنك أنت الذي باشرت أخذ الزيادة من صاحبها فعليك أن تردها، لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤدي. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1423(12/2326)
الحاصل على وظيفة بشهادات مزيفة ... الحكم والحل
[السُّؤَالُ]
ـ[تنافست مع زميل لي على ترقية لوظيفة أعلى وأحضرت شهادات دورات غير صحيحة وحصلت على الترقية وقتها وكان ذلك قبل سنوات طويلة وأنا الآن تائب إن شاء الله ونادم أشد الندم وقد أخبرت زميلي بذلك وطلبت منه أن يسامحني وفعل ذلك وقال أنا محلك - فهل مالي ورواتبي حرام؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأمر الذي فعلته فيه عدد من المحاذير والمخالفات:
أولها: الكذب والتدليس والغش في تقديم مستند لا أصل له إلى جهة تبحث عن الموظف الكفء للوظيفة المطروحة، بناء على ما يقدم من شهادات.
ثانيها: الحصول على مال مقابل هذه الوظيفة، التي وصلت إليها بطريق غير مشروع، وهذا نوع من أنواع اكتساب المال الحرام.
ثالثها: الاعتداء على حقوق الآخرين، والذي يعد في الشرع أكلاً لأموال الناس بالباطل، وسعياً في حرمان الناس من حقوقهم.
رابعها: الإصرار على ذلك فترة من الزمان، كانت كافية للتراجع عن الذنب والإقلاع عنه.
خامسها: دفع الرشوة إن كنت قد دفعتها لاستخراج شهادات لم تبذل جهداً علمياً للحصول عليها.
ولمعرفة حكم الحصول على الوظائف بالشهادات المزورة راجع الفتوى رقم:
16676 والفتوى رقم: 19189.
ولمعرفة حكم الرشوة راجع الفتوى رقم:
18884.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
18722.
والواجب عليك الآن هو أن تتوب إلى الله تعالى توبة صادقة.
ولمعرفة التوبة بشروطها راجع الفتوى رقم:
5450.
وأما الواجب عليك الآن بالنسبة لهذه الوظيفة والمال المكتسب منها ففيه التفصيل الآتي:
إن كانت مهاراتك وكفاءتك تؤهلك لتولي هذا العمل ولم يكن للشهادات المزورة دور سوى تقديمك على زميلك فإن من توبتك أن تطلب منه المسامحة لأنك أخذت حقاً من حقوقه، وقد فعلت والحمد لله.
وأما المال في هذه الحالة فهو لك لأنك أخذته بجهدك مقابل عمل قمت به، وإن كانت الوظيفة إنما أعطيت لك بناءً على هذه الشهادات المزورة ولست كفؤا لها- أي ليست لك من المهارات والكفاءة ما تستحق به هذا العمل- فالواجب عليك ترك هذا العمل، أو بيان الواقع لمن هو فوقك، فإن شاؤوا أقروك وإن شاءوا عزلوك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(12/2327)
تزوير الدرجات هدم لركائز السلم التعليمي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوا الإجابة في منتهى السرعة.
أنا طالب بالثانوية ومجموعي يتيح لي دخول الكلية التي يرغبها أهلي ولكنهم سيضيفون لي درجات عن طريق التزوير والرشوة زيادة في الضمان. ولو أوقفت هذا الموضوع سيصيبني الضرر فاذا افترضنا ارتفاع مجموع الجامعة فسأدخلها بالدرجات المزورة. فهل سيصبح مالي حرام, وماذا أفعل في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حصولك على درجات التفوق الدراسي عن طريق التزوير والرشوة من الغش المحرم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من غش فليس مني. رواه مسلم.
فلا يجوز لك فعل ذلك لما فيه من الغش والخداع، ولما فيه من هدم ركائز السُلَّم التعليمي، حيث يستوي بذلك المجتهد والمهمل والبليد والذكي والنشيط والكسول.
ولا يجوز لك أن تتولى عملاً وتأخذ في مقابله مالاً، وأنت إنما حصلت عليه بالغش والحيلة فهذا ظلم لنفسك، وظلم وخيانة لعموم الأمة.
ولأن تهبط درجاتك، وتدخل كلية أخرى غير التي تريد خير لك من هذا الغش والخيانة والتغرير الذي ستبني عليه حياتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1423(12/2328)
توقيع شهادة عمل باسم صاحب شركة تزوير
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص كان يعمل في شركة وطنية ومهنته عامل بسيط وتعلم فيها مهنة سائق آلة حفر وبقي الأجرالذي يأخده أجرعامل بسيط ولم يبق من مدة العقد الذي يربطه بهذه الشركة إلا أيام أوشهرعلى الأكثر وجاءته فرصة العمل في شركة أخرى وأجرها مضاعف واشترطت هذه الشركة أن يكون معه شهادة عمل تثبت بأنه كان يعمل على هذه الآلة مع أن الشركة الأولى قد وعدته بأن تعطيه هذه الشهادة مع انتهاء مدةالعقد ولكنه إذا انتظر إلى أن تعطيه الشركة الأولى ذهبت الثانية فطلب من صديق له أن يأتيه بهذه الشهادة من الشركة التي كان يعمل فيها لأنه كان في إجازة مرضية فلما أتاه بالشهادة فارغة كتب عليها بياناته الشخصية وقام بالتوقيع مكان المدير. مع العلم بأنه لم يضر بأي شخص..
س..ماالحكم في هذه المسألة وماحكم الأجرالمأخوذ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن هذا الشخص أخطأ في التوقيع باسم مديره لأن هذا من الكذب الواضح، والتزوير البين، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى مما فعل.
وأما عمله في الشركة الجديدة بهذه الشهادة ففيه تفصيل:
1- فإن حصل على شهادة حقيقية من شركته الأولى، فلا حرج عليه الآن مع توبته من التزوير كما سبق.
2- وإن لم يحصل على هذه الشهادة، فلا نرى له الاستمرار في هذا العمل الجديد، لأنه عمل مبني على الغش فلا خير فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1423(12/2329)
تقديم عقود إيجار وهمية من الخيانة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نحن نعمل في مكتب تابع لبلدنا في الخارج، والحكومة تصرف لنا بدل سكن يعادل حوالي 50 في المائة من المرتب، ولا يصرف هذا البدل إلا بعد تقديم عقد الإيجار الفعلي ويقوم البعض بتقديم عقود مبالغ فيها حتى يصرف الحد الاقصى لبدل السكن كاملا. بعض الإخوة يقولون إنه لا شيء في ذلك - أي تقديم عقود تخالف الحقيقة - حتى يزداد المرتب تحت زعم أننا نقوم بعمل مآدب العشاء في بيوتنا واقتناء السيارات التي تظهرنا بمظهر مشرف. والسؤال الآن هل حقا هذه الزيادات من حقنا علما بأنه لو تقدمنا بعقود الإيجار الحقيقية ستقل جملة الراتب من 500 إلى 800 دولار شهريا. أفيدونا أفادكم الله ??]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحيث إن الدولة لا تتكفل لكم من مصروفات السكن إلا بقيمة عقد الإيجار الفعلي فأنتم ملزمون شرعاً بالوفاء بالعقد معها، ولا يجوز لكم الاحتيال عليها بتقديم عقود إيجار وهمية لأن هذا من الاحتيال والخيانة:"والله لا يحب الخائنين".
كما أنه من أكل أموال الناس بالباطل والله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل [النساء:29] .
ومثل هذا لا يسوغه كونكم تحتاجون إلى مصاريف كافية لكم، فإن العقود مبناها على التراضي، فإن كان ما يعطى لكم يكفيكم ورضيتم بذلك فليس لكم إلا هو، وإن كان لا يكفيكم فعليكم أن تخبروا الجهة المعنية برفع مستحقاتكم فإن وافقوا فذلك المطلوب وإلا فأنتم بالخيار إما أن تعملوا معهم بما أعطوكم، وإما أن تتركوا هذا العمل وتبحثوا عن عمل آخر يكفيكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1423(12/2330)
فصل عداد السيارة لإطالة مدة الضمان غش
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان لدي سيارة وفصلت عداد الكيلو متر لتطول مدة الضمان كما يعمل الكثير من الشباب فما الحكم؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعلوم أن بعض شركات السيارات أصبحت تقدم بعض الخدمات للمشتري ترويجاً لسياراتها، ومنها أن تقدم ضماناً بمدة زمنية محددة أو مسافة محددة تتفق مع المشتري عند شرائه للسيارة عليها، بحيث تضمن الشركة إصلاح أية أعطال تحدث للسيارة خلال مدة الضمان، ولا يخفى أن من يقوم بفصل العداد، وبالتالي تقطع السيارة مسافات تفوق كثيراً ما اتفق عليه، وقد يحدث العطل بعد المسافة المتفق عليها بين الشركة والمشتري، لا يخفى أن هذا نوع من الغش والخداع، وفيه ما فيه من أكل المال بالباطل، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار. أخرجه الطبراني في الكبير عن ابن مسعود رضي الله عنه وصححه الألباني.
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29] .
ومن هنا تعلم أخي السائل أنه لا يجوز لك فصل عداد الكيلو متر لتطيل مدة الضمان، ولا تغتر بكثرة من يفعل ذلك، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا تكونوا إمعة، تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا. ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا. رواه الترمذي.
وقد قال الفضيل بن عياض -رحمه الله- ما معناه: الزم طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين.
والخلاصة: أن تواطؤ الناس على الغش لا يسوغ الدخول معهم فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1423(12/2331)
حكم الزيادة الوهمية في مدة دورة ما لأجل استفادة مالية
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت دورة في الجامعة لمدة تسعة أشهر من13/6/1422 حتى23/3/1323 وقام المسؤلون في الجامعة بالتعاون معنا وتسجيل نهاية الدورة في15/4/1423 حيث أن ذلك يفيدنا في الراتب حيث سأحصل على زيادة بمقدار4% من أصل الراتب فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدولة أو أي جهة ما إذا رصدت مبالغ مالية أو قررت رفع المرتبات الشهرية لمن يتأهلون في دورة معينة وجعلت هذه المنح أو المرتبات تتفاوت بتفاوت مدة الدورة.
فلا يجوز للقائمين على هذه الدورة تمديد مدتها لكم بما يخالف الحقيقة، وتواطؤهم معكم على ذلك يعتبر خيانة منكم ومنهم. والله لا يحب الخائنين وما أعطي لكم على مدة في الدورة لم تكونوا فيها يحرم عليكم أخذه لأن أخذه بالصورة المذكورة من أكل أموال الناس بالباطل، لما فيه من الاحتيال على الجهة المانحة والكذب عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(12/2332)
استصدار شهادة خبرة مزيفة للدعوة إلى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل:
أنا متزوجة وعندي طفلان وأحمل شهادة جامعية في الرياضيات وأنا في غير بلدي الأصلي فلا يحق لي العمل إلا ضمن شروط محدودة أهمها توافر الخبرة لست في حاجة ملحة للعمل ماديا ولكنني أطمح له لأن لي ميولا كبيرة للتدريس والتواصل مع الطالبات في سن مبكرة لإفادتهن علميا ودعويا.
سؤالي هل يجوز لي أن أحضر شهادة خبرة من مدرسة خاصة دون أن أكون قد عملت معها فعلا؟؟
مع العلم أن المنطقة التي أسكنها تعتبر نائية وليس فيها مدرسة خاصة واحدة يمكنني أن أعمل فيها ولولا ذلك لما فكرت أبدا بأن أحضر شهادة خبرة وهمية
وهل هناك اعتبار أن كانت هذه الشهادة مشتراة أو أنها عن طريق المعرفة؟؟
فأنا أطمح جدا للعمل بالتدريس ولكنني لا أريد أن أبداه بتعامل غير مشروع
وجزاكم الله عنا كل الخير وبارك في جهودكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإستصدار شهادة خبرة مزيفة لا يجوز لأنه كذب وتزوير. ودفع مبلغ لشرائها زيادة في الإثم، ووسائل الدعوة ليست منحصرة في التدريس وإن كان التدريس من أنفعها وأفضلها، فالذي ننصح به الأخت عدم استصدار هذه الشهادة، والبحث عن وسائل أخرى للدعوة إلى الله وما أكثرها، وراجعي الفتوى رقم:
17590.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(12/2333)
شراء شهادة يدخل في دائرة التزوير والكذب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أريد أن أشتغل في دائرة حكومية في مجال صيانة الكمبيوتر ولدي خبرة كافية أكثر من خريجي المعاهد وأريد أن أشتري شهادة فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا العمل نوع من أنواع الغش والتزوير المحرم، لقول الله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) [الحج:30] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من غش فليس منا" رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر" ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله قال: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين" وكان متكئاً فجلس، فقال: "ألا وقول الزور وشهادة الزور" فما زال يكررها حتى قلنا: ليته يسكت، متفق عليه.
قال الراغب: الزور: الكذب، وقال الحافظ: ضابط الزور: وصف الشيء على خلاف ما هو به، وقد يضاف إلى القول فيشمل الكذب والباطل، وقد يضاف إلى الشهادة فيختص بها، وقد يضاف إلى الفعل ومنه: لابس ثوبي زور، ومنه: تسمية الشعر الموصول: زوراً. الفتح 10/426.
وذكر العلماء كما في الموسوعة الفقهية تحت كلمة التزوير: أن التزوير يشمل، التزوير والغش في الوثائق والسجلات ومحاكاة خطوط الآخرين وتوقيعاتهم بقصد الخداع والكذب.
وخلاصة المسألة: أن شراء الشهادة لا يخرج عن التزوير والكذب، والكذب مراتب متفاوتة بحسب تفاوت مفاسده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(12/2334)
التوصيات لنيل درجات تفوق لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي معقد بعض الشيء فأنا طالب بإحدى الكليات العملية ووالدي أستاذ بها وتوجد في كليتي امتحانات شفهية جرت العادة أن تكون شبه صورية لأبناء الأساتذة بحيث يحصلون على درجاتها كاملة وقد علمت أن هذا حرام وأريد التوقف عنه. ورغم أني متفوق وأستطيع أن أحصل على الدرجات النهائية أو قريب منها بمذاكرتي إلا أن المشكلة الوحيدة أن كل قسم في الكلية به أستاذ أو اثنان من وقع حظه فيهما في توزيع الامتحان فسوف تخسف بدرجاته الأرض في الغالب مهما كان متفوقا وهذا هو ما يجعلني أسعى للحصول على الدرجات بالتوصية خوفا من ذلك ومن أن يكون امتحاني عندهم نوعا من إلقاء النفس في التهلكة مما نهى عنه القرآن فماذا أفعل؟
أرجو الإجابة تفصيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اخذك لدرجات التفوق الدراسي عن طريق التوصيات والمجاملات من الأساتذة لأن أباك أستاذ في الجامعة يعد من الخيانة للتعليم والمتعلمين، ومن الإعانة على الباطل، ومن الغش المحرم المبين في الفتوى رقم: 2937، والفتوى رقم: 10150.
فلا يجوز لك فعل ذلك، ولو ظننت أنك ستُظلم في الدرجات، فلأن تهبط درجاتك خير لك من أن تأخذ ما ليس لك، ولا يدخل امتحانك عن من تتوقع ظلمهم لك في إلقاء النفس في التهلكة، بل إن الوقوع في المحرم هو عين التهلكة التي نهى الله سبحانه وتعالى الإنسان أن يلقي بنفسه إليها، حيث يقول سبحانه وتعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة:195] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(12/2335)
حكم العمل بشهادة مزيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن أنني أعمل بشهادة علمية مزورة مع العلم أني أتقن عملي جيداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من علم من نفسه الكفاءة والأهلية في أي علم جاز له أن يمارس مهنته على أساس معلوماته، وإن لم تكن عنده شهادة، وهذا في الإقراء والإفتاء وغيرهما من العلوم الشرعية فأحرى الأمور الدنيوية البحتة، لكن الناس في هذا الزمان لا يصدقون أهلية الشخص ولا كفاءته إلا من خلال الشهادة.
وعليه، فلا ينبغي غشهم ولا مخادعتهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من غش فليس مني". رواه مسلم
فإذا كان وجود الشهادة الحقيقية عندك شرطاً في قبولك للعمل فلا يجوز لك العمل بالشهادة المزورة.
أما إن كان وجودها عندك رمزياً، وإنما المهم عند من تعمل عندهم الخبرة، فيجوز لك العمل بها.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
871، 2937، 8731، 10150، 13237، 12224، 15764.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1423(12/2336)
النقص في الكيل غش وتطفيف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد:
لي سؤال وهو كالآتي:
اشترى تاجر صهريجا من الزيت بـ 20 ديناراً للتر الواحد وباعها بـ 24 ديناراً للتر الواحد وكانت له زجاجات فارغة أراد التخلص منها وكانت سعة كل زجاجة لترا واحدا إلا ربع فملأها وأخذ يبيعها بـ 24 دينارا دون أن ينبه المشترين إلى أن سعة الزجاجة لتر إلا ربع فما حكم الشرع في مثل هذا السلوك؟ وهل هو من الربا أو من الغش؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما" رواه البخاري ومسلم.
فالصدق في البيع واجب، وسبب في الخير والبركة. والكذب والغش حرام، وسبب في محق البركة.
وعليه، فنقول في المسؤول عنه إذا كان السعر الجاري في السوق أن اللتر سعره 24 ديناراً، وباع هذا التاجر الزجاجة سعة اللتر إلا ربعاً بسعر سعة اللتر وهو يعلم ذلك، فهذا غش منه للمسلمين.
وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر في السوق برجل له صبرة من طعام، فأدخل النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه فأصابت بللاً، فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام؟، فقال: أصابتها السماء يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني".
وهو أيضا داخل في التطفيف الذي توعد المولى عز وجل فاعليه في قوله: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) [المطففين:1-3] .
فالواجب النصح لعباد الله، والصدق في التجارة والمعاملة، وتجنب الخداع والغش.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1423(12/2337)
التعليم بخبرة مزيفة ... زور وبلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[تخرجت من الجامعة في عام 1997م ثم التحقت بالخدمة العسكرية لمدة عام وبعدها قمت بالعمل في المجال السياحي وفي عام 2000 م جاءتني فرصة للسفر للعمل بإحدى الدول العربية بالتدريس شريطة أن آتي لهم بشهادة خبرة في مجال التدريس بثلاثة أعوام ولما كنت لم أعمل في مجال التدريس سوى عام واحد فقط وبالأجر قمت باستخراج شهادة الخبرة مقابل مبلغ من المال فما الحكم في ذلك؟ وكيف لي أن أتوب من هذا العمل؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما قمت به من الزور الذي لا يجوز، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك أشد النهي، ففي البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر أو سئل عن الكبائر؟ فقال: "الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، قال: قول الزور، أو قال: شهادة الزور".
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم قول الزور في مصاف الشرك بالله الذي هو أكبر الكبائر على الإطلاق. والذي يلزمك الآن -أخي الكريم- هو التوبة والاستغفار، ومن تاب تاب الله عليه، وإذا كنت قادراً قدرة تامة على تدريس المادة الموكول إليك تدريسها فلا يلزمك شيء أكثر من ذلك.
أما إذا كنت غير قادر على تدريسها على أكمل وجه فبادر من الآن بإطلاع جهة العمل على حقيقة الأمر وهو أنك لم تدرس من قبل إلاّ سنة واحدة، فإن أقرتك على البقاء مدرسا عندها فابق وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1423(12/2338)
لا خير في عمل ناتج عن طريق الخداع
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة معروفة وعلى وظيفة جيدة ولكن للحصول على هذه الوظيفة كذبت في السيرة الذاتية وهذا لم يكن مهماً، فهل ما أكسبه حرام؟ وإذا كان الأمر كذالك فهل لا تقبل صلواتي وصيامي والعبادات الأخرى؟ آمل إجابة سريعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكذب محرم أشد التحريم وهو طريق من طرق الفجور، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ثم إن السيرة الذاتية التي تطلبها المؤسسة لمن يريد العمل فيها تترتب عليها مقاصد كثيرة ومصالح بالنسبة للمؤسسة.
وعليه، فالكذب عليها فيها وانتحال سيرة غير صحيحة، فيه مع الكذب الغش والمخادعة، وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - "من غش فليس منا" رواه أبو داود وغيره.
ولذا فعليك أخي السائل أن تتوب إلى الله تعالى من الكذب والغش، وأن تصارح القائمين على المؤسسة بحقيقتك، فإن رضيت فبها ونعمت، وإلا فلا خير في عمل ناتج عن طريق غير مشروع، وعليك أن تستسمح القائمين عليها عن ما مضى.
أما العبادات من صلاة وغيرها فإذا أديت على الوجه المطلوب شرعاً فهي صحيحة ومجزئة على كل حال، أما كونها مقبولة عند الله تعالى أو غير مقبولة فذلك أمر لا يعلمه إلا الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(12/2339)
استصدار شهادة خبرة مزيفة لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاءتني فرصة عمل بالخارج ولم أجد أي وظائف هنا داخل البلاد وطلبوا مني لاستكمال أوراقي شهادة خبرة لمدة سنة فطلبت من أحد أصدقائي يعمل في إحدى الشركات أن يعد لي هذه الشهادة مع العلم أني لم أعمل بهذه الشركة. فما حكم هذا مع العلم بحاجاتي لهذا العمل في الخارج أفيدوني وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعمل هذه الشهادة لا يجوز لأنه كذب، والعمل الناشيء عن تقديمها لا يجوز أيضاً، لأنه غش والنبي صلى الله عليه سلم يقول: " من غش فليس مني " رواه مسلم.
وعلى الأخ السائل أن يحسن الظن بالله، وأنه إن اتقاه سيجعل له مخرجاً، وما قدره الله عز وجل من الرزق سيأتيه لا محالة، وعليه أن يأخذ بالأسباب المباحة، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(12/2340)
كتمان الاغتصاب ليس غشا للزوج، وحكم رتق غشاء البكارة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لقد تعرضت منذ 5 سنوات إلى عملية اغتصاب من قبل عم لي وطبعاً كان غصبا عني، والآن وقد كبرت وأصبحت في سن يسمح لي بالزواج فما علي فعله؟ لقد صارحت مرة شخصا أراد الزواج بي بما حصل معي حتى لا أخدعه ولكنه رفض الاستمرار معي لذلك أنا خائفة من التعرض للرفض مرة أخرى.. ثم إنني ذهبت مرة إلى طبيبة وأعطتني حلا فهل هو حلال أم حرام؟ مع العلم أنني كنت أنوي القيام بذلك الحل بعد معرفة الشخص الذي سيرتبط بي بكل شيء فما حكم الإسلام في هذا الموضوع؟
مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما كان عليك أن تخبري من أراد خطبتك بما قدر عليك، وليس كتمان ما جرى عليك من الغش ولا من الخداع ما لم يكن اشترط البكارة، فحينئذ عليك أن تخبريه بأنك لست بكراً، وليس عليك بيان السبب.
فأسباب زوال البكارة كثيرة غير الاغتصاب، فقد تزول بوثب شديد، وبركوب على حاد، وبتكرر حيض، وبغير ذلك.
أما الآن، فما عليك إلا أن تسألي الله عز وجل تيسير الأمر، وتفريج الكرب.
وما ذكرت من أن الطبيبة أشارت عليك به إذا كان المراد منه عملية الترقيع، فلا تقربيها، فإنها الغش والخداع بعينه، ناهيك عما يترتب عليها من الكشف على العورة لغير ضرورة.
وراجعي الجواب رقم: 5047.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1423(12/2341)
لا تصرف مبالغ المنتدبين لغيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف حكومي أتقاضى راتبا شهريا قدره 1700 ريال ومدير الإدارة يريد مساعدتي وذلك بكتابه اسمي مع الموظفين المنتدبين في مهام خارجيه ولكن أنا أبقى في الإدارة لحاجة العمل لي فهل المبلغ الذي استلمه من هذا الانتداب جائز؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المبالغ المخصصة للمنتدبين لا يجوز لغيرهم أخذها، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، فننصحك بأن تمتنع عن ذلك طلباً لرضا ربك، والله تعالى يقول: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2-3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1422(12/2342)
هل يحط من الثمن بقدر ما حصل من غش
[السُّؤَالُ]
ـ[1-عليّ دين مقداره 3500ريال لأحد الأشخاص في سلعة وبعد أن علمت أنه غشني لم أعطه حقه وهو لم يطلب حقه (وربما نسي) وقد مات وله ورثه فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاحوط -عندنا- هو أن تقضي عنك هذا الدين، بأن تدفعه لورثة صاحبه، وتعفو عنه فيما غشك به، ما دام قد توفي، وذلك امتثالاً لقول الله عز وجل: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [البقرة:237] .
ولقوله كذلك: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران:134] .
فإن لم تطب نفسك بذلك وأردت أن تستوفي حقك في هذه المعاملة، فيلزمك أن تعلم ورثته بالأمر ليحطوا عنك من الثمن على قدر ما حصل لك من الغش، أو أن ترفع الأمر إلى القضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2343)
ما دام المرض متحققا فلا داعي لكتابة تشخيص غير صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[1السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طابة جامعية مرضت في أول أيام الامتحانات النصفية ولم أستطع الذهاب إلى المستشفى من شدة المرض وفي اليوم التالي تقدمت إليهم بورقة عذر من طبيب حيث كتب لي إجازة وتشخيص الحالة غير الحالة التي كنت عليها من المرض حيث أعطاني الورقة دون ذهابي للمستشفى
فقدمت هذه الورقة للجامعة حتى يسمحوا لي بإعادة الاختبار فهل في هذا نوع من التزوير؟
أفيدوني جزاكم الله خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله صحبه أما بعد:
فإن ما أقدمتِ عليه يعد خطأً وكذباً، وكان الواجب عليك أن تأخذي من الطبيب تقريراً فيه التشخيص الحقيقي للحالة، ولا ندري ما الداعي لكتابة تشخيص غير صحيح.
والواجب عليك الآن هو أن تستغفري الله وتتوبي من ذلك، ولا تعودي لمثله أبداً، ولا يلزم غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(12/2344)
حكم شراء الشهادات الجامعية
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجوز شراء الشهادة الجامعية إذا اضطر إليه الأمر؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز شراء ولا بيع الشهادات عموماً، لا العليا منها ولا الدنيا، لأن ذلك داخل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من غش فليس مني" رواه مسلم. ولأنه كذب، ونصوص الكتاب والسنة المحرمة للكذب أكثر من أن تحصى.
وراجع الفتوى رقم:
871
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(12/2345)
تزوير شهادة الميلاد أو غيرها ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[1- جزاكم الله خيرا.
ما حكم من يسجد ويقدم يديه عن ركبتيه أي تسبق يداه ركبتاه.وشكراً
2-ما حكم من قام بتزوير شهادة ميلاده حتى يتسنى له الاستفادة من ملف يحوي عن تعويضات مالية خاص بفئات معينة. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل عدم جواز التزوير بصفة عامة فقد ورد في الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم عدَّ شهادة الزور من أكبر الكبائر. وما يقوم به بعض الناس من تزوير لشهادات الميلاد وغيرها من الأوراق لا يخلو من أحد أمرين:
الأول: أن يكون القصد بهذه الأوراق هو التوصل إلى حق مشروع، ولكن صاحبه قد سدت في وجهه السبل الموصلة إلى حقه بدون هذه الأوراق، وهو واقع في ضرورة ملجئة، أو حاجة في معناها أو تقاربها، إن لم يصل إلى حقه هذا فالظاهر أنه يجوز له تزوير الأوراق، والإثم هنا على من حال بينه وبين حقه بدونها.
الثاني: أن يريد بهذه الأوراق التوصل إلى ما لا حق له فيه، وإنما يتحايل لاستحقاقه بهذه الأوراق المزورة، فهذا لا شك في عدم جوازه.
فإن اشتبه عليه تشخيص حالته هل هي واصلة إلى مرحلة الضرورة والحاجة أم لا؟ فالأفضل هو الابتعاد عن الشبهات، لما في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام…" الحديث، وهو في الصحيحين
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(12/2346)
حكم استعمال جهاز طبي لا يعمل بشكل صالح
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أعمل في أحد المستوصفات، ويوجد في قسم غير الذي أعمل به جهاز أشعة تليفزيونية أجمع الأطباء على أنه غير جيد وصورته ليست واضحة ولا يمكن في تسعين في المائة من الحالات التشخيص به ولا يتم تسليم صور الأشعةللمراجع كما هو المتبع في باقي المستشفيات والمستوصفات لأن الجهاز معطل به هذه الإمكانية صاحب المستوصف لم يشتر جهازا جديداً، ويتم تحصيل مبلغ 120 ريال من المراجعين نظير استعمال هذا الجهاز، فما حكم هذه النقود التي يتم تحصيلها وماذا يجب على الأطباء في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز استخدام هذا الجهاز للمراجعين، وهم على غير علم بحاله لأنهم يأتون لهذا المستوصف، ويدفعون نقودهم لأجل أن تجرى لهم فحوص دقيقة بآلة جيدة وصالحة، بحيث تكشف عن المرض الذي يتلبس به المريض والجهاز -على ما وصفتم- لا يقوم بهذه المهمة على الوجه المطلوب فيكون استخدامه غشاً، والغش حرام، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: -كما في صحيح مسلم- "من غش فليس مني"
فالغش ليس من أخلاق المسلمين، ولا ينبغي أن يكون في معاملاتهم، وعلى العاملين في هذا المستوصف أن يبينوا لمالكه خطورة ما يقوم به، فعلاوة على ما فيه من غش وتعريض أرواح الناس للخطر فإن فيه أكلاً لأموالهم بالباطل، والله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) [النساء:19]
وما جني من هذا الجهاز من أموال وهو على الوضع الذي عليه لا يجوز لصاحبه تملكه ولا الانتفاع به، بل الواجب عليه هو أن يعيده إلى أصحابه أو ورثتهم، ومن لم يجد له مالكاً فليدفعه بنية التصدق به عن صاحبه بعد بذل الوسع في البحث عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(12/2347)
قيام الغير بتأليف بحث باسمك لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ماحكم قيام الطالب الجامعي بإسناد غيره في عمل بحث دراسي يخصه لعدم وجود الوقت الكافي أو لأنه بحث ضخم وذلك بإعطاء المسند إليه المراجع المطلوبة ومبلغا من المال وبعد مدة من الزمن يكون البحث جاهزاً ويعطى لأستاذ المادة على أن الطالب هو الذي قام بعمل البحث
وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما ذكرت من إعطاء الطالب مبلغاً من المال لشخص يعمل له بحثاً ثم يقدم ذلك البحث للجامعة على أن الطالب هو الذي عمله لا يجوز، وهو من الكذب والغش والزور الذي حرمه الله سبحانه وتعالى في كتابه، وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويقول الله عز وجل: (واجتنبوا قول الزور*حنفاء لله غير مشركين به) وقال عز وجل: (ألا لعنة الله على الكاذبين) وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" قال العلماء: معناه المتكثر بما ليس عنده بأن يظهر للناس أن عنده ما ليس عنده يتكثر بذلك، ويتزين بالباطل.
وفي صحيح مسلم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من غشنا فليس منا" ولا شك أن هذا العمل من أعظم الغش، لأنه يؤدي إلى أن يحمل هذا الطالب شهادة علمية عالية، وربما وُكِلَ إليه منصب تقتضيه هذه الشهادة، وهو في نفس الوقت بينه وبينها مراحل طويلة، فتضيع الدنيا والدين بسبب ذلك. وعليه، فيجب على المسلم أن يبتعد عن مثل هذا العمل، أجيراً أو مستأجراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1422(12/2348)
الفاتورة الوهمية لا تجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة كبرى في منطقة بعيدة عن العاصمة، وتخصص الشركة لموظفيها عددا من الأيام لقضائها في العاصمة في إحد الفنادق وتخصص مبلغا من المال كأجرة للفندق ومبلغا آخر ثمنا للطعام، ولكن بعض الموظفين لا يناسبهم طعام الفندق فيطلبون من المحاسب بالفندق إضافة ثمن الطعام إلى الفاتورة من غير أن يدفعه علما بأن الشركة تقوم بدفع كامل قيمة الفاتورة للموظف. يقول الموظف بأن المبلغ الزائد من الفاتورة قد أستخدمه لشراء الطعام فقط من خارج الفندق. أرجو أن تفيدوني ولكم كل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا حددت الشركة لموظفيها فندقاً ينزلون به، ويأكلون من مطعمه، على أن يأتي كل منهم بفاتورة حساب من الفندق المحدد، فلا يجوز لأحد منهم التواطؤ مع الفندق على إضافة مبالغ في الفاتورة غير مستهلكة في نفس الفندق وإن كان الموظف قد استهلكها بالفعل في مطعم آخر، وذلك لأن تلك الإضافة كذب من وجه، وخيانة من وجه آخر. والصواب هو أن يبين هؤلاء الموظفون للشركة التي يعملون فيها عدم رغبتهم في الطعام الذي يقدمه مطعم الفندق، حتى تبحث لهم عن حل للمشكلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(12/2349)
الغش في الإمتحانات محرم على كل حال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في أحد المعاهد الخاصة وقد كانت إدارة المعهد تسمح بالغش بشكل غير مباشر ولكنني كنت أرفض ذلك ولكن بعض الأصدقاء قالوا بما أن الإدارة تسمح بذلك فلا بأس، فما هو رأي الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السماح بالغش في الامتحانات من البلايا العظيمة، وهو لا يبرر الغش، والواجب الإنكار على كل من سمح بذلك أو تعاطاه حسب الاستطاعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" رواه مسلم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من غشنا فليس منا" متفق عليه، وفي رواية لمسلم: " من غش فليس منا" ومعنى الحديث: أن من غش فليس من المؤمنين الذين كمل إيمانهم، ولكنه مسلم عاص لا يستحق لقب الإيمان حتى يتوب من فعله، فالغش محرم سواء سمحت به الجهة التعليمية أو لم تسمح به، وهو خداع وتغرير يستوي بسببه المجتهد والمهمل، والبليد والذكي، والنشيط والكسول، فضلاً عن أثر ذلك فيما بعد عند تولي المناصب كالتدريس، والإدارة، فكم من مدير لا يعرف شيئاً عن الإدارة! وكم من فني لا يعرف طريقة التشغيل الصحيحة، لأنه ما تعلم حقاً، واعتمد على الغش في حياته، وكم من أستاذ مادة ليس عنده ما يعطيه. والحاصل أن الغش في الامتحانات ممنوع في جميع الأحوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1422(12/2350)
المصلحة العامة تحدد حكم إدخال مواد تحظرها الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التهرب من الجمارك والضرائب مع العلم بأن هذه الحكومات تستخدم الأموال فى غير ماشرعة الله؟
وما حكم الشرع فى إدخال مواد تمنعها هذه الدول على الرغم من وجودها فى الأسواق المحلية ويوجد منها المستورد والمحلي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التهرب مما تفرضه الدولة على مواطنيها من جمارك وضرائب، وغير ذلك قد تقدم حكمه في الجواب رقم: 5107، والجواب رقم: 5458.
وإذا كانت المصلحة العامة تقتضي عدم إدخال هذه المواد، كأن تكون تلك المواد ضارة، أو رديئة رداءة تجعلها لا تساوي في الحقيقة قيمتها المعروضة بها، أو كان إدخالها يؤثر على المنتجات المحلية التي هي مثلها في الجودة والسعر، مما يلحق الضرر باقتصاد الأمة إلى غير ذلك من المصالح العامة، إذا كان الأمر كذلك، فلا يجوز إدخال تلك المواد غير المرخص في إدخالها، لما في ذلك من الإخلال بالمصلحة العامة التي يجب على الجميع المحافظة عليها، والسعي في تحقيقها وتحصيلها، ويحرم عليهم الإخلال بها.
وكون بعض التجار يدخل هذه المواد لا يسوغ شرعاً إدخالها إذا كانت المصلحة تقتضي عدم إدخالها كما تقدم، لأن الخطأ لا يسوغ ارتكاب الخطأ.
أما إن لم تكن هنالك مصلحة عامة في المنع من إدخال تلك المواد، وإنما الدافع إلى منعها هو الاحتكار والاستبداد بالسوق، والإضرار بالمستهلك، فلا حرج في تهريبها وإدخالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1422(12/2351)
حكم التهرب من دفع فواتير الكهرباء والماء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الامتناع عن دفع فاتورة الكهرباء والمياه أو فصل عداد الكهرباء أو المياه للتقليل من قيمة الفاتورة في الدول العربية الغنية بالبترول علماً بأن متوسط دخل رب الأسرة الشهري لا يتجاوز 150 دولارا أمريكيا ولا يكفي لسد احتياجاته الضرورية وهل فعلاً الإقتصاد الإسلامي مبني على الوصول بالأسر إلى حد الكفاية من توفير المسكن والكهرباء والمياه والمركوب بما يتناسب مع دخل الفرد فإن تعارض مع ذلك فما هي فتواكم.
وجازاكم الله خيراً
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعلوم أنه قبل أن تقوم الحكومات والمؤسسات بإيصال الماء عبر الأنابيب، والكهرباء عبر الأسلاك إلى المنازل، كان الناس يلتمسون الماء العذب، ويبذلون في سبيل تحصيله المال مع ما يلحقهم من مشقة في ذلك، وكان لبعضهم بئر يحفره، فيشرب منه مع ما ينفقه على صيانة البئر.
وأما إذا جن عليهم الليل، فمنهم من يكون في ظلام دامس، ومنهم من يسرج سراج الزيت، ونحوه.
ثم منّ الله على عباده ويسر لهم سبيل الحصول على الماء والضوء وهم في بيوتهم، مقابل رسوم يدفعونها نظير استهلاكهم الماء والكهرباء، وهذه الرسوم حق واجب على من استفاد من هذه الخدمات، وانتفع بها.
ولا يجوز لأحد أن يحتال للتهرب من دفع هذه الرسوم بحجة أن البلد غنية، وراتبه لا يكفيه، لأن هذا من خيانة الأمانة، ومن الإخلال بالعقد والعهد الذي وافق عليه الشخص، والمؤمنون على شروطهم، ومن كان عاجزاً عن القيام بأسباب الحياة مع الأخذ بما معه من سبل، ولم يتقاعس عن ذلك، أو كان لا يستطيع حيلة - لسبب من الأسباب - في تأمين حد الكفاية من المعيشة لعجز عن ذلك كان واجباً على الحكومة المسلمة أن تفرض له من العطاء ما تقوم به حياته، وكان على جيرانه الأغنياء القيام برعايته.
قال صلى الله عليه وسلم: " ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه" رواه البيهقي وأبو يعلى.
وما وصلت إليه حال المسلمين في بلادهم من الفقر والمعاناة إلا عندما غابت فريضة الزكاة، وضعف جانب التعاون وروح التآخي، وانتشرت الأثرة والاستغلال، فمنع الناس زكاة أموالهم، واتسعت الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1422(12/2352)
حكم العمل بالشهادة التي حصل عليها بغشه في الامتحانات
[السُّؤَالُ]
ـ[ماالحكم الشرعي للغش في الاختبارات؟
وماالحكم الشرعي على من غش سابقا ونال شهادة وشغل وظيفة وتاب وندم على ذلك الغش، وجوّد عمله الحالي حتى أثبت أنه جدير به وقادر عليه وتفوق على زملائه في المعاينات والتقارير المرفوعة عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحيث أنك تبت إلى الله تعالى مما صدر منك من الغش في الامتحانات، وأتقنت عملك الحالي، فنرجو ألا يكون عليك حرج في شغل هذه الوظيفة، ما لم تكن قد حصلت على شهادة مزورة دون دراسة أو اختبار فلا يحق لك أن تعمل بها ولو كنت متقناً مجيداً.
وقد سبق بيان حرمة الغش في الامتحانات تحت الفتوى رقم 2937
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1422(12/2353)
انتحال العلامات التجارية لترويج منتج غش
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ماحكم بيع بضاعة يتم وضع العلامة التجارية عليها بدون موافقة اصحاب العلامة التجارية علما بأن مواصفات هذه البضاعة تكون مثل أو أفضل من بضاعة أصحاب العلامة التجارية والذين يقومون باحتكار هذه البضاعة بعض الأحيان، علما بأن أصحاب العلامة التجارية أما يهود أو صليبيون ويتبعون دول صليبية أو صهيونية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ومن غشنا فليس منا" رواه مسلم.
وهذا الحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وهو قاعدة من قواعد التعامل مع الخلق، وما سألت عنه لا يخرج عن كونه نوعاً من الغش، سواء كان أصحاب العلامة التجارية يهوداً، أو نصارى، أو مسلمين، وكل ذلك لا يبرر وضع علامة شركة على منتجك، لما فيه من الغش والتغرير على المستهلكين، وإنما الواجب أن تطرح بضاعتك في السوق، فإن كانت كما وصفت، كانت جودتها شفيعاً لها عند المستهلك، وإلا فاللوم عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1421(12/2354)
رفع درجات الطلاب من غير استحقاق غش وخيانة للأمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرس أعمل بمدرسة خاصة وأجبر بعض الأحيان أن أضيف درجات للطلاب مع العلم أن الطالب التي تضاف له هذه الدرجات لا يستحقها ولكني أواجه مشاكل مع الإدارة عند الرفض فما الحكم في ذلك حيث إنني قلق جدا من هذه العملية
وهل يجوز التهاون مع الطالب بالسماح له بالغش أو بتخفيف الأسئلة حتى ينجح بنفسه مع العلم أنني غير مقتنع بهذا إلا أنني أريد رأي الشرع بما يحدث بالمدارس الخاصة من ناحية الدرجات وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمدرس أن يعطي الطالب ما لا يستحق من الدرجات، فإن هذا من الخيانة والظلم، والمدرس راع على طلابه، وهو مسئول عن هذه الرعية، فلا يجوز له أن يبخس أحداً حقه، كما لا يجوز له أن يعطي إنساناً فوق حقه.
وإذا كان مستوى الطالب لا يؤهله للنجاح، فالسماح له بالغش أو محاباته في الدرجات، أو تخفيف الأسئلة عنه لينجح خيانة ظاهرة، بل غش للأمة، يفضي إلى تخريج عدد من حملة الشهادات المزيفة، التي لم يحصلوا عليها بجدهم واجتهادهم، وهذا سبب من أسباب تخلف المسلمين وضعفهم، وهو مفض إلى توسيد الأمر لغير أهله.
والحاصل أن هذا العمل محرم، وأنه يجب عليك أن تنكر هذا المنكر وتبرأ منه، وأن تنصح إدارة المدرسة، فإن حصلت الاستجابة فالحمد لله، وإلا كان الواجب عليك أن تدع هذا العمل المحرم، وأن تنتقل منه إلى غيره.
واعلم أن الأمر خطير، وحسبك ما رواه البخاري عن معقل بن يسار أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة".
وهو عند مسلم يلفظ: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة".
وما رواه النسائي وابن حبان بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيعه؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1421(12/2355)
لا يجوز استخدام بطاقات هاتفية انتهى رصيدها الحقيقي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل استخدام التليفونات العامة بصورة خاطئة بحيث يستخدم كارت تليفوني مضروب يمكن صاحبه من الحديث ساعات طويلة دون مقابل بحجة ان رومانيا من البلاد التي تحارب المسلمين اعلاميا وربما اكثر من ذلك وتضيق على المسلمين من ابناء الجالية الاسلامية وتناصر الغرب في عدائه للاسلام؟ علما ان مجموعة كبيرة من الشباب المسلم يمارس هذا العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فهذه الطريقة غش وخديعة وأكل لأموال الناس بالباطل وكل ذلك ليس من أخلاق المسلمين بتاتاً لا فيما بينهم ولا مع غيرهم وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام قال أصابته السماء يا رسول الله فقال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس من غشنا فليس منا".
ولا حجة لهؤلاء الشباب ـ هداهم الله ـ في قولهم أن هذه الدولة كافرة تحارب المسلمين وتضيق عليهم. وذلك لأنهم دخلوا تلك البلاد وأقاموا فيها على أساس عهد بينهم وبين سلطاتها واستئمان لهم فلا يجوز نقض ذلك العهد وذلك الأمان حتى يخرجوا من بلادهم ولينتبه هؤلاء الشباب إلى أنهم لو أخذوهم متلبسين بهذه الجريمة لكان في ذلك إذلال لهم وإساءة كبيرة للإسلام والمسلمين. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2356)
لا يجوز لمسلم أن يعين كافرا على أكل المال بالباطل.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هناك نوع من التجارة المشبوهة والتي يتعاطاها بعض المسلمين في الغرب اليوم ... وتتمثل في الاتفاق بين أحد الغربيين المالكين لسيارة جديدة يبيعها لأحد المسلمين بسعر أدنى من السعر الحقيقي بكثير ثم يأخذ المسلم السيارة ويبيعها في بلده أو غيره وبعد اتمام العملية يخبر المسلم البائع الغربي بتمام العملية حتى يعمد ذلك البائع الى اعلام السلطات الأمنية بسرقة سيارته وبالتالي يضمن لنفسه الحصول على المبلغ كاملا من شركة التأمين ويكون بذلك قد حصل على المبلغ الذى أعطاه اياه المسلم والتعويض الكامل من التامين..فما رأي الاسلام في ذلك؟ نرجو الرد مفصلا حتى ننور اخواننا والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك في تحريم هذه المعاملة، لاشتمالها على الغش والخداع والكذب من قبل مالك السيارة، وإقرار المشتري لذلك كله ومعاونته عليه. وليعلم أن كون مالك السيارة كافراً لا يبيح للمسلم الدخول معه في هذا التعامل ولا إعانته على أكل أموال الناس بالباطل، لقوله تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [المائدة:2] والكذب والغش محرمان على الكافر تحريمهما على المسلم فلا يجوز إقراره على ذلك ولا معاونته فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2357)
لا يجوز للموظف أن يغش شركته أو يدلس عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[قام شخص باستئجار منزل عن طريق العمل واتفق مع أحد أقربائه علىاستئجار منزله على أن منزل قريبه هو المنزل الذي اختاره ودفع له العمل مبلغ الإيجار فماحكم هذا المال وهل يعتبر هذا تلاعب على الشريعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فإذا كانت جهة العمل تشترط على موظفيها السكن في البيت الذي يؤجر على حسابها فهذه العملية التي ذكرت لا تجوز لما فيها من الغش والخديعة ونقد الشرط الذي تعاقد مع جهة عمله عليه. وكل ذلك ليس من أخلاق المسلمين. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " المسلمون على شروطهم " كما في السنن وفي الموطأ أن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم –وهو من الفقهاء الأجلاء- قال: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا. ويعني بالناس الصحابة وكبار التابعين الذين عاصرهم. وإن كانت جهة العمل باذلة له أجرة السكن سواء أجر بها أم لم يؤجر فهذا جائز ولا حرج فيه. لعدم الغش فيه ولعدم إخلاله بشرط قد ألزم بالوفاء به. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2358)
الغش حرام في الامتحانات وغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الغش في الامتحانات الجامعية، مع العلم أن العلوم التي تدرس هي علوم دنيوية، وأن الجامعة غير إسلامية بالمفهوم الإسلامي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ... فالغش والخديعة خلقان محرمان مذمومان لا يتصف بهما المؤمن الذي يخاف ربه ولا ينبغي له أن يزاولهما أصلا، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من غشنا فليس منا" أخرجه مسلم عن أبي هريرة وأخرج عنه أيضاً "من غش فليس مني". وأخرج الطبراني أيضاً "من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار>وهذا يعم كل غش وكل خديعة وكل مكر في أي مجال كان وفي حق أي شخص كما يتبين من ألفاظ الحديث. ومما يزيد هذه الأخلاق قبحاً أنها من صفات المنافقين المميزة لهم كما قال تعالى: (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون) [سورة البقرة الآية: 9] . وبهذا تعلم أن الغش في الامتحانات خلق ذميم ومحرم سواء كانت المادة التي يختبر فيها دينية أو دنيوية لعموم الأحاديث المتقدمة ثم إن الطالب الذي يجتاز الامتحان يحصل على شهادة، وبموجب هذه الشهادة يتولى مسؤولية، إما في التعليم أو الطب أو غيرهما، ويصبح مؤتمناً على ما تولى، وكيف يصح له أن يتولى عملاً ويأخذ في مقابله مالاً وهو إنما حصل عليه بالغش والحيلة؟ هذا ظلم لنفسه، وظلم وخيانة لعموم الأمة، فالغش في الامتحانات أعظم من الغش في كثير من المعاملات. والكل محرم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(12/2359)
لا تجوز الزيادة على قيمة الفاتورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحد المساهمين في شركة خاصة ونظرًا لتعاملنا مع كثير من الزبائن (شركات عامة أو خاصة) س 1 - فإن كثيراً من المفوضين بالشراء يطلبون أن نزيد في قيمة الفواتير ونسلمهم القيمة الزائدة عن القيمة الأصلية.؟ س2- اعتمادنا على طريقة الوكلاء (المعاونين) التسوقيين حيث تحسب لهم نسبة معينة من قيمة الأعمال التي يقومون بجلبها إلى الشركة. إذا ما اكتشفنا أن أحدهم يقوم برشوة أصحاب القرار في أحد المؤسسات فهل يجب تسريح هذا الوكيل وفسخ (أو عدم المضي في) العقد الذي جلبه هذا الوكيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد رسول الله وآله وصحبه أما بعد: ... 1
. لا يحق لك بأي حال أن تزيد من قيمة الفاتورة عن القدر الذي هو الثمن الحقيقي للبيع ليأخذ هذا السمسار الفارق بين الثمنين، فهذا من أكل أموال الناس بالباطل من طرف السمسار ومن الإعانة على الإثم من طرفك أنت أيها البائع والله جل وعلا يقول: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون [البقرة: 188] . ويقول تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان [المائدة: 2] ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في حديث طويل: كل المسلم علي المسلم حرام دمه وماله وعرضه. [رواه مسلم] . 2. إذا ثبت لك أن وكيلك قدم رشوة لأحد أصحاب القرار من إحدى المؤسسات، فلا يحق لك أن توكله فيما بعد، لأن في هذا تعاونا على الإثم وقد علمت ما فيه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الراشي والمرتشين. [رواه أبو داوود] . والترمذي وصححه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2360)
لا تكن طرفا مساعدا في عمل محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... رجل يريد أن يشتري سيارة نقداً وهناك رجل آخر يريد هذا المال فطلب من الأول أن يدفع له المال على أن يشتري الأخير سيارة جديدة من الشركة بالتقسيط وهو مبيت النية ألا يدفع للشركة الأقساط وعلم الأول بذلك بطريق الصدفة فهل على الأول أي اثم إذا أخذ السيارة ولم يخبر الشركة بنية الأخير واذا كان الأخير قد وعده بنسبة خصم أكبر كفرق بين النقد والتقسيط فهل هذه النسبة حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: ... ... ...
إذا كان المال للأول كما هو مذكور في السؤال فله الحق أن يتصل بالشركة ويشتري السيارة من الشركة ومن غير الشركة، ما دام المال ماله. واذا أخذ من الشركة بالأقساط مع وجود فرق في السعر فذلك حلال له والفقهاء أجازوا ذلك، ولا غبار عليه. لان الفرق في السعر بين الدين والنقد أجازه الفقهاء وليس من الربا في شيء. وأما شراؤك للسيارة من هذا الرجل مع علمك بما بيت من نية فلا يجوز لك ذلك حيث إن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) . [المائدة: 2] ، وإذا كان كذلك فتلك النسبة سواء كانت الكبيرة أو قليلة لا يحل لك الانتفاع بها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2361)
كتابة رسائل الماجستير للآخرين لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يكتب رسائل الماجستير للآخرين بأجر أو من غير أجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العبد الذي يقوم بهذا على خطر عظيم إذ إن هذا العمل خيانة عظيمة وإعانة على الباطل والمحرم، أما كونه خيانة عظيمة فلأن الأمة ابتليت بأناس ليسوا بأهل للوظائف التي هم فيها لأنهم أخذوا شهاداتهم العلمية بهذه الطريقة بالغش والمخادعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا" رواه مسلم. فتدور الأمة في حلقة مفرغة وتنحط علمياً بهذا العمل المشين. وأغلب الظن أن هؤلاء الذين يأخذون رسائلهم بهذه الطريقة يأخذونها لينالوا بها وظائف دنيوية ومآرب مالية، وليتخذوا أماكن في المجتمع ليست لهم لأنهم ليسوا لها بأهل. وأما كونه إعانة على الباطل فلأن هذا الأمر ليس بحق لأنه يؤدي إلى خلل واضح في المجتمع الذي يتكون ويقوم على أناس تدرجوا إلى مراتب عليا بالغش والمخادعة. وسواء أكان ذلك بأجر أو بغير أجر فإن فاعله شريك في الإثم بل إن له النصيب الأكبر منه لأنه هو أصل المفسدة وأصل الخيانة. وهذا الذي يقوم بتلك البلية إن كان من ذوي العلم فلم يصن العلم الذي آتاه الله إياه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يطلبه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام" وإن لم يكن من أهله وقام بهذا العمل فقد أضاع جهده في باطل وأفنى شبابه في محرم، ولا يؤجر على ما يقوم به من بحث وغيره لأنه لم يقصد به وجه الله وإنما أراد به الدنيا. وإن كان يقوم بهذا العمل بأجر فإن المال الذي يأخذه من القيام بهذا الأمر مال حرام سحت لأنه اكتسبه عن طريق غير مباح وقد قال صلى الله عليه وسلم: "كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به". ألا فليتق الله امرؤ قام بهذا وليخش عقاب الله تعالى. هذا والله نسأل أن يصلح أحوال المسلمين وأن يلهمهم رشدهم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2362)
هذه المعاملة المذكورة تدخل في عقد السلم إذا حققت شروطه
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت عن بيع السلم، ولم أستطع التحديد هل مشروعي هو بيع سلم أم ماذا فساعدوني جزاكم الله خيرا،
أريد أن أقوم بنشر منتجات للعناية، أسوقها محليا وأي زبون يريد الشراء يقوم بالدفع ثم آتي أنا وأطلب المنتج من الشركة الخارجية وبعدها أقوم بشحن المنتج محليا لبيت الزبون بعد ما أكون أخذت ربحي على السلعة.
والزبون لا يقوم بطلب هذا المنتج إلا بعد ما شاهد صورته مثلا ومدى مفعوله واختار هذه السلعة بالتحديد بالموافقة منه على إرسال المال لي أولا ثم إحضار المنتج له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السلم هو بيع موصوف في الذمة، وحكمه الجواز إذا توفرت شروطه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث، فقال من أسلف في شيء ففي كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم. وراه البخاري ومسلم.
وهذه الشروط هي:
1- تسليم رأس المال للمسلم إليه في مجلس العقد.
2- أن يكون المسلم فيه مما يمكن ضبطه بالوصف الذي تختلف فيه الأغراض بحيث تنتفي الجهالة عنه.
3- أن يكون معلوم الجنس والنوع والقدر والصفة للمتعاقدين.
4- أن يكون المسلم فيه دينا أي شيئا موصوفا في الذمة غير معين.
5- أن يكون مقدورا على تسليمه بأن يغلب على الظن وجود نوعه عندما يحين وقت استحقاقه.
6- تعيين الأجل الذي يجب عنده تسليمه.
7- تعيين موضع تسليمه إذا كان الموضع الذي حصل العقد فيه لا يصح لذلك أو كان يصلح للتسليم ولكن لنقل المسلم فيه إليه كلفة.
وبناء على هذا فإن ما تنوين القيام به يدخل في السلم إذا توفرت الشروط السابقة.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40793، 11368، 57434، 108169.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1429(12/2363)
حكم الشرع في بيع السلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الشرع في بيع السلم؟ وما الفرق بين بيع السلم والاتجار عن طريق البورصات العالمية للذهب والفضة والعملات وكذلك المنتجات مثل البترول والحبوب على مدى طويل؟
جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بيع السَّلَم جائز كما سبق في الفتوى رقم: 11368، والفتوى رقم: 27508.
ومن الفروق الواضحة بين السلم والاتجار عن طريق البورصات، أن من أهم شروط السلم تسليم رأس المال في مجلس العقد عند الجمهور، كما قال صاحب المغني، وقد عرَّف صاحب الإقناع السلم فقال: عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد.
ومن المعلوم أن الغالب في البورصات عدم قبض الثمن وقت العقد.
ومن الفروق كذلك أن السلم لا يجوز بين النقدين، فلا يجوز سلم ذهب بفضة ولا بعملة، ولا عملة بعملة أخرى؛ لأن هذا من الصرف ويجب التقابض فيه، لما في صحيح مسلم: الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر ولملح بالملح، مِثْلاً بمثل، سواء بسواء، يدًا بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد.
وفي صحيح البخاري عن أبي المنهال قال: سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف؟ فقالا: كنا تاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصرف؟ فقال: إن كان يداً بيدٍ فلا بأس، وإن كان نَسَاء فلا يصح.
وأخرج الترمذي عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيد قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني.
وقال ابن قدامة في المغني: وكل مالين حرم النَّساء فيهما لا يجوز إسلام أحدهما في الآخر؛ لأن السلم من شرطه النَّساء.
وبناء على هذا، فإن السلم في الذهب والفضة أو العملات بذهب أو فضة أو عملة أخرى لا يجوز.
وأما ما سواها من البترول أو الحبوب، أو غير ذلك من العروض فيجوز السلم فيه، ما لم يترتب عليه محظور آخر، ومع مراعاة شروط السلم السابقة في الفتوى رقم: 11368.
وراجع في حكم الاتجار عن طريق البورصات الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10779، 1241.
وراجع في حكم بيع عملة بأخرى الفتوى رقم: 3702.
وراجع في التجارة في الأسهم الفتوى رقم: 3099.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(12/2364)
شروط صحة بيع السلم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أنا تاجر سمسم فإذا ما اتفقت مع مصنع في المملكة العربية السعودية لأزوده بالسمسم من السودان كل شهرين مثلا 500 طن
وأنا لا أملك السمسم عند كتابة العقد
وهذا السمسم محدد الوزن والوصف فهل هذا يعد من بيع ما لا يملك الانسان أم هو من بيع الموصوف بذمة
كالسلم أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تم ضبط السلعة المتفق على بيعها بالوصف النافي للجهالة عنها، مع معلومية جنسها وقدرها ونوعها، وأن يكون موعد التسليم، مما يغلب على الظن وجود المسلم فيه عنده، ويكون غالباً في موعد الحصاد، ويتم تسليم رأس المال للمسلم إليه في مجلس العقد، فهو بيع السلم وهو جائز شرعاً، وقد سبق بيان هذا النوع من البيع بشروطه مستوفاة في الجواب رقم 11368
أما إذا استوفى العقد جميع شروط بيع السلم، إلا أنك لم تستلم الثمن في مجلس العقد، فلا يعد البيع هنا بيع سلم، وإنما هو مجرد مواعدة بالبيع والشراء بينك وبين هذا المصنع، والمواعدة جائزة بشرط أن يكون لكل من طرفيها أو أحدهما الخيار فإذا أحضرت السمسم بعد شهرين مثلاً فأجر عقد البيع حينئذ، ولا شيء عليك إذا لم تحضره، أو أحضرته ورفض الطرف الآخر شراءه لأن ما تم بينكما هو مجرد وعد لا عقد، ولا يصح الإلزام في المواعدة لأن الإلزام فيها يشبه البيع نفسه، والصورة التي افترضناها هنا ليست بيعاً، ولكي نجعل هذه المواعدة ملزمة، فلا بد أن يكون البائع مالكاً للمبيع، حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده، وبهذا المعنى جاء نص قرار مجلس المجمع الفقهي المنعقد في الكويت 1409هـ برقم 302
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1423(12/2365)
من شروط صحة بيع السلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من اشترى زيت زيتون بسعر محدد قبل أن يقطف الزيتون أصلا وتمت عملية دفع المبلغ قبل الموسم بشهر أو شهرين مثلا، فهل هذا البيع جائز وما حكم البائع والشاري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البيع قد تم بين البائع والمشتري على سبيل بيع السلم فلا حرج فيه شرعاً، فبيع السلم جائز بالكتاب والسنة والإجماع، وصورة بيع السلم أن يتفق البائع والمشتري على شراء كمية معلومة من زيت الزيتون مقابل مبلغ معلوم، ويشترط في بيع السلم أن يدفع رأس المال بالكامل في مجلس العقد، ولا يجوز أن يشترط أن يكون زيت الزيتون من زيتون مزرعة معينة لأنه لا يؤمن تلفه.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن يسلم في ثمرة بستان بعينه, ولا قرية صغيرة لكونه لا يؤمن تلفه وانقطاعه. قال ابن المنذر: إبطال السلم إذا أسلم في ثمرة بستان بعينه كالإجماع من أهل العلم,. قال: وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أسلف إليه رجل من اليهود دنانير في تمر مسمى, فقال اليهودي: من تمر حائط بني فلان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما من حائط بني فلان فلا, ولكن كيل مسمى إلى أجل مسمى. رواه ابن ماجه وغيره. انتهى.
أما إذا تم البيع بين البائع والمشتري على زيت الزيتون ولم يكن على سبيل السلم فهذا البيع غير جائز لما فيه من الجهالة والغرر وهو من بيع ما ليس عند البائع وذلك منهي عنه.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 11368، 26553، 57434، 108169، 113165.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(12/2366)
لا بأس بعقد السلم إن توفرت شروطه
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أن الوسيط هو شخص يتوسط بين بائع ومشتر في صفقة معينة ويحصل على عمولته في الحال، لكن حالتي مختلفة أنا أرغب أن أكون وكيل مشتريات بالعمولة أي أشتري لزبوني بسعر السوق مقابل عمولة عن كل كيلو غرام في حين أنني أضمن له بضاعته وبضاعته هي السمك المجفف مع العلم أنني أشتريه غير جاف وأقوم بتجفيفه له وفق مواصفاته التي يريد هو والتي اتفقت معه عليها مع أنني سأعيد له ما بقي من نقوده في هذه الحالة، هل الأفضل أن أتفق معه على بيع السلم لأنه أحوط لي خشية أن لا أتمكن من تسجيل كل أسعار شراء الأسماك أم أواصل معه بهذه الطريقة.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقدي الوكالة والسلم عقدان مشروعان بشروطهما المعروفة شرعا، فللمتعامل أن يختار أيهما أيسر عليه وأسهل وأبعد عن الإثم تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يأثم، فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه. رواه البخاري ومسلم، لكن الوكيل لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط، وهذا مخالف لما تتفقان عليه، ومن ثم فإن عقد السلم إن توفرت شروطه هو الذي ينبغي أن تتعاقد عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1429(12/2367)
حكم التعاقد على بيع وجبات للموظفين
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا معاملة مالية ولكني لا أعلم هل هي حلال أم حرام، وهل تعتبر ربا، لدينا بالمؤسسة التي نعمل بها صندوق يسمى الصندوق الاجتماعي، يقدم حسب القانون مبلغا للمال كمنحة طعام للأعوان الذين يعملون بتوقيت مستمر بسب ظروف عملهم، وبالنسبة للموظفين الذين يعملون بحصتين في اليوم وأنا واحد منهم يقدم لنا شهريا تذاكر للمطاعم قيمة الواحدة منها ثلاثة دنانير بعد أن دفعنا للشركة ديناراً واحدا لكل تذكرة أي أن صندوق الشركة يساهم بدينارين ونحن بدينار واحد، تقوم مؤسستنا بشراء التذاكر بنفس سعرها وهو ثلاثة دنانير من الشركة الخاصة بالتذاكر ولا أعلم هل يتم ذلك يدا بيد أم لا ويكون ربح هذه الشركة من المطاعم بحيث إننا عندما نتناول غذاءنا في أحد المطاعم وندفع ثمن ما أكلناه بهذه التذاكر، تقوم هذه المطاعم باستخلاص نقودها بتقديم هذه التذاكر للشركة الخاصة بالتذاكر وتقبض 90 في المائة من قيمة التذاكر، أي أنّ ربحها هو10 في المائة من قيمة التذاكر تستخلصها من المطاعم وليس من مؤسستنا، فهل يجوز أن نتعامل بهذه التذاكر وإذا كان لا فهل نسلّم في حقوقنا وكيف نتصرف بها، هنالك بعض المتاجر التي تقبل البيع بهذه التذاكر على شرط أن تخصم 12 في المائة من قيمة التذاكر عند الدفع (لأن هذا ما تستخلصه المتاجر نقدا من الشركة) ، فهل يجوز شراء السلع من هذه المتاجر بالتذاكر التي ذكرناها، أنا أسكن بمنطقة بعيدة عن المطاعم التي تتعامل بهذه التذاكر وأفضل تناول الغذاء في منزلي بما أنه قريب من عملي فهل يجوز أن أبيع هذه التذاكر نقداً للشركة بنسبة 85 في المائة من قيمة التذاكر؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ظهر لنا من سؤالك هو أن العقد الذي يتم بين الصندوق المذكور وبين الشركة عقد بيع وجبات كل وجبة بثلاثة دنانير، وهذا عقد سلم يشترط لصحته شروط بيناها في الفتوى رقم: 11368، وعليه فإذا كانت هذه الشروط متوافرة فلا حرج عليكم في المشاركة في الصندوق المذكور واستيفاء هذه الوجبات من المطعم سواء كان ملكاً للشركة أولاً، لأنه إن كان ملكاً للشركة فلا إشكال وأما إن كان غير مملوك لها فإنها تكون قد أذنت له في وفاء السلم الذي عليها، والدليل على ذلك التذاكر الممنوحة لكم.
ولا يجوز لكم استيفاء المسلم فيه وهو الوجبات من غير جنسها من نقد أو سلع سواء كان ذلك من الشركة نفسها أو من غيرها، لما رواه أبو داود وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره.، قال ابن قدامة رحمه الله: ولأن أخذ العوض عن المسلم فيه بيع فلم يجز كبيعه من غيره، فإما إن أعطاه من جنس ما أسلم فيه خيراً منه أو دونه في الصفات جاز لأن ذلك ليس ببيع إنما هو قضاء للحق مع تفضل من أحدهما.
وأما عدم قبض المؤسسة للتذاكر في مجلس العقد فهو غير مؤثر لأنه ليس بيع عملة بعملة أو ربوي بمثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(12/2368)
عقد السلم.. تعريفه.. شروطه وأحكامه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوالإفادة بماهية عقد السلم وشروطه وأحكامه ونسخة منه إن أمكن.
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السلم شرعاً: هو بيع شيء موصوف في الذمة بلفظ السلم أو السلف، وهو نوع من البيوع، وهو مستثنى من بيع المعدوم وما ليس عند الإنسان، وذلك لحاجة الناس إلى مثل هذا العقد، ودليل مشروعيته ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال: "من أسلف فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم" متفق عليه. وأيضاً ما روي عن عبد الرحمن بن أبزئ وعبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قالا: كنا نصيب المغانم مع رسول الله صلى عليه وسلم، وكان يأتينا من أنباط الشام فنسلفهم في الحنطة والشعير والزيت إلى أجل مسمى، قيل: أكان لهم زرع أو لم يكن؟ قالا: ما كنا نسألهم عن ذلك" رواه البخاري. والحكمة من مشروعية السلم مع أن فيه بيع الشخص لما ليس عنده هي: التيسير على الناس ومراعاة أحوالهم وحوائجهم، وذلك لأن أصحاب الصناعات والأعمال وكذلك أصحاب الأراضي والأشجار ونحوهم، كثيراً ما يحتاجون إلى النقود من أجل تأمين السلع الأولية لمنتجاتهم، أو تهيئة الآلات والأدوات لمصانعهم، وكذلك الزراع ربما احتاجوا للنقود من أجل رعاية
أراضيهم وحفظ بساتينهم، وقد لا يجد هؤلاء النقود بطريقة أخرى فيسر الشرع الحكيم لهم أن يسلفوا على أساس أن يسددوا ذلك من منتجاتهم من زرع أو ثمر أو سلع أو نحو ذلك.
وماهية هذا العقد تتم عندما توجد أركانه الأربعة التي هي: عاقدان وصيغة ورأس مال السلم، والمسلم فيه.
أما شروطه فأهمها: تسليم رأس المال للمسلم إليه في مجلس العقد وأن يكون المسلم فيه مما يمكن ضبطه بالوصف الذي تختلف فيه الأغراض، بحيث تنتفي الجهالة عنه، وأن يكون معلوم الجنس والنوع والقدر والصفة للمتعاقدين، وأن يكون المسلم ديناً أي شيئاً موصوفاً في الذمة غير معين، وأن يكون مقدوراً على تسليمه بأن يغلب على الظن وجود نوعه عندما يحين وقت استحقاقه وكذلك تعيين الأجل الذي يجب عنده تسليمه، وتعيين موضع تسليمه إذا كان الموضع الذي جاء العقد فيه لا يصح لذلك، أو كان يصلح للتسليم ولكن لنقل المسلم فيه إليه كلفة ونفقة، هذه هي أهم شروط السلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1422(12/2369)
الفرق بين بيع السلم وبيع ما لا يملك
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ:
ما حكم شراء سيارة من الوكيل ليست عنده، وإنما يشتريها الوكيل من بلدها بعد دفع بعض المال أو كله من المشتري للوكيل، والاتفاق على مواصفات السيارة؟
هل يعد هذا سلماً في المعدودات، أم بيع ما لا يملك؟
لأن المسألة اختلطت علي، خاصة بسبب تداخل السلم في المعدودات مع بيع ما لا يملك؟
وهل فيه مشابهة ببيع التمر وهو الموصوف بالذمة، لأن السيارة ستكون موصوفة بالذمة أم لا؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسيارات إذا كانت موصوفة بأوصاف معلومة تمنع النزاع وترفع الجهالة فيصح فيها السلم، مع شروط السلم المعروفة كالعلم بالأجل، والثمن، وتسليم رأس مال السلم في مجلس العقد.
وبهذا تعلم أنه لا يجوز في السلم تسليم بعض رأس المال، أما التعامل في سيارة بعينها قبل أن يدخل في ملك بائعها فهذا لا يجوز وهو بيع ما لا يملك المنهي عنه، ويحسن بنا أن ننقل للسائل أقوال العلماء في شرح حديث: لا تبع ما لا ليس عندك. حتى يزول عنه الإشكال.
قال الإمام الخطابي في معالم السنن: قوله صلى الله عليه وسلم: لا تبع ما ليس عندك. يريد به بيع العين دون بيع الصفة، ألا ترى أنه أجاز بيع السلعة إلى الآجال. وهو بيع ما ليس عند البائع في الحال، وإنما نهى عن بيع ما ليس عند البائع من قبل الغرر، وذلك مثل أن يبيع عبده الآبق أو جمله الشارد، ويدخل في ذلك بيع كل شيء ليس بمضمون عليه، مثل أن يشتري سلعة فيبيعها قبل أن يقبضها.
ويدخل في ذلك بيع الرجل مال غيره موقوفا على إجازة المالك، لأنه بيع ما ليس عنده، ولا في ملكه، وهو غرر، لأنه لا يدري هل يجيزه صاحبه أم لا؟. معالم السنن.
ونقل الشوكاني عن البغوي قوله: النهي في هذا الحديث عن بيوع الأعيان التي لا يملكها، أما بيع شيء موصوف في ذمته فيجوز فيه السلم بشروط. فلو باع شيئا موصوفا في وقت عام الوجود عند المحل المشروط في البيع جاز. وإن لم يكن المبيع موجودا في ملكه حالة العقد كالسلم. قال الشوكاني: وظاهر النهي تحريم بيع ما لم يكن في ملك الإنسان ولا داخلا تحت مقدرته. وقد استثنى من ذلك السلم، فتكون أدلة جوازه مخصصة لهذا العموم، وكذلك إذا كان المبيع في ذمة المشتري إذ هو كالحاضر المقبوض. اهـ.
ونقل الحافظ في الفتح، والعيني في عمدة القاري عن الإمام ابن المنذر في تفسير: بيع ما ليس عندك أنه: يحتمل معنيين أحدهما: أن يقول أبيعك عبدا أو دارا معينة، وهي غائبة وقت البيع، فيشبه بيع الغرر لاحتمال أن تتلف أو لا يرضاها صاحبها.
ثانيهما: أن يقول أبيعك هذه الدار بكذا على أن أشتريها لك من صاحبها، أو على أن يسلمها لك صاحبها. قال: وهذا مفسوخ على كل حال، لأنه غرر، إذ قد يجوز ألا يقدر على شرائها، أو لا يسلمها إليه مالكها. قال: وهذا أصح القولين عندي. قال الحافظ: وقصة حكيم موافقة للاحتمال الثاني. اهـ.
وقال ابن القيم: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: لا تبع ما ليس عندك. فمطابق للنهي عن بيع الغرر، لأنه إذا باع ما ليس عنده فليس هو على ثقة من حصوله، بل قد يحصل له وقد لا يحصل، فيكون غررا، كبيع الآبق والشارد والطير في الهواء، وما تحمل ناقته ونحوه.
قال: وقد ظن طائفة أن السلم مخصوص من عموم هذا الحديث، فإنه بيع ما ليس عنده، وليس كما ظنوه، فإن الحديث إنما تناول بيع الأعيان، وأما السلم فعقد على ما في الذمة. وما في الذمة مضمون مستقر فيها، وبيع ما ليس عنده إنما نهي عنه لكونه غير مضمون عليه ولا ثابت في ذمته، ولا في يده، فالمبيع لا بد أن يكون ثابتا في ذمة المشتري أو في يده، وبيع ما ليس عنده ليس بواحد منهما، فالحديث باق على عمومه. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: نهى النبي صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام عن بيع ما ليس عنده إما: أن يراد به بيع عين معينة، فيكون قد باع مال الغير قبل أن يشتريه وفيه نظر، وإما أن يراد به بيع ما لا يقدر على تسليمه وإن كان في الذمة، وهذا أشبه. فيكون قد ضمن له شيئا لا يدري هل يحصل أو لا يحصل. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1430(12/2370)
حكم ربط رأس مال السلم بانخفاض سعر السلعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي دفع لبائع الحديد مبلغ 20 ألف جنيه ثمن 5 أطنان من الحديد بسعر اليوم (4 آلاف للطن) ولكنه لن يتسلم الحديد إلا بعد مدة طالت أو قصرت عندما تسمح له الظروف بالبناء، واتفقا على أن يتسلم الحديد بسعر اليوم (4 آلاف للطن) حتى لو ارتفع السعر على هذا الثمن، أما إذا انخفض السعر عن ذلك (ألفان مثلا) فسيتسلم على السعر الجديد المنخفض أي بسعر ألفين.. فهل يجوز ذلك أم أنه ربا علما بأن الطرفين ارتضيا هذا الوضع.. أفتونا أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة المذكورة عبارة عما يعرف في الفقه الإسلامي بعقد السلم، إذا كان الحديد -كما اتضح لنا- موصوفاً في الذمة، لكنها تشتمل على المحذورين التاليين:
* جهل الأجل فالمسلم فيه وهو الحديد لا يدرى متى يسلم لأن تسليمه مرتبط بالظروف التي تسمح للمسلم (بالكسر) بالبناء، وهو ما لا يدرى متى يحصل.
* ربط رأس مال السلم بانخفاض سعر الحديد إذا انخفض فينخفض هو، فيؤول الأمر إلى تردد الفرق بين الثمن الأول والثاني بين السلفية والثمنية.
وبناء على هذا فالمعاملة فاسدة يجب فسخها، ولتصحيحها لا بد من تفادي المحذورين بأن يؤجل المسلم فيه بأجل محدد، وأن لا يربط رأس المال بسعر الحديد عند حلول الأجل، بل لا بد من أن يكون السعر محدداً من الآن.. وللمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 11261.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1429(12/2371)
حكم دفع العوض عن دين السلم
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص له علي طن من القمح حيث إنني قبضت ثمنه سابقا والآن موعد السداد المعتاد أن السعر في هذا الوقت من 10-12 ألف ليرة سوري لكن ظروفا عالمية أدت إلى ارتفاع الأسعار،
السؤال- هل يجوز أن أعطيه مبلغا نتفق عليه قيمة ما له بذمتي من القمح حسب ما نتفق عليه أنا وهو بناء على الأسعار المعروفة في الأعوام السابقة ووقت التعاقد وقبض المبلغ منه سابقا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للسائل أن يعطي الشخص المذكور قيمة ما ترتب في ذمته من القمح لأن هذا داخل في بيع الطعام قبل قبضه.
جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في صحة بيع المسلِم الدين المسلَم فيه للمدين أو الاعتياض عنه على قولين: أحدهما لجمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة وهو أنه لا يصح بيع المسلَم فيه قبل قبضه لمن هو في ذمته.. والثاني للمالكية وأحمد في رواية عنه وهو جواز بيع العَرَض المسلَم فيه قبل قبضه لمن هو في ذمته بثمن المثل.. اهـ
وتجدر ملاحظة أن إباحة المالكية بيع العرض لمن هو في ذمته مقيدة بقيود منها: أن لا يكون طعاما، قال خليل في محترزات تلك القيود: لا طعام. اهـ
وراجع الفتوى رقم: 80477، وراجع الفتوى رقم: 45614.
ولا عبرة بغلاء السعر عند حلول الأجل، فمما جاء في ذلك قول صاحب المنهاج في وجوب تحصيل المسلم فيه عند حلول الأجل: وإن غلا سعره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1429(12/2372)
بيع السلم هو الأفضل في مثل هذه المعاملات
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت ببيع بدلات رجالية إلى شخص في الأردن واتفقت عندما تصل البضاعة أن يعطيني نقداً فقام يماطل غدا وبعد غد واستمر 3 أشهر وأخذ جزءا والجزء الآخر لم يأخذه فبقي بذمتي 2000 دينار وعندما قلت له إن لم تأخذ البضاعه سأبيعها وتتحمل أنت الخسارة فلم يستجب، علما بأنه ميسور الحال وبعد 4 أشهر قمت ببيعها وخسرت 4200 دينار مع تعطيل البضاعة والتخزين في المنطقة الحرة، أعلموني كيف أتصرف هل أعيد له 2000 وأتحمل كل الخسارة، مع العلم بأن البضاعة جاءت على طلبه من دبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أنك بعت بدلات رجالية لهذا الرجل وأعطاك الثمن ثم تأخر في استلام البضاعة وبقيت عندك بضاعة له بما قيمته 2000 دينار، فإذا كان الأمر كذلك، فإن كنت تملك البضاعة التي في الإمارات قبل بيعها ووصفتها للمشتري بما يزيل الجهالة عنها ثم بعتها عليه فالعقد صحيح على الراجح من أقوال أهل العلم رحمهم الله تعالى، وهو لازم إذا وجدت البضاعة بالمواصفات التي اتفقتما عليها، فإن أبى أن يستلم بعض البضاعة وترتب على ذلك تحملك مصاريف تخزين ولم تجد وسيلة لاستيفاء هذه المصاريف منه للظفر بحقك أو بعضه إلا ببيع هذه البضاعة فلا حرج في ذلك، وراجع الفتوى رقم: 28871.
وليس عليك في هذه الحالة أن ترد عليه الألفي دينار لأنها بعض ما هو مستحق لك عليه، وإن كنت لا تملك البضاعة في الإمارات قبل بيعها وإنما بعتها له بالصفة ثم قمت بشرائها فالبيع غير صحيح، لأنك بعت ما لا تملك، وعليه رد البضاعة التي أخذها أو إبرام عقد جديد عليها ودفع قيمتها فقط، والباقي منها هو ملكك ولا يصح أن يكون هذا بيع سلم لفقدانه شرط دفع الثمن في مجلس العقد، وننصح بالرجوع إلى القضاء فهو الذي ينظر في مثل هذه التفاصيل ويستطيع الإلزام بالحكم الشرعي.
وننصحك بتعلم ما لا بد منه في التجارة فهو فرض عين عليك ما دمت تزاول التجارة، والطريقة الشرعية إذا طلب منك شخص بضاعة معينة لا توجد عندك أن تعقد معه عقد سلم وهو أن توصف البضاعة وصفاً دقيقاً بما يزيل الجهالة عنها، ويحدد وقت لاستلامها ويحدد أيضاً ثمنها ويدفع إليك المشتري ثمنها كاملاً في مجلس العقد ثم تقوم أنت بشرائها، فإذا وصلت إليك قمت بتسليمها إليه وهو ملزم بقبولها إذا جاءت على الوصف المحدد في عقد بيع السلم لما في الصحيحين عن ابن عباس قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال: من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم. وراجع لذلك الفتوى رقم: 26553.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1428(12/2373)
حكم دفع المسلم إليه قيمة المسلم فيه إلى المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أراد شراء بضاعة 100 كيلوغرام من الزيت بثمن وقدره 1000 دينار وأعطى البائع (صاحب المصنع) المبلغ على أن يسلمه البائع البضاعة بعد شهر. لكن البائع تأخر في تسليم البضاعة, وقام البائع بتسديد دين عليه للبنك بهذا المبلغ. وبعد فترة من الانتظار دامت عدة أشهر أعلن البائع أنه لا يستطيع توفير البضاعة وأنه يريد إرجاع المبلغ إلى صاحبه وأنه مستعد لزيادة المبلغ المرتجع, وذلك لأن ثمن الزيت في السوق قد ارتفع وأصبح ثمن الـ 100 كيلو غرام من الزيت يساوي 1100 دينار.
السؤال هو: كم المبلغ الذي يحق أن يطالب به صاحب المال؟ هل هو المبلغ الذي أعطاه وهو 1000 دينار وهو بذلك لا يستطيع شراء نفس الكمية من الزيت بهذا المبلغ. أم 1100 دينار, وهل في ذلك حرمة ربا أو غيره؟ أم أنه يستحق ذلك المبلغ.
سائلا المولى عز وجل لنا ولكم التوفيق والسداد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة المذكورة تسمى في الفقه ببيع السلَم، وقد تقدم لنا تعريفه وشروطه في الفتوى رقم: 11368.
ومن أحكام هذه المعاملة أنه يجب على المسلم إليه (وهو صاحب المصنع) تسليم المسلم فيه (الزيت) في الوقت المحدد أو في الأجل المضروب، فإن لم يوجد عنده وجب عليه تحصيله إن تحقق وجوده، كما جاء في "كشاف القناع": لو تحقق بقاء المسلم فيه لزم المسلم إليه تحصيله ولو شق كبقية الديون. اهـ.
وكذا لو غلا سعره فإنه يلزمه تحصيله كما جاء في "حاشية البجيرمي على المنهاج".. وبخلاف ما إذا غلا سعره فإنه يحصله. اهـ.
وعليه، فالواجب على المسلم إليه شراء الزيت وتسليمه للمسلم؛ كما قال العلامة عليش في مسألة مشابهة ذكرها في "فتح العلي المالك" " فمتى قدر على الدراهم فهو قادر على القمح، فيكلف بشرائه على أي وجه وتوفيته للمسلم. اهـ.
فإن تعذر تسليم المسلم فيه لانقطاعه وعدمه فالمسلم بالخيار، إن شاء أخذ رأس ماله إن كان موجودا، أو مثله إن كان مثليا، أو قيمته إن عدم، أو ينتظر إلى أن يوجد المسلم فيه.
وأما دفع المسلم إليه قيمة المسلم فيه إلى المسلم فلا يجوز عند جمهور العلماء، لأنه يعتبر بيعا للمسلم فيه وهو بيع ما لم يقبض وبيع للدين أيضا.
وذهب ابن تيمية وابن القيم إلى جواز ذلك بقدر قيمته لا أكثر، جاء في الاختيارات: ويجوز بيع الدين في الذمة من الغريم وغيره، ولا فرق بين دين السلم وغيره، وهي رواية عن أحمد، وقاله ابن عباس، ولكن يقدر القيمة فقط لئلا يربح فيما لم يضمن. اهـ.
والمقصود أن بيعك المسلم فيه (كمية الزيت) لصاحب المصنع بألف ومائة دينار، لا يجوز على مذهب الجمهور، ويجوز على قول ابن تيمية وابن القيم ورواية عن أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(12/2374)
حكم الشراء من دائم العمل حقيقة أو حكما
[السُّؤَالُ]
ـ[خياط يشتري القماش ثم يأتي إليه الزبون ويعين، ثم يخيط له الخياط ثم يدفع الزبون الفلوس إلى الخياط، فما حكم ذلك؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في البيع الإباحة، قال الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا [البقرة:275] .
وعليه؛ فلا مانع من أن يشتري الخياط القماش، فيأتيه الزبون ويصف له الثوب الذي يريد، فيتفقان على ثمنه ويخيطه له فيدفع له الثمن، وذلك أن الخياط إذا كان متمرسا على المهنة، كان الثوب الموصوف له في حكم المعين، لكونه في الغالب لا يختلف عن الصفة المتفق عليها، قال الشيخ الدردير: وجاز الشراء من دائم العمل حقيقة أو حكماً، ككون البائع من أهل حرفة ذلك الشيء ولتيسره عنده، فأشبه المعقود عليه المعين. 3/216.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(12/2375)
يريد شراء شقة ستبنى على أرض غير معلومة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الجليل تقدمت لشراء شقة من شركة تشتري قطعة أرض وتبني لنا الشقق عليها فطلبوا منى وضع مقدم حجز الشقة والذي سيستغل في شراء قطعة الأرض في بنك ربوي، لكن في فرع المعاملات الإسلامية لهذا البنك وسيظل المبلغ لحين الاتفاق على شراء قطعة الأرض تصل لعدة شهور أو أكثر سوف يستخدم عائد المال في هذه الفترة في دفع ثمن الأرض بعد ذلك سأدفع باقي ثمن الأرض وتكاليف المباني عن طريق نفس البنك ولا أدري ستظل الأموال فترة في البنك ويصبح لها عائد يستغل في التكاليف أم ستسير الأمور بسرعة، فهل يجوز لي ذلك شيخي الجليل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فشراء شقة حسب الطريقة المذكورة يدخل في عقد الاستصناع، وهذا العقد يلزم لصحته شروط منها أن يوصف العقار وصفاً يمنع الجهالة، بأن يبين نوعه وقدره ومكانه وأوصافه المطلوبة.. والذي يظهر من السؤال أن الأرض التي ستبنى عليها الشقة غير معلومة ولا محددة عند العقد.. وبهذه الجهالة لا يصح عقد الاستصناع هذا، وراجع للمزيد في عقد الاستصناع الفتوى رقم: 74087.
وأما بخصوص وضع القسط الأول أو المقدم في البنك إذا صح عقد الاستصناع فإن غاية ما فيه أن الصانع أو البائع أحالك على البنك تضع ماله عنده، وهذا لا حرج فيه إذا كان البنك إسلامياً أو فرعه إسلامي وهو ملتزم بالضوابط الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(12/2376)
من صور عقود الاستصناع المعاصرة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على إعانتكم المسلمين على قضاء حوائجهم.
لدي استفسار بخصوص أحد المواضيع المالية في موضوع التملك. هل يجوز أن تقوم إحدى الشركات ببيع عقارات وشقق ومكاتب للناس بعقود قانونية -أي تأجير أو تمليك- من قبل أن تبنيهم على أساس أن يكون التسليم مثلاً بعد أربع سنوات؟ وذلك لحاجتهم لمال الناس لتمويل هذه المشاريع؟ أي الاستفادة من مالهم لبناء المشاريع ثم تقوم بالتسليم بعد فترة زمنية معينة؟
هذه بالنسبة للسوق الأولية -أي بين الشركة وبين الناس أو المستثمرين-. وما الحكم بالنسبة للسوق الثانوية؟ أي أن يقوم الناس ببيع هذه العقود لبعضهم البعض، أي بعد شرائها من الشركة؟
وهل الحكم يختلف في هذين النوعين من البيعين إذا كان البناء لم يبن، وبين أن يكون تحت الإنشاء ولم يجهز بعد؟
وإن تكرمتم، أرجو ذكر الاختلاف بين أهل العلم إن كان يوجد اختلاف.
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة الأولى داخلة فيما يسمى بعقد الاستصناع، وقد اختلف العلماء في حكمه، وقد صدر قرار من المجمع الفقهي على جوازه وضوابطه جاء فيه: أولاً: إن عقد الاستصناع وهو عقد وارد على العمل والعين في الذمة، ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط.
ثانياً: يشترط في عقد الاستصناع ما يلي:
أ- بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة.
ب- أن يحدد فيه الأجل.
ثالثاً: يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة.
رابعاً: يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطاً جزائياً بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة.
وبخصوص المعاملة الثانية فلا بأس أن يتنازلوا لغيرهم بثمن أقل أو مساو أو أكثر كما في الفتوى رقم: 22157، ويستوي في ذلك أن يكون البناء لم يبن أو تحت البناء.
وللمزيد راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28827، 44766، 112730.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1429(12/2377)
حكم شراء شقة قبل بنائها دون معرفة وصفها ولا ثمنها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد أرسلت هذا السؤال من قبل، ولكن لخلل ما لم يظهر عندي رقم السؤال أو أنه لم يتم استلامه.
والسؤال هو: قمت بالتسجيل على شقة سكنية في مساكن الشباب ولم أكن على اطلاع تام بتفاصيل العقد وعلمت فيما بعد التفاصيل التالية: تعتبر قيمة الشقة في بداية العقد تقديرية, ويتم تحديد القيمة النهائية في نهاية العقد, ويدفع المستفيد قيمة عشرة بالمائة من القيمة الأولية التقديرية عند الاكتتاب وبعدها يتم دفع أقساط شهرية أثناء الإنشاء، وقيمة القسط الشهري بعد الاستلام تختلف تبعا لمساحة المنزل وموقعه وعدد سنوات التقسيط، ويمكن للمكتتب دفع الأقساط على 5 أو 10 أو 15 أو 20 أو 25 سنة، فإذا أراد المكتتب تقليل مدة التقسيط تنخفض قيمة الفائدة، لكن ترتفع ـ في المقابل ـ قيمة القسط الشهري وحسب معلومات غير مؤكدة: يمكن دفع قيمة المنزل بالكامل عند الاستلام وبدون فوائد، وعقد البيع يتضمن منع صاحب الشقة من بيعها أو إعارتها أو رهنها قبل مضي 15 عاماً، وارتفاع أسعار المواد يؤثر على القيمة النهائية للشقة ويمكن أن يتضاعف السعر أكثر من ضعفين إلى ثلاثة ـ وهذا ما حصل فعلا ـ والسبب الرئيسي في ارتفاع تكلفة المساكن هو ارتفاع بدلات استملاك الأرض مع تكلفة المرافق العامة، وتقوم المؤسسة باحتساب قيم المساكن وفق التكلفة الفعلية المصروفة عليها من قبل لجنة يشكلها المدير العام للمؤسسة وفقا للمبالغ التالية: نفقات البناء الجاهز للسكن، ونفقات تأمين المرافق العامة، ونفقات الإدارة وهي: 5 % من مجموع المبالغ السابقة والفائدة المستحقة على القروض المستعملة في تمويل المشروع وثمن الأرض، أما الأرباح، فقد سمحت أنظمة المؤسسة بتقاضي نسب أرباح حتى 12 %، لكن مجلس الإدارة اكتفى بنسبة 6، والسؤال: ما هو الحكم الشرعي للتسجيل في مثل هذه الجمعيات السكنية؟ وإن كان الجواب بعدم الجواز، فما هو العمل لمن سجل في مثل هذه الشقق؟ فقد سمعت بأن هناك طريقة لبيع مثل هذه الشقق عن طريق الكاتب بالعدل, ويعتبر البيع نافذا بحيث يمكن تثبيت الملكية للمشتري, إلا أنه لا يمكن نقل الملكية بشكل رسمي لدى الحكومة إلا بعد مرور 15 عاما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشراء الشقق قبل بنائها عن طريق ما يعرف بببيع الاستصناع يجوز إذا توافرت الضوابط الشرعية للاستصناع، والصورة المسئول عنها لا تتوافر فيها الضوابط الشرعية لبيع الاستصناع ولا ضوابط البيع عموما، لعدم معرفة الشقة ولا الثمن، فهذا البيع باطل للجهالة بالمبيع جهالة تُفضي إلى النزاع، وراجع الفتوى رقم: 110893.
فعلى من سجل في شراء هذه الشقق أن يبادر بفسخ تعاقده ويسترد ما دفعه من مال، لأن هذا البيع باطل لم ينعقد ابتداءً، وراجع في بيان بيع الاستصناع وضوابطه الفتاوى التالية أرقامها: 8515، 11224، 28827، 74087.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1430(12/2378)
شراء الشقق قبل بنائها بنظام الأقساط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مؤسسة بناء سكنات تساهمية اجتماعية. طريقة البيع تتم عن طريق حصص بحيث يقسم المبلغ الإجمالي على مدة البناء بمعنى أن المواطن المستفيد من شقة يدفع لنا حصة كل 8 أشهر أو سنة لمدة 4 سنوات حتى ينتهي المشروع السؤال هو أنه هناك من المواطنين المستفيدين من تعذر عليه دفع الحصة 3 و 4 وأراد أن يأخدها قرضا بنكيا حيث إنه يأخذ وثيقة من عندنا تبين مبلغ الشقة وكم دفع وكم بقي ويقوم البنك بدفع المبلغ المتبقي للمواطن في حسابنا مباشرة فهل نعد قد اشتركنا في هذا القرض الربوي هل هذا حلال أم حرام.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
شراء الشقق قبل بنائها بنظام الأقساط داخل في عقد الاستصناع الجائز بشرطيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فان شراء شقق قبل بنائها عن طريق الأقساط يدخل تحت عقد الاستصناع، وهو موضع خلاف عند الفقهاء، وقد أجازه مجمع الفقه الإسلامي بشرطين:
الأول: بيان جنس ونوع وأوصاف المستصنع شقة أو غيرها.
الثاني: أن يحدد فيه الأجل.
ونص القرار على جواز تأجيل الثمن كله أو تقسيطه على أقساط معلومة الآجال.
وعليه؛ فإذا تم البيع فيحق للشركة التي تبيع هذه الشقق أن تستوفي حقها من المشتري، وإن كان هذا المشتري سيدفع لها من قرض ربوي فإن الحرام يتعلق بذمة المقرض لا بعين القرض. لكن هل بذل الشركة للوثيقة المذكورة للمشتري حتى يمكنه أن يقترض من البنك يعد إعانه على الربا أم لا؟ لا نرى ذلك لأن الشركة ليست طرفا في العملية الربوية وإنما تستوفي حقها، ولا يتم لها ذلك إلا إذا دفعت للمشتري ما يبين ذلك من الوثائق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(12/2379)
شروط صحة عقد الاستصناع
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على ردكم لأسئلة السائلين، فجزاكم الله خيراً، لدي سؤال في أمور التجارة، سؤالي هو: عندنا في إيران يتم شراء السيارات من الشركة المصنعة بالطريقة التالية: يتم دفع قسط معين من كل قيمة السيارة وغالباً يكون أكثر من النصف ثم ينظر المشترى موعد تسليم السيارة وموعد التسليم يكون موعداً تقريبياً وعند استلام السيارة يتم دفع القسط المتبقية لكن الشركة تخصم قيمة السيارة بمبلغ 20%من القيمة المدفوعة وكلما طال أجل التسليم كان الخصم أكثر وقبل التسليم إذا ألغى المشترى الصفقة يرد المبلغ إلى المشتري بالإضافة إلى 20% من قيمة المدفوع هل المعاملة بهذه الطريقة جائزة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بالمعاملة المسؤول عنها هو طلب المشتري من المصنع صناعة سيارة معينة تسلم له في وقت كذا فهذا عقد استصناع, وعقد الاستصناع من العقود الجائزة، ويشترط له شروط منها: أن يكون الشيء المستصنع مما يمكن انضباطه بالوصف النافي للجهالة كصناعة سيارة ذات مواصفات محددة، ومنها: أن يحدد أجل مسمى للتسليم ولا يترك من دون تحديد وإلا كان عقد غرر، ومنها: أن هذا العقد عقد لا زم للطرفين لا يجوز لأحدهما فسخه من دون رضى الطرف الآخر إن جاء الشيء المستصنع مطابقا للمواصفات المتفق عليها سلفا، أما الثمن فيجوز أن يكون معجلا أو بعضه معجل وبعضه مؤجل، كما يجوز أن يلحق شرط جزائي بقدر الضرر الفعلي الذي يلحق بطرفي العقد، وراجع في هذا الفتوى رقم: 69557.
هذا والذي يظهر أن المعاملة المذكورة في السؤال غير جائزة شرعا لما فيها من الجهالة والغرر, ففيها جهالة في الأجل أجل التسليم وجهالة في الثمن، وهذا ظاهر في أنه كلما طال أجل التسليم كان الخصم من الثمن أكبر، وفيها كذلك حيلة للتموين أو للقرض الربوي إذ يحق للمشتري في هذه المعاملة إلغاء الصفقة والرجوع بما دفع مع 20 من القيمة المدفوعة، فهذا حيلة للقرض الربوي، فتكون الشركة المصنعة اقترضت من المشتري مبلغ كذا لترده بزيادة.
وعليه فالدخول في مثل هذه المعاملة حرام شرعا ما لم يلغ السببان المذكوران للتحريم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(12/2380)
الفرق بين الاستصناع والسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين عقد الاستصناع وعقد السلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفروق بين عقد الاستصناع وعقد السلم مذكورة في الفتوى رقم: 37651.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(12/2381)
عقد الاستصناع جائز بشرطين
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد شراء شقة تساهمية في عمارة، بحيث أقوم بدفع ثمنها بالتقسيط ويكون أول قسط قبل بناء العمارة، حيث تجمع أموال المستفيدين من هذه الشقق للبدء في المشروع، وهكذا يتم دفع الأقساط حسب مراحل البناء الثلاثة،
مع العلم أن الدولة تساهم ب 30% من المبلغ الذي يدفعه كل مشتري، هل يجوز شراء هذه الشقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شراء هذه الشقق يدخل تحت عقد الاستصناع وهو موضع خلاف بين الفقهاء، وقد أجازه مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره السابع بجدة بشرطين:
الشرط الأول: بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة.
الشرط الثاني: أن يحدد فيه الأجل.
ونص على: أنه يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة، كما يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطًا جزائياً بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة.
إذا تقرر هذا.. فإن تم شراء الشقة بحسب الشروط المتقدمة بحيث تكون موصوفة وصفاً مزيلاً للجهالة المؤدية للنزاع، خالية من المحاذير الشرعية الأخرى مثل تعاطي الربا أو التعامل به جاز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(12/2382)
بيع الاستصناع ... شروطه، وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل واسمه زيد فرضا، يعمل وكيلا لشركات ماكينات أجنبية. يبيع بطريقة المصانعة. باع لزبون ماكينة نقدا. الزبون يريد أن يبيع نفس الماكينة لزيد لكن بالتقسيط. طبعا الماكينة قيد التصنيع وتم البيع الأول والثاني وهي بعد قيد التصنيع. هل البيع الثاني جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أصل هذا العقد " وهو بيع الاستصناع" موضع خلاف بين الفقهاء.
وقد قال بصحته السادة الحنفية فيما جرى به العرف، وتعامل الناس به لحاجة الناس، شريطة أن يبين في العقد ما يزيل عن المستصنع الجهالة المفضية إلى التنازع بين المتعاقدين، كأن تذكر مادة الصنع، ومصدرها، وصفتها، وقدرها…وما إلى ذلك.
وقد ألحقه أكثر الفقهاء بالسَلَم، فلا بد من أن تنطبق عليه شروطه، من ضبطه بالوصف، وضبط ما يدخل فيه من مواد، ومن تحديد الأجل لتسليمه، وتسليم المشتري الثمن للبائع في مجلس العقد، أما إذا لم تنطبق عليه هذه الشروط فإنه لا يجوز، وأكثر هذه الشروط تخلفاً هو تسليم رأس المال، أي ثمن المستصنِع في مجلس العقد، فإن أكثر المستصنعين يدفعون للصانع قسطاً من الثمن عند التعاقد، ومنهم من لا يدفع شيئاً أصلاً، وهذا يندرج في ما يعرف بتعمير الذمتين: تعمير ذمة البائع بالسلعة، وتعمير ذمة المشتري بالثمن، وهو حرام.
وبناء على ما سبق فلا يعتبر هذا سَلَماً صحيحاً، بل هو سَلَم فاسد عند أكثر الفقهاء، وانطلاقاً من هذا فإن هذا العقد الأخير غير صحيح لتخلف شرط دفع ثمن تسليم المستصنع في مجلس العقد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1422(12/2383)
الاستصناع الموازي عقد شرعي جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في الصين، ولدي شركة استشارات لمساعدة رجال الاعمال في شراء بضائعهم من الصين وشحنها إلى بلدانهم وأغلبهم مسلمون، وآخذ عمولتي حسب قيمة الصفقة بتراض مع الزبون.
الآن أريد أن أتحول إلى البيع بدل الخدمات، وذلك بتعاون مع مصنع حيث يدفع الزبون 30 بالمائة من قيمة البضاعة كعربون أو تسبيق قبل التصنيع، ثم يتم التصنيع لمدة شهر، بعدها يدفع الزبون المبلغ المتبقي وهو 70 بالمائة من قيمة البضاعة المصنعة.
في هذه الحالة الزبون اشترى من عندي، وأنا اشتريت من المصنع، لكن في كل الأحوال البضاعة لم تكن جاهزة عندي ولا عند المصنع، وهذا أمر أصبح جار به العمل وكل من يشتري من مصانع الصين أو مصانع أخرى في دول أخرى سيجد نفس القواعد تسبيق قبل تصنيع السلعة-التي تتم غالبا حسب مواصفات يمليها الزبون مثل الألوان ونوع التغليف، واسم الماركة الخاصة به) وتتمة الأداء بعد جهوزها.
وقد علمت أنه لا يجوز بيع سلعة لا يملكها المرء وليست تحت يده، لذلك كتبت لكم راجيا من العلي القدير أن أجد عندكم جوابا وفتوى لهذه الحالة، وتبيان ما إذا كان هذا النوع من البيع جائز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصورة المذكورة هي أقرب إلى ما يعرف بالاستصناع الموازي، وهو عقد شرعي جائز، وصورته: أن يعمد المشتري إلى الاتفاق مع الطرف الأول على تصنيع بضاعة معينة بصفات منضبطة، ويدفع إليه الثمن كله أو بعضه أو يؤجلانه إلى ما بعد تسليم العين المستصنعة. ولأن الطرف الثاني لايملك أهلية تصنيع تلك البضاعة فإنه يجري عقد استصناع مع شركة تستطيع ذلك بنفس الشروط بسعر أقل، وفي نفس الأجل أو قبله. وهذا هو ما يعرف بالاستصناع الموازي، وهو جائز شرعا ومن البدائل المناسبة للربا المحرم، وانظر للمزيد الفتويين: 28827، 77062. وراجع في هل السلم أو الاستصناع بيع ما لا يملك الفتوى رقم: 108169.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(12/2384)
ما يترتب على الإخلال بشروط الاستصناع
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأعزاء لجنة الإفتاء تحية طيبة وبعد، أرجو من سماحتكم الرد على تساؤلاتي الآتية بفتواكم ونسأل الله لكم خير الجزاء، أنا مقيم بدولة قطر وفي موطني قمت بشراء وحدة سكنية داخل تجمع سكني (كمباوند) قامت ببنائه إحدى شركات الإنشاءات والتطوير العقاري وكان تعاقدي معهم على الآتي: بيعهم لي وحدة سكنية شاملة كافة المرافق مع حصة على المشاع من كامل مساحة التجمع السكني كاملا ويشمل حدائق وطرقات ومسجد ومركز تجاري بالإضافة إلى الأراضي المبني عليها المباني من بنايات وفيلات، وقد وفقني الله عز وجل بسداد كافة المستحقات للشركة البائعة والمنفذة في نفس الوقت للمشروع وقد تم تسليم كافة الوحدات للسكان وبعض هذه الوحدات على حد علمي ما زال عليها بعض المشكلات بين الشركة المنفذة والبائعة وبين الجهات الحكومية المختصة لوجود بعض المخالفات، بالنسبة للمشروع فقد تم تسليم البنايات لمندوب عن كل بناية والتي عادة تتكون من 19 شقة أو أقل وكان تشطيب مداخل وسلالم البنايات لا يرقى للمستوى المطلوب ولكن ارتضينا بالأمر الواقع رغم وجود عيوب ظاهرة امتنعت الشركة عن إصلاحها في بعض البنايات، ولم تقم الشركة برصف الطرقات الداخلية للتجمع السكاني رصفا نهائيا حتى الآن علما بأن المشروع يفترض أنه كامل منذ سنوات لا تقل عن الأربع سنوات وتعتبر الشركة المنفذة هي الكيان القانوني الوحيد الممثل أمام الجهات الحكومية ولا يعتد بملكية السكان ملكية كاملة حيث وقعنا عقودا ابتدائية فلا يجوز لنا تسجيل وحداتنا إلى الآن لأن الشركة لم تسدد كامل ثمن أرض المشروع حسب علمي حتى الآن أو أن الأرض مرهونة لبنك ممول للمشروع وعليه فإن الشركة بالفعل تتحكم في كل شيء في هذا التجمع السكاني والذي قمنا نحن الملاك بدفع كامل قيمة وحداتنا أو قام البنك الممول للمقترضين بدفع القيم للوحدات للشركة المنفذة، ولكن للأسف تقوم الشركة بحكم وضعها القانوني بإساءة استغلال نفوذها بالآتي: المماطلة في تنفيذ باقي المشروع من رصف طرق وإكمال تسليم المركز التجاري بالمشروع رغم قبضها لكامل حقوقها سواء من الملاك أو البنك كما أنها قد تسلمت مقايسة لتوصيل خدمة الغاز الطبيعي للمنازل حيث إنها كما ذكرنا بحكم القانون الممثل الوحيد للمشروع وتقوم الشركة بإضافة مبالغ على كاهلنا إذا أردنا توصيل هذه الخدمة دون أي تدخل عملي من جانب الشركة فشركة الغاز هي التي ستقوم بعمل كل الأعمال المطلوبة ولكن الشركة مجرد تزيد الأموال لأنها تمثلنا ونحن من سيدفع من جيوبنا، أيضا قامت الشركة بإذعاننا بدفع مبالغ مقابل الخطابات الموجهة إلى الجهات الحكومية لتركيب عدادات الكهرباء والهاتف المنزلي وغير ذلك من الإخلال بشروط التعاقد والتي كان من ضمنها أن الشركة تقوم بأعمال النظافة والأمن والمتابعة الزراعات بالحدائق والإنارة الداخلية وما قابلها من أعمال التشغيل اليومي مقابل مبلغ سنوي متفق عليه في العقد لأول سنة على أن يتم مراجعة تثبيت نسبة المبلغ أو تقليلها أو زيادتها بعد تأسيس لجنة إشراف من السكان مع الشركة لمتابعة احتياجات المكان، إلا أن الشركة وعلى مدار أعوام ماطلت في تأسيس اتحاد ملاك بين الملاك وحاربت هذا الأمر بشتى الطرق لتفادي نشأة كيان قانوني معترف به أمام الجهات الحكومية حتى لا يكون شوكة في خاصرهم لحملهم على تنفيذ باقي الأعمال الناقصة بالمشروع والتي بالطبع زاد ثمن تنفيذها عما تقاعسوا فيه من سنوات، المهم أنني قمت بدفع المبلغ السنوي للصيانة لأول عام ثم امتنعت عن الدفع بعد ذلك مقابل إخلالهم مع فيما سبق سرده مع العلم بأنهم يقومون بأعمال النظافة والصيانة وهكذا ولكنهم أخلوا بجانب آخر من تعاقدهم وامتناعي عن الدفع هو نوع من حملهم على تنفيذ كامل أعمالهم على الوجه الأمثل والسكان الآن منقسمون ما بين من يدفع المصروفات السنوية ومنهم من يمتنع للأسباب التى ذكرتها ويتعهدون بدفع المبالغ المتأخرة للصيانة والقادمة لاتحاد ملاك فور تأسيسه حتى لا تضيع أموالنا هباءاً ولا نعرف أين وفيما تصرف، فهل في امتناعنا مؤقتا عن الدفع لحين تأسيس اتحاد ملاك -مع أنهم يقومون بالخدمات اليومية ولكنهم مخلون بالتسليم الكامل رغم قبضهم كامل مستحقاتهم من الملاك والبنك- إثم وهل في ذلك غبن لحقوق من يقومون بالدفع للشركة رغم تقصيرها في الجانب الآخر، علما بأن الدخول مع الشركة في قضايا قد يكلفنا كثيراً من الوقت والمال فاستخدامنا لهذه الوسيلة هو مجرد نوع من أنواع الضغط الذي قد يكون مشروعا أو غير مشروع بما تفيدوننا بما علمكم الله من علمه سبحانه وتعالى، أقيدونا أفادكم الله ولكم منا فائق التقدير والاحترام ونسأل الله أن نكون ممن يعرفون الحق فيتبعون أحسنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق السائل وأمثاله أن يمتنعوا عن سداد هذه المبالغ حتى تفي الشركة بالتزاماتها، لحديث: المسلمون على شروطهم.. رواه أحمد.
فإذا أخلت الشركة بشروط العقد ولم تقم بالمصنوع على الوجه المتفق عليه، جاز للمستصنع أن يفسخ العقد أو يرضى به مجاناً إن شاء أو بعد تعديل الثمن بما يتفقان عليه بسبب الإخلال، وراجع في حكم الاستصناع الفتوى رقم: 11224، وراجع في الشرط الجزائي الفتوى رقم: 94915.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1429(12/2385)
حكم عقد استصناع بيت إلى أمد مجهول
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت سهما في إسكان تعاوني للحصول على بيت بعد عدد غير معلوم من السنوات، وإن شاء الله تعالى في نيتي أن أبيع هذا البيت عند استلامه لشراء آخر في بلدة أخرى قريبة من أهلي.
السؤال: هل علي ثمن هذا السهم زكاة حيث إنه بلغ النصاب؟ وما حكم الشرع في بيع هذا السهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشراء السهم المذكورة للحصول على بيت بعد مدة هو ما يسمى بعقد الاستصناع وهو جائز بشروطه التي من بينها تحديد مدة لتسليم الشيء المستصنع، فإن لم تحدد تلك المدة كما هو الحال في معاملتك فيكون عقد الاستصناع هذا باطلا لاشتماله على غرر وجهل. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 11224. والفتوى رقم: 74087.
وبناء على ذلك فالواجب عليك بعد علمك بفساد هذه المعاملة أن تبادر بالتوبة إلى الله تعالى والانسحاب من هذا العقد، وبيان الحكم الشرعي للقائمين على تلك المعاملة، ومطالبتهم باسترجاع ثمن السهم الذي اشتريته، وإذا استلمته فزكه عن المدة التي مضت عليه قبل استلامه، سواء كانت سنة أو سنتين ما دام نصابا فهو دين على مليء غير منكر له. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 44333.
ولا يجوز لك بيع هذا السهم لما في ذلك من الإقدام على معاملة فاسدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(12/2386)
حكم أخذ المهندس نسبة مئوية من تكلفة بناء المشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[قال أحد الشيوخ في درس إنه لا يجوز لمهندس أن يفرض نسبه مئوية من تكلفه البناء كأرباح له لأنه قد يكون في ذلك غبن للزبون وبيع جهالة حيث إن المهندس سيستخدم مواد عالية الجودة وغالية الثمن لا يحتاجها الزبون, لأجل أن تزداد أرباحه لأنه كلما زاد الإنفاق زادت الأرباح للمهندس، وعليه فإن على المهندس أن يتفق مع الزبون على مبلغ معين كأجرة على بناء المشروع قبل البدء به، وليس له أن يفرض نسبه مئوية من تكلفة المشروع، وأن ذلك حرام، ولكن يحتج المهندسون بأن بعض المشاريع قد تستغرق عشر سنوات أو أكثر وأن المبلغ الذي اتفق عليه في بداية المشروع سوف يصبح مبلغا زهيدا بعد مرور عشر سنوات أو أكثر، وعليه فهم يستخدمون نسبه الطريقة المئوية في الأرباح، وأنه لا يمكن أن يكون غبن في ذلك لأنه سوف يتم الاتفاق مع الزبون مسبقا على نوعية المواد كلها وأسعارها ضمن جداول التخمين لتكلفة المشروع، فهل المعاملة بالنسبة المئوية في هذه الصورة جائزة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن الزبون يتفق مع المهندس على أن يشيد المبنى بمواد من عنده فهذا العقد يعرف عند العلماء بعقد الاستصناع، وحكمه الجواز عند الحنفية إذا توفرت شروطه لديهم وهي:
1 – بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة.
2 – تحديد الأجل.
ويجوز فيه تأخير الثمن والمثمن معا خلافا للجمهور الذين يشترطون فيه شروط السلم, فلا بد عندهم من تعجيل رأس المال.
وقد صدر عن المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قرار بجوازه وفقا لمذهب الأحناف جاء فيه: إن عقد الاستصناع – وهو عقد وارد على العمل والعين في الذمة – ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط.
ثانياً: يشترط في عقد الاستصناع ما يلي:
أ- بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة.
ب- أن يحدد فيه الأجل.
ثالثاً: يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة.
رابعاً: يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطاً جزائياً بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة.
وبناء على ما ذكر من شروطه فإن المهندس لا يمكن أن يتصرف إلا وفق ما وصف له، فلا يجوز أن يستخدم موادا غير المتفق عليها، سواء كانت أعلى ثمنا أو أرخص مما هو متفق عليه.
وقد جاء في قرار للمجمع الفقهي بشأن عقد المقاولة: إذا أجرى المقاول تعديلات أو إضافات دون اتفاق عليها فلا يستحق عوضاًَ زائداً على المسمى، ولا يستحق عوضاً عن التعديلات أو الإضافات.
أما بخصوص الفتوى المذكورة فقد أقر المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي تحديد الربح عن طريق فرض نسبة مئوية من التكاليف بشرط أن تكون التكاليف معلومة علما تاما وليست مخفية كما جاء في السؤال, وذلك في قراره المتعلق بعقد المقاولة حيث جاء فيه: يجوز الاتفاق على تحديد الثمن بالطرق الآتية:
أ - الاتفاق على ثمن بمبلغ إجمالي على أساس وثائق العطاءات والمخططات والمواصفات المحددة بدقة.
ب - الاتفاق على تحديد الثمن على أساس وحدة قياسية يحدد فيها ثمن الوحدة والكمية وطبقاً للرسومات والتصميمات المتفق عليها.
ج - الاتفاق على تحديد الثمن على أساس سعر التكلفة الحقيقية، ونسبة ربح مئوية. ويلزم في هذه الحال أن يقدم المقاول بيانات وقوائم مالية دقيقة ومفصلة وبمواصفات محددة بالتكاليف يرفعها للجهة المحددة في العقد ويستحق حينئذ التكلفة بالإضافة للنسبة المتفق عليها. انتهى.
وهذا كما تقدم إذا كان المهندس يصنع هذا المبنى بمواد من عنده.
أما إذا كان المهندس لا يتولى إلا العمل والمواد يوفرها الزبون فالعقد عقد إجارة , ومن شروط الإجارة أن تكون الأجرة معلومة محددة لأن الإجارة تأخذ حكم البيع والأجرة تأخذ حكم الثمن, ولا بد في الثمن من أن يكون معلوما لأن جهالته تؤدي إلى الغرر, وفي الحديث: نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. رواه أحمد.
وعلى هذا فإن كانت تكلفة المشروع معلومة فلا حرج أن تكون الأجرة نسبة محددة من تلك التكلفة لأن المطلوب هو العلم بالأجرة وقد حصل, وإما إن كانت التكلفة غير معلومة والأجرة نسبة منها لم يجز أن تكون الأجرة نسبة منها لحصول الجهالة, وقد يكون هذا هو الذي سمعتم من أنه لا يجوز.
ولتوضيح ذلك راجع الفتوى رقم: 73143.
وللمزيد راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11224، 52619، 65418.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1429(12/2387)
شروط الاستصناع وحكم الاستصناع الموازي
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن شركاء في عقار تحت الإنشاء على أن نبني جميعا بمال حاضر كل ما هو مشاع مثل الأساسات والسور وخلافه ويتكفل كل شريك ببناء شقته وتراضينا على ذلك وقد بنيت شقتي ثم أتى أحد الشركاء يبادلني شقتي المبنية خرسانات فقط بشقته التي لم تبن بعد، فاشترطت عليه خوفاً من تغير الأسعار) أني أُبادله خرسانات بخرسانات، حيث إن المساحة واحدة والأرض واحدة فعليه أن يبني لي الخرسانات متى توفر معه المال. حدث هذا منذ عامين وارتفع سعر البناء حوالي 3 أضعاف. هو يدعي الآن أن هذا الاتفاق حرام لأن فيه غررا. أرجو الإفادة بشرعية هذا الاتفاق والحل إن لم يكن شرعياً حتى يصبح كذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قمت به من هذه المبادلة بالشرط المذكور يعتبر بيعا، ويدخل فيما يعرف بالاستصناع، وهو موضع خلاف بين الفقهاء، وقد أجازه مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره السابع بجدة بشرطين: الشرط الأول: بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة، الشرط الثاني: أن يحدد فيه الأجل.
ونص على: أنه يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة. ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 28827.
والذي يظهر لنا أن هذا العقد صحيح لا غرر فيه، ولك أن تراجع في معنى الغرر وضوابطه فتوانا رقم: 23724.
وإذا لم يكن الشريك المذكور ممن لهم معرفة وفيهم أهلية للقيام بالبناء بنفسه، فيمكن أن يعامل من يقوم عنه بذلك وهذا هو الاستصناع الموازي.
وينبغي أن يعلم أن مسائل النزاع لا يرفعها إلا قضاء القاضي الشرعي أو بالتحكيم الشرعي إن لم توجد ببلدكم محاكم شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(12/2388)
من الصور المشروعة للتمويل العقاري
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن آخذ تمويلا عقاريا، فما هي الطريقة الشرعية له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الصور المشروعة للتمويل العقاري الصورة التي تقوم البنوك الإسلامية بإجرائها وهي أن تتفق مع العميل على صفة البيت وثمنه، ثم تذهب إلى متعهد بناء فتطلب منه بيتاً بنفس المواصفات التي طلبها العميل، ولا علاقة للعميل بهذا المتعهد من قريب أو بعيد، وهو ما يسمى بالاستصناع الموازي؛ كما سبق في الفتوى رقم 29979.
وقد سبق بيان جواز شراء المنازل عن طريق التمويل العقاري إذا كانت ملكاً للبنك ولم يقترن العقد بشرط محرم كالتأمين على الحياة وذلك في الفتوى رقم: 95131.
كما سبق في الفتوى رقم: 80155، بيان جواز بيع المنازل عن طريق عقد الاستصناع بشرط أن تحدد مواصفات هذه المنازل وقيمتها تحديدا منافيا للجهالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(12/2389)
هل يلزم أن يصنع المستصنع بنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[في قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي بخصوص عقود التوريد جاء ما يلي:
ثانيا: إذا كان محل عقد التوريد سلعة تتطلب صناعة، فالعقد استصناع تنطبق عليه أحكامه ... سؤالي: هل يشترط فى المورد أن يكون هو من يصنع البضاعة أو يكفي بأن يتكفل للحريف بتوريدها ويطلب من أطراف أخرى تصنيع البضاعة، ف هل هذا العقد يمكن تطبيقه بغض النظر عن حجم المعاملة، يعنى لو كانت المعاملة صغيرة، يمكن تصنيفها فى هذا العقد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يشترط في عقد الاستصناع أن يكون المستصنع هو من يقوم بالصنعة بنفسه، وإنما يجوز أن يشتري ما صنعه غيره ويسلمه للمستصنع إذا كان موافقاً للمواصفات المشروطة، وليس ملزماً بأن يصنعه بنفسه، لأن العقد وارد على العين المستصنعة لا على الصنعة، جاء في الموسوعة الفقهية: جمهور الحنفية على أن العين هي المعقود عليها وذلك لأنه لو استصنع رجل في عين يسلمها له الصانع بعد استكمال ما يطلبه المستصنع سواء أكانت الصنعة قد تمت بعمل الصانع أم بعمل غيره بعد العقد فإن العقد يلزم. انتهى.
ولكن محل ذلك ما لم يشترط على الصانع مباشرة العمل بنفسه، وألا تكون شخصيته محل اعتبار عند طالب السلعة لمهارته وحذقه في صنعها أكثر من غيره.
وأما عن الشق الثاني من السؤال فالاستصناع يجوز في الصغير والكبير من الأشياء التي تنطبق عليها شروط الاستصناع، وانظر في الاستصناع وضوابطه الفتوى رقم: 11224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1429(12/2390)
جهالة الثمن في عقد الاستصناع
[السُّؤَالُ]
ـ[حجزت شقة تتبع جمعية الإسكان وقد تم سداد المقدمة وإجمالي مبلغ الشقة 70 ألف جنيه يتم سداد 50 ألف حتى الاستلام ويتم التخيير مابين سداد الباقي (20 ألف) دفعة واحدة أو تقسيطه على مدار 30سنة بإجمالي 42 ألف جنيه
كما وجدت أن جمعية الإسكان سوف تقترض مبلغ من البنك للقيام بالبناء على إجمالي عدد الوحدات التي سيتم إنشاؤها.
مع العلم بأن جمعية الإسكان هذه تقوم بأخذ المقدمة التي تم سدادها وتقوم باستخدامها في الإنشاء وعندما يكتمل 25% من إجمالي الإنشاءات يتم صرف 25% من قيمة القرض من البنك وهكذا
فهل قيامي ي بالحجز في هذا المشروع حرام؟ أي أني أخذت بربا أم لا؟
وعندما يكون ذلك حراما ما التصرف الذي يجب أن أفعله؟
هل لي الحق فى بيع ذلك؟ مع العلم أنه لا يمكن سحب المبلغ إلا بعد تمام إكمال المشروع أي بعد مرور 3 سنوات أنا بالفعل أحتاج ذلك المبلغ للزواج؟
وأنه إن تم البيع يكون بيني وبين المشترى فقط وكل التعامل بعد ذلك مع الجمعية يكون باسمى
فبرجاء إفادتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يصح في عقد الاستصناع أن يكون الثمن مجهولا، ومن الجهالة في الثمن أن يكون مترددا بين ثمنين بكذا نقدا أو بكذا آجلا ويمضي العاقدان العقد دون الجزم بالاستقرار على أحد الثمنين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن اقتراض الجمعية من البنك الربوي قرضا بفائدة محرم شرعا، ويتعلق أثم القرض بالقائمين على هذه الجمعية.
وأما المتعاملون معها في بناء الشقق فلا يؤاخذون بسبب هذا القرض ما لم تكن هذه الجمعية وكيلة عنهم كأن تكون جمعية خاصة بموظفي جهة ما. أما إن كانت الجمعية شركة استثمارية عقارية تبني الشقق بنظام الاستصناع وتقترض بفائدة لإ نجاز هذه المشاريع فالإثم على القائمين على الجمعية لا على المتعاملين معها بعقود مباحة.
وبناء على ما تقدم ينظر في العقد بين السائل وبين هذه الجمعية وهل هو عقد صحيح أم لا؟ والذي يظهر من السؤال أنه عقد غير صحيح لأن الثمن فيه جهالة لتردده بين أن يكون بكذا نقدا أو بكذا آجلا وأمضى العاقدان العقد بدون الجزم بأحدهما وهذا داخل فيما يعرف ببيعتين في بيعة وهو عقد فاسد.
جاء في نيل الأوطار في شرح حديث: نهى عن بيعتين في بيعة: رواه الترمذي وغيره: فسره سماك بما رواه المصنف عن أحمد عنه وقد وافقه على مثل ذلك الشافعي فقال بأن يقول بعتك بألف نقدا أو ألفين إلى سنة فخذ أيهما شئت أنت وشئت أنا.اهـ
وإذا كان العقد باطلا فيجب فسخه ثم إمضاؤه على أمر محدد، وأما بيع الشقة من السائل فلا يصح حتى يتملكها السائل، ولا يتملكها إلا بتصحيح العقد واستلامها بعد فراغ المستصنع منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1429(12/2391)
حكم عقد الاستصناع بما بقي في ذمة المقاول من مال
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الإخوة لهم قطعة أرض ورثوها عن أبيهم وحدث خلاف حول تقسيم الأرض لأن التقسيم سيجعل هناك فواصل بين كل قطعة وأخرى وهذا سيؤدي إلى تقليل حصة كل فرد منهم بشكل كبير فاتفقوا أن يبيعوا قطعة الأرض هذه لأحد المقاولين الذي يريد أن يبني عمارة في مكان الأرض , لكن المقاول قال إنه ليس لديه سيولة تكفي لدفع المبلغ كاملاً والبناء معاً لذلك عرض على الإخوة أن يعطي لهم جزءا من المبلغ يوزعونه بينهم والباقي سيكون شقة – لكل منهم – في العمارة التي سوف يبنيها في هذه الأرض, والإخوة وافقوا السؤال: هل هذا الفعل جائز شرعاً؟
وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذلك بشرط أن تحدد مواصفات هذه الشقق وقيمتها تحديدا نافيا للجهالة لأن حقيقة هذه المعاملة أنهم باعوا هذه الأرض للمقاول وقبضوا جزءا من الثمن، وما بقي لهم في ذمته عقدوا به معه عقد استصناع أو ما يسمى بعقد مقاولة لبناء شقق في العمارة المزمع إقامتها، وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم إلى أنه إذا كان لرجل في ذمة آخر دينارا فجعله سلما في طعام إلى أجل فإنه يصح السلم من غير حاجة إلى قبض حقيقي لرأس مال السلم، مع اتفاق الفقهاء على وجوب تسليم رأس المال معجلا لصحة السلم، وذلك لوجود القبض الحكمي لرأس مال السلم وهو ما في ذمة المدين المسلم إليه، فكأن الدائن بعد عقد السلم قبضه منه ثم رده إليه فصار معجلا حكما فارتفع المانع الشرعي، وقال ابن القيم: لو أسلم إليه في كر حنطة بعشرة دراهم في ذمته فقد وجب له عليه دين وسقط له عنه دين غيره، وقد حكي الإجماع على امتناع هذا، ولا إجماع فيه. قاله شيخنا واختار جوازه، وهو الصواب.
وإذا كان هذا يجوز في السلم الذي يشترط فيه تعجيل تسليم رأس المال في مجلس العقد فإنه يجوز من باب أولى في عقد الاستصناع الذي لا يشترط فيه ما يشترط في عقد السلم من تعجيل رأس المال، وراجع للفائدة والتفصيل الفتوى رقم: 28827، والفتوى رقم: 37651، والفتوى رقم: 11224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1427(12/2392)
الاستصناع الموازي من البدائل عن الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وموظفة ولي راتب ثابت ولكن لي إخوة شباب وفي سن الزواج، وأيضا لي أربع إخوة غيرهم في الجامعة وأنا الوحيدة عند أهلي التي لها راتب ثابت، وقد طلب مني والدي أن آخذ لهم قرضا على اسمي وراتبي من بنك اسمه (بنك الأقصى الاسلامي) حتى يتسنى لهم البناء فوق بيتهم لتأمين مسكن لإخوتي الشباب مع العلم أنني مسامحتهم بقيمة القرض بعد سداده ولا أريد في نيتي ويعلم الله أن نيتي إعفاف إخوتي وتزويجهم وبر والدي وإدخال الفرح على قلوبهم ونحن في زمن ندرت فيه الأفراح ولا يوجد بديل إطلاقا لتأمين المبلغ للبناء بسبب الأوضاع في بلدنا كما تعلمون وحتى الرواتب أحيانا تمرعلينا عدة أشهر ولا يستطيعون تأمينها لنا لذلك أرجو من فضيلتكم توضيح حكم الشرع فيما يلي:
أولا: هل لجوئي لهذا البنك بالذات وأخذ القرض من أي بنك إسلامي حلال أم حرام.
ثانيا: إذا كان حلالا فالبنك طريقة تعامله هي نعمل معاملة للبنك ويشترط أخذ مرابحة على المبلغ قيمتها (ستة في المئة ثابتة على كل المبلغ بحيث أسدد قيمة القرض، لنفترض على مدة سبع سنوات ولا يعطينا المبلغ نقدا بل يحاسب هو أي البنك المتعهد الذي يقوم بالبناء أولا بأول حتى ينتهي من البناء ولكن هناك سؤال يحيرني إذا كان مثل هذه المعاملة يجوز شرعا فأنا أعرف أنه يشترط على البنك ان يكون له مخازن ملكه حتى يخزن بها المؤونة أي مواد البناء ومن ثم بعد أن تصبح ملكه وفي مخازنه يبيعنا إياها بالمبلغ الذي اشتراها بها مضافا عليه المرابحة الستة بالمائة التي سيربحها مني عندما يبيعني إياها فهل هذا صحيح إذا لم تتوفر لديه تلك المخازن وبقيت المونة عند صاحبها الأصلي؟
ثالثا: أنا خائفة جدا من الله ويعلم الله ذلك وخاصة وأني سألت رجال دين وأئمة مساجد وهناك من قال لي إنه ليس مائة بالمائة حلال فأصبح هناك شك لدي في جواز مثل هذا التعامل؟
رابعا: هل يعد مثل هذا القرض الذي سوف أسدده على مر سبع سنوات أنني لدي طول أمل في الحياة ومن يضمن أنه سيعيش ليوم واحد فهل إذا مت قبل السداد أحاسب على هذا الدين وخاصة أنه لا يوجد طريقة لسداده إلا راتبي الشخصي مع ملاحظة نيتي المذكورة أعلاه، جزاكم الله خيرا وأرجو الإفادة فورا للضرورة حيث إنني أنوي تنفيذ ذلك هذه الأيام فقط إذا أفتيتموني أنه حلال مائة بالمائة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائلة تسأل عن ما يعرف بالاستصناع الموازي وهو أن يتفق مالك الأرض أو البيت مع البنك على أن يقوم البنك ببناء بيت على الأرض أو ببناء دور ثان أو ثالث على بيت موجود وفق مخطط معين وتكون مواد البناء على البنك وثمن ذلك كله يسدده مالك الأرض على أقساط يتفق عليها مع البنك، وفي هذه الحالة قد لا يكون للبنك مقاولون تابعون له فيعمد إلى أن يتفق مع مقاول أو شركة لتبني له ذلك المشروع بنفس الشروط والمخطط بسعر أقل، وهذا ما يعرف بالاستصناع الموازي وهو جائز شرعا ومن البدائل المناسبة للربا المحرم، وراجعي للمزيد الفتوى رقم: 28827.
وننبه السائلة الكريمة إلى أننا قلنا بجواز هذه المعاملة لأنها جائزة شرعا، أما مسألة النية الحسنة التي أشارت إليها فإنه لا تأثير في الحكم فالنية الحسنة لا تجعل الحرام حلالا، وأما قولك فهل إذا مت قبل السداد ... إلخ فراجعي بشأن ذلك الفتوى رقم: 19076، والفتوى رقم: 27939.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1427(12/2393)
حكم الامتناع عن بقية الثمن إذا تعذر تحصيل الصفة المشروطة
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع شخص يعمل نجارا بأن يعمل لي مطبخا وغرفة نوم واتفقنا على الأسعار والموديل فوجئت أنه أعطاني مطبخا غير الذي اتفقنا عليه غير الموديل الذي اتفقنا عليه فقبلته لأنني أعلم أنه لن يعطيني الفلوس التي دفعتها، ثم أعطاني غرفة النوم لكنها غير جيدة في التشطيب ولكن قبلتها لأنني مضطر ولأنني سوف أتزوج، المهم أني عرفت أن المطبخ الذي أعطاني أقل تكلفة من المطبخ الذي اتفقنا عليه لأني اتفقت معه على موديل غير الموديل الذي أعطاني، المهم أن سعر المطبخ الذي أعطاني أقل من المطبخ الذي اتفقنا عليه بمبلغ 300 جنيه مصري فهل علي إثم أو ضرر إذا لم أسلمه بقية المبلغ المتفق عليه أولا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي جرى بينك وبين هذا النجار داخل فيما يسمى بالاستصناع، ولك أن تراجع أحكام الاستصناع في كل من الفتوى رقم: 11224، والفتوى رقم: 8515، وبناء على ذلك فإن على هذا النجار أن ينجز العمل وفقا لشروط العقد، وإذا تبين أنه أخل بشرط منها, فإن من حقك أن لا تقبل المصنوع إلا بالصفة التي وقع عليها العقد، لما روى أحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون عند شروطهم. رواه البخاري تعليقا.
وإذا تعذر تحصيل الصفة المشروطة فلكما أن تفسخا العقد, أو تعدلا عن بعض ما كان مشترطا مع تعديل في الثمن إذا تراضيتما على ذلك, ولكما أيضا برضاكما العدول عما كان مشترطا ولو لم يتعذر تحصيله.
وعليه؛ فليس من حقك أن تمتنع من تسليم بقية الثمن الذي كنتما قد اتفقتما عليه، ولكن من حقك أن تمتنع عن قبول ما خالف الصفة التي تم عليها الاتفاق، وإذا تراضيتما على إسقاط بقية الثمن مقابل النقص الذي حصل فلكما ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1427(12/2394)
من العقود الجائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[عرض علي عمل هو صنع أساور كل صندوق من ثلاثين سوارا بمبلغ معين يرسل لي بالبريد أسبوعيا أقوم بالعمل في بيتي ثم أسلم إنتاجي أسبوعيا ويقوم صاحب العمل بتزويدي بكل ما يلزم من مواد خام وطريقة العمل، إلى هنا لا يظهر في المسالة بأس لكن ما أثار الشبهة في نفسي أنه لكي أشترك في هذا العمل أقوم أولا بإرسال مبلغ أرسله مرة واحدة وهو على النحو التالي جزء يقولون إنه قيمة المواد التي سترسل إلي وجزء اشتراك عضوية وجزء آخر صغير ضريبة هذا كله على حسب قولهم فما حكم الشرع في ذلك؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت وكانت مواصفات تلك الأساور محددة فلا حرج في تلك المعاملة، لأنها في المرات التي تلي المرة الأولى - حيث لا يدفع المبلغ المذكور - إجارة على عمل مباح.
وأما في المرة الأولى فهي عبارة عن عقد استصناع وحقيقته أن يطلب إنسان من آخر شيئا لم يصنع بعد ليصنع له طبق مواصفات محددة بمواد من عند الصانع مقابل عوض مالي وهو عقد جائز بشروطه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 8515 والفتوى رقم: 11224، ولا يخفى أنك في هذه المرة تملكين المواد الخام التي صنعت منها تلك الأساور مقابل جزء من المبلغ الذي تدفعينه لأول مرة، وأما الجزء المدفوع كاشتراك عضوية فلا حرج فيه مادام أنه بالتراضي، وكذلك لا حرج في الجزء الذي يدفع كضريبة سواء كانت تلك الضريبة من الضرائب التي يجوز للدولة فرضها أو لا، لأنها إن كانت جائزة فيجب الوفاء بها، وإن كانت ممنوعة فلا حرج في دفعها مادمت لا تستطيعين التهرب منها، والإثم على من فرضها لا عليك، وراجعي الفتوى رقم: 12982.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(12/2395)
يجوز بشرط بيان الثمن والزيادة عند العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر في بلادنا طريقة عمل وأرجو منكم البيان الشافي فيها مع العلم أنني طالب علم وأستشار بذلك
السؤال:
يقوم صاحب مال ببناء منازل بالطريقة التالية:
يقوم ببناء البيت على نفقته الخاصة كاملاً ثم بعد ذلك يحسب ما كلفه البناء من مواد وأجور ويضيف أرباحا عليها بنسبة مئوية يدفع صاحب المنزل مبلغاً مقدماً والباقي من المبلغ يسدد على عدة شهور أو سنوات بالتقسيط. فما حكم هذه الطريقة
ولكم منا جزيل الشكر وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة تحتمل صورتين:
الأولى: أن يكون صاحب المال قد ملك أرضا وقام ببناء منازل عليها ثم حسب تكلفتها وزاد عليها ربحه ثم عرضها للبيع مقسطة، فهذا بيع لا إشكال فيه، وقد تقدم فيه فتوى برقم: 20793.
الثانية: أن يطلب شخص من صاحب المال أن يقوم ببناء منزل أو منازل بصفة كذا وكذا، فوق أرض على ملك للشخص الطالب مع تحديد موعد التسليم، فهذا جائز أيضا بشروط، ويدخل تحت عقد الاستصناع. وقد سبق لنا فتوى فيه برقم: 28827 وأخرى برقم: 44766.
هذا، ولا بد من بيان الثمن عند العقد، ولا يضر أن يكون أكبر من التكلفة، لأن الدين له حصة من الثمن، لكن لا يجوز أن يبرم العقد ثم إذا ما انتهى من البناء حدد التكلفة والزيادة كما هو ظاهر السؤال، فإن ذلك مجرد سلف بزيادة وهو عين ربا الجاهلية المحرم تحريما شديدا بالكتاب والسنة والإجماع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(12/2396)
حكم دفع الأجرة لصانع الحلي على أقساط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء حرفي لصنع حلي مبلغاً من المال على أن يتم له ما تبقى عند الإستلام، علما بأن المبلغ المقدم يستعمل في شراء الذهب الخام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 29266.
أنه يجوز للشخص أن يدفع ذهبه الخام أو المصنوع إلى صائغ ويطلب منه أن يصوغه أو يعيد صياغته من جديد مقابل مبلغ معين.
فإذا كان هذا هو مقصود السائل فلا إشكال في حله، أما إن كان المقصود أن الشخص يشتري من الصائغ ذهباً بثمن مقسط يعجل له بعضه ويؤخر بعضه إلى حين استلام الحلي فهذا غير جائز، وراجع الفتوى رقم: 3079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1425(12/2397)
صانع أثاث قد أخل ببعض ما اتفق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا سيدي حول حق لا أعلم أن يكون له الحق فيه أم لا، باختصار إننا اتفقنا مع رجل صانع أثاث لتجهيز أثاث بيتنا، من المعروف عندنا أن العريس يعطي المهر للعروس، وأهل العروس يقومون بكل الاتفاقات مع صناع الأثاث، وتم تحديد تسليم الأثاث قبل الزفاف بـ25 يوماً، ولكن لم يوف بوعده، الصانع، وتم تسليم غرفة النوم قبل الزفاف بـ7 أيام، وتسليم جزء من الأثاث المتبقي قبل الزفاف بيومين، أما الجزء المتبقي فلم يسلم إلا بعد الزواج بشهر، واتضح أن به عيوباً كثيرة، وعند الاتصال كان يتهرب، وللحق هو قام بنقل آخر جزء من الأثاث على نفقته المهم لعدم الإطالة هو أتى إلى البيت عندي وشاهد العيوب وقال سوف أرسل من يصلحها وسوف تكون أفضل من قبل وسوف أخصم من المبلغ المتبقي 2000 جنيه، على الرغم من أننا اشترينا بعض الأشياء التي كان واجباً هو عليه شراؤها وهو اعترف بأن تخص من المبلغ هل له الحق في ما يطالب به أم لا، أو كيف أتصرف بما يرضي الله معه جزاكم الله خيراً.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من واجب كل واحد من المتعاقدين في موضوع الاستصناع أن يفي بما اشترط عليه، فالعامل عليه أن ينجز العمل على الصفة المتفق عليها، وفي الزمن المحدد لذلك، ورب العمل عليه أن يبذل الأجرة كاملة.
فإذا أخل العامل بما عليه بأن نقص بعض ما اشترط، أو جاء بالشيء المستصنع معيباً عيوباً لا يقبل مثلها في مثله، فللطرف الثاني الحق في رفض ذلك حتى يكمل نقصه أو يتراضيا على أجرة أخرى، أو يفسخا العقد من أصله، وراجع الفتوى رقم: 42534.
وإذا لم يقبل إلا أجرته كاملة مع بقاء النقص في المستصنع فلك أن ترفعه إلى المحاكم الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(12/2398)
التعامل مع شركة لبناء البيوت تودع مالها بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
1- ما حكم التعامل مع الجمعيات السكنية، وهي التي تقوم على أخذ دفعات شهرية من المشتركين لشراء العقارات ومن ثم يبدأ البناء والتخصص في المساكن حسب المخططات وأولوية التسجيل إلا أن الجمعية تضع المال في البنك، فإذا كان هذا حراما وقد اشترك الشخص في هذه الجمعية وهو لا يعلم وأصبح متخصصا في السكن، فهل يجب أن ينسحب أم يبيع البيت بربح معين ويحسب الفائدة ويوزعها، علما بأن البيت سيبقى باسمه إلى أن ينتهي البناء بالكامل؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما تقوم به هذه الجمعيات هو كما ذكرت من جمع المال على أقساط لمن يرغب في بناء بيت بمواصفات محددة، على أن يكونوا هم المتكفلين بالمواد على حسابهم، فهذا لا شيء فيه لأنه يدخل ضمن الاستصناع وهو مباح، وكون أصحاب هذه الجمعيات يودعون أموالهم في بنوك بالربا لا يحرم ذلك التعامل معهم، وانظر الفتوى رقم: 7707.
وننبه إلى أنه يجب على أصحاب الجمعيات المذكورة الانتهاء من هذه المعصية، وهي عونهم هذه البنوك بإيداع أموالهم فيها، ونذكرهم بقول الحق سبحانه: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(12/2399)
حكم التعديل في ثمن شيء مستصنع
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفق رجل مع نجار ليعمل له عملا معينا بخشب معين بثمن معين، لكن النجار لم يستخدم الخشب المتفق عليه، فنقص صاحب العمل الثمن؟ ما الحكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالذي جرى بين هذا الرجل وبين النجار داخل فيما يسمى بالاستصناع. ولك أن تراجع أحكام الاستصناع في كل من الفتوى رقم: 11224، والفتوى رقم: 8515. وبناء على ذلك، فإن على هذا النجار أن ينجز العمل وفقا لشروط العقد، وإذا تبين أنه أخل بشرط منها، وهو كونه استخدم خشبا غير الخشب المشروط، فإن لصاحب العمل أن لا يقبل إلا الخشب الذي وقع عليه العقد، لما روى أحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون عند شروطهم. ورواه البخاري تعليقا. وإذا تعذر تحصيل الخشب المشروط، فلهما أن يفسخا العقد أو يعدلا عن بعض ما كان مشترطا مع تعديل في الثمن، ولهما أيضا برضاهما العدول عما كان مشترطا ولو لم يتعذر تحصيله. وقد تبين من ذلك أنه لا مانع لصاحب العمل من قبول الشيء المستصنع على غير الصفة التي كانت مشترطة مع نقص في الثمن إذا تراضيا على ذلك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(12/2400)
لا تلزمك الزيادة إلا بطيب نفس منك
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تم الاتفاق بيني وبين نجار لعمل حجرة سفرة وتم الاتفاق على أنها تتكلف 5000 جنيه ولكن بعد عملها طلب مني 1500 جنيه زيادة بحجة أنها تكلفت هذا المبلغ مع العلم بأنه هناك نقص فى المواصفات المطلوبة فلم أعطه شيئا فهل أنا مذنب وقد أحسست من أفعال هذا الشخص أنه طماع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تم الاتفاق بينك وبين النجار على مبلغ محدد مقابل هذا العمل فليس له إلا ذلك، ولا تلزمك الزيادة عليه إلا أن تطيب نفسك بها، وفي الحديث: المسلمون عن شروطهم. رواه أبو داود.
الله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(12/2401)
يبني بيتا عن طريق بنك.. ويريد الاقتراض من الشركة المتعهدة بالبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين سؤالي هو: لقد أخذت قرضاً من البنك الإسلامي من أجل بناء بيت ومن شروط البنك أنه لا يعطي المبلغ نقداً وإنما يعطي المبلغ إلى متعهد البناء بعد أن ينزل البضاعة كاملة فاتفقت أنا ومتعهد البناء أن يأخذ نصف المبلغ ويعطيني النصف الآخر نقداً على أن أقسط عليه ما يتبقى من ثمن مواد البناء ما حكم الشرع في ذلك أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصورة التي تقوم البنوك الإسلامية بإجرائها حينما يطلب منها بناء بيت، أن تتفق مع العميل على صفة البيت وثمنه، ثم تذهب إلى متعهد بناء فتطلب منه بيتاً بنفس المواصفات التي طلبها العميل، ولا علاقة للعميل بهذا المتعهد من قريب أو بعيد، وهو ما يُسمى في اصطلاح البنوك الإسلامية بـ"الاستصناع الموازي"
وبناءً على هذا؛ فإنه لا مانع من أن تتفق مع المتعهد على أن يعطيك جزءاً من المال، لأن الصانع يملك ما سلمه المصرف له من المال وبالتالي يحق له التصرف فيه بالإقراض والهبة ونحوهما، لكن لا يجوز دفع زيادة في مقابل هذا المال للمعتهد، وإلا كان ربا محرماً، كما لا يجوز ذلك إذا أدى إلى تضرر البنك، بتأخير التسليم وما يشبهه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار." رواه أحمد في مسنده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(12/2402)
الاستصناع ... تعريفه وشروطه وأحكامه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوالإفادة بماهية عقد الاستصناع وشروطه وأحكامه ونسخة منه إن أمكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاستصناع في اصطلاح الفقهاء: أن يطلب إنسان من آخر شيئا لم يصنع بعد ليصنع له طبق مواصفات محددة، بمواد من عند الصانع، مقابل عوض مالي.
وهو شبيه بالإجارة، وبالسَّلَم، والبيع بالمعنى الخاص، أما شبهه بالإجارة فلأن العمل فيه جزء من المعقود عليه، وأما شبهه بالبيع من حيث أن الصانع يقدم المواد من عنده مقابل عوض، لكن تعريف الفقهاء المتقدم له يخرجه عن كونه واحداً من الثلاثة، ويوضح أنه عقد مغاير لهذه العقود، وهو من المعاملات الجائزة عند العلماء في الجملة، وإن كانوا اختلفوا في النوع الجائز منه، فالأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد جعلوه سلما، واشترطوا لصحته شروط السلم. التي من أهمها تقديم رأس المال في مجلس العقد.
أما الحنفية فقد أجمعوا -أو أكثرهم- على جوازه طبقاً للتعريف المتقدم، وجعلوه عقداً مغايراً للسلم فلا تجب فيه مراعاة شروطه، لكن منهم من قال: إنه مواعدة غير ملزمة لأحد الطرفين، وليست بيعاً إلا عند الفراغ من العمل وتسليم المصنوع إلى المستصنع وقبض الثمن، فإنه يلزم حينئذ. وهذا قول مرجوح عندهم، والذي عليه أكثرهم أنه عقد، وليس مجرد وعد.
والذي نرى - والله أعلم-أن الصحيح في تكييف عقد الاستصناع أنه عقد مستقل، ليس بيعاً، ولا إجارة، ولا سلماً -كما قدمنا- وهذا هو رأي مجمع الفقه الإسلامي، وذلك لمغايرته لكل الثلاثة. وقد استدل من أجازه بقوله تعالى: (قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سداًّ * قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً) [الكهف:94،95] قال ابن عباس: خرجاً: أجراً عظيماً.
هذا مع ما فيه من الرفق والتيسير على الصانع والمستصنع معاً، ولا شك أن جلب ما ييسر على الناس مقصد من مقاصد الشرع التي بني عليها، فتنبغي مراعاته حيث لم يرد نص يقضي بعدم ذلك، وإنما كان فيه تيسير عليهما لأن الصانع يكون قد باع مصنوعه مسبقاً وتحقق الربح فيه، فهو يعمل على هدى وبصيرة، ولولا عقد الاستصناع لاحتاج إلى البحث بعد صناعة الشيء عن فرصة لتسويقه، فقد يبيعه فوراً، وقد يتأخر بيعه، بل قد يكسر عنده فيتحمل نفقاته وصيانته وغير ذلك مما يمكن تجنبه وتفاديه بعقد الاستصناع.
وهناك أيضاً سلع يتعذر صنعها قبل وجود مشتر لها كبناء منزل بمواصفات معينة، وفي مكان معين ونحو ذلك.
وأما المستصنع فلأنه يستطيع أن يضع الشروط ويحدد المواصفات المرغوبة عنده، والملائمة لذوقه وغير ذلك مما لا يحصل غالباً إلا في هذا النوع من العقود. أما شروط صحته فإليك أيها السائل أهمها.
1-تحديد مواصفات الشيء المطلوب تحديداً يمنع التنازع والخصام عند التسليم.
2-عدم ذكر الأجل عند العقد، فإن ذكر أجل انقلب إلى عقد سلم تراعى فيه شروط السلم وأحكامه، وهذا عند الإمام أبي حنيفة.
لكن الذي قرره مجمع الفقه الإسلامي ويتماشى مع المعاملات المعاصرة هو أنه يجوز ذكر الأجل، بل يجب حسماً للنزاع، على أن الأجل الذي يجوز ضربه هو ما يحتاج إليه لإتمام العمل وليس أكثر من ذلك، ولا يشترط في صحة هذا العقد تعجيل الثمن بل يجوز تأخيره كله أو بعضه. لأنه ليس سلما، كما لا يشترط أن يكون ما يأتي به العامل من صنعه هو إلا إذا اشترط المستصنع ذلك.
وأخيراً، إذا اكتملت شروط صحة عقد الاستصناع وانتفت عنه الموانع فإن الصحيح أنه يلزم كلا من الطرفين، فلا يحق لأحدهما فسخه إلا برضى الطرف الآخر، هذا هو الذي تقتضيه المصلحة، وتنتفي معه المضرة، وهو الذي أخذ به مجمع الفقه الإسلامي، وهو قول عند بعض الأحناف. ومن أراد المزيد من الاطلاع على أحكام الاستصناع فليراجع: "بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة" تأليف: الدكتور محمد عثمان، والدكتورعمر سليمان الأشقر، ففيه الفائدة. وقد اعتمدنا عليه في هذه الفتوى.
والله الموفق للصواب.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1422(12/2403)
يجوز شراء شقة سكنية قبل إنشائها إذا انتفت الجهالة والغرر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم شراء شقة سكنية من برج قبل إنشائه مع العلم بأننى لم أقف على هذه الشقة على الأرض وشكرا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم أما بعد:
إذا علم المشتري صفات هذه الشقة علماً يرفع الجهالة، جاز شراؤها على الصفة التي ذكرت، وذلك بأن يعلم موقعها ومساحتها وهيئتها، وما تدهن به إن كان العقد قد تضمن ذلك. والمقصود أن تعلم جميع الصفات الممكنة لتنتفي الجهالة ويزول الغرر المفضي إلى النزاع … والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2404)
رهن المال عند المؤجر
[السُّؤَالُ]
ـ[أقطن بمنزل للكراء بمبلغ كبير، وأريد أن أرهن عوض الكراء، ما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح، فنرجو توضيح السؤال أو الرجوع إلى الفتوى رقم: 62027، للوقوف على حكم رهن مبلغ من المال عند المؤجر إلى حين انتهاء عقد الإجارة كما هو شائع في بلاد المغرب العربي إن كان سؤال الأخت السائلة حول هذا الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1427(12/2405)
الرهن في الكتاب والسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[مامعنى الرهن؟ وما حكمه؟ وما الدليل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه السائل أولا إلى أن موقعنا هذا مشغول ببيان الأحكام الشرعية العملية، نظرا لحاجة المسلمين إليها، أما مثل السؤال المطروح، فإنه أقرب إلى البحوث العلمية منه إلى السؤال عن الأحكام التي تعرض للمسلم في حياته اليومية، ولذا فإننا سنكتفي بذكر مختصر لما كتبه ابن قدامة في المغني بصدد ذكر الرهن، وملخص ما ذكره: الرهن في اللغة: الثبوت والدوام. يقال: ماء راهن. أي راكد. ونعمة راهنة. أي ثابتة دائمة. وقيل: هو من الحبس. قال الله تعالى: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ {الطور: 21} . وقال: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ {المدثر:38} . وقال الشاعر:
وفارقتك برهن لا فكاك له * يوم الوداع فأضحى الرهن قد غلقا.
شبه لزوم قلبه لها، واحتباسه عندها، لشدة وجده بها، بالرهن الذي يلزمه المرتهن، فيبقيه عنده، ولا يفارقه. والرهن في الشرع: المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفي من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه. وهو جائز. بالكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقول الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ {البقرة: 283} . وتقرأ: (فرهن) ـ بضم الراء ـ. والرهان: جمع رهن، والرهن ـ بضم الراء والهاء ـ: جمع الجمع. قاله الفراء. وقال الزجاج: يحتمل أن يكون جمع رهن ـ بفتح الراء ـ، مثل سقف ـ بفتح السين وسكون القاف ـ وسقف ـ بضم السين والقاف ـ. وأما السنة، فروت عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما، ورهنه درعه. متفق عليه. وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب بنفقته، إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة. رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي لله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يغلق الرهن. وأما الإجماع: فأجمع المسلمون على جواز الرهن في الجملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1426(12/2406)
صورثلاثة للبيع ما حكم الشرع فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[في منطقتنا وفي بلدي بشكل عام لا يملك الأفراد القدرة الشرائية لشراء احتياجاتهم من الأجهزة الكهربائية أو الأثاث لذلك يوجد عدة أنواع من الحلول قام بها التجار والأفراد لحل هذه المشكلة والدفع بالتقسيط منها:
1- أن يشتري لك الشخص ما تريد فوراً ولكن يشترط عليك مسبقا أخذ ثلاث مائة ريال على كل ألف وأن تسدد مع الأقساط.
2- هناك من التجار من يطلب دفع جزء من المبلغ المطلوب ورهن ذهب بالباقي أقساط حتى نهاية السداد وبدون أخذ أي فوائد، فأي الحلول حلال وأيهما حرام، أفيدوني؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمرين:
الأمر الأول: ما يتعلق بالطريقة الأولى للشراء وهي بأن يشتري لك الشخص ما تريد فوراً، ولكن يشترط عليك مسبقاً أخذ ثلاثمائة ريال على كل ألف، وأن تسدد مع الأقساط.
وهذه الطريقة لا تخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يقوم التاجر بشراء السلعة شراء حقيقياً، ثم يبيعها عليك مقسطة بثمن أزيد مما اشتراه به، سواء أدفعت له جزءاً من المبلغ مقدماً أم لا، فهذه معاملة جائزة، ويجري العمل بها في المصارف الإسلامية.
الحال الثانية: أن لا يشتري التاجر السلعة شراء حقيقياً، وإنما يدفع ثمنها للبائع نيابة عن المشتري، ليسترده مقسطاً مع زيادة، فهذا قرض ربوي محرم.
وينبغي الانتباه إلى أن الفارق بين الحالين هو شراء التاجر السلعة شراء حقيقيا بحيث تدخل في ضمانه وملكه، فحيث حصل هذا الشراء جاز للتاجر أن يبيعه، وراجع لمزيد فائدة الفتوى رقم: 50128.
والأمر الثاني: ما يتعلق بالطريقة الثانية للشراء وهي: أن هناك من التجار من يطلب دفع جزء من المبلغ المطلوب ورهن ذهب بالباقي على أقساط حتى نهاية السداد، وبدون أخذ أي فوائد.
وهذا لا حرج فيه، لأن الرهن مشروع بشرط ألا ينتفع منه المقرض بشيء، لأن كل نفع جره القرض فهو ربا، ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 51497، والفتوى رقم: 35604.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(12/2407)
الرهن في الكتاب والسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هات دليل جواز الرهن من السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدليل من السنة على جواز الرهن هو ما أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير.
ولا دليل أوضح من قوله تعالى: وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان مقبوضة. [البقرة:283]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(12/2408)
لا يصح رهن الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لإدارة الجمعية الخيرية أن ترهن ما تمتلك الجمعية من الموقوفات لقرض مال من جهة ما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوقف لا يجوز رهنه، وإنما الجائز رهن كل متمول يمكن أخذ الدين منه، أو من ثمنه عند تعذر وفاء الدين من ذمة الراهن، والشيء الموقوف لا يجوز بيعه فلا فائدة في رهنه.
قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: فلا يصح رهن ما لا يصح بيعه نحو أم ولد ومكاتب ووقف. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا يصح رهن ما لا يصح بيعه، كأم الولد، والوقف، والعين المرهونة، لأن مقصود الرهن استيفاء الدين من ثمنه، وما لا يجوز بيعه لا يمكن ذلك فيه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1430(12/2409)
حكم شراء إحدى شركات الإيجار المالي للعين المرهونة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مسالة أرجو من الله أن أجد عندكم حلا لها: أعمل خبيرا محاسبا لشركة قامت باكتراء مستودع لاستغلاله من طرفها لإصلاح السيارات منذ 2004، وعند إمضاء عقد الكراء كانت الشركة على علم بأن مالك المحل قام برهنه لدى بنك مقابل قرض منذ زمن، ومنذ فترة قليلة عزم البنك على بيع المحل على المزاد العلني بعد أن تأكد من استحالة تسديد القرض من طرف المالك، وبما أن هذا المحل يمثل القلب النابض للشركة وأن فقدانه يمكن أن يتسبب في أضرار كبيرة للشركة يمكن أن تؤدي إلى إفلاسها، فهل للشركة الحق من الناحية الشرعية في اللجوء إلى شركة للإيجار المالي لاقتناء المحل؟ نظرا لعدم توفر الإمكانيات المالية للشركة لشراء هذا المحل.
أرجوا منكم الإفادة، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شراء المستودع المذكورعن طريق إحدى شركات الإيجار المالي لا يجوز إن كان ذلك بقرض ربوي كما يفعله كثير من شركات الإيجار المالي، وينبغي اللجوء إلى الطرق المباحة والوسائل المشروعة كالشراء بالتقسيط على سبيل المرابحة أوالإيجارالمنتهي بالتمليك ونحوه، ولمعرفة الضوابط الشرعية لذلك انظر الفتويين رقم: 4243، ورقم: 6374.
وننبه إلى أنه إذا تم بيع العين المؤجرة، فإن منافعها تبقى للمستأجر إلى حين انقضاء مدة الإجارة، ولا حق للمشتري في منفعة العقار حتى تنتهي مدة الإجارة، جاء في المغني: إذا ثبت هذا - صحة بيع المؤجر- فإن المشتري يملك المبيع مسلوب المنفعة إلى حين انقضاء الإجارة. انتهى.
وراجع في تأجير العين المرهونة الفتويين رقم: 118392، ورقم: 15091.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(12/2410)
شروط جواز الانتفاع بالمرهون
[السُّؤَالُ]
ـ[أقطن بمنزل رهنه لي صديق بمبلغ من المال. هل تجوز الزكاة على هذا المال.علما أني أنتفع بالمنزل وليس المال. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهاهنا مسألتان، الأولى: في حكم زكاة مالك الذي بيدِ صاحبك، فهذا تجبُ عليك زكاته بلا شك، لأنه مملوكٌ لك فوجبت عليك زكاته، ويرى بعض العلماء أنه يلزمك إخراجها على رأس الحول مع مالك، ويرى بعضهم أن لك تأخير إخراجها حتى تقبض المال فتزكيه لما مضى من السنين، وانظر للتفصيل الفتاوى ذات الأرقام التالية: 119194، 117287، 860.
والثانية: في حكم انتفاعك بهذا المنزل، فإن كان المال الذي استقر في ذمة صديقك دينا بثمن مبيع أو نحوه جاز لك الانتفاع بهذه الدار بشرط أن يأذن لك في الانتفاع عند الحنابلة، وشرط المالكيةُ أن تكون قد اشترطت ذلك في العقد، فإن لم تكن قد اشترطت الانتفاع في العقد لم يجز، وأما إن كان هذا المال عن قرض أقرضته إياه، فإن انتفاعك بهذا المنزل غيرُ جائز، لأن الانتفاع بالمرهونٍ نظير القرض داخلٌ في باب الربا، والقاعدة: أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا.
قال الشيخ ابن ضويان في شرح الدليل: وله الانتفاع به مجاناً بإذن الراهن لطيب نفس ربه به، ما لم يكن الدين قرضاً، فيحرم الانتفاع لجر النفع، قال أحمد: أكره قرض الدور، وهو الربا المحض. يعني: إذا كانت الدار رهناً في قرض ينتفع بها المرتهن. انتهى.
جاء في الموسوعة الفقهية: فذهب الحنفية إلى أنه ليس للراهن ولا للمرتهن الانتفاع بالمرهون مطلقا، لا بالسكنى ولا بالركوب، ولا غيرهما، إلا بإذن الآخر، وفي قول عندهم: لا يجوز الانتفاع للمرتهن ولو بإذن الراهن ; لأنه ربا، وفي قول: إن شرطه في العقد كان ربا، وإلا جاز انتفاعه بإذن الراهن.
وقال المالكية: غلات المرهون للراهن، وينوب في تحصيلها المرتهن، حتى لا تجول يد الراهن في المرهون، ويجوز للمرتهن الانتفاع بالمرهون بشروط هي:
1 - أن يشترط ذلك في صلب العقد.
2 - وأن تكون المدة معينة.
3 - ألا يكون المرهون به دين قرض.
فإن لم يشرط في العقد وأباح له الراهن الانتفاع به مجانا لم يجز ; لأنه هدية مديان، وهي غير جائزة، وكذا إن شرط مطلقا ولم يعين مدة للجهالة، أو كان المرهون به دين قرض، لأنه سلف جر نفعا. انتهى.
ثم ذكروا مذهب الحنابلة، وقد عرفت ملخصه من كلام شارح الدليل المتقدم، ثم جاء فيها: وقال الشافعية: ليس للمرتهن في المرهون إلا حق الاستيثاق فيمنع من كل تصرف أو انتفاع بالعين المرهونة، أما الراهن فله عليها كل انتفاع لا ينقص القيمة كالركوب ودر اللبون، والسكنى والاستخدام، لحديث: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، وحديث: الرهن مركوب ومحلوب. وقيس على ذلك ما أشبهه من الانتفاعات.
أما ما ينقص القيمة كالبناء على الأرض المرهونة والغرس فيها فلا يجوز له إلا بإذن المرتهن؛ لأن الرغبة تقل بذلك عند البيع. انتهى.
وبما تقدم تعلم أن الواجبُ عليك ترك الانتفاع بهذا المسكن إن كان الدين الذي على صاحبك عن قرض، وعليك في هذه الحال إن انتفعت به أن تحسب أجرة المدة التي انتفعت فيها بهذا البيت، ثم تخصمها من دين صاحبك،
قال ابن قدامة في المغني: وإذا انتفع المرتهن بالرهن باستخدام أو ركوب أو لبس أو استرضاع أو استغلال أو سكنى أو غيره حسب من دينه بقدر ذلك. قال أحمد: يوضع عن الراهن بقدر ذلك لأن المنافع ملك الراهن فإذا استوفى فعليه قيمتها في ذمته للراهن فيتقاص القيمة وقدرها من الدين ويتسقاطان. انتهى.
وما تخصمه من دينه على هذا التقدير لا تلزمك زكاته، لأنه لم يعد ملكا لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(12/2411)
أجرة العين المرهونة من يستحقها
[السُّؤَالُ]
ـ[في هذه الآونة أنا بحاجة إلى مبلغ من المال، وعرضت على والدي فكرة رهن الكراج فوافق، لكنه يريد أخذ أجرة الكراء مع الرهن، وهذا محرم كما أسلفتم. هل يجوز لي أن أتحايل على أبي بأن أتفق مع الراهن أن أعطيه مبلغ الكراء من عندي ويعطيه هو لوالدي. أم أن هذا لا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الكراج ملكاً لكم، وأردتم أخذ دين ورهن هذا الكراج توثيقاً للدين، فإن أجرة الكراج إذا كان مؤجراً من حقكم لا من حق المرتهن، فإن الراهن وهو مالك الرهن له أن ينتفع بكل شيء في الرهن لا ينقص قيمته، كركوب الدابة، وحلب لبنها، والسكنى في الدار، وكذا التأجير، وهذا مذهب السادة الشافعية.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما ملخصه: اختلف الفقهاء في جواز الانتفاع بالمرهون، وفيمن له ذلك. فذهب الحنفية إلى أنه ليس للراهن ولا للمرتهن الانتفاع بالمرهون مطلقا، لا بالسكنى ولا بالركوب، ولا غيرهما، إلا بإذن الآخر. وقال المالكية: غلات المرهون للراهن، وينوب في تحصيلها المرتهن، حتى لا تجول يد الراهن في المرهون، وعند الحنابلة: إن كان المرهون غير مركوب أو محلوب، فليس للمرتهن ولا للراهن الانتفاع به إلا بإذن الآخر. أما المرتهن فلأن المرهون ونماءه ومنافعه ملك للراهن، فليس لغيره أخذها بدون إذنه، وأما الراهن فلأنه لا ينفرد بالحق، فلا يجوز له الانتفاع إلا بإذن المرتهن، فإن أذن المرتهن للراهن بالانتفاع بالمرهون جاز. وقال الشافعية: ليس للمرتهن في المرهون إلا حق الاستيثاق فيمنع من كل تصرف أو انتفاع بالعين المرهونة، أما الراهن فله عليها كل انتفاع لا ينقص القيمة كالركوب ودر اللبون، والسكنى والاستخدام وقيس على ذلك ما أشبهه من الانتفاعات. أما ما ينقص القيمة كالبناء على الأرض المرهونة والغرس فيها فلا يجوز له إلا بإذن المرتهن؛ لأن الرغبة تقل بذلك عند البيع. انتهى.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 15091، 16545، 18520، 22089.
ولم يسبق لنا أن أفتينا بحرمة أخذ الراهن لأجرة العين المرهونة، وإنما يحرم ذلك على المرتهن فلا يجوز له الانتفاع بالمرهون إذا كان الرهن مقابل قرض، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 16545.
وإذا كان المقصود من السؤال أن والدك يريد أخذ أجرة مقابل الرهن فهذا لا يجوز، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 68849.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(12/2412)
حكم بيع المرهون مع عدم تعجيل حق المرتهن
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي كالتالي، موظف اشترى سيارة بالتقسيط عن طريق بنك البركة الجزائري وهو بنك يدعي أنه إسلامي, والتقسيط لمدة 4 سنوات وقد مرت سنتان حتى الآن وثيقة السيارة على اسم هذا الموظف غير أنه توجد أسفلها عبارة: مرهونة لبنك البركة الجزائري، هذا الموظف بحاجة إلى المال وهو يريد أن يبيعني هذه السيارة بالتقسيط أيضا حيث أدفع نسبة معينة والباقي بأقساط أو أدفع ثمنها مرة واحدة من دون علم البنك وهو يتكفل بسداد باقي أقساطه تجاه البنك.
السؤال هو: ما حكم هذا البيع؟ إن كان حراما فما العمل لجعله صحيحا؟ وماذا يقع على المشتري في هذه الحالة. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيع المرهون مع عدم تعجيل حق المرتهن محل اختلاف عند أهل العلم، فمنهم من ذهب إلى أنه بيع باطل من أصله، جاء في كشاف القناع: وتصرف راهن في رهن لازم أي مقبوض بغير إذن المرتهن بما يمنع ابتداء عقده كهبة ووقف وبيع ونحوه لا يصح. انتهى.
وذهب آخرون إلى أنه بيع صحيح موقوف على إجازة المرتهن، كما جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: فبيع المرهون صحيح ولكنه موقوف على رضا المرتهن. انتهى.
وجاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام: إذا باع الراهن الرهن بدون رضا المرتهن لا يكون بيعه نافذا ولا يطرأ خلل على حق حبس المرتهن، بيد أنه إذا قضى الدين يصير البيع نافذا. وإذا أجاز المرتهن ذلك البيع يصير نافذا ويخرج الرهن من الرهنية ويبقى الدين على حاله. ويصير ثمن المبيع رهنا مقام المبيع. وإذا لم يجزه المرتهن فالمشتري مخير إن شاء تربص لحين فك الرهن، وإن شاء راجع الحاكم وفسخ البيع بمعرفته. انتهى.
فعلى هذا القول يجوز لك شراء السيارة ولا ينفذ البيع إلا بعد قضاء الرهن، ولكن لا بد للبيع أن يكون الثمن معلوماً، وإذا كان هناك أجل لا بد أن يكون معلوماً.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 19219، 96660، 113171.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(12/2413)
حكم شراء بيت مرهون للبنك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء منزل تم حجزه لأن صاحبه اشتراه بقرض من البنك ولم يتمكن من أداء مستحقات البنك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينظر إن كان البيت مرهونا في أصل الدين لا في فوائده وأذنت المحاكم الشرعية ببيعه أو أذن صاحبه بذلك فيجوز شراؤه.
جاء في المغني: إذا حل الحق لزم الراهن الإيفاء، فإن لم يوف وكان قد أذن للمرتهن أو للعدل في بيع الرهن باعه، وإن لم يكن أذن لهما في بيعه طولب بالوفاء، وبيع الرهن، فإن فعل وإلا فعل الحاكم ما يرى. انتهى.
وإن كان البيت مرهونا في فوائد الدين الربوية، فلا يجوز شراؤه لأن يد البنك عليه في هذه الحالة يد غاصبة ولا سلطان لها عليه فالشراء منها كالشراء من الغاصب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(12/2414)
يدفع أقساط بيت عمته المرهون ويريد نقل الملكية له
[السُّؤَالُ]
ـ[بيت مرهون أقوم بتسديد أقساطه للبنك لست أنا مالكه بل أدفع ذلك بدلاً من عمتي وعمرها 85 عاما رأفة بها أريد نقل الملكية لي لأثبت حقي به بعد موتها لأني أنا من أدفع هذا المبلغ الكبير كيف أفعل ذلك مع وجود الرهن الذي لم ينته بعد، مع العلم بأن عمتي موافقة ما السبيل القانوني لذلك حتى لا يأخذه ورثتها ليس لها أولاد فقط إخوتها أكرر لم يفك رهن البنك بعد ما زلت أسدد، الرجاء نصحي بالحل االقانوني لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيع المرهون مع عدم تعجيل حق المرتهن محل اختلاف عند أهل العلم، فمنهم من ذهب إلى أنه بيع باطل من أصله، كما جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: وتصرف راهن في رهن لازم أي مقبوض بغير إذن المرتهن بما يمنع ابتداء عقده كهبة ووقف وبيع ونحوه لا يصح. انتهى.
وذهب آخرون إلى أنه بيع صحيح موقوف على إجازة المرتهن، كما جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: فبيع المرهون صحيح ولكنه موقوف على رضا المرتهن. وجاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام: إذا باع الراهن الرهن بدون رضا المرتهن لا يكون بيعه نافذا ولا يطرأ خلل على حق حبس المرتهن بيد أنه إذا قضى الدين يصير البيع نافذاً.
وإذا أجاز المرتهن ذلك البيع يصير نافذاً ويخرج الرهن من الرهنية ويبقى الدين على حاله، ويصير ثمن المبيع رهنا مقام المبيع، وإذا لم يجزه المرتهن فالمشتري مخير إن شاء تربص لحين فك الرهن وإن شاء راجع الحاكم وفسخ البيع بمعرفته. انتهى.
فعلى هذا القول يجوز لك شراء البيت من عمتك ولا ينفذ البيع إلا بعد قضاء الرهن، ولكن ننبهك إلى أمرين: الأول: لا بد للبيع أن يكون الثمن معلوماً وإذا كان هناك أجل لا بد أن يكون معلوماً.
الثاني: أن يكون هذا البيع حقيقياً وليس تحايلاً لحرمان الورثة من حقوقهم الشرعية.. وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتوى 19219، والفتوى رقم: 96660.
أما بالنسبة للحل القانوني فلا علم لنا به فإن موقعنا مختص فقط بالفتاوى الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1429(12/2415)
شروط الرهن والمراهنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الرهن حرام أم حلال؟، وإذا كان حلالا فما هي شروطه؟. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل يقصد بالرهن المراهنة فقد تقدم جواب سؤاله في الفتوى رقم: 30673.
وإن كان يقصد الرهن بمعناه الشرعي وهو المال الذي يجعل وثيقة بالدين فتراجع بشأنه الفتوى رقم: 62580.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1429(12/2416)
لا مانع من رهن الذهب توثيقا للقرض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الرجل الذي يرهن قطعة من الذهب لدى القباضات المالية حيث يتسلم نصف ثمنها ثم بعد مرور مدة من الزمن يسترجع قطعة الذهب بعد أن يعيد للقباضة المالية المال الذي تسلمه منها مع نسبة أخرى من المال، إما بعنوان حفظ الشيء المرهون أو بعنوان فائض عن المال الذي سلمته القباضة المالية عند عملية الرهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا خلاف بين العلماء في مشروعية الرهن أصلا, فيجوز رهن الماشية والعقار والذهب, لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ {البقرة:283} .
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. رواه البخاري.
وعلى الراهن مؤن الرهن من نفقة وحفظ كما هو مذهب الجمهور, وخالفهم الحنفية فقالوا: إن أجرة الحفظ على المرتهن.
ففي الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ مؤنة المرهون على الرّاهن كعلف الحيوان، وسقي الأشجار، وجذاذ الثّمار وتجفيفها، وأجرة مكان الحفظ، والحارس، ورعي الماشية وأجرة الرّاعي ونحو ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرّهن من راهنه الّذي رهنه، عليه غرمه، وله غنمه. ولأنّه ملكه، فوجب عليه ما يحتاج لبقاء الرّهن.
وقال الحنفيّة: إنّ ما يحتاج إليه لمصلحة الرّهن بنفسه أو تبعيّته كعلف الدّابّة، وأجرة الرّاعي، وسقي البستان فعلى الرّاهن، وما يحتاج لحفظ المرهون كمأوى الماشية، وأجرة الحفظ فعلى المرتهن، لأنّ حبس المرهون له.
وبناء على هذا فلا مانع من رهن الذهب لدى هذه القباضات توثيقا للقرض الذي يؤخذ منها إذا اعتبرنا أن المعاملة قرض, ولا مانع من أخذ المرتهن أجرة حفظ الرهن من الراهن إذا لم تكن هذه الأجرة مبالغا فيها بحيث تكون ستارا لأخذ فائدة على القرض فتحرم, لأن كل قرض جر نفعا للمقرض فهو حرام بإجماع.
وإذا كان المال المأخوذ من القباضة ثمنا للذهب -كما هو ظاهر سؤالك- فالمعاملة صرف, ومن شرطه التقابض في مجلس العقد بأن لا يتفرق المتصارفان وبينهما شيء, والواقع هنا خلاف ذلك حيث بقي عند القباضة بعض الذهب لم يؤخذ مقابله من الثمن, وبهذا يكون الصرف باطلا, فيفسخ برد الذهب إلى مالكه والثمن إلى القباضة, كما أنه على هذا الفرض تدخل المعاملة هنا في بيع الوفاء حيث إن بائع الذهب يشترط عودة الذهب إليه إذا جاء بثمنه, وبيع الوفاء محرم.
جاء في قرار للمجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي: أولاً: إن حقيقة هذا البيع (قرض جر نفعاً) فهو تحايل على الربا، وبعدم صحته قال جمهور العلماء.
ثانياً: إن هذا العقد غير جائز شرعاً.
أما قولك: إن النسبة تؤخذ تحت عنوان فائض عن المال الذي سلمته القباضة المالية عند عملية الرهن فلم يتضح لنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1429(12/2417)
رهن المستعار
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا طلب مني المصرف الإسلامي رهناً كأن يكون مسكنا وأنا لا أملكه فطلبت من قريبي أن يرهن مسكنه مقابل مبلغ من المال.. فهل هذا جائز وما هو الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشترط في المرهون أن يكون ملكاً للراهن فيجوز رهن المستعار، قال ابن قدامة في المغني: يجوز أن يستعير شيئاً يرهنه. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا استعار من الرجل شيئاً يرهنه على دنانير معلومة، عند رجل سماه، إلى وقت معلوم ففعل، أن ذلك جائز. انتهى.
وعلى هذا فإن قبل قريبك أن يعيرك منزله لترهنه جاز ذلك، ولكن لا يجوز أن يأخذ مقابل ذلك مبلغاً من المال لأن العارية من عقود التبرعات التي لا يجوز أخذ المال في مقابلها.
كما يجوز أن يقوم قريبك برهن بيته من أجلك، وهذا من باب الضمان والكفالة وهما من عقود التبرع والإحسان ويثاب صاحبها إن حسنت نيته، ولا يجوز أن يشترط أو يطلب الكفيل مقابل كفالته أجراً، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 68849.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(12/2418)
حكم اشتراط المرتهن على الراهن أن لا يؤجر الرهن
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت شقة من جهة ما بالتقسيط على 40 سنة وكان يوجد بند في العقد يشترط عدم بيع أو تأجير الشقة قبل مرور 20 سنة على استلامي لها وإلا ترد الشقة للجهة، ولكني قمت بتأجيرها قبل هذه المدة (دون علم الجهة) ، فهل يكفي رد مبلغ الإيجار للمستأجر، أم يجب رد الشقة للجهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز رهن المبيع على ثمنه حتى يستوفى جميع الثمن، وإذا منع المرتهن الراهن من إجارة العين المرهونة حتى يستوفي الثمن فهو شرط صحيح من مقتضى عقد الرهن.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال يحتاج إلى إيضاح أكثر عن طبيعة العقد المبرم بين السائل والجهة التي اشترى منها الشقة، وعلى كل حال فنجيب على السؤال في نقطتين:
الأولى: بيع التقسيط وهو عقد على مبيع حال بثمن مؤجل بعضه أو كله يؤدى مفرقاً على أجزاء معلومة في أوقات معلومه، وهو بيع صحيح وله ضوابط، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 92988.
الثانية: إذا تم البيع صحيحاً واشترط البائع على المشتري أن لا يبيع أو لا يؤجر الشقة حتى يستوفي منه الثمن أو قدراً معلوماً منه فهذا شرط صحيح، وكأن المشتري رهن الشقة عند البائع مع إذن البائع له في الانتفاع بها دون البيع أو الإجارة.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: لا حق للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع؛ ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة. انتهى.
ومن الشروط الصحيحة في الرهن أن يشترط المرتهن على الراهن أن لا يؤجر الرهن في مدة الرهن، ذلك أن هذا الشرط من مقتضى عقد الرهن حتى لا تكون الإجارة مانعة له من استيفاء حقه من الرهن، ولكن ليس من حقه أن يشترط عليه أنه إذا أجر رد الشقة وفسخ البيع. فهذا شرط باطل لأنه على خلاف مقتضى عقد البيع الذي يقتضي انتقال ملكية المبيع إلى المشتري على وجه التأبيد لا التعليق.
وبناء على ما تقدم إذا خالف المشتري فأجر الشقة فالأجرة ملكاً له لأنها نماء ماله، فلا ترد إلى المستأجر ولا تدفع إلى البائع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(12/2419)
الرهن مقابل قرض مع انتفاع المقرض بالمرهون
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا بيت مرهون والطريقة هي كالآتي ... يدفع الشخص الذي يريد رهن البيت مبلغا لصاحب البيت وقسطا شهريا يقل بأكثر من النصف عن ثمن الكراء كنت قد استفتيتكم وأجبتموني بأن هذه المعاملة ربوية وأنا لم يعد لي شك بذلك ... بعد شهر من الآن وبضعة أيام ستنتهي فترة الرهن ويجب على والدي أن يرجع المبلغ لصاحبه ليخرج من البيت ... لكن والدي لا يملك المبلغ لأنه لو لم يكن بحاجة إليه لما لجأ للرهن، وهناك طرق لكي يحل المشكلة ومنها أن يرهن البيت لشخص آخر ويعطي المبلغ الذي سيأخذه من الشخص الجديد إلى الشخص القديم أو أن يجدد العقد مع الشخص القديم، وحيث إنني أنا محتاج لمبلغ من المال للزواج، فهل يحق لأبي أن يبحث عن شخص آخر يرهن له البيت بمبلغ أكثر من المبلغ الذي كان رهن به للشخص الأول ويعطي للشخص الأول مبلغه ويبقى لي أنا من المال لكي أجهز بيت الزوجية (وأقصد هنا القليل القليل حيث إنني لا أملك مالا لعمل الوليمة وما إلى ذلك من الأشياء المكلفة) أود الإجابة بالتفصيل في الأمر ... فهل يحق لي الانتفاع من فارق المبلغين بين الراهن الأول والراهن الثاني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأبيك رهن البيت بالصورة المذكورة لما تشتمل عليه من انتفاع المقرض بالبيت مقابل القرض وذلك محرم ومعدود من صنوف الربا وأنواعه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 9866.
وبناء على ذلك فلا يجوز لأبيك أن يبحث عمن يجدد معه هذه المعاملة المحرمة ويجب عليه الانتهاء عن ذلك، وعلى المقرض أن ينظره حتى يتوفر عنده المبلغ المطلوب كما قال الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280} ، علماً بأن المبلغ الذي يلزمه شرعاً هو الفرق بين مبلغ القرض وأجرة المثل لانتفاع المقرض بهذا البيت بغير حق.
وللمقرض أن يحتفظ بالبيت كرهن حتى يستوثق من حقه، ولكن مع عدم الانتفاع به إلا بما هو أجرة للمثل أو أكثر حتى تنتفي شبهة الربا، ومحل عدم جواز دخول أبيك في هذه المعاملة من جديد هو إذا لم يخش من عدم تسديده للمبلغ الوقوع في السجن وإلا جاز له ذلك لأجل الضرورة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 48727.
وفي هذه الحالة لا يجوز رهن البيت بمبلغ أكثر لتأخذ الفرق لأن الحاجة إلى الزواج ليست ضرورة تبيح الربا، كما هو مبين في الفتوى رقم: 53557.
ونسأل الله أن يغنيك بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(12/2420)
رهن الأرض مقابل الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي قطعة أرض زراعية أود رهنها لشخص مقابل مبلغ من المال على أن أسترد أرضي عند سداد هذا المبلغ لهذا الشخص (دون اعتبار للزمن) ، فهل هذا جائز مع العلم بأن هذا الشخص سينتفع بالأرض دون دفع إيجار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرهن الأرض مقابل الدين لا بأس به، لكن يحرم على الدائن الانتفاع بالأرض مقابل الدين لدخول ذلك في قاعدة كل فرض جر نفعاً فهو ربا، جاء في المغني: فإن أذن الراهن للمرتهن بغير عوض وكان دين الرهن من قرض لم يجز لأنه يحصل قرضاً يجر منفعة وذلك حرام. انتهى.
وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 16503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(12/2421)
أحوال انتفاع المرتهن بغلة الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[س1: ما حكم من استرهن مزرعة قائمة بها نخيل وأشجار وبئر واستغلها وعادت عليه بالمال الكثير والحمد لله ولكن عندما أراد صاحب المزرعة استرداد حقه رفض المسترهن أن يعيدها إلا بعد أن يقتل كل الأشجار والمزروعات التي أضافها هو مع العلم أنه استغل هذه الأشجار والمزروعات التي أضافها وباع من ثمارها ولم يعط مالك المزرعه الأصلي أي شيء مما جادت به المزرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للمرتهن أن ينتفع بالرهن إلا أن يكون في بيع وعينت كيفية الانتفاع ومدته. وإذا أراد المرتهن الخروج من الأرض فليس من حقه قلع أشجاره، بل الخيار لمالك الأرض.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن الذي له الحق في الانتفاع بالرهن هو الراهن وليس المرتهن لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه. رواه مالك وابن ماجه وحسنه السيوطي.
والرهن إذا كان مأخوذا عن قرض كان انتفاع المرتهن به ربا؛ إذ القاعدة الشرعية أنه لا يجوز انتفاع المقرض من المقترض، وكل قرض جر منفعة فهو ربا.
وأجاز بعض العلماء انتفاع المرتهن بالرهن في غير القرض بشروط.
قال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى-: وجاز شرط منفعته, إن عينت ببيع لا قرض ... ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 16545.
فتبين لك من هذا أن ما استفاده المرتهن من غلة الأرض لا يجوز إن كان الرهن عن قرض.
وإن كان عن بيع فإنه يجوز بشرط أن تعين كيفية الانتفاع ومدته.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن المرتهن إذا كان قد غرس أشجارا في المزرعة فليس من حقه أن يقلعها إذا أراد الخروج، بل يخير صاحب المزرعة بين أمر الغارس بإزالة ما غرسه وتسوية الأرض، وبين أن يستبقيها هو ويدفع لصاحبها قيمتها مقلوعة بعد طرح تكلفة القلع وتسوية الأرض.
قال الشيخ عليش في منح الجليل تعليقا على قول خليل: وإن انقضت مدة البناء والغرس فكالغصب، في تخيير مالكها في تكليف الباني والغارس بقلع بنائه وغرسه، ونقل نقضه وتسوية الأرض، ودفع قيمته مقلوعا لبانيه وغارسه مطروحا منها أجرة القلع والتسوية، إن كان الباني والغارس لا يتولاهما بنفسه ولا بخدمه.اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1429(12/2422)
حكم رهن البنك البيت المباع حتى يستوفي ثمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ووفقكم الله وشكراً لإجابتكم على السؤال السابق.. أما بعد: فسؤالي الأول هو: أود شراء بيت بقرض من بنك ربوي لكن لديه طريقة بديلة هكذا يسمونها، علما بأنه لا يوجد في بلدنا وهو المغرب بنوك إسلامية، وهذه الطريقة هي مثلاً يذهب الزبون يبحث عن البيت الذي يريده ثم يأتي البنك ويشتريه ثم يبيعه للزبون مقابل هامش ربح متفق عليه مسبقا وينتقل البيت بعد ذلك إلى ملكية الزبون، لكن يبقى مرهونا لدى البنك إلى أن يتم تسديد جميع المبلغ بالتقسيط في السنوات المحددة، وهل يجوز السكن في البيت وهو مرهون لدى البنك، والمدة المتفق عليها مع البنك لتسديد المبلغ مثلاً هي 20 سنة بقدر من المال شهرياً، لكن في حال دفع الزبون لمدة عشر سنوات ثم لم يعد يستطيع الدفع فكيف سيتصرف البنك مع الزبون، اتصلت بأحد فروع البنك وتكلمت مع مديره فقال لي في هذه الحال يبيع البنك البيت ويأخذ أمواله وأرباحه فإذا بقي شيء أعطوه للزبون وإذ لم يبق لم يعطوه، يعني عشر سنوات من الدفع راحت، علما بأن المعاملة بهذه الطريقة البديلة أغلى من القرض الربوي العادي؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطريقة التي عرضها السائل إذا كان يتم فيها فعلاً شراء البنك للبيت ودخوله في ملكية البنك أولاً ثم بيعه للعميل بثمن متفق عليه يقسط شهري على سنوات معلومة، فهذا داخل في بيع المرابحة وهو بيع صحيح، وقد تقدمت لنا فتاوى في هذه المعاملة نرجو مراجعتها في الفتوى رقم: 20793.
ويجوز للبنك في هذه المعاملة رهن البيت حتى يستوفي جميع الثمن لقوله تعالى: فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ {البقرة:283} ، فإذا لم يوف المشتري الثمن جاز بيع البيت المرهون وأخذ البنك حقه وما فضل من الثمن فلمالكه، لكن يجب أن يتولى هذا البيع الحاكم، ويكون ذلك بعد إعطاء رب الرهن مهله كافية لتدبير أمره.
ويجوز السكن في البيت خلال مدة الرهن، وننبه إلى أنه إذا كان لا يتم في المعاملة المسؤول عنها شراء البنك للسلعة ودخولها في ملكه، وإنما يقوم البنك فيها بإقراض الطالب للسلعة ثمنها مع زيادة ومشترطه فإنها هذا قرض ربوي وليس بيع مرابحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1429(12/2423)
حكم الرهن الشائع في بلدان المغرب العربي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الرهن لمن لا يستطيع شراء منزل؟ هل هذا يعتبر من الربا؟ وماذا إذا كان الشخص مضطرا؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل يقصد بسؤاله ما هوشائع في بعض بلدان المغرب العربي من أن يقوم الشخص بإقراض شخص مبلغا من المال على أن يؤجر المقترض للمقرض بيته بأجرة مخفضة، ويسمون ذلك رهنا وليس هذا من الرهن في حقيقة الأمر وإنما هو قرض جر نفعا، فالمقرض انتفع بالإيجار مقابل إقراضه.
وهذه الصورة معدودة من صور الربا فكل قرض جر نفعا فهو ربا.
وإذا كانت الصورة عكس ما تقدم وهو أن يقوم صاحب البيت برهن بيته عند من يقرضه لينتفع المقرض بالبيت فهذا حرام أيضا، وراجع تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 9866.
وما ذكره السائل من الضرورة ينظر فيه، فهل الضرورة متحققة أم لا، فإذا كان الشخص لا يجد مسكنا يؤويه هو ومن يعول إلا بهذه الطريقة بأن تعينت وسيلة لإيجاد أقل ما يمكن أن يؤيه هو ومن يعول فيباح له ذلك حتى تزول عنه حالة الاضطرار الملجئ، أما إن استطاع أن يجد سكنا يسكنه بتملك أو هبة أوإعارة أو إيجار بطريقة مشروعة فلا يجوز له العدول عن المشروع إلى المحظور.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1429(12/2424)
فك الرهن بزيادة عين الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في ضائقة وأحتاج بعض النقود فرهنت بعضا من الذهب لدى إحداى المحال التجارية وأخذت 300 دولار على أنه إذا أردت فك رهن الذهب أردهن له 350 دولار، فهل هذا حرام أو يعتبر ربا أو ما شابه ذلك فأفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة المذكورة هي عين الربا وهو ربا الجاهلية المعروف الذي نزل القرآن الكريم بتحريمه، فالواجب على الأخ السائل أن يتوب إلى الله عز وجل من هذا الذنب ولا يحل له أن يدفع الربا وهو هنا المبلغ الزائد على أصل الدين؛ لحديث: لعن الله آكل الربا وموكله. رواه مسلم.
ودفع الزيادة الربوية يدخل ضمن (موكله) ، وفي الحديث: فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي سواء. رواه البخاري.
وليجتهد في فك رهنه بدون دفع الربا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1428(12/2425)
حكم رهن البيت مقابل تأجيره للمرتهن بسعر رمزي
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستشيركم في مسألة ألا وهي: والدي عليه دين من البنك الربوي، وهو يريد الآن رهن البيت كي يرجع للبنك نقوده، علماً بأن رهن البيت يتم بالطريقة التالية: يعطي الشخص الراهن لصاحب البيت مبلغاً من المال مقابل تخفيض مبلغ الكراء، السؤال هو: هل يجوز اللجوء إلى الرهن من أجل إنهاء العلاقة مع البنك أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاقتراض من البنك الربوي بفائدة ربا محرم، ورهن البيت مقابل مبلغ من المال يأخذه المؤجر من المستأجر نظير انتفاعه بالسكن في بيته ربا أيضاً، لأن حقيقة المعاملة المذكورة أن المستأجر أو المرتهن أقرض المؤجر أو الراهن مالاً مقابل الانتفاع ببيته وهذا قرض جر نفعاً وهو حرام.
وما تلك الأجرة المخفضة أو الرمزية إلا حيلة لهذا المحرم، وعليه فلا يجوز اللجوء لمثل هذه المعاملة ولو كان ذلك سبيلاً لسداد الدين، كما أنه لا يلزم من اقترض من البنك سرعة سداد ما عليه ما لم يتعين ذلك وسيلة إلى إسقاط الفائدة الربوية، فإن تعين وسيلة لإسقاطها وأمكن دون الوقوع في حرج أو مشقة زائدة وجب، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 62027.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1428(12/2426)
رهن بيته في سداد دين غيره فبيع فماذا يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[بنى والدي مصنعا وكان حصته من هذا المصنع 50% ودخل مع والدي شريكا والد زوج أختي بحصة 5%، إلا أن المصنع لم ينجح لاحقا وغرق في الديون، احتاج والدي إلى البنك لآخذ قرض مالي فوافق البنك على إعطائه المال بشرط وجود رهن عقاري, فطلب والدي من والد زوج أختي أن يكفله بهذا المبلغ، وتم أخذ المال من البنك، إلا أن المشروع لم ينجح مما جر الويلات على والدي، فكر والدي ببيع المشروع وجد فعلا مشتريا، وكان أول شرط لوالدي على المشتري أن يقوم بفك الرهن العقاري على الأرض التي رهنها والد زوج أختي، إلا أن والد زوج أختي قام بإبطال هذا البيع لأسباب مثل طمعه أن يمتلك المشروع لوحده، وحاول والدي مرة أخري بيع المشروع ولكن أيضا والد زوج أختي أبطل فعلا البيع والاتفاقية في اللحظات الأخيرة فيما بعد أعلن والدي إفلاسه المالي وتم بيع المشروع وأيضا شركاته ومنزله المرهون للبنك وفاء للمشروع وأيضا قام البنك ببيع الرهن الذي وضعه والد زوج أختي، يطالبنا نحن الأبناء بالوفاء بالدين.. وأيضا يطالب والدي بسداد قيمة الرهن العقاري مع أنه منع والدي من بيع المشروع، ما هو الحكم الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من رهن بيته في دين شخص فبيع هذا الرهن رجع صاحب البيت على المدين بثمنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور كَفلّ والد السائل في دين لزمه وأعاره عقاره ليرهنه في ذلك الدين، فإنه إن بيع هذا العقار لسداد الدين رجع الكفيل (صاحب العقار) بثمن البيت على المكفول أو بما أدى عنه من ثمن، كما جاء في منح الجليل وشرحه حيث قال: وصح رهن الشيء المملوك لغير الراهن المستعار له أي لأجل رهنه فإن أدى الراهن الدين المرهون هو فيه للمرتهن رجع الرهن لمعيره وإن لم يؤده وأعسر الراهن بيع الرهن ووفي الدين المرهون فيه من ثمنه ورجع صاحب أي معير الرهن على الراهن المستعير بقيمته، أي الرهن المعار المبيع في وفاء الدين المرهون هو فيه أو رجع صاحبه بما أدى الراهن في الدين من ثمنه.. انتهى.
وإذا كان الدين لزم الاثنين باعتبارهما شريكين فإنه يرجع على شريكه بما زاد عن حصته من الدين لأنه في هذه الصورة أصيل وكفيل، وفي حالة الخسارة في الشركة يتحمل كل من الشريكين هذه الخسارة بقدر حصتهما من رأس المال، وأما مطالبة صاحب البيت المبيع في الرهن أبناء المدين بالوفاء بدين والدهم الحي فلا وجه لها ولا يلزمهم ذلك.
وعلى كل حال فهذه القضية وأمثالها يفصل فيها القضاء الشرعي، ولا يمكن للفتوى أن تحيط بجميع جوانبها لما يتطلبه ذلك من سماع كلام جميع الأطراف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(12/2427)
الرهن يعود إلى صاحبه بعد انتهاء الإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أن لدي صديق قام باستئجار شقة وكان العقد طبعا لمدة محددة، وكان من شروط العقد دفع عربون لمدة شهرين ولا يرد العربون إلا في حالة انتهاء المدة التي في العقد وصديقي الآن يريد أن يخرج من الشقة قبل انتهاء المدة، فقام صديقي بالبحث عن شخص آخر يسكن في الشقة بدلا منه وبهذا يضمن عدم خسران العربون، فجاء أحد الإخوة واتفق معه على أن يأخذ الشقة ويدفع له العربون، وبعد أيام من اتفاقهما تراجع الشخص الآخر بحجة أنه وجد شقة أخرى فهل على صديقي مطالبته بقيمة العربون بحجة الاتفاق ووقفه للبحث عمن يحل محله في الشقة وجزاكم الله عنا كل خير، وأرجو عدم إهمال رسالتي وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الذي دفع إلى المؤجر ليس عربونا وإنما هو رهن يبقى عند المؤجر للتوثق من حقه مدة بقاء الإجارة ثم يعود إلى صاحبه.
وليس للمستأجر أن يفسخ الإجارة قبل انقضاء المدة لأن الإجارة عقد لازم، وإذا اتفق مع المؤجر على أن يأتي بمستأجر آخر فوافق المؤجر فلا حرج في ذلك.
وإذا قام المستأجر بالبحث عن مستأجر آخر وعقد معه الإجارة على البيت وتفرقوا لزمه الوفاء بالعقد لأنه عقد لازم، وقد جوز العلماء للمستأجر أن يؤجر ما استأجره لأنه ملك المنفعة، ولو أراد المستأجر الثاني أن يفسخ لزمه دفع ما تم الاتفاق عليه من الأجرة لكل المدة، ولا يحتاج حينها إلى رهن، وأما إذا لم يفسخ فإنه يلزم بدفع الأجرة فقط في مواعيدها حسب الاتفاق، وأما الرهن فلا يلزم به لأن الرهن لا يكون عند جمهور أهل العلم إلا بالقبض والتسليم للمرتهن، لقوله تعالى: فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ {البقرة: 283} ، وذهب المالكية إلى لزوم الرهن بمجرد العقد وأن للمؤجر أن يرفع الأمر للقاضي ليلزم المستأجر بالرهن أو دفع كامل الأجرة لكل المدة، قال الشيخ عليش رحمه الله: ومن اشترى سلعة بثمن معلوم إلى أجل معلوم بشرط رهن شيء معين فيه ثم امتنع من دفع الرهن أجبر الراهن عليه أي دفع الرهن للمرتهن أو لأمين إن شرط الرهن. اهـ باختصار، ومثل رهن البيع رهن الإجارة.
ولا بد أن يعلم المؤجر الأول والثاني أنه لا يجوز الانتفاع بالرهن على الإجارة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرم هـ. رواه مالك وابن ماجه وحسنه، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 28039.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1428(12/2428)
حكم بيع المرهون
[السُّؤَالُ]
ـ[عرض علي صديقي أن أشتري منه عقارا, كان موضوع عقد بيع سابق من طرف أبيه كيفما سيقع عرضه.
حيث أبرم والد صديقي مع شخص عقد بيع لعقار بقيمة 34 ألف دينار منذ سنة 1998 , وقع الاتفاق بينهما على أن يتم تسديد المبلغ على دفعتين , دفعة أولى بعنوان تسبقة قيمتها 16 ألف دينار والباقي يقع دفعه عند مدّ المشتري بسند الملكيّة بعد أن تبين لوالد صديقي استحالة استخراج تلك الوثيقة آنذاك إذ تفاجأ بأن كل العمارة مرهونة ورفض في المقابل هذا المشتري فسخ عقد البيع على ضوء تلك المستجدات.
وحيث تحوّز المشتري بالشقّة وسوّغها طيلة 10 سنوات ب4200 د في السنة لشخص آخر.
وحيث لم يكتف المشتري برفضه فسخ البيع بل قام بالتحيل على والد صديقي فأوهمه بأنه يطلب منه أن يمضي على الوثيقة التي تفيد أنه توصّل منه بمبلغ التسبقة إلا أنه جعله يمضي على مبلغ جملي قيمته 29 ألف دينار, فاحتال عليه بالتالي في مبلغ 13 ألف دينار وادعى بأنه غير مدين لوالد صديقي إلا بـ5 ألاف دينار.
وحيث توفي والد صديقي متألّما من ذلك الاحتيال وبقي الأمر على ما هو عليه ,وقد كنت مواكبا لهذه الوضعية منذ بدايتها وملمّا بكل تفاصيلها.
وحيث توصّل صديقي مؤخرا بسند الملكية فجاءني عارضا عليّ ما يلي:
أن أشتري منه ذلك العقار بمبلغ 30 ألف دينار وهو أمر ممكن في القانون التونسي باعتبار أن القاعدة هي أن ملكية العقار ترجع للمشتري الذي يسابق إلى ترسيم مشتراه بإدارة الملكية العقارية بالاعتماد على ذلك السند بحيث يصبح سند الملكية باسم الشخص الذي يسبق إلى ترسيم مشتراه.
أما المشتري الذي لم يقم بترسيم مشتراه فليس له الحق إلا في استرجاع المبالغ التي دفعها فقط ولا يكون له الحق في الملكية.
لذا ولهذه الأسباب فإني أستفسر عما يلي:
1-هل البيع الذي تم بين والد صديقي والشخص المحتال صحيح أم فاسد؟
2-هل اشترائي لهذا المحل شراء صحيح أم فاسد؟
بارك الله فيكم وفي جميع المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلبيان حكم البيع المذكور ينبغي أن تعرف لماذا لم يتمكن البائع من الحصول على سند الملكية. هل لأن الشقة المباعة مرهونة بذاتها بدين، أم أن العمارة التي توجد فيها الشقة مرهونة، وليس بالضرورة أن تكون الشقة المباعة كذلك.
وعلى كل نقول: إذا كانت الشقة مرهونة، وكان بقاء سند الملكية عند المرتهن بمثابة قبض لهذا الرهن، وقام المالك لها ببيعها بدون إذن من المرتهن- فهذا البيع محل اختلاف عند أهل العلم، فمنهم من ذهب إلى أنه بيع باطل من أصله؛ كما جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: وتصرف راهن في رهن لازم أي مقبوض بغير إذن المرتهن بما يمنع ابتداء عقده كهبة ووقف وبيع ونحوه لا يصح. اهـ
وذهب آخرون إلى أنه بيع صحيح موقوف على إجازة المرتهن، كما جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: فبيع المرهون صحيح ولكنه موقوف على رضا المرتهن. اهـ
فعلى القول الثاني يُعتبر البيع المذكور صحيحا نافذا باعتبار حصول المالك على سند الملكية إجازة من المرتهن للبيع، وبالتالي لا يجوز للأخ السائل أن يشتري الشقة من صديقه لخروجها عن ملكه لصحة البيع الأول ونفاذه، وما حصل عليه المشتري الأول من غلة الإيجار فهو له لأنه بان أنه مالك للشقة فيما مضى.
وأما على القول الثاني فالبيع باطل، وعلى المشتري تسليم الشقة ودفع ما حصل عليه من غلة الإيجار إلى المالك؛ لأنه بان أنه غير مالك للشقة.
والذي نرى رجحانه هنا هو أن بيع المرهون صحيح نافذ إذا كان برضى مرتهنه.
وهنا مسألة وهي أن تراجع المالك عن بيع المرهون -على القول بصحة البيع- لا يبطل البيع لأنه في حقه صحيح لازم لكنه غير نافذ إلا بإذن المرتهن.
وبالإشارة إلى القانون المذكور فإنه قانون غير صحيح؛ لأن البيع إذا تم مستوفيا شروطه وأركانه ترتبت عليه آثاره من انتقال المبيع إلى ملكية المشتري واستحقاق البائع للثمن، ولا يجوز لآخر أن يشتري المبيع في هذا البيع الصحيح؛ لحديث: لا يبع أحدكم على بيع أخيه. رواه مسلم. ويعتبر البيع الثاني باطلا، أما سند الملكية ونحوه فهو للتوثيق وحفظ الحقوق، ولا يصح في الشرع أن من حصل عليه يعد مالكا ويبطل حق المشتري الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1428(12/2429)
حكم بيع الرهن مع عدم تعجيل حق المرتهن
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بالتحديد هو: ما حكم شراء سيارة بالتقسيط من إحدى الشركات الموجودة في بلادي، مع العلم بأنهم يضعون هذا الشرط في كتيب السيارة وهو عليها امتياز لصالح الشركة التي اشتريتها منها، وهل يجوز لي بيع هذه السيارة، مع العلم بأن عليها الامتياز أم لا بعد استلامها، هذا أولاً. وثانياً: هل يجوز لي الانتفاع بهذا المال دون الرجوع إلى هذه الشركة، علما بأن الشركة أخذت علي كمبيالات بالمبلغ المتبقي وموافقة مني على أخذ جزء من مرتبي شهرياً وأخذت حوالي ثلث ثمنها مني عند الاستلام والباقي مقسط، وثالثاً: وهل هذه السيارة تعتبر رهنا عندي لا يجوز بيعها إلا بعد سداد جميع أقساطها أم لا، أم يجوز لي بيعها والانتفاع بهذا الثمن رغم أني اعتبرتها أنا مثل الرهن باعتبار وضع كلمة عليها امتياز في الكتيب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن السيارة مرهونة لصالح هذه الشركة بما يسميه الفقهاء المعاصرون بـ (الرهن الرسمي) وهو جائز عندهم، وهو أن يرهن المبيع مع نقل ملكيته وتسليمه للمشتري، ولكن يكتب في ملكيته أنه يمنع على المشتري بيعه لأنه مرهون لصالح شركة كذا.
وما ذكرت من الامتياز فهو مصطلح قانوني يجعل لصاحب الحق العيني أفضلية وأولوية على سائر الدائنين العاديين في استيفاء دينه إذا كان دينه موثقاً برهن، وعلى هذا فلا يجوز لك بيع هذه السيارة إلا إذا كنت ستعجل للشركة حقها، لأن بيع الرهن مع عدم تعجيل حق المرتهن يفوت حق المرتهن (الشركة) في التوثق في ماله، وراجع الفتوى رقم: 19219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1428(12/2430)
حكم طلب رهن من المستأجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لصاحب البيت أن يطلب من المستأجر مبلغاً معيناً بدون ربا كضمان، يتسلمه المستأجر كاملاً إذا سلم البيت سليماً، لكن إذا خرب شيئاً ينقص من ذلك الضمان بحسب ما تطلبه إصلاح ما خربه، أو كذلك ينقص من الضمان ثمن الكراء إذا عجز المستأجر عن دفع الكراء قبل تسليم البيت؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن صاحب البيت أجره بأجرة معلومة لا جهالة فيها، ثم طلب من المستأجر المبلغ المذكور كرهن استيثاقاً وضماناً لما قد يترتب على المستأجر من الحقوق، فهذا لا محظور فيه، لأن حقيقة المسألة حينئذ أنها إجارة مستقلة ورهن مقبوض، وسيرد إلى صاحبه عند انتهاء العملية، وهذا لا إشكال فيه -والله أعلم- ويجب أن يُعلم أن المرتهن الذي أخذ الفلوس لا يجوز له استثمارها، ولا الانتفاع بها بأية حالة، لأنها ملك للمستأجر، أما إذا كانت حقيقة المسألة هي: أن استثمار صاحب البيت للفلوس والأرباح الناتجة من الاتجار بها يعد جزءاً معتبراً من الأجرة، فهذا لا يجوز لما فيه من الجهالة بالأجرة والغرر، ولأنه سلف جر نفعاً، فكأن المستأجر أقرض رب العقار المبلغ في مقابل استغلاله هو للعقار، وكل قرض جر نفعاً فهو ربا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 9866.
وأما مسألة ضمان المستأجر للدار المستأجره فإنه لا ضمان عليه إلا في حالة التعدي أو التفريط في الحفظ. وما سوى ذلك لا ضمان عليه فيه، جاء في كشاف القناع ما يلي: والعين المستأجرة أمانة في يد المستأجر إن تلفت بغير تعد ولا تفريط، لم يضمنها. لأنه قبض العين لاستيفاء منفعة يستحقها منها فهو مؤتمن، (والقول قوله) بيمينه (في عدم التعدي) لأنه الأصل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1428(12/2431)
حكم رهن الذهب عند الصائغ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي شروط رهن الذهب عند الصائغ وجزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرهن مشروع بالكتاب والسنة، ودليل مشروعيته من الكتاب قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ {البقرة:283} . ومن السنة ما أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير.
ولا فرق في الرهن بين الذهب وبين غيره، ولا بين أن يكون المرتهن صائغا أو غير صائغ. وإنما المشترط في الذهب إذا لم يوضع عند أمين، ولم يكن حليا، -ومثل الذهب سائر المثليات- أن تجعل عليه علامة تمنع المرتهن من استلافه وإرجاع بدله إذا حل الأجل. قال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى-: والمثلي ولو عينا بيده إن طبع عليه. قال الخرشي: أي وصح رهن المثلي ولو ذهبا أو فضة إن طبع عليه طبعا لا يقدر على فكه غالبا، بحيث لو أزيل علم بزواله حماية للذرائع؛ لاحتمال أن يكونا قصدا قبضه على جهة السلف وسمياه رهنا، واشتراط السلف في المداينة ممنوع, والتطوع به هبة مديان. بخلاف غير المثلي، ومن غير المثلي الحلي. وإنما يشترط الطبع حيث جعل بيد المرتهن، أما لو جعل بيد أمين فيصح ولو لم يطبع عليه. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(12/2432)
هل ينتفع المرتهن بغلة الأرض المرهونة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي محمد يحتاج إلي مبلغ مني عند زواج ولده مقابل أن يرهن لي قطعة أرض زراعية لمدة عامين على أن يرد لي المبلغ كاملا، من يزرع الأرض ويستفيد منها أنا أم أخي، وهل إذا زرعتها أنا بدون أن أعطيه شيئا منها ولا حتى إيجار حتي يرد لي المبلغ كاملا يكون ذلك ربا لأنه قرض جلب منفعة، أم ماذا يكون الحل الشرعي في هذا الوضع، ونرجو الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي له الحق في إنتاج الأرض هو مالكها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه. رواه مالك وابن ماجه وحسنه السيوطي.
ولأن الرهن إذا كان مأخوذاً عن قرض كان انتفاع المرتهن به ربا، والقاعدة الشرعية أنه لا يجوز انتفاع المقرض من المقترض، لما صح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أن كل قرض جر منفعة فهو ربا. رواه البيهقي وغيره، من حديث فاضلة، وأورده الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.
والحل الشرعي في هذه المسألة هو أن توضع الأرض عند من يستغلها على سبيل الكراء أو المزارعة وتكون غلتها للراهن، ولا مانع من أن تستوفي أنت دينك من غلتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1427(12/2433)
أقوال العلماء في رهن المبيع على ثمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت شراء سيارة من أحد معارض السيارات بنظام الأقساط المتعارف عليه, ولكنهم أفادوني بأنهم لا يبيعون بنظام الأقساط المتعارف عليه وإنما يقومون بتطبيق نظام أقساط يضمن لهم حقوقهم ويسمى "البيع بالرهن"، وتكون بنود العقد كما يلي:
1- يبيع (أ) من (ب) السيارة بكفالة غرم وأداء وضمان من (ج) .
2- يتعهد (ب) و (ج) بأن يدفعوا المبالغ المستحقة في مواعيدها ودون تأخير.
3- يقر (ب) ويقبل بتسلمه العين المباعة مع رهن لصالح (أ) ببقاء استمارتها باسم (أ) حتى تمام الوفاء بكامل القيمة.
4- يتحمل (ب) كافة الأضرار وأجور الصيانة التي تتطلبها السيارة.
5- اشترط (أ) بأن يحتفظ بنسخة من مفتاح السيارة وأن من حقه سحبها أو احتجازها في أي مكان متى لم يف (ب) أو كفيله بأي قسط في موعده المحدد دون إخطاره، ومن حق (أ) بيع السيارة بعد سحبها ومضي شهر على ذلك وعدم قيام (ب) بسداد المتأخرات على السيارة.
6- إذا لم يلتزم (ب) بسداد الدفعات الشهرية في مواعيدها لمدة ثلاثة أشهر متتالية أو متفرقة تصبح المديونية جميعها حالة دفعة واحدة ويسقط الأجل.
7- يجوز للطرفين (ب) و (ج) تسديد كافة الأقساط قبل موعد استحقاقها ويحدد (أ) وحده مقدار مبلغ الخصم نظير السداد المبكر.
8- يقر (ب) و (ج) بخلو ذمتهما من أي ديون سابقة وعدم إشغال ذمتهما مستقبلاً بأية ديون من شأنها الإنقاص من الضمانات المقدمة لـ (أ) .
هل هذا العقد جائز أم لا, وما هي أوجه اختلافه عن عقد الإيجار المنتهي بالتمليك؟ آسف للإطالة وجزاكم الله عني وعن المسلمين جميعاً خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبنود المرفقة في السؤال عن العقد المذكور منها ما هو جائز ومنها ما هو غير جائز أو يحتاج إلى تفصيل، فبالنسبة للبند رقم (1) والبند رقم (2) فإن كلا منهما بند جائز، فللبائع أن يطلب من المشتري كفيلاً يكفله فيما عليه من ديون وفي الأوقات المتفق عليها، جاء في منار السبيل: باب الشروط في البيع وهي قسمان: صحيح لازم، وفاسد مبطل للعقد. فالصحيح كشرط تأجيل الثمن أو بعضه أو رهن أو ضمين معينين. انتهى.
وبالنسبة للبند رقم (3) فإذا كان المقصود ببقاء الاستمارة باسم البائع هو عدم نقل الملكية إلى المشتري.. فهذا شرط باطل، لأنه على خلاف مقتضى العقد، أما إن قصد رهن السيارة أي منع المشتري من بيعها حتى يستوفي كامل الثمن فلا حرج في هذا الشرط.
وبالنسبة للبند رقم (4) وهو تحمل المشتري الأضرار وأجور صيانة السيارة، فإذا كان المقصود بهذه الأضرار أو الأجور حال وجود السيارة المرهونة عند البائع بدون استعماله لها، فإن الرهن يعتبر أمانة عند المرتهن، فإذا لم يتعد عليه لم يتحمل الضرر الواقع عليه، ويتحمله صاحبه الراهن. أما إن تعدى أو فرط في حفظه فإنه يضمن، وكذلك إن استعملها فإنه يتحمل نفقتها، جاء في المصدر السابق: وهو -أي الرهن- أمانة بيد المرتهن لا يضمنه إلا لتفريط.
هذا وما تقدم في هذا البند بناء على قول من يجوز من الفقهاء رهن المبيع على ثمنه، كما جاء في المغني: وإذا تبايعا بشرط أن يكون المبيع رهناً على ثمنه لم يصح قاله ابن حامد وهو قول الشافعي لأن المبيع حين شرط رهنه لم يكن ملكاً له وسواء شرط أن يقبضه ثم يرهنه أو شرط رهنه قبل قبضه ... وظاهر الرواية عند أحمد صحة رهنه. انتهى.
وقد أخذ مجمع الفقه الإسلامي بالرأي الثاني فجاء في قراره رقم: 53/2/6: يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة. انتهى.
وبالنسبة للبند رقم (5) الذي ينص على أن للبائع الحق في بيع السيارة إذا تأخر المشتري عن دفع الأقساط شهراً بدون حكم محكمة أو تقاض، فهذا البند يجوز إن أذن الراهن للمرتهن في بيع رهنه، وموافقته على هذا الشرط في عقد البيع إذن، ولكن يشترط أن لا يرجع عن إذنه، فإن رجع عن إذنه فيجب الرفع إلى الحاكم حتى يفصل بينه وبين الراهن، جاء في دقائق أولي النهى: ومن أبى وفاء دين حال عليه وقد أذن في بيع رهن ولم يرجع عن إذنه بيع أي باع الرهن مأذون له.... وإلا يكن إذن في بيعه أو كان إذن ثم رجع لم يبع ورفع الأمر لحاكم. انتهى.
وبالنسبة للبند رقم (6) فقد أجاز مجمع الفقه الإسلامي للبائع أن يشترط على المشتري أنه في حالة تأخره عن دفع الأقساط لمدة معلومة أن يعجل بحلول بقية الأقساط، كما في القرار رقم: 53/2/6.
بالنسبة للبند رقم (7) وهو الخصم من الدين مقابل تعجيل سداد الأقساط، فجمهور العلماء على أنه إذا لم يحل القسط فيطلب الدائن أو المدين السداد مقابل إسقاط جزء من الدين أن هذا غير جائز وهو ربا وهو المعروف بقاعدة (ضع وأتعجل) .
أما إذا جاء المدين لتسديد الدين كاملاً فقال له الدائن: قد أسقطت عنك كذا، فلا بأس ما لم يكن عن تواطؤ مسبق.
وأخيراً البند رقم (8) فإن البائع يشترط شرطاً في مصلحة ولا يخالف مقتضى البيع، والشرط هو خلو ذمة المشتري وكفيله من التزامات وديون تحول دون الوفاء أو تنقص منه.. وهذا من الشروط الجائزة، جاء في كشاف القناع: النوع الثاني من الشروط الصحيحة شرط من مصلحة العقد، أي مصلحة تعود على المشترط. انتهى.
أما وجه اختلاف هذا العقد عن عقد الإيجار المنتهي بالتمليك فظاهر، فعقد الإيجار المنتهي بالتمليك عقد إيجار ينتهي إلى بيع، وهذا عقد بيع أولاً وآخراً مع وجود ضمانات كافية فيه للبائع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(12/2434)
رهن البيوت من أجل السكن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رهن البيوت من أجل السكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح، فنرجو من السائل توضيح المعاملة المسؤول عنها حتى يمكننا الإجابة على سؤاله، كما نرجو مراجعة الفتوى رقم: 25470 فلعل فيها ما يسأل عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(12/2435)
حكم انتفاع المرتهن بمبلغ الرهن
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن الرهن، فهل يجوز من ناحية الشرع مثلاً، أنا أريد أن أرهن منزلا من أحد واتفق معي أن أسبق له مليون مثلاً على مدة ثلاث سنوات، وكل شهر أربعة آلاف، فأفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح تماماً.. وعلى كل فإذا كان المقصود أن تقوم برهن منزلك عند من يقرضك ويبقى المنزل مرهوناً إلى أن يتم سداد القرض، فهذا لا مانع منه بشرط أن لا ينتفع الدائن بالمنزل لأنه إن انتفع به كان ذلك من باب قرض جر نفعاً، وهذا محرم شرعاً.
وإن كان المقصود أنك تقوم باستئجار منزل فيطلب منك صاحب المنزل مبلغاً مالياً كضمان على أن يرده إليك عند نهاية مدة الإيجار وأنت في هذه المدة تدفع مبلغاً شهرياً مقابل الإيجار، فهذا لا حرج فيه بشرط أن لا ينتفع المرتهن بمبلغ الرهن إلا بإذن منك، جاء في المغني لابن قدامة: وإن كان الرهن بثمن مبيع أو أجر دار أو دين غير القرض فأذن له الراهن في الانتفاع جاز ذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1427(12/2436)
حكم رهن المنازل
[السُّؤَالُ]
ـ[أسألكم فضيلة الشيخ عن رهن المنازل هل هوحرام ولماذا؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رهن المنازل جائز شرعا كسائر الرهون الجائزة. قال تعالى: فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ {البقرة: 283} ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاما ورهنه درعه. وأجمع المسلمون على جواز الرهن في الجملة.
هذا، وإذا كان السائل يشير إلى ما يعرف في بعض البلدان من أنهم يقرضون مقابل أن يرهن المقترض بيته ليستفيد منه المقرض حتى يتم سداد الدين، فإن هذا غير جائز من باب أنه قرض جر نفعا لا من باب الرهن، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 9866.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(12/2437)
حكم طلب ربح أو أجرة مقابل الرهن
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني العلماء الكرام
أرجو بيان الحكم الشرعي في هذه المسألة جزاكم الله خيرا
طلب مني أحد البنوك الإسلامية رهن عقار مقابل مرابحة لشراء بضاعة تجارية ولا أملك عقارا حتى أرهنه للبنك فطلبت من صديق لي أن يرهن عقاره للبنك وأنا أتحمل كامل مصاريف الرهن وأية رسوم أو أرباح للبنك وما عليه إلا أن يرهن عقاره، سؤالي هو هل يجوز لصديقي أن يطلب نسبة من ربح تجارتي مقابل هذا الرهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قام به صديقك من رهن بيته من أجلك هو من باب الضمان والكفالة، والكفالة والضمان من الأعمال الجائزة. جاء في المغني: والأصل في جوازه الكتاب والسنة والإجماع. أهـ
هذا.. وعقد الكفالة بالنفس أو بالمال من عقود التبرع والإحسان ويثاب صاحبها إن حسنت نيته. جاء في رد المحتار عن الكفالة: إذ هي بالنية تكون طاعة يثاب عليها. أهـ
وعقود الإرفاق والإحسان كالقرض والكفالة ونحوهما لا يجوز أن يشترط أو يطلب الكفيل مقابل كفالته أجراً، وعليه؛ فليس لصديقك أن يطلب منك نسبة أو أجرة مقابل هذا الرهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1426(12/2438)
انتفاع المرتهن بالمرهون مقابل القرض
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي قطعة أرض وقد قمت برهنها مقابل 5آلاف جنيه إلى أن يشاء الله وأسترد الأرض وأدفع المبلغ..فهل يجوز لى أن آخذ من الراهن إيجارا سنويا مقابل انتفاعه بالأرض وبعدما يتوافر عندي المبلغ أعطيه الخمسة الآف كاملة وآخذ أرضي؟؟ أم أن الخمسة الآف التى أنتفع بها أنا مقابل انتفاعه هو بالأرض؟؟؟؟
أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أنه لا يجوز للمرتهن أن ينتفع بالمرهون مقابل القرض، لأنه من باب القرض الذي يجر نفعاً، وذلك حرام، وراجع لتفصيل ذلك الفتوى رقم: 18520، والفتوى رقم: 9866. وعليه فلا يجوز للمرتهن أن ينتفع بهذه الأرض ـــ بدون أجر ـــ مقابل إقراضه لك الخمسة آلاف، وإذا أراد الانتفاع بها فيجب أن يكون ذلك من خلال عقد إجارة يدفع فيه أجرة المثل دون محاباته في ذلك، وإلا كان ذلك ربا محرما، وراجع الفتوى رقم: 65896، والفتوى رقم: 16503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(12/2439)
مذاهب العلماء في من مات قبل حوز الرهن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أقترض مالا من عند أختي لأبعث أمي إلى العمرة؟ . مع العلم أن أختي لا تلزمني بالدفع واتفقنا أنه عند وفاتي مثلا ستقوم بأخذ الكمبيوتر الخاص بي فقط ليأخذ كل ذي حق حقه. وأنا عندي القدرة على الدفع في وقت لاحق. وأمي لها رغبة كبيرة في العمرة لزيارة الكعبة والرسول وللدعاء لأخي المريض.
*ما رأيكم في أنه في بلدنا يشترط لتحضير جواز السفر أن تكون الصورة بدون حجاب, هل يجوز لها العمرة بهذا الجواز؟.
وجزا كم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت الأخت السائلة تستطيع سداد القرض المذكور -كما ذكرت- فإنه يجوز لها أن تساعد أمها على عمل العمرة ولها في ذلك أجر عظيم إن شاء الله تعالى، لكن لا يجوز لها أن تسافر بدون محرم أو رفقة مأمونة، وللتفصيل في هذا المعنى يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 22299.
وينبغي أن تذهب للمدينة بقصد الصلاة في المسجد النبوي، وإذا وصلت إلى المسجد فلها أن تزور النبي صلى الله عليه وسلم على خلاف بين أهل العلم في جواز زيارة النساء للقبور؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 34893، والفتوى رقم: 24964. ولها أن تدعو الله عز وجل وتسأله ما تشاء من شفاء مريضها وغير ذلك من الحوائج الدنيوية والأخروية.
ومما يجدر التنبيه عليه في هذا القرض هو أن الاتفاق الذي حصل بين المقترضة والمقرضة على أنه في حالة موت المقترضة تأخذ أختها جهاز الكمبيوتر الخاص بها لا يفيد شيئاً في حال حدوث موت أو فلس للشخص المقترض قبل حوز الرهن -وهو الجهاز المذكور هنا- هذا عند المالكية لأن الرهن عندهم يبطل بموت الراهن أو فلسه قبل حوزه، ففي هذه الحالة فلو حدث فلس أو موت للأخت السائلة -عافانا الله وإياها- فإن الجهاز المذكور ليس خاصاً بأختها بل إنه من سائر التركة لأنها لم تأخذه قبل حدوث الموت أو الفلس وتستوي هي وسائر الغرماء فيه، قال الشيخ خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وبطل (أي الرهن) بموت راهنه وفلس قبل حوزه. انتهى
وعند الأحناف والشافعية وهو راوية عند الحنابلة أن الرهن لا يصح إلا بالقبض. قال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي: لا يصح الرهن إلا أن يكون مقبوضا من جائز الأمر، يعني لا يلزم الرهن إلا بالقبض، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وقال بعض أصحابنا: ما كان مكيلاً أو موزوناً لا يلزم رهنه إلا بالقبض، وفيما عداهما روايتان.... إلى أن قال: وقال مالك: يلزم الرهن بمجرد العقد قبل القبض لأنه عقد يلزم بالقبض فلزم قبله كالبيع.
وأما عن حكم إصدار الجواز الذي يشترط أن تكون الصورة فيه بدون حجاب؟ فإن كان المراد أن تكون مكشوفة الرأس بادية الشعر فالجواب أنه لا يجوز التصوير بهذه الحالة لأجل السفر إلى العمرة، فكما لا يجوز لها أن تسافر بدون محرم أو رفقة مأمونة فكذلك لا يجوز لها أن ترتكب هذه المعصية لأجل السفر إلى العمرة، وتعتبر في هذه الحالة غير مستطيعة، فإن وجدت استثناء أو ألغت السلطة هذا الشرط في الصورة وجب عليها أن تعتمر وتحج إن توفرت لديها شروط الاستطاعة الأخرى، أما عن العمرة به أو الحج وعليه الصورة المذكورة فالظاهر -والله تعالى أعلم- أنها لا تجوز إذا ترتب على السفر به إبداء الصورة لمن لا يجوز له النظر إلى تلك الصورة، وذلك لأن الصورة المذكورة لا يجوز نظر الأجنبي لها باتفاق أهل العلم، وقد نص العلماء على أن الحج إذا ترتب عليه الوقوع في المنكر سقط وجوبه؛ بل ربما يفهم من كلامهم أنه محرم، جاء في مواهب الجليل على شرح مختصر خليل سئل المازري عن حكم الحج في زمنه؟: فأجاب بأنه متى وجد السبيل ولم يخف على نفسه وماله وأمن أن يفتن عن دينه وأن يقع في منكرات أو إسقاط واجبات من صلوات وغيرها فإنه لا يسقط وجوبه ... إلى أن قال: وإن كان إنما يرى منكرات ويسمعها فهذا باب واسع. ا. هـ
وإذا سقط وجوب الحج انتقل إلى الجواز، ومن المعروف أن الجائز إذا ترتب على فعله محرم حرم هو. لكن إذا أقدمت المرأة على الحج أو العمرة بهذا الجواز فإن فريضة الحج تسقط عنها.
وإن كان المراد بقول السائلة بدون حجاب أي بدون تغطية الوجه فالرجاء مراجعة الفتوى رقم: 26229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(12/2440)
من انتفع بالرهن بغير إذن الراهن
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في مركز الفتوى، أنا أعمل في مجال الفنادق وعندي سكان لديهم عندي تأمينات وفي حالة خروج الساكن أعطيه تأمينه، ولكن أحيانا أستعمل بعض التأمينات هذه في عمل آخر أو أتصرف فيها لبعض مصالحي الشخصية، ولكن عند طلب الساكن لتأمينه أتصرف وأعطية تأمينه في وقت خروجه مباشرة، فهل هذا العمل جائز أم حرام؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتأمين الذي يدفعه الساكن بمثابة وثيقة (رهن) للدين الذي يترتب في ذمته (أجرة المسكن) والمرتهن لا يجوز له أن يتصرف في الرهن إلا بإذن الراهن، فإن تصرف فيه بغير إذنه أثم ووجب عليه رد المال إليه مع ما تحصل من أرباح بسببه على القول المرجح عندنا، لأن الأرباح نماء ماله الذي يملكه، وقد بينا ذلك تفصيلاً في الفتوى رقم: 16545، والفتوى رقم: 21071، والفتوى رقم: 52258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1426(12/2441)
هل تخصم قيمة غلة الأرض المرهونة من الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أقرض أبي شخصا مبلغا من المال يساوي تقريبا 60 ألف ريال سعودي، الرجل المقترض لديه مزرعة ويرغب والدي في أن يأخذ هذه المزرعة حتى يقوم الرجل بإرجاع المال، هل يجوز أن يأخذها منه ,, ويأخذ من حرثها ويبيعه حتى يقوم الرجل بإرجاع المبلغ؟؟
أم أن ما يكسبه أبي من المال يخصم من مبلغ الدين؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرهن من العقود التي أباحها الله تعالى للتوثق في المعاملات، قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ {البقرة: 283} ، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما بنسيئة ورهنه درعه. أخرجه البخاري وغيره.
وعليه، فلا مانع من أن يرتهن أبوك المزرعة ممن أقرضه حتى يقضيه جميع حقه.
ويشترط لصحة ذلك أن لا ينتفع أبوك بغلة تلك المزرعة، وإنما يصرفها جميعا للمالك. لأن الرهن منصب على رقبة العقار فقط لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه. رواه ابن ماجه ومالك وحسنه السيوطي.
ولأن انتفاع المرتهن بغلة المزرعة دون أن يحسب ذلك من الدين الذي له يعتبر انتفاعا غير مشروع، لأنه انتفاع في مقابل إقراضه، وكل قرض جر منفعة فهو ربا.
وأما إذا اتفق الراهن والمرتهن على أن تباع الغلة وتخصم من مبلغ الدين، فلا بأس بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1426(12/2442)
من أحكام الرهن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الرهن للرجل المحتاج. مثلا: أن أسکن في بلد لا أستطيع إعطاء أجرة البيت في کل شهر فيمكن لي أن أعطي مقدارا معينا لصاحب البيت وأسكن في بيت ولكن حينما أخرج سآخذ مقدارا تاما من دون نقص في أصل المبلغ المعطى.
شكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصد السائل أن المالك يأخذ منه مالا ليمكنه من الانتفاع بالعين في مقابل استغلال المال دون أن يأخذ منه أجرة، أو أن يأخذ منه أجرة دون أجرة المثل، فإن هذا لا يجوز، لأنه قرض جر نفعا وهو الربا المحرم. ومن القواعد المقررة عند أهل العلم: أن كل قرض جر نفعا فهو ربا. ولاعبرة للتحايل على هذا المحرم بجعل أجرة زهيدة بصحبة هذا القرض، لأن الأمور بمقاصدها. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه. أما إذا كان المقصود أن صاحب البيت أجر لك بأجرة معلومة لا جهالة فيها، ثم طلب منك المبلغ المذكور كرهن استيثاقا وضمانا لما قد يترتب عليك من الحقوق، فهذا لا محظور فيه، لأن حقيقة المسألة حينئذ أنها إجارة مستقلة ورهن مقبوض، وسيرد إليك عند انتهاء العملية، وهذا لا إشكال فيه ـ والله أعلم ـ ويجب أن يعلم أن المرتهن الذي أخذ الفلوس لا يجوز له استثمارها، ولا الانتفاع بها بأية حالة، لأنها ملك للمستأجر وراجع الجواب رقم: 9866.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1426(12/2443)
حكم العشائر إذا لم يكن مبنيا على الشرع فهو من حكم الجاهلية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ مديون بمبالغ تصل إلى 70 ألف دينار وتم رهن أرض للتاجر وتم رهن أرض للبنك وقام هذا التاجر بتقديم دعوى للمحكمة ومن ثم تدخلت العشائر وحكمت بالتالي: 1- أن يقوم الأخ المديون ببيع بيته. 2-أن يقوم كل أخ من الإخوة الأربعة بتقديم المساعدة. 3-أريد أن أشتري قطعة أرض أخي التي بجوار بيتي ولكن لا أملك نقودا فهل يجوز أخذ قرض من البنك لشراء هذه الأرض على ان يتم تسديد قيمة الأرض لأخي مباشرة لإنهاء الخلاف مع التاجر.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال تضمن عدة أمور وجوابها على النحو التالي: الأمر الأول يتعقل برهن أخيك قطعة أرض لهذا التاجر توثيقا لدينه الذي له عليه، وهذا لا حرج فيه، فالرهن مشروع بالكتاب والسنة والإجماع. الأمر الثاني: ما يتعلق برهن أخيك قطعة أرض للبنك، فإذا كان هذا الرهن توثيقا لدين ربوي، فليعلم أنه لا يجوز للمرء أن يلجأ إلى الاقتراض بالربا لسداد دين ولا لغيره إلا إذا اضطر إلى ذلك، وقد بينا حد الضرورة المبيحة للاقتراض بالربا في الفتوى رقم: 6501، والفتوى رقم: 48727، وراجع الفتوى رقم: 57562. الأمر الثالث: ما يتعلق بحكم العشائر: أن يقوم الأخ المديون ببيع بيته، وأن يقوم كل أخ من الإخوة الأربعة بتقديم المساعدة. فننبه بداية إلى أن حكم العشائر يجب أن يكون مبنيا على الكتاب والسنة، وإلا كان من حكم الجاهلية الذي قال الله فيه: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ {المائدة:50} . وكان الحاكم به إما كافرا وإما ظالما وإما فاسقا، كما قال تعالى في آيات سورة المائدة: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ {المائدة: 44} . وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {المائدة: 45} . وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {المائدة: 47} . وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 35130. وإذا تقرر هذا فبالنسبة إلى الحكم الأول الذي حكمت به هذه العشائر، فلا يلزم الأخ المديون أن يبيع بيته لوفاء هذا الدين إذا كانت قطعة الأرض التي رهنها للتاجر الدائن إذا بيعت تفي بسداد دينه أو كان يملك غير هذا البيت من العقارات أو غيرها، ما يمكنه بيعه ووفاء الدين، كما لا يلزمه أيضا بيع هذا البيت إذا لم يجد سكنا غيره مناسبا، ولو بالإيجار، قال صاحب الروضة الندية: يجوز لأهل الدين أن يأخذوا جميع ما يجدونه معه أي مع المفلس إلا ما كان لا يستغنى عنه وهو المنزل وستر العورة وما يقيه البرد ويسد رمقه ومن يعول لحديث أبي سعيد عند مسلم وغيره قال: أصيب رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال: تصدقوا عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه: خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك. . . فأفاد ما ذكرناه أن أهل الدين يأخذون جميع ما يجدونه مع المفلس لكنه لم يثبت أنهم أخذوا ثيابه التي عليه أو أخرجوه من منزله أو تركوه هو ومن يعول لا يجدون ما لا بد لهم منه، ولهذا ذكرنا أنه يستثنى له ذلك. أما الحكم الثاني: فلا يلزم إخوته أن ينفقوا عليه إلا إذا كان فقيرا محتاجا ولم يستغن بكسب أو نفقة أب أو ولد، كما لا يلزمهم أن يتحملوا شيئا من دينه، لأن الدين لا يطالب به غير المدين، لكن إن تبرع أحد منهم بذلك، فله أجر عظيم على ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم: من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة. متفق عليه. الأمر الرابع: ما يتعلق بشراء قطعة أرض أخيك عن طريق قرض من البنك، فإن كان هذا القرض قرضا حسنا بدون فوائد ـ مع استبعادنا لذلك ـ فلا حرج في ذلك، ولا مانع حينئذ من شراء هذه الأرض من أخيك مباشرة وسداد قيمتها إليه، ما لم يكن قد صدر من المحكمة حكم بالحجر عليه، وإلا فإن شراء هذه الأرض وسداد قيمتها يكون عن طريق المحكمة. وأما إذا كان القرض ربويا، فلا يجوز ذلك، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ {البقرة:278ـ279} . وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1426(12/2444)
لا مانع من رهن شيء ضمانا عند البنك على بيع المرابحة
[السُّؤَالُ]
ـ[وضعت وديعة في بنك إسلامي واشتريت سيارة من البنك بنظام المرابحة الإسلامية بمبلغ يزيد عن الثمن الأصلي بفائدة 12% بضمان هذه الوديعة بحيث تسدد الأقساط من فائدة الوديعة ما حكم ذلك؟ وأثناء عمل الإجراءات نصحني أحد موظفي البنك للتسهيل تقديم ورق قطعة أرض بدلا من السيارة لسرعة أخذ المبلغ ما حكم ذلك؟ وما هو نظام المرابحة الصحيح وماذا أفعل في الأقساط التي سددتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيع المرابحة للآمر بالشراء بيع جائز وله شروط وضوابط ذكرناها في الفتوى رقم: 20793، والفتوى رقم: 34421. ولا فرق في ذلك بين ما إذا كان المشترى أرضا وما إذا كان عقارا. وننبه هنا إلى أمرين، الأول: أنه لا مانع من أن يكون ثمن السلعة بالأقساط أكبر من ثمنها نقداً كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 49700. الثاني: أنه لا مانع أن تكون الوديعة ضمانا عند البنك على هذا البيع ويكون ذلك من باب الرهن، وثمت إشكال في السؤال وهو قول السائل " تسديد الأقساط من فائدة الوديعة" فإذا كان يقصد بفائدة الوديعة الأرباح الناتجة عن مضاربة في الوديعة فلا إشكال، أما إن كان بقصد فائدة محددة كتلك الفوائد التي تعطيها البنوك الربوية على الودائع فإن هذا ربا محرم، والفوائد المذكورة مال خبيث يجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين العامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(12/2445)
بيع البيت المرهون
[السُّؤَالُ]
ـ[بعت بيتي المرهون للصندوق العقاري لرجل في سنة 1411 هجرية بمبلغ 70000 ريال على أن يسدد الأقساط الطائفة ثم يتم تحويل البيت باسمه ولكنه لم يسدد البنك ولم يحول البيت باسمه، ولكنه استمر على تحصيل أجرة البيت وقدرها 50000 ريال سنويا لمدة 14 عاما، والآن البنك يطالبني بالتسديد وسيوقف معاملاتي كلها حتى أسدد، فهل يجوز لي شرعا فسخ هذا البيع لأنه غبن والبيت لم يزل باسمي، وهل يجوز بيع بيتي وفقا لتلك الصورة خاصة أنه لم يزل مرهونا لدى صندوق التنمية العقارية، وهل يجوز بيع المرهون، نأمل التفصيل في ذلك مع ذكر الأدلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينظر في شروط رهن البيت لدى الصندوق العقاري فإن كان من الشروط أنه لا يحق لك بيع البيت في مدة الرهن فالبيع باطل ولا ينبني عليه شيء، ومعنى ذلك أن ترد للمشتري ما دفعه إليك، ويرد عليك ما أخذه من أجرة البيت لأن نماء الرهن للراهن بالاتفاق.
أما إن كان يجوز في شروط الصندوق العقاري بيع اليبت المرهون فالبيع صحيح ولا يحل لك فسخ البيع إلا بالتراضي مع المشتري، ولا يحل لك كذلك مطالبته بالأجرة لأنها أجرة بيته لا بيتك.
وليس في هذا البيع غبن، وإنما يحرم على المشتري مماطلتك في بقية الثمن إن كان غنياً قادراً على السداد، لحديث: مطل الغني ظلم. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(12/2446)
حكم الانتفاع بالرهن
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي شركة نقل بالحافلات وفيها نشاطات أخرى غير النقل والشحن والسفر ونحتاج لسيولة في الشركة فخطر على بالي حتى أوفر سيولة للشركة أن أطرح إحدى الحافلات للمضاربة أو المرابحة أو الرهن، الحقيقة لا أعرف تحت أي بند تسمى؛ وملخص الفكرة أن قيمة الحافلة 200000 مائتا ألف درهم فقلت لأصدقائي من يضارب بقيمة هذه الحافلة فينال إيرادها، فقالوا: كيف؟ وهل الموضوع شرعي أم لا؟
فقلت: إذا أحد أو أكثر أعطاني قيمة الحافلة أي مائتا ألف ريال لمدة سنة سوف أعطيه الباص لمدة سنة فيصبح ملكا له مؤقتا لمدة سنة يستفيد خلالها من ريعه فإن انقضت السنة فإن أحب أن يسترجع نقوده ويعطيني الباص فلا مانع من ذلك ولو أراد أن يجدد العقد فليس فيه مانع كذلك لأن الطرف الآخر الأصدقاء المضاربين سوف يجدون إرباكا\\\" في استثمار الباص بالشكل الافضل الذي يعود عليهم بالفائدة المرجوة لذلك طرحت عليهم فكرة استئجار الباص منهم بعد أن يتملكوه على الورق فقط مقابل إيجار سنوي معلوم وليكن 20000 ريال
إنني أستطيع دفع المبلغ على أقساط شهرية متساوية وفعلا تمت العلمية بهذه الطريقة فالباص بقي عندي يعمل وهو بحكم المستاجر أدفع أجره السنوي للمضاربين أو الراهنين والنقود عندي أشغلها في مجالات التجارة المتنوعة
وسؤالي: هل ماقمت به صحيح أو جائز شرعا؟
وهل هناك التباس ربوي فيه؟
فأنا حريص جدا على أن لا أدخل درهما فيه شك إلى مالي
أفيدونا ولكم منا جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحقيقة هذه الصفقة داخلة في قرض جر نفعا، وكل قرض جر نفعا فهو ربا، وكان الصحيح أن يدخل معك صاحب المال شريكا، ويكون له من الربح ما تتفقان عليه ليكون مشاركا في الربح والخسارة، ولا عبرة بما ذكرته من تسمية لما تم، لأن العبرة في العقود بالمعاني لا بالأسماء.
كما يمكن إعطاء الباص لصاحب المال (المقرض) وثيقة بالدين فيكون رهنا؛ إلا أنه لا يجوز الانتفاع به لأنه يكون قرضا جر نفعا، قال ابن قدامة في المغني: فإن أذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بغير عوض، وكان دين الرهن من قرض لم يجز لأنه يحصل قرضا يجر منفعة، وذلك حرام. ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(12/2447)
حكم منع الراهن من بيع المرهون حتى يستوفي الثمن
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل باعني سيارة وبقي له جزء من ثمن السيارة وكتب لي توكيل إدارة للسيارة ورفض كتابة توكيل عام لي حتى لا أستطيع بيعها إلا بعد دفع باقي المبلغ هل يجوز لي بيع السيارة والتصرف فيها أم أكون قد بعت ما لا أملك؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحق للبائع أن يبقي السيارة مرهونة عنده حتى يستوفي جميع الثمن، وإذا كان أذن للمشتري في استعمالها قبل تسديد باقي الثمن فشيء راجع إليه، وكونه قد أذن لك في الاستعمال لا يجيز ذلك بيعها حتى تسدد باقي ثمنها أو يأذن لك البائع بذلك، وانظر الفتوى رقم: 31840 والفتوى رقم: 16545.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(12/2448)
مدى صحة رهن الدين بالراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا مأجورين: هل يجوز شرعاً ضمان الموظف دينه براتب وظيفته، حيث يقوم الموظفون في أحيان كثيرة بالتعاقد مع بنك من البنوك على شراء مركبة أو عقار مقابل مبلغ مالي مقسط على أشهر وذلك بضمان الراتب فتقتطع الأقساط الشهرية من هذا الراتب ومحل الإشكال من وجوه كالآتي:
ـ هل هذه المعاملة خالية من الغرر المؤثر شرعا، ذلك أن الراتب أمر مستقبلي قد يزيد وقد ينقص عن مقدار القسط وقد ينقطع عاجلا أو آجلا بالوفاة أو الاستقالة....إلخ.
ـ وما الحكم إن توفي الموظف وعليه ديون بضمان راتبه، هل يلزم الورثة سدادها من ما يطرأ من راتب بعد الوفاة، مع العلم بأنه قد يخصص الراتب من جهة العمل لبعض الورثة دون بعض، أم تسدد هذه الديون من باقي التركة، والفرق بين الأمرين هو ما أشير إليه من أن راتب الموظف بعد الوفاة قد يستحق لبعض الورثة دون باقيهم أما التركة فبين جميعهم حسب الفريضة الشرعية.
وما الحكم إن استمر البنك في اقتطاع الأقساط من الرواتب الواردة إلى حساب المتوفى هل لمن خصصت له هذه الرواتب أن يرجع بما اقتطع على باقي الورثة، أفيدونا مأجورين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بضمان الدين بالراتب هو ما يقصد بالرهن من توثيق الدين بهذا الراتب ليستوفي الدائن منه دينه إذا تعذر استيفاؤه من المدين، فلا شك أن في هذا غرراً شديداً يؤثر في صحة التوثيق، لأن الراتب ليس بموجود، ويحتمل الوجود كما يحتمل العدم، وما كان كذلك لا يصح توثيق الدين به.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: فلا يجوز رهن ما ليس بموجود عند العقد، ولا رهن ما يحتمل الوجود والعدم، كما إذا رهن ما يثمر نخيله العام أو ما تلد أغنامه السنة أو ما في بطن هذه الجارية.
وحيث لم يصح هذا التوثيق، فالبائع مخير بين فسخ البيع وبين إمضائه، قال البهوتي في كشاف
القناع: فيما يفسد فيه الشرط ويصح البيع: وكذا شرط رهن فاسد، كمجهول وخمر (ونحوه) (ولمن فات غرضه) بفساد الشرط من بائع ومشتر (الفسخ) علم الحكم أو جهله، لأنه لم يسلم له الشرط الذي دخل عليه لقضاء الشرع بفساده، هذا إذا كان المقصود بضمان الدين بالراتب هو ما يقصد بالرهن.
أما إذا كان المقصود هو أن الدائن يستوفي من راتب الموظف المدين ما يستحقه من الدين المؤجل عند حلول أجله، فهذا لا بأس به.
وإذا تقرر هذا، فإذا مات الموظف فهل يستوفى الدين من الراتب الذي يصرف بعد وفاته؟ في ذلك
تفصيل: تابع لطبيعة هذا الراتب الذي يصرف بعد الوفاة، وهو لا يخرج من حيث طبيعته عن ثلاث صور:
الأولى: أن يكون مخصوماً من أصل استحقاقات الموظف حال حياته، وبالتالي فهو ملك للموظف ويدخل في تركته، ويستوفى منه قبل تقسيم التركة ما على الموظف من الدين، كما يستوفى من غيره من أجزاء تركته.
الثانية: أن يكون منحة من جهة العمل لبعض ورثة الميت بعد وفاته، فيجب حينئذ أن يصرف لمن خصصته الجهة المذكورة له دون غيره، ولا يجوز أن يستقطع منه ما على الميت من دين، فإذا استقطع منه دين الميت رجع المستحقون له على باقي تركة الميت بمقدار ما استقطع منهم.
الثالثة: أن يكون جزء منه من أصل استحقاقات الموظف، والجزء الآخر تتبرع به جهة العمل، فما
كان منه مخصوماً من الاستحقاقات، فهو جزء من التركة، ويستوفى منه ما على الميت من دين كما تقدم، وما كان منه تبرعاً من جهة العمل، فهو حق لمن صرفته له دون غيره، لا يستقطع منه دين الميت، فإذا استقطع منه دين الميت رجع المستحقون له على باقي تركة الميت بمقدار ما استقطع منهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(12/2449)
حكم رهن شهادات الاستثمار مقابل دين
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد شراء سيارة وأملك حوالي نصف ثمنها وأستطيع بإذن الله دفع الباقي على أقساط شهرية ولكن كل شركات السيارات تطلب ضمانات على باقي الأقساط حتى يتم السداد ومن تلك الضمانات شهادات الاستثمارالبنكية , وحيث أنني لا أملك أي شهادات ولله الحمد إذ إنني مقتنع بأن الفوائد المكتسبة من هذه الشهادات حرام وأن التعامل مع تلك البنوك الربوية غير جائز شرعا, حتى الإيداع في تلك البنوك دون أخذ فوائد غير جائز أيضا (إلا عند الضرورة) , ولكن أحد أقاربي يمتلك إحدى هذه الشهادات , فهل يجوز لي شراء سيارة وتسديد الأقساط بضمان تلك الشهادة مع عدم استفاد تي منها (غير اعتبارها كضمان لصاحب شركة السيارات) ؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن حقيقة ما يسمى بشهادات الاستثمار هي أنها قرض بفائدة في بعض أنواعها، وفي ونوع آخر منها جمع بين قرض وميسر، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 6013.
وإذا كانت حقيقة هذا الشهادات هي أنها دين فإن جعلها كضمان لشراء سيارة يعتبر من باب رهن الدين، وهو في مسألتنا هذه رهن لغير من هو عليه.
والعلماء مختلفون في جواز ذلك، جاء في الغرر البهية شرح البهجة الوردية لزكريا الأنصاري:
في باب الرهن:
هو لغة: الثبوت.. وشرعاً: جعل عين مال وثيقة بدين يستوفى منها عند تعذر وفائه، وخرج بالعين الدين فلا يصح رهنه ولو ممن عليه لأنه غير مقدور على تسليمه، قال في الشرح: وقطع صاحب الاستقصاء بجواز رهن الدين ممن هو عليه وأقره النووي في نكته على الوسيط، لكن قال السبكي: الصحيح أنه لا فرق بين من هو عليه وبين غيره. ا. هـ
وبالنظر إلى رهن شهادات الاستثمار مقابل دين نجد أن المحذور الذي ذكره صاحب البهجة وغيره في منع رهن الدين وهو عدم القدرة على تسليمه غير موجود في هذه الصورة لأن من بيده هذه الشهادات يملك أن يأخذها في أي وقت، ولذا لا نرى مانعاً من رهنها في الدين، لو كانت هذه الشهادات جائزة أصلاً.
ولكن لما كانت هذه الشهادات ربا محرما فإن التعامل بها وجعلها رهنا يعد إقراراً بها وتشجيعا لأصحابها فيمنع من هذه الجهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1425(12/2450)
الحالات التي يتملك فيها الرهن
[السُّؤَالُ]
ـ[س1 ... كان أبي في قديم الزمان يرهن الزيتونة مقابل طاسة أي (10 ملي) من الزيت لغرض العلاج وبعد مدة يتم تثبيت الزيتونة أي تصبح ملكه بدون موافقة الطرف الثاني هل هذا حرام أو حلال ... وفي مرة رهن زيتونة مقابل كلب أكرمكم الله لغرض العلاج أي استعمل الكلب لعلاج أطفاله أي ذبيحة ولكن لم يأكله أي علاج خارجي وهل عليه إثم علما بأن لديه علم بكل شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نتمكن من فهم سؤالك على وجه التمام ولكن نقول: إن الرهن من العقود التي أباحها الله تعالى للتوثق في المعاملات.
قال تعالى: [وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ] (البقرة: 283) .
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما بنسيئة ورهنه درعه. أخرجه البخاري وغيره.
ومتى حل أجل الدين لزم الراهن الإيفاء وسداد ما عليه من دين، فإن امتنع من وفائه أو غاب ولم تعرف جهته باع الحاكم الرهن، فإن فضل من ثمنه شيء عن الدين فلمالكه، وإن بقي شيء فعلى الراهن، فعن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه. رواه البيهقي.
وعليه، فلا يجوز لوالدك أن يتملك الرهن إلا بعد أن يحل أجل الدين وامتناع الراهن عن سداد الدين أو غيابه ولا يعرف جهته، ولا بد أن يعرض المسألة على المحاكم الشرعية لتقوم ببيع الرهن وإعطائه حقه من ثمن الرهن.
ولم نفهم مرادك بالتداوي بالكلب من الخارج ولكن نحيلك إلى الفتوى رقم: 6104، لمعرفة حكم التداوي بالنجاسات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1425(12/2451)
حكم أخذ الرهن في مقابل الانتفاع بالبيت المؤجر
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الكرام نحن مجموعة طلبة حاليا مقيمون في بلد إسلامي (إيران) نريد أن نتحرى من أنه هنا في إيران عندما تريد أن تؤجر مسكناً يطلب منك صاحب البيت مبلغاً مالياً كضمان للمنزل ويسمي رهناً ولنقل مثلا2400 دولارا علي أن يرجع لك صاحب المنزل هذا المبلغ كاملا عند نهاية مدة الإيجار بالإضافة إلى ذلك ندفع مبلغ شهريا مقابل الإيجار ولنقل مثلا 240 دولارا، فما الحكم الشرعي لهذه المعاملة، أفيدونا أفادكم الله؟ وبارك الله فيكم، وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في تلك المعاملة، بشرط ألا ينتفع المرتهن بمبلغ الرهن باستثمار ونحوه، إلا بإذن المستأجر، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 17868، والفتوى رقم: 12849، والفتوى رقم: 22089، والفتوى رقم: 9866، والفتوى رقم: 28067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(12/2452)
حكم رهن الدكان مقابل مبلغ مالي
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك حانوتا. هل يجوز لي رهنه مقابل مبلغ شهري؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصد كونك تأخذ مبلغا ماليا من شخص وتدفع له الحانوت المذكور لينتفع به مدة معينة كشهر مثلا، فإذا انقضت تلك المدة أرجعت إليه المبلغ المذكور وأعاد هو إليك حانوتك، فهذه الصفقة ممنوعة شرعا لاشتمالها على سلف جر نفعا، فقد استفاد صاحب المال الذي أقرضك وذلك بالانتفاع بالحانوت تلك المدة المذكورة.
وللوقوف على تفصيل هذه المسألة راجع الفتوى رقم: 9866.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(12/2453)
كيفية التصرف في الرهن إذا لم يسدد المدين القرض
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: استدان مني شخص مبلغ130 ديناراً مقابل أن يرهن عندي شيئا مما يملك، وكان سعر الرهن أكثر من قيمة المبلغ، واتفقنا علي أجل مسمى وانقضى الأجل.. أولاً: هل يحل لي الرهن وحرية التصرف فيه؟ ثانيا: هل إذا بعت الرهن بمبلغ 170 دينار هل آخذ 130 ديناراً وأرد له 40 ديناراً وأكون ملزماً بردها؟ ثالثاً: هل إذا بعت الرهن بمبلغ 100 دينار هل يكن هو ملزماً بباقي المبلغ وهو 30 ديناراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق أن بينا أنه ليس للراهن الانتفاع بالرهن إلا باتفاق مسبق بين الطرفين، راجع في هذا الفتوى رقم: 16545. وإذا حل الأجل، ولم يسدد المدين هذا القرض، جاز بيع هذا الشيء المرتهن، ورد ما زاد على أصل القرض من ثمنه، واسترداد ما نقص عن أصل القرضولكن يجب أن يتولى البيع القاضي الشرعي أونائبه ويكون ذلك بعد إعطاء رب الرهن مهلة كافية لتدبير أمره والمهلة هذه يحددها القاضي. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(12/2454)
حكم رهن الذهب في البنك
[السُّؤَالُ]
ـ[رهن الذهب في البنك من أجل شراء لوازم للبيت، ما حكم عملية الرهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان البنك المذكور لا يتعامل بالربا، فيجوز لك التعامل معه، ورهن الذهب له أو غيره حتى تسدد الدين الذي تطالَب به.
والحكمة من الرهن هو توثق صاحب الحق وتمسكه بمال قد يكون وفاء لدينه إذا لم يقضه المدين، والأصل في مشروعية الرهن قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَة [البقرة: 283] .
وفي صحيح البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير.
أما إذا كان البنك يتعامل بالربا، فلا تجوز المعاملة معه، لما ثبت من الوعيد الشديد الذي ينتظر آكل الربا.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة: 278- 279]
وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعن رسول الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2455)
رهن المنزل المشترك إذا كان برضا الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب يتيم الأبوين،لي 07 إخوة،مهندس معماري، لنا منزل، أريد أن أعمل لأعيش أنا وعائلتي في أمان، إني مقبل على قرض بنكي مقابل فوائد"intéré"، ويجب علي رهن المنزل، هل أستطيع رهن المنزل شرعا مقابل القرض، مع العلم بأن الإخوة راضون بذلك.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المعاملة لا تجوز شرعاً، لأنها تعامل مع مؤسسة ربوية قائمة على الربا، ولما فيها من صريح الربا والقرض بالفائدة، ولتفاصيل ذلك وأدلته نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
5159
وأما رهن المنزل المشترك أو غيره برضا الشركاء، فلا مانع منه إذا كان في معاملة شرعية لا ربا فيها، أما إذا كانت المعاملة حراماً، فلا يجوز الرهن فيها ولو رضي الشركاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1424(12/2456)
من أحكام الرهن
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
عندي بعض الأسئلة التي أرجو أن تجيبوني عنها:
هل يجوز لي شرعا أن آخذ قرضا بفائدة مع حاجتي الشديدة إليه؟
هل يمكن أن يدخل هذا تحت القاعدة الفقهية التي تقول؛ الضرورات تبيح المحظورات؟
هل يمكنني شراء شقة بالتقسيط بفوائد أؤديها للبنك؟ مع العلم بأني لا أجد وسيلة أفضل؟
هل يعتبر ربا أن أرتهن وأكتري بيتا في نفس الوقت لأسكن فيه؟
وجزاكم الله أحسن الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بيَّنَّا حكم الاقتراض بفائدة عند الضرورة وضوابط هذه الضرورة في الفتوى رقم: 23860 فليرجع إليها.
وبيَّنَّا أيضًا حكم شراء شقة بقرض من البنك بفوائد في الفتوى رقم: 3495، والفتوى رقم: 1215 فراجعهما.
وأما قول السائل: هل يعتبر ربًا أن أرتهن وأكتري بيتًا في نفس الوقت لأسكن فيه؟ فنقول: إن كان المقصود هو دفع مبلغٍ من المال لرب البيت ليستفيد منه ثم يرده بعد زمن مقابل انتفاع صاحب المال بالبيت، ثم جعل مع هذا أجرة بسيطة دون أجرة المثل بكثير، فهذا ربًا لأن حقيقته أنه قرض جر نفعًا، ولا يؤثر في الحكم وجود تلك الأجرة الزهيدة؛ لأن ذلك من باب التحايل، والقواعد الشرعية تقول: الأمور بمقاصدها. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه.
أما إن كان المقصود أن يستأجر الشخص بيتًا بأجرة ويستحق في مقابلها منفعة البيت، ولكن طلب صاحب البيت رهنًا ليستوفي منه قيمة ما قد يفسده المستأجر، فهذا ليس ربًا ولكن عقد الرهن غير صحيح لعدم توفر شروطه، ومنها أن يكون الرهن بدين لازم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(12/2457)
حكم الرهن لقاء قرض
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك حانوتا هل يحق لي أن أرهنه مقابل مبلغين الأول لا أمسه وهو وديعة أردها عند انتهاء فترة الرهن والثاني شهري أتصرف به ولا أرده؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان قصد السائل أنه يأخذ قرضًا من آخر ليمكنه من الانتفاع بالحانوت في مقابل هذا القرض وأجرة دون أجرة المثل بكثير، فإن هذا لا يجوز؛ لأنه قرض جر نفعًا وهو الربا المحرم. ومن القواعد المقررة عند أهل العلم: أن كل قرضٍ جر نفعًا فهو ربًا.
ولا عبرة للتحايل على هذا المحرم بجعل أجرة زهيدة للحانوت بصحبة هذا القرض؛ لأن الأمور بمقاصدها. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(12/2458)
"لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه"
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
بداية أود التوجه بالشكر الجزيل لفضيلة الشيخ ولكل من أشرف على الموقع، أما سؤالي فهو:
أنا طبيب أسنان جاءتني امرأة من أجل جسر للأسنان بعد أن أنهيت الجسر قالت إنها لا تحمل المال فقلت لها
أن تضع رهناً عندي (والمبلغ هو1000ل. س) فوضعت عندي خاتماً من الذهب هذا الكلام قد حدث منذ حوالي
ستة أشهر ولم أكن أعرف قيمة هذا الخاتم واليوم قيمته حوالي 975ل. س ويبدو أنها لن تعود فماذا يمكنني أن
أفعل:
1-هل يصح لي أن أبيعه؟
2-أو أن أهديه لأختي؟
3-أو ماذا أفعل به؟
علماً أننا لم نحدد موعداً للرهن، ولكن من الكلام يفهم أنها لن تغيب أكثر من جمعة.
وشكراً وأرجو عدم إهمال السؤال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرهن من العقود التي أباحها الله تعالى للتوثق في المعاملات، قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ (البقرة: من الآية283) ، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً بنسيئة ورهنه درعه. أخرجه البخاري وغيره.
ومتى حل أجل الدين لزم الراهن الإيفاء وسداد ما عليه من دين، فإن امتنع من وفائه أو غاب ولم تعرف جهته باع الحاكم الرهن، فإن فضل من ثمنه شيء عن الدين فلمالكه، وإن بقي شيء فعلى الراهن، فعن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه. رواه البيهقي.
وعليه؛ فإنه يتحتم عليك أن لا تبيع هذا الخاتم ولا تتملكه إلا بعد أن تعرض المسألة على المحاكم الشرعية في بلدك، وتعمل بما تشير به عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(12/2459)
حكم رهن شقة باسم البنك
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم بنك فيصل الإسلامي بمصر بيع شقق سكنية بعقود تسمى المرابحة الإسلامية ويتم فيها رهن العقد في مقابل زيادة الثمن من طريق البنك في فترة زمنية محددة وهو الطريق الوحيد لشراء شقة بدلاً من استنزاف الأموال في الإيجارات المرتفعة فهل يعد ذلك ضرورة؟ وهل يجوز الاقتراض من البنك لشراء سكن؟
أفيدونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان ما يتم في البنك هو بيع المرابحة الشرعي فلا حرج في شراء الشقة بهذه الطريقة، ولمعرفة بيع المرابحة تنظر الفتوى رقم: 1608.
وأما رهن العقد أو تسجيل الشقة باسم البنك إلى حين استكمال الأقساط فلا مانع منه، لأنه من باب رهن المبيع عند البائع ليستوثق به من حقه، وذلك جائز.
وأما الاقتراض الربوي لشراء سكن فلا يجوز، وقد تقدم جواب في ذلك انظره في الفتوى رقم: 1986.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(12/2460)
حكم رهن عقار مقابل دين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعمل فى مجال المقاولات في مصر وهذا المجال لا بد من التعامل معه لدى البنوك على هذه الكيفية بأنني أقوم برهن بعض العقارات والأصول الثابتة والمملوكة لي في سبيل أن يقوم البنك بإعطائي خطابات ضمان وكذلك بعض المبالغ المالية في حالة الاحتياج لها هذا مقابل عمولات للبنك هذا التعامل مع البنك اضطراري ولا أستطيع العمل في هذا المجال دون مشاركة البنوك القومية معنا هل هذا التعامل حلال أم حرام ولكم جزيل الشكر وبارك الله فيكم وفي هذ الأمة المباركة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التعامل مع البنوك الربوية لا يجوز، سواء كان ذلك إيداعاً أو قرضاً أو غير ذلك، لما في ذلك من انتهاك للحرام المقطوع به، والتشجيع لأهله على التمادي في هذه الكبيرة والمجاهرة بها، فلا يجوز التعامل معهم إلا إذا كان الشخص مضطراً فعلاً ولا يجد غيرهم.
ولمعرفة حد الضرورة التي تبيح التعامل بالربا نحيلك إلى الفتوى رقم:
6501.
وأما بالنسبة لرهن العقارات والأصول الثابتة مقابل الدَّين فلا مانع منه شرعاً، سواء كان ذلك لفرد أو مؤسسة، وسواء كانت قيمة المرهون أقل أو أكثر من الدَّين، فلا بأس بذلك كله ما لم يكن في الدَّين رباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1423(12/2461)
انتفاع الراهن بالمرهون مقابل قرض للمرتهن حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في المغرب الكلفة الكرائية عندنا جد مرتفعة بالمقارنة مع الحد اللأدنى للأجور الشيء الذي ألجأ الناس لرهن المنازل ونظرا للحرمة لجأوا إلى اضافة قيمة كرائية رمزية فكانت النتيجة الرهن زائد الحيلة الشرعية المرجو فتوى تأخذ بعين الاعتبار الشرع والواقع؟
وجازاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فرهن البيت مع انتفاع الراهن به مقابل قرض للمرتهن حرام، لأنه من باب قرض جر نفعاً، والقاعدة أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا، ولا يخرج المسألة من حيز الربا دفع المبلغ الرمزي المشار إليه، لأن المنفعة حاصلة للراهن بما سقط من باقي الأجرة مقابل إقراض مبلغ لصاحب البيت، وراجع في هذا الفتوى رقم: 25470.
وقد أجبنا بناء على ما فهمناه من السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1423(12/2462)
حكم زكاة المال أو العقار المرهون
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن حساب الزكاة لعقار تم شراؤه عن طريق البنك وهو مرهون لهذا البنك؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا العقار قد أعده صاحبه لاستخدامه والسكن فيه، ولا ينوي بيعه فلا زكاة عليه.
وأما إن كان العقار قد اشتراه صاحبه أو بناه بغرض الاتجار والتربح فيقوَّم العقار بسعر اليوم الذي تخرج فيه الزكاة، دون التفات لسعر الشراء.
فلو كان العقار وقت الشراء بمليون -مثلاً- وعند حولان الحول أصبح بمليونين، فإن الزكاة تجب على سعر يوم وجوب الزكاة وهو مليونان، وهذه نقطة يغفل عنها كثير من الناس، فالعبرة بوقت وجوب الزكاة لا بالسعر يوم الشراء، فإذا بلغت قيمته نصاباً، وحال عليه الحول، وجبت فيه زكاة عروض التجارة فيخرج 2.5 (ربع العشر) من هذه القيمة، وحول التجارة هو حول ما اشتريت به من مال إن كان قد بلغ نصاباً.
والنصاب هو ما يعادل 85 جراماً من الذهب.
ولا يؤثر كون هذا العقار مرهوناً للبنك أو غير مرهون، لأن الرهن لا يمنع الزكاة عند الجمهور، ومنهم الشافعية والحنابلة، وذهب الأحناف إلى عدم وجوب الزكاة في المال المرهون لعدم تمام الملك، والقول الأول هو الراجح، لأنه مال من ماله لم تنتقل ملكيته عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2463)
حكم نماء الرهن وهل يدخل ضمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي سؤال حبذا لو تكرمتم علينا أيها الأكارم بإفتائنا عليه سائلين الله عز وجل التوفيق في سعيكم في الخير إن شاء الله تعالى.
السؤال:
رجل رهن مالاً من الدين لرجل آخر فلمن تكون غلة المال للراهن أو للمرتهن ولماذا؟
وجزاكم الله خير الجزاء إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنماء الرهن ملك للراهن، سواء كان النماء متصلاً كتسمين الدابة، أو منفصلاً كالولد والثمرة واللبن وأجرة الدار، وهذا باتفاق الفقهاء.
لكنهم اختلفوا هل يدخل هذا النماء ضمن الرهن ويلحق به أم لا؟
فالحنابلة على أنه يدخل في الرهن، متصلاً كان أو منفصلاً.
والشافعية لا يرون دخول النماء المنفصل، وتفصيل ذلك في كتب الفقه.
وانظر الفتوى رقم: 1708.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1423(12/2464)
حكم الانتفاع بالمرهون وأخذ أجرة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي سؤال حبذا لو تكرمتم علينا أيها الأكارم بإفتائنا فيه سائلين الله عز وجل التوفيق في سعيكم في الخير إن شاء الله تعالى
السؤال: رجل رهن منزله على تاجر لكن الراهن جلس في المنزل وأخذ التاجر إجارة شهرياً على الرهن قدرها عشرون ريالاً ويبقى المبلغ الأصلي كما هو هل هذا حلال وإن كان حراماً ماذا يفعل بالمبلغ المستلم هل يسترجعه من قيمة القرض؟
وجزاكم الله خير الجزاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللراهن أن ينتفع بالرهن انتفاعاً لا ينقص قيمته، كركوب الدابة وسكنى الدار، بخلاف ما ينقص القيمة كالبناء على الأرض المرهونة، والغرس فيها، فهذا لا يجوز إلا بإذن المرتهن، هذا ما ذهب إليه فقهاء الشافعية رحمهم الله.
وذهب غيرهم إلى أن الراهن لا ينتفع بالمرهون إلا إذا أذن له المرتهن، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
15091 والفتوى رقم: 16545.
فعلى القول الأول لا يحتاج الراهن إلى إذن المرتهن ليسكن في المنزل المرهون، وعلى القول الثاني لابد من إذن المرتهن.
وعلى كلا القولين فليس للمرتهن (التاجر) أن يأخذ أجرة شهرية مقابل سكنى الرجل في منزله، لأنه لا يملك المنزل حتى يؤجره.
وهذا المبلغ هو زيادة على القرض، فكان ربا محرماً.
والواجب على هذا التاجر أن يرد ما أخذ من هذه الزيادة، وأن يعلم أنه ليس له إلا المبلغ المقرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1423(12/2465)
حكم رهن أرض مقابل قرض
[السُّؤَالُ]
ـ[استدان (أ) من (ب) مبلغاً من المال لأجل معلوم وعند انقضاء المدة لم يستطع (أ) سداد الدين فأمهله (ب) مدة أخرى فلم يستطع (أ) سداد الدين مع العلم أن (ب) عنده من الأراضي التي لو باعها لسدد الدين ولكنه لا يستطيع بيعها نظراً لظروف السوق المتعثرة. اقترح (ب) على (أ) أنه سيعتبر الدين من زكاة أمواله؟ فهل هذا يجوز؟
وهل على (ب) زكاة مال في المال الذى أقرضه لـ (أ) ؟ وهل يجوز أن يرهن (أ) لـ (ب) الأراضي مقابل المال المقترض حتى ولو كانت الأراضي أكبر ثمناً من المبلغ المقترض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم إسقاط الدين واعتباره من الزكاة في الفتاوى رقم: 9918، 2040، 1518. وتقدم حكم الزكاة في الدين في الفتوى رقم: 7368، والفتوى رقم: 752.
أما بالنسبة لرهن الأراضي مقابل المال المقترض فإنه لا بأس به ولو كانت قيمة الأراضي أكبر من قيمة الدين إذا قبل المدين بذلك.
وننبه إلى أنه يجب على المدين أن يؤدي الدين إذا حل أجله وكان قادراً ولا يجوز له أن يماطل، كما يجب عليه أن يبيع ما زاد عن احتياجاته الأساسية لسداد الدين إذا لم يمهله أصحاب الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1423(12/2466)
حكم الانتفاع بالرهن
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص رهن لي قطعة أرض زراعية لمدة عامين وأنا أزرعها وأستفيد بمحصولها وعندما يحل موعد دفع قيمة الرهان فإنني أترك لصاحب الأرض مبلغاً معيناً عن كل عام حتى لا يكون ربا فهل بذلك قد أكونا ابتعدت عن الربا وما حكم الإسلام بذلك؟ جزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الدين قرضاً -كما هو الظاهر من السؤال- فلا يحل لك الانتفاع بهذه المزرعة المرهونة عندك لأن قرضك يكون قد جر لك نفعاً، وأي قرض جر نفعاً فهو ربا.
والمزرعة لا تزال مملوكة للراهن له فوائدها وعليه خسارتها وهلاكها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه. رواه مالك وابن ماجه وحسنه السيوطي، ومعنى لا يغلق الرهن من صاحبه: أي لا يحال بينه وبينه.
وعليه، فلا يجوز لك الانتفاع بهذه المزرعة. وكونك تعطي صاحبها كل سنة شيئاً من المال وتأخذ الباقي محرم قطعاً، وفيه جهالة وغرر ظاهر. والواجب عليك الآن هو إعادة المزرعة لصاحبها مع طلب العفو منه والاستغفار لله رب العالمين عما مضى، نسأل الله تعالى أن يغفر لنا ولك ويتقبل منا ومنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1423(12/2467)
لا يجوز الانتفاع بالرهن بغير إذن الراهن بحال
[السُّؤَالُ]
ـ[شركة عقارية تتسلم مبلغ (تأمين) يوازي إيجار شهر من المستإجر عند التعاقد ولا يرد إلا عند إخلاء الشقة وتسليمها للشركة. هل يحق للشركة أن تستغل مبالغ التأمين الموجودة تحت يدها. علما بأن الشركة تقوم برد التأمين للمستأجر عند الإخلاء إلا إذا كان عليه مستحقات للشركة فتخصم من التأمين. وجزاكم الله خيرا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا المبلغ الذي تأخذه الشركة هو رهن يدفعه المستأجر توثقة عن إيجار الشقة بحيث يؤخذ منه ما امتنع عن سداده من الإيجار، وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز للشركة الانتفاع بالمبلغ المذكور بدون إذن من أصحابه إجماعاً. قال ابن قدامة في المغني: ما لا يحتاج إلى مؤنة كالدار والمتاع ونحوه، فلا يجوز للمرتهن الانتفاع به بغير إذن الراهن بحال. لا نعلم في ذلك خلافاً.، وقال في موضع آخر: وإن كان الرهن بثمن مبيع أو أجر دار أو دين غير القرض، فأذن له الراهن في الانتفاع جاز ذلك.
فالحاصل أنه لا يجوز للشركة أن تستغل هذه الأموال إلا بإذن من مالكيها، ويدها على هذه الأموال يد أمانة وليست يد ملك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1423(12/2468)
أقوال الفقهاء في انتفاع الراهن أو المرتهن بالرهن
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة القائمون على استقبال الأسئلة أرجو عرض أسئلتي على الشيخ عبد العزيز آل الشيخ
يوجد مايسمى الرهن المتعارف عليه في كل مكان ولكن المرتهن يأخذ مثلاً مقابل ماله قطعة أرض على أن يرجع عند الحصاد الثلث أوالربع للراهن هل هذا من الشرع حيث أنه ورد (أيما قرض جر منفعة فهوربا) بمعنى هل يجوز أن يأخذ صاحب المال نصيباً عند الحصاد أرجو التوضيح جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم الانتفاع بالرهن من قِبَل كل من الراهن أو المرتهن، فذهب الحنفية إلى أنه ليس لواحد من الراهن أو المرتهن الانتفاع بالرهن إلا بإذن الطرف الآخر، وفي قول لهم: لا ينتفع المرتهن ولو أذن الراهن لأنه ربا.
- وذهب المالكية إلى أن للراهن الانتفاع برهنه ولْيُحصَّلْ له المرتهن تلك المنافع، أما المرتهن فله الانتفاع بشروط هي:
1- أن يشترط ذلك في صلب العقد.
2- وأن تكون المدة معينة.
3- وألا يكون المرهون به دين قرض.
- وذهب الشافعية إلى أن للراهن الانتفاع بالرهن فيما لا ينقص من قيمته، أما المرتهن فليس له أي انتفاع بالرهن.
- وذهب الحنابلة إلى أنه ليس للراهن ولا المرتهن الانتفاع بالرهن إلا إذا كان مركوباً أو محلوباً، فإن لم يكن كذلك فلا ينتفع أي منهما إلا بإذن الآخر، بشرط ألا يكون المرهون به دين قرض، وألا يأذن بغير عوض.
واشتراط انتفاع المرتهن في صلب العقد فاسد عندهم لأنه ينافي مقتضى العقد.
والخلاصة: أنه ليس للمرتهن الانتفاع بالرهن إلا بمقابل يتم الاتفاق عليه. ففي مسألتنا لا بأس أن يأخذ جزءاً من الثمر مقابل عمله وزراعته للأرض حسب المتفق عليه وما جرى به العرف.
ويعتبر هذا انتفاعا بالإجارة وليس بالقرض، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم:
15091
أما عن الشيخ عبد العزيز آل الشيخ فيمكنك مراسلته عن طريق بريده أو عن طريق بريد الإفتاء في السعودية، أما موقعنا فهو في دولة قطر وهو تحت إشراف وزارة الأوقاف القطرية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(12/2469)
الانتفاع بالرهن (الجائز ... والممنوع)
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الراهن الذي يقوم بتأجير العين المرهونة ويأخذ الإيجار له، وعند سداد العين لا تخصم المبالغ التي أخذها من قيمة الرهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحكم انتفاع المرتهن بالرهن سبق الإجابة عليه في الفتاوى السابقة برقم:
1708 9866 12858
وأما الراهن (وهو صاحب الرهن) فله أن ينتفع بكل شيء في الرهن لا ينقص قيمته، كركوب الدابة، وحلب لبنها، والسكنى في الدار، وكذا التأجير.
أما ما ينقص القيمة: كالبناء على الأرض المرهونة والغرس فيها فلا يجوز له إلا بإذن المرتهن، لأن الرغبة تقل بذلك عند البيع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1423(12/2470)
حكم طلب المؤجر مبلغا من المال زيادة على الأجرة ترد بعد خروج المستأجر
[السُّؤَالُ]
ـ[1- السلام عليكم.. وجزاكم الله خيرا على مجهودكم العظيم.. سؤالي يتلخص في الآتي:
في أحد البلاد هناك طريقه لتأجير المنزل وهو أن صاحب المنزل يطلب مبلغاً معيناً - على سبيل المثال (100) ألف ريال.. بشرط أن تسكن في المنزل لمدة سنة (أو سنتين حسب المبلغ المدفوع) وبعد انتهاء المدة المحددة يقوم صاحب المنزل بإرجاع المبلغ بالكامل للمستأجر
فهل هذه الطريقة في الإيجار حلال وصحيحة.. وهل هذا العمل جائز سواء للمؤجر أو المستأجر.. وجزاكم الله خيرا.. وأنا في انتظار الإجابة على بريدي.. وإذا كان هناك أي استفسار بخصوص هذه المسأله أرجو توجيه الاستفسار لي.. والسلام عليكم. (حسين) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود أن صاحب البيت أجره بأجرة معلومة لا جهالة فيها، ثم طلب من المستأجر المبلغ المذكور كرهن استيثاقاً وضماناً لما قد يترتب على المستأجر من الحقوق، فهذا لا محظور فيه، لأن حقيقة المسألة حينئذ أنها إجارة مستقلة ورهن مقبوض، وسيرد إلى صاحبه عند انتهاء العملية، وهذا لا إشكال فيه -والله أعلم-ويجب أن يعلم أن المرتهن الذي أخذ الفلوس لا يجوز له استثمارها، ولا الانتفاع بها بأية حالة، لأنها ملك للمستأجر، أما إذا كانت حقيقة المسألة هي: أن أجرة السكن في البيت هي استثمار صاحب البيت للفلوس والأرباح الناتجة من الاتجار بها، فهذا لا يجوز، لما فيه من الجهالة بالأجرة والغرر، ولأنه سلف جرَّ نفعاً، فكأن المستأجر أقرض رب العقار المبلغ في مقابل استغلاله هو للعقار، وكل قرض جر نفعاً فهو رباً.
وراجع الجواب رقم:
6606 والجواب رقم: 9866
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(12/2471)
حكم انتفاع المرتهن بالمرهون
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... بسم الله الرحمن الرحيم
أحبتي في الله، مما انتشر بين الناس الرهن وأقصد أن أرهن بيتي مقابل مبلغ من المال ثم يقوم المرتهن بالسكنى في بيتي بمدة محددة، فإذا انقضت المدة أرجع لي البيت وأرجعت له ماله، وهذه الصياغة موجودة في بلدي بصورة مذهلة، وقد سئلت عنها فأفتيت بأنها من أنواع الربا لأنها قرض جر منفعة إلا أن صاحب المسألة لم يقتنع وسأل أحد المشايخ فأفتاه بالجواز، نريد من فضيلتكم توضيح هذه المسألة بدقة متناهية، وبسرعة قصوى لأن الأمر يتعلق بالربا، وجزاكم الله عني كل خير.
الرجاء نشر هذه الفتوى أيضا على موقعكم الموقر لما فيها من فائدة عظيمة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وعلى آله وصحبه وبعد:
فانتفاع المرتهن بالسكنى في البيت على الوجه المذكور في السؤال لا يجوز، وعلى هذا أجمع أهل العلم، لأنه من باب القرض الذي يجر نفعا، قال ابن قدامة (المغني: 4/431) : (فإن أذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بغير عوض، وكان دين الرهن من قرض،لم يجز، لأنه يحصل قرضا يجر منفعة، وذلك حرام)
وذكر ابن قدامة أيضا أن أحمد رحمه الله كان يقول عن الدور إذا كانت رهنا في قرض ينتفع بها المرتهن هو الربا المحض.
-وإذا كان انتفاع المرتهن بالسكنى في البيت المرهون مقابل أجرة المثل من غير محاباة، فجمهور أهل العلم على عدم جواز ذلك، وأجازه الحنابلة، وعللوا ذلك بأنه لم ينتفع بالقرض، بل بالإجارة.
والأحوط الأخذ بمذهب الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(12/2472)
حكم من تصرف بالرهن قبل انقضاء المدة.
[السُّؤَالُ]
ـ[رهنت عمارتي مقابل قرض مالي على أن أعمل للدائن وكالة بيع وشراء كضمان للدين في حالة عدم السداد وأبرمت عقدا بذلك على ان لا يتصرف في العقار أبدا إلا إذا انقضت مهلة الدفع ولم أدفع ولكن الرجل باع العقار قبل أن تنتهي مهلة سداد الدين فهل يحق لي أن أطالب بفسخ البيع وإعادة العقار لي لأن العقار يعتبر مرهونا وإن الدائن قد خالف بنود العقد أم يحق لي المطالبة بقيمة العقار فقط مخصوما منه القرض]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بيع المرتهن للرهن قبل انقضاء المدة المأذون له في بيعه بعدها يعتبر تعديا ومجاوزة لحدود مسئوليته، وهو من باب بيع الفضولي، وقد اختلف العلماء في صحته وعدمها مع اتفاقهم على أن للمالك رده إن شاء، وعلى كل حال فإن للراهن المدين المطالبة بفسخ البيع وإعادته لذمته مع بقائه عند المرتهن حتى يحل دينه، وعندئذ يجوز له بيعه لاستيفاء دينه من ثمنه إذا لم يقضه الراهن كما اتفق عليه من قبل. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2473)
يبقى الرهن في يدي البائع حتى يؤدي المشتري الثمن.
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت الى السوق لأبيع سيارتي وكان ذلك يوم الجمعة فوافق المشتري على السعر ووافقت على البيع الا أن المكاتب تفتح يوم السبت يوم العمل فأخذت عنه ضمانا للشراء إلا أنه فى يوم الغد تراجع عن الشراء وبذلك فوت علي فرصة البيع ماذا أفعل في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا ما ذكر السائل يعتبر بيعاً صحيحاً ماضياً، لرضى كل من المتبايعين به وتفرقهما على ذلك، وليس لأحد منهما الرجوع عنه إلا بموافقة صاحبه، لأن البيع قد تم وحصل التفرق، والتوثيق القانوني من باب الإشهاد لا يتوقف نفاذ البيع ولا صحته عليه، وما أخذه البائع من المشتري في هذه الحالة ليس من باب العربون، وإنما هو من باب الارتهان، وقد نص الفقهاء على أن للبائع أن يأخذ رهنا من المشتري كوثيقة للثمن الذي في ذمته له، وله التمسك به حتى يأخذ حقه، وبناءً على ما سبق فإن السيارة للمشتري، والرهن أو الضمان كما سماه للمشتري أيضا، ولكن للبائع التمسك به حتى يعطيه المشتري ثمن سيارته.
ومع ذلك لو أقلته وسامحت في حقك كان خيرا لك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " من أقال مسلما أقال الله عثرته " رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1422(12/2474)
هل يجوز رهن المبيع
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما نشتري سيارة عن طريق بنك إسلامي بنظام المرابحة فإن السيارة المشتراة تكون مرهونة للبنك حتى يتم سداد قيمة السيارة بعد سنة أو سنتين وبالتالي لايمكن للمشتري بيعها أو التصرف فيها فما هو رأي فضيلتكم بخصوص هذه الملاحظة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا حرج في رهن المبيع عند البائع ليستوثق من حقه به، وإذا رهن المبيع طبعاً فليس للمشتري أن يتصرف فيه حتى ينفك الرهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2475)
لا يحق لك أخذ ما خرج من غلة المرهون عندك
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل طلب مني سلفة ورهن عمارة لدي وقد قمت بتحصيل إيجارات العمارة، وقد أرجع لي كامل المبلغ. فهل الإيجارات المحصلة تعتبر فوائد ربوية حيث أنه دين جر منفعةً؟ وجزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فما خرج من غلة العقار المرهون لا يحق لك أخذه بل يجب عليك أن تدفع الحصيلة لصاحب العقار بمجرد تحصيلها ولا يحق لك إمساكها، لأن الرهن منصب على رقبة العقار فقط لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه". [رواه ابن ماجه ومالك وحسنه السيوطي] . والنماء من الغُنْم فوجب أن يكون له،ولأن الرهن عقد لا يزيل الملك عن الرقبة المرهونة. فعليك أن ترجع محصلة الإيجارات لصاحب العمارة وأن تستسمحه في الفترة التي أمسكتها فيها؛ لأنه لا حق لك فيها أبداً فقد أجمع أهل العلم على ملكه لربّ الرهن. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2476)
شرح مبسط لحديث الشفعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد توضيحا لهذا الحديث: إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الحديث عن جابر قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعه. أخرجه البخاري.
والمعنى أنه إذا باع أحد الشريكين نصيبه من العقار المشترك بينهما، فللشريك الذي لم يبع أخذ النصيب من المشتري بمثل ثمنه، دفعاً لضرره بالشراكة.
وهذا الحق ثابت للشريك ما لم يكن العقار المشترك قد قسم وعرفت حدوده وصرفت طرقه.
أما بعد معرفة الحدود وتميزها بين النصيبين، وبعد تصريف شوارعها فلا شفعة، لزوال ضرر الشراكة والاختلاط الذي ثبت من أجله استحقاق انتزاع المبيع من المشتري.
ومعنى وقعت الحدود: عينت. والحدود جمع حد وهو هنا: ما تميز به الأملاك بعد القسمة.
وصرفت الطرق: بضم الصاد وكسر الراء المثقلة، بمعنى بينت مصارفها وشوارعها. اهـ
كذا قال الشيخ البسام في شرح العمدة.
وفي مسألة الشفعة تفصيلات وخلافات يمكن الاطلاع عليها في شروح الصحيحين، والعمدة، وبلوغ المرام. وقد سبق ذكر بعضها في الفتاوى التالية أرقامها فراجعها: 9039، 35475، 50746.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1430(12/2477)
لا حق لك فيما زاد عن الثمن سوى النفقات الزائدة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت أرضاً غير مفروزة بمبلغ 8000 وسجلتها في دائرة الأراضي بموافقة الشخص الذي باعني بمبلغ 9000 فقام الذي له أكبر نصيب في الأرض برفع دعوى لشراء الأرض مني غصباً ووضع ثمن الأرض في المحكمة مبلغ9000 وربح القضية هل الـ1000 التي أخذتها حرام أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما قام به شريك الرجل الذي باع لك الأرض هو ما يعرف بالشفعة، وقد اتفق عليها العلماء، وثبتت مشروعيتها بالسنة.
روى البخاري عن جابر رضي الله عنهما قال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطريق فلا شفعة.
قال الفقهاء: الشفعة: تملّك المشفوع فيه جبرا عن المشتري بما قام عليه من الثمن والنفقات.
ومن هذا التعريف تعلم -أيها السائل الكريم- أنه لا حق لك فيما زاد على الثمن الذي دفعت للبائع، وما أنفقته على الأرض أو إجراءات التسجيل، ونحو ذلك.
وعلى هذا، فإذا كنت لم تنفق شيئاً زائداً عن الثمن الذي دفعت للبائع وهو ثمانية آلاف، فإن هذه الألف ليست لك، وهي لصاحبها.
أما إذا أنفقت شيئاً زائداً على ثمانية آلاف ولو ريالاً واحداً، فلك الحق في أخذه، وما بقي فادفعه إلى من آلت إليه الأرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1423(12/2478)
هل تثبت الشفعة في الحيوان
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت قطيع أغنام من زيد وتم ضبط المباع واستلام صاحبه للثمن وبعد يومين ادعى عبيد وهو شخص كان قطيعه في نفس المكان الذي فيه قطيع زيد وكان متبرعا لزيد بمعلف قطيعه لوجه الله, ادعى أن له حق الشفعة وحق نقض البيع وأخذ القطيع له, فسأل هل أنت شريك لزيد في قطيعه أو في بعضه أو شريك بمعلفك لقطيعه؟ فاجاب: لا, لست شريكا ولكن القطيعان مختلطة والخلطاء كالشركاء مع العلم أن كل قطيع مضبوط العدد ومعروف الصفات. فهل ما ادعاه عبيد صحيح؟ أجيبونا جزاكم الله خيرا بعجل لأن المسألة نشب على أثرها خلاف وننتظر الرأي الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبب الشفعة هو الاشتراك في الملك أو في حق من حقوقه على خلاف بين الفقهاء في ذلك. وعليه فليس لعبيد المطالبة بحق الشفعة في هذا القطيع لأنه ليس شريكا لزيد مطلقا فضلا على أن الشفعة تثبت عند جمهور أهل العلم في العقارات دون المنقولات.
جاء في مطالب أولى النهى: ولا تجب الشفعة في حيوان أو جواهر وسيف وسفينة وزرع وثمر وكل منقول لأن شرط وجوبها أن يكون المبيع أرضا لأنها هي تبقى على الدوام ويبقى ضررها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(12/2479)
استحقاق الشفعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قام أبي ببيع أرض زراعية لغرض علاج أخينا الأصغر وعددنا كإخوة أربعة أفراد فهل يحق لي استرجاع هذه الأرض من مشتريها من باب الشفعة، وإذا كان ذلك جائزاً فما حكم الإخوة إذا طالبوا بنصيبهم من هذه الأرض بعد عمر طويل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشفعة هي استحقاق الشريك أخذ حصة شريكه التي باعها بثمنها، وانطلاقاً من هذا التعريف لا بد أن يكون الآخذ بالشفعة شريكاً، وهو الذي لم يتضح لنا من سؤالك، لأن الظاهر أن الأرض ملك لأبيكم، وإنما تكون الشفعة لكم إذا كنتم شركاء في هذه الأرض ولكل واحد منكم نصيب مشاع فيبيع أحدكم نصيبه، فحينئذ يحق للباقين الأخذ بحق الشفعة، ولا تثبت الشفعة بمجرد بنوتكم لأبيكم، وإذا ثبتت الشفعة ولم يأخذ بها من له الحق بها فوراً بعد علمه فالذي عليه الجمهور أنه يبطل حقه في الأخذ بها، وأجاز المالكية طلبها إلى سنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1429(12/2480)
حق الشفعة على الفور أم على التراخي
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي في الشفعة: هل أن ممارسة حق الشفعة محَدّد بزمن- في تونس مثلا محدد ب 6 أشهر- أم أن من حق الشريك أن يشفع متى شاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في الشفعة هل هي على الفور أم لا؟ والجمهور على أن الشفعة على الفور، وفي بيان ذلك يقول ابن قدامة في المغني: الصحيح في المذهب أن حق الشفعة على الفور، إن طالب بها ساعة يعلم بالبيع، وإلا بطلت. ... وهذا قول أبي حنيفة، والشافعي في أحد قوليه، وحكي عن أحمد رواية ثانية أن الشفعة على التراخي لا تسقط ما لم يوجد منه ما يدل على الرضى، من عفو، أو مطالبة بقسمة، ونحو ذلك. وهذا قول مالك، وقول الشافعي، إلا أن مالكا قال: تنقطع بمضي سنة. وعنه: بمضي مدة يعلم أنه تارك لها؛ لأن هذا الخيار لا ضرر في تراخيه، فلم يسقط بالتأخير، كحق القصاص. وبيان عدم الضرر أن النفع للمشتري باستغلال المبيع وإن أحدث فيه عمارة، من غراس أو بناء، فله قيمته. اهـ.
ثم استدل ابن قدامة لقول الجمهور بقوله: لأنه خيار لدفع الضرر عن المال، فكان على الفور، كخيار الرد بالعيب، ولأن إثباته على التراخي يضر المشتري لكونه لا يستقر ملكه على المبيع، ويمنعه من التصرف بعمارة خشية أخذه منه، ولا يندفع عنه الضرر بدفع قيمته؛ لأن خسارتها في الغالب أكثر من قيمتها، مع تعب قلبه وبدنه فيها. اهـ.
واتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أن عدم العلم بالبيع أو الشراء يعد عذرا في تأخير طلب الشفعة، واختلفوا في صور هذا القدر، ويمكن مراجعة تفصيل هذه المسألة في مظانها من كتب الفقه.
ومن هذا يتبين لك أن تحديد زمن الشعفة بستة أشهر لم يقل به أحد من أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(12/2481)
لا تثبت الشفعة بمجرد الأخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك شفعة بين الإخوة؟ بمعنى بعت أرضا وبيتا لأخي فاعترض أخي الثالث وقال بأنه أحق في المبيع مني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشفعة يعرفها الفقهاء بأنها استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض مالي بثمنه الذي استقر عليه العقد..
ولا تثبت الشفعة لمجرد الأخوة إذا لم يكن الأخ شريكا لأخيه، ولم نجد أحدا من الفقهاء ذكر أن الشفعة تثبت بالأخوة لذاتها.
وإن كان مقصود السائل أن اعتراض أخيه كان حول أيهما أحق ببيع مال أخيهم والتصرف فيه.. فإن هذا لا علاقة له بالشفعة وإنما هو من باب الوكالة، فمن وكله الأخ بالبيع فهو أحق به، والوكيل لا يشتري ما وكل في بيعه لنفسه كما قال صاحب الروض: ومن وكل في بيع أو شراء لم يبع ولم يشتر من نفسه لأن العرف في البيع بيع الرجل من غيره فحملت الوكالة عليه، ولأنه تلحقه تهمة. انتهى.
وإن لم يوكل الأخ أحدا بالبيع فلا حق لأحد في البيع لأنه لا يصح لأحد أن يتصرف في ملك أحد من غير إذنه، وإن كان الأخ المراد بيع ملكه محجورا عليه لصغره مثلا فوليه يتصرف في ماله بالأحظ له، وليس لأحد من الإخوة ولاية على أخيهم الصغير إلا بوصاية من الأب، وولي الصغير حال الحجر عليه أبوه ثم وصيه ثم الحاكم.
قال ابن قدامة في المغني: ولا ينظر في مال الصبي والمجنون ما داما في الحجر إلا الأب أو وصيه بعده أو الحاكم عند عدمهما. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(12/2482)
مذاهب أهل العلم في استحقاق الجار الشفعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة جزائرية متزوجة ولدي أولاد. باع عمي قطعة الأرض المواجهة لبيتي لرجل غريب عني وإن كان من الرحم. وهذا الأمر يقلقني لأن هذا الرجل الغريب سيكون مواجهاً لي ولبيتي وخاصة نحن نسكن في البر وسيضيق علي لأن لدي أعزكم الله الكثير من البهائم التي ترعى في المنطقة.
ولذلك اقترحت على أبي أن يشتري الأرض من الرجل الغريب ووافق أبي ووافق عمي البائع الأصلي. إلا أن الرجل الغريب رفض ذلك رفضاً قاطعاً مع علمه بالحرج الذي سيسببه لنا.
في قانون بلادنا يحق لأبي أن يأخذ هذه الأرض من الرجل الغريب فوراً بعد إعطائه ثمنها ولكننا خفنا من ذلك قبل أن نسأل فضيلتكم. فهل لنا استخدام القانون لإعادة تلك الأرض؟ أم ماذا نفعل. أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل العلم مختلفون في استحقاق الجار الشفعة عند بيع جاره عقارا ملاصقا لعقاره فمذهب الجمهور أنه لا شفعة للجار، وذهب الأحناف إلى استحقاق الجار للشفعة، وفصل بعض أهل العلم القول فقالوا بالشفعة للجار إن كان مشتركا مع جاره في الطريق أو الماء ونحو ذلك. وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 35475.
وعليه.. فلا نرى مانعا من أن تشفع الأخت السائلة في المبيع المذكور أخذا بمذهب الحنفية لاسيما وأنها ستتضرر بوجود هذا الشخص بجوارها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(12/2483)
لا يسقط حق الشفعة إذا كذب البائع في الثمن
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي باع قطعة أرض ولم يمض سنة على بيعها وكنت أعلم بالبيع وأنا جار للأرض، والذي اشترى الأرض كان طول الوقت يريد بيع هذه القطعة وعندما أردت شراءها طلب سعرا مخفيا (غير حقيقي) فهل يجوز لي أخذها بالشفعة وإن جاز فبأي ثمن.
شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت مستحقا للشفعة لا شتراكك مع جارك في حق من حقوق الملك من طريق أو ماء أو نحو ذلك وتركتها لأن بائع الأرض كذب عليك في الثمن الذي يريد البيع به، وأظهر أن الثمن أكثر مما وقع العقد به فلا يسقط حقك بذلك في طلب الشفعة، ولك أن تأخذها بالثمن الذي أخذها به، قال في تحفة المحتاج: (ولو أخبر بالبيع بألف) أو جنس أو نوع أو وصف أو أن المبيع قدره كذا أو أن البيع من فلان أو أن البائع اثنان أو واحد (فترك) الأخذ (فبان بخمسمائة) أو بغير الجنس أو النوع أو الوصف أو القدر الذي أخبر به أو أن البيع من غير فلان أو أن البائع أكثر أو أقل مما أخبر به (بقي حقه) ، لأنه إنما تركه لغرض بان خلافه ولم يتركه رغبة عنه. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 35475، والفتوى رقم: 20964.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1425(12/2484)
هل يشتري بالشفعة بالسعر المعلن أم المخفي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترت إحدى جمعيات الإسكان قطعة أرض بسعر معين وليكن 8000 دينار للدونم وعند تسجيل قطعة الأرض في دائرة الأراضي تم تسجيلها بسعر أقل وليكن 600 دينار، وذلك من أجل تقليل الرسوم كونها تزيد مع زيادة السعر، فقمت أنا، وأنا شفيع (أي يعطيني القانون حق الاعتراض على البيع وأخذ الأرض من المشتري القديم كوني جارا للقطعة) ، فقمت بالاعتراض وأخذت الأرض بقيمة 600 دينار، كما هو مبين في القيود الرسمية، مع أنني أعلم أن ثمنها الحقيقي هو 8000 وهو الثمن المقبوض فعلاً، فهل شرائي هذا حلال أم حرام؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: ما يتعلق بتسجيل الأرض في الأوراق الرسمية بأقل من قيمتها الحقيقية هروباً من الرسوم المفروضة، وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 5107، والفتوى رقم: 8097، والفتوى رقم: 29218.
والأمر الثاني: ما يتعلق باستحقاق الشفعة بسبب الجوار، وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 35475.
والأمر الثالث: ما يتعلق بشراء الشفيع الأرض بالقيمة المعلنة مع أن هناك قيمة سرية متفقاً عليها، وللجواب عن هذا نقول: إنه حيث حكمنا بأن له حق الشفعة، فإنه يجب عليه أن يدفع الثمن الحقيقي الذي هو ثمانية آلاف ما دام يعلم بأنها هي الثمن الحقيقي، ولا يحق له بحال أن يقتصر على دفع ستة آلاف ركوناً إلى ما هو موجود في الأوراق واتكاءً على أن القانون معه، فإن ذلك لا يبيح له ما حرم الله. قال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 188} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1425(12/2485)
مسائل في الشفعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اشتريت أرضاً منذ شهرين بمبلغ 20 ألف دينار أردني، وبعد ذلك وخلال فترة يومين فقط طالب أحد الجيران الأرض لشرائها (الشفعة) أي أنه عرض علي ذلك بعد فترة أكثر من شهرين من شرائها، مع العلم بأني قد صرفت مبالغ أخرى على الأرض من تسجيلها ومخططها في البلدية، كما وعرض علي مبلغ 30 ألف لشراء الأرض، والسؤال هنا: هل يحق للجار شراء الأرض مني بعد شهرين من شرائها أي أن الأرض كانت موجودة من قبل، وإذا كان يحق له ذلك، فهل أطلب منه دفع جميع ما صرفته على هذه الأرض بالإضافة إلى الزيادة التي عرضت علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك قد اشتمل على مسألتين: المسألة الأولى: ما يتعلق بثبوت حق الشفعة بسبب الجوار: فقد اتفق أهل العلم على أن حق الشفعة يثبت للشريك في العقارات كالأرض ونحوها قبل قسمتها، لما في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة وحائط لا يحل له أن يبيعه حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، وإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان له شريك في ربعة، أو نخل، فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن رضي أخذ، وإن كره ترك. أخرجه مسلم.
أما بعد القسمة: فمذهب الجمهور أن الشفعة لا تجب للجار ولا للشريك، لقول جابر في الحديث المتقدم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم. وفي رواية للبخاري: فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة.
وذهب الحنفية إلى إثبات الشفعة للجار الملاصق والشريك في حق من حقوق المبيع، لما رواه البخاري عن عمرو بن الشريد، قال: وقفت على سعد بن أبي وقاص، فجاء المسور بن مخرمة فوضع يده على إحدى منكبي، إذ جاء أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا سعد ابتع مني بيتي في دارك، فقال سعد: والله ما أبتاعها، فقال المسور: والله لتبتاعنهما، فقال سعد: والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة أو مقطعة، قال أبو رافع: لقد أعطيت بها خمسمائة دينار، ولولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الجار أحق بسقبه، ما أعطيتكما بأربعة آلاف، وأنا أعطى بها خمسمائة دينار، فأعطاها إياه. فدل الحديث على أن الشفعة تستحق بسبب الجوار.
واستدلوا أيضاً بما رواه مسلم وأحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها، وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً.
وذهب بعض أهل العلم إلى ثبوت شفعة الجوار عند الاشتراك في حق من حقوق الملك من طريق أو ماء أو نحو ذلك، ونص على ذلك الإمام أحمد في رواية أبي طالب واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم، وعزاه ابن القيم إلى عمر بن عبد العزيز والبصريين من فقهاء الحديث، والفتوى في الشبكة عندنا على هذا القول.
والمسألة الثانية: ما يتعلق بطلب الشفعة هل هو على الفور أم على التراخي؟ وقد اختلف أهل العلم في ذلك أيضاً: فذهب الحنفية، والشافعية على القول الأظهر، والحنابلة إلى أن طلب الشفعة بعد العلم بها يكون على الفور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجه عن عمر رضي الله عنه: الشفعة كحل العقال.
واستدالو أيضاً بالقياس على الرد بالعيب، وأجاز المالكية طلبها إلى سنة وما قاربها وتسقط بعدها، وقول الجمهور هو الأقرب.
وبناء على ما سبق من الراجح في المسألتين: فإن لصاحبك أن يطالب بالشفعة إذا كانت المرافق مشتركة وكان الطالب على الفور بعد العلم بالبيع، وإذا توفرت شروط استحقاقه للشفعة فإنه يدفع لك كل ما أنفقته في محل الشفعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1425(12/2486)
تثبت شفعة الجوار مع الشركة في حق من حقوق الملك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- ما قولكم في رجلين اشتركا في شراء قطعة من الأرض، ثم إن أحدهما باع حصته من الأرض في وقت الغلاء لحاجته دون إعلام صاحبه بذلك، ثم إن صاحبه علم بالأمر بعد مضي عدة شهور ورخص الأسعار، فما الذي ترونه في المسألة؟ ثم هل يكون لصاحب الشريك المتصرف أن يأخذ عنه عوضا لقاء الكتمان الذي حصل منه وتسببه في لحوق الضرر به؟ علما بأن المتصرف يبرر موقفه ببعض الأعذار، فمنها: أن هذا الآخر قد جعله وكيلا له لإجراء العقود، ثم إنه يقول: إني كنت أعلم أنه لم يكن لديه من المال ما يشتري به حصتي، ولذا احتجت إلى أن أبيع حصتي لغيره، والآخر يقول: إنك أضررت بي، وكنت قد اعتمدت عليك ثقة بك، وكنت السبب في لحوق الخسارة بي، حيث إن الحصة الواحدة كانت تباع بمائة ألف من الدنانير أو أزيد، أما الآن فقد تم بيع حصتي بخمسين ألفا، فما المخرج من هذا الإشكال؟ والمتصرف يقول له: إن ما تقوله حق، لكن الدنانير قد ارتفعت قيمتها الآن، نعم العدد أنقص لكن مع ذلك فليس لنا أن نغفل ما عرض للقيمة من تغير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق أهل العلم على أن حق الشفعة يثبت للشريك في العقارات كالأرض ونحوها قبل قسمتها، لما في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة وحائط لا يحل له أن يبيعه حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، وإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به.
أما بعد القسمة فمذهب الجمهور أن الشفعة لا تجب للجار ولا للشريك، لقول جابر في الحديث المتقدم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم وفي رواية للبخاري: فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة.
وذهب الحنفية إلى إثبات الشفعة للجار الملاصق والشريك في حق من حقوق المبيع، لما رواه البخاري عن عمرو بن الشريد قال: وقفت على سعد بن أبي وقاص فجاء المسور بن مخرمة فوضع يده على إحدى منكبي، إذ جاء أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا سعد ابتع مني بيتي في دارك. فقال سعد: والله ما أبتاعهما. فقال المسور: والله لتبتاعنهما. فقال سعد: والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة أو مقطعة. قال أبو رافع: لقد أعطيت بها خمسمائة دينار، ولولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الجار أحق بسقبه. ما أعطيتكها بأربعة آلاف، وأنا أعطى بها خمسمائة دينار فأعطاها إياه".
فدل الحديث على أن الشفعة تستحق بسبب الجوار.
واستدلوا أيضًا بما رواه مسلم وأحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها، وإن كان غائبًا إذا كان طريقهما واحدًا.
وذهب بعض أهل العلم إلى ثبوت شفعة الجوار مع الشركة في حق من حقوق الملك من طريق أو ماء أو نحو ذلك، ونص على ذلك الإمام أحمد في رواية أبي طالب، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم، وعزاه ابن القيم إلى عمر بن عبد العزيز والبصريين من فقهاء الحديث، وهذا القول - والله أعلم - هو أرجح الأقوال، وقد أجاد ابن القيم في إيضاح هذا فقال رحمه الله: والصواب القول الوسط الجامع بين الأدلة الذي لا يحتمل سواه، وهو قول البصريين وغيرهم من فقهاء الحديث، أنه إن كان بين الجارين حق مشترك من حقوق الأملاك من طريق أو ماء أو نحو ذلك ثبتت الشفعة، وإن لم يكن بينهما حق مشترك البتة بل كان كل واحد منهما متميز ملكه وحقوق ملكه فلا شفعة، وهذا الذي نص عليه أحمد في رواية أبي طالب، فإنه سأله عن الشفعة لمن هي؟ قال: إذا كان طريقهما واحدًا، فإذا صرفت الطرق وعرفت الحدود فلا شفعة. وهو قول عمر بن عبد العزيز، وقول القاضيين سوار بن عبيد الله وعبيد الله بن الحسن العنبري، وحديث جابر صريح فيه، فإنه قال: الجار أحق بسقبه ينتظر به وإن كان غائبًا إذا كان طريقهما واحدًا. فأثبت الشفعة بالجوار مع اتحاد الطريق، ونفاها به مع اختلاف الطريق بقوله: فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. فتوافقت السنن بحمد الله وائتلفت، وزال عنها ما يظن بها من التعارض. انتهى. من إعلام الموقعين (2147) بتصرف يسير.
وإذا تقرر هذا علمت أن الأرض إذا كانت لم تقسم أو قسمت، ولكن هناك شركة بين الرجلين في حق من حقوقها كالشرب أو الطريق، ثبت فيها الشفعة، وكان الواجب على من باع حصته أن يُعلم شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، فإن خالف وباع دون إعلامه أثم بذلك ووجب عليه أن يتوب إلى الله، وكان لشريكه أن يأخذ حصته بالثمن الذي بيعت له، وإذا كانت الأرض قد قسمت بحيث لم يبق بين نصيبيهما اشتراك في حق من حقوقها، فلا شفعة، وكان لكل منهما أن يتصرف في نصيبه دون إعلام صاحبه.
أما اعتذار الذي باع دون إعلام شريكه بأن شريكه كان قد وكله فليس عذرًا، فمعلوم أنه قد وكله في أن يتصرف له وفق المصلحة، وليس ما فعله مصلحة لشريكه، بل هو ضرر عليه، ومثل هذا التصرف لا يصح بالوكالة؛ لأنه غير مأذون فيه.
وكون الذي باع يعلم أن شريكه لا يملك المال اللازم للشراء ليس أيضًا عذرًا؛ لأنه كان بإمكان شريكه أن يعترض ويوفيه الثمن. وكون قيمة الدنانير قد ارتفعت أو انخفضت لا يغير شيئًا من هذه المسألة.
والذي نراه أن الشريك الذي تضرر ببيع شريكه لنصيبه دون إعلامه، إن كان يستطيع توفير المال اللازم لشراء نصيب شريكه فعليه أن يرفع الأمر للمحكمة المختصة لتحسم النزاع وتقضي له بالشفعة، وإن كان لا يستطيع توفير المال فليس له أن يطالب بتعويض مقابل ما أصابه من ضرر الكتمان؛ لأن غاية ما جعله الشرع له هو أنه إما أن يأخذ وإما أن يترك، وقد مُكِّن من ذلك.
وراجع للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 9039، 20964، 32827.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(12/2487)
حكم إعلام الشريك شريكه ببيع حصته، وأخذ العوض عن حق الشفعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد سبق أن أرسلت إليكم سؤالا بخصوص ما إذا كانت هناك أرض مشتركة بين شخصين، وباع أحدهما حصته دون علم الآخر، هل يجوز للآخر أخذ عوض من البائع لقاء الكتمان، والسؤال الآن هو إذا كان الجواب بالنفي، فحينذاك هل يجوز أخذالعوض على سبيل الصلح، أو أن الحكم أنه لا تجوز المصالحة إلا على شيء ثبت كونه حقا للآخر؟ ثم ما سبيل الشريك البائع لتخليص نفسه من العتب واللوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وقع الخلاف بين العلماء في حكم إعلام الشريك شريكه بأنه يريد أن يبيع حصته، فذهب بعض العلماء إلى أنه غير واجب، وإنما هو مستحب وله أن يبيع حصته من غير إعلام شريكه، وقال بهذا المذهب الكثير من الشافعية.
وقال آخرون: بل يجب عليه أن يُعلم شريكه أنه يريد بيع حصته.
واستدلوا بالحديث الذي رواه مسلم والنسائي وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، فإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به.
قالوا: والدليل على الوجوب قوله: "لا يحل" الذي يدل على حرمة عدم إعلام الشريك، قاله القرطبي عن بعض مشايخه، وكذلك قاله آخرون، وقالوا: لا يحيد عن الوجوب. وهو الراجح.
فعلى رأي هؤلاء العلماء فإن الواجب على الشريك أن يعلمك بأنه يريد البيع، وبما أنه لم يفعل فهو آثم ويتوب إلى الله ويطلب السماح من شريكه، والشريك الشفيع ليس له إلا الأخذ بالشفعة متى علم بالبيع، فيجوز له أن يتملك حصة شريكه البائع بنفس الثمن، أو أن يسقط حقه في الشفعة، أما المصالحة أو أن يصالحه المشتري أو هو يصالح المشتري على أن يسقط حقه في الشفعة مقابل مال، فهذا محل خلاف بين العلماء، فذهب الشافعية والأحناف والحنابلة إلى أنه غير جائز، وذلك لعدة أسباب:
1-أن الشفعة خيار كخيار الشرط لا يجوز أخذ العوض عنه.
2-أن الشفعة ثبتت لإزالة الضرر عن الشريك، فإذا رضي بالعوض "المال" عنها تبين لنا ألا ضرر.
3-أنه حق مجرد لا يجوز بيعه ولا هبته.
ثم اختلف الجمهور في ما إذا رضي هذا الشريك الشفيع بالصلح عنها بمال هل يسقط حقه فيها أو لا؟ فقال أكثرهم يسقط لأنه يدل على عدم وجود الضرر لأنه برضاه بالصلح أسقط حقه فيها على المال فلا يجوز له أخذه ويبقى إسقاطه لحقه في الشفعة، أي أن إسقاطه للشفعة يعتمد فلا حق له عندئذ، وقيل لا يسقط حقه في الشفعة.
ورأي الجمهور هو الراجح لما ذكروه من أدلة، وذهب المالكية إلى جواز أخذ العوض عن حق الشفعة من المشتري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1424(12/2488)
لا يحق للشريك أن يبيع حصته دون علم شريكه
[السُّؤَالُ]
ـ[قام عمى ببيع نصيبة في قطعة أرض يمتلكها هو وأبي على الشيوع وهذا فى عام1968م وفى عام 1974م قام أبي برفع دعوى شفعة أمام المحكمة وحكمت له بأحقيته في الأرض محل البيع وهي الآن في حوزتي بعد وفاة أبي فهل كان من حق أبي ذلك؟
وماموقفي أنا شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن الشرع أعطى لأبيك الحق في رفع هذه الدعوى، لأن له الشفعة في الأرض، وهي حق أثبته الشرع يتملك به الشريك الأول ما باعه شريكه لغيره، فإذا كان اثنان شريكين في أرض مثلا، فباع أحدهما حصته لغير شريكه، فلشريكه أن يأخذ هذه الحصة من المشتري بغير رضاه بمثل الثمن الذي دفعه. وقد عرف العلماء الشفعة بأنها: أخذ الشريك ما باعه شريكه بالثمن جبرا عليه.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان له شريك في ربعة، أو نخل، فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكة، فإن رضي أخذ، وإن كره ترك" أخرجه مسلم.
وعن جابر أيضا قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل مالم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعه" أخرجه البخاري.
وبهذا تعلم أن المحكمة حكمت لأبيك بما هو حق له، وقد وصل إليك أنت بطريق مشروع، وهو الإرث، فموقفك الشرعي منه هو موقفك من بقية مال أبيك، لا فرق بين المالين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(12/2489)
استغلال الشريك حصته في الأرض المشتركة
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم على كل جهدكم وجعله الله في ميزان حسناتكم،
اشتريت من سيد قطعة أرضية تبلغ مساحتها 4.5 هكتار (ولي حجة ملكية تثبت ذلك) لكنها من أصل جماعي. أي أنني الآن أعتبر واحدا من باقي سكان تلك المنطقة الذين لديهم الحق في هذه الأرض الجماعية التي تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 30 هكتارا (أنا لي فيها 4.5 هكتار) غير أن هذه الأرض غير مستغلة يعني على حالتها الطبيعية وأنا الآن أود أن أحفظها (التحفيظ) لأقوم بإعدادها لاستغلالها في الفلاحة ومن المؤكد أن هذا سيكلفني مبالغ مالية هامة أيضا غير أنني قوبلت بالمعارضة من الجماعة الذين يرفضون امتلاك هذه الأرض بدعوى أنها جماعية (في ملك الجميع) مع أنني أمتلك جزءا منها بمستندات قانونية وبهدف استغلال خيراتها (وبالطبع تشغيل عدد كبير منهم لذلك) فما موقف الشرع في هذه المسألة؟ هل لهم الحق في المعارضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه القطعة التي اشتراها الأخ السائل لا تخلو من أن تكون مفرزة عن بقية الأرض التي يملكها الجماعة المذكورة أو أن تكون شائعة غير مفرزة.
فعلى الاحتمال الأول وهو أن تكون مفرزة معلومة فإنه يجوز بيعها واستغلالها بالزراعة ونحو ذلك للمالك الأصلي وللمشتري، وليس لبقية الجماعة منع المشتري الجديد من زرع هذه القطعة من الأرض.
الاحتمال الثاني: أن لا تكون مفرزة ولكنها مختلطة مشتركة لا يتميز نصيب كل واحد من الشركاء فيها، ففي هذه الحالة يجوز ايضا بيعها، لكن لا يجوز للمشتري كما لا يجوز للمالك الأول أصلا استغلالها إلا بإذن بقية الشركاء، فلو فعل ذلك بلا إذن كان في حكم الغاصب لأن كل جزء من هذه الأرض مشترك بينهم، ولكل واحد من الشركاء إبطال هذا التصرف، جاء في نهاية المحتاج: لو كانت الأرض مشتركة بين شخص وآخر فغرس فيها أو بنى بغير إذن شريكه فإنه يكلف القلع لتعديه بفعله لأن كل جزء مشترك بينهما فكان كالغاصب ...
هذا وإذا أراد أحد الشركاء زراعة الأرض المشتركة أو إصلاحها وأبى بقية الشركاء فإنها تقسم وتفرز حصص الشركاء ليقوم من شاء منهم بالانتفاع بنصيبه كما يجوز للشركاء في هذه الصورة أن يشفعوا في نصيب شريكهم إذا أراد أن يبيع نصيبه، وراجع معنى الشفعة وضوابطها في الفتوى رقم: 33827.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(12/2490)
أقوال العلماء في الشريكين: أحدهما بالمال والثاني بالعرض
[السُّؤَالُ]
ـ[خصومة في تجارة
اشترك شخصان في تجارة الأول بمال والثاني بعقار.
وبعد مدة طلب صاحب العقار من شريكه صاحب المال الانسحاب من الشركة بدعوى عدم حاجته له في إدارتها. مع العلم أن الشركة قامت ببيع منتوجها لشخص مطعون في أمانته (قد لا يسدد ثمن السلعة التي اشتراها) مما جعل صاحب المال المطرود يطالب بجميع حقوقه في رأس المال والسلعة المباعة إلا أن صاحب العقار رفض بدعوى أن الشريكين يتحملان الخسارة معا باعتبار السلعة التي لم يقبض ثمنها في حكم الخسارة
والسؤال:
ماحكم الشرع في طلب الشريك الأول صاحب المال المطرود من اعتبر طرده ألحق به ضررا وعليه فصاحب العقار هو المطالب بتحمل الخسارة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالشركة على أن يكون رأس مال أحد الشركين عَرَضاً والآخر ثمناً، أو يكون رأس مال كل واحد منهما عرضاً.. الشركة على هذا الوجه محل خلاف بين العلماء، هل هي صحيحة أو فاسدة؟ فمذهب جمهورهم أنها فاسدة، لأن الشركة تقتضي الرجوع عند المفاصلة برأس المال أو بمثله، وهذه لا مثل لها يرجع إليه، وقد تزيد قيمة العرض فتستوعب جميع الربح أو جميع المال، وقد تنقص قيمته فيؤدي إلى أن يشاركه الآخر في ثمن ملكه الذي ليس بربح. وأجاز أحمد في إحدى الروايتين عنه ومالك -رحمهما الله- أجازا الشركة بالعروض على أن تجعل قيمتها وقت العقد رأس المال.
وعلى هذا القول: إن كان الشريكان قد اتفقا على تقويم العقار، وعرفت قيمته وقت العقد فإن الشركة صحيحة، وعند إنهاء هذه الشركة يأخذ كل واحد منهما رأس ماله فإن كان هناك ربح قسم بينهما على ما اشترطا، وإن كانت هناك خسارة قسمت بينهما.
وأما إن كان الاتفاق بين المتعاقدين قد تم على أن يشتركا: هذا بماله وهذا بعقاره، ويبقى لكل واحد منهما رأس ماله، فهذا له ماله وذاك له عقاره، فإن هذا عقد فاسد، وليس من الشركة في شيء.
وعليه، فلكل واحد منهما رأس ماله أو ما بقي منه، وعلى كل واحد منهما ضمان أجر عمل صاحبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1423(12/2491)
للشريك من قيمة العقار بقدر حصته وسهمه ولو لم يتم بيعه
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت أنا وإخواني عمارة بمبلغ 4 مليون، وقسمت بيننا 24 سهما، لي أنا سهمان، ثم دخل أحد الناس معي بمبلغ 150000جنيه، وبعد مضي عام أو أقل أراد هذا الرجل أن يأخذ رأس ماله وكان سعر العمارة في هذا الوقت يساوي 6 مليون. فهل لهذا الرجل أرباح مع أننا لم نبع العمارة إلى الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الرجل قد شاركك في حصتك من ذلك العقار، وتم الاتفاق بينكما على أن له جزءا معلوما كثلث أو ربع ونحوه في حصتك بدل ما دفع إليك من مال فالعقد صحيح، وهو شريكك في حصتك، وله من قيمة العقار بقدر حصته وسهمه فيه، ولو لم يتم بيعه بعد. وأما إن كان يجهل مقدار حصته بأن لم تتفقا على جزء معلوم عوضا عن ذلك الثمن الذي دفعه، فالبيع غير صحيح والشركة فاسدة، وليس له سوى ما دفع، وإن أردتما تصحيح العقد فلابد من تحديد جزئه في تلك الحصة.
جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام المادة 214: بيع حصة شائعة معلومة كالثلث والنصف والعشر من عقار مملوك قبل الإفراز صحيح. مثال ذلك: إذا باع إنسان من آخر حصته في الدار الفلانية فإذا كان الآخر عالما بمقدار حصته في تلك الدار فالبيع صحيح إن كان البائع أيضا عالما بمقدار حصته أو مصدقا للمشتري فيما بينه من مقدار حصته، أما إذا كان المشتري لا يعرف الحصة فالبيع غير صحيح سواء أكان البائع يعرف تلك الحصة أم لا يعرفها. انتهى.
وذلك لأنه لابد أن يكون المبيع معلوما، والمبيع هنا هو جزء من تلك الحصة، فإن تم تحديد ذلك الجزء بربع أو ثلث أو غيره صح وإلا فلا.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: وأما شرائط الصحة ... ومنها: أن يكون المبيع معلوما وثمنه معلوما علما يمنع من المنازعة. انتهى.
وننبه هنا إلى أنه إذا كان العقد صحيحا وأراد الشريك بيع حصته وسهمه بمثل ما دفع أو أكثر منه أو أقل فلا حرج عليه في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1430(12/2492)
الفرق بين القرض والقراض
[السُّؤَالُ]
ـ[مقاول يقوم بتنفيذ مشروع مكون من بيت +سور.البيت تم إنجازه والسور لم يبدأ العمل فيه.
وأنا أريد أستثمر مبلغا صغيرا مع المقاول في بناء السور.
المقاول يريد أن يدخلني شريكا في السور الذي لم يتم البدء في بنائه وذلك لحاجته الماسه إلى مال لبناء السور لكي يستطيع المقاول أن يسلم المشروع إلى صاحبه ويستلم بقية ماله من صاحب المشروع.
وأنا أريد أشاركه في السور فقط واشترطت عليه بنسبة ربح 5% فهل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل سيدخل مع هذا المقاول كشريك هو بماله والمقاول بجهده وعمله، ويجوز أيضا بماله ويلتزم في هذا العقد شروط وضوابط الشركة فلا مانع. ومن ضوابط الشركة أن يكون نصيب كل من الشريكين نسبة شائعة من الربح لا من رأس المال. ومن ضوابطها كذلك أن لا يضمن الشريك رأس مال شريكه إلا في حالتي التفريط والتعدي، فالشريك وكيل عن شريكه والوكيل لا يضمن. جاء في المغني: في أقسام الشركة: القسم الرابع: أن يشترك مالان وبدن أحدهما فهذا يجمع شركة ومضاربة وهو صحيح، والربح في جميع أقسام الشركة على ما اصطلحا عليه. وننبه هنا إلى أمر مهم حتى تصح هذه الشركة. وهو أن رأس المال الذي يحق للسائل أخذ أرباحه هو المبلغ الذي سيدفعه إلى المقاول، ومعنى ذلك أنه يجب تمييزه عن رأس مال المقاول في المشروع المشترك هذا حتى يمكن تقسيم أرباحه حسب الاتفاق بينهما، وإذا لم يحصل هذا التمييز فإنه لا يصح، ويخشى أن تكون هذه المعاملة قرضا لا قراضا" مضاربة" فالسائل فيها يقرض المقاول المبلغ ليرده بزيادة وهذا غير جائز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1428(12/2493)
المتاجرة بمال الغير تجوز بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز العمل في التجارة بمال غيري؟ وما هي شروطه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للشخص أن يتاجر بمال غيره بشروط وهي تختلف باختلاف نوع الاستثمار، ولذا نقول للسائل: صف لنا الصورة التي تريد الاستثمار بها في مال الغير حتى نحكم عليها. وأما من حيث العموم فقد سبقت لنا فتوى برقم:، 25016، وفتوى رقم: 5480، فيهما شيء من ذلك فراجعهما.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(12/2494)
لا يجوز لأحد الشريكين في شركة الملك التصرف في نصيب الآخر دون إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي البكر اشترى قطعة أرض تمسح 212 م2 وعند وفاته سنة 1984 في سن لا تناهز 20 سنة في تلك الفترة قرر أبي بيع تلك الأرض دون موافقة أمي الوريثة الثانية وذلك بتاريخ 19 جانفي1987 بثمن بخس جدا أي 600 دينار في منطقة معتمر ولاية المنستير.
إخوتي في ذلك الزمن صغار ولا يعرفون شيئا، وأكبرهم سنا أختي 19 سنة. ونحن 3 بنات وولد.
وبعد مرور تلك السنين زارني بالأمس 19/05/2009 المشتري لتلك الأرض باحثا عن أمي كي تمضي له عقد البيع، وبالتالي يتسنى للمالك الحصول على شهادة الملكية.
ولكن أمي امتنعت عن الخروج معه إلا بعد 4 أشهر و10 أيام لأن أبي توفي بتاريخ 15/05/2009 وهي تسأل أهل الذكر الأسئلة التالية؛
1) هل يمكنها استرجاع أرضها والتي مات أخي من أجلها؟ حسب الشرع والقانون.
2) هل يمكن للمشتري إعطاء كل ذي حق حقه أي الثمن الأنسب لتلك الأم عوضا 600 د منذ تاريخ 19/01/ 1987 حسب الشرع والقانون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبعد موت أخيك صارت هذه الأرض تركة يرثها والداك، ويكون لأبيك ثلثاها ولأمك ثلثها، ولا يستحق الإخوة منها شيئاً؛ لأنهم محجوبون بالأب. وإذا لم يتم تقسيم هذه الأرض بين والدك ووالدتك فإنها تصير ملكا مشتركاً بينهما، ويجرى عليها أحكام الملك المشترك أو ما يعرف بشركة الملك أو الأملاك، ومن أحكام شركة الملك أن كل واحد من الشركاء في شركة الملك أجنبي في حصة الآخر، ولا يعتبر أحد وكيلا عن الآخر، فلذلك لا يجوز تصرف أحدهما في حصة الآخر بدون إذنه.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إذا كانت الشركة شركة ملك، كمن ورثوا دارا ولم يقسموها، فليس لأحد الشريكين الانفراد بالتصرف في جميع الدار إلا بالتراضي. اهـ.
فتصرف أبيك رحمه الله ببيع تلك الأرض بدون موافقة والدتك على بيع نصيبها لا يجوز، وحكم بيعه لنصيب والدتك من الأرض حكم بيع الفضولي فهو موقوف على إجازة والدتك إن أجازته جاز، واستحقت نصيبها من الثمن، وإن لم تجزه كان نصيبها من الأرض باقياً على ملكها، ولا حرج عليها في أن تبيع نصيبها منها بما ترضاه من ثمن أو تستبقيه دون بيع. وللمشتري الحق في الرجوع على أبيك بما دفعه من ثمن مقابل نصيب والدتك.
أما بالنسبة للحل القانوني فموقعنا خاص بالفتاوى الشرعية لا المسائل القانونية، كما أن الواجب على المسلم أن يبحث عن الحكم الشرعي في عباداته ومعاملاته، ثم لا حرج عليه بعد ذلك في أن يسأل عن الأوضاع القانونية لكي يتجنب ما قد يصيبه من أضرار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(12/2495)
من أحكام شركة الملك
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاح اشترى سيارة بقيمة 4000 دينار من أبو طارق، دفع 2000 دينار والباقي بعد أسبوع, في نفس اليوم التقى شخص اسمه خالد مع صلاح وسأله عن السيارة فأجابه صلاح بأنه اشترى السياره بقيمة 4000 دينار, فطلب خالد أن يدخل شريكا في السيارة, فأجابه صلاح بالموافقه على أن يصبح سعر السياره 4200 دينار ويدفع حصته 2100 دينار, فقبل خالد العرض، ولكنه دفع 1000 دينار من حصته وباقي المبلغ مؤجل، وتم الاتفاق والقبول بينهما, وهذا يحدث كثيراً جداً بين تجار السيارات عندنا في إربد في الأردن.
فما الحكم في هذه الشركة وما الاسم الشرعي لها، وإن كانت غير جائزة فما الطريقه الصحيحة, مع ذكر الأدلة وذلك للأهمية القصوى؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في الصورة المذكورة، فقد ملك المشتري الأول -صلاح- السيارة، وباع نصفها إلى المشتري الآخر -خالد- فإذا تم البيع بينهما ثبتت الشركة بينهما في هذه السيارة، ولا يضر تأجيل بعض الثمن، وهذه الشركة إذا كانت مقصورة على مجرد امتلاك السيارة تسمى بشركة الملك أو الأملاك.
جاء في درر الحكام: لو باع شخص نصف الدار التي يملكها مستقلاً لآخر شائعاً فتصبح تلك الدار مشتركة بينهما شركة ملك اختيارية. انتهى.
ومن أحكام شركة الملك التي ذكرها صاحب درر الأحكام:
1- يجوز لأحد الشريكين أن يتصرف مستقلاً في الملك المشترك بإذن الآخر، لكن لا يجوز له أن يتصرف تصرفاً مضراً بالشريك.
2- ليس لأحد الشريكين أن يجبر الآخر بقوله له: بعني حصتك أو اشتر حصتي، غير أنه إذا كان الملك المشترك بينهما قابلاً للقسمة والشريك ليس بغائب فله أن يطلب القسمة، وإن كان غير قابل للقسمة فله أن يطلب المهايأة.
3- تقسم حاصلات الأموال المشتركة في شركة الملك بين أصحابها بنسبة حصصهم.
4- كل واحد من الشركاء في شركة الملك أجنبي في حصة الآخر، ولا يعتبر أحد وكيلا عن الآخر بدون إذنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1430(12/2496)
شركة المقاولات هل تسري عليها أحكام شركة العنان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل شركة المقاولات بين عدة شركات هي شركة عنان، وتسري عليها أحكام شركة العنان، وإذا أراد أحد الشركاء الانسحاب كيف يكون ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشركة العنان هي: أن يشترك اثنان أو أكثر بأموالهما مع الاشتراك في العمل، فإذا كان الاشتراك على هذا في مجال المقاولات فهي شركة عنان، قال ابن قدامة في المغني: القسم الثاني: أن يشترك بدنان بماليهما. وهذا النوع الثالث من أنواع الشركة, وهي شركة العنان. ومعناها: أن يشترك رجلان بماليهما على أن يعملا فيهما بأبدانهما, والربح بينهما. وهي جائزة بالإجماع. ذكره ابن المنذر. وإنما اختلف في بعض شروطها. اهـ.
وقال: شركة العنان مبنية على الوكالة والأمانة، لأن كل واحد منهما بدفع المال إلى صاحبه أمنه, وبإذنه له في التصرف وكله. ومن شرط صحتها أن يأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف, فإن أذن له مطلقا في جميع التجارات تصرف فيها, وإن عين له جنسا أو نوعا أو بلدا, تصرف فيه دون غيره، لأنه متصرف بالإذن, فوقف عليه, كالوكيل. اهـ.
وشركة العنان لا يشترط فيها التساوي في الربح ولا في رأس المال، وإنما يوكل ذلك إلى التراضي والاتفاق بين الشركاء.
أما إذا أراد أحد الشركاء الانسحاب من الشركة، فقد بينا ماهو الواجب في ذلك، وذلك في الفتوى رقم: 113549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(12/2497)
حكم استئثار البعض بالثمر المشترك بين الجميع
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي يعمل كدركي وهو يزاول عمله في إحدى البنايات الخاصة بالدرك وهي متضمنة لحديقة تحتوي على شجرة برتقال.
قام أخي وزميل له بقطف كمية كبيرة من ذلك البرتقال واقتسامه بينهما في ليلة مداومتهما فتركا فقط البرتقالات صعبة المنال والتي توجد في أعلى الشجرة مما أثار حنق الآخرين الذين كانوا يستفيدون من ذلك البرتقال- يأكلون منه ويشربون عصيره - فأحضره أخي لأسرتنا وقاموا بشرب عصيره إلا أنا امتنعت لأنني أظن أنه حصل عليه بطريقة غير شرعية لأنه لا يمتلك تلك الشجرة بل تعتبر في نظري مشاعا لكل العاملين معه في ذلك المكان فهي ليست في ملك أحد وخصوصا أن القسمة لم تكن عادلة بين الكل.
أود أن أسأل هل أنا على صواب أي أن ذلك البرتقال من مصدر حرام أم لا؟
وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ثمر الحديقة مشترك بين جميع الموظفين بالتساوي فلا يجوز لأحدهم الاستبداد بالثمر أو يأخذ أكثر من نصيبه. والقاعدة الفقهية تنص أن المساواة في اليد توجب المساواة في الاستحقاق.
وفي الصحيحين نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن القران إلا أن تستأذن أصحابك.
والقِران بكسر القاف هو أن يقرن الثمرة مع أختها ويرفعهما إلى فيه جميعا.
وذكر النووي إن كان الطعام مشتركا بينهم فالقران حرام إلا برضاهم بقول أو قرينة يحصل بها علم أو ظن. اهـ
وجاء في حاشية العدوي: في النهي عن القران في التمر: وإن عللنا بالاستبداد وكان القوم شركاء بشراء أو مطعمين كان النهي نهي تحريم، وقوله في التمر يريد وكذلك سائر الأطعمة والفواكه، وهذا إذا استووا في الشركة، وأما إن اختلفت الأنصباء فيأخذ كل واحد قدر حصته.
وعليه، فما ذكرته السائلة من أنه لا يحق لأخيها الاستبداد بثمر الحديقة وامتناعها هي عن تناول ذلك صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1429(12/2498)
لا يخص الشريك نفسه بشيء إلا بإذن شركائه
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت اشتراك إنترنت مع اثنين من الجيران على أن يأخذ كل منا خطا واحدا فقط، لكن لي ابن عم في نفس بيتي يقوم بكثير من الأعمال الخاصة بالإنترنت فكلما دعت الحاجة للتوجه للشركة يذهب هو، كذلك أحضر لنا جهاز هبة على حسابه وكلما واجهتنا مشكلة في الاشتراك سعى هو لحلها تم الاتفاق مع شركائي أن أعطيه خطا من الاشتراك على أن يفتحه في الوقت الذي لا يكون خطي مفتوحا فيه حتى لا تقل السرعة على الشركاء أو في الوقت الذي لا يكون أحد شركائي فاتحا خطه، ولكن أحيانا تستدعي الحاجة أن أفتح أنا وشركائي معا وفي نفس الوقت ابن عمي يكون بحاجة لفتح النت، السؤال هو: هل يجوز لي أن أعطيه خطا مجانيا دائما دون علم شركائي لأنني أرى أنه يستحق ذلك مقابل تعبه معنا حيث إنني لا أريد إبلاغهم حتى لا تصبح لديهم حجة بأن يعطوا أهل بيوتهم خطوطا أخري وبالتالي يصبح الاشتراك بطيئا جداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تفتحي خطاً مستقلاً لابن عمك بغير علم الشركاء معك، لأن في ذلك نوع خيانة وتعد عليهم، وعليه فلا بد من إعلامهم لأن الشريك لا يجوز له أن يتصرف إلا في حدود المأذون فيه وما زاد على ذلك فلا بد من رضا شريكه وعلمه، وتذكري ما ورد في سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإن خانه خرجت من بينهما. فقوله: أنا ثالث الشريكين أي معهما بالحفظ والبركة وتيسير الرزق ونحو ذلك، وقوله: خرجت من بينهما: أي أزلت البركة والعناية بهما في شراكتهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1428(12/2499)
مذاهب العلماء في شركة الأبدان
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إرسال بعض التطبيقات المعاصرة لشركة الأعمال (الأبدان) وبعض المراجع لها، ما هو دليل منع الشافعية لشركة الأعمال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشركة الأعمال أو الأبدان، أو كما يسميها بعضهم التقبل، جائزة عند الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو الراجح إن شاء الله، قال في بدائع الصنائع: وأما الشركة بالأعمال فهو أن يشتركا على عمل من الخياطة أو القصارة أو غيرهما فيقولا: اشتركنا على أن نعمل فيه على أن ما رزق الله عز وجل من أجرة فهي بيننا على شرط كذا. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وشركة الأبدان جائزة، معنى شركة الأبدان أن يشترك اثنان أو أكثر فيما يكتسبونه بأيديهم؛ كالصناع يشتركون على أن يعملوا في صناعتهم فما رزق الله تعالى فهو بينهم. انتهى.
وقال النفراوي في الفواكه الدواني: ويمكن رسمها بالمعنى المصدري بأنها: اتفاق شخصين فأكثر متحدي الصنعة أو متقاربيها على العمل، وما يحصل يكون على حسب العمل. انتهى.
وننبه هنا إلى أن الفقهاء الذين أجازوا هذا النوع من الشركة اختلفوا في بعض أحكامها اختلافاً ليس هذا موضع بيانه.
أما الشافعية فإنهم منعوا شركة الأبدان لما فيها من الغرر والجهل، قال الرملي في نهاية المحتاج: شركة الأبدان كشركة الحمالين وسائر المحترفة ليكون بينهما كسبهما بحرفتهما متساوياً أو متفاوتاً مع اتفاق الصنعة كنجار ونجار، أو اختلافها كنجار ورفاء، وهي باطلة لما فيها من الغرر والجهل. انتهى.
قال العبادي في حاشيته على تحفة المحتاج نقلاً عن غيره من أهل المذهب مبيناً الدليل على منع شركة الأبدان: لعدم المال فيها ولما فيها من الغرر؛ إذ لا يدري أن صاحبه يكسب أم لا، ولأن كل واحد منهما متميز ببدنه ومنافعه فيختص بفوائده؛ كما لو اشتركا في ماشيتهما وهي متميزة ليكون الدر والنسل بينهما، وقياساً على الاصطياد والاحتطاب. انتهى.
أما عن التطبيقات المعاصرة لشركة الأعمال فلا يختلف الواقع فيها عن الأمثلة التي ذكرها الفقهاء مما نقلناه عنهم آنفاً، ولمعرفة المزيد عنها راجع كتاب الشركات في الشريعة الإسلامية للأستاذ الدكتور: عبد العزيز الخياط، وكذا كتاب الشركات للأستاذ الدكتور: رشاد حسن خليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1427(12/2500)
الشركة بمالين وبدن
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أولا نشكركم على هذا الموقع المميز الذي إن شاء الله يكون للمسلمين عونا \"ومن كان في عون أخيه كان الله في عونه\". فأرجو من العلي القدير الحق أن يكون كل ما تقومون به في ميزان حسناتكم. أحس أن مشكلتي معقدة بعض الشيء ولكن سأبسطها قدر الإمكان:
التقيت بصديق وتشاركنا في شراء شاحنة لنقل الركاب فدفع صديقي 52.500 دينار أي ما يعادل 16.600 دولار في ذلك الوقت ودفعت أنا 9.500 دينار والمشاركة نافصة مساعدة منه لي على أن أقوم بتشغيل هذه الشاحنة, الرحلة الأولى والثانية للشاحنة أنفقت لتجهيزها ثم بيعت الشاحنة بـ 109.000 فرنك فرنسي. لم نقسم لا أرباح ولا خسائر وبدأنا في إنشاء شركة تاكسيات في بلد أجنبي فسلم لي المبلغ علما بأن هذه العملة غير موجودة الآن. حتى لا أطيل لم أنشئ الشركة كما اتفقنا لعدم جدواها لمعرفة هذا أخذ مني الوقت الكثير ونتيجة لغلاء المعيشة في هذا البلد وبعد 9 أشهر ضاع مني أكثر من نصف رأس المال وطلب مني الصديق أن أرجع إلى البلد ولكن رفضت الرجوع خاسرا فدخلت في صفقة لتعويض ما خسرناه ودفعت له كل ما تحصلت عليه وهو 20.000 دينار أي ما يعادل 16.600 دولار الآن الرأس مال المبدئي ولكن ارتفع الدينار. الآن دخلنا في خلافات كثيرة وشكلت لجنة عرفية من أهالي البلدة وأوصوا بأن أدفع 30.000 دينار لصديقي أنا لا أملك هذا المبلغ وأصبح دينا علي وأحس بأنهم ظلموني بالقرار العرفي فما رأي الدين والشريعة في هذا وهل يحق لي أن أسدد هذا الدين إن كان حقا من مال ربوي لصديق يريد التخلص منه. أرجو أن تكون فتواكم واضحة وصريحة حتى أقنع صديقي واللجنة العرفية علما بأن كل العقود بيني وبين صديقي شفوية عدا وصل استلام بقيمة 109.000 فرنك فرنسي لإنشاء شركة تاكسيات. أعينوني أعانكم الله.أشكركم مرة ثانية والله الموفق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول:
حكم الشركة التي حصلت بينك وبين صاحبك على أن منه مبلغا معينا ومنك مبلغا أقل والعمل, ثم يكون الربح بينكما مناصفة، وهذه المسألة راجعة إلى مسألة الشركة بمالين وبدن، وهي مسألة خلافية بين أهل العلم فالجمهور على المنع منها وجوزها الإمام أحمد وغيره، وهو المفتى به عندنا في الشبكة، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 54201.
فعلى القول بالجواز تكونان شريكين في الربح والخسارة بحسب المتفق عليه إلا أن خسارة صاحبك في ماله وخسارتك في مالك وجهدك.
والأمر الثاني:
ما قمت به من صفقة ثانية بمالكما مع أن الاتفاق كان على صفقة أخرى وذلك لا يحوز لك بل كان الواجب حينها هو أن ترد لصاحبك نصيبه ما دمت لا تريد الاستمرار في الصفقة المتفق عليها.
وعليه فتصرفك بالمال في تلك الصفقة هو تصرف فضولي، وقد اختلف أهل العلم في صحته، فذهب بعضهم إلى أنه باطل مطلقا وذهب بعضهم إلى أنه لا يصح إلا إذا أمضاه صاحب المال، وهذا ما رجحناه في الفتوى رقم: 41571
فإذا كان صاحبك أمضى الصفقة فهو شريكك في الربح والخسارة بحسب ما تقدم، وإذا كان لم يمضها فليس له إلا نصيبه وأنت بعد ذلك تتحمل الربح أو الخسارة
والأمر الثالث:
ما حكمت به اللجنة العرفية من إلزامك بدفع 30000 دينار، وهو أمر قد يكون غير صحيح لأن نصيب صاحبك حاليا تتوقف معرفته على قدر المال الموجود ويختلف قدره حسب الربح والخسارة، ولكن بما أننا لا نعرف شيئا من ذلك نقول إن المال المتحصل يقسم بحسب الاتفاق الذي بينكم , وإذا كان المال المتحصل بعملة أخرى فإن حصل التراضي بقسمته كما هو فذلك وإلا حول إلى عملة البلد الأصلية ثم يقسم بحسب الاتفاق
والأمر الرابع:
سدادك الدين من مال ربوي يريد صاحبه التخلص منه:
وذلك راجع إلى ما إذا كنت مصرفا من مصارف التخلص من المال الحرام أو لا , فإن كنت مصرفا له بأن كنت فقيرا لا تستطيع سداده من مال آخر فيجوز لك ذلك, وإن كنت مستغنيا لديك ما تقضي به دينك فلا يجوز لك ذلك
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1426(12/2501)
لا حرج في إقراض أحد الشريكين للآخر ما يكمل به حصته ثم يستوفيه من أرباح الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أشارك شخصا في محل تجاري مناصفة برأس المال والأرباح والخسائر.
وقيمة رأس المال عشرة آلاف دينار لكني أملك فقط ثلاثة آلاف دينار فعرض علي شريكي أن يدفع هو سبعة آلاف دينار على أن تبقى النسبة مناصفة بيني وبينه ويأخذ هو فرقية ما دفع أي الألفان دينار من أرباح المحل وبالتالي يصبح الوضع وكأني دفعت نصف المبلغ فهل يجوز هذا الأمر شرعا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمرين: الأمر الأول: ما يتعلق بالشركة التي بينك وبين صاحبك وتسمى بشركة العنان، وقد تقدم الكلام عنها في الفتوى رقم: 19603. والأمر الثاني: ما ذكرته من دفع شريكك سبعة الآف دينار ودفعك ثلاثة آلاف دينار على أن يأخذ شريكك الفارق من الأرباح. وذلك لا حرج فيه لأن صاحبك يكون قد أقرضك مبلغ ألفي دينار على أن يسدد له من الأرباح. لكننا ننبه إلى أن قضاء ذلك الدين إنما يكون من أرباحك أنت لا من مجمل الربح ولا من أرباح صاحبك لأنك أنت المطالب بقضاء الدين، لكن إذا قبل صاحبك بأن يكون قضاء الدين من مجمل الربح فلا حرج في ذلك ويكون قد أبرأك من نصف الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(12/2502)
لا بأس أن يشترك اثنان فأكثر في عمل وليس لهما مال
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أنجز مشاريع خاصة بالمقاولة لفائدة القطاع العام بمشاركة أحد أعوان هذا القطاع، فهو يأتيني بالمشروع وأنا أقوم بالتنفيذ حسب المقاييس المتفق عليها والآجال المحددة، لعلمكم فإن المشروع يمنح عن طريق التزكية لأحسن وأجود السلع وكذا أفصل آجال التنفيذ، فما حدود وأسس هذه الشراكة، وفي حالة ما إذا لم يتوفر لدى الشريك رأس مال فكيف تكون صيغة المشاركة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس أن يشترك اثنان فأكثر في عمل وليس لهما مال، يشتركان بأبدانهما في عمل أو يتقبل أحدهم عملا في ذمته ويقول للثاني: أنا أتقبل وأنت تعمل.
جاء في الفروع: إذا قال أنا أتقبل العمل وتعمله أنت والأجرة بيننا جاز.
وجاء في مطالب أولي النهى: وصح قول أحدهما للآخر: أنا أتقبل وأنت تعمل والأجرة بيننا، لأن تقبل العمل يوجب الضمان على المتقبل ويستحق به الربح كعمل المضارب، فينزل منزلة المضارب ويطالبان بما يتقبله أحدهما من عمل.. ويتجه بعد تقبل أحدهما.. لا فسخ للشريك.. ويلزمهما عمله.. ويبرأ منها الدافع لأحدهما، لأن كل واحد منهما كالوكيل عن الآخر. اهـ.
ونلفت نظر الأخ السائل إلى أن من سماه معاون القطاع العام إن كان هو المسؤول أو المدير للقطاع فإنه يعتبر وكيلا على المشاريع، ويجري عليه الخلاف في جواز شراء الوكيل لنفسه، وراجع في هذا الفتوى رقم: 51388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(12/2503)
شركة الوجوه حقيقتها وحكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر أملك سجلاً تجارياً، ولعدم وجودالمشاريع المتاحة، فاستنجدت ببعض الأصدقاء الأول له علاقات قوية بحكم منصبه كمدير والثاني لديه وساطات تجارية ممتازة، والسؤال المطروح هل يمكن أن أشاركهم مع العلم أن المدير يقوم بعمل الحصول على المشاريع بينما الثاني يحصل على المواد التي سيتم إنجاز المشروع بها عن طريق الشراء لأجل، وبعد إنجاز المشروع يتم تقسيم الأرباح بالتساوي بعد طرح جميع المصاريف، هل هذه الطريقة مشروعة أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا النوع من الشركة يعرف عند الفقهاء بشركة الوجوه، وهي غير جائزة فيما ذهب إليه جمهورهم، قال صاحب معالم القربة بعد أن ذكر نوعين من أنواع الشركة: النوع الثالث شركة الوجوه وهي أن يكون الرجل وجيهاً معروفاً عند التجار فيكون من جهته التنفيذ ومن جهة غيره العمل، فهذا باطل.
وقال صاحب الفواكه الدوانى قال ابن الحاجب: ولا تصح شركة الوجوه وفسرها بعضهم بيع الوجيه مال الخامل بحصة من ربحه، وفسرها بعضهم بالشراء بلا مال حاضر بل في الذمة. ووجه فسادها ما فيها من الإجارة المجهولة والتدليس على الغير لأن غالب الناس لا يحب البيع والشراء إلا من الأملياء أو من سلع غير الخامل.
وذهب الأحناف إلى أنها جائزة، قال صاحب البحر الرائق قوله: وجوه.. إن اشتركا بلا مال على أن يشتريا بوجوههما ويبيعا. هذا بيان للنوع الرابع من شركة العقد، وقدمنا أنها كالصنائع تكون مفاوضة وعناناً.. إلى أن قال: وهي جائزة عندنا.
والحاصل أن شركة الوجوه شركة فاسدة عند جمهور الفقهاء ولم يخالف في ذلك إلا الأحناف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(12/2504)
الشراكة ... أنواعها وحكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي طريقة الشرا كة في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالشراكة مشروعة في الإسلام قال ابن قدامة في المغني: "وهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع". والشركة على ضربين شركة أملاك وشركة عقود، وشركة العقود أنواع خمسة: هي شركة (العِنان والأبدان والوجوه والمضاربة والمفاوضة) ولا يصح شيء منها إلا من جائز التصرف، لأنه عقد على التصرف في المال فلم يصح من غير جائز التصرف في المال كالبيع.
ولها شروط وأركان وأحكام مبينة في كتب الفقة فلتراجع في مظانها لمزيد الفائدة، وإذا كان السائل يسأل عن حالة معينة فليوضحها لنا حتى يتسنى لنا الحكم عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1423(12/2505)
هل يجوز لصاحب المال والعامل أن يتقاضى راتبا مع الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أسسنا شركة تجارية أنا وصديق لي، أنا أساهم برأس المال وصديقي عليه بالعمل ثم نقتسم في آخر العام الفائدة مع العلم أنه يتقاضى راتبا شهريا من نفس الشركة.
والسؤال: هل يحق لي أن أتقاضى راتبا شهريا مثله من شركتنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز لصاحب المال ولا للعامل أن يتقاضى راتبا شهريا مع حصته من الربح.
قال ابن قدامة في المغني: مسألة قال: ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء فضل دراهم وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة, أو جعل مع نصيبه دراهم, مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم, بطلت الشركة، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة. وممن حفظنا ذلك عنه مالك والأوزاعي والشافعي, وأبو ثور وأصحاب الرأي, والجواب فيما لو قال: لك نصف الربح إلا عشرة دراهم, أو نصف الربح وعشرة دراهم, كالجواب فيما إذا شرط دراهم مفردة. وإنما لم يصح ذلك لمعنيين; أحدهما: أنه إذا شرط دراهم معلومة, احتمل أن لا يربح غيرها, فيحصل على جميع الربح, واحتمل أن لا يربحها, فيأخذ من رأس المال جزءا. وقد يربح كثيرا, فيستضر من شرطت له الدراهم. والثاني: أن حصة العامل ينبغي أن تكون معلومة بالأجزاء, لما تعذر كونها معلومة بالقدر, فإذا جهلت الأجزاء, فسدت, كما لو جهل القدر فيما يشترط أن يكون معلوما به. ولأن العامل متى شرط لنفسه دراهم معلومة, ربما توانى في طلب الربح; لعدم فائدته فيه وحصول نفعه لغيره, بخلاف ما إذا كان له جزء من الربح. انتهى.
وبخصوص صديقك فالأصل أنه لا يجوز له تقاضي راتب شهري إضافة إلى نسبة الربح المتفق عليها؛ لأن نسبة الربح في مقابل عمله، فأما إن قام بأعمال لا يلزمه القيام بها عادة فننظر هل قام به على وجه التبرع أم طلبا للأجرة؟ فإن فعله تبرعا لم يملك أن يطالب بالأجرة، أما إن فعله ليأخذ عليه أجرا، ففي ذلك خلاف بين العلماء.
قال ابن قدامة في المغني: وعلى العامل أن يتولى بنفسه كل ما جرت العادة أن يتولاه المضارب بنفسه; من نشر الثوب, وطيه, وعرضه على المشتري, ومساومته, وعقد البيع معه, وأخذ الثمن, وانتقاده, وشد الكيس, وختمه, وإحرازه في الصندوق, ونحو ذلك، ولا أجر له عليه; لأنه مستحق للربح في مقابلته. فإن استأجر من يفعل ذلك, فالأجر عليه خاصة; لأن العمل عليه. فأما ما لا يليه العامل في العادة; مثل النداء على المتاع, ونقله إلى الخان, فليس على العامل عمله, وله أن يكتري من يعمله. نص عليه أحمد؛ لأن العمل في المضاربة غير مشروط, لمشقة اشتراطه, فرجع فيه إلى العرف. فإن فعل العامل ما لا يلزمه فعله متبرعا, فلا أجر له. وإن فعله ليأخذ عليه أجرا, فلا شيء له أيضا, في المنصوص عن أحمد. وخرج أصحابنا وجها: إن له الأجر, بناء على الشريك إذا انفرد بعمل لا يلزمه, هل له أجر لذلك؟ على روايتين. وهذا مثله. والصحيح أنه لا شيء له في الموضعين; لأنه عمل في مال غيره عملا لم يجعل له في مقابلته شيء, فلم يستحق شيئا, كالأجنبي. انتهى.
وبهذا يتيين لك أن اشتراطك راتبا شهريا معلوما زائدا على حصتك من الربح لا يجوز، كما لا يجوز ذلك للعامل أيضا، ولمعرفة كيفية تصحيح المعاملة راجع الفتوى رقم: 58979.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(12/2506)
المساهم في تأسيس دكان هل يعد شريكا
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا وعلماءنا الأفاضل: نحن ثلاثة إخوة اشترينا دكانا في سنة 1992 م، بمبلغ 110000 دج، كما جاء أحدنا بمبلغ 100000 دج لإكمال البناء والتجهيز للدكان من مال زوجته دون أي شرط أو كلام عن الملكية أو الاستفادة حتى سنة 2009 م، حيث بعنا الدكان بمبلغ 6000000 دج، وهنا طالبت زوجة الأخ بإعطائها حقها بحكم أنها ساهمت في تأسيس الدكان، رجاؤنا وأملنا أن تعطونا الطريقة الشرعية التي نقوم على أساسها باقتسام المبلغ الذي بيع به الدكان؟.
وجزاكم الله عنا خير الجزاء وحفظكم وصانكم ذخراً للمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال الذي دفعته الزوجة إن كان على سبيل القرض، فلا تستحق زوجة أخيكم إلا قدر مالها الذي دفعته وإن كان على سبيل الشركة تكون زوجة أخيكم شريكة معكم في هذا الدكان بنسبة رأس مالها، وعند البيع تستحق من الثمن بقدر النسبة التي تملكها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 124271.
أما إذا لم يتم الاتفاق على القرض ولا على الشركة ولم يكن هناك عرف مستقر بشيء من ذلك، فالذي يظهر لنا أن حكم هذا المال حكم القرض، لأن الشركة لا تثبت إلا بالاتفاق عليها، ومجرد دفع زوجة أخيكم مالاً في تأسيس الدكان لا يجعلها شريكة لكم فيه، وإذا كان هذا المال المدفوع منها ليس تبرعاً ـ كما هو الظاهر ـ فإن حقها يثبت في مثل هذا المال ويكون في ذمة من أخذه منها وهو زوجها، وهذا هو حكم القرض، والأولى بالمسلم أن لا يترك هذه المعاملات المالية بدون اتفاق وتوثيق حفاظاً على الحقوق وليبتعد عن المشاكل والخلافات.
والذي ننصحكم به أن تحرصوا أن لا يفرق بينكم حطام الدنيا الزائلة فتقطعوا أرحامكم وتفسدوا ذات بينكم ويمكنك توسيط أهل الخير والصلاح والاتفاق على حل يرضي جميع الأطراف ولا بأس أن يتنازل البعض عن شيء من حقه ابتغاء ثواب الله ومرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(12/2507)
كمال الإيمان أن يحب الشخص الربح لشريكه كما يحبه لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي لديه قطعة أرض وهي شراكة بينه وبين صديقه وتم وضع إعلان بالجريدة ببيعها بمبلغ معين، ولكن لم يتم البيع إلى الآن، إلا أن أخي عن طريق معارفه استطاع أن يأتي بمشتر يستطيع أن يدفع مبلغا كبيرا مقابل هذه الأرض ضعف المبلغ الذي كان معلنا عنه، فهل يستطيع والدي أن يقوم بشراء حصة صديقه حسب المبلغ المتفق عليه سابقا ثم يقوم هو ببيعها كاملة بالمبلغ الجديد على اعتبار أن أخي كان الوساطة بين البائع والمشتري ولولا الله وجهود أخي بالبحث لما تمت عملية البيع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي اتضح من سؤالك هو أن والدك بعد ما وجد من يرغب في الأرض بسعر أكثر مما عرضت به يريد شراء حصة شريكه فيها بالثمن المعروض ليقوم بعد ذلك بب يعها بالثمن الأكثر، ف إن كان الأمر كذلك فله أن يشتري حصة شريكه منه بما عرضه من ثمن؛ إلا أن ذلك ينافي كمال الإيمان وحرص المرء على الخير لأخيه كما يحرص عليه لنفسه، وفي الحديث: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. متفق عليه.
فهو مثلما يحب الربح لنفسه ـ وذلك ما دفعه إلى التفكير في شراء الأرض ـ فينبغي أن يحبه لشريكه ويحرص عليه له.
والذي ننصح به هو: بيع الأرض للمشتري بالثمن الذي رضي به، وإعطاء الشريك حصته من ذلك الثمن ولعل الله أن يبارك فيما يحصل لأبيك من ثمن حصته بسبب نصحه لأخيه وحرصه على الخير له.
وننبهك إلى أن استعمال حرف العطف ـ الواوـ في ربط فعل العبد بفعل الله تعالى لا يجوز، بل هو نوع من الشرك الأصغر، إذ أنه يقتضي المشاركة، والصحيح هو استعمال لفظ ـ ثم ـ لأنها تقتضي التبعية والتراخي، فتقول: مثلاً: لولا الله ثم جهود أخي، وهكذا، وقد سبق بيان ذلك كله في الفتويين رقم: 16150، ورقم: 10578 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1430(12/2508)
الربح والخسارة يكونان حسب نسبة مال الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت مع شخصين في مطعم وكان هذا المطعم ملكا لهما قبل أن أشترك معهما وكان الاتفاق على أن أشترك بنسبة20% ثم أزيد نسبتي في المستقبل، علما بأننا جميعا نعمل بالمطعم كطباخين، وكان الاتفاق شفويا وليس مكتوبا، وبعد فترة اكتشفت أن شريكاي يخصصون لأنفسهم نسبة أعلى من المرتب إلى جانب العائد الضريبي لكل عام، علما بأنهما لم يخبراني بهذا قبل أن أشترك معهما وعندما واجهتهما كان ردهما أنهما أصحاب النسب الأكبر وأنهما من أسس هذا المطعم وأنهما أقدم وأكثر مني خبرة وأنهما أصحاب هذا المطعم الأصليين وأنني مجرد عامل بنسبة مساهمة 20% وهم من لهم الحق في اتخاذ القرارات وتقدير راتبي.
فسألتهم أن أزيد نسبتي ـ كما وعداني ـ فأبوا ولم يرضوا وتعذروا بظروفهم العائلية ورفضوا أن يزيد راتبي مثلهم وأنهما لو زاداني فيجب أن يزيد راتبهما أيضا.
انصحوني بالله عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشراكة إنما تقوم على التراضي فيها بحسب ما يتفق عليه الشركاء وإن اختلفت حصصهم في رأس المال، قال ابن مفلح في الفروع: وربح كل شركة على ما شرطاـ ولو تفاضلاـ وما لهما سواء، نص عليه. يعني الإمام أحمد.
إلا أن مقتضى العدل في الشركات أن يكون الربح والخسارة بين الطرفين حسب نسبة المال المدفوع من كل منهما، وعلى ذلك فإن كان حصل اتفاق على نسبتك من الربح فليس إلا ذلك، وإن لم يحصل اتفاق فالشركة تكون فاسدة، ويجب فضها، وحينئذ يكون لك حق استرداد حصتك مع اعتباركون الربح أو الخسارة على قدر نسبتك في المشاركة:20، كما تستحق أيضا أجرة المثل للعمل في نصيب شريكيك، وإذا حدث بينكم نزاع في تقديرالأجرة فيمكنكم رفع الأمر إلى أهل الخبرة أوالمحاكم المختصة إذا اقتضى الأمرذلك.
كما أن الظاهرمن السؤال أن الشركاء يأخذون راتباً معلوماً شهريا، فإن كان هذا تحت الحساب أي يقبل النقص منه أوالزيادة عليه بعد حساب أرباح الشركة، فلا بأس أما إن كان هذا هو حصتهما من الربح، فإن الشركة تكون فاسدة وتنفسخ أيضا كما سبق.
وإذا أردت الاستمرار في تلك الشركة فعليك عقدها معهما من جديد، مع تحديد نسب الربح ونسب الملكية لكل منكم.
وننبه إلى أنه من حق الشريكين رفض زيادة مالك في الشركة، لكن إن كانا وعداك بالزيادة ودخلت معهما على هذا الأساس فالوعد ملزم لهما لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: المسلمون على شروطهم. رواه الترمذي وأبو داود، وصححه الألباني.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 70128.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(12/2509)
حكم أخذ الشركاء العاملين نسبة من الربح مقابل الإدارة
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفق مجموعة من الأشخاص على تأسيس شركة مفتوحة وفق الضوابط الأتية:
1- أن تكون الشركة مفتوحة طوال مدة بقائها بمعنى إمكانية دخول أي مساهم طوال هذه المدة.
2- عند دخول المساهمين، يقتطع أعضاء مجلس الإدارة نسبة 2% من رأس المال مقابل إدارتهم للشركة.
3- تتم إدارة هذه الشركة في البداية عن طريق فتح سجلات محاسبية تكون عند أعضاء مجلس الإدارة، وذلك دون استئجار مقرلها.
4- يتم استقطاع نسبة 10% من دخل الشركة لأعضاء مجلس الإدارة أثناء تشغيلها.
5- يقتصر نشاط الشركة في إدارة النشاط العقاري.
6- تتمثل عوائد الشركة في ا - إيجار المباني المملوكة لها. ب - أرباح يبع وشراء العقارات.
7- يقوم نظام الشركة على أساس تقييم العقارات المملوكة لها في نهاية كل عام ميلادي، مثال: القيمة الدفترية للعقارات المملوكة للشركة مبلغا وقدره مليوني ريال، وفي نهاية السنة يتم تكليف خمسة مكاتب عقارية لتثمين هذه العقارات، وفي حالة زيادة السعرعن القيمة الدفترية تتم إضافة هذه المبالغ إلى المساهمين وفقا لحصة كل مساهم، وفي حالة انخفاض السعرعن الدفتري يتم خصم هذه المبالغ من حسابات المساهمين كل حسب حصته علما بأن هذا الإجراء نظري وليس عمليا أي أن العقارات تظل مملوكة للشركة ولا توجد هناك عمليات بيع وإنما تقييم لها فقط.
8- يقوم نظام الشركة على إدخال حساب كل مساهم في أي وقت في الاستثمار، مثلا: تكون حقوق المساهمين مليونين، وقيمة العقارات ثلاثة ملايين، نظام الشركة يعتبر جميع المساهمين داخلين في الاستثمار رغم أن حقوق المساهمين أقل من قيمة العقارات.
9- يحق للمساهمين الخروج أوالانسحاب من الشركة في أي وقت، حيث تتم تسوية حساباتهم الختامية، وفي حالة عدم وجود السيولة لتسليمهم حقوقهم تقوم الشركة ببيع عقارمعين لتسوية حقوق المنسحبين، فهل يجوز شرعا إقامة هذه الشركة وفق المبادئ المذكورة؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في إقامة الشركة وفق المبادئ المذكورة إلا أن اشتراط العاملين عليها اقتطاع نسبة من الربح مقابل إدارتهم يؤدي إلى الجهالة في الأجرة ـ سواء أكانت تلك النسبة هي الأجر كله أو بعضه ـ إذ لا بد في الإجارة من معلومية الأجر، لما أخرجه أحمد في حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره.
وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره.
هذا هو الراجح وهو مذهب الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك وهي رواية عن أحمد وإن لم تكن هي التي عليها أغلب أهل المذهب.
قال ابن قدامة في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً يبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلاً إلى رجل ينسجه ثوباً بثلث ثمنه أو ربع جاز، نص عليه، ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئاً من ذلك، لأنه عوض مجهول وعمل مجهول، وقد ذكرنا وجه جوازه، وإن جعل له مع ذلك دراهم معلومة لم يجز نص عليه، وعنه الجواز، والصحيح الأول.
وأما اشتراطهم أخذ نسبة 2 من رأس مال كل مساهم جديد، فلا حرج فيه، لكن يبقى رأس ماله هو ما تبقى بعد أخذ تلك النسبة وتعتبر تلك النسبة جزءاً من أجر إدارة أعمال الشركة، وحينئذ يكون أجر أعضاء مجلس الإدارة مبلغاً مقطوعاً ونسبة من الربح فيؤول إلى الجهالة، وقد بينا خلاف أهل العلم في ذلك آنفاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1430(12/2510)
حكم اختصاص الشريك نفسه بربح دون شركائه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي محل، ولي شركاء، وأقوم أنا وإياهم على تسعيرالبضاعة، وبعدها أقدم للزبون سعرا غيرالمتفق عليه مع شركائي، ثم آخذ الزيادة لي، فهل علي ذنب في ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تأخذ الزيادة ما لم يأذن لك شركاؤك في ذلك، لأنك وكيل عنهم في بيع حصصهم فيما أنتم مشتركون فيه، ولا يجوز للوكيل الشريك أن يختص بربح دون شركائه، فالربح مشترك بينهم بحسب الاتفاق فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى ودفع نصيب شركائك من الربح إليهم، وللفائدة انظرالفتويين رقم: 32710 ورقم: 105285.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(12/2511)
شهرة المحل هل تضاف إلى نصيب الشريك من الأرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[أقمت شركة تضامنية على مبدإ أن شريكي الممول وأنا أدير الشركة وله نسبة 35% من الأرباح لكون الأعمال التي نقوم بها فكرية ـ تصميم إعلانات ومطبوعات ـ وبعد 7 سنوات طلب مني شريكي أن أنسحب من الشركة ليتابع العمل بمفرده، فهل يحق لي أن آخذه منه مبلغأ كشهرة للشركة يضاف إلى نصيبي من الأرباح؟ مع العلم أنني طلبت منه أن ينسحب هو وأعيد إليه كامل رأس ماله، لكنه رفض، وهو يرفض أيضا أن يقيم الشهرة بمبلغ مادي، لأن جميع الزبائن الذين كانوا يتعاملون معنا من أصدقائنا، مع ملاحظة أن التمويل يتألف من إيجارعقار وشراء أجهزة حواسب وملحقاتها، وهو الآن يريدني أن أترك له العقار لكونه هو الذي استأجره ليمارس أي عمل يريده فيه.
أرجو منكم الإجابة بسرعة، وشكر الله جهودكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام صاحبك هو الذي اشترى آلات المحل واستأجره أووكلك في القيام عنه بذلك ولم يدفع إليك رأس المال نقدا على سبيل المضاربة، فالعقد بينكما إجارة ـ وإن سمي شركة أوغيرها ـ إذ العبرة في العقود بمعانيها لا بألفاظها ومبانيها والأجير مؤتمن على مال من استأجره ولا يضمنه دون تعد أو تفريط، لقوله صلى الله عليه وسلم: لاضمان على مؤتمن.
وكون الأجرة نسبة من الربح مما يخل بالعقد لجهالة الأجر، ولابد في الإجارة من معلومية الأجر، لما أخرجه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره.
هذا هو الراجح وهو مذهب الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك وهي رواية عن أحمد وإن لم تكن هي التي عليها أغلب أهل المذهب، قال ابن قدامة في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصاناً يبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربع جاز، نص عليه، ولم يجز مالك وأبو حنيفة والشافعي شيئاً من ذلك، لأنه عوض مجهول وعمل مجهول، وقد ذكرنا وجه جوازه، وإن جعل له مع ذلك دراهم معلومة لم يجز نص عليه، وعنه الجواز، والصحيح الأول. وانظر الفتويين رقم: 108011، ورقم: 104732.
وبناء على القول بفساد عقد الإجارة، فإنك تستحق على صاحبك أجرة مثلك عن عملك السابق معه في إدارة ماله فحسب، ولاحق لك في شهرة المحل أوغيره، ويلزم تصحيح العقد فيما يستقبل إن أردتما البقاء عليه.
وعلى القول بصحة الإجارة بنسبة من الربح ونحوها، فالعقد صحيح ومن الربح شهرة المحل التي حصلت بعملك وجهدك في المحل فلك منها بحسب ما اتفقتما عليه، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 122842.
والمحل المستأجر ورأس ماله لصاحبك ولاحق لك في مطالبته بالتنازل لك عنه، لأنك مجرد أجيرعنده تدير له عمله ولست شريكا كما ذكرت ولاضمان عليك دون تعد أو تفريط، هذا إن كان الأمر كما اتضح لنا من كون المعاملة بينكما إجارة، فإن كانت مضاربة بأن كان دفع إليك رأس المال نقدا لتضارب فيه وتنميه بنسبة من الربح فلا حرج لكن ضمان المضارب لرأس مال الشركة أو بعضه مما يفسد عقد المضاربة وإذا فسد عقد المضاربة بسبب ضمان العامل لرأس المال ونحوه فإنه يستحق أجرة مثله عن عمله على الراجح، قال في المغني: الربح جميعه لرب المال، لأنه نماء ماله، وإنما يستحق العامل بالشرط، فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئاً، ولكن له أجر مثله.
وفي بدائع الصنائع للكاساني: وأما حكم المضاربة الفاسدة، وإنما له أجر مثل عمله سواء كان في المضاربة ربح أو لم يكن.
وراجع للمزيد من التفصيل الفتاوى التالية أرقمها: 47590، 50252، 78071.
وبناء على الاحتمال الأخير وهو كون الشركة شركة مضاربة فإن كنت ضامنا لرأس مال شريكك أو بعضه ونحو ذلك كما هو الظاهر فعقد المضاربة فاسد ولك أجرة مثلك فحسب، ورأس المال وربحه لشريكك، ومن ذلك شهرة المحل وغيره.
وإن كنت غير ضامن والشركة بينكما شركة مضاربة صحيحة وأردتما فسخها والمحل مستأجر من مال المضاربة فشهرته من الربح وتضاف إليه ولك من ذلك بقدر ما اتفقتما عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(12/2512)
وجود الضرر يبيح فسخ العقد مع الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت على عقد بناء لقطعة أرض ولم توف شركة البناء بالبنود المطلوبة، وكلمتهم كثيرا ولكنهم يتحايلون. فهل لي أن أقطع العقد معهم، علما بأنهم هم الذين لم يوفوا به أولا، ومع العلم بأنني موقع على وصولات أمانة بقيمة 19000 جنيه، وكنت لا أفكر في أن أقطع العقد معهم، ولم ينتبني هذا الشعور إلا عند ما وجدتهم يخلون ببنود العقد. أريد حكم الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي جرى بينك وبين تلك الشركة داخل فيما يسمى بالاستصناع.
قال ابن نجيم في البحر الرائق معرفا له: وَشَرْعًا أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِ خُفٍّ أو مُكَعَّبٍ أو صفارا: اصنع لي خُفًّا طُولُهُ كَذَا وَسَعَتُهُ كَذَا، أو دُسَتًا أَيْ بُرْمَةٌ تَسَعُ كَذَا وَوَزْنُهَا كَذَا على هَيْئَةِ كَذَا بِكَذَا وَكَذَا وَيُعْطِي الثَّمَنَ الْمُسَمَّى أو لَا يُعْطِي شيأ فَيَقْبَلُ الْآخَرُ.
ولك أن تراجع أحكام الاستصناع في كل من الفتويين: 11224، 8515
وبناء على ذلك، فإن على الشركة أن تنجز البناء وفقا لشروط العقد، وإذا تبين أنها أخلت بشرط منها, فإن من حقك أن لا تقبل المصنوع إلا بالصفة التي وقع عليها العقد، لما روى أحمد وأبو داود من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون عند شروطهم. رواه البخاري تعليقا.
وإذا تعذر تحصيل الصفة المشروطة فلكما أن تفسخا العقد, أو تعدلا عن بعض ما كان مشترطا مع تعديل في الثمن إذا تراضيتما على ذلك, ولكما أيضا برضاكما العدول عما كان مشترطا ولو لم يتعذر تحصيله.
وإن كانت الشركة تماطل في إنجاز ما اتفق عليه ولحقك ضرر بذلك فلا حرج عليك في فسخ العقد معها دفعا للضرر.
قال ابن عابدين: كل عذر لا يمكن معه استيفاء المعقود عليه إلا بضرر يلحقه في نفسه أو ماله، يثبت له حق الفسخ.
ولكن عليك أن تؤدي إليها قيمة ما أنجزت من ذلك العمل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولاضرار. رواه أحمد.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 115493.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1430(12/2513)
حكم مشاركة من لا يحترز من الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[يتعلق سؤالي بشراكة كسب وعمل: فبحكم أني نجار اشتريت مع أخي الأكبر مناصفة ماكنة لأعمل بها في محل متواجد في منزل أخي، هذا على أن تكون الفائدة بالنصف وهو يعمل مقاولا. وبحكم عمله هذا فهو لديه عمال ومستحقات، وقد عرفت فيما بعد أنه اقترض بفوائد مبلغا كبيرا من بنك ربوي ومن هذه الدراهم سدد الماكنة التي أعمل بها حاليا، وقد نصحته أن يرجع ذلك القرض بعد ما يقبض أموال بعض أعماله وهو يتحجج بأن عليه قروضا كثيرة ومستحقات لعماله.
سؤالي هو: هل أستمر بالعمل في هذه الشراكة؟ علما أن النصف الذي دفعته هو من حلال مالي وإن استمررت في عملي فنصف الربح الذي أحصل عليه هل فيه شكوك أم لا؟ نورونا أنار الله قلوبكم وقلوبنا بالايمان والحق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الشركة جوازها.
قال الخرقي: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما -تساوى المال أو اختلف- فكل ذلك جائز.
وكون العمل على الآلة منك وحدك والبيت (مكان العمل) من شريكك لايؤثر على الشركة إن كان أخوك يعمل في جلب الزبناء لأنه مقاول، ويكون عمله في مقابل عملك على الآلة، وأما محل العمل (البيت) فالظاهر كونه متبرعا به، لأنكما تقتسمان الربح بينكما بالسوية. فإن لم يكن متبرعا به فلا بد من تحديد أجرته.
وما دام مجال عمل الشركة بينك وبين أخيك مباحا فإنه لاحرج عليك فيما تربحه منها، ولا تاثير لأخذ شريكك للقرض الربوي على الشركة ولو كان نصيبه من الماكينة قد اشتراه بما اقترضه لأن الحرمة إنما تتعلق بذمته. وإن كان الأولى هو عدم مشاركة من لا يتحاشى التعامل بالحرام.
قال الشيخ زكريا الأنصاري في شرح البهجة: ولكن تكره الشركة مع الكافر، ومن لا يحترز من الربا ونحوه. اهـ. ـ
وقال البهوتي في كشاف القناع: وتكره معاملة من في ماله حلال وحرام يجهل، وكذا إجابة دعوته وأكل هديته وصدقته ونحوها.
وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. الحديث.
وللفائدة انظر الفتويين: 6880، 54201.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(12/2514)
كبفية فض الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن إخوانك من مصر بحمد الله أقمنا مشروعا استثماريا بدولة السودان منذ 9 سنوات، وقد قام بعض الإخوة المقيمين بالدول العربية باستثمار مبالغ مالية في مشروعنا، وقد أخذنا منهم هذه الأموال بالدولار باعتبارها عملة دولية، وقمنا بتحويلها في وقتها مباشرة إلى العملة السودانية باعتبارها عملة الدولة محل المصنع القائم والاستثماراستثمار سوداني، والآن هناك بعض هؤلاء الإخوة يرغبون في استرداد استثماراتهم فبأي عملة يتم رد هذه المبالغ؟ هل يتم ردها بالدولار أم بالجنيه السوداني؟ علما بأن سعر الصرف خلال هذه الفترة تغير ارتفاعا وانخفاضا، وعلما أيضا بأنه لا يوجد عقود أو اتفاقات بيننا تنص علي هذا البند الخاص بنوعية العملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة عقد غير لازم، وإذا أراد أحد الشركاء فضها والخروج منها فله ذلك.
والواجب حينئذ أن يتم جرد ما لدى الشركة وتسديد الديون التي عليها واستيفاء الديون التي لها، ثم يتم احتساب أموال الشركة وقيمة موجوداتها من عقار أو عروض، ويكون لكل شريك نسبة من أموال الشركة بقدر نسبته من رأس المال، وراجع في ذلك فتوانا: 114995، والفتاوى المرتبطة بها.
فالواجب هو رد نصيب كل واحد من الشركة لا رد المبالغ التي تم دفعها في بداية المشروع، وعلى هذا فإذا كان أحد الشركاء على سبيل المثال دفع عشر رأس المال، فإنه يستحق عشر قيمة الشركة، فإذا كانت موجودات الشركة كلها من النقود، فإنه يأخذ نصيبه من النقود بالعملة الموجودة، وإذا كانت الموجودات بعضها نقود وبعضها عروض، فإنه يأخذ نصيبه من النقود، وأما نصيبه من العروض فيجوز للشركاء أو لمن أراد منهم شراء نصيبه من هذه العروض بما يتفقان عليه من القيمة، وبالعملة التي يتراضيان عليها.
نسأل الله تعالى أن يبارك لكم في استثماراتكم، وأن يوفقكم لخيري الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1430(12/2515)
حكم رهن المبيع لضمان حق البائع في استيفاء الأقساط
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الإفادة حول شرعية العقد التالي:
مؤسسة أوربية تقدم تمويلا لدعم الصناعة، وعرضت تمويل عقد علينا لشراء مصنع لتشغيله في سوريا.
المؤسسة الأوربية تدرس المشروع وفي حال وثوقها من أن المشروع مطلوب للسوق وناجح بحسب دراسة الجدوى الاقتصادية، فإنها ستمول المشروع بضمانة المشروع نفسه ـ أي أن المقترض لا يقدم ضمانات غير المشروع الممول، وفي حال خسرالمشروع يسترد الممول المعمل المحجوز له لبيعه وتعويض خسارته ـ ويسدد المقترض قيمة المعمل بالتقسيط السنوي مع زيادة نسبة مئوية على السعر الذي تم تقديمه من قبل الممول، مع نسبة ربح ثابتة.
جزاكم الله خيرا على دراسة هذه القضية والتفضل بإجابتنا حول حكم الشرع في هذا العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان واقع المعاملة المذكورة أن المؤسسة ستقرضكم ثمن المشروع بفائدة فذاك صريح الربا، سواء أكانت الفائدة مبلغا محددا أو نسبة مئوية من الربح أو هما معا.
وأما إن كان المقصود أن المؤسسة ستجري عقد مرابحة مع الآمر بالشراء، ولكنها سترتهن المشروع في ثمنه لاستيفائه منه عند العجز عن السداد في الأجل المحدد، فهذا مما اختلف فيه، والراجح صحته، جاء في المغني: وإذا تبايعا بشرط أن يكون المبيع رهناً على ثمنه لم يصح، قاله ابن حامد وهو قول الشافعي لأن المبيع حين شرط رهنه لم يكن ملكاً له، وسواء شرط أن يقبضه ثم يرهنه أو شرط رهنه قبل قبضه، وظاهر الرواية عند أحمد صحة رهنه. انتهى.
وقد أخذ مجمع الفقه الإسلامي بالرأي الثاني فجاء في قراره رقم: 53/2/6: يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة. انتهى.
كما أن سداد الثمن بالتقسيط لا حرج فيه أيضا، وإنما الإشكال في الزيادة المذكورة والنسبة المئوية الثابتة في الربح، فإن كانت الزيادة من ثمن المشروع أي أن الممول باع آلات المشروع بأكثر مما اشتراها به فلا حرج في ذلك.
وأما إن كانت الزيادة ليست من ثمن المشروع المتفق عليه في العقد، وإنما هي زيادة مشترطة عند التأخر في السداد ونحوه فهي ربا محرم، وكذلك النسبة المئوية الثابتة في الربح إذ لا يمكن اعتبارها جزءا من الثمن للجهالة بقدرها والغرر فيها، وهو ليس عقد مضاربة كما هو الظاهر، فإما أن يكون قرضا بفائدة أو بيعا بشرط أداء نسبة من الربح، وكل ذلك محرم ولا يجوز الالتزام به، ولا الدخول في عقد شرط فيه.
وقد بينا ضوابط جواز بيع التقسيط وما يحل منها وما يحرم في الفتويين رقم: 9413، 12927. فانظرهما للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1430(12/2516)
اشتراط مبلغ محدد من الربح بين الشريكين مفسد للعقد
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في أن أدخل شريكا مع رجل في مشروع سيارة تدريب قيادة، حيث قيمة المشروع 13 ألف دينار. وسوف أشارك بمبلغ 6 ألاف والباقي منه، علما أنه هو الذي سوف يقوم بالجهد والعمل عليها، وسوف أشترط مبلغاً محدداً 250 دينار نهاية كل شهر كأرباح لي. هل هذه الطريقة شرعية وسليمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح اشتراط مبلغ محدد من الربح بين الشريكين، واشتراط ذلك يفسد العقد، لكن يمكن أن تؤجر له السيارة أو نصيبك منها بذلك المبلغ أو غيره، فينتفع هو بها ويستغلها في حاجته وما شاء، ثم يؤدي إليك مبلغ الإجارة المتفق عليه ولا يكون لك نصيب في الربح إذا حصل.
وأما الشراكة فلا يصح فيها ذلك، وإنما الواجب هو أن يكون نصيب كل من الشريكين جزءا مشاعا من الربح -إن حصل ربح- بحسب ما يتفقان عليه، وإن حصلت خسارة كانت عليهما.
جاء في المغني لابن قدامة: قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1430(12/2517)
تحريم إلزام الشريك بدفع مال لشريكه بغير وجه حق
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الفاضل
بداية أسأل الله أن يوفق جميع القائمين على هذا الموقع الرائع, وأرجو تبيان الرأي الشرعي ومدى توافق البند الرابع من العقد التالي مع شرعنا الحنيف:
عقد اتفاق:
الطرف الأول: س
الطرف الثاني: غسان
تمهيد:
لما كان الطرف الأول يمتلك 51% من رأس مال الشركة....... القطرية: ذ. م.م وتمارس نشاطها التجاري من خلال سجلها التجاري رقم...... وكان مفوضا بالتوقيع ومديرا للشركة كما هو ثابت بالرخصة التجارية.
بينما يمتلك السيد: ص: شقيق الطرف الثاني السيد غسان نسبة 39% من رأسمال الشركة, وحيث نشبت خلافات بين الشريكين س، وص بحيث يتعذر استمرار الشراكة بينهما، لذا فقد التزم الطرف الثاني غسان بموجب هذا الاتفاق مع الطرف الأول س بحيث يلتزم غسان بالتوسط لدى شخص قطري آخر لشراء حصة الطرف الأول س في الشركة وقدرها 51% في خلال شهر من تاريخ توقيع هذا الاتفاق وذلك لقاء مبلغ مليون ونصف المليون ريال قطري ويقوم بسدادها بموجب شيك يستلمه الطرف الأول س أثناء توقيع هذا العقد كضمان لبيع حصته لأي طرف آخر يحضرة الطرف الثاني.
لذلك فقد اتفقت إرادة الطرفين على إبرام هذا العقد وفقا للشروط التالية:
أولا: التمهيد جزء لا يتجزأ من هذا العقد يقرأ ويفسر معه.
ثانيا: يلتزم الطرف الثاني بالتوسط لشخص قطري لشراء حصة الطرف الأول س وقدرها 51% من رأس مال الشركة بما لها من حقوق وما عليها من التزامات مقابل مبلغ إجمالي: 1,500,000 ر. ق مليون وخمسمائة ريال قطري ليحل محل الطرف الأول بالشركة، وذلك خلال شهر من تاريخ توقيع هذا العقد.
ثالثا:قام الطرف الثاني غسان بتحرير شيك بمبلغ مليون وخمسمائة ألف ريال قطري برقم (01000062) مؤرخ في 20-12-2008 مسحوب على حسابه بالبنك التجاري فرع سلوى مقابل 51% من حصص الشركة التي يمتلكها الطرف الأول بالشركة المذكورة.
رابعا في حالة عدم قيام الطرف الثاني بتنفيذ التزامه فإن الطرف الأول يستحق قيمة الشيك وتظل حصته بالشركة المذكورة باسمه ليتصرف فيها كما يشاء مع أي طرف آخر.
خامسا: يلتزم الطرف الأول س بالتنازل عن البلاغات الجنائية وكافة القضايا المرفوعة منه ضد ص شقيق الطرف الثاني السيد غسان الشريك في الشركة.
سادسا: هذه الاتفاقية نهائية ولا يجوز الرجوع فيها.
سابعا:حررت هذه الاتفاقية من ثلاث نسخ،نسخة بين طرفين، ونسخة ل لطرف الأول، ونسخة ل لطرف الثاني غسان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للطرف الأول إلزام الطرف الثاني (غسان) بدفع ذلك المبلغ، فلا وجه لدفعه فيما ذكر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ألا لا تظلموا، إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد والبيهقي.
وفي رواية: ولا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا ما طابت به نفسه. وقال: قال: أرأيت إذا منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ . رواه البخاري. هذا في البيع فكيف بأخذ مال الغير دون سبب مشروع أو حق معتبر.
وبناء عليه فيلزم الطرف الأول أن يعيد إلى شريكه ذلك الشيك ولو لم يجد من يشتري الحصة المذكورة فإنما هو محض سمسار أو شافع فإذا لم يعط هو على فعله فكيف يؤخذمنه؟ إن ذلك من الظلم وأكل أموال الناس بالباطل.
قال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ {البقرة:188}
وأما تنازل الطرف الأول عن البلاغات والشكايات ضد شريكه فإن كانت بغير حق فيجب عليه ذلك، وإن كانت بحق فلا حرج عليه في التنازل عنها أو المطالبة بها، وللفائدة انظر الفتويين: 57571، 65673.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1430(12/2518)
يلزم شريكك أن يعيد إليك رأس المال مع نصيبك في الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أعمل في بلد أجنبي، وبعت داري على أساس أن أقوم بتشغيل تلك الفلوس في التجارة مع شخص آخر. وقمت بتسليم تلك الفلوس إلى الشخص، وسافرت إلى بلدي لكي أقوم بتوصيل عائلتي إلى هناك ومن ثم العودة إلى البلد الأجنبي لممارسة العمل مع الشريك. وقبل السفر حذرته عدة مرات من أن يقوم بتسليم أي مبلغ إلى شخص أعرف أنه نصاب ومحتال. وبالفعل اشتغل الشخص بالفلوس وحقق أرباحا في الشهر الأول حوالي / 3000 / دولار. وذات مرة اتصل معي وقال لي بأنه نزل إلى بلد آخر، ولما سألته أن يحول لي الفلوس أجابني بأنه قد ترك فلوسي عند ذلك الشخص النصاب الذي حذرته منه؛ لأنه وعده بأن يشتغل بهذه الفلوس ويدر الأرباح. على الفور قلت له أريد فلوسي فورا، ولا أريد أن أعمل مع أي شخص غيرك ولا مع هذا النصاب. هو فورا اتصل مع هذا الشخص وطلب منه الفلوس وبعد مماطلات دامت سنة حصلت على قسم كبير من الفلوس بالتقسيط لا دفعة واحدة، والبعض الآخر لم أحصل عليه لغاية تاريخه.
والسؤال هو: هل يحق لي شرعا أن أطالب الشخص الذي أعطيته الفلوس عن تعويض خلال هذه الفترة وعن الضرر الذي لحق بي من وقت تسليمه الفلوس لغاية تسليمه لي آخر دفعة، وقد مضى حوالي السنة تقريبا على ذلك؛ لأنني بعت داري من أجل تشغيل هذه الأموال والحصول على أرباح من أجل العيش، ولم أحصل على أي شيء حتى مبلغ الأرباح الذي حققه هو وهو / 3000 / دولار حيث بقيت معه. وقد ضاع قسم كبير من رأسمالي هباء لأنني كنت أستلم المبالغ بالتقسيط وأقوم بالصرف على العائلة من أجل العيش؛ لأنه ليس لي دخل آخر سوى هذا البيت الذي تصرفت به بغباء ما عدا الآلام النفسية والمشاكل مع العائلة، وبدلا من أستخدم هذه الفلوس في العمل كنت أستخدمها للعيش؛ لأنه ليس لي عمل آخر، ولم أطلب منه أن يسلم فلوسي. ولكم جزيل الخير والدعاء بالتوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشريكك ضامن لمالك لاعتدائه عليه بإيداعه لدى من حذرته منه وأمرته ألا يودع المال لديه. وبناء عليه، فيلزم شريكك أن يعيد إليك مالك كاملا -أي رأس المال- مع نصيبك في الربح وهو يرجع على من أودع لديه المال. جاء في الفتاوى الهندية: وإذا ربح المضارب في المال ربحا فأقر به وبرأس المال ثم قال: قد خلطت مال المضاربة بمالي قبل أن أعمل وأربح لم يصدق. فإن هلك المال في يده بعد ذلك ضمن رأس المال لرب المال وحصته من الربح. وفي المبسوط: لإقراره على نفسه بالسبب الموجب للضمان. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 19455.
وأما هل لك مطالبته بالتعويض عما لحقك من ضرر؟ فجوابه: أن الضرر إن كان معنويا فالراجح عدم جواز أخذ عوض عنه. وأما إن كان الضرر ماديا بسبب المماطلة كأن تكون أنفقت مالا على مطالبته، فلك الحق في المطالبة بما أنفقته في سبيل تخليص مالك إن كان تأخيره للسداد مطلا لا بسبب العجز والإعسار، إذ المماطل ظالم. ولي الواجد يحل عرضه وعقوبته كما في الحديث عند أبي داود. وأما المعسر فيجب إنظاره إلى حين ميسرة قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. {البقرة:280}
وقد فصلنا القول في مسألة التعويض عن الضرر المادي والمعنوي في الفتاوى رقم: 35535، ورقم: 9215، ورقم: 98986. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 12311.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(12/2519)
مسألة في دخول شريك جديد بعد انسحاب الشريك الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[تعاقدت مع أحد أثرياء بلدي لفتح مشروع استثماري في المملكة العربية السعودية، رأس المال منه ومني العمل، على أن تكون الأرباح بالمناصفة، فبدأت أشتغل في استخراج الترخيص لهذا المشروع وكان يأخذ وقتا غير قليل وأموالا كثيرة، وبعد سنة لما وجد شريكي أني لم أبدأ في العمل، وذلك بسبب تأخر الترخيص ومن المعلوم أن مشروع الاستثمار للأجنبي في هذا البلد يحتاج إلى إجراءات طويلة، قام بالانسحاب من المشروع وأخذ بقية ماله الذي لم يدخل في المشروع، وقال بأن المال الذي دخل في المشروع اعتبره دينا، يجب علي تسديده، وأن الآن لا أزال مستمرا في مشروع رأس ماله من رجل آخر. فما حكم الانسحاب في مثل هذا المشروع؟ وهل عمله هذا صحيح؟ وهل يجب علي أن أسدد المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أنفقته من رأس مال شريكك في تلك الإجراءت إن كان الشريك الثاني دخل معك على اعتباره والتعويض عنه، فعليك رد ما اعتضت عنه لشريكك الأول وليس لك أن تأخذ منه شيئا، لأنك شريك للثاني كما كنت شريكا للأول، والتعويض إنما هو عن حصة شريكك الذي انسحب، هذا إذا كان لتلك الإجراءات قيمة معتبرة كما هو الأغلب ودخل الشريك الثاني على اعتبارها والتعويض عنها، ولو كان ما قومت به أقل مما صرف فيها من مال الشريك الأول لأن الخسارة في رأس المال تحسب عليه إن لم تكن بتفريط من العامل وهو الذي قد فض الشركة وتنازل عنها فكان ما كان بسببه.
وأما إذا لم تكن لتلك الإجراءت التي أنفقت فيها من مال شريكك وجهدك ما أنفقت قيمة اعتبارية فلا يلزمك تحمل ما تلف من مال شريكك فيها، لأن العامل في المضاربة لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط، ورب المال هو السبب فيما كان.
وعلى كل فإن هذا النوع من المسائل يؤول في الغالب إلى نزاع، ومسائل النزاع لا تحل غالبا إلا بعرضها على المحاكم الشرعية لسماع دعاوى الخصوم وإلزام كل طرف بما يجب عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(12/2520)
تضم قيمة مقر الشركة المبيع إلى بقية مال الشركة ويقسم جميعا حسب النسبة المحددة في موعد تقسيم الأرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت مع شخص على أن يكون رأس المال من عندي، ومتابعة أعمال المؤسسة فيما يتعلق بالمراجعات الحكومية وغيرها، ويكون هو بمجهوده من خلال خبرته في هذا المجال.
تم الاتفاق على أن يكون في نهاية كل سنة توزيع صافي الأرباح، بعد خصم جميع المصروفات، بنسبة 70% لي و30% للشريك، فيما يخص نصيبي من الربح أعيده لحساب المؤسسة، والشريك يستلم نصيبه بالكامل.
قمنا بالانتقال من الموقع لمكان آخر وتم تقبيل الموقع السابق بمبلغ 50000 ريال، وبه عدد من المحتويات مثل المكيفات، والديكور، ومكتب وقيمتها بعد الإهلاك 13303 ريال.
السؤال: هل للشريك نصيب فيما تم بيعه؟ وكيف يتم توزيعه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الثمن الذي بيع به المحل يضم جميعه إلى مال الشركة ولا يختص به طرف دون طرف حتى يحين الموعد المحدد لاحتساب الأرباح. فإن كان هنالك ربح أخذ كل طرف منه بقدر حصته المتفق عليها.
قال السرخسي في المبسوط: وقد بينا في إظهار الربح أن المعتبر قيمة رأس المال في وقت القسمة. انتهى. وذلك أنه لا يعرف مقدار الربح ووجوده إلا بعد إحراز رأس المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(12/2521)
اختلف مع شريكه فألزم أخاه بدفع مال إذا لم يأت بمن يحل محل أخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخواني بداية جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الرائع، أود معرفة الفتوى الشرعية حول البند الرابع من العقد المرفق أدناه:
عقد اتفاق الطرف الأول: س الطرف الثاني: غسان
تمهيدا، لما كان الطرف الأول يمتلك 51% من رأسمال شركة قطرية ذ. م.م تمارس نشاطها التجاري من خلال سجلها التجاري رقم...... وكان مفوضاً بالتوقيع ومدير الشركة كما هو ثابت بالرخصة التجارية.
بينما يمتلك السيد ص شقيق الطرف الثاني السيد غسان نسة 39% من رأسمال الشركة, وحيث نشبت خلافات بين الشريكين س وص بحيث يتعذر استمرار الشراكة بينهما لذا فقد التزم الطرف الثاني غسان بموجب هذا الاتفاق مع الطرف الأول س بحيث يلتزم غسان بالتوسط لدى شخص قطري آخر لشراء حصة الطرف الأول س في الشركة وقدرها 51% في خلال شهر من تاريخ توقيع هذا الاتفاق وذلك لقاء مبلغ مليون ونصف ريال قطري ويقوم بسدادها بموجب شيك يستلمه الطرف الأول س أثناء توقيع هذا العقد كضمان لبيع حصته لأي طرف آخر يحضره الطرف الثاني.
لذلك فقد اتفقت إرداة الطرفين على إبرام هذا العقد وفقا للشروط التالية: أولاً- التمهيد جزء لا يتجزأ من هذا العقد يقرأ ويفسر معه. ثانياً- يلتزم الطرف الثاني بالتوسط لشخص قطري لشراء حصة الطرف الأول س وقدرها 51% من رأسمال الشركة بما لها من حقوق وما عليها من التزامات مقابل مبلغ إجمالي 1,500,000 ر. ق مليون وخمسمائة ريال قطري ليحل محل الطرف الأول بالشركة، وذلك خلال شهر من تاريخ توقيع هذا العقد. ثالثاً- قام الطرف الثاني غسان بتحرير شيك بمبلغ مليون وخمسمائة ألف ريال قطري برقم (01000062) مؤرخ في 20-12-2008 مسحوب على حسابه بالبنك التجاري فرع سلوى مقابل 51% من حصص الشركة التي يمتلكها الطرف الأول بالشركة المذكورة. رابعاً- في حالة عدم قيام الطرف الثاني بتنفيذ التزامه فإن الطرف الأول يستحق قيمة الشيك وتظل حصته بالشركة المذكورة باسمه ليتصرف فيها كما يشاء لأي طرف آخر. خامساً- يلتزم الطرف الأول س بالتنازل عن البلاغات الجنائية وكافة القضايا المرفوعة منه ضد ص شقيق الطرف الثاني السيد غسان الشريك في الشركة.
سادساً- هذه الاتفاقية نهائية ولا يجوز الرجوع فيها. سابعاً- حررت هذه الاتفاقية من ثلاث نسخ بين طرف نسخة. الطرف الأول س.... الطرف الثاني غسان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للطرف الأول إلزام الطرف الثاني غسان بدفع ذلك المبلغ فلا وجه فيما ذكر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ألا لا تظلموا، إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد والبيهقي. وفي روايه: ولا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا ما طابت به نفسه. وقال: قال: أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه. رواه البخاري.
هذا في البيع، فكيف بأخذ مال الغير دون سبب مشروع أو حق معتبر. وبناء عليه، فيلزم الطرف الأول أن يعيد إلى شريكه ذلك الشيك ولو لم يجد من يشتري الحصة المذكورة، فإنما هو محض سمسار أو شافع فإذا لم يعط هو على فعله فكيف يؤخذ منه إن ذلك من الظلم وأكل أموال الناس بالباطل.
قال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188}
وأما تنازل الطرف الأول عن البلاغات والشكايات ضد شريكه فإن كانت بغير حق فيجب عليه ذلك، وإن كانت بحق فهو مخير بين التنازل عنها والمطالبة بها. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 57571. والفتوى رقم: 65673.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(12/2522)
قدمت الشركة أوراقا باسمه فحصلوا على أرض فلمن تكون
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب عمري 31 عاما، أعمل بشركة ق. خ، تم التقديم في حجز قطعة أرض باسم الشركة التي أعمل بها وباسم شركة أخرى صاحبها (شريك أ) بهذه الشركة التي أعمل بها، الفكرة فكرة هذا (الشريك أ) صاحب الشركة الأخرى، وأنا لم أكن أعلم شيئا عن هذه الفرصة، ودراسة الجدوى للمشروع هو الذي قام بها طلب مني أن أحضر اوراقي الخاصة، وفي آخر يوم للتقديم ذهبنا للتقديم باسم الشركتين قام بالتقديم باسم شركته الخاصة، ورفضوا التقديم باسم الشركة التى أعمل بها لعدم وجود من له حق التقديم باسمها أو توكيل باسمى (هذا الشريك أمن حقه التقديم باسم هذه الشركة، ولكن لايصح التقديم باسم شركته الخاص وباسم شركة أخرى)
أكدت عليه أن أقدم باسمى قال نعم أكدت أكثر من مرة قال نعم، وبالفعل قدمت باسمى وتم عمل قرعة لأن عدد من تقدم وتوفرت فيهم الشروط أكثر من عدد القطع المتاحة، والحمد لله كنت أحد الفائزين بقطعة أرض باسمى تم دفع رسوم التقديم وباقي الأقساط من الشركة، واستكملت الأوراق والإجراءات مع العلم أني كنت قادرا على دفع هذه الرسوم وثمن الأرض كله دفعة واحدة لأنها بسيطة ورمزية ولكن لاعتبارات شخصية واستحياء مني لظروف معينة مر بها هذا الشريك ظروف صعبة عند ظهور نتيجة القرعة لم أفتح هذا الموضوع ولم يكن هناك اتفاق واضح. ولم أحسم الموضوع على حقي فى قطعة الأرض هذه ولم يحن وقت لفتح مثل هذا الموضوع ولم يفتح أحد منهم هذا الموضوع غير أن أحد الشركاء (ب) قال في وقت ما اتفقت أنا والمهندس (الشريك أ) على أن هناك أمرا جيدا لك بالنسبة لموضوع الأرض.
وتم عرض أمر آخر هو شراء قطعة أرض باسم موظف آخر وقال الشريك (ب) للشريك (أ) هذا يضيع على هذا الموظف فرصة شراء قطعة ارض باسمه مرة أخرى، وهذا صحيح لأن من شروط التقديم فى هذا الموضوع أن أقدم إقرارا:
أقر أنا /.... بأنه لم يسبق حصولي على أرض صناعية أخرى بأي من المدن الصناعية لم يتم استغلالها حتى الآن. وفي حالة ثبوت عكس ذلك يحق للهيئة إلغاء هذا التخصيص دون إنذار او تنبيه (صيغة الإقرار)
وأن أقدم إقرارا آخر إقرارا أني لا أعمل في الحكومة أو القطاع العام أو المجالس النيابية.
ثم قال أحد الشركاء الآخرين في اجتماع يجمعنا كلنا طلبوا مني عمل توكيل بالأرض بالبيع لنفسه أو للغير (لأن كل الأوراق باسمي، وعندما فكرت في الموضوع وبعدها بأيام وتحدثت مع الشريك (ب) عن هذا الموضوع وعن حقي فى هذه الأرض قلت له أليس لي حق فى هذه الأرض قال لا ليس لك حق فيها قمت بتذكيره بما قاله قبل ذلك قال إنه اتفق مع الشريك (أ) أنهم سوف يرضوني (سنرضيك بحاجة لأن الأرض باسمك)
أنا لا أتحدث عن إرضائي، أسأل ما هو حقي في هذه الأرض (بما يرضي الله) أفيدونى أفادكم الله عاجلا لأن الأمر سوف يحسم خلال أيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد أقدمت على هذه الإجراءات على أن تكون هذه الأرض ملكاً للشركة كما يظهر لنا من كلامك، فإن مجرد كتابة هذه الأرض باسمك للاعتبارات المذكورة لا يجعل الأرض ملكاً لك، ولكن إذا كنت قد قمت بعمل زائد في مقابل الإجراءات التي قمت بها، فمن حقك المطالبة بأجر المثل مقابل ما قمت به من مجهود، فمجرد استخدام شخص لاسم شخص آخر في شراء قطعة أرض أو نحو ذلك داخل فيما يعرف عند المتقدمين بثمن الجاه، وقد اختلف العلماء في أخذ ثمن هذا السعي بين قائل بالتحريم بإطلاق، وقائل بالكراهة، ومفصل فيه بأنه إذا كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة أو تعب أو سفر جاز له أخذ أجرة المثل، وإلا فلا. ولعل القول بالتفصيل هو الراجح. ويمكنك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 6632.
أما إذا كنت قد تقدمت بطلب الشراء على أن تكون هذه الأرض ملكاً لك، فيجوز لك أن تبيع هذه الأرض للشركة بما تتفقان عليه من ثمن. وننبهك إلى أن القوانين والشروط الموضوعة لتملك هذه الأراضي إذا كان فيها مصلحة عامة فيجب الالتزام بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1430(12/2523)
فض الشركة إذا أصر الشركاء على الاقتراض بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل، لقد اشتركت مع ثلاثة من أصدقائي في مشروع منذ 3 سنوات وحتى الآن لم نجن أية أرباح، لكن العمل يتقدم والمشروع يحبو للأفضل، وقد احتجنا مالا فأخذنا قرضا من البنك رغم اعتراضنا جميعا على ذلك لكن لم نجد أي مخرج وكأن التجارة الآن لابد لها من أخذ القروض وليس الحلال المطلق، والآن نحتاج مرة ثانية لقرض مرة أخرى، لكنى لا أريد أن أستمر في هذا الأمر نتيجة لهذه القروض.
أريد أن أنسحب من هذا المشروع الذي دفعت فيه من وقتي ومن مالي الكثير-غير رأس المال- ولم أجن منه ولا ريالا واحدا.
هل آخذ رأس مالي الذي دفعته فقط أم يحق لي أن أبيع حصتي في الشركة لشخص وأربح منه مالا زيادة على رأس مالي. هل هذا المال الزائد على رأس مالي سيكون حلالا أم حراما؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالربا من كبائر الذنوب ولا يحل التعامل به إلا عند الضرورة، وليس من الضرورة الاقتراض للحالة التي ذكرها السائل، فالواجب عليكم التوبة إلى الله عز وجل والعزم على عدم الاقتراض مرة ثانية، وإذا أصر شريكاك على الاقتراض مرة أخرى فلا يحل لك موافقتهما، وعليك بنصحهما وتذكيرهما بعقوبة الله تعالى للمتعاملين بالربا، وإن لزم الأمر فض الشراكة إذا كانا سيقترضان باسمك باعتبارك شريكا، وفي حال خروجك من الشركة فيجوز لك بيع حصتك فيها للشريكين أو لغيرهما، وحصتك من رأس مال الشركة ليس هو ما دفعته من مال عند عقد الشركة ولكن ما هو موجود الآن من عروض ونقد، بمعنى أنه إذا كنت دفعت عند تأسيس الشركة نصف أو ثلث رأس المال فنصيبك الآن هو نصف أو ثلث الموجود من مال الشركة كله، ولك أن تبيع حصتك بالثمن الذي تتراضى عليه مع المشتري سواء كان أكثر مما دفعت أو أقل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(12/2524)
اتفقا على فسخ الشركة فسرقت البضاعة فمن يضمنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت مبلغا من المال لصديق لي يمتلك محلاً لبيع الكمبيوترات لكي يستثمره لديه ولمدة شهرين ثم حدث لي ظروف فاضطررت إلى طلب المال منه الذي كان آنذاك فى صورة بضاعة وتم الإيجاب والقبول بالفعل وبعد حوالي شهر من طلبي استرداد المال تمت سرقة المحل ويشتبه في أن يكون العامل الذى يعمل لدى صديقي هو السارق، السؤال هنا من منا المسؤول عن البضاعة التي فقدت, هو يستند إلى أني أنا الذي يتحمل خسارة رأس المال وأنا أستند إلى أنه هو الأمين وليس الضامن على حد علمي وقد طلبت رأس المال بالفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيد العامل في المضاربة يد أمانة وليست يد ضمان، ولذا فهو لا يتحمل أية خسارة وقعت لا في الربح ولا في رأس المال إذا لم يكن منه تعد أو تفريط، وطلبك لرأس المال وفض الشركة لا يلزم إجابته ما لم يبع الشريك العروض وتصير نقوداً على الراجح ذكره الطحاوي وأيده الزيلعي من الحنفية ومعهما ابن رشد المالكي وحفيده وبعض الحنابلة، وقد ذهبنا إلى رجحان مذهب المالكية في لزوم الشركة إلى أن ينض رأس المال بأن يصير نقداً ويتم العمل المتفق عليه دفعاً للضرر ومنعاً للخصومة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 48733، والفتوى رقم: 113549.
لكن إن كان صاحبك قد أجابك إلى الفسخ وتراضيتما على أن يدفع إليك رأس مالك ويتحمل هو البضاعة وتصريفها فمالك في ذمته وهو يتحمل ما وقع من خسارة في سرقة عروضه أو غيرها، لأنكما قد فسختما العقد وتراضيتما على القسمة، قال ابن رجب في قواعده: إن كان انتهاء العقد بسبب يستقل به من هو في يده كفسخ المشتري أو يشارك فيه الآخر كالفسخ منهما فهو ضامن له لأنه يسبب إلى جعل ملك غيره في يده.
وهنا قد قبل صاحبك الفسخ فكان عليه أن يعيد إليك مالك فوراً، لكنه تأخر في ذلك حتى سرق المال فالضمان عليه..
وبناء على ما ذكر فينظر فيما حصل منكما إن كان فسخاً للشركة فهو ضامن لما تلف ومالك في ذمته وإن كان مجرد وعد بتصفية الشركة لقسمتها دون فسخها في الحال فلا ضمان على صاحبك لأنه مؤتمن، والشركة لا زالت باقية بينكما، اللهم إلا أن يكون قد فرط أو تعدى، وتجدر ملاحظة أنه لا يجوز اتهام العامل بالسرقة إذا لم يوجد على ذلك برهان، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(12/2525)
حكم أخذ الربح بدون أن يعلم الشركاء أني شريكهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أهل بيتي عندهم مشروع، وعندي مبلغ من المال يكاد يقترب من نصف مبلغ المشروع أقوم باستثماره داخل هذا المشروع دون علمهم بهذا، حيث لا أريد أن أعلمهم بأني أمتلك مبلغا من المال لشيء في صدري فآخذ ربحا عن مالي فقط، آخذ هامشا فقط وأترك لهم خمسة أضعاف الذي آخذه، بمعنى أن الربح الذي يدره مالي فقط آخذ عنه ربحا بواقع 1 إلى 5 من الربح أي أترك لهم خمسة أضعاف، ولا أشاركهم الربح في أموالهم، وإذا توقفت عن التمويل الخاص بي يكاد يتوقف المشروع. فهل الربح الذي أتعاطاه عن مالي حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن الشركاء قد أذنوا لك في استثمار مالك مقابل مشاركتهم في الربح بجزء معلوم سواء أكان خمسا أو أقل أو أكثر فلا يجوز لك أخذ شيء من أرباحهم دون علمهم.
وأما إن كانوا أذنوا لك وتم التراضي على أخذ تلك النسبة من الربح فلا حرج ولو لم يعلموا أنك صاحب المال الذي تستثمره معهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(12/2526)
حول اختلاف الشريكين في الديون المعدومة
[السُّؤَالُ]
ـ[تشارك شخصان للمتاجرة في شركة استيراد وتسويق فواكه وكان التعاقد شفويا ومشاركة رأس المال بالتساوي بينهما ففوض أحد الشريكين الأخر بإدارة الشركة والتسويق واتفقا على توزيع الأرباح والخسارة بالمناصفة ولم تحدد أجرة الشريك العامل وبعد مضي سنتين قام الشريكان بجرد ممتلكات الشركة والديون فاتضح أن هناك ديونا شبه معدومة وتنازع الشريكان في تحمل مسؤولية الديون. فقال الأول.. أنا أتاجر والتجارة ربح وخسارة ولم أفرط في عملي ولم أخالف الاتفاق، وقال الثاني بل أنت سبب الخسارة وتتحمل مسؤولية ذلك ولا تحملها على الشركة والخلاف قائم، فهل يحق للشريك العامل المطالبة بأجرة العمل والتسويق..لذا نأمل من سماحتكم أن تتفضلوا ببيان حكم ذلك مشكورين..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الشركة من الشركات الجائزة وهي تجمع بين الشركة والمضاربة، قال ابن قدامة في المغني: القسم الرابع: أن يشترك مالان وبدن صاحب أحدهما. فهذا يجمع شركة ومضاربة، وهو صحيح. اهـ.
والأرباح في الشركة المتقدمة تقسم على حسب قدر رأس المال مع زيادة متفق عليها للشريك العامل نظير عمله، أما أن يأخذ الشريك العامل أجراً بالإضافة إلى نسبة من الربح فهذا غير جائز على القول الراجح وهو قول الجمهور. وإذا لم يتم الاتفاق على توزيع الأرباح فيكون لكل من الشريكين ربح ماله إن كان ثَمّ ربح، وللشريك العامل أجر مثله.
أما اختلاف الشريكين في الديون المعدومة، فمن أحكام المضاربة أن المضارب لا يضمن إلا في حالة التعدي أو التفريط، فإذا ثبت على المضارب أنه فرطّ في حفظ المال أو تعدى في مضاربته فإنه يضمن؛ وإلا فلا ضمان عليه.
وقد بين الزيلعي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ما يملكه المضارب من التصرفات فقال: اعلم أن ما يفعله المضارب ثلاثة أنواع: نوع يملكه بمطلق عقد المضاربة، وهو ما هو معتاد بين التجار كالرهن والارتهان والإيجار والاستئجار للركوب أو الحمل والشراء له، ولو سفينة إذا احتاج إليها وتأخير الثمن إلى أجل متعارف، ولو بعد البيع لأنه يملك الإقالة ... ونوع لا يملكه بمطلق العقد ويملكه إذا قيل له اعمل برأيك، وهو ما يحتمل أن يلحق به فيلتحق به عند وجود الدلالة، وذلك مثل دفع المال مضاربة أو شركة وخلط مال المضاربة بماله أو بمال غيره؛ ... ونوع لا يملكه بمطلق العقد ولا بقوله اعمل برأيك إلا أن ينص عليه وهو الاستدانة؛ ... وأخذ السفاتج مثله؛ لأنه استدانة، وكذا إعطاؤها؛ لأنه إقراض، والعتق على مال وغير مال والكتابة والهبة والصدقة كل ذلك ليس من باب التجارة فلا يملكه إلا بالنص. اهـ.
هذا واعلم أن مسائل النزاع لا يرفعها إلا قضاء القاضي الشرعي أو بالتحكيم الشرعي إن لم توجد ببلدكم محاكم شرعية.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 77714، 106605، 108104، 116582.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(12/2527)
حكم تأسيس الموظف شركة وساطة تتعامل مع الشركة التي يعمل فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة مقاولات تموين شركات بالمواد المختلفة كالقرطاسية مثلا وأقوم بعمل مندوب مشتريات أحضر لهم عروض سعر وأستلم منهم راتبا شهريا فهل يجوز لي عمل شركة خدمات وأقوم بتوفير الطلبات مثل بقية أصحاب المحلات أي أوفر لهم عرض سعر من شركتي وإذا تمت الموافقة عليه أقوم بتوفيره لهم علما بأني أضيف ربحا لشركتي ثم أقوم بتحرير فاتورة مشتريات باسم شركتي.أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح تماما ولكن إذا كان مقصود السائل هو أن ينشئ شركة خاصة به تقوم بالتوسط بين شركته التي يعمل وبين من يرغب في الشراء منها فلا مانع بشرط أن يكون عمله في شركته خارج دوامه الرسمي، وأن لا يستغل عمله الرسمي في مصلحة نفسه، كأن يؤخر مثلا أعمال شركته لينجزها في شركته الخاصة أو يحمل أعمال شركته الخاصة لينجزها وقت دوامه الرسمي فكل ذلك محرم، وكذلك إذا كان عمله في شركته الخاصة مجرد وساطة يسهل بها البيع بين المشتري والبائع، لأنه لا يملك السلعة فلا يصح أن يعقد مع الراغبين في الشراء عقد بيع، لأنه لا يملك السلع كما هو ظاهر السؤال، وإنما يقتصر عمله على عروض الأسعار ومحاولة التوفيق بين البائع والمشتري ويستحق بذلك عمولة أو أجرة معلومة من الطرفين حسب الاتفاق معهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(12/2528)
حكم بيع المدير التنفيذي أسهم الشركة بدون علم الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من المساهمين بشركة نملك 66 % من قيمة الشركة، طلبنا من المدير التنفيذي المسؤول عن الشركة وهو مساهم كذلك عبر مجلس الإدارة تغيير سياسة الشركة، وقمنا بعدة اجتماعات لهذا الغرض، ولكن للأسف جميع القرارات لا تطبق بسبب تعنت المدير التنفيذي الذي يظن أن مجلس الإدارة عمل ضده لفصله عن العمل، وتم اكتشاف مخالفات وأخطاء مالية كفتح حسابات باسم أخي المدير توضع بها إيرادات الشركة ولا تسجل بالحسابات، وأصول سيارة مسجلة باسمه الشخصي رغم أن الشركة من دفعت ثمنها وغيرها من الأمور، عموما تم الاتفاق على إعداد تقرير مالي عن الشركة يقوم محاسب الشركة ومحاسب من طرفنا لتقييم الشركة لكي تتم عملية البيع والشراء على أساسه، وبعد إعداد التقرير في شهر 11/2005 توصل التقرير بأن القيمة الدفترية للسهم تساوي صفر أو 2 دل في حالة تحصيل بعض الديون، علما بأن القيمة الأصلية للسهم 100 د. ل. وخلص التقرير أن القيمة الفعلية للسهم ترجع للمساهمين للاتفاق عليها، لأن الأصول ما زالت بحالة جيدة وشهرة الشركة ومقرها موقعه ممتاز وغيرها من الأمور المعنوية كالخبرة ومكانتها بالسوق، ولكن في آخر اجتماع 2005 تم عرض أن يقوم أحد الأطراف بتقييم السهم وطريقة الدفع، والآخر يختار أن يشتري أو يبيع ولكن رفض الأخ المدير هذا المبدأ ورفضه وانفض الاجتماع دون اتفاق. الآن وبعد مرور حوالي 3 سنوات طلب المدير من شخص التدخل للواسطة بيننا ولكن تفاجأنا بأنه قام بشراء أسهمنا دون علمنا بقيمة 2 د. ل بناء على التقييم المذكور وأسس شركة أخرى استحوذت على جميع أصول الشركة السابقة من أجهزة ومعدات ومقر وغيرها وزبائن وشهرة، السؤال هو: هل يجوز لنا شرعا المطالبة بجميع قيمة الأسهم الفعلية؟ وهل تصرفه هذا سرقة أم لا، وما هي حقوقنا الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشركة المساهمة من الشركات الحديثة، وأكثر المعاصرين يجيزون إنشاء شركة المساهمة إذا كان نشاطها مشروعاً، ويتم اتخاذ القرارات في شركات المساهمة طبقاً لرأي غالبية الشركاء المساهمين فيها، ولا حرج في ذلك شرعاً لأن هذا من قبيل الشروط الجائزة، وعلى هذا فالمدير التنفيذي بمثابة الوكيل عن الشركاء فيجب عليه الالتزام بقرارات الشركاء، ولا يجوز له مخالفتهم ويجب عليه الضمان في حالة المخالفة. وما قام به من شراء أسهمكم دون علمكم -إن لم يكن مأذوناً له بذلك كما هو الظاهر من كلامكم- لا يجوز لوجهين:
الأول: أن تصرف الوكيل مقيد بحدود الوكالة، فإذا خالف الوكيل حدود الوكالة لم ينفذ تصرفه، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
الوكيل لا يملك من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو جهة العرف، لأن تصرفه بالإذن فاختص بما أذن فيه، وهو مأمور بالاحتياط والغبطة، فلو وكله في التصرف في زمن مقيد لم يملك التصرف قبله ولا بعده، لأنه لم يتناوله إذن مطلقاً، ولا عرفاً لأنه قد يؤثر التصرف في زمن الحاجة إليه دون غيره. انتهى.
فشراء المدير التنفيذي لأسهمكم باطل على مذهب الشافعية، وموقوف على إجارتكم على مذهب الجمهور، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
إ ذا تصرف الوكيل خلافاً لما أذن له الموكل، كأن أمره بالبيع على الحلول فباع نسيئة، فإن بيع الوكيل هنا يكون موقوفاً على إجازة الموكل، فإن أجازه نفذ عليه وإلا فعلى الوكيل، وذلك عند الحنفية والمالكية، وعند الحنابلة روايتان في صحته وبطلانه، وعند الشافعية مخالفة الوكيل في بيع غير مأذون فيه من قبل الموكل تبطل بيع الوكيل. انتهى.
الثاني: أن الوكيل في البيع لا يجوز له البيع من نفسه، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة وهو قول في مذهب الحنفية، وأجاز الحنفية والمالكية ذلك إذا أذن الموكل، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 34600، 51388، 71848.
فمن حقكم أن لا تجيزوا ما فعله المدير التنفيذي، وتكون الأسهم باقية على ملكم ومن حقكم بيعها بما ترضون من ثمن، كما يلزم هذا المدير ضمان ما أخذه من أموال الشركة لمصلحة نفسه، وتصرف المدير المذكور بما يخالف حدود الوكالة يعد من خيانة الأمانة وليس من السرقة بمعناها فيه الاصطلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(12/2529)
يستحق الشريك من الربح بقدر ما دفع من رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[استلف مني صديق مبلغاَ من المال على أن يعيده خلال سنة، مرت سنوات ولم يسدد المبلغ، وكان في كل مرة يعدني بسداده في أقرب فرصة، بعد فترة عرض علي أن أشاركه في تجارة مناصفة برأس المال، وكان الشرط حينئذ أن يسدد المبلغ الذي أطلبه منه، وأن يدفع نصف رأس المال قبل البدء بالمشروع، وحددنا يوما بعينه لذلك، انقضى عام على هذا اليوم وإنشاء التجارة ولا هو سدد لي الدين ولا دفع كامل نصيبه من رأس المال، علما بأني دفعت باقي رأس المال المطلوب لإقامه التجارة وأكثر منه، حيث كان يستلف هو من رأس المال ويسترده بعد فترة وجيزة، وأنا قد أودعت مبالغ لتغطية مصاريف الإنشاء، بعد مضي 9 أشهر من بدء العمل أخبرته أنه لا يستحق مناصفتي في التجارة لتقصيره في الشرط الذي بيننا، وأني سأعتبر الدين الذي عليه وباقي المال الذي أودعته لتكملة رأس المال هو نصيبي من الشراكة، فهل لي الحق الشرعي في ذلك، علما بأنه يوافقني تماما في سرد الأحداث السابقة وفي تقصيره، إلا أنه يصر على حساب نصيبه من الشراكة مقابل المبلغ الذي دفعه في رأس المال ويستثني الدين؟ وجزاكم الله خيراً على اهتمامكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الشركة فهي صحيحة، ويملك صديقك في رأس مالها بقدر ما دفع، كما أنك تملك منه بقدر ما دفعت، فإذا كان صديقك قد دفع أقل مما تم الاتفاق عليه عند تأسيس الشركة، فإنه يستحق من الربح بقدر ما دفع عند فسخها، ولا يؤثر على الشركة تفاوت رأس مال الشريكين.. وقد بين الخرقي أن اختلاف رأس المال لا يؤثر في صحة الشركة فقد يستوي وقد يختلف، قال: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما أو بدنان بمال غيرهما أو بدن ومال أو مالان وبدن صاحب أحدهما أو بدنان بماليهما -تساوى المال أو اختلف- فكل ذلك جائز.
وأما وعده بسداد الدين فليس شرطاً للزوم الشركة أو صحتها، وإنما هو مجرد عهد بالقضاء.. ولك أن تستوفي دينك بدون إذنه من أرباحه أو من رأس ماله عند انتهاء الشركة أو فسخها، ما دام أنه مماطل لا يريد السداد، وهي مسألة "الظفر" وصورتها أن من له حق على آخر مماطل أو سارق أو غاصب فظفر صاحب الحق بعين حقه أو بما قدر عليه من مال غاصبه فله أخذه واستيفاء حقه منه، وقد بسطنا القول في هذه المسألة، وذلك في الفتوى رقم: 28871 فتراجع.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 65373، والفتوى رقم: 119053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1430(12/2530)
كيفية تقسيم رأس المال عند فض شركة التضامن
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاثة أشخاص قمنا بعمل شركة تضامن، أحدنا شريك ممول للمشروع، وتقسم الأرباح على النحو الآتي: لي25%، وللثاني 25%، و50% للممول. علي أن تخصم 10% من الأرباح للإدارة مني ومن شريكي الثاني من مجمل الأرباح، ثم اتفقنا علي الانفصال، وحسب الحسابات وعقد الشركة، عند الانفصال تقسم كل موجودات الشركة حسب الأرباح، فقال لي زميل إن رأس المال لا يقسم ضمن التصفية وإنما يرجع للشريك الممول، مع العلم أننا لم نتفق علي ذلك، وعقود التضامن على تقسيم رأس المال، وكذلك بحثت في الأمر فوجدت لمجمع الفقه الإسلامي الدولي التعريف الآتي، في الدورة الرابعة عشر يعرف التضامن علي النحو الآتي:
شركة التضامن: هي الشركة التي تعقد بين شخصين أو أكثر بقصد الإتجار، على أن يقتسموا رأس المال بينهم، ويكونوا مسؤولين مسؤولية شخصية وتضامنية في جميع أموالهم الخاصة أمام الدائنين. وهي تقوم بصفة أساسية على المعرفة الشخصية بين الشركاء.
وهنا تأكد لي أن رأس المال يكون على المشاركة، فهل هناك خطأ في العقد أو فهمي أنا والشركاء له، وكلام المحاسب الذي أقر الأمر أيضا، وقد سألت أحد أهل العلم أيضا فأقر هذا الكلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شركة التضامن من الشركات الحديثة التي ذهب أكثر المعاصرين إلى جوازها، وأحكامها الشرعية مستنبطة من أحكام الشركات المعروفة في الفقه الإسلامي، ومن أحكام الشركات بصفة عامة أنه عند تصفية الشركة يتم حساب رأس مال الشركة ورده إلى أصحاب رؤوس الأموال، أما من كان مشاركاً بعمله فلا حق له في رأس المال وإنما حقه يكون في الأرباح، هذا هو الأصل في تصفية الشركات، أما الاتفاق في عقد الشركة عند الانفصال على أن تقسم كل موجودات الشركة حسب الأرباح، فإذا كان ذلك من قبيل ما يسمى بالمشاركة المنتهية بالتمليك فيجب أن تتوافر الضوابط الشرعية لذلك، فإن المشاركة المنتهية بالتمليك عبارة عن قيام الشريك المالك ببيع جزء من حصته في رأس المال للشريك العامل مقابل مبلغ معلوم، ولا حرج في أن يكون هذا المبلغ مخصوماً من الأرباح بعد تقسيمها.
أما إذا لم يكن الأمر كذلك فهذا الشرط غير جائز، لأن رأس المال ملك للشريك الممول، وعقد الشركة بينكم لا يجيز للشريك العامل أخذ مال غيره بدون وجه حق.
أما قرار مجمع الفقه الإسلامي الذي أشرت إليه فلم يتعرض لهذه المسألة وإنما كان الكلام عن إنشاء الشركة، وقد جاء في هذا القرار ما يلي:
أولاً: التعريف بالشركات الحديثة:
2- شركات الأشخاص: هي الشركات التي يقوم كيانها على أشخاص الشركاء فيها، حيث يكون لأشخاصهم اعتبار، ويعرف بعضهم بعضاً، ويثق كل واحد منهم في الآخر. وتنقسم إلى:
أ - شركة التضامن: هي الشركة التي تعقد بين شخصين أو أكثر بقصد الإتجار، على أن يقتسموا رأس المال بينهم، ويكونوا مسؤولين مسؤولية شخصية وتضامنية في جميع أموالهم الخاصة أمام الدائنين. وهي تقوم بصفة أساسية على المعرفة الشخصية بين الشركاء.
ثانياً: الأصل في الشركات الجواز إذا خلت من المحرمات والموانع الشرعية في نشاطاتها، ...
خامساً: إن المساهم في الشركة يملك حصَّةً شائعةً من موجوداتها بمقدار ما يملكه من أسهمٍ. وتبقى ملكية الرقبة له إلى أن تنتقل إلى غيره لأي سبب من الأسباب، من تخارج أو غيره. اهـ.
فالقرار يذكر أن الشركاء يقتسمون رأس المال بينهم، بمعنى اشتراكهم بالمساهمة في رأس المال عند إنشاء الشركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(12/2531)
مسألة حول شركة الملك
[السُّؤَالُ]
ـ[بالإشارة إلى الفتوى رقم:119292 من أحكام شركة الملك. ذكرتم بأنه لا حرج في هذه الشركة إذا كانت مقصورة على مجرد امتلاك السيارة.
لكن هؤلاء الأشخاص جل عملهم قائم على امتلاك السيارات بهذه الطريقة، ومن ثم بيعها مباشرة نقدا أو بالأجل, بمعنى تجارتهم أكثرها قائمه بهذه الطريقة في معارضهم المخصصة لتجارة السيارات, فشركتهم ليست مقصورة على مجرد امتلاك السيارات بل من أجل بيعها للزبائن, وأريد أن أوضح لكم بأنه ليس أحد من هؤلاء مضاربا، وإنما يشاركون بعضهم بالمال والجهد، فمرة يشارك أحدهم الآخر، والآخر يشارك غيره وهذا يشارك هذا. . . وهكذا , فتبدأ عملية الشراء، ومن ثم الاشتراك، ومن ثم البيع في اليوم الواحد مرة أو أكثر. فما اسم هذه الشركة في الإسلام؟ وما حكمها؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى المذكورة أن هذه شركة ملك اختيارية، والمراد بقولنا: إذا كانت مقصورة على مجرد امتلاك السيارة، أن الشريكين لم يتفقا على أن يعمل أحدهما أو كلاهما على السيارة ويقتسما الربح بما يتفقان عليه، إذ تصبح هذه الشركة في هذه الحالة شركة عقد.
أما كون الشركاء يبيعون السيارة بعد امتلاكها، فهذا لا يخرج الشركة عن كونها شركة ملك، وقد ذكرنا ضوابط تصرف الشريكين في ملكهما في الفتوى المشار إليها، ولا حرج في أن يأخذ من يقوم ببيع السيارة أجراً معلوماً إذا كان بيع السيارة يحتاج إلى عمل وجهد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1430(12/2532)
اتفقا على اقتسام الربح فإذاعمل أحدهما منفردا فهل يحوزه كله
[السُّؤَالُ]
ـ[باسمك اللهم. دخلت بمفردي في موضوع وساطة، خرجت منه بمبلغ من المال، ولي صديق دائما ما نقتسم ما نرزق به بالنصف، ولكن لم يعلم بهذا الموضوع، واجتهدت فيه بمفردي ولحاجتي الشديدة للمال قررت الاستئثار بالمبلغ، ولكن ضميرى لم يرحنى فقررت أن أصلى استخارة وأمرت زوجتى بصلاة الاستخارة، فصلينا ونمنا. أما أنا فبعد أن نمت خلال دقائق رأيت شخصا يسرق جثة ميت ملفوفا بقطن وشاش وآثار دماء على رأسه الملفوفة، وهيئ لى أن الرجل الذي يحمل هذا الجثمان على كتفه ويسرع به قد سرقه، فاستنكرت هذا وقلت لماذا هذا؟ واستيقظت. أما زوجتى فرأت أن شخصا معه بسكويت ويضع لها قطعا صغيرة في كوب الشاي الخاص بها، والذي كان يطفو عليه قطع البسكويت الصغير الذى يتوسطه قطعة كبيرة فقالت له وهو يمسك بيده عدد أربع قطع بسكويت كفى نحن معنا، ولسنا بحاجة إلى المزيد، وقالت له اسال عن الطفل الصغير المريض (وهو ابن صديقي الذي ذكرته في البداية) وكانت أمه موجودة معه، علما بأن زوجتي سمعت تليفون المنزل يرن ولم ترد عليه، وهي شبه متأكدة من الرقم الذي رأته وأعلمتني بالرقم الذي رأته في المنام....انتهى
بالله عليكم أفيدوني بسرعه هل هذا الأمر يتعلق بحرمة ما اكتسبته؟ فأنا متعب الضمير. أرجوكم إجابتي بسرعة. أجيبوا الملهوف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس من اختصاص مركز الفتوى تعبير الأحلام، فيمكن أن تعرض ما رأيت على بعض المختصين في التعبير، ولتعلم أن الذي بينك وبين صديقك ينظر فيه، فإن كنتما تعاقدتما على اقتسام ما يحصله كل واحد منكما وكان عملكما هو الوساطة في أمور البيع والشراء السمسرة، فإن هذا يعتبر من شركة الوجوه أو الأبدان وهي مما اختلف في حكمه فمنعها بعض من أهل العلم وجوزها الأحناف والحنابلة، وقد استدل أصحاب الموسوعة الفقهية لجوازها بالبراءة الأصلية، وكون الحاجة داعية لها. وبناء على القول بجوازها فإنه يرجع إلى صيغة العقد فهل كان العقد على اقتسامكما ما تشتركان في عمله أو تقتسمان ما يحصله كل واحد منكما ولو عمله منفردا. فبناء على الاحتمال الأول فلا يلزم أن تقاسمه المبلغ الذي حصلته بمفردك. وبناء على الاحتمال الثاني فيلزم أن تقاسمه. وراجع الفتويين التاليتين: 25045، 72115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1430(12/2533)
صورة حل الشركة وفضها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستثمر أموالي فى شراء سيارة، أعمل بها أجرة، ووالدي ووالدتي معهم مبلغ من المال يريدون أن يستثمروه بدلاً من وضعه بالبنوك، فهل إذا أشركتهم معي فى السيارة مقابل أخذ نسبة من الربح مع اشتراطي أن تكون السيارة باسمي، وعند طلبهم أصل أموالهم أتعهد بإرحاعها لهم؛ لأن الأعمار بيد الله، فهل فى هذا حرام أو نوع من الربا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما إشراكهما في السيارة على أن تكون شركة بينكم فلا حرج فيه، لكن ضمان رأس المال لهما لا يجوز؛ لأن الغنم بالغرم، فإذا ربحت الشركة فلهما ما اتفق عليه من نسبة الربح، ومتى ما أردتم فض الشركة وحلها فلا حرج في ذلك، وتقوم مال الشركة (السيارة) ويعطى كل واحد من الشركاء نسبته في الشركة ثلثاً أو ربعاً ونحوه، سواء أكانت أقل من رأس ماله الأصلي أو أكثر إلا أن تتبرع لهما بشيء من مالك أو يتنازلا هما عن بعض مالهما، فلا حرج في ذلك، لكن صورة حل الشركة وفضها هي ما ذكرناه، ويجوز لك تسجيل السيارة باسمك إذا رضي الشركاء، كما يجوز لك أن تدفع إليهما قيمة أسهمها في تلك الشركة لتبقى جميعاً لك إن تراضيتم على ذلك..
وبناء عليه فالصورة المذكورة لا يشوبها إلا ضمان رأس المال لهما، فإن عدل ذلك جازت الشركة. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 19603.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(12/2534)
ما يلزم الشريك إذا اطلع على انحراف جنسي لشريكه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي مصلحة مع شاب "مسلم" في قلب لندن، فجأة اكتشفت من خلال بريده الالكتروني أنه انحرف جنسيا، وشاهدت ما يكفي من الدلالات. أسأل هل بإمكاني إخبار ذلك لأهله؟ وما هي نصيحتكم في التجارة التي تربط بيننا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد اطلعت على هذا الذي كان منه عن طريق التجسس على بريده فقد ارتكبت منكرا عظيما، فإن التجسس محرم، كما بينا ذلك في الفتويين رقم: 50628، 45258. ويجب عليك التوبة إلى الله منه.
أما إذا كان هذا قد ظهر لك عفوا دون قصد التجسس أو تتبع عوراته فلا حرج عليك.
وعلى كل حال فلا يجوز لك أن تخبر أهله، وعليك أن تستر عليه ما ظهر لك من خطيئته وزلله، وأن تبذل له الوعظ والنصيحة عسى الله أن يرزقه توبة على يديك يكتب لك بها الأجر والمثوبة.
فإن استجاب لك فهذا الذي يرتجى، أما إن ظهر لك أنه ما زال مقيما على إثمه، وعلمت أو غلب على ظنك أن أهله قادورن على منعه من هذا المنكر، فهنا يجب عليك أن تخبرهم، فإن هذا من إنكار المنكر وإنكاره واجب.
أما ما تشتركان فيه من أمر التجارة فلا حرج في ذلك طالما أنها فيما أباحه الله، ولم يكن فيها محرم ولا شبهة، على ما بيناه في الفتوى رقم: 106712.
مع الحرص أن يظهر له منك بغض لما هو عليه من المعصية وإنكار لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(12/2535)
التفاضل في أرباح الشركاء في شركة الأبدان
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جماعة نخرج إلى البادية بالسيارة لجمع أشياء مباحة ونبيعها بالسوق، وما جمعناه نقتسمه بيننا بالسوية، وصاحب السيارة يفرض علينا قسمة للسيارة كذلك. فهل هذه القسمة الخاصة بالسيارة جائزة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اشتراككم في الخروج إلى البادية وجمع الأشياء المباحة، يدخل في شركة الأبدان جاء في المغنى: وشركة الأبدان جائزة ... وإن اشتركوا فيما يكسبون من المباح الحطب والحشيش والثمار المأخوذ من الجبال.. فهذا جائز، وبهذا قال مالك، وقال أبو حنيفة لا يصح، وقال الشافعي: شركة الأبدان كلها فاسدة لأنها شركة على غير مال فلم تصح. انتهى.
وعلى القول بصحة شركة اكتساب المباحات والتي هي فرع عن شركة الأبدان، فإن العائد يقسم بين الشركاء بحسب ما اتفقوا عليه متساويا أو متفاضلا. فصاحب السيارة إذا اشترط زيادة على شركائه جاز.
جاء في المغنى: والربح في شركة الأبدان على ما اتفقوا عليه من مساواة أو تفاضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(12/2536)
الشريك لا يطالب إلا بما يطالب به شريكه عرفا
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي محل أنا وعمي، لكني أقعد بالمحل أكثر واحد، وكل هذا يحكون علي، وعندي أخ أصغر مني لكنه مثل عمي. إني أقعد بالمحل من الساعة 8 صباحا إلى 2 ظهرا، واستراحتي إلى 5، والباقي علي الساعة 10 ليلا فما ردكم على هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسائل لم يبين لنا هل هو شريك في المحل، أم أجير، فإذا كان أجيرا عند عمه فيلزمه العمل في كل المدة التي استؤجر عليها، وإن كان شريكا فلا يطالب إلا بما يطالب به شريكه الآخر عرفا، ما لم يحصل اتفاق بينهما على خلاف ذلك.
جاء في كشاف القناع: ويجب على كل واحد من الشريكين أن يتولى ما جرت العادة أن يتولاه من نشر الثوب وطيه وختم الكيس وإحرازه وقبض النقد لأن إطلاق الإذن يحمل على العرف، وهو يقتضي أن هذه الأمور يتولاها بنفسه. انتهى.
وإذا أوكل الشركاء العمل كله أو أكثره إلى واحد منهم استحق ربحا أكثر من غيره.
وراجع الفتوى رقم: 112396.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(12/2537)
حكم امتناع الشريك عن فسخ الشركة وبيع نصيب شريكه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي شريك في محل قطع غيار حصل نقص في البضاعة فطلبت منه أن نكملها فرفض وقال نقفل المحل فقمنا بغلقه أكثر من ست سنوات فعرضت عليه أن يأخذ مبلغا ويتركه أو يعطيني نفس المبلغ وأترك له ثمن الشهرة فقال لا أشتري ولا أبيع، طلبت منه أن نفتح المحل فقال ليس معي بل نتركه لأولادنا، لأنه لا أحد يعرف ما يخبئه الزمن، علما أننا ندفع الإيجار دون أي استفادة، وفي نفس المحل تليفون نقوم بدفع اشتراكه كل ثلاثة أشهر والمحل مغلق فعرضت عليه إلغاء الخط أو أخذه رفض، وقال دعه فإن ثمنه يمكن أن يزيد، فما رأي علماء الدين فيمن يتحمل دفع الإيجار واشتراك التليفون المتسبب أم أنا وهو علما أني عملت له جلسات عرفية كثيرة وموقفه ثابت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتعلم السائلة أن لها الحق في فسخ الشركة وبيع نصيبها للشريك أو غيره، ولا سلطان للشريك في منعها من ذلك إذا لم يرد هو الشراء لأن الشركة من العقود الجائزة لا اللازمة، ولها أن ترفع أمرها إلى القضاء إن عجزت بدونه، وإذا كان بقاء الأمر على ما هو عليه قهرا عنها فالشريك المذكور في حكم الغاصب، فأجرة ما يستأجر من محل وتلفون بعد طلب الشريك فسخ الشركة وامتناع الشريك الآخر لغير مسوغ يتحملها الممتنع بينما يشتركان في ذلك قبل طلب الفسخ، وكذلك يشتركان إن كانت مدة إجارة المحل والتلفون سارية، فالشريك في أعمال التجارة في العين المشتركة وكيل عن شريكه، فإذا فسخ الشركة انتهت الوكالة تبعا.
جاء في قواعد ابن رجب: ومنها الشركة إذا فسخ أحدهما عقدها بالقول انفسخت، وإن قال الآخر عزلتك انعزل المعزول وحده ذكره القاضي، وينفسخ مع كون المال عروضا أو ناضا وحكى صاحب التلخيص رواية أخرى لا ينعزل حتى ينض المال كالمضارب، قال وهو المذهب، وفرق بأن الشريك وكيل والربح يدخل تبعا بخلاف حق المضارب فإنه أصلي ولا يدخل بدون البيع. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1430(12/2538)
هل للشريك الذي لم يدفع حصته نصيب من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قمت بإقناع شخصين بمشاركتي بقطعة أرض ومن ثم قاما بدفع ثمنها وأنا لم أشارك بدفع أي ثمن من دون علمهما ومن ثم تم بيع هذه الأرض بربح بلغ ثلاثة أضعاف رأس المال, فما حكم نصيبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشركة تقتضي أن يدفع كل من الشريكين أو الشركاء مالاً على أن يكون الربح بينهم، وإذا حصلت خسارة تكون تابعة لرأس المال، ومن شروط رأس مال الشركة أن يكون حاضراً فلا يمكن أن يكون ديناً أو غائباً.
وبناء على هذا فلا نرى أنك تستحق شيئاً من الربح الحاصل من بيع الأرض المذكورة، لأن الربح تابع لرأس المال المدفوع، ولم تشارك فيه فلا حق لك في ربحه، وأخذك شيئاً من ربحه هو من باب أكل أموال الناس بالباطل، وقد حرمه الله تعالى، فقال: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ.. {البقرة:188} ، اللهم إلا أن يكون قصدك السؤال عما إذا كان لك أجرة عما حصل من الشراء والبيع للأرض إذا كنت أنت الذي قمت بذلك أو ببعض ذلك، فالجواب حينئذ أن أهل العلم قد اختلفوا في هذه المسألة، والأوجه أن يكون لك أجرة المثل إن كنت معروفاً بالقيام بمثل هذا العمل، وإن لا يكون لك شيء إن لم تكن معروفاً بذلك، وراجع في هذا الفتوى رقم: 114541، وللأهمية راجع في ذلك الفتوى رقم: 66302.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1430(12/2539)
نية الأخ إشراك إخوته في جميع ما يملك غير واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي إخوة وكنت في بداية حياتي أصرف عليهم وهم صغار وربيتهم حتى كبروا ودرسوا وتخرجوا من الجامعة وتوظفوا وزوجتهم وشريت لهم سيارات وطيلة هذه المدة لم أبخل عليهم بشيء فقد تكفلت بهم وشقيت ليلا نهارا فانا متسبب ولم أتعلم بالرغم من أن أبي كان حيا إلا أني تكفلت بهم لأن أبي كان في القصيم وأنا انتقلت من صغري للعمل بالرياض ونقلتهم معي هم ووالدتي طبعا هم استقروا في حياتهم وأنا نويت في ذلك الوقت عندما كانوا في أول شبابهم يدرسون وأنا متكفل بهم أن أجعلهم شركاء لي في كل ما أحصل عليه وفعلا كان معهم مفتاح للخزينة يسحبون من أموالي دون أن أحاسبهم متى ما أرادوا مالا أخذوا دون إذن ولما زوجتهم هم استقلوا ببيوتهم وتوظفوا وأصبح لهم دخل بينما أنا كنت متسببا ومرت علي بعدهم ظروف حيث لا أجد أياما وشهورا ما أنفق به على أبنائي حتى أني أخذت الزكاة من الناس من حاجة وفاقة أصابتني وهم هداهم الله لم يساعدوني رغم ما يعلمونه من حالي وهم يستلمون رواتب شهرية عالية وبعدها فرجها الله علي وبدأت الآن في مشروع ونيتي أنهم باقون شركاء لي فيما أحصل عليه رغم أنهم لم يساهموا بالمشروع ولا يساعدوني فيه بل أشقى عليه أنا وأبنائي وذلك لأني نويت نية قديمة عندما كانوا عندي أنهم شركاء لي في كل ما أملك وهذا لم يرض أبنائي لأن إخوتي لم يساهموا معي في المشروع ولم يعملوا معي ويقولون نحن نعمل معك ونشقى ونحن أولى خاصة أني مقصر معهم فلم أشتر لهم سيارات ولا جوالات مثل ما يملك أبناء عمومتهم ويقولون بأي حق يشاركونك وهم لم يدفعوا معك وأنا أحتج بنيتي القديمة فهل ما أنا عليه صحيح أم نيتي باطلة لأن فيه ظلما لأبنائي، هل أتمسك بنيتي وشراكتهم أم ألغيها أو هل أتمم نيتي بشرط أن يساهموا بالمشروع ماذا أعمل جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله للأخ السائل هذه الروح الطيبة التي تعامل بها مع إخوانه حيث أنفق عليهم وأحسن إليهم حين كانوا صغارا محتاجين، ووصلهم حين قطعوه وقصروا في حقه فلم يقابلوا الإحسان بالإحسان.
وأما موضوع نيته إشراكهم في كل ما يملك فهذه النية غير لازمة، وإذا تعارض موجبها مع حقوق أولاده فيلزم الانصراف عنها وإعطاء أولاده حقوقهم والإنفاق عليهم بما تقوم به حياتهم وتسد به حاجاتهم، فإن قصر في ذلك مع قدرته فهو آثم، وفي الحديث: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول. رواه البخاري.
ومعنى عن ظهر غنى: أي فاضلا عن نفقة العيال، ومعنى تعول: تجب عليك نفقتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1430(12/2540)
حكم مشاركة من يودع راتبه في البنك الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أريد أن فتح مطعما ذا طراز عال ومكلف مع شريك لكني علمت أنه سوف يسحب المال الذي يحتاجه للدخول معي في الشراكة من بنك ربوي علما أنه يشتغل في شركة مرموقة جدا ومركزه عال وراتبه عال أيضا لذا أغلب أمواله من هذا الراتب الذي يضعه في البنك بعد استلامه. فهل يجوز أن أشاركه. علما أني أيضا سوف أسحب مالي الذي أحتاجه لكن من البنك الإسلامي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صديقك يودع راتبه في البنك الربوي ويأخذ على ذلك فوائد ربوية فحكم صديقك حكم صاحب المال المختلط؛ ومشاركة صاحب المال المختلط مكروهة لا محرمة.
قال البهوتي في كشاف القناع: وتكره معاملة من في ماله حلال وحرام يُجهل. انتهى.
وعليك أن تنصح صديقك بترك آكل الربا وتبين له ما ورد من الوعيد الشديد في أكل الربا وأنه من الكبائر المتفق على تحريمها، كما أنه سبب لمحق البركة.
أما إذا كان صديقك يودع راتبه في البنك الربوي في الحساب الجاري فلا حرج في مشاركته، علماً بأنه لا يجوز إيداع الأموال في البنوك الربوية ولو في الحساب الجاري لأن في ذلك إعانة وتقوية لها.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 17220، 27917، 65355.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1429(12/2541)
حول ضوابط الشراكة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤلى يوجد به عدة حالات: أبدأ بأنني اشتركت مع الوالد في تأسيس شركة مقاولات ذات مسؤولية محدودة بنظام الاستثمار الأجنبي بالمملكة العربية السعودية وأنا لا أملك رأس المال بالأساس، وقمت بذلك لمساعدته بالحصول على تصريح الاستثمار من الهيئة العامة للاستثمار وحتى الآن لم يستخرج سجلا تجاريا من وزارة التجارة لمزاولة النشاط, مع العلم بأن مدة التصريح من هيئة الاستثمار قد انتهت ومدتها عام ويجب تجديدها (عند التجديد يرفق صورة من السجل التجاري وكما تعلمون لا يوجد سجل) ، ولم يتم إيداع المبلغ الخاص بالشركة وقيمته خمسمائة ألف ريال بالبنك من أجل ذلك لم يستطع أخذ شهادة بالرصيد من البنك موجه لوزارة التجارة لاستخراج السجل التجاري.. وهو الآن يريد أن يودع المبلغ ويستخرج السجل ويطالبني بالمبلغ المشترك معه وهو 20% (100000 ريال) وهو يعلم بأنني لا أملكه أو أكتب بورقة على أنه دين أسدده من الأرباح الخاصة بنصيبي.
سؤالي: أريد أن أنسحب من الشركة ما هي الالتزمات والترتيبات الواجبة اتباعها حتى لا أتعرض لأي مساءلات حقوقية قبل أن يستخرج السجل التجاري ويزاول النشاط، وسؤالي الثاني: نفس السؤال الأول ولكن بحالة استخراج السجل وقبل أن يزاول النشاط، وهل يجوز قانونياُ أن أطالب ببيع أسهمي للوالد ومطالبته بالمبلغ عند الانفصال (بيع حصصي للشريك) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك ابتداءً إلى أن موقعنا خاص بالفتاوى الشرعية لا المسائل القانونية، ثم الواجب على المسلم أن يبحث عن الحكم الشرعي في عباداته ومعاملاته، ثم لا حرج بعد ذلك أن يسأل عن الأوضاع القانونية لكي يتجنب ما قد يصيبه من أضرار.
أما بالنسبة للحكم الشرعي فيما تسأل عنه، فمن أحكام الشركة أن يكون رأس المال فيها عيناً لا ديناً فلا تجوز الشركة إلا بمال حاضر.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن يكون رأس مال الشركة مجهولا، ولا جزافا ... ولا يجوز بمال غائب، ولا دين، لأنه لا يمكن التصرف فيه في الحال، وهو مقصود الشركة. انتهى.
كما أن الشركة من العقود الجائزة فيجوز لأي من الطرفين فسخها، قال ابن قدامة في المغني: والشركة من العقود الجائزة، تبطل بموت أحد الشريكين، وجنونه، والحجر عليه للسفه، وبالفسخ من أحدهما لأنها عقد جائز، فبطلت بذلك. انتهى.
وإذا تراضى الطرفان على فسخ الشركة وأن يشتري أحدهما نصيب الآخر فلا حرج في ذلك إذا توفرت شروط البيع ... ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 47193، 57571، 75309.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(12/2542)
حكم كون رأس مال أحد الشريكين عقارا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريدالفتوى الشرعية حول السؤال:2194341. والنسبة المئوية الصحيحة التي على كل من الشريكين أخذها مع العلم أن الشريك الآخر الذي يمتلك العقار (المكتب) , يضع قسما من أرباحه في رأس مال المكتب ولم يكن قد وضع أي مبلغ كرأس مال في بداية العمل أي العمل بالكامل ورأس المال المبدئي من زوجي والمكتب في البداية كعقار من الشريك والقسمة مناصفة والتعب ومسؤولية العمل كاملة يتحملها زوجي والأيام تمر وهذا تعب زوجي يناصفه مع الغير لأنه ربما لا يحب مواجهته فعلاقتهم جيدة وزوجي يشعر بالغبن والظلم ولكن لايتكلم وللشريك عدة أعمال اخرى يعمل بها منفردا تدر عليه أرباحا، علاقتي وزوجي تسوء بسبب الخلاف على هذا الموضوع بسبب شعوري أن زوجي لايحافظ على النعمة فالتعب كثير والمال يقسم مناصفة منذ خمس سنين بسبب اتفاق انا أحترمه ولكن ليس معنى هذا أن ندفع ثمنه طول العمر.
جزاكم الله كل الخير وسأطلع زوجي على الجواب كما هو عسى أن يرى كلانا فيه الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة المذكورة غير صحيحة ويجب فسخها وإنشاء شركة شرعية، وسبب فساد هذه الشركة أن رأس مال أحد الشريكين عرض (عقار) ، ورأس المال في هذا النوع من الشركة يجب أن يكون نقدا، أو عرضا يقوم بالنقد عند عقد الشركة، وهذا غير موجود في الصورة المعروضة، وإنما سلم صاحب العقار عقاره إلى الآخر الذي يملك رأس المال مقابل جزء من أرباح عمله في ماله هو، وإذا كانت الشركة فاسدة فعلى الشريكين فسخها، ولصاحب العقار على الآخر أجرة العقار.
وبالنسبة للمبلغ الذي يضعهُ صاحب العقار في رأس المال فأرباحه له وللآخر عليه أجرة مثلة لعمله في رأس ماله، وإذا أرادا إنشاء شركة صحيحة بعد فسخ الفاسدة فيكون رأس المال منهما أو من أحدهما ولا مانع أن يكون العمل منهما أو من أحدهما، وأما العقار فيستأجر من صاحبه من رأس مال الشركة.
وأما ما أشارت إليه السائلة واعتراضها فلا تأثير له في صحة الشركة لأنه يجوز التفاوت في الربح حسب الشرط، وإن تفاوت رأس المال والعمل من الشريكين فلا وجه لمعاتبة زوجها ولا مبرر لأن تسوء العلاقة بينهما لهذا السبب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(12/2543)
لا حرج على الشركاء في الإذن بالتصرف بنصيبهم
[السُّؤَالُ]
ـ[عند أعمامي وأبي حوالي سبعة عشر دونما مشتركة مزروعة بأشجار الزيتون وأعمامي ليس عندهم الوقت الكافي لقطف الزيتون أما والدي ووالدتي فإنهم يذهبون لقطف الزيتون، وعلى حد قول أبي وأمي إنهم يقطفون حصتهم فقط من الزيتون وأيضا حسب قولهم أن أعمامي سمحوا لمن يريد القطف أن يذهب ويقطف وفي نفس الوقت لا يحبوا أن أعمامي يعلموا بأنهم ذهبوا لقطف الزيتون، والآن أمي تكبس الزيتون وتعطينا ما هو حكمه، هل آخذ منه أم ماذا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركاء في شركة الملك يعتبر كل واحد منهم كالأجنبي في نصيب شريكه لأن هذه الشركة لا تتضمن وكالة ما، كما لا ينتفع الشريك في المشترك بغير إذن الشركاء الآخرين، فكل جزء في المال المشترك مهما دق وصغر مشتركاً بينهم.
والأذن يعرف بالنطق تارة وبالعرف تارة أخرى، وإذا حصل أحدهما جاز تناول المأذون فيه والتصرف فيه على الوجه الشرعي، وإذا أذن الشريك لشريكه في شركة الملك بالانتفاع في المشترك وأخذ حصته منه فهو أمين فليتق الله في أمانته.
وعليه؛ فإذا كان والدا السائلة يأخذان نصيبهما من الزيتون أو يأخذان ما أذن لهما في أخذه فلا حرج في معاملتهما فيه بالهدية والهبة ونحوهما، والأصل قبول قول الأمين وتصديقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1429(12/2544)
حقيقة الشركة وأنواع الشركات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بعقد شراكة وما هي شروطه وما هي بنوده وما الداعي لإلغاء العقد؟
المرجو الإجابة على هذه الأسئلة وبأسرع وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة في اللغة تطلق على الخلطة، والعقد الذي يتم بسببه خلط المالين حقيقة أو حكما يسمى شركة، وأما معنى الشركة شرعا فتختلف مدلولاته باختلاف نوع الشركة حيث تتنوع الشركة إلى شركة أملاك وعقود وشركة العقود تتنوع إلى شركة أموال وأبدان ووجوه، وهذه الشركات تتنوع إلى شركة مفاوضة وعنان. وهناك شروط عامة للشركة، وشروط خاصة لكل شركة، ولا يسع مجال الفتوى لذكر ذلك، ومكانه كتب أهل العلم، والكتب الخاصة في الشركة. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 16093، 25045، 72115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(12/2545)
كيف يتم احتساب نصيب كل شريك عند فض الشراكة
[السُّؤَالُ]
ـ[فتحت مشروعا بشراكة أحد الأشخاص بمبلغ 60000 بالمناصفة وكانت الأرباح نأخذ منها القليل وبالتساوي والباقي يتم دعم المشروع به والتوسع وبعد مدة تقارب ال3 سنوات حصل اختلاف بيننا وقررنا الانفصال ولكن ما هي الآلية التي يتم حساب نصيب كل واحد بحيث يأخذ المشروع أنا أو هو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن احتساب نصيب كل واحد يرجع فيه إلى ما تم الاتفاق عليه بينكما، فإذا كان لكل منكما نصف رأس مال الشركة -كما يظهر من كلامك- واتفقتما على اقتسام الأرباح مناصفة بينكما فلكل منكما نصف الشركة، فإذا أراد أحدكما أن يبيع نصيبه لشريكه فلا بد من جرد ما لدى الشركة وتسديد الديون التي عليها واستيفاء الديون التي لها، ثم يتم احتساب أموال الشركة وقيمة موجوداتها من عقار أو عروض ويكون لكل منكما النصف من ذلك، فإن أمكن تقسيم الشركة فإنها تقسم بينكما، وإن اتفقتما أن يشتري أحدكما نصيب الآخر فلا حرج في ذلك، وإن اختلفتما وكان لا يمكن تقسيم الشركة وأراد كل واحد شراء نصيب الآخر فلا يجبر الممتنع على البيع لصاحبه، جاء في درر الحكام: ليس لأحد الشريكين أن يجبر الشريك الآخر بقوله له: بعني حصتك أو اشتر حصتي أو أجرني حصتك أو استأجر حصتي أو فلنبع ملكنا لآخر معا، أو فلنؤجره لآخر معا، وليس له أن يراجع القاضي ويطلب ذلك ; لأن الرضاء شرط في هذه التصرفات، ... إلى أن يقول: فله التهايؤ أي إذا لم يتفق الشريكان على التصرف. اهـ.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 2302، 34140، 95935، 114044، 105348.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(12/2546)
يجوز له أخذ أجر معلوم على الجزء الذي يملكه مقابل قيام أخيه ببيع بضاعته
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: زوجي يعمل في محل لصيانة وبيع أجهزة الكمبيوتر وملحقاتها وهذا المحل أعطاه أبوه له ولأخيه يعني هم شركاء في العقار، قام أخو زوجي بإكساء المحل وأحضر البضاعة اللازمة من أجهزة وملحقاتها يعني أخو زوجي دفع رأس مال المحل ودفع معه أناس آخرون (زوجة أخيه- عمته- طالب- وأشخاص آخرون لا أعلم من هم) فهم شركاء مع أخي زوجي في رأس مال المحل وزوجي يعمل من الساعة التاسعة صباحا إلى الحادية عشر ليلا في الصيانة والبيع ومعه عامل قد علمه زوجي الصيانة ليساعده وأخوه يسافر ويشتغل في مكان آخر وهو يدرس العلوم الشرعية وإن كان أحيانا يبقى مع زوجي في المحل ويعمل في البيع فقط فهو لا يعلم عن الصيانة شيئا فقط يجري الحساب آخر الشهر ولا يسمح لزوجي بتسلم الحسابات، في البداية أي قبل أن نتزوج كان زوجي لا يأخذ شيئا من المحل بل شيء لا يذكر وأخوه كان يأخذ ما ينتجه المحل ويترك بعض المال لتطوير المحل (أي جلب بضاعة أكثر) وعندما تزوجنا قال له أخوه باعتبار أنا صاحب رأس المال فأخذ 60% من صافي أرباح المحل وأنت سأعطيك 40% من صافي الأرباح، مع العلم بأنه كان يعطي شركاءه في رأس المال من الأرباح ولا أعلم على ماذا اتفق معهم ويعطي العامل راتبه ومن ثم يقتسم صافي الربح بينه وبين أخيه هو 60% وزوجي 40% فهل من المعقول الذي لا يعمل يأخذ أكثر من الذي يعمل ويجتهد، مع العلم بأن زوجي قام بإشهار المحل بصبره على طبائع الناس وبجهده وذهابه إلى بيوت الناس لإصلاح أجهزتهم مجانا وكان إذا تغيب زوجي لأداء العمرة وجلس أخوه مكانه كان يخصم له وأخو زوجي لم يجلس في المحل إلا فترة بسيطة وكان يسحب من المحل كما يشاء لأنه صاحب رأس المال وقد سافر أخو زوجي للسعودية وبقي فيها قرابة السنة في ذلك الوقت لم نكن نأخذ من المحل سوى طعامنا وشرابنا بل في غيابه دفع له زوجي مبلغا ماليا ليتم له ثمن سيارته وصرف على أسرته ولم ينقص عليهم شيء ومع ذلك عند عودته لم يجر أي حسابات بل اعتبر المبلغ الذي جمعه زوجي ملكا له ولم يعط زوجي شيئا تضايق زوجي وقرر ترك العمل لكن أخاه أخبر والده أن زوجي يريد أن يترك العمل من غير سبب وتكلم كلاما كثيرا فقال والد زوجي لزوجي سأغضب عليك إن تركت العمل مع أخيك الكبير ولله الحمد زوجي مطيع ومرضي وافق على البقاء في العمل وقال عند الله لا يضيع شيء ولكنه يريد أن يعلم هل يحق لأخيه أن يأخذ 60% من صافي الأرباح أي يعطي الذين يشغلون أموالهم حصتهم ومن ثم يأخذ 60% من صافي الأرباح وإن كان غير ذلك ماذا يحق له باعتباره الآن لا يجلس في المحل مطلقا فهو يعمل عملا آخر وزوجي لا يعمل إلا في المحل فزوجي يريد أن يعرف حقه الشرعي، فأفتونا جزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن يشترك شخصان في شركة واحد ببدنه وواحد بماله ويقتسما الربح على ما شرطا، جاء في المغني: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما أو بدنان بمال غيرهما أو بدن ومال تساوى المال أو اختلف فكل ذلك جائز. انتهى.
وجاء فيه أيضاً: والربح على ما اصطلحا عليه يعني في جميع أقسام الشركة. انتهى.
وعليه.. فلا حرج في اشتراط صاحب رأس المال 60 أو أكثر أو أقل، ويكون حق العامل هو ما رضيه واصطلح عليه مع صاحب رأس المال فقط، لأن الله تعالى بقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29} .
وفي موضوع السؤال ينظر إذا كان والد الشريكين ملّكهما المحل فإنه يحق لزوج السائلة أن يأخذ أجرا معلوماً على الجزء الذي يملكه مقابل قيام أخيه ببيع بضاعته، فيه فيكون حق زوج السائلة نسبته من الأرباح مع إيجار ما يملكه من المحل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(12/2547)
فسخ الشركة وبيع الحصة للشريك بالتقسيط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنشأت وشريك محلا لبيع أدوات المعلوميات ولأن شريكي لم تكن له قدرة على ذلك فقد أخذت على عاتقي قرضا بنكيا على أساس أن أدفع من مداخيل المحل القسط الشهري للبنك.
تبت إلى الله فانسحبت من هذا المحل وبعت نصيبي للشريك مقسطا بعدد الأشهر وبنفس المبلغ الذي حدده البنك فهل المال الذي أتوصل به شهريا حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يقبل توبتك، وأن يعفو ما أقدمت عليه من معصية الإقراض إذا كان قرضا بفائدة كما هو شأن البنوك الربوية إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أما بخصوص ما فهمناه من سؤالك لأن فيه غموضا فلا نرى حرجا في فسخك الشركة مع الشريك لأن عقد الشركة من العقود الجائزة التي يمكن لأحد الطرفين فيه الانفراد بالفسخ، كما لا نرى حرجا في بيع نصيبك على شريكك مقسطا بمبلغ تتفقان عليه لأن عقد البيع مبني على التراضي، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ {النساء:29}
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15544، 16659، 70829، 47718.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1429(12/2548)
حكم الشركة إذا لم يدفع أحد الشريكين حصته عند العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت أنا وصديق لي على الشراكة مناصفة في مشروع محل دهانات وديكورات، وعندما رأيت تعسر المال في يده تلك الفترة قلت له أدفع أنا من سهمي حتى ينتهي المبلغ الذي أنوي المشاركة به (مع ملاحظة عدم تحديد قيمة كل سهم عند بداية المشروع وذلك لجهلنا بالتكاليف التي ستترتب علينا) ثم بعد ذلك يبدأ هو بدفع مبلغ مماثل وبعد ذلك نحول المصاريف من الأرباح.
وكان هو يدير المحل ويستلم المبيعات؛ وبعد فترة استلمت أنا وتبين لي أن عليه نقصا في المال مما يدل على أنه لم يدفع سهمه كاملا حتى تلك اللحظة- لم يدفع سوى ربع القيمة – وأنه يستخدم المبيعات لدفع المصاريف ويتاجر بها بالبورصة، ولدى مطالبتي له بالمبلغ بسبب ما يواجهه المحل من ضائقة اعترف لي بعدم قدرته حالياعلى السداد لأنه كان يعمل بالبورصة وتعرض لخسارة فادحة واكتشفت عدم صحة موضوع عسرة المال سابقا لأنه كان يتاجر بأموال كبيرة جدا بالبورصة وقت الشراكة.
سؤالي: هل كانت شراكتنا صحيحة شرعا مستوفية للشروط؟ وما هو الحكم الشرعي في الوضع الحالي؟ وإذا أردت فسخ الشراكة فما هو التفصيل في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط شركة الأموال أن يكون رأس المال فيها نقدا حاضرا غير غائب.
جاء في الموسوعة الفقهية: شروط خاصة لشركة الأموال مطلقا أي سواء كانت شركة مفاوضه أم شركة عنان الشرط الأول: أن يكون رأس المال عينا لا دينا. اشترط الحنفية أن يكون رأس المال حاضرا.
قال الكاساني: إنما يشترط الحضور عند الشراء لا عند العقد فالذي يدفع ألفا إلى آخر على أن يضم إليها مثلها ويتجر ويكون الربح بينهما يكون عاقد عقد شركة صحيحة ... واشترط الحنابلة حضور المالين عند العقد.
وعليه فلا تصح الشركة المذكورة لغياب مال الشريك الثاني عند العقد وعند مباشرة العمل، وإذا فسدت هذه الشركة يسترد كل واحد منهما رأس ماله، وتقسمان الربح على قدر ذلك، ويتحملان الخسارة إن وجدت على قدر ذلك أيضا.
جاء في فتح القدير: وكل شركة فاسدة فالربح فيها على قدر رأس المال كألف لأحدهما مع ألفين للآخر، فالربح بينهما أثلاثا وإن كان شرطا الربح بينهما نصفين بطل ذلك الشرط لأن الربح في وجوده تابع للمال وإنما طاب على التفاضل بالتسمية في العقد وقد بطلت ببطلان العقد فيبقى الاستحقاق على قدر رأس المال لمولد له. اهـ ولا أجرة لأحدهما على الآخر. قال صاحب بدائع الصنائع: ولا أجر لأحدهما على صاحبه عندنا. اهـ
وذهب آخرون إلى أنه في حال فساد الشركة يكون الربح على قدر المال، وللشريك العامل من نصيب شريكه أجرة المثل على عمله.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 70128.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1429(12/2549)
حكم الشركة إذا اكتسب أحد الشركاء ماله من الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي كان يعمل في كازينو لتقديم الخمور والمأكولات والمشروبات لكن نسبة الخمور تقريبا 75% من دخل المحل ودخله بعد فترة هداه الله فقرر ترك العمل والبحث عن عمل حلال لكنه جلس في المنزل قرابة السنة والنصف ومعه من المال الحرام تقريبا 13ألف جنيه فقرر فتح مشروع تجاري بناء علي فتوى بأنه مضطر وبعد ذلك يتخلص من رأس المال وبالفعل اشترى محل إيجار جديد 5 سنوات شاركته أنا وأبي بمال حلال تقريبا 4 آلاف جنيه وبدأ المحل في الربح وبعد فترة بدأنا في التخلص من رأس المال بجدول ثابت وبعدما كثر الربح فكرنا في شراء محل تمليك بمساعدة صديق أبي أخي الثلث وأنا وأبي الثلث وصديق أبي الثلث وذات يوم سمعت بعض المشايخ يقول لا بد أن نتخلص من رأس المال + الربح فخفت خوفا شديدا علينا فحاولت البحث عن مخرج بأي حال فقررت شراء نصيب أخي من محل الإيجار جديد فاستلفت مالا من العمل وقمت ببيع ذهب زوجتي وجمعت نصيب أخي واشتريته وأخذ أخي مني المال وأنفقه في مصلحة المسلمين وجعلته يشتغل عندي كأجير.
السؤال الآن: 1- هل برئت ذمتي أمام الله وما حكم هذا البيع؟ وهل هنا شبه في مالي خاصة أن أصله حلال ولو فيه شبه ماذا أفعل؟
2- بالنسبة لأخي يعمل عندي أجير وأعطيه أكثر من نصف الربح حتى يتخلص بمقدار نصيبه من محل التمليك أيضا لأنه شريك معي الآن هل على أخي ذنب.
3-هل ظروف أخي تجعله في حكم المضطر أريد الرد بالأدلة الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال في عدة نقاط:
الأولى: العمل في الكازينو الذي يقدم الخمور حرام شرعا والعامل فيه مستحق للوعيد الوارد في الحديث: لعن الله الخمر.... وحاملها.
الثانية: الأجرة المكتسبة من العمل في هذا المكان أجرة محرمة.
الثالثة: من تاب من هذا العمل ومعه شيء من هذه الأجرة يجب عليه التخلص منه في وجوه البر، ويجوز له إن كان فقيرا أن يأخذ منها بقدر حاجته كما يجوز أن يدفع إليه ما يجعله رأس مال في عمل مباح، وانظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية بهذا الخصوص في الفتوى رقم: 69047.
الرابعة: في حال لم يكن التائب فقيرا ولا محتاجا وعمل بهذه الأجرة المحرمة ونتج عن ذلك أرباح فالأرباح حلال عليه لأنها تابعة للجهد كما هو الراجح عندنا، وذهب آخرون إلى أنها تابعه لرأس المال فيتخلص منها كذلك وهذا فيه تنفير من التوبة وتشديد على التائبين.
الخامسة: مشاركة هذا الشخص في شركة لا مانع منه لأن الحرمة في مثل هذا المال تتعلق بذمة الشخص لا بعين المال، وعليه فيلزم أخاك أن يتخلص مما تحصل عنده من أجرة العمل المحرم إذا لم يكن محتاجا إليها، أما إذا كان محتاجا فيحق له من أن يأخذ من ذلك المال ما يزيل به حاجته ويتخلص مما سواها، أما أنتم أيها الشركاء فلا شيء عليكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(12/2550)
حكم عقد شراكة دون علم رب المال والربح الناتج عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاه مبلغ 250 ألف دولار ليتاجر له به، فوضع فوق المبلغ 50 ألف دولار، واشترى بكامل المبلغ ثلاث قطع أرض، كل واحدة ب 100ألف، وحدد في نفسه أنه شريك في القطعة الأكثر ربحا بعد بيعها دون علم صاحب المال، فهل يجوز له ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة بين هذين الشخصين تسمى مضاربة حيث إن رب المال مضارب مشارك بماله والآخر عامل مشارك بجهده، ولكل منهما ما اتفقا عليه من نسبة مشاعة من الربح، ولا يجوز عقد الشركة بين طرفين إلا بتراضيهما معا لأن عقود البيع مبنية على التراضي، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29} .
وبناء على هذا؛ فما قام به هذا العامل من عقد الشركة دون علم رب المال باطل، فما حصل من ربح يقسم حسب العقد الأول الذي هو عقد المضاربة المتفق عليه بينهما دون زيادة، وللعامل فقط استرداد ما دفع من المال وهو مبلغ الخمسين ألف مع زائد نسبته من الربح المتفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1429(12/2551)
حقوق الشركاء عند الانسحاب من شركة الأعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أربعة شركاء في شركة متخصصة في مجالين هما توريد وتسويق المواد الصحية والتركيبات الصحية كذلك، السؤال هو:
اثنان من الشركاء يريدان الانسحاب من الشركة، علماً بأن الشركة لها مخزون لم يتم بيعه ومشاريع لم تنته والشركة لها ميزانيات سابقة تبين الحقوق المالية لكل شريك عن السنوات السابقة، كيف يتم تسوية المشاريع التي لم يتم الإنتهاء منها أثناء انسحاب الشركاء وهل يحق لمن يريد الانسحاب من الشركة أخذ أرباح عن المخزون الذي لم يتم بيعه وما هو وضعهما في المشاريع التي جزء منها مازال تحت العمل لم تستكمل وجزء منها لم تستلم الشركة حقوقها المالية فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقد الشركة يعتبر جائزا غير لازم بمعنى أن للشريك فض الشراكة في أي وقت وهذا هو مذهب الجمهور، وذهب آخرون كالمالكية إلى أن عقد الشركة عقد لازم ويستمر للزوم إلى أن ينض المال- يصير نقدا- أو يتم العمل الذي تُقُبل.
جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير:
ولزمت أي الشركة بما يدل عرفا.. فلو أراد أحدهما المفاصلة قبل الخلط وامتنع الآخر في القول للممتنع حتى ينض المال بعد العمل. اهـ.
ونحن نرى الأخذ بمذهب المالكية منعا للنزاع ودفعا للضرر اللاحق بالشركاء لاسيما شركة تقبل الأعمال
وإذا عمل برأي من يرى جواز فسخ الشركة قبل نضوض المال أو الانتهاء من العمل وكان رأس المال عروضا فإن للشركاء أن يفعلو فيه ما يرونه من قسمته أو بيعه وقسمة ثمنه وبالنسبة للأعمال التي تقبلتها الشركة وانتهت منها فأرباحها بين الشركاء حسب الشرط، وأما الأعمال التي بدأت فيها ولم تنته منها بعد فيقدر نصيب الشريك المنسحب من الشركة وقت انسحابه ويعطى هذا القدر عند استلام الشركة للأجرة
وليعلم أن انفصال الشريك من شركة الأعمال لا يسقط عنه المطالب بالعمل وضمانه من قبل من ينفذ العمل لمصلحته.
كما جاء في منح الجليل: ولزمه ما يقبله صاحبه وضمان وإن انفصلا فالضمان ولزوم العمل قائم وإن انفسخت الشركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(12/2552)
حكم المشاركة في سيارة مشتراة بقرض ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[شاركت أخي بالربع في حافلة اشتراها بالقرض الربوي، علماً بأنني أعطيته ثمن هذا الربع وبقي منه قليل واتفقنا أن يأخذ هذا المبلغ من حصتي، أريد أن أعرف هل ما فعلته حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على أخيك أن يتوب من القرض الربوي، ويجب عليك أن تنصحه بالتوبة من هذه الكبيرة، وإذا كان في تعجيل تسديد القرض الربوي مصلحة إسقاط الفوائد عنه فليبادر إلى ذلك حسب الإمكان ... ومن اقترض بالربا فإن الإثم يتعلق بذمته ويصبح القرض أو ما اشتراه بالقرض ملكاً له، فلا حرج على أخيك في الانتفاع بهذه الحافلة ويجوز لك أن تشاركه، فإذا اتفقتما على أن يبيع لك ربع الحافلة مقابل مبلغ معلوم واتفقتما على طريقة سداده فلا حرج في ذلك، وتكون هذه الحافلة ملكاً لكما فما نتج عنها من ربح تقتسماه بما تتفقان عليه، ولا حرج عليك في سداد باقي الثمن من نصيبك من الأرباح، ونسأل الله عز وجل أن يتوب على أخيك وأن يغنيكما بحلاله عن حرامه، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16659، 25156، 79471، 97703، 99553.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(12/2553)
ضوابط جواز الاستثمار في الشركات
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول شرعية العمل في الاستثمار عبر الإنترنت السؤال:
1- الشركة تدعى الصندوق العالمي أو الأموال الوطنية وموقعها في فرنسا- موناكو
2- تعمل الشركة في مجال استثمار النفط والعقارات والزراعة والتكنولوجيا وليس لديها أي نشاط في الأعمال غير المباحة.
3- أساس عملها على بيع الأسهم الحد الأدنى سهم واحد والحد الأقصى 500 سهم قيمة السهم 1000 يورو.
4- نظام الأرباح على الشكل التالي ومدة العقد سنة قابلة للتمديد
أ - أول ثلاث أشهر وبنسب مختلفة (قابلة للزيادة والنقصان) تعتمد على إستراتيجية وأرباح الشركة وفي الشهر السادس لثلاثة أشهر وفي نهاية السنة لستة أشهر وبنسب مختلفة أيضاً.
ب - عمولة (سمسرة) في حال دعوة شخص للاستثمار والبالغة 10% من قيمة أسهم المستثمر الجديد وتدفع من الشركة ولا تنقص من رصيد المستثمر الجديد، أريد من حضراتكم إجابة خاصة وسريعة لأن كثيرا من أصدقائي مشاركين في هذه الشركة، وجزاكم الله خير الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط لجواز الاستثمار في هذه الشركة وغيرها شروط:
الأول: أن يكون عملها مباحاً شرعاً.
الثاني: أن لا تضع جزءاً من أموال المساهمين في البنوك الربوية للحصول على فائدة وتوزيعها على المساهمين.
الثالث: أن تكون حصة المساهم من الربح نسبة شائعة معلومة كـ 10 أو 20 أو 30 ونحو ذلك، أما إذا كانت النسبة مضافة إلى رأس المال أو غير معلومة -كما هو ظاهر السؤال- أو معلومة في وقت ومجهولة له في وقت آخر فهذا غير جائز.
الرابع: أن لا تكون قيمة الأسهم مضمونة من الشركة إلا في حالة التعدي والتفريط ... فإذا توفرت الشروط المقدمة جاز الاستثمار فيها وجاز دلالة الآخرين عليها مقابل عمولة معلومة، فإذا قالت الشركة من جاء بمستثمر فله 10 من قيمة الأسهم المعلومة الثمن فالظاهر جواز ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(12/2554)
تساوي الشركاء في العمل والتمويل وتفاوتهم في نسبة الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[إن لي شريكين في تجارة كل منا يعمل بها بنفس الكفاءة والأداء ثم إني عرفت بعد فترة من شراكتي لهم وهم أصحاب النسب الأكبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال يحتاج إلى إيضاح أكثر حتى يتسنى جوابه على الوجه المطلوب.
ولكن في الجملة إذا كان السائل اتفق عند عقد الشركة مع شريكه على نسبة كل منهم من الربح فالاتفاق ملزم له وإن كانوا يتفاتون في الربح مع تساويهم في العمل والمال.
جاء في الفروع: وربح كل شركه على ما اشترط ولو تفاضلا ومالهما سواء. انتهى.
أما إذا تساوى الشركاء في العمل والمال ولم يكن هناك شرط فموجب عقد الشركة إذاً التساوي في الأجر.
جاء في كشاف القناع: وموجب العقد المطلق في شركة التساوي في العمل والأجر لأنه لا مرجح فيستحق الفضل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1429(12/2555)
البناء المبني في الأرض المشتركة بدون إذن الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أطرح عليكم مشكلة وأرجو أن تمدوني برأي الشرع فيها قبل عشرين سنة ورث والدي وإخوته قطعة أرض مساحتها تقدر بحوالي (07) سبع هكتارات أي ما يعادل (70000) متر مربع, وقبل أن يقتسم والدي تلك الأرض مع إخوته, قام ببناء إسطبل مساحته (130) متر مربع ليربي فيه الماشية. وكان المال الذي بني به ملكا لوالدتي. وقد جاءت الدولة الآن وأخذت تلك الأرض على أساس أن تقوم بتعويض المالكين عن الأرض وعن البناء, وقد قيمت الدولة الأرض وحدها وقيمت البناء وحده ,دون اعتبار الأرض التي بني عليها الإسطبل إذ قيمتها مع المساحة الإجمالية للأرض.
وقد توفي والدي ولم تقسم تلك الأرض وأصبحنا نحن شركاء مع إخوته في تلك الأرض. وفي انتظار التعويض الذي ستسلمه الدولة عن الأرض والبناء.
سؤالي عن ثمن البناء من حق من:
1- هل والدتي محقة شرعا بالمطالبة لنفسها بكامل ثمن البناء كما قيمته الدولة في هذه الأيام وبالتالي ليس لبقية الورثة أي حق فيه؟
2- أم أن ثمن البناء من حق والدي المتوفى وبالتالي يؤول إلى أولاده وزوجته دون أعمامي.
3- أم أن لأعمامي حقا فيه أيضا لأن البناء أقيم فوق الأرض دون أن تقسم. وكيف يضبط هذا الحق؟
أرجو أن تجيبوني عن هذه الأسئلة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال في مسألتين:
الأولى: ليس من حق الشريك في شركة الأملاك كشركة الإرث أن يحدث بناء ونحوه قبل القسمة إلا أن يأذن بذلك بقية الشركاء الورثة. ولهم أن يطالبوه بهدم البناء إن بنى بدون إذنهم.
الثانية: ثمن البناء الذي بناه والد السائلة من حقه خاصة ومن حق ورثته بعد موته.
جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام ما ملخصه: ليس لأحد الشركاء في عرصة مشتركة أن يحدث بناء أو أن يغرس أشجارا بلا إذن، فلذلك إذا بنى أحد الشركاء لنفسه في الملك المشترك القابل للقسمة بدون إذن الآخرين ولم يطلب أي شريك من الشركاء التقسيم وطلب الشريك الآخر رفع البناء يرفع وفي هذه الصورة لا يقسم القاضي العرصة لأن الطلب شرط في قسمة القضاء ويكون البناء المذكور ملكا مستقلا للباني، ولا يكون مشتركا بمجرد بنائه في ملك مشترك، أما إذا طلب الشريك الغير الباني أو الشريك الباني أو كلاهما القسمة فتقسم إذا كانت قابلة للقسمة. انتهى.
وليس لمن دفع ثمن البناء قبل عشرين سنة أن يطالب بثمنه الآن، وإنما حقه في المبلغ الذي دفعه من ذلك الوقت إن كان دفعه على وجه القرض، أما إن كان دفعه على وجه الهبة فلا شيء له، وله حقه في الإرث إن كان وارثا فقط.
كما ليس لإخوة الباني المطالبة بثمن البناء أذنوا بالبناء أو لم يأذنوا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1429(12/2556)
حكم بيع الشريك نصيب شريكه بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت أنا وأخي المسافر إلى إحدى دول الخليج فى سيارة مناصفة في ثمنها وعرض أخي على أن تكون السيارة خاضعة لتصرفه وأسرته وقت إجازته الثانوية وتكون خاضعة لاستخدامي بقية العام على أن نتقاسم ثمن الإصلاحات الخاصة بها وصيانتها مناصفة وقد وافقنا على ذلك ولكن بمرور الوقت بدأ البعض يتلمز أنني بهذا العرض السابق أكون مستغلا لأخي رغم أنه هو الذي عرض ذلك العرض، وبناء عليه استشرت والدتي فوافقت على أن أبيع السيارة المشتركة بيني وبين أخي وأرسلت له أستأذنه في البيع وأعرض عليه الأمر ولكنه رفض لمدة شهر أن يرد على فقمت ببيع السيارة وأرسلت له نصيبه فورا واقترضت مبلغا من المال وأكملت على نصيبي في بيع السيارة الأولى واشتريت سيارة أخرى وأرسلت لأخي عرضا بأن السيارة الجديدة رغم أنها أصبحت بكامل نقودي إلا أنها تحت تصرفه واستخدامه هو وأسرته أثناء إجازته الثانوية إلا أن أخي رفض هذا العرض واعتبرني خائنا للأمانة لأنني قمت ببيع السيارة المشتركة بيننا بدون إذنه فهل أنا فعلا مبدد للأمانة رغم أنني أرسلت له نصيبه في السيارة وهل ليس لي الحق في أن أفسخ عقد الشراكة التي كانت بيننا نظرا لتضرري وتضرره من تلمز الناس بأنني أستغله؟ وفقكم الله وجزيتم عنا خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشريك لا يجوز له بيع نصيب شريكه بغير إذنه لما في ذلك من الاعتداء على مال الغير فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام. رواه البخاري ومسلم.
فإن باع نصيبه ونصيب شريكه صح البيع فيما يملك دون ما لا يملك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل بيع وسلف، ولا شرطان في بيع، ولا بيع ما ليس عندك. أخرجه النسائي وأبو داود. وحسنه الألباني.
وإذا كان المشتري غير عالم ببيع الشريك نصيب شريكه بدون إذنه فله الخيار، قال في الإقناع: باع مشاعا بينه وبين غيره بغير إذن شريكه كعبد مشترك بينهما أو ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء كقفيزين متساويين لهما فيصح في نصيبه بقسطه وللمشتري الخيار إذا لم يكن عالما وله الأرش إن أمسك فيما ينقصه التفريق.
وبناء على هذا فلا يجوز ما أقدمت عليه ولو بحجة أن لك فسخ الشركة للضرر الحاصل لك لأن الفسخ لا يخولك إلا بيع نصيبك من الشيء المشترك، وللمشتري منك الخيار إذا لم يكن عالما.
وللمزيد تراجع الفتوى رقم: 75546، والفتوى رقم: 46048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(12/2557)
شريكه يتأخر عن الدوام فهل يخبر سائر الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحد الشركاء الأربعة في شركة في السعودية، اثنان برأس المال وأنا وصاحب لي بالجهد، ونحن الاثنان نتقاضى راتبا شهريا زائد نسبة من الأرباح، المشكلة أن زميلي وصاحبي يتأخر يوميا عن العمل مدة 3 ساعات وأحيانا أكثر، هذا التأخير لا يعرف عنه الشركاء الآخرون، تكلمت معه عدة مرات في موضوع الدوام ولكن بدون فائدة، أنا همي مصلحة العمل ولهذا لا أريد أن يكبر الموضوع تفاديا لأية مشاكل، أحيانا أفكر أن اتأخر مثله عن العمل فقط لأحسسه بضرورة التقيد بالدوام ولكن ضميري ومخافة الله تمنعني. لا أعرف ماذا أعمل وأفعل، انصحوني أثابكم الله، وما حكم تأخر زميلي في العمل، علما أنه لا يتم خصم أية مبلغ عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يفي بالشروط والعقود التي يلتزم بها، لعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} .
ولما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقاً وأبو داود وحسن إسناده ابن الملقن في خلاصة البدر المنير.
فلا يجوز لصاحبك التأخر عن العمل إذا كان قد تم الاتفاق على مواعيد محددة للعمل، ولا يجوز لك أن تتأخر عن العمل لتشعره بأهمية الدوام بل الواجب عليك هو نصحه وإرشاده وإخبار باقي الشركاء بالأمر حتى لا تقع في الغش لهم.
وننبهك إلى أن الجمع بين الأجر الثابت ونسبة من الأرباح غير جائز للشريك بالبدن وإنما يجوز ذلك للشريك بالمال فيجوز له أن يكون شريكاً وأجيراً في نفس الوقت، ويتقاضى أجراً مقابل هذه الإجارة، ويشترط في جواز ذلك أن يكون عمل أحد الشريكين في الشركة بعقد أو اتفاق منفصل عن عقد الشركة، وأن يكون موضوع عمله ليس مطلوباً منه بحكم كونه شريكاً عرفاً أو لم يقم به تطوعاً، أما الشريك بالبدن فلا يجوز له إلا أن يأخذ نسبة من الأرباح.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 11774، 42627، 54006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(12/2558)
التخفيض في ثمن السلعة من حق الشركاء جميعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش فى بلد أجنبي والآن أنا أشتري الآلات لغرض البيع ولكن معي أخي وشخص آخر فى هذه التجارة، مثل إذا أنا اشتريت الآلة بمبلغ قدره 5000 وأقول لهم أني اشتريتها 6000 علما بأن الألف التي آخذها هي من أصحاب الآلة فهل لي أن أطلع عليها شركائي أم لا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك الكذب على شريكيك بل عليك أن تبين لهما حقيقة الأمر، فإذا كنت تقوم بشراء الآلة للشركة فالواجب أن تقوم بحساب ثمنها بالثمن الذي اشتريتها به، ولا يجوز لك إخبار شريكيك بخلاف الحقيقة، أما كونك قد حصلت على تخفيض في سعرها بمقدار ألف فهذا التخفيض من حق الشركاء جميعاً، لأن الشريك يتصرف عن نفسه بالأصالة وعن شركائه بالوكالة، وقد نص العلماء على أن الزيادة التي يكسبها الوكيل تكون من حق الموكل.
وإذا رضي شريكاك بأن يعطوك شيئاً من المال نظير جهد أو عمل زائد قمت به فلا بأس بذلك، ونذكرك بأن الواجب عليك عدم خيانة شركائك أو ظلمهم، لأن هذه ليست صفة المؤمنين كما قال الله تعالى: وَإنَّ كَثِيراً مِنَ الخُلطَاءِ ليَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضِ إلَا الَذِين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ {ص:24} ، ولا شك أن الظلم والخيانة في الشراكة محق لبركتها وسبب لانفضاضها، كما ننبهك إلى أنه لا يجوز الإقامة في بلاد الكفار بغير مسوغ شرعي، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2007، 37023، 98062.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(12/2559)
حكم الأرباح وأجرة العامل في الشركة الفاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[وصلني رد على السؤال برقم الفتوى 111132 والسؤال عن ردكم فى الاحتمال الثاني وقولكم بأن العقد كان محرما ويجب فسخة فما موقف الشرع من المال الذي كنت آخذ من العقد الباطل والذي كنت لا أعلم أنه حرام فما مصير هذا المال الذي أخذته وطبعا صرف على أولادي، وكيف وإذا لم يخبرني ابن خالي بحقيقة المال الذي عنده الآن فهل خسر حقاً أو حسب قولكم سلم من الخسارة، وأنا أعلم أنه ما زال يعمل ولكن متعسر فما معيار الخسارة فى رأيكم وهل إذا وافق على رد رأس المال، فهل يجوز الرد على أقساط شرعاً وقد يكون فى ذلك من ضرر لتأخير المبلغ علي لأنه ربما رد على سنين، وللعلم هو الآن لا يعطيني أي شيء عن المال ولا من رأس المال؟ وجزاكم الله عنا الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ظهر أن عقد الشركة الذي كان بينك وبين ابن خالتك كان على أن يدفع لك مبلغاً محدداً، فالواجب في هذا العقد أن يتم فسخه وذلك برد رأس المال، فإن كان العامل قد شرع في العمل كان الربح لصاحب المال والخسارة عليه وللعامل أجرة مثله، وعلى هذا فالحكم ينبني على واقع الحال، فإذا كان ابن خالك قد عمل في هذا المال وربح فيجب أن يرد إليك رأس المال والأرباح كلها ويكون له أجرة مثله، وإن كان قد خسر فالخسارة من رأس المال، وإن كان قد تصرف تصرفاً غير مأذون له فيه فإنه يضمن، وإن كان ابن خالتك لا يستطيع رد رأس المال -أو ما يلزمه أداؤه إن كان هناك خسارة- فعليك إنظاره إلى ميسرة.. وينبغي أن يعلم أن مسائل النزاع لا يرفعها إلا قضاء القاضي الشرعي أو بالتحكيم الشرعي إن لم توجد ببلدكم محاكم شرعية، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 53270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(12/2560)
حكم المشاركة بتجارة الأسهم والربح غير ثابت وبدون خسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز المشاركة بشركة تجارة الأسهم وذلك بدفع مبلغ بقيمة1500$ دولار للسهم الواحد واستلامها دفعات لمدة سنة علما أن كل دفعة بقيمة400$ دولار لمدة سنةعلما بأن الربح غير ثابت لكن بدون خسارة.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشترط للمتاجرة بالأسهم في الشركات شرطان:
- أن تكون الأسهم لشركة تزاول أنشطة مباحة وليست حراماً.
- ألا تكون الشركة من الشركات التي تضع بعض أموال مساهميها في البنوك الربوية وتأخذ عليها فوائد تضيفها إلى أرباح المساهمين ضمانا منها لعدم الخسارة. وراجع الفتوى رقم: 28475.
أما بخصوص سؤالك فإنه يشتمل على بعض الغموض، إذ قد يحتمل أن يكون المبلغ مدفوعا على وجه القرض فيتضمن شرط نفع للمقرض وهو ما يحصل عليه من الربح، وكل قرض جر نفعا فهو حرام لأن القرض من عقود الإرفاق، وقد حكى الإجماع على حرمته غير واحد.
قال ابن المنذر في كتابه الإجماع: وأجمعوا على أن المسلف إذا شرط عشر السلف هدية أو زيادة فأسلفه على ذلك أن أخذه الزيادة ربا.
ويحتمل أن يكون المبلغ مدفوعا على وجه المضاربة، فتكون المضاربة فاسدة لضمان رأس المال، فقد قلت إن الربح غير ثابت لكن بدون خسارة، ولا يجوز اشتراط ضمان رأس مال المضاربة على العامل لأنه مؤتمن، فالخسارة من رب المال لا من العامل الذي يخسر جهده إلا إذا تعدى العامل أو فرط فإنه يضمن.
جاء في قرار صادر عن المجمع الفقهي: لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال، أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال، فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمناً بَطَلَ شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل.
وبناء على المحاذير المذكورة في كلا الاحتمالين فإن هذه المعاملة محرمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1429(12/2561)
حكم كون رأس مال الشركة دينا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل فى مجال التسويق العقاري فهل إذا أعطاني المشتري أو البائع مالاً خاصا لي، فهل يجوز لي أخذه، السؤال الثاني: أنا شريك فى الشركة وأول المؤسسين لهذه الشركة ومعي شريك آخر حتى الآن لم يسدد حصة رأس المال فى انتظار أي مبالغ تدخل وأنا الذى أقوم بالعمل كله، فهل يجوز لي إذا قمت بالعمل كله دون أن يشترك معي في أي مجهود أن آخذ المال كله.
السؤال الثالث: إذا عرفت مكان شقة عن طريق سمسار فهل له هو حق فى المال وكيف يقسم؟.
وجزاكم الله خيراً على سعة صدوركم لنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبخصوص الجزء الأول فإذا كان العمل الذي تقوم به يتبع لمؤسسة أنت عامل فيها أو لفرد أنت عامل عنده لم يجز لك أخذ مال خاص بك من البائع أو المشتري إلا بإذن من صاحب العمل، وإذا كنت مستقلاً بالعمل بمعنى أنك لست تابعاً فيه لمؤسسة ولا لفرد فلا حرج في أن تأخذ عمولة على ذلك من البائع أو المشتري أو من كليهما لأن ذلك يدخل في السمسرة، والسمسرة جائزة ...
وبخصوص الجزء الثاني فإن هذه الشركة باطلة لأن من شروط رأس مال الشركة أن لا يكون ديناً، قال في المغني: ولا يجوز أن يكون رأس مال الشركة مجهولاً ولا جزافاً لأنه لا بد من الرجوع به عند المفاصلة، ولا يمكن مع الجهل والجزاف، ولا يجوز بمال غائب ولا دين لأنه لا يمكن التصرف فيه في الحال وهو مقصود الشركة.
وبالتالي فما دام المال من عندك والعمل منك فلا يستحق شريكك شيئاً.
وبخصوص الجزء الثالث من السؤال فإذا كان المقصود من السؤال عن السمسار الذي دلك على مكان شقة فإن له ما تتفقان عليه من جعل مقابل دلالته، حيث إن الراجح هو جواز الاشتراك في السمسرة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 46769.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(12/2562)
ضوابط أساسية للشركات ليكون تعاملها شرعيا
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت من خلال موقعكم الكريم بأن العمل "كمحاسب" جائز في شركة يغلب على رأس مالها الحلال بشرط عدم المباشرة بكتابة الربا, وكما تعلمون في زمننا هذا قلما تجد شركة لا تتعامل مع البنوك الربوية, حتى وإن كانت يغلب على رأس مالها الحلال فتراها تتعامل مع البنوك إذاً فالعمل فيها كمحاسب لا يجوز! وسؤالي أو بالأحرى طلبي هو أنه إذا كان بالإمكان أن تزودوني بأسماء الشركات والبنوك الإسلامية التي تتعامل وفقا لأحكام الشريعة عندكم وفي دول الخليج بشكل عام حتى أتقي الشبهات والعمل الحرام الذي ذكرته في البداية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ذكر أسماء هذه البنوك والشركات يتعذر عليناً، لكن نفيدك بالضوابط الأساسية التي يكفي توافرها في مؤسسة حتى يكون تعاملها موافقاً للشريعة الإسلامية، وبالتالي يجوز التعامل معها والعمل فيها محاسباً أو غير محاسب. وتتلخص تلك الضوابط في ضابطين أساسيين هما:
الأول: أن تكون الشركات أو البنوك تزاول أنشطة مباحة.
الثاني: ألا تتعامل الشركة أو البنك بالربا إقراضاً أو اقتراضاً ...
ويمكن معرفة ذلك من خلال استفسارها عن لوائحها وطرق عملها واستفسار هيئاتها الرقابية والشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1429(12/2563)
مقتضى الشراكة أن تدفع المبلغ المحدد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف حكومي وأجتمع أنا وبعض زملائي في مقر العمل ونقوم بدفع 500 ريال عن كل شخص وذلك إعاشة لنا وأنا أترك إعاشتي عندي لا أدفعها إلا إذا احتجناها وبعد انتهاء الدوام يكون فيه فائض من الإعاشة وأنا لم أدفع إعاشتي، سؤالي هو: هل إعاشتي أدفعها لهم أم أتركها إلى الدوام القادم أم أتصرف فيها، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشركة القائمة بينكم تقتضي أن يدفع كل واحد منكم مبلغاً محدداً لإعاشتكم، وما بقي فائضاً فهو لكم إن شئتم اقتسمتموه، وإن شئتم أرصدتموه ليوم آخر، فقد قال الله تعالى: فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا {الكهف:19} ، فقوله تعالى (بورقكم) يدل على أنهم مشتركون في ثمن الطعام، وبالتالي فإنهم مشتركون في الطعام المشترى.
وبناء على هذا فإن من واجبك أن تدفع قسطك حتى تستحق الاشتراك معهم في الإعاشة وفائضها إذا بقي، ولا يحق لك ترك الدفع لأنك -في هذه الحال- تكون أكلت مالهم بالباطل، وقد نهى الله عن أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ {النساء:29} ، وقال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ... رواه مسلم.
ولا يبيح لك ذلك سكوتهم عنك إذا كان سكوتهم حياء لأن المأخوذ حياء كالمأخوذ غصباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(12/2564)
اشتراط الشريك على شريكه أن يحصل على مبلغ محدد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم..
استثمرت مبلغا من المال في تصنيع الأقمشة واشترطت على الشريك الذي يقوم بالتصنيع والبيع أن يمنحني مبلغا عن كل متر، فهل هذا الربح فيه شبهة ربوية؟ وبارك الله فيكم، وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشرط المذكور لا يجوز في الاستثمار، جاء في المغني: ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء دراهم، وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة أو جعل مع نصيبه دراهم مثل أن يشترط لنفسه جزءاً وعشرة دراهم بطلت الشركة. انتهى.
والمشروع في الشركة أن يكون نصيب كل من الشريكين في الربح حصة شائعة منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(12/2565)
ضمان الشريك رأس المال لصاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطى أحمد لمحمد 2000 دينار ليشترى بها الأخير خلايا نحل ويقوم على تربيتها وخدمتها ويدفع الأخير للأول الألفي دينار كاملة من عائد النحل ويقتسما النحل الباقي بعد سداد صاحب رأس المال. هل تجوز هذه المعاملة وإذا لم تجز فما الجائز؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة المذكورة محرمة سواء اعتبرناها مضاربة أو مشاركة، وسبب التحريم ضمان العامل أو الشريك لرأس المال لصاحبه أو جعل دراهم معلومة لأحدهما، وقد تقدم في الفتوى رقم: 63560، والفتوى رقم: 94616. فساد ضمان رأس المال في جميع الشركات، وأما عن الصورة الجائزة في مثل هذه المعاملة، فهذا أن يدفع صاحب رأس المال المال للعامل ليعمل به في التجارة المعينة هذه بدون ضمان رأس المال إلا في حالة التعدي والتفريط، ثم يقسما العائد أو الربح حسب ما اشترطاه.
وإذا حصلت خسارة فتوزع على الطرفين صاحب رأس المال يخسر ماله والعامل يخسر جهده وتعبه.
وراجع الفتوى رقم: 5480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1429(12/2566)
حكم زيادة الشريك أجره دون علم شريكه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شريك مع أخي في محل تجاري وقد حدد لي أجرة شهرية لكن لا تكفيني فهل أزيد في أجرتي دون علمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه لا يجوز في الشركة أن تكون حصة الشريك من الربح مبلغا محددا.
جاء في المغني: متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة أو جعل مع نصيبه درهم مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم بطلت الشركة. انتهى.
فإذا كان قصدك أن أخاك قد حدد لك مبلغا محددا أنه هو نصيبك من الربح فإن ذلك لا يصح، وعليه فيجب إبطال هذه الشركة ثم الاتفاق على أن تكون حصة كل من الشريكين نسبة شائعة من الربح.
وإذا كان أحد الشريكين يقوم يعمل إضافي لا يلزمه بحكم الشركة فيجوز له أن يأخذ مقابل هذا العمل أجرة شهرية أو يزاد له نسبته من الربح.
وإذا تم التراضي على ذلك فلا يحل للشريك أن يأخذ أكثر من المتفق عليه تحت دعوى عدم كفايته وإلا كان خائنا لشريكه.
وراجع للمزيد والتفصيل الفتوى رقم: 42627.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(12/2567)
حكم غصب الشريك ربح صدقه بدعوى أنه لم يعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق اتفقنا على المشاركة في عمل ما وكل منا دفع نفس المبلغ أي بالتساوي وبدأنا في العمل وكان هو يتابع العمل أكثر مني وعندما تم الانتهاء من العمل بدأنا في حساب الأرباح ففوجئت به يقول لي أنا الذي تابعت العمل فليس لك عندي غير رأس مالك رغم أني كنت قلت له من قبل إن له نسبة من الإدارة ... أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعدل في الشركة أن يقسم الربح بين الشريكين على حسب رأس مال كل منهما في الشركة إن لم يكونا قد اتفقا على خلاف ذلك، جاء في الفروع: وربح كل شركة على ما شرطا ولو تفاضلا ومالهما سواء. اهـ
وإذا انفرد أحدهما بعمل لا يطلب منه باعتباره شريكا ففي هذه الحالة له أن يطلب أن يزاد له في نسبته من الربح أو يأخذ مبلغا مقطوعا مقابل عمله الذي لا يتولاه الشريك عادة بشرط أن يتفق مع شريكه على ذلك قبل البدء بالعمل، فإن فعله بلا اتفاق مسبق لم يستحق شيئا إلا أن تطيب نفس شريكه.
جاء في كشاف القناع: وليس له أي الشريك فعله أي فعل ما جرت العادة أن لا يتولاه ليأخذ أجرته بلا شرط لأنه تبرع بما لم يلزمه فلم يستحق شيئا.
وأما قول شريك السائل أنه ليس له عنده إلا رأس ماله فقوله باطل وغصب لحق شريكه ويجب عليه تسليم حصته من الربح إن وجد ربح، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 44184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1429(12/2568)
الشراكة في مزرعة الأبقار
[السُّؤَالُ]
ـ[شركة المضاربة، سيدفع لي شخص المال وأنا أقوم بإنشاء مزرعة أبقار حليب، على أن تكون جميع تكاليف غذاء الأبقار والمصاريف الأخرى من المشروع نفسه، بالإضافة إلى أجرة ورواتب العمال ستدفع من عائدات المزرعة، وهذا يتطلب شراء وسيلة مواصلات (سيارة نقل) واستئجار أرض لعمل المزرعة أي أنه سوف يدفع المبلغ المطلوب لإنشاء مزرعة أبقار بالكامل وأنا أتدبر إنشاءه وإدارته وجميع الأعمال الأخرى، فما الحكم الشرعي لهذه الشراكة وكيف تحسب نسب الأرباح بيننا؟ جزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أعطاك مالاً لتستثمره في مشروع ما مثل مزرعة أبقار أو نحوها كانت هذه الشركة شركة مضاربة -وهي جائزة من حيث الأصل- ويجب الاتفاق فيها من البداية على نسبة ما تستحق من الربح بحيث يكون لك الربع أو الثلث أو النصف أو نحو ذلك مما تتفقان عليه ... قال ابن قدامة: وإن قال خذه مضاربة ولك جزء من الربح أو شركة في الربح أو شيء من الربح أو نصيب أو حظ لم يصح لأنه مجهول، ولا تصح المضاربة إلا على قدر معلوم.
وإذا كان المقصود باشتراط أن تكون مصاريف المشروع من أجور ونحوها من عائدات المشروع أن الربح لا يحسب إلا بعد جبر ما حصل من نقص في رأس المال بسبب هذه المصروفات، فهذا شرط صحيح فإن الربح لا يعتبر إلا بعد سلامة رأس المال ... أما إذا كان المقصود بهذا الاشتراط أن رب المال لا يتحمل مصاريف المشروع ولو لم تكن هناك أي عائدات بمعنى أن العامل هو الذي يتحملها فلا يجوز ذلك الشرط لما فيه من معنى الضمان لرأس مال المضاربة والإجحاف بالعامل وهو ممنوع باتفاق العلماء. وراجع للتفصيل والفائدة في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72079، 32690، 10549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1429(12/2569)
الاشتراك في شركة على أن يسترد المال مع نسبة مضمونة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في الاشتراك في شركة تتعامل مع البورصة العالمية على النحو التالي: أقوم بدفع مبلغ 5000 دينار مثلاً ولا يسترجع حسب العقد قبل 6 أشهر يدفع لي نسبة أرباح ما بين 2-5 بالمائة من رأس المال كل شهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن السؤال نقطتين هما:
1- تحديد أجل لا يسترجع المال قبله.
2- دفع نسبة مضمونة كل شهر.
فأما النقطة الأولى فقد اختلف فيها أهل العلم، وكنا قد بينا آراءهم فيها من قبل، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 10670.
وأما النقطة الثانية فقد اشتملت على ضمان رأس المال مع زيادته كل شهر، وهذا يصير الصفقة قرضاً بفائدة، وذاك هو صريح الربا وهو حرام بإجماع المسلمين، فتبين -إذاً- أن الاشتراك على النحو الوارد في السؤال حرام، ولا يجوز بحال من الأحوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1429(12/2570)
شارك أخاه في شقة باعها عميل له بسعر مخفض
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ يعمل مهندسا في جهة رسمية وأحسبه لا يخالف ضميره ولي عنده مبلغ من المال لنتشارك في البيع والشراء وقد اشتري من أحد العملاء شقة بسعر مناسب ولكنه أقل من سعر السوق وأنا لا أظن أن أخي يتساهل مع هذا العميل في أي معاملات رسمية (وقد حذرته من هذا) وأخي قد اشترى الشقة باسمه ثم سوف نحرر عقد شركة بيننا في ملكية الشقة أو عقد بيع، فهل علي إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من قيام أخيك الموظف في الجهة الرسمية من شراء شقة من أحد المتعاملين مع هذه الجهة وإن كان بسعر أقل من سعر السوق إذا لم يكن هذا التخفيض عبارة عن رشوة يتوصل بها البائع إلى ما لا حق له في معاملات الجهة الرسمية هذه.
وإن فرض أن هذا حاصل في البيع المذكور فإن الأخ السائل المشارك لأخيه في البيع لا يأثم لأنه لم يأمره بذلك ولا وكله فيه بل نهاه وحذره.
وننبه السائل إلى إحسان الظن بأخيه وافتراض السلامة في تصرفاته ما لم يعلم أو تدل القرائن على خلاف ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(12/2571)
الشركة القائمة على إصدار خطابات الضمان والاعتمادات المستندية
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم لما تبذلونه من عمل وجهد دائبين خدمة للإسلام والمسلمين سؤالي هو الآتي: أسست وشخصا آخر شركة مقاولات، وكان دوري فقط أن دفعت جزءاً من رأس المال، دون أن تكون لدي أية علاقة في إجراءات الشركة من معاملات مع إدارات الدولة أو ما شابه ذلك، حيث تولى شريكي القيام بهذا.. استمر الأمر على هذا النحو حتى نما لعلمي أن من بين الإجراءات التي يتعين على الشركة القيام بها لتنفيذ بعض أعمالها معاملات مصرفية تتمثل في خطابات ضمان، واعتمادات مستندية وغيرها، وهي معاملات سألت عنها فعلمت أنها تنطوي على ربا، فضلاً عما تدفعه الشركة من ضرائب لتجديد ترخيصها واستلام بعض المشاريع ... ابتداءً: هل هذه المعاملات ربوية فيما عدا الضرائب، علماً بأنها معاملات وجوبية لقيام الشركة بأعمالها وإلا منعت الشركة من ذلك بحسب القوانين المعمول بها في الدولة، ثم إذا كانت ربوية، فهل يجوز لي الاستمرار فيها لكوني بعيداً عن ساحة إجراءاتها، وإذا كان الأمر على المنع اشتراكاً واستمراراً: فهل يمكن التحايل تهرباً من القيام بتلك المعاملات الربوية، وإذا كان جماع الأمر وحاصله على المنع مطلقاً: فكيف أتصرف، وما حكم ما تقاضيته من مال فيما انصرم من سنين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلا من خطاب الضمان والاعتماد المستندي منه ما هو جائز ومنه ما هو محرم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 26561، والفتوى رقم: 63191.
فإذا كان شريكك يمارس من ذلك ما هو محرم وجب عليك نصحه وأمره بترك هذا التعامل، فإن أبى فعليك أن لا تقبل أن يستخدم مال الشركة في هذا التعامل وإلا كنت مشاركاً له في الإثم حتى ولو كنت بعيداً عن ساحة إجرائه، فإن أبى فافسخ الشركة معه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 94037.
وليس هناك ضرورة للتعامل بما هو محرم من خطاب الضمان والاعتماد المستندي فإنه يمكن الاستغناء عنه بما هو مباح من ذلك، وإن أمكن التحايل على التعامل المحرم في خطاب الضمان أو الاعتماد المستندي حتى يتم التهرب منه بدون أن يترتب على ذلك ضرر معتبر فلا حرج، والأرباح التي تقاضيتها وكانت ناتجة من صفقات توصل إليها عن طريق ما لا يجوز من خطاب الضمان والاعتماد المستندي لا تحرم بمجرد ذلك ما دامت هذه الصفقات في نفسها مباحة، وهذا ما يعرف عند العلماء بانفكاك الجهة، وإنما دور خطاب الضمان أو الاعتماد المستندي هو تسهيل إجرائها، إما عن طريق الكفالة بأجر وهي وإن كانت حراماً إلا أنها خارجة عن الصفقة، أو عن طريق القرض الربوي وهو وإن كان حراما أيضا إلا أنه بعد قبضه يدخل في ملك المقترض ويصير دينا عليه غير أنه يأثم لتعامله بالربا، وقد سبق بيان هذا في عدة فتاوى انظر منها على سبيل المثال الفتوى رقم: 51678.
وأما الضرائب فمنها ما يجوز فرضه ومنها ما لا يجوز، كما هو مبين في الفتوى رقم: 26096، وإذا أجبر الإنسان على دفع ما لا يجوز منها ولم يمكنه التحايل على ذلك فلا حرج عليه، إنما الحرج على من فرضها وأخذها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 29218.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1429(12/2572)
الأرباح مقابل الاستثمار لا يدخل في باب الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: لدي إخوتي من أبي صغار وبعد وفاة أبي قامت الدولة بإعطائهم مبلغا من المال وقدره 30 ألف دينار ووضعته أي الدولة في المصرف على أساس أن تقوم جهة الضمان الاجتماعي المنتسبين إليها إخوتي بإدارة هذا المبلغ واستثماره في شركات عدة ولكن مقابل ذلك سوف تأخذ جهة الضمان الاجتماعي حصة أو نسبة وقدرها 2% من الأرباح علما بأن المبلغ غير قابل للرد أي ترجيع المبلغ للدولة. فهل هذا ربا أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ما تأخذه تلك الشركات وهو نسبة 2 -كما قال السائل- من الأرباح مقابل الاستثمار لمال هؤلاء القصر لا يدخل في باب الربا لأنه مشاع ومن الربح. وهذا ما يسمى عند الفقاء بالمضاربة الشرعية أو القراض عند البعض وهو جائز.
وعليه، فلا ربا فيما ذكره السائل، ولا حرج إذا كانت الاموال مستثمرة في مجال مباح، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 31901، وما أحيل عليه فيها حول حكم الضمان الاجتماعي، والفتوى رقم: 67264.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1429(12/2573)
الشركة بين اثنين أحدهما بماله والآخر بعمله
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق يعمل في تصليح الأحذية وأريد أن أدخل معه شريكا بحيث أعطيه المال لشراء كل ما يلزمه من أدوات وهو يعمل بيده فقط ويعطيني بين الفترة والأخرى نصيبا من المال الربع أو الثلث أو نحوهما، إذا أردنا أن نفترق فهل أطالبه برأس المال الذي دفعته له أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
اشتراك شخصين في عمل مباح هذا بماله وهذا ببدنه من الشركات الجائزة، ويجب التزام الطرفين بشروط الشركة الشرعية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اشتراك شخصين واحد بماله والآخر ببدنه في عمل مباح من الشركات الجائزة، ويكون الربح بينهما على ما اشترطاه.
جاء في المغني في ذكر أنواع الشركات الجائزة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما أو بدنان بمال غيرهما أو بدن ومال تساوى المال أو اختلف فكل ذلك جائز.
والشركة تقوم على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة وعدم ضمان رأس المال فيها، وعليه فلا بأس أن يدفع السائل المال إلى صديقه ليعمل فيه في المجال المذكور ويقسما ربحه حسب الاتفاق بينهما.
وإذا أرادا فض الشركة أخذ السائل رأس ماله إن كان قائما كله أو بعضه حين فض الشركة، فرأس المال في الشركة حق أصيل لصاحبه، وإن تعرض رأس المال للخسارة بدون تفريط ولا تعد من العامل أو الشريك فلا يحق لصاحبه تضمينه.
وننبه السائل إلى أن رأس ماله هو ما يكون موجودا عند فض الشركة سواء كان الموجود نقدا أو عرضا – أدوات ومستلزمات بيع الأحذية – بمعنى آخر لا يجوز أن يطالب السائل العامل برأس ماله في صورته الأولى نقدا إذا كان العامل قد اشترى به مستلزمات العمل ونحوه، وإنما رأس ماله عند فض الشركة ما بقي من النقد وما اشتري به من أدوات إن وجدت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1429(12/2574)
حكم اقتطاع أحد الشركاء نسبة زائدة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[جزى الله القائمين على الموقع كل خير.. سؤالى هو: لي صديق منذ سنوات عديدة، هذا الصديق دخل فى معاملة تجارية من أجل الربح مع أحد معارفه صاحب شركة، هذا الصديق عرض علي المشاركة معهم فى تلك العمليات بمبلغ من المال نظير أرباح بعد انتهاء العملية، (فى اعتقادي أنه عرض علي ذلك لأنهما كانا فى حاجة ماسة لسيولة نقدية لإتمام إحدى الصفقات) ، وأثناء قيامه بالعرض علي أخبرني أنه سوف يأخذ مني عشرة بالمائة من أرباحي، لم آخذ ذلك على محمل الجد وأعتقدت أنه يمزح معي وأنه لن يقوم بذلك بسبب صداقتنا الممتدة، لكني فوجئت عند توزيع الأرباح أنه قام بالفعل باقتطاع عشرة بالمائة لنفسه، وحين سألته عن ذلك قال إنه أخبرني بذلك، فقلت لكني لم أوافق وكنت أعتقد أنك تمزح، وسألته ما هو مبرر أخذك لتلك النسبة وأنت شريك مثلي برأس مال ولا تقوم بإدارة العمل، فبرر ذلك أنه يقوم بالاتصال بصاحب الشركة للاطمئنان على سير العمليات وفى بعض الأحيان يقوم بتوجيهه وإعطاء النصح له، فما هو حكم ذلك المال الذي أخذه صديقي وهل لذلك مسمى شرعي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لم تبين لنا نوع الشركة أو الاشتراك الذي جرى بينك وبينه من ذكرت حتى نتبين ما إذا كان اشتراكاً مشروعاً أم لا، وعلى أية حال، فإنه يجوز أن يشترك بدن ومال، أو مال وبدنان، أو العكس، ويكون الربح بينهم على حسب الاتفاق، قال الخرقي ذاكراً أنواع الشركات الجائزة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما، تساوى المال أو اختلف فكل ذلك جائز. انتهى.
ومن هذا تعلم أنه لا مانع من أن يكون لصديقك نصيب من الربح إذا كان يقوم بعمل لصالح الشركة، ولكن بشرط أن يتفق على ذلك مسبقاً وأن يكون على جميع المال، لا في حصة بعض الشركاء.
وعليه؛ فما قام به صديقك من اقتطاع عشرة في المائة من نصيبك من الربح لنفسه ليس له فيه من حق إلا أن يكون مستنداً فيه إلى اتفاق مسبق عند تأسيس الشركة، وبشرط أن يكون ذلك قد جعل له على جميع المال لا على حصتك وحدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(12/2575)
ضوابط الاشتراك في فتح صالون حلاقة للرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال بارك الله فيكم وفي علمكم.. أن زوجي شارك أخاه بالمال فى محل حلاقة للرجال على أن يكون زوجي بالمال وأخوه بالمجهود بعد دفع المصاريف من كهرباء وماء وإيجار وغيره يتقاسمون المال بالنصف لكل واحد منهم أريد رأي أهل العلم فى هذا، مع علمي بأن مهنة الحلاقة لا تخلو من أخطاء فى الشرع من حلاقة الذقون والقصات الغربية والنتف الذي يعمله الشباب هذه الأيام، فقلت لزوجي نسحب المال أحسن حلال حرام نبعد أحسن يسمع مني ولا أجد تصرفا لأنه يعلم أن بها جزءا حلالا ولو قلنا لأخيه اترك هذه الأفعال من قصات غير شرعية وحلق الذقون وغيره القول المنتشر فى عامة الناس هو نقفله أحسن لأن هذه الأعمال من لوازم المهنة هذه الأيام ولو عملنا مثل ما تريدون لن يأتي أحد إلى المحل ليحلق نهائيا، فمنعاً للحيرة قلت أستشير أهل العلم، لكي أفيد زوجي فى هذا الموضوع، فأفتوني بارك الله فيكم وفى علمكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الاشتراك في فتح صالون حلاقة جائز إذا انضبط العمل فيه بالضوابط الشرعية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فلا بأس أن يشترك شخصان هذا بماله وهذا بعمله ويكون الربح بينهما بحسب ما اشترطا، ويشترط في الشركة أن تكون على ما يحل من الأعمال، جاء في الفتاوى الهندية: اشتركا في عمل هو حرام لا تصح الشركة. انتهى.
وإذا تقرر ذلك فإن عمل الشركة المذكورة في السؤال منه ما هو جائز ومنه ما لا يجوز، وقد سبق في الفتوى رقم: 11093 بعض الضوابط لمهنة الحلاقة فتراجع، وعند مراجعة الفتوى المذكورة تجدين أن حلق اللحية والقصات الغربية التي فيها تشبه بالفساق حرام شرعاً، فلا يجوز للشريك العامل أن يقوم بها ولا للشريك الثاني أن يأذن له في هذا العمل، ويجب التوقف عن الحرام فوراً، وما نتج عن حلق ما لا يجوز حلقه من الشعر سواء أكان ذلك من فعل الحلق أو صفة الحلق فإنه يتصدق به في وجوه البر والخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1429(12/2576)
حرمة تصرف الشريك في المال المشترك بغير إذن صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي شركة بشراكة مناصفة بيني وبين أخي الذي يكبرني عمراً ... عندما بدأنا العمل اكتشفت أن أخي يقوم بأخذ أموال دون علمي فبعد فترة كنت حين أعرف أنه يأخذ أموالاً دون علمي أعمل مثله وصراحة زين لي الشيطان كثيراً أن هذا حق لي فلا أعرف هل هذه تعتبر سرقة أم هي من مبدأ العين بالعين ... وهل أدخل على أولادي مالاً حراما ً إن كان كذلك ما هو طريق التوبة، علماً بأني لا أستطيع أن أحدد كم المبلغ الذي أخذته؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للشريك أن يتصرف في مال الشركة إلا بحسب الاتفاق بين الشريكين، وإذا أخذ الشريك من مال الشركة لنفسه دون علم شريكه وإذنه كان ذلك خيانة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تصرف الشريك في مال الشركة يقوم على الوكالة فكل من الشريكين وكيل عن الآخر في هذا المال، ومقتضى الوكالة أن لا يتصرف الوكيل إلا فيما أذن له الموّكل فيه، فكيف إذا تعدى الأمر ذلك وكتم الشريك ما أخذ من مال فلم يحسبه من قدر رأس ماله أو من حصته من الربح فيؤول الأمر إلى أنه يأخذ حق شريكه، ولا ريب أن هذا حرام ومنكر.
ولا يصح إذا خان شريك شريكه أن يخونه الآخر بدعوى المعاملة بالمثل، فمن عصى الله تعالى فينا لم تجز لنا معصية الله فيه، جاء في كشاف القناع: وليس لأحد من الشركاء أن ينفق من المال المشترك أكثر من نفقة شريكه إلا بإذنه أي بإذن شريكه لأنه بغير إذنه خيانة أو غصب ... ويحرم على شريك في زرع فرك شيء من سئبله بأكل بلا إذن شريك؛ لأنه تصرف في المال المشترك بغير إذن صاحبه. انتهى.
وطريق التوبة من هذا أن يقلع الشريكان عن هذا العمل فوراً ثم ينظرا فيما أخذا فيحسباه من ربحهما إن كان لهما ربح يفي بذلك، فإن لم يكن لهما ربح فينقص من رأس مالهما بقدر ما أخذا، وإذا كان يجهلان قدر ما أخذا عملا بغالب ظنهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(12/2577)
يتحمل الخسارة كل شريك بقدر نسبة رأس ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي أنا وضعت مبلغا من المال في شركة تتاجر بالعملات عن طريق البورصة العالمية وذلك وفق عقد على نظام المضاربة أي على الربح والخسارة، الخسارة تكون بنسبة 5-15% من رأس المال خاصتي و60% من رأس المال خاصتهم ولا أعلم هل هذا حلال أم حرام وعند سؤالهم عن تعاملهم بالبورصة فهم يقومون بالشراء والبيع عن طريق الإنترنت وتستطيع أن تقبض مبلغك بعد انتهاء العقد وبعض الشركات تستطيع أن تقبض مبلغك في نفس اليوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعامل في البورصات العالمية ولا سيما في مجال بيع وشراء العملات لا يجوز إلا إذا توفرت فيه ضوابط شرعية، وهي في الحقيقة من الصعب أن تتوفر، وقد ذكرنا هذه الضوابط في الفتوى رقم: 3708.
وأما بالنسبة للاتفاق المذكور فالخسارة تكون بقدر رأس مال كل شريك، فإن كان بعض الشركاء قد شارك بالثلث والآخر بالثلثين مثلاً، تحمل صاحب الثلث ثلث الخسارة، وصاحب الثلثين ثلثي الخسارة وهكذا، ولا يجوز أن يشترط أحد الشركاء أن يتحمل منها أقل مما يلزمه، ولا يتحمل العامل -أي عامل المضاربة- شيئاً من هذه الخسارة إلا في حال التعدي أو التفريط، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 104044.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(12/2578)
حقوق الشريك عند خروجه من الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[عام 1423 هـ دخلت في شراكة مع صديقين في مغسلة (مصبغة) ثياب (دفع كل شريك 65000 خمس وستون الف)
وجلست معهم قرابة العام لم نأخذ أرباحا من هذه المغسلة، لسوء الإدارة وقلة الخبرة حيث إن المغسلة كانت تدر أرباحا ممتازة لكنها مع الأسف تتوزع على الإيجار والعمال والأدوات وأجرة الصيانة وأجرة المشرف عليها لانشغالنا نحن الشركاء.
الوضع لم يكن جيدا ففكر أحد الشركاء ووافقه الثاني على فتح فرع ثاني للمغسلة على أن يدفع كل واحد قدر استطاعته ويردها من المغسلة الكبيرة.
كل منا دفع ما تجود به نفسه أنا دفعت ستة آلاف والثاني قرابة العشرين والثالث قرابة خمس عشرة ألفا
تم السداد من المغسلة الأولى الكبيرة لنا جميعا أو للأمانة ممكن تبقى شيء من المال لأحد الشريكين أصبح الوضع مزريا جاء العام الثاني ولم نحقق أي ربحية.
عملنا اجتماعا بالوضع الحالي والظروف المحيطة وقررنا أن يخرج أحد الشركاء لأن الأرباح لا تغطي ثلاثة أشخاص خرجت أنا بمبلغ رأس المال 65000 ألف، وكلمت أحد الشركاء بأن لي في المغسلة الصغيرة قال: أعطنا فرصة مرت كذا سنة الآن ولديهم ماشاء الله أربع مغاسل وسيارة توصيل وأنا أشعر بالغرر وأشعر بالإحراج الشديد لتذكيرهم. فهل يا شيخنا الفاضل لي حق بمطالبتهم بشيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة الفتوى:
الشركة تقوم على أساس أن الخسارة إن وجدت بقدر رأس المال، وعلى أن الربح بحسب الاتفاق أو أن يتفاوت نصيب كل من الشركاء في رأس المال.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة في الشريعة تقوم على أساس عادل، وهو أن الربح بحسب رأس المال، أو بالانفاق بين الشركاء والوضيعة أو الخسران بحسب رأس مال كل من الشركاء في رأس مال الشركة.
جاء في الفروع: وربح كل شركة على ما شرطا ولو تفاضلا ومالهما سواء ... والوضيعة على المال. انتهى أي على قدر المال.
وعليه، فإذا أراد أحد الشركاء الخروج من الشركة نظر، فإن كان ربح، أخذ ربحه ورأس ماله، وإن لم يكن ربح أخذ رأس ماله، وإن كان حصلت خسارة، نقص من قدر ماله بحسب نصيبه من الخسارة.
ولا يصح في الشركة أن يضمن الشركاء رأس المال لواحد منهم، وبخصوص مسألة السائل فله عند خروجه من الشركة رأس ماله إن سلم من الخسارة.
وله أيضا الربح إن وجد مع رأس المال. أما شعورة بالغرر فلا وجه له لأنه خرج قبل تحسن وضع الشركة بمحض إرادته. ولا حرج عليه في مطالبة شريكيه بحقه حسب ما تقدم بيانه. فإن لصاحب الحق مقالا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1429(12/2579)
الإجارة مدى الحياة والشركة على مبلغ معلوم من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا مؤجر محلا إيجارا قديما مدى الحياة وإيجارة يزيد سنويا بنسبة محددة وهذا المحل كنت أديره وأبيع وأتاجر فيه وكنت أستعين بأبناء أخي برواتب شهرية ولكن بسبب خيانة الأمانة منهم وتركي للمدينة التي بها المحل وسكنت في مدينة أخرى أصبحت إدارتى للمحل صعبة فقررت أن أشارك تاجرا على أن يدخل هو بالمال وأنا بالمحل بتجهيزاته على أن يعطينى شهرية تتغير كل سنة من الربح ولما علم ابن أخى طلب مني أن يكون هو مقام الشريك ويعطينى نفس المبلغ الشهرى من الربح ووافقت كصلة رحم بذلك وتركت بالمحل بضاعة بمبلغ2000 جنيه لتكون المشاركة بالبضاعة أيضا وأقوم إنا بإنهاء أي إجراءت حكومية كضرائب والرخص والسجل التجاري والمخالفات والخ.. ويستشيرني في أي عمل ويعمل برأي.
وسؤالي: هو هل في ذلك شبهة وهل لمالك المحل المؤجر لي المحل علاقة في كيفية أي علاقة بيني وبين من أريد أن يشاركنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب في إجارة الدور والدكاكين أن تكون على مدة محدودة. وكل عقد إجارة لا تكون فيه المدة محددة فهو عقد فاسد، ولا عبرة بقانون يصحح ذلك، ويصح أن يكون المال في الشراكة على بضاعة إذا قيمت بالنقد عند العقد، والربح بين الشريكين حسب ما اشترطا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم السائل الكريم أن الإجارة مدى الحياة إجارة فاسدة شرعا؛ لأن المدة فيها مجهولة. وقد اتفق أهل العلم قاطبة على أنه في إجارة الدور والدكاكين يجب أن تكون المدة معلومة ومدى الحياة غير محددة ولا معلومة.
كما يجب في الإجارة أن تكون الأجرة معلومة. وعليه فيجب فسخ عقد الإجارة هذا وتسليم المحل للمالك، ثم إجراء عقد إجارة صحيح إن شاء المالك أن يؤجر، ولا يجوز للأخ السائل أن يتحاكم أو يستند إلى قانون تأبيد الإجارة المعمول به في بعض البلدان.
فإن هذا قانون يصادم الشريعة وقد سبق أن قلنا ذلك في الفتوى رقم: 103971
فهذا هو حق المالك، وإذا رضي بإجارة عقاره على الوجه الشرعي فلا علاقة له بشريك المستأجر.
وأما كيفية الشراكة فنقول لا مانع من أن يشترك بدنان في ماليهما، فيعملان فيهما، والربح حسب ما يتفقان عليه. ويشترط في الربح أن يكون نصيب كل منهما حصة شائعة من الربح لا مبلغا معلوما أو مقطوعا كما يفيد السؤال، فالتزام الشريك بدفع مبلغ شهري لشريك يجعل الشراكة محرمة باطلة.
جاء في المغني: متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة، أو جعل مع نصيبه دراهم، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم، بطلت الشركة.
كما يجب في الشركة التي يكون رأس مال أحد الشركاء فيها بضاعة أن تقوم بالنقد لأن الشركة تقتضي المفاصلة ولا تكون المفاصلة إلا على شيء معلوم يرجع إليه. وعليه فتقوم بضاعة السائل بالنقد وتحسب من ضمن رأس ماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1429(12/2580)
هل يضمن الشريك إذا تأخر تحصيل عائد الاستثمار
[السُّؤَالُ]
ـ[صديق شارك معي في تمويل مشروع استثماري وتأخر تحصيل عائد الاستثمار لمدة 4 سنوات والمتفق عليه أن يتم تنفيذ المشروع خلال أربعة أشهر، ولظروف خارجة عن إرادتنا حصل التأخير، طالب هذا الممول بتعويض قدره 150 % من قيمة التمويل، علما بأن المتفق عليه والمدون في الاتفاق أن يتم قسمة العائد حسب نسبة المشاركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يضمن الشريك الخسارة في مال شريكه إلا إذا تعدى أو فرط.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة تقتضي أن يتحمل الطرفان الخسارة إن حصلت على حسب نصيب كل واحد منهما في رأس مال الشركة وإن اختلف قدر نصيبهما من الربح، ولا يصح أن يحمل طرف الطرف الآخر الخسارة أو جزءا منها.
جاء في كشاف القناع: والوضيعة -الخسارة- على قدر ملكيهما فيه أي فيما يشتريانه فعلى من يملك الثلثين ثلثا الوضيعة وعلى من يملك فيه الثلث ثلثها سواء كانت لتلف أو بيع بنقصان وسواء كان الربح بينهما كذلك أو لم يكن لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال وهو مختص بمالكه فوزع بينهما على قدر حصصهما.
ومع ما تقدم فإن الشركة قائمة على الوكالة والأمانة المتبادلة بين الشريكين فإذا تعدى أو فرط الشريك في مال الشركة ضمن الخسارة إن حصلت بسبب ذلك، كسائر الوكلاء والأمناء إذا تعدوا أو فرطوا في أماناتهم وما تحت أيديهم من أموال الناس.
جاء في المنثور في القواعد في أسباب الضمان وذكر منها اليد، قال: وهي ضربان يد غير مؤتمنه كيد الغاصب، ويد أمانة كالوديعة والشركة والمضاربة والوكالة ونحوها إذا وقع منها التعدي صارت اليد يد ضمان. انتهى.
وعليه فإذا كان هناك خسارة حصلت في مال الشريك بسبب تفريط شريكه فإنه ضامن لهذه الخسارة فقط وإن لم يكن تفريط فلا ضمان عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1429(12/2581)
حكم المشاركة على نسبة من الربح والخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أراد شخص أن يساهم في شركة على أن تكون نسبة الربح 8% ونسبة الخسارة 5%، هل هذه الصورة جائزة شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ضمان رأس المال في المضاربة غير جائز اتفاقا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أصول الاستثمار أن المضارب أو الشريك لا يتحمل الخسارة في رأس المال أو في نصيب شريكه إلا في حال التعدي أو التفريط، ومتى اشترط الشريك أو صاحب رأس المال ضمان ماله أو بعضه على العامل أو الشريك فإن الشرط باطل، وهل يفسد العقد أم لا محل خلاف عند أهل العلم مع اتفاقهم على إبطال الشرط وحرمة اشتراطه في العقد، جاء في كشاف القناع: وان اشترط الشريك أو رب المال عليه أي على شريكه أو المضارب ضمان المال إن تلف أو شرط أن عليه من الوضعية أكثر من قدر ماله فسد الشرط وحده لمنافاته مقتضى العقد.
وجاء في مطلب أولي النهى: إذا اتفق رب المال والمضارب على أن الربح بينهما والوضعية عليهما كان الربح بينهما والوضعية على المال لأنه متى شرط على المضارب ضمان المال أو سهما من الوضعية فالشرط باطل لا نعلم فيه خلافا والعقد صحيح نص عليه أحمد لأنه شرط لا يؤثر في جهالته الربح فلم يفسد به العقد كما لو شرط لزوم المضاربة.
وفصل بعضهم في فسخ العقد قبل الفوات وبعده كما جاء في المنتقى شرح الموطأ: قال مالك في الرجل يدفع إلى الرجل مالا قراضا مضاربة ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان قال: لا يجوز.. لأن شرط الضمان في القراض باطل. انتهى
قال في الشرح: فإذا دفع القراض على الضمان وجب فسخه ما لم يفت فان فات بطل الشرط ورد فيما قد مضى منه ما لا بد منه في تحصيل رأس المال على هيئته إلى قراض المثل وهو معنى قوله: وإنما يقتسمان الربح على مالو أعطاه إياه على غير ضمان.
ومن خلال ما تقدم تعلم أن صورة الاستثمار المسؤول عنها غير جائزة لأن الشريك أو المضارب دخل فيها مع ضمان الخسارة وهذا يجعل العقد قرضا ربويا لا عقد استثمار شرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(12/2582)
عقد الشراكة هذا غير صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة تخرجت حديثا من كلية الصيدلة، وهي الآن لا تملك التصريح ولا المال الكافي لفتح صيدلية خاصة. اقترح عليها شخص أن يتكفل هو بالمصاريف وكذلك بالتصريح فيما تقوم هي بالعمل أو توكل شخصا آخر بذلك ويكون الربح مقاسمة. المشكلة أنها لا تعرف شيئا عن هذا الشخص وهي خائفة أن يقوم بتقديم رشوة من أجل الحصول على التصريح أو أيضا عن طريق الواسطة.
سؤالي: هو هل يجوز أن تقدم على هذا العمل مع العلم أنها لا تعلم عن مصدر مال هذا الرجل وكذلك أنها من الممكن أن تأخذ مكان شخص آخر إذا حصلت على التصريح عن طريق الواسطة أو الرشوة. هل الرشوة جائزة في هذه الحالة.
أريد إضافة أن الحصول على التصريح يكون بالدور حيث إن من وضع ملفه أولا يكون له الحق في التصريح أولا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الطريقة التي يراد أن يتم بها العقد لا تجوز في نظر جمهور أهل العلم. ولا حرج في إعطاء الرشوة إذا تعينت وسيلة للحصول على حق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
يتضمن هذا السؤال ثلاث نقاط هي:
1. الطريقة التي يريد ذلك الشخص أن يتعاقد بها مع صديقتك.
2. عدم معرفتها بذلك الشخص.
3. احتمال أن يحصل التصريح بالرشوة أو الوساطة.
وحول النقطة الأولى، فما اقترحه ذلك الشخص من أن يتكفل هو بالمصاريف وبالتصريح ... وتقوم هي بالعمل، أو توكل شخصا آخر بذلك ويكون الربح مقاسمة بينهما ...
إن هذه النقطة تتضمن احتمالين هما:
· أن تقوم هي نفسها بالعمل.
· أوأن توكل به شخصا يقوم به.
فإذا كان الاحتمال الأول، فإن ذلك يعتبر إجارة وهي عقد مباح، إلا أن جمهور أهل العلم لا يجيزون أن تكون الأجرة جزءا من الربح، ومنهم من أباح ذلك. ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 46071.
وأما الاحتمال الثاني، فإذا كان المقصود أنها ستأخذ أجرة على كون الصيدلية باسمها فإن ذلك يدخل في ثمن الجاه، وقد بينا من قبل حكمه أنه لا يجوز. ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 61595.
وحول النقطة الثانية، فإن معرفتها للشخص المذكور لا تشترط لحلية تعاقدها معه، ولا ينبغي أن تسيء به الظن قبل وجود دليل على ذلك.
وحول النقطة الأخيرة، فإن الملفات إذا كانت ترتب حسب ورودها، ولا يستفيد صاحب ملف من ترخيص إلا بعد أن يجيء دوره، فلا يجوز السعي في تغيير ذلك بالوساطة أو الرشوة أو غيرهما.
وإن كان المسؤولون عن الملفات لا يراعون شيئا من ذلك، ويقدمون كل من يجد وساطة أو يعطي رشوة، وربما تأخر الملف زمنا طويلا لعدم تقديم صاحبه رشوة ... ، فإن تقديم الرشوة في هذه الحالة أو الاستعانة بالوساطة يجوز؛ لأنه الوسيلة الوحيدة لحصول المرء على حقه.
وفي هذه الحالة يكون الإثم على من ألجأ إلى الرشوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(12/2583)
كيفية قسمة الطوابق بين الشركاء في الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[شاركت والدتي فى شراء أرض بذهبها مع جدي وشاركت فى بناء هذه الأرض فى الدور الأول والثاني والثالث لكن بدون سقف فما حقها الشرعي فى البيت، علما بأن البيت أصبح 6 أدوار، وقد تم بناء الرابع والخامس والسادس بواسطة أعمامي، فهل لها الحق فى أخذ الإيجار أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام قد اشتركت أمك وجدك في شراء الأرض فهما شريكان فيها بقدر ما دفعه كل واحد منهما في الثمن، وكذا نصيب كل واحد من أمك وجدك في البيت على حسب نصيب مشاركته في البناء، فإذا كانت أمك شاركت في الأرض والبناء بالنصف مثلاً فلها النصف وكذا ... وإذا انتفع أحدهما بالسكنى في البيت من دون الآخر عن غير هبة منه له كان لغير المنتفع الحق في المطالبة من الإيجار بقدر نصيبه في الشركة، فمن كان له النصف في الشركة مثلاً أخذ نصف الإيجار وهكذا، ولا يحق للواحد منهما أن يطالب بالإيجار كاملاً وليس له حق إلا بقدر مشاركته في الأرض والبناء.
وما بناه أعمامك من الأدوار إن كان بإذن والدتك وجدك فهذه تعتبر هبة منهما للهواء لأعمامك، ويملك كل واحد منهم ما بناه، وليس لوالدتك الحق في الرجوع في تلك الهبة لأن إذنها لهم بالبناء يعتبر هبة منها لنصيبها في هواء البيت لأعمامك، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 55385، والفتوى رقم: 97787.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(12/2584)
حكم كون حصة صاحب رأس المال مضافة إلى رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[استثمرت مبلغا من المال كالتالي: جاء إلي شخص وسيط عرض علي أن أستثمر مبلغا من المال لدى شخص ثالث مقابل أن أعطيه مكافأة نظير أن يكون وكيلا لي فى التعامل مع هذا الشخص، وحدث أن قال لي إن الأرباح المتحققة كانت 35 % من رأس المال، وأعطيته مبلغا نظير الوكالة، وحدث بعد ذلك أن علمت من مصدر موثوق أن هذا الشخص الوسيط لم يكن وسيطا في استثمار بل أنه أقرض هذا المال بالربا بنسبة 50 % وهو عادة ما يفعل ذلك مع كثير من المستثمرين مستغلا حاجتهم، علما بأن الشخص الثالث الذي استثمر المال حين واجهته أكد أن المال قد تم استثماره فى المقاولات وما حصلت عليه هو نصيبي من الاستثمار، فما حكم المال الذي حصلت عليه، وإذا لم يكن حلالا، فهل علي أن أطلب المبلغ الزائد الذي حصل عليه الوسيط بدون علمي لأتخلص منه أيضا، فأفيدونا أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من استؤجر على إقراض المال بفائدة لم يستحق من أجرته شيئاً لأنه لا يجوز الاستئجار على المعاصي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المسألة لا تخلو من احتمالين:
الاحتمال الأول: أن يكون الوكيل دفع المال إلى الشخص الثالث على وجه الربا، ففي هذه الحالة يكون الوكيل ارتكب إثماً عظيماً بخيانة موكله والتصرف في ماله على الوجه الذي حرمه الله تعالى، ولا يستحق هذا الوكيل -إن ثبت أنه فعل ذلك- شيئاً من أجرته، وما أخذه من ربا يجب عليه رده إلى من أربى إن أمكنه ذلك، فإن لم يمكنه الرد تخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين العامة، وإذا لم يفعل طالبه الموكل بذلك، وهكذا الموكل في القدر الذي جاءه من الربا يفعل فيه ما قيل للوكيل.
الاحتمال الثاني: أن يكون الوكيل دفع المال إلى الشخص الثالث على وجه الاستثمار، فهنا ينظر إلى الاستثمار هل كان على وجه مشروع أم لا، فمن دفع إلى شخص مالاً ليضارب به والربح بينهما على ما اتفقا عليه وخلا الاتفاق من ضمان رأس المال على المضارب فهذا استثمار مشروع.
أما إن دفع إليه المال مع ضمان رأس المال سواء جعل له مبلغاً محدداً أو نسبة مضافة إلى رأس المال لا إلى الربح فإن هذه مضاربة فاسدة، لأن إضافة النسبة إلى رأس المال مثل تحديد مبلغ محدد لا فرق.
والذي يظهر أن المعاملة المسؤول عنها كانت حصة صاحب رأس المال فيها مضافة إلى رأس المال، وإذا كان الأمر كذلك فالمعاملة فاسدة، ويستحق فيها المستثمر أجرة مثله فقط كما هو مذهب الجمهور، وذهب آخرون إلى أن له قراض مثله، وراجع لمعرفة الفرق بينهما الفتوى رقم: 78071.
وما نتج عن هذه المضاربة من ربح فلصاحب رأس المال لأنها نماء ماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(12/2585)
حكم اشتراط الشريك أن يأخذ مالا ثابتا كل شهر
[السُّؤَالُ]
ـ[فماذا تقول السادة أئمة الدين وفقهاء الملة المطهرة فى رجلين اتفقا على أن يشتركا فى مشروع تجاري (مجيرة) وهي التجارة فى مواد البناء من الرمل والأسمنت والحديد وما إلى ذلك ثم اشتركا معا فاشتريا قيراطين ولودر (ماكينه للتحميل) مناصفة بينهما دفع كل رجل مثل صاحبه ولكن عند البدء بشراء المستلزمات التى هي الرمل والأسمنت ونحوه اعتذر أحد الرجلين بأنه لا يملك مالاً يدفعه وعليه اشترى أحدهما المون من الرمل والأسمنت وكافة المستلزمات من ماله وطلب من صاحبه أن يعمل معه فرفض متعللا بعدم فراغه وعليه اشتغل الرجل وأهله فى تنمية المال وبادره صاحبه بأنه سوف يأخذ نصيبا ثابتا كل شهر وهو مبلغ 400ج مصري وعند تصفية الربح فى آخر كل عام كان يأخذ نصف الربح، والسؤال الآن هل تعتبر هذه الصورة شركة صحيحة، وهل يكون أخذ الرجل الذى لم يدفع فى رأس المال ربحية كل عام حقا له أم أن حقه فقط يكون مقدرا بإيجار قيمة قيراط ونصف أجرة اللودر، مع العلم بأن هذا المشروع تعرض للإزاله أكثر من مرة من قبل الحكومة ولم يساهم هذا الرجل فى دفع أي مبالغ للمحامين وكذلك لم يسهم فى دفع أي مبلغ قيمة (عمرة اللودر) ، أي هل يكون شريكا رغم أنه لم يدفع فى رأس المال ولم يعمل ولم يساهم فى الغرم الذى يتعرض له المشروع بل ويأخذ 400ج شهريا بغض النظر عن المكسب أو الخسارة، أم تقدر قيمة إيجار قيراط ونصف لودر وتدفع له كأجرة مثل، وإذا كان صاحب رأس المال قد اشترى قطعة أرض كبيرة ملاصقه لقطعة أرض المجيرة من ربح المشروع ودفع فيها من ماله الخاص هل تقسم مناصفة بينهما بعد إخراج قيمة ما دفعه من خالص ماله أم لا حق للرجل الآخر فيها، فأفتونا مأجورين مع بيان الأدلة الشريعة ما أمكن ذلك، وبيان مذاهب الأئمه المتبوعين فى هذه المسأله متى يسر الله ذلك؟ ولكم جزيل الشكر واقبلوا عذرنا فى الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من أن أحد الشريكين لم يساهم إلا في ثمن القيراطين واللودر، بينما دفع الشريك الثاني مساهمته في ثمن القيراطين واللودر مع جميع المستلزمات من رمل وإسمنت وغيرهما ... يفيد أن أحد الشريكين أكثر نصيباً من الآخر في مال الشركة، وهذا أمر ليس فيه من حرج، وطريقة اقتسام الربح تكون على حسب الاتفاق بينهما، قال ابن مفلح في الفروع: وربح كل شركة على ما شرطا ولو تفاضلا ومالهما سواء، نص عليه. انتهى.
وأما ما ذكرته من أن الشريك الأقل حظاً في الشركة قال إنه سوف يأخذ نصيباً ثابتاً كل شهر وهو مبلغ 400ج مصري، وعند تصفية الربح في آخر كل عام كان يأخذ نصف الربح ... فهذا أمر غير واضح! وعلى أية حال فإن كان هذا قد اشترط عن عقد الشركة فإنها تفسد به.
قال ابن مفلح: فإن شرطا لهما أو لأحدهما ربحاً مجهولاً أو مثل ما شرط فلان لفلان أو معلوماً وزيادة درهم أو إلا.. فسد العقد. انتهى. وإذا فسدت الشركة كان الربح والوضيعة (الخسارة) على قدر ماليهما ويكون لمن قام بالعمل أجرة مثله فيما قام به من عمل، وعلى هذا التقدير فالواجب أن يختص العامل بأجرة مثله، ثم يوزع الربح بحسب المالين، وأما لو كان الشريك الذي قلت إنه قال (إنه سوف يأخذ نصيباً ثابتاً كل شهر وهو مبلغ 400 ج مصري ... إلى آخر ما ذكرته) ، قد قال ذلك بعد انعقاد الشركة فإنه لا يكون فيه ضرر على الشركة، ويبقى الربح على ما تم عليه الاتفاق بينهما.
ثم ما ذكرته من أن الشريك الأكثر نصيباً في الشركة كان يدفع الغرم من ضرائب وأجور محامين ... إذا كنت تقصد أنه يدفع ذلك من مال الشركة فإن ذلك هو الواجب ولا شيء فيه، وإن كنت تقصد أنه يدفع ذلك من جيبه فمن حقه أن يسترجع من الشركة قدر ما دفعه من ذلك. ثم قولك (إن صاحب رأس المال قد اشترى قطعة أرض من ربح المشروع ملاصقة لقطعة أرض المجيرة، وأنه دفع فيها من ماله الخاص ... ) وأنت تسأل عما إذا كان الواجب أن تقسم مناصفة بينهما بعد إخراج قيمة ما دفعه من خالص ماله، أم أنه لا حق للرجل الآخر فيها ... فالجواب: أنه إن كان قد اشتراها للمشروع فإنها تكون كسائر ممتلكات المشروع، وله هو فقط أن يسترجع منها ما بذله من خالص ماله، وإن كان اشتراها لنفسه فإنه يختص بها ولكنه يرد للمشروع ما أخذ من ثمن أو يعتبر من نصيبه من الربح إن وجد، وإلا فمن رأس ماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(12/2586)
كان يشارك إخوته في الراتب والتجارة ويريد الانفصال
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن إخوة أشقاء نتشارك في الموارد الاقتصادية (رواتب + تجارة) كعادة أهل الريف في مصر
منذ بضعة سنوات سافرت للعمل في الخليج هل من حقي الاستقلال عنهم أم يعد نوعا من الغدر بهم
علما بأني أولادي صغار وقد تكفلت بزواجي ولم يتحمل أحد منهم أي أعباء مالية في زواجي
وأخي الاكبر لديه أولاد في سن الزواج فهل يجب على المساهمة في زواجهم ولا أضمن رد المعروف واستمرار المشاركة وابن أخي ليس بارا بأبيه فكيف يكون حاله معي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أنكم تفعلونه من الاشتراك في الموارد الاقتصادية (رواتب + تجارة) ، هو من العادات الحسنة، التي تقوي الألفة والعلاقات الأسرية.
ومع ذلك فإنه ليس بواجب، ولا يجب الاستمرار عليه لمن كانوا يأخذون به.
وعليه، فلا حرج في أن يستقل كل من أراد الاستقلال بأمواله منكم.
اللهم إلا إذا كنت من قبل عالة على إخوتك، حيث لم تكن لك تجارة ولا رواتب، فإنك في هذه الحالة يحسن أن تكافئهم على ما قاموا به من إعالتك. ولا نقول بوجوب ذلك عليك، طالما أنهم أنفقوا عليك متبرعين.
كما أنه لا يجب عليك المساهمة في زواج أبناء أخيك، ولكنك إن فعلت ذلك ابتغاء وجه الله كان لك فيه أجر. ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1429(12/2587)
تصدق الشريك من مال الشركة بدون إذن الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[شركاء في مؤسسة عليهم ديون للناس ومعهم أموال نقدية وغير نقدية بعضهم يتصدق من هذا المال المشترك والبعض الآخر لا يرى الصدقة في الوقت الحالي بجحة أن الأولى هو تقديم الدين لكن الذي يرى الصدقة يقول إن العجز عن سداد الديون سببه عدم وجود سيولة فقط، والسؤال هو: هل يستمر من يرى الصدقة في التصدق، علما بأن رأس المال غير محدد ولا الأرباح كذلك، فأفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشركة تنعقد على التجارة، والشريك وكيل عن شريكه في هذا الشأن، أما الصدقة والهبة فليستا من أمور التجارة، وبالتالي لا يحل للشريك أن يتبرع أو يتصدق من مال الشركة إلا بإذن من بقية الشركاء، فإذا لم يأذنوا لم يجز له التصدق، جاء في المغني: ... لأن الشركة تنعقد على التجارة وليس هذه الأنواع تجارة ... وليس له أن يقرض ولا يحابي لأنه تبرع وليس له أن يتبرع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(12/2588)
الشركة بين شخصين أحدهما بعرض والثاني بنقد وعرض
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يريد أن يشترك في عمل إنشاء مينا مع شريك آخر هذا الرجل أعني الأول مشارك بمعدات ومواد خرسانية, والشريك الثاني مثله لكن مع رأس مال نقدي.. والسؤال: ما حكم هذه المخالطة علما بأن الشريك الثاني صاحب المال النقدي يحتمل أن ماله فيه شيء من الربا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اشتراك شخصين في شركة عقد هذا بعرض وهذا بنقد وعرض محل خلاف عند أهل العلم، فجمهورهم على أنها شركة فاسدة، لأن الشركة تقتضي الرجوع عند المفاصلة برأس المال أو بمثله وهذه لا مثل لها يرجع إليه.
وذهب مالك وأحمد في رواية عنه إلى جواز ذلك بشرط أن تجعل قيمة العروض رأس مال وقت العقد بمعنى أن تقومّ العروض -الآلات والمعدات ونحوها- بثمن في وقت العقد ثم يجعل رأس مال، ولقول مالك هذا وقول أحمد حظ كبير من النظر. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 15291.
وأما قول السائل أنه يحتمل أن في مال الشريك شيء من الربا فليعلم أن الأصل أن ما في يد الإنسان ملك له وأن ذمته بريئة من الحرام حتى يثبت عكس ذلك، ولو فرض أن مال شريكه مختلط فلا مانع من مشاركته، وراجع تفصيلاً أكثر في الفتوى رقم: 23264.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(12/2589)
أقوال العلماء في لزوم عقد المضاربة من عدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع صاحب شركة أن أعمل معه بنظام الشراكة أنا بجهدي وهو يوفر لي المكتب والموظفين والتمويل للمشاريع التي سوف أنفذها بنسبة 40% لصاحب الشركة و60% لمجهود عملي ونشاطنا له علاقة بالتسويق الإعلاني، كيف أضمن حقوقي مستقبلا في حال نجاح المشروع حتى لا يستغل صاحب الشركة نجاح المشروع ويستبدل إدارتي بادارة جديدة تعمل معه بالراتب ويستغني عن شراكتي، كيف أصيغ عقدا يضمن حقوقي معه مستقبلا وتحت أي مسمى يصبح العقد تحت شراكة مضاربة أو بماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اشتراك شخصين في عمل هذا ببدنه وجهده وهذا بماله يعد مضاربة مشروعة، إذا التزم فيها الطرفان حدود الله تعالى، ومن ذلك أن يكون نصيب كل منهما من الربح معلوما مشاعا، كالثلث والربع والنصف ونحو ذلك،
ومن ضوابط المضاربة أن لا يضمن العامل - الشريك بجهده وعمله - رأس المال إلا في حالة التعدي والتفريط، وراجع تفصيل المضاربة في الفتوى رقم: 72823.
ولتعلم أن الشركة عموما والمضاربة خصوصا من العقود الجائزة غير اللازمة، ومعنى أنها غير لازمة أنه لكل واحد من الطرفين فسخ العقد في أي وقت رضي الآخر أم أبى، وهذا مذهب جمهور أهل العلم.
وذهب المالكية إلى أنه لا يحق للشريك فسخ الشركة إلا إذا تم العمل الذي تقبل، أو إلى أن ينض رأس مال الشركة أي يصير نقدا لا عروضا، مثل الأراضي والعقارات والسيارات ونحو ذلك.
وأما قول الأخ السائل: كيف أضمن حقوقي مستقبلا ... فالجواب أن حقوق المضارب في المضاربة يكون بظهور الربح فهذا حقه قلَّ أو أكثر. وأما خشيته من أن يستبدل صاحب رأس المال به آخر يعمل بالراتب فهذا من حق صاحب رأس المال، ولا يكون بذلك ظالما للعامل إذا وفاه نصيبه كاملا من الربح المتفق عليه.
هذا وننبه الأخ السائل إلى أمرين:
الأول: أنه يجوز أن يشترط في العقد تأقيت المضاربة بمدة كسنة أو أكثر على القول بصحة تأقيت عقد المضاربة، جاء في المغني: ويصح تأقيت المضاربة مثل أن يقول: ضاربتك على هذه الدراهم سنة ... اهـ
الأمر الثاني: أنه يجوز له أن يدخل في عقد إجارة براتب محدد أو بنسبة من الربح أو بهما معا. وقد بينا في الفتوى رقم: 58979، جواز ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1428(12/2590)
حكم مشاركة من يغلب على الظن أن ماله حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص لا أعرفه تعرفت عليه فقط عن طريق الإنترنت، أخبرني أن هناك أموالا لعائلته وأموالا لشخص مهم في بلده يريد أن يستثمرها في بلدي وأن أكون أنا المسؤول عن هذا الاستثمار ولي نسبة معلومة من الربح، ولكنه سيقوم بتحويل هذه الأموال إلى بلد معين ثم إلى بلدي، أنا لا أعرف مصدر هذه الأموال هل هي حلال ولكنها مهربة أم أموال حرام وقد يكون غسيل أموال، سؤالي من الناحية الشرعية هل لي أن أسأل عن مصدر هذه الأموال، أم أن ما يعنيني أنني سوف أقوم باستثمارها في مجال حلال وأتعامل معهم بما اتفقنا عليه من معلوم نسبة الربح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن ما في يد الإنسان ملكه، لكن هذا الظاهر عارضه احتمال حرمة المال في الصورة المذكورة، وهذا الاحتمال مستند إلى قرائن قوية، منها أنها أموال مهربة وأن صاحبها غير معروف للسائل، وأنه يستبعد أن يحول شخص إلى آخر أموالاً كثيرة بدون معرفة سابقة وثقة كاملة ... إلا أن يكون هذا المال مسروقاً أو مغصوباً أو نحو ذلك.. إلخ، كل هذه القرائن دالة على أن هذا المال حرام.
وعليه فمن الناحية الشرعية يجب على السائل التأكد من حل هذه الأموال، فإن غلب على ظنه أنها من الحرام وجب عليه الكف عنها فغلبة الظن هنا قائمة مقام اليقين.
جاء في بريقة محمودية: ... فإن تعارضت الأدلة فإن ترجح جانب الحرمة فيجب العمل به. انتهى.
ولا يكفي في المسألة المعروضة سؤال الشخص المذكور عن مصدر ماله فإنه لا تعويل على قوله فإنه لا يعرف حاله ولا عينه، أصادق هو أم كاذب، فكيف يمكن الاعتماد على كلامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(12/2591)
لا بأس بإعطاء المضارب مبلغا شهريا تحت حساب الأرباح والخسائر
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي رخصة في التصرف في نفايات بلاستيكية فأقوم بشرائها بثمن مسعر ثم بيعها فيما بعد للدولة بثمن مسعر أيضا. وبعد مدة ونظراً لنقص الإمكانيات اتفقت أنا وزميل آخر له كميات فائضة عن السقف الذي تقتنيه الدولة شهريا أن يقوم شهريا بنقل وبيع هذه المواد باسمي مقابل ثمن يفوق ذلك المحدد للشراء بما يضمن له خلاص أتعابه ودون الثمن المسعر للبيع مما يضمن لي هامشا ضئيلا لكنه مضمون من الأرباح.
وعلى هذا الأساس ولضمان ديمومة العمل اتفقت مع شخص آخر أن يشاركني في العملية لمدة سنة وذلك عبر مبلغ مالي أرجعه له في آخر السنة باعتبار أن هامش الربح مضمون وهو ما تبين بعد التجربة ثم بعد شهر. ولدرء شبهة الربا اتفقنا أن هذا المبلغ غير مضمون في صورة الخسارة.
كما اتفقنا منذ البداية أن ينال وبصفة دورية مبلغا يمثل نسبة مئوية تقريبية من هامش الربح الحاصل لي نظرا لصعوبة تحديدها لتشعب المصاريف من مكالمات وأداءات وتنقلات مع تنازله عن أية أرباح له قد تفوق ذلك المبلغ. ولدرء شبهة الربا اتفقنا على عدم حصوله على ذلك المبلغ في صورة الخسارة.
سؤالي يتعلق بمدى صحة معاملتي وفي صورة عدم صحتها كيفية تصحيحها علما وأني مضطر لذلك وأنه لا توجد بنوك إسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن تحدد لصاحب المال مقدارا ثابتا من الربح، وإنما المشروع أن تتفق معه على نسبة من الربح كالثلث أو النصف ونحو ذلك ومع عدم ضمان رأس المال في حالة الخسارة، وإلا كان هذا المبلغ عبارة عن قرض جر نفعنا وهو محرم باتفاق الفقهاء.
وإذا انضبطت المعاملة بما ذكرنا فلا مانع أن يعطى مبلغا شهريا تحت حساب الأرباح والخسائر، وراجع لتفصيل ذلك الفتوى رقم: 5160 والفتوى رقم: 71688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(12/2592)
مسائل حول الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة اسأل الله أن يلهمكم الصواب في فتواها أكرمني الله بفتح مشروع تجارة بيع أجهزة وقطع غيار الحاسبات وبدأت بمبلغ صغير من المال ولكن بفضل الله كنت أفضل من شركات أخرى كانت تتفوق علي بأضعاف أضعاف رأس مالي وكنت محتاجا لمبلغ من المال كي استطيع أن أنافس وأتميز في السوق وكان لي أخوان أكبر منى سنا تاجران كبيران أنعم الله عليهما بكثرة المال فلما وجدا تجارتي تنمو عرضا علي مبلغا من المال ليس كبيرا بالنسبة للمشروع بل كان صغيرا جدا لا يكفى شىء25000 ألف جنيه مصري ما يساوى (4200 دولار) واشترطا علي عدة شروط لكي يعطياني هذا المبلغ استغلالا لحاجتي أولا: أن يصبحا شريكين لي في تجارتي بهذا المبلغ الصغير رغم غناهما وعدم حاجتهم ثانيا: وبناءا على نظرتهم التجارية ولعلمهما بأمانتي وصدقي وأخلاصى واجتهادي في أي عمل اشترطا أنني إذا أكرمني الله وكبرت هذه التجارة ونجحت ألا أنفك عن هذه الشركة وأن تصبح شركتهم لي في تجارتي شركة أبدية مدى الحياة لا يجوز لي أن أنفض عنها ونتيجة لحاجتي إلى هذا المبلغ وافقت وبفضل الله عليا وببركة الدعاء ثم الأمانة والصدق مع الموردين والعملاء على السواء فكنت محل ثقة بالنسبة للموردين الذين أولوني ثقتهم وأصبحوا يعطونني أي كمية بضاعة أريدها مهما بلغ الثمن على أن ادفع لهم بعد بيع البضاعة أو لأجل متفق عليه ولم يكن ذلك بفضل المبلغ البسيط الذي أعطاه لي اخواي أثناء عقد الشركة بيني وبينهم ولكن كان أولا وأخيرا بفضل الله ثم سمعتنا الطيبة وواصلت الليل بالنهار واجتهدت كثيرا ورافقني في اجتهادي زوجتي وأولادي مما دفعا بأخواي أن يستثمرا مبالغ كثيرة من المال زعما أن هذه الأموال لأناس يريدون أن يستثمروها واشترطا علي أيضا أن يأخذا مقابل الأموال المستثمرة لهما على نصف مكسب الشركة فأصبحا يحصلان على نصف مكسب الشركة مقابل هذه الأموال وباقي النصف الآخر من أرباح الشركة يتقسموها معي مناصفتا فأصبحا يأخذا أرباحا على هذه الأموال ثم يقتسمان معي ما تبقى من أرباح تجارتي بل كانا يشترطان أن يأخذا على الأموال المستثمرة نصف الربح دون أن يخصم منه أى تكاليف أو مصروفات كمرتبات ومواصلات وإيجارات والباقي من أرباح الشركة يصبح مبلغا صغيرا يتقسموه معي مما جعل ما أحصل عليه من الأرباح لا يكفيني معيشتي أنا وأسرتي ولكن مرت بي ظروف نتيجة لنصب بعض الناس من العملاء وخيانة أحد العاملين بشركتي وكنت قد أوليته ثقتي فخانني وقام بنشر شائعات عن الشركة بأنها مقدمة على الإفلاس فتعثرت في تجارتي وتأخرت في سداد مستحقات الموردين ففكرت في بعض الحلول وكان منها أنى قمت بنقل مقر شركتي إلى مكان آخر يعتبر أفضل مكان في مدينتي حتى يكون ذلك تكذيبا للإشاعات وبحثا عن عملاء جدد مما كلفني ذلك بعض الأموال فطلبت من أخوتي أن يقفوا بجانبي في هذه المحنة بصفتهم إخوة لي ولأنهم أيضا شركاء لي ولكن بدلا من أن يساعدانني طلبا منى سحب جميع أموالهم المستثمرة في وقت كنت احتاج فيه لكل مبلغ وألححت عليهم بان ينتظروا إلا أنهم أصروا وسحبوا كل أموالهم عدا المبلغ البسيط الذي به يشاركونني في شركتي وقد أخذا يوبخانني ويقولان لي أنت السبب فقد نقلت مقر الشركة وهذا خطأ ونقل الشركة من مكان لآخر كان سببا لأنه كلفك مبلغ من المال ونحن نعترض على هذه الفكرة وأخذت اقنع فيهما دون جدوى وتركاني في حيرتي وحدي ولكنني لم أيأس بل استعنت بالله وكنت أدعوه ليلا ونهارا فهو سبحانه يجيب دعوة المضطر ويجيب السائلين فوجدت أحد الموردين يقف بجانبي ويمدني بكل أصناف البضاعة وتم جدولة ديون باقي الموردين وكان للمكان الجديد بفضل الله سبحانه أثر عظيم فقد جعله الله فتحة خير لي فقد عادت ثقة العملاء والموردين في الشركة وأكرمنا الله سبحانه بعملاء جدد كثير وعادت الشركة مرة أخرى إلى وضع أفضل بكثير من الأول ومرت بعد ذلك سنة كبر اسم الشركة فيها وأصبح لها اسم في كل مكان على الرغم من قلة المكاسب المادية وكثرة المصروفات في العمالة وغيرها ولأننا نفضل المكسب القليل لكسب المزيد من العملاء إلا أن إرباح الشركة السنوية تكفى فقط لمصروفي على بيتي وأولادي وزوجتي فإذا قسمت الأرباح بيني وبين أخواي لم يكفى ما تبقى لمعيشتي وأسرتي ففكرت في أن أنهى علاقة الشركة بيني وبين أخواي إلا أنني أخاف أن أرتكب بذلك ذنبا فهل يجوز لي أن أنهى علاقة الشراكة بيني وبينهما؟ ثانيا: العقار الذي فيه الشركة الآن قرر أصحاب هذا العقار هدمه لبناء برج كبير وعرضوا عليا مبلغا كبيرا من المال مقابل أن اتركه فهل لأخواي بعد كل ما حدث حق في هذا المال؟ أرجو الإجابة وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي هنا أن نوضح بعض أحكام الشركات وإذا تبين له هذه الأحكام عرف جواب ما يسأل عنه فأولا: الشركة عقد مبناها على عدم اللزوم في قول جمهور أهل العلم ومن ذهب منهم إلى لزومه جعلوا له غاية وهو أن ينض رأس مال الشركة أي يصير نقدا أو ينتهي العمل الذي قامت عليه الشركة، ومعنى عدم لزوم عقد الشركة أن للشريك أن يفسخ عقد الشركة في أي وقت رضي الآخر أم أبى، وعليه، فلك أن تفسخ الشراكة مع أخويك في أي وقت تشاء.
ثانيا: الربح في الشركة يكون حسب الاتفاق وإن اختلف نصيب كل واحد من الشركاء في قدر رأس المال، وعليه، فلا مانع أن يشترط عليك أخواك نصف الربح وإن كان نصيبهما في رأس مال الشركة أقل من النصف، كما لا مانع أن تقوما بالاتفاق مع آخرين يأخذان سهم أموال ليضاربا بها عندك مقابل نسبة شائعة من الربح حسبما تتفق معهما عليه.
ثالثا: لا يظهر الربح إلا بعد خصم نفقات ومصاريف الشركة كأجور عمال ومباني وهاتف ونحو ذلك، ثم ما زاد على رأس المال كان ربحا يقسمه الشركاء حسب الاتفاق.
جاء في الفتاوى الهندية:
فله أي الشريك ان ينفق من جملة المال على نفسه في كرائه ونفقته من رأس المال.. فإن ربح تحسب النفقة من الربح وإن لم يربح كانت النفقة من رأس المال. اهـ
وعليه فمن حقك أن تخصم مصاريف ونفقات الشركة قبل قسمة الأرباح.
رابعا: بالنسبة لبدل الخلو فإنه يجوز أخذه في حال دون حال، فإذا كان المستأجر للعقار ما يزال في مدة العقد وأراد المالك إخراجه فإن له أن يأخذ مقابل هذا عوضا وهو المسمى بدل خلو، أما إذا انتهت مدة عقد الإجارة وأراد المالك أن يهدم عقاره أو يؤجره لآخر أو يستغله هو لنفسه فعلى المستأجر تسليم العقار ولا حق له في بدل الخلو، وفي حال جواز أخذ بدل الخلو فإن كان العقار مؤجرا من مال الشركة بما فيه مال الأخوين بأن يكون الأخوان شريكين للسائل في المكتب والمعدات المستعملة لإنجاز المهام، فإن لهما الحق في نصيبهما في بدل الخلو، أما إن كان مؤجرا من مال السائل فقط فإن هذا من حقه هو دونهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1428(12/2593)
حكم تحديد الربح بمبلغ محدد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال: أريد الاستفسار يوجد شركة تقول بأنها مضمونة الأرباح فعندما نشترك معهم ندفع 40 ألفا فتكون الأرباح 25 ألفا وطلبنا من الشركة تحديد النسبة ولكن أجابوا بأن النسبة محددة لديهم وأرباحهم مضمونة لذلك فإن الأرباح لا تتغير عن 25 ألفا، فهل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن تحديد مبلغ محدد في الشركة حرام، وأن وجود هذا الشرط يفسد الشركة.
جاء في المغني قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة.
وعليه؛ فلا يحل الاشتراك من هذه الشركة التي تجعل للمشارك مبلغا محددا، ومهما قيل من مسوغات لهذا التحديد فإنه كلام باطل لا يلتفت إليه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1428(12/2594)
حكم فض عقد الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا اتفق اثنان على تكوين شركة يدخل الأول فيها بالتمويل والعمل ويدخل الثاني فيها بالخبرة والعمل ثم اكتشف الأول بعد حين أن خبرة الثاني ليست بالخبرة التي يعتد فيها وأن النسبة المتفق عليها تعتبر مجحفة بحقه مع العلم بأنه لا ينكر استفادته من بعض خبرة الثاني فهل تبقى الشركة ملزمة للأول بشروطها مع العلم أنه لم يكن ينوي أبدا أخذ خبرة الثاني والتخلي عنه ولكنه شعر بأن الثاني قد أوهمه بحجم الخبرة وبالغ فيها وأن الاستمرار على هذا النحو يعتبر مجحفا بحقه قهل يجب عليه الاستمرار بهذه الشراكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة المذكورة شركة صحيحة؛ كما تقدم بيانه في الفتوىرقم: 54201.
وقد اختلف العلماء في عقد الشركة هل هو عقد جائز يجوزلكل طرف فضه في أي وقت، أم لازم بحيث لا يجوز فسخه بعد الشروع في العمل حتى ينض المال أو ينتهي العمل الذي تقبل؟ وقد تقدم تفصيل ذلك مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 48733.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1428(12/2595)
حكم مشاركة المماطل القادر على السداد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنني أعمل مع أخي في شركته الخاصة ولدي النية في الدخول معه كشريك في بعض المشاريع التي يقوم بها ولكنه كانت معه شريكة في نفس الشركة وهي زوجته السابقة وبعد أن طلقها طالبت بالمبلغ الذي دفعته كشريكة في هذه الشركة إلا أنه إلى الآن لم يرجع المبلغ فهو يعد بإرجاع المبلغ إلا أنني أرى أنه يماطل، فهل يجوز أن أدخل معه كشريك أو أخالطه في الأمور المالية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب الأخ السائل في نقطتين: النقطة الأولى: إذا كنت تعلم من أخيك القدرة على سداد دينه، فالواجب نصيحته بالمبادرة إلى سداد الدين، لأن المماطلة مع القدرة ومطالبة الدائن ظلم، وفي الحديث: مطل الغني ظلم. رواه البخاري ومسلم. ومن حق أخيك عليك أن تحجزه عن الظلم.
النقطة الثانية: يجوز لك من حيث الأصل أن تشارك هذا الشخص مع مماطلته، لكن ينبغي لك أن تطلب شريكاً يخشى الله تعالى ويلتزم حدوده، فإن مبنى الشراكة الناجحة يكون على الأمانة، فيطلب له من كان متصفاً بها، والمماطل القادر على السداد غير أمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1428(12/2596)
الخروج من الشركة الظالم أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي عن إجابة السؤال رقم 2161632الجزء الذى يخص الشركة مع إخوتى بالتوضيح حيث إني عجزت عن فهم الإجابة السابقة بشيء يخصني وليس بسؤال آخر يشابهه؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم بقوله: لكني رأيت وللأسف إخوتي (يمدون أيديههم) إلى الحرام ولا أقدر على تغييرهم (يعني أنهم يأخذون من الشركة شيئاً ليس من حقهم) وهو يسأل عما إذا كان يحق له أن يأخذ منهم شيئاً يعوض به عن ذلك.
وهنا نقول إنه يجب على جميع الشركاء الابتعاد عن الخيانة والظلم، لأنهما ليسا من صفات المؤمنين كما قال الله تعالى: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ {ص: 24} ، ولا شك أن الظلم والخيانة في الشراكة ممحقان لبركتها وسببان لانفضاضها، ففي سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإن خانه خرجت من بينهما. فقوله أنا ثالث الشريكين أي معهما بالحفظ والبركة وتيسير الرزق ونحو ذلك، وقوله: خرجت من بينهما: أي أزلت البركة والعناية بهما في شراكتهما.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن أهل العلم قد اختلفوا فيما إذا كان للمرء أن يأخذ حقه ممن ظلمه إذا عثر على شيء من ممتلكاته، وكنا قد بينا تفصيل كلامهم في ذلك، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 28871.
وإذا كان هذا الاختلاف الشديد قد حصل في حق معروف ومحدد فإنه يؤخذ من ذلك أن الحق إذا لم يكن معروفاً فلا ينبغي أن يختلف في عدم إباحة أخذه، لأنه يضاف إلى أدلة المانعين أن الآخذ لا يأمن من أخذ أكثر من حقه، وقد يأخذ قدر حقه بالنسبة لشريك ويكون آخذاً لأكثر من حقه بالنسبة لشريك آخر.
وعليه فالذي نراه هنا من الحل هو الخروج عن هذه الشركة الظالم أهلها، لا غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(12/2597)
حكم تحديد قدر معين من الربح على رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهر فى هذه الأيام أحد الأشخاص فى قريتنا يقول إنه يتاجر فى كروت شحن الجوال وحدد بعض الناس يجمعون المال ليدخلها فى التجارة معه وحدد أرباحا لكل عشرة آلاف جنيه حوالي 2000 أو 3000 آلاف جنيه شهريا على أن توزع كل ثلاثة أيام على حسب الأشخاص, وقد سمعت أنها وصلت إلى 6000 و 7000 آلاف جنيه شهرياً، والأصل فيها أن تدفع المبلغ وتأخذ كروت شحن ولكن الذي يحدث غير ذلك أنه يشترط أن تترك هذا المال عنده لمدة 3 أيام أو أكثر حتى يحصل على سعر أقل وفى الغالب لا تأخذ كروت شحن ولكن تدفع أموالا وتأخذ أموالا فى قريتنا هذا مكسب غير طبيعى غير وضع البلد تماما, مما جعل كثير من العقلاء يشك بهذه التجارة أحدهم دفع مليون جنيه وأخذ 2 مليون بعد 10 أيام.. فهل هذا جائز شرعا الدخول فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتجارة والمضاربة في بطاقات شحن الجوال -لا حرج فيها من حيث الأصل- وقد تقدم الكلام في هذه البطاقات في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38277، 34058، 54667.
ولكن بالنسبة للصورة محل السؤال فإن تحديد قدر معين من الربح على رأس المال يفسد هذه المضاربة ويخرجها عن حقيقتها الشرعية، ويدخلها تحت القرض، والقرض إذا تبعه ربح أو فائدة كان قرضاً ربوياً محرماً، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 5480.
ومثل ذلك يقال في اشتراط بقاء المال يومين أو ثلاثة فإن هذا شرط محرم لكونه عبارة عن قرض جر نفعاً، وأما كونهم يدفعون مالاً ويأخذون مالاً فلا حرج في ذلك -لو سلمت المعاملة من المخالفات المذكورة- لأن الظاهر أنهم يعطون التاجر هذه الأموال ليضارب لهم فيها في هذه البطاقات فلا يلزم أن يعطيهم بطاقات شحن، اللهم إلا إذا اتفقوا على تصفية عملية المضاربة قبل تنضيض رأس المال وصيرورته نقوداً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 57938.
وننبه إلى أنه يجب الحذر مما يجري في هذه التجارة من النصب والاحتيال واستغلال الضعفاء من الناس، حيث ذكر في بعض الصحف ضبط متلاعبين بأموال الناس باسم هذه البطاقة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، فقال: إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1428(12/2598)
كيف تقسم الأرباح والخسارة في الشركة الصحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قامت شركة بين شريك برأس المال وقدره 50000 ريال وشريك بمحل يملكه وقوم بمبلغ يماثل رأس المال وعامل بجهده وبنسبة ثلث الربح وصرفت أموال للتأسيس وبدأ العمل بالتجارة بما بقي من رأس المال بمبلغ 10000 ريال، فكيف توزع الأرباح ومتى يحصل العامل على ربحه، وهل يحسب حسب ما بقي من رأس المال أو رأس المال كله، وإذا هلك رأس المال 50000 ريال ووجدت ديون بمبلغ ما، فهل يسددها الشريكان برأس المال أي بالدفع من مالهما الخاص مناصفة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تقسم الأرباح في الشركة الصحيحة حسب الاتفاق، والخسارة حسب المال.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 49706 أن رأس مال الشركة يجب أن يكون نقداً، ولا يصح أن يدفع شريك نقداً والآخر عرضاً (محلاً أو نحوه) ، وهذا مذهب جمهور أهل العلم، وذهب بعضهم إلى جواز ذلك بشرط أن يقومّ العرض وقت العقد بالنقد، وعليه فإذا قومّ المحل الذي يملكه الشريك الثاني بالنقد فإن رأس مال الشركة هو ما دفعه الشريك الأول مضافاً إليه قيمة المحل للشريك الثاني وتكون الأرباح حسب الاتفاق بينهما، ولا يلزم أن يكون بحسب حصة كل منهما من رأس المال، وإذا حصلت خسارة فإنها توزع مناصفة لتساويهما في رأس المال.
جاء في نصب الراية: ويصح التفاضل في المال ... ويصح أن يتساويا في المال ويتفاضلا في الربح. انتهى. وجاء في المصدر السابق: ... والوضيعة على قدر المالين. انتهى. والمراد بالوضعية: الخسارة.
أما عن حكم العامل في المحل.. فينظر إن كان دخل في الشركة كشريك بجهده وعمله مقابل ثلث الربح فإنه يستحق هذا القدر بظهور الربح، وإذا لم يوجد ربح فلا شيء له، وهذا القدر (الثلث) يكون نسبة من الربح لا من رأس المال، بمعنى أنه إن عمل فيما بقي من مال بعد التجهيز والتأثيث ونتج عن هذا المال ربح فإن له ثلثه، وأما إن كان دخل كأجير وأجرته ثلث ما ينتج عن البيع فهذه إجارة فاسدة عند جمهور العلماء، وذهب بعضهم إلى جوازها، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 58979.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(12/2599)
جحد شريكه حقه فهل له أن يأخذه منه بغير علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[شاركت في صفقة معادن لتصنيعها وتصديرها وكنت مشاركا في رأس المال بنسبة 45% إضافة إلى الإدارة الكاملة (شراء ونقل وتصنيع وتخزين وتصدير وتحصيل) وعند توزيع الأرباح لم يرق لشريكي الحصول على 20% نظير الإدارة إضافة إلى نسبة ربح رأس المال، وبتحكيم أصدقاء تم الاتفاق على حساب 15% من الربح نظير الإدارة، وقبيل مفاوضات حساب نسبة الإدارة وظهور الخلاف كنت قد دعوت هذا الشريك إلى صفقة تصدير وقمت بشرح كل تفاصيلها له (حيث إنه ليس له خبرة بتصدير تلك النوعية) بل قمت باصطحابه إلى مكان البضاعة المراد تصديرها وقمت بسحب عينة التحليل أمامه وقمت بتحليلها لدى المعامل المتخصصة وأتممت الاتفاق مع المستورد الأجنبي وكان هذا الشريك شديد الاقتناع بالصفقة غير أنني فوجئت به وقد أخذ الصفقة كاملة لحسابه انتقاما مني على أخذ 15% نظير الإدارة سالفة الذكر، والسؤال هو: هل يجوز لي أخذ نصيبي منه من تلك الصفقة بعد غدره (وإذا كانت هناك وسيلة أستطيع بها أخذ جزء منه فهل هذا حرام) ، فأرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من ظفر بحقه عند جاحده جاز له أن يأخذه بدون علمه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل اتفق مع شريكه على نسبة معلومة مقابل إدارته لصفقه المعادن وتصديرها، ثم إن هذا الشريك جحده هذه النسبة أو نقص منها، ولا يستطيع الأخ السائل أخذ حقه بطريقه علنية فله أن يأخذ حقه فقط بدون علم شريكه إن ظفر بذلك في الصفقة الثانية، وراجع في مسألة الظفر الفتوى رقم: 18260.
أما إن كان الأخ السائل لم يتفق مع شريكه على نسبة مقابل الإدارة فلا حق له في أخذ شيء ما لم تطب بذلك نفس شريكه، وراجع بيان ذلك في الفتوى رقم: 59446.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(12/2600)
كيفية تقسيم الغرامة على الشريكين في البضائع المهربة
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو من أصحاب الفضيلة الإحابة على السؤال التالي مشكورين:
هناك مجموعة من الإخوة لهم محلان لبيع أجهزة الجوال ومتعلقاتها، هم يتعاونون فيما بينهم ولكن رأس المال مستقلّ. وجُلُّ ما يبيعونه يستوردونه من دولة الإمارات. وذلك لرخصها هناك ولأن لهذه الجوالات لا يوجد ترخيص خاص وبالتالي يعتبر استيرادها تهريبا. المهم: في إحدى المرات ذهب فردان منهم لشراء الجوالات من تلك الدولة، فاشترى أحدهما مائة جوال والآخر أربعين، ثم تقاسما الجوالات بينهما حتى يسهل تجاوز الجمارك. فأخذ صاحب الأربعين حوالي ستين جوالا والباقي صاحب المائة. وعند تجاوز الحدود مر صاحب المائة مع ثمانين جوالا بدون إشكال، وأما صاحب الأربعين فقد أُوقف وفتش، وتبين لرجال الجمارك أن البضاعة مهربة فتم تقديم هذا الأخ إلى المحكمة وضرب غرامة كبيرة (قدرها مائة وعشرون ألف روبل روسي، أي حوالي خمسة آلاف دوولار أمريكي) عليه بسبب المخالفة. والغرامة ضربت على مجموع الجوالات التي كانت بحوزته، أي على ستين. والمشكلة أن الجوالات مختلطة لا يمكن تمييزها، لأن هناك احتمالا كبيرا أن يكون قسط صاحب الأربعين مع صاحب المائة والعكس بالعكس.
والسؤال: على أية صفة توزع قيمة الغرامة عليهم ليدفعوها للمحكمة. هل تقسم بينهما نصفين، أو يعتبر العدد الذي يملكه كل منهما؟
أعتذر عن الإطالة، حيث إن التعبير لا يساعد على توضيح الواقعة بعبارة أوجز.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص الذي حمل معه الستين جوالا حمل أولا الأربعين التي يمتلكها ثم أضاف إليها العشرين التي تخص صاحبه فإنه يغرم غرامة الأربعين ويتحمل الآخر غرامة العشرين تقسم الغرامة على ستين جوالا فيتحمل هذا الشخص منها الثلثين والباقي على صاحب العشرين، أما إن كانا خلطا الأجهزة قبل حملها وكانت لا تتميز هذه الأجهزة برقم أو نوع فإن كل واحد منهما يتحمل بقدر ما يملكه من عدد فتقسم الغرامة على مائة وأربعين، وبين هذه الصورة والتي قبلها فرق واضح.
وراجع في حكم تهريب البضائع الفتوى رقم: 52824.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1428(12/2601)
حكم كون رأس المال في الشركة عرضا
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت كمشرف مع اثنين من الشركاء أحدهما قدم رأس المال والآخر قدم المحل الذي يملكه أي أنني لا أدفع إيجاره، وتم الاتفاق على تقاسم الأرباح بين الشركاء الثلاثة، سؤالي هو: في حالة الخسارة أو وجود الديون على المحل من الذي يتحمل الخسارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يصح أن يكون رأس المال في الشركة عرضاً ما لم يقوّم عند العقد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشركة التي تقوم بين اثنين على أن من أحدهما المال ومن الآخر المحل شركة فاسدة لأن من شروط الشركة الصحيحة أن يكون رأس مال كل من الشريكين نقداً، ولا يصح أن يكون عرضاً، لأن الشركة تقتضي الرجوع عند المفاصلة برأس المال أو بمثله وهذه لا مثل لها يرجع إليه، وإذا كانت الشركة فاسدة فالربح كله لصاحب رأس المال، ولصاحب المحل عليه إيجار محله.
وإذا فسدت الشركة بين صاحب رأس المال وصاحب المحل فإنها لا تفسد بين صاحب رأس المال والعامل في المحل، فهذان يقتسمان الربح حسب الاتفاق بينهما.
وإذا أراد الشريكان أن يصححا الشركة.. فالطريقة أن يقوم المحل بالنقد وقت العقد وتجعل هذه القيمة رأس مال لصاحبه ثم يتفقان على نصيب كل منهما من الأرباح، وحيث صحت الشركة فإن الخسارة إن وجدت يتحملها كل من الشريكين على حسب حصة كل واحد منهما من رأس المال، وأما العامل في المال فلا يتحمل شيئاً ما لم يفرط أو يتعد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1428(12/2602)
الشركة بشرط أن يبيع أحد الشريكين حصته للآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في شراء قطعة أرض بمبلغ عشرين ألف دينار ولا أملك إلا خمسة عشر ألف دينار ولا أريد أن ألجأ إلى البنوك الربوية واقترحت على صديق لي أن يشاركني بالأرض بأن يدفع مبلغ خمسة آلاف من ثمنها ويصبح شريكا لي على أن لا يقيد اسمه في سند التسجيل وأن تبقى الأرض كلها باسمي، وبعد سنتين أشتري منه حصته من الأرض بربح عشرة بالمائة أي أنه يملك ربع الأرض بمبلغ خمسة آلاف دينار وأشتري منه هذا الربع بمبلغ سبعة آلاف دينار، وذلك بموجب الاتفاق المبرم في الوقت الحاضر هل هذا ربا أم أنه تجارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا العقد عقد ربوي، ولا يجوز، لأن ملخصه أن صديقك سيكون قد أقرضك الخمسة آلاف التي تحتاج إليها، على أن ترد له بعد سنتين سبعة آلاف، ولا يخفى أن هذا قرض بزيادة وذلك هو صريح الربا.
كما أن هذه الصورة داخلة أيضاً فيما يسمى بيع الوفاء، وقد ذكر أهل العلم بطلانه، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9-14- أيار (مايو) 1992م،:
بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (بيع الوفاء) وبعد الاستماع للمناقشات التي دارت حول بيع الوفاء وحقيقته: بيع المال بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد المشتري إليه المبيع، تقرر:
أولاً: إن حقيقة هذا البيع (قرض جر نفعاً) فهو تحايل على الربا، وبعدم صحته قال جمهور العلماء.
ثانياً: يرى المجمع أن هذا العقد غير جائز شرعاً.
وعليه فالذي يجوز في مثل حالكما هو أن تشتركا في الأرض دون اشتراط أن أحدكما سيشتريها من الآخر، ولا حرج في أن تكون أوراقها باسم أحدكما، لكن مع الإشهاد على أنها ملك لكما معاً بنسبة ما دفعه كل منكما، وإذا رأى أحدكما بعد أن يبيع حصته لشريكه بمثل ما شارك به أو أكثر أو أقل فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(12/2603)
الشركة في العقار
[السُّؤَالُ]
ـ[خسر أب ذو خمسة أولاد وخمس بنات في البورصة, ولم يكن يملك بعد الخسارة إلا مطعما صغيرا ويسكن في بيت بالإيجار، اتفق هو والابن والبنت الكبرى اللذان يعملان أن يشتروا أرضا ويبنوا عليها منزلا, وفعلا تم ذلك هنا عرض الابن الأكبر على الأب أن يخصص كل دخله ليصرف على هذه الأسرة, ويتفرغ هو وأخته الكبرى بالبناء بالاتفاق على أن البناء المستقبلي هو لجميع أفراد الأسرة، بنى طابقين وسكن وتزوج الابن الأكبر في الطابق الثاني وسكنت بقية الأسرة بالطابق الأول، ومرت السنون وتزوجت البنات وكبر الأولاد، بني بعد ذلك الطابق الثالث من قبل الابن الثاني والثالث وقسم إلى شقتين وتزوج هذان الابنان وسكنا هاتين الشقتين، وفي هذا الوقت مرضت الأم التي كان البيت مسجلا باسمها كاملا, فاقترح الأخ لأكبر أن يأخذ كل شخص قيمة ما دفع ويسجله باسمه, وفعلا سجل الأخ الأكبر الطابق الثاني على أساس أن الفواتير التي يحتفظ بها تقول ذلك، وافق الأخ الثاني والثالث تسجيل الشقتين باسمهما وحصل ذلك، هنا غضب الأب على أساس أن الاتفاق هو أن البناء للجميع, فاضطرت البنت الكبرى للتنازل بكل ما ساهمت للأب الغاضبـ، أعطى بعدها الأب السطح للابن الخامس ليبني عليه مستقبلا الطابق الأخير حسب النظام لبناء بتلك المنطقة, علم الابن الرابع بهذه التفاصيل فهجر هذه الأسرة وسكن بعيداً، هنا أشفق الأب على هذا الابن وأعطاه غرفة في الطابق الأول، السؤال هو: ما رأي الشرع بأخذ الأبناء هذه الشقق، وما هو الحكم في قبول الأب ما دفعته البنت الكبرى وحيازته، والأهم ما هو الحكم في قبول الابن الرابع لهذه الغرفة، وهل يحتفظ بها لنفسه أو يرجعها للأب أو يعطيها للأخت الكبرى التي تنازلت عن ما دفعت لأبيها، علماً بأن الأم توفيت ولا شيء باسمها بعد الوفاة، البنات متزوجات خارج هذا المنزل ولا يطالبن بشيء؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تم بين الأب وولده وابنته من الاتفاق على الاشتراك في بناء البيت لا يصح لما فيه من الجهالة والغرر، فإن مقدار ما دفعه الأب من رأس المال في بناء البيت مجهول، ومعلومية رأس المال في الشركة شرط لصحتها باتفاق الفقهاء، جاء في الإنصاف من كتب الحنابلة: من شرط صحة الشركة أن يكون المالان معلومين. ومثل ذلك في بقية المذاهب، وإذا فسدت الشركة في البناء فإن الطابقين الأولين من نصيب الولد الأكبر والبنت الكبرى لأنهما بنياهما من مالهما، وعليهما أن يجتهدا في تقدير ما أنفق والدهما عليهما من ماله طوال سنوات البناء فيردانه عليه.
أما الطابق الثالث فهو من نصيب الابن الثاني والثالث لأنهما بنياه من مالهما، وإذا وهبت البنت نصيبها في الطابقين لأبيها فلها ذلك ولأبيها أن يتصرف فيما وهبت له بعد حيازته له بما أحب من أنواع التصرف المشروع سواء بالهبة أو غيرها، لكن يلزمه في الهبة لأحد أولاده أن يعدل في ذلك بينه وبين أولاده الآخرين بحيث يعطي كل واحد منهم مثل ما أعطى غيره، فإذا أعطى أحد الأولاد غرفة فليعط الآخرين كذلك غرفة أو قيمة هذه الغرفة وإلا فليسترجع هذه الغرفة ولا يعطي أحداً منهم شيئاً، هذا فيما يتعلق ببناء الأرض، أما ما يتعلق بالأرض ذاتها فلكل واحد من الأب والابن والابنة من ملكيتها وملكية هوائها بمقدار ما دفع.
وعليه فيثبت للأب إن لم يكن قد وهب هواء الأرض لأولاده، في ذمة كل من الابن والبنت الأكبرين وكذلك الابن الثاني والثالث ما يعادل نصيبه في ثمن المثل لهذا الهواء، وكذلك الحال بالنسبة للابن والبنت الأكبرين يثبت لهما في ذمة أخويهما الثاني والثالث مثل ذلك، وعلى كل حال فالذي ننصح به هو أن يتفاهم الأب مع أولاده وأن يحاول الأبناء قدر المستطاع إرضاء أبيهم، فإذا لم يمكن التفاهم فلا مندوحة من رفع الأمر للقضاء للنظر فيه، وراجع للمزيد من الفائدة والبيان الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52138، 94361، 44657.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1428(12/2604)
كيف يستقصي الشريك حقه إذا لم تكن لديه بينة
[السُّؤَالُ]
ـ[في عام 2000 بدأنا عملا جماعيا لإنشاء برامج ضخم لبلدية في الوطن.. مهندسين وأنا وزميلة، كانت الإجراءات الإدارية والمالية منها متكفل بها أحد المهندسين وهو صاحب المشروع ولدرجة أننا نثق به وكأخ لم نسأل عن أي شيء ولا عن المبلغ الإجمالي ولا عن حصص كل واحد منا وهو لم يقل أي شيء إلا قوله هذا المشروع على أربعة وفقط وتواصل العمل وكان أغلبه على عاتقي أنا وزميله وتعبنا فيه كثيراً وبتقطعات في العمل لأننا كنا نعمل أعمالا أخرى تحت وصايته، وفي عام 2006 توفي هو ومعه مهندس آخر في حادث مرور وبعد شهور استدعاني محاسب المدرسة وهي التي كنا نعمل بها ليحدد النسب وحينها فقط أخبرني بمبلغ المشروع واقترح نسبا وحدد لي أنا وزميلي 17 % لكل واحدة ولكن للأسف لم أدون ذلك وهو دونه وكنت أحسبه لبلدية غيرها لأنه اقترح في وقتها بيع المشروع لبلدية أخرى وزميلتي رفضت جملة وتفصيلا النسب ولم تحضر الاجتماع آنذاك لأنها كانت تطلب نصف المبلغ لصاحب المشروع وهو مدير المدرسة والباقي يقسم على الأفراد الباقين بنسب مختلفة، ولم نفتح هذا الموضوع لغاية 20 /06/2006 حيث طلب منا التفاهم مع زوجة المدير المرحوم وهي التي تكون قد استلمت أعماله تفهامنا بتذكيرها بما قاله المرحوم مبلغ المشروع على 4 فاتفقنا على تقسميه بالتساوي، علما بأننا لم نجد أي أثر لمعلومة تخص هذا الموضوع، وفي المساء نتفاجأ بأنه غير موافق على التقسيم وغير مقتنع أن يأخذ صاحب المشروع مثله مثل باقي الأعضاء ومن جهة يطلب منا تحديد نسبة المهندس الآخر لم نستطع فعلا ذلك فأصرت زميلتي على 25% ولأنه أخذني على كلمة قلتها 17% وافقت وحينما شعرت المديرة بأنه ليس من حقي هذا بدأت المسوامة على نسبة المهندس المرحوم الآخر فاقترحت هي 10% غير أننا لا نعلم هل ظلمناه أم لا والمحاسب يؤكد أن حقه مضمون بقولنا نحن اثنتين في حين يسر 50 % ويتناسى حقنا وتعبنا وهو أعلم به لأنه يعي كل ذلك، حقيقة موقفه استأت له كثيراً وأثر بي كثيراً أشعر أنه ظلمنا شعورا يقينيا خاصة أنه لا يعمل بالمشروع حاليا إلا أنا وزميلتي وما ينتظرنا أصعب بكثير مما فات، وهل ظلمنا المهندس المتوفى المشارك، وطلبنا بإلحاح أن نقسم بالتساوي حتى لا يظلم ما دام لم نجد تدوينا من صاحب المشروع، ولكنه رفض. ما فتواكم أريحوني من هذا الظلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمتم قد اتفقتم مع صاحب المشروع على أنه بينكم الأربعة فالمال بينكم بالسوية هذا في واقع الأمر والحكم الشرعي، وأما من حيث القضاء فإن لم توجد وثائق على هذا الاتفاق ولا بينة لكم به والمشروع مسجل باسمه، وورثته لا يعرفون بهذا الاتفاق فهناك حالتان:
الأولى: أن يصدقوكم فيما ادعيتم ويعطو كل واحد 25 وهذا ما رضيت به زوجته، كما في السؤال، ولم تذكروا موقف بقية الورثة فإن كانوا رشداء جميعاً ووافقوا على ذلك فالقضاء ينفذ ذلك ولا علاقة للمحاسب بالموضوع.
الثانية: إذا لم يصدقوكم فيما ادعيتم فليس لكم إلا ما تصالحتم عليه معهم وليس للمحاسب حق في الموضوع كما سبق إلا إذا كان من الورثة أو وكيلا عنهم، كما أنه ليس لكم حق في أن تتحكموا في حق زميلكم المتوفى وإنما الحق في ذلك إلى ورثته فإن رضوا بما فعلتم فلا شيء عليكم، وإلا فأخبروهم بحقيقة الأمر وهم يتصرفون مع ورثة المتوفى بأنفسهم.
ومثل هذه القضايا إنما يستقصي الأمور فيها القضاء ويصدر الحكم المناسب حسب ما ثبت عنده من البينات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1428(12/2605)
لا يتصرف الشريك في المال خارج نطاق الاتفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع صديق لي على مشروع تجاري كلفته نصف مليون، بحيث يكون منه المال ومني تنفيذ وإدارة المشروع، وعندما استلمت منه المبلغ وبدأت بتنفيذ المشروع كلفني حوالي 300 ألف فقط، فأخذت أصرف ما تبقى من المال في أمور أخرى كشراء أثاث فخم للمكتب وشراء سيارة لي كمدير للمشروع لأنه لم تكن لدي سيارة ولم يكن بإمكاني عمل المشروع وتنفيذه بدون سيارة فهي إذن لصالح العمل والمشروع، وبعد مرور سنوات والحمد لله المشروع ناجح وأعطي شريكي حقه بدون أي نقصان والحمد لله ولكن مازال بقلبي شيء بخصوص تلك السيارة على الرغم أن المشروع لم يكن سيتم أبداً لولا الله ثم هذه السيارة، فهل تصرفي السابق صحيح؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد الذي تم بينكما عقد مضاربة وهي جائزة شرعا إذا تمت بشروطها وضوابطها.
والعامل في المضاربة -الذي هو أنت- مؤتمن على المال الذي دفع إليه فلا يتصرف فيه إلا بما هو في صالح المشروع حسب الاتفاق، وعليه أن يعيد المال الزائد إلى صاحبه ولا يصرفه في أمور أخرى خارجة عن الاتفاق، فإذا كنت قد صرفت شيئا من المال خارجا عن الاتفاق أو في عير مصلحة المشروع فإن عليك ضمانه لصاحبه، والحل الآن هو أن تخبر صاحبك بما حصل إذا لم تخش أن يترتب على ذلك فتنة بينكما، فإن خشيت الفتنة فإنك تضم ما ترى أنك تجاوزت فيه إلى الربح الذي تدفعه إلى صاحبك وتدفع الجميع إليه دون أن يعلم، وبذلك تبرأ ذمتك من التبعات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1428(12/2606)
حكم تمويل أحد الشريكين لبعض الأعمال بدون علم الآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع أخ لي أن أدير شركة مقابل مرتب وعمولة، ولن تقوم هذه الشركة بدون خبراتي، وقد اتفقت معه على أن يقوم هو بتمويل أعمال هذه الشركة وهو يسكن في محافظة غير محافظتي أي أن سبل التحرك بحرية متاحة وسيكون لي كافة الصلاحيات، وللتوضيح ليس هناك قابلية الآن على الأقل أن نتشارك بشكل كامل في هذه المرحلة على الأقل لأسباب يطول شرحها..
ما أتسأل عنه هو:
- إني أستطيع ماديا تمويل أعمال الشركة فهل يجوز أن أقوم بتمويل بعض أعمال الشركة بدون علمه من تمويلي الخاص بدون أن أضر بمصلحة الشركة؟
- أم الاتفاق معه على نسبه تحصل عليها الشركة مقابل استغلال الاسم والمكان والتمويل سيكون من خلالي وإن كنت أعلم أن هذا لن يعجبه لأنه أيضا قادر على التمويل وأنا لن يرضيني أن تضيع مني فرص أستطيع فيها زيادة دخلي مع قدرتي على التمويل.
- فما هو أفضل طريقه شرعيه ترضي الطرفين، وأرجو أن تسارعوا بالرد رحمكم الله لأني من المفترض أن أقوم بالرد النهائي هذا الأسبوع وانا أخشى الله وأرغب في الكسب الحلال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في أن تتفق مع صاحبك في أن تدير الشركة وهو يمولها وتتفق معه على راتب ونسبة من الربح معلومين، وليس لك أن تقوم بتمويل بعض المشاريع فيها إلا بإذنه ولو لم يكن في ذلك إضرار بالشركة، بل مجرد التسويق باسمها بغير إذنه ممنوع.
والطريقة الصحيحة أن تشتركا في بعض المشاريع فهو حل وسط بينكما، ولا مانع من أن تكون المدير لها وتأخذ أجرة على ذلك بالاتفاق بشرط أن يكون ذلك بعد الاتفاق بينكما.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 20103، والفتوى رقم: 59446.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1428(12/2607)
تقاسم الربح في شركة الأبدان حسب الاتفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تقول يا شيخنا الجليل في رجلين اشتركا على أن يقوما معاً بالعمل سوياً في التجارة حيث يقدم كل منهما طاقة عمله على أن يقتسما الربح بينهما مناصفة، وبقيا على هذه الحال يعملان سوياً ويقتسمان الربح شهراً إثر شهر، إلى أن عرض لأحدهما عارض -زيد- (أصبح يعمل عملاً آخر يأخذ أجره خالصاً لنفسه مع العلم بأنه استأذن شريكه -عمر- فوافق مقابل تعديل نسبة الربح بحيث تكون متوافقة مع العمل الذي يقدمه كل شريك) ، وكان من جراء هذا العمل أن عجز زيد عن تقديم كل طاقة عمله، إلا أنهما بقيا يقتسمان الربح مناصفة، لذلك طلب عمر من زيد تعديل شروط الشركة الأولى لأن الربح كان يقتسم مناصفة لأن العمل كان مناصفة، والآن عمر يقدم كل وقته بالعمل لصالح الشركة بينما زيد لا يقدم إلا حوالي خمس وقته، وبالرغم من مطالبة عمر لم يتم تعديل نسبة الربح واستمر الحال بضعة أشهر، فكانت هذه الفتوى، ما حكم المال الذي استلمه الشريك زيد خلال الفترة التي لم يكن يقدم كل وقته للعمل بالشركة، وما حكم الشركة (لا يمكن حمل استمرار الشركة على المسامحة لأن الشريك عمر يحاول بشتى السبل إيجاد حل ودي لما يظن أنه غبن لحق به) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الشركة شركة تسمى شركة الأبدان وهي محل خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى والأرجح عندنا جوازها، قال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله تعالى في المغني: وشركة الأبدان جائزة. ومعنى شركة الأبدان، أن يشترك اثنان أو أكثر فيما يكتسبونه بأيديهم، كالصناع يشتركون على أن يعملوا في صناعتهم، فما رزق الله تعالى فهو بينهم، وإن اشتركوا فيما يكتسبون من المباح، كالحطب، والحشيش، والثمار المأخوذة من الجبال، والمعادن.... فهذا جائز نص عليه أحمد، وفي رواية أبي طالب فقال: لا بأس أن يشترك القوم بأبدانهم، وليس لهم مال، مثل الصيادين والنقالين والحمالين.. قد أشرك النبي صلى الله عليه وسلم بين عمار وسعد وابن مسعود، فجاء سعد بأسيرين ولم يجيئا بشيء. وفسر أحمد صفة الشركة في الغنيمة، فقال: يشتركان فيما يصيبان ... وبهذا قال مالك. وقال أبو حنيفة: يصح في الصناعة، ولا يصح في اكتساب المباح، كالاحتشاش والاغتنام، لأن الشركة مقتضاها الوكالة ولا تصح الوكالة في هذه الأشياء، لأن من أخذها ملكها. وقال الشافعي شركة الأبدان كلها فاسدة، لأنها شركة على غير مال. فلم تصح. كما لو اختلفت الصناعات.
وصرح ابن قدامة بأن الربح فيها حسب الاتفاق، فقال: والربح، في شركة الأبدان على ما اتفقوا عليه، من مساواة أو تفاضل، لأن العمل يستحق به الربح، ويجوز تفاضلهما في العمل، فجاز تفاضلهما في الربح الحاصل به.
وأما لو عمل أحدهما دون الآخر فالكسب بينهما أيضاً حسب الاتفاق، قال ابن قدامة: وإن عمل أحدهما دون صاحبه، فالكسب بينهما، قال ابن عقيل: نص عليه أحمد في رواية إسحاق بن هانئ وقد سئل عن الرجلين يشتركان في عمل الأبدان، فيأتي أحدهما بشيء، ولا يأتي الآخر بشيء؟ قال: نعم، هذا بمنزلة حديث سعد وابن مسعود. يعني حيث اشتركوا فجاء سعد بأسيرين وأخفق الآخران. ولأن العمل مضمون عليهما معاً، وبضمانهما له وجبت الأجرة، فيكون لهما كما كان الضمان عليهما، ويكون العامل عوناً لصاحبه في حصته، ولا يمنع ذلك استحقاقه، كمن استأجر رجلاً ليقصر له ثوباً، فاستعان القصار بإنسان فقصر معه، كانت الأجرة للقصار المستأجر، كذا ها هنا وسواء ترك العمل لمرض أو غيره، فإن طالب أحدهما الآخر أن يعمل معه أو يقيم مقامه من يعمل، فله ذلك، فإن امتنع فللآخر الفسخ، ويحتمل أنه متى ترك العمل من غير عذر، أن لا يشارك صاحبه في أجرة ما عمله دونه، لأنه إنما شاركه ليعملا جميعاً، فإذا ترك أحدهما العمل، فما وفى بما شرط على نفسه، فلم يستحق ما جعل له في مقابلته. وإنما احتمل ذلك فيما إذا ترك أحدهما لعذر، لأنه لا يمكن التحرز منه.
وعليه؛ فإذا أذن الشريك -عمر- لشريكه -زيد- بعمل خاص به مع تعديل نسبة الربح من العمل المشترك فلا حرج في ذلك، ويكون ربح زيد من عمله الخاص له وحده.
والحاصل: أنه يجب على زيد أن يعطي عمر ما زاد على النسبة التي اتفق عليها معه بعد إذنه له بالعمل الخاص، وإن عفا عمر عما مضى درءا للفتنة واستأنفا اتفاقا جديداً فحسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1428(12/2608)
حكم كون نصيب أحد الشريكين مبلغا محددا من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان عقد إيجار المحل باسمي وجاء أحد ليشاركني وقال لي سوف أزودك بالبضاعة التي يحتاجها المحل ونشترك في الإدارة ونتقاسم دفع الإيجارة وأدفع لك كل شهر ألف ريال مثلاً ولا علاقة لك بالأرباح والخسائر؛ حتى أجور العاملين يتحملها هو، فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل يملك بضاعة في المحل المذكور أو يملك معدات ونحوها وأراد آخر أن يشاركه فالطريقة الشرعية أن تقوّم هذه البضاعة أو هذه المعدات بالنقد ثم تجعل رأس مال مقدماً من قبل الأخ السائل لعدم صحة شركة تكون رأس مالها نقدا من أحد الشريكين وعرضا من الآخر، وراجع للمزيد في هذا الفتوى رقم: 44418.
ثم إذا حصل ما تقدم فيجب أن لا يشتمل عقد الشراكة على ما هو ممنوع منه شرعاً، وعلى رأس ذلك ضمان الشريك الخسارة إن حصلت، وكذلك أن يجعل لأحد الشريكين مبلغ محدد من الربح، جاء في المغني لابن قدامة: ولا يجوز أن يجعل لأحد الشركاء فضل دراهم محدودة وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معدودة أو جعل مع نصيبه دراهم مثل أن يشترط لنفسه جزءاً وعشرة دراهم بطلت الشركة. انتهى.
وللوقوف على الصورة الصحيحة للشراكة في مثل حالة المسألة المعروضة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 78519، والفتوى رقم: 95049.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1428(12/2609)
حكم تقسيم العمولة بين بعض الشركاء دون البعض
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت موظفا في إحدى المؤسسات براتب شهري ونسبة عمولة على المشاريع، والمؤسسة عبارة عن شراكة بين شخصين أحدهما شريك أجنبي لا يأتي إلا أسبوعين في العام لمراقبة سير العمل، إذا كنت من خلال عملي في مشروع لإحدى العملاء قد طلب مني بعض المعدات التي لا تعتبر من اختصاص المؤسسة، وقمت بربطه مع مورد على أن آخذ عمولة من المورد، وأعلمت الشريك الرئيسي في الموضوع فقرر أن يتقاسم العمولة بيني وبينه دون أن يعطي شيئاً للشريك الثالث نظراً لأن العمل خارج عن اختصاص المؤسسة والاتفاق بينهما، فهل هذا حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموظف في مؤسسة أو جهة ما يعتبر وكيلاً عن هذه الجهة، وبالتالي فإذا جاءته عمولة مشروعة من وراء عمله في هذه الجهة فلا يحل له أخذها إلا بإذن من جهة عمله، ولها أن تعطيه شيئاً منها وتأخذ الباقي لأنها هي المستحقة لهذا المال في الأساس، وبالنسبة للشركة التي يمتلكها اثنان أو أكثر فإن حصة الشركة من العمولة يتملكها الشريكان ولا يحل لواحد منهما أن يستبد بها دون الثاني، لأن يد الشريك على مال الشركة يد أمانة فأخذه لهذا المال دون شريكه يعتبر خيانة للأمانة.
ولا عبرة بقول الشريك المستبد بهذه العمولة دون شريكه إن هذا العمل خارج اختصاص الشركة، فإذا كان خارج اختصاص الشركة فبما استحق هو العمولة أصلاً، فإذا كانت فعلاً خارج اختصاص الشركة ولم تحصل عليها في وقت دوام خاص بالشركة فإنه لا يستحقها هو ولا شريكه بل تبقى حقاً ثابتاً لك أنت، وإذا كان هناك اتفاق بينهما ينص على أن مثل هذه العمولات لو وجدت فإنها تكون لأحدهما دون الآخر فلا بأس، لأن توزيع الربح في الشركة يكون بحسب الاتفاق في العقد، كما جاء في المغني: فيجوز أن يجعلا الربح على قدر المالين ويجوز أن يتساويا مع تفاضلهما في المال وأن يتفاضلا فيه مع تساويهما في المال. وراجع في حكم العمل مقابل راتب شهري ونسبة من الأرباح الفتوى رقم: 58979.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(12/2610)
ما يستحقه الشريك عند إرادة فض الشراكة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: رجل اشترك مع رجل آخر في مشروع تجاري بمبلغ من المال بعملة الدولار وبعد العمل لفترة افترقا فأراد الرجل أن يسترجع مبلغه أي رأس المال بالدولار فرفض الآخر لأن عندنا في العراق يهبط سعر الدولار والعملة العراقية الدينار هي الثابتة في التعامل. ففي وقت البدء بالعمل كان سعر صرف الدولار فئة 100 دولار يساوي 150 الف دينار والآن سعر صرفه 132الف دينار عراقي.هل يأخذ رأس المال بسعر صرف الأول أم الثاني.أفتونا جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم الأخ السائل أن الشركة من العقود الجائزة غير اللازمة - بمعنى - أنه يجوز للشريك فض الشركة وقتما شاء بشرط أن لا يلحق ضررا بشريكه.
وليس للشريك عند فض الشركة إلا رأس ماله إن بقي وسلم من الخسارة، وأيضا حصته من الأرباح إن وجدت، ولا يجوز في الشركة أن يضمن الشريك للآخر رد رأس ماله بأي صورة من الصور.
وأما كيف تفض الشركة فيكون ذلك بجرد ما لدى الشركة، وتسديد الديون التي عليها، واستيفاء الديون التي لها، ثم توزيع الباقي على الشركاء بقدر حصصهم في الشركة، وإذا كان بعض الشركاء يريد الانفصال، ولا يريد البعض أعطي الذي يريد الانفصال بقدر حصته مع تحمله الخسارة إن وجدت على قدر حصته أيضا.
فإذا تقرر ذلك فإن للشريك الذي يريد الانسحاب من الشركة على شريكه الآخر قدر حصته المتبقي، سواء كان نفس المبلغ الذي شارك به أو أقل أو أكثر؛ لأن حصة الشركاء تزيد وتقل حسب الربح والخسارة. ولا مانع أن يتفقا على دفع ذلك بأي عملة وبدون إلزام شريطة أن يتم ذلك في نفس مجلس العقد لأنه تصارف يشترط التقابض الفوري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(12/2611)
انتفاع الشركاء بالعقار عن طريق المهايأة الزمنية
[السُّؤَالُ]
ـ[نعمل بالسياحة ومنذ فترة ظهرت مسألة عقود التملك الجزئي وهي عقود بين شركات وأفراد يشتري الفرد بموجبها عقار لمدة زمنية محددة (أسبوع أو أكثر) ويحق له استخدام العقار لهذه الفترة فقط ويباع العقار لعدد من الأشخاص أو الهيئات يساوي عدد أيام السنة مقسوما على عدد الفترة الزمنية لكل عقد ويضاف للعقد مصاريف تسمى مصاريف صيانة وتنظيف, ويكون الدفع بالأقساط على مدار فترة العقد والتي تكون في الغالب 25 سنة ويكون الزمن المشترى خلال هذه الفترة، وكما ينص على أن العقد قابل للتوريث, فما هو الحكم الشرعي؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد أن هذا العقار يشترك مجموعة من الناس في شرائه بالأقساط وينتفعون به عن طريق المهايأة الزمنية بأن يتناوب المشتركون في هذا العقار في الانتفاع به بالسكن أو التأجير، لكل واحد منهم أسبوع في السنة فلا حرج في ذلك من حيث الأصل وقد دل على جواز هذه المهايأة قوله تعالى في قصة نبي الله صالح وقومه: وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ {القمر:28} ، وقوله تعالى: قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ {الشعراء:155} ، أي: الماء مقسوم بينهم، يوم لهم ويوم للناقة، فهذا يدل على جواز المهايأة الزمنية.
قال شيخ الإسلام: للمشتركين -يعني في العقار- أن يتهايآ فيه بالمكان أو بالزمان. فيسكن هذا بعضه وهذا بعضه وبالزمان يبدأ هذا شهراً ويبدأ هذا شهراً ولهما أن يؤجراه ولأحدهما أن يؤجره من الآخر. انتهى، ولكن لا بد من توفر ضوابط شرعية للجواز فيما يتعلق بالشراء عن طريق التقسيط وفيما يتعلق باستخدام العقار في التأجير السياحي، ولمعرفة هذا الضوابط ومزيد من التفصيل راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1084، 19382، 75267، 73058.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1428(12/2612)
مشاركة من يستعين بالممثلين وعارضات الأزياء للترويج لتجارته
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أقربائي يملك محل نظارات، وقد دفع مؤخرا مليونا ونصف مليون روبية للمثل السينمائي المشهور سلمان خان، ليكون سفيرا للدعاية للعلامة التجارية لمحلاته، كما أنه أقام عرض في فندق خمسة نجوم، وأنفق عليه مئات الآلاف حتى يجذب الزبائن لتجارته، وقد ارتفعت بالفعل نسبة المبيعات في محلاته ثلاثة أضعاف، فهل يجوز لي كمسلم ملتزم أن أكون شريكا معه في تجارته إذا عرض علي ذلك، مع علميبممارساته من قبيل استخدامه الممثلين للدعاية لتجارته؟ وهل تجوز الدعاية التجارية باستخدام أحد الممثلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مثل هذا الشخص الذي لا يبالي بارتكاب المحرمات في سبيل زيادة مبيعاته لا ينبغي لمسلم يخشى الله تعالى ويرجو رحمته أن يشاركه في تجارته لأنه والحال هذه. إما أن يقره على أعماله المحرمة كهذه الأعمال المذكورة في السؤال فإن إقامة عروض أزياء من المحرمات الظاهرة لما فيه من تبرج العارضات واطلاع الرجال عليهن ولا يخفى حرمة مثل هذا العمل وشناعته، وأيضاً الاتفاق مع ممثل سينمائي لترويج سلعته فيه مفسدة عظيمة وهي تشجيع ودعم أمثال هذا وغيره من المفسدين في الأرض.
وأما أن لا يقره فيحصل بينهما نزاع وشقاق وهذا على خلاف المفترض في الشركاء وسيؤدي إلى فض الشركة. كما أن الغالب في مثل هذا الشريك أنه لا إشكال عنده في التكسب عن طريق الربا وغيره من طرق الكسب غير المشروع وهو ما يتقيه المسلم ويجتنبه فالسلامة إذاً الابتعاد عن مشاركة هذا الشخص ابتداء. ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1428(12/2613)
جهالة الربح في الشركة يفسدها
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقنا نحن ثلاثة أشخاص على الدخول في مشروع تجاري عبارة عن مناقصة من جهة ما وقام أحد الشركاء باستلاف مبلغ المناقصة من شخص آخر وأتممت أنا المبلغ بجزء يسير ولم يدفع الشريك الثالث شيئا واتفقنا أن نسوق المنتج ثلاثتنا أنا والشريك الثاني طوال الأسبوع والثالث يوم الجمعة لظرف عمله وكانت المناقصة باسم شخص آخر ولكن شريكي في العمل أعطوني 20% من الأرباح بحجة أن الشخص المستلف منه المبلغ داخل في الشراكة وكذلك الشخص الذي أرسيت المناقصة باسمه ولكن لم يعطوهم إلا جزءا يسيرا من ال20% علما بأنني لم أعرف إن كانوا اتفقوا معهم منذ البداية أم لا فما حكم الزيادة في المبلغ التي أخذوها؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا بأس أن يشترك ثلاثة أشخاص أو أكثر في شركة على أن يعملوا فيها بأبدانهم والمال من بعضهم أو من جميعهم، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 54201، 77669.
المهم أن تكون الشركة قائمة على أساس صحيح وعقد سليم، والأخ السائل لم يذكر في سؤاله صفة عقد الشراكة هذه التي قامت بينه وبين شريكه حتى يمكننا الحكم عليها فالعقد هو المرجع عند التنازع، وعليه مدار الحكم والفتيا. وعلى كل حال، ففي مسألة حق الشركاء في الربح تقول: إذا كان هؤلاء الشركاء دخلوا في الشركة بدون تحديد حصة كل منهم من الربح فإنها شركة فاسدة لأن جهالة الربح في الشركة يفسدها كما جاء في الإنصاف في شروط الشركة الصحيحة: أن يشترطا لكل واحد جزءا من الربح مشاعا معلوما فإن لم يذكرا الربح أو شرطا لأحدهما جزءا مجهولا أو دراهم معلومة لم يصح. اهـ
وإذا فسدت الشركة فإن الربح يقسم حسب حصص الشركاء في رأس المال كما في المصدر السابق: وإذا فسد العقد قسم الربح على قدر المالين. اهـ
أما إن كان حصل الاتفاق على تسمية ربح كل منهم فإنه يعمل بهذا الاتفاق إن كان مشروعا بأن كان ربح كل منهم جزءا مشاعا معلوما.
وعلى الشركاء أن يلتزموا ذلك لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: من الآية1} وهنا ينظر في صفة الشخصين الآخرين الذي دفع مبلغ المناقصة والذي كتب المناقصة باسمه هل كانا من ضمن الشركاء في ابتداء الشركة أم أن الشريكين الآخرين أدخلاهما بعد أم يريد الشريكان أن يعطياهما شيئا من الأرباح كعادة جرت في مثل هذه الشركات.
ففي حال كانا شريكين برضى واتفاق جميع الشركاء فحالهما كحال جميع الشركاء حسب التفصيل المتقدم في صدر الجواب.
أما إن كان الشريكان أدخلاهما في الشركة بدون موافقة الشريك الثالث فحقهما في الربح يتحمله من أدخلاهما في نصيبيهما ولا يلزم الشريك أن يتحمل شيئا من ذلك.
وإن كانت عادة هذه الشركات جارية على أن يدفع لهما شيء معلوم باعتبار ذلك مصاريف العمل فهنا ينظر في مشروعية هذا العمل فما كان مشروعا فإنه مال الشركة يتحمله جميع الشركاء، وما لم يك مشروعا لا يجوز دفعه، ومن دفعه من الشركاء أثم وتحمله في ماله، ومن النوع غير المشروع أن يكون الشخص الذي أقرض الشركاء المال يأخذ من الأرباح مقابل إقراضه إياهم فإن ذلك حرام لأنه ربا.
وبالنسبة للآخر الذي كتب المناقصة باسمه فقد سبقت لنا فتوى فيها تفصيل مسألة أخذ الثمن مقابل الجاه، فتراجع 75549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1428(12/2614)
حكم الجمع بين نسبة من الربح ومبلغ مقطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طلب مني الإتيان بمستثمرين لمشروع يتطلب قدرا كبيرا من المال، طلبت من أحد أصدقائي بالدول الإسلامية المساعدة في ذلك، يعمل أيضا على الموضوع شريك لي نصراني من الولايات المتحدة الذي كان هو همزة الوصل مع الشركة التي طلبت المستثمرين، ستعطيني الشركة في حال نجاحي أو نجاح شريكي بنسبة من الشركة وبمبلغ نقدي كمكافأة، في آخر رسالة بين شريكي وبين الشركة الأم قال شريكي إنه بصدد الاتفاق مع شركتين أمريكيتين لتمويل 40% من المشروع كقرض للشركة مقابل نسبة معينة تدفع كل ستة أشهر، ينص الاتفاق على أن تستخدم الشركة الأم الأموال هذه كقرض حيث ستدفع 40% للمستثمر حتى سداد القرض ومن ثم 18% بعد سداده، ف هل يتضمن هذا الموضوع على أي مخاطرة شرعية بالنسبة لي خصوصا خطورة مخافة شرعية ربوية، الرجاء الإجابة؟ مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن السؤال مسألتين:
المسألة الأولى: حكم الإتيان لهذه الشركة بمستثمرين.
المسألة الثانية: حكم الاتفاق على تمويل الاستثمار بقرض مقابل نسبة معينة تدفع كل ستة أشهر حتى سداد القرض ثم نسبة بعد السداد.
أما المسألة الأولى: فالإتيان بمستثمرين لهذه الشركة بمقابل مالي يدخل فيما يعرف في الفقة الإسلامي بالسمسرة، ويشترط فيها عند جمهور أهل العلم أن يكون هذا المقابل معلوماً، فلا يجوز أن يكون نسبة من مبلغ غير معروف سلفاً عند التعاقد؛ لما في ذلك من الجهالة المفسدة.
وعلى هذا.. فإذا كانت النسبة التي ستعطى لك ولشركائك من الشركة مقابل قيامكم بإحضار المستثمرين نسبة من رأس مالها المعلوم فلا إشكال، لأن المقابل في هذه الحالة معلوم، وقد رضيتم بجعله حصة في رأس مال الشركة.
وإن كانت هذه النسبة نسبة من الربح الذي ستحصل عليه الشركة -وهو غير معلوم- فلا تجوز عند جمهور أهل العلم، وذهب بعض أهل العلم كالحنابلة ومن وافقهم إلى الجواز، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 63476 كما ذهب بعضهم أيضاً كما هو رواية عن أحمد إلى جواز الجمع بين نسبة ومبلغ مقطوع مثل هذا المبلغ النقدي المذكور في السؤال، كما هو مفصل في الفتوى رقم: 58979.
وأما المسألة الثانية: فلا يجوز هذا الاتفاق لأن اشتراط الحصول على نسبة مقابل القرض ربا صريح بالإجماع، قال الإمام ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا اشترط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. ومن هذا يتبين لك أنه لا يجوز لك أن تسعى في إتمام العقد بين الشركة القائمة بالاستثمار والشركتين المقرضتين، لعموم قوله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(12/2615)
حكم الشركة القائمة على ضمان الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[استأجرت دكاناً وعرض علي أحدهم أن يساهم معي في دفع قيمة الإيجار على أن يزودني بالبضاعة ونتولى الإدارة معاً.. وعند الجرد الشهري يعطيني نسبة 10% من المبيعات وفي حال كان البيع ضعيفاً ونقصت هذه النسبة عن ألفين ريال يلتزم بأن يدفع لي ألفي ريال.. ومهما كان حجم المبيعات كبيراً فنسبتي 10% حتى إن وصلت مثلاً 20 ألف ريال فهي حلالي.. السؤال: هل التزامه بدفع ألفين ريال حلال أم حرام؟ وجزاكم الله خيراً من قبل ومن بعد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الشركة غير جائزة شرعاً لأنها قائمة في حقيقتها على تحديد مبلغ محدد من الربح لأحد الشريكين وعلى ضمان الربح في كل الأحوال، فالشريك فيها التزم لشريكه بمبلغ شهري محدد لا يقل عن ألفي ريال قابل للزيادة، فهذا الالتزام وهذا التراضي يجعل الشركة محرمة لأن الشركة قائمة على تحمل كل واحد من الشريكين الغرم والغنم في الشركة، أما إذا كان أحدهما يغنم على كل حال فهذه شركة فاسدة.
جاء في المغني: ولا يجوز أن يجعل لأحد الشركاء فضل دراهم، وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معدودة أو جعل مع نصيبه دراهم مثل أن يشترط لنفسه جزءاً وعشرة دراهم بطلت الشركة. انتهى.
وتصحيح هذه الشركة يكون كالآتي: أن يدخل الطرفان فيها بمالهما وجهدهما أو بمالهما وجهد أحدهما، ويجب في المال أن يكون نقداً، ولا بأس أن يكون رأس مال أحدهما عرضاً كبضاعة مثلاً، لكن يجب أن تقوم بنقد عند بداية الشركة ثم يتفقان على نسبة ربح شائعة لكل منهما، ويمضيان في الشركة على ذلك ويتحملان الخسارة إن وجدت كما يشتركان في الربح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(12/2616)
المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تلك المعاملة وذلك نص أو المفهوم الذى يعملون به: يقوم هذا النموذج غير الربوي الخاص بنا بافتراض أن الشركة سوف تقوم بشراء العقار مشاركة مع العميل، وتتفق على بيع حصتها فى العقار إلى العميل، كما يفترض أن العميل يستأجر حصة الشركة فى العقار، ويتم الاتفاق على إعادة شراء العميل لحصة الشركة فى العقار بقيمة التكلفة بدون إضافة أي زيادة (فائدة) وذلك لفترة زمنية متفق عليها (فترة التمويل) بحد أقصى عشرون عاما، الدفعة الشهرية لرأس المال التي يدفعها العميل تقوم بتقليل حصة الشركة، وبالتالى زيادة حصة العميل تدريجيا حتى تصل حصة العميل إلى 100% بنهاية فترة التمويل، يكون للعقار قيمة سوقية، وأفضل ما يعبر عن تلك القيمة هى القيمة الإيجارية له فى السوق المفتوح، ومن المفترض أن يتم تأجير العقار بقيمة عادلة تحكمها عوامل التميز المختلفة كالموقع ومواصفات البناء والمساحة والاتجاهات.... إلخ، هذه القيمة يتم التوصل إليها والاتفاق عليها بين الطرفين (الشركة وطالب التمويل) ، وأسلوبنا المتبع فى تحديد تلك القيمة هو أن يقوم العميل بالتحقق من تلك القيمة الإيجارية من عدة مصادر مختلفة بالسوق لذلك العقار أو لعقار مشابه له فى مختلف الظروف، وتقوم الشركة من جانبها بالتحقق بنفس الأسلوب من عدة مصادر أخرى، ثم يقوم الطرفان (الشركة والعميل) بالاتفاق سويا على قيمة عادلة ومعقولة للايجار، (المتوسط مثلاً) هذه القيمة تكون هي الاساس فى حساب الدفعات الشهرية، يتم تقسيم القيمة الإيجارية المتفق عليها بين الشركة والعميل بنفس نسبة الحصص التمويلية لكل من الشركة والعميل، ويقوم العميل شهريا بشراء أجزاء من حصة الشركة (الدفعات الإيجارية الشهرية) وبذلك تزداد نسبة حصته شهريا، وبنفس المقدار تنقص حصة الشركة شهريا، وبالتالي تقل الدفعة الإيجارية التي تدفع شهريا من العميل إلى الشركة، وذلك الجزء من الدفع يسمى العائد على رأس المال، تتكون الدفعة الشهرية من حاصل جمع: (الدفعة الشهرية لرأس المال+ الدفعة الممثلة للعائد على رأس المال) ، هذا الأسلوب يسمح للعميل بتمويل عقار بنظام مبني على قيمة سوقية عادلة للإيجار، وهذا يتفق مع تعاليم كافة الرسالات السماوية؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم الأخ السائل أن الحكم على المعاملة المذكورة أو غيرها بالجواز وعدمه ينبني على النظر في صفة العقد المبرم بين الشركة والعميل، فالعقد كما هو معلوم شريعة المتعاقدين، وإليه يرجع الخصوم عند التنازع وعليه الاعتماد في الحكم والفتوى وما ورد في السؤال ليس عقداً يمكن أن نبني عليه حكماً، وبالتالي يتعذر علينا أن نحكم على المعاملة المشار إليها من خلال كلام إنشائي أو تصور لم يترجم إلى بنود وشروط واضحة، ولكننا ننقل للأخ كلام بعض أهل العلم الذين اطلعوا على تفاصيل عقد هذه المعاملة أو مثلها وانتهوا إلى حكم بشأنها، والكلام المنقول للدكتور معن القضاة عضو اللجنة الدائمة للافتاء في مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا جاء في دراسته ما يلي: (أ) ينبغي أن يسمى النموذج السابق الذي تحدد فيه شركة (....) علاقتها مع العملاء نموذج (مشاركة متناقصة منتهية بالتمليك) ، ذلك بحسب الطريقة الموصوفة على موقع الشركة أعلاه، وليس (التأجير للشراء أو التأجير التمويلي) والذي يختلف قليلاً في مواصفاته وشروطه عن المشاركة المتناقصة، ويسميه بعض الفقهاء المعاصرين (الإيجار المنتهي بالتمليك) ، ولا مشاحة في الألفاظ، كما يشترط في النموذج السابق أن يلتزم بالشروط الذي وضعها علماء المجامع الفقهية المعاصرة لإباحة (المشاركة المتناقصة) حتى يجوز للمسلم مباشرته ممولاً كان أم عميلاً.
(ب) يشترط لصحة (الشركة المتناقصة المنتهية بالتمليك) على النحو المعهود فقهاً، والذي اعتمدته المجامع الفقهية المعاصرة، أن تمر بثلاثة عقود، لا تداخل بينها، ولا يشترط أحدها لإتمام الآخر، ويترتب على كل عقد أحكامه المقررة شرعاً، وهذه العقود هي:
1- يشتري الممول والعميل البيت على المشاع، كل حسب مساهمته، ويشتركان في دفع في التأمين الإلزامي، والصيانة، والضرائب، ورسوم نقل ملكية العقار للمالك الجديد وغيرها، كل بنسبة ملكيته، ويتحملان مخاطرة تلف البيت بنفس النسبة.
2- يقوم العميل باستئجار حصة الممول من العقار.
3- يقوم العميل بشراء حصة الممول بالتدريج، وذلك بدفع قسط دوري يتكون من قيمة إيجار الجزء المملوك للممول، وثمن السهم المبيع للعميل، وذلك إلى أن ينتهي العميل من دفع ثمن كل الأسهم المملوكة للممول، فيمتلك البيت وتنتهي الشركة.
ثم ذكر الباحث أنه إذا لم يتم الالتزام بهذه الشروط وهو واقع الشركة التي أجرى عليها الدراسة أنه لا يجوز الدخول في مثل هذه المعاملة فقال: بما أن المكتوب على موقع الشركة على الإنترنت لا يعد عقداً، ولعدم التزام الشركة في العقد المبرم مع العملاء بكل ما سبق بيانه لصحة عقد (المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك) ، فإن العلاقة التجارية بين الشركة والعملاء مرفوضة شرعاً، والعقد المبرم بينهما عقد باطل غير معتبر، وهو عقد قرض ربوي لا يجوز للمسلم إبرامه، ممولاً كان أم عميلاً، لأنه صريح الربا الذي جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية بتحريمه، وهو ربا الديون، والذي يدفع بموجبه المقترض أكثر مما أخذ، وسواء نتجت الزيادة عن بيع أجل لم يدفع المشتري قيمته في الوقت المحدد، أو عن قرض مؤجل بزيادة مشروطة.
كما أن العقد السابق يعد من القرض الذي جر نفعاً، وكل قرض جر نفعاً فهو ربا، خاصة أن النفع -والحالة هذه- من نفس جنس ونوع القرض، وهو النقود، والنقود من الأموال الربوية قولاً واحداً.
ثم اقترح الباحث حلولا لهذه المعاملة وبدائل فقال: حتى يصبح هذا العقد مباحاً شرعاً، لا بد من استيفاء كل شروط صحة عقد المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك، بأن تتملك الشركة والعميل كلاهما العقار تملكاً حقيقياً يتقاسمان فيه المغنم والمغرم، ثم يستأجر العميل حصة الشركة ويشتريها بالتدريج، كما يمكن أن تعتمد الشركة طريقة الإيجار المتناقص المنتهي بالتمليك، بأن تشتري جميع العقار لنفسها، ثم تقوم بتأجيره للعميل مدة طويلة، واعدة إياه بإعطائه البيت بدون مقابل أو بمقابل رمزي إذا التزم باستئجار العميل، ثم تقوم ببيعه له مؤجلاً. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(12/2617)
هذه المسألة لا تقتضي الشراكة بحال
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن يتسع وقتكم وصدركم لسماع قضيتي، حقيقة أنا أعاني من مشكله تسيطر على تفاصيل حياتي اليومية، فأنا أكبر إخوتي سافرت خارج موطني للعمل في مجال خبرتي وهو المعدات الثقيلة، وأوصاني والدي قبل سفري بإخوتي خيراً، ويقصد والله شهيد على ما أقول بتأمين تأشيرات للسفر إذا أمكن لتحسين الأوضاع وتأمين وظائف لهم إذا ما وفقني الله، فلم أوفق في الحصول على هذا العمل بهذا المجال الذي أفهم فيه، فطرح علي بعض الأصدقاء في غربتي تأسيس شركة للعمل في مجال آخر وهو مواد البناء، واحتجت إلى مبلغ من المال بحدود عشرة آلاف دينار، قمت بطلب هذا المبلغ من والدي وقام بإرساله لي، ولكن وبعد ثلاث سنوات أو أقل قليلا لم يكتب لهذه الشركة النجاح، وخسرت الشركه، فقمت من خلال فترة إقامتي في هذا البلد بتكثيف الجهود للبدء في العمل الذي هو اختصاصي وهو المعدات الثقيله بعدما ازدادت خبرتي في أهلها، فقمت بعمل شراكة جديدة وبعقد صريح ومصدق من الغرفة التجارية أملك فيه نسبة أربعين في المائة من الشركة بدون دفع أدنى رأسمال مادي، وكان ذلك لقاء خبرتي في إدارة هذا النشاط، وقمت بمجهود مضني من أجل تحقيق النجاح لي ولشركائي، وسافرت إلى دول أوروبية وعربية وما تبعها من مغامرات ومخاطر، حدث سوء فهم مع بعض الشركاء بعد النجاح حينما طالبوا طمعا بنقل الشركة إلى بلد ثالث، فاعترض الشريك في بلد التأسيس واعترضت أنا أيضا، لخطورة إقامة هذا المشروع في البلد الثالث أولاً ثم ولأن العقد يقضي بتأسيس النشاط في بلد التأسيس، تفاقمت المشاكل وأدت إلى انفصال وإنهاء الشراكة بعقود رسمية موثقة، حصلت أنا من أصول الشركة من نسبتي في الشراكة الأربعين في المائة على ما يسمح لي بافتتاح شركة في بلدي، وبدأت أعمل في بلدي وفتح الله لي أبواب الرحمة والرزق، قمت بتطوير العمل إلى أن وصلت إلى تأسيس مصنع لقطع الغيار والحمد لله، هنا بدأت الخلافات، كان إخوتي قبل حضوري لهذا البلد إمّا طلابا وإمّا بلا عمل، قمت باحتضانهم وجمعهم وصاروا موظفين لدي ويحصلون على رواتب مجزية، أحدهم مدير مبيعات، والثاني مدير حسابات والثالث مدير المصنع. والله شهيد على ما أقول بأنه كان لي وبفضل من الله المساعدة في أمور الزواج والبناء لهم وغيره والكثير الكثير من المصاريف التي فاقت ما أعطاني إياه والدي أضعافا، وكان هذا من باب حبي للعطاء وليس غير ذلك، وتفاجأت بأن هناك أخا لي من بينهم أثار قضية أن المال والمصنع والشركة ملك لنا جميعا من باب أن الوالد هو سبب هذا المال وأصله، وأن ما أقوم بصرفه على العائلة هو من باب (الغير مشكور) لأنه مال أبينا، وأثار حفيظته كيف أني أملك التصرف في المال وأنفق بغير حساب، مما أحبط عزيمتي وأصبت بصدمة لقاء هذا، طبعا دافعت عن حقي في مالي وتمكنت من إقناع الوالد في عدم أحقيتهم كشركاء في مالي من باب أن المال الذي أرسله لي والدي كان من أجل شركة مواد البناء وهذه الشركه خسرت، ورفضت طلب أخي واقتنع الجميع بذلك، غابت الأيام وعندما علم الوالد أنني أريد شراء بيت خارج المكان الذي يسكن فيه، ثار غضبه وإذا هو يطالب بتقسيم المال بين إخوتي، وتسجيل الأملاك باسم إخوتي، وأنا في حال يرثى لها، وصار يحرض إخوتي سامحه الله ويقول بأنهم سيكونون خدما لابني الصغير ذي العشرة أعوام ... وجدير بالذكر أن لي أخا خامسا قد ساعده الوالد في فتح منجرة للأعمال الخشبية، وفتح الله عليه في شراء سيارة خاصة له والزواج وحاليا يريد شراء شقة سكنية، ولا أحد ينظر إليه أبداً من باب أن والدي قد ساعده وفتح له باب العمل، أفتوني في أحقية أخوتي ووالدي في مالي، وكنت قد أبلغت والدتي بأنني ومالي ملك لأبي من باب الشرع والقرآن فقط، وأبلغت والدتي لأن الوالد تراجع عن هذا الطلب بسبب مشكله حصلت لي حاليا، ولا أعرف هل يقوم بتأجيل الطرح لما بعد انتهاء مشكلتي أم ماذا، فأريد أن أبحث الأمر بعد انتهاء مشكلتي قبل أن يقوم أحد بفتح الموضوع معي، وما قلت إلا الحق والله على ما أقول شهيد، وأعتذر عن الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من أنك قمت به من إيواء لإخوتك واحتضانهم، وتصييرهم موظفين من بينهم مدير المبيعات، ومدير الحسابات، ومدير المصنع ... وما قمت به بعد من مساعدتهم في أمور الزواج والبناء وغير ذلك مما فصلته ووضحته ... يعتبر إحسانا منك عليهم، وبراً بوالدك، وخيراً كثيراً تفضلت به عليهم، ونسأل الله أن يجعل لك به من الخير والمثوبة عنده ما لا يستطيعه أحد سواه.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن المبلغ الذي قد أرسله إليك الوالد، والذي قلت إنه في حدود عشرة آلاف دينار، لا يمكن أن يخرج عن واحد من ثلاثة احتمالات هي:
* أن يكون قرضاً أقرضه لك أبوك.
* أو أن يكون قد أراد به الاشتراك به معك فيما تقوم به من الشراكة.
* أو أن يكون هبة منه لك (وهذا الاحتمال مستبعد) .
فإن كان الأول، فمن حقه أن يسترجعه منك ولو خسرت الشركة، لأنه قد ترتب في ذمتك بمجرد إرساله إليك بطلب منك، وإن كان الثاني وقد ذكرت أن الشركة لم يكتب لها النجاح وخسرت، فإنه قد خسره بخسارة الشركة، ولا يمكن الجمع له بين المشاركة في الشركة وبين ضمان رأس المال، ما لم يكن قد حصل تعد منك أو تفريط، فعُلم من هذا أن أسوأ الاحتمالات بالنسبة لك هو أن ترجع المبلغ إلى الوالد، وأما أن تكون الشركة مالاً مشاعاً بينك وبين جميع إخوتك، فإن معطيات السؤال لا تقبله بوجه من الوجوه.
ويبقى هنا أن نشير إلى مسألة أخرى هي ما إذا كان من حقك أن تُعادَّ إخوتك بما أنفقته عليهم من المال الذي قلت إنه فاق ما أعطاك إياه والدك أضعافاً، وبالتالي لا يكون عليك أن ترجع العشرة آلاف على جميع الاحتمالات، والجواب عن هذا أن قولك: إن الإنفاق عليهم كان من باب حبك العطاء وليس غير ذلك، يفيد أنك لم تنفق هذا المال لتعاد به، وبالتالي فليس من حقك المعاددة به.
وعلى أية حال، فإنه قد تبين من جميع ما ذكرناه أنك مظلوم فيما أراده منك أبوك وإخوتك، وأنهم -فطعاً- ليسوا شركاء في أموالك، ولكننا ننصحك بالسعي في حل المشكلة عن طريق المصالحة، وأن تبذل كل ما في وسعك من إرضاء أبيك، ومن اللطف بإخوتك وحسن التعامل معهم، وإذا عرفت أن هذا لن يكون حلاً للمشكلة وأن الموضوع قد يتفاقم وتترتب عليه العدواة والبغضاء في المستقبل، فالصواب أن تلجأ حينئذ إلى أي أمر يمكن من القضاء على النزاع، سواء كان ذلك بإشراك أهل الفضل في حله، أو باللجوء إلى المحكمة الشرعية لفضه وتمكين كل ذي حق من حقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(12/2618)
الشركة في العقار وبيع حق التعلي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة: اشترى ثلاثة إخوة قطعة أرض بمبلغ 75 ألفا عام 1998 على أن يكون لكل واحد منهم الثلث، وبعد ثلاثة أعوام تقريبا أرادوا بناء هذه القطعة إلا أن أحدهم اعتذر عن أن يبدأ البناء معهم، عن طريق أحد الإخوة الشركاء وبموافقة الأخ المعتذر عن البناء اتفقنا على أن أدخل شريكاً معه مكملا البناء ليكون لي مثل نصيبه، وأن أقوم بالبناء إلى أن أنفق قيمة ما أنفقه على شراء الأرض (25) ألفا ثم تكون باقي التكاليف بيننا بالسوية، بعد أن أتممت إنفاق ما علي من أموال اتصلت على الإخوان لإرسال ما على أخي من أموال أنفقت فأخبرني الأخ الذي أدار الاتفاق أن أخي الذي اشتركت معه لن يتمكن من إرسال أية نقود وسيكتفي بأخذ نصيبه حسب ما اشترى الأرض، بالفعل أكملت البناء أنا وأخواي الشريكان إلى الدور الرابع ولم يدفع أخي سوى نصيبه في الأرض، لما عاد أخي من سفره أعدت تخييره -للخير الذي بيننا- بين أن يكمل النفقات كما كان الاتفاق الأول وبين أن يأخذ حقه حسب نصيبه الذي دفعه في الأرض وكان هذا عام 2002، وبالفعل توصلنا إلى حل ليأخذ أخي حقه وهو أن يأخذ أخي الدور الخامس -الذي لم يبن بعد- بسعر التكلفة وهو 40 ألفا دفع منها نصيبه في الأرض وقيمته خمسة وعشرون ألفا وبقي عليه خمسة عشر ألفا دفع منها ألفين قبل أن يسافر وكان الترتيب أن ينجز هذا العمل في بضعة شهور بعد إرسال الأموال اللازمة، سافر الإخوة جميعا وأول ما أتى فصل الشتاء الذي يتسنى لنا فيه العمل اتصلت على إخواني ليرسلوا الأموال إلا أن أحد الإخوة أخبرني أن أحد الشركاء ظروفه تحول بينه وبين أن يرسل أموالاً في الوقت الراهن، أخبرت إخواني بتقلبات الأسعار وأن علينا أن ننجز باقي البناء وأنني على أهبة الاستعداد لإنجاز الدورين الباقيين، خلال العامين 2003 و2004 أخذت الأسعار في الارتفاع الطفيف فأخبرت الإخوة بذلك لكن أحداً لم يرسل شيئاً بما فيهم أخي الذي أنجزت معه الاتفاق، في عام 2004 استعددت للسفر حيث يقيم إخواني، ولما رأى أخي دنو سفري اتصل طالبا إنجاز الدور المتفق عليه فأجبت مرحبا أنني لا أمانع شريطة أن يرسلوا الأموال إلا أن أحداً لم يرسل شيئاً حتى سافرت، في عام 2006 رأى إخواني أن الفرصة مواتية لإنجاز الدورين المتبقيين إلا أن الأسعار قفزت قفزة لم تكن متوقعة فقد تخطت النفقات أكثر من ضعف ما هو متوقع وهنا اتصلت على أخي لأستزيده من المال بقدر ما أنفقت خاصة أن البناء بسعر التكلفة إلا أن أخي رفض وحجته في ذلك أن هذا اتفاق انقضى ولن يدفع أي مبلغ فوق الأربعين ألفا، فأجبت أنني لم أقصر ولم أذنب حتى أتحمل هذه النفقات الباهظة ثم إنه المستفيد من البناء لست أنا والبناء بسعر التكلفة، قام أخي بإعادة تثمين الأرض حيث إن أمواله دفعت على جزأين: الأول ثلث قطعة الأرض والثاني 15ألفا وبعد سؤال أهل الخبرة وجد أن الأرض التي كانت قيمتها 75 ألفا أصبحت 130 ألفا أي أن ثلثه الذي كان 25 ألفا قد أصبح 43 ألفا وأن لهذا اعتباره، الحمد لله أن أخي وصل إلى هذه القناعة التي مفادها أن الأسعار تتغير حسب تغير الظروف والأزمان وعلى هذا الاعتبار علينا أن نقرر الوقائع التالية: أعمال الأساسات والقواعد التي بنيت عليها العمارة كلها كلفنا متر الخرسانة وقتها 300 بينما عند بنائنا للدورين الخامس والسادس تعدى متر الخرسانة 650 أي أكثر من الضعف، المرافق التي أدخلناها من مياه وكهرباء وصرف (حفر بئر) إضافة إلى مصروفات الحي ازدادت أكثر من الضعف، بدهي أن تتبع زيادة الأسعار زيادة في قيمة العقار المنشأ والسوق شاهد على ذلك فقد بعت نصيبي من العقار أيام رخص الأسعار بأقل من سعر تكلفته الآن وكنت متربحا فيه، أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن كل واحد من هؤلاء الشركاء يملك فيما تم بناؤه من هذه العمارة -أي الأربعة أدوار- بقدر حصته في رأس مالها، سواء في ذلك الأرض أو تكاليف البناء من مواد وأجور عمال، وأما ما لم يتم بناؤه منها كالدور الخامس فلا يصح جعله عوضاً عن نصيب أحد الشركاء لما في ذلك من الغرر والجهالة، فإن هذا الدور قد يبنى وقد يكلف بناؤه مثل تكلفة بناء العمارة كلها أو أكثر نظراً لتقلب الأسعار ارتفاعاً وانخفاضاً، كما قد وقع بالفعل.
والطريقة الشرعية في مثل ذلك أن يشتري باقي الشركاء حصته فيما تم بناؤه ويبيعون له سطح العمارة لكي يبني عليه دوراً خامساً فإن ذلك جائز عند جمهور أهل العلم بناء على جواز بيع حق التعلي أو بيع الهواء بشرط أن ينضبط بالضوابط الشرعية النافية للجهالة من عدد الأدوار وسمك البناء وقوة القواعد ونحو ذلك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 52138.
وإذا تقرر هذا فإن لهذا الشريك الذي اتفقتم معه على أن يأخذ الدور الخامس الذي لم يبن من هذه العمارة بقدر ما أنفق في رأس مالها لأن هذا الاتفاق الذي تم هو اتفاق باطل لا يترتب عليه أي أثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(12/2619)
الشركة القائمة على غير أساس من الشرع وما يترتب عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدين لصديق اسمه (علي) بمبلغ 7000 دينار من مخلفات التجارة.
بعد فترة من الزمن أقترح علي أخ في الإسلام أن يمدني بمال حتى يتسنى لي العمل بالتجارة وقد اشتريت سيارة بهذا المبلغ على أن أدفع ما تبقى في شكل أقساط لكن الصديق (علي) أقترح علي العمل معه على أن أكتب له ملكية السيارة ويتكفل بدفع باقي الأقساط وبعد ثلاث أشهر كانت التجارة خاسرة فاتفقنا على الافتراق بالتراضي على أن أدفع له 4000 دينار ثمن الأقساط وثمن السيارة وقد كان هذا أمام 4 أشخاص من التجار الأمناء وبما أني معوز وليس لي حتى قوت يومي فقد تعهد أخي في الله بدفع هذا المبلغ لصديقي (علي) ما راعني هو أن صديقي (علي) تراجع عن الاتفاق وطالب بمبلغ 7000 دينار زيادة عن 4000 دينار وإلا فلن أحصل على السيارة وهو يعلم ضيق حاجتي فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصورة التي تم عليها الاتفاق بينك وبين صديقك ليست واضحة تماما؛ لأن الشركة إما أن تكون بين أموال وأبدان، أو أموال فقط، أو أبدان فقط، أو أموال من جهة وأبدان من جهة أخرى، أو غير ذلك من الصور التي فصلها أهل العلم. ولم نعرف من أي نوع هذه الشركة حتى نحكم عليها بالصحة أو الفساد.
وعلى أية حال، فإن ما اقترحه عليك صديقك من العمل معه على أن تكتب له ملكية السيارة لا يصح، وكذا الحال فيما تم عليه الاتفاق بعد انفضاض الشركة، وذلك لعدة أمور:
1. لأن السيارة مأخوذة بثمن مقترض من شخص آخر، وكتابتها باسم من لا يملكها يفيت على المقرض إمكانية استرجاع حقه.
2. أن كتابتها باسمه يجعلها في معنى الهدية له، والهدية للمقرض لا تجوز.
3. أن كتابة ملكيتها له مقابل أن يتكفل هو بدفع باقي الأقساط فيه نوع من الغموض؛ لأن السيارة مأخوذة بثمن منه مبلغ مدفوع نقدا، وبقيته تدفع في أقساط، فكيف يتسنى أن تكتب باسمه هو مقابل دفع بقية الأقساط فقط؟
4. افتراقكما بالتراضى على أن تدفع له 4000 دينار قيمة الأقساط والسيارة، هو أيضا بعيد من الوضوح، وأبعد منه ما ذكرته أن صديقك تراجع عن الاتفاق وطالب بمبلغ 7000 دينار زيادة عن 4000 دينارا وإلا فلن تحصل على السيارة.
وقد علمت من جميع هذا أنكما وقعتما في جملة من المتاهات التي يبدو أنها لا تراعي قواعد الشرع وضوابطه، فالرجاء أن تكتب لنا بتفاصيل أكثر للموضوع، حتى يتسنى لنا أن نبين لك مواضع الفساد فيه، ونحدد لك الكيفية التي يمكن أن يتدارك بها تصحيح المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1428(12/2620)
حكم قيام أحد الشركاء بمعاملة غير مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بالمعاملات التجارية، ولتكن مثلاً شركة بها عدد معين من الشركاء كل بحسب مشاركته، بماله أو بعلمه أو بخدمته، ما هو حكم الشرع إذا تعامل أحد الشركاء بمعاملة غير مشروعة سواء كان بعلم شركائه أو بغير علمهم، كيف يعتبر المال المكتسب غير المشروع بالنسبة لبقية الشركاء؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأي من الشركاء أن يعامل معاملة غير مشروعة، سواء كان بعلم شركائه أو بغير علمهم، وإذا قُدر أن قام أحدهم بالمعاملة فالواجب على بقية الشركاء أمران:
1- أن ينهوه عن ذلك وينصحوه بالابتعاد عنه، عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقوله صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. كما في صحيح مسلم وغيره عن تميم الداري رضي الله عنه.
2- أنه إذا لم يقبل نهيهم ولم يستمع لى نصحهم، فالواجب أن لا يقبلوا خلط المعاملة غير المشروعة على أموالهم، وإن قبلوا ذلك كانوا مشاركين له في الإثم.
وهذا كله على تقدير علمهم بالمسألة، وأما إن لم يعلموا بها، فإن استمر جهلهم لها كانوا معذورين بذلك، ولا شيء عليهم، وإن علموا بها بعد خلطها بالمال ولم يستطيعوا تمييز ما نتج منها من ربح، فالواجب أن يحتاطوا في إخراج ما يرون أنه يعادله تطهيراً للمال، ولا شيء عليهم بعد ذلك، وإن لم يفعلوا كان لذلك حكم المشاركة في الإثم، لأن تطهير المال مما داخله من الحرام واجب، وتارك الواجب آثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(12/2621)
كيفية حساب الربح إذا خلط مال الشريك بكافة الأعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي محل لبيع الموبايل والصيرفة ألح علي أحد الأقارب أن يعطيني مالاً وأعطاني حق التصرف بكل حرية فقلت له سأجعل لك شركة في عمل الصيرفة وهو نصف الربح فوافق على ذلك وأنا الآن أدمجت مالي مع مال القريب في كل أعمال المحل لأني لا أستطيع أن أسيطر على وارد المحل إلا بهذه الطريقة وأحسب لشريكي القريب نصف أرباح الصيرفة, ما موقف الشرع من ذلك مع العلم بأن صاحبي أعطاني الحرية في التصرف في المال؟ وأشكر مسعاكم وأسأل الله العزيز أن يجعل عملكم في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تستثمر ماله في جميع أعمال المحل فيجب عليك أن تعطيه نصف أرباح المحل لا نصف أرباح الصرافة فقط، لما في ذلك من الظلم له، كما هو مبين في الفتوى رقم: 31912.
وننبه هنا إلى ضرورة مراعاة الضوابط الشرعية للاستثمار، والتي ذكرناها في الفتوى رقم: 10549، وكذلك الضوابط الشرعية لعملية الصرافة، والتي ذكرناها في الفتوى رقم: 44635، والفتوى رقم: 48816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(12/2622)
حكم مشاركة صاحب المال المختلف في تحريمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا بني شيئا واشترط أن يكون هذا البناء من مال حلال، فهل يجوز الأخذ من مال مختلف في حله كمال الحلاق لأنه يحلق لحى فيكون ماله فيه خلاف، ومال الذي يستعمل المعازف كل هذه الأشياء فيها اختلاف بين العلماء أنفسهم، فما حكم الأخذ من مالهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص اشترط فيمن يشاركه في البناء أن يكون ماله حلالاً في الشرع لا فيما يعتقد هو تحريمه، فجاءه شخص بمال اكتسبه من عمل مختلف في تحريمه فإنه يجوز له قبول ذلك المال واعتباره حلالاً تبعا لاعتقاد الكاسب له، إما باجتهاد سائغ وإما بتقليد من يسوغ تقليده، جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي ما يلي: فصل: التعامل فيما يختلف الاعتقاد فيه من حلال المال وحرامه. إذا اكتسب الرجل مالا بوجه مختلف فيه مثل بعض البيوع والإجارات المختلف فيها، فهل يجوز لمن اعتقد التحريم أن يعامله بذلك المال؟ الأشبه أن هذا جائز فيما لم يعلم تحريمه إذ هذه العقود ليست بدون بيع الكفار للخمر وقد جاز لنا معاملتهم بأثمانها للإقرار عليها، فإقرار المسلم عى اجتهاده أو تقليده أجوز، وذلك أنه إذا اعتقد الجواز واشترى فالمال في حقه معفو عنه، وكذلك لو انتقل هذا المال إلى غيره بإرث أو هبة أو هدية أو غير ذلك وعلى هذا يحمل ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه: لك مهنؤه وعليه مأثمه، وبذلك أفتيت في المال الموروث، وكذلك قبول العطاء الموروث إذا كان الميت يعامل المعاملات المختلف فيها، وكذلك قبول العطاء من السلطان المتأول في بعض مجناه وآخذه المكتسب إذا قبض يبيع تجارة باجتهاد أو تقليد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1428(12/2623)
حكم إعفاء الشريك شريكه من المبلغ المحدد عليع
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الأكبر ميسور الحال وأراد أن يقف بجانبي ويساعدني فطلب مني أن أشاركه في شراء سيارة أجرة وأن أدفع ما معي من نقود حتى ولو كانت قليلة وأن يكون لي النصف وأن أسدد الباقي من الأرباح وبعد فترة من الزمن جاء أخي من الخارج وعندما رأى أن السيارة لم تدر ربحا ملحوظا، قال لي أنا سأعفيك من سداد المبلغ المحدد أن تسدده لي، ولكن أريد أن أعرف رأي الدين في ذلك، وهل أنا بهذه المشاركة أظلم أولادي وزوجتي كما يقولون؟ وجزاكم الله كل الخير عنا وعن جميع المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال فيه بعض الغموض ويحتاج إلى إيضاح، وسنجيب في حدود ما فهمناه منه، وهو أنك اشتركت مع أخيك في شراء سيارة بحيث يكون لك فيها النصف ولأخيك النصف، وأقرضك أخوك ما تكمل به نصف رأس مالها، واتفقتما على اقتسام إيرادها، فإذا كان الأمر كذلك فهذه الشركة المذكورة بينكما يلزم لجوازها عدة شروط منها عدم ضمان أحدكما للآخر رأس ماله، وأن تكون النسبة التي يستحقها كل منكما من الإيراد محددة سلفاً، وراجع للتفصيل في ذلك الفتوى رقم: 10549، والفتوى رقم: 29854.
وإذا تحققت هذه الشروط، فهي شركة صحيحة، سواء أكنت تعمل عليها أم يعمل عليها شخص آخر، قال الخرقي ذاكراً لأنواع الشركات الجائزة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما، تساوى المال أو اختلف فكل ذلك جائز. وإذا كنت تعمل عليها فلا حرج أن تزيد نسبتك في الربح عن نسبته، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35493، والفتوى رقم: 35162، كما لا حرج أن تتفقا على كون نسبة الربح متساوية بينك وبينه لأنك في هذه الحالة متبرع بعملك، وإذا تقرر هذا فإن هذا المبلغ المحدد الذي أعفاك من سداده يحتمل صورتين:
الأولى: أن يكون هو ما أقرضك من ثمن حصتك من هذه السيارة وما يستحقه على حصته من إيراد السيارة، فالمشاركة في هذه الحالة صحيحة ولا بأس بإعفائه لك، ولا يعد ذلك ظلماً لزوجته وأولاده، ما دام ليس محتاجاً إليه في القيام بما يجب عليه تجاههم من نفقات، بل ذلك خير له عند الله تعالى فإن ذلك من صلة الرحم التي أمر الله بوصلها، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه.
الثانية: أن يكون إيراداً محدداً يستحقه عليك لا يزيد ولا ينقص، فإن المشاركة في هذه الحالة باطلة، ولا يملك أن يعفيك إلا من نصف الإيراد الفعلي التابع لامتلاكه نصف هذه السيارة بشرط ألا يكون محتاجاً إليه في نفقة من تجب عليه نفقتهم.
وننبه الأخ السائل إلى أن الحكم الشرعي في المسألة المطروحة لا ينبغي أن يعبر عنه برأي الدين، لأن ذلك يوهم بأن حكم الشرع مجرد رأي كباقي الآراء غير واجب الاتباع فليتنبه إلى ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1428(12/2624)
الشريك وكيل وأمين
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت في شراكة مع شخص لإنشاء ناد رياضي ... وأنا من أقوم بالذهاب لمحلات الأدوات الرياضية والأثاث والمستلزمات الصحية، وذلك لمعرفة الأسعار، واستطعت بعد نقاشات طويلة أن أحصل على خصومات في بعض المواد.. فهل المبلغ الذي خصمته من المبلغ الأصلي يعتبر حلالاً لي أم للشريك نصيب فيه أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم الأخ السائل أن الشراكة مبناها على الوكالة، فكل شريك وكيل عن الآخر في أعمال الشركة، جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: والشركة بسائر أنواعها عقد جائز من الطرفين لأن مبناها على الوكالة والأمانة.
وعليه؛ فالوكيل أمين، ومن مقتضى الأمانة هنا رد المبلغ المخصوم إلى مال الشركة؛ لأن لشريكك حقاً فيه بحسب الاتفاق بينكما، ولا يحل لك أن تخص نفسك بشي من مال الشركة دون شريكك، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 66432.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(12/2625)
شراكة فاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صيدلانية وسؤالي حول زكاة الصيدلية عندما فتحت الصيدلية كانت شراكة بيني وبين ابن عم أمي قدم هو المحل وقدمت أنا شهادتي والأدوية واتفقنا أن الربح مناصفة بيننا وكذلك التكاليف الأخرى مثل الضرائب وفواتير الكهرباء وغيرها وسؤالي زكاة الصيدلية تحسب بأن تقيم البضاعة الموجودة وكذلك المال ثم تحسب بنسبة 2.5% فهل يجب علي إخراج القيمة كاملة من حسابي أم أن كل شريك يدفع نصف القيمة يعني إذا فرضنا طلعت قيمة الزكاة 15000ليرة مثلا فهل أخرجها أنا كلها أم أخرج نصفها وشريكي يخرج نصفها؟
عذرا إن أطلت. وأتمنى ان تتفضلوا ببيان الحكم الشرعي. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل بيان حكم الزكاة لا بد من التنبيه إلى حكم هذه الشراكة التي تمت بينكما هل هي صحيحة أم فاسدة؟
والجواب: أن الشركة على أن يكون رأس مال الشريكين عروضا، أو أحدهما عروضا والآخر محلا ـ كما هو الحال في السؤال ـ شركة فاسدة لأن الشركة تقتضي الرجوع عند المفاصلة برأس المال أو بمثله، وهذه لا مثل لها يرجع إليه، وقد تزيد قيمة عرض أحدكما فتستوعب جميع الربح أو جميع المال، وعليه فالشركة فاسدة، وليس لصاحبك إلا أجرة المثل مقابل محله وعمله، وعليكما أن تصححا هذه الشراكة. ومن صور تصحيحها أن تحددا قيمة المحل وقيمة الأدوية ويشتري كل واحد منكما من صاحبه جزءا مشاعا كالنصف -مثلا- ثم تعملان سويا وتتفقان على مقدار الربح لكل واحد منكما.
وأما من حيث الزكاة فإن عليك عند نهاية الحول جمع ما معك من النقود وتقييم الأدوية الباقية بما تساويه في السوق، ثم تنظري كم لك من الديون على الناس وتضيفيها إلى النقود، ثم تعطي ابن عم أمك أجرته وأجرة محله المعتادة، وتخصمي ما عليك من الديون التي لا يوجد عندك مال فائض عن حوائجك الأصلية تجعلينه مقابلها، ثم تزكي بقية المال إن بلغ نصابا بنفسه أو بما معك من الأموال التي من جنسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1427(12/2626)
حكم أخذ الشريك ما دفعه للمعاشات من حصة شريكه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: كان لي شريك في التجارة وكنا متكافئين في المصاريف والأرباح وكانت الوثائق مكتوبة باسمه وكنا ندفع الضرائب والتأمين لصندوق المعاشات إجباريا مفروضة من طرف الدولة لكن هذا التأمين يعود بالفائدة على شريكي عند وصوله سن التقاعد ولم نتفاهم عليه قلت له يوما إني لا أدفع معه ولكنه رفض وبقي الحال هكذا والآن تنازعنا وخرجت من هذه الشراكة وبقي وحده، أخذت أموالي ونزعت المال الذي دفعته معه لصندوق المعاشات بدون علمه، مع العلم أن النزاع كان حول أمور أخرى، فما الحكم وما النصيحة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاشتراك في التأمين التجاري وكذلك الاشتراك في صندوق التأمين المشتمل على مخالفات شرعية كاستثمار الأموال بالربا ونحو ذلك لا يجوز إجبار الناس عليه، ولكن إذا أجبرت عليه شركة من الشركات فإن على الشركاء لزوم العدل بينهم في أداء كل واحد منهم ما عليه من هذا الاشتراك، وإن كان يؤخذ منهم ظلما لأن في تهرب بعضهم من أداء ما عليه ظلما لشركائه بتحميلهم دفع نصيبه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة المظالم المشتركة: فهؤلاء المشتركون ليس لبعضهم أن يفعل ما به ظلم غيره، بل إما أن يؤدي قسطه فيكون عادلا وإما أن يؤدي زائدا على قسطه فيعين شركاءه بما أخذ منهم فيكون محسنا، وليس له أن يمتنع عن أداء قسطه من ذلك المال امتناعا يؤخذ به قسطه من سائر الشركاء فيتضاعف الظلم عليهم، فإن المال إذا كان يؤخذ لا محالة وامتنع بجاه ورشوة أو غيرهما كان قد ظلم من يؤخذ منه القسط الذي يخصه وليس هذا بمنزلة أن يدفع عن نفسه الظلم من غير ظلم لغيره فإن هذا جائز مثل أن يمتنع عن أداء ما يخصه فلا يؤخذ ذلك منه ولا من غيره.
وبناء على هذا فإصرار شريكك على أن تدفع معه هذا الاشتراك لا شيء فيه، وبالنسبة للمبلغ الذي أخذته عوضا عما دفعته مجبرا فإذا كنت قد أخذته من مال شريكك دون علمه فهذا لا يجوز لأنه لم يجبرك على الدفع إلى صندوق المعاشات إنما أجبرتكما على ذلك الدولة بحكم القانون المنظم لهذه الشركات فالواجب في ذلك أن تقتسما مبلغ الاشتراك ولا يجوز لك أن تتهرب وتحمل شريكك الآخر دفع نصيبك فضلا عن أن تسترده من ماله دون علمه، والمشروع في هذه الحالة أن تنتظر أنت وشريكك إلى حين قبضه المبلغ المستحق حال التقاعد فتأخذا منه ما دفعتما وتتقاسماه بالسوية وما بقي فإنه يرد إلى هيئة المعاشات إن تيسر ذلك ولو بطريقة غير مباشرة بشرط الأمن أن يتلاعب فيه القائمون عليها، فإن لم يتيسر رده أو خشيتم تلاعب القائمين عليها في هذا الشأن فإن المبلغ الزائد عن حقكما ينفق في مصالح المسلمين، وعلى شريكك أن يكتب وصية بذلك حتى إذا عاجلته المنية قبل سن التقاعد وصرف لورثته هذا المعاش أعطوك حقك منه، وأما إذا كنت قد أخذته من صندوق المعاشات فلا حرج في ذلك وهذا ما يعرف عند العلماء بمسألة الظفر، وراجع فيها الفتوى رقم: 28871، وعلى شريكك وورثته في هذه الحالة عند قبض معاش التقاعد أن ينتفعوا فقط في حدود ما دفعوا والباقي يردونه إلى هيئة المعاشات إن تيسر ذلك ولو بطريقة غير مباشرة بشرط أن تكون أمينة كما تقدم، فإن لم يتيسر أو كانت غير أمينة فإن المبلغ الزائد ينفق في مصالح المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1427(12/2627)
هل يأثم من فض الشراكة لوفاة شريكه وقد ترك أطفالا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي:أنا دكتورة طب مخبري وقمت بفتح مخبر للتحاليل الطبية وكان لي شريك في هذا المخبر أيضاً طبيب بعدما شاركته لم أشعر بالراحة شعرت أنه مادي قليلاً ثم سافرت وأنا في السفر كانت لي نية بفض الشركة عندما أعود ولكن هذا الطبيب توفي وأنا في السفر وعندما عدت تراجعت عن نيتي لأنه كان لديه أطفال واعتزمت أن تبقى الشركة وأخبرت زوجته بأن تبقى الشركة ولكن بشرط أن تتغير نسبة المشاركة بأن تكون أعلى لأن كل الشغل أصبح على عاتقي فرفضت الزوجة بحدة ذلك واتهمتني بأني استغللت الوضع وتعديت على حق اليتامى فقررت فض الشركة وفتح مخبر لي وحدي وتركت لها المخبر
سؤالي:هل أكون بذلك أخطأت واستغللت اليتامى أو أنني تركتهم بإغلاق رزق كان لهم مع العلم أن والدهم كان قد ترك لهم أرزاق أخرى
أنني أشعر أنني مذنبة مع العلم أنني كنت حريصة عند فض الشركة على إعطائهم حقوقهم على أكمل وجه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن مال اليتيم من آكد ما نهى الله عنه وحذر، فقد قال جل من قائل: وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {الإسراء: 34} . وقال: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً {النساء: 2} .
ثم ذكر آية مفردة في وعيد من يأكل أموال اليتامى، وحدد فيها نوع الجزاء والعقاب، فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا {النساء:10} ، أي إذا أكلوا مال اليتامى بلا سبب، فإنما يأكلون في بطونهم نارا تتأجج في بطونهم يوم القيامة، وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات. قال السدي: يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه، ومن مسامعه وأنفه وعينيه، فيعرفه كل من رآه بأكل مال اليتيم. وروى ابن مردويه من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يبعث يوم القيامة القوم من قبورهم تأجج أفواههم نارا، قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما.
ومع كل هذا.. فما ذكرته من حالك لم نتبين فيه أي خطإ قمت به في حق أولئك الأيتام، ولا أنك استغللت ضعفهم للتحايل على أموالهم.
فالشركة من العقود الجائزة لا من العقود اللازمة، وأي من الشريكين أو الشركاء أراد أن ينفصل عن الشركة فله ذلك متى شاء.
والذي يجب عليك عند الانفصال هو أن لا تأخذي أكثر من حقك، والواجب أن ترفعي أمر الشركة إلى المحكمة القضائية لتكون نائبة عن اليتامى أو لتعين من ينوب عنهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1427(12/2628)
المشاركة في سيارة بالثلث وكيفية فك الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدخول بثلث المبلغ في شراء سيارة لعملها تاكسي على أن يقتسم الربح في نهاية الأسبوع بثلث المبلغ لي والثلثان لصاحب السيارة التي يعمل عليها على أن بعد مضي 3 أشهر يرد لي المبلغ الذي دفعته له بالكامل وتصبح سيارته له وتنفض الشراكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك أن تشارك في ثمن هذه السيارة بثلث المبلغ، وبذلك تصبح شريكا في ملكيتها، ويكون لك ثلث الربح وعليك ثلث الخسارة. وإذا اتفقت مع شريكك على فض الشركة بعد وقت محدد فلا بأس بذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 10670، ولمعرفة كيفية فض الشراكة حينئذ راجع الفتوى رقم: 34140، ولا يجوز أن يضمن لك شريكك الآخر رد رأس مالك كاملا، لأن هذا الشرط يفسد عقد الشراكة ويجعل ما قدمته من مال مجرد قرض تجر به نفعا إلى نفسك وهو الربح الذي سوف تحصل عليه خلال الشهور الثلاثة. ومعلوم أن كل قرض جر نفعا فهو ربا باتفاق العلماء. وراجع الفتوى رقم: 5160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1427(12/2629)
نسبة الربح بين الشركاء تقوم على التراضي
[السُّؤَالُ]
ـ[أب يمتلك مصنعا للملابس أكبر أبنائه تخصص في تصميم الأزياء من ماله الخاص وبعد عودة الأخ من دراسة استغرقت سنتين بدأ بالعمل مع الأب في هذا المصنع وفى نفس مجال التخصص (أي إنتاج نوع معين من الملابس) ، وتم الاتفاق مع الأب بأن يكون للأخ نسبه 50% من الربح وبعد عدة أشهر انضم الأخ الأصغر الحاصل حديثا على االثانوية العامة إلى العمل ووضع اتفاق جديد بأن يحصل كل من الأخين والأب على الثلث، فهل هذا جائز شرعا، ولا يعتبر ذلك ظلما للإخوة الأصغر والأخوات، علما بأن الأب إنما يجهل الأحكام الشرعية في تلك الأمور، وهل هناك من نسبة شرعية معينة وجب على الأب إعطاؤها دون ظلم الإخوة الآخرين، إن كان ذلك ظلما؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه ليس هناك نسبة محددة يجب على الأب أو غيره أن يحددها أو ألا يتجاوزها في مثل هذه المشاركات؛ لأنها تقوم على التراضي، وسواء في ذلك أكانت بين الأب وأولاده أو غيرهم، ولكن يجب في صورة السؤال ألا تكون مبالغاً فيها بحيث تكون ستاراً على تفضيل بعض الأولاد في الهبة على بعض، كما يجب على الأب ولو شارك غير أولاده ألا يرضى بنسبة فيها غبن له ويترتب عليها عدم قدرته على النفقة على أسرته.
والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. وقوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليهما، وقوله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1427(12/2630)
شارك بمحله وشاركا بمالهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ثلاثة أشخاص اشتركوا في محل (الشخص الأول) كان نوع اشتراكه هو المحل نفسه، (الشخص الثاني والثالث) كان نوع الاشتراك هو رأس المال، وبسبب الظروف الأمنية بالعراق تم غلق المحل ونقله إلى محل آخر بالنسبة للشخص الأول أصبح محله مغلقا، والشخص الثاني والثالث نقلوا أدوات المحل وأغراضه إلى محل آخر تم تأجيره على حسابهم (حساب الثاني والثالث)
هل يوجد حق للشخص الأول في مقاسمة الأرباح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الشركة على أن يكون رأس مال أحد الشركاء عرضا مثل أن يكون محلا أو أدوات أو آلات، والآخر مالا، أو يكون رأس مال كل واحد منهم عرضا محل خلاف بين العلماء هل هي صحيحة أو فاسدة؟
فمذهب الجمهور أنها فاسدة، وأجاز أحمد في إحدى الروايتين عنه ومالك رحمهما الله هذه الشركة على أن تُقوَّم قيمة العروض وقت العقد وتجعل رأس مال في هذه الشركة، وهذا هو الراجح لدينا، وراجع الفتوى رقم: 49706، والفتوى رقم: 63862، وعلى هذا القول، فإذا كنتم قد اتفقتم على تقويم المحل وعرفتم قيمته وقت العقد، واعتبرتم هذه القيمة حصة في رأس مال الشركة فإن الشركة صحيحة، وعند إنهائها يأخذ كل واحد منكم حصته في رأس المال، فإن كان هناك ربح قسم بينكم على ما اتفقتم، وإن كانت هناك خسارة قسمت أيضا.
وأما إن كان الاتفاق بينكم قد تم على أن تشتركوا أنت بالمحل وهم برأس المال ويبقى لكل واحد منكم ما اشترك به فأنت لك المحل وهما لهما رأس المال، فإن هذا عقد فاسد وليس من الشركة في شيء، وفي هذه الحالة فكل واحد منكم يسترد ما اشترك به ويضمن أجر عمل صاحبيه، وراجع الفتوى رقم: 15291.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(12/2631)
حكم ضمان الشريك لرأس مال شريكه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بصدد شراء عمارة سكنية للاستثمار، وقد لا يكفي ما عندي من المال لشراء العمارة، لذلك سوف أطلب الاقتراض من والدتي لتكملة ثمن الشراء.
السؤال: أيهما أفضل في هذه الحالة الاقتراض أم أن أشارك والدتي في هذا المبلغ وأرد لها رأس مالها ونسبة من الربح من خلال عائد الإيجارات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إقراض الوالدة أحد أولادها على هذا النحو يعد من باب التفضيل في العطية وهو أمر غير جائز؛ كما بينا في الفتوى رقم: 6242، فأولى لك أن تبرم مع والدتك عقد شراكة إذا احتجت إلى شريك من أجل إنجاز المشروع الذي تريده.
واعلم أنه لا يصح في عقد الشراكة ضمان الشريك لرأس مال شريكه لأن الشريك وكيل في مال شريكه، والوكيل أمين، والأمين لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط في الأمانة.
جاء في كشاف القناع: والشركة بسائر أنواعها عقد جائز من الطرفين لأن مبناها على الوكالة والأمانة. اهـ. وبالتالي، لا يستقيم قولك أنك سترد إلى أمك رأس مالها الذي دفعته في ابتداء الشركة لأن هذا يعتبر ضمانا، لكن إذا أرادت أمك بعد إنجاز المشروع أن تبيع لك نصيبها من المشروع فلها ذلك، ويقدر ثمنه حسب ما تتراضيا عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1427(12/2632)
الربح إذا لم يضمن فهل تفسد الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال، وأرجو ألا تحيلوني في إجابته إلى سؤال آخر: شخص أعرفه يعمل في استيراد وبيع الأدوات الطبية، وهو يعمل بما يرضي الله حسب علمي، ولأن عمله يحتاج الكثير من المال فقد قام بعمل ما يشبه الشركة، حيث إنه مثلاً يقول إنه محتاج لدخول أحد المشاريع إلى مبلغ 100000ريال مثلاً وإن المشروع مربح فشاركته بالمال، والسؤال هو: أنه حدد قيمة الربح، يعني أنه قال إن قيمة الربح قد تصل إلى 75% ولكنني لم آخذ عليه ورقاً أو عهداً بذلك، فهل هذا من باب الربا، توضيح: الرجل يعمل في تجارة مشروعة، واحتاج مالاً فأعطيته على أساس الشركة وليس الإقراض، لكنه حدد قيمة الربح، وأنا لم آخذ عليه ورقة أو عهدا بأن يدفع الربح الذي قال عنه، بل لا أعرف إذا كان سيزيد أم ينقص أو حتى يخسر بتجارته، فهل يعتبر هذا نوعاً من أنواع الربا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة التي حصلت بينك وبين ذاك الشخص هي إحدى صور الشركة التي أباحها الشرع، قال الخرقي من الحنابلة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما -تساوى المال أو اختلف- فكل ذلك جائز. انتهى.
والشركات في الإسلام تقوم على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة، واشتراط ضمان رأس المال فيها أو مع نسبة معينة من الربح باطل، كما بيناه في الفتوى رقم: 13542 وغيرها من فتاوانا.
وبناء على ذلك فالظاهر أن قول شريكك إن قيمة الربح قد تصل إلى 75 معناه أن هذا الحد قد يصل إليه ربح الشركة حسبما هو مجرب، وأنه مع ذلك يحتمل أقل أو أكثر، بل ويحتمل الخسارة، وإذا كان الأمر كذلك فلا حرج في الاشتراك معه، وأما إن كان يعني بما قاله أنه يضمن لك ربحاً يصل إلى 75 فإن الاشتراك معه على ذلك لا يجوز، وهذا الاحتمال الأخير لا ينسجم مع قوله: قد تصل إلى..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(12/2633)
موقف الشركاء عند خسارة الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق أراد أن يدخل معي في تجارة بيع النظارات وأطلعته على كل شيء وأعطاني مبلغاً من المال لأني لم أكن أملك رأس مال كبير واشتريت سيارة للعمل وكذلك اشتريت البضاعة، ولكن البائع غشني وتكبدت خسارة مما أجبرني إلي بيع السيارة حتى أسدد ما علي من شيكات وإلا أدخل السجن، كما قمت برفع قضية ضد البائع ولا زالت القضية في المحاكم، كل هذا صار في نحو سنة ونصف تقريبا، أما صديقي هذا لما رأى هذه التفاعلات التي كنت أعانيها وحدي من محاكم وشيكات وضيق في حياتي العائلية أرسل صديقي هذا مع رجل آخر علم بالموضوع وقال لي إن شريكك يريد المبلغ كله في مدة أقصاها 20 يوماً ويريد أن ينسحب من اللعبة، أما أنا أشهد الله أني كنت أعمل على حسن نية، فماذا يقول الشرع الحنيف، مع العلم بأنه يريد أن يغرمني هذا إلى يومنا هذا، تصوروا لو ربحنا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول شريكك (إنه يريد أن ينسحب من اللعبة) معناه أنه يريد فسخ الشركة، والشركة عقد جائز غير لازم، وبالتالي يجوز لأي من الشريكين أو الشركاء أن يفسخها، وإذا أراد أحد الشركاء فض الشراكة فإنه يتحمل ما وقع في الشركة من خسارة حسب نصيبه منها، كما أنه في المقابل يحصل على جزء من الأرباح بحسب نصيبه فيها أيضاً، جاء في المدونة: قال مالك: الوضيعة على قدر رؤوس أموالهما، والربح على قدر رؤوس أموالهما.
وجاء في نصب الراية للزيلعي: والوضيعة على قدر المالين. انتهى.
وفي كشاف القناع: (والوضيعة على قدر ملكيهما فيه) أي فيما يشتريانه فعلى من يملك فيه الثلثين ثلثا الوضيعة، وعلى من يملك فيه الثلث ثلثها، سواء كانت لتلف أو بيع بنقصان. وسواء كان الربح بينهما كذلك أو لم يكن، لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال وهو مختص بملاكه فوزع بينهما على قدر حصصهما. انتهى.
وفي المغني لابن قدامة: (والوضيعة على قدر المال) . يعني الخسران في الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله، فإن كان مالهما متساوياً في القدر، فالخسران بينهما نصفين، وإن كان أثلاثا، فالوضيعة أثلاث. لا نعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم. وبه يقول أبو حنيفة والشافعي وغيرهما. انتهى.
وعليه فقول شريكك إنه يريد المال كله، قول غير منصف، وإنما له الحق في النسبة المتبقية من نصيبه بعد حط ما ينوبه من الخسارة، وهذا كله على تقدير أنك لم تفرط في المال، ولم تتصرف فيه إلا بما هو سداد في نظرك، وأما لو كان قد صدر منك تفريط فإنك تضمن ما حصل من الخسارة بسبب تفريطك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(12/2634)
الواجب رد الأموال التي أخذتها من شركائك بعد الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[المشايخ الأفاضل الإخوة الأعزاء
أنا من العراق وكان عندي شركة للمقاولات وبعد الاحتلال تعرضت لخسارة كبيرة فطالبني الشركاء بمستحقاتهم وهم لا يعلمون بالربح والخسارة وأنا رجل شديد الخجل والحرج والخوف فخفت منهم على نفسي وعائلتي من بطشهم أو سجنهم لي فبدأت أسحب المال منهم ومن غيرهم بحجة أن هناك أعمالا جديدة وأسدد لهم ولغيرهم رؤوس أموالهم ومعها الأرباح، علما بأن قسما من هذه الأموال التي أخذتها أعطيتها في سبيل الله لما رأيت من حاجة للإسلام والمسلمين فيها وبدون تفصيل وبعد أن تراكمت علي الأموال والمستحقات وبعد أن فشلت بسحب أموال أخرى هددني من معي مرة أخرى بالفضيحة والمذلة وبالسجن أحيانا فهربت من داري وتركت أهلي وعيالي خوفا على نفسي وأهلي من الفضيحة والعار والسجن في سجون يديرها من تعلمون، وأنا الآن ألهج إلى ربي ليتوب علي مما فعلته وقد حطمت حياتي بيدي فدلوني إلى طريق التوبة رجاء هل أعود وأتعرض إلى ما أتعرض إليه من ذل وعار وفضيحة وتهديد من الميليشيات أم أن الله ممكن أن يتوب علي إذا رجعت إليه واستغفرته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك أخطأت بقولك إنك صرفت قسما من هذه الأموال في سبيل الله، وصرف مال الغير في غير ما أراده المالك يصيره في حكم المسروق أو المغصوب، والله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، ثم إن خطأك الآخر هو فيما ذكرت أنك بدأت تسحب المال من شركائك ومن غيرهم بحجة أن هناك أعمالاً جديدة وستسدد لهم ولغيرهم رؤوس أموالهم ومعها الأرباح، فهذه مغالطة ما كان يجوز لك أن ترتكبها، ومن خطئك أيضاً أنك لم تُعلم شركاءك بحقيقة ما صارت إليه أموالهم، فلو أنك أخبرتهم بكل ذلك في الوقت المناسب لكان ذلك شافعاً لك عندهم.
أما الآن فواجبك أن تتوب إلى الله مما فعلته، ومن تمام توبتك أن ترد الأموال إلى الجهات التي أخذت منها متى قدرت على ذلك، أو أن تستحلهم منها، والذي يلزمك قضاؤه هو ما ذكرت أنك صرفته في سبيل الله، أو ما أخذته بعد حصول خسارة المال، أما ما أصيب منه قبل ذلك بلا سبب أو تفريط منك، فليس عليك أن تقضيه، لأنك لست ضامناً له.
ونريد أن نذكرك هنا بحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن مكاتباً جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير ديناً أداه الله عنك؟ قال: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب.
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: اللهم اقض عني الدين، وأغنني من الفقر. فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يغنيك بفضله عمن سواه وأن يكفيك بحلاله عن حرامه، وأن يعينك على قضاء ديونك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1427(12/2635)
لا حرج على الشريك في فض الشراكة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شريك بالمناصفة في محل لقطع غيار السيارات، والمحل يحتاج للبضاعة، فطلبت من شريكي أن ندبر مبلغا مناصفة لكي نوضب المحل المتهالك وشراء بضاعة، فقال لي أنا ليس معي جهز أنت مبلغا من عندك ونشتري بضاعة والمكسب بالنصف وتأخذ نصف مكسبي سدادا من نصف المبلغ الذي لك، فأنا لم أوافقه، فقال إذن نقفل المحل، فقلت له خذ أنت المحل، فقال ولا أنا ولا أنت بل نتركه مغلقا وسينفع بعدين، عرضت عليه أن يؤجره مني أو العكس رفض والمحل مغلق ويدفع عنه الإيجار، وعرضت عليه بخصوص التليفون الموجود في المحل نتصرف فيه وكان هناك شخص يريده ويدفع ثمنه فرفض، مع أنه في كل ثلاثة أشهر ندفع اشتراكه بدون استعماله، وكل هذا عبء عليه، فإذا كنت أقدر أن أحصل على حقي بما يرضي الله بدون علمه فهل آخذه أم لا، لأني استنفذت جميع الطرق وعامل حساب العشرة، وأنا أستحيي أن يصل الموضوع إلى المحاكم، فما رأي الدين ومن الذي يتحمل الإيجار واشتراك التليفون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لشريكك أن يخيرك بين أن تدفع نصيبه في المبلغ المطلوب لتسيير المحل ثم تخصمه من أرباحه أو أن تترك المحل مغلقاً، بل لك أن تطلب فض الشراكة دون اشتراط تأجير المحل منك أو منه، وعليه أن يجيبك إلى ذلك، فإن الشركة عقد غير لازم، فمتى أراد أحد الشركاء فض الشراكة فله ذلك، ويتحمل ما وقع في هذه الشركة من خسارة حسب نصيبه منها، كما أنه في المقابل يحصل على جزء من الأرباح بحسب نصيبه فيها أيضاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2302، والفتوى رقم: 57571.
فإن أبى فض الشراكة فلك أن تفض الشركة وتأخذ قدر حقك فقط ولو دون علمه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 28871، والفتوى رقم: 34140.
وأما ما يتعلق بإيجار المحل واشتراك التليفون فعليك دفع ما يخصك منه إلى أن ينتهي العقد الذي بينك وبين مالك المحل وشركة الاتصالات، علماً بأننا ننصح برفع الأمر إلى القضاء، فإن ذلك أدعى إلى إحقاق الحق ودفع الخصومة ونفي التهمة، وليس في ذلك ما يدعو للحياء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك، وهو بإصراره على عدم فض الشراكة يلحق بك وبه الضرر، وإن كان شريكك مسلماً وطبت نفساً بإقراضه نصيبه في المبلغ المطلوب لتسيير المحل وخصمه من أرباحه فهو أولى لما في ذلك من التيسير على المسلم واجتماع الشمل ورأب الصدع وتحقيق الألفة والمودة، ونسأل الله تعالى لنا ولكما التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1427(12/2636)
الخلاف بين الشريكين يفصل به العقد المبرم بينهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت تاجرا ومعي شريك وقد حصل خلاف بيني وبين شريكي على مسائل مادية بسب أن هناك نقصا في المال وهو لا يعرف أين ذهب ويعلم الله أني لم آخذ من مال الشركة أي فلس لنفسي بل لمصلحة العمل وكنت آكل من دخل الشركة على الرغم أنه كان هناك راتب لي لم أكن آخذه على الإطلاق وكنت أعتبرها من الراتب وكنت أستخدم هاتفي الخاص لصالح الشركة وكنت أسدد هاتفي من الشركة فهل أنا مذنب يا شيخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن مال الشركة في يد الشريك يعتبر أمانة، ويده عليه يد أمانة، وعليه فإذا هلك المال في يده بلا تعد منه أو تفريط فإنه لا يضمنه، فالخلاف الذي وقع بينك وبين شريكك يحكمه ما تقدم تقريره، وأما تفاصيل ذلك فهذا يحكم فيه العقد المبرم بينكما، ولا نملك نحن أن نقول منه شيئا لأننا لم نطلع على العقد، ولكن ثمت قواعد تحكم الشركة.. من ذلك أن الشريك إذا قال لشريكه: اعمل في الشركة برأيك، فللآخر أن يعمل كل ما يقع في التجارة من الإيضاع والمضاربة والإيداع وسائر أعمال التجارة، ويحسب تكلفة ذلك من مال الشركة، كما أن الشريك إذا اشترط على شريكه أن لا يعمل كذا إلا بإذن فالشرط معتبر والشريك ملزم به متحمل لتبعاته؛ لعموم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أصحاب السنن.
فالمقصود أن نزاعك مع شريكك يحكم فيه عقد الشراكة الشرعية، فاعرضا هذا العقد على قاض شرعي وانزلا على حكمه، ومما تقدم تعلم أنه لا ذنب عليك في دفعك لفاتورة هاتفك الخاص الذي تستخدمه في مصالح الشركة من مالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1427(12/2637)
المفاضلة بين الموظفين في الشركات الخاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فإنكم تقولون في مطلع إجابتكم عن الفتوى رقم 75812 إن الشركة إذا كانت خصوصية أي مملوكة من طرف شخص أو أشخاص معينين، فمن حق ملاكها أن يتصرفوا فيها كما يشاءون، وليسوا ملزمين شرعاً بأن يساووا بين العمال في الرواتب والمكافآت، ومن لا يرضى بما قسموه له فله أن يترك العمل معهم، سؤالي هو: هل يجوز -شرعاً- للشركة الخاصة أن تقوم بالأفعال الآتية:
أولاً: التمييز بين الموظفين والعمال في رواتبهم وامتيازاتهم وحقوقهم، في الوقت الذي تتماثل فيه شهادات هؤلاء الموظفين ومستويات كفاءتهم وأدائهم الوظيفي.
ثانياً: هل يجوز للشركة الخاصة أن تعامل موظفيها والعاملين فيها على أساس مزاج مالك الشركة وهواه، بعيداً عن إيجاد قانون موحد يعامل الجميع على وفق أسس العدالة الوظيفية.
ثالثاً: هل يجوز للشركة الخاصة أن تعطي سلفة لأحد موظفيها بمبالغ كبيرة، بينما تمتنع عن إعطاء سلفة بمبلغ صغير جداً إلى موظف آخر.. وذلك لكون الموظف الأول مقرب من القيادة العليا، بينما الموظف البسيط الثاني لا تربطه بالقيادة العليا علاقة شخصية.
رابعاً: هل يجوز للشركة الخاصة أن تقوم بتسهيل سفر أحد موظفيها إلى خارج البلاد وتتحمل تذكرة سفره ومصروف جيبه، بينما تمتنع عن معاملة موظف آخر بالطريقة ذاتها.
خامساً: هل يجوز للشركة الخاصة أن تعين موظفا جديدا ذا كفاءة بسيطة في الأداء، براتب أعلى من موظف قديم ذي كفاءة مشهودة.
سادساً: هل يجوز للشركة الخاصة أن تحجم دور موظف جيد، وتقيد قدرته على الإبداع، ثم تأتي بعد ذلك وتلومه على سوء أدائه الوظيفي.
سابعاً: هل يجوز للشركة الخاصة أن تعين موظفا أو عاملا بدون عقد قانوني موقع من قبل الطرفين يحدد الحقوق والواجبات بشكل دقيق.
طلب آخير.. أرجو من حضرتكم إفادتي بالجواب عن الأسئلة أعلاه..؟ مع الشكر الجزيل.. وبارك الله فيكم، وجزاكم عني خير الجزاء في الدنيا والآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن واجب أية مؤسسة خصوصية كانت أو عمومية، إذا أرادت اكتتاب عامل أو عدد من العمال أن تحدد ما تتعاقد معهم عليه من أجرة وعمل وغير ذلك مما يمكن أن يكون موضوع خلاف بينها وبينهم، كما أنه من المستحسن لأرباب العمل أن يعاملوا موظيفهم بالمساواة والاحترام، فإن ذلك أدعى إلى خلق روح من المودة قد تعود على العمل بالكثير من الفائدة.
وفيما يتعلق بموضوع أسئلتك، فإن جميع ما طرحته منها لا يخرج عما كنا أجبناك به من قبل، فقد بينا لك في الإجابة السابقة أن الشركة إن كانت خصوصية، فمن حق ملاكها أن يتصرفوا فيها كما يشاءون، وليسوا ملزمين شرعاً بأن يساووا بين العمال في الرواتب والمكافآت، ومن لا يرضى بما قسموه له فله أن يترك العمل معهم.
وهذا الجواب صريح في أن من حقهم التمييز بين الموظفين والعمال في رواتبهم وامتيازاتهم وحقوقهم، في الوقت الذي تتماثل فيه شهادات هؤلاء الموظفين ومستويات كفاءتهم وأدائهم الوظيفي، وأنه يجوز لهم أن يعاملوا موظفيهم والعاملين معهم على أساس مزاج مالك الشركة وهواه، بعيداً عن إيجاد قانون موحد، وأنه يجوز لهم أن يعطوا سلفة لأحد موظفيهم بمبالغ كبيرة، بينما يمتنعوا عن إعطاء سلفة بمبلغ صغير جداً لموظف آخر.... سواء كان ذلك لأن الموظف الأول مقرب من القيادة العليا، والموظف البسيط الثاني لا تربطه بالقيادة العليا علاقة شخصية، أو كان لموجب آخر، وأنه يجوز لهم أن يقوموا بتسهيل سفر أحد موظفيهم إلى خارج البلاد ويتحملوا تذكرة سفره ومصروف جيبه، وأن يمتنعوا عن معاملة موظف آخر بالطريقة ذاتها، وأنه يجوز لهم أن يعينوا موظفاً جديداً ذا كفاءة بسيطة في الأداء براتب أعلى من موظف قديم ذي كفاءة مشهودة إلى غير ذلك من الأسئلة التي عرضتها وفصلتها تفصيلاً.
فالشركة إذا كانت ملكاً خصوصياً فمن حق صاحبها أن يهب جزءاً منها لمن لا يعمل فيها، وأن يحرم من العمل فيها أكفأ الناس، وأن يوزع الرواتب والمكافآت والقروض وتذاكر السفر كما أراد، والذي ليس من حقه هو شيء واحد، وهو أن يتعاقد مع شخص على راتب معين أو على شروط محددة، ولا يفي له بما تم التعاقد عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1427(12/2638)
التصرف في ممتلكات الشركة المدينة التي بلغت حد الإفلاس
[السُّؤَالُ]
ـ[مالحكم الشرعي في تعامل بين شركتين لبيع أجهزة للأخرى بالتقسيط مع إعطائها أسعارا أعلى من السوق مما أضر بالشركة عند البيع ولم تحقق الربح المنتظر وباعت بخسارة تقريبا وذلك لقلة خبرتها في السوق ولطرق ملتوية من الثانية أصرت أن تبيع شحنة أخرى لها وبنفس الأسعار تقريبا مع وعد بالربح المنتظر وتعويض الخسارة ودفع المديونية وكلما توقفت عن السداد مولتها الشركة الكبرى بشحنة أخرى تزيد الطين بلة كما يقولون في المثل المصري حتى غرقت تماما وأصبحت المديونية بمئات الآلاف ثم رفعت القضايا للتحصيل ثم تصالحا وتم كتابة ذلك في ورقة عرفية بينهما مع دفع جزء من المديونية وتقسيط الباقي ولم تف بما وعدت ولم تتصالح مع الشركة المديونة أمام القضاء مما أضر بها بالسوق لاستمرار القضايا وسمعتها وأعلن إفلاسها وأغلقت وذلك سبب خسارة بأرقام كثيرة للشركة المدينة ولأصحابها مع مصروفات المحاماة والقضاء والغرامات والهروب من المشاكل وبيع الموجود بأقل الأسعار للإغلاق فجأة، يريدون حاليا حل يريح ضميرهم من المديونية، هم لا يملكون أي مال للسداد وخسروا بسبب الشركة أموالا كثيرة، ماهو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في العقود ومنها البيع والشراء التراضي المذكور في قول الله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء: 29} . وقال خليل في مختصره مبينا ما ينعقد به البيع: ينعقد البيع بما يدل على الرضا وإن بمعاطاة. وببعني، فيقول بعت، وبابتعت أو بعتك ويرضى الآخر فيهما.
ولا يغير من نفاذ البيع كون السلعة قد بيعت بأغلى بكثير من سعر السوق. قال خليل: ولم يرد بغلط إن سمي باسمه، ولا بغبن ولو خالف العادة.
وفي الموسوعة الفقهية: ذهب الحنفية في ظاهر الرواية والشافعية والمالكية على المشهور إلى أن مجرد الغبن الفاحش لا يثبت الخيار, ولا يوجب الرد.
وإنك لم تفصل لنا ما ذكرته من الطرق الملتوية التي استخدمتها الشركة البائعة حتى نعرف ما إذا كان فيها ما يمكن رد البيع به أم لا.
وما ذكرته من الصلح بين الشركتين ملزم لكل منهما بشرط أن لا يكون فيه تحليل محرم أو تحريم حلال. قال الإمام البهوتي في كشاف القناع: (وهو) أي الصلح شرعا (معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفين) -أي متخاصمين- وهو جائز بالإجماع، لقوله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا، وقوله: وَالصُّلْحُ خَيْر، ولحديث أبي هريرة مرفوعا: والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا، أو أحل حراما. رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح وصححه الحاكم. انتهى.
وسواء كان الصلح عند قاض أو لم يكن، إلا أن كونه عند قاض أقطع للنزاع.
وعلى أية حال، فإن الشركة المدينة إذا كانت قد بلغت حد الإفلاس، بأن زادت ديونها على جميع ممتلكاتها، فإن الشرع يعطي لدائنيها الحق في أخذ جميع ممتلكاتها –سوى ما يترك للمفلس- ويقسمها الدائنون بينهم بحسب الحصص التي هي لهم، ويمهلونها بالباقي إلى أن يحصل لها يسار. قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة: 280} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1427(12/2639)
دفع الشريك إلى شريكه مبلغا شهريا محددا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نظراً لأني رجعت من السعودية فى عام 1998م ولم يكن لدي عمل هنا حيث تركت شركة التأمين قال لي شخص ادخل معي شريكا بقيمة هذا المبلغ بحصة الثمن (8/1) ثمن القيمة للمشروع، نظراً لعلاقة النسب لم نكتب أي أوراق ثم انتظرت أن يكتب هو لم يفعل ذلك قال سأحسب لك مبلغا شهريا حتى يصل رأس ملك 50000 جنيه، وبعد ذلك سأعطيك مبلغا كل شهر كعائد من بداية عام 1999م، مضى ست سنوات ولم يعطيني أي مبلغ نظراً لظروفه قال أنا أخسر، وقال سوف أحسب لك نسبة كنسبة البنك، فما حكم الدين فى ذلك، نظرا لذلك عملت مدرسا بإحدى مدارس الصحراء في وسط سيناء حيث المعيشة الصعبة جداً حتى أوفر لأسرتي المعيشة، في بداية 2004م قال لي بعد ما حسب ما حسبه هو وقال لك 64000 جنيه بدأ يدفعها على كمبيالات شهر يدفع وثلاثة لا يدفع حتى بقي عنده مبلغ 7000 جنية الهدف من هذا كيف أدفع زكاة هذا المال، وكم يكون بالضبط، وهل علي زكاة مال عن السنوات التى كان المال ليس تحت تصرفي حتى أنني كنت أقول الله يعوض علينا حتى فقدت الأمل في رجوعه حتى أنه كان سببا في مشكلات عائلية كثيرة بينه وبين زوجتي، حيث إنه أخوها، كان أي مبلغ يأتي معي من مكافأة امتحانات وإيجار بعض قراريط الأرض أوفره وأودعه في البنك في حساب توفير أودع وأسحب حتى كان كل ما حصلته حتى العام الماضى 37000 جنيه وهو الآن 70000 جنيه، وهذا المبلغ في البنك في انتظار أن نتقاسم بيتنا حيث إننا ثلاثة إخوة في منزل واحد ولا يصلح إلا أن يكون للواحد وأولاده أو الاثنين الآخرين، مع العلم بأن هذا المبلغ لا يصلح أن يعمل شيئا من هذا القبيل، السؤل: كم يكون زكاة المال على ذلك مع العلم بأنني أودع أي مبلغ أحصل عليه، وأسحب أي مبلغ أحتاجه للمصروفات والتجارة خلال العام حيث إن مرتبي لا يكفي، معذرة على الإطالة نظراً لما يحتاجة الأمر من إيضاح ولأخلص ذمتي أمام الله عز وجل، أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدفع شخص لآخر مالاً على سبيل الشركة ويكون العمل من أحدهما والربح بينهما على قدر المال أو على حسب الاتفاق مشروع عند طائفة من أهل العلم، قال العلامة ابن قدامة رحمه الله في المغني: فيجوز أن يجعلا الربح على قدر المالين، ويجوز أن يتساويا مع تفاضلهما في المال، وأن يتفاضلا فيه مع تساويهما في المال، وبهذا قال أبو حنيفة، وقال مالك والشافعي: من شرط صحتها كون الربح والخسران على قدر المالين.
وقال الخرقي رحمه الله: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما أو بدنان بمال غيرهما أو بدن ومال أو مالان وبدن صاحب أحدهما أو بدنان بماليهما -تساوى المال أو اختلف- فكل ذلك جائز.
إلا أن الخطأ الذي حصل في شراكتكما هو تحديد مبلغ شهري يدفعه إليك فهذا لا يجعلها شراكة صحيحة لأن الشركة مبناها على أن الربح والخسارة في مال الشريكين، أما إذا التزم أحدهما بدفع مال معين لآخر فلا يصح، أما إذا اتفقا على أن يعطيه نسبة من الربح إذا حصل ربح فلا مانع منه كما سبق، ولا يصح أن يكون ما حصل بينكما مضاربة لأن من شروط صحتها أن لا يحدد لصاحب المال ربح معين، بل تكون الخسارة بينهما، فصاحب المال في ماله والعامل في جهده، وعند فساد المضاربة يوزع الربح على قدر المال ويعطى العامل أجرة مثله، قال البهوتي في كشاف القناع: وإن فسدت المضاربة فالربح لرب المال، لأنه نماء ماله، والعامل إنما يستحق بالشرط فإذا فسدت فسد الشرط فلم يستحق شيئاً وللعامل، إذا فسدت أجرة مثله. انتهى.
وقال في الكشاف أيضاً: وإذا فسد العقد أي عقد الشركة بأنواعها قسم ربح شركة عنان ووجوه على قدر المالين، لأن التصرف صحيح لكونه بإذن مالكه والربح نماء المال كالوضيعة. فهي بقدر المالين وما عمله كل واحد منهما أي الشريكين في الشركتين أي شركة العنان وشركة الوجوه فله أجرته، لأنه عمل في نصيب شريكه فيرجع به، لأنه عقد يبتغى الفضل فيه في ثاني الحال فوجب أن يقابل العمل فيه عوض كالمضاربة.
وبيان قدر أجرته في نصيب شريكه: أن ينظر أجرة عمل كل واحد منهما في المالين ويسقط منها أجرة عمله في ماله، لأن الإنسان لا يجب له على نفسه المال ويرجع على شريكه الآخر بقدر ما بقي له من أجرة العمل، لأنه الذي عمله في مال شريكه فإن تساوى مالاهما وعملاهما تقاص الدينان، لأنه قد ثبت لكل منهما على الآخر مثل ما له عليه، واقتسما الربح نصفين وإن فضل أحدهما صاحبه بفضل دين القليل بمثله من الكثير ويرجع على الآخر بالفضل أي بنصفه لما تقدم وقسمت أجرة ما تقبلاه في شركة الأبدان إذا فسدت بالسوية ويرجع كل واحد منهما فيها على الآخر بأجرة نصف عمله لما تقدم. انتهى.
وعليه فلو كان ما وصلك من الربح هو نصيبك فأقل فعليك زكاته مع رأس المال وإلا وجب عليك زكاة نصيبك ورد الزائد، وتزكيه في هذه الحالة لسنة واحدة لأنه بمثابة الدين الذي هو على معسر أو مماطل، وأما المال الذي كنت تكسبه وتدخر منه جزءاً في البنك في حساب التوفير فللجواب عنه جهتان:
الأولى: أن يكون البنك الذي تضعه فيه إسلامياً منضبطاً بالضوابط الشرعية، فلا مانع من ذلك.
الثانية: وجوب زكاته والأيسر عليك أن تنظر متى بلغ النصاب ثم تزكيه كل سنة عند نهاية الحول بقدر ما هو عليه في البنك سواء كنت تدخره لبناء بيت أو غيره، فإن لم تكن قد زكيته فعليك الاجتهاد في تحديده كل سنة وتدارك ما فات لأن الزكاة حق لمستحقيها لا يسقط بتقادم الزمن، وإن استطعت أن تزكي كل جزء من المال الذي أضفته إلى المال الموضوع في البنك في العام الثاني من حين إضافته فلا مانع من ذلك، لكن فيه عسر ومشقة عليك، ولمزيد الفائدة في ذلك راجع الفتوى رقم: 477.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1427(12/2640)
تصرف الشريك بخلاف أمر شريكه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
رابعا: سافرت إلى السعودية بعد ما تزوجت بعام تم استقدمت زوجتي معي حتى رجعت بعد ثلاث سنوات إلى مصر.
كان حصيلة الغربة أن تزوجت وجهزت شقتي مثل إخوتى ومبلغ من المال حوالي 40000 جنيه.
دخلت مع شخص ما في شراء قطعة أرض بناء، الأول قال لي إنها باسمي، وأرسل لي المقدم أرسلت له المقدم، بعد ذلك أرسلوا لي وقالوا إننا شركاء قلت لا بأس نظرا للعلاقة التي بيننا حتى لا تنهدم وتحدث الكثير من المشاكل. بعد ذلك قال لي هذا الشخص إننا بعنا الأرض ونصيبك فيها كذا مع العلم بأنه لم يبع الأرض ولم يدفع أي قسط من الأقساط الخاصة بالأرض وكنت أنا الذي أدفع حتى جاء دوره ليدفع ما دفع وبحث عن شريك آخر ليدخله معه ثم قال لي إنه باع الأرض.
ما رأي الدين في هذا؟ أفتونا مأجورين.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن السائل الكريم قد أرسل إلينا الفقرة الأخيرة من سؤاله ولم يرسل إلينا أوله. وذلك بدليل أنه ابتدأه بقوله: رابعا: سافرت إلى السعودية بعد ما تزوجت بعام ...
وبدليل قوله: بعد ذلك أرسلوا لي وقالوا إننا شركاء ... ولم يكن تقدم ذكر جماعة ترجع إليها ضمائر الجمع هذه.
وعلى أية حال، فإن تصرف الشريك في الشركة يكون بمقتضى الوكالة عن الشريك الآخر.
والوكيل مؤتمن ولا يجوز له أن يتصرف بخلاف أمر موكله، وإن فعل كان ضامنا لما ترتب على تصرفه.
ونرجو من السائل الكريم أن يرسل إلينا بتفصيل ما أراد السؤال عنه حتى تتسنى لنا الإجابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1427(12/2641)
ضوابط فسخ الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت أنا وأخي سيارة أجرة ثمنها 24 ألف دينار، مقدمها 10 آلاف، دفعت أنا ألفان وأخي 8 آلاف والباقي أقساط يسدد من شغل السيارة، وكان يعطيني 5% من دخل السيارة شهرياً حسب الاتفاق معه، الآن يريد بيع السيارة بمبلغ 12 ألف دينار، فالسؤال هو: كم أحصل عليه من مبلغ البيع، وهل لي حقوق أخرى تترتب على عملية البيع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة المذكورة داخلة في ما يعرف -عند كثير من أهل العلم- بشركة العنان، وهي شركة يلتزم فيها كل شريك بأن يقدم حصة معينة لتكوين رأس مال من أجل التجارة على أن يكون الربح بينهم على حسب حصصهم أو على حسب اتفاقهم، ولا يشترط في هذه الشركة تساوي الحصص في رأس المال ولا في الربح ولا في العمل، جاء في نصب الراية: ويصح التفاضل في المال ... ويصح أن يتساويا في المال ويتفاضلا في الربح. انتهى.
كما أن الوضيعة أي الخسران إما بتلف أو بيع بنقصان عما اشتري به على قدر الملك فيما يشتريان به، فمن له الثلثان فعليه ثلثا الوضيعة، ومن له الثلث عليه ثلثها وهكذا، جاء في المصدر السابق: والوضيعة على قدر المالين. انتهى.
هذا.. ويد الشريكين في مال هذه الشركة يد أمانة، وتصرف كلٍ منهما فيه جائز على الوجه المعتاد في مثل هذه الشركات.
وأما مسألة قيام الشريك ببيع السيارة التي هي مال الشركة الآن، فإذا كان المقصود بالبيع هنا هو فسخ الشركة من قبل هذا الشريك فإن الشركة عقد جائز غير لازم، وبالتالي يجوز للشريك أن يفسخها، لكن أن يكون تصرف من يريد الفسخ في نصيبه فقط من الشركة، وإذا تصرف في مال شريكه بعد إعلامه بالفسخ بدون إذنه ضمنه.
أما إن كانت الشركة مستمرة فلكل من الشريكين الحق في التصرف في مال الشركة على الوجه المعتاد، والذي لا يضر بمصلحة الشركة، أما ما هو خارج عن أمور التجارة أو من شأنه أن يضر الشركة فلا بد من أن يأذن الشريك لشريكه في هذا التصرف.
وفي هذا يقول ابن قدامة في منع التصرفات الخارجة عن موضوع التجارة إلا بإذن الشريك، يقول: لأن الشركة تنعقد على التجارة، وليس هذه الأنواع تجارة ... وليس له أن يقرض ولا يحابي لأنه تبرع وليس له أن يتبرع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1427(12/2642)
المشاركة في مشروع أقيم بمال ربوي لصالح الفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أقام شخص مشروعاً خيرياً للأسر الفقيرة من مال ناتج عن ربا، فهل يجوز المشاركة في هذا المشروع حتى يكبر ولا يطمع فيه أحد، وأخذ الأرباح الخاصة بالنسبة للمال المودع، علماً بأن المال الخاص بالربا لصالح الأسر الفقيرة كله بما فيه الأرباح، أما مال المساهمين سيكون خاصا بهم هو وأرباحه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل أن حرمة الفوائد الربوية لا تتعدى إلى الفقراء الذين صرفت إليهم تلك الفوائد على سبيل التخلص منها، قال الغزالي رحمه الله وهو يتحدث عمن معه مال حرام، وأراد التوبة والبراءة منه، قال: وإذا دفعه إلى الفقير لا يكون حراماً على الفقير، بل يكون حلالاً طيباً. ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 27895.
وبناء على هذا فإذا أقيم مشروع للأسر الفقيرة من مال ناتج عن فوائد ربوية، فلا حرج على من أراد المشاركة فيه، لأن المنهي عن الاشتراك معه هو حائز المال الحرام، والفقير قد بينا أن ما يحوزه من هذه الأموال ليس حراماً عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(12/2643)
المشاركة في شركة تضمن نسبة ثابتة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة وبعد:
شركة استثمارية تعمل في مجالات تجارية متنوعة، سندات مصرفِية، صناديق وقائية وتعمل بالعقاراتِ وتجارة معادن ثمينة، تستطيع الاشتراك فيها عن طريق الانترنت ودفع قيمة تتراوح مابين 10 دولار إلى مليون دولار تربح نسبة بين 2%- 6% يوميا من القيمة التي دفعتها ولمدة 170 يوم بعدها تستطيع سحب رأس مالك الأصلي والأرباح تستطيع سحبها يوميا، نسبة الأرباح اليومية متغيرة بحسب قيمة استثمارك فكل ما زادت القيمة زادت نسبة الربح، ولكن بنسبة أرباح يومية ثابتة أي إذا استثمرت مابين10-1000 دولار تربح 1.8% يوميا لمدة 170 يوما، وإذا زاد استثمارك عن ألف دولار زادت نسبة الربح اليومية، ومن أحد شروط هذه الشركة أنها غير مسؤولة عن أي خسارة قد تحدث، ربما قد تخسر حتى رأس المال الأصلي، الشركة تعمل منذ 10 سنوات بصورة ناجحة، هل الاشتراك في هذه الشركة وأمثالها يعتبر ربا؟ ولو كانت هناك مثل هذه الشركة ولكنها تضاعف قيمة استثمارك ولكن في مدة زمنية متفاوتة بحسب أرباحها، هل تصح مثل هذه الشركات؟ أرجو الإفادة، ولكم كل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال وذلك في الفتوى رقم: 73450.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(12/2644)
كيفية توزيع الأرباح في شركة ثلاثية
[السُّؤَالُ]
ـ[لكم جزيل الشكر يا إخوتي على هذا الموقع
أنا شاب ذو طموح أبلغ من العمر 26 سنة.اتفقت أنا وصديقين لي لإنشاء شركة (ورشة عمل)
ـ الأول يساهم بالمال وسيمول المشروع ككل.
ـ الثاني بالعمل اليدوي فهو ذو خبرة في هذا المجال.
ـ أما أنا فسأساهم ببعض الآلات والإدارة
أريد منكم أخي الكريم أن تعطوني نسبة كل واحد منا من الأرباح؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من الاشتراك في هذه الشركة الثلاثية، واحد بماله والثاني بعمله وجهده والثالث بعمله كذلك وبما عنده من الآلات على أن تُقوَّم هذه الآلات بثمن يتراضى عليه الشركاء، ويصبح ثمن الآلات هو نصيب صاحبها في الشركة، وراجع للمزيد في هذا النوع من الشركات الفتوى رقم: 15291.
أما الربح فيقسم حسب التراضي، ولا مانع من أن يكون نصيب المشارك بماله وجهده أكبر من المشارك بماله أو المشارك بجهده فقط، وراجع الفتوى رقم: 35162، والفتوى رقم: 42627.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1427(12/2645)
من الشركات الفاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب أسنان أنتسب إلى نقابة الأسنان وأريد أن أعرف الفتوى الشرعية في بعض الأموال التي توزع لنا من قبل النقابة سنوياً تحت مسمى " أرباح سنوية "
أما قصة هذه الأرباح فهي كالتالي:
نقابتنا متعاقدة مع بعض المؤسسات الحكومية الموجودة في البلد بعقد يتم من خلاله معالجة موظفي تلك المؤسسات من قبل أطباء النقابة بموجب تحويلة طبية من أطباء تلك المؤسسات على أن تسدد المبالغ المترتبة على المعالجة من قبل تلك المؤسسات لاحقاً.
أما روتين هذه المعالجة فيتم كالتالي:
يذهب المريض إلى طبيب مؤسسته ويجلب تحويلة إلى فرع النقابة حيث يتم فحصه من قبل طبيب النقابة المختص ليشخص له حالته ويحدد له خطة المعالجة المقترحة ويعطيه ورقة تبين له التشخيص والعلاج
ثم بعد ذلك يكون للمريض حرية الذهاب إلى أي طبيب من الأطباء المنتسبين إلى النقابة لإجراء العلاج اللازم له وبعد انتهاء المعالجة يمهر الطبيب بخاتمه التحويلة الطبية ثم يعود المريض إلى مؤسسته لتسجيلها هناك ويعيدها للطبيب الذي يقوم بدوره بإرسالها إلى فرع النقابة وتسجيلها تحت مسمى التحويلات الشهرية للطبيب.
- الذي يحدث أن النقابة تقتطع من كل تحويلة طبية مبلغاً ثابتاً – وقدره حالياُ " 58 ل. س " - هذا المبلغ يتم جمعه سنوياً تحت مسمى " الأرباح السنوية لفرع النقابة " ثم تقوم النقابة بتوزيعه بالتساوي على أطباء الفرع.
ما أريد أن أسأل عنه هو:
1- هل يجوز أن آخذ هذا المال حتى ولو لم أكن قد قدمت أي تحويلة في هذه السنة؟
2- إذا كان يجوز لي أن آخذ هذا المال فإن لي بعض الملاحظات على ما يحدث أثناء تحديد خطة المعالجة من قبل الطبيب المختص فيمكن أن يحدث أحياناً أن يقوم الطبيب بزيادة بعض المعالجات غير الضرورية بحجة التعويض على المريض في الحالات التي لا تقوم المؤسسة بالتعويض عنها فهل يجوز بعد ذلك أن آخذ المال؟
3- وإذا كان لا يجوز أن آخذ هذا المال فماذا أفعل به؟
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... جزاكم الله خيراً وعذراً على طول الرسالة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أن نقابتكم متعاقدة عليه مع بعض المؤسسات الحكومية الموجودة في بلدكم، وأن هذا العقد تتم بموجبه معالجة موظفي تلك المؤسسات من قبل أطباء النقابة بالتفصيل الذي بينته في سؤالك، هو قريب مما يسميه الفقهاء بشركة الأعمال أو الأبدان.
وشركة الأعمال أو الأبدان قد منعها علماء الشافعية لما فيها من الغرر، وهي جائزة عند الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة.
ولكن المجيزين لهذا النوع من الشركة يشترطون له شروطا لا نراها متوفرة فيما ذكرته عن نقابة الأسنان التي هي موضوع السؤال.
فلم نقف -فيما وقفنا عليه من أحكام الشركة- على صحة استبداد كل واحد من الشركاء بما يحصل عليه من أجرة، ويكون الاشتراك في قدر من المال ثابت يقتطع من كل تحويلة ليوزع سنويا على سائر المنتمين إلى النقابة.
ثم إن المالكية يشترطون لصحة شركة الأعمال أن يكون أصحابها في مكان واحد. قال في المدونة: قلت: أرأيت الحدادين والقصارين والخياطين والخرازين والصواغين والسراجين والفرانين وما أشبه هذه الأعمال, هل يجوز لهم أن يشتركوا؟ قال: قال مالك: إذا كانت الصناعة واحدة, خياطين أو قصارين أو حدادين أو فرانين, اشتركا جميعا على أن يعملا في حانوت واحد, فذلك جائز. ولا يجوز أن يشتركا فيعملان هذا في حانوت, وهذا في حانوت, أو هذا في قرية, وهذا في قرية أخرى, ولا يجوز أن يشتركا, وأحدهما حداد والآخر قصار ...
وعليه، فإذا كان علماء الشافعية يمنعون شركة العمل مطلقا، والمالكية يشترطون لصحتها أن يكون جميع المشتركين في نفس المكان –وهو ما لا يتصور وقوعه عند النقابة المذكورة-، وكان القدر المشترك هو مبلغ يقتطع من كل تحويلة، وهو ما لم نقف على مبيح له من أهل العلم، لم يبق إلا أن نستنتج فساد هذه الشركة.
وإذا ثبت ما ذكرناه من الفساد، فإن لكل شريك أن يسترجع ما كان قد اقتطع منه فقط، عملا بمقتضى قول الله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة:279} . وما سوى ذلك فعليه أن يرده إلى النقابة لترده إلى مستحقيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1427(12/2646)
اشتراط الشريك على شريكه دفع مبلغ ثابت شهريا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رجل دخل شريكا مع آخر في مشروع بيع بطاقات الهاتف الجوال بمبلغ قدره 1000 دينار على أن تكون حصته في الأرباح 80 دينارا شهريا مهما كانت المداخيل وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة المذكورة حرام شرعا وباطلة عقدا لأن تحديد مبلغ محدد من الربح يخرجها عن المشاركة المضاربة إلى أن تكون ربويا فكأن صاحب الألف دينار أقرضها الآخر على أن يدفع له كل شهر ثمانين دينارا.
قال ابن قدامة: ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء فضل دراهم وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معدودة أو جعل مع نصيبه دراهم مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم بطلت الشركة.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة. اهـ.
وعليه فاشتراط مبلغ محدد يبطل الشركة ويجب تصحيحها بإبطال الشرط المذكور وما مضى منها فينظر في ربح الألف الدينار ويكون كله لمالك الألف وللشريك الآخر أجرة المثل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1427(12/2647)
حكم إعطاء الشريك نسبة من رأس ماله دون الأرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم من السادة الشيوخ الأفاضل إفادتي في مايلي وجزاكم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء لما تقدمونه من نصح وإرشاد وفتاوى للمسلمين يعينهم على التفقة في دينهم ودنياهم.
لقد اتفقت مع شركة تعمل في أعمال البناء على أن أشارك معهم في تمويل بعض المشاريع ولما كانت الشركة مرتبطة بموظفين وإدارة وأجور وضرائب فقد ارتأوا أن يكون لي نسبة محصورة في الأرباح نتيجة لتجاربهم السابقة مابين (5-10%) من المبالغ التي أدفعها للمشاركة في هذا المشروع دون الالتزام بأية مصاريف أخرى وطبعا لا قدر الله إذا كانت هناك خساره ناتجة عن كوارث طبيعية فأنا طبعا مشارك في الخسارة وغير ملزمين في أي أرباح لي إذا كان هناك خسارة.
ولكن هذه الفقرة التي تتحدث عن الخسارة لم تكتب ولم تذكر من طرفهم في العقد ولكني أعتبر نفسي شريكا وملزما في هذه الخسارة إن وجدت. لهذا بعض الناس يذكرون لي أن هذه النسبة المحدودة من (5-10%) قد تكون قريبة من موضوع الربا ولهذا أرجوا التكرم بإفادتي؟
وجزاكم الله عني خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه المعاملة التي بينك وبين هذه الشركة على الحال المذكور فهي معاملة باطلة لعدة اعتبارات:
الاعتبار الأول: أن حقيقة هذه المعاملة ليست شراكة وإنما هي قرض جر نفعا، وهذا نوع من الربا، وتراجع الفتوى رقم: 52303.
الاعتبار الثاني: أن النسبة تحسب من الربح لا من رأس المال، وواقع الحال هنا أنك تعطى هذه النسبة المذكورة من رأس المال وهذا لا يجوز، وتراجع الفتوى رقم: 28410.
الاعتبار الثالث: أنه لم ينص في العقد على أمر الخسارة وهذه جهالة قد تفضي إلى النزاع، وهذا ما قد يقوي ما ذكرناه أولا من كون هذه المعاملة قرضا مع منفعة، وتراجع الفتوى رقم: 17902.
الاعتبار الرابع: أن النسبة تحسب من صافي الأرباح بعد خصم تكاليف أجرة العمال ونحو ذلك، وهذا غير متوفر في هذه المعاملة فيما يظهر.
وبهذا يتبين أن الواجب فسخ هذا العقد، وليس لك أن تأخذ إلا رأس مالك فقط، ولك أن تصحح العقد مع هذه الشركة بجعل الأمر مضاربة تراعى فيه شروط صحة المضاربة المضمنة ببعض الفتاوى المذكورة آنفا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1427(12/2648)
شركات الوساطة بالبورصة
[السُّؤَالُ]
ـ[عرض علي أحد أصدقائي الاشتراك معه بمصر في إنشاء شركة للوساطة والسمسرة في الأوراق المالية بالبورصة المصرية، فهل هذا النشاط مجاز في الشريعة الإسلامية، وما هي حدود التعامل في هذا النشاط، وهل هناك فيه أنشطة محرمة، أرجو الإفادة؟ وجزيتم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تقوم به شركات الوساطة في أسواق الأوراق المالية هو من قبيل السمسرة والجعالة وهي جائزة إذا انضبطت بالضوابط الشرعية من بعد عن الجهالة والغرر في الأجرة، وبعد عن التوسط في بيع أو شراء محرم، أو الدخول في معاملات محرمة كالربا والقمار. وراجع للتفصيل في ذلك الفتوى رقم: 3099، والفتوى رقم: 7668، والفتوى رقم: 51386.
وأما بخصوص البورصة المصرية، فإذا اقتصر عمل الشركة على الوساطة فيما هو جائز وانضبط بالضوابط الشرعية المذكورة في الفتاوى التي سبقت الإحالة عليها فلا حرج، وإلا فلا يجوز إنشاؤها. وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33573، 47324، 69947.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1426(12/2649)
أخذ الشريك أرض شريكه بسيف الحياء
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كالتالي. شريكان في أرض زراعية ذات بنايات أحدهما استولى على الجزء الأكبر في البنايات تحت سيف الحياء. فهل يعتبر ما أخذه هذا الرجل ظلما أو ماذا؟ وما ذنب المأخوذ منه؟
أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعله هذا الشريك من استيلائه على الجزء الأكبر من البنايات أمر محرم ولا يحق له تملكه إلا إذا رضي شريكه وطابت نفسه بذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه منه. رواه أحمد وصححه الألباني وشعيب الأرناؤوط، وكون شريكه سكت أو وافق حياء وليس بطيب نفسه لا يجيز له أخذه.
وقد نقل ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى الإجماع على أن الآخذ لا يملك ما أخذه من غيره على سبيل الحياء فقال: ألا ترى إلى حكاية الإجماع على أن من أخذ منه شيء على سبيل الحياء من غير رضا منه بذلك أنه لا يملكه الآخذ، وعللوه بأن فيه إكراها بسيف الحياء فهو كالإكراه بالسيف الحسي بل كثيرون يقابلون هذا السيف أي الحسي ويتحملون مرار جرحه ولا يقابلون الاول خوفا على مروءتهم ووجاهتهم التي يؤثرها العقلاء ويخافون عليها أتم الخوف. ومن الأقوال المأثورة: سيف الحياء أقطع من سيف الجوى. ذكره عليش في فتح العلى المالك وغيره.
فلا شك إذا أن هذا الفعل من الظلم وننصح المأخوذ منه أن يصارح شريكه بالأمر قطعا لمادة الخلاف بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(12/2650)
اشتراط حرمان الشريك من رأس ماله عند انسحابه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة إخوان اتفقنا أن نؤسس صندوقا ماليا خاصا بنا. الغرض من الصندوق استثمار رأس المال في مشاريع موافقة للشريعة الإسلامية. أحد الشروط التي أسس عليها الصندوق أن المشترك إذا أراد الانسحاب فإن المبلغ الذي قام بدفعه لن يتم إرجاعه وإنما يعتبر دعما للصندوق ومن حق الصندوق. فما حكم أخذ مال المشترك الذي انسحب من الصندوق من تلقاء نفسه؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا أن هذا الصندوق ما هو إلا عقد شركة لأن الغرض منه هو استثمار الأموال التي يقوم أعضاء الصندوق بدفعها، والشركة عقد من العقود الجائزة عند جماهير العلماء، ومقتضى ذلك أنه يجوز لأي شريك أن ينسحب من الشركة وقتما يشاء بشرط ألا يتسبب في ضرر لغيره من الشركاء، وليس للشريك عند الانسحاب من الشركة سوى رأس ماله مع نسبته من الربح إن كان ثم ربح، أو مخصوما منه نسبته من الخسارة إن كان ثم خسارة، قال الرملي في نهاية المحتاج - وهو شافعي -: وعقد الشركة جائز من الجانبين كما قال، ولكل من الشريكين فسخه متى شاء.انتهى. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 48733، 62990، 65673.
وبناء على هذا يكون اشتراط حرمان الشريك من رأس ماله عند انسحابه من الشركة شرط باطل تفسد به الشركة؛ لأنه ينافي مقصود الشرع كما أنه ينافي مقتضى العقد. أما منافاته لمقصود الشرع فلما فيه من أكل أموال الناس بالباطل، وأخذها بغير طيب نفس منها؛ فإن نفوس البشر تأبى أن تؤخذ منها الأموال بلا مقابل، وقد قال تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل [البقرة: 188] ، وفي الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وأحمد. وأما منافاته لمقتضى العقد فلأن مقتضى العقد في الشركات هو المشاركة في الربح والخسارة، وفي اشتراط ذهاب رأس المال لمجرد فض الشركة منافاة واضحة لهذا الأصل، ولمعرفة أقوال أهل العلم في حكم العقد المقترن بشرط باطل راجع الفتوى رقم: 49776، والفتوى رقم: 28039. وإذا فسدت الشركة كان الربح والوضيعة (الخسارة) على قدر مال الشركاء، ويتقاصون العمل فيما بينهم فيكون لكل واحد منهم على الآخر أجرة مثله فيما قام به من عمل. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 70128، 61694، 51623.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1426(12/2651)
صيغة عقد المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على هذا الموقع، ومزيداً من التقدم، أرجو التكرم بتزويدي بصيغة من عقود المضاربة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يُكتفَى في صيغة المضاربة بما يدل عليها من الألفاظ، ولا يلزم ذكر جميع التفاصيل إلا إذا شاء المتعاقدان، يقول الكاساني الحنفي في البدائع: وأما ركن العقد فالإيجاب والقبول وذلك بألفاظ تدل عليهما، فالإيجاب هو لفظ المضاربة والمقارضة والمعاملة وما يؤدي معاني هذه الألفاظ بأن يقول رب المال: خذ هذا المال مضاربة على ما رزق الله عز وجل، أو أطعم الله تعالى منه من ربح، فهو بيننا على كذا من نصف أو ربع أو ثلث، أو غير ذلك من الأجزاء المعلومة ... ويقول المضارب: أخذت أو رضيت أو قبلت ونحو ذلك فيتم الركن بينهما. انتهى.
فها أنت ترى أن صيغة العقد تمت بدون ذكر تفاصيل من يتحمل الخسارة عند وجودها، لأن لفظ المضاربة والمقارضة أغنى عن ذكر ذلك، وجاء في أسنى المطالب: الركن الرابع: الصيغة من إيجاب وقبول ... كقارضتك أو ضاربتك أو عاملتك على أن الربح بيننا نصفين، ويشترط فيه القبول فوراً. وهذا نص جلي في الاكتفاء بما تقدم دون الإشارة إلى تفاصيل أخرى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 10549، 26778.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1426(12/2652)
حكم الشركة إذا لم يتفق الشريكان على نسبة الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن يتسع صدر فضيلتكم لسؤالي وذلك لأهميته لي\"قمت أنا وشخص آخر بعقد شركة على أساس أن له هو الثلثين وأنا لي الثلث وكانت الفكرة فكرته هو وهو له خبرة أكثر منى في هذا المجال، وتكلف تأسيس الشركة كمرحلة أولى حوالي 45 ألف جنيه قمت أنا بدفع 38ألف منها أي حوالي 90% وقلت له إن المفروض أن أدفع الثلث فقط لأن دفع هذا المبلغ سوف يضطرني لبيع أسهم كانت لي في البرصة المصرية بخسارة فقال لي سوف أعوضك فيما بعد فبعت الأسهم بخسارة ودفعت المبلغ، ثم أعلنا عن وجود السلع في الشركة فتقدم أفراد بدفع مقدم لحجز طلباتهم تم دفع تأمين الشركة من هذا المقدم وهو (100 ألف جنية) وقمت باسترداد (8000 جنية) من هذا المقدم وأصبح المقدم الذي دفعه الأفراد دين على الشركة لهم. وأنا الآن أقول له إما أن يكون لي النصف في الشركة ونشترك في تحمل الدين وإما أن يكون لي الثلث ولا أتحمل شيئا من الدين، فرفض ذلك وقال أنه يجب أن يأخذ 20% مقابل إدارته وخبرته علاوة على أن يظل له الثلثان ولي الثلث (أي له الثلثان + 20% وأنا الباقي) . فما رأي الشرع في ذلك وهل يحق له أن يأخذ مقابل الإدارة علما بأنني متواجد غالبا في الشركة معه يدا بيد وأعتبر أنا الذي أقمتها من مالي وهو لم يدفع إلا القليل. وما هو حقي في الإدارة حيث إننا الآن مختلفون. وهل يمكن أن نقول إن أحد الطرفين يشترك بالإدارة والخبرة والآخر برأس المال وماذا تكون نسبة كل منهما في هذه الحالة. أرجو الإفادة من فضيلتكم لأن هذا الموضوع مهم جدا بالنسبة لي. وبماذا تنصح شريكي وتنصحني في هذه المسألة. وشكرا لفضيلتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة التي نشأت بينكما شركة عنان، قال ابن قدامة في المغني (7/121) : والقسم الخامس: إذا اشترك بدنان بماليهما، وهذه الشركة العنان، وهي شركة متفق عليها " انتهى.
وشركة العنان لا يشترط فيها التساوي في الربح ولا في رأس المال، وإنما يوكل ذلك إلى التراضي والاتفاق بين الشركاء.
والصورة التي تمت بها الشركة بينكما فاسدة لعدم تحديد نسبة الربح لكل منكما عند العقد، والذي يظهر لنا من السؤال أنكما اتفقتما على قدر رأس المال ولم تتفقا على الربح، وفي هذا من الجهالة والغرر الفاحشين ما تفسد به الشركة.
قال ابن مفلح في الفروع: وربح كل شركة على ما شرطا ولو تفاضلا وما لهما سواء, نص عليه. انتهى.
وقال: فإن شرطا لهما أو لأحدهما ربحا مجهولا أو مثل ما شرط فلان لفلان أو معلوما وزيادة درهم أو إلا درهما أو ربح نصفه أو قدر معلوم أو سفرة أو عام أو أهملاه فسد العقد. انتهى.
وإذا فسدت الشركة كان الربح والوضيعة (الخسارة) على قدر ماليهما، ويتقاصان العمل فيما بينهما، فيكون لكل واحد منهما على الآخر أجرة مثله فيما قام به من عمل.
فإن الأصل في الشركات أن تقوم على مقتضى العدل، كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، لأن الله تعالى قال: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ {ص:24} .
ومقتضى العدل في الشركات أن يكون الربح والخسارة بين الطرفين حسب نسبة المال المدفوع من كل منهما.
لذا فإنا نرى أن الواجب عليكما الآن هو فض هذه الشركة لفسادها، والمال الموجود يقسم بين الشريكين على حسب رأس المال المدفوع فقط مع تحمل الخسارة إن وجدت بقدر رأس المال المدفوع من كليكما، ويكون لكل واحد منكما أجرة مثله على الآخر فيما قام به من عمل، ويحدد قيمة هذه الأجرة أهل الخبرة أو المحاكم المختصة إذا اقتضى الأمر ذلك.
وراجع الفتوى رقم: 62990، 68533.
فإذا أردتما الاستمرار في العلاقة التجارية بعد ذلك كان لكما عقد الشركة من جديد مع تحديد رأس المال والاتفاق على نسبة ربح كل منكما، وتحديد العمل الواجب عليكما، ولمعرفة حكم فرض أجرة لأحد الشريكين مقابل ما يقوم به من عمل زائد على القدر الواجب عليه راجع الفتوى رقم: 59446.
أما بالنسبة لما وعدك به شريكك من تحمله لخسارتك في بيع الأسهم التي اضطررت لبيعها لإكمال رأس مال الشركة، فالراجح فيه ـ والله أعلم ـ هو ما قرره مجمع الفقه الإسلامي حيث جاء في نص قراره في دورته المنعقدة 1409 هجرية ما يلي: " الوعد: وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد يكون ملزما للواعد ديانة إلا لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلقا على سبب ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد، ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد، وإما بتعويض عن الضرر الواقع فعلا بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر. " اهـ
وقال القرافي المالكي في الفروق: إن أدخله في سبب يلزم بوعده لزم، كما قال مالك وابن القاسم وسحنون، أو وعده مقرونا بذكر سبب. انتهى.
وقال: أما مجرد الوعد فلا يلزم الوفاء به، بل الوفاء به من مكارم الأخلاق. انتهى.
وبناء على ما رجحناه فإنه يجب على شريكك الذي وعدك أن يعوضك عن خسارتك الفعلية في الأسهم، وذلك رفعا للضرر الذي وقع عليك، ووفاء بالوعد المعلق على سبب، والذي يلزم صاحبه الوفاء به قضاء كما مر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1426(12/2653)
مشاركة من يستغل نفوذه لتسهيل الإجراءات الإدارية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الشراكة مع شخص مسئول في الدولة والشخص الآخر صاحب حرفة وهو الذي يدفع المال مقابل أن يقوم الشخص الذي في الدولة بتسهيل الأمور والإجراءات.
وجزاكم الله عن المسلمين خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود منه حصول شركة بين موظف في الدولة وصاحب حرفة فيكون رأس المال بالنسبة لصاحب الحرفة هو العمل مع المال وبالنسبة للموظف هو استخدام نفوذه لتسهيل الإجراءات الإدارية فهذه المسألة من قبيل شركة الوجوه وهي من أنواع الشركة المحرمة كما تقدم في الفتوى رقم: 25045، وإن كان المقصود أن الموظف المذكور يخص صاحب حرفة معينا ببعض الصفقات التي تقوم بها إدارته ونحوها مقابل مبلغ معين فهذا من الرشوة وهي محرمة إلا إذا ترتب عليها انتزاع حق ضائع أو دفع ظلم واقع.
وللفائدة راجع الأجوبة التالية أرقامها: 1713، 4245، 17929.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1426(12/2654)
تأجير الشريك نصيبه لشريكه
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الكرام في الشبكة الإسلامية
جزاكم الله عنا كل خير، أرجو منكم توضيح المسألة التالية:-
لقد اتفق أبي وخالي على شراء شاحنة بحيث يدفع كل منهما نصف السعر وبحيث يتقاسمان الإيراد والمصاريف
وبعد ما تم شراء الشاحنة وفي الشهر الأول والثاني من تشغيلها التزم خالي بالاتفاق (تقاسم مع أبي الإيراد، لكنه في الشهر الثالث دفع لأبي (200) دينار وأخبره بأنه سيدفع له هذا المبلغ شهريا بشكل ثابت، ولم يعترض أبي على ذلك، فما حكم الشرع في أن يستمر أبي في شراكته مع خالي على أن يأخذ (200) دينار شهريا، وما هي نصيحتكم لأبي، ملاحظة: لقد تعودت أن أتلقى إجاباتكم خلال أسبوعين على الأكثر لكن مضى على آخر سؤال أرسلته إليكم قرابة شهرين، أنا ألتمس لكم العذر وأقدر جهودكم وعسى أن يكون المانع خيراً. جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاتفاق الأول الذي حصل بين والدك وخالك على شراء الشاحنة والاستفادة من ريعها بالصورة المذكورة صحيح، إذ لا غرر فيه ولا ضرر، لكون نصيبه جزءاً مشاعاً معلوماً.
أما تحويل الاتفاق إلى مبلغ مقطوع بعد أن كان جزءاً مشاعاً محدداً مع موافقة الطرفين على ذلك فيمكن تخريجه على أنه عقد إجارة بين الشريكين على نصيب أحدهما المشاع في الشركة، وهذا لا مانع منه في الراجح، قال في دقائق أولى النهى: وإن استأجر شريك من شريكه أو أجرا معاً لواحد صحت. انتهى.
ولمعرفة المزيد عن إجارة المشاع راجع الفتوى رقم: 29329، وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62919، 50252، 65877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1426(12/2655)
هل تقسم الأجرة إذا اكتسبها الشريك في يوم العطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يعمل في صيانة الأجهزة الكهربائية وله شريك، فهل إذا جاءه عمل في يوم العطلة فهل أجره له فقط أم له ولشريكه، وإن كان الجواب الثاني فكيف يكفر عن ما سبق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان يوم العطلة ليس داخلاً في العقد فلا شيء عليك في القيام بأي عمل فيه وما تحصل لك من مال فهو ملك لك، وليس من حق شريكك مطالبتك منه بشيء.
والشركة التي بينكما تُعرف عند الفقهاء بشركة الأعمال أو الأبدان، كما يسميها بعضهم التقبل، وهي جائزة عند الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو الراجح إن شاء الله، قال في بدائع الصنائع: وأما الشركة بالأعمال فهو أن يشتركا على عمل من الخياطة أو القصارة أوغيرهما فيقولا اشتركنا على أن نعمل فيه على أن ما رزق الله عز وجل من أجرة فهي بيننا على شرط كذا. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وشركة الأبدان جائزة، معنى شركة الأبدان أن يشترك اثنان أو أكثر فيما يكتسبونه بأيديهم كالصناع يشتركون على أن يعملوا في صناعتهم فما رزق الله تعالى فهو بينهم. انتهى.
وقال النفراوي في الفواكه الدواني: ويمكن رسمها بالمعنى المصدري بأنها: اتفاق شخصين فأكثر متحدي الصنعة أو متقاربيها على العمل، وما يحصل يكون على حسب العمل. انتهى.
وننبه هنا إلى أن الفقهاء الذين أجازوا هذا النوع من الشركة اختلفوا في بعض أحكامها اختلافاً ليس هذا موضع بيانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1426(12/2656)
الشركة والقرض الذي جر نفعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم التكرم بالجواب على سؤالي وهو: أن مديرية الإسكان وزعت قطعا للسكن على من قدم ملفا ووافق عليه، على أن يدفع المشتري الثمن -وهو 18 مليونا - على ثلاث دفعات، كل واحدة 6 ملايين، حصلت على قطعة أرض معلومة المساحة والموقع، ولكن لم يكن بيدي من المال ما أدفعه، فعرضت على صديقين أن يشتركا معي بأن يدفعا الأقساط على أن يكون لي نصف الربح ولهما النصف بعد بيع القطعة، فدفعا القسطين الأولين ومبلغهما 12 مليونا، وعجزا عن الثالث، وكان أن يسر الله لي مالا فعرضت عليهما أن أدفع القسط الثالث على أن يكون ربح هذا القسط خالصاً لي، وربح القسطين المدفوعين من قبلهما نقتسمه مناصفة (لي نصف ولهما نصف بموجب الاتفاق الأول، فرضيا) وبعد تسلمي القطعة طلب أحد الشريكين أن نعرض القطعة للبيع ليأخذ نصيبه، وكنا نحن نرغب في التريث حتى يرتفع الثمن، فلما أصر قلنا له سنعرضها وأي ثمن وصلت إليه فنحن ندفع حصتك وتصبح ملكية مشتركة بيني وبين الزميل الآخر، وبعد معرفة ثمن السوق وهو مبلغ 24 مليونا، كان نصيبي هو: رأس مال القسط الثالث وربحه أي 8 ملايين، ونصف الربح من القسطين المدفوعين منهما وهو مليونان، فأصبح رأسمالي في القطعة 10 ملايين، وأخذ الصديق البائع نصيبه وهو 7 ملايين، واتفقت أنا وصديقي الذي لم يبع على أن تصبح الملكية بيننا مناصفة بأن يدفع هو للبائع 5 ملايين وأدفع أنا له مليونان، فيكون رأس مال الشريك الذي لم يبع مركبا من ثمن قسطه الذي دفعه وربحه وهو 7 ملايين+ 5 ملايين التي دفعها للشريك البائع، فيكون المجموع 12 مليونا، وأنا يكون رأس مالي مركبا من القسط المدفوع وربحه ونصف ربح القسطين الآخرين فالمجموع 10ملايين+ المليونين اللذين دفعتهما للشريك البائع فيصبح رأس مالي 12 مليونا، ثم بعناها بعد ذلك واقتسمنا الثمن مناصفة، السؤال:
1- هل في الاتفاق الأول مخالفة شرعية أم لا؟
2- هل تسديدي القسط الثالث ليس فيه مخالفة مع اشتراطي أن يكون ربحه لي؟
3- هل شراؤنا من الشريك الثالث سليم؟
4- هل اتفاقي مع الشريك الذي لم يبع لتصبح القطعة ذات ملكية متساوية بيننا سليم أم لا؟ أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً، ووفقكم لكل عمل صالح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أن السؤال لم يتضح لنا تماما وسنجيب في حدود ما ظهر لنا منه، والذي يظهر لنا أنه يحتمل صورتين:
الأولى: أن يكون حقيقة الاتفاق الذي جرى بينك وبين هذين الشخصين أنك بعت لهما نصف هذه الأرض بقيمة أقساطها المطلوبة منك، بحيث تشتركون جميعاً في ملكيتها، لك النصف ولهما النصف ويكون تقسيم الأرباح بينكم على حسب ذلك، ثم عندما أعسرا بالقسط الثالث أديت هذا القسط وأقلتهما من البيع بقدر الثلث من نصيبهما في الأرض بحيث ينضم هذا الثلث إلى نصيبك منها، وبالتالي تستحق ربحه، وهذا كله جائز لا حرج فيه، كما لا حرج أيضا في اشتراكك مع شريكك في شراء حصة الشريك الذي لم يبع بحيث تصبح الأرض مملوكة بينكما مناصفة على نحو ما ذكرت أو بيعكما الأرض بعد ذلك.
الصورة الثانية: أن يكون حقيقة الاتفاق الذي جرى بينك وبين هذين الشخصين أن يقرضاك ثمن القطعة على أن يكون لهما نصف أرباحها بعد بيعها ولك النصف الباقي، فإذا كان الأمر كذلك، فهذا تعامل ربوي صريح، لأن كل قرض جر نفعاً فهو حرام، والنفع في هذه الصورة ما سوف يحصلان عليه من الأرباح، وعليه فإن هذه الأرض في الحقيقة ملك لك وليس لهما، إلا ما أقرضاك فقط وهو مبلغ الإثنا عشر مليونا، وعليهما أن يردا لك ما أخذا زيادة على ذلك وعليكم جميعاً بالتوبة إلى الله تعالى، قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1426(12/2657)
لا يجوز في عقد المضاربة اشتراط ضمان رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على موقعكم الرائع وأسأل الله أن يجزيكم خيراً بما نفع بكم الإسلام والمسلمين.
عندي استفسار هام وأرجو ألا تحيلوني على فتوى أخرى وهو: أنا أعمل بشركة كمبيوتر ونشترك بالمعارض المختلفة، وهذه المعارض يقوم أحد الأشخاص من خارج الشركة وهو الممول بتمويل تكلفة هذا المعرض مقابل نسبة معينة متفق عليها فى الأرباح يأخذها فى حالة ربح المعرض، لكن في حالة خسارة المعرض فإنه يسترد كل مبلغ التمويل دون نقص، فهل هذه المعاملة جائزة شرعا، أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المعاملة غير جائزة لأن العقد الذي بين شركتكم وبين هذا الشخص صاحب رأس المال -الممول- عقد شراكة، ولا يجوز في عقد الشراكة اشتراط ضمان رأس المال، بحيث لا يتحمل رب المال الخسارة، لأن هذا يجعله في الحقيقة قرضاً ربوياً وليس من الشراكة في شيء، كما أن الاصل في اقتسام الربح في الشراكة أن يكون على قدر رؤوس الأموال -لا نسبة من الربح لا تعتمد على حصة كل شريك من رأس المال- لكن إذا كان أحد الشركاء يمارس في هذه الشراكة عملا لا يلزمه بحكم كونه شريكا فيجوز أن تزيد حصة الشريك من الربح عن قدر ما يستحقه من ربح حصته من رأس المال، وراجع للتفصيل والفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 64691، 5160، 8151، 35493.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1426(12/2658)
حكم كون أحد الشركاء هو الكفيل
[السُّؤَالُ]
ـ[ثلاثة أشخاص شركاء، شخص منه رأس المال وشخصان منهما العمل، على أن يقسم الربح بينهم بالسوية. شخص منه رأس المال، وشخص منه الكفيل.
ثم لما جاء الربح فتحوا محلين من أرباحهم، فلما أرادوا فتح محل رابع رفض صاحب رأس المال، ثم اتفقوا على إعطاء صاحب رأس المال رأس ماله وأرباحه.
ثم تنازلوا عن المحل الأول للكفيل والشريك الثاني ولا علاقة لاثنين. وبقي المحلان الأخيران بين الثلاثة الشركاء، واتفق اثنان من الشركاء أن يخرجوا الثالث لأنه لم يكن منه في السابق لا رأس مال ولا كفيل وإنما فقط العمل. ولذلك فقد قسموا قيمة البضائع فقط ليعطوه نصيبه فهل له حق في غير البضائع من المكيفات وديكور المحل وعدة العمل؟
* هل لهم الحق العمال في رأس المال أم فقط الربح]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز أن يشترك بدن ومال أو مال وبدنان أو العكس، ويكون الربح بينهم على حسب الاتفاق، والخسارة على صاحب المال في ماله، وعلى صاحب البدن في ضياع تعبه وجهده، قال الخرقي ذاكرا أنواع الشركات الجائزة: وإن إشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما، تساوى المال أو اختلف فكل ذلك جائز. انتهى
وقال ابن قدامة: القسم الخامس: أن يشترك بدنان بمال أحدهما، وهو أن يكون المال من أحدهما والعمل منهما، مثل أن يخرج أحدهما ألفا ويعملان فيه معا، والربح بينهما فهذا جائز، ونص عليه أحمد في رواية أبي الحارث، وتكون مضاربة.. وقال: إن العمل أحد ركني المضاربة فجاز أن ينفرد به أحدهما مع وجود الأمرين من الآخر كالمال. انتهى
وأما أن تكون مشاركة أحد الشركاء هي الكفيل كما ذكرت، فإن ذلك لا يجوز وهو مفسد للشركة، لأن أخذ الثمن عن الكفالة لا يجوز، وقد بينا ذلك في فتاوى سابقة فراجع فيه فتوانا رقم: 46427.
وإذا فسدت الشركة يكون الربح كله لصاحب لمال، وللآخرين أجرة المثل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(12/2659)
أجرة الشريك العامل
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم تقسيم أرباح الشركة بين شريكين اشتركا في رأس المال مناصفة ويعمل أحدهما فيها بينما الآخر لا يعمل؟ وهل يجوز للشريك الذي يعمل في الشركة أن يتقاضى راتباً على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشريك إذا قام بعمل في الشركة ليس مطلوباً منه بحكم كونه شريكاً ولم يقم به تطوعاً، فله أن يأخذ مقابل هذا العمل أجرة زائدة على نسبته في الأرباح بشرط أن يتفق مع شريكه أو شركائه على هذا العمل وأجرته قبل البدء فيه، فإن فعله بلا اتفاق لم يستحق شيئاً إلا أن تطيب نفس الشركاء، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 59446،والفتوى رقم: 35493.
وعلى هذا فإذا كان هناك اتفاق بين هذا الشريك الذي يعمل والشريك الذي لا يعمل على أنه يستحق راتباً مقابل عمله الذي لا يلزمه بحكم كونه شريكاً، فإن له أن يأخذ هذا الراتب ثم يقتسم مع شريكه الربح مناصفة لتساوي حصة كل منهما في رأس المال، وإن لم يكن هناك اتفاق فلا يستحق راتبا ً ويكون الربح بينهما مناصفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(12/2660)
لا يحق للشريك المطالبة بغير ما رضي به من ربح
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاثة شركاء في محل بيع للذهب (الشريك الأول \"عبد الهادي\" ويملك نصف رأس المال) ، (الشريك الثاني \"سعيد\" ويملك نصف رأس المال) ، (الشريك الثالث \"الصيد\" وهو أنا \"شريك أقوم بإدارة المحل مع الشريك الأول \"عبد الهادي\") ، وكانت الأرباح توزع على النحو التالي: (الشريك الأول \"عبد الهادي\" وله 50%) (الشريك الثاني \"سعيد\" وله 30%) (الشريك الثالث \"الصيد\" وله 20%) ، واتفقنا على ذلك، وبعد مرور ثلاث سنوات تقريبا حدثت خلافات بيننا فذهبت للشريك الثاني \"سعيد\" وطلبت منه الزيادة بدلا من 20% إلى 30% فقال لي إني لا أستطيع أن أعطيك من حصتي اذهب إلى الشريك الأول \"عبد الهادي\" فهو أكثر نسبة مني فذهبت للشريك الأول \"عبد الهادي\" فقلت له لا أستطيع أن أستمر في العمل بهذه النسبة، لأن إدارة المحل على عاتقي فأنا أريد زيادة، فوافق على ذلك فأصبحت النسب كالآتي: (الشريك الأول \"عبد الهادي\" 40%) ، (الشريك الثاني \"سعيد\" 30%) ، (الشريك الثالث \"الصيد\" 30%) ، واستمر الحال لمدة سنتين تقريبا، وبعد قفل الحساب جاءني الشريك الأول \"عبد الهادي\" الذي يشتغل معي في إدارة المحل وقال لي اذهب إلى الشريك الثاني \"سعيد\" فإنه يريدك فذهبت إليه وقال الشريك الثاني \"سعيد\" إني أريد أن آخذ 10% منك لكي أتساوى مع الشريك الأول \"عبد الهادي\" حتى تستوي الكفة لأن المحل مناصفة بيننا وحتى لا يسيطر الشريك الأول \"عبد الهادي\" على المحل فوافقت بهذا الشرط، لكي تستمر المشاركة بدون مشاكل ... فأصبحت النسب كالآتي: (الشريك الأول \"عبد الهادي\" وله 40%) ، (الشريك الثاني سعيد وله 40%) ، (الشريك الثالث \"الصيد\" وله 20%) ، واستمر توزيع الأرباح على هذا الحال لسبع سنوات تقريبا والآن عندما قررت إن أسلم المحل لهما ذهبت للشريك الثاني \"سعيد\" لكي أقول له هذا الكلام لأنه حدث خلاف بسيط بيني وبين الشريك الأول \"عبد الهادي\" فقال لي الشريك الثاني \"سعيد\" أنا أريد أن أبوح لك بسر على أن تعدتي ألا تخبر به أحدا (إن 10% التي أخذتها منك منذ سبع سنوات لم آخذ منها درهما واحداً، وإنما أخذتها منك وأعطيتها بدون علمك ومن وراء ظهرك للشريك الأول \"عبد الهادي\") فقلت له ماذا عن مستندات قفل الحساب في السنوات الماضية التي توضح توزيع النسب على النحو التالي: (الشريك الأول \"عبد الهادي\" وله 40%) ، (الشريك الثاني سعيد وله 40%) ، (الشريك الثالث \"الصيد\" وله 20%) ، فقال لي هذه الأوراق أمامك أنت فقط (يعني مزورة) ، ونحن لدينا مستندات أخرى من ورائك بيننا لم نعلمك بها، وقال لي الشريك الثاني \"سعيد\" منذ ثلاث سنوات طلبت من الشريك الأول \"عبد الهادي\" أن نرجع لك 10% إليك لأنها من حقك فرفض الشريك الأول \"عبد الهادي\" ذلك.. فقلت له أنا أعطيتك 10% لكي تستوي أنت والشريك الأول \"عبد الهادي\" (فهى مشروطة) والرسول صلى الله عليه وسلم قال \"المؤمنون عند شروطهم\" وعندما حدث نقاش مع الشريك الأول \"عبد الهادي\" فقلت له هل ترضى أن نفعل لك أنا الشريك الثالث \"الصيد\" مع الشريك الثاني \"سعيد\" مثل ما فعلتم أنتم بي فقال لي لا أرضى بذلك وأغضب على من فعل بي ذلك ... ولكن لغيري أراها عادية وضحك معها.. مستهزئا، السؤال الأول: فهل هذه 10% التي أخذت مني بحجة أن يأخذها الشريك الثاني \"سعيد\" لكي يساوي الكفة مع الشريك الأول \"عبد الهادي\" وفي حقيقة الأمر خدعني وأخذها مني وأعطاها بالباطن ومن وراء ظهري للشريك الأول \"عبد الهادي\" وفي مستندات قفل الحساب للسنوات السبع الماضية كانت الأرباح توزع كالأتي: (الشريك الأول \"عبد الهادي\" 40%) ، (الشريك الثاني سعيد 40%) ، (الشريك الثالث \"الصيد\" 20) ، وفي حقيقة الأمر أصبحت توزع وبدون علمي على النحو الأتي: (الشريك الأول عبد الهادي 50%) ، (الشريك الثاني سعيد 30%) ، (الشريك الثالث الصيد 20%) ، فهل من حقي المطالبة بـ 10% للسنوات السبع الماضية ...
السؤال الثاني: قمنا بقفل الحساب لهذا المحل واختلفنا قليلاً في وضع الأسعار ألا أننا اتفقنا في النهاية على اعتماد هذا القفل من جميع الشركاء، وتبين أني أطلب منهم مبلغا وقدره 1743دينارا واتفقنا على هذا وقمت بتسليم كل ما بعهدتي من مفاتيح وسجلات وغيرها ولم أستلم هذا المبلغ حتى الآن مع أني استلمت منهم مستندات تؤكد هذا القفل، وبعد مرور أربعين يوما وعند مطالبتي بإرجاع 10% (موضوع الخلاف) طلبوا مني إعادة قفل الحساب من جديد لكي أصبح مدينا لهم بدل ما كنت أطلب منهم، مع العلم بأن المحل طيلة هذه المدة يشتغل وهم يبيعون ويشترون فيه، فهل لهم الحق في إعادة قفل الحساب من جديد، مع العلم بأن البضاعة تم بيع جزء منها وأدخلو بضاعة جديدة، نأمل منكم الرد علينا في أقرب وقت ممكن مع مزيد من التفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على الشركاء أن يتقوا الله عز وجل، فلا يبغي شريك على شريكه ولا يخدعه ولا يخونه حتى يكونوا من القليل الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ {صّ:24} ، وفي الحديث: يقول الله عز وجل: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما. رواه أبو داود، ومعنى ثالث الشركاء: أي معهما بالحفظ والبركة.
وإذا تقرر ذلك فإن ما فعله الشريكان صاحبا رأس المال نوع من الكذب على شريكهما، وعليهما التوبة إلى الله عز وجل.
وأما السؤال عن مطالبتهما لشريكهما بالمحاسبة مرة ثانية فينظر إن كانت هناك حاجة حقيقة فلهما طلب ذلك، وإن لم يكن فالأصل أن الشريك أمين ومصدق.
وأما هل لهذا الشريك أن يلزمهما بأن يدفعا له النسبة المذكورة؟ فليس له ذلك لأنه رضي بعشرين في المائة، ولا يضر إن أخذها الشريك الأول أو الثاني، هذا وينبغي رفع هذه القضية إن أراد الشركاء إلى المحاكم الشرعية حتى يقفوا على حيثياتها ويسمعوا من الشركاء جميعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(12/2661)
المشاريع الحكومية التي تسند بواسطة قريب أحد الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعمل مقاولا في البناء أنا وصديق لي عندي 70% من رأس المال وهو 30% وسوف نعمل معا ونتقاسم الأرباح وأبوه يعمل في وزارة البناء فسوف يساعدنا في البداية بمنحنا مشاريع صغيرة للعمل وذلك بدون أي مقابل أو دفع أية رشوة, هل يجوز ذلك؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذلك بشرط أن لا يحابيكما والده، وراجع للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 18722، 65626، 42828، 6257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(12/2662)
مسائل حول الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أعمال بناء وأريد أن أدخل شريكا بمبلغ من المال بنسبة معينة ومدة عملي ستة شهور، هل يجوز أن أعطيه مبلغه بعد فترة وجيزة وأعطية نسبة ربح تقديرية قبل نهاية المدة المقرره لأنه هو طلب هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أن السؤال غير واضح، وسنجيب في حدود ما ظهر لنا منه، فإن كنت تقصد أنك تريد أن تنشئ شركة مع شخص آخر، تشتركان في رأس مالها، فالمشروع في هذه الحالة أن تتفقا على أن يقسم الربح بينك وبينه على حسب نصيب كل منكما في رأس مال الشركة، وإن كان ثم خسارة فهي على رأس المال، وإن كان أحدكما يبذل عملاً لا يلزمه عرفاً بحكم كونه شريكاً، فله أن يتقاضى عليه راتباً أو نسبة من الربح زائدة على النسبة التي يستحقها مقابل نصيبه في رأس مال الشركة، وراجع الفتوى رقم: 42627.
وإن كنت تقصد أنك تريد أن تأخذ من شخص آخر مالاً لتستثمره في أعمال البناء، بحيث تكون الشركة بينك وبينه، هو بماله وأنت بعملك وهو ما يعرف بشركة المضاربة، فالمشروع أن تتفقا على أن يكون ما تستحقه من الربح نسبة (مشاعة) مثل الربع والنصف، والباقي له، وإن كان ثم خسارة كانت على رأس المال، أما أنت فتخسر جهدك وعملك فقط، وقد نص أهل العلم على جواز المضاربة في مثل هذه الحالة، قال السرخسي في المبسوط: ولو دفع إليه ألف درهم مضاربة على أن يشتري بها الثياب ويقطعها بيده ويخيطها على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان فهو جائز على ما اشترطا، لأن العمل المشروط عليه مما يصنعه التجار على قصد تحصيل الربح فهو كالبيع والشراء، وكذلك لو قال له على أن يشتري بها الجلود والأدم ويخرزها خفافاً ودلاءً وروايا وأجربة فكل هذا من صنع التجار على قصد تحصيل الربح فيجوز شرطه على المضاربة.
وفي كلا الحالتين، لا يجوز لك أن تشترط لهذا الشخص ضمان رأس ماله -دون تعد منك أو تفريط- بحيث إذا حدثت خسارة لا تكون عليه، كما لا يجوز أيضا أن تعطيه مبلغاً مقطوعاً من الأرباح، سواء ربح المال كثيراً أم قليلاً أم خسر، لأن هذا ربا، وليس من الشركة في شيء، حيث إن الشركة تقتضي الاشتراك في الغنم والغرم، كما هو موضح في الفتوى رقم: 5160، والفتوى رقم: 19406.
وإذا تقرر هذا وتمت الشركة في الحالتين السابقتين على الوجه المشروع، فلا مانع من أن تتفقا على أجل تنتهي فيه، لكن يجب في هذه الحالة عند حلول الأجل أن ينتظر حتى يتم تصفية الشركة بينك وبينه، ويعرف كل منكما ما له وما عليه، ويعرف الربح من الخسارة ولا يجوز أن يكتفى عن ذلك بإعطائه رأس ماله ونسبة تقديرية من الربح، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 37337، 10670، 51623.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1426(12/2663)
إدخال بعض الأولاد في الشركة لتقليص الضرائب
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أولاد غير متزوجين وبنت متزوجة, نملك أنا وزوجي شركة موجودة في عقار أملكه أنا وزوجي , نريد إدخال الأولاد في هذه الشركة, هل يجب أن ندخل البنت أيضا، من الناحية الشرعية، مع العلم أن زوجي في كامل صحته الجسدية والعقلية والنفسية, ونملك أملاكا أخرى كثيرة والحمدلله, والهدف منها ليس التقسيم بل بعض المعاملات الضريبية؟ وشكرا لكم وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يساوي بين أبنائه ويعدل بينهم ذكوراً كانوا أو إناثاً متزوجين أو غير متزوجين.... ولا يفضل بعضهم على بعض إلا إذا كان ذلك لمسوغ شرعي معتبر كالمرض والحاجة الماسة.. هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم، ولتفاصيل ذلك وأدلته وأقوال أهل العلم فيه نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 6242، والفتوى رقم: 34795.
ولذلك فإذا أردتم إدخال الأولاد الذكور في الشركة وتمليكهم أسهماً منها تمليكاً حقيقياً ومشاركتهم فيها فإن عليكم أيضاً أن تدخلوا البنت معهم، فهذا من العدل بين الأولاد الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه البيهقي في السنن والطبراني في الكبير وغيرهما.
أما إذا كان إدخال الأولاد في الشركة لا يعدو أن يكون مجرد كلام يكتب في الأوراق بقصد تفادي دفع الضرائب أو نحوها وليس بقصد التمليك الحقيقي فإن هذا لا يجب أن تعمموه على سائر الأولاد.
ولكن هنالك أمران لا بد من التنبيه لهما:
الأول: أن التهرب من الضرائب أو التحايل عليها له حالة يجوز فيها وحالة أخرى لا يجوز فيها، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 592، والفتوى رقم: 39412.
الأمر الثاني: أن هذا الإشراك الصوري لبعض الأولاد دون بعض قد يفضي إلى حرمان من لم يشركوا، وبناء على ذلك فإذا كانت هنالك حاجة معتبرة شرعاً لهذا الأمر فإنه لا بد من اتخاذ تدابير أخرى تضمن عدم حرمان من لم يشركوا كالإشهاد على حقيقة الأمر أو نحو ذلك، وإذا لم يكن ذلك كافياً فلا نرى -والله تعالى أعلم- جواز تفضيل بعض الأولاد على بعض في هذا الإشراك الصوري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1426(12/2664)
تصرف الشريك يكون بمقتضى الوكالة
[السُّؤَالُ]
ـ[نويت أن أبدأ في عمل مشروع خاص يعتمد على شراء سلعة وتأجيرها وتم الاتفاق بيني وبين شريكي علي شراء هذه السلعة مستعملة من الشركة التي أعمل بها كعمل دائم وعند علم صاحب الشركة قرر عمل خصم 50% لهذه السلعة إكراما لي السؤال هو: هل أحسب تكلفة هذه السلعة قبل الخصم (السعر الطبيعي) أم بعد الخصم (الإكرامية الخاصه بي) ؟
أرجو من سيادتكم التكرم بالرد على هذا السؤال في أسرع وقت للاحتياج الشديد.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد اشتريت هذه السلعة لنفسك قبل عقد الشركة مع صاحبك أو بعد عقدها، فإنها تكون ملكاً خالصاً لك يجوز لك بيعها والمشاركة بها بالسعر الذي ترضاه، وذلك عند من يجيز الشركة بالعروض.
أما إذا كنت قد اشتريتها لك ولصاحبك قبل انعقاد الشركة، فهي بينكما على السعر الذي اشتريتها به بمقتضى الوكالة، وكذلك الحكم فيما لو اشتريتها للشركة بعد انعقادها، فتصرف الشريك في الشركة يكون بمقتضى الوكالة عن الشريك الآخر.
والوكيل مؤتمن، فلا يجوز له أن يتصرف بخلاف أمر موكله، ولا أن يزيد في ثمن السلع التي اشتراها له، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28175، 248، 37120.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(12/2665)
من أحكام الشركات
[السُّؤَالُ]
ـ[قمنا بتأسيس شركة مساهمة (ولكن بدون أوراق رسمية) واتفقنا على أن تكون نسب المشاركة 30% و 30%, 20%و 20% على أربعة أشخاص ولكن بعد سنة لم توفق الشركة في أرباح واحتاجت مصاريف أخرى امتنع بعض الشركاء عند دفع المصاريف المستحقة على نصيبهم وحتى لا تسقط الشركة قام شريك بدفع بعض هذه المصاريف وحيث إن القيمة المقدرة للشركة أصبحت حوالي 50% فقد عرض هذا الشريك بشراء جزء من أسهم الشركاء الممتنعين عند الدفع بنصف القيمة ولكنهم رفضوا ذلك وأيضا رفضوا دفع المصاريف, ويصعب بيع الشركة حاليا لوجود أعمال لن تكتمل قبل عدة سنوات. ماذا يجب عمله للشركاء الممتنعين عن الدفع والشريك الذي قام بتغطية بعض المصاريف؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أراد هذان الشريكان فض الشركة والحصول على نصيبها منها جاز لهما ذلك، لأن الشركة عقد جائز غير لازم، يجوز لكل واحد من الشركاء فضه وقتما شاء، وليس للشريك عند فض الشركة إلا رأس ماله مع أرباحه إذا كان ثم ربح، أو ما بقي من رأس المال إذا كانت ثم خسارة، وذلك بحسب نصيبه في الشركة. أما إذا أرادا الاستمرار مع الامتناع عن المساهمة في زيادة رأس مال الشركة لتعويض الخسارة الحاصلة فيها ولإتمام المشروعات التي تحتاج إلى تلك النفقات، ولم يمكن إجبارهما على ذلك. فلا مانع والحالة كذلك أن يقوم بقية الشركاء أوبعضهم بزيادة رأس مال الشركة لسد الخلل الحاصل فيها، وللمحافظة على بقية المال من الضياع، وليس لهذين الشريكين المطالبة بعائد تلك الأموال التي زادها الشركاء الآخرون حتى يؤخذ منه ما يخص حصته من النفقة، فإن دفعها أخذ ما يقابل حصته من العائد، وإن لم يدفعها كان النفع المترتب على الزيادة حقاً خالصاً لمن دفعه، وقد نص الفقهاء على صور كثيرة تشبه المسألة التي نحن بصددها، ومن هولاء ابن رجب في القواعد فقال: القاعدة السادسة والسبعون: الشريكان في عين مال أو منفعة إذا كانا محتاجين إلى رفع مضرة أو إبقاء منفعة أجبر أحدهما على موافقة الآخر في الصحيح من المذهب، وفي رواية أخرى إن أمكن أحدهما أن يستقل بدفع الضرر فعله ولم يجبر الآخر معه، لكن إن أراد الآخر الانتفاع بما فعله شريكه فله منعه حتى يعطيه حصة ملكه من النفقة. ا. هـ. وراجع الفتوى رقم: 57571، ورقم: 24933، ورقم: 15385.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1426(12/2666)
كيف يرد أحد الشريكين إلى الآخر ما اقترضه من خزينة الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل كشريكة مع أحدهم ونسبة أرباحي الثلث ولشريكي الثلثان أستلفُ أحياناً من خزينة النقود الخاص بنا نقودا وأسجل على نفسي المبلغ ثم أحاول رد المبلغ قبل يوم القسمة، وكذلك يفعل شريكي أيضا إلا أنه لا يردها قبل القسمة بل ينتظر حتى يوم القسمة ثم يطلب مني خصم ما عليه وبعدها نقتسم، الآن أنا قد أخذت من الخزانة 117 دينارا ليبيا وهو أخذ 113 دينارا أيضا وحان موعد الاقتسام ماذا نفعل في هذه الحال، مع العلم بأنني قد أخذت مبلغ 70 دينار من الخزينة من قبل ثم تركت المبلغ حتى وصل إلى 70 وأعطيته له ظناً مني بأنه حقه كما أخذت أنا 70 في المرة السابقة يأخذها هو في هذه المرة، فهل ما فعلت صحيح، وماذا يجب علي إذا كان غير صحيح، وماذا نفعل بخصوص الدين الذي عليه وعلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أنه لا يحل للشريك أن يقترض من مال الشركة إلا برضا شريكه، لأن الاقتراض يؤثر على الشركة، والشريك أمين يجب أن يراعي الأصلح، وراجعي للتفصيل الفتوى رقم: 13547.
وعليه فما دمت قد اتفقت مع شريكك أن تقترضا من مال الشركة ثم تردا قبل قسمة الربح ما أخذتما أو تقدراه من الربح ضمنا، ثم تقتسما الربح على حسب الاتفاق بينكما، بحيث تتقاصان ما في ذمة أحدكما للآخر، فإن لم يكن هناك ربح اعتبر ما أخذتما من حصة كل منكما من رأس مال الشركة، فلا حرج في ذلك، وإذا تقرر هذا فعليكما أن تضما مبلغ الـ 117 ديناراً ومبلغ 113 ديناراً إلى الربح، أو تقدرا ذلك من الربح ضمنا ثم تقتسمان الربح، له الثلثان ولك الثلث، وتتقاصان بحيث تردي له ثلثي الـ 117 ويرد لك ثلث الـ 113 ديناراً.
ومن هذا تعلمين أن إعطاءك لشريكك سبعين ديناراً مقابل السبعين التي أخذتها غير صحيح لأن حقه من الربح هو الثلثان وحقك الثلث، وعليه فله من السبعين التي أخذتها الثلثان كما أن لك من السبعين التي أخذها الثلث، فيجب أن تتقاصا بحسب ذلك، فتردي له ثلث السبعين، وننبهك إلى أنه يجب عليك أن تتقيدي في معاملتك لشريكك هذا بالضوابط الشرعية، فإن كان غير زوج لك أو محرم فلا بد من الحجاب الشرعي وعدم الخلوة والاختلاط، وغض البصر، والبعد عن كل ما فيه ريبة. وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 3859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(12/2667)
من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مقيما في بولندا وأملك مطاعم وأعمل في التجارة وكانت لي معاملات مادية مع أناس وبنوك كثيرة حتى حدث أن خسرت تجارتي ولم أعد أملك أي شيء. وذهبت إلى دول عربية وبدأت العمل والوقوف من جديد والحمد لله ولكن حقوق الناس مازالت تؤرقني وهي على أربع حالات. أرجو منكم إفتائي فيها، أولا البنوك من قروض واعتمادات مع العلم أنها مبالغ كبيرة وفوائد متراكمة ووضعي الآن لا أستطيع أن أسدد أي شيء منها، ثانيا أناس كانوا شركاء لي في بعض أعمالى وبعد الخسائر أنكروا ذلك مع العلم أن كل شيء كان باسمي فهل لهم حقوق عندي. ثالثا أناس لهم عندي مبالغ وهم من الأصدقاء وهؤلاء أضع لهم الأولوية ولقد قمت حتى الآن بسداد بعض ما قدرني الله عليه ولكن أخاف أن أموت ولم أكمل هذا السداد. رابعا تجار دخلت معهم بعقود ربوية وهؤلاء قمت بسداد رأس المال كاملا ولكنهم اعتبروا ذلك من الفوائد وما زالوا يطالبون. مع العلم أنهم الآن لا يعرفون أين أنا ولكن مخافة الله هي التي تجبرني على الاتصال بمن يتوفر مبالغ سدادهم وأنا أعيل أسرتي المكونة من زوجتي وطفلين. وفى المقابل لي حقوق كثيرة عند أناس مسلمين حيث لم أكن أرد محتاجا والآن لا أستطيع مطالبتهم لأني أعلم أن أكثرهم في حالة عسر وأنا أخجل من مطالبتهم مع أن حال بعضهم أفضل من حالي الآن. لقت تبت إلى الله والحمد لله ولكني أخاف أن أموت ولأحد عندي حق، مع العلم أني نويت أن أرد أي مبلغ يتوفر معي ولكن على هذا المنوال أحتاج إلى وقت طويل جدا. أفيدوني أفادكم الله وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك وأن يتقبل منك وأن يقضي عنك دينك، ونصيحتنا لك أيها الأخ السائل أن تجمع النية على سداد الحقوق الثابتة في ذمتك لأربابها، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري وغيره، وراجع في هذا الفتوى رقم: 4062.
واعلم أنه لا يجب عليك بل لا يجوز لك أن تسدد للبنك أو للتجار الذين اقترضت منهم بالربا إلا ما أخذت منهم، فإنهم لا يحق لهم أن يطالبوك بأكثر مما أعطوك. قال تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279}
وعقد الربا باطل في الأصل والبطلان يفيد عودة كل واحد من طرفي العقد إلى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد، وليس للمقرض قبل العقد إلا رأس المال الذي أقرضه.
أما الشركاء الذين أنكروا مشاركتهم لك فلا شيء لهم عندك سوى ما تبقى من مال الشركة، يعطى كل واحد منهم بنسبة قيمة رأس ماله في الشركة من المال المتبقي، فإن الشريك يتحمل الخسارة كما يشارك في الربح، وراجع الفتوى رقم: 10018.
ويجب عليك سداد القروض التي أعطاها لك أصدقاؤك ولا إثم عليك إن شاء الله بعد ذلك ولو تأخرت في السداد أو مت على ذلك ما دامت نيتك صالحة كما ذكرت.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13535 19702 21621.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1426(12/2668)
حكم مشاركة صاحب المال الحرام والمختلط
[السُّؤَالُ]
ـ[لى صديق يعمل بالبنك المركزي وزوجته تعمل صحفية، هل يجوز لي مشاركته فى مشروع تجاري أم هناك شبهة علي، علما بأني أعمل محاسبا فى شركة، وهل إذا كان هناك شبهة يمكن اعتبار الجزء الذي يشارك به من مال زوجته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت لديك أن المال الذي سيشاركك به صديقك حرام كله فلا تجوز لك مشاركته، أما إذا ثبت أن ماله مختلط حلاله بحرامه، فمشاركته مكروهة لا محرمة، ويتفاوت مقدار الكراهة بحسب كثرة الحرام وقلته، ولا فرق في كل ذلك بين كون المال منه أو من زوجته أو منهما معاً.
قال الشيخ زكريا الأنصاري في شرح البهجة: تكره الشركة مع الكافر، ومن لا يتحرز من الربا ونحوه. انتهى.
وقال البهوتي في كشاف القناع: وتكره معاملة من في ماله حلال وحرام يُجهل. انتهى.
وقال الشيرازي في المهذب: ولا يجوز مبايعة من يُعلم أن جميع ماله حرام. انتهى.
ومعرفة ما إذا كان المال كله حلالاً أو حراماً أو مختلطاً يرجع فيها إلى البحث والتحري من صاحب السؤال، وذلك سهل ميسور في زماننا، ولله الحمد والمنة، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17220، 27917.
ولمعرفة حكم العمل في الصحافة راجع الفتوى رقم: 13560، والفتوى رقم: 9586.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1426(12/2669)
مسائل في الشراكة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي محل في العراق في الموصل وأنا أخذت من صديقي مبلغ 2500 دولار لكي أشغلها له وقررت إعطاءه ثلث الربح وهو يتحمل الخسارة إذا كانت وإن شاء الله دائما نربح وقد قررت أنا ثلثا له من الربح وثلثا لي وثلثا للمحل علما أن إيجار المحل كثير فهل هذا يجوز وما حكم الشرع فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه بداية إلى أن السؤال غير واضح على وجه الدقة، والذي يظهر لنا أن العلاقة بينك وبين صديقك علاقة مضاربة، أنت فيها عامل المضاربة، وهو رب المال، وعلى هذا فالسؤال يحتمل عدة صور:
الأولى: أن تكون قد اتفقت مع صديقك قبل العمل بالمال على أن لك ثلثي الربح وله ثلثه ويتحمل هو الخسارة دون أن تتفق معه على أجرة المحل، فهذا الاتفاق لا حرج فيه، لأن اقتسام الربح يكون على حسب الاتفاق، والخسارة على رأس المال، والظاهر أنك تبرعت له بعرض ماله في هذا المحل.
الثانية: أن تكون قد اتفقت مع صديقك قبل العمل بالمال على أن لك ثلث الربح وله ثلثه ويتحمل هو الخسارة، والثلث الباقي مقابل إيجار محلك أو جزء منه لعرض ماله فيه، فهذا الاتفاق غير جائز، لأن الأجرة يجب أن تكون معلومة، وهذه المعلومية لا تتفق مع كون الأجرة نسبة شائعة من الربح.
وعليه.. فالواجب في هذه الحالة أن تحتسب أجرة المثل لهذا المحل ثم تقتسما الربح بالسوية بعد إخراج هذه الأجرة.
الثالثة: أن تكون لم تتفق معه قبل العمل بالمال على كيفية اقتسام الربح ولم تتفق معه أيضاً على أجرة للمحل، ثم أردت بعد أن عملت بالمال أن تعطيه ثلث الربح وتأخذ الثلثين، ثلث لك وثلث مقابل إيجار المحل، فهذه معاملة فاسدة لوجهين:
الأول: أن المضاربة لا تصح إلا على قدر معلوم من الربح، قال ابن قدامة: وإن قال خذه مضاربة ولك جزء من الربح أو شركة في الربح أو شيء من الربح أو نصيب أو حظ لم يصح لأنه مجهول، ولا تصح المضاربة إلا على قدر معلوم.
الثاني: أنه لابد من تحديد أجرة لهذا المحل أو الجزء الذي يعرض ماله فيه بداية، وأن تكون الأجرة معلومة وإلا كانت الإجارة فاسدة.
وعليه، فالواجب في هذه الحالة أن يكون ربح المال كله لصديقك، كما أن الخسارة عليه إن كان هناك خسارة ولك ولهذا المحل أجرة المثل، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 52619، والفتوى رقم: 39761.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(12/2670)
حكم كون رأس مال أحد الشريكين عرضا والآخر نقدا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تردوا علينا في أسرع وقت، قمنا أنا وأحد الإخوه بعمل شركة حيث كانت هذه الشركة لي وقد كنت في وضع حرج وعلي ديون فجاء هذا الأخ ودفع لي مبلغ 20000 يورو ودخل معي كشريك، والشركه لديها عملاء ومجهزه بكامل الأجهزه والمكاتب ... إلخ، وقد دفع لي الأخ مبلغ 7500 من عمل الشركة وكمل مبلغ الـ 20000 وبعد مضي سنتين وجدنا أن كل ما نعمله يدفع على الإيجار ومصاريف الشركة ولا نأخذ نحن شيئا، علما بأنني أنا الذي كنت أعمل فيها وأداوم فيها والعملاء أصلاً عملائي والأجهزة والمكاتب لي وكنت أحاول دائما أن أعمل حتى نخرج من هذه الأزمة والشركة مكتوبة باسم شريكي رسميا وهو لديه أعمال أخرى يعمل بها والآن نريد فض الشركه فقلت له نحسب كل المكاسب والمصاريف ثم نقسمها على 2 في الربح أو الخسارة ولكنه فاجاءني وهو من الملتزمين أن طلب إدخال مبلغ الـ 20000 التي دفع منها 12500 من جيبه و7500 من أرباح الشركة التي عملتها أنا وطالب أن تدخل من ضمن المصاريف فرفضت بشدة وذكرته بأنه دخل شريكا بهذا المبلغ فرفض واتفقنا أن نحتكم إلى الشرع، فما هو رأيكم هل أنا ظلمته حيث إنه ذكر بأنه حاول مساعدتي فقط، ولكن لو كنا ربحنا يكون هو شريكي بالنصف والآن بعد الخسارة أصبح معينا لي في أزمتي ويريد المبلغ الذى دفعه فبأي حق كان شريكا، وما هو الرد الشرعي لهذه المشكلة وردكم هو ما سنقوم بتنفيذه حسب الاتفاق أفيدونا؟ جزاكم الله كل خير وبأسرع وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد تعاقدت معه على أن يدخل بهذا المبلغ شريكاً معك في هذه الشركة بما فيها من أجهزة ومكاتب ونحو ذلك -سواء في هذا المبلغ الـ 12500 يورو الذي قدمه أولاً أو مبلغ الـ 7500 من نصيبه في الأرباح الذي قدمه لاحقاً- فقد اختلف أهل العلم في كون رأس مال أحد الشريكين عرضاً -أجهزة ومكاتب ونحو ذلك- والآخر نقداً، فذهب جمهور أهل العلم إلى أن الشركة في هذه الحالة فاسدة، وذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه إلى صحتها بشرط أن تُقوَّم العروض وتجعل قيمتها وقت العقد رأس المال، وهذا هو الراجح لدينا.
وعلى هذا، فإذا كنت قد اتفقت معه على تقويم الأجهزة وغيرها، وعرفت قيمتها وقت العقد بحيث يكون مشاركاً في هذه الأجهزة وغيرها بقدر ما دفع، فإن هذه الشركة صحيحة، ومقتضاها أن تشتركا في الربح والخسارة على قدر حصة كل منكما في رأس مال الشركة، ولا يمنع هذا أن يكون لك بالشرط حصة زائدة من الربح مقابل عملك في الشركة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 8151، وانظر لمعرفة كيفية فض الشركة في هذه الحالة الفتوى رقم: 34140.
وإذا اشترط في هذه الحالة أن يكون شريكاً في الربح دون الخسارة فهذا شرط باطل، لأن مقتضى عقد الشركة الاشتراك في الربح والخسارة، والواجب تقسيم الربح والخسارة على حسب حصة كل منكما في رأس المال كما تقدم.
وأما إذا لم تتفق معه على تقويم الأجهزة واحتساب ما دفع حصة له في رأس مال الشركة بحيث يكون مشاركاً في هذه الأجهزة وغيرها بقدر ما دفع، وإنما تم الاتفاق على أن تكون شريكاً بالأجهزة ونحوها ويكون هو شريكاً بما دفع، ويبقى لكل واحد منكما رأس ماله، فأنت لك الأجهزة ونحوها وهو له ما دفع، فإن هذا عقد فاسد، وليس من الشركة في شيء، وفي هذه الحالة لا يستحق إلا مبلغ الـ 12500 يورو الذي قدمه بداية ولا يستحق شيئاً من الربح لعدم تحقق الشركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(12/2671)
حكم من كان شريكا لأشخاص، وشارك غيرهم على مشروع آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أربع إخون ونعيش في بلدة وأبي يشتغل بالتجارة ونشتغل نحن معه وبعد فترة معينه اتفقنا أنا وإخوتى أن أذهب أنا إلى بلدة مجاورة لأفتتح متجرا جديدا لنا ومنحني إخوتي بعض المال وذهبت إلى تلك البلدة وفتحت المتجر والحمد لله ربنا أكرمنا في هذا المتجر وبعد فترة قابلت اثنين من أصدقائي في هذه البلدة واتفقنا على أن نفتتح مشروعا جديدا هم بالمال وأنا بالإدارة وذلك نظرا لسفرهم خارج مصر وفعلا أخذت المال وافتتحت المشروع ونجح المشروع ومع ذلك لم أهمل في إدارة تجارتي الأصلية والسؤال الآن سيدى الفاضل هل لإخوتي الحق في أي أرباح من المشروع الذي أنشأته مع أصدقائي؟ علما أنني لم آخذ أي قرش منهم في هذا المشروع وأرجو أن يكون عندكم الجواب الوافي الشافي إن شاء الله وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أنك لم تأخذ من أموال إخوتك شيئاً للمتجر الجديد، فإن إخوتك ليس لهم شيء في هذا المتجر، لكن إذا أخللت بتجارتهم أو صرفت من وقتها للمتجر الجديد، فهذا حرام، وعليك حيئنذ أن ترد للمحل مقابل الوقت المستحق له الذي صرفته في غيره.
ونريد أن ننبهك إلى أن اتفاقك مع أصدقائك المذكورين يعد من المضاربة، وللمضاربة شروط وأحكام عليك أن تتعلمها، وراجع فتاوى أحكام المضاربة عندنا بواسطة البحث الموضوعي.
كما نريد أن ننبهك إلى أن اتفاقك مع إخوتك يعد من الشركة، وللشركة شروط وأحكام، وراجع فتاوى أحكام الشركة بواسطة البحث الموضوعي أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1426(12/2672)
حكم من أعار حصته في الهواء للبناء مدة معلومة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أربعة إخوان مشتركون في منزل بالتساوي، عرضت على إخواني بناء دور في نفس المنزل أستثمره لمدة نتفق عليها وبعد ذلك من أراد الاشتراك يدفع نصيبه ويدخل معي في الاستفاده هل هذا ربا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هذا من الربا وإنما هو من التعاون الجائز ما دام أنه حصل التراضي، فالهواء مشترك بينكم كل بحسب حصته في المنزل فله ما يقابل ذلك من الهواء لأنه كما يقول الفقهاء: من ملك الشيء ملك أعلاه.
والواقع إن إخوانك أعاروك حصتهم في الهواء للبناء مدة معلومة اتفقتم عليها وهذا جائز لا حرج فيه، وكان الحكم على ما ذهب إليه بعض أهل العلم وهم المالكية لو لم يحصل تراض منكم على الاشتراك في البناء بعد المدة المتفق عليها، أن يخير الإخوة المعيرون بين أمرك بهدم البناء وبين أن يدفعوا لك قيمة البناء منقوضا إن كانت له قيمة.
قال خليل ابن إسحاق في مختصره على مذهب الإمام مالك في سياق كلامه على انقضاء مدة الإعارة أو انتهاء العمل الذي أعيرت له الأرض: وإن انقضت مدة البناء والغرس فكالغاصب. ومن غصب أرضاً وبنى عليها أو غرس فيها فإن رب الأرض يخير بين الأمرين السابقين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1426(12/2673)
قول أهل العلم في كون رأس مال أحد الشريكين عرضا والآخر ثمنا
[السُّؤَالُ]
ـ[إشارة إلى الفتاوي رقم 61042 و58979 فإنني الآن في المراحل النهائية من التعاقد على شراكة مع أحد الشركات وكما يلي:
قمت بعرض أول انتاجي من أنظمة الحاسوب عليهم مقابل مبلغ 1200 دينار لتشغيل نسخة واحدة منه، مقابل مبلغ إضافي 5000 دينار لتدريبهم على كيفية تشغيله بأنفسهم ومقابل مبلغ إضافي 5000 لتدريبهم على كيفية استخدامه في تطويره بأنفسهم ليناسب احتياجاتهم المستقبلية فكان الطرح بأنهم يرغبون بالحصول على أنظمة مستقبلية إضافية ولكن بعد الانتهاء من تشغيل النظام الذي قمت بعرضه عليهم بعد دراسة الفكرة وجدت أن الكلفة الإجمالية للمشروع الكبير ستتجاوز العشرين ألف دينار وسأحتاج إلى 3 سنوات للانتهاء منه.
قمت بعرض شراكة بيني وبينهم لإنشاء شركة برمجيات جديدة تحت اسمهم التجاري أو أي اسم آخر يختارونه، وكما يلي: مقابل إدارتي لكافة الجوانب التقنية لنشاط الشركة أحصل على ما يلي:
مكافأة مقطوعة 700 دينار وزيادة سنوية 10%.
ونسبة 30% من أرباح الشركة بعد خصم كافة المصاريف والتكاليف.
مقابل دعم تشغيل الشركة الجديدة إلى حين تحقيق استدامتها المالية والفنية تحصل الشركة الأم على ما يلي
نسبة 70% من أرباح الشركة نسخة مجانية من كافة البرمجيات التي تقوم شركة البرمجة الجديدة بتطويرها الترتيب السابق مقترح من طرفي بسبب اعتقادي بأحقيتي بحصولي على ما يلي:
* راتب مقابل جهدي بالعمل في الشركة الجديدة
* نسبة مساهمة من الشركة مقابل النسخة الأولى التي عرضتها عليهم والتي تصل إلى 12 ألف دينار
* نسبة من أرباح الشركة الجديدة من مبيعاتها الجديدة.
فهل هذا التعاقد شرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن عقد هذه الشركة الاتفاق على استحقاقك لراتب محدد يزيد سنوياً بمقدار 10 إضافة إلى نسبة 30 من الأرباح، فإذا كنت تقصد أنك تستحق الراتب مقابل عملك، والنسبة من الأرباح مقابل مساهمتك بالنسخة التي تصل قيمتها إلى 12ألف دينار، ففي ذلك تفصيل على النحو التالي:
بالنسبة لاستحقاقك لهذا الراتب، فقد سبق أن بينا أنه لا مانع من كون الشخص شريكاً وأجيراً في نفس الوقت، ويتقاضى أجراً مقابل هذه الإجارة، بشرط أن يكون عمله بعقد أو اتفاق منفصل عن عقد الشركة، وأن يكون موضوع عمله ليس مطلوباً منه بحكم كونه شريكاً عرفاً، وراجع الفتوى رقم: 42627.
أما بالنسبة لكونك شريكاً في هذه الشركة بهذه النسخة المذكورة، فقد اختلف أهل العلم في كون رأس مال أحد الشريكين عرضاً والآخر ثمناً، فذهب جمهور أهل العلم إلى أن الشركة في هذه الحالة فاسدة، وذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه إلى صحتها بشرط أن تقوم العروض وتجعل قيمتها وقت العقد رأس المال، وهذا هو الراجح لدينا.
وعلى هذا، فإذا كنت قد اتقفت مع الشركة الأم على تقويم هذه النسخة، وعرفت قيمتها وقت العقد بحيث تكون مشاركاً في رأس مال هذه الشركة بقيمتها، فإن الشركة صحيحة، ولا حرج عليك في تقاضي هذه النسبة من الأرباح، وإذا كنت لم تتفق مع الشركة الأم على تقويم هذه النسخة، ولم تحتسب قيمتها وقت العقد كحصة لك في رأس مال هذه الشركة، فإن هذه الشركة فاسدة، ولا تستحق هذه النسبة من الأرباح، إنما تستحق أجرة لهذه النسخة إذا كانت النسخة باقية في الشركة أو قيمتها إذا كانت قد بيعت، كما تستحق الراتب المتفق عليه مقابل عملك، وراجع الفتوى رقم: 15291.
ولا حرج في حصول الشركة على 70 من الأرباح أو الحصول على نسخة مجانية من البرمجيات التي تنتجها الشركة ما دام ذلك قد تم الاتفاق عليه في عقد الشراكة بينك وبينهم، وراجع الفتوى رقم: 54201.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(12/2674)
هل يلزم الشريك إعلام شركائه في ما يتصرف فيه لمصلحة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[رئيسي المباشر في العمل شريك بالنصيب الأكبر في المؤسسة التي أعمل بها ويقدم منحا لبعض الحرفاء لجلبهم، فهل يجب أن يكون شركاؤه على علم بذلك وهل علي التحقق من ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المدير والشريك من الأمناء الذين لا يضمنون ويحمل تصرفهم على المصلحة ما لم يخالف شروط الشركاء، وخاصة إذا كان مديراً عاماً أو مخولاً من طرف الشركاء، قال ابن عاصم المالكي في التحفة:
والأمناء في الذي يلونا * ليسوا لشيء منه يضمنونا
ثم ذكر منهم الشريك فقال:
.... كذا ذو الشركة * في حالة البضاعة المشتركة
ولذلك فإن كان ما يقدمه المدير للحرفيين وغيرهم من أجل مصلحة العمل فإنه لا يتوقف على علم الشركاء ما لم يكن هناك نص في عقد الشركة ينص على عدم جواز تصرف المدير إلا بإذن الشركاء وعلمهم ... فهذا شرط معتبر، والمسلمون على شروطهم ما لم تخالف الشرع، فقد روى أصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالاً، أو أحل حراماً. وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 48253.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(12/2675)
حصول الشريك على راتب ونسبة
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو الإفادة جزاكم الله كل خير, أحد الأصدقاء عرض علي أن أشاركة في محل كوافير رجالي بالنصف ـمع الأخذ في الاعتبار أن له محلا في مكان راق وفي شارع مشهور وله زبائنه الدائمون ولكن المحل صغير إلى حد ماـ لذا عرض علي مشاركتة بالنصف في المحل الجديد الكبير، مع العلم بأن المحل الجديد على الرصيف الآخر من نفس الشارع والمنطقة الموجود فيها المحل القديم ـمع الأخذ في الاعتبار أنه سوف يغلق هذا المحل الصغير عند بداية عمل هذا المحل الكبيرـ والسؤال الآن هو: يرغب في حصوله على راتب شهري من المحل على اعتبار أنه أحد العاملين به وأيضا حصوله على نسبة من إجمالي الربح قبل توزيعة ـمع أني سألت أكثر من واحد في هذه المهنة والكل أجمعوا على حصولهم على نسبة 25 بالمائة من صافي الربح بعد خصم المصروفات ـ لذا أرجو من سعادتكم الإفادة حتى لا أكون ظلمته أو ظلمت نفسي، هل يجوز حصوله على راتب ونسبة معا، وإن كان لا يجوز ما هو العرف في مثل هذه الأمور من راتب أو نسبة أو الاثنان معا، مع العلم بأن طلبه النسبة راجع إلى أن زبون المحل موجود وأنه معروف عند المحل القديم وليس بمشروع جديد قابل للنجاح أو الفشل هذا على حد قوله، لذا أرجو من سعادتكم سرعة الإفادة حتى لا أظلمه أو أظلم نفسي ولا أرجو من ذلك إلا ما هو حق كل طرف منا بعدل الله، جزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يمكن حصول الشريك على راتب ونسبة معاً إذا كان يعمل خدمة زائدة على عمل شريكه كما لو اشتركا في رأس المال وتولى أحدهما العمل فيه، فإنه يستحق أجرة على عمله ونسبة من الأرباح بحسب رأس ماله المشارك به أو بحسب ما اتفقا عليه؛ لأن شركة العنان لا يشترط فيها التساوي في الربح ولا في رأس المال، وإنما يوكل ذلك إلى التراضي والاتفاق بين الشركاء.
وحيث ذكرت أن شريكك يعمل بالمحل مع العمال فله أخذ راتب على ذلك العمل، كما أن له نسبة من الربح بحسب رأس ماله.
وأما طلبه للنسبة في مقابل مجرد شهرته هو فلا نرى ذلك له إن كان لا يملك المحل وليس لديه اسم تجاري معتبر، وإنما يطلب نسبة في مقابل شهرة غير منضبطة لخلو المكان من منافس مثلاً فلا يجوز له ذلك ولا يصح لأنه لا يستطيع أن يطلب ذلك من صاحب المحل إن كان لا يملكه فله أن يطرده متى شاء، وقد يأتي منافس فيفتح في نفس المكان فيتوزع الزبائن، ولا يجوز للمرء أن يبيع ما ليس عنده ولا أن يتصرف فيما لا يملك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل سلف ولا بيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك. أخرجه أصحاب السنن من حديث عمرو بن شعيب وصححه الحاكم والترمذي.
وعليه؛ فلا حرج على الرجل أن يأخذ أجرة محددة مقابل عمله ونسبة شائعة من الربح بعد خصم جميع المصاريف إذا كان شريكاً بمال، أما إن لم يكن شريكاً بمال بل بما سميته الشهرة فقط فليس له إلا أجرة عمله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(12/2676)
رأس المال لا يضمن في الشركات
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شخص كنت أتاجر بالعقارات وقد دخل معي شقيق لي في إحدى المرات فكان الربح وفيرا في تلك المرة، بقي رأس مال أخي وربحه معي حيث قمت بعدها بشراء قطعة أرض أخرى من قاصر بواسطة الوصي بعد أخذ موافقة القاضي الشرعي حيث وافق أخي أن يكون شريكا في هذه القطعه بماله الذي بقي معي وقام بتحديد عدد الدونمات التي تساوي ذلك المبلغ ووافقت على ذلك، علما بأن الأرض كانت مسجله باسمي كاملة ألا أنني كنت قد حررت له شيكا بالمبلغ إلى حين بيع القطعة، كانت مساهمة أخي بمبلغ 7500 دينار من أصل 33000 دينار هي قيمة الأرض، ولأنني كنت بحاجة إلى شراء باقي القطعة في وقت سريع لأن الوصي وهو والدة القاصر كانت تنوي بيعها إلى شخص آخر فقد قمت ببيع القطعه الأولى بخساره 7000 دينار وقمت بتحرير اتفاقية مع الوصي بواسطة محام, وقد أخبرت أخي بذلك الذي أبدى موافقته على ذلك، بعد فتره بسيطه هرب الوصي إلى بلده حيث إنها من بلد آخر دون إتمام الصفقه أو إعادة مبلغ 40000 دينار الذي قمت بدفعه لها وهكذا خسرت كل ما دفعته لها، بعد ذلك فوجئت أن أخي يطالبني بالمال الذي وافق على أن يكون معي بهدف الاتجار معي به حيث إنه يحتفظ بالشيك الذي حررته له ويعتبره حقا خالصا له، أفيدوني أفادكم الله هل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة التي حصلت بينك وبين أخيك شركة صحيحة بمالين وبدن، قال الخرقي من الحنابلة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما -تساوى المال أو اختلف- فكل ذلك جائز. انتهى.
والشركات في الإسلام تقوم على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة، واشتراط ضمان رأس المال فيها باطل، كما بيناه في الفتوى رقم: 13542، والفتوى رقم: 53603، والفتوى رقم: 5160.
وبناء على ذلك فلا يسوغ للأخ المذكور أن يستند إلى الشيك الذي أخذه على أخيه مقابل المال الذي دفعه إليه بصفته شريكاً له، لأن الشيك هنا بمثابة الوثيقة المثبتة لماله في الشركة، وليس ضماناً لرأس ماله، ولو كان ضماناً لكان باطلاً، لأن اشتراط ضمان رأس المال في الشركات باطل، ويبقى عقد الشركة صحيحاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(12/2677)
التراجع عن الوعد بالشراكة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرض على أحد الناس شراكة في أرض ما أو عقار فيوافق، وبعد فترة يبدو لي منه ما يزهدني في شركاته، فهل أنا ملزم بهذه الشراكة، مع العلم بأنه لم يجدّ في شأن هذا العقار أي جديد مثل مميزات أخرى، ولكن فقط عدم الرغبة في مشاركة هذا الشخص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه له حالتان:
الأولى: أن تكون قد دخلت مع صاحبك في عقد المشاركة فعلا بأن يتم الشراء بالمشاركة أو تتعاقدان على مشاركته في شيء تملكه، ففي هذه الحالة العقد ملزم لكن إذا كان الفسخ بالتراضي فلا حرج.
والحالة الثانية: أن تكون قد أخبرته بأن ذلك سيكون مستقبلاً والأمر مجرد وعد لا عقد فلا حرج حينئذ في التراجع عن هذا الوعد لأن الوفاء بالوعد ليس بلازم في مذهب الجمهور، وقال المالكية لازم إذا دخل الموعود في التزام بسبب الوعد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(12/2678)
فض عقد الشراكة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال شرعي وأحتاج لجوابه أشد الحاجة فأرجو أن تفيدوني سريعاً بارك الله فيكم
دخلت في مشروع تجاري قبل عدة أشهر بسهم ثمن من الكل وعندما قررت الدخول في هذا المشروع علمت من بقية الشركاء أن هذا العقد صالح لمدة سنتين ولا يعرفوا بعد هذه السنتين هل سيتم تجديد العقد أم لا فوافقت بدوري ولكني علمت الآن بعد 7 أشهر أن العقد فيه شرط ولم يخبروني به ألا وهو أن صاحب المكان يمكن أن يطلب إخلاء المحل في أي وقت يريده هو على شرط أن يمهلهم 6 شهور..... علما أني دخلت في هذا المشروع على أماني وأوهام مستقبلية اكتشفت أنها مجرد أكاذيب ... فلقد أخبروني أنه يمكن أن يكسبوا وينجحوا في افتتاح بعض الفروع وهذا سيؤدي إلى أن المشروع سيكسب أكثر وأكثر في المستقبل وأشعر أنهم قالوا لي ماقالوه فقط لكي أشتري منهم بثمن أغلى.... والآن هناك بعض الأقوال أن العقد لن يجدد بل إنهم يرغبون في تعمير المنطقة بكاملها وهذا معناه أنني لن أستطيع أن أحصل على ثلت مالي الذي دخلت به وأنا بصراحة لو كنت اعلم بهذا الشرط الذي في العقد لما دخلت في هذا المشروع لعلمي أنه ليس ذات مكسب
سؤالي الآن لفضيلتكم هل هذا العقد جائز أم لا؟ وهل يجوز لي أن أطلب منهم أن يعيدوا لي النقود التي شاركت بها؟
وسؤالي الآخر الأرباح العائدة للمشروع والتي قسمناها بيننا في هذه الشهور الماضية هل أعيدها لهم إن وافقوا أن يرجعوا لي مالي أم هذا يعتبر حصتي؟ علما لو وافقوا على إعادة المال لي فسيكون هذا على أقساط كثيرة لشهور.....
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان سؤالك عن عقد الإيجار وهل لصاحب العقار أن يطلب من المستأجر إخلاء المحل في مدة العقد، فالجواب أن عقد الإجارة من العقود اللازمة، فإذا استؤجر المحل لمدة لم يجز للطرفين فسخ العقد إلا بالتراضي، وإذا دخل الطرفان في العقد على أن لكل منهما فسخ العقد في أي وقت جاز، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 16084.
أما إن كان سؤالك عن عقد الشراكة فهو عقد جائز يجوز لكل طرف فضه في أي وقت ما لم يلحق ضرراً بالآخرين، وفي حال فض الشراكة فليس لك من الشركة إلا رأس مالك ونسبتك من الأرباح، هذا ولا يجوز لك تضمين شركائك خسارة رأس المال إن وقعت خسارة، وأما مسألة تغرير شركائك بك حتى دخلت معهم في هذه الشركة فينظر إن كان تم فعلاً تغرير وتدليس فالشركة فاسدة، ومتى فسدت الشركة استحق كل شريك رأس ماله وربحه وعليه لشريكه أجرة عمله إن كان عمل في الشركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(12/2679)
تقسيم الربح بين الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[المصلحة التي نشتغل فيها قامت باستجلاب سيارات لنا على أن ندفع قيمة السيارة ثم نستخرجها والذي يريد أن يبيعها يستفيد من الفرق وهو الفرق بين السعر المستجلب به السيارات وسعرها في السوق.. لدينا زميلة ليس عندها المبلغ الكافي للحجز فابلغتني أنها تريد أن أدفع لها المبلغ وتعطيني قيمة مالية من الربح.. فقلت لها أشاركك في الدفع على أساس أن الربح يتم تقسيمه بالثلث.. ومعروف أن المشاركة في الإسلام يرضا الأطراف فيها بالربح والخسارة.. بعدها أخدنا السيارة وتم بيعها وتقاسمنا الربح.. لكن بعد فترة استرجعت لنا المصلحة جزء من قيمة السيارة المدفوعة.. فهل يحق لي أن آخذ ثلث القيمة المسترجعة أم لا، يعني بتوضيح أكثر، دفعنا قيمة السيارة 9700 ثم بعناها بـ11500 أخذت الثلث في الربح وهو600.. ثم استرجعت لنا المصلحة 1200من قيمة 9700 يعني قيمة السيارة أصبحت 8500.. هل يحق لي أن أخذ الثلث من 1200 المسترجعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت دخلت شريكاً مع هذه المرأة في شراء السيارة واتفقت معها على أن لك الثلث من الربح ومضى العقد بينكما على ذلك، فلك الثلث من المبلغ المسترجع من المؤسسة لأن هذا المبلغ يضاف إلى الربح، إذ تبين أن قيمة السيارة الفعلية هي 8500 كما هو ظاهر السؤال.
ولا إشكال في اشتراط أن تكون النسبة من الربح أقل أو أكثر من نسبة رأس المال، جاء في الفروع: وربح كل شركة على ما شرطا ولو تفاضلا ومالهما سواء. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1426(12/2680)
بين الشراكة والإجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب سوداني اسمي مصطفى هنالك مشكلة أدخلتني في حيرة.
أنا أعمل في مركز إنترنت مع شخص. عندما بدأنا العمل اتفقنا على أشياء معينة:
أولا: أنه سيعمل معي أحد أبنائه يأتيني الساعة الرابعة مساء وأنا أذهب إلى البيت ولكنه لم يوف بوعده فأصبحت أعمل حتى الساعة الثامنة مساء مع العلم أني رجل متزوج.
ثانيا: اتفقنا أنه في نهاية الشهر يوزع الدخل على ثلاثة ثلث له وثلث لي وثلث لإيجار المحل والمنصرفات الأخرى. ولكنه لم يوف بذلك في الشهر الأول قال لي إنه عندما يأتي آخر الشهر يوزع الدخل كالآتي: يستقطع جزءا من المبلغ لإيجار المحل وجزءا للكهرباء وبعد هذا كله يأخذ ثلثين وأنا آخذ ثلثا.
المهم ما في الأمر:
إني أحسست بالظلم واستغلالي من قبله فأصبحت آخذ كل يوم مبلغا معينا لأصرفه على أهل بيتي من دون علمه.
فقررت أن أترك العمل لكي لا أقع في الحرام أكثر
فاستخرت الله تعالى 7مرات ولكني لا يوجد لدي أي بديل او أي عمل آخر.
فسؤالي هل هذا المبلغ الذي آخذه كل يوم حرام أم حلال؟
أرجوكم أرشدوني جزاكم الله خيرا.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائل لم يبين لنا حقيقة هذا الاتفاق بينه وبين صاحب المحل هل هو شراكة أم إجارة، فإذا كانت شراكة هو بماله وجهده وأنت بجهدك فهي شراكة جائزة، وراجع الفتوى رقم: 54201.
وللشريكين الاتفاق على نسبة معينة، فإذا وقع الاتفاق لزم الطرفين الوفاء به، ففي الشهر الأول يجب على شريكك أن يدفع إليك ثلث الدخل مع مراعاة الزمن الزائد على الاتفاق الذي تعمل فيه، فإما أن تتطوع به أو يحسب لك مبلغا مقطوعا أو زيادة في النسبة.
وبالنسبة للشهر الثاني، فليس لك إلا الثلث من صافي الدخل بما أنك رضيت بهذا الاتفاق الجديد وقبلت أن يعمل في المحل، ويجب عليك إرجاع ما أخذته إن كان زائدا على القدر المتفق عليه بينك وبين شريكك. وأما إن كان الاتفاق على أن تعمل عند هذا الشخص كأجير مقابل نسبة من الدخل، فهذه إجارة فاسدة لأن الأجرة فيها غير معلومة، وللعامل في الإجارة الفاسدة أجرة المثل والمقصود بأجرة المثل هو أن تكون الأجرة أجرة نظيره في مثل عمله يقدرها أهل الخبرة، فالواجب عليكما الآن تصحيح عقد الإجارة بحيث تكون الأجرة مبلغا مقطوعا، وأما ما مضى فلك أجرة المثل كما تقدم، وبالنسبة للمبالغ الزائدة التي تأخذها بدون إذن صاحب المحل فيجب عليك إرجاعها إلى صاحبها، فإن تيقنت أنه سيجحدك حقك ولن تستطيع أن تأخذه منه فلك أن تأخذ بقدر أجرتك وتعيد الباقي، وراجع الفتوى رقم: 27080 والفتوى رقم: 36045.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(12/2681)
شراء الشركاء حصة شريكهم في العقار
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت شريكا في إقامة عمارة سكنية مع بعض الأصدقاء لبيعها واقتسام ربحها وقد أدخلوني معهم بحصة ثمن شقة وعند بيع العمارة سيدفعون لي ما دفعته إلى جانب الربح الذي سينتج من البيع وقد باعوا بعض الشقق التي اكتملت ولم يعطوني شيئا. وطالت مدة البناء نظرا لنقص السيولة المادية لدخولهم في مشاريع أخرى فاقترحوا علي أن لا يكون لي أي شأن بالعمارة المذكورة أو أية شقه بها كأنهم اشتروا حصتي منى حيث إنهم سيبيعونها بمعرفتهم وأية أرباح ستكون خاصة بهم مهما كانت هذه الأرباح وسوف يعطوني الآن المبلغ الذي دفعته وزيادة عليه وهم الذين اقترحوا مبلغ الزيادة (أرباح قدروها) مثال:-دفعت لهم عشرة آلاف جنيها وسوف يدفعوا لي خمسة عشر آلف جنيها. هل قبولي لاقتراحهم يعتبر ربا أرجو الإفادة حتى لا يكون ملبسي ومطعمي أنا وأهل بيتي من حرام وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى أبو داود والبيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه رفعه قال: إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه. ولا ريب أن من الخيانة في الشراكة أن يسعى الشريك لمنع شريكه من حصته في الشركة أو من أرباحها، وأن يماطل في دفع حق شريكه، كل ذلك خيانة وظلم.
وصدق الله القائل: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ
وبعد هذا نقول: إن الشراكة الصحيحة تستوجب أن يكون للشريك حق شائع في مال الشركة، فأنت أيها الأخ الكريم تملك في العمارة المذكورة حصة شائعة فيها بقدر سهمك في الشركة، ولا يحل لشركائك منعك من حقك أو المماطلة فيه، كما لا يجوز لهم إكراهك على أن تبيع لهم حصتك من العمارة، وبما أن العمارة الآن قد تم جزء منها وبيع وبقي الجزء الآخر لم يكتمل أو لم يبدأ فيه فأنت تستحق نسبة شائعة من الشقة التي بيعت بقدر نصيبك فيها وربحه إن كان ثمة ربح.
أما باقي المال -أصل المشروع- فلا يخلو من أحد احتمالين:
الاحتمال الأول: هو أن يكون باقيا بعينه أعني مالا موجودا أو في ذمة الشركاء.
الاحتمال الثاني: أن يكون باقي المال اشتريت به أدوات البناء أو غيرها من العروض.
فعلى الاحتمال الأول لا يجوز أن تبيع حصتك في ذلك المال بأقل منها أو أكثر، ولكن يجوز أن تأخذها بذاتها نقدا أو تأخذ بدلها عروض تجارة مثلا أو غيرها مما ليس بنقد.
وعلى الاحتمال الثاني، فلا حرج عليك في أن تتنازل عن حصتك من أدوات البناء أو العروض بمال أكثر من الحصة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1426(12/2682)
حكم هلاك المال في يد الشريك
[السُّؤَالُ]
ـ[تقاسمت شركة مع اثنين أحدهما خبير فيها، وبعد شهرين أخرج الشريك الثاني صاحب الخبرة من الشركة بحجة أنه سارق وكنت قد سافرت وقد تعهد الشريك المتبقي بحسن الإدارة وخسرت مالي، مع العلم بأنني لم أر من شريكي المتبقي تقصيرا في أثناء إجازتي، سؤالي هو: من يضمن لي هذا المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان شريكك لم يقصر ولم يتعد فإنه لا يضمن لك رأس مالك في هذه الشركة، لأن مال الشركة في يد الشريك يعتبر أمانة عنده، ويده عليه يد أمانة، فإذا هلك المال في يده بلا تعد أو تفريط منه فإنه لا يضمنه، وذلك باتفاق أهل العلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 24933، والفتوى رقم: 53628.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1426(12/2683)
إعلان الإفلاس لا يسقط الديون عن المفلس
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عندي سؤالان يا سيدي وأرجو الإجابة عليهما، اشترك زوجي مع صهره في شراء مطعم، ولكن في الفترة التي تم فيها اختيار مكان المطعم كان زوجي مشغولا بدراسته وبولادتي فوكل كل الأمر لشريكه بما في ذلك تحديد سعر الشراء والعقود وما شابه وخصوصا أن شريكه يدعي أنه خبير بأمور المطاعم والمعاملات مما جعل زوجي يأمن له وقبل توقيع عقد الشراء أخبرنا شريكه بأن المطعم دخله كبير وأنه ناجح ومنطقته شغالة و.....
المهم المحامي الذي وكله زوجي وشريكه قال لشريك زوجي إن المطعم فاشل، ولا يستحق المبلغ الذي سيتم دفعه، ولكن شريك زوجي أخفى الموضوع عن زوجي وتابع توقيع العقد المهم بعد 51 يوما من عمل شريك زوجي بالمطعم وجد فعلا أن المطعم كان فاشلا فشلا كبيرا، زوجي في هذه الأثناء كان مشغولا بالتحضير لامتحاناته، ولم يداوم بالمطعم ليكتشف ذلك، افتعل شريك زوجي مشكلة مع زوجي وكانت النتيجة أن أخبر زوجي إما أن يغلقوا المطعم ويدفعوا فواتيره وإيجاره حتى يباع أو أن يأخذه زوجي وعندما سأل زوجي شريكه عن فواتير المحل المطلوبة كل شهر كهرباء إيجار تليفون، ودخل المحل المتوسط ... كذب شريكه بأغلب الفواتير وأعطاه أرقاما كذبا حتى يقبل زوجي أن يأخذه وقال له إن دخل المطعم مبلغ معين، ولكن دخله كان لا يتجاوز نصف المبلغ الذي قاله والمطعم خسران وكذلك الأجهزة كلها قديمة وبآخر عمرها المهم أخذ زوجي المطعم لأن هذا الحل هو أقل الضرر وخصوصا أن زوجي تداين مالا لشراء النصف وتدين مبلغا آخر لإعطاء شريكه ثمن النصف الآخر وبدأ زوجي العمل وفعلا المطعم كان يخسر كل يوم والأجهزة تتعطل حتى اضطررت أنا وابني الذي عمره 7 أشهر أن نداوم مع زوجي لتقليل أجرة العمال.
والله مرت علينا أيام صعبة وشريكه ينعم بالسعادة بعد أن غشه والآن خسر زوجي كل شيء، وزاد دينه لدرجة أنه أعلن إفلاسه، السؤال الآن: هل يجوز شرعا مطالبة الشريك بدفع نصف الخسارة، وهل هذه البيعة باطلة أصلا وخصوصا أن شريك زوجي كان على علم أن المحل خسران وأنه لا يستحق ما دفع فيه؟
والسؤال الثاني: من قوانين الدولة التي نعيش فيها الولايات المتحدة الأمريكية إذا أعلن شخص إفلاسه تسقط حقوق جميع الجهات والأفراد المدينين له، فهل يجوز أن نتبع هذا القانون؛ وبالتالي تسقط حقوق الجهات والأفراد المدينين له، أجيبوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتمان عيب السلعة والتدليس على المشتري حرام شرعاً وفي الحديث: المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً وفيه عيب إلا بينه له. رواه ابن ماجه.
وهذا الكتمان والغش يثبت الخيار لمن دُلس عليه بين فسخ العقد واسترداد المال، وبين الرضا بالعيب وإمضاء البيع فهذا هو الحكم الإجمالي، أما التفصيلي فينبني على الوقوف على تفاصيل المعاملة وكذا السماع من جميع الأطراف، وليس هذا شأننا في هذا الموقع، وإنما هو شأن القضاء الشرعي، وبما أن المشكلة واقعة في بلد لا يحكم بالشريعة فعلى المختصمين المسلمين التحاكم إلى المراكز الإسلامية الموثوقة ليحكم بينهم أهل العلم الشرعي المطلعين على تفاصيل القضية.
هذا وليعلم أن إعلان الإفلاس لا يسقط الديون عن المفلس وتبقى هذه الديون في ذمته إلى حين سدادها، كما أنه يحجر عليه إذا طلب غرماؤه ذلك، إلى غير ذلك من الأحكام الشرعية بشأن المفلس.
فإذا كان قانون البلد يسقط ديون المفلس إذا أعلن إفلاسه فهو قانون مخالف للشريعة ولا عبرة به، اللهم إلا أن يعفي الغرماء المفلس من ديونهم أو يسقطوا عنه منها شيئاً طوعاً وبطيب أنفسهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1426(12/2684)
حكم دفع ماله إلى آخر ليحصل على فائدة من رأس المال لا من الأرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[نتقدم إليكم فضيلة الشيخ من أجل طلب فتوى في قضية تجارية قد أشكلت علينا، ولكم تفاصيل المسألة: كان لأحد الأصدقاء مبلغ مالي يقدر بـ 2000 دولار فاقترح عليه صديق آخر استثمار هذا المبلغ وتم الاتفاق على حصول صاحب المال على فائدة شهرية تقدر بأربع بالمائة من رأس المال، وتم العمل بهذه الطريقة لمدة سنة، ثم أضاف صاحب المال مبلغ 1000 دولار للمبلغ الأول وأصبح المبلغ الإجمالي3000 دولار وبقيت نسبة الفائدة أربعة بالمائة شهريا من رأس المال، وبعد ستة أشهر تم استرجاع المبلغ المضاف أي 1000 دولار بقي المبلغ الأول للاستثمار لمدة ستة أشهر آخرى حيث تم حجز السلع المخصصة للاستثمار من طرف مصلحة الجمارك، ومع العلم أن هذا النوع من التجارة يمارس بطريقة واسعة في الجزائر، مع العلم أيضا أن صاحب المال كان على علم بهذا النوع من التجارة، ومع هذا الحجز، أراد صاحب المال أن يسترجع ماله الأول أي2000 دولار، نحن ننتظر فتواكم في هذه المسألة؟ وتقبل الله منا ومنكم صالح الدعاء وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت حقيقة هذه المعاملة هي ما جاء في السؤال من أن صاحب المال دفع ماله إلى آخر مقابل حصوله على فائدة مادية من رأس المال لا من الأرباح، فالمعاملة محرمة لأنها قرض بفائدة مشروطة وليست استثماراً جائزاً، وفي هذه الحالة ليس لصاحب المال إلا رأس ماله فقط، لقول الله تعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:279} .
فيجب على الطرفين إنهاء هذه المعاملة الربوية المحرمة، بأن يرجع رأس المال إلى صاحبه، وليس له تعلق بالسلع المحجوزة ولا بأرباح رأس المال بما فيها أرباح السنة الماضية كلها فهي ملك للمقترض، ويعود بها على المقرض، وإنما الذي يجب عليه هو رد القرض ولوببيع هذه السلع أو غيرها.
فإذا رد المقترض رأس المال فإن ما زاد عليه يتملكه مع وجوب التوبة إلى الله عز وجل من الاقتراض بالربا، وراجع الفتوى رقم: 49579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1426(12/2685)
كيف يوزع الربح بين الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني قمت بمشروع نادي رياضي /شراكة/ فدفعت تكلفة الإكساء/ثلث المبلغ/ المكان وهو بالإيجار على أن يتم خصم المبلغ من الإيجار الشهري كيف يكون الحساب بيني وبين شركائي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعدل أن يقسم الربح بين الشركاء على حسب قيمة رأس مال كل واحد منهم في الشركة، إلا أن ينفرد واحد منهم بعمل لا يُطلَب منه باعتباره شريكا، ففي هذه الحالة له أن يطلب أن يزاد له في نسبته من الربح، أو يأخذ مبلغا مقطوعا مقابل عمله في الشركة الذي لا يتولاه الشريك عادة، وقد سبق بيان ذلك وتفصيله في الفتوى رقم: 59764 والفتوى رقم: 42627 وراجع الجواب: 30130 مع ما فيه من إحالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1426(12/2686)
من يتحمل سداد ديون الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت شريكا في شركة توصية بسيطة وكنت أنا وشريك آخر لنا حق الإدارة والتوقيع منفردين أو مجتمعين
غير أنه سافر خارج البلاد وأصبحت أنا الذي يدير الشركة وفي المرات التي ينزل فيها أطلعه على الموقف
ومرت بالشركة أزمة مالية شديدة واضطررنا لوقف النشاط وأصبحت أنا في مواجهة الدائنين وحدي لأنه مسافر ثم اتفقت معه أن نتقاسم ديون الشركة وأصولها بحيث يصبح جزءا من الدين لجهات معينه يلتزم هو بسداده بصفة شخصية والجزء الآخر ألتزم بسداده أنا الآخر بصفة شخصية، والسؤال هو: هل أنا ملزم بعد ذلك بسداد الدين الذي التزم هو به علما بأننا أبلغنا الدائنين بهذا الاتفاق،
وهل هو مسؤول معي عن كل العقود والالتزامات التي أبرمت باسم الشركة، هل لو طالبني أحد الدائنين الذين التزم هو بسداد دينهم حسب الاتفاق أكون ملزما بسداده أم أن العلاقة انتهت بهذا الاتفاق، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الشركاء مشتركون في الربح والخسارة كل بحسب نصيبه من الشركة، هذا هو مقتضى الشركة، قال الإمام النووي في المنهاج في باب الشركة: والربح والخسران على قدر المالين.
وعليه؛ فدين الشركة يقضى من رأس مال الشركة وما بقي بعد قضاء الديون يقسم بينك وبين شريكك بحسب نصيب كل واحد، أما عن الاتفاق الذي حصل بينك وبين صاحبك من توزيع الديون فإنه غير ملزم لأصحاب الديون فلهم أن يطالبوك أنت ولهم أن يطالبوا صاحبك لأن الشركة في ذلك كالذمة الواحدة إلا إذا كان أصحاب الديون قد رضوا بما حصل بينكما من توزيع، لكن إذا سددت لمن تكفل صاحبك بالسداد له فلك أن ترجع على صاحبك بما سددت من ديون الشركة، وراجع الفتوى رقم: 34140.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(12/2687)
حكم أخذ الشريك أجرة مقابل الإدارة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي الذي يحيرني هوأنني أشتغل بالتجارة بمالي ومال إخواني وأنا الذي يدير كل شيء في هذا العمل وبدون موظفين، وبتوفيق من الله حققت أرباحا مجزية لكل الشركاء على مدى السنوات الماضية. وأبلغني كل الشركاء برغبتهم في مكافئتي نظير جهدي في تحقيق الأرباح بتوفيق من الله، واعترض شريك واحد فقط بأنني شريك في هذا العمل وأنني أحصل على الأرباح من نصيبي من الشراكة فقط وبدون مكافئة على جهدي المبذول في تحقيق الأرباح مثل باقي الشركاء والذين لا يقومون بأي جهد في هذا العمل. سؤالي الأول هو هل لي حق أن أحصل على مكافئة معلومة نظير جهدي كنسبة معلومة من الأرباح أو راتب شهري كما اقترح باقي الشركاء. والسؤال الثاني هو ما حكم الشرع من موقف الشريك الذي اعترض على المكافئة وهل لي الحق باستيفاء المكافئة في هذه الحالة مع اعتراضه عليها. أرجو منكم الرد على سؤالي لأنني في حيرة من أمري مع العلم بأنني لم آخذ أي مكافئه حتى الآن بسبب اعتراض هذا الشريك.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشريك إذا قام بعمل في الشركة ليس مطلوباً منه بحكم كونه شريكاً ولم يقم به تطوعاً، فله أن يأخذ مقابل هذا العمل أجرة زائدة على نسبته في الأرباح بشرط أن يتفق مع شريكه أو شركائه على هذا العمل وأجرته قبل البدء فيه، فإن فعله بلا اتفاق لم يستحق شيئاً إلا أن تطيب نفس الشركاء، جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: ويجب على كل واحد من الشريكين أن يتولى ما جرت العادة أن يتولاه.. فإن استأجر من فعله بأجرة غرمها من ماله لأنه بذلها عوضاً عما يلزمه. وما جرت العادة بأن يستنيب الشريك فيه فله أن يستأجر من مال الشركة من يفعله. وليس له أي الشريك فعله أي فعل ما جرت العادة أن لا يتولاه ليأخذ أجرته بلا شرط؛ لأنه تبرع بما لا يلزمه فلم يستحق شيئاً كالمرأة التي تستحق خادماً إذا خدمت نفسها. اهـ. وعلى هذا نقول للأخ السائل: إنه ليس له أن يأخذ من نصيب شريكه الرافض للأجرة شيئاً إلا أن تطيب نفسه به كسائر الشركاء، وعليه أيضاً أن يتفق مع شركائه. فيما يستقبل من العمل في الشركة على أجرة له مقابل عمله كمدير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1426(12/2688)
فض الشركة وحساب الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت شريكا في شركة من 4 أشخاص وساءت الأمور بيننا وكثرت الديون المعدومة لنا عند الغير وأصبحنا غير قادرين على أداء دين البنك، ورفض الشريك المتسبب في إهدار معظم تلك الأموال عند عملائه الخروج من الشركة إلا إذا دفع له مبلغ كبير من المال بالإضافة إلى راتب شهري وإلا سوف يستمر فيما هو عليه إلى أن يحجز البنك علينا فقط لأنه كان يحتاط لذلك ولا يوجد أي شيء باسمه الشخصي يمكن الحجز عليه، والعرض الثاني هو أن نتنازل له عن نصيبنا في الشركة بدون أي مقابل وبشرط أن نستمر في ضمانه لدى البنك لمدة سنتين ومساندته في جميع أعمال الشركة بدون مقابل خلال السنتين فلم نجد أمامنا إلا الموافقة على طلباته حتى لا نتعرض للإفلاس من قبل البنك ومرت السنتان وأوفيت وحدي بما اتفقنا عليه (وأوفوا بالعهد إن عاهدتم) في حين تنصل الشريكان الآخران من هذه المساعدة وعلى الرغم من ذلك فقد أخلي طرف الشريكين الآخرين من البنك لكنه لا زال يماطل في إخلاء طرفي من البنك رغم مرور 3 سنوات من تاريخ اتفاقنا على ذلك ومساندتي له حتى الآن ورغم أن الشركة تعمل الآن بصورة ممتازة وتحقق أرباحا كبيرة وقام بتحصيل معظم الديون التي تسبب فيها أما بالنسبة لي فلازلت لا أستطيع العمل بشكل مقبول يكفى احتياجاتي المالية ولولا ستر الله علي وبركته فيما يرزقني به ووقوف والدي إلى جانبي ومساعدتي ماليا عند الأزمات ما كنت أدري ما كانت ستؤول إليه الحال علما بأنني متزوج ولدى 4 أطفال وعن طريق الخطأ من ذلك الشريك تحصلت منه على مبلغ يساوى تقريبا المبلغ الذي كان يطلبه لنفسه عندما كان يساوم عليه للخروج من الشركة وهذا المبلغ في حوزتي منذ عامين وهو لا يعلم عنه شيئاً وهذا المبلغ لا زال معي وأحافظ عليه ولم أتصرف فيه إلى الأن أو أمد يدي إليه رغم حاجتي الشديدة له وذلك لشكي هل هذا المال حلال أرجعه الله إلي لرفع الظلم الذي وقع علي من هذا الشريك أم حرام ويتوجب علي رده.
والسؤال هل يحق هذا المال لي أم أنه حرام ويعد مالا مسروقا يتوجب علي إرجاعه.
هذه هي الحقيقة كاملة وأشهد الله على صحتها وأتقبل عقابه إن كان بها شيء من الكذب أو التحريف والله خير الشاهدين
نسأل الله منكم النصيحة وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها الأخ الكريم أن الشركة عقد غير لازم، فإذا أراد أحد الشركاء فض الشراكة فله ذلك، ويتحمل ما وقع في هذه الشركة من خسارة حسب نصيبه منها، كما أنه في المقابل يحصل على جزء من الأرباح بحسب نصيبه فيها أيضاً.
وأما المطالب التي طلبها هذا الشريك نظير خروجه من الشركة فهي باطلة جملة وتفصيلاً، ويجب عليه أن يتحمل نصيبه من الخسارة كغيره من الشركاء كما أنه يتحمل إضافة إلى ذلك أيّ خسارة كانت بسبب تعديه أو تفريطه.
فإن أبى واحتال، فلك أن تأخذ من المال الذي عندك بقدر حقك، وراجع في هذا الفتوى رقم: 24933.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1425(12/2689)
باع نصيبه لطرف آخر ثم خسرت الشركة فهل يفسخ البيع
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت مع أحد الأشخاص بالاشتراك في أحد المشروعات، وبعد فترة دفعتني ظروف عملي لترك هذه الشركة وفي أثناء التصفية أخبرني شريكي بأن أحد جيرانه كان يرغب في المشاركة معنا من قبل وهو على علم كامل بكل إيراداتنا اليومية ووافقت على أن يدفع لي الشريك الجديد مقابل جزء مما تحملته من مصاريف وكان شريكي شاهدا على هذا الاتفاق.
وبعد فترة قليلة حقق المشروع خسائر فادحة وفوجئت بالشريك الجديد يجبرني بمساعدة أصدقائه على رد المبلغ الذي كان قد أخذته.
ولم يقم الشريك القديم والشاهد على الاتفاق بقول شهادته فيما يخص الاتفاق بل وأجبرني معهم على إرجاع النقود.
فما هو الحكم الشرعي لكل ما حدث وما إذا كنت قد بعت له علي غبن وغش؟
وما حكم من امتنع عن الشهادة وخالفها؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما جرى بين السائل والطرف الثالث غير واضح بالشكل الذي يمكننا من الإجابة عليه على وجه الدقة، ولكن نقول على العموم: إذا كنت بعت حصتك المعلومة في الشركة أو جزءا معلوما منها لهذا الشريك الجديد بيعا مستوفي الشروط التي من أهمها تسليم المبيع للمشتري وسلامته من الجهالة والغرر فلا يحق له فسخ البيع ولا الرجوع فيه، وليست خسارة الشركة بعد تمام العقد بينك وبينه مسوغا لفسخ البيع. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} .
وعلى هذا، فاسترجاعه النقود منك بغير رضاك غصب لمالك واعتداء عليه بغير حق، ومن المعلوم أن أخذ أموال المسلمين بغير حق شرعي حرام كحرمة دمائهم وأعراضهم، ومن يعاون الغاصب والمعتدي ويساعده على اعتدائه وظلمه شريك له في الإثم، سواء ساعده بيده أو بقوله، أو بكتم شهادة تثبت الحق الذي اعتدى عليه. قال تعالى: وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَة ... {البقرة: 283} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(12/2690)
من مسائل الشراكة التي تحتاج إلى قرائن وبينات
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي قضية أرجو مساعدتي وفقكم الله، والدي وأخوه لديهم تجارة متنوعة توفي أخو والدي وظل والدي يعمل في هذه التجارة التي جميعها بأسم أخي والدي وبعد سنة ونصف توفي والدي وطلبت نصيب والدي من الموجودات ولكن أبناء عمي رفضوا ذلك بحجة أن جميع الموجودات بأسم والدهم ونظرت القضية لدى القاضي وأحضرت ما يلي لإثبات شراكة والدي:
1- شهود يشهدون بإقرار أخ والدي بشراكة والدي معه ولكن بدون تفصيل.
2- شهود يشهدون بشراكة والدي مع أخيه بشكل مفصل.
3- حساب بنكي مشترك بين والدي وأخيه ويصرف منه على التجارة التي تحمل اسم أخي والدي، أحضر المدعى عليهم ورقة مخالصة بين والدي وجميع إخوته وعددهم أربعة وذكروا بأن والدي أخذ نصيبه من الشراكة، مع العلم بأن هذه المخالصة لم تنص على أخذ والدي لنصيبه من أخيه محل الدعوى، وأن جميع الشهود يشهدون بأن علمهم بالشراكة بعد تاريخ المخالصة، ذكر في هذه المخالصة بأن نصيب والدي عمارة مؤجرة وأثبت أن جميع إيراداتها تدخل الحساب المشترك مما يدل على استمرار الشراكة، كذلك ذكر أن نصيب والدي سيارات نقل أثبت أنها تعمل في المؤسسة التي باسم أخ والدي، السؤال هو: هل ما قدمت كافي لإثبات شراكة والدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي في هذه الحالة الرجوع إلى المحاكم المعنية بالفصل في مثل هذه الأمور لديكم، لأن القضاء يقوم بتتبع البينات والتحقق منها، واستظهار ما عساه أن يكون خفياً، والنظر في قرائن الأحوال، وكل ذلك لا يمكن للمجيب أو المفتي النظر فيه دون أن يلابس حيثيات القضية وما يكتنفها من أحوال، ولذا فإن نصيحتنا لك العودة إلى المحاكم، مع تفويض الأمر لله رب العالمين في أن يوافيك حقك.
وننصحكم جميعاً أن تحرصوا أن لا يفرق بينكم حطام الدنيا الزائلة فتقطعوا أرحامكم وتفسدوا ذات بينكم ولا يخفى عليكم ما يترتب على ذلك من خسارة في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1425(12/2691)
حكم تسمية شركة ما ببسم الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نسمي شركة أو مطعما بسم الله مثلا (شركة بسم لكافة المعجنات) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نجد ما يدل على النهي عن تسمية شركة أو غيرها ببسم الله، والأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد الدليل بتحريمها.
وعليه؛ فإن كانت هذه الشركة لا تمارس أمورا محرمة، ولا تعمل في مجالات تخالف الشريعة الإسلامية، فلا مانع من تسميتها ببسم الله، وأما إن كانت تمارس أمورا محرمة وتزاول أنشطة تخالف الشريعة الإسلامية فلا ينبغي تسميتها بمثل هذا الاسم صونا لاسم الله تعالى عن أن يمتهن ويكتب في أماكن غير محترمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(12/2692)
حكم تعويض الشريك عن خسارته
[السُّؤَالُ]
ـ[شاركت أحد الأشخاص بالمال وهو بالمال والجهد وقلت له أضف ربحي إلى رأس مالي ثم بعد 3 سنوات خسر هذا المشروع ويريد الآن الطرف الآخرأن يرد لي رأس مالي الذي دفعته فما هو الحكم وهل يحل لي أخذ هذا المال، أفيدونا أثابكم الله علما بأننا لم نتفق على إرجاع رأس المال في حالة الخسارة وأيضاً هذا المال كان لابنتي التي تبلغ من العمر 3 سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالربح والخسارة في الشركة يوزع على حسب حصة الشريكين من المال، ولا يحل أن يشترط أحدهما أو كلاهما ضمان رأس ماله، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5160.
ولكن إذا أراد الشريك عند خسارة الشركة أن يدفع على وجه التبرع والمواساة لشريكه رأس ماله أو شيئاً منه فلا مانع.
وننبه السائل الكريم إلى أن اشتراط ضمان رأس ماله غير جائز سواء كان هذا المال هو ماله أو مال غيره، ممن يحق له هو التصرف في ماله، كما أن الأرباح إذا أضيفت إلى رأس المال صارت جزءاً منه يجري عليها من الأحكام ما يجري عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1425(12/2693)
حكم مخالفة بنود الاتفاق بغير رضا الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ سنتين وعدة أشهر.... وبإصرار وإلحاح مني اتفقت مع مصطفى لإنشاء شركة لتسويق المواد الكيماوية والتي أملك فيها خبرة أكثر من 20 عاما ... وفعلا استطاع مصطفى أن يتحصل على إجراءات شركة عامة تتبع للقوات المسلحة وتم الاتفاق مع مفوض هذه الشركة علي إنشاء فرع للخدمات النفطية وتم تسميتها (الشركة العالمية للخدمات النفطية) وتم تعييني كمدير لهذه الشركة. واجتمعنا أنا ومصطفى وعبد الله وحددنا المسئوليات كالتالي: أنا أدير الشركة، أمثلها في الشركات العاملة والتي لدي فيها أصدقاء ومعروف لديهم ومهندس متخصص في هذه المواد واستطعت أن أحصل على أسعار ممتازة تصل إلى 75 % أقل (مثال ذلك مادة كان سعرها 430 دولار أمريكي ... تحصلت علي سعر 215 دولار ومادة أخرى كان سعرها 12000 دولار ... تحصلت علي سعر 4000 دولار ومادة أخرى كان سعرها 2650 دولار ... تحصلت علي سعر 1350 دولار وغيرها ... مما ضاعف أرباحنا كثيرا) مصطفي ينسق عميلة الاستيراد والتسويق ولديه خبرة ممتازة في ذلك عبد الله ممول داخلي ومدير للشئون الإدارية وقمنا بتوقيع عقد اتفاق داخلي فيما بيننا علي أساس الآتي: في حالة استيراد مواد بتمويل داخلي تتم القسمة كالآتي: 65% للممول الداخلي وهو عبد الله (حاج مرتين لبيت الله) 15% للشركاء وهم أنا ومصطفى وعبد الله 15% الشركة الأم 10 % للفرع الشركة وفي حالة الاستيراد وبتمويل خارجي (الذي يأخذ 20%من قيمة الفاتورة أرباح) والدفع بعد البيع.. تتم القسمة كالأتي:
75% للشركاء 15% للشركة الام 10% للفرع الشركة وتم التوقيع على هذا العقد بالتراضي من الجميع......
وبدأنا العمل وتم فتح اعتمادين بنسبة 75% للأول تمويل داخلي والباقي تمويل خارجي و 25% للثاني تمويل داخلي والباقي خارجي وبعدها لم يدفع عبد الله أي مبلغ وقال لنا إنه لم يعد لديه مال ونظرا لحصولنا على أعمال كثيرة وبطء التحصيل تم الاعتماد علي التمويل الخارجي في الاعتمادات التالية ولم يتم إرجاع أي مبلغ للممول الداخلي وذلك لضغط العمل علي الممول الخارجي حيث كانت المبالغ المحصلة تدفع للممول الخارجي لتغطية اعتماد ته. وبعد سنة من العمل فوجئت بل صدمت ان جميع الاعتمادات تم حسابها علي أساس تمويل داخلي ... أي أن الأرباح يتم توزيعها على 60% للممول الداخلي وهو الذي لم يدفع إلا 9% من قيمة الاعتمادات التي تم فتحها.... وحجتهم أن الممول الداخلي ليس مسؤولاعن بطء التحصيل ... ولم أرض بهذا الحل وشعرت أن في الأمر مكيدة لأنهم لم يتم التجاوب معي ... ولأن الدورة المستندية المالية لها وقت معروف ويمكن إيجاد الوسط في ذلك وكذلك هو أيضا مستفيد من التمويل الخارجي وإذا اعتمدنا على التمويل الداخلي فقط لفتحنا اعتمادا واحدا فقط وانتظرنا 4 إلى 5 شهور للتحصيل وفقدنا الكثير.. وكذلك لماذا أدفع 20% للممول الخارجي على الفاتورة وبعدها يأخذ الممول الداخلي 60% من الأرباح.... قسمة ضيزي ... وقلت لهم بالنظر إلى ما قمنا به فنحن لسنا بحاجة للممول الداخلي الذي لم يقم إلا بتمويل اعتماد واحد فقط من عشرين اعتماد ... وقلت لهم عند قياس ما قدم كل منا سنري أن الممول الداخلي عبدا لله لم يقم إلا بالقليل ... وضغط العمل وقع على مصطفى وأنا الذي امضي الساعات الطويلة لإيجاد مصادر رخيصة لتتضاعف أرباحنا.... ... ولكن كل جهودي ذهبت أدراج الرياح ... وتم السكوت على ذلك وكنت في كل مرة أفتح الموضوع.... يتم التسويف من مصطفى ... بينما عبد الله لا يريد النقاش أبدآ....وذهبت بعدها لأداء العمرة لمدة 3 أسابيع في شهر 10 - 2003 ولما رجعت وجدت كل شيء قد تغير وتم إخفاء الكثير من الأعمال عني وشعرت أن في الأمر مكيدة وأن أمرا قد دبر في غيابي ... وفوضت أمري إلى الله.... وبعد شهرين 12- 2003 ابلغني مصطفى أن الشركة الأم سيتم إغلاقها وأن مفوض الشركة أبلغه بأن ينهي أعمال الشركة الفرع وفعلا بدأنا في إغلاق الأعمال وقمت بتسليم أوراقي يوم 31- 3- 2004..... وصدمت أنهم قاموا بالاتفاق مع مفوض الشركة الام بإغلاق فرع الشركة التي أديرها (الشركة العالمية للخدمات النفطية) وإنشاء فرع آخر أسموه (المجموعة العالمية للخدمات النفطية) ...... كانت الصدمة شديدة جدا ولم أكن أتصور أن يكونوا بهذه الأخلاق وبعد هذه العشرة (أي أنهم أخفوا الأمر لمدة 5 شهور) .... وكنت أكذب نفسي وأقول مستحيل ولكن ارجع للواقع فأصدم وذهبت إلى مصطفى (شريك عبد الله في عدة أعمال أخرى وحاج لبيت الله مرتين) وقلت له أن يخبرني ما الذي حصل فقال لي إن عبد الله هو من قام بذلك وأنه أي مصطفى مستمر معه في نفس الشركة..... وناقشت معه ماذا سيحصل في الأرباح فقال لي لا ادري كيف ستكون الأرباح ... أي أن الأرباح على مزاج عبد الله.... وناقشت معه أنهم لا يجوز لهم استخدام مصادري لأنها حقي فقال لي إنها موجودة في الإنترنت للجميع فقلت له إن كنت تعرف كيف تجد المصادر فابحث عن غيرها ... ومازالوا يستخدمون نفس مصادري..... والتي تعتبر اكتشافا لي ومن حقي والتي ليست بالسهولة لتجدها فهي تحتاج إلى متخصص في الانترنت مع العلم الكامل بالمواد الكيماوية..... بعد ذلك قاموا بتسليمي معملين جيولوجيين (على حسب الاتفاق الأول تبلغ أقل من النصف من كامل حصتي) وبعد ذلك تجاهلوني بالكامل......فضيلة الشيخ ... من فضلك أريد منك أن تبين لي حكم الشرع في مثل هؤلاء وسأرسلها لهم (سمعت في بعض الدروس أن مثلهم يعتبر خارجا من ملة الإسلام) وبعدها سأتوجه إلى المحاكم...... والتي سأطلب فيها حقي مع التعويض.... أريد من حضرتكم النصيحة ولكم مني جزيل الشكر والاحترام....... سائلين الله أن يجزيكم خير الجزاء.
... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بالعزم على التوجه إلى المحكمة فهي المكان الملائم للفصل في مثل هذه المشاكل التي تكون فيها مناكرة وخصومة، ويحتاج الفصل فيها إلى شهود ووثائق ونحو ذلك مما هو خارج عن طبيعة الفتوى، ولهذا نكتفي بأن ننبهك إلى بعض الأمور: الأول: أن مخالفة شريكيك للعقد الذي اتفقتما عليه في تقسيم الأرباح لا تجوز لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} ، فما دمتم قد اتفقتم على أنه في حالة التمويل الخارجي تكون قسمة الأرباح 75 للشركاء فيجب التقيد بذلك وتحرم مخالفته إلا برضا الشركاء. الثاني: أن عقد الشركة من حيث اللزوم عقد غير لازم، أي يجوز لأي شريك من الشركاء أن يفسخه متى أراد ولو لم يرض باقي الشركاء. وعليه فلا حرج فيما فعل شريكاك من فض الشركة، ويجب في هذه الحالة أن يأخذ كل شريك نصيبه كاملاً من رأس المال والأرباح. الثالث: أن المصادر التي تعتمد عليها في شراء المواد الكيماوية إن كنت قد وضعتها على الإنترنت ليستفيد منها غيرك، فلا حرج على شريكيك في استعمالها، وأما إن لم تكن قد وضعتها على الإنترنت وإنما قمت بجمعها من الإنترنت وبذلت في جمعها مجهوداً فلا يجوز لهما استعمالها إلا بإذنك، لأن هذه المصادر حينئذ نوع من أنواع التأليف والابتكار المصونة شرعاً والتي لا تجوز إلاستفادة منها دون إذن أصحابها، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 9797. الرابع: أن ما فعله شريكاك من مخالفة العقد أو عدم إعطائك حقك كاملاً أو استعمال مصادرك دون إذنك، إن كان لايجوز لهما استعمالها حسب التفصيل السابق ـ معصية لله جل وعلا وظلم لك، ولكن ذلك لا يخرجهما عن الإسلام، وراجع الفتوى: 31033 والفتوى رقم: 40158. الخامس: أن الممول الخاص إذا كان يأخذ نظير التمويل مبلغاً محدداً أو يشارك في الأرباح دون الخسائر فإن هذا لا يجوز، لأن حقيقة هذا التمويل أنه قرض ربوي تجب التوبة إلى الله منه، وراجع الفتوى رقم: 5160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(12/2694)
مسألة حول كيفية قسمة أنصباء الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب فتوى فى المعاملات.
برجاء إفادتنا بخصوص هذه المشكلة بما يرضي الله ورسوله، أخوان (أ) و (ب) على خلاف بخصوص إحدى المعاملات المالية، حيث إن (ب) كان يرغب فى استثمار ماله، فعرض عليه (أ) أن يقيم ما يشاء من مشروعات، على أرض زراعية, هي ملك لابن (ل) (أ) مسافر تاركا كل الصلاحيات لأبيه،
وبالفعل شرع (ب) فى عمل مشروعات تربيه دواجن وعجول على قطعة الأرض هذه، وشاركه (أ) بماله الخاص فى هذه المشاريع ولكن بنسبه أقل، والحقيقة أنهما لم يوفقا فى أي من تلك المشروعات وخسرت جميعها ... وكانت خسارة (ب) هى الأكبر، ومع تضاعف قيمة الأرض بمرور السنين, قرر (أوب) بيعها لتعويض الخسارة وفض الأعمال المشتركه بينهما، والخلاف يكمن فى كيفية توزيع المبلغ المستحق عن البيع: فـ (ب) يريد أن يقسم المبلغ نصفين, النصف له والنصف الثانى (ل) (أ) وابنه، على اعتبار أن الوضع كان شراكة ضمنية، تشمل الأرض والمشروعات المقامة عليها، أما (أ) فيرى أن النصف حق لابنه، مالك الأرض الأصلى، والذى هو غير مسؤول عن مشاريع الأب والعم الخاسرة، أما النصف الثاني فيوزع على (أوب) ، على اعتبار أنهما كان لهما حق الانتفاع بالأرض وليس حق ملكيتها.
والواقع أن كلا الطرفين (أوب) يلامان فى هذه الإشكالية، حيث إنهما لم يضعا النقاط فوق الحروف منذ البداية، فـ (ب) اعتبر ضمنيا أنه شريك فى ملكية الأرض, بما أن (أ) يشاركه بنسبة فى المشروعات، أما (أ) فقدّر أنه من البديهي أن وضع الأرض تحت تصرف (ب) لاستغلاها فىمشروعات الشراكة بينهما، يعني فقط أن لـ (أوب) حق الانتفاع وليس حق الملكية، والذى يبقى حصريا للمالك الأصلي، والسؤال هنا هو: عن كيفية توزيع المبلغ المستحق عن بيع الأرض على الأطراف الثلاثه، لذا نرجو الإفاده بهذا الشأن، حيث أن الأخوان لا يريدان أن يخسرا بعضهما، أو أن يأكلا أموال بعض بالباطل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينظر في هذه الأرض إن كان مالكها -الولد- وكل أباه في التصرف فيها مطلقاً، فقام الأب وأخوه بتقييمها يوم أبرما عقد الشراكة وجعلاها من رأس مال الشركة، فإنها تحسب من مال الشركة، فإذا بيعت اقتسم الشريكان أو الشركاء ثمنها كل حسب نصيبه في الشركة، كما قال الخرشي في شرح مختصر خليل: وبعين (دراهم) وبعرض وبعرضين (أرض ونحوها) مطلقاً، وكل بالقيمة يوم أحضر (يوم عقد الشركة) . انتهى.
أما إذا كان الشريكان اشتركا في رأس المال واختص أحدهما بالعمل ولم يدخلا الأرض فيه، وإنما استأجراها من مالكها، أو أذن لهما بالاستفادة منها دون مقابل، فالأرض ملك لصاحبها ولا تدخل في رأس المال، ولا تباع إلا بإذن مالكها، والقول في هذا قول مالك الأرض أو وكيله إلا أن يثبت الشريك الآخر خلاف ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(12/2695)
الدخول في التجارة بالمجهود له ثلاث حالات
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن الشراكة من حيث الشرع حيث إنني أشارك في تجارة وأكون شريكا بالمجهود نظير نسبة، كيف أكتبها حسب الشرع، حيث لدينا قوانين وضعية وأريد إرضاء الله في كتابة عقد، وعمل ينتج عن هذا العقد والشراكة بما يرضي الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدخولك في التجارة بمجهودك له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكون جهدك مقابل أجرة مقطوعة معلومة لا نسبة متغيرة، فهذا جائز إذا كان العمل مباحاً وخلا الاتفاق من الجهالة والغرر وغير ذلك من المحذورات الشرعية، وهذا العقد داخل في الإجارة وهي من العقود الجائزة إذا توفرت شروطها الشرعية وانتفت موانعها.
الحالة الثانية: أن يكون جهدك على سبيل المضاربة، بمعنى أن يدفع لك صاحب المال ماله لتستثمره له على أن يكون لك نسبة من الربح وهذا جائز، وقد كان الصحابة يعملون به، ويشترط لصحته أن يكون الربح بينكما مشاعاً حسب المتفق عليه، كالنصف والثلث ونحو ذلك، وفي حالة الخسارة يقع الضرر على كل من رب المال والعامل، فرب المال خسارته من ماله، وأما المضارب (العامل) فخسارته ضياع جهده وعمله فقط.
الحالة الثالثة: أن يكون جهدك على سبيل الشركة مع صاحب المال، بمعنى أن الشركة مكونة من جهدك ومال صاحبك الذي يعمل معك، وتتقاسمان بعد ذلك الربح حسب المتفق عليه، والفرق بين هذه الحالة والحالة الثانية أن صاحب المال هنا قد ضم إلى ماله جهده.
هذا ويجب أن يعلم أن للشركة أحكاماً تخصها، وللمضاربة أحكاماً تخصها أيضاً، فإذا اعتبرناها شركة فلا تصح في مذهب جمهور الفقهاء، وأجاز ذلك طائفة ومنهم بعض الحنابلة، وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية: 35493، 35162، 49041.
والمخرج لتصحيح هذه المعاملة يكون: إما بتحولها إلى إجارة وهي المذكورة في الحالة الأولى، وأما بتحولها إلى مضاربة وهي المذكورة في الحالة الثانية، ولكل من الإجارة والمضاربة والشركة أحكام لا يتسع المقام لذكرها، فليراجعها من أراد في مظانها من كتب الفقهاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1425(12/2696)
حكم شركات المساهمة والتعاقد على الشراء منها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم شركات المساهمة وهل يجوزالتعاقد مع إحدى هذه الشركات من أجل شراء بضاعة مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشركات المساهمة منها الجائز ومنها الحرام، والحكم عليها بالحل أو الحرمة راجع إلى نوع النشاط الذي تمارسه، وإلى المعاملات التي تقوم بها، فإذا كان النشاط الذي تمارسه مباحا وانضبطت في معاملاتها بالضوابط الشرعية فلا حرج في المساهمة بها، وإذا كان النشاط الذي تمارسه محرما أو لم تنضبط في معاملاتها بالضوابط الشرعية فلا تجوز المساهمة بها.
وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية: 1729، 3099، 18894.
أما عن حكم التعاقد على شراء بضاعة من هذه الشركات فهو راجع إلى نوع البضاعة المشتراة، وإلى انضباط العقد بالضوابط الشرعية، فإذا كانت البضاعة مباحة وخلا العقد من المحاذير الشرعية كالربا أو الميسر أو الغرر أو غير ذلك من المحاذير فلا حرج في ذلك، أما إذا كانت البضاعة محرمة، أو كان العقد يشتمل على محذور شرعي فإن ذلك لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1425(12/2697)
للشريك أن يشتري لنفسه دون الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[بحمد الله أسست عملاً تجارياً بسيطاً رأس ماله من أشخاص اتفقت معهم على أن يشاركوني بنسبة معينة في نشاط معين وفي نفس الوقت أعمل في التجارة في نشاط آخر يشاركني فيه شخص آخر بنسبة في الأرباح الناتجة عن هذا النوع من النشاط والتي يدخل في رأس المال الخاص به فقط والإشكال هي أني بحكم عملي أجدني في كثير من الأحوال أنفذ عملية تجارية هي خارجة عن النشاط المتفق عليه مع الشخص الأول وأيضا مختلفة عن نوعية النشاط المتفق عليه مع الشخص الآخر هل الربح الناتج عن هذه العملية وهو برأس مال خاص بي يصبح بكامله من حقي.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أن هذا النشاط كان في غير الوقت المطلوب منك لأي من الشركتين وكان بمال خاص بك وليس من مال أي من الشركتين فإنه لا حرج عليك في ممارسته، وتستحق أنت وحدك أرباح أو خسارة هذا العمل، سواء كان هذا النشاط مماثلا لأي من النشاطين الآخرين، أو غير مماثل لأي منهما.
لأن الشركة لا تعني منع الشريك من التصرف في وقته وماله الذي ليس مشاركا به بل هو حر في ذلك يفعل به ما يشاء؛ إلا أنه لا يتصرف في مال الشركة ووقتها إلا بما فيه مصلحتها.
قال الرملي في نهاية المحتاج: (ولو) (اشترى) الشريك (وقال اشتريته للشركة أو لنفسي وكذبه الآخر) (صدق المشتري) بيمينه لأنه أعرف بقصده سواء ادعى أنه صرح بذلك أم نواه) اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1425(12/2698)
باع نصيبه لأحد الشركاء بمعلوم ومجهول
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الكريم حياكم الله
لدي سؤال: شريك في شركة بمبلغ 100000 مائة ألف تعرضت الشركة لبعض المشاكل المالية فعرض على هذا الشريك الخروج من الشركة مقابل أخذ مبلغ 30000 ثلاثين ألف بواقع 10000 عشرة آلاف شهريا ووافق على ذلك العرض مقابل خروجه من الشركة ورفع عنه جميع الالتزامات تجاه الغير ولكن الشركة لم تنفذ الاتفاق ولم تصرف له أي مبالغ حسب الاتفاق ولم ترفع عنه الالتزامات تجاه الغير وبعد فترة بدأت حالة الشركة في التحسن فهل هذا الشريك يكون حقه:
1- 30000 التي تم الاتفاق عليها ولم ينفذ الاتفاق.
2- أم 100000 أصل رأس المال الذي له في الشركة.
3- أم يصبح شريكا بالقيمة الفعلية الحالية الآن أي تقييم أصول الشركة ومستحقاته بالقيمة السوقية الآن باعتبار أنه لم يخرج ولم ينفذ الاتفاق.
وجزاكم الله خيراً وأحسن إليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشترط العلماء لفسخ الشركة شروطاً لا يصح الفسخ إلا بها، ومن أهم هذه الشروط أن يعرف كل واحد من الشركاء نصيبه من الحقوق وما عليه من الالتزامات، ولا يشترط على الراجح أن يكون مال الشركة ناضاً (نقوداً) عند القسمة، بل يجوز فض الشركة ولو كانت أموالها عروضاً.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وبناء على عدم اشتراط النضوض، إذا اتفق أن كان المال عروضاً عندما انتهت الشركة، فإن للشريكين أن يفعلا ما يريانه، من قسمته أو بيعه وقسمة ثمنه، فإن اختلفا فأراد أحدهما القسمة، وآثر الآخر البيع، أجيب طالب القسمة، لأنها تحقق لكل منهما ما يستحقه أصلاً وربحاً، دون حاجة إلى تكلف مزيد من التصرفات، ومن هنا يفارق الشريك المضارب، إذ المضارب إنما يظهر حقه بالبيع، فإذا طلبه أجيب إليه، هكذا قرره الحنابلة. اهـ
والذي حصل بين الشريكين هنا، هو أن أحد الشريكين باع نصيبه من الشركة للشريك الآخر بعد فض الشركة، والثمن في هذا البيع اشتمل على معلوم ومجهول، فالمعلوم هو مبلغ الـ 30.000 التي اتفقا عليها، أما المجهول فهي التزامات البائع لدى الغير، ومثل هذا البيع لا يصح للجهالة الواضحة في الثمن هذا إذا تم تقييم نصيب الشريك البائع وكانت التزاماته غير معلومة، وفي هذه الحالة تعتبر الشركة لا زالت قائمة، ويكون للشريك الذي باع نصيبه الحق في الأصول الحالية للشركة لعدم صحة البيع أصلاً.
أما إذا تم التقييم لنصيبه وكانت التزاماته معلومة فالبيع صحيح، ولا شيء له غير ما اتفقا عليه، وتأخر الشريك المشتري عن السداد في هذه الحالة لا يبطل البيع، بل يأثم إن كان مليئاً مماطلاً، ولا يأثم إن كان معسراً.
والأولى في مثل هذا الأمر الرجوع إلى المحاكم الشرعية التي تتبعونها، لأن القضاء يظهر له ما لا يظهر في سؤال المستفتي مما يُعطي مجالاً لتصور القضية تصوراً كاملاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1425(12/2699)
أحكام في عدة خلافات بين الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أتقدم إليكم بهذة المسألة مع اعتذاري على الإطالة، فهي مشكلة من سنة 96، وهي كالآتي:
في سنة 95 اتفقت أنا وأحد أعمامي على أن نفتح عيادة لأمراض النساء، وكان الاتفاق ينص على أن الأرباح بالنصف، وقمت بإعداد وترتيب المشروع ودفعت أنا رأسمال وقدره قرابة 30.000 دينار ليبي ودفع عمي رأسمال وقدره 83.000 دينار ليبي وكانت مقابل جهاز كشف بالموجات الصوتية (ألترا ساوند) 80.000 د. ل ثمن الجهاز، وأنا حيث إني قمت بإنشاء العيادة من أولها إلى آخرها وأقوم بالإشراف على العيادة بعد التأسيس أي بجزء من رأسمال والجهد ومن طرف عمي رأسماله الذي دفعه فقط.. وقلت له: عندما أتحصل على مال أقوم بدفع زيادة في رأس المال أو شراء الجهاز ـ هذا مبني على الغيب ـ وكان الاتفاق كله شفويا، واستمر العمل وتعرفون العمل في أوله لا يمكن أن يكون مجديا ومربحا حيث المكان مؤجر والموظفين والأطباء يأخذون نسبة.. المهم العمل لم يأت بأرباح، والعيادة جديدة لا تزال وقبل ابتداء العمل يوجد إيجارات على المكان ممكن 4 شهور تقريبا لا أتذكر.. وبدأ عمي يطلب الإيرادات ولكن لا إيرادات ومضى وقت على العمل وفكرت أن أبحث على بيع للجهاز لأنه كان هو الأعلى سعرا في العيادة ولكن لم أتمكن من بيعه.. وفي شهر 8 /96 حدثت ظروف قاسية جدا في طرابلس، والعيادة في مدينة أخرى تبعد 220 كم عن العاصمة. وزيادة على ذلك حدث مرض لأخي ومن ثم تمت إجراء عملية له ... وأنا موجود في طرابلس حدثت سرقة للعيادة من على ارتفاع 6 متر من البلكونة وكانت النتيجة سرقة الجهاز فقط.. وبعد عدة إجراءات من الشرطة وجميع الوسائل حيث لم أبرئ أي واحد يعمل في العيادة ولا من سمع ببيع الجهاز ولكن لا فائدة حتى أني ذهبت إلى الناس الذين يدعون معرفة من يسرقون دجلا.. وإن شاء ربي يغفر لي، كل هذا محاولة لفعل أي شيء لأن الأمر آلمني كثيرا.. بدأ عمي بعد مدة بمطالبتي بدفع نصف المبلغ أي 40.000 د. ل بحجة أنه قال لي: أنه خرج من الشركة قبل حدوث السرقة.. صحيح أنني قلت له سوف أبيع الجهاز أو أعمل أي حل آخر لكن لم أوفق في هذا الأمر.. وحدث قدر الله وما شاء فعل. وبعد كثير من الكلام والمحاورات والذهاب والمجيء مرات، وأنا أقول له اصبر وسوف أحاول أن أدفع لك مجاراة له لكي لا تحصل أي مشاكل، وخصوصا لما يأتيني أمام الناس وفي عملي أحاول أن أسايره.. ومرت مدة على هذا المنوال.. ولما قفلت العيادة مدة أكثر من 7 أشهر حيث أن الإيجار يحسب علي وأني قمت باستدانة من أحد أقاربي لأدفع الإيجار وبعد مدة قمت باستئجارها لأحد الأشخاص حيث الشهر الأول بدون مقابل والإيجار يرتفع تدريجيا لكي يتمكن من تشغيلها وتم هذا على مبلغ 900 د. ل منهم 400 د. ل إيجار المكان لمالكه والصافي 500 د. ل.. مضت مدة ولا زال عمي على نفس الحال بل وأشد ومرات يحصل بيني وبينه مشاحنات. المهم بعد أن تمت الظروف تدخل والدي وقال لي: أعطيه حصتي من العيادة وهي المعدات الأخرى ووافقت على هذا لقفل الملف حيث إن هذه الحصة دين علي للوالد أي 30.000 د. ل..ولكن عمي قال: إن المعدات تساوى الآن 20.000 د. ل. وقال لي والدي هل لما تعطيه العيادة ينتهي الموضوع قلت نعم تفاديا للمشاكل مع والدي ولكن عمي مازال يريد مبلغ20.000 د. ل أخرى، وغلطتي الأخرى أني جاملته وقلت له عندما أتحصل على مال سأدفع الباقي لك وأقسم بالله العظيم ما قلت ذلك إلا لكي يكف عن مضايقته لي.. علما بأنني تنازلت عن العيادة التي كانت لي كل ما أملك وهي يرد منها إيجار له 500 د. ل وسمعت أنه قام بزيادة الإيجار على المؤجر الذي أنا قمت بالاتفاق معه في السابق.
ومضت سنوات على هذا الحال حتى الآن وأنه تحصل على إيردات من الإيجار ولا أدري هل مازالت حتى الآن مؤجرة..أقل شيء أنه باع المعدات والأثاث للشخص المستأجر ... وتعرفون أسعار الأشياء لا تبقى كما هي عليها في حالها الأول ولكن عمي هذا مادي وكون ثروته من عمل السجائر المهربة والممنوعة في البلاد وقلت له إن نصيبك هذا وإنهم سرقوا الجهاز فقط ولم يأخذوا أي شي آخر علما أنه كان يوجد بعض الإيراد الأسبوعي في درج الاستقبال وليس كان ببعيد عن الغرفة التي بها الجهاز , وحدثت له عدة سرقات ومشاكل مالية مع أناس آخرين.
السؤال: ما الحكم في هذه المسألة شرعيا وعرفيا التي طالت مدتها؟ وإنه الآن يقوم بتشويه سمعتي لكل الناس وفي مجمع يتحدث بأنني أكلت ماله وأنني لم أدفع له ماله وكأنني قد استلفت منه ولم تكن سلفة بل شركة خسارة وربح.
وعندما التزمت والحمد لله بدأ يتكلم علي ويقول للناس هاهو بدأ يصلي في المسجد ويستمع إلى الشيوخ ويرى في نفسه أنه صار شيخا ويضحك علي.. وأقسم بالله العظيم لا أفعل. وكلما أذهب إلى مدينتي أراه وأسلم عليه ولكن هو يسلم برأس أصابعه وكذلك في الأعياد، وحاولت أن أفهم كثيرا من أقاربي الموضوع وكثيرا من الناس الآخرين ولكن لا جدوى ...
أخيرا؛ قال لي بأنني أنا الذي سرقت الجهاز وأن الجهاز ليس هذا سعره الحقيقي ولما قال لي ذلك أنهيت معه الحوار وسكت وأسمع كثيرا من أقاربي بكلامه علي ولكن لا أرد ... ولكن بارك الله فيكم أرجو توضيح المسألة لي وأنني سوف أحكم الله ثم أحكمكم وسوف أعطيه هو أيضا حكمكم.
أرجو منكم الرد علي في أقرب فرصة ومع أسفي الشديد على الإطالة وإن شاء الله تردوا علي في هذا الموضوع الطويل.
وإننى دائما أعمل بفتواكم ودائما أقوم بزيارة موقعكم وموقعنا المفيد جعله الله في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالك، وأن يسهل أمرك، وأن يصلح ما بينك وبين عمك.
أما عن سؤالك، فقد اشتمل على عدة أمور:
الأمر الأول: ما يتعلق بذهابك إلى الكاهن ليخبرك بمكان المسروق، وهذا العمل حرام، وقد ورد في ذلك الوعيد الشديد، كما تقدم في الفتوى رقم: 40181. فعليك أن تتوب إلى الله وتستغفره من هذا العمل.
والأمر الثاني: حكم الشركة مع عمك على أن منه بعض رأس المال، ومنك الجهد وبعض رأس المال، وهذه الشركة قد اشتملت على أمر فيه خلاف كبير بين أهل العلم: وهو شركة الأعمال، حيث إنك مشارك بعملك مع جزء من رأس المال، وأكثر من أجاز شركة الأعمال اشترطوا أن يكون العمل من كل الشركاء، وقد أجاز طائفة من الحنابلة أن يكون العمل من أحد الشركاء، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35493، والفتوى رقم: 35162.
فعلى قول المانعين: إذا حصلت هذه الشركة فإن العقد غير صحيح, وصاحب الجهد (وهو أنت) يستحق أجرة المثل، وما وراء ذلك يكون بحسب نصيب كل واحد ربحا وخسارة.
وعلى قول المجيزين: فالأمر على ما تم الاتفاق عليه بينكما من تقسيم الربح والخسارة.
والأمر الثالث: ما يتعلق بالمشكلة المالية الحاصلة بينك وبين عمك، والحكم فيها: أن عمك شريك في الربح والخسارة بحسب الاتفاق، فلا يجوز له المطالبة بما زاد على الاتفاق.
لكن إذا كان عمك قد انسحب من الشركة فعلاً قبل أن تحصل السرقة فلا علاقة له بسرقة الجهاز، ويكون له ما تم الاتفاق عليه عند الانسحاب, إلا أنك -أخي الكريم- لم تبين لنا هل تم الانسحاب فعلاً، وكيف تم الانسحاب؟ وهل هو انسحاب فعلي؟ أم وعد بالانسحاب؟
والأمر الرابع: قولك لعمك: عندما أتحصل على مال سأقوم بدفع زيادة في رأس المال، وهذا يعني أن في ذمتك للشركة دينا، وهو ما تم الاتفاق عليه، حيث لم تحدد لنا مقداره.
وعليه؛ فيضاف هذا المبلغ منك للشركة عند المفاصلة.
والأمر الخامس: كون عمك كون ثروته من السجائر وتهريب البضائع لا يعفيك من التزاماتك وما تم الاتفاق عليه, وكان ينبغي عليك البعد عن مشاركة من هذا حاله لوجود الشبهة في ماله.
والأمر السادس: ما هو حاصل بينكم من القطيعة الآن حيث إن ذلك لا يجوز ويجب أن تعودا للتواصل.
وننصحك بالعفو والصفح والمبادرة بالوصل. وراجع الفتوى رقم: 4417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(12/2700)
فساد الشركة باشتراط أحد الشركاء عدم تحمل الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تجارة العملة عن طريق الانترنت بدفع جزء من رأس المال والباقي يدفع من قبل عميل يأخذ جزءا من الأرباح ولا يتحمل الخسارة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في بيع وشراء العملات الأجنبية عن طريق الإنترنت إذا خلت من المحاذير الشرعية التي ذكرناها في الفتوى رقم: 3708، والفتوى رقم: 3702، هذا من حيث الأصل.
أما بخصوص الصورة المذكورة في السؤال فلا تجوز، لأن هذا العميل الذي يدفع الجزء الباقي من رأس المال، ولا يتحمل خسارة، هو في الحقيقة مقرض قرضا بزيادة، وهي الجزء الذي يحصل عليه من الأرباح، ومعلوم أن كل قرض بزيادة فهو ربا، ولا يصح أن يكون شريكا في هذه التجارة، لأن الشركة تفسد باشتراط أحد الشركاء عدم تحمل الخسارة باتفاق الفقهاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1425(12/2701)
الشركة على كون رأس مال أحد الشريكين عرضا والآخر ثمنا
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع صديق أن أبيعة ماكينة لإنشاء معمل لكن بعد أن تم الاتفاق على السعرعرض على الشراكة في المعمل، الآن إن وافقت على الشراكة هل أسقط ربح المكنات التي سأبيعها من الحساب لتكون الشراكة ومالي في الحلال أم أحتفظ بربح المكنات لنفسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة على أن يكون رأس مال أحد الشريكين عرضا والآخر ثمنا، أو يكون رأس مال كل واحد منهما عرضا محل خلاف بين العلماء:
فمذهب جمهورهم أنها فاسدة، لأن الشركة تقتضي الرجوع عند المفاصلة برأس المال أو بمثله، وهذه لا مثل لها يرجع إليه، وقد تزيد قيمة العرض فتستوعب جميع الربح أو جميع المال، وقد تنقص قيمته فيؤدي إلى أن يشاركه الآخر في ثمن ملكه الذي ليس بربح.
وأجاز أحمد في إحدى الروايتين عنه الشركة بالعروض على أن تجعل قيمتها وقت العقد رأس المال.
وعلى هذا القول: إن كنتما قد اتفقتما على تقويم الماكينات، وعرفتم قيمتها وقت العقد فإن الشركة صحيحة، وعند إنهاء هذه الشركة يأخذ كل واحد منكما رأس ماله وهو قيمة ما دفعه وقت بداية الشركة إن كان ما دفعه عروضا، فإن كان هناك ربح قسم بينكما على ما اشترطتما، وإن كانت هناك خسارة قسمت بينكما.
وأما إن كان الاتفاق بينكما قد تم على أن يكون أحدكما بماله والآخر بماكيناته، ويبقى لكل واحد منكما رأس ماله، فهذا له ماله وذاك له ماكيناته، فإن هذا عقد فاسد، وليس من الشركة في شيء.
أما إذا كان الاتفاق بينكما على أن تدخل في الشركة بنقد ثم إن الشركة ستشتري منك الماكينات فلا إشكال في ذلك.
هذا عن حكم الشركة المذكورة أما عن ربح الماكينات فهو راجع لك بحسب ما تتفقان عليه فلك أن تكسب ما كنتما قد تراضيتما عليه فيما مضى، ولك أن تكسب أكثر من ذلك أو أقل، ولك ألا تكسب، ولك أن تبيع بخسارة، فالأمر في ذلك كله راجع إليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(12/2702)
كيفية تسوية الشركة إذا انسحب أحد الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أكتب لكم للمره الثانية وذلك للنظر في موضوعي وهو: نحن أربعة شركاء اثنان منهم مشاركان برأس المال والاثنان الباقيان بمجهودهم ... ولقد كتب عقد بين الشركاء الأربعة على أن تعطى سلفه شهرية للقائمين على العمل لأن لا مصدر عيش لهم من غير هذه السلفة ... على أن تسترد من أرباحهم هذه السلف عند توزيع الأرباح، الآن الشريك الثالث صاحب المجهود قرر الانسحاب ووافق بقية الشركاء وطالبوه بتسديد السلف التي كان يأخذها كل شهر ... فهل يحق لهم مطالبته بهذه السلف أم لا، أتمنى من العزيز القدير أن يحقظكم؟ وجزاكم الله خيراً وأتمنى أن أتوصل بأجابتكم بأسرع وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نحيطك علما أننا قد أجبناكم على سؤالكم قبل فترة وهو منشور الآن تحت الرقم: 48835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1425(12/2703)
من مسائل الشركات
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوان الأعزاء في مركز الفتوى:أبعث إليكم بمشكلتي وكليّ أمل بإجابتكم عليها:-
توفي والدنا وترك لنا أسهما في شركة ما، ومقدارها 6700سهم تقريبًا، وترك زوجة وثلاث ذكور وأربع إناث
ولقد تم الاتفاق بين الإخوان والأخوات والوالدة على تأسيس شركة شحن مقابل رهن جميع الأسهم لدى البنك مقابل مليون وثلاثمائة ألف ريال على أن يكون المكسب والخسارة متساوية في الحصص بين االوالدة والأبناء من الذكور والإناث وبعد دفع الضمان البنكي لشركة الشحن وهو مبلغ 125 ألفا ريال، اختلف أحد الأولاد وأخذ نصيبه من قيمة الرهن ولقد قام بتوزيع هذا الرهن كاتب عدل في المنطقة وكان نصيبه162500 ريال، وبعد عدة أعوام فشلت الشركة وقام البنك ببيع الأسهم المرهونة وتبقى
منها ألفا سهم، بعد سداد البنك قيمة الرهن
وبعد فترة توفي الأخ مؤسس الشركة وبقيت هذه الأسهم والضمان.
وسؤالي هو التالي: كيف توزع هذه الأسهم؟ وكيف يوزع الضمان البنكي؟ هل حصة الميت توزع بالتساوي مثل إخوانه الأحياء؟ لأنه كان السبب في خسارة هذه الشركة
ملاحظة:لقد تم الاتفاق بين الإخوان والأخوات على توزيع هذه الأسهم بالتساوي وكذلك الضمان البنكي حسب اتفاقية تأسيس الشركة،إلا أن أحد الذكور معترض على ذلك علماً بان الأولاد الذكور قد استفادوا جميعا من القرض السابق بأخذ حصص متفاوتة من المال والمتضرر في هذه الحالة هن الوالدة والبنات لأنهن لم ياخذن أي مبلغ من القرض السابق،جزاكم الله عني وعن أخواتي خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل البدء بالإجابة ينبغي أولا أن ننبه إلى بعض المسائل التي قد تكون معينة على الجواب وهي:
أولا: أن تقسيم التركة (ونعنى بها هنا الأسهم المرهونة) هو على النحو التالي: للزوجة الثمن، قال الله تعالى: [فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ] (النساء: 12) .
وباقي المال بين أولاد الميت للذكر منه سهمان وللأنثى سهم، قال تعالى: [يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ] (النساء: 11) .
هذا إذا انحصر الورثة فيمن ذكروا.
ثانيا: أن اتفاقكم إذا كان قد تم على تقسيم الأسهم 6700 بينكم بالتساوي وكذا الضمان البنكي حسبما اتفقتم عليه في تأسيس الشركة، فإنه يعتبر أمرا نافذا، حيث كان جميع الورثة بالغين رشداء، وأما إن كان فيهم صغير لم يبلغ أو سفيه فإنه لا يجوز أن ينفذ عليه ما يؤدي إلى نقص حصته لأن تصرفات هؤلاء قبل البلوغ وقبل الرشد موقوفة على إمضاء الولي بشرط أن يكون ذلك فيما يعود على مالهم بالمصلحة.
قال تعالى: [وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا] (النساء: 5) .
وقال: [وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ] (النساء: 6) .
ثالثا أنك لم تبين لنا ما إذا كان الضمان البنكي الذي ذكرت أنه مائة وخمسة وعشرون ألف ريال هو جزء من المليون وثلاث مائة ألف ريال التي ارتهنت فيها الأسهم الموروثة أم هو مبلغ إضافي.
وعلى كل حال، فأول ما يلزم القيام به في الموضوع هو أن تعرفوا قيمة الألفي سهم المتبقية مما كنتم رهنتم ثم تضيفوا إليها المليون وثلاثمائة التي أسستم بها الشركة، ثم تضيفون مبلغ الضمان البنكي إذا كان أصلا خارجا عن المليون وثلاثمائة، وإلا، فإنه لا يضاف لئلا يحسب مرتين.
ثم بعد ذلك تقسمون الحاصل على السوية بينكم جميعا أنتم الثمانية إذا كنتم جميعا بالغين رشداء وكل من أخذ شيئا فإنه يخصم من حصته، فالأخ الذي انفصل أولا ينقص من حصته 162500 ويعطى الباقي له، ويخصم من الأخوين الآخرين قدر ما أخذا.
وأما إذا كان الإخوة أو بعضهم ممن يحجر عليه أو كان الاتفاق إنما حصل بينكم على التساوي في الربح والخسارة دون التساوي في أصل المال الذي هو الأسهم المرهونة فإن ذلك يجعل المال يقسم على أصل التركة، إذ لا يجوز نقصان المحجور عليه عن مبلغ سهمه من التركة كما بينا، وكذا التساوي في الربح لا يجوز مع تفاوت الحصص في الشركة.
قال خليل: وتفسد بشرط التفاوت. الدرديري: ويفسخ العقد إن اطلع على ذلك قبل العمل، فإن اطلع عليه بعده فض الربح على قدر المالين.
واعلم أن القرض المذكور إذا كان بفائدة ربوية فإنه حرام، وراجع فيه الفتوى رقم: 3555، فعليكم أن تبادروا إلى التوبة، وننبه إلى أن هذا النوع من الأمور لا ينبغي أن يبت فيه إلا المحاكم الشرعية، لما فيه من تشابك وعدم وضوح في التصور مما يجعل الصورة غير واضحة بالنسبة للمفتي، فلا بد من السماع من أكثر من طرق.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1425(12/2704)
الشركة بين الجواز واللزوم
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على الأعمال التي تقدمونها.
سؤالي هو كالتالي:
عرضت على أخي أن نتشارك لشراء بعض الأراضي واستثمارها. بعد أن بدأ العمل بيننا وجدته يحكم رأيه ويقوم باستتمارات أخرى دون موافقتي ثم يطالبني بأن أدفع نصف التمن باعتبار أننا اشتركنا بالنصف. ولما كثرت المشاكل بيننا قررت أن أفض الشركة لكنه رفض زعما منه أنها كانت فكرتي فيجب علي أن أستمر حتى النهاية.
أود أن أعرف من حضرتكم هل يجوز لي أن أتراجع وأفض الشركة التي بيننا؟ وما هي الشروط الشرعية لذلك؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة عقد جائز لا لازم عند جمهور الفقهاء.
جاء في تحفة الحبيب من كتب الشافعية: ولكل واحد منهما أي الشريكين فسخها أي الشركة متى شاء ولو بعد التصرف، لأنها عقد جائز..
وما ذكره صاحب التحفة متفق مع مذهب الحنابلة والحنفية، وثمت تفاصيل إضافية في المذهبين:
جاء في الموسوعة الفقهية في أحكام الشركة عدم لزوم العقد، وهذا متفق عليه عند غير المالكية، ولكل واحد من الشريكين أن يستقل بفسخ الشركة رضي الآخر أم أبى، حضر أم غاب، كان نقودا أم عروضا.
لكن الفسخ لا ينفذ عند الحنفية إلا من حين علم الآخرين، أما الشافعية والحنابلة، فلم يشترطوا علم الشريك بالفسخ.. نعم شرط الطحاوي وأيده الزيلعي من الحنفية ومعهما ابن رشد المالكي وحفيده وبعض الحنابلة أن يكون المال ناضا "نقدا" لا عروضا (أراضي عقارات سيارات ونحو ذلك) وإلا فالشركة باقية والفسخ لاغ، إلا أن هذا البعض من الحنابلة لا يلغون الفسخ وإنما يوقفونه إلى النضوض ويعد من قبيل الفسخ أن يقول الشريك لشريكه لا أعمل معك في الشركة، فإذا تصرف الآخر في مال الشركة بعد هذا فهو ضامن لحصة شريكه في هذا المال عند الفسخ. اهـ.
وما تقدم هو مذهب الجمهور، أما المالكية ما عدا ابن رشد وحفيده ومن تابعهما فعندهم أن عقد الشركة عقد لازم ويستمر هذا اللزوم إلى أن ينض المال أو يتم العمل الذي تقبل.
جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: ولزمت (أي الشركة) بما يدل عليها عرفا.. فلو أراد أحدهما المفاضلة قبل الخلط وامتنع الآخر فالقول للممتنع حتى ينض المال بعد العمل.
ونرى والله أعلم الأخذ بمذهب المالكية منعا للمنازعة بين الشركاء، ودفعا للضرر اللاحق بأحدهم، فلا تنفض الشركة إلا بعد تمام العمل ونضوض المال، أي صيرورة رأس مال الشركة نقدا، وعلى هذا، فإن عليكم أن تتوقفوا عن الشراء وتواصلوا بيع ما عندكم من أرض حتى يصير المال كله نقدا ثم تقومون بفض الشركة هذه.
والله أعلم. ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1425(12/2705)
حكم تصرف المدير ببعض مال الشركة لمصلحة العمل ثم رده
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بإحدى الشركات التي لها فروع كثيرة ويملكها أكثر من شريك ولكن يحدث بالفرع الذي أعمل به بعض المخالفات المالية، حيث يوجد مدير ومشرف، فالمدير يقوم ببعض المخالفات بحجة أن أصحاب الشركة لا ينفقون عليه كما يجب من حيث الوسائل اللازمة للعمل وهم يقومون بذلك ولا يأخذون المال لأنفسهم وحتى إن أخذه فهو يرده للعمل من ماله وأكثر ويتم ذلك بدون علم أحد بالشركة غيري وفي كثير من الأحيان أرى أن ذلك صحيح حيث ينفق المدير على أشياء من جيبه الخاص، وذلك لسير العمل بالفرع ولا يأخذ المقابل، أما المشرف فيحتفظ ببعض العائد من هذا الفرع وهو عائد بسيط مقابل ما يدخله هذا الفرع وأيضا بحجة أنه ينفقه على الفرع ولكن يتم هذا بعلم المحاسب وأحد الشركاء بالشركة بينما لا يعلم بذلك باقي الشركاء.
وللعلم كل من المدير والمشرف يشك في الآخر حيث يعتقد كلاهما أن الآخر محتال، وللعلم أصحاب الشركة جميعاً يشكون في المدير ويعلمون أنه يقوم ببعض المخالفات ولكنهم لا يستطيعون فصله حيث إن فصله يعني إلغاء الفرع الذي يدر عليهم عائداً كبيراً، فماذا أفعل أنا في هذه الدوامة مع العلم أنني أعلم فقط ولا آخذ أي شيء من هذا لأني أعلم بأنه حرام ولكن هل أرتكب إثماً على معرفتي بهذا المنكر مع العلم أنني إن بلغت بما أعرف لن يفيد وأعتقد أن الحال سيبقى كما هو وفي الغالب لن يصدقوا فهل أترك هذا العمل بسبب معرفتي وليس مشاركتي بما يحدث أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت هذه الشركة قد عين لها محاسب يراقب الأمور المالية، فلا يجوز لأحد أن يتصرف في أموالها إلا بعد الرجوع إليه لأن جميع الشركاء قد ارتضوه لذلك؛ لكن إن احتاج العمل إلى إنفاق بعض الأموال، فقام المدير أو غيره من العمال بإنفاقها بنية الرجوع بها على الشركة جاز له ذلك في حدود الحاجة، لأن قصده المصلحة، كما أن العادة جارية به، وذلك للمحافظة على المال وتنميته، قال القرافي في الفروق: ولو وكله أن يشتري له حنطة من العراء فاشتراها واستأجر حمالاً ليحمله إلى منزله استحق الأجر على الآمر استحساناً، ولو اشترى حنطة من قرية بعيدة من المصر واستأجر حمالاً لينقلها إليه لم يجز له الأجر، والفرق أن العادة جرت بأن الرجل يشتري الحنطة من المصر وينقله إلى بيته فصار كالمنطوق به، وتعيينه بالعرف كتعيينة بالنطق. انتهى.
لكن يُراعى أن يكون ذلك خاضعاً لقانون الشركة في إثبات الحقوق المالية، فإن كان إثبات الإنفاق عليها لا يعتمد إلا بوثائق أو صكوك، فلا بد أن يُراعى ذلك، وإن خضع لأمانة المتصرف وديانته فلا مانع منه لأنه مبني على قانون ارتضاه الشركاء، والمسلمون عند شروطهم، أما العائد الذي يأخذه المشرف دون رضى الشركاء فإنه لا يجوز له، ولا يكفي في ذلك موافقة أحدهم، لأنه لا يملك غير نصيب نفسه، فلا يحق له التصرف في نصيب غيره، والواجب عليك هو النهي عن هذا المنكر بإبلاغ الشركاء به، لكن عليك أن تبدأ بنصحهم، وبنصح هؤلاء أولاً، فإن أبوا فلتقم بواجبك نحو الشركاء بإبلاغهم بالواقع، وعلى هذا المدير والمشرف الذي معه التوبة إلى الله تعالى مما أخذاه من أموال لا تحق لهما، ولا تتم توبتهم إلا برد هذا المال إلى الشركة، والندم على ما حصل والعزم على عدم العودة إليه أبداً، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35493، 4583، 46048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1425(12/2706)
حكم المشاركة في مقهى إنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام
أما بعد أرجو من فضيلتكم الإجابة عن سؤالي والذي يحيرني يا فضيلة الشيخ وقبل ذلك يا شيخ لعلني أخطئ في صيغة السؤال أو أحاول أن أبرر الإجابة عنه منكم لأنني في حيرة مع ذلك يا شيخ أرجو من الله تعالى أن أكون أبتعد عن معصيته وأتقيه آمين..
السؤال يا شيخ لدي ابن عم اعتزم على إنشاء محل أو بمعنى آخر مقهى إنترنت وهذا المقهى الأول في منطقتنا أي سيعرف أهالي المنطقة على هذه الوسيلة الإعلامية!
ولكن يا شيخ هنالك من تعرف على هذه النوع الجديد من وسائل الإعلام بطريقة سيئة بمعنى آخر بعد افتتاح مقهى الإنترنت نتوقع نسبة عالية من زبائنه من الشباب والذين يدخلون على مواقع المحرمة شرعا والدردشة!
بالإضافة إلى من يتصفح الإنترنت بطريقة طبيعية أي المواقع الهادفة فبدون الإنترنت ما استطعت مراسلتكم وأنتم تعلمون ذلك مع التأكيد على استطاعة منع المواقع المحرمة أو الحد منها عدا الدردشة التي لا أستطيع منعها لأنها تعتبر شيئا شخصيا يخص الزبون وأيضا الأغاني!
فما رأي فضيلتكم في ذلك والذي هو حكم الشرع.
هذا سؤال بشكل عام والذي يخصني يا فضيلة الشيخ هو أن ابن عمى اضطر إلى إشراك شريك معه في المحل فلم يجد إلا سواي نظرا لثقته في وذلك لأسباب منها أنه تحصل على تعيين في شركة نفطية أي أنه في أي لحظة سيلتحق بالعمل بحيث أن مكان هذا العمل بعيد جدا عنا مما سيضطره إلى المكوث طويلا في إحدى الحقول النفطية التابعة لهذه الشركة فلم يجد إلا سواي.
فاشتركت معه وذلك دون أن احصل على وقت للتفكير في ذلك ووصلنا إلى مرحلة شراء الأجهزة أي الحواسيب فاستيقظت من غفلتي وأصبحت لا أعرف ماذا أفعل وخاصة بعدما اشترينا الحواسيب! فالله الله أناشدكم مساعدتي والإجابة عن سؤالي علما بأنني قد صليت صلاة الاستخارة والتي بعدها مرة أستريح وأحيانا أخرى تضيق نفسي اسأل الله أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغالب على رواد مقاهي الإنترنيت أنهم يقعون في مخالفات شرعية، سواء كان ذلك على الشات أم على المواقع الإباحية، ولا يمكن لأصحاب هذه المقاهي أن يمنعوا ذلك منعا كليا، وقد عُلم ذلك من واقع هذه المقاهي في الغالب، ولذا، فإننا نقول للأخ السائل: بما أنه غلب على ظنك أنك لن تستطيع السيطرة الكاملة على المقهى فلا يجوز لك إنشاؤه لا شريكا ولا منفردا، ولتبحث عن مشروع آخر يعم نفعه على المسلمين، وننبه السائل إلى أنه لا عبرة بالمنافع التي تحصل من وراء إنشاء مثل هذا المقهى، لأنه ما من شيء ضار إلا وله منافع، لكن لما غلب ضرره على نفعه قدمنا جانب المنع، فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31094، 42450، 41637، 43595.
والله تعالى نسأل أن يجعل لك من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1425(12/2707)
[السُّؤَالُ]
ـ[]ـ
[الفَتْوَى]
... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(12/2708)
لا يصلح أن يكون الدين رأس مال لشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترض مني أحد أقاربي مبلغاً من المال ولم يرده ثم طلب مني مبلغا آخر ليضيفه على المبلغ الأول ليتاجر لي به وقد ألح علي إلحاحاً شديدا
فأصبت بالحرج وأعطيته المال واتفقنا على رد المال لي والمحاسبة بعد شهر واحد وقابلته بعد الموعد بفترة وسألته عن تجارتنا فأخبرني بأنها ربحت واتفق معي على موعد آخر لرد المال ولم يف بالوعد فماذا أفعل لرد مالي جزاكم الله عني خير الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز أن يكون رأس مال الشركة أو بعضه ديناً في ذمة المضارب أو الشريك لمنافاة ذلك لمقصود الشركة إذ المقصود منها أن يتصرف الشريك في المال في الحال، وهذا المقصود منتف في هذه الصورة، قال ابن قدامة: ولا يجوز أن يكون رأس مال الشركة مجهولاً ولا جزافاً ... ولا يجوز بمال غائب ولا دين لأنه لا يمكن التصرف فيه في الحال، وهو مقصود الشركة.
وقال: نقلاً عن ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أنه لا يجوز أن يجعل الرجل ديناً له على رجل مضاربة، هذا من جهة، ومن جهة فإن مال المضاربة لا يضمنه المضارب إلا في حالة التفريط، وأنت ألزمته رد مالك.
وعليه؛ فهذه الشركة فاسدة، وإذا وقعت الشركة فاسدة فإن الشريكين يقتسمان الربح على قدر رؤوس أموالهما، فبالنسبة لك رأس مالك هو المبلغ الذي دفعته ثانياً لا الأول، فذلك مال صاحبك وليس مالك، لأنك لم تقبضه، ويرجع كل واحد من الشريكين على الآخر بأجر عمله، وعليه فلما لم يك في هذه الشركة الفاسدة رأس مال إلا ما دفعته أنت فالربح لك، ولصاحبك أجر عمله فقط، جاء في المغني: ومتى وقعت الشركة فاسدة فإنهما يقتسمان الربح على قدر رؤوس أموالهما ويرجع كل واحد منهما على الآخر بأجر عمله، نص عليه أحمد في المضاربة، واختاره القاضي، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(12/2709)
حكم دخول شركتين لمالك واحد في مناقصة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم جزاك الله خيراً، أرجو إفادتي حول الموقف الشرعي في إحدى المعاملات التي تقوم بها الشركة التي أعمل بها، وتفاصيلها كما يلي: الشركة هي إحدى شركات المقاولات الخاصة المملوكة لعدد من الأفراد وتعمل في مجال مناقصات المقاولات التي تطرحها الدولة للمتنافسين من الشركات، وبين الحين والآخر توجد بعض المناقصات التي لا يشارك فيها غير شركتنا، ولو استمر الوضع على هذا دون اشتراك منافس ستلغى المناقصة، ولذلك قام أصحاب العمل بإنشاء شركة أخرى تعمل في نفس المجال باسم آخر، وإذا حدث ووجدت مناقصة لم يشارك فيها غيرنا يتم الدخول بالشركة الأخرى وبالتالي يتم وضع نسبة ربح مرتفعة لعدم وجود منافس حقيقي، في بعض الأحيان عند حدوث هذا يطلب مني أن أشارك في مثل هذا العمل وأنا أرفض خوفاً من الموقف الشرعي، أفيدونا بالله عليكم هل هذا الفعل يجوز أم هو حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينظر إن كان يمنع تقديم المناقصة من شركتين لهما نفس المالك، فيكون ذلك من باب الخداع والغش وهما محرمان شرعاً، وفي الحديث: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.
والمشاركة في هذا الأمر محرمة، قال الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2] .
أما إذا لم يك لما تقدم اعتبار عند جهة المناقصة، ولا يضر عندها أن تتقدم شركتان لهما نفس المالك بالدخول في المناقصة، فلا نرى ما يمنع من هذا العمل، وكأن صاحب الشركة قدم عرضين من السعر يختار طارح المناقصة أيهما شاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(12/2710)
حكم مشاركة كافر ليتاجر بالمحرمات
[السُّؤَالُ]
ـ[دار نقاش حول مقولة لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما سأله رجل من المسلمين هل أعطي مالي لرجل نصراني ليتاجر به في لحوم الخنزير فرد عليه قائلاً: إنه لا بأس لهم لحومها ولنا ربحها، واستناداً على ذلك أجازوا أن نمول من هم على ديانة أخرى ويعيشون في بلاد المسلمين في استخدامهم هذه الأموال لشراء لحوم الخنزير أو خمور بما أنها حلال في دينهم، ولقد اختلفت معهم في ذلك، فكيف أعينهم على أن يقوموا بإدخال ما هو محرم في ديننا إلى أرض مسلمة فهل أنا على خطأ في ذلك، وإن كانت هذه المقولة صحيحة أرجو توضيح المصدر لها وهل كانت هناك ظروف خاصة لها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم الإقدام على شراكة كهذه وذلك لحرمتها من جهتين: إحداهما: أنها عون على المعصية ورضا بها، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2] .
وثانيهما: أنه ربح أخذ من أصل شيء محرم بالشرع وهو بيع لحوم الخنزير والخمور، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط وأصله في الصحيحين.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح بعد أن ساق حديث البخاري: وفيه أن الشيء إذا حرم عينه حرم ثمنه، وفيه دليل على أن بيع المسلم الخمر من الذمي لا يجوز، وكذا توكيل المسلم الذمي في بيع الخمر. انتهى.
ومن هذا يتبين أن الحكم في المسألة المسؤول عنها التحريم، ولا يعارَض بما نسب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كلام لم تثبت نسبته إليه في أي مصدر حسب ما نعلم، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 27917.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1425(12/2711)
من الشركات الفاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت شخصاً مبلغا من المال لينميه في تربية المواشي على أن تكون الفائدة بيننا، وبعد بضعة أشهر تبين لي أن هذا الشخص لا يستعمل المال فيما اتفقنا عليه، وعند السؤال عما يمارس من نشاط رفض الإفصاح عن النشاط الذي يمارسه، واكتفى بالتأكيد على أن المال بصدد النماء، وبعد مرور ثلاث سنوات أعاد لي رأسمالي الأصلي دون الفائدة، فهل علي أن أزكي، وما قدرها؟ جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الشركة فاسدة إذ هي لا تدخل في شركة الأموال لعدم وجود أثمان يتجر فيها، ولا تدخل كذلك في شركة الوجوه، وعليه فالكسب الذي يحصل في مثلها إنما هو نماء ملك أحد الشريكين، فهو له كاملاً، وليس للعامل إلا أجرة عمله.
كما هو الحال في المضاربة الفاسدة، قال ابن قدامة في المغني: الفصل الثاني: أن الربح جميعه لرب المال، لأنه نماء ماله، وإنما يستحق العامل بالشرط، فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئاً، ولكن له أجر مثله.... 5/42.
وبناء على هذا فإن من حقك أن تأخذ من عاملك كل الفوائد التي حصلت، وتعطيه أجرة عمله ثلاث سنين يجتهد في تقديرها أهل الخبرة بهذا الموضوع، فإذا كان عاملك ممن تناله الأحكام وقدرت على إثبات فوائد أخفاها عنك، فعليك أن تأخذه إلى المحاكم الشرعية لتأخذ منه حقك وتعطيه ما استحق عليك ولو كان أكثر من الفوائد الحاصلة.
وإذا لم تستطع شيئاً من ذلك وكنت على يقين من أنه ظلمك، فلا بأس بأن تستبقي لك ما استحقه من أجرة مقابل ما ظلمك به.
وعلى كل حال، فإن الزكاة تلزمك عن السنين الثلاث، وهي ربع العشر أو 2.5، إلا إذا عرفت أن المال في بعض أزمنته كان ماشية، فإنه يزكى زكاة الماشية زمنه، وزكاة نقد عن بقية المدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(12/2712)
لا يعطى العوض عن الجاه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أخ أراد أن يؤسس شركة خاصّة به لممارسة عمل (تجاري أو خدمي) ، ولحصوله على ترخيص لهذه الشركة تشترط السلطات في الدولة عندنا أن يكون هناك عدد من المساهمين في هذا النوع من الشركات يصل إلى 25 مشاركاً أو يزيد، وحيث إن الأخ لا يريد المشاركة الحقيقية مع أحد فهو مضطر إلى إدراج أسماء عدد من الأصدقاء (بمعرفتهم ورضاهم) ، على أنهم مساهمون معه في تأسيس هذه الشركة، وفي الحقيقة هم ليسوا بمساهمين لا في رأس المال ولا بأي جهد، ولم يشترطوا عليه شيئا، وهو يود أن يخصص لهم جزءاً (أو نسبة مئوية) من أرباح هذه الشركة -إذا ما حققت أرباحا- كل فترة معينة أو عند إتمام عقد معين، أو أن يخصص لكل منهم قدرا معينا من المال كل فترة زمنية كل ذلك مقابل إدراج أسمائهم معه فقط،
السؤال هو: هل يجوز هذا النوع من التعاقد أصلا، هل جائز شرعا أن يلتزم لهم بهذا القدر من المال مقابل إدراج أسمائهم وأخذ توقيعاتهم فقط؟ وإلى متى هو ملزم بالدفع لهم، إذا لم يكن هذا جائزاً فماهي صورة التعاقد الشرعية في مثل هذه الظروف، أفيدونا أفادكم الله وبارك الله فيكم، ونحن في انتظار الرّد حتى يتم تأسيس الشركة أو التوقف عن هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المسألة تدخل فيما يسمى عند الفقهاء ببذل الجاه والأصل فيه أن لا يأخذ صاحبه عوضاً، ما لم يكن قد وقع عليه شيء من الكلفة والتعب، فيأخذ حينئذ أجرة المثل لا غير.
قال محمد بن الأخوة القرشي في كتابه معالم القرية في معرض كلامه عن الركن الأول من أركان الإجارة: الركن الأول أن يكون متقوماً بأن يكون فيه كلفة وتعب، فلو استأجر بياعاً على أن يتكلم بكلمة يروج بها سلعته لم يجز، وما يأخذه البياعون عوضاً عن جاههم وحشمتهم، وقبول قولهم في ترويج السلعة فهو حرام، إذ ليس يصدر منهم إلا كلمة لا تعب فيها، ولا قيمة لها، وإنما يحل لهم ذلك إذا تعبوا، إما بكثرة التردد، أو بكثرة الكلام في تأليف أمر المعاملة، ثم لا يستحقون إلا أجرة المثل. انتهى.
وعلى هذا فلست مطالبا بدفع شيء إلى هؤلاء الناس إلا في مقابل جهد يستحقون عليه ذلك، ولكن إن فعلت ذلك على سبيل التبرع لهم دون اشتراط مسبق فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 12446، والفتوى رقم: 34650، ونسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على حرصك على الحلال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(12/2713)
لا يجوز أن يكون نصيب أي شريك جزءا مقطوعا من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل الخير على هذا الموقع الجيد جداً أما بعد. فإني أريد أن أسألكم عن الموضوع التالي نحن لدينا شركاء في شركتنا وكنا نعمل ونربح أرباحا طائلة والآن منذ خمس سنوات تقريبا وضع العمل معنا سيئ جدا وشركاؤنا يصبرون علينا لأننا نعطيهم على كل قطعة تدخل على الشركة مبلغ نصف ريال سؤالي هل هذا يعتبر ربا أو حرام وجزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان العقد المبرم بينكم هو عقد شركة فإن الشركاء يتقاسمون الأرباح والخسائر كل حسب حصته من الشركة، ولا يجوز أن يكون نصيب أي شريك جزءا مقطوعا من الربح، ومن ذلك أن يكون نصيب بعض الشركاء هو نصف ريال على كل قطعة يتم بيعها لما في ذلك من الجهالة، ومثل ذلك يقال إذا كان العقد عقد مضاربة أو عقد إجارة، لما في ذلك من الغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر، كما في صحيح مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1425(12/2714)
شريك دفع المال والآخر عليه الدكان والأثاث
[السُّؤَالُ]
ـ[تشارك شخصان أحدهما دفع المال فقط والآخر عليه الدكان وما فيه من أثاث علما بأن الدكان ملك للثاني. كم هو نصيب كل منهما من الربح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في الشركات أن تقوم على مقتضى العدل، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية لأن الله تعالى يقول: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ (صّ: من الآية24) ، ومقتضى العدل في الشركات أن يكون الربح والخسارة بين الطرفين حسب نسبة المال المدفوع من كل منهما، ما لم يتفقا على زيادة نسبة لأحدهما نظير عمله الأكثر أو الأجود.
وفي صورة المسألة المطروحة يقوَّم الأثاث والدكان مقابل المال المدفوع من الطرف الثاني عند العقد، ثم يصير المالان رأس مال الشركة، ثم يتفقان على جزء شائع من الربح، جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل: وتصح الشركة بهما أي ذهب وورق معاً، منهما أي الشريكين بأن يخرج أحدهما ذهباً وورقاً والآخر مثلهما اتفاقاً ... وتصح بعين أي ذهب وورق، أو بهما من أحدهما وبعرض من الآخر.. وكل من العرض المتشارك به من الجانبين أو أحدهما يعتبر رأس مال بالقيمة له يوم أحضر. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1425(12/2715)
حصة الشريك الذي لم يعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أناكنت مشاركا زميلا لي في العمل بمبلغ وبعد فترة سافرت فهل عند العودة آخذ منه المبلغ الذي بدأت به مشاركته أو آخذ المبلغ مع أرباح من العمل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الشركة بينكما على أساس أن يقوم كل واحد منكما بدفع مال وتشتركان في العمل في هذا المال المشترك، وتقتسمان الربح على ما اتفقتما عليه فسافرت ولم تقم بما يجب عليك من العمل، وقام به شريكك أو استأجر من يقوم به، فلك حصتك من الأرباح مخصوما منها أجرة المثل إذا كان الشريك قد قام بالعمل، أو الأجرة المسماة إذا كان قد استأجر عنك من يقوم بما يلزمك من عمل.
أما إذا كانت الشركة على أساس أن يكون المال منك والعمل منه، فتستحق ما دفعت من المال مضافا إليه حصة من الربح على ما تم الاتفاق عليه بينكما، وتعرف هذه الحالة عند الفقهاء بالمضاربة.
وإن كانت صورة الشركة غير ما ذكرنا، فبينها لنا ليتسنى لنا الحكم عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(12/2716)
حكم المشاركة في الجمعيات التعاونية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
- ما حكم التعامل مع الجمعيات السكنية، علماً بأنها تضع أموالها في البنك بفائدة، وهذه الفائدة تعود على الجمعية.
- وإن كان محرماً لأجل الفوائد، فهل بالإمكان التعامل مع الجمعية وحساب الفوائد وإنفاقها.
- وفي حال أراد العضو الانسحاب،هل يجب أن ينسحب ويأخذ المبلغ الذي دفعه فقط أم يمكنه أن يبيعه بمبلغ أكبر، أي بربح ويبقى البيت باسمه.
ووفقكم الله لكل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمشاركة في الجمعيات التعاونية أمر مشروع من حيث الأصل لكن بشرط خلوها مما يخالف الشرع، وإلا فلا يجوز القدوم على المشاركة فيها بأي حال.
وعلى هذا فالواجب على من ابتلي بالتعاون مع جمعية تعمل بالربا أو لها تعامل مع البنوك الربوية أن يبادر إلى الله تعالى بالتوبة، ويحسب أمواله فوراً، وأما ما حصل عليه من فوائد فإن عليه أن يتخلص منه بصرفه إلى الفقراء والمساكين ونحوهما من مصارف الخير، لقول الله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ (البقرة: من الآية279) ، وتراجع الفتوى رقم: 26431
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1424(12/2717)
من أحكام الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاثة كنا ننوي المشاركة في بناء بيت لشخص آخر ولكنه فضل أن يوكل العمل لشركة ونكون نحن من خلالها فتوظف الشخصان الآخران بها وأعطى صاحب الشركة لأحدهما حرية التصرف فأعطاني بعض الأعمال كمقاول والربح نتقاسمه نحن الثلاثة بنسب متفاوتة برضانا جميعا، فما حكم الشرع، مع العلم بأن نيتنا في المشاركة لا يعلمها مالك البيت ولا صاحب الشركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على صديقك الذي عمل في الشركة أن يختارك مقاولاً في ما يتعلق ببناء هذا المنزل، ولا يمنع من ذلك كونه شريكاً لك في المال وكذا صاحبكم الثالث، إلا أنه يشترط ألا يكون هناك إضرار بالشركة كرفع السعر وعدم إتقان العمل ونحو ذلك، لأنه يعتبر وكيلاً عن الشركة فيلزمه التصرف بأمانة وبما يعود عليها بالمصلحة، ولا حرج عليك أيضاً في تقاسم الربح حسب الاتفاق في ما بينكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1424(12/2718)
شريكه أخذ المال من والده بغير علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بعمل مشرع بيني وبين صديق لي، حيث إن صديقي قال لوالده أحتاج 4000 جنيه مصاريف للجامعة، دفع منها 1500 جنية للجامعة، ودفع الباقي للمشروع، فهل هذا حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن صديقك قد أتى منكرا بالكذب على أبيه وإخباره إياه بخلاف الواقع، وأخذه ما زاد من المال على ما هو مطلوب أصلا، فالواجب عليه التوبة ورد هذا المال إلى والده، وإذا تقرر أن هذا المال محرم عليه، فلا تجوز لك مشاركته لما في ذلك من إقرار له على الباطل، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 24720.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(12/2719)
حكم كون الشخص شريكا وأجيرا في نفس الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تشارك اثنان في شراء محل تجاري وما فيه من بضاعة بنسبة معينة لكل منهما على أن يأخذ كل واحد منهما من الأرباح بقدر هذه النسبة. وكان أحدهما يعمل في المحل والآخر لا يعمل فيه (شريك في المال فقط) فهل يحق للذي يعمل في المحل أن يأخذ راتبا شهرياً لقاء تعبه أو نسبة إضافية من الأرباح؟
جزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع أن يكون الشخص شريكاً وأجيراً في نفس الوقت، ويتقاضى أجراً مقابل هذه الإجارة إما مرتباً وإما زيادة في نسبته من الأرباح، ويشترط في جواز ذلك أن يكون عمل أحد الشريكين في الشركة بعقد أو اتفاق منفصل عن عقد الشركة، وأن يكون موضوع عمله ليس مطلوباً منه بحكم كونه شريكاً عرفاً أو لم يقم به تطوعاً، جاء في شرح منتهى الإرادات: وعلى كل من الشركاء تولي ما جرت عادة بتوليه، فإن فعله بأجرة عليه وما جرت عادة بأن يستنيب فيه، فله أن يستأجر من مال الشركة إنساناً حتى شريكه لفعله مما لا يستحق أجرته إلا بعمل. ا. هـ بتصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(12/2720)
من صور الشركات الفاسدة شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت مع رجل فى زراعة قطعة أرض طماطم، وتنتهي الشراكة بنهاية جمع المحصول، على أن أدفع أنا جميع التكاليف، وعليه هو الإدارة من حيث الزراعة والبيع ومتابعة العمال وكذلك عليه تكاليف العمالة على أن يكون له الثلث من الناتج بدون حساب الربح أو الخسارة، ما حكم هذه الشراكة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الشركة فاسدة، لأننا إن جعلناها شركة فلا بد فيها من خلط الأموال والاشتراك في الربح والخسارة، وإن جعلناها إجارة فلا بد من أن يكون العمل معلوماً والأجرة معلومة، وإن جعلناها مضاربة فهي أبعد ما يكون عنها، وراجع التفاصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16209، 35688، 10549.
والخلاصة أن هذه المعاملة لا تصح، لا شركة ولا إجارة ولا مزارعة ولا مضاربة، ولا بد من فضها، وإذا حصل الفض لهذه المعاملة، فإن لصاحبك أجرة المثل وكذا العمال الذين أتى بهم، ولك أنت ما عدا ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(12/2721)
من الشركات الفاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
سؤالي: أنا شريك فى محل تجاري يبيع قطع غيار السيارات أدخل بعملي والمحل وشريكي منه رأس المال ونحن على وفاق تام وهو الذى يحدد السعر، فهل لي أن أزيد السعر وأخذه لنفسي، علما بأنه لا يوفر لي العديد من القطع وأنه يستغل موقفه في أنه لا يدفع شيئاً من إيجار المحل ولا أجرة العامل فى المحل، ولا يوفر البضاعة التي تجعل الدخل يناسب ذلك، أفيدونى أفادكم الله؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشركة بهذه الصورة التي ذكرت شراكة فاسدة، وذلك لأنها لا تدخل في أنواع الشركة التي ذكرها الفقهاء، والتي نص عليها الخرقي بقوله: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما أو بدنان بمال غيرهما أو بدن ومال أو مالان وبدن صاحب أحدهما أو بدنان بماليهما -تساوى المال أو اختلف- فكل ذلك جائز.
وعلى هذا فإنه يجب عليكما فسخ هذه الشركة في الحال، ويفوز صاحب المال بجميع الربح ولك عليه أجرتك وأجرة دكانك بالمثل، وانظر الفتوى رقم: 40517.
أما بخصوص ما سألت عنه من الزيادة في الأسعار على السعر المتعارف عليه بين الشريك وشريكه، ومن ثم الانفراد بها دون، فهذا لا يجوز لما فيه من الخيانة وأكل أموال الناس بغير حق شرعي، وقد قال الله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(12/2722)
حكم تأجير المحل بجزء مشاع من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك محلا تجارياً, وقد شاركني أحد الأقارب في مشروع صغير - هو بالبضاعة وأنا بالمحل, على أن نتقاسم مصاريف تجهيز المحل - وبعد 3 شهور من بدء المشروع أخبرني بأنه ليس هناك جدوى من هذا المشروع , وتم سحب البضاعة وإغلاق المحل - كيف يتم تسوية مصاريف التجهيزات والتي هي موجودة في المحل - وجزاكم الله عنا كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الإجابة على سؤالك لا بد أن تعلم أن هذه المعاملة التي اتفقت أنت وقريبك عليها تحتوي على جهالة وغرر، لأن حقيقتها أنك أجرت محلك له بجزء مشاع من الربح مما يجعل الأجرة مجهولة وهذا لا يجوز حيث إنه لا بد أن تكون الأجرة معلومة.
وعليه؛ فلا بد من فض هذه المعاملة فإذا فضت هذه المعاملة غير المشروعة فإنك تأخذ ما اشتركت به من تجهيزات حسب المتفق عليه، ولك أجرة المثل مقابل تخليتك المحل لقريبك هذه المدة، لأنه عقد يستحق به المسمى في صحيحه فاستحق أجرة المثل في فاسده كما قاله زكريا الأنصاري في أسنى المطالب، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى: ولا يستحق الأجرة المسماة لكن إذا عمل لليتامى -يعني الوصي- استحق أجرة المثل كالعمل في سائر العقود الفاسدة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1424(12/2723)
حكم اشتراط الشريك مبلغا معينا من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل ساهم بالنصف في شراء حافلة، فهل يجوز أن يشترط مبلغا معينا شهريا من الربح؟ وإذا أجروا الحافلة فهل له أن يشترط مبلغا معينا ام لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السائل لم يبين لنا على من يشترط مبلغا معينا من الربح، فإذا كان يقصد أنه يشترط على شركائه ذلك، فإن كان على سبيل الأجرة، أي أنه سيؤجر لهم نصيبه، فلا بأس بذلك، وإن كان على سبيل اقتسام الأرباح، فلا يجوز، لأن في ذلك جهالة وغررا وضررا على الشركاء، ومثل ذلك يقال في تحديد مبلغ معين مقابل إجارة الحافلة، فإنه لا بأس به.
وعلى السائل أن يراجع لزاما الفتاوى التالية: 35903، 29854، 8316.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(12/2724)
يتحمل الشريك من الخسارة ماكان قبل فسخ الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي: اشترك مجموعة من الرجال بمالهم مع رجلين بعملهم، وبعد سنتين من العمل في الشركة استقال أحد العاملين، فطالب أحد المشتركين باسترجاع ماله، وقال لا أضمن الخسارة من تاريخ طلبي هذا لأنه لا يثق في الرجل الذي بقي وحده عاملا بيده، فما حكم هذا الشرط من صاحب المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن الأمور التي تبطل بها الشركة -سواءً كانت شركة عنان أو شركة وجوه أو مضاربة أو غيرها- فسخ الشركة من أحد الشريكين أو الشركاء، لأنها عقد جائز غير لازم عند الجمهور، وبناءً عليه يحق لهذا الشريك أن يفسخ الشركة ويأخذ نصيبه منها.
فإن كانت هناك خسارة قبل الفسخ تحمل منها بقدر نصيبه في الشركة، فإن كان نصيبه من الشركة النصف، تحمل نصف الخسارة، وهكذا، ولمزيد من الفائدة نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 34140.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(12/2725)
خيانة الشريك ممحقة للبركة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي وأخوه شريكان في العمل بدون إثباتات، ولقد أنكر أخوه حقه وأعطاه مبلغا ليس حقه، ولما اعترض قال له أبوه إني غير راض عنك وثاني مرة قال له إن زوجتك هي السبب في مطالبتك، وإذا لم تطلقها أو تتزوج عليها فأنا لن أرضى عنك، فما رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على كل من الشريكين عدم خيانة صاحبه أو ظلمه، لأن هذه ليست صفة المؤمنين كما قال الله تعالى: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ [صّ: 24] . ولا شك أن الظلم والخيانة في الشراكة محق لبركتها وسبب لانفضاضها، وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ":إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإن خانه خرجت من بينهما. فقوله أنا ثالث الشريكين أي معهما بالحفظ والبركة وتيسير الرزق ونحو ذلك، وقوله: خرجت من بينهما: أي أزلت البركة والعناية بهما في شراكتهما، ولزوجك أن يقاضي أخاه وإن لم تكن له بينة طلب منه اليمين، فإذا حلف كاذبا، فإنه لن يفلح، وسيرزق الله زوجك المظلوم خيرا مما فاته إذا كان صادقا في دعواه وملتزما لحدود الله في ذلك، وأما غضب والد زوجك عليه بسببك وطلبه منه أن يطلقك فما ندري ما الذي حمله على ذلك، ولكن إن كان الحامل له على ذلك التعنت ولا مبرر شرعيا في ذلك فلا طاعة له في ذلك، ولا طاعة له أيضا في الزواج بثانية لا سيما إذا كان يقصد إغضابك، وننصحك وزوجك أولا بالصبر والحكمة والتأني وعدم رد الفعل العكسي، وننصحك أيضا بمقابلة السيئة بالحسنة، وننصح ثانيا أبا زوجك وأخاه أن يتقيا الله ويراقباه. ونسأل الله جل وعلا أن يصلح حال الجميع إنه سميع مجيب الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1424(12/2726)
من صور تصرفات الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت وقريبي على شراء باص تجاري بمبلغ سبعة وعشرين ألفا وكان معي سبعة عشر ألفا ومعه أربعة، ولتكملة المبلغ قام هو بتدبير مبلغ ستة آلاف كدين تم فكاكه من إجمالي دخل الباص، ولكنه أصر على إضافة المبلغ إلى نصيبه في رأس المال ليصبح عشرة آلاف، هل هو محق في ادعائه، وكيف تكون القسمة الشرعية للعائد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي اتفقتما عليه أولاً في شركتكما لا يبطله ما حصل من التصرفات بعد ذلك، وعليه فالموضوع يحتمل ثلاثة احتمالات:
الأول: أن يكون قريبك قد استدان بهذه الآلاف الستة لتكون من حصته، فصارت الشركة على أن لك سبعة عشر ألفاً وله عشرة آلاف، فإذا كان الأمر كذلك فإن الأسهم قد استقرت بهذا الاتفاق، وما قام هو به بعد ذلك من التسديد من إجمالي الدخل إنما هو ظلم لك، وكان في إمكانك أن لا تقبله، ولكن لما سكتَّ عنه حتى تم الأمر، صارت الستة آلاف هذه في ذمته هو، يسددها لتكون من جملة الربح.
الاحتمال الثاني: أن تكونا قد اتفقتما على أن الشركة وقعت فقط على واحد وعشرين ألفا، حصتك منها سبعة عشر ألفا وحصته أربعة آلاف، والباقي يسدد من إجمالي الدخل، وإذا كان الأمر كذلك، فليس له بعد ذلك أن يضيف الستة آلاف إلى حصته، بل تبقى من جملة الربح.
الاحتمال الثالث: أن يكون الاتفاق حصل على أن الستة آلاف هذه بينكما تأتي أنت بثلاثة آلاف ويأتي هو بثلاثة آلاف، لتصير حصتك أنت عشرين ألفا وحصته سبعة آلاف، وفي هذه الحالة أيضاً يكون من الظلم لك تسديدها من إجمالي الربح، لأن الربح ليس بينكما على السوية، وعليه فإن كل واحد منكما مطالب بالإتيان بثلاثة آلاف ويضاف ذلك إلى إجمالي الربح.
والأصل في هذا أن العقود تبنى على ما تراضى عليه المتعاقدان، وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] .
وقال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء:34] .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم. أخرجه أحمد وأبو داود ورواه البخاري تعليقاً.
وأما قسمة العائد بينكما فإنها تكون بحسب نسبة المال لكل واحد منكما، وانظر الفتوى رقم: 16516.
وعليه تكون حصتك في الاحتمال الأول: 62.96 وحصته 37.04.
وفي الاحتمال الثاني حصتك تكون: 80.95، وحصته 19.05.
وفي الاحتمال الثالث حصتك تكون: 74.07، وحصته 25.93
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1424(12/2727)
حكم أخذ أحد الشريكين نسبة زائدة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[شريكان ولد شريك الأول طلب نسبة من الأرباح زيادة وهو لا يستحق من دون موافقة الشريك الثاني، وبعد فترة أخذ هذه النسبة وتم فك الشراكة ما حكم هذا الفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أنه لا يحق لأحد الشريكين ولا لأحد أولاده أن يأخذ نسبة زائدة من الربح على المتفق عليه عند العقد، إلا إذا رضي بذلك الشريك الآخر، وما دام هذا الولد قد أخذ مالاً بغير رضا شريك والده فالواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل، وإرجاع نصيب الشريك من هذا المال إليه، ولا تتم توبته إلا بذلك؛ لأن من شروط التوبة إرجاع الحقوق إلى أهلها.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 13348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1424(12/2728)
شروط جواز كون المقاول أحد الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت أن بيع سلعة لم تقبض غير جائز إلا في حالة التصنيع فهل يدخل مقاول البناء الذي يمتلك ثلث المبنى مثلا عند اكتمال بنائه في دائرة المصنع؟ وهل يدخل الموكل بالصناعة، كالمالك يأتي بالمقاول يبني له في دائرة المصنع؟ وماذا عن الموكل بالصناعة في غير البناء؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق أهل العلم على أنه لا يجوز بيع السلعة قبل قبضها إذا كانت طعامًا. واختلفوا في جواز البيع قبل القبض إذا كانت السلعة غير طعام. والصحيح عدم الجواز. وراجع الفتاوى التالية: 10523، 21724، 23159.
وأما مقاول البناء فإن كانت الأدوات والعمال من عنده جاز التعامل معه إذا تم وصف البناء المعقود عليه وصفًا لا تبقى معه جهالة. وفي هذه الحالة يجري على هذا العقد ما يجري على عقد الاستصناع والسَلم. ولتفاصيل أحكامه وأقوال العلماء فيه نحيلك إلى الفتوى رقم: 8515.
ولا مانع من أن يكون المقاول أحد الشريكين أو الشركاء في المبنى المعقود عليه، وعلى كل واحدٍ من الشركاء تكلفته بنسبة حصته في المبنى.
أما إذا كان المقاول لا يملك أدوات البناء والعمال، وإنما يوفرها له صاحب العمل، فهو هنا أجير يجوز التعامل معه على هذا الأساس.
وأما الموكل على صناعة غير البناء فهو صانع لا مانع من التعاقد معه على استصناع المطلوب بشروط الاستصناع أو السَّلم المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(12/2729)
يجوز أخذ سهم زائد لقاء إدارة الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن آخذ سهما زيادة على شركائي في المزرعة نظير قيامي بإدارتها؟ وذلك شرط من شروط الشراكة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على الشريك في أخذ سهم زائد على حصته في الشركة مقابل توليه عملاً فيها، سواء كان ذلك إدارة أو غيرها، والحال أن ذلك بموافقة الشركاء الآخرين. قال ابن قدامة في المغني: فصل: القسم الرابع: أن يشترك مالان وبدن صاحب أحدهما، فهذا يجمع شركة ومضاربة وهو صحيح، فلو كان بين رجلين ثلاثة آلاف درهم لأحدهما ألف وللآخر ألفان، فأذن صاحب الألفين لصاحب الألف أن يتصرف فيها على أن يكون الربح بينهما نصفين صح، ويكون لصاحب الألف ثلث الربح بحق ماله والباقي وهو ثلثا الربح بينهما لصاحب الألفين ثلاثة أرباعه، وللعامل ربعه، وذلك لأنه جعل له نصف الربح فجعلناه ستة أسهم، منها ثلاثة للعامل، حصة ماله سهمان وسهم يستحقه بعمله في مال شريكه وحصة مال شريكه أربعة أسهم للعامل سهم وهو الرابع.
ومن هذا يتضح للسائل جواز أخذه سهمًا على توليه إدارة الشركة إن كان ذلك بموافقة شركائه الآخرين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(12/2730)
شارك شخصا بمبلغ بالتساوي على أن يدير العمل نظير ربح
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بمشاركة شخص في زراعة قطعة أرض، على أن يدفع كل منا مبلغا مساويا للآخر، وسوف أقوم أنا بإدارة الزراعة نظير الربع في الربح، ثم يقسم باقي الربح بيننا، ما حكم هذه الشراكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الصورة من الشركة التي ذكرتها في سؤالك أجازها الحنابلة وجماعة من الفقهاء. قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: أو ليعمل فيه - أي المال - البعض من أرباب الأموال فقط، على أن يكون له - أي العامل منهم - أكثر من ربح ماله، كأن تعاقدوا على أن يعمل رب السدس، وله ثلث الربح أو نصفه ونحوه، وتكون الشركة فيما إذا تعاقدوا على أن يعمل بعضهم على هذا الحكم عنانًا من حيث إحضار كل منهم له ومضاربة، لأن ما يأخذه العامل زائدًا على ربح ماله في نظير عمله في مال غيره.
وانظر الفتاوى بالأرقام التالية: 2848، 15291، 19603.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(12/2731)
ما كان من أرباح قبل الفسخ فهي بينكما.
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت أنا وأحد الإخوة في محل تجاري مناصفة، وأنا طمعت وأخرجته من المشاركة وأعطيه راتبا مقابل عمله، وقلت له أن يأخذ من مالي، وبدون علمي وأن يسامحني، فهل يجوز له أن يأخذ من مالي وأنا لا أنوي أن أرجعه إلى المشاركة وهو متدين، وأمين؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عقد الشركة من العقود الجائزة، فيحق لكل طرف فيه فسخ العقد متى شاء، فعلى هذا فلا حرج عليك إن شاء الله فيما فعلت، إلا أن الواجب اقتسام ما نتج عن هذه الشركة من أرباح مناصفة بينك وبينه، وما طرأ من عقد الإجارة فيعمل به بعد فسخ عقد الشركة. فالحاصل هو أنه لا بد أن يستوفي حقه في الشركة أولا. ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 32468.وأما أخذه من مالك فلا بأس في ذلك ما دمت قد أذنت له به، إلا أن ذلك يكون بالمعروف أي في حدود ما تعورف عليه عند الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(12/2732)
كيفية فض الشراكات
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت مع أخ لي في مصلحة وبعد مرور عامين ونصف قررت أن أفض هذه الشراكة كيف يمكن احتساب حقوق كل واحد منا دون غبن. أما كيفية الشراكة فقد تمت كالتالي: دفع حصته البالغة 100 ألف ريال نقدا حيث تم شراء مكتب شركة قديمة كنت أعمل بها أما حصتي فقد ضمنت الحصول على عقود صيانة بنفس القيمة أي أن رأس مال الشركة مكون من 200 ألف ريال حالياً وبعد مرور هذه المدة استرجع شريكي الذي ساهم بمال كافة ما دفع أما أنا ففي خلال الفترة الماضية نلت أجر ما يقرب من عشرين شهراً نظير عمل يومي يوازي 12 ساعة والحالة المادية للمؤسسة الآن عليها دين حوالي 200 ألف ريال ولها في السوق حوالي 60 ألف ريال كيف نحل الشراكة دون حدوث أي مشاكل علماً بأن السجل التجاري باسم الشريك وأنا أرغب مواصلة العمل بالاستمرار في الاعتناء بعقود الصيانة التي أحضرتها مسبقا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطريقة فض أي شركة تكون بجرد ما لدى هذه الشركة وتسديد الديون التي عليها واستيفاء الديون التي لها، ثم توزيع الباقي على الشركاء بقدر حصصهم في الشركة، وإذا كان بعض الشركاء يريد الانفصال ولا يريده البعض الآخر أعطي الذي يريد الانفصال بقدر حصته، وإن كانت هناك خسارة تحملها الجميع كل على قدر حصته.
هذه هي القاعدة العامة، وهي تشمل ما ذكر في السؤال، علماً بأن في السؤال غموضاً حبذا لو بينه السائل ووضحه، لكن ما ذكرناه هو كيفية فض الشركة الصحيحة بصفة عامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(12/2733)
لا يجوز للشركاء التصرف في مال الشركة بما لا مصلحة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أعمل عند أبي في شركته، شريكنا يرفض أن يعطيني راتبي لأن الوالد قد قال له إن أتعاب ابني علي، بعد مضي فترة من الزمن لم أقبض راتبا من أبي فحاورته في هذا الموضوع فقال لي خذ ما تريد من المال من صندوق الشركة (فنحن لنا ثلثا الشركة) من غير أن يعلم شريكنا، فهل يجوز أن آخذ هذا المال؟ وإن كنت أخذته فما حكمه أفيدوني؟ جزاكم الله عني خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحق لك أن تطالب المسؤولين عن الشركة براتبك ولا تترك عملك هدرا ً، لكن إذا تحمله الأب لكونك تعمل مكانه كان هو المسؤول عنه وحده، وإذا كنت تعمل لص الح الشركة ولست عاملاً عن أبيك فراتبك يكون على الشركة يدفع لك من مالها.
وعلى كل حال فما فعلته أنت وأبوك يعتبر خيانة وسرقة، لأن مال الش ركة مال مشترك ولا يجوز لأحد من الشركاء ولا من غيرهم أن يتصرف فيه بما لا مصلحة في هـ.
والواجب عليك وعلى أبيك إرجاع ما أخذتما من مال الشركة مما هو زا ئد على حقك، هذا إذا كنت تعمل لصالح الشركة لا عن أبيك، أما إذا كنت تعمل لأبيك فيج ب عليك وعليه رد الجميع ولو كان أبوك أكثر نصيباً من غيره في الشراكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1424(12/2734)
فساد القرض يقتضي فساد الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اشترى شياهاً لنفسه ولآخر على أن تكون بينهما مناصفة وأن يكون له على صاحبه نصف المبلغ يؤديه إليه وقد شرط عليه أن يكون راعياً لهذه الأغنام وما حصل من ربح فهو بينهما مناصفة والعامل مطالب بأن يؤدي نصفه هو إلى مشتري الشياه إلى أن يتم بذلك على التدرج سداد الدين على أن له أن يأتي بمبلغ الدين من مصدر آخر ويسد به الدين ثم بعد ذلك يكون نصفه له فما حكم هذه المعاملة؟ وهل فيها ربا أو هل هي من باب بيعتين في بيعة أو ما شابه ذلك؟ وما الحل حال كون المعاملة فاسدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الشركة فاسدة لاشتراط المقرض على المقترض منفعة، وهي رعي الغَنَم، وكل قرض جر نفعاً فهو ربا، ويفسد به القرض.
وما دام القرض قد فسد، فالشركة فاسدة، ويكون الغنم كله ملك لصاحب المال، وللآخر أجرة المثل مدة رعيه إن كان قد شرع في رعي الغنم.
ويمكن تصحيح هذه الشركة بأن يقترض هذا الشخص المال من صاحبه أو من غيره، ثم يشتري منه نصف الغنم مشاعاً، ويكون الربح بينهما حسب مال كل منهما، ومن ثم يقوم المدين بسداد دينه حسب قدرته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(12/2735)
هل يجوز فسخ عقد الشركة في أي وقت
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت أنا وشريكي على استئجار قطعة أرض فذهبت أنا وقمت بكل إجراءات الترخيص فهل لي فصل شريكي عني أم أنه يلزمني إشراكه معي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعقد الشركة من العقود الجائزة، فلكل من الشريكين فسخ العقد متى شاء.
قال الرملي في نهاية المحتاج: وعقد الشركة جائز من الجانبين كما قال، ولكل من الشريكين فسخه متى شاء.
وعليه، فلا حرج في فسخ عقد الشركة، ولكن ما تم قبل فسخ العقد من التصرفات النافذة فهو للشريكين يقتسمانه بحسب حصة كل منهما، ومن ذلك الأرض المستأجرة، فمنفعتها بينكما بقيت الشركة أو ألغيت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(12/2736)
حكم إضافة أحد الشريكين نشاطا خاصا به
[السُّؤَالُ]
ـ[أشترك مع أخ في شركة ضمن 3 أنواع من الأنشطة ترى لو استحدثت نشاطا رابعا وخامسا خاصا بي ضمن طبيعة العمل هل في ذلك حرج مع العلم أنني أعمل من الساعة الثامنة حتى الساعة الثامنة مساء بصورة يومية طيلة 6 أيام من الأسبوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السائل الكريم لم يبين لنا نوع الشركة التي اشترك فيها مع أخيه هل هي شركة أبدان ومنافع تستغرق أنشطتها جميع جهده ووقته أم لا؟
وعلى كلٍ؛ فإن كانت العادة تجري بأن تستغرق الأنشطة المذكورة جهدهما ووقتهما فلا يجوز شغل الوقت أو بذل الجهد في عمل آخر يخص أحدهما، وإذا وقع ذلك فإن النتيجة تكون بينهما حسب ما هو متفق عليه في العقد.
أما إذا كانت الأنشطة المذكورة لا تستغرق وقت العمل ولا يقتضي العقد الاقتصار عليها، ولا يؤثر عليها إضافة نشاط آخر خاص بأحدهما فنرجو ألا يكون في ذلك محذور شرعي، ولكن ينبغي أن توضح الأمور، وتُبين الأنشطة الخاصة للشريك حتى لا يقع شك أو اتهام من أحد الطرفين للآخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(12/2737)
استثمر مالك مضاربة أو مشاركة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية من عند الله مباركة طيبة ... أما بعد
أريد أن أستثمر أموالي في مشروع فهل يجوز أن أشارك بالمال مع أحد الصياغ على أن يكون الاتفاق أن يكون لي نسبة 20% من رأس المال في السنة وإذا زادت الأرباح عن ذلك فلي أن أسامحه أما إذا قلت فله أن أسامحه أي أن تكون نسبة الـ 20% ثابتة وهل النسبة المئوية تكون للربح أم لرأس المال.
وجزاكم الله خير الجزاء وجعلكم دائما عونا للمسلمين في كل مكان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأنت إما أن تدفع مالك إلى الصائغ مضاربة أو مشاركة، فالمضاربة هي أن يدفع شخص لآخر مالاً على أن يستثمره، وذلك بنسبة شائعة كـ 50 أو 20 من الربح، وليس من رأس المال، فرأس المال مالك، وإنما الصائغ يعمل لك فيه بنسبة معلومة شائعة من ربحه، فإن حصلت خسارة فهي من رأس المال، وليس على المضارب شيء ما لم يتعدّ، أو يفرط.
وإما أن تدفع مالك إلى الصائغ مشاركة، فتدفع نصف رأس مال الشركة أو ثلثه وهو يدفع مثلك أو أقل أو أكثر، ويكون الربح والخسارة على حسب حصة الشريكين من المال.
وانظر الفتوى رقم: 1873، والفتوى رقم: 17902.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(12/2738)
حكم مشاركة صاحب المال الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تاجر مسلم يريد أن يدخل شريكا مع مشرك في التجارة وهذا المشرك ماله كله من الربا وصورة هذه الشركة هي أن يشهر له سلعته بسهم من الربح وطبعا الشركة في الحلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل للمسلم أن يختار لنفسه شريكاً مسلماً عدلاً أميناً لتكون تجارتهما مباركة ورابحة بفضل الله وتوفيقه، وتكره مشاركة الكافر، ومن لا يتحاشى التعامل بالحرام.
وإذا قدر أن مسلماً شارك كافراً فإنه يشترط ألا ينفرد الكافر بالتصرف لأنه يعمل بما لا يجوز عمله في المال، وألا يكون كل ماله حراماً، لأنه تحرم معاملته حينئذ ببيع أو شراء أو شراكة أو غير ذلك، وهذا عام في المسلم والكافر، قال الشيرازي في المهذب: ولا يجوز مبايعة من يعلم أن جميع ماله حرام.
وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: وأما من كان كل ماله حراماً وهو المراد بمستغرق الذمة فهذا تمنع معاملته ومداينته، ويمنع من التصرف المالي وغيره، خلافاً لمن قال إنه مثل من أحاط الدين بماله فيمنع من التبرعات لا من التصرف المالي.. . ولذا فما دام مال هذا المشرك كله حرام -كما ذكرت في سؤالك- فلا يحل لهذا التاجر مشاركته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1423(12/2739)
من شروط صحة الشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد
سألني رجل صالح من الجزائر يشتغل في ميدان المقاولة ومشاريع البناء وهو رب أسرة بها عجزة ومرضى
ونظرا لفساد الزمان أصبح يجد حرجا في التعامل مع مستخدمي بعض القطاعات العامة الذين يفرضون على المتعامل أن يشاركوه-بطريقة غير قانونية- في المشروع بدفع بعض أموالهم على جزء شائع من الربح وبطريقة شرعية أقرب ما تكون إلى المضاربة
فهل يجوز مثل هذا التعامل؟
أفيدونا رحمكم الله لأن المعني لم يثق بأجوبتي التي أصلتها على قواعد هي:
1- قاعدة: الضرورة ورفع الحرج وإسقاطها على حاله.
2- قاعدة: كسب مع شبهة خير من سؤال الناس وهي تروى عن الإمام مالك وذكرها الشاطبي في الموافقات 2/99 طبعة دار الفكر تعليق محمد الخضر حسين التونسي
-طلب الرزق في شبهة أحسن من الحاجة إلى الناس-
3- قاعدة: دفع الظلم عن النفس بالأموال والعلاقات دون الإضرار بالغير.
4- قاعدة: وجوب تداول الأموال في الأيدي المؤمنة المتؤضئة.
والله أعلم
مع خالص تحياتي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المضاربة إذا استوفت شروطها وانتفت موانعها صحت. ولمعرفة شروط المضاربة راجع الفتوى رقم: 5480 والفتوى رقم: 10549 والفتوى رقم: 10670
واعلم أن من شروط صحة الشركة عموماً -سواء كانت مضاربة أو غيرها- أن لا يقع إكراه على أحد من الشريكين، قال الشيخ محمد نجيب المطيعي في تكملته على المجموع للنووي -رحمهما الله-: وأما الشريكان فيشترط في كل منهما الرشد والبلوغ والحرية، فلا يصح عقد الشركة من سفيه أو مجنون أو صبي أو رقيق غير مأذون، كذلك لا يصح من مكره أو فضولي.. انتهى.
فإذا كان هؤلاء المستخدمون يكرهون صاحبك على أن يضارب لهم في أموالهم فلا يصح إلا إذا رضي صاحبك بذلك طوعاً، وقد ذكرت في معرض حديثك أنهم يشاركونه بطريقة غير قانونية، ولم تبين ما هي هذه الطريقة، فقد تكون جائزة شرعاً، وقد لا تكون، فإن كانت جائزة شرعاً فلا حرج، وإن لم تكن جائزة شرعاً فالواجب على صاحبك في هذه الحال أن يتحرى الحلال، وأن يعرض عن كل ما هو مخالف للشرع، فإذا فرض أن أبواب الحلال أغلقت أمامه في عمله هذا، فالواجب عليه أن يبحث عن عمل آخر، ورجل بمثل هذه الخبرات لن يعجز إن شاء الله عن إيجاد سبيل آخر للرزق، والله جل وعلا يقول: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً* ويرزقه من حيث لا يحتسب) وإن قيل هنا لا بأس بهذه المعاملة وإن اشتملت على محظور شرعي عملاً بقاعدة الضرورات تبيح المحظورات، فالجواب لا، ذلك لأن الضرورة هي الشدة التي لا مدفع لها، ويمثل لها بأكل الميتة للمضطر، وشرب الخمر لمن أصابته غصة فأشرف على الهلاك ولا يجد إلا الخمر، وجواز دفع الصائل من إنسان أو حيوان، ولو أدى ذلك الدفع إلى قتله، إن لم يمكن الدفع بدونه، وكل ذلك لا ينطبق على حالة صاحبك، إذ يمكنه كما تقدم أن يبحث عن عمل آخر، وإذا سدت أمامه جميع الأبواب وخشي على نفسه وعياله الهلكة والضياع جاز له ذلك العمل، ولكن في حدود ما يدفع عنه الهلكة فقط، لأن القاعدة تقول: "الضرورات تقدر بقدرها" والقاعدة الأخرى تقول: "ما جاء لعذر بطل لزواله"، وقد ذكرت أخي السائل عدة قواعد فقهية لا تنطبق على حالة صاحبك منها -مثلاً- قاعدة: كسب مع شبهة خير من سؤال الناس، أو طلب الرزق في شبهة أحسن من الحاجة إلى الناس، والحال أن صاحبك ليس مضطراً إلى سؤال الناس، وفي الختام نسوق لك قاعدة ينبغي على صاحبك أن يجعلها أمام ناظريه وهي: "طلب الكسب الحلال فريضة بعد الفريضة" ذكرها صاحب موسوعة القواعد الفقهية ثم قال حفظه الله: فلا يجوز لمسلم قادر أن لا يعمل عملاً حلالاً شريفاً يكسب من ورائه عيشه وقوته، وإن لم يفعل وهو قادر فهو آثم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1424(12/2740)
هل يضمن الشريك حصة شريكه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت قد اشتركت مع صديق للعمل في التجارة بين المدينة التي أسكنها ومدينته وكانت المشكلة أنه كانت الظروف تمنعني من الذهاب إلى مدينته وقد استغل شريكي ذلك فأصبح عندما نستورد شيئاً من مدينته يقدم لي كشف حساب غير حقيقي فيحمل كلفة البضاعة علينا مبالغ تستغرق الربح المتوقع والعكس بالعكس عندما نصدر شيئاً إلى مدينته حيث أكون مطلعا على الكلفةالحقيقية يقوم بالتلاعب بأسعار تصريفه للبضاعة وعلى هذا الحال عدة سنوات وكنت معتمدا على ثقتي به وكل مرة نطمع في تحسن الحال وخلال هذه الفترة استقرض مني مبلغاً كقرض حسن لا علاقة له بالعمل وبعد أن اكشفت أمره أردت تصفية كل شيء بيننا وحيث كانت ضمن شركتنا سيارة مسجلة باسمي لي فيها الخمس تقريبا وبسبب أنه كان يماطل في تصفية الحساب معي لأنه لا يريد إعطائي حقي بينما يطالبني بحصته من ثمن بيع السيارة وقد ثبت لي بأدلة صريحة جداً وبعلم واطلاع ممن يعرفوننا فقد أجريت تصفية لكل المتعلقات بيننا وبحضوره مع عدد من المطلعين على عملنا الذين قطعوا تعاملهم معه لما رأوا من خيانته معي ورفض إلا أن يخرج بحقه ويتناسى حقوقي عنده وهكذا لجأ إلى القضاء وأقام الدعوى وتم توجيه إلي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن يد الشريك يد أمانة بالنسبة لمال الشركة أياً كان نوعها، لأنه مال مقبوض بإذن مالكه، لا يستوفي بدله، ولا يستوثق به أشبه الوديعة، والقاعدة في الأمانات أنها لا تُضمن إلا بتعد أو تقصير، فما لم يتعد الشريك أو يقصر، فإنه لا يضمن حصة شريكه، ولو ضاع مال الشركة أو تلف، ويُصدق بيمينه في مقدار الربح والخسارة والذاهب والمتبقي من المال، وحسبه أن يقول لشريكه لم يبق عندي من رأس مال الشركة إلا كذا، أو تجشمت من الخسارة كذا، أو لم أصب من الربح إلا كذا.
وبناءً على ذلك.. فلا يجوز لك اتهام شريكك بالتلاعب في الربح والخسارة إلا إذا ثبت ذلك لديك بدليل قطعي كالإقرار من الشريك أو الشهود عليه، أو الأوراق الثبوتية التي لا تدع مجالاً للشك في خيانته، فإذا ثبتت خيانته بذلك جاز لك أخذ حقك دون زيادة عليه من ثمن السيارة، وهذا هو المعروف في الفقه بالظفر بالحق، أما إذا لم تثبت لديك الخيانة ببينة أو إقرار، وكانت بمجرد الظن والتخمين فليس لك عند شريكك إلا ما أخبرك به، فإن لم تقبل، كان عليه اليمين وهو مصدق به، ولمزيد من الفائدة راجع الجواب رقم: 6022 والفتوى رقم: 8780
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(12/2741)
مشاركة أصحاب مال مشبوه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مساهم في رأس مال شركة بنسبة معينة وهناك شركاء آخرون يمكن أن تكون مساهمتهم بمال مشبوه.
هل نصيبي في ربح هذه الشركة يعتبر حلالاً أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن اجتماع المال إلى المال سبب في زيادة أرباح الشركة، وهذا يعني أن جزءاً من الربح يدخل عليك من هذا المال المشبوه وبسببه.
فاحرص على مشاركة أناس صالحين يغلب على الظن سلامة أموالهم من الحرام والشبهات.
وإن علمت أن أموالهم محرمة لزمك إنهاء الشركة، لما في مشاركتهم من الإعانة والمساندة، والله تعالى يقول: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(12/2742)
تصرف الورثة في العقار دون إذن بعضهم بعضا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ترك لنا والدي قطعتي أرض ونحن 4 أولاد وبنتان أحداهما متزوجة والوالدة موجودة ولله الحمد قمنا أنا وإخوتي الصبيان ببناء الدور الأول مشاركة بيننا وقام أخي ببناء الدور الثاني وقمت أنا ببناء الدور الثالث وقامت أختي الكبرى ببناء الدور الرابع علماً بأننا في القاهرة وهي متزوجة وتعيش بالإسماعيلية والآن المشكلة هي أن أخي الأكبر ُمصر أن يعطيها قيمة الشقة معللا ذلك بعدم أحقيتها في البناء على كامل مساحة الأرض أو أنها تدفع مثلنا في الأساس ولكني اقترحت أن نترك لها الشقة دون أن تدفع شيئاً مقابل أن تتنازل عن نصيبها في القطعة الأخرى علماً بأن القطعة المبنية مساحتها 95م والأخرى 150م مع وضع في الاعتبار أن موقع القطعة الصغيرة أفضل من الكبيرة فما هو التصرف الصحيح شرعاً؟ وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم أن من بنى في أرض غيره بإذنه أو في أرض مشتركة بينه وبين آخر أن له قيمة بنائه قائما على الأرض لأنه ليس متعديًا ولا غاصبًا.
وعليه.. فليس لأحد هؤلاء الإخوان الذين بنوا في أرضهم شققًا أن يخرج غيره من العمارة بغير رضاه، خصوصًا أن كل واحدٍ منهم فعل نفس الشيء.
والحل في مثل هذه المسألة هو إما أن ترضوا أختكم، فتصالحوها عن حصتها من الأرض بما يرضيها أو تكون شريكة معكم في العمارة بنسبة حصتها من الأرض وقيمة الشقة.
على أن ما يقوله الأخ الأكبر من عدم أحقيتها في البناء على كامل المساحة حق، ولكن لها هي أن تقول مثل ما قال هو، إذ ليس لأحد هؤلاء الشركاء البناء على كامل مساحة الأرض المذكورة، بل ليس له أن يبني ولو في جزء منها بغير إذن شركائه، وهذا أمرٌ لا يخص الأخت وحدها، وبالتالي فكل منكم أقدم على أمر ما كان ينبغي له الإقدام عليه بغير رضى شركائه وموافقتهم.
والصلح والتراضي والتسامح هو الحل الأمثل لمثل مشكلتكم هذه، وإلا فالمحاكم الشرعية في بلدكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(12/2743)
مشاركة الأب لأحد أولاده دون الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد
هل الولد الذي يدخله والده معه شريكاً في التجارة بأن يضع له نصيبا من رأس المال بمقابل العمل معه دون باقي إخوانه غير آثم وماذا يكون على الوالد تجاه باقي أولاده ومنهم الذي لا يجد ما يكفيه مع أسرته وعليه ديون ووالدهم لا يسمع نصيحة ولا يريد إلا هذا الابن وحق باقي الأولاد لا يكون لا سمح الله، وتوفي والدهم هل يطلبوه في المحاكم الشرعية أم هذا حرام أم ماذا يفعلوا؟ وفقكم الله لما فيه الخير ودمتم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على الوالد أن يدخل أحد أولاده شريكاً معه في تجارته، وأن يعطيه جزءاً من الربح مقابل عمله، وجهده، وما شارك به من رأس مال إن كان له مال، والأولى أن يدخل جميع أولاده إذا أمكنه ذلك، وكانوا أهلاً للعمل الذي يزاوله.
أما إذا لم يمكنه ذلك لعدم حاجته إلى عاملين، أو عدم كفاءتهم لما يعمله، واقتصر على المناسب منهم للعمل فلا شيء عليه، ولو فرضنا أنه اختار واحداً للعمل معه دون غيره من أولاده دون أي مبرر، فإنه يكون قد فعل خلاف الأولى لمحاباته لهذا الولد، ولما قد يسببه هذا من النفرة بينه وبين إخوانه إلا أنه لا يحق لأولاده أن يعترضوا على أخيهم، ولا أن يرفعوا أمره إلى المحاكم الشرعية بعد وفاة والدهم ليحاصُّوه فيما حصل عليه من الأموال في مقابل عمله.
وإذا لم يكن لهذا الولد مال ودخل مع أبيه شريكاً بعمله، كان له نصيب من الربح حسبما يتفقان عليه، ولم يكن له شيء من رأس المال، وإذا فرض الأب له نصيباً من رأس المال كان بذلك ظالماً لأولاده الآخرين، وهذا من تفضيل الولد في العطية، وهو من الجور كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر الفتوى رقم:
5348، والفتوى رقم:
6242.
وننبه على أنه إذا مات الأب كان لذلك الولد نصيبه المستقل من التجارة، وكان شريكاً لبقية الورثة فيما عدا ذلك، من التجارة وغيرها.
ولو فرض أن الأب فضل أحد أبنائه وميزه على بقيتهم بإعطائه مالاً أو غيره، دعي الابن إلى رد الحق لسائر الورثة، ونصح في ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما الولد المفضَل، فينبغي له الرد بعد الموت -أي موت الأب- قولاً واحداً.
وهل تبطل العطية ويلزم بالرد أم لا؟
جمهور العلماء على أنه لا يلزم بالرد، بل يثبت له المال، وذهب أحمد في رواية: إلى أن العطية تبطل، وأن لبقية الورثة أخذ حقهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2744)
تجوز هذه الشراكة بشرط تحديد الربح بالنسبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لقد اشتريت عتاد مقهى قوامه 50 مليوناً وأدخلت شريكا معي بنفس المبلغ (50 مليون) يدفعه لي ثم أقسم معه الفائدة من 50 مليون؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس من إقامة مثل هذه الشركة، سواء دفع لك مثل ما دفعت أو أقل أو أكثر، ويكون الربح بينكما على ما تتفقان عليه بشرط أن يكون تحديده بالنسبة النصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك، كما في الحالة المطروحة.
قال ابن قدامه في المغني (7/121) : والقسم الخامس: إذا اشترك بدنان بماليهما، وهذه الشركة العِنان، وهي شركة متفق عليها.
وإذا اشترك معك بماله فقط، وأنت بمالك وبدنك، فهي نوع من شركة المضاربة ذكرها ابن قدامة في موضع آخر في نفس المصدر السابق، وهي متفق عليهما في الجملة، كما أفاد ذلك الباجي في المنتقى، وابن رشد في بداية المجتهد وغيرهما.
والحاصل أنه إذا توافرت شروط الشركة، وكان العمل مشروعاً فلا حرج أن يتفق الطرفان على أن تكون حصة أحدهما من الربح أكثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(12/2745)
كل يأخذ بمقدار المساهمة من الأرض والعقار
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي قطعة أرض مناصفة بيني وبين أخي ثم قمت بالبناء برأس مال قدره خمسة وأربعون ألفا واشترك أخي بمبلغ سبعة ألاف فهل يحق له أن يأخذ حقه مناصفة عند بيع العقار أم أنه يأخذ نسبة في رأس المال المدفوع؟
أفيدونا أفادكم الله.
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أخاك ليس له أن يأخذ حقه مناصفة عند بيع العقار، بل يأخذ نصيبه بالنسبة على تفصيل في ذلك على النحو التالي:
أولاً: يتم تقييم الأرض بقيمتها اليوم في السوق، وهي خالية من البناء، ويكون نصيب كل واحد النصف من ثمنها.
ثانياً: يتم تقييم العقار، والفرق بينه وبين قيمة الأرض هو قيمة هذا البناء، فيقسم بينكما حسب نسبة كل واحد، فنسبة أخيك 15.3، ونسبتك 84.7 من ما زاد على قيمة الأرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1423(12/2746)
شروط صحة المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدينا شركه تضع فيها مبلغاً من المال على سبيل المثال 5000 دينار يكون ربحك في الشهر 5% وهي شركة ألبان وخضروات بعض المشايخ عندنا قالوا لا تجوز لأنه مال بمال والبعض الآخر قال ربا نرجو الإفاده وهل في تحديد النسبة شيء وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا بيان حكم التعامل مع الشركة المسماة (هابتكو) تحت الفتوى رقم:
17352 وبينا أنه لا يجوز الاستثمار فيها لأسباب مذكورة هناك، وسواء كان السؤال عن هذه الشركة أو غيرها، فإننا نقول: إذا كان رأس المال 5000 دينار غير مضمون، بل هو معرض للنقص في حال الخسارة، وكان الربح 5 منسوباً إلى أرباح الشركة، وليس إلى رأس المال، فلا حرج في هذه المعاملة وهي مضاربة صحيحة.
أما إن كان رأس المال مضموناً، تتعهد الشركة بإعادته إلى صاحبه كاملاً مهما وقع من خسائر، فهذا عقد قرض في الحقيقة، وما جاء على أثره من فائدة هو فائدة على القرض، وهذا عين الربا.
والربح له ثلاثة أحوال:
الأول: أن لا يكون توزيعه بين العامل ورب المال محدداً، وحينئذ تكون المضاربة فاسدة لأن من شرطها تحديد توزيع الربح إذا حصل بأن يقال -مثلاً- لرب المال الثلث وللعامل الثلثان.
الثاني: أن يكون نسبة محددة من أرباح الشركة، كـ 5 أو 10 أو الربع أو النصف، وإذا عُدم الربح بالكلية فلا شيء لرب المال، وإن وقعت خسارة، كانت في ماله، ولا شيء على العامل (الشركة) إلا أن يفرط وهذا جائز.
الثالث: أن يكون الربح نسبته محددة من (رأس المال) فمن دفع (5000 دينار) أخذ (5) سنوية إلى رأس المال، أي أخذ 250 ديناراً، وهذا ربا محرم، إذ حقيقته أن العميل أقرض الشركة 5000 دينار على أن يأخذ فائدة ربوية معلومة من ابتداء العقد وهي 250 ديناراً.
ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم:
1873.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(12/2747)
إذا رابك شيء فدعه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التعامل بأموال حلال مع شخص أمواله يشتبه أنها من حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصدك بالتعامل المشاركة، فننصحك بأن لا تشارك شخصاً تشتبه في أمواله أنه اكتسبها من حرام دفعاً للريبة على نفسك، فعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقال حسان بن أبي سفيان: ما شيء أهون من الورع إذا رابك شيء فدعه.
وعليك أن تنصح ذلك الشخص بأن يتوب إلى الله ويتحرى الحلال في مكاسبه.
وراجع الفتوى رقم: 17220.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1423(12/2748)
حكم الاستثمار في شركة (هابتكو)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاستثمار في الشركة المعروفة باسم هابتكو والتي تعطي للمستثمرين فيها أرباحاً طائلة، ويقول القائمون عليها إن نشاطها مقتصر على المتاجرة في الأمور المباحة شرعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا بعد الاطلاع على عقد شركة هبتكو وإمعان النظر في البنود التي يتألف منها، وجدنا أن أغلب تلك البنود يلفه كثير من الغموض، وعدم الحسم في أمور لا ينبغي أن تكون غير محسومة على وجه صريح يمنع حدوث النزاع في المستقبل وهذا الغموض يجعل المرء في حيرة من حقيقة ما يجري على أرض الواقع وما يتم من معاملات وراء الستار ومما يزيد في حجم الحيرة ويبعث على عدم الارتياح أن هذه العقود غير متطابقة فتجد بعضها خالياً من بعض البنود المؤثرة الموجودة في البعض الآخر.
ومع كل هذا الغموض فإن من البنود ما هو مشتمل على ما نرى أنه كاف في المنع من الدخول في أي معاملة مع هذه الشركة، ومن هذه البنود
أولاً:البند الخامس: الذي بموجبه يدفع للطرف الثاني من الأرباح - على فرض وجودها - جزء لا يزيد عن نسبة محددة من رأس المال، وهذا البند لا يخفى ما فيه من الغرر وذلك لأنه قد يؤدي إلى إهدار حق الطرف الأول وتضييع ماله -إن كان له مال في غير مقابل- وهذا في حالة ما إذا لم يحصل من الربح إلا النسبة التي يستحقها الطرف الثاني بموجب الاتفاق: مثال ذلك ما لو اتفقا على أن للطرف الثاني جزءا من الأرباح يساوي أربعين في المئة من رأس المال، وكان رأس المال أربعة آلاف، فلم تربح الشركة خلال الأشهر الأربعة إلا ألفاً وستمائة، فبمقتضى هذا العقد يأخذ الطرف الثاني جميع الربح ويذهب عمل الطرف الأول هدراً وهذا أمر يتناقض مع المقصود من عقد الشركة ويتناقض أيضاً مع الأغراض والمصالح التي من أجلها شرعت المعاملات، وهو من الغرر الذي من أجله منع أكثر المعاملات المحرمة.
ثانياً: البند الثامن: وما يتضمنه من التحجير على الطرف الثاني وتغريمه نسبة مئوية إن لم يشعرالطرف الآخر، في فترة محددة، فإنه يتنافى مع ما عليه الجمهور من أن عقد الشركة عقد غير لازم، وأنه متى ما أراد أحد الطرفين فسخه فله ذلك، وموافقة الطرف الثاني على هذا البند ورضاه بما يتضمنه لا يسوغان للطرف الآخر أخذ نسبة من مال الغير نظير فعل ذلك الغير أمرا مباحاً له، وهو عدم إشعاره برغبته في حل الشركة قبل الفترة المحددة، فغالب عمليات القمار والميسر والبيوعات الربوية يقع عن تراض من الطرفين، لكن الشارع لم ينظر إلى ذلك ولم يجعل الرضا وحده مبيحا للمعاملات المحرمة بل لا بد مع الرضا من أن تعرض المعاملات على الموازين الشرعية فما كان منها صالحاً أمضي وما كان منها غير صالح رد.
ثالثاً: البند التاسع: الذي بموجبه يدفع للطرف الثاني شيك يثبت له حقه بالشرط المذكور في البند ومن المعلوم أن كلا من يد الشريك ويد العامل في المضاربة يد أمانة وليست يد ضمان، ولا يصح شرعاً تضمين واحد منهما بل إن شرط الضمان على أي منهما شرط فاسد ملغى إن لم يكن مفسدا للعقد من أصله هذا إذا لم يفرط أو يقصر في حفظ مال الشريك أو المضارب، أما إذا قصر فإنه يضمن شرعاً نظرا لتفريطه، واشتراط الضمان عليه في هذه الحالة هو من قبيل تحصيل الحاصل، كما ننبه السائل وغيره إلى أنه عند التنازع في العقود أو الحكم بصحتها أو بطلانها يرجع في ذلك كله إلى أحكام الشريعة الإسلامية لا إلى غيرها.
والخلاصة أن ما أطلعنا عليه من عقود هذه الشركة لم يسلم من مآخذ شرعية مؤثرة في صحة العقد ينضاف إلى هذا أن المسلم ينبغي له أن يكون يقظاً حذرا من كل معاملة قد تجر إليه درهما محرما أو درهم شبهة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استيرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه..... متفق عليه من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وقال أيضاً "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه وعن علمه فيما فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه رواه الترمذي من حديث أبي برزة رضي الله عنه. وإذا كان الحذر من المال الحرام مطلوباً في كل زمانٍ فإنه في زماننا هذا أشد طلباً فإنه زمان انتشرت فيه المعاملات المحرمة فكأنه الزمان الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله "ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا فإن لم يأكله أصابه من غباره رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ولخطورة الربا راجع الفتوى رقم:
1120
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1423(12/2749)
الربح والخسارة بين الشريكين حسب نسبة المال المدفوع من كل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد:
دخلت في تجارة مع صديق رأس مال البضاعة 12000 منهم2300 من أموالي الخاصة والباقي ملكه هو مساهمة منه بماله فقط والباقي أقوم به أنا من مجهود وإلى غيره من إجراءات. خسرت هذه التجارة هل الخسارة مقسومة على كلينا بالتساوى مع العلم إني دفعت له مبلغ وقدره 6000؟
أفيدونا أصلحكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في الشركات أن تقوم على متقضى العدل، كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، لأن الله تعالى قال: (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) [صّ:24] .
ومقتضى العدل في الشركات أن يكون الربح والخسارة بين الطرفين حسب نسبة المال المدفوع من كل منهما ما لم يتفقا على زيادة نسبة لأحدهما نظير عمله الأكثر أو الأجود، وبما أنه لم يحصل إلا الخسارة في المسألة المطروحة، فعلى السائل نسبة 20 تقريباً، وعلى الطرف الآخر نسبة 80، لأنه إذا وُجِد ربح كان توزيعه بنفس النسبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1423(12/2750)
حكم الشراكة الأرض من واحد ومن آخر العمل ومن ثالث الزرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم ونسبة توزيع الأرباح في حال زراعة أرض بواسطة شراكة بين صاحب الأرض ومال شخص آخر وعمل شخص آخر بعد جني المحصول؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الشراكة الثلاثية فاسدة على ما نص عليه الفقهاء في كتبهم لأنها ليست شركة، ولا قرضاً، ولا إجارة.
قال: ابن قدامة في كتابه الكافي: وإن كانوا ثلاثة من أحدهم الأرض ومن آخر العمل ومن آخر البذر، والزرع بينهم فهي فاسدة، وقال في المجموع: قال الشافعي رحمه الله تعالى في البويطي: إذا اشترك أربعة أنفس في الزراعة فأخرج أحدهم البذر ومن الثاني الأرض ومن الثالث الفدان - يعني البقر - والرابع يعمل على أن يكون الزرع بينهم فإن هذا عقد فاسد، لأنه ليس شركة ولا قرضا ولا إجارة، لأن الشركة لا تصح حتى يخلط الشركاء أموالهم، وها هنا أموالهم متميزة، وفي القراض يرجع رب المال إلى رأس ماله عند المفاصلة وها هنا لا يمكن، والإجارة تفتقرإلى أجرة معلومة وعمل معلوم. انتهى ما نقله صاحب المجموع عن البويطي عن الإمام الشافعي.
فنحصل من كلام هؤلاء العلماء أن المعاملة المذكورة فاسدة، وإذا فسدت كان لرب المال ما حصل، وعليه لصاحب الأرض أجرة أرضه، وعليه أيضاً أجرة العامل.
قال في المجموع أيضاً -بعد الكلام المتقدم مباشرة- فإذا ثبت هذا كانت الغلة كلها لمالك البذر لأنها عين ماله زادت، وعليه لصاحب الأرض ولصاحب الفدان أجرة مثل مالهم وللعامل أجرة مثل عمله عليه، لأن كل واحد منهم دخل في العقد ليكون له شيء في الغلة ولم يسلم لهم ذلك وقد تلفت منافعهم فكان لهم بدلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1423(12/2751)
عقد الشركة غير لازم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد
لقد قمت بمشاركة شخص في تجارة الكمبيوترات على أساس الربح والخسارة حيث أنني أملك هذه المؤسسة فطرح علي مشاركته بالمال ووافقت على أساس شراكة مالية لمد سنتين ولا يأخد شيئا من الأرباح حتى سنتين
أما الآن فقد طالب بالأرباح بعد سنة وشهر واعتبر نفسه شريكا كاملا في كل شيء ولقد قررت فصل هذه الشراكة لهذه الأسباب
السؤال أريد أن أعطيه ماله خلال فترة شهرين لأن للمؤسسة ديونا وعليها ديون وحتى تحصيل هذه الديون هل يوجد شيء علي في هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي عليه الجمهور هو أن عقد الشركة غير لازم، وأن لكل واحد من الشريكين حل العقد متى شاء.
وعليه، فلا حرج عليك فيما فعلت، ولكن له الحق في أخذ حصته من المال الموجود، ويبقى الدين الذي لكما شركة تقتسمون كل ما حصل منه بعد أخذه، ولا يجوز لك منعه من حصته من المال الحاضر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(12/2752)
المساعدة في إجراءات شراء سيارة أجرة لا يسوغ الشراكة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت أنا وأخي في شراء سيارة ونقوم بحمل المعلمات عليها والعائد يتم تقسيمه بالنصف ثم قام أخي ببيع هذه السيارة بمبلغ22ألفاً وأعطاني منها 4الآف فقط وقال سوف أعطيك الباقي لاحقا ثم اشتريت سيارة بالأقساط يتم سداد الأقساط من راتبي لمدة خمس سنوات وقال إنه شريك لي في هذه السيارة والعائد يقسم بالنصف بعد خصم قيمة القسط منه وأجرة السائق علماً أنه لم يدفع من قيمة السيارة شيئا ولكن الذي قام به فقط هو إتمام إجراءات البنك وشراء السيارة فقط فهل هذه الشراكة جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.... أما بعد:
فإنه لا يجوز لأخيك أن يعطيك أقل من قيمة نصف السيارة الأولى ما دمت شريكه في النصف، وما أخذه زائداً على حقه فإنه حرام يجب عليه رده فوراً، إلا أن تطيب نفسك بتأخيره أو بهبته له.
أما السيارة الأخرى التي اشتريتها مستقلة بشرائها فإنها ملكك وعائداتها لك وحدك، وما قام به أخوك من تنجيز إجراءات البنك ونحو ذلك فإنه ليس له مقابله إلا أجرة المثل، ولا يسوغَّ له ذلك الدخول معك في الشراكة بدون رضاك.
وننصح بأن تكون معاملتك لأخيك وكذا معاملة أخيك لك مبنية على التسامح والبذل والتعاون والتغاضي وعدم المشاحة. نسأل الله أن يصلح حالكم وأن يسهل أمركم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1423(12/2753)
يأخذ كل فرد حسب مساهمته عند انفضاض الشراكة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت أنا وأخي في شراء سيارة ونقوم بحمل المعلمات عليها والعائد يتم تقسيمه بالنصف ثم قام أخي ببيع هذه السيارة بمبلغ22ألفاً وأعطاني منها 4الآف فقط وقال سوف أعطيك الباقي لاحقا ثم اشتريت سيارة بالأقساط يتم سداد الأقساط من راتبي لمدة خمس سنوات وقال إنه شريك لي في هذه السيارة والعائد يقسم بالنصف بعد خصم قيمة القسط منه وأجرة السائق علماً أنه لم يدفع من قيمة السيارة شيئا ولكن الذي قام به فقط هو إتمام إجراءات البنك وشراء السيارة فقط فهل هذه الشراكة جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.... أما بعد:
فإنه لا يجوز لأخيك أن يعطيك أقل من قيمة نصف السيارة الأولى ما دمت شريكه في النصف، وما أخذه زائداً على حقه فإنه حرام يجب عليه رده فوراً، إلا أن تطيب نفسك بتأخيره أو بهبته له.
أما السيارة الأخرى التي اشتريتها مستقلة بشرائها فإنها ملكك وعائداتها لك وحدك، وما قام به أخوك من تنجيز إجراءات البنك ونحو ذلك فإنه ليس له مقابله إلا أجرة المثل، ولا يسوغَّ له ذلك الدخول معك في الشراكة بدون رضاك.
وننصح بأن تكون معاملتك لأخيك وكذا معاملة أخيك لك مبنية على التسامح والبذل والتعاون والتغاضي وعدم المشاحة. نسأل الله أن يصلح حالكم وأن يسهل أمركم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1423(12/2754)
شروط جواز المساهمة في شركة ما
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أريد أن أشترك مع شركة محلية, أقوم بدفع مبلغ شهري قابل للزيادة أو للنقصان لمده محددة تصل إلى خمسة عشر عاما, تقوم هذه الشركة بعد ذلك بدفع مبلغ مالي لي أو للورثة وسوف أستفيد من هذا المبلغ إما لتدريس الأبناء أو لاستخدامه في أي وجه أريده, وتقوم الشركة المحلية بالتعاقد مع شركة عالمية لاستثمار هذه الأموال بالتعامل بالأسهم لشركات أقوم بتحديدها تعمل في مجالات مشروعه مثل التكنلوجيا أو المقاولات أو غير ذلك وتعطي هذه الشركة نسبة أرباح ما بين 6% إلى 12% سنويا (وهذه النسبة ليست ثابتة حسب علمي) , مع الضمان إنها سوف تستثمر الأموال في الأسهم وليس البنوك الربوية , ولقد لجأت لهذه الطريقة لتفادي التضخم الذي يحصل للاقتصاد والمؤثرات الأخرى ,
أخيرا أسأل الله لكم الثواب والهداية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز المساهمة في أي شركة إذا كانت تستثمر الأموال في أعمال غير محرمة، وبشرط عدم ضمان رأس المال، أي أن سهمك الذي دفعته يكون معرضاً للربح والخسارة، ويشترط تحديد الأرباح في بداية العقد بالنسبة التي يتفق عليها الطرفان، كأن يكون لك 12 من الربح الذي ستحققه الشركة -قل أو كثر- أما إذا حدد نصيبك من الربح سلفاً على ضوء مالك رأس المال بأن يقولوا لك 12 زيادة على ما دفعته فهذا ليس عقد مضاربة، وإنما هو عقد قرض ربوي لا يجوز الدخول فيه. ولتمام الفائدة راجع الأجوبة التالية حول الأسهم: 4142 186 1214 499 649 3099 1241 4165
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2755)
حكم تحديد مدة المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي مدى شرعية الشراكة في ما يلي:
أملك مصنعا (منشار للحجر والرخام) فعرض عليّ صديق بتشغيل مبلغ من المال في المصنع مقابل الثلث لمدة عام واحد والسؤال هنا: ما مصير المبلغ الذي شغله صديقي بعد انقضاء السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه العملية داخلة في المضاربة، إذ المضاربة هي دفع مال لآخر يستثمره نظير جزء من ربحه، وهذا هو الحاصل في العملية المسؤول عنها، لكن يجب أن تعلم أولاً أن تحديد مدة المضاربة بزمن لا تفسخ قبله أو لا تتجاوزه، فيه خلاف بين العلماء، فمذهب الجمهور أنه يفسد المضاربة، لما فيه من التضييق على العامل، وزيادة الضرر، لأنه ربما بارت عنده سلع، فيضطر عند بلوغ الأجل إلى بيعها كاسدة فيلحقه بذلك ضرر، وهناك أدلة أخرى نظرية، وذهب الإمام أبو حنيفة والحنابلة في إحدى الروايتين عندهم إلى جواز تقييد المضاربة بمدة نظرا لشبهها بالإجارة، ولأن المضاربة أيضاً تصرّف، فيجوز تخصيصه بنوع من المتاع، فجاز توقيته بالزمان كالوكالة.
والذي يترجح عندنا - والله أعلم - هو المذهب الأخير ما دام التقييد بزمن يمثل رغبة صاحب المال، مع انتفاء الضرر عن الآخر وحصول الرضا منه، لقوله تعالى: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) [النساء:29] .
ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطهم" رواه البخاري معلقاً، وهو في سنن الترمذي، وإذا تقرر هذا، فإن دفع المبلغ لصاحب المصنع لتشغيله سنة ثم يرده بعدها مع جزء من الربح متفق عليه لا حرج فيه على الراجح، ويوفي لرب المال بشرطه، وهو رد رأس ماله إليه نهاية السنة مع ربحه، وهذه العملية - كما قدمنا - من المضاربة تجري عليها أحكامها من عدم الضمان بدون تقصير أو تعدٍ، أو نحو ذلك.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1422(12/2756)
شروط صحة المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشراكة التي تكون مع شخص آخر على تأسيس محل حرفي بحيث يكون منه رأس المال وأقوم أنا بتسيير المحل بناء على خبرتي في هذا المجال. دون أن أدفع أي أموال؟
وهل أدخل في الربح والخسارة أيضاً، علماً بأنني لا أملك أي أموال في حال الخسارة لا قدر الله؟ وفي حالة الربح.. هل أسحب أرباحي فوراً بحكم أني شريك بالجهد فقط، وإذا تركتها ولم أسحبها هل تعتبر إضافة إلى رأس مال المحل آخذ مقابلها عند الجرد التالي؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكره السائل يسمى في الشرع (المضاربة- والقراض) وهو جائز، وقد كان الصحابة يعملون به، ويشترط لصحته أن يكون الربح بينكما مشاعاً حسب المتفق عليه، كالنصف والثلث ونحو ذلك.
وفي حالة الخسارة يقع الضرر على كل من رب المال والعامل، فرب المال خسارته من ماله، وأما المضارب (العامل) فخسارته ضياع جهده وعمله فقط.
وبالنسبة لأرباحك إذا أردت أن تبقيها ضمن أموال صاحبك فلك ذلك، ولك أرباحها عند الجرد، ولكن لا بد أن تخبره بذلك، فإن لم يأذن فلتسحبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1422(12/2757)
حكم مشاركة أهل الكتب تجاريا.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مشاركة النصارى في التجارة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الأولى بالمسلم أن تكون معاملاته مع المسلمين تحقيقاً للتعاون الذي أمر الله تعالى به عباده المومنين حيث قال: (وتعاونوا على البر والتقوى) [المائدة: 2] وتحرياً للمكاسب الطيبة، لأن المسلمين هم الذين يراعون في معاملاتهم وتجارتهم ما أحل الله تعالى من الكسب الطيب. ومع ذلك فلا حرج في مشاركة النصارى في تجارة إذا علم المشارك لهم من المسلمين أنهم لا يتعاملون بالربا، ولا فيما فيه غرر أو قمار، ولا يتاجرون فيما حرم من الخمر والمسكرات ولحم الميتة والخنزير ونحو ذلك. ولذلك اشترط أهل العلم لجواز ذلك أن لا يخلو النصراني بالمال دون المسلم، ولا يتولى البيع والشراء وحده، قال الإمام أحمد: يشارك اليهودي والنصراني ولكن لا يخلو اليهودي والنصراني دونه ويكون هو الذي يليه، لأنه يعمل بالربا.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2758)
اشتراط ضمان رأس المال في الاستثمار لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ وفق الله لي صديقاً لديه مشروع تجاري قائم ويحقق أرباحا، ولكن هذا الصديق مر بضائقة مالية لم يجد حلا لمواجهتها والحصول على سيولة مالية إلا أن عرض علي الدخول معه في مشروعه كمساهم لمدة عام ودفعت له مبلغا اتفقنا على أنه يمثل نسبة معينة من رأس مال المشروع والأرباح تبعا لذلك تكون نسبتي منها تعادل نسبتي من رأس المال. وبعد انتهاء العام الذي حدد للمساهمة فأنا وهو بالخيار إن أراد الطرفان الاستمرار فلا مانع وإن أراد كلانا أو أحدنا إنهاء المساهمة فعندها لي الحق في استعادة رأس المال الذي دفعته كاملا (أي أن رأس المال مضمون) إضافة إلى ما تحقق لي من أرباح كنت قد حصلت عليها في حينه. فما حكم هذه المعاملة. وفقكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل جواز هذه المعاملة إذا خلت من شرط محرم كاشتراط ضمان رأس المال، لأن اشتراط ذلك يخرج المعاملة عن كونها شركة أو مضاربة، ويدخلها تحت القرض، والقرض إذا تبعه ربح أو فائدة كان قرضا ربوياً محرماً. لكن لهذه المعاملة صورة صحيحة قد تشتبه مع الصورة المحرمة، وذلك بأن يتم الاتفاق على عدم ضمان رأس المال خلال سنة الاستثمار، وأن يكون كلاكما معرضاً للخسارة أو الربح ـ على قدر حصته ـ فإذا انتهى العام كنت مخيراً بين أن تستمر لمدة أخرى، أو تنهي الشركة وذلك بأخذ رأس مالك وما لحق من ربح أو خسارة.
أما الصورة المحرمة فهي أن يتم الاتفاق على استثمار المبلغ مدة سنة، فإذا ما انقضت أخذت رأس مالك كاملاً ولو مع وجود الخسارة، إضافة إلى الربح في حال وجوده. وهذا قرض ربوي في الحقيقة كما سبق. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2759)
الشركة من العقود الجائزة لا من العقود اللازمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي (محمد) دخل مع رجلين صديقين له ناصر وسيف بشراكة في محل بيع خرداوات كبير واتفاق الشراكة كالتالي: ناصر (هو صاحب رأس المال والمحل باسمه) 55بالمائة سيف 22.5بالمائة محمد (أخي) 22.5بالمائة تم فتح المحل على هذا وعمل على خير وجه لكن بعد شهر ونصف فقط اجتمع ناصر وسيف دون إعلام محمد وقررا فصل محمد من الشراكة نظراً لأنه برأيهم مقصر في عمله (وقد يكون هناك فعلاً تقصير منه) ثم أعلماه بهذا القرار وهذا يسبب ضرراً كبيراً جداً لمحمد نظراً لأنه في ضائقة مادية أصلاً. سؤالي فضيلة الشيخ هو هل لهم أن يفعلوا ذلك به رغم أنه شريك؟ وإذا كان بإمكانهم فما هي مستحقات محمد مالياً لتركهم علماً أنه خسر كثيراً حيث اضطر للانتقال ببيته وأهله من الطائف إلى مكة (حيث أن المحل بمكة) وضحى بمشروع رمضان (مشروع يعمله كل سنة في رمضان ويجني منه ربحاً طيباً) . مع العلم أنه لا يحمل أي ورقة بهذا الاتفاق نظراً لأنهم كلهم متدينون وبينهم ثقة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أولاً: ينبغي أن تعلم - أيها السائل - أن الشركة من العقود الجائزة لا من العقود اللازمة، أي أنه يجوز لأحد الشركاء أن ينفصل من الشركة متى شاء، فمتى ما كان الأمر كذلك! فإنه يجوز لناصر وسيف أن يفترقا عن أخيك متى ما شاءا، ولا يلزمها شئ شرعاً لأنه كما أسلفنا أن الشركات بجميع أنواعها من العقود الجائزة وليست اللازمة. أما ما فعله أخوك محمد من الانتقال ببيته وأهله من الطائف إلى مكة أو تضحيته بمشروع رمضان فهذا لا شأن للشريكين به، لأنه فعله أخوك بإرادته واختيارته. وأما وقد قصر بعد دخوله في هذه الشركة ورأى الشريكان أن ينفصلا عنه فلهما ذلك. وإن كان الأولى بهما أن ينصحاه بعدم التقصير والمواظبة على العمل، حتى لا يقع به الضرر الذي ذكر في السؤال. إضافة إلى خلاصة ما سبق: ينظر في عقد الشراكة وما تضمنه من بنود، كالمدة وطريقة التعويض ومتى يحق للشريك الانفصال.. الخ، فإن لم يكن ثمة عقد ولا شروط فالأولى التحاكم في مثل ذلك ويكون إلى شخص من أهل الخبرة، يرضى الطرفان بحكمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2760)
يجوز للعامل في الشركة شراء أسهمها من غير استغلال
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت فرضا أعمل في وظيفة مدقق حسابات أو محاسب قانوني، ونظرا لأن وظيفتي تمكنني من الإطلاع على بيانات شركات معينة في نهاية السنة المالية من أجل التدقيق عليها، وقد عرفت أن حسابات هذه الشركة تشير إلى وجود أرباح، فقمت بشراء أسهم من هذه الشركة، فهل هذا العمل جائز شرعا؟ أم أنه يعتبر استغلالا لوظيفتي؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا يوجد مانع شرعي يمنعك من شراء هذه الأسهم إلا إذا استغللت اطلاعك عليها وأشعت أنها غير رابحة ليكف الناس عن شرائها فتستأثر أنت بها، فهذا الفعل محرم حينئذ من وجهين: الأول: إخبارك بخلاف الواقع، وهذا هو عين الكذب. الثاني: خيانتك للشركة التي أنت عامل فيها فقد أذعت عنها ما يجلب لها الضرر لتحقق لنفسك مصلحة خاصة.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2761)
حدود تدخل الزوج في أمور زوجته التجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تستثمر أموالها في التجارة.. وأنا وكيلها أدير لها تجاراتها.. وأحيانا ترغب هي في الدخول في مشاريع استثمارية لا تروق لي ولا تتماشى مع رأيي.. فهل يحق لي أن أمانع، أم أنفذ رأيها بلا مناقشة، باعتبار أن للمرأة في الإسلام استقلالها المالي، أو بعبارة أشمل ما حدود الاستقلالية المالية للمرأة عن الرجل في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسائل إما أن يكون موظفاً عند زوجته فيدير لها تجارتها حسب ما تراه وتكلفه به من أعمال، فهنا يجب التزام أمرها وعدم مخالفته، لأن الوكيل يتصرف في حدود وكالته شرطاً وعرفاً ...
وإما أن يكون مضارباً في مالها بمعنى أن زوجته دفعت إليه رأس المال ليضارب به، فهنا ينظر إلى نوع المضاربة فإن كانت مطلقة فإن دفعت إليه المال يستثمره دون أن تعين له نوع العمل أو مكانه أو زمانه أو الأشخاص الذين يتعامل معهم، فله أن يتصرف بأنواع التصرفات المشروعة والمعروفة في التجارة والاستثمار.. وليس لها أن تتدخل في شأنه لأنها فوضت إليه الأمر سابقاً، ومن شرط المضاربة أن يسلم صاحب رأس المال: المال إلى العامل ويخلي بينه وبين التصرف فيه بموجب عقد المضاربة.
وإن كانت مضاربة مقيدة وهي التي يحدد فيها المضارب قيداً معيناً ليلتزم به عند تنفيذه المضارب فيجب التزام هذا القيد ويضمن عند المخالفة لأن القيد شرط،والأصل في الشروط اعتبارها ما أمكن، ويشترط في القيد أن يكون مفيداً ومن أمثلة القيود: قيد المضاربة في جنس معين من السلع أو المشاريع فيجب الالتزام ما لم تكن السلع نادرة الوجود، وراجع في بعض أحكام المضاربة الفتوى رقم: 17902.
وبالنسبة لموضوع استقلال المرأة مالياً عن زوجها فنقول إن المرأة البالغة الراشدة مستقلة مالياً بمعنى أن لها حق التصرف في مالها تبرعاً أو معاوضته وليس لزوجها منعها أو الحجر عليها في أي من التصرفات المشروعة في مالها وهذا شيء منفصل عن موضوع المضاربة أو الوكالة فلكل أحكام وشروط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(12/2762)
الفرق بين المدين والمقترض، والمرابحة والاستصناع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن اعتبار طالب المرابحة أو الاستصناع مقترضاً، أي إذا اشترى رجل منزلاً بالمرابحة من البنك الإسلامي ودفع قسطاً من سعر المنزل (الثلث) على أن يقسط قيمة المرابحة لفترة محددة، فهل يمكن القول إن هذا الرجل مدين من الناحية الشرعية، وتطبق عليه أحكام المقترض، أم العملية بيع وشراء، أم هو مقترض بالمرابحة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عرف الفقهاء رحمهم الله تعالى المرابحة بقولهم: نقل كل المبيع إلى الغير بزيادة على مثل الثمن الأول، قال العلامة ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في المغني: معنى بيع المرابحة: هو البيع برأس المال وربح معلوم، ويشترط علمهما برأس المال، فيقول: رأس مالي فيه، أو هو علي بمائة بعتك بها، وربح عشرة فهذا جائز لا خلاف في صحته، ولا نعلم فيه عند أحد كراهة.
وهي بهذا المعنى بيع وقد يكون الثمن عاجلاً وقد يكون آجلاً، فإذا كان آجلاً صار المشتري الثاني مدينا وليس مقترضاً، والفرق بين المدين والمقترض هو أن المدين يكون دينه الذي ثبت في ذمته مقابل صفقة بيع ونحوها، أما المقترض فيطلب من المالك مالاً بلا مقابل لينتفع به ثم يرد بدله متى أيسر، فهو عقد إرفاق وإحسان من المقرض على المقترض.
وأما الاستصناع فهو في اصطلاح الفقهاء: أن يطلب إنسان من آخر شيئاً لم يصنع بعد ليصنع له طبق مواصفات محددة، بمواد من عند الصانع، مقابل عوض مالي، وقد أجازه مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره السابع بجدة بشرطين:
الشرط الأول: بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة.
الشرط الثاني: أن يحدد فيه الأجل.
ونص على: أنه يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة، والقول في ذلك كالقول في المرابحة إذا كان الثمن مؤجلاً فإنه يكون دينا وليس بقرض.
وأخيراً ننبه إلى أن للمرابحة شروطاً وضوابط شرعية يجب توفرها حتى تكون جائزة، وكذلك الاستصناع، وتراجع في الفتوى رقم: 93804، والفتوى رقم: 11224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1428(12/2763)
هل ورد في المضاربة أحاديث نبوية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة الأحاديث النبوية الواردة في المضاربة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمضاربة أو المقارضة من المعاملات التي جاء الإسلام ووجد الناس يتعاملون بها فأقرهم عليها، كما جاء في تبيين الحقائق: ... فإنه صلى الله عليه وسلم بعث والناس يتعاملونها فتركهم عليها، وتعاملها الصحابة رضي الله عنهم. انتهى.
وأجمع المسلمون على مشروعيتها في الجملة وإن اختلفوا في بعض تفاصيلها، هذا ولم ترد أحاديث في المضاربة مع إجماع المسلمين على مشروعيتها، وفي هذا يقول ابن حجر الهيتمي: مسألة: نقل عن شيخ الإسلام في تخريج أحاديث الرافعي والزركشي في الخادم وغيرهما عن ابن حزم وأقروه أن كل باب من أبواب الفقه له أصل في الكتاب والسنة إلا القراض مع قيام الإجماع عليه.. ثم قال: يرد عليهم ما اشتهر في السير أنه صلى الله عليه وسلم سافر تاجراً لخديجة قبل النبوة وحكى ذلك وأقره بعدها فدل على جوازها جاهلية وإسلاماً، وثبت أن للقراض أصلاً أصيلاً. انتهى.
ويقول العلامة الشوكاني في النيل:.... فهذه الآثار (عن الصحابة) تدل على أن المضاربة كان الصحابة يتعاملون بها من غير نكير فكان ذلك إجماعاً منهم على الجواز، وليس فيها شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما أخرجه ابن ماجه، وذكر حديثاً وأفاد أن في إسناده مجهولان. انتهى. بل أفاد السبكي في المسألة المتقدمة أنه حديث موضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1427(12/2764)
البديل للقرض الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحل البديل للقرض، وأين بيت مال المسلمين الذى يقرضنا بدون فائدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في حرمة القروض الربوية، بل إن ذلك من كبائر الذنوب، فحرمة الربا من المعلوم من الدين بالضرورة، وقد ورد في ذلك النهي الشديد والوعيد الأكيد، والآيات والأحاديث في ذلك أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر، والبديل الإسلامي لذلك هو القرض الحسن سواء من قبل بيت المال (خزينة الدولة) أو كان من قبل الأشخاص أو المؤسسات الخيرية.
وإذا كنا في زمن قد خرب فيه بيت المال وقل فيه من يقرض القرض الحسن، فإن هناك بديلا شرعياً وهو بيع المرابحة للآمر بالشراء، وهنالك التورق،
وصفة المرابحة للآمر بالشراء هي: أن يأمر شخص البنك أو شخصاً آخر بأن يشتري له سلعة ما على أن يشتريها منه بربح معلوم، ثم يشتري البنك أو الشخص الآخر تلك السلعة فإذا صارت في ملكه وتم قبضها باعها على الشخص الأول بحسب الاتفاق.
وصفة التورق هي: أن يكون الشخص بحاجة إلى النقد فيشتري سلعة ديناً ثم يبيعها نقداً بأقل مما اشتراها به لكن بشرط أن يكون المشتري الآخر ليس هو البائع الأول وإلا كانت عينة، والجمهور على تحريم العينة، ولمزيد من الفائدة حول المرابحة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1608، 6014، 35812.
ولمزيد من الفائدة حول التورق راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2819، 22172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1426(12/2765)
لا حرج عليك في المضاربة بمالك
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك تاجر يعمل في التجارة الحرة وأراد شخص أن يستثمر مبلغ 150000 ريال لديه، فكيف يتم التعامل مع هذا المال من قبل التاجر خصوصا أنه لا يرغب في جعل هذا المستثمر شريكا في رأس المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى في دفع مالك إلى من ذكرت للمتاجرة به، على أن تكون له نسبة من الربح شائعة كالنصف أو الربع أو أقل أو أكثر حسب الاتفاق بينكما، لأن هذا النوع من العمليات يدخل في ما يعرف عند الفقهاء بالمضاربة، وهي جائزة إذا توافرت الضوابط الشرعية لذلك والمبينة في الفتوى رقم: 3023، والفتوى رقم: 10549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1424(12/2766)
لا يصح تحول المضارب إلى شريك في نفس العين بعمله
[السُّؤَالُ]
ـ[رجلان أرادا أن يشتركا في سيارة يشتريانها بالتقسيط على أن يدفع أحدهما المقدم: عشرة آلاف مثلا، ويعمل الآخر عليها، ويسددا الأقساط من عمل السيارة، وما زاد عن القسط الشهري يكون بينهما مناصفة، وتصير السيارة بذلك بعد سداد أقساطها بينهما مناصفة، والسؤال عن أمرين:
الأول: هل هذا الاتفاق جائز؟ وهل يصح أن يصير المضارب شريكا في نفس العين بعمله؟.
الثاني: حصل حادث للسيارة في الشهر الثاني من شرائها، فما هو حق كل واحد منها؟ أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الاتفاق إما أن يكون عقد شركة بأن يكون الرجلان قد اشتريا السيارة معا في ذمتهما ودفع أحدهما العشرة آلاف المقدمة في مقابل أن الآخر سيعمل على السيارة، وفي هذه الحالة يكون العقد فاسدا لأنهما جعلا العشرة آلاف في مقابل العمل فترة زمنية غير محددة.
وإما أن يكون عقد مضاربة بأن كان المشتري للسيارة هو صاحب العشرة آلاف، والثاني يعمل عليها بنصف ما يبقى بعد دفع القسط الشهري على أن يكون شريكا في السيارة، وفي هذه الحالة يكون العقد فاسدا من وجهين، أحدهما: أن صاحب السيارة قد استزاد لنفسه قسطا شهريا معلوما، والثاني أن الآخر قد استزاد لنفسه ملكه نصف السيارة بعد سداد أقساطها، جاء في المغني لابن قدامة: قال ابن المنذري: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة. انتهى.
فقد علم من هذا أن العقد فاسد على كلا التقديرين ويجب فسخه، وأما ما حصل للسيارة من عطب بسبب الحادث فإن خسارته يتحملها صاحبها إن كان واحدا أو يتحملانها معا إن كانا شريكين كل بقدر حصته منها، وأما العامل منهما فله أجر مثله، قال ابن قدامة في المغني: الفصل الثاني: أن الربح جميعه لرب المال، لأنه نماء ماله وإنما يستحق العامل بالشرط، فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط فلم يستحق منه شيئا ولكن له أجر مثله.
وأما السؤال عما إذا كان يصح أن يتحول المضارب إلى شريك، فقد علمت مما ذكر جوابه وأن ذلك لا يصح، اللهم إلا أن يتعاقد مع من يريد مشاركته عقد شركة منفصل عن عقد المضاربة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1430(12/2767)
يفسد عقد المضاربة إذا لم يحدد ربح الطرفين
[السُّؤَالُ]
ـ[قريب لي مقاول في أعمال البناء، أعطيته مالا رجاء الفائدة إن شاء الله، دون أن أتدخل في العمل لأني مشغول بعملي، ودون أن أتفق معه على أي قدر للفائدة التي سآخذها منه، لأني راض بما يحدده هو ويرضيه.
أخذ المال منذ أكثر من عامين، ولازلت أنتظر أن يعود مالي بالفائدة، ولكن المشكلة أنه قد ضيّقوا عليه، ولم يمضوا له بعض الأوراق ليأخذوا منه رشوة، ويتمكن المسكين من أن يتقاضى ماله من مال من المصالح المختصّّة من الدولة إن شاء الله.
سؤالي: هل يجوز لي أن آخذ مالي إن شاء الله مع الفائدة إن تأكدت أنه دفع لهم رشوة مضطرّا -لا شك، أم آخذ مالي فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصورة المذكورة هي شركة مضاربة؛ لأنك دفعت مالك إلى العامل تريد استثماره وتنميته، لكنكما لم تحددا ما لكل منكما من الربح، وهذا يفسد العقد. قال ابن مفلح في الفروع: فإن شرطا لهما أو لأحدهما ربحا مجهولا أو مثل ما شرط فلان لفلان أو معلوما وزيادة درهم أو إلا درهما أو ربح نصفه أو قدر معلوم أو سفرة أو عام أو أهملاه فسد العقد. انتهى.
وحيث إن العقد فاسد فإن الربح كله لك، وللعامل أجرة مثله على الراجح.
وأما ما دفعه لأولئك من رشوة كي يمضوا له الأ وراق وهو يستحق ذلك فلا حرج عليه، وإنما يكون الإثم على من ألجأه إلى ذلك. قال ابن الأثير: فأما ما يُعطى توصلاً إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه. روي أن ابن مسعود أُخذ بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خُلي سبيله. وانظر الفتوى رقم: 2487.
وعما إذا كان لك أن تأخذ أموالك مع الفائدة، فإذا كان قصدك بالفائدة الربح الحاصل، فالجواب أن لك أن تأخذ أموالك مع ما حصل من الربح.
وبناء عليه، فلا حرج عليك في أخذ ما ربحه مالك والانتفاع به، وعليك أن تعطي للعامل أجرة مثله عوضا عن تعبه وعمله في مالك.
قال ابن قدامة في المغني: الربح جميعه لرب المال، لأنه نماء ماله، وإنما يستحق العامل بالشرط، فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئاً، ولكن له أجر مثله. وراجع للمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 47590. ورقم: 19887.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(12/2768)
لا يضمن المضارب رأس المال إلا إذا تعدى أو فرط
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها الأفاضل: جزاكم الله خيرا، ورزقكم الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب، وجعل ما تقومون به في موازين حسناتكم، اللهم آمين ...
اتفق رجلان على إقامة شركة بينهما، الأول يعطي الثاني مبلغ ألف دينار، ليشغلها ثم يقتسمان الربح، فهل هذه المعاملة جائزة؟
بعد سنة جاء صاحب المبلغ يطالب بنصيبه من الربح، ولكن الثاني قال له بأنه خسر كل المبلغ في إحدى المعاملات، فطالبه صاحب المبلغ برأس المال؟ فهل أخذه لرأس المال جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاتفاق الذي تم بين الشخصين على عقد الشركة بينهما حكمه حكم المضاربة، والمضاربة جائزة بضوابطها الشرعية، ومن هذه الضوابط أن يكون مجال العمل مباحاً، وأن يكون لكل واحد من الشريكين نسبة معلومة من الربح، فإذا تحقق ذلك وكان مجال استثمار المال مباحاً، واتفق الشريكان على اقتسام الربح بمعنى أن يكون لكل واحد منهما نصف الربح أو أي جزء من الربح يتفقان عليه، فهذه المضاربة جائزة، وإذا حدثت خسارة كما ذكر السائل، ولم يكن هناك تعد أو تفريط من العامل، فإن الخسارة تكون من رأس المال، والعامل يخسر تعبه وجهده، ولا يحق لصاحب المال المطالبة برأس ماله، وإن كان هناك تعد أو تفريط من العامل بأن فعل ما نهاه عنه صاحب المال أو فعل ما يخالف عادة التجار، فإن العامل يضمن؛ لأنه تسبب في تلف المال، وفي هذه الحالة يحق لصاحب المال المطالبة برأس ماله.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 116002، 116582، 119146، والفتاوى المرتبطة بها.
ونسأل الله تعالى أن يستعملنا وإياك في طاعته، وأن يجمعنا وإياك في جنته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1430(12/2769)
ضمان رأس المال والتزام فائدة محددة يخرج المضاربة عن مشروعيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بأخذ سلفة من مصرف قطر الإسلامي وذلك للمشاركة في إنشاء شركة أراد صاحبي أن ينشئها وعلى أن يتم إعطائي فوائد هذه السلفة من قبل منشئ الشركة بقيمة أكبر من قيمة القرض بعد ذلك.
سؤالي هنا: هل يجوز أخذ هذه السلفة من البنك حيث إني أخذتها بنية الشركة، ولكن عندما ذهبنا للبنك تم الاتفاق مع البنك على أنها سلفة سيارة بحيث تم إحضار أحد الأشخاص وقام بإحضار سيارته على أنه سوف يبيعها لي وبعد أن تتم البيعة يتم إرجاع السيارة مرة أخرى له، وأقوم أنا باستلام المال الذي تم أخذه من البنك وإعطائه للشخص الذي أراد المال؟
* أفيدوني أفادكم الله......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة محرمة لاشتمالها على موانع كثيرة؛ أولها: أن القرض بهذه الصورة محرم فهو عين الربا لعدم حصول البيع الحقيقي. ولابد في ذلك من مرابحة حقيقية بحيث يكون البيع صحيحا، فيشتري البنك السيارة وتدخل في ملكه وضمانه، ثم يبيعها لك بيعا حقيقيا فتدخل في ملكك وضمانك كما بينا في الفتوى رقم: 35812.
ثم إن صورة الاتفاق بينك وبين شريكك غير صحيحة إذا كان ضمن لك رأس مالك والتزم لك بفائدة محددة، وذلك هو عين الربا فلا يصح. وبناء عليه فلابد من تصحيح تلك العقود جميعها، والدخول في معاملات مباحة. وانظر الفتويين رقم: 46902، 17902.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(12/2770)
حكم ضمان الخسارة ورأس المال في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخ زوجي أعطى لزوجي مبلغا من المال ليشغله معه في العمل (تعهد أعمال في مشروع) على أن يعطيه شهريا مبلغا من المال يخصم من الأرباح في نهاية كل سنة ولكن توقف المشروع قبل السنة من قبل صاحب المشروع لمدة غير معلومة ولم يحصل زوجي رأس المال ولا حتى الربح من المقاول الأساسي بحجة أن لا سيولة لديه وأنه سيعطيه في حين يعاود صاحب المشروع العمل مع العلم أن الأعمال التي تخص زوجي منتهية ولا يزال زوجي يعطي أخاه المبلغ الشهري منذ عشرين شهرا ولم يخبره بما حدث فما موقف الشرع من ذلك علما أن زوجي اضطر للسفر والعمل خارجا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن دفع إلى آخر ماله ليعمل فيه والربح بينهما على ما اشترطا والخسارة على صاحب رأس المال فهذه مضاربة، ويشترط لصحتها أن لا يكون ربح كلا منهما مبلغا معلوما ولكن حصة شائعة من الربح كالنصف والثلث أو الربع ونحو ذلك.
إذا تقرر ذلك فنقول في موضوع السائلة التي تذكر فيه أن زوجها عمل بالمال وحصل ربح وما يزال الربح مع رأس المال لدى المقاول.. فزوجها ليس ملزما بدفع شيء حتى يقبض من المقاول إذا كان ما فعله مأذونا له به من قبل أخيه أو كان هذا هو العرف الجاري لمثل هذه الأعمال.
وما دفعه زوج السائلة لأخيه صاحب رأس المال من مبالغ قبل توقف المشروع يمكن اعتباره تحت الحساب،
ثم إذا قبض الربح وسلم رأس المال إلى صاحبه تقاصا، فما كان من زيادة عند زوجها من حصة أخيه من الربح وفاه إياها، وما كان من زيادة عند أخيه ردها.
وإذا كان زوج السائلة يدفع هذه المبالغ على أساس أنه ضامن للخسارة ولرأس المال بدون تعد منه أو تفريط فهذا غير جائز ويُخرِج المعاملة من المضاربة المشروعة إلى الربا المحرم، وفي هذه الحالة فما حصل من ربح فهو كله لأخي زوجك، ولزوجك أو المقاول أجرة المثل، وما حصل من خسارة فهو على رأس المال، ولزوجك أن يحاسب أخاه على ما دفعه له طلية العشرين شهرا إذا لم يكن قد دفعه متبرعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1430(12/2771)
حكم تقديم المضارب ضمانات مقابل أموال الشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: في إطار شراكة مع بعض الأصدقاء قمت بشراء قيم منقولة حلال في البورصة بأموالهم
مع العلم أنني شاركت بخبرتي في هذا الميدان فقط شريطة أن يكون الربح والخسارة مناصفة بيننا وأنني قدمت لهم ضمانات مقابل أموالهم.
بعد خسارة جزء كبير من هذه الأموال في البورصة واستخذامي للجزء الآخر في سداد بعض ديوني, طالبني شركائي برؤوس أموالهم كاملة دون تحملهم لنصيبهم من الخسارة.
في هذه الحالة هل يجوز لي أن أقترض من بنك ربوي لعدم تواجد شخص أو بنك يقرضني قرضا حسنا وذلك من أجل سداد الأموال المستحقة لأصحابها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة إذا قامت على أن يدفع أصدقاؤك المال لك وتقوم أنت باستثماره فهي مضاربة، ومن أحكام المضاربة أن تكون الخسارة على رأس المال والعامل يخسر جهده وتعبه، فالعامل لا يضمن الخسارة إلا إذا كان هناك تفريط منه في العمل، وعلى هذا فاشتراط أن تشترك في الخسارة شرط باطل، والمضاربة صحيحة ويكون الربح بحسب الاتفاق والخسارة على رأس المال.
قال ابن قدامة في المغني: متى شرط على المضارب ضمان المال , أو سهما من الوضيعة , فالشرط باطل لا نعلم فيه خلافا، والعقد صحيح. نص عليه أحمد. وهو قول أبي حنيفة , ومالك. وروي عن أحمد أن العقد يفسد به. وحكي ذلك عن الشافعي. انتهى.
وقولك: إنك قدمت لهم ضمانات مقابل أموالهم فإن كنت تعني أنك اتفقت معهم على ضمان رأس المال فهذا الشرط باطل أيضاً.
ولا يجوز أن تستخدم أموال الشركاء في سداد ديونك لأنك إنما أخذت هذه الأموال لاستثمارها، ويجب عليك ضمان هذا المال الذي استخدمته في سداد ديونك.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 5480، 10549، 26467، 34799، 67891، 72143، 97954.
وإذا عجزت عن سداد هذه الأموال لأصحابها لكونك معسراً فالواجب عليهم أن ينظروك إلى ميسرة، ولا يجوز لك أن تقترض بالربا لسداد هذه الأموال إلا إذا كان عدم السداد سيلحق بك ضرراً كالسجن مثلاً، ففي هذه الحالة يجوز لك الاقتراض بالربا للضرورة.
وراجع في الضوابط التي تبيح الاقتراض بالربا للضرورة فتوانا رقم: 29129.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(12/2772)
لا تصح المضاربة مع ضمان رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أتاجر في الأسهم بالبورصة الأمريكية والكندية حسب شروط الفتوى من لجنة بنك الراجحي والتي تجيز أسهم الشركات علي الوجه التالي:
البند الأول:
استبعاد الشركات ذات الأنشطة المرتبطة بالخمور ولحوم الخنازير والخدمات التمويلية مثل البنوك وشركات التأمين والوساطة المالية وتوظيف الأموال والأنشطة الترفيهية المحرمة مثل المراقص والكازينوهات وصالات القمار والفنادق والسينما وشركات التبغ والأسلحة.
البند الثاني:
استبعاد الشركات التي ترجع ملكيتها أو مواردها المالية إلى الشركات المذكورة في البند الأول
بعد استبعاد جميع الشركات المذكورة في البند الأول والثاني يتم تطبيق فلترين على البيانات المالية للشركات المتبقية لاستبعاد ما يتعارض منها مع هذين الفلترين.
الفلتر الأول: الدخل من الفوائد مقسوما على (مجموع الإيرادات) يجب أن يكون أقل من %5
الدخل من الفوائد مجموع الإيرادات الفلتر الثاني مجموع الديون مقسوما على (مجموع الأصول) يجب أن يكون أقل من %30.
مجموع الديون: موجودات الشركة (الأصول)
أي شركه نشاطها شرعي حسب البند الأول والثاني يجب أن تجتاز بياناتها المالية الفلتر الأول والثاني حتى تكون مطابقة للضوابط الشرعية.
مع العلم أني لا أبيع ما لا أملك ولا أقترض بالربا وأقتصر علي الشراء والبيع فقط إما في نفس اليوم أو بعد عدة أيام ولم ألجأ إلى هذا العمل إلا بعد ما طرقت أبواب الشركات لأعوام في كندا وأمريكا والخليج لفترة تزيد عن الأربعة أعوام دون جدوى ولا أريد أن أتطرق للأسباب والتي منها أن اسمي محمد.
وكنت أجني مكاسب مقبولة وكذلك خسائر بسيطة إلى أن طلبت من أخي مشاركتي لزيادة رأس المال ولكني بعد البحث في موقعكم تبين لي أن الاتفاق غير شرعي حيث ضمنت له رأس المال على أن يكون نصيبه 25% من الأرباح حيث إنه لا يتحمل الخسارة في رأس ماله وقد اتفق معي أنه يسامحني بأن يتنازل عن هذا الربح حتى أقف علي قدمي حيث إن أحوالي معسورة.
منذ أن دخلت أموال أخي ولم أري مكسبا قط بل خسارة تلو الأخري وهذا ما دفعني للبحث عن السبب حيث إني ولله الحمد ماهر في هذه التجارة ولكن منذ دخلت أموال أخي لم أر مكسبا قط.
السؤال: كيف أتوب من هذا الذنب؟ وهل لي أن أعتبر المبلغ الذي أعطاني إياه أخي قرضا حسنا وأرده له حيث إنه لا يتحمل الخسارة وهذا المبلغ هو كل ما يملك وظروفه ليست ميسورة؟ لي أخ آخر كنت أهبه مالا عندما كنت أعمل وهو الآن يعمل ويهبني مالا كلما احتجت وهو يعلم أنني أتاجر ببعض هذا المال في البورصة ولا يطلب مني أي ربح ولا حتى رد المال ردا منه لما فعلته معه من قبل فكيف أرد له هذا المعروف؟ هل يحل لي أن أدفع له من الأرباح في المستقبل وكيف أحسب النسبة من الربح؟ أيضا زوجتي تفعل معي ما يفعله أخي الثاني حيث إنها تعمل وتعطيني من راتبها أتصرف فيه كيف أشاء بقصد الهبة ولكني دائما أذكر لها أن هذا دين وسوف أرده لها فكيف أتعامل مع هذه الأموال هل هي دين أم هبة، وفي حال أدخلت جزءا منها في تجارة الأسهم ماذا يكون لها؟ كيف أتصرف في أموال الفوائد التي يدفعها لي السمسار الذي أضارب في البورصة عن طريقه حيث إني لا أستطيع رفضها؟ هل لي أن أغير اسمي من محمد إلى زكريا أو اسم آخر وذلك لدفع الأذى من المشركين في الغرب وحتى في بلاد المسلمين علي حد سواء حيث لا يخفى عليكم الوضع الراهن لتوكيل الأمر في الشركات والبلاد لغير المسلمين؟ فو الله قد شهد لي زميلي أن مديري الدرزي في الشركة التي كنت أعمل فيها في إحدى بلاد الخليج قال له إنه صرفني من العمل لأنني أدخلت الله في العمل وهنا في كندا وأمريكا المعاملة تتغير عندما يكتشفون اسمي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأوضاع التي تعاني منها في تلك البلاد تضطرنا لتذكيرك أن الأصل في السفر والإقامة في بلاد الكفر الحرمة لما يترتب عليهما من أضرار على دين المسلم ودنياه, فقد قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا* إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا* فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا. {النساء:97،98،99} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين لا تراءى ناراهما. رواه أبو داود والترمذي.
أما بخصوص ما سألت عنه فسنجيب عليه وفق ترتيب الأسئلة عبر النقاط التالية:
1 - المعاملة بينك وبين أخيك - إذا كان العمل منك - مضاربة وهي هنا فاسدة لما ذكرت من اشتراط ضمان رأس المال, وإذا فسدت المضاربة كان الربح – إن حصل – لرب المال, وللعامل أجر مثله.
2 - التوبة من هذا الذنب بعد العلم بأنه ذنب تقتضي فسخ هذه المعاملة الفاسدة وفق ما ذكر.
3 – بعد فسخ المعاملة فلكما ما تتفقان عليه من جعله قرضا حسنا بحيث يستحق رد رأس ماله إليه دون زيادة, أو جعله مضاربة فيستحق من الربح ما اشترط له, وإذا حصلت خسارة فهي من رأس المال, ولا مانع أن تتطوع أنت برد رأس ماله إليه كاملا دون وعد بذلك أو شرط.
4 – أخوك الآخر الذي كافأك على ما كنت تقوم به من مساعدتك له لك أن ترد إليه الجميل بما تراه مناسبا من إعطائه مالا مقطوعا أو جزءا من الربح, وكذلك الأمر بالنسبة للزوجة إذا كانت أعطتك المال على وجه الهبة , وإن كنت أخذته على وجه القرض فهو دين, ولك أن تقضيه بأكثر مما أخذته إذا كان ذلك تطوعا منك وليس شرطا منها هي فيكون ذلك من باب حسن القضاء.
5 – الفوائد التي تحصل عليها عن طريق السمسار هي فوائد ربوية يجب التخلص منها فورا بإنفاقها في مصارف البر كالإنفاق على الفقراء والمساكين وكفالة الأيتام.
6 – إذا كان الضرر محققا فلا مانع من دفعه بتغيير الاسم من محمد إلى زكريا هذا إذا كنت مضطرا للإقامة هناك، وراجع الفتوى رقم: 22873.
وللمزيد راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 112448، 111067، 105170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1429(12/2773)
يأخذ العائد نسبة معلومة من المال لا من الربح المستفاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنني أتعامل مع تاجر ومورد بضائع إلى الشركات والمؤسسات الحكومية. أقوم بإعطائه المال لإتمام الصفقة وكلما عادت إليه فوائد الصفقة أعطاني نصيبي نسبة من المال الذي أعطيته. هذا الاتفاق لا يتم بفترة ملزمة وإنما كلما ربح التاجر صفقته وقبض مالها. فبعض الأحيان يستغرق شهرين أو ثلاثة أشهر أو أربعة ولا تتزايد نسبتي بالأشهر وإنما بمشاركتي المالية بالصفقة فأحيانا 5000 وأحيانا 10000 أو20000
هل تعتبر هذه العملية ربا؟ مع العلم أنه لا توجد خسارة مبينة لأن التاجر يتعامل بصفقات مضمونة وشبه منتهية ولكن ليس هناك ما يثبت عدم الخسارة فليس هناك عقد وإنما على الثقة والأمانة فيما بيننا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا المال إما أن تكون أعطيته على سبيل القرض فلا يجوز لك أن تأخذ عليه شيئا لأنه يعتبر حينئذ قرضا جر نفعا، وإما أن تكون أعطيته له على سبيل المضاربة في البضائع التي يوردها التاجر وهي جائزة، ولكن يشترط لصحتها أن لا يضمن المضارب رأس المال، وأن تكون الفائدة العائدة على صاحب المال قدرا معلوما من الربح، لا من رأس المال.
وعلى هذا؛ فصورة المعاملة المذكورة فاسدة لأن السائل يأخذ نصيبه نسبة معلومة من المال الذي أعطاه لا من الربح المستفاد.
جاء في الموسوعة الفقهية: اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ كُلٍّ مِنَ الْعَاقِدَيْنِ مِنَ الرِّبْحِ مَعْلُومًا لأَِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ الرِّبْحُ، وَجَهَالَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ (الموسوعة الفقهية 38 /53) .
وتصحيح هذه المعاملة بأن تتفق مع المضارب على نسبة معلومة من الربح إن حصل، كالنصف أو الثلث أو الربع مثلا. فإن حصلت خسارة ـ لا قدر الله ـ فتكون من رأس المال، وأما المضارب فإنه يخسر مجهوده فقط.
وقد سبقت بعض الفتاوى في بيان شروط المضاربة: 5480، 10549، 5314، 21436، 29065، وحكم اشتراط ضمان رأس المال في المضاربة: 11158، 26778.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(12/2774)
حكم الجمع بين المضاربة والجعالة في عقد واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بالاتفاق مع أحد الإخوة بالمتاجرة في سوق العملات العالمية في شركة بأميركا لديها حسابات إسلامية مخصصة للمسلمين في المتاجرة بالعملات، هو برأس المال وأنا أقوم بالتشغيل لخبرتي بهذا المجال، وكان الاتفاق أن توزع الأرباح ً بنسبة 30% لي تحتسب من الأرباح عند نهاية كل شهر بالإضافة أن تحتسب لي عند كل عملية شراء عمولة تقتطع من حساب صاحب رأس المال لحسابي وكان على علم بذلك، وعند التشغيل ومع تغير الأوضاع العالمية في سوق العملات خسر الرجل كامل المبلغ.
ويعلم الله أني لم أهمل أو أقصر في المتاجرة برأس مال الرجل ولكن قدر الله وما شاء فعل.
هل أنا ملزم بإرجاع رأس المال أو جزء منه أو العمولات التي كانت الشركة تستقطعها من حساب صاحب رأس المال لحسابي عند كل عملية شراء؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المعاملة تسمى بالمضاربة أو القراض، وحكمها الجواز إذا توفرت شروطها، ومن شروطها أن يحدد الربح بجزء مشاع، فلا يجوز أن يشترط رب المال أو العامل لنفسه مبلغا محددا لاحتمال أن لا يربح المال إلا ذلك القدر فيخسر الآخر.
قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن للعامل أن يشترط على رب المال ثلث الربح أو نصفه أو ما يجتمعان عليه بعد أن يكون ذلك معلوما جزءا من أجزاء، وأجمعوا على إبطال القراض الذي يشترط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة.
وقال ابن قدامة: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ لَأَحَدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فَضْلَ دَرَاهِمَ وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ مَتَى جَعَلَ نَصِيبَ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، أَوْ جَعَلَ مَعَ نَصِيبِهِ دَرَاهِمَ، مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ جُزْءًا وَعَشْرَةَ دَرَاهِمَ، بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ.
وبناء على هذا فإن المضاربة هنا فاسدة لاشتراطك عمولة تقتطع من حساب رب المال لحسابك، ولما فيها من معنى الجمع بين الجعالة والمضاربة (القراض) .
والجمع بين المضاربة: القراض والجعالة في عقد لا يجوز. وراجع الفتوى رقم: 53070.
قال ميارة في شرحه على تحفة ابن عاصم
ثَمَانِيَةُ عُقُودٍ لَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ مِنْهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ.
ونظم هذه العقود فقال:
عُقُودٌ مَنَعْنَا اثْنَيْنِ مِنْهَا بِعُقْدَةٍ لِكَوْنِ مَعَانِيهَا مَعًا تَتَفَرَّقُ
فَجُعْلٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ شِرْكَةٌ نِكَاحٌ قِرَاضٌ قَرْضُ بَيْعٌ مُحَقَّقُ.
ولبيان ما يترتب على فساد المضاربة راجع الفتوى: 57853.
وفيها أنه يكون لرب المال الربح وعليه والخسارة وللعامل أجرة المثل، وعليه، فالمضاربة المذكورة فاسدة ولو افترض أن وجد فيها ربح فهو كله لصاحب المال والعامل له أجرة مثله ولا ضمان عليه إذا لم يكن قد حصل منه تقصير أو تفريط.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(12/2775)
من الطرق المشروعة لتنمية رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أود تقديم قرض مالي لشخص ما وذلك حتى أتمكن من زيادة رأس مالي والمتاجرة به ولكن دون الدخول بأمور الربا كيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن في الحلال غنية عن الحرام من الربا والميسر وسائر أنواع المكاسب المحرمة.
وإن الله تعالى إذا حرم بابا من أبواب الحرام فتح بابا من الحلال الطيب، ومن هذا الحلال الطيب التجارة والمضاربة والإجارة والشراكة، وإذا كان السائل لا يقدر على التجارة بنفسه وأراد دفع مبلغ من المال إلى آخر ليضارب به والربح بينهما على حسب ما يتفقان عليه، فهذا يعرف بالمضاربة، ولها شروط وضوابط ذكرناها من أكثر من فتوى، ولا يسمى هذا النوع من الاستثمار الشرعي قرضا، وإنما اسمه الفقهي الشرعي مضاربة أو قراض، وراجع في معنى شروط المضاربة الفتوى رقم: 3023، والفتوى رقم: 104127، والفتوى رقم: 11158.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(12/2776)
الربح المباح في الاستثمار كونه حصة شائعة لا مبلغا معلوما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في شركة ولكن عندي المقدرة أن أعطي صاحب الشركة مالا وقدره على سبيل المثال 10000 مقابل نسبة شهرية يحددها معي فهل هذا حرام أم لا، وإن كان حراما إذن البنوك كلها حرام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم الأخ السائل أنه إذا أراد أن يستثمر ماله في الشركة المذكورة أو في غيرها فإن عليه الالتزام بالضوابط الشرعية للاستثمار، ومن هذه الضوابط أن يكون المجال الذي يستثمر فيه المال مجالا مباحا، وأن يتم الاتفاق بين صاحب المال والمستثمر أو العامل فيه على أن يكون نصيب كل منهما من الربح مشاعا كالثلث أو الربع أو النصف ونحو ذلك، وبهذا تعلم أن حصة صاحب المال من الربح لا من رأس ماله، وأنه يجب أن تكون هذه الحصة حصة شائعة لا مبلغا معلوما، فإذا كان مبلغا معلوما كان هذا ربا محرما، ويفسد العقد بهذا.
جاء في المغني: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أوكلاهما لنفسه دراهم معدودة. انتهى
ومن الضوابط كذلك أن لا يضمن العامل رأس المال إلا في حالة التعدي أو التفريط، فإذا حصلت خسارة بدون تفريط منه ولا تعد، فالخسارة على صاحب رأس المال في ماله، وعلى العامل في جهده.
جاء في المنتقى في شرح الموطأ: قال مالك في الرجل يدفع إلى الرجل مالا قراضا (مضاربة) ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان قال: لا يجوز. انتهى.
فإذا وجدت هذه الضوابط فلا مانع من استثمارك للمال عند الشركة التي تعمل بها.
وأما عن حكم وضع المال في البنوك الربوية للحصول على فائدة فهو ربا محرم باطل، وراجع الفتوى رقم: 24357.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1428(12/2777)
حكم المضاربة مع كون رأس المال عرضا لا نقدا
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي محل بيع أحذية واتفقت مع صديق لي على المشاركة في التجارة أعطاني رأس مال واتفقنا على أن يكون نصيبه الثلث من المكسب والثلث للمصاريف والثلث للمكان بعد أول دورة لرأس المال قسمنا الأرباح وسحب جزءا من رأس المال مما أثر على مبيعات المحل إضافة لحالة الركود التي ألمت بالبلاد، أدى ذلك إلى انخفاض قيمة الأرباح عن المصاريف أي خسارة بفرق كبير وواضح وقد أبلغته عدة مرات بذلك ثم جاء موعد المحاسبة ففوجئت به يقول لي بأنه يخصه الثلث في الأرباح كما هو منصوص في العقد وأن الثلث الخاص بالمصاريف لا شأن له به، مع العلم بأن سحبه لجزء من رأس المال كان له تأثير كبير في حالة التراجع التي حدثت.
فما الرأي الشرعي في ذلك أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي تم بينكما عقد فاسد، فلا يصح أن يجعل شراكة ولا مضاربة صحيحتين، لأن من شروط صحة الشراكة أن يكون رأس مال أحد الشريكين نقداً ولا يصح أن يكون عرضاً لأن الشركة تقتضي الرجوع عند المفاصلة برأس المال أو بمثله، وهذه لا مثل لها يرجع إليه، وقد تزيد قيمة العرض فتستوعب جميع الربح أو جميع المال، وقد تنقص قيمته فيؤدي إلى أن يشاركه الآخر في ثمن ملكه الذي ليس بربح.
وأجاز أحمد في إحدى الروايتين عنه الشركة بالعروض على أن تجعل قيمتها وقت العقد رأس المال وهذا ما لم يحصل بينكما، وما دامت هذه شركة فاسدة فإن الربح لصاحب المال وللعامل ومحله أجرة المثل يقدرها أهل الخبرة، ولا يصح أن يجعل هذا العقد مضاربة لأن من شروط صحتها أن تحدد نسبة معينة لصاحب رأس المال ونسبة للعامل، وتكاليف العمل ومنه إيجار المحل تكون في مال المضاربة دون تحديد ولا يتحمل منها العامل شيئاً، فاشتراط أن تكون من الربح شرط يفسد هذه المعاملة، وقد نص العلماء على أن عقد المضاربة إذا فسد فالربح كله لصاحب رأس المال وعليه كل النفقات للنقل وإيجار المحل ونحو ذلك، وللعامل أجرة المثل، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 72079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1428(12/2778)
من شروط صحة المضاربة عدم تحديد الربح لأحد الطرفين
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشرت في بلدي الأردن جمعية تدعى السوسنة الزرقاء يقوم أصحابها على جمع مبلغ ستة دنانير من كل عائلة على أن تقوم هذه العائلة بتزويدهم بما لديها من خبز أو طعام ناشف ليصنعوا منه أعلافا وتزويدهم ببقايا القطع والعلب البلاستيكية لإعادة تدويرها على أن تعطيهم الشركة مبلغ تسعة دنانير بعد ثلاثة أشهر وبعد فترة معينة مبلغ قريب منه وهكذا، فما حكم التعامل مع مثل هذه الجمعية إذا علمنا أنه لا يشترط في المشترك أن يقدم مقدارا معينا من الخبز أو البلاستيك وإنما بحسب راحته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا العمل الذي تقوم به هذه الجمعية لا يجوز حسب ما ذكرته في سؤالك ولو كان ما ستقدمه الأسر من الطعام ونحوه اختيارياً لأنها تحدد الربح الذي ستعطيه للأسر كل ثلاثة أشهر أو أكثر من ذلك أو أقل، ومن شروط صحة المضاربة عدم تحديد الربح لمالك المال ولا للعامل أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1428(12/2779)
الاشتراط في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد اتفقنا مع أحد الأشخاص على المضاربة فى مال لنا مقابل 50 % من الربح، لكنه يشترط مرور سنة على الحصول على ربح، وكذلك إن أردنا الحصول على المال يجب إخباره قبل السنة بشهرين وإلا يعتبر هذا موافقة ضمنية على مضاربة بالمبلغ للعام التالي، فهل شرط كهذا يفسد المضاربة، وهل يجوز لنا محاسبته ومتابعته عن كيفية سير العمل وحسابات البيع والشراء والأرباح، أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعقد المضاربة من العقود الجائزة فيجوز لكل من المالك والعامل فسخها متى شاء، هذا إذا عقدت مطلقة، أما إذا عقدت مؤقتة بسنة ونحوها فاختلف أهل العلم هل تصح أم لا على قولين:
الأول: أنه تصح ويلزم الوفاء بالشرط فإذا انتهت المدة جدد العقد لمدة قادمة وهكذا.
الثاني: لا يصح توقيتها، وقد بين الإمام ابن قدامة الحنبلي أقوال أهل العلم في ذلك فقال: ويصح تأقيت المضاربة، مثل أن يقول: ضاربتك على هذه الدراهم سنة، فإذا انقضت فلا تبع ولا تشتر، قال مهنا: سألت أحمد عن رجل أعطى رجلاً ألفاً مضاربة شهراً، قال: إذا مضى شهر يكون قرضاً. قال: لا بأس به. قلت: فإن جاء الشهر وهي متاع؟ قال: إذا باع المتاع يكون قرضاً. وقال أبو الخطاب: في صحة شرط التأقيت روايتان: إحداهما، هو صحيح. وهو قول أبي حنيفة. والثانية لا يصح وهو قول الشافعي، ومالك. واختيار أبي حفص العكبري لثلاثة معان: أحدهما: أنه عقد يقع مطلقاً، فإذا شرط قطعه لم يصح كالنكاح.
الثاني: أن هذا ليس من مقتضى العقد، ولا له فيه مصلحة، فأشبه ما لو شرط أن لا يبيع، وبيان أنه ليس من مقتضى العقد، أنه يقتضي أن يكون رأس المال ناضاً، فإذا منعه البيع لم ينض.
الثالث: إن هذا يؤدي إلى ضرر بالعامل، لأنه قد يكون الربح والحظ في تبقية المتاع، وبيعه بعد السنة، فيمتنع ذلك بمضيها، ولنا أنه تصرف يتوقت بنوع من المتاع فجاز توقيته في الزمان، كالوكالة، والمعنى الأول الذي ذكروه يبطل بالوكالة الوديعة، والمعنى الثاني والثالث يبطل تخصيصه بنوع من المتاع، ولأن لرب المال منعه من البيع والشراء في كل وقت إذا رضي أن يأخذ بماله عرضاً، فإذا شرط ذلك فقد شرط ما هو من مقتضى العقد، فصح كما لو قال: إذا انقضت السنة فلا تشتر شيئاً. وقد سلموا صحة ذلك.
وعلى القول الأول وهو صحة التأقيت يجوز الشرط الذي شرطه، ولا مانع من أن يتجدد العقد تلقائياً ما دمتم اتفقتم على ذلك.
وأما متابعته ومحاسبته إذا ظهر منه تفريط فلا حرج في ذلك، وإذا تبين تفريطه ضمن ما فرط فيه دون غيره، وأما إذا لم يوجد فهو مؤتمن على ذلك والقول قوله إلا أن يكون لرب المال بينه تشهد بخلاف ما ذكر، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1428(12/2780)
ضمان رأس المال - ولو تبرعا - يفسد عقد المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أودعت رأس مالي في بنك إسلامي هنا بالجزائر، والبنك ضامن لرأس المال، وأعلموني أنهم يوزعون أرباحا في نهاية السنة علما أن البنك أخذ بفتوى الفقهاء في المضاربة التي تبيح ضمان رأس المال متبرعا أي أن البنك متبرع بضمان رأس المال وليس عليه شرط من صاحب المال بضمان رأس المال، واللجنة الشرعية هي التي أفتت بذلك وأجازت الصورة واستدلت بأقوال الحنفية حيت إنهم يعتبرون أي الأحناف في حالة المضاربة الفاسدة يبطل الشرط ويبقى العقد صحيحا.
السؤال: ما حكم الأرباح التي يمنحها هذا البنك أي البركة هنا بالجزائر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز اشتراط ضمان رأس المال في عقد المضاربة ولو تبرع بذلك عامل المضاربة –البنك- لأن ذكر ذلك التبرع بالضمان في العقد ينزله منزلة الشرط الواجب تنفيذه والتقيد به.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن سندات المقارضة -المضاربة ضمن مقراراته-: لا تجوز أن تشمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة – المضاربة – على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال، فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمنا بطل شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل. اهـ
وإنما ذهب بعض العلماء إلى جواز ضمان العامل لرأس المال تبرعا إذا وقع ذلك بعد تمام العقد وبعد الشروع في العمل، جاء في حاشية الإمام الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل (م/324) : قيل لابن زرب أيجب الضمان في مال القراض إذا طاع (أي تطوع) قابضه بالتزام الضمان؟ فقال: إذا التزم الضمان طائعا بعد الشروع في العمل فما يبعد أن يلزمه.
وما نسبه السائل إلى الحنفية صحيح، جاء في الفقه الإسلامي وأدلته للشيخ وهبة الزحيلي ما نصه: وإن شرط على العامل ضمان رأس المال إن تلف بطل الشرط والعقد صحيح عند الحنفية والحنابلة.
لكن لا يعني ذلك جواز الدخول في المعاملة وفيها الشرط المذكور، إنما يعني أنها إذا وقعت فإن الشرط يلغى وإذا كان هناك ربح كان بين رب المال والعامل على حسب ما اتفقا، أما إذا حدثت خسارة فإنها تكون على رب المال وحده.
وأما بالنسبة للأرباح التي يأخذها السائل من البنك فهي حلال لأنها على القول بصحة عقد المضاربة وفساد شرط الضمان هي مقدار ما يستحقه من الأرباح.
أما على القول الآخر وهي فساد المضاربة فإن هذه الأرباح هي بعض ما يستحق لأن الربح في المضاربة الفاسدة كله لرب المال وإنما للعامل إما أجرة المثل أو قراض المثل على قولين للفقهاء، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 47590.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1428(12/2781)
ضوابط جواز الدخول مع صاحب سوبر ماركت كمضارب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن الشراكة هل يجوز أن أشارك شخصا بدون أن أدفع مالاً وآخذ من الربح النصف، مع العلم بأن الشراكة في سوبر ماركت وأنا وهو نتقاسم وقت البيع أي بمعنى يجلس هو من الساعة 8 صباحا وحتى الساعة 2 ظهراً وأنا من بعده إلى الساعة 11 ليلا، فهل هذه الشراكة صحيحة، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يصح أن تدخل مع صاحب هذه السوبر ماركت كمضارب، والمضارب شريك في الربح، ويشترط لصحة هذه المضاربة شروط:
الشرط الأول: أن يتم تقييم البضاعة في المحل بالمال لأنه لا يجوز أن يكون رأس مال المضاربة عرضاً (بضاعة) وإنما يكون نقداً، فإذا أردت أن تضارب مع هذا الشخص فيجب أولاً أن تُقوَّم البضاعة بثمن، ويكون هذا الثمن هو رأس مال المضاربة.
الشرط الثاني: لا يجوز أن تشترط مبلغاً محدداً وإنما تكون حصتك من الربح جزءاً مشاعاً كالنصف أو الربع ونحو ذلك.
الشرط الثالث: لا يصح أن تضمن رأس المال عند حدوث خسارة بدون تعد منك أو تفريط لأن يدك على هذا المال يد أمانة، والأمين لا يضمن ما لم يفرط أو يتعدى.
وأما بالنسبة لمشاركة صاحب رأس المال في العمل معك فإنه لا مانع منها إذا تحققت الشروط السابقة، كما جاء في كشاف القناع: وإن أخرج إنسان مالاً تصح المضاربة عليه، يعمل فيه هو، أي مالكه وآخر، والربح بينهما صح، وكان مضاربة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1428(12/2782)
الاستفادة من رواتب الموظفين في مقابل مضاعفتها بعد زمن
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدينا في الشركة التى أعمل بها مشروع مغزاه هو اقتطاع جزء من الراتب بصفة شهرية ويتم ادخار هذا المبلغ لدى الشركة لمدة ثلاث سنوات، وبعد هذه المدة ترد لنا الشركة هذا المبلغ مضاعفا وإن أردت استرداده قبل هذه المدة (3 سنوات) ستدفع لي الشركة المبلغ الذى ادخرته دون أن تضاعفه. والسؤال هو: هل هذا المشروع يعتبر ربا أم لا؟ أرجو الرد سريعا جدا حتى لا يقع في هذا الإثم الكثير من العاملين في الشركة (إن ثبت تحريمه) ؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نظام الادخار الذي تفعله بعض الشركات إذا كان بإذن الموظف فلا بأس به بشرط أن تستثمر هذه الأموال المقتطعة في مجالات مباحة، فلا توضع هذه الأموال مثلا في البنوك الربوية مقابل فائدة ومن ثم توزع هذه الفائدة على الموظفين، كما يشترط كذلك أن يكون استثمار هذه الأموال خاضعا للربح والخسارة فلا يجوز أن تكون الأرباح ثابتة لا تتغير فإن ذلك يخرجها من الاستثمار المباح إلى الإقراض المحرم.
هذا والذي يظهر من صورة المعاملة المذكورة أنها إقراض بفائدة وليست مضاربة ولا استثمارا مباحا، وبالتالي يحرم الاشتراك فيها اختيارا- وهي اختيارية كما هو ظاهر السؤال-، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 69388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1427(12/2783)
المضاربة لا تلزم بمجرد العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[متى تبدأ المضاربة بين طرفين طبقا للشريعة
-هل تبدأ عندما يكتب العقد أو أنها تبدأ عندما يقول أحد الطرفين تشاركني مضاربة ويجيب الطرف الآخر بالإيجاب، ام أنها تبدأ عند بداية العمل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمضاربة [أو القراض] قد عرفها أهل العلم بأنها عقد يتضمن دفع مال خاص معلوم قدره ونوعه وصفته من جائز التصرف، لعاقل مميز رشيد يتجر فيه بجزء مشاع معلوم من ربحه له.
وهي من العقود التي لا تلزم بمجرد العقد، بل بالشروع في عملها. قال خليل بن إسحاق: ولكل فسخه قبل عمله، كربه وإن تزود لسفر ولم يظعن ...
وقال الشيخ عليش في منح الجليل: (ولكل) من رب المال وللعامل (فسخه) أي القراض (قبل) الشروع في (عمله) أي القراض على المعروف لأنه عقد غير لازم ...
وبناء على ذلك، فالمضاربة إنما تبدأ إذا شرع العامل في اشتراء السلع، أو في تنفيذ المشروع بالطريقة التي سينفذ بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1427(12/2784)
اشتراط ضمان المال في المضاربة يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت مع أحد الإخوة على أن أشاركه في محله التجاري الذي يملكه هو، بأن أدفع له (2000) دينار على أن أشاركه في الأرباح الشهرية للمحل, وعلى أن أسترد المبلغ كاملاً عند نهاية الشركة بيننا. وفعلاً هذا ما تم حيث كنت أحصل منه على أرباح شهرية متغيرة حسب ما كان يجنيه شهرياً.
والآن وقد اتفقنا على فض الشركة وأن يقوم صديقي بإعادة الـ (2000) دينار كاملة.
هل هذا يعتبر من الربا؟ وما حكم هذا الاتفاق أساساً، هل هو باطل أم جائز؟ وما حكم أخذ الأرباح فقط؟
أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المشاركة باطلة شرعاً والسبب هو ضمان المبلغ الذي دفعته لشريكك ليتجر به، فالشريك والمضارب لا يضمن مال صاحبه لأنه أمين، والأمين لا يضمن إلا إذا فرّط أو قصّر في حفظ المال. وراجع للمزيد في هذا الفتوى رقم: 8151 والفتوى رقم: 11158 والفتوى رقم: 34799.
فتكون حقيقة هذه الشراكة هي قرض بفائدة، فكأنك أقرضت صاحبك، واشترطت عليه فائدة شهرية، وهذا هو عين الربا، وراجع فيه فتوانا رقم: 5160.
وإذا كان الأمر كذلك فالمضاربة فاسدة، وإذا فسدت المضاربة فلصاحب المال الأرباح وللعامل أجرة المثل، وراجع الفتوى رقم: 65877. والفتوى رقم: 45239. مع التوبة إلى الله عز وجل من هذا العمل المحرم.
هذا وإذا أردت أن تستثمر مالك على الوجه الحلال، فانظر شخصاً أميناً حاذقاً يضارب لك فيه بشروط المضاربة الشرعية الصحيحة والتي تجدها مبينة في الفتوى رقم: 10549 والفتوى رقم: 63918.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(12/2785)
حكم تحديد الربح من رأس المال في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[عرض علي أحد الأقارب أن أعطيه مالاً لكي يقوم بتشغيله في تجارته مقابل أن يدفع لي نسبة شهريه قدرها 2% (إثنان بالمائة) من رأس المال كل شهر يدفعها لي، وقال إنه مسامح لو كان ما سيدفعه لي أكثر مما أستحق أنا، وطلب مني أن أسامحه حال أن يكون المبلغ أقل مما أستحق في نسبة الربح في تجارته، فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة في حقيقتها محرمة لأنها مضاربة فاسدة فقد صارت قرضاً ربوياً، وما يستحقه رب المال والمضارب في المضاربة الصحيحة يجب أن يكون مشاعاً كالربع والنصف والثلث ونحو ذلك، وأن يكون من الربح لا من رأس المال.
والحاصل أن هذه المعاملة لا تجوز، وما مضى منها فالربح كله لك، ولقريبك المضارب أجرة المثل.
وراجع لتفصيل ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28410، 28636، 19406، 11158.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1426(12/2786)
ضمان رأس المال وكون الربح مبلغا مقطوعا شهريا يفسد عقد المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت في شركة أجنبية مع صاحب لي وكان رأس مالي بسيطا (1000 دولار) واتفقنا على مبلغ معين لكل شهر على أن يكون 150 دولارا شهريا ربح أو خسر، وبعد مدة خمسة عشرة سنة اتصلت بصاحبي وكانت أمور الشركة ممتازة، كان الاتفاق خطأ وأنا لم أستلم منه أي مبلغ حتى الآن ولم يكن لدي علم بأن الاتفاق خطأ.
سؤالي هو: هل يمكن تغيير الاتفاق بصورة صحيحة حسب ما شرع الله سبحانه وتعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور: الأمر الأول: حكم ما تم الاتفاق عليه مع صاحبك على أن تشاركه بمبلغ ألف دولار على أن يكون الربح 150 دولارا شهريا، وذلك حرام والعقد غير صحيح لأن المعاملة المذكورة هي شركة مضاربة، ولا يجوز فيها ضمان رأس المال ولا جعل الربح مبلغا مقطوعا، بل لا بد أن يكون نسبة من الربح معلومة تتغير بتغير الربح والخسارة، فإن حصل ربح فحسب الاتفاق وإن حصلت خسارة خسر رب المال ما خسر من ماله وخسر المضارب جهده.
والأمر الثاني: كيفية العمل في الربح في تلك المعاملة الفاسدة والجواب: أن ربح ذلك المبلغ كله لصاحبه ـ والذي هو أنت في مسألتنا ـ وللعامل ـ والذي هو صاحبك هنا ـ أجرة المثل لأنه عقد يستحق به المسمى في صحيحه فاستحق أجرة المثل في فاسده، كما قاله زكريا الأنصاري في أسنى المطالب. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى: ولا يستحق الأجرة المسماة، لكن إذا عمل لليتامى ـ يعني الوصي ـ استحق أجرة المثل كالعمل في سائر العقود الفاسدة. انتهى. وقال ابن قدامة في المغني: فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئا، ولكن له أجرة مثله. والأمر الثالث: كيفية تصحيح تلك المعاملة لتصير موافقة للشرع وذلك يكون بجعلها إما مضاربة أو شركة. والمضاربة تقدمت في أول الفتوى صفتها، والشركة هي أن تكون شريكا له بقدر رأس مالك ويكون الربح بحسب رأس المال أوما اتفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1426(12/2787)
زكاة المضاربة على رأس المال وما حال عليه الحول من الأرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[لي مبلغ من المال اتفقت مع أخي على تشغيله في معمله لقاء نسبة من الأرباح تتراوح مابين 10-15% مرض أخي مرضا عضالا وكنت أعلم أن عليه ديونا كما أن مرضه يكلفه مبالغ باهظة وقد قلت له إن المبلغ الذي بعهدته للتشغيل يؤول بعد موتي لأولاده القصر الثلاث توفي أخي وأصبحت زوجته وصية على الأولاد وإني أتقاضى مستحقاتي عن الأرباح شهريا لمعيشتي وقد علمت أن زوجة أخي لاتدفع زكاة الأرباح المتحققة بدعوى أن عليها دينا وهكذا تراكمت الزكاة المتوجبة عما أتقاضاه من أرباح حتى بلغت مبلغا كبيرا لا أستطيع سداده
السؤال: هل يجب علي إخراج الزكاة عن أصل مبلغ التشغيل مع ما يتبقى من الأرباح بعد تنزيل النفقات أم أن الزكاة تتوجب فقط عن الأرباح المتحققة بعد حسم المصارف المعيشية علما أن مبلغي من المال الموضوع في التشغيل قد أدخل في رأس مال المعمل وهو معمل تلبيس بلاستيك (أي تقديم خدمات بأجر) .
أفيدوني يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هذه العملية تدخل فيما يسمى عند بعض الفقهاء بالمضاربة، وعند بعضهم بالقراض ولها شروط صحة ذكرناها في الفتويين التاليتين: 17902، 10549.
ومن شروط صحتها تحديد نسبة العامل من الربح عند العقد، وعليه فإن كانت الأخت السائلة تعني بقولها نسبة تتراوح ما بين 10-15 أن هذا هو الذي وقع عليه الاتفاق عند العقد، فإن المعاملة فاسدة من أولها لعدم معرفة نسبة العامل من الربح بالتحديد وحكمها الفسخ ويكون الربح لرب المال كما تكون عليه الخسارة، وللعامل أجرة المثل.
هذا مذهب جمهور أهل العلم ويمكن تصحيح المعاملة من جديد بتحديد نسبة العامل، أما الماضي فيكون الحساب فيه على أساس أن الربح كله لرب المال وللعامل أجرة مثله كما تقدم.
وإن كانت تعني أن الاتفاق وقع على أحد هذين المبلغين معيناً، فالمعاملة صحيحة، وقد أوضحنا كلام أهل العلم فيمن تجب عليه زكاة ربح المضاربة في الفتوى رقم: 16615.
فإذا علمت من خلال الفتوى المحال عليها أن عليك زكاة رأس المال مع نصيبك من الربح، فإن الدين الذي على العامل وهو هنا زوجة أخيك المتوفى لأنها حلت محله لا يسقط زكاة رأس المال المضارب فيه، ولا نصيبك من ربحه لأنه ليس في ملكها، ولا تتولى زكاته إلا إذا وكلتها أنت على ذلك، ولا تطالب هي بزكاة نصيبها من الربح إلا بعد القسمة، وإن كان عليها دين فقد أوضحنا في الفتوى رقم: 7675 الحالة التي يسقط فيها الدين الزكاة.
وأما عن زكاة ما تأخذينه شهرياً، فإن حال حول ورأس المال بقي منه شيء زكي مع رأس المال، وإن استهلك قبل ذلك، فلا يحسب ولا تسقط الزكاة بالتراكم ولا بكثرة الأعوام التي تركت فيها، فالواجب عليك أن تنظري في حسابات السنين الماضية وتعرفي ما وصل إليه المال في كل سنة وعلى أساس ذلك تخرجين زكاة رأس المال والربح معا، ولا يحسب ما أخذ شهرياً وتم استهلاكه قبل حلول الحول كما قدمنا، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى قم: 47097.
أما الإجابة عن ما تتوجب فيه الزكاة هل هو الأرباح فقط أم رأس المال مع الأرباح، فالجواب أن الزكاة تجب في رأس المال وما نتج عنه من نصيبك من الأرباح إلا ما استهلك قبل حلول الحول إلا أن العقارات والأصول الثابتة التي لا يقصد الاتجار بها وإنما تقصد غلتها لا تجب فيها الزكاة لأنها غير معدة للبيع، وكذلك المكاين والآلات التي تشتغل ولا تعد للبيع لا تجب فيها الزكاة، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 39871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1426(12/2788)
من شروط صحة المضاربة عدم ضمان رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي المفتي طرحت سؤالا لديكم يحمل رقم 270902 وتمت الإجابة عليه مشكورين بما معناه
أن كل قرض جر فائدة فهو ربا وهذا صحيح وهي قاعدة شرعية معروفة لكن أحب أن ألفت نظركم إلى أنه في سؤالي المطروح لم أذكر كلمة القرض أو الاستدانة إنما ذكرت كلمة شراكة ولكن بنسبة من الأرباح وهي نسبة تتغير بتغير الربح وجوهر السؤال: أولا: هو أن لهذه الشركة مدة زمنية.
ثانياّ: لهذه الشركة طريقة في إرجاع رأس مال الشريك متفق عليها كما هو وارد في نص السؤال
وفيما يلي إعادة لنص السؤال رقم 270902:
(السلام عليكم ورحمة الله لدي سؤال حول مشروعية شراكة معروض علي للتعامل بها على الشكل التالي: أستلم مبلغا من المال على أن أسدده على أربع سنوات بشكل سنوي مقابل نسبة من الأرباح تظل ثابتة طول فترة التسديد مثال: آخذ المبلغ 2مليون ليرة من الممول الشريك للاتجار بها بالمقابل يأخذ نسبة من مجمل الأرباح تقدر بـ 15% يسدد المبلغ إلى الممول على أربع سنوات كل سنة 500 ألف ليرة مع الحفاظ على نسبة الربح الصافي وهي 15 % من مجمل الأرباح طول فترة التسديد في نهاية أربع سنوات يكون قد استعاد كامل المبلغ مع الأرباح المغطاة وهي 15% من مجمل الأرباح خلال أربع سنوات بدون أن يكون له أي مال في الشركة نرجو إفادتنا عن شرعية هذا النوع من التعامل وجزاكم الله كل خير.)
نرجو إعادة قراءة السؤال بناء على الإيضاحات الجديدة وتزويدي بالوجهة الشرعية لها كشراكة أو بعبارة أخرى تشغيل أموال.
وجزاكم الله أحسن جزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة محتملة للقرض ومحتملة للمضاربة:
فإذا أردت أن تكون مضاربة صحيحة فمن شروط المضاربة:
عدم ضمان رأس المال، فإذا حصلت خسارة تحمَّلَ رب المال ما خسر من ماله، وتحمل المضارب ما خسر من جهده.
والظاهر من سؤالك أن المعاملة قرض، وإن سميت شراكة أو مضاربة، لأن المبلغ ذاته يعاد كاملاً على دفعات وخصوصاً إذا كانت نسبة الربح تحسب بناء على رأس المال الأول بعد سداد بعض الدفعات.
وعلى العموم إذا أردت تصحيح المعاملة لتكون مضاربة صحيحة فللمضاربة شروط أهمها فيما نحن فيه: هو ما سبق من عدم ضمان رأس المال، وراجع لبقية الشروط الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10670، 17902، 1873.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(12/2789)
يكتفى في صيغة المضاربة بما يدل عليها من الألفاظ
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ/ عبد الله الفقيه حفظه الله ورعاه، وبعد: فقد قرأت الفتوى المرقمة 48835 والمؤرخة في 29 ربيع الأول من العام 1425هـ وقد أشكل علي الجواب إذ إنكم اعتبرتم المشاركة هذه من قبيل المضاربة مع أن السائل قد وضح لفضيلتكم أنهم في العقد لم يذكروا الخسارة بحال بل ذكروا الربح فقط، وقال بالنص (سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل يحق لهم مطالبتي بالسلف التي أخذت أم لا، وهل يحق مطالبتي بالخسارة التي وقعت في رأس المال أم لا، مع العلم بأنه في كتابة العقد لم يتطرقا إلى الخسارة بأي شكل من الأشكال بل جميع البنود تتكلم عن الربح وعن كيفية تقسيم الربح بين الأطراف الأربعة ... مع العلم بأنه تم الاتفاق على أن تقسم الأرباح بالتساوي على جميع الأطراف، أي 25 بالمائة لكل شريك) ، أقول ألا يفضي هذا الوصف إلى الحكم بفساد العقد لأنه لم يستكمل شروط المضاربة ومنها بيان الخسارة وإن كانت في رأس المال كما هو معلوم من كلام الفقهاء ذلك لأن أغلب الخلافات بين الخلطاء ترجع في جملتها إلى عدم بيان الحقوق لكل طرف مما يعني وجود الغرر والجهالة في العقد مما يؤدي إلى فساده، أرجو بيان سبب حكمكم بجعلها من عقود المضاربة مع وجود وصف الفساد فيها بعدم بيان الخسارة والاكتفاء بذكر الربح؟ وفقكم الله لما يحب، وسددكم لما يرضيه من العلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحن أيها الأخ الكريم قلنا في المعاملة المذكورة في السؤال رقم: 48835 إنها مضاربة لأنه يصدق عليها ذلك، ولو لم ينص في العقد على ذكر مسألة الخسارة، وأنه لا يتحملها العامل..... إلخ، ذلك أنه يكتفى في صيغة المضاربة بما يدل عليها من الألفاظ، ولا يلزم ذكر جميع التفاصيل إلا إذا شاء المتعاقدان.
يقول الكاساني الحنفي في البدائع: وأما ركن العقد فالإيجاب والقبول وذلك بألفاظ تدل عليهما. فالإيجاب هو لفظ المضاربة والمقارضة والمعاملة وما يؤدي معاني هذه الألفاظ بأن يقول رب المال: خذ هذا المال مضاربة على ما رزق الله عز وجل، أو أطعم لله تعالى منه من ربح، فهو بيننا على كذا من نصف أو ربع أو ثلث، أو غير ذلك من الأجزاء المعلومة ... ويقول المضارب: أخذت أو رضيت أو قبلت ونحو ذلك فيتم الركن بينهما. انتهى.
فها أنت ترى أن صيغة العقد تمت بدون ذكر تفاصيل من يتحمل الخسارة عند وجودها، لأن لفظ المضاربة والمقارضة أغنى عن ذكر ذلك، وجاء في أسنى المطالب: الركن الرابع الصيغة من إيجاب وقبول ... كقارضتك أو ضاربتك أو عاملتك على أن الربح بيننا نصفين، ويشترط فيه القبول فوراً.
وهذا نص جلي في الاكتفاء بما تقدم دون الإشارة إلى تفاصيل أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(12/2790)
الهدايا التي يعطيها العملاء للمضارب, هل يقتسمها مع رب المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر أعمل في محل لأحد الأشخاص مقابل أن أقتسم معه الربح، صاحب المحل لا يتدخل في ما أفعله من بيع وشراء، سؤالي هو: أن بعض المزودين للمحل بالسلع يعطونني بعض الهدايا في بعض المناسبات، هل علي اقتسامها مع صاحب المحل أم لا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمرين:
الأمر الأول: ما تم الاتفاق عليه بينك وبين صاحب المحل على أن تعمل في محله مقابل اقتسام الربح، وهذا هو ما يسمى بالمضاربة، ولهذا الاتفاق حالتان:
الحالة الأولى: أن تكون المضاربة على نقد بمعنى أن صاحب المحل قد أعطاك نقدا لتضارب له به فلا حرج عليكما في ذلك.
والحالة الثانية: أن تكون المضاربة على عروض وليس على نقد بمعنى أن صاحب المحل قد أعطاك عروضه التجارية لتضارب له بها، فلا بد حتى تصح المضاربة من تحويلها إلى نقد قبل العقد في مذهب جماهير الفقهاء، وعليه المذاهب الأربعة، وهناك رواية عن الإمام أحمد ونسب إلى الإمام مالك ما يفيدها وهي: أنه لا حرج في كون رأس مال المضاربة عروضا على أن تعتبر قيمته لا عينه حين العقد.
الأمر الثاني: هو ما سألت عنه من الهدايا التي يعطيكها بعض من يبيع لك السلع ولذلك حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون المهدي قد أهدى هذه الهدايا للمحل فيلزمك حينئذ قسمتها مع صاحبك.
والحالة الثانية: أن يكون المهدي قد أهدى هذه الهدايا لك شخصياً وليس للمحل فهي لك ولا يلزمك حينئذ قسمتها مع صاحبك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(12/2791)
صورثلاثة للبيع ما حكم الشرع فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[في منطقتنا وفي بلدي بشكل عام لا يملك الأفراد القدرة الشرائية لشراء احتياجاتهم من الأجهزة الكهربائية أو الأثاث لذلك يوجد عدة أنواع من الحلول قام بها التجار والأفراد لحل هذه المشكلة والدفع بالتقسيط منها:
1- أن يشتري لك الشخص ما تريد فوراً ولكن يشترط عليك مسبقا أخذ ثلاث مائة ريال على كل ألف وأن تسدد مع الأقساط.
2- هناك من التجار من يطلب دفع جزء من المبلغ المطلوب ورهن ذهب بالباقي أقساط حتى نهاية السداد وبدون أخذ أي فوائد، فأي الحلول حلال وأيهما حرام، أفيدوني؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على أمرين:
الأمر الأول: ما يتعلق بالطريقة الأولى للشراء وهي بأن يشتري لك الشخص ما تريد فوراً، ولكن يشترط عليك مسبقاً أخذ ثلاثمائة ريال على كل ألف، وأن تسدد مع الأقساط.
وهذه الطريقة لا تخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يقوم التاجر بشراء السلعة شراء حقيقياً، ثم يبيعها عليك مقسطة بثمن أزيد مما اشتراه به، سواء أدفعت له جزءاً من المبلغ مقدماً أم لا، فهذه معاملة جائزة، ويجري العمل بها في المصارف الإسلامية.
الحال الثانية: أن لا يشتري التاجر السلعة شراء حقيقياً، وإنما يدفع ثمنها للبائع نيابة عن المشتري، ليسترده مقسطاً مع زيادة، فهذا قرض ربوي محرم.
وينبغي الانتباه إلى أن الفارق بين الحالين هو شراء التاجر السلعة شراء حقيقيا بحيث تدخل في ضمانه وملكه، فحيث حصل هذا الشراء جاز للتاجر أن يبيعه، وراجع لمزيد فائدة الفتوى رقم: 50128.
والأمر الثاني: ما يتعلق بالطريقة الثانية للشراء وهي: أن هناك من التجار من يطلب دفع جزء من المبلغ المطلوب ورهن ذهب بالباقي على أقساط حتى نهاية السداد، وبدون أخذ أي فوائد.
وهذا لا حرج فيه، لأن الرهن مشروع بشرط ألا ينتفع منه المقرض بشيء، لأن كل نفع جره القرض فهو ربا، ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 51497، والفتوى رقم: 35604.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(12/2792)
نصائح غالية لمن تخسر صفقاته التجارية غير الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أستحلفكم بالله أن تقرأ رسالتي ولو كانت طويلة فأنا بحاجة لمن يقول لي ما الصواب وما الخطأ. أخذت من أحد الأشخاص مبلغا لأعمل به واتفقت معه بأن أعطيه نسبة من الأرباح واتفقنا أن يأخذ مني كل فترة مبلغا وفي النهاية يتم الحساب وكتبت له شيكات لضمان المبلغ وبعد عدة شهور خسرت في تجارتي وكان قد أخذ مني مبلغاً لا بأس به لكنه لم يتعرف على خسارتي وضغط علي بالشيكات وأنا أخاف من السجن والبهدلة استدنت من السوق وسددته وبدأت بالانهيار إذ بدأت بشراء بضاعة لأجل وأبيعها وأسد الدين وهكذا كلما أستحق ثمن بضاعة أشتري غيرها. وأخذت مالا من شخص أخر لأعمل به ولكني سددت به جزءا من الدين وصرت أقول لهذا الشخص إننا نعمل وكل وقت اعطيه مبلغا على أساس أنه ربح وغرقت في دين لا طاقة لي برده وتضاعف المبلغ الأساسي مرتين أو ثلاثا وكلما دخلت في صفقة لأعوض اخسر من جديد وهكذا. أنا لا أقطع فرض صلاة ولا أرد سائلا أبدا وأنفق في الخير كثيرا قبل هذه القصة وبعدها وأساعد كل من يطلب المساعدة ابتغاء وجه الله ولا أكف عن الدعاء لا بالليل ولا بالنهار أنا وزوجتي ونتقرب إلى الله بكل ما نستطيع والوالدان راضيان عنا ولا نريد أكل الحرام وكل همنا أعادة أموال الناس ونعمل كل مابوسعنا وتراني أسافر من بلد إلى بلد سعيا وراء هذا ولكن كلها خسارة فوق خسارتي وكلما أغلق باب في وجهي فتح أخر ولكني أخسر والله ساترني بفضله إذ إلى الآن لا أحد يعلم بي ولا يعرف وضعي وكلما استحقت علي دفعة يتيسر لي سدادها مع العلم أنه يفترض بي أن أكون بالسجن. سؤالي جزاكم الله خيرا، هل المبلغ الذي أعطيه للشخص الثاني كل فترة على أنه أرباح يعتبر ربا ويعتبر أكلي وشربي من مال حرام. وأعتبر من العاملين بالربا هل الله لا يستجيب مني لأني أقوم بذلك_ تطبيقا لقول النبي عليه الصلاة والسلام_ ويمدني في طغياني ويعاقبني أم أن الله يستجيب مني ويمتحنني ويمتحن صبري ويساعدني على الصبر والفرج آت. عرض علي شخص أن يعطيني ضمانا بنكيا ويأخذ مني مبلغا مقطوعا مقابل هذا الضمان وأسدد البنك على سنوات. أعلم أن هذا ربا لكن ماذا أفعل إذ أنه كل يوم يزيد المبلغ الذي علي في السوق وإذا علم الناس في السوق وضعي فإني لن أسلم منهم وربما قضيت عمري الباقي في السجن ناهيك عن زوجتي وأبني الصغير الذين لاذنب لهم ووالدي الذي إن علم حجم المبلغ مات فورا من الصدمة
ساعدني بالإجابة أرجوك أرجوك قل لي ماذا أفعل أخذ الضمان أم أبقى على حالي لحين الفرج. أنا أخاف من توعد الله لآكلي الربا ولم أقبل العرض ولكن00000000 ثقتي بالله كبيرة وكل يوم يخال لي أنه يوم فرج بعد ليلة أقضيها في الدعاء وأكون متفائلا فإنني لم أضر أحد وكل ماأفعله كي لاأضر الناس الذين وثقوا بي وأعيد لكل ذي حق حقه لكني أخاف أن يكون الله غاضبا مني على هذه التصرفات وحالي من سيء إلى أسوأ ولا أعترض على قضاء الله ولا أستطيع التراجع ولا أستطيع أن أفضح نفسي وأرمي بنفسي في التهلكة وقد يسر الله أن أستر نفسي هذا إن كان راضيا عني ولا يعاقبني ويدعني أتورط أكثر فأكثر.إني خائف وضائع لذلك راسلتكم لتفتوني. للعلم كل يوم يزيد المبلغ من 300$_ 500$.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يفرج همك وأن يشرح صدرك وأن يجبر خسارتك وأن يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه، واعلم أن ما أصابك إنما هو بشؤم تعدي حدود الله، كما في صحيح ابن حبان وغيره عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. ويظهر هذا التعدي من خلال عدة أمور: الأول: ما تعهدت به للشخص الأول من ضمان رأس ماله، ومعلوم أن ضمان رأس المال في المضاربة أو الشركة بشيكات أو غيرها يفسدها ويجعلها معاملة ربوية محرمة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5160. الثاني: أخذك جزءا من مال الشخص الثاني الذي تعمل فيه، لتسدد به دينك، وهذا لا يجوز لأنك أمين على هذا المال ولا يجوز لك أن تتصرف فيه بمنفعة تخصك إلا بإذن صاحبه. الثالث: إخبارك الشخص الثاني بأنك تربح وإعطاؤك إياه أرباحا وهمية حتى لا يطالبك برأس المال، وهذا لايجوز لأنه كذب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا. متفق عليه، كما أنه ربا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 10601. ولا يلزم من دفعك لهذا الربا أن مأكلك ومشربك حرام، لأنك مؤكل للربا ولست آكلا له، ولا ريب أن هذه المعاصي التي أشرنا إليها قد تمنع قبول الدعاء، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا في الفتوى رقم: 9554. وما جرى لك من الخسارة وكثرة الدين، ابتلاء من الله تعالى لعلك أن تراجع أمر الله وتعجل بالأوبة إليه. والذي ننصحك به عدة أمور: الأول: التوبة إلى الله، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ومن اتقى الله جعل له من كل هم فرجا ومن كل ضيقا مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2ـ3} الثاني: لا مانع من أخذ هذا الضمان الذي هو عبارة عن قرض ربوي، لتفادي الوقوع في السجن، إذا لم تجد وسيلة غير ذلك لأن مثل هذا ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، وراجع الفتوى رقم: 48727. الثالث: الإلحاح على مجيب دعوة المضطرين، وفارج كربة المكروبين، ولاسيما آخر الليل، قال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ {البقرة:45} ، وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له. وعليك بالأدعية المأثورة في قضاء الدين، ففي الحديث عن علي رضي الله عنه: أن مكاتبا جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، فقال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير دينا أداه الله عنك، قال: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك. رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الحاكم، وحسنه الألباني، وراجع الفتوى رقم: 18784. الرابع: الكف عن شراء بضاعة بالأجل ثم بيعها نقدا بأقل من سعرها لأن ذلك من شأنه أن يضاعف عليك الخسارة والدين. الخامس: البحث عن أسباب الخسارة ومعرفة كيفية تلافيها وعدم الإقدام على أي مشروع إلا بعد دراسة وتمحيص، وراجع الفتوى رقم: 7768. ونسأل الله أن يسترك بفضله وأن يغنيك بحلاله عن حرامه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1425(12/2793)
المضاربة لا بد أن تكون على نقد
[السُّؤَالُ]
ـ[صاحب دكان وصاحب ذهب وعامل، صاحب الدكان يخلي دكانه لصاحب الذهب ليتاجر بالذهب في دكانه بواسطة العامل على أن يكون الربح مشتركا بين الثلاثة بالتساوي، وما كان من خسارة مادية فإنها تكون على صاحب الذهب. ما حكم هذه المعاملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المعاملة لا تجوز لأنها تحتوي على جهالة وغرر، فحقيقتها أن صاحب الدكان قد أجره بجزء مشاع من الربح مما يجعل الأجرة مجهولة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر كما في صحيح مسلم.
وإذا كانت هذه المعاملة قد حصلت، فإن العقد فاسد، ولصاحب الدكان أجرة المثل مقابل تخليته، لأنه عقد يستحق به المسمى في صحيحه فاستحق أجرة المثل في فاسده؛ كما قاله زكاريا الأنصاري في أسنى المطالب، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى: ولا يستحق الأجرة المسماة؛ لكن إذا عمل لليتامى -يعني الوصي- استحق أجرة المثل كالعمل في سائر العقود الفاسدة. انتهى
ولتصحيح هذه المعاملة هناك خياران:
الأول: أن تكون على سبيل الإجارة فيستأجر صاحب الذهب الدكان من صاحبه بأجرة معلومة، ويعطي العامل أجرة معلومة مقابل عمله، والربح يكون من نصيب صاحب الذهب وكذا الخسارة، ولا علاقة للعامل وصاحب الدكان بذلك.
والثاني: أن تكون على سبيل المضاربة، وتكون بين صاحب الذهب والعامل، أما صاحب الدكان فلا يصح أن يدخل في المضاربة بدكانه، بل له أجرة معلومة مقابل ذلك كما تقدم.
وفي هذه الحالة ما كان من ربح فهو بين صاحب الذهب والعامل بحسب الاتفاق، وما كان من خسارة فإن العامل يخسر جهده وصاحب الذهب يخسر ما خسر من ذهبه، ولا بد من العلم أن الذهب الذي يكون رأس مال المضاربة لا بد أن يكون نقداً، فإن كان تبرا أو حلياً فلابد من تحويله إلى نقد قبل العقد في مذهب جماهير الفقهاء، وعليه المذاهب الأربعة، وهناك رواية عن الإمام أحمد ونسب إلى الإمام مالك ما يفيدها وهي: أنه لا حرج في كون رأس مال المضاربة عروضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1425(12/2794)
النسبة في المضاربة إلى الربح لا إلى رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ الفاضل: أرجو من سعادتكم إفادتي بما فيه الفائدة والخير والنجاة في الدنيا والآخرة… كنت أعمل بالسعودية لمدة حوالي 17 سنة كيميائي في مصلحة المياه وعدت إلى مصر في آخر عام 1998 وقد حاولت العمل مرات ومرات دون جدوى سواء في الحكومة أو القطاع الخاص وذلك في مجالي والذي لا أعرف غيره وقد رأيت الكثير من أقراني العائدين والذين حاولوا عمل العديد من المشاريع في مجالات عديدة إلا أنها باءت كلها بالفشل والخسارة الصغيرة والكبيرة خاصة بالنسبة إلى الذين لم يمارسوا التجارة من قبل ونظرا لكوني لم أعمل في حياتي في مجال آخر سوى المختبرات سواء في الخارج أو في مصر إضافة إلى أني ابتليت بانسداد في شريانين من الشرايين القلبية من أول عام 1998 وأعالج ببعض الأدوية حتى الآن وليس عندي القدرة على بذل إلا القليل من الجهد لذا بعد فترة من الزمن تقارب العامين كان قد تبقى معي مبلغ حوالي 80000 جنيه مصري لا غير إضافة إلى قطعة أرض زراعية في النوبارية عبارة عن 12 فدان يخصني منها عشرة أفدنه وهي أرض غير مزروعة وكانت هي المشروع المفروض أني سأعمل فيه ولكن نظرا لظروفي الصحية لم أتمكن من زراعتها لذا اضطررت في ذلك الوقت أن أضع المبلغ الذي أملكه في إحدى الشركات الخاصة والتي تعمل في مجال التجارة في الأدوات الطبية في مجال الأسنان علي أن أحصل على نسبة محددة ب 1,5 % كعائد شهري نظير إدخال هذا المبلغ في أعماله التجارية أي ما يعادل 1200 جنيه مصري وكانت الحياة تسير بالكاد حيث كنت أصرف حوالي 350 جنيه على علاجي وعلاج ابني الطبيعي والذي أصيب عند الولادة بضمور في بعض خلايا الجانب الأيسر من المخ أدت إلى إعاقة حركية في الجانب الأيمن ولكن الحمد لله تعالي بعد إجراء بعض العمليات الجراحية والعلاج الطبيعي فهو في تحسن مستمر… ومنذ حوالي العام وفقت في بيع الأرض الزراعية وأصبح معي منها مبلغ 70000 جنيه وضعتها في البنك ثم عرض علي صاحب الشركة التي أتعامل معها في أدوات الأسنان مناقصة بمبلغ 60000 جنيه منذ حوالي سبعة أشهر وأخبرني أن معدل الربح في هذه المناقصة 24% لي نصفها بعد 4 أربعة أشهر إضافة إلى 60000 جنيه إلا أنني حتى الآن لم أحصل منه على أي شيء بحجة أنه لم يحصّل مبلغ المناقصة نظرا للظروف الاقتصادية الحالية، لذا آمل من فضيلتكم التفضل بإفادتي أولا: هل هذا التعامل المادي بيني وبين هذه الشركة يعد ربا أم يدخل في التعاملات التجارية، ثانيا: إذا كان هذا التعامل ربويا هل يجوز أن أصرف المبلغ الذي أحصله منه شهريا حتى 5-10-2004 وهو موعد تجديد الشيك بالمبلغ الذي لديه 80000 والذي لن أستطيع أخذ المبلغ قبل هذا الموعد، مع العلم بأنه ليس لي مصدر آخر للرزق، ثالثا: إذا كان هذا العائد ربويا ماذا أفعل به حينما أحصّله منه وكيف أتصرف فيه، رابعا: إذا رفض إعطائي المبلغ الذي لديه بحجة عدم وجود سيولة وعرض علي تركه علي أن يعطيني نسبة غير محددة حسب معدل الربح نظرا لكوني تحدثت في هذا الموضوع معه سابقا، سيدي أرجو أن تتقبل اعتذاري للإطالة علي سيادتكم ولكني لم أجد سوي هذا الطريق أمامي حيث أنني متزوج وأعول ثلاثة من الأبناء ولكني لا أود أن أقابل الله عز وجل وقد سلكت طريقا يشوبه شيء من الحرام يكفيني ما أحمله من الأوزار الأخرى والتي أرجو من الله عز وجل أن يغفرها لي؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: اتفاقك مع صاحبك على أن يدفع لك نسبة 1،5 شهريا مقابل أن تضع عنده مبلغ ثمانين ألف جنيه، وهذه المعاملة حقيقتها أنك أقرضت صاحبك المبلغ على أن يعطيك فائدة شهرية محددة وهذا هو عين الربا، والمخرج هو أن يتم الاتفاق بينكم على أنك شريك في الربح والخسارة، وهو ما يسمى بالمضاربة الشرعية، وهذا يعني أن العائد الشهري أو السنوي يختلف باختلاف السوق، وراجع التفاصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5480، 3023، 19406.
والأمر الثاني: ما أسميته بالمناقصة ودخولك كشريك في ذلك على أن الربح في هذه المناقصة هو 24 ولك نصفه، يحتمل هذا أن يكون كالعقد السابق أي أن تكون هذه النسبة مقطوعة ثابتة لا تتغير بتغير الربح والخسارة، وهذه الحالة حكمها ما سبق، ويحتمل أن تكون هذه النسبة نسبة من الأرباح تتغير بتغير حال السوق، ولا حرج عليكما حينئذ في الإقدام على ذلك، وتكون حينئذ من المضاربة المشروعة، فلك نصف الربح مقابل رأس المال، ولصاحبك نصف الربح مقابل المضاربة.
والأمر الثالث: سؤالك عن الاستمرار في العقد الربوي إلى الشهر العاشر من العام الحالي، والجواب أن ذلك لا يجوز، لأنه أكل للربا، وتحريم ذلك من المعلوم من الدين بالضرورة، ولا يجوز أكل الربا إلا عند الاضطرار بحيث لو لم يأكل المرء من الربا لهلك أو قارب، وعدم وجود مصدر دخل لديك إلا هذا لا يبيح لك ذلك، لأنه بإمكانك أن تستلف ما تقتات عليه حتى تتحصل على أموالك فتقضي ما استلفت.
والأمر الرابع: سؤالك عن كيفية التخلص من هذه الفوائد الربوية، والجواب هو: أن تصرفها في وجوه الخير ومن ذلك إعطاؤها للفقراء والمساكين.
الأمر الخامس: هو ما عرضه عليك صاحبك من أنه سيعطيك نسبة غير محدودة بحسب معدل الربح.. إذا كان المقصود هو أن تكون لك نسبة معلومة من الربح لا نسبة إلى رأس المال، فلاحرج في ذلك، بل هو المطلوب لتصحيح المعاملة السابقة.
وفي الأخير نسأل الله أن يمن عليك وعلى ولدك بالعافية والشفاء، وأن يفتح علينا وعليك من الحلال وأن يجنبنا وإياك الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1425(12/2795)
ما يلزم من فساد الوكالة والمضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعطيت أحد الأصدقاء مبلغا من المال لكي يشتري سيارة على اسمه وبعد أن تخرج السيارة نتقاسم المكسب أعلمكم بأن السيارة عن طريق الدولة ولها قرابة 7 سنوات ولم تحضر السيارة وهي غير معروفة أي نوع فهل الكسب هذا حلال ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة معاملة فاسدة في قول أكثر أهل العلم، فهي لسيت بوكالة صحيحة بأجرة لجهالة الأجرة فيها، وليست بجعالة صحيحة لنفس السبب.
كما أنها ليست مضاربة صحيحة لتقييدها بسلعة محدودة، وهذا التقييد مفسد للمضاربة في مذهب الأكثر.
وإذا فسدت الوكالة والمضاربة كان للمضارِب أجرة المثل.
قال ابن قدامة في "المغني": فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئا، ولكن له أجرة مثله.
وعليه، فليس لهذا الشخص الذي أعطيته المال ليشتري سيارة إلا أجرة مثله، وهذه تقدر حسب العرف عندكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(12/2796)
الواجب في ربح المضاربة أن يكون مشاعا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
دخلت مع شخص في مشروع (بناء) بمبلغ صافي قدره 150.000 د. ج، على أنه بعد أن يتم المشروع يسلمني 200.000 د. ج، أي بهامش ربح قدره 50.000 د. ج، علما بأنني شريك معه في المال فقط، السؤال هو: هل المبلغ 50.000 د. ج، ربا أو هو جائز شرعاً، أفيدوني بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الشراكة فاسدة لأمرين:
الأول: ضمان رأس مال المشاركة فالشخص الذي شاركك تعهد برد رأس مالك زائداً الربح وهذا غير جائز في الشركة فإن الشريكين يشتركان في الربح والخسارة معاً، وضمان رأس المال على خلاف ذلك، جاء في المنتقى شرح الموطأ قال مالك: في الرجل يدفع إلى الرجل مالاً قراضاً (مضاربة) ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان، قال: لا يجوز ... لأن شرط الضمان في القراض باطل. انتهى.
قال في الشرح: فإذا دفع القراض على الضمان وجب فسخه ما لم يفت فإن فات بطل الشرط ورد فيما قد مضى منه ما لا بد منه في تحصيل رأس المال على هيئته إلى قراض المثل ... وهو معنى قوله: وإنما يقتسمان الربح على ما لو أعطاه إياه على غير ضمان. انتهى.
الأمر الثاني: تحديد مبلغ محدد في هذه الشركة يفسدها، وإنما الواجب في الربح أن يكون جزءاً مشاعاً كالربع والنصف والثلث وهكذا.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء فضل دراهم وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معدودة أو جعل مع نصيبه دراهم مثل أن يشترط لنفسه جزءاً وعشرة دراهم بطلت الشركة، قال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة ... انتهى.
وعليه فهذان الشرطان يحرمان وتبطل بهما الشركة، ويجب تصحيحها بإبطال هذين الشرطين وما مضى منها فالربح لصاحب رأس المال وللمضارب أجرة المثل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1425(12/2797)
المضاربة في أموال نهاية الخدمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل فى شركة بترول فى مصر-وأعلنت الشركة عن نظام جديد لمكافآت نهاية الخدمة والتأمين الجماعي- وهو عبارة عن وديعة تضعها الشركة لكل موظف بما يتناسب مع سنوات خدمته بالشركة، وتستثمر فى صناديق استثمار لا نتحكم فى كيفيتها ولها عائد متغير حسب الربح والخسارة، ويقوم الموظف بدفع 3% من راتبه والشركة 17% شهرياً لزيادة هذه الوديعة مع الوقت -وفى حالة نهاية الخدمة بسبب المعاش أو الاستقالة يقوم الموظف بأخذ المبلغ الأصلي مضافا عليه الأرباح- وفى حالة وفاة الموظف يزيد على ذلك مبلغ يعادل 36 شهرا من آخر راتب له من وثيقة التأمين الجماعي، الرجاء توضيح الحكم الشرعى فى الاشتراك فى هذا النظام كاملا أو مع استبعاد النقط المخالفة، وأيضا حكم زكاة المال فى مثل هذه الوديعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبالنسبة لاقتطاع مبلغ من مرتب الموظف واستثماره في مشروعات استثمارية مباحة، فإن ذلك مضاربة جائزة إذا استوفيت شروطها الشرعية المقررة في الفتوى رقم: 7163، وما تدفعه الشركة يعتبر منحة منها لموظفيها أو أنها تدخل طرفاً ثالثاً في المضاربة، وكل ذلك لا مانع منه.
وبقي الكلام في تلك الزيادة التي تدفع حال وفاة الموظف، فإذا كانت تابعة للمضاربة المتقدم ذكرها فإنها غير جائزة لأنها ربح محدد بدراهم معدودة، وهذا غير جائز في المضاربة الصحيحة التي من شروطها أن يكون الربح فيها مشاعاً، أي أن يكون نسبة مئوية لا مبلغاً محدداً.
أما إن كانت تدفع من جهة مستقلة فينظر في هذه الجهة، فإذا كانت تأميناً تجارياً لم يجز وإن كانت تأميناً تعاونياً جاز، وانظر في شروط التأمين التعاوني الفتوى رقم: 9531.
وأما حكم زكاة هذه الأموال إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول فينظر في الفتوى رقم: 1522، والفتوى رقم: 14496.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(12/2798)
تحديد الربح سلفا يفسد المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو: أنني وضعت عند صديق مبلغاً من المال قدره 185000 درهم على أن يدخل المبلغ في شركة ليتاجر هو بالمبلغ ويرد المبلغ لي بعد 3 أشهر 215000 درهم، فلم يرد المبلغ بعد 3 أشهر، فقال لي سأرد المبلغ بعد 6 أشهر ليصبح أعلى من المبلغ المذكور ثانياً أي 265000، فهل المبلغ فيه شبهة الربا، وهل إذا طالبته بمبلغ أكثر فيه شبهة حيث إنه تأخر عن 3 أشهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا العقد الذي تم بينكما عقد فاسد، لأنك إن أعطيته المال على أن يضارب لك به فهي مضاربة فاسدة، وعليكما التوبة أولاً، ثم ما تحصل من الأرباح قليلة كانت أو كثيرة فهي لصاحب المال والعامل له أجرة مثله، وإن أعطيته ذلك المال قرضاً فهو قرض ربوي، فليس لك إلا رأس مالك فقط، وانظر شروط صحة المضاربة في الفتوى رقم: 17902.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1424(12/2799)
الإنفاق على الأم من مال المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع أن أساعد والدتي في نفقة الحج من مال أعطاه لي أبو زوجي أعمل به، على أن أدخر الربح لأولادي فأخذت من الربح وساعدت الوالدة لأداء الحج من دون أخذ الإذن من زوجي أو أبيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمال الذي أعطاه لك أبو زوجك إما أن يكون هبة منه لك، فإن تم القبض منك فقد ملكت المال ولك صرفه في ما تحبين من وجوه الخير.
وإما أن يكون مضاربة ومتاجرة، ويشترط لصحتها شروط مذكورة في الفتوى رقم:
10549 ومن هذه الشروط تحديد الربح بينكما بنسبة مشاعة كالنصف، ولا يستحق العامل في المال الربح المتفق عليه إلا بقسمة المال، فتصرفك في الربح قبل ذلك بهبته لوالدتك لا يجوز، إلا إذا أذن صاحب مال المضاربة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(12/2800)
المضاربة لا بد أن تكون على نقد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. أعمل في مؤسسة بنسبة أربعين في المائة من دخل عملي (جهدي) واتفقت مع صاحب العمل أن آخذ الدخل كاملا مائة في المائة لمدة سنة لأستفيد منه على أن أرد له حصته الستين بالمائة آخر العام حتي يستفيد من جملة الدخل فهل في هذا شبهة؟ علما بأنا قد بدأنا في هذا فعلا من بداية سنة 2003 وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي سؤالك أمران:
الأول: حكم عملك بهذه المؤسسة على أن لمالكها 60 من دخل عملك، ولك 40 من ذلك، وهذه المعاملة قد احتوت على جهالة وغرر، حيث إن أجرتك مجهولة، ولتصحيح هذه المعاملة، فإما أن يكون عملك بأجرة معلومة، أو تكون المعاملة بالمضاربة الشرعية، وحينئذ لا بد من أن تباع أصول المؤسسة، ويكون الاتفاق بينكما على النقد، لأن من شروط المضاربة أن تكون على نقد، هذا هو ما عليه المذاهب الأربعة، وهناك رواية عن أحمد وهو قول لبعض المالكية أنه لا بأس في تقويم العروض بالنقد، ثم اعتبار هذه القيمة.
والثاني: حكم اتفاقك مع صاحب المؤسسة على أن تأخذ هذه السنة نصيبه المقدر بـ 60 مع نصيبك على أن ترد له حصته (60) آخر العام.
وهذا الأمر يحتمل صورتين:
الأولى: أن يعطيك 60 (نصيبه من ربح هذا العام) على أن تعطيه 60 من ربح العام المقبل، وهذا لا يجوز، لأن ما هو 60 في هذا العام قد يكون العام المقبل جميع المال، أو قد يكون أقل أو أكثر من ذلك.
والثانية: أن يقرضك 60 (نصيبه من ربح هذا العام) على أن تسدد له مثلها أرباحك في العام القادم إن كانت تفي بذلك، وإذا نقصت فتوفي من عندك، وإذا زادت، فلك الزائد، وهذا لا بأس به، لأنه قرض حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(12/2801)
حكم تحديد نسبة الربح في عقد المضاربة والشركة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستثمر في العقارات بمبلغ معين ويعطى لي نسبة ربح من رأس المال بعد ستة أشهر وتتراوح النسبة من 40 إلى 48 بالمئة، علما أنه لم يحدد الربح بمبلغ معين بالإضافة إلى أن هذا الاستثمار يمكن أن يخسر. هل يعتبرهذا ربا وإذا كان الربح من مجموع الأرباح العامة فما الحكم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز تحديد نسبة الربح في عقد المضاربة والشركة من مجموع رأس المال، والصحيح أن يحدد للمضارب أو المشارك نسبة شائعة من مجموع الأرباح كالنصف أو الربع أو الثلث ونحوها، وقد سبق لنا بيان ذلك ضمن شروط الاستثمار في البنوك بالفتوى رقم: 1873 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(12/2802)
حكم أخذ أحد الشريكين أجرة التنقل دون علم الأخر
[السُّؤَالُ]
ـ[رجلان أسسا شركة مناصفة ويقوم أحدهما فقط بمتابعة أعمال الشركة ويعطي الآخر نصيبه من الأرباح.
هل يجوز للذي يعمل أخذ ما ينفقه على العمل (كأجور التنقل) من أرباح الشركة بدون علم شريكه. وهل له أخذ مقابل ذلك للسنوات الماضية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا العمل الذي تقوم به تقتضيه مصلحة الشركة، ولم يكن هنالك اتفاق مسبق على صرف مثل هذه التنقلات من نفقتك الخاصة وكنت قد دفعتها على أساس أنك ترجع به جاز لك أخذها.
وإن لم يكن هذا العمل تقتضيه مصلحة الشركة، أو لم يكن متفقاً عليه، فليس لك الحق في أخذ ما صرفت عليه إلا بإذن الشريك، وكذا إن كنت قد دفعته على أساس أنك متبرع به، فلا يحق لك الرجوع به على الشركة إلا بإذن الشريك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1423(12/2803)
العدل أن يكون الربح في المضاربة جزءا مشاعا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وبعد:.
لقد سمعنا عن فتوى في البيع والشراء, وأنه يمكن إضافة الثمن إلى المشترى مقابل الزيادة في مدة التسديد, ويكون هذا مقروناً بعقد بينهما.
سؤالى هو: ما الفرق بين تحديد مبلغ أو تحديد نسبة مئوية والتي تؤول إلى نفس المبلغ المتفق عليه, طبعا حتى النسبة مضبوطة بعقد مقبول من الطرفين. وجزاكم الله كل خير........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما ما أشرت إليه من جواز بيع السلعة بأكثر من سعر يومها لأجل الأجل، فيصح وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
وأما ما هو الفرق بين تحديد مبلغ من المال أو تحديد نسبة مئوية في المضاربة؟ فالفرق أنه في حال التحديد بنسبة مئوية كـ 5 أو 10 أنه ما من شيء يحصل من الربح قلَّ أو كثر إلا وله فيه نصيب.
بينما لو حدد بمبلغ كمائة أو خمسين ونحوه، فإنه قد لا يتحصل على هذا المبلغ، أو قد يتحصل عليه فقط. فيحُرم الشريك الآخر من الربح، والأصل أن المضاربة شركة في الربح.
وقد يحصل على أضعاف هذا المبلغ فيتضرر الشريك الآخر، فكان العدل هو أن يكون الربح جزءاً مشاعاً كالنصف أو الربع أو الثلث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(12/2804)
لا بد من تحديد نسبة الربح في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا عقد مضاربة فيه (على أن يترك رب المال تحديد نسبة الأرباح للعامل وعلى هذا تم الاتفاق والتراضي) فما حكمه؟ علماً بأنه قد حصل التراضي بين الطرفين وعلى هذا تم توقيع العقد؟؟؟؟؟ أرجو سرعة الرد للأهمية القصوى مع ذكر الشيخ المفتي وياحبذا أن يكون الشيخ القرضاوي أوالبوطي..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع العلماء على أن تحديد نسبة الربح التي يتحصل عليها كل طرف في عقد المضاربة أمر لازم، ولا يجوز إهمال التحديد لما في ذلك من الضرر البين، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر كما في صحيح مسلم.
ولمزيد فائدة في ضوابط المضاربة الشرعية راجع الفتوى رقم:
3023 والفتوى رقم:
10549.
أما بالنسبة للمفتي فراجع الفتوى رقم:
1122.
وأما بالنسبة للشيخين المذكورين فيمكنك التواصل معهما عبر مواقعهما على الإنترنت أو عبر البريديين أو عبر التليفون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(12/2805)
من صور الاستثمار المشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الرجاء توضيح هذا الاستثمار هل هو شرعي أم غير شرعي....
الاستثمار يبدأ بإيداع مبلغ معين لدى شركة أغذية تستثمره حيث الاستثمار يكون من نصيبي 10%
شهرياً وإذا كان كل شهرين تزيد النسبة وهكذا..؟ الرجاء توضيح الأمر جزاكم الله خيراً حيث لا أريد أن يكون من المدخول أي ريال ربا؟؟
اعاذنا الله وإياكم منه..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان نصيبك والذي هو 10 سيكون من رأس المال فإن هذا لا يجوز لأنه ربا، وإذا كان من الربح فإنه لا بأس به ما لم تشتمل نفس التجارة على محذور شرعي، وهذا هو ما يسمى بالمضاربة، ولها شروط من أهمها: أن يكون الربح الناشئ عن تحريك رأس المال بين رب المال والعامل بنسبة مئوية.
ومنها أيضاً: أن رأس المال غير مضمون.
ولتوضيح ذلك نقول لك: إذا شاركت مثلاً بـ مئة ألف وكان ربحها عشرون ألفاً فإذا أُعطيت 10 من رأس المال وتساوي عشرة ألآف فإن هذا ربا، وإذا أُعطيت 10 من الأرباح وهي تساوي ألفين فإن ذلك جائز، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم:
12240 وما أحيل عليه فيها من الفتاوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1423(12/2806)
حكم اشتراط ضمان رأس المال في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وضعت زوجتي مبلغاً من المال عند أحد التجار لكي تستثمر ذلك المبلغ في التجارة
وهي قالت للتاجر إن مالي مثل مالك في الربح والخسارة ولكن على شرط واحد أن رأس المال من حقي أي أنها تستعيد رأس مالها مهما حصل من ربح أو خسارة
فهل هذا الشرط جائز؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الشرط الذي اشترطته زوجتك على هذا التاجر شرط باطل، لأن الصيغة التي ذكرتَ أنها قالت للتاجر هي صيغة مضاربة، والمضاربة لا يصح فيها اشتراط ضمان رأس المال، لأنها شراكة بين رب المال والعامل المستثمر، فرب المال مشارك برأس مال المضاربة، والعامل مشارك بجهده وخبرته، فإذا حصل ربح فهو بينهما على حسب ما اتفقا عليه مسبقاً، وإن حصلت خسارة فهي من رأس المال. ولا يتحمل العامل منها شيئاً، لأنه قد خسر جهده ووقته، فلا معنى لأن يتحمل أيضاً خسارة مادية، إضافة إلى أن يد العامل يد أمانة، وليست يد ضمان، إلا إذا تعدى، أو فرط، أو قصر في حفظ المال أو استثماره على الوجه المتعارف عليه بين التجار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1422(12/2807)
الزيادة في المال مقابل التأجيل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد عندي سؤال أرجو من فضيلتكم الإجابة عليه في أسرع وقت إن شاء الله.. السؤال هو أني دخلت في تجارة مع أحد الموردين الذين يحضرون البضاعة من خارج البلاد.. وكانت شركتي معه تقتصر على دفع مبلغ من المال في حدود 8000 د. ل.. دون أن أتدخل في أي شي من أمور جلب البضاعة والتخليص الجمركي وما إلى ذلك ... على أن أستلم في نهاية المدة أرباحا في حدود ألف وسبعمائة وخمسين ديناراً.. وقد حدد لي هذا المورد مدة 45 يوما لإتمام العملية.. أي عملية التوريد والبيع ... واتفقنا أنه إذا حدث أي شيء للبضاعة لا قدر الله مثل التلف أو غيره أن تحسب علينا الاثنين كي لا يكون هناك أي نوع من الربا. بعد انقضاء الفترة قال لي هذا الشريك إنه لم يستطع أن يوفر لي المبلغ والذي هو في حدود 10000 دينار ما بين رأس المال والربح ... وطلب مني أن أمدد المدة إلى 15 يوما مقابل أن يزيد حصتي في الربح إلى 1000 دينار آخر.. فهل هذا من الربا وكيف أتعامل مع هذه المسألة.. أرجو إفادتي بالرد وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا النوع من الشراكة جائز وهو المعروف في فقه الاقتصاد الإسلامي بالمضاربة، إلا أنّه يجب التنبه إلى أمرين:
أولاً: أنه يجب أن يكون نصيبك من الربح غير محدد بمبلغ، وإنما يكون جزءاً مشاعاً نحو أربعين في المائة منه، أو خمسين، أو نحو ذلك مما تتفقان عليه.
ثانياً: أن لا يكون في الاتفاق ضمان لرأس المال الذي تدفعه له. فإن حصل ربح فهو لكما على حسب ما اتفقتما عليه، وإن حصلت خسارة فهي في رأس المال، ولا يتحمل العامل شيئاً من الخسارة المالية لأنه قد خسر جهده، فلا تجتمع عليه الخسارتان.
وأما ما طلبه من التأجيل مقابل مبلغ يزيدك به فهو لا يجوز، لأنه عين الربا الذي كان أهل الجاهلية يفعلون من الزيادة في مقابل الأجل.
ولكن على صاحبك أن يفي لك بما اتفقتما عليه قدراً وزمناً حسب استطاعته، وعليك أنت أن تراعي ظروفه وتنظره إن اقتضى الحال ذلك، كما قال الله تعالى: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) [البقرة: 280] والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(12/2808)
حكم تقييد المضارب بعمل معين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لصاحب رأس المال في شركة المضاربة أن يقيد المضارب بعمل معين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقييد صاحب المال للمضارب بعمل معين، هو من أنواع المضاربة المقيدة، والأصل أنها جائزة؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.. والقيد شرط، والأصل في الشروط اعتبارها ما أمكن، ما دامت مفيدة وغير مخالفة للشرع.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: وأما المضاربة المقيدة فحكمها حكم المضاربة المطلقة في جميع ما وصفنا, لا تفارقها إلا في قدر القيد، والأصل فيه أن القيد إن كان مفيدا يثبت ; لأن الأصل في الشروط اعتبارها ما أمكن, وإذا كان القيد مفيدا كان يمكن الاعتبار فيعتبر; لقول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام: المسلمون عند شروطهم. فيتقيد بالمذكور ويبقى مطلقا فيما وراءه على الأصل المعهود في المطلق إذا قيد ببعض المذكور, أنه يبقى مطلقا فيما وراءه, كالعام إذا خص منه بعضه, إنه يبقى عاما فيما وراءه, وإن لم يكن مفيداً لا يثبت بل يبقى مطلقا; لأن ما لا فائدة فيه يلغو ويلحق بالعدم.
وقال ابن قدامة في المغني: والشروط في المضاربة تنقسم قسمين; صحيح, وفاسد, فالصحيح مثل أن يشترط على العامل أن لا يسافر بالمال, أو أن يسافر به, أو لا يتجر إلا في بلد بعينه, أو نوع بعينه, أو لا يشتري إلا من رجل بعينه. فهذا كله صحيح, سواء كان النوع مما يعم وجوده, أو لا يعم, والرجل ممن يكثر عنده المتاع أو يقل. وبهذا قال أبو حنيفة.
وقال مالك والشافعي: إذا شرط أن لا يشتري إلا من رجل بعينه, أو سلعة بعينها, أو ما لا يعم وجوده, كالياقوت الأحمر, والخيل البلق, لم يصح لأنه يمنع مقصود المضاربة, وهو التقليب وطلب الربح فلم يصح, كما لو اشترط أن لا يبيع ويشتري إلا من فلان, أو أن لا يبيع إلا بمثل ما اشترى به.
ولنا أنها مضاربة خاصة لا تمنع الربح بالكلية فصحت, كما لو شرط أن لا يتجر إلا في نوع يعم وجوده, ولأنه عقد يصح تخصيصه بنوع, فصح تخصيصه في رجل بعينه, وسلعة بعينها كالوكالة. وقولهم: إنه يمنع المقصود. ممنوع, وإنما يقلله, وتقليله لا يمنع الصحة, كتخصيصه بالنوع. ويفارق ما إذا شرط أن لا يبيع إلا برأس المال, فإنه يمنع الربح بالكلية. وكذلك إذا قال: لا تبع إلا من فلان, ولا تشتر إلا من فلان. فإنه يمنع الربح أيضا; لأنه لا يشتري ما باعه إلا بدون ثمنه الذي باعه به. ولهذا لو قال: لا تبع إلا ممن اشتريت منه. لم يصح لذلك. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(12/2809)
حكم المضاربة مقابل نسبة من رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مبلغ من المال مستثمر مع تاجر يعمل في مجال الخضروات والفواكه وقد عرض علي أن يستثمر لي هذا المبلغ بعد أن أوضح لي أن الأرباح التي يجنيها شهريا تفوق 17 % واتفق معي أن يعطيني شهرياً من هذا الربح 6% فوافقت واستمر الأمر لمدة عشرة أشهر وبعد حدوث المشكلة الاقتصادية العالمية أوضح لي بأن أرباحه لم تعد كالسابق وقلل لي أرباحي إلي 2.5 % شهرياً، فوافقت على ذلك، سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل حلال هذه الأرباح أم هي نوع من أنواع الربا؟ فأفيدوني جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستثمار هذا المبلغ من المال يجوز عن طريق المضاربة بشروطها الشرعية، ومن هذه الشروط أن يكون الربح بين رب المال والعامل على ما اشترطا والخسارة على صاحب رأس المال، ويشترط لصحتها أن لا يكون ربح كل منهما مبلغاً معلوماً، ولكن حصة شائعة من الربح كالنصف والثلث أو الربع ونحو ذلك.. فإذا كان الاتفاق على أن يعطيك هذا التاجر 6 من رأس المال كما يفهم من كلامك ثم تم الاتفاق على أن يعطيك 2.5 من رأس المال أيضاً، فكلا الاتفاقين غير جائز، لأن الاتفاق على مبلغ معلوم منسوب إلى رأس المال لا يجوز، وإذا تم الاتفاق على ذلك فسدت المضاربة وفي هذه الحالة يكون الربح لصاحب المال وللعامل أجرة المثل كما هو مذهب جمهور أهل العلم، ويجب على الاثنين التوبة إلى الله عز وجل من هذا العمل المحرم وفسخ العقد.
أما إذا كان الاتفاق على أن يعطيك التاجر 6 من الربح فلا حرج في ذلك، ثم إذا اتفقتما على فسخ المضاربة وعقد مضاربة جديدة بحيث يعطيك 2.5 من الربح فلا حرج في ذلك أيضاً، ولكن يجب التنبه إلى أن تغيير نسبة الربح لا يمكن أن يقع إلا بعد فسخ عقد المضاربة الأول ثم إجراء عقد جديد تتحدد فيه النسبة الجديدة من الربح، والظاهر أن هذا لم يقع، وبالتالي فالعقد غير صحيح.. وننبهك على أن الربح في المضاربة لا يُعلم إلا بعد نضوض المال أي صيرورته نقداً، واستيفاء رأس المال فما زاد على ذلك فهو ربح، ولا بأس أن يدفع التاجر مبلغاً شهرياً تحت الحساب يخصم من نصيب رب المال من الأرباح عند احتسابها، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72779، 116443، 118281.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1430(12/2810)
مسائل في عقد المضاربة الفاسد
[السُّؤَالُ]
ـ[مطلقة ولدي طفل وأنا أنفق عليه، ولذلك قمت بتشغيل بعض المال ومقداره: 4000 دولارعند رجل، وهذا الرجل يعمل في تجارة الألبسة وبعد أن أمسك المبلغ قال إن هذا المبلغ أرباحه كل شهر80 دولارا وأنه سيعطيني كل شهر80 دولارا، علما أنني لا أستطيع استرداد المبلغ ـ رأس المال ـ قبل عام مهما كانت الأسباب فهل ذلك حرام؟ ووالله إنني بحاجة ماسة إلى ذلك التشغيل للإنفاق على ولدي البالغ من العمر3 سنوات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت حين لم تسألي أهل العلم عن الكيفية الصحيحة للمضاربة والواجب عليك أن تتوبي إلى الله عز وجل من تقصيرك في السؤال والتعلم، وهذه المضاربة التي يجعل فيها لأحد المضاربين نصيب معلوم غير مشاع من الربح مضاربة فاسدة يجب فسخها، وانظري الفتوى رقم: 19406، وللمضارب أجرة المثل عند الجمهور، وحصة المثل على اختيار بعض العلماء، فإذا أمكنك فسخ المضاربة واسترداد رأس مالك وجب عليك ذلك وعليك مناصحة هذا المضارب وأن تبيني له أن هذه المضاربة فاسدة وأن له أجرة المثل أو حصة المثل فيما مضى وإن أردتما استئناف عقد جديد مستوف للضوابط الشرعية فبها.
ثم إن المضاربة عقد جائز فمن حق كل من الشريكين فسخها متى أراد، وأما إذا لم ينتصح هذا المضارب وأبى رد رأس المال أو تصحيح العقد، فإنه ـ والحال هذه ـ يكون غاصبا. وبناء عليه، فإنك تأخذين ما يعطيك من المال فتنفقين منه على نفسك وولدك حتى إذا أمكنك استرداد رأس مالك فإنك تأخذينه ولك أن تأخذي ما نشأ عنه من الربح فإنه نماء مالك وليس للمضارب حق في سوى أجرة المثل أو حصة المثل عن المدة التي عمل فيها قبل مطالبتك بالفسخ، وأما بعد مطالبتك بالفسخ فإنه غاصب، وقد اختلف العلماء في ربح المال المغصوب لمن يكون، ورجح شيخ الإسلام أنه يكون بينهما مناصفة قال ـ رحمه الله: إن كان جميع ما بيده أخذه من الناس بغير حق مثل أن يغصب مال قوم بافتراء يفتريه عليهم فهذه الأموال مستحقة لأصحابها، ومن اكتسب بهذه الأموال بتجارة ونحوها فقيل: الربح لأرباب الأموال، وقيل: له إذا اشترى في ذمته، وقيل: بل يتصدقان به، لأنه ربح خبيث، وقيل: بل يقسم الربح بينه وبين أرباب الأموال كالمضاربة، كما فعل عمر بن الخطاب في المال الذي أقرضه أبو موسى الأشعري لابنيه دون العسكر، وهذا أعدل الأقوال. انتهى.
وعلى هذا القول، فإنك متى أمكنك قبض جميع المال فما تيقنت أنه من حصتك من الربح جاز لك أخذه وحسابه مما تم قبضه، وما لم تتيقني من أنه من حصتك من الربح فليس لك أخذه، لأنه مال هذا الرجل ـ على القول بأن له في ربحه نصيبا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(12/2811)
هذه المعاملة يحتمل أن تكون قرضا أو مضاربة ولكل أحكامها
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت لديها ذهب تخرج زكاته، باعت2غويشة لتشغلهم لزوجها44 جراما، وكان يعطيها 75جنيها كل شهر، ثم قال لها مارأيك أخرج لك زكاة الذهب ولا تأخذي راتبا؟ فوافقت، ولكن ماله وبما فيهم ثمن الغوايش توقف عن العمل لمدة 3 سنوات ولكن مازال يدفع الزكاة، ثم بعد أن عادت النقود تعمل عند شخص رفض إخراج الزكاة لزوجته، وهذا وقت إخراج زكاة الذهب. فهل عليه أم عليها إخراج الزكاة علما أنه فجأة قال ذلك مع أنه متفق معها على إخراج الزكاة، ورفض إعطاءها رأس مالها ثمن الغوايش، وقال أنا دفعت لك عندما كان العمل متوقفا، قالت له أنت لم ترفض وكنت موافقا ولم يتفق معها على أنه لن يعطيها رأس المال إذا دفع لها. هل من حقها ثمن الغوايش بالجرامات أم كما باعتهم من زمان أم ليس من حقها؟ وعلى من دفع الزكاة؟ وجزاكم الله خيرا. أرجو الرد سريعا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه المرأة قد دفعت هذا المال إلى زوجها على سبيل المضاربة ليثمره وينميه لها، فهذه مضاربة فاسدة لأن اشتراط قدر معلوم غير مشاع من الربح يفسد عقد المضاربة، إذ من شرطها أن يكون الربح مشاعا كالثلث والربع، وكذا لا يجوز اشتراط ضمان رأس المال في عقد المضاربة؛ لأن المضارب أمين والأمين غير ضامن، وإذا علم أن هذا العقد عقد فاسد، فللزوج أجرة مثله، وللمرأة رأس مالها، وما نتج عنه من الربح فيحسب عليها كل ما دفعه لها من راتب أو دفعها عنها من زكاة، وقد ذكرنا أحكام المضاربة الفاسدة مستوفاة في الفتوى رقم: 72779.
وإن كانت هذه المرأة قد دفعت هذا المال لزوجها على سبيل القرض فلا يلزمه دفع شيء إليها لأن القرض من عقود الإرفاق لا من عقود المعاوضة، وأخذ عوض نظير القرض يعد ربا، لأن المتفق عليه بين العلماء أن كل قرض جر نفعا فهو ربا، وعلى هذا فما دفعه إليها من راتب أو دفعه عنها عن زكاة فإنه يرجع به عليها كما تقدم، وعلى كل تقدير فزكاة هذا المال واجبة على تلك المرأة، لأنه ملك لها فوجبت عليها زكاته، لكنه إن كان قرضا فقد جوز بعض العلماء لها أن تؤخر إخراج الزكاة ثم تزكي المال حين تقبضه لما مضى من السنين كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 119194.
وإذن فزكاة هذا المال واجبة على تلك المرأة لا على زوجها، ولزوجها أجرة المثل ولها جميع الربح إن كان العقد مضاربة، وإن كان قرضا فزكاته عليها، ولا يلزم زوجها دفع شيء إليها زائدا على المال الذي اقترضه، وإن أرادت استرداد مالها فإنها تأخذ ما دفعته إليه، من النقود لأن النقود هي التي وقع عليها العقد لا الذهب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1430(12/2812)
من أسقط حقه فليس له التراجع بعد إسقاطه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لشخص تنازل عن حقه الخاص في موضوع مضاربة أن يتراجع عن التنازل دون أن يقدم مبررا لذلك التنازل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ثبت له حق قبل شخص وأسقطه عنه عن رضى منه في حال رشده ووعيه فإن ذلك الساقط لا يصح الرجوع فيه، للقاعدة الفقهية المشهورة: الساقط لا يعود. ومعناها كما في درر الحكام: أنه إذا أسقط شخص حقاً من الحقوق التي يجوز له إسقاطها سقط ذلك الحق وبعد إسقاطه لا يعود.
وبناء عليه فإن كان ذلك الشخص قد أسقط حقه في ربحه من مال المضاربة ونحوه، فليس له التراجع عن ذلك الإسقاط سواء أكان لتراجعه سبب أم لا؟.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(12/2813)
ضمان رأس المال والربح المعلوم يفسدان عقد المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوأن تردوا على استشارتي: هل الاستثمار في شركة ـ بورتوفيلو ـ الأميركية حلال أم حرام؟ حيث يدفع المستثمرأمواله إلى أحد البنوك في منطقته إلى حساب الشركة أعلاه مثلا:10000$ وتقوم الشركة بفتح حساب له في البنك المحلي وموقع إلكتروني للمستثمر وتعمل الشركة في تجارة الأجهزة الألكترونية وتصنيعها ولا تدخل في المحرمات ـ كالمشروبات المحرمة وغيرها ـ وتكون المدة لفترة سنة واحدة تقوم الشركة بتشغيل المبلغ ويعطيه الأرباح كما يلي:
1- خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة يعطيه: 6000$.
2- خلال الأربعة الأشهر الثانية يعطيه: 8000$.
3- خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من السنة يعطيه: 10000$، علما بأن الشركة تقوم بتأمين هذه الأموال لدى أكبر شركات التأمين في أمريكا لكي لا يخسر المستثمر، وفي حالة إفلاس الشركة ستعيد إليه شركة التأمين المبلغ المتبقي له لتكمل 10000$ المدفوعة له بدون فوائد، أما إذا كان المبلغ المدفوع أقل من 10000$ فإن الشركة تدفع له الأرباح وتختلف من شهر لآخر قد تكون500 في شهر وفي شهر آخر 750$ أو 100$ وهكذا أي أن الأرباح غير محددة، علما بأن خيرة علماء الاقتصاد والإدارة وعلماء المحاسبة يعملون بهذه الشركة وعددهم أكثر من ألف عالم بما يسمى في علم الإدارة ـ رأس المال الفكري ـ وأرجو تنويري، هل أشارك فيها أم لا؟.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة تشتمل على جملة من المحاذير الشرعية، أولها: وضع المال في البنوك الربوية وذلك محرم، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 31201.
والأمر الثاني: أن الشركة تؤمن على أموال المساهمين في شركة تأمين ربوية وذلك محرم، إذ لا يجوز التعاون والتأمين لدى شركة تأمين ربوية، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 7394.
والأمر الثالث: هو ضمان رأس المال وربح معلوم وهما أمران محرمان يفسد كل واحد منهما عقد المضاربة إن وجد فكيف بهما إذا اجتمعا، قال ابن قدامة في المغني نقلاً عن ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه على إبطال القراض إذا جعل أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم. انتهى.
وحقيقة تلك المعاملة أنك أقرضت الشركة مالاً وردته إليك بزيادة، والمضاربة المشروعة غير ذلك، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 121158.
كما لا بد في المضاربة من تحديد نسبة الربح ولا يصح أن تكون النسبة مجهولة، كما هو الحال فيما ذكرت إن كان المبلغ أقل من عشرة آلاف، قال ابن قدامة: وإن قال خذه مضاربة ولك جزء من الربح أو شركة في الربح أو شيء من الربح أو نصيب أو حظ لم يصح لأنه مجهول، ولا تصح المضاربة إلا على قدر معلوم.
وبناء على ما ذكر فلا يجوز استثمار المال في تلك الشركة لما بيناه من محاذير شرعية، وأسباب الكسب المشروع وطرق استثمار المال المباحة كثيرة جداً، وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم وتوجيهه للناس أن قال: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب.
قال الحافظ في الفتح أخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة. وصححه الحاكم من طريق ابن مسعود وصححه الألباني أيضاً.
وللفائدة، انظر الفتوى رقم: 39761.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(12/2814)
من أحكام المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل خبيرا في المحاسبة، واعترضتني مشكلة من الناحية الشرعية أرجو أن تعينوني على حلها.
تتمثل المشكلة في أن حريفين من حرفائي الأول يدعى فوزي والثاني يدعى محمد اتفقا على ما يلي:
يسلم فوزي مبلغ قدره 50 ألف دينار إلى محمد لاستثمارها في شركته، واتفقا بأن لفوزي الحق في استرجاع أمواله مع الأرباح-إن وجدت- متى شاء.
وبعد سنة طلب فوزي من محمد بأن يرجع له هذا المبلغ مع أرباحه وأمهله شهرا لتحضير المبلغ، ولكن لم يتمكن محمد من تحضير المبلغ إلا بعد ستة أشهر بحكم أن الظروف المادية للشركة لا تسمح بتسديد هذا المبلغ.
وعند تسليم المبلغ طلب فوزي من محمد تسليمه أرباح الستة أشهر-فترة التأخير- بحكم أن الأموال مازال يشتغل بها محمد في شركته طيلة فترة الستة أشهر، فاختلف الطرفان من الناحية الشرعية لهذه الأرباح.
فهل لفوزي الحق من الناحية الشرعية في أرباح الستة أشهر أم أن المطالبة بهذه الأرباح يدخل في طي الربا؟
أرجو منكم الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهرأن العقد الكائن بين الرجلين هو عقد مضاربة، فإن كان مستوفيا لأركان المضاربة وشروطها الشرعية كما هي في الفتوى رقم: 17902. فهو صحيح وتترتب عليه أحكامها. وعلى هذا الاعتبار فالأشهر الستة التي مكثها المال لدى العامل داخلة في ذلك وربحها -إن كان فيها ربح- سبيله كسبيل ربح المال فيما قبلها، يقسم بينهما على ما اتفقا عليه، لأنهما لم يفسخا العقد عند طلب رب المال لذلك لما ذكره العامل.
وأما على اعتبار فساد العقد الكائن بينهما، وذلك فيما إذا كان صاحب المال قد ضمن رأس المال للعامل، فالربح كله لصاحب المال ومنه ربح المال في الأشهر الستة المذكورة، وللعامل أجرة مثله أو ربح مثله على قول والأول أرجح.
قال في المغني: الربح جميعه لرب المال، لأنه نماء ماله، وإنما يستحق العامل بالشرط، فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط، فلم يستحق منه شيئاً، ولكن له أجر مثله.
وفي بدائع الصنائع للكاساني: وأما حكم المضاربة الفاسدة ... وإنما له أجر مثل عمله سواء كان في المضاربة ربح أو لم يكن.
وراجع للمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 78071.
وهذا كله على اعتبار عدم فسخ العقد لما طلب صاحب المال ذلك، فإن كانا فسخا العقد وعلما رأس المال وربحه، ولكن صاحب المال تركه لدى العامل إلى الأجل المذكور، فهو قرض ولا حق له في المطالبة بربحه في الأشهر الستة التي مكثها، وهو في ذمة صاحبه لكونه قرضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1430(12/2815)
أرباح المضاربة إذا تبين أنها أموال أناس آخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت شخصا قريبا لي مبلغا من المال بعد إلحاح كبير منه، وذلك لتشغيل هذا المبلغ مع التاجر الذى يشتعل معه.. مع كل فترة يعطيني مبلغا من المال ويقول لي هذه هي أرباح المعاملة السابقة ... مع الملاحظة بأنني قبل وبعد كل معاملة أسأله أكثر من سؤال كيف تتم المعاملات؟ وما نوع البيوع والاستثمارات التي تمارسونها؟ بصراحه لم أجد إجابة شافية، وبعد فترة بسيطة توقفت ولم أشاركه في أي معاملة، وذلك لأني لم ترتح نفسي لهذه المعاملات ... وبعد فترة 3 أشهر اتضح أن هذا الرجل لا يمارس أي نوع من التجارة، بل يستلف مبلغا من المال ليسد ما استلفه من الرجل الأول يعطيه للثاني وهكذا ... سؤالي ما حكم المال الذي أخذته وهو يكذب علي ويقول إنها تجارة؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تبين لك أن الأموال التي أعطاها لك هذا التاجر لم تكن حصتك من الأرباح، وإنما هي أموال أناس آخرين، فيجب عليك أن ترد هذه الأموال لأصحابها، وكونك لم تكن تعلم حقيقة الأمر فهذا يرفع عنك الإثم إن شاء الله تعالى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 119694.. وراجع الفتوى رقم: 64224 في معرفة حكم الأموال التي لا يُعرف أصحابها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(12/2816)
حكم الاستثمار مقابل نسبة مضافة إلى رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تعرفت من فترة على إحدى الشركات الاستثمارية من خلال الإنترنت، وهي تعطي نسبة ربح يعنى مثلا أنا دفعت 100 دولار بعد يومين أو أكثر يكون ربحي مثلا 2 أو 3 % فوق ال100 دولار، وهذا يختلف من شركة إلى شركة، يعنى مثلا شركة مدة الإستثمار فيها 30 يوما، وبعد 30 يوما يبقى لك نسبة ربح 60 % فأريد أن أعرف هل هذا يعد ربا أم مجرد تجارة مثل ما لو دفعت مبلغا معينا لصديقي لينشئ به مشروعا وكل بضعة أيام مثلا آخد منه ربحا، وبعد بضعة أيام مثلا آخد منه رأس مالي، رجاء هل هذه الشركات ربا أم ليست ربا، لأني سألت كثيرا فالبعض قال هي ربا، والبعض قال ليست ربا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفرق بين الإستثمار المباح والربا المحرم في مثل هذه الصورة هو أنه إن كانت نسبة الربح محددة ومضمونة ورأس المال مضمون أيضا، فالمعاملة ربا محرم، وهذا هو واقع الشركات على الإنترنت إلا ما ندر، وفي الصورة المسؤول عنها الربح محدد، لأن النسبة المؤية إذا أضيفت إلى رأس المال كانت كالمبلغ المحدد 50 من 100 دولار تساوي 50 دولارا.
وعليه، فالاستثمار المذكور في السؤال من المعاملات الربوية المحرمة.
وأما الاستثمار الصحيح فلا بد من توفر ضوابطه الشرعية، والصورة الجائزة منه هي أن تدفع لشخص أو شركة مبلغا من المال على أن يستثمروه ولك نسبة من الربح، تحدد مسبقا 50 أو أكثر أو أقل من الربح المتوقع على حسب ما يحصل عليه الاتفاق إن حصل ربح، وإن حصلت خسارة كانت من رأس المال، قلت أم كثرت. ولا يضمن المضارب رأس المال.
فإذا حصل الاستثمار على غير ما ذكر كأن يضمن فيه رأس المال، أوتضمن نسبة الربح ومقداره، كان ممنوعا شرعا.
وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 95089، 103922، 66745.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(12/2817)
كيفية الحساب إذا فسخ رب المال شركة المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت مالا من صاحبي على أن أستثمره في المملكة العربية السعودية، ونحن من خارجها، علي العمل، وعليه المال، والربح بالمناصفة، فبدأت أعمل في إجراءات استخراج ترخيص الاستثمار في مدينة جدة، وكان العمل قد أخذ وقتا ومالا، لم يكن في حسباني، حيث استغرق أكثر من سنة أراجع ما بين الدوائر الحكومية المختصة وأتردد بين الاستشاريين المتخصصين في هذا المجال، ولم أنته، وفجأة جاءني صاحب المال فجأة وقال إنه يريد أن ينسحب من الشركة ويريد أن يسترد ماله، مع أن المال قد دخل في المشروع بشكل كبير، وصرفت أكثره في متطلبات هذا المشروع، وأخبرته بالأمر بأني حريص على العمل ولم أقصر في شيء يعجل اسخراج الترخيص الاستثماري حتى أبدأ في العمل، وأخيرا أخرج ورقة وقال وقع على هذه الورقة، وقال بأن المال الذي أخذته منه أصبح في ذمتي كدين، ولا بد أن أسدد هذا الدين في مدة سنة، ولا أدري هل يحق للشريك أن ينسحب من المشروع ويجعل جميع التكاليف على كتفي، مع العلم على أن الاتفاق رأس المال منه ومنى العمل، علما بأني لا أملك المال أيضا حتى أعمل بنفسي، وكان هذا التوقيع قبل ستة أشهر، ولا يزال الرجل يطلب مني التسديد، والمشروع لم يؤت ثماره بانسحابه، حيث أحتاج إلى جمع المال لإكمال الإجراءات، أفتونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاتفاق الذي أبرمته مع الشخص المذكور هو عقد مضاربة، وهذا العقد من العقود الجائزة غير اللازمة، ومعنى ذلك أن لطرفي العقد فسخه في أي وقت أرادا ما لم يلحق ضررا بالآخر، وإذا أراد رب المال الفسخ ورأس المال ما يزال نقدا فله ذلك، وإن كان عرضا- كالسيارات والأراضي والبضاعة ونحو ذلك- فتفسخ أيضا، ولكن للعامل بيع هذه العروض لتعلق حقه بربحها عند بيعها.
وأما تحميل العامل لرأس المال عند الفسخ فغير جائز، وليس لربه إلا ما وجد منه سالما من الخسارة، لأن العامل أمين والأمين غير ضامن إلا عند التفريط والتعدي، وبهذا تعلم أن ما ألزمك به رب المال بأن ترد رأس ماله وأنه صار في ذمتك تصرف باطل، لا يجوز له طلبه، كما لا يجوز لك الاستجابة له، لأن ما حرم أخذه حرم إعطاؤه، اللهم إلا أن تتبرع بطيب نفسك منك بتحمل الخسارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(12/2818)
حكم المضاربة إذا كان الربح نسبة مضافة إلى رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[فلقد ابتليت في التوقيع على عقد مضاربة فاسد، وذلك ما تبين لي فيما بعد بسبب عدم فهمي الصحيح، والإشكال الذي حدث معي، حيث فهمت بعض الشروط فهماً خاطئاً، واليكم ماذا حدث بالتفصيل الموجز: أخذت من أخ لي مبلغا من المال على أن تكون نسبة ربحه هي 22 في المائة من المال الذي أعطاني إياه أي معلوم النسبة ومقدار المال دون التطرق إلى مسألة الربح والخسارة، ولم يأخذ مني أي ضمانات لتحريم ذلك، وهذا ما أشكل علي، وهو تحديد قيمة مبلغ الفائدة قبل بدء التجارة، وتحديدها نسبة ثابتة شهرية ومقطوعة من دون رأس المال. والمشكلة هنا أن أخي هذا اقترض المال من البنك الإسلامي عن طريق بعض القنوات الشرعية ويستقطع من راتبه قسط شهري كبير يصل إلى نصف راتبه، ويعتمد على مبلغ الفائدة الذي أعطيه إياه في نهاية كل شهر لتسديد القسط الذي عليه من البنك، ولا أخفي عليكم فالمبلغ الذي أعطاني إياه قد توزع على جهات مختلفة كثيرة بقصد التنوع في التجارة والدخل، وجزء من هذا المال قد تم دفعه في بضاعة اشتريتها من الخارج وبعتها على تجار آخرين بالتجزئة، وبعضه الأخر اشتريت به عقاراً أصبح اليوم سعره النصف، وذلك بسبب الأزمة العالمية، وبعضه دخلت به في عقود مضاربه فاسدة أيضا لأنها تشبه شروط العقد الذي بيني وبين أخي. والآن أنا في حيرة من أمري، فقلبي يحترق لما خالفت فيه شرع الله عز وجل، ولا أستطيع رد رأس المال الذي أخذته من أخي إلا بعد فترة طويلة إن قدر لي الله ذلك، وهو لا حول له ولا قوة حيث كانت فكرتي عندما دفعته للاقتراض من البنك، وهو لا يستطيع بأي حال من الأحوال الالتزام بالسداد دون مساعدتي له والتجار الذين تعاقدت معهم بعقد مضاربة آخر يماطلون في إرجاع حقي ودفع ما عليهم من مال.
أرجوا من الله عالم الغيب والشهادة أن تجدوا لي مخرجاً شرعياً لما اقترفت يداي من الحرام، وكيف لي أن أطهر نفسي وأخي الذي اندفع ورائي لثقته بي، ولعلمه بحرصي على الحلال والحرام، وإنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها، وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو وأتوب إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي المضاربة الشرعية لا يجوز جعل مبلغ معلوم كربح لأحد الطرفين، ومثل جعل مبلغ معلوم جعل نسبة مضافة إلى رأس المال. فمن دفع إلى آخر مثلا مائة ألف واشترط عليه 20 منها كربح كان كمن اشترط عشرين ألفا، وأيضا لا يجوز فيها ضمان رأس المال إلا في حالة التعدي والتفريط. وعليه فإن كان الأخ السائل اتفق مع صاحب رأس المال على مثل هذا، فالمضاربة فاسدة، والأرباح إن حصلت لصاحب رأس المال، وللعامل فيها أجرة مثله.
وإذا كانت الأخرى وهي الخسارة فليس على العامل ضمانها، وإنما تقع في رأس المال إلا ما كانت الخسارة ناتجة عن تعدي العامل وتفريطه، كأن يخالف الشروط الصحيحة لصاحب رأس المال، أو يضارب غيره بدون إذن أو تعويض عام، أو يضارب على وجه غير مشروع، فالخسارة الحاصلة في رأس المال بسبب التعدي يتحلمها المضارب مع التوبة إلى الله تعالى.
وأما ما عدا ذلك، فالمضاربة أصلا قائمة على توقع الخسارة مع رجاء الربح، فإذا سارت الرياح بما لا تشتهي السفن لم يكن أمام المؤمن إلا الصبر والرضا بقضاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1430(12/2819)
حكم الربح المكتسب من المضاربة في البورصة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت مالي لشخص لكي يتاجر به، واتفقنا على الربح والخسارة، ولكنني أشك في نوع العمل الذي سيقوم به هل هو حلال أم حرام؟ ويبدو أنه سوف يعمل بالمال في البورصة العالمية ولكنه أكد لي أن العمل حلال ومتوافق مع الشريعة الإسلامية، وأنه لم يدخل في هذا المجال حتى تأكد منه من الناحية الشرعية، وأنه درس الاقتصاد الإسلامي والفقه في هذه الأمور.
فهل الربح الذي سوف يرسله لي حلال أم حرام، حيث إنني بحاجه إلى هذا الربح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المتاجرة في البورصة العالمية تكتنفه محاذير كثيرة، ومع هذا إذا قدر المتعامل على اجتناب هذه المحاذير فعمله واستثماراته فيها مباحة، وما نتج عن ربح كذلك.
وراجع هذه المحاذير في الفتوى رقم: 3099.
وبالنسبة للأخ السائل والذي دفع ماله إلى من يضارب له به، إذا حصل ربح فالأصل أنه حلال حتى يثبت خلافه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(12/2820)
المضاربة بشرط أن يتحمل المضارب نصف الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت أخي مبلغا من المال لتشغيله مع ماله في البورصة، واتفقت معه على أن أعطي أخي نسبة معينة من أرباحي الشهرية، على أن يدفع لي نصف خسارتي في حال خسرنا أموالنا في البورصة. وبعد أشهر خسرنا أنا وأخي كل مالنا في البورصة، فقرر أخي أن يدفع لي نصف مالي الذي خسرته، كما اتفقنا. فما حكم أخذي لهذا المال، وما حال النسب الشهرية التي كنت أعطيه إياها من أرباحي نهاية كل شهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص إذا دفع ماله إلى آخر ليعمل فيه مقابل جزء من أرباحه، كان هذا التصرف من قبيل المضاربة، ويشترط لها شروط، ومن هذه الشروط: أن الشخص المضارب بالمال لا يضمن الخسارة إلا في حالة التعدي والتفريط، وإذا اشترط صاحب رأس المال ضمان رأس المال أو بعضه، كان شرطا فاسدا لا عبرة به، تفسد به المضاربة. وراجع الفتوى رقم: 72779.
وعليه، فإن اتفاق السائل مع أخيه على ضمان الأخير نصف خسارته اتفاق باطل لا عبرة به، والخسارة كلها يتحملها السائل.
وأما عن حكم النسبة الشهرية التي حصل عليها أخوه فإنه لا يستحقها لفسادالمضاربة، ولكن له على أخيه صاحب رأس المال أجرة مثله مقابل عمله، فينظر كم هي أجرة أمثاله في مثل هذا العمل فيستحقها على أخيه، وما زاد عنها رده، وإن كان نقص طولب صاحب رأس المال بتكميل أجرته، ولأنه لو حصل ربح في هذه المضاربة الفاسدة كان كله من نصيب صاحب رأس المال، فغنم المال له وغرمه عليه.
وينبغي أن يعلم السائل أن المتاجرة في البورصة تكتنفها محاذير شرعية كثيرة، راجعها في الفتوى رقم: 94817.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1430(12/2821)
حكم تحمل المضارب الخسارة ورد رأس المال كاملا للشركاء
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي في فقه المعاملات وهو كالآتي:
اكتشفت -طبقا لنقاشي مع مديري عن فقه المعاملات- أن هذا المعاملات التي سأسردها معاملات ربوية. فآمل منكم توضيح الرأي الشرعي، مع سبل التوبة، والتصرف الواجب اتخاذه مع الأشخاص الداخلين في تلك المعاملات وهي كالآتي:
1- كان هناك شخص ملتزم دينيا ومحترم بمعنى الكلمة فأردت أن أسدي له معروفا، فأخذت منه مبلغ 2000 ريال لوضعه له في سوق الأسهم في ظل الارتفاع، وفي منتصف الطريق طلب نقوده ولو بخسارة ولكني أعطيته 2000 ريال علما بأنها خسرت مستعوضا الله خيرا في المستقبل فهل هذا ربا؟
2- صديق لي قال إن معه مبلغا يريد إدخاله في الأسهم فاشترطت عليه نصف المبلغ من الربح وليس رأس المال، ودخلنا سوق الأسهم فرأيت أن الوضع غير ملائم فسحبت النقود، وأعطيته مبلغه كاملا علما بأن هناك خسارة فهل هذا ربا؟
3- دخل زوج أختي معي في الأسهم وكنا رابحين، وبعد فترة خسرنا، وفي منتصف الطريق قال إنه يريد جزءا من نقوده، فأعطيته ما أردا، وقلت له: أتركك بعيدا، سواء كسبت أو خسرت سأعطيك باقي نقودك، وليس لك دخل ربحت نقودك أو خسرت، هذا حظي. فهل هذا ربا؟ وإن كان ربا فكيف التوبة من هذا الذنب العظيم علما بأني في نفسي أعطيتهم نقودهم على سبيل الهبة،وبعدها قررت عدم دخول أحد مهما كان في أي تجارة معي علما بأني أراعي والله الضوابط الشرعية للتجارة في الأسهم طبقا لعلماء السعودية فأفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قمت به من إعطاء هؤلاء الأشخاص رؤوس أموالهم وتحملك للخسارة لا حرج فيه شرعاً، وإنما المحرم هو أن يتم الاتفاق على أن يتحمل العامل الخسارة أو جزء منها، فاشتراط اشتراك العامل في الخسارة شرط باطل، إذ لا يجوز في المضاربة ضمان رأس المال، ولكن إذا تبرع العامل في حالة الخسارة بضمان المال، أو نوى الضمان في بداية العقد ولم يذكر ذلك في العقد، فلا مانع من ذلك، بل ذلك من المعروف وحسن المعاملة الذي تثاب عليه.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 51152، 65877، 68914، 69181، 72779، 111979.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(12/2822)
ضارب أخوه في ماله وضمن له نصف الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت أخي مبلغا من المال لتشغيله مع نقوده في الأسهم المباحة، وتم الإتفاق بيننا على أن أدفع إلى أخي نسبة معينة من نصيب أرباحي الشهرية مقابل في حال الخسارة يدفع لي أخي نصف خسارتي، ولقد خسرنا أنا وأخي نقودنا التي كنا وضعناها في هذه الأسهم، فقرر أخي أن يدفع لي نصف مالي الذي خسرته وحسب الاتفاق فهل يحق لي شرعأ أن آخذ هذا المال؟ وما الحكم بالنسبة للمبالغ التي كنت أدفعها من نصيبي لأخي شهرياً؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة التي وقعت بينك وبين أخيك تسمى مضاربة، ومن شروط المضاربة أن لا يشترط على العامل ضمان رأس المال أو جزء منه، فإن اشترط عليه ذلك فسدت المضاربة، كما في الفتوى رقم: 11158.
وبناء على هذا فإن المعاملة المذكورة فاسدة، ولبيان ما يترتب على فسادها راجع في ذلك الفتوى رقم: 57853. وللأهمية في الأمر راجع الفتوى رقم: 26778.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1430(12/2823)
حكم المضاربة إذا كان الربح مبلغا مقطوعا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب وضعت معه مالا في مشروع إعادة تصنيع الورق، وهو شريك مع أناس آخرين ويحاسبهم على الربح والخسارة. أما بالنسبة لي فهو يقوم بإعطائي مبلغا ثابتا مقابل المبلغ الذي شاركت فيه، علما بأنه يعتبرنا طرفا واحدا، وهو يتحمل الربح والخسارة. فهل هذا جائز على أن يعطيني شهريا مبلغا ثابتا ويوجد عقد بالمبلغ الذي دفعته، ويقول لي أنا أتحمل الخسارة والربح على أننا طرف واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة القائمة بينك وبين قريبك تسمى مضاربة، ومن شروط المضاربة أن لا يشترط على العامل ضمان رأس المال، وأن لا يحدد لأي من طرفيها مبلغ مقطوع من الربح.
وبناء على هذا، فالمضاربة التي بينكما فاسدة، ويترتب على فسادها أن يكون ربح مالك كله وخسارته عليك، وأن يكون لقريبك العامل أجرة مثله، كما في الفتوى رقم: 57853.
وللأهمية راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 80353، 112218، 106173.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1430(12/2824)
شركة المضاربة إذا فشلت فمن يضمن الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. ... ... ... ... ... ... ...
طلب إصدار فتوى: قام ثلاثه أشخاص بتأسيس شركة صناعية، الأول (السيد خالد تاجر وليس له أي خبرة صناعية) ، الثاني (المهندس إبراهيم) ، الثالث (المهندس خوان مكسيكي غير مسلم) ، واتفقوا على أن يمول السيد خالد المشروع ويديره إبراهيم وخوان ويقوما بشراء الماكينة اللازمة وتجهيز الشركة للعمل على أن يسدد كل من إبراهيم وخوان حصتهما لخالد من أرباح الشركة ليصبح لكل واحد منهما الثلث مع مرور الوقت، اتفقنا أيضا على أن يقسم الربح والخسارة في المشروع على الثلاثة واتفقنا على أن أترك أنا وخوان الوظيفة للتفرغ للمشروع، كان هناك اتفاق مسبق بحضوري (إبراهيم) من طرف خوان مع أحد مديري المشتريات يعمل بشركة أمريكية (حيث كان يعمل خوان سبقا من قبل بضعة سنوات) بمد الشركة بالطلبات حيث إننا لن نجد وقتا للراحة من كثرة العمل قمت أنا وخوان بشراء الماكينة واكتشفنا أننا أخطأنا حيث إن المكينة كان يجب أن تأتي مختلفة قليلا قمنا بعمل التغييرات اللازمة وأصبحنا مستعدين للعمل انتظرنا أن تفي الشركة الأمريكية بوعدها ولكن لم تف به أبداً بحثنا عن بدائل واستطعنا أن نجد عملا للشركة بصعوبة بالغة وبعد شهور من المعاناة لم تكن الشركة تملك مقومات النجاح (لا عمل، لا أموال سائلة، لا أمل في النجاح) وأيقنت أنا وخوان بالفشل لا محالة لم نتقاض أي مرتب طول فترة عملي في المشروع وهي حوالي عام محاولة منا لمساعدة الشركة للخروج من الأزمة المادية، بدأت أشعر بالمسؤولية عن هذا المشروع الفاشل خصوصا مع السيد خالد الذي ليس له ذنب في كل ما حدث وكنت أشعر بحرج كبير منه، كنا لا نملك دفع مرتبات العمال (عمال) كانت مأساة بكل المقاييس ليس لدي مال والسيد خالد مل من المصاريف واستلفت مبلغا غير قليل لدفع المرتبات ولأننا نحتاج لحل هذه المشكلة جذريا، كنت أعمل من قبل معرفتي بالسيد خالد أو خوان في شركة كبيرة وبمرتب كبير وكنت أحد مسؤولي المشتريات وهناك شروط قاسية للعمل مع مثل هذه الشركة يجب أن نفي بها ولم نكن نملك أيا منها على الإطلاق ولكن لمجرد المحاولة اتصلنا بهم وطلبنا أن يزورونا وأن يساعدوني ببعض العمل مع يقيني بالفشل وفعلاً فشلت المحاولة من قبل زيارة الشركة التي كنت أعمل بهذا كنا لا نملك أي سيولة مادية وتتراكم الديون علي الشركة اجتمعت أنا وخوان وقررنا أن أذهب لخالد وأطلب منه أن يزودنا بالمال كما هو متفق عليه في أول المشروع أو أن يخرج وأتحمل أنا خسارته للحفاظ على العلاقة بيننا ويتحمل خوان ثلث الخسارة الباقي طلبت منه مبلغا كبيرا من المال لوضعه بالشركة فرفض لأنه ليس معه وفضل الخروج من الشركة مع علمي أنا وخوان بأن غلق الشركة أصبح مؤكداً وإنما هي مجرد أيام في انتظار الشركة التي كنت أعمل بها، في اليوم التالي اتصل بي خالد ليخبرني عن حزنه لخروجه من المشروع في محاولة منه لإثبات أنني أريد الشركة لنفسي اعتقادا منه بسوء نيتي وأن الشركة التي كنت أعمل بها سوف تعطينا كثيراً من الطلبات ولذلك أخرجته من الشركة لأستولي على حقه، ولكني لم أعترض على سوء نيته تجاهي وأعترف بأنني أخطأت لتفكيري الساذج بحمايته من الخسارة وعندما عرضت عليه الخروج من الشركة لم نكن نملك أي أموال نقدية ولا أي طلبات من أي عميل، أريد أن أقول أنني اشتريت خسارته ولم أشتر منه مشروعا ناجحا ولا أدري إن كان ما فعلته حلالا في الإسلام أم لا.... أخبرته بإغلاق الشركة في أقل من أسبوعين بعد طلبي أن يمد المشروع بالمال كما كنا متفقين في الأساس جاء إلي الشركة ومعه إيصالات أمانة وقعت على الورق بدون قراءته لإثبات حسن النية ولأنني مقتنع أنني سبب الخسارة تم بيع أصول الشركة وسددنا كل الديون واشترطت عليه أن يترك لي باقي المال حتي أسدد له ثلثي الخسارة التي خسرها هو وحده ولم أتكلم أبداً عن خسارتي أو خسارة خوان ... ... ...
الخسارة الكلية للمشروع كما أراها، السيد خالد مبلغ 2000,000 رأس المال, إبراهيم 600,000 حيث لم أتقاضى مرتبا طول فترة العمل, خوان 600,000 حيث لم يتقاضى مرتبا طول فترة العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن الشركة المسؤول عنها تعتبر مضاربة إذ أن الممول دفع المال إلى السائل وصاحبه المهندس الآخر ليقيما شركة صناعية ويتقاسما الربح مع الممول، وهذه هي المضاربة، وكون العاملين فيها اتفقا مع المالك أن يشتركا معه في رأس المال بما يدفعانه من أرباحهما بعد ذلك لا يخرجها عن المضاربة، وتصير مضاربة منتهية بالمشاركة في رأس المال وهذا جائز بإذن صاحب رأس المال.
ولكن الذي حصل أن الشركة فشلت ولم تحقق أرباحاً وهنا ينظر إن كان الفشل حصل بسبب تفريط العاملين أو أحدهما في عمله فإنه يضمن هذه الخسارة لصاحب رأس المال (الممول) والضمان يكون بقدر الخسارة في رأس المال، وأما إن كانت الخسارة بدون تفريط ولا تعد من قبل العاملين فلا يضمنا، والتزامهما بالضمان باطل، ولا يجوز لصاحب رأس المال تضمينهما إذا لم يتسببا في الخسارة.
وننبه الأخ السائل إلى أن العامل في المضاربة لا يصح أن تكون حصته مبلغاً معلوماً كراتب معلوم وإنما يكون له حصة من الربح شائعة كـ 20 أو 30 ونحو ذلك إن وجد ربح، فقوله في آخر سؤاله إن خسارته وصاحبه كذا ألف لا يستقيم، فلا ربح للعامل أصلاً إلا بعد سلامة رأس المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1430(12/2825)
شروط الاستثمار المشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل استثمار قدر من المال حوالي 250 جنيها شهريا في شركة تأمين تعطي فائدة متغيرة، ولا تحدد ربحا معينا وتستثمر الأموال في البورصة والأسهم حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط الاستثمار المشروع أن يكون ربح المستثمر وصاحب رأس المال نسبة شائعة من الربح، وليس من رأس المال. فيقال لصاحب رأس المال مثلاً لك 5 من أرباح المبلغ لا من المبلغ نفسه، فإن أضيفت النسبة إلى رأس المال كان ذلك محرماً لأنها تعتبر مبلغاً معلوماً بهذا الاعتبار.
الشرط الثاني: أن لا تكون هذه النسبة مضمونة سواء حصل ربح أم لم يحصل.
الشرط الثالث: أن لا يكون رأس المال مضموناً على المستثمر فلو حصلت خسارة في رأس المال بدون تفريط ولا تعد منه لم يضمن.
الشرط الرابع أن يستثمر المال في الوجوه المباحة شرعاً، وعلى وجه صحيح شرعاً، وبهذا تعلمين أن شراء الأسهم المحرمة كأسهم البنوك وشركات التأمين التجاري حرام.
الشرط الخامس: في المضاربات المشتركة يجب تمييز رؤوس المال بعضها عن بعض، ومعرفة بداية المضاربة كل منها حتى لا تجبر خسارة هذه بربح هذا.
والذي يظهر أنه لا يجوز الاستثمار في شركة التأمين المذكورة؛ لأن الغالب على مثل هذه الشركات عدم الالتزام بالضوابط الشرعية ... وما تقدم إذا كانت الشركة تضارب بأموال الغير في البورصة.
وأما إذا كان الذي يتم هو أن تشتري أسهم شركة التأمين التجاري، وهذه الشركة تضارب بأموالها في البورصة، فالمعاملة من أصلها حرام لما تقدم من أن شراء أسهم الشركات المحرمة حرام شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(12/2826)
حكم اشتراط الضمان على العامل في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لدي مبلغ من المال ادخرته من عملي في الغربة، فأرسلت لأخي بأن يتاجر في هذا المال فيما أحل الله بدلا من إيداعه في البنك، فاتفق مع شخص آخر على أن يشارك معه بمبلغ 25000 جنيه في تجارة أجهزة كهربائية وجوالات على أن يدفع له هذا الرجل جزءا ما من الأرباح كل شهر حسب ما أفاء الله من رواج (فتارة يدفع 1000 جنيه وتارة يدفع 500 لكن أخي أخبرني مؤخراً بأنه حاول أن يضمن المال من صاحبه فطلب منه أن يوقع على سندات أو ما يسمى وصل أمانة بقيمة ال 25000 ضماناً لرأس ماله في ظل اختلاف ذمم الناس، وقد طلب الرجل من أخي أن يمهله 6 أشهر قبل أن يطلب منه استرداد ذلك المبلغ في حال أن طلبه أخي منه، واتفق الرجلان على ذلك، فهل هذا الاتفاق جائز شرعا أم لا؟ وإذا لم يكن جائزا فهل من وسيلة أو تعديل ليصبح جائزا وموافقا للشريعة؟ وما حكم الأموال التي جاءت من هذا الاتفاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم هذه المشاركة حكم المضاربة، ومن أحكام المضاربة أن يتم الاتفاق على نسبة معلومة من الربح كالنصف أو الثلث، وإذا حدثت خسارة تكون من رأس المال، والعامل يخسر جهده وتعبه، ومن أحكام المضاربة أيضاً أنه لا يجوز أن يشترط الضمان على العامل، فالعامل في المضاربة لا يضمن إلا في حالة التعدي والتفريط، فلا يجوز أن يأخذ أخوك من هذا الشريك سندا أو إيصال أمانة على سبيل الضمان، أما إذا كان يأخذ الأوراق المذكورة لمجرد إثبات أنه دفع هذا المبلغ للتاجر المذكور فلا حرج في ذلك، لكن لا يجوز استعماله في تضمينه الخسارة الحادثة بغير تعد ولا تفريط.
فإذا كان الاتفاق قد تم بالضوابط المذكورة فهو جائز شرعاً، وإن لم يكن كذلك فعليكم تعديله بما يتفق مع هذه الضوابط، وإن كان أخوك قد اتفق مع هذا التاجر على أن يشترك في الخسارة فهذا الشرط لا يجوز وهو مفسد للمضاربة، وإذا فسدت المضاربة كان الربح كله لصاحب رأس المال، وللعامل أجر مثله.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 12556، 25334، 34799، 103102، 104044، 104079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1430(12/2827)
كيفية حساب الأصول المشتراة عند فسخ شركة المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن انتهاء عقد المضاربة: اتفقت أنا وأحد الإخوة منذ ثلاث سنوات على أن نكون شركاء بنظام المضاربة هو بالمال وأنا بالمجهود، على أن يكون له 60% من الأرباح ولي 40% من الأرباح. بدأنا من الصفر حتى أصبح للشركة وكالات حصرية وعملاء وموردون ورزقنا الله من فضله، وكان يتم اقتسام الأرباح آخر كل عام حسب الاتفاق المبرم. أريد الآن فض الشركة وبدء مشروعي الخاص، وجه الخلاف أن شريكي يقول لي لقد أخذت نسبتك من الأرباح النقدية حسب الاتفاق وعلى هذا ليس لك عندي شيء آخر بينما أقول له أنا.. أننا قد اشترينا - على مدار الثلاث سنوات - بجزء من الأرباح العديد من الأشياء سيارتين للشركة - كمبيوترات - مخزون وخلافه وقد تم دفع تكاليف هذه الأشياء من أرباح الشركة الشهرية في صورة أقساط، وعلى هذا فإن أرباح الشركة ليست نقدية فقط ولكن يجب اقتسام كل الأصول التي تم شراؤها من أرباح الشركة. كما أنني بمجهودي استطعت أن أتفق مع العديد من الشركات العالمية وأخذ وكالاتها الحصرية لصالح شركتنا، وعلى هذا فإن هذه الوكالات تعتبر من ضمن الأشياء التي يجب تقسيمها أيضاً. أرجو إفادتنا بما هو الصواب حتى لا يظلم أحدنا الآخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم السائل أنه لا ربح من المضاربة إلا بعد استيعاب صاحب رأس المال ماله كله، فما زاد على رأس المال فهو ربح يقسم بين المضارب وصاحب المال على ما اشترطا.
وما ذكره السائل من شراء سيارات وكمبيوترات ونحوها كل ذلك يحسب عند إرادة فسخ الشركة، فما زاد على رأس المال الأول فهو ربح.
ولمعرفة رأس المال لا بد أن يصار إلى التنضيض أي يجعل رأس المال نقدا إما ببيعه أو تقويمه بالنقد، ثم الزائد على رأس المال من بداية المضاربة هو الربح، وراجع الفتوى رقم: 77280.
وبالنسبة للوكالات الحصرية وقيام المضارب بالتعاقد مع الشركات المعنية لمصلحة المضاربة فهذا من ضمن عمله في رأس مال صاحب المال والذي يستحق به النسبة المتفق عليها من الربح وليس له أن يأخذ شيئا منها لنفسه إذا أراد فسخ المضاربة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1430(12/2828)
هل يضمن العامل المتعدي في المضاربة الفاسدة المال مع ربحه
[السُّؤَالُ]
ـ[فبالإشارة إلى الفتوى رقم: 114758 فلدي استيضاح آخر وهو هل التفريط والتعدي وفي حال إثباته موجب لضمان رأس المال فقط أم موجب لضمان رأس المال والنماء حسب حالة الاستثناء بشأن الضمان كما هو مذكور في الفتوى المشار إليها أعلاه.
وفي النهاية لا يسعني إلا أن أشكر لكم سعة صدركم واعذروني مرة أخرى إن كنت أتحرى كثيرا في هذا الأمر ولكن عسى أن يكون في هذا مرضاة لله عز وجل وإحقاقا للحق ما استطعنا إلى ذلك سبيلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى المشار إليها أن المعاملة المسؤول عنها مضاربة فاسدة، وحكمها أن ما ربح العامل فيها هو لصاحب رأس المال، لأنه نماء ماله، ولا ضمان عليه في خسارته إلا في حالة التعدي والتفريط.
وعلى هذا فإن كان عامل المضاربة قد ثبت أنه تعدى أو فرط فإنه يلزمه الضمان، وهذا الضمان يشمل رأس المال، أما الربح فإن كان ظهر ربح لهذه المضاربة الفاسدة فتعدى فيه المضارب لزمه ضمانه أيضاً، لأن الربح في المضاربة الفاسدة يكون لرب المال فحكمه في الضمان حكم رأس المال.
قال البغدادي في مجمع الضمانات: المدفوع إلى المضارب أمانة في يده لأنه يتصرف فيه بأمر مالكه لا على وجه البدل والوثيقة وهو وكيل فيه لأنه يتصرف فيه بأمر مالكه فإذا ربح فهو شريك فيه وإذا فسدت ظهرت الإجارة حتى استوجب العامل أجر مثله وإذا خالف كان غاصبا لوجود التعدي منه على مال غيره. انتهى.
وجاء في الفتاوى الهندية: وإذا ربح المضارب في المال ربحا فأقر به وبرأس المال ثم قال: قد خلطت مال المضاربة بمالي قبل أن أعمل وأربح لم يصدق, فإن هلك المال في يده بعد ذلك ضمن رأس المال لرب المال وحصته من الربح, كذا في المبسوط. انتهى.
وقال البغدادي أيضاً: المضارب إذا عمل في المضاربة الفاسدة فربح فالمال والربح لرب المال, وعليه فهو وديعة, وللعامل أجر مثل ما عمل ربح أو لم يربح. انتهى.
ومعنى كلامه أن الربح بعد ظهوره يكون حكمه حكم الوديعة وهي تضمن بالتفريط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1430(12/2829)
متى يتحمل المضارب الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص بإدارة محفظة إسلامية لي في البورصة العالمية سوق العملات وفي أقل من ثلاثة أشهر خسرت رأس المال المودع فيها 5000$ وكان الاتفاق أن يحصل على 30% من ربح المحفظة وفي حال الخسارة لا يتحمل شيئا لكنه بعد الخسارة عرض علي أن يعيد لي جزءا من مبلغي الذي خسرته عن طيب نفس منه وذلك لإحساسه بالمسؤولية تجاه ما حصل لي, وافقت على العرض وبدأ بالتسديد على دفعات ثم انتابني الشك في جواز ما يحصل وهل المال الذي يقوم بإرساله يحل لي أخذه أو لا فقمت بعرض المحفظة على شخص متخصص في مجال بيع وشراء العملات وأخبرني بأن الشخص الذي أدارها لي لم يكن ذا خبرة كافية أو دراية تؤهله لإدارة محافظ أو العمل في البورصة وأني خسرت مالي بسبب جهله وعدم تمكنه من العمل بها.
فضيلة الشيخ: هل يحق لي أخذ المبالغ التي يقوم بإرسالها لي على اعتبار أن سوء تصرفه مع رأس مالي هو سبب خسارتي؟ وإذا كان لا يجوز ذلك كيف أتصرف بالمبالغ التي أرسلها لي وقد صرفتها ... هل أعيدها له أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة التي بينك وبين الشخص المذكور تدخل في المضاربة، والعامل في المضاربة يده يد أمانة فلا يضمن إلا إذا فرط أو تعدى.
قال صاحب المبدع: إذا تعدى المضارب بالشرط أو فعل ما ليس له فعله أو ترك ما يلزمه ضمن المال ولا أجرة له وربحه لمالكه. اهـ
وبناء على هذا، فإذا ثبت أن هذا العامل فعل ما ليس له فعله، أو ترك ما يلزمه فعله، فإنه يعتبر مفرطا، فيضمن. وعلى فرض أنه لم يفرط، وتطوع بدفع جزء مما خسرته فلا حرج عليك في أخذه كما في الفتوى رقم: 114993، لأنه تطوع محض لم تشترطيه، ولم يواعد به عند العقد.
وللأهمية راجعي الفتاوى التالية: 6743، 97847، 101759.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1430(12/2830)
الحالات التي يضمن فيها المضارب عند الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل ... جزاكم الله خيراً على ما تقومون به من جهد لإعلاء كلمة الدين وجعل الكلمة الفصل له فيم يعترض الناس من أمور ومشاكل تدعو للخلاف بينهم.
أما بعد.. فبالإشارة إلى الفتوى رقم: 114758 فلدي استيضاح وهو عن أن التعدي والتفريط يعتبر استثناء لعدم الضمان لرأس المال في العقد الصحيح، وهنا أود أن أسأل هل يدخل إيكال الأبناء بالعمل (البيع والشراء مستخدمين رأس المال بحرية) في باب التفريط، وإذا كان أحد الأبناء الموكلين بالعمل, قد اقترض من أناس آخرين بالربا ودفع مبالغ طائلة لهم من مال العمل بموجب اتفاقات القروض التي عقدها, فهل يعتبر هذا من التفريط والتعدي وإذا كان العامل على رأس المال بنى لأحد أبنائه بيتا بمبلغ غير صغير من المال دون احتساب ما إذا كان هذا المبلغ من رأسماله أم من رأسمال المضاربة، فهل يعتبر هذا من التفريط والتعدي، وإذا كان اشترى سيارة حديثة ثم اضطر لبيعها بخسارة بعد استعمالها "لغير أغراض العمل" فهل هذا من التفريط والتعدي، ولا يسعني إلا أن أشكر لكم سعة صدركم واعذروني مرة أخرى إن كنت أتحرى كثيراً في هذا الأمر ولكن عسى أن يكون في هذا مرضاة لله عز وجل وإحقاق للحق ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً وجزاكم الله عنا وعن أمة الإسلام خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمضارب لا يملك ما في يده أصلاً، وإنما يتصرف فيه كوكيل عن أصحاب الأموال الذين يضارب لهم في أموالهم.
قال الزيلعي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: اعلم أن ما يفعله المضارب ثلاثة أنواع نوع يملكه بمطلق عقد المضاربة، وهو ما هو معتاد بين التجار كالرهن والارتهان والإيجار والاستئجار للركوب أو الحمل والشراء له.. ونوع لا يملكه بمطلق العقد ويملكه إذا قيل له اعمل برأيك، وهو ما يحتمل أن يلحق به فيلتحق به عند وجود الدلالة، وذلك مثل دفع المال مضاربة، أو شركة وخلط مال المضاربة بماله أو بمال غيره، لأن رب المال رضي بشركته لا بشركة غيره وهو أمر عارض لا تتوقف التجارة عليه فلا يدخل تحت مطلق العقد، ولكنه هو طريق في التثمير فمن هذا الوجه موافق له فيدخل فيه عند وجود الدلالة وقوله اعمل برأيك دال عليه، ونوع لا يملكه بمطلق العقد ولا بقوله اعمل برأيك إلا أن ينص عليه وهو الاستدانة،..، والعتق على مال وغير مال والكتابة والهبة والصدقة كل ذلك ليس من باب التجارة فلا يملكه إلا بالنص.
ومن هذا النص يمكنك أن تستنتج بنفسك الحالات التي توجب الضمان على صاحبك والحالات التي لا توجبه بحسب ما تم بينكما من الاتفاق.
وعلى أية حال فإن الفصل في مثل هذه النزاعات يكون عن طريق المحكمة الشرعية التي تقف على القضية وتحيط بجميع ملابساتها.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 71967، والفتوى رقم: 77714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1430(12/2831)
حكم الاشتراط في المضاربة كون حصة صاحب رأس المال أو العامل مبلغا معلوما
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: لي مبلغ أستثمره عند بعض التجار بعائد شهري بدأ هذا العائد بقيمة متغيرة شهريا حسب الأرباح ولكن التاجر أصبح يعطيني هذا العائد بشكل شبه ثابت من تلقاء نفسه وأقل من متوسط المتغير رغم أنني راض ولا مانع لدي من قيمة العائد. فهل العائد شبه الثابت يعتبر ربا في هذه الحالة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمضاربة تقوم على المشاركة في الربح بالأجزاء لا بالقدر، لأنها لو جعلت بالقدر فقد لا يربح المضارب إلا هذا القدر المتفق عليه فيكون لأحدهما دون الآخر فلا تتحقق الشركة في الربح إذاً، وعليه فلا يجوز في المضارب أن تكون حصة صاحب رأس المال أو العامل مبلغا معلوما حصل ذلك بشرط أو بدونه، ومن أخذ أكثر من حصته المتفق عليها رده واقتسماه حسب ما اشترطا، وتراجع الفتوى رقم: 72779، والفتوى رقم: 19887.
وليعلم الأخ السائل أنه لا يُعلَم الربح إلا بعد نضوض المال أي صيرورته نقدا، واستيفاء رأس المال، فما زاد على ذلك فهو ربح، وإذا كان التاجر يدفع له شهريا تحت الحساب حتى ينض المال ويعلم الربح فلا بأس، ثم ينظر ما كان من زيادة ردها، وما كان من نقص عن حصته الشائعة استوفاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1430(12/2832)
يرغب في إنشاء مشروع ولا يجد المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في بعث مشروع لكن رأس المال ينقصني. القرض أعلن الأغلبية أنّه حرام لكن لدي ّصديق غنيّ. أرجوكم اقترحوا عليّ صيغة ترضيه وترضي الله وتجعل المشروع في النهاية يرجع لي. (أنا فكّرت أن يصبح شريكا لي إلى أن أرجع له رأس ماله لكنني خفت أن يكون ذلك أيضا ربا) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاقتراض بالفائدة المشترطة في عقد القرض محرم بإجماع أهل العلم، وليس رأيا للجمهور أو الأغلبية، وإذا كان السائل يريد أن ينفذ مشروعا ويحتاج إلى رأس مال ولم يجد من يقرضه قرضا حسنا فليدخل مع صاحب رأس المال في عقد مضاربة بالضوابط الشرعية، ولا يجوز معها ضمان رأس المال.
وراجع في المضاربة وشروطها الفتوى رقم: 104339.
وفي المضاربة الشرعية لا يتصور أن يؤول المشروع إلى ملك العامل فيه إلا أن يهب المالك رأس المال إلى العامل، وغير ذلك يبقى رأس المال ملكا لصاحبه وللعامل نصيبه من الربح فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1429(12/2833)
زكاة مال المضاربة تكون في الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب بيطري أعمل في صيدلية يملك رأس مالها بالكامل صاحبها السعودي وأنا أعمل بها مقابل نسبة 50%من الأرباح وأدفع زكاة مالي من النسبة الخاصة بى حيث إن هذه النسبة أحصل عليها بعد خصم كل المصاريف الإدارية من إيجارات وراتب عمال وموظفين وخلافة من رسوم تراخيص. والآن يطلب منى الكفيل السعودي دفع الزكاة المطلوبة على رأس مال الذي يملكه بالكامل وليس لي فيه مثقال ذرة السؤال هنا هل يجب علي دفع زكاة ماله الذي يملكه بالكامل وليس لي فيه هللة واحده علما بأني والحمد لله أدفع زكاة مالي على النسبة التي تصفى لي فى نهاية العام.
أرجو الإفادة عن هذا الموضوع وهل يجب علي دفع هذه الزكاة حيث إن هذا الكفيل يعتبرها من المصاريف والتي بدونها لا يتم تجديد الترخيص أفيدوني جزاكم الله كل الخير لأني في حيرة لكي أكون خالي الذمة وأقابل ربى بوجه حسن أرجو الرد علي من خلال الايميل الخاص بي أو على تليفوني؟
جزاكم الله كل الخير وأحسن إليكم وجعلكم عوننا لمن يطلب المساعدة العاجلة..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وقع الخلافُ في هذه المسألة بين العلماء، والراجحُ أن زكاة مال المضاربة تكونُ في الربح وهو منصوص الشافعي كما ذكره النووي في شرح المهذب، ولم يذكر ابن قدامة غيره.
قال ابن قدامة رحمه الله: إذا ثبت هذا فإنه يخرج الزكاة من المال, لأنه من مؤنته, فكان منه, كمؤنة حمله, ويحسب من الربح; لأنه وقاية لرأس المال. انتهى.
وقال النووي في شرح المهذب: وإن أخرجها (أي إن أخرج رب مال المضاربة الزكاة) من نفس مال القراض فهو جائز بلا خلاف , وفي حكم المخرج ثلاثة أوجه مشهورة حكاها المصنف والأصحاب. (أصحها) عند الشيخ أبي حامد والبغوي والجمهور وهو المنصوص: أنه يحسب من الربح كالمؤن التي تلزم المال, كأجرة حمال وكيال ووزان وغير ذلك, وكما أن فطرة عبيد التجارة من الربح بلا خلاف , ونقله البغوي عن نص الشافعي , وكذا أروش جنايتهم (والثاني) : يحسب من رأس المال; لأن الزكاة دين على المالك , فحسب على المالك كما لو أخذ قطعة من المال وقضى بها دينا آخر (والثالث) : يحسب من رأس المال والربح جميعا. انتهى.
إذا علمتَ هذا، وعلمتَ أن زكاة مال المضاربة تُخرجُ من الربح، وأنه الأصح عند الشافعية، وقول الحنابلة، فعليكَ أن تلتزمَ بإخراجِ زكاة مال هذه الصيدلية من الربح لأنه وقايةٌ لرأس المال، وليس عليكَ في ذلك ظلمٌ ولا غضاضة، وقد بينا كيفية إخراج زكاة مال الصيدلية في الفتوى رقم: 26150.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 16615.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(12/2834)
أعطاه مالا لشراء سيارة على أن يضمنه مع مبلغ آخر معلوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في الطريق لشراء سيارة، وقمت باقتراض جزء معين من عدة أشخاص، ولكن يوجد شخص منهم قال لي: أنا لا أقرضك، ولكن إن أردت أن أعطيك المال أن تشركني معك، فتعطيني من مكسبي، وأنا على المكسب والخسارة إلى أن تعطيني هذا المبلغ من المال، وأنا مضطر إلى أخذ المال منه، فهل هذا يكون شريكًا لي، وأنا ما قبلت ذلك إلا لاضطرار الاحتياج إلى المال؟ أم كيف يكون وضعه معي؟ وقمت بإجراء مضاربة معه لمدة عام، أعطيه في خلال العام ما يعادل ثمن ما دفعه في السيارة من مكسب، ثم أعطيه المال. وإلا مددنا المدة. وأنا بداخلي لا أريد شراكته على الإطلاق، وإني لأستحيي منه، وهو يقول: إنه يريد أن يشغل ماله ويستفيد، ولن يأخذ أحد رزق أحد، لكن هل الطريقة التي دخل بها معي طريقة مشروعة أو لا؟ المال مقابل الشراكة ولا قرض. فالمنفعة قائمة إلى أن أعطيه هذا المبلغ. أفيدونا مشكورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل أخذ المال من الشخص المذكور ليشتري سيارة يعمل عليها واشترط عليه صاحب رأس المال ضمان رأس ماله مع مبلغ معلوم فهذه ليست مضاربة مشروعة وإنما هي قرض ربوي، ويجب فسخ العقد ورد السيارة إلى صاحب رأس المال مع أرباح العمل وله على صاحب رأس المال أجرة مثله.
وفي حال كان ثمن السيارة مشتركا بين السائل والشخص الآخر وكان الشرط المتقدم موجودا في العقد فيفسخ العقد والربح بينهما على قدر رأس مالهما وللسائل على الآخر أجرة المثل بعمله في نصيب شريكه.
ثم بعد ذلك إما أن يجريا عقد شركة شرعية ليس فيها ضمان لرأس المال ولا اشتراط مبلغ معلوم، أو تباع السيارة ويأخذ كل منهما من ثمنها بحسب ملكه فيها ولا مانع من أن يبيع الشريك حصته على شريكه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1429(12/2835)
الوسيط بين المضارب ورب المال هل يستحق نسبة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أعز أصدقائي يعمل في التجارة الحرة، فطلب مني أنا وصديق آخر جلب أموال من أقربائنا ومعارفنا ليتاجر بها، وذلك على أساس أن يعطينا أرباح تلك الأموال وآخذ نسبة منها، مع أننا لا نقوم بشيء إلا جمع الأموال منهم وتسليمها لصديقي (نستخدم سيارة أجرة) ، وبعض الاتصالات معهم ومع صديقي التاجر، (لا يوجد شروط من أقربائنا ومعارفنا علينا مطلقاً في كيفية التجارة أو الأرباح....)
وأسئلتنا هي:
ـ هل يجوز أخذ نسبة من الأرباح بهذه الطريقة.
ـ ما النسبة التي يمكن أخذها.
ـ في حالة الخسارة كيف يتم التعامل مع هذا الأمر.
ـ هل يجوز أن نتاجر بنصيبهم من الأرباح دون أن نعلمهم (يعني أن نضيف أرباحهم لرأس مالهم من جديد) ، ثم نأخذ نفس النسبة منهم كما في رأس المال الأصلي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تأخذونه من أموال من أقربائكم وتدفعونه للرجل لا يخلو من أحد الاحتمالات التالية:
1- أن تكونوا أخذتموه على وجه الاقتراض منهم فلا يستحقون إلا رد أموالهم إليهم دون زيادة، وما حصل من ربح فهو بينكم وبين عامل المضاربة على ما اتفقتما عليه من نسبة مشاعة، فيمكن أن تكون بالنصف أو الثلث أو الربع أو أي نسبة مشاعة، والخسارة تابعة لكم فلا يتحمل العامل والمقرضون منها شيئاً.
2- أن تكونوا أخذتموها على وجه المضاربة بها، فهذه مضاربة فاسدة لعدم تحديد نسبة الربح، فلأرباب المال الربح كله، ولكم أنتم أجرة المثل، فإذا صححت المضاربة من جديد بتحديد نسبة الربح فلا حرج بأن تدفعوها إلى آخر إذا أذن أرباب المال بذلك.
جاء في المبسوط وهو من كتب الحنفية: ولو دفع إلى رجل مال مضاربة بالنصف وقال له اعمل برأيك فدفعه المضارب إلى رجل مضاربة بالثلث فعمل به وربح فللمضارب الآخر ثلث الربح وللأول سدسه ولرب المال نصفه، لأن دفعه إلى الثاني مضاربة كان بإذن المال حين قال له، اعمل برأيك، فالمضارب بهذا اللفظ يملك الخلط والشركة والمضاربة في المال.
وإن كنتم دفعتموها إليه دون إذن أربابها ضمنتموها.
3- أن تكونوا أخذتموه على وجه الوكالة لتدفعوه إلى من يضارب به فليس لكم في هذه الحالة نصيب من الربح، وإنما يقسم الربح بين أرباب المال وعامل المضاربة على ما اتفقتم معه عليه، وإذا حصلت خسارة فهي من أرباب المال، ولكم باعتباركم وكلاء أن تضيفوا أرباحهم إلى رؤوس أموالهم ليتاجر بها العامل من جديد إذا كان ذلك أحظ لأربابها، وللأهمية تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 106431، 106729، 112381، 113343.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(12/2836)
حكم رد المضارب حال الخسارة المال كاملا مع بعض التعويض
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بتجارة شراء وبيع شحنات النقل منذ ست سنوات ونسبة الخسارة ضئيلة جداً وأريد أن آخذ مبلغا من المال من صديق نصراني لي لاستثماره في تجارتي (عقد مضاربة) ، وقد اتفقنا على أن تكون نسبه ربحه 30% ونسبه ربحي 70% وإذا حصلت الخسارة تكون من رأس ماله، ولكن في نيتي أريد إذا حصلت هذه الخسارة أن أرد له رأس ماله كاملاً زائد بعض التعويض الإضافي، فهل يجوز ذلك؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شروط المضاربة المتفق عليها أن لا يشتمل عقدها على شرط يقتضي ضمان رأس مالها إلا لتفريط أو تعد، وإلا لآل ذلك إلى قرض جر نفعاً.. والقرض إذا جر نفعاً للمقرض كان حراماً.
وأما تطوع المضارب بعد العقد بضمان رأس المال من غير شرط ولا عرف فإن ذلك يعتبر هدية مشروعة عند جمهور أهل العلم، ومنعه المالكية للاتهام على أنه إنما فعل ذلك ليبقى المال عنده زمناً طويلاً والأصح قول الجمهور وبالتالي فلا نرى مانعاً منه.
وبناء على هذا فإن ما تنويه من رد رأس ماله مع بعض التعويض الإضافي جائز لأنه محض تطوع ولم يشترطه رب المال عليك، ولم تتواعدا عليه.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 63918، والفتوى رقم: 5480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(12/2837)
حكم المضاربة مع ضمان رأس المال وكونه حليا
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل حوالي عشر سنوات كان لدي مقدار من الذهب ولي جار يعمل بصياغة الذهب وبيعه وكان أن اقترح علي أن أعطيه ما لدي من الذهب على أساس أن يقوم بتشغيله في الصياغة وأن يعطيني في نهاية كل شهر مبلغا غير معلوم ولا محدد من المال على أن يكون لي من الذهب ما أودعته لديه ذهبا ليس له في ارتفاع سعره أو انخفاضه وأن يعيد إلى أي جزء أطلبه خلال شهر من تاريخ الطلب، ولكن عندما طلبت الذهب منذ عامين اعتذر بأنه باع عدة كيلو جرامات من الذهب بسعر منخفض والسعر ارتفع وبما أن الاتفاق أن الذهب لي فيطلب مني الصبر قليلا وإلا إذا أردت المبلغ بالسعر الذي باع به فهو على استعداد وحسب الاتفاق فقد رفضت تغير المبدأ وأعطيته مزيداً من الوقت وإلى الآن هو يماطل ومنذ فترة أبدى إنكارا للاتفاق وقال إن ما بيننا أما أن يكون ربا وأما أن يكون مضاربة بما فيها على ما لي من الذهب وبالتالي فعلي أن أتحمل ما يقرره المحكمون من الخسارة حسب تفسيره للأمر مع العلم بأن المضاربة لم تكن على مالي وإنما على عمله وأني لم أطلع على أي من حساباته في يوم من الأيام وما كان يعطيني إياه هو نسبة من أرباحه على ما له وما لي مما دخل في شغل المصنعية والنسبة أيضا غير معلومة لي، أصر على أن ما لي عنده هو مقدار من الذهب أمانة ولم يكن مطروحا للعمل في المضاربات وأنه هو يتحمل نتيجة المضاربة، فأرجو إفتائي في هذا الموقف رغم ما فيه من الغموض، علما بأن الجار طوال العشر سنوات الماضيه كان يعيد تأكيد المبدأ من أن ما لي عنده مقدار من الذهب ولم يدخل في قضية التفسيرات إلا بعد أن خسر خسارات جمه نتيجة أعمال المضاربة والتي دخل فيه بدون أي رأي أو مشورة من جانبي حيث إن العمل له وحده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة التي جرت بين السائل وجاره معاملة فاسدة، اجتمع فيها الغرر والجهالة والظلم فلا هي تصلح مضاربة، لأن المضاربة يشترط فيها عدم ضمان رأس المال، ويشترط فيها معلومية الربح للطرفين، وأن يكون رأس المال فيها نقداً لا حلياً أو تبراً، ولا يصح أن تكون المعاملة المذكورة إجارة، لأن السائل دفع ذهبه إلى الآخر يصوغه ليبيعه فكيف يستقيم أن يشترط عليه رد مثله.. وأقرب شيء في المعاملة هذه أنها مضاربة فاسدة، وحكمها أن ما ربح العامل فيها فهو لصاحب رأس المال، لأنه نماء ماله، ولا ضمان عليه في خسارته إلا في حالة التعدي والتفريط. فالمال في المضاربة الفاسدة غير مضمون كما في الصحيحة، وله على صاحب رأس المال أجرة المثل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1429(12/2838)
حكم المضاربة بجزء من در الغنم ونسلها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أود أن أسأل عن صورة من صور المضاربة وهي كالتالي: شخص يعطي لشخص آخر غنماً وقال له: عليك مراعاتها وتربيتها والمصاريف الأكل والشرب عليك وعند ظهور نتاج يكون بيننا بالنصف، فهل هذه مضاربة صحيحة، وهل يختلف الحكم عندما يعطيه المال ويقول له اشتر بدلاً من أن يعطيه المواشي، خاصة وأن كثيرا من الفقهاء يشترط في صحة عقد المضاربة أن تكون على كون رأس المال دنانير ونقل إمام الحرمين الجويني الإجماع على ذلك، وأرجو منكم الرد سريعاً لأن هذه الصورة منتشرة بين الناس في بلدنا مع التفصيل، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شروط صحة المضاربة أن يكون رأس المال نقدا فلا تصح بغيره على الصحيح كالعروض.
وقد حكى الجويني – كما ذكرت - الإجماع على ذلك.
وبناء على هذا فالمعاملة المذكورة لا يصح أن تكون مضاربة، كما لا يصح أن تكون إجارة، إذ المعلوم أنه يشترط في الأجرة في الإجارة أن تكون معلومة، فلا يجوز أن تكون بمجهول، ودفع الغنم لمن يقوم برعايتها وكلفها على أن يكون له نصف نتاجها فيه جهالة وغرر؛ لأنه لا يعلم أيحصل نتاج، وما قدر الحاصل إذا حصل؟
جاء في كشاف القناع: ولو دفع إنسان دابته أو دفع نحله لمن يقوم به بجزء من نمائه كدر ونسل وصوف وعسل ونحوه كمسك وزباد لم يصح لحصول نمائه بغير عمل منه وله أي العامل أجرة مثله لأنه عمل بعوض لم يسلم له.
وفي الإنصاف: لو أخذ ماشية ليقوم عليها بالرعي وعلف وسقي وحلب وغير ذلك بجزء من درها ونسلها وصوفها لم يصح على الصحيح من المذهب وله أجرته.
وبناء على هذا فالمعاملة المذكورة فاسدة فللأجير أجرة مثله، والربح كله لرب الغنم.
وأما إذا سلمه مالا وقال له اشتر به غنما والربح بيننا بنسبة شائعة فهو من باب المضاربة المقيدة بنوع، وهي جائزة. وقيد المالكية والشافعية جوازها بما يعم وجوده.
وللمزيد راجع الفتاوى: 63067، 45239، 54006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(12/2839)
الوسيط بين رب المال والمضارب هل له أخذ نسبة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[عرض على أحد أصدقائي أن أحضر له مبلغا من المال لكي يشغله في التجارة على أن يعطيني أرباح كل صفقة يقوم بها أسبوعيا. أعطيته مبلغا من المال خاصا بي. وقمت أيضا بعرض الفكرة على بعض الأقارب والأصدقاء وأخذت منهم بعض المال وأفهمتهم أن أموالهم سوف تعمل في التجارة وهي معرضة للربح أو الخسارة وتمت الموافقة. وأصبحت أعطيهم أرباحهم كما هي كل حسب المبلغ الخاص به. وبعد فترة قال لي صديقي ما هي النسبة التي تأخذها من أرباح الأشخاص الذين أحضرت منهم المال لكى يعمل في التجارة قلت له أنا لا آخذ شيئا أعطيهم أرباحهم كما هي قال لي أنت يحق لك أن تأخذ نسبة من أرباحهم بعد الاتفاق معهم قلت له سوف أعرض عليهم الموضوع إذا كان من حقى. قلت لجميع الأشخاص الذين أخذت منهم مالا إنني أريد أن آخذ نسبة محددة من أرباحكم بصفتي أنا من نقل هذه الأموال وأنا من يتعامل مع صديقي. بعضهم وافق وقال إنه من حقك أن تأخذ نسبة والبعض الآخر رفض. عندها قمت بتحديد الربح لكل شخص وقلت لهم أنا سوف أعطيكم على كل ما تربحه ألف دولار كذا والباقي لي وإذا نقص أنا سوف أعوض المبلغ. وتمت الموافقة على ذلك من الجميع. ولكن بعد السؤال اكتشفت أن هذا الاتفاق حرام. وعدت من جديد وقلت لهم إن ما قمنا به من اتفاق حرام وأعطيتهم المال الذي أخذته منهم بهذه الطريقة. وقلت لهم الاتفاق الصحيح هو أن آخذ نسبه من الربح واتفقت معهم على نسبه 20% من إجمالي ربح كل شخص.. وافق البعض والبعض رفض مرة أخرى.. وقالوا إما أن تعطينا كل أرباحنا دون أن تأخذ أي شيء لأنه ليس من حقك أن تأخذ وإما أن تعطينا مبلغا ثابتا كل أسبوع وليس لنا علاقة. قلت لهم هذا حرام وأنا سوف أعطيكم كل أرباحكم ولكن أنا يحق لي نسبه منها بعد الاتفاق وأنا لن أسامحكم في ذلك إذا كان من حقي وأصبحت أعطي من اتفقت معهم أرباحهم على أن آخذ 20 % منها والآخرين كامل أرباحهم ولكنى اشعر بأنني من حقي أن آخذ منهم كما آخذ من الآخرين. وفي داخلى غير مسامح. آسف جدا على الإطالة..والسؤال أولا:_ هل يحق لي في هذه الحالة كما شرحت في السابق أن آخذ نسبة من أرباح هؤلاء الأشخاص أم يجب أن أعطيهم أرباحهم كما هي دون أن استفيد أي شيء غير كلمة شكرا. ثانيا: إن كان من حقي أن آخذ نسبة فما هو حكم الأشخاص الذين يرفضون أن يعطوني نسبة من أرباحهم وأنا قلت لهم إنني لن أسامحهم في ذلك. أرجو الرد على استفساراتى ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو السائل من أحد احتمالين الاول: أن يكون مجرد وكيل عن أصحاب المال في إيصاله إلى المضارب الفعلي.
الثاني: أن يكون أخذ المال على وجه المضاربة ولكنه عامل عليه شخصا آخر بإذن أرباب المال.
فعلى الاحتمال الأول لا يجوز له أن تكون أجرته نسبة من الربح المتوقع لما في ذلك من الجهالة لأن النسبة قد تقل وقد تكثر وقد لا يوجد ربح أصلا، ومن المعلوم أن الإجارة يشترط لصحتها معلومية الأجرة وانتفاء الغرر فيها.
أما على الاحتمال الثاني فلا بأس في أن يضارب بالمال عند شخص آخر بإذن ربه بنسبة شائعة من الربح 20 أو أقل فاكثر لأنه هنا يعتبر مضاربا علما بأن المسألة محل خلاف بين أهل العلم.
فإذا تقرر هذا علمت أيها السائل أنه إذا كنت قد أخذت المال من أصحابه على أساس المضاربة وقد رضوا بدفعه لمضارب آخر علمت أنه يحق لك أخذ ما اتفقت معهم عليه وهذا كما هو واضح في حال الاتفاق والرضى. أما من لم يرض من أصحاب المال بأخذك شيئا من ربحه فليس لك الحق في أخذه منه لكن لك الحق في الامتناع من النيابة عنه أو المضاربة في ماله. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 80353.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1429(12/2840)
تطوع المضارب بعد العقد بضمان رأس المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بتجاره شراء وبيع شحنات النقل وأريد أن آخذ مبلغا من المال من صديق لي لاستثماره في تجارتي عقد مضاربة وقد اتفقنا على أن تكون نسبه ربحه 30% ونسبه ربحي 70% وإذا حصلت الخسارة تكون من رأسماله ولكن في نيتي أريد إذا حصلت هذه الخسارة أن أرد له رأس ماله كاملا زائد بعض التعويض الإضافي فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شروط المضاربة المتفق عليها أن لا يشتمل عقدها على شرط يقتضي ضمان رأس مالها إلا لتفريط أو تعد, وإلا لآل ذلك إلى قرض جر نفعا, والقرض إذا جر نفعا للمقرض كان حراما إجماعا.
وأما تطوع المضارب بعد العقد بضمان رأس المال من غير شرط ولا عرف فلا ينافي هذا الشرط, وبالتالي فلا نرى مانعا منه.
وبناء على هذا فإن ما تنويه من رد رأس ماله مع بعض التعويض الإضافي جائز لأنه محض تطوع ولم يشترطه رب المال عليك , ولم تتواعدا عليه.
وللمزيد راجع الفتويين: 5480، 63918
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1429(12/2841)
سؤال حول المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أخذ مالا من أبيه ولكن في الأصل هو للأخ الأكبر وبعد 10سنوات طالب الأخ الأكبر الأخ الأصغر والأب بالمال على أساس أن يعطى ما تم ربحه من إقامة شركة تم إنشاؤها في السابق من خلال المال السالف الذكر ولكن تبين أن الأخ الأصغر نكر حق الأخ الأكبر في استمراره في نصيبه في مشاركته في الشركة بعد أن أصبح وضعها المالي جيدا وعند مطالبة الأب بالتدخل لم يصل إلى نتيجة مع العلم تم إعطائي مبلغا من المال أنا أراه أقل بكثير مما يقارب الثلث مما هو مستحق وهناك سبب لهذا وهو أن وضعي المالي من حيت المرتب الذي أتقاضاه جيد والحمد لله ولكن الحق حق وأخذ المال من البداية لغرض الاستثمار ولم يكن لغرض سلف إلى حين ميسرة أما بخصوص الأب والأم لم يتصرفا بالطريقة الصحيحة مند البداية مع العلم أنني أطالب بحقي في المال مند فترة لكي أتم نصف ديني وأستقر وينصب كل وقتي في العمل والمثابرة في تكوين أسرة مسلمة وعند الاستفسار عن هدا التصرف من قبل الأخ الأصغر أجاب أن الشركة اشتريت من حر ماله وليس من المال السابق الذكر وهذا كلام غير صحيح والكل يعرف هذا من الأخ الأصغر إلى الأب إلى العائلة والأصدقاء وأنا والحق أقول لن أفرط في حقي وعزمت على عدم الكلام معهم إلى حين كل يأخذ حقه كاملا وبالحق وأعني أنني سوف أشتكي إلى الشرطة أو إلى الأقارب والأصدقاء لا ولكن من خلال أنفسهم المهم في الأمر أنني منعزل عنهم لا أكلمهم ولا أتعامل معهم بالإضافة إلى أنني آكل لوحدي وأتصرف في منزل الأسرة وكأنني لست معهم البتة ما الحل في هذه الحالة وأعني هل أنا مذنب في المطالبة في حقي بالإضافة الشيء المهم وهو عدم التعامل مع والدي وإخوتي وعدم الكلام معهم إطلاقا، ما حكم الشرع والدين؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا السؤال في نقاط:
الأولى: إذا كان الأخ السائل دفع المال إلى والده للاستثمار كما يقول فيجب أن يكون هذا الاستثمار جائزا شرعا، ومن شرط ذلك أن لا يكون المال مضمونا في غير حالة التعدي والتفريط من قبل العامل فيه، وأن تكون حصة كل من صاحب رأس المال والمضارب نسبة شائعة من الربح، فإذا حصل الاتفاق على خلاف ذلك فالمضاربة فاسدة، وإذا فسدت فالأرباح كلها لصاحب رأس المال، وللعامل أجرة مثله، وعلى هذا، فللسائل الحق في المطالبة بماله وأرباحه كما تقدم بيانه.
الثانية: أن يكون السائل دفع المال إلى والده على وجه القرض فليس له إلا رأس ماله، ولا يجوز أن يشترط رد القرض مع زيادة، وانظر في مسألة هل للولد مطالبة والده بدينه الفتوى رقم: 65184.
الثالثة: قطيعة الرحم من الكبائر لاسيما الوالدين فلا يحل لك هجر والديك وإخوانك بسبب هذا الخلاف مع حقك في مطالبتهم بما ثبت عندهم لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1429(12/2842)
الخسارة في المضاربة على من تكون
[السُّؤَالُ]
ـ[استفتائي حول الموضوع التالي.. دخلت مع امرأة في تجارة في عام 1994 ميلادية تم الاتفاق بيننا في حضور الشهود على ما يلي أن أدفع لها مبلغ 5 آلاف دينار كويتي على أن يكون توزيع الربح بعد 3 شهور من تاريخ توقيع الإتفاق الودي بيننا وقد قدرت هي نسبة الربح بما يقارب 50% تقريبا دون أن أسألها عن نوع التجارة ولكنها وزوجتي صديقتان ولنا بهم ثقة كبيرة ولذلك تم توقيع الاتفاق باسم زوجتي مع تلك المرأة، ومرت الأشهر الثلاثة وتبعتها أشهر أخرى دون أي ربح، وقد بدأ الشك يساورنا فهذا المبلغ هو ما جمعناه من غربتنا
وبعد أشهر جاءت المرأة وقالت حصلت على شيك مبلغ 25 ألف دينار من شركتي الرئيسية التي هي صاحبة التجارة ولما ذهبت لأصرفه تبين أنه من دون رصيد، فقلنا لها اشتكي عليها, قالت هي شريكتي منذ عمر ولا يمكن أن أسجنها قلنا لها نريد نقودنا وربحنا الموعود قالت هذا الأمر أمامكم ولا أدري من أين أعطيكم الآن
ومرت الشهور وراء الشهور استطعنا أن نحصل على 4 آلاف من أصل رأس المال وبقيت ألف واحدة من رأس المال وصادف أن ذهبت بإجازة أنا وعائلتي بعد ذلك بمدة ولما عدنا ذهبنا إليها نطلب ما بقي من رأس المال (ألف دينار) فقالت المرأة لقد أرسلته لكم.. قلنا لم نستلم شيئا, قالت أنا أعطيته لزوجي ليعطيه لجاركم فلان ليوصله لكم في مكان قضاء إجازتكم فاتصلنا أمامها بالرجل الذي سموه لنا فجاء مباشرة وأنكر أمامهم أنه رآهم حتى مجرد رؤيا فسألهم الرجل أين أعطيتموني المال قال زوجها أنا أتيتك إلى بيتك وأعطيتك الألف قال له إن كنت صادقا صف لي بيتي ومكانه وأنا على استعداد لدفع الألف فوصف وصفا غير حقيقي وتبين كذبه
فطلبنا منه يمينا على ذلك ونترك الأمر كله فرفض أن يحلف أنه سلّم لجاري ألف دينار ومرت تلك الواقعة على أمل أن يراجعوا أنفسهم ولكن لا حياة لمن تنادي، علما بأن أوضاعهم المادية ممتازة وبعد تلك السنوات مرت علي ضائقة مادية فاضطررت أن أستدين منهم ألف دينار على دفعات على وعد أن أعيدها لهم متى أمكنني ذلك
وصاروا يلحون علينا بطلب الألف التي استدناها منهم وكل مرة نذكرهم أن لنا في ذمتهم ألف دينار غير المرابح التي وعدونا بها، ولا تزال أحوالي المادية صعبة ولم أتمكن من رد الأف لهم علما بأني يساورني أن أعتبر الألف التي لهم بالألف التي لي فماذا علي إن فعلت ذلك، وأما المرابح المزعومة فقد صارت سرابا بقيعة
ولا أريد أن أشكوهم للسلطات بسبب ما كان بيننا من ود، فهل يجوز لي أن أعتبر الألف التي أخذتها منهم على سبيل الدّين مقابل الألف التي لي بذمتهم، فأفيدونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم السائل أن دفعه المال إلى شخص آخر ليتاجر به مقابل جزء من ربحه يعد من باب المضاربة، وللمضاربة أحكام وضوابط، فمن أحكام هذه المعاملة أن المضارب بالمال لا يضمنه إلا في حالة التعدي والتفريط، وعليه فينظر إن كانت هذه المرأة فرطت في التصرف بالمال أو تعدت فدفعته إلى مضارب آخر بدون إذن صاحب المال فإنها تضمن رأس المال ويجب عليها رده إلى صاحبه، وفي هذه الحالة لا يلزم الأخ السائل رد الألف دينار التي اقترضها من المرأة لأنها حقه ظفر به.
وأما إن لم تكن المرأة مفرطة ولا متعدية في المضاربة وحصلت خسارة فالخسارة في رأس المال يتحملها صاحبه ويضيع على المضارب جهده وتعبه، وفي هذه الحالة يلزم السائل رد الألف دينار بل المبلغ كله إن كان ذهب في المضاربة بدون تفريط أو تعد، كما مر بيان ذلك في الفتوى رقم: 94616.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(12/2843)
دفع مالا لولده ولم يبين هل هو قرض أم مضاربة ثم مات
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته أجمعين وبعد:
السؤال: لقد طرحت عليكم هذا السؤال وقد أجبتموني تحت رقم: 2195599:وكانت الإجابة واضحة فجزاكم الله كل خير لكن بقيت فيه نقطة غامضة لذلك اضطررت لإعادة السؤال مرة أخرى.
كانت صيغة السؤال هي: رجل أعطى ابنه الأكبر مالا ليستثمره وعنده أولاد آخرون فذهب هذا الابن واستثمر هذا المال فرزق الله هذا الابن أموالا أخرى ولكن النقطة التي بقيت غامضة هي أن هذا الأب لم يوضح لابنه هذا المال هل هو على سبيل الاقتراض أم على سبيل المضاربة فبعد وفاة الأب كيف يوزع الإرث وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوالد مات دون أن يعلم هل المال الذي دفعه إلى ولده على سبيل القرض أم على سبيل المضاربة فالذي يظهر والله أعلم أن تحكم العادة والعرف الفعلي والقولي، فإذا كان من عادة هذا الوالد أو أمثاله أن يدفعوا أموالهم إلى أولادهم على سبيل المضاربة فهي مضاربة، ويحمل قوله ليستثمره على المضاربة، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 32659.
وحيث إنه لم يذكر في المضاربة نصيب كل منهما من الربح فيكون الربح بينهما نصفان، نصف للولد والنصف الآخر مع رأس المال يعود تركة.
وذهب الجمهور إلى أنه إذا لم يذكر الربح في المضاربة فالربح كله لرب المال وللعامل أجر مثله أو قراض مثله، وراجع في هذا المعنى الفتوى رقم: 72779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(12/2844)
من مسائل المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر بالأقمصة وأحد التجار أيضا يعرض علي كل موسم رمضان مبلغا ماليا للتجارة مقابل قيمة معينة معلومة من الربح عند بيع كل قميص مشترى بذلك المال فهل هذه المعاملة تجوز، فأفيدونا؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز أن تأخذ هذا المال لتضارب به في القمصان إذا كان حصة كل منكما من الربح نسبة شائعة كـ 10 أو 20 أو نحو ذلك.. أما إذا كانت حصة كل منكما من الربح مبلغاً معلوماً فلا يجوز، يقول ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا جعل أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة. انتهى.
كما يجب تمييز رأس مالك عن رأس مال الرجل حتى يمكن معرفة الربح في المالين، ومن شروط المضاربة أيضاً عدم ضمان رأس المال إلا في حالة التعدي والتفريط.. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 103282.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1429(12/2845)
استثمار المال بشرط تحمل المضارب الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[نقوم بتجارة بيع بطاقات الشحن للهاتف الجوال بالجملة، فهل يجوز أخذ مبلغ من المال من شخص لكي نتاجر به مع إعطائه مبلغا من المال كل شهر وإعطائه شيكا بقيمة المبلغ الذي أعطانا إياه لكي يضمن ماله حيث إنه يستثمر ماله معنا مقابل دخل شهري وهو لا يتحمل الخسارة مثال ذلك شخص يعطينا 10000 دينار ونعطيه شيكا بقيمة المبلغ وكل شهر يأخذ مبلغ 250 دينار إلى أجل غير مسمى وإذا خسرت التجارة فإننا نتحمل الخسارة ونعيد له ماله من مالنا الخاص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة المذكورة محرمة شرعاً وهي في حقيقتها قرض مضمون بشرط فائدة محددة، وهذا لا خلاف في تحريمه، وإذا أردتم أن تكون المعاملة صحيحة شرعاً فيجب عدم ضمان رأس المال عند الخسارة إلا في حالة التفريط والتعدي من قبلكم، وأيضاً يشترط لجواز المعاملة أن تكون حصة صاحب رأس المال والعامل فيه نسبة شائعة من الربح ولا يجوز أن تكون مبلغاً مقطوعاً أو نسبة مضافة إلى رأس المال، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 5480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(12/2846)
ضمان رأس المال عند التقصير في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب بوضع مبلغ من المال في شركة للاستثمارات المالية, أهم بنود العقد: تلتزم الشركة بضمان 99% من رأس المال في حالة التقصير ... فما شرعية هذا البند؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال في يد المضارب (شركة الاستثمار) يعتبر أمانة فلا يكون مضموناً إلا في حالة التعدي والتقصير، والضمان في هذه الحالة لازم للمضارب اشترط ذلك في العقد أو لم يشترط، كما لو اشترط عليه ضمان في غير حالة التعدي والتقصير لم يضمنه، فما لم يكن مضموناً شرعاً لا يصير كذلك بالشرط ... وعليه فالواحد في المائة مضمون أيضاً في حالة التعدي والتفريط، ولو اشترطت الشركة عدم ضمانه كان شرطاً باطلاً لمنافاة هذا الشرط لمقتضى عقد المضاربة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(12/2847)
الاستثمار لدى من يتعامل مع البورصة العالمية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أودعت مبلغا من المال لدى مكاتب تتعامل بالبورصة العالمية مقابل أرباح شهرية من 15 إلى 20 بالمائة وحسب العقد يمكن أن تكون هناك خسارة أرجو بيان الحكم الشرعي؟ أرجو الإجابة بشكل مفصل لكثرة الآراء ووقوع الناس في حيرة خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة بينك وبين هذه المكاتب هي ما يعرف بالمضاربة وحكمها الجواز إذا توفرت شروطها التي منها أن يكون الربح موزعا بين العامل ورب العمل بنسبة شائعة كالثلث والربع ونحو ذلك، وأن لا يشترط ضمان رأس المال بحيث لو وقعت خسارة كانت من رب المال مع أن العامل يخسر جهده، ولبيان هذه الشروط راجع الفتوى رقم: 10549.
أما التعامل عبر البورصة العالمية فإن منه ما يوافق الشرع ومنه ما يخالفه فإذا كانت هذه المكاتب تتجنب معاملات البورصة المحرمة كتأجيل البدلين والرهان على المؤشر والاقتراض بالربا فلا حرج في التعامل معها، وأما إذا كانت لا تتجنب هذه المعاملات المحرمة فلا يجوز التعامل معها لما فيه من التعاون على الإثم، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 111579، 111067، 5480، 63985، 112448.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1429(12/2848)
حكم من يأخذ مالا من أشخاص ليضارب بها عند آخر بإذن منهم
[السُّؤَالُ]
ـ[وضعت أموالي عند تاجر ويعطيني نسبة من الأرباح (40% من الربح) كل شهر وهذه النسبة تعتبر عالية مقارنة بالتجار الآخرين لأنني من أوائل الأشخاص الذين استودعوا أموالهم عنده ولي ميزات خاصة.
أراد أصدقائي أن يضعوا أموالهم عنده لكن بأن يعطيهم نسبة 20%من الأرباح وليس 40% مثلي
فقلت لهم أعطوني أموالكم أضعها مع أموالي عنده حتى تأخذوا نسبة 40% من الأرباح بشرط أن أعطيكم أنا من أرباحكم 30% وآخذ ال10% المتبقية مقابل أني وضعت أموالكم مع مالي عنده، وأنا أحضر لكم الأرباح إلى منازلكم بدلا من أن تذهبوا أنتم إليه (المسافة بعيدة تقريبا عن محل التاجر)
أنا الآن أذهب عنده وأحضر الأرباح الشهرية وأسلم كل شخص نصيبه منها وآخذ 10% من أرباحهم دون أن أتعب بها فهل هذا حرام أم لا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز أن تأخذ أموال هؤلاء الأشخاص على وجه المضاربة بها عند آخر بإذن منهم وتقتسم معهم الربح حسب الاتفاق بينك وبينهم.
جاء في المغني: وليس للمضارب دفع المال إلى آخر مضاربة نص عليه أحمد في رواية الأثرم، قال: إن أذن له رب المال وإلا فلا.
وينبغي أن تعلم أن للمضاربة شروطا منها: أن تكون حصة الطرفين من الربح مضافة إلى الأرباح إن وجدت لا إلى رأس المال، ومنها: عدم ضمان رأس المال على المضارب إلا في حالة التعدي والتفريط، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 103282.
كما يشترط في المضاربة المشتركة -كما هو الحال في مضاربة التاجر المذكور بأموال غيره- أن تتميز رؤوس الأموال حتى لا يجبر خسران أحدهما من ربح الآخرين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1429(12/2849)
المضاربة مقابل مبلغ شهري ثابت
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم أفتوني بارك الله لكم.. لي أخ يعمل فى مجال الاستيراد من الخارج يشتري معدات ثقيلة مثل اللوادر وخلافه يبيع ما يبيع منها ويقوم بإيجار ما لا يباع للشركات ومن خبرة هذا العمل أصبح يعرف قيمة إيجار المعدات حسب حجمها أعطيته مبلغا من المال يشغله لي معه، فقال لي إن هذا المبلغ سوف أعطيك عليه شهريا مبلغا معينا قلت له لا أنا أريد تجارة حلالا لا تحدد لي مبلغا خليها ببركة ربنا لأن التحديد هذا ربا، قال لي لا ليس ربا لأن المبلغ سوف أشتري به معدة كبيرة وسوف يتم إيجارها إلى شركة بترول بمبلغ شهري معين وشرح لي كيف يتم توزيع الإيجار الشهري جزء لسائق المعدة وجزء للضرائب وجزء لصيانة المعدة وجزء يتم حجزه لصالح المعدة حتى يتم عمل صيانة لها والجزء الأخير أخذ أنا ربعه وهو يأخذ الباقي لحكم أنه صاحب الشركة الأصلي وهو المسؤول عن كل حاجة ومن هذا التوزيع الذي يفعله هو مسبقا أخبرني بالمبلغ الذي سوف أحصل عليه شهرياً والذي فهمته أيضا أنه بحكم أنني أخوه فهو يعطينى أكبر نسبة ربح لأنه شغل المعدة التي اشتريناها بفلوسي فى مكان إيجاره عالي وأحب أن أوضح أنني لا أتاجر معه أنا فلوسي معه موضوعة في معدة مؤجرة ويدفع فيها إيجار شهري؟ جزاكم الله خيراً فأجيبوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب في عقد المضاربة أن يكون الربح جزءاً مشاعاً كالربع والنصف والثلث وهكذا، وتحديد مبلغ محدد في هذه الشركة يفسدها، قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء فضل دراهم وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معدودة أو جعل مع نصيبه دراهم مثل أن يشترط لنفسه جزءاً وعشرة دراهم بطلت الشركة، قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة ... انتهى.
وما ذكره أخوك من تعليل إعطائك مبلغاً ثابتاً بأنه يساوي ربع الربح بعد خصم النفقات أمر غير مسلم، فقد تقل النفقات أو تزيد وقد تتلف أجزاء من المعدة أو تتعطل لفترة طويلة، ولذا أتى الشرع بتحديد نسبة شائعة من الأرباح، وهذا هو مقتضى العدل ولا ضرر فيه على واحدٍ منكما، ولو سلمنا بأن المبلغ الذي سيدفعه سيكون ثابتاً لدقة الحسابات فإن الواجب هو موافقة الشرع والاتفاق على نسبة ثابتة من الأرباح، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5480، 19406، 47353، 110833.
هذا إذا كان العقد الذي بينكما مضاربة، أما إذا اتفقتما أن يكون أخوك وكيلاً لك بأجر تعطيه مبلغاً من المال فيشتري المعدة المذكورة ثم توكله في تأجيرها والإشراف عليها وتحصيل الأجرة، ففي هذه الحالة الواجب أن تعطي لأخيك ما تتفقان عليه من أجر، ويكون الباقي من أجرة المعدة بعد خصم النفقات لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(12/2850)
اشتراط اشتراك العامل في الخسارة يفسد المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[تشارك رجلان الأول بماله والثاني بجهده (شركة مضاربة) وكان الشرط بينهما النصف للربح أو الخسارة وخسرت التجارة بينهما تماما علما بأنه لم يكن هناك تفريط أو تهاون من الشخص المضارب. هل الشرط الذي بينهما يوجب أن يتحمل الشريك الثاني (المضارب) نصف الخسارة في رأس المال بحجة أنه شرط ملزم لهما عند التعاقد؟ مع التأكيد بأن الشريكين يجهلان فساد الشرط عند التعاقد عليه والالتزام به. أرجو التطرق لهذا النوع من الشراكة بإسهاب حيث إن الكثير من الناس يجهلون الحكم الشرعي لها ويعتبرون أن الشرط وإن كان باطلا ملزما لهما في الأداء. أرجو منكم الفتوى بما أفاء الله عليكم به من علم. والله من وراء القصد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاشتراط اشتراك العامل في الخسارة شرط تفسد به المضاربة، وإذا فسدت المضاربة فلصاحب المال الأرباح وللعامل أجرة المثل، يجتهد في تقديرها أهل الخبرة بهذا الموضوع، مع التوبة إلى الله عز وجل من هذا العمل المحرم.
وفي حالة الخسارة تكون الخسارة من رأس المال، وللعامل أجر مثله أيضاً، وإن رضي العامل بإسقاط أجره جاز لأن الحق له.
وعدم العلم بعدم جواز هذا الشرط، وأنه يفسد المضاربة لا أثر له في الحكم المذكور وإنما أثره في عدم الإثم إن لم يقع تقصير في تعلم أحكام المضاربة.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 65877، 68914، 69181، 72779.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(12/2851)
من شروط جواز المضاربة تحديد الربح بنسبة شائعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب لدي 1000 دينار قمت بوضع هذا المبلغ في شركة تعمل في التجارة العامة وقمت بتوقيع عقد على أساس أن يتم العمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وفي نهاية كل شهر آخذ أرباحا دون تحديد النسبة سواء في الربح أو الخسارة، والسؤل الآن في حال قامت الشركة لا سمح الله في العمل في أمور تدخل الحرام دون أن أعلم في هذه الحالة هل يترب علي شيء مع العلم أنه في جلسة مع مدير الشركة أخبرني أنه لا يعمل إلا في الأمور التي توافق الشرع وأنه لا يعمل في البورصة والأمر الذي دعاني إلى هذا السؤل كثرة السؤال والفتاوي بالتحريم والتحليل........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعاملة بينك وبين هذه الشركة تسمى مضاربة، ومن شروط جوازها تحديد الربح بنسبة شائعة كالثلث أو الربع مثلا، وعدم تضمين العامل، فإذا لم يحدد الربح بنسبة شائعة -كما هو ظاهر السؤال- أو اشترط الضمان على العامل كانت المضاربة فاسدة، وإذا فسدت المضاربة فسخت وكان لرب المال كل الربح وللعامل أجرة مثله.
أما بخصوص سؤالك فلا إثم عليك إذا مارست الشركة بعض الأعمال المحرمة دون علمك بعد ما اشترطت عليها أن لا تعمل إلا وفق الشريعة، لكن إذا علمت أنها تمارس ذلك وجب عليك نهيها عن المنكر وسحب أموالك إذا لم تنته، وتطهير ما تراه مقابلا للربح الحاصل من معاملاتها المحرمة بصرفه في مصارف البر بنية التخلص من الحرام.
وللمزيد راجع الفتوى رقم: 66392، والفتوى رقم: 12115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(12/2852)
قرار المجمع الفقهي بخصوص بيع المرابحة للآمر بالشراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشتغل في وكالة سيارات, وهناك عروض من الشركة لنا بأخذ سيارات جديدة بسعر التكلفة، فسألت بائع السيارات عن بنوك إسلامية لعمل ما يسمونه مرابحة وشراء السيارة، وفعلا قام البنك بإرسال مندوبة إلى الوكالة وتم شراء البنك للسيارة بسعر التكلفة؛ لأني موظف بالوكالة, ثم تم عقد بيني وبين البنك وبعدها تم نقل السيارة باسمي عند التسجيل, وفي الحقيقة أنا أشتري السيارة بنية نوع من التجارة لأني آخذها بسعر التكلفة ولي الحق في بيعها بعد سنة من شرائها ثم شراء سيارة جديدة وعند بيعها أسدد البنك ويرجع لي فائض ربح من السيارة المباعة وهكذا، فهل في هذا من شيء من قبل الدين، ولكم مني جزيل الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصورة المعاملة التي قامت بينك وبين البنك تعرف في الفقه المعاصر ببيع المرابحة للآمر بالشراء وهي جائزة إذا كانت واقعة وفق ضوابطها التي نص عليها قرار المجمع الفقهي حيث قرر: أن بيع المرابحة للأمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور وحصول القبض المطلوب شرعا هو بيع جائز طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم وتبعة الرد بالعيب الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم وتوافرات شروط البيع وانتفت موانعه.
ومن الضوابط اللازم اعتبارها أن لا يتضمن العقد دفع غرامة عند تأخير سداد الأقساط.
ولكن هذه العملية بالذات فيها نوع من الغموض فلم يتضح لنا كيف اشترى البنك السيارة من الوكالة بسعر التكلفة مع أن بيع الوكالة وغيرها من المؤسسات التجارية بدون ربح مستبعد عادة إلا في حالات خاصة فيخشى أن تكون الوكالة اشترطت على البنك أن يبيع السيارة للأخ السائل، وفي هذه الحالة يكون بيعها للبنك من باب البيع مع الشرط المناقض لمقتضى العقد وهو أمر مختلف فيه، وتراجع الفتوى رقم: 110193.
فيكون بيع السيارة للبنك على الاحتمال المذكور- وهو وارد جدا- من البياعات المختلف فيها، وقد نص بعض أهل العلم من المالكية على أن البيع المختلف فيه يمضي إذا فات، ومن مفوتات البيع الفاسد خروج المبيع من يد المشتري ببيع صحيح.
جاء في متن خليل: فإن فات - يعني البيع - بيعا فاسدا بيد مشتريه مضى المختلف فيه بالثمن. إلى أن يقول في تعداده لمفوتات البيع: وبخروج عن يد.
ومثل الشراح هنا بالبيع الصحيح، وعليه فإذا كان شراؤك للسيارة من البنك قد تم فإن البيع الأول يمضي وبموجب ذلك تملك أنت السيارة وتتصرف فيها تصرف المالك في ملكه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(12/2853)
كيفية تحديد نسبة الربح في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل بإحدى شركات الكمبيوتر, وقد قرر صاحبها السفر وتصفية الشركة فاشتريتها ودفعت ما بوسعي من مال حتى أحصل عليها كاسم ومكان للرزق, وبعد ذلك لم يكن لدي من رأس مال لأدفعه في شراء البضاعة اللازمة فعرض علي الكثير من الأصدقاء والأقارب الذين يثقون بي -لأنني ولله الحمد أخاف الله وأراعي حقوق الناس- لكي يدخلوا معي شراكة في رأس المال وفي الوقت الراهن لن يكون معي من المال الذي أضعه كرأس مال, فما النسبة المناسبة لكي أعطيها من الأرباح لأصحاب المال؟ علما بأنني سأتولى إدارة الشركة من البداية للنهاية, فما النسبة المناسبة؟ وأرجو سرعة الرد لأن ذلك ما سينص عليه العقد الذي سيتم الموافقة عليه في اليوم القادم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك على هاتين الخصلتين الحميدتين وهما الخوف من الله ورعاية حقوق الناس فهما خصلتان أصبحتا نادرتين في الناس نسأل الله أن يديم عليك هاتين النعمتين العظيمتين إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أما بخصوص ما سألت عنه فإن الطريقة المناسبة هو أن تأخذ المال ممن يعرضون عليك على أساس المضاربة فتستثمر لهم مالهم على أساس أنك عامل مضاربة ولست شريكا لهم في رأس المال الذي سيدفعونه إليك ولا هم شركاء لك أنت في الأسهم, وفي هذه الحالة ليست هناك نسبة محددة شرعا لا يمكن تجاوزها، والذي لا بد منه أن تكون النسبة مشاعة لا أن تكون مبلغا مقطوعا، وبالتالي يمكن أن تكون النسبة النصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك بحسب ما تتفقان عليه، ويشترط أيضا أن تكون الخسارة في حالة الخسارة عليهم بقدر أموالهم.
وراجع الفتوى رقم: 8052.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(12/2854)
شروط الاتجار بالعملات
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي قليل من المال وفرته طيلة فترة عملي وكان وما زال صعبا علي تسديد الالتزامات، والإيفاء بالاحتياجات صعب جداً في ظل ارتفاع الأسعار والخدمات, وعندي عائلة من 4 أفراد وأساعد أهلي بقليل وقد دلني أحدهم على المتاجرة بالعملات (تحويل واستثمار) لدى مكتب مختص وسألتهم في أي أوجه قالوا نحن نوظفها في أوجه الحلال, وقد استثمرت مالي وبدأ يدر الربح, وأنا متخوفة إن كان حراماً وبنفس الوقت أنا فرحة لأنه بدأ يدر ربحا وسحبته من المصرف لأن عليه فوائد ربا ...
أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس أن يسعى الإنسان إلى استثمار أمواله وتحصيل الأرباح إذا كان ذلك بطريق الحلال، أما بالنسبة لسؤالك، فقد سبق في الفتوى رقم: 107791، بيان أن المتاجرة بالعملات من أصعب المعاملات وأشدها ضوابط في الفقه الإسلامي، حيث يشترط فيها التقابض في مجلس البيع، وأن يتم البيع والشراء بصورة فورية بدون شرط التأخير، وأن تدخل العملتان وتسجلا في حسابي البائع والمشتري مباشرة، وهذا ما يعرف بالقبض الحكمي.
وعلى هذا يجب عليك التحري عن طبيعة العمل الذي يقوم به ذلك المكتب وهل هي موافقة للشرع أم لا, نظراً لكثرة المخالفات الموجودة في المتاجرة بالعملات، فإن تبين لك أنهم يقومون بذلك وفقاً للضوابط الشرعية ووثقت في دينهم وأماننتهم فلا حرج عليك في استثمار أموالك معهم، كما يمكنك أن تضعي هذه الأموال في أحد البنوك الإسلامية الملتزمة بالضوابط الشرعية، وقد سبق بيان جواز ذلك في الفتاوى الآتية: 331، 901، 3347.
نسأل الله أن يبارك لك في أموالك، ويغنيك بالرزق الحلال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(12/2855)
من يتحمل الخسارة في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[دفعت مبلغ مساهمة مع أحد الأشخاص أصحاب محلات الكمبيوتر والاستيراد وأعطاني شيكا مقابل المبلغ على أن يرد مبلغ المساهمة مع الأرباح بعد سنة ولكن عندما حل الموعد بدأت الأعذار تتنوع والله وحده أعلم بصدقها أو كذبها والآن أحاول معه الحصول على رأس مالي - ولكن السؤال هل أكون مستحقا لأرباح المبلغ حيث إنه أحضر بضاعة بعلامة تجارية غير صحيحة وتمت مصادرتها ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاتفاق المذكور اتفاق فاسد شرعا لخروجه عن حقيقة الشركة إلى كونه قرضا ربويا، فالشراكة والمضاربة قائمة على عدم ضمان رأس المال إلا في حالة التعدي والتفريط، وراجع لبيان ذلك الفتوى رقم: 103282.
وإذا فسدت المعاملة -محل السؤال- فرأس المال وربحه إن حصل لصاحبه، وللعامل فيه صاحب محل الكمبيوتر أجرة مثله، وإن حصلت خسارة في رأس المال بدون تعد منه أو تفريط فلا يضمن، وحيث إنه أحضر بضاعة ممنوعة من قبل الدولة -وأنت لم تأذن بذلك- وتمت مصادرتها فإنه يضمن خسارة رأس مالك لتعديه، وأما الأرباح فلست مستحقا لها إذا لم يكن قد حصل ربح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1429(12/2856)
التزام الشريك بجزء من الخسارة التزام باطل
[السُّؤَالُ]
ـ[تعاملت مع خالي بتجارة الأسهم في البورصة الكندية والأمريكية وكان الاتفاق المبدئي كما يلي:
اتفقنا بالكلام أن منه المال مبلغ 67000الف دولار ومني ما أملك وذكرت له أن كل ما لدي هو ألف دولار فقط، وقد ذكرت له مرة أن كل ما يمكنني خسارته هو مبلغ 15,000ألف دولار فقط ...
وعلى هذا كان علي أن أعمل لوحدي في البورصة كامل الوقت بدل عملي في هندسة الكمبيوتر حيث أقيم في كندا علما أن دخلي السنوي لا يقل 36,000 ألف دولار ...
وبدأت أخبره عن سير العمل فكانت خسارة تلو خسارة ...
وكان مما أخبرته به هو أول خسارة حوالي عشرة آلاف دولار ... فقد خفت كثيرا ونويت الانسحاب لكبر المبلغ بالنسبة لي ... فكان منه أن شجعني كثيرا وهون علي من فدح الخسارة وأنه طريق صعب ولا بد من خسائر في بداية كل تجارة.... وعندما وصل المبلغ إلى حوالي 35,000 الف دولار قلت له بالحرف الواحد أني لا أستطيع تحمل آية خسارة من جانبي أكثر من 15,000ألف دولار وقلت له إن أردت حولت المبلغ المتبقي 35,000 أو أتابع وسيكون منها فصاعدا كل الخسارة ان حصلت على عاتقه ... فوافق عسى أن يجبر الله علينا.... وهكذا بعد سنة وصل المبلغ تقريبا إلى 12,400ألف دولار من أصل 67,000الف دولار =خسارة 54,400الف دولار. وبعد التوقف عن العمل شكا لي عن أوضاعه التجارية في سورية بأنها متعسرة جدا وأنه محتاج إلى مبلغ 40,000الف دولار بشكل طارئ، وقد طلب = مني أن أساعده بأي شكل ... أي أستدين له من معارفي وأصحابي، فقلقت على وضعه جدا....فلجأت إلى القرض من البنك بفائدة (وهو يعلم ذلك) فتأمن لدي مبلغ 11,400 ألف دولار فحولت له المبلغ المتبقي من الحساب 12,600+ 11,400 = 23,000 ألف دولار على أن يعيده خلال شهرين حسب وعد منه لكي لا أتضرر.... ومضى أشهر وسنوات ولم يعده....
- المشكلة- بعد عودتي إلى البلاد أصبح يطالبني بنصف خسارة رأس المال 54,400 /2=27,200 منقوص منها قرض البنك 11,400 = 15,800 ألف دولار (أي 15,800هو المبلغ الذي أصبح يطالبني به علما أن لديه وصل أمانة بكامل رأس المال) .
-السؤال: هل له حق عندي أم أن لي حق عليه ... أرجو من فضيلتكم التفصيل ما أمكن ... وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ارتكب السائل في عمله هذا عدة منكرات ومخالفات شرعية:
أولها: المضاربة في أسهم البورصة الكندية والأمريكية ولا يخفى أن أسهم هذه البورصة تشتمل على شركات محرمة لا يجوز الاستثمار فيها، وراجع في شروط المضاربة بالأسهم الفتوى رقم: 53262.
ثانيا: ضمانه للخسارة في نصيب شريكه وهذا لا يجوز في الشركة فالخسارة فيها على كل شريك بقدر رأس ماله. جاء في نصب الراية: والوضيعة (الخسارة) على قدر المالين. اهـ
وجاء في المغني: والوضيعة على قدر المال.. لا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم. اهـ.
ثالثا: الاقتراض بالفائدة وهو ربا محرم، وفي الحديث: لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. رواه مسلم
فالواجب على السائل أن يبادر إلى التوبة إلى الله عز وجل عسى أن يتوب عليه.
وبالنسبة لمطالبة خاله له بأن يتحمل نصف الخسارة فهذه مطالبة باطلة على كل الاحتمالات، فإنا إذا اعتبرنا ما تم منهما مضاربة أو شركة فالعامل الشريك لا يضمن الخسارة إلا في حالتي التعدي والتفريط، وكذلك الشريك لا يضمن من الخسارة ما زاد عن خسارة رأس ماله إلا في حالتي التعدي والتفريط، وراجع الفتوى رقم: 67891، والفتوى رقم: 97954، وبالرجوع إلى الفتويين تعرف أن التزامك بجزء من الخسارة التزام باطل، وأن خالك يتحمل الخسارة في رأس ماله، ويجب عليه رد الدين الذي لك عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1429(12/2857)
اشتراط رب المال على عامل المضاربة ضمان الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندى مبلغ من المال وأريد أن أعطيه لأحد الأصدقاء الذين لهم خبرة فى التجارة ليستثمر لي المبلغ وتحديدا في شراء الأسهم وبيعها (في البورصة) طبعا الشركات التي عملها مباح.
فالسؤال هل يجوز لي أن أتفق معه على أن يتحمل هو الخسارة ولا أشاركه فيها وإذا في مكسب يكون بالمناصفة أو النسبة التي سنتفق عليها، وما حدود هذه النسبة باعتبار أني صاحب المال وهو صاحب الخبرة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تريد أن تقوم به من إعطاء أحد أصدقائك مبلغا من المال ليستثمره مقابل تقاسم الربح بينكما بنسبة شائعة كالنصف مثلا هو ما يعرف بالمضاربة، ولا حد للنسبة التي يصح أن تتفقا عليها، لكن اشتراطك تحمله الخسارة يبطلها لأن الخسارة تتبع رأس المال ولا تتبع جهد العامل، ولأن العامل أمين فلا يضمن إلا إذا كانت الخسارة بسبب تفريط أو تعد منه.
وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 11158.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(12/2858)
حكم دفع مال الغير لمن يضارب به مقابل مبلغ محدد
[السُّؤَالُ]
ـ[ (2188049) أرسلت سؤال رقم (2188049) والذى كان نصه ما يلي "عرض صاحب شركة على أخي أن يأخذ منه مبلغا معينا على سبيل مشاركته فى شراء بعض الأجهزة وقال لأخي أن الربح المتوقع من هذه الصفقة يكون مبلغ 4000 جنية مثلا ولك فى هذا الربح مبلغ 1500 جنية وأخي سوف يقوم بجمع المبلغ المطلوب منه من بعض الأصدقاء على سبيل أن يدخلوا في هذا المشروع، ولكن أخي سوف يقول لأصدقائه إن الربح المتوقع 1000 جنيه وليس 1500 جنيه، فهل هذا يجوز، وجزاكم الله خيراً، وتم الرد علي ولكن الرد ليس له علاقة بموضوع سؤالى حيث إنني إسأل هل يجوز أن يأخذ أخي الفرق بين المبلغ 1500ج و 1000ج كما أن صاحب الشركة لم يذكر لأخي أن المشاركة على الربح والخسارة صراحة، فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن موضوع سؤال السائل يرتبط باتفاق أخيه مع صاحب الشركة ويتفرع الجواب عنه، ولبيان ذلك نقول إنه يشترط في استثمار مال شخص عند آخر شروط منها.. أن تكون حصة كلٍ من الطرفين في الربح نسبة شائعة منه ولا يجوز أن يكون مبلغاً محدداً كما هو الحاصل في الصورة المسؤول عنها، وعليه فلا يجوز لأخي السائل أن يدخل مع صاحب الشركة في عقد ينص فيه على مبلغ محدد كربح، وإذا كان هذا غير جائز بينهما فكذلك هو غير جائز بينه وبين الآخرين الذين يريد أن يأخذ منهم أموالاً بقصد استثمارها.
والصورة المشروعة كالآتي وهي أن يأخذ أموال أصدقائه ويتفق معهم على المضاربة بها عند آخر مقابل نسبة من الربح يحصلون عليها إن حصل ربح وإن كانت خسارة فهو غير ضامن إلا في حالة التفريط والتعدي.
ثم يتفق مع صاحب الشركة على المضاربة في هذه الأموال بنسبة شائعة أيضاً، ولكن بأكثر من تلك التي اتفق عليها مع أصدقائه وبهذا يأخذ الفارق على وجه صحيح شرعاً، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 72779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(12/2859)