لا يجزئ إخراج الفدية من مال حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي عمرها 60 سنة وتأخذ أدوية من بينها دواء للضغط وأخاف ألا تقدر على الصيام ولم تصم أبداً من قبل لكنها أحبت أن تصوم لكنها تتعب، فهل تستطيع دفع كفارة وما قيمتها ومتى تدفعها، وهل هناك طرق أخرى غير الدفع، وهل يجوز دفع كفارة من مال حرام وضحوا لي من فضلكم؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصيام فريضة في حق من توفرت فيه شروط الوجوب، وليس خاضعاً لمزاج الإنسان إن شاء صام وإن شاء أفطر، وبالتالي فإذا كانت أمك لم تصم فيما مضى مع قدرتها على الصيام ولم يخبرها طبيب ثقة بعجزها عنه فيجب عليها أن تبادر بالتوبة وتقوم بقضاء رمضان عن جميع السنين التي لم تصم فيها، وإن كان تركها للصيام اعتماداً على تجربة منها بحيث كانت تجد مشقة غير معتادة أو اعتماداً على إخبار طبيب عارف لخطورة مرضها وكان عجزها عن الصيام دائماً ففطرها مشروع في الماضي والمستقبل وتلزمها فدية عن كل يوم من شهر رمضان في جميع الفترة الزمنية التي عجزت فيها عن الصيام، وهذه الفدية قدرها مد من غالب طعام البلد، والمد يقدر بـ 750 جراماً تقريباً من الأرز وتصرف للفقراء والمساكين.
وتخرج الفدية طعاماً عند الجمهور، وقد أجاز بعض العلماء دفعها قيمة لا سيما إذا كانت قيمتها نقوداً أكثر نفعاً للفقراء، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 27270.
ويجزئ دفع الفدية مع كل يوم من شهر رمضان أو تأخير جميعها إلى نهاية الشهر، ولا يجزئ إخراجها قبل استهلال شهر رمضان، كما سبق في الفتوى رقم: 69811. كما لا يجزئ إخراجها عن اليوم قبل طلوع فجره، وليس هناك طريقة أخرى لإبراء الذمة بالنسبة للعاجز عن الصيام غير دفع الفدية السابقة، ولا يجزئ إخراج الفدية من مال حرام، فالله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(11/17932)
من أقدم على الجماع عمدا عالما بأنه مفسد للصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بدولة عربية عمري الآن 25 عاما فبعثت بزيارة لزوجتي فحضرت فكان يوم حضورها الأول من شهر رمضان 2005 ففي اليوم الثاني لم أقدر على أن أنتظر فجامعت زوجي في أثناء صيام رمضان غير أني لم أكن أعلم جرم ما افتعلته ظناً مني أنه صيام يوم فيما بعد رمضان فقط واليوم الأول بمجرد سلامي لزوجتي تم نزول المني فأكملت الصيام فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنك قد أقدمت على الجماع عمدا عالما بأنه مفسد للصوم، ولكنك تجهل وجوب الكفارة بذلك.. فإذا كان الأمر كذلك فبادر بالتوبة إلى الله تعالى وقد لزمتك الكفارة الكبرى، وأما زوجتك فلا كفارة عليها على الراجح وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24032، 1104، 41607.
وبالنسبة لخروج المني فهو مبطل للصيام، وبالتالي فقد وجب عليك قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليك ولو تعمدت إخرج المني عند الجمهور، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 101058.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(11/17933)
عقوبة من ترك صوم رمضان بلا عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مواطن من الجزائر الحبيبة أبلغ من العمر 18 سنة في شهر رمضان من العام الفائت أفطرت يومين متعمداً حيث في اليوم الأول تناولت وجبة السحور وكان الظلام سائداً فظننت أن أذان الفجر لم يحن بعد، ولكن وبعد التأكد علمت أنني تناولت الوجبة بعد أذان الفجر الثاني فتعمدت إفطار اليوم، وفي اليوم الثاني أفطرت متعمداً وأنا أعلم بذلك، أنأ أسأل عن كفارة ما فعلت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفطر في نهار رمضان من أغلظ الذنوب وأكبر الكبائر، وقد ثبت فيه من الوعيد ما يفري الأكباد ويقض المضاجع، فعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا أنا نائم أتاني رجلان، فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلا وعرا، فقالا: اصعد. فقلت: إني لا أطيقه. فقال: إنا سنسهله لك. فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة. قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً. قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: الذين يفطرون قبل تحلة صومهم..... صححه الحاكم والذهبي، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني في صحيح الترغيب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من أفطر عامداً بغير عذرٍ كان تفويته لها من الكبائر. انتهى.
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله: وعند المؤمنين مقرر: من ترك صوم رمضان بلا عذر بلا مرض ولا غرض فإنه شر من الزاني والمكَّاس ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه، ويظنون به الزندقة والانحلال. انتهى.
فعليك أيها الحبيب أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً مصحوبة بالندم البالغ على هذا الذنب العظيم، وثق أنك إذا فعلت فإن الله تعالى سيقبل توبتك ويقيل عثرتك، وعليك مع التوبة قضاء هذين اليومين اللذين أفطرتهما عامداً، وليس عليك شيء غير القضاء في قول الشافعي وأحمد، وأما مذهبُ أبي حنيفة ومالك فلزوم الكفارة مع القضاء، والصحيح الأول فإن الكفارة إنما تلزمُ في الفطر بالجماع وليس غيره في معناه.
قال النووي في المجموع: فرع في مذاهب العلماء فيمن أفطر بغير الجماع في نهار رمضان عدوانا: ذكرنا أن مذهبنا أن عليه قضاء يوم بدله وإمساك بقية النهار، وإذا قضى يوما كفاه عن الصوم وبرئت ذمته منه، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وجمهور العلماء، قال العبدري: هو قول الفقهاء كافة ... وأما الكفارة فيه والفدية فمذهبنا أنه لا يلزمه شيء من ذلك -كما سبق- وبه قال سعيد بن جبير وابن سيرين والنخعي وحماد بن أبي سليمان وأحمد وداود، وقال أبو حنيفة: ما لا يتغذى به في العادة كالعجين وبلع حصاة ونواة ولؤلؤة يوجب القضاء ولا كفارة، وكذا إن باشر دون الفرج فأنزل أو استمنى فلا كفارة، وقال الزهري والأوزاعي والثوري وإسحاق: تجب الكفارة العظمى من غير تفصي، ل وحكاه ابن المنذر أيضاً عن عطاء والحسن وأبي ثور ومالك، والمشهور عن مالك أنه يوجب الكفارة العظمى في كل فطر لمعصية كما حكاه ابن المنذر. انتهى بتصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(11/17934)
حكم التوكيل في إخرج فدية الإفطار
[السُّؤَالُ]
ـ[اسأل الله لكم حسن الخاتمة وأن يرزقكم جنة الفردوس وأن يجمعنا بكم فيها.. اللهم آمين
سؤالي هو.. خطيبتي مريضة بالسكر وتعتمد في علاجها علي حقن الأنسولين "حقنتين أو أكثر يوميا حسب الحاجة" وبالتالي فهي لا تقدر على صيام رمضان ولا بد لها أن تفطر حسب أوامر الطبيب.. وأعلم أن كفارة إفطارها إطعام مسكين عن كل يوم.. ولكني أسأل عن شيئين: الأول: هل يمكن أن يتم إخراج كفارة إفطارها نقوداً، وإذا كان ذلك ممكنا فما قيمة المبلغ الذي يجب إخراجه عن كل يوم، علما بأننا نسكن مصر.. الثاني: هل يمكنني أنا أن أخرج عنها تلك الكفارة، علما بأن خطبتنا ليست بشكل رسمي حتى الآن.. فأنا أخبرت أهلي عنها ولمست فيهم الموافقة وهي كذلك أخبرت والدتها ولمست عندها الموافقةولله الحمد وستتم الخطبة قريباً بمشيئة الله تعالى؟ وشكراً لكم وجزاكم الله خيراً ونفع بكم أمة الإسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة أن حقن الأنسولين غير مفطرة كما بينا الفدية التي تلزم من عجز عن الصيام عجزاً مستمراً. فراجع في ذلك الفتوى رقم: 57369.
وأما عن إخراج هذه الفدية بالقيمة فلا يجوز إخراجها قيمة عند جماهير العلماء خلافاً لأبي حنيفة رحمه الله، والصحيح مذهب الجمهور؛ لقوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة:184} ، ولا يجوز إخراج الفدية قبل الوجوب ولا تجزئ إلا بعده، ولا تجب الفدية إلا بطلوع فجر اليوم، فإن شاء أخرجها كل يوم وإن شاء جمع أياماً بعد مضيها.
ويجوز التوكيل في إخراجها ولا يشترط أن تكون من مال المريض، فإذا وكلتك خطيبتك بعد انقضاء الشهر في أن تخرج عنها فدية الأيام التي أفطرتها أو إذا وكلتك في ذلك بعد كل يوم تفطره أو أعلمتها أنك ستخرج عنها الفدية فرضيت جاز ذلك.
ونصيحتنا لك هي عدم التوسع في الكلام مع المخطوبة فهي أجنبية عنك حتى يمن الله عليكما بعقد الزواج، ونسأل الله أن ييسر لنا ولك الخير حيث كان وبالله التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(11/17935)
دليل وجوب تتابع الصوم في كفارة الوطء في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الدليل الشرعي سواء من السنة أو من القرآن على أنه لابد من الصيام في كفارة الجماع في نهار رمضان شهرين متتابعين، لماذا لايجوز الصيام بغير التتابع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدليل على وجوب تتابع الصوم في كفارة الوطء في رمضان ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الآخر وقع على امرأته في رمضان. فقال: (أتجد ما تحرر رقبة) . قال: لا. قال: (فتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين) . قال: لا. قال: (أفتجد ما تطعم به ستين مسكينا) . قال: لا. قال: فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، وهو الزبيل، قال: (أطعم هذا عنك) . قال: على أحوج منا، ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا. قال: (فأطعمه أهلك) . والحديث رواه الترمذي وأبو داوود والنسائي وابن ماجه وغيرهم.
واشتراط التتابع هو قول جمهور أهل العلم، قال النووي في المجموع: يشترط في صوم هذه الكفارة عندنا وعند الجمهور التتابع، وجوز ابن أبي ليلى تفريقه لحديث في صوم شهرين من غير ذكر الترتيب، ودليلنا حديث أبي هريرة السابق وهو مقيد بالتتابع فيحمل المطلق عليه ... انتهى.
بل نقل صاحب المغني الإجماع على وجوب التتابع فقال: ولا خلاف بين من أوجبه أنه شهران متتابعان للخبر ... انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 13107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1429(11/17936)
هل يقطع التتابع من أكل شاكا في طلوع الفجر ثم تحقق طلوعه
[السُّؤَالُ]
ـ[علي كفارة جماع في نهار رمضان وصمت 20 يوما وفي اليوم الواحد والعشرين التبس علي إن كان الفجر أذن أم لا وتسحرت وفوجئت بأن المؤذن يقيم للصلاة وكنت قد أمسكت عن الطعام قبل الإقامة بعشر دقائق.
1- هل أعتبر مفطرا.
2- ما حكم العشرين يوما السابقة أي هل أكمل بعدها أم أبدأ من جديد؟
3- هل يجب ابتداء الصوم مع بداية الشهر الهجري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب الإمساك عن المفطرات لمن أراد الصيام بحصول أحد أمرين:
أولهما: العلم بطلوع الفجر الصادق الذي ينتشر ضياؤه يمينا وشمالا عن طريق المشاهدة.
ثانيهما: تقليد مؤذن عدل عارف بالأوقات كما تقدم في الفتوى رقم: 56412.
وعليه، فإذا أكلت شاكا في طلوع الفجر ثم تحققت من طلوعه فقد اختلف أهل العلم هل صومك صحيح أم لا؟ كما تقدم في الفتوى رقم: 77554.
وعلى القول ببطلان الصوم في حالتك فعليك قضاء يوم بدل اليوم المذكور لكن لا ينقطع تتابع الصيام بهذا الفعل إذا لم يحصل عمدا.
قال ابن قدامة في المغني: وإن أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع، أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب أفطر، ويتخرج في انقطاع التتابع وجهان أحدهما: لا ينقطع لأنه أفطر لعذر.
وبالتالي، فواصل صيامك، والعشرون يوما السابقة تحسب لك من صيام الكفارة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 72398.
ولا يجب الصوم مع بداية الشهر الهجري بل يجوز من وسطه أو آخره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 18586.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(11/17937)
أفطر ليخلع سنه فهل انقطع بذلك تتابع صيامه
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: نشكركم على هذا الموقع المبارك والمتميز والذي نسأل الله تعالى أن يثيبكم عليه أحسن الثواب ... مشايخي الكرام سؤالي هو: هناك رجل عليه كفارة صيام شهرين متتابعين، فالرجل صام شهراً كاملا وشرع في الشهر الثاني، لكن حصل له أمر فأفطر يوما ثم واصل الصيام (والأمر هو أنه آلمه سنه وضرسه، فذهب وأخذ موعداً في مستشفى عمله، فقال له الطبيب إن خلع السن لا بد له من الإفطار يعني لا بد أن تأتي في الموعد مفطراً حتى يتم خلعه وهذه هي الإجراءات وفعلا فعل ما أوصاه الطبيب فأفطر وأتى وخلع سنه، وللعلم الرجل موظف في الشرطة وخلع سنه في مستشفى الشرطة التابع لعمله وهذا المستشفى لا يعمل إلا نهاراً أما ليلاً فلا يعمل، وسألته هل كان بإمكانه أن يخلعه ليلا في إحدى العيادات الخاصة أو المستشفيات الأخرى التي تعمل ليلاً فقال نعم كان بإمكانه، لكنه قال لم أنتبه لهذا الأمر ولم يخطر على بالي هذا على حد زعمه وقوله: السؤال هنا: ما الواجب عليه أن يعمله، هل عليه أن يتم صومه وأن هذا الانفصال الذي طرأ عليه لا يؤثر، أم أن عليه أن يستأنف من جديد، فأرجو من سيادتكم التكرم بالإجابة على هذا السؤال وبأسرع وقت ممكن؟ عاجلا لو تكرمتم وسمحتم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم كذا في المغني لابن قدامة، فالسائل إن كان اشتد عليه المرض بحيث يشق تأخيره إلى الليل جاز فطره، ابتداءً تداوي أم لا، ولا يقطع التتابع عند أحمد وقديم الشافعي إذا كان المرض مما يبيح فطره نهار رمضان.
أما إذا لم يكن المرض شديداً فلا يجوز له الإفطار للتداوي بقول طبيب وغيره، وعليه فهو قاطع للتتابع.
وعليه، فإن كان السائل ليس عليه ضرر من تأخير العلاج إلى الليل فبفطره المذكور قد انقطع تتابع صيامه، لأن الإفطار الذي لا يقطع التتابع إنما يكون بمرض يسوغ ذلك كما سبق، وأما كون علاجه مجاناً بالمستشفى نهاراً وفي غيره ليلاً بمال فلا يعد عذراً مسوغاً للإفطار، لأن ثمن المثل ولو بزيادة يسيرة لا تلجئ إلى الترخص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(11/17938)
جامع في نهار رمضان ولا يستطيع صيام الكفارة لظروف العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مغترب وعندما تزوجت تم الزفاف قبل دخول رمضان بـ 8 أيام فقط وقد أفطرت عمدا ثلاثة أيام بسبب زواجي الحديث وأعرف أن الكفارة شهران متتابعان ولكني كما ذكرت اعمل في الخارج "الصين " ولا أقدر على الصوم كل هذه الفترة ...
برجاء الإفادة.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعمد الفطر في نهار رمضان معصية شنيعة وانتهاك لحرمة هذا الشهر المعظم، فعلى من فعل ذلك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى والإكثار من الاستغفار، وإذا كان السائل قد أفطر بالجماع عمدا وجبت عليه كفارة لكل يوم بمفرده من تلك الأيام الثلاثة على ما رجحه أهل العلم، كما بينا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 6733، وهذه الكفارة تكون بثلاثة أنواع على الترتيب عند الجمهور وهي عتق رقبة مؤمنة، ثم صيام شهرين متتابعين، ثم إطعام ستين مسكينا، فإذا عجز عن العتق فليصم شهرين متتابعين، فإن عجز عن تتابع الصيام لظروف العمل فلينتظر فرصة يمكن فيها أداء الصيام كفترة الإجازة مثلا، فإن كان لا يجد فرصة للصيام، وكان لا يرجو وقتا يمكنه فيه الصيام، وكان صيامه مع العمل ليشق عليه مشقة غير محتملة أجزأه إطعام ستين مسكينا، لكل مسكين مُدُُّ من غالب طعام أهل بلده. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 78920.
وإن كان الفطر في رمضان بتعمد الأكل أو الشرب ولم يحصل جماع فبعض أهل العلم على وجوب الكفارة أيضا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 60589، والفتوى رقم: 93029.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1429(11/17939)
لا يشترط كون الإطعام متزامنا مع القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[لو سمحت ياشيخ أنا أصوم قضاء سابق وعلي دفع كفارة أنا خلصت الصيام وبقي دفع الكفارة هل يجوز لي أن أدفعها متى مااستطعت حتى ولو كنت مفطرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يستحب أن يكون الإطعام متزامنا مع القضاء بأن يقضي يوما ثم يطعم عنه، أو يطعم بعد إتمام القضاء، لكن لا يشترط ذلك، بل متى استطاع من لزمته الكفارة إخراجها أخرجها سواء كان ذلك قبل أو بعد أو أثناء القضاء، وسواء كان مفطرا أو صائما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يستحب أن يكون الإطعام متزامنا مع القضاء بأن يقضي يوما ثم يطعم عنه، أو يطعم بعد إتمام القضاء، لكن لا يشترط ذلك بل متى استطاع من وجبت عليه الكفارة إخراجها أخرجها، سواء كان ذلك قبل أو بعد أو أثناء القضاء، وسواء كان صائما أو مفطرا.
ففي الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي: أَيْ يُنْدَبُ الْإِطْعَامُ أَيْ إخْرَاجُ الْمُدِّ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ يَقْضِيهِ (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ كُلِّ يَوْمٍ، أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ أَيَّامِ الْقَضَاءِ يُخْرِجُ جَمِيعَ الْأَمْدَادِ، فَإِنْ أَطْعَمَ بَعْدَ الْوُجُوبِ بِدُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ أَجْزَأَ وَخَالَفَ الْمَنْدُوبَ. انتهى بحذف قليل.
ثم إن كفارة التأخير إنما تجب على من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان التالي مع تمكنه من القضاء، فعند ذلك وجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكينا، بأن يدفع له مدا من الطعام الذي يغلب اقتياته بالبلد كفارة عن التفريط في القضاء، والمد بالوزن الحالي يساوي:750، جراما تقريبا من الأرز.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 93960، والفتوى رقم: 69956.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(11/17940)
حكم دفع الكفارة ليتيم أو مجاهد
[السُّؤَالُ]
ـ[علي كفارة تأخير الصيام، فهل يجوز أن أعطيها ككفالة يتيم أو أن أعطيها لنفس الأشخاص، ولكن بين فترة وأخرى، أو لدعم المجاهدين؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كفارة التأخير حق للفقير والمسكين سواء كان يتيماً أو غير يتيم، وعليه.. فإن أمكن دفعها للفقير مباشرة أو لولي أمره إن كان قاصراً فلا شك أن ذلك أولى لأنه أبلغ في الاطمئنان على وصولها له سواء دفعت في وقت واحد أو في أوقات متفرقة إن كانت أكثر من كفارة، مع أنه لا حرج في توكيل من يدفعها بالنيابة لمستحقها يتيماً أو غير يتيم، لكن لا بد من تنبيه النائب على أنها كفارة إطعام أي فلا تصرف في غير الإطعام.
وننبه هنا إلى أن القدر الواجب في إطعام المسكين هو مد من الأرز ونحوه، وهو ما يعادل سبعمائة وخمسين جراماً تقريباً، وجمهور الفقهاء على أن دفع القيمة لا يجزئ، بل لا بد من إخراج الطعام، ويرى أبو حنيفة جواز إخراج القيمة في الزكاة والكفارات مطلقاً، ورجح شيخ الإسلام من هذا الخلاف جواز إخراج القيمة هنا للحاجة؛ كما سبق بيانه في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 6372، وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16635، 96433، 95247.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1429(11/17941)
حكم وضع كفارة الإفطار في صندوق المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن كفارة الفطر عمدا في رمضان هل يمكن دفعها نقدا لصندوق المساكين في أي جامع، وما هو المبلغ المحدد لها لأنه من الصعب بل من المستحيل الإطعام كما أنه من المستحيل أن أقول للجامع إنها كفارة وأنه يجب شراء طعام للمساكين هل يمكن أن أكتفي بوضع مبلغ في الصندوق فقط أم أنه يجب أن أعطي مبلغا لكل مسكين كما أنه من الصعب أن أقول لكل منهم أن يشتري طعاما لنفسه كما من الصعب أن أحصل على 60 مسكينا لأعطيهم المال هل المبلغ الذي سأضعه في الصندوق يجزئ ويكفر وما قيمته (علما أنه من الصعب الإطعام وإيجاد 60 مسكينا لأنني أعيش في منطقة راقية) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعمد الفطر في رمضان بغير الجماع لا كفارة فيه على الراجح، ولكن تجب منه التوبة إلى الله تعالى؛ لأنه من كبائر الذنوب، كما يجب قضاء الصيام. أما إذا كان بجماع من غير إكراه فتجب الكفارة الكبرى وهي واجبة حسب الترتيب المبين في الفتوى رقم: 1104، فلا يجوز لمن لزمته هذه الكفارة أن ينتقل إلى الإطعام إلا بعد عجزه عن العتق والصيام عند الجمهور، فإن عجز عنهما وجب إطعام ستين مسكينا، لكل مسكين مد من غالب قوت البلد، وقدره بحساب الكيلو 750 جراما تقريبا. والواجب عند جمهور أهل العلم هو الإطعام أو دفع الطعام لا دفع قيمة الطعام، وقد ذهب أبو حنيفة إلى جواز إخراج القيمة في الكفارات والزكاة، ووافقه شيخ الإسلام ابن تيمية إذا كان ذلك أنفع للمساكين.
وحيث إن الأخت السائلة لا تجد من يأخذ منها الطعام ولا تجد مساكين في المكان الذي تقيم به فلا مانع من أن تخرج قيمة الكفارة نقودا وتضعها في الصندوق المذكور إن كان القائمون عليه محل ثقة، ولتجعل الفلوس في ظرف مكتوب عليه كفارة إطعام ستين مسكينا لأن القائمين على الصندوق إذا لم يعلموا بذلك فربما دفعوا ما في الصندوق لفقيرا واحد أو فقيرين، وربما وزعوه على مائة فقير مثلا، وهذا لا يصح في الكفارة لأنها موزعة على ستين مسكينا، وكيفية معرفة قيمة الإطعام هي أن ترجع إلى سعر الكيلو من الطعام الغالب اقتياته في البلد ثم تخرج من الفلوس قيمة 750 جراما طعاما مضروبة في ستين، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين رقم: 41607، 30473.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1428(11/17942)
دفع القيمة لمن يطعم نيابة عن صاحب الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في فرنسا ويجب علي إطعام ستين مسكينا أنا لا أعرف مساكين فعلا هنا هل يجوز لي أن أخرجها نقدا وأعطيها للمسجد هنا أو أرسلها إلى بلد آخر مثلا أو أعطيها لجمعية خيرية لمناصرة فلسطين؟ شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإطعام ستين مسكينا إنما يجب في كفارة الجماع في رمضان نهارا، أو في كفارة الظهار، وإن كان عليك إحدى هاتين الكفارتين فاعلم أنها تجب على الترتيب: عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين مد من غالب قوت البلد، وقدره بحساب الكيلو 750 جراماً تقريبا.
فإن لم يمكن العتق ولم تستطع الصوم لعجز مستمر عنه فانتقل إلى الإطعام. ولا فرق بين أن تطعم أنت المساكين الستين أو تدفع قيمة الإطعام إلى جماعة المسجد إن كانت معروفة بذلك، أو إلى جمعية خيرية لتقوم بشراء الطعام وإيصاله للمساكين نيابة عنك.
ولا مانع من أن يُصرف ذلك إلى أهل فلسطين أو يرسل إلى مساكين بلد آخر غير البلد التي تقيم أنت فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1428(11/17943)
حكم إخراج فدية بدل القضاء لمن أفطرت بسبب الحيض
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لقضاء أيام الإفطار في رمضان للسيدات بعذر الحيض، فهل يجوز أن تخرج نقوداً بدل القضاء حتى لو كانت قادرة على الصيام ولا تريد الصيام، وكم المبلغ الواجب إخراجه إذا كان جائزا ذلك؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إخراج النقود أو الإطعام لا يقوم مقام الصيام سواء كان الصيام أداء أو قضاء إلا في بعض الحالات مثل المريض الذي لا يرجى برؤه، كما سبق بيانه في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 78188.
أما المستطيع فيجب عليه الصيام وكذلك المريض الذي يرجى برؤه يجب عليه الصيام إذا برئ من مرضه، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 40666.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1428(11/17944)
جماع الناسي صيامه وحكم الاستدامة بعد التذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[جماع الصائم سهواً عليه كفارة كما قال الأستاذ عمر هاشم فى حديثه بإذاعة القرآن الكريم، والسؤال هو إذا تذكر الصائم أثناء الجماع بأنه صائم فهل يكمل المشوار ويؤدى الكفارة أم يتوقف ويتحمل نتيجة الارتجاع وأذاها النفسي والفسيولوجي ويغتسل ويتطهر ويكمل صيامه ثم يكمل مشواره اللذيذ قبل الإمساك، فأفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجماع الناسي إذا كان صائماً لا كفارة فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه، وفي رواية: إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان. متفق عليه.
وأما إذا تذكر الصائم أثناء الجماع أنه صائم فالواجب أن يتوقف عن ذلك، وإن لم يفعل كانت عليه الكفارة، لأن فعله بعد التذكر صار متعمداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1428(11/17945)
المعتبر في إخراج الفدية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ.. يكثر السؤال في شهر رمضان عن الفدية كقيمة نقدية مع علمي أن الفدية بالكيل تساوي ربع زكاة الفطر وقد قدر مفتي بلدنا زكاة الفطر في العام الماضي بثماني مائة وسبعين مليما (870مليما) ، وعلى هذا الحساب يكون ربع الفدية بالقيمة المادية حولي مائتين وعشرين مليما (220مليما) ، أي ما لا يزيد عن ريال واحد سعودي، مع العلم بأن الله يقول: من أوسط ما تطعمون أهليكم. فهل هو ممكن اعتماد هذا أم لا؟
فأفيدونا.. جزاكم الله خيراً.
ملاحظة: سعر رغيف الخبز عندنا يساوي مائتين وأربعين مليما (240مليما) ولا يزن سوى أربع مائة وعشرين غراما (420غرام) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصحيح أن الفدية بالكيل تساوي ربع زكاة الفطر، وهي -كما قدرها أهل العلم- تعادل 750 جراماً تقريباً، ولا يجزئ إخراج القيمة بدلاً من الطعام على الراجح، للنص على الإطعام في الآية الكريمة: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة:184} ، خصوصاً إذا لم يكن هنالك مبرر لإخراج النقود، كأن تكون تلك الفدية منقولة إلى مكان بعيد، لعدم وجود مستحقين في مكان الوجوب، أو لوجود من هم في حاجة ماسة كالمحاصرين واللاجئين، ثم إنها إذا نقلت يشترى بها هنالك مقدار الفدية من الطعام.
هذا.. ولا حرج في دفع النقود إلى وكيل شخص أو جمعية يشتري بها طعاماً يدفعه إلى مستحقيه ولو كان ذلك في البلد.
وما قيل في الفدية يقال مثله في زكاة الفطر، وهذا هو ما عليه جمهور العلماء، وذهب الأحناف إلى إجزاء دفع القيمة، وهو مرجوح كما بينا.
من هذا يتبين لك أنه لا اعتبار للحسابات التي ذكرت، وإنما المعتبر هو القدر المذكور من الطعام كيفما بلغت قيمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(11/17946)
مسائل في كفارة المريض الذي لا يستطيع الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أمي أصيبت بجلطة في الدماغ مما أدى إلى الشلل النصفي لها ونحن الآن على استقبال الشهر الكريم ولا نعرف هل ستتعافى فيما بعد لتقضي الصيام، فهل يجوز لنا أن نتصدق عن كل ليوم لمسكين، وهل يمكن أن نقدر تكلفة الشهر كاملا ونعطيها إلى جمعية خيرية لتتصدق بها عنا، وهل يجوز أداء الكفارة ولو بعد شهر رمضان أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المريض الذي يرجى برؤه ليس عليه إطعام ولا كفارة ولكن يقضي إذا شفي، أما من كان مرضه مزمناً فعليه إطعام مسكين عن كل يوم من رمضان، ولها أن تطعم عن كل يوم في يومه، ولها أن تجمع إطعام جميع أيام الشهر فتعطيها لمن يستحقها بعد تمام الشهر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفي والدتك ويشفي سائر مرضى المسلمين، ثم إذا كانت هذه المرأة لا تستطيع الصيام بسبب المرض -كما هو الظاهر- فليس عليها صيام ما دامت مريضة، وإذا قرر الأطباء أن هذا المرض يرجى برؤه فلا تطالب بإطعام ولا كفارة أيضاً، ولكن عليها القضاء إن هي شفيت، وإن قرروا أنه مرض مزمن لا يرجى برؤه فعليها أن تطعم عن كل يوم من رمضان مسكيناً على نحو ما سبق بيانه في الفتوى رقم: 26117.
ولها أن تجمع كل الإطعام عن جميع أيام الشهر فتطعم بعد كمال الشهر، ولها أن تطعم عن كل يوم في يومه، ولا تطعم عن يوم قبل طلوع فجره، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 78296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1428(11/17947)
من عجز عن الكفارة هل تسقط عنه أم تبقى في ذمته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أعوض أيام إفطاري فى رمضان عن عذر شرعي عن أعوام كثيرة ولا أستطيع أن أصومها في الأيام الأخرى لأنني أتعب جداً ويغمى علي وأنا في نفس الوقت لا أستطيع أن أطعم المساكين عن كل تلك السنوات الماضية فكيف أعوض تلك الأيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أفطر لعذر شرعي في رمضان فعليه أن يقضي إذا زال عذره ولا يجوز له أن يؤخر القضاء إلى ما بعد رمضان التالي، لأن من فعل ذلك لغير عذر أيضاً لزمته كفارة التأخير مع القضاء، والعذر الشرعي هو المرض الذي يتضرر صاحبه بالصوم أو السفر أو الحيض والنفاس بالنسبة للمرأة، وإذا كان الشخص لا يستطيع القضاء ولا إخراج الكفارة عن كل ما مضى، فبالنسبة للقضاء إذا كان المرض الذي يمنع منه لا يرجى برؤه فلا يطالب به، وإن كان مرضاً يرجى برؤه فالقضاء باقٍ في الذمة إلى أن يشفى فيقضي ولا كفارة في التأخير لعذر شرعي.
أما بالنسبة للعجز عن الكفارة فإن كان الإفطار وتأخير القضاء لعذر شرعي فلا كفارة أصلاً، وإن كان ذلك لغير عذر شرعي فعلى من حصل منه ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ويخرج ما يستطيع إخراجه من الكفارة، وما عجز عنه قيل يسقط عنه، وقيل يبقى في الذمة إلى أن يجد ما يخرجه منه.
ففي الموسوعة الفقهية: من عجز عن كفارة الإفطار في رمضان التي وجبت بجماع أو بغيره، على تفصيل في المذاهب، سقطت عنه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الأعرابي أن يطعم أهله. ولم يأمره بكفارة أخرى ولا بين له بقاءها في ذمته. وهذا مذهب الحنابلة، وهو مقابل الأظهر عند الشافعية، وعند الحنفية والمالكية والشافعية في الأظهر وفي رواية عن الإمام أحمد: تبقى في ذمته. انتهى.
وكفارة التأخير هي إطعام مسكين عن كل يوم، ويجزئ عن ذلك مد وهو ما يساوي 750 غراماً من الأرز أو غيره عن كل يوم، ويجزئ عن ذلك مما يعد طعاماً يقتات به على حسب اختلاف العادات والأعراف، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 61477.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1428(11/17948)
لا يجزئ إخراج الكفارة بدون توكيل من لزمته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 20 سنة، بلغت في سن 13، تحجبت في سن 15، لم ألتزم بصوم رمضان جيدا، وبعد سنتين تقريبا (على حسب ما أذكر) بدأت ألتزم ولكني لم أكن أقضي الأيام التي أفطرت بها في رمضان، الآن ومنذ حوالي 3 سنوات بدأت أقضي ما علي ولكن أيضا لم أنته منهم، كانت نفسي تلتهي وتتثاقل عن إكمالها عند مرور الأيام أي كنت أعلم أنه علي أن أقضيها ولكن ربما لأنه لم يكن أحد يحدثني أو ينبهني لها ولمدى أهميتها! والله لا أدري.. الآن والحمد لله أنا أصلي وأقرأ القرآن وبدأت ألتزم جيداً، ولكن الندم يأكلني لأني أعرف أنه علي صيام كثير من الأيام وأنا لم أعد أذكر كم ومتى أفطرت، أرغب بالتزام صوم الاثنين والخميس وعلمت أنه لا يجوز قبل أن أقضي ما علي، فماذا علي أن أفعل، بدأت الصيام متى استطعت على نية القضاء ولكن ماذا أفعل، قلت لأمي إنه لا بد علي من كفارة فقالت لي أنا وأبوك ندفع عنك وعن إخوتك كل فترة، ولكن أهذا صحيح؟! أفيدوني؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك قضاء ما تركته من صيام رمضان، وإذا لم تكوني تعرفينه على وجه التحديد فاحتاطي له حتى يغلب على ظنك أنك أبرأت ذمتك منه، ولا يسقط عنك ذلك القضاء بالتقادم أو جهل عدده، كما يجب عليك أيضاً إخراج كفارة تأخيره من غير عذر إلى رمضان القابل، وإخراج أمك لها عنك إذا كان بغير إذن منك لا يجزئ، إذ لا بد من نية الإخراج منك أو ممن وكلته على ذلك، وقد سبق تفصيل هذه النقاط المذكورة في السؤال في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26899، 66739، 3357، 6579، 68226.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1428(11/17949)
المقصود باستئناف الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[تعقيباً على ما أجبتموني في الفتوى رقم 96805 ورد في آخر الفتوى، وعليه فالواجب في حال التحقق من خروج المني استئناف صيام الشهرين المذكورين، فما المقصود بالاستئناف، علماً بأني استأنفت الصيام وزدت عليه صيام يوم قضاء أي أني صمت 61 يوماً متتابعاً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود باستئناف الصيام في حال تحققك من خروج المني هو أن تبدأ من جديد الصيام للكفارة ستين يوماً متتابعة، لأن الصيام الحاصل قبل ذلك غير مجزئ للخلل الذي أوقعته في التتابع الواجب في صيام الشهرين، فإنه لما نزل المني بسبب فعل منك بطل صيام اليوم الذي نزل فيه المني، وإذا بطل صيام ذلك اليوم لم يعد هناك تتابع في صيام الأيام الستين بل تكون قد أفطرت خلالها ففسد التتابع، ونسأل الله أن يتولى عونك وييسر لك أمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1428(11/17950)
حكم من مات وعايه كفارات متنوعه
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: لو كان في ذمة العبد كفارات مثل كفارة صيام صلاة أو قتل خطأ ومات هذا العبد بدون أداء للكفارات، هل يكون عفو منه بالاستغفار أو بالتوبة؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن مات وعليه كفارة تأخير قضاء رمضان.. فإن كان قد تمكن من القضاء ولم يقم به حتى مات فتخرج تلك الكفارة من تركته وقدرها 750 غراما من غالب طعام أهل البلد عن اليوم الواحد وتصرف للفقراء والمساكين، وإن كان الميت ليس له مال فلا يجب على ورثته الإطعام عنه؛ لكن يستحب لهم ذلك كما تقدم في الفتوى رقم: 24937.
وإن كان الميت في ذمته بعض الصلوات التي مات قبل قضائها فلا يشرع قضاؤها عنه حينئذ، وراجع الفتوى رقم: 9656.
وإن كانت عليه كفارة قتل فيُطعَم عنه من تركته ستون مسكينا إن كان له مال، وهذا لتعذر العتق وعدم مشروعية الصوم عنه على الراجح؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 17085.
وإن كانت عليه كفارة يمين أخرجت من تركته أيضا إن كان له مال، وراجع الفتوى رقم: 58005.
هذا بالنسبة لما يترتب على من مات وعليه كفارات أو صلاة وما يلزم أولياء أمره في الدنيا، أما في الآخرة فإن لم يكن مفرطا في شيء من ذلك أو كان تاب منه فلا مؤاخذة عليه، وإن كان مفرطا فهو كغيره من سائر المسلمين الذين ماتوا وعليهم حقوق لله تعالى، وتراجع الفتوى رقم: 78551.
علما بأن السؤال غير واضح كما ينبغي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1428(11/17951)
سداد الدين أولا أم أداء الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا علي كفارة الصيام لأيام عديدة وبالمقابل أنا مدينة لأمي بمبلغ ليس ببسيط وعلي أن أسدد هذا الدين، فأيهما الأولى بأن أبدأ به، تسديد الدين لأمي أم تسديد دين الكفارة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن على الأخ السائل كفارة تأخير القضاء، أو كان ممن لا يقدرون على الصيام بعذر دائم فانتقل إلى الإطعام، وعليه نقول: إن الكفارة حق لله تعالى والدين حق للآدمي، وللكفارة مع الدين أربع حالات:
الأولى: أن تكون الكفارة على التراخي بأن يكون سببها غير معصية، ويكون الدين حالا فيجب تقديمه عليها.
الثانية: أن تكون الكفارة على التراخي بأن يكون سببها غير معصية لله، ويكون الدين مؤجلاً لم يحن وقت سداده، فيندب قضاء الدين مسارعة في التخلص من حقوق الخلق، ويجوز التكفير قبل قضائه لأن وقت قضائه لم يحن.
الثالثة: أن تكون الكفارة على الفور والدين حال فإنه يقدم على الكفارة لأن لها بدلاً في الغالب وهو الإطعام أو الصوم؛ بخلاف الدين، ولأن حقوق العباد مبنية على المشاحة، وحقوق الله مبنية على العفو والمسامحة.
الرابعة: أن تكون الكفارة على الفور والدين على التراخي فيجب تقديمها عليه، فالحق الفوري يقدم على غيره سواء كان ديناً أو كفارة، قال الشيخ سليمان الجمل في فتوحات الوهاب: لتقدم ما يتعلق بحق الآدمي الفوري على ما يتعلق بحق الله تعالى الفوري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1428(11/17952)
هل يلزم من تأخير القضاء كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[خلال شهر رمضان كنت بفترة نفاس ولم أتمكن من الصوم ومر على ذلك حوالي 12 عاما ولم أقض،
فما الحكم الشرعي وهل يكفي القضاء أم يجب القضاء والكفارة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أفطر في رمضان لزمه القضاء، وله تأخير القضاء ما لم يدخل رمضان الآخر، ولا يجوز له التأخير أكثر من ذلك، فإن أخر مع القدرة على القضاء والعلم بحرمة التأخير لزمته كفارة عند جمهور أهل العلم، وبه أفتى جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وإن أخر القضاء جاهلاً أو ناسياً أن عليه قضاء فلا فدية عليه. والفدية الواجبة إطعام مسكين لكل يوم مدا من الطعام، وهو ما يساوي 750 جراماً من البر أو الأرز ونحو ذلك من الأقوات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1428(11/17953)
حكم دفع الأخت فدية الصوم نيابة عن أختها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة أبلغ من العمر 35 عاما ولم أصم أشهر رمضان منذ أن بلغت، لعدم مقدرتي على إكمال اليوم دون أن أفقد الوعي، وكذلك أفقد شهيتي ولا أستطيع الأكل عند الإفطار. سؤالي هو أنني أريد أن أدفع مالا مقابل الأشهر التي لم أصمها ولا أستطيع أن أطعم.فهل يجوز أن تدفع أختي المال عني ومن حسابها الخاص؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أخبرك طبيب ثقة بعجزك عن الصيام والقضاء عجزا لا يرجى زواله فأنت حينئذ معذورة ويكفيك إخراج الفدية عن كل يوم من أيام شهر رمضان وقدرها750 غراما تقريبا من غالب طعام أهل بلدك، وتصرف للفقراء والمساكين، وراجعي الفتوى رقم: 10865، لمعرفة حكم من عجز عن الفدية.
وإذا تبرعت أختك أو غيرها بدفع الفدية نيابة عنك أجزأ ذلك ولا حرج عليك، وراجعي الفتوى رقم: 40424.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(11/17954)
حكم دفع كفارة تأخير القضاء للأخ الفقير
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو إفادتي حول صيام أيام سابقة لم أصمها من رمضان مضى عليها سنوات وحسب علمي يجب أن أصومها وأعطي زكاة أيضا، فهل يحق لي أن أعطي هذه الزكاة لبيت أخي، علما بأن له أولاداً حالتهم ضعيفة وما مقدار ما أنفق؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على الأخت السائلة أن تقوم بقضاء ما عليها من الصيام، وإذا كان تأخير القضاء لغير عذر فإن عليها مع القضاء كفارة التأخير وهي إطعام مسكين عن كل يوم أفطرته مداً من غالب قوت البلد، والمد يساوي 750 جراماً تقريباً، ولا بأس بدفعها لأخيها وأبنائه إذا كانوا فقراء، وللمزيد من التوضيح يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 67464، 71391، 76762.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(11/17955)
ما يلزم من أخر صيام الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[علي دين بصيام 60 يوما ولم أصم ومر رمضان آخر ما الحل لأنني انتهكت حرمة صوم يوم من رمضان؟ ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن افسد صومه بجماع وهو مقيم بلا عذر فإن عليه قضاء ما أفسده، وكفارة كبرى وهي عتق رقبة، فإن عجز عنها أو لم يجدها فصوم ستين يوما فورا، ولا يجوز له التأخير، ولكن لو أخره فلا يلزمه شيء سوى إثم التأخير، فإن عجز عن الصوم فعليه إطعام ستين مسكينا، وكفارة التأخير إلى ما بعد رمضان الآخر إنما هي على من ترك قضاء رمضان ومنه اليوم الذي أفسده بالجماع، أما صوم الكفارة فلا فدية في تأخيره ولكن في التأخير الإثم كما سبق.
وأما من أفسد صومه بأكل أو شرب أو استمناء أو فكر أو نظر لزمه قضاء ذلك اليوم مع التوبة والاستغفار، ولا تلزمه الكفارة الكبرى عند أكثر أهل العلم، وإنما تلزمه كفارة صغرى لتأخيره القضاء إلى ما بعد رمضان الآخر، وعليه المبادرة إلى القضاء مع التوبة والاستغفار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(11/17956)
مذاهب العلماء فيمن أكل عمدا في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت كفارة الأكل في رمضان عمداً صوم ستين يوماً، فما هو الدليل من القرآن والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفطر بالجماع في نهار رمضان عمداً عالماً بالحرمة تجب عليه الكفارة الكبرى، بدليل ما ثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري من حديث أبي هريرة قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله، هلكت، قال: ما لك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، فقال: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال: لا. قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر -والعرق المكتل- قال: أين السائل؟ فقال: أنا، قال: خذ هذا فتصدق به، فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله، فوالله ما بين لابتيها -يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك. انتهى. فهذا الحديث يدل على وجوب الكفارة بسبب الجماع العمد.
وأما إن كان الفطر عمداً بغير الجماع كالأكل أو الشرب -مثلاً- فبعض أهل العلم كالمالكية والحنفية يقولون بلزوم الكفارة ولهم أدلتهم في ذلك، ففي المنتقى للباجي وهو مالكي: الفطر يكون بأحد ثلاثة أشياء: بداخل وهو الأكل والشرب، أو إيلاج وهو مغيب الحشفة في الفرج وهوائه، أو بخارج وهو المني والحيض، فهذه معان يقع بجميعها الفطر وإفساد الصوم، فإذا وجد شيء من ذلك في يوم من رمضان فسد الصوم سواء كان بعذر أو بغير عذر، فأما المعذور فسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
(مسألة) : وأما غير المعذور فإن الكفارة تلزمه بذلك كله عند مالك على أي وجه وقع فطره من العمد والهتك لحرمة الصوم، وقال أبو حنيفة مثل قولنا في ذلك كله إلا بخروج المني بغير إيلاج فإنه لا كفارة عليه عنده، وقال الشافعي: لا كفارة على من أفسد صومه بشيء من ذلك إلا بإيلاج، والدليل على ما نقوله أن هذا قصد إلى الفطر وهتك حرمة الصوم بما يقع به الفطر فوجبت الكفارة كالمجامع. انتهى.
وفي المبسوط للسرخسي وهو حنفي: وكذلك إن أكل أو شرب متعمداً فعليه القضاء والكفارة عندنا، وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا كفارة عليه، لأن سبب وجوب الكفارة بالنص المواقعة المعدمة للصوم، فلو أوجب بالأكل كان بالقياس على المواقعة، ولا مدخل للقياس في الكفارة. ألا ترى أنه لا تقاس دواعي الجماع على الجماع فيه، ولأن الحرمة تارة تكون لأجل العبادة، وتارة لعدم الملك. ثم ما يتعلق بالأكل لا يتعلق بالمواقعة متى كانت الحرمة لعدم الملك فكذلك العبادة، واستدل بالحج فإن ما يتعلق بالمواقعة فيه وهو فساد النسك لا يتعلق بسائر المحظورات، فكذلك الصوم. والجامع أن هذه عبادة للكفارة العظمى فيها فتختص بالمواقعة. (ولنا) حديث أبي هريرة: أن رجلا قال: يا رسول الله أفطرت في رمضان، فقال: من غير مرض ولا سفر، فقال: نعم، فقال: أعتق رقبة. وإنما فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سؤاله الفطر بما يحوجه إليه كالمرض والسفر. وذكر أبو داود أن الرجل قال: شربت في رمضان. وقال علي رضي الله عنه: إنما الكفارة في الأكل والشرب والجماع، ولأن فطره تضمن هتك حرمة النص فكان كالفطر بالجماع، وبيانه أن نص التحريم بالشهر يتناول ما يتناوله نص الإباحة بالليالي، وهتك حرمة النص جناية متكاملة. ثم نحن لا نوجب الكفارة بالقياس وإنما نوجبها استدلالاً بالنص، لأن السائل ذكر المواقعة وعينها ليس بجناية؛ بل هو فعل في محل مملوك، وإنما الجناية الفطرية، فتبين أن الموجب للكفارة فطر هو جناية. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(11/17957)
عقوبة المجامع في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[تشديد العقوبة على من جامع في نهار رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعمد الفطر في نهار رمضان معصية شنيعة، بل قد عدها بعض أهل العلم من كبائر الذنوب ففي الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي الشافعي: الكبيرة الأربعون والحادية والأربعون بعد المائة ترك صوم يوم من أيام رمضان والإفطار فيه بجماع أو غيره بغير عذر من نحو مرض أو سفر) أخرج أبو يعلى بإسناد حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال حماد بن زيد ولا أعلمه إلا وقد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن ابتني الإسلام من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم: شهادة أن لا إله إلا الله والصلاة المكتوبة وصوم رمضان. وفي رواية: من ترك منهن واحدة فهو بالله كافر ولا يقبل منه صرف ولا عدل وقد حل دمه وماله. والترمذي واللفظ له وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي: من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضه صوم الدهر كله وإن صامه. وذكره البخاري تعليقا غير مجزوم به فقال: ويذكر عن أبي هريرة رفعه: من أفطر يوما من رمضان من غير عذر ولا مرض لم يقضه صوم الدهر وإن صامه. وأخذ بظاهر هذا الخبر علي وابن مسعود رضي الله عنهما فقالا: إن من أفطر يوما من رمضان لا يقضيه صوم الدهر. لكن قال النووي في شرح المهذب إسناده غريب وإن سكت عليه أبو داود. انتهى.
ومن جامع في نهار رمضان متعمدا فليبادر بالتوبة إلى الله تعالى، وليكثر من الاستغفار، وتجب عليه الكفارة الكبرى والتي تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 1104، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 12069، هذا بالنسبة للرجل، أما المرأة فلا كفارة عليها على الراجح كما تقدم في الفتوى رقم: 41607.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1428(11/17958)
حكم من يصوم الكفارة إذا تخلله زمان يحرم صيامه
[السُّؤَالُ]
ـ[نويت صيام شهرين متتاليين، وكن قد حكم أخير يوم صيام مع آخر يوم من عيد الأضحى فهل علي إعادة الصيام؟
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة النذر التلفظ بلفظ يشعر بالالتزام، ولا يكفي مجرد النية كما بيناه في الفتوى رقم: 11382، وفي حالة صحة هذا النذر فإنه يجب صوم شهرين متتابعين كالكفارة، ولو فصل العيد بينها فإن عليك قضاء يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة بعده لأنه يحرم صومها. قال المرداوي في الإنصاف: فإن تخلل صومها أي الكفارة صوم شهر رمضان أو فطر واجب كفطر العيد أو الفطر لحيض أو نفاس أو جنون أو مرض مخوف أو فطر الحامل والمرضع لخوفهما على أنفسهما لم ينقطع التتابع. ويقضي الأيام التي أفطرها مع بقية الشهرين بدءا من اليوم الرابع عشر من ذي الحجة. قال ابن قدامة في المغني وهو يتكلم عن التتابع في صيام الكفارة: إذا تخلل صوم الظهار زمان لا يصح صومه عن الكفارة مثل أن يبدأ الصوم من أول شعبان فيتخلله رمضان ويوم الفطر، أو يبتدئ من ذي الحجة فيتخلله يوم النحر وأيام التشريق، فإن التتابع لا ينقطع بهذا، ويبني على ما مضى من صيامه. اهـ.
قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: وإن نذر صوم شهر وأطلق فلم يعينه لزم التتابع لأن إطلاق الشهر يقتضيه سواء صام شهرا هلاليا أو ثلاثين يوما بالعد (فإن قطعه أي: الصوم بلا عذر استأنفه، لئلا يفوت التتابع، وإن قطعه لعذر يخير بينه أي: الاستئناف بلا كفارة لفعله المنذور على وجهه، وبين البناء على ما مضى، ويتم ثلاثين يوما ويكفر لفوات التتابع. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1428(11/17959)
السفر فترة طويلة لا يسقط الكفارة عن المجامع في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو كفارة من جامع زوجته في نهار رمضان مع العلم أنه كان مسافرا في الخارج ورجع البيت قبل رمضان بأسبوع وكانت فترة السفر سنة ونصفا أرجو الرد؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما من جامع أهله في نهار رمضان فعليه الكفارة الكبرى ولا يسقطها عنه كونه كان مسافرا لمدة طويلة عن أهله قبل حصول ذلك ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1427(11/17960)
نزول المني نهار رمضان وكفارته عند المالكية
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقرأ رسائل أحدهم من خطيبته؛ وما كنت أتوقع أن أجد فيها ما يثيرني إلى درجة أني فقدت السيطرة على نفسي وغلبني المني (أمنيت) كمن يغلبه القيء ولم أكن متعمدا هذا الفعل ولم أكن أقصد الاستمناء لأجل الشهوة إطلاقا، أعرف نفسي شديد التأثر، لكنني لم أكن أتوقع أن أجد في هذه الرسائل ما وجدت ويقع لي ما وقع. إنني أكاد أجن وما حسبت يوما أن أجد نفسي في هذا الموقف حيث إنني لست من المتطاولين على أحكام الله أو المستهترين بالصوم. فما هو حكمي؟ فإن كانت تلزمني الكفارة فهل لي حرية الاختيار ما بين صيام 60 يوما والإطعام؟ وسؤالي الأخير هل سيتقبل مني الله صيام هذا العام؟ أريحوني بارك الله فيكم إنني أكاد أجن؟ أفتوني على المذهب المالكي بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن خروج المني كان عن عَمْدٍ وقَصْدٍ ما دمتَ قد عرفت ما في تلك الرسائل وواصلت القراءة والتفكر في محتواها حتى كانت النهاية خروج المني، وفي هذه الحالة تكون قد لزمتك الكفارة الكبرى عند المالكية، ففي شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل المالكي أثناء سرده لموجبات القضاء والكفارة في حق الصائم:
(أو) تعمد (منيا) أي إخراجه بتقبيل أو مباشرة بل (وإن بإدامة فكر) أو نَظَرٍ وكان عادته الإنزال ولو في بعض الأحيان من إدامتها، فإن كانت عادته عدم الإنزال منهما لكنه خالف عادته وأنزل فقولان في لزوم الكفارة وعدمه، واختار اللخمي الثاني وإليه أشار بقوله (إلا أن يخالف عادته) فلا كفارة (على المختار) فإن لم يُدِمها فلا كفارة قطعا. انتهى.
وهذه الكفارة ثلاثة أنواع على التخيير عند المالكية، وأفضلها الإطعام لعموم نفعه، وقيل العتق أفضل، ففي شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: والمعنى: أن كفارة الفطر في رمضان على التخيير.. فإن شاء مَلَّك ستين مسكينا والمراد به ما يشمل الفقير لكل واحد مد بمده عليه الصلاة والسلام، فلا يجزئ غداء وعشاء خلافا لأشهب، وإن شاء أعتق رقبة مؤمنة بشرط كمالها وتحريرها للكفارة وسلامتها من عيوب لا تجزئ معها، وإن شاء صام شهرين متتابعين وأن ينوي بهما الكفارة، لكن أفضل هذه الأنواع الإطعام لأنه أشد نفعا لتعديه، والذي يظهر أن العتق أفضل من الصوم لأنه متعد للغير، وقيل الصوم أفضل. انتهى
لكن الذي عليه جمهور أهل العلم عدم لزوم الكفارة في حق الصائم إذا خرج منه منيٌّ في نهار رمضان ولو كان ذلك عمدا كما سبق في الفتوى رقم: 43950. وراجع الفتوى رقم: 1104.
ولا يجوز لك الإقدام على قراءة مثل تلك الرسائل ما دامت مشتملة على أمور محرمة وتشجع على ارتكاب المعاصي والمنكرات، وإن كانت تلك الرسائل خاصة بشخص معين فالاطلاع عليها من باب التجسس وتتبع العورات وهذا أيضا عمل محرم فبادر بالتوبة إلى الله توبة صادقة، وراجع الفتوى رقم: 77776، والفتوى رقم: 46982.
وقبول الطاعات التي يفعلها المسلم هو من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله تعالى. فعلى المسلم الاجتهاد في إتقانها مع الإخلاص فيها لله تعالى، وراجع الفتوى رقم: 28592.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1427(11/17961)
من لا تستطيع صيام شهرين متتابعين
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد مارست الجماع مع زوجي في شهر رمضان حيث كنت قد تزوجت حديثا قبل 19 عاما.علما أنني كنت غير ملتزمة بأركان الدين جهلا مني.لله الحمد إنني ملتزمة الآن ولا أستطيع الصيام 60 يوما متتالية حتى وإنني لا أستطيع الصيام شهر رمضان متوالية كيف تكون الكفارة فكيف أرضي ربي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإقدام على الجماع في نهار رمضان قد حصل منك طوعا من غير إكراه فقد وقعت في معصية عظيمة، وعليك المبادرة بالتوبة إلى الله، والإكثار من الاستغفار، وإن كان الزوج هو الذي أكرهك على الجماع فلا إثم عليك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وصححه الألباني
ومن حيث لزوم الكفارة فهي ساقطة في حالة الإكراه.
أما في حالة الجماع طائعة فالجمهور على لزوم الكفارة، ولكن الراجح سقوطها أيضا؛ كما سبق في الفتوى رقم: 1113.
لكن الأحوط هو إخراج الكفارة وهي إحدى خصال ثلاث: عتق رقبة مؤمنة، وعند العجز تصومين شهرين متتابعين، ثم عند العجز تطعمين ستين مسكينا لكل مسكين مد من غالب طعام البلد.
وهذه الخصال الثلاث على الترتيب عند الجمهور، بحيث لا يجزئ الانتقال عن واحدة إلى ما بعدها إلا في حالة العجز المؤبد، فإذا كنت تقدرين على الصيام ولو بعد حين فلا يجزئ الإطعام. وراجعي الفتوى رقم: 78920.
كما يجب على زوجك الكفارة مع التوبة إلى الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1427(11/17962)
قطع التتابع في الكفارة هل يوجب الاستئناف من جديد
[السُّؤَالُ]
ـ[جامعت زوجتي في نهار رمضان وأردت أن أصوم الكفارة شهرين متتاليين وأتممت 20 يوما، ولكن حصل أن جامعت زوجتي في النهار، فهل أكمل الشهرين وأدفع كفارة عن هذا اليوم، أم أبدأ شهرين من أول وجديد، وهل الصيام علي وعليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب عليك هو أن تستأنف صيام الشهرين ولا تعتد بالعشرين التي صمتها لأنك قطعت تتابع الصوم من غير عذر يبيح ذلك، وانظر الفتوى رقم: 5355، للمزيد من التوضيح، قد بينا في الفتوى رقم: 1113 أقوال العلماء في وجوب الكفارة على المرأة، ورجحنا فيها أنها لا تلزمها كفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1427(11/17963)
ما يلزم العاجز عن صوم الكفارة عجزا مؤقتا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ شهرين وقد جامعت زوجتي في نهار رمضان ولا أستطيع صيام شهرين بسب عملي الشاق نهارا -علما بأني لم أكن أعلم بكفارة هذا العمل- وأني على المذهب الحنفي وزوجتي حامل بشهرها الثاني أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد أقدمت على الجماع في نهار رمضان متعمداً عالماً بالحرمة فقد وقعت في معصية عظيمة بسبب انتهاك حرمة هذا الشهر الكريم ووجبت عليك كفارة كبرى، وكونك جاهلاً لكفارة الجماع المذكور لا يسقطها ذلك عنك، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 70354.
وبالتالي فيجب عليك عتق رقبة مؤمنة فإن عجزت عنها فصم شهرين متتابعين فإن عجزت عنها فأطعم ستين مسكيناً.
وأنوع الكفارة الثلاثة واجبة على الترتيب على الراجح فلا يجزئ الانتقال عن واحدة إلى ما بعدها إلا في حالة العجز المؤبد، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 26114.
فإذا كنت عاجزاً عن الصيام عجزاً مؤقتاً بحيث تستطيعه أثناء إجازة ونحو ذلك فانتظر حتى تجد فرصة للصيام ولا يجزئك الإطعام في هذه الحالة، ففي الدر المنثور في القواعد لبدر الدين الزركشي الشافعي: الثاني ما لا يتعلق بوقت ويفوت بفواته ولا يتصور تأخيره ككفارة القتل واليمين والجماع في الصوم، فلا يجوز له الانتقال منها إلى البدل إذا كان يرجو القدرة عليه عند وجود المال الغائب بل يصبر حتى يجد الرقبة لأن الكفارة على التراخي وبتقدير أن يموت فتؤدى من تركته بخلاف العاجز عن الماء يتيمم لأنه لا يمكن قضاء الصلاة لو مات. انتهى.
وإن كنت لا تجد فرصة تقدر فيها على الصيام فيكفيك إطعام ستين مسكيناً لكل مسكين مد من غالب الطعام في بلدك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 18586، علماً بأن المشقة المحتملة في الصيام لا تسوغ الانتقال إلى غيره، والحنفية مذهبهم في وجوب الكفارة هنا مثل غيرهم من أهل العلم، قال الكاساني في بدائع الصنائع: ولا خلاف في وجوب الكفارة على الرجل بالجماع، والأصل فيه حديث الأعرابي وهو ما روي: أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، هلكت، وأهلكت، فقال: ماذا صنعت؟ قال: واقعت امرأتي في نهار رمضان متعمداً وأنا صائم، فقال: أعتق رقبة وفي بعض الروايات قال له: من غير عذر ولا سفر؟ قال: نعم، فقال: أعتق رقبة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(11/17964)
هل يقطع التتابع في صيام الكفارة حتى لا يطلع والداه عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في شهر رمضان قد جامعت زوجتي في نهار رمضان وقد تبت إلى الله عز وجل وللأسف كنت أعرف أن هذا حرام ولا يجوز ويجب قضاء هذا اليوم ولكني قضيت هذا اليوم ولكني لم أعرف أن هناك كفارة لمثل هذا العمل إلا عندما كنت أتصفح في الانترنت عن هذا الموضوع
ولكني ككفارة لا أستطيع أن أعتق رقبة، أما في صيام شهرين متتابعين أستطيع أن أصوم وعندي المقدرة ولكن المشكلة هي أني لا أستطيع الصيام يوم الجمعة لأني أسكن في بيت لوحدي ووالدي ووالدتي يأتيان كل يوم جمعة ليتناولا طعام الغذاء عندي وإن وجداني صائماً يوم الجمعة سأثير الشكوك حول نفسي ولا أريد أحدا يعلم بما حصل معي فهل يجوز أن أصوم الشهرين كلهما ما عدا يوم الجمعة وإذا كان ذلك لا يجوز هل أستطيع أن أخرج الكفارة طعاماًً لستين مسكينا وهل يجوز أن أخرجها نقوداً وأن أوكل أحداً بأن يخرجها عني؟ وكم كفارة الطعام تقدر؟
أفيدوني بهذا الموضوع لأنه يؤرقني كثيراً ولا أنام منه وأنا تبت إلى الله عن هذا العمل ولن أعود إليه مرة أخرى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من جامع أهله في نهار رمضان ولم يستطع العتق وجب عليه صيام شهرين متتابعين، فإن عجز عن الصيام وجب عليه الإطعام، ولا يعذر بجهل وجوب الكفارة كما أسلفنا في الفتوى رقم: 24032، ولا يجوز له العدول إلى الصيام إلا بعد العجز عن العتق، ولا الإطعام إلا بعد العجز عن الصيام لأن الكفارة هنا على الترتيب وليست على التخيير كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 1104، والفتوى رقم: 18586، وخلاصة القول أنه ما دام الأخ السائل قادرا على الصيام فلا يجوز له العدول إلى الإطعام، وكل من وجب عليه صيام الشهرين المتتابعين فلا يقطع صومه إلا بعذر شرعي من مرض أو جنون أو حيض بالنسبة للمرأة، فإذا قطعه لغير عذر شرعي وجب عليه استئناف صوم الشهرين من جديد، وإذا قطعه لعذر شرعي وجب عليه التتابع عند زوال العذر ويبني على ما صامه قبل العذر ويعتد به، وما ذكر من أن أبويه يزورانه يوم الجمعة ولا يحب أن يطلع أحد على ما حصل منه ليس عذرا لترك الصيام ولا لقطع التتابع لأن هذا صوم واجب عليه ويجب تتابعه، وصيام الكفارة أمر معروف عند سائر المسلمين وليس بالضرورة أن يعرف الناس سبب الصيام إذا كان يريد إخفاءه، وليحذر من أن يعود لمثل هذا الفعل في رمضان ولاسيما وهو يعلم أن الأمر محرم، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 52882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(11/17965)
هل تلزم الكفارة من أفطر ليجامع في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني أفادكم الله، يسأل سائل فيقول إنه وقع في معصية الفطر في رمضان وذلك بالأكل عمدا في نهار رمضان وبعدها جامع زوجته، علما أنه يعلم أن عقوبة الفطر في رمضان بمجامعة الزوجة كفارتها هي صيام شهرين متتابعين وقد أفطر عمدا بشرب الماء كي يجامع زوجته بعدها وذلك لأن كفارة الفطر العمد التوبة من هذه المعصية وصيام ذلك اليوم فظن أنه سيكفر بصومه يوما عوضا عن الذي أفطره ولا يصوم شهرين متتابعين علما أنه ما كان ليفطر إلا من أجل المجامعة ملتفا بذلك على الكفارة، فهل اعتقاده هذا بجواز الكفارة بهذه الصيغة صحيح، وإلا فما حكم الشرع فيما فعل وماذا عليه فعله كي يكفر عن ذنبه هذا.
وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرا ونفع بكم الله الإسلام والمسلمين وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.
والله الموفق]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على سؤالك في الفتوى رقم: 78236.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1427(11/17966)
حكم من أفطر في رمضان ليجامع امرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني أفادكم الله يسأل سائل فيقول إنه وقع فى معصية الفطر في رمضان وذلك بالأكل عمدا في نهار رمضان وبعدها جامع زوجته علما أنه يعلم عقوبة الفطر في رمضان وكفارتها وهي صيام شهرين متتابعين وقد أفطر عمدا بشرب الماء كي يجامع زوجته بعدها وذلك لأن كفارة الفطر العمد التوبة من هذه المعصية وصيام ذلك اليوم فظن أنه سيكفر بذلك أن يصوم يوم عوضا عن الذى أفطره ولا يصوم شهرين متتابعين علما أنه ما كان ليفطر إلا من أجل المجامعة ملتفا بذلك على الكفارة؟
وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرا ونفع بكم الله الإسلام والمسلمين وجعل ذلك في ميزان حسناتكم والله الموفق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز الفطر في رمضان بغير عذر شرعي، وقد اختلف العلماء فيما يجب على من أفطر عمدا في رمضان بغير الجماع بأن أكل أو شرب مع اتفاقهم على أنه آثم وأن عليه القضاء فقال بوجوب الكفارة مالك وأبو حنيفة لأنه انتهك حرمة الشهر فيلزمه ما يلزم من جامع في رمضان، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يلزمه إلا القضاء والتوبة والاستغفار وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 6378، وأما كون هذا الرجل قد أفطر عمدا بشرب الماء كي يجامع زوجته بعدها فإن هذا قد قال بعض أهل العلم أن الكفارة لا تجب عليه، لكن الصحيح أنها لا تسقط عنه، فقد أورد ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين تحت عنوان (إبطال حيلة لإسقاط الكفارة) قال: وكذلك المجامع في نهار رمضان إذا تغدى أو شرب الخمر أولا ثم جامع، قالوا: لا تجب عليه الكفارة، وهذا ليس بصحيح فإن إضمامه إلى إثم الجماع إثم الأكل والشرب لا يناسب التخفيف عنه بل يناسب تغليظ الكفارة عليه، ولو كان هذا يسقط الكفارة لم تجب كفارة على واطئ اهتدى لجرعة ماء أو ابتلاع لبابة أو أكل زبيبة فسبحان الله هل أوجب الشارع الكفارة لكون الوطء لم يتقدمه مفطر قبله أو للجناية على زمن الصوم الذي لم يجعله الله محلا للوطء، أفترى بالأكل والشرب قبله صار الزمان محلا للوطء فانقلبت كراهة الشارع له محبة ومنعه إذنا، هذا من المحال، وأفسد من هذا قولهم: إن الحيلة في إسقاط الكفارة أن ينوي قبل الجماع قطع الصوم فإذا أتى بهذه النية فليجامع آمنا من وجوب الكفارة، ولازم هذا القول الباطل أنه لا تجب كفارة على مجامع أبدا وإبطال هذه الشريعة رأسا فإن المجامع لا بد أن يعزم على الجماع قبل فعله وإذا عزم على الجماع فقد تضمنت نيته قطع الصوم فأفطر قبل الفعل بالنية الجازمة للإفطار فصادفه الجماع وهو مفطر بنية الإفطار السابقة على الفعل فلم يفطر به فلا تجب الكفارة. فتأمل كيف تتضمن الحيل المحرمة مناقضة الدين وإبطال الشرائع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1427(11/17967)
متى يجوز الانتقال إلى الإطعام بدلا عن قضاء الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من صداع الشقيقة طول شهر رمضان ودائما أشرب مسكنات حتى أعرف أكمل يوم في رمضان، سؤالي هو أن علي سبعة أيام لعذر شرعي فهل يمكن أن أدفع بدل صيامهم، فقط السبعة أيام لأني أتعب أكثر بعد رمضان لأني موظفة.
وشكراً لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت الأخت السائلة تستطيع الصيام فلا يجزئها الإطعام عن القضاء، إذ لا يجوز الانتقال إلى الإطعام بدلا عن القضاء إلا في حالة المرض المزمن الذي لا يرجى برؤه عادة، أو حالة الكبر في السن بحيث لا يستطيع الشخص الصيام، فإن كان يشق عليها في زمن فيمكن أن تؤخر إلى زمن تستطيع فيه الصيام مثل زمن الشتاء مثلا، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 66685، 20087، 13281.
هذا، وننبه إلى أن شرب المسكنات في النهار مفسد للصيام ولو كان شربها للضرورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1427(11/17968)
يستحب المبادرة بإخراج الكفارة قبل القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي عليها قضاء أيام من رمضان مع الكفارة (لم تقض ما عليها من أيام حتي حل عليها رمضان الذي يليه) ، فهل لا بد من إطعام المساكين خلال شهر رمضان فقط (أي إفطار مسكين) أم يمكن إطعامهم في أي شهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت زوجتك عليها بعض قضاء رمضان ولم تقم بقضائه مع الاستطاعة حتى استهل رمضان الذي بعده فقد وجبت عليها كفارة تأخير القضاء، وهذه الكفارة قدرها مد من طعام عن كل يوم من أيام القضاء، وتكون من غالب طعام أهل البلد وتصرف للفقراء، ويجوز لها إخراج هذه الكفارة في أي وقت سواء كان ذلك في رمضان أو غيره، ولا يشترط في الإجزاء كونها في رمضان، وبعض أهل العلم يرى أن الأفضل إخراجها قبل القضاء لما في ذلك من المبادرة إلى الخير. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 57473، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 6143.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1427(11/17969)
تدفع كفارة الإطعام بقيمتها حاليا لا بقيمة الماضي
[السُّؤَالُ]
ـ[تجمعت في ذمتي أيام كثيرة من صيام يجب قضاؤها وقد صمتها والحمد لله فيما أظن وأرجو من الله القبول وإبراء الذمة، ولكن بقيت كفارة هذه الأيام حيث جاء عليها رمضانات وما حدث هو أنني أعطيت زوجي مبلغا من المال لإخراجها نيابة عني ككفارة لهذه الأيام وكان ذلك منذ عدة سنوات عندما بدأت في قضاء هذه الأيام ولكن زوجي لم يقم بإخراج هذا المال وقد مضت عدة سنوات على ذلك وكان وقتها الكفارة تحسب على أساس ثلاثة جنيهات عن اليوم والإطعام بقيمتها وقد أعطيته وقتها ثلثمائة جنيه لهذا السبب وهو الآن يريد إخراج هذا المال لتبرأ ذمته، فهل يخرجه الآن ثلثمائة جنيه كما أعطيته أم ماذا يفعل، وهل يمكن دفع المبلغ لمسجد يقوم بإعداد موائد إفطار للصائمين {مائدة الرحمن} ، أم ما هو الصواب؟ وجزاكم الله كل خير وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول للأخت السائلة أولاً: إن ذمتها لا تبرأ من قضاء الصيام إلا إذا تحققت أنها صامت جميع ما عليها منه إن علمت عدد الأيام، فإن لم تعلم عددها تحرت وصامت ما يغلب على ظنها أنه جميع ما عليها من القضاء، وبذلك تبرأ ذمتها إن شاء الله تعالى، وما دام زوجها لم يدفع الكفارة إلى مستحقيها فالذي يجب عليها الآن هو أن تطعم عن كل يوم أخرت قضاءه بلا عذر مسكيناً مدا من طعام على نحو ما ذكرنا في الفتوى رقم: 21476، ولا تتضاعف كفارة التأخير ولو تأخرت عدة رمضانات، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19829. بل الواجب إخراجها باعتبار أنها تأخرت سنة واحدة، ولا ينبغي إخراج هذه الكفارة قيمة لأن ذلك غير مجزئ عند جمهور الفقهاء، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 11100، وإذا دعت الحاجة إلى إخراجها فلوساً بأن كان ذلك أنفع للفقير أو لم يوجد من يأخذها طعاماً جاز إخراج قيمتها عند أبي حنيفة وشيخ الإسلام اب ن تيمية، لكن لا بد من إخراج قيمة الإطعام حالياً وليس قيمته في الماضي، ولا بأس بدفعها إلى القائمين على إفطار الصائم لأن الإطعام حاصل بذلك، لكن بشرط أن يكون من يتناول الإفطار من الفقراء والمساكين فقط، أما المبلغ الذي يلزم زوجها رده فهو ثلاثمائة فقط لأنها التي أخذ منها، ولها أن تسترجعها منه، مع التنبيه على أنه قد قصر في أمانته بتأخيره حق الفقراء من غير عذر، فعليه أن يتوب إلى الله من ذلك ولا يعود إلى مثل هذا الفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1427(11/17970)
حكم دفع الأم كفارة الصيام لولدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة أرملة ولي أربعة أولاد جميعهم متزوجون, ولكن واحدا منهم دخله ضئيل جدا، وله أولاد, وأنا علي أيام من الصيام أريد أن أقضيها وأدفع كفارة الصيام, فهل يجوز أن أعطي ابني من المال الذي أخرجه لإفطار المساكين في رمضان.
وشكرا جزيلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ولدك مستقلا عنك بنفسه وهو محتاج فلا مانع من دفع الصدقة والكفارة له.
أما إذا كان يسكن معك وكنت تنفقين عليه فإنه لا يجوز لك دفع الصدقة والإطعام له لأن ذلك راجع لك، وسبق بيان ذلك واقوال أهل العلم فيه، نرجو أن تطلعي عليه في الفتوى رقم: 55594، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1427(11/17971)
مريض السكر الذي لا يستطيع الصيام يفطر ويكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي مريض بالسكري ويحقن بالانسولين مرتين في اليوم ومنعه الدكتور من الصيام علما على أننا مغاربة نتبع المذهب المالكي فهل عليه فدية في ذلك وما مقدارها؟
جزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى الشفاء العاجل لوالدك ثم إذا كان قد أخبره طبيب ثقة بكونه لا يستطيع الصيام ولن يستطيع في المستقبل فله الفطر ويطعم مسكينا واحدا عن كل يوم من أيام شهر رمضان، والحقن بالأنسولين في نهار رمضان لا يؤثر على صحة الصوم. وراجع الفتوى رقم: 57369، والفتوى رقم: 25782.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1427(11/17972)
وقت إخراج فدية الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من ظروف صحية شديدة ونصحني الأطباء بعدم الصيام مع العلم فأنا مقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عدة سنوات سؤالي هو: كيف لي أن أعوض عن هذا الشهر الكريم أذا أردت أن أطعم60 مسكينا كما تعلم فإنه لا يوجد مساكين أو أي أحد يستحق المساعدة حيثما أتواجد فأنا أحبذ بأن أرسل بهذه النقود إلى مصر بلدي بحيث يوجد هناك من فعلا يستحقها فكيف لي أن أحسبها هل تحسب بالدولار أم بالجنيه المصري؟ وما هي القيمة المتعارف عليها في هذه الظروف؟ كما أريد جزاك الله خيرا أن تفيدوني هل يجب علي أن أرسل هذه النقود قبل حلول الشهر الكريم أم في أي وقت لاحق؟ أرجو الإفادة.
جزاكم الله عني وعن جميع المسلمين كل الخير وأعاد الله هذا الشهر الفضيل عليكم وعلى جميع المسلمين بالخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قرر الأطباء الثقات أن مرضك مرض مزمن لا يرجى برؤه، فإنك تفطرين وتطعمين عن كل يوم مسكينا واحدا وهو ما يساوي 750 جراما تقريبا من الطعام كالأرز أو البر، ولا مانع من أن ترسلي بقيمة الطعام إلى أحد أقاربك في مصر وتوكليه بشراء الطعام بالمال وتوزيعه على المساكين، أو دفعه لجمعية خيرية تتولى عنك ذلك، ولا ينبغي أن تخرجي النقود بدل الطعام ما دام الإطعام ممكنا، وكيفية معرفة قدر المال هو أن تنظري كم قيمة 750 جراما بالدولار، ثم تنظرين كم قيمة ثلاثين مدا إن كان عليك صوم شهر واحد، أو ستين إن كان عليك صوم شهرين وهكذا.
وأما إن قرر الأطباء أن مرضك غير مزمن فلا يجوز لك إخراج الطعام، ولكن انتظري حتى يمنّ الله عليك بالشفاء فاقضي.
وأما إخراجها فيكون بعد رمضان، أو إخراج فدية كل يوم بعد دخول ليلته والأفضل بعد طلوع فجره. وأما تقديم فدية يوم قبل دخول ليلته فلا يجوز، ففي فتاوى شهاب الدين الرملي الشافعي رحمه الله: ويتخير في إخراجها بين تأخيرها وبين إخراج قيمة كل يوم فيه أو بعد فراغه، ولا يجوز تعجيل شيء منها لما فيه من تقديمها على وجوبه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1427(11/17973)
دفع الفدية إلى الأخوات المتزوجات الفقيرات
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الكريم حفظه الله
توفيت والدتي رحمها الله بعد مرض طويل ومزمن، وحرصا منا على أداء دينها لله تعالى خاصة عن صيام شهر رمضان، وحيث إننا لا نستطيع التحديد الدقيق لعدد الأيام التى أفطرتها على مدار العمر والواجبة القضاء، فقد رأينا أن يتم تقدير الفترة المراد إخراج الفدية عنها عن آخر 5 سنوات كاملة، ولذلك يرجى الإفادة عن التالى تكرما": - ما مقدار الفدية في عصرنا الحاضر للمسكين الواحد عن اليوم أو الشهر بالكامل، وهل القيمة أدناه صحيحة من حيث طريقة الحساب: شهر رمضان 30 يوم × 5 سنوات × ... جنيه = ... جنيه -
هل يجوز إخراجها نقدا" أم يلزم الإطعام، وهل يجوز أداؤها لأخواتي البنات الفقيرات المتزوجات؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدتك، ثم إن كان مرضها مزمنا بحيث ترتب عليه عجزها عن الصيام عجزا لا يرجى زواله فهذه تجب عليها الفدية عن كل يوم من أيام رمضان وعن جميع السنوات التي مضت عليها عاجزة عن الصيام، وإن كان مرضها لم يترتب عليه عجز مستمر عن الصيام ولم تتمكن من القضاء فلا كفارة عليها ولا فدية، وراجع الفتوى رقم: 59363، وإذا كانت قد لزمتها الفدية وأردتم إخراجها عنها ولم تتمكنوا من معرفة ما يجب عليها من فدية فأخرجوا من الفدية ما يغلب على ظنكم براءة ذمتها به مع الاحتياط في ذلك.
والفدية عن اليوم الواحد مقدارها 750 غراما تقريبا وتكون من غالب طعام أهل البلد وتصرف للفقراء والمساكين، وجمهور أهل العلم على إخراجها طعاما ولا تخرج قيمة من نقود أو غيرها، وبعض أهل العلم يقول بإجزاء إخراج قيمتها إذا ترتب على ذلك مصلحة راجحة للفقير، وراجع الفتوى رقم: 27270، ولا مانع من دفع تلك الفدية لأخواتكم ما دمن متصفات بصفة الفقر ولم يكن عند أزواجهن ما يغنيهن، وراجع الفتوى رقم: 40828، والفتوى رقم: 6673، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 10602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1427(11/17974)
الكفارة بين التمليك والتمكين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عاملة بمركز وهذا المركز له مطعم سعر تذكرة الغداء ستة دنانير ونحن العمال نفطر في هذا المطعم. السؤال هو: لو اشتريت تذاكر لعمال محتاجين ليفطروا بها تعتبر لي صدقة مثل ما تصدقت بغداء لمسكين. أريد الاستفسار في هذا الأمر من فضلكم أفيدوني بجواب، أريد أن أطعم ستين مسكينا هل أستطيع شراء ستين تذكرة لستين عامل محتاج علما أن الغداء المقدم بهذه التذكرة هو غداء كامل؟ شكرا مسبقا أنا في انتظار الجواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه بالنسبة للتصدق فلا شك أن ذلك الأجر في تقديم الطعام إلى العمال المذكورين, خصوصا إذا كانوا محتاجين إليه وعلى أي صورة تم تقديم هذا الطعام فإنك مأجورة عليه إن شاء الله ما دمت تقصدين بذلك وجه الله والدار الآخرة، وهذا كله في الإطعام غير الواجب. وأما الإطعام الواجب وهو المقدم كفارة فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان تمكين المسكين من تناول الطعام يجزئ في الكفارة أم أنه لا بد من تمليكه المقدار الواجب. مع العلم أن القائل بإجزاء إعطاء الطعام يشترط تقديم وجبتين، فقد جاء في الموسوعة الفقهية: التمليك هو إعطاء المقدار الواجب في الإطعام, ليتصرف فيه المستحق تصرف الملاك. والإباحة هي تمكين المستحق من تناول الطعام المخرج في الكفارة. كأن يغديهم ويعشيهم, أو يغديهم غداءين أو يعشيهم عشاءين. وقد أجاز الحنفية والمالكية التمليك والإباحة في الإطعام, وهو رواية عن أحمد ... وقال الشافعية, وهو المذهب عند الحنابلة: يجب التمليك ولا تجزئ الإباحة, فلو غدى المساكين أو عشاهم لا يجزئ, لأن المنقول عن الصحابة الإعطاء, ولأنه مال واجب للفقراء شرعا, فوجب تمليكهم إياه كالزكاة.
وكنا قد بينا من قبل أن الأحوط هو تمليك المسكين، مع أن الغالب أنه يكون أرخص بكثير من إعطائه وجبتين من الطعام الجاهز، ويمكنك أن تراجعي في هذا وفي مقدار الواجب في الكفارة فتوانا رقم: 55680.
وعليه، فننصحك بتمكين المساكين من القدر الواجب لهم، مع أنك لو أطعمت كلا منهم وجبتين في المطعم الذي ذكرت لكان ذلك مجزئا عند كثير من أهل العلم، كما علمت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1427(11/17975)
من أفطرت ثلاث رمضانات لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي لم تصم ثلات رمضانات كاملة, وذلك لأنها في رمضان الأول كانت في فترة نفاس, والثاني كانت قد خضعت لعملية جراحية في القلب, والثالث بسبب أخد الدواء جرّاء العملية الجراحية , حيث إن الثاني والثالث متتابعان. مرّ حوالي 17 عاما, فهل تقضي ثلاثة أشهر متتابعة, أم ما الذي عليها, جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على أمك المذكورة قضاء الأشهر الثلاثة من رمضان التي أفطرتها لعذر، كما تجب عليها كفارة تأخير القضاء إذا كانت عالمة بحرمة تأخيره، وهذه الكفارة يجب إخراجها عن كل يوم من أيام القضاء وقدرها 750 غراما تقريبا من غالب طعام أهل البلد، وتصرف للفقراء، وإذا كان تركها للقضاء جهلا أو نسيانا فلا كفارة عليها، وراجع الفتوى رقم: 57219، ولا يجب عليها تتابع القضاء عند جمهور أهل العلم بل يستحب لها ذلك فقط، وبالتالي فلتقض حسب طاقتها وما تقدر عليه، وراجع الفتوى رقم: 24015.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1427(11/17976)
دفع الكفارة لمسكين واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزإعطاء الكفارة لأي أحد يريد الزواج وهو يستحق المال، أو لجمعية خيرية لتحفيظ القرآن؟ والكفارة إطعام ستين مسكينا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز دفع الكفارة المذكورة لمسكين واحد سواء كان يريد الزواج أم لا، بل الواجب هو أن يدفع لكل مسكين نصف صاع من تمر أو قمح أو أرز أو ما يقوم مقام ذلك كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 15221، ويجوز دفعها للجمعية المذكورة إن كانت محل ثقة، ثم تقوم بتوزيعها على المساكين، وقد بينا حكم إخراج القيمة في الكفارة في الفتوى رقم: 18052، فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1427(11/17977)
الجماع في نهار رمضان وحكم الجهل بوجوب الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: إنني جامعت زوجتي في نهار رمضان ولم أكن أعرف ما هي الكفارة ولما عرفت الكفارة جامعتها مرة أخرى فهل هذا يعني أن أصوم 4 أشهر أفيدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 24032، أن من جامع في نهار رمضان عالماً بحرمة الجماع في هذا الوقت أن عليه الكفارة الكبرى سواء علم بوجوب الكفارة أم لا، والكفارة مبينة في الفتوى رقم: 1104، أما إن كان يجهل حرمة الجماع في نهار رمضان فإنه معذور بالجهل ولا كفارة عليه إن كان يمكن أن يجهل مثل هذه الأحكام مثل من نشأ بعيداً عن بلاد المسلمين أو نشأ ببادية أو كان حديث عهد بالإسلام، فإن كان نشأ ببلاد المسلمين حيث يمكنه التعلم فإنه لا يعذر بالجهل كما أو ضحنا في الفتوى المشار إليها. فعلى السائل أن ينظر لنفسه هل هو ممن يعذر بالجهل أم لا؟ وهل كان يجهل حرمة الجماع في هذا الوقت أم كان يعلمها ويجهل ما يترتب على الجماع في نهار رمضان؟ وليراجع الفتوى رقم: 50878، هذا كله عن الجماع الذي حصل قبل العلم بالكفارة على حد تعبير السائل، أما الجماع الذي حصل بعد العلم بالكفارة فتجب منه التوبة إلى الله تعالى والكفارة، كما يجب قضاء كل يوم حصل فيه الجماع بغض النظر عن وجوب الكفارة أم لا، ومن الجدير بالذكر هو أن الجماع إذا تكرر في نهار واحد فلا يلزم منه إلا كفارة واحدة مع القضاء، وإن وقع في يومين أو أيام فلكل يوم كفارته على الراجح، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 1113، والفتوى رقم: 6733.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1426(11/17978)
تعجيل الفدية في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمعذور للفطر في رمضان الذي لا يرجى برؤه أن يدفع كفارة الفطر في رمضان كاملة مرة واحدة في أول الشهر في اليوم الأول من رمضان أو الخامس منه؟ أليس ذلك من تعجيل أداء العبادة قبل وجوبها؟ نأمل التفصيل في ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه لزمته الفدية وجوباً عند الجمهور واستحباباً عند المالكية، وأما تقديم فدية يوم قبل دخول ليلته فلا يجوز، ففي فتاوى شهاب الدين الرملي الشافعي رحمه الله أنه سئل: هل يلزم الشيخ الهرم إذا عجز عن الصوم وأخرج الفدية النية أم لا، وما كيفيتها؟ وما كيفية إخراج الفدية هل يتعين إخراج فدية كل يوم فيه أو يجوز إخراج فدية جميع رمضان دفعة سواء كان في أوله أو في وسطه أو لا؟
فأجاب: بأنه تلزمه النية لأن الفدية عبادة مالية كالزكاة والكفارة فينوي بها الفدية لفطره ويتخير في إخراجها بين تأخيرها وبين إخراج فدية كل يوم فيه أو بعد فراغه، ولا يجوز تعجيل شيء منها لما فيه من تقديمها على وجوبه لأنه فطرة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1426(11/17979)
يجوز التبرع بإخراج الفدية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال عن الصيام، أحد الشباب عمره الآن 18 سنة لم يسبق له أن صام ولا يوم، السبب أنه مريض بمرض السكر ويستعمل الدواء كل يوم، إذا كان لا يستطيع أن يصوم هل عليه الفدية، وإذا كان عليه الفدية ولا يستطيع أن يفدي، فهل يفدي عنه والداه؟ وشكراً، كل يوم إذا كان لا يستطيع أن يفدي، فهل يفدي عنه والداه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى الشاب المذكور أن يقوم بعرض حالته على طبيب مختص فإن مرض السكر له أنواع منها خفيف لا يؤثر عليه الصيام ومنه مزمن يضرُّ به الصوم، فإن أخبره الطبيب بأن ما به لا يؤثر عليه الصوم فيجب عليه الصيام مع قضاء رمضان خلال تلك المدة الزمنية التي مرت عليه ابتداء من ظهور علامة البلوغ عليه، وعلامات البلوغ تقدم بيانها، في الفتوى رقم: 10024.
كما تلزمه كفارة تأخير القضاء عن كل يوم من أيام القضاء وقدرها 750 غراماً تقريباً، وتخرج من غالب طعام أهل البلد وتصرف لفقراء المسلمين، وإن ثبت عند الطبيب المسلم الثقة أنه مصاب بنوع مزمن من هذا المرض لا يرجى شفاؤه ولا يستطيع المصاب به الصوم، فقد سقط عنه الصيام ووجبت عليه الفدية وقدرها وصفتها مثل كفارة تأخير القضاء السابقة، فإن كان عاجزاً عن الفدية سقطت عنه، كما تقدم في الفتوى رقم: 40424.
وإذا تبرع أحد بإخراج الفدية عنه أجزأه ذلك، سواء كان المتبرع من والديه أو غيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1426(11/17980)
لا يجزئ في كفارة الجماع للصائم صوم أيام الاثنين والخميس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا خريج جامعة عين شمس كلية الآداب قسم يوناني ولاتيني متزوج ولدى أربعة أطفال الموضوع: الفترة الأولى: لا أعلم كيف أبدأ سرد الموضوع يبدأ الموضوع، عندما كنت في الجامعة جلست في الجامعة من عام 1983 إلى عام 1992 كنت لوحدى في مصر وفى سن المراهقة وكنت متعرفا على بعض الأصدقاء ربنا يهدي الجميع علموني شرب الخمر والسير مع البنات وقد ارتكبت الزنا أكثر من عشرة مرات في ظل هذه الظروف التي تواجدت بها وكان تفكيري في هذا الوقت مشوشا وبعدت عن الله بعض الأوقات وكنت أرجع في بعض الأحيان إلى الله ولكن الشيطان كان يردني. ثانيا: إلى إن تخرجت من الجامعة عام 1992.
الفترة الثانية: تخرجت من الجامعة واستمررت أيضا بهذا الأسلوب في الحياة حتى شاء الله أني أسافر إلى السعودية للعمل عام 1996وبدأت أتقرب إلى الله وأحاول أن أستغفر لذنوبي وحججت أربع مرات وعملت عددا كثيرا من العمرات لا أستطيع أن أحصرها فهي كثيرة وكنت أدعو الله بالتوبة.
الفترة الثالثة: تعرفت عام 1999 على بنت أندونيسية وسامحني الله فقد ضعفت ومارست معها الزنا خمس مرات تقريبا خلال هذا العام وقد حملت وأجهضت ليس بمعرفتي ولم أتدخل في هذه العملية نهائيا حيث إنى أعلم أنها قتل نفس وكان في الشهر الثاني في الحمل.
الفترة الرابعة: تزوجت آخر عام 1999 والحمد لله ربنا أعطاني زوجة صالحة لي وقد رزقني الله منها هشام عمره الآن خمس سنين ونصف وعمر ثلاث سنين وحازم ثلاثة أشهر وفرح ثلاثة أشهر، ولكن خلال هذه الفترة قد ارتكبت بعض الأخطاء خاصة في أول سنة زواج أني نمت مع زوجتي في شهر رمضان وأنا صائم خمس مرات تقريبا، وأيضا أنى أدخلت إلى بيتي فلوسا حراما ولا أعلم كم هي حيث إني أعمل مندوبا في إحدى الشركات ونأخذ عينات من البضاعة لنعمل الدعاية اللازمة للمنتجات، ولكني في بعض الأحيان كنت أبيع هذه العينات، قد قمت ببعض الأعمال الخيرية من تفريق الصدقة، وقد عملت خلال فترة زواجي عددا كثيرا من العمرات لا أذكر عددها، السؤال: كيف أتوب توبة كاملة عن كل هذه المعاصي التي أتيت بها حيث إنى نادم بشكل كبير ولا أستطيع النوم وبقي لي في هذه الحالة من عدم النوم ما يقرب لشهرين إلى الآن وأتذكر كل هذه المعاصي وأريد أن أتوب مع أنى جسمانيا لا أستطيع أن أصوم صوما مستمرا، فهل أصوم اثنين وخميس على طول مع إطعام عدد من المساكين ألف مسكين أم هذا حل سهل وأني أرى الحلول السهلة فقط مع أني والله العظيم أريد التوبة والمغفرة قبل أن ألاقي ربي يوم القيامة، فإني نادم على كل ما عملت، أرجوكم أفيدوني ماذا أعمل حتى أكفر عن هذه المعاصي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يثبتك ويتوب عليك، ويعينك على الاستقامة ما حييت، واعلم أن الذي أقدمت عليه ومارسته فترة طويلة من الزمن هو من كبائر الذنوب، والحمد لله الذي منَّ عليك بالتوبة منها قبل أن تموت على تلك الحال، فتكون مستحقا للعذاب الشديد والسخط من الله تعالى.
واعلم أن التوبة تجبُّ ما قبلها كائناً ما كان، وقد تنقلب الذنوب حسنات إذا حسنت التوبة وصحبها الإيمان والعمل الصالح، قال الله تعالى: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:70} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه، وحسنه ابن حجر. ولك أن تراجع في شروط التوبة فتوانا رقم: 5450.
ثم اعلم أنك إذا كنت قد جامعت زوجتك في نهار رمضان فإن عليك بكل يوم جامعتها فيه كفارة، ولا يكفي عن هذه الكفارة أن تصوم أيام الاثنين والخميس، ولكنك إذا كنت عاجزاً عن صيام شهرين متتابعين جاز لك أن تطعم ستين مسكيناً عن كل يوم، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 1352.
وبالنسبة للفلوس التي أخذتها فلا بد من ردها إلى أصحابها، لكن بالطريقة التي تناسبك، ولك أن تراجع في ذلك أيضاً فتوانا رقم: 30820.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1426(11/17981)
الجماع في رمضان إذا جهل عدد مراته ولمن تدفع الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم وكفارة من جامع زوجته في رمضان عدة مرات وفي سنين مختلفة وهما لا يعرفان عدد هذه المرات وإذا لم يستطيعا صيام شهرين متتاليين ولم يكن في بلدهم مساكين فهل يطعمون بدل المساكين مسلمين، وهل يشترط أن يكون المساكين مسلمين وإذا حسبتم ماذا يتوجب عليهم، فهل تساعدوهم فيحولوا المبلغ باليورو الأوروبي إليكم وأنتم تطعمون المساكين؟ جزاكم الله كل خير، والحمد لله رب العالمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن جامع امرأته في نهار رمضان ذاكراً مختاراً عالما بحرمة ذلك لزمته الكفارة الكبرى لكل يوم سواء كفر عن اليوم الذي قبله أم لا، والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
وأما من جامع ناسيا أو جاهلاً أو مكرها فلا يفطر بذلك ولا كفارة عليه إلا أنه يشترط في الجاهل حتى يعذر بجهله أن يكون حديث عهد بإسلام أو نشأ في بادية بعيدة عن الإسلام أو في مكان لا يوجد فيه من يعرف هذا الحكم وإلا لزمته الكفارة، لأنه مقصر عن تعلم ما يلزمه، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: إذا أكل الصائم أو شرب أو جامع جاهلا بتحريمه -فإن كان قريب عهد بإسلام أو نشأ ببادية بعيدة بحيث يخفى عليه كون هذا مفطراً- لم يفطر، لأنه لا يأثم فأشبه الناسي الذي ثبت فيه النص، وإن كان مخالطا للمسلمين بحيث لا يخفى عليه تحريمه أفطر، لأنه مقصر، وعلى هذا التفصيل ينزل كلام المصنف وغيره ممن أطلق المسألة، ولو فصل المصنف كما فصل غيره على ما ذكرناه كان أولى.
ومن لا يعرف كم جامع في نهار رمضان فإن عليه أن يجتهد ويحدد العدد ويكفر كما سبق، والإطعام إنما يكون لمن لم يستطع الصيام، ولا بد أن يكون للمساكين والفقراء من المسلمين لا غيرهم.
وأما إطعامهم فإن وجدتهم في البلد الذي أنت فيه فهم أولى، وإن لم تجدهم فإما أن تعطي المال شخصاً ثقة ممن يسافرون إلى البلاد الإسلامية ويقوم هو بإطعامهم أو توصيله إلى جمعية خيرية مأمونة تقوم بذلك، وإما أن تذهب إلى أحد المراكز الإسلامية الموجودة عندكم أو أحد العلماء المسلمين وهم بإذن الله سيقومون بالمهمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(11/17982)
الصيام والإطعام للكبير الذي فقد عقله
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي شيخ تجاوز ال80 سنة، مصاب بمرض على مستوى الدماغ جعله لا يتحكم تقريبا في جانبه الأيمن ولا يستغني عن المساعدة في قضاء حاجياته، بالإضافة إلى أنه لا يستطيع التعبير عما يريد قوله مع أنه يفهم ما يدور حوله.
بالنسبة للصلاة فقد نسي كيفيتها وعدد ركعاتها ويقوم بتكرار الإقامة فيها كثيرا ...
فهل عليه صيام؟
إدا كان معفيا من الصيام فهل يجزئه أن أخرج عنه في آخر رمضان كيلو ونصف قمح عن كل يوم وأعطيها لمسكين واحد، أم أنه علي إخراجها يوما بيوم.
وهل يمكنني إخراجها عنه من مالي الخاص علما أنه لديه مدخول هزيل جدا لا يستهلكه مند أن مرض وأنا أستحيي من طلبه منه.
أرجو منكم جوابا كافيا ومباشرا، حيث إنني كلما أرسلت إليكم بسؤال قمتم بإحالتي على أجوبة سابقة مشابهة ولكن تكون بعض الظروف مختلفة فأقع في حيرة من أمري، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شرط صحة الصيام وجود العقل فمن ذهب عقله بجنون أو خرف لكبر ونحو ذلك فلا يجب عليه الصوم ولا الصلاة ولا يطعم عنه بدل الصوم، وإنما يطعم عن المريض مرضا لا يرجى برؤه والعاجز عن الصيام لكبر سنه مع بقاء عقله لأن العقل هو مناط التكليف فمتى فقد العقل زال التكليف، فإن كان هذا هو حال والدك فإنه لا صيام عليه ولا إطعام، ولو أطعمت عنه تبرعا فلا حرج في ذلك. وإن كان لا يزال يعقل ولكنه لا يقدر على الصيام فإن عليه الفدية مد من طعام لكل يوم وهي 750 جراماً من الأرز ونحوه تقريباً، والمقدار الذي ذكرته السائلة من القمح يجزئ وزيادة، ولها أن تخرج الفدية من مالها بإذن والدها وهي مخيرة بأن تخرج الفدية عن كل يوم في يومها أو تجمعها في نهاية الشهر ولا تخرج عن يوم قبله. ونسأل الله جل وعلا أن يثيبك أيتها الأخت ويؤجرك ويؤجر والدك ويعينك على بر والدك والإحسان إليه فإنه أحوج ما يكون إليك وتذكري قول الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23 ــ 24}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(11/17983)
الكفارة عند المالكية مرتبة على التخيير
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري الآن 29 سنة، عندما كنت طالبا بفرنسا، كانت لي علاقة غير شرعية بفتاة وكنت في حالة نفسية مضطربة جداً نتيجة الغربة وصعوبة الدراسة، وكنت أبرر علاقتي بحجة التعاون على العيش، ولكن كنت أعلم أني أراوغ نفسي وأتلاعب مع الله، مما زادني اضطرابا إلى حد أني في يوم من أيام رمضان، ذهبت سرا إلي مطعم فأفطرت لكي أنزع من نفسي الشك من مدى قبول الله مني صيامي أم لا، خصوصا أني كنت أستيقظ في حضن صديقتي التي كنت أنوي منها الزواج بعد رجوعنا إلى بلادنا، مرت السنون وثقل تلك الكبائر يعذبني، حتى أنعم علي الله واستقررت في المغرب في منصب جيد، وأساعد أبوي وإخوتي، وتزوجت بفتاة صالحة، وهذا العام قد صمت شهرين متتابعين ككفارة، وأكثر من الصيام طيلة السنة أيام الاثنين والخميس، مع الحفاظ على الصلاة والصدقة الجارية، أما من جهة أخرى فإني أنوي من كل هذه الأعمال أن تكفر عني عددا من أيام رمضان لم أحصيها بسبب صغر سني عندما كنت مارست فيها العادة السرية من كثرة الشهوة بينما كنت صائما، وكان ذلك في السنين الأولى بعد البلوغ، أرجو من سيادتكم أن تخبروني هل الاجتهاد الذي قمت به كاف ليكفر عني خطاياي، وكيف أسترجع رضى الله لكي ترجع الطمأنينة إلى نفسي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئاً لك التوبة، ونسأل الله تعالى أن يتقبلها منك، وأن يثبتك على الاستقامة حتى تلقاه.
وبخصوص سؤالك عن الاستمناء في نهار رمضان، فقد سبق الجواب عنه، وأنه يلزم من فعله القضاء فقط على الراجح، وكذا الحال فيمن أكل أو شرب متعمداً أو تعمد أي مفطر غير الجماع، وخالف المالكية في ذلك، فأوجبوا الكفارة على من تعمد تناول أي مفطر منتهكا حرمة الصيام، سواء أكان ذلك طعاماً أم شراباً، أم استمناء إذا خرج المني، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 18199.
وعليه؛ فما فعلته من التوبة والاجتهاد كاف للتكفير عن خطاياك مع قضاء جميع الأيام التي أفطرتها والاحتياط في ذلك إذا كنت لا تعرف قدرها بالتحديد، هذا هو ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، ولكنك لو كفرت عن جميع الأيام التي أفطرتها مراعاة لمذهب المالكية الذي هو المعتمد في بلدك، كان ذلك أولى لك وأحوط، والكفارة عند المالكية مرتبة على التخيير، وأفضلها عندهم الإطعام، ولا شك في أنه أخف أيضاً، فيمكنك أن تطعم ستين مسكيناً عن كل يوم أفطرته متعمداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1426(11/17984)
النية في الكفارة وإخراجها بغير إذن من لزمته
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخي، أبي أفطر في رمضان الماضي بالكامل ولم يستطع الصيام بعد ذلك وذلك لأنه مريض وقد قمت قبل فترة بمساعدة أحد الأفراد وذلك بدفع مبلغ مالي؟ وقد نويت بعد ذلك أن أجعل هذا المبلغ كفارة لفطر والدي في رمضان؟ فهل يجوز ذلك لأن النية أتت بعد المساعدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لوالدك الشفاء الكامل مما يعانيه من أمراض، ثم نقول وبالله التوفيق:
إذا كان والدك يعاني من مرض يرجى شفاؤه وأفطر في جميع شهر رمضان الماضي ولم يستطع القضاء حتى استهل شهر رمضان الذي بعده فهذا لا كفارة عليه ولا فدية، بل عليه القضاء فقط إذا قدر عليه، فيقضي بعد رمضان التالي.
وإن كان قد استطاع القضاء ولم يقم به حتى استهل رمضان الذي بعد ذلك فقد وجب عليه القضاء مع كفارة تأخير القضاء، وهذه الكفارة إطعام مسكين عن كل يوم، وقدرها 750 غراما من الطعام المتوسط المعتاد لأهل بلده، تعطى لمسكين وتكون بعدد أيام القضاء.
وإن كان الوالد المذكور عاجزا عن الصيام لمرض لا يرجى زواله اعتمادا على إخبار طبيب عارف فالواجب عليه حينئذ الفدية وقدرها 750 غراما من الطعام وتصرف للمساكين، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 52316
وعلى كل حال، فما أخرجته لا يجزئ كفارة عن والدك إذا كان قد لزمته كفارة تأخير القضاء، لأن الكفارة تشترط فيها النية ممن لزمته، ولا يجزئ إخراجها عنه بغير إذنه كما سبق في الفتوى رقم: 14043.
وفي فتاوى شهاب الدين الرملي الشافعي: سئل: هل يلزم الشيخ الهرم إذا عجز عن الصوم وأخرج الفدية النية أم لا، وما كيفيتها؟ وما كيفية إخراج الفدية هل يتعين إخراج فدية كل يوم فيه أو يجوز إخراج فدية جميع رمضان دفعة سواء كان في أوله أو في وسطه أو لا.
فأجاب: بأنه تلزمه النية لأن الفدية عبادة مالية كالزكاة والكفارة فينوي بها الفدية لفطره ويتخير في إخراجها بين تأخيرها وبين إخراج فدية كل يوم فيه أو بعد فراغه، ولا يجوز تعجيل شيء منها لما فيه من تقديمها على وجوبه لأنه فطرة. انتهى.
وعليه فما أخرجته لا يجزئك عن والدك في كفارة تأخير القضاء ولا فدية العجز عن الصيام
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1426(11/17985)
يجزئ في كفارة إطعام المسكين كونها في رمضان أو غيره.
[السُّؤَالُ]
ـ[عليه كفارة إفطار صائم، فهل يجوز له إفطاره في غير أيام شهر رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تسأل هل على الشخص المذكور إخراج الكفارة في رمضان لكونه لم يصم كأن أفطر لكبر سن يعجز معه عن الصيام، أو لمرض لا يرجى برؤه، أو أفطرت المرأة الحامل أو المرضع خوفاً على الولد فقط؟ أم يجوز له إخراجها في غير رمضان؟
فإن كان هذا هو المراد فنقول: عليه كفارة وهي إطعام مسكين عن كل يوم ويجزئ أن يكون إطعام المسكين في رمضان وفي غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(11/17986)
لا يجزئ الإطعام عن الصيام إلا في حالة المرض المزمن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصاب بالحصوة الكلوية منذ1980، ولم أصم رمضان لفترة ثمانية أعوام، وبعدها أجريت عملية، فهل علي الصيام قضاءاً أم الإطعام أم ما هو الحكم، مع العلم بعدم قدرتي على الصيام المتواصل لفترة طويلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد شفيت من المرض وأخبرك الطبيب بعدم تأثير الصوم عليك، فالواجب عليك حينئذ القضاء ويمكن تقطيعه فتصوم من كل شهر عشرا أو أكثر حسب ما ترى، لأن الإطعام لا يجزئ عن الصيام إلا في حالة المرض المزمن، وللمزيد من الفائدة طالع الفتوى رقم: 6274.
وإن كان الصوم يؤثر عليك بإخبار الطبيب أو بالتجربة بعد ما عملت العملية فلا تقدر على الصيام أو يسبب لك مشقة غير محتملة، فإن عليك الإطعام، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 17676 والفتاوى المحال عليها في هذه الفتوى، وللمزيد من الفائدة طالع الفتوى رقم: 5978.
والإطعام هو أن تطعم عن كل يوم تطالب بقضائه مسكيناً بأن تدفع له مدا من الطعام وهو ما يساوي 750 غراما تقريباً من الأرز أو غيره مما يعتبر قوتا لأهل البلد على حسب اختلاف الأعراف والعادات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(11/17987)
الحزن والاكتئاب والجماع في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أخي المفتي المحترم حياك الله ...
أنا شاب أبلغ من العمر 28 متزوج حديثا وأنا في صحة جيدة والحمد لله ... وقد حدث مني أمر عظيم أرقني وأتعبني كثيراً والله المستعان، وهو أني قمت في رمضان الماضي بمجامعة زوجتي في نهار رمضان الماضي أكثر من 7 أيام، وأنا أعلم حرمة هذا الفعل، ولكن في تلك الفترة كنت أمر بظروف نفسية صعبة واكتئاب حاد، وكنت بعد هذا الفعل أندم وأقرر أني لن أقرب إليها أبداً، وأنا الآن في حيرة من أمري، أرجو منكم إفتائي في ما يجب علي فعله، وما هي الكفارة في مثل هذه الأحوال؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعمد الجماع في نهار رمضان معصية عظيمة وانتهاك لحرمة الشهر الكريم ومخالفة لأمر الله تعالى في قوله: ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ {البقرة:187} ، وما دمت قد حصل منك الجماع عمدا عالما بتحريم ذلك فقد وجبت عليك الكفارة الكبرى عن كل يوم من الأيام التي حصل فيها الجماع، وكونك مصابا بالحزن والاكتئاب ليس بمبرر شرعي لذلك الفعل ما دام عندك عقلك، بحيث لم تصل إلى مرحلة غياب العقل الذي تسقط التكاليف الشرعية عن صاحبه.
وكان الواجب عليك أن تطيع ربك وتتقيه، وتعمل الصالحات وتداوم على ذكره وشكره، فإن ذلك هو العلاج الحقيقي لما تعاني منه، أما معصية الله تعالى فهي سبب لكل المصائب والبلايا ومنها الاكتئاب والقلق، وقد سبق تفصيل كفارة الجماع عمدا في نهار رمضان وذلك في الفتوى رقم: 1104، والفتوى رقم: 6733.
هذا إضافة إلى وجوب المبادرة إلى الإكثار من الاستغفار والتوبة الصادقة بسبب ما وقعت فيه من معصية شنيعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1426(11/17988)
دفع كفارة الصيام لفتاة فقيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع مبلغ في مساعدة فتاة فقيرةعلى الزواج من نقود كفارة صيام رمضان عن سنوات سابقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكفارة تأخير القضاء هي إطعام مسكين عن كل يوم بأن يغديه أو يعشيه أو يدفع له مدا من بر أو نصف صاع من غيره، وهو ما يساوي 750 غراما تقريبا من الأرز ونحوه، ويجوز الإطعام قبل القضاء وبعده ومعه، والأفضل أن يكون قبله مسارعة إلى الخير، وتخلصا من آفات التأخير، هذه هي طريقة القضاء ولا يجزئ إخراج القيمة عند أكثر أهل العلم، والراجح جواز ذلك للحاجة أو للمصلحة كما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو مبين في الفتوى رقم: 6372 وعليه، فإذا كانت هذه الفتاة فقيرة فلا حرج من دفعها إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(11/17989)
حكم دفع نقود بدلا عن الطعام في كفارة تأخير القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن دفع مبلغ من المال في زواج فتاة فقيرة من مبلغ كفارة صيام رمضان عن سنوات سابقة مع العلم أني أصوم وأقوم بدفع الكفارة عن تلك السنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على عدم جواز دفع النقود عن الطعام في كفارة تأخير القضاء؛ إلا في حالة ما إذا تعذر من يقبل الطعام كما سبق في الفتوى رقم: 21476.
وعليه؛ فإذا وجد من الفقراء من يقبل الكفارة طعاما فلا يجزئ دفع مبالغ نقدية عنها، وإذا تعذر وجود فقير يصرف إليه الطعام فلا مانع من دفع النقود حينئذ، والفقيرة المذكورة لا مانع من دفع نقود إليها في حال جواز ذلك بشرط كونها ستصرفها في الأمور التي لا يستغنى عنها في أمور زواجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(11/17990)
مسائل في كفارة الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من تأخر في إخراج كفارة شهر رمضان لأكثر من عشر سنوات؟
هل يجوز إخراج الكفارة للفقراء من نفس العائلة؟
هل يجوز تكرار إخراج الكفارة لنفس الشخص فمثلا نعطي لفقير واحد 10 مرات بدلا عن 10 فقراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت كفارة شهر رمضان التي لزمتك قد كنت قادرا على دفعها فقد ارتكبت محرما، وبالتالي، فتجب عليك التوبة والمبادرة إلى الإكثار من الاستغفار، وراجع الفتوى رقم: 54866.
وإذا كانت تلك الكفارة بسبب جماع فقد ذكرنا أنواعها في الفتوى رقم: 1104.
ومن أنواعها إطعام ستين مسكينا بعد العجز عن العتق وصيام شهرين عند جمهور أهل العلم.
وإذا كانت تلك الكفارة سببها تأخير قضاء رمضان فقدرها مد عن كل يوم، ولا تتكرر بسبب التأخير، فإذا كنت -مثلا- قد لزمتك كفارة واحدة بسبب تأخير قضاء يوم واحد وأخرتها عشر سنوات فلا يلزمك إلا مد واحد عن ذلك اليوم، وراجع الفتوى رقم: 36327، ولا مانع من دفع الكفارة إلى مجموعة مساكين من عائلة واحدة كما سبق في الفتوى رقم: 28568.
وإن كان المقصود دفعها إلى فقراء من عائلة الشخص المكفر فلا يجزئ أن يدفع كفارته إلى من تجب عليه نفقته كزوجته وأبنائه ووالديه الفقيرين مثلا، وراجع الفتوى رقم: 36067.
والكفارة يدفع منها إلى كل مسكين مد واحد لا أكثر من ذلك، وراجع الفتوى رقم: 15221، والفتوى رقم: 6602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(11/17991)
صيام مريض السكر
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي الكبرى أصيبت بمرض السكري منذ حوالي ثلاث سنوات وهي تستعمل حقن الأنسولين مرتين في اليوم, حسب تعليمات الطبيب, ولا تستطيع صيام شهر رمضان (رأي الطبيب) بسبب موعد الحقن وخطورة إمكانية أن يحدث لها هبوط في نسبة السكر في الجسم. وُجد مؤخرا دواء جديد لمرضى السكر عبارة عن حقنة تؤخذ مرة في اليوم فقط مع المشي والحركة حتى يبقى مستوى السكر متوازن والمشكلة مع هذا الدواء أنه باهظ الثمن جداً وليس فيه تسديد من طرف المصالح الاجتماعية وسؤالها هو: هل يمكنها عدم استعمال هذا الدواء لأنها لا تستطيع شراءه مما يؤدي إلى عدم صيامها شهر رمضان بسبب استعمالها للدواء الآخر الذي يؤخذ مرتين في اليوم؟ يعني هل هناك حرج في عدم صيام شهر رمضان بسبب الدواء الذي يؤخذ مرتين في اليوم رغم أن هناك دواء آخر يمكنها من الصيام, ولكن هذا الدواء ليس في مقدورها شراؤه بسبب ثمنه الباهظ؟ مع العلم بأن هذا الدواء الجديد عبارة عن قارورة واحدة تفيد لشهر واحد فقط.
جزاكم الله خيرا وفي انتظار ردكم إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحقن الأنسولين غير مفطرة، لأنها ليست طعاماً ولا شراباً، ولا في معنى الطعام والشراب، والأصل صحة الصوم، فلا يحكم بزوال هذا الأصل إلا بدليل، لذا فصومها صحيح، لكن إذا كانت أختك تتضرر بالصوم بسبب السكر وهو مرض مزمن بإخبار طبيب ثقة، فلها أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكيناً، لقول الله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة: 184} .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصيام، فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً. رواه البخاري.
وليس عليها أن تتكلف شراء الدواء الباهظ الثمن الذي ليس بمقدورها، لقول الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة: 286} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(11/17992)
الإطعام لمستطيع الصيام وحكم تأخير الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أفطرت في رمضان الذي سبق يوما فهل يكفيني أن أطعم ستين مسكينا بدل أن أصوم شهرين متتابعين لأن صيام شهرين صعب علي ليس لسبب مرضي فأنا والحمد لله على صحة جيدة لكن لأني لو قمت بإطعام ستين مسكينا سيكون أسهل علي وأيسر من صيام شهرين متتابعين، ومن جهة أخرى هل يجب أن أقوم بذلك ضروريا قبل شهر رمضان المقبل أم هو أمر يجب فعله متى شئت سواء قبل رمضان المقبل أو بعده.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من أفطر يوماً في نهار رمضان بغير عذر القضاء والكفارة إذا كان الفطر بسبب الجماع، وأما إذا كان الفطر بغير الجماع كالأكل أو الشرب متعمداً فقد اختلف العلماء في وجوب الكفارة على قولين: فمنهم من قال عليه القضاء والكفارة، ومنهم من قال الواجب القضاء فقط مع التوبة، وهو قول أكثر أهل العلم، وهو الراجح، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6378، فإن كان الفطر بسبب الجماع: فاعلم أن كفارة الجماع في رمضان على الترتيب المذكور في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وهي: عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن عجزت عن ذلك أطعمت ستين مسكيناً كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 1104، 18586. وعليه فلا يجوز لك الإطعام ما دمت مستطيعاً للصيام. أما عن تأخير القضاء إلى رمضان آخر لغير عذر فلا يجوز كما سبق في الفتويين رقم: 20087، 17267، وكذلك لا يجوز تأخير كفارة الجماع كما سبق بيانه في الفتويين: 54866، 44673.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(11/17993)
كيف يدفع الكفارة من يسكن في بلاد غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[قد سألت سؤالا عن كفارة تأخير القضاء، وهل علي صيام ما علي من قضاء وإطعام مسكين عن كل يوم كفارة لذلك لكني أدرس في دولة أوروبية وعامة أهلها ليسوا مسلمين أريد أن أعرف ما علي وكيف أطعم من هو غير مسلم لكفارة أيامي وهل يجوز ذلك، مع العلم بأني طالبة وعلى من المصاريف ما علي، هذا ولكم شكري الجزيل أخوكم في الله محمد متحدثاً بالنيابة عن أخت لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على أختك قضاء ما تطالب به من صوم رمضان إضافة إلى كفارة التأخير، وإذا لم تجد فقراء مسلمين في البلد الذي تقيم فيه، فبإمكانها إرسال الكفارة إلى أي بلد فيه مسلمون فقراء، وما أكثرهم في زماننا هذا، كما يجوز توكيل من يتولى هذه المهمة عنها كبعض الجمعيات الخيرية أو بعض أقاربها.
وإذا لم تقدر على دفع جميع الكفارة فلتخرج ما قدرت عليه منها، ولتكمل الباقي إذا توفر لديها، ولا يكلف الله نفساً إلى وسعها، ولتراجع الفتويين التاليتين: 22054، 50362.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(11/17994)
فدية العجز المستمر عن الصيام تلزم القادر عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب صغير يدرس وأمه فقيرة، هو مريض بالسكر، لا يقدر أن يصوم، ولا يقدر أن يخرج فدية لأنه لا يقدر على القيمة، فما هو الحل، أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان مريضا مرضا يزداد بالصوم، أو يتمادى معه أو يحصل له بالصوم ضرر فليس له أن يصوم، فإن كان يؤمل زوال مرضه ويرجو القدرة على الصيام في المستقبل فإنه ينتظر الزمن الذي يتمكن فيه من الصيام فيقضي ما كان أفطره، وليس عليه غير ذلك، وإن كان لا يتوقع زوال المرض وبالتالي لا يؤمل القدرة على الصيام في المستقبل فإن عليه أن يطعم مسكينا عن كل يوم أفطره، وليس عليه غير ذلك، قال الله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة:184} .
وهذه الفدية إنما تلزمه إذا كان قادراً عليها، فإن لم يقدر عليها فلا شيء عليه حتى يجد القدرة، قال الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، وقال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، وعليه فليس على هذا الشاب صيام ولا فدية ما لم يجد القدرة على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(11/17995)
حكم دفع فدية العجز عن الصيام إلى الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[معي رخصة بالإفطار هل يجوز أن أفطر أبي أو أمي بدلا من مسكين أو يجوز أن أخرج نقودا وكم يبلغ اليوم الواحد من نقود.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكفارة كلها سواء كانت كفارة صيام أو ظهار أو يمين مثل الزكاة لا يدفعها صاحب الكفارة إلى أقاربه الذين تلزمه نفقتهم. كالوالدين والأبناء. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ويعطي الكفارات والزكاة كل من لا تلزمه نفقته. ا. هـ. بل ذهب مالك رحمه الله إلى أنها لا تعطى للأقارب مطلقاً سواء ممن تلزمه نفقتهم أو ممن لا تلزمه نفقتهم. جاء في المدونة فقال: ـ أي مالك ـ لا يطعم في شيء من الكفارات أحداً من أقاربه وإن كانت نفقتهم لا تلزمه ولا يطعمهم في شيء من الكفارات التي عليه. ا. هـ. ولعل القول الأول قول الشافعي أقرب للصواب. وسبب المنع من إطعام الكفارات للوالدين ونحوهم ممن تلزم نفقتهم أنهم إن كانوا فقراء فإن نفقتهم واجبة على صاحب الكفارة، فإذا دفع الكفارة إليهم فقد أسقط بذلك بعض الواجب عليه فيكون هو المستفيد من الكفارة. وبناءً عليه فلا يصح أن تدفع كفارة العجز عن الصيام إلى والديك. وأما إخراج القيمة بدلاً من الإطعام فلا يجزئ عند جمهور أهل العلم كما بينا في الفتوى رقم: 27270، وانظر لذلك الفتوى رقم: 6673، والفتوى رقم: 28409، في مقدار الفدية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(11/17996)
حكم تأخير كفارة الجماع في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[جامعت زوجتي في نهار رمضان الماضي وهي كانت حاملاً، فماذا علي من كفارة أنا وهي، وهل يجوز إخراجها الآن أو بعد رمضان حين تتحسن ظروفي المادية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 1104 ما يجب على من جامع زوجته في نهار رمضان وهو صائم وأن عليه الكفارة مع القضاء، واختلفوا في المرأة هل عليها الكفارة إن كانت طائعة مع اتفاقهم على أن عليها القضاء، ولذلك طالع الفتوى رقم: 1113، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 1853.
ومن استطاع تعجيل أداء الكفارة فلا يجوز له تأخيرها، قال الباجي في المنتقى عند كلامه على حديث الذي وقع على أهله في نهار رمضان فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالعتق أو بالصيام أو بإطعام ستين مسكينا فقال لا أجد.. والحديث بنصه تقدم في الفتوى المشار إليها أعلاه، قال الباجي: وقول الرجل لا أجد يقتضي شدة فقره وضيق يده عن العتق والإطعام وضعفه عن الصيام وهذا يمنع وجوب تعجيل الكفارة عليه وإن تعلقت بذمته حتى يجد أو يقوى. انتهى. ومن كلامه يعلم أن من عجز عن الصيام وقدر على الإطعام أنه لا يجوز تأخيره وإن لم يستطع وقدر بعد ذلك أطعم، والحاصل أن عليك أن تصوم فإن لم تستطع وجب عليك الإطعام إن استطعت، وعليك أن تبادر إلى ذلك متى أمكنك، ومثلك زوجتك في هذا كله، إن كانت طائعة على القول بوجوب الكفارة عليها، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 52882، والفتوى رقم: 45236.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1425(11/17997)
من جهل تحريم الجماع في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل جامع زوجته في شهر رمضان {نهارا} . وهم يجهلون أن ذلك حرام. هل تجب عليهم الكفارة. الزوجة علمت أن ذلك حرام بعد وفاة الزوج. بالنسبة لها هي صامت شهرين متتاليين. والابنة صامت عن أبيها شهرين لكن ليس متتاليين بسب الدورة الشهرية. فهل يعتبر ذلك مجزيا.
لكم منا جزيل الشكر، وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجهل حرمة الجماع في رمضان ينفي وجوب الكفارة، بخلاف جهل وجوب الكفارة. قال الرملي في نهاية المحتاج: فلو جهل تحريمه يعني الجماع في نهار رمضان لقرب عهده بالإسلام، أو نشئه بعيدا عن العلماء، أو كان ناسيا أو مكرها لم يفطر. .. وقال الزركشي في المنثور في القواعد: لو قال علمت تحريم الجماع وجهلت وجوب الكفارة وجبت بلا خلاف، ذكره الدارمي وغيره. قال النووي في شرح المهذب: وهو راجح.
وعليه، فإذا كان الزوجان يجهلان حرمة الجماع في نهار رمضان فلا شيء عليهما إلا قضاء اليوم، وإن كانا يعلمان الحرمة ولكنهما يجهلان وجوب الكفارة فإنها تجب على الزوج، وأما الزوجة فقد أوجب عليها جمهور العلماء ما يجب على الزوج من الكفارة بالجماع، ولكن المرجح أن لا كفارة عليها. وراجع في هذا الفتوى رقم: 1113 ولكن ما فعلته من صيام الكفارة هو الحسن للخروج من الخلاف.
وصيام البنت عن أبيها مجزئ عند بعض أهل العلم، وقال بعضهم: إن المطلوب عن الميت هو الإطعام وليس الصيام، وراجع في هذا فتوانا رقم: 3737.
وعلى القول بإجزاء الصيام فإن الفطر في أيام الحيض لا يقطع التتابع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(11/17998)
العدد معتبر في الكفارات
[السُّؤَالُ]
ـ[وبعد، فعلي كفارات إجتمعت تكفي لإطعام ألف مسكين في العراق ولي خالتان لهما عيال إحداهن تبكي أنها تقضي صلاة أموات الناس بالأجر بكاء على العمل المنحرف اضطرته لتطعم بناتها يريدان لقيمات يطعمها صغارهما ولست بالغني الذي يطعم بكفاراته عدد ما ينبغي عليه من المساكين ثم أستزيد فأبعث مثلها لخالتي أفأرسل كل مال الكفارات إلى خالتي يطعمان بها عيالهما لسنتين أو ثلاث بدل أن أطعم بالمال مساكين أجانب مرة واحدة ويكون لخالتي وعيالهما منها وجبة وإن رزقت بعد مال مثله فعيالهما صغار والعمر طويل والله أعلم
أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان عدد المساكين في كفارة اليمين معتبرا أم لا.
والذي عليه الأحناف وهو رواية عن أحمد أن العدد غير معتبر، وبالتالي يمكن إعطاء الكفارة إلى مسكين واحد.
وذهب جمهور العلماء إلى أن الكفارة لا يصح أن تدفع إلى عدد من المساكين أقل من عشرة في اليمين وستين في كفارة الظهار والصيام.
وراجع في هذا الموضوع فتوانا رقم: 06602.
والذي نراه راجحا في المسألة هو قول الجمهور لأن الشارع نص على العدد فلا بد من اعتباره.
وبناء عليه فإذا كانت الكفارات التي عليك من النوع الذي يكفر بإطعام ستين مسكينا فإن كان لخالتيك من العيال ما يبلغ ستين مسكينا جاز أن تدفع لهما جميع مالزمك من الكفارات، ولكن يحسن أن لا تعطيهما الكفارات دفعة واحدة، خروجا من الخلاف، لأن بعض أهل العلم لا يجيز دفع مدين من كفارتين في يوم واحد.
قال ابن قدامة في المغني:
" ولو أعطى مسكينا مدين من كفارتين في يوم واحد أجزأ في إحدى الروايتين، وهذا مذهب الشافعي. وقال الباجي في المنتقى: " فإن أطعم عشرة مساكين مدا مدا عن كفارة ثم أعاد عليهم عن كفارة أخرى، فقد كره مالك ذلك ... ) .
وأما إن كان عيال الخالتين معا لا يبلغ ستين مسكينا، فإن كان يبلغ عشرة جاز أن تعطيهما جميع كفارات الأيمان بالطريقة السابقة،
وإن لم يكن عيالهما معا يبلغ العشرة فإن لك أن تعطيهما من كل كفارة عدد عيالهما، وتصرف الباقي إلى مساكين آخرين، وتفعل مثل ذلك في الكفارات التي يطلب فيها ستون مسكينا لأن إعطاء مسكيٍن
واحدٍ مرتين من كفارة واحدة لا يصح عند الجمهور، كما تقدم بيانه.
وتفعل مثل ما ذكرنا في كفارة التفريط في قضاء رمضان باعتبار أن السنة الواحدة بمنزلة الكفارة الواحدة، فلا يعطى منها للمسكين الواحد مرتين، وهكذا..
واعلم أن إعطاء الصدقات لذوي الرحم الذين لا تلزم نفقتهم أفضل من إعطائها لمساكين ليسوا ذوي رحم، أخرج الإماام أحمد وأصحاب السنن والدرامي من حديث سلمان بن عامر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ـ قال: " الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذى الرحم ثنتان صدقة وصلة ... )
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1425(11/17999)
النيابة عن الحي في الصيام غير مجزئة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يبلغ من العمر 65 عاماً، وهو مريض مما يجعله يعجز عن الحركة ولا ينتبه لمن حوله (جلطة بالمخ) ، وحيث إنه لم يصم شهر رمضان ونحن لا نستطيع إطعام مساكين عنه وذلك لضيق الحال، فهل يجوز أن نصوم عنه هذه الأيام في حياته، أفتونا في أسرع وقت، أثابكم الله؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور عاجزاً عن الصوم عجزاً لا يرجى زواله عادة فيباح له الفطر وعليه الفدية، لقول الله تعالى: أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:184] ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصيام فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً. رواه البخاري في صحيحه.
وإذا كان لا يجد ما يخرج منه الفدية فهي في ذمته حتى تمكنه الاستطاعة على أدائها، ولا يجزئ أن تصوموا نيابة عنه لأن النيابة في الصوم عن الحي غير مجزئة عند أهل العلم، وراجعي الفتوى رقم: 18276.
وهذا كله إذا كان لا يزال عنده عقله، أما إذا كان والدك فاقداً لعقله فلا يجب عليه صوم ولا كفارة لسقوط الخطاب التكليفي عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق. رواه النسائي وهو بمعناه في سنن أبي داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/18000)
كيفية الإطعام في الكفارات
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كفارة إطعام ستين مسكيناً كم وجبة لكل مسكين وكم تساوي الوجبة الواحدة بالجنيه المصري تقريبا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكيفية الإطعام أن يملك كل فقير أو مسكين مداً من بر أو تمر أو غيرهما من غالب قوت أهل البلد، والمد سبق بيان قدره في الفتوى رقم: 11715، فإذا امتلكه الفقير فله أكله بالطريقة التي يحب أو بيعه أو هبته.
وأما سعر المد في السوق فيختلف من مكان إلى آخر، وتمكنك معرفة ذلك بسؤال من يبيع البر أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/18001)
هل الكفارات على التراخي أم على الفور؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم تأخير كفارة الجماع فى نهار شهر رمضان إلى أربع سنوات أو أكثر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان من الكفارات بسبب فيه تعد من الشخص فإنه على الفور، وما كان منها بسبب ليس فيه تعد فإنه على التراخي، فمثال الأول: كفارة الظهار وكفارة الجماع في نهار رمضان، ومثال الثاني: كفارة اليمين.
قال الزركشي في قواعده: هل تجب على الفور؟ -يعني الكفارة- إن لم يتعد بسببه فعلى التراخي وإلا فعلى الفور، وقال المتولي: إذا عصى بالحنث لم يبح له تأخير التكفير، وإن كان الحنث طاعة أو مباحاً فالأولى أن يبرئ الذمة، فلو أخر فلا حرج عليه. انتهى.
وعليه فلا يجوز تأخير كفارة جماع رمضان على الوجه الذي ذكره السائل، بل يجب القيام بها على الفور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(11/18002)
لا تتعدد الكفارة بتعدد السنين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أخرت المرأة قضاء صيام لأكثر من سنة ولم يتيسر لها إخراج الكفارة -أي إطعام مساكين - بسبب فقرها
فماذا عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص الفقهاء على أن من فرط في قضاء رمضان حتى جاء رمضان الآخر فإن عليه كفارة، وهي مد لمسكين عن كل يوم، ولا تتعدد بتعدد السنين كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19829، وعلى هذا فمن كان قادراً على ذلك في الحال وجب عليه، ومن عجز عنه كان ديناً في ذمته فإن أيسر قضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/18003)
المرض لا يقطع التتابع في صيام الكفارة والتهاون بعده يقطع
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي في لله لقد نذرت صيام شهرين متتالين وبعد 16 يوم أصابتني نزلة برد اضطررت على إثرها قطع الصيام مدّة أسبوع. بعده استرجعت كامل عافيتي ولله الحمد، لكنّني أفطرت يومين تهاونا بعد هذا الأسبوع ثمّ واصلت صيامي إلى يومنا هذا منذ 15 يوما
هل أكون بذالك صمت 15 يوما فقط من النذر؟
أم أعتبر نفسي صمت 31 يوما ولي كفّارة وإن كان كذلك فما هيّ كفّارتي؟
جزاكم لله كلّ خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإذا نذرت صيام شهرين متتابعين، فإنه يجب عليك الوفاء بهذا النذر، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من نذر أن يطيع الله فليطعه " رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها.
وقد مدح الله تعالى الموفين بالنذر، وعد الوفاء به من أخص صفات الأبرار فقال في وصفهم: يُوفُونَ بِالنَّذْر ِ ... الآية.
وإذا مرضت وأفطرت، فهل يقطع المرض التتابع؟ قولان لأهل العلم:
فذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن التتابع ينقطع، وعليه أن يستأنف.
وذهب مالك والشافعي في أحد قوليه إلى أن الإفطار لأجل المرض لا يقطع التتابع، وإذا شفي يبني على ما مضى، وقال بهذا أيضا سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والحسن والشعبي وعطاء ومجاهد وقتادة وطاووس، وهذا هو الأقرب للصواب.
وانظر الفتوى رقم: 39181.
إلا أنك قد أفطرت بعد شفائك تهاونا، وبهذا ينقطع التتابع.
وبناء عليه، فإن عليك أن تستأنف صيام الشهرين من البداية ولا تنتقل إلى الكفارة ما دمت قادرا على الصيام، وانظر الفتوى رقم: 2857.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(11/18004)
هل تسقط الكفارة عمن جامع ثم طلق؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ما حكم من جامع زوجته في نهار رمضان ثم طلقها بعد ذلك لسبب آخر هل عليه كفارة وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد تقدم الكلام عن كفارة المجامع في نهار رمضان، وذلك في الفتوى رقم: 1104 والفتوى رقم: 1113 وكون الرجل طلق زوجته بعد جماعها في نهار رمضان لا علاقة له بالموضوع، ولا يُسقط عنه الكفارة، لأن حرمة الشهر قد انتهكت بالجماع في نهاره، والكفارة شرعت لأجل انتهاك الحرمة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18005)
الفطر في يوم الأضحى وأيام التشريق لا يقطع التتابع
[السُّؤَالُ]
ـ[إن شاء الله تعالى أعتزم أداء فريضة الحج هذا العام، الآن وأقضي صيام شهرين كفارة لله تعالى ولن تنقضي الفترة فبل وقت الحج، هل أكملها في الحج، أم هل يجوز أن أصوم حتي وقت الحج وأكمل بعد الحج؟
علما بأني أريد أن يكتبها الله تعالى لي بعد أن أكون قد حاولت تكفير ما علي من ذنب، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيشرع لك أن تفطر يوم العيد وأيام التشريق، وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة، ولا يقطع فطرها تتابع صيام الكفارة على الراجح من أقوال العلماء، كما بينا في الفتوى رقم: 14184.
وأما غير هذه الأيام من أيام الحج، فلا يجوز لك الفطر فيها وإلا انقطع التتابع، ووجب عليك الاستئناف من جديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(11/18006)
حد المسكين الذي يستحق الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[الكفارة هي إطعام ستين مسكينا، فمن هم المساكين، وكيف تحسب إذا أردت توزيعها على شكل نقود،
فهل يجوز توزيعها على الأطفال في مثابة المساكين؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسكين من لا مال له أو له مال لا يكفيه هو ومن يعول، وليس عنده من يعوله، هذا إذا أردت أن تخرج الكفارة نقوداً، فإنك تعطي كل مسكين قيمة ما يغذيه أو يعشيه من النقود.
وأما إعطاء الكفارة للأطفال فلا يجزئ إلا إذا انطبقت عليهم صفة المسكين وسلمت إلى أوليائهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(11/18007)
كيفية الإطعام في الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم الإنفاق على ستين مسكيناً لشخص أفطر في شهر رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإطعام ستين مسكيناً في الكفارات يكون بإعطاء كل مسكين نصف صاع من قمح أو تمر أو أرز، أو غير ذلك من قوت البلد.
ويكون ذلك غير مطبوخ، ولو طبخت طعاماً لستين مسكيناً وجمعتهم عليه أجزأك ذلك، ولا يجزئ في هذه الكفارة أن يدفع جميعها إلى عائلة فقيرة عددها دون الستين، إذ لا يدفع لمسكين أكثر من نصف صاع، لكن إذا كانت على المرء كفارات متعددة، فإنه يجوز له أن يدفع للمسكين الواحد من كل واحدة نصف صاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1424(11/18008)
المرض لا يقطع التتابع في صيام الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص قتل نفسا ونوى أن يصوم ستين يوما، وفي اليوم الخمسين أصاب هذا الشخص مرض، وطلب منه الدكتور ضرورة الافطار وأفطر في هذا اليوم، فهل يكمل باقي الأيام أو يعيد صيام ستين يوما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اتفق العلماء على أن الحيض والنفاس لا يقطعان التتابع في صوم كفارة القتل الخطأ وما في حكمه مما يجب تتابعه، واختلفوا في المرض. فذهب بعض العلماء إلى أنه لو أفطر لمرض لم ينقطع التتابع، وإذا شُفِي، يبني على ما مضى، وهذا قول مالك وأحد قولي الشافعي وبه قال سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والحسن، والشعبي، وعطاء، ومجاهد، وقتادة، وطاووس. وقال أبو حنيفة وأصحابه: يستأنف. والأول أقرب للصواب. قال أبو عمر بن عبد البر في "الاستذكار" (3/338) : وحجة من قال يبني، لأنه معذور في قطع التتابع بمرضه ولم يتعمد، وقد تجاوز الله عن غير المتعمد. اهـ. وبناء عليه، فلا يجب عليك أن تبدأ الصيام من الأول، ولك أن تكمله. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(11/18009)
مسائل في كفارة الجماع في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عليه عشر كفارات بسبب جماع في نهار رمضان ولا يستطيع صيام 60 يوما عشر مرات،
ماهي صفة إطعام 60 مسكيناً، من حيث نوع الطعام وكميته وهل يطعم المسكين وجبة أم وجبتين وهل يشترط أن يطعم 60 مسكينا في يوم واحد أم يستطيع تجزئتها على عدة مرات وهل يستطيع إخراجها نقداً، أفيدونا على جميع الأسئلة مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن وقع على أهله في نهار رمضان فالواجب عليه أن يتوب إلى الله من ذلك، وأن يكفر بعتق رقبة، فإذا لم يستطع، فليصم عن كل يوم جامع فيه ستين يوماً، فإذا لم يستطع فليطعم عن كل يوم جامع فيه ستين مسكيناً، وإذا كان لا يستطيع أن يصوم عن جميع الأيام التي جامع فيها، ولكنه يستطيع أن يصوم عن بعضها لزمه ما يقدر عليه لأن الميسور لا يسقط بالمعسور.
وإطعام ستين مسكيناً يكون بأن يعطي كل مسكين مداً من طعام تمراً أو براً أو شعيراً ونحوها، والمد يعادل 750 جراما تقريباً من الأرز، وإذا أراد أن يكون التكفير بالطعام المطبوخ فتكفي وجبة مشبعة من أوسط الطعام لكل مسكين، ولا يشترط أن يطعم ستين مسكيناً في يوم واحد بل له أن يطعم بعضهم في يوم والبعض الآخر في يوم آخر أو أيام؛ إلا أن المبادرة والمسارعة هي الأفضل قطعاً.
وأما عن إخراج القيمة فالذي عليه الجمهور هو عدم الإجزاء وذهب الحنفية إلى جواز إخراج القيمة وهو اختيار شيخ الإسلام إن كان هو الأصلح للمسكين وهذا هو الذي نرجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1424(11/18010)
المفرط في قضاء الصوم إذا دخل رمضان تلزمه كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سبق لي أن مرضت مرضا نفسيا وأمرني الطبيب باتباع علاج بالأدوية مدة 3 سنوات والإفطار في رمضان عامين متتابعين. صمت شهرا وبقي واحد بعد دخول أشهر أخرى من رمضان، فماذا علي فعله حفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى فيما فعلت من الفطر ما دمت معذورا بالمرض، وانظر الفتوى رقم: 28026.
لكن إذا زال المرض وجب عليك قضاء الصوم قبل حلول رمضان الموالي، فإن حصل تفريط في القضاء حتى دخل رمضان الآخر، لزمك إضافة إلى الصوم إعطاء كفارة صغرى، وهي دفع مد لمسكين عن كل يوم أخرته.
والمتبادر من سؤالك أنك قضيت رمضان السنة الأولى، وبقي عليك رمضان السنة الثانية، فإن كان الأمر كذلك وصمت الشهر المتبقي عليك قبل رمضان التالي له، أتيت بما عليك وبرئت ذمتك بذلك.
وانظر الفتوى رقم: 2039.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1424(11/18011)
كفارة الجماع نهار رمضان تتكرر بعدد الأيام
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل غير محصن، جامع في نهار رمضان عدة أيام لا يذكر عددها، ثم هداه الله وتاب، ماهي الكفارة التي تجب عليه؟
وهل يجب عليه تكرار الكفارة بعدد الأيام؟ علما بأنه لا يذكر عدد الأيام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود أن الرجل غير متزوج، ووقع في فاحشة الزنا عدة مرات في نهار رمضان، فقد ارتكب معصية شنيعة وجريمة قبيحة، لأن فاحشة الزنا قد شدد الشرع على تحريمها، أحرى إذا كانت في هذا الشهر الكريم، فتجب عليه المبادرة إلى التوبة الصادقة والإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة، عسى الله تعالى أن يمحو عنه ما صدر منه من فاحشة ويتقبل توبته، وراجع الفتوى: 1929.
أما الكفارة، فإنها تتكرر عليه بعدد الأيام، كما هو مفصل في الفتوى رقم: 6733.
وعليه أن يأخذ بجانب الاحتياط في تلك الأيام التي أفسدها بالجماع، بحيث يخرج الكفارات عن العدد الذي تطمئن معه نفسه على براءة ذمته به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(11/18012)
تكرار الكفارة خاص بمن كان قادرا على القضاء ولم يقض
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 28سنة أصبت بمرض السكر في سنة 1990 ومنذ تلك السنة لم أصم كل شهور رمضان نظراً لما فيه من الضرر ترى ما هو حكم الإسلام في هذا الأمر؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة أن المريض مرضًا لا يرجى برؤه لا يجب عليه الصيام، والواجب عليه إطعام مسكين عن كل يوم مد طعام من غالب قوت البلد. فلتراجع الفتوى رقم: 10630.
فعلى السائل عد الأيام التي لم يصمها، وإطعام مسكين عن كل يوم منها، ولا تلزمه كفارة أخرى لتأخير الكفارة عما مضى من السنين، إذ تكرار الكفارة عند من يقول به خاص بمن كان قادرًا على القضاء ولم يقِض. أما الهَرم ونحوه فلا. قال ابن المقري في روض الطالب- وهو من علماء الشافعية-: تجب الفدية بتأخر القضاء، فلو أخر قضاء رمضان بلا عذر إلى قابل، فعليه مع القضاء لكل يوم مُدٌّ، ولو تكررت الأعوام تكرر المد.
قال شارح الروض زكريا الأنصاري عقب هذا: لأن الحقوق المالية لا تتداخل، بخلافه في الهَرم ونحوه لا تتكرر بذلك لعدم التقصير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/18013)
لا حرج في إخراج الكفارة على دفعات
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
بالنسبة لمن عليه كفارة إطعام ستين مسكينا، هل يتوجب عليه إطعامهم دفعة واحدة؟ أم يجوز له إطعام القليل ثم القليل إلى أن ينتهي من إطعام الستين؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج عليك -إن شاء الله- في إخراج الكفارة على دفعات، بحيث تطعم من استطعت إطعامه من مساكين، ثم تكمل الباقي في وقت آخر؛ بدليل ما ذكره ابن قدامة في المغني قائلاً: ولا يجب التتابع في الإطعام، نص عليه أحمد في رواية الأثرم. وقيل له: تكون عليه كفارة يمين فيطعم اليوم واحدًا وآخر بعد أيام وآخر بعد، حتى يستكمل عشرة؟ فلم ير بذلك بأسًا، وذلك لأن الله تعالى لم يشترط التتابع. اهـ
ويمكنك الرجوع إلى الفتوى رقم: 26581.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(11/18014)
من تلزمه كفارة القضاء، ومتى تلزمه
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أربعة أعوام مرض أخي بمرض السكري في العشر الأواخر من رمضان وطلب منه الدكتور عدم الصيام وطلب أخي مني أن أدفع له الكفارة من ماله الذى معي وأنا لم أخرج الكفارة ظناً مني أنه يمكن أن يصوم تلك الأيام قبل رمضان القادم ماذا نفعل الآن بعد مرور أربع سنين؟ هل نخرج الكفارة أو ما حكم ذلك؟ أعرف أنني مذنبة وأدعو الله أن يغفر لي وهل عليّ أي شيء يمكن أن أفعله للتكفير عن ذنبي؟
أفتوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان أخوك عاجزًا عن الصوم عجزًا مستمرًا، فإن عليه أن يطعم مسكينًا عن كل يوم من أيام رمضان، وذلك طيلة حياته. قال تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184] . قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليست منسوخة، هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا. رواه البخاري.
وفي رواية عند النسائي: لا يرخص في هذا إلا للذي لا يطيق الصيام، أو مريض لا يشفى.
وإن كان قادرًا على الصيام فعليه أولاً أن يقضي الأيام العشرة إذا لم يكن قضاها من قبل. ثم إن كفارة التفريط في قضاء رمضان لا تلزمه إلا إذا كان قادرًا على الصيام في أواخر شعبان من السنة التي ترك منها هذه الأيام العشرة.
وأما إن كان عاجزًا عن الصيام آنذاك، فإن الكفارة لا تلزمه، ولو فرط بعد ذلك في القضاء. قال الدسوقي: واعلم أن التفريط الموجب للإطعام إنما ينظر فيه لشعبان الواقع في السنة التي تلي رمضان المقضي خاصة، فإذا لم يفرط فيه فلا إطعام، ولو فرط في ما قبله أو في ما بعده من العام الثاني. (1/537) .
وإذا كانت الفدية لزمته على التقدير الأول، أو الكفارة على التقدير الثاني، فإن أيًّا منهما لا تسقط بمضي زمنها، فليخرجها الآن.
وأما أنت فإذا كنت أخرت الكفارة التي أمرك بإخراجها لغير عذر بعد أن لزمته فقد تعديت على مستحقي الكفارة بسبب تأخيرك إيَّاها عنهم لغير سبب. وعليك أن تستغفري الله تعالى.
أما إذا كنت أخرتها لعذر أو كنت ترين أن الكفارة لم تلزم أخاك بعد، فلا إثم عليك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(11/18015)
العاجز عن أداء كفارة الجماع نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ 7 سنوات كنت عاقداً على زوجتي ودخلت عليها قبل الزفاف وللأسف كان ذلك في نهار رمضان أعلم أنه توجد كفارة وأنا لا أقدر على الصوم مدة شهرين متتابعين ولا أملك مالا للكفارة لي ولزوجتي وطبعا زوجتي مثلي لا تقدر على الصوم فأنا موظف ومرتبي لا يكفي حتى نصف الشهر ولكن أحيانا يكون معي نقود فتصرف على المنزل أو الديون وهل ممكن أن يكون هذا الذنب سبباً في أن أكون طوال الزمن مدين؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرجل إذا عقد على زوجته فقد حل لكل منهما جميع ما يجوز بين الزوجين، فلا حرج إذن في الدخول بها قبل الزفاف. وانظر ذلك في الفتوى رقم: 3561.
وأما كون ذلك وقع منك في نهار رمضان، فهذا محرم بإجماع الأمة، لقول الله تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا [البقرة:187] .
ثم إن الجماع في نهار رمضان موجب للكفارة بلا خلاف بين العلماء، فقد روى الشيخان والترمذي وأبو داود وابن ماجه والدارمي ومالك وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت. فقال صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ قال: وقعت بأهلي في رمضان. قال: تجد رقبة؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: فتستطيع أن تطعم ستين مسكينًا؟ ... فإذا لم يكن عندك ما تعتقه ولست قادرًا على الصيام ولا تملك إطعام ستين مسكينًا، فالظاهر أن الكفارة ستبقى في ذمتك إلى أن تستطيع أداءها، إذ لا يوجد بديل عن هذه الأنواع الثلاثة.
وأما زوجتك فقد اختلف في وجوب الكفارة عليها. وانظر ذلك في الفتوى رقم: 1113، والفتوى رقم: 11181.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1424(11/18016)
حكم وضع الكفارة في صندوق التبرعات
[السُّؤَالُ]
ـ[كم درهماً تعادل كفارة إطعام مسكين؟ وهل يجوز وضعها في صندوق التبرعات على أن تكون النية هي وضعها على أساس أنها كفارة، لكن من دون توضيح أنها كفارة، هل تبرأ الذمة بذلك؟
وهل يصح مثلاً إعطاء الكفارة إذا كانت أكثر من واحدة (عدة كفارات) نفس الأشخاص في نفس الوقت؟
مثلاً إذا كان على شخص كفارة لتأخره عن صيام قضاء مثلاً خمسة أيام فإنه يجب عليه إخراج كفارة عن كل يوم، والسؤال هو: هل يجوز إعطاء هذه الكفارات الخمس لشخص واحد فقط في نفس الوقت؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كفارة التفريط في قضاء رمضان هي إطعام بقدر مده صلى الله عليه وسلم، روى مالك في الموطأ: من كان عليه قضاء فلم يقض وهو قوي على صيامه حتى جاء رمضان آخر فإنه يطعم مكان كل يوم مسكينا مداً من حنطة، وعليه مع ذلك القضاء، وعن مالك أنه بلغه عن سعيد بن جبير مثل ذلك. 2/71.
والمد سبعمائة وخمسون غراماً تقريباً، وقيمته بالدراهم تختلف باختلاف البلدان، وأما وضع الكفارة في صندوق التبرعات فإنه يجوز إذا كان القائمون عليه يوصلونها إلى المساكين، وعليه فلا بد من توضيح أنها كفارة لئلا يصرفوها في غير مصرفها، وانظر الفتوى رقم: 30473.
وأما عن إعطاء الكفارات الخمس لشخص واحد، فإنه يجوز إن كانت الكفارات عن خمسة أيام من خمسة أعوام، وإلا فلا، قال الدردير: فلو أعطى مسكيناً مدين عن يومين مثلا ولو كل واحد في يومه لم يجزه إن كان التفريط بعام واحد، فإن كان من عامين جاز. 1/537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1424(11/18017)
يتغير الحكم تبعا لنوع الكفارة وسببها
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً
أود أن أسألكم عن الكفارة وسؤالي هو: أنا من الآن سأعلن توبتي وسأكفر فيما بعد، فهل صحيحة توبتي؟؟ وهل يصح عندما أكفر أن أصوم ما استطيعه، والباقي أكفر عنه بالإطعام وهل الصيام يكون متتالياً؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت لنا فتوى برقم:
5450 فيها بيان حقيقة التوبة وشروطها.
وأما ما يتعلق بالكفارة فلم تذكر لنا في سؤالك ما هو نوع الكفارة التي عليك، وهل كان سببها مباحاً أم لا، لأن الحكم أو عدمه يتغير بذلك، والحاصل أن الأصل في الكفارات أنها على التراخي إلا إذا كان سببها محرماً فتجب فوراً مبادرة للخروج من المعصية وإبراء للذمة، قال ابن حجر الهيثمي في تحفة المحتاج عند كلامه على كفارة القتل: ويجب الفور في العمد وشبهه كما هو ظاهر تداركاً لإثمهما بخلاف الخطأ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1424(11/18018)
كفارة الوطء في نهار رمضان تجب على الترتيب
[السُّؤَالُ]
ـ[جامعت زوجتي في رمضان وفي أول أيام زواجنا، وتم ذبح جاموس رضيع وتم توزيعه على الفقراء بمقدار 5ج هل علي أيضا صيام 60 يوماً أم إفطار ستين مسكيناً؟ أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كفارة الوطء في نهار رمضان تجب على الترتيب وهذا قول الجمهور؛ لحديث الأعرابي المشهور في الصحيحين وغيرهما.
وعليه؛ فيجب عليك إذا لم تجد رقبة تعتقها أن تصوم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فيجب عليك إطعام ستين مسكيناً كما جاء على الترتيب في الحديث المذكور.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم وجوب الترتيب، ولكنه قول ضعيف دليلاً.
وذبح العجل الرضيع أو غيره من الحيوانات لا يقوم مقام إطعام ستين مسكيناً، ومن كان فرضه الإطعام فإن عليه أن يُعطي لكل مسكين مداً، أو يعُطيه عشاء وغداء.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
1104
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1424(11/18019)
الوطء في نهار رمضان جهلا وبدون إنزال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الجماع في نهار رمضان بدون إنزال جاهلاً بالحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق العلماء على أن الجماع في نهار رمضان يستوجب الكفارة، سواء حصل مع الجماع خروج مني أم لا؟.
ودليل هذا ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت، قال: ما لك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعيين؟ قال: لا، قال: هل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال: لا، قال: بينما نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال: أين السائل؟ فقال: أنا، فقال: خذه فتصدق به.
ومحل الشاهد في الحديث هو قول السائل: وقعت على امرأتي وأنا صائم.
فلما لم يستفسر منه النبي صلى الله عليه وسلم عن خروج المني، دل ذلك على أن مجرد الوطء وحده كاف لوجوب الكفارة، لأن من القواعد عند أهل العلم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وأن ترك الاستفصال ينزل منزلة العموم.
وبناء على هذا، فالواجب على من حصل منه ذلك أن يتوب إلى الله تعالى، ويبادر إلى تقديم الكفارة، وقد ذكرنا ما يتعلق بها في الفتوى رقم: 1104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1424(11/18020)
لا ينقطع التتابع بالنسيان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من كان صائما شهرين كفارة قتل خطأ وأفطر يوما سهواً هل يكمل أم يبدأ من جديد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أفطر يوماً سهواً في أثناء الصوم الذي يجب تتابعه فلا ينقطع بذلك التتابع المأمور به في صيام الشهرين إذا قضاه متصلاً بالشهرين على الراجح من أقوال أهل العلم في ذلك، وإليه ذهب المالكية، كما في حاشية الدسوقي ومنح الجليل.
وعند الحنابلة لا ينقطع التتابع بالنسيان أيضاً، ولكن لم يشترطوا ما اشترط المالكية من قضائه متصلاً بالشهرين.
وقول المالكية أقوى، لأن الله تعالى أمر بصيام شهرين متتابعين، وهذا لا يتحقق إلا إذا قضى اليوم الذي أفطره متصلاً بصيامه لتتحقق صفة التتابع المأمور بها.
ومما يدل على أن التتابع لا ينقطع بالنسيان قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه" رواه البيهقي.
والنسيان لا يمكن التحرز منه، وقد قال تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ... ) [البقرة:286] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/18021)
لا ينقطع التتابع بالفطر في العيدين وأيام التشريق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت قد سألتكم فيما مضى عن امرأة أفطرت في رمضان متعمدة ثم تابت إلى الله عز وجل وكفرت عن ذنبها بصيام شهرين متتابعين وقد صادف آخر أيام كفارتها يوم عيد الأضحى فهل فعلها صحيح أم لا؟ فاجبتمونا بأن المرأة ليس عليها كفارة مغلظة.
أرجو من سماحتكم توضيح الأمر لأني لم أفهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان جوابنا الأول واضحاً وهو أن أهل العلم رحمهم الله اختلفوا في وجوب الكفارة المغلظة على المرأة إذا أفسدت صومها بجماع، ورجحنا أنه ليس عليها كفارة.
ونضيف هنا أن المرأة لو أخذت بالقول الآخر الموجب عليها للكفارة المغلظة، فإنه يجب عليها أن تعتق رقبة، فإن لم تجد فعليها صوم شهرين متتابعين، فإن جاء يوم عيد الأضحى وهي في الصيام وجب عليها الفطر ولو صامته لم يجزئها.
واختلف أهل العلم في صحة التتابع في صومها حينئذٍ، فذهب أكثرهم إلى أنه ينقطع ويلزمها استئناف صوم شهرين متتابعين، لأنه كان بإمكانها أن تتحين زمناً لا يكون فيه العيد.
وذهب الحنابلة إلى أن فطر يوم العيد وأيام التشريق لا يقطع التتابع، بل عليها أن تفطر وتكمل صومها بعد ذلك مباشرة، فلو أخرته لزمها استئناف الشهرين من جديد، وقد سبق ترجيح هذا في الفتوى رقم: 14184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/18022)
حكم إخراج قيمة الكفارة بدلا من الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي وضعت منذ20 سنة في شهر رمضان وأخرجت مالاً عن أيام إفطارها والآن يقال لها صومي ما عليك رغم أنها أخرجت مالاً ما الحكم هل تصوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على أختك أن تتوب إلى الله تعالى من تأخير الصيام طيلة هذا الزمن، ويجب عليها الآن قضاء هذه الأيام التي أفطرتها، ويلزمها مع القضاء كفارة، وقدرها مد من طعام عن كل يوم، وراجع الفتوى رقم:
5802 - والفتوى رقم: 10224.
وأما المال الذي أخرجته عن الأيام التي أفطرتها فنسأل الله تعالى أن يتقبله ويثيبها عليه، ولكن لا يجوز إخراج القيمة -قيمة الكفارة- بدلاً من الطعام على الراجح من أقوال أهل العلم للنص على الإطعام في الآية الكريمة: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184] .
وللفائدة راجع الفتوى رقم:
6673.
وننبه إلى أن هذا المال إذا دفعتموه إلى من أخرج طعاماً - كالجمعيات الخيرية وأهل الخير - فقد أجزأ ولا يلزم إخراج الكفارة ثانية حينئذ والحمد لله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(11/18023)
مقدار الفدية حسب القول الراجح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أريد أن أسال كيف يكون إطعام المسكين فيمن لا يقدر أن يصوم شهر رمضان بسبب مرضه المزمن؟
أيكفي أن أعطيه في ثلاثين يوما كيسا من الدقيق ووزنه 25 كلغ ووعاء من الزيت بسعة 5
لتر. أيكفي هذا أم أزيد عليه..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن عجز عن صيام رمضان لكبر أو مرض مزمن فإن عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً؛ لقول الله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184] .
قال ابن عباس: هي باقية في الرجل الكبير والمرأة الكبيرة.
وقد اختلف العلماء في مقدار الفدية عن كل يوم، فذهب المالكية والشافعية إلى أن مقدار الفدية مدٌّ عن كل يوم، وبه قال طاووس وابن جبير والنووي والأوزاعي وغيرهم.. وهو الأقرب إلى الصواب.
وذهب الحنفية إلى أن مقدار الفدية صاع؛ إلا من الحنطة فنصف صاع.
وذهب الحنابلة إلى أن مقدار الفدية نصف صاع؛ إلا من الحنطة فمد.
فعلى مذهب الجمهور فإن المقدار الواجب عن الثلاثين يوماً هو سبعة آصع ونصف، والصاع تقدم تقديره في الفتوى رقم: 26376، وفيها أن الأحوط اعتبار الصاع بثلاثة كيلو جرام.
فالوجب في الثلاثين يوماً هو اثنان وعشرون كيلو ونصف، وعليه فالمقدار المذكور في السؤال كاف وزيادة. هذا مع التنبيه إلى أن الزيت ليس مراداً في الاطعام، وإنما المراد ما يقتاته الناس كالبر والشعير والتمر......
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(11/18024)
حكم الجاهل بحرمة الجماع نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
نشكركم على هذا الموقع الرائع، جزاكم الله خيراً.... لدي مجموعة من الأسئلة:
1- ما حكم من أتى زوجته (جامعها) في شهر رمضان وهو لا يعلم بأنه حرام.
2- ما حكم الصلاة السرية والصلاة الجهرية؟ جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجماع في نهار رمضان حرام، بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، والواقع فيه عامداً عالماً بالحكم تجب عليه الكفارة، وقد مضى تفصيل في ذلك ذكرناه في الفتوى رقم:
1113 - والفتوى رقم: 1104.
هذا إذا كان عالماً بالحكم، أو كان جاهلاً به، لتقصيره في تعلم أحكام دينه، كأن يكون نشأ في بلاد المسلمين ونحو ذلك.
أما إذا كان حديث عهد بالإسلام، أو نشأ مسلماً ببادية بعيدة عن العلم والدين، فلا كفاره عليه، لعدم تقصيره، والمسقط للكفارة هنا هو الجهل بحكم الجماع، لا الجهل بوجوب الكفارة على تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم:
24032 - والفتوى رقم: 23228 فلتراجع ذلك لزاماً.
أما عن أحكام الصلوات السرية والجهرية، فقد مضى بيانها في فتاوى عديدة، منها الفتاوى التالية:
23768 -
18560 -
16561 -
6545.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1423(11/18025)
ما يجب على من أفطر يوما في شهر رمضان عمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرت يوماً في شهر رمضان عمدا ثم صمت شهرين ولكن غير متتاليين لأني لا أريد أن يعرف أهلي ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان فطرك بجماع متعمد في نهار رمضان ولست مريضاً ولا مسافراً فعليك صيام شهرين متتابعين لا يجزؤك غير هذا؛ إلا إذا كنت لا تستطيع الصيام فعليك إطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين مد وهو ما يساوي 750 جرام تقريباً، وإن كان فطرك بغير الجماع فلا كفارة عليك في هذه الحالة، وانظر الفتوى رقم: 13076 ولا يلزمك غير القضاء. واعلم بأن الفطر في رمضان متعمداً بلية وذنب عظيم، قال البخاري في صحيحه: ويذكر عن أبي هريرة رفعه: من أفطر يوماً من رمضان بغير عذر ولا مرض لم يقضه صيام الدهر وإن صامه. وبه قال ابن مسعود.
ولهذا نوصيك بالتوبة إلى الله، والإكثار من العمل الصالح قال تعالى (فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة:39) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1423(11/18026)
هل يصح إعطاء فدية الصيام للأم الفقيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تعاني من داء السكري المستوجب للأنسولين منذ سن العاشرة، وحين وصلت إلى مرحلة البلوغ لم يفطن أهلها إلى وجوب إخراج الفدية عن عدم استطاعتها صيام شهر رمضان وذلك لمدة خمس سنوات، وسؤالي هل يجوز إخراج الفدية عن هذه السنوات وإعطاؤها لأمها، علما أن والدتها تعمل بأجر زهيد وعليها عدة ديون، وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دامت زوجتك عاجزة عن الصيام عجزاً مستمراً فالواجب عليها أن تطعم عن كل يوم لم تصمه في رمضان مسكيناً منذ بلوغها سن التكليف، ويعرف بلوغ سن التكليف بواحد من أربعة سبق بيانها في الفتوى رقم:
10024.
وعلى زوجتك أيضاً كفارة هي إطعام مسكين لكل يوم أفطرته وأخرت قضاءه مع قدرتها على القضاء حتى دخل عليها رمضان الآخر، وذلك لتفريطها كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
1948.
وما دامت أم زوجتك مدينة، وليس عندها ما يفي بسداد دينها، ولا تغطية نفقتها فهي محتاجة يصح لابنتها صرف كفارتها إليها إذا لم تكن نفقتها واجبة عليها، لأن مصرف الكفارة هو الفقير والمسكين على الصحيح من أقوال أهل العلم بشرط ألا تكون نفقته واجبة على المخرج للكفارة كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1423(11/18027)
هل يمكن دفع فدية الصيام لشخص واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والدتي مريضة وهي لا تقوى على الصوم ولا تجد من تطعم كل يوم
هل بالإمكان إخراج مال بمقدار ما يطعم رجلا لمدة ثلاثين ليلة
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت والدتك مريضة مرضاً يرجى برؤه فلا إطعام عليها ولها أن تفطر في رمضان، فإذا برئت من مرضها صامت عدد الأيام التي أفطرت من رمضان، قال الله تعالى (فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) أما إذا كان مرضها مزمناً لا يرجى برؤه فإنها تطعم عن كل يوم مسكيناً، ولها أن تطعم جماعة، أو تعطي جميع الطعام لفرد واحد، ولها أن تخرج قيمة الطعام من المال وتوزعها على الفقراء والمساكين أو تعطيها لفقير واحد إذا لم تجد من يأخذ الطعام، أو كان في إعطاء القيمة مصلحة للفقير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1423(11/18028)
لا يشترط إخراج الفديه كاملة في وقت واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أفطرت عدة أيام من رمضان الماضي لأنني كنت حاملاً ولم أقض هذه الأيام حتى الآن، أعلم أنه يتوجب علي دفع كفارة بإطعام عشرة مساكين عن كل يوم السؤال هو: ما قيمة الكفارة عن كل شخص مع العلم أنني أعيش في الإمارات وهل أستطيع أن أدفع الكفارة على مراحل متعددة وذلك بسبب الأحوال المادية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللحامل أن تفطر إذا خافت على نفسها وولدها وعليها القضاء فقط لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم. رواه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه.
وإذا خافت على ولدها فقط فعليها القضاء والفدية عند الجمهور؛ وهي فتوى ابن عباس وابن عمر ولم يعلم لهما مخالف.
وينبغي تعجيل القضاء ولا يجوز تأخيره حتى يدخل رمضان، لحديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أقضيه إلا في شعبان. رواه البخاري.
ومن أخر القضاء من غير عذر حتى دخل رمضان آخر فعليه القضاء مع الفدية عند الجمهور، وبه أفتى جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
والفدية هي: إطعام مسكين واحد عن كل يوم يفطر فيه -لا عشرة مساكين كما ذكرت- لقوله تعالى: فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184] .
وأما مقدارها فمد من الطعام، والمد يساوي 750 جراماً تقريباً من الأرز، وانظري الفتوى رقم:
26131.
ومن دعا مسكيناً إلى وجبة غداء أو عشاء أجزأه ذلك كما نص على ذلك الإمام أحمد، ولا يجزئ في الفدية أن تخرج قيمتها عند الجمهور، كما هو مبين في الفتوى المحال عليها.
ولا يشترط أن تخرجي كل ما لزمك من فدية في وقت واحد، بل لا بأس بإخراجها حسب قدرتك وسعتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(11/18029)
لا يجزئ وضع الكفارة في صندوق التبرعات العام
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أقض العديد من أيام رمضان فقد توالى علي رمضان تلو رمضان ولم أصم بسب تكاسلي وقد علمت مؤخراً أنه لا يجوز ذلك ويجب علي أن أطعم مسكينا كفارة عن كل يوم لم أقضه لكن لا أعرف كيف أصل إلى هؤلاء المساكين لإطعامهم هل يجوز أن أضع في صندوق التبرعات على أمل أن تصل إليهم ألا توجد كفارة أخرى، وأريد أن أعرف ما نية القضاء وشكراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك صيام الأيام التي أفطرتها بنية قضائها وتكون هذه النية من الليل، وتجددها كل ليلة على القول الراجح من أقوال أهل العلم، كما في الفتوى رقم:
2905.
وتجب عليك مع القضاء كفارة لكل يوم أخرت صومه حتى دخل عليك رمضان الآخر بدون عذر، كما في الفتوى رقم: 7059.
ولا بد من إيصال الكفارة إلى المساكين إما بنفسك وإما بتوكيل من تثق فيه سواء كان فردًا أو جماعة أو مؤسسة.
وأما مجرد وضعها في صندوق التبرعات على أمل أن تصل إلى المساكين فغير مجزئ لأن صندوق التبرعات قد يصرف للفقراء وقد يصرف في أمور أخرى، ولا تجزئ لو صرفت فيها لأنها للمساكين، فلا يصح صرفها لغيرهم ولو في مجالات خيرية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1423(11/18030)
ماهية المرض المبيح للفطر، وأحكام الفدية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.. لدي أخ مريض بمرض مزمن يضطر أن يفطر في رمضان السؤال
1) هل يجب أن نخرج عن كل يوم مقدار إطعام صائم بشكل يومي وكم يبلغ المقدار بالدينار الكويتي نقداً؟
2) هل يجوز إخراج نقود بدلاً عن الإطعام آخر الشهر وإعطاؤها إلى (خالي) ذي حالة من الفقر هو وأولاده خلال هذا الشهر، علماً بأننا نرسل له كل شهر مقداراً من المال.
هذا وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصوم رمضان فرضه الله تعالى على كل:
1-مسلم.
2-بالغ، فلا يجب على الصبي.
3-عاقل، فلا يجب على المجنون.
4-قادر على الصوم، فلا يجب على المريض الذي يزيد الصوم مرضه، أو يؤخر برأه.
5-مقيم، غير مسافر.
6-سالم من الموانع، أي من الحيض والنفاس.
لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون* أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون* شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:183-185]
وقد رخص الله جل وعلا للمريض في الفطر في رمضان إذا كان الصوم يزيد مرضه أو يؤخر برأه، ويراجع الجواب رقم: 5978 ورقم: 18166 لمعرفة المرض الذي يجوز معه الفطر، وإذا كان أخوك مريضاً مرضاً مزمناً لا يرجى برؤه، ولا يقدر معه على الصيام، فإنه يسقط عنه الصوم بإجماع أهل العلم كما حكاه ابن المنذر رحمه الله، وقد اختلفوا في وجوب الفدية، فمنهم من أوجبها عليه، ومنهم من لم يوجبها، وأصح القولين قول من أوجب الفدية، وهو مذهب جمهور العلماء، كما قال النووي رحمه الله في المجموع.
واختلفوا أيضاً في من أعسر ولم يقدر على الفدية، والراجح أنها تسقط عنه حينئذ، قال الإمام النووي رحمه الله: وينبغي أن يكون الأصح هنا أنها تسقط ولا يلزمه إذا أيسر كالفطرة، لأنه عاجز حال التكليف بالفدية. انتهى.
والفدية هي أن يطعم مسكيناً عن كل يوم مداً من طعام، والمد يساوي في عصرنا بالأوزان الحديثة 750 جراماً تقريباً من أرز أو غيره من غالب قوت أهل البلد.
ولا يجوز إخراج القيمة بدلاً من الطعام على الراجح من أقوال أهل العلم للنص على الإطعام في الآية الكريمة وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين [البقرة:184] وللفائدة يراجع الجواب رقم:
6673 وأما إعطاء خالك الفدية فلا بأس بذلك بل هو أولى من غيره إذا كان من الفقراء والمساكين، على أنه ينبغي لكم أن لا تقطعوا بها النفقة التي ألزمتم بها أنفسكم له ولأولاده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18031)
كفارة المريض الذي لا يقدر على الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[فى حالة الإفطار اضطراراً لمرض تقدم الكفارة
هل هذه الكفارة عن الإفطار والسحور؟ وما قيمة الكفارة سواء عن الإفطار فقط أو عن السحور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان مريضاً مرضاً يرجى برؤه فإنه يفطر ثم يقضي، ولا يلزمه كفارة إلا إن أخر القضاء بلا عذر حتى دخل عليه رمضان آخر، فإنه يقضي ويكفر كفارة تأخير القضاء وهي مد عن كل يوم لمسكين، أما المريض الذي لا يرجى برؤه فإنه يفطر ويُكفر عن كل يوم أفطره مداً لمسكين، والمد هو ما يساوي 750 غراماً من الأرز أو غيره، مما يعد طعاماً يقتات به على حسب اختلاف العادات والأعراف.
وما توهمه السائل من أن هناك كفارتين واحدة للإفطار وأخرى للسحور ليس صحيحاً، فهي كفارة واحدة عن كل يوم وليست كفارتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1423(11/18032)
لا يجزى إخراج القيمة عن الفدية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الفدية للمريض الذي لا يرجى شفاؤه تكون مالاً أم طعاماً وما مقدارها عن اليوم الواحد؟ جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان مريضًا بمرض لا يرجى برؤه لا يستطيع معه الصيام فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا مدًا من الطعام وهو ما يعادل 750 جرامًا تقريبًا، ولا يجزئ عند جمهور العلماء إخراج القيمة عن إخراج الطعام.
وانظر الفتاوى التالية:
17676 -
16635 -
1848 -
6673 -
2277.
ففيها تفاصيل لكل ما ذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(11/18033)
من عجز عن دفع الفدية بقيت دينا في ذمته إلى حين ميسرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أصابني مرض السكر منذ سنوات خلال شهر رمضان نصحني الدكتور بعدم الصيام في تلك السنة وبعد ذلك أردت أن أقضي هذه الأيام ولكن لا أستطيع نظراً لمشقة ذلك علي وكنت في ذلك الوقت لا أعمل ولا أستطيع إطعاما عن كل يوم مسكين وقد مضى على ذلك عدة سنوات والآن تحصلت على عمل وأريد أن أبرىء ذمتي؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن عجز عن الصيام لمرض لا يرجى برؤه، لزمته الفدية، وهي: إطعام مسكين عن كل يوم أفطره، فإن عجز عن دفع الفدية بقيت دينًا في ذمته إلى حين ميسرة، وعليه فيجب عليك القضاء إن تمكنت من ذلك وإلا فالفدية المذكورة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1423(11/18034)
حكم من أعسر ولم يقدر على الفدية
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص مريض بمرض قرحة المعدة وأجرى عملية استئصال للقرحة وفي زمن مرضه بالقرحة يتعب من الصيام فلا يستطيع أن يصوم وبعد العملية جرب الصيام ولكنه يتعب خاصة في رمضان الماضي لم يستطع الصيام وكذلك لا يقدرعلى الإطعام وقد مر عليه أكثر من رمضان واحد وحالته هذه وهو ما صام ولا أطعم فهل يسقط عنه الإطعام عملا بقوله تعالى ((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)) أم ماذا أفتونا مأجورين، وجزاكم الله عني خير الجزاء ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه، ولا يقدر معه على الصيام سقط عنه الصوم بإجماع أهل العلم كما حكاه ابن المنذر رحمه الله، ونقله عنه النووي عليه رحمة الله في شرح المهذب.
وإنما اختلفوا في وجوب الفدية، فمنهم من أوجبها عليه، ومنهم من لم يوجبها، وأصح القولين قول من أوجب الفدية، والذي يترجح أنها تبقى في ذمته، فإذا أيسر دفعها، والفدية هي إطعام مسكين واحد عن كل يوم، وذلك بأن تدفع له 750 جراماً من أرز أو غيره من غالب قوت أهل البلد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1423(11/18035)
حكم إعطاء الفدية لمسكين واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال حول صيام القضاء زوجتي بقي عليها سبعة أيام من رمضان الماضي ولم تقم بقضائها لأنها كانت حاملاً خوفا على الحمل وها قد دخل رمضان فهل عليها كفارة وما مقدارها، وهل يجوز إخراجها على الأيتام كإفطار جماعي لهم في رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم جواز فطر الحامل في رمضان إذا خشيت على جنينها في الفتوى رقم:
2261.
أما بخصوص الأيام التي أفطرتها زوجتك فعليها أن تقضيها ولا حرج في التأخير إلى أن يبقى قبل رمضان ما يسعها وعندئذ يجب عليها القضاء فإذا منعها منه مانع حتى أدركها رمضان التالي فلا إثم عليها ولا فدية ولكن عليها أن تقضيها بعد رمضان. أما إذا حصل منها تفريط، ولم تصم بدون عذر حتى دخل رمضان فعليها التوبة من ذلك مع لزوم القضاء والفدية وهي إطعام سبعة مساكين عن كل يوم مد لمسكين، ويجوز أن تعطي الكفارة لمسكين واحد، وأن تغذي المساكين أو تعشيهم، على ما روي عن أحمد رحمه الله، ولا تدفع للأيتام إلا إذا كانوا فقراء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1423(11/18036)
من جامع في نهار رمضان جاهلا وجوب الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحكم الشرعي لمعاشرة الزوجة في نهار شهر رمضان عن جهل وتمت التوبة والاستغفار لله والحمد لله وبارك الله فيكم وما هو العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صرح العلماء بأن من وطئ زوجته في نهار رمضان جاهلاً بالحكم أنه يعذر بجهله، فلا قضاء عليه ولا كفارة، إذا لم يتمكن من تعلم الأحكام الشرعية، كحديث الإسلام الذي لا يزال في بلاد الكفر، أو الناشئ في بادية بعيدة، قال النووي في المجموع: (إذا أكل الصائم أو شرب أوجامع جاهلاً بتحريمه -فإن كان قريب عهد بإسلام أو نشأ ببادية بعيدة بحيث يخفى عليه كونه مفطراً- لم يفطر، لأنه لا يأثم، فأشبه الناسي الذي ثبت فيه النص، وإن كان مخالطاً للمسلمين بحيث لا يخفى عليه تحريمه أفطر لأنه مقصر.) انتهى
وقال الدردير في الشرح الكبير: (ورابعها -أي موجبات الكفارة- أن يكون عالماً بالحرمة، فجاهلها كحديث عهد بإسلام ظن أن الصوم لا يحرم معه الجماع فجامع فلا كفارة عليه.) انتهى
ومحل عدم وجوب الكفارة هنا إذا كان جاهلاً بحكم الجماع في نهار رمضان، أما إذا كان جاهلاً بحكم الكفارة، مع علمه بحكم الجماع، فلا تسقط عنه الكفارة، قال الزركشي في المنثور: (لو قال: علمت تحريم الجماع، وجهلت وجوب الكفارة، وجبت بلا خلاف، ذكره الدارمي وغيره، قال النووي في شرح المهذب: هو الراجح.) انتهى
وقال الدردير: (وأما جهل وجوبها -يعني الكفارة- مع علم حرمته فلا يسقطها.) انتهى
هذا هو حكم غير المتمكن من التعلم، أما المتمكن من التعلم، وهو الذي يعيش بين المسلمين، أو لديه من الوسائل ما يتمكن بها من ذلك، فلا يعذر بجهله، لأن المسلم مطالب بتعلم ما وجب عليه من الأحكام الشرعية، كما نقل الإجماع على ذلك الشافعي والغزالي، فمن ترك التعلم كان آثماً لتقصيره، والخطأ الناشيء عن تقصيره إثم آخر، والقاعدة أن "الإثم لا يبرر الإثم"
وأيضاً فإن الجاهل يقدر على دفع جهله بالتعلم، فكان تركه له سبباً في عدم عذره، قال القرافي في الفروق: (فإذا كان العلم بما يقدم عليه الإنسان واجباً، كان الجاهل في الصلاة عاصياً بترك العلم، فهو كالمتعمد الترك بعد العلم بما وجب عليه.) انتهى.
وعلى هذا فمن علم بحرمة الجماع نهار رمضان ثم أقدم عليه وجبت عليه الكفارة وإن جهل بوجوبها، كما تجب عليه التوبة إلى الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(11/18037)
الفقير القريب أولى بالصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن إعطاء كفارة الصيام للأقارب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القريب الذي لا تلزم نفقته إذا كان من مصارف الزكاة فقيراً أو مسكيناً فهو أولى بها من غيره، إذ أن القريب أولى بالبر، والإحسان إليه: ففي سنن الترمذي عن سلمان بن عامر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: "الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة" وهو حديث حسن.
وإن كان البعيد أحوج، فلا يحابى بها القريب، فالبعيد حينئذ أولى بها.
قال ابن تيمية في مجموع الفتاى عن الزكاة: قال أحمد عن سفيان بن عيينة: (لا يحابي بها قريباً، ولا يدفع بها مذمة، ولا يقي بها ماله) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1423(11/18038)
كفارة الصيام تكون بالطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كفارة الأيام التي لم تقض من رمضان في نفس السنة بخلاف الصيام وإذا كان إطعاماً فما المقدار بالريال؟
جزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أخر قضاء صيام رمضان حتى أدركه رمضان الآخر بغير عذر فعليه القضاء مع كفارة التأخير، وإن كان لعذر من مرض ونحوه فلا تلزمه الكفارة، وإنما عليه القضاء فقط، وهذه الكفارة تكون بالطعام، ومقدارها مبين في الفتوى رقم:
11653
وقيمة الطعام لا تخرج بدلاً عنه إلا للحاجة أو المصلحة. كما هو مبين في الفتوى رقم:
6372
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(11/18039)
لا تتضاعف كفارة القضاء بمرور السنوات
[السُّؤَالُ]
ـ[كان علي صيام خمسة أيام من رمضان منذ كنت في الصف الأول الإعدادي ولم أتمكن من صومها في أول سنة لقدوم النصف من شعبان ولم أكن أعلم أن من عليه قضاء مستثنى من هذه القاعدة وبعد أن طاف رمضان الأول علمت أن علي القضاء مع دفع مبلغ لإطعام مساكين وبما أني لم يكن لدي مال ولم أستطع أن أطلب من والدي أجلت ذلك إلى أن أعمل فكم يكون المبلغ الواجب علي دفعه إذا مرت 10 سنوات وخصوصا أن زوجي غير مستعد لدفع المبلغ عني وشكرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أخر قضاء رمضان بغير عذر حتى دخل رمضان آخر يلزمه صوم رمضان الحاضر ثم يقضي الصيام الأول ويلزمه عن كل يوم فدية وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد وغيرهم، خلافاً لأبي حنيفة وغيره الذين قالوا: عليه القضاء ولا فدية عليه.
أما إن أخر الصيام لعذر كسفر دائم أو مرض ونحوهما من الأعذار فلا يجب عليه إلا القضاء ولا فدية عليه لأنه معذور، وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة.
وعليه، فإن كان لك عذر في تأخير الصيام فلا يلزمك إلا القضاء، وإن لم يكن لك عذر فيلزمك القضاء مع فدية واحدة لكل يوم فقط، وإن كان تأخيرك لها أكثر من عشر سنين قال ابن قدامة في المغني: (فإن أخره لغير عذر حتى أدركه رمضانات أو أكثر لم يكن عليه أكثر من فدية مع القضاء لأن كثرة التأخير لا يزداد بها الواجب، كما لو أخر الحج الواجب سنين لم يكن عليه أكثر من فعله.)
والفدية يسيرة عليك إذ هي مد من بر أو نصف صاع من غيره كالأرز ونحوه، والمد يعادل 750جرماً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(11/18040)
صيام شهرين متتابعين يعتبر بالهلال أم بالعدد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[جامعت زوجتي في شهر رمضان نسأل الله الحماية والعفو والمغفرة وأعلم أن كفارة هذا الموضوع صيام شهرين متتابعين إلا أنني لا أستطيع صيام الشهرين ليس بسبب مرض فأنا شاب وصحيح الجسم ولله الحمد إلا أن عملي شاق فأنا أعمل معلماً في المرحلة الثانوية ولا أستطيع الصيام في فترة العمل فبسبب نفسي الضعيفة وشهوتي أجد صعوبة في الصيام فقمت بصيام يوم عن هذا اليوم وإطعام ستين مسكينا فهل عملي هذا صحيح؟ وإذا لم يكن صحيحا فهل يشترط في الصيام أن أنتظر بداية الشهر أم المهم في الموضوع صيام ستين يوما متتابعة سواء من بداية الشهر أو من أي يوم فيه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت أطعمت لعدم مقدرتك على الصيام فلا شيء عليك، وكفارتك مجزئة.
وإن كنت أطعمت، وأنت قادر على الصيام فلا تجزئك، بل لا بد من الصيام.
وهذا مذهب جمهور أهل العلم القائلين بوجوب الترتيب بين خصال الكفارة، ويصح أن تبدأ بالصوم من أول الشهر أو من أثنائه، كما قال ابن قدامة في المغني: (ويجوز أن يبتدئ صوم الشهرين من أول شهر أو من أثنائه لا نعلم في هذا خلافاً، لأن الشهر اسم لما بين الهلالين والثلاثين يوماً، فأيهما صام فقد أدى الواجب، فإن بدأ من أول شهر فصام شهرين بالأهلة أجزأه ذلك -تامين كانا أو ناقصين- إجماعاً. وبهذا قال الثوري، وأهل العراق ومالك في أهل الحجاز، والشافعي وأبو ثور وأبو عبيد وغيرهم، لأن الله تعالى قال: (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) [النساء:92] وهذان شهران متتابعان.
وإن بدأ من أثناء شهر فصام ستين يوماً أجزأه بغير خلاف أيضاً.
قال ابن المنذر: أجمع على هذا من نحفظ عنه من أهل العلم، فأما إن صام شهراً بالهلال وشهراً بالعدد فصام خمسة عشر يوماً من المحرم وصفر جميعه وخمسة عشر يوماً من ربيع، فإنه يجزئه، سواء كان صفراً تاماً أو ناقصاً، لأن الأصل اعتبار الشهور بالأهلة، لكن تركناه في الشهر الذي بدأ من وسطه لتعذره، ففي الشهر الذي أمكن اعتباره يجب أن يعتبر، وهذا مذهب الشافعي وأصحاب الرأي. ويتوجه أن يقال لا يجزئه إلا شهران بالعدد، لأننا لما ضممنا إلى الخمسة عشر من المحرم خمسة عشر من صفر، فصار ذلك شهراً صار ابتداء صوم الشهر الثاني من أثناء شهر أيضاً، وهذا قول الزهري) ا. هـ
ومذهب الشافعي وأصحاب الرأي أقرب إلى الصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(11/18041)
كفارة من عاشر زوجته نهار رمضان ككفارة الظهار
[السُّؤَالُ]
ـ[في شهر رمضان المبارك قد جامعت زوجتي، وسمعت في أحد البرامج الدينية بأن من فعل ذلك فعليه صيام شهرين، وبعد رمضان إبتداء من ثاني أيام عيد الفطر بدأت الصيام حتى يوم عرفات. السؤال:-
هل هذه هي كفارتي، أفيدوني أفادكم الله؟
وفقكم الله على فعل الخير دائماً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكفارة المجامع في نهار رمضان، هي نفس كفارة الظهار، وهي قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المجادلة:3-4]
وحيث إنك قد صمت الشهرين المتتابعين دون أن تفطر بينهما، -والعتق كما هو معروف متعذر- فقد قمت بالذي عليك وبرئت ذمتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1423(11/18042)
شروط صحة دفع كفارة الصيام للأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع قيمة فدية طعام مسكين لعدم صيام رمضان لأسباب صحية في مشروع كفالة اليتيم
علما بأن النقود تستخدم لإطعام اليتيم ولمصاريفه الأخرى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أفطر يوماً من رمضان لمرض فإن الواجب عليه هو قضاء ذلك اليوم، فإن كان مرضه لا يرجى برؤه فعليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، لقوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر) [البقرة:185] ، ومن لزمته كفارة لعجزه عن الصوم فلا مانع من أن يدفعها للأيتام بشرطين الأول: أن يكونوا فقراء، الثاني: أن تخصص لإطعامهم، لا لأمر آخر كبناء الدور لهم، أو شراء الملابس، أو غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1423(11/18043)
كفارة مقترف فاحشة اللواط في رمضان،
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد فعلت اللواط والناس صيام في رمضان والله إني ندمان جدا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاللواط كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وجريمة عاقب الله أهلها بالتدمير والهلاك، كما قال تعالى: (فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل) [الحجر: 74] ولا شك أن هذه الجريمة تكون أعظم إثماً في نهار رمضان واللائط صائم. وعلى من فعل ذلك التوبة النصوح والاستغفار والكفارة وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1423(11/18044)
جمع ستين مسكينا على طعام مطبوخ يجزئ في الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ينفع أن تكون كفارة إطعام 60 مسكيناً أرزاً غير مطبوخ (نيء) ؟ وأن يوزع دفعة واحدة على عائلة فقيرة مثلاً؟ أم غير ذلك؟ وكم مقدار الطعام للشخص الواحد؟
أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء وسدد خطاكم،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإطعام ستين مسكيناً في الكفارات يكون بإعطاء كل مسكين نصف صاع من قمح أو تمر أو رز، أو غير ذلك من قوت البلد.
ويكون ذلك غير مطبوح، ولو طبخت طعاماً لستين مسكيناً وجمعتهم عليه أجزأك ذلك، ولا يجزئ في هذه الكفارة أن يدفع جميعها إلى عائلة فقيرة عددها دون الستين، إذ لا يدفع لمسكين أكثر من نصف صاع، لكن إذا كانت على المرء كفارات متعددة، فإنه يجوز له أن يدفع للمسكين الواحد من كل واحدة نصف صاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(11/18045)
جمع ستين مسكينا على طعام مطبوخ يجزئ في الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل ينفع أن تكون كفارة إطعام 60 مسكيناً أرزاً غير مطبوخ (نيء) ؟ وأن يوزع دفعة واحدة على عائلة فقيرة مثلاً؟ أم غير ذلك؟ وكم مقدار الطعام للشخص الواحد؟
أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء وسدد خطاكم،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإطعام ستين مسكيناً في الكفارات يكون بإعطاء كل مسكين نصف صاع من قمح أو تمر أو رز، أو غير ذلك من قوت البلد.
ويكون ذلك غير مطبوح، ولو طبخت طعاماً لستين مسكيناً وجمعتهم عليه أجزأك ذلك، ولا يجزئ في هذه الكفارة أن يدفع جميعها إلى عائلة فقيرة عددها دون الستين، إذ لا يدفع لمسكين أكثر من نصف صاع، لكن إذا كانت على المرء كفارات متعددة، فإنه يجوز له أن يدفع للمسكين الواحد من كل واحدة نصف صاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(11/18046)
الجهل بقضاء الصيام يوجب القضاء دون الكفارة، ولا يصام عن الحي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كانت أمي وهي فتاة تعيش في بيئة لا تعرف في الدين إلا القليل، فقد كانت تجهل أمر وجوب قضاء ما أفطرته في رمضان بسبب الحيض وبعد أن تزوجت وولدت 4 أطفال شاء الله أن تلدهم في رمضان أو قبله بأيام فأفطرت بسبب النفاس وكانت لا تزال تجهل أمر وجوب القضاء وبعدها بسنين علمت بأمر الوجوب وكان ما عليها قضاؤه يصل إلى أكثر من 100 يوم فقضت ما قدرها الله عليه ثم ابتليت بمرض ارتفاع ضغط الدم فأصبحت ترهق في الصوم وقد تبقى لها 90 يوما وقد سمعنا أنه يجب دفع كفارة عند تأخير القضاء مع العلم أن الحالة الاقتصادية للأسرة ليست بالجيدة فهل يجوز أن أقضي ما تبقى لأمي وما حكم الإسلام في هذه الحالة؟
أفيدونا أكرمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أفطر في رمضان يجب عليه القضاء قبل دخول رمضان الآخر، فإن أخره إلى ما بعد رمضان الآخر لغير عذر، لزمته كفارة عن كل يوم مداً من الطعام مع القضاء.
والحاصل أنه يجب على أمك أن تقضي كل الأيام المذكورة، وليس عليها كفارة تأخير القضاء ما دامت جاهلة بالحكم، لأن جهلها بذلك يعد عذراً بشرط أن يكون مثلها يجهل هذه الأحكام، وإذا كانت الآن لا تستطيع القضاء لمرض مزمن لا يرجى برؤه، فإن عليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً، ولا يجزئ أن تصوم عنها، لأنه لا يصام عن الحي، فإن لم تستطع الإطعام، فإنه يبقى في ذمتها حتى تستطيع. فإن ظل عجزها مستمراً حتى ماتت ولم تقض ولم تطعم، فليصم عنها أحد ذويها: أنت، أو غيرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1423(11/18047)
حكم من أفطر من رمضان بسؤال جاهل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أفطر يوما من رمضان وهو لا يعرف الأحكام الشرعية وأفطر بترخيص شخص آخر كذلك لا يعرف الأحكام الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أفطر يوماً من رمضان بلا عذر شرعي من مرض، أو سفر، أو حيض، أو خوف على جنين، أو رضيع، فقد أتى محرماً ظاهراً.
والواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يقضي ذلك اليوم، وإن كان إفطاره فيه بالجماع لزمه مع القضاء كفارة، وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
والواجب على المسلم أن يتعلم من أمور الدين ما تصح به عقيدته وعبادته ومعاملته، وإلا أثم بتقصيره وتفريطه، ولم يكن جهله عذراً له فيما يقترفه من محرمات، أو يتركه من واجبات.
كما ينبغي الحذر من سؤال الجهال الذين يقولون على الله تعالى بغير علم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1422(11/18048)
دفع الكفارة عن الغير لا تجزئ إلا بإذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ جزاكم الله خيرا، أود أن أسال إذا كان يحق لي أن أدفع كفارة عن زوجي على اعتبار أنه قد يرفض دفعها والأغلب والله أعلم أنه سيرفض دفعها.. فهل يجوز أن أدفع عنه دون علمه حتى لا يتحمل الإثم وأكون بذلك ساعدته على عدم الوقوع في الإثم. فهو من النوع الذي يثور بسرعة ولا يحب أن أخبره بتلك الأمور وقد حاولت التلميح بالصيام أولاً فنفى أن عليه كفارة لجهله حينها بها (كفارة الجماع في شهر رمضان) ؟؟ أفيدوني جازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن على زوجك كفارة بسبب الجماع في نهار رمضان، ولا يريد أداءها لأنه يراها غير واجبة عليه، لأنه كان حين فعلها جاهلاً بها، وهذا خطأ منه، والصحيح أنها تجب عليه ولو كان حينما فعلها جاهلاً بها، وكفارة الجماع في نهار رمضان لا يجزئ أداؤها إلا بالترتيب، كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
1104
وعليه، فلا يجزئ دفعك لها عنه مع قدرته على الصيام، كما أنها لا تجزئ أيضاً إلا بإذنه لأن الكفارة عبادة، ومن شرط صحتها النية.
فواجبك الآن هو محاولة إقناعه بلطف ورفق وحكمة بأن الكفارة واجبة عليه، نسأل الله لنا ولكم وللجميع التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(11/18049)
الدقيق أولى بالإجزاء في الكفارة من الحب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أكفر بالدقيق توزيعه على المحتاجين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من لزمته كفارة من يمين أو انتهاك لحرمة رمضان أو غير ذلك، وكان حكمه الإطعام، فلا حرج عليه في إخراج الدقيق في الإطعام، قال صاحب الإقناع في معرض الكلام على ما يخرج في زكاة الفطر: (ويجزئ صاع دقيق وسويق؛ ولو مع وجود الحب) : قال البهوتي شارح الإقناع: (قال المجد: بل الدقيق أولى بالإجزاء لأنه كفي مؤنته، كتمر نزع نواه) ولا فرق بين زكاة الفطر والكفارة في هذا.
الله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(11/18050)
الحالات التي يجب فيها صيام الشهرين المتتابعين ... وهل يقطع العذر الشرعي التتابع
[السُّؤَالُ]
ـ[من الذي يجب عليه صيام ستين يوما\" متتابعا\" , واذا وجب على المرأة كيفية صومها ستين يوما\" متتابعا\" مع كونها ستتعرض للدورة الشهرية , أفيدونا باستفاضة عن الأحكام الموجبة لهذه الكفارة وخصوصاً للمرأة وشكرا\"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صيام الشهرين المتتابعين يجب في ثلاث حالات:
الحالة الأولى: القتل الخطأ، فمن قتل نفساً بغير حق، ولم يجد الرقبة المؤمنة وجب عليه صيام الشهرين لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) [النساء:92]
الحالة الثانية: الظهار، فمن ظاهر من زوجته ولم يجد أيضاً الرقبة وجب عليه صيام شهرين متتابعين، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين) [المجادلة:3،4]
الحالة الثالثة: الجماع في نهار رمضان؛ فمن جامع أهله في نهار رمضان ولم يستطع العتق، وجب عليه صيام شهرين متتابعين، وكل من وجب عليه صيام الشهرين المتتابعين فلا يقطع صومه إلا بعذر شرعي من: مرض أو جنون أو حيض، فإذا قطعه لغير عذر شرعي وجب عليه استئناف صوم الشهرين من جديد، وإذا قطعه لعذر شرعي وجب عليه التتابع عند زوال العذر، ويبني على ما صامه قبل العذر ويعتد به. وبهذا يتضح أن المرأة إذا لزمها صيام شهرين ثم نزلت بها الدورة بنت على ما قدمته من الصيام قبل الدورة، ثم ننبه إلى أن المرأة بالنسبة للجماع في نهار رمضان الراجح أنها لا كفارة عليها.
وراجع الفتوى رقم:
1113
كما أنها لا ظهار عليها إجماعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(11/18051)
الحالات التي يجب فيها صيام الشهرين المتتابعين ... وهل يقطع العذر الشرعي التتابع
[السُّؤَالُ]
ـ[1-من الذي يجب عليه صيام ستين يوما" متتابعا" , واذا وجب على المرأة فكيف صومها ستين يوما" متتابعا" مع كونها ستتعرض للدورة الشهرية , أفيدونا باستفاضة عن الأحكام الموجبة لهذه الكفارة وخصوصاً للمرأة وشكرا"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صيام الشهرين المتتابعين يجب في ثلاث حالات:
الحالة الأولى: القتل الخطأ، فمن قتل نفساً بغير حق، ولم يجد الرقبة المؤمنة وجب عليه صيام الشهرين لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) [النساء:92]
الحالة الثانية: الظهار، فمن ظاهر من زوجته ولم يجد أيضاً الرقبة وجب عليه صيام شهرين متتابعين، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين) [المجادلة:3،4]
الحالة الثالثة: الجماع في نهار رمضان؛ فمن جامع أهله في نهار رمضان ولم يستطع العتق، وجب عليه صيام شهرين متتابعين، وكل من وجب عليه صيام الشهرين المتتابعين فلا يقطع صومه إلا بعذر شرعي من: مرض أو جنون أو حيض، فإذا قطعه لغير عذر شرعي وجب عليه استئناف صوم الشهرين من جديد، وإذا قطعه لعذر شرعي وجب عليه التتابع عند زوال العذر، ويبني على ما صامه قبل العذر ويعتد به. وبهذا يتضح أن المرأة إذا لزمها صيام شهرين ثم نزلت بها الدورة بنت على ما قدمته من الصيام قبل الدورة، ثم ننبه إلى أن المرأة بالنسبة للجماع في نهار رمضان الراجح أنها لا كفارة عليها.
كما أنها لا ظهار عليها إجماعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(11/18052)
من أفطر عمدا بغير جماع يلزمه القضاء فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[فهمت من إجاباتكم أن الكفارة الكبرى أي صيام شهرين متتابعين لا تجب إلا على من جامع زوجته في رمضان أما من أفطر فيه متعمدا فعليه القضاء فقط ... أريد مزيدا من التوضيحات ... وماذا يجب على من تعمد إخراج المني في رمضان بدون جماع؟
جازاكم الله خيرا على خدماتكم الجليلة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيمن أفطر عمداً في رمضان بغير جماع، هل عليه مع القضاء كفارة أم لا؟. فذهب الجمهور إلى أنه لا كفارة عليه، واستدلوا:
- بأنه لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة غير المجامع.
- وبحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استقاء عمداً، فليقض" رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه. فأمر من أفطر عمداً بالقيء بالقضاء، ولم يأمره بالكفارة. وذهب المالكية إلى أن الكفارة تلزم من أفطر في رمضان برفع النية أو بأكل أو شرب أو استمناء، واستدلوا بما في الموطأ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أفطر في رمضان، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً ... ، وأجاب عنه الجمهور بأنه في رواية الصحيحين أن هذا الرجل أفطر بجماع، فرواية الموطأ مطلقة، ورواية الصحيحين مقيدة، أما بالنسبة لتعمد إخراج المني في نهار رمضان فهو مفسد للصوم ويجب على من فعل ذلك أن يقضي يوماً مكانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1422(11/18053)
هل على من استمنى في نهار رمضان كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[1ما حكم من استمنى في نهار رمضان أو باشر العادة السرية في نهار رمضان وتطهر قبل المغرب ماحكم ذلك؟ هل يصح صيامه؟ وماكفارته على الأعزب والمتزوج؟
افادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن استمنى في نهار رمضان حتى أنزل فقد أفسد صومه، ويجب عليه قضاؤه، وكونه تطهر قبل المغرب لا يفيده شيئاً في صحة الصوم، والراجح أنه لا تجب عليه الكفارة، سواء كان متزوجاً أو كان أعزباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1422(11/18054)
ما يلزم الحامل إذا أفطرت
[السُّؤَالُ]
ـ[في رمضان الماضي كنت حاملا فأفطرت ثمانية أيام فهل أدفع عنها كفارة أم اقضيها وأدفع عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يلزمك قضاء هذه الأيام الثمانية، كما تلزمك الكفارة وهي: إطعام مسكين عن كل يوم أفطرت فيه، وهذه الكفارة من أجل تأخير القضاء عن وقته المحدد له من الشارع، وهو الأحد عشر شهراً التي تكون بين رمضان ورمضان. هذا إذا كان التأخير بغير عذر، أما إذا استمر العذر فليلزمك القضاء فقط.
وراجعي الفتوى رقم:
11653 918 2266
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1422(11/18055)
المخرج الشرعي لفعل الكفارة لمن زنت في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة زنت في شهر رمضان ماالحكم في ذلك وقد زنت في النهار ولكنها تابت بينها وبين ربها عن الخيانة الزوجية والزنى ولا تقدر أن تصوم شهرين لكي لا يعرف أحد بهذا السر وخاصة زوجها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المرأة قد أتت أمراً عظيماً، ومنكراً جسيماً، حيث جمعت بين جريمة وفاحشة الزنى، مع كونها محصنة متزوجة، وبين انتهاك حرمة رمضان. فعليها المبادرة بالتوبة، والإنابة والرجوع إلى الله، والإكثار من الأعمال الصالحة، والصدقات، والطاعات، ويجب عليها القضاء، ومع القضاء الكفارة وهي عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع، فإطعام ستين مسكيناً.
وعليها أن تستتر بستر الله، ولا تخبر أحداً بذلك، ومن سألها عن سبب صيامها فيمكنها أن تقول: إنها أفطرت يوماً متعمدة بعد بلوغها، وهي الآن تتوب منه.
ومذهب الحنفية والمالكية أن من أفطر في رمضان متعمداً بأكل أو شرب عليه القضاء والكفارة، فلا فرق عندهم بين من أفطر بالأكل والشرب، وبين من أفطر بالجماع، فيوجبون الكفارة في الكل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1422(11/18056)
ما يلزم من أفطر عمدا في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كفّارة من أفطر يوماً عن عمد في شهر رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أفطر يوماً من رمضان متعمداً فقد ارتكب ذنباً عظيما، وجرماً شنيعاً، يجب عليه أن يبادر إلى التوبة النصوح منه، وأن يكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، عسى الله أن يتوب عليه، ويغفر له ذنبه. وعليه أن يقضي ذلك اليوم الذي أفطر فيه، ثم إن كان فطره بسبب جماع فعليه مع القضاء الكفارة الكبرى، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
وإن كان فطره بسبب أكل أو شرب أو نحوهما فالراجح أنه لا تلزمه الكفارة الكبرى، وإنما تجب عليه التوبة والاستغفار، وقضاء ذلك اليوم فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1422(11/18057)
ما يلزم في مجامعة الخطيبة في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مجامعة الخطيبة في نهار رمضان؟ وما الحكم إذا تم ذلك وهي صائمة وأجبرها خطيبها على الجماع؟ هل عليهما كفارة؟ وما الحكم إذا تكرر ذلك أكثر من مرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جماع الزوجة في نهار رمضان للصائم محرم شرعاً، لما فيه من تعمد إبطال هذه العبادة العظيمة. وانتهاك حرمة هذا الزمن المعظم شرعاً والذي يجب أن يصان عن ما ينافي الصوم وهدفه. ثم إن من تجرأ على الله تعالى وجامع امرأته في نهار رمضان وجبت عليه مع القضاء الكفارة. أما المرأة فبما أنها مجبرة فلا كفارة عليها ولا قضاء على أظهر أقوال العلماء. وقد سبقت الإجابة برقم: 1352 عن الحكم فيما إذا تكرر الجماع في رمضان.
هذا إذا كان قصد السائل بالمخطوبة التي أجبرها على الجماع في رمضان الزوجة بعد عقد النكاح وقبل الزفاف كما هو المعروف في بعض البلاد، أما إذا كان يريد بالخطيبة الخطيبة شرعاً ولغة، وهي التي لم يعقد عليها، فإن فعله هذا من أكبر الكبائر وأبشع الجرائم، ولا شك أنه يدل على عدم الاكتراث بالأوامر الشرعية والحرمات الإلهية، إذ كيف يتجرأ من في قلبه أدنى مثقال حبة خردل من إيمان بالله تعالى وبرسوله على ارتكاب جريمة الزنا، خصوصاً في نهار رمضان في الوقت الذي أوجب الله تعالى الإمساك عن شهوتي البطن والفرج -نسأل الله السلامة- وعلى كل فإن من أفسد صومه بالجماع يلزمه التوبة إلى الله تعالى من هذه الكبيرة العظيمة، كما يلزمه القضاء والكفارة أيضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(11/18058)
ما يجب على من أفطر عدة رمضانات
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرشاب شهر رمضان كله لسنوات متتالية، وقد ندم علىذلك ويريد التكفيرعن ذنبه، فيرجو من سيادتكم تبيين مقدارالكفارة الواجب إخراجها عن كل يوم أفطره نقدا مع تبيين ذلك تحديدا بالعملةالمحلية أي الدينارالجزائري،وهل يجوز دفعها لمسكين واحد، وإن كان طعاما فكم المقدار، وهل يجوز إطعام عدد من المساكين معه مثلا كل ليلة. وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الفطر في نهار رمضان بغير عذر شرعي من كبائر الذنوب عند الله تعالى، لأن صيام رمضان أحد أركان الإسلام التي بني عليها، كما ثبت في الحديث الصحيح. فتركه بغير عذر هدم لذلك الركن العظيم عند الله تعالى، فعلى من فعل ذلك أن يتوب أولا إلى الله تعالى توبة نصوحاً، ويكثر من الاستغفار، والأعمال الصالحة. ويجب عليه أيضاً أن يقضي جميع ما أفطره منه من الأيام إلى الآن، كما تجب عليه الكفارة الكبرى إن كان قد حصل منه جماع في نهار رمضان وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين مد من غالب قوت الناس. والمد هو ملء اليدين المتوسطتين، لا مقبوضتين ولا مبسوطتين، ويساوي بالوزن سبعمائة وخمسين غراماً تقريباً، وجمهور العلماء على أنه لا يجزء إخراج قيمة الطعام، وذهب الحنفية إلى أن قيمة الإطعام مجزئة عنه، مستدلين بأن المقصود هو سدُّ خلة المسكين، وذلك حاصل بالطعام، وبقيمته على حد السواء، وقد رجح هذا القول طائفة من أهل العلم قديماً وحديثاً، وهذا الترجيح وجيه، وخاصة إذا لم يوجد فقير يقبل الطعام، أو كانت الحاجة إلى النقود أمس، ونفعها للفقير أكثر. كما هي الحال في هذا العصر. ثم ليعلم أن هذه الخصال الثلاث على الترتيب المذكور، بمعنى أن المكفر لا ينتقل عن واحدة منها إلى التي بعدها إلا بعد عجزه عنها.
وهذا هو الراجح الذي يدل عليه سياق الحديث المذكور في الجواب المشار إليه آنفاً. وعليه جمهور أهل العلم.
وذهب المالكية إلى أنها على التخيير، فللمكفر أن يفعل أيها شاء، والأفضل عندهم الإطعام، لأن فيه منفعة متعدية إلى الغير.
ومما يتعلق بمسألة الإطعام أنه لا يدفع لمسكين أكثر من مد أو قيمته من كفارة يوم واحد، لكن إذا كانت على المرء كفارات لأيام متعددة، فإنه يجوز له أن يدفع للمسكين الواحد من كل واحدة منها مداً أو قيمته.
وبناءً على ما تقدم فإن على هذا الشاب أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، ويقضي ما أفطره من رمضاناته السابقة، وعليه -زيادة على القضاء- كفارة تأخير القضاء وهي مد يدفعه لمسكين عن كل يوم، وليس عليه أكثر من ذلك إن لم يكن قد حصل منه جماع أثناء نهار رمضان، فإن كان قد حصل منه فإن عليه لذلك الكفارة الكبرى -كما أسلفنا- وقد بينا أن الراجح هو أن خصالها على الترتيب، وعلى ذلك فليس له أن ينتقل إلى الإطعام حتى يعجز عن الأوليين: العتق وصيام شهرين.
ثم إذا انتقل إلى الإطعام فليطعم عن كل يوم جامع ستين مسكيناً، لكل مسكين مد من طعام: قمح أو شعير..
وله أن يدفع له قيمة المد نقوداً، وطريقة معرفة قيمة المد هي أن يسأل عن ثمنه في السوق المحلية.
ولا يكرر الدفع لمسكين واحد من كفارة يوم واحد.
وإن جمع المساكين فغداهم أو عشاهم أجزأه ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1422(11/18059)
يسافر يوميا ووجبت عليه كفارة الجماع.... ماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أطرح سؤالي وأعلم أنه موجود ضمن الفتاوى السابقة ولكنني أريد أن أحدد أكثر لقد جامعت زوجتي في نهار رمضان ولا أجد رقبة أعتقها وفيما يتعلق بصيام شهرين فإنني لا أعلم إن كنت أستطيع أم لا حيث إنني أسافر يوميا مسافة 200 كم تقريبا ذهابا وإيابا إلى مكان عملي فهل تسقط عني كفارة الصيام للشهرين ويمكنني الانتقال إلى إطعام ستين مسكينا وهل يجوز إخراج الكفارة بالنقد وما هي القيمة تقريبا وهل يجب أداء الكفارة قبل قدوم شهر رمضان القادم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت لا تستطيع الانتقال من عملك هذا إلى العمل في مكان قريب من مسكنك، ولا تستطيع أن تأخذ إجازة لمدة تكفي لصيام شهرين، فإن الصوم في هذه الحالة يسقط عنك، وعليك أن تنتقل إلى الإطعام.
وذلك لأن سفرك الطويل المستمر إلى العمل يبيح لك ترك الصيام في رمضان، وينقلك من الإلزام بأدائه فيه إلى قضائه فيما بعد، لقول الله تعالى (فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) [البقرة:184] وإذا كان الأمر كذلك، فإن الانتقال من الصيام إلى الإطعام في الكفارة بسبب السفر -بالشرط المتقدم- يعتبر مثل الانتقال من أداء الصيام في رمضان إلى قضائه في أيام أخر، أو أولى.
والكفارة هي: إطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين مدٌّ من غالب قوت البلد وهو ما يساوي 750 جراماً، والأولى أن تدفع للفقير طعاماً كما أمر الله تعالى، لأن جماهير العلماء يرون عدم إجزاء دفع القيمة؛ ولكن إذا لم يجد المرء فقراء يأخذون منه الطعام، فلا بأس أن يدفع قيمة الطعام لهم، وخاصة إذا كانت الحاجة إلى المال أشد.
وقد نص بعض أهل العلم المعاصرين على أن دفع القيمة في هذه الأيام أولى، نظراً إلى أن المقصود هو نفع الفقير. والنقود في هذه الأيام أنفع للفقير من الطعام.
وأما مقدار القيمة فإنه حسب الطعام في البلد الذي أنت فيه غلاء ورخصاً.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1422(11/18060)
الوطء في الدبر نهار رمضان يوجب الكفارة المغلظة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أتى زوجته في دبرها في نهار رمضان. فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الوطء في الدبر محرم بالكتاب والسنة، وقد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم فاعله فقال: "ملعون من أتى امرأة في دبرها" رواه أبو داود والنسائي، وصححه السيوطي والألباني، وفي ابن ماجه من حديث خزيمة عبن ثابت قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يستحي من الحق، ثلاث مرات، لا تأتوا النساء في أدبارهن".
وعند أحمد وأصحاب السنن بألفاظ متقاربة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى كاهناً فصدقه أو أتى امرأة في دبرها، أو أتى حائضاً فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" صححه الألباني.
ولا شك أن الوطء في الدبر في نهار رمضان منكر عظيم، وهتك لحرمة الصيام، ومن فعل ذلك فسد صومه ووجب عليه قضاء ذلك اليوم مع الكفارة، حيث نص أكثر الفقهاء على أن لا فرق في وجوب الكفارة بين كون الفرج قبلاً أو دبراً. انظر: المغني لابن قدامة (3/57) ، حاشية الدسوقي (1/523) ، والمجموع للنووي (6/376) ، أما الكفارة فهي واجبة على الترتيب: عتق رقبة، فإن عجز أو لم يجد فصوم شهرين متتابعين، فإن عجز فإطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين مدّ من البرّ، أو الزبيب أو التمر ... إلخ. ويجب مع ذلك التوبة والاستغفار. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1421(11/18061)
حكم من قطع صيام كفارة الجماع.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي هو أنني جامعت زوجتي في نهار رمضان وقد علمت فيما بعد أن كفارة ذلك هو صيام شهرين متتابعين وقد صمت أربعين يوما متواصلة ثم أفطرت بعد ذلك وأنا الآن لا أقدر على الصيام في الوقت الحالي ولا أريد أن أؤخر الكفارة. فماذا أفعل جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من ارتكب في نهار رمضان ما يوجب الكفارة فإنه يلزمه بذلك أمران:
الأول منهما: هو قضاء ذلك اليوم الذي أفسده.
ثانيهما: الكفارة: وهي كما جاء في حديث أبي هريرة المتفق عليه: عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين بحيث لو أفطر يوماً واحداً من الشهرين لغير عذر لزمه استئناف صومهما من جديد. أما لو أفطر لعذر شرعي من مرض أو جنون أو إغماء أو نحو ذلك. فلا ينقطع بذلك تتابعه، وليعتد بما صام قبل العذر، فإن لم يستطع الصيام ـ بحيث كان الصيام يشق عليه مشقة لا يحتملها ـ فعليه إطعام ستين مسكيناً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18062)
يجب أداء الكفارات كما وردت عن الشارع ولا يجزئ عنها غيرها.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يكفي الحج عن كفارة الجماع في رمضان أو كفارة الظهار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على من لزمته كفارة الجماع في رمضان أو كفارة الظهارة أن يكفر عنهما بما أمره الشارع به، ولا يجزئ الحج ولا غيره عنه، فعلى من تعاطى سبب الكفارة في رمضان أن يعتق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَىَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: هَلَكْتُ. يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: "وَمَا أَهْلَكَكَ؟ " قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ. قَالَ: "هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ " قَالَ: لاَ. قَالَ: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ ....إلى آخره". متفق عليه.
وكذلك من لزمته كفارة الظهار فعليه تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
لقوله تعالى: (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير* فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً) [المجادلة: 3، 4] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18063)
من أفطر في رمضان بغير الجماع يقضي ولا يكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطر أخ لنا يوماً من رمضان بغير عذر. كيف يمكن أداء الكفارة؟ مع العلم بعدم مقدرته على صيام شهرين متتابعين لظروف عمله. وبكم تقدر قيمة الكفارة؟ وإلى من يجب دفعها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على من أفطر يوماً في نهار رمضان بغير عذر القضاء والكفارة إذا كان الفطر بسبب الجماع، وأما إذا كان الفطر بغير الجماع كالأكل أو الشرب متعمداً مثلاً، فقد اختلف العلماء في وجوب الكفارة عليه إلى قولين، فمنهم من قال: عليه القضاء فقط والاستغفار والتوبة لانتهاك حرمة الشهر العظيم، ومنهم من قال: عليه القضاء والكفارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18064)
الجهل لا يسقط الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة ماذا أفعل إذا أفطرت ثلاثة أيام من غير سبب. والسبب هو الجماع ولكن لم أكن أعلم أن عقابها الصوم شهرين متتاليين؟ (هل هناك حل آخر) وإذا كان هذا الحل هو الإطعام فهل يجوز أن أدفعه إلى دار رعاية العجزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. أما بعد:
فمن أفطر في رمضان بسبب الجماع فكفارته هي الكفارة المغلطة الواردة في السنة النبوية. كما في الصحيحين، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَىَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: هَلَكْتُ. يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: "وَمَا أَهْلَكَكَ؟ " قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ. قَالَ: "هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ " قَالَ: لاَ. قَالَ: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ " قَالَ: لاَ. قَالَ: "فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتّينَ مِسْكِيناً؟ " قَالَ: لاَ. قَالَ: ثُمّ جَلَسَ. فَأُتِيَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ. فَقَالَ: "تَصَدّقْ بِهَذَا" قَالَ: أَفْقَرَ مِنّا؟ فَمَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنّا. فَضَحِكَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم حَتّىَ بَدَتْ أَنْيَابُهُ. ثُمّ قَالَ: "اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ". واللفظ لمسلم، وفي سنن ابن ماجه قال: أعتق رقبة. قال: لا أجدها قال: صم شهرين متتابعين قال: لا أطيق قال: أطعم ستين مسكيناً) فالكفارة على الترتيب. فعلى السائل التوبة إلى الله، والإكثار من الاستغفار. وليعلم أن هذه الكفارة باقية في ذمته ولا يجوز له تأخيرها. ورأى الإمام مالك أن هذه الكفارة على التخيير، بمعنى أنه يخير بين فعل واحدة من الثلاثة. ولكل يوم أفطر فيه بالجماع كفارة مستقلة كما أنه لا يحق أن يصرف هذه الكفارة حيث كانت بالاطعام إلا إلى المساكين الذين تحقق من استحقاقهم لها، أو غلب ذلك على ظنه. أما دور رعاية العجزة ونحوها فقد تحوي غير المساكين، ولا حظ في هذه الكفارة لغير مسكين. ثم يجب التنبه أيضاً إلى أن المرأة إن كانت قد وافقته على ما يريده منها مختارة، فلا شيء عليها على الراجح. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1422(11/18065)
يحرم الجماع في رمضان وعلى فاعله الكفارة المغلظة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل جماع زوجته نهار رمضان؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرا كثيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: صيام شهر رمضان أحد أركان الإسلام وفروضه العظام، قال صلى الله عليه وسلم: "بنى الإسلام على خمس" وذكر منها "وصوم رمضان". وهو عبادة جليلة جمعت خصالا من الخير عظيمة. وركنا الصيام النية والإمساك: بأن يمسك عن الطعام والشراب والشهوة. فمن جامع في نهار رمضان متعمداً ذاكر الصيام غير ناس فقد انتهك حرمة الشهر الفضيل وأتى إثماً مبيناً. فقد روى البخاري ومسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "هلكت يا رسول الله. قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان....الحديث". وفي رواية "هلكت وأهلكت". فالوطء من الصائم في نهار رمضان من الفواحش الكبار المهلكات، حيث أقره النبي صلى الله عليه وسلم على أن فعله هذا مهلك. فمن فعل ذلك فإنه مع إثمه الكبير المهلك عليه القضاء والكفارة المغلظة وهي صيام شهرين متتابعين إن لم يجد الرقبة فإن عجز عن الصيام فإطعام ستين مسكيناً، وذلك لانتهاكه حرمة الزمن. وعلى المرأة كذلك الكفارة والقضاء إن كانت مطاوعة هذا والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18066)
حكم من جامع زوجته ناسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما كفارة الجماع مع الزوجه في شهر رمضان قبل الافطار بدون عمد؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
1. فإن كفارة الجماع في شهر رمضان عتق رقبة، فإن لم تجد الرقبة، فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً بما يشبعهم من غالب قوت البلد. 2. والكفارة تجب إذا كان الشخص قد جامع زوجته في نهار رمضان متعمداً ذاكراً صائماً. فإن كان قد جامع ناسياً أنه صائم فلا كفارة عليه؛ بل عليه قضاء يوم، لما روى ابن ماجه، وابن حبان، والدارقطني، والطبراني، والبيهقي والحاكم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان" [حسنه النووي] . وفي رواية: "إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان" [متفق عليه] .
... والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18067)
وجوب الكفارة المغلظة على من واقع زوجته في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل واقع امرأته في نهار رمضان، ولم يكفّر حتى السنة التي بعدها، ثم عاد فواقعها وهو ينوي التكفير فماذا عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإذا كنت واقعت امرأتك في نهار رمضان كما ذكرت فعليك لكل يوم واقعتها فيه كفارة واحدة لذلك اليوم، وإن جامعتها فيه أكثر من مرة، فإن تكرر الجماع في أكثر من يوم فلكل يوم كفارة مستقلة، وهذا على ما مضى من السنين، وهو مذهب جمهور أهل العلم. والكفارة على الترتيب، أولا: عتق رقبة. ثانيا: إن لم تستطع ذلك فصيام شهرين متتابعين. ثالثا: إن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً، وقال الإمام مالك وهو رواية عن أحمد بالتخيير بين هذه الكفارات.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18068)
الأظهر أن كفارة الجماع على الرجل فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كفارة الجماع في رمضان هل هي على الزوج فقط أم يجب أن تكون الكفارة على الزوج والزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق أهل العلم ـ رحمهم الله ـ على وجوب الكفارة على من جامع زوجته في نهار رمضان. واختلفوا في الزوجة إذا كانت راضية مختارة، هل عليها الكفارة أم لا؟. ...
فذهب الجمهور إلى وجوب الكفارة عليها، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد. وذهب الشافعي في أحد قوليه إلى أنه لا كفارة عليها. والأظهر والعلم عند الله جل وعلا أنه لا كفارة عليها، وإنما عليها القضاء فقط لأن صومها قد فسد بالجماع. والدليل على ذلك ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله! هلكت، قال ما لك؟ قال وقعت على امراتي وأنا صائم فقال صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، فقال فهل تجد إطعام ستين مسكينا قال لا، فمكث النبي صلى الله عليه وسلم قال فبينما نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه بعرق فيه تمر ـ والعرق المكتل ـ فقال: أين السائل؟ فقال: أنا، فقال: خذه فتصدق به. ووجه الدلالة في هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمره بأن يأمر زوجته بإخراج الكفارة أيضا، ومن المعلوم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فدل على أنه لا كفارة عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(11/18069)
كفارة الجماع في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الكفارة الواجبة على من جامع أهله في نهار رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد
فيجب على من جامع أهله في نهار رمضان أن يعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يقدر على ذلك فليصم شهرين متتابعين، فان عجز عن ذلك فليطعم ستين مسكيناً، وهذه الكفارة على هذا الترتيب لا ينتقل من خطوة منها إلى الخطوة التي تليها إلا عند العجز عن السابقة، وبهذا الترتيب قال جمهور أهل العلم. وحجة الجمهور: ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: " بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت، قال:"مالك؟ " قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال صلى الله عليه وسلم:"هل تجد رقبة تعتقها؟ " قال: لا، قال:" فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ " قال: لا، فقال:" فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟ "، قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينما نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه بعرق فيه تمر ـ والعرق المكتل ـ فقال: "أين السائل؟ " فقال: أنا، فقال:" خذه فتصدق به" ... إلى آخر الحديث، واللفظ للبخاري.
والواجب على المسلم واللائق به أن يحافظ على صومه ويصونه من كل ما يفسده بل ومن كل ما قد ينقص أجر الصيام وثوابه، وأن يعلم أن حرمة رمضان عظيمة عند الله جل وعلا، فانتهاكها من أعظم المنكرات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1422(11/18070)
حكم لعب القمار في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[لعب القمار في رمضان وأنت صائم، هل يؤثر على الصيام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن لعب القمار من الزور الذي يجب على المسلم اجتنابه في كل وقت، وفي وقت الصوم يكون اجتنابه آكد والبعد عنه أولى، قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ {المائدة:90-91} .
فكيف تسول لمسلم نفسه أن يقدم على هذا الذنب العظيم والمنكر الجسيم في نهار الصوم، لا شك في أن من فعل هذا قد عرض نفسه لسخط الله ومقته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. رواه البخاري من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه.
وذهب بعض أهل العلم إلى ما دل عليه ظاهر هذا الحديث فقالوا بفساد صوم كل من تعمد المعصية في نهار الصوم وهو قول ابن حزم ـ رحمه الله ـ قال في المحلى ما عبارته: وَيُبْطِلُ الصَّوْمَ أَيْضًا تَعَمُّدُ كُلِّ مَعْصِيَةٍ أَيِّ مَعْصِيَةٍ كَانَتْ, لاَ نُحَاشِ شَيْئًا إذَا فَعَلَهَا عَامِدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ. انتهى.
وقال الجمهور إن الصوم لا يبطل بتعمد المعصية وإن كان ثواب الصوم ينقص ويكون الصائم الذي أقدم على هذه المعصية قد عرض صومه لعدم القبول، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه.
قال ابن المنير في الحاشية: بل هو كناية عن عدم القبول كما يقول المغضب لمن رد عليه شيئا طلبه منه فلم يقم به لا حاجة لي بكذا فالمراد رد الصوم المتلبس بالزور وقبول السالم منه.
وقال ابن العربي: مقتضى هذا الحديث أن من فعل ما ذكر لا يثاب على صيامه ومعناه أن ثواب الصيام لا يقوم في الموازنة بإثم الزور وما ذكر معه.
وقال البيضاوي: ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش، بل ما يتبعه من كسر الشهوات وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر القبول. انتهى بتصرف يسير.
ومن ثم فالواجب على من فعل هذا الفعل في نهار الصوم أن يجتهد في التوبة إلى الله تعالى وأن يندم على ما فرط منه أشد الندم، وأما صومه فصحيح مسقط للفرض في قول جماهير أهل العلم كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(11/18071)
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإفطار في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة المغرب في رمضان؟ هل كان يأكل الشيء الخفيف ثم يصلي المغرب ثم يعود ليكمل، أم أنه يكمل الأكل ثم يخرج للصلاة؟ وما تقولون في أهل حي اتفقوا على أن يقيموا صلاة المغرب في رمضان جماعة في المسجد بعد نصف ساعة عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة الطعام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي وقفنا عليه من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأكل عموماً وفي الإفطار خصوصاً ثلاثة أمور:
الأول: أنه كان يفطر على رطب، فإن لم يجد فتمر، فإن لم يجد شرب ماء، ودليل ذلك ما رواه أبو داود عن ثابت البناني أنه سمع أنس بن مالك يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن حساً حسوات من ماء ... انتهى.
الثاني: أنه كان يعجل الفطر فور غروب الشمس كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر.. متفق عليه.
الثالث: أنه لم يكن يملأ بطنه بالطعام والشراب إذا أكل وشرب ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه ... رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
وأما تأخير صلاة المغرب إلى نصف ساعة، فاعلم أن وقت المغرب يمتد إلى قبيل مغيب الشفق على القول المرجح عندنا، وانظر لذلك الفتوى رقم: 12092. فإذا غاب الشفق دخل وقت العشاء لقوله صلى الله عليه وسلم:.... ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق.. رواه مسلم.
فإذا كان تأخير صلاة المغرب إلى نصف الساعة بعد دخول وقتها لا يترتب عليه خروج وقتها فلا حرج في ذلك، والأولى أداؤها أول الوقت.
وأما النهي عن الصلاة بحضرة الطعام فإنه لا يلزم منه هذا القدر من التأخير، لأن الذي نهى عن الصلاة بحضرة الطعام صلى الله عليه وسلم هو الذي حث على الاقتصاد في الأكل وعدم ملء البطن. وانظر لذلك الفتاوى: 20991، 77913، 8682.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1430(11/18072)
أفطروا ظنا منهم أن الشمس قد غربت فبان أنها لم تغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[يوم أمس كنت مع عائلتي جالسين على مائدة الإفطار ننتظر أذان المغرب، وعند دخول الوقت سمعنا جميعنا الأذان من بعيد, فبدأنا بالأكل والشرب, وإذا بالصوت يقترب أكثر ويكون عبارة عن صوت سيارة جوالة تنادي لبيع جرار الغاز، وبعدها بثواني يبدأ الأذان الفعلي، فهل علينا هنا قضاء هذا اليوم أم ماذا؟.
مع العلم أن جميع إخوتي وأمي وزوجة أخي قد سمعوا الأذان الوهمي، وقد أكلت أنا وثلاثة من إخوتي فقط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان وقت المغرب قد دخل بالفعل وإنما تأخرالأذان شيئا ما فلا حرج عليكم في الفطر ولا يلزمكم قضاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم. متفق عليه.
وأما إذا كان المؤذن يؤذن مع أول الوقت فيجب على من أفطر قبل الوقت ولو بزمن يسير القضاء في قول الجمهورالذين ذهبوا إلى وجوب القضاء على من أفطر لغلبة ظنه أن الشمس قد غربت ثم بان أنها لم تغرب، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية عدم لزوم القضاء في هذه الحال وهو قول طائفة من السلف، وأطال ابن القيم في تقريره والانتصار له في تهذيب السنن بما تحسن مراجعته، وعن عمر ـ رضي الله عنه ـ روايتان، إحداهما: بلزوم القضاء، والأخرى بعدم لزومه، والقول بعدم لزوم القضاء وإن كان وجيها إلا أننا نقول: كما روي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ في الرواية التي أمر فيها بالقضاء: الأمر يسير.
ومن ثم فالذي ننصح به من أكل ثم بان له أن الشمس لم تغرب أن يقضي ذلك اليوم خروجا من الخلاف ومتابعة للجمهور واحتياطا للدين، وانظر لتفصيل القول في هذه المسألة الفتوى رقم: 114527.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1430(11/18073)
أمها تفطر في رمضان بحجة أنها تتعب من أعمال البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بالإفطار في رمضان: أمي لا تستطيع الصيام في رمضان، ل أنها تتعب كثيرا من أعمال البيت ولا تستطيع تحمل الصيام والعطش، والله إنني حزينة على أمي وأخشى عليها العقاب، فما هو حكمها؟ وماذا تفعل؟ هل تطعم المساكين؟.
أرجو أن تخبروني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صوم رمضان هو أحد أركان الإسلام الخمسة، وتاركه جحودًا لوجوبه كافر بالله العظيم، وتاركه تهاونًا وتكاسلاً قيل بكفره والصحيح أنه لا يكفر، وإنما وقع في كبيرة من أعظم الذنوب، وانظري الفتوى رقم: 12069.
وبالتالي، فأمك مفرطة بفطرها لغيرعذر شرعي، فإن ما ذكرته لا يعتبر عذرا مبيحا للفطر، وإذا كان الصوم يجلب لأحد الأشخاص ضررا، فإن له أن يُفطر، على أن يقضي متى زال عذره، وإن كان العذر مرضًا لا يرجى بُرؤُه، فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم يُفطِره مسكينًا مدًا من طعام ـ حوالي 750 جرامًا من أي قوت كالأرز والبر ونحوهما ـ وانظري ضابط المشقة المبيحة للفطر وأحكام المريض من حيث الصيام والفطر في الفتويين رقم: 624، ورقم: 5978.
وعليكِ أن تستعيني بالله وتبذلي الجهد في نصحها وتخويفها بالله العظيم، وانتفعي بما جاء من المرهِّبات في الفتوى رقم: 126152.
وعليكِ أيضًا أن تكثري من الدعاء والإلحاح على الله أن يهدي أمَّكِ ويرزقها التوبة النصوح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1430(11/18074)
ما تبديه الزوجة لزوجها في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحل للزوجة إظهار الشعر واليدين والساقين لزوجها نهار رمضان؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للزوجة إظهار الأشياء التي ذكرت للزوج في رمضان وغيره إلا إذا حصل يقين أوغلبة ظن بكون إظهار تلك الأعضاء سيترتب عليه ما يبطل صيام زوجها أوصيامها هي من إنزال أو غلبة شهوة تؤدي إلى المعاشرة ونحوها فيحرم ذلك سدًّا للذريعة، فمن القواعد المعروفة أن الوسائل لها حكم المقاصد، فوسيلة الحرام حرام قال القرافي في الفروق: ال ف رق الثامن والخمسون بين قاعدة المقاصد وقاعدة الوسائل ـ وربما عبر عن الوسائل بالذرائع وهو اصطلاح أصحابنا وهذا اللفظ المشهور في مذهبنا ولذلك يقولون سد الذرائع ومعناه حسم مادة وسائل الفساد دفعا لها، فمتى كان الفعل السالم عن المفسدة وسيلة للمفسدة منع مالك من ذلك الفعل في كثير من الصور، وليس سد الذرائع من خواص مذهب مالك كما يتوهمه كثير من المالكية. انتهى.
وفى اختصار المقاصد لعبد العزيز بن عبد السلام السلمي: وللوسائل أحكام المقاصد من الندب والإيجاب والتحريم والكراهة والإباحة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1430(11/18075)
هل أكل المال الحرام يفسد الصوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أحبتي في الله سؤالي هو: وظيفتي هي حاسوب عام، أحيانا أستخدم حاسوب الشركة ولا يجوز لي ذلك من قبل الإدارة، وباعتقادي هذا جزء من الخيانة أو السرقة، ولا يعلم أحد بما أفعله إلا الله، وأسأل الله أن يهديني سواء السبيل، وأن ينسيني بما كنت أفعله ويغفر لي إنه هو الغفور الرحيم. إذاً قصدي هو: هل يجوز لي أن أفطر بهذا المال المسروق؟ وهل أعيد هذا اليوم أو هذا الصوم الذي أفطرت فيه بهذ المال؟ وما حكم هذا الصوم هل أعيده أم لا؟ أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أولا التوبة النصوح من هذا الذنب، ومن شروط هذه التوبة: الندم على ما اقترفته، والإقلاع عنه والعزم على عدم العودة إليه مستقبلا، ومن شروطها أن ترد ما أخذته من الشركة بغير حق إلى مستحقيه، ولا تبرأ ذمتك إلا بأن يعود المال إلى أصحابه، وإن لم تفعل وأصررت على ما أنت مقيم عليه من المعصية فإنه يخشى على صيامك من حبوط أجره وذهاب ثوابه، فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. وأكل أموال الناس بالباطل من أزور الزور.
فعليك أيها الأخ الكريم أن تبادر بالتوبة النصوح في هذا الموسم المبارك، واعلم أن الله تعالى غفور رحيم لمن تاب وأناب، وأنه تعالى شديد العقاب لمن خالف أمره وأصر على معصيته، فلا تعرض نفسك لغضب الله الذي لا تقوم له السماوات والأرض، وأما فطرك من هذا المال فهو محرم قطعا، وهذا المال مضمون عليك يجب عليك رده إلى مستحقيه كما قدمنا، وإن كان صيامك صحيحا فلا تلزمك إعادته ولا تفسده هذه المعصية، لكنك إن لم تتب فقد تحرم ثواب هذا الصيام، ويحبط أجرك، ويذهب عملك سدى لما قدمناه من الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1430(11/18076)
وصال النبي صلى الله عليه وسلم وحكم الوصال إلى السحر
[السُّؤَالُ]
ـ[مبارك عليكم الشهر الفضيل، أردت- لوسمحتم- التأكد من معلومة سمعتها تخص الصيام وهي: جواز إطالة الصيام إلى السحر، لكن الأولى أن لا يواصل.
فقد سمعت بأن شيخا خطب في الناس خطبة الجمعة ووضح في بداية حديثه أن لا يواصلوا الصيام، ثم ذكر لهم حادثة حدثت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبين لهم بأن أشخاصا واصلوا الصيام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فنهاهم عن فعل ذلك، فقالوا إنهم فعلوا ذلك اقتداء به صلى الله عليه وسلم، فنهاهم وقال إنه يختلف عنهم فالله يطعمه ويسقيه، ثم قال لهم إنهم يستطيعون مواصلة الصيام إلى السحور.
فهل هذه الحادثة صحيحة وبأن الرسول صلى الله عليه وسلم يواصل الصيام إلى اليوم التالي؟ وهل فعلا مواصلة الصيام إلى السحور جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكره هذا الخطيب من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يواصل وأن هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم لكونه يطعمه ربه ويسقيه، وكونه رخص في الوصال لمن أراده إلى السحر، كل هذا صحيح دلت عليه الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاصَلَ فِي رَمَضَانَ فَوَاصَلَ النَّاسُ فَنَهَاهُمْ. قِيلَ لَهُ أَنْتَ تُوَاصِلُ، قَالَ: إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى. ونحوه في الصحيحين عن عائشة وأبي هريرة، وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر.
قال الحافظ في الفتح: وذهب أحمد وإسحاق وابن المنذر وابن خزيمة وجماعة من المالكية إلى جواز الوصال إلى السحر لحديث أبي سعيد المذكور، وهذا الوصال لا يترتب عليه شيء مما يترتب على غيره إلا أنه في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنه يؤخره، لأن الصائم له في اليوم والليلة أكلة فإذا أكلها السحر كان قد نقلها من أول الليل إلى آخره وكان أخف لجسمه في قيام الليل، ولا يخفى أن محل ذلك ما لم يشق على الصائم وإلا فلا يكون قربة.
وانفصل أكثر الشافعية عن ذلك بأن الإمساك إلى السحر ليس وصالا بل الوصال أن يمسك في الليل جميعه كما يمسك في النهار وإنما أطلق على الإمساك إلى السحر وصالا لمشابهته الوصال في الصورة، ويحتاج إلى ثبوت الدعوى بأن الوصال إنما هو حقيقة في إمساك جميع الليل وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواصل من سحر إلى سحر. انتهى.
ووجه جواز الوصال من السحر إلى السحر هو ما ذكره الحافظ رحمه الله، وإن كان ترك الوصال أولى لأن السنة في حق الصائم هي تعجيل الفطر لحديث سهل ابن سعد رضي الله عنه في الصحيح: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر.
هذا وقد بينا حكم الوصال وأقوال العلماء فيه فانظريها في الفتوى رقم: 103332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1430(11/18077)
أثر مشاهدة الأفلام الإباحية بالليل على الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مشاهدة الأفلام الإباحية في ليل رمضان؟ وهل يؤثرذلك على الصيام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد شرع الله صيام رمضان لتتهذب النفوس وتتقي الله عزوجل، كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {البقرة:183} .
ومشاهدة مثل هذه القذارات مما يتنافى مع الحكمة التي شرع الله من أجلها الصوم وهي التقوى، ولا ريب بأن مشاهدة هذه الأفلام الإباحية من أشد المحرمات في رمضان وفي غيره، ليلا أونهارا، ولكنها في رمضان أشد حرمة، لأن صاحبها ينتهك حرمة هذا الشهر الكريم ويضاد الله عزوجل في مقصوده من شرعية الصيام، ولا يستجيب للنداء الكريم الذي وكل الله من ينادي به على العباد وأوحى لرسوله صلى الله عليه وسلم ليخبرنا به ففعل صلى الله عليه وسلم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ أوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ. رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة وصححه ابن خزيمة، ثم الألباني.
ولا شك أن من يشاهد هذه الأفلام يتأثر صومه وإن كان يشاهدها ليلا، وإن كان مقصودك بتأثر الصوم بطلانه فنقول: لا، لا يبطل الصوم بمشاهدة هذه الأفلام.
وأما إن كان سؤالك: هل تؤثر هذه الأفلام في الصيام بنقص أجره، فنقول لك: ليس المقصود من الصيام هو الجوع والعطش ثم يأتي الليل فيسرح ويمرح الصائم كيفما شاء دون رقيب، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ. رواه البخاري.
قال ابن حجر في فتح الباري: قَالَ الْبَيْضَاوِيّ: لَيْسَ الْمَقْصُود مِنْ شَرْعِيَّةِ الصَّوْمِ نَفْس الْجُوعِ وَالْعَطَشِ, بَلْ مَا يَتْبَعُهُ مِنْ كَسْرِ الشَّهَوَات وَتَطْوِيعِ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ لِلنَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ, فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لَا يَنْظُرُ اللَّه إِلَيْهِ نَظَر الْقَبُولِ.
وهذه الأفلام الإباحية ـ حتى وإن لم تؤثر تأثيرا مباشرا في الصوم ـ فإن فيها من الذنوب الكبيرة ما سيأتي في ميزان العبد فيحبط في مقابلها الكثير من الحسنات، إن لم يتب صاحبها منها، وكذلك فالغالب على من يشاهد هذه الأفلام قلة التقوى مما يجعله يطلق النظر للنساء في نهار رمضان، وقد تشتد شهوته فيقع في بعض المحرمات كالاستمناء وهو مما يبطل الصوم في قول جماهير العلماء، بل قد يجامع زوجته نهارا فيرتكب إثما عظيما مع وجوب الكفارة عليه وعليها إن كانت مطاوعة له، وهكذا فمن شؤم المعصية أنها تجر إلى معصية أخرى.
كما قال ابن القيم في كتابه الداء والدواء في بيان عقوبات المعاصي: ومنها: أن المعاصي تزرع أمثالها وتولد بعضها بعضا حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها، كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها وأن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ولا يزال يألف المعاصي ويحبها ويؤثرها حتي يرسل الله إليه الشياطين فتأزه إليها أزا. انتهى.
فيجب على من يشاهد هذه الأفلام أن يمتنع عن ذلك في رمضان وغيره، وأن يتوب إلى الله ويستغفره، وهو سبحانه يقبل توبة العبد مهما أسرف على نفسه، بل ويبدل سيئاته حسنات، كما قال سبحانه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً* وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا {الفرقان:70-71} .
وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} .
وجدير بمن ينصح لنفسه ويخاف عليها أن يترك هذه المحرمات في رمضان وغيره، وأن يكون عنده تعظيم لشعائر الله وتوقير لله عزوجل وحياء من نظره إليه وهو على هذه المعاصي الكبيرة في الليالي الفاضلة والمساجد عامرة بمن يركع ويسجد ويتضرع ويبكي ليكون من عتقاء الله من النار ومن أصحاب الجنة، ثم هو ماذا يفعل؟ يتغذى بنعم الله ويبصر بما وهبه الله من عينين مُنعهما الكثيرون، ويتقلب في نعم الله الظاهرة والباطنة وبدلا من طاعة ربه يبارزه بالمعاصي في الأيام الفاضلة.
ألا فليشفق هذا المغرور على نفسه من قبل أن يأتيه الموت بغتة ويحال بينه وبين التوبة ثم يلاقي جزاء عمله السيء بعد ذلك.
وليحذر من يرتكب هذه الموبقات من دعاء دعا به جبريل وأمن عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ومن دعا عليه هؤلاء فقد خاب وخسر، فعَنْ جَابِر قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: آمِينَ آمِينَ آمِينَ، قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَمَاتَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأُدْخِلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ. الحديث رواه الطبراني في الكبير قال الهيثمى في مجمع الزوائد ـ8/139ـ رواه الطبرانى بأسانيد وأحدها حسن، وصححه الألباني.
وراجع الفتوى رقم: 12087، ففيها بيان ما يترتب على مشاهدة الأفلام الإباحية في نهار رمضان، والفتوى رقم: 110183، وهي بعنوان: هل يبطل الصوم بالنظر إلى المشاهد الجنسية في نهار رمضان؟.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1430(11/18078)
حكم تفطير الصائمبن التاركين للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أفطر جيراني المسلمين الصائمين؟ مع العلم أنهم تاركون للصلاة كلها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتفطير الصائمين فيه ثواب جزيل وهو من القربات العظيمة، قال صلى الله عليه وسلم: من فطر صائما كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، ورواه أيضا النسائي وابن ماجه.
فأنت مأجور ـ إن شاء الله ـ على تفطير جيرانك الصائمين ـ وإن كانوا من أهل المعاصي كتاركي الصلاة ـ ولكننا ننصحك أن تجعل تفطيرك لهم فرصة لدعوتهم إلى الله عز وجل، وأن تبين لهم خطورة ترك الصلاة، وأن تارك الصلاة شر من الزاني والسارق وشارب الخمر وقاتل النفس بإجماع المسلمين، كما نقله ابن القيم في أول كتاب الصلاة، وذهب بعض أهل العلم إلى أن تارك الصلاة كسلا كافر خارج من الملة ـ والعياذ بالله ـ وعليك أن تذكر لهم أن ترك الصلاة من أعظم ما يحبط أجر الصيام ويضيع ثوابه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه.
وأي زور أعظم من ترك الصلاة؟ فإذا فعلت هذا كنت محصلا لأجر تفطير الصائم وأجر الدعوة إلى الله عز وجل والذي هو من أعظم الأجور.
قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت: 33} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(11/18079)
العوامل التي يكون الصيام بها وجاء للشباب
[السُّؤَالُ]
ـ[أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم الشباب إلى الصوم، ولكنهم سيصومون ويؤذن المغرب ويأكلون، فتقوى شهوتهم، فيقومون بالاستمناء، فكيف تتحقق فائدة الصوم للشباب الثائر فى شهوته؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم من لا يستطيع الزواج على الصوم كمخرج شرعي يقلل من الشهوة ويعين على غض البصر بدلا من الطرق المحرمة الأخرى ـ والتي منها الاستمناء ـ وهذا فيما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ.
ومعنى: فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ: الوجاء هو رض عروق الخصيتين حتى تنفضخا، فتذهب بذهابهما شهوة الجماع، وكذلك الصوم، فهو مُضعِف لشهوة الجماع.
والصوم الذي يضعف الشهوة ليس صيام يوم أو يومين، بل الصوم المتكرر الكثير، وهذا من مجاهدة النفس للاستقامة على غض البصر وحفظ الفرج، وعاقبة المجاهدة هي الهداية، كما قال سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69} .
ولكن الأمر يحتاج إلى يقين وصبر.
ثم إن أثر الصوم قد لا يحدث في باديء الأمر، بل بعد مدة من الصيام، قال الحافظ ابن حجر: قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ، مُقْتَضَاهُ أنَّ الصَّوْمَ قَامِع لِشَهْوَة النِّكَاح، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الصَّوْمَ يَزِيدُ فِي تَهْيِيجِ الْحَرَارَةِ وَذَلِكَ مِمَّا يُثِيرُ الشَّهْوَةَ، لَكِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَقَعُ فِي مَبْدَأِ الْأَمْرِ فَإِذَا تَمَادَى عَلَيْهِ وَاعْتَادَهُ سَكَن ذَلِكَ. وَاللَّه أَعْلَمُ. فتح الباري.
وكذلك فإن الذي يجعل الصوم لا يؤتي ثماره عند كثير من الشباب أنهم لم يفهموا المقصود من الصوم.
يقول الشيخ ابن جبرين ـ رحمه الله ـ في شرحه لعمدة الأحكام: وقد ذكر لنا كثير من الشباب أنهم يكثرون الصوم ومع ذلك لم يجدوا خفة في الشهوة، بل الشهوة لا تزال عندهم قوية، والغلمة والشبق دافع قوي، ويقول أحدهم: ما وجدت للصيام أثراً لتخفيف الشهوة.
نقول: سبب ذلك أولاً: قوة الشهوة في بعض الشباب، حيث تكون الشهوة عندهم قوية جداً.
ثانياً: أن هناك مقويات لها، فلا شك أن كثرة المآكل وتنوع الأطعمة وكثرة اللحوم وأكل الفواكه وما أشبهها مما يقوي الشهوة، وكان الصوم في القديم مختلفاً عن وقتنا، كان الصائم إنما يجد العلقة من الطعام، فيأكل في وقت السحر لقيمات أو تمرات قليلة، ثم هو في وسط النهار يشتغل إما في حرفته أو مع غنمه أو نحو ذلك، ثم إذا جاء الإفطار لم يجد إلا تمرات أو ماءً أو نحو ذلك، وعند العشاء إنما يأكل رغيفاً أو نصف رغيف فيكون هذا الجوع هو الذي يكسر حدة الشهوة.
فنقول: الذي يريد أن تنكسر حدة الشهوة عليه أن يقلل من الأكل عند الإفطار وفي السحور وفي الليل، وأن يتجنب المشتهيات وكثرة الفواكه واللحوم المتنوعة وأنواع المأكولات الشهية، فإنها لاشك تقوي هذه الشهوة وتمكنها، فلا يخففها الصيام الذي لا يحصل معه هذا الجوع ولا هذا التعب ولا هذه المشقة، وعلى كل حال فهو إرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يخفف الشهوة، إلى أن يتمكن الإنسان من النكاح الذي يعف به نفسه. انتهى.
ومما يعين على تحقيق أثر الصوم أيضا أن يصوم الشاب عن المعاصي، فليس الصوم الحقيقي هو ترك الحلال من الطعام والشراب فقط مع عدم غض البصر، والذهاب إلى أماكن الفتنة والاختلاط بالنساء وغير ذلك مما يقوي الشهوة، ونحن نجزم بأن من داوم على الصيام المنضبط بضوابط الشرع فسينفعه الصيام ويقلل شهوته ويعينه على حفظ فرجه، لأن خبر الرسول صلى الله عليه وسلم خبر صادق، وإذا لم يجد بعض الشباب ثمرة الصيام فالخلل في صيامهم.
فاستعن بالله أيها الشاب، واعزم على الصيام الذي ينفع، والمصاحب لآداب الشرع في الأكل والشرب وفي غض البصر، وتذكر أن الصيام الذي تصاحبه المعاصي والمنكرات لا ينفع صاحبه، كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ. رواه أحمد والدارمي وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وحسنه العراقي وصححه الألباني.
وكذلك يجب الابتعاد عن الاستمناء فهو مما يؤذي ولا ينفع ويثير ولا يسكن الشهوة، مع تحريمه عند جماهير العلماء، كما سبق في فتاوى كثيرة لنا منها التالية أرقامها: 1087، 3678، 7170.
واسأل الله العفة والاستقامة، وإذا أمكنت فرصة للزواج فسارع، ونسأل الله لكم التوفيق والهداية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(11/18080)
الأولى تعجيل الفطر بتحقق غروب الشمس ولا ينتظر انتهاء الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[في رمضان هناك من يفطر أثناء أذان المغرب، وهناك من يفطر بعد انتهاء الأذان.
فما هو الأصح؟ لأنه وقع اختلاف بينهم في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم الوقت الذي يفطر فيه الصائم، وأنه يفطر بغروب الشمس فقال: إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم. متفق عليه. فهذا دليل واضح على أن الفطر من الصيام يكون بغروب الشمس.
ثم إن السنة قد دلت دلالة واضحة على استحباب تعجيل الفطر، فالأولى للصائم أن يفطر عند تحقق غروب الشمس، ولا يؤخر الفطر اتباعا للسنة، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. متفق عليه. وفي الحديث القدسي: إن أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا. رواه الترمذي وقال حسن غريب.
قال ابن عبد البر: أحاديث تعجيل الإفطار وتأخير السحور صحاح متواترة.
وأخرج عبد الرزاق وغيره بإسناد - قال الحافظ صحيح - عن عمرو بن ميمون الأودي قال: كا ن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم أسرع الناس إفطارا وأبطأهم سحورا.
قال الشوكاني رحمه الله: قال المهلب: والحكمة في ذلك أن لا يزاد في النهار من الليل، ولأنه أوفق بالصائم وأقوى له على العبادة. انتهى.
وقد صرح الحديث القدسي بأن معجل الإفطار أحب عباد الله إليه فلا يرغب عن الاتصاف بهذه الصفة إلا من كان حظه من الدين قليلا.
وبهذا كله يتبين لك أن تعجيل الفطر بعد تحقق غروب الشمس هو السنة، فإذا كان المؤذن لا يؤذن إلا بعد تحقق غروب الشمس أو غلبة الظن كما هو الواجب، فالأولى التعجيل بالفطر وعدم الانتظار حتى يفرغ المؤذن من أذانه، وإن كان الخطب يسيرا، والمدة بين أول الأذان وآخره ليست بكبيرة، ولكن موافقة السنة والمبادرة بالفطر أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1430(11/18081)
حكم الفطر قبل أذان المؤذن للمغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الإخوة عندنا في المسجد في رمضان أو في غيره يفطرون قبل الآذان بعشر دقائق.هل هو من السنة أم لا؟ هل هناك حديث صحيح في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الفطر من الصوم منوطٌ بغروب الشمس، وليس بأذان المؤذن، فإذا غربت الشمسُ جاز الفطرُ لقوله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ. {البقرة:187} . وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم. متفق عليه.
فإذا كان المؤذنُ يؤذن بعد غروب الشمس بهذه المُدة جاز لهؤلاء الناس أن يفطروا بعد التحقق من غروب الشمس، بل يستحب ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. أخرجه البخاري.
وأما إذا كان المؤذن يؤذن عند دخول الوقت كما هو المعتاد، فإن ما يفعله هؤلاء من الفطر قبل الأذان وقبل غروب الشمس مفسد للصوم، فإن كان في صوم واجب فإنه يُعد كبيرة من الكبائر، وتجبُ عليهم التوبة النصوح إلى الله عز وجل، وقضاء هذه الأيام التي أفطروا فيها قبل غروب الشمس، وقد ورد في السنة الوعيد الشديد لمن يفعل مثل هذا الفعل، فيفطرُ قبل غروب الشمس، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلا وعرا فقالا: اصعد فقلت: إني لا أطيقه فقالا: إنا سنسهله لك. فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار. ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دما قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم. رواه النسائي في الكبري والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1430(11/18082)
إخفاء الموظف صيامه عن زملائه خوفا من ثرثرتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أصوم حاليا كفارة القتل غير العمد. زملائي في العمل لا يعلمون بهذه الحادثة، التي حدثت قبل عدة سنوات، قبل التحاقي بعملي الحالي، وحقيقة أنا أحاول إخفاء ذلك عنهم، حيث إنها حادثة مؤلمة لي، ولا أريد الخوض فيها، حيث أعلم أن بعضهم يحب الثرثرة، ويحبون معرفة ما يهمهم وما لا يهمهم، وبالتفصيل الممل، وأنا لا أريد فتح جرح قديم. حدث البارحة أن قدم لي أحد زملائي كأسا من الشاي، وقد كنت صائما، فاعتذرت عنها، متحججا أنني غير قادر، وبذلك أكون قد كذبت على زميلي. هل ما فعلته مع زميلي يعتبر حراما ويؤثر على صحة صيامي؟ وهل ما أفعله من إخفاء صيامي عن زملائي يعتبر أمرا مشروعا دينيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما قولك لزميلك إنك غير قادرٍ على احتساء الشاي فحقٌ بلا شك, وذلك لأنك ممنوعٌ من ذلك من قبل الشارع، فإن من شرع في صوم الواجب لم يجز له قطعه لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد: 33} ، وصوم كفارة القتل يُشترط له التتابع كما بين ذلك الله تعالى في قوله: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} .
وانظر الفتوى رقم: 78892.
وأما إخفاءُك الصيام عنهم، فلا حرج عليكَ فيه لاسيما إذا كان للمقصد الذي ذكرته وهو خوفُكَ من ثرثرتهم ودخولهم في السؤال عن تفاصيل ما حدث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1430(11/18083)
حكم شرب الصائم الماء لدفع ضرر حاصل أو متوقع
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مريضا بالزكام فانغلق أنفي انغلاقا كليا على الساعة 6 صباحا وبقيت أتنفس بفمي حتى الساعة 8 فشاح ريقي ولم أستطع حتى ابتلاع اللعاب لقلته وعندما أريد أن أبتلع ما نزل منه بعض لساني فإنه لا يريد أن يمر إلى حنجرتي فخفت أن أحزق والحازوقة عندنا شبه وراثية فشربت الماء، فما هو الحكم في هذا كفارة أم رد؟ وبارك لله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدينُ الله مبني على اليسر ورفع الحرج، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، ومن رحمة الله بعباده أنه رخص لهم في ترك بعض التكاليف إذا شقت عليهم، كما رخص للمريض في الصلاة قاعداً إذا عجز عن القيام، ومن هذا الباب ترخيصه تعالى للمريض في الفطر مع لزوم القضاء إذا كان مرضه مما يُرجى برؤه، قال تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة:184} ، وليس من شرط المرض المبيح للفطر أن يكون صاحبه عاجزاً عن الصوم، بل يكفي أن يكون الصوم يشقُ عليه ويتضرر به، قال الموفق رحمه الله في المغني: أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة، والأصل فيه قوله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ. والمرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه. انتهى.
وقد قرر العلماء أن خوف حصول المرض كالمرض في إباحة الفطر، وهذا من تمام رحمة الله بعباده.. قال ابن قدامة: والصحيح الذي يخشى المرض بالصيام، كالمريض الذي يخاف زيادته في إباحة الفطر، لأن المريض إنما أبيح له الفطر خوفاً مما يتجدد بصيامه، من زيادة المرض وتطاوله، فالخوف من تجدد المرض في معناه. انتهى.
وأما المرض الخفيف الذي لا يشق معه الصوم كوجع الإصبع والدمل ونحو ذلك فغير مبيح للفطر عند الجماهير خلافاً لبعض السلف، وبهذا التفصيل المتقدم تعلم أنك إذا كنت شربت الماء لأجل دفع ضرر حاصل أو متوقع كما هو الظاهر فلا إثم عليك إنما يجب عليك القضاء، وأما إذا كان حصل منك تساهل بحيث كان يمكنك الصوم بلا مشقة، أو كان الضرر المتوقع يسيراً لا يشق معه الصوم فعليك التوبة والاستغفار من إثم الفطر بغير عذر، ويلزمك القضاء بلا كفارة في قول الجمهور، وعند مالك وأبي حنيفة تلزم الكفارة كذلك، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 5978.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(11/18084)
طهرت قبل الفجر قي رمضان واغتسلت بعد المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[في رمضان الماضي كنت حائضا وفي آخر يوم من الدورة تسحرت ونويت الصيام ولم ينزل دم طوال لنهار وأتممت صيامي حتى المغرب ولكني لم أغتسل إلا عند أذان المغرب فما حكم ذلك، وهل يصح صيامي في ذلك اليوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الطهر من الحيض قد حصل قبل طلوع الفجر فصيامك صحيح لليوم المذكور، ولا يبطله عدم الاغتسال بعد الطهر من الحيض وكان من الواجب عليك الاغتسال حين تحققت من علامة الطهر لكي تؤدي الصلوات التي طهرت في وقتها فيجب عليك قضاء المغرب والعشاء إذا طهرت قبل الفجر بوقت يسع الغسل وأداء تلك الصلاتين هذا إضافة إلى قضاء صلوات ذلك اليوم وهي الفجر والظهر والعصر كما يجب عليك التوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب وهو تعمد تأخير هذه الصلوات وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 77121، والفتوى رقم: 25674، أما إذا كان الطهر لم يحصل إلا بعد طلوع الفجر فصيام ذلك اليوم غير صحيح وعليك قضاؤه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(11/18085)
تظاهر الصائم بالإفطار.. رؤية شرعية أخلاقية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال يحيرني؟؟
شخص أراد أن يمزح مع أصدقائه بإحضار كوب من الماء وهو صائم فقد قام بتمثيل الشرب لكي يصدقه الأصدقاء بأنه مفطر فقطرة من الماء نزلت على شفة الشخص. هذا الشخص يشك بأنه بلع الماء لكنه في الأساس لم يبلع فهو يشك ويظل يشك. فما الحل يا إخواني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن وضع الماء على شفتيه أو تمضمض ونحو ذلك وشك في دخول الماء إلى حلقه ولم يجزم فصيامه صحيح، ولا يلزمه القضاء لأن الأصل عدم دخول الماء، والأصل لا يزول بمجرد الشك، ولا ينبغي للمسلم أن يمزح فيتظاهر للناس بأنه مفطر في نهار رمضان لما في ذلك من عدم تعظيم حرمة الصيام وتعريضه للفساد، ولأن الناس قد يسيئون به الظن، والمسلم مطالب شرعا بأن يصون عرضه لا أن يلطخه، وقد نص العلماء على أنه ينبغي للمسلم أن يتقي مواضع التهم صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن ولألسنتهم عن الغيبة فإنهم إذا عصوا الله بذكره وكان هو السبب فيه كان شريكا؛ كما قاله الغزالي في الإحياء، ثم إن تظاهر ذلك الرجل بأنه مفطر قد يدل على أنه لا يبالي بالناس ولا يستحي منهم،ومن المعلوم أن الحياء شعبة من شعب الإيمان، وقد خرج أنس بن مالك رضي الله عنه إلى الجمعة فرأى الناس قد صلوا ورجعوا فاستحى ودخل موضعا لا يراه الناس فيه وقال: من لا يستحيي من الناس لا يستحيي من الله. رواه ابن أبي شيبة، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 100191، والفتوى رقم: 78410.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1429(11/18086)
جواز التصريح بالعورة عند الحاجة والضرورة للصائم وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء في الحديث الشريف فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فهل يدخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم (لا يرفث) مقدمات الجماع كالكلام الرومنسي المثير للشهوة والتقبيل المثير كذلك أم أن المعنى خاص بالسباب والشتائم المحرمة، وكيف نجمع بين هذا الحديث والحديث الذي في مسند أحمد من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا، فهل هذا يكون في غير رمضان أم أن لكل مقام مقال فيكون السب جائزاً في بعض الحالات كمن تعزى بعزاء الجاهلية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم فلا يرفث عامٌّ يشمل الكلام الفاحشَ البذيء، والكلام في دواعي الجماع ومقدماته، قال الحافظ: (وقوله: فلا يرفث) أي الصائم، كذا وقع مختصرا، وفي الموطأ: الصيام جنة، فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث.. الخ، ويرفث بالضم والكسر ويجوز في ماضيه التثليث، والمراد بالرفث هنا وهو بفتح الراء والفاء ثم المثلثة: الكلام الفاحش، وهو يُطلَق على هذا وعلى الجماع وعلى مقدماته وعلى ذكره مع النساء أو مطلقا، ويحتمل أن يكون لما هو أعم منها. انتهى.
وعلى هذا؛ فما وصفته بالكلام الرومانسي المثير للشهوة هو مما لا ينبغي للصائم، لأنه ذريعةٌ إلى ما لا تُحمدُ عقباه، وأما القبلة للصائم فالخلافُ فيها معروفٌ عند أهل العلم، والصحيح أنها إن كانت تحرك الشهوة لم تجز وإلا جازت، وسؤالك إنما هو عن التقبيلِ المثير للشهوة، وهذا النوع من التقبيل للصائم أقلُ أحواله الكراهة لما يتضمنه من الذريعةِ القوية للجماع، وقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه. متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم؟ فرخص له. وأتاه آخر فسأله فنهاه. فإذا الذي رخص له شيخ، والذي نهاه شاب. رواه أبو داود وسكت عنه، وقال النووي: إسناده جيد، وإنما رخص للشيخ دون الشاب لأن الشاب مظنة ثوران الشهوة.
وأما الحديث المسؤول عنه فصحيحٌ ثابت، واعلم أولاً أن الصائم مأمورٌ بتركِ السباب والمشاتمة؛ بل هو مأمورٌ بدفع السيئةِ بالحسنة، فإن سابّه أحدٌ أو شاتمه فليقل: إني صائم كما ثبت في الحديث. مع أنه يجوزُ له أن ينتصرَ لنفسه ويُعاقبَ بمثلِ ما عوقبَ به، لقوله تعالى: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ {الشوري:41} ، والحديثُ المسؤول عنه ليس من هذا الباب، فليس قوله في الحديث: فأعضوه بهنِ أبيه. من باب الرفث، ولا الفسوق حتى يُتوهم التعارض، بل هذا من العقوبة لمن ارتكب هذا الذنب، وهو التعزي بعزاء الجاهلية، تماماً كما أن الصائم وغيره ممنوعٌ من ضربِ إنسان وأذيته، فإذا ضربه في حدٍ أو عقوبة شرعية لم يكن ذلك داخلاً في المنع، والتصريحُ بذكر العورات قد يجوزُ أو يُستحبُ لمصلحةٍ راجحة.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: ثم إن كل واحد من إظهار ذلك للسمع والبصر يباح للحاجة، بل يستحب إذا لم يحصل المستحب أو الواجب إلا بذلك، كقول النبي لماعز: أنكتها؟ وكقوله: من تعزى الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا، ومن ذلك قول الصديق رضي الله عنه لعروة بن مسعود في الحديث الطويل الذي رواه البخاري وغيره: امصص ببظر اللات. فهذا لقبح قوله وفعله قابله الصديق بكلام يزجره.
والتصريح بالعورة يجوز عند الحاجة والضرورة، كما سبق تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لماعز: أنكتها؟ وهذا حتى لا يلتبس عليه الأمر بشبهة تقبيل أو غير ذلك ولكل مقام مقال.
وقال ابن القيم في زاد المعاد: وكان ذكر هِن الأب هاهنا أحسن تذكيراً لهذا المتكبر بدعوى الجاهلية بالعضو الذي خرج منه؛ وهو هن أبيه، فلا ينبغي له أن يتعدى طوره.
وقال المناوي في فيض القدير: وخص الأب لأن هتك عورته أقبح. وقال: فإنه جدير بأن يستهان به ويخاطب بما فيه قبح وهجر؛ زجرا له عن فعله الشنيع، وردعا له عن قوله الفظيع.
وبه تعلم أن هذا الحديثَ عام يستعمله الصائم وغيره لما فيه من التنكيل بمرتكب هذا الذنب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1429(11/18087)
جهزوا سحورهم ثم غلبهم النوم فهل انعقدت نيتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[دخل رمضان وصلينا التراويح واشترينا السحور وجهزناه لكن النوم غلبنا فلم نستيقظ قبل الفجر، فهل انعقدت النية أم أن الصيام باطل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشراؤكم السحور وتجهيزه متضمن لنية الصيام من الغد وعليه فصيامكم صحيح ونومكم عن السحور لا يبطله، ففي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وكذلك نية الصيام في رمضان لا يجب على أحد أن يقول أنا صائم غداً باتفاق الأئمة بل يكفيه نية قلبه.
والنية تتبع العلم فمن علم ما يريد أن يفعله فلا بد أن ينويه فإذا علم المسلم أن غداً من رمضان وهو ممن يصوم رمضان فلا بد أن ينوي الصيام، فإذا علم أن غداً العيد لم ينو الصيام تلك الليلة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(11/18088)
حكم الوطء ليلا في العشر الأواخر من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله، هل يجوز للرجل أن يأتي زوجته في العشر الأواخر، وهل يخسر شيئاً من الأجر أو أنه لا يطبق السنة. فأرجو الرد بسرعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الرجل في إتيان أهله ليلاً في العشر الأواخر، لقول الله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ. {البقرة:187} .
ولا ينقص ذلك أجر صيامه أو قيامه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتزل أهله في العشر الأواخر ويعتكف فيهن فمن فعل ذلك اقتداء به فهو الأكمل، ومن لم يفعله فلا حرج عليه وفاته بعض الخير، وكان من الصحابة من يعتكف ومن لا يعتكف ولم ينكر أحدهم على الآخر، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 25560، والفتوى رقم: 112658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1429(11/18089)
حكم الصيام في أوروبا حسب توقيت السعودية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ساكن في وسط النرويج والأيام طويلة جدا، وهناك من يصوم مع المملكة في كل رمضان وأنا بدأت أصوم مع المملكة في هذا العام فهل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ. {البقرة:187} .
والواجبُ على كل مسلم أن يبدأ الصيام من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، ومهما كان اليومُ طويلاً فإن الأجر على قدرِ النصب، فإذا كنت تقصد أنكم تصومون مع المملكة أي تبدؤون الصيام عند أذان الفجر في المملكة وإن كان بعد الفجر عندكم وتفطرون مع أذان المغرب في المملكة وإن كان قبل غروب الشمس عندكم وهذا هو الظاهر من سؤالك، فهذا لا يجوزُ قطعاً، بل هذا تعمدٌ للإفطار في نهار رمضان، وهو أشبه شيءٍ بالتلاعب، وكيفَ يستبيح مسلم أن يأكل ويشرب في نهار رمضان، والشمسُ طالعة يراها رأي العين بحجة أنها قد غربت في مكان آخر.
أيها الأخ الفاضل نوصيك بتقوى الله وتعظيمِ شعائره وأن تتوب من هذا الفعل الشنيع والذنب الفظيع، وأن تنصح كل من يقارف هذا الإثم بالتوبة منه وعليكَ قضاء الأيام التي صمتها علي هذه الطريقة، فإنك ما صمتها علي الحقيقة.
وأما إذا كنت تقصد أنك تصومُ مع المملكة أي في أول الشهر بالاعتماد علي رؤية الهلال فيها، فهذه مسألة خلافٍ بين أهل العلم وقد رجحنا من قبل أن لأهل كل بلدٍ رؤيتهم، وانظر الفتوى رقم: 59625.
وعلى القول المرجح عندنا فإنك لا تعتد بما صمته قبل ثبوت هلال رمضان أو كمال شعبان في البلد الذي أنت فيه أو في أقرب بلد إليه، وإن عملتم بالقول الآخر تقليدا للقائلين به من أهل العلم فلا حرج لأن هذا القول قول معتبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1429(11/18090)
نام في رمضان قبل الظهر واستيقظ في العاشرة ليلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بالأمس نمت قبل الظهر ولم أستيقظ إلا الساعة 10 بالليل ولم أفطر ولم أصل، فماذا أفعل؟ أفيدوني..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستيقاظك في الساعة العاشرة معناه أنك استيقظت في وقت صلاة العشاء، فكان الواجبُ عليكَ أن تبادر بفعلها، وكان عليكَ أن تصليَ قبلها ما فاتك من صلواتٍ أثناء النوم مراعاةً للترتيب بين الصلوات، فتصلي الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء، وليس عليك إثمٌ في ذلك لأنك معذورٌ بنومك، فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: ليس في النوم تفريط. إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى. رواه مسلم.
وأجمعَ العلماء على أن النائم والناسي يصلي متى استيقظ أو ذكر لقوله صلى الله عليه وسلم: من نسي صلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها. متفقٌ عليه واللفظ لمسلم.
وأما عدمُ إفطارك حتى استيقظت فالأمرُ يسير ولم يكن عليكَ إلا أن تأكل أو تشرب، وأما سنةُ تعجيل الفطر فنرجو أن تكون قد حصّلت ثوابها إذا كنت ممن يحرصُ عليها سابقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(11/18091)
نظر الصائم للصور المحرمة وسماعه الموسيقى
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مبتلى قعيد البيت ليس لديه أحد وهو مضطر إلى الدخول على الإنترنت لأن ليس معه أحد يسليه وهو عندما يدخل الإنترنت يصادف صورا محرمة وغيرها مثل الموسيقى وينجرح صومه بسبب ذلك فهو صادق
النية يقول لولا هذا البلاء لتجنبت الإنترنت ولابتعدت عنه ولعملت صالحاً، فهل هنا الله يكتب له صومه
كاملاً بسبب نيته الصادقة، وهو من جد صادق ولكن حيل بينه وبينها؟ وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى وجه العموم فإن من هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له حسنة كاملة كما ثبتت بذلك السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجع في هذا الفتوى رقم: 20862.
وهذا الذي ذكرناه لا ينطبق على هذا الرجل الوارد ذكره بالسؤال فإننا أولاً لا نسلم كونه مضطراً للدخول على الإنترنت، فهنالك كثير من الأمور النافعة التي يمكن أن يشغل بها وقته كتلاوة القرآن أو الاستماع إليه، أو ممارسة شيء من الألعاب المسلية المباحة ونحو ذلك.
ولو افترضنا حاجته إلى الدخول إلى الإنترنت فليس هنالك ما يدعوه إلى الدخول إلى هذه المواقع ومشاهدة الصور المحرمة أو الاستماع إلى الموسيقى، فهنالك الكثير من المواقع النافعة التي يمكنه أن يستفيد منها في مختلف نواحي حياته، ومن ذلك هذا الموقع (الشبكة الإسلامية) .
ثم إن هذا الرجل لو كان صحيحاً ما ذكر من كونه صادق النية لاجتنب هذه المنكرات، وقد يضيع شيء من ثواب صومه بسبب ما يأتي من المعاصي، فينبغي أن يحرص على استغلال هذه الأيام الفاضلة فيما ينفعه، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 25407، والفتوى رقم: 25115.
وليس صحيحاً ما ذكر من كونه لو كان سليماً في بدنه لابتعد عن الإنترنت ومشاهدة هذه المنكرات فيه، فقد يكون الأمر على العكس من ذلك بأن يكون أكثر إقبالاً على المعصية في حال صحته، وفي المقابل قد يكون في هذا البلاء الذي أصيب به نعمة ينال بها الأجر العظيم، فيجعله يراجع نفسه ويئوب إلى ربه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(11/18092)
التعاون من أجل الإكثار من ختم المصحف في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[عملنا موضوعا بيننا ليحفزنا على ختم قراءة القرآن أكثر من مرة برمضان بحيث يكتب كل منا إلى أين وصل في القراءة ويكتب الآية التى وقف عندها وكيف فهم منها أدى ذلك بفضل الله إلى تحفيز الكل والاهتمام بالقراءة وتفهم معنى الآيات ومنا من ختمه قبل العشر الأوائل واعترف أنها أول مرة يختمه في هذا الوقت, وجدنا من يعترض ويقول إن هذا رياء وحرام, وخوفا من ضياع الأجر وأنه ليس مهما الجهر، سؤالي هو ما هو الصواب فهل هو حرام حقا، وما دليل حرمته؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يجزيكن خيراً على حرصكن على الخير وتلاوة كتاب الله تعالى وتدبر معانيه، وهذا الفعل لا حرج فيه لأنه نوع من التعاون على البر والتقوى، وهو مرغب فيه شرعاً بنص كتاب الله تعالى في قوله سبحانه: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، ومن قال بتحريمه فقد أبعد النجعة ولم يحالفه الصواب.
فإن مثل هذه الأمور من الوسائل، والأصل في باب الوسائل الإباحة لا المنع، فمن منع فهو المطالب بالدليل، وأما الحكم بكون هذا فيه نوع من الرياء فلا يصح، وهل يلزم من العمل إن كان صاحبه قد يرائي به أن يحكم على أصل العمل بالتحريم؟ فالأولى أن يقال بدلاً من ذلك أنه ينبغي لمن يقوم بمثل هذا الفعل أن يحذر الرياء، وترك العمل خوفاً من الرياء مذموم، كما أن العمل من أجل الرياء كذلك مذموم، قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(11/18093)
هل تفطر لتجري أشعة مقطعية على الجنين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حامل في الأسبوع الخامس وطلب مني إجراء أشعة مقطعية، على أن تكون بطني ممتلئة بالماء على الساعة العاشرة صباحا، لذا سوف أكون مضطرة لشرب الماء قبل هذا الوقت بقليل، فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشرب عمدا في نهار رمضان مفسد للصوم وموجب للقضاء باتفاق العلماء، ولا يجوز الإقدام عليه من غير ضرورة ملجئة لما في ذلك من انتهاك حرمة الصيام، فإذا كان بالإمكان تأخير إجراء الأشعة إلى ما بعد الإفطار أو بعد رمضان ولم يترتب على التأخير ضرر عليك ولا على الجنين لم يجز لك الشرب، وإن كان إجراء الأشعة ضروريا ولا يمكن تأخيره ويخشى عليك الضرر أو على الجنين إذا لم يتم فلا حرج عليك في الفطر للضرورة، ويلزمك الإمساك ثانية بعد شرب الماء وقضاء ذلك اليوم عند جمهور أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(11/18094)
السيئة تعظم في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في رمضان تضاعف السيئات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فضل الله تعالى أن السيئة لا تتضاعف كما تتضاعف الحسنة، ولكن قد تعظم ويعظم العقاب عليها بسبب شرف الزمان أو المكان أو هما معاً أو غير ذلك، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 47329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(11/18095)
هل يفطر المؤذن بمجرد الغروب أم بعد ما يؤذن
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا مؤذن يعتمد عليه الناس في أذان المغرب في أول غروب الشمس، هل له أن يفطر ثم يؤذن أم يؤذن ثم يفطر لاعتماد الناس عليه في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعتبر في وقت إفطار الصائم هو التحقق أو غلبة الظن بغروب الشمس، وله تقليد مؤذن عدل عارف بالأوقات، وبالتالي فإذا كان المؤذن المذكور عدلا عارفا بالأوقات جاز تقليده في دخول الوقت والإفطار، وبما أن تعجيل الفطر بعد تحقق الغروب سنة فالظاهر لنا أن الأولى في حق المؤذن أن يفطر قبل الأذان اتباعا للسنة، ولا يؤخر الإفطار لتعجيل إفطار غيره لأن الإيثار بالقرب مكروه عند بعض أهل العلم، وأجازه بعضهم من غير كراهة، وبإمكان المؤذن المذكور أن يفطر بشيء يسير كتمرات ونحوها، ثم يؤذن فيجمع بين الأمرين، وراجع الفتوى رقم: 59691.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(11/18096)
أطلق بصره في رمضان ثم نام فاحتلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في شخص لم يغض بصره عن المحرمات في نهار رمضان ثم نام مباشرة فاحتلم، فهل يكون هنا نزول المني عن قصد فيبطل صومه، وما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن احتلم نهاراً في شهر رمضان فصومه صحيح ولا يعتبر متعمداً لخروج المني إذا نظر حال اليقظة إلى ما يحرم نظره ما دام المني قد خرج منه في منامه، إلا أن الواجب على المسلم غض بصره عن كل ما يحرم النظر إليه امتثالاً لقوله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} ، وعليه فيتعين غض البصر عن الحرام ويتأكد ذلك في شهر رمضان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(11/18097)
قتل الحشرات هل ينقص من أجر الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قتل الحشرات التى أجدها بداخل دولاب ملابسي في نهار رمضان، هل يقل أجري بسبب قتلي لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاصي هي التي تنقص أجر الصيام، وعليه فإذا كانت الحشرات مما ورد الشرع بالنهي عن قتله- كالنحل- فمن قتله في الصيام وهو عالم بالتحريم فهو عاص، والمعصية قد تنقص أجر الصيام، وأما إن كانت الحشرات مؤذية أو لم يرد النهي عن قتلها فنرجو ألا يكون حرج في قتلها سواء في رمضان أو غيره.
وانظر الفتوى رقم: 47356، والفتوى رقم: 38366.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(11/18098)
شرب القهوة قبيل الفجر في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من شرب القهوة قبل أذان الفجر في رمضان مع العلم أنها تسهر وتعطي نشاطا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في شراب القهوة المعروفة أو غيرها في ليالي رمضان قبل طلوع الفجر فقد قال الله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ {البقرة:187} وأما كونها تنشط أو تؤدي للسهر فلا تأثير له على إباحتها، بل ينبغي الاستفادة من ذلك بالاستيقاظ في السحر والإكثار من الاستغفار والدعاء وغير ذلك من الطاعات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(11/18099)
النوم هل ينقص من أجر الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النوم والشخص صائم فرضا أو نافلة، وهل ينقص من أجر الصوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الصائم في النوم أثناء النهار، سواء كان صومه فريضة أو كان نافلة إلا أنه يكره الإكثار من النوم أثناء الصيام حتى لا يفوته الإكثار من العبادة.
وقد نص بعض الفقهاء على كراهة كثرة النوم نهارا للصائم كما قال الخرشي المالكي في مكروهات الصوم:...... وكثرة النوم نهارا قاله عياض وابن جزي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1429(11/18100)
السفر دون مسافة القصر هل يقطع تتابع الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تجيبوا على سؤالي لأني في أمس الحاجة للإجابة وجزاكم الله ألف خير.
كنت قد نذرت صيام شهر متتابعا كاملا حمدا لله وشكرا له على نعمه التي أنعمها علي، وقد بدأت والحمد لله بصيام هذا الشهر منذ أيام قليلة. في الأسبوع القادم سأجتاز امتحان الحصول على رخصة السياقة في مدينة تبعد عن المدينة التي أقطن فيها ب 60 كلم، سؤالي هو هل أفطر يوم الامتحان دون أن ينقطع التتابع في الصيام، وخاصة أنني أتعب كثيرا في السفر ولو مسافة قصيرة. وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فهذه المسافة المذكورة لا تصل إلى حد مسافة القصر، وما دامت كذلك فإن الفطر فيها يقطع تتابع الصوم، وعلى هذا فإن على السائلة أن تستمر في تتابع صيامها حتى يكمل صيام الشهر الذي نذرت صيامه متتابعا، فإن تحمل ذلك أهون عليها من استئناف صيام شهر آخر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسافة لا تصل إلى حد مسافة القصر، وما دامت كذلك فإن الفطر فيها يقطع تتابع الصوم، بل إن في قطع التتابع بسفر القصر خلافا بين أهل العلم، فمنهم من يعتبره عذرا لا يقطع التتابع كالمرض، ومنهم من لا يعبتره عذرا، فمن أفطر فيه وجب عليه الاستئناف، وعلى هذا فإن على السائلة أن تستمر في تتابع صيامها حتى يكمل صيام الشهر الذي نذرت صيامه متتابعا فإن تحمل ذلك أهون عليها من استئناف صيام شهر آخر.
قال ابن قدامة في المغني: وإن أفطر لسفر مبيح للفطر، فكلام أحمد يحتمل الأمرين ; وأظهرهما، أنه لا يقطع التتابع ; فإنه قال في رواية الأثرم: كان السفر غير المرض، وما ينبغي أن يكون أوكد من رمضان. فظاهر هذا أنه لا يقطع التتابع. وهذا قول الحسن. ويحتمل أن ينقطع به التتابع. وهو قول مالك وأصحاب الرأي. واختلف أصحاب الشافعي، فمنهم من قال: فيه قولان كالمرض. ومنهم من يقول: ينقطع التتابع، وجها واحدا؛ لأن السفر يحصل باختياره، فقطع التتابع، كما لو أفطر لغير عذر. ووجه الأول، أنه فطر لعذر مبيح للفطر، فلم ينقطع به التتابع، كإفطار المرأة بالحيض، وفارق الفطر لغير عذر، فإنه لا يباح. انتهى.
وللفائدة حول حكم النذر تراجع الفتوى رقم: 16705.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1429(11/18101)
أول وقت السحور وآخره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصوم الإثنين والخميس ولكن دائما أتسحر الساعة الثانية عشرة وأنوي الصوم وأنام ولا أستيقظ إلا بعد أذان الفجر وأصوم يومي وهكذا أفعل في كل صوم إلا الواجب (رمضان) والسبب هو أنني أنام قليلا 6 ساعات (الليل5 مع القيلولة1) ولا أستطيع القيام قبل الأذان ذلك لأنني طالب في الطب وأحتاج معظم الوقت للدراسة، فأفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسحور سنة في حق من يريد الصيام، ووقته يبدأ من نصف الليل وينتهي بطلوع الفجر الصادق، قال الإمام النووي في المجموع وهو شافعي: وقت السحور بين نصف الليل وطلوع الفجر. انتهى.
وفي حاشية الدسوقي المالكي: ويدخل وقت السحور بنصف الليل الأخير وكلما تأخر كان أفضل، فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤخره بحيث يكون ما بين فراغه منه وبين الفجر قدر ما يقرأ القارئ خمسين آية وعلم مما قلناه أن الأكل قبل نصف الليل ليس سحوراً. انتهى.
وعليه، فإذا كان ما قمت به من أكل ونحوه قد حصل بعد منتصف الليل فهو سحور، وإن كان قبل ذلك فلا يعتبر سحوراً شرعاً، والصيام صحيح مع ترك السحور أصلاً، وإن كان الأفضل الحرص دائماً على المواظبة عليه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28660.
ونيتك الصيام في أي جزء من الليل مجزئة وإذا كان الصوم نافلة تجزئ النية الواقعة في النهار، ومن أهل العلم من شرط وقوعها قبل الزوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1429(11/18102)
هل في الشريعة صيام شكر أو صدقة شكر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صيام الشكر وصدقة الشكر، فأفيدونا؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من أن يصوم المسلم أو يتصدق تطوعاً لله وشكراً له على نعمه، لكن ليس هناك صيام يسمى صيام الشكر ولا صدقة تسمى صدقة الشكر، وقد ورد سجود الشكر عند حدوث نعمة أو اندفاع نقمة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في الشريعة قربة يقال عنها صيام الشكر أو صلاة الشكر، ومن أحدث هذا فقد أحدث في الدين ما ليس منه، وإنما ورد عن الشرع سجود الشكر عند حدوث نعمة أو اندفاع نقمة، لكن لا مانع من أن يكثر المسلم من الأعمال الصالحة من صلاة وصيام وصدقة ونحو ذلك شكراً لله تعالى على نعمه، ففي صحيح البخاري عن المغيرة رضي الله عنه قال: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليقوم ليصلي حتى تورمت قدماه أو ساقاه فيقال له، فيقول: أفلا أكون عبداً شكوراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1429(11/18103)
فعل الصائم ما يثير شهوته مع جهله بخروج شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في فتوى لكم أن الشهوة لا تبطل الصيام إن لم تكن متعمدة، أنا كنت أجهل الكثير عن ديني ولكن الحمد لله فإن الله هداني وكنت حين أصوم أفعل أشياء تثير الشهوة ولست أعلم إن كنت أفرز إفرازات أم لا، إن كان كفارة ما كنت أفعله بجهل هو الصوم فإن ذلك من الأمور الشاقة علي لأن جسمي لا يتحمل كثرة الصيام ويرهقني جداً، فهل أنا مطالبة بالقضاء وإن كنت كذلك فهل لي أن أطعم الطعام لمساكين لأني كما ذكرت يشق علي الصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله سبحانه وتعالى أن منّ على أختنا السائلة بالهداية والسؤال عن أحكام دينها، كما نسأله أن يثبتها على الهدى والرشاد، أما بالنسبة لما ذكرت من أنها كانت تعمل ما يثير الشهوة أثناء الصيام مع عدم علمها بخروج شيء، فإن ذلك غير مفطر ولا تطالب بقضاء ولا كفارة، وعليها أن تتوب إلى الله تعالى من تعمد فعل ما يثير الشهوة خلال الصيام.
وللفائدة في ذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 78407، والفتوى رقم: 73114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(11/18104)
حكم الوصال في الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال مهم بالنسبة لي هل يجوز الصوم تطوعا إلى ما بعد المغرب؟ أي يومين متتاليين مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يشرع صيام يومين متتاليين من غير فطر بينهما لأن هذاهو الوصال الذي ورد النهي عنه في الحديث، وهو مكروه عند أكثرأهل العلم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ويواصل لكن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم كما صرح بذلك الفقهاء، والنهي عن الوصال محمول على الكراهة عند الجمهور، وفي المذهب الشافعي يحمل النهي عنه على التحريم في الأصح، أما تأخير الإفطار عن وقته، فإن كان على الاستنان والأفضلية فإنه مكروه أو خلاف الأولى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صيام يومين متتاليين أو أكثرمن غير فطر هو الوصال المنهي عنه، وهو مكروه عند أكثرأهل العلم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ويواصل، لكن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم، كما صرح بذلك الفقهاء.
ففي المهذب في الفقه الشافعي: ويكره الوصال في الصوم , لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والوصال، قالوا: إنك تواصل يا رسول الله، قال: إني لست كهيئتكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني. وهل هو كراهة تحريم؟ أو هو كراهة تنزيه؟ فيه وجهان: (أحدهما) أنه كراهة تحريم لأن النهي يقتضي التحريم. (والثاني) أنه كراهة تنزيه لأنه إنما نهي عنه حتى لا يضعف عن الصوم , وذلك أمر غير محقق فلم يتعلق به إثم , فإن واصل لم يبطل صومه لأن النهي لا يرجع إلى الصوم فلا يوجب بطلانه. انتهى.
وقد صرح النووي بأن الوجه الأصح في المذهب الشافعي أن النهي عن الوصال نهي تحريم، ثم ذكر مذاهب العلماء في الوصال فقال: ذكرنا أن مذهبنا أنه منهي عنه وبه قال الجمهور, وقال العبدري: وهو قول العلماء كافة إلا ابن الزبير, فإنه كان يواصل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر الوصال قال: وهو أن لا يفطر بين اليومين بأكل ولا شرب. وهو مكروه في قول أكثر أهل العلم. وروي عن ابن الزبير أنه كان يواصل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. ولنا ما روى ابن عمر, قال: واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان , فواصل الناس, فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال, فقالوا: إنك تواصل. قال: إني لست مثلكم, إني أطعم وأسقى. متفق عليه. وهذا يقتضي اختصاصه بذلك, ومنع إلحاق غيره به. انتهى.
ومن هذا يتبين أن الوصال منهي عنه نهي كراهة، وفي المذهب الشافعي يحمل النهي عنه على التحريم في الأصح.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 95758.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1428(11/18105)
حكم وصول قطرة من ماء المطر إلى فم الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخلت قطرة ماء إلى فم الصائم بسبب المطر فماذا يفعل؟ جزاكم الله عنا خيراً.. وبارك لكم في عمركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا وصل الماء إلى فم الصائم سواء كان من مطر أو غيره فليرقه ولا يبتلعه ولا شيء في وصول الماء إلى فمه ما لم يبتلعه، لأن له أن يتمضمض باختياره ولا يؤثر ذلك على صومه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(11/18106)
الكيس من عمر رمضان بالطاعة والإحسان
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن أجر من فطر صائما عظيم، ولكني امرأة عاملة خارج المنزل إضافة إلى داخله أي ليس لدي خادمة طلبت من زوجي أن يرتب ولائم لأقاربه في الأيام الأوائل من رمضان فكان ذلك وهدفي هو أنني في العشر الأواخر أريد أن أتلو المزيد من القرآن وأضاعف جهودي في العبادة، لكني تفاجأت بأن زوجي قد دعا أهله إلى وليمة في العشر الأواخر، علما بأنهم لا يأكلون ويذهبون وإنما يطيلون السهر فيلهوا بذلك الإنسان عن التلاوة فما قول الشرع في ذلك حتى أحاجج زوجي به إن كان في العمر بقية في رمضان القادم، علما بأن الوليمة قد تمت وأنا وقتي مضغوط بسبب العمل وكنت قد عرضت عليه أن أعد الطعام وأبعثه لهم أو أن يعطيهم المزيد من النقود بدل الوليمة فرفض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن شهر رمضان هو موسم السنة الذي تشرئب إليه قلوب المؤمنين، وتتوق إليه نفوس الصالحين، ويتحراه بكل اشتياق أصحاب الهمم العالية الذين يريدون الازدياد من الفضائل، وعلى المؤمن الذي يرجو الله والدار الآخرة أن يستغل أوقات هذا الشهر المبارك في طاعة الله تعالى، وأن يتفرغ لذلك قدر استطاعته، فالكيس الحاذق يتحين الفرص، ويتربص الموسم حتى لا يخسر في مواطن الربح.
ولكن ينبغي أن تعلمي أنك إذا كان المانع لك من تلاوة القرآن ومضاعفة جهودك في العبادة هو خدمة زوجك وطاعته، والاهتمام بشؤون بيته، فإنك بذلك تكونين قد حققت قدراً من العبادة لا يستهان به، فقد ورد في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحد أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(11/18107)
المضمضة أثناء الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أحرص أثناء الصيام ألا يدخل الماء فمي وأغلق فمي ولا أتمضمض في الوضوء طوال نهار رمضان، فهل علي ذنب، فأي مضمضة ستدخل الماء في جوفي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للصائم أن يترك المضمضة عند الوضوء بحجة خشية وصول الماء إلى الحلق لأن المضمضة سنة في الوضوء وللصائم وغيره، بل ذهب كثير من العلماء إلى وجوبها، والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينه الصائم عن المضمضة، وإنما نهاه عن المبالغة في الاستنشاق وقاس عليه العلماء المضمضة، فترك المضمضة لما ذكر يعتبر تنطعاً.
وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 78295 أن الصيام لا يفسد بوصول الماء إلى الحلق بغير عمد عند الوضوء، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 68684 أن الصائم إذا تمضمض لا يطالب بتكرار البصاق حتى يجف الحلق، فانظر الفتويين المشار إليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1428(11/18108)
هل يفطر المسافر حسب البلد الذي يقيم فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول الصيام، وهو نحن أربعة أشخاص من ليبيا سافرنا في أول أيام الصوم لأخذ دورة طويلة بعض الشيء في شركة إيطالية، تبين لنا عندما وصلنا إلى هناك أعني إيطاليا أنه لم يكن أول أيام الصيام بالنسبة للمسلمين الموجودين في إيطاليا بل كان اليوم التالي أول أيام الصيام، وبلدي تتبع مبدأ الحسابات في الصوم والفطر أي أنها ستكمل الصوم لمدة ثلاثين يوما، فماذا علينا في حالة أن البلد الذي فيه أنا الآن وهي إيطاليا سيكمل المسلمون صيامهم إلي ثلاثين يوما، فهل أفطر مع بلدي أم أفطر مع البلد الذي أنا فيه، مع العلم في الحالة الأخيرة سأصوم 31 يوما؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
العبرة في ثبوت الهلال بالرؤية وليس بالحساب الفلكي كما أن الصيام والفطر يكونان بحسب رؤية البلد الذي يقيم فيه الشخص.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبرة في ثبوت الهلال بالرؤية وليس بالحساب الفلكي على الراجح، كما تقدم في الفتوى رقم: 6636.
والواجب عليكم الفطر برؤية البلد الذي تقيمون فيه خلال شهر رمضان الذي هو إيطاليا ولو صمتم واحداً وثلاثين يوماً، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 11673، والفتوى رقم: 12036.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1428(11/18109)
عدم الاغتسال من الجنابة هل يبطل الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[قام أحد أصدقائي للسحور الساعة 3:30 فوجد نفسه محتلما. ونام بعد الانتهاء من السحور (كسل) دون أن يغتسل وقام في الصباح الباكر واغتسل وذهب إلى عمله. هل هذا الكسل يبطل شيئا في صيامه؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الصائم إذا احتلم قبل طلوع الفجر وأصبح جنبا فصومه صحيح، وإن كان الأفضل له الاغتسال قبل طلوع الفجر، لكن لايجوز له تعمد النوم عن صلاة الصبح وترك الاغتسال قبلها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صديقك قد تعمد النوم عن صلاة الفجر وترك الاغتسال من الجنابة قبلها فقد ارتكب معصية عظيمة، وعليه المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، وكان الواجب عليه أن يغتسل لصلاة الفجر ويؤديها في وقتها. وراجع الفتوى رقم: 11405، والفتوى رقم: 11843.
أما صيامه فصحيح إذا سلم من مبطلات الصيام، فعدم الاغتسال من الجنابة لا يبطله، وإن كان الأفضل المبادرة بالاغتسال قبل طلوع الفجر. وراجع الفتوى رقم: 2267.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1428(11/18110)
حكم إخبار المعذور عن نفسه أنه مفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أفطرت في رمضان بسبب شرعي وهو الدورة الشهرية، وقلت أمام سلفي إني غير صائمة، ما هو حكمها وهل علي خطأ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إثم في إخبار الشخص أنه غير صائم بسبب عذر شرعي، ولا حرج في ذلك. والمجاهرة بالفطر في الأماكن العامة ليست من الآداب؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 40066.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1428(11/18111)
الواجب على المراهق وغيره في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أشكر هذه الشبكة الإسلامية لموعظة الإسلام والمسلمين سؤالي هو.... السؤال الأول....ما هي الأمور التي يتوجب على الشاب المراهق العمل بها خلال شهر رمضان المبارك وكيف السيطرة على تجنب الفواحش والأمور المنكرة......السؤال الثاني ... وهل الجنب على الشاب غير المتزوج حلال أم حرام لأن هذا الأمر يسأل عليه بعض الشيوخ وأصحاب الدين ويتجنب الإجابة عليه وأنا في حيرة من أمري فهل من ناصح لي ومسهل لأمري ومع العلم هناك كثير من الشباب لا يدركون هذا الأمر وأنه مهم للشباب أرجو الإجابة على هذين السؤالين كما في قوله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. صدق الله العظيم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب على الشاب وغيره من المكلفين في رمضان وغير رمضان أن يفعل الواجبات ويجتنب المحرمات، ويمكنه أن يتجنب الفواحش باستحضار مراقبة الله تعالى وحرمة رمضان وبالاستعانة بالرحمن تبارك وتعالى، ولا يأثم الشاب إذا احتلم ولا يفسد صومه، أما إذا استمنى فحرام عليه ويفسد صومه إذا خرج المني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المراهق وغيره في رمضان أمران هما فعل الواجبات كالصلوات الخمس وأن تكون في جماعة ونحوه، والواجب الثاني هو ترك المحرمات كعقوق الوالدين وشرب الخمر والكذب ونحوه، ويمكن للعبد أن يتجنب الفواحش والأمور المنكرة إذا استحضر مراقبة الله تعالى له، وأنه سبحانه مطلع عليه وسيحاسبه على ما يفعل، وقد جاء أن رجلا راود امرأة عن نفسها فرآهما بعض الصالحين فقال: إن الله يراكما، سترنا الله وإياكما، وكذلك بأن يستحضر حرمة رمضان وأنه إن أحسن فيه واتقى غفرت ذنوبه وعتقت رقبته من النار، وكذلك بأن يلجأ إلى ربه ومولاه ويتضرع إليه سبحانه طالبا العون منه والتوفيق إلى الطاعة وترك المعصية وراجع لمزيد فائدة الفتاوى التالية أرقامها: 11632، 25455، 6020.
أما بخصوص سؤالك هل الجنب على الشاب غير المتزوج حلال أم حرام فإن كنت تقصد به الاحتلام وهو خروج المني في النوم فالجواب عنه أنه لا يوصف بأنه حلال أو حرام لأنه خارج عن إرادة المكلف وليس باختياره، وإن كنت تقصد به الاستمناء فهو حرام على المتزوج وغيره، ولا يفسد به الصوم إلا إذا أنزل المني. وراجع لمزيد فائدة الفتاوى التالية أرقامها: 68803، 7170، 10509، 39984، 4096، 6300.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1428(11/18112)
إمساك المسافر متى يبدأ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إن شاء الله سوف أركب الطائرة التي تقلع من الصين يوم 26 سبتمبر الساعة 8م بتوقيت الصين يعني الساعة 2ظ بتوقيت مصر وفي هذا اليوم أنا صائم عادي جداً وسوف أفطر في المطار لأن المغرب هنا في الصين الساعة 6:05، وإن شاء الله الطائرة تصل مصر يوم 27 سبتمبر حوالي الساعة 6ص بتوقيت مصر
السؤال أبدأ الصيام متى (الإمساك) ليوم 26، علما بأنني لو بدأت الإمساك بتوقيت مصر يمكن أن تكون الطائرة في مكان بدأت الشمس تشرق فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما دمت ستسافر بعد الغروب فإن طلع الفجر وأنت في الطائرة قبل وصولك لمصر فإنك تمسك عن المفطرات وقت طلوع الفجر في المكان الذي أنت فيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسافر يبدأ صيامه وينتهي على حسب المكان الذي هو فيه، فإذا كانت الطائرة ستقلع بعد غروب الشمس كما ذكر السائل فإنه يفطر في المطار أو البلد الذي هو فيه وقت غروب الشمس، وإذا طلع الفجر وهو في الطائرة وجب عليه الإمساك وقت الفجر في الطائرة، فالعبرة بطلوع الشمس وغروبها في المكان الذي هو فيه لا بالمكان الذي سيسافر إليه ولم يصل إليه بعد، ولا بالمكان الذي سافر منه وغادره، بل بالمكان الذي هو فيه.
ولو شاء المسافر إن يفطر في السفر ويقضي ذلك بعد انتهاء رمضان فإن له ذلك لقول الله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة:184} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(11/18113)
معنى السحور وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[انا أبغي تعريف السحور لغه وشرعا ممكن ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
السحور بالضم هو التسحر وبالفتح هو ما يتسحر به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السُحور بالضم هو التسحر يعني الأكل أو الشرب وقت السحر.
وأما السَحور بالفتح فهو ما يتسحر به، مثل الطهور بالفتح لما يتطهر به وبالضم للتطهر، وكذا الوضوء بالفتح لما يتوضأ به وبالضم للتوضؤ. كذا قال ابن حجر والنووي وابن الأثير، والمراد به شرعا هو نفس المعنى اللغوي كما قرره أصحاب الموسوعة الفقهية، وحكمه الشرعي أنه مندوب مرغب فيه لحديث الصحيحين: تسحروا فإن في السحور بركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(11/18114)
الوقت الذي يدعو فيه الصائم إذا أفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو سرعة الإجابة لأننا الآن في منتصف رمضان، معلوم أن للصائم دعوة لا ترد فما وقتها، وإن كانت عند فطره فكيف يدعوها خصوصاً أننا نفطر في المسجد على تمرات ثم تقام الصلاة وبعدها نكمل الإفطار، فمتى ندعو الدعوة التي لا ترد في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن وقت الدعاء بعد الإفطار، وهذا هو المنصوص في بعض كتب فقهاء الشافعية والحنابلة، كما قدمنا في الفتوى رقم: 43858.
وذهب بعضهم إلى أن وقت الدعاء هو وقت الفطر أو قبله وقد نص عليه بعض فقهاء الشافعية واستدلوا لذلك بروايات وردت في بعض الأحاديث، وراجع الفتوى رقم: 13620، والفتوى رقم: 55075.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(11/18115)
من تسحر ليصوم فقد نوى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النهوض للسحور يعتبر من النية للصوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
حقيقة النية العزم القلبي على أداء العبادة من صيام وصلاة وغيرهما، فمن تسحر ليصوم فقد وجد في قلبه قصد الصيام وهو نية مجزئة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنهوض للسحور أي للأكل في السحر من غير نية الصيام لا يجزئ عن تلك النية، أما إذا تسحر ليصوم أي وجد في قلبه قصد الصيام لذلك اليوم فإن هذه نية مجزئة، قال العلامة العبادي الشافعي في حاشيته على تحفة المحتاج: إن وجد منه حقيقة القصد الذي هو النية مع استحضار ما يعتبر استحضاره أجزأك بلا شك. انتهى. فإذا تسحر ليصوم ذلك اليوم مستحضراً أنه من رمضان أجزأه ذلك، لأن هذا القصد هو النية التي هي أحد أركان الصوم، والنية لا تحتاج إلى جهد كبير بل يجزئ عزم القلب على أداء العبادة من صيام أو غيره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 80648.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1428(11/18116)
حكم تأخير الصائم فطره إلى وقت العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للصائم أن يتأخر متعمدا في الإفطار إلى وقت العشاء أو أكثر، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة تعجيل الفطر بعد التحقق من غروب الشمس، فإذا كان الصائم يتعمد تأخيره معتقداً أفضلية ذلك فهذا مكروه، قال النووي في المجموع الشافعي: قال القاضي أبو الطيب في المجرد: قال الشافعي في الأم إذا أخر الإفطار بعد تحقق غروب الشمس، فإن كان يرى الفضل في تأخيره كرهت ذلك، لمخالفة الأحاديث، وإن لم يرد الفضل في تأخيره فلا بأس، لأن الصوم لا يصلح في الليل هذا نصه. انتهى.
وفي التاج والإكليل للمواق المالكي: ابن حبيب: إنما يكره تأخير الفطر استنانا وتديناً، فأما لغير ذلك فلا، كذا قال لي أصحاب مالك. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(11/18117)
المداعبة بين الزوجين في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ حصلت بيني وبين زوجتي مباشرة فيما دون الفرج وحصلت إثارة وإنزال من جانبي في نهار رمضان وكنت مفطراً لعذر شرعي وزوجتي صائمة ما حكم صيامها في ذلك اليوم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت زوجتك قد سلمت من خروج المني أو المذي فصومها صحيح، وإن خرج منها مني فقد بطل صومها، وكذلك إذا خرج منها مذي عند بعض أهل العلم كالحنابلة والمالكية خلافاً للشافعية والحنفية، وحيث بطل صومها فقد وجب عليها قضاء ذلك اليوم، مع التنبيه على حرمة الإقدام على المداعبة إذا حصل يقين أو غلبة ظن بحصول ما يبطل الصيام من خروج مني ونحوه. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 56231.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1428(11/18118)
جماع الصائم بالليل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنني نذرت صيام (3) أشهر متواصلة دون انقطاع ,والسؤال هو: هل يجوز أن أعاشر (أجامع) زوجتي خلال الشهور الثلاثة بعد أذان المغرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصيام في الشرع هو الإمساك عن المفطرات من أكل وشرب وجماع وما في حكم ذلك من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس سواء كان صياما واجبا أصلا أو واجبا بالنذر أو غيره أو غير واجب. وعليه فلا حرج على الأخ السائل في معاشرة زوجته بعد غروب الشمس لأن بغروبها ينتهي صوم ذلك اليوم، قال تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ {البقرة: 187}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1428(11/18119)
الوقت الذي ينتهي فيه تصفيد الشياطين في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يُطلق سراح الشياطين بعد ليلة القدر أم بعد انتهاء شهر رمضان.؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ظاهر الأحاديث التي ورد فيها تصفيد الشياطين تدل على أن ذلك يحصل لفضيلة هذا الشهر، فيظل هذا الأمر باقيا إلى نهايته، ولم نجد من النصوص ما يصرف عن هذا الظاهر، أو ما يدل على أن هذا التصفيد ينتهي بنهاية ليلة القدر، وتراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 55688.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1427(11/18120)
الصوم والفطر مع الجماعة وماهية يوم الشك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أرجو الإفادة في السؤال التالي: يوم السبت الموافق 1 رمضان كان 30 شعبان في مصر وصديقي غادر من مصر في الساعة السابعة صباحا فهل يجب عليه الصيام أم الإفطار ليس بنية المسافر، سؤالي عن نية رمضان فإنه إن صام اليوم يكون هذا اليوم يوم شك ومكروه صيامه في مصر وإن أفطر فإنه سوف يكون في الكويت مفطرا، وهل هو الآن سوف يصوم رمضان ناقصا إن أفطر وأيضا نفس الحال في العيد إن سافر فرد في العيد في البلد ولم يكن في البلد الأخرى فهل يصوم أيضا رمضان ناقصا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على صديقك الصوم في يوم السبت المذكور لأن رمضان لم يثبت في حق أهل مصر، وإذا وصل إلى الكويت فوجدهم صائمين لا يجب عليه الإمساك بقية اليوم وإنما يندب له ذلك، أما لو وصل وهو صائم مبيت للنية من الليل فإنه يجب عليه أن يتم صومه، وهذا القول - نعني عدم وجوب الصيام على أهل مصر لرؤية الهلال في بلد آخر - مبني على القول بتأثير اختلاف المطالع في الصوم وهو الراجح من أقوال أهل العلم رحمهم الله تعالى. أما على القول بعدم تأثيرها فيجب عليه أن يصوم وهو في مصر مع من ثبت عندهم الشهر من المسلمين، وإذا أفطر أهل الكويت ولم يصم هو إلا ثمانية وعشرين يوما فإن عليه أن يفطر معهم ويقضي يوما بعد العيد، وإن سافر إلى مصر فصاموا ثلاثين فعليه أن يصوم هو معهم وإن صام واحدا وثلاثين فالعبرة في الصوم والفطر بالبلد الذي فيه الشخص وذلك لما رواه أبو داود والترمذي واللفظ له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون. قال الترمذي: وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس.
وليعلم أن العلماء اختلفوا في حقيقة يوم الشك الذي يحرم صومه عند طائفة ويكره عند آخرين، فخصه الشافعية بأن يتحدث الناس ليلة الثلاثين من شعبان أن غدا رمضان ولا يعلم من هو الذي رأى الهلال أو علم وكان ممن لا تقبل شهادته في ثبوت الهلال كالفاسق والمرأة والصبي، أما إذا لم يحصل ذلك فليس بيوم شك سواء كان هناك غيم أو لا. وخصه الحنابلة بما إذا كانت السماء صحوا ولم ير الهلال، أما إذا كان هناك غيم فليس بيوم شك كما في المغني لابن قدامة، وعكس المالكية فقالوا إذا كان في السماء غيم فيوم شك وأما إذا كانت صحوا فليس بيوم شك كما في التاج والإكليل لمختصر خليل للشيخ المواق، ورأى الحنفية أنه يوم الثلاثين من شعبان إذا غم الهلال أو رآه واحد أو فاسقان فردت شهادتهم، وأما لو كانت السماء مصحية ولم يره أحد فليس بيوم شك كما في حاشية ابن عابدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1427(11/18121)
استعمال الدواء الذي يؤدي إلى نزول الحيض في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار أنا أتعالج للحمل وأظهرت التحاليل انخفاضا في أحد الهرمونات هذا الشهر وهذا يؤدي لعدم نزول الدورة في شهر رمضان، لكن أريد أن أعمل تلقيحا وهذا يتوجب أن أتناول دواء لإنزال الدورة في هذا الشهر فهل يحق لي ذلك. أرجو إفادتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من استعمال دواء لإنزال الحيض إذا كان لغرض مشروع. قال البهوتي في كشاف القناع: ويجوز لأنثى شرب دواء مباح لحصول الحيض لا قرب رمضان لتفطره كالسفر للفطر. انتهى.
ثم إن الحيض إذا نزل بسبب العلاج وكان نزوله في زمنه المعتاد فإنه يعتبر حيضا تترك له الصلاة والصيام، وتترتب عليه سائر أحكام الحيض، ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وسئل عمن استعجلت حيضها بدواء فهل تنقضي به عدتها أم لا: فأجاب بقوله: نعم كما صرحوا ومن ثم صرحوا أيضا بأنها لو استعجلته لم تقض أيامه. انتهى.
وعليه، فبما أنك تتعالجين من أجل الحمل –وهو غرض مشروع- فلا مانع من أن تستعملي الدواء المذكور، وإذا نزل الحيض تركت كل ما يمنعه الحيض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1427(11/18122)
صفة فطره صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف كان إفطار الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن صفة فطره صلى الله عليه وسلم تعجيل الفطر بعد التحقق من غروب الشمس، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. متفق عليه.
كذلك كان صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات، فإن لم توجد فتمرات، فإن لم توجد أفطر على ماء، وراجع الفتوى رقم: 58065، كما كان يدعو بالدعاء المأثور عند الإفطار؛ كما في الفتوى رقم: 60453.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1427(11/18123)
وقت الإمساك والإفطار للعاملين في البحر
[السُّؤَالُ]
ـ[أبارك لكم الشهر الكريم وأعاده الله على المسلمين والأمة العربية والإسلامية في صحة وعافية، أما بعد....
أنا سعودي موظف في ارامكو السعودية ولله الحمد لا ينقصني شيء، أنا شاب مستقيم نوعا ما ولله الحمد، أؤدي صلواتي في أوقاتها وأصوم وأتصدق وأزور المشاعر المقدسة.
سؤالي هو:-
أنا موظف في البحر ونبعد عن اليابسة أكثر من 120 كم ورغم وجود المسجد في مكان إقامتنا إلا أنه لا يتم فيه الأذان ولا ندري متى نمسك للصيام ومتى نفطر وكل الذي يحصل اجتهاد من الشباب؟؟
أرجو منكم الإفادة جزاكم الله خيرا، وبارك لكم في الشهر الكريم وأعاده أعواما وأعواما علينا وعليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على حسن تهنئتك بالشهر الكريم، ونهنئك به ونسأل الله جل جلاله أن يتقبل منا ومنك الصيام والقيام وصالح الأعمال.
وأما الإمساك عن المفطرات فيكون عند طلوع الفجر الصادق (وهو الضوء المنتشر في الأفق) والفطر يكون عند غروب الشمس كلها، ويعتمد في ذلك على الرؤية وهي في البحر أيسر من غيره، ويكفي أن تجتهدوا في ذلك فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا يشترط أن يكون عندكم تقويم أو ما يسمى بالإمساكية ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1427(11/18124)
حكم إحياء الصائم الليل ونومه بعد الفجر إلى الظهر
[السُّؤَالُ]
ـ[رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير
أنا أسهر الليل في رمضان في العبادة من صلاة الترواويح وقراءة القرآن ثم أقوم لصلاة الليل حتى السحر ولا أنام إلا بعد الفجر إلى صلاة الظهر فهل هذا النوم ينقص من صيامي فقد حاولت أن أنام بعض الليل وأستيقظ باكرا لكني لم أستطع؟
وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استطعت أن تنامي أول الليل ثم تقومي منه ما تيسر لك بالصلاة والقراءة من القرآن ثم تنامي جزءا من الليل ثم تقومي للسحور والدعاء والاستغفار فهو أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوما ويفطر يوما. متفق عليه.
فإن لم تستطيعي فلا حرج عليك في إحياء الليل والنوم بعض النهار، ونرجو أن يكون صومك تاما لأنك بهذا النوم تعطين البدن حقه وتعوضينه عما فاته من الراحة بالليل. وقد روى البخاري بسنده عن أبي جحيفة عن أبيه قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها ما شأنك؟ قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال كل قال فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل قال فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال نم فنام ثم ذهب يقوم فقال نم فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن فصليا فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(11/18125)
من صام شهرا ثم سافر إلى بلد فوجد أهله صائمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في الكويت وسأسافر إلى مصر إن شاء الله في آخر رمضان في إجازة، بعد أن أكون أكملت رمضان 30 يوما صياما في الكويت، وعند سفري يحتمل أن يكون في مصر صيام، وسأصل مصر قبل الفجر بنصف ساعة، فهل علي صيام ذلك اليوم في مصر مع العلم أني أكون قد صمت شهر رمضان30 يوما في الكويت
أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا وصلت إلى مصر قبل الفجر وجب عليك الصوم مع أهل مصر لأنك في حكم أهلها من حيث الصيام والفطر فيكون صومك واحدا وثلاثين يوما.
ولو أنك كنت في أول الشهر في مصر ثم قدمت إلى الكويت فعيدوا ولم تصم إلا ثمانية وعشرين يوما فإنك تعيد معهم وتقضي يوما بعد العيد، والحاصل أن حكم الشخص حكم البلد الذي هو فيه ابتداء وانتهاء، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 12036.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1427(11/18126)
صيام من اغتسلت من الطهر بعد العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في هذا: اغتسلت من الدورة الشهرية قبل صلاة العصر ووافق أول أيام شهر رمضان المبارك، فهل يعتبر هذا اليوم دينا أم لا، علماً بأني نويت الصيام من أول النهار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لاحظت الطهر من الحيض قبل طلوع الفجر الصادق فقد وجب عليك صوم ذلك اليوم ولو كان الاغتسال لم يحصل إلا بعد طلوع الفجر، وعليه فإذا كنت قد طهرت من الحيض قبل طلوع الفجر ونويت نية الصوم قبل طلوعه أيضاً فصومك صحيح ولو كنت لم تغتسلي إلا قبل صلاة العصر، لكن يجب عليك قضاء صلاة الفجر والظهر ما دام طهرك قبل طلوع الفجر مع التوبة إلى الله تعالى من تأخيرك الاغتسال مع القدرة عليه.
أما إذا لم ينقطع الحيض إلا خلال النهار أي بعد طلوع الفجر فصيام ذلك اليوم غير صحيح وعليك قضاؤه، لكن اختلف العلماء في من حصل لها ذلك هل يجب عليها أن تمسك باقي النهار لحرمة الوقت أم لا؟، وراجعي الفتوى رقم: 25674، والفتوى رقم: 55606.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1427(11/18127)
عدم إخراج الزكاة هل يؤثر على صحة الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عدم دفع الزكاة يؤثر على صيامي علما أنني أريد أن أفهم الزكاة جيدا ولا أستطيع دفع الزكاة الآن لأن أمي تغضب علي فأريد وقتا لأني سألت جماعة وأريد جوابهم ويأخذ وقت لإجابتهم وهذا يتصادف مع أيام الرمضان علما بأن نيتي الدفع بدون علم الوالدة وأخاف أن يكون عدم الدفع الآن يؤثر على صيامي لأنني محتاجة للوقت لفهم كم علي من الزكاة ولأن أمي سوف تغضب علي لأننا محتاجون إلى المال في الشراء لغلاء الأسعار في العراق وعلينا دين ولكن يبقى لنا مال ويتطلب مني وقت لفهم الموضوع ولكن رمضان قادم وأخاف على صيامي هل يبطل أم لا علما أنني لي نية في الدفع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزكاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثالث من أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة، ومن وجبت عليه وقدر على إخراجها ووجد مستحقا فلا يجوز له تأخيرها عن وقت الوجوب.
وعليه، فبادري بإخراج الزكاة إن وجبت عليك في مالك الذي تملكينه أنت ولو كانت أمك لا ترضى بإخراجها، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وراجعي الفتوى رقم: 54242، لمعرفة شروط وجوب الزكاة.
فالزكاة باقية في ذمتك فأخرجيها عن جميع المدة التي مرت على المال من غير زكاة، وأخرجي قدر الواجب في كل سنة على حدة مع الاحتياط في ذلك، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 64462.
وما عليك من ديون فأسقطيها مما عندك من مال ثم أخرجي زكاة الباقي إن كان نصابا وحال عليه الحول لأن الدين يسقط الزكاة في الأموال الباطنة كالنقود وعروض التجارة وراجعي الفتوى رقم: 6336، لمعرفة كيف يزكي من عليه دين، وعدم إخراج الزكاة لا يؤثر على صحة الصيام إذا وقع سالما مما يبطله، وهذا واعلمي أن المال إذا كان ملكا لغيرك فلا تجب عليك زكاته بل لا تجزئ إذا أخرجتها من غير إذن صاحبه ولو كان أمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(11/18128)
الاعتبار في الإمساك والإفطار بالوقت لا بالأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[إن وقت ابتداء الصيام حسب ما ورد في الحديث الشريف هو حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وانتهاؤه بغروب الشمس، أنا ألاحظ في منطقتنا في مدينة فلسطينية أن أذان الفجر يؤذن والسماء كحل وسواد ولا أرى أي إشارة على وجود نور بسيط سيظهر من الشرق، وأيضا حين المغيب يؤذن بعد قليل من ما تغرب الشمس تماما، وقد ورد في الحديث أن الأمة الإسلامية ما تزال بخير ما أخرت السحور وبدرت الفطور وأنا أريد أن ألتزم بالحديث الشريف، هل من الأصح أن أتبع أذان المسجد الذي في منطقتنا أم أتبع رؤية السماء.... إن كانت الإجابة أن أترقب السماء دلوني أكيف أتاكد من حلول وقت بداية الصيام ووقت انتهائه بشكل واضح مع العلم أني في مدينة أريحا التي تقع في أخفض بقاع الأرض وتحيطها الجبال غير الشاهقة من الشرق والغرب، وأرجو إعطائي الأدلة على اتباعي طريقة ترقب السماء وعدم التزامي أذان المسجد إن وجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب تعجيل الفطر بعد الغروب وتأخير السحور إلى قرب طلوع الفجر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. متفق عليه، وفي الطبراني من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ولم يؤخروه تأخير أهل المشرق.
وأما معرفة طلوع الفجر أو الغروب فلها طريقتان:
الأولى: التحقق من طلوع الفجر الصادق وغروب الشمس عن طريق المشاهدة، والفجر هو الذي ينتشر ضياؤه في الأفق يميناً وشمالاً، وهو المقصود بتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
والغروب هو غياب قرص الشمس لمن كان في مكان مستو، قال النووي في المجموع: ولا نظر بعد تكامل الغروب إلى بقاء شعاعها بل يدخل وقتها مع بقائه. ولمن كان في مكان يحيط به جبال أو مرتفعات فيكفي غياب شعاعها، قال الإمام النووي رحمه الله: وأما في العمران وقلل الجبال فالاعتبار بألا يرى شيء من شعاعها على الجدران وقلل الجبال، ويقبل الظلام من المشرق. انتهى.
الطريقة الثانية: تقليد مؤذن عدل عارف بالأوقات، فعن أبي محذورة مرفوعاً: المؤذنون أمناء المسلمين على فطرهم وسحورهم. أخرجه الطبراني في الكبير، قال الهيثمي في مجمع الزوائد إسناده حسن.
فإذا عرف أن المؤذن في البلد لا يؤذن إلا مع طلوع الفجر الصادق وغروب الشمس، فالواجب الإمساك بمجرد سماع أذانه في الفجر ويستمر إلى سماعه في المغرب، وإذا علم الشخص بخبرته ومتابعته أن المؤذن يقدم الأذان قبل طلوع الفجر ويؤخره بعد الغروب جاز له أن يأكل بعد أذانه في الفجر ويفطر قبله في المغرب، فالعبرة بالوقت وليس بأذان المؤذن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1427(11/18129)
الفطر على الجماع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن عمر رضي الله عنه كان يفطر على الجماع كما ذكر في بعض الكتب، وهل يجوز ذلك شرعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد عن عمر رضي الله عنه فيما نعلم أنه كان يفطر على الجماع، ولا مانع من أن يطأ الرجل الصائم زوجته بعد غروب الشمس قبل أن يأكل أو يشرب شيئاً، وصومه صحيح ولا يلزمه شيء لأنه بمجرد غروب الشمس فقد حل للصائم ما كان محرماً عليه من الأكل والشرب والوطء، فله أن يفعل من ذلك ما يشاء، وقد ورد ذلك عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقد روى الطبراني في الكبير بسند حسنه الهيثمي في المجمع عن ابن سيرين قال: ربما أفطر ابن عمر على الجماع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1427(11/18130)
حكم صيام الكفارة نيابة عن الغير
[السُّؤَالُ]
ـ[في الحقيقة الموقع في غاية الروعة، وأرجو لكم التوفيق فيه، إذا حلف شخص بشيء ولم يقم به هل يمكن أن يصوم له شخص آخر أو من غير الصوم، هل هناك شيء آخر يقوم به؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لو حلف شخص على أن يفعل أمراً ما ولم يفعله وفات عليه فإنه يحنث وتلزمه كفارة اليمين حسب الترتيب المذكور في الفتوى رقم: 2053.
فإن لم يستطع الإطعام أو الكسوة أو العتق صام ثلاثة أيام كفارة عن يمينه ولا تصح النيابة في الصيام عن الحي، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 45744، والفتوى رقم: 18276.
لكن تصح في الإطعام أو الكسوة إن علم الحانث بذلك، وأذن فيه، كما سبق في الفتوى رقم: 54536، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 7350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1427(11/18131)
من أصبح جنبا ثم صام
[السُّؤَالُ]
ـ[إني نذرت أن أصوم لمدة سنة وذلك قبل الزواج أراد الله أن تزوجت ومازلت أصوم أريد أن أعرف هل صيامي جائز مع العلم أني اغتسل من الجنابة بعد صلاة الفجر ولكن فور الاستيقاظ من النوم وهل في رمضان يجوز لي ذلك أيضا؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك الوفاء بهذا النذر وهو صوم سنة إلا إذا عجزت عنه فعليك كفارة يمين لما في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفارة النذر كفارة يمين.
وأما من أدركه الفجر وهو جنب فصيامه صحيح ولا شيء عليه، سواء كان ذلك في رمضان أو في غيره لحديث أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يصبح جنبا من جماع، ثم يغتسل ويصوم. رواه الشيخان، زاد مسلم: ولا يقضي.
إلا أنه لا يجوز تأخير الغسل للقادر عليه إلى ما بعد طلوع الشمس، لما فيه من تضييع الصلاة وتأخيرها عن وقتها، ولا يخفى ما في ذلك من مخالفة أمر الله، والتعرض لسخطه وعقابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1427(11/18132)
الفطر في رمضان إذا اشتدت الشهوة على الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في أحد المواقع أن الإمام ابن القيم رحمه الله يجيز لمن شهوته شديدة أن يطعم في نهار رمضان ويفطر فما رأيكم، وقرأت أيضا أنه يجيز أن تدخل المرأة الإكرنبج في مهبلها في حال الغلمة الشديدة فما رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلامة ابن القيم قد نسب جواز الفطر لمن اشتدت شهوته إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله كما سيأتي.
وأما استعمال المرأة للإكرنبج عند اضطرارها إليه فنسب ابن القيم إلى طائفة من الحنابلة جوازه ولم يجزه هو، فقد قال في بدائع الفوائد: وإن كانت امرأة لا زوج لها واشتدت غلمتها فقال بعض أصحابنا يجوز لها اتخاذ الإكرنبج وهو شيء يعمل من جلود على صورة الذكر فتستدخله المرأة أو ما أشبه ذلك من قثاء وقرع صغار والصحيح عندي أنه لا يباح لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أرشد صاحب الشهوة إذا عجز عن الزواج إلى الصوم -رواه البخاري ومسلم وغيرهما- ولو كان هناك معنى غيره لذكره، وإذا اشتهى وصور في نفسه شخصاً أو دعا باسمه فإن كان زوجة أو أمة له فلا بأس، وإذا كان غائباً عنها لأن الفعل جائز ولا يحرم من توهمه وتخيله، وإن كان غلاماً أو أجنبية كره له ذلك لأنه إغراء لنفسه بالحرام وحث لها عليه، وإن قور بطيخة أو عجيناً أو أديما أو نجشا في صنم إليه فأولج فيه فعلى ما قدمنا من التفصيل قلت وهو أسهل من استمنائه بيده، وقد قال أحمد فيمن به شهوة الجماع غالباً لا يملك نفسه ويخاف أن تنشق أنثياه أطعم هذا لفظ ما حكاه عنه في المغنى ثم قال أباح له الفطر لأنه يخاف على نفسه فهو كالمريض يخاف على نفسه الهلاك لعطش ونحوه، وأوجب الإطعام بدلاً من الصيام وهذا محمول على من لا يرجو إمكان القضاء فإن رجا ذلك فلا فدية عليه، والواجب انتظار القضاء وفعله إذا قدر عليه لقوله: فمن كان منكم مريضا.. الآية، وإنما يصار إلى الفدية عند اليأس من القضاء. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1426(11/18133)
دفع شبهة حول من لا تغيب شمسهم أو لا تشرق
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول شخص مسيحي المسلمون يعتمدون سواء في صيامهم أو صلاتهم على موضع الشمس وعلى وقت الغروب أو الشروق، إذن ماذا عن المناطق التي لا تشرق فيها الشمس لمدة تزيد عن ستة أشهر، يقول إذن من شرع الصيام والصلاة لا يمكن أن يكون الله لأنه ليست له دراية كافية بالكرة الأرضية أي الرسول صلّى الله عليه وسلّم وحاشى أن يكون كذلك \"أستغفر الله العظيم\" فما ردّكم يا فضيلة الشيخ؟ وجزاكم الله عنّا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اعتماد المسلمين في توقيت صيامهم وصلاتهم على غروب الشمس أو زوالها أو شروقها مع وجود أماكن من الأرض لا تشرق فيها الشمس لمدة ستة أشهر أو نحو ذلك لا يعني أن هذا التشريع ليس من عند الله، لأن هذه الأماكن نادرة بالنسبة لباقي المعمورة وهذا لا ينكره أحد.
الأمر الثاني: عندما اطلع المسلمون على هذه الأماكن أو علموا بها لم يتردد علماؤهم في توضيح كيفية الصيام والصلاة في هذه الأماكن مستدلين بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم على ما ذهبوا إليه، ففي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في جواب عن سؤال ورد عن تحديد صلاة وصيام من يقيم في مثل هذه البلاد ما نصه: من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفا ولا تطلع فيها الشمس شتاء أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر وجب عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، وأن يقدروا لها أوقاتها ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم تتمايز فيها أوقات الصلاة المفروضة بعضها عن بعض، لما ثبت في حديث الإسراء والمعراج من أن الله تعالى فرض على هذه الأمة خمسين صلاة كل يوم وليلة فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه التخفيف حتى قال يا محمد إنها خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة إلى آخره. وثبت من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل علي غيرهن، قال: لا إلا أن تطوع.. الحديث. ولما ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك، قال: صدق ... إلى أن قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا، قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا، قال: نعم.
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حدث أصحابه عن المسيح الدجال فقيل له: ما لبثه في الأرض، قال: أربعون يوما، يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم، فقيل يا رسول الله: اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم، قال: لا اقدروا له.. فلم يعتبر اليوم الذي كسنة يوما واحدا يكفي فيه خمس صلوات بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة وأمرهم أن يوزعوها بالأبعاد الزمنية التي بين أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم فيجب على المسلمين في البلاد المسؤول عن تحديد أوقات الصلوات فيها أن يحددوا أوقات صلاتهم معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم يتمايز فيها الليل والنهار وتعرف فيها أوقات الصلوات الخمس بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة، وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان وعليهم أن يقدروا لصيامهم فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته وبطلوع فجر كل يوم منه وغروب شمسه في أقرب بلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار ويكون مجموعها أربعا وعشرين ساعة لما تقدم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المسيح الدجال وإرشاده أصحابه فيه عن كيفية تحديد أوقات الصلوات فيه إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة. انتهى.
إذا علمت هذا فاعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى وأن شريعته من عند الله تعالى، ثم إنه لو لم يوجد في الشرع الحنيف جواب عن كيفية صلاة وصيام من كان في مثل هذه البلاد لأمكن للمشكك أن يقول ما قال لكن ما دام حكم تحديد صلاة وصيام هؤلاء واضحاً لعلماء المسلمين قديما وحديثاً مستندين في ذلك على ما ثبت في السنة النبوية، فقد انقطعت الحجة وانتهت الشبهة إن كانت، والله يهدي من يشاء ويضل من يشاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1426(11/18134)
تعليق الفوانيس والزينات في شهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تعليق الشرائط الملونة واللمبات الكهربائية وما يسمى بفانوس رمضان في شهر رمضان؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذلك ما لم يصحبه محرم مثل الموسيقى أو كان فيه إسراف وتبذير، لأن الله تعالى ذم المبذرين فقال: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا {الإسراء:27} .
فإن خلت فوانيس رمضان (كما يقال) مما يصاحبها من أمور محرمة وكانت مجرد شرائط أو لمبات لا مغالاة فيها ولا تبذير فلا حرج فيها إذا لم يقصد بها التعبد، وإنما لأجل إظهار الفرح والزينة ونحوه، وانظر الفتوى رقم: 55079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1426(11/18135)
صيام المريض بالحصى في الكلى
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من حضرتكم إجابتي على هذا السؤال، هل يجب الصيام على المسلم المريض الذي يعاني من مرض في تشكل الحصى الكلوية والذي يستوجب شرب ما لا يقل عن 3000 ملي من المياه يومياًَ من الناحية الصحية والطبية ناهيكم عن الأدوية الكيميائية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص يعاني من مرض في الكلى أو غيرها ولا يستطيع معه الصوم بأن يخشى حدوث مرض أو زيادته أو تأخر شفائه، فإن له الفطر ويجب عليه القضاء، فإذا قرر الأطباء الثقات أن مرضه مزمن لا يرجى برؤه فإنه لا قضاء عليه، بل عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 25769.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1426(11/18136)
الاستمتاع بالزوجة بعد غروب الشمس في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إذا أنزل منيا عن طريق المداعبة مع زوجته النفساء بعد الإفطار في رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج على الرجل في معاشرة زوجته بعد الإفطار أي بعد حلول وقت الإفطار؛ لأنه إنما منع من ذلك لأجل الصيام، ولا صيام بعد غروب الشمس، وانظر الفتوى رقم: 27651، والفتوى رقم: 972.
وعليه أن يغتسل غسل الجنابة لخروج المني، لكن على الأخ السائل أن يحذر من الجماع في فترة النفاس، لأنه محرم ونعنى به الجماع في الفرج، وانظر الفتوى رقم: 50928.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1426(11/18137)
الفطر بسبب العطش
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم لدي صديق يعمل عملا شاقا وهو مفطر بحجة أن عمله شاق وأنه لا يجوع ولكن يعطش فماذا يجب أن يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد مشقة العمل لا تبيح الفطر كما أن حصول العطش لا يبيح الفطر أيضاً لأن من المعلوم أن في الصوم مشقة ومنها العطش فلا يجوز الفطر بمجرد وجود مشقة العطش كما لا يجوز بحجة أن في العمل مشقة، لذا فإن الواجب على صديقك المذكور أن يبيت نية الصيام ويصوم فإذا عطش عطشا يحتمل فلا يجوز له الفطر، وإن عطش عطشاً لا يحتمل وخاف الهلاك أفطر وقضى يوماً عن اليوم الذي أفطر فيه. وانظر الفتوى رقم: 63443، والفتوى رقم: 26692.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1426(11/18138)
نصائح مهمة للصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة بعض النصائح الرمضانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصوم مدرسة يتعلم منها الصائم الصبر والأخلاق الفاضلة وفعل العوائد الحسنة وترك العوائد القبيحة، وقد ذكرنا نصائح مهمة للصائم في الفتاوى التالية: 11632 // 26396 // 25455. ففيها الكفاية إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(11/18139)
تقديم الطعام للمفطرين في رمضان والصوم في النهار الطويل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في بلجيكا وأعمل عند البلجيك في مطعم كنادل، وهذا أول رمضان لي بأجواء بلجيكية، واستراحتي دوما عند الساعة الثالثة بعد الظهر وهي ثابتة دائما في هذا الوقت أستطيع تناول طعامي كل يوم، إلا أن وقت المغرب عندنا يحين عند 7:12 مساء، ودوامي كل يوم من الحادية عشر والنصف ظهرا وحتى العاشرة أو العاشرة والنصف ليلا، يعني دوامي من عشر إلى 11 ساعة باليوم ودوما مع الأكل فطبعا هذا هو عملي، حمل الطعام وتقديمه للزبائن فلا أدري كيف سأقاوم رائحته والنظر إليه في حين أني صائم، كيف يكون رمضان في هذه الحالة، أيمكن تأدية رمضان حتى الساعة الثالثة بعد الظهر كنوع من الدرجات وباقي الساعات يمكن تكفيرها أم ماذا، علما بأن رمضان يقترب من الصيف أكثر وأكثر حيث سيبصبح وقت المغرب في العاشرة ليلا والفجر في الواحدة صباحا، أي عندك فقط 3 ساعات باليوم لتأكل وتشرب فما علينا فعله هنا في أوروبا نحن الجالية الإسلامية أثناء رمضان، أطلب منكم إجابة على كلتا الحالتين رجاء, في حالتي التي ذكرتها وفي حالة الصيف؟ أشكركم جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جل وعلا أن يثبتك على الحق ويمن عليك بالصيام والقيام والقبول، وأما تقديم الطعام للمفطرين في نهار رمضان فلا يجوز سواء كانوا مسلمين أو كفاراً لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة في العبادات، قال الشيخ سليمان الجمل في حاشيته على شرح منهج الطلاب بخصوص هذه المسألة: وعدم منعه من الإفطار لا ينافي حرمته عليه، فإنه مكلف بفروع الشريعة، ومن ثم أفتى شيخنا محمد بن الشهاب الرملي بأنه يحرم على المسلم أن يسقي الذمي في رمضان بعوض أو غيره، لأن في ذلك إعانة على معصيته. انتهى، والواجب عليك أن تبحث عن عمل آخر.
وأما الصوم فيشترط أن يصام اليوم كاملا ولا يجزئ صوم بعضه ولو كان المتروك يسيرا ولا تجزئ عنه كفارة، قال الله تعالى: وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ {البقرة:187} .
وأما الصوم في أيام الصيف الطويلة فهو واجب ولو طال النهار، ما دام هناك ليل ونهار، ولكن لو أضر الصوم بالشخص بحيث خشي على نفسه الهلاك أو حدوث مرض أو زيادته ونحو ذلك، فله أن يفطر ويقضي في أيام أخر، كما فصلناه في الفتوى رقم: 13229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(11/18140)
أكل الثوم في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الثوم مكروه في رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أكل الثوم ونحوه مكروه قال ابن قدامة في المغني: ويكره أكل البصل والثوم والكراث والفجل وكل ذي رائحة كريهة من أجل رائحته سواء أراد دخول المسجد أو لم يرد لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس. رواه ابن ماجه. إلى أن قال: وليس أكلها محرماً لما روى أبو أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليه بطعام لم يأكل منه النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فيه الثوم فقال يا رسول الله: أحرام هو؟ قال: لا ولكني أكرهه من أجل ريحه.. قال الترمذي حديث حسن صحيح. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 6600.
ولم نقف على من فرق في ذلك بين رمضان وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1426(11/18141)
الوقت المعتبر شرعا لبداية الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشترط في الإفطار الالتزام بغروب الشمس أو الالتزام بالأذان، علماً بأنه في بعض المناطق وخاصة في الأردن تغيب الشمس وبعدها يكون الأذان بما يقارب 8 دقائق على الأقل! أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوقت المعتبر شرعاً لبداية الفطر هو التحقق من غروب الشمس لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم. متفق عليه، وراجع الفتوى رقم: 32563، والفتوى رقم: 28451.
فيشرع في الفطر إذا غاب قرص الشمس كله بموضع ليس فيه ما يحول دون رؤيتها من جبل ونحوه، وفي حال وجود ما يمنع رؤيتها فالمعتبر إقبال الظلمة من جهة المشرق، قال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: وقال ابن بشير: ووقت المغرب إذا غاب قرص الشمس بموضع لا جبال فيه، فأما موضع تغرب فيه خلف جبال فينظر إلى جهة المشرق فإذا طلعت الظلمة كان دليلاً على مغيب الشمس. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1426(11/18142)
هل يفطر في رمضان لعدوانيته وإخلاله بعمله
[السُّؤَالُ]
ـ[صومي في رمضان يعيقني عن عملي ويجعلني عدوانياً حتى مع أطفالي فهل يجوز لي الإفطار وإطعام المساكين؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصوم ركن من أركان الإسلام المفروضة على المكلفين غير أهل الأعذار، وعليه، فلا يجوز للمسلم البالغ المكلف أن يفطر في رمضان إلا إذا كان مسافرا مسافة قصر أو كان مريضا مرضا يشق الصوم معه أو يؤخر برءه أو يزيد في مرضه، هذا بالنسبة للرجل وتزيد عليه المرأة الأعذار الخاصة بها وهي الحيض والنفاس، وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5978، 17676، 25543، ففي هذه الفتاوى بينا ماهية المرض المبيح للفطر، أما كون الصوم يعيق عن الشغل فهذا ليس مبيحا للفطر، فيجب على الاخ السائل أن يبيت الصوم ويصبح صائما فإذا بلغ به الحال إلى مشقة لا تحتمل أوخاف الهلاك أفطر وقضى يوما مقابل ذلك اليوم، ولينظر الفتوى رقم: 624، والفتوى رقم: 63443.
وكذلك لا يبيح الفطر كونه يصير عدوانيا مع أطفاله فهذه فريضة لله تعالى فلا بد من أدائها مهما كانت طباع الصائم أثناءها وليس هذا مبررا للفطر.
ثم إن الصوم عبادة جليلة، ومن حكمته أنه يجعل المرء يشعر بالحاجة وبالتالي يحس بحاجة الآخرين فتجود نفسه ويلين طبعه ويزداد تواضعا مع الآخرين ورحمة بهم ولو كانوا أباعد، فما بالك إذا كانوا أطفاله، فعلى الأخ الكريم أن يلاحظ هذا ويبتعد عن العدوانية ولاسيما في هذا الشهر الكريم شهر الرحمة والبذل، وإذا كان المسلم يصوم لله تعالى امتثالا لأمره وطمعا في رحمته ومغفرته في هذا الشهر فينبغي أن يرحم الآخرين ويعفو عنهم ويعطف عليهم كما أنه هو يرجو ذلك من الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1426(11/18143)
هل يفطر المسافر عدة أيام بغرض السياحة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سافر شخص إلى بلد بعيد للسياحة لمده أربعة أيام فقط أو ويوم خامس هو طريق العودة وصادف أن ذلك في رمضان فهل يصوم خلال الأيام الأربع أم لا علما أنه باق في فندق
شكرا.
ملاحظة: هذه هي المرة الثانية التي أرسل فيها السؤال]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 223، حد مسافة السفر الذي يترخص فيه بقصر الصلاة والإفطار في نهار رمضان، فالرجاء مراجعتها، كما تقدم في الفتوى رقم: 31855، الكلام على الترخص برخص السفر في سفر السياحة، فإذا كان البلد الذي يقصده السائل يبلغ مسافر القصر التي بيناها في الفتوى المحال عليها أولا، فإن له أن يأخذ برخص السفر عند ما يخرج من المدينة التي يسكنها ويتجاوزها بالكامل، فإذا وصل إلى البلد الذي يسافر إليه فهنا إن كان ينوي إقامة أربعة أيام دون أن يحسب يومي الدخول الخروج أتم الصلاة وصام، وإن نوى أقل من أربعة أيام قصر الصلاة في هذه المدة إلا أن يكون مع إمام يتم فليتم معه، وله في هذه الحالة أن يفطر لأنه في حكم المسافر، وللعلماء خلاف في تحديد هذه الإقامة التي تقطع حكم السفر وكنا قد ذكرناه في الفتوى رقم: 7373، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين التاليتين: 41013، 3810.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1426(11/18144)
حكم بيع الطعام في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال:
أنا أملك مطعما لتقديم الوجبات السريعة عن طريق الأكل داخل المطعم وعن طريق توصيل الطلبات الخارجية، السؤال هو: هل أستطيع أن أعمل في شهر رمضان فقط على توصيل الطلبات الخارجية إلى المكاتب والمنازل؟ علماً أن المطعم إيجاره الشهري عال جداً وكذالك أجور الموظفين.
الرجاء الرد السريع ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز بيع الطعام في نهار رمضان للمسلم المكلف ولا للكافر إلا لمن كان له عذر في الإفطار،
أما المسلم فقد بينا حكمه بالتفصيل في الفتوى رقم 2097. وأما غير المسلم فلتراجع فيه الفتوى رقم 37319. ولا نجد لك فيما ذكرت مسوغاً لانتهاك حرمة نهار شهر رمضان، والأرزاق مقسومة قبل خلق السماوات والأرض، فما من نفس إلا ولها رزق معلوم، قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {هود: 6}
وللثقة في رزق الله تعالى وما قسمه لكل مخلوق راجع الفتوى رقم: 61258. والفتوى رقم: 2849.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(11/18145)
شرح حديث (من صام رمضان إيمانا واحتسابا)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى (من صام رمضان إيمانا واحتسابا) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان إيمانا ً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري": المراد بالإيمان: الاعتقاد بفرضية صومه. وبالاحتساب: طلب الثواب من الله تعالى. وقال الخطابي: احتسابا أي: عزيمة، وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة نفسه بذلك غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه. اهـ. وقال المناوي في " فيض القدير": من صام رمضان إيماناً: تصديقاً بثواب الله أو أنه حق، واحتساباً لأمر الله به، طالباً الأجر أو إرادة وجه الله، لا لنحو رياء، فقد يفعل المكلف الشيء معتقداً أنه صادق لكنه لا يفعله مخلصاً بل لنحو خوف أو رياء. وقال الإمام النووي: معنى إيماناً: تصديقاً بأنه حق مقتصد فضيلته، ومعنى احتساباً، أنه يريد الله تعالى لا يقصد رؤية الناس ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص. اهـ. وانظري الفتوى رقم: 54587.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(11/18146)
قراءة الصائم كتب الثقافة الجنسية وحكم تعمد الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للصائم أن يقرأ الثقافة الجنسية للتزود العلمي؟..حلال أم حرام..وما حكم المفطر أيضا؟..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم ما يسمى بالثقافة الجنسية في الفتوى رقم: 44216 والفتوى رقم: 6993 فليرجع إليهما.
وينبغي اجتناب ذلك في نهار الصوم خشية أن يجر إلى ما يفسد الصيام.
أما حكم الإفطار بغير عذر شرعي فكبيرة من الكبائر، تجب التوبة منه والقضاء، فإن كان الفطر بسبب الجماع وجبت الكفارة، وراجع الفتويين التاليتين: 6378، 1104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(11/18147)
تفطير الصائمين والتشاح في الأذان والإيثار به
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يتحقق أجر إفطار الصائم ولو بتمرة في المسجد أم لا بد من إشباعه، وهل يجوز أن تقول للشخص الذي ستفطره في المسجد لا بد أن تفطر على هذه التمرات، وما صحة ما يعتقده بعض الناس من أن أجر الإفطار يكون على أول لقمة أكلها الصائم وما الحكم إذا اشتجر ناس على الأذان فمن يقدم، وهل يجوز الإيثار فيه ويتحصل لك أجر الأذان ولو لم تؤذن؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فطر صائماً ولو على شربة ماء، فله مثل أجره، ومن أشبعه سقاه الله تعالى من حوض نبيه، فعن سلمان الفارسي: من فطر فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء: قلنا: يا رسول الله، ليس كلنا نجد ما نفطر به الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة من ماء، ومن أشبع صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة. رواه البيهقي وابن خزيمة في صحيحه، وأبو الشيخ وابن حبان في الثواب باختصار عنهما.
وفي رواية لأبي الشيخ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فطر صائماً في شهر رمضان من كسب حلال صلت عليه الملائكة ليالي رمضان كلها وصافحه جبريل ليلة القدر، ومن صافحه جبريل عليه السلام يرق قلبه وتكثر دموعه. قال: فقلت: يا رسول الله، من لم يكن عنده؟ قال: فقبضة من طعام. قلت: أفرأيت إن لم يكن عنده؟ قال: فشربة من ماء.
وإذا أراد الشخص الحصول على أجر تفطير الصائم فلا بد أن يكون أول ما يتناوله الصائم من طعامه أو شرابه حتى يصدق عليه أنه فطره، وهذا بين واضح.
وإذا تشاح أناس على الأذان، ولم يكن مؤذن راتب، فيقدم من توفرت فيه الخصال المعتبرة في التأذين. قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: وإذا تشاح نفسان في الأذان قدم أحدهما في الخصال المعتبرة في التأذين، فيقدم من كان أعلى صوتاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زيد: ألقه على بلال، فإنه أندى صوتاً منك.
وقدم أبا محذورة لصوته، وكذلك يقدم من كان أبلغ في معرفة الوقت، وأشد محافظة عليه، ومن يرتضيه الجيران، لأنهم أعلم بمن يبلغهم صوته ومن هو أعف النظر، فإن تساويا من جميع الجهات أقرع بينهما، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا. متفق عليه، ولما تشاح الناس في الأذان يوم القادسية أقرع بينهم سعد. انتهى.
وأما الإيثار بالأذان فمكروه، لأنه قربة والإيثار فيها مكروه عند بعض أهل العلم. قال السيوطي في الأشباه والنظائر: الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب. قال تعالى: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ {الحشر:9} ، قال الشيخ عز الدين: لا إيثار في القربات، فلا إيثار بماء الطهارة، ولا بستر العورة ولا بالصف الأول، لأن الغرض بالعبادات: التعظيم والإجلال، فمن آثر به، فقد ترك إجلال الإله وتعظيمه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(11/18148)
المباشرة في صيام التطوع والقضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل فضيلتكم عن سؤالين:
1. هل مداعبة الزوج لزوجته وهو صائم أيام الست من شوال دون أن يصل إلى النشوة حرام وهل يجب عليه شيء وإن كانت الزوجة صائمة قضاء لها عن أيام في رمضان بسبب الحيض وعند المداعبة حدثت لها النشوة هل هذا حرام وهل يجب عليها شي أفيدونا أعانكم الله.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على من شرع في صيام تطوع الإتمام ولا القضاء إذا أفسده عند الشافعية والحنابلة، وهو الذي دل عليه الدليل. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله: أهدي لنا حيس فقال: أرينيه، فلقد أصبحت صائما فأكل. رواه مسلم. وزاد النسائي: إنما مثل التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة، فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها.
وقال صلى الله عليه وسلم: الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر. رواه أحمد والترمذي. وقال العجلوني في "كشف الخفاء": إسناده صحيح. ولكن من شرع في نافلة صوم يستحب له الإتمام. لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33} . وعليه، فلو استمتع الرجل بامرأته وهما في صوم الست من شوال فلا إثم عليهما، إلا أنه ينبغي لهما حفظ صومهما عن التعريض للفساد ولا يفسد صوم واحد منهما إلا إذا نزل منه مني، فإنه يفسد صومه، ويستحب له قضاؤه، وأما إذا كان أحدهما في صوم واجب كقضاء أو كفارة فلا يجوز له الاستمتاع بالآخر بما يفضي إلى إفساد الصوم ولا تمكينه من ذلك، لأنه يحرم إفساد الصوم الواجب والإعانة عليه. قال ابن قدامة في "المغني": ولا يخلو المقبل من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن لا ينزل فلا يفسد صومه بذلك، لا نعلم فيه خلافا، لما روته عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، وكان أملككم لإربه. رواه البخاري ومسلم.
الثاني: أن يمني فيفطر بغير خلاف نعلمه، لأنه إنزال بمباشرة.
الثالث: أن يمذي فيفطر عند الإمام أحمد ومالك، وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يفطر.. إلى أن قال: واللمس لشهوة كالقبلة.. قال: وإذا ثبت هذا، فإن المقبل إن كان ذا شهوة مفرطة بحيث يغلب على ظنه أنه إذا قبل أنزل لم تحل له القبلة، لأنها مفسدة لصومه فحرمت عليه كالأكل، وإن كان ذا شهوة لكنه لا يغلب على ظنه ذلك كره له التقبيل، لأنه يعرض صومه للفطر، ولا يأمن عليه الفساد. انتهى.
وذهب الحنفية والمالكية إلى حرمة إفساد صوم التطوع كما يحرم إفساد الصوم الواجب، والقول الأول أرجح، لما سبق من الأدلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(11/18149)
هل يصلي المغرب أم يأكل إذا كان الطغام معدا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى من اتبعه
السؤال:
ما الحكم في من يفطر في رمضان على تمر مثلا ويكون الطعام معدا والأسرة جالسة عليه ثم يذهب لصلاة المغرب ويعود لتناول الإفطار أهذا أولى أم يفطر مع الأسرة ثم يصلون جميعا المغرب مجتمعين؟
جزاكم الله عنا خيرا
شريف ماجد - مصر-]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمادام الطعام مهيئا فإن الأفضل هو أن يبدأ به وخصوصا إذا كانت نفس الشخص تتوق إليه، ثم بعد الانتهاء منه يذهب للصلاة في المسجد إن طمع في إدراك الجماعة فيه، فإن فاتته صلى مع أسرته.
وتراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 29142.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1425(11/18150)
قراءة القرآن في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستفسر من فضيلتكم علي سؤالي الآتي:
أنني قد بدأت في قراءة القرآن الكريم قبل حلول شهر رمضان المبارك بفترة وقد أتممت ختمته في 15 رمضان وأنا حاليا أعيد قراءته من جديد بما أن الوقت لا يسمح بختمته كاملا بل يسمح بقراءته حتي الجزء الثاني والعشرون وأنا قد قرأت قبل بدء شهر رمضان إي الجزء الحادي والعشرون هل القراءة هذه المرة إذا اتصلت بالمرة السابقة أكون قد ختمت القرءان كاملاً أريد من فضيلتكم الرد علي سريعا.
وجزاكم الله كل الخير وثقل به في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلماء نصوا على استحباب مواصلة القراءة للقارئ حتى يختم فإذا ختم بدأ بختمة أخرى مع أنه لا يشترط ختم القرآن في رمضان، وإنما المستحب كثرة قراءة القرآن فيه لمن يستطيع ذلك.
وعليه، فإن السائلة الكريمة قد ختمت القرآن ختمة بعضها في رمضان وبعضها قبله وبدأت أخرى في رمضان، فإذا كانت قد أعادت قراءة ما قرأت قبل رمضان في بدايتها الأخيرة حتى وصلت إلى ما قرأت في رمضان فإنها بهذا تعتبر قد قرأت القرآن كله في رمضان، ويكون لها الأجر إن شاء الله، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم 54160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(11/18151)
هل يفطر من أجل مثوله أمام قاض سيحاول إثارته أثناء التحقيق؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي قضية في المحكمة بشأن حضانة ابني من أم مسيحية عنده 8 سنوات بعض الأصدقاء نصحني بالإفطار في هذا اليوم نظراً لأن محامي الأم سوف يستعمل كل الحيل ليبين أني لا أصلح أن أكون أباً، إذا غضبت أمام القاضي، ولقد نبهني المحامي بأن الاستجوابات ستكون غاية في السفالة، فهل يجوز لي أن أفطر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن صيام رمضان واجب على كل مكلف مستطيع، ولا يجوز الفطر إلا لعذر معتبر شرعاً، كسفر أو مرض أو عجز، أو لوجود مانع كالحيض أو النفاس بالنسبة للمرأة، قال الله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة:184} .
أما الذهاب إلى القاضي لأجل حل المشكلة التي تواجهها فليس بعذر للإفطار، ولا علاقة للصيام بالغضب، بل ينبغي للصائم أن يكون في صيامه هادئاً، حسن الخلق، لطيف المعاملة، ضابطاً لتصرفاته، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. رواه البخاري.
فالصوم يزيدك قوة وثباتا لمواجهة هذه المشكلة لا ضعفا وغضبا، فاحذر من الفطر أخي الكريم، وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(11/18152)
يتحقق تفطير الصائم بما ذكره السائل وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[إفطار الصائم يكون بإعطائه شيئاً من طعامي أم إفطاره بيدي لكي أنال ثواب إفطار الصائم أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد رغب في إفطار الصائم بقوله كما في الترمذي وابن ماجه: من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً.
قال في تحفة الأحوذي شارح جامع الترمذي المعنى: أي من أطعم صائماً عند إفطاره. انتهى، والمعنى واضح والأجر واحد، سواء أعطاه طعاماً أفطر عليه، أو دعاه إلى بيته أو مكان آخر ففطره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(11/18153)
صيام الحائض إذا طهرت قبل الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ثانيا:في أول يوم من شهر رمضان وجدت قطرات من الدم فاعتبرته دم حيض بالرغم من غيابها ما يقرب أربعة شهور وفي اليوم الثاني لم أنو الصيام وأفطرت إلا أن الدم لم يكن بالكثير إلا قطرات صغيرة وعندما أتتبع أثره بوضع منديل بالداخل أجد بها آثار دماء وفي فجر اليوم الثالث كانت هناك بعض الاصفرار عند تتبع أثره ونويت الصيام مع تأجيل الاغتسال إلى الصباح ولكن قبل أن أنوي الاغتسال قمت بتتبع أثر الدم بإدخال المنديل ولكنها تكون بها دم وبالتالي أجلت الاغتسال من الحيض مع الاحتفاظ بالصيام حتى أنال ثواب الصيام بإذن الله تعالي وبعد دخول العشاء قمت بتتبع الأثر ووجدتها جافة فاغتسلت وصليت العشاء.
فما الحكم في الصيام في اليوم الأول والثالث؟
وما الحكم في الإفطار في اليوم الثاني؟
وما الحكم في الصلاة وهل ما فعلته بالنسبة لأداء صلاة العشاء صحيح أم كان يجب علي التطهر وأداء صلاة المغرب ثم العشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
... سبق الالكلام على حكم نزول الدم في الفتوي رقم: 55296 وقد بينا حكم الحائض إذا طهرت قبل صلاة الفجر، وذلك في الفتوى رقم: 1074، والفتوى رقم: 22514، ويتبين منهما أنه يجب عليها أن تصلي المغرب والعشاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/18154)
السورة المباركة في شهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أحسن سورة من القرآن الكريم تقرأ في شهر رمضان؟ ... ... ... ... ... ... ...
أو ما هي السورة المباركة في شهر رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعروف من هدى السلف في رمضان الاشتغال بتلاوة القرآن والحرص على ختمه في قيام الليل، وفي النهار، فكان جبريل يدارسه الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان وكان بعض أهل العلم يتوقف عن التعليم ويشتغل بالتلاوة من المصحف، ولا نعلم عنهم تخصيص سورة منه لتقرأ في رمضان، ولو كان في ذلك خير لسبقونا إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(11/18155)
كوبونات إفطار الصائم هل تعد صدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر كابونات إفطار الصائم التي نشتريها من قبل الجمعيات صدقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتلك المبالغ المصروفة من أجل إفطار الصائمين تعتبر صدقة يحصل لصاحبها ثواب من فطر صائما، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا. رواه الترمذي وأحمد في المسند. فكل نفع حاصل لأي من الكائنات الحية فيه أجر ومثوبة، لقوله صلى الله عليه وسلم: في كل كبد رطبة أجر. متفق عليه. وراجعي الفتويين التاليتين: 27440، 6322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1425(11/18156)
الصيام والاختلاط ومن خاف على نفسه الفتنة من دعوة النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا نفعل ونحن مجموعة من الشباب الملتزم عملنا يقع وسط أكاديمية هذه الأكاديمية فيها من الموبقات ومن التحرر والعري والعولمة ما لا يعلمه إلا الله عز وجل المهم أننا مقبلون على رمضان وهذه أول سنة يتصادف وجودنا معهم في هذا المكان اقترح أحد الإخوة أن نقوم بعمل شيء مثل حقيبة رمضانية ونوزعها على فتية وفتيات هذه الأكاديمية ووافقته ولكن عندما نظرت لحالي وإيمانياتي الضعيفة قلت كيف سأذهب لإنسانة شبه عارية في نهار رمضان لأعطيها هذه الحقيبة وحتى لو قبل رمضان أنا لا أعلم ماذا أريد وغير قادر على تخليص نيتي فلا أعلم هل أدعوها لله أم أدعوها للغرام؟ المهم ألحت علي نفسي بالرفض وأنني سأفتن فما وجدت غير قول الله تعالى (ألا في الفتنة سقطوا) دلوني ما العمل أولا؟ وهل ما سيفعله صديقي أسلوب دعوي صحيح؟ وإن كان صحيحاً فما هو موقفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاختلاط بين الرجال والنساء الأجنبيات ما لم ينضبط بضوابط الشرع، فإنه ينشأ عنه مفاسد وإثارة للغرائز، والله سبحانه أمر كلا الجنسين أن يغض بصره عن الآخر، قال تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور: 30} .
وقال: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا {لنور: 31} .
وانظر الفتوى رقم: 1094، 41319، 35390، 3539.
وعلى ذلك، فإن الواجب عليك ترك العمل في هذا المكان والنجاة بنفسك، فإن ذلك من لوازم الإنكار بالقلب الذي هو أضعف الإيمان، فقد قال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ {النساء:140} .
وانظر الفتوى رقم: 1048، والفتوى رقم: 34369.
وأما بالنسبة إلى دعوة النساء إلى الالتزام بالدين وأمرهن بالمعروف ونهيهن عن المنكر، فننصحك بالبدء بالرجال، أما النساء فينبغي أن ينشغل بدعوتهن النساء، أما إذا عزَّ ذلك، فلا بأس أن يقوم الرجال بدعوتهن لكن بشروط منها: غض البصر، وعدم المصافحة، واجتناب الخلوة بهن، وإن مجرد توزيع نشرة دعوية أو حقيبة رمضانية لا يحتاج إلى مزيد كلام مع النساء.
لكن إن وجدت في نفسك ضعفاً وفي قلبك فتنة، فانج بنفسك ولا تعرضها لسخط الله، فكل امرئ على نفسه بصير والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(11/18157)
حكم فرض رسوم على المشاركين في الإفطار الخيري
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال عاجل:
لقد تبرع لنا أحد التجار في مركزنا الإسلامي برومانيا بتحمل كل مصاريف إفطار الصائمين في المركز، لكن مركزنا عنده عجز في الميزانية التي تتولى دفع الكهرباء والمياه والتسخين وأجر الطباخ ولوازم الحمامات وتجهيز المطبخ، لذلك قررنا أن نأخذ من كل صائم 50 دولارا أمريكيا لسد هذا العجز في مقابل الإفطار في شهر رمضان فهل يجوز لنا ذلك، لا تتأخروا علينا بالإجابة فالأمر عاجل؟ وفقكم الله لما يحب ويرضى وجعلكم من العلماء الصالحين في هذه الأمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي وفقكم للقيام بمصالح المسلمين، والسعي في قضائها، وفي ذلك من الأجر والثواب ما لا يخفى عليكم، وجزاكم الله خيراً على تحري معرفة الأوامر الشرعية قبل الإقدام عليها، وليُعلم أنه لا يجوز لكم فرض مصاريف على الصائمين الذين يفطرون في مركزكم لأن ذلك قد يصرف المحتاجين عنكم مع حاجتهم، كما أنه قد يتسبب في إقبال غير المحتاجين طمعاً في الإفطار مقابل مبلغ زهيد، وهذا مما يتنافى مع مقصود مركزكم ومقصود المتبرعين له، لكن الحل في ذلك أن يتم خصم جزء من مصاريف الإفطار التي تبرع بها التاجر بالتشاور معه مقابل تهيئة الطعام والمكان والخدمات، لأن تبرعه لإفطار الصائمين يشمل ما يلزم هذا الإفطار من إعداد الطعام وتهيئة المكان، وتوفير الماء والكهرباء ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(11/18158)
عمل المرأة وما يفال عند الإفطار ومسألة في الوفاء بالوعد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد شغل فكري في هذه السنوات الأخيرة أمر عملي, فأنا أعمل بمؤسسة للإشهار بواسطة الإعلامية وفي غالب الأحيان أعمل إما وحدي أو مع مدير المؤسسة هذا من ناحية ومن ناحية أخرى للذهاب إلى مقر عملي يستوجب علي اقتناء وسائل نقل عمومية تكون في الغالب مكتظة وبطبيعة الحال مختلطة.
لقد أخذت قرارا بالخروج من هذا العمل والبحث عن عمل آخر أو البقاء بالمنزل فأنا أعلم جيدا أنه لا يجب علي البقاء وحدي مع رجل أجنبي عني إلا بوجود محرم معي, وأنه يجب علي الابتعاد عن الأماكن التي يكثر فيها الاختلاط, لكن عائلتي تعارض قراري هذا فقد قالا لي والدي إن الله عز وجل رزقني هذا العمل وإن الكثير من الشباب اليوم عاطلون عن العمل وإني بعد وفاتهما لن أجد مصدر عيش , لقد قلت لهما إن الله هوالرزاق وإنه يجب علي الابتعاد عن مواطن الشبهات وأن أصون نفسي وأحافظ عليها قدر الإمكان وأن أتقي الله وأنه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب, لكن ماذا أفعل؟ لقد وجدت نفسي بين أمرين إما التوكل على الله وتطبيق قراري والخروج من هذه المؤسسة رغم تحذيرات والدي أوأن أتوكل على الله وألبي طلب والدي بالبقاء بهذه المؤسسة.فبماذا تنصحونني؟
هل هناك أدعية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان المعظم؟
لقد وعدت أختي جدتي بأن تشتري لها تلفازاً لكن توفيت جدتي قبل أن تفي أختي بوعدها فماذا تفعل؟ وهل تستطيع أن تتصدق بمبلغه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل قرار المرأة في البيت، ولا ينبغي خروجها للعمل إلا لحاجة، قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب:33} .
وإذا احتاجت المرأة للعمل، فالواجب أن لا تختلي بأجنبي، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم.
والواجب أن لا تجلس في الأماكن المختلطة، وأن لا تزاحم الرجال، وأن تبتعد عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الفتنة.
وعليه، فما قلته لوالديك من حرمة العمل الذي أنت فيه ووجوب التخلي عنه وأنه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3} .
هي أقوال صحيحة، واعلمي أن طاعة الوالدين في مثل هذه الأمور لا تجوز لأنها تعارضت مع طاعة الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
فالذي ننصحك به إذا هو ترك هذا العمل، ولا تترددي في ذلك، وتلطفي بوالديك واقنعيهما باسلوب حكيم وموعظة حسنة، ويمكنك أن تعرضي عليهما هذه الفتوى.
وبالنسبة للأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان، فقد ثبت أنه كان يدعو عند الإفطار بما يلي:
- ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله. رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني.
- اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت. رواه أبو داود.
- وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يدعو عند الإفطار يقول: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي. رواه ابن ماجه.
- وقد أرشد عائشة رضي الله عنها أن تقول: إذا علمت أي ليلة هي ليلة القدر: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني. رواه الترمذي وغيره.
والوفاء بالوعد هو من الأخلاق الحميدة التي أمر بها ديننا الحنيف، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} .
وقال: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً {الإسراء: 34} ، وبما أن جدتك قد توفيت، فإن وفاء أختك لها بالوعد صار متعذراً، وإذا تصدقت عنها بشيء من المال أو بنوافل العبادة فذلك حسن وليس واجبا عليها، وأما التلفاز فلا ينبغي التصدق به عنها لأنه قد يستخدم في برامج غير مشروعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(11/18159)
حكم الجمع بين نية الصيام ونية التضامن مع الأسرى
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد بدأ شهر رجب فهل من الممكن أن أنوي أكثر من نية في الصيام على سبيل المثال نية الصيام لوجه الله ونية التضامن مع الأسرى على سبيل المثال هل يجوز ذلك أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتشريك في العبادة وغيرها في النية تارة يبطل العبادة وتارة لا يبطلها، ومن صور عدم الإبطال الصوم لله وللحمية، ومثل الحمية ما يسمى بالإضراب عن الطعام لتحصيل نفع أو دفع ضرر عن الشخص، وللإضراب ضوابط بيناها في الفتوى رقم: 8020 فلتراجع.
وقد ذكر الحافظ السيوطي هذه المسألة في الأشباه والنظائر فقال: للتشريك في النية نظائر، وضابطها أقسام: الأول: أن ينوي مع العبادة ما ليس بعبادة، فقد يبطلها ... وقد لا يبطلها، وفيه صور: منها: ما لو نوى الوضوء أوالغسل والتبرد، ففي وجه لا يصح للتشريك، والأصح الصحة، لأن التبرد حاصل، قصده أم لا، فلم يجعل قصده تشريكا وتركا للإخلاص، بل هو قصد للعبادة على حسب وقوعها، لأن من ضرورتها حصول التبرد ومنها ما لو نوى الصوم أو الحمية أو التداوي، وفيه الخلاف المذكور. والأصح الصحة، وقد نص على ذلك أيضا ابن الهمام من الحنفية في فتح القدير فقال: لو نوى الصوم والحمية أو التداوي، فالأصح الصحة، لأن الحمية أو التداوي حاصل قصده أم لا، فلم يجعل قصده تشريكا وتركا للإخلاص، بل هو قصد للعبادة على حسب وقوعها، لأن من ضرورتها حصول الحمية أو التداوي.
وننبه إلى أنه لم يصح شيء في فضل صيام رجب بخصوصه، وراجع الفتوى رقم: 5938.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(11/18160)
كيفية الصيام إذا كان النهار يقرب من ثلاث وعشرين ساعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي في الله
كيف يمكن لي أن اصوم بعض الأيام اتباعا لسنة النبي \\ص\\ وذللك كوني أعيش في شمال النرويج والفرق كبير جدا جدا بين الفجر والمغرب وتقريبا هو 23 ساعة وهذه هي المواعيد التي اتبعها للصلاة ليست لمدينتي وإنما لأ قرب مدينة نرويجية موجود عندي توقيتها تبعا لموقع الرابطة الإسلامية في النرويج وهذا عنوانها /www.islam.no مع العلم أن هذه المدينة تبعد عن مدينتي 5 ساعات.
الفجر01.16
الظهر12.48
العصر17.43
المغرب22.41
العشاء00.11
مع العلم أيضا أن هذا التوقيت ثابت الآن ولايزيد ولاينقص إلا مع بداية الشهر الثامن وللعلم أيضا أن الشمس لاتغيب أيضا أي يعني لايوجد ظلام الآن وبعد حوالي شهر أو شهرين حتى يبدأ الظلام بالقدوم.
وقد قمت يتنزيل برنامج للأذان من الانترنيت وهو رائع وفيه مواقيت جميع مدن العالم وحتى مدينتي واسمه athan وهو من موقع www.lamicfinder.com
ولكن المشكلة هناك فرق في حساب المواقيت وفرق كبير وأنا لاأعرف على أي حساب سوف اتبع أي يعني
المركز الاسلامي أم المركز المصرى أم كراتشي أم أم القرى أم أمريكا الشمالية وفي كل الحالات فرق كبير مع العلم أني أفضل موقع الرابطة الإسلامية في النرويج كونهم اعلم بالوضع ولكن على هذه الحالة لاأستطيع الصيام كون الوقت طويل جدا مع العلم أننا في الشتاء وفي آخر أيام رمضان نصوم فقط حوالي أربع أو خمس ساعات.
وإذا كان ممكناأن أتبع مثلا توقيت مكة الكرمة فهل أنا ملزم باتباعه دائما أي قصدي هل أستطيع التغير إلى توقيت الرابطة الإسلامية في النرويج ولست أقول هذا على سبيل الرخصة وإنما كوني أحيانا اعمل وقتا طويلا فمثلا أعود للبيت الساعة الثانية فجرا بعد عمل يوم طويل وصلاة الفجر مثلا الساعة الرابعة حسب توقيت مكة بينما حسب توقيت الرابطة الإسلامية في النرويج01.16 فهل أستطيع أن أصلي وأنام أم يجب أن ألتزم يتوقيت واحد.
أرجو منكم أن تسامحوني على هذه الإطالة ولكن لا أملك إلا أن أسأل الله أن يجزيكم كل الخير ويغفر لكم ولوالديكم ولأمة سيدنا محمد\\ص\\ وأسأل الله أن يتقبل دعوتي هذه بظاهر الغيب إلى إخوة لا أراهم ولكن أحس بهم بأخوة الإسلام والله على ما أقول شهيد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولا نشكر السائل لحرصه على الطاعة في تلك البلاد النائية، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيده هدى وتوفيقا.
إلا أننا نلفت نظره إلى أنه لا ينبغي الاكتفاء بكتابة ص بعد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر الفتوى رقم: 7334.
وأما عن السؤال حول مواقيت الصيام والصلاة، فالذي فُهم من سؤالك هو أنك متردد بين توقيت موقع الرابطة الإسلامية في النرويج وغيره من المواقيت، وأن توقيت الرابطة عندكم في النرويج طويل جدا بين الفجر والغروب.
والذي يظهر والله أعلم أنه إذا كان يوجد في مدينتك التي تسكن فيها مركز إسلامي فينبغي أن تصلي وتصوم على توقيتهم لأنهم أعلم بالواقع والحال عندكم.
فإن لم يكن مركز إسلامي في مدينتك فعليك باتباع مواقيت أقرب مدينة إليك يتناوب فيها الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة، وهي المدينة التي ذكرتها ومواقيتها تبعا للرابطة الإسلامية في النرويج، ويتأكد في حقك اتباع هذه المدينة لأمرين:
الأول: أنها أقرب بلاد إليك يتعاقب فيها الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة.
ثانيا: أن الرابطة الإسلامية في النرويج أعلم بالوضع عندكم، وعليه، فنحن نوصيك باتباع مواقيت هذه المدينة ولو كان الصيام طويلا، ما دامت الشمس تشرق وتغرب في خلال أربع وعشرين.
وللفائدة نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 13228، و 33852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1425(11/18161)
الشحناء لا تمنع إجزاء الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت صائماً وشخص غاضب مني هل يقبل صيامي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رابطة الإيمان التي تجمع المؤمنين من أقوى الروابط وأوثقها لذلك حث الإسلام المؤمنين على أن يكونوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، فالمطلوب من المسلم أن يسعى في كل ما يجلب المودة إلى قلب أخيه المسلم، وذلك بأداء الحقوق المترتبة على الأخوة في الإسلام.
وقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا. فالواجب عليك أن تكوني السابقة إلى المراضاة حتى تذهب الشحناء (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) . فإن أصر هذا الشخص على ذلك فلا حرج إن شاء الله، علما بأن صومك صحيح، بمعنى أنه يجزئ ولا تطالبين بإعادته.
أما قبوله عند الله تعالى فذلك شيء موكول إلى الله إن شاء قبله، وإن شاء رده، والغالب على الظن أنه سيقبله ما دام قد فعل ابتغاء مرضاته.
وتراجع الفتاوى التالية: 21549 / 20902 / 7119 / 22082 / 25074.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(11/18162)
الفطر قبل الصلاة من سنته صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك من يقول أنه يجب أن يكسر الصيام أو الإفطار، ولو على تمرة قبل الشروع في صلاة المغرب، هل هذا صحيح، وما حكم من صلى المغرب وبعدها أفطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على من صلى المغرب ثم أفطر، ولكن السنة تعجيل الإفطار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: عجلوا الإفطار وأخروا السحور. رواه الطبراني عن أم حكيم.
ولفعله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يفطر قبل أن يصلي، ويفطر على رطبات. رواه الترمذي وصححه ورواه آخرون وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(11/18163)
إخفاء الطاعة مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخفاء صيام التطوع عن الأهل من زوجة أو أم أو أخت ,وفي صورة عدم الجواز فكيف أتصرف حتى لا يطلع على صيامي إلا الله. وفي حالة دعوتي إلى الأكل أو الشرب من طرف أحد الأصدقاء وأنا صائم صيام التطوع فكيف أرد عليه بدون إعلامه بصيامي. والله المستعان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمستحب عند أهل العلم إخفاء الطاعة كالصوم وغيره، ما لم تدع حاجة إلى إظهاره، وبالتالي، فيستحب لك إخفاء الصوم عن أهلك، إلا إذا دعت حاجة للاطلاع عليه.
أما بخصوص الدعوة إلى الطعام، فلا حرج عليك في إظهار كونك صائما، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم، فليقل: إني صائم. رواه مسلم وغيره.
قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم:
فليقل إني صائم: محمول على أنه يقول له اعتذارا له وإعلاما بحاله، فإن سمح له ولم يطالبه بالحضور، سقط عنه الحضور، وإن لم يسمح له وطالبه بالحضور، لزمه الحضور، وليس الصوم عذرا في إجابة الدعوة، ولكن إذا حضر لا يلزمه الأكل، ويكون الصوم عذرا في ترك الأكل ... إلى أن قال: وأما الأفضل للصائم، فقال أصحابنا: إن كان يشق على صاحب الطعام صومه، استحب له الفطر، وإلا فلا، هذا إذا كان صوم تطوع، فإن كان صوما واجبا حرم الفطر.
وفي هذا الحديث أنه لا بأس بإظهار نوافل العبادة من الصوم والصلاة وغيرهما إذا دعت إليه حاجة، والمستحب إخفاؤها إذا لم تكن حاجة، وفيه الإشارة إلى حسن المعاشرة وإصلاح ذات البين وتأليف القلوب وحسن الاعتذار عند سببه. انتهى.
والله أعلم.
... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/18164)
وقت الإمساك عند من لا يؤذن الفجر في بلادهم
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يكون الإمساك؟ هل هو قبل الفجر بنصف ساعة، أم هو في نفس الوقت مع الفجر أم ماذا؟ كما تعلمون هنا في أوروبّا لا يوجد آذان فإذا أردنا أن نعرف أوقات الصلاة فعلينا أن نبحث في الإنترنت وهنالك نجد أوقاتا مختلفة!!
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت الإمساك وقت طلوع الفجر الصادق وتبيُّنه قال تعالى: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. وقال صلى الله عليه وسلم: إن بلالاً يؤذن بليلن فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم. متفق عليه.
وفي رواية للبخاري: فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر.
فالإمساك لا يكون قبل الفجر بنصف ساعة، بل عند طلوع الفجر، وإذا لم يكن هناك أذان في البلاد التي تعيش فيها فعليك أن تنظر إلى الأفق جهة المشرق، فإذا رأيت الفجر الصادق وهو الضوء الخفيف المستطيل في الأفق فأمسك، وإذا كان معك في هذه البلاد مسلمون فيجب عليهم أن يجتمعوا لحل هذه المسألة، وفي ظننا أنه ما من بلد في أوروبا أو غيرها إلا وفيه مراكز إسلامية تهتم بأمر أوقات الصلوات، أما الاعتماد على الإنترنت وغيرها من الحسابات فإن كانت من جهة موثوقة فلا بأس في الاعتماد عليها، وتبرأ الذمة بذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1424(11/18165)
إذا ضاق الوقت يقدم السحورعلى القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قمت قبل أذان الفجر بربع ساعة وأنا سوف أصوم غدا، أيهما أفضل السحور أم قيام الليل بذلك الوقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من الأفضل لك الاشتغال بالسحور نظراً لضيق الوقت، إضافة إلى ما يشتمل عليه من الفوائد الكبيرة التي يتعدى نفعها للغير، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تسحروا فإن في السحور بركة. متفق عليه.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والأولى أن البركة في السحور تحصل بجهات متعددة: وهي اتباع السنة ومخالفة أهل الكتاب، والتقوي به على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع، والتسبب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام، قال ابن دقيق العيد: هذه البركة يجوز أن تعود إلى الأمور الأخروية، فإن إقامة السنة توجب الأجر وزيادته، ويحتمل أن يعود إلى الأمور الدنيوية، كقوة البدن على الصوم وتيسيره من غير إضرار بالصائم. انتهى.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين. صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.
ولا شك أن قيام الليل عبادة عظيمة، لكن نظراً لضيق الوقت وحصول الفوائد الكثيرة المترتبة على سنة السحور قدمت هذه السنة، هذا إضافة إلى أن قيام الليل يمكن تعويضه بعبادة من جنسه وهي صلاة النافلة نهاراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(11/18166)
الاستماع للغناء بعد صلاة التراويح لا يغير من حكمه شيئا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سماع الأغاني بعد التراويح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الغناء مصحوباً بآلات الموسيقى المختلفة غير الدف، فالإجماع منعقد على تحريمه، كما حكى ذلك القرطبي عن جماعة من العلماء، وكذلك يحرم الغناء والاستماع إليه إن كان من امرأة لرجال أجانب أو كانت ألفاظ الغناء مشتملة على محرم، كالغزل الفاضح والدعوة للفحشاء، أما إن خلا من هذه المحاذير فهو مباح، ويكره الأكثار منه خاصة في هذا الشهر الفضيل الذي ينبغي للمسلم أن يشغل نفسه فيه بالطاعات والإكثار من القربات، ولا يضيع وقته -الذي هو أغلى ما يملك- بسماع الأغاني ولو كانت مباحة، وكون الاستماع للأغاني المحرمة بعد صلاة التراويح لا يغير من حكمه شيئاً، فهو محرم سواء للصائم أم للمفطر، وسواء في نهار رمضان أو ليله، ورمضان كله شهر مبارك، وأوقاته جميعاً فاضلة، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 9776، والفتوى رقم: 987.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(11/18167)
حضور الحفلات الماجنة ينقص من أجر الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أعيش في فرنسا وأعمل في مدرسة كمهندس حاسوب، لي مكتبي الخاص، فلا اختلاط، لكن في الصباح أجد نفسي مجبرا لمصافحة زميلاتي، وكذلك في المساء عند مغادرة العمل، كذلك كلما حل عيد ميلاد أحد الموظفين أجد نفسي في مأزق حضور الحفل وما فيه من متبرجات وخمور وكلام رديء، فما حكم هذا وماذا أفعل، وهل يبطل كل هذا الصوم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سؤالك يشتمل على عدة مسائل:
المسألة الأولى: مصافحة النساء الاجنبيات وهذا أمر محرم، وراجعه في الفتوى رقم: 2412.
المسألة الثانية: حضور الاحتفال بعيد ميلاد شخص وهذه بدعة محرمة، وبالتالي فلا يشرع الحضور لها، كما في الفتوى رقم: 1319.
المسألة الثالثة: اشتمال الحفل المذكور على شرب الخمر وغيره من المناكر وهو أمر محرم، ولو سلم الشخص من شربها، وراجع الفتوى رقم: 3069.
المسألة الرابعة: اشتمال الحفل أيضاً على نساء متبرجات، وهذا أيضاً منكر عظيم لا يجوز الرضا به ولا النظر إليه، وراجع الفتوى رقم: 23629.
المسألة الخامسة: الاستماع إلى الكلام الرديء، ولعلك تقصد به الكلام الفاحش، فهذا أيضاَ لا يجوز الاستماع إليه أيضاً.
وحاصل الأمر أن هذا المجلس يحرم القدوم عليه لاشتماله على تلك المنكرات العظيمة، أما بالنسبة للصوم مع شهود هذه المناكر فهو صحيح لكنه ناقص الأجر، إضافة إلى أن إثم المعصية في رمضان أعظم من الإثم في غيره، وراجع الفتوى رقم: 38012.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/18168)
حكم إطلاق عبارات الحب أثناء الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أعرف حكم الإسلام في قول بعض كلمات أو عبارات الحب للحبيبة وأنا صائم، وهل هذا يفسد الصيام أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد بالحبيبة غير الزوجة كالأجنبية، فلا يجوز أن يدور بينك وبينها أي كلام من الغرام والحب، ولو كنت قد خطبتها لا في رمضان ولا في غيره، لأن ذلك وسيلة فساد، فمن فعل ذلك فقد أثم وعليه التوبة، وليس ذلك مبطلاً للصيام، وإن كنت تقصد بالحبيبة الزوجة، فلا مانع من ذلك الكلام إن أمنت على نفسك الوقوع في المحذور حال الصيام، وتركه أولى لكمال الصوم بترك مجمل الشهوات وما يدعو إليها، فإن حدث منك أن حدثتها فأمنيت بذلك فصيامك صحيح، قال الإمام النووي في المنهاج: ... الاستمناء فيفطر به، وكذا خروج المني بلمس وقبلة ومضاجعة لا فكر ونظر بشهوة. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 27622، والفتوى رقم: 38012.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/18169)
الإنفاق في رمضان غير محدد بوقت أو قدر معين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نريد أن نعرف منكم عن الصدقة في رمضان، هل نطعم كل يوم فقيراً له خير أكبر أم نوزعه في 27 من الشهر على ثلاثين فقيراً له أجر أكبر؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لم يثبت شرعاً تخصيص رمضان بصدقة معينة غير صدقة الفطر، وهي واجبة، والمطلوب في هذا الشهر هو زيادة الإنفاق في وجوه الخير، والاتصاف بالجود اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
كما ثبت الترغيب في الإنفاق والصدقة في هذا الشهر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً. رواه الترمذي.
وعليه فإن الإنفاق في هذا الشهر غير محدد بوقت أو قدر معين، بل كلما أكثر المسلم من الإنفاق عظم أجره وثوابه، وكذلك إذا اشتدت حاجة المتصدق عليه، رجي الثواب العظيم للمتصدق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/18170)
ليس من الأدب المجاهرة بالفطر في الأماكن العامة لمن له عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المجاهرة بالفطر لمن له عذر في نهار رمضان في الأماكن العامة؟ خاصة أننا في العمل ونستغرب حين نرى بعض الموظفات يفطرن أمام زميلاتهن لظروف صحية أو الحيض فهل هذا من آداب الصوم وماذا يمكننا أن ننصحهن به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ليس من آداب شهر الصوم المجاهرة بالفطر لمن له عذر في الأماكن العامة، لأن فعله مدعاة لاستحلال عرضه، وتشجيع -لمن لا يعلم عذره- على تعمد الإفطار والمجاهرة بمعصيته، والمسلم داعية إلى الله بفعله وقوله، فلا يليق به أن يكون سببا -بجهله- في الاعتداء على فريضة من فرائض الله، حتى لا يبوء بإثم ذلك، وعلى من شاهد المجاهر بالفطر أن ينصحه بالتي هي أحسن، وأن يبين له أثر فعله على الناس بلطف ولين وحكمة، والله الهادي إلى سواء السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1424(11/18171)
حكم مغازلة البنات في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من يغازل بنتا فى شهر رمضان، وهل يجوز التحدث مع النساء على الإنترنت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم مغازلة البنات في رمضان وغيره قد جاء مفصلاً في الفتويين التاليتين: 621، 25779.
كما أن المحادثة مع النساء عن طريق الإنترنت مفصلة في الفتوى رقم: 1072، والفتوى رقم: 1932.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1424(11/18172)
لا تعارض بين الحديثين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو القول فى التسحر إلى ما قبل الشروق بفترة قليلة أي ما تقدر بحوالى 15 دقيقة تقريبا ... استناداً إلى حديث عائشة رضي الله عنها فى هذا الأمر وأنتم تعلمون هذا الحديث ولم أشرح بسبب الاختصار وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن انتهاء وقت السحور يكون بطلوع الفجر الثاني، الذي يطلق عليه الفجر الصادق، وهو المستطير في الأفق، روى أحمد والترمذي بإسناد صحيح عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق. هذا هو الوقت الذي حدده الشرع لانتهاء وقت السحور، وهو الذي يجب الإمساك بعده، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 6593.
وورد عن عائشة رضي الله عنها بهذا الشأن ما رواه أحمد في المسند والترمذي والنسائي في الكبرى عن أبي عطية قال: قلنا لعائشة إن فينا رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور، والآخر يؤخر الإفطار ويعجل السحور، قال: فقالت عائشة: أيهما الذي يعجل الإفطار ويؤخر السحور، قال: فقلت: هو عبد الله، فقالت: كذا كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذا قد ورد عنها ما رواه البيهقي والدارقطني أنها قالت: ثلاث من النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة.
فإن كان هذا هو المقصود في السؤال فإنه لا دلالة فيه على ما ذكره السائل وهو تأخير السحور إلى ما بعد طلوع الفجر، ولكنه يدل على استحباب تأخير السحور إلى آخر الوقت المحدد شرعاً، وهو طلوع الفجر الثاني والذي سبق ذكره.
وتأخير السحور إلى آخر وقته هو السنة، قال الشافعي في الأم: وأحب تعجيل الفطر وتأخير السحور اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الإمام أحمد كما في المغني: يعجبني تأخير السحور، لما روى زيد بن ثابت قال: تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان قدر ذلك؟ قال: خميسن آية. متفق عليه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(11/18173)
الإمساك قبل أذان الفجر لا يعد بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[[إذا سمع أحدكم النداء، والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه] صحيح، وورد بلفظ مثله وزاد فيه: [وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر] (واسناده صحيح، الإمساك عن الطعام قبل أذان الصبح بدعة، هل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسؤال مشتمل على مسألتين:
الأولى: مسألة الاستمرار في الأكل والشرب بعد سماع الأذان.
والثانية: الإمساك قبل طلوع الفجر.
فأما الاستمرار في الأكل والشرب بعد سماع أذان الفجر الثاني فلا يجوز وهذا عليه مذاهب الفقهاء جميعاً، جاء في الموسوعة الفقهية في مادة صوم: (اتفق الفقهاء على أنه إذا طلع الفجر وفي فيه طعام أو شراب فليلفظه ويصح صومه، فإن ابتلعه أفطر.)
هذا هو القول الصحيح الراجح لأن المؤذن عادة إنما يؤذن إذا علم طلوع الفجر، فإذا علم الإنسان أن المؤذن أذن قبل الوقت فله أن يأكل ويشرب حتى يطلع الفجر للإباحة في الآية: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم." رواه البخاري ومسلم والترمذي والبيهقي.
وفي رواية البخاري قول ابن عمر: "وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت."
أما استدلال بعض المتأخرين بالحديث المذكور في السؤال –وهو حديث أخرجه البيهقي في السنن الكبرى- فخلاف ما عليه العمل عند الفقهاء لأنه محمول عندهم على الأذان الأول، قال البيهقي بعد إيراده للحديث: (قال الرياحي في روايته وزاد فيه: وكان المؤذنون يؤذنون إذا بزغ الفجر، وكذا رواه غيره عن حماد وهذا –إن صح- فهو محمول عند عامة أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أن المنادي كان ينادي قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر، وقول الراوي: وكان المؤذنون يؤذنون إذا بزغ الفجر يحتمل أن يكون خبراً منقطعاً ممن دون أبي هريرة أو يكون خبراً عن الأذان الثاني، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده." خبر عن النداء الأول ليكون موافقاً لـ: "لا يمنعن أحداً منكم أذان بلال من سحوره، فإنما ينادي ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم." قال جرير في حديثه: "وليس أن يقول هكذا ولكن يقول هكذا الفجر هو المعترض وليس بالمستطيل." رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم وأخرجه البخاري من أوجه أخر عن التيمي.) انتهى من السنن الكبرى 4/217/218.
وأما كون الإمساك قبل الأذان بدعة فليس ذلك بصحيح لأن الأمر على الإباحة وليس على الوجوب أن يأكل ويشرب حتى يطلع الفجر.
وقد كان الصحابة منهم من يمسك قبل الفجر وقد جاء في صحيح البخاري عن زيد بن ثابت أنهم كانوا يتسحرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقومون للصلاة فسئل كم كان بين ذلك فقال: (مقدار خمسين آية.)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/18174)
أخطاء ينبغي للصائم الابتعاد عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي أخطاء الصيام وأرجو إرسال الإجابة مبينة بالحديث الشريف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأخطاء التي لا ينبغي للصائم أن يفعلها كثيرة منها ما هو خاص بالصائم، ومنها ما هو عام له ولغيره، ومنها ما هو مكروه، ومنها ما هو حرام، ومن ذلك:
مبطلات الصوم، وهي الأكل والشرب عمداً ومثله إيصال عين إلى الجوف من منفذ والقيء عمداً والجماع عمداً وإن لم ينزل، والاستمناء وهو قصد إخراج المني والحيض والنفاس في حق المرأة ومن نوى الفطر نية جازمة فقد أفطر.
ومن الأخطاء كذلك: الغيبة والنميمة ونحو ذلك من آفات اللسان، لقوله صلى الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. رواه البخاري.
ومن ذلك: النظر إلى الحرام لعموم الأدلة الناهية عن ذلك، ومنها: الاستماع إلى الحرام لعموم الأدلة الناهية عن ذلك أيضاً.
ومن الأخطاء المكروهة قضاء النهار بالنوم وقضاء الليل بالسهر على أمر لا ينفع، وإهمال قراءة القرآن والقيام.
والأخطاء كثيرة، فنسأل الله أن يعيننا جميعاً على اجتنابها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1423(11/18175)
الذكر المشروع عند إفطار الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرت في رمضان بدون النطق ببسم الله لأني في المرحاض. فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أفطر أو نوى الإفطار دون أن يأتي بشيء من الأذكار لا البسملة ولا غيرها فصيامه صحيح، وليس عليه شيء، ويسن للصائم وغيره أن يقول قبل تناوله للطعام بسم الله الرحمن الرحيم فإذا أفطر قال عقب فطره: "ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله" حديث صحيح رواه أبو داود.
وأن يقول: "اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي" رواه ابن ماجه، وحسنه الحافظ ابن حجر في تخريج الأذكار. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1422(11/18176)
يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان وليس التاسع والعشرين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنوي ـ إن شاء الله ـ صوم أغلب شهر شعبان، وسيأتي يوم الخميس موافقا 29 من الشهر، وعلى حسب الحسابات الفلكية فأول شهر رمضان سيكون يوم السبت، فهل أصوم يوم الخميس؟ أم أنه يعتبر يوم الشك المنهي عن صيامه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيوم التاسع والعشرين من شعبان ليس هو يوم الشك، فإن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير هلال رمضان، وكان ثم احتمال أنه رؤي، قال النووي رحمه الله: قال أصحابنا: يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا وقع في ألسنة الناس أنه رؤي ولم يقل عدل أنه رآه أو قاله وقلنا لا تقبل شهادة الواحد أو قاله عدد من النساء أو الصبيان أو العبيد أو الفساق وهذا الحد لا خلاف فيه عند أصحابنا. انتهى. وانظر الفتويين رقم: 55128، ورقم: 54724.
لكن قد ثبت النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا لمن كانت له عادة بالصوم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه. متفق عليه. قال النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه، فيه التصريح بالنهي عن استقبال رمضان بصوم يوم ويومين لمن لم يصادف عادة له أو يصله بما قبله فإن لم يصله ولا صادف عادة فهو حرام. انتهى.
وعلى هذا فلا حرج عليك في صوم يوم التاسع والعشرين من شعبان إن وافق عادة صومك، كأن كنت معتادا لصوم أكثر شعبان اتباعا للسنة، أو كنت تصوم الإثنين والخميس، وكان هذا اليوم في أحدهما، وكذا إذا وصلته بما قبله فلا حرج عليك في صومه. وأما إذا لم يوافق هذا اليوم عادة صومك أو لم تصله بما قبل فلا يشرع لك صومه للحديث المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(11/18177)
حكم صيام يومي الإثنين والخميس من شهر رجب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم صيام يومي الإثنين والخميس من شهر رجب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم صيام يومي الإثنين والخميس من رجب هو الاستحباب وذلك من وجهين: الأول: أن رجب من الأشهر الحرم وأشهر الحرم صومها مستحب. والوجه الثاني: أن صيام اليومين المذكورين مستحب مرغب فيه في كل شهر كما دل على ذلك الحديث الصحيح سواء في ذلك رجب وغيره، ففي سنن النسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إنك تصوم حتى لا تكاد تفطر وتفطر حتى لا تكاد تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما، قال: أي يومين، قلت: يوم الإثنين والخميس، قال: ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم. والحديث صحيح كما ذكر الألباني رحمه الله تعالى، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 24022، والفتوى رقم: 24232.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(11/18178)
هل يشرع قضاء ما فات من صيام الست من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[صمت خمسة أيام من شوال ثم أفطرت، ثم جاءني الحيض. فهل يكتب لي صيام ستة من شوال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم مشروعية قضاء الست من شوال لأنها سنة من وقت مخصوص فلا تحصل في غيره، وعلى هذا القول فإن لك ثواب ما صمته من الأيام ولا يشرع لك قضاء اليوم الذي فاتك صومه، لكن يرجى لك حصول أجره بنيتك.
قال البهوتي في كشاف القناع: ولا تحصل الفضيلة بصيامها في غير شوال لظاهر الأخبار. انتهى.
وقال العلامة ابن باز رحمه الله: ولا يشرع قضاؤها بعد انسلاخ شوال، لأنها سنة فات محلها، سواء تركت لعذر أو لغير عذر.
وقال أيضاً رحمه الله: صيام الأيام الستة من شوال عبادة مستحبة غير واجبة، فلك أجر ما صمت منها، ويرجى لك أجرها كاملة إذا كان المانع لك من إكمالها عذراً شرعياً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل مقيماً صحيحاً. روه البخاري في صحيحه. وليس عليك قضاء لما تركت منها. انتهى.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن من فاته الست من شوال أو شيء منها فإنه يقضيه في ذي القعدة.
جاء في نهاية الزين من كتب الشافعية: وتفوت بفوات شوال ويسن قضاؤها.
وفي حواشي تحفة المحتاج: قوله سن له صوم ست من ذي القعدة، لأن من فاته صوم راتب يسن له قضاؤه. أفتى بذلك شيخنا الشهاب الرملي حكماً وتعليلاً. انتهى.
وعلى هذا القول فالمشروع لك لتحصيل كمال الأجر هو أن تقضي ذلك اليوم الذي فاتك بسبب الحيض، وذهب بعض العلماء إلى أن صومها يصح في جميع السنة ولا تكون قضاء وأن شوال غير مخصوص بإرادة صومها فيها.
قال ابن مفلح في الفروع: ويتوجه احتمال: تحصل الفضيلة بصومها في غير شوال، وفاقا لبعض العلماء، ذكره القرطبي، لأن فضيلتها كون الحسنة بعشر أمثالها، كما في خبر ثوبان ويكون تقييده بشوال لسهولة الصوم لاعتياده رخصة، والرخصة أولى. انتهى.
وتعقبه المرداوي في الإنصاف قائلاً: قلت: وهذا ضعيف مخالف للحديث، وإنما ألحق بفضيلة رمضان لكونه حريمه، لا لكون الحسنة بعشر أمثالها، ولأن الصوم فيه يساوي رمضان في فضيلة الواجب. انتهى.
والحاصل أن الأولى لك والأفضل إن شاء الله تعالى هو أن تقضي ذلك اليوم طلباً لكمال الأجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1430(11/18179)
لا يجب تبييت النية في صوم التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[نويت صيام: 13، و 14، و 15 من الشهر وكنت أعتقد أن الأيام ستبدأ من يوم السبت، وفى صباح الجمعة تناولت لقمة ولم أكملها، ثم أدركت أن ذلك اليوم هو 13من الشهر فأخرجت ما فى فمي، فهل أكمل صيام ذلك اليوم أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الطعام لم يبلغ حلقك فلا حرج عليك في إكمال صيام ذلك اليوم ما لم يحصل منك ما ينافي الصوم من أكل أو شرب أو نحو ذلك، فإن صوم التطوع لا يلزم تبييت نيته من الليل في قول الجمهور، بل يجوز إنشاء نيته من النهار، ودليل ذلك حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ عند مسلم وغيره، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم من شيء؟ فقلت لا، فقال: فإني إذن صائم.
قال البخاري: وقالت أم الدرداء: كان أبو الدرداء يقول: عندكم طعام؟ فإن قلنا لا، قال: فإني صائم يومي هذا.
قال: وفعله أبو طلحة وأبو هريرة وابن عباس وحذيفة ـ رضي الله عنهم.
قال الشوكاني في شرح المنتقى: وقد استدل بحديث عائشة من قال إنه لا يجب تبييت النية في صوم التطوع وهم الجمهور، كما قال النووي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(11/18180)
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أصوم يوما نافلة فى شهر شعبان، وذهبت للسفر حولى 132 كيلو وبعد ذلك لم أفطر، وأنا عند الناس الذين ذهبت لزيارتهم عرضوا علي أن أفطر وأفطرت. فهل لي أن أعيد ذلك الصوم النافلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان صائما تطوعا فإن له أن يفطر ولا قضاء عليه، وإن كان المستحب ألا يفطر إلا لعذر، فإن أفطر فالمستحب أن يقضي هذا اليوم خروجا من الخلاف.
قال ابن قدامة رحمه الله: من دخل في صيام تطوع استحب له إتمامه ولم يجب، فإن خرج منه فلا قضاء عليه روي عن ابن عمر، وابن عباس أنهما أصبحا صائمين ثم أفطرا. وقال ابن عمر: لا بأس به ما لم يكن نذرا ولا قضاء رمضان. وقال ابن عباس: إذا صام الرجل تطوعا ثم شاء أن يقطعه قطعه، وإذا دخل في صلاة تطوعا ثم شاء أن يقطعها قطعها. وقال ابن مسعود: متى أصبحت تريد الصوم فأنت على آخر النظرين إن شئت صمت وإن شئت أفطرت. فهذا مذهب أحمد والثوري والشافعي وإسحاق. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 45705.
وبه تعلم أنه لا يجب عليك قضاء هذا اليوم الذي أفطرته وإن كان ذلك مستحبا، وقد بينا أن الفطر في صوم التطوع قد يستحب وذلك إذا دعي الصائم إلى وليمة أو نحوها وشق عدم أكله على من دعاه، وانظر الفتوى رقم: 121713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(11/18181)
أحوال صيام الأيام البيض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صوم يوم واحد فقط من الأيام البيض، والسبب أني لا أقدر على صيامها كلها مثلا، إذا كانت الأيام البيض هي الجمعة والسبت والأحد وقمت بصيام يوم الأحد فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة هي صيامُ ثلاثة أيام من كل شهر، والأولى أن تكون أيام البيض، لكن من عجز عن صيام أيام البيض، وصام غيرها أجزأه وحصل له أصل السنة، قال الشيخ العثيمين رحمه الله:
هذه الأيام الثلاثة يجوز أن تصام متوالية أو متفرقة، ويجوز أن تكون من أول الشهر، أو من وسطه، أو من آخره، والأمر واسع ولله الحمد، حيث لم يعين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سئلت عائشة - رضي الله عنها: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم، فقيل: من أي الشهر كان يصوم؟ قالت: لم يكن يبالي من أي الشهر يصوم. رواه مسلم. لكن اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر أفضل، لأنها الأيام البيض. انتهى.
ومن عجز عن صيام كل الأيام البيض، وصام في بعضها رُجي له بعض الفضل المتعلق بصيام هذه الأيام، فإذا صام يوماً أو يومين من أيام البيض، وكمل الثلاثة من غيرها من أيام الشهر كان ذلك حسناً، فإن ما لا يُدرك كله لا يُترك جله، ويشير إلى هذا ما ذكره العلماء في خصوص صوم ثالث عشر ذي الحجة، فإن صومه حرام لكونه من أيام التشريق، ومع هذا لم يمنعوا من صيام اليومين بعده، واستحب بعضهم قضاء هذا اليوم في يوم السادس عشر، جاء في إعانة الطالبين:
(قوله ويبدل على الأوجه ثالث عشر ذي الحجة) أي لأن صومه حرام لكونه من أيام التشريق
(قوله وقال الجلال البلقيني لا) أي لا يبدله به
(قوله بل يسقط) أي صومه أي طلبه انتهى.
وقد بينا في الفتوى رقم: 120002 حكم إفراد يوم السبت بالصيام، إذا وقع في أحد أيام البيض، وذكرنا كلاماً للعلامة العثيمين، يشيرُ إلى الجواز وعدم الكراهة إذا كان يصومه لأجل فضيلة اليوم، لا لأجل التخصيص. فإذا كان اليومُ المراد صومه الأحد كان أولى بالجواز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(11/18182)
هل يؤجر من أفطر في صيام التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت شخصا من أحد المذاهب يقول إنه حين يفطر صائما يصوم صوما مستحبا وليس صوم الفرض أي الصوم المستحب كل إثنين وخميس إنه هذا الشخص حين يفطر الصائم في الصباح أو أثناء النهار قبل أذان المغرب فله أجر يكتب له وللصائم الذي أفطره، هل يمكن أن توضحوا لي ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، وسوف نجيب على ما يتماشى مع ظاهر العبارة فنقول: لا نعلم أحداً من العلماء يقول إن من أفطر في صوم التطوع مأجورٌ مطلقاً، بل قد اختلف أهل العلم في جواز الفطر في صوم التطوع، فذهب الأحناف والمالكية إلى عدم الجواز، وذهب الشافعية والحنابلة إلى الجواز مع الكراهة، وأما أن يكون من أفطر في صوم التطوع مأجوراً فلا، إلا إن أفطر لمصلحةٍ راجحة، كمن دُعي إلى وليمة وهو صائم، فالمستحبُ له أن يُفطر.
قال ابن قدامة في المغني: وإن كان صوما تطوعا، استحب له الأكل; لأن له الخروج من الصوم، فإذا كان في الأكل إجابة أخيه المسلم، وإدخال السرور على قلبه، كان أولى. وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في دعوة، ومعه جماعة فاعتزل رجل من القوم ناحية، فقال: إني صائم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعاكم أخوكم، وتكلف لكم، كل، ثم صم يوما مكانه إن شئت. انتهى.
وأما من فطر الصائم قبل غروب الشمس، فليس له أجر تفطير الصائم بلا شك، لأن المقصود بتفطير الصائم الذي وُعدَ عليه الثواب، تفطيره وقت حلول فطره، أي وقت المغرب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من فطر صائما فله مثل أجره.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي قوله: من فطر صائماً، قال ابن الملك: التفطير جعل أحد مفطراً، أي: من أطعم صائما. انتهى، قال القاري: أي: عند إفطاره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(11/18183)
صوم الثلاثاء والأربعاء تطوعا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صوم يوم الثلاثاء والأربعاء لعبادة الله أكثر؟ وأرجو أن يكون الجواب مشبعا بالأدلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد في السنة المشرفة ما يفيد استحباب صوم الثلاثاء والأربعاء بخصوصهم، ولا ما يفيدُ النهي عن صومهما، وعليه فصومهما جائز، وللصوم فيهما الفضيلة الثابتة للصيام عموماً، كقوله صلى الله عليه وسلم: من صام يوماً في سبيل الله، باعد الله به وجهه عن النار سبعين خريفا. متفق عليه. وكقوله صلى الله عليه وسلم: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ. متفق عليه
وغيرها من الأحاديث الثابتة في فضل الصوم، وهي كثيرة، قال العلامة العثيمين رحمه الله: وأما صيام يوم الثلاثاء والأربعاء فليس بسنة على التعيين، وإلا فهو سنة مطلقة، يسن للإنسان أن يكثر من الصيام، لكن لا نقول يسن أن تصوم يوم الثلاثاء، ولا يسن أن تصوم يوم الأربعاء، ولا يكره ذلك. انتهى
وقال أيضاً رحمه الله مجملاً حكم الصوم في جميع أيام الأسبوع: والخلاصة أن الثلاثاء والأربعاء حكم صومهما الجواز، لا يسن إفرادهما ولا يكره، والجمعة والسبت والأحد يكره إفرادها، وإفراد الجمعة أشد كراهة لثبوت الأحاديث في النهي عن ذلك بدون نزاع، وأما ضمها إلى ما بعدها فلا بأس، وأما الاثنين والخميس فصومهما سنة. انتهى من الشرح الممتع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1430(11/18184)
حكم صوم شهرين متتابعين سردا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام شهرين متتاليين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصوم فعلٌ حسن وقربة إلى الله عز وجل، فمن استطاع أن يكثر منه كان مأجورا، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صام يوما في سبيل الله باعد الله به وجهه عن النار سبعين خريفا.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسرد الصوم أحيانا، ويسرد الفطر أحيانا، ففي الصحيحين عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم.
وفيهما عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم إذا صام حتى يقول القائل: لا والله لا يفطر، ويفطر إذا أفطر حتى يقول القائل: لا والله لا يصوم.
وروى أحمد والنسائي من حديث أسامة بن زيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام يسرد حتى نقول لا يفطر. .. الحديث.
وبه تعلم أن صوم شهرين متتابعين سرداً أو أقل أو أكثر جائزٌ بلا كراهة إن شاء الله، وشرط ذلك ألا يتخلل تلك الأيام شيء من الأيام المنهي عن صيامها، وإن كان الأولى والأكمل في الصوم ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وذكر أنه أفضل الصوم وهو صوم داود عليه السلام، فقد كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.
وقد أخبرت عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صوم شهر قط غير رمضان. متفق عليه.
وعليه، فالأولى للمسلم أن يحرص على صوم يوم وفطر يوم إن قدر على ذلك، ومن وجد في نفسه قوة، وأحب أن يسرد الصوم فلا جناح عليه، وانظر الفتوى رقم: 23939.
وليتنبه إلى أن صيام الشهرين المتتابعين واجب في كفارة الظهار، وكفارة قتل الخطأ، وكفارة الجماع في نهار رمضان في حق من عجز عن عتق الرقبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(11/18185)
أحوال جواز إفراد يوم السبت بالصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لصيام الأيام البيض 13-14-15 هل يصح أن يصوم المسلم يوماً واحداً أو يومين من هذه الأيام أم يلزمه صيامها مجتمعة، خاصة إذا وافق مثلا يوم الخامس عشر يوم جمعة مثلا، وإذا وافق يوم الجمعة أو أي يوم من الأيام المكروه صيامها منفردة، هل يجوز صيامها على أنه صوم لأحد الأيام البيض؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة صيام أيام البيض مجتمعة، فمن صام يوما منها أو يومين لم يؤد السنة على وجهها، وإن حصل له من الأجر بحسب ما قام به من صالح العمل. وانظر الفتوى رقم: 61497، وصوم أيام البيض في الأيام المنهي عن إفرادها بالصيام جائز؛ لأن الكراهة تزول بعدم الإفراد كما هو واضح. وانظر الفتوى رقم: 61929.
وأما صوم يومٍ من أيام البيض مع عدم صيام غيره في يوم من الأيام المنهي عن إفرادها بالصوم، فالذي يفهم من كلام للشيخ العثيمين رحمه الله تعالى عدم كراهة ذلك، إذا كان لم يقصد إفراد ذلك اليوم بالصوم، وإنما صامه لأجل الفضيلة التي جعلها الشارع له. وقد لخص الشيخ ابن العثيمين يرحمه الله إفراد يوم السبت بالصيام على النحو التالي:
الحال الأولى: أن يكون في فرضٍ، كرمضان أَدَاءً، أو قضاءً، وكصيام الكَفَّارَةِ، وبدل هدي التَّمَتُّع، ونحو ذلك؛ فهذا لا بأس به ما لم يخصه بذلك مُعتَقِدًا أن له مزية.
الحال الثانية: أن يصوم قبله يوم الجمعة؛ فلا بأس به.
الحال الثالثة: أن يُصَادِف صيام أيام مشروعة؛ كأيام البيض، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وستة أيام من شَوَّال لمن صام رمضان وتسع ذي الحجة؛ فلا بأس؛ لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت، بل لأنه من الأيام التي يُشْرَع صومها.
الحال الرابعة: أن يُصادِف عادةً، كعادة من يصوم يومًا وَيُفْطِر يَوْمًا، فَيُصَادِف يوم صومِهِ يوم السبت؛ فلا بأس به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين: إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه، وهذا مثله.
الحال الخامسة: أن يَخُصَّهُ بصوم تَطَوُّع؛ فيفرده بالصوم؛ فهذا محل النَّهي إن صَحَّ الحديثُ في النهي عَنْهُ.
انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(11/18186)
يحصل ثواب الصوم بالنية
[السُّؤَالُ]
ـ[صمت الست من شوال الماضي وذلك بعد صيام الأيام التي على وهي 9 أيام، وبعدها الست من شوال، ولكن لم أكمل اليوم السادس نظرا لانتهاء الشهر، فقد كان يوم شك، أو بالأصح لم انتبه لعدد أيام الشهر ونيتي كانت صيام القضاء أولا.
فما الحكم؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 56492، أن صيام الست من شوال قبل قضاء رمضان جائز، وذهب بعض أهل العلم إلى أن صيام الست من شوال لا يجوزُ إلا بعد القضاء، لظاهر حديث: من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر.أخرجه مسلم. وهو اختيار العلامة العثيمين.
وما دمتِ قد قضيتِ ما عليك أولاً ثم صمتِ الست من شوال فقد أحسنتِ وحصل لكِ الثواب إن شاء الله، ثم إن كان هذا اليوم الأخير الذي صمته من شوال فلا إشكال في أنكِ قد صمت الأيام الست، وإن لم يكن من شوال، وكان من ذي القعدة، فقد حصل لكِ ثواب صيامها كذلك بنيتكِ، ووقع هذا اليوم قضاء عما فات من الصوم في شوال، وقد بينا أن قضاء الست من شوال إذا فاتت مستحب وذلك في الفتوى رقم: 57254، وكذا قضاء بعضها، وما لم تعلمي أن هذا اليوم كان من شوال أو ذي القعدة فالأصل بقاء الشهر، وأن هذا اليوم كان من شوال.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(11/18187)
هل صيام الاثنين والخميس من كل شهر يعدل صيام الدهر
[السُّؤَالُ]
ـ[صوم الخميس والاثنين من كل شهر. هل يعد صوم الدهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن صيام الاثنين والخميس سنة مستحبة للأحاديث الدالة على ذلك كحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم. رواه الترمذي.
ولكن لم يرد فيما نعلم ما يدل على أن صيامهما بخصوصهما يعدل صيام الدهر، وإنما ورد أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر كصيام الدهر، فقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وعن أبيه: صم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر. انتهى مختصرا. فصوم اليوم الواحد يعدل صيام عشرة أيام، وصوم ثلاثة أيام يعدل صيام الشهر كله ثلاثين يوما، فإذا صام المسلم من كل شهر ثلاثة أيام فقد صام السنة كلها، وبهذا الاعتبار يمكن أن يقال إن صومها من كل شهر يرجى لصاحبه هذا الثواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1430(11/18188)
إفراد السبت بالصيام.. بين الكراهة والإباحة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صمت يوم الخميس، وأفطرت يوم الجمعة، وأفطرت الأحد، وصمت الاثنين. هل هذا يجنبي الإحراج يوم السبت وما ذكر فيه؟ وهل أحصل على أجر صوم سليمان بهذه الطريقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحديث النهي عن صيام يوم السبت قد تكلم فيه جمع من جهابذة السنة وأئمة النقد حتى قال مالك نجم السنن: هذا كذب. وقال الإمام أحمد: وكان يحيى بن سعيد يأبى أن يحدثني بهذا الخبر. وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله: لم نزل نكتمه حتى انتشر.
وقال الإمام أحمد: الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبد الله بن بسر. ومن صححه من العلماء فإنه يحمل النهي الوارد فيه على الكراهة، وتزول الكراهة بصوم يوم قبله أو يوم بعده، كما تزول الكراهة إذا كان في الصيام مصلحة راجحة، كما بين ذلك ابن القيم في تهذيب السنن، فمن كان يصوم يوما ويفطر يوما فهذا صيام داود عليه السلام، وهو أفضل الصيام، فلا حرج عليه في إفراد السبت بالصيام لتحصيل هذه المصلحة الراجحة، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 79925.
فإذا كان من عادتك أنك تصوم يوما وتفطر يوما فلا حرج عليك في إفراد السبت بالصيام، وإذا لم يكن صيام يوم وفطر يوم من عادتك فإفرادك السبت بالصيام مكروه عند بعض أهل العلم ممن يرون صحة الحديث.
وأما من يرى ضعفه فليس إفراد السبت بالصوم مكروها عنده، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، والأحوط الخروج من الخلاف، وألا يصام يوم السبت إلا مع يوم قبله أو يوم بعده إلا لمصلحة راجحة، كأن يصادف يوم عرفة أو عاشوراء ونحو ذلك، أو كان المرء يصوم صيام داود عليه السلام.
وننبهك إلى أن المداومة على صوم يوم وفطر يوم ليس من صوم سليمان، ولكنه صوم داود عليه السلام، وإنما تحصل على هذا الأجر إذا كنت تداوم على هذا الفعل.
نسأل الله أن يرزقنا وإياك العلم النافع والعمل الصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(11/18189)
إخفاء الصوم عن الناس ليس ممنوعا شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[الأخوة الأعزاء في الشبكة الإسلامية بارك الله لكم في هذا الموقع الطيب.
أصوم حاليا كفارة القتل غير العمد وحقيقة أنا أحاول إخفاء ذلك عمن حولي، حيث إنها حادثة مؤلمة لي، ولا أريد الخوض فيها. حدث أن قدم لي أحد الجيران قطعة من طعام، وقد كنت صائما، وقد نسيت أنني صائم، فوضعتها في فمي، عند ذلك تذكرت أنني صائم فأخرجتها من فمي قبل بلعها وتظاهرت أنني أمضغها بتحريك فكي حتى لا يشعر جاري أنني صائم. هل ما فعلته مع جاري يعتبر حراما ويؤثر على صحة صيامي؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليكَ فيما فعلته مع جارك لأن إخفاء صومك عن الناس ليس ممنوعاً شرعاً، وخاصة إذا كان لمصلحة، وليس في تحريك فكك محظور شرعي بل هو من جنس المعاريض المأذون فيها شرعا، ولا يؤثرُ ذلك على صحة صومك فإنك لم تأكل ولم تشرب حتى يفسد صومك.
ولو فرضنا أن شيئاً من الطعام سبق إلى جوفك من غير قصد منك للفطر فلا يؤثر ذلك على صحة صومك لأنك كنت ناسيا فتعذر بسهوك عند الجمهور، وانظر الفتوى رقم: 6178.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1430(11/18190)
الأكمل في عاشوراء صوم يوم قبله ويوم بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد يوم ثالث بعد يوم عاشورا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن يوم عاشورا هو اليوم العاشر من محرم ويتأكد استحباب الصوم فيه، وهو أقل مراتب صومه، والأكمل أن يصام قبله اليوم التاسع وبعده اليوم الحادي عشر.
قال العلماء: مراتب صوم عاشورا ثلاثة: أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم.
انظر تفاصيل ذلك والأحاديث الواردة فيه وأقوال العلماء في الفتوى رقم: 7552.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1430(11/18191)
نوت صيام الإثنين والخميس وتريد الاقتصار على ثلاثة أيام من الشهر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أنوي صيام الإثنين والخميس لكن إذا حصل لي فتور ورجعت إلى صيام 3 أيام فقط من كل شهر فهل أنا آثمة بذلك، وهل هذا تصرف يغضب الله تعالى، جزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصيام الإثنين والخميس من كل أسبوع سنة مستحبة كما بيناه في الفتوى رقم: 98354، وكذا يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر كما بيناه في الفتوى رقم: 11244، والفتوى رقم: 3423 ومن نوى الإثنين والخميس أو ثلاثة أيام ثم أفطر قبل أن يشرع فيه فلا حرج عليه، ومن شرع في صيام التطوع ثم أفطر في أثناء الصيام فلا إثم عليه أيضا لأن صيام التطوع لا يجب بالشروع فيه ولا يجب قضاؤه أيضا عند إفساده على الصحيح من أقوال الفقهاء كما بيناه في الفتوى رقم: 79433، والفتوى رقم: 45705، وإن كان الأولى والأفضل أن يتم الإنسان صيام التطوع الذي شرع فيه، وكذا من كان يصوم الإثنين والخميس ثم عدل عن ذلك وصار يصوم ثلاثة أيام من كل شهر فلا حرج عليه، والأولى أن يستمر الإنسان على ما اعتاده من الخير ولا يقطعه ولا يفرط فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر: يا عبد الله لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل.. رواه البخاري، ولما سئل صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله قال: أدومه وإن قل. رواه. مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1430(11/18192)
مراتب صوم عاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[متى نصوم عاشوراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصومُ عاشوراء مسنونٌ مندوبٌ إليه بلا شك، وهو يكفرُ ذنوب سنةٍ ماضية, وانظر الفتوى رقم: 7552.
وإن كان المقصود السؤال عن أي يوم هو من أيام المحرم، فنقول: لا خلاف بين أهل العلم إلا من شذ في أن يوم عاشوراء هو اليومُ العاشر من شهر المحرم وهو مٌقتضى اللغة والشرع، ولا يُشكلُ على هذا إلا ما روى مسلم في صحيحه عن الحكم بن الأعرج قال: انتهيتُ إلى ابن عباس وهو متوسِّد رداءه في زمزم، فقلتُ له: أخبرنى عن صوم عاشوراء فقال: إذا رَأَيْتَ هِلال المُحرَّم، فاعدُدْ، وأصبح يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِماً قُلْتُ: هَكَذَا كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصومه؟ قال: نعم.
ففهمَ منه بعضهم أن يومَ عاشوراء هو يوم التاسع من المحرم، وقد كفانا ابن القيم الجواب عن هذا الأثر بما فيه غُنية ضمن سوقه للإشكالات التي أوردت حول أحاديث صيام عاشوراء وجوابه عنها، ونحنُ نسوقُ كلامه بطوله لجودته ومتانته.
قال رحمه الله: وأما الإشكال السادس: وهو قول ابن عباس: اعدُدْ وأصبح يوم التاسع صائماً. فمَن تأمل مجموع روايات ابن عباس، تبيَّن له زوالُ الإشكال، وسعةُ علم ابن عباس، فإنه لم يجعل عاشوراء هو اليومَ التاسع، بل قال للسائل: صُمِ اليوم التاسع، واكتفى بمعرفة السائل أن يوم عاشوراء هو اليومُ العاشر الذي يعدُّه الناسُ كلُّهم يومَ عاشوراء، فأرشد السائل إلى صيام التاسع معه، وأخبر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصومُه كذلك. فإما أن يكون فِعلُ ذلك هو الأَوْلى، وإما أن يكون حَمْلُ فعله على الأمر به، وعزمه عليه في المستقبل، ويدلُّّ على ذلك أنه هو الذي روى: صُومُوا يوماً قبله ويوماً بعده، وهو الذي روى: أمرنا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء يوم العاشر. وكل هذه الآثار عنه، يُصدِّقُ بعضُها بعضاً، ويُؤيِّد بعضُها بعضاً.
فمراتب صومه ثلاثة: أكملُها: أن يُصام قبله يومٌ وبعده يومٌ، ويلي ذلك أن يُصام التاسع والعاشر، وعليه أكثرُ الأحاديث، ويلي ذلك إفرادُ العاشر وحده بالصوم، وأما إفراد التاسع، فمن نقص فهم الآثار، وعدمِ تتبع ألفاظها وطرقها، وهو بعيد من اللغة والشرع، واللَّه الموفق للصواب، وقد سلك بعضُ أهل العلم مسلكاً آخر فقال: قد ظهر أن القصدَ مخالفةُ أهل الكتاب في هذه العبادة مع الإتيان بها، وذلك يحصلُ بأحد أمرين: إما بنقلِ العاشر إلى التاسع، أو بصيامِهما معاً. وقوله: إذا كان العامُ المقبلُ صُمنا التاسِع: يحتمِل الأمرين فتوفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل أن يتبيَّن لنا مرادُه، فكان الاحتياطُ صيامَ اليومين معاً، والطريقة التي ذكرناها، أصوبُ إن شاء اللَّه، ومجموع أحاديثِ ابن عباس عليها تدلُّ، لأن قوله في حديث أحمد: خالِفوا اليًَهُودَ، صُومُوا يَوْماً قَبْلَهُ أَوْ يَوْماً بَعْدَهُ، وقوله في حديث الترمذى: أُمِرْنَا بِصِيامِ عاشوراء يوم العاشر يبين صحة الطريقة التي سلكناها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(11/18193)
هل صوم اليوم الأول من شهر محرم له فضل خاص
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو فضل صيام فاتح محرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلمُ نصاً ثابتا في فضل صيام أول يوم من أيام المحرم بخصوصه، لكن عمومات الأدلة تدلُ على مشروعية صومه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم الترغيبَ في الإكثار من صوم المحرم حيث قال: أفضل الصيام بعد الفريضة شهر الله الذي تسمونه المحرم. أخرجَه مسلمٌ في صحيحه.
وكذلك جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومُ ثلاثة أيام من أول كل شهر، فكان يصومُ السبت والأحد والإثنين من شهر، والثلاثاء والأربعاء والخميس من شهر. رواه الترمذي وقال حديثٌ حسن.
فمن صامَ أول المحرم على هذا الوجه وعملاً بهذه العمومات فهذا فعلٌ حسن، وأما اعتقاد أن له فضلاً يخصه فلا نعلمُ ما يدلُ على ذلك، وانظر الفتوى رقم: 43810.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(11/18194)
صيام التسع الأول من ذي الحجة هل يعد بمثابة حجة
[السُّؤَالُ]
ـ[صوم 9 أيام الأولى من ذي الحجة هل يعتبر بمثابة حجة، وهل إفطار أحد الأيام يبطل صوم باقي الأيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصوم تسع ذي الحجة مشروع وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 43855، والفتوى رقم: 7166.
ولكن لم يرد ما يفيد أن صومها يعدُ حجة لا في حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف فيما نعلم، وصوم كل يوم من هذه الأيام عبادة مستقلة فلا تتوقف صحة صيام يوم منها على صيام باقيها، بل من صام يوماً فله أجره ومن زاد من الصيام فله من الأجر بحسب ما زاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1429(11/18195)
نوت صيام العشر ولم تتمكن لطروء الدورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد بإذن الله تعالى الصيام الأيام التسعة الأولى من شهر ذي الحجة والإفطار اليوم العاشر مع الذبح كيف تكون النية وهل أحرم. وفي حالة إذا أتت الدورة الشهرية في خلال هذه التسعة هل يسقط الأجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يبلغك ما نويت ويثيبك على ذلك، وعن كيفية النية: فتكون بالقلب ولا يستحب النطق بها، وإنما يكتفى بإرادة هذه العبادات، فإن النية محلها القلب، وليست مفتقرة إلى لفظ، كما يشرع لك عدم الأخذ من شعرك أو ظفرك، حتى تذبحي أضحيتك.
وأما هل يحصل لك أجر الصيام إذا لم تتمكني من الصيام بسبب الدورة فإن الله عز وجل لا يضيع عمل عامل، وستؤجرين إن شاء الله بنيتك الطيبة وقصدك الصالح، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من هم بحسنة فلم يعلمها كتبها الله عنده حسنة كاملة. متفق عليه.
وتراجع الفتوى رقم: 22692.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(11/18196)
هل يشرع للحاج الصيام تطوعا في ذي الحجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للحاج أن يصوم وهو حاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشرع للحاج الصيام تطوعاً في عشر ذي الحجة وما قبلها، ويستحب له ذلك كغيره إلا يوم عرفة فالسنة للحاج الفطر فيه.
قال الشافعي رحمه الله في الأم: فأحب صومها إلا أن يكون حاجاً فأحب له ترك صوم يوم عرفة، لأنه حاج مضح مسافر، ولترك النبي صلى الله عليه وسلم صومه في الحج، وليقوى بذلك على الدعاء، وأفضل الدعاء يوم عرفة. انتهى.
وأما يوم العاشر فصومه حرام على الحاج وغيره، أما الصيام الواجب لمن لم يجد الهدي وهو صيام ثلاثة أيام، فهذا واجب في الحج؛ للآية: فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ {البقرة:196} ، وقد رخص له كثير من أهل العلم أن يصومها أيام التشريق أي يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، أما إذا لم يكن عليه صوم فليس له صيام هذه الأيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(11/18197)
دخل عليه ذو الحجة وهو صائم اليوم الأخير من ست شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صمت خمسة أيام من شهر شوال, وصمت اليوم السادس في واحد من ذي الحجة وأنا لا أدري أننا دخلنا بشهر ذي الحجة, هل يحسب لي أنني صمت الستة أيام , ويوم آخر من شهر شوال صمت فيه وبعد ساعة من الإفطار رأيت الدورة ولا أدري إن كنت بها قبل الإفطار بوقت قصير أم لا.هل يحسب لي هذا اليوم أم لا من شوال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان تأخير صيام اليوم السادس حتى خرج شوال عن عذر فنرجو من الله أن يكتب لك أجر صيام الستة من شوال كما لو صمته في شوال.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فلو أخر القضاء عن شوال بدون عذر ثم قضى ثم صام الأيام الستة لم يحصل على أجرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قيده بقوله: أتبعه بست من شوال، أما إذا أخر قضاء رمضان لعذر مثل أن تكون المرأة نفساء في رمضان وتطهر مثلا في أثناء شوال وتبدأ بالقضاء فهي لن تنتهي منه إلا بعد خروج شوال، فإذا صامت الستة بعد قضاء رمضان حصل لها ثوابها لأنها أخرتها لعذر. انتهى.
وأما ما رأته السائلة من دم الدورة بعد الإفطار بساعة، فإذا لم تعلمي أن ذلك الدم نزل قبل الغروب فصيامك صحيح، لأن الأصل أنك كنت طاهرة، وأن صيامك صحيح، ولا يبطل الصيام لمجرد الشك بخروج الدم قبل الغروب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1429(11/18198)
صيام يومي الإثنين والخميس تطوعا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي واضح أريد أن أعرف ما إذا كان صوم الإثنين والخميس هو السنة أم صوم يومين من الأسبوع يكفي لاتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فأنا واظبت على صوم الإثنين والخميس طول مدة الصيف، ولكن الآن مع الدخول الجامعي الجديد تغيرت مواقيت دراستي ولا يمكنني صومهما بسبب كثرة الدروس فيهما، أتمنى أنكم فهمتم قصدي؟ وشكراً ... أعانكم الله ووفقكم لإفادتنا والدعاء لنا بالتوفيق إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك التوفيق والإعانة، ثم اعلمي أن صيام التطوع مراتبُ متعددة، وعلى العبد أن يجتهد فيه قدر استطاعته، فإن الصوم لا عدل له كما ثبت في الحديث، وأفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً كما ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم، وأقل ما ينبغي أن يحافظ عليه المسلم ولا يفرط فيه صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ففي صحيح مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله.
وصوم الإثنين والخميس مستحب بلا شك، ولا يقوم غير هذين اليومين مقامهما، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخصهما بالصيام دون غيرهما، وعلل إكثاره من صيامهما بأن الأعمال تعرض فيهما على الله عز وجل، كما أخرجه الترمذي من حديث أبي قتادة والنسائي من حديث أسامة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 15163.
فالذي ننصحك به هو الاجتهاد في تحري صومهما، وسييسر الله لك الصوم بفضله، وإذا صمت غيرهما من الأيام سوى الجمعة منفرداً أو السبت منفرداً فذلك عمل حسن تؤجرين عليه، وهو إن لم يكن له فضل الإثنين والخميس لكنه داخل في عمومات الأحاديث الدالة على فضل صيام التطوع، وهي كثيرة ويكفي منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: عليك بالصوم فإنه لا عدل له. رواه النسائي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(11/18199)
حكم الجمع بين صيام الست من شوال والأيام البيض
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف أنه يجوز جمع صلاة السنة لأكثر من صلاة كتحية دخول المسجد مع ركعتي ما بعد الوضوء وسنة الفجر مثلاً هل لصيام التطوع جواز في ذلك أيضا؟ أي أني أصوم ستا من شوال وتصادف معها الأيام البيض فأصوم ستة أيام فقط وثلاثة منها هي الأيام البيض وثلاثة أيام بنفس الوقت مكملة لست من شوال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحصل بإذن الله تعالى لك ثواب صيام الست من شوال والأيام البيض إذا صمت ستة من شوال وصادفت ثلاثة من أيامها البيض، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 40978.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1429(11/18200)
صيام الست من شوال هل ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[متى صام الرسول صلى الله عليه وسلم ستة من شوال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصيامُ الست من شوال سنةٌ مؤكدةٌ بلا ريب، ففي صحيح مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر.
ولم يرد في السنة العملية ما يفيدُ كيفية صيام النبي صلى الله عليه وسلم الست من شوال بل لا نعلم في السنة ما يفيد أنه صلى الله عليه وسلم صامها ولا يفيدُ أنه تركَ صيامها، فالأمرُ محتمل، ونحنُ لا نثبتُ ولا ننفي إلا ما أثبتته النصوص أو نفته، وليس من شرط السنة أن يتوارد على ثبوتها القول والفعل، بل من السنةِ ما ثبت بفعله صلى الله عليه وسلم ولم يرد ترغيبٌ فيه بالقول كالاعتكاف فإنه ليسَ في فضله حديثٌ صحيح، ولكنه مسنونٌ قطعا لمواظبته صلى الله عليه وسلم على فعله.
ومن السنة ما يثبتُ بالقول دون الفعل، وقد يتركه النبي صلى الله عليه وسلم لعارض أو لبيان جواز الترك كصلاة الضحى، ففي الصحيح أن عائشة رضي الله عنها أخبرت أنها لم تره صلى الله عليه وسلم يُسبحها، مع أن الأحاديث المرغبةَ فيها في غاية الصحة.
فإذا فرضنا أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يصوم الستَ من شوال، فلعل تركه لصيامها من هذا الباب، هذا وجمهور أهل العلم يقولون باستحباب صيام الست من شوال وأن تكون عقب رمضان متتابعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1429(11/18201)
علة كراهية الإمام مالك لصوم الست من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كره الإمام مالك صيام الأيام الستة من شوال لأن ذلك يؤدي إلى زيادة رمضان عن الثلاثين وأن كراهته لصومها من قبيل سد الذرائع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كره الإمام مالك صيام الست من شوال بعد الفطر؛ لأنه لم يبلغه صيامها عن أحد من السلف؛ ولأن إلحاقها برمضان قد يترتب عليه اعتقاد عوام الناس كونها جزءا من رمضان ففي الموطأ:
قال يحيى: وسمعت مالكا يقول في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان: إني لم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وأن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء لو رأوا في ذلك خفته عند أهل العلم ورأوهم يعملون ذلك. انتهى.
وقال الباجي فى المنتقى وهو شرح الموطأ: وهذا كما قال، إن صوم هذه الستة الأيام بعد الفطر لم تكن من الأيام التي كان السلف يتعمدون صومها. وقد كره ذلك مالك وغيره من العلماء، وقد أباحه جماعة من الناس ولم يروا به بأسا، وإنما كره ذلك مالك لما خاف من إلحاق عوام الناس ذلك برمضان وأن لا يميزوا بينها وبينه حتى يعتقدوا جميع ذلك فرضا، والأصل في صيام هذه الأيام الستة ما رواه سعد بن سعيد عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر. وسعد بن سعيد هذا ممن لا يحتمل الانفراد بمثل هذا، فلما ورد الحديث على مثل هذا ووجد مالك علماء المدينة منكرين العمل بهذا احتاط بتركه لئلا يكون سببا لما قاله. قال مطرف إنما كره مالك صيامها لئلا يلحق أهل الجهل ذلك برمضان، وأما من رغب في ذلك لما جاء فيه فلم ينهه. والله أعلم وأحكم. انتهى
وكراهة صيام تلك الأيام عند فقهاء المالكية مشروط بعدة شروط ذكرها الدردير في شرحه لمختصر خليل عند قوله: كستة من شوال: فتكره لمقتدى به، متصلة برمضان، متتابعة، وأظهرها معتقدا سنة اتصالها. انتهى
وقد ثبت الترغيب فى صيام الست من شوال فى الأحاديث الصحيحة، فينبغي للمسلم الحرص على صيامها وحثه غيره على ذلك. وراجع الفتوى رقم: 102025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1429(11/18202)
صيام يومي الإثنين والثلاثاء تطوعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أجر وثواب صوم يوم الإثنين والثلاثاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الترغيب في صيام يومي الإثنين والخميس، وهذا يدل على أجر زائد على صيام غيرهما من أيام الأسبوع، والله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم كيفية هذا الأجر وتحديده، وقد علل النبي صلى الله عليه وسلم فضل الصيام في هذين اليومين بأن الأعمال تعرض فيهما على الله تعالى، فأحب أن تعرض أعماله وهو متلبس بعبادة الصوم. ولم يرد في صيام يوم الثلاثاء فضل خاص فيما نعلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الترغيب في صيام يومي الإثنين والخميس، فقد روى الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم. والحديث صحيح كما ذكر الألباني. ولا شك أن الترغيب في صيام هذين اليومين يدل على أجر زائد على الصيام لو وقع في غيرهما من أيام الأسبوع، والله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم كيفية هذا الأجر وتحديده، وقد علل النبي صلى الله عليه وسلم فضل الصيام في هذين اليومين بأن الأعمال تعرض فيهما على الله تعالى فأحب أن تعرض أعماله وهو متلبس بعبادة الصوم. ولم يرد في صيام يوم الثلاثاء فضل خاص فيما نعلم. وللفائدة في ذلك راجع الفتوى رقم: 15163.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1429(11/18203)
صوم أطول يوم في السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك ما هو بسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسبة لصوم أطول يوم في السنة وهو ذلك التاريخ الواحد والعشرون من شهر تموز؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الصيام الذي ورد الترغيب فيه إنما هو باعتبار السنة القمرية وليست الشمسية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نجد في كتب السنة ما يدل على استحباب صيام اليوم المذكور بعينه وقد ثبت الترغيب في الصوم بصفة عامة وبصفة خاصة، مثل أيام البيض الثلاثة من كل شهر ويوم عرفة وعاشوراء وتاسوعاء ونحو ذلك، لكن هذا كله مرتبط بالشهر القمري فقد يصادف اليوم المشار إليه في السؤال، وقد لا يصادفه، وقد كان بعض السلف يحزن عند الموت ويأسف على انقطاعه عن بعض العبادات ومنها الصيام في الحر فمن ذلك ما روى الطبراني في الأوسط عن نافع عن ابن عمر أنه قال عند موته: ما آسى علي شيء فاتني من الدنيا إلا على ثلاثة الصوم في الهواجر وأن لا أكون أفرجت بين قدمي في الصلاة - يعني طول الصلاة- واستقالتي على البيعة.
ومن ذلك ماجاء في كتاب صفة الصفوة لابن الجوزي عن معاذ بن جبل أنه قال عندم احتضر: اللهم إني قد كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك، إنك لتعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكري الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(11/18204)
لا بأس بصيام يوم من كل شهر
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أصوم في كل شهر يوما فهل هذا بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صيام يوم من كل شهر لا يعتبر بدعة، لأن صيام التطوع مستحب عموما، والأولى من ذلك والأفضل أن يلتزم المرء بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الترغيب فيه؛ مثل صيام يوم وإفطار يوم، أو صيام ثلاثة من كل شهر، وصيام يومي الإثنين والخميس. وانظر الفتوى رقم: 42707.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(11/18205)
لا بأس في الصيام في محرم وصفر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستطيع المرء أن يصوم في شهري المحرم وصفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الأخت السائلة تسأل عن حكم الصيام في الشهرين المذكورين فلا حرج في الصيام فيهما، بل إن الإكثار من الصيام في المحرم مرغب فيه كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 29992.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 61497.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(11/18206)
تعجيل القضاء ثم إتباعه بست من شوال ثم متابعة الصوم لآخر شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[شهر شوال أفطر يومه الأول وهو يوم العيد ثم أبدأ بصوم "الدين" ثم أتبعه بـ 6 أيام من شوال ثم أكمل صيام ما تبقى منه إلى أن ينتهي الشهر، فما قولكم في هذا؟ وجزاكم الله عني خير الجزاء وأعانكم على كل خير وأدخلكم فسيح جنانه.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
قيام الشخص المذكور بتعجيل قضاء الصيام ثم إتباعه صيام الستة من شوال صواب لأن تعجيل القضاء مستحب، وكذلك لا حرج عليه في إكمال بقية الشهر إن كان يستطيع ذلك، إلا أن الأفضل في حقه أن يصوم يوماً ويفطر يوماً لأن هذا أفضل من سرد صيام التطوع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يقوم به الشخص المذكور من تعجيل قضاء الصيام ثم إتباعه بصيام الستة من شوال كان صواباً لأن تعجيل القضاء مستحب، وكذلك لا حرج عليه في إكمال بقية الشهر إن كان يستطيع ذلك إلا أن الأفضل في حقه أن يصوم يوماً ويفطر يوماً لأن هذا أفضل من سرد صيام التطوع.
وانظر لذلك الفتوى رقم: 18272، والفتوى رقم: 3718.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1429(11/18207)
الأفضل صوم الأيام التسع من ذي الحجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهم أفضل لي في صوم العشر الأوائل من ذي الحجة أن أصوم يوما وأفطر يوما أو أصومها بتتابع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صوم الأيام التسع من ذي الحجة كلها مستحب، وعليه فإن صيامها كلها أفضل من صيام يوم وإفطار يوم منها، وانظر الفتوى رقم: 43855.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1428(11/18208)
نوت صيام العشر ولم تستطع فهل تصوم يوم عرفة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا نويت صيام العشر الأيام من شهر ذي الحجة حيث إني أعمل عشر ساعات متواصلة ولا أقدر، فهل من الممكن صيام يوم عرفة فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصيام عشر ذي الحجة ليس واجباً وإنما هو مستحب، فعن حفصة رضي الله عنها قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيام يوم عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة. رواه أحمد والنسائي وابن حبان وصححه.
وأخذ أهل العلم من هذا الخبر استحباب صيام عشر ذي الحجة. ونية صيام العشر لا تصيرها واجبة، طالما أن المرء لم ينذر صيامها.
وعليه؛ فلا حرج عليك في أن تقتصري على صيام يوم عرفة فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1428(11/18209)
فضل صيام الست من شوال وأيام البيض
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا نصوم الستة البيض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد صيام الستة من شوال فإنه مستحب لما يترتب على ذلك من الأجر حيث إن صيامها يعادل صيام سنة ومن صامها بعد صيام رمضان فكأنه صام الدهر كما ورد في الأحاديث الصحيحة، ففي صحيح مسلم: عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر. وفي سنن ابن ماجه عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} . صححه الألباني. ورواه ابن خزيمة في صحيحه عن ثوبان أيضا بلفظ: صيام رمضان بعشرة أشهر، وصيام الستة أيام بشهرين، فذلك صيام السنة يعني رمضان وستة أيام بعده. وهذه الأيام لا تسمى أيام البيض.
وإن كان المراد صيام أيام البيض من كل شهر فقد ورد أيضا أن صيامها كصيام الدهر ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: الذي يظهر أن المراد بها البيض: انتهى. وفي سنن أبي داود: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نصوم البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة قال: وقال: هن كهيئة الدهر: صححه الألباني.
وفي سنن النسائي عن جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، وأيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة:حسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1428(11/18210)
حكم صيام يوم الإثنين وحده دون الخميس
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة إلى سنة صيام الإثنين والخميس من صام الإثنين فهل يجب عليه صيام الخميس معه وإلا لا يحتسب له أجر الإثنين، بمعنى هل يجوز صيام يوم واحد منهم أم يجب صيامهما معاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصوم يومي الخميس والإثنين سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت الترغيب فيها، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 15163.
والأفضل صيامهما معاً، ومن صام يوم الخميس وحده أو الإثنين وحده فله ثواب صيامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1428(11/18211)
إفراد السبت بالصيام ممن يصوم الست من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[نويت صيام ست من شوال، وصادف اليوم السادس يوم السبت 29 شوال فصمته (منفرداً) خوفاً من أن يكون آخر يوم من هذا الشهر، فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المراد بإفراد يوم السبت بالصيام الذي هو مكروه هو أن يصام وحده من غير أن يصام اليوم الذي قبله ولا اليوم الذي بعده، أما إذا ابتدئ به صيام الستة من شوال أو ختم به أو صادف يوم عرفة أو عاشوراء أو نحو ذلك فلا كراهة في صيامه، لأن النهي وارد عن إفراده بالصوم وحده من غير صيام يوم قبله أو بعده، ويستحب صيام الستة على التوالي بعد الفطر على الفور، ولكن لا حرج في تأخيرها ولا في صيامها متفرقة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 101077.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1428(11/18212)
المداومة على صيام أيام البيض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صيام الأيام البيض يكون إلزامياً للشخص بعد أن يصومهم للمرة الأولى؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يستحب لكل مسلم يستطيع الصوم أن يصوم أيام الليالي البيض من كل شهر ويداوم على ذلك ما استطاع، فإن صامها وترك صيامها مرة أو مرات لعذر أو لغير عذر فلا حرج عليه في ذلك لأنها نوافل، والمداومة عليها مستحبة فقط، ولا تصير بذلك واجبة بفعلها مرة أو مرات، غاية ما فعله من تركها أنه فاته أجر المداومة على هذه النافلة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صيام أيام البيض مستحب وليس واجباً سواء في ذلك من صامها مرة أو أكثر ومن لم يصمها أصلاً، لكن المداومة على العمل الصالح من نوافل الصلاة أو الصيام أو الأذكار أو غير ذلك مما ليس واجباً أفضل من فعلها تارة وتركها تارة، لما في الصحيحين -واللفظ للبخاري - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وأن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.
وما يظنه البعض من عدم جواز صيام هذه الأيام لمن لا يداوم على صيامها غير صحيح ولا أحد يقول به من أهل العلم، بل يستحب لكل مسلم يستطيع الصوم أن يصوم هذه الأيام ويداوم على ذلك ما استطاع، فإن ترك صيامها مرة أو مرات لعذر أو لغير عذر فلا حرج عليه في ذلك لأنها نوافل، والمداومة عليها مستحبة فقط، غاية ما فعله من تركها أنه فاته أجر المداومة على هذه النافلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1428(11/18213)
كيفية صوم النبي صلى الله عليه وسلم للأيام الستة من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ستاً من شوال بعد يوم العيد مباشرة ومتتابعة، أم كان يصومها متفرقة وضمن أيام شوال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نجد ما يدل على كيفية صوم النبي صلى الله عليه وسلم للأيام الستة من شوال، وقد ثبت عنه الترغيب في صومها في السنة الصحيحة، ففي صحيح مسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر.
والأفضل أن تصام الستة متوالية بعد يوم الفطر من غير تأخير لما في ذلك من المسارعة إلى الخيرات، ولو فرقها أو أخرها عن أول الشهر إلى وسطه أوآخره حصلت الفضيلة أيضاً. قال النووي في شرح صحيح مسلم: قال أصحابنا: والأفضل أن تصام الستة متوالية عقب يوم الفطر، فإن فرقها أو أخرها عن أوائل شوال إلى أواخره حصلت فضيلة المتابعة لأنه يصدق أنه أتبعه ستاً من شوال، قال العلماء: وإنما كان ذلك كصيام الدهر لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشر أشهر والستة بشهرين. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1428(11/18214)
صام الجمعة ثم أفطر السبت فماذا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أفطر يوم السبت وهو صائم يوم الجمعة وتذكر أنه لا يجوز إفراد يوم الجمعة بالصيام فهل يجوز له أن ينوي الصيام في نهار يوم السبت ويكمل صيام اليوم..
أرجو منكم الاجابة السريعة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يشترط تبييت النية في صوم التطوع على الراجح، وعليه فإن للشخص أن ينوي صيام التطوع بعد الفجر بشرط ألا يكون قد عمل ما يفسد الصوم من أكل أو شرب أو غير هما، وإفراد يوم الجمعة بالصيام مكروه ولا يوصف بأنه لا يجوز، وقد ذكر الفقهاء أن الكراهة تنتفي بنية صيام يوم السبت معه ولو طرأ عليه الفطر يوم السبت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور قد أفطر بمعنى أنه أكل أو شرب أو عمل ما يفسد الصوم بعد فجر يوم السبت فلا يصح صومه بعد ذلك، وإن كان المعنى أنه أصبح ناويا الفطر ولم يعمل ما يفسد الصوم بعد الفجر فله أن ينوي الصيام أثناء النهار، واشترط بعض العلماء أن يكون ذلك قبل زوال الشمس أي قبل الظهر إذ لا يشترط تبييت النية من الليل في صيام التطوع على الراجح كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 46663.
ثم إن المراد بإفراد يوم الجمعة بالصوم هو أن يقصد صومه وحده، فإن صام يوما أو أياما قبله أو بعده انتفت الكراهة، وكذلك إن كان يصوم يوما ويفطر يوما فصادف صيامه يوم الجمعة، كما تنتفي كراهة إفراده بالصوم إذا صامه بنية أن يصوم السبت بعده ثم بدا له أن يفطر يوم السبت كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 41445.
قال ابن قدامة في المغني: يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه، مثل من يصوم يوما ويفطر يوما فيوافق صومه يوم الجمعة، ومن عادته صوم أول يوم من الشهر، أو آخره، أو يوم نصفه، ونحو ذلك. نص عليه أحمد، في رواية الأثرم. قال: قيل لأبي عبد الله: صيام يوم الجمعة؟ فذكر حديث النهي أن يفرد، ثم قال: إلا أن يكون في صيام كان يصومه، وأما أن يفرد فلا. قال: قلت: رجل كان يصوم يوما ويفطر يوما، فوقع فطره يوم الخميس، وصومه يوم الجمعة، وفطره يوم السبت، فصام الجمعة مفردا؟ فقال: هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة، إنما كره أن يتعمد الجمعة. وقال أبو حنيفة، ومالك: لا يكره إفراد الجمعة ; لأنه يوم، فأشبه سائر الأيام. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(11/18215)
صيام الست من شوال هل يعقبه زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على صيام الستة زكاة وما مقدار هذه الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك غير واضح، فإذا كنت تقصد السؤال عن صيام الستة من شوال هل تلزم بعد صيامها زكاة مثل زكاة الفطر مثلاً فالجواب أنه ليس بعد صيامها زكاة، وإنما تجب زكاة الفطر إذا أفطر من رمضان، وإن كان المقصود غير ذلك فالرجاء توضيح السؤال وبيان ما تقصد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(11/18216)
حكم صوم الزوجة بدون إذن إذا كانت في بيت أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تصوم بدون أن تخبر زوجها وذلك بسبب وجودها في بيت أهلها للزيارة وهو غير موجود معها ولا يسأل عنها ولا عن أحوالها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 95288، أن المرأة لا يجوز لها الصيام إلا بإذن زوجها، والكلام عن صوم التطوع، أما الواجب كرمضان فلا يحتاج إلى إذن.
والعلة في النهي هي: أن الصوم يمنع الزوج من الاستمتاع بزوجته، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَسَبَبُهُ أَنَّ الزَّوْجَ لَهُ حَقُّ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي كُلِّ الْأَيَّامِ وَحَقُّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يَفُوتُهُ بِتَطَوُّعٍ وَلَا بِوَاجِبٍ عَلَى التَّرَاخِي، فَإِنْ قِيلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهَا الصَّوْمُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَيَفْسُدُ صَوْمُهَا، فَالْجَوَابُ أَنَّ صَوْمَهَا يَمْنَعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ فِي الْعَادَةِ ; لِأَنَّهُ يَهَابُ انْتِهَاكَ الصَّوْمِ بِالْإِفْسَادِ انْتَهَى.
فإذا انتفت هذه العلة جاز لها الصوم بدون إذنه، قال في المدونة: وقال مالك في المرأة تصوم من غير أن تستأذن زوجها. قال: ذلك يختلف من الرجال من يحتاج إلى أهله، وتعلم المرأة أن ذلك شأنه فلا أحب لها أن تصوم إلا أن تستأذنه، ومنهن من تعلم أنه لا حاجة له فيها فلا بأس بأن تصوم.انتهى.
ومن العلماء من ذهب إلى أن محل وجوب الإذن في ما كان متكررا من الصيام، أما ما كان نادرا فلا يحتاج إلى إذن، كما أن علمها برضاه يقوم مقام إذنه، قال في تحفة الحبيب على شرح الخطيب: قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ صَوْمُ الْمَرْأَةِ إلَخْ هَذَا حَيْثُ جَازَ التَّمَتُّعُ بِهَا وَإِلَّا فَلَا، كَأَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْوَطْءِ كَإِحْرَامٍ أَوْ اعْتِكَافٍ، وَحَيْثُ لَمْ يَقُمْ بِهَا مَانِعٌ كَالرَّتْقِ وَالْقَرْنِ. قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ وَعِلْمُهَا بِرِضَاهُ كَإِذْنِهِ. وَمَحَلُّهُ فِي الصَّوْمِ الْمُتَكَرِّرِ فِي السَّنَةِ كَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، بِخِلَافِ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ لِأَنَّهُمَا نَادِرَانِ فِي السَّنَةِ مَرَّةً. قَوْلُهُ: وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ أَيْ حَاضِرٌ انتهى.
وعليه، فلا حرج على الأخت من الصوم إذا كانت في بيت أهلها ولم يكن زوجها محتاجا لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1428(11/18217)
لم يثبت فضل خاص لصيام 27 رجب أو 15 شعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد فضل لصيام التطوع في رجب وشعبان عن باقي الشهور، هل يسن صيام 27 رجب يوم الإسراء والمعراج أو 15 شعبان ذكرى تحويل القبلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
صيام السابع والعشرين من رجب وكذلك اليوم الخامس عشر من شعبان ليس له فضل خاص.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم الأربعة، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الترغيب في الصيام فيها بقوله: صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها. رواه أبو داود والإمام أحمد، وقال العلماء ولم يثبت في صيام رجب حديث يحتج به غير أنه من أشهر الحرم، أما شعبان فينبغي الإكثار فيه من الصيام اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان. رواه البخاري ومسلم.
وأما تخصيص يوم معين من رجب بالصيام باعتبار ذلك من السنة مثل صيام السابع والعشرين، فإن ذلك من البدع، وكذلك الاحتفال بهذه المناسبة أي مناسبة الإسراء والمعراج فهذه كلها أمور محدثة، لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم، وكذلك الحكم بالنسبة لتخصيص اليوم الخامس عشر من شعبان بصيام، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 2072.
وللمزيد من الفائدة في هذا المعنى تراجع الفتوى رقم: 1745.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1428(11/18218)
صيام التطوع أم الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في أيام امتحانات الآن، وصيام التطوع من الممكن أن يسبب بعض التأثير السلبي على المذاكرة، فما الذي أفضلّ، صيام التطوع أم المذاكرة؟ وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صوم النفل يؤثر على دراستك فالأفضل في هذه الحالة الفطر والتقوي على إتمام الدراسة ثم الصوم بعد ذلك، ونرجو الله تعالى أن يكتب لك الأجر بالنية لأنه لولا هذا المانع لصمت، وفي صحيح البخاري عن أبي بردة أنه اصطحب هو ويزيد بن أبي كبشة في سفر، فكان يزيد يصوم في السفر فقال له أبو بردة: سمعت أبا موسى مراراً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً. لأن الذي منعه من الصوم هو مشقة السفر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1428(11/18219)
استئذان الزوج غير المسافر في صوم التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصوم من دون إذن زوجي اذا كان يذهب من الفجر الى المغرب وأحيانا قبل ذلك بساعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعا وزوجها غير مسافر إلا بإذنه؛ لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه.... ومعنى الحديث أنه لا يجوز للمرأة أن تصوم غير الفريضة وزوجها شاهد أي مقيم في البلد غير مسافر.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَصُمْ الْمَرْأَة وَبَعْلهَا شَاهِد إِلَّا بِإِذْنِهِ هَذَا مَحْمُول عَلَى صَوْم التَّطَوُّع وَالْمَنْدُوب الَّذِي لَيْسَ لَهُ زَمَن مُعَيَّن , وَهَذَا النَّهْي لِلتَّحْرِيمِ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابنَا , وَسَبَبه أَنَّ الزَّوْج لَهُ حَقّ الِاسْتِمْتَاع بِهَا فِي كُلّ الْأَيَّام , وَحَقّه فِيهِ وَاجِب عَلَى الْفَوْر فَلَا يَفُوتهُ بِتَطَوُّعٍ وَلَا بِوَاجِبٍ عَلَى التَّرَاخِي , فَإِنْ قِيلَ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوز لَهَا الصَّوْم بِغَيْرِ إِذْنه , فَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِمْتَاع بِهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَيُفْسِد صَوْمهَا , فَالْجَوَاب: أَنَّ صَوْمهَا يَمْنَعهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاع فِي الْعَادَة ; لِأَنَّهُ يَهَاب اِنْتَهَاك الصَّوْم بِالْإِفْسَادِ , وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَزَوْجهَا شَاهِد أَيْ مُقِيم فِي الْبَلَد , أَمَّا إِذَا كَانَ مُسَافِرًا فَلَهَا الصَّوْم ; لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الِاسْتِمْتَاع إِذَا لَمْ تَكُنْ مَعَهُ.
وعليه؛ فلا بد من استئذان الزوج في صوم التطوع ما دام غير مسافر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(11/18220)
سبب تشريع صوم يوم عاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الأحداث التي وقعت في ذكرى عاشوراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحدث الرئيس الذي من أجله شرع لنا صام عاشوراء هو أن الله تعالى نجى فيه موسى وقومه من فرعون وملإه، روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله بني إسراءيل من عدوهم فصامه موسى ـــ عند مسلم شكرا – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1428(11/18221)
صيام داود من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[عاهدت الله سبحانه وتعالى أن أصوم صوم سيدنا داود إلى آخر يوم في عمري، وكان ذلك منذ 2003 تقربا إلى الله سبحانه وتعالى جلست مع إنسان أفقه مني من ناحية الدين قال لي الأولى أن تصوم سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع ضم سنة سيدنا داود مثال على ذلك، تصوم يوم السبت والاثنين والأربعاء والخميس وهكذا، وعندما يأتي أيام الثلاثة من كل شهر عربي 13 و14 و15 أصومهما الحمد الله أقدر على ذلك، لكن أنا خائف أن أكون أخلفت عهدي مع الله ماذا أفعل أيها الشيخ؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 29746 بيان مذاهب أهل العلم حول الحلف بعهد الله تعالى، وقد ذكرنا أن الراجح أن هذا العهد تارة يكون يميناً ونذراً، وتارة يكون يميناً فقط، وأنت حلفك بالعهد يترتب عليه التزام بطاعة وقربة لله تعالى، وبالتالي فالعهد في حقك يمين ونذر على الراجح. وعليه، فيجب عليك الوفاء به ما دمت تسطيع ذلك، وصوم داود عليه الصلاة والسلام هو صوم يوم وفطر يوم، وهو أفضل الصيام، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح.
وهذا الصيام من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بمخالف لها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم رغب فيه أمته بالإضافة إلى كون داود من الرسل الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم. وراجع المزيد في الفتوى رقم: 58114، والفتوى رقم: 39088.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1428(11/18222)
الاستمتاع بالزوجة الصائمة تطوعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنني أعمل في المساء وعندما عدت صباحا أيقظتها ومارست معها حقي الشرعي وفوجئت بها تخبرني بأنها قد نوت الصيام اليوم من وقفة عرفات لا ندري ما هو الحكم الشرعي علينا مع علم سيادتكم أنها أكملت صيامها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الأخ السائل فيما ذكر، ولا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها إذا كان حاضرا، كما بيناه في الفتوى رقم: 41200، ولا حرج عليها أيضا في عدم إتمام صيامها لأن صوم النافلة غير واجب ابتداء ولا يجب بالشروع فيه أيضا في قول بعض أهل العلم، وأما ما ذكر من أن الزوجة أتمت صيامها فليعلم أن صيامها غير صحيح لأن الجماع مفسد للصوم بالإجماع. وانظر الفتوى رقم: 747، والفتوى رقم: 4066.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(11/18223)
التكييف الشرعي لجواز صيام عرفة إذا وافق يوم السبت
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء في بعض الفتاوى ضمن موقعكم الشبكة الإسلامية مشروعية صيام يوم السبت إذا جمع إليه أيام أخرى.
لكن لدي استفسارات -بارك الله بكم-
ظاهر الحديث يقول بالنهي القطعي وليس فيه استثناء الا قول الرسول صلى الله عليه وسلم " ... إلا في فريضة ... " الحديث. كأن يوافق يوما من رمضان , أو نذر , أو قضاء , أو كفارة.......
أما مشابهة صيام يوم السبت بصيام يوم الجمعة من ناحية إمكانية جمع أيام أخرى له, فقد جاء في صيام يوم الجمعة: جاء في الحديث:.......إلا في صوم يصومه أحدكم. الحديث. ولم يرد مثل هذا في صيام السبت.
كما جاء استشهادكم بصيام داوود عليه السلام. أفلا يحمل صيام داوود عليه السلام على أنه كان مباحا لهم صيام يوم السبت , وقد نهينا نحن عنه , كما لو قلنا في مسألة سجود إخوة يوسف عليه السلام.
وكما هو معلوم "من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه" فالذي ينوي صيام يوم عرفة إن وافق يوم السبت مثلا وتركه طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعسى الله أن يكتب له أجر الصيام , وأجر طاعة الرسول في النهي عن صيام يوم السبت.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جواز صيام يوم السبت إذا أضيف إليه غيره ليس مستفادا من مشابهته لما جاء في صيام يوم الجمعة إذا أضيف إليه غيره فقط، بل قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم يوم السبت ويوم الأحد؛ كما في صحيح ابن خزيمة عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد، كان يقول: إنهما يوما عيدٍ للمشركين وأنا أريد أن أخالفهم. والحديث رواه الحاكم في المستدرك، والنسائي في السنن الكبرى، وابن حبان في صحيحه، وقد حمل الجمهور النهي في الحديث عن إفراد يوم السبت بالصيام على الكراهة فقط وليس على التحريم، قال الترمذي: ومعنى كراهته في هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام لأن اليهود تعظم يوم السبت. انتهى. كما ذكرالعلماء أن إفراده بالصيام في صيام داود لا كراهة فيه، وقالوا: إنه مثل إفراده في الصيام الواجب، قال في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي عند كلامه على ما روى الترمذي عن عبد الله بن بسر عن أخته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه. قال الطيبي: قالوا: النهي عن الإفراد كما في الجمعة، والمقصود مخالفة اليهود فيهما، والنهي فيهما للتنزيه عند الجمهور، وما افترض يتناول المكتوب والمنذور وقضاء الفوائت وصوم الكفارة، وفي معناه ما وافق سنة مؤكدة كعرفة وعاشوراء، أو وافق وردا، وزاد ابن الملك: وعشرة ذي الحجة، أو في خير الصيام صيام داود. انتهى.
ومن هذا يتبين أن جواز صيام يوم السبت إذا أضيف إليه يوم ليس لمشابهته لحكم صيام يوم الجمعة فقط، وأن النهي عن إفراده بالصيام محمول على الكراهة عند الجمهور وليس على التحريم، وأن صيام السنة المؤكدة كيومي عاشوراء وعرفة مثل الصيام الواجب في جواز إفراد يوم السبت بالصيام إذا اتفق ذلك في هذه الحالات، وكذلك إذا اتفق إفراده في صوم يوم وفطر يوم صيام داود عليه السلام، كما ذكر ذلك شراح الحديث من أهل العلم.
وما ذكر الأخ السائل من احتمال اختصاص داود بجواز صيام السبت غير وارد هنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم مدح صيام يوم وفطر يوم وندب إليه، وقال إنه أفضل الصيام وهو صيام داود، ومن المحتمل أن يوافق من داوم على هذا الصيام إفراد يوم السبت، فدل هذا على ما ذكر العلماء من انتفاء كراهة إفراده في هذا الصيام كما تقدم.
فالحاصل أن صيام يوم عرفة ولو وافق يوم السبت هو الذي يوافق طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1427(11/18224)
الصائم المتطوع أمير نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة تم عقد زواجي الشرعي ولكن لم يتم الدخول بعد ولدي بعض الأسئلة الرجاء الإجابة عليها وعدم الإحالة على فتاوى أخرى:
1- أعلم أنه بمجرد العقد الصحيح يجوز الاستمتاع بين الزوجين ولكن هل يجوز للزوجين أن يلتقيا في مكان بعيد عن أعين النّاس لكنه ليس بالمكان المغلق كأن يلتقيا في غابة مثلا أوفي سيارة بعيدا عن الناس (أقصد بالاستمتاع هنا مجرد التقبيل والضم دون الذهاب إلى أبعد من ذلك) خاصة وأنه لا يوجد مكان يمكنهما فيه الاستمتاع ببعضهما وأن الدخول أو الزفاف مازال بعيدا.
2- بعد انتهاء رمضان مباشرة قضيت الأيام التي كانت علي ثم حصل لي مانع ولم أصم مباشرة الأيام الستة من شوال وبعد ذلك بدأت بصيامهم لكن صادف اليوم الأخير أن زوجي طلب مني أن نلتقي فوافقته وبالتالي صمت خمسة أيام فقط وانتهى الشهر ولم أتم اليوم السادس.
ما حكم هذا الصيام وهل علي قضاء اليوم السادس لأن نيتي كانت صيام الست من شوال.
أرجو الإفادة وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج على الزوجين بعد العقد الصحيح في ممارسة أي شكل من أشكال الاستمتاع الجائز أصلاً؛ لكن ينبغي مراعاة العرف والعادة في الدخول بالمرأة.
أما عن السؤال الثاني فإن حصل ما يفسد الصيام فقد كان ينبغي المحافظة على إتمام الصيام بعد البدء فيه لأن من أهل العلم من يرى وجوب إتمام نفل بعد الشروع فيه، وحفاظا أيضا على صيام الستة من شوال كاملة، ومع ذلك فليس على الأخت السائلة قضاء ولا إثم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر. رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث أم هانئ.
وقال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي (وَمَنْ دَخَلَ فِي صِيَامِ تَطَوُّعٍ، فَخَرَجَ مِنْهُ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَضَاهُ فَحَسَنٌ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي صِيَامِ تَطَوُّعٍ، اُسْتُحِبَّ لَهُ إتْمَامُهُ، وَلَمْ يَجِبْ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا أَصْبَحَا صَائِمَيْنِ، ثُمَّ أَفْطَرَا، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا بَأْسَ بِهِ، مَا لَمْ يَكُنْ نَذْرًا أَوْ قَضَاءَ رَمَضَان.. إلى أن قال: وَقَالَ النَّخَعِيّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِعُذْرِ، فَإِنْ خَرَجَ قَضَى. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1427(11/18225)
هل على من ترك صيام الإثنين والخميس فدية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم يستطع أحد في يوم من الأيام صيام الإثنين والخميس فما هي الفدية التي يجب عليه إخراجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص يريد صيام يومي الإثنين والخميس تطوعاً ولم يفعل ذلك فلا تلزمه فدية، بل إنه إن لم يصم لعارضٍ كتب له ثواب صيامه ما دام قد نواه وعجز عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً. رواه البخاري وغيره. وهذان اليومان من الأيام التي ثبت الترغيب في صيامها. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 3423، والفتوى رقم: 69318.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1427(11/18226)
الأيام الثلاثة التي تصام من كل شهر
[السُّؤَالُ]
ـ[صوم ثلاثة أيام من كل شهر سنة عن الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم..
وهي ماتسمى بالأيام البيض وتم تحديدها على أنها أيام< 12، 13، 14 > أو< 13، 14، 15 > من كل شهر.
فهل يجوز صوم يوم 12 ونترك يوم 13 ثم نصوم ال 14 و 15 ...
وهل صحيح أنه يجوز صوم ثلاثة أيام من بداية الشهر أو ثلاثة أيام من نهاية الشهر وعدم التقيد بأيام نصف الشهر يعني تكون الأيام متفرقة ... أفتوني مأجورين وجزاكم الله كل الخير ... وأحسن اليكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أردت صيام ثلاثة أيام من كل شهر فالأفضل أن تصوم الأيام البيض, وإن صمت ثلاثة أيام من الشهر متفرقة حصلت على ثواب صومك إن شاء الله تعالى, ولا حرج عليك. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 51351 / 61497 / 11244 / 26206.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1427(11/18227)
يوم عاشوراء فيما ذهب إليه ابن عباس
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت في شرح صحيح مسلم للنووي رحمهما الله تحت باب \"أي يوم يصام في عاشوراء\": (قوله: عن ابن عباس أن يوم عاشوراء هو تاسع المحرم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم التاسع) . السؤال هو: هل هذا الكلام الذي بين القوسين هل هو من كلام الإمام مسلم، ولذلك بدأ الشرح بـ (قوله) أم إلى من يُنسب مع أني لم أجده في متن الكتاب الذي معي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبارات التي سألت عنها لم نقف عليها بهذا اللفظ فيما بأيدينا من نسخ لصحيح مسلم ولا غيره من كتب الحديث، فقد تكون من كلام الإمام مسلم في نسخة لم نقف عليها، أو تكون من كلام النووي رحمه الله تعالى حيث لخص فيها مذهب ابن عباس في هذا الباب، والأهم في هذا الأمر أن الظاهر أن ابن عباس رحمه الله تعالى يرى أن يوم عاشوراء هو اليوم التاسع من شهر المحرم، ففي صحيح مسلم عن الحكم بن الأعرج قال: انتهيت إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو متوسد رداءه في زمزم فقلت له: أخبرني عن صوم عاشوراء، فقال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائماً، قلت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، قال: نعم. انتهى.
لكن الذي عليه جمهور أهل العلم أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم، قال النووي في شرح صحيح مسلم: وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أن عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1427(11/18228)
حكم صيام سنة كاملة بما فيها أيام العيد والتشريق
[السُّؤَالُ]
ـ[ارتكبت الكثير من المعاصي بيني وبين الله وبعضها مع الناس من شذوذ وفطر بعض أيام من كل رمضان بلا عذر أؤدي فرضاً من الصلاة وأترك فرضين ومعظم الأوقات أؤديها بلا وضوء مجاملة للناس في المكان الذي أتواجد فيه، ومعاشرة زوجتي من الدبر أحياناً وأوقات الحيض أحياناً أخر أؤمن بكرم الله سبحانه وتعالى ولا أأمن مكره فالله عفو غفور شديد العقاب سألتجئ إليه بالتوبة والدعاء والاستغفار عساه جل في علاه أن يرحمني برحمته وأن يشملني بعطفه وكرمه سؤالي: أنوي في مشوار توبتي أن أنذر صوم عامٍ كامل متواصل طيلة أيامه بما في ذلك أيام الجمع والعيدين ابتداءً من أول محرم إلى آخر ذي الحجة مع نيتي بإذن المولى عزوجل أن أقوم أيضاً خلال هذه السنة بالعمرة في رمضان والحج وسيدخل ضمن أيام الحج فترة نذري بهذا الصوم أيضاً عسى الله أن يكفر به عن ذنوبي ومعاصي ويقبلني في عباده الصالحين وأن يسترني يوم العرض كما سترني في الأرض فما الحكم؟
جزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نحمد الله تعالى أن وفق الأخ السائل للتوبة ونبشره بقول الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} ,واعلم أن التوبة تجُبُّ ما قبلها وتمحو الذنوب السابقة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني، وانظر لزاماً الفتوى رقم: 57184.
وأما ما يتعلق بنذر صيام سنة كاملة.. فاعلم أولاً أن النذر في أصله مكروه؛ لما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئاً، إنما يستخرج به من البخيل. هذا في إنشاء النذر وابتدائه، وأما إذا نذر فإنه يلزمه الوفاء به إلا أن يكون نذر معصية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري
وأما نذر صيام سنة كاملة بما في ذلك أيام العيد وأيام التشريق.. فاعلم أنه يحرم صوم يوم العيد؛ لما رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الفطر والنحر. وكذلك يحرم صوم أيام التشريق إلا عن دم متعة وقران للحاج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيام التشريق أيام أكل وشرب. رواه مسلم
فلا يجوز لك صوم يومي العيدين وأيام التشريق، ولا يحرم صوم غيرها من أيام السنة، وانظر الفتوى رقم: 2231، حول ما يلزمك نحو ما أفطرته من رمضان عمداً من غير عذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1426(11/18229)
من يصوم يوما ويفطر يوما وصادف يوم فطره الاثنين أو الخميس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصوم يوما وأفطر يوما ولكن أحيانا أصوم يومين متتاليين حتى أفوز بصيام الاثنين والخميس فهل يجوز لي أن أقول إن الأسبوع 7 أيام يومي الخميس والاثنين يبقى خمسة أصوم ثلاثة أيام وأفطر يومين حتى لو كان الإفطار يومين متتاليين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صيام يوم وإفطار يوم في صوم التطوع هو أحب الصيام إلى الله تعالى؛ لما في الصحيحين واللفظ للبخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً. وبين المناوي في فيض القدير الحكمة من هذا الصوم بقوله: فهو أفضل من صوم الدهر، لأنه أشق على النفس بمصادفة مألوفها يوماً ومفارقته يوماً.
وقال الغزالي: وسره أن من صام الدهر صار الصوم له عادة فلا يحس وقعه في نفسه بالانكسار، إنما تتأثر بما يرد عليها لا بما تمرنت عليه. انتهى
كما يستحب صيام الاثنين والخميس؛ كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 34444، والظاهر أن الأولى لمن كان يصوم يوما ويفطر يوما ثم صادف يوم فطره يوم الاثنين أو يوم الخميس أن يصومه لاختصاص صيامه بفضل خاص، ولأنه بصيامه لهذا اليوم لا يخرج عن كونه ممن يصوم يوماً ويفطر يوماً، كما قال العلامة الشهاب الرملي الشافعي فقد سئل -كما في فتاويه- عمن يصوم يوماً ويفطر يوماً فوافق يوم فطره يوم الاثنين أو الخميس هل فطره أفضل أو صومه ولا يخرج بذلك عن صوم يوم وفطر يوم؟ فأجاب رحمه الله: بأن الأفضل صومه ولا يخرج به عما ذكر. اهـ
وخالف بعض الشافعية في ذلك فرأى أن الأفضل أن يفطر ليحصل فضيلة صوم يوم وإفطار يوم وهي أعلى من فضيلة صيام الاثنين والخميس، وهذا ما قاله العلامة القليوبي رحمه الله، وأما أن يفطر يومين متتاليين فإنه بذلك يفوت على نفسه فضيلة صيام يوم وإفطار يوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1426(11/18230)
الحكمة من استحباب صوم يوم الاثنين
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو توضيح هذه الفقرة الموجودة في موقعكم في موضوع ولادة الرسول عليه الصلاة والسلام: وهنا ننبه الإخوة الكرام أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبيه، إلى هديه القويم في تذكر مولده، واتباع منهج الوسطية من غير غلو ولا إجحاف، فكما لا ينبغي أن يُنسى مولده صلى الله عليه وسلم، فإنه لا ينبغي تجاوز الحد إلى أعمال لم يأت بها الشرع، ولم ترد في السنة، ولم يعمل بها الخلفاء الراشدون، ولا الصحابة الأجلاء، من احتفالات محدثة، وطقوس مبتدعة، يحصل فيها الهرج والمرج، ويقع فيها الاختلاط والمجون، بدعوى الاحتفال بمولد الرسول، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. ونحن نعلم أنه لم يثبت أن قام به أهل القرون الفاضلة أعني تذكر مولده صلى الله عليه وسلم؛ وهل تذكر مولده عليه الصلاة والسلام كل يوم اثنين بقراءة سيرته مثلا فردا أو جماعة والصيام فيه لأنه اليوم الذي ولد فيه عليه الصلاة والسلام كما ثبت في الحديث الصحيح يعتبر بدعة؟ أدعو الله أن يزيدكم علما وينفع بكم المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صوم يوم الاثنين مشروع مرغب فيه، ويدل لذلك جوابه صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن صوم يوم الاثنين؟ قال: ذاك يوم ولدت فيه، وفيه أنزل علي. رواه مسلم.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يعلل صومه أحياناً بكونه تعرض فيه الأعمال على الله، كما في الحديث: تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم. رواه أحمد والترمذي.
وأما قراءة السيرة في هذا اليوم لأنه يوم المولد فليس من هدي السلف، والأولى اتباعهم في هديهم والبعد عن الإحداث؛ إذ لو كان خيراً لسبقونا إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1426(11/18231)
لا حرج في صيام الأيام المستحب صيامها أحيانا وتركها أحيانا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا فضيلة الشيخ هو: أن بعض الناس يظن أن صيام أيام البيض أو الاثنين والخميس لا يصومهم إلا الشخص المتعود على صيامهم وإلا فلا يجوز له أن يصوم مثلا أيام البيض هذا الشهر ولا يصومهم الشهر المقبل هل هذا صحيح؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 56285، والفتوى رقم: 61497 استحباب صيام أيام الليالي البيض من الشهر، واستحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وفي الفتوى رقم: 34444 ما جاء في صوم يومي الاثنين والخميس.
ولا شك أن المداومة على العمل الصالح من نوافل الصلاة أو الصيام أو الأذكار أو غير ذلك مما ليس واجباً أفضل مِن فعلها تارة وتركها تارة، لما في الصحيحين -واللفظ للبخاري- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وأن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.
بل إن المداومة على فعل هذه الطاعات مستحب بدليل هذا الحديث، إلا أن ما يظنه البعض من عدم جواز صيام هذه الأيام لمن لا يداوم على صيامها غير صحيح ولا أحد يقول به من أهل العلم، بل يستحب لكل مسلم يستطيع الصوم أن يصوم هذه الأيام ويداوم على ذلك ما استطاع، فإن ترك صيامها مرة أو مرات لعذر أو لغير عذر فلا حرج عليه في ذلك لأنها نوافل، والمداومة عليها مستحبة فقط، غاية ما فعله أنه فاته أجر المداومة على هذه النافلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1426(11/18232)
قدر صيام غير مستطيع الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار شديد، ما هو شكل صيام العزوبة الذي يكون وجاء لمن لم يستطع الزواج، حتى يكون له وجاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، هل صيام الاثنين والخميس كافيان لكبت جماح النفس أم يجب إضافة أيام التشريق من كل شهر؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الحديث المشار إليه حث النبي صلى الله عليه وسلم الشباب على الصيام عند عدم القدرة على الزواج، ولم يحدد أياما معينة لذلك، إلا أن أفضل صيام التطوع هو ما سنه لنا رسول الله صلى عليه وسلم، كصيام يوم الاثنين والخميس، وثلاثة أيام من كل شهر، وصيام ستة من شهر شوال، وصيام يوم عاشوراء، ويوم عرفة، وصيام شهر المحرم كاملا، وأكثر شهر شعبان.
وإذا أراد الشاب أن يزيد فأفضل الصيام أن يصوم يوما ويفطر يوما، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عبد الله بن عمرو بن العاص: فصم يوما وأفطر يوما، وذلك صيام داود عليه السلام، وهو أعدل الصيام، قلت: إني أطيق أفضل منه يا رسول الله، قال: لا أفضل من ذلك. متفق عليه.
فينظر الشاب غير مستطيع الزواج ما يحصل به كسر شهوته من الصيام فيداوم عليه، مع مراعاة كونه لا يؤدي إلى ضعف البدن بحيث يكون سببا في عجزه عن القيام بما هو أفضل من حقوق الله وحقوق الخلق الواجبة، فيجب عليه حينئذ الإفطار، لأن النافلة ستكون سببا في ضياع الفريضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1426(11/18233)
ترك صيام التطوع تجنبا للتقصير في الوظيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أرغب في صيام النافلة جداً جداً، والله أعلم بذلك، لكنني إذا صمت أصابني الصداع الشديد الذي يعيقني في عملي اليومي (الوظيفة) ولا أؤديه على أكمل وجه، لذا هل يجوز أن أصوم وأقصر بصورة ملحوظة في وظيفتي؟ أو هل يجوز أن أنفق مالاً بدلاً من أيام الإثنين والخميس التي لا أستطيع صيامها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صيام التطوع مستحب وليس بواجب، فإذا استطعت أن تصوم تطوعاً فأنت مأجور على ذلك، وإن لم تستطع الصوم أصلاً ولم تستطع إكماله فلا حرج عليك في الفطر، لأن العذر يفطر به في الفرض فكيف بالتطوع، بل إن الفطر في التطوع بغير عذر جائز، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3473.
وإذا كنت راغباً في صيام التطوع ومنعك منه مانع كالمرض مثلاً، فنرجو أن يكتب الله لك أجر ما رغبت فيه فضلاً منه ورحمة، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيماً صحيحاً. رواه البخاري وغيره. ولم نطلع على مشروعية الإطعام في حالة العجز عن صوم النفل، ولا يجوز التقصير في الوظيفة على كل حال.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(11/18234)
صيام ثلاثة أيام من أول كل شهر عربي والنصف من شعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صيام الثلاثة أيام الأولى من كل شهر عربي بدعة أم سنة، وكذلك النصف من شعبان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصوم ثلاثة أيام من كل شهر سنة والأفضل أن تكون الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، كما بيناه في الفتوى رقم: 26206.
وأما تخصيص صوم النصف من شعبان فليس بسنة لعدم صحة الدليل بذلك، كما في الفتوى رقم: 11713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1426(11/18235)
صيام النفل ومعارضة الأهل والأقرباء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والحمد لله أصوم يومي الاثنين والخميس اتباعا لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أننى أعاني من ضغوط من أهلي بسبب الصيام في أيام الصيف فهم يقولون إنه ضار بالصحة ويلحون علي أن أمتنع عن الصيام في فترة الصيف إلا أنني أجد في نفسي القدرة على الصيام في الصيف لذا فأنا حائر هل أواصل في الصوم أم أستمع إلى نصائح أهلي؟ مع العلم أن إحدى قريباتي قد أقسمت على عدم زيارتي إن علمت أني أواصل الصوم في الصيف.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان من بين هؤلاء الأقارب أمك أو أبوك وعزما عليك أن تفطر شفقة، فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 53756، والفتوى رقم: 62672. أن طاعتهما تقدم على صيام النفل، وأما ما عدا الأم أو الأب من الأقارب فلا يلزم برهم ولا طاعتهم في هذا الأمر، فإن كنت قادراً على الصيام ولا تتضرر به فلك أن تصوم في هذه الحالة وتصل من قطعك من محارمك، فإن قطعوك فالإثم عليهم، ولكن ينبغي أن توازن بين فضيلة الصيام وبين النفع الذي يحصل بك لأقاربك إن تواصلت معهم، وتفعل الأفضل.
ولبيان فضل الصيام راجع الفتوى رقم: 6488.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(11/18236)
طاعة الأم تقدم على صيام النفل
[السُّؤَالُ]
ـ[إني فتاة أبلغ من العمر 15 سنة، أنا مريضة بنقص في الدم وإني آخذ دواء شهرين، ولكن أظن أن هذا المرض سيظل دائماً لكون دم الحيض يأتيني بكثرة والمشكلة إني أحب كثيراً أن أصوم الاثنين والخميس وإني أصومهما أكثر من 5 أشهر ولكن أمي تريد أن تمنعني من ذلك لأنني مريضة وأن الخميس لدي رياضة، ولكني والحمد لله لا أحس بالتعب وأحس بأنني أتقرب إلى الله، فهل يمكن متابعة الصيام؟ عذراً على الإطالة، ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 9210 أن بر الوالدين أو أحدهما مقدم على نوافل الطاعات من صيام وغيره.
وعليه، فإذا كان الصوم لا يضرك واستطعت إقناع أمك بذلك فقد جمعت بين الحسنيين وهما: طاعة الأم، وصيام التطوع، وإن لم ترض الأم بالصيام المذكور فقدمي طاعتها خصوصاً إن مقصودها من المنع هو الشفقة عليك والحرص على إبعاد ما يؤثر على صحتك، وفي هذه الحالة يرجى أن تكوني بمثابة من أراد فعل طاعة وحيل بينه وبينها، فقد دلت الأحاديث على أنه يثاب بنيته.
وعليه؛ تحصلين إن شاء الله تعالى على ثواب صيام الخميس والاثنين، وراجعي أيضاً الفتوى رقم: 58556.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/18237)
حكم صيام الأيام البيض إذا وافقت الأيام المنهي عن صيامها
[السُّؤَالُ]
ـ[.. شيخنا الفاضل هل يجوز صيام الثلاثة البيض إذا صادفت يوم الجمعة , ويوم السبت , ويوم الأحد أو إذا صادفت الأيام التالية: الخميس , الجمعة, السبت أو إذا صادفت الأيام: الأربعاء, الخميس, الجمعة؟
وجزاكم الله خير الجزاء.
أسأل الله بأسمائه الحسنى , وصفاته العلى أن يبارك فيكم, وأن يتقبل جميع أعمالكم , وأن يجعلها خالصة لوجهه.. اللهم آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 2832 والفتوى رقم: 6724 أن النهي عن صوم تلك الأيام إنما هو لأجل إفرادها وتخصيصها به، أما إذا وافقت صوما كان الشخص يعتاده فلا حرج في صيامها جمعا بين الأحاديث الواردة في ذلك، والجمع أولى من الترجيح.
ومن تلك الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: لا تختصوا الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يوم أحدكم. رواه مسلم. ومنها أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: لا تقدمو رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه. رواه مسلم. وقد بينا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 6422 والفتاوى المحال إليها سابقا، فدل ذلك كله على أنه لا مانع من صيام الأيام البيض الثلاثة إذا وافقت بعض تلك الأيام
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(11/18238)
حكم قضاء من فاته نفل وله عادة بصيامه
[السُّؤَالُ]
ـ[أصوم الاثنين والخميس فهل علي إثم بما لأني لم أصم يوم خميس 12 ربيع الثاني المناسب لذكرى ميلاد رسول الله عليه أزكى السلام وأفضل الصلوات فالرجاء منكم أن ترشدوني جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم. هل يلزمني صيام يوم آخر كي أفديه أم لا شيء علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان من الأفضل في حقك صيام يوم الخميس المذكور على عادتك كما ذكرت؛ لأن الله تعالى يحب من العمل ما داوم صاحبه عليه؛ كما في الحديث الصحيح. ويستحب لك قضاء يوم بدل يوم الخميس المذكور عند بعض أهل العلم كالشافعية، ففي نهاية المحتاج شرح المنهاج للرملي الشافعي: أما من فاته وله عادة بصيامه كالاثنين فلا يسن قضاؤه لفقد العلة المذكورة على ما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى؛ لكنه معارض بما مر من إفتائه بقضاء ست من القعدة عن ست من شوال معللا بأنه يستحب قضاء الصوم الراتب، وهذا هو الأوجه. انتهى.
واعلم أنه لم يثبت شرعا ما يدل على كون النبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم الثاني عشر من ربيع الأول كما سبق في الفتوى رقم: 61302. والاحتفال بالمولد النبوي سبق بيان حكمه في الفتوى رقم: 1888، والفتوى رقم: 18134. ويوم الاثنين والخميس من الأيام التي يسن صيامها، وقد ذكرنا تلك الأيام في الفتوى رقم: 3423.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(11/18239)
استحباب صيام البيض غير استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على سؤالي كما هو أريد أن أصوم 3أيام من كل شهر ولا أريد تحديد الأيام هل هذا جائز وأنا أعرف أن هناك 3 أيام بيض أنا ما أقوم به صح لأن الإجابة على سؤالي رقم 147240 أعرفها ومن خلالكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولا حرج في أن تكون من أوله أو وسطه أو من آخره، بدليل الحديث الذي ذكرنا في الفتوى رقم: 51351 وهذه الأيام غير الأيام البيض التي يستحب صيامها أيضا، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه أوصى أبا هريرة بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهذا لا يختص بأبي هريرة، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أيضا أن صيام أيام البيض كصيام الدهر، كما في حديث النسائي عن جرير مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ونص الحديث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، وأيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وإسناده صحيح ... وأما ما رواه أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر. وما روى أبو داود والنسائي من حديث حفصة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام الاثنين والخميس، والاثنين من الجمعة الأخرى. فقد جمع بينهما وما قبلهما البيهقي بما أخرجه مسلم من حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ما يبالي من أي الشهر صام. قال: فكل من رآه فعل نوعا ذكره، وعائشة رأت جميع ذلك وغيره فأطلقت، والذي يظهر أن الذي أمر به وحث عليه ووصى به أولى من غيره، وأما هو فلعله كان يعرض له ما يشغله عن مراعاة ذلك، أو كان يفعل ذلك لبيان الجواز، وكل ذلك في حقه أفضل.. إلى أن قال الحافظ ابن حجر: وقال الروياني: صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب، فإن اتفقت أيام البيض كان أحب، وفي كلام غير واحد من العلماء أن استحباب صيام البيض غير استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر. انتهى. وعلى كل حال، فإن صيام أيام البيض مستحب، وكذلك صيام ثلاثة أيام من كل شهر، سواء كانت متتالية أو متفرقة، كما يظهر من الأحاديث المتقدمة ومن كلام العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(11/18240)
ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم وصوم يوم الإثنين
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن اليوم الذي ولد فيه أي 12 ربيع الأول قال صلى الله عليه وسلم هذا يوم ولدت فيه وكان صلى الله عليه وسلم يصوم هذا اليوم، فهل يسن للمسلم إذا كان يعلم تاريخ ميلاده الهجري أن يصوم هذا اليوم كما فعل الرسول الله صلى الله عليه وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم شيئا يفيد أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن تاريخ مولده، ولا أنه ذكر في حديث صحيح ولا ضعيف أنه ولد في الثاني عشر من ربيع الأول، وأنما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن صوم الإثنين، فقال: فيه ولدت وفيه أنزل علي. رواه مسلم. وثبت عنه أنه قال: تعرض الأعمال يوم الإنثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم. رواه الترمذي وأحمد وصححه الألباني. وبناء عليه، فإنه يسن صوم يوم الإثنين، ولا يمكن أن يقاس عليه يوم ميلاد الشخص نفسه لأن الاحتفال به بدعة. وراجع في الاحتفال بالمولد وصومه الفتاوى التالية أرقامها: 1888، 8762، 17832، 18134، 1563، 15163.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(11/18241)
مراتب صوم عاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[متى نصوم لعاشوراء (9 و10) أم (10 و 11) أم (9و10و11) ؟ وماهي الأيام المحبب صومها خلال العام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان مراتب صوم عاشوراء في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7552، 31688، 46102 فليرجع إليها.
أما الأيام التي يستحب صيامها فقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 3423.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1426(11/18242)
جماع صائم التطوع بعد أذان الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد أذان الفجر وقبل الإقامة حصل جماع وكنت ناوي صيام عاشوراء هل أواصل الصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت نويت الصوم ثم جامعت أهلك متعمدا بعد طلوع الفجر فصومك غير صحيح، ولكن يندب لك الإمساك بقية اليوم والقضاء، لما في الصحيحين عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه..
وروى أبو داود عن عبد الرحمن بن مسلمة عن عمه أن أسلم أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: صمتم يومكم هذا؟ قالوا: لا، قال: فأتموا بقية يومكم واقضوه. قال أبو داود: يعني يوم عاشوراء.
قال الخطابي: أمره صلى الله عليه وسلم للاستحباب وليس بإيجاب، وذلك لأن لأوقات الطاعة ذمة ترعى ولا تهمل، فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يرشدهم إلى ما فيه الفضل والحظ لئلا يغفلوه عند مصادفتهم وقته، وقد صار هذا أصلا في مذهب العلماء في مواضع مخصوصة.
وأما إذا كنت جامعت بعض طلوع الفجر ناسيا أنك صائم، أو ظانا بقاء الليل ولم يتبين لك أنك جامعت بعد الفجر فصومك صحيح، ولا شيء عليك، وهذا كمن أكل أو شرب ناسيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(11/18243)
صيام يوم السبت إذا وافق يوم عاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[صيام عاشوراء في يوم السبت فيه خلاف كبير، الشيخ ناصر رحمه الله يرى عدم الجواز ومن لف لفه وكثير من أهل العلم يقولون بجوازه منهم من قال أن لاتفردوه أي تصوم يوما قبله ويوما بعده ومنهم من قال بجوازه بمفرده.
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكره إفراد يوم السبت بصيام عند جماهير أهل العلم إلا إذا وافق صوما كان يصومه الشخص أو وافق يوماً يستحب صيامه كيوم عرفة وعاشوراء فيجوز بلا كراهة في المذاهب الأربعة المشهورة، وانظر الفتوى رقم: 2832، ورقم: 57044. وعليه فلا حرج في صوم يوم السبت إذا وافق يوم عاشوراء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1426(11/18244)
سبب سنية صوم عاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسئل عن يوم عاشوراء ماذا حدث في هذا اليوم ولماذا سمي بهذا الاسم فأرجو منكم أن تجيبوني على سؤالي هذا وجزاكم الله كل الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن يوم عاشوراء نجى الله فيه موسى عليه السلام من فرعون. ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه.
وأما سبب التسمية فقد ذكر صاحب النهاية أنه اسم إسلامي سمي به اليوم العاشر من المحرم، وقد ذكر بعضهم أنه سمي بذلك لحصول عشرة أحداث، ولكن هذا لم نجد له دليلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(11/18245)
صام النبي العاشر من محرم وعزم على صيام التاسع
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كالتالي: هل صام الرسول صلى الله عليه وسلم يوم التاسع والعاشر أم يوم العاشر فقط؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان سؤالك متعلقاً بصوم التاسع أو العاشر من شهر الله المحرم فنقول: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صام اليوم العاشر منه وأمر بصيامه، وعزم على صيام التاسع منه في العام القابل لكنه تُوفي قبل حلوله، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عباس: صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وراجع المزيد في الفتوى رقم: 7552.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(11/18246)
تخصيص اليوم الأول من شهر المحرم بالصيام غير مسنون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يسن صوم أول أيام العام الهجري (1 محرم) حيث لا حظت بعض كبار السن هنا في بلدنا يحرصون على صيامه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على ما يدل على سنية صوم اليوم الأول من شهر الله المحرم بذاته، بل قد ثبت الترغيب في صيام شهر الله المحرم بأكمله، لقوله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل. رواه مسلم وغيره. كما ثبت الترغيب في صيام اليوم العاشر من شهر الله المحرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم صامه وأمر بصيامه. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 44695.
وعليه، فلم يثبت تخصيص اليوم الأول من شهر المحرم بكون صيامه سنة، بل السنة الإكثار من الصوم في المحرم، فلو صامه بهذا الاعتبار فقد فعل سنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1426(11/18247)
صيام نبي الله داود
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية أعتذر لكثرة أسئلتي ولكنها ليست كلها تخصني ففيها ما يكون لآخرين من زملاء وأقارب ليس لديهم حاسب أو إمكانيات الاتصال بالشبكة فبارك الله لكم على سعة صدركم لكل هذه الأسئلة وجعل الله ما تقومون به فى ميزان أعمالكم السؤال هو: صيام يوم وإفطار يوم الذي هو أحب الصيام إلى الله كما في الحديث بما يتحقق؟ هل بمواظبة الإنسان عليه طوال حياته أم أنه إن فعله فترة ما ينال هذه الفضيلة العظيمة وهي أن يكون قد صام أحب الصيام إلى الله؟ وبما تقدر هذه الفترة مثلا أسبوع أم شهر أم ماذا؟ وحينما يبدأ الإنسان هذا الصوم فما هو أفضل يوم يبدأ به؟ من بداية الأسبوع أم من يوم الإثنين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين واللفظ للبخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً.
وبين المناوي في فيض القدير الحكمة من هذا الصوم بقوله: فهو أفضل من صوم الدهر؛ لأنه أشق على النفس بمصادفة مألوفها يوماً ومفارقته يوماً.
قال الغزالي: وسره أن من صام الدهر صار الصوم له عادة فلا يحس وقعه في نفسه بالانكسار، إنما تتأثر بما يرد عليها لا بما تمرنت عليه. انتهى
ولم نقف في كلام أهل العلم على ما يدل على تحديد المدة التي يحصل بها صيام داود، ولا ما ينبغي أن يبدأ به ذلك الصيام، وبالتالي فمن صام يوماً وأفطر يوماً فقد فعل ما يحب الله تعالى، وسيجد ثواب صومه إن شاء الله تعالى، لأن الله تعالى يجازي على العمل الصالح ولو كان قليلاً، فقد قال تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء: 40} .
وقال تعالى: وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ {البقرة: 272} .
هذا إضافة إلى الترغيب في الصيام لوجه الله تعالى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً. متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وعليه، فلا يشترط في حصول ثواب صيام داود أن يقوم به الإنسان طيلة عمره، بل ما فعله يثاب عليه إن كان متصفاً بشروط قبول العمل الصالح، ولا حرج في أن يبدأ صومه بأي يوم من أيام الأسبوع، وراجع الأجوبة التالية أرقامها: 23939، 18272، 9768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1425(11/18248)
يصام عرفة حسب رؤية البلد الذي يقيم فيه الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما الحكم إذا قدم البلد المقيمون فيه عيد الأضحى على السعودية فهل يجوز أن نصوم ذلك اليوم على أنه يوم عرفة؟ وهل يجوز أن نضحي في هذا اليوم؟
أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود هو أن الشخص إذا قدم بلداً عمل برؤية أهلها لهلال ذي الحجة، أو أن البلد الذي هو يقيم فيه قد قدم عيد الأضحى عن العيد في السعودية فعمل برؤية بلده وتقديمهم، فإن هذا صحيح لحديث أبي داود: الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون.
وعليه، فإنك تصوم يوم عرفة وتضحي يوم العيد باعتبار رؤية البلد الذي أنت مقيم فيه أو قدمت عليه، وراجع الفتوى رقم: 2536، والفتوى رقم: 40690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1425(11/18249)
لا يصوم نفلا مراعاة لشعور أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب صيام التطوع خاصة في الأيام المباركة مثل العشر الأوائل من ذي الحجة وثلاث من كل شهر واثنين وخميس وهكذا عندي رغبة شديدة في صوم مثل هذه الأيام لكن طبيعة عملي بعد العصر إلى منتصف الليل هي عائق كبير أمام صومي وإذا أردت أن أفطر في العمل فيجب أن أحضر طعامي من البيت وأنا غير متزوج (وهذه النقطة التي تمنعني من الصيام بمعنى إذا أردت أن أصوم سوف أكلف والدتي عناء تحضير طعام خاص لي أحضره إلى العمل بالإضافة أن والدتي بطبعها تبقى قلقلة علي أفطرت أم لا هل شبعت لا فهي عاطفية كثيرا وتقلق كثيرا من هذه الناحية لأجل ذلك تركت الصيام الذي أحب سؤالي هو هل أحاسب على نيتي بمثل هذه الحالة من ناحية أجر الصيام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد أنك حريص على فعل تلك الطاعة وهي الصيام، عازم على فعلها ثم منعك منها شفقتك على أمك وحرصك على أن لا يمسها تعب ولا نصب، فلا شك أن هذه نية طيبة ونرجو الله تعالى أن تكون والحالة هذه بمثابة من هم بحسنة فلم يفعلها، فإنه تكتب له حسنة واحدة. ففي الصحيحين من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل قال: إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة.
وراجع تفاصيل كلام أهل العلم في الفتوى رقم: 22692.
أما إذا كان الذي يمنعك من صيام التطوع هو مجرد كونك تعمل بعد العصر إلى منتصف الليل فلا ينطبق عليك ما سبق كما لا يخفى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1425(11/18250)
بين صيام داود ومحمد عليهما الصلاة والسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب وأقوى على الصيام هل صوم سيدنا داوود عليه السلام يعني عدم تشبهي بعبادة الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه من الأفضل أن أصوم صومه عليه السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صيام داود عليه السلام هو أفضل الصيام، لقوله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصيام صيام داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً. رواه الجماعة واللفظ للنسائي.
وفي رواية متفق عليها: أحب الصيام إلى الله صيام داود. قال الحافظ في الفتح: يقتضي ثبوت الأفضلية مطلقاً.
ولذلك ذهب بعض أهل العلم إلى أن صيام يوم وإفطار يوم إذا تعارض مع يوم سُن صومه كالاثنين والخميس قدم على صيامه لمطلق هذه الأفضلية.
قال في فتوحات الوهاب: وظاهر كلامهم أن من فعله -يعني صيام داود- فوافق فطره يوماً سُن صومه كالاثنين والخميس أو البيض يكون فطره فيه أفضل ليتم له صوم يوم وإفطار يوم. اهـ
واعلم أن الاقتداء بصيام داود عليه السلام لا يعني عدم الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم لأمرين:
الأول: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استحبه لنا وندب عبد الله بن عمرو لصيامه.
الثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مأمور بالاقتداء بالأنبياء من قبله، ومنهم داود عليه السلام، ففي صحيح البخاري عن العوام قال: سألت مجاهدا عن سجدة (ص) ، فقال: سألت ابن عباس عن سجدة (ص) فقال: أو تقرأ: وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ.... إلى قوله تعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ. وكان داود عليه السلام ممن أمر نبيكم بالاقتداء به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1425(11/18251)
إذا نوت صيام يوم عرفة فحاضت فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل الله عز وجل أن يوفقني لصيام 10 ذي الحجة ولكن احتمال أن يتعذر علي صيام عرفة بالدورة الشهرية، وصيام هذا اليوم يغفر الله به سبحانه ذنوب سنة قبله وسنة بعده فهل في هذه الحالة يكون لي مثل أجر صائمه؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك التوفيق لكل خير ونهنئك على الحرص على طاعة الله تعالى، ونقول: ما دمت حريصة على صيام الأيام المذكورة بما فيها يوم عرفة وطرأ عليك عذر مانع من الصيام كالحيض مثلا فلك الأجر والمثوبة على هذه النية الطيبة، وأنت بمثابة من صام الصيام المذكور، وراجعي الأدلة على هذا في الفتوى رقم: 32027. وصيام التسع من ذي الحجة ثوابه عظيم ومرغب فيه. وراجعي الفتوى رقم: 7166. والفتوى رقم: 28832.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(11/18252)
الاجتماع الأسبوعي على الإفطار
[السُّؤَالُ]
ـ[يجتمع بعض الإخوان على الإفطار يوم الإثنين ويكون لهم بعد الإفطار درس أو موعظه أو قراءة صحيح البخاري من شرح فتح الباري فأنكر عليهم بعض الأشخاص هذا العمل أرجو منكم القول الفصل في هذه المسألة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تم الإجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 53683، 27680.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1425(11/18253)
يستحب القضاء لمن فاته الست من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[صامت امرأة الست من شوال وفي اليوم السادس أفطرت على شهادة طفلتين بأنه قد حان وقت الأذان وبعد ذلك تأكدت أن الأذان بعد خمس دقائق تقريبا ماذا عليها ولا تقدر على قضاء ذلك اليوم لأن لديها الدورة وانتهى الشهر ولم تصم فماذا عليها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت يقينا أن المرأة المذكورة قد أفطرت قبل غروب الشمس فصومها باطل، لأن الشمس مادامت لم تغرب فمعناه أن الوقت لا يزال نهارا، ومعلوم أن من أفطر في النهار فسد صومه مطلقا، سواء كان فرضا أو تطوعا، لقوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ {البقرة: 187} .
وإذا مضى شوال ولم تصم يوما بدل ذلك اليوم فيستحب لها قضاء ذلك اليوم. ففي نهاية المحتاج شرح المنهاج للرملي: أما من فاته وله عادة بصيامه كالاثنين فلا يسن قضاؤه لفقد العلة المذكورة على ما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى، لكنه معارض بما مر من إفتائه بقضاء ست من القعدة عن ست من شوال معللا بأنه يستحب قضاء الصوم الراتب، وهذا هو الأوجه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1425(11/18254)
حكم صيام يوم السبت تطوعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل فضيلتكم عن صيام يوم السبت تطوعا فقد ورد حديث ينهى عن صيامه وورد حديث آخر يقر صيام الجمعة مع يوم بعدها أو قبلها، فدل الحديث الثاني على جواز صيامه مع يوم الجمعة، فما رأي فضيلتكم في ذلك، علما بأني سمعت بأن الشيخ الالباني رحمه الله يقول بعدم صيامه لورود النهي في ذلك وأن صيامه مع الجمعة إنما لاجل إباحة صيام يوم الجمعة وقياسا له على أن صيام يوم العيد منهي عنه فإن صادف يوم العيد يوم الإثنين وصيام يوم الاثنين سنة فيقدم النهي فلا يصام يوم العيد إن صادف يوم الاثنين فكذلك يوم السبت منهي عنه، فما رأيكم في هذه المسألة نسألكم الإجابه عليها مع إيضاح الدليل؟ نسأل الله ان ينفع بعلمكم ويزيدكم علما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصحيح عند أهل العلم كراهة إفراد يوم السبت بالصيام مالم يوافق عادة أو قضاء أو نذر أو نحوهما، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ويكره أيضا إفراد يوم السبت لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم. رواه أصحاب السنن الأربعة وأحمد وصححه ابن حبان وحسنه الترمذي. قال أعني الترمذي: ومعنى أن يختصه الرجل بالصيام لأن اليهود يعظمونه. إلى أن قال شيخ الإسلام: والصواب على الجملة كراهة إفراده إذا لم يوافق عادة له. انتهى. وراجع الفتوى رقم: 44608.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1425(11/18255)
لا أصل لتسمية الست من شوال بالست البيض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الإسلام في قول الشخص إني صائم الست البيض وهل يقول الست من شوال أم الست البيض، وما هو أصل قول الست البيض، وهل كان القول الست البيض موجود في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المقصود بالأيام البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر هجري، وسميت بيضا لابيضاض لياليها بالقمر لأنه يطلع فيها من أولها إلى آخرها، ويستحب صيامها، وراجع الفتوى رقم: 26206، والفتوى رقم: 27232.
أما صيام الست من شوال فمستحب أيضاً كما سبق في الفتوى رقم: 27091، ولا تسمى الست البيض، وليس لهذه التسمية أصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1425(11/18256)
البدء بصيام ست من شوال أم قضاء رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[علي قضاء 9 أيام من رمضان هذا العام بالإضافة إلى 6 أيام من شوال وقد بدأت أصوم من ثالث يوم العيد ولكن لا أستطيع أن أكمل 15 يوما من شوال حيث إني بدأت في القضاء أولاً، فهل أكمل الـ 6 شوال في شهر ذي القعدة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أفطر في رمضان وجب عليه القضاء لقوله تعالى: فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة:184} ، وهذا القضاء على التراخي إن كان قد أفطر لعذر، قال النووي: ومذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وجماهير السلف والخلف أن قضاء رمضان في حق من أفطر بعذر كحيض وسفر يجب على التراخي، ولا يشترط المبادرة به أول الإمكان. انتهى.
وعليه؛ فالبدء بصيام ست من شوال قبل قضاء رمضان لمن أفطر بعذر جائز بلا كراهة، وهو قول أبي حنيفة وأحمد في رواية صوبها المرداوي في الإنصاف، وذهب الشافعية والمالكية إلى أن التطوع بالصوم قبل القضاء جائز مع الكراهة، والراجح الأول، كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41356، 3718، 3357.
أما من فاته صيام الست من شوال وكان من عادته صيامها فيندب له قضاؤها في ذي القعدة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 48703.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(11/18257)
دعاء الصائم تطوعا وأكله وشربه ناسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
بالنسبة لصيام التطوع من غير الفريضة
هل ينطبق عليه احكام صيام رمضان من حيث
1- إذا أكل أو شرب ناسيا خلال الصيام بحيث يجوز إكمال الصوم
2- هل دعاء الصائم قبل إفطاره أيضا في التطوع مجاب مثل رمضان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا فرق بين صوم الفرض والنفل لمن أكل أو شرب ناسيا، إلا أن الصائم فرضا يلزمه الإتمام ولا قضاء عليه، والصائم نفلا يستحب له الإتمام لأن المتطوع أمير نفسه، إن شاء أتم صومه وإن شاء أفطر، سواء أكل أو شرب ناسيا أو لا، لقول عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله: أهدي لنا حيس فقال: أرينيه فلقد أصبحت صائما، فأكل. رواه مسلم. وزاد النسائي: إنما مثل التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة، فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها.
وقال صلى الله عليه وسلم: الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر. رواه أحمد والترمذي. وقال العجلوني في "كشف الخفاء": إسناده صحيح، ولكن لو أفطر استحب له القضاء في أيام أخر.
وأما استجابة دعوة الصائم عند فطره فهي عامة لمن كان صائما فرضا أو نفلا، لعدم ورود الدليل المفرق بينهما فيما نعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/18258)
صيام أيام البيض وكيفية تحديدها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أريد صيام الثلاث البيض من كل شهر فكيف أعرف ما هي الأيام البيض من كل شهر وخاصة أن الأردن نختلف عن السعودية في التاريخ الهجري وبشكل عام أريد طريقة اعرف بها كل شهر ما هي الأيام البيض الثلاث من كل شهر مع توضيح ما هي الأيام البيض. جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أنه يسن صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وذهب الجمهور منهم –الحنفية والشافعية والحنابلة- إلى استحباب كونها أيام البيض، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر هجري، لما روى أبو ذر رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر: إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. رواه أحمد والنسائي والترمذي. وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر. متفق عليه.
وذهب المالكية إلى كراهة صوم أيام البيض فرارا من التحديد ومخافة اعتقاد وجوبها، والصحيح المذهب الأول.
وسميت بيضا لبياض لياليها بالقمر، لأنه يطلع فيها من أولها إلى آخرها، ولذلك قال ابن بري: الصواب أن يقال: أيام البيض، لأن البيض من صفة الليالي، أي أيام الليالي البيضاء. اهـ.
فأيام البيض إذا هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر هجري، وتعرف هذه الأيام بمعرفة بداية الشهر الهجري، ويثبت الشهر برؤية الهلال أو بإكمال الشهر السابق له ثلاثين يوما، وعن اختلاف البلدان في الرؤية راجع الفتوى رقم: 6636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(11/18259)
صيام يوم الشك بين المشروعية والكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهرت الرؤية في مصر وأفادونا بأن يوم الخميس الموافق 14/10/2004 هو اليوم المتمم لشهر شعبان وسوف يكون الصيام بإذن الله يوم الجمعة الموافق 15/10/2004 وقد صام أحد الزملاء يوم الخميس وهو اليوم 30 من شهر شعبان (ما حكم الصيام في هذا اليوم) أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 43100، اختلاف العلماء في مشروعية صيام يوم الشك، وهو اليوم المتمم الثلاثين من شعبان إذا لم ير هلال رمضان يوم التاسع والعشرين من شعبان بالليل، وأكثر العلماء على أن صومه مكروه إذا صامه الشخص معتقدا أنه قد يكون من رمضان، والأصل في النهي عنه ما رواه البخاري وأبو داود والنسائي والترمذي عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه قال: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. وعليه فإن كان زميلك صام هذا اليوم احتياطا أن يكون من رمضان فليستغفر الله تعالى، ولا يعود لمثل هذا، وإن كان صامه تطوعا أو قضاء أو كان يسرد الصوم أو صادف نذرا فلا بأس بما فعل، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 54724.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(11/18260)
معنى حديث (كان يصوم شعبان كله)
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أردت أن أقتدي بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في صيام أكثر شعبان إلا قليلا فكيف تكون هيئة صيامي هل يكون متصلا: كل يوم وكيف أعرف مقدار القليل الذي كان يتركه الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله صلى عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان. قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: وفي رواية كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلا، إلى أن قال: وقولها كان يصوم شعبان كله كان يصومه إلا قليلا، الثاني تفسير للأول وبيان أن قولها كله أي غالبه، وقيل كان يصومه كله في وقت، ويصوم بعضه في سنة أخرى، وقيل كان يصوم تارة من أوله وتارة من آخره وتارة بينهما وما يخلي منه شيئا بلا صيام لكن في سنين. وعليه فإذا صمت شعبان كله في سنة أو صمت أكثره أو أقله في سنة أخرى فقد أصبت السنة إن شاء الله تعالى. ولم يثبت تحديد القليل الذي كان يتركه صلى الله عليه وسلم من صوم هذا الشهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1425(11/18261)
حديث النفس بالإفطار هل يفسد الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا حدثتني نفسي بالإفطار أثناء صيام التطوع أكون قد أفطرت حتى وإن لم أفطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد حديث نفس الصائم له بالفطر لا يفسد صومه، وأما العزم الجازم ففيه تفصيل بيناه في الفتوى رقم: 4113.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(11/18262)
حكم صيام أشهر رجب وشعبان ورمضان متتابعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد:
أشكركم على الرد على أسئلتي السابقة وأسأل الله أن يوفقكم في عمل الخير، وأود أن أسأل أسئلة أخرى، ما حكم من صام شهر رجب وشهر شعبان وشهر رمضان متتالية، مع العلم أن هذا الشخص عنده الاستطاعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصيام شهر رجب وشعبان متصلين برمضان لا يستند إلى دليل شرعي، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ما صام شهراً كاملاً غير رمضان، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمض ان.
وعليه، فينبغي للسائل الكريم الإكثار من نوافل الصيام ما دام يستطيع ذلك، ولكن لا ينبغي له الإقدام على الصيام المذكور لاعتقاد سنيته بخصوصه، وراجع الفتوى رقم: 22846.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(11/18263)
ينال أجر الصيام والبر
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يصوم أثناء رجب تطوعاً ولكن والدته تكون غير راضية وتقول له لا تهلك نفسك وعندما يقول لها سأفطر وأقطع اليوم تقول له لا؟
ولا يدري إن كان ذلك سيغضب الله فهو يصوم رجب وبعض أيام خلال السنة مثال الاثنين والخميس فهل يترك الصوم إرضاء لوالدته؟ أفيدوني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى حول صيام من تأبى أمه عليه الصيام شفقة منها وخوفا عليه، وهي برقم: 9210 فلتراجع.
ونقول للسائل أيضا: إذا كانت أمه ترفض أن يقطع الصوم أثناء النهار فليكمل صومه، وله أجر الصيام والبر إن شاء الله.
وأما ابتداء الصوم مع أن أمه غير راضية فانظره في الفتوى المشار إليها آنفا.
وللفائدة نحيلك للفتوى رقم: 38322 حول صيام شهر رجب.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1425(11/18264)
يحصل ثواب صيام ثلاثة أيام من الشهر بصوم أي ثلاثة منه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أصوم الأيام البيض متفرقات؟ يعني مثلا أصوم الأول من الشهر، والخامس عشر من الشهر نفسه، واليوم الثلاثين؟ أم أصومها في أيام البيض؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا. أرجو الإجابة في أسرع وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل في حقك صيام الأيام البيض من الشهر، وهي ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر بدليل الأحاديث التي تدل على تخصيصها بالصوم، ومن تلك الأحاديث: ما رواه الترمذي وغيره من حديث أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام، فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. قال الألباني: حسن صحيح.
وعليه؛ فإذا صمت اليوم الأول من الشهر، والخامس عشر والثلاثين فلا تعتبر قد صمت أيام البيض بل صمت واحدا منها فقط، وتحصل -إن شاء الله تعالى- على ثواب الصوم تطوعا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
ويحصل ثواب صيام ثلاثة أيام من الشهر بصوم أي ثلاثة أيام منه، سواء كانت متفرقة أو متتالية من أول الشهر أو من آخره. فقد أخرج أبو داود وغيره عن معاذة قالت: قلت ل عائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم، قلت: من أي شهر كان يصوم؟ قالت: ما كان يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم.
ولكن الأفضل هو صوم الأيام البيض المحددة في الحديث الشريف كما سبق، وللمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع نحيلك إلى الفتويين التاليتين أرقامهما: 26206 و 11244.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1425(11/18265)
من أحكام صوم المرأة تطوعا وزوجها حاضر
[السُّؤَالُ]
ـ[سأدخل في المشكلة بشكل مباشر نحن أسرة مواطنة من دولة الإمارات ومنذ سنوات ووالدي لا يصلي ويقول بأنه مريض ولا يستطيع الصلاة بسبب مرضه وهو حاجته للذهاب للحمام في أوقات متقاربة.. علما بأنة يذهب للعمل ويذهب للأسواق ويزور أصدقاءه ... نصحناه وحاولنا إقناعه ولكن لا يفيد (المسجد على بعد خطوات من المنزل) ... ما العمل وما حكم بقاء أمي معه ... (قد أمر أمي بعدم الصوم (الاثنين والخميس) ما حكم ذلك؟) علما بأنه لا يوجد سبب وجيه لذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة شأنها عظيم، فهي الصلة بين العبد وربه، وهي ثاني أركان الإسلام، وننصحك بأن تطلعي أباك على الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 28747، , 1195، و 3830.
وأما كيفية تعامل أمك مع أبيك المقصر في صلاته فانظري الفتوى رقم: 3645، والفتوى رقم: 4510.
وأما بشأن منعها من صيام النافلة فله ذلك إن كان سبب منعه هو حظ نفسه، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في شرح منهج الطلاب: (فرع) لا تصوم المرأة تطوعا وزوجها حاضر إلا بإذنه.
قال العلامة البجيرمي مبينا لكلام الأنصاري السابق: (قوله: لا تصوم) أي يحرم عليها فعل غير الرواتب من الصوم، ومثل الصوم الصلاة.. ولا يلحق بالصوم صلاة التطوع لقصر زمنها..
(قوله: تطوعا) أي مما يتكرر كصوم الاثنين والخميس، أما ما لا يتكرر كصوم عرفة وعاشوراء فلها صومه بلا إذن إلا إن منعها، وكالتطوع القضاء الموسع.
(قوله: حاضر) أي في البلد ولو جرت عادته بأن يغيب عنها من أول النهار إلى آخره، لاحتمال أن يطرأ له قضاء وطره في بعض الأوقات على خلاف عادته.
(قوله: إلا بإذنه) فإن صامت بغير إذنه صح وإن كان حراما، وعلمها برضاه كإذنه لها) .
وانظري الفتوى رقم: 12392.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(11/18266)
يندب قضاء الأيام البيض لمن اعتاد صيامها
[السُّؤَالُ]
ـ[من لم يصم أيام البيض هل يجوز صيام أيام أُخرى بدلها ويكون له نفس أجر أيام البيض؟ وهل لا بد من النية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كانت عادته صوم الأيام البيض وفاته صومها في وقتها ندب له قضاؤها، ويحصل بالقضاء أصل أجر الأداء لا سيما إذا كان ترك الأداء بعذر، ولا بد من نية صومها في الأداء والقضاء، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: وينبغي أن يشترط التعيين في الصوم المرتب كصوم عرفة وعاشوراء وأيام البيض وستة من شوال ونحوها، كما يشترط ذلك في الرواتب من نوافل الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1425(11/18267)
تريد أن تصوم تطوعا وزوجها يمنعها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد صيام النوافل ويعارض زوجي ذلك من باب أنه لا داعي من صيام غير رمضان كما أنه ليس بغيور على دينه ولا يريد مني الالتزام بالزي الإسلامي فهل يجوز لي الصيام بدون إذنه مع العلم بأنه طول فترة الصيام يكون خارج البيت ولا يرجع إلا ليلا?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق للمرأة أن تصوم تطوعا وزوجها شاهد إلا بإذنه، وقد بينا أدلة ذلك في الفتوى رقم: 12392، إلا أنه لا ينبغي للزوج منع زوجته من الصيام إذا كان لا يترتب على ذلك مضرة عليه لأن صيام النوافل من أفضل القربات، فقول الزوج "لا داعي من صيام غير رمضان" غير صحيح.
وأما كونه لا يغار على دينه ولا عليك فهذا ضعف في إيمانه، والواجب عليك الالتزام بالحجاب ولو أمرك بخلعه، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وينبغي لك نصحه وإرشاده بالرفق عسى الله أن يكتب هدايته على يديك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(11/18268)
العمل القليل الدائم خير من الكثير المنقطع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم، ما حكم صيام الأيام من الإثنين إلى الخميس من كل أسبوع وذلك يتضمن الثلاثاء والأربعاء؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصيام الأيام الأربعة عمل طيب يثاب عليه صاحبه إن شاء الله تعالى.
هذا إذا كان الشخص يستطيع المواظبة على صومها كلها، فإن كان سيدركه الملل وينقطع عن الصوم فليقتصر على صوم الخميس والإثنين، لأن المداومة على القليل من الطاعة خير من الكثير المؤدي إلى الانقطاع عنها.
ففي الصحيحين واللفظ للبخاري: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أدومها وإن قل، وقال: اكلفوا من الأعمال ما تطيقون. وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا أثبته.
وراجع الأجوبة التالية: 3423، 23939، 14543.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(11/18269)
الأمر بمخالفة أهل الكتاب في صوم عاشوراء كان بعد الفتح
[السُّؤَالُ]
ـ[في الحديث الذي يختص بصوم يوم عاشوراء
هناك لبس حيث يقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل عن صوم اليهود حين قدم للمدينة وحين علم بالأمر قال سأصوم يوم تاسع وعاشر إن عشت للسنة المقبلة
ومات قبل أن يصوم
كيف يكون ذلك وهو عاش في المدينة عشر سنوات
أليس في هذا شبهة شك بأن ما يدعيه البعض من أن صوم يوم عاشوراء بدعة ابتدعها الأمويون كما يقال
ولماذا فقط هذا اليوم الذي يصومه اليهود ففي أيام كثيرة يصومونها فلم لم يلفت نظر المسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما أورده السائل من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة وعلم بصوم اليهود عاشوراء قال: لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع لا يتفق مع الروايات الصحيحة في ذلك، فالحديث صحيح، ولكن لم يقله صلى عليه وسلم إلا قبل موته بأقل من سنة، وإنما الذي جرى عند قدومه المدينة هو ما رواه ابن عباس قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه. مع أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم عاشوراء قبل قدومه المدينة، فلم يكن ذلك اقتداء باليهود أيضاً بدليل ما روته عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين، قالت: كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه، قال الحافظ ابن حجر: ولا مخالفة بين الحديثين إذ لا مانع من توارد الفريقين على صيامه مع اختلاف السبب في ذلك، ثم إن ابن حجر قد أوضح اللبس الذي أثاره السائل كما في الفتح عند قوله: ولأحمد -يعني ابن حنبل- مرفوعاً: صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود، صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده، قال: وهذا كان في آخر الأمر، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ... إلى أن قال: فلما فتحت مكة واستقر أمر الإسلام أحب مخالفة أهل الكتاب أيضاً كما ثبت في الصحيح، فهذا من ذاك، فوافقهم أولاً وقال: نحن أحق بموسى منكم ثم أحب مخالفتهم، فأمر بأن يضاف إليه يوم قبله أو يوم بعده خلافاً لهم، وبهذا يتبين للسائل وغيره أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم عاشوراء ووجد اليهود يصومونه، وسألهم عن سبب ذلك ثم صامه وأمر بصيامه، ثم أحب في آخر عمره أن يخالفهم فقال: لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر، ويتبين أيضاً للسائل وغيره أن صوم يوم عاشوراء ليس بدعة، بل هو سنة مستحبة ثبتت في كتب أهل السنة المعتمدة عندهم، وأنه لم يصمه اقتداء باليهود بدليل حديث عائشة المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(11/18270)
صيام التطوع.. والنية
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن صيام التطوع، مثلا لو أني لم آكل أو أشرب شيئاً منذ الفجر وكان الوقت الآن العصر هل لي أن أنوي الصيام وأكمل للمغرب، أم هناك وقت محدد يجب أن أعقد النية قبله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصيام التطوع لا يشترط في صحته تبييت النية من الليل عند جمهور أهل العلم مستدلين بما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يا عائشة: هل عندكم شيء، قالت: فقلت: يا رسول الله ما عندنا شيء، قال: فإني صائم.
لكن منهم من يشترط إيقاع نية الصيام قبل الزوال، ومنهم من يصحح الصيام ولو نوى بعد الزوال، وللمزيد من الفائدة والتفصيل في هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 5769.
وعليه فيباح لك إنشاء نية الصوم إذا لم تفعل قبلها ما يفسد الصوم من المفطرات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1425(11/18271)
صوم عاشوراء.. ثوابه.. وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صيام يوم عاشوراء وما هوجزاء صائمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصوم يوم عاشوراء سنة لما ورد في الصحيحين عن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء صامه، ومن شاء فليفطر. قال أهل العلم: ومراتب صيام عاشوراء ثلاثة: أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وأقل ما تحصل به السنة صيام العاشر وحده.
وأما جزاء صيامه فهو يكفر السنة الماضية، كما جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: سئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: يكفر السنة الماضية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(11/18272)
من شرع في صيام تطوع فأفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من بيت النية لصيام التطوع ثم أفطر هل يجب عليه القضاء
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على من شرع في صيام تطوع الإتمام ولا القضاء إن أفطر، لقول عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله: أهدي لنا حيس فقال: أرينيه فلقد أصبحت صائما، فأكل. رواه مسلم. وزاد النسائي: إنما مثل التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة، فإن شاء أمضاها، وإن شاء حبسها.
وقال صلى الله عليه وسلم: الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر. رواه أحمد والترمذي. وقال العجلوني في كشف الخفاء: إسناده صحيح، ولكن من شرع في نافلة صوم، يستحب له الإتمام. لقوله تعالى: [وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم ْ] (محمد: 33) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/18273)
مراتب صوم عاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[شك في يوم عاشوراء فهل نصوم يوما قبله ويوما بعده لكي نحصل على أجر صيام عاشوراء
... ... ... ... ... ... وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى والأكمل صيام يوم قبل يوم عاشوراء وصيام يوم بعده، قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد: فمراتب صومه ثلاثة: أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم، وإما إفراد التاسع فمن نقص فهم الآثار وعدم تتبع ألفاظها وطرقها، وهو بعيد من اللغة والشرع، والله الموفق للصواب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/18274)
لا تعارض في أحاديث صيام عاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في أسباب صيام عاشوراء أحاديث متعارضة ظاهريا، فمنها ما أفاد أن المسلمين صاموه في مكة قبل الهجرة وكانت قريش تصومه وكان يوم يسترون فيه الكعبة كما روى البخاري وغيره، وأحاديث تفيد أن صيامه كان بعد الهجرة عندما رأى اليهود تعظم هذا اليوم وهو اليوم الذي نجى الله به موسى عليه السلام من فرعون ... فكيف الجمع بينها بارك الله فيكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه.
وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه.. الحديث.
وليس في هذا الحديث تعارض مع ما قبله، ووجه ذلك أنه لم يحدث له بقول اليهود تجديد حكم، وإنما هي صفة حال وجواب سؤال.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": ولا مخالفة بينه وبين حديث عائشة، إذ لا مانع من توارد الفريقين على صيامه مع اختلاف السبب في ذلك، قال القرطبي: لعل قريشا كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كإبراهيم، وصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون بحكم الموافقة لهم، كما في الحج، أو أذن الله تعالى له في صيامه على أنه فعل خير، فلما هاجر وجد اليهود يصومونه وسألهم وصامه، وأمر بصيامه، احتمل ذلك أن يكون ذلك استئلافا لليهود، كما استألفهم باستقبال قبلتهم، وعلى كل حال، فلم يصمه اقتداء بهم، فإنه كان يصومه قبل ذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(11/18275)
فضل صيام الاثنين والخميس
[السُّؤَالُ]
ـ[س1 ما فائدة صيام يومي الاثنين والخميس؟
س2 ما هي الأحاديث الصحيحة التي ورد بها صيام الاثنين والخميس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاثنين والخميس يومان تعرض فيهما أعمال العباد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومهما.
روى الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم. ويكفيهما هاتان الخصلتان فضلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(11/18276)
ما يشرع صيامه من شهر المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صيام العشرة الأوائل من شهر محرم وهل يوجد حديث نبوي بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدل الحديث الصحيح على مشروعية صوم التاسع والعاشر من شهر الله المحرم، فقد روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع. قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن القيم في زاد المعاد في شأن صوم يوم عاشوراء: فمراتب صومه ثلاثة أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم، وأما إفراد التاسع فمن نقص فهم الآثار وعدم تتبع ألفاظها وطرقها، وهو بعيد من اللغة والشرع، والله الموافق للصواب. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 31688.
وحاصل الأمر أن الأفضل في حقك صوم التاسع والعاشر والحادي عشر من شهر المحرم، أما غير ذلك من أيام هذا الشهر فلم يثبت الأمر بصيامه بالتعيين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(11/18277)
فضل صيام التسع الأول من ذي الحجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة، حيث سمعت أن أجر صيامها وقيامها مثل ليلة القدر ونهارها أفضل من نهار رمضان، وإن كان هذا صحيحا فأرجو أن تستدلوا عليه بحديث، وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن عشر ذي الحجة من أفضل الأيام وأعظمها عند الله وفضل العبادة فيها عظيم، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 13779، وقد استحب أهل العلم صيام الأيام التسعة من ذي الحجة، لما ورد في مسند أحمد وسنن النسائي عن حفصة رضي الله عنها قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة. والمراد التسعة الأولى من ذي الحجة، إذ يحرم صوم يوم النحر اتفاقاً، وهذا الحديث ضعفه بعض أهل العلم كالألباني والأناؤوط ولكن الاستدلال به مع ذلك يظل سائغا , وذلك لسببين: الأول: أنه في فضائل الأعمال، وأنه قد انطبقت عليه شروط الاستدلال هنا لأنه ليس شديد الضعف ومندرج تحت أصل هو الترغيب في العمل الصالح في أيام العشر يكفي في ذلك ما بيناه في الفتوى التي أحلنا إليها في صدر هذا الجواب، ولا شك أن الصوم من الأعمال الصالحة. السبب الثاني: هو أن له شاهدا صححه الألباني وهو في سنن أبي داود بلفظ " كان رسول الله صلة الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس"
وقد جاء في فضل قيامها ما رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر. وهو حديث ضعيف، وقال عنه الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل عن النهاس.
ولعل من قال بأن أجر صيامها وقيامها مثل ليلة القدر قد استدل بهذا الحديث، وهو ضعيف كما ذكرنا، وإن كان قيام الليل في هذه الأيام داخلاً في عموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما العمل في أيام أفضل منها في هذه، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله ولم يرجع بشيء. رواه البخاري.
وقد تكلم العلماء في التفضيل بين العشر الأواخر من رمضان وعشر ذي الحجة، ولعل أعدل الأقوال في ذلك ما ذهب إليه ابن تيمية رحمه الله من كون عشر ذي الحجة أفضل بنهارها، والعشر الأواخر من رمضان بليلها، لكونها فيها ليلة القدر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(11/18278)
نوع الذنوب التي يكفرها صوم عرفة وعاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صيام عرفة أو صيام عاشوراء يكفر الكبائر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي قتادة في حديث طويل وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:.... صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله.
قال النووي عند شرحه لهذا الحديث: معناه يكفر ذنوب صائمه في السنتين، قالوا: والمراد بها الصغائر، وسبق بيان مثل هذا في تكفير الخطايا بالوضوء، وذكرنا هناك أنه إن لم تكن صغائر يرجى التخفيف من الكبائر، فإن لم يكن رفعت درجات. انتهى.
وبهذا يتضح للسائلة أن المقصود بالتكفير هنا صغائر الذنوب دون كبائرها لأن الكبائر لا بد لها من توبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/18279)
حكم صيام يوم عرفة إذا وافق يوم السبت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صيام يوم عرفة الموافق ليوم السبت جائز علماً بأن صيام يوم السبت مكروه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
...
فيكره إفراد يوم السبت بالصيام، لحديث عبد الله بن بسر عن أخته رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تصوموا يوم السبت إلا في ما افترض الله عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغه، رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي. وذلك لأن اليهود يعظمون يوم السبت، وقد أمرنا بمخالفة أهل الكتاب، وإنَّمَا قيد هذا بحالة الإفراد مراعاة للأدلة الأخرى الدالة على الجواز. فإن لم يفرد ذلك اليوم ووصله بما قبله أو بما بعده، أو وافق يوماً يعتاده كمن يصوم يوماً ويفطر يوما، أو وافق يوم عرفة، أو عاشوراء فلا كراهة، وكذا إن وجد سبب آخر كمن نذر أن يصوم يوماً يقدم فيه غائبه أو يشفى فيه مريضه، فوافق يوم السبت -مثلا- فإن له صومه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(11/18280)
يجوز صيام أيام متتالية بما فيها يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصوم أياماً متتالية وتشمل يوم الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكره إفراد يوم الجمعة بالصيام، وتنتفي هذه الكراهة بصوم يوم بعده أو يوم قبله، إلا إذا كان يوافق صوماً معتاداً كصيام يوم وإفطار يوم، فلا يكره حينئذ، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم. إذا ثبت هذا فيجوز لك بلا كراهة صيام أيام متتالية شاملة ليوم الجمعة.
وراجعي لمزيد من الفائدة الفتويين: 15115 / 717.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1424(11/18281)
الفرق بين صيام التطوع والفرض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين صيام الفرض وصيام التطوع مع دكر الحديث الدال على الفرق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفرق بينهما أن صيام الفرض لا يصح إلا بتبييت النية من الليل، أما صيام النفل فيجوز بنية في النهار قبل الزوال عند جمهور العلماء.
وقد فصلنا هذا مع ذكر الحديث الدال على ذلك في الفتوى رقم: 5769 كما أن صيام الفرض لا يجوز قطعه إلا بعذر شرعي، أما صيام النفل فيجوز قطعه بلا عذر.
وراجع لمعرفة تفصيل ذلك مع الدليل الفتوى رقم: 28406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/18282)
المتطوع أمير نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يفطر في حالة المرض بالمعدة في أيام التطوع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر، كما في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والترمذي، وإسناده صحيح.
ولكن المستحب له أن لا يفطر لغير عذر، وراجع في ذلك الفتوى رقم 3473.
وأما الذي هو مصاب بمرض المعدة أو أي مرض آخر يمكن أن يزداد عليه أو يتمادى بسبب الصوم، فلا حرج عليه في الفطر، ولو كان الصوم واجبا، لكنه يقضي صوم الفرض بعد ما يتم شفاؤه.
قال تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
[البقرة: 184] . ولا يقضى صوم التطوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(11/18283)
الأفضل في صيام التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل؟ أن أنوي أن أصوم تطوعا كثيرا أو أن أصوم يوما وأفطر يوما؟ أو أن أصوم أيام 1و2و3و13و14و15والاثنين والخميس من الشهر العربي وبعض الأيام المتفرقة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأمر في هذا واسع، إلا أنه لا ينبغي الالتزام بما لم يثبت كصيام الأيام الأولى من الشهر، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما. رواه البخاري ومسلم.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم الإثنين والخميس، وكان يقول: تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وثبت عنه الحث على صوم البيض، فقال: من كان منكم صائما من الشهر ثلاثة أيام، فليصم الثلاث البيض. رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط.
وثبت عنه أنه كان يوالي الصوم أحيانا، ويوالي الفطر أحيانا ولا يترك صوم الإثنين والخميس، كما في حديث أسامة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام يسرد حتى يقال لا يفطر، ويفطر الأيام حتى لا يكاد أن يصوم إلا يومين من الجمعة إن كانا في صيامه، وإلا صامهما، ولم يكن يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان، فقلت يا رسول الله: إنك تصوم لا تكاد أن تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك، وإلا صمتهما، قال: أي يومين؟ قال: قلت: يوم الإثنين والخميس، قال: ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم. رواه أحمد وحسن إسناده الأرناؤوط، وروى النسائي بعضه وصححه الألباني،
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 6488، 14543، 18272، 23939.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(11/18284)
القضاء أولا أم صيام الست من شوال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على ما تبذلونه من جهد
هل يعتبر صيام 6 من شوال قضاء ويحسب أيضا ثواب هذا الشهر، أم تصام 6 أيام من هذا الشهر الفضيل ومن ثم القضاء وهل يجوز الجمع بينهما أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمسألة تقديم سنة صيام الست من شوال على قضاء ما أفطر الإنسان من رمضان سبق بيان حكمها في الفتوى رقم: 41356 والفتوى رقم: 41167
وأما هل يجوز الجمع بينهما بنية واحدة، فقد سبق أيضاً في الفتوى رقم: 6579
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/18285)
حكم الصيام مباشرة بعد الستة من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز صوم يومٍ لوجه الله مباشرة بعد صيام الستة من شوال؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من وصل صيام الستة من شوال باليوم الذي بعدها مباشرة، لدخول ذلك في عموم النصوص الدالة على استحباب صيام النفل، ولم يدل دليل على كراهة الوصل أو حرمته، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 17765.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/18286)
شروط جواز صوم المرأة رجب وشعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تصوم رجب وشعبان ورمضان كلها إلا اذا أتتها الدورة الشهرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة صوم رجب وشعبان مع رمضان لأنه من جملة التطوع، ولا يوجد ما يمنع منه، ويجب عليها الإفطار أيام الدورة الشهرية مع وجوب قضاء أيام رمضان.
وعليها أن تراعي أمراً آخر وهو إذن زوجها -إن كانت ذات زوج- لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تصوم المرأة تطوعاً وزوجها شاهد إلا بإذنه، كما رواه الطبراني في مسند الشاميين، ولفظه: لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه، وما أنفقت من نفقة من غير أمره فإنها تؤدي شطره.
ويجب التنبه إلى أن ما تقدم من جواز صيام شهرين متتابعين من غير كفارة أو نذر لا يعني أن ذلك أفضل وأكمل، بل الأكمل هو صيام داود.
وراجع الفتوى رقم: 14543
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1424(11/18287)
حكم بدء صوم الست من شوال بيوم السبت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
كلنا يعلم أن صيام يوم السبت وحده دون غيره من الأيام محرم، ما هو حكم التالي:
1. بدأ صيام الستة من شوال بيوم السبت؟
2. أنا أعمل بشركة تجارية الدوام فيها من 9 صباحاً حتى 6 مساءً وعطلتي الأسبوعية في يوم الأحد، هل يجوز لي أن أصوم يومي السبت والأحد من كل أسبوع، وعلى مدار 3 أسابيع لصيام الستة من شوال؟ وشكراً لحسن تعاونكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح أن صوم يوم السبت وحده مكروه لا محرم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 2078.
أما بدء صوم الست من شوال بيوم السبت فلا بأس به، لأن النهي وارد عن إفراده بالصوم وحده من غير صيام يوم قبله أو بعده، وحديث النهي عن صومه رواه أبو داود في سننه، وأحمد في المسند، وصيامك يومي السبت والأحد حتى تستكمل صيام الست من شوال لا بأس به، ما دمت لم تفرد السبت بالصوم وحده، وراجع الفتوى رقم: 2832.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(11/18288)
حكم وطء الزوج زوجته في صوم النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم جماع الزوجة في صوم النافلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للزوجة أن تتطوع بالصوم من غير إذن زوجها إذا كانت تعلم أنه قد يحتاج إليها نهاراً، قال الشيخ خليل: وليس لمرأة يحتاج لها زوج تطوع بلا إذن.، قال الدردير: والمراد به غير الواجب الأصلي فيدخل فيه النذر، كما إذا نذرت صوماً أو حجاً أو عمرة أو اعتكافاً، فله إفساده عليها بجماع لا بأكل أو شرب، فإن أذن لها فليس له ذلك.... 1/541.
فتبين من ذلك أن الزوج له جماع زوجته إذا كانت صائمة صوم النافلة بشرط أن لا يكون قد أذن لها، وأما هي فلها أن تبطل صومها بالجماع وبغيره، لما روى أحمد والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر.
ولكن من شرع في نافلة يستحب له إتمامها، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(11/18289)
يحصل أصل سنة الصوم دون الأجر المترتب
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقوم بقضاء ما عليها من صوم الدين بسبب الحيض في شعبان حسب الحديث الذي قرأته عدداً من المرات.
زوجتي تريد أن تصوم ستاً من شوال ودينها تسعة أيام لماذا تشددون وتمنعون الناس من صيام الست قبل القضاء لأنها مربوطة في شوال فقط والدين يمكن قضاؤه طوال السنة ولا أحسب أن هذا قد فات أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حصول سنية صيام الست من شوال قبل قضاء ما فات من رمضان، والظاهر أن أصل السنة يحصل بصيامها قبل القضاء، أما الأجر المترتب على صيامها بعد إتمام رمضان فلا يحصل إلا بصيامها بعد القضاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر رواه مسلم، ومن فاته شيء من رمضان لم يكن ممن صام رمضان كاملاً، وإلى هذا أشار أبو زرعة، قال الشمس الرملي في نهاية المحتاج: وقضية كلام التنبيه وكثيرين أن من لم يصم رمضان لعذر أو سفر أو صِباً أو جنون أو كفر لا يسن له صوم ستة من شوال، قال أبو زرعة: وليس كذلك، أي يحصل أصل سنة الصوم، وإن لم يحصل الثواب المذكور لترتبه في الخبر على صيام رمضان. انتهى.
أي كاملاً، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 3357
وننبه الأخ السائل إلى أن العلماء أفهم لكلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكلام السلف وأفعالهم منا، ونحن في فتاوينا نتبعهم ونقتفي أثرهم، وقد قال الإمام أحمد: إياك أن تقول قولاً ليس لك فيه سلف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18290)
نوى بصيامه البيض وستا من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام يوم من الـ 6 البيض مع يوم من الـ3 البيض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلو نوى بصيامه البيض وستاً من شوال حصلا، قال في تحفة الحبيب: تنبيه: قد يوجد للصوم سببان كوقوع عرفة وعاشوراء يوم إثنين أو خميس، وكوقوعهما في ستة شوال، فيتأكد صوم ماله سببان رعاية لكل منهما، فإن نواهما حصلا.
وقال ابن القاسم في حاشيته على تحفة المحتاج: فإن قيل ينبغي اشتراط التعيين في الصوم الراتب، كعرفة وعاشوراء وأيام البيض وستة من شوال كرواتب الصلاة، أجيب بأن الصوم في الأيام المذكورة منصرف إليها، بل لو نوى به غيرها حصل أيضاً كتحية المسجد، لأن المقصود وجود صوم فيها. انتهى. بتصرف يسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/18291)
الحكمة من تشريع صيام الأيام الثلاثة البيض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من صيام 3 أيام البيض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على السؤال في الفتوى رقم: 11244.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 27232.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(11/18292)
صيام الأيام البيض من رجب لا يعد بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بصيام ثلاثة أيام (13و14و15) من شهر رجب ولم أتأخر فوجئت بأحد الأئمة بأحد المساجد يخبرني بأن التخصيص بدعة وأنني يجب أن أصوم باقي الأشهر الحرم …ما هي صحة هذا الكلام؟ وما معني التخصيص بصيام أي يوم في شهر أو في صيام أو صلاة..وهل يمكن لي أن أنوي صيام بعض أيام من شهر معين مثل رجب أو شعبان مثلا لمعرفتي بفضل هذا الشهر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصيام الأيام البيض في رجب ليس بدعة، وتفصيل الكلام عن الصيام في رجب مذكور في الفتوى رقم: 28322.
وتخصيص رجب بصيام الأيام البيض فيه لكونه من الأشهر الحرم لا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(11/18293)
حكم صيام الأيام البيض من شعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صيام 13.14.15من شعبان وهل هي بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصيام الأيام الثلاثة المذكورة من كل شهر قمري سنة، وقد بينا ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 26206 ولا يختص ذلك بشهر شعبان، أما تخصيص شعبان بصيامها، فلا نعلم في ذلك سنة صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا من عمل الصحابة رضي الله عنهم، إلا ما ورد عن بعض السلف من أنهم كانوا يقومون ليلة النصف من شعبان ويكثرون فيها من العبادة، وقد بينا ذلك مع ذكر الخلاف فيه في الفتاوى رقم: 6001 ورقم: 6088 ورقم: 11713
والأحوط للمسلم أن يتحرى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأن يبتعد عن الشبهات، فإذا أراد أن يصوم الأيام المذكورة فليصمها بنية صيام الأيام البيض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(11/18294)
الصائم كصيام داود مقتد بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بفضل الله ونعمته أصوم صيام داود عليه السلام عملا بقول المصطفى عليه الصلاة والسلام "أحب الصيام إلى الله صيام داود"، لكن أحد الإخوة الناصحين يقول لي "لو تصوم الاثنين والخميس والأيام البيض لكان خيرا لك من صيام داود لأن فيه اقتداء بالرسول -صلى الله عليه وسلم-"، فهل هذا صحيح؟
أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن أفضل الصيام التطوعي هو صيام داود عليه السلام، لثبوت ذلك بالنص الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في قوله عن عبد الله بن عمرو.. فصم يوماً وأفطر يوماً فذلك صيام داود عليه السلام وهو أفضل الصيام، فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا أفضل من ذلك.
رواه البخاري.
قال ابن حجر -رحمه الله- في قول النبي صلى الله عليه وسلم: أحب الصيام إلى الله صيام داود. قال: يقتضي ثبوت الأفضلية مطلقاً. انتهى.
ولذلك ذهب بعض العلماء إلى أن صيام يوم وإفطار يوم إذا تعارض مع صيام الاثنين والخميس قدم على صيامهما لمطلق هذه الأفضلية، قال الجمل في فتوحات الوهاب: وظاهر كلامهم أن من فعله -يعني صيام داود - فوافق فطره يوما سُنَّ صومه كالاثنين والخميس والبيض، يكون فطره فيه أفضل ليتم له صوم يوم وفطر يوم. انتهى.
وذهب بعضهم إلى أن صيام الأيام المسنونة مع صيام داود لا يمنع فضل صيام داود عليه السلام، علماً بأن الصائم كصيام داود مقتدٍ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم القولية التي مضى ذكرها، وعلى هذا فلا وجه لما فهمناه من السؤال، حيث جعل من يصوم الاثنين والخميس مقتدياً بالرسول، ومن يصوم يوما ويفطر يوماً ليس مقتديا به، بل الصواب أن كليهما قد ثبت بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فأحدهما ثبت بالسنة القولية والآخر بالسنة الفعلية، وكم من عبادة اختار الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته فيها غير ما اختار لنفسه، مثل حجه صلى الله عليه وسلم قارناً، مع أمره لمن لم يسق الهدي بالتمتع، فالذي يختاره لنفسه أفضل له، والذي يختاره لأمته أفضل لأمته.
هذا؛ وقد جمع العلماء الأيام التي كان يصومها النبي صلى الله عليه وسلم، فقاربت أن تكون شطر الدهر، كما أفاد ذلك المناوي في فيض القدير، فيكون صيامه بمثابة صوم داود عليه السلام، وفي تأويل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أقوال أخرى ذكرها العلماء ضربنا عنها صفحاً خشية الإطالة، ومنها أن ذلك خاص بعبد الله بن عمرو، ومنها أن صيام داود أفضل بالنسبة لصيام الدهر كله، وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18272، 9768، 6488.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(11/18295)
حكم صوم شعبان كاملا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام شهر شعبان كاملا ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج -إن شاء الله- في صوم شعبان كاملاً، لما ورد في بعض الأحاديث من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه كاملاً، وما ورد من النهي عن الصوم بعد منتصف شعبان ففيه مقال، ومعارض بأحاديث صحيحة دالة على خلافه، وما ورد من النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين فلا يعارض ما نحن بصدده من جواز صوم شعبان كاملاً، لأن هذا النهي محمول على من صام ذلك بقصد الاحتياط لرمضان؛ كما ذكر بعض أهل العلم، وبدليل أنه قد رخص في الصيام لمن كان له عادة، كمن يصوم يوماً ويفطر يوماً، أو من كان يصوم الاثنين والخميس.
تراجع في ذلك الفتوى رقم:
11549
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(11/18296)
يستحب الصيام في الأشهر الحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[بماذا تختص الأشهر الحرم عن غيرها من الأشهر غير تحريم القتال؟
هل تضاعف فيها الذنوب والحسنات؟
وهل لزيادة الأعمال الصالحة فيها فضل على ما سواها
وما المقصود بظلم النفس الوارد في الآية الكريمة؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 14951 تعريف الأشهر الحرم، وذكرنا هناك مسألة مضاعفة الحسنات والسيئات فيها، كما ذكرنا تفسير قول الله تعالى: فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبة: 36] .
وكذلك ذكرنا في الفتوى رقم: 25430 حكم القتال في الأشهر الحرم، وبقي أن نقول: إن مما تختص به الأشهر الحرم أيضا: استحباب الصوم فيها.
قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: ومن الصوم المستحب صوم الأشهر الحرم، وهي: ذو العقدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وأفضلها المحرم. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(11/18297)
تريد أن تصوم في السفر تطوعا في رجب وشعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد فأنا موظفة في القطاع الخاص، واشتغل كل أيام الأسبوع ما عدا السبت والأحد، ومقر عملي يقع على مسافة 99 كيلومترا من مقر إقامتي، وبما أنني أريد أن أصوم سنة شهر رجب وشعبان تقربا لله، فهل في عدم تمسكي برخص الله في السفر الذي هو يومي كراهة؟ وما هو الأفضل؟ أن أصوم، أو أن ألتزم برخصة السفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أولا: نشكر السائلة الكريمة على اهتمامها بدينها وحرصها على تعلم ما أشكل عليها، وننبهها على أن المرأة المسلمة لا يجوز لها أن تعمل في الأماكن المختلطة بالرجال الأجانب أو البعيدة التي تحتاج إلى سفر إلا مع زوج أو ذي محرم.
ولتفاصيل ذلك وأدلته، نحيلك إلى الفتوى رقم: 31199، والفتوى: 8528.
وأما عن صيام سنة رجب وشعبان، فإن رجب ليست فيه سنة، وكلما ورد فيه من الأحاديث، صرح المحققون من أهل العلم بأنها موضوعة ولا يجوز العمل بها.
ولمعرفة تفصيل ذلك، نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 1745.
ولكن شهر رجب من الأشهر الحرم التي نوه بها القرآن الكريم، وندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصوم منها، كما في سنن أبي داود
قال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم ولم يثبت في صوم رجب نهي ولا ندب لعينه، ولكن أصل الصوم مندوب إليه، وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب إلى الصوم من الأشهر الحرم، ورجب أحدها.
وعلى هذا، فلا مانع من أن تتقرب الأخت السائلة إلى الله تعالى بما استطاعت من النوافل وأعمال الخير، بما في ذلك الصيام وغيره.
وأما شهر شعبان، فمن السنة الصوم منه، فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم الإكثار من صيامه، وكان يقول: إنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم. رواه النسائي وأحمد
وعليه، فإذا كنت تستطيعين الصيام دون مشقة، فلا مانع من الصوم اقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم وامتثالا لقول الله تعالى: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 184] .
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة والتفصيل في الفتوى رقم: 3928، 26043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1424(11/18298)
الأشهر التي يستحب إكثار الصوم فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم صوم شهر رجب كله؟ وأي شهر يستحب إكثار الصوم فيه؟ سمعت واحدا يعظ ويقول إن رسول الله صلى عليه وسلم قال: شهر رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي فإذا كان هذالحديث روي عن النبى صلى الله عليه وسلم، أرجو منكم توضيحا؟ أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام على صوم رجب في الفتوى رقم:
28322، والفتوى رقم: 1745.
وأما الأشهر التي يستحب إكثار الصوم فهي شعبان والأشهر الحرم، ويستحب كذلك صيام ستة أيام من شوال لمن صام رمضان، ويدل لذلك ما في الحديث: أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم. رواه أبو داود، وصححه الألباني.
وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان. رواه البخاري ومسلم.
وقد ثبت عن أسامة رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم. رواه النسائي وأحمد، وصححه الأرناؤوط والألباني.
وفي الحديث: من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر. رواه مسلم.
وأما الحديث المسؤول عنه، فقد عزاه السيوطي في الجامع الصغير لأبي الفتح بن أبي الفوارس في أماليه عن الحسن مرسلاً، وقد ضعفه ابن حجر في تبيين العجب في فضل رجب، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(11/18299)
حكم من نوى صيام تطوع ولم يصمه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نويت أن أصوم يوم الاثنين والخميس فصمت يوم الخميس ولم أصم يوم الاثنين دون أي سبب فهل يجب أن أصوم يوم الاثنين طالما أني نويت؟ ملاحظة: (إن كنت سنياً فأجب فإذا أجبت وأنت لست سنياً فالله سيحاسبك) .....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نوى أن يصوم يومًا -في غير رمضان- ثم لم يصم فلا يلزمه قضاؤه. ومن ابتدأ في صوم تطوع كصيام الاثنين فله أن يفطر أثناء النهار، ولا يلزمه قضاء اليوم على الراجح من قولي العلماء، لكن يستحب له ذلك. وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتاوى التالية: 3473، 17305، 28406.
وعن منهجنا في الفتوى راجع الفتوى رقم: 1122.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/18300)
مذاهب العلماء في إفساد صوم التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاحتلام في نهار صيام السنة وهل يبطله؟ وما حكم تعمد شرب الدخان أو إنزال المني؟ وهل عليَّ القضاء أو الكفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاحتلام لا يؤثر في صحة الصوم، سواء أكان صوم فرض أو كان تطوعًا. وانظر الفتوى رقم: 29278.
أما بخصوص تعمد إفساد الصوم بشرب الدخان، أو إنزال مني أو غيرهما من المفطرات، فالحكم فيه أنه يفسد الصوم، فإن كان الصوم صوم تطوع كما هو الحال هنا فلا قضاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر. رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث أم هانئ.
قال ابن قدامة في المغني: من دخل في صيام تطوع استحب له إتمامه ولم يجب، فإن خرج منه فلا قضاء عليه. وروي عن ابن عمر وابن عباس أنهما أصبحا صائمين ثم أفطرا. إلى أن قال: وهذا مذهب أحمد والثوري والشافعي وإسحاق.
وقال أبو حنيفة ومالك بوجوب القضاء؛ لأنهما يريان وجوب صوم النافلة بالشروع فيها، ولا شك أن قضاء ذلك اليوم أحوط خروجًا من الخلاف.
بقي أن نشير هنا إلى أنه لا يجوز للمسلم شرب الدخان، وكذا لا يجوز له الاستمناء. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1671، والفتوى رقم: 2179.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(11/18301)
صوم الإثنين والخميس أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الأفضل صوم يوم الإثنين والخميس أم صوم ثلاثة أيام من كل شهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر أن صيام يوم الإثنين والخميس أفضل من صيام ثلاثة أيام، وذلك لأسباب منها أن يوم الإثنين والخميس تعرض فيهما الأعمال على الله تعالى، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على صومهما، كما روى ذلك النسائي عن عائشة رضي الله عنها، ومنها كذلك أن بالإمكان اندراج صوم الأيام الثلاثة في يوم الإثنين والخميس، وبذلك يكون الإنسان قد حصل الأمرين معًا، ويشهد له ما رواه أبو داود والنسائي عن حفصة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام الإثنين والخميس والإثنين من الجمعة الأخرى. وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(11/18302)
الحكمة من صيام النبي صلى الله عليه وسلم ليوم عاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا كان يصوم النبي صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صيام أيام من السنة غير رمضان، ومن هذه الأيام يوم عاشوراء، روى معاوية بن أبي سفيان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء صام ومن شاء فليفطر. متفق عليه.
وصيامه صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء هو لسبب أن موسى عليه الصلاة والسلام كان يصومه، وأنه اليوم الذي نجاه الله فيه من فرعون، روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه. متفق عليه.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان يوم عاشوراء تعظمه اليهود وتتخذه عيداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صوموه أنتم. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(11/18303)
يجوز صيام يوم عاشوراء منفردا
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صمت يوم عاشوراء بنية القضاء وكنت سأصوم اليوم الذي بعده حتى لا يكون منفرد لأني أعلم أنه لا يجوز إفراده بالصوم لكن الدورة الشهرية أصابتني في اليوم الذي بعد عشوراء فهل صيامي لعاشوراء منفرداً جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صيامك لعاشوراء منفرداً جائز، ذلك أنه لم يرد نهي عن صيامه منفرداً، وإنما جاء ما يدل على استحباب صوم التاسع معه أو التاسع والحادي عشر، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، قال: فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع، قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. صحيح مسلم.
وفي نيل الأوطار: والظاهر أن الأحوط صوم ثلاثة أيام: التاسع والعاشر والحادي عشر، فيكون صوم عاشوراء على ثلاث مراتب: الأولى صوم العاشر وحده، والثانية صوم التاسع معه، والثالثة صوم الحادي عشر معهما، وقد ذكر معنى هذا الكلام صاحب الفتح. نيل الأوطار ج2-ص549.
وبذا تعلمين أنه لا إثم عليك، خصوصاً أن الذي منعك من صوم الحادي عشر هو العذر الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/18304)
فضيلة صيام داود لا تختص بزمان دون زمان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في صيام سيدنا داوواد وهل هو مستحب في الوقت الحالي؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأفضل الصيام صيام داود عليه الصلاة والسلام في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة، وليس خاصاً بزمن أو مكان معينين، ولمزيد من الفائدة والتفصيل تراجع الفتوى رقم: 9768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(11/18305)
الصوم خير علاج للقضاء على ثوران الشهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[الصيام هو الطريقة الوحيدة معي لتجنب معصية مشاهدة المشاهد الفاضحة علي الإنترنت -هل يجوز أن أصوم يوميا لهذا السبب بالرغم من نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.
ففي هذ الحديث التصريح بالأمر بالصوم والحث عليه، وأنه وسيلة من وسائل كبح جماح الشهوة وإضعافها، لذا فإن من لم يستطع الزواج أو لم يحدّ من قوة شهوته وإضعاف رغبته فإن الصيام هو دواؤه المطلوب منه، ولا حرج عليه في تتابعه ما دام يقلل الرغبة ولا يتسبب في ضرر عليه، ولمزيد من الفائدة عن حكم تتابع الصيام راجع الفتوى رقم:
23939.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1424(11/18306)
يجوز التطوع بالصيام قبل القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن يصوم أحد لله تطوعاً وعليه صيام قضاء وما حكمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لمن عليه قضاء صوم واجب أن يصوم تطوعاً ما لم يضق وقت الصوم الواجب فيجب تقديمه، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم:
3718، والفتوى رقم: 3357.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(11/18307)
أفضل الصيام بعد رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت أن شهر محرم أفضل الشهور بعد شهر رمضان عند الله سبحانه وتعالى فهل يجوز لي أن أصوم شهر محرم بالكامل مثل شهر رمضان؟ وهل شهر محرم اسمه شهر التوبة؟ وما العمل الذي أفعله في هذا الشهر الكريم؟ هل أزيد من الاستغفار؟ بماذا تنصحوني؟ وجزاكم الله كل خير.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصيام شهر الله المحرم مستحب عند جماهير العلماء بمن في ذلك المذاهب الأربعة.
والأدلة على استحبابه كثيرة: منها قوله صلى الله عليه وسلم: فصم المحرم فإنه شهر الله، وفيه يوم تاب فيه على قوم، ويتاب فيه على آخرين. رواه أحمد والترمذي وحسنه.
ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل. رواه مسلم وأحمد وغيرهما.
وانظر الفتوى رقم:
719، والفتوى رقم: 14951.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/18308)
فضل صيام الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من السنة صيام العشرة الأوائل من ذي الحجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يسن للمسلم صيام الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة، وآكدها اليوم التاسع إلا الحاج فالأفضل له الفطر يوم عرفة، والأصل في هذا ما رواه أحمد والنسائي عن حفصة قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتان قبل الغداة.
وروى الجماعة إلا البخاري عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية.
ومن هنا يتبين للسائل فضل الصيام في الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة وخاصة يوم عرفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1423(11/18309)
الصائم المتطوع أمير نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مداعبة الزوجة خلال صيام أيام ستة أيام من شوال وحصل انسجام نتج عنه لذة الإنزال دون عملية الجماع؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصائم الذي يمني بمباشرة أو مداعبة أو نحو ذلك يفسد صومه، وحيث أن الصوم كان تطوعاً فلا يأثم بذلك كمن أفطر بأكل أو شرب.
لأن الصائم تطوعاً له أن يفطر إذا أراد على الراجح من قول أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر."رواه أحمد والترمذي وغيرهما، إلا أنه يستحب لمن أفطر أن يقضي، قال الشوكاني في نيل الأوطار: (والأحاديث المذكورة في الباب تدل على أنه يجوز لمن صام تطوعاً أن يفطر......) إلى أن قال: (وتدل على أنه يستحب للمتطوع القضاء لذلك اليوم، وقد ذهب إلى ذلك الجمهور من أهل العلم.)
وبناء على هذا، فإن ما فعلته من إفساد الصوم بخروج المني في صيامك التطوعي لا إثم فيه لكن يستحب لك قضاء ذلك اليوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(11/18310)
مذاهب العلماء في صوم شهر رجب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن ساحل العاج والناس هنا يصومون في شهر رجب هل هذه بدعة حقيقية أم لا؟ وهل تصح العمرة في رجب؟ وهل لهذا الشهر خصوصيات أخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلفت أنظار العلماء في صوم شهر رجب، فمنهم من استحبه لأمرين:
الأول: ما ورد من الترغيب العام في الصيام، وهذا بابه واسع، وأدلته كثيرة جداً.
الثاني: ما ورد من الترغيب الخاص في صيام الأشهر الحرم. ورجب منها بالاتفاق، وكذا ما ورد في فضل صيام رجب بخصوصه. وإلى استحباب صيام الأشهر الحرم عموماً ورجب على وجه الخصوص ذهب الجمهور من العلماء، واستدلوا على ذلك بعدة أحاديث منها:
حديث ابي مجيبة الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "صم من الحُرُم واترك، صم من الحرم واترك" والحديث رواه أحمد وأبو داود، واللفظ له، ولفظ أحمد: "فمن الحرم وأفطر" وأخرج الحديث أيضاً البيهقي في السنن، وفي الشعب، وابن سعد.
ومنها: حديث أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" رواه النسائي وأحمد.
قال العلامة الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار 4/293: ظاهر قوله في حديث أسامة إن شعبان شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان أنه يستحب صوم رجب، لأن الظاهر أن المراد أنهم يغفلون عن تعظيم شعبان بالصوم، كما يعظمون رمضان ورجباً به، ويحتمل أن المراد غفلتهم عن تعظيم شعبان بصومه، كما يعظمون رجباً بنحر النحائر فيه، فإنه كان يعظم بذلك عند الجاهلية، وينحرون فيه العتيرة، كما ثبت في الحديث، والظاهر الأول. والمراد بالناس الصحابة، فإن الشارع قد كان إذ ذاك محا آثار الجاهلية، ولكن غايته التقرير لهم على صومه، وهو لا يفيد زيادة على الجواز، وقد ورد ما يدل على مشروعية صومه على العموم والخصوص.
أما العموم، فالأحاديث الواردة في الترغيب في صوم الأشهر الحرم، وهو منها بالإجماع، وكذلك الأحاديث الواردة في مشروعية مطلق الصوم، ثم ذكر أحاديث في فضل صيام رجب أخرجها الطبراني والبيهقي وأبو نعيم وابن عساكر ثم قال: (وحكى ابن السبكي عن محمد بن منصور السمعاني أنه قال لم يرد في استحباب صوم رجب على الخصوص سنة ثابتة، والأحاديث التي تروى فيه واهية لا يفرح بها عالم، وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه أن عمر كان يضرب أكف الناس في رجب حتى يضعوها في الجفان، ويقول: كلوا، فإنما هو شهر كان تعظمه الجاهلية.
وأخرج أيضاً من حديث زيد بن أسلم قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم رجب؟ فقال: "أين أنتم من شعبان" وأخرج عن ابن عمر رضي الله عنهما ما يدل على أنه كان يكره صوم رجب. وقال: ولا يخفاك أن الخصوصات إذا لم تنتهض للدلالة على استحباب صومها، انتهضت العمومات، ولم يرد ما يدل على الكراهة حتى يكون مخصصاً لها. وأما حديث ابن ماجه بلفظ: "إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام رجب" ففيه ضعيفان: زيد بن عبد الحميد، وداود بن عطاء.) ا. هـ
وقد شنع العز بن عبد السلام على من نهى الناس عن صيام رجب، كما نقل ذلك عنه ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى.
ومن أهل العلم من كره صوم شهر رجب، ومن أولئك الحنابلة، واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما، ونهي عمر الناس عن صيامه، وقد سبق ذكر ذلك فيما نقلناه عن الإمام الشوكاني.
قال الإمام ابن قدامة في المغني: (ويكره إفراد رجب بالصوم.
) أما الأشهر الحرم، فوافق الحنابلة الجمهور في استحباب صومها، وتزول كراهة إفراد صيام رجب عند الحنابلة بفطر يوم فيه.
قال المرداوي في الإنصاف:245/3: (ويكره إفراد رجب بالصوم هذا المذهب، وعليه الأصحاب، وقطع به كثير منهم، وهو من مفردات المذهب.
) وحكى الشيخ تقي الدين في تحريم إفراده وجهين قال في الفروع: (ولعله أخذه من كراهة أحمد.) ثم قال: (مفهوم كلام المصنف أنه لا يكره إفراد غير رجب بالصوم، وهو صحيح لا نزاع فيه، قال المجد: لا نعلم فيه خلافاً.) وقال: (تزول الكراهة بالفطر من رجب ولو يوماً، أو بصوم شهر آخر من السنة قال المجد: وإن لم يله.)
ومن خلال هذه النقول يتضح لنا جلياً أن المسألة خلافية بين العلماء، ولا يجوز أن تكون من مسائل النزاع والشقاق بين المسلمين، بل من قال بقول الجمهور من العلماء لم يثرب عليه، ومن قال بقول الحنابلة لم يثرب عليه.
وأما صيام بعض رجب، فمتفق على استحبابه عند أهل المذاهب الأربعة لما سبق، وليس بدعة.
ثم إن الراجح من الخلاف المتقدم مذهب الجمهور لا مذهب الحنابلة.
وأما العمرة في رجب، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك، وقد استحب بعض السلف ذلك، فكانوا يعتمرون في رجب، أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه عن سعيد بن المسيب قال: كانت عائشة رضي الله عنها تعتمر في آخر ذي الحجة، وتعتمر من المدينة في رجب تهل من ذي الحليفة.
وأخرج بسنده عن يعلى بن الحارث قال: سمعنا أبا إسحاق وسئل عن عمرة رمضان، فقال: أدركت أصحاب عبد الله لا يعدلون بعمرة رجب، ثم يستقبلون الحج.
وأخرج بسنده عن عبد الرحمن بن حاطب قال: اعتمرت مع عمر وعثمان في رجب.
ولم يثبت لشهر رجب من الخصوصيات غير ما ذكرنا.
وأما ما ابتدعه الناس في هذا الشهر من البدع المنكرة كصلاة الرغائب، فلا يجوز فعله، ولا مجاراة الناس فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1423(11/18311)
الصائمة دون إذن زوجها تأثم من وجهين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوجة أن تصوم بدون إذن زوجها صيام النفل وإذا ذكرها بذلك فرفضت وصامت فهل يصح صومها وهل عليها وزر لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعاً بحضرة زوجها بغير إذنه لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه" رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وإذا لم يأذن الزوج لزوجته في صيام التطوع فصامت فإنها تأثم لمخالفتها لنهيه صلى الله عليه وسلم الوارد في الحديثـ، بالإضافة إلى مخالفة أمر زوجها، ومن المعلوم أن طاعة الزوج واجبة على الزوجة، ومع هذا فإن صومها صحيح عند جمهور الفقهاء وإن كانت آثمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1423(11/18312)
حول صيام يوم عرفة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصيام يوم عرفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن يوم عرفة من الأيام التي يستحب للمسلم أن يصومها إذا لم يكن حاجاً، فإن كان حاجاً فالسنة له الفطر فيه.
قال الشافعي رحمه الله في الأم: (فأحب صومها إلا أن يكون حاجاً فأحب له ترك صوم يوم عرفة، لأنه حاج مضح مسافر، ولترك النبي صلى الله عليه وسلم صومه في الحج، وليقوى بذلك على الدعاء، وأفضل الدعاء يوم عرفة.) ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1423(11/18313)
صيام ست من شوال متتابعة أو متفرقة سواء
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية صوم ستة أيام من شوال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب صيام ست من شوال كما هو مذهب الشافعي وأحمد وداود وموافقيهم، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر. أخرجه أحمد ومسلم وأصحاب السنن عن أبي أيوب الأنصاري.
ويجوز صيامها متتابعة ومتفرقة في أول شوال أو وسطه أو آخره، قال ابن قدامة في المغني: (فلا فرق بين كونها متتابعة أو متفرقة في أول الشهر أو في آخره لأن الحديث ورد بها مطلقاً من غير تقييد، ولأن فضيلتها لكونها تصير مع الشهر ستة وثلاثين يوماً، والحسنة بعشر أمثالها فيكون ذلك كثلاثمائة وستين يوماً.
) والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1423(11/18314)
الصوم في غير رمضان يدور بين أحوال أربعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الصوم في غير رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصيام في غير رمضان إما أن يكون واجباً أو مندوباً أو مكروهاً أو محرماً،.
فمثال الواجب: صوم النذر، فإذا نذر الرجل أن يصوم يوماً أو أياماً وجب عليه الوفاء بنذره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.) " رواه الشيخان عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.
ومثال المندوب: صيام يومي الاثنين والخميس، لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس. " رواه أحمد بسند صحيح.
ومثل ذلك: صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام ست من شوال ويوم عاشوراء ويوم عرفه لغير الحاج، كل ذلك ثابت عنه صلى الله عليه وسلم.
ومثال المكروه: صوم يوم الجمعة منفرداً عند الجمهور، وعند بعضهم أنه محرم لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تصوموا يوم الجمعة إلا قبله يوم أو بعده يوم. " رواه الشيخان.
فإذا وافق عادة لبعض الناس أو كان يوم عرفة أو عاشوراء لم يكره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في لفظ مسلم: " إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم. " ومثله صيام يوم السبت عند الجمهور.
ومثال الصيام المحرم: صيام يومي العيد وهو مجمع على تحريمه، لقول عمر رضي الله عنه: (هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما) رواه البخاري ومسلم وغيرهما، واللفظ للبخاري.
ومثال ذلك صوم المرأة النفل بغير إذن زوجها وهو حاضر، كما صح ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1423(11/18315)
صيام أيام البيض..القائلون بسنيتها والقائلون بالكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت أنه ورد صيام ثلاثة أيام من كل شهر كما علمت أنه منهي عن ذلك (أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر) نرجو الإفادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صوم ثلاثة أيام من كل شهر ثابت بالأحاديث الصحيحة، منها ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر ... إلخ ومنها ما في صحيح مسلم عن معاذة العدوية رضي الله عنها أنها سألت عائشة رضي الله عنها، أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم.
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي ذر من كان منكم صائماً من الشهر ثلاثة أيام فليصم الثلاث البيض، قال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن، وفي سنن الترمذي والنسائي مثل ما في مسند الإمام أحمد، فقد جاء فيهما: إذا صمت من الشهر ثلاثاً فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. صححه الألباني في صحيح الجامع، وبهذه الأحاديث المفسرة لما في الصحيحين من الأمر بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأنها هي الثلاث البيض الآنفة الذكر، تعلم سنية صوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وأن من قال بعدم سنيته يرد عليه الدليل، فلا يلتفت إلى قوله ما دام الدليل قد قام على خلافه. وممن قال بسنية صيام ثلاثة من كل شهر، وكره كون هذه الثلاثة هي أيام الليالي البيض جمع من المالكية، وعليه درج خليل ابن إسحاق حيث قال: وكره كونها البيض. أي أيام الليالي البيض، ولكن الدليل قائم على خلاف قولهم كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(11/18316)
أقوال الفقهاء في من أفطر في التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إفطار المتنفل يوجب القضاء فقط بدون كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أفطر من صيام التطوع فإن عليه القضاء، لما روته عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أنا وحفصة صائمتين فعرض لنا طعام فاشتهيناه فأكلنا منه، فقالت: يا رسول الله إنا كنا صائمتين فعرض لنا طعام فاشتهيناه فأكلنا منه، فقال: اقضيا يومًا مكانه. رواه أبو داود وأحمد والترمذي في باب الصيام باب إيجاب القضاء عليه.
ومن أهل العلم من لم يوجب عليه القضاء، ولكن الأخذ بالقول بالوجوب أحوط، والحديث يكاد يكون نصًا فيه؛ لأن الأمر يحمل على الوجوب ما لم يرد صارف يصرف عنه، وقد قال لهما صلى الله عليه وسلم: اقضيا. وهي صيغة أمر، وهذا مذهب مالك ومن وافقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18317)
نية صوم النوافل ليست ملزمة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
الحمد لله نويت أن أصوم الاثنين والخميس والثالث والرابع والخامس عشر وشهر رمضان إن شاء الله.
أما السؤال فهو:-
هل إذا انقطعت عن صيام الاثنين والخميس والثالث والرابع والخامس عشر من شهر عربي يكون علي ذنب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك في ترك صيام ما نويت صيامه من النوافل، وانظر الفتوى رقم: 3473 والفتوى رقم: 17305
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(11/18318)
لا يثبت في فضل صيام شيء من رجب حديث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد حديث شريف على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم
يوم الإسراء والمعراج (سبعة وعشرون رجب) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث في صيام رجب، ولا في صيام شيء معين منه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجب حديث؛ بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها كذب) وقال ابن حجر: (لم يرد في فضل شهر رجب ولا صيامه ولا في صيام شيء معين منه، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة) .
إلا أنه قد رويت أحاديث في فضل صيام الأشهر الحرم -ورجب منها- وقد فصلنا الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 28322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1423(11/18319)
صيام الاثنين والخميس في رجب وشعبان فقط هل هو بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماالحكم فى صيام نافلة (الاثنين والخميس) فى شهري رجب وشعبان فقط دون غيرهما من الشهور العربية؟ وهل يعتبر هذا بدعه؟ جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يستحب صيام هذين اليومين في كل السنة ما لم يصادف الأيام التي نهى الشرع عن صيامها كأيام الأعياد والتشريق.
وقد ذكرنا بعضاً من النصوص التي تدل على استحباب صيامها في الفتوى رقم:
15163.
وقد وردت الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرهما في إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصيام في شعبان وكذا وردت أحديث في صيام الأشهر الحرم ورجب منها، وعلى هذا فلا بأس بالاقتصار على صيام هذين اليومين من هذين الشهرين، إلا أن أهل العلم قد اختلفوا في الصيام في النصف الثاني من شعبان لمن لم يصل صيامه بصيام النصف الأول منه، فذهب بعضهم إلى المنع، والصحيح جوازه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(11/18320)
سرد الصيام ... أم صيام داود
[السُّؤَالُ]
ـ[فأرجو أن تفتونا في جواز الصيام المتتابع أقصد في إمكانية صيام المسلم كل يوم هل هو جائز أم إذا أراد الصيام فبمعدل صيام يوم وإفطار يوم أفتونا آثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصيام المتتابع -وهو ما يسمى عند أهل العلم بصوم الدهر أو صوم الأبد- له حالتان:
الحالة الأولى: أن يصوم الإنسان جميع السنة بما فيها الأيام التي نهينا عن صومها وهي خمسة: العيدان، وأيام التشريق الثلاثة فهذا حرام، لما رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا صام من صام الدهر. " ولما رواه الترمذي وقال: حديث حسن من حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، كيف بمن صام الدهر؟ قال: "لا صام ولا أفطر - أو لم يصم ولم يفطر -.
"الحالة الثانية: أن يصوم الإنسان جميع السنة ويفطر أيام النهي، فهذه الحالة قد اختلف فيها أهل العلم هل هي الأفضل أم صوم يوم وفطر يوم؟.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - يرحمه الله - في مجموع الفتاوى 2/140: (فاستحب ذلك طائفة من الفقهاء والعباد فرأوه أفضل من صوم يوم وفطر يوم، وطائفة أخرى لم يروه أفضل، بل جعلوه سائغًا بلا كراهة، وجعلوا صوم شطر الدهر أفضل منه، وحملوا ما ورد في ترك صوم الدهر على من صام أيام النهي، والقول الثالث: وهو الصواب، قول من جعل ذلك تركًا للأولى أو كره ذلك، فإن الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم كنهيه لـ عبد الله بن عمرو عن ذلك، وقوله:" من صام الدهر فلا صام ولا أفطر. " وغيرهما صريحة في أن هذا ليس بمشروع.) انتهى
وقال ابن القيم - يرحمه الله -: تعليقًا على حديث: (" إن أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا.
"وهو نص في أن صوم يوم وفطر يوم أفضل من سرد الصيام، ولو كان سرد الصيام مشروعًا أو مستحبًّا لكان أكثر عملاً، فيكون أفضل إذ العبادة لا تكون إلا راجحة، فلو كان عبادة لم يكن مرجوحًا.) انتهى
وممن استحب تتابع الصوم من الفقهاء: الشافعية والمالكية قالوا: إن سرد الصوم أفضل من الصوم والفطر إذا لم يضعف بسببه عن شيء من أعمال البر مما هو أولى منه.
قال النووي في المجموع 6/442: (وحاصل حكمه عندنا أنه إن خاف ضررًا أو فوت حقًّا بصيام الدهر كره له، وإن لم يخف ضررًا ولم يفوت حقًّا لم يكره، هذا هو الصحيح الذي نص عليه الشافعي وقطع به المصنف والجمهور. انتهى
وممن ثبت عنه سرد الصوم -سوى أيام النهي الخمسة- من الصحابة والسلف: عمر بن الخطاب وابنه عبد الله، وأبو طلحة الأنصاري، وأبو أمامة، وامرأته، وعائشة رضي الله عنهم وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، ذكر ذلك البيهقي عنهم بأسانيده، ومنهم: سعيد بن المسيب، وأبو عمرو بن حماس، وسعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف التابعي، والأسود بن يزيد رضي الله عنهم.
فعن عروة أن عائشة رضي الله عنها: كانت تصوم الدهر في السفر والحضر. رواه البيهقي وقال النووي: إن إسناده صحيح.
وعن أنس قال: كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو، فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم لم أره مفطرًا إلا يوم الفطر أو الأضحى. رواه البخاري.
ولعل الراجح هو: أن صوم الدهر لا يكره إذا أفطر أيام النهي ولم يترك فيه حقًّا ولم يخف ضررًا، هذا مع أن الأفضل هو صوم يوم وفطر يوم، وإنما قلنا إن صوم الدهر بالقيود السابقة لا يكره وإن كان مفضولاً لما رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها: أن حمزة الأسلمي رضي الله عنه، سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني رجل أسرد الصوم، أفأصوم في السفر؟ فقال:" صم إن شئت وأفطر إن شئت. "
وموضع الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه سرد الصوم.
ولما رواه البيهقي بإسناد حسن عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن ألان الكلام وأطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام.
"وقد أجاب العلماء عن حديث: لا صام من صام الأبد. بأجوبة حسنة، ذكر منها الإمام النووي في المجموع 6/444 ثلاثة:
أحدها: أن المراد من صام الدهر حقيقة بأن يصوم معه العيد والتشريق، وهذا منهي عنه بالإجماع.
والثاني: أنه محمول على أن معناه أنه لا يجد من مشقته ما يجد غيره؛ لأنه يألفه ويسهل عليه، فيكون خبرًا لا دعاء، ومعناه: لا صام صومًا يلحقه فيه مشقة كبيرة، ولا أفطر، بل هو صائم له ثواب الصائمين.
والثالث: أنه محمول على من تضرر بصوم الدهر أو فوت به حقًّا. انتهى
ولكن ننبه -السائل الكريم- إلى أن القليل الدائم خير من الكثير المنقطع، ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1423(11/18321)
هل يفطر الصائم إبرارا لقسم أخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[مثلا أنا كنت صائماً في يوم نافلة وإذا بصديق لي يدعوني إلى غداء في منزله ويلح وقد أقسم بأني سوف آتي معه وهو لا يعلم أنني صائم فهل ألبي له دعوته وأفطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينَّا في فتاوى سابقة ما يفعله من دعي إلى طعام وهو صائم، فلتراجع الفتاوى التالية أرقامها:
11515
17305
11770.
وبينَّا أنه ينبغي للمدعو أن يفعل الأصلح، والأصلح في هذه الصورة أن يفطر - الأخ السائل - إبرارًا لقسم صديقه، ومن حق المسلم على المسلم إبرار قسمه، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فيما رواه مسلم في صحيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(11/18322)
طاعة الزوج مقدمة على صيام النفل
[السُّؤَالُ]
ـ[قررت أن أصوم يوماً وافطر يوماً وإذا طلبني زوجي في أي وقت ألبي رغبته ولو كنت صائمة أفطر وهو يعارضني في ذلك فما رأي الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل للمرأة أن تصوم نفلاً وزوجها حاضر إلا بإذنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه" رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري.
وقد عد بعض العلماء صيام المرأة نفلاً مع حضور زوجها بغير إذنه كبيرة، كما هو صنيع العلامة ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر.
فلا يحل للأخت السائلة أن تصوم نفلاً طالما أن زوجها لم يأذن لها، بل الواجب عليها طاعة زوجها، ولعل الله عز وجل أن يكتب لها أجر الصيام بالنية، بالإضافة إلى أجر طاعة زوجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(11/18323)
صيام رجب وشعبان متصلين لم يثبت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ماحكم صيام كلٍ من شهر رجب وشعبان بأكملهما الرجاء الرد جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صام شهراً بكامله غير رمضان، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان. متفق عليه
ولم يثبت في فضل صيام رجب وشعبان متصلين حديث يعتمد عليه، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد سبقت لنا عدة إجابات بالأرقام التالية:
11549
3928
5938
3512
3423.
ومنها يتبين لك ما يسن وما لا يسن صيامه من الأيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1423(11/18324)
من كان يصوم صيام داود هل يصوم البيض و ...
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يجمع المسلم بين صيامه التطوع فيصوم يوم بعد يوم ولا يفوت الاثنين والخميس ولا يفوت ثلاثة نصف الشهر ولا يفوت مناسبات الصيام أم أنه يجب أن يقتصر على صيام معين فلا يزيد على صيام يوم بعد يوم مثلا وإن كان على حساب صيام الاثنين أوالخميس وثلاثة نصف الشهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: صم من الشهر ثلاثة أيام، قال: أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال: صُم يوماً وأفطر يوماً فذلك صيام داود وهو أفضل الصيام، فقال: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال له: لا أفضل من ذلك. رواه البخاري ومسلم بألفاظ مختلفة، فهذا يدل على أن صيام يوم وإفطار يوم هو أفضل الصيام وأحب الصيام إلى الله، كما صح في الرواية الأخرى.
وأنه لا أفضل من ذلك حتى وإن قدر الشخص على الصيام أكثر من ذلك ولم يتضرر في نفسه وأهله، فالزيادة مفضولة، والأفضل والأحب الاقتصار على صيام داود عليه السلام.
لكن بقي السؤال عن: ماذا لو وافق من يصوم يوماً ويفطر يوماً في يوم فطره يوماً يُسَّن فيه الصوم كيوم عرفة أو عاشوراء، فهل يقتصر على صيام داود عليه السلام أم يصوم ذلك اليوم؟ يقول زكريا الأنصاري رحمه الله -وهو من أئمة الشافعية-: ولو صادف يوم فطره (الشخص الذي يصوم يوماً ويفطر يوماً) ما يُسُّن صومه كعرفة وعاشوراء، فالأفضل صومه ولا يكون صومه مانعاً من فضل صوم يوم وفطر يوم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1423(11/18325)
الصائم المتطوع أمير نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والحمد لله أصوم كل اثنين وخميس من كل أسبوع وأنا طالب في الجامعة وقد يصادف أنني أكون صائما ويعزمني صديقي لشرب القهوة أو الشاي أو أي شيء آخر، فهل أرفض؟ أو أن أقول له إنني صائم؟ وبهذا تعتبر رفضاً للعزومة، أو أن أقبل دون أي عوائق وأبطل صومي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلك أن تلبي دعوة صديقك وتشرب معه الشاي خاصة إذا كان في ذلك تطييب لخاطره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر" حديث صحيح رواه أحمد والترمذي عن أم هانئ رضي الله عنها
ولك أن لا تفطر، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطراً فليأكل، وإن كان صائماً فليصل". (أي: فليدع) أخرجه أحمد ومسلم وأصحاب السنن إلا النسائي عن أبي هريرة، قال الإمام النووي رحمه الله: (إن كان صومه فرضاً لم يجز له الأكل، لأن الفرض لا يجوز الخروج منه، وإن كان نفلاً جاز الفطر وتركه، فإن كان يشق على صاحب الطعام صومه فالأفضل الفطر وإلا فإتمام الصوم.) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1423(11/18326)
الدليل على أفضلية صيام عرفة على عاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل صيام يوم عرفة أم صيام يوم عاشوراء وما الدليل على ذلك إن أمكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء، لأن صيام يوم عرفة يكفر سنتين: السنة التي قبله والسنة التي بعده.
وصيام يوم عاشوراء يكفر سنة واحدة، يدل على ذلك الحديث الذي رواه مسلم عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ... صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله" قال ابن حجر في الفتح: (وظاهر أن صيام عرفة أفضل من صيام عاشوراء، وقد قيل في الحكمة في ذلك إن يوم عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام، ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك كان أفضل.) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1423(11/18327)
العلة في استحباب صوم الاثنين والخميس وأكثر شعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أجد في كتب شراح الأحاديث عن الفائدة في اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصوم يوم الاثنين والخميس حيث يحب أن تعرض الأعمال وهو صائم، وكذلك سر صومه صلى الله عليه وسلم للنصف من شعبان حيث يحب أن تكتب الآجال وهو صائم..أرجو الإفادة جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تعليله صيام يومي: الخميس والاثنين، وشهر شعبان حيث روى أحمد والترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم. "
وروى النسائي وأبو داود عن أسامة بمعناه.
وروى مسلم عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الاثنين فقال: " فيه ولدت، وفيه أنزل عليَّ "
وروى النسائي وأحمد واللفظ له عن أسامة بن زيد قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام يسرد حتى يقال: لا يفطر، ويفطر الأيام حتى لا يكاد أن يصوم إلا يومين من الجمعة، إن كانا في صيامه وإلا صامهما، ولم يكن يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان، فقلت: يا رسول الله، إنك تصوم لا تكاد أن تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما. قال: " إي يومين؟ " قال: قلت: يوم الاثنين ويوم الخميس، قال: " ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم " قال: قلت: ولم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال " ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم "
) ولا تعارض بين رفع الأعمال في يومي الاثنين والخميس ورفعها في شعبان، قال ابن القيم -رحمه الله- في تعليقه على سنن أبي داود: (رفع الأعمال وعرضها على الله تعالى: فإن عمل العام يرفع في شعبان كما أخبر به الصادق المصدوق، أنه ترفع فيه الأعمال فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم. ويعرض عمل الأسبوع يوم الاثنين والخميس -كما ثبت ذلك في صحيح مسلم- وعمل اليوم يرفع في آخره قبل الليل، وعمل الليل في آخره قبل النهار، فهذا الرفع في اليوم والليلة أخص من الرفع العام، وإذا انقضى الأجل رفع عمل العمر كله، وطويت صحيفة العمل.
وأما تعليل صيام يوم النصف منه بكتب الآجال ونسخها فلم يثبت فيه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1423(11/18328)
التوفيق بين إفطاره عليه الصلاة والسلام يوم عرفة وأمره بصيامه
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد حديثان في صحيح البخاري ينصان على أن السيدة عائشة (رضي الله عنها) أعطت النبي صلي الله عليه وسلم قدحاً من لبن في يوم عرفة فشربه (ولم يكن حاجا) وورد حديث في صحيح مسلم في فضل صيام يوم عرفة وأنه يكفر عاماً سابقاً وعاماً لاحقاً فكيف نوفق بين هذه الأحاديث؟
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لم يرد - فيما نعلم - عن عائشة ولا غيرها، لا في البخاري ولا غيره، أنها أعطت النبي صلى الله عليه وسلم قدحاً من لبن يوم عرفة فشربه، ولم يكن حاجاً.
وإنما الذي ورد في الصحيحين عن أم الفضل أنها أرسلت للنبي صلى الله عليه وسلم قدحاً من لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه، وليس فيه أنه لم يكن حاجاً، بل فيه أنه كان بعرفة. نعم، قد وردت روايات مطلقة ليس فيها ذكر "وهو واقف بعرفة"، ولكنها مبينة بالروايات الأخرى.
فعلى هذا، لا تناقض بين ما سبق وبين ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن: "صوم عرفة يكفر السنة الماضية والسنة الباقية" كما في صحيح مسلم، بل لو ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أفطر في يوم عرفة وهو غير حاج لما كان هناك تناقض، لأن صوم عرفة مستحب وليس بواجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(11/18329)
أفضل الصيام صيام داود عليه السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقي يصوم لشهرين متتابعين فهل هذا جائز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أفضل صيام التطوع هو ما سنه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كصيام يوم الاثنين والخميس، وصيام يوم عاشوراء، ويوم عرفة، وثلاثة أيام من كل شهر، وصيام ستة من شهر شوال، وصيام شهر المحرم كاملاً، وأكثر شهر شعبان، وإذا أراد العبد أن يداوم الصيام فأفضله أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عبد الله بن عمرو بن العاص: " فصم يوماً وأفطر يوماً، وذلك صيام داود عليه السلام، وهو أعدل الصيام قلت إني أطيق أفضل منه يا رسول الله قال لا أفضل من ذلك" متفق عليه.
وأفضليته في كونه غير شاق على النفس، وفيه الرفق بالبدن وعدم الإنهاك له.
وصيام شهر أو شهرين أو أكثر متتابعة لا شيء فيه، لكن ما قدمناه هو الأفضل، والأوجه أن يقال: إذا كان الصيام المتواصل سيؤدي إلى ضعف البدن بحيث يكون سبباً في عجزه عن القيام بما هو أفضل من صيام التطوع من حقوق الله وحقوق الخلق الواجبة، فيجب عليه حينئذ الإفطار، لأن النافلة ستكون سبباً في ضياع الفريضة، وإذا لم يؤثر عليه فهو فعل مشروع، لكنه يكون قد ترك الأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1423(11/18330)
النهي عن تقدم صيام رمضان ... ليس عاما
[السُّؤَالُ]
ـ[1-قرأت حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه أنه نهى عليه السلام تقديم صوم رمضان بيوم أويوميين إلا رجلاً تعود الصيام في يومي الاثنين والخميس...........على ضوء هذا الحديث فإني قد أخرت صيام قضائي إلى آخر شعبان حتى أني صمت اليومين ال29و30 فهل علي قضاء هذين اليومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صوماً فليصمه" متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
قال العلماء: معنى الحديث: لا تستقبلوا رمضان بصيام على نية الاحتياط لرمضان، إلا إن يكون له عادة من صيام نافلة كالاثنين أو الخميس، أو صيام كل شبعان، أو صيام يوم وإفطار يوم، فله أن يصوم، ومثله القضاء أو النذر، بل يتأكد صيامهما لوجوبه.
وقد علل بعض العلماء النهي بقولهم إن حكم الصيام معلق بالرؤية، فمن تقدمه بيوم أو يومين، فقد حاول الطعن في ذلك الحكم.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا هو المعتمد، ولا يرد عليه صوم من اعتاد ذلك، لأنه أذن له فيه، وليس من الاستقبال في شيء، ويلحق به القضاء والنذر لوجوبهما. انتهى.
واعلم أنه إذا لم يبق من أيام شعبان إلا قدر ما يكفي لقضاء ما يطالب به المرء من رمضان وجب عليه صيام تلك الأيام، قضاء لتلك الأيام التي يطالب بها، فإن لم يقض تلك الأيام حتى دخل رمضان لزمته كفارة مع القضاء، وقدرها إطعام مسكين عن كل يوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18331)
يؤجر المرء على إذنه لزوجته بصيام التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعاً إلا بإذن زوجها فهل إذا سمح الرجل لزوجته بالصيام تطوعاً يكون له أجر؟
جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعروف أن المرأة لا يحق لها أن تتطوع بصوم وزوجها حاضر إلا بإذنه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه" متفق عليه، واللفظ للبخاري.
قال الحافظ قوله: إلا بإذنه يعني في غير صيام أيام رمضان، وكذا في غير رمضان من الواجب إذا تضيق الوقت. ا. هـ.
وعند الدرامي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصوم المرأة يوماً تطوعاً في غير رمضان وزوجها شاهد إلا بإذنه".
وعند الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعاً إلا بإذنه، فإن فعلت لم يقبل منها".
وإنما منع صوم المرأة تطوعاً بغير إذن زوجها الحاضر لتأكد حقه عليها وأولويته على تطوعها بالصيام، فإذا ما تنازل عن حقه وسمح لها بالقيام بهذه الطاعة العظيمة بنية إعانتها عليها كان ممتثلاً، لقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) [المائدة:2] .
فيكون له أجر امتثال أمر الله تعالى، وأجر الإعانة على الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1422(11/18332)
وقت صيام ست من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام 6 أيام من شوال مباشرة بعد عيد الفطر أم أنتظر مرور 3 أيام بعد العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر".
قال الإمام النووي في شرح مسلم: (قال أصحابنا والأفضل أن تصام الستة متوالية عقب يوم الفطر فإن فرقها أو أخرها عن أوائل شوال إلى أواخره حصلت فضيلة المتابعة لأنه يصدق أنه أتبعه ستاً من شوال) .ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(11/18333)
الصيام ... تعريفه ... وأنواعه
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ماهو الصيام وماهي أنواعه؟
جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصيام شرعاً: هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج، أي المفطرات، من طلوع الفجر الصادق، إلى غروب الشمس مع النية، وينقسم إلى واجب ومستحب:
أما الواجب فهو صوم رمضان، وما يلزم الشخص من كفارات أو نذور.
أما الصوم المستحب فهو كثير؛ ومنه على سبيل المثال: ستة في شوال لمن صام رمضان، وصوم يوم عرفة لغير الحاج، وصوم عاشوراء، وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(11/18334)
أقوال أهل العلم في من جاءه ضيف وهو صائم تطوعا
[السُّؤَالُ]
ـ[1-إذا كان الصوم تطوعاً وقدم عليك ضيوف في البيت جاؤوك من سفر طويل فهل يجب أن تأكل معهم وتفطر من صومك أو أن ذلك مستحب؟ وكيف إذا كان هؤلاء الضيوف هم والداك وإخوتك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان صائما تطوعاً وقدم عليه ضيف ورأى أن ضيفه لا يتم إكرامه كاملا إلا بفطره، استحب له الفطر والقضاء متى تيسر له القضاء. قال الشربيني في "مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج": ولكن يكره الخروج منه -صوم التطوع- بلا عذر، لظاهر قوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) [محمد:33] وللخروج من خلاف من أوجب إتمامه، فإن كان هناك عذر كمساعدة ضيف في الأكل إذا عز عليه امتناع مضيفه منه، أو عكسه فلا يكره الخروج منه، بل يستحب، لخبر "وإن لزورك عليك حقاً" وخبر: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه" رواهما الشيخان، أما إذا لم يعز على أحدهما امتناع الآخر من ذلك، فالأفضل عدم خروجه منه، كما في المجموع."
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(11/18335)
أقوال الفقهاء في الصيام في شعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
هل صحيح أنه لا يجوز الصيام بعد منتصف شعبان إلا لمن عليه دين لقضائه؟
وهل صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم تسعة وعشرين يوماً من شعبان ولا يفطر إلا يوم الشك؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يكون رمضان".
وقد اختلف العلماء في هذا الحديث:
فصححه الترمذي وابن حبان والحاكم والطحاوي وابن عبد البر وآخرون.
وضعفه ابن مهدي وأحمد وأبو زرعة والأثرم وآخرون.
وقد أخذ بهذا الحديث الشافعية وبعض الحنابلة فقالوا: لا يصام بعد النصف من شعبان، إلا لمن كان له عادة بالصيام، كمن يصوم يوماً ويفطر يوماً، ومن اعتاد أن يصوم الاثنين والخميس، وصيام القضاء والنذر ونحو ذلك.
ولم يأخذ الجمهور بهذا الحديث وردوه بأحاديث منها:
1/ حديث أبي هريرة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه".
2/ حديث عائشة في الصحيحين قال: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان" زاد البخاري في رواية: "كان يصوم شعبان كله" ولمسلم في رواية: "كان يصوم شعبان إلا قليلاً" وفي رواية للنسائي: "كان أحب الشهور إليه أن يصومه شعبان كان يصله برمضان".
3/ عن أم سلمة وعائشة قالتا: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان إلا قليلاً، بل كان يصومه كله" رواه الترمذي.
4/ عن أم سلمة قالت: "ما رأيت رسول الله يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان" رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه.
5/ عن أسامة بن زيد قال: "قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة.
والحاصل أن المسألة محل خلاف قديم بين أهل العلم، وقد ساق كل فريق من الأدلة ما رأيت، ولعل الصواب في المسألة هو القول بعدم الكراهة مطلقاً، وهو القول الثاني، وبه قال الجمهور، كما مر، وذلك لأن الأحاديث التي استشهد بها أصحاب هذا القول منها ما هو مخرج في الصحيحين، بخلاف ما استدل به أصحاب القول الأول، والجمع بين هذه الأحاديث فيه تعسف إن لم يكن متعذرا، فينبغي العدول إلى الترجيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(11/18336)
الصائم إذا دعى إلى طعام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صمت تطوعا ودعيت إلى وليمة هل أفطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن دعي إلى طعام وكان صائماً صوماً غير واجب فالأفضل له أن يفعل ما يراه أصلح من إتمام الصوم مع الامتناع عن إجابة الدعوة، أو إتمام الصوم مع حضور الوليمة والمشاركة بالدعاء لأهلها، أو إجابة الدعوة وقطع الصوم بالأكل معهم.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائماً فليصل، وإن كان مفطراً فليطعم" رواه مسلم، ومعنى فليصل: فليدع لأهل الطعام بالبركة.
وأخرج ابن أبي شيبة أن ابن عمر "كان إذا دعي إلى طعام وهو صائم أجاب، فإذا جاءوا بالمائدة وعليها الطعام مد يده ثم قال: خذوا باسم الله، فإذا هوى القوم كف يده."
وأخرج أيضاً عن خرشة بن الحُرِّ قال: كنا عند ابن عمر فأتى بطعام فقال للقوم: اطعموا، فكلهم يقول إني صائم فعزم عليهم أن يفطروا فأفطروا.
وأخرج أيضاً عن أبي هريرة أنه قال: إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل: أنا صائم.
فعلم من جملة ما تقدم أن من دعي إلى طعام وهو صائم صياماً غير واجب فليفعل الأصلح من الخيارات الثلاثة.
قال ابن تيمية: (وأعدل الأقوال أنه إذا حضر الوليمة وهو صائم: إن كان ينكسر قلب الداعي بترك الأكل، فالأكل أفضل، وإن لم ينكسر قلبه، فإتمام الصوم أفضل، ولا ينبغي لصاحب الدعوة الإلحاح في الطعام للمدعو إذا امتنع، فإن كلا الأمرين جائز، فإذا ألزمه بما لا يلزمه كان من نوع المسألة المنهي عنها، ولا ينبغي للمدعو إذا رأى أنه يترتب على امتناعه مفاسد أن يمتنع، فإن فطره جائز، فإن كان ترك الجائز مستلزماً لأمور محذورة ينبغي أن يفعل ذلك الجائز، وربما يصير واجباً، وإن كان في إجابة الداعي مصلحة الإجابة فقط، وفيها مفسدة الشبهة، فالمنع أرجح.) ا. هـ
وعلى كلٍ، فإن من أفطر وهو صائم صوم تطوع لم يلزمه قضاء ذلك اليوم لقوله صلى الله عليه وسلم: "الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر" رواه أحمد والترمذي، ولحديث عائشة أنها قالت: "يا رسول الله أهدي إلينا حيس فقال أدنيه فقد أصبحت صائماً فأكل" رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(11/18337)
الحكمة من صيام ثلاثة أيام في الشهر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الحكمة من صيام 3 أيام من كل شهر، أيام البيض 13و14و15؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم عن أبي هريرة وأبي ذر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاهما بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وفي رواية الترمذي والنسائي عن أبي ذر أنها: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر.
ومن الفوائد والحكم في صيام ثلاثة أيام من كل شهر:
1-أنها تذهب أدران القلب، ففي السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صيام ثلاثة أيام من كل شهر تذهب وحر الصدر" (أي غله وحقده) .
2-أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر يعدل صيام الدهر، حيث أن الحسنة بعشر أمثالها.
3-أن الصوم يكسر الشهوة، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"
3- ذكر بعض الأطباء أن الجسم تصيبه في هذه الأيام رطوبة فيحتاج إلى إخراج الفضلات، والصوم يخرج تلك الفضلات أو بعضها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1422(11/18338)
صيام يوم وإفطار يوم أفضل الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي رغبة في الصيام ولكن لا أعلم إن كان هذا الصيام سينال قبولا عند الله أم لا؟ ... ولهذا فإني أريد أن أصوم ثم أفطر يوم ... باعتبار أن الصيام هذا إنما هو سنة لوجه الله وليس بفرض ... فهل هذا الصيام جائز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تريد أن تصوم يوماً وتفطر يوماً تطوعاً لوجه الله سبحانه وتعالى، فذلك أفضل الصيام، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص: "فصم يوماً، وأفطر يوماً، فذلك صيام داود عليه السلام، وهو أفضل الصيام"، فقال عبد الله بن عمرو: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا أفضل من ذلك" رواه البخاري.
وإذا صام المرء تطوعاً، ثم أفطر متعمداً، ولم يكمل يومه، فلا شيء عليه، لأن المتطوع أمير نفسه.
قال ابن عباس: (إذا صام الرجل تطوعاً، ثم شاء أن يقطعه قطعه) وهو مذهب أحمد والشافعي رحمهما الله.
أما بالنسبة لقبول الصيام عند الله، فنقول: مسألة القبول مردها إلى الله علام الغيوب الذي يعلم السر وأخفى، وعلى المسلم أن يخلص النية في العمل، وأن يأتي بالعمل موافقاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتسب أجر ذلك عند الله، وأن يحسن الظن بالله، فإنه جواد كريم، لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فلا يوسوس لك الشيطان بترك العمل الصالح مخافة عدم قبوله عند الله، بل اعمل واجتهد في العمل، وفقك الله لكل خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1422(11/18339)
أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأيام الواجب صيامها في شهر محرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب صوم شهر المحرم، ولا صوم يوم من أيامه، وإنما اختلف العلماء في صوم يوم (عاشوراء) هل كان واجباً قبل فرض رمضان أم لا؟ على قولين، لكن بعد فرض رمضان صار صوم عاشوراء مستحباً، قال الإمام الشوكاني: ونقل ابن عبد البر الإجماع على أنه ليس الآن بفرض، والإجماع على أنه مستحب.
ومن الأدلة على استحباب التطوع بالصيام في شهر المحرم قوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" رواه مسلم وأصحاب السنن.
كما يستحب صوم يوم عاشوراء مع تاسوعاء، أو صوم عاشوراء مع يوم قبله ويوم بعده أو الاكتفاء به وبيوم قبله أو به وبيوم بعده مخالفة لليهود، ويجزئ صومه منفرداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1422(11/18340)
مراتب صوم يوم عاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الأفضل في صيام عاشورا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أنه قال: " حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا يا رسول الله: إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فإذا كان العام المقبل إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع. قال: فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه مسلم (كتاب الصيام، باب أي يوم يصام في عاشوراء) .
وعند الإمام أحمد في المسند، والبيهقي في السنن عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود: صوموا قبله يوماً، وبعده يوماً". قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد والبزار وفيه محمد بن أبي ليلى. وفيه كلام.
وعند الإمام أحمد أيضاً وابن خزيمة "صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" كما عزاه ابن القيم في زاد المعاد، وفي سنده ابن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ.
وبناء على هذه الأحاديث المتقدمة وغيرها تكون مراتب صوم يوم عاشوراء ثلاثة: قال الإمام ابن القيم (فمراتب صومه ثلاثة: أكملها: أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم. وأما إفراد التاسع، فمن نقص فهم الآثار، وعدم تتبع ألفاظها وطرقها، وهو بعيد من اللغة والشرع، والله الموفق للصواب) زاد المعاد لابن القيم (2/75) وقد ذكر هذه المراتب الحافظ ابن حجر في فتح الباري (4/311) فارجع إليها إن شئت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1422(11/18341)
حكم صوم عشر ذي الحجة لمن نوى الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[الشخص الذي ينوي الحج هل يصوم العشر ذي الحجة قبل السفر وهو مقيم في بيته أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيندب لغير الحاج صوم التسعة الأيام الأولى من شهر ذي الحجة وخصوصاً يوم عرفة سواء كان ناوياً الحج أم لا ويندب لمن أحرم بالحج صوم الثمانية الأيام دون التاسع وإنما كره أهل العلم صوم يوم عرفة للحاج لأن ذلك يضعفه عن الوقوف والاجتهاد في الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1421(11/18342)
استحباب صيام تسع ذي الحجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الصيام من بداية ذي الحجة إلى اليوم التاسع منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب صيام التسع الأولى من ذي الحجة لأن الصوم من جملة الأعمال الصالحة التي رغب الرسول صلى الله عليه وسلم فيها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء" رواه البخاري.
وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومها ففي سنن أبي داود والنسائي وغيرهما عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر) . وأما قول عائشة رضي الله عنها: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط) وفي رواية (لم يصم العشر) رواه مسلم. فقال النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم (4/328) (قال العلماء: هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا: الأيام التسعة من ذي الحجة، قالوا: وهذا مما يتأول، فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابا شديداً، لا سيما التاسع منها..... .. فيتأول قولها: لم يصم العشر، أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائماً فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/18343)
حكم إفراد الجمعة في صيام ست من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إفراد يوم الجمعة في صيام الست من شوال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإفراد يوم الجمعة بالصيام مكروه عند جمهور أهل العلم، فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" رواه مسلم.
فيكره التطوع بالصيام يوم الجمعة منفرداً به عن بقية الأيام، ولو كان من صيام الست من شوال لأن صيام الست من شوال من باب التطوع فيدخل في عموم النهي.
فإن وصله بيوم قبله أو يوم بعده أو وافق عادة له كمن يصوم يوماً ويفطر يوماً، أو وافق يوم الجمعة يوماً استحب صيامه كصيام عرفة، أو نذر أن يصوم يوم يقدم فلان، أو يوم شفاء فلان فوافق يوم الجمعة فلا حرج في صيامه لانتفاء علة التخصيص. وقد رأى بعض أهل العلم جواز الإفراد بل واستحبه، ولعل من قال ذلك لم يبلغه خبر النهى كما ذكر النووي في شرحه لصحيح مسلم، وقال ابن عابدين: (ثبت بالسنة طلبه والنهي عنه، والآخر منهما النهي لأن فيه وظائف، فلعله إذا صام ضعف عن فعلها) انتهى.
وعن الحكمة في النهى عن إفراده بالصيام مع جواز صيامه مع يوم قبله أو يوم بعده، أو عند موافقة عادة له يقول النووي رحمه الله: قال العلماء: والحكمة في النهى عنه: أن يوم الجمعة يوم دعاء وذكر وعبادة، من الغسل والتبكير إلى الصلاة وانتظارها واستماع الخطبة وإكثار الذكر بعدها لقوله تعالى (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً) [سورة الجمعة الآية:10] وغير ذلك من العبادات في يومها، فاستحب الفطر فيه، فيكون أعون له على هذه الوظائف وأدائها بنشاط وانشراح لها، والتذاذ بها من غير ملل ولا سآمة، وهو نظير الحاج يوم عرفة بعرفة فإن السنة له الفطر كما سبق تقريره لهذه الحكمة، فإن قيل: لو كان كذلك لم يزل النهي والكراهة بصوم قبله أو بعده لبقاء المعنى؟ فالجواب: أنه يحصل له بفضيلة الصوم الذي قبله أو بعده ما يجبر ما قد يحصل من فتور أو تقصير في وظائف يوم الجمعة بسبب صومه، فهذا هو المعتمد في الحكمة في النهي عن إفراد صوم الجمعة) انتهي من شرح صحيح مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1421(11/18344)
صوم التطوع لا يكون قضاء عن رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد شهر رمضان نويت صيام ست أيام شوال بعد ذلك تبين لي أنه يجب أن أصوم الأيام التي أفطرتها بالعذر الشرعي؟ فما رأيكم هل يحسب لي ست أيام شوال أم قضاء أيام الإفطار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتعيين النية في صوم الفرض شرط في صحته في مذهب مالك والشافعي وأحمد في رواية، وهو الراجح لأن الصوم عمل، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الأعمال بالنيات"متفق عليه ((وإنما)) تفيد الحصر. ومعنى تعيين النية في الواجب أن ينوي أنه يصوم غداً من رمضان، أومن قضائه أو كفارة أو نذر، وعليه فما صمته لا يحتسب من قضاء رمضان بل هو على ما نويته من صيام ست من شوال، ويجوز على الراجح تقديم صوم الست من شوال على قضاء رمضان وإن كان الأفضل تقديم القضاء. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(11/18345)
الجمع بين فضيلتي صوم داود عليه السلام وصوم الاثنين والخميس
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يريد أن يصوم يوماً ويفطر يوماً مع المحافظة على صيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع حيث إنه يقوم بصيام السبت - والاثنين - والأربعاء - والخميس وهكذا بحيث يكون صوم الاربعاء ثابتا من كل أسبوع حتى يتمكن من مصادفة صيام الاثنين والخميس. فهل عمله هذا جائز أم غير جائز؟ وإذا كان غير جائز فما هو توجيهكم لهذا الشخص، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأفضل الصيام صيام داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً. كما ثبت في الحديث المتفق عليه
ولكن من أحب أن يجمع بين الفضيلتين، وهو صيام يوم، وإفطار يوم، وصيام الاثنين والخميس، فقد حصَّل خيراً كثيراً، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم" رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب، وهو عند النسائي بلفظ قريب منه.
وعليه فلا حرج في ذلك، بل هو من المسارعة في الخيرات. وفقنا الله وإياك لطاعته، ووقانا شر معصيته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رمضان 1421(11/18346)
حكم صيام يوم السبت مفردا أو مع غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام يوم السبت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في صوم يوم السبت: فمنهم من قال بعدم كراهته وأطلق، ومنهم من فصل فقال: إن أفرد فهو مكروه، وإن جمع مع يوم الأحد بعده أو يوم الجمعة قبله فلا كراهة في ذلك، وهذا هو الأقرب لما أخرجه النسائي عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد، وكان: يقول إنهما يوما عيد للمشركين، وأنا أريد أن أخالفهم، ولما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده" والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1421(11/18347)
إفراد الجمعة بالصيام في شهر رجب
[السُّؤَالُ]
ـ[كما نعلم أن في رجب يستحب الصيام فهل يجوز صيام الجمعة أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالمنهي عنه هو إفراد يوم الجمعة بصيام، أو تخصيص ليلها بقيام، لكن يجوز صوم الجمعة في حالين:
الأولى: إذا صام قبلها يوماً أو بعدها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده) رواه البخاري.
الثانية: إذا كان له عادة يصومها، كأن يوافق الجمعة عاشوراء فيصومه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا تختصَّوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدكم" رواه مسلم، وعليه فإنه يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم فإن وصله بيوم قبله أو بعده أو وافق عادة له بأن نذر أن يصوم يوم شفاء مريضه فوافق يوم الجمعة لم يكره لهذه الأحاديث، قاله النووي وهذا شامل لإفراد الجمعة في رجب وفي غيره.
وعليه؛ فلا بأس بصيام الجمعة من رجب بذلك القيد ولو منفرداً، على أن الأفضل ألا يفرد بالصيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1421(11/18348)
إكثار الصيام في شهر شعبان سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا افادكم الله عن الصيام في شهر شعبان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرص على صيام أكثر أيام شعبان.
أخرج النسائي وأبو داود وابن خزيمة عن أسامة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " وهو حديث صحيح.
وفي صيام شعبان تفصيل:
أولا: من كان له عادة في الصيام قبل شهر رمضان، أو كان عليه نذر صيام في هذا الشهر، أو كان عليه قضاء من شهر رمضان السابق فهذا لا حرج عليه إن صام أول الشهر أو وسطه أو آخره.
ثانيا: أما من لم تكن له عادة صيام ولا شيء مما تقدم ذكره، فقد ذكر بعض أهل العلم أنه لا يصوم إلا من أول الشهر حتى منتصفه فقط. وهذا يعرف عند العلماء بـ "مبتدئ التطوع" ويستدلون بحديث أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يكون رمضان" حسنه الترمذي والسيوطي. ولا يعترض على هذا بالحديث المتفق عليه: "لا تَقدَّموا رمضان بصوم يوم ولا يومين" بدعوى أن هذا يفهم منه جواز الصيام قبل رمضان بأكثر من يومين، وعليه فيجوز الصيام في النصف الثاني منه. وإنما كان هذا الاعتراض مدفوعاً لأن دلالة المعترض هنا دلالة مفهوم ودلالة الحديث السابق دلالة منطوق، ودلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم.
والحكمة من النهي عن الصوم بعد منتصف شعبان والنهي عن صوم يوم الشك هو سد ذريعة التعمق في العبادة وذلك أن الصوم فيهما إما قريب من رمضان أو متصل به واتخاذ المتعمقين له سنة أو عادة ومواظبتهم عليه ربما يفضي إلى اعتقاد وجوبه فيؤدي ذلك إلى التحريف والزيادة ومن المعلوم أن الغلو في الدين والتعمق فيه أمر مذموم والشارع لا يقره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1421(11/18349)
لا بأس بصيام يوم عاشوراء إن صادف يوم السبت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صيام يوم عاشوراء لو وافق يوم السبت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصوم المندوب إليه - شرعاً - لا يترك لموافقته يوماً يكره أن يفرد بالصيام لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه". رواه مسلم، فدلّ الحديث على أن من اعتاد صياماً ثابتاً ثم وافق ذلك يوماً يكره الصيام فيه منفرداً، فإنه يصومه ولا حرج عليه في ذلك.
ويوم عاشوراء قد ورد الحديث بالأمر بصيامه ويستحب أن يضيف إليه صيام التاسع من المحرم مخالفة لليهود لأنهم يفردون العاشر بالتعظيم، فإذا وافق يوم عاشوراء يوم السبت تأكدت إضافة التاسع لأن هذا اليوم سيكون معظماً عند اليهود من وجهين ونحن مطالبون بمخالفتهم، والحديث المشار إليه هو ما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال: " إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع"، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1421(11/18350)
صيام شهر رجب غير مسنون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام شهر رجب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
يجوز الصيام في أي شهر من شهور السنة، ولكن الأحاديث والأخبار الواردة في فضل رجب ضعفها العلماء من أهل الحديث، فالأولى أن يصوم الإنسان الأيام والأوقات التي وردت فيها الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كما في شعبان وأيام الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر وعاشوراء وعرفة وذي الحجة العشر الأول منه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18351)
يجوز للصائم تطوعا أن يفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الدليل على جواز التراجع عن صيام التطوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد رغب الشرع في التطوع بالأعمال لزيادة الأجر وللتقرب إلى الله، وإذا شرع العبد في صوم التطوع فلا يجب عليه الإتمام ولا القضاء إن أفطر، لقول عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله أهدي إلينا حيس، فقال:"أدنيه فقد أصبحت صائما فأكل" رواه مسلم، وزاد النسائي:"إنما مثل المتطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها".
وقال صلى الله عليه وسلم: "الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر" رواه أحمد والترمذي، وقال العجلوني في كشف الخفاء: إسناده صحيح، وصححه الألباني ولكن من شرع في نافلة صوم يستحب له الإتمام لقوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) [محمد: 33] .
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1422(11/18352)
الأيام التي يستحب صيامها ثبت ذكرها في السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ما هي الايام التى يستحب فيها الصيام في السنة الهجرية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت أحاديث كثيرة فيها بيان الأيام التي يستحب للمسلم فيها الصيام وهذه الأيام هي:
- ستة أيام من شوال فعن أبي أيوب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فذاك صيام الدهر" رواه مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي ورواية أحمد من حديث جابر.
- أيام عشر ذي الحجة: فعن حفصة رضي الله عنها قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء والعشر وثلاثة أيام من كل شهر والركعتين قبل الغداة. رواه أحمد والنسائي. والمرد بعشر ذي الحجة التسعة الأولى فقط وليس العاشر داخلًا فيها لأنه يوم العيد فصيامه محرم.
- وصيام يوم عرفة لغير الحاج: فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صوم يوم عرفة يكفر سنتين: ماضية ومستقبلة وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية " رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. وروى أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفات.
- ومنها: أيام شهر الله المحرم: لما في صحيح مسلم والسنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه أنه صلى الله عليه وسلم سئل: أي الصيام بعد رمضان أفضل؟ قال: شهر الله المحرم. ومنها: صيام عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر محرم ويضاف إلى العاشر التاسع لما رواه أحمد ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما صام رسول الله يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال: " إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع" فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تقدمت قبل إشارة إلى فضله في حديث أبي قتادة.
- ومنها أيام شهر شعبان فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان كان يصومه إلا قليلاً. متفق عليه.
- ومنها ثلاثة أيام من كل شهر كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة وأبي ذر رضي الله عنهما وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم وصاهم بركعتي الضحى والوتر قبل النوم والصوم ثلاثة أيام من كل شهر. والأفضل أن تكون الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ومنها صيام الاثنين والخميس فعن عائشة رضي الله عنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام الاثنين والخميس، والحديث في السنن وغير ذلك من الأعلام.
هذا ومما ينبغي أن يعلم أن الأيام التي يستحب صيامها كثيرة فلو اقتصر المسلم على جزء منها وحافظ عليه كان ذلك خيراً له من صيامه جملة واحدة ثم الانقطاع عنها كلية فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عمل عملاً أثبته. رواه مسلم ومعنى أثبته: داوم عليه.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18353)
يكره إفراد يوم السبت بالصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إفراد يوم السبت بصوم؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
...
فيكره إفراد يوم السبت بالصيام، لحديث عبد الله بن بسر عن أخته رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغه" رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي. وذلك لأن اليهود يعظمون يوم السبت، وقد أمرنا بمخالفة أهل الكتاب، وإنَّمَا قيد هذا بحالة الإفراد مراعاة للأدلة الأخرى الدالة على الجواز. فإن لم يفرد ذلك اليوم ووصله بما قبله أو بما بعده، أو وافق يوماً يعتاده كمن يصوم يوماً ويفطر يوما، أو وافق يوم عرفة، أو عاشوراء فلا كراهة، وكذا إن وجد سبب آخر كمن نذر أن يصوم يوماً يقدم فيه غائبه أو يشفى فيه مريضه، فوافق يوم السبت مثلا فإن له صومه.
إضافة إلى أن حديث عبد الله بن بسر في النهي عن إفراد يوم السبت مختلف في تصحيحه وتضعيفه، وقد نقل الإمام ابن القيم عن الإمام مالك أنه قال عن الحديث: هذا كذب.
قال ابن القيم: ذكره عنه أبو داود، قال الترمذي: هو حديث حسن.
وقال أبو داود: هذا الحديث منسوخ، وقال النسائي: هو حديث مضطرب، وقال جماعة من أهل العلم: لا تعارض بينه وبين حديث أم سلمة، فإن النهي عن صومه إنما هو عن إفراده، وعلى ذلك ترجم أبو داود، فقال: باب النهي أن يخص يوم السبت بالصوم.. زاد المعاد (2/79) . والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1421(11/18354)
لم يثبت في السنة تخصيص يوم النصف من شعبان بصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تخصيص صيام اليوم الخامس عشر من شعبان بالصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: لم يأت في سنة النبي صلى الله عليه وسلم القول بصيام يوم الخامس عشر من شعبان ولا فعله الصحابة الكرام ولا من تبعهم بإحسان، إذ هو أمر محدث ولو كان خيراً لفعله من هو خير منا وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه مسلم. لكن إذا كان للشخص برنامج ثابت في الصوم فصادف الخامس عشر من شعبان فلا حرج في صومه كمن يفطر يوما ويصوم أو من يصوم أيام الليالي البيض أو من يصوم الخميس والاثنين أو من نذر نذراً فصادفه أو غير ذلك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18355)
هل لشهر رجب خصوصيات
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو فضل شهر رجب؟ وهل الأحاديث الواردة في أن الأعمال ترفع في هذا الشهر صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شهر رجب من الأشهر الحرم التي قال الله عنها: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم) [التوبة: 36] . ويسمى رجب الفرد، لوقوعه منفرداً عن بقية الأشهر الحرم الثلاثة (ذو القعدة ـ ذو الحجة ـ محرم) . ويسمى رجب مضر، لأن مضر هي التي كانت تعظمه وتحرمه ففي الصحيحين عن أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ.
وقد كان أهل الجاهلية يذبحون في هذا الشهر ذبيحة تسمى العتيرة، فجاء الإسلام وأبطلها، قال صلى الله عليه وسلم: (لا فرع ولا عتيرة) . متفق عليه. ولم يثبت من الخصوصيات التي يعتقدها بعض الناس في رجب شيء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجب حديث. بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها كذب.) وقال ابن حجر رحمه الله: (لم يرد في فضل شهر رجب ولا صيامه ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة. وأما من صام من شهر رجب صياما كان يعتاده لأحاديث أخرى كصيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، أو صيام الاثنين والخميس، أو صيام يوم وإفطار يوم دون تخصيص لهذا الشهر بذلك فلا حرج فيه.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1421(11/18356)
لا يصح صيام من أكل أو شرب وهو عالم بدخول وقت الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص كان بنيته الصيام يوم الخميس، واستيقظ ولم يسمع أذان الفجر، نظر إلى الساعة وعلم أن وقت الفجر دخل، إلا أنه قام بشرب الماء وأكل بعض الطعام (كسحور) ليتقوى به على طول نهار ذلك اليوم. كل ذلك ولم ير تفاريح الصباح. فهل يتم صيام ذلك اليوم النافله ويكون صيامه صحيحا، أم يفطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
ما دام قد أكل وشرب وهو عالم بدخول وقت الفجر فلا صوم له قطعاً، لأن الله جل وعلا شرع صوم جميع أجزاء النهار في قوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل) . [البقرة: 187] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18357)
يستحب صوم المحرم، وفي غيره من الأشهر الحرم خلاف
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يستحب الصيام فى الأشهر الحرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد استحب جمهور الفقهاء صيام الأشهر الحرم لما رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للباهلي "صم من الحرم واترك" ثلاث مرات. وتكلمت طائفة من أهل العلم في صحة هذا الحديث وقالوا: لا يستحب صيام الأشهر الحرم بعينها إلا المحرم فقط، لما ثبت في صحيح مسلم والسنن أن النبي صلى الله عليه سلم قال: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل".
والراجح هو ما ذهب إليه جماهير الفقهاء وعملاً بالحديث.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(11/18358)
تخصيص يوم الجمعة بالصيام منهي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم صيام يوم الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتخصيص يوم الجمعة بصيام، أو تخصيص ليلتها بقيام دون بقية الأيام منهيٌ عنه إلا إذا صام قبل الجمعة أو بعدها … كأن يصوم الخميس أو السبت معها. ففي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدكم". والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18359)
اقض الصيام أولا ثم صم ستا من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[بقي علينا من صيام رمضان يوم واحد وأرغب في صيام الستة من شوال فهل يجوز صيامها قبل القضاء مع جزيل الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
إذا كان المراد: أنك بقي عليك يوم من قضاء رمضان وترغب في صيام ست من شوال فهل تبدأ بقضاء اليوم أم بصيام الست؟ فالجواب هو أن الثواب المترتب إنما يكون لمن صام جميع رمضان، ومن بقي عليه يوم لا يعد صائما للجميع كما هو ظاهر الحديث:" من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر". [رواه مسلم] . وعلى هذا فابدأ بقضاء اليوم ثم بعد ذلك صم الست ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18360)
صيام النصف الثاني من شعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو الآتي: هل يحرم الصيام في النصف الثاني من شهر شعبان؟ وهل جاء ذكره في كتاب رياض الصالحين؟
مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ابتداء الصيام في النصف الثاني من شعبان مختلف في جوازه بين أهل العلم، وخلاصة القول فيه أن من كان له عادة في الصيام أو كان عليه نذر صيام أو كان عليه قضاء من شهر رمضان السابق فهذا لا حرج عليه إن صام أول شعبان أو وسطه أو آخره، أما من لم تكن له عادة صيام ولا شيء مما تقدم ذكره فقد ذكر بعض أهل العلم أنه لا يشرع له ابتداء الصيام في النصف الثاني من شعبان لكن لو وصله بصيام بعض النصف الأول جاز له ذلك، قال المناوي في فيض القدير عند كلامه على حديث: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا، اختلف في التطوع بالصوم في النصف الثاني من شعبان على أربعة أقوال: أحدها الجواز مطلقا يوم الشك وما قبله سواء صام جميع النصف أو فصل بينه بفطر يوم أو إفراد يوم الشك بالصوم أو غيره من أيام النصف، الثاني قال ابن عبد البر وهو الذي عليه أئمة الفتوى لا بأس بصيام الشك تطوعا كما قاله مالك، الثالث عدم الجواز سواء يوم الشك وما قبله من النصف الثاني إلا أن يصل صيامه ببعض النصف الأول أو يوافق عادة له وهو الأصح عند الشافعية، الرابع يحرم يوم الشك فقط ولا يحرم عليه غيره من النصف الثاني وعليه كثير من العلماء. انتهى
وقال في عون المعبود شرح سنن أبي داوود: قال الحافظ في الفتح قال القرطبي لا تعارض بين حديث النهي عن صوم نصف شعبان الثاني والنهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين وبين وصال شعبان برمضان والجمع ممكن بأن يحمل النهي على من ليست له عادة بذلك ويحمل الأمر على من له عادة حملا للمخاطب بذلك على ملازمة عادة الخير حتى لا يقطع. انتهى ملخصا.
ومن الأحاديث المشار إليها هنا قوله صلى الله عليه وسلم: إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا. هذه رواية الترمذي وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم. رواه البخاري وغيره، وقول عائشة رضي الله عنها: كان يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان. رواه ابن ماجه، قال الشيخ الألباني رحمه الله: حسن صحيح، وقد ذكر النووي رحمه الله تعالى بعض هذه الأحاديث في كتاب رياض الصالحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(11/18361)
حكم صيام سنة كاملة بما فيها أيام العيد والتشريق
[السُّؤَالُ]
ـ[ارتكبت الكثير من المعاصي بيني وبين الله وبعضها مع الناس من شذوذ وفطر بعض أيام من كل رمضان بلا عذر أؤدي فرضاً من الصلاة وأترك فرضين ومعظم الأوقات أؤديها بلا وضوء مجاملة للناس في المكان الذي أتواجد فيه، ومعاشرة زوجتي من الدبر أحياناً وأوقات الحيض أحياناً أخر أؤمن بكرم الله سبحانه وتعالى ولا أأمن مكره فالله عفو غفور شديد العقاب سألتجئ إليه بالتوبة والدعاء والاستغفار عساه جل في علاه أن يرحمني برحمته وأن يشملني بعطفه وكرمه سؤالي: أنوي في مشوار توبتي أن أنذر صوم عامٍ كامل متواصل طيلة أيامه بما في ذلك أيام الجمع والعيدين ابتداءً من أول محرم إلى آخر ذي الحجة مع نيتي بإذن المولى عزوجل أن أقوم أيضاً خلال هذه السنة بالعمرة في رمضان والحج وسيدخل ضمن أيام الحج فترة نذري بهذا الصوم أيضاً عسى الله أن يكفر به عن ذنوبي ومعاصي ويقبلني في عباده الصالحين وأن يسترني يوم العرض كما سترني في الأرض فما الحكم؟
جزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نحمد الله تعالى أن وفق الأخ السائل للتوبة ونبشره بقول الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} ,واعلم أن التوبة تجُبُّ ما قبلها وتمحو الذنوب السابقة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني، وانظر لزاماً الفتوى رقم: 57184.
وأما ما يتعلق بنذر صيام سنة كاملة.. فاعلم أولاً أن النذر في أصله مكروه؛ لما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئاً، إنما يستخرج به من البخيل. هذا في إنشاء النذر وابتدائه، وأما إذا نذر فإنه يلزمه الوفاء به إلا أن يكون نذر معصية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. رواه البخاري
وأما نذر صيام سنة كاملة بما في ذلك أيام العيد وأيام التشريق.. فاعلم أنه يحرم صوم يوم العيد؛ لما رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الفطر والنحر. وكذلك يحرم صوم أيام التشريق إلا عن دم متعة وقران للحاج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيام التشريق أيام أكل وشرب. رواه مسلم
فلا يجوز لك صوم يومي العيدين وأيام التشريق، ولا يحرم صوم غيرها من أيام السنة، وانظر الفتوى رقم: 2231، حول ما يلزمك نحو ما أفطرته من رمضان عمداً من غير عذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1426(11/18362)
صيام السبت بين السنة والكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة هذا الحديث: الذي مفاده: لا تصوموا يوم السبت ولو كان يوم عرفة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على حديث بهذا اللفظ، ولكن قد ورد النهي عن إفراد يوم السبت بصوم غير مفروض، وهو نهي كراهة، إلا إذا كان إفراده لسبب ككونه يوافق يوم عرفة فلا يكره، وعلى ذلك المذاهب الأربعة. والحديث هو ما رواه عبد الله بن بسر عن أخته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه. رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(11/18363)
من عزم على صوم الجمعة والسبت ولم يصم السبت
[السُّؤَالُ]
ـ[نوت والدتي صيام الأيام الثلاثة من محرم وصامت بالفعل يوم 9 ولكن أصيبت بهبوط في السكر يوم 10 وأفطرت، هل يجوز صوم يوم 11، مع العلم بأنه يوم 9 كان جمعة، ونعلم أنه منهي عن صوم يوم الجمعة منفرداً؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكره إفراد الجمعة بصوم نفل إلا إذا وافق يوما يعتاد الإنسان صومه كعاشوراء أو عرفة فلا كراهة في ذلك، وكذا لو صام يوم الجمعة بنية أن يصوم بعده يوم السبت ثم لم يصم لعذر فلا كراهة في ذلك، وأما لو لم يصمه لغير عذر ففيه خلاف، قال علي الشبراملسي في حاشيته على نهاية المحتاج: بقي ما لو عزم على صوم الجمعة والسبت معا، أو السبت والأحد معا ثم صام الأول وعَنَّ له ترك اليوم الثاني، فهل تنتفي الكراهة أو لا؟ فيه نظر، والأقرب الثاني لأنه لا يشترط لكراهة الإفراد قصده قبل الصوم، وإنما المعنى أنه إذا صام السبت كره الاقتصار عليه سواء قصده أولاً أو لا.
وما دامت والدتك لم تستطع صوم يوم عاشوراء لمرض فيندب لها قضاؤه، مع العلم بأن يوم الجمعة قيل إنه هو يوم عاشوراء في هذه السنة وليس اليوم التاسع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(11/18364)
حكم صيام يوم عيد للكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام يوم 25 من شهر ديسمبر الموافق لعيد ميلاد المسيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإفراد يوم عيد من أعياد الكفار بصيام مكروه ما لم يوافق عادة كصوم يوم الإثنين أو الخميس ونحو ذلك. قال الكاساني في بدائع الصنائع: يكره صوم يوم السبت بانفراده, لأنه تشبه باليهود, وكذا صوم يوم النيروز, والمهرجان, لأنه تشبه بالمجوس, وكذا صوم الصمت وهو أن يمسك عن الطعام, والكلام جميعا, لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، ولأنه تشبه بالمجوس, وكره بعضهم صوم يوم عاشوراء وحده لمكان التشبه باليهود, ولم يكرهه عامتهم, لأنه من الأيام الفاضلة, فيستحب استدراك فضيلتها بالصوم.ا. هـ. وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى: ويكره صوم يوم النيروز وهو: اليوم الرابع من فصل الربيع، وصوم يوم المهرجان ومعناه: روح السنة, وهو: اليوم التاسع من فصل الخريف, قال الزمخشري: لما فيه من موافقة الكفار في تعظيمها، ويكره إفراد كل عيد لكفار بصوم, أو كل يوم يفردونه بتعظيم, ذكره الشيخان وغيرهما, إلا أن يوافق عادة فلا كراهة.ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1426(11/18365)
يكره الصمت عن الكلام يوما من غير حاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع أن أصوم يوما عن الكلام، أن لا أتكلم حتى المساء, وما أجر ذلك عند الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكره الصمت عن الكلام يوما من غير حاجة تدعو لذلك، قال الإمام النووي في المجموع: قال المصنف في التنبيه وغيره من أصحابنا: يكره صمت يوم إلى الليل للصائم ولغيره من غير حاجة؛ لحديث علي رضي الله عنه قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل. رواه أبو داود بإسناد حسن، وعن قيس بن أبي حازم قال: دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم! فقال: ما لها لا تتكلم؟، فقالوا: حجت مصمتة، فقال لها: تكلمي فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت. رواه البخاري في صحيحه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(11/18366)
من صام قضاء في الأيام المنهي عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[ولدت زوجتي والحمد لله قبل رمضان الماضي وهي الآن تقضي أيام رمضان التي أفطرتها فصامت أيام عيد الأضحى بما فيها يوم العيد فما حكم صيامها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز صوم يوم الفطر ويوم الأضحى، ولا أيام التشريق، وهي ثلاثة أيام بعد عيد الأضحى، لما في الصحيحين عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن صوم يومين: يوم الفطر ويوم النحر. وفي لفظ لأحمد والبخاري: لا صوم في يومين، ولمسلم: لا يصح الصيام في يومين.
وعن كعب بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق فناديا أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام منى أيام أكل وشرب. رواه أحمد ومسلم.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أنادي: أيام منى أنها أيام أكل وشرب ولا صوم فيها، يعني أيام التشريق. رواه أحمد.
وعن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم خمسة أيام في السنة: يوم الفطر ويوم النحر، وثلاثة أيام التشريق. رواه الدارقطني. وعن عائشة وابن عمر قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي. رواه البخاري، وله عنهما أنهما قالا: الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة، فإن لم يجد هديا ولم يصم صام أيام منى.
وعليه، فصوم زوجتك لهذه الأيام عن قضاء رمضان لا يجوز ولا يجزئها عن القضاء، ولا إثم عليها إن كانت جاهلة بحرمة صوم هذه الأيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(11/18367)
حكم صوم الثالث عشر من ذي الحجة لمن اعتاد صوم أيام البيض
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تعودت صيام ثلاثة أيام من وسط كل شهر عربي تطوعا لله عز وجل وطاعة لوصية الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم. تواجهني كل عام حيرة من كيفية صيام اليوم الثالث عشر من ذي الحجة وهو من أيام التشريق التي هي أيام أكل وشرب وذكر لله. والسؤال هل صيام ثلاثة أيام لمن تعودها تجوز على أيام شهر ذي الحجة أم يتم تعويضها بأيام تالية لها بنفس الشهر كصيام الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من كلام أهل العلم أن أيام التشريق لا يجوز صومها إلا للمتمتع الذي لم يجد الهدي، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 18245. وأيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي بعد يوم عيد الأضحى كما في الفتوى رقم: 41059. وبالتالي فعليك أن تتحاشى صوم اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة. فمتى صمت ثلاثة أيام من الشهر حصل الأجر والثواب إن شاء الله تعالى، ولو كانت غير أيام البيض التي أشرت إليها. قال النووي في المجموع: وثبتت أحاديث في الصحيح بصوم ثلاثة أيام من كل شهر من غير تعيين لوقتها، وظاهرها أنه متى صامها حصلت الفضلية، وثبت في صحيح مسلم عن معاذة العدوية أنها سألت عائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم، قالت: قلت: من أي أيام الشهر؟ قالت: ما كان يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1425(11/18368)
يحرم صوم يوم عيد الفطر وعيد الأضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صيام عيد الفطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحرم صوم يوم عيد الفطر وعيد الأضحى بالاتفاق، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 41059.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(11/18369)
صيام يوم الشك بين المشروعية والكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهرت الرؤية في مصر وأفادونا بأن يوم الخميس الموافق 14/10/2004 هو اليوم المتمم لشهر شعبان وسوف يكون الصيام بإذن الله يوم الجمعة الموافق 15/10/2004 وقد صام أحد الزملاء يوم الخميس وهو اليوم 30 من شهر شعبان (ما حكم الصيام في هذا اليوم) أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 43100، اختلاف العلماء في مشروعية صيام يوم الشك، وهو اليوم المتمم الثلاثين من شعبان إذا لم ير هلال رمضان يوم التاسع والعشرين من شعبان بالليل، وأكثر العلماء على أن صومه مكروه إذا صامه الشخص معتقدا أنه قد يكون من رمضان، والأصل في النهي عنه ما رواه البخاري وأبو داود والنسائي والترمذي عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه قال: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. وعليه فإن كان زميلك صام هذا اليوم احتياطا أن يكون من رمضان فليستغفر الله تعالى، ولا يعود لمثل هذا، وإن كان صامه تطوعا أو قضاء أو كان يسرد الصوم أو صادف نذرا فلا بأس بما فعل، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 54724.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(11/18370)
الصوم للمسافرإذا شق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[سأسافر براً لأداء فريضة الحج، هل يجوز صوم العشرة الأوائل من ذي الحجة بالطريق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز الصوم للمسافر إذا لم تكن فيه مشقة، أما إذا كانت في الصوم مشقة فليس من البر الصيام في السفر، فيكره الصيام إذا كان فيه إجهاد للمسافر ومشقة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7176، 40240، 3810.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(11/18371)
من عزم على صوم الجمعة والسبت معا فصام الأول دون الثاني
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
والسلام عليكم ... وبعد:
كنت بدأت في صيام 6 أيام من شوال، فبدأت يوم الاثنين حتى يوم الأربعاء، لكني لم أصم يوم الخميس وصمت الجمعة وكان في نيتي أن أصوم يوم السبت، لكني لم أصمه لعذر ما، فهل صيامي ليوم الجمعة وحده مقبول أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيكره إفراد صيام يوم الجمعة ولو عن الست في شوال، كما بيناه في الفتوى رقم: 6724.
ولكن لو صامه شخص بنية الست صح صومه وأجزأه عن يوم منها، وتنتفي الكراهة إذا صامه وكان عازماً على صوم الست بعده، ثم بدا له عدم الصوم، على الراجح من أقوال أهل العلم القائلين بكراهة إفراد يوم الجمعة.
قال الشرواني: لو عزم على صوم الجمعة والسبت معاً أو السبت والأحد معاً، ثم صام الأول وعنَّ له ترك اليوم الثاني، فهل تنتفي الكراهة أو لا؟ فيه نظر والأقرب الثاني -أي الكراهة-، إذ لا يشترط لكراهة الإفراد وقصده قبل الصوم، وإنما المعنى أنه إذا صام السبت كره الاقتصار عليه سواء قصده أو لا (قاله علي الشبراملسي،) وهذا مخالف لما في الإيعاب عن المجموع عبارته قال في المجموع: وينبغي أن العزم على وصله بما بعده يدفع كراهة إفراده إذا طرأ له عدم صوم ما بعده ولو لغير عذر، وإلا لزم الحكم بكراهة الفعل بعد انقضائه لانتفائها حال التلبس به، ما دام عازماً على صوم ما بعده وهو بعيد.، وترجيح النووي هذا هو الراجح عندنا.
وما دمت تركت صوم السبت بعذر فنرجو أن تزول الكراهة بفضل الله ورحمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1424(11/18372)
الأيام التي يحرم الصيام فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحرم صيام أيام عيد الفطر الثلاثة أم أول يوم فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يحرم صومه في شوال هو يوم الفطر فقط، وهو أول يوم في شهر شوال، وأما ما سواه فلا حرج في صومه، بل استحب كثير من الفقهاء ابتداء صوم الست من شوال من ثاني أيام شهر شوال تحقيقاً للمتابعة الواردة في قوله عليه الصلاة والسلام: من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كمن صام الدهر. رواه مسلم.
ويحرم صوم يوم الأضحى وهو يوم العاشر من ذي الحجة والثلاثة الأيام التي بعده وهي أيام التشريق، إلا لمن لم يجد الهدي، وهذا مذهب الحنابلة والمالكية والقديم عند الشافعية، أما الجديد عندهم وهو مذهب أبي حنيفة فيحرم صوم أيام التشريق حتى لمن لم يجد الهدي، والقول الأول أظهر لما رواه البخاري عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي. وذكر النووي رحمه الله في شرح مسلم أن ابن المنذر حكى عن الزبير بن العوام وابن عمر وابن سيرين جواز صومها تطوعاً وغيره، ولكن الحديث السابق الذكر يرد هذا القول.
وننبه الأخ السائل إلى أن عيد الفطر يوم واحد وليس ثلاثة أيام كما يزعم بعض العوام في بعض البلدان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/18373)
مدى مشروعية الصيام عن الكلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يصوم عن الكلام يوما أو أكثر كصيام النبي زكريا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس للمسلم أن يعبد الله إلا بما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الدارمي وأحمد عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " والذي نفس محمد بيده؛ لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم عن سواء السبيل، ولو كان حياً وأدرك نبوتي لا تبعني ". والتقرب إلى الله بالصمت ليس مما شرعه لنا النبي صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري وغيره أن رجلاً من الصحابة يقال له أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه ". قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وفي حديثه أن السكوت عن المباح ليس من طاعة الله اهـ.
وهذا إذا كان المراد أن يصوم عن الكلام على سبيل الاقتداء بنبي الله زكريا عليه السلام، أو يريد التقرب إلى الله بالصمت عن المباح، وأما لو كان يترك الكلام امتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث الشيخين عن أبي هريرة " ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ". فإن ذلك يكون عبادة جليلة، وفاعله مأجور إن شاء الله.
ثم اعلم أن صيام زكريا عليه السلام عن الكلام لم يكن تعبداً، وإنما هو علامة جعلها الله له ودليلاً على حمل زوجته، قال تعالى حكاية عنه لما بشر بالولد: (قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً)
(آل عمران: من الآية41) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(11/18374)
حكم تخصيص آخر يوم من السنة الهجرية بصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صيام آخر يوم في السنة الهجرية بدعة؟ مع العلم بأنه بقصد إنهاء السنة بفعل خير يرجى منه تكفير الذنوب الرجاء الرد سريعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتخصيص ذلك اليوم بالصيام واعتقاد أن له فضلاً مخصوصاً بدعة لا ينبغي الوقوع فيها، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، إلا أن يوافق ذلك اليوم صياماً كان يصومه الشخص فلا بأس.
وقد شرع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أياماً نصومها سبق ذكرها في الفتوى رقم: 3423، ونصوم ما قدرنا على صيامه من غير اعتقاد أمر معين وإنما لفضل الصيام وقصد الحصول على أجره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(11/18375)
أيام مكروه صيامها.. وحكم صوم يوم رأس السنة الهجرية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأيام الواجب صيامها (سنة مؤكدة) وما حكم صيام رأس السنة الهجرية ومنتصف رجب وخلافه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب صيام شيء من الأيام إلا شهر رمضان، وقد يجب الصيام بأسباب أخرى وهي القضاء والنذر وبعض الكفارات، أما التطوع فهو مستحب كله مثل صيام يوم عرفة، ويوم عاشوراء، ويوم تاسوعاء، وصيام الاثنين والخميس، والثلاثة البيض من كل شهر قمري (13-14-15) وصيام يوم وإفطار يوم، وست من شوال، ولكن صيام بعض هذه الأيام آكد من بعض أي أشد استحباباً وأكثر أجراً، فآكدها صوم يوم عرفة لغير الحاج، ثم صوم يوم عاشوراء، ثم صيام ست من شوال.
وورد في فضلها أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم في صوم يوم عرفة وصوم يوم عاشوراء: "صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية." حديث صحيح رواه الإمام أحمد عن أبي قتادة، وقال صلى الله عليه وسلم في الست من شوال: "من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر." رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه وأحمد والترمذي.
أما صيام رأس السنة الهجرية فهو بدعة لعدم النص عليه؛ إلا أن يوافق صوماً يصومه، وكذلك من وافق صيامه أياماً من رجب ولا يخصص يوماً منه بالصوم مثل النصف منه لأن الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة، قال ابن حجر رحمه الله: (لم يرد في فضل شهر رجب ولا صيامه ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة.) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/18376)
صيام يوم الجمعة قضاء لا حرج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة ورزقت بابنة في شهر رمضان الفائت وأفطرت رمضان بأكمله. الآن عمر ابنتي 4 أشهر وأقوم برضاعتها، وأحاول قدر المستطاع أن أقضي ما علي من صيام مع العلم أنني امرأة عاملة أيضا ولدي ثلاثة أبناء غير الطفلة الصغيرة. سؤالي هو هل أستطيع صوم يوم الجمعة مفردا حيث إنه يوم راحتي الوحيد مع العلم أنني لا أستطيع صوم يومين متتاليين بسبب إرضاعي للطفلة أفيدوني أفادكم الله ...
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام؛ إلاّ أن يكون في صوم يصومه أحدكم".
وهذا الحديث دليل على كراهة إفراد يوم الجمعة بصيام، وقد استثنى النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ما إذا وافق صوماً يصومه المكلف.
وعليه، فنقول للأخت: صيام الجمعة مفرداً صحيح، ولكنه مكروه، فإن قدرت على أن تصومي قبله أو بعده فذاك أفضل حتى تزول الكراهة، فإن لم تقدري فصومي يوم الجمعة قضاءً عما فاتك من الصيام، ولا حرج في ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1423(11/18377)
الصحيح كراهة إفراد يوم السبت أو الأحد بالصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز صيام يوم السبت او يوم الأحد منفردا ان لم يكن من ايام شهر رمضان الفضيل؟ وتفضلو بقبول فائق الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصوم يوم السبت أو يوم الأحد منفردين مكروه على الصحيح من قولي أهل العلم خلافاً لمن ذهب إلى تحريمه. والدليل على كراهة صوم يوم السبت منفرداً ما رواه أحمد وأبو داود عن الصماء بنت بسر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصوموا يوم السبت إلا في فريضة وإن لم يجد أحدكم إلا عود كرم أو لحاء شجرة فليفطر عليه) . وأما كراهة صوم يوم الأحد منفرداً فلما رواه ابن خزيمة في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد كان يقول: (إنهما يوم عيدٍ للمشركين وأنا أريد أن أخالفهم) فدل هذا أنه لابد أن يصام مع يوم الأحد يوم قبله أو يوم بعده إلا إذا وافق يوماً كان يصومه وممن ذهب إلى كراهته الشافعية والأحناف ويستظهر من نص الحنابلة أنه يكره صيام كل عيد لليهود والنصارى أو يوم يفردونه بالتعظيم إلا أن يوافق عادة. والسبب في أن الجمهور حملوا النهي على الكراهة هو ما استدلوا به من حديث صيام داود عليه السلام أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً. قالوا: دلَّ هذا على أن من صام يوماً وأفطر يوماً لابد أن يفرد السبت أو الأحد بصوم. وهذا تخريج قوي وله حظ من النظر. وهذا الحكم أيضاً يندرج تحته صيام يوم الجمعة منفرداً. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1421(11/18378)
احذري من تأخير صلاة الصبح إلى طلوع الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[أصحو أحيانا متأخرة عن صلاة الفجر فهي تقام الساعة الرابعة صباحا, وأنا أصحو الساعة الخامسة وأرضع بناتي التوأم قبل أن أصلي فتكون الشمس قد طلعت, فأقوم بصلاة الفرض فقط هل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحفاظ علي الصلاة في وقتها مما لا يجوز لمسلم أن يفرط فيه، وقد قال أمير المؤمنين عمر – رضي الله عنه – لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة أخرجه مالك في الموطأ، وتوعد الله تعالي من يترك الصلاة حتي يخرج وقتها بقوله: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً {مريم:59} ، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} فاحذري من أن تتركي الصلاة حتي يخرج وقتها فمرتكب هذا الذنب على خطرٍ عظيم، بل هذا الذنب أكبر من الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس باتفاق المسلمين – نقله ابن القيم في أول كتاب الصلاة -، واحرصي على الاستيقاظ لصلاة الفجر قبل طلوع الشمس، فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ووقت صلاة الصبح ما لم تطلع الشمس. أخرجه مسلم، وقد اتفق المسلمون على أن وقت الصبح يخرج بطلوع الشمس، ويجب عليكِ أن تقدمي فريضة الصبح علي إرضاع بنتيك ولا تشتغلي بإرضاعهما حتى يخرج الوقت، إذا كنت لا تخشين عليهما ضررا معتبرا شرعا بتأخرهما عن الرضاع، وإلا وجب تقديم رضاعهما، وإذا غلبتك عيناك ولم تستيقظي إلا بعد طلوع الشمس فلا حرج عليك حينئذ في التأخير. ونسأل الله أن يوفقنا وإياكِ لما فيه رضاه,
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(11/18379)
الاعتكاف في المسجد الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب الالتزام بمكان محدد في الحرم المكي أثناء اعتكاف العشر الأواخر، أم أستطيع التنقل داخل الحرم وتغيير المكان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاعتكاف هو لزوم المسجد للعبادة، وقد اتفق العلماء على أنه لا يصح إلا في مسجد، كما سبق في الفتوى رقم: 55592.
وعليه فإن كان السائل يقصد بقوله الحرم المكي المسجد الحرام فلا يجب عليه الالتزام بمكان معين منه، وله أن يتنقل داخله، ما دام داخل المسجد، وقد استحب بعض أهل العلم للمعتكف أن يمكث بآخر المسجد ليبعد عمن يشغله بالحديث، قال الشيخ أحمد الدردير ممزوجاً بنص خليل في مختصره في الفقه المالكي في باب الاعتكاف: وندب مكثه بآخر المسجد ليبعد عمن يشغله بالحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1426(11/18380)
وقت بداية الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف وقت بداية الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان هل هو من فجر اليوم العشرين أم من مغرب اليوم العشرين أم من فجر اليوم الواحد والعشرين
أم من أي وقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 55211، أن وقت الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان يبدأ قبل غروب الشمس ليلة الحادي والعشرين، وقيل يبدأ بعد صلاة الفجر يوم الحادي والعشرين، فالرجاء مراجعة الفتوى المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(11/18381)
الاعتكاف في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاعتكاف من يوم 17 من رمضان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 25670، أن الاعتكاف مشروع مرغب فيه، وأن للمسلم أن يعتكف متى شاء، في أي ليلة شاء، وأن أفضل الاعتكاف ما كان في العشر الأواخر من رمضان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(11/18382)
الفرق بين الخلوة والاعتكاف في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الاعتكاف والخلوة في رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاعتكاف الشرعي كما عرفه العلماء هو لزوم المسجد بقصد التعبد لله عز وجل، وهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع، فأما الكتاب فلقوله تعالى: وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {البقرة:187} ، وأما السنة فلأحاديث كثيرة ثابتة في الصحيحين وغيرهما تدلُ على ثبوت الاعتكاف من فعله صلى الله عليه وسلم، وأما الإجماع فقد قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضاً، إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذراً، فيجب عليه. انتهى.
والاعتكاف سنة في العشر الأواخر من رمضان وهذا متفق عليه بين أهل العلم، وقد يسمى الاعتكاف جواراً كما ثبتت تسميته بذلك في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها، وإنما شرع الاعتكاف لإصلاح النفس وتهذيبها وقطع العلائق بينها وبين الخلق، فيخلو الإنسان بربه ويجتهدُ في محاسبة نفسه.
وأما مصطلح الخلوة فلم يستعمله أهل العلم بمعنى الاعتكاف فيما نعلم، فالأولى استعمال المصطلحات الشرعية التي تتابع عليها العلماء ولا داعي لإحداث مصطلحات أخرى لا تفهم مدلولاتها، إذا الخلوة أخص من الاعتكاف من وجه، فالمعتكف قد ينفرد بنفسه وقد لا ينفرد، ومن ثم قد تحصل مع الاعتكاف خلوة وقد لا تحصل، والخلوة أعم من الاعتكاف من وجه إذ تكون في المسجد وفي غير المسجد، وهي إن كانت للذكر والعبادة خالية من الابتداع فهي مستحبة، قال الإمام النووي رحمه الله: الخلوة شأن الصالحين وعباد الله العارفين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(11/18383)
الاعتكاف ... مشروعيته وأقسامه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الاعتكاف متى يكون؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع العلماء على مشروعية الاعتكاف لما روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يومًا.
وقد اعتكف أزواجه وأصحابه معه في حياته، واستمر حالهم على فعل ذلك بعد موته صلى الله عليه وسلم.
وذكر العلماء أن الاعتكاف ينقسم إلى مسنون وواجب، فالمسنون: ما كان تطوعًا من العبد لله تعالى طلبًا للثواب، ويتأكد ذلك في رمضان، وخاصة العشر الأواخر منه.
أما الاعتكاف الواجب فهو ما أوجبه الإنسان على نفسه بنذر، كأن يقول: لله عليَّ أن أعتكف يوم الخميس.
أما بخصوص متى يكون فهو مشروع في جميع أيام السنة كلها، إلا أن أهل العلم اختلفوا في أقله، وراجع أقوالهم في الفتوى رقم: 16390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(11/18384)
حكم الاعتكاف في خيمة مبنية في رحبة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجزئ الاعتكاف في الخيمة بحيث نقوم بنصب خيمة صغيرة في حرم المسجد ولكن خارج المسجد، علما أن الخيمة لا تبعد عن المسجد سوى مترين أو ثلاثة أمتار وذلك في العشر الأواخر من رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يصح الاعتكاف في الخيمة المبنية في رحبة المسجد التابعة له المضافة إليه بتحجير ونحوه لأنها في حكمه، أما ما ليس محجورا ولا مضافا إلى المسجد فلا يصح الاعتكاف فيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الخيمة مبنية في رحبة المسجد التي لها حكمه من كونها محجورة بما يدل على أنها منه بحيث يكون عليها حائط وباب فيجوز الاعتكاف فيها لأنها والحالة هذه من المسجد، وإلا فلا يصح الاعتكاف فيها، ولبيان مذاهب العلماء في حكم وشروط الاعتكاف تراجع الفتوى رقم: 49641.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1428(11/18385)
حكم اعتكاف الرجل والمرأة في مسجد البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أجلس أعتكف في البيت بين صلاة العصر إلى أذان المغرب، وذلك لأن الإمام يغلق المسجد، فما حكم هذا العمل، وهل يجوز قطع الأهل إذا استيقن الشخص وجود الضرر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة الاعتكاف أن يكون في مسجد ولو غير جامع، سواء كان المعتكف رجلاً أو امرأة، وقيل يصح للمرأة أن تعتكف في مصلى بيتها وكذا الرجل، والصواب أنه لا يصح، قال الله تعالى: وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ {البقرة:187} ، فبين أن محل الاعتكاف هو المسجد، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: لا يصح الاعتكاف من الرجل ولا من المرأة إلا في المسجد، ولا يصح في مسجد بيت المرأة ولا مسجد بيت الرجل، وهو المعتزل المهيأ للصلاة، هذا هو المذهب، وبه قطع المصنف والجمهور من العراقيين.
وحكى الخراسانيون وبعض العراقيين فيه قولين: (أصحهما) وهو الجديد هذا، (والثاني) وهو القديم: يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وقد أنكر القاضي أبو الطيب في تعليقه وجماعة هذا القول، قالوا: ولا يصح في مسجد بيتها قولاً واحداً، وغلَّطوا من نقل فيه قولين، وحكى جماعات من الخراسانيين أنا إذا قلنا بالقديم إنه يصح اعتكافها في مسجد بيتها ففي صحة اعتكاف الرجل في مسجد بيته وجهان: (أصحهما) لا يصح. انتهى.
وأما غلق المسجد في غير أوقات الصلاة فالأصل عدمه إلا إذا كان في غلقه مصلحة معتبرة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 63687.
وأما اعتزال الأهل في وقت معين للخلوة بالنفس ومحاسبتها أو للقراءة وطلب العلم وذكر الله ونحو ذلك فلا مانع منه، وكذا لو ترتب على مخالطتهم ضرر أو منكر ولم يكن حضورك سبباً في إزالته وتغييره، فإنه يجوز بل قد يجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1427(11/18386)
حكم اعتكاف البنت بدون رغبة أبويها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل يجوز للمرأة الاعتكاف في المسجد أم لا؟ وهل يصح اعتكافها إن كان بدون رغبة والديها؟ وأرجو توضيح أحكام الاعتكاف وكيفيته. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 22785، مشروعية الاعتكاف للرجل والمرأة على السواء، إلا أن اعتكاف المرأة مقيد بعدم الفتنة، فإن خيفت الفتنة لم يجز، ومن مظان خوف الفتنة اعتكافها في مسجد لا يوجد به مكان مخصص للنساء،، لما في ذلك من تعريضها للرجال الذاهبين والقادمين؛ أما بخصوص عدم رغبة الوالدين في اعتكاف ابنتهما فإن كان اعتكافا غير واجب ومنعا منه فلا تجوز مخالفتهما لأن طاعتهما واجبة والاعتكاف تطوع، والواجب مقدم على غير الواجب، ولا سيما إذا كان منعهما إياها خشية عليها من التعرض لما يكره، أو شفقة أو نحو ذلك، فإن خالفتهما واعتكفت صح اعتكافها وعصت بسبب مخالفة والديها، وإن لم يمنعا من ذلك إلا أنهما لا يرغبان فيه جاز لها أن تعتكف.
أما الاعتكاف فهو لزوم المسجد للعبادة، وقد أوضحنا صفته ومدته وشروطه في الفتوى رقم: 23690، والفتوى رقم: 49641، ولبيان مبطلاته يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 57602،
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1427(11/18387)
لا اعتكاف إلا في مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز أن يعتكف المسلم في بيته بسبب إقفال المساجد خارج أوقات الصلاة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 55592، والفتوى رقم: 22785،عدم صحة الاعتكاف إلا في المسجد سواء كان المعتكف رجلاً أو امرأة، وعليه فينبغي لك إذا أردت الاعتكاف أن تبحث عن مسجد يمكنك المكث فيه باستمرار، ولك أن تنوي الاعتكاف في أي مسجد شئت بقدر مكثك فيه لأنه لا يشترط يوم كامل أو ليلة لصحة الاعتكاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1426(11/18388)
مبطلات الاعتكاف
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت معتكفا في رمضان الماضي إلا أني كنت أخرج إلى الدوام وأحيانا لقضاء حاجة الأسرة وأحيانا لأشياء قد لا تكون ضرورية وفي إحدى الليالي التي خرجت فيها وقعت على زوجتي فماذا يترتب على ذلك من جهة الاعتكاف، وهل التحذير الوارد في الآية ينطبق على هذه الحالة أم على الاعتكاف التام (بدون خروج من المعتكف)
وماذا يجب أن أفعله؟ أفيدونا بالتفصيل جعل الله الجنة دارنا جميعا وحياكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن الاعتكاف أقله ما يطلق عليه اعتكاف عرفا، وراجع تفصيل كلام أهل العلم في الفتوى رقم: 16390.
فإذا كنت -مثلا- تنوي الاعتكاف ساعة أو بعض يوم، فإذا تمت تلك المدة وخرجت فلا حرج عليك فيما تقوم به من مبطلات الاعتكاف كالجماع عمدا، لأن اعتكافك قد انتهى.
أما إن كنت نويت الاعتكاف مدة كيوم أو ليلة أو غيرهما، فعليك إتمام المدة المذكورة، ويبطل الاعتكاف إذا ارتكبت في أثنائه بعض ما يبطله.
ومن الأمور التي يبطل بها الاعتكاف:
1- الخروج إلى ما يمكن الاستغناء عن الخروج إليه.
ففي مطالب أولي النهى للرحيباني أثناء ذكره بعض مبطلات الاعتكاف: أو خرج المعتكف كله لما له منه بد بلا عذر ولو قل زمن خروجه بطل اعتكافه لتركه اللبث بلا حاجة أشبه ما لو طال.
2- الوطء. قال المرداوي في الإنصاف وهو حنبلي: إن وطئ عامدا فسد اعتكافه إجماعا، وإن كان ناسيا فظاهر كلام المصنف فساد اعتكافه أيضا وهو الصحيح من المذهب. انتهى
وقال الشافعي في الأم: ولا يفسد الاعتكاف من الوطء إلا ما يوجب الحد، لا تفسده قبلة ولا مباشرة ولا نظرة. انتهى.
وفي حاشية الصاوي المالكي: وبطل بوطء، فإن وطئ عمدا أو سهوا بطل اعتكافه. انتهى.
والآية الكريمة قد اشتملت على نهي عام عن الوطء في حق كل من شرع في الاعتكاف.
قال الإمام ابن كثير في تفسيره: عن ابن عباس: هذا في الرجل يعتكف في المسجد في رمضان أو في غير رمضان، فحرم الله عليه أن ينكح النساء ليلا أو نهارا حتى يقضي اعتكافه. انتهى.
وقال القرطبي في تفسيره: بين جل تعالى أن الجماع يفسد الاعتكاف، وأجمع أهل العلم على أن من جامع امرأته وهو معتكف عامدا لذلك في فرجها أنه مفسد لاعتكافه.
والاعتكاف ليس بواجب، بل هو نافلة من النوافل. قال القرطبي أيضا: وأجمع العلماء على أنه ليس بواجب، وهو قربة من القرب، ونافلة من النوافل، عمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأزواجه، ويلزمه إن ألزمه نفسه. انتهى. يعني بالنذر.
ومن فسد اعتكافه لا يلزمه قضاؤه إلا إذا كان نذر اعتكاف مدة معينة وأفسده، فيجب عليه استئنافه. قال المرداوي في الإنصاف: وإن خرج لما له منه بد في المتتابع لزمه استئنافه، يعني سواء كان متتابعا بشرط كمن نذر اعتكاف شهر متتابعا أو عشرة أيام متتابعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1425(11/18389)
مذاهب العلماء في حكم وشروط الاعتكاف في المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بدعة منع الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة
هذه إحدى البدع التي طالعتنا بها بعض طوائف هذا الزمان ... حيث زعموا أن الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة؛ الحرم ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والأقصى،بدعة ... وعطلوا بذلك شعيرة من شعائر الدين. وأفرغوا المساجد من عمارها، وحرموا الناس من خير كبير.
ومستند هؤلاء هو ما روي عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: \" لقد علمتَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، أو قال: في مسجد جماعة \".
قال الشوكاني (النيل 4/269) : أخرجه ابن أبي شيبة، لكن لم يذكر المرفوع منه ... وهذا يدل على أنه لم يستدل على ذلك بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ... وأيضا الشك الواقع في الحديث مما يضعف الاحتجاج ... اهـ
قال ابن حزم (المحلى 5/195) : هذا الشك من حذيفة أو ممن دونه، ولا يقطع على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشك.اهـ
قلت: والدليل على جواز الاعتكاف في كل المساجد، بلا استثناء، قول الله تعالى:
(وأنتم عاكفون في المساجد) فعمّ تعالى ولم يخصص.
وقول عائشة رضي الله عنها فيما رواه البيهقي وغيره:
\" السنة فيمن اعتكف أن يصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة \". وروا هـ أبو داود بلفظ: \" إلا في مسجد جامع \"
وروى أيضا عن ابن عباس قوله: \" إن أبغض الأمور إلى الله تعالى البدع، وإنّ من البدع الاعتكاف في المساجد التي في الدور \"
وقد مر من حديث حذيفة أن عبد الله بن مسعود قال له حينما أنكر الاعتكاف في المساجد عامة:
\" لعلك نسيت وحفظوا \"
قال الهيثمي في (الزوائد 3/173) : رواه الطبراني في (الكبير) ورجاله رجال الصحيح.اهـ
فترك الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، إهدار للسنة واستهتار بهدي السلف، وتخريب لبيوت الله.
قال الله تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) الآية.
ومنشأ كل هذه الأحكام القصور في الفهم، والعجز عن إدراك فحوى النصوص، وعدم التمكن من وسائل الفقه ... فما أقبح الجهل، فإنه لا يزال بصاحبه حتى يزيّن له الباطل، ويلبّسه عليه حتى لكأنه الحق الأبلج
(لقد قرأت هذا الكلام لبعض الفقهاء, فهل هوصحيح؟ أرجو التعليق على هذا المقال بشيء من الإسهاب , هل للشيخ الألباني فتوى في هذا الموضوع ولكم جزيل الشكر.) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط الاعتكاف أن يكون في مسجد، واتفقوا على صحته في المساجد الثلاثة، وهي المسجد الحرام بمكة، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، والمسجد الأقصى، وفي كل مسجد جامع، إلا ما نقل عن حذيفة بن اليمان تخصيصه بالمساجد الثلاثة، وسعيد بن المسيب بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وعطاء بمسجد مكة، ولكن قال الإمام النووي فيما نقل عن سعيد بن المسيب: (وما أظن أن هذا يصح عنه) . وهي كما ترى حكايات عن أفراد، وفي صحة بعضها عنهم نظر، والمحفوظ عن الأئمة من أهل الاجتهاد خلاف ذلك، فالأخذ بذلك متعين، واختلفوا فيما عدا ذلك من المساجد، والراجح جواز ذلك، وإليك مذاهب أهل العلم في كل ما سبق مع قيودها من كتبهم المعتمدة للاطمئنان وعدم الالتفات إلى القول الذي يمنع من الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة، وبيان ترجيح القول بجوازه في كل مسجد أخذا من عموم الآية الكريمة: [وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ] (البقرة: 187) .
أما الحنفية فذهبوا إلى اشتراط المسجد الجامع أو المسجد الذي تقام فيه الصلوات الخمس، وهذا بالنسبة للرجل، وأما بالنسبة للمرأة فالأفضل عندهم اعتكافها في مسجد بيتها. قال ابن الهمام في "فتح القدير": (وعن أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يجوز إلا في مسجد يصلى فيه الصلوات الخمس) قيل: أراد به غير الجامع، أما الجامع فيجوز وإن لم يصل فيه الخمس، وعن أبي يوسف: أن الاعتكاف الواجب لا يجوز في غير مسجد الجماعة، والنفل يجوز، وروى الحسن عن أبي حنيفة: أن كل مسجد له إمام ومؤذن معلوم وتصلى فيه الخمس بالجماعة، وصححه بعض المشايخ، قال: لقوله عليه الصلاة والسلام: لا اعتكاف إلا في مسجد له أذان وإقامة. ومعنى هذا ما رواه في المعارضة لابن الجوزي عن حذيفة أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل مسجد له إمام ومؤذن فالاعتكاف فيه يصح. قوله: أما المرأة فتعتكف في مسجد بيتها أي الأفضل ذلك، ولو اعتكفت في الجامع أو في مسجد حيها وهو أفضل من الجامع في حقها جاز وهو مكروه، ذكر الكراهة قاضي خان، ولا يجوز أن تخرج من بيتها ولا إلى نفس البيت من مسجد بيتها إذا اعتكفت واجبا أو نفلا على رواية الحسن، ولا تعتكف إلا بإذن زوجها.
وأما المالكية فذهبوا إلى أنه يصح في أي مسجد إلا إذا كان المعتكف ممن تلزمه الجمعة وستأتي عليه جمعة وهو معتكف، فإنه يجب عليه في هذه الحالة أن يعتكف في مسجد تقام فيه الجمعة.
قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: (بمطلق مسجد) مباح، لا بمسجد بيت ولو لامرأة (إلا لمن فرضه الجمعة) من ذكر حر مقيم بلا عذر، وإن لم تنعقد به (و) الحال أنها (تجب به) أي فيه أي في زمن اعتكافه الذي يريده الآن ابتداء كنذر اعتكاف ثمانية أيام فأكثر، أو انتهاء كنذر أربعة أولهن السبت فمرض بعد يومين، وصح في يوم الخميس (فالجامع) هو المتعين (مما) أي في كل مكان (تصح فيه الجمعة) اختيارا بالنسبة للجامع وللمسجد على تقدير إقامة الجمعة فيه، فلا يصح برحبته وطرقه المتصلة (وإلا) بأن اعتكف من تجب عليه الجمعة غير الجامع وقد نذر أو نوى أياما تأخذه فيها الجمعة (خرج) لها وجوبا.
وذهب الشافعية في المعتمد عندهم إلى أنه يصح اعتكاف الرجل والمرأة في كل مسجد ولا يصح اعتكافهما في مسجد بيتهما، قال الإمام النووي رحمه الله: (مسائل: إحداها) لا يصح الاعتكاف من الرجل ولا من المرأة إلا في المسجد، ولا يصح في مسجد بيت المرأة ولا مسجد بيت الرجل، وهو المعتزل المهيأ للصلاة، هذا هو المذهب، وبه قطع المصنف والجمهور من العراقيين.
وحكى الخراسانيون وبعض العراقيين فيه قولين: (أصحهما) وهو الجديد هذا (والثاني) وهو القديم: يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وقد أنكر القاضي أبو الطيب في تعليقه وجماعة هذا القول، قالوا: ولا يصح في مسجد بيتها قولا واحدا، وغلطوا من نقل فيه قولين، وحكى جماعات من الخراسانيين أنا إذا قلنا بالقديم إنه يصح اعتكافها في مسجد بيتها ففي صحة اعتكاف الرجل في مسجد بيته وجهان: (أصحهما) لا يصح، قال أصحابنا: فإذا قلنا بالجديد فكل امرأة كره خروجها إلى الجماعة كره خروجها للاعتكاف، ومن لا فلا، (الثانية) يصح الاعتكاف في كل مسجد والجامع أفضل لما ذكره المصنف، قال الشيخ أبو حامد والأصحاب: وأومأ الشافعي في القديم إلى اشتراط الجامع وهو غريب ضعيف، والصواب جوازه في كل مسجد، وذهب الحنابلة إلى أنه يصح في كل مسجد تقام فيه الجماعة إذا كان المعتكف ممن تلزمه الجماعة وستأتي عليه صلاة وهو معتكف، أما إذا كان ممن لا تلزمه الجماعة كالصبي والمرأة فيصح في أي مسجد كان.
قال المرداوي في الإنصاف: (واعلم أن المعتكف لا يخلو إما أن يأتي عليه في مدة اعتكافه فعل صلاة وهو ممن تلزمه الصلاة أو لا، فإن لم يأت عليه في مدة اعتكافه فعل صلاة، فهذا يصح اعتكافه في كل مسجد، سواء جمع فيه أو لا، وإن أتى عليه في مدة اعتكافه فعل صلاة لم تصح إلا في مسجد يجمع فيه أي يصلى فيه الجماعة على الصحيح من المذهب في الصورتين وعليه جماهير الأصحاب، وهذا مبني على وجوب صلاة الجماعة أو شرطيتها، أما إن قلنا إنها سنة فيصح في أي مسجد كان، قاله الأصحاب، واشتراط المسجد الذي يجمع فيه من مفردات المذهب، وقال أبو الخطاب في الانتصار: لا يصح الاعتكاف من الرجل مطلقا إلا في مسجد تقام فيه الجماعة، قال المجد: وهو ظاهر رواية ابن منصور وظاهر قول الخرقي، قلت: وهو ظاهر كلام المصنف هنا إلا المرأة لها الاعتكاف في كل مسجد إلا مسجد بيتها، وهذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، ومسجد بيتها ليس مسجدا، لا حقيقة ولا حكما. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1425(11/18390)
حكم اعتكاف المرأة في العشر الأواخر من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل للمرأة الاعتكاف في العشرالأواخر؟ أم المكث في بيتها إذا كانت لا تعول أحدا وفي نفس الوقت تشعر بأنها لم تفعل شيئا في رمضان وأنه ضاع عليها وتريد أن تبذل الجهد في العشر الأواخر لإصلاح قلبها ونيل الجوائز؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للعبد أن يكون أكثرعناية بالعبادات الموسمية التي لا تأتي في العام إلا مرة واحدة، فلعله لا يعيش إلى العام القادم، ومن هذه العبادات: الاعتكاف ولزوم المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فالاعتكاف من أعظم أسباب جمع القلب على العبادة، لما فيه من قطعٍ للعلائق والشواغل، ومن توفر على أنواع من العبادات، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصًا على الاعتكاف هو وأصحابه، واعتكف نساؤه أمهات المؤمنين من بعده.
والاعتكاف سنة للرجل إجماعا، والمرأة على مذهب الجمهور بشرط أن لا يخلا بسببه بما عليهما من الواجبات المتحتمات والتي يعوق الاعتكاف عن مباشرتها، وانظري الفتوى رقم: 22785.
وعلى هذا، فإن كنت غير متزوجة أوكنت متزوجة وأذن لك زوجك في الاعتكاف، ولم يترتب على اعتكافك تفريط في واجب، أوممارسة فعل محرم، أوفتنة فيستحب في حقك الاعتكاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(11/18391)
اعتكاف من يذهب لعمله ويأتي بيته للاغتسال
[السُّؤَالُ]
ـ[يريد زوجي الاعتكاف في العشر الأواخر في رمضان إن شاء الله ويحب أن يسأل أنه سوف يعتكف في مسجد قريب من المنزل هل يصح له أن يأتي إلى المنزل بعد انتهاء فترة العمل ويغتسل وبعد ذلك يذهب إلى المسجد وتتكرر هذه العملية طول فترة الاعتكاف وقبل الذهاب للعمل يأتي أيضا لتغيير ملابسه ويغتسل.
- ونريد أن نعرف هل من شروط صحة الاعتكاف أن لا يدخل منزل الزوجية؟ أفيدوني بارك الله في علمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك يجدد نية الاعتكاف كل يوم بعد رجوعه من العمل واغتساله في منزله حيث يعتكف بقية يومه مع الليل، ثم يصبح غاديا إلى عمله وهكذا في بقية العشر الأواخر فاعتكافه صحيح لأنه مقتصر على المدة التي نواها، وجمهور أهل العلم على أن أقل الاعتكاف ما يطلق عليه ذلك عرفا؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 16390.
وإذا كان زوجك نوى اعتكاف العشر الأواخر كلها فلا يبطل اعتكافه بدخوله إلى منزله أو غيره لأمر لا يمكن الاستغناء كجلب طعام مثلا أو لقضاء حاجة الإنسان من بول أو غائط أو اغتسال ضروري إذا تعذر تحصيل ذلك في المسجد، وإن كان الأفضل له أن يستنيب من يأتيه بما يحتاج إليه من طعام وشراب ونحو ذلك، فإن خرج لأمر يمكن الاستغناء عنه فقد بطل اعتكافه؛ كما يبطل بالجماع. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 57602، والفتوى رقم 100759، وإذا بطل الاعتكاف وأراده ثانية فعليه تجديد النية ليستأنف الاعتكاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(11/18392)
خروج المعتكف لجلب الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عند الاعتكاف الخروج من المسجد والذهاب للبيت من أجل الأكل، أم لا بد ممن يحضره للمعتكف إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من لم يجد من يناوله الأكل والشرب في معتكفه يجوز له أن يخرج من معتكفه ليحضر ما يحتاجه من أكل وشرب ونحو ذلك، ولا يأكل في بيته وإنما يأكل في المسجد أو في رحبته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعتكف لا يخرج من معتكفه إلا لما لا بد له منه، قال ابن قدامة في المغني: ... المعتكف ليس له الخروج من معتكفه إلا لما لا بد له منه، قالت عائشة رضي الله عنها: السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لما لا بد له منه. رواه أبو داود، وقالت أيضاً: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان.. والمراد بحاجة الإنسان البول والغائط ... وفي معناه الحاجة إلى المأكول والمشروب إذا لم يكن له من يأتيه به.. انتهى.
والأفضل للمعتكف أن يستنيب أحداً ليحضر له الطعام والشراب كي لا يضطر للخروج من معتكفه، قال الباجي في المنتقى: ... يستحب له أن يستنيب فيه إن أمكنه فإن تعذر جاز له الخروج إليه ... انتهى.
وبناء عليه فلا يجب على المعتكف أن ينيب أحداً ليحضر له الطعام والشراب وما لا بد له منه، ويستحب له ذلك حتى يتفرغ لاعتكافه، فإن لم يجد جاز له الخروج لإحضار الطعام، ولكن لا يطيل المكث في بيته لأجل الطعام والشراب، لأن خروجه كان للضرورة والضرورة تقدر بقدرها.
وقد قال مالك رحمه الله تعالى في خروج المعتكف لأجل الطعام:.. ثم يرجع ولا يقف مع أحد ولا يحدثه ... وسئل رحمه الله تعالى عن مكث المعتكف شيئاً بعد قضاء حاجته إذا خرج فقال: لا، أي لا يبقى شيئاً.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 14864.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(11/18393)
حكم الاعتكاف في ساحات المسجد النبوي ورحابه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت ساحات المسجد النبوي تابعة له في أجر الصلاة فهل يجوز الاعتكاف فيها في شهر رمضان ويؤجرعليه كأنه اعتكاف في المسجد نفسه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ساحات المسجد ورحابه إذا كانت محجورة تابعة للمسجد فهي في حكمه يصح الاعتكاف فيها، وهذا هو الواقع في ساحة المسجد النبوي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ساحات المسجد ورحابه إذا كانت محجورة بما يدل على أنها تابعة له صح الاعتكاف فيها، لأنها في حكم المسجد، وهذا ما يظهر في ساحات المسجد النبوي، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: ومن المهم بيان حقيقة هذه الرحبة. قال صاحب الشامل والبيان: المراد بالرحبة ما كان مضافاً إلى المسجد محجراً عليه، قالا: والرحبة من المسجد، قال صاحب البيان وغيره: وقد نص الشافعي على صحة الاعتكاف في الرحبة. قال القاضي أبو الطيب في المجرد: قال الشافعي: يصح الاعتكاف في رحاب المسجد لأنها من المسجد. انتهى.
وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 1056، والفتوى رقم: 55592، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 60854.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(11/18394)
حكم الاعتكاف في البيت وقيام الليل فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاعتكاف في البيت؟ هل يجوز أن أقوم الليل في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة الاعتكاف كونه في مسجد، ولا يجزئ أن تكون في غير المسجد كالبيت مثلا، وهذا مشهور معروف عند أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 49641، والفتوى رقم: 55592.
والأفضل في حق المسلم أداء صلاة النافلة في بيته بما في ذلك قيام الليل، وراجع الفتوى رقم: 15945، والفتوى رقم: 50968.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1427(11/18395)
اشتغال المعتكف بدراسة الهندسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل حول الاعتكاف، هل يجوز أن آخذ بعض الكتب العلمية للدراسة أثناء الاعتكاف فأنا في كلية الهندسة, أم أن الاعتكاف يقتصر على قراءة القرآن أو العلم الشرعي فقط، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أهل العلم من كره للمعتكف أن يشتغل بالعلم تعلما وتعليما، ومن هؤلاء المالكية، قال الشيخ أحمد الدردير في شرح مختصر خليل في الفقه المالكي ممزوجا بنص خليل وهو يذكر ما يكره للمعتكف فعله: وكره اشتغاله بعلم متعلما أو معلما غير عيني، وإلا لم يكره لأن المقصود من الاعتكاف صفاء القلب ورياضة النفس وهو إنما يحصل غالبا بالذكر والصلاة لا بالاشتغال بالعلم. انتهى.
وعند الحنابلة لا يستحب ذلك للمعتكف أيضاً، قال البهوتي في كشاف القناع في المذهب الحنبلي ممزوجا بمتن الإقناع: ولا يستحب له -أي المعتكف- إقراء القرآن وتدريس العلم ومناظرة الفقهاء ومجالسهم وكتابة الحديث فيه ونحو ذلك مما يتعدى نفعه لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فلم ينقل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصة به. انتهى.
فعلى قول هؤلاء ينبغي للأخ السائل أن يقتصر على الصلاة والذكر وقراءة القرآن ولا يشتغل بالعلم في هذه المدة ولو كان من العلوم الشرعية، علما بأن علم الهندسة من العلوم المطلوب تعلمها لاحتياج المسلمين إليها، إلا أن فترة الاعتكاف فترة خاصة ينبغي تعميرها بذكر الله تعالى والصلاة والقراءة والدعاء والتوبة.
ولا فرق عند الشافعية بين تعليم العلم وتعلمه والصلاة والذكر بالنسبة للمعتكف لأن الكل طاعة، قال النووي في المجموع: قال الشافعي والأصحاب فالأولى للمعتكف الاشتغال بالطاعات من صلاة وتسبيح وذكر وقراءة واشتغال بعلم تعلما وتعليما ومطالعة وكتابة ونحو ذلك ولا كراهة في شيء من ذلك ولا يقال هو خلاف الأولى هذا مذهبنا، وبه قال جماعة منهم عطاء والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وقال مالك وأحمد يستحب له الاشتغال بالصلاة والذكر وقراءة القرآن مع نفسه. انتهى.
وخلاصة القول أن الاشتغال بهذه العلوم في الاعتكاف لا يفسده، وإنما الخلاف في جواز اشتغال المعتكف بذلك وعدم جواز ذلك على وجه الكراهة لا على وجه الحرمة أو الفساد، ولبيان مدة الاعتكاف وصفته طالع الفتوى رقم: 23690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1426(11/18396)
مسائل حول الاعتكاف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هوالمطلوب عمله في فترة الاعتكاف في مكة المكرمة في العشرالأواخر من رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى عن الاعتكاف، مشروعيته ومدته وصفته وما يشرع للمعتكف فعله ومتى يدخل معتكفه ونحو ذلك. فانظر الفتوى رقم: 23690 حول صفة الاعتكاف، والفتوى رقم: 57602 حول مبطلات الاعتكاف، والفتوى رقم: 55211 حول وقت الدخول للاعتكاف في العشر الأواخر.
ونؤكد على أنه يستحب للمعتكف أن يعمر وقته بالقٌرَب والطاعات من قراءة قرآن، وذكر، وتسبيح، وأن يجتنب ما لا يعنيه ولا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة إلا إذا اشترطه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(11/18397)
نية الاعتكاف عند مقارنة اللبث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن ننوي الاعتكاف في الجامع قبل دخولنا فيه وفق الصيغة التالية (نويت الاعتكاف في الجامع طيلة فترة بقائي فيه) علما أن الإمام قال ذلك في إحدى المناسبات. شكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز للأخ السائل أن ينوي الاعتكاف في هذه الفترة ويصح اعتكافه على قول الشافعية ومن وافقهم حيث يصح عندهم الاعتكاف ولو لوقت قليل، حدَّه بعضهم بما فوق الطمأنينة كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 16390.
قال ابن مفلح في الفروع: ينبغي لمن قصد المسجد للصلاة أو غيرها أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه فيه لا سيما إن كان صائما، ومعناه في الغنيه وفاقا للشافعية ولم يره شيخنا. انتهى يعني شيخ الإسلام ابن تيمية
لكن ينبغي مراعاة مقارنة النية للدخول في المسجد، قال الهيتمي في المنهاج شرح مقدمة الحضرمي في الفقه الشافعي وهو يذكر شروط الاعتكاف: السابع: أن ينوي الاعتكاف عند مقارنة اللبث كما في الصلاة والصيام. انتهى
فعلى من أراد أن يجعل مدة لبثه في المسجد للصلاة وغيرها اعتكافا فإن عليه أن ينوي ذلك عند دخول المسجد لتقترن النية بالعبادة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(11/18398)
الاعتكاف في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الاعتكاف في شهر رمضان المقبل، فماذا علي أن أفعل قبل الاعتكاف وبعده، خصوصا وأنني شاب متزوج وأب لطفل وموظف وعمري 36 سنة، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاعتكاف سنة وليس بواجب وأفضله ما كان في العشر الأواخر من رمضان ولا بد أن يكون في مسجد، وليس هناك شيء يفعله المعتكف قبل اعتكافه، ويكره عند المالكية دخوله منزله الذي فيه زوجته سواء دخله لحاجة أو لغير حاجة خوفاً من أن يقع فيما يفسد اعتكافه. ولبيان ما يشتغل به المعتكف أثناء اعتكافه راجع الفتوى رقم: 23690، ولبيان الوقت الذي يبدأ فيه الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان راجع الفتوى رقم: 55211، ولبيان ما يبطل به الاعتكاف طالع الفتوى رقم: 57602.
وينتهي اعتكاف رمضان عند ثبوت شهر شوال إلا أنه يستحب له اعتكاف ليلة العيد، وليس هنا شيء يفعله المعتكف أو يقوله بعد نهاية الاعتكاف، وننبهك إلى أنه لا ينبغي أن يكون اعتكافك سبباً في تضييع حق أو التفريط في واجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(11/18399)
ما يشرع للمعتكف فعله
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بسيط وهو: هل هناك دعاء وارد لمن أراد الاعتكاف؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على وجود دعاء خاص يشرع للمعتكف عند إرادة اعتكافه، بل ينبغي للمعتكف دائماً اشتغاله بالعبادة من ذكر الله تعالى وصلاة وتلاوة ودعاء ولا يشتغل بغير ذلك، ففي شرح الخرشي ممزوجاً بمختصر خليل المالكي: وفعل غير ذكر وصلاة وتلاوة، يعني: أن يكره للمعتكف أن يفعل غير هذه الثلاثة من اشتغال بعلم وكتابة وغيرهما، والذكر يشمل التسبيح والتهليل والدعاء والتفكر في آيات الله. انتهى. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 57602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(11/18400)
تأمير شخص على المعتكفين
[السُّؤَالُ]
ـ[س1: هل يصح أن تكون هناك إمارة في وقت الاعتكاف؟ أو بما يسمى مشرفا على المعتكفين؟ وجزاك الله خيرا.
يا حبذا أن يكون هناك دليل سواء آية أو حديثا أو إجماعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاعتكاف سنة ثابتة بالكتاب والسنة، وقد أوضحنا صفته ومدته في الفتوى رقم: 23690 أما تأمير شخص على المعتكفين فلم نجد ما يدل على أنه سنة ولا مطلوب، وقد ورد عن عمر بن الخطاب: إذا كنتم ثلاثة فأمروا عليكم واحدا منكم. رواه البيهقي من طريق الأعمش، وهذا الأثر في السفر
وقد ذكر الذهبي في الميزان هذا الأثر عن عمر أيضا بلفظ: إذا كنتم ثلاثة في سفر فأمروا أحدكم، فذاك أمير أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال رواه جماعة عن الأعمش ولم يرفعوه، لكن لا مانع من أن تتفق جماعة على أن يكون أحدهم مشرفا عليهم في مثل هذا الأمر بغرض ترتيب أمورهم كالطعام والشراب ونحو ذلك إن احتاجوا إليه
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(11/18401)
لا يصح الاعتكاف إلا في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو أفضل مكان للاعتكاف؟ استدل بالقرآن الكريم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يصح الاعتكاف إلا في مسجد لقوله تعالى وأنتم عاكفون في المساجد وللاتباع لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتكف إلا في المسجد.
ومن أفضل المساجد، المسجد الحرام ثم المسجد النبوي ثم المسجد الأقصى لقوله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فما سواه إلا المسجد الحرام متفق عليه عن أبي هريرة.
وروى الطبراني عن أبي الدرداء مرفوعاً الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة حسنه البزار.
واتفقوا على أن المسجد الجامع يصح فيه الاعتكاف وهو أولى من غيره بعد المساجد الثلاثة.
واختلفوا في المسجد غير الجامع والراجح جواز الاعتكاف فيه إذا كان تقام فيه الجماعة، وهو ما ذهب إليه الإمام أحمد وأبو حنيفة لقول عائشة من السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان، والاعتكاف إلا في مسجد جماعة صححه الألباني، وذهب الشافعية إلى أنه يصح الاعتكاف في أي مسجد كان، وهو مذهب المالكية إلا أنهم اشترطوا أن يكون المسجد مباحاً وأن يكون جامعاً لمن تلزمه الجمعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(11/18402)
وقت الدخول للاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أود معرفة متى يبدأ وقت الاعتكاف في العشرة الأواخر قصدي في أي ساعة هل بعد صلاة القيام مباشرة أو في الثلث الأخير من الوقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في الوقت الذي يبدأ فيه الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان على قولين:
الأول: أنه يبدأ قبل غروب الشمس ليلة الحادي والعشرين، فمن نوى اعتكاف العشر الأواخر فإنه يدخل معتكفه قبل غروب الشمس من اليوم العشرين، أي ليلة الحادي والعشرين، وهذا قول جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة، ودليل ذلك ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان. والعشر الأواخر تبدأ بغروب الشمس ليلة الحادي والعشرين.
الثاني: أنه يبدأ بعد صلاة الفجر يوم الحادي والعشرين، فمن نوى الاعتكاف في العشر الأواخر فإنه يدخل معتكفه بعد صلاة الفجر من ذلك اليوم، وهذا قول الأوزاعي والليث والثوري، ودليل ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة قالت: كان رسول اله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه.
والذي نميل إليه أن الاعتكاف يبدأ قبل غروب الشمس ليلة الحادي والعشرين، وهو قول الجمهور، وأما حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم صلى الفجر ثم دخل معتكفه فقد حمله الجمهور على أن المراد أنه دخل المعتكف وانقطع فيه واختلى بنفسه بعد صلاته الصبح لا أن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف، بل كان من قبل الغروب معتكفا لابثا في المسجد، حكاه النووي رحمه الله.
وعليه، فنقول للأخت السائلة: إن وقت الاعتكاف يبدأ قبيل غروب الشمس من اليوم العشرين، وليس بعد صلاة القيام أو في الثلث الأخير.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
وللفائدة نحيل الأخت السائلة إلى الفتوى رقم: 23690، والفتوى رقم: 25670.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/18403)
جواز محادثة المعتكف أهله بالهاتف من معتكفه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمعتكف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان أن يتصل من خلال الهاتف الجوال بأسرته للاطمئنان عليهم، وتفقد أحوالهم على أن يكون ذلك لمرات معدودة خلال فترة اعتكافه وليس في صحن المسجد، ولكن في أماكن الوضوء مثلاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المعتكف في الاتصال بأهله للاطمئنان عليهم، ولو كان اتصاله من داخل المسجد، وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن صفية رضي الله عنها قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً فأتيته أزوره ليلاً فحدثته ثم قمت فانقلبت فقام معي.... الحديث، فدل الحديث على أنه يجوز للمعتكف أن يكلم أهله ويتحدث معهم، ولو كانوا في المسجد، قال ابن قدامة في المغني: ولا بأس بالكلام لحاجته - أي حاجة المعتكف - ومحادثة غيره. اهـ
وعليه، فلا حرج في الاتصال بالأهل والاطمئنان عليهم، ولا يبطل الاعتكاف بذلك، وينبغي للمعتكف أن يشتغل بالقرب واجتناب ما لا يعنيه، وانظر الفتوى رقم: 25670، والفتوى رقم: 23690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1425(11/18404)
أقوال العلماء في حكم الاعتكاف داخل الكعبة
[السُّؤَالُ]
ـ[-هل يجوز الاعتكاف داخل الكعبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن الصلاة داخل الكعبة مستحبة؛ لما روى البخاري بسنده عن سالم عن أبيه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة، فأغلقوا عليهم، فلما فتحوا كنت أول من ولج، فلقيت بلالا فسألته، هل صلى فيه رسول الله؟ قال: نعم، بين العمودين اليمانيين.
أما الاعتكاف داخل الكعبة ففيه خلاف بين العلماء.. فذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز. قال الخرشي المالكي في شرح مختصر خليل: قوله: فلا يصح الاعتكاف في مساجد البيوت أي: ولا في الكعبة خلافا لابن الحاج وإن جاز له دخولها.
وقال صاحب كتاب الفواكه الدواني المالكي: واحترز بمسجد مباح عن ملازمة غير المباح, كملازمة نحو الكعبة من المساجد المحجورة فلا يصح الاعتكاف فيها.
وذهب بعضهم إلى جواز الاعتكاف في الكعبة. قال في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: فرع: قال البرزلي في نوازل ابن الحاج: يجوز الاعتكاف داخل الكعبة لأنه مسجد قال الله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. ولقوله صلى الله عليه وسلم: إلا المسجد. ولجواز النافلة فيها.. ثم قال: وعلى قول من لا يشترط المسجد وهو ابن لبابة والشافعي يصح الاعتكاف في الكعبة بالإطلاق.
وقال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: ولو عين المسجد الحرام في نذره الاعتكاف تعين ولم يقم غيره مقامه لزيادة فضله.... والمراد به الكعبة والمسجد حولها، ولو عينها أجزأ عنها بقية المسجد لما تقرر من شمول المضاعفة للكل. وقال كثيرون: تتعين هي لأنها أفضل
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(11/18405)
محل مبيت المعتكف هو المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم:
ماهو الأصل والسنة في المبيت وقت الاعتكاف، النوم في المسجد أم خارج المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله عز وجل، وهو سنة في جميع أيام السنة إذا لم يوجبه الإنسان على نفسه بنذر، وأقله عند جمهور أهل العلم ما يطلق عليه اعتكاف عرفاً، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 16390.
وإذا عين الإنسان اعتكاف يوم أو أكثر لزمه المقام بالمسجد، ولا يجوز له الخروج منه في ليل أو نهار إلا لحاجة، كالخروج لقضاء الحاجة أو أكل أو شرب أو نحوه.
قال ابن قدامة في المغني: والمعتكف ليس له الخروج من معتكفه إلا لما لا بد له منه، قالت عائشة رضي الله عنها: السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لما لا بد له منه. رواه أبو داود.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجِّله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان.
ومن هذا يعلم أن محل مبيت المعتكف هو المسجد لا غيره، وذلك لأن الأصل بقاؤه داخل المسجد، وخروجه لغير حاجة مبطل للاعتكاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(11/18406)
حكم الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الاعتكاف مقتصر على الحرمين ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحرمان هما: مكة والمدينة، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم داخل فيهما، ولعل السائل يقصد المساجد الثلاثة: المسجد الحرام بمكة، والمسجد النبوي بالمدينة، وبيت المقدس بالقدس.
وعلى كلٍ، فلا يشترط لصحة الاعتكاف أن يكون في أحد المساجد الثلاثة عند جماهير العلماء، وهم متفقون على أن المسجد الجامع يصح فيه الاعتكاف وهو أولى من غيره بعد المساجد الثلاثة، وإنما اختلفوا في المسجد غير الجامع. والراجح جواز الاعتكاف فيه إذا كان تقام فيه الجماعة وهو ما ذهب إليه الإمام أحمد، ورجحه ابن قدامة قائلاً: ولنا قول عائشة: من السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة. وقد قيل: إن هذا من قول الزهري وهو ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيفما كان، وروى سعيد.. عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل مسجد له إمام ومؤذن فالاعتكاف فيه يصلح.
ولأن قول الله تعالى: وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] . يقتضي إباحة الاعتكاف في كل مسجد، إلا أنه يقيد بما تقام فيه الجماعة بالأخبار، والمعنى الذي ذكرناه، ففي ما عداه يبقى على العموم.
وقال أيضاً: وإن كان اعتكافه مدة غير وقت الصلاة كليلة أو بعض يوم جاز في كل مسجد لعدم المانع، وإن كانت تقام فيه في بعض الزمان، جاز الاعتكاف فيه في ذلك الزمان دون غيره، وإن كان المعتكف ممن لا تلزمه الجماعة، كالمريض والمعذور ومن هو في قرية لا يصلي فيها سواه، جاز اعتكافه في كل مسجد لأنه لا تلزمه الجماعة فأشبه المرأة.... انظر المغني 3/2152.
وبهذا التفصيل الذي ذكره الإمام ابن قدامة رحمه الله يحصل الجمع بين الأدلة والعمل بها جميعاً ولله الحمد.
بقي أن نشير إلى أنه قد حكي عن سعيد بن المسيب وحذيفة أنه لا يصح الاعتكاف إلا في مسجد نبي، كما حكي عن حذيفة أنه لا يصح إلا في أحد المساجد الثلاثة، وقد خالفه ابن مسعود كما في مصنف عبد الرزاق ومصنف ابن أبي شيبة وغيرهما: وذلك أنه لما دخل حذيفة مسجد الكوفة فرأى أبنية مضروبة, فسأل عنها، فقيل: قوم معتكفون، فانطلق إلى ابن مسعود فقال له: ألا تعجب من قوم يزعمون أنهم معتكفون بين دارك ودار الأشعري؟ فقال ابن مسعود: فلعلهم أصابوا وأخطأت، وحفظوا ونسيت. فقال حذيفة: لقد علمت ما الاعتكاف إلا في ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويمكن أن يوجه الأثر الوارد عن حذيفة رضي الله عنه، بأن ما ذكره حذيفة رضي الله عنه إنما هو اجتهاد منه لم يستند فيه إلى دليل من كتاب أو سنة، وقد خالفه فيه ابن مسعود رضي الله عنه، ولا مسوغ لترجيح اجتهاد حذيفة رضي الله عنه، على اجتهاد غيره دون دليل.
ومما يؤيد هذا التوجيه اتفاق الفقهاء على صحة الاعتكاف في أي مسجد جامع أخذاً بعموم النصوص حيث لم تخص مسجداً دون غيره، كقول تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد [لبقرة:187] .
قال ابن تيمية رحمه الله: فلا يكون الاعتكاف إلا في المسجد باتفاق العلماء. انظر مجموع الفتاوى 27/252
وأخيراً: لا بد من التنويه إلى أن الحديث الذي أورده ابن قدامة عن سعيد بن منصور مسنداً إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حديث حذيفة: كل مسجد له إمام ومؤذن فالاعتكاف فيه يصح.
حديث حكم عليه المحدث الألباني بأنه موضوع كما في ضعيف الجامع الصغير برقم 4250.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/18407)
مدى صحة الاعتكاف في غير رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي صحة الاعتكاف في غير رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاعتكاف في غير رمضان صحيح، لعموم قوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) [البقرة:187] .
وقوله تعالى: (أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) [البقرة:125] .
واعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في شوال كما رواه البخاري في صحيحه، وقد مضى تعريف الاعتكاف بشروطه في الفتاوى التالية: 23690، 16390، 22785.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1423(11/18408)
الاعتكاف في المسجد..مدته وصفته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الاعتكاف في المساجد وأكل الطعام لأي مدة من الأيام حلال أم حرام؟ جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاعتكاف في مسجد من المساجد من القربات والطاعات، وللإنسان أن يعتكف متى ما أراد، وما شاء من الأيام والليالي، وأقل مدة يشرع فيها الاعتكاف ما يصدق عليه أنه اعتكاف في العرف، كما هو مبين في الفتوى رقم: 16390، وأفضل الاعتكاف ما كان في العشر الأواخر من رمضان.
وعلى المسلم أن يستغل فترة اعتكافه في الذكر وقراءة القرآن والإكثار من النوافل لأن الاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، ولا حرج على المسلم أن يأكل في المسجد سواء كان معتكفاً أو غيره، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث الطعام إلى أهل الصفة، وهم فقراء الصحابة، وكانوا يسكنون المسجد إذ لم يكن لهم مأوى ولا بيت، إلا صُفَّة المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(11/18409)
الاعتكاف ... مشروعيته للرجل والمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز للمرأة أن تعتكف في المسجد؟ وما هي شروط اعتكافها؟ وهل يجوز لها أن تعتكف في البيت؟ وأيهما أفضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاعتكاف هو لزوم مسجد لطاعة الله تعالى، وهو مسنون مستحب بالكتاب والسنة والإجماع، لقوله تعالى: أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [البقرة:125] .
وقد اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم، واعتكف أصحابه معه.
وهو مشروع في حق المرأة، ويدل عليه ما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده.
وما في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ، صَلّىَ الْفَجْرَ. ثُمّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ. وَإِنّهُ أَمَرَ بِخِبَائِهِ فَضُرِبَ. أَرَادَ الاعْتِكَافَ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ. فَأَمَرَتْ زَيْنَبُ بِخِبَائِهَا فَضُرِبَ. وَأَمَرَ غَيْرُها مِنْ أَزْوَاجِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِخِبَائِهِ فَضُرِبَ. فَلَمّا صَلّىَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ، نَظَرَ فَإِذَا الأَخْبِيَةُ. فَقَالَ: "آلْبِرّ تُرِدْنَ؟ " فَأَمَرَ بِخِبَائِهِ فَقُوّضَ. وَتَرَكَ الإِعْتِكَافَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. حَتّىَ اعْتَكَفَ فِي الْعَشْرِ الأَوّلِ مِنْ شَوّالٍ.
وللمرأة أن تعتكف في كل مسجد؛ إلا مسجد بيتها، وهو المكان الذي تتخذه مصلى فيه، فهذا لا يصح فيه الاعتكاف لأنه ليس مسجداً في الحقيقة، ولا تمنع الحائض من دخوله، ويجوز بيعه.
وقولنا: تعتكف في كل مسجد، أي سواء كان مما يصلى فيه الجمعة أو لا.
واعتكاف المرأة مقيد بعدم الفتنة، فإن خيفت الفتنة منعت، ومن ذلك اعتكاف المرأة في مسجد لا يوجد به مكان مخصص للنساء، كالمسجد الحرام، لما في ذلك من تعريضها للقوم بين الرجال الذاهبين والقادمين؛ إلا أن تعتكف ساعة أو ساعتين أو ساعات لا تحتاج فيها إلى النوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(11/18410)
أقل مدة لصحة الاعتكاف
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو أقل وقت للإعتكاف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في أقل مدة الاعتكاف: فذهب جمهورهم إلى أن أقله ما يطلق عليه اعتكاف عرفاً.
قال ابن عابدين - وهو من علماء الأحناف - في حاشيته: وأقله -نفلاً- ساعة من ليل أو نهار عند محمد، وهو ظاهر الرواية عن الإمام أبي حنيفة لبناء النفل على المسامحة، وبه يفتى.
وقال صاحب (كشاف القناع) - وهو من علماء الحنابلة-: وأقله أي الاعتكاف ساعة. قال في (الإنصاف) : أقله إذا كان تطوعاً أو نذراً مطلقاً ما يسمى به معتكفاً لابثاً.
وقال في (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج) - وهما من كتب الشافعية-: والأصح أنه يشترط في الاعتكاف لبث قدر يسمى عكوفاً أي: إقامة، ولو بلا سكون بحيث يكون زمنها فوق زمن الطمأنينة في الركوع ونحوه.
والمعتمد عند المالكية أن أقل مدة الاعتكاف يوم وليلة، قال عليش في (منح الجليل شرح مختصر خليل) : فمن نذر اعتكافاً ودخل فيه، ولم يعين قدره لزمه أقل ما يتحقق به، وهو يوم وليلة على المعتمد، ويوم فقط على مقابله. ا. هـ
والقول الأول -وهو قول الجمهور- أقرب للصواب لعدم ورود الدليل بتحديد زمن معين للاعتكاف، ومع هذا فإن الأفضل عند الشافعية والحنابلة أن لا يقل أمد الاعتكاف عن يوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1423(11/18411)
حكم اعتكاف رمضان كاملا
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أريد أن اعتكف شهر رمضان المبارك كاملا إنشاء الله تعالى فهل في ذلك شيء مخالف للسنة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم هي اعتكاف عشرة أيام في كل رمضان، وهي العشر الأواخر منه، ولكن قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه زاد عليها، فقد اعتكف مرة الشهرة كله.
روى ذلك مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تركية على سدتها حصير، قال: فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة، ثم أطلع رأسه، فكلم الناس، فدنوا منه، فقال:" إني اعتكفت العشر الأول، ألتمس هذه الليلة، ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أتيت فقيل لي: إنها في العشر الأواخر فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف، فاعتكف الناس معه".
وثبت عنه أيضاً أنه اعتكف عشرين، كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً.
فبان بهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف الشهر كله، وعشرين منه، وكان مواظباً على اعتكاف العشر الأواخر، فمن اعتكف في سنة من السنين الشهر كله، ثم اعتكف في أخرى عشرين منه، وكان مواظباً على اعتكاف العشر الأواخرى في غير ذلك من السنين يكون قد أصاب السنة إصابة تامة من جميع الوجوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1422(11/18412)
الترغيب في الصلاة ليلة القدر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الحديث الذي دل على مشروعية صلاة ليلة القدر موجود، وإن وجد ذلك الحديث فما هو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت الترغيب في الصلاة ليلة القدر ففي البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. وللمزيد في ذلك راجع الفتوى رقم: 12054.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1429(11/18413)
استحباب زيادة الاجتهاد بالعبادة في ليلة السابع والعشرين من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أصبح من العادة في رمضان أن يجتمع الناس في ليلة السابع والعشرين ليقيموا ليلة القدر وكأنهم جازمون أن هذه هي ليلة القدر، فيجتمع الرجال والنساء والخطباء والأطفال في المساجد والكثير منهم لا يلتزم بتحري الليلة بالعشر الأواخر وكان عليه الصلاة والسلام يشد مئزره ويوقظ أهله ويقيم الليل في بيته وهو القدوة الحسنة صلى الله عليه وسلم، فهل هذا الفعل بدعة ومن محدثات الأمور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تحري ليلة القدر مستحب في رمضان ولا سيما في العشر الأواخر منه ويتأكد ذلك في السابعة والعشرين، ولا حرج في الاجتهاد في العبادة في الليلة المذكورة أكثر من غيرها رجاء الفوز بمصادفة ليلة القدر.
والاجتماع للصلاة في تلك الليلة مستحب كغيرها من ليالي رمضان، وكون بعض الناس يخص تلك الليلة بالاجتهاد فيها بما لا يجتهد به في غيرها ليس بدعة، فقد كان بعض الصحابة يقسم بأنها ليلة القدر، ولكن ينبغي للمسلم أن يتحراها في العشر الآواخر كلها؛ كما ندبنا إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 41868، 40556.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1428(11/18414)
لا تأثير لفوات صلاة الجماعة على إدراك ليلة القدر
[السُّؤَالُ]
ـ[حافظت على تكبيرة الإحرام جماعة 15 يوما ثم بسبب معصية قمت بها وهي غيبة لأخ مسلم فاتتني صلاة الفجر جماعة ولكن قمت بتأديتها في وقتها ولكن في البيت وكان ذلك في اليوم السادس عشر من رمضان ولقد سمعت من أحد المشايخ أنه من حافظ على صلاة الجماعة في شهر رمضان كله هو الذي يدرك ليلة القدر فهل بسبب تخلفي عن صلاة الجماعة وقتا واحدا لا أدرك ليلة القدر وإن كان غير ذلك فبم تدرك ليلة القدر علماً بأنني لا أستطيع الاعتكاف لأسباب أمنية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك أن الغيبة من أعظم الكبائر عند الله تعالى وقد نهى عنها في كتابه العزيز؛ ولذا فيجب على من وقع في غيبة أحد أن يتحلل منه إن أمكن ذلك، وإن لم يستطع التحلل منه بأن خاف ضرراً إذا ذكر له أنه كان يغتابه فعليه أن يتوب إليه تعالى وأن يذكر ما يعرف من محاسن ذلك الشخص في الأماكن التي كان يذكره فيها بالسوء، وأن يدعو له. وانظر الفتوى رقم: 12890. والفتوى المحال عليها فيها.
ومع أن أجر الصلاة في الجماعة مضاعف على أجر الصلاة منفرداً، وأن حضور صلاة الصبح جماعة بانضمام صلاة العشاء كذلك بمثابة قيام ليلة، فإننا لم نطلع على أن من فاتته صلاة الجماعة في رمضان لا يدرك ليلة القدر؛ لأن ليلة القدر تدرك بقيام ليلها ولما يحصل به قيام ليلة القدر. راجع الفتوى رقم: 56178.
وعليه.. فإن فوات صلاة الفجر على السائل المذكور لا يمنعه من مصادفة ليلة القدر إذا كان يطلبها ويتحراها بالعبادة في رمضان ولا سيما إن كان تخلفه لعذر، ولا يعني هذا التقليل من شأن المواظبة على صلاة الجماعة مع تكبيرة الإحرام. ولبيان فضل حضور صلاة الجماعة مع إدراك تكبيرة الإحرام راجع الفتوى رقم: 2366.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1426(11/18415)
ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ليلة القدر تأتي كل سنة في وقت مختلف؟ بمعنى أنها لو كانت هذه السنة ليلة 27 فهل يمكن أن تكون السنة القادمة ليلة 23؟ أرجو الإفادة وهل صحيح أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان لا يعرف موعدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي عليه المحققون من العلماء أن ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر من ليلة لأخرى.
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: وأكثر العلماء على أنها ليلة مبهمة من العشر الأواخر من رمضان، وأرجاها أوتارها، وأرجاها ليلة سبع وعشرين وثلاث وعشرين وإحدى وعشرين، وأكثرهم أنها ليلة معينة لا تنتقل.
وقال المحققون إنها تنتقل فتكون سنة في ليلة سبع وعشرين، وفي سنة ليلة ثلاث وعشرين، وسنة إحدى وعشرين، وهذا أظهر، وفيه جمع بين الأحاديث المختلفة فيها، ثم نقل عن القاضي عياض أن هذا قول مالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور وغيرهم. اهـ.
ولما نقل الحافظ ابن حجر أقوال العلماء في ليلة القدر ومن هذه الأقوال من قال إنها تنتقل في العشر الأخيرة كلها، قال: نص عليه مالك والثوري وأحمد وإسحاق، ثم قال: وأرجحها يعني أرجح الأقوال فيها: أنها تنتقل كما يفهم من أحاديث هذا الباب. اهـ.
وأما هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف في أي ليلة أم لا؟
فينظر جوابه في الفتوى رقم: 2762.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/18416)
من اجتهد في رمضان فقد وفق في قيام ليلة القدر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي الشيخ ما هي علامات ليلة القدر؟ ومن رؤيتكم الشخصية في أي ليلة جاءت هذا العام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن علامات ليلة القدر في الفتوى رقم: 6198.
وأما عن ليلة القدر في هذا العام متى كانت؟ فعلمها عند الله ومن اجتهد في رمضان فقد وفق لقيامها إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1424(11/18417)
لا يشترط معرفة ليلة القدر لحصول المغفرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ليلة القدر هي فترة معينة في ليلتها أم أنها تستمر طيلة الليلة؟.. وهل يكفي أن أقوم في أي ساعة منها ثم أخلد للنوم واكون قد أحييت ليلة القدر؟.. أم يتوجب علي قيام الليلة كلها من أولها الى آخرها ولو أضعت منها شيئا فاتني فضلها؟.. ليتكم تسعفونني بالرد بأسرع وقت ممكن جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليلة القدر تعني جميع الليلة كلها من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الصادق.
ويحصل قيامها بأحد أمور ذكرها العراقي في طرح التثريب حيث قال: ليس المراد بقيام رمضان قيام جميع ليله بل يحصل ذلك بقيام يسير من الليل كما في مطلق التهجد وبصلاة التراويح وراء الإمام كالمعتاد في ذلك، وبصلاة العشاء والصبح في جماعة لحديث عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله. رواه مسلم في صحيحه. إلى أن قال: وكذلك جميع ما ذكرناه يأتي في تحصيل قيام ليلة القدر.
هذا وقد نص أهل العلم على أنه لا يتوقف حصول المغفرة بقيام ليلة القدر على معرفتها بل لو قامها غير عارف لها غفر له ما تقدم من ذنبه أن قصد بالقيام ابتغاءها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1424(11/18418)
علامات ليلة القدر
[السُّؤَالُ]
ـ[رأت في ليلة 21 رمضان عند أذان الفجر القمر بدرآ كبيرآ وكأنما يخرج منه ملك فاعتقدت أنه جبريل على البراق، وكأنما يقول لها عليك بالدعاء، فهل رأت ليلة القدر؟ وماهي علاماتها وفضلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حكمة الله عز وجل أن أخفى ليلة القدر على عباده، ولعل ذلك من أجل أن يجتهدوا في العبادة في العشر الأواخر من رمضان.
إلا أن ليلة القدر لها علامات سبق ذكرها في الفتوى رقم: 6198، فيمكنك الاطلاع عليها.
وأما فضلها، فقد قال الله تعالى: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3] .
وألف شهر بضع وثمانون سنة، فهذه الليلة خير من بضع وثمانين سنة، والخيرية تكمن في فضلها ومضاعفة الثواب فيها ورحمة الله عز وجل لعباده، ومغفرته لهم في هذه الليلة.
ومن فضلها أن من قامها إيمانا واحتسابا للثواب من عنده، أنه يغفر له ما تقدم من ذنبه، كما قال صلى الله عليه وسلم: من قام ليلة القدر إيمانا واحستابا غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه البخاري ومسلم. من حديث أبي هريرة.
ولمزيد من الفائدة، نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 13509.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(11/18419)
علامة ليلة القدر تظهر في البلاد كلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تظهر علامات ليلة القدر في البلدان الغير مسلمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم ما يدل على المنع من ظهور علامات ليلة القدر في غير البلاد الإسلامية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1424(11/18420)
ليلة القدر ليلة مباركة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حقيقة ليلة القدر وكنهها؟ وهل تنشق السماء فيها؟ أريد معرفة دقيقة بها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ليلة القدر ليلة مباركة، لها فضل عظيم، خصها الله تعالى بإنزال القرآن فيها، كما قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر:1] .
وقيامها سبب لتكفير ما تقدم من الذنوب، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وقال صلى الله عليه وسلم في شأنها مخاطبا أصحابه: قد جاءكم رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حرم. رواه الإمام أحمد في المسند والنسائي في السنن.
ولم نعثر في كلام أهل العلم على ما يدل على انشقاق السماء في هذه الليلة.
وللتعرف على فضل هذه الليلة وبعض العلامات التي تميزها، راجع الجوابين التاليين: 6198، 2762.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1424(11/18421)
الحائض.. وشهود ليلة القدر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا تفعل من لم تستطع تحري ليلة القدر لعذر شرعي.. وهل يفوتها الأجر فإذا كانت الإجابة بنعم هل يحل لها استخدام حبوب تأخير الدورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأن شهود ليلة القدر ليس مقتصرا على الصلاة التي لا تستطيع الحائض القيام بها، وللحائض أن تتحرى ليلة القدر بقدر استطاعتها فتقرأ ما تسير من القرآن عن ظهر قلب ـ على القول الراجح ـ وتسبح وتدعو وتستغفر وتتصدق وتعمل أعمال الخير التي لا تفتقر الى الطهارة من دم الحيض , ولو استعملت حبوبا لتأجيل الحيض حتى تشهد ليلة القدر وتتحراها -وهي على طهارة كاملة- فلا بأس بذلك، وهى مأجورة ـ إن شاء الله ـ في كل الأحوال، وإن كنا نفضل لها الرضى بما قدر الله عليها من الحيض، وامتثال أمرالله لها بترك الصلاة أيامه.
وللأخت السائلة مراجعة الفتوى رقم:
2200، ففيها شيء من التفصيل فيما يخص تأخير الحيض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(11/18422)
تحديد ليلة القدر واختلاف المطالع
[السُّؤَالُ]
ـ[الآن ليلة القدر كم ليلة في رمضان أليست ليلة واحدة فقط. طيب إذا صمنا نحن في السعودية قبل بيوم وفي مصر مثلاً بعدنا بيوم عندما تأتي ليلة سبع وعشرين أو أي ليلة وتر مختلفة فنحن عندنا ليلة سبع وعشرين توافق ليلة ست وعشرين فإذا كانت ليلة سبع وعشرين هي ليلة القدر فهل ستكون بتوقيتنا أم بتوقيت أهل مصر فعندها سوف تختلف ولن تكون ليلة وتر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمعتبر شرعاً وقدراً اختلاف المطالع بما يعني اختلاف بدايات الشهور العربية، وعليه فلأهل كل مطلع ليلة للقدر مختصة بهم يشاركهم غيرهم في جزء منها، تنتهي عند طلوع الفجر عندهم وقد تستمر عند أهل مطلع آخر حتى طلوع الفجر عندهم، علما أن أقصى مدار للشمس هو أربع وعشرون ساعة، فربما استمرت ليلة القدر في الأرض كلها أربعاً وعشرين ساعة، ليس لأهل كل مطلع إلا قدر الليل عندهم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1421(11/18423)
العلامات المميزة لليلة القدر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لليلة القدر من علامات ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليلة القدر وإن كانت لا تعلم أي ليلة هي على الراجح، إلا أنها محصورة في العشر الأواخر من رمضان، ولم يقتصر الشرع على هذا الحصر، بل أخبر ببعض العلامات التي تميز تلك الليلة رغبة في استباق الخير فيها والتزود للآخرة. وهناك علامات في أثنائها، وعلامة بعد انقضائها، فالأولى بمثابة المرغب المنشط على إحيائها، والأخرى بمثابة المبشر لمن عمل الصالحات فيها، والمحسَّر لمن ضيع وفرط. فأما العلامات التي في أثنائها فمنها ما رواه أحمد من حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة كأن فيها قمراً ساطعاً، ساكنة ساجية، لا برد فيها ولا حر، ولا يحل لكوكب أن يرمى به فيها حتى تصبح" ومنها ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أيكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة" قال بعض العلماء: فيه إشارة إلى أنها تكون في أواخر الشهر، لأن القمر لا يكون كذلك عند طلوعه إلا في أواخر الشهر.
وأما العلامة التي تأتي بعد انقضائها فهي: أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها كما ثبت ذلك في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي بن كعب.
فكأن الشمس يومئذ لغلبة نور تلك الليلة على ضوئها، تطلع غير ناشرة أشعتها في نظر العيون. أفاده النووي في شرح مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1422(11/18424)
تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ليلة القدر هي الليلة التي أنزل فيها القرآن أي أنها معلومة في عهد النبي ولكننا في الوقت الحاضر نجد العلماء يقولون بتحري هذه الليلة في العشر الأواخر أي أنها ليست ثابتة فكيف نجمع بين القولين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على السائل أن يعلم أولاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم ليلة القدر على وجه التعيين، ثم أنسيها لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى وهي: أن يتحفز الناس للعبادة والدعاء في كل العشر، وأن لا يخصوا ليلة منها بعينها، والدليل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى (تخاصم) رجلان من المسلمين فقال: خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة ". وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أريت ليلة القدر ثم أيقظني بعض أهلي فنُسيتها، فالتمسوها في العشر الغوابر". فهذان الحديثان يبينان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها، ويبينان نسيانه لها تحديداً، هذا وقد روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان". وإذا علم هذا فعليه أن يعلم أيضاً أن المراد بالإنزال في الآية إنزال القرآن إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم منجماً، فإنزاله إلى السماء الدنيا يكون في ليلة، ولا يلزم من هذا أن يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم تحديداً، لأنه أنزل إليه القرآن مجزءاً ولم ينزل إليه جملة، هذا مذهب جمهور أهل العلم في المراد بالإنزال في ليلة القدر، وقد حكى عليه بعضهم الإجماع، وإن لم يسلم له. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18425)
حكم إخراج زكاة الفطر عن المفقود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل علي زكاة الفطر على المفقود من البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا فقد الشخص الذي لا تجب نفقته على أحد، وترك مالاً أخرجت زكاة ماله وزكاة فطره، أي أخرج ذلك ولي أمره كما صرح بذلك فقهاء المذهب المالكي، وإن فقد شخص محمول النفقة كالصبي الفقير ونحوه وعلمت حياته وجب على من تلزمه نفقته إخراج زكاة الفطر عنه، فإن شك في حياته لم تجب فطرته، نص على هذا المعنى ابن قدامة في المغني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد إخراج زكاة الفطر عن الشخص المفقود فلا يخلو من أن يكون ممن لا تجب نفقته على أحد أو يكون ممن تجب نفقته كالصبي الفقير. فإن كان ممن لا تجب نفقته وترك مالاً أخرجت زكاة ماله وزكاة فطره، أي أخرج ذلك ولي أمره كما صرح بذلك فقهاء المذهب المالكي.
ففي الشرح الكبير للشيخ أحمد الدردير ممزوجاً بمتن خليل في الفقه المالكي ما نصه: ولا تسقط زكاة حرث ومعدن وماشية بدين) أي بسببه (أو) بسبب (فقد أو أسر) لحمله على الحياة وكذا زكاة الفطر لا تسقط بما ذكر. قال الدسوقي معلقاً هنا: قوله لحمله على الحياة) يؤخذ من هذا أنه إذا فقد أو أسر وأخرجت زكاة ماشيته أو حرثه وهو مأسور أو مفقود فإنها تجزئ ولا يضر عدم نيته لأن نية المخرج تقوم مقام نيته. انتهى.
وإن فقد شخص محمول النفقة أي نفقته على الغير كالصبي الفقير ونحوه وعلمت حياته وجب على من تلزمه نفقته إخراج زكاة الفطر عنه، فإن شك في حياته لم تجب فطرته.
قال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر وجوب إخراج زكاة الفطر عن العبد سواء كان حاضراً أو غائباً إذا علم أنه حي، سواء كان مطلقاً أو محبوساً كالأسير وغيره، قال: وأما من شك في حياته منهم، وانقطعت أخباره، لم تجب فطرته، نص عليه في رواية صالح، لأنه لا يعلم بقاء ملكه عليه ... إلى أن قال: والحكم في القريب الغائب، كالحكم في العبيد، لأنهم ممن تجب فطرتهم مع الحضور، فكذلك مع الغيبة كالعبيد، ويحتمل أن لا تجب فطرتهم من الغيبة، لأنه لا يلزمه بعث نفقتهم إليهم، ولا يرجعون بالنفقة الماضية. انتهى.
وإن كان المراد من السؤال غير ما أجبنا على مقتضاه فالرجاء بيان المراد في سؤال آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1428(11/18426)
حكم دفع زكاة الفطر للابن الفقير
[السُّؤَالُ]
ـ[كل رمضان وأنتم بخير وبعد: هل يجوز أن أدفع زكاة الفطر لولدي البالغ، ولكنه قد فقد عمله، وهو الآن عاطل عن العمل وبحاجة للنقود؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الابن المذكور غير مستقل بأن كان من ضمن العيال وأنت تنفق عليه معهم فلا يجوز لك دفع زكاة الفطر له، وإن كان مستقلا عنك وهو فقير كما ذكرت جاز لك دفعها له، كما بينا في الفتوى رقم: 12597، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 28769.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(11/18427)
مكان إخراج زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدرس في بريطانيا وأسرتي ليست معي بل إنهم في بلدي وشاءت الظروف أن أقضي شهر رمضان المبارك هنا ببريطانيا لوحدي، وسؤالي حول زكاة الفطر فهل أستخرج الزكاة لي ولأفراد أسرتي من هنا في بريطانيا أو أخبر زوجتي أن تستخرخ زكاة الفطر من مالها لي ولأفراد عائلتي لحين عودتي لبلدي ومن ثم أعيد إليها المبلغ المدفوع للزكاة.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل كون زكاة الفطر وزكاة المال تدفع كل منهما لمستحقيها من أهل البلد الذي وجبت فيه. وبالتالي فعليك أداء زكاة الفطر عن نفسك في البلد الذي تقيم فيه إذا وجدت مستحقا هناك. أما عائلتك فأخرجها عنهم في البلد الذي يقيمون فيه وهو ليبيا. وراجع الفتويين التاليتين: 12221، 38823. وننبهك إلى أن قولك: وشاءت الظروف. خطأ، والواجب عليك أن تقول: شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(11/18428)
ماذا يفعل من صام أول رمضان في بلد وآخره في غيرها عند اختلاف الرؤية وأين يخرج زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب مبتعث وعندي إجازة في22رمضان بحيث أكون أول رمضان في باكستان وأخره في السعودية. علما بأن شهر رمضان يتأخرعن السعوديه بفارق يوم ... السؤال..هل أقضي يوما بعد شهر رمضان. لأنني في ذلك الوقت في السعوديه؟؟ وهل أدفع زكاة الفطر في باكستان أو السعودية؟؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال، ثم اعلم أخي أن ثبوت دخول رمضان أو انسلاخه يقتدى فيه بأهل البلد الذي دخل رمضان أو انسلخ على الشخص وهو فيه، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون. رواه أبو داود. وعلى هذا فإن دخلت السعودية ورؤيتهم للهلال متقدمة على أهل باكستان، فإنه يلزمك الأخذ برؤيتهم، فإن أفطروا بعد أن صاموا تسعة وعشرين يوماً باعتبار رؤيتهم، لزمك الفطر معهم ثم قضاء اليوم الذي سبقوك بصومه، لأنك لم تصم إلا ثمانية وعشرين يوماً، وإن أكملوا رمضان ثلاثين يوما فلا يلزمك شيء لأنك صمت تسعة وعشرين يوما، والشهر ثلاثون أو تسع وعشرون. وأما زكاة الفطر فإنها تخرج في البلد الذي وجبت عليك فيه وهو السعودية ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 9442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(11/18429)
تارك زكاة الفطر مخالف لأمر الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تارك زكاة الفطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تارك إخراج زكاة الفطر إن كان يعلم وجوبها، فإنه يعتبر عاصياً مخالفاً لأمر الله تعالى في أمره بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن ابن عمر: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين حر وعبد ورجل أو امرأة صغير أو كبير صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير. واللفظ لمسلم.
قال النووي: اختلف الناس في معنى فرض هنا، فقال جمهورهم من السلف والخلف ألزم وأوجب، فزكاة الفطر فرض واجب عندهم لدخولها في عموم قوله تعالى: وَآتُواْ الزَّكَاةَ. ولقوله فرض وهو غالب في استعمال الشرع بهذا المعنى. انتهى.
وقال في المغني: قال ابن المنذر وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن صدقة الفطر فرض وقال إسحاق هو كالإجماع من أهل العلم وزعم ابن عبد البر أن بعض المتأخرين من أصحاب مالك وداود يقولون هي سنة مؤكدة. انتهى.
وإذا علمت هذا، فاعلم أن من ترك إخراج زكاة الفطر قد ترك فرضاً فرضه الله تعالى عليه، فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويخرجها في المستقبل ويخرجها عما مضى من السنين التي مرت عليه إذا كان موسراً يستطيع أن يخرجها في تلك السنين لكنه فرط، ويخرجها عمن تلزمه نفقته من زوجة أو أولاد صغار أو والديه الفقيرين.
قال في مواهب الجليل شرح مختصر خليل بن إسحاق المالكي عند قوله: ولا تسقط بمضي زمنها. قال في المدونة: وإن أخرها الواجد، فعليه قضاؤها لماضي السنين. انتهى.
وقال في مختصر الوفاء: ومن فرط فيها سنين وهو واجد لها أخرجها عما فرط من السنين عنه وعمن كان يجب عليه إخراجها عنه في كل عام بقدر ما كان يلزمه من ذلك، ولو أتى ذلك على ماله إذا كان صحيحاً، وإن كان مريضاً وأوصى بها أخرجت من ثلثه. انتهى، وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 6647.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1425(11/18430)
دفع صدقة الفطر بعد فوات زمن الوجوب
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم أدفع صدقة الفطر لأنه لم يكن معي ماذا أفعل أرجو الإجابة؟ وهل يجوز دفعها بعد رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزكاة الفطر واجبة على المسلم عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته بشرط أن تكون فاضلة عن قوته وقوت عياله في ليلة العيد ويومه، فإذا كنت قادراً عليها في وقت الوجوب ولم تخرجها لسبب ما فهي باقية في ذمتك إلى أن تخرجها ولا تسقط بعدم إخراجها في وقت الوجوب قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: ولا تسقط زكاة الفطر عمن لزمته بمضي زمن وجوبها وهو أول ليلة العيد أو فجره، بل يخرجها لماضي السنين عنه وعمن تلزمه عنه، وأما لو مضى زمن وجوبها وهو معسر فإنها تسقط عنه. انتهى
وبهذا يتضح أنه لو كنت عاجزاً عنها في ليلة العيد ويومه فلا تجب عليك وإن أديتها بعد ذلك فهذا مستحب عند الحنابلة ففي كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: قال في الاختيارات من عجز عن صدقة الفطر وقت وجوبها عليه، ثم أيسر فأداها فقد أحسن. انتهى
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 40882، والفتوى رقم: 12469.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(11/18431)
زكاة الفطر.. فوائدها.. والحكمة منها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي زكا ة الفطر؟ وما فائدتها؟ ولماذا فرض دفعها قبل صلاة العيد؟
أفتونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 12043 كيفية زكاة الفطر مع بيان مقدارها والوقت الذي تخرج فيه.
أما بيان فائدتها، فقد جاء في الحديث التصريح بذلك، ففي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. حسنه الألباني.
ففي هذا الحديث أن من فوائد زكاة الفطر تطهير الصائم من اللغو والرفث وهو هنا الفحش من الكلام، وأنها طعمة للمساكين أي طعام لهم في هذا اليوم، وفيه بيان وقت إخراجها وأنه قبل صلاة العيد، قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: والظاهر أن من أخرج الفطرة بعد الصلاة كان كمن لم يخرجها باعتبار اشتراكهما في ترك هذه الصدقة الواجبة، وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن إخراجها قبل صلاة العيد إنما هو مستحب فقط، وجزموا بأنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر، والحديث يرد عليهم. وأما تأخيرها عن يوم العيد فقال ابن رسلان: إنه حرام بالاتفاق لأنها زكاة فوجب أن يكون في تأخيرها إثم؛ كما في إخراج الصلاة عن وقتها. انتهى
ومن هذا يعلم أن إخراجها قبل الصلاة حمله أكثر الفقهاء على الاستحباب، وأنها تجزئ إذا أخرجت بعد الصلاة لكن الأولى موافقة الحديث، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 11918 وفيه الحكمة من دفع الزكاة قبل صلاة الفطر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(11/18432)
زكاة الفطر.. حكمها.. وعمن تجب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زكاة الفطر وما مقدارها وعلى من تجب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزكاة الفطر واجبة على كل مسلم لديه فضل من المال يزيد عن قوته وقوت عياله في يوم العيد وليلته، وعن مسكن وخادم إن كان بحاجة إليه، يخرجها عن نفسه، وعمن تلزمه نفقتهم كما هو مبين في الفتوى رقم: 867 ولمعرفة مقدارها والأصناف التي تخرج منها انظر الفتوى رقم: 12469
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1423(11/18433)
الأصل أن القادر يخرج زكاة الفطر عن نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم ورحمة الله تعلى وبركاته أنا شاب أبلغ من العمر 19 سنة. مع العلم أني أقطن مع أخي في منزله.سؤالي الذي أريد طرحه هو.. على من يجب إخراج الزكاة. صبيحة. يوم عيد الفطر؟ هل على أخي أم على والدي أم علي أنا. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان عندك من المال ما يزيد عن نفقة يوم العيد وليلته، فإنه يجب عليك إخراج زكاة الفطر عن نفسك، وإن لم يتوفر لك ذلك وجب على من ينفق عليك ويعولك إخراج زكاة الفطر عنك، وكذلك الحال بالنسبة لأخيك فإنه يجب أن يخرج الزكاة عن نفسه، فإن لم يستطع فعلى من يعوله، فإذا لم يخرجها عنه وأمكنك إخراجها عنه فافعل.
وقد بين لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مقدار الزكاة، وعن من تخرج فقال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) رواه البخاري.
ومقدار الصاع: كيلوان ونصف تقريباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/18434)
زكاة الفطر من مال حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ عدة سنوات مضت كنت أدفع زكاة الفطر من مال سحت حيث أنا موظف في دائرة حكومية وكنت لا أداوم في العمل، والسؤال هو هل أدفع الآن مرة ثانية زكاة الفطر عن تلك السنوات وهي ثلاث سنوات. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تتغيبُ عن العمل دائماً فجميعُ المال الذي حصلت عليه محرم لأنه أجرةٌ عن عملٍ لم تقم به، وعلى هذا فإن كنت أخرجتَ زكاة الفطر من هذا المال فإنها لا تجزئك لأن المال الحرام لا يُملك بل يجبُ إخراج جميعه من الذمة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله طيب لا يقبلُ إلا طيبا. أخرجه مسلم، وانظر الفتوى رقم: 69128.
فإذا كنتَ لا تجدُ في يوم عيد الفطر من السنين الفائتة فاضلاً عن كفايتك سوى هذا المال الحرام، فلا فطرةَ عليك، فقد نص أهل العلم على أن المال الحرام لا يُزكى ولا يحجُ منه كما نقله النووي عن الغزالي وأقره: إذا لم يكن في يده إلا مال حرام محض، فلا حج عليه ولا زكاة، ولا تلزمه كفارة مالية. انتهى.
وأما إذا كنت تحضرُ حيناً وتتغيبُ حينا فمالك مختلط وفيه شبهة بقدر ما تغيبت عن العمل، وقد بينا حكم إخراج زكاة الفطر من مال فيه شبهة وأن الأصل أنها صحيحةٌ مجزئة كما في الفتوى رقم: 60374.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(11/18435)
هل تجب زكاة الفطر عمن ترك صوم رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم مغربية ومسلمة أعيش في بلد أجنبي، ولدي 3 أبناء علما أن أكبرهم يبلغ 19 سنة وأصغرهم 13 سنة، إلا أنهم لا يصومون. فهل يتوجب علي إخراج زكاة الفطر عن أبنائي أم لا؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجبُ عليكِ أولاً هو حثُّ أولادك على الصيام، وأمرهم به، وحملهم عليه بكل ممكن، فإن ترك الصيام ذنبٌ عظيم وإثمٌ جسيم في حقِ من بلغ الحلم، وعلى من بلغ منهم الحلم وتعمد الفطر بعد بلوغه أن يقضيَ الرمضانات التي أفطرها مع الاجتهادِ في التوبة النصوح، وأما زكاة الفطر، فإن كان لأولادك مال فهي واجبةٌ في مالهم، وإن كنتِ أنت التي تنفقين عليهم فيجبُ عليكِ أن تخرجي زكاة الفطر عنهم، وانظري الفتوى رقم: 113980.
ويلزم إخراجها على التفصيلِ المذكور حتى وإن كانوا لا يصومون فإن ترك الصيام مع كونه ذنباً عظيماً لا يُسقطُ وجوب صدقة الفطر، فإنها واجبٌ مستقل، وقد فرضها النبي صلى الله عليه وسلم على كل مسلم، فأولادك طالما يصدقُ عليهم وصفُ الإسلام فهم داخلون في عموم أمره صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(11/18436)
حكم إخراج زكاة الفطر من السلفة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بإمضاء عقد عمل هذه الأيام وأخذت سلفة لغاية صرف مرتبي، فهل يجوز أن أخرج زكاة النفس من هذه السلفة، علما بأن المرتب لن يصلني إلا بعد العيد بأسبوع؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصدقة الفطر تجب على كل مسلم لديه فضل من المال يزيد عن قوته وقوت عياله في يوم العيد وليلته، وعلى من توفرت فيه هذه الشروط أن يخرج الزكاة عن نفسه وعمن تلزمه نفقتهم كوالديه وأبنائه وزوجته، لما ثبت في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة. رواه البخاري.
ومن قدر على زكاة الفطر وجب عليه أن يخرجها مما يملكه، ولا فرق بين إخراجها مما كان قد اقترضه أو ما يملكه بوسيلة أخرى، ومن هذا يتبين لك أنك إذا كنت لا تملك إلا هذه السلفة فإن إخراج زكاة الفطر منها ليس جائزاً لك فحسب، بل هو الواجب عليك إذا تحقق الشرط السابق، ولا دخل في ذلك للموعد الذي سيصلك فيه المرتب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(11/18437)
هل تلزم زكاة الفطر عن الزوجة الكتابية
[السُّؤَالُ]
ـ[مسلم متزوج بكتابية هل يخرج عنها زكاة الفطر أم لا تجب في حقها؟ ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزكاة الفطر واجبة على المسلم وعلى من يمونه من المسلمين، أما الكافر فلا تجب عليه ولا على من يمونه من الكفار. قال العلامة ابن حجر الهيتمي في التحفة: (ولا فطرة) ابتداء ولا تحملاً (على كافر) أصلي إجماعاً وللخبر ولأنها طهرة وليس من أهلها. نعم يعاقب عليها في الآخرة كغيرها (إلا في عبده) أي قنه ومستولدته (وقريبه) وخادم زوجته (المسلم) كل ممن ذكر وزوجته المسلمة دونه وقت الغروب (في الأصح) فتلزمه كالنفقة. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1426(11/18438)
زكاة الفطر للمرأة المطلقة والناشز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا منفصلة عن زوجي منذ سنة ونصف وفي إجراءات الطلاق لكن لم ينطق بالحكم النهائي بعد.
سؤالي: زكاة عيد الفطر تحق علي أم على الزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السائلة لم تبين لنا طبيعة هذا الانفصال الذي حصل مع زوجها، وعلى كل، فإن كان مقصودها أن الطلاق وقع بالفعل من الزوج لكنه لم يدون في المحاكم فالزكاة هنا لا تجب قطعا على الزوج إذا كانت العدة انتهت أو كان الذي أوقع الطلاق هو القاضي لانقطاع العلاقة الزوجية حينئذ.
أما إذا كان الزواج لا يزال ساريا، وكان هذا الانفصال واقعا بسببها، فهي ناشز، وبذلك تسقط النفقة والزكاة عن الزوج لتلازمهما، وانظري الفتوى رقم: 11954، وإن كان النشوز من الزوج، فالزكاة عليه.
والحاصل أنه إذا كانت السائلة مطلقة وبانت أو ناشزا فإن الزكاة عليها هي، وإن كانت غير ذلك، فالزكاة على الزوج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(11/18439)
يخرج الولد زكاة فطره عن نفسه إن كان قادرا مكتسبا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
إذا رفض والدي إخراج الزكاة طعاما وأصر على إخراجها نقداً حسب فقه الواقع رغم أني بينت له السنة في إخراجها، هل آثم إن انسحبت من قائمة العائلة وأخرجتها عن نفسي طعاما، علما بأني أعيش مع العائلة وأنا أعزب؟
ولكم منا كل الجزاء والشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مسألة إخراج القيمة في زكاة الفطر من مسائل الاجتهاد التي اختلفت فيها أنظار الفقهاء، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز إخراج القيمة إن كانت هنالك مصلحة راجحة، وقد سبق أن بينا هذا في الفتوى رقم: 929، والفتوى رقم: 6372.
فلعل والدك قد أفتاه بعض أهل العلم بجواز ذلك فعمل بناء على هذه الفتوى، وأما إخراجك عن نفسك طعاماً طلباً للأحوط فلا شك أنه أمر طيب، وننبهك إلى أنك إن كنت غنياً قادراً على الكسب، فلا تلزم أباك نفقتك، وبالتالي لا يلزمه إخراج زكاة الفطر عنك، وإنما تخرجها أنت عن نفسك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(11/18440)
صدقة الفطر عبادة لا تصح بدون نية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسوله الكريم
ما الحكم في عدم قيام شخص بأداء زكاة الفطر وذلك ليس نسيانا وإنما قام بالتصدق في شهر رمضان إلا أنه لم ينو أن تكون صدقة الفطر وإنما صدقة لمساعدة فهل تكون تلك الصدقة في مقام صدقة الفطر رغم عدم النية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصدقة الفطر فريضة، وتاركها عمداً مع القدرة آثم كما سبق في الفتوى رقم 6654
وهي عبادة لا تصح إلا بالنية كما هو معلوم، وما أخرجه هذا الشخص من الصدقات في رمضان على سبيل المعونة للمحتاجين، فإنه لا يجزئ عن صدقة الفطر باتفاق لأنه لم ينو بها صدقة الفطر، ولو نوى بها صدقة الفطر، فإنها تجزئ على مذهب أبي حنيفة والشافعي ولا تجزئ على مذهب مالك وأحمد إلا إذا كان أخرجها قبل العيد بيوم أو يومين، وهذا القول هو الأقرب إلى الدليل.
وأما تأخيرها عن يوم العيد فحرام باتفاق الفقهاء، ولا تبرأ ذمته إلا بإخراجها قضاء بعد ذلك، على الراجح من أقوال العلماء، كما هو مبين في الفتوى رقم 576
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(11/18441)
الاقتراض لأداء زكاة الفطر جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن لرجل أن يقترض مبلغا من المال ليخرج منه زكاة الفطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجب زكاة الفطر إلا على القادر عليها وقت وجوبها، والقدرة عليها عند جمهور العلماء هي: أن يكون عند المرء وقت وجوبها ما يفضل عن قوته وقوت من تلزمه نفقته.
ووقت وجوبها على الراجح هو غروب الشمس من آخر يوم من أيام رمضان، فمن غربت عليه الشمس وهو قادر عليها وجبت عليه.
أما من لم يكن قادراً عليها وقت وجوبها فلا تجب عليه، ولكن إذا اقترض وأداها جاز له ذلك، وأثيب عليه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1422(11/18442)
هل تجب زكاة فطر الأبناء على أمهم إذا تكفلت بنفقتهم طوال شهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأم أن تخرج زكاة الفطر عن أبنائها البالغين وبناتها وأحفادها منهم، علماً أن بناتها وأحفادها منهن كن يفطرن يومياً عندها، وكانت تتحمل تكلفة أكلهم وشربهم، وكذلك أبناؤها وزوجاتهم يعيشون معها في نفس البيت، وهي التي تتحمل نفقات أكلهم وشربهم في رمضان وغيره من الشهور، ولا يساهمون هم إلا بالشيء القليل فيما يخص مأكلهم ومشربهم، بل تتحمله هي عنهم وعن زوجاتهم وهي التي تعيلهم، لكونهم مديونين ولا يستطيعون الإنفاق إلا القليل مما يبقى من رواتبهم. علماً بأن جميع الأبناء وبعض البنات يعملن؟ وهل المقصود بحديث زكاة الفطر بكلمة "يمونه" أي يعوله. فهل يجوز أن تخرج عنهم زكاة الفطر على ما جرت العادة منذ كانوا صغاراً بما أنها لا زالت تعيلهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصدقة الفطر تجب على المسلم في ماله عنه وعمن يمونه، ومعنى يمونه أي تلزمه نفقته، فيجب على كل مسلم أن يؤدي زكاة الفطر عنه وعمن تلزمه نفقته إن فضل عن كفايته وكفايتهم ليلة العيد ويومه ما يمكنه إخراجه، على ما هو مبين في الفتوى رقم: 127115.
وإذا علم هذا فالأم يجب عليها أن تنفق على أولادها إذا كانوا معسرين ولا مال لهم ولا كسب يقوم بكفايتهم، وهذا إذا لم يكن أبوهم حياً أو كان معسراً.
قال ابن قدامة رحمه الله: يجب على الأم أن تنفق على ولدها إذا لم يكن له أب، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي.. فإن أعسر الأب وجبت النفقة على الأم ولم ترجع بها عليه. انتهى بتصرف.
وإذا علم أن صدقة الفطر تابعة للنفقة، فمن وجبت نفقته وجبت فطرته، فإن كانت نفقة هؤلاء الأولاد واجبة على أمهم، فعليها أن تخرج عنهم صدقة الفطر، وأما بناتها فنفقتهن على أزواجهن، ولا يلزمها إخراج فطرة زوجات أولادها.
قال النووي رحمه الله: وأما زوجة الابن المعسر فلا تجب نفقتها ولا فطرتها على الأب؛ لأنه لا يجب إعفافه وإن وجبت نفقته، وأما الإخوة وبنوهم والأعمام وبنوهم وسائر الأقارب غير الأصول والفروع فلا تجب نفقتهم ولا فطرتهم. (وأما) الأصول والفروع فإن وجبت نفقتهم بشروطها المعروفة في كتاب النفقات وجبت فطرتهم ومن لا فلا، فلو كان الابن الكبير في نفقة أبيه فوجد قوته ليلة العيد ويومه فقط لم تجب فطرتة على الأب لسقوط نفقته عنه في وقت الوجوب ولا على الابن لإعساره. انتهى.
وأما إذا كان هؤلاء الأولاد يجدون ما تحصل به كفايتهم من مال أو كسب كما هو الظاهر، وكانت هذه الأم تنفق عليهم من باب الإحسان والتبرع توسعة عليهم وإعانة لهم على قضاء ديونهم، فليست فطرتهم واجبة عليها، وإنما يجب على كل واحد منهم أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تلزمه نفقته، فإن تبرعت الأم بإخراجها جاز ذلك، إذا وكلها أبناؤها في إخراجها، أو أعلمتهم بأنها ستخرجها عنهم لتحصل منهم النية الواجبة، وذهب بعض أهل العلم إلى أن صدقة الفطر تلزم الأم في الحال المذكورة لكونها تبرعت بنفقتهم طول شهر رمضان.
جاء في منار السبيل في شرح الدليل من كتب الحنابلة: وتجب على من تبرع بمؤنة شخص شهر رمضان. نص عليه، لعموم حديث: أدوا صدقة الفطر عمن تمونون. وروى أبو بكر عن علي، رضي الله عنه زكاة الفطر عمن جرت عليه نفقتك وعنه: لا تلزمه في قول الأكثر، واختاره أبو الخطاب، وصححه في المغني، والشرح، وحمل نص أحمد على الاستحباب.
وننبه أخيراً إلى أن حديث: أدوا صدقة الفطر عمن تمونون. وإن حسنه بعض أهل العلم لكن الراجح ضعفه.
قال النووي رحمه الله: حديث ابن عمر الأول في الصحيحين إلا قوله (ممن تمونون) فرواه بهذه اللفظة الدارقطني والبيهقي بإسناد ضعيف، قال البيهقي إسناده غير قوي، ورواه البيهقي أيضاً من رواية جعفر بن محمد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مرسل أيضاً. فالحاصل أن هذه اللفظة (ممن تمونون) ليست بثابتة. انتهى.
والحجة في هذا الباب القياس مع عمل الصحابي.
قال العراقي رحمه الله في طرح التثريب: ثم إن المعتمد القياس على النفقة مع ما انضم إلى ذلك من فعل ابن عمر راوي الحديث ففي الصحيحين عنه أنه كان يعطي عن الصغير والكبير. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1430(11/18443)
هل تجب زكاة الفطر على الفقير
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للفقير أو متوسط الدخل كيف يخرج زكاة الفطر؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الفقير أو ذو الدخل المتوسط يجد فاضلاً عن كفايته وكفاية من تلزمه نفقته ليوم العيد وليلته بعد حاجاته الأصلية من مسكن ومركب ونحو ذلك مما يستطيع أن يؤدي به زكاة الفطر فهي واجبة عليه، لأنه مستطيع، وقد فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب على الحر والعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين. كما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
وأما إذا كان هذا الشخص لا يجد ما يفضل عن كفايته وكفاية من تلزمه نفقته ليلة العيد ويومه فإن صدقة الفطر لا تلزمه، لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها.
جاء في الروض المربع ممزوجاً بحاشيته لابن قاسم مع شيء من التصرف: تجب أي زكاة الفطر على كل مسلم من أهل البوادي وغيرهم ممن تلزمه مؤنة نفسه، ذكراً كان أو أنثى، صغيراً كان أو كبيراً، حراً أو عبداً، فضل له أي عنده يوم العيد وليلته صاعاً من قوته وقوت عياله وفاقا، وقال الشيخ وغيره: هو قول الجمهور، ولا فطرة على من لم يفضل له صاع وفاقاً، إلا أبا حنيفة قال: لا تجب إلا على من يملك نصاباً أو قيمته، فاضلاً عن قوته ومسكنه ونحوه، لأن ذلك أهم فيجب تقديمه.
وإذا وجبت عليه صدقة الفطر فإنه يخرجها صاعا من طعام من غالب قوت الناس، ويخرج عن كل واحد ممن تلزمه نفقته صاعاً، والأفضل أن يدفعه إلى مستحقيه من الفقراء والمساكين قبل صلاة العيد من يوم الفطر، ولا يجوز تأخيرها عن يوم العيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1430(11/18444)
زكاة الفطر تجب حتى على غير المكلفين بالصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[زكاة الفطر شرعت لتطهير الصائم على تفصيل اختلاف المذاهب فى الوقت، المهم أن تكون قبل صلاة العيد ولا تصح بعده، لكن بالنسبة لمن عليه قضاء أيام من رمضان لسفر أو مرض أو غير ذلك.
هل تجب عليه زكاة أخرى بعد القضاء، أم أن الزكاة التى أخرجها قبل صلاة العيد كافية؟
وبالنسبة لمن مرض ولم يصم رمضان، هل زكاة الفطر تؤجل بالنسبة له يخرجها بعد القضاء، أم أنه إذا كان أخرجها قبل صلاة العيد صح ذلك والواجب قضاء الصوم فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زكاة الفطر متعلقة بالوقت الذي هو قبل صلاة العيد على الخلاف المشهور في وقت وجوبها هل هو غروب الشمس آخر يوم من رمضان أم طلوع فجر يوم العيد؟
ولا يتوقف وجوبها على صوم المكلف من عدمه، فإنها لا تجب على المكلفين بالصوم فحسب، بل قد فرضها النبي صلى الله عليه وسلم عن الحر، والعبد، والذكر، والأنثى، والصغير، والكبير من المسلمين كما ثبت في الصحيحين، ولا يجب على المسلم أكثر من زكاة فطر واحدة، ولا خلاف في هذا بين أهل العلم.
وبه تعلم أنه من أخرج زكاة الفطر من رمضان في وقتها وكان أفطر رمضان أو بعضه لم يلزمه إخراجها مرة أخرى بعد أن يقضي ما عليه، وأن من أفطر رمضان أو بعضه يجب عليه إخراج صدقة الفطر في وقتها، ولا يجوز له تأخيرها إلى حين يقضي الأيام التي أفطرها، فإن من الحكم التي شرعت لأجلها صدقة الفطر التوسعة على الفقراء وإدخال السرور عليهم في يوم العيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1430(11/18445)
زكاة الفطر عمن يفطر عمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب بالغ يترك صوم رمضان عامدا هل يخرج عنه والده صدقة الفطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترك الصيام ذنبٌ عظيم وإثمٌ جسيم، قال شيخ الإسلام بن تيمية – رحمه الله -: من أفطر عامداً بغير عذرٍ كان تفويته لها من الكبائر. انتهى.
وقال الحافظ الذهبي – رحمه الله -: وعند المؤمنين مقرر: من ترك صوم رمضان بلا عذر بلا مرض، ولا غرض فإنه شر من الزاني والمكَّاس ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه، ويظنون به الزندقة والانحلال. انتهى.
والواجبُ على من يترك صيام رمضان أن يتوب توبةً نصوحا مع قضاء ما أفطره متعمداً من أيام، وأما صدقة الفطر فإنها واجبٌ مستقل فرضها النبي صلى الله عليه وسلم على الصغير والكبير والحر والعبد والذكر والأنثى من المسلمين. كما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
والذي يفطرُ في رمضان لا تسقطُ عنه صدقة الفطر لأنه داخلٌ في عموم المسلمين وإن كان قد ارتكب كبيرةً من أكبر الكبائر، ثم صدقة الفطر واجبةٌ في ماله إن كان له مال وإلا فهي واجبةٌ على من يلزمه أن ينفقُ عليه كما بينا ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 69092.
وما دام الشاب بالغا فإن كان قادرا على الكسب فإنه لا يلزم الوالد أن ينفق عليه ومن ثم لا تلزمه زكاة الفطر عنه، أما إذا لم يكن قادرا على الكسب فالنفقة واجبة وزكاة الفطر كذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(11/18446)
من يخرج زكاة الفطر عن الولد إن كان له مال
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: ابنتي عملت أخيراً في وظيفة راتبها لا يتعدى الـ 200 جنيه، وأنا أعمل فهل عليها أن تزكي في رمضان من راتبها أم على الوالدة، فأفيدوني أفادكم الله؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فرض النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على الصغير والكبير والذكر والأنثى، وورد في الحديث: عمن تمونون. أخرجه الدارقطني والبيهقي وحسنه الألباني في الإرواء بمجموع طريقيه، وإن كان جمهور المحدثين على ضعفه كما بين ذلك الحافظ في التلخيص.
ونقل ابن رشد في بداية المجتهد الاتفاق على أنها تلزم الوالد إذا كان ولده معسراً، قال رحمه الله: فإنهم اتفقوا على أنها تجب على المرء في نفسه، وأنها زكاة بدن لا زكاة مال، وأنها تجب في ولده الصغار عليه إذا لم يكن لهم مال. انتهى.
فإذا كان لولده مال يمكنهم أن يؤدوا عن أنفسهم صدقة الفطر منه، فصدقة الفطر تلزمهم في مالهم، قال النووي في شرح المهذب: فإذا كان الطفل موسراً كانت نفقته وفطرته في ماله لا على أبيه ولا جده، وبه قال أبو حنيفة ومحمد وأحمد وإسحاق. انتهى.
وعلى هذا؛ فإن صدقة الفطر تلزم ابنتك إن كان راتبها يفضل عن كفايتها، بقدر صاع من غالب قوت الناس (2 كيلو ونصف تقريباً) ليلة العيد ويومه، فإن لم يكن راتبها يكفيها وأنت التي تنفقين عليها فيجب عليك إخراج صدقة الفطر عنها لأمره صلى الله عليه وسلم بإخراجها عمن ينفق عليهم المكلف، كما تقدم في الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1429(11/18447)
مجرد عقد القران لا يوجب زكاة الفطر على الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عاملة متزوجة وما زلت لم ألتحق ببيت الزوجية وإلى الآن مازلت أعيش مع أمي وأخي في انتظار حفل الزفاف سؤالي عن زكاة الفطر: أبي متوفى وأمي ت تقاضى معاشها عنه إلا أنني وأمي نتعاون في مصاريف المعيشة فأعطيها مبلغا محددا كل شهر وفي رمضان لهذا العام لم يقض أخي رمضان معنا وهو في السجن أمي قامت بإخراج زكاة الفطر في آخر يوم من رمضان وقالت إنه لا لزوم لتزكي عنه فقط تخرج الزكاة عني وعنها بما أننا قضينا رمضان معا بصراحة أنا فتاة ملتزمة إلا أني لا أعلم ما يكفي عن أمور الزكاة. وبعد انقضاء رمضان دخلت لهذا الموقع بحثا عن معلومات حول الأمر فتخوفت لهذا أرجو أن تفتوني فيما حدث وهل على زوجي أن يزكي عني أم هل كان علي أن أخرج الزكاة بنفسي وعن أمي وأخي أيضا أم ماذا.. وإن لم يصح ما قامت به أمي فما العمل الآن..وجازاكم الله عنا خيرا..أرجو أن تشرحوا لي الأمر بتفصيل لو سمحتم.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك إخراج زكاة الفطر عن نفسك، ولا يجب على زوجك ولا على أخيك ولا والدتك ولا والدك لو كان حيا إخراجها عنك، ولكن لو أخرجها أحدهم برضاك أجزأت عنك. وسبب وجوبها عليك دون والدتك أنه لا يلزم والدتك أن تنفق عليك لكونك مالكة للنفقة على نفسك.
وأما زوجك فلا تجب عليه النفقة إلا بعد أن تسلمي نفسك إليه وتمكنيه من الاستمتاع، ولست كذلك الآن. ولا تجب عليه زكاة الفطر لأنها تابعة للنفقة.
وعليه؛ فمجرد عقد القران لا تجب بمقتضاه نفقة ولا زكاة فطر على الزوج.
وأما زكاة الفطر عن أمك فلا تجب ما دامت لها مال تنفق منه على نفسها.
وأما أخوك فإن كان له مال فتجب في ماله، وإن لم يكن له مال فتجب على والدته لأن نفقته في هذه الحالة واجبة عليها إن كانت قادرة على ذلك عند بعض أهل العلم، فإن لم تكن قادرة فلا تجب عليك بل تسقط عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(11/18448)
هل تخرج الموظفة زكاة الفطرعن نفسها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة، وسؤالي هو عن زكاة الفطر، هل يجب علي إخراجها من مالي أم على ولي الأمر؟ وجزاكم الله خيراً، ونفع بعلمكم المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قادرة على إخراج زكاة الفطر عن نفسك في وقت الوجوب فيجب عليك إخراجها عن نفسك، أما الأب ونحوه فإنه لا يلزمه إلا الإخراج عمن تلزمه نفقته، قال النووي في المجموع: (وأما) الأصول والفروع فإن وجبت نفقتهم بشروطها المعروفة في كتاب النفقات وجبت فطرتهم، ومن لا فلا، فلو كان الابن الكبير في نفقة أبيه فوجد قوته ليلة العيد ويومه فقط، لم تجب فطرته على الأب، لسقوط نفقته عنه في وقت الوجوب. انتهى.
لكن إذا تبرع الأب بإخراجها عنك بإذنك فهي مجزئة إن شاء الله تعالى، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 23776، والفتوى رقم: 12043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(11/18449)
هل يخرج زكاة الفطر من أخرجها أبوه عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ضمن 8 إخوة ويقوم أبي بدفع زكاة الفطر كل عام عن العائلة كلها، فهل أخرج زكاة لي لزيادة الثواب وهل هي من باب الصدقة أم الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم المستطيع إخراج زكاة الفطر عن نفسه وعن من تلزمه نفقته، فإذا كان الشاب المذكور ممن تجب نفقته على أبيه فزكاة فطره واجبة على أبيه، وراجع الفتوى رقم: 69092، والفتوى رقم: 23776، وبالتالي فإذا قام الأب بإخراج زكاة الفطر عنك وكانت واجبة عليه أو تطوع بها بإذنك فيما لو لم تكن نفقتك عليه أجزأت، فإن أحببت التصدق بمثلها على الفقراء تطوعا منك فهذا عمل صالح تثاب عليه إن شاء الله تعالى، لكن يكون ذلك بنية التطوع وليس على سبيل أنها زكاة فطر واجبة، وزكاة الفطر واجبة في حق القادر عليها وليست من باب صدقة التطوع، وقد يطلق عليها وعلى زكاة المال اسم الصدقة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر -أو قال رمضان- على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعا من تمر أو صاعا من شعير. متفق عليه واللفظ للبخاري. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 57063.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1427(11/18450)
من يخرج زكاة الفطر عن الأولاد الذين هم في حضانة أمهم
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل طلق زوجته وعنده من الأولاد ثلاثة، والأولاد في حضانة أمهم وتأخذ نفقة من زوجها على ذلك، السؤال: هل يخرج هو عنهم زكاة الفطر أم هي التي تتكفل بذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الأب أن ينفق على أولاده وأن يخرج زكاة الفطر عنهم، وله أن يوكل الأم بإخراج الزكاة عنهم، إما من مالها إن تبرعت بذلك، وإما أن يدفع إليها زكاتهم زائدة على مقدار النفقة التي يدفعها عادة وتقوم هي بتوصيلها لمستحقيها.
قال الإمام النووي في المجموع: على الأب وسائر الوالدين فطرة ولده وإن سفل، وعلى الولد فطرة والده وإن علا بشرط أن تكون نفقته واجبة عليه، فإن لم تكن نفقته واجبة عليه لم يلزمه فطرته، فإذا كان الطفل موسراً كانت نفقته وفطرته في ماله لا على أبيه ولا جده، وبه قال أبو حنيفة ومحمد وأحمد وإسحاق. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 28127.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1426(11/18451)
مذاهب الفقهاء فيمن تجب عليه زكاة الفطر ومن يأخذها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إمام في وزارة الأوقاف يجوز له أخذ زكاة الفطر أم هو الذي يخرج الزكاة لأنني سمعت أن إخراج زكاة الفطر تجب على من عنده قوت يومه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزكاة الفطر واجبة على الشخص عن نفسه وعن من تلزمه نفقته إذا كانت فاضلة عن قوته وقوت عياله في يوم العيد عند الشافعية والمالكية. قال الشافعي في الأم: وكل من دخل عليه شوال وعنده قوته وقوت من يقوته يومه وما يؤدي به زكاة الفطر عنه وعنهم أداها عنهم وعنه، وإن لم يكن عنده إلا ما يؤدي عن بعضهم أداها عن بعض. وإن لم يكن عنده سوى مؤونته ومؤونتهم يومه فليس عليه ولا على من يقوت عنه زكاة الفطر. انتهى.
وقال خليل المالكي في مختصره بعد ذكره للصاع المخرج في زكاة الفطر: فضل عن قوته وقوت عياله.
وعند الحنابلة يشترط في الوجوب أن تكون فاضلة عن مؤونته ومؤونة من تجب عليه نفقته إضافة إلى المسكن والخادم والدابة والثياب الضرورية. قال المرداوي في الإنصاف: إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته وهذا بلا نزاع؛ لكن يعتبر كون ذلك فاضلا عما يحتاجه لنفسه أو لمن تلزمه مؤونته من مسكن وخادم ودابة وثياب بذلة ونحو ذلك على الصحيح من المذهب. انتهى.
وعليه، فإذا كان الإمام المذكور يملك قوته وقوت من يعوله يومه فالواجب عليه إخراجها عن نفسه وعن من تلزمه نفقته، ولا يتنافى وجوب إخراج الزكاة عليه مع أخذه إذا كان متصفا بالفقر.
قال الإمام الشافعي في الأم: ولا بأس أن يؤدي زكاة الفطر ويأخذها إن كان محتاجا، وغيرها من الصدقات المفروضات وغيرها، وكل مسلم سواء. انتهى.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية صرف زكاة الفطر للفقراء والمساكين دون غيرهما من مصارف زكاة المال الواجبة، كما في الفتوى رقم: 12597.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1425(11/18452)
زكاة الفطر واجبة على المسلم عن نفسه ومن يعولهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أعمل وليس يوجد في الأسرة معيل غيري، فهل يجوز أن أدفع زكاة النفس علي وعلى أمي وأخي وزوجة أخي وبناته وأبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت السائلة الكريمة تعني هل يجوز لها أن تدفع زكاة الفطر عن نفسها ووالديها وأخيها وزوجته وبناته، فالجواب نعم يجوز لها أن تدفعها عنهم وهي مأجورة على ذلك، بل يجب عليها إخراجها عن نفسها ووالديها إذا كانا فقيرين لوجوب نفقتهما عليها، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 1751، والفتوى رقم: 939.
وإن كانت تعني هل يجوز أن تدفع الزكاة لهم، فلتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26323، 6415، 39337.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/18453)
هل تخرج المتزوجة زكاة الفطر عن نفسها
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الأزواج بعمر الشباب يعمل ولكنه لا يصرف على عائلته، وأحد الأشخاص قد تكفل بهذه العائلة وهو يعطي الأموال لزوجة الرجل، وهي تملك حاليا 500 دولار، فما هو حكم دفعها زكاة الفطر من هذه الأموال....؟؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على هذا الشاب أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وزوجته ومن تلزمه نفقته إن ملك من المال ما يزيد على نفقته ونفقتهم يوم العيد وليلته.
ولو عجز هذا الشاب عن أداء الزكاة أو امتنع، فإن من أهل العلم من يرى وجوب زكاة الزوجة عليها حينئذ إذا كانت قادرة، كما هو حال هذه المرأة المسؤول عنها.
قال في "التاج الإكليل": قال مالك يلزم الرجل أداؤها عن نفسه وعن امرأته، وإن كانت مليئة، وانظر إذا لم يكن له فمن أين يخرجها؟ هل يجب عليها أن تخرج عن نفسها؟ قال في التفريع: تخرجها عن نفسها.
وعلى كل، فلو أخرجت الزوجة زكاتها عن نفسها، أو قام غيرها بفعل ذلك عنها، جاز ذلك، لكن بشرط إذنها بذلك.
وللفائدة، نحيلك على الفتوى رقم: 939، والفتوى رقم: 27864.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/18454)
يجب على الزوج أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن يعول
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
سؤالي هو: شاب متزوج وله دخل خاص به هل يجوز له أن يعوّل على أسرته الأولى لتخرج عنه زكاة الفطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على هذا الشاب أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه ومن يعول من زوجة وأولاد، إن ملك من المال ما يزيد على نفقته ونفقة من يعول يوم العيد وليلته.
ولكن لو أخرجها أحد عنه جاز ولا حرج بشرط إعلامه بها، حتى تتحقق منه النية، وراجع الفتوى رقم: 27864، والفتوى رقم: 1751.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(11/18455)
صدقة الفطر عن الجنين
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو توضيح حكم الصدقة عن الجنين في بطن أمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تقصد بسؤالك عن حكم الصدقة عن الجنين حكم إخراج زكاة الفطر عنه، فلا تجب عند أكثر أهل العلم حتى نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك، واستحب الحنابلة إخراجها عنه، لأن عثمان رضي الله عنه كان يخرجها عن الجنين، وعن أبي قلابة قال: كان يعجبهم أن يعطوا زكاة الفطر عن الصغير والكبير حتى عن الحمل في بطن أمه. رواه أبو بكر عن الشافي.
وإذا كنت تقصد مطلق الصدقة، فليس هناك من النصوص الشرعية ما يمنع من الصدقة عن الجنين، وفعل عثمان رضي الله عنه وغيره من الصحابة يدل بفحواه على مشروعية الصدقة عنه، لأنه دل على أنه يعامل معاملة من تحققت حياته، والحي يشرع التصدق عنه، وإن كان الأولى أن يقتصر المسلم في ذلك على صدقة الفطر، لأن الآثار لم ترد في غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/18456)
على من تجب زكاة البنت العاملة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت تعمل ولديها راتب شهري وهي ليست متزوجة فهل عليها إخراج زكاة الفطرعلماً بأن والدها موجود ولديه راتب شهري أيضا وهي تسكن معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في زكاة الفطر أنها تجب على الرجل وعمن تلزمه نفقته من زوجة وأبناء وغيرهم، وأختك مادام أن لها مهنة تتكسب منها ما يكفيها فقد سقطت نفقتها عن أبيها، وحينها لا يجب على الأب إخراج زكاة الفطر عنها بل تجب عليها هي من مالها، ولكن لو أخرجها الأب عنها أجزأتها ولا حرج في ذلك.
وراجع الفتوى رقم: 12043 - والفتوى رقم: 867.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/18457)
زكاة الفطر عن الزوجة من يتولى إخراجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة ولدي أولاد وأريد أن أخرج فطرة عن أولادي فهل علي إخراج الفطرة أو على زوجي؟ وما الفرق بين الفطرة والزكاة؟ وجزاكم الله ألف خير.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم لديه فضل مال يزيد عن قوته وقوت عياله في يوم العيد وليلته، ويجب أداؤها عن الصغير والكبير.
لما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فرض زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
وعلى هذا؛ فيجب على زوجك أن يدفع زكاة الفطر عنك وعن أولاده لأن صدقة الفطر تابعة للنفقة؛ إلا إذا كان عاجزاً ولا مانع من أن تخرجيها أنت على جهة التطوع والتبرع، وليس على جهة الفرض والإلزام.
وأما الفرق بين الفطرة والزكاة: فإن الفطرة هي صدقة الفطر، أو زكاة الفطر التي تجب على المسلم، بغروب شمس ليلة عيد الفطر، وأما الزكاة: فإنها المقدار المعين الذي يجب أن يخرج من المال إذا بلغ النصاب، وحال عليه الحول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(11/18458)
حكم زكاة الفطر عن ولد ارتدت أمه وفرت به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا رجل رزقت بولد من امرأة اعتنقت الإسلام ثم ارتدت عنه وفرت بالولد فلم أره أبداً ولا أعلم عنه شيئا فهل يجب علي إخراج زكاة الفطر عنه؟ أفيدوني أفادكم الله ولكم منا صالح الدعاء؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك إخراج زكاة الفطر عن ولدك هذا، وإن لم تعلم عنه شيئاً، لأن الأصل الحكم بإسلامه تبعاً لإسلامك، قال في مغني المحتاج: فإذا كان أحد أبويه مسلماً وقت العلوق فهو -أي الصبي أي الصغير الشامل للأنثى والخنثى- مسلم بإجماع وتغليباً للإسلام، ولا يضر ما يطرأ بعد العلوق منهما من ردة.
وكذلك فإن الأصل الحكم ببقاء حياته حتى يرد ما ينقل عن هذا الأصل، فتجب عليك فطرته حتى يصل إلى عمر يغلب على ظنك أنه أصبح فيه قادراً على الكسب بنفسه، فتسقط زكاته تبعاً لسقوط نفقته.
وعليك أن تبحث عن هذا الولد قدر استطاعتك، عسى الله أن يمكنك من العثور عليه لتقوم بما يجب عليك من تربيته على الإسلام، وتعليمه ما يجب عليه تعلمه من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(11/18459)
زكاة الفطر عن الخدم والسائقين على من؟
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجب علي إخراج الزكاة عن الخدم والسائقين الذين يعملون في بيتي , جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح أن إخراج زكاة الفطر عن الخدم والسائقين ونحوهم واجب عليهم هم، لا على غيرهم، لحديث ابن عمر: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على الذكر والأنثى. متفق عليه. فهذا الحديث يدل على أن كل إنسان مخاطب بالزكاة عن نفسه، إلا ما خرج بدليل آخر، وهؤلاء لم يخرجهم دليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(11/18460)
مسائل في زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يمكنني دفع زكاة الفطر عن أمي الميتة وإخواني وأخواتي وأبي الموتى كلهم؟
وهل يجب علي دفع زكاة الفطر عن زوجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزكاة الفطر تجب على الأحياء، واستحب بعض الصحابة كعثمان بن عفان رضي الله عنه إخراجها عن الجنين، وأما إخراجها عن الأموات فلم يرد فيه شيء فيما نعلم، ولكن يمكنك أن تتصدق عن والديك وإخوانك.
ويجب عليك دفع زكاة الفطر عن زوجتك ومن تعولهم من أولادك وغيرهم، كما صح بذلك عن ابن عمر قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير، كما صح بذلك الحديث عن ابن عمر قال: أمر رسول الله صلى عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد ممن تمونون. وفي لفظ "أدوا صدقة الفطر عمن تمونون" رواه الدارقطني، وحسنه الألباني في إرواء الغليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/18461)
إخراج الفطرة عن الزوجة تابع لنفقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[1- أنا شاب عقدت قراني على فتاة ولا تزال حتى الآن في بيت أهلها يعني لم يتم العرس بعد. هل أخرج عنها زكاة الفطر أم ماذا مع العلم اني أعيش في بيت العائلة يعني مع إخوتي في نفس البيت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وجوب إخراج الفطرة عن الزوجة تابع لوجوب نفقتها، ونفقة الزوجة لا تجب إلا بعد أن تسلم نفسها لزوجها وتمكنه من الاستمتاع بها. وعليه، فمجرد عقد القران لا تجب بمقتضاه نفقة، ولا زكاة فطر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/18462)
إخراج زكاة الفطر عن الجنين غير واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجتي حامل في شهرها السابع الآن، وسؤالي هل يجب إخراج زكاة الفطر عن الجنين وهو في بطن أمه؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا ولد الطفل قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان أخرجت عنه زكاة الفطر، أما إذا غربت شمس آخر يوم من رمضان وهو في بطن أمه فلا يجب إخراجها عنه. هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم، وهو مذهب الحنابلة، والأظهر عند الشافعية وأحد قولي المالكية، وعللوا ذلك بأنه كان في بطن أمه وقت وجوب الزكاة فلا يجب إخراجها عنه، ومما استدلوا به ما أخرجه أبو داود وابن ماجه من أن ابن عباس رضىِ الله عنهما قال "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمه للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات".
فقد دل هذا الحديث على أن صدقة الفطر تجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان من جهة أنه أضاف الصدقة إلى الفطر، والإضافة تقتضي الاختصاص، أي الصدقة المختصة بالفطر، وأول فطر يقع عن جميع رمضان هو بغروب شمس آخر يوم من رمضان،، فمن غربت عليه شمس آخر يوم من رمضان وهو في بطن أمه فليس من أهل الوجوب. ولاشك أن هذا استدلال بارع وإن كان منزعه بعيدا.
أما من طلع عليه فجر يوم العيد وهو في بطن أمه، فلا تجب زكاة فطره قولا واحداً، لأن الجنين لا يثبت له من الأحكام الدنيوية إلا الإرث والوصية بشرط خروجه حياً.
وقد ذكر ابن المنذر الإجماع على ذلك، لكن يستحب إخراجها عنه لفعل عثمان رضي الله عنه وعن أبى قلابة قال: كان يعجبهم أن يعطوا زكاة الفطرة عن الصغيرة والكبير، حتى عن الحمل في بطن أمه رواه أبو بكر في الشافي.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1421(11/18463)
يجوز للمرء إخراج زكاة الفطر عن والده وإخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في الرياض وعند عيد الفطر أذهب لزيارة الوالد في المدينة المنورة وعند موعد حلول زكاة الفطر أقوم بدفع الزكاة عني وعن أهلي (والدي وإخواني) فما صحة ذلك علما بأن أبي على علم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما تفعله صحيح مجزئ عنك وعن والدك وإخوتك في إخراج زكاة الفطر. ونرجو أن يكون ذلك من البر بوالدك وبإخوتك. والعلم عند الله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1422(11/18464)
يجوز للمرء أن يدفع زكاة الفطر عن أخيه الفقير
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي لايعمل وهو في زيارة هل أقوم بدفع زكاة الفطر عنه أم أعطيه مبلغ الزكاة لكي يزكي هو عن نفسه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
كل ذلك واسع فإن شئت فادفع عنه زكاة الفطر مع ما تدفعه عن نفسك وعيالك، وإن شئت فأعطه ما يدفعه هو عن نفسه. والله تعالى اعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18465)
تجب صدقة الفطر على كل مسلم لديه فضل من المال يزيد عن قوته وقوت عياله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم على من تجب صدقة الفطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صدقة الفطر تجب على كل مسلم لديه فضل من المال يزيد عن قوته وقوت عياله في يوم العيد وليلته، وعن مسكن وخادم إن كان بحاجة إليه. وعلى من توفرت فيه هذه الشروط أن يخرج الزكاة عن نفسه وعمن تلزمه نفقتهم كوالديه وأبنائه وزوجته، لما ثبت في الصحيح "عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة. رواه البخاري. ومقدار الصاع كيلوان ونصف تقريبا.
... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18466)
نقل زكاة الفطر والتأخر في إخراجها لعذر شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعمل في هيئة خيرية حيث تخرج صدقة الفطر لبلاد أخرى بعيدة أهلها بحاجة للصدقة ونظرا لأن إرسالها يتم ليلة العيد بعد تلقيها من المتبرعين فإن إيصالها لمستحقيها في هذه البلاد يتطلب وقتاً وتوزيعها عليهم يحتاج إلى عمل فهل يجوز التأخر في إيصال صدقة الفطر لمستحقيها عندنا كوسيط وذلك لساعات أو يوم أو يومين على أبعد تقدير مع العلم أنها خرجت من المتصدق قبل الصلاة في موعدها الشرعي أرجو أن تجيبونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن زكاة الفطرتوزع على فقراء البلد الذي وجبت فيه، أي البلد الذي يوجد فيه البدن الذي يزكى عنه، وعليه فإذا كان في بلدكم بعض الفقراء من مصارفها فلتدفع إليهم، فإن لم يوجد مصرف لها فى بلدها وهذا مستبعد أو وجد فقراء أشد حاجة من فقراء البلد كان نقل تلك الزكاة مشروعا، وعليه فإذا كانت تلك الهيئة الخيرية قد باشرت نقل الزكاة إلى فقراء بلد آخر فلتبادر فى توزيعها قدر الاستطاعة بحيث لا تتأخرعن يوم العيد، فإذا كان التأخير ليومين أوأقل لعذرشرعي كالبحث عن مستحق أولإجراءات ضرورية تحتاجونها من وسيلة مواصلات أومن يساعد في التوزيع ونحو ذلك فلاحرج عليكم، ولا يجوز لكم تأخير التوزيع لغيرعذر لأن الأصل حرمة تأخير إخراج زكاة الفطرعن يوم العيد.
ففي طرح التثريب لعبد الرحيم العراقي: ثم قال جمهور الفقهاء لا يجوز تأخير إخراجها عن يوم الفطر وبه قال الشافعية والحنفية والمالكية وهو المشهور عند الحنابلة، وحكى ابن المنذر عن ابن سيرين والنخعي أنهما كانا يرخصان في تأخيرها عن يوم الفطر قال وقال أحمد أرجو أن لا يكون بذلك بأس, وذكر ابن قدامة أن محمد بن يحيى الكحال قال قلت لأبي عبد الله: فإن أخرج الزكاة ولم يعطها قال نعم إذا أعدها لقوم. قال ابن قدامة واتباع السنة أولى. انتهى.
ولكم أن تأخذوها من المزكي قبل يوم الفطر بزمن يتسع لوصولها لمستحقيها في الوقت لأنكم وكلاء عن المزكي فتقومون مقامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1429(11/18467)
أخرجوا زكاة الفطر عن والديهم بعد العيد سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[وصى أب أولاده في مصر بإخراج زكاة الفطر عنه وعن زوجته حيث كان هو وزوجته يؤديان العمرة في مكة فأخرجوها ليلة العيد في مصر بعد فطر أبويهم في السعودية حيث إن العيد في السعودية كان قبل مصر بيوم سهوا من أبنائهم فهل تصح هذه الزكاة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي كان ينبغي لهذا الذي أدركه العيد وهو في السعودية أن يُخرج صدقة الفطر حيثُ هو لأن زكاة الفطر تابعةٌ للبدن كما نص على ذلك أهل العلم، وإذ لم يفعل ووكل في إخراجها فقد كان الواجب على الوكيل أن يبادر بإخراجِ صدقة الفطر عن أبيه قبل صلاة أبيه عيد الفطر لحديثِ ابن عباسٍ رضي الله عنهما: فمن أداها قبل الصلاة فهي صدقةٌ مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقةٌ من الصدقات. رواه أبو داودَ بإسنادٍ حسن.
وأجازَ كثير من أهل العلم فعلها في يوم العيد، وإن كان بعد الصلاة، ونقل ابن رسلان الإجماع على تحريم تأخيرها عن يوم العيد، وإن كان في صحة هذا الإجماع نظر، ففي المسألةِ قولٌ لبعض السلف بجواز تأخيرها عن يوم العيد، لكن قول عامة العلماء ومنهم الأئمة الأربعة هو حرمة تأخيرها عن يوم العيد، فما فعله هؤلاء الأبناء محرمٌ قطعاً إن كانوا تعمدوه، وأما إذا وقع تأخيرهم لإخراجِ صدقة الفطر عن أبيهم وزوجته نسياناً كما يدلُ عليه السؤال فلا إثم عليهم، لأن الناسي غير مؤاخذ، لقوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة 286} وقال الله في جوابها: قد فعلت. أخرجه مسلم، ولكن يجبُ دفعها للفقراء لأنها حقٌ لهم فلا يفوتُ بخروجِ الوقت وإذ قد فعلوا وأخرجوها ليلة العيد عندهم فلا شيء عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1429(11/18468)
حكم من أخر زكاة الفطر بسبب النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زوج وزوجة ناما عن صلاة عيد الفطر ولم يخرجا زكاة الفطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن صلاة العيد سنة مؤكدة وهو مذهب الجمهور، ويستحب لمن فاتته أن يقضيها وهو مذهب الشافعي ومالك وأبي ثور، كما سبق بيانه وتفصيله في الفتوى رقم: 51579.
أما زكاة الفطر فهي واجبة في قول أكثر أهل العلم، ولا تسقط بخروج وقتها، ويجب إخراجها قبل صلاة العيد لحديث ابن عمر: أمر رسول الله بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة. رواه البخاري ومسلم. فمن تعمد تأخيرها عن الصلاة فقد أثم وتلزمه التوبة والاستغفار والمبادرة بإخراجها، وتكون له صدقة من الصدقات لقوله صلى الله عليه وسلم: من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. أخرجه أبو داود.
أما الناسي والنائم وما شابه فمعذورون لقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة: 286} . وقوله صلى الله عليه وسلم: إنه ليس في النوم تفريط. رواه مسلم عن أبي قتادة. قال في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أنها لا تسقط بخروج وقتها لأنها وجبت في ذمته لمن هي له وهم مستحقوها، فهي دين لهم لا يسقط إلا بالأداء لأنها حق للعبد، أما حق الله في التأخير عن وقتها فلا يجبر إلا بالاستغفار والندامة. اهـ. وعليه.. فيستحب للزوج والزوجة قضاء صلاة العيد ويجب عليهما إخراج زكاة الفطر ولا إثم عليهما إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/18469)
تأخير إخراج زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أم مريضة بمرض لا شفاء منه، ولا تستطيع صيام شهر رمضان وعلمت أنه يجب إخراج زكاة فطرها أثناء شهر رمضان، ولا يجوز بعده فما الحكم فيه وهل نقوم بدفعة الآن، أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أصيب بمرض لا يرجى شفاؤه أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً لقوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة:184} ، وفي البخاري عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول: ليست منسوخة وهي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعما مكان كل يوم مسكينا.
وقال البهوتي: المريض الذي لا يرجى برؤه في حكم الكبير. انتهى، وقال ابن قدامة: وإنما يصار إلى الفدية عند اليأس من القضاء. انتهى، ومقدار الفدية مد من غالب قوت أهل البلد، وراجع الفتوى رقم: 2234.
أما زكاة الفطر فهي واجبة في قول أكثر أهل العلم لحديث ابن عمر قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من شعير أو صاعاً من تمر على الصغير والكبير والحر والعبد من المسلمين. رواه البخاري.
وتجب الزكاة بالفطر من رمضان بالاتفاق واختلفوا في تحديد وقت الوجوب: فقال الشافعي وأحمد ومالك في رواية: تجب بغروب الشمس من آخر يوم من أيام رمضان، وقال مالك في الرواية الأخرى وأبو حنيفة: تجب بطلوع الفجر من يوم العيد، واختلفوا في تعجيلها عن وقتها فمنع ابن حزم وقال: لا يجوز تقديمها قبل وقتها أصلاً. وذهب مالك وأحمد في المشهور عنه إلى أنه يجوز تقديمها يوما أو يومين. وذهب الشافعي إلى أنه: يجوز إخراجها أول رمضان، وذهب أبو حنيفة إلى أنه: يجوز إخراجها قبل رمضان، والراجح مذهب مالك وأحمد وهو جواز إخراجها قبل الفطر بيوم أو يومين لما روى البخاري عن ابن عمر قال: وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين. ثم من أهل العلم من أوجب إخراجها قبل صلاة العيد، ومنهم جوز تأخيرها إلى قبل غروب الشمس يوم العيد، ومن أخرها لغير عذر فهو آثم وتلزمه التوبة والقضاء. قال في الموسوعة الفقهية: واتفق الفقهاء أنها لا تسقط بخروج وقتها لأنها وجبت في ذمته لمن هي له، وهم مستحقوها فهي دين لا يسقط إلا بالأداء لأنها حق للعبد. انتهى.
وعليه فيجب المبادرة بدفع زكاة الفطر عن أمك، وإن كنت جهلت الحكم بوجوب إخراج زكاة أمك في الموعد المحدد شرعاً فأنت معذورة بجهلك، ولا إثم عليك إن شاء الله في التأخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(11/18470)
لا يضر إخراج زكاة الفطر قبل العيد ما دامت وصلت للفقير وقت الوجوب
[السُّؤَالُ]
ـ[زكاة فطر بعثها صاحبها عن طريق شخص آخر قبل عيد الفطر ولم تصل إلا يوم العيد وقد توفي الشخص الذي أرسلت له الزكاة ذلك اليوم، فهل هذه الزكاة صحيحة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص الذي أرسلت إليه الزكاة مصرفاً لها بأن كان حراً مسلماً فقيراً، فإنه يعتبر قد ملكها في حياته، وبالتالي فإنها تكون لورثته شأنها في ذلك شأن بقية ماله، وتكون هذه الزكاة مجزئة عن صاحبها إن شاء الله تعالى، لأنها وصلت إلى الفقير في وقت الوجوب، وهو يوم العيد فلا يضره إخراجها قبل العيد ما دامت قد أدركها وقت الوجوب، وهي بيد الفقير.
قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل بعد ذكر قولين في إجزاء الزكاة إذا أخرجت قبل العيد بيومين: ومحلهما إذا أتلفها الفقير قبل وقت الوجوب، وأما إن بقيت عنده إلى الوقت الذي تجب فيه لأجزأت قولاً واحداً، لأن لدافعها إن كانت لا تجزئ أن ينتزعها، فإذا تركها كان كمن ابتدأ دفعها حينئذ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(11/18471)
حكم إخراج زكاة الفطر ليلة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأدية الزكاة ليلة العيد أم هي مكروهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 576 أن وقت وجوب زكاة الفطر يبدأ من غروب شمس أخر يوم من رمضان إلى أن تصلى صلاة العيد، وعليه فيجوز أخراجها ليلة العيد، ولكن الأفضل إخراجها بعد صلاة الفجر وقبل صلاة العيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(11/18472)
لا شيء على من أخطأ فأخرج زكاة الفطر بعد صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[وصلنا متأخرين إلى المسجد باعتبارأن الصلاة ستكون بعدوصولنا بساعة، ولكن الإمام صلى قبل وصولنا وعندمادخلت المسجدكان قدانتهى من الصلاة فسلمت الزكاةلإحدى النساءاللواتي يجمعن الزكاة ثم صليت، فهل تعتبرزكاةأم صدقة؟ وإذاكانت صدقة فكيف يتم القضاء؟ مع العلم أنني للمرةالأولى أصلي في هذه البلدولاأعرف وقت الصلاة ولكنني مشيت على كلام زوجي فهي ليست المرةالأولى له]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر أن مرادك بالزكاة زكاة الفطر.
وعليه؛ فإننا نقول لك إن إخراج زكاة الفطر يوم العيد بعد الصلاة جائز وتعتبر زكاة لا صدقة من الصدقات، وعلى هذا جماهير أهل العلم والأكمل إخراجها قبل الصلاة قال العراقي في طرح التثريب: الأفضل إخراجها قبل الخروج إلى الصلاة وقد صرح بذلك الفقهاء من المذاهب الأربعة، وزاد الحنابلة على ذلك فجعلوا تأخيرها عن الصلاة مكروهاً وذلك أعلى درجات الاستحباب، هذا هو المشهور عندهم، وقال القاضي منهم ليس ذلك بمكروه، وزاد ابن حزم الظاهري على ذلك فقال بالوجوب وأنه لا يجوز تأخيرها عن الصلاة وعبارته ووقت زكاة الفطر إثر طلوع الفجر الثاني ممتد إلى أن تبيض الشمس وتحل الصلاة من ذلك اليوم. انتهى.
وعلى قول الجمهور فلا شيء عليك في تأخير زكاة الفطر إلى ما بعد الصلاة لاسيما مع الخطأ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1424(11/18473)
لا يجوز تأخير زكاة الفطر مادام يوجد مستحق لها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نويت أن أخرج زكاة الفطر لشخص قد تعودت أن أخرج له الزكاة كل عام، وتركت له مقداراً محدداً من الأرز وقد نويت أن أعطيه له، وقد تأخر علي فلم يأتني فزكيت به ثاني أيام العيد على شخص آخر، فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب هو إخراج زكاة الفطر في وقتها وهو قبل صلاة العيد، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 6643، والفتوى رقم: 6654.
ولا يجوز تأخيرها ما دام يوجد مستحق آخر، فإن لم يوجد مستحق فلا بأس بانتظاره.
جاء في المغني: وروى محمد بن يحيى الكحال قال: قلت لإبي عبد الله: فإن أخرج الزكاة لم يعطها، قال: نعم إذا أعدها لقوم.
قال ابن قدامة عقبه: وحكاه ابن المنذر عن أحمد، واتباع السنة أولى. انتهى.
وعليه فما دمت أخرجتها ثاني أيام العيد فقد برئت ذمتك، ونسأل الله أن يغفر لك وأن يتقبل منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(11/18474)
إخراج زكاة الفطر في البلد الذي أنت فيه أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في بلد خارج مصر وكان عيد الفطر فيها قبل مصر بيوم أفطرت ولم أخرج زكاة فطري لأن أهلي سوف يخرجونها عني كالمعتاد فهل علي وزر في هذا وما رأي الدين في ذلك؟
أفيدونا حفظكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إخراج أهلك زكاة الفطر نيابة عنك مجزئ، إلا أن الأولى إخراجها في المكان الذي وجبت فيه، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 28726، والفتوى رقم: 12221.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1424(11/18475)
من لم يكن لديه مال في البلد الذي وجبت عليه فيه زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[مسلم ذهب لأداء العمرة في رمضان وحان موعد زكاة الفطر ولم يكن معه ما يكفي لأداء الزكاة وقضاء حاجته حتى يرجع لوطنه هو وأهله، ولكن لديه نقود بالوطن إذا رجع ماذا يفعل وهل يمكن إخراجها بعد انقضاء موعدها وماهي كفارة ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل إخراج زكاة الفطر في المكان الذي وجبت فيه كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
12221.
ووقت وجوبها يبدأ بالفطر من آخر يوم من رمضان، ويجوز إخراجها قبل ذلك كما سبق مفصلاً في الفتوى رقم: 26574.
وهي واجبة على كل مسلم عن نفسه وكل من يلزمه نفقته من زوجة وولد، إذا زاد ما يملكه عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته.
فإن لم يكن لديه مال في البلد الذي وجبت عليه زكاة الفطر فيه وله مال في بلد آخر كبلده الأصلي فلا بأس أن يوكل في إخراجها، فإن لم يفعل لعذر كعدم وجود آلة اتصال في بلده أو لجهل ونحو ذلك فالواجب عليه إخراجها بعد ذلك ولا إثم عليه؛ كما سبق في الفتوى رقم:
6654.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/18476)
حكم تعجيل زكاة الفطر عن وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج زكاة الفطر قبل رمضان بأيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزكاة الفطر تجب بالفطر من رمضان بالاتفاق، واختلفوا في تحديد وقت الوجوب، فقال الشافعي وأحمد ومالك في رواية عنه: تجب بغروب الشمس من آخر يوم من أيام رمضان، وقال مالك في إحدى الروايتين عنه وأبو حنيفة: تجب بطلوع الفجر من يوم العيد.
أما وقت الإخراج فهو قبل صلاة العيد؛ لما رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة. قال صاحب عون المعبود: قال ابن عيينة في تفسيره عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال: يقدم الرجل زكاته يوم الفطر بين يدي صلاته، فإن الله تعالى يقول: (قد أفلح من تزكى*وذكر اسم ربه فصلى) انتهى.
واختلفوا في تعجيلها عن وقتها، فمنع منه ابن حزم وقال: لا يجوز تقديمها قبل وقتها أصلاً. وذهب مالك وأحمد في المشهور عنه إلى أنه يجوز تقديمها يوماً أو يومين، وذهب الشافعي إلى أنه يجوز إخراجها أول رمضان، وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجوز إخراجها قبل رمضان، والراجح ما ذهب إليه مالك وأحمد من جواز إخراجها قبل الفطر بيوم أو يومين، أي اعتباراً من الثامن والعشرين من رمضان، ولا يجوز أكثر من ذلك، لما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومي. فقوله: كانوا: أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(11/18477)
حكم من أخر زكاة الفطرعن وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يجب على من لم يدفع "يخرج" زكاة الفطر لسبب ما؟ وهل يستطيع إخراجها الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم: عن نفسه وعن كل من يلزمه نفقته من زوجة أو ولد فقير، أو والدين فقيرين، إذا زاد ما يملكه عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته. والأصل فيها ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:" فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة " ففي هذا الحديث الصحيح فرضية إخراج الزكاة، والأمر به قبل خروج الناس إلى المصلى، فبهذا يعلم أن التساهل في إخراجها أو تأخيرها عن وقتها المذكور في الحديث لا يجوز، وصاحبه آثم إلا لعذر شرعي. وعليه فإنا نقول للسائل عليك أن تخرج الزكاة في الوقت الذي تمكنت فيه. وإذا كان التأخير لعذر شرعي فلا إثم فيه. أما إذا كان لغير عذر فإنه لا يجوز وعلى صاحبه أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه منه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(11/18478)
زكاة الفطر واجبة ولاتسقط بالنسيان
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من لم يخرج زكاة الفطر ناسياً؟
وماذا يعمل إذا أراد إخراجها بعد العيد؟
ماذا تسمى إذا أخرجها بعد العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب تقديم صدقة الفطر على صلاة العيد، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم " أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" رواه البخاري ومسلم.
وهي واجبة، لاتسقط، لكن من تعمد تأخيرها عن الصلاة فإنها لا تقبل منه كزكاة، وإنما تكون صدقة من الصدقات، لقوله صلى الله عليه وسلم "من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات" أخرجه أبو داود وابن ماجه، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي. أما من نسي فهو معذور لقوله تعالى (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) [البقرة: 286] فإذا أخرجها بعد صلاة العيد فنرجو أن تكون مقبولة، ولا يضرك أن تسمى زكاة أو صدقة مادام أن سبب التأخير هو النسيان. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(11/18479)
تأخير زكاة الفطر عن وقتها لا يجوز إلا لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت مني صديقة بالتليفون أن أخرج عنها مبلغا كزكاة فطر، وكنت أريد ان أرسله إلى بلد آخر أعرف به محتاجين، وأصرت علي وقلت لها إن الموضوع ليس في ذمتها الآن وأنني سأخرجها بإذن الله، ولكنني تأخرت حتى أرسلت المبلغ بالحوالة حتى بعد العيد، فهل أنا آثمة؟ وهل أستطيع أن أحتسب شيئا مما أنفقته في رمضان كأنه زكاة فطر لها وأعتبر المبلغ الذي أرسلته عنها هو صدقة عني، وماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زكاة الفطر التي أرسلتها نيابة عن صديقتك التي طلبت ذلك منك، ووافقت عليه لا يمكن أن تكون صدقة عنك أنت، كما لا يصح أن تعتبري ما أنفقت في رمضان، أو في غيره زكاة عنها هي، وذلك لأن الزكاة تفتقر إلى نية، وإرسالك المبلغ عنها يكفي في نية إخراج زكاتها وتقع عنها، فلا يصح بعد ذلك أن تكون صدقة عنك أنت.
أما تأخير إخراج الزكاة عن وقتها الذي هو من صلاة الصبح إلى صلاة العيد، فإنه لا يجوز، وسواء كانت زكاة الإنسان عن نفسه، أو عن من وكله على إخراج زكاته، وإنما لم يجز التأخير لمخالفته لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ثبت أنه أمر: "أن تؤدى زكاة الفطر قبل خروج الناس للصلاة" متفق عليه. فمن أخرها عن ذلك الوقت لغير عذر شرعي فقد خالف أمره صلى الله عليه وسلم، أما إذا كان التأخير لعذر مثل: تعذر وجود مستحق، أو التحقق منه، أو عدم وجود من ترسل معه، فنرجو ألا يكون فيه إثم، مع التنبيه إلى أن الزكاة لا ينبغي أن توزع خارج بلد المزكي، إلا لحاجة أعظم من حاجة أهل البلد أو لمصلحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(11/18480)
يجوز إخراج زكاة الفطر قبل العيد بحيث تصل إلى الفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أخرجت زكاة الفطر يوم 20 رمضان فهل يجوز ذلك وما العمل في حالة عدم جوازه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
وقت وجوب إخراج زكاة الفطر يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان إلى أن تصلى صلاة العيد. والأفضل أن تخرج ما بين صلاة الفجر وصلاة العيد. ويجوز أن تقدم على هذا بيوم أو يومين، أو بالقدر الذي تصل فيه إلى مستحقيها إذا كانوا خارج البلد الذي أنت فيه، ولا تسقط زكاة الفطر بالتأخير، فمن لم يخرجها وهو قادر على إخراجها وجب عليه إخراجها ولو بعد يوم العيد، بل ولو بعد شهر أو سنة أو أكثر في الراجح عند أهل العلم، لأنها دين ثابت للفقراء في ذمته، وبناء على ما تقدم فإن الراجح أن هذه الزكاة ما زالت في ذمتك أيها السائل إذا لم تكن علة دفعك لها في العشرين من رمضان هي إيصالها للفقراء مع نهايته لبعد بلدهم مثلاً، وإنما حكمنا برحجان بقائها في الذمة لأنها عبادة مؤقتة، والمؤقت لا يجزئ إذا قدم عن وقته.
... ... ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18481)
حكم إخراج زكاة الفطر لغير مستحقيها وإخراجها بعد صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد أن قمنا بتوزيع زكاة الفطر لهذا العام تبقي جزء ليس باليسير منها لم نستطع إخراجه لمستحقيه نظرا لضيق الوقت المتبقي علي صلاة العيد، فخشينا الوقوع في الإثم لو تركناها لبعد العيد، فقمنا بتوزيعها على من أخذوا منها من قبل، وأيضا على من لا يستحق. فهل الأولي ما فعلنا أم الأصح توزيع ما تبقى منها بعد صلاة العيد علي مستحقيها الذين لم نستطع إعطاءهم منها؟ أرجو الرد بالتفصيل حيث ستصبح هذه الفتوى مرجعا لنا بإذن الله في مسجدنا والجمعية التابعة له.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في كونكم أخطأتم بإعطائكم زكاة الفطر غير مستحقيها، وقد كان عليكم إذا علمتم كثرة ما وكل إليكم قسمته من الصدقات أن تبدؤوا بقسمتها مبكرا، وقد كان الصحابة يخرجون صدقة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين كما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما، فإذا ضاق الوقت ولم يمكنكم توزيع جميع الصدقة قبل الصلاة فأنتم معذورون في تأخيرها إلى ما بعد الصلاة، ومذهب الجمهور أن جميع يوم العيد وقت لتوزيع صدقة الفطر، وأن تأخيرها عن الصلاة جائز وإن كان خلاف الأفضل.
قال شمس الحق في عون المعبود: وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن إخراجها قبل صلاة العيد إنما هو مستحب فقط وجزموا بأنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر. انتهى.
وذهب بعض العلماء إلى أن تأخيرها عن صلاة العيد لا يجوز وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فالواجب عليكم إذا عجزتم عن قسمتها قبل الصلاة قسمتها في باقي يوم العيد.
وأما ما دفعتموه لمن لا يستحق فأنتم ضامنون له؛ لكونكم فرطتم بصرفه في غير مصرفه، فيجب عليكم المبادرة بإخراجه إلى مستحقيه من الفقراء، فإنه دين في ذمتكم، ودين الله أحق أن يقضى، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما ما دفعتموه لمن يستحق زائدا على ما أخذه من قبل فقد أجزأ ووقع موقعه، فلا يلزمكم قضاؤه لأن النصيب المدفوع للفقير من صدقة الفطر غير مقدر، فيجوز أن يدفع للفقير الواحد أكثر من فطرة.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: يجوز أن توزع الفطرة على أكثر من مسكين، ويجوز أن تعطى عدة فطرات لمسكين واحد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(11/18482)
حكم صرف زكاة الفطر إلى جمعية إسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا جمعية إسلامية، وهذه الجمعية في أمس الحاجة المادية لتسديد واجبات الإيجار وبعض المصاريف الأخرى، فهل يجوز لنا أخذ زكاة الفطر التي جمعناها في الجمعية؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في مصرف زكاة الفطرعلى ثلاثة أقوال، جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء فيمن تصرف إليه زكاة الفطر على ثلاثة آراء: ذهب الجمهور إلى جواز قسمتها على الأصناف الثّمانية الّتي تصرف فيها زكاة المال، وذهب المالكيّة - وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيميّة - إلى تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين، وذهب الشّافعيّة إلى وجوب قسمتها على الأصناف الثّمانية، أو من وُجد منهم. انتهى.
والراجح ـ إن شاء الله ـ أن مصرف زكاة الفطر يختص بالفقراء والمساكين، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله: ولهذا أوجبها الله تعالى طعاماً، كما أوجب الكفارة طعاماً، وعلى هذا القول: فلا يجزئ إطعامها إلا لمن يستحق الكفارة، وهم الآخذون لحاجة أنفسهم، فلا يعطى منها في المؤلفة، ولا الرقاب، ولا غير ذلك، وهذا القول أقوى في الدليل، ثم قول النبي صلى الله عليه وسلم: طُعمة للمساكين.
نصٌّ في أن ذلك حق للمساكين، كقوله تعالى في آية الظهار: فإطعام ستين مسكيناً.
فإذا لم يجز أن تصرف تلك للأصناف الثمانية: فكذلك هذه. انتهى باختصار.
وممن انتصر لهذا القول ورجحه العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ في الشرح الممتع، وبه تعلم أن الواجب على أفراد هذه الجمعية والذين وكلهم إخوانهم في توزيع صدقة الفطرعلى المستحقين أن يضعوها في مواضعها التي عينها الله عز وجل وأن لا ينفقوا منها شيئا في مصلحة هذه الجمعية، بل عليهم أن يبادروا بدفعها إلى الفقراء والمساكين، وحتى على قول الجمهورـ الذين يرون أن مصرف زكاة الفطر هو مصرف زكاة المال ـ فإن جواز دفع الزكاة إلى هذه الجمعية محل اختلاف بناء على: هل يشمل ـ مصرف في سبيل الله ـ الأعمال الدعوية ونحوها أم لا؟ والذي رجحه بعض أهل العلم دفع الزكاة لهذه الجمعيات الإسلامية على اعتبار دخولها في مصرف في سبيل الله، وبخاصة إذا كانت في أوروبا وكانت بحاجة ماسة لهذا المال، وعلى هذا القول، فلا بأس من صرف زكاة الفطر في حاجات هذه الجمعية، قال الشيخ عبد الله بن جبرين ـ رحمه الله ـ في حكم دفع الزكاة في إنشاء مركز إسلامي: لامانع من عمارة هذا المشروع من أموال الزكاة لاعتبار ذلك من سبيل الله، لما فيه من تعليم القرآن والتوحيد والأحكام الشرعية والدعوة إلى الله وذلك داخل في سبيل الله، لأنه يقرب إلى الله ويعتبر من أفضل الأعمال الشرعية كقتال الكفار لدخولهم في الإسلام، فإن وجدت أموال من التبرعات وغلة الأوقاف وما أشبه ذلك صرفت في هذا المشروع، فإن توقف ولم يوجد له إلا أموال الزكاة جاز صرفها فيه. انتهى.
وننبه هاهنا إخواننا القائمين على هذه الجمعية إلى أن تأخرهم في دفع زكاة الفطر للمستحقين هذه المدة مما يستوجب منهم التوبة النصوح، فإن تأخير زكاة الفطر عن يوم العيد لا يجوز، بل ذهب بعض أهل العلم إلى عدم جواز تأخيرها عن الصلاة، لحديث ابن عباس: من أداها قبل الصلاة فهي صدقة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. رواه أبو داود.
قال شمس الحق في عون المعبود: والظاهر أن من أخرج الفطرة بعد الصلاة كان كمن لم يخرجها باعتباراشتراكهما في ترك هذه الصدقة الواجبة، وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن إخراجها قبل صلاة العيد إنماهو مستحب فقط وجزموا بأنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر، والحديث يرد عليهم، وأما تأخيرها عن يوم العيد، فقال ابن رسلان: إنه حرام بالاتفاق، لأنها زكاة فوجب أن يكون في تأخيرها إثم كما في إخراج الصلاة عن وقتها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1430(11/18483)
حكم دفع زكاة الفطر للأخت المقيمة في بلد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع زكاة الفطر لأختي المحتاجة بعد انتهاء رمضان المبارك لأنها في بلد آخر.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك أخي السائل أن تدفع زكاة فطرك لأختك الفقيرة، ولك أجر الصدقة والصلة بإذن الله، وقد سبق في الفتوى رقم: 9892، جواز دفع الزكاة للأخت الفقيرة وفي الفتوى رقم: 69999، حول مذاهب الفقهاء فيمن تصرف إليه زكاة الفطر، وانظر للأهمية ايضا الفتوى رقم: 9442، حول نقل زكاة الفطر لبلد آخر.
وقول السائل الكريم بعد انتهاء الرمضان إن كان يعني به بعد العيد فاعلم أنه لا يجوز تأخير زكاة الفطر عن وقتها بغير عذر، كما ذكرنا في ذلك في الفتوى رقم: 6643.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(11/18484)
حكم دفع زكاة الفطر للخالة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء زكاة الفطر إلى الخالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز دفع زكاة الفطر للخالة إذا كانت من الأصناف الثمانية الواردة في آية الصدقات، وقد ذكرناهم في الفتوى رقم: 27006، ودفع الزكاة لها أفضل من دفعها لغيرها ممن ليس بقريب، وانظر لذلك الفتوى رقم: 12597 حول أقوال الفقهاء في مصارف زكاة الفطر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1428(11/18485)
هل تعطى زكاة الفطر لمن يعمل عملا متقطعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الشرع في رجل يعمل عملا متقطعا وعرضت عليه زكاة الفطر فهل يقبلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل صرف الزكاة لغني سواء كانت زكاة فطر أو مال، والغني هو من عنده ما يكفيه ويسد حاجاته لأن الله قال: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ {التوبة: 60} ... ) . ومن عنده بيت ومركب ونفقة له ولمن يعول كأمثاله من الناس فليس بفقير ولا مسكين سواء كان عاملا أو غير عامل ما دام له مصدر دخل يسد حاجته، ولا يحل له قبولها.
وإن لم يكن كذلك فهو فقير أو مسكين يستحق الزكاة ولو كان يعمل عملا لا يفي بحوائجه التي سبق ذكرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(11/18486)
حكم تداول زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جماعة من المغتربين المسلمين باسبانيا أتينا من مخيمات اللاجئين الصحراويين بتنندوف (الجزائر) بحثا عن تحسين ظروف معاشنا مع العلم أننا قضينا بها أزيد من ثلاثين سنة نقتات من الهبات الخارجية التي تدعمنا بها المنظمات الدولية، تركنا زوجاتنا وذرياتنا وأتينا إلى أسبانيا من أجل العمل وتحصيل عرق الجبين فمنا من وجد العمل بالحقل (14 عشر ساعة يوميا) متصلة، ومنا من يعمل بالبناء لمدة 7 ساعات يوميا. نسكن ببيت استأجرناه.
سؤالي هو:
- هل من الواجب علينا صيام شهر رمضان مع هذا العمل الشاق؟
- كيف نخرج زكاة الفطر مع العلم أن المسلمين بالمدينة غير متواجدين عدانا وهل من الممكن تداولها بيننا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكم صيام شهر رمضان بأن يقوم كل منكم بتبييت نية الصيام، فإذا شق عليه الصوم بحيث يعجز عن أداء عمله جاز له الفطر حينئذ، ولا يجوز له تبييت نية الإفطار، وراجع الفتوى رقم: 55127.
وقد بينا في الفتوى رقم: 40840، إلى من تصرف زكاة الفطر، كما بينا خلاف العلماء في ذلك في الفتوى رقم: 69999، فراجعهما، فمن كان منكم فقيرا أو مسكينا جاز له أن يأخذ صدقة الفطر، والفقير هو العادم أو يجد ما لا يقع موقعا من كفايته بأن يكون دخله دون النصف من حاجته، والمسكين أحسن حالا منه ولكنه لا يجد ما يكفيه ومن ينفق عليهم.
والأصل في زكاة الفطر أن توزع في البلد الذي وجبت فيه، وما دامت بلدتكم لا يوجد فيها مصرف لهذه الزكاة فابعثوا بها إلى بعض بلاد المسلمين التي يوجد فيها محتاجون وما أكثرهم في هذا الزمان، وراجع الفتوى رقم: 904.
وبالنسبة لتداولها بحيث يخرجها من وجبت عليه ثم يأخذها زكاة عن المدفوع إليه فهذا جائز عند بعض أهل العلم كالشافعية خلافا للمالكية بشرط أن يكون آخذها فقيرا، قال النووي في المجموع: قال صاحب الحاوي: إذا أخرجها فله أخذها ممن أخذها عن فطرة المدفوع إليه إذا كان الدافع ممن يجوز دفع الزكاة إليه، وقال مالك: لا يجوز أخذها بعينها بل له أخذ غيرها، ودليلنا: أنها صارت للمدفوع إليه بالقبض فجاز أخذها كسائر أمواله ولأنه دفعها لمعنى وهو اليسار بالفطرة وأخذها بمعنى الحاجة وهما سببان مختلفان فلم يمتنعا؛ كما لو عادت إليه بإرث فإنه يجوز بالإجماع، قال المحاملي في كتابيه: المجموع: والتجريد: إذا دفع فطرته إلى فقير والفقير ممن تلزمه الفطرة فدفعها الفقير إليه عن فطرته جاز للدافع الأول أخذها، قال: وكذا لو دفعها أو غيرها من الزكوات إلى الإمام ثم لما أراد الإمام قسم الصدقات وكان الدافع محتاجا جاز دفعها بعينها إليه لأنها رجعت إليه بغير المعنى الذي خرجت به فجاز؛ كما لو عادت إليه بإرث أو شراء أو هبة. قال في التجريد: وللإمام أن يدفعها إليه كما يجوز أن يدفعها إلى غيره من الفقراء لأنه مساو لغيره في جواز أخذ الصدقة. وقال إمام الحرمين في تعليل المسألة: لا يمتنع أن يأخذها بعد دفعها لأن وجوب الفطرة لا ينافي أخذ الصدقة لأن وجوبها لا يقتضي غنى ينافي المسكنة والفقر، فإن زكاة المال قد تجب على من تحل له الصدقة لأن الزكاة يحل أخذها بجهات غير الفقر والمسكنة كالغارم لذات البين وابن السبيل الموسر في بلده والغازي فإنهم تلزمهم زكاة أموالهم ويأخذون الزكاة فلا يمتنع وجوب الزكاة على إنسان وجواز أخذ الزكاة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(11/18487)
انتفاع الأخ بزكاة الفطر التي أخرجها إخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في الجامعة أدرس على نفقه إخواني.
إخواني يعطون زكاة الفطر لأمي حتى تقوم بتوزيعها وأمي تعطيها لي دون أن يعلموا، فما هو الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزى الله خيرا إخوانك الذين تبرعوا بالنفقة عليك لتكمل الدراسة، وأما زكاة الفطر فلا يجوز أن تأخذها منهم إلا إذا كنت محتاجا إليها، بل أنت أولى بها حينئذ من غيرك، وسواء أعطوك إياها مباشرة أو أعطوها للوالدة وهي قامت بإعطائك إياها فهي وكيلة عنهم في إيصالها إلى المستحقين وأنت منهم فتكون قد وقعت موقعها سواء علم بذلك إخوانك أو لم يعلموا.
وأما إذا كنت غير محتاج فلا يصح أن تدفع إليك لأن مصرفها الفقراء والمساكين كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 11918.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(11/18488)
إعطاء صدقة الفطر للقريب الفقير أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمي توفي وأولاده ثلاث بنات وولد ومن ضمنهم بنت تشتغل وتأتي بفلوس، السؤال: هل يجوز لأبي أن يعطيهم زكاة الفطر أولا يجوز أرجو الرد سريعا؟
وشكرا لهذه الخدمة الرائعة.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان عيال عمك ليس لديهم مال كاف لسد حاجتهم الضرورية فهم فقراء يجوز أن تصرف لهم الزكاة سواء كانت زكاة فطر أو غيرها بل إعطاؤهم في هذه الحالة أفضل لاشتماله على صدقة وصلة، وراجع الفتوى رقم: 40503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1427(11/18489)
مذاهب الفقهاء فيمن تصرف إليه زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[في الأيام الأخيرة من رمضان هذه السنة وبالضبط أيامه الأخيرة ذهبت عند ابن عمي إلى يوم العيد فأخرج عنا الفطرة أنا وآخرين (6أفراد) فأعطاها لي ظنا منه أني أستحقها (أبي متوفى ولا زلت أدرس ... ) فهل أجزأته تلك الفطرة؟ إن كان الجواب بلا فما الحل الآن؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله فيمن تصرف إليه زكاة الفطر على ثلاثة آراء:
ذهب الجمهور إلى جواز قسمتها على الأصناف الثمانية التي تصرف فيها زكاة المال.
وذهب المالكية وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيمية إلى تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين.
وذهب الشافعية إلى وجوب قسمتها على الأصناف الثمانية أو من وجد منهم.
وعليه، فإن كنت فقيرا فما دفعه إليك ابن عمك عن نفسه وعمن تلزمه نفقتهم فمجزئ، وأما ما دفعه عنك إليك فغير مجزئ لأنه يجب عليك إخراج زكاة الفطر إلى المستحقين لها إما بنفسك وإما بوكيلك أو بمن أذنت له في إخراجها عنك. وكون من أذنت له في إخراجها عنك دفعها إليك لا يعد إخراجا لها عنك، ولم نقف على أحد من أهل العلم أجاز ذلك، والواجب عليك إخراجها عن نفسك الآن إذا كنت قادرا على إخراجها وقت الوجوب وهو غروب شمس آخر يوم من رمضان، وذلك بأن يكون عندك صاع من طعام أو قيمته فائضا عن حوائج يوم العيد وليلته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1426(11/18490)
هل تصرف التبرعات في غير مراد المتبرع ومن أحق بزكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل، سؤالي الأول هو: نحن جماعة من المسلمين نعيش في بلاد الغرب ولدينا مسجد ولكن في هذه الآونة الأخيرة اشترينا مسجداً بجوار مسجدنا المذكور، وليس بينهما إلا أن نهدم الحائط الذي بين المسجد القديم والمسجد الجديد فيصبح مسجداً واحداً وسبب الشراء هو الضيق الذي نعانيه في الجمعة والأعياد ورمضان ثم لتوسعة المسجد لمكان الصلاة للرجال والنساء والشباب ومكان التعليم، والسؤال المطروح هو: قبل الشراء اتفقنا مع بعض الأشخاص من الجماعة بفرض قدر من المال قدره 500 يورو أوروبي على كل شخص من الجماعة المنخرطة معنا بهذا المسجد وهذا المبلغ يدفع كليا أو مقسما (تقسيطاً) لكل شهر حسب استطاعة الشخص وما يقدر عليه أن يدفعه كل مرة، كما اتفقنا مع الآباء وأولياء التلاميذ الذين يدرسون بمسجدنا أن يشاركونا في هذا الخير أعني أن يوافقوا ويدفعوا هذا المبلغ المذكور أعلاه 500يورو، وذكرنا بضرورة المشاركة في هذا المبلغ حتى لا يقع النزاع بين المؤدي وغير المؤدي، لأن هناك من يقول أنا ليس عندي أولاد وأديت المبلغ وذاك له أبناء ولم يؤد شيئاً مستحيل، وهذا المكان اشتريناه 150.000 يورو زائد 16.000 يورو لوثائق المسجد و5000 يورو للبائع إعانة للضريبة، ثم بعدها ثمن المهندس المعماري والإصلاح هذا لم نصله بعد إلا أننا قد دفعنا 100.000 و50.000 قسمت على 24 شهراً ابتداء من شهر يوليو 2004 نؤدي 2084 شهرياً لصاحب المحل مع زيادة مصاريف المسجد بما في ذلك الإمام والضوء والماء والشوفاج وما يلزم المسجد تقريبا يصل العدد إلى 4000 شهرياً ونحن نرى أن المداخيل قليلة فلهذا نفرض على الجماعة هذا العدد وعلى الآباء لتحقق هذا المشروع الذي سيعود علينا وعلى مستقبل أبنائنا بالمنفعة ولجميع المسلمين بهذه الديار، ولكم الشكر الجزيل.
ملاحظة: هناك بعض الآباء يقولون نحن لسنا راضين لأداء هذا المبلغ لتوسعة المسجد ولكننا راضون لأداء هذا المبلغ 500 يورو لإصلاح أماكن التعليم (أعني الأقسام) وزيادة الأقسام وتنظيفها وشراء مقاعد جدد وما يلزم القسم؟
السؤال الثاني: إن سمحتم وهذا لمصلحة المسلمين وخوفا من الإثم والمعصية زكاة الفطر، كل عام يحدث نزاع مع المسجلين لزكاة الفطر في العشر الأواخر من رمضان من كل عام نفتح التسجيل لزكاة الفطر ولكن يأتي الكثير للتسجيل مع جميع الأنحاء ومن جميع المدن ونحن نرى أن هذا كثير، كم يأخذ كل شخص، وهناك من يسجل في كثير من الأماكن أعني المساجد وهناك من لا يسجل سوى في المكان الذي يصلي فيه ثم هناك من نعرفهم لا يأتي للتسجيل ينتظرنا لنسجله وحينما نغلق التسجيل يأتي بعدها من يخاصمنا على أن زكاة الفطر التي نجمعها ليست لنا هي من الجماعة، لأننا نرفض بعض الأشخاص غير المعروفين ويقع النزاع، وهذه المرة اقترحنا على بعض المساجد المجاورة على أن نفتح التسجيل في مرة واحدة ونغلق في مرة واحدة، كما اتفقنا على أن نعين عددا محددا لكل مسجد ونسجل أولاً الفقراء والمساكين والطلبة الذين يصلون معنا في المسجد ثم نكمل العدد بالآتين من الأماكن الأخرى وقبل العيد نجتمع فيما بيننا لمراقبة أسماء المسجلين في مساجدنا وعند اكتشاف شخص مسجل في مسجدين أو ثلاثة مساجد نترك اسما واحدا ونلغي باقي الأسماء المكررة، أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن على المسلمين المقيمن في بلاد الغرب أن يتعاونوا على أن يحيوا حياة إسلامية في تلك البيئات الغربية، وأول ما يجب أن يفعلوه هو بناء المساجد والمراكز التي تجمعهم خمس مرات في اليوم على البر والتقوى، يؤدون فيها فرائض الله جل وعلا، ويدرسون ويُدرِّسون فيها أبناءهم كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وهذا الأمر لا يتم إلا بدفع كل شخص ما يستطيع من مال لبناء المسجد والمدرسة والمركز، فالإنفاق في هذا الباب من أفضل وجوه الإنفاق لما ينتج عنه من حفاظ المسلمين على دينهم وقيامهم بواجباته وأركانه، وهو لون من ألوان الجهاد في سبيل الله تعالى، وبناء المساجد فرض كفاية في الأمصار والقرى والمحال ونحوها حسب الحاجة، جاء في كشاف القناع: يجب بناء المساجد في الأمصار والقرى والمحال ونحوها حسب الحاجة فهو فرض كفاية. انتهى.
ومعنى فرض كفاية: أنه إذا قام واحد أو مجموعة ببناء المسجد فقد سقط الإثم عن الآخرين، وإن تركوها جميعاً أثموا جميعاً؛ فالمقصود أن الناس إذا احتاجوا إلى مسجد أو توسعته وجب عليهم جميعاً فعل ذلك فإذا قام به من فيه كفاية أجزأ عنهم، ويسقط الطلب الجازم والإثم بفعل من يكفي، وعليه فإذا لم تتم توسعة المسجد إلا بفرض مبالغ على أهل المنطقة فهو متعين لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وأن أمكن توسعته بالبعض لم يجب على الباقي وبقي الأمر على الاستحباب في حقهم.
ولا بأس أن يُفرض مبلغ من المال على أولياء أمور الطلاب الذين يدرسون في الفصول التابعة لهذا المسجد، ويكون ذلك أجرة مفروضة عليهم مقابل تدريس أولادهم.
وننبه إلى أن هذه الأموال إن دفعت لا على أنها لتوسعة المسجد وإنما لغرض خاص في المركز كإصلاح أماكن التعليم ونحو ذلكه فلا تصرف في غير ما دفعت له، وانظر الفتوى رقم: 9488.
أما بخصوص السؤال الثاني فإن من مصارف زكاة الفطر الفقراء والمساكين، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 12597.
والأصل أنها تدفع لمستحقيها من أهل البلد الذي وجبت فيه، وعليه فأهل منطقتكم ومسجدكم مقدمون على غيرهم في الأحوال العادية، لكن إن كان بغيرهم حاجة شديدة أو فاقة ونحو ذلك؛ فلا بأس بدفع الزكاة إليهم، ويدل على ذلك أن معاذاً رضي الله عنه كان يبعث بزكاة اليمن إلى الفقراء بالمدينة المنورة، للغرض المتقدم، كما أن الفقير يعطى منها بقدر حاجته ولو تكرر إعطاؤه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فلا يجوز أن تكون التسوية بين الأصناف واجبة ولا مستحبه بل العطاء بحسب الحاجة والمنفعة. انتهى.
ولا مانع من تشكيل لجنة مشتركة تقوم بتوزيع الزكاة ومعرفة المستحقين والمحتاجين ووضع الآليات ووسائل تعين على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(11/18491)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز زكاة الفطر لشخص مدين المال أم لا ولكن عنده مال لم يصله وتأخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز دفع زكاة الفطر للأصناف الثمانية الذين تدفع لهم زكاة المال، كما هو مذهب جمهور العلماء، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 12597 والغارم (المدين) من هذه الأصناف الذين جعل الله لهم في الزكاة نصيبا، كما قال تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ....وَالْغَارِمِينَ [التوبة: 60] .
وانظر في معنى الغارمين الفتوى رقم: 18603.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1424(11/18492)
حكم صرف زكاة الفطر لإصلاح مسجد وترميمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هذا سؤال موجه إلى الشيخ يوسف القرضاوي: هل يجوز دفع زكاة الفطر لإصلاح مسجد وترميمه ولأنه في حالة الضرورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله جل وعلا يقول: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60] .
فهذه مصارف الزكاة، وقد نص العلماء على أن من صرف الزكاة في غير مصارفها فقد عصى ربه ولم تبرأ ذمته، وقد أدخل بعض أهل العلم ما سألتم عنه تحت بند "في سبيل الله" والتحقيق أن هذا البند خاص بالجهاد في سبيل الله ومستلزماته من نفقات المجاهد, وما يحتاج إليه من عتاد ونحوه.
ولو كان المراد بذلك كل أبواب الخير من بناء المساجد وتمويل المشاريع الخيرية كما ذهب إليه بعض أهل العلم، لدخلت جميع الأصناف تحته، ولم يكن لما خصصته الآية بالذكر فائدة.
وبناء على هذا فإذا أمكن صرفه في هذا السبيل فلا يعدل به عنه، وإن لم يكن صرفه فيه، فللعلماء فيما يفعل به مذهبان أحدهما أنه يرد إلى بقية الأصناف من الفقراء والمساكين والعاملين عليها.... إلخ، ومنهم من قال: يصرف في مثل: ما سألتم عنه، ولعل التحرير في المسألة أنه إذا كانت الحاجة إلى مثل هذا العمل ماسة، ولا يوجد وجه آخر يكفي لأن يصرف منه عليه، صرف فيه مراعاة لمن قال بدخوله، وإلا فلا.
وننبه السائل إلى أن هذا الموقع لا يتبع الشيخ القرضاوي، وإنما يتبع الشبكة الإسلامية ويقوم بالرد على الأسئلة لجنة علمية برئاسة الشيخ الدكتور عبد الله الفقيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1424(11/18493)
زكاة الفطر لا تصرف في بناء المستشفيات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في دفع زكاة الفطر لصالح مستشفى الأطفال للسرطان 57357؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزكاة الفطر في ذلك كزكاة المال، وقد تقدم حكم بناء المستشفيات من أموال الزكاة، وذلك في الفتاوى التالية: 11193 / 14670 / 27060
وقد تقدم الكلام عن مصارف زكاة الفطر، وذلك في الفتوى رقم: 6325 والفتوى رقم:
12597
والخلاصة أن زكاة الفطر وزكاة المال لا تصرفان في بناء المستشفيات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(11/18494)
تأخذ المرأة من الفطرة إذا كانت فقيرة أو مسكينة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لامرأة ضعيفة الحال وليس لديها سوى معاش بسيط أن تأخذ فطرة رمضان
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة من الفقراء أو المساكين جاز لها الأخذ من زكاة الفطر، لأن زكاة الفطر خاصة بالفقراء والمساكين على الراجح، أما إذا لم يتحقق فيها أحد هذين الوصفين، فلا يجزئ إعطاء زكاة الفطر لها، كما لا يجوز لها أخذها، لأنها ليست من أهلها.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
6325 / 11918 / 12597
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(11/18495)
موقف الشرع من دفع زكاة الفطر لصالح الدعوة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صرف زكاة الفطر لصالح الدعوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مصرف زكاة الفطر هو مصارف الزكاة المذكورة في آية سورة التوبة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60] وأولى هذه المصارف هم الفقراء والمساكين؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فإنما هي صدقة من الصدقات. رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني.
وليس من مصارف الزكاة الدعوة إلى الله، ولا يصح إدخالها في مصرف في سبيل الله، لأنه مختص بالجهاد على الصحيح.
فعليه؛ لا يجوز دفع زكاة الفطر لصالح الدعوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1423(11/18496)
حكم إعطاء زكاة الفطر للوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إعطاء زكاة الفطر إلى الوالدة حيث أنها لا مصدر رزق لديها ولا سكن خاص تسكن فيه وإنما تسكن عند زوج ابنتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز إعطاء زكاة الفطر ولا غيرها من أموال الزكاة إلى أحد من الوالدين، لأن نفقتهما واجبة على الولد إن كانا فقيرين، والواجب على الولد أن يسكن أمه عنده في بيته إن كان قادراً على ذلك، ولا يدعها في بيت زوج ابنتها، لأن الإنفاق عليها يلزم الولد، وتركها على هذه الحالة مع قدرته نوع من العقوق.
أما إذا كانت الوالدة ساكنة عند ابنتها لكونها لا ولد لها ذكر ولا زوج، وأرادت ابنتها أن تعطيها زكاة الفطر عن زوجها وأولادها فلا بأس بذلك، لأن هذه الزكاة ليس من مال البنت، وإنما هي من مال الزوج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(11/18497)
حكم إعطاء زكاة الفطر للعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إعطاء زكاة الفطر للعمال الذين يعملون عندي؟ أرجو الإجابة حتى لو ذهب وقتها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان العمال الذين هم عندك مسلمين، وكان ما يأخذونه من الأجرة لا يكفي لنفقاتهم ونفقات من يعولون، فهم فقراء، وهم مصرف من مصارف الزكاة.
وإن كانوا في يسر، ولا يحتاجون هذه الزكاة، فلا يجوز صرف الزكاة إليهم، لأن الله يقول: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) [التوبة:60] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(11/18498)
أقوال العلماء في مصارف زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجوز أن يخرج الأب زكاة الفطر لابنه والأخ لأخيه المتزوج علما بأن حالته المادية لا بأس بها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في مصارف زكاة الفطر على ثلاثة أقوال:
1-قول الجمهور: جواز قسمتها على الأصناف الثمانية التي تصرف فيها زكاة المال.
2-وذهب المالكية وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيمية إلى تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين.
3-وذهب الشافعية إلى وجوب قسمتها على الأصناف الثمانية، أو من وجد منهم.
فإن كان الابن مستقلاً بنفسه ذا بيت وعيال وكان فقيراً أو مسكيناً فيجوز صرف الزكاة إليه، أما إن كان كما ورد في السؤال من أن حالته لا بأس بها فلا يجوز صرف الزكاة إليه، وإنما قيدنا جواز إعطاء الابن الفقير بحال الاستقلال، لأنه إن لم يكن مستقلاً فنفقته على أبيه، وعندئذ لا يجوز صرف الزكاة إليه، أما الأخ فإن كان فقيراً فيعطى، وإلا فليس أهلاً للزكاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1422(11/18499)
حكم دفع زكاة الفطر للأخ
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلا م عليكم ورحمة الله وبركاته
فاني ريد السؤال عن زكاة الفطر فانا طالب في الجامعة وابي ينفق علي واخي متزوج فهل يجوز لاخي ان يعطيني صدقة الفطر عن عائليه علما ان الحالة المادية عند اهلي اقل من متوسطة بقليل وليس متدهوره
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا الأخ الطالب غنياً بنفقة أبيه عليه فلا يعطى من زكاة الفطر، إذ أنها لا تدفع إلا للفقير على الصحيح، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم" رواه البيهقي والدارقطني.
أما إذا كان ما يقدمه له أبوه لا يغنيه فهو مصرف من مصارف زكاة الفطر وغيرها، وبالتالي فلأخيه أن يدفع له زكاة فطره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1422(11/18500)
الأب لا يعطى من زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أعطي زكاة الفطر لأبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك ـ أخي السائل ـ إعطاء زكاة الفطر لوالدك، فإنه إن كان غنياً لم تحل له لغناه، وإن كان فقيراً لم يحل إعطاؤك إياه، لوجوب نفقته عليك، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إذا كان ذوو قرابة لا تعولهم فأعطهم من زكاة مالك، وإن كنت تعولهم فلا تعطهم، ولا تجعلها لمن تعول" رواه الأثرم في سننه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رمضان 1421(11/18501)
مصرف زكاة الفطر يختص بالفقراء والمساكين
[السُّؤَالُ]
ـ[موظف بسيط يعمل في نفس الشركة التي أعمل لديها، سرقت منه محفظة نقوده قبل يومين وفيها بطاقة الصرّاف الآلي ووثائقه الثبوتية. وفي نفس اليوم تم سحب راتبه الشهري عن طريق البطاقة، من قبل مجهول؛ أي أنه فقد راتبه لهذا الشهر، بالإضافة لوثائقه الشخصية. وهبّ مجموعة من موظفي الشركة، ممن رقّت قلوبهم لحاله، ليجمعوا له مبلغاً من المال من الموظفين على سبيل المساعدة. وسؤالي هو، هل يجوز أن أساهم في ذلك بنية صدقة الفطر؟ وجزاكم الله عنا كل خير. أرجو سرعة الإجابة، إن أمكن ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاكم الله خيراً على إحساسكم بما ألم بزميلكم، وعلى الموقف الطيب الذي صدر منكم تجاهه.
وأما دفع الزكاة له فيجوز ذلك إن كان من أهلها وصدق عليه وصف الفقر، ولو كان الفقر مؤقتاً، لقوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها…) [التوبة:60] وكذا لو كان يملك مالاً لا تتم به كفايته، فهو فقير أيضاً لأن الفقر عبارة عن الحاجة. قال تعالى: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله) [فاطر:15] أي المحتاجون إليه.
وأما إن كان لديه مال آخر غير راتبه يكفيه فلا يجوز دفعها إليه لآية سورة التوبة المتقدمة، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مِرَّة سوي". رواه أبو داود والترمذي. هذا لمن دفع زكاة المال إليه. أما زكاة الفطر فإن المجال فيها أضيق فلا تدفع إلا إلى صنفين من الأصناف الثمانية وهما: (الفقراء والمساكين) فإن كان قد آل به الحال إلى وضع الفقير أو المسكين بعد فقد ما فقد - وهو مستبعد - فلكم دفع زكاة الفطر إليه، وينبغي التنبه حينئذ لأمرين: الأول أن أكثر أهل العلم على القول بمنع دفعها قيمة أي ثمن طعام.
الثاني: أن أكثرهم أيضاً على القول بأنها لا يجوز أن تقدم على موعدها، وهو صبيحة يوم العيد إلا بيوم أو يومين، وهذا الأخير فيمن يدفعها للمسكين بنفسه، أما من وكل غيره بدفعها إلى المساكين فينبغي أن يدفعها قبل الموعد بالوقت الكافي الذي تصل فيه إلى يد الفقير عند الموعد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1421(11/18502)
حكم إخراج شنطة رمضان عن زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن حكم إخراج زكاة الفطر كشنطة رمضان وهل تصح إن كانت في أول رمضان أم تكون في آخره وذلك للفقراء الذين يستحقونه؟
وجزاكم الله خيرا كثيرا............]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب جمهور العلماء أن زكاة الفطر لا يجزئ إخراجها إلا من غالب الطعام الذي يقتاته أهل البلد، بحيث يعتمد الناس عليه أساسا لغذائهم، وعليه فإذا كانت الشنطة المذكورة تشتمل على مواد غذائية من غالب طعام أهل البلد فهي مجزئة إذا كان ذلك الطعام قدر ما يجزئ في زكاة الفطر وهو ثلاثة كيلو من الأرز احتياطا، وتحقق الشخص المزكي من دفعها لفقير مسلم، فإن شنطة رمضان يحصل تساهل في توزيعها حيث يأخذ منها الغني والفقير، وبالتالي فلابد من التحقق من صرفها لفقير، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 111895، والفتوى رقم: 76420.
ومن أهل العلم من يرى جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر فيجزئ إخراج هذه الشنطة زكاة إذا كانت قيمتها مساوية للقدر الواجب في الزكاة والقول الأول أحوط.
وبخصوص تعجيل زكاة الفطر أول رمضان فهو غير مجزئ على ما رجحه كثير من أهل العلم حيث لا يجزئ عندهم تعجيلها قبل عيد الفطر إلا بيوم أو يومين، وقد ذكرنا رجحان هذا القول كما تقدم في الفتوى رقم: 26574.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1429(11/18503)
حكم إخراج زكاة الفطر من الحلويات أو العجين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع إخراج زكاة الفطر حلويات كالبقلاوة وما شابهها أو عجين كالكسكسي المقرونة أو حليب أو طماطم في علبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزكاة الفطر لا يجزئ إخراجها إلا من الطعام الذي يغلب اقتياته في عرف أهل البلد، بحيث يعتمد عليه أغلب الناس كأساس للغداء والعشاء مثل القمح والأرز ونحوهما، وبالتالي فلا يجزئ إخراج زكاة الفطر من الأشياء التي ذكرت إلا إذا تحولت إلى غذاء أساسي لأهل بلد مثلاً وحلت محل غيرها أو كان إخراجها من باب القيمة عند من يرى إجزاء إخراج القيمة في زكاة الفطر.
وراجع في التفصيل الفتوى رقم: 76420، والفتوى رقم: 55652.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(11/18504)
اختيار ابن باز وابن عثيمين وصالح الفوزان في زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف رأي مشايخنا الكرام في ما يخص زكاة الفطر نقداً هم شيخ الألباني -ابن باز، محمد صالح العثيمين، الفوزان والمذاهب الأربعة وأنتم يا شيخنا الذي أحبه في الله وأحب كثيراً موقعكم وأتصفحه كل يوم أريد الجواب في أسرع وقت ممكن إن شاء الله؟ جزاكم الله خيراً لما تقومون من عملكم هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق ذكر الخلاف بين المذاهب الأربعة في مسألة إخراج القيمة في زكاة الفطر فراجعه في الفتوى رقم: 929.
واختيار المشايخ ابن باز وابن عثيمين وصالح الفوزان هو وجوب إخراجها طعاماً، وأما الشيخ الألباني فلم نقف له على اختيار في هذه المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(11/18505)
من أخرج زكاة الفطر نقدا هل يجب عليه إعادة إخراجها طعاما
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أخرجت زكاة الفطر نقداً، فهل يجب إعادة إخراجها قمحا أو شعيراً أو غيرهما، هل يسقط الأب واجب إخراج زكاة الفطر عن ابنه (المتزوج شرعاً لكن بدون صداق) ، إذا أخرج عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من أخرج زكاة الفطر نقوداً أجزأ ذلك عنه عند أبي حنيفة وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية إذا كان في ذلك مصلحة للفقير، وعند الأئمة الثلاثة لا يجوز إخراجها من غير الطعام من قوت أهل البلد ومن أخرجها قيمة لم تجزئ عنه، وعليه قضاؤها. ومن ناحية أخرى لا مانع من أن يتولى الأب إخراج زكاة الفطر عن ابنه الكبير الذي لا تجب عليه نفقته إذا أذن في ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزكاة الفطر واجبة على المسلم عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته بشرط أن تكون فاضلة عن قوته وقوت عياله في ليلة العيد ويومه، ومذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي والإمام أحمد عدم جواز إخراجها قيمة، وأن ذلك غير مجزئ. ويرى أبو حنيفة جواز إخراجها قيمة ووافقه شيخ الإسلام إن كان في إخراجها قيمة مصلحة للفقير، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 55652.
وعلى القول الأخير فلا يطالب الأخ السائل بقضاء زكاة الفطر وإخراجها طعاماً ولا سيما إذا كان في إخراجها نقداً مصلحة للفقير، أما على القول الأول فهي باقية في ذمته إلى أن يخرجها طعاماً ولا تسقط بعدم إخراجها في وقت الوجوب، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: ولا تسقط زكاة الفطر عمن لزمته بمضي زمن وجوبها وهو أول ليلة العيد أو فجره، بل يخرجها لماضي السنين عنه وعمن تلزمه عنه، وأما لو مضى زمن وجوبها وهو معسر فإنها تسقط عنه. انتهى.
وقال في المهذب في الفقه الشافعي: ولا يجوز تأخيرها عن يومه، لقوله صلى الله عليه وسلم: أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم. فإن أخره حتى خرج اليوم أثم وعليه القضاء، لأنه حق مال وجب عليه وتمكن من أدائه، فلا يسقط عنه بفوات الوقت. انتهى. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 78317، والفتوى رقم: 99772.
أما عن الشق الثاني من السؤال فلا مانع من أن يخرج الأب زكاة ابنه الكبير الذي لا تجب عليه نفقته سواء كان متزوجاً أم لا إن أذن في ذلك وتجزئه، قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: لو أخرج إنسان الفطرة عن أجنبي بغير إذنه، لا يجزئه بلا خلاف، لأنها عبادة فلا تسقط عن المكلف بها بغير إذنه، وإن أذن فأخرج عنه أجزأه، كما لو قال لغيره: اقض ديني، وكما لو وكله في دفع زكاة ماله، وفي ذبح أضحيته. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1428(11/18506)
حكم اعتبار الكتب المدرسية زكاة فطر
[السُّؤَالُ]
ـ[لو سمحتم هل يجوز لي أن أدفع زكاة الفطر بشراء كتب مدرسية وإعطائها للطلاب غير القادرين على شراء الكتب؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز إخراج زكاة الفطر في شكل شراء كتب مدرسية عند جمهور الفقهاء، ولا يجزئ عندهم لأنه من باب إخراج القيمة في الزكاة، ويرى أبو حنيفة جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر وغيرها، وعلى قوله فلا مانع مما ذكر، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 37592، 6372، 78317.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1428(11/18507)
إخراج القيمة في زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بزكاة الفطر، بشراء ملابس لطفل يلبسها في عيد الفطر، علماً أن والد الطفل عليه ديون، وهو إذا أراد أن يشتري لابنه، سوف يتدين من الآخرين. فهل تجوز هذه الزكاة على هذا النحو؟ أم تعتبر صدقة، ويجب إخراج الزكاة مرة أخرى؟ علماً أني لم أكن أعلم في السابق أن زكاة الفطر يجب أن تخرج من قوت البلد، ولا تجزئ (القيمة) على أرجح أقوال العلماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن تخرج زكاة الفطر طعاما لما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
وإخراجها نقودا أو ثيابا أو غير ذلك محل خلاف بين أهل العلم والذي اخترناه جواز ذلك لا سيما عند المصلحة وراجع الفتوى رقم: 6372، وعليه فزكاتك مجزئة إن شاء الله تعالى إذا كانت قيمة الملابس تساوي قيمة الفطرة أو تزيد عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1427(11/18508)
حكم إخراج زكاة الفطر نقدا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح زكاة الفطر تعطى من المال بدل الطعام، وهل صحيح أجازها الألباني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 929 بيان أقوال أهل العلم فيما تخرج منه زكاة الفطر، وذكرنا أن غير الحنفية لا يجزئ عندهم إخراجها إلا من غالب طعام أهل البلد، أما الحنفية فيجزئ عندهم إخراج القيمة عنها، وهذا الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية في حالة ما إذا كان إخراجها قيمة من النقود أو غيرها تترتب عليه مصلحة راجحة للفقير.
أما الشيخ الألباني فلم نقف له على كلام في هذه المسألة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6372.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(11/18509)
حكم دفع زكاة الفطر نقودا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقوم بدفع زكاة الفطر نقوداً، وقد علمت مؤخراً عدم جواز ذلك وأن الزكاة لا تسقط بمرور الوقت، فهل أقضي أم أنا معذور بالجهل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإخراج النقود عن زكاة الفطر محل خلاف والذي عليه جمهور أهل العلم من المالكية والحنابلة والشافعية عدم الإجزاء، ويجزئ ذلك عند الحنفية وقد اختار الإجزاء شيخ الإسلام ابن تيمية في حال ما إذا كان إخراجها نقوداً أعظم مصلحة للفقير، كما تقدم في الفتوى رقم: 929.
فالمسألة إذاً مسألة خلافية والقولان فيها معتبران عند أهل العلم، ولا حرج على من أخذ بأي منهما اعتماداً على قول من أفتاه بذلك.
وإن قمت الآن بإخراجها من طعام مرة ثانية من باب الورع والاحتياط في الدين وخروجاً من خلاف أهل العلم فقد أحسنت، وإن اقتصرت على ما أخرجت سابقاً فلا حرج إن شاء الله تعالى، وللفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 54294.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1426(11/18510)
تقدر قيمة زكاة الفطر (عند القائلين بها) بسعر الطعام في البلد الذي ستخرج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حالتي مثل حال الفتوى رقم 12221 عن زكاة الفطر حيث إنني أعيش باليابان وزوجتي وابنتي في مصر.
ولكن سؤالي هل القيمة تخرج عني بقيمة زكاة الفطر في اليابان (ما يعادل 90 جنيهاً تقريباً عن الفرد) وعن زوجتي وابنتي بقيمة زكاة الفطر في مصر (حوالي 5 جنيهات تقريباً عن الفرد) أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمجزئ في زكاة الفطر أن تكون من الطعام، هذا هو الأصل وبه قال جمهور فقهاء الإسلام، قال النووي في المجموع: لا تجزئ القيمة في الفطرة عندنا، وبه قال مالك وأحمد وابن المنذر وقال أبو حنيفة يجوز، حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والثوري وقال إسحاق وأبو ثور: لا تجزئ إلا عند الضرورة. انتهى.
وذهب بعض العلماء إلى جواز إخراجها بالقيمة قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (25/79) وأما إذا أعطاه القيمة ففيه نزاع هل يجوز مطلقاً؟ أو لا يجوز مطلقاً؟ أو يجوز في بعض الصور للحاجة، أو المصلحة الراجحة؟ على ثلاثة أقوال – في مذهب أحمد وغيره – وهذا القول أعدل الأقوال" يعني الأخير.
وقال في موضع آخر (25/82) وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنفية يجوز، وأحمد – رحمه الله- قد منع القيمة في مواضع، وجوزها في مواضع، فمن أصحابه من قرأ النص، ومنهم من جعلها على روايتين والأظهر في هذا: أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه ... إلى أن قال رحمه الله: وأما إخراج القيمة للحاجة، أو المصلحة، أو العدل فلا بأس به. اهـ
وتقدر القيمة عند القائلين بها بثمن الطعام الذي يجب إخراجه في البلد الذي فيه الشخص نفسه لأن القيمة بدل عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(11/18511)
حكم إخراج أكثر من الواجب في زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع أن أخرج زكاة الفطر لي ولزوجتي ولأطفالي أكثر من النصاب المفروض؟ وهل إخراج زكاة الذهب من مالي الخاص أم من مال الزوجة؛ علما بأنني وزوجتي لافرق بيننا في الراتب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب إخراجه في زكاة الفطر هو صاع يخرجه المرء عن نفسه وعن كل من تلزمه نفقته. وإذا تطوع المرء بإخراج أكثر مما لزمه كان ذلك زيادة في الخير. قال الله تعالى: وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ {البقرة: 158} . هذا هو مذهب الجمهور في المسألة. وكره المالكية الزيادة في زكاة الفطر على القدر الواجب ورأوا ذلك من البدعة.
قال الشيخ الدردير في شرحه لمختصر خليل: وندب عدم زيادة على الصاع، بل تكره الزيادة عليه; لأنه تحديد من الشارع فالزيادة عليه بدعة مكروهة كالزيادة في التسبيح على ثلاث وثلاثين.ا. هـ.
وإخراج زكاة الذهب أو غيره تلزم المالك للمال الذي وجبت فيه الزكاة، وإذا دفعت من مال الغير فلا مانع من ذلك إذا قبل كل من الدافع والمدفوع عنه. وراجع في هذا فتوانا رقم: 12582.
وعليه؛ فإذا كانت الزكاة قد لزمتك وأرادت زوجتك أن تدفعها عنك فلا مانع من ذلك، وكذا إذا لزمتها هي وأردت أنت دفعها عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(11/18512)
حكم إخراج زكاة الفطر مالا أو كسوة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك إحدى المتبرعات مريضة مرضا خبيثا ـنسأل الله العفو والعافيةـ تسأل أن كان يجوز لها أن تخرج زكاة فطرها عن أيام رمضان بكامله مالا أو كسوة أو باستطاعتها فعل الاثنين معا؟ ولكم جزيل الشكر والامتنان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتوى رقم: 26628، والفتوى رقم: 27270.
علماً بأننا لم نفهم المقصود من قول السائل إحدى المتبرعات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(11/18513)
من الاحتياط والورع إخراج زكاة الفطر طعاما لا قيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[كم قيمة صدقة الفطر هذا العام؟ وهل يجوز أن أخرجها نقدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من كلام أهل العلم أن زكاة الفطر يجوز إخراجها نقودا إذا كان ذلك لمصلحة راجحة (كأن تكون النقود أكثر منفعة للفقير مثلاً) ، كما في الفتوى رقم: 6372
وقدرها صاع وهو ما يعادل اثنين كيلو ونصف تقريباً من البر الجيد، كما في الفتوى رقم:
867
أو ثلاثة كيلوات من الأرز، كما حققه بعض أهل العلم المعاصرين، وعليه فإنك تخرج من العملة المحلية عندكم أو غيرها ما يكون قيمة لثلاثة كيلوات من الأرز أو كيلوين ونصف من البر الجيد.
وإن كان من باب الاحتياط والورع دفعها طعاماً من غالب قوت أهل البلد خروجاً من الخلاف بين أهل العلم في جواز إخراج القيمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1424(11/18514)
المجزئ في زكاة الفطر أن تكون من الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[كم زكاة الفطر هذا العام عن الفرد؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمجزئ في زكاة الفطر أن تكون من الطعام، هذا هو الأصل وبه قال الجمهور، وقد ذهب بعض العلماء إلى جواز إخراجها بالقيمة، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 6372، والفتوى رقم: 37592.
وتقدر القيمة عند القائلين بها بثمن الطعام الذي يجب إخراجه، وهذا يختلف باختلاف الأطعمة، والقدر الواجب إخراجه من الطعام هو كيلوان ونصف تقريباً من الأرز والقمح ونحوه، وبناء على هذا يمكن تحديد القيمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1424(11/18515)
إخراج القيمة في زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم زكاة الفطر نقداً علماً بأننا لا نجد في بلدنا من يأخذ هذا الطعام ليس الصراحة بالكامل ولكن أنا شاهدت عددا من الأكياس العام الماضي لم يأخذها أحد من أمام الجامع....ولكن أعرف أن هدي الرسول صلى الله عليه وسلم هو المتبع والله أعلم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد تقدم الكلام عن إخراج القيمة في زكاة الفطر، وذلك في الفتاوى التالية: 929، 6372، 37592. والخلاصة أن الراجح هو مذهب الجمهور وهو عدم إجزاء القيمة، إلا أن الخلاف في ذلك واسع. وإذا كان الأخ السائل لا يعلم المساكين بنفسه، فيمكنه أن يوكل غيره من الأفراد أو الجمعيات الذين لديهم المعرفة بالمساكين، فإن تعذر كل ذلك، فليرسلها إلى بلد آخر غير بلده، وما أكثر الفقراء من المسلمين في العالم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(11/18516)
حكم إخراج زكاة الفطر زيت زيتون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز اخراج مادة زيت الزيتون كصدقة فطر وما مقدارها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز إخراج صدقة الفطر من زيت الزيتون، لأن صدقة الفطر تخرج من غالب قوت أهل البلد، وانظر الفتوى رقم: 12469، وزيت الزيتون ليس هو من غالب قوت أهل البلد بحال من الأحوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/18517)
القائلون بإخراج القيمة في زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم دفع زكاة الفطر نقداً، وهل صحيح أن عمر بن عبد العزيز دفعها نقداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن إخراج القيمة في زكاة الفطر، وذلك في الفتوى رقم:
929، والفتوى رقم: 6372.
وقد عد العلماء عمر بن عبد العزيز في القائلين بإخراج القيمة، قال النووي في المجموع: لا تجزئ القيمة في الفطرة عندنا، وبه قال مالك وأحمد وابن المنذر، وقال أبو حنيفة يجوز، حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والثوري، وقال إسحاق وأبو ثور: لا تجزئ إلا عند الضرورة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1424(11/18518)
الصاع النبوي بالرطل وبالكيلو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو مقدار الصاع النبوي في إخراج زكاة الفطر بالرطل وبالكيلو؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصاع النبوي يساوي أربعة أمداد، والمد يساوي ملء اليدين المعتدلتين، وأما بالنسبة لتقديره بالوزن فهو يختلف باختلاف نوع الطعام المكيل، ومن هنا اختلفوا في حسابه بالكيلو جرام، فمنهم من قدره بـ 2040 جراماً، ومنهم من قدره بـ2176 جراماً، ومنهم من قدره بـ2751 جراماً.. وقدرته اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية بما يساوي ثلاثة كيلو جرام تقريباً، وهو الذي نميل إليه ونختاره. والله أعلم.
وأما بالنسبة لتقديره بالرطل فذهبت المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه يساوي خمسة أرطال وثلثاً بالعراقي، وذهب الأحناف إلى أنه يساوي ثمانية أرطال بالعراقي.
علماً بأن ضبط الصاع بالأرطال في زماننا متعسر جداً، حيث إن كل شيء تقريباً أصبح يقدر بالوزن، وقد قال الإمام النووي رحمه الله في روضة الطالبين: قد يستشكل ضبط الصاع بالأرطال، فإن الصاع المخرج به في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكيال معروف، ويختلف قدره وزناً باختلاف جنس ما يخرج، كالذرة والحمص وغيرهما. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(11/18519)
الأصناف التي تخرج منها زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ماهي أصناف زكاة الفطر؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زكاة الفطر تخرج -على الراجح من أقوال أهل العلم- مما يقتاته أهل البلد، فإن كانوا يقتاتون التمر أو الزبيب أو الشعير أو البر -وهي التي جاء النص النبوي بها- فيخرج منها عن كل نفس صاع، وإن كانوا يقتاتون من غير هذه الأصناف كالأرز والدخن ونحوها فيخرج منها صاع أيضاً، فكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (يخرج مما يقتاته وإن لم يكن من هذه الأصناف، وهو قول أكثر العلماء… فإن الأصل في الصدقات أنها تجب على وجه المساواة للفقراء، كما قال تعالى: (من أوسط ما تطعمون أهليكم) والنبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، لأن هذا كان قوت أهل المدينة، ولو كان هذا ليس قوتهم بل يقتاتون غيره لم يكلفهم أن يخرجوها مما لا يقتاتونه، كما لم يأمر الله بذلك في الكفارات. هذا إذا كان المقصود بالسؤال الأصناف التي تخرج منها زكاة الفطر.
وإذا كان المقصود بالسؤال الأصناف الذين تصرف لهم زكاة الفطر فانظر الجواب رقم:
6325
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(11/18520)
قول ابن تيمية والألباني في شأن إخراج القيمة في زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن شيخ الاسلام (قدس الله روحه) أفتى بجواز إخراج زكاة الفطر من النقود بدلا من الحبوب وكذلك سار على نفس الفتوى الشيخ محمد ناصر الدين الالبانى رحمه الله؟ أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أن إخراج القيمة في زكاة الفطر وغيرها يجوز للمصلحة الراجحة، قال في مجموع الفتاوى (25/79) : "وأما إذا أعطاه القيمة ففيه نزاع: هل يجوز مطلقاً؟ أو لا يجوز مطلقاً؟ أو يجوز في بعض الصور للحاجة، أو المصلحة الراجحة؟ على ثلاثة أقوال ـ في مذهب أحمد وغيره ـ وهذا القول أعدل الأقوال" يعني القول الأخير.
وقال في موضع آخر (25/82) : "وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنيفة يجوز، وأحمد ـ رحمه الله ـ قد منع القيمة في مواضع، وجوزها في مواضع، فمن أصحابه من أقر النص، ومنهم من جعلها على روايتين. والأظهر في هذا: أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه ... إلى أن قال رحمه الله: "وأما إخراج القيمة للحاجة، أو المصلحة، أو العدل فلا بأس به" أهـ.
وأما الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ فلم نقف له على كلام في تلك المسألة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1421(11/18521)
مقدار الصاع بالجرام
[السُّؤَالُ]
ـ[مقدار زكاة الفطر هي الصاع. فما هي مقدار الصاع بالجرام من كل صنف من الأصناف التي يتم إخراج زكاة الفطر منها؟ وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد:
فالأصناف التي تخرج منها زكاة الفطر متقاربة في الثقل والخفة من حيث الوزن، والصاع منها يكون نحو ألفين وخمسمائة جرام تقريبا أو ينقص عن ذلك بقليل.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18522)
يجوز دفع زكاة الفطر من الطعام أو قيمته نقدا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع زكاة الفطر نقدا وليس من الحبوب أو الغلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله إلى أن زكاة الفطر إنما تخرج من الطعام الغالب عند أهل البلد. وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى إلى أنه يجزيء إخراج القيمة بدلاً عن الطعام، فإذا كنت ستخرج زكاتك إلى فقراء بلدك - وهم الأحق بها - فلا تخرجها إلا من الطعام، وإن كنت ستبعث بها إلى بلد آخر لعدم وجود المستحق في البلد الذي أنت فيه فالأفضل لك أن ترسل المال لمن هو في ذلك البلد، وتوكله أن يشتري عنك الطعام ويدفعه للفقراء، ولو أرسلته أنت للفقراء مباشرة فنرجو الله ألا يكون في ذلك حرج.
... ... ... والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(11/18523)
مسائل في زكاة الفطر والتوكيل بإخراجها
[السُّؤَالُ]
ـ[يعتزم المستودع الخيري بمكة تنفيذ مشروع زكاة الفطر بالاتفاق مع مؤسسة تسويقية وطنية، والقائمون عليها نحسبهم من أهل الصلاح، وذلك لتحديد مواقع لبيع كوبونات بسعر 15 ريالا لتوكيل االمؤسسه على توزيعها على الفقراء، فما حكم ذلك؟ وما رأيكم فيه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح كل الوضوح، ومع ذلك فننبهك على بعض ما يمكن أن يتبين به جواب مسألتك، فاعلم أن التوكيل في توزيع صدقة الفطر جائز وإن دفع الموكل للوكيل قبل وقت الوجوب، على أن يقوم الوكيل بشراء ما يجزئ إخراجه من الأصناف في صدقة الفطر ويدفعها إلى الفقراء في الوقت الذي يجزئ فيه الإخراج جاز، قال العلامة ابن جبرين ـ رحمه الله: لا بأس بالتوكيل في إخراج زكاة الفطر وذلك بدفعها إلى الوكيل أو دفع ثمنها ولو في أول الشهر أو في نصفه، والأفضل أن تفرق في البلد الذي يقيم فيه الأفراد المزكى عنهم، وعلى الوكيل أن يفرقها في بلادهم يوم العيد أو قبله بيوم أو يومين. انتهى.
وفي الوقت الذي يجزئ فيه إخراج صدقة الفطر خلاف معروف للعلماء، والأحوط أن لا تخرج إلا قبل العيد بيوم أو يومين، كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ
وأما إخراج صدقة الفطر نقوداً ففيه خلاف معروف بين العلماء، ومذهب الجمهور أنه لا بد من إخراجها طعاماً وهو صاع من غالب قوت البلد، وذهب أبو حنيفة والبخاري إلى جواز إخراج القيمة في الزكاة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية إذا دعت إليه المصلحة وكانت القيمة أنفع للفقير.
وبما ذكرنا يتبين لك أنه لا بأس في توكيل جهة معينة في توزيع صدقة الفطر على الفقراء، وأن الأحوط للوكيل أن لا يخرج الصدقة إلا قبل العيد بيوم أو يومين خروجاً من الخلاف، والأحوط كذلك أن لا يخرجها مالاً وإنما يشتري بها من الأصناف المجزئة في صدقة الفطرعملاً بقول الجمهور، فإذا توفر ما ذكرناه من الضوابط وكان المبلغ المدفوع مساوياً لما يجب على الموكل وكان الوكيل أميناً عارفاً بمن يجوز دفع الزكاة إليه فلا حرج في التوكيل والحال هذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(11/18524)
لم يخرج أبوهم زكاة الفطر عنهم لعدة أعوام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في العقد الثاني من العمر.. أعمل في وظيفة.. اكتشفت أن والدي ومنذ عدة سنوات لم يخرج زكاة الفطر لي ولإخواني، فهل نحاسب بسببه.. وهل يجوز لي أن أخرجها عن نفسي أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدكم قد وجبت عليه زكاة الفطر عنكم لكونكم غير مالكين لما تخرجونها به فالإثم عليه هو لا عليكم، إذا كان عالماً بالحكم، لقوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ {المدثر:38} ، وصدقة الفطر لتلك السنوات دين في ذمته، يلزمه المبادرة بإخراجها حتى وإن ملكتم بعد ذلك ما تخرجونها به، وذلك لأن وجوبها إنما استقر عليه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 78313.
ودليل وجوب إخراجها عن السنوات الماضية قول النبي صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه. ولأنها حق للفقراء ولم يأخذوه فأشبهت الدين، وإذا أردتم إعانة أبيكم بإخراجها عن أنفسكم جاز ذلك بشرط أن تعلموه قبل إخراجها لتحصل منه النية التي هي شرط قبول العمل، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه.
وأما من وجبت عليه زكاة الفطر منكم لكونه يملك ما يخرجها به فاضلاً عن كفايته ليلة الفطر ويومه فصدقة الفطر واجبة عليه، وعليه أن يبادر بإخراجها عن نفسه لما تقدم من الأدلة. وانظري لذلك الفتوى رقم: 113980.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(11/18525)
أوصى أبناءه بإخراج زكاة الفطر عنه فأخرجوها بعد وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصاني أبي بإخراج زكاة الفطر عنه حيث إنه كان يعتمر ونحن في مصر وكان العيد في السعودية قبلنا بيوم ونحن أخرجناها ليلة عيدنا أي بعد إفطارهم، فما الحكم الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصلُ أن زكاة الفطرِ تابعةٌ للبدن كما أن زكاة المال تابعةً للمال، فالذي ينبغي للمسلم أن يُخرجَ زكاة الفطر حيثُ هو في البلد الذي وجبت عليه فيه، ويجوزُ له التوكيلُ في إخراجها ولو في بلدٍ آخر إذا وُجدت مصلحةٌ راجحة كأن كان المُزكي عاجزاً عن الوصول إلى الفقراء في البلد الذي هو فيه.
وفي فتيا للعلامة العثيمين في شأن زكاة الفطر للمغترب، قال عليه رحمة الله: فإذا كان أهل البيت يخرجونها عن أنفسهم فإنه لا يلزم الرجل الذي تغرب عن أهله أن يخرجها عنهم، لكن يخرج عن نفسه فقط في مكان غربته إن كان فيه مستحق للصدقة من المسلمين، وإن لم يكن فيه مستحق للصدقة وكّل أهله في إخراجها عنه ببلده. والله الموفق. انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين.
وأما تأخيرُ زكاة الفطر عن يوم الفطر فغيرُ جائزٌ، بل الصواب أنه لا يجوزُ تأخيرها عن صلاة العيد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. أخرجه أبو داود، وابن ماجه، والدارقطني، والحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وصححه الألباني.
والعبرةُ في إخراج صدقة الفطر بوقتِ وجوبها على الموكل، لأن الوكيلَ فرعٌ عنه فيلزمه في كيفية إخراجها ما يلزم الموكل، ولأنها إنما وجبت عليه فلا بُد لكي تبرأ ذمته من فعلها على الوجه المأمور به شرعا سواء بنفسه أو بنائبه، لكن إذا كنتم قد نسيتم فالنسيانُ عذرٌ يُسقط عنكم التبعة إن شاء الله، وأما هو فلا تبعة عليه أيضاً لأنه فعل ما يقدر عليه.
والخلاصة: أن ما فعلتموه من تأخيرِ صدقة الفطر عن وقت وجوبها على أبيكم لم يكن جائزاً لكم شرعاً، والواجبُ عليكم التوبة إلى الله من هذا التفريط إلا إن كنتم معذورين كما قدمنا، وما دمتم دفعتموها إلى الفقراء فقد سقطت المطالبة بها، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ولا يجوزُ تأخيرُها عن صلاةِ العيدِ فإنْ أخَّرها عن صلاةِ العيدِ بلا عُذرٍ لم تُقْبَلْ منه لأنه خلافُ ما أمَرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم، وقد سبق من حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ مَنْ أدَّاها قبْلَ الصلاةِ فهي زكاةٌ مقبولةٌ ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ مِنَ الصدقاتِ. أمَّا إن أخَّرها لعذرٍ فلا بأسَ، مثلُ أن يصادفَه العيدُ في الْبَرِّ ليس عنده ما يدفعُ منه أو ليسَ عنده مَنْ يدفُع إليه، أو يأتَي خبرُ ثبوتِ العيدِ مفاجِئاً بحيثُ لا يَتَمَكَّنُ مِن إخراجها قبْلَ الصلاةِ أو يكون معتمداً على شخصٍ في إخراجها فينسى أنْ يُخْرِجَهَا فلا بأسَ أن يخرجها ولو بعدَ العيدِ لأنَّه معذورٌ في ذلك. انتهى من مجالس شهر رمضان للشيخ ابن عثيمين المجلس الثامن والعشرون - في زكاة الفطر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(11/18526)
إخراج زكاة الفطر عمن عقد عليها ولم يدخل بها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز زكاة من كتب عقد قرانه ولم يبن (يدخل) على زوجته التي لا تسكن معه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح فإن كنت تسأل عن إخراج الرجل زكاة الفطر عن زوجته التي عقد عليها ولم يدخل بها، فالجواب: أنه لا يجب عليه ذلك إلا إذا مكنته من نفسها ودعته للدخول بها فحينئذ تلزمه نفقتها وزكاة فطرها، ففي المدونة للإمام مالك: وقال لي مالك: كل من كان ولده جارية فعلى أبيها صدقة الفطر فيها حتى تنكح، فإذا نكحت فلا صدقة عليه فيها، قال: والنكاح عند مالك الدخول إلا أن يدعى الزوج إلى الدخول بها فلا يفعل فتلزمه النفقة، فإذا لزم الزوج النفقة صارت صدقة الفطر في هذه الجارية على الزوج. انتهى.
وإذا لم تجب زكاة فطر الزوجة هنا جاز لزوجها إخراجها تطوعاً نيابة عن زوجته المعقود عليها إذا أذنت له في ذلك لأن النيابة مجزئة في زكاة الفطر، والأولى استئذانها لمن ينفق عليها خروجاً من خلاف العلماء في اشتراط إذن المنفق للمنفق عليه في إخراج الزكاة، وإن كان الصحيح الإجزاء بلا إذن منه؛ كما قال النووي رحمه الله في شرح المهذب وغيره.. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 101692.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1429(11/18527)
الحكمة من وجوب زكاة الفطر على الصغار
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال حول زكاة الفطر ما المعني بها ولماذا وجبت على صغار السن؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
زكاة الفطر صاع من تمر أو شعير أو ما يقوم مقامهما، يخرجها من قدر عليها عن نفسه وعن من تلزمه نفقته، والحكمة من وجوب إخراجها عن الأولاد الصغار أن وجوبها متعلق بالأبدان وذوات الأشخاص تطهيرا لها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزكاة الفطر قد ورد بيانها في الحديث الصحيح فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة. متفق عليه واللفظ للبخاري.
وراجع الفتوى رقم: 12043، والفتوى: 67700.
والحكمة من وجوب إخراجها عن صغار السن من الأولاد لأن وجوبها متعلق بالأبدان وذوات الأشخاص تطهيرا لهم. ففي أسنى المطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: باب زكاة الفطر ويقال صدقة الفطر وفي نسخة زكاة الفطرة كأنها من الفطرة التي هي الخلقة المرادة بقوله تعالى: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا {الروم: من الآية30} والمعنى أنها وجبت على الخلقة تزكية للنفس أي تطهيرا لها وتنمية لعلمها. انتهى.
وفي مواهب الجليل للحطاب المالكي: وسميت بذلك لوجوبها بسبب الفطر ويقال لها صدقة الفطر وبه عبر ابن الحاجب، قال بعضهم: كأنها من الفطرة بمعنى الخلقة وكأنه يعني أنها متعلقة بالأبدان. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغنى: وزكاة الفطرة تجب على البدن، ولهذا تجب على الأحرار. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1428(11/18528)
دفع زكاة الفطر عن الإخوة أو الأبناء المتزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للوالدين أو للأخ دفع زكاة الفطر عن بناتهم أو عن إخوانه المتزوجين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب على الوالدين إخراج زكاة الفطر عن بناتهم المتزوجات، لأن نفقتهن وفطرتهن على أزواجهن وكذلك الأخ لا يجب عليه إخراج زكاة الفطر عن إخوانه الذين لديهم ما ينفقون به على أنفسهم أو لديهم من ينفق عليهم، سواء كانوا متزوجين أو غير متزوجين، لكن لو تبرع الوالد بإخراج زكاة الفطر عن أولاده أو بناته الذين لا تجب عليه نفقتهم أو تبرع الأخ بذلك عن إخوانه الذين لا تجب عليه نفقتهم جاز ذلك وأجزأ عن المخرج عنه إن أذن في ذلك.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 78487 والفتويين المحال عليهما فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(11/18529)
هل تجب زكاة الفطر عن الابنة المتزوجة من رجل فقير
[السُّؤَالُ]
ـ[زكاة الفطر أو الزكاة:
أنا عندي بنت وهي مع زوجها في بيت مستقل، وهم على قدر حالهم فهل تجب الزكاة لهم؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تسأل عن وجوب إخراج زكاة الفطر عليك عن البنت المذكورة فلا تجب عليك إنما تجب على زوجها إذا ملك من القوت ما يفضل عن قوته وقوت أسرته في يوم العيد وليلته، فيخرج منه عن نفسه وأسرته إن كان يتسع لذلك وإلا أخرج ما قدر عليه لعموم قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} .
وأما إذا كنت تسأل عن زكاة المال فإنها لا تجب إلى على من ملك نصاباً من المال وهو ما يساوي خمسة وثمانين جراماً من الذهب وحال على هذا النصاب الحول، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3598.
علماً بأن زوجها إذا كان فقيراً فيجوز لك أن تدفع له زكاة الفطر الواجبة عليك، كما يجوز أن تدفع له زكاة المال، وراجع الفتوى رقم: 57063.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1428(11/18530)
طلب الفقير من الميسور أن يدفع له زكاة فطره هو وزوجته وأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ سؤالي هو زوجة تعيش في بلد أجنبي منذ 6 سنوات هي وزوجها وأطفالها الثلاثة وهي مدة هذه السنين عندما يأتي عيد الفطر ويخرج الناس زكاة الفطر يقوم زوجها بإخبار أمه أي والدته التي تسكن في بلد مسلم أن تخرج الزكاة عنه وعن زوجته وأولاده لكي توزعها الأم إلى منهم فقراء في البلد التي تعيش فيه أي البلد المسلم فهي تدفع الزكاة من أجل حالة ولدها المادية الصعبة قليلا وهي مقتدرة على ذلك فهل فعلهم بهذه الطريقة يعتبر غير جائز، وهل يلزمهم إخراجها هم بأنفسهم أي من مالهم أم أنه ليس عليهم شيء وفي حالة أنه يستطيع أن يدفع زكاة الفطر ولكن يريد أن يوزعها على الفقراء في بلده الأصلي فما هو توجيهكم.
فضيلة الشيخ كانت الإجابة عن سؤالي بسؤال آخر، لكن سؤالي أن الزكاة كانت تدفع عن الأسرة من أسرة أخرى أي من والدته، أي أن ابنها لم يدفع لها ولم يرسل لها، الأم دفعت عنه بطلب منه شخصيا بسبب حالتة المادية الصعبة مدة خمس سنوات متواصلة، فسؤالي: هل يجزئ ما دفعت أمه عنه أم يلزمه أن يدفع عن الخمس السنوات الماضية ونأسف عن الإطالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزكاة الفطر واجبة على المسلم عن نفسه وعن من تجب عليه نفقته إذا وجد زائدا عن حاجته وحاجتهم يوم العيد وليلته، فإن لم يجد فلا شيء عليه، والزوجة ممن تجب نفقتها عليه فيجب على الزوج إخراج زكاة الفطر عنها على الصحيح من أقوال العلماء، قال النووي: مذهبنا وجوبها على الزوج وبه قال علي بن أبي طالب وابن عمر ومالك والليث وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وقال أبو حنيفة وصاحباه والثوري: ليس عليه فطرتها بل هي عليها واختاره ابن المنذر. اهـ.
ولو جاء وقت الوجوب وهو غروب شمس آخر يوم من رمضان وهو عاجز عنها فلا تجب عليه، واختلف العلماء في هذه الحالة هل تجب عليها أم لا؟ الراجح عندنا وجوبها عليها، ولكن لو تبرع الزوج بإخراجها كأن يقترض أو يطلب من غيره أن يخرجها عنه وعن زوجته وكانت زوجته عالمة بذلك فقد سقط عنها الواجب، وأما إخراجها في بلده الأصلي الذي لا يقيم فيه فمجزئ، والأولى إخراجها في المكان الذي وجبت فيه وهو محل إقامته الحالية كما في الفتوى رقم: 904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1427(11/18531)
هل بجب على الزوجة إخراج زكاة الفطر عن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ سؤالي هو زوجة تعيش في بلد أجنبي منذ 6 سنوات هي وزوجها وأطفالها الثلاثة وهي مدة هذه السنين عندما يأتي عيد الفطر ويخرج الناس زكاة الفطر يقوم زوجها بإخبار أمه أي والدته التي تسكن في بلد مسلم أن تخرج الزكاة عنه وعن زوجتة وأولاده لكي توزعها الأم إلى الفقراء في البلد الذي تعيش فيه أي البلد المسلم فهي تدفع الزكاة من أجل حالة ولدها المادية الصعبة قليلا وهي مقتدرة على ذلك فهل فعلهم بهذه الطريقة يعتبر غير جائز، وهل يلزمهم إخراجها هم بأنفسهم أي من مالهم أم أنه ليس عليهم شيء، وفي حالة أنه يستطيع أن يدفع زكاة الفطر ولكن يريد أن يوزعها على الفقراء في بلده الأصلي فبماذا توجهون، ولكم كل الفضل؟
فضيلة الشيخ كانت الإجابة عن سؤالي بسؤال آخر لكن سؤالي أن الزكاة كانت تدفع عن الأسرة من أسرة أخرى أي من والدته أي أن ابنها لم يدفع لها ولم يرسل لها، الأم دفعت عنه بطلب منة شخصيا بسبب حالته المادية الصعبة مدة خمس سنوات متواصلة فسؤالي: هل يجزئ ما دفعت أمه عنه أم يلزمه أن يدفع للخمس السنوات الماضية ونأسف عن الإطالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزكاة الفطر واجبة على المسلم عن نفسه وعن من تجب عليه نفقته إذا وجد زائدا عن حاجته وحاجتهم يوم العيد وليلته، فإن لم يجد فلا شيء عليه، والزوجة نفقتها واجبة على الزوج فيجب عليه إخراج زكاة الفطر عنها على الصحيح من أقوال العلماء، قال النووي: مذهبنا وجوبها على الزوج، وبه قال علي بن أبي طالب وابن عمر ومالك والليث وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وقال أبو حنيفة وصاحباه والثوري: ليس عليه فطرتها بل هي عليها واختاره ابن المنذر. اهـ.
ولو جاء وقت الوجوب والزوج عاجز عنها فلا تجب عليه، واختلف العلماء في هذه الحالة هل تجب عليها أم لا؟ وعلى القول بوجوبها عليها لو تبرع الزوج بإخراجها كأن اقترض أو طلب من غيره أن يخرجها عنه وعن زوجته وكانت زوجته عالمة بذلك فقد سقط عنها الواجب، وإلا فلا لأنها عبادة واجبة عليها، والعبادة لا بد لها من نية.
وأما إخراجها في بلده الأصلي الذي يقيم فيه فمجزئ، والأولى إخراجها في المكان الذي وجبت فيه وهو محل إقامته الحالية إن وجد فيه فقراء، كما في الفتوى رقم: 904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(11/18532)
ما يلزم من لم يخرج زكاة الفطر لسنوات عديدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يبطل صيام من لا يخرج زكاة الفطر؟
ما هي أحكام وضوابط إخراج زكاة الفطر؟
منذ كنت صغيرة أنا متأكدة أن أبي لا يخرج زكاة الفطر عن جهالة وبسبب محدودية دخله. ماذا يفعل الآن؟ هل يعني ذلك أنه سيحمل وزر بطلان صومنا نحن وأمي؟ مع العلم أن أبي على قيد الحياة.
أرجوكم أفيدوني هل يمكن لي مساعدته في قضاء هذه الزكاة لأن عندي دخل خاص بي؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزكاة الفطر فريضة من الفرائض، وعلى الشخص أن يخرجها عن نفسه وعمن يمونهم سواء صام رمضان أو لم يصم، فهي فريضة مستقلة وإن كانت متممة للنقص الذي قد يكون حصل من الصائم حال صيامه لما في سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من الرفث وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن صدقة الفطر فرض، وقال إسحاق: هو كالإجماع من أهل العلم وزعم ابن عبد البر أن بعض المتأخرين من أصحاب مالك وداود يقولون هي سنة مؤكدة. اهـ.
وإذا لم يخرجها الشخص في وقتها المحدد وهو يوم العيد مع قدرته على ذلك فهو آثم وصيامه وصيام من تجب عليه فطرتهم صحيح، والواجب عليه إخراجها الآن فورا إذا كان قادرا، ويخرجها عن نفسه وعمن يمونهم لأنها كانت واجبة عليه وثبتت في ذمته لا في ذممهم، قال في مختصر الوفاء: ومن فرط فيها سنين وهو واجد لها أخرجها عما فرط من السنين عنه وعمن كان يجب عليه إخراجها عنه في كل عام بقدر ما كان يلزمه من ذلك ولو أتى ذلك على ماله إذا كان صحيحا، وإن كان مريضا وأوصى بها أخرجت من ثلثه. انتهى. ولو أخرجتها عنه بإذنه أو أعنته بقدر ما تستطيعين فقد سقط عنه الواجب، وعليه التوبة الصادقة لأنها حق للمساكين ولا تسقط بتقادم الزمان.
وإذا قدر أنه كان جاهلا بوجوبها فلا إثم عليه، وعليه قضاؤها وإن كان عالما ولكنه لم يكن قادرا على إخراجها فلا إثم عليه ولا قضاء.
وأما قدرها فصاع بالصاع النبوي ويساوي أربعة أمداد، والمد يساوي ملء اليدين المعتدلتين، وأما بالنسبة لتقديره بالوزن فهو يختلف باختلاف نوع الطعام المكيل، ومن هنا اختلفوا في حسابه بالكيلوجرام فمنهم من قدره بـ 2040 جراما من البر الجيد، ومنهم من قدره بـ 2176 جراما، ومنهم من قدره بـ 2751 جراما وقدرته اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية بما يساوي ثلاثة كيلو جرام تقريبا وهو الذي نميل إليه ونختاره.
واختلف العلماء في إخراجها نقودا، والراجح جواز ذلك لاسيما إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 6372.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1427(11/18533)
هل تخرج الأم زكاة الفطر عن أولادها الكبار
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال وأريد الإجابه عليه، لدي إخوة لا يصومون ويشربون الخمر ولا يصلون، فهل يجوز إخراج زكاة الصوم عنهم، ومن المكلف بإخراج الزكاة هم أم الوالدة، علما بأن أعمارهم فوق الثلاثين ومنهم من لا يعمل؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جل وعلا أن يهدي إخوانك ويردهم إلى الدين رداً جميلاً، وننصحك وسائر أهل الخير ممن يعلم بحالهم أن يجتهدوا بالنصح لهم والإرشاد إلى الحق والهدى، فرب نصيحة وكلمة حسنة كانت سبباً في هدايتهم أو هداية بعضهم.
وأما زكاة الفطر فهم المطالبون بها كما أنهم مطالبون بالصلاة والصوم وغيرها من الفرائض، ولا يجب على والدتهم إخراجها عنهم إلا إذا قدر أن واحداً منهم كان عاجزاً عن العمل لعاهة ونحو ذلك، ولا مال له وتعينت نفقته على والدته، فهي المطالبة بإخراجها عنه، لأن من وجبت نفقته من المسلمين وجبت زكاة الفطر عنه إلا ما استثني وليس منهم الولد المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(11/18534)
زكاة الفطر هل تجزئ من السكر والزيت والزبد والدقيق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج الزكاة من سكر وزيت وزبدة ودقيق، لأنه معظم ما يتناوله أغلب الناس بدلاً من الحبوب أو الدقيق؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد زكاة الفطر كما هو الظاهر، فإن المقرر عند الفقهاء أنها تخرج من غالب قوت البلد، وتخرج من الطعام الذي يعتمد الناس عليه أساساً للغداء والعشاء مثل الأرز أو القمح أو الشعير ونحو ذلك، وليس المراد السكر والزيت والزبد ونحوها مما يعتبر إداماً أو حلوى ولو كثر استعماله إلا إذا انفردت هذه المذكورات وحلت محل غيرها في الاقتيات، أو أخرجت على أنها من باب القيمة على القول بجواز إخراج قيمة زكاة الفطر، قال النووي في المجموع وهو من فقهاء الشافعية: ذكرنا أن الأصح عندنا وجوب الفطرة من غالب قوت البلد، وبه قال مالك، وقال أبو حنيفة: هو مخير، وعن أحمد رواية أنه لا يجزئ إلا الأجناس الخمسة المنصوص عليها: التمر والزبيب والبر والشعير والأقط. والله أعلم. انتهى.
وتخرج زكاة الفطر عند المالكية من غالب القوت من تسعة أشياء وهي: القمح والشعير والسلت والذرة والدخن والتمر والزبيب والأرز والأقط، إلا أن يقتات غيرها، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي: والذي يظهر من عبارات أهل المذهب أن غير التسعة إذا كان غالباً لا يخرج منه، وإنما يخرج منه إذا كان عيشهم دون غيره من التسعة كما في المدونة وغيرها، ولذا قال المصنف إلا أن يقتات غيره أي إلا أن ينفرد غيره بالاقتيات فيخرج منه حينئذ. انتهى.
أما إخراج الفطرة من الدقيق فمن أهل العلم من منع ذلك وهو مذهب مالك والشافعي، قال الشوكاني في نيل الأوطار عند كلامه على الحديث الذي رواه الدارقطني وغيره بعد أن ذكر قول العلماء أن ذكر الدقيق في هذا الحديث وهم من بعض الرواة، ونص الحديث عن أبي سعيد: ما أخرجنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صاعا من دقيق، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من سلت، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقط، فقال ابن المديني لسفيان: يا أبا محمد إن أحداً لا يذكر في هذا الدقيق، فقال: بلى هو فيه. رواه الدارقطني واحتج به أحمد على إجزاء الدقيق، قال: وقد استدل بذلك على جواز إخراج الدقيق كما يجوز إخراج السويق، وبه قال أحمد وأبو القاسم الأنماطي، لأنه مما يكال وينتفع به الفقير، وقد كفي فيه الفقير مؤنة الطحن. وقال الشافعي ومالك: إنه لا يجزئ إخراجه لحديث ابن عمر المتقدم، ولأن منافعه قد نقصت، والنص ورد في الحب وهو يصلح لما لا يصلح له الدقيق والسويق. انتهى.
ويجوز عند الأحناف إخراج الدقيق، قال السرخسي في المبسوط في الفقه الحنفي: ودقيق الحنطة كالحنطة ودقيق الشعير كعينه عندنا، وعند الشافعي لا يجوز الأداء من الدقيق بناء على أصله أن في الصدقات يعتبر عين المنصوص عليه. انتهى، وقد تقدم في الفتوى رقم: 55652 خلاف العلماء في حكم دفع زكاة الفطر قيمة فالرجاء مراجعتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1427(11/18535)
هل تقبل زكاة الفطر من موظف في البنك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ زكاة الفطر من عامل فى البنك أو من مال مصدره البنك؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمل في البنك الربوي حرام وكذا الاقتراض منه بفائدة حرام والواجب على من أقدم على ذلك التوبة إلى الله عز وجل، وينبغي لمن علم به من المسلمين نصحه وإرشاده بأن يبتعد عن ذلك.
وأما إخراجه لزكاة الفطر فإنه يجب أن يكون من مال حلال خالص، أما إخراجها من مال حرام فإنه لا يجزئ عنه.
وأما قبولها منه فيجوز إذا كان له مال مختلط فيه الحلال بالحرام، إلا إذا علم المعطى بأن عين المال المدفوع إليه حرام، فلا يجوز له قبوله، قال قليوبي رحمه الله في حاشيته: لا يحرم الأكل ولا المعاملة ولا أخذ الصدقة والهدية ممن أكثر ماله حرام إلا مما علم حرمته ولا يخفى الورع.
وإنما يجوز للمحتاج أخذ ما أعطي من الحرام إذا علم أن صاحبه أخرجه على سبيل التخلص منه لا على أنه زكاة أو صدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1426(11/18536)
حكم صرف زكاة الفطر في بناء المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا مسجد محتاج، هل تجوز زكاة الفطر في المساجد؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزكاة الفطر تختص بالفقراء والمساكين ولا يجزئ إخراجها لبناء مسجد ونحوه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 6325، والفتوى رقم: 40883، والفتوى رقم: 54498.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1426(11/18537)
الوكالة في زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[بفضل الله نستقبل زكاة الفطر فى مسجدنا بالقاهرة ونكتب لافتة أن صاع التمر بقيمة كذا وصاع الأرز بقيمة كذا وصاع الزبيب بقيمة كذا، ثم نحول هذه الأموال إلى طعام، ولكننا نجهل من وضع بقيمة الأرز ومن وضع بقيمة التمر فنشترى بجزء من المال أرزا وجزء لوبيا وفولا ثم نضعها فى شنط ونوزعها على الفقراء، فهل علينا إثم، وما الأولى والأحرى، وهل يجوز شراء زيت وسمن، أفيدونا؟ جزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تقومون به عمل خيري مبارك، نسأل الله جل وعلا أن يثيبكم على ذلك ويكثر من أمثالكم وأنتم وكلاء عن غيركم، ولا يشترط أن تميزوا بين نقود من أعطاكم قيمة التمر وبين من أعطاكم قيمة الأرز، بل يكفي أن تشتروا زكاة الفطرة من غالب قوت البلد وتوزعونها على المستحقين لها.
أما شراء الزيت والسمن فلا يجزئ لأنه ليس قوتا، وعليكم أن تتنبهوا لأمر مهم، وهو أن من وضع قيمة أصوع من الرز مثلاً ربما وضع مالاً بقدر الأصوع الواجبة عليه، فإذا اشتريتم بماله تمراً لم يوف عدد الأصوع الواجبة عليه، لكن لو اشتريتم بماله أكثر مما يلزمه فلا بأس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1426(11/18538)
زكاة الفطر عن الأطفال الذين هم في حضانة الأم المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أصدقائي طلق زوجته وأطفاله في حضانة أمهم، هل يجب عليه إخراج الزكاه عنهم أم هي التي تخرج، علما بأنه يعطيهم نفقة شهرية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولاد المذكورون تجب زكاة فطرهم على أبيهم إن قدر عليها إذا لم يكونوا قد بلغوا عاقلين قادرين على الكسب، وكونه طلق أم أطفاله لا يسقط هذا عنه وجوب إخراج زكاة فطرهم.
أما الزوجة فتسقط زكاة فطرها إذا كان قد طلقها طلاقاً بائناً أو طلقها طلاقا رجعياً وانتهت عدتها قبل ليلة عيد الفطر أو فجره، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية للفائدة: 867، 28104، 57137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1426(11/18539)
حكم اقتطاع الحكومة زكاة الفطر من الراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لم يخرج فطرة رمضان لأن الحكومه قد قطعت من راتبه قيمة الفطرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزكاة الفطر نوع من أنواع الزكاة الواجبة، ومن المعلوم أن الزكاة كغيرها من العبادات الواجبة كالصلاة لا تصح إلا بنية كما في الفتوى رقم: 23506. وأخذ الإمام لها من غير علم المزكي لا يجزئ لعدم حصول النية التي هي شرط في إجزائها.
ففي حاشية الجمل في الفقه الشافعي: ولا تكفي نية إمام عن المزكي بلا إذن منه كغيره، إلا عن ممتنع من أدائها فتكفي وتلزمه إقامةً لها مقام نية المزكي. انتهى
وزكاة الفطر باقية في ذمة من لم يؤدها ولو طال الزمن كما في الفتوى رقم: 56372، وإذا كانت الحكومة قد قطعت قيمة الفطرة من راتبه لتتولى توزيعها في مصارفها وحسب الوقت المعتبر شرعاً، وكان ذلك بعلمه وإرادته ونوى بها أداء زكاة الفطر، فإن ذلك يجزئه ولا يلزمه إخراج غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1425(11/18540)
حكم إخراج الزوجة زكاة الفطر عن نفسها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجى يؤدي الخدمة العسكرية وأنا بفضل الله تعالى أعمل وعندما أوشك شهر رمضان على الانتهاء قمت بدفع الزكاة من مالي الخاص حيث إن زوجي ليس لديه أي مصدر رزق في الوقت الحالي فهل هذا مقبول عند الله أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزكاة الفطر واجبة على الزوج، فإذا عجز عن أدائها أو امتنع، فإن من أهل العلم من يرى وجوب زكاة الزوجة عليها حنيئذ إذا كانت قادرة، كما قال أبو عبد الله المواق المالكي في (التاج الإكليل) : قال مالك: يلزم الرجل أداؤها عن نفسه وعن امرأته وإن كانت مليئة، وانظر إذا لم يكن له فمن أين يخرجها؟ هل يجب عليها أن تخرج عن نفسها. قال في التفريع: تخرجها عن نفسها.
وعلى كل فلو أخرجت الزوجة زكاتها عن نفسها، أو عنها وعن زوجها جاز ذلك، لكن يشترط في الإخراج عن الزوج أن يكون على علم بذلك؛ لأنها عبادة وجبت عليه، فلا يناب عنه فيها إلا بإذنه كالزكاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(11/18541)
زكاة فطر المطلقة رجعية وبائنة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طلقني زوجي للمرة الثانية فبقيت عند أهلي مدة شهرين وعندما أرجعني كان عيد الفطر قد مضى بيومين وزوجي لم يدفع عني زكاة الفطر، السؤال هو: ما محل صيامي وما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك قد طلقك طلاقا رجعياً ثم راجعك قبل انقضاء العدة، فإن زكاة فطرك واجبة عليه، لأن الرجعية بمثابة الزوجة، قال المواق في التاج والإكليل المالكي: ابن يونس: لو طلق المدخول بها طلقة رجعية لزمه النفقة عليها وأداء الفطر عنها، بخلاف لو طلقها بائنا وهي حامل فلا يزكي عنها. انتهى.
أما إذا كان الطلاق بائنا ففطرتك على من وجبت عليه نفقتك في وقت الوجوب، وهو غروب الشمس ليلة عيد الفطر، لأن زكاة الفطر تابعة للنفقة، فإذا كانت نفقتك -مثلا- في وقت الوجوب على الأب وجب عليه إخراج زكاة فطرك، لأنها تجب على الشخص عن نفسه وعن من تجب عليه نفقته.
ولا تسقط زكاة الفطر إذا لم تخرج في وقت الوجوب، بل هي باقية في ذمة من وجبت عليه، ففي التاج والإكليل للمواق: قال مالك: وإن أخرها الواحد سنين فعليه قضاؤها لماضي السنين. انتهى.
ولم يتضح لنا المقصود من قولك: ما محل صيامي؟ فإن كنت تقصدين السؤال عن صحة صيامك فالجواب: إن صحة الصيام لا علاقة لها بإخراج زكاة الفطر، فإن كنت قد صمت صوماً مستكمل الشروط والأركان فهو صحيح، وإن كان المقصود معنى آخر فالرجاء توضيح ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(11/18542)
زكاة الفطر إذا لم تؤد في وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما كفارة من لم يقم بدفع زكاة الفطر عن هذا العام حيث لم يكن متوفراً المبلغ كاملاً لعدد خمسة أشخاص؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أن إخراج مبلغ عن زكاة الفطر لا يجزئ إلا إذا ترتبت على ذلك مصلحة راجحة ككونه أكثر نفعاً للفقير مثلاً، ونحو ذلك، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 6372.
ثم إذا كنت تقصد أن هذا الشخص لم يكن بيده يوم الفطر مال فائض عن قوته في ذلك اليوم يكفي لإخراج فطرة من يجب عليه إخراج زكاة الفطر عنهم، فعليه إخراج ما يستطيع بادئاً بنفسه، ثم زوجته إلى آخر الترتيب الذي ذكره ابن قدامة في المغني بقوله: وإذا لم يفضل إلا صاع أخرجه عن نفسه، لقوله عليه السلام: ابدأ بنفسك ثم بمن تعول، ولأن الفطرة تنبني على النفقة فكما يبدأ بنفسه في النفقة فكذلك في الفطرة، فإن فضل آخر أخرجه عن امرأته لأن نفقتها آكد، فإن نفقتها تجب على سبيل المعاوضة مع اليسار والإعسار، ونفقة الأقارب صلة تجب مع اليسار دون الإعسار، فإن فضل آخر أخرجه عن رقيقه لوجوب نفقتهم في الإعسار.
وقال ابن عقيل: يحتمل تقديم الرقيق على الزوجة لأن فطرته متفق عليها وفطرتها مختلف فيها، فإن فضل آخر أخرجه عن ولده الصغير لأن نفقته منصوص عليها ومجمع عليها. وفي الوالد والولد الكبير وجهان أحدهما يقدم الولد لأنه كبعضه، والثاني الوالد لأنه كبعض والده. وتقدم فطرة الأم على فطرة الأب لأنها مقدمة في البر. انتهى.
وحاصل الأمر أن هذا الشخص مطالب بإخراج ما قدر عليه في وقت الوجوب وهو ليلة عيد الفطر ويومها، بشرط أن يكون فاضلاً عن قوته وقوت من تجب عليه نفقته في يوم العيد وليلته، وإذا لم يخرج ما وجب عليه فهو باق في ذمته، فعليه إخراجه في أقرب وقت ممكن، لأن زكاة الفطر لا تسقط إذا لم تؤد في وقتها، ففي التاج والإكليل للمواق قال مالك: وإن أخرها سنين فعليه قضاؤها لما مضى السنين. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(11/18543)
المقيم في ديار الكفر.. وزكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو: إذا كنت مسافرة لبلد غير مسلم وأدركت شهر رمضان.. كيف أنفق زكاة الفطر، في بلادي أم في البلاد التي أنا موجودة فيها؟ أرجو أن تفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن زكاة الفطر تدفع لمستحقيها من أهل البلد الذي وجبت فيه، فإذا كان في هذا البلد (غير المسلم) مسلمون فقراء فادفعيها إليهم، وإلا أخرجيها في بلدك، وانظري في جواز نقل الزكاة الفتوى رقم: 9442.
وفي إخراج الزوجة زكاة الفطر عن نفسها راجعي الفتوى رقم: 28127، والفتوى رقم: 28717 في زكاة البنت العاملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(11/18544)
كيف تؤدى زكاة الفطر لمن كان في بلد وزوجته في بلد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن في المغرب لأجل العمل وزوجتي تسكن في مصر فهل لي أن أؤدي عني زكاة الفطر هنا في المغرب، وزكاة فطرها هي في مصر أم علي أن أؤدي عن كلينا في المغرب أو في مصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن الزكاة - سواء كانت زكاة الفطر، أو زكاة المال - لا تدفع إلا لمستحقيها من أهل البلد الذي وجبت فيه، ولما كنت ملزماً بإخراج زكاة الفطر عنك، وعن زوجتك، فعليك أن تؤديها عن نفسك في المغرب، وعن زوجتك بمصر، ففي أسنى المطالب شرح روض الطالب قال: فرع: "العبرة في" نقل: "الزكاة" المالية ببلد المال حال الوجوب، وفي زكاة الفطرة ببلد المؤدى عنه اعتباراً بسبب الوجوب فيهما، ولأن نظر المستحقين يمتد إلى ذلك..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1422(11/18545)
هل يصح نقل زكاة الفطر لبلد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أدفع زكاة الفطرلأخي الموجود في بلد ثان هل يصح هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن الزكاة - سواء كانت زكاة الفطر أو زكاة المال - لا تدفع إلا لمستحقيها من أهل البلد الذي وجبت فيه، فهم الأحق والأولى من غيرهم، ولا تنقل عنهم ما دام فيهم مستحق للزكاة، أما إذا لم يكن فيهم مستحق، فإنها تنقل إلى غيرهم، وكذلك الحال- على الراجح- إذا كان فيهم مستحق، ولكن غلب على الظن أنه سيجد من الزكوات ما يحل به مشكلة الإنفاق إلى حين، فإنها يجوز نقلها حينئذ أيضاً؛ بل ربما كان نقلها أولى إذا اشتدت حاجة المنقولة إليه، ويزداد أمر النقل تأكيداً إذا كان من اشتدت حاجته قريباً: أخاً أو غيره، لأنها حينئذ زكاة، وصلة رحم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1422(11/18546)
يجوز نقل صدقة الفطر إلى بلد أهلها أشد حاجة إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة جمع زكاة الفطر من دولة وإرسالها. إلى دولة أخرى هل هذا جائز مع العلم أن الدولة الأخرى فقيرة ويحتاج أهلها إلى مساعدة وهم فقراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن كان مما وصاه به "فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم" فدل هذا الحديث على أن الزكاة ترد على فقراء نفس البلد الذي تخرج فيه إلا أنه إذا نقلت إلى بلد آخر لمصلحة راجحة، كأن يكون فقراء البلد الذين نقلت إليهم الزكاة أشد حاجة فإنه يجوز نقلها. ... ... ... ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18547)
حكم نقل زكاة الفطر.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز جمع زكاة الفطر من دولة وإرسالها إلى دولة أخرى علما أن الدولة المرسل لها الزكاة فقيرة ,أهلها في حاجة ماسة للمساعدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
السنة أن توزع زكاة الفطر على فقراء البلد الذي فيه مَنْ أخرجت عنه الزكاة. فإن لم يوجد فيه فقراء أو وجد فيه فقراء لكن هناك من هو أفقر منهم وأشد حاجة وأكثر إلحاحا فلا بأس بجمعها وإرسالها إلى أهل هذا البلد الذين هم في أشد الحاجة إليها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18548)
صلت بعرفة صلاة بغير وضوء فهل صح حجها
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي ذهبت للحج وكان عمرها 48 سنة، وصلت صلاة واحدة لأحد الأوقات بدون وضوء يوم الوقوف بعرفات وكانت مضطرة لذلك، لأن وضوءها انتقض، وكان الإزدحام شديدا ولم تعرف أين تذهب لتتوضأ، وهي الآن تبلغ من العمر 75 عاما وعندها شك أن حجها غير صحيح وباطل بسبب أنها صلت صلاة بدون وضوء، مع أنها قامت بكل فرائض الحج على أكمل وجه. سؤالي: هل حج جدتي صحيح أم باطل بناءا على مافعلته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت جدتك قد أدت فرائض الحج على وجهها ولم تخل بشيء من أركانه أو واجباته، فحجها صحيح ولا يلزمها شيء، ولكن عليها التوبة والاستغفار من إقدامها على الصلاة من غير وضوء فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول. رواه مسلم وغيره.
وقد كان الواجب عليها أن تجتهد في البحث عن ماء تتوضأ به، وتسأل من يمكن أن يعينها على ذلك، فإن عجزت فقد كان يجب عليها أن تتيمم لقوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ. {النساء:43} . وصفة التيمم أن تضرب الأرض ضربة فتمسح بها وجهها وكفيها.
وقد كان يجب عليها أن تسأل أهل العلم عن ما يجب عليها فعله قبل أن تقدم على ما أقدمت عليه، وإذ لم تفعل وأقدمت على الصلاة بغير طهارة شرعية من وضوء، أو تيمم إن كانت عاجزة عن الوضوء، فالواجب عليها التوبة إلى الله، وأن تعيد تلك الصلاة لأنها دين في ذمتها فلا تبرأ إلا بفعلها، فإنها وقعت غير صحيحة لافتقادها شرطا من شروط صحتها وهو الطهارة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1430(11/18549)
حجت مع أمها وخالها متمتعين ولم يسعوا للحج جهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[حججت أنا وخالي ووالدتي متمتعين، فأخذنا العمرة وحللنا وأحرمنا وأدينا مناسك الحج كلها، ماعدا سعي الحج ظناً من والدتي أن سعي العمرة يكفي وهي جاهلة عن الحكم، وأنا كنت في الثالثة عشرة من عمري، ولكن كنت بالغة حينها، وبعدها تزوجت ولم أعلم أن علي شيئا إلا بالصدفة من بعض الداعيات. فما علي أن أفعل الآن علماً بأن خالي توفي؟.
وسأذهب بإذن الله إلى مكة لأداء العمرة، فبماذا أبدأ؟ وهل علي أن أذهب إلى الميقات بعد فعل سعي الحج السابق إذا كان علي ذلك، والإحرام بالعمرة الجديدة؟ وماذا عن عقد الزواج إذا لم أكن تحللت من النسك حتى الآن علماً بأن لي 38 سنة متزوجة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ترك السعي جاهلاً ثم رجع إلى بلده فالواجبُ عليه أن يرجع إلى مكة إذا علم، فيأتي بالسعي لأنه لا يزال مُحرماً، ولا يحلُ التحلل الثاني إلا بالإتيان بالسعي، وانظري الفتوى رقم: 7426.
فالواجبُ عليكِ أن تذهبي إلى مكة، فتسعي بين الصفا والمروة، وإن أردتِ الإتيان بعمرة بعد ذلك، فإنك تخرجين إلى أدنى الحل ثم تُحرمين بالعمرة، وأمكِ يلزمها مثلُ ما يلزمك، وأما خالك رحمه الله فقد مات على إحرامه، وهل يُشرع إكمال النُسك عنه أو لا؟ ، في ذلك قولان معروفان، والراجح أن إكمال النسك عنه لا يُشرع. وانظري الفتوى رقم: 59434.
وما دام لم يبق من أعمال الحج إلا السعي فقد حللتم التحلل الأول فلا يحرم على الواحد منكم إلا الجماع ومقدماته وعقد النكاح وما وقع من هذه المحظورات في تلك الفترة فإنه يُعفى عنه للجهل، قال العلامة العثيمين: والقاعدة العامة في هذا أن جميع محظورات الإحرام إذا فعلها الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فلا شي عليه لقوله تعالى (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) فقال الله تعالى قد فعلت. ولقوله تعالى (ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1430(11/18550)
هل أجر الحجة الثانية يساوي أجر الحجة الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أجر وثواب الحجة الثانية يعادل ويساوي أجر وثواب الحجة الأولى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن ثواب الحج عظيم، وأجره جسيم، ولكن حج الفريضة أفضل من حج التطوع بلا شك، جاء في الموسوعة الفقهية:
لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْفَرْضَ أَفْضَل مِنَ النَّفْل، فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِيهِ عَنْ رَبِّهِ: وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ. انتهى.
وقال الحافظ في الفتح في شرح هذا الحديث:
ويستفاد منه أن أداء الفرائض أحب الأعمال إلى الله. قال الطوفي: الأمر بالفرائض جازم ويقع بتركها المعاقبة بخلاف النفل في الأمرين وإن اشترك مع الفرائض في تحصيل الثواب فكانت الفرائض أكمل، فلهذا كانت أحب إلى الله - تعالى - وأشد تقريبا، وأيضا فالفرض كالأصل والأس والنفل كالفرع والبناء، وفي الإتيان بالفرائض على الوجه المأمور به امتثال الأمر واحترام الآمر وتعظيمه بالانقياد إليه، وإظهار عظمة الربوبية وذل العبودية، فكان التقرب بذلك أعظم العمل، والذي يؤدي الفرائض قد يفعله خوفا من العقوبة ومؤدي النفل لا يفعله إلا إيثارا للخدمة فيجازى بالمحبة التي هي غاية مطلوب من يتقرب بخدمته. انتهى.
وهذه القاعدة وهي أن الفرض أفضل من النفل مطلقا قد استثنى منها بعض العلماء بعض الصور، ونازع بعضهم في الاستثناء بما لا تحتمل هذه الفتوى المختصرة تفصيله، وعلى كلٍ فلا ريب في زيادة ثواب حجة الفريضة والتي هي الحجة الأولى، على ما بعدها من الحجات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(11/18551)
أجر العمرة هل يعدل الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للعمرة نفس أجر الحج بما في ذلك العفو من الله تعالى عن الكبائر التي تاب منها العبد؟ وهل أنه يرجع كيوم ولدته أمه كما في الحج؟ وما أجر العمرة في رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن ثواب العمرة لا يعدل ثواب الحج، بل الحج أفضل من العمرة قطعاً وانظر الفتويين رقم: 25525، 33293.
فالحج ركنٌ من أركان الإسلام، والعمرةُ مختلفٌ في وجوبها، ومن المعلوم الثابت في الحديث الصحيح أن التقرب بالفرائض أحب إلى الله عز وجل من التقرب بغيرها، وقد ورد من النصوص في ثواب الحج، مالم يرد مثله في ثواب العمرة، فقال صلى الله عليه وسلم: والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه. متفق عليه.
ولم يرد في فضل العمرة ما يفيدُ أن من اعتمر رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وإنما ورد ما يفيدُ تكفيرها للذنوب فحسب، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما. متفق عليه، وكقوله صلى الله عليه وسلم: أديموا الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرُ خبث الحديد. أخرجه الترمذي.
وأما الكبائرُ التي تاب العبد منها، فإن الله يغفرها للعبد بتوبته، فالتائبُ من الذنب كمن لا ذنب له. كما في الحديث الحسن الذي أخرجه ابن ماجه.
وفي تكفير الحج لكبائر الذنوب التي لم يتب العبد منها خلافٌ بين العلماء وانظر الفتويين: 23953، 26845.
وأما فضلُ العمرة في رمضان، فلا شك في أن فضلها عظيم، ويكفي في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: عمرة في رمضان تعدل حجة. وفي رواية: معي. أخرجه البخاري. وليس معنى ذلك أنها تعدل ثواب الحج من كل وجه.
وجاء في مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية أبي يعقوب الكوسج قلت: من قال: عمرة في رمضان تعدل حجة أثبت هو؟ قال: بلى، هو ثبت.
قال إسحاق: ثبت كما قال، ومعناه: أن يكتب له كأجر حجة، ولا يلحق بالحاج أبد. انتهى.
قال إسحاق بن راهوية: معنى هذا الحديث – يعني حديث: عمرة في رمضان تعدل حجة - مثل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قرأ: قل هو الله أحد فقد قرأ ثلث القرآن. انتهى.
وحملَ بعض العلماء هذا الحديث على الخصوصية بتلك المرأة، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، قال رحمه الله:
معلوم أن مراده: أن عمرتك فى رمضان تعدل حجة معي، فإنها كانت قد أرادت الحج معه، فتعذر ذلك عليها، فأخبرها بما يقوم مقام ذلك، وهكذا من كان بمنزلتها من الصحابة، ولا يقول عاقل ما يظنه بعض الجهال أن عمرة الواحد منا من الميقات أو من مكة تعدل حجة معه، فإنه من المعلوم بالاضطرار أن الحج التام أفضل من عمرة رمضان، والواحد منا لو حج الحج المفروض لم يكن كالحج معه، فكيف بعمرة!! وغاية ما يحصله الحديث أن تكون عمرة أحدنا في رمضان من الميقات بمنزلة حجة. انتهى من مجموع الفتاوى.
وانظر الفتويين رقم: 33293، 54394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(11/18552)
هل الحج يكفر الذنوب كلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الحج يكفر كل ما قبله من الذنوب بحيث مثلا تارك الصلاة يبدأ صفحة جديدة، ولأن الحديث يقول حج مبرور ليس له جزاء الا الجنة. وفي حديث آخر يرجع كما ولدته أمه. أي لا شيء عليه، معني هذا أنه مغفور له، كل شيء مثل الحديث الذي قاله في أهل بدر يقول عنهم النبي "صلى الله عليه وسلم":" لعل الله نظر إلى أهل بدر فقال افعلوا ما شئتم فإنّي قد غفرت لكم"
وأيضا روى ابن عبد البر بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، وكادت الشمس أن تؤوب، فقال: (يا بلال أنصت لي الناس) فقام بلال، فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصت الناس، فقال: (معاشر الناس، أتاني جبريل آنفًا، فاقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله غفر لأهل عرفات وأهل المشعر، وضمن عنهم التبعات) فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، هذا لنا خاص، فقال: (هذا لكم، ولمن أتى بعدكم إلى يوم القيامة) فقال عمر رضي الله عنه: كثر خير الله وطاب. ما معني التبعات؟
وفي مصنف عبد الرزاق من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، في حديث الرجلين اللَّذين جاءا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسألانه عن أمر دينهم، وكان من جوابه لهما: (وأما وقوفك بعرفة، فإن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاؤوا شعثًا غبرًا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي، ولم يروني، فكيف لو رأوني، فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبًا، غسلها الله عنك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن الحج إنما يكفر الصغائر، وأمّا الكبائر فتحتاج إلى توبة خاصة، فإن الصلاة وهي أعظم من الحج لا تكفر إلا الصغائر بنص الحديث الثابت في الصحيح: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر.
ومن العلماء من قال إن الحج يكفر الصغائر والكبائر لظواهر الأحاديث، ومعنى تكفيرها أن إثمها يسقط عنه لا أن المطالبة بقضائها تسقط، فمن حج ولم يكن يصلي لزمه قضاء ما تركه من الصلوات عند الجماهير، وإن أثر الحج في إسقاط إثمها. وقد فصلنا هذه المسألة وأقوال العلماء فيها وأدلتهم في الفتوى رقم: 24433، والفتوى رقم: 13780. وأما مع التوبة النصوح فلا شك في أن الحج يكفر جميع الذنوب وانظر الفتوى رقم: 4019.
وأما معنى التبعات فمدار كلام الشراح على أن المراد بها المظالم التي بين العباد. ثم إن في صحة هذا الحديث خلافا، وأكثر العلماء على أن الحج لا يكفر المظالم، بل لا بد من التوبة المستلزمة توفية الحق إلى صاحبه أو يكون القصاص يوم القيامة.
وقد تكلم الشيخ علي القاري في مرقاة المفاتيح على هذه المسألة كلاما نفيسا ونحن نسوقه بحروفه، قال رحمه الله: ورواه أبو يعلى بسند فيه ضعيف بلفظ إن الله يطول على أهل عرفات يباهي بهم الملائكة يقول يا ملائكتي انظروا إلى عبادي شعثا غبرا أقبلوا إلي من كل فج عميق فأشهدكم أني قد أجبت دعاءهم ووهبت مسيئهم لمحسنهم وأعطيت محسنهم جميع ما سألوني غير التبعات التي بينهم فإذا أفاض القوم إلى جمع ووقفوا وعادوا في الرغبة والطلب إلى الله فيقول يا ملائكتي عبادي وقفوا وعادوا في الرغبة والطلب فأشهدكم أني قد أجبت دعاءهم وشفعت رغبتهم ووهبت مسيئهم لمحسنهم وأعطيت جميع ما سألوني وتحملت عنهم التبعات التي بينهم. ورواه الخطيب في المتفق والمفترق. قال بعض: وإذا تأملت ذلك كله علمت أنه ليس في هذه الأحاديث ما يصلح متمسكا لمن زعم أن الحج يكفر التبعات لأن الحديث ضعيف بل ذهب ابن الجوزي إلى أنه موضوع، وبين ذلك على أنه ليس نصا في المدعي لاحتماله، ومن ثم قال البيهقي يحتمل أن تكون الإجابة إلى المغفرة بعد أن يذيقهم شيئا من العذاب دون ما يستحقه فيكون الخبر خاصا في وقت دون وقت يعني ففائدة الحج حينئذ التخفيف من عذاب التبعات في بعض الأوقات دون النجاة بالكلية، ويحتمل أن يكون عاما، ونص الكتاب يدل على أنه مفوض إلى مشيئته تعالى، وحاصل هذا الأخير أنه بفرض عمومه محمول على أن تحمله تعالى التبعات من قبيل ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وهذا لا تكفير فيه، وإنما يكون فاعله تحت المشيئة، فشتان ما بين الحكم بتكفير الذنب وتوقفه على المشيئة؛ ولذا قال البيهقي: فلا ينبغي لمسلم أن يغر نفسه بأن الحج يكفر التبعات فإن المعصية شؤم وخلاف الجبار في أوامره ونواهيه عظيم، وأحدنا لا يصبر على حمى يوم أو وجع ساعة فكيف بصبره على عقاب شديد وعذاب أليم لا يعلم وقت نهايته إلا الله. وإن كان قد ورد خبر الصادق بنهايته دون بيان غايته متى كان مؤمنا، وهذا لا ينافي قول ابن المنذر فيمن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، إن هذا عام يرجى أن يغفر له جميع ذنوبه صغائرها وكبائرها، وإنما الكلام في الوعد الذي لا يخلف وقد ألف في هذه المسألة شيخ الإسلام العسقلاني رحمه الله الباري تأليفا سماه قوت الحجاج في عموم المغفرة للحاج رد فيه قول ابن الجوزي رحمه الله أن الحديث موضوع بأنه جاء من رواية جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وإنما غايته أنه ضعيف ويعضد بكثرة طرقه، وقد أخرج أبو داود في سننه طرفا منه وسكت عليه فهو صالح عنده وأخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي رحمه الله في الأحاديث المختارة مما ليس في الحديثين وقال البيهقي له شواهد كثيرة، فإن صح شواهده ففيه الحجة، فإن لم يصح فقد قال تعالى ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وظلم بعضهم بعضا دون الشرك. اهـ. ولا يخفى أن الأحاديث الصحيحة الصريحة لا تكون إلا ظنية فما بالك بالأحاديث الضعيفة ولا شك أن المسائل الاعتقادية لا تثبت إلا بالأدلة القطعية رواية ودراية نعم يغلب على الظن رجاء عموم المغفرة لمن حج حجا مبرورا وسعيا مشكورا وأين من يجزم بذلك في نفسه أو غيره وإن كان عالما أو صالحا في علو مقامه فمن المعلوم أن غير المعصوم يجب أن يكون بين الخوف والرجاء فنسأل الله حسن الخاتمة المقرونة بقبول التوبة وحسن العمل الموجب للمثوبة من غير سبق العقوبة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1430(11/18553)
مسائل حول السعي وطواف الوداع والرمي والصلاة بمنى
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي استفسارات كلها عن الحج
هل يوجد سعي تطوع مثل الطواف؟ 1-
2- هل يجوز الشراء من مكة بعد طواف الوداع؟
3- هل الصلاة في منى أيام التشريق قصر أم كاملة؟
4- هل رمي جمرة العقبة لابد أن يكون عند الزوال أم يمكن بعد الفجر مباشرة؟
5- إذا اقرن طواف الوداع مع طواف الإفاضة يليه سعي الحج مع العلم أن طواف الوداع لا بد أن يكون آخر العهد بالبيت؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم التطوع بالسعي المطلق وأنه لا يجوز في الفتوى رقم: 14128، وبينا حكم الشراء بعد طواف الوداع في الفتوى رقم: 58827، وذكرنا هناك ما حاصله أن تأخره إن كان لشراء ما يلزمه من زاد السفر فطوافه للوداع صحيح، وأما إن كان لشراء متاع آخر مما لا تعلق له بسفره فإن فعل ذلك فعليه إعادة الطواف.
وبينا في الفتوى رقم: 13565، أن الحاج إن كان من غير أهل منى فإنه يصلي فيها قصرا، وهذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، وقد أنكر الصحابة رضي الله عنهم على عثمان رضي الله عنه حين أتم بمنى وكان متأولا.
وأما جمرة العقبة وهي التي ترمى يوم النحر فإن وقت رميها يبدأ بانتصاف ليلة العيد كما هو مذهب الشافعية والحنابلة، ويرى بعض أهل العلم أن وقتها يبدأ بطلوع الشمس من يوم النحر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لابن عباس رضي الله عنهما: أبني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم.
ورخص الجمهور للضعفة في الرمي قبل الفجر للعذر، وجوز بعض أهل العلم رمي الجمرة بعد الفجر ولو بلا عذر، وانظر الفتوى رقم: 7364، ويمتد وقت رميها إلى غروب الشمس.
وقد بينا في الفتوى رقم: 80482، أن وقوع السعي بعد طواف الإفاضة الذي أغنى عن الوداع لا يمنع إجزاءه عن الوداع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1430(11/18554)
شكت أنها أحرمت بالحج ولم تقصر بعد عمرة التمتع
[السُّؤَالُ]
ـ[أكرمني الله بالحج هذه السنة بعد طول انتظار فنويت الحج بالتمتع، ولكن ما يقلقلني أني عندما تحللت من الحج بتقصير شعري شككت بأني لم أقصر عندما تحللت من العمرة فسألت مرشدنا الديني واعتبر أنني ارتكبت محظورا من محظورات الإحرام عندما قلمت أظافري قبل الإحرام للحج فطلب مني إطعام ستة مساكين ففعلت،
ولكن عندما عدت إلى بلدي أخذت أبحث في الفتاوى بهذا الشأن فرأيت آراء متعددة أبسطها أن لا شيء علي إلا الاستغفار وأقلقني جداً أن بعض الآراء تعتبر أنه إما العمرة أو الحج لغو لأنني لم أتحلل من الإحرام الأول، أرجو رجاء حاراً أن تخبرونا هل حجي صحيح أم لغو حيث إننا لم نحصل على الموافقة إلا بصعوبة بالغة، ومرة واحدة في العمر ونقسم بالله أنه لم يسبق لنا الحج وأنا مستعدة لعمل أي شيء مع العلم أني كل سنة أحضر لتأدية العمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشك في العمل بعد تمامه لا يؤثر على صحته، قال في المغني: فصل: إذا شك في الطهارة، وهو في الطواف لم يصح طوافه ذلك لأنه شك في شرط العبادة قبل الفراغ منها فأشبه ما لو شك في الطهارة في الصلاة وهو فيها.
وإن شك بعد الفراغ منه لم يلزمه شيء، لأن الشك في شرط العبادة بعد فراغها لا يؤثر فيها.... وإن شك في ذلك بعد فراغه من الطواف لم يلتفت إليه كما لو شك في عدد الركعات بعد فراغ الصلاة. انتهى.
وقال في المنثور في القواعد الفقهية: الثاني: ما فيه خلاف والأصح تقديم الظاهر فمنه: لو شك بعد الصلاة في ترك فرض منها لم يؤثر على المشهور لأن الظاهر جريانها على الصحة، وإن كان الأصل عدم إتيانه به وكذا حكم غيرها من العبادات كالوضوء والصوم والحج. انتهى.
وبناء عليه فلا شيء على الأخت من هذا الشك وعمرتها وحجها صحيحان لأن الشك بعد الفراغ من العبادة غير مؤثر.
وعلى فرض كون الأمر ليس شكا بل هو يقين وأنها أحرمت بالحج قبل التحلل من العمرة، ففي المسألة خلاف فمن أهل العلم من يرى عدم صحة إدخال الحج على العمرة بعد الشروع في طوافها، ومنهم من فصل كما فعل فقهاء المالكية، فقد جاء في الموسوعة الفقهية في بيان مذهب المالكية: إرداف الحج على العمرة بعد السعي للعمرة قبل الحلق لا يجوز الإقدام عليه ابتداء لأنه يستلزم تأخير الحلق، فإن أقدم على إرداف الإحرام في هذا الحال فإن إحرامه صحيح، وهذا حج مستأنف ... ثم قالوا: ويلزمه هدي لتأخير حلق العمرة الذي وجب عليه بسبب إحرامه بعد الطواف..
ومذهب الشافعية والحنابلة أنه لا يصح إدخال الحج على العمرة بعد الطواف ... وبعد السعي لا يصح من باب أولى. إلا الحنابلة استثنوا من كان معه هدي فقالوا يصح إدخال الحج على العمرة ممن معه هدي ولو بعد سعيها بل يلزمه كما يأتي، لأنه مضطر إليه لقوله تعالى: وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ. انتهي.
والذي نرى هو أن حج الأخت صحيح وعمرتها كذلك، وهذا مذهب المالكية، ولكن يجب عليها فدية لما ارتكبته من محظورات الإحرام مثل قص الأظافر، وقد فعلت، ودم بسبب تأخير حلق العمرة، هذا كله على فرض تيقنها ترك التقصير في العمرة، أما إن كان شكا فقد بينا حكمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1430(11/18555)
التقصير أفضل من الحلق عند التحلل من عمرة التمتع
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يكون التقصير في حق الرجل أفضل من الحلق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الحلق أفضل من التقصير، وقد بينا ذلك بدليله في الفتوى رقم: 30892، ولا يكون التقصير أفضل من الحلق إلا في حق المتمتع بعد فراغه من عمرته، فإن المشروع له أن يحل منها بالتقصير ليجعل الحلق عند التحلل من الحج.
قال أبو محمد بن قدامه في المغني: وقول الخرقي: (قصر من شعره، ثم قد حل) . يدل على أن المستحب في حق المتمتع عند حله من عمرته التقصير، ليكون الحلق للحج. قال أحمد في رواية أبي داود: ويعجبني إذا دخل متمتعا أن يقصر، ليكون الحلق للحج.. ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلا بالتقصير، فقال في حديث جابر: أحلوا من إحرامكم بطواف بين الصفا والمروة وقصروا، وفي صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم: فحل الناس كلهم، وقصروا، وفي حديث ابن عمر أنه قال: من لم يكن معه هدي فليطف بالبيت وبين الصفا والمروة، وليقصر، وليحلل. متفق عليه. وإن حلق جاز، لأنه أحد النسكين، فجاز فيه كل واحد منهما. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1429(11/18556)
هل يحج مع كون زوجته رفعت عليه قضية خلع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحل الحج للزوج في الفترة التي رفعت الزوجة فيها قضية خلع، علما أنه سيترك مبلغا لها وللأولاد، فما حكم الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحج من رفعت عليه زوجته قضية خُلع صحيح جائز بلا إشكال ولا شبهة إذا ترك لها ولأولادها الذين تلزمه نفقتهم النفقات التي تكفيهم مدة غيبته، وهي إذا قضي لها بالخلع فإنها ستدفع ما بذله من صداق، أو ما يتراضيان عليه، وإن لم يقض لها بالخلع فهي باقية في عصمته، ولذا فلا مانع من حجه والحال هذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1429(11/18557)
فعل المعصية بعد الحج هل يؤثر على صحته
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بالحج العام الماضي وبعد الحج وقعت فيما يغضب الله من مشاهدة أفلام إباحية على النت نتيجة لضعفي ونتيجة استدراج الشيطان لي وقد توقفت تماما الآن ولي أخ متوفى أريد أن أحج عنه فهل أعيد حجي ثانية ثم أحج عن أخي أم أحج عن أخي مباشرة؟
وهل وقوع الإنسان بعد الحج في المعاصي معناه أن الحج لم يقبل؟ حيث إنني قمت بالحج وأنا مطلق أحس أنه كان ينبغي علي الزواج أولا قبل أن أحج وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تجب عليك التوبة إلى الله تعالى من مشاهدة الأفلام الهابطة، غيرأن الوقوع في تلك المحرمات بعد انتهاء الحج لا يؤثر على صحته، وبالتالي فلا تطالب بإعادته لهذا السبب. ولك أن تحج نيابة عن أخيك المتوفى كما أن مجرد ارتكاب تلك المخالفات ليس دليلا على أن الحج غير مقبول إذا توفرت فيه شروط القبول، وإنما يستدل بالاستقامة والبعد عن المعاصي بعد الحج على أنه حج مبرور.
وما ذكرت من أنه كان ينبغي أن تتزوج قبل الحج، فإن كنت تخاف على نفسك الوقوع في المحرمات كان عليك تقديم الزواج، وإن لم تخف من ذلك بأن كانت الشهوة معتادة كان ما قمت به من تقديم الحج هو الصواب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان على السائل أن يبتعد عن المعاصي ويستمر في طاعة الله تعالى بعد أن من الله عليه بأداء فريضة الحج.
فقد صح عن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم قوله: من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه. رواه البخاري.
وحيث إنه ضعف واستدرجه الشيطان إلى النظر إلى ما حرم الله النظر إليه فعليه أن يتوب إلى الله تعالى من ذلك، توبة صادقة ويعزم على ألا يعود لمشاهدة تلك الأفلام الهابطة، إلا أن الوقوع في المحرمات بعد انتهاء الحج لا يؤثر على صحته، وبالتالي فلا يطالب بإعادته لهذا السبب. وله أن يحج نيابة عن أخيه المتوفى كما أن ارتكابه لتلك المخالفات ليس دليلا على أن الحج غير مقبول إذا توفرت فيه شروط القبول، وإذا وفق الإنسان للاستقامة بعد الحج وكانت حاله بعده خيراً من حاله قبله كان ذلك دليلاً على أن حجه مبرور، كما قال بعض العلماء.
وما ذكر الأخ السائل من أنه كان ينبغي أن يتزوج أولا ثم يحج، فإن كان يخاف على نفسه الوقوع في المحرمات كان عليه أن يتزوج أولا ثم يحج، وإن لم يخف من ذلك بأن كانت شهوته معتادة كان ما قام به من تقديم الحج هو الصواب.
قال ابن قدامة في المغني: وإن احتاج إلى النكاح، وخاف على نفسه العنت، قدم التزويج، لأنه واجب عليه، ولا غنى به عنه، فهو كنفقته، وإن لم يخف، قدم الحج؛ لأن النكاح تطوع، فلا يقدم على الحج الواجب. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 6617، 26411، 34374.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(11/18558)
حج من أساء إلى غيره وسافر دون أن يستسمحهم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ذهب رجل لأداء مناسك الحج ولكن هذا الرجل هناك من هو مغضب منه وأبلغ زوجته بأنه حزين من زوجها وكان من المنتظر أن يتصل هذا الرجل قبل سفره للحج حتى يستسمح من هؤلاء الناس، ولكنه لم يفعل، السؤال: فهل حج هذا الرجل صحيح رغم علمه أن هناك من هو غير مسامح على أذى صدر منه تجاه هؤلاء الناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل أدى المناسك على وجه صحيح فإن حجه صحيح ونسأل الله أن يتقبل منه، ولكنه يجدر التنبه إلى أن أهل العلم ذكروا من آداب الحج أن يتخلص الحاج قبل سفره من الحقوق ويتحلل أصحاب المظالم ويودع أهله ويتوب توبة صادقة إلى الله سبحانه وتعالى.
وينبغي للزوجة ولمن علم وجود مشاكل بين الإخوان أن يسعى في الصلح بينهم والسعي في إقناع كل منهم في ترضى الآخر فإن الإصلاح بين الناس من أفضل الأعمال، فقد قال الله تعالى: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114} ، وراجع في الفتوى رقم: 63151.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1428(11/18559)
كيفية حج المكي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من أهل مكة المكرمة, ونويت الحج لهذا العام, أرجو من سماحتكم تبيين مناسك الحج لي ولأهل مكة بشكل عام؟ بارك الله لي ولكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحج بالنسبة لأهل مكة لا يختلف عن حج غيرهم في مجمله، ومن أراد الحج من أهل مكة يشرع له أن يحرم في اليوم الثامن من بيته ويمشي ملبياً إلى منى، ويبيت بها ثم ينطلق في اليوم التاسع إلى عرفة فيقف بها ويكثر الدعاء حتى تغرب الشمس، ثم يرجع للمزدلفة ويبيت بها حتى يصلي الفجر، ثم يشتغل بالذكر والدعاء حتى يقرب طلوع الشمس، ثم يمشي إلى منى فيرمي جمرة العقبة بسبع حصيات ثم يحلق رأسه ثم يمشي إلى مكة فيطوف طواف الإفاضة سبعاً ويصلي ركعتي الطواف ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعاً، ثم يرجع إلى منى فيبيت بها ليلتين أو ثلاثاً ويرمي الجمرات الثلاث سبعاً سبعاً بعد الظهر وبهذا يتم حجه، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية للاطلاع على البسط في الموضوع: 14398، 13743، 2275، 28966، 61557.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1428(11/18560)
هل تقدم الحج أم تبني دارا للأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد منحت زوجتي مبلغا لتحج به فقالت سأبني به بيتاً للأيتام، فما رأي الدين أيهما أفضل وكلاهما خير؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من لم يؤد فريضة الحج وقبل هبة مال لذلك وجب عليه الحج لأنه واجب على الفور عند أكثر أهل العلم، وإن كان قد أدى فريضة الحج وكان هناك أيتام يحتاجون لمسكن فالأفضل صرف المال في توفير مسكن لهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت زوجتك قبلت المال المذكور ولم تكن أدت فريضة الحج، فالواجب عليها تقديم الحج إذا كانت مستطيعة بدنياً عليه لأنه واجب على الفور عند أكثر العلماء كما في الفتوى رقم: 6546.
وإن كانت قد أدت فريضة الحج ووُجد أيتام يحتاجون لمسكن فمن الأفضل صرف المال المذكور في توفير مسكن لهم نظراً لشدة الحاجة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 39969.
فإن أمكن أن يوفر لهم المسكن بالكراء وأداء الحج فهذا أفضل لأنه جمع بين المصلحتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1428(11/18561)
هل يبطل الحج بمشاهدة الفنوات الفضائية
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي حاج ويشاهد القنوات الفضائية أحياناً مثل روتانا سينما فهل يبطل حجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحج لا يبطله نظر القنوات، وراجعي في السعي في هداية الوالد الفتاوى ذات الأرقام التالية: 93857، 68751، 78760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(11/18562)
تسوق الحاج قبل إتمام نسكه
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد:هل صحيح ما يقولون أنه أثناء الإقامة بمكة المكرمة في موسم الحج أي قبل إتمام المناسك غير مسموح للحاج بالذهاب إلى المحلات للقيام بمشترياته الضرورية وغير الضرورية. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول بأن الحاج ممنوع من التسوق قبل إتمام النسك لا يصلح، ويجوز للحاج أن يذهب للسوق قبل إتمام النسك وبعد إتمام النسك لقول الله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ {البقرة: من الآية198} إلا أنه يلزم الحاج أن يجعل طوافه للوداع آخر ما يقوم به في مكة بحيث إذا طاف الوداع فإنه يسافر، ولا يتأخر لشراء بعض الأغراض، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت أي الطواف. رواه البخاري ومسلم.
وانظر الفتوى رقم: 20020، والفتوى رقم: 22923، والفتوى رقم: 58827.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1428(11/18563)
حجة الوداع لرسول الله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد بحثت كثيرا ولمدة 9 سنوات عن حجة الوداع للرسول صلى الله عليه وسلم، ولم أجدها كاملة بل أجد أجزاء منها فجزاك الله ألف خير إن كنت تعلم عنها شيئا، وفي حال وجودها كاملة أتمنى أن ترسلها بالايميل.
وجزاك الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتاب حجة النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله متوفر على موقعه على هذا الرابط: http://www.alalbany.info/forumdisplay.php?f=1
وقد جمع كافة الطرق الوردة لحديث جابر الذي تناول حجة الوداع، فراجعه ففيه الكفاية إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1427(11/18564)
حج الحائض إذا طافت للإفاضة وهي على طهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة في العقد السادس من عمري، كنت قد أديت فريضة الحج وأنا عمري عشرون عاما مع أخي وأبي وقبل وصولنا إلى الديار المقدسة أتتني الدورة الشهرية، فخجلت إخبار أي أحد بالموضوع وعملت جميع فروض الحج بلا استثناء وأنا غير طاهرة من صلاه وطواف ووقوف بعرفة....الخ باستثناء أنني تطهرت قبل طواف الإفاضة وهو العمل الوحيد الذي أديته وأنا على طهارة، ولم أخبر أحدا بهذا وعدنا أدراجنا إلى ديارنا
ألان أنا مقيمة بالمملكة الأردنية الهاشمية وأرغب بأداء فريضة الحج ولكن وزارة الأوقاف لدينا تشترط حلف يمين بعدم أداء الحج سابقا (على أي شخص يرغب بأداء الحج أن يحلف يمين أنه لم يحج سابقا وهذا لإعطاء الناس الذين لم يحجوا فرصة للحج)
مما سبق أرغب بمعرفة هل سقط عني الفرض أثناء الحجة الأولي، وفي حال أن الحجة غير صحيحة هل يجوز لي حلف يمين أنني لم أحج على اعتبار أن الحجة غير صحيحة؟.
أفيدونا جازاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكونك حائضا ليس ذلك بمانع لك من الإحرام بالحج أو العمرة, فإذا كنت أحرمت بالحج متمتعة وأديت العمرة حال الحيض فعمرتك غير مجزئة وإحرامها باق, ثم إذا أدخلت عليها الإحرام بالحج فحينئذ تندرج أفعال العمرة في الحج وتكونين قد قرنت بين الحج والعمرة, فعليك دم القران وحجك صحيح إذا كنت قد أديت طواف الإفاضة على طهارة ثم سعيت بعده. وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 74502.
وبالنسبة لطواف الوداع إذا حصل أثناء الحيض فلا حرج عليك فيه لسقوطه عن الحائض. وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 3398.
وبالتالي فحجك صحيح في هذه الحالة, ولا يجوز لك الحلف على أنك لم تحجي من قبل.
وإذا كنت أحرمت بالحج مفردة أوقارنة وطفت طواف القدوم حائضا ثم سعيت بعده فهذا السعي غير مجزئ لكونه وقع بعد طواف غير صحيح والسعي الواقع بعد طواف صحيح ركن من أركان الحج لا يصح بدونه، وفى هذه الحالة فأنت باقية على إحرامك بالحج في الجملة حتى تتحللي التحلل الأكبر فكفي عن الاتصال بزوجك حتى ترجعي إلى مكة وتقومي بالسعي وراجعي الفتوى رقم: 22527.
وهنا يجوز لك الحلف على أنك لم تحجي بعد.
وللفائدة راجعى الفتوى رقم: 66212، في بيان ما يحمد من الحياء وما يذم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1427(11/18565)
حج من نسكت المناسك كلها وهي حائض إلا طواف الإفاضة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة في العقد السادس من عمري، كنت قد أديت فريضة الحج وأنا عمري خمسة وعشرون عاما مع أخي وأبي وقبل وصولنا إلى الديار المقدسة أتتني الدورة الشهرية، فخجلت إخبار أي أحد بالموضوع وعملت جميع فروض الحج بلا استثناء من صلاه وطواف ووقوف بعرفة....الخ باستثناء أنني تطهرت قبل طواف الإفاضة وهو العمل الوحيد الذي أديته وأنا على طهارة، ولم أخبر أحدا بهذا وعدنا أدراجنا إلى ديارنا الآن أنا مقيمة بالمملكة الأردنية الهاشمية وأرغب بأداء فريضة الحج ولكن وزارة الأوقاف لدينا تشترط حلف يمين بعدم أداء الحج سابقا (على أي شخص يرغب بأداء الحج أن يحلف يمين أنه لم يحج سابقا وهذا لإعطاء الناس الذين لم يحجوا فرصة للحج) مما سبق أرغب بمعرفة هل سقط عني الفرض أثناء الحجة الأولي، وفي حال أن الحجة غير صحيحة هل يجوز لي حلف اليمين أنني لم أحج على اعتبار أن الحجة غير صحيحة؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الجواب في الفتوى رقم: 75364، فيرجى الاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1427(11/18566)
الحج وزيارة الأهل
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن تعينوني بنصحكم جزاكم الله خيرا على ضوء الشرع:
إني أقطن في كندا وأزور عادة أهلي في الجزائر كل عامين تقريبا وأريد أن أحج هذه السنة إن شاء الله تعالى ولكني إن حججت لا أقدر أن أزور والدي هذه السنة علما أني لم أحج في حياتي قط فما هي الأولوية حسب الشرع، بالنسبة لزوجتي سأخيرها كذلك على أن تصطحبني أو تزور أهلها فما رأيكم لو فضلت أن تزور أهلها علما أن فرصة الحج قد لا تتكرر أبدا؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحج واجب على المسلم المكلف العاقل إذا توفرت لديه الاستطاعة على أدائه قال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا {آل عمران:97} وهذه الاستطاعة تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 12664، والفتوى رقم: 22472، وبناء على مذهب جمهور أهل العلم فإن الحج واجب على الفور لا على التراخي كما تقدم في الفتوى رقم: 28625، وبالتالي فيجب على السائل الكريم إذا توفرت لديه الاستطاعة أن يقدم الحج على زيارة أهله خصوصا ما دامت الفرصة المتاحة للحج قد لا تتكرر، فلا يدري ما قد يطرأ عليه من عجز أو مرض أو غير ذلك من الموانع، وبإمكانه تأجيل زيارته لبلده إلى أقرب فرصة ممكنة. وراجع الفتوى رقم: 66680.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(11/18567)
سبب تسمية سورة الحج وذكر السنة التي فرض فيها الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[متى نزلت سورة الحج، ومتى تم التكليف بالحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففريضة الحج لم يأت وجوبها فى سورة الحج، بل أظهر الأقوال أنه قد جاء فى قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا {آل عمران: 97} ، وتاريخ فرض الحج فيه اختلاف بين أهل العلم، وقد فصل القول في ذلك ابن عاشور في التحرير والتنوير عند تفسير الآية السابقة حيث قال: ويتجه أن تكون هذه الآية هي التي فرض بها الحج على المسلمين، وقد استدل بها علماؤنا على فرضية الحج، فما كان يقع من حج النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين قبل نزولها، فإنما كان تقربا إلى الله، واستصحابا للحنفية. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حج مرتين بمكة قبل الهجرة ووقف مع الناس، فأما إيجاب الحج في الشريعة الإسلامية فلا دليل على وقوعه إلا هذه الآية، وقد تمالأ علماء الإسلام على الاستدلال بها على وجوب الحج، فلا يعد ما وقع من الحج قبل نزولها وبعد البعثة إلا تحنثا وتقربا، وقد صح أنها نزلت سنة ثلاث من الهجرة، عقب غزوة أحد، فيكون الحج فرض يومئذ. وذكر القرطبي الاختلاف في وقت فرضية الحج على ثلاثة أقوال فقيل: سنة خمس، وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة تسع، ولم يعز الأقوال إلى أصحابها، سوى أنه ذكر عن ابن هشام، عن أبي عبيد الواقدي أنه فرض عام الخندق، بعد انصراف الأحزاب، وكان انصرافهم آخر سنة خمس. قال ابن إسحاق: وولي تلك الحجة المشركون. وفي مقدمات ابن رشد ما يقتضي أن الشافعي يقول: إن الحج وجب سنة تسع، وأظهر من هذه الأقوال قول رابع تمالأ عليه الفقهاء وهو أن دليل وجوب الحج قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. وقد استدل الشافعي بها على أن وجوبه على التراخي، فيكون وجوبه على المسلمين قد تقرر سنة ثلاث، وأصبح المسلمون منذ يومئذ محصرين عن أداء هذه الفريضة إلى أن فتح الله مكة ووقعت حجة سنة تسع. انتهى
وسبب تسمية سورة الحج بهذا الاسم ذكره ابن عاشور أيضا بقوله: ووجه تسميتها سورة الحج أن الله ذكر فيها كيف أمر إبراهيم عليه السلام بالدعوة إلى حج البيت الحرام، وذكر ما شرع للناس يومئذ من النسك تنويها بالحج وما فيه من فضائل ومنافع، وتقريعا للذين يصدون المؤمنين عن المسجد الحرام وإن كان نزولها قبل أن يفرض الحج على المسلمين بالاتفاق، وإنما فرض الحج بالآيات التي في سورة البقرة وفي سورة آل عمران.
إلى أن قال: وقال الجمهور هذه السورة بعضها مكي وبعضها مدني وهي مختلطة، أي لا يعرف المكي بعينه، والمدني بعينه. قال ابن عطية: وهو الأصح. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(11/18568)
خروج المعتدة من وفاة لأداء فريضة الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في امرأة توفي زوجها وكانت تنوي الحج قبل وفاة زوجها، فلما توفي ذهبت إلى الحج وقد مر على وفاة زوجها 20يوما فقط
فهل حجها صحيح وكذلك عدتها؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة المعتدة أن تخرج من بيتها إلى الحج قبل تمام عدتها لأنها مأمورة بعدم الخروج من بيتها أثناء عدتها، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 12622، ولكن لو خرجت للحج وهي في العدة فهي آثمة إن كانت تعلم بحرمة خروجها، وإلا فلا إثم عليها وحجها صحيح في الحالين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1427(11/18569)
الوقوف بجبل قزح يوم النحر
[السُّؤَالُ]
ـ[في أي مشعر وقف النبي (صلى الله علية وسلم) بجبل قزح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فالثابت عن النبي صلى عليه وسلم أنه وقف بالمزدلفة عند المشعر الحرام وهو جبل بالمزدلفة يسمي قزح قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: وأما المشعر الحرام فبفتح الميم هذا هو الصحيح وبه جاء القرآن وتظاهرت به روايات الحديث، ويقال أيضا بكسر الميم والمراد به هنا قُزَح ـ بضم القاف وفتح الزاي وبحاء مهملة ـ وهو جبل معروف في المزدلفة، وهذا الحديث حجة الفقهاء في أن المشعر الحرام هو قزح. وقال جماهير المفسرين وأهل السير والحديث المشعر الحرام جميع المزدلفة. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى:
وَالسُّنَّةُ أَنْ يَبِيتَ بمزدلفة إلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَيُصَلِّيَ بِهَا الْفَجْرَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ يَقِفُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَام إلَى أَنْ يُسْفِرَ جِدًّا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الضَّعَفَةِ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَنَحْوِهِمْ فَإِنَّهُ يَتَعَجَّلُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنَى إذَا غَابَ الْقَمَرُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْقُوَّةِ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ مُزْدَلِفَةَ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَيُصَلُّوا بِهَا الْفَجْرَ وَيَقِفُوا بِهَا وَمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ لَكِنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ قُزَحَ أَفْضَلُ وَهُوَ جَبَلُ الميقدة وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ النَّاسُ الْيَوْمَ. وَقَدْ بُنِيَ عَلَيْهِ بِنَاءٌ وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَخُصُّهُ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ بِاسْمِ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ. انتهى
وعليه فمن السنة الوقوف بالمزدلفة عند مكان جبل قزح الذي هو الآن مسجد، لكن لم نقف على دليل شرعي يحدد مكانا خاصا من الجبل وقف فيه رسول الله صلي عليه وسلم فالأمر في ذلك واسع، ومزدلفة كلها موقف، لكن الأفضل الوقوف عند الجبل المذكور
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(11/18570)
هل يعد متمتعا إذا سافر إلى الطائف بعد العمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لو أديت عمرة فى شهر ذي القعدة ثم كتب لي الحج وأديت فريضته هل يلزمني دفع فدية أو هدي أم لا علاقة بين العمرة فى ذي القعدة وأداء الحج، مع العلم بأني مقيم للعمل فى الطائف وأذهب للعمرة بنية العمرة ثم أعود لعملي مرة ثانية وقد يتيسر لي الحج حسب ظروف العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل رجع إلى الطائف بعد أداء العمرة في أشهر الحج ومنها ذو القعدة ثم أحرم بالحج من الميقات فإنه لا دم عليه، لأنه لم يكن متمتعاً، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 57135، والفتوى رقم: 69788.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(11/18571)
الطواف والسعي والوقوف بعرفة طائرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قضاء مناسك الحج بالطائرة مثل الطواف حول الكعبة ورمي الجمرات وذلك لظروف أمنية (أي للملوك والرؤساء؟
وجزاكم الله خيراُ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح الطواف ولا السعي ولا الوقوف بعرفة طائراً، قال البجيرمي رحمه الله في تحفة الحبيب: إذا ركب على طير طائر في هواء عرفات أو ركب على السحاب فلا يكفي فليس لهوائها حكمها، فلو طار فيه لم يجزه، وكذلك لو سعى طائراً أو طاف طائراً فإنه لا يعتد بهم ا، وبعضهم فرق بين الطواف والسعي فمنع الأول وأجاز الثاني، وأما الرمي فلم نقف على نص لأهل العلم يجيزه أو يمنعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(11/18572)
أحكام تتعلق بكيفية الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تعذرني على الإطالة ولكني أريد أن أعرف الأخطاء التي وقعت بها وأيضا نواحي القصور وذلك حتى أتجنبها إذا أراد الله لي الحج مرة أخري
- لقد قمت بلبس الإحرام من المنزل ثم توجهت إلى مطار الدمام حيث يتم تجميع حجاج الحملة التي اشتركت بها بالمطار ثم صليت الظهر والعصر قصرا وجمعا ثم ركبنا الطائرة لتوصلنا إلى مطار الطائف وهناك أحرم باقي الإخوة ثم ركبنا باصات للتوجة إلى مكة وقبل الميقات أخبرنا المسئولين عن الحملة أننا لن ندخل إلى الميقات أو نتوقف به ولكننا عندما نمر بموازاته يمكن أن نحرم وبالفعل عندما أخبرونا بأننا بمحاذاة الميقات قمنا بالإحرام فهل كان يجب الدخول إلى الميقات؟ ثم توجهنا إلى المخيمات الموجودة بمنى حيث تناولنا وجبة العشاء ثم توجهنا بعد ذلك إلى الحرم لعمل طواف القدوم وكذلك السعي حيث إنني متمتع وفي طواف القدوم لم أشر إلى الركن اليماني بيدي في أي شوط من أشواط الطواف حيث إني كنت أشير فقط إلى الحجر الأسود وكذلك في أحد الأشواط ومع الزحام الشديد نسيت أن أذكر الدعاء ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة بين الركن والحجر حيث إنني واصلت الدعاء إلى الله
- بعد الانتهاء من الطواف والسعي قمت بتقصير الشعر وذهبت إلى المخيم مرة أخري حيث لبست الملابس العادية ونمت وكان ذلك يوم السابع
- في يوم الثامن وبعد صلاة الظهر قمت بالاغتسال ولبس الإحرام مرة أخري وأحرمت بالحج من مني وبقيت باقي اليوم بمني
- في يوم التاسع تأخرت الحملة حتى الساعة التاسعة والنصف صباحا قبل أن تنطلق إلى عرفات وقبل الانطلاق إلى عرفات خرجت من المخيم لكي آخذ الحذاء الخاص بي وكان من النوع البلاستيك والذي لا يوجد به أي خيوط لم أجده وكان عندي في الشنطة حذاء أخر من الجلد كنت ألبسه قبل الإحرام ولكن به خيوط التي عادة تكون موجودة بالعديد من الأحذية فلبست هذا الحذاء وتوجهت بعد ذلك إلى عرفات التي وصلنا إليها بعد صلاة الظهر في حوالي الساعة الثانية ظهرا فصلينا الظهر والعصر وفي عرفات كان هناك شخص مسئول في الحملة يقوم بتجميع مبلغ من الأشخاص الذين يريدون أن يذبحوا الهدي حيث إنه سوف ينوب عنهم فقمت بإعطائه المبلغ المطلوب ولكنه لم يأخذ اسمي أو أي شئ يدل على أنني قد دفعت له ثم جلسنا ندعو الله حتى صلاة المغرب ثم توجهنا بعد ذلك إلى المزدلفة ولكن ونظرا للزحام الشديد لم نصل إلى المزدلفة تقريبا حتى الساعة الثانية عشر إلا ثلث وخوفا من خروج وقت الصلاة نزلنا من الباص وقمنا بصلاة المغرب والعشاء خارج المزدلفة ورجعنا إلى الباص وعندما أدركنا أنه من الصعب أن نصل إلى المزدلفة فقمت مع بعض الشباب بالسير إلى المزدلفة التي وصلنا إليها في حوالي الساعة الثانية صباحا وبتنا بها حتى الفجر فهل أنا مقصر في أنني لم أسر إلى المزدلفة من البداية علما أن هناك بعض الشباب قد تحركوا إلى المزدلفة مباشرة بعد صلاة المغرب بدون الانتظار إلى الباص
- في اليوم العاشر وبعد صلاة الفجر في المزدلفة رجعت إلى المخيم حيث بقيت إلى صلاة الظهر ثم توجهت إلى الجمرات حيث رميت جمرة العقبة ثم توجهت إلى الحرم بمفردي وقمت بالحلق أولا ثم طواف الإفاضة ثم السعي والعودة إلى المخيم وفي المخيم قابلت الرجل الذي جمع مبالغ الهدي وسألتة عن الهدي وهل تذكرني عند ذبح الهدي فقال لي إنه قد تم ذبح جزء من الهدي أما الجزء الآخر فغدا ولم يبين لي هل ذبح نيابة عني آم لا وأنا اعتقد انه قد أعطي النقود التي معه لشخص أخر ليشتري بها الهدي بدون تحديد أسماء
- اليوم الحادي عشر بعد صلاة الفجر توجه باص من الحملة إلى الحرم ببعض الحجاج الذين لم يطوفوا طواف الإفاضة فذهبت معهم لكي أصلي صلاة الجمعة بالحرم وعندما رجعنا إلى مني كانت الشمس قد قاربت على المغيب حيث إنني كنت عند الجمرة الصغرى عند أذان المغرب فقمت برمي الجمرة الوسطي والكبرى بعد المغرب فهل أنا مقصر في ذلك؟ حيث إنني عرفت نه يجوز الرمي حتى صلاة الفجر
- اليوم الثاني عشر في هذا اليوم أيضا ذهبت إلى الحرم وقمت بأداء صلاة الظهر هناك ورجعت إلى مني عند صلاة العصر وحدثت السيول على مكة ولم أتمكن من الرمي قبل غروب الشمس حيث إن المخيم قد جرفه السيل وقد تم نقل الحجاج إلى مدرسة في العزيزية ولكني بقيت في المخيم وقمت برمي الجمرات بعد صلاة العشاء وقمت بالمبيت بمنى حيث إن الأمطار قد هدأت نوعا ما
- اليوم الثالث عشر بعد صلاة الظهر قمت برمي الجمرات ثم رجعت إلى المخيم حيث جهزت حقائبي ثم توجهت إلى الحرم المكي وصليت هناك صلاة المغرب والعشاء ثم رجعت إلى المدرسة التي تم تجميع الحجاج بها وانتظرت الى الفجر
- اليوم الرابع عشر قمت بأداء صلاة الفجر في الحرم ثم انتظرت حتى التاسعة صباحا حيث قمت بأداء طواف الوداع مع ملاحظة أنني لم أصل ركعتين بعد الطواف كما هو متبع في طواف القدوم أو الإفاضة حيث إنني بعد الطواف شربت من ماء زمزم ثم توجهت مباشرة إلى مكان الباصات حيث انتظرنا باقي الحجاج ثم توجهنا إلى الطائف بعد ذلك والعودة إلى الدمام
سيدي الجليل هذه هي المناسك كما قمت بها فأرجو إذا كانت هناك أخطاء وقعت بها أن تخبرني أو كان هناك تقصير في نسك منها وجزاك الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغالب ما ذكرته صحيح إلا بعض الأمور فإنها تحتاج إلى تنبيه وتفصيل، وهي كالتالي:
1- إذا كان مطار الدمام الذي صليت فيه الصلاة جمعا وقصرا يعتبر خارجا عن البلد الذي تقيم فيه فلا شيء عليك، وأما إذا كان متصلا ببنيان البلد فإنه يعتبر داخل البلد ولا يجوز قصر الصلاة فيه، والواجب عليك إعادة الصلاة التي صليتها فيه جمعا وقصرا.
2- السنة استلام الركن اليماني عند القدرة، وأما الإشارة إليه فلا تشرع على الراجح من أقوال أهل العلم.
3- قول (ربنا آتنا ... ) بين الركن اليماني والحجر الأسود سنة، لا شيء عليك في تركه.
4- الحذاء الذي يجوز لبسه في الإحرام هو الذي لا يغطي العقب والأصابع أو أحدهما، ولا يضر وجود خيط فيه ما دام أنه لا يغطي العقب ولا الأصابع، أما إذا غطى أحدهما فلا يجوز لبسه إلا إذا عدم الذي لا يغطى أحدهما، قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في التحفة: فالحاصل أن ما ظهر منه العقب ورءوس الأصابع يحل مطلقا لأنه كالنعلين سواء، وما يستر الأصابع فقط أو العقب فقط لا يحل إلا مع فقد الأولين.انتهى. أي لا يحل لبس ما يغطي أحدهما إلا إذا فقد النعلان اللذان لا يغطيان العقب ولا الأصابع.
5- لا يجب صلاة المغرب والعشاء في مزدلفة ولكن صلاتهما فيها أفضل، وأما المبيت فيها فواجب، ولكنه يتحقق بالتواجد فيها بعد منتصف الليل ولو وقتا يسيرا، وقد تواجدت فيها ولله الحمد.
6- عدم أخذ اسمك من قبل من وكلته بذبح الهدي لا يضر، بل يكفي أن ينوي عند ذبح الهدي أنه عن موكله ولو لم يذكر اسمه، وإذا لم ينو فهو المسؤول أمام الله تعالى.
7- الأفضل رمي الجمار أيام التشريق بعد الزوال وقبل الغروب، ويجوز رميها ليلا، ونرجو الله أن يكتب لك أجر الفضيلة ما دمت حريصا على تحصيلها، ولكن منعك من ذلك مانع.
8- صلاة ركعتين بعد الطواف سنة وليست بواجبة، فلا شيء عليك في تركها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1426(11/18573)
تكفير الحج للذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق وآخر الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم
هل يقينا كل الحجاج (أكثر من ثلاثة ملايين كل سنة) النازلين من عرفات بإذن الله مغفور لهم كل ذنوبهم
وفيه قول (أحد الدعاة الإسلاميين) أنه ما دام أعتقهم الله من النار جل جلاله مستحيل يأثرك ثاني (يدخله النار)
ما رأيكم في هذا القول (مع الإيضاح) ؟
جزاكم الله خير الجزاء دنيا وآخرة وجعلنا وإياكم من المعتقين من النار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:...... والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. وقال صلى الله عليه وسلم: من حج هذا البيت ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه. رواه البخاري ومسلم. وفي صحيح ابن حبان وغيره: وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا فيتباهى بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي شعثا غبرا ضاحين جاءوا من كل فج عميق يرجون رحمتي.....فلم ير يوم أكثر عتقا من النار من يوم عرفة.... وفي رواية: اشهدوا أني قد غفرت لهم ذنوبهم وإن كان عدد قطر السماء ...
فهذه الأحاديث وما أشبهها تدل دلالة واضحة على ان أهل عرفة مغفور لهم ولو كانوا أكثر مما ذكرت وما ذلك على الله بعزيز، فهو سبحانه وتعالى أكرم الأكرمين وواسع المغفرة ورحمته وسعت كل شيء....
وقد رجح الحافظ ابن حجر في الفتح غفران الصغائر والكبائر بالحج، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكفر الصغائر دون الكبائر، وأنه لا بد للكبائر من توبة تخصها.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 41039.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1426(11/18574)
حج تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[زميلتي في المكتب لبنانية مسلمة تعترف بأنها لا تصلي وتبرر ذلك بأنها لم تتعلم الصلاة والقرآن لأنها لم تر أحدا في عائلتها من أم وأب يصلون قط، وهي تسأل أمها ترغب بالذهاب للحج ولكنها لا ترغب بلبس الحجاب بعد العودة وهي لا تصلي ولا تصوم فهل حجها مقبول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة ركن من أركان الإسلام، وهي الفارق بين المسلم والكافر، وقد اختلف أهل العلم فيمن تركها تكاسلا فقال بعضهم بأنه كافر والعياذ بالله تعالى، وقال البعض الآخر: ترك الصلاة تكاسلا لا يكفر صاحبه به كفرا مخرجا عن الملة، ولكنه يقتل حدا لتركه لهذا الركن العظيم.
وعلى كل حال، فتارك الصلاة على خطر عظيم، لذا فانصحي زميلتك وبيني لها أهمية الصلاة وعلميها أحكامها وبيني لها أيضا أن كون الأسرة التي تربت فيها وعاشت معها لا تصلي ولا تقرأ القرآن لا يبرر لها هي ذلك؛ ترك الصلاة وانتهاج ما هي عليه من الفسق والجهل بالدين.
وأما مسألة حج من لا تصلي تكاسلا بعد علمها بحكم الصلاة ووجوبها على المسلم، فإنه تابع لحكم تارك الصلاة، فعلى القول بكفر تارك الصلاة لا يصح منها حج ولا غيره من العبادات، وعلى القول الآخر يجب عليها الحج عند توفر شروط وجوبه ولو كانت لا تصلي يجزئها عن حج الفريضة.
أما مسألة الحجاب فإنه واجب على المسلمة قبل الحج وبعده، والذي نفتي به هذه المرأة ومثلها ممن تربوا في بيئة فاسدة ويرغبون في الذهاب إلى الحج هو أن يذهبوا إلى الحج لعل الله عز وجل يرزقهم التوبة النصوح ويهديهم لطريقه المستقيم، وتراجع الفتوى رقم: 22338.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1425(11/18575)
من أخطاء الحجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[عن الأخطاء التي يرتكبها الحجاج عند حجهم؟ وشكراً جزيلاً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأخطاء التي يرتكبها الحجاج كثيرة ويعسر علينا حصرها فمنها ما هو محظور في الحج وغيره: كالمعاصي وقتل صيد الحرم وقطع شجره؛ ومنها ما هو خاص بحال الإحرام مما هو مشترك بين الرجال والنساء وهو: استعمال الطيب، وإزالة الشعور والأظافر، والجماع ومقدماته، وعقد النكاح، واصطياد صيد البر؛ ومنها ما هو خاص بالرجال وهو: لبس ما فصل على قدر العضو؛ ومنها ما هو خاص بالنساء وهو: ستر الوجه بالنقاب، ولبس القفازين. ويمكنك الدخول على البحث الموضوعي في موقعنا وستجد فيه أشياء كثيرة في هذا الباب، وراجع الفتوى رقم: 54290، والفتوى رقم: 13721.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1425(11/18576)
حج الزوج وترك الزوجة بمفردها مع طفليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مواطن ليبي مقيم في تركيا ... أرغب في الحج هذا الموسم..ولكني لا أستطيع اصطحاب زوجتي معي نظرا لظروفها الصحية..فهل يجوز تركها لوحدها مع طفلتيها ... الصغيرتين..مع العلم بوجود أصدقاء أوفياء ليبيين مقيمين بجواري ويطمئنونني بأني إذا ذهبت فلا تخشى شيئا على أسرتك..ولكنهم ليسوا محارم لزوجتي هل أستطيع الذهاب أم لا؟
وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في ذهابك للحج إذا أمكن ترك السيدة في مكان آمن تحت رعاية إخوانك الأوفياء الذين طمأنوك على رعايتها، ولكن لابد من الالتزام بالضوابط الشرعية فلا يدخل عليها أحد من الرجال على انفراد ولا يخلو بها، لما ثبت من النهي عن ذلك، كما في الصحيحين: إياكم والدخول على النساء.
وفي حديث الصحيحين: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم.
ولكن يمكن أن يزوروها مع نسائهم ويتعرفوا على حاجياتها ويأتوها بها، وإذا احتاجت للمستشفى فلا بأس أن يذهبوا بها إليه مع عدم خلوتها في السيارة مع أحدهم.
ويدل للذهاب عن الزوجة إلى الحج ما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار: ما منعك أن تحجي معنا؟ قالت: لم يكن لنا إلا ناصخان فحج أبو ولدها وابنها على ناضح وترك لنا ناضحا ننضح عليه. قال: فإذا جاء رمضان فاعتمري فإن عمرة فيه تعدل حجة.
والله نسأل أن يشفى مرضى المسلمين ويفرج كروبهم، وراجع الفتوى رقم: 41508.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(11/18577)
ما الفرق بين الحج والعمرة وأيهما يؤدى أولا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أعرف الفرق بين الحج والعمرة وأيهما يؤدى أولا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفرق بين الحج والعمرة من جهة الحكم هو أن الحج ركن من أركان الإسلام بالإجماع، وهو واجب على الفور على المستطيع، كما بينا في الفتوى رقم: 39968.
وأما العمرة فهي سنة مؤكدة أو واجبة على خلاف بين العلماء في ذلك، ولذلك راجع الفتوى رقم: 28369.
أما الفرق بينهما في الأعمال فكل منهما لا بد فيه من الإحرام وهو ركن من أركانهما وكذلك الطواف والسعي، والحلق أو التقصير، ويزيد الحج بالوقوف بعرفة ورمي الجمار، ولكيفية العمرة راجع الفتوى رقم: 3161. وتفصيل أحكامهما يوجد في كتب الفقه فالرجاء الرجوع إليها.
وإن كنت تعني بقولك وأيهما يؤدى أولاً أي بعد الوصول إلى مكة فنقول لك إن ذلك يتوقف على نية الشخص عند الإحرام فإن نوى عند الإحرام، أنه متمتع ففي هذه الحالة يعتمر أولا ثم يتحلل، فإذا جاء الحج أحرم من مكان سكنه بمكة وأدى حجه، وإن أحرم مفردا أي أحرم بالحج فقط فيؤدي حجه أولاً فإذا تم حجه خرج إلى أدنى الحل وأحرم من جديد واعتمر وإن كان أحرم قارنا بين الحج والعمرة فهنا تدخل أعمال العمرة في أعمال الحج، فإذا قدم مكة يطوف طواف القدوم ويسعى للحج والعمرة ويبقى على إحرامه إلى أن يتحلل منه يوم العيد ويلزمه الدم في هذه الحالة وفي حالة التمتع أيضاً، ولزيادة التوضيح راجع الفتوى رقم: 19788، وإن كنت تعني أيهما يسافر لأدائه أولاً فراجع الفتوى رقم: 7636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(11/18578)
الحج الأكبر والحج الأصغر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد ما يسمى الحج الأكبر؟ وإذا وجد فما هو؟ ومتى يكون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تسأل عن يوم الحج الأكبر فقد تقدم في الفتوى رقم: 31342 اختلاف العلماء في المراد بيوم الحج الأكبر، وذكر النووي في شرح صحيح مسلم عند كلامه على حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعثني أبوبكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. قال ابن شهاب: فكان حميد بن عبد الرحمن يقول يوم النحر يوم الحج الأكبر من أجل حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال النووي بعد أن ذكر الخلاف في تعيين يوم الحج الأكبر: قال العلماء وقيل الحج الأكبر للاحتراز من الحج الأصغر وهو العمرة. انتهى
قال الحافظ ابن حجر: واختلف في المراد بالحج الأصغر فالجمهور على أنه العمرة وقيل الحج الأصغر يوم عرفة والحج الأكبر يوم النحر، لأن فيه تكتمل بقية المناسك. انتهى
فإذا علمت أن المراد بالحج الأكبر هو الحج نفسه احترازاً من الحج الأصغر وهو العمرة فاعلم أنه لا يوجد حج أكبر من حج. قال في تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي: تنبيه قد اشتهر بين العوام أن يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة كان الحج حجاً أكبر ولا أصل له. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(11/18579)
النفساء لا تدخل المسجد الحرام حتى تطهر
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي وضعت وأريد اصطحابها إلى المسجد الحرام ما حكم دخولها المسجد الحرام وهي لا تزال في حالة النفاس؟
شاكرين لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من اصطحاب الزوجة الحائض أو النفساء إلى الحج أو العمرة، وفي هذه الحالة تعمل كل شيء يعمله الحاج أو المعتمر غير ألا تطوف بالبيت حتى تطهر.
فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة عندما حاضت: افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري.
وعلى ذلك، فلا يجوز لزوجتك دخول المسجد حتى تطهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(11/18580)
الاشتياق للحج من مظاهر استجابة الله لدعوة إبراهيم عليه السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متشوق للحج كثيرا، وحالتي المادية لا تسمح لي. هل من وسيلة عندكم؟ عندنا يأخذون العمال إلى الحج في المجازر الأضاحي ويأخذون من كل فرد 45000 ليرة سورية. هل هذا عدل الرجاء المساعدة؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحج لا يجب على غير المستطيع لتكاليفه؛ لقوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. {آل عمران: 97} . وأما اشتياق الناس للحج فهو أمر طبيعي وهو من مظاهر استجابة الله تعالى لدعوة إبراهيم عليه السلام لما دعا فقال: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ. {إبراهيم: 37} .
وننصحك بالدعاء وسؤال الله تعالى أن ييسر لك، وليس عندنا وسيلة ندلك عليها، ولا يمكننا الحكم على هؤلاء الذين يأخذون العمال إذ ليس عندنا اطلاع على حقيقتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(11/18581)
الحاج هل يرجع من ذنوبه كما ولدته أمه ولو كان يحج عن غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[يعود الحاج كيوم ولدته أمه، فإذا حج الرجل عن قريبه فهل يعود كلاهما كيوم ولدتهما أمهاتهما، حيث يؤجر الحاج دون أن ينقص من أجر المحجوج عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حج نيابة عن غيره كان ثواب الحج والفضلُ المترتب عليه للمحجوج عنه، ومن ذلك ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أن الحاج يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ولا ينفي هذا أن يكون للنائب أجر بإحسانه إلى أخيه، وبره به، وأدائه النسك عنه، وبما يحصلُ له من الطاعات المستقلة الخارجة عن أعمال الحج، والتي يؤديها في الحرم من صلاة وذكر وطواف وغير ذلك.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من حج أو اعتمر عن غيره بأجرة أو بدونها فثواب الحج والعمرة لمن ناب عنه، ويرجى له أيضا أجر عظيم على حسب إخلاصه ورغبته للخير، وكل من وصل إلى المسجد الحرام وأكثر فيه من نوافل العبادات وأنواع القربات فإنه يرجى له خير كثير إذا أخلص عمله لله. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين: وثواب الأعمال المتعلقة بالنسك كلها لمن وكله، أما مضاعفة الأجر بالصلاة والطواف الذي يتطوع به خارجا عن النسك وقراءة القرآن لمن حج لا للموكل. انتهى.
وقال بعض العلماء، بأن ثواب الحجِ يلحقُ النائبَ كما يلحقُ من ناب عنه بناء على أن رحمة الله واسعة، وأنه تعالى ذو الفضل العظيم.
قال ابن حزم في المحلى: عن داود أنه قال: قلت لسعيد بن المسيب: يا أبا محمد، لأيهما الأجر أللحاج أم للمحجوج عنه؟ فقال سعيد: إن الله تعالى واسع لهما جميعا. قال ابن حزم: صدق سعيد رحمه الله. انتهى.
وقال علماء اللجنة الدائمة: وأما تقويم حج المرء عن غيره هل هو كحجه عن نفسه أو أقل فضلاً أو أكثر: فذلك راجع إلى الله سبحانه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1430(11/18582)
المسافة بين مكة والمدينة ومنى والمزدلفة وعرفة
[السُّؤَالُ]
ـ[كم هي المسافة بين مكة والمدينة.. بين مكة ومنى..بين مكة وعرفات.. بين منى وعرفات..بين منى ومزدلفة.. هي معلومات مهمة أعتقد أن الحاج محتاج إلى معرفتها حتى تتضح الصورة أمامه وحتى يؤدي حجه بشكل أفضل إن شاء الله.أفيدونا بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسافة بين مكة والمدينة في حدود الأربعمائة وخمسين كيلومترا، ومنى ومزدلفة وعرفة كلها في مكة ومنى ومزدلفة داخل حدود الحرم، وعرفات خارج الحرم، والمسافة بينها أي عرفة ومنى ومزدلفة وبين الحرم بضع كيلومترات، وأبعدها عرفة ثم مزدلفة، ثم منى، فمنى تبعد عن المسجد الحرام سبعة كيلومترات تقريبا ومزدلفة تبعد عن المسجد الحرام عشرة كيلومترات تقريبا، وعرفات تبعد في حدود العشرين كيلومترا، والمسافة بين عرفات ومزدلفة في حدود سبعة كيلومترات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(11/18583)
من علامات قبول الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى الحج عن طريق تأشيرة مرور بمعنى أنني استخرجت تصريح سفر لمصر وقت الحج وذهبت إلى مكة أولا ثم مصر وقال لي البعض إن هذا لا يجوز والبعض قال يجوز والبعض قال يجوز بكفارة فأيهم أصدق؟
ثانيا وأنا بالحج كنت أسير للتنقل بين مناطقه حتى جاء علي وقت من شدة الإعياء نمت ولم أصل وأشك في هذا لكن لا أتذكر صحته من خطئه فماذا أفعل هل له كفارة أم لا؟
ما هي علامات قبول الحج من صاحبه وهل من الممكن وكيف لي أعرفها في نفسي؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحول سؤالك الأول، فقد سبقت الإجابة برقم: 104990 و 101632
وعن سؤالك الثاني، فإن شكك فيما إذا كنت قد صليت أم لا؟ لا تبرأ به ذمتك من تلك الصلاة؛ لقاعدة أن اليقين لا يزول بالشك، والذمة إذا عمرت لا تبرأ إلا بمحقق. والأصل أنك لم تؤد تلك الصلاة فالواجب أن تؤديها.
وأما عن قبول الحج فإن ذلك من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل، وقد ذكر أهل العلم بعض العلامات التي تدل على قبول الجح. يقول الجمل في حاشيته على منهج الطلاب -نقلا عن الإمام النووي -رحمهما الله تعالى-: أن يكون بعد رجوعه خيرا مما كان، فهذا من علامات قبول الحج، وأن يكون خيره مستمرا في ازدياد.
وعلى أية حال، فإن الأولى بك هو أن تثابر على الأعمال الصالحة، وتحرص على ما يقربك من الله، لا أن يبقى تفكيرك منصبا على ما إذا كان حجك قد قبل أم لا. فإن ذلك من الغيب ولم نؤمر بالبحث عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(11/18584)
ليست كل أعمال الحج تؤدى في شهر واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة حول الآية الكريمة (بسم الله الرحمن الرحيم، الحج أشهر معلومات)
لماذا جاء التعبير عن الحج بلغة الجمع ما دام الحج في شهر واحد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أغلب أعمال الحج تؤدى في شهر واحد وهو شهر ذي الحجة، ولكن بعضها يمكن أن يؤدى قبل ذلك، مثل الإحرام يمكن أن يكون في شوال أو ذي القعدة، ومثل طواف القدوم والسعي يمكن أداؤهما أيضا في شوال أو ذي القعدة، ولذلك سميت هذه الأشهر الثلاثة أشهر الحج.
وراجع الفتوى رقم: 21153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1428(11/18585)
الحج والعمرة من مكفرات الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[فعلت ذنبا كبيرا في حياتي أعلم أنه من الكبائر ونويت التوبة وندمت على هذا الذنب وأقلعت عن هذا الذنب تماما وأنعم على الله بالمقدرة على الإقلاع عن هذا الذنب ولكن أشعر بضيق كبير كلما تذكرت أني فعلت هذا الخطأ وكلما واجهتني مشكلة مثل قلة الرزق وعدم الإنجاب وغيرها من المشكلات والحمد لله على كل حال أشعر إن الله لم يقبل توبتي وحاسبني على ما فعلت فماذا أفعل أحاول التقرب إلى الله وأريد أن يغفر لي ويعفو عني وأنال رضاه هل العمرة والحج تكفر الذنوب أريد أن ألقى ربي كما ولدتني أمي لأني أخاف الله وندمت على ما فعلت فماذا أفعل أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها الأخت السائلة أن الله تعالى رحيم بعباده، وأنه أرحم الراحمين، ومن رحمته بهم أنه يقبل التوبة ويعفو عن المذنبين، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزُّمر:53}
وأخبر أنه يقبل توبة التائبين فقال عز وجل: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ {الشورى: 25} بل أخبر أنه يحب التوابين فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة: 222} وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه، فأحسني الظن بالله تعالى، واحذري القنوط من رحمة الله، فإنه لا يقنط من رحمة الله إلا الضالون، وما دمت ندمت على تلك الكبيرة وأقلعت عنها فإن الله تعالى سيغفر لك إن شاء الله، واعتبري نفسك - إحسانا للظن في الله ورجاء لرحمته ومغفرته وفضله - كأنك لم تقعي في ذلك الذنب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
وقول السائلة: هل الحج والعمرة تكفر الذنوب؟ فالجواب: نعم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد. رواه النسائي، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه متفق عليه واللفظ للبخاري.
كما أن التوبة ذاتها تكفر الذنوب كما مر معنا في الحديث: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وأخيرا ننبهك إلى أن عدم الإنجاب أو الضيق في ذات اليد وغيرها من المشاكل ليست دليلا على عدم قبول التوبة. وانظري الفتوى رقم: 48830.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(11/18586)
لا يقوم مقام فرضية الحج عمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ليس لدي القدرة مادياً لقضاء مناسك الحج على الرغم من أنني متمنية الذهاب لزيارة قبر رسولنا الكريم وأحلم كل يوم بزيارة تلك البقعة الطاهرة، لذلك بما أنني لا أستطيع الذهاب إلى الحج أريد أن أعرف بعض الأذكار وا لتسابيح و.... التي تمكنني من الحصول على نفس الثواب الذي يحصل عليه الحاج من استجابة الدعاء وغفران الذنوب و ... وأنا أجلس في منزلي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحج لا يجب على الشخص إلا إذا توفرت لديه شروط الاستطاعة والتي تقدم بيانها في الفتوى رقم: 22472، والفتوى رقم: 12664.
والحج له فضائل عظيمة، فمن حيث سقوط الفرض ليس هناك من الطاعات ما يقوم مقامه، ومن حيث الثواب فقد ثبت أن من صلى الصبح في جماعة وجلس في مصلاه حتى تشرق الشمس ثم صلى ركعتين كتب له ثواب حجة وعمرة. ففي سنن الترمذي من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تامة تامة تامة. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، وحسنه الشيخ الألباني.
وكون هذه الطاعة تعدل ثواب حجة لا يعني أنها تعادل الحج في كل شيء كمغفرة الذنوب -مثلا- كما سبق في الفتوى رقم: 54394، وراجعي أيضا الفتوى رقم: 17018.
وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لا يشرع شد الرحال إليها، بل تكون تبعا لزيارة مسجده صلى الله عليه وسلم، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 54526.
ولا علم لنا بنوع من أنواع الذكر يعدل ثوابه ثواب الحج، مع أن ذكر الله تعالى كله فضله عظيم وثوابه جزيل، وراجعي الفتوى رقم: 59782.
وبإمكانك أن تحولي حياتك كلها إلى عبادة بامتثال أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه وفعل ما استطعت من الطاعات مع الإخلاص فيها لله تعالى، حتى الأعمال العادية من أكل وشرب ونوم يمكن تحويلها إلى عبادة إذا صحت النية فيها وكانت موافقة لشرع الله تعالى، وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 58107.
ومن فضل الله تعالى وجوده وكرمه أنه لم يحدد لمغفرة الذنوب واستجابة الدعاء مكانا بعينه لا يغفر لأحد إلا فيه، ولا زمانا كذلك، ولكن متى تاب المرء توبة نصوحا واستغفر ربه وأناب إليه غفر له، وراجعي الفتوى رقم: 17160، والفتوى رقم: 28748. وكذلك الدعاء متى تحققت الشروط وانتفت الموانع استجاب الله تعالى للداعي في أي زمان أو مكان، وراجعي الفتوى رقم: 2395.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1427(11/18587)
لا إثم على من حج وعمل فلم يخل بعمله
[السُّؤَالُ]
ـ[2- قامت إدارة المستشفى هذا العام (مثل كل عام) بإصدار تعميم يطالب العاملين جميعا بعدم أداء فريضة الحج (مع عدم وجود وعد بالسماح بالحج فى أعوام قادمة) ، ولذا يقوم جميع العاملين بأداء الحج فى غير أوقات العمل الرسمية متحملين مشقة الحج مع العمل بصورة متواصلة. فهل علينا إثم في ذلك، علما بأننا نقوم بعملنا كما يجب فى وقت العمل الرسمي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحج واجب على الفور على ما اختاره جمهور أهل العلم لكثير من الأدلة، منها ما رواه الحاكم والبيهقي من حديث علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حجوا قبل أن لا تحجوا. وروى أحمد عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال: تعجلوا إلى الحج -يعني الفريضة- فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له.
وعليه؛ فإذا كان بالإمكان أن تؤدي فريضة الحج دون أن تخل بعملك فمن واجبك أن تحج فوراً، وإن كان أداء الحج سيخل بالعمل ولو جزئياً وأصحاب العمل لا يسمحون به ولا يعدون به في السنة القادمة، فإن من واجب من هذه حاله الاستقالة من هذا العمل حتى يُؤدي فرض الحج، ولو على القول بوجوبه على التراخي، ولا إثم على من أدى الحج من غير أن يخل ذلك بعمله أي نوع من الإخلال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/18588)
هل يحج مع زوجته بمال ادخره لأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مبلغ من المال ولا أملك غيره وإني مدخره لأولادي، فهل يحق لي أن استحدمة فى الحج لي ولزوجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
فالمال المدخر إما أن يكون هبة أو وصية، فإن كان هبة فلك الرجوع في الهبة لسببين
الأول: أن الأصل (الأب والجد) له أن يرجع عن الهبة التي وهبها لفرعه (الولد وولده) ما لم يتصرف الولد في تلك الهبة ببيع وشراء ونحو ذلك.
الثاني: أن هذه الهبة لم تقبض كما يظهر من السؤال والهبة لا تلزم إلا بالقبض والتمليك.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في فتح الوهاب: و (لأصل رجوع فيما أعطاه) لفرعه لخبر لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلى الوالد فيما يعطي ولده. رواه الترمذي والحاكم وصححاه وقيس بالوالد كل من له ولادة (بزيادته المتصلة) كسمن وتعلم صنعة ... ويحصل الرجوع بنحو رجعت فيه أو رددته إلى ملكي، كنقضت الهبة وأبطلتها وفسختها، وإن كان وصية فهي لا تلزم إلا بالموت فللموصي الرجوع عن الوصية.
قال شمس الدين الرملي في نهاية المحتاج: له الرجوع عن الوصية إجماعاً وكالهبة قبل القبض بل أولى، ويحصل الرجوع بقوله نقضت الوصية أو أبطلتها أو رجعت فيها أو فسختها، أو رددتها أو أزلتها أو رفعتها وكلها صرائح.
وعليه فلا حرج عليك في أن تحج بهذا المال وأن تحج زوجتك منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/18589)
هل يحج بزوجته المنفصل عنها بغير طلاق؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في الحج، ولكن منذ سنة وأنا منفصل عن زوجتي، وأنا إلى الآن لم أطلقها لا لأنني أرفض ذلك، ولكن هي ترغب في الطلاق وأنا أيضا يعني أننا لسنا مستعجلين، فهل يجوز لي أن أحج، وهي لاتزال زوجتي على سنة الله ورسوله صلي الله عليه وسلم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود أنك تريد أن تحج بزوجتك، فلا مانع من ذلك لأن عقد الزوجية لا ينفك إلا بالطلاق، وهو لم يحدث كما ذكرت في سؤالك، وإن كنت تقصد أن تحج بمفردك فلا مانع أيضاً من باب أولى، وهذا واضح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(11/18590)
حكم ادخار مبلغ شهري من الراتب لأجل الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرعا لزوجين موظفين ادخار مبلغ معين (يزيد عن احتياجاتهما) كل شهر قصد القيام بفريضة الحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحج لا يجب إلا على المستطيع، كما قال تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران: 97] . وانظر في معنى الاستطاعة الفتوى رقم: 126641.
وإذا ادخر الشخص من ماله الزائد على حاجاته وحاجة من ينفق عليهم فأمر حسن، لأنه يتوصل به إلى طاعة الله عز وجل، ولكن لا يجب عليه ذلك، وقد نص العلماء على أنه لا يجب على الفقير اكتساب المال لأجل الحج.
وجاء في "مواهب الجليل" من كتب المالكية: إذا كان الشخص له صفة يمكنه أن يحصل منها ما يصير به بعد مدة مستطيعا بأن يجمع منها كل يوم ما يفضل عن قوته وحاجته، فلا يجب عليه ذلك، وله أن يتصدق بما يفضل عن قوته وحاجته. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/18591)
حكم الحج بالمال الذي جمعه من جمعية الموظفين
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت مع بعض من معارفي في جمعية سؤالي هو هل يجوز لي استعمال مبلغ الجمعية في الحج، وهل يجوز لي استعمال الفيزا كارد في مشترياتي من هناك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمعيات التي يعملها بعض الناس بأن يجمعوا مبالغ شهرية نهاية كل شهر، ثم يدفعوها إلى أحدهم بالتداول، تعتبر من الأمور المشروعة ومن التعاون على البر، وعليه، فلا حرج في صرف هذا المال في الحج وغيره، وراجع الجواب رقم: 5457، والجواب رقم: 11468، والجواب رقم: 40584.
وأما حكم استخدام الفيزا كارد، فإن كانت من النوع الجائز، فإنها تستخدم في الحج وغير الحج، وإن كانت من النوع المحرم، فلا يجوز استخدامها، لا في الحج ولا في غير الحج، وانظر في حكم وأنواع الفيزا الفتاوى التالية أرقامها: 38543، و 2709، و 13696.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/18592)
الاستعداد للحج يختلف باختلاف الأشخاص والبلدان
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الاستعدادت التي يمكن أن أفعلها للحج لأول مرة.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا كيفية أداء الحج في فتاوى سابقة، ولك أن تراجع منها ذات الرقم: 25287، وذات الرقم: 13743.
وأما الاستعداد للحج، فيختلف باختلاف الأشخاص والبلدان، فمنه تحصيل المال المباح الكافي لمؤنة السفر، كثمن التذاكر والزاد وغيرها، ومنه إعداد الوثائق الضرورية لذلك، ولكل بلد خصوصياته، فالأحسن أن تستشير أهل الخير والرأي ممن في بلدك حتى يدلوك على كيفية الاستعداد للحج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1424(11/18593)
يجب على المسلم أن يتعلم أحكام الحج قبل الشروع فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على كبير السن فهم مناسك الحج والعمرة قبل الذهاب لأداء الفريضة؟ حتى وإن كان لا يكتب ولا يقرأ، وهل يتحمل الأبناء إثما إن كانوا لا ينصحون أو يعلمون آباءهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعلوم أن كل مسلم مطالب شرعا على سبيل الوجوب بأن يتعلم أحكام دينه التي يتوقف عليها فرض عينه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم. رواه ابن ماجه.
قال شارحه السندي نقلا عن البيهقي في "المدخل": أراد -والله أعلم- تعلم العلم الذي لا يسع البالغ العاقل جهله أو علم ما يطرأ له، وأراد أنه فريضة على كل مسلم حتى يقوم به من فيه كفاية. اهـ.
وعليه، فالواجب على هذا الرجل المسن أن يتعلم أحكام الحج قبل الشروع فيه، بالطريقة التي يفهم بها.
وعلى أبناء هذا الرجل المذكور أن يجتهدوا في تعليم أبيهم ونصحه بذلك لأن هذا يدخل ضمن النصح الذي هو ثابت لكل مسلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم. ولا شك أن أولى الناس بهذا هم الآباء، أما إن تركوا هذا مع قدرتهم عليه، فإنهم يكونون آثمين، لأنه ترك للمنكر من غير تغيير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره.. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(11/18594)
التعامل مع غير المسلمين لا تعلق له بالحج
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زملاء كفار في الشغل أقاطعهم من دون أي خصام وقع، ولكن غيرة على ديني وعروبتي بعد أن سمعت منهم ما لم يسرني، فهل علي مصالحتهم قبل الذهاب إلى الحج؟ وإن لم أصالحهم هل ينقص من حجي شيأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسلم يقول القول الحسن لجميع الناس، كما قال الله تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة: 83] . ولفظ الناس يعم جميع الناس، مسلمهم وكافرهم، ما لم يأت استثناء لبعض أفراد هذا العموم، ومن المستثنين هنا الكفار المحاربون، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً [التوبة: 123] .
وقال: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح: 29] .
والكفار هنا هم المحاربون لنا لا كل كافر، لقول الله تعالى في آية الممتحنة: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ الممتحنة: 8] .
وقال القرطبي: هي رخصة من الله في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم.
ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر: نعم صلي أمك. رواه الشيخان. وكانت أمها كافرة، ولما تواتر من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه من الإحسان إلى غير المسلمين من غير المحاربين، وبالأخص من كان منهم جارا أو قريبا ونحو ذلك.
والبر الذي أمرنا به تجاه هذا الصنف من الكفار يشمل كل أنواع البر إلا ما كان فيه تعظيم لشعائر دينهم أو دليل على مودة دينية لهم.
وعليه، فحسن معاملتك مع زملائك الكفار المسالمين مما ندب إليه الشرع في كل وقت، وليس له علاقة بالحج من عدمه، ولا ندري أي شيء أعظم من الكفر حتى يسوؤك ما يبلغك عنهم، فليس بعد الكفر ذنب، ومع ذلك، فقد تقدم كيفية معاملتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/18595)
ما يفعله من تهيأ للحج
[السُّؤَالُ]
ـ[إني نويت إنشاء الله الذهاب إلي الحج فحبذا أن تنصحوني بما يجب عمله قبل وفي وبعد الحج وجزاكم الله خيرا في الدنيا والآخرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أراد الحج عليه أن يتعلم أحكامه وآدابه قبل الذهاب إليه بحيث يكون على بصيرة مما يفعل في هذه الشعيرة العظيمة، وذلك بقراءة الكتب المعتمدة في ذلك ثم إذا أشكل عليه شيء أو لم تتوفر له هذه الكتب لزمه سؤال أهل العلم عما يجب عليه وما يحرم، وهم بحمد الله تعالى موجودون.
هذا وينبغي للحاج أن يحرص قبل رحلته إلى الحج على التوبة الصادقة، وأن يختار من ماله ما كان حلالاً صرفاً، وأن يقصد بحجه طاعة الله عز وجل وأداء هذا الركن الإسلامي العظيم.
ونرجو منك أن تزور الموقع خلال الأيام القادمة للاطلاع على المحور الخاص بالحج، ففيه ما تحتاج إليه إن شاء الله من الأحكام والآداب والفتاوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/18596)
مناسك الحج.. معناها أقسامها وأحكامها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي مناسك الحج؟ ومتى تبدأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمناسك الحج هي عباداته، وتشمل أركان الحج وواجباته وسننه، والكلام عنها طويل، وقد ألفت في ذلك كتب كثيرة مستقلة، ما بين مطول ومتوسط ومختصر.
ويمكن للسائلة معرفة مناسك الحج بقراءة كتيب مختصر عنها، والسؤال عما أشكل عليها منه، كما يمكنها الدخول إلى العرض الموضوعي من فتاوى الشبكة، ومنه إلى الحج والعمرة، والاطلاع على الفتاوى التي كتبت فيه، والتي منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3616، 22341، 21153، 13743، 4391.
أما متى تبدأ مناسك الحج، فتبدأ بالإحرام به، ولمعرفة المواقيت وأشهر الحج، تنظر الفتاوى رقم:
21153، 12348، 27477.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/18597)
هل تقدم الحج على الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو نويت الحج،، وفي نفس الوقت تقدم لخطبتي رجل أحواله لا تسمح له بإقامة فرح وغيره،، وأنا أعمل والحمد لله وقررت أن أساعده فهل أستطيع أن أساعده ولا أحج هذه السنة نظراً للتكاليف التي تترتب على الفرح؟ أم أحج وأؤجل الفرح لما بعد ذلك؟ مع العلم بأن ذلك سوف يأخذ بعضا من الوقت لحين جمع بعض الأموال للفرح. الرجاء إفادتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحج على المستطيع القادر واجب على الفور، كما هو مذهب جمهور العلماء، ومن أدلته قوله صلى الله عليه وسلم: من أراد أن يحج فليتعجل، فإنه قد تضل الضالة ويمرض المريض وتكون الحاجة. رواه أحمد وغيره.
وعليه، فإنك تقدمين الحج ولا تتواني فيه، هذا إن كان حج الفرض، وأما إن كان حج تطوع، فلك أن تساعدي خطيبك هذا على الزواج، فهو من الإحسان والصدقة التي تؤجرين عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1424(11/18598)
أول من حج البيت من الأنبياء
[السُّؤَالُ]
ـ[من أول من حج من الأنبياء، هل هو سيدنا نوح؟
كما نعلم أنه سيدنا إبراهيم عليه السلام لأنه أقام القواعد.. ولكن في حديث للرسول ما معناه: أنه ما من نبي مرسل من الله إلا وقد حج البيت.. فأجيبوا عن سؤالي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مكان البيت كان معلوماً لآدم عليه السلام، وقيل إنه هو الذي وضع قواعده، ثم جاء إبراهيم عليه السلام فرفعها مع ابنه إسماعيل عليه السلام، فبنياه كما هو في القرآن، أما حج الأنبياء كلهم للبيت منذ آدم عليه السلام فقد ورد في عدد من الأحاديث والآثار، فمن ذلك ما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان موضع البيت في زمن آدم عليه السلام شبراً أو أكثر علماً فكانت الملائكة تحج إليه قبل آدم، ثم حج آدم فاستقبلته الملائكة فقالوا: يا آدم من أين جئت؟ قال: حججت البيت، فقالوا: لقد حجته الملائكة من قبلك.
أما حج نوح عليه السلام فقد جاء منصوصاً عليه في أثر عروة بن الزبير رضي الله عنهما، أنه قال: ما من نبي إلا وقد حج البيت، إلا ما كان من هود وصالح، ولقد حجه نوح فلما كان من الأرض ما كان من الغرق أصاب البيت ما أصاب الأرض، وكان البيت ربوة حمراء، فبعث الله هوداً عليه السلام فتشاغل بأمر قومه حتى قبضه الله إليه، فلم يحجه حتى مات، فلما بوأه الله لإبراهيم عليه السلام حجه، ثم لم يبق نبي بعده إلا حجه. أخرجه البيهقي في السنن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(11/18599)
وجود الصبيان لا يمنع الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من العراق وأعيش مع زوجي وولدي في رواندا وسنذهب إلى الإجازة مع موسم الحج إن شاء الله ونريد أن نستغل هذه الفرصة التي قد لا تتكرر لنا ولكن في بعض الأوقات تضعف همتي بسبب ولديَّ الاثنين الذين لم يتجاوزا سن السنتين مع العلم بأن هذا حلمي طالما دعوت الله أن يتحقق أفيدوني
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحج واجب على الفور لمن استطاع إليه سبيلاً على الراجح من أقوال أهل العلم، فالواجب عليكما المبادرة إلى أداء الفريضة إن كانت هذه الحجة هي حجة الإسلام، إذ أن المرء لا يدري هل يتيسر له ذلك في المستقبل أم لا، وقد كان سلف هذه الأمة يحجون بأولادهم، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن امرأة رفعت صبياً للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر. رواه مسلم.
فوجود الصبيان لا يمنع من الحج، والواقع خير شاهد على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/18600)
هل يكفر الحج الزنا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل فريضة الحج تكفر الزنا أو ما شابهه من مخالطة الرجال والمؤانسة معهم حتى وإن لم تصل للزنا؟
وإن لم تكن فما المكفر لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد في البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حج ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه.
وقد اختلف العلماء في الحج هل يكفر الصغائر والكبائر؟ أم الصغائر فقط؟ فقال الحافظ ابن حجر في الفتح: وظاهره غفران الصغائر والكبائر والتبعات.
وقال ابن العربي: هو في الصغائر. ذكر ذلك عنه صاحب تحفة الأحوذي.
وقد تقدم ذكر أقوال العلماء مفصلة في الفتوى رقم: 34433.
وإذا كان الحج المبرور مما اختلف في تكفيره للكبائر -والزنا كبيرة- فإن هناك ما هو مجمع على أنه يكفر الزنا والكبائر والصغائر، وهو التوبة الصادقة إلى الله سبحانه، وهي تكفر كل ذلك مهما بلغ وعَظُم، وراجعي أيضا الفتوى رقم: 13316.
والحاصل أن الحاج إذا حج ولم يرفث ولم يفسق، وقرن ذلك بالتوبة إلى الله تعالى من جميع ذنوبه، كفرت عنه الكبائر والصغائر فضلا من الله ومنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/18601)
هل يعطي أمه ما تحصل عليه من جمعية الموظفين لتحج به؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أعطى والدتي من مبلغ لي من جمعية بيني وبين أصدقائي فى العمل لأداء فريضة الحج، مع العلم بأني قد أخذت دوري فى الجمعية، بينما الجمعية سوف تنتهي بعد موعد الحج بفترة تمتد لشهور طويلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت الجمعية التي بينك وبين أصدقائك هي ما يسمى بـ جمعية الموظفين، والتي تشترك فيها مجموعة من الأشخاص بدفع قسط مالي كل شهر مثلاً ويعطونه لأحدهم، ثم الثاني والثالث وهكذا كل شهر، إن كان هذا هو المقصود من الجمعية، فلا يخلو الأمر من واحد من الأمرين:
الأول: أن تكون قد أخذت دورك من الجمعية وعاد إليك الدور مرة أخرى، فيجوز لك أن تعطي نصيبك لأمك لكي تحج به هي، هذا إن كنت قد حججت عن نفسك.
وأما إن لم تكن قد حججت عن نفسك، فالذي ينبغي لك هو أن تحج عن نفسك أولاً، ثم تعطي والدتك ما تحج به عن نفسها، وإن استطعت أن تجمع بين ذلك في عام واحد فذلك أولى، فإن لم يمكنك الجمع فابدأ بنفسك أولاً، وانظر الفتوى رقم: 130.
الثانية: أن تكون قد أخذت دورك من الجمعية ولم يعد إليك الدور مرة أخرى، وتريد أن تعطي أمك هذا المبلغ على حساب دور شخص آخر من أعضاء الجمعية، فهذا مشروط بإذن صاحب الدور، فإن أذن في ذلك جاز لك أن تعطي أمك هذا المبلغ وصار ديناً في ذمتك لصاحب الدور، وإن لم يأذن لم يجز لك ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1424(11/18602)
يريد الحج تاركا زوجته وحيدة في بلد غير مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش الآن في بلد غير إسلامي لظروف دراستي ومعي زوجتي وطفلاي الصغيران وقد رزقني الله بالمال وأود أن أقوم بفريضة الحج هذا العام بمفردي دون اصطحاب زوجتي، فهل يجوز أن أقوم بفريضة الحج وأن أترك زوجتي في هذه البلد غير الإسلامية دون محرم طوال فترة الحج؟ أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله عنا كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع أن تحج بمفردك إذا أمنت على أهلك، لأنهم في حال إقامة ولا يشترط وجود محرم معهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(11/18603)
انتظار الحج بعد رمضان مرغب فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز السفر لقضاء عمرة رمضان والانتظار حتى قضاء فريضة الحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسفر لقضاء العمرة في رمضان مرغب فيه حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: عمرة في رمضان تقضي حجة معي. رواه الشيخان.
وكذا الانتظار في مكة أو ما جاورها حتى قضاء فريضة الحج أمر حسن، بل قد يجب إذا تعين سبيلاً لأداء فريضة الحج، ولعل الأخ يريد السؤال عن حكم الإقامة في تلك البلاد لانتظار الحج مع عدم التصريح له بذلك من قبل السلطات، فجوابه: أن الله قد صرح له بالحج، بل قد جعله ركنا من أركان الدين، ولا يجوز لأحد أن يمنع الناس من أداء فريضة الحج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1424(11/18604)
يوم الحج الأكبر هو يوم النحر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي يتحدث عن الأتي: ما هو الحج الأكبر؟ وماذا قال عنه الأئمة الأربعة؟ أريد التفاصيل (يمكن مذهبان إذا استطعتم) أريد الإجابة عن سؤالي بسرعة لأنه علي تقديم البحث خلال أسبوع.. وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:3] .
وقد اختلف العلماء في تعيين يوم الحج الأكبر، فذهب جمهور أهل العلم ومنهم الإمام مالك والطبري إلى أنه يوم النحر وذلك لكثرة ما تضمنه من أعمال الحج....، ولأن ليلته أي التي قبله ليلة الوقوف، وفي البخاري وغيره عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يوم النحر "هذا يوم الحج الأكبر".
ونقل القرطبي عن ابن أبي أوفى: يوم النحر يوم الحج الأكبر يهراق فيه الدم، ويوضع فيه السفر، ويلقى فيه التفث، وتحل فيه الحرم، وهذا مذهب مالك ...
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يوم عرفة، وهو مذهب أبي حنيفة وبه قال الشافعي، وقد وردت فيه أقوال أخرى غير هذين القولين بإمكانك الاطلاع عليها في المطولات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(11/18605)
حكم الاسترسال في البكاء أثناء الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص ذهب إلى الحج وهو يبكي هل حجته مقبولة أم غير مقبولة؟ وماذا عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن الحج له أركان وله مفسدات، فإذا جاء الحاج بالأركان كلها، وسلم من المفسدات كان حجه صحيحا، وهذا الذي ذهب إلى الحج وهو يبكي، إن كان يبكي من خشية الله مع المحافظة على أركان الحج وواجباته والسلامة من المفسدات، فهذا حجته صحيحة إن شاء الله، ومثله ما إذا كان يبكي لفراق أهله ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(11/18606)
شرب الدخان مع كونه معصية لكنه لا يؤثر على صحة الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة على رسول الله أما بعد ... أنا شاب من الله علي بالحج في السنة الماضية ولكن ابتليت بالتدخين وقد دخنت السجائر في إحرام الحج، وقد رأيت حجاجاً يفعلون هذا وهذا ما شجعني هل هذا يبطل الحج والإحرام؟؟ مع ندمي وأسفي وعدم معرفتي بحرمته سابقا؟ نرجو التيسير جزاكم الله عني وعن الإسلام خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم:
1819 حكم الشرع بشأن شرب الدخان.
وعليه فنقول للسائل إنه يجب عليه أن يقلع فوراً عن تناول الدخان بعد أن علم حكم الله عز وجل فيه.
أما بخصوص استعمالك له في فترة الحج فرغم كون ذلك معصية فإنه لا تأثير لاستعماله على صحة الحج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1424(11/18607)
حكم تجاوز الميقات بغير إحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أحرمت من جدة وأنا من أهل الطائف وقد مررت بمكة المكرمة ذاهباً إلى جدة لمراجعة وظيفة بإحدى الشركات، وقد سبق أن نويت العمرة في نفس اليوم الذي نزلت فيه لجدة فما حكم العمرة التي أديتها وما كفارة تجاوز الميقات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت نويت العمرة قبل مرورك بميقات أهل الطائف ولم تحرم فإنك بذلك قد فاتك واجب من واجبات العمرة يلزمك بتركه دم يذبح بمكة ويوزع على فقرائها.
أما إن كنت تجاوزت الميقات من غير نية للعمرة ثم طرأت عليك بعد ذلك النية فما فعلته صحيح لا يلزمك منه شيء، وانظر الفتوى رقم:
13335، والفتوى رقم: 6838.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1424(11/18608)
المقصود بأشهر الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في نشرة مقالة حول الحج قال صاحبها إن أشهر الحج المشار إليها في كتاب الله هي شوال وذو القعدة وذو الحجة فهل هذا صحيح؟ وهل يجوز الحج في هذه الأشهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأشهر الحج هي شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة تنتهي بطلوع الفجر من يوم النحر، وهذا هو مذهب الشافعية.
وقال مالك: هي شوال وذو القعدة وذو الحجة بكماله، لأن الله تعالى قال "أشهر" وهي جمع، وأقل الجمع ثلاثة.
وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أن أشهر الحج هي شوال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة، فهما يُدخلان يوم النحر بخلاف الشافعية.
ورغم هذا الخلاف، فالكل متفقون على أن بدايتها في أول شهر شوال، وأنه لا يمكن الشروع في أفعال الحج بعد فجر يوم العيد ولو أحرم به، لفوات الوقوف بعرفة الذي هو أعظم أركان الحج، وليُعلم أن المقصود من قوله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة:197] .
هو أن هذه الأشهر وقت للإحرام بالحج، على التفصيل الذي سبق بيانه، وليس معنى هذا أن كل أفعال الحج يمكن أن تؤدى في كل أجزاء هذه الأشهر، لأن الحج يشتمل على مناسك، ولكل منسك منها وقت لا يمكن أن يؤدى قبله، فالإحرام نسك مؤقت بهذا الوقت، والوقوف بعرفة نسك له وقت آخر ... وهكذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1423(11/18609)
حكم تكرير العمرة لمن لم يحج
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي امرأة مسنة تبلغ من العمر 73 سنة تريد أن تذهب لأداء العمرة وتأخذني معها كي أساعدها مع العلم أنها ذهبت لأداء العمرة مرة منذ عامين وتريد أن تذهب مرة أخرى للعمرة وتقول لي سوف أدفع لك مبلغ ألف جنيه وأنت تكمل الباقي ألف ونصف وأنا لا أملك سوى 4 ألاف جنيه أدخرهم لأولادي ولا أستطيع أن أدفع ألف جنيه لأنني كل عام أستطيع أن أدخر ألف جنيه وأمي تأخذ معاش حوالي 700 جنيه لأنها كانت تعمل موظفة مع العلم أنني ذهبت للعمرة منذ ثلاث سنوات فقلت لأمي انتظري لكي يكون معك مال أكثر واذهبي للحج لأنه فرض والعمرة سنة مع العلم أنها معها مال يكفيني أنا وهي للعمرة ولكن لا يكفيها للحج، فهل إذا رفضت هذا الكلام أكون عاقا لها ومذنبا، دلوني ماذا أفعل مع العلم أنها مصرة على ذلك الفعل إصرارا شديدا وكبيرا جدا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن أمك قد أدت فريضة الحج وقد اعتمرت من قبل فالأولى أن تهيئ نفسها للحج، وينبغي أن تحثها على ذلك وتحاول إقناعها به ومساعدتها عليه إن استطعت، ولها أن تعمل مع الحج عمرة معه فتقرن أو تتمتع، أو بعده فتجمع بين الحسنيين حج وعمرة.
فإن أصرت على أن تذهب للعمرة وأن تصحبها فيجب عليك ذلك لأن طاعتها واجبة في المعروف، وهذا من المعروف إن لم يكن لديك مانع شرعي معتبر، وهي أولى مما تدخره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أمك. قال: ثم من. قال: ثم أبوك "متفق عليه.
وننبهك إلى أنه لا يجب عليها أن تجمع الفلوس للحج، وإنما يجب عليها إذا جاء وهي قادرة غير متصفة بمانع فلها أن تعتمر مرارا وإن لم تحج، قال الإمام النووي في المجموع: أجمع العلماء على جواز العمرة قبل الحج سواء حج في سنته أم لا، وكذا الحج قبل العمرة، واحتجوا له بحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر قبل أن يحج، رواه البخاري، وبالأحاديث الصحيحة المشهورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاث عمر قبل حجته، وكان أصحابه في حجة الوداع أقساما منهم من اعتمر قبل الحج ومنهم من حج قبل العمرة. انتهى، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 60352.
وراجع أيضا شروط وجوب الحج في الفتوى رقم: 22472، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 53658، والفتوى رقم: 28369.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1427(11/18610)
إذا وقعت القرعة على الزوج مع القدرة والاستطاعة فليبادر بالحج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
زوجة تخشى لو ذهب زوجها للحج عن طريق القرعة لوحده لن
تتوفر لها الفرصة للحج بدون محرم فهل لو طلبت منه الانتظار
لحين ترشيحها هي الأخرى فهل عليها إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان قادرا مستطيعا وجب عليه الحج، لقوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران: 97] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم: حجوا قبل ألا تحجوا. رواه الحاكم والبيهقي من حديث علي مرفوعا.
فهو واجب على الفور متى ما تمكن الإنسان منه، وعليه، فإذا خرجت القرعة للزوج وكان قادرا مستطيعا وجب عليه الحج وحرم عليه تأخيره، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ومن لم يحبسه مرض أو حاجة ظاهرة أو مشقة ظاهرة أو سلطان جائر فلم يحج، فليمت إن شاء يهوديا، وإن شاء نصرانيا. رواه أحمد وسعيد بن منصور وأبو يعلى من حديث أبي أمامة رضي الله عنه.
ولا ينبغي للزوجة أن تطلب منه انتظارها إلى حين استطاعتها، فلربما عرض له أمر منعه من الحج حينئذ.
والذي نعلمه من نظام القرعة في ليبيا: أن المرأة إذا خرجت عليها القرعة كان لها أن تصطحب معها أحد محارمها، وتعطى له التأشيرة لذلك، وعليه، فلا داعي لطلب الانتظار من الزوج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(11/18611)
أيهما أفضل الصدقة أم العمرة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما الأولى الذهاب إلى العمرة أم الصدقة على الفقراء والمحتاجين؟ إن لم يتيسر الجمع بينهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت الصدقة صدقة الفريضة، فإنها أفضل من العمرة قطعا، وإذا كانت صدقة التطوع، فالأصل أن الحج والعمرة أفضل منها، لأن الحج والعمرة يشتملان على إنفاق المال وأعمال أخرى، من الطواف والسعي والذكر والصلاة والتلبية و ...
لكن إذا كان هناك قوم مضطرون لنفقته، أو كان له أقارب محاويج، وتعذر الجمع بين الإنفاق والحج والعمرة، فإن الإنفاق والحالة هذه أفضل.
ففي "كنز الدقائق": قالوا -أي الحنفية- حج النفل أفضل من الصدقة. اهـ.
وفي "مواهب الجليل": سئل مالك عن الحج والصدقة أيهما أحب إليك؟ فقال: الحج، إلا أن تكون سنة مجاعة. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "الاختيارات": وأما إذا كان له أقارب محاويج، فالصدقة عليهم أفضل، وكذا إذا كان هناك قوم مضطرون إلى نفقته، فأما إذا كان كلاهما تطوعا، فالحج أفضل، لأنه عبادة بدنية مالية، وكذا الأضحية والعقيقة أفضل من الصدقة بقيمة ذلك. اهـ.
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" في شرح حديث: أي الأعمال أفضل؟ فذكر الإيمان، ثم الجهاد، ثم الحج. رواه البخاري ومسلم، قال الشوكاني: هو حجة لمن فضل حج النفل على الصدقة. اهـ.
وراجع الفتوى رقم: 14214.
والناظر في أحوال الأمة اليوم يرى أن المضطرين إلى النفقة كثر، فكم من المسلمين في مشرق الأرض ومغربها لا يجدون المأكل والمشرب والمسكن، فيكون التصدق على مثل هؤلاء أولى من إنفاق المال في الحج والعمرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1424(11/18612)
لا يصح الإحرام بالعمرة قبل قضاء طواف الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أجبتم عن سؤالي بخصوص خطأ في شوط واحد من طواف الإفاضة دون قصد أجبتم بضرورة إعادة الطواف قررت إن شاء الله أن أذهب للعمرة، والسؤال هو: عند خروجي من المدينة إلي مكة وعند الإحرام من الميقات ماذا أنوي هل أداء الطواف ثم العمرة، أم ماذا يكون الصواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننبه الأخ السائل وغيره إلى أن من استفتى عالماً منتصباً للفتوى عن مسألة فأفتاه فيها فعمل بفتياه برأت ذمته بذلك، وأما تكرار السؤال على أكثر من عالم فقد يوقع السائل في الحيرة التي لا يمكنه الخروج منها، والعلماء من أهل السنة يختلفون في الفروع واختلافهم رحمه واسعة وهذا الاختلاف مبني على قواعد وأصول واستنباط صحيح، وانظر الفتوى رقم: 16387، والفتوى رقم: 26350.
ثم نقول إن فتوى من أفتاك بصحة حجك صحيحة على مذهب الإمام أبي حنيفة، وهو مذهب محفوظ معتبر لا حرج على من عمل به من دون تتبع للرخص، فكان يكفيك تلك الفتوى وتذبح شاة عن الشوط الناقص، ولكنك رفعت سؤالك إلينا ونحن نعتقد ونفتي بمذهب الجمهور في هذه المسألة فأفتيناك بما نعتقد.
ويجب عليك أن تلبس لباس الإحرام وتتوجه لأداء الطواف والسعي عن الحج ولا تحتاج أن تحرم بذلك ولا أن تذهب إلى الميقات لأنك مازلت محرماً من وقت حجك الذي أخطأت فيه إلى الآن، فإذا قضيت ذلك فلك أن تعتمر بأن تخرج من الحرم إلى أدنى الحل كالتنعيم فتحرم بالعمرة من هناك وأما أن تحرم بالعمرة قبل قضاء ما عليك من الطواف والسعي فلا يصح، وفق الله الجميع لطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1424(11/18613)
العمرة واجبة مرة في العمر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حُكم تارك العمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في العمرة هل هي واجبة أم سنة؟
فقال بعضهم هي واجبة، وهذا قول جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم عمر وابنه وابن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهم.
ومن التابعين سعيد بن جبير وعطاء وطاووس ومجاهد والحسن وابن سيرين وهو مذهب الحنابلة والشافعية، وقال بعض العلماء هي سنة، وقد سبقت لنا فتوى في بيان وجوب العمرة، وهي الفتوى رقم: 28369.
وبناءً عليه، فمن تركها من غير عذر وهو قادر عليها فقد أثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(11/18614)
لا مانع من الاعتمار قبل أداء فريضة الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
سؤالي إذا سمحتم ينقسم إلى شقين، الشق الأول: هل يجوز أداء العمرة قبل الحج؟
الشق الثاني: هل يجوز أداء مناسك الحج قبل قيام الوالدين بذلك؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع شرعاً أن يعتمر المسلم قبل أن يؤدي فريضة الحج، وقد سبقت الإجابة على مثل هذا السؤال في الفتوى رقم: 7636 نحيلك إليها.
وبالنسبة للجزء الثاني من السؤال: فيجوز للمسلم أن يحج قبل والديه، ولا علاقة بين أداء الولد لفريضة الحج وبين أداء والديه لها، لأن كلا منهم مسؤول عن نفسه فقط، ويجب عليه أداء الحج عن نفسه إذا استطاع إليه سبيلاً كما أمر الله تعالى، ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 10065.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1424(11/18615)
العمرة.. معناها.. حكمها.. وأحوالها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله تعالى
ما معنى كلمة "العمرة" وما حكم الشرع في أدائها للمقيمين في مكة المكرمة أو خارجها، أو عدم الاستطاعة في تأديتها في الحياة، وهل تجوز العمرة عن الميت؟ والشكر لكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعمرة لغة: الزيارة. وفي الاصطلاح: زيارة بيت الله لأداء أعمال مخصوصة.
وقد بينا صفة العمرة لأهل مكة في الفتوى رقم: 2275، والعمرة واجبة مع القدرة عليها في العمر مرة واحدة على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو الأظهر عند الشافعية والمذهب عند الحنابلة.. قال الإمام النووي في منهاج الطالبين: (الحج هو فرض وكذا العمرة في الأظهر.
) وقال البهوتي في كشاف القناع: (وتجب العمرة على المكي كغيره.)
وقال المرداوي في الإنصاف: والعمرة إذا قلنا تجب فمرة واحدة بلا خلاف، والصحيح من المذهب أنها تجب مطلقاً -أي علي المكي وغيره- وعليه جماهير الأصحاب منهم المصنف ابن قدامة في العمدة والكافي، قال المجد: هذا ظاهر المذهب. قال في الفروع: والعمرة فرض كالحج ذكره الأصحاب. قال الزركشي جزم به جمهور الأصحاب. وعنه -أي أحمد بن حنبل سنة اختاره الشيخ تقي الدين فعليها يجب إتمامها إذا شرع فيها، وأطلقهما في الشرح، وعنه تجب على الآفاقي دون المكي ... انتهى. ولا فرق في الوجوب بين المكي والآفاقي على المعتمد في المذهب، وهو مذهب الشافعية أيضاً.
وللشخص مع العمرة ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى: أن يقدر عليها بماله وبدنه ويؤخرها حتى يموت.. فإنه يخرج من تركته ما يعتمر به عنه.
والحالة الثانية: أن يقدر عليها بماله ويعجز عن أدائها ببدنه لكبر أو مرض، فإنه ينيب من يعتمر عنه، فإن لم ينب حتى مات أخرج من تركته ما يعتمر به عنه لأن العمرة في هذه الحالة والتي قبلها قد ثبتت في ذمته.
والحالة الثالثة: ألا يقدر عليها بماله ولا ببدنه أو يقدر ببدنه دون ماله ففي هذه الحالة لا تجب عليه ولا تثبت في ذمته. ولكن لو اعتمر عنه قريبه ونحوه كان له بذلك أجر. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(11/18616)
الاعتمار ... أم إفطار الصائمين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مبلغ من المال أريد إما أن أنفقه في أداء عمرة شهر شعبان أو أقيم مائدة الرحمن في رمضان فأي العملين يكون له الثواب والحسنات الأكثر عند الله؟ وشكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت هذه هي عمرتك الأولى فالواجب عليك أن تعتمر بهذا المال؛ لأن العمرة واجبة على الراجح من قولي العلماء وهو إحدى الروايتين عن أحمد والشافعي. وقال به كثير من السلف منهم: عمر، وابن عباس، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم جميعًا.
أما إذا كنت قد اعتمرت قبل ذلك، فالذي نراه -والله أعلم- أن الأولى أن تفطر الصائمين، ذلك لأن إفطار الصائم فضلاً عما فيه من الأجر والثواب فهو يتضمن منفعة متعدية إلى الغير، لا سيما إذا كان الصائمون فقراء، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء. رواه أحمد، وابن ماجه، والدارمي، والترمذي من حديث زيد بن خالد الجهني وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
هذا فيمن فطَّر صائمًا، فكيف بمن فطَّر عشرة مثلاً أو أكثر؟ فناهيك بهذا فضلاً وشرفًا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(11/18617)
لا بأس بأداء المرأة العمرة بشروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجى عليه ديون تجارية ويبذل جهده فى أن يقوم بالسداد وأنا أريد أن أذهب للعمرة من مالي فهل يجوز ذلك علما بأنه لا توجد علي أى ديون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك أن تذهبي إلى العمرة من مالك الخاص إذا أذن لك زوجك وكان معك محرم، ولمزيد من الفائدة نوصيك بمراجعة الفتاوى التالية أرقامها:
13207
2221
3449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1423(11/18618)
السنة التي فرض فيها الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[1-في أي سنة فرض الحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف في أي سنة فرض الحج على أقوال: فقال بعضهم: فرض سنة ست، واستدل بقوله تعالى: (وأتموا الحج والعمرة لله) [البقرة:196] وقد نزلت في الحديبية، والحديبية كانت سنة ست.
وقال بعضهم: فرض سنة سبع.
وقال آخرون: فرض سنة ثمان.
وقال آخرون: فرض سنة تسع أو عشر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18619)
تجب العمرة على من تمكن من أدائها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أشتغل وأنفق على نفسي من عملي، علما أن والدي يضع لي أموالاً في البنك، وأضع أنا ما يزيد على حاجتي في البنك، هل يجوز أن أعتمر أم لا يجوز إلا بعدما أتزوج؟ مع العلم أني لست مخطوبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من توفرت فيه شروط وجوب الحج أو العمرة وجب عليه ذلك فوراً على الظاهر من أقوال العلماء.
ومن بين تلك الشروط بالنسبة للمرأة: وجود محرم لها يرافقها في سفرها حاجَّة كانت أو معتمرة. وعليه، فنقول للسائلة: إن كان عندك من المال ما يمكنك من أداء العمرة، ولم تكوني عاجزة بدنياً، ووجدت محرماً فاعتمري، وكونك غير متزوجة لا أثر له في وجوب العمرة، ولا في أدائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(11/18620)
ثواب حج الفريضة أعظم من ثواب حج النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[حججت خمس مرات. فهل ثوابها مثل حجة الفريضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك المزيد من التوفيق إلى الخير والرغبة فيه والحرص عليه، ولا شك في أن ثواب الحج عظيم وأجره مضاعف، وحسبك ما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
والأدلة على فضل الحج كثيرة جدا، وأعظم الحجات أجرا بلا شك هي حجة الإسلام التي سقطت بها الفريضة فإن أجر حج الفرض أعظم بلا شك من حج النافلة؛ لقول الله عز وجل في الحديث القدسي: وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه.... الحديث أخرجه البخاري. وهذا واضح كل الوضوح في أن ثواب حج الفريضة أعظم من ثواب حج النافلة، وانظر الفتوى رقم: 122124.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1430(11/18621)
فضل العمرة في رمضان لا يصل لدرجة الحج، ولايجزئ عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في المغرب نخضع للقرعة لمن يريد الذهاب إلى الحج. بحيث يكون العدد كثيرا وحسب كل مقاطعة ي سجل ما يقرب من 4000 وأكثر. والعدد المطلوب لا يزيد على 98 شخصا. يتكرر هذا كل سنة. وللمرة الثالثة لا يحالفني الحظ أنا وزوجتي. فتبقى الدموع الغزيرة تهطل من العيون. ولهذا هل من الممكن الرجوع إلى الحديث النبوي الذي يقول: عمرة في رمضان تساوي حجة مع النبي صل الله عليه وسلم. هل أقوم بعمرة أنا وزوجتي في شهر رمضان المعظم ويكفي هذا، أم لا يجوز تقديم السنة على الفرض؟ أرشدوني جزاكم الله كل الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن العمرة في رمضان لها فضل عظيم وثواب جزيل، ويكفيها فضلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عمرة في رمضان تعدل حجة. وفي رواية: معي. أخرجه البخاري.
ولكن هذا الفضل لا يصل إلى درجة الحج، فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ولا يصح أن يكتفى بالعمرة عن حجة الإسلام المفروضة ولو كان ذلك على القول بفرضها.
وأما تقديمها على الفرض فلا حرج فيه، كما سبق بيانه بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى: 60352.
ولذلك فإنه بإمكانكم أن تنتهزوا فرصة العمرة في رمضان أو في غيره لفضلها وأداء فرضها -على القول به- ثم تحجون بعد ذلك إن استطعتم حتى لا يضيع عليكم الأمران معا، وهذا فيما إذا لم يغلب على ظنكم أنكم غير قادرين ماديا على الجمع بين الأمرين: الحج والعمرة، فإن غلب على ظنكم أنكم عاجزون عن الجمع بين السفرتين فالذي يظهر -والعلم عند الله- أن عليكم أن تنتظروا وتعاودا الكرة مرة بعد مرة ولعل الله ييسر لكم أمر الحج.
نسأل الله تعالى أن ييسر لنا ولكم كل أمر عسير، وأن يرزقنا وإياكم حجا مبرورا.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى: 121203.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(11/18622)
ثواب العمرة في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم العمرة في رمضان لأهل مكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
العمرة في رمضان ثوابها عظيم فهي تعدل ثواب حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ويستوي في ذلك من كان من أهل مكة وغيرهم، إلا أن أهل مكة أولى بالإكثار من الحج والعمرة في رمضان وغيره لتمكنهم من ذلك غالبا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمرة واجبة مرة واحدة في العمر على الصحيح من أقوال أهل العلم؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28369، ويعظم ثواب العمرة إذا أُدِّيَت في رمضان فهي تعدل ثواب حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح، ولا فرق في هذا بين من كان من أهل مكة أو من كان قادما من خارجها، إلا أن أهل مكة أولى بالإكثار من الحج دائما ومن العمرة في رمضان وغيره لتمكنهم من ذلك غالبا. وراجع الفتوى رقم 70417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1429(11/18623)
أداء العمرة لا يسقط الحقوق والواجبات والكفارات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذهاب للعمرة يمكن أن يحل محل كفارة اليمين (حيث إن العمره تكفر ما قبلها) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمرة والحج وغيرهما من الأعمال التي ورد أنها تكفر الذنوب لا تسقط الواجبات التي ثبتت في الذمة، وإنما تكفر الذنب الذي قد وقع فيه الإنسان، واختلف أهل العلم في نوع الذنوب التي تكفرها، هل تكفر الصغائر فقط، أم هي والكبائر كالزنا وشرب الخمر؟ والراجح من أقوالهم أن المكفرات تختلف، فمنها ما يكفر الصغائر فقط، ومنها ما يكفرها والكبائر، وقد ورد في بعض الأحاديث ما يدل على أن الحج يكفرهما والتبعات أيضا، وبه أخذ جماعة من أهل العلم، ولكنهم قيدوه بعدم القدرة على الوفاء بعد الحج، وقالوا: إن الله تبارك وتعالى يعوض أصحاب الحقوق من عنده دون أن يأخذ من حسناته يوم القيامة، وممن صرح بذلك القاضي عياض المالكي والزيادي الشافعي وغيرهم.
قال الشبراملسي نقلا عن الزِّيَادِيُّ: وَالْحَجُّ يُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ حَتَّى التَّبَعَاتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنَّ مَاتَ فِي حَجِّهِ أَوْ بَعْدِهِ وَقَبْلِ تُمَكِّنْهُ مِنْ أَدَائِهَا.
وليست العمرة كذلك، وعليه فالكفارة حق واجب ثبت في ذمة الإنسان فلا بد من الإتيان به، وهكذا سائر الحقوق لا تسقطها العمرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1428(11/18624)
حكم تقديم الحج على الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الرجل الذي حج بيت الله ولم يتزوج. ليس له القدرة المالية على الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 34374، بيان حكم ما هو الأولى بالتقديم هل الزواج أم الحج، وقد ذكرنا أن من لديه الاستطاعة على الأمرين معا وكان لا يخشى على نفسه الزنى فإنه يقدم الحج، وإن خشي الفتنة قدم الزواج، وعلى كل حال فإن الحج صحيح وصاحبه مأجور إن شاء الله تعالى سواء كان الأولى تقديمه أو تأخيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(11/18625)
هل يقدم الحج مع أسرته ووالديه أم الهجرة لبلد غير مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محتار أرجو أن ترشدوني جزاكم الله خيرا، يوجد احتمال أن أحصل على موافقة للهجرة إلى أمريكا خلال شهر 12 من هذا العام وفي نفس الوقت احتمال أن أحصل على موافقة للحج في هذا العام مع زوجتي ووالدي ووالدتي وأختي، أنا محتار أيهما أختار لأنه في حالة أن أختار الأولى أخسر الثانية وفي حالة أن أختار الثانية أخسر الأولى علما بأنه موافقة الهجرة إن حصلت لا تقبل التأجيل.
أرجو الأخذ بنظر الاعتبار ما يلي قبل إصدار الفتوى:
1-أنا جنسيتي عراقية ولا توجد عندي إقامة دائمة في أي بلد باستثناء إقامة مع والدي في البحرين لكنها ليست دائمة، مرتبطة مع إقامة والدي ولا يحق لي العمل في البحرين.
2-أنا ووالدي ووالدتي قد حججنا من قبل في عام 1999 لكن زوجتي وأختي لم يحجا من قبل.
3-والدي ووالدتي كبار في السن ولذلك لا يمكنهم الذهاب للحج من دوني أي في حالة عدم ذهابي لن يذهبا هما أيضا في هذا العام.
4-الهجرة إلى أمريكا هي موافقة نهائية للحصول على الكرين كارد وفي حالة عدم ذهابي في ذلك التاريخ سوف تسقط من عندي نهائيا.
جزاكم الله خيرا أفتوني أيهما اختار في حالة صدور الموافقتين في نفس الوقت هذا العام علما باني صليت صلاة استخارة والأمور ماشية بشكل سلس وجيد بالنسبة للشغلتين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر لنا والله أعلم أن خيار الحج مع أهلك هو أولى بالتقديم لاعتبارات معينة نذكر منها ما يلي:
أولا: إنك تحقق لأهلك مصلحة الحج إلى بيت الله الحرام ولاسيما زوجتك وأختك، وبذلك تكسب رضا أبويك، وهذا الرضا ذخيرة يكسبك الله تعالى بها خير الدنيا والآخرة، ومن ذلك أمر الرزق.
ثانيا: أن الإقامة في بلاد تننشر فيها المنكرات بدون نكير وسيلة لكثير من المفاسد، وقد ذكرنا جملة من هذه المفاسد بالفتوى رقم: 2007، فراجعها. وعليه، فلا يسعى المسلم لتحصيل سبل الإقامة هنالك إلا لضرورة ملجئة أو حاجة معتبرة شرعا، ولا نظن أن الأمر قد وصل بك هذه الدرجة، ويتضح هذا بالأمر الثالث وهو:
ثالثا: أن أرض الله واسعة، وفي بلاد المسلمين من الخيرات ما يغني عن السفر إلى هناك، فإذا ضيق عليك في رزقك في البلد الذي تقيم فيه الآن فهنالك بلاد أخرى من بلاد المسلمين يمكنك أن تبحث فيها عن عمل، فاستعن بالله وفوض أمرك إليه، ولن تعدم قريبا أو صديقا يعينك في البحث عن عمل طيب، وتذكر قول الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(11/18626)
ثواب العمرة في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا اعتمر المسلم 7 مرات هل تحسب له حجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمرة في رمضان ثوابها يعدل ثواب حجة، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري: عن عطاء قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يخبرنا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار سماها ابن عباس فنسيت اسمها: ما منعك أن تحجين معنا، قالت: كان لنا ناضح فركبه أبو فلان وابنه لزوجها وابنها وترك ناضحا ننضح عليه، قال: فإذا كان رمضان اعتمري فيه فإن عمرة في رمضان حجة أو نحوا مما قال. انتهى.
ولم نقف على قول لأهل العلم أن العمرة في غير رمضان تعدل حجة ولو أكثر المسلم منها، لكن الإكثار من العمرة والمتابعة بينها مع الحج فضله عظيم، وراجعي الفتوى رقم: 31892.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1426(11/18627)
تكون العمرة رمضانية إذا أديت بعد غروب شمس آخر يوم من شعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[كل عام وأنتم بخير وأسأل الله أن يبلغنا رمضان إن شاء الله كنت أحب أن أستفسر عن ما إذا كان رمضان الخميس أو الجمعة وأنا أريد السفر لعمل عمرة، فهل يجوز عملها في ليلة أول يوم من رمضان بعد الساعة 12 مساءً؟ جزاكم الله خيرا، أفيدوني قريباً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبظهور هلال رمضان ينصرم شهر شعبان ويكون أداء العمرة في تلك الليلة داخل في حديث النبي: عمرة في رمضان تقضي حجة معي. متفق عليه عن أم سنان الأنصارية.
ولا يلزم الانتظار إلى نصف الليل فإن ليلة اليوم تبدأ من غروب شمس اليوم الذي قبله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1425(11/18628)
الحج.. فضله.. أهميته.. التوسعات في أماكنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي القضايا المستجدة في الحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحج اجتماع عام للمسلمين يلتقون فيه من شتى أقطار الأرض، وهو مظهر من مظاهر جمع كلمتهم ووحدة صفهم، وإصلاح ذات بينهم، وتقوية لأواصر المودة والإخاء فيما بينهم، وله فضل كبير، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعاً: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه. أي أن ذنوبه تغفر كلها.
وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. متفق عليه.
فالحج إذاً عبادة من أفضل العبادات التي شرعها الله تعالى، وليس هنالك جديد فيه من حيث هيئته وأركانه وواجباته، وإنما الجديد هو في بعض الظروف التي صارت تؤدى فيها تلك العبادة نظراً لتغير الزمان ووسائله.
وسؤال السائل عن الأمور المستجدة فيه لم يتبين لنا مراده منها، لكن إذا كان يريد ما استحدث من المطاف أو المسعى أو المرمى بغرض التوسعة على الطائفين أو الساعين أو الرماة، لحكم كثرة الناس والحرج الذي يجدونه لو لم تستحدث لهم هذه التوسعات، فقد سبق الجواب عن حكم أداء النسك في هذه التوسعات في الفتوى رقم: 25597.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1425(11/18629)
منزلة العمرة في شهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[منزلة العمرة في شهر رمضان، هل تكون منزلتها منزلة الحج أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان سؤالك هو عما إذا كانت العمرة في رمضان تتنزل منزلة حجة، بمعنى أن من فعلها تسقط عنه حجة الفرض مثلاً، فالجواب: أن لا، وإذا كنت تسأل عما إذا كان المعتمر في رمضان له أجر حجة مثلاً، ويرجع مغفور الذنوب فإن ذلك هو ظاهر حديث النبي صلى الله عليه وسلم، المتعلق بالعمرة في رمضان، وراجع الفتوى رقم: 13211.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(11/18630)
العمرة.. ومدى سببها في رفع البلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت سؤالا تم الرد عليه بالفتوى رقم38321 فهل تكون العمرة دافعا لما بي من بلاء؟ وما هي الأماكن والأوقات التي يستجاب فيها الدعاء في الحرم؟ وهل من دعوات مخصوصة؟ وهل شرب ماء زمزم له تأثير واقعي أم له تأثير نفسي فقط؟ وهل للإنسان دعوة مستجابه عند رؤية الكعبة للمرة الأولى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في سؤالك السؤال عن خمس مسائل:
أما الأولى: فهل فعل العمرة يدفع البلاء؟
وجواب ذلك أن الطاعات تدفع البلاء وتستجلب الرحمة، ولا شك أن أعظم الطاعت العمرة، وقد وردت في فضلها أحاديث كثيرة، ومن ذلك ما رواه الترمذي وأحمد وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: العمرة تكفر ما بينها وبين العمرة، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. وفي مسند أحمد وسنن النسائي والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة. قال الترمذي: حسن صحيح غريب. وذكره ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما.
وأما الثانية: فتتعلق بالأماكن والأوقات التي ترجى فيها إجابة الدعاء، وقد سبق ذلك في الفتوى رقم: 21256
وأما الثالثة: فطلبك لبعض الأدعية، وسبق في الفتوى رقم: 26544 والفتوى رقم: 32655،ويمكنك الدخول من خلال التبويب الموضوعي في موقعنا على الأذكار والأدعية، أو شراء كتاب الأذكار للإمام النووي.
وأما الرابعة فتتعلق بزمزم، وسبق الحديث عن ذلك في الفتاوى التالية برقم: 32688 ورقم: 8710 ورقم: 23503 ورقم: 8709.
وأما الخامسة من المسائل، فسبق جوابها في السؤال رقم: 41155.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/18631)
العمرة في الأشهر الحرم مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العمرة في الأشهر الحرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعمرة مشروعة طوال العام على الراجح من أقوال أهل العلم، كما بيناه في الفتاوى التالية أرقامها:
12864 / 20316 / 28322 / 35006
وبناء على هذا فالعمرة في الأشهر الحرم مشروعة أيضاً ولا مانع منها، إلا ما ذكر عن الحنفية من كراهة فعلها في بعض الأيام، كما بيناه في الفتاوى المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(11/18632)
الحج من أهم الطاعات التي تجب المبادرة إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
أرجو منكم موعظة لأوزعها على الناس نذكرهم فيها بوجوب تعجيل الحج على باقي أنواع السفر من النزهة وغيرها وأنه يكون قبل الزواج إلا لمن خشي الحرام
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر الله عز وجل عباده المؤمنين بالمسارعة إلى الخيرات، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على المبادرة بفعل الطاعات، وحذر من التكاسل والتهاون في أداء الفرائض.
قال الله عز وجل: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً [البقرة: 148] .
وقال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133] .
وقال تعالى: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [الحديد: 21] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا. رواه مسلم والترمذي وأحمد.
وفي رواية للترمذي: بادروا بالأعمال سبعا، هل تنظرون إلا فقرا منسيا، أو غنى مطغيا، أو مرضا مفسدا، أو موتا مجهزا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر.
وفي هذه الأحاديث وما أشبهها يحث النبي صلى الله عليه وسلم على المبادرة إلى الطاعات قبل تعذرها، والانشغال عنها بما يحدث من الفتن وشواغل الحياة.
قال في "تحفة الأحوذي": وفيها معنى التوبيخ على تقصير المكلفين عن المسارعة إلى الطاعات ... أي متى تعبدون ربكم، فإنكم إن لم تعبدوه مع قلة الشواغل وقوة البدن وتيسير الحال، فكيف تعبدونه مع كثرة الشواغل وضعف القوى؟!.. لعل أحدكم ما ينتظر إلا غنى مطغيا.. والقصد الحث على المبادرة إلى فعل الطاعة قبل الانشغال عنها وخلو شيء من ذلك. والحج من أهم أعمال الطاعات التي تجب المبادرة إليها، فهو أحد أركان الإسلام التي بني عليها، ولقد هم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن يضرب الجزية على من قدر على الحج ولم يحج، وذهب جمهور أهل العلم إلى أنه فرض على الفور.
ولتفاصيل ذلك، نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 6546، 21742، 28625.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1424(11/18633)
معاودة الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قمت بحج بيت الله، وبعدها زنيت وسرقت، ما الحكم علي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإنسان معرض للوقوع في المعاصي بسبب وسوسة الشيطان أو تزيين النفس الأمارة بالسوء، فعليك بالمبادرة إلى الاستغفار والتوبة الصادقة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون رواه الترمذي وابن ماجه والدارمي في السنن.
وقال أيضاً: ما أصر من استغفر ولو فعله في اليوم سبعين مرة. رواه الترمذي وأبو داود.
ومن التوبة الصادقة إرجاع الحق المسروق إلى صاحبه قبل أن يؤخذ من حسنات الآخذ في الآخرة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري وغيره.
ثم عليك بمعاودة الحج مع العمرة، فإنهما سبب لتكفيير الذنوب، لقوله صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة. رواه الترمذي وغيره.
وإذا كنت تقصد بالحكم عليك أنك قد حكم عليك بالسرقة وأديت الحق إلى صاحبه، فهذا كاف لبراءة ذمتك منه، لكن عليك بملازمة الاستغفار والتوبة، فإن الله تعالى يقبل توبة عبده إلى وقت الاحتضار، كما قال صلى الله عليه وسلم: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(11/18634)
ثواب الحج أفضل من ثواب العمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الحج والعمرة في الثواب؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أفضل ما يتقرب به العبد إلى خالقه جل وعلا تأدية الفرائض، كما قال صلى الله عليه وسلم: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. رواه البخاري قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ويستفاد منه أن أداء الفرائض أحب الأعمال إلى الله تعالى، قال الطوفي: الأمر بالفرائض جازم، وتقع بتركها المعاقبة، بخلاف النفل في الأمرين، وإن اشترك مع الفرائض في تحصيل الثواب، فكانت الفرائض أكمل، فلهذا كانت أحب إلى الله وأشد تقربا. اهـ.
ومن المعلوم أن النوافل إنما شرعت لتكملة نقص الفرائض، وعلى هذا فثواب الحج الواجب أفضل قطعا من ثواب العمرة، وكذلك إن كان غير واجب، كما دل على ذلك ظاهر الأحاديث، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 25525،.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(11/18635)
فوائد الحج والعمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي فوائد العمرة والحج في الدنيا والآخرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دل الكتاب والسنة على فضيلة الحج والعمرة وعظم ثوابهما، ومن ذلك قول الله تعالى (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم) ، وقال صلى الله عليه وسلم " الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم " رواه ابن ماجه وحسنه الألباني، ولهذا كانت فوائد الحج والعمرة كثيرة شملت مصالح المسلمين في الدنيا والدين، من بينها:
1-أن في الحج والعمرة إظهار التذلل لله تعالى، وذلك لأن الحاج والمعتمر يترك أسباب الترف والتزين ويلبس الإحرام ويظهر فقره لربه.
2-أن في تأديتهما شكراً لنعمة المال والبدن، وهما أعظم ما يتنعم به الإنسان من نعم الدنيا.
3-اجتماع المسلمين من أقطار الدنيا في مكان واحد فيتعرف بعضهم على بعض وتذوب الفوارق بينهم، حيث لا فرق بين غني وفقير، ولا بين عربي وعجمي، فيتفرقون بعد هذا المؤتمر ويعود كل منهم إلى بلده قوي الإيمان شديد النصح للإسلام والمسلمين.
4- غفران الذنوب كما قال صلى الله عليه وسلم " من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " رواه البخاري.
5-أنهما سبب في الغنى وبسط الرزق، فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد " رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(11/18636)
الجزاء يشمل من باشر الحج بنفسه ومن قام به غيره عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[اخي حج بعد أن حج عن نفسه في مرة سابقة، حج عن والدي المتوفى، والمعلوم من الاحاديث الصحيحة أن من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة، فهل يكون هذا الجزاء لمن تم الحج عنه أي عن والدي المتوفى مع أن والدي عرف عنه الصلاح والإيمان والطاعة ولم يتمكن من الحج في حياته؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشخص الذي مات قبل أن يحج حجاً واجباً وكان عاجزاً عن ذلك يطالب أقرب الناس إليه بأن يحج عنه، ويحصل للميت أو العاجز أجر الحج إن شاء الله تعالى لأن الأحاديث التي ترغب في الحج جاءت بصيغة العموم تشمل من باشر الحج بنفسه ومن قام به غيره عنه، ومن هذه الأحاديث حديث " من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " متفق عليه، وعليه فإن أخاك قد أحسن حين قام بأداء الحج نيابة عن والده المتوفى، وهو مطالب بذلك بدليل ما يلي: ففي صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضتيه؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء، وعن ابن عباس أن امرأة من خثعم قالت: " يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج ادركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال نعم "، وذلك في حجة الوداع، متفق عليه، ووالدك إذا كان تركه للحج بسبب عدم الاستطاعة فلا إثم عليه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1424(11/18637)
يقدم العمرة على النكاح إلا إذا خاف على نفسه العنت
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أداء العمرة بالرغم من أني لم أتزوج إلى الآن فهل أعتمر أم أضيف هذا المبلغ لكي يساهم في نفقات الزواج؟ علما بأن سني 24 عاماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى وجوب العمرة مرة في العمر كالحج، وذلك إذا توفرت الشروط الموجبة لذلك، ومن جملتها توفر المال اللازم لذلك، لكن إذا كان الإنسان يخاف على نفسه الوقوع في الزنا، وليس لديه مال يكفي لأداء العمرة، ودفع تكاليف الزواج فإنه والحالة هذه يقدم النكاح، قال ابن قدامة في المغني: (وإن احتاج إلى النكاح وخاف على نفسه العنت قدم التزويج لأنه واجب عليه ولا غنى به عنه فهو كنفقته، وإن لم يخف قدم الحج لأن النكاح تطوع.) انتهى.
والحاصل: أنه إذا كان السائل يخاف الزنا قدم النكاح على العمرة وإلا قدم العمرة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1423(11/18638)
هل اعتمر عليه الصلاة والسلام في شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أردت السفر لأداء عمرة في هذا الشهر المبارك لكن وقعت لي ظروف منعتني من السفر فهل يمكن أن أعتمر في شوال؟ وهل كان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يعتمر في شوال؟ وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لك أن تعتمر في شوال أو غيره من أيام السنة، وهو مذهب جماهير أهل العلم.
وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فالراجح أنه لم يعتمر في شوال لما جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أربع عُمَرٍ كلهن في ذي القعدة؛ إلا التي كانت مع حجته: عمرة من الحديبية أو زمن الحديبية في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من الجِعْرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته.
وأما ما رواه أبو دواد في سننه عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اعتمر عمرتين: عمرة في ذي القعدة، وعمرة في شوال.
فقد جاء عنها أيضاً ما يخالف ذلك عند ابن ماجه، وذلك قولها: لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا في ذي القعدة.
قال ابن القيم عن حديثها عند أبي داود: (وهذا الحديث وهم.
) وجمع بينهما الحافظ فقال: (ويجمع بينهما بأن يكون ذلك وقع في آخر شوال وأول ذي القعدة.
) والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1423(11/18639)
العمرة تكفر الصغائر دون الكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تغفر وتكفر "العمرة" الكبائر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: العمرة إلى العمرة تكفر ما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
قال في تحفة الأحوذي شارحاً للحديث: (العمرة إلى العمرة تكفر ما بينهما، من الذنوب دون الكبائر.) انتهى
وفي شرح سنن ابن ماجه قوله: ("العمرة إلى العمرة." هذا ظاهر في فضيلة العمرة، وأنها مكفرة الخطايا الواقعة بين العمرتين. والمراد بالخطايا الصغائر، لأن الكبائر كما قال القاضي إنما تكفر بالتوبة أو رحمة الله وفضله، وهو مذهب أهل السنة.) انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(11/18640)
الحج أفضل من العمرة مطلقا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
أيهما أفضل الحج أم العمرة في رمضان وقيام العشر الأواخر بالحرم المكي.؟
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحج أفضل من العمرة سواء كانت في رمضان أو غير رمضان، وسواء حصل معها اعتكاف وقيام في العشرالأخير من رمضان أو لم يحصل، ويدل على ذلك:
قوله صلى الله عليه وسلم " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " رواه البخاري ومسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم " من حج فلم يرفث ولم يفسق عاد كيوم ولدته أمه " رواه البخاري ومسلم.
هذا في المقارنة بين الحج وبين العمرة في رمضان عند الإطلاق. أما إذا كان الحج حج الفريضة فلا مقارنة أصلاً.
فإن قيل: قد روى البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " عمرة في رمضان تعدل حجة معي " قيل: ذلك في الجزاء لا في الإجزاء، فثواب العمرة في رمضان معادل لثواب الحج معه صلى الله عليه وسلم، ولكن عمرة رمضان لا تجزئ عن حج الفريضة، أجمع على هذا أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(11/18641)
حج ثم زنا.....هل يعيد الحج؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل حج إلي بيت الله وبعدها نكح امرأة ليست بزوجته 3 مرات وقد تاب ولكن هذه المرأة دائما تحرضه على فعل الفاحشه معها وهو يحاول جاهداً أن يتفادها فما هو الحكم وهل عليه أن يحج مرة أخرى مع أنه تاب وليس باستطاعته أن يحج مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن تاب تاب الله عليه إذا صدق في توبته، ومن حج ثم زنا وتاب فإنه لا يلزمه إعادة الحج، وراجع لزاماً الفتوى رقم: 2189 - والفتوى رقم: 14035.
كما يجب عليه البعد عن هذه المرأة وقطع جميع العلاقات بها، نسأل الله أن يثبتنا جميعاً على طاعته، وأن يقينا شر أنفسنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(11/18642)
هل يترتب على العمرة مغفرة ما تأخرمن الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين.
سؤالي هو إنني إن شاء الله أريد أن أعتمر:
ا) كيف يتم الاعتمار في بيت الله؟
ب) أبي وأخي وجدتي انتقلوا إلى رحمته تعالى هل أقدر أن أعتمر لهم وهل سيغفر لهم ما تقدم وما تأخر كما يغفر للحي الذي يعتمر؟
أجيبوني بأسرع وقت جزاكم الله كل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان كيفية أداء العمرة في جواب سابق برقم:
10014 فليرجع إليه، كما بينا في نفس الجواب جواز الاعتمار عن الغير لكن بشرط أن يكون هذا الغير متوفى أو عاجزاً لا يستطيع مباشرة العمرة أو الحج بنفسه، ومن اعتمر عن غيره فالثواب حاصل إن شاء الله لهذا الغير، وننبه السائل إلى وهم حصل له وهو قوله: سيغفر لهم ما تقدم وما تأخر، فإنه لم يرد في شيء من الأحاديث -فيما نعلم- ترتيب مغفرة ما تأخر من الذنوب على العمرة بل الوارد مغفرة ما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1423(11/18643)
العمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل العمرة في رمضان تعادل الحج وهل يعود المعتمر كيوم ولدته أمه خاليا من الذنوب؟
2-إذا مات المعتمر أثناء أداء عمرته فما ثوابه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عمرة في رمضان تقضي حجة معي" فالعمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث: "من حج فلم يرفث ولم يفسق عاد كيوم ولدته أمه" رواه البخاري ومسلم.
فنرجو لمن اعتمر في رمضان أن يعود كيوم ولدته أمه خالياً من الذنوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(11/18644)
من تاب بعد الزنا وصلحت توبته تاب الله عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الدين فى شخص ذهب إلى العمرة مرتين متتاليتين ودعا الله بالتفقه فى الدين واستجيبت دعوته ثم زنا مرتين أيغفر الله له بعد ذلك؟ وما السبيل للخلاص من هذه العادة أفيدونى يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ...
فإن الزنا كبيرة من الكبائر العظام، سماها الباري فاحشة قال تعالى: " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً" وقد قرن الكلام عن الزنا بالكلام عن الشرك وقتل النفس، وذلك في الحديث عن صفات عباد الرحمن قال تعالى: " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً". ... فتب إلى مولاك توبة نصوحاً من تلك الكبيرة العظيمة واندم على فعلها ومن تاب تاب الله عليه قال تعالى: " ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عبادة ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم". ... وقال تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون". والذي يحفظ المؤمن من الوقوع في الحرام أن يسد على الشيطان مجارية ويقطع عليه حبائله قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر". وعليك بغض البصر فإن البصر يريد الزنا، وعدم الخلوة بغير محارمك فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما. والله ولي التوفيق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/18645)
من اعتمر في رمضان ثم سافر ثم رجع في السنة نفسها للحج المفرد فليس متمتعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بالسعودية، وفي آخر شهر رمضان توجهت إلى مكة لأداء عمرة، ورجعت لعملي على بعد 1300 كم من مكة، وبعد ذلك ذهبت للحج في نفس العام، وأحرمت من الميقات، ودخلت في مناسك الحج، ولم أكن أنوي سوى الحج، فهل أكون متمتعا وعلي هدي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تكون بما ذكرته متمتعاً ولا يلزمك هدي، لأن التمتع هو الإحرام بالعمرة في أشهر الحج، ثم التحلل منها والإحرام بالحج في نفس السنة، وما دمت قد أحرمت بالعمرة في رمضان فلست بذلك متمتعاً، وسواء أديت مناسك العمرة في رمضان كما هو الظاهر أوبعده على الراجح، وإن كان كثير من أهل العلم يذهبون إلى أن من أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج وتحلل منها في أشهره يكون متمتعاً، قال ابن قدامة في المغني: ولا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أن من اعتمر في غير أشهر الحج عمرة وحل منها قبل أشهر الحج أنه لا يكون متمتعاً إلا قولين شاذين، فأما إن أحرم بالعمرة في غير شهر الحج ثم حل منها في أشهر الحج فمذهب أحمد أنه لا يكون متمتعاً ونقل معنى ذلك عن جابر وأبي عياض وهو قول إسحاق وأحد قولي الشافعي، وقال طاووس: عمرته في الشهر الذي يدخل فيه الحرم، وقال الحسن والحكم وابن شبرمة والثوري والشافعي في أحد قوليه: عمرته في الشهر الذي يطوف فيه، وقال عطاء: عمرته في الشهر الذي يحل فيه وهو قول مالك، وقال أبو حنيفة: إن طاف للعمرة أربعة أشواط في غير أشهر الحج فليس بمتمتع. انتهى.
وعلى فرض كونك قد أديت العمرة في أشهر الحج فلست متمتعاً كذلك، لكونك رجعت إلى بلدك بعد أداء العمرة وشرط لزوم الهدي وصدق اسم التمتع على الحاج أن لا يرجع إلى بلده بعد أداء العمرة، قال ابن قدامة مبيناً مذاهب العلماء في هذه المسألة: الثالث: أي من شروط لزوم الهدي في حج التمتع، أن لا يسافر بين العمرة والحج سفراً بعيداً تقصر في مثله الصلاة نص عليه وروي ذلك عن عطاء والمغيرة المديني وإسحاق، وقال الشافعي: إن رجع إلى الميقات فلا دم عليه، وقال أصحاب الرأي: إن رجع إلى مصره بطلت متعته وإلا فلا، وقال مالك: إن رجع إلى مصره أو إلى غيره أبعد من مصره بطلت متعته وإلا فلا، وقال الحسن: هو متمتع وإن رجع إلى بلده واختاره ابن المنذر. انتهى.
وبه تعلم أن مذهب الجمهور خلافاً للحسن وابن المنذر أن من رجع إلى بلده بعد أداء العمرة في أشهر الحج ثم حج من عامه فإنه ليس متمتعاً، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: إذا رجع المتمتع إلى بلده ثم أنشأ سفراً للحج من بلده فهو مفرد، وذلك لانقطاع ما بين العمرة والحج برجوعه إلى أهله، فإنشاؤه السفر معناه أنه أنشأ سفراً جديداً للحج وحينئذ يكون حجه إفراداً، فلا يجب عليه هدي التمتع حينئذ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(11/18646)