الزكاة والضريبة مصطلحان متغايران
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الزكاة والضريبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هناك فرقاَ بين الزكاة والضريبة من عدة وجوه:
أولاً: الزكاة جزء من مال المسلم فرض الله عليه أن يخرجه على الوجه المخصوص، والضريبة فرضتها الدولة لقاء خدماتها للمواطنين.
ثانياً: الزكاة يجب دفعها إلى الفقراء والمساكين وبقية الأصناف الثمانية، والضريبة للدولة، ولا علاقة لها بالفقراء ولا غيرهم من الأصناف الثمانية.
ثالثا: الزكاة حدد الشارع مقدارها، ولا يستطيع أحد أن يزيد فيها أو ينقص منها، والضريبة يحددها الحاكم، فيزيد وينقص حسب مصلحة الدولة.
رابعاً: الزكاة لها شروط خاصة من نصاب وحول وملكية وإسلام، والضريبة لا تخضع لشيء من هذه الشروط، وإنما تكون حسب ما يراه الحاكم وتقتضيه المصلحة، وتختلف من بلد لبلد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/15795)
يجوز دفع الزكاة للدولة لتوزعها للفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الدول الاسلامية تجبر الدولة أصحاب الشركات الخاصة بدفع الزكاة للدولة،علماً بأن أصحاب هذة الشركات أعتادوا على دفع الزكاة للمحتاجين.
سؤالي لمن تدفع الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله آله وصحبه وبعد:
إذا كانت الدولة تقوم بدفع الزكاة إلى أهلها من الأصناف الموجودة، وهي تقوم بنظام الزكاة كما تفعله بعض الدول اليوم، فدفع الزكاة إلى الدولة أحسن من أن يدفع الشخص بنفسه، لأنه لا يطلع على الفقراء والمساكين مثل ما يتوفر للدولة. أما إذا علم بأن الدولة لا تقوم بدفع حقوق الناس على الوجه المطلوب، فلا يجوز دفعها إليها لأنه تكون إعانة على الظلم وذلك لا يجوز. وإن كان لدى الشخص أو الشركة أشخاص لا يصل حقهم من الدولة، فيترك قسطاً من الزكاة ليدفع لهم حتى يعم الخير.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/15796)
المال المستفاد وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المال الزائد من الراتب هو المقصود به المال المستفاد، وهل عليه زكاه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمال المستفاد هو كل ما يستفيده الشخص ويملكه ملكاً جديداً بوسيلة شرعية، وعليه فما زاد من الراتب على الاستهلاك داخل في المال المستفاد، حسب التعريف السابق له وعلى كل حال فتجب فيه الزكاة إن بلغ نصاباً بنفسه أو بما ينضم إليه من جنسه، وتم عليه وهو في ملك مالكه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/15797)
كيف تحسب وتخرج زكاة أموالك.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر يبلغ رأس مالى 100000 جنيه وهو عبارة عن: 1- أموال نقدية 15000 جنيه 2- شيكات تستحق السداد بعد 6 شهور قيمتها 18000 جنيه 3- شيكات تستحق السداد بعد عام قيمتها 17000 جنيه 4- شيكات تستحق السداد بعد عام ونصف قيمتها 10000 جنيه 5- شيكات تستحق السداد بعد عامين قيمتها 5000 جنيه 6- بضائع قيمتها 21000 جنيه 7- حسابات جارية مفتوحة عند العملاء قيمتها 19000 جنيه وقد أفتانى أحد المشايخ بأن الزكاة تكون على النقود والبضائع الموجودة فقط لأن الشيكات لا ندرى هل يقوم أصحابها بدفعها أم لا إلى جانب أن الشيكات التى تزيد عن عام سوف أضطر الى دفع الزكاة عنها هذا العام والعام المقبل فأرجو مساعدتى فى حساب الزكاة لأن عددا كبيرا جدا من التجار ينتظرون الإجابة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
1- فالزكاة واجبة عليك فيما تملكه من الأموال النقدية، وهي 15000 جنيه.
2- وكذلك تجب عليك زكاة ما عندك من البضائع، وذلك بأن تقوّمها بسعر يوم الزكاة، ثم تخرج ربع العشر من ذلك.
3- وأما الشيكات التي تستحقها على غيرك فهذه تعامل معاملة الدين، والدين لا يخلوا من حالين:
الأول: أن يكون على مليء قادر معترف به، فهذا تزكيه كلما حال الحول.
الثاني: أن يكون الدين على معسر أو جاحد مماطل تشك في الحصول عليه منه، فهذا تزكية إذا قبضته لسنة واحدة.
على أن هذه الشيكات المتأخرة ليست مجرد ديون، وإنما هي أموال تجارة مراعى فيها أرباحها، فلا إشكال في كونك تزكيها هذا العام، والذي بعده قبل قبضها.
4- وكذلك يلزمك زكاة الحسابات الجارية المفتوحة عند العملاء ما دمت ترجو حصولها، أو رجوع بضاعتك إليك عند عدم بيعها.
واعلم أن الزكاة بركة ونماء للمال، وأنك تنفق مما أعطاك الله بأمر الله تعالى، فهنيئاً لمن أدى زكاة ماله طيبة بها نفسه.
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/15798)
يجوز للدولة فرض ضرائب على المواطنين بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في الضرائب؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فيجوز للدولة أن تفرض ضرائب على المواطنين لتوفر بما تجنيه من الضرائب الخدمات اللازمة كتعبيد الطرق وبناء المستشفيات والمدارس، وغير ذلك من المصالح العامة لكن بشرط أن تستنفد كل ما في بيت المال (الخزينة العامة) أما إذا جعلت ضرائب على المواطنين بدون مقابل أو جعلتها عليهم وفي بيت المال ما يكفي للقيام بالخدمات اللازمة والمصلحة العامة فإن ذلك محرم شرعاً، وآخذها لا يدخل الجنة، كما ثبت في المسند من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة صاحب مكس يعني العشار". والمكوس: هي الضرائب ونحوها مما يؤخذ بغير حق شرعي. كما أن جواز الأخذ للحاجة الضريبية مقيد كذلك بما إذا لم يكن هنالك تسيب أو سوء استخدام في المال العام.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/15799)
لا يجوز التزويرعلى الجمارك إن كان المأخوذ بحق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التزوير في بعض أوراق خاصة ببضاعة لتسهيل خروجها من الجمارك وذلك حتى لا ندفع مبلغاً معيناً على تلك البضاعة؟ علما بأننا لا نتعدى بذلك على حق أحد ولكنها القوانين الوضعية التى تجبرنا على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لأحد أن يزور أوراق تسهيل البضاعة للخروج من الجمارك دون دفع الجمارك إذا كانت هذه الرسوم فرضت بحق مقابل خدمات تقدمها الدولة المعنية للمنتفعين بها وليس للدولة موارد أخرى كافية، ولم يكن هناك تسيب في المال العام. ومنه يعلم جواب السؤال. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/15800)
الصدقة الجارية أفضل من الصدقة المنقطعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصاني والدي قبل وفاته إنه إذا توفي أن أتصدق بنحر عدد اثنين من الإبل وتوزيعها على الفقراء، فهل هذا جائز؟ وهل من الممكن التصدق بقيمة الجملين لإحدى المدارس أو المساجد لتكون صدقة جارية بدلاً من شراء الجملين ونحرهما، أو إذا كان هناك طريقة أخرى للصدقة على والدي تكون أفيد له في مماته، علما بأن المال الذي سيتم به شراء الجملين أو التصدق بالقيمة هو من مالي الخاص وليس من مال والدي؟ بارك الله فيكم وجزاكم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدكم ولجميع موتى المسلمين، ولتعلم أن من تمام بر الوالدين إنفاذ وصيتهما بعد موتهما، فقد روى الإمام أحمد في المسند وابن ماجه في سننه وغيرهما عن أبي أسيد مالك بن ربيعة رضي الله عنه قال: بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله أبقي من بر أبوي شيء أبرهما به من بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإيفاء بعهودهما من بعد موتهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما. والحديث تكلم بعض أهل العلم في سنده، وإذا كانت الوصية في غير مال والدك الخاص، فالأفضل تنفيذها إن استطعت ولكن ذلك ليس بواجب عليك.
وما دمت تريد تنفيذ الوصية من مالك الخاص، فإن الأمر يعود إليك، فإن شئت جعلته في صدقة جارية في بناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى ... أو توفير ماء لمن يحتاجونه، ولك أن توزع القيمة على الفقراء والمساكين فكل ذلك من الصدقة التي ينتفع بها الميت ويصله ثوابها، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 9998.
ولكن الصدقة الجارية أفضل من الصدقة المنقطعة؛ كما جاء في حديث أنس مرفوعاً: سبع يجري للعبد أجرها بعد موته وهو في قبره: من علم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته. رواه البزار. نسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(11/15801)
هل يمتنع عن دفع الصدقة لمن يشك أنه سيسيء استخدامها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم أفيدوني: فقد اختلفت مع أحد في حكم تقديم الصدقات لمن تشك أنه سيستعملها في الموضع الصحيح كأن يبني بها مساجد أو يطعم بها جائعا أو يداوى بها مريضا، ومحل شكي هذا الصمت العام للسائل أو الجهة المسئولة عن جمع هذه الصدقات.
ملاحظة: ليس لشكي مدخل إلا فيما أراه بعيني كأن يبقى مسجد يبنى لمدة سنتين أوثلاث أوأربع والتبرعات والصدقات تجمع باسمه وحجتهم في ذلك البناء بمواصفات خاصة.
أنا لا أنكر أن هناك من أهل الخير من يحب أن يتقن العمل لله، ولكن هناك مرتزقة من حولهم تأخذ من صدقات المساجد وغيرها في كل مكان.
أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يتعين على المسلم البعد عن إساءة الظن بالناس، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12} .
وفي حديث الصحيحين: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث.
ولا مانع عند الشك في أمانة شخص ما أن تتجنب دفع الصدقات إليه، أو أن تتولى بنفسك القيام بتوزيع الصدقة وبناء المسجد أو غير ذلك من أعمال الخير أو توكل في ذلك من تثق به من دون تشهير بالآخرين والكلام فيهم من دون بينة، وراجع الفتوى رقم: 54310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(11/15802)
يطحن للناس ويتصدق باليسير الباقي في آلة الطحين
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أصحاب الدكاكين يستفتيكم في هذا الأمر حيث إنه يقوم بطحن الفلفل للناس عن طريق آلة الطحين غير أن هذه الآلة كلما يقوم بالطحن فيها إلا ويتخلف بداخلها شيء من طحين الفلفل الذي لا يستطيع أن يستخرجه بعد كل عملية طحن وهذا لما فيه من ضرر للآلة، ولكن بعد العديد من المرات يفتح هذه الآلة ويستخرج هذا المتبقي من الطحين ويقوم بالتصدق به على الفقراء. فما قولكم في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما عن هذا التاجر فما يسأل عنه مما يتبقى في آلة الطحن مما يشق دفعه إلى صاحبه، فهذا من اليسير جدا، والذي تجري في مثله المسامحة عادة، فإن أراد الصدقة به بعد اجتماعه فهذا من الورع الذي يحمد عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1430(11/15803)
هل يأثم إذا لم يتصدق من ماله بشيء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص أعمل ولدي راتب 5200 ر س وعندي ارتباط السيارة 1630 رس، وقسط لشخص 1000 رس ومشاركة في مصروف إخواني 1000 رس مع إخواني البقية، وأعمل بالعاصمة ولدي مصروف السكن والمأكل والسيارة وأسرتي بنفسي مع زوجتي ولا يبقى لدي سوى بعض الريالات أدخرها لوقت الحاجة وهي لا تتعدى 300 رس، وكل شهر تأتي ظروف صعبة علي وبعض الأحيان أتصدق بشئ منها وأكثر الأوقات لا أتصدق وبالكثير والسبب في ذلك أني أخاف أن يحصل أي ظرف طارئ ولا أجد مالا له. فهل أنا مخطئ في ذلك؟ وهل ما أنفقه على أهلي يعتبر صدقة من مالي وتكفي لي عن الناس الآخرين لأنه يبقى القليل من المال وأدخره لي والله إني أعلم أن الله هو الرزاق وهو يتكفل بمن خلق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك حرصك على الخير ورغبتك فيه، واعلم أنه لا إثم عليك ولا حرج إن لّم تتصدق بشيء من مالك لأن الصدقة مستحبة وليست واجبة، فإن بلغ ما تدخره نصابا وحال عليه الحول الهجري وجبت عليك زكاته.
ولا حرج عليك في ادخار بعض المال لما ينوب من الأحداث فإن النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد المتوكلين كان يدخر لأهله قوت سنة، واعلم أن إنفاقك على نفسك وأهلك واجب عليك، وهو من الصدقات، بل من أنفع الصدقات، وإنفاقك على إخوتك هو من الصدقات العظيمة بل هو صدقة وصلة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى النسائي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من فضل عنده شيء فأنفقه فهو خير له وأن العبد لا يلام على كفاف، فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى.
قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: ومعناه إن بذلت الفاضل عن حاجتك وحاجة عيالك فهو خير لك لبقاء ثوابه وان أمسكته فهو شر لك، لأنه إن أمسك عن الواجب استحق العقاب عليه وان أمسك عن المندوب فقد نقص ثوابه وفوت مصلحة نفسه في آخرته وهذا كله شر. ومعنى لا تلام على كفاف أن قدر الحاجة لا لوم على صاحبه وهذا اذا لم يتوجه في الكفاف حق شرعي كمن كان له نصاب زكوي ووجبت الزكاة بشروطها وهو محتاج إلى ذلك النصاب لكفافه وجب عليه إخراج الزكاة ويحصل كفايته من جهة مباحة، ومعنى أبدأ بمن تعول أن العيال والقرابة أحق من الأجانب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(11/15804)
حكم التنويه والتمجيد بالمتبرعين أمام الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا عادة في غالب مساجد فرنسا وهي: أنهم إذا أرادوا أن يجمعوا التبرعات لصالح مسجدهم أو لمسجد آخر يقوم الإمام والمسؤول فيعلن، فتأتي التبرعات تباعا وربما يهيب بفلان أو علان بأنه تبرع بكذا فادعوا له، ف هل يجوز هذا داخل المسجد وبجانب المحراب أم لا؟ وقد يستغرق هذا التحفيز ساعة أو ساعتين.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ضير في أن يقوم إمام المسجد أو شخص آخر في المسجد بالدعوة إلى جمع تبرعات لمصلحة مسجد أو غيره من المصالح التي تهم المسلمين، ويشرع التنويه والتمجيد بالمتبرعين، ويدل لذلك طلب النبي صلى الله عليه وسلم جمع المال للمضريين الذين جاءوا حفاة عراة، فجاء رجل بصرة كادت كفه تعجز عنها ثم تتابع الناس فقال صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده. كذا في صحيح مسلم.
ولما حض النبي صلى الله عليه وسلم على البذل في غزوة تبوك وتسابق الصحابة في الإنفاق كان من أكثرهم بذلا عثمان ـ رضي الله عنه ـ فنوه النبي صلى الله عليه وسلم بعثمان وقال فيه: ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم.
كما في الحديث عن عبد الرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في كمه حين جهز جيش العسرة فنثرها في حجره، قال عبد الرحمن: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها في حجره ويقول: ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم. رواه الترمذي وابن أبي عاصم، وحسنه الألباني.
وراجع الفتويين رقم: 76412، ورقم: 28802.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1430(11/15805)
توزيع المرأة طعاما بنية أنه إفطار صائم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن توزع تمرا بنية إفطار صائم على أي مجموعة في الشارع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تفطير الصائمين من أفضل الأعمال الصالحة التي يثاب عليها المسلم المحتسب لثواب الله جل جلاله، ففي الحديث الذي رواه سلمان الفارسي: من فطر صائماً كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء.. الحديث رواه ابن خزيمة في صحيحه وغيره.
ولا فرق بين المرأة والرجل في هذه القربة، وإذا تصدقت المرأة أو الرجل بطعام تمراً أو غيره على صائم بنية إفطاره فإنها إن شاء الله تحصل على أجر ما نوته إن أفطر به بالفعل، وإن لم يفطر به فسوف تحصل على أجر الصدقة والنية الحسنة.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 56654، 68828، 40993، 41051.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1430(11/15806)
حكم دفع الأموال المتصدق بها على المساجد إلى المدارس
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سألت قبل عدة أيام عن أموال المسجد الموقوفة عليه، هل يجوز إعطاؤها لمدرسة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بتلك الأموال ما يجمع في المساجد مما يتبرع به المتصدقون لإنفاقه في وجوه البر دون تحديد، فلا حرج في الإعطاء منها للمدارس، حيث إنها من المنافع العامة للمسلمين، أما إن كانت أموال زكاة فلا يجوز صرفها إلا في مصارف الزكاة الثمانية، وانظر لذلك الفتوى رقم: 27006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1430(11/15807)
حكم دفع الصدقة لجمعية خيرية تضع مالها في بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التبرع بأموال الصدقة للجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تودع أموالها في حسابات ربوية في البنوك؟ فهل يحرم التبرع لها؟ أم هناك تفصيل؟ وما الحكم إذا كان أغلبها في بلد المتصدق كذلك، أو كان بينها تداخل بحيث يصعب على المتصدق التمييز بينها؟ وهل يختلف الحكم إذا ظن المتبرع ذلك ولم يتأكد منه؟ وهل يُحرَم المتبرع ثواب الصدقة إذا علم بذلك؟ أم يحصل على الثواب مع الإثم؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للجمعيات الخيرية أن تضع أموالها في بنوك ربوية إلا أن تضطر إلى ذلك، وتوضع عند الضرورة في حساب جار لا فائدة عليه، وبالنسبة للمتصدق فالمطلوب منه أن يتحرى فيدفع صدقته لجمعية لا تفعل ذلك، أو يعلم أنها معذورة، وإذا اجتهد في التعامل مع جمعية ملتزمة فنرجو له الأجر كاملاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 33402.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1430(11/15808)
الصدقة الجارية هي الوقف
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أريد أن أتصدق بمال، فوضعت هذا المال في صندوق عمارة المسجد، فهل تكتب صدقة؟ وهل الصدقة التي تنفق على فقير أكثر أجرا من الموضوعة في عمارة المسجد؟ وهل الصدقة على المرضى بالسرطان تعتبر صدقة جارية؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن وضع الأموال في عمارة المساجد من أفضل الصدقات وأعظم القربات، وحسبك قول النبي صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح من حديث عثمان ـ رضي الله عنه: من بنى لله مسجدا ـ ولو كمفحص قطاة ـ بنى الله له بيتا في الجنة.
فهذا المال الذي وضعته في عمارة المسجد مكتوب لك أجره ومعدود في الصدقات ـ إن شاء الله ـ وأما، هل عمارة المسجد أولى أم الصدقة على الفقراء؟ فهذا الأمر يختلف بحسب المصلحة، ويتوقف على معرفة حاجة المسجد وحاجة الفقراء، فإن كانت حاجة الفقراء ماسة وكان المسجد له ما ينفق منه على عمارته أولم يكن بحاجة ماسة إلى العمارة، فالصدقة على الفقراء أولى، وأما إذا لم تكن بالفقراء حاجة ماسة وكان المسجد بحاجة إلى العمارة فهو أولى أن ينفق عليه، وقد أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 50512، فانظرها.
وأما الصدقة على مرضى السرطان إذا كانوا فقراء فهي من أفضل الأعمال، فإن من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن لم يكن ذلك داخلا في مسمى الصدقة الجارية، فإن الصدقة الجارية هي التي يدوم نفعها ويستمر ما دامت الصدقة باقية، فالصدقة الجارية هي الوقف كما نص على ذلك أهل العلم قال النووي في شرح حديث: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية. وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(11/15809)
حكم بناء مدرسة بالمال المتبرع به لبناء مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني بمنح الجواب لسؤال مهم جزاكم الله خيرالجزاء: فهل يجوز بناء مدرسة من الأموال التى تبرع بها الناس للمسجد؟ علما بأن تلك الأموال ليست وقفا، وأيضا تلك الأموال لا تستخدم في مصالح المسجد فى الوقت الحاضر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل هو وجوب مراعاة المقصد الذي بذل أصحاب المالِ المالَ من أجله، فلا يجوزصرفه في غيرالوجه الذي عينوه إلا بإذنهم، فإن كانوا قد عينوا المسجد مصرفا لهذا المال لم يجزالانتفاع به بصرفه إلى تلك المدرسة، فإذا أذنوا جاز حينئذ صرفه إليها، وقد نص الفقهاء على وجوب مراعاة مقصود المتصدق ـ وإن لم تكن صدقته وقفاـ قال الشيخ زكريا الأنصاري ـ رحمه الله: وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِلَك بِهَا عِمَامَةً أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ تَعَيَّنَتْ لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ.
وجاء في حاشية الجمل: لَوْ دَفَعَ لَهُ تَمْرًا لِيُفْطِرَعَلَيْهِ تَعَيَّنَ لَهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ نَظَرًا لِغَرَضِ الدَّافِع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1430(11/15810)
الصدقة الجارية عن النفس والغير وهل يبقى ثوابها إذا تعطلت
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت مروحة سقفية كصدقة جارية لوالدي المتوفى وأهديتها للمسجد القريب منا، وعندما حصلت الطائفية في العراق طرد إمام المسجد وسرقت كل ممتلكاته، أوأحرقت، فهل تستمر الصدقة الجارية لوالدي إن انقطعت بسرقة المروحة أو حرقها؟ وهل يجوز أن أعمل صدقه جارية لنفسي؟ أم أنها للميت فقط؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك برك بأبيك وحرصك على نفعه بعد موته، وأنت مأجورة ـ إن شاء الله ـ بنيتك الصالحة، وقد وصل لأبيك ثواب ما تصدقت به عنه ـ إن شاء الله ـ ولكن انتفاع الحي أو الميت بما يُجرى من الصدقات إنما يكون ما دامت الصدقة الجارية باقية فإذا تعطل الانتفاع بها لم يجر ثوابها ـ لا على من بذلها ولا عن من بذلت عنه ـ قال المنذري ـ رحمه الله ـ معلقا على حديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.
قال بعضهم عمل الميت منقطع لموته، لكن هذه الأشياء لما كان هو سببها من اكتسابه الولد وبثه العلم عند من حمله عنه أوإبداعه تأليفا بقي بعده ووقفه، هذه الصدقة بقيت له أجورها ما بقيت وَوُجدت. انتهى.
واعلمي أن التصدق عن الميت ينفعه بلا خلاف بين أهل العلم، ولكن الحي أولى بأن يتصدق عن نفسه فلا يشترط في الصدقة الجارية أن تكون عن الميت، بل الأصل أن الحي يوقف وقفا ويجري الصدقة على نفسه ليستمر له ثوابها بعد موته، قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح حديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أوعلم ينتفع به، أوولد صالح يدعو له.
قال العلماء معنى الحديث: أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة، لكونه كان سببها، فإن الولد من كسبه وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أوتصنيف وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف. انتهى.
وبه تعلمين أنك تنتفعين ـ إن شاء الله ـ بما تجرينه على نفسك من الأوقاف والصدقات الجارية ويعود عليك نفع ذلك بعد الموت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1430(11/15811)
تصدقي من مالك بدون علم أمك
[السُّؤَالُ]
ـ[في رمضان نخرج من إفطارنا إطعاما لفقيرة نعرفها وكنت أشتري لها زجاجة عصير يوميا دون علم أحد إلا أخي الذي يذهب لها بالطعام، لأنها صدقة بيني وبين ربي، وعندما علمت أمي ثارت علي وقالت هذا يجعل الفقير يحقد علينا، فقلت لها الله يعلم نيتي، فقالت لي نيتك سوداء وأنها غير راضية عن أي تصرف أفعله دون علمها وخاصمتني، فهل أنا مخطئة فيما فعلت؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تشترين هذا العصير من مالك وليس من مال والدتك فليس في ذلك خطأ، بل هذا العمل من أفضل أعمال البر التي يحبها الله، ولا حقّ لأمّك في منعك من ذلك، لكن عليك الرفق بها والحذر من إغضابها، فإنّ حقّ الأمّ عظيم، فيمكنك أن تتصدقي دون علمها ولا يلزمك أن تخبريها بذلك، ولا يضرّك عدم رضاها عن هذا الفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1430(11/15812)
هل يعد التصدق بالمال من الجهاد في سبيل الله
[السُّؤَالُ]
ـ[التصدق بالمال، هل يعتبر من أنواع الجهاد؟ من باب: أن النفس جبلت علي حب المال.
أعانكم الله ووفقكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في عظم فضل الصدقة وأنها من أعظم القربات، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة جدا، وإذا أريد كون الصدقة من الجهاد بهذا المعنى الأعم وهو ما فيها من مجاهدة النفس ومخالفة الهوى فيصح حينئذ أنها من الجهاد، فعن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه. رواه ابن النجار وصححه الألباني.
قال المناوي ـ رحمه الله: ولعمري إن جهاد النفس لشديد، بل لا شيء أشد منه فإنها محبوبة وما تدعو إليه محبوب فكيف إذا دعيت إلى محبوب؟ فإذا عكس الحال وخولف المحبوب اشتد الجهاد بخلاف جهاد أعداء الدين والدنيا.
ولهذا قال الغزالي: وأشد أنواع الجهاد الصبر على مفارقة ما هواه الإنسان وألفه، إذ العادة طبيعة خامسة فإذا انضافت إلى الشهوة تظاهر جندان من جنود الشيطان على جند الله ولا يقوى باعث الدين على قمعهما. انتهى.
ولكن لفظ الجهاد إذا أطلق ينصرف لجهاد الكفار باليد والقلب واللسان والمال، فإنفاق المال في هذا الوجه جهاد بالمعنى المشروع، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ {الصف: 10-11} .
قال ابن قاسم في حاشية الروض: فهو أي الجهاد لغة: بذل الطاقة والوسع، وغلب في عرفهم على جهاد الكفار وهو دعوتهم إلى الدين الحق وقتالهم إن لم يقبلوا، وجنس الجهاد كما قال ابن القيم وغيره فرض عين، إما بالقلب، وإما باللسان وإما بالمال، وإما باليد، فعلى كل مسلم أن يجاهد بنوع من هذه الأنواع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(11/15813)
المساهمة في إصلاح طلمبة مياه هل يعد من الصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المشاركة فى تصليح ـ طرمبة ـ مياه صدقة جارية تنفع بعد الموت؟ علما أنني لا أعرف عنها أي شيء إلا أنني شاركت بالمال فقط؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصدقة الجارية هي التي يجري ثوابها وأجرها على المتصدق بعد موته وانقطاع عمله، ومن أوضح الأمثلة على الصدقة الجارية: الوقفُ إذ حقيقة الوقف: تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، أي أن عين الصدقة تكون باقية لا يملكها إنسان بينما رَيعها ونتاجها للمتصدَّق عليه.
والظاهر أن تحبيس الطلمبة ـ وهي الآلة الرافعة للماء من الأنهارأو الآبارـ صدقة جارية، وهي من جنس حفر الآبار وإجراء الأنهار الذين نُصَّ عليهما في حديث رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم وانظري الفتوى رقم: 48404.
ولا يشترط أن يكون المتصدق بالصدقة الجارية منفردًا بتلك الصدقة، بل تصح المشاركة فيها من أفراد متعددين، وانظري الفتوى رقم: 103982.
وإصلاح وتجهيز هذه الطلمبة للاستخدام والانتفاع لا يَختلف عن شرائها ابتداء، إذ المقصود واحد.
ولا يشترط لصحة تصدقك بصدقة جارية أن تباشري التصدق بنفسك للتيقن من وصولها لأصحابها، بل يكفي توكيل من تثقين في دينه وأمانته للقيام بهذا الدور، كما لا يشترط معرفتك بتفاصيل ذلك الشيء المتصدَّق به.
وبناءً على ما مرَّ، فإن صدقتك صحيحةٌ، ونسأل الله تعالى أن يمنَّ عليك بقبولها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1430(11/15814)
حكم التصدق من المنحة المستفادة من دولة أوروبية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في دولة أوروبية وأستلم منها مبلغا من المال كمساعدة، فهل يمكن أن أتصدق من هذه المساعدات المالية؟.
أفيدوني، جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا قبضت هذا المال من الجهة التي تمنحك إياه على وجه مشروع فقد صار ملكاً لك وجاز لك التصرف فيه بأي نوع من أنواع التصرف، ومن أحسن الوجوه التي ينفق فيها المال الصدقة، والآيات والأحاديث في فضلها كثيرة جداً، ومن ثم، فلا حرج عليك في الصدقة من هذا المال ولك الأجر على ما تتصدق به ـ إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1430(11/15815)
حكم الصدقة بمال الغير عن الأب المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي متوفى منذ شهرين تقريبا ـ الله يرحمه ـ ونحن أناس قدرعلينا رزقنا ولا دخل لنا إلا هبات الجمعيات، أريد أن أسأل: هل الصدقة عن الميت يلزم أن تكون من حر ماله ولا يجوز لي أن آخذ مالا من عمي أو من أي أحد وأتصدق به عنه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلك أن تتصدقي عن والدك المتوفى بأي شيء يصدق عليه أنه مال، والله يجزيك الخير على نفعك لأبيك بعد انقطاع عمله بالموت، وانظري سبُل بر الوالدين بعد موتهما، وذلك في الفتوى رقم: 10602.
وأما سؤالك الناس مالاً تتصدقين به عن أبيك فليس صواباً فبريه بما تقدرين عليه من الدعاء ونحوه، لأن الميسور لا يسقط بالمعسور، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ونسأل الله تعالى أن يعينك ويوسع عليك، واعلمي أن تقوى الله من أهم أسباب سعادة العيش في هذه الدنيا، وهي السبب الوحيد للسعادة في الآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1430(11/15816)
هل يتصدق بالطعام الرديء أو يرميه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أهدى لي شخص طعاما ولكنه رديء ولم يعجبني ولن أستخدمه. فهل أرميه أم أعطيه لشخص فقير أو محتاج يستفيد منه ويأكله؟ وهل علي ذنب إذا أعطيته لآخر يستخدمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الأفضل للمسلم أن يهدي ويتصدق من الجيد الذي يعجبه، ولا ينبغي له أن يتصدق أو يهدي من الردي. فقد قال الله تعالى: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ. {آل عمران:92} . وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ. {البقرة:267} .
ولكن التصدق بالرديء أولى من رميه، بل وأولى من عدم التصدق أصلا وراجع الفتويين: 65058، 105694.
ولذلك فإذا كان الطعام المذكور يصلح للاستعمال فلا يجوز لك رميه فاستعمليه أو ادفعيه إلى من ينتفع به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(11/15817)
هل يؤجر من تبرع لمسجد بشيء نفعه قليل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يأخذ الإنسان أجراً إذا تبرع بالمال لشيء لا فائدة منه للمسجد، مثلاً رخام يزين به الجدران، بناء مأذنة، بلاط فاخر تحت السجاد لا يراه أحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل عمل طيب نافع يؤجر عليه فاعله إذا كان مبتغياً به وجه الله تعالى، إلا أن مراتب الأعمال وفضائلها تتفاوت، ومع ذلك ففي كلّ أجر، وأما الأمثلة الواردة في السؤال فلا نسلم بعدم فائدتها، بل هي داخلة إن شاء الله تعالى في عموم تعظيم وتنزيه المساجد التي أمر الله ورسوله بعمارتها وتنظيفها وتطييبها، وإن كان هناك ما هو أكثر فائدة للمسجد منها. وبالنسبة للبلاط المذكور إذا كان لا يظهر شيء منه مطلقاً، ولم يكن في تركيبه مزية كزيادة الجودة وقوة التحمل وغير ذلك فالأولى إنفاق المال فيما هو أنفع، وانظر للفائدة في ذلك الفتويين: 33246، 38845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(11/15818)
حكم الصدقة على شخص يتبع إحدى الطرق الصوفية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح التصدق على شخص مسلم حافظ لكتاب الله وملتزم ومتزوج حديثا، ولكنه يتبع إحدى الطرق الصوفية المعتدلة حيث لا أعلم عن هذه الجماعة-والتي لها سمعة عالية في بلدنا بالالتزام والاعتدال- غير بدعة الذكر القلبي الله، الله، وربطه بالرابطة القلبية المتسلسلة والموصولة بسيدنا الصديق!! ما هي الرابطة القلبية التي يزعمونها؟ وهل يصح كفالة بعض طلاب العلم الأجانب ببعض المصاريف الذين يدرسون تحت إشراف بعض الشيوخ الصوفيين المعتدلين ولكنهم حسب علمي -والله أعلم- يدرسون الإسلام من مناهج صحيحة وكتب معروفة وموثوقة مثل: الترغيب والترهيب، نيل الأوطار، إعلام الأنام، الجامع الحديث، الإيضاح في علم الحديث. يرجى سرعة الرد إذا أمكن للضرورة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة نوعان: واجبة، ومستحية، فالواجبة وهي الزكاة لا يجوز صرفها إلا إلى مستحقيها، وهم الأصناف الثمانية الذين حددتهم الآية الكريمة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. {التوبة:60} .
وأما الصدقة المستحبة فأمرها واسع، ويجوز صرفها إلى الأصناف المذكورة وغيرهم، كما يجوز صرفها إلى المسلم وغير المسلم، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: في كل كبد رطبة أجر. متفق عليه.
والشخص المذكور في السؤال وإن كان يتبع طريقة مبتدعة، إلا أنه يجوز التصدق عليه، لكن يشترط لإعطائه من الزكاة الواجبة أن يكون من مستحقيها بالوصف الذي بيناه في الفتويين: 29894، 32863.
كما تجوز كفالة الطلاب المذكورين ما داموا لا يستعينون بهذه الكفالة على تعلم البدع والمعتقدات الفاسدة. وانظر للمزيد الفائدة الفتوى رقم: 105538.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1430(11/15819)
التصدق بكفن الميت ليس صدقة جارية لأنه سيبلى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لي بسؤال آخر كيف حال أهل السماء في رمضان؟ وكيف ذكر رب العزة أحوال موتى المسلمين فإني اشتاق لرؤية قرة عيني أختي الحبيبة رحمها الله وأكرم مثواها؟ وهل يعتبر الكفن صدقة جارية لها؟ وجزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة مرفوعا: إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين. والمراد بأبواب السماء في الحديث أبواب الجنة كما قال ابن بطال. ويدل لهذا ما في الرواية الأخرى في الصحيح: إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة. وفي رواية: فتحت أبواب الرحمة. وقد ذكر الله تعالى في سورة القدر أن الملائكة تنزل في ليلة القدر. كما قال تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ. {القدر:1.5} .
وأما كفن الميت فهو واجب شرعي يخرج من ماله إن كان له مال قبل تقسيم الميراث وإلا أخرجه من تجب عليه النفقة. وعلى افتراض أنه لم يوجد له كفن من ماله ولم يكن في أوليائه من هو مستعد لتكفينه لفقرهم مثلا فإنه لا يعد صدقة جارية لأنه سيبلى. وراجع الفتويين: 31047، 71721
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(11/15820)
حكم الصدقة على الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل لدى شركة مقاولات ولدينا عمالة آسيوية غير مسلمية، ولكنهم فقراء، هل يجوز أن أتصدق عليهم وحالتهم يرثى لها، والمدير لا يعطيهم راتبهم إلا بعد شهرين أو ثلاثة أو أربعة أشهر وأحيانا ولا يعطيه لهم كاملا؟ وصاحب الشركة رجل ملتزم يخاف الله، ولكنني لا أعرف إذا كان يعلم أم لا؟ علما بأنني لم أره إلا مرة واحدة، ويوجد بعض من العمالة ألغى المدير إقامتهم من غير أن يعطيهم راتب شهرين أو ثلاث أو حتى مستحقاتهم، وأنا وقعت في مشكلة دفعت عليها غرامة ولم أكن أنا السبب فيها، بل المدير من حوالي سبعة أشهر، ولكنني ـ وبحمد الله ـ منذ بضعة أيام تمكنت من سداد هذه الديون، ولا أعرف إذا كان صاحب الشركة يعلم أم لا؟ ولا أستطيع أن أخبره خوفا أن يصدني، أو يغضب من المدير، هل يجوز لي أن أخبره؟ وما حكم إن أخبرته؟ وما حكم إن لم أخبره بما يجري؟
أرجو إعطائي الجواب الشافي.
فضيله الشيخ لدي سؤال رقم 2236887 ارسلته منذ فتره وقد تم تحويلي الى قسم الاستشاره برقم 294434 انا اريد ان اعرف هل اعتبر من المغضوب عليهم ام ماذا
علما بان ابو زوجتي قد توفي منذو فتره وجيزه وزوجتي اصبحت يتيمه الاب وقد اتصلت بابي وعزيته ولكنني لم اتصل به بعد ذلك خوفا منه ارجو اجابتي على هذا السؤال]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صدقات التطوع لا حرج في إعطائها للكفار الذين لم يكونوا في حرب مع المسلمين، بشرط أن لا يستعينوا بها على محرم، ويدل لهذا عموم قوله تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا {الإنسان8} .
وقوله صلى الله عليه وسلم: وفي كل كبد رطبة أجر. رواه البخاري ومسلم.
ولحديث أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: نعم، صلي أمك. رواه البخاري.
ويجب على طرفي عقد الإجارة الوفاء بالعقد المبرم بينهما، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:2} .
ويجب إعطاء الأجير أجره إذا وفى بالعمل، لما في الحديث: أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه. رواه ابن ماجه. وصححه الألباني.
ويحرم مماطلة الشركة في أجور عمالها، لأن الشارع جعل من الظلم مطل الغني، فقد قال صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع. متفق عليه.
وقد رتب الوعيد الشديد على منع الأجير من أجره بعد الاستحقاق، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطي بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره. رواه البخاري
وأما عن إخبار صاحب الشركة فهو مشروع من باب النصيحة ليحقق في الأمر ويحكم فيه بالحق، وليكن قصدك في ذلك الإصلاح والقيام بواجب المسؤولية.
ولتفادي أي مفسدة تخشاها من إخبارك صاحب الشركة يمكنك الاتفاق معه على أن لا يخبر بمن أخبره، وراجع الفتويين رقم: 8005، ورقم: 28503.
وأما عن استشارتك فنرجو أن تتابع في شأنها مع قسم الاستشارات وسيوافونك ـ إن شاء الله ـ بما يشفي صدرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(11/15821)
جواز التصدق بنية الشفاء من مرض ما
[السُّؤَالُ]
ـ[قريبي عنده سكري، ومن المعلوم أنه من الأمراض المزمنة. فهل الصدقة لوجه الله تجوز في هذه الحالة للشفاء؟ وهل التصدق يكون بمبلغ كبير أو يتصدق بصفة دوريه حتي يشفيه الله من باب قول الرسول صلي الله عليه وسلم: داووا مرضاكم بالصدقات؟ أعانكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمراض المزمنة وغير المزمنة كلها جعل الله لها شفاء، وكم من الأمراض التي كانت تعد مزمنة منذ عشرات السنوات قد اكتشفت لها علاجات ناجحة بفضل الله في هذه الأوقات، وهذا مصداق لقوله صلى الله عليه وسلم: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً. رواه البخاري. وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا قَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ. رواه الإمام أحمد، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند: (6 / 50 حديث رقم: 3578) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن.
فالشفاء كله بيد الله عز وجل، والصدقة من الأدوية المعنوية التي لا دخل للطب فيها بل هي مما يعلم عن طريق الوحي، ولذا تشرع الصدقة عن المريض بأي مرض مهما عظم فهو لا يعظم على الله.
قال المناوي في التيسير: وقد جرب ذلك الموفَّقون من أهل الله؛ فوجدوا الأدوية الروحانية تفعل ما لا تفعله الحسيّة. اهـ
والصدقة تكون بحسب حال المتصدق، فإن كان ميسورا فكلما كانت الصدقة كبيرة مع إنابة القلب والرغبة الصادقة في إيصال الخير للفقراء والمساكين، والتضرع إلى الله ليشفيه؛ كلما كان الرجاء أكبر.
وإذا لم يكن ميسورا فليتصدق بما يستطيع، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن درهما سبق مائة ألف درهم عند الله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قَالُوا: وَكَيْفَ؟ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ دِرْهَمَانِ تَصَدَّقَ بِأَحَدِهِمَا، وَانْطَلَقَ رَجُلٌ إِلَى عُرْضِ مَالِهِ فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا. رواه النسائي وحسنه الشيخ الألباني.
فليتصدق المريض وليرج ما عند ربه، وإن كرر الصدقة فلا بأس، فالصدقة من أبواب الخيرات التي لن يعدم المسلم فائدتها وأجرها في الدنيا والآخرة، ولا نعلم حدا أو عددا من المرات تكرر للتداوي بالصدقة، بل إن تصدق مرة فقد فعل ما ورد في الحديث، ويبقى أمر الشفاء وفق ما قدره الله للعبد، ولا يعلم المسلم هل الخير له في الصحة أو في المرض، مع أننا نسأل الله العافية وهي أوسع لنا من البلاء، ولكن إن وقع البلاء فالصبر والاحتساب خير وفيهما أجر كبير.
ولمزيد من الفائدة حول معنى حديث الصدقة وأقوال العلماء فيه نرجو مراجعة الفتويين: 64988، 35282. وهذا رابط ذكر فيه كاتبه قصصا واقعية لأثر الصدقة في العلاج: http://saaid.net/rasael/345.htm
وهذا رابط مطوية بعنوان: داووا مرضاكم بالصدقة. http://www.saaid.net/book/8/1929.zip
ونسأل الله أن يشفي مريضكم وسائر مرضى المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(11/15822)
حكم التبرع للمؤسسات الخيرية الغربية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يتبرع للمؤسسات الخيرية الغربية، مثل أطباء بدون حدود؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من الهبة والتبرع والصدقة على غير المسلمين ـ أفرادا كانوا أو جماعات ـ وخاصة الوسطاء منهم الذين يوصلون التبرعات للمحتاجين إليها كالمؤسسات الإنسانية والعاملين في المجال الخيري، فهذا من فعل الخير المأموربه شرعا، فقد قال الله تعالى: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الحج:72} .
وقال تعالى: وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة:215} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: في كل كبد رطبة أجر. رواه البخاري.
ولا شك أن الأفضل للمسلم أن يتحرى بتبرعاته وصدقاته المسلمين المتقين، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما وحسنه الشيخ الألباني.
ومحل جواز الصدقة على غير المسلمين هو ما لم تكن هذه الصدقة زكاة مفروضة، فإذا كانت من الزكاة المفروضة فإنها لا تعطى لغير المسلمين إلا إذا كانوا من المؤلفة قلوبهم، وذلك لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الزكاة: تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم.
وضمير الجمع في أغنيائهم وفقرائهم يعود على المسلمين.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 54444، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(11/15823)
النية المجردة لا تلزم بها هبة ولا صدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: أقرضت رجلاً مبلغ مائة دينارعلى أن يردها لي عندما يتوفر لديه المال، وقلت في نفسي لورد لي المال فلن آخذه منه وسأعتبره صدقة دون أن يعلم هو بنيتي هذه، وكنت حينها في غنى عن هذا المبلغ وبعد فترة من الزمن إذا بالرجل يرد لي المبلغ كاملا وكنت محتاجا إليه فأخذته منه، فهل يجوز لي أخذه والانتفاع به؟ حيث إنني نويت أن أعطيه هذا المبلغ ولكني لم أخبره بذلك وبقيت نيتي سراً عندي، أم يجب علي رده له حسب ما نويت؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكره السائل الكريم يتردد بين الهبة والصدقة، ولكنه لم يتلفظ بشيء من ذلك ولم يمضه بالنية في الحال، بل علقه على وقت القضاء، ولم يصدر منه وعد لصاحبه بذلك، والذي حمله على نية الصدقة أوالهبة هو استغناؤه عن المبلغ في ذلك الوقت، وفي وقت القضاء كان محتاجا إليه.
وعلى كل حال فإنه لا يلزمه رد المبلغ لصاحبه، لأن مجرد هذه النية لا تلزم بها هبة ولا صدقة، وذلك لما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(11/15824)
جواز صدقة التطوع للأغنياء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أتصدق كثيرا على بنات جيراننا الصغيرات بالحلويات ـ إما بتوزيع العصير، أو الشوكولاتة، أوالبفلة ـ وغير ذلك، وبذلك يكن مسرورات جدا، علما بأن أهلهن متوسطو الحال، فهل تجوز هذه الصدقة؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفعلينه من التصدق على هؤلاء البنات الصغيرات هو من أفعال الخير والبر ولك ـ إن شاء الله ـ على ذلك أجران: أجر إكرام الجار, وأجر الصدقة، ولا يمنع من ذلك كونهن من أهل المال والسعة, لأن صدقة التطوع تجوز على الأغنياء, ويثاب صاحبها عليها, وإن كان الأفضل أن تتحري بصدقتك أهل الفقر والحاجة, قال النووي ـ رحمه الله ـ تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف، فيجوز دفعها إليهم ويثاب دافعها عليها, ولكن المحتاج أفضل.
قال أصحابنا: ويستحب للغني التنزه عنها, ويكره التعرض لأخذها. انتهى.
وننبهك إلى أن الصدقة الواجبة ـ الزكاة ـ لا يجوز دفعها لغني، بل لا تدفع إلا للفقراء والمساكين أو باقي مصارفها الشرعية, وراجعي الفتوى رقم: 71401.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1430(11/15825)
صرف المال في وجوه الخير أم الإنفاق على النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف وراتبي جيد ـ والحمد لله ـ وقد تيسر لي وجه من وجوه الخير يحتاج لربع راتبي تقريبا كل شهر، وأحب أن أكون من المساهين فيه، ولكن المشكلة أن علي التزامات بدفعات لبيتي الجديد والتزام مع أهلي وأنا مقبل على الزواج السنة القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ ولايوجد علي أي دين ـ ولله الحمد ـ فقط التزامات شهرية، فهل التزامي بوجه الخير هذا يعتبر من الإسراف والتقصير في تدبير أموري وما أنا مقبل عليه من زواج وتجهيز بيت؟ أم أتوكل على الله وأحاول الجمع بينهما؟ علما أنني في هذه الحالة لن أتمكن من توفيرالمال كما يجب وإنما سيقل التوفير كثيرا، ولكنني مرتاح وسعيد جدا بهذه الصدقة التي يسرها الله لي، علما أنني أعمل بالغربة بعيدا عن بلدي، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صرف المال في وجوه الخير ابتغاء وجه الله لا يعد من الإسراف ولا من التقصير في تدبيرالأمور، ولا شك أنك إذا استطعت الجمع بين المسائل التي ذكرتها من غير أن يتأخر مشروعك للزواج كان ذلك أفضل لك، وإن لم يمكن ذلك، فإنا ننصحك ب تقديم تجهيز بيت الزوجية على تلك المساهمة الخيرية، وذلك لأن النكاح مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة، كما صرح بذلك أهل العلم.
وكذلك فإن الزواج ـ فضلا عن كونه قربة من القربات ـ فيه صيانة للنفس، وكف لها عن المحظور، وسد لباب الفتنة, فهو أولى ما ادخرت المال لأجله، وبخاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه أسباب الفتنة والفساد, وقد ذكرت أنك تعيش في غربة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب, من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. متفق عليه.
واعلم أن إنفاقك على نفسك بما تحتاج إليه هو أيضا من الصدقة التي تؤجرعليها ـ إن شاء الله ـ إذا صلحت نيتك فيها ـ فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا، فقال رجل: يا رسول الله عندي دينار، قال: تصدق به على نفسك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على زوجتك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على خادمك، قال: عندي آخر، قال: أنت أبصر. رواه النسائي وأبو داود وأحمد وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1430(11/15826)
المعروف لا يمكن أن يكون خطأ أو إضاعة للمال
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة سوف يقرضها زوجها مبلغا حتى تكمل مصاريف الحج إن شاء الله هذا العام معه، ثم ترده عندما تتيسر أمورها. هل إذا دفع لها الزوج بعض التكاليف مثل التطعيمات..وبعض من غير ذلك رجاء الثواب من الله ولم يطالبها بهذه المبالغ القليلة طمعا فى الثواب هل يناله أم يجب أن يسجله عليها مع الدين لأنها موظفة عندما يتيسر لها يمكن أن ترده؟ والأفضل له مثلا استرداده لإنفاقه على البيت أو فى مصاريف الخير؟ أى هل لو أغمض الزوج الطرف عن جزء من مصاريف حج زوجته طمعا فى ثواب الله يكون ذلك صحيحا أو خطأ لأنه يغلب على ظنه أن زوجته ستملك المال بعد بعض الوقت من عملها أو هل ذلك إضاعة لماله والأفضل استرداده؟ أى هل يقاس ذلك على من فطر صائما له أجر حتى لو كان الصائم يستطيع إفطار نفسه أى غير محتاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل معروف يقدمه الزوج إلى زوجته فإنه يؤجر عليه إن شاء الله تعالى إن قصد بذلك وجه الله، فإذا دفع لها نفقة الحج أو جزءا منها، أو نفقة بعض الفحوصات ونحو ذلك حتى وإن كانت الزوجة غنية فإنه يؤجر؛ لقول الله تعالى: وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ. {محمد:35} .
قال ابن كثير: أي ولن يحبطبها ويبطلها ويسلبكم إياها بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئا.
وكما قال تعالى: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. {الزلزلة:7} .
ولا يعتبر هذا المعروف خطأ ولا إضاعة للمال بل هو أجر ومن حسن العشرة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك. متفق عليه.
ولا نظن عاقلا يعتقد أو يخطر بباله أن هذا المعروف خطأ أو إضاعة للمال إلا أن يكون بخيلا شديد البخل والعياذ بالله، وانظر الفتوى رقم: 95041. عن حكم الصدقة على الغني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(11/15827)
الصدقة جائزة من كل مال حلال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصدقة على مال الثالث عشر والرابع عشر من الراتب، وأرباح صندوق الموظفين التي توزع سنويا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال غير واضح ولم يتبين لنا المقصود منه، فإن كان المقصود: السؤال عن زكاة الراتب فقد بينا حكمها في الفتويين: 1303، 11834. وما أحيل عليه في الثاني.
وإن كان المقصود هل تجوز الصدقة من الراتب وأرباح صندوق الموظفين. فإن صدقة التطوع جائزة من كل المال المباح قل أو كثر، وسبق بيان فضل الصدقة وفوائدها في الدنيا والآخرة في الفتوى رقم: 108788. وما أحيل عليه فيه.
كما سبق بيان حكم الاشتراك في صناديق الموظفين في الفتويين: 30243، 46397. فإن كانت هذه الصناديق مما يجوز الاشتراك فيه جازت الصدقة من أرباحها ومن رأس مالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1430(11/15828)
مال الميت يدفع لورثته ولا يتصدق به عنه إلا بإذنهم
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفيت ولها عندنا مبلغ من المال قليل جدا. فهل يجوز لنا أن نتصدق به عنها أم نعطيه لأبنائها؟ مع العلم أنهم ليسوا في حاجه إليه وهو لا يذكر؟ ولمن نعطي المبلغ وهم متفرقون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كل ما تركت هذه المرأة- بغض النظر عن قدره- يعتبر ملكا لورثتها، ولا يجوز لأحد التصرف فيه بالصدقة عنها أو غير ذلك إلا بإذنهم.
والواجب عليكم أن تسلموا ما تركت هذه المرأة لورثتها، وإذا أذنوا في الصدقة به عنها فلا مانع من ذلك إذا كانوا رشداء بالغين.
وراجعي الفتوى رقم: 20859. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1430(11/15829)
جواز اشتراط الجمعية الخيرية على المستفيدين من أموالها رد الفائض عن حاجتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[جمعية خيرية متخصصة في مساعدة الفقراء والمحتاجين، تقدم لها شخص يطلب المساعدة في إجراء عملية جراحية لابنه حيث حدد مبلغ العملية بمبلغ محدد، فقامت الجمعية بجمع التبرعات له.
السؤال: هل يمكن للجمعية أن تضع بندا في نظامها الداخلي بأن تطلب من أي محتاج يتقدم لها لطلب المساعدة أن يتخلى عن المبلغ الزائد عن المبلغ المحدد الذي تم جمعه لصالحه لفائدة صندوق الجمعية ليستفيد منه بقية المحتاجين أم لا؟ أرجو منكم إفادتنا بالإجابة والتفصيل؟ وما الحل الشرعي لمثل هذه الحالات؟ وكيف يمكن التصرف في المبالغ الزائدة التي يتم جمعها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مانعا شرعيا من أن تضع الجمعية بندا في نظامها الداخلي تشترط فيه على المرضى أن يتنازلوا عما يبقى من التبرعات عن العلاج لصالح حالات أخرى شبيهة بهذه الحالة، ويجب عليهم الوفاء لها بهذا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
وقال مالك في الموطا: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا.
وأما ما بقي عن علاج المريض من التبرعات التي جمعتها الجمعية من المحسنين لصالحه فيرجع فيه إلى قصد المتبرعين، فإن كانوا يقصدون تمليك المبالغ للمريض، فإن ما بقي بعد العلاج يعتبر ملكا له، وإن كانوا يقصدون أن ما بقي بعد العلاج يرجع إليهم أو للجمعية فإنه يرجع إلى ما قصدوا، وإن لم يحددوا شيئا فيرجع إلى العرف فيعمل بما يقتضيه.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 96525، 99802، 119172. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1430(11/15830)
لا يشترط لانتفاع الميت بصدقة جارية أن يكون فعلها بنفسه أو أوصى بها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشترط في الصدقة الجارية أن يفعلها المسلم في حياته أو يوصي بها بعد موته؟ أم هل تجوز من الأبناء بعد موته حتى وإن كان بخيلا وغيرمهتم بالصدقات؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل الصور المذكورة في السؤال للصدقة الجارية نافعة، فحتى لو كان الرجل في حياته بخيلا ولا يهتم بالصدقات، فأخرج له أبناؤه أوغيرهم بعد موته صدقة جارية، فإنها تنفعه ـ إن شاء الله ـ سواء كان ذلك من مالهم، أو من إرثهم من الميت.
وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 59611، 43607، 25638، 67446.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1430(11/15831)
فضل إسقاط الدين عن المعسر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدنت رجلا بمبلغ من المال، وبعد فترة قلت هذا الدين صدقة لوجه الله. هل يعتبر ذلك صدقة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا المدين معسرا فلا شك في أن إبراءك له وإسقاطك الدين عنه من أفضل الصدقات، وقد قال الله عز وجل: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 280} . فسمى الله سبحانه إبراء المعسر والوضع عنه صدقة. قال أبو الفداء بن كثير في تفسيره: ثم يندب إلى الوضع عنه، ويعد على ذلك الخير والثواب الجزيل، فقال: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي: وأن تتركوا رأس المال بالكلية وتضعوه عن المدين. وقد وردت الأحاديث من طرق متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك..... ثم أطال رحمه الله في ذكر الأحاديث الدالة على فضيلة إنظار المعسر وإبرائه فمنها: ما روى الطبراني عن أبى أمامة رضى الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله، فَلْيُيَسِّر على معسر أو ليضع عنه.، وروى مسلم في صحيحه أن أبا قتادة كان له دين على رجل، وكان يأتيه يتقاضاه، فيختبئ منه، فجاء ذات يوم فخرج صبي فسأله عنه، فقال: نعم، هو في البيت يأكل خزيرة فناداه: يا فلان، اخرج، فقد أخبرت أنك هاهنا فخرج إليه، فقال: ما يغيبك عني؟ فقال: إني معسر، وليس عندي. قال: آلله إنك معسر؟ قال: نعم. فبكى أبو قتادة، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة.
وفي صحيح البخاري عن أبى هريرة: كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسرا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه، لعل الله يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه. انتهى.
وأما إذا كان هذا المدين موسرا فوضعك عنه هذا يكون من باب الهبة لا من باب الصدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1430(11/15832)
إعانة الأم والبنت بالمال من أفضل الصدقات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معلمة، ابنتي متزوجة من ابن عمها، وراتبة قليل جدا، وأنا أدفع لها بعض المال لمساعدتها على أمور حياتها. هل المال الذي أدفعه لها يعتبر صدقة، وأمي حالها متوسط، أعطيها شهريا مبلغا من المال. هل يعتبر صدقة أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما تدفعينه لابنتك لإعانتها على أمور الحياة من الصدقات، بل من أفضل الصدقات، وكذا ما تدفعينه لأمك من النفقة الشهرية هو لك من أفضل الصدقات، وهو من البر الذي وردت في فضله النصوص الكثيرة، وممّا يدل على أن ما تدفعينه لابنتك وأمك من أفضل الصدقة قول النبي صلى الله عليه وسلم لزينب امرأة عبد الله: زوجك وولدك أحق من تصدقت عليه. متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان؛ صدقة وصلة. أخرجه الترمذي وغيره. وانظري الفتوى رقم: 18978.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1430(11/15833)
لا حرج في تنويع مصارف الصدقات الخيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اتخذت عهدا على نفسي إن كنت أستطيع إخراج كل عام مبلغ لوجه الله تعالى، ولكنى لم أنذره، أو لم يكن كنذر، وكنت كل عام أرسل هذا المبلغ على هيئه طعام لإحدى الجمعيات الشرعية التي ترعى الأيتام، وأنا هذا العام أريد أن أرسل المبلغ إلى مستشفى سرطان الأطفال فهل يجوز؟ أريد الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ظهر لنا من مجمل ألفاظ السؤال أن السائل الكريم لم يعاهد الله تعالى، ولم يصدر منه نذر، وإنما نوى في خاصة نفسه أو عاهد نفسه أن يفعل الخير المذكور، وهو إخراج مال لوجه الله تعالى كل عام حسب استطاعته ولم يخصصه لجهة معينة.
وعلى ذلك فلا حرج عليه -إن شاء الله تعالى- في تنويع مصارف ما تجود به نفسه، فيصرفه تارة للجمعيات الخيرية، وأخرى للفقراء والأيتام، أو علاج المرضى أو تعليم العلم حسب ما يراه مناسبا.
هذا، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة عن حكم العهد وأقوال العلماء فيه، وما يترتب عليه في الفتوى رقم: 67979. وحكم تحويل النذر إلى جهات مشابهة في الفتوى رقم: 37057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(11/15834)
كفالة من ماتت أمه هل هي ككفالة من مات أبوه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كفالة يتيم الأم مثل كفالة يتيم الأب وينطبق عليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (أنا وكافل اليتيم كهاتين؟ أرجو التوضيح في كفالة يتيم الأم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا. رواه البخاري. وفي صحيح مسلم: كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة.
وقد اتفق العلماء على إطلاق اليتيم على من فقد أباه دون البلوغ، واختلفوا في إطلاقه على من فقد أمه دون أبيه، فقال بعضهم بإطلاق اسم اليتيم عليه.
قال الزركشي في المنثور: اليتيم المشهور أنه الصغير الذي لا أب له، وأن (اليتيم) في الآدمي بموت الآباء وفي البهائم بموت الأمهات. قال الماوردي: لأن البهيمة تنسب إلى أمها، فكان بموت الأم يتمها، والآدمي ينسب إلى أبيه، فكان يتمه بموت الأب. وقال ابن أبي هريرة في كتاب الحجر من تعليقه: اليتيم من لا أب له ولا أم بلا خلاف، وكذلك من لا أب له يلزمه اسم اليتيم قولا واحدا. فأما إذا لم يكن له أم وكان له أب فعلى وجهين: أحدهما أنه يتيم، وهو على القول الذي يقول: إن الأم تلي أمر ابنها. انتهى.
وقد ذهب الحافظ ابن حجر إلى أن كفالة اليتيم تصدق على الأب إذا قام مقام الأم في التربية عند فقدها. ففي شرحه لقوله عليه الصلاة والسلام: "كافل اليتيم له أو لغيره" قال رحمه الله: ومعنى قوله (له) بأن يكون جدا أو عما أو أخا أو نحو ذلك من الأقارب، أو يكون أبو المولود قد مات فتقوم أمه مقامه، أو ماتت أمه فقام أبوه في التربية مقامها. .. (فتح الباري)
فالحاصل أن من كفل المولود الذي فقد أمه يدخل في ذلك إن شاء الله تعالى.
وعموما، فإن من أسدى إليه معروفا لن يعدم أجرا وثوابا؛ لعموم النصوص الواردة في فضل البر والإحسان إلى الغير. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 38521.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(11/15835)
وكلت في توزيع صدقة فأعطتها لأهلها لحاجتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيبي أعطاني مبلغا من المال كصدقة عن أمواله، وأهلي كانوا بحاجة إلى هذه الصدقة فأعطيتهم هذا المبلغ ولم أقل له لمن أعطيتها، فقد سبق أن قال لي لأي إنسان بحاجة لهذا المبلغ. هل دخلت في الحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام خطيبكِ لم يعين لكِ جهة معينة أو أشخاصاً معينين لصرف تلك الصدقة، بل وكلكِ في توزيعها توكيلا مطلقاً، وكان أهلك من المحتاجين جاز لكِ صرف تلك الصدقة إليهم، ولم تدخلي بذلك في شيءٍ من الحرام إن شاء الله، ولكن إن كانت تلك الصدقات المذكورة زكاة مال فلا بُد من أن يكون أهلك داخلين في الأصناف الثمانية التي حددها الله عز وجل لتُصرف فيها الزكاة في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. {التوبة:60} .
فإن لم يكونوا من المستحقين للزكاة فهذا المال مضمونٌ عليك، ويجبُ عليك صرفه إلى مستحقيه، وانظري الفتويين رقم: 104252، 15522.
هذا وننبهكِ إلى أن الخاطب أجنبيٌ عن خطيبته، فلا يجوزُ التوسع بينهما في العلاقة، بل يجبُ أن يُعامل كل منهما الآخر معاملة الأجنبي حتى يتم الزواج، وانظري الفتويين رقم: 119586، 113051.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(11/15836)
كفلت بنتا تظنها يتيمة فتبين أنها ليست كذلك فهل تؤجر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بكفالة طفلة في مدرسة للأيتام، ولكن عند السؤال وجدنا أنها ليست يتيمة، إنما تم التخلي عنها من قبل أهلها لسبب ما، فهل أجزى على كفالتها على أنها كفالة يتيم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الثواب المترتب على كفالة اليتيم - وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 3152، - لا يكون إلا لمن كفل يتيماً، وليس لمن كفل أي طفل، وقد بينا كيفية تحقق فضيلة كفالة اليتيم في الفتوى رقم: 19537.
وأما كفالة من هم في حاجة إلى ذلك من غير الأيتام فتدخل في أبواب أخرى من الخير وهي صدقة وإطعام للمحتاج وستر لمسلمة ونحو ذلك من أبواب الخير، ولك بذلك أجر إن شاء الله تعالى.. وإذا كنت أنفقت شيئاً من قبل أن تعلم أن الطفلة ليست يتيمة، فنرجو أن يثيبك الله عليه ثواب من كفل يتيماً، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد على سارق، لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية، فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني، فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله. قال ابن حجر رحمه الله: وفيه أن نية المتصدق إذا كانت صالحة قبلت صدقته ولو لم تقع الموقع. انتهى من فتح الباري.
وقال الشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك رحمه الله: من نوى الصدقة على محتاج، حصل له ثوابها، ولو كان الآخذ ممن تلزمه نفقته، أو غير أهل لها، كما في قصة الذي تصدق على ثلاثة.. انتهى. من تطريز رياض الصالحين.. وكذلك فإن النية الصادقة تبلغ العبد منزلة من عمل العمل، وإن لم يعمله، فكيف وأنت تصدقت ونويت؟ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه. رواه مسلم.. وراجع الفتوى رقم: 49292 ففيها حكم من تبرع لجهة معينة فوقعت لجهة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(11/15837)
حكم إنفاق المال في عمارة المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما فضل من ينفق من ماله لإنارة مسجد من مساجد الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن إنفاق المال في عمارة المساجد وإنارتها وتنظيفها والعناية بها يعد من أعظم القربات إلى الله تعالى. فقد قال الله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ {النور: 36} قال أهل التفسير: يعني تعظم ومن تعظيمها إنارتها.
وقد أثنى الله عز وجل في محكم كتابه على أولئك الذين يعمرون مساجد الله فقال تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ {التوبة: 18} .
قال العلماء: وعمارتها تشمل العمارة الحسية بالتشييد والصيانة، ويدخل فيها الإنارة، والعمارة المعنوية بالصلاة فيها وقراءة القرآن وتعليم العلم وتعلمه.
فالحاصل أن من ينفق من ماله في إنارة مسجد من مساجد الله تعالى داخل في هذا الفضل.
وللمزيد من الفائدة عن فضل عمارة المساجد انظر الفتوى رقم: 120932، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1430(11/15838)
التحفيز على الإنفاق ابتغاء وجه الله فحسب
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جمعية دينية نعمل لبناء مسجد، علما بأن المساجد في بلادنا تبنى عن طريق التبرعات من عامة المسلمين، سؤالي: هل يحق للجمعية أن تكافئ هؤلاء المحسنين بإعطائهم جوائز تقديرية، من الإخوة من اعترض وقال متى كان المعروف بالجوائز أي بالشهادات؟
وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي فعل ذلك حتى لا تشوب النوايا شائبة، فالأصل أن المتبرع هنا ينتظر المكافأة من الله ويفعل ذلك بغير طلب تقدير من أحد في الدنيا، وفي منح هذه الجوائز ذريعة إلى بعض الدخن في نية المتبرع، ومن تأمل النصوص الشرعية في القرآن والسنة وجدها ترغب في فعل الخير ابتغاء مرضاة الله ولا تعد إلا بالجنة وما هو من أمور الآخرة مما يعين على الإخلاص والابتعاد عن العجب والرياء، فينبغي تعليق النفوس دائماً برضا الله، وترغيبها في الخير بذكر المرغبات الشرعية الواردة في الكتاب والسنة، ومن كانت نيته الآخرة فآية تهديها له ترغبه في الخير أو حديث يحثه على الصدقة كل ذلك عنده خير من الدنيا وما فيها، ولنتأمل بعض ما ورد من شهادات التقدير الآخروية، كما في قوله تعالى: وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. {البقرة:265} . وكقوله تعالى: وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ. {البقرة:272} . وكقوله تعالى: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا. {النساء:114} . وكما في قوله تعالى: وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى* الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى* وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى* إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى* وَلَسَوْفَ يَرْضَى. {الليل17-21} .
وفي السنة الصحيحة وفي بناء المساجد عن عثمان بن عفان قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من بنى مسجداً لله تعالى يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة. رواه البخاري ومسلم.
وحثت السنة من أنفق شيئاً ألا يميز نفسه عن غيره من الناس لأنه أنفق، ومعناه ألا يطلب على فعله غير ثواب الآخرة، ففي قصة حصار عثمان بن عفان رضي الله عنه عند وفاته عن ثمامة بن حزن القشيري قال: شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان فقال: ائتوني بصاحبيكم اللذين ألباكم علي، قال: فجيء بهما فكأنهما جملان أو كأنهما حماران، قال: فأشرف عليهم عثمان فقال: أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومه، فقال: من يشتري بئر رومه فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة فاشتريتها من صلب مالي فأنتم اليوم تمنعوني أن أشرب حتى أشرب من ماء البحر، قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة. فاشتريتها من صلب مالي، فأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها ركعتين، قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على ثبير مكة ومعه أبو بكر وعمر وأنا فتحرك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض قال فركضه برجله وقال: اسكن ثبير فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان، قالوا: اللهم نعم، قال: الله أكبر شهدوا لي ورب الكعبة أني شهيد ثلاثاً. رواه الترمذي والنسائي وحسنه الألباني.
والأمثلة كثيرة في القرآن والسنة في تحفيز المسلم على البذل وتعليق النفوس بالجنة وبما عند الله، فاجمعوا ما ورد من فضائل في بناء المساجد والبذل في سبيل الله في كتاب صغير الحجم ووزعوه، وفي كتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري الشيء الكثير من نصوص السنة التي تشجع على البذل والإنفاق، ونسأل الله لكم التوفيق والإعانة وأن يفتح لكم من أبواب الخير والإنفاق ما ييسر عملكم، وفي الفتوى رقم: 50816 بعض المسائل المتعلقة بأعمال الجمعيات الخيرية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(11/15839)
حكم تصدق المرأة بأحذية مطرزة كانت تلبسها قبل حجابها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أحذية مطرزة وجذابة كنت ألبسها قبل أن أتحجب هل يجوز لي أن أتصدق بها وهل يجب علي أن أسأل التي أتصدق عليها فيما إذا كانت ستلبسها فيما يغضب الله كي لا أكون معينة على إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الثبات والتوفيق، ولا بأس بالتصدق بهذه الأحذية بشرط ألاَّ تعلمي أو يغلب على ظنك أن من تتصدقين عليها بها ستستعملها في الحرام؛ لأن ذلك فيه إعانة على الحرام، والله تعالى يقول: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2} ، ولو تصدقت بها على أخوات لك صالحات فهو أفضل، وراجعي الفتوى رقم:: 36082، والفتوى رقم: 48924، وما أحيل عليه فيهما، ففيها فوائد حول هذا الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(11/15840)
حكم أخذ مساعدة للغير والانتفاع بها دونه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رجل يعمل كشيخ دين وإمام مسجد وخطيب مسجد، ويشغل وظيفة مهمة، يستغل منصبه لمنفعته الشخصية، علما أنه رجل طيب وجيد وحيث إنني مرضت بالسرطان ولله الحمد تعالجت منه، وهو من قدم أوراقي لوزارة الصحة وتكفلت بمصاريف علاجي، ثم قدم أوراقي مرة أخرى لجهة خيرية باسمي وقد قدمت مساعدة مالية لعلاجي، وقام بأخذها له، وعندما طالبته بها قال أنا من سعيت لك وأنا الأحق بها، وأخذ بافتعال المشاكل مع زوجي، علما بأنه والد زوجي وأنا أحترمه ولا أريد افتعال المشاكل وأجري على الله. لكن هل يجوز أو لا يجوز ما فعله وما حكمه في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الواقع ما ذكر من أن هذا الرجل قد قدم هذه الأوراق باسمك فلا يجوز له التصرف في المساعدة المترتبة على ذلك من غير إذنك، فهو بمثابة الوكيل عنك في استلام هذا المال، فمن الخطأ تصرفه فيه من غير إذنك، ففي هذا خيانة للأمانة، وقد روى أبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك.
فيجب عليه أن يرد إليك هذا المال، وإن رأيت مسامحته في ذلك فالأمر إليك.
ولكن بقي أن ننبه إلى أنه إذا كان قد أخذ هذا المال من أجل علاجك، وقد سبق لك التداوي فلا يجوز لك ولا له الانتفاع به، لأنه أخذه من طريق لا يحل له، فيجب عليه إرجاعه لهذه الجمعية الخيرية ولو من طريق غير مباشر إن خشي الحرج بإخبارهم بحقيقة الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(11/15841)
شمولية الصدقة في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[تنوع الصدقات دليل على يسر الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تنوع الصدقة دليل على شمول الشريعة الإسلامية ويسرها، فالصدقة الواجبة كالزكاة تؤخذ من النقدين -الذهب والفضة- وما يقوم مقامهما من النقود الورقية، وتؤخذ من الثمار والزروع وبهيمة الأنعام وعروض التجارة على اختلاف أنواعها.. والصدقة المستحبة بابها أوسع وأشمل.
وفي هذا كله تيسير عظيم على المتصدق والمتصدق عليه، ونشر لروح التعاون ومد يد العون للمحتاجين والمعوزين، بل تعدى مفهوم الصدقة في الإسلام من الصدقة الحسية إلى الصدقة المعنوية فتبسمك في وجه أخيك صدقة، وكل معروف صدقة، حتى اللقمة يضعها الرجل في فم امرأته يكتب له بها صدقة، وفي وطء الرجل زوجته، وهذا يدل على رحمة الله بعباده وعظيم فضله وجوده وسعة شريعته ومواكبتها لحاجة العباد.. فالحمد لله الذي جعلنا من أتباعها وصدق الله العظيم القائل: ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا.. {المائدة:3} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(11/15842)
حكم ترك بعض الإيجار للمستأجر بنية الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك شقة سأقوم بتأجيرها بمبلغ300 جنيه شهريا، وسيتم كتابة ذلك فى العقد. فهل يجوز أن أقبض مبلغ 250 جنيها وأترك الباقى كصدقة، أويخصم مما فى ذمتى من مال ربوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في ترك جزء من الإيجار للمستأجر بنية الصدقة وتؤجر على ذلك إن شاء الله تعالى، سواء كان المستأجر فقيرا أو غنيا، إذ أن صدقة التطوع يصح دفعها للغني كما فصلناه في الفتوى رقم: 71401.
ولم يتضح لنا بدقة المقصود من قول السائل- أو يخصم مما في ذمتي من مال ربوي..- وإن كان يعني أن عنده مالا ربويا فإن الواجب التخلص منه فورا، ولا يجوز له تأخيره عن مستحقه أو الاستفادة منه، ولا يدفع بنية الصدقة وإنما بنية التخلص منها لأن الله تعالى طيب ولا يقبل إلا طيبا، وانظر الفتوى رقم: 117062، حول التخلص من الفوائد وحكم ما استهلك قبل العلم بالحرمة. والفتوى رقم: 18275، عن المال الحرام.. أنواعه ... وحكم الربح الناشئ منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1430(11/15843)
حكم تصدق الرجل على قريبته دون علم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إرسال الصدقات سرا لأحد الأقارب من النساء دون علم زوجها بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في تمليك المرأة مالا بدون إذن زوجها ولا علمه، سواء كان بهبة أو بصدقة أو بغير ذلك من وجوه التمليك، لأن المرأة لها ذمة مالية مستقلة عن زوجها وهي أهل للتملك والتمليك, وقد سبق بيان طرف من ذلك في الفتوى رقم: 65535.
أما بخصوص هذه الصورة المسؤول عنها فينبغي النظر في حال هذه المرأة من حيث الغنى والفقر، وصفة الصدقة المدفوعة من حيث كونها واجبة أو تطوعا، ولا يخلو الأمر من حالين:
1- أن تكون هذه المرأة غنية إما بمالها وإما بمال زوجها - لأن نفقتها واجبة على زوجها - وحينئذ لا يجوز أن تدفع إليها الصدقات الواجبة - الزكاة- لأنها ليست من مصارفها, ويجوز دفع صدقة التطوع لها, لأن صدقة التطوع يجوز دفعها للأغنياء, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 100576.
2- أن تكون هذه المرأة فقيرة وزوجها فقير سواء كانا معدمين أو لهما أو لأحدهما من المال ما لا يكفي الحاجة, أو كان زوجها غنيا ولكنه يمنعها حقها من النفقة, وحينئذ يجوز دفع الزكاة الواجبة وكذا صدقة التطوع إليها.
مع التنبيه على أنه من الأفضل أن يباشر الدفع لها امرأة مثلها, فإن لم يتيسر ذلك فيجوز للرجل أن يعطيها بشرط أن تنتفي التهمة والريبة, وألا يحصل محظور شرعي من خلوة أو نظرة ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1430(11/15844)
الصدقة عن طريق الهاتف الجوال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصدقة عن طريق الجوال مثل إرسال رسالة فارغة على رقم معين تحددها شركة الاتصالات. وهل تعتبر صدقة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فباب الصدقة واسع، وطرق الخير كثيرة، وأسبابه بفضل الله متنوعة، ولا يوجد محظورٌ شرعي في الصدقة بهذه الكيفية، فإذا نوى المتصدق الصدقة بإرسال هذه الرسائل حصل له ثوابها إن شاء الله.
ولكن ينبغي التثبت من أن الجهة التي تجمع هذه الأموال تقوم بصرفها في مصارفها الشرعية، ودفعها إلى مستحقيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(11/15845)
لا حرج في التصدق بهذا اللحم
[السُّؤَالُ]
ـ[سكنا قبل شهر في دار جديدة هي ملك لنا، وذبحنا شاة كفجران دم، ووزعناها على الأهل والأقارب وبعض المساكين، وطلب زوجي أن أترك حصة لصديقه الذي سيأتي لزيارتنا بعد أيام من الذبح، ولم يأت هذا الصديق لحد الآن لكثرة أعماله وانشغاله.
فهل يجوز لي التصرف باللحم الذي تركناه له، كأن أعطيه لشخص آخر مثلا، أو أن أطبخه لنا، مع العلم أن صديقه هذا لايعلم أننا تركنا له حصة من اللحم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج عليكم في التصدق بهذا اللحم، فإن الظاهر من السؤال أنكم لم تهبوه لهذا الصديق وإنما عزمتم على أن تضيفوه به إذا جاء، وعليه فيمكن تصرفكم في هذا اللحم بما تشاءون، وإذا جاء هذا الصديق فأحسنوا ضيافته بما تيسر، والأولى أن يعطى لغيره، لأن بعض أهل العلم قال إن من أخرج طعاما لسائل فوجده قد ذهب فإنه يجب صرفه لغيره، وراجعي بسط المسألة في الفتوى رقم: 67069، وراجعي الفتوى رقم: 74182.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(11/15846)
تعليم الطبخ في منتدى نسائي هل يعد من الصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك منتدى نسائي عربي محترم ملتزم بعضواته ومشرفاته، وهناك قسم للمطبخ، أقوم أنا وأخوات كثيرات بعرض أكلاتنا بالخطوات المصورة من حلويات لمشروبات لشتى أنواع الطعام، وكم من أخت تعلمت كثيرا كثيرا من هذه الأعمال، وخاصة حديثى الزواج واللاتي لا يعلمن شيئا عن المطبخ.
وكثيرات يرسلن أسئلتهن واستفساراتهن عن بعض الوصفات ومعظمنا -ولله الحمد -على قدر المستطاع نحاول إفادة السائلة، وتعود للرد علينا بأنها نجحت في إعداد الوصفة ونالت استحسان زوجها وأفراد عائلتها.
لذا سؤالي هو:
هل أعمالنا المحترمة والتي نقدمها بنية الإفادة للأخريات تعد صدقه جارية لنا في الدنيا والآخرة، من منطلق أن هذا يعد علما ولا نبخل على الآخرين في تقديم هذا العلم، ولآخر نفس نحاول أن نقدم كل ما هو جديد ومتقن في الطبخ ونبحث ونتحرى ونقدم الأعمال؟
والله أعلم بالنيات.
أرجو إفادتي فضيلة الشيخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمفهوم الصدقة في الإسلام واسع، ولا ينحصر في الأمور المالية، فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل سلامى عليه صدقة كل يوم، يعين الرجل في دابته يحامله عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة، ودل الطريق صدقة. دل الطريق: الدلالة عليه.
لكن ينبغي الانتباه إلى أهمية استحضار النية الطيبة في تلك الأمور، فبالنية تتحول العادات إلى عبادات.
ومن علم علماً ينتفع به المسلمون، وكان مخلصاً لله في عمله، مبتغياً الأجر منه عز وجل فهو داخل في الصدقة الجارية طالما انتفع الناس به وتناقلوه، وقد ورد التصريح بدخوله في الصدقة الجارية في الحديث الذي رواه البزار وأبو نعيم وحسنه الألباني عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم علما، أو أجرى نهرا، أو حفر بئرا، أو غرس نخلا، أو بنى مسجدا، أو ورث مصحفا، أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته.
وبناء على ما سبق، فطالما أن ما ينشر في المنتدى علم نافع مفيد، وأن القائمات عليه قد أخلصن نيتهن لله في ذلك، فهو داخل في الصدقة الجارية.
ونسأل الله سبحانه أن يكون ما تقدمنه في المنتدى داخلا في الحديث بجوانبه الثلاثة. ويراجع لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 10668، 26324.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1430(11/15847)
مساعدة البنت لأهلها هل تعد من الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر مساعدتي لأهلي بشراء أشياء أساسية وثانوية صدقة لأنهم محتاجون، وهل تعتبر عملا صالحا أدعو به لغرض الزواج لأن عمري 30 سنة ولم أتزوج بعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمساعدتك لأهلك بما يحتاجون إليه من أشياء إن نويت بها الصدقة كانت صدقة تؤجرين عليها، والتصدق على الأقارب إضافة إلى كونه صدقة ففيه نوع من الصلة للرحم، روى الترمذي والنسائي وابن ماجه عن سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي القرابة اثنتان صدقة وصلة.
والصدقة بهذا تكون عملاً صالحاً يشرع لك أن تجعليه بين يدي دعائك توسلاً إلى الله تعالى به ليقضي لك حاجتك.
ونحب أن ننبه إلى أنه يمكن للمرأة أن تستعين ببعض أقربائها أو صديقاتها في البحث عن زوج صالح، كما أنه لا بأس عليها في عرض نفسها على من ترغب في زواجه منها من الصالحين، كما بينا بالفتوى رقم: 18430 نسأل الله تعالى أن ييسر لك زوجاً تقر به عينك ويرزقك منه ذرية صالحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(11/15848)
تتصدق كل يوم من مالها الموضوع في حساب أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مبلغ من المال موجود في حساب والدتي في البنك، وكل يوم أحول مبلغا من المال إلى جمعية البر من مالي. هل يجوز التصدق به؟ أم لابد أن يكون لي حساب في البنك حتى أتصدق من حسابي؟ أم أجمعها عندي في البيت، ثم أذهب بها إلى الجمعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه مما لا حرج فيه، بل هو فعل مأجور فاعله إن شاء الله، وذلك لأن باب الصدقة واسع، وكلما تصدق الإنسان بأكثر كان أجره أتم وأوفر، قال تعالى: مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {البقرة:245} .
فمن أخرج كل يوم صدقة فهذا فعل حسن، ويدل عليه الحديث، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على كل سلامى من الناس صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس، يعدل بين اثنين صدقة، ويعين الرجل في دابته ويحمل عليها أو يرفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة. رواه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق.المسند المستخرج على صحيح مسلم. وراجع الفتوى رقم: 118130.
أما كون الحساب لوالدتك فلا يضر ما دمت تتصدقين من مالك وليس لوالدتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(11/15849)
من وكل في دفع الصدقة هل له أن يأخذ منها لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرضت لشيء غريب أود أن أعرف حكم الشرع فيه:
أنا أم لخمسة أولاد، ومن المعروف فى محيط عائلتي أننى يمكن أن يساعدني الأقارب على المعيشة، مات زوجي من شهر- يرحمه الله- جاءتنى مكالمة من ابنة خالي لم أكن على اتفاق معها على شيء، وجدتها تسألني عن تفاصيل حياتي واحتياجاتي لأولادي وأرد عليها بالصدق، ثم قالت: هناك أناس سوف يرسلون لكم مساعدة، وأنا فعلا من الفقراء وكنتم قلتم لي أن آخذ حسب حاجتي من قبل والله المعين، المهم أننى وجدتها تقول لى: أنت محتاجة مبلغ كذا؟ وكانت تزيد عن المبلغ الذى قلته فأسألها من سيرسل؟ تقول: أناس، وهل سيرسلون كل هذا المبلغ؟ تقول نعم، قلت شكرا. بعد إغلاق المكالمة اتصلت وقالت طبعا أنت لاحظت أننى طلبت أكثر مماقلت، هناك أناس تائبون سوف أساعدهم، قلت لها: طيب، ثم صممت أن يصل المبلغ على يديها، ثم اتصلت بى فى المساء وأخبرتنى أن المبلغ عندها، وأنها سوف تأخذ نصف ما أرسل للاولاد لأنها فى حاجة له، وجدتنى أقول لها: لا، هذا المال مرسل للاولاد وأنا أمهم وقد قلت لهم ظروفنا الصعبة وأن زوجى رحمة الله قد توفي بسبب المرض ولم يترك لنا شيئا لهذا أرسلوا لنا، ثم أنا فعلا قد وافقت على مساعدة لأني محتاجة قلت طبعا أرسل لهم الفلوس، ولم يصلنى المال، لكن وجدت أنها هى التى تقول إنها ستاخذ نصف المبلغ، وطبعا أولادى أشد احتياجا، ومنهم يتيم وأنا أرملة، أو خذى بالمعروف ليس نصف المبلغ، قالت: أنا فعلا أخذت 1500 جنيه، قلت لها طيب، أرجو إرسال الباقى، وكان بيننا حديث عنيف صممت على إرسال باقى المبلغ، ويبدو أنها خافت من أن أذكر للناس شيئا عن الموضوع فأرسلت باقى المبلغ والحمد لله. هل أنا على خطإ فى شيء أخبروني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المتصدق بالمال قد عين مصرفه بكونه لك ولأولادك، فلا يجوز لمن وكل في توزيعه أن يصرفه إلى غيركم، أو أن يأخذه لنفسه، وعليه تكون مطالبتك بالمال صحيحة؛ لأنك إنما طالبت بحقك وحق أولادك، أما إذا كان المتصدق لم يعين فقيرا بعينه، فيجوز لوكيله توزيعه بين الفقراء حسب ما يراه من المصلحة، وهل له أن يأخذ منه لنفسه إن كان فقيرا خلاف بين أهل العلم راجعيه في الفتويين: 19458، 15522.
وبالنسبة لك ليس في هذه الحالة إجبارهذا لوكيل على صرف المال كله إليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1430(11/15850)
التعفف عن الصدقة تأسيا بالنبي.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لم يأكل النبي من الصدقة؟ وهل يجوز عدم الأكل من الصدقة أسوة بالنبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا في الفتوى رقم: 15881، الحكمة من تحريم الصدقة على النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الكرام، فنحيل السائل الكريم لتلك الفتوى.
وأما هل يجوز عدم الأكل من الصدقة تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان ذلك على سبيل التعفف من غير أن يلحق المتعفف ضرر بنفسه أو بمن يعول فلا مانع من ذلك فيما نرى، وأما إن كان يلحق ضرر بنفسه أو بمن يعول فهذا إلى عدم الجواز أقرب لوجود الضرر؛ وقد يدخل هذا الامتناع في التحريم لما أحل الله تعالى أو يكون استكبارا، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: قال ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم وذكر منهم: وعائل مستكبر. رواه مسلم.
قال المناوي في فيض القدير: وعائل مستكبر أي فقير ذو عيال لا يقدر على تحصيل مئوتنهم ولا يطلب من بيت المال أو من الناس المتكبر فهو آثم لإيصال الضرر إلى عياله. انتهى.
ومثله ما قاله صاحب مرقاة المفاتيح: وقيل المراد بالعائل ذو العيال، فتكبره عن أخذ الصدقة قدر ما يسد خلته وخله عياله. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/15851)
عدم تمام زواج أخيك لا يمنع من التصدق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنوي التصدق بمبلغ من المال لتسخير حال أخي للزواج، فكلما تقدم للخطبة لا يكتمل الموضوع، فهل هذا جائز، مع العلم أنه يشتغل ولديه مرتب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلك الصدقة على أخيك وإعانته على إعفاف نفسه، مثابة على ذلك، ولو كان أخوك من الأغنياء، فالصدقة على الغني يثاب عليها صاحبها، وعدم تمام زواج أخيك دائما عند خطبته من يريد الزواج منها لا يمنع التصدق عليه، فكل شيء بقضاء وقدر، وقد يكون الخير فيما حصل، وراجعي الفتوى رقم: 111495.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(11/15852)
حكم جمع المال لمريض يحتاج إلى زرع كلية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم جمع المال لمريض يريد زرع كلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمعُ المال لمساعدة المرضى من القرب والطاعات الداخلة في عموم قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى. {المائدة:2} ، وإذا كان هذا المريض عاجزاً عن نفقات العلاج، وكانت الأموال المجموعة له إنما تُجمع في تكاليف العملية الجراحية، والعلاج ونحو ذلك، وليست ثمناً للكلية المراد زرعها، فلا شك في جواز جمع المال للمريض في هذه الحال، وأما إذا كان المال إنما يُجمع لشراء كليةٍ من شخص آخر، فقد بين المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي شروط جواز نقل الأعضاء، ونقلنا قراره بطوله في الفتوى رقم: 4388، وجاء ضمن هذا القرار:
سابعاً: وينبغي ملاحظة أن الاتفاق على جواز نقل العضو في الحالات التي تم بيانها، مشروط بألا يتم ذلك بواسطة بيع العضو، إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال ما. أما بذل المال من المستفيد ـ ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة أو مكافأة وتكريماً ـ فمحل اجتهاد ونظر. انتهى.
وبه تعلم أنه إن أمكن نقل الكليةِ بدون شراء، أولم تكن الحال حال ضرورة، فلا يجوز جمع المال لهذا الغرض، وأما إن كانت حال ضرورة، وأبى الباذل إلا أخذ عوض، فالمسألة محل نظر، وقد لا يستبعد أنه لا حرج في جمع المال لهذا المريض في هذه الحال لقاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(11/15853)
حكم دفع الزوجة صدقتها لأمها
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خير الجزاء على هذا الموقع، وجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم.
أنا امرأة متزوجة وعندي طفلان، والحمد لله، وأعمل وأخرج جزءا من راتبي كل شهر بعلم زوجي، أتصدق به ونحن غير محددين جهة التصدق، كل مرة يكون من نصيب شخص أو جهة محددة، ولكن أبي الله يهديه ويغفر له طبعه شديد في المعاملة، فيعاملني أنا وأخواتي البنات فقط معاملة سيئة ويحرجنا كثيراَ أمام أزواجنا، يعني مثلاَ ما يتقبل أن نزورهم في بيته، ولا يعزمنا إطلاقا عنده، وأزواجنا هذا الشيء يزعجهم جداَ، وفي المقابل يعاملوننا سيئا، ولو عند واحدة منا ظروف مثل وصول مولود جديد أو شيء مثل هذا ما يحضر هدية وأمي حفظها الله تحاول معه كثيراَ، ولكن للأسف بدون جدوى، ولو هي معها تفعل من نفسها.
سؤالي هو هل من الممكن أن أعطي هذا المال الذي أخرجه كل شهر من راتبي لأمي وهى تقوم بإهداء أخواتي البنات وزيارتهم وعزيمتهم من ذلك المال، وسأفعل ذلك بدون علم زوجي وأفهمه أني خرجت النقود. فهل يجوز أم لا؟ لأنه لو علم بذلك سينظر لي نظرة سيئة أنا وأبي، وبصراحة لما والدي يفعل ذلك نشعر بانكسار ومذلة من أزواجنا، ولا نستطيع المطالبة بحقوقنا الشرعية أو مراجعة أزوجنا في شيء.
رجاءَ ساعدوني وجاوبوني على سؤالي هذا، لأن الأمر مهم جداَ بالنسبة لي، واعتقد إن شاء الله أن الوضع سيتغير لو هذا الأمر حدث.
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المرأة أن تتصرف فيما تشاء من مالها حيث تشاء مما هو مشروع، وهذا مذهب جمهور أهل العلم. وانظري الفتوى رقم: 55510.
وبناء على هذا فما أردت دفعه من صدقتك لوالدتك لا حرج فيه، بل إن ذلك أمر حسن لما يترتب عليه من المصلحة الراجحة، وربما إصلاح ذات البين وتأليف القلوب.
ولا تخبري زوجك بالجهة التي تصرفين إليها مالك، وخاصة إذا ترتب على ذلك مفسدة.
هذا، ونشدد عليك في البر بوالديك وإن أساءوا إليك، فإن حقهما أعظم حق بعد حق الله تعالى.
وللفائدة راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 112701، 99478، 97807.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1430(11/15854)
هبة ثواب الصدقة الجارية للأب والأم الميتين
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي توفى من شهر تقريبا،وقد نويت أن أعمل له صدقة جارية بمبلغ معين. وأمي متوفاة من 10 سنين ولم أقم بعمل صدقة لها.
السؤال الآن هو:
بعد أن نويت أن أعمل الصدقة الجارية لأبي في البداية، أريد أن تكون هذه الصدقة عن أبي وأمي بنفس المبلغ، وفي نفس الوقت الذي نويته بعد وفاة أبي.
هل من مشكلة في ذلك؟
للعلم أنا لم أخرج الصدقة الجارية لغاية الآن.
والسؤال الآخر: أريد أن أخرج هذه الصدقة الجارية لأحد المستشفيات لعلاج السرطان. فهل هذا يجوز أم ماذا؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت الصدقة في يدك، فلا حرج عليك في أن تفعل بها ما تريد أن تفعله من إشراك أمك مع أبيك في ثوابها، ثم إن الأم أولى بالبر من الأب كما هو معلوم، فإشراكها مع أبيك في ثواب هذه الصدقة أمر حسن.
وقد بيّنا في الفتوى رقم: 44041، أن هبة ثواب الصدقة لأكثر من ميت لا حرج فيه, وإخراجك الصدقة لمستشفى علاج السرطان عمل طيب، ولكننا ننصح بأن تكون المستشفيات التي تستفيد من هذه الصدقات في بلد إسلامي والحرص على أن يعود النفع إلى الفقراء، علما بأن أبواب الصدقة الجارية كثيرة ووجوه الخير متعددة ولله الحمد، وانظر الفتوى رقم: 48404، والفتوى رقم: 8042.
نسأل الله أن يعيننا وإياك على ما فيه مرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1430(11/15855)
تصدق الأم عن ابنتها المتوفاة بمال ادخرته من مال زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت توفاها الله، وقد كانت تدخر المال من زوجها، وبعد الوفاة تركت باقي المال مع والدتها، وأعطت جزءا منه لأولادها قبل الوفاة، ولكن والدتها أخرجت منه على روحها صدقه جارية والباقي صرفت منه. ولكن هل يصلها الثواب أم لا؟
وهل يمكن لوالدتها أن تعتمر عنها بمالها الخاص وهو ورثها من والدها؟ وهل يحسب لها الثواب أم لا؟ وهل مال الصدقة الجارية حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء إن كان المقصود بقول السائلة -تدخر المال من زوجها- أي أنها تأخذ مال زوجها من غير علمه فهذا لا يجوز، والمال مال الزوج وليس مال الزوجة فلا بد أن يرد إليه، ولا يدخل هذا المال في تركة الزوجة.
وأما إن كان المقصود بقول السائلة -تدخر المال من زوجها- أي تدخر ما وهبه لها زوجها فإن المال يكون لها ويصير من جملة ما تركته الميتة من مال ويقتسمه ورثتها، وليس لأمها أن تتصرف فيه بدون إذن منهم لا بصدقة ولا بعمرة ولا بغيرهما، وما تصدقت به عليها من دون إذن الورثة ضمنته، فيلزمها أن تدفع للورثة مقدار ما تصدقت به إلا إذا رضوا بإمضاء تلك الصدقة، والصدقة عن الميت مشروعة ويصل ثوابها إليه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 11537، وانظري أيضاً الفتوى رقم: 20859 عن حكم الصدقة عن الميت من الميراث، ويجوز لأمها أن تعتمر عنها بمالها الخاص -سواء تحصلت عليه الأم تركة عن أبيها أو من كسبها أو غير ذلك- بشرط أن تكون الأم قد اعتمرت عن نفسها أولاً، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 111550، والفتوى رقم: 3500.
وللأم الأجر- إن شاء الله تعالى- في اعتمارها عن ابنتها، والصدقة الجارية عن الميت مشروعة وقد ذكرنا مشروعيتها وأمثلة منها وذلك في الفتوى رقم: 8042.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1430(11/15856)
حكم تبرع الجندي بماله لمصالح دولة مسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تبرع جندي مقابل شهر نزوله، وهذا التبرع برضاه، حتى يقول الجندي إذا ما تبرع سوف أهرب أو أبطل، ولكن هذا المال نشتري به مواد أو تجهيزات للمال العام من مواد وتجهيزات للدولة؟ أفتوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن عمل المسلم في جيش الدول الكافرة لايجوز؛ لما يترتب عليه مما يناقض الولاء للمسلمين والبراء من الكافرين. ولأن الجندي ملزم ببعض الأمور التي تخالف صريح الإسلام، فلا يجوز العمل في تلك المهنة عند الكافر، وقد بينا ضوابط جواز العمل عند الكفار في الفتوى رقم: 1367، 32852. فإن كان الأخ المذكور يعمل جنديا لدى دولة كافرة، فعليه أن يتوب إلى الله، ويترك ذلك العمل. وأما إن كان يعمل في جيش دولة مسلمة فلا حرج عليه.
وأما بالنسبة للسؤال ففيه غموض، وعلى أن المقصود منه حكم تبرع الإنسان بجزء من ماله لمصالح الدولة المسلمة، فلا حرج في ذلك ما دام في رشده وكمال عقله، وهو من الحقوق الفردية التي أثبتها الإسلام للمرء، وأباح له حرية التصرف في ماله، فله أن يتبرع به جميعه أوبعضه.
وبناء عليه، فلا حرج عليكم في قبول ذلك التبرع منه لطيب نفسه به وصرفه في المصالح العامة للمسلمين أو ما يحدده هو. وإذا لم يكن هذا هو مقصود السائل فنرجو منه توضيح سؤاله.
وللفائدة انظر الفتويين رقم: 1934، 18923.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(11/15857)
الإنفاق على طالب بشرط أن يتصدق على المحتاجين عندما يتوظف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في جمعية خيرية، تكفلنا بتدريس طالب جامعي بدفع جميع أقساطه الجامعية، ولكننا اشترطنا عليه بعد انتهائه من دراسته الجامعية وحصوله على وظيفة، أن يخصص جزءا من راتبه للمحتاجين.
هل يجوز أن نشترط عليه ذلك، وهل ما فعلناه صواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح اشتراط ذلك ولا يلزم، لكن ينبغي حثه عليه وتوجيهه إليه، لأنه من التواصي بالحق، والحث على البر والتعاون على التقوى.
إذ صرف النفقة وتحمل الأقساط عنه إما أن يكون على سبيل القرض والرجوع بما أنفق عليه إن أيسر، أو يكون على سبيل الهبة والعطية أو الصدقة، وعلى كل منها لا يصح اشتراط نحو ذلك الشرط المذكور. وللوقوف على تفصيل كلام أهل العلم في القرض والهبة انظر الفتويين: 7110، 47109.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1430(11/15858)
ادخر مالا ليتصدق به فهل له أن ينتفع به ويرده فيما بعد
[السُّؤَالُ]
ـ[خصص شخص صندوقا للصدقة في بيته -مثل الحصالة-يضع فيها المال كل يوم، وجاء يوما وأخذ منه مبالغ، ولما حصل علئ المبالغ أرجعها في الصندوق.
هل هذا حرام أم لا، أم أنه سيحاسب عليه؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أراد السائل أن يدخر جزءا من ماله في صندوق للصدقة ليخرجه شهريا أو حسب ما يرى، ثم احتاج إلى شيء من هذا المال فأخذ مما ادخره ثم أرجعه، فلا حرج عليه في ذلك، لأن المال لم يخرج عن ملكه بعد بل هو ماله.
جاء في كشاف القناع: ومن أخرج شيئا يتصدق به أو وكل في ذلك) أي الصدقة به (ثم بدا له) أن لا يتصدق به (استحب أن يمضيه) ولا يجب لأنه لا يملكها المتصدق عليه إلا بقبضها وقد صح عن عمرو بن العاص
أنه كان إذا أخرج طعاما لسائل فلم يجده عزله حتى يجيء آخر.
فإذا جاز للمتصدق استرجاع ما أخرجه بنية التصدق قبل أن يقبضه المتصدق عليه، فمن باب أولى أن يجوز له الاستفادة منه مع نية رد مثل ما انتفع به منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1430(11/15859)
حدود تصرف المرأة في المال إذا كانت تشارك في مصروف البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عليّ أن أستأذن زوجي في كل شيء أخرجه من المنزل؟ علما بأني أعمل وأشارك في مصاريف المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما مالك الخاص الذي تملكينه، سواء كان من الراتب أو من غيره فيجوز لك أن تتصرفي فيه كما تشائين، ما دام تصرفك فيما أحله الله، ولا يشترط لذلك إذن زوجك، لأنه لا حق له فيه، وإن كان الأولى أن تعلميه بذلك على سبيل الندب والاستحباب، لا الوجوب، فإن هذا أطيب لخاطره.
وأما المال الخاص بزوجك فلا يجوز لك أن تتصرفي في شيء منه إلا بإذنه، ولو كان التصرف صدقة، لقوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: لا تنفق امرأة شيئاً من بيت زوجها إلا بإذن زوجها. ويستنثنى من ذلك الشيء اليسير الذي جرت العادة بالتسامح فيه، فهذا إن تصدقت المرأة به دون إذن من زوجها، كان لها نصف الأجر، ولزوجها النصف الآخر. وقد سبق بيان هذا بشروطه وضوابطه في الفتوى رقم: 9457.
وأما في حالتك التي تذكرين من كون مالك مختلطا بمال الزوج لأنكما تشتركان في النفقة على البيت، فيجوز لك حينئذ أن تتصرفي في حدود مالك الذي تبذلينه، إذا كان إنفاقك هذا محض تبرع منك. أما إذا كان هذا الإنفاق واجبا عليك كما لو كان قد اشترط عليك زوجك جزءًا من الراتب مقابل سماحه لك بالعمل، فلا يجوز لك حينئذ أن تتصرفي في شيء من ذلك إلا بإذنه باستثناء الشيء اليسير كما سبق بيانه في الفتوى المحال عليها سابقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(11/15860)
حكم بيع الأرقام المميزة بنية عمل مشروع خيري للمسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد ذكرتم في الفتوى رقم: 46259 أن شراء الأرقام المميزة من الإسراف والتبذير، لأنه لا حاجة لذلك، ويعد هذا من إضاعة المال الذي أمر الله بحفظه في آيات كثيرة, ولكن هل يجوز لي إن كان لدي رقم مميز أن أبيعه لمثل هؤلاء المبذرين الذين لا يدرون أين يضعون أموالهم أم أن الحكم هو التحريم؟
وماذا لو كنت سأبيع الرقم بنية عمل مشروع خيري للمسلمين، أليس هذا خير من أن يعبث السفهاء بالمال في ما يضر ولا ينفع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا قلنا إن شراء الأرقام المميزة من الإسراف المحرم فمعنى هذا أنه يحرم بيعها لمن يطلبها ولو بنية الصدقة بثمنها في وجوه الخير، فالله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، والمقاصد الحسنة لا يتوصل إليها بوسائل غير مشروعة.
وإذا كان هؤلاء يعبثون بأموالهم فيناصحوا ويؤمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، لكن لا يعتدى على أموالهم ولا تؤخذ بغير حق وبوجوه غير مأذون بها شرعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1430(11/15861)
نوى أن يهب ذهبا لله فهل له التصدق بثمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[وهبت جزءا من الذهب لله، فهل إخراج ثمنه دون بيعه حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الموهوب له الذهب قد قبضه فعلا فلا يجوز الرجوع في الهبة لحديث عمر رضي الله عنه الثابت في الصحيح: أنه حمل على فرس في سبيل الله فظن أن من أخذه سيضيعه ويبيعه برخص، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في شرائه فقال: لا تشتره ولو أعطاكه بدرهم. وأما إذا كان الموهوب له لم يقبض الذهب، وكانت نيتك من هبة الذهب الصدقة به كما هو الظاهر، فإبقاؤه والصدقة بثمنه جائز.
وسواء تلفظت باللسان بلفظ الهبة أو لا، لأن الرجوع في الصدقة جائز عند الجمهور ما لم يقبضها الفقير قال الشيخ عبد الله بن جبرين: الصدقة لا تلزم إلا بدفعها إلى المستحقين أو إلى الجهة الخيرية، فقبل ذلك يجوز تغيير النية، ويجوز صرفها إلى أي جهة فيها خير، وله أن يقلل منها أو يزيدها بحسب الحاجة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك فتصدق عليها. انتهى
فإذا كان الرجوع في الصدقة جائزا، فإبقاؤها وإخراج ثمنها أولى بالجواز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(11/15862)
وهبت جزءا من ذهبها لله، فهل يجوز لها إخراج قيمته
[السُّؤَالُ]
ـ[وهبت جزءا من ذهبي لله تعالى وتوفر لي المال، فهل يجوز لي إخراج قيمة ما وهبته من الذهب مالا أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما أخرجه المرء من ماله على سبيل التقرب إلى الله لا يجوز له استرجاعه، فقد جاء في الصحيحين: أن عمر رضي الله عنه حمل على فرس في سبيل الله، فظن أن من أخذه سيضيعه ويبيعه برخص، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في شرائه فلم يأذن له، وقال: لا تأخذه ولو أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه. فإن كان هذا الذهب قد خرج من ملكك فعلاً وتملكه من وهب له لم يجز لك الرجوع في صدقتك، ولو بالشراء ممن تصدق عليه به.
وأما إن كان الذي حصل هو مجرد نية منك والذهب لم يزل في ملكك فإن الصدقة لا تلزم بالنية، كما بينا في الفتوى رقم: 57069 وغيرها.. وحينئذ يجوز لك إخراج قيمته مكانه، فهو أولى بالجواز من ترك إخراجه أصلاً..
قال في كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: ومن أخرج شيئاً يتصدق به أو وكل في ذلك، أي الصدقة به (ثم بدا له) أن لا يتصدق به (استحب أن يمضيه) ولا يجب، لأنه لا يملكه المتصدق عليه إلا بقبضها، وقد صح عن عمرو بن العاص أنه كان إذا أخرج طعاماً لسائل فلم يجده عزله حتى يجيء آخر. انتهى..
وإذا كنت قد تلفظت بلفظ الهبة بلسانك وأنت تريدين أنك ستتصدقين به لم يتخلف الحكم بذلك عند الجمهور ولم تلزمك الصدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(11/15863)
الزواج بالقريبة اليتيمة هل هو من باب كفالة الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[قال صلي الله عليه وسلم أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة هل يدخل في هذا الزواج من القريبة إذا كانت يتيمة وهل لزواجي من يتيمة من أقاربي أجران كالحسنة على لأقارب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى.
وكافل اليتيم هو القائم بأمره ومصالحه سواء كان من مال نفسه أو من مال اليتيم، كان ذا قرابة أم لا، كذا قال المناوي.
فنرجو لمن حسنت نيته وزهد في بنات الأثرياء وتزوج يتيمة من أقربائه متقربا لله بكفالتها ليتمها وقرابتها أن يرزقه الله ما نواه من الإحسان لليتيم والصدقة على ذوى القربى، وذلك لقول الله تعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة:215} .
وقال أيضا: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا {النساء:36} .
وفي حديث الصحيحين: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.
وفي الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك.
وفي الحديث: إن الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. رواه أحمد والترمذي وصححه الأرناؤوط والألباني.
وقال الغزالي: كان مالك بن دينار رحمه الله يقول يترك أحدكم أن يتزوج يتيمة فيؤجر فيها إن أطعمها وكساها تكون خفيفة المؤونة ترضى باليسير ويتزوج بنت فلان وفلان يعني أبناء الدينا فتشتهي عليه الشهوات وتقول اكسني كذا وكذا. انتهى.
علما بأن جمهور أهل العلم لا يجيزون نكاح اليتيمة قبل البلوغ خلافا لأبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه، وأجاز المالكية نكاحها بشروط، وصفة اليتم تنقطع بالبلوغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1430(11/15864)
أجر المرأة إذا تصدقت بمال زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أتصدق بمبلغ ثابت كل شهر لأسرة معينة، وزوجي أعطاني مبلغا للتصدق، فهل يجوز أن أخرج هذه الصدقة بنيتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تصدقت على هذه الأسرة بالمال الذي وكلك زوجك في الصدقة به فإن ثواب الصدقة يكون له لأنه هو الذي بذل المال، وأما أنت فلك ثواب المعونة على البر والتقوى بإيصالك الصدقة إلى من صرفت له، لأنك لا تملكين المال.. وعسى أن ينالك ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أن المرأة إذا أنفقت من بيت زوجها كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما اكتسب. متفق عليه.
وأما إن نويت الصدقة عنك وعن زوجك فليس لك ذلك لأنك غير مالكة لهذا المال، ولكنك لا تأثمين بترك بذل مالك لأن صدقة التطوع لا تلزم.
والذي ننصحك به أن تتصدقي عليهم بمالك كما اعتدت وأن لا تقطعي عادة خير اعتدتها فإن أحب الأعمال إلى الله أدومها، وإن قل كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأن تتصدقي بمال زوجك على غيرهم من المحتاجين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1430(11/15865)
التصدق لأهل غزة أم لمريض حالته خطيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح تغيير نية التصدق بالمال من جهة الى جهة أخرى حيث نويت التصدق بالمال إلى غزة ثم ظهرت لي حالة مرضية خطيرة لأحد الأشخاص شفاه الله فهل أعطيه هو المال؟
وجزكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت الصدقة بيد صاحبها ولم يتملكها الآخذ لها بحيازتها، فله الحق في التصرف فيها كما يشاء، وانظر الفتويين: 32269، 54820.
ويبقى النظر فقط في ما هو الأفضل من جهتي الصدقة؟ والقاعدة أن الصدقة تكون أفضل كلما كان الانتفاع بها أكبر، وكلما كانت الحاجة إليها أشد، والذي يظهر أن هذا المريض الذي ذكرته إن لم يكن له حق شخصي عليك كأن يكون من ذوي رحمك مثلا، فالمحتاج من أهل غزة أولى في هذا الوقت لأن حالتهم أشد من كل وجه، وليس في طوقهم ما يدفعون به حاجتهم. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 51031.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(11/15866)
حكم الصدقة على فقيرة زوجها يدخن
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تعرفت منذ سنوات على امرأة فقيرة تعمل كمنظفة في بيت إحدى جاراتي وأخبرتني أنها كانت ميسورة الحال إلى أن مرض زوجها مرضا خطيرا واضطرت أن تبيع ما تملك من أثاث بيتها وحليها ليتم علاجه في المستشفى وبقي زوجها غير قادر على العمل فخرجت تبحث عن عمل فما وجدت إلا أن تذهب لتنظف في البيوت ومنها بيتي وبيت جاراتي حتى تستطيع إعالة زوجها وأبنائها الثلاثة ولقد عانت كثيرا كثيرا.
ومنذ ذلك الوقت بقيت أنا وجاراتي نساعدها بفضل الله بما نستطيع إلى أن شفي زوجها ورجع إلى العمل ولكن بمرتب أقل من مرتبه السابق فاضطرت المسكينة أن تواصل العمل في البيوت حتى تعينه وبقينا نحن كذلك نساعدها.
ولكن زوجها مع حصوله على المرتب الأول رجع إلى التدخين بعد أن ظل 5 سنوات مريضا بدون تدخين.
مع العلم أن ما تحصل عليه المسكينة من عملها اقل مما ينفقه هو على دخانه والجلوس في المقاهي مع أصحابه.
وأصبحت أنا وجاراتي نحس وكأننا عندما نساعدها ونتصدق عليها كأننا ننفق على دخانه.
فماذا نفعل هل نواصل التصدق عليها أم نكتفي بأجرة التنظيف.
جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تقطعوا الصدقة عن هذه المرأة طالما أنها محتاجة لها, وكون زوجها من المدخنين لا يمنع جواز الصدقة عليها، ويمكنكم أن تنصحوها بأن تحتفظ بهذا المال في يدها للإنفاق على نفسها وأولادها، ولا تبذل هذا المال لزوجها المدخن، وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 103360، بيان جواز الصدقة حتى على المدخن نفسه؛ إلا إذا تيقن المتصدق أنه يستعمل هذا المال في التدخين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(11/15867)
لا حرج في الانتفاع بالمال المبذول عن طيب نفس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فلسطيني أدرس في إحدى الدول الإسلامية، كذلك كنت أعمل بوظيفة تكفي لإعالتي وإعالة عائلتي، أعطاني أحد الزملاء مبلغا من المال كمساعدة، فلم أقبل ذلك واقترحت عليه أن أرسل المال للفقراء في فلسطين، فوافق على ذلك، وبعد أقل من أسبوع تعرضت لأزمة مالية وفقدت مالي، وفقدت وظيفتي، ولم أجد بديلا إلا وظيفة بنصف راتبي الأول ولا يكفي لإعالتي. فأخبرت صديقي بذلك فقال لي المبلغ تحت تصرفك، وفعلا استخدمت هذا المال، فماذا تقترحون علي، هل أخرج هذا المال إذا تيسر حالي، أوأقترض وأخرج المال من الآن. أنا غير مرتاح لأني استخدمت المال لنفسي.
وكذلك الآن أعطاني نفس الأخ الفاضل مبلغا من المال للفقراء في فلسطين ولأهلي في فلسطين إذا كانوا محتاجين، فهل لي الأخذ إذا احتجت حيث إنني الآن بدون عمل نهائيا. أرجو إفادتي كيف يمكن أن أوزع هذا المال ...
ولكم جزبل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد قبلت من صديقك هذا المال فقد دخل في ملكك بذلك، ولا حرج عليك في قبوله إن شاء الله لأنه بذله عن طيب نفس، ولا نرى لك أن تقترض وتحمل نفسك تبعة الدين من أجل إخراج هذا المال من ملكك وهو أمر لا يلزمك، فإذا أيسرت وأردت أن تتصدق بمقدار هذا المال أو أقل أو أكثر فهذا حسن، وباب الصدقة واسع، ولباذلها الثواب العظيم الذي دلت عليه النصوص بكثرة مع التنبه إلى أن هذا لا يلزمك.
وأما المال الذي دفعه إليك لتوزعه على الفقراء في بلدك فالظاهر أنه أرادهم بخصوصهم في دفع هذا المال إليهم فليس لك الأخذ منه والحال هذه إلا أن تستأذنه، وأما إن لم يكن أرادهم بخصوصهم وإنما أراد جنس المحتاجين جاز لك الأخذ من هذا المال إذا كان وصف الحاجة يصدق عليك، والتعفف أولى على كل حال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح: ومن يستعفف يعفه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1430(11/15868)
النقص من صدقة التطوع والزيادة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنوي جمع المال قصد الزواج وهذا يحتاج مدة قد تصل لسنتين، وأقوم بالصدقة مرة واحدة كل شهر، وأفكر في تخفيض مبلغ الصدقة ريثما أجمع المبلغ الذي يعينني على الزواج، فهل أنا على صواب؟
وبالنسبة للصدقة أنا أحاول إعطاء المبلغ كاملا لشخص واحد حتى يستفيد منه، فما رأي الشرع في هذا؟ وهل كنز المال مؤقتا بنية إنفاقه فيما بعد كما في حالتي هذه جائز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعينك على ما أنت مُقدمٌ عليه من أمر الزواج، وأما بالنسبة لسؤالك فإن صدقة التطوع يجوزُ النقص منها والزيادة فيها لأنها ليست واجبة فأمرها موكولٌ إلى اختيار المكلف، هذا من حيثُ الأصل، وأما الذي ننصحك به فهو ألا تنقص المقدار الذي تُخرجه من الصدقة، فإن أحب الأعمال إلى الله أدومها، والنبي صلى الله عليه وسلم كان من سنته أنه كان إذا عمل عملاً أثبته، ثم إن الصدقة لا تُنقص المال كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلمٌ في صحيحه، وربما دفع الله عنك بصدقتك بلاءً أو شراً كان سيجتاحُ أكثر من مقدارها لو لم تتصدق.
وأما بالنسبة لدفع الصدقة إلى فقير واحد فهذا يتفاوت بتفاوت المصلحة فربما كانت حاجةُ مجموعة من الفقراء غير شديدة فُتسدُ خلة كل منهم بأن يُدفع إليه قدرٌ من الصدقة فيكون الأفضل دفعها إلى جماعة، وربما كان العكس فيكون الأفضل دفعها إلى واحد، وأما من حيثُ الجواز فكلا الأمرين جائزٌ بلا شك.
وأما بالنسبة لادخار المال هذه المدة بهذا القصد فلا حرج فيه بشرط أن تؤديَ زكاته إذا بلغ نصابا، وكنا قد بينا ذلك الفتوى رقم: 8152.
وكل مالٍ تؤدى زكاته ليس بكنز كما هو مبين في الفتوى رقم: 107765.
ثم اعلم أن إنفاقك المال على نفسك لتستعف به هو صدقة منك عليها وصدقتك على نفسك أولى من صدقتك على غيرك لقول صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك فتصدق عليها. رواه النسائي.
وننبهك إلى وجوب إخراج زكاة هذا المال على رأس كل حول قمري إذا كان قد بلغ نصابا وهو ما يساوي 85 جراما من الذهب الخالص أو 595 جراما من الفضة الخالصة تقريبا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1430(11/15869)
المساهمة في نفقات عرس مع كونه قد يشتمل على المعازف
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعلم أن الأعراس في أيامنا هذه تحتوي على الأغاني والموسيقى، وفي تلك الأغاني ألفاظ دينية ومقدسة، المقصود أن أحد الفقراء طلب مساعدة مالية لتجهيز ابنته للزواج، فهل أساعده أم أتخلى عنه سدا للذريعة علما بأنه لن يحضر الموسيقى، بل ربما خطيب العروس، وإنما المساعدة المالية للثياب والتجهيز وما شابه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أولا أن تنصح لهذا الرجل، وأن تعلمه بحرمة الأغاني بالمعازف وآلات اللهو والموسيقى المعروفة في هذا الزمان، وأن الواجب عليه أن ينكر ذلك على زوج ابنته ويمنعه منه، فإن الزواج نعمة من أعظم نعم الله على عباده لا ينبغي أن تقابل بمثل هذه المنكرات من اللهو المحرم ومزامير الشيطان وغيرها مما يغضب الله ويسخطه، وأن من فعل ذلك فهو حقيق بأن يحرم بركة الله ومعونته لهذه الأسرة الناشئة الوليدة. وحري بأن يوكل إلى نفسه والشيطان.
وقد جعل الشرع بديلا لهذا، فشرع اللهو المباح وضرب الدفوف للنساء وغير ذلك مما يدخل الفرح والبهجة على أهل العرس، ويحقق مقصود الشرع من إعلان النكاح وإظهاره وهو في ذات الوقت لا إثم فيه لأنه مما أباحه الله وشرعه. وقد بينا في الفتوى رقم: 987، أنواع الغناء وحكم كل نوع وضابطه فيمكنك مراجعة ذلك.
أما بخصوص ما طلبه من مساعدة، فإن كنت لا تعلم أنه سيستعين به على المحرمات من الأغاني ونحوها، فلا حرج عليك في بذله له بل يستحب ذلك؛ لما فيه من إعانة المسلمين وقضاء حوائجهم، وهذا مما رغب الشرع فيه وندب إليه، ووعد فاعله بالثواب العظيم في الدارين. أما ما ذكرت من أن الزوج هو الذي قد يجلب هذه المعازف ويتكفل بنفقتها، فهذا لا يضرك في شيء إن شاء الله، ولا علاقة لهذا بما دفعت من مال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1430(11/15870)
حكم التصدق بمبلغ محدد شهريا وتخصيص وقت معين للتلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في أن يخصص الرجل جزءا من مدخوله الشهري للصدقة بحيث يخصص مثلاً 2% من راتبه يتصدق بها شهرياً وهذه طريقته في الصدقة، فهل تعتبر هذه بدعة لا أصل لها؟ وكذلك أن يخصص له وقتا محدداً لقراءة القرآن بحيث بعد صلاة الفجر وقبل الصلاة في وقت السحر فهل هذه الأمور تعتبر من البدع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه مما لا حرج فيه بل كلها أفعال حسنة مأجور فاعلها إن شاء الله، وذلك لأن باب الصدقة واسع وكلما تصدق الإنسان بأكثر كان أجره أتم وأوفر، فمن خصص جزءا من راتبه للصدقة فهو مثاب مأجور، فعمومات الشريعة شاهدة بحسن هذا الفعل، فهو كما لو رتب لنفسه وردا معينا من الصلاة أو قراءة القرآن فهذه كلها من أبواب الخير التي أمر الله بالتنافس فيها والاجتهاد في التقرب إليه بها.
قال تعالى: مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {البقرة:245} .
وكذا قراءة القرآن في وقت معين يخصصه لذلك مما لا حرج فيه فإن قراءة القرآن مأذون فيها ومشروعة كل وقت وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه كما أخبرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. أخرجه مسلم.
ولكن شرط ذلك ألا يخص وقتا معينا معتقدا أن له فضلا دون أن يكون هذا الفضل ثابتا من جهة الشرع، وهذان الوقتان المذكوران في السؤال شهد الشرع بفضلهما وفضل الذكر فيهما، والقرآن أشرف الذكر وقراءة الليل خير من قراءة النهار وخير الليل آخره حين ينزل الرب إلى سماء الدنيا فيجيب دعاء الداعين ويقبل توبة التائبين، وانظر الفتوى رقم: 78059.
والخلاصة أن عد هذه الأمور من البدع فيه نوع من الغلو لا يخفى بل هي أمور مشروعة حسنة والله الموفق لما فيه الخيروالهادي إلى سواء السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1430(11/15871)
أرسلت إليها صدقات فمن الأحق بها وهل تعطيها للأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[آسفة لإرسال سؤالي إليكم مباشرة فإنني أريد الإجابة بسرعة.
لقد أرسلت إلي مبالغ من النقود صغيرة وليست كبيرة لأهالي غزة المتضررين من الهجوم الوحشي اليهودي الأمريكي العربي للأسف الشديد وكما تعلم كلنا متضررون. والبحث عن أكثر المتضررين مهمة صعبة فهل يمكن استفادة أقاربي المتضررين دون البحث مطولا في هذه الظروف الصعبة؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرفع الكرب عن المكروبين من المسلمين، وشكر الله لك جهدك في معونة إخوانك المستضعفين. والذي ننصحك به أن تتحري أشد الناس حاجة وأولاهم بدفع هذه الأموال إليهم، ويكفي في ذلك أن تعملي بغلبة الظن، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ويجب عليك مراعاة هذا الأمر إذا كان من بذلوا هذه الأموال قد شرطوا عليك أن تدفعيها إلى الأشد حاجة، فإذا لم يشترطوا ذلك جاز دفعها إلى أي منهم مادام وصف الحاجة يصدق عليه ولو كانوا من أقاربك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1430(11/15872)
الصدقة على المسلمين المستضعفين أولى أم الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[مهري كان مبلغا من المال البسيط، وادخرته بنية للحج، بالطبع أحتاج ثلاثة أضعافه كي أستطيع الحج أنا وزوجي..
لكن الآن أريد التبرع بنصفه لأهل غزة نصرهم الله على اليهود الغاصبين..
فهل ادخاره للحج أفضل؟ أم للتبرع أفضل؟
وأسألكم الدعاء لأهل غزة الأبطال ثم لي ولزوجي بالهداية والصلاح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن ينجي المسلمين المستضعفين، وأن ينصر المجاهدين على عدوه وعدوهم، وأن يهدينا والمسلمين سواء السبيل، وشكر الله لك حرصك على الخير ورغبتك فيه، ثم اعلمي أن صدقتك على المسلمين المستضعفين أولى فيما يظهر، لأن الحج غير واجب عليك لكون المال الذي معك لا يكفي للحج، وتحصيل شرط الوجوب الذي هو الاستطاعة ليس بواجب، ثم إن الصدقة سبب من أسباب الخلف والزيادة. قال تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ:39}
فنحن نرجو أنك إذا تصدقت على إخوانك المستضعفين الذين هم أحوج شيء إلى المعونة أن يخلف عليك ويعوضك من نفقتك خيرا، فتتمكنين من الحج أنت وزوجك بإذن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(11/15873)
أيهما يقدم قضاء الدين أم الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا علي دين منذ سنين، واعتدت أن أخرج كل شهر 100 دينار صدقة وما يزيد آخر الشهر أسدد به ديوني، كنت أوزع الصدقة على عدة أشخاص، وفي الفترة الأخيرة لاحظت أن دخل أهلي (أبي وأمي) أصبح بالكاد يكفيهم بسبب غلاء المعيشة، وأحيانا يقترون على أنفسهم حتى لا يتداينوا آخر الشهر، فقررت أن أخصص الـ 100 دينار لهم كصدقة، بقي علي من الدين 1500 دينار، وأنا الآن في حيرة، فمن أحق بالـ 100 دينار، هل أقطع الصدقة وأخصصها لسداد الدين حتى ينتهي، بحكم أن سداد الدين أولى من أي شيء آخر، أم أعطيها لأهلي حتى تحسب صدقة مضاعفة لأنها لقريب وجار، وهي أيضاً نوع من أنواع البر، أم أعطيها لمن ليس له دخل مادي باعتبار أنه أولى بالصدقة من أهلي، علماً بأنني منذ اللحظة التي بدأت فيها بإخراج الصدقة، رزقني الله ببنت بعد 4 سنوات من المحاولة، وبدأت أموري المادية تتحسن بشكل ملحوظ، كما أن هناك مشاكل اجتماعية كبيرة كانت عالقة منذ سنين وحلت وبحمد الله، وكنت أزيد نسبة الصدقة كلما زاد دخلي الشهري، ولهذا فأنا لا أحب أن أقطع الصدقة بعد كل هذا الخير العظيم الذي نلته منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصدقة على المحتاج من أفضل ما يتقرب به إلى الله، فقد قال تعالى: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {البقرة:261} ، وقد وعد الله المنفق بأن يخلف عليه ما أنفق، فقال: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ:39} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً. رواه البخاري ومسلم.
ومحل فضل التقرب إلى الله بها ما لم تتعارض - كما في الفتوى رقم: 40399، - مع واجب كالنفقة على من تلزمه نفقته، وكالدين الحال أو المؤجل الذي ليس له وفاء عند حلوله بحيث لا يمكن الجمع بين تحقيق الواجب وإخراج الصدقة.. وبناء على هذا نقول لك: إن نفقة أبويك إذا وصلا لدرجة الاحتياج واجبة، وهي مقدمة على قضاء الدين إذا لم يمكن الجمع بينهما، كما في الفتوى رقم: 61265.
وإن لم يصلا إلى درجة الاحتياج، ولكن قريب من ذلك ومساعدتهما بالمال فيها توسعة عليهم، فالصدقة عليهما أولى من غيرهما ممن هو في نفس مستواهما المادي، وإن كنت لا تقدر على الجمع بين الصدقة عليهما إذا كان غير محتاجين أو على غيرهما وبين قضاء الدين، فقدم قضاء الدين لأن قضاء الدين واجب، والصدقة مستحبة، والواجب مقدم على المستحب، فقد قال الله تعالى في الحديث الرباني: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه. رواه البخاري. وللأهمية راجع في ذلك الفتوى رقم: 54295.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(11/15874)
الإكثار من الصدقات وتصدق الزوجة بملابس دون إذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في معرفة رأي الشرع في التبرعات العينية مثل الملابس والأثاث وغيرها، ومتى يعتبر تبذيرا ومتى يعتبر صفة محمودة من خلال الأمثلة التالية: ما حكم التبرع بالملابس لتجنب لبسها وشراء ملابس جديدة بدلا منها مع العلم أنها قد تكون جديدة وغير ملبوسة إلا نادرا، أو قديمة ولكن مازالت صالحة للاستعمال اليومي؟
ما حكم تبرع الزوجة بملابس تخص العائلة دون الرجوع للزوج؟
ما حكم تبرع الزوجة بملابس قديمة ولكن الزوج يرغب برؤية زوجته بها؟
ما حكم التبرع بملابس لا تستخدم حاليا للاستعمال خارج المنزل، ولكن قد تستخدم بالمستقبل بالمنزل في أيام البرد؟ هل يستعاض عن هذه الملابس المتبرع بها بملابس جديدة أو أخرى عند البرد مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسراف يختلف من شخص إلى شخص، فما يكون إسرافا في حق شخص قد لا يكون إسرافا في حق آخر. ولبيان ذلك راجع الفتوى رقم: 51751، والفتوى رقم: 31084، والفتوى رقم: 30853.
أما بخصوص التبرع لوجه الله فلا يدخل في الإسراف المنهي عنه خاصة مع الصبر كما فعل أبو بكر الصديق بماله، وكما فعل الأنصار من إيثار المهاجرين مع حاجتهم.
قال ابن مايابا الشنقيطي في نظم نوازل سيدي عبد الله العلوي:
وكثرة الإنفاق والهبات تعد من دلائل الخيرات
فمولع بذلك لا يسفه والقول بالحجر عليه سفه
وإنما الحجر على الصغير وفاقد العقل وذي التبذير
وكيف يعزى للسفاه من سخا لصون عرض لم يدنسه الطخا.
وبناء على هذا، فللشخص أن يستجد ملابسه ويتصدق بملابسه القديمة، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الملابس خاصة بالمنزل أو تستخدم زمن البرد أو غير ذلك، وللزوجة أن تتصدق من مال زوجها بالشيء اليسير أو إذا أذن لها الزوج بذلك.
جاء في فتح الباري: اِخْتَلَفَ السَّلَف فِيمَا إِذَا تَصَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا، فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ لَكِنْ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُؤْبَهُ لَهُ وَلَا يَظْهَرُ بِهِ النُّقْصَانُ. وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى مَا إِذَا أَذِنَ الزَّوْج وَلَوْ بِطَرِيق الْإِجْمَال، وَهُوَ اِخْتِيَار الْبُخَارِيّ.
وبناء على هذا، فللزوجة أن تتصدق بالملابس الخاصة بالعائلة دون الرجوع إلى زوجها ما لم تعلم عدم رضاه بذلك، ومن هذا تعلم أنه ليس لها التبرع بالملابس التي يحب الزوج أن يراها فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1430(11/15875)
وكل شخصا للتصدق بمال أخته فهل يدفع لأبناء الموكل المحتاجين
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب في الكويت متقاعد وهو مريض عمره حوالي 75 ويحتاج إلى رعاية، وراتب التقاعد هو الدخل الرئيسي له، لديه بنتان وولدان يدرسون في المدارس والجامعة، وله أخت يقارب عمرها الثمانين ذاكرتها ليست على ما يرام، وتعاني من الوسواس القهري، وتصرف لها إعانة شهرية من الدولة، سبق وأن أعطاني مبلغا من مال أخته لبناء مسجد بناء على طلبها، كما سبق أن أعطى قريبا له مبلغا من المال (له أو لأخته) للتصدق به، المنزل الذي يسكنون فيه يخص والدتهم المتوفاة وليس لديها سواهم حاليا، أعطاني مبلغا من المال للتصدق به عن أمه وأخته وعن نفسه، وسألته لمن المال؟ فقال هو لأخته وأضاف إليه شيئاً. اتصلت بي زوجته دون علمه وأفادت بأن الأولاد يحتاجون إلى مصاريف بازدياد وأنهم الأحوج لهذا المبلغ، الزوجة مشهود لها بالدين وتقوم برعايته ورعاية أخته فضلاً عن رعاية الأولاد على أحسن وجه، السؤال هو هل أتصدق بالمال الذي أعطاني مؤخراً، حسب طلبه أم أعطي المال إلى الزوجة دون علمه للصرف على الأولاد، علما بأن أخته لا يمكن الركون إليها للرأي بالأمر؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
بالنسبة للتصرف في مال المرأة التي بلغت الثمانين وتعاني من وسواس قهري ينظر؛ إن كانت ما تزال تعي تصرفاتها وما ينفعها ويضرها فتصرفها في مالها حال صحتها تصرف صحيح، وإذا وكلت غيرها في التصدق بمالها صحت هذه الوكالة، ولزم الوكيل التصرف في المال حسب ما وكل عليه.
وأما إذا كان الأمر على خلاف ذلك فلا يجوز التصرف في مالها بالصدقة؛ لأن الصدقة تبرع، وليس لأحد أن يتبرع بأموال المحجور عليه لسفه أو جنون ونحو ذلك.. وأما عن دفع هذه الصدقة إلى أبناء الشخص المذكور دون إخباره فذلك مشروع، بل هم أولى إن كانوا أهل حاجة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 23540، ولا يعتبر السائل مخالفاً لأمر موكله؛ لأن الأولاد المحتاجين مصرف من مصارف صدقة التطوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1430(11/15876)
الصدقة التي جمعت لمحتاج فزالت حاجته قبل قبضها
[السُّؤَالُ]
ـ[قريبة لي طلبت مني أن أجمع مالا لصديقة لها لكي تتمكن من إيجار شقة لتضع بها منقولاتها حيث إن شقتها كانت ستؤخذ منها عنوة ففعلت، ولكن بعد ذلك قالت لي قريبتي إن صديقتها حلت المشكلة ولا تحتاج إلى إيجار الشقة فلم تعطها المال وردته إلي.. أنا لا أعرف من يحق له أخذ هذا المال!! هل هو أصبح ملكا لتلك الصديقة سواء استخدمته في إيجار شقة أو في شيء آخر وسواء كانت بحاجة إليه أو ليست بحاجة إليه؟
هل الأولى أن أعطيه لشخص محتاج على أن يضعه في إيجار شقة حيث إني لما جمعته ذكرت مشكلة السيدة تفصيليا فهو جمع من أجل أن يوضع في إيجار شقة لتلك السيدة؟
هل أرده للمتبرعين، حيث إنني ممكن أصل إليهم أو إلى بعضهم ولكن هذا قد يأخذ وقتا طويلا ولا أظنهم سيتذكرون كم دفعوا بالضبط؟
أم أنهم ليس لهم الحق في استرداد أموالهم لأنهم تصدقوا بها بالفعل ولم يعودوا يملكونها، فهل توضع في مصرف عام مثلا؟
وهل علي أن أخبرهم بما فعلت بالمال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينظر في هذه المسألة ونظائرها إلى نية المتبرعين، فإن كانوا يقصدون التبرع لهذه المرأة لحاجتها إلى ما تؤجر به الشقة المذكورة، وقد زالت تلك الحاجة فإن أموال التبرعات ترجع إليهم لأن المرأة لم تعد محتاجة إليها، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما. وأما إذا كانوا ملكوها هذه الأموال بغض النظر عن حاجتها فإنها تملكها إذا حازتها ولا ترجع إلى مملكيها لأنه لا يجوز الرجوع في الهبة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ. رواه البخاري ومسلم.
وإن لم تحزها لم تتم الهبة، وبالتالي فلأصحابها الحق في استرجاعها إن أرادوا ذلك، وعلى هذا التقدير فهذا لا يجوز لك التصرف بهذه التبرعات إلى محتاج آخر، بل ترجع إلى أصحابها إذا كان قصدهم التبرع لحاجة المرأة المذكورة. والواجب بذل الجهد في ذلك، فمن كان منهم معروفا دفع إليه نصيبه إن علم، فإن جهل يلجأ إلى تقديره. ومن كان غير معروف صرف نصيبه صدقة عنه بعد بذل الجهد في التعرف عليه.
وللأهمية راجع الفتويين: 45495، 96525.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1429(11/15877)
لا تتصرف في أموال المؤسسة الخيرية إلا بإذنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مؤسسة خيرية أجمع وأفرز الحصالات المخصصة لمساعدة الفقراء والمحتاجين, فهل يجوز لي أن أصرف من هذه المبالغ على أسر متعففة أعرفهم خارج المؤسسة, ممن لا يقبلون أن يسجلوا أسماءهم في أي مؤسسة خيرية لتلقي المساعدات، علما بأن القائمين على المؤسسة لا يرضون إعطاء المساعدة إلا على الأسر المسجلة لديهم؛ وكما أن المتبرع لم يشترط أن يصرف تبرعه للفقراء المسجلين لدى المؤسسة فهو تبرع للفقراء بشكل عام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأخ السائل التصرف في شيء من هذه الأموال بغير إذن المؤسسة التي يعمل معها، لأن في ذلك إخلالاً بعقد العمل الذي تم بينه وبين جهة عمله، والله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1} ، ولحديث: المسلمون على شروطهم.. رواه أبو داود.
ولأن في ذلك خيانة للأمانة فإنه مؤتمن من قبل هذه الجمعية على هذا المال، والمتبرع إنما دفع هذه الأموال لتقوم المؤسسة الخيرية بصرفها فيما تراه ومن ثم لا يجوز التصرف فيه بغير إذنهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(11/15878)
حكم إشراك أكثر من شخص في ثواب الصدقة ورجاء نفع دنيوي بها
[السُّؤَالُ]
ـ[عاجل جداً أنا من الجزائر.. أريد السؤال: إذا أراد شخص ما أن يتبرع بصدقة جارية فهل يمكن أن يتبرع وينوي الصدقة على 3 أشخاص (الأب متوفى والأم على قيد الحياة والشخص المعني) أم يجب أن تقتصر النية علي شخص واحد فقط، وهل يمكن أن يقول في نفسه أتمنى أن يفتح الله علي بهذه الصدقة أو لا يجوز ذلك لأن أجر ذلك العمل سوف يذهب، أرجو الجواب في أقرب الآجال؟ جزاكم الله الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إشراك أكثر من شخص واحد في ثواب الصدقة،سواء كانت جارية أو غير جارية، كما بيناه في الفتوى رقم: 104298.
وأما التصدق مع رجاء الثواب الدنيوي فانظري التفصيل فيه في الفتوى رقم: 25249، والفتوى رقم: 79974.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1429(11/15879)
حكم دفع تكاليف نقل الصدقة من مال الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أذهب بالتاكسي لشراء حاجات للفقراء من أموال الصدقة والزكاة فهل يمكن أخذ جزء من الأموال المخصصة للصدقة أو الزكاة لدفع أجرة التاكسي علما بأن موردي المادي ضعيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 101323. أن نفقة نقل الزكاة تكونُ على مخرجها، ولا يجوزُ أخذ شيءٍ من مال الزكاة في تكاليف نقلها وتوصيلها للفقراء، لأن ذلك يستلزم إعطاءها للفقير ناقصة، فبالنسبةِ لمال الزكاة يجبُ عليكِ أن تطلبي مؤنة نقله وتوزيعه من مخرجه، فإن كان في مالك سعة وأردت التبرع بتكاليف نقله وتوزيعه فلكِ الأجر إن شاء الله.
وأما الصدقة فالأمرُ فيها واسع، فيمكنكِ أن تأخذي بعض المال المتصدق به فتجعليه في تكاليف النقل والتوزيع، بشرط أن تستأذني من وكلكِ في الصدقة به كما بيناه في الفتوى المحال عليها، ولا يلزمكِ توزيعها ونقلها من مالك الخاص، وإن فعلتِ فلكِ الأجر، والله عز وجل يخلفُ على المنفق كما وعد بذلك: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ: 39} .
ولمعرفة حكم إخراج الزكاة بالقيمة راجعي الفتوى رقم: 7086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1429(11/15880)
أحوال الصدقة والادخار والإنفاق على العيال
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يريد أن يتصدق ب5000ريال وهو لا يملك إلا 15000 وله راتب شهري وليس له مصدر رزق آخر وقد يترك عمله في أي وقت ولديه أسرة ويصرف على أهله كذلك ويساعد أخوات له متزوجات بشكل شهري عدا صدقات أخرى هل الأجر في الصدقة بكبر المبلغ فإذا تصدق بألف ريال او ألفين ووفر الباقي هل يقل هذا من أجره وما الأفضل أن يتصدق في شكل شهر بثلث ماله أو يتصدق بمبالغ أقل ويدخر لأولاده ما يعينهم على الحياة وما تفسير معنى قول الرسول اتركوهم أغنياء ولا تتركوهم فقراء وهل هناك مبلغ محدد للصدقة وهل التفكير بالادخار والتوفير خطأ خاصة إذا كان الأبناء أطفالا، أرجو أن تكون فكره السؤال واضحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أجر الصدقات يزداد بكبر المبلغ المتصدق به، فمن تصدق بخمسة آلاف محتسبا نرجو الله أن يجعل أجره أعظم مما إذا أنفق ألفين فقط إن لم يترتب على ذلك ضرر في نفسه أو عياله، وإذا أدى المسلم الزكاة الواجبة فلا حرج عليه في الادخار والتوفير لعياله فإن الإنفاق على العيال فيه أجر كثير، لمن أحسن النية، وابتغى وجه الله تعالى، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخر لأهله قوت سنة، وكان يقول: دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك. رواه مسلم.
وقال: إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة. متفق عليه.
وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله. رواه مسلم.
قال المناوي في فيض القدير: ومقصود الحديث الحث على النفقة على العيال وأنها أعظم أجرا من جميع النفقات كما صرحت به رواية مسلم: أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك. انتهى.
ويدل لتقديم العيال ما في الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص، وفيه: إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك.
وقال النووي في شرح هذا الحديث: قوله صلى الله عليه وسلم إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس العالة الفقراء ويتكففون يسألون الناس في أكفهم ... وفي هذا الحديث حث على صلة الأرحام والاحسان إلى الأقارب والشفقة على الورثة وأن صلة القريب الأقرب والإحسان إليه أفضل من الأبعد. انتهى.
وقد نص العلماء على جواز إنفاق القوي المكتسب ثلث أو نصف أو جميع ماله، إن لم يؤد ذلك لضرر في نفسه أو عياله لما في الحديث عن عمر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك عندي مالا فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما. قال: فجئت بنصف مالي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ فقلت مثله. وأتى أبو بكر بكل ما عنده. فقال يا أبا بكر؟ ما أبقيت لأهلك؟. فقال أبقيت لهم الله ورسوله. قلت لا أسبقه إلى شيء أبدا. رواه الترمذي وأبو داود وحسنه الألباني.
وفي حديث مسلم: بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة اسق حديقة فلان فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته فقال له يا عبد الله ما اسمك قال فلان للاسم الذي سمع في السحابة فقال له يا عبد الله لم تسألني عن اسمي فقال إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول أسق حديقة فلان لاسمك فما تصنع فيها قال أما إذ قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثا وأرد فيها ثلثه. فمن كان مكتسبا قوي الثقة بالله تعالى وبإخلافه على المتصدق فلا حرج في أن يقتدي بأبي بكر في إنفاق ماله، أما من لم يكن كذلك فالأولي به أن يترك له ولعياله ما يستعفون به عن التعلق بما عند الناس، ففي الصحيحين عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال قلت: يا رسول الله , إن من توبتي: أن أنخلع من مالي , صدقة إلى الله وإلى رسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك.
قال ابن دقيق العيد في شرح العمدة: فيه دليل على أن إمساك ما يحتاج إليه من المال أولى من إخراج كله في الصدقة. وقد قسموا ذلك بحسب أخلاق الإنسان , فإن كان لا يصبر على الإضاقة كره له أن يتصدق بكل ماله , وإن كان ممن يصبر: لم يكره. انتهى.
وقال البخاري في صحيحه: باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى ومن تصدق وهو محتاج أو أهله محتاج أو عليه دين فالدين أحق أن يقضى من الصدقة والعتق والهبة، إلا أن يكون معروفا بالصبر فيؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة كفعل أبي بكر رضي الله عنه حين تصدق بماله وكذلك آثر الأنصار المهاجرين، وقال كعب رضي الله عنه قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم قال أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك، قلت فإني أمسك سهمي الذي بخيبر.
وقد أسند البخاري في هذا حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول.
قال النووي في شرح هذا الحديث: معناه أفضل الصدقة ما بقي صاحبها بعدها مستغنيا بما بقي معه وتقديره أفضل الصدقة ما أبقت بعدها غنى يعتمده صاحبها ويستظهر به على مصالحه وحوائجه وإنما كانت هذه أفضل الصدقة بالنسبة إلى من تصدق بجميع ماله لأن من تصدق بالجميع يندم غالبا أو قد يندم إذا احتاج ويود أنه لم يتصدق بخلاف من بقي بعدها مستغنيا فإنه لا يندم عليها بل يسر بها، وقد اختلف العلماء في الصدقة بجميع ماله فمذهبنا أنه مستحب لمن لا دين عليه ولا له عيال لا يصبرون بشرط أن يكون ممن يصبر على الإضافة والفقر، فان لم تجتمع هذه الشروط فهو مكروه، قال القاضي جوز جمهور العلماء وأئمة الأمصار الصدقة بجميع ماله وقيل يرد جميعها وهو مروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقيل ينفذ في الثلث هو مذهب أهل الشام، وقيل إن زاد على النصف ردت الزيادة وهو محكي عن مكحول قال أبو جعفر والطبري ومع جوازه فالمستحب أن لا يفعله وأن يقتصر على الثلث. انتهى.
وراجع للمزيد في هذا الفتوى رقم: 114410.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(11/15881)
لا يجوز الرجوع في الصدقة والإنفاق في سبيل الله
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي امرأة مسنة ولديها مبلغ من المال قد وضعته عندي وأنا إحدى بناتها التي أعيش معها. في بعض الأحيان تقول خذي هذا واستخدميه لبناء جامع حيث إنني أملك قطعة أرض ونويت أن أبني بها مسجدا والمبلغ الذي هو ملك والدتي مبلغ زهيد ولكنها في بعض الأحيان تقول لي أريد أن تشتري لي به شيئا من الذهب، ولا أحد من إخوتي يعرف بهذا المبلغ فقط أنا وأخواتي نعلم به فماذا أصنع به، أفتوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوكيل ملزم شرعا بتنفيذ ما اقتضاه توكيل موكله, وأنت هنا وكيلة عن أمك, فيلزمك تنفيذ وكالتها هذه بصرف ما أمرتك بصرفه في بناء جامع, ولا يشترط لذلك علم إخوتك به. ثم عليك أن تُعلمي أمك أن الصدقة والإنفاق في سبيل الله لا يجوز الرجوع فيهما ولو قبل القبض, فمجرد صدورهما من المتبرع مع توفر الشروط يحرّم عليه الرجوع فيهما.
جاء في الموسوعة الفقهية: وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ قَبْل الْقَبْضِ، فَإِِذَا تَمَّ الْقَبْضُ فَلاَ رُجُوعَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، إِلاَّ فِيمَا وَهَبَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يَجُوزُ الرُّجُوعُ إِنْ كَانَتْ لأَِجْنَبِيٍّ ... أَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ التَّبَرُّعَاتِ كَالصَّدَقَةِ وَالإِِْنْفَاقِ وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ، فَإِِنْ كَانَ قَدْ مَضَى فَلاَ رُجُوعَ فِيهِ، مَا دَامَ ذَلِكَ قَدْ تَمَّ بِنِيَّةِ التَّبَرُّعِ.
وبناء على هذا لا يجوز لأمك الرجوع في تبرعها بالمبلغ المذكور وصرفه في شراء الذهب.
وللمزيد راجعي الفتويين: 26221، 72748.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1429(11/15882)
ماذا نفعل بالطعام الزائد المتصدق به لإفطار الصائمين
[السُّؤَالُ]
ـ[في شهر رمضان يحضر أهل الخير من المسلمين صناديق تمر إلى المسجد لينالوا أجر إفطار الصائمين، وهذه السنة أحضر إلى المسجد صناديق كثيرة، وينقضي الشهر ويزيد منها صناديق كثيرة، ما العمل لهذه الصناديق، هل توزع على الفقراء والمساكين أم تباع وتصرف في حاجة المسجد، أو غير ذلك، أفتونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصلُ أن هذا التمر قد تُصدقَ به من أجل تفطير الصائمين فمتى ما أمكن مراعاة هذا الأصل فهو متعين ولو بأن يُفطَّر الصائمون من هذا التمر في صيام التطوع على مدار السنة فيفطرون منه في أيام العشر من ذي الحجة وعاشوراء، ويفطرُ منهم من كان يصوم الاثنين والخميس وهكذا.
فإن تعذر ذلك وخيفَ تلفه إذا أبقيَ إلى رمضان القابل فإنكم تفعلون به ما فيه المصلحة، وأقربها هنا إلى مقصود المتصدق الصدقةِ به على الفقراء، فإذا لم يوجدوا فلكم بيعه وجعلِ ثمنه في مصلحة المسجد، لأن الشرع أتى بتحصيل المصالح وتكميلها، وتقليل المفاسد وتعطيلها، ولأن الانتفاع بهذا التمر في وجهٍ من وجوه المصلحة، ولو كان خلاف الوجه الذي تُصدق به لأجله خيرٌ بلا شك من إتلافه وإذهابِ ماليته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(11/15883)
الموظف بالمؤسسة الخيرية هل يدفع للمحتاجين بغير إذن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل تطوعا في مؤسسة خيرية وحيث إنني أعمل على فرز ومع مبالغ الحصالات وكما أنني أعرف بعض الأسر المحتاجة في مدينتنا حيث إنهم يستحقون أن يأتوا لدى المؤسسات الخيرية ويطلبوا منهم المساعدة فهل يجوز لي أن آخذ من مبلغ هذه الحصالات وأعطيها لتلك الأسر بدون علم المؤسسة، وكما أنني أبلغت المؤسسة بحالة تلك الأسر فكان ردهم أنه أولا ينبغي علينا أن نجمع المبالغ ومن ثم نخرج حقنا (والعاملين عليها) ومن ثم من يحتاج إلى مساعدة يجب أن يأتي إلينا ويقدم طلب مساعدة حتى نعطيه، علما بأن الحصالات صدقة لصالح الفقراء والأسر المحتاجة.
هذا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسائل الكريم وكيل لتلك المؤسسة الخيرية، ويد الوكيل يد أمانة، فلا يحل له التصرف إلا في حدود عمله وما يعطاه من صلاحيات.
فإن أبلغْتَ المؤسسة عن هذه الأسر المحتاجة واشترطوا تقدمهم بطلب مساعدة، فليس لك أن تتعدى ذلك. ولا يجوز لك أن تأخذ من المال المجموع للمؤسسة دون علمها، حتى وإن كنت ستدفعه لمستحقيه.
وانظر للفائدة الفتويين: 48313، 19455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(11/15884)
حكم الصدقة على من يدخن السجائر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إعطاء الصدقة لشخص يشتري بها سجائر أي أن لي جارا مريضا عقليا بعض الشيء يستعمل أدوية طبية مهدئة ويطلب مني أن أعطيه ما يشتري به سجائر، وأنا أقول له إنني لا أتصدق بمالي لشراء السجائر، فأصبح يطلب مني المال لشراء الأكل لكنه يشتري به السجائر. فهل علي إثم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمتصدق أن يدفع صدقته لشخص يعلم أو يغلب على ظنه أنه سيستعملها في أمر محرم؛ لأن الذي يستعمل المال في المحرم يعتبر سفيها، وإعطاؤه من المال يعتبر من التعاون على المنكر، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. {المائدة:2}
ومن دفع ماله إليه مع علمه بأنه سيستعمله في محرم فهو عاص وآثم وتلزمه التوبة إلى الله تعالى، وإذا كان جار السائل مريضا وأراد السائل أن يعينه في ثمن الدواء فليقم هو بنفسه بشراء ذلك أو يدفعها إلى وليه أو يوكل شخصا أمينا ليشتري له الدواء، ويتأكد المنع إذا انضم اختلال العقل إلى السفه، فإذا كان جار السائل مختلا عقليا مجنونا فلا يدفع له النقود لأجل شراء الدواء حتى ولو علم منه الصدق في قوله إنه سيشتري الدواء؛ لأن مختل العقل يستحق الحجر عليه لا أن يدفع له المال، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا {النساء:5}
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 45179.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1429(11/15885)
التصدق بجميع المال في ميزان الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أترجم الحديث في هذا العصر عندما يقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ماذا أبقيت لأهلك يا عمر يقول عمر رضي الله عنه نصف مالي وعندما يسال الرسول أبا بكر ماذا أبقيت لأهلك يقول الله ورسوله هل يستطيع إنسان أن يطبق هذا الحديث في هذا الزمان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المشار إليه رواه أبو داود والترمذي كما بيناه في الفتوى رقم: 97157، وأما هل يستطيع إنسان أن يفعل ما فعله أولئك الصحابة الكرام فنقول ابتداء إن الحديث تضمن أمرين:
الأول: التصدق بنصف المال كما فعل عمر رضي الله عنه وهذا جائز شرعا فيجوز للعاقل البالغ أن يتصدق بنصف ماله في غير مرضه المخوف وتمضي الصدقة ويؤجر عليها إن أراد بها وجه الله.
الثاني: التصدق بجميع المال كما فعل أبو بكر رضي الله عنه، وقد نص العلماء على جواز إنفاق القوي المكتسب جميع ماله في غير مرضه المخوف استدلالا بهذا الحديث، ولكن بشروط قال الحافظ في الفتح: قال الجمهور: من تصدق بماله كله في صحة بدنه وعقله حيث لا دين عليه وكان صبورا على الإضاقة ولا عيال له أو عيال يصبرون أيضا فهو جائز فإن فقد شيء من هذه الشروط كره. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: فإن كان الرجل وحده أو كان لمن يمون كفايتهم فأراد الصدقة بجميع ماله، وكان ذا مكسب أو كان واثقا من نفسه يحسن التوكل والصبر على الفقر والتعفف عن المسألة فحسن.. انتهى.
ولا تخلو الأمة إن شاء الله من رجال يقتدون بأبي بكر وعمر في البذل والصدقة في سبيل الله، ولكن إن كان الرجل ذا عيال أو نحو ذلك فإن الأفضل له أن لا يتصدق بكل ماله، ويشهد لذلك أنه لما تاب الله على كعب بن مالك رضي الله عنه كما في قصة الثلاثة الذين خلفوا قال كعب يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم قال: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك. متفق عليه.
هذا من حيث الحكم الشرعي في المسألة، وأما من حيث الاستطاعة القلبية فإنه يخضع لمدى قوة إيمان الشخص وثقته بما عند الله وزهده في الدنيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(11/15886)
الصدقة أم اتخاذ السواك
[السُّؤَالُ]
ـ[مبارك علينا وعليكم شهر رمضان وأعاننا وإياكم على صيامه وقيامه إيمان واحتسابا. اللهم آمين ما الأولى السنة أم الصدقة يعني إذا كان معي مبلغا محددا من المال فهل الأولى أن أتصدق به أم الأولى العمل بالسنة كشراء سواك مثلا إذا لم يكن عندي وكنت من قبل أنوي أن أشتريه أول ما أحصل على المال. خصوصا وأني لا أعمل فالمال الذي يتوفر لدي يكون محدودا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الأولى أن يجمع الإنسان بين امتثال الأمر بالسواك وبين الصدقة إن أمكن، فإن عجز عن الجمع بينهما.. فينظر إن كان في الصدقة إنقاذ لنفس من التهلكة أو كانت على فقير جائع فيقدم الصدقة على السواك, وإسكات جوع البطن أو كسوة جسد عارٍ أولى من تطهير الفم, لا سيما وأن المضمضة في الوضوء فيها تنظيف للفم, والأحاديث التي جاءت في الحث على الصدقة وسد حاجة الفقير وإعانة المحتاج أكثر مما جاء في فضل السواك, كما أن الصدقة هنا نفعها متعد، والسواك نفعه قاصر على المستاك, وقد دلت السنة على تقديم ما نفعه متعد على ما نفعه قاصر.
كما في قوله صلى الله عليه وسلم: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ, وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ, أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً , أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا , أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا, وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ شَهْرًا. رواه الطبراني وحسنه الألباني.
ووجه الشاهد أنه قدم المشي في مصالح الناس –وهو نفع متعد– على سنة الاعتكاف –وهي نفع قاصر- ولكن إذا كانت الصدقة على غير محتاج إليها في ضروريات المعاش أو ترتب على ترك التسوك تغير رائحة الفم -مثلا- وتأذى الناس بذلك فيقدم شراء السواك فيما نرى على الصدقة المستحبة, كالزوجة يتأذى زوجها برائحة فمها فتقدم حينئذ السواك على الصدقة المستحبة, لأن ترك التصدق المستحب لا إثم فيه, وأذية الزوج قد يترتب عليها الإثم, ومثل ذلك أيضا الرجل يشهد الصلاة في المسجد فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وقد جاء الشرع بالمنع من الدخول إلى المسجد بما فيه رائحة كريهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1429(11/15887)
أذن لموظف بالاستدانة من التبرعات فلم يسدد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في هيئة دعوية، وباب إرسال التبرع مفتوح، وقد أرسل لي أحد المسلمبن تبرعاً وقيمته 1000 جنيه، فأرسلت له أحد الموظفين عندي لمقابلته واستلام المبلغ لعدم تواجدي وقتها، استئذنني في استدانة مبلغ 900 جنيه لشراء جوال، على أن يرده في نهاية الشهر على ما أذكر، ورد لي مائة جنيه ... ولم يكتب بذلك ورقة لما كان بيننا من إخوة واستحييت طلبها منه، ولكن طالت المدة وهو يُسّوف، وعندما طلبت منه كتابتها بطريقة غير مباشرة عن طريق شخص آخر عرفت أنه لم يكتبها بل وقد أعرب عن "زعله" أيضاً من خلال كلمات غير صريحة، المهم أنه ترك العمل وحدثته هاتفياً أكثر من مرة ولكن كان كل مرة يتحجج بشيء مثل العملية التي كان سيقوم بإجرائها وغير ذلك، ثم انقطع الاتصال به حيث إنه أغلق جواله ولا أعرف له طريقا أو هاتفا غيره، وحاولت الاتصال به على الخطين الذين معه ولكن الاثنين مغلقان وقد أخبرني في اتصال له قبل انقطاعه أن جواله سُرق وكان في نفس التوقيت الذي سُرق فيه جوالي وكان نفس النوع، وكنت أحاول الاتصال به مراراً ولكن لا جدوى الهاتف مغلق دائماً حتى عرفت من موظف آخر أن الأول قام بالاتصال به وأخبره أنني كنت أحاول الاتصال به (عرف ذلك عن طريق خدمة تقدم في شبكة الجوال) فإن كان يعرف لماذا أريده ولكن الموظف الآخر أجاب بالنفي ومن وقتها لم أره ولا أعرف عنه شيئا وحاولت البحث عن ملفه عندنا ولكنه غير موجود، علماً بأنه كان المسؤول عن حفظ أوراق الموظفين ولكني لا أتهمه بأنه أخذ ملفه، ولكن هذا ما يبدو عليه الأمر.
الآن وقد عرضت الأمر وأعتذر عن الإطالة، ما حكم وضعي الآن هل أتحمل أثم أنني تصرفت في مال ليس بمالي وأن المال مسؤول مني أم ماذا بارك الله فيكم، علماً بأنني لن يحاسبني أحد فأنا أحد القائمين على الهيئة الدعوية أي في مجلس إدارتها ولم يعلم بالأمر أحد إطلاقاً ولكن لم أقصد التغطية ولكن الأمر جاء هكذا فأنا المسؤول عن تلك التبرعات، فما حكمي وما حكمه بارك الله فيكم وأعتذر ثانية على الإطالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله هذا الموظف من المماطلة غير جائز إن كان قادراً على الوفاء، وموافقتك له على الاستدانة من هذا المال غير جائزة أيضاً، ويجب عليكما التوبة من ذلك مع ضمان المال، فإن تعذر العثور على هذا الموظف لزمك ضمان هذا المال لأن سماحك له بالاستدانة تَعَدٍ منك فيما وكلت في حفظه، فإن أصحاب هذه الأموال جعلوك نائباً عنهم في التصرف بها في وجوه الخير التي حددوها هم.
وعليه، فيدك عليها يد أمانة، وحكم يد الأمانة أن لا تتصرف فيها إلا بإذن من أهلها، فعليك المبادرة إلى التوبة ورد المال، فإن عثرت على هذا الموظف بعد ذلك فلك أن تسترد منه المال الذي دفعته، ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10589، 32527، 33592، 49910.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1429(11/15888)
الصدقة توزع على المستحقين الذين خصصهم المتصدق
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسل لي مبلغ من المال لأوزعه للمستحقين وعلى إخوة المتوفى ونحن في رمضان فهل يجوز أن يأخذ من هذا المال أولاد المتوفى ومن هم المستحقون فعلا، أرجو التوضيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما تحديد المستحقين، فإنه يرجع فيه إلى صاحب المال الذي خصصه لهم، فإن كان قصده بالمستحقين مستحقي الزكاة فإنه لا يجوز صرف شيء من المال إلا لمستحقي الزكاة وقد بيناهم من قبل ويمكن أن تراجع فيهم الفتوى رقم: 13301، وكذا لا يجوز صرف المال لغير الفقراء إن كان شرط المتصدق ان يصرف لهم.
وعلى ذلك فإن كان أبناء الميت متصفين بالوصف الذي شرطه المتصدق أخذوا منه وإن لم يكونوا كذلك لم يأخذوا منه.
وإن كان قصده اليتامى أو طلبة العلم أو ما أشبه ذلك، فإن المال يوزع حسب ما قصد، فإن قصد أناسا معينين وجب صرف المال إليهم.
ولمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 59008.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1429(11/15889)
حكم رفض قبول الصدقة وهل يعد من الكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم أن رسولنا عليه الصلاة والسلام يرفض الصدقة فهل نتبعه في ذلك أم إنه يعتبر من الكبر وعدم التواضع لله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقبل الصدقة لأنها محرمة عليه وعلى آله صلى الله عليه وسلم، ولأنها أوساخ الناس.
ففي حديث مسلم: إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد إنما هي أوساخ الناس.
وكان صلى الله عليه وسلم متواضعا يقبل الهدية ممن أهداها مهما كانت تلك الهدية.
وكان يقول: لو أهدى إلي كراع لقبلت. رواه البخاري.
وأما من لم يكن من آل النبي صلى الله عليه وسلم فله أن يقبل الصدقة ورجح النووي استحباب قبولها.
وليس الناس متعبدين باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في عدم أخذ الصدقة، فلو أن شخصا رفض قبول الصدقة خوفا من المنة أو لأنه يرى أنه ليس من المستحقين لها فلا حرج عليه؛ لأن قبولها ليس واجبا في الأصل.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يجبر المفلس على قبول هدية ولا صدقة ولا وصية ولا فرض.. لأن في ذلك ضررا للحوق المنة في الهدية والصدق والوصية. اهـ
وقال النووي: في المجموع: إذا عرض عليه مال من حلال على وجه يجوز أخذه ولم يكن منه مسألة ولا تطلع إليه جاز أخذه بلا كراهة، ولا يجب. اهـ.
وقد استدل شيخ الإسلام لمشروعية عدم القبول بامتناع حكيم بن حزام رضي الله عنه عن قبول حقه من بيت المال.
وبناء على ما ذكرنا يعلم أن عدم القبول ليس مما يتبع فيه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصدقة محرمة عليه، ولكنه لا يعتبر من الكبر المحرم شرعا؛ لأن الكبر إنما يكون فيما فيه تعالٍ على الناس واحتقارلهم كما في الحديث: الكبر بطر الحق وغمط الناس. رواه مسلم.
وراجع في الفرق بين التكبر وعزة النفس الفتوى رقم: 74593.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1429(11/15890)
وكل في إخراج صدقة فهل يعطيها لأبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أخذ صدقة أعطاني إياها شخص لأوصلها لأي شخص محتاج غير محدد، وإعطاؤها لأبنائي الذين يدرسون بالجامعات ولا يكون لدينا أغلب الأيام أقساطهم أو مصروفهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قد وكلك شخصٌ في إخراج الصدقة ولم يحدد شخصا معينا ً فيجوز لك إعطاء المال لأبنائك إذا انطبقت عليهم شروط الموكل، وقد اختلف الفقهاء فيما لو وكل شخص بتوزيع الزكاة فأخذ لنفسه منها باعتباره من أهلها، مع عدم علم المخرج للزكاة. والصحيح جواز أخذه منها والحال هذه لدخوله في أصناف المستحقين لها في الآية، هذا ما لم يحدد له صاحب المال جهة بعينها أو شخصاً بعينه ... فلا يجوز له حينئذ أن يخالف موكله، ويأثم بذلك.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 15522، 19458، 44472، 104252.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1429(11/15891)
هل التركة تعد من الصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الرجل الذي يترك لأولاده ماله وممتلكاته يعملون ويتمتعون بها يحسب له ذلك في باب الصدقة الجارية؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شكَّ في أن ترك الإرثَ للأولاد مما يكفُّون به وجوههم عن المسألة ويكون لهم عوناً على مشاقِّ الحياة أمرٌ حسنٌ مأذون فيه شرعا، ففي الصحيحين أن النبي صلي الله عليه وسلم زار سعداً في مرضه فاستأذنه سعد في الصدقةِ بماله كله، قال: لا، قال: فبنصفه، قال: لا، قال: فبثلثه، قال: نعم والثلثُ كثير ... ثم قال له صلى الله عليه وسلم مبيناً علة ذلك: إنك أن تذرَ ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تذرهم عالةً يتكففون الناس. وليس معني الحديث أن يتكالب الإنسان علي الدنيا، ويعدو حثيثاً خلفها بزعمِ أنه يؤمنُ مستقبل أولاده، وليس معناه كذلك أن يغلق الإنسانُ باب الصدقة ويحرمَ نفسه خيرها وذخرها بزعمِ أنه أحوج إلي هذا المال، فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أحسن الناس تطبيقاً لهذه النصوص، وتحقيقاً للموازنة بينها، ولئن كان دخول المال المتروك للورثة في باب الصدقة يمكن أن يكون محتملاً بالمعني الأعم، لكن النصوص دلت على التفريق بينهما، ودلت على الترغيب في الصدقة خاصةً حال الصحة، وأن المال الذي ينتفع به الإنسان في الآخرة أتم النفع هو ما قدمه ابتغاء مرضاة الله، وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه: أيكم مالُ وارثه أحب إليه من ماله؟ فقالوا: ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه، فقال: فإن مالك ما قدمت، ومال وارثك ما خلفت. أخرجه البخاري من حديث ابن مسعود.
والصدقة الجارية التي يبقي للعبدِ نفعها بعد موته والمذكورة في حديث أبي هريرة عند مسلم: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. لم يقل أحدٌ من أهل العلم فيما نعلم أن المال المتروك للورثة داخلٌ في معناها، بل عامة العلماء يحملون الصدقة الجارية على ما يوقفه الإنسان حال حياته، فيجري عليه نفعه بعد وفاته، قال الشوكاني معلقاً على إيراد المجد بن تيمية لهذا الحديثِ في باب الوقف: إيراد المصنف لهذا الحديث في الوقف لأن العلماء فسروا الصدقة الجارية بالوقف. انتهى.
وفسر النووي في شرحه علي صحيح مسلم الصدقةَ الجاريةَ بالوقف، وبه يتضح جواب سؤالك، وأن المتروك للورثة ليس داخلاً في معني الصدقة الجارية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(11/15892)
هل يساعد أخاه مع علمه أنه يصرف ماله في شرب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي مساعدة أخي السكير بمبلغ من المال من أجل تجارته التي يفلس فيها كل مرة نظرا لعدم انقطاعه عن الشرب وهو الآن على نفس الحال ولكنه محتاج إلى المال؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان واقع الحال ما ذكر من أن إفلاس هذا الرجل في تجارته سببه صرف ماله في شرب الخمر فلا تجوز لك إعانته بمبلغ من المال من أجل تجارته إذا غلب على الظن أنه سيستعملها في الحرام لما في ذلك من إعانته على الإثم، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ {المائدة:2}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(11/15893)
حكم هبة ثواب الصدقة للأحياء والأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أنا كنت أتصدق دائما عن نفسي ولكن عندما أنوي الصدقة أنويها عني وعن زوجي وأبنائي وأمي وأبي وأهل بيتي وعن جميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات فهل أجري في الصدقة يكون مثل أجر جميع من نويت عنهم أم أن هذا الأجر ينقسم فيما بيننا وبالتالي فيكون لي من الصدقة الأجر البسيط جدا باعتبار أن جميع من نويت عنهم شاركوني بالاجر؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصلُ أن ثواب المطيع له، لا يشركه فيه غيره ولا يناله سواه، كما أن عقوبة العاصي عليه، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ {المدثر38} وقال تعالى: أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى {النجم 38-39} وقد استثنى الشرع من ذلك أشياء منها تشريكُ أهل البيت الواحد في ثواب أضحية المضحي، ومنها هبةُ ثواب القرب جميعها للموتى في أصحِ أقوال العلماء، وأما هبةُ ثواب القرب للأحياء فلم يرد بها نص فيما نعلم، ومن ثم وقع الخلاف بين العلماء هل يشرع ذلك أم لا، وهل يصل الثواب أم لا، وقد قرر فقهاء الحنابلة أن كل قربة فعلت وجعل ثوابها لحي أو ميت نفعه ذلك. ثم من أهل العلم من يرى أن الثواب يكون لمن أهدي له، ومنهم من يرى أن العامل له مثل ذلك. والذي ننصح به الأخت السائلة أن تعمل لنفسها وتبقي ثواب عملها لها، فإنها محتاجة إلى زيادة حسناتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(11/15894)
الصدقة على الفقراء أفضل أم على المخطوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت أدرس في المرحلة الثانوية كنت آخذ مصروفي من أبي وأدخر بعضه للتصدق على الفقراء والمساكين أما الآن أدرس في الجامعة وقد خطبت فتاة أحسبها على خير ولا أزكيها على الله وأسأله سبحانه أن يجمعني بها في الدنيا على طاعته وفي الآخرة في جنته ودار كرامته، أصبح ذلك المال موجها إلى مخطوبتي بشرائي لها بعض المواد الاستهلاكية كل اثنين وخميس بنية إفطار الصائم وفي بعض الأحيان هدايا أخرى بالطبع لله ثم بنية زيادة الود والمحبة بيننا. فما هو الأفضل الإنفاق الفقراء والمساكين أم على المخطوبة. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الأفضل هو الإنفاق على الفقراء والمساكين إلا أنه لا حرج في التصدق على المخطوبة إن كانت محتاجة أو إتحافها أو أهلها بهدية تقوية للمودة وأواصر المحبة.
وننبهك إلى أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يعقد عليها عقد نكاح شرعي. وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 108788، 65784، 54907، 33918.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(11/15895)
حكم الأخذ من التبرعات بدون إذن الجهة المسؤولة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما العمل إذا كان نقيب المسجد وهو متطوع يأخذ من التبرعات الواردة من المتبرعين للمسجد وبدون علم المتبرع ولا الجمعية المعنية بذلك، مع العلم بأن هذا النقيب محبوب لدى المصلين لما يظهره من أعمال تطوعية، فما الحكم إذا سكتنا على فعله هذا خوفا من الفتنة في المسجد، وما العمل الواجب علينا فعله تجاهه، فأفيدوننا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لقيم المسجد ولا لغيره أخذ شيء من تلك التبرعات من غير إذن من الجمعية الخيرية المسؤولة عن صرف تلك التبرعات، والواجب عليكم نصح الشخص المشار إليه وأمره برد ما أخذه، وإن كان بحاجة إلى المال فليقدم طلباً إلى تلك الجمعية ليعطوه ما يكفيه، إما صدقة وإما مقابل عمله.. فإن رأيتم منه استجابة للنصح فذاك وإلا فأبلغوا الجمعية المعنية -إن كانت لديكم بينة على دعواكم- بحقيقة الأمر حتى يأتمنوا على المال شخصاً أميناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(11/15896)
حكم الصدقة على الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال وهو أني كنت متعودة أتصدق لأربعة من عمال النظافة الذين معي في الدوام بمبلغ من المال في بداية كل شهر, ثلاثة مسلمين ومسيحية.. وقبل شهر عرفت أن المسيحية تفعل شيئا غير طيب فقطعت عنها الصدقة, خاصة أني كنت أعطيها لأنها كانت تعرف منهم أني أعطيهم على الرغم من أني نبهتهم كم مرة أن هذا الشيء بيني وبين ربي ولازم ألا يعرف به أحد.. فهل يجوز هذا الشيء أني أقطع عنها وأدور على شخص مسلم أولى بالصدقة أو لازم أرد أعطيها مثل قبل بالرغم من سلوكها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك أن تعيدي تلك الصدقة لتلك النصرانية؛ لأن أصل صدقتك عليها مستحبة وليست واجبة، ولك الخيار في الصدقة عليها أو البحث عن شخص مسلم تتصدقين عليه مكانها، ولا شك أن المسلم أولى بالمعروف من الكافر.
قال النووي في المجموع: يستحب أن يخص بصدقته الصلحاء وأهل الخير وأهل المروءات والحاجات فلو تصدق على فاسق أو على كافر من يهودي أو نصراني أو مجوسي جاز. انتهى.
ولكن إن علمت أو غلب على ظنك أن صدقتك عليها قد تكون سببا في إسلامها أو تحول بينها وبين المعصية التي تفعلها فتصدقي ولك الأجر إن شاء الله، وقد ثبت في البخاري ومسلم: أن رجلا تصدق على زانية وسارق وغني فتقبل الله منه وقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله. انتهى.
وهذا كله في صدقة التطوع، وأما الزكاة فلا تدفع إلى كافر كما بيناه في الفتوى رقم: 93188.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1429(11/15897)
لا بأس بصدقة السر عن الأحياء أو الأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أخرج مبلغا من المال (ولا أحسبه بالضبط) وأحتسبه صدقة سر لوالديّ أم أن صدقة السر تختص بالشخص نفسه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصدقة السر لا تختص بالشخص المتصدق، ويجوز للمتصدق أن يخرج صدقة سراً عن والده -سواء كان والده حياً أو ميتاً- وله الأجر والمثوبة إن شاء الله تعالى، لأن هذا من البر، ولعل الله أن يجمع للمتصدق عن والديه الفضل الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: صدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر. رواه الطبراني وحسنه الألباني في صحيح الترغيب. وانظر لذلك الفتوى رقم: 52840.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(11/15898)
حول تفطير الصائمين وأمور أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[ومن مبدأ حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (من فطر صائما كان له أجر ذلك الصائم من غير أن ينقص من أجره شيء) فكرت في مشروع لإفطار الصائمين في رمضان بشراء كميات من الطعام اليومي وبشتى الأصناف التي تشمل الفطور والسحور وأوزعها قبل رمضان على الأقرباء من ذوي الرحم لوالدي ووالدتي ولعائلة لديها يتيم طفل وامرأة أرملة, (بحيث تكفيهم لشهر كامل بإذن الله) وأهدي ثواب ذلك لوالدي المريض الذي هو مصاب بجلطة دماغية أقعدته عن الحراك والكلام لمدة خمس سنين من الآن ولا يقدر على القيام بأي عمل من صلاة أو صيام (فهو ضعيف الوعي)
فسؤالي الأول هو: هل تحقيق الأجر يتم بإعطاء الفطور للمحتاج فقط أو يشمل جميع الصائمين؟ (علما أنني أفضل ذوي القربى حتى لو لم يكونوا محتاجين) ..
وسؤالي الثاني هو: ما الذي نستطيع فعله أيضا ليغفر الله له ما تقدم من ذنبه ويختم له بالخير إن شاء الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على الحرص على فعل الخير والاهتمام به، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وبخصوص ثواب إفطار الصائم فإنه يحصل بإفطار الصائم الفقير والغني لشمول الحديث لهما معا. فقد قال صلى الله عليه وسلم:
من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا. رواه الترمذي وغيره وصححه الشيخ الألباني.
وكلمة صائما الواردة في الحديث نكرة في سياق الشرط فتكون من صيغ العموم شاملة للفقير والغني إلا أن الأفضل فى صدقة التطوع تقديم الفقير الأشد حاجة ولو كان من غير القرابة، وعليه فالأفضل أن تقدم تفطير المحتاجين إذا كانوا من غير قرابتك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 95376.
وبالنسبة لما يمكن أن تقوم به لمغفرة الذنوب السابقة لوالدك فإن أهل العلم اختلفوا في نقل ثواب الطاعة إلى الأحياء، فعند الحنفية والحنابلة إذا أهدى الشخص ثواب طاعة لحي مثله وصله خلافا للشافعية وأكثر المالكية وراجع في ذلك الفتوى رقم: 27664.
وبناء على القول بوصول ثواب تلك الطاعة فلك أن تهدي لوالدك ثواب الطاعات التي تكون سببا فى تكفيرالذنوب كالصدقة فإنها تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار كما ثبت فى الحديث الصحيح، ومثلها أيضا الحج والعمرة ونحوها فإنها مكفرة لصغائر الذنوب، أما الكبائر فمحل خلاف هل تكفر بالحج والعمرة أم لا؟ فمن أهل العلم من يرى أنها لا تمحى إلا بالتوبة الصادقة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 97742، والفتوى رقم: 26845.
وأكثر الدعاء له بحسن الخاتمة وتحري الأوقات التى هي مظنة لاستجابة الدعاء كثلث الليل الأخير وأثناء السجود وبعد الصلوات المكتوبات ونحو ذلك.
واعلم أن الصلاة لا تسقط عن والدك مادام عقله معه،فإن قدرعلى الصلاة مستلقيا ويشير بطرف عينه أو أصبعه وجب عليه ذلك، فإن لم يستطع أجرى أعمال الصلاة على قلبه كما قاله أكثر أهل العلم، كما يجب عليه الصيام إن كان قادرا عليه، ولتقم بإفهامه تلك الأمور حسب استطاعتك، وأما إن كان فاقد الوعي بالكلية فإن التكاليف تسقط عنه كلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1429(11/15899)
تصدق على غني فهل يستعيد ماله منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أعطى مالاً مساعدة لأحد الناس ظنا منه أنه معسر ولم يفكر فى الإلحاح عليه فى طلبها ثم تبين له لاحقاً أنه ليس كذلك، فهل يجب عليه أن يسعى فى إستعادة هذا المال ويوجهه إلى مصرف آخر لمحتاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قد أعطى هذا الشخص المال كصدقة فلا يجب عليه أن يسعى في استعادته وهو مأجور بنيته، ففي الصحيحين عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون تصدق على سارق، فقال اللهم لك الحمد لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية، فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني، فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله. فدل ذلك على أن الأجر ثبت إن شاء الله وليس عله رد المال.
أما إذا كان قد أعطاه إياه على وجه القرض، فله أن يطالبه به ويصرفه إلى غيره -إن شاء- بل هذا هو الأولى إذا كان المقترض غير معسر.
فالحاصل أنه لا يجب عليه استرداد المال على كل حال لأن الحق في المال له هو فله إسقاطه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1429(11/15900)
ضوابط التبرع بملابس التبرج
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي ملابس كثيرة وأريد أن أتصدق بها أو أتبرع بها للمحتاجين.
لكن الملابس بناطيل وبلايز عريانة ولا أدري هل المحتاجون سيلبسونها كذا أم يضعون عليها جاكيت
فهل أكسب ذنوب لبسهم لها وأنا أردت الأجر من تبرعي بها؟
محتاجة إجاباتكم. لأن هناك من هم بحاجة للملابس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك التبرع بملابس التبرج إلا لمن تعلمين أنها لن تعصي الله بتبرجها أمام الأجانب بهذه الملابس، مع التأكيد على هذا المعنى حال تبرعك بها إلى من ستأخذها، وتحذيرها من التبرج ومخالفة أمر الله، فإن الدين النصيحة.
وذلك لأن ما يوصل إلى الحرام حرام، وما لا يتم ترك الحرام إلا بتركه فتركه واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقد قال الله عز وجل: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ {المائدة:2} والقاعدة أن الوسائل لها أحكام المقاصد. وقد سبقت فتوى في بيان هذه القاعدة برقم: 50387.
فإن وجدت من ينتفع بها على وجه حلال، كالزوجة مع زوجها مثلا فذاك، وإلا فلا تتبرعي بها أصلا.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(11/15901)
حكم إخراج الزوجة مبلغا شهريا من المعاش كصدقة جارية على زوجها المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة مسنة وآخذ معاشا لزوجي وقدرة 500 جنيها, هل من الفرض أن أخرج لزوجي من المعاش مبلغا كل شهر.
وابني مريض, هل من المستحب أن أخرج من المعاش صدقة جارية على زوجي أم أؤديها لابني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من الفرض أن تخرجي لزوجك مبلغا شهريا، ولكن يبقى أن لهذا الفعل فضيلته ودلالته، فهو من جملة الوفاء للزوج ومراعاة حقه ورد جميله، وهذه كلها معان سامية.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم بسنته القولية والعملية أن حسن العهد من الإيمان، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ يَقُولُ: "أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ. رواه مسلم.
وقالت أيضا رضي الله عنها: جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قالت: أنا جثامة المزنية. فقال: بل أنت حسانة المزنية، كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟ قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فلما خرجت قلت: يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال: "إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان. رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين (المستدرك) وصححه الألباني (الصحيحة 216) .
قال ابن بطال: حسن العهد في هذا الحديث هو إهداء النبي عليه السلام اللحم لأجوار خديجة ومعارفها، رعيًا منه لذمامها وحفظًا لعهدها (شرح صحيح البخاري 9 / 216) .
وأما مسألة الصدقة الجارية عن زوجك والتصدق على ابنك المريض فالأولى إعطاء المال لابنك إن كان محتاجا إليه، ويتأكد تقديمه إن كانت نفقته متعينة عليك أو كان له حظ من معاش والده، فينبغي النظر في قانون البلد هل المعاش المذكور خاص بأرملة الميت أم أنه لجميع عياله، فإن كان للجميع فالولد له نصيب منه، وإلا فإن تعينت نفقته على أمه وجب عليها تقديمه، وإن لم تكن متعينة فالصدقة عليه أولى فإنها تكون صدقة وصلة، وقد أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ؟ فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ؟ قَالَ: عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ: أَنْتَ أَبْصَرُ. رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه الألباني (المشكاة 1940) .
وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ. رواه النسائي والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني (المشكاة 1939) .
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ رواه النسائي وصححه الألباني (الإرواء 3 / 319) .
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ. رواه مسلم.
ويمكن الجمع بين الأمرين فتتصدقين على ابنك بشيء من المال وتجعلين ثوابه للميت، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 18770، 71639، 79066، 107986.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(11/15902)
لا تقطع النفقة عن قريبتك الفقيرة لأجل النميمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا قال شخص نويت إن أعطي فلانا مدى حياتي مبلغا من المال شهريا من خال لابنة أختة للمساعدة في احتياجات حياتها وظل هكذا لمدة أعوام، ثم أوقع بينه وبينها الناس مما جعل قلبه يتغير عنها فمنع عنها العطاء وهي قد ضرت بهذا لتعودها على قيمة المبلغ في احتياجتها الضرورية، وهل ما كان يفعله يسمى هبة أم صلة رحم، وما حكم الشرع في كل الأفعال السابقة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد النية لا يلزم به إعطاء المبلغ المالي المذكور شهريا. وانظر الفتوى رقم: 31264.
وبخصوص ما آل إليه أمر هذا الشخص مع بنت أخته فالنصيحة أن لا يتأثر بالنميمة بينهما، فقد قال تعالى: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ* هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ {القلم:10،11} ، كما ننصحه بإرجاع ما كان يصرفه إليها شهريا رجاء أن يغفر الله له.
فقد قال تعالى: وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22} .
بل إن الإحسان إليها هو علاج ما وقع بينكما بسبب النميمة
فقد قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ*وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ*وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت:34،35،36} .
وبخصوص ما كان يصرفه إليها هل يعد هبة أو صلة رحم؟ لا مانع من أن يكون للأمرين معا، كما أنه يحتمل أن يكون صدقة، والفرق بين الصدقة والهبة أنه إذا قصد التقرب إلى الله والدار الآخرة فهو صدقة، وإن قصد المواصلة والوداد فهبة، والصدقة والصلة يجتمعان فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة. رواه النسائي وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1429(11/15903)
حكم التصدق بالكعك على مرضى السكري
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ماهرة في صنع الكعك فأحب أن أصنع الكعك وأوزعه لله تعالى، ولكن توجد بيوت فيها مرضى سكري وأيضا تشكو من السمنة الزائدة فعندما أرسل لهم هذا الكعك فإن المرضى يأكلون منه، هل أنا آثمة في ذلك ...
وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تقومين به من صناعة الكعك والتصدق به فعل خير تثابين عليه إن شاء الله تعالى، وإن كانت صدقتك على أهل بيت من بينهم مرضى بالسكر أو السمنة أو نحوهما فأكل منه بعض هؤلاء المرضى مع علمهم بضرره عليهم فلا إثم عليك، بل الإثم على من تناول ما يضر صحته، فالإنسان العاقل مسؤول عن تصرفاته، ونفسه أمانة عنده فيجب عليه الابتعاد عن إزهاقها والإضرار بها، فإن لم يعلموا ضرره وجب عليك إعلامهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(11/15904)
أفضل الصدقة ما كانت فائدته أعم ونفعه أكثر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أحسن يوم لإخراج الصدقات فيه، وهل يجوز في يوم السبت, وهل الصدقة فقط في الأكل, وماذا بالنسبة لدواء الغسيل ودواء الجلي ودواء المسح وأدواتها هل هي أيضا من الصدقات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأفضل يوم لإخراج الصدقة هو يوم الجمعة كما تقدم في الفتوى رقم: 73798.
والصدقة يوم السبت وغيره من الأيام عبادة مثاب عليها، والصدقة ليست منحصرة في الأكل بل تكون بكل مباح يتنفغ به المتصدق عليه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: كل معروف صدقة. متفق عليه.
وبناء على ذلك.. فإن الأشياء التي ذكرتها إذا كانت مباحة وحصل نفع بها للمتصدق عليه فإنها من الصدقة.
مع التنبيه على أن أفضل الصدقة ما كانت فائدته أعم ونفعه أكثر وكان المتصدق عليه أشد حاجة وفقرا من غيره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 75866، والفتوى رقم: 51031.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1429(11/15905)
يثاب على نيته ولو تبين أن المتصدق عليه غير معسر
[السُّؤَالُ]
ـ[أقرض شخص شخصا آخر مالا بافتراض أنه معسر ونوى في داخله ألا يطالبه به، لكن اتضح فيما بعد أن هذا المقترض أخذ مالا من أناس آخرين وقام بعمل مشروع لنفسه ويرفض دفع الأموال ويتهرب منهم، فهل على هذا المقرض أن يطالبه بدفع المال أم أنه يعامله بنيته الأولى بإخراجه هذا المال لوجه الله، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تعارضت النية واللفظ فيما قام به هذا الشخص، فقد أعطى هذا المال بصيغة القرض وهو ينوي إخراجه لوجه الله، والقاعدة عند تعارض الألفاظ والنية تقديم ما تقتضيه النية، إذ العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
وبناء على هذا، فإن ما دفعه إلى هذا الشخص بصيغة القرض وهو يريد الصدقة عليه هو من باب الصدقة فلا يجوز له الرجوع فيها، وهو مثاب ولو تبين أن المتصدق عليه غير معسر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل: لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية؟ لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته. فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق، وعلى زانية، وعلى غني، فأتي: فقيل له: أما صدقتك على سارق: فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية: فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني: فلعله يعتبر، فينفق مما أعطاه الله. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1429(11/15906)
حكم المشاركة في شراء ثلاجة لقريب بنية الصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أعطيت لأختي مبلغا بسيطا ما يعادل50$ لكي أساعدها في شراء ثلاجة (براد) لعائلتها مع العلم أن بقية المبلغ سوف تكمله هي (أختي) ، كان في البداية المبلغ على أساس انه دين والآن أريد أن أسامحها فيه لأني أريد أن يكون كصدقة جارية حتى بعد مماتي.. هل سوف يحتسب هكذا أي صدقة جارية لأنها سوف تستخدم الثلاجة لأغراض كثيرة منها شرب الماء هي وأبناؤها.. أرجو إفادتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإعفاء أختك من المبلغ الذي أخذته منك دينا والمشاركة في شراء ثلاجة لمنزلها فيه أجر ومثوبة لكنه لا يدخل في تعريف الصدقة الجارية عند الفقهاء لأن المقصود بها الوقف خاصة كما تقدم في الفتوى رقم: 43607.
وثواب صدقتك هذه يلحقك إن شاء الله تعالى مدة الانتفاع بهذه الثلاجة سواء كان ذلك في حال الحياة أو بعد الممات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1429(11/15907)
حكم صرف التبرع الخاص بيتيم في مصلحة غيره من الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك امرأة ترعى أيتاما بعضهم أبناؤها وبعضهم أبناء زوجها وتأتي بعضهم تبرعات ومعونات، فهل يجوز لها صرف هذه التبرعات في مصاريف الكهرباء وإيجار البيت ونحو ذلك مما هو عام لهم كلهم أم لا بد من تخصيص كل يتيم منهم بما تبرع له بمعنى التبرع الخاص لبعضهم، فهل يجوز صرفه فيما هو عام لهم جميعا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبرعات المقدمة إلى كل يتيم تعتبر ملكاً خاصاً له لا يجوز أن تصرف لغيره بل تصرف في مصالح ذلك اليتيم الذي وُهبت له، وبناء على ذلك فالهبة التي خُص بها يتيم معين لا يجوز صرفها في مصالح الجميع من إيجار بيت ومصاريف كهرباء ونحو ذلك، بل الذي يتعين هو أن تلك المصاريف توزع على عدد الجميع ويؤخذ من مال كل يتيم بقدر حصته ويجوز للقائم على اليتيم أن يأكل من مال اليتيم بالمعروف إن كان فقيراً، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 6474، والفتوى رقم: 8423.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1429(11/15908)
حكم خلط الأم مالها بمال طفلتيها اليتيمتين
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد وفاة زوجي رحمه الله أصبحت أرعى بنتين يتيمتين، وأنا موظفة وأصرف عليهما من راتبي الشخصي، وقد تبرع أحد الأشخاص بكفالتهما وإرسال كل نهاية شهر مبلغاٌ من المال, فهل يجوز أن أجمع المال الذي لهما مع مالي الخاص وأصرف على البيت وعلى البنات من راتبي الشخصي ومن المال الذي يرسل لهما؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الذي تبرع به الشخص المذكور تتملكه اليتيمتان، وتعتبر الأم وكيلة على هذا المال إذا لم يوجد ولي لليتيمتين يقوم بهذا الأمر، وإذا كانت البنتان بالغتين رشيدتين فلتدفع الأم المال إليهما، وإن كانتا غير رشيدتين فلتنفق عليهما من هذا المال، ولا بأس في أن تجمعه إلى مالها وتنفق منه -أي المال المجموع- على البنتين وعلى نفسها إذا كان هذا أرفق ويعود على اليتيمتين بالمصلحة، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 67481.
وهل يجوز للأم أن تأخذ من مالهما لنفسها، فهذا مختلف فيه عند أهل العلم، فبعضهم ألحق الأم بالأب في جواز أخذه من مال ولده للحاجة، وهذا هو الراجح، وبعضهم لم يلحق الأم بالأب في ذلك، وبالتالي فلا يجوز لها أن تأخذ من مالهما إلا بإذن معتبر، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 38993.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1429(11/15909)
شروط وآداب التصدق بالأصول
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تصح الصدقة الأصول الصحيحة للذي صدق والذي نصدق عليه وأصول الصدقة على الميت الابن على والديه؟ وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح بما فيه الكفاية، فإن كان المقصود بالأصول العقار الشامل للأرض وما اتصل بها من بنيان فإن التصدق بهذه الأصول كالتصدق بغيرها من الأموال، فيشترط في المتصدِّق أن يكون مالكا لها أهلا للتبرع بحيث يكون مكلفا -وهوالعاقل البالغ- رشيدا.
ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع الحنبلى: و (الهبة تمليك جائز التصرف) وهو الحر المكلف الرشيد (مالا معلوما) منقولا أو عقارا. انتهى.
ويشترط في المتصدق عليه قبول الصدقة وحيازتها قبل حصول مانع للمتصدق من موت أو مرض موجب للحجر عليه مثلا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2333 والفتوى رقم: 52603
وفيما يتعلق بالجزء الأخير من السؤال فإن كان المسؤول عنه ما يصل ثوابه للوالدين بعد وفاتهما من الطاعات التي يهديها لهما بعض أولادهما من الأحياء فالمتفق عليه وصول أجرالصدقة والدعاء، واختلف أهل العلم في وصول ما سوى ذلك، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 69795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1429(11/15910)
حكم التصدق من الأموال المتبرع بها لصناعة أطباق القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شخص يقوم بجمع مبلغ ما من بعض المصلين من مسجد المنطقة وذلك لصناعة الأطباق (أطباق القبور) ، لمقبرة هذه المنطقة، ولكن بعض الأحيان يقوم هذا الشخص بالتصدق بالبعض منها لبعض المقابر وللمعارف، وهل تعتبر صناعة الأطباق صدقة جارية لأنه ينتفع بها الناس، فأفتونا أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بأطباق القبور بعض الألواح التي يسد بها الشق الذي يوضع فيه الميت داخل القبر فصناعتها فيها أجر ومثوبة وهي صدقة من الصدقات، ولا تدخل في تعريف الصدقة الجارية لأن الصدقة الجارية المقصود بها الوقف الذي يحبس أصله مع تسبيل غلته أو منفعته، قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: قال العلماء معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة؛ لكونه كان سببها، فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف. انتهى.
وإذا كانت جماعة المسجد يتبرعون بأموالهم لصناعة تلك الأطباق لمقبرة قريتهم فقط، فلا يجوز للشخص الذي يستلم تلك المبالغ أن يتصدق منها على أي شخص أو يصرفها في غير مقبرة تلك القرية، أما إذا أذنوا له في التصدق منها أو صرفها في غير مقبرتهم فله ذلك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35864.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1429(11/15911)
جمع تبرعات لبناء مسجد ثم أجر البناء لمؤسسة حكومية
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص قام بجمع تبرعات لبناء مسجد على قطعة أرض خاصة به وبعد إتمام البناء قام بتأجيره لصالح مؤسسة حكومية، علماً بأن الشخص خطيب مسجد فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما أخذه هذا الشخص من التبرعات ليبني به مسجداً يجب عليه صرفه في مقتضى ما جمعه لأجله، فإذا خالف ذلك بأن استعمله لمصالحه الخاصة كان خائناً لأمانته مخالفاً لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، وكان متصفاً بصفة من صفات المنافقين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آية المنافق ثلاثة: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
وعلى هذا تكون هذه الأموال في ذمته إذا اعتدى عليها بالتفويت في مصالحه الشخصية، والمبنى الذي بناه باق على ملكه ما لم يوقفه في سبيل الله، وقد اختلف العلماء فيما يصير به المسجد وقفاً فيخرج عن ملك صاحبه ويمتنع بيعه وإجارته، وما لا يصير به وقفاً، فيبقى على ملكه فيجوز له التصرف فيه بالبيع، فذهب الحنفية إلى أنه لا يزول عنه ملكه حتى يفرزه عن ملكه ويأذن للناس بالصلاة فيه، فإذا صلى فيه واحد زال ملكه عنه عند أبي حنيفة ومحمد في رواية، وفي رواية أخرى عنهما حتى تصلي فيه جماعة ... وذهب المالكية إلى أن وقفه يثبت بالتخلية بينه وبين الناس يصلون فيه، وذهب الشافعية إلى اشتراط النطق بصيغة الوقف، وعلى هذا فإن المسجد المذكور إذا ثبت أن بانيه وقفه لم يصح له التصرف فيه ببيع أو إجارة أو غير ذلك، وإذا لم يثبت له ذلك فهو باق على ملكه يتصرف فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1429(11/15912)
فوائد الصدقة في الدنيا والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً وجمعنا وإياكم فى الفردوس الأعلى إن شاء الله.. ما هو فضل الصدقة في 1- الدنيا، 2-الآخرة، وهل هي فعلا تزيد المال وتبارك فيه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصدقة من الأعمال التي تعود على المسلم بالنفع والخير في الدنيا والأجر الجزيل في الآخرة، فمن فوائدها الدنيوية أنها سبب لنماء المال وبركته، ومنها أنها تدفع البلاء عن صاحبها بإذن الله تعالى، وهي من صنائع المعروف التي تقي مصارع السوء، كما ورد في الحديث الذي رواه الطبراني وهو قوله صلى الله عليه وسلم: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر. والحديث حسنه الألباني.
وأخرج الحاكم في المستدرك عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. وصححه الألباني.
أما فضلها في الآخرة فحدث ولا حرج، فالأجر يضاعف أضعافاً كثيرة، وقد صح في الحديث أن صاحب صدقة السر من الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله، كما ورد في الأحاديث بأن المرء في ظل صدقته يوم القيامة، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 72092.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(11/15913)
دفع الهدية المتبرع بها للحفظة لمن لم يتم الحفظ
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كنت أحفظ القرآن في أحد المساجد إلى أن أنهيت نصفه والحمد لله ولم يكن هناك من يحفظ نصف القرآن فى المسجد وبعد فترة انشغلت بالدراسة وتوقفت قليلاً، تعرف أبي على شيخ المسجد وتصادقاً وفى أثناء ذلك قدم لي شيخي أسورة ذهب هدية لحفظي القرآن وذكر أن رجلا جاءه بهدية لحافظي كتاب الله وكانت هذه الهدية أقيمهم وتخص من ختم القرآن، لكني لم أكن ختمته وربما لا يوجد من ختمه في مسجدنا وأخذ أبي منه هذه الهدية، وبصراحة أنا متشككة في حليتها أو حرمتها حيث إني لم أختم القرآن وأخشى أن تكون مجرد مجاملة لأبي فأريد أن أعرف ماذا أفعل بها هل أرتديها أم أعيدها للشيخ لأني لست أهلا لها، فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المتبرع خص الحافظين لكتاب الله بهذه الهدايا لم يجز للشيخ أن يهديك شيئاً مما تبرع به، ولا يجوز لأبيك أخذ شيء من هذه الهدايا لفقد شرط المتبرع فيك والذي هو حفظ القرآن، ذلك أن شرط المتبرع معتبر شرعاً، فلا تجوز مخالفته ما لم يخالف الشرع، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وإذا كان الأمر على ما ذكرنا فإن الواجب صرف هذه الهدايا للحفاظ، وعليكم إعادتها لهذا الشيخ ليضعها في مواضعها ويبين له هذا الحكم إن كان غافلاً عنه، أما إن كان المتبرع أراد أن تصرف هذه الهدايا على من حفظ شيئاً من القرآن أو فوض التصرف لهذا الشيخ فإن أخذكم للهدايا جائز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1429(11/15914)
هل يتصدقون على عمتهم مع كونها تعطي المال لمطلقها
[السُّؤَالُ]
ـ[قد علمنا ما للصدقة من أجر وخاصة لذوي القربى والتحذير الشديد من منعها عنهم، فهذه مسألة نحن متعرضون لها في عائلتنا وهي: لي عمة فقيرة الحال مطلقة وهي لا تعمل ولها بنت مطلقة أيضا وولد عاطل عن العمل وقد يعمل أحيانا والكل يعيش عندها، المصيبة أن زوجها (الذي طلقها) لا زال يعيش معها في المنزل وهو رجل كسول متواكل لا يجتهد في طلب الرزق وبدلا عن ذلك يأخذ المال الذي تسأله عمتي من إخوتها وهو بهذه الحال قد لقي بالنسبة له طريقة مناسبة له في كسب رزقه، النوم وعمتي تجلب له المال وقد وصلت إلى أن سألت الناس في الشوارع ... فأسألكم بالله كيف يجب أن يكون تصرفنا معها علما بأن أي مال ستأخذه من عندنا سيقع في أيدي هذا الزاني (زوجها المطلق) ، فهل يكون إعطاؤنا لهم المال تعاونا على الإثم والعدوان أم صدقة تكتب عند الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليكم في التصدق على عمتكم هذه سواء كانت هذه الصدقة صدقة تطوع أم كانت صدقة مفروضة ما دامت فقيرة محتاجة، وفي الإنفاق عليها صدقة وصلة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 18978.
وكونها تنفق من هذا المال على هذا الرجل الذي طلقها فليس هذا بمانع شرعاً من التصدق عليها، وللمزيد من الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 48710.
ولو ثبت أنها مع هذا الرجل على معصية فيجب نصحهما أولاً بالتوبة منها، وإن كان الإنفاق عليها يعينها على الاستمرار معه على فعل المعصية فلا يجوز لكم الإنفاق عليها حتى تتوب إلى الله تعالى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 74969.
وننبه إلى أن الرجل إذا طلق امرأته طلاقاً بائناً فلا يجوز له مساكنتها في منزل واحد إلا إذا كان كل منهما في جانب منه مستقل بمرافقه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 65103.
وأما إن كان الطلاق رجعياً فهي في حكم الزوجة، وانظر الفتوى رقم: 10508.
وننبه أيضاً إلى أنه لا يجوز اتهام المسلم بالزنا إلا عن بينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1429(11/15915)
كفل يتيما ثم عجز عن إتمام كفالته فهل يأثم
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أكفل يتيما ماديا ولم يعد لدي القدرة على كفالته فما رأي الشرع في ذلك وهل أنا ملزم بدفع الكفالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رغب الشرع في كفالة اليتيم وجعل في ذلك الأجر الكبير، ويكفي في فضل ذلك وثوابه قوله صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بالسبابة والوسطى، وفرَّج بينهما شيئًا. رواه البخاري.
وحيث إنك قمت بذلك مدة استطاعتك فيرجى لك هذا الثواب إن شاء الله، ثم إذا عجزت عما كنت تقوم به من الإنفاق على هذا اليتيم فلا حرج عليك اذ أنك لست ملزما بذلك ابتداء وإنما هو منك على سبيل التبرع، وقد بين النبي لنا مراتب الإنفاق من حيث أولوية من ينفق عليه، ففي سنن النسائي وصححه الألباني عن جابر قال: أعتق رجل من بني عذرة عبدا له عن دبر فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألك مال غيره قال لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يشتريه مني فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمان مائة درهم فجاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه ثم قال ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا يقول بين يديك وعن يمينك وعن شمالك. اهـ
والحاصل أنك محسن فيما أتيت ومحسن فيما تركت، وما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1429(11/15916)
نوى التصدق على شخص ثم غير نيته
[السُّؤَالُ]
ـ[نويت التصدق بمبلغ مالي لشخص ثم غيرت نيتي بإعطاء المبلغ إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ما دام أن الأمر اقتصر على النية فقط فلا شيء عليك ولا يلزمك لمن نويت أن تتصدق عليه شيء، كأن تعطيه مقدار ما نويت من المال إلا إذا أردت ذلك إحسانا له.
وللفائدة راجعي فتوانا رقم: 76510.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(11/15917)
أعطي مالا ليطعم طلابه فهل يأكل معهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدرس قرآن فى موريتانيا ولدي30 طالباً أتكفل بمعيشتهم وسكنهم، وفي هذه الأيام أعطتنى هيئة قطرية 15 ألف ريال قطري لإطعام الطلاب، والسؤال هنا: هل يجوز لي الأكل معهم مع العلم بأن مطبخنا واحد ونسكن في مكان واحد فأفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإجابة عن هذه المسألة تتوقف على قصد الجهة الباذلة للمبلغ المذكور، فإن كان المدرس داخلاً في ذلك فله الحق في هذا المال مثل سائر الطلبة، وإن كان المبلغ خاصاً بالطلاب فليس للمدرس الحق في هذا المال، بل هو وكيل عنهم يوزعه ويصرفه حسب شرط المتصدق، وبإمكانه أن يستوضح من الجهة التي صرفت المبلغ، وبذلك يزول شكه ويتضح له الأمر، ونسأل الله تعالى أن يجزي الأخ السائل خيراً على ما يقوم به من تعليم كتاب الله تعالى لأبناء المسلمين وأن يضاعف له ذلك في ميزان حسناته.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 26755.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(11/15918)
كفل يتيما ثم عجز عن مواصلة الكفالة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أكفل يتيما ماديا ولم يعد لدي القدرة على كفالته، فما رأي الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في ذلك فإن كفالة اليتيم مستحبة وليست واجبة ولو فرض أنها واجبة فإن الواجبات تسقط بالعجز وعدم القدرة كما قال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286}
ونسأل الله أن يكتب لك الأجر بنيتك فإن العبد إذا نوى عملا صالحا وعجز عنه أعطاه الله ثواب عمله.
ففي البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا.
قال الحافظ في الفتح في شرح هذا الحديث: وهو في حق من كان يعمل طاعة فمنع منها، وكانت نيته لولا المانع أن يدوم عليها كما ورد ذلك صريحا عند أبي داود. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(11/15919)
حكم شراء فرن من مال الصدقة لامرأة فقيرة فاسقة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة أرملة وهي فقيرة هل يجوز أن نشتري لها (بوتاجاز) من أموال الصدقة؟ وإذا كانت هذه المرأة معروفا عنها الفسوق هل تحرم من الصدقة لهذا السبب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز أن يشترى لها من أموال الصدقة بوتجاز إذا كانت هذه الأموال ليست من أموال الزكاة، أما إذا كانت من أموال الزكاة فلابد من تمليكها لمال الزكاة، ثم هي بعد ذلك بالخيار تشتري به ما شاءت -هذا هو الأصل- لكن إذا كانت لا تحسن التصرف وربما أنفقت هذا المال في أشياء غير ضرورية، بل ربما في معاص فلا مانع حينئذ أن تعطى ما تستحق من الزكاة على شكل أجهزة ضرورية كالبوتجاز ونحوه كما هو مبين في الفتوى رقم: 32419.
وليس وصف الفسق -غير المخرج من الملة -مانعا من استحقاقها للزكاة ما لم يعلم أو يغلب على الظن أنها سوف تستعين بما تعطى على فعل المعصية، علما بأن إعطاء الزكاة لغير الفاسق أولى وراجع الفتوى رقم: 1485.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(11/15920)
تصدق الأم على ابنتها المحتاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة محتاجة مساعدة، فهل يجوز لوالدتها أن تساعدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الأم في مد يد العون لابنتها ومساعدتها بالصدقة المستحبة ونحوها، بل يستحب لها ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي القرابة اثنتان صدقة وصلة ... رواه النسائي وابن ماجه والترمذي.
إلا أنها لا يصح أن تدفع لها زكاة مالها على أنها فقيرة، لأنها لو كانت كذلك فإن نفقتها تجب على أمها الغنية، فلو أعطت الأم ابنتها من الزكاة، فقد استغلت الزكاة في إسقاط النفقة الواجبة لها عليها، كما فصلنا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36351، 28572، 26323.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(11/15921)
هل يثاب من تصدق بسلعة اشتراها بالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عامل ولدي راتب شهري وتارة أحتاج لأخذ مؤونتي من دكان حتى نهاية الشهر.. سؤالي هو: إذا أخذت بضاعة معينة بالدين وتصدقت منها هل أحصل على أجر الصدقة في نفس الوقت أم أن أجرها معلق بسدادي لثمنها لصاحب الدكان؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجوز لك الصدقة من البضاعة التي أخذتها بالدين الذي ستسدده من راتبك في نهاية الشهر وأنت مثاب على صدقتك هذه إن شاء الله تعالى، وهذا الثواب حاصل من وقت القيام بالصدقة ولا يتوقف على سداد الدين فأنت قد ملكت البضاعة المذكورة بمجرد شرائها، وبالتالي فلك التصرف فيها بما شئت من تصدق أو غيره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 94503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(11/15922)
الصدقة الواجبة وصدقة التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصدقة فرض أم سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة شاملة للزكاة الواجبة وصدقة التطوع، فأما الزكاة الواجبة فتتعلق بأنواع مخصوصة من المال بشروطها، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 19959.
وصدقة التطوع مستحبة عظيمة الثواب ومرغب فيها وليست بواجبة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 72244. والفتوى رقم: 100610.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(11/15923)
لا يلزم التعويض والتصدق ورعا فضيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم في الإجابة عن سؤالي والتفصيل فيه في فتوى رقم 106599 ولكن كل ما أعلمه عن صاحب العمل أنه علم بأنني كنت أغيب تلك الساعات عن العمل ولكن لا أدري إذا علم بها كلها ولكن عندما قال لي فإنني توقفت عن ذلك العمل فما العمل هل أستطيع تعويض هؤلاء المعاقين في المؤسسة بدلاً من اللجوء إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
تقدم في الفتوى رقم: 106599، أن اطلاع صاحب العمل على ما حصل ونحوه كل هذا يدل على تنازله وإسقاطه لذلك الحق، وعليه فلا يلزمها تعويض المعاقين بعلم صاحب العمل أو بدون علمه. فإذا أرادت التحلل احتياطا وزيادة في الورع فلا مانع من التصدق على هؤلاء المعاقين قربة إلى الله تعالى وتوبة إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1429(11/15924)
الصدقة على الأيتام.. بين الجواز وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف إلى أين تجوز الصدقة، امرأة توفي زوجها وترك لها 3 أطفال صغار تتراوح أعمارهم ما بين 10-1 سنه وترك لها معاشاً بسيطاً واشتغلت هذه الزوجه في مكان عمل زوجها بمرتب متوسط، فهل تجوز لهم الصدقه بما أنهم أيتام، يوجد مسجد قريب مني في حاله بناء فأي جهة تستحق الصدقه المسجد أم الأيتام مع العلم بأنها سوف تكون صدقة شهرية، فدلوني حتى لا أكون جنيت على أحد؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تجوز الصدقة على الأيتام إذا كانوا فقراء على كل حال، وإذا كانوا أغنياء فلا تجوز لهم الصدقة المفروضة خاصة (الزكاة) .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الصدقة المذكورة صدقة تطوع فإنها تجوز للأيتام ولو كانوا أغنياء بمالهم، أما إذا كانت زكاة مال فإنها لا تجوز لهم إلا إذا كانوا فقراء ... وإذا كانوا فقراء فهم أحق بها على كل حال، وذلك لما في الصحيحين: أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود جاءت إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لتسأله هل تجزئ الصدقة عنها على زوجها وأيتامها ... قالت: فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة، قالت: فخرج علينا بلال فقلنا له: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك أتجزي الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟ ولا تخبره من نحن قالت: فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم من هما؟ فقال: امرأة من الأنصار وزينب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الزيانب؟ قال: امرأة عبد الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لهما أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة.
وأما الزكاة فلا تجوز لهم إذا كانوا أغنياء، فقد حدد الله عز وجل من تصرف لهم وهم الأصناف الثمانية المذكورون في سورة التوبة في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60} ، وللمزيد انظري في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14410، 36371، 73366، 42892.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(11/15925)
الصدقة على الزوج وهبة ثوابها للوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[انا سيدة متزوجة من فلسطين_غزة موظفة أعمل براتب جيد جدا ولدي ميراث من أهلي، زوجي يعمل براتب ضعيف لذلك أشارك بشكل أساسي في مصروف البيت.
زوجي عليه ديون قبل الارتباط بي ... سؤالي هو أيهما أولى إخراج صدقات خارجية أم تسديد ديونه، علما بأن والدتي توفيت قريبا أود أن أخرج صدقة جارية باسم والديّ.
أرجو نصحي للطريق الصواب وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
التصدق على الزوج أولى من الصدقات الخارجية، ويمكن إعطاء أجر ذلك للوالدين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعينك ويتقبل منك ما تقومين به من مساعدة زوجك، وأن يثيبك بحرصك على نفع الآخرين والتصدق عن والديك.
والذي نراه أولى بك فيما سألت عنه هو مساعدة زوجك في سداد ديونه، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لزينب زوجة عبد الله بن مسعود لما سألته عن حكم إعطاء الصدقة لزوجها وأيتام لها في حجرها قال: لك أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة. متفق عليه. فلا شك أن الزوج أولى بصدقتك لأن تخلصه من الديون سينعكس على حياته كلها وعلى أبنائك منه، وفي الحديث: يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول: أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك. رواه أحمد والنسائي، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني.
ويمكنك أن تجعلي لوالديك أجر مساعدتك لزوجك، وإن أمكنك أن تجمعي بين هذا وبين إخراج صدقة جارية عنهما فذلك أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1429(11/15926)
التصدق بالدفاتر والأقلام هل يعد صدقة جارية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي ووضعه المادي عيش يومي تقريبا وكان يملك محلا ولكن تقريبا لا استفادة منه لأنه مريض وبعد موته وجدنا في هذا المحل دفاتر وأقلاما جديدة قد تفيد الطلاب فهل إذا أخذناها إلى مدرسة شريعة عن روحه تعد صدقة جارية ولكم الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يصح التصدق بالأقلام والدفاتر عن الوالد، ولكنها لا تعتبر صدقة جارية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة الجارية هي الوقف وشبهه من كل ما يدوم نفعه. والدوام يختلف باختلاف الموقوف، فمنه ما يدوم على التأبيد كالأرض، ومنه ما يدوم حينا من الدهر ثم ينتهي مثل الشجر والحيوان.
وأما ما لا بقاء له أصلا كالأشياء التي تراد لأن تستهلك ذاتها، كالطعام والنقود إذا أريد أن يستهلكها المتصدق عليه فإنها لا تدخل في هذا.
وعليه، فالدفاتر والأقلام التي قلت إنكم وجدتموها في محل والدكم، إذا أعطيتموها وأردتم أن يكون ثوابها له، فإنها تعتبر صدقة وهو مثاب بها إن شاء الله، بقدر ما يقع بها من الانتفاع المشروع بقدر حاجة من يستعملونها إليها، ولكنها لا تعتبر صدقة جارية بالمعنى الاصطلاحي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(11/15927)
لكم أجر الصدقة وأجر كفالة اليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو التكرم مشكورين على الإجابة عن سؤالي بشكل توضيحي إن أمكن ذلك وهو عائلة يتيمة الأب يتكون أفرادها من عشرة أشخاص ومن بين هذه العائلة خمسة أولاد يتقاضون مرتبات وأربع بنات في الدراسة وهذه العائلة تعتمد اعتمادا كليا في مصروفاتهم اليومية على مرتب الأب الضماني، علما بأن الأولاد لا يصرفون درهماً واحداً على العائلة مما أدى إلى حالة الفقر والحاجة، فهل تصح الصدقة أو كفالة أحد أفراد العائلة البنات فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن الصدقة مندوبة على هؤلاء البنات ولا سيما إذا كن لم يبلغن بعد فإنه يجتمع مع أجر الصدقة في ذلك أجر كفالة اليتيم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 27409، والفتوى رقم: 3152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(11/15928)
حكم وضع المكيف في المسجد كصدقة جارية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز المكيف في المسجد كصدقة جارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجعل جهاز التبريد في المسجد كصدقة جارية أمر حسن ينال به صاحبه الأجر إن احتسبه عند الله تعالى، وللمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 53217، والفتوى رقم: 8042.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1429(11/15929)
الصدقة على الأقارب الفاسقين والمبتدعين
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال حول حكم الصدقة والتصدق بـ (مال أو فعل) للأقارب أو غيرهم إذا كانوا مبتدعة أو إذا كانوا (لا يقيمون الصلاة أو أي فرض كان-تعنتا أو تقصيرا) أو إذا كانوا مما يجاهرون بالمعاصي؟؟ وما إذا كنت أستحق كامل الثواب والأجر في حال الجواز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصدقة تنقسم إلى قسمين صدقة واجبة وهي الزكاة، وصدقة غير واجبة وهي صدقة التطوع، فأما الأولى فلا بد من دفعها إلى مستحقيها وهم مصارف الزكاة الثمانية الذين قال الله تعالى فيهم: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: 60] .
وأما صدقات التطوع فلا حرج في إعطائها للكفار الذين لم يكونوا في حرب مع المسلمين، ولا في إعطائها للمبتدعة والعصاة بشرط ألا يستعينوا بها على فسقهم وأما إذا علم أن المتصدق عليه سيستعين بها على معصية الله او إيذاء المسلمين فلا يجوز إعطاؤه لهذا العارض. ويدل لما ذكرنا عموم قوله تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. {الإنسان8} ولقوله صلى الله عليه وسلم: " وفي كل كبد رطبة أجر" رواه البخاري ومسلم. ولحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها قالت: " قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: "نعم، صلي أمك" رواه البخاري وقال صلى الله عليه وسلم في فضل الصدقة على الأقارب: " الصدقة على المسكين صدقة، وهي على الرحم ثنتان: صدقة وصلة " رواه الترمذي.
ولكن الأولى بالمسلم أن يوجه خيره إلى الأتقياء ان لم يكن العصاة محتاجين حاجة شديدة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي " رواه الترمذي وأ بوداود.
قال صاحب "عون المعبود": قوله " لا يأكل طعامك إلا تقي" أي متورع، قال الخطابي: إنما جاء هذا في طعام الدعوة دون طعام الحاجة، وذلك أن الله سبحانه قال: ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا (الإنسان:8) . ومعلوم أن أسراهم أي الصحابة عند نزول الآية كانوا كفارا غير مؤمنين ولا أتقياء، وإنما حذر عليه السلام من صحبة من ليس بتقي، وزجر عن مخالطته ومؤاكلته، فإن المطاعم توقع الألفة والمودة في القلوب. اهـ.
وخلاصة القول أن الصدقة التطوعية على المبتدعة والعصاة جائزة ويثاب عليها ما لم يعلم أنهم يستعينون بها على الشر، وإلا كان التصدق عليهم من التعاون على الإثم والعدوان المحرم شرعا، ولو تصدق الصدقة الواجبة على مسلم فاسق فسقاً لا يخرجه عن الملة جاز وتجزئ بشرط أن يكون مستحقاً لها، وبشرط ألا يستعين بها على فسقه، مع أن صرفها لغيره أفضل، كما سبق أن ذكرنا ذلك في فتوانا رقم: 1485.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1429(11/15930)
حكم التبرع من مال فاقد العقل
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي جد وجدة ولديهم 3 رجال و 5 نساء وكان جدي وجدتي يسكنون ببيتهم ويقطن معهم خالي الأوسط وواحدة من البنات قد توفيت وعمرها 50سنة، والباقي كل واحد في مسكن مستقل عن جدي وجدتي. توفي جدي وترك جدتي (مصابة بالزهايمر) وهي الآن تقطن مع خالي الأوسط , وعندنا في بلاد الجزائر عندما يموت الرجل المجاهد في الثورة يبقى الراتب المالي تأخده المرأة، وأيضا مبلغ التقاعد فجميع مبالغ جدي تصل إلى 5 مليون دينار جزائري، وبما أن جدتي مصابة بمرض الزهايمر فإن خالي التي تقطن معه هو الذي يأخدها ويصرفها عليه، فجدتي يكون مقدار صرفها 1مليون دينار جزائري، مع العلم أن هناك خالة تعاني من أزمات مالية ولا يعطيها أي شيء، بمعنى أنه لا يقسمهما على إخوانه ولا يعطيها لجدتي لمرضها، فهو الذي يتصرف فيهما ويسيرها طبعا بصرفه على جدتي؟ فنرجو من فضيلتكم أن توضحوا لنا هذه المسألة من الناحية الشرعية، فهل خالي يجب عليه أن يعطي قدرا من المال لإخوانه , أو يجب عليه أن يصرف على جدتي بالقدر الكافي ويدخر البقية؟ أرجوكم أفتوني.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يحق لمتولي أمر مال المصاب بالزهامير أن يتبرع أو يتصدق بشيء من ماله. وينظر في منحة الدولة إلى شروطها، ويتصرف فيها بحسب تلك الشروط.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينظر في هذا المال الذي تعطيه الدولة لزوجة المتوفى فإن كانت تعطيه لها بعد وفاة زوجها لتملكه هي دون سائر الورثة، فهو حق خالص لها، وليس لورثة المتوفى شيء منه؛ إلا أن تعطيهم شيئا بطيب نفس منها.
وإذا كان هذا الإذن والرضى متعذران في مثل حالة المصاب بالزهامير فليس للمتولي أمره وشأنه أن يتصرف في ماله إلا بما يعود بالمصلحة عليه، وليس من مصلحته التصدق أو التبرع بماله، ويبقى هذا المال بعد أن ينفق منه ما يحتاج إليه المريض ملكا له حتى يفيق أو يتوفى فيرثه ورثته.
وإن كانت الدولة تمنح الراتب ومبلغ التقاعد للمتوفى ولورثته من بعده فالمال ملك لجميع الورثة يقتسمونه بينهم حسب أنصبتهم الشرعية من الميراث، وعلى من يتولى شأن هذا المال رفع الأمر إلى القاضي ليقسم المال حسب الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1429(11/15931)
كيفية التعامل مع المتسول غير المحتاج
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل الشاب إذا كانت أمه تحب التسول على الرغم من أنها غير محتاجة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب على هذا الشاب أن ينصح لأمه ويبين لها حرمة السؤال من غير حاجة مع المحافظة على برها والإحسان إليها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن التسول مذموم شرعا وممقوت طبعا ولذلك فقد حث الإسلام على التعفف والاستغناء عما في أيدي الناس ولو كان الشخص محتاجا. قال تعالى: لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا {البقرة:273}
وذم السؤال ومنعه إلا لثلاث بينهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو غرم مفظع، أو جانحة. وراه مسلم.
وقد بينا ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 17909، والفتوى رقم: 77671.
ولذلك فإن الواجب على هذا الشاب أن ينصح لأمه بالرفق واللين ويبين لها حكم التسول وأدلته.
وقبل ذلك وبعده عليه أن يبرها ويحسن إليها ولا يحمله عدم استجابتها له بعدم معاملتها بالتي هي أحسن، فقد أوصى الله عز وجل بالوالدين ولو كانا مشركين وأكد على حق الأم خاصة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(11/15932)
تريد أن تكفل يتيما وتخشى عدم القدرة على الاستمرار
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أني ناوية أن أكفل يتيما لكن خايفة من هذه المسؤولية بمعنى أنني إذا قمت بكفالة اليتيم وأنا ليس لدي سوى راتبي ولا أضمن متى أموت أو أتزوج أو يحدث لي شيء وينقطع عن اليتيم مصدر قد اعتمد عليه في معيشته.
فهل من مشورة تفيدني في هذا الأمر مع إني أحب جداً أن أكفل يتيما.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
كفالة اليتيم قد رغب فيها الشارع ترغيبا شديدا وجعل فيها أجورا كثيرة. ومن كفل يتيما ثم حدث له موجب تنقطع به تلك الكفالة فلا لوم عليه في ذلك، وهو مأجور بما قدَّم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن كفالة اليتيم والإنفاق عليه والاعتناء بأمره كله قد رغب فيها الشرع الحنيف ترغيبا شديدا. قال الله تعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة:215}
وقال أيضا: وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ {النساء:36} .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله"، وأحسبه قال: "كالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر ". والغالب في اليتيم أن يكون مسكيناً.
وفي البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى. وأي منزلةٍ أفضل من ذلك؟، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشتكي قسوة قلبه فقال له: " أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك ". أخرجه الطبراني وصححه الألباني، إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في فضل كفالة اليتيم والإحسان إليه.
وهذا باب خير فتحه الله، فمن كانت عنده استطاعة، فليبادر إلى فعل هذا الخير.
واعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أنك إذا قمت بهذه المسؤولية تكونين قد سعيت في الحصول على هذه الأجور. وإذا مت أو تزوجت أو حدث لك شيء فإن الله سيرزق اليتيم، ولا ذنب عليك أنت في ذلك؛ لأنه لا كسب لك فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(11/15933)
الأخذ من الأموال التي يدفعها جماهير الكرة للجمعيات الخيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الأخذ من الأموال التي يدفعها جماهير كرة القدم للجمعيات الخيرية، وهل هذا يعارض قوله صلى الله عليه وسلم (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا) ، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمراد بهذا السؤال يحتمل أمرين:
الأول: تحصيل الجمعيات الخيرية أموالاً من الجماهير التي تأتي لتشاهد مباراة كرة القدم.
الثاني: إعطاء الجمعيات الخيرية من الأموال التي يدفعها الجماهير لمشاهدة مباريات كرة القدم.
ولا حرج في أخذ هذه الأموال على كلا الاحتمالين، ولا ينافي ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً. رواه مسلم. لأن الأصل في هذه الأموال الإباحة، واعلم أنه على وجه العموم لو كان المال محرماً فلا حرج في إعطائه للجمعيات الخيرية، فإن مصرف المال الحرام إنفاقه في وجوه الخير، لا بنية الصدقة ولكن بنية التخلص من المال الحرام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لو كان الرجل قد حصل بيده مال حرام، وقد تعذر رده إلى أصحابه لجهله بهم ونحو ذلك، أو كان بيده ودائع أو رهون أو عوارٍ قد تعذر معرفة أصحابها فلينفقها في سبيل الله، فإن ذلك مصرفها ... انتهى.
ونود أن ننبه بهذا المناسبة إلى أن الواجب على المسلمين مراعاة ضوابط الشرع في ممارسة الرياضة، فلا تكشف فيها العورات ولا تضيع بسببها الصلوات ونحو ذلك، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 32273.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1429(11/15934)
زنا بامرأة متزوجة فولدت بنتا فهل تحل الصدقة لها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بارتكاب فاحشة الزنا مع امرأة متزوجة وهى زميلتى بالعمل نشأ بيني وبينها قصة حب كبيرة ونتج عن هذا الزنا إنجاب طفلة. وأنا أعلم أنه لا علاقة بيني وبين الطفلة لأنها نتجت من فعل حرام. الولد للفراش وللعاهر الحجر.
السؤال هو: هل يجوز الصدقة على هذه الطفلة أو التبرع لها أو كتب وصية لها؟ وما هى الطريقة الصحيحة لتعاملى معها؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى أولا، وأما البنت فلا علاقة بينك وبينها بل هي للفراش كما علمت وتنسب إلى زوج تلك المرأة. لكن لا حرج عليك في الصدقة عليها أو نحو ذلك. والأولى أن يكون ذلك بحيث لا ينكشف به أمرك أو تزيل به ستر ربك، واحذر أن يكون ذلك سببا لعلاقة أخرى بأمها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تتوب إلى الله أولا وتعلم أنك قد وقعت في معصية من أكبر المعاصي وفاحشة من أسوإ الفواحش وتجرأت على الله عز وجل، وفرطت في جنبه فتب إليه واستغفره، وأقبل عليه صادقا يغفر لك خطيئتك ويمحو إساءتك وتكون عنده من التوابين.
وأما البنت فهي للفراش كما في الحديث، وتنسب إلى زوج تلك المرأة ولا علاقة بينك وبينها. وأما التصدق عليها أو التبرع لها أو كتابة وصية باسمها فلا حرج في ذلك شرعا لكنه قد يؤدي إلى فضيحة أمرك وأمر تلك المرأة، والواجب هو أن تستر على نفسك وعليها. والأولى أن تنأى بنفسك عنها وتعرض عن ذكرها فإن كانت محتاجة أو لا عائل لها فلا حرج عليك في فعل ما ذكرت لكن بأسلوب حكيم لا يشعر معه أحد بما كان منك لئلا تفضح نفسك وتكشف ستر ربك.
وللمزيد من انظر إلى الفتويين رقم: 102247، 51691.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1429(11/15935)
حكم الاشتراك في الصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعمل صدقة جارية وذلك بحفر بئر مياه تكلفته 100 دينار كويتي، فهل ممكن أن يشترك 10 أفراد في هذا، كل فرد بمبلغ 10 آلاف دينار كويتى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في إقامة مشروع معين كصدقة جارية تشترك فيه مجموعة من الناس يساهم كل واحد منهم بحصة معينة فيه بل قد يكون ذلك أفضل في بعض الحالات، وراجع الفتوى رقم: 35601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(11/15936)
تسديد فاتورة الجوال عن الفقير هل يعتبر من الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[وجزاكم الله عنا كل خير وأسأل الله العزيز القدير أن يفرج عنكم كل هم وضيق مثلما فرجتم عنا بعض الهموم، أنا لي جارة كانت مقيمة بقرب منزلي وكان زوجها يعاملها معاملة شديدة قاسية، وكان أهلها يسكنون خارج الرياض وكنت ألتمس الأجر من الله بتفريج بعض الأمور عنها، والآن زوجها هجرها عند أهلها ويرسل لها بعض الريالات التي لا تكفي في هذا الغلاء.... سؤالي هو: هل بتسديدي مثلا فاتورة الجوال لها يعتبر من تفريج الكرب وأنا أعلم عنها الالتزام والخوف من الله لأن أباها بخيل نوعا ما، وأنا لا أستطيع أن أشتري لهم ملابس لأنها ليست قريبة وأفضل مساعدة هو تسديد الفاتورة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن وصف والد جارتك بالبخل يعتبر غيبة ولا يجوز، وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن الجوال إذا كان لا يستخدم إلا فيما يباح من الاتصالات فإن تسديد فاتورته يعتبر صدقة إذا أريد بها وجه الله، فقد جاء في الحديث الشريف: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها.
وقد يكون من تفريج الكرب إذا كانت صاحبته في كربة، وتريد بالاتصال تفريجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(11/15937)
حكم دفع الصدقة للمدخن والمتبرجة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في المسجد نقوم بتوزيع الأموال على الفقراء والأيتام ولكننا نكتشف أن بعض الأولاد يدخنون وأن بعض البنات متبرجات وأن بعض الآباء الفقراء يدخنون، فهل يجوز توزيع الأموال على هؤلاء، ولقد قمنا بمحاولة أن نفرض على الأمهات أن تحضر أبناءها وبناتها لحضور درس في المسجد مرة واحدة على الأقل كل أسبوع وفي حالة الحضور أقل من 3 مرات لا يتم صرف القبض لهم وبالفعل كثير من الأمهات ألزمت بحضور أبنائها وبناتها والبعض الآخر أبناؤهم وبناتهم لا يحضرون الدروس والأم لا تقدر عليهم، فهل نمنع القبض عن هؤلاء أم ماذا نفعل؟ ولقد قمنا بمحاولات كثيرة من هذا النوع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليكم في دفع هذه الصدقات لهؤلاء الأولاد الذين يدخنون أو لهؤلاء البنات المتبرجات ما لم تتيقنوا أنهم يأخذون هذه الأموال للاستعانة بها على المعصية، ودفع هذه الصدقة لأمثال هؤلاء قد يكون دافعاً لهم إلى الاستماع إلى نصائحكم لهم وتوجيهاتكم لهم بالتوبة من هذه المعاصي، وينبغي الحرص على نصحهم ودعوتهم إلى الخير بالحكمة والموعظة الحسنة. وللمزيد من الفائدة يمكن مراجعة الفتوى رقم: 6395.
وننبه هنا إلى أمر مهم وهو أن الصدقة المفروضة (الزكاة) لا يجوز دفعها إلا لمن يستحقها من الأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله تعالى في كتابة، ويمكن مراجعة الفتوى رقم: 27006.
ولا ينبغي منع الصدقة عمن لم يُحضِرن أولادهن وخاصة إن كن في حاجة إليها، ومن المعلوم أنه قد تكون لهؤلاء رغبة في حضور أبنائهن إلى المسجد، ويمتنع الأبناء عن الحضور، فمن الممكن أن تجعلوا مع الدرس شيئاً من البرامج الترفيهية المباحة والجاذبة لهؤلاء الأبناء للحضور إلى المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(11/15938)
هل يتصدق على الفقير إذا ثبت أنه يقتني الكماليات
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق مريض وفقير أتصدق عليه من الحين للآخر ببعض المال من راتبي الشهري وليس من مال مدخر. ولكني لاحظت عندما زرته في بيته أنه مقتن لأشياء تعتبر من الكماليات كالستائر واللاقط الهوائي الرقمي والتلفاز ... فهل يجوز ان أواصل التصدق عليه بنية الزكاة أم يجب علي التحري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الصدقة التي تتحدث عنها هي الصدقة الواجبة فإنها لا تجب في الراتب الشهري إلا بشروط سبق أن بيناها، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 1303.
وإذا تقرر وجوب الصدقة، سواء كانت راتبا أو غيره، فالواجب أن لا تعطى إلا لأحد مصاريفها، وقد بيناهم من قبلُ، فراجع فيهم فتوانا رقم: 27006.
وإذا دفعتْ الزكاة لمستحقها فإنها تسقط عن الدافع لها ولو كان الفقير يجعلها في الكماليات من الأمور.
وإن كنت تقصد صدقة التطوع فليس من شك في أنه من الأفضل أن تعطيها للمحتاجين من الفقراء والمساكين، ونحوهم ... ، مع أنه لو قدر أن وقعت صدقتك عند من ليس أهلا لها كالغني مثلا، فإنك تكون مأجورا على ذلك أيضا. فقد عقد الإمام مسلم بابا فقال: باب: ثبوت أجر المتصدق وإن وقعت الصدقة في يد غير أهلها، وجاء تحت هذا الباب بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال رجل: لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، قال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته ووضعها بيد غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، قال: اللهم لك الحمد على غني، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد على زانية، وعلى غني، وعلى سارق، فأتي فقيل له: أما صدقتك، فقد قبلت، أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها، ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله، ولعل السارق يستعف بها عن سرقته. متفق عليه.
فالحاصل -إذا- أن الشخص الذي كنت تعطيه صدقتك إذا كان فقيرا فإنه مصرف لها على كل حال، وإن كان غنيا فلا يصح أن تعطى له الزكاة الواجبة. ويصح صرف صدقة التطوع له وليس هو الأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(11/15939)
الصدقة بنية التصدق عن الابن المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج صدقة للمرضى (عن ابني المريض) لأحد الأهل مثل أخي مثلا، وهل هي لازم أن تكون شهريا أو ممكن أن تكون سنويا مثلاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من التصدق عن المريض فقد ورد في بعض الأحاديث ما يدل على استحباب ذلك، وإن كان الحديث في ذلك ضعيفاً، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 95127.
والصدقة مرغب فيها بصفة عامة وعند البلاء بصفة خاصة، ولا سيما إن كانت على القريب الفقير. وعلى هذا فلا حرج على السائل أن يتصدق على أحد أقربائه بنية التصدق عن ابنه المريض، لكن لا يشترط أن يكون ذلك شهرياً ولا سنوياً ولا محدداً بوقت فيجوز أن يتصدق مرة واحدة، ويجوز أن يكررها كل ذلك واسع لا حرج فيه. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 65491، والفتوى رقم: 30870.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(11/15940)
كفالة اليتيم والسعي على الأرملة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق توفي -رحمه الله- وترك زوجة وبنتا صغيرة وترك لهم عملا يحصلون من خلاله على دخل شهري يكفيهم والحمد لله، وأنا أريد أن أكفل ابنته اليتيمة وزوجته الأرملة بما أستطيع وعلى ما أقدر عليه فهل يعتبر ذلك كفالة يتيم وسعيا على أرملة، مع العلم بأنهم غير محتاجين إلى المبالغ البسيطة التي أعطيها لهم فماذا أفعل، وهل أبحث عن غيرهم ممن هم محتاجون وأترك صلة صديقي في أهله بعد موته، علما بأنني أرى أنهم لهم حق علي بما كان لي من صحبة مع والد البنت وزوج المرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاليتيم الذي خلف له أبوه مالاً يقوم بحاجته ليس محلاً للصدقة وإنما يكون محلاً للرعاية والعناية بماله من قبل الوصي عليه أو وليه إن كان له ولي، وكذلك يكون محلاً للعناية من جهة الاهتمام بتربيته وتعليمه وحفظه عن الانحراف ونحو ذلك.
وعليه فيمكن الأخ السائل أن يحسن إلى بنت صديقه المتوفى، بتعهدها بالنصح والرعاية والتوجيه والهدية لها ونحو ذلك، أما الصدقة والكفالة فيطلب لها الأحوج فالأحوج.
جاء في المغني: يستحب أن يبدأ بالأقرب فالأقرب إلا أن يكون منهم من هو أشد حاجة فيقدمه ولو كان غير القرابة أحوج أعطاه. انتهى.
فإذا كان يقدم الأحوج على القريب غير الأحوج فأولى غيره.
ولا بأس أن نعرف للأخ السائل معنى كفالة اليتيم والأرملة، فكافل اليتيم هو القائم بأموره بالنفقة والكسوة والتربية والتأديب وغير ذلك..
قال النووي في شرح مسلم: وهذه الفضيلة لمن كفل يتيما من مال نفسه أو مال اليتيم بولاية شرعية.
وأما الساعي على الأرملة: فالأرملة هي المرأة إذا مات زوجها وسميت أرملة لما يحصل لها من الإرمال وهو الفقر وذهاب الزاد بفقد الزوج، والساعي عليها من يقوم بما يصلحها ويحفظها ويصونها عن المسألة والابتذال.
وفي الصورة المسؤول عنها فلا وجه للسعي على الأرملة فيها لعدم وجود المعنى المقتضي لذلك.
وننبه السائل إلى أن هذه الأرملة أجنبية عنه فليكن حديثه معها إذا دعت حاجة لذلك وبقدر هذه الحاجة مع الحذر من الخلوة بها أو النظر إلى ما لا يحل منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1428(11/15941)
كفالة اليتيم من أهل البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أجر من كفل يتيما من آل البيت في الدنيا وفي الآخرة، وهل أأثم عند إيقاف إرسال المبلغ السنوي لكفالة يتيم آخر؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كفالة يتيم من أهل البيت أجره عظيم، لما فيه من أجر كفالة اليتيم والإحسان إلى شخص من آل النبي صلى الله عليه وسلم، وأما قطع أو إيقاف ما تعهدت به من كفالة يتيم آخر فالأصل إباحته، لأن تعهدك يعتبر من التبرعات التطوعية ولا يجب الوفاء به ولا مواصلته، ولكن الأولى أن تواصل ما كنت ترسل له وتتذكر أن ما تنفقه سيعوضه الله لك، ففي الحديث القدسي: قال الله تعالى: أنفق يا ابن آدم عليك. متفق عليه. وفي الحديث: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم اعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً. متفق عليه.
وفي الحديث: أنفقي ولا تحصي فيحصى الله عليك، ولا توعي فيوعي الله عليك. متفق عليه، وراجع في أجر كفالة اليتيم الفتوى رقم: 3152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1428(11/15942)
استرجاع مال الصدقة لصرفه في غير ما جمع له
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت في الله ادعت أنها مريضة مرضاً خطيراً فجمعت لها أخوات مبلغا كبيرا بعدها كي تعالج في الخارج وسافرت، لكن بعد فترة قصيرة قال لنا أهلها إنها تزوجت ولما ذهبت الأخت المكلفة بجمع الفلوس كي تطالب أهلها بإرجاع النقود تخاصموا معها وقالوا لها أنت التي أخذت الفلوس فصارت فضيحة في الحي وصارت مشاكل بين هذه الأخت التي تطالب بإرجاع الفلوس وزوجها، السؤال قيل إن المشاحن لا يغفر له في رمضان والأخت (التي جمعت الفلوس) تسأل هل هي من المشاحنات في هذا الوضع، إذا كانت كذلك فهي رافضة أن تذهب لتتصالح معهم لما صار لها معها لدرجة أنه أثناء الخصام حمل ابنها السكين لقتل الذين أهانوا أمه لكن الله لطف، فأفتونا أرجوكم في هذا الأمر؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق للمرأة التي جمع لها المال إن كان أعطي لها من أجل العلاج فقط أن تصرفه في غيره ويحق لأهله استرجاعه منها، وتراجع الفتوى رقم: 33684.
وعليه فإن كانت الأخت المكلفة بجمع المال جمعته على أساس أنها المسؤولة عنه ثم تعدت الأخرى وصرفته في غير ما أهدي لها من أجله، فمن حقها أن تطالب من دفعت له المال بإرجاعه لأهله ولا تعد من أهل الشحناء الذين لا ترفع أعمالهم حتى يصطلحوا.. أما إن كانت تجاوزت ذلك إلى السباب والمشاتمة وما إلى ذلك فإنها تدخل في الوعيد الوارد في الحديث.
وعلى كل حال فلا يحق لها أن ترفض الصلح فالصلح خير، كما قال تعالى، والشحناء والخصام يترتب عليهما ما هو معلوم من قطع الرحم والبغضاء والعداوة وغير ذلك مما لا يرضاه الشرع ولا يقره.
فنصيحتنا لأي مسلم وقع في نزاع مع أخيه أن يمد يد الصلح إليه ويستسمحه إذا كانت الزلة منه ويطلب منه العفو والصفح، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً. أخرجه مسلم.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 69861، والفتوى رقم: 24125، والفتوى رقم: 32914.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(11/15943)
حكم إعطاء المال للسائل الصحيح القوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أعطي شابا يسأل المال وهو في قوته وفي ريعان شبابه ولا أعلم بحاله إذا كان محتاجا أم كاذبا فهل آثم إن أعطيته وهل الأولى عدم إعطائه لكي لا أعينه على السؤال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من سأل الصدقة باسم الفقر أو المسكنة أعطي ما لم يعلم منه غير ذلك، ولا يطالب هذا السائل ببينة على فقره ومسكنته.
جاء في مطالب أولي النهى: ومن سأل واجباً كمن طلب شيئاً من زكاة ... مدعياً قصراً وعَُرف بغنى قبل ذلك لم يقبل قوله إلا ببينة ... ويقلد من ادعى فقراً ولم يعرف بغنى لأن الأصل عدم المال فلا يكلف بينة به وكذا يُقلد جَلْدَُ أي صحيح ادعى عدم الكسب ويعطى من زكاة ولا متجملاً إذ لا يلزم من التجمل الغنى، لكن ينبغي أن يخبره أنها زكاة.. وحرم أخذ صدقة بدعوى غني فقراً ولو من صدقة التطوع لقوله صلى الله عليه وسلم: ومن يأخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيداً يوم القيامة. متفق عليه.
وعليه فالسائل الصحيح القوي الذي لا يعلم عنه غنى إذا سأل الزكاة أو الصدقة أعطي منها بدون أن يكلف ببينة على فقره، ولا يكون المعطي له آثماً في الزكاة المفروضة فضلاً عن صدقة التطوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(11/15944)
حكم كفالة اليتيم وهل لها أجل محدد
[السُّؤَالُ]
ـ[أسرة مات عائلها وعنده عدد من الأبناء ذكورا وإناثا ولأعمل خيرا أريد أن أكفل أحد الأبناء، فهل يجوز الكفالة وهل تسمى كفالة يتيم وهل تحدد المدة لكفالة اليتيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكفالة اليتيم فيها من الخير والأجر ما لا يعلم قدره إلا الله، فقد جاء في الصحيحين واللفظ للبخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا.. وأشار بأصبعية السبابة والوسطى. وأي منزلة أفضل من ذلك؟.. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشتكي قسوة قلبه فقال له: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك. أخرجه الطبراني.
من هذا تعلمين أن كفالة اليتيم لا توصف بالجواز، وإنما هي من فروض الكفاية، كما ذكر ذلك أهل العلم، وقد تتعين إذا خشي على اليتيم الضياع ولم يوجد من يكفله، ولا شك في أن كفالة أحد الأبناء الذي فقدوا أباهم هي من كفالة الأيتام إذا كان المكفول في سن اليتم، وسن اليتم هي ما كان قبل البلوغ.
وأما السؤال عما إذا كان للكفالة مدة محددة فجوابه أنه ليس لها مدة محددة، ولكنها إذا كانت متعينة على الشخص لم يكن له تركها إلا إذا وجد من يقوم بها عنه، وإذا لم تتعين كانت عمل خير، يؤجر فاعله، وكلما زاد منه كان له زيادة في الأجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1428(11/15945)
أخذ المال على أنه صدقة فادعى معطيه أنه دين
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي طلب من شخص مساعدة مالية وهذا الشخص استعد لأبي بناء على أنها مساعدة من جهه إنسانية أو لجنة زكاة وبعد مرور سنة عاد هذا الشخص ليطلب من أبي المبلغ الذي جلبه له ويقول هذا دين مني، فأرجو أن تفتوني بهذا الموضوع؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أبوك قد طلب صدقة من هذا الرجل أو أخبره هذا الرجل أن المال الذي أعطاه إياه من لجنة الزكاة أو من جمعية خيرية فلا يحق لهذا الرجل أن يعتبر هذا المال ديناً على أبيك ويطالبه بسداده.
أما إذا كان أبوك قد طلب منه مالاً فقط دون أن يبين أنه يريده صدقة ولم يخبره الرجل بأن هذا المال من لجنة الزكاة أو من جمعية خيرية، فالأصل أن هذا المال دين على أبيك لهذا الرجل، ويجب عليه سداده متى قدر على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1428(11/15946)
مسائل حول الصدقات والتبرعات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والحمد لله دكتورة صيدلانية وزوجي أخصائي جراحة ونمتلك عيادة وصيدلية ونمتلك 2 شقة تمليك وأمورنا ميسرة والحمد لله وعندي من الأولاد من أوشك على الزواج في بداية العشرين وأريد أن أشترك بجزء معقول مما أمتلك من ذهب -ألبسه كحلي- لدعم بعض القنوات الإسلامية الفضائية مثل قناة الرحمة وزوجي يقول إن الأولى ادخار هذه الأموال لزواج الأبناء في حين أنه يشارك بفضل الله بمبالغ كبيرة في بناء المساجد وعندما كنت أحدثه منذ عدة سنوات عن ادخار بعض المال شهريا لزواج الأبناء مستقبلا كان يقول إن الأمور ميسرة بفضل الله ولا داعي لهذا، فهل الأولى أن أطيع زوجي وأدخر أموال ذهبي أم أخرج منها لهذه القنوات الفضائية، وهل الأولى أن يتبرع زوجي لبناء المساجد أم لدعم فلسطين؟
سؤال آخر: أمتلك راتبا شهريا وأود أن أساعد به بعض الشباب أثناء التعليم ليس لي بهم علاقة قرابة وإنما ابتغاء وجه الله ولي أقارب في حاجة إلى المال أيضا ولكن القرابة بعيدة (من ناحية زوجي) وهناك الكثير ممن يساعدونهم، فهل الأولى جعل جزء كبير مما أنفقه للأقارب أم لهؤلاء الشباب الذين يمرون بظروف مالية صعبة لإكمال دراستهم، وهل التبرع لمعاهد الأورام بمبالغ كبيرة أولى أم لفلسطين، أقدم بعض التبرعات لأماكن رسمية مثل نقابة الأطباء لفلسطين وأحيانا لمعهد الأورام ابتغاء وجه الله مقابل إيصال رسمي، فهل يجوز أن أقدم هذه الإيصالات لمصلحة الضرائب الخاصة بنقابتي لتخفف من الضرائب في حين أنه في أي حالة سوف أقوم بهذه التبرعات وأنه مصرح لي بذلك لكثرة الضرائب المفروضة على الصيدليات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تلخصت أسئلتك فيما يلي:
1- هل الأولى أن تطيعي زوجك وتدخري الأموال لزواج الأبناء أم تخرجيها في دعم القنوات الإسلامية.
2- هل الأولى أن يتبرع زوجك لبناء المساجد أم لدعم فلسطين.
3- هل الأولى جعل جزء كبير مما تنفقينه للأقارب أم الأولى أن تخصيصه لأولئك الشباب الذين يمرون بظروف مالية صعبة لإكمال دراستهم.
4- هل التبرع لمعاهد الأورام بمبالغ كبيرة أولى أم التبرع لفلسطين.
5- قلت إنك تقدمين بعض التبرعات لأماكن رسمية كنقابة الأطباء في فلسطين وأحياناً لمعهد الأورام ابتغاء وجه الله، مقابل إيصالات رسمية، وتسألين عما إذا كان يجوز أن تقدمي هذه الإيصالات لمصلحة الضرائب الخاصة بنقابتك لتخفف من الضرائب عن نقابتك.
فنقول في الرد على النقطة الأولى: إن للمرأة الحق في التصرف في جميع ممتلكاتها إذا كانت بالغة رشيدة ما دام تصرفها في دائرة المباح، ولا يشترط في ذلك إذن الزوج أو موافقته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته المشهورة أمر النساء أن يتصدقن ولو من حليهن، ولما تصدقن قبل منهن ما تصدقن به، ولم يسألهن هل استأذن أولياءهن -أزواجاً أو غير أزواج- في ذلك، ولكننا ننصحك بأن تتشاوري مع زوجك، ولا تتصرفي إلا في حدود ما تتفقان عليه، فإن ذلك أدعى إلى بقاء الألفة، علماً بأن بعض العلماء ومنهم الإمام مالك رحمه الله قالوا: إنه لا حق للزوجة أن تتصرف فيما فوق الثلث من مالها إلا بإذن زوجها.
وحول النقطة الثانية: فإن الشرع الحنيف قد رغب كثيراً في بناء المساجد، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة.
ولا شك في أن من أولى ما ينفق فيه المال صرفه في دعم أهل فلسطين، لما يمرون به من الظروف الصعبة، ولما هم فيه من الاحتياج، وعليه فإن استطاع زوجك الجمع بين الخصلتين معاً فذلك هو الأفضل، وإن لم يستطع فإن الأولى من بين الأمرين يتحدد بحسب شدة الاحتياج وقلته، فإذا كانت المساجد متوفرة في الأماكن التي يدعم زوجك بناء المساجد فيها، وكان الاحتياج في فلسطين شديداً كان دعم فلسطين أولى، وبالعكس يكون.
وعن النقطة الثالثة: فإن الصدقة على الأقارب أفضل من الصدقة على غيرهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. رواه الترمذي وحسنه. لكن أولئك الشباب الذين تتحدثين عنهم إذا كان احتياجهم يصل إلى درجة الاضطرار كان الإنفاق عليهم واجباً، وحينئذ يكون الإنفاق عليهم أولى، لأن الواجب يجب تقديمه على المستحب.
ثم الجواب عن النقطة الرابعة: يتوقف على معرفة درجة الاحتياج بين الأمرين، فالقاعدة أنه يندب إيثار الأكثر احتياجاً.
وأما النقطة الأخيرة: فإن جوابها يتوقف على معرفة قوانين البلد وما إذا كانت الضرائب فيه تفرض بحق أم بباطل، فإن كانت الضرائب تفرض بباطل فالتهرب من دفعها سائغ بأي وجه لا يضر بالمرء، وإن كانت تفرض بحق فإن كانت القوانين تسمح بما سألت عنه كان الاعتبار المذكور في السؤال مباحاً وإلا فلا، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 5107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1428(11/15947)
استهلاك الصدقة ممن نوى إخراجها سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد نويت أن أخرج شيئا عندي صدقة وأخبرت سيدة بالفعل أني سوف أعطيها هذا الشيء، ولكني نسيت بعد فترة وجيزة واحتجت هذا الشيء فاستخدمته ولم أخرجه فهل علي إثم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصدقة التطوع لا تلزم بمجرد النية بل بقبض المتصدق عليه، فما دام لم يتم قبضها فلا حرج عليك في الانتفاع بها، ولا سيما إذا وقع منك ذلك بسبب النسيان، مع العلم بأنه يستحب لك أن تعطي هذه السيدة ما وعدتها به أو مثله، وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 94273.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(11/15948)
أجر الصدقة الجارية لا يعلمه إلا الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تحسب أجر الصدقة الجارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حساب الصدقة الجارية لا يعلمه إلا الله الذي يعلم مدى الانتفاع بها، فتصور مثلاً لو أن شخصاً حفر بئراً عذبة الماء وجعلها صدقة جارية فكم من الأجر في طهارة المتطهرين وإفطار الصائمين وكم من ذي كبد رطبة من البشر والحيوانات يشرب من مائها، ولو أن شخصاً وقف مسجداً فكم من الأجر في صلاة المصلين به وهكذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(11/15949)
جمع الصدقات من الطلاب وصرفها في أمور أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا معلم وفي مدرستي جمعنا صدقات تطوع من الطلاب، فهل يجوز أن نشتري من هذه الصدقات ستائر لنضعها في صفوف الطلاب لتحميهم من الشمس، وهل يجوز شراء جوائز منها وإعطاؤها للطلاب المتفوقين تشجيعا لهم، وهل يجوز شراء طابعة للمدرسة، فأرجو الرد بأسرع وقت للأهمية؟ وجزاكم الله كل الخير ... وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال ينظر فيه من جهتين:
1- أنك ذكرت أن المال الذي هو موضوع السؤال مجموع من الطلاب.
2- أن هذا المال قد جمع صدقة.
فمن الناحية الأولى: فإن الطلاب -عادة- يكون فيهم غير البالغين والسفهاء، وهؤلاء لا تجوز تصرفاتهم إلا بإجازة أوليائهم، قال في مجمع الأنهر وهو حنفي: وشرائط صحتها في الواهب العقل والبلوغ. انتهى.
وقال في كشاف القناع وهو حنبلي: الهبة تمليك جائز التصرف، وهو الحر المكلف الرشيد مالاً معلوماً منقولاً أو عقاراً. انتهى.
وقال الشيخ الدردير في الشرح الصغير وهو مالكي: وعلم من تعريف الهبة كالصدقة أن أركانها أربعة: واهب وموهوب وموهوب له وصيغة. وأن شرط الأول أن يكون أهلاً للتبرع ...
ومن ذلك نعلم أن تلك الصدقات إذا كان المتطوعون بها غير مؤهلين للهبة، فالواجب أخذ رأي أوليائهم في ذلك.
ومن الناحية الثانية: فإنك ذكرت أن المال المذكور قد جمع للصدقة، وإذا كان الأمر كذلك فإن اشتراء جوائز منه للطلاب المتفوقين تشجيعاً لهم، واشتراء طابعة للمدرسة تعتبر أموراً منافية للغرض الذي جمعت له، كما أن وضعه في ستائر لحماية الطلاب من الشمس قد لا يفي بغرض الواهبين، لأن تلك الستائر مهمة مدرسية ينبغي أن يكون لها رصيد في ميزانية المدرسة، ولأن الطلبة قد يكون من بينهم أغنياء يستطيعون فعل ذلك من أرصدتهم الشخصية ... وعليه فالذي نراه لكم في هذه المسألة هو أن تأخذوا رأي الواهبين لهذا المال إن كان رأيهم معتبراً أو رأي أوليائهم، ثم تعملوا بما يحصل عليه الاتفاق من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(11/15950)
أفضل وقت لصدقة التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أفضل وقت للصدقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
أفضل وقت للصدقة شهر رمضان وعشر ذي الحجة، وعندما يجد المسلم محتاجاً حاجة ماسة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صدقة التطوع مستحبة ومرغب فيها في كل حين، ويعظم أجرها ويتأكد الترغيب فيها في بعض الأزمان والأحوال، فالزمان مثل رمضان وعشر ذي الحجة، فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، ففي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة في رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
وفي الترمذي عن ابن عباس أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء. والحديث صححه الألباني، كما تتأكد الصدقة في أوقات الحاجة كأوقات المجاعة والجدب ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(11/15951)
صدقة التطوع تحل للغني والفقير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس في الجامعة في كلية الهندسة ولدي أخ يصغرني بسنة وهو يدرس أيضا في كلية الهندسة معي.. وأود أن أعلمك أخي الكريم أنني أدفع في القسط الواحد عشرة آلاف ريال والقسط الثاني عشرة آلاف أخرى وكذلك أخي يدفع عشرين ألف ريال كما أدفع.. فيصبح المجموع أربعين ألفا في السنه لي ولأخي.. هذا غير المصاريف الأخرى كلوازم الجماعة من كتب وملابس وغيرها ... علما بأن راتب والدي ووالدتي حوالي 12 ألف ريال.. ولدي 3 إخوة آخرون يدرسون في المدارس.. أي أننا خمس أبناء+ الأم والأب.. وأحب أن أعلمك سيدي أننا الآن مهددون بالطرد من منزلنا لأن مالك المنزل يريد هدم كافه المنطقه وبناء منازل أخرى بسعر أعلى.. والآن نبحث عن منزل آخر، ولكن الآن من الصعب إيجاد منزل لأن الأسعار عالية جداً ولا قدرة لنا عليها.. أصبحت الشقة الصغيرة بسبعة آلاف ريال.. وندفع فاتورة الكهرباء والماء والهاتف ومصاريف الحياة كالملبس والطعام وغيره.. سؤالي يا سيدي هو: يوجد شخص غني يريد أن يكفلني كطالب علم ويتكفل بمصاريفي التي ذكرتها سابقا وهي قسطا للجامعة.. فهل يجوز ذلك أم لا يجوز.. ذكرت لك يا سيدي كل التفاصيل.. وأرجو منك إفادتي أفادكم الله وزادكم تفقها وعلما في الدين؟ وجزاكم الله خير الجزاء..]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الصدقة تحل للأغنياء والفقراء، ولا تحل الزكاة إلا للفقراء والمساكين والأصناف المذكورين في سورة التوبة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الشخص سيكفل الأخ السائل صدقة منه عليه فإنه لا حرج عليه في قبولها فإن صدقة التطوع بخلاف الزكاة المفروضة تحلّ للأغنياء كما جاء في شرح الموطأ: وأما صدقة التطوع فتعطى لكل أحد من غني وفقير. انتهى.
وإنما جاز ذلك لأن صدقة التطوع بمنزلة الهدية، وما تقدم على فرض أن السائل يعد غنياً بإنفاق والده عليه، أما إذا كان فقيراً بحيث كان ما ينفقه عليه والداه لا يفي بحاجته أو كان يجحف بالوالدين -كما هو ظاهر السؤال- فإنه يجوز أن يعطى من الزكاة بوصف الفقر، ثم له أن ينفق ذلك في ما يحتاجه من تعليم أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(11/15952)
التبرع لبناء مسجد والتصدق على فقراء القرية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ: ما هو أفضل أن أتصدق ببعض الأموال على فقراء القرية أم أمدها للجنة تبرعات لبناء مسجد
أفتونا؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن بناء المساجد فيه خير كثير وأمر عظيم فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من بنى مسجداً لله تعالى يبتغي وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة.
وإذا لم يستطع المسلم الجمع بين بناء المسجد والصدقة على فقراء أهله فإن الأفضل له أن يقصد بصدقته الأقربين إليه في النسب والجوار وذلك لما في الصحيحين وغيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، فلما نزلت {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الله تعالى يقول في كتابه (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال: بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، قد سمعت ما قلت فيها، وأرى أن تجعلها في الأقربين، قال: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.
وقال صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان، صدقة وصلة. رواه أحمد وغيره. وعلى ذلك فإن الأفضل لك أن تتصدق على فقراء قريتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1428(11/15953)
متى تكون الصدقة أفضل من حج التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تساعدوني على فهم تصرف عبد الله بن مبارك حين لم يكمل الذهاب للحج النفل لأنه قابل ناسا فقراء فتصدق بما معه ولم يبق إلا القليل لرجوعه -ولدي الآتي من الأسئلة: لماذا لم يقسم ما معه من المصاريف بين الفقراء الذين قابلهم وأن يتم حجه النفل؟ هل هناك من مرجعية لتصرفه أم محض اجتهاد منه؟ لا أدري إن كان هناك ما يمنع لكن لعل التصدق بكل مخصصات الحج النفل أفضل من إتمامه، أفتونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الحج والعمرة أفضل من صدقة التطوع، لأن الحج والعمرة يشتملان على إنفاق المال وأعمال أخرى من الطواف والسعي والذكر والصلاة والتلبية وغير ذلك.. لكن المرء إذا وجد قوما مضطرين لنفقته، أو كان له أقارب محاويج، وتعذر الجمع بين الإنفاق والحج، فإن الإنفاق والحالة هذه أفضل.
ففي مواهب الجليل: سئل مالك عن الحج والصدقة أيهما أحب إليك؟ فقال: الحج، إلا أن تكون سنة مجاعة. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الاختيارات: وأما إذا كان له أقارب محاويج، فالصدقة عليهم أفضل، وكذا إذا كان هناك قوم مضطرون إلى نفقته، فأما إذا كان كلاهما تطوعاً، فالحج أفضل، لأنه عبادة بدنية مالية، وكذا الأضحية والعقيقة أفضل من الصدقة بقيمة ذلك. انتهى.
فإذا عرفت هذا فاعلم أن المذكور في سيرة عبد الله بن المبارك في الحادثة التي أشرت إليها: هو أنه خرج مرة إلى الحج فاجتاز ببعض البلاد، فمات طائر معهم فأمر بإلقائه على مزبلة هناك، وسار أصحابه أمامه وتخلف هو وراءهم، فلما مر بالمزبلة إذا جارية قد خرجت من دار قريبة منها فأخذت ذلك الطائر الميت ثم لفته ثم أسرعت به إلى الدار، فجاء فسألها عن أمرها وأخذها الميتة، فقالت: أنا وأخي هنا ليس لنا شيء إلا هذا الإزار، وليس لنا قوت إلا ما يلقى على هذه المزبلة، وقد حلت لنا الميتة منذ أيام، وكان أبونا له مال فظُلم وأخذ ماله وقتل. فأمر ابن المبارك برد الأحمال، وقال لوكيله: كم معك من النفقة؟ قال: ألف دينار، فقال: عد منها عشرين ديناراً تكفينا إلى مرو وأعطها الباقي، فهذا أفضل من حجنا في هذا العام، ثم رجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(11/15954)
حكم صرف التبرعات المخصصة للأيتام إلى اللقطاء
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد في بلدنا جمعية خيرية لرعاية اليتامى وتتلقي تبرعات للإنفاق عليهم وسأل رجل يعمل في هذه الجمعية هل يجوز لهذه الجمعية أن تأخذ من مال التبرعات وتنفق أيضا علي اللقطاء مع العلم بأن المتبرعين يتبرعون بها وهم يعلمون أنها تذهب إلي اليتامى فقط والناس عندنا تنظر للقطاء نظرة مختلفة عن اليتامى؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه التبرعات مخصصة للأيتام دون غيرهم ولا يدخل فيهم من حيث العرف هؤلاء اللقطاء فلا يجوز صرف شيء من هذه التبرعات إليهم ويجب جمع تبرعات خاصة بهم، وأما إذا كان اللقطاء يدخلون في الأيتام من حيث العرف فلا حرج في صرفها إليهم وإن كان المجتمع ينظر لهم من جهة الوضع الاجتماعي نظرة مخالفة لنظرته للأيتام، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7818، 16395، 27210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1428(11/15955)
الزكاة والصدقة للبنت المتزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء الوالد لابنته المتزوجة المحتاجة الزكاة كزكاة الفطر، وهل يجوز إعطاؤها صدقة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من أن يدفع الوالد زكاة فطره أو زكاة ماله لابنته المتزوجة المحتاجة إذا كان زوجها فقيرا، فإن لم يكن فقيرا امتنع صرف الزكاة لها لأنها غنية بكفاية زوجها لها، أما صدقة التطوع فيجوز دفعها لها على كل حال سواء كانت محتاجة، أم كان زوجها فقيرا أم لا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للزكاة إذا كان زوج البنت فقيرا فلوالدها أن يدفع لها زكاته؛ بل إن الزكاة عليها في هذه الحالة صدقة وصلة، وإن لم يكن زوجها فقيرا بأن كان عنده من المال ما يكفي لحاجته وحاجة من تلزمه نفقته فلا يجوز صرف الزكاة لها لأنها محمولة النفقة حينئذ، ولتراجعي الفتوى رقم: 40952.
أما صدقة التطوع فيجوز إعطاؤها لها ولو كانت غنية أو محمولة النفقة لأن صدقة التطوع لا تختص بالفقراء. وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 71401.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1428(11/15956)
صرف الجمعية الخيرية الأموال في غير ما دفعت له
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في جمعية خيرية في فلسطين، وهي تقوم بكفالة الأيتام بمبالغ شهرية تدفع لهم حسب ما يأتي من كفلائهم، وكذلك تقوم بمساعدة الأسر المحتاجة بمشاريع عدة مثل السلة الغذائية أو بمساعدات نقدية أو الأضاحي.... إلخ
ولكن رئيس الجمعية عندما يأتي مبلغ خاص بالأسر المحتاجة يوزعه على الأيتام المكفولين ويضعه باسم كفالات بدلا من أن يدفع هذه المبالغ للأسر، ويقوم باحتساب هذه الأموال ككفالة للأيتام حيث يضمنها ضمن كفالة الأيتام فبذلك يزيد أشهر الكفالة شهرا أو شهرين، مثلا الأيتام المكفولين من حسن جاءتهم كفالة من حسن لشهر 5 و 6 الحالي فهو يوزعها على الأيتام من التبرع الخاص بالأسر عن هذين الشهرين ومبالغ كفالتهم الأصلية تصبح لشهر 7 و 8 أي الشهرين التاليين، مع العلم أنه يوجد أيتام غير مكفولين ومحتاجين أكثر من أولئك المنتظمة كفالتهم أضف إلى ذلك الأسر المحتاجة جدا، خصوصًا إن جاءت باسم مشروع كالسلة الرمضانية الغذائية للأسر.. وأنتم تعرفون وضع الفلسطينيين، أرشدونا بالله عليكم، هل هذا صحيح أم خطأ؟ وما الحل؟ رغم أن هذا الرئيس لا يعجبه رأي أحد أو نصيحته وربما يطرده لذلك....!!!!!!!]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
القائمون على الجمعيات الخيرة وكلاء عن المتبرعين وعليهم أن يعملوا في حدود ما وكلوا عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القائمين على الجمعيات الخيرية يعدون وكلاء عن المتصدقين والمتبرعين، والوكيل ملزم بأن يتصرف حسب ما وكل فيه ولا يحق له أن يخالف موكله وإلا كان ذلك تعديا منه يضمن بسببه أموال موكله، وإذا تقرر ذلك فينظر في المبالغ التي تدفع إلى رئيس الجمعية المذكورة فإن كانت تدفع للأسر المحتاجة فيجب دفعها إلى تلك الأسر لا إلى الأيتام المكفولين أو غيرالمكفولين، ولا يصح تأخيرها عن مصرفها مادامت الحاجة قائمة وأمكن صرفها إليه وعلى الأخت السائلة نصيحة المسؤول عن توزيع هذه المساعدات وبيان الحق له عسى الله أن يهديه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1428(11/15957)
حكم الصدقة قبل قضاء الدين.
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل يجوز أن أتصدق في رمضان وعلي دين أو أنه من الأولى أن أسد ديني، وهل إذا نسيت دينا علي وكان منذ مدة طويلة وحاولت جاهداً تذكر الديون القديمة ولم أستطع وأصحاب الدين لم يطالبوا حتى الآن, فما العمل؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقضاء الدين واجب وصدقة التطوع مستحبة، ولا شك في أن الواجب مقدم على المستحب، ولكن أهل الدين إذا أذنوا لك في تأخير تسديده أو كان غير حال فإنه يمكنك أن تتصدق في رمضان قبل قضاء الدين.
وأما عن الشق الثاني فإن عليك في المستقبل أن تسجل دينك بحيث لا تنساه، لأنه حق واجب عليك، وهو من آكد الحقوق كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. وأما الآن فالذي يبرئ ذمتك هو أن تسأل أهل الدين عن قدره، وإذا كانوا قد نسوه مثلك ارضهم بما تصطلح معهم عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1428(11/15958)
التصدق بإزار مسبل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التصدق بإزار مسبل حرام فأنا رجل عندي ملابس أرغب في التصدق بها، ولكن منها ما هو مسبل وطويل فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى في التصدق بهذه الثياب، ووجود شيء من الثياب الطويلة فيها ليس بمانع شرعاً من التصدق بها، وأمر الإسبال يختلف باختلاف أحوال الناس، فالثوب الواحد قد يلبسه شخص فيكون في حقه إسبالاً، وقد يلبسه آخر فلا يكون في حقه إسبالاً لطول قامته مثلاً.. وهكذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1428(11/15959)
يقدم غير القريب الأشد حاجة على القريب المحتاج في الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أكفل يتيماً ولدي أقارب أيتام ولكنهم أحسن حالاً، ولكن هنالك آخرون في أمس الحاجة فأيهما أولى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الإحسان إلى الأقارب المحتاجين فيه خير كثير، ولكن إن كان الأباعد أشد حاجة فالإحسان إليهم أفضل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإحسان إلى الأقارب المحتاجين فيه خير كثير لأن الإحسان إليهم صدقة وصلة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 49028.
هذا هو الأصل، ولكن إن كان الأجنبي أشد حاجة من القريب فالأولى تقديمه، قال ابن قدامة في المغني: يستحب أن يبدأ بالأقرب فالأقرب، إلا أن يكون منهم من هو أشد حاجة فيقدمه، ولو كان غير القرابة أحوج أعطاه، قال أحمد: إن كانت القرابة محتاجة أعطاها، وإن كان غيرهم أحوج أعطاهم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1428(11/15960)
لا حق لليتيم في أموال المحتاجين إذا وجد من ينفق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة شهيد ولي طفل عمره سنة.
_زوجي كان موظفا ومن المفترض أن يكون له راتب شهري، لابني يكون النصيب الأكبر
وإن صرف له هذا الراتب سيحول مباشرة على البنك الإسلامي. ووزارة الأوقاف تقوم بالتجارة به
بهدف تنمية أمواله. يوجد على زوجي دين. هل يجوز أن نأخذ من هذه الأموال لسداد الدين؟ على اعتبار
أن هذا إرث الزوج ولا يتم توزيع الإرث إلا بعد سداد الدين.
_كما أنه هناك جمعية خيرية للأيتام والمحتاجين تقوم بصرف مبلغ من المال شهريا، هل يجوز أخذ هذا المال
مع العلم أنني قادرة على الإنفاق على ابني حيث أنني موظفة. أيضا الجمعية لا تعلم أن والد الطفل شهيد
ولو علمت لامتنعت. هل يجب علي إخبارهم أن والد الطفل شهيد؟
_ قيل لي إنه علي أخذ أي مساعدة تأتي للطفل على أساس أنها حق له.. وأنا لا أريد أن آخذ أي مساعدات وأريد أن انفق على ابني بنفسي بما أنني قادرة على ذلك. وأخشى إن امتنعت عن أخذ المساعدات أن أكون قد ضيعت حقا له. لذلك أفكر بأن أتقبل ذلك وأحتفظ به في حساب توفير في البنك الإسلامي لحين أن يكبر وأخبره بمصدرها وليفعل بها هو ما يشاء. وهل يجوز لي أن أتاجر بها حتى أنميها. إن كان هناك ربح فهو له، وإن كان هناك خسارة فأعوضها من مالي. هل يجوز لي ذلك؟
وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا نعلم حقيقة الراتب المسؤول عنه، وهل هو من مال الأب الذي يستحقه بعد موته؟ أو هو هبة تعطى للوالد من جهة من الجهات؟.
فعلى الافتراض الأول وهو أن هذا الراتب من مال الأب فإنه يعتبر تركة يجري عليه ما يجري على التركة، ومن ذلك أن يقضى منها دين الميت قبل القسمة، وما بقي اقتسمه الورثة كل حسب نصيبه الشرعي. وعلى الافتراض الثاني وهو أن هذا الراتب عطية وهبة للوالد فلا يجوز لك الأخذ منه وتسديد دين والده.
وأما جواب الشق الثاني من السؤال، فإنك ما دمت قادرة على الإنفاق على ولدك أو كان له من المال ما يفي بحاجته فإنه لا حق له في الأموال المرصودة للفقراء والمحتاجين، وإذا كان هناك شرط لاستحقاق هذه المساعدة فيجب التزام الشرط، ولا يجوز لك إخفاء حال الطفل عن الجمعية المذكورة لحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد.
وأما المتاجرة بمال ولدك فجائزة مطلوبة منك أن تفعلي ذلك على وجه المصلحة للطفل، لكن لا يجوز لك المتاجرة فيها على أساس أنه إن كان ربح فهو له، وإن كانت خسارة عوضتها من مالك؛ لأن هذا غير جائز في المضاربة الشرعية، فالربح والخسارة يتحملها صاحب رأس المال، ولا يتحمل المضارب الخسارة إلا إذا فرط أو تعدى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1428(11/15961)
يعظم أجر الصدقة بالنية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأجر لا يحسب إلا بالنية، أي إذا أشفقت على الفقير لأنه جائع وأعطيته بعض المال فهل تحسب لي حسنة أم يجب أن أحتسب الأجر في الصدقة وأنها لوجه الله تعالى، أحياناً أنسى النية وأتصرف وفق الموقف الذي أمامي.. فهل يحسب لي الأجر أم أنه يعتبر سلوكاً طبيعياً لا أحاسب عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المال الذي يعطى للفقير إما أن يكون صدقة واجبة وهي الزكاة وهذه لا بد من النية عند دفعها أي نية كونها زكاة؛ كما سبق أن أوضحنا في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 81058.
أو يكون صدقة غير واجبة وهذه تحتاج إلى نية أيضاً، وقد ذكر بعض العلماء أن مجرد إعطاء المحتاج لأجل حاجته له حكم النية ويعتبر صدقة، ففي أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري: ولو ملك شخصاً لحاجته من غير استحضار ثواب الآخرة ينبغي أن يكون صدقة أيضاً، فينبغي الاقتصار على أحد الأمرين: إما الحاجة، أو قصد ثواب الآخرة. انتهى.
والظاهر أن هذا ينطبق على ما تصفه السائلة من أنها تعطي الفقير إشفاقاً عليه.. فإنها ستؤجر على ذلك إن شاء الله، لكن على المسلم أن يستحضر النية عندما يعمل عملاً من هذا القبيل، فإن النية أبلغ من العمل كما قيل، وما ذكرت من أنها تنسى النية في بعض الأحيان وتتصرف وفقاً للحالة التي أمامها إن كان في معنى ما تقدم من أنها تعطي الفقير نظراً لحاجته دون نية احتساب الأجر فإنها تؤجر على ذلك أيضاً، لأن مناولة الفقير لأجل حاجته يصير بها المدفوع صدقة على نحو ما تقدم، ومن أهل العلم من يرى أن الخير المتعدي إلى الغير يؤجر عليه الإنسان من غير نية، لكن بالنية يكون الأجر أعظم، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114} ، فجعل الله في تلك الأمور خيراً، ثم أخبر أن من فعل ذلك ابتغاء مرضات الله سيؤتيه أجراً عظيماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1428(11/15962)
تصدق على نفسك وادع لمن قدم إليك معروفا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الأفضل أن يتصدق الإنسان ويهب ثواب الصدقة إلى إنسان آخر قدم إليه المعروف أم أنه يتصدق هو عن نفسه ويدعو لهذا الشخص، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المسلم مطالب بمكافأة من أحسن إليه بما يرى أن فيه مكافأة له حسبما يستطيع أو بالدعاء له، ولم نجد من ذكر المفاضلة بين المكافأة بالتصدق عن الشخص الذي أسدى المعروف وبين الدعاء له، وظاهر الحديث يدل على أن المكافأة بالهدايا ونحو ذلك مقدمة على الدعاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فإن لم تجد فادعوا الله له ... الحديث.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم مطالب بمكافأة من أسدى إليه معروفا بمثل إحسانه إليه أو بأفضل من ذلك حسبما يستطيع، ففي سنن أبي داود عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من استعاذكم بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. والحديث صححه الألباني.
وعلى هذا، فإنه ينبغي للأخ السائل أن يكافئ من قدم إليه معروفا بالإحسان إليه بما يرى أنه يكافئه، كما يجوز له أن يتصدق عنه فإن ثواب ذلك يصل إليه إن شاء الله، ويجوز له أن يدعو له بإخلاص فيكافئه بذلك أيضا.
أما المفاضلة بين أن يتصدق عن الشخص المذكور وبين أن يتصدق عن نفسه ويكافئه بالدعاء.. فالذي يظهر لنا أن التصدق عن النفس أولى، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 48754.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1428(11/15963)
لا يوجد مقدار محدد في الشرع للصدقة شكرا على النعم
[السُّؤَالُ]
ـ[رزقني الله عز وجل بشقة وسيارة جديدتين وأريد التصدق لله تعالى شكراً له على نعمه، فهل هناك في السنة النبوية ما يفيدني في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن من شكر نعم الله تعالى استعمالها في طاعته، ومن ذلك الصدقة على المحتاجين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليست هناك صدقة خاصة تستحب عند الحصول على سيارة جديدة أو شقة أو غيرهما، وعلى أي حال فإن الحصول على ذلك من جملة نعم الله تعالى على العبد، وإن من شكر الله على نعمه الصدقة على المحتاجين، قال الله تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ {إبراهيم:7} ، قال الشوكاني في فتح القدير عند تفسير هذه الآية: فمن شكر الله على ما رزقه وسع الله عليه في رزقه، ومن شكر الله على ما أقدره عليه من طاعته زاده من طاعته، ومن شكره على ما أنعم عليه به من الصحة زاده الله صحة ونحو ذلك. انتهى.
وعليه، فلا حرج عليك إذا أخرجت من مالك صدقة لله تعالى شكراً على ما أنعم عليك من شقة وسيارة جديدتين، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 24328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1428(11/15964)
تعدد النيات في الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تعدد النوايا في الصدقة، أي صدقة واحدة تكون أيضاً لوجه الله وأيضاً للشفاء وهكذا؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة من أسباب علاج الأمراض، ولا مانع من أن يتصدق الشخص بنية شفاء مريض مستصحباً كونها لوجه الله تعالى أيضاً، وراجع لذلك الفتوى رقم: 35282، والفتوى رقم: 70340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1428(11/15965)
هذه دلالة على الخير وليست رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة بإحدى الجهات التابعة للدولة لي صديقة تعاني من مرض منذ ما يقارب 8 سنوات وظروفها المادية صعبة، والمكان الذي أشتغل فيه قسم المشتريات أتعامل مع شركات وجهات تقوم بتوريد بضاعة للشركة معاملتي معهم الحمد لله فيما يرضي ربنا سبحانه وتعالى ومن بين هذه الشركات شركة إيرادها والحمد لله يفوق المليونين في شهر كلمت أحد مندوبيها وحكيت له عن صديقتي ظروفها المادية والصحية وقام بمساعدتي وأعطاني مبلغا مالي يقرب 11000.00 أحد عشر ألف دولار، فهل هذا يعتبر رشوة أم لا، مع العلم بأن معاملته هو وغيره تتم على أكمل وجه دون تحيز لأحد منهم، وقال لي هذه صدقة لله، وصديقتي الآن تستعد للسفر لتقوم بالعلاج، ولا تنسوني وتنسوها من الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر والله أعلم أن هذا المبلغ يعتبر صدقة تصدق بها هذا الشخص على هذه المريضة لقوله هذه صدقة لله، وهي لا تعتبر رشوة لأنك أنت لست مستفيدة من هذا المال، ونرجو الله أن يعطيك أنت أجر الدلالة على الخير ويعطي ذلك الشخص أجر مساعدة المحتاجين، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 76374، 18320، 80992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1428(11/15966)
تشتركان أنت وزوجك في ثواب الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل موظفة وأحيانا أتقاضى راتبي قبل زوجي ونحن نصرف من رواتبنا دائما بدون تفريق بين راتبي وراتبه وأحيانا يتصدق زوجي بعلمي أو بدون علمي حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، فهل آخذ أنا الأجر أيضا أم أن الأجر له وحده، علما بأنه أحيانا لا يكون هو تقاضى راتبه أي أن الصدقة من راتبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من طعام بيت زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئاً. متفق عليه.
وهذا الحديث وإن كان في تصدق المرأة من مال زوجها بإذنه الخاص أو العام؛ إلا أنه يشمل بعمومه المعنوي تصدق الرجل من مال زوجته بإذنها كذلك لعدم وجود فارق مؤثر.
وعليه؛ فإذا كنت قد أذنت لزوجك بالتصرف في مالك والتصدق منه فإن لك أجراً على ما تصدق به زوجك من مالك، كما أنه له أيضاً أجراً على هذه الصدقة، وراجعي للتفصيل في ذلك الفتوى رقم: 9457 ونسأل الله أن يتقبل منكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1428(11/15967)
مصرف مال التبرعات الفائض بعد العلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[تم التبرع لشخص من عدة جهات حيث تم الإعلان عنه في الجريدة وقد تبرع له أناس كثيرون من جهات مختلفة منهم الأقربون وغيرهم وقد تم جمع المبلغ في إحدى الجمعيات الخيرية حتى لا يكون هناك مصدران لتجميع الأموال، وهذا المبلغ للعلاج وقد توفاه الله وبقي جزء من المبلغ وقد طالبت الجمعية بالمبلغ المتبقي فهل يرد المبلغ أم يكون لصالح أبويه، فأرجو الرد بأسرع وقت مع دقة في الفتوى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القول في المبلغ المتبقي من المال المتبرع به للمتوفى يرجع إلى قصد المتبرعين، فإذا كانوا قصدوا بتبرعهم صرف هذا المال في علاج الشخص المريض فقط، فما بقي من هذه الأموال يرد إليهم أو إلى وكيلهم، كالجمعية إن كانت كذلك، فإن الرد واجب.
أما إن قصدوا تمليك المال لهذا المريض للعلاج وغيره فإنه يملك المال كله في حياته وإن بقي شيء منه فهو لورثته كلهم فلا يُعطى لأبويه دون بقية الورثة إن وجدوا، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 34293.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1428(11/15968)
الأضحية عن الميت وجعل الثوب صدقة جارية
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع: الصدقة الجارية وذبائح عيد الأضحى، قيل لي إن الصدقة الجارية تجوز عن الحاضر والميت وعليه قمت بإعطاء ثوب زفافي كصدقة جارية تؤجر من فرد لآخر عند اللزوم، فهل تحتسب لي صدقة جارية حتى بعد الممات، وهل تعتبر الصدقة الجارية مغفرة ومنها غسل للذنوب في الدنيا طوال الانتفاع بها.... كما أنني قد اعتدت في عيد الأضحى أن أشتري ذبيحة، وقد كنت أفوض شخصا مسلما ليقوم بالدعاء والنحر عن والدي رحمه الله طيلة 5 سنوات أو أكثر تقريبا، ومنها توقفت لاختلاف الأقاويل بأنها لا تجوز على الميت، هذا وكنت أشترط على من يقوم بتوزيع الذبيحة أن يوزعها على المسلمين فقط، إلا أنه هناك من قال بأن الذبيحة لا تجوز على الميت، والبعض يقول جائزة على الميت والحاضر، وأنه لا يحق لي أن أشترط بتوزيعها، يرجى الشرح والتوضيح، وهل أنه فعلا ليس من حقي الاشتراط في أهلية أخذ حصته من الذبيحة، وما هو الدعاء المخصص عند النحر، فأ فيدونا بهذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة الجارية يجوز أن تكون عن الحي والميت، كما تقدم في الفتوى رقم: 43607.
كما يجوز جعل الثوب صدقة جارية بحيث يؤجر وتصرف أجرة استعماله في وجوه الخير، ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ولو وقف منفعة يملكها كالعبد الموصى بخدمته، أو منفعة أم ولده في حياته أو منفعة العين المستأجرة فعلى ما ذكره أصحابنا لا يصح. قال أبو العباس: وعندي هذا ليس فيه فقه، فإنه لا فرق بين وقف هذا ووقف البناء والغراس ولا فرق بين وقف ثوب على الفقراء يلبسونه أو فرس يركبونه أو ريحان يشمه أهل المسجد، وطيب الكعبة حكمه حكم كسوتها، فعلم أن الطيب منفعة مقصودة، لكن قد يطول بقاء مدة التطيب وقد يقصد ولا أثر لذلك. انتهى بتصرف يسير.
ويعتبر هذا الثوب صدقة جارية مدة الانتفاع به ولو بعد وفاة واقفه، والصدقة مدة وجودها سبب لمغفرة الذنوب، لكن هل تكفر صغائر الذنوب فقط أو تكفر الصغائر والكبائر معاً؟ في ذلك خلاف، كما في الفتوى رقم: 81055.
والأضحية عن الميت محل خلاف بين أهل العلم، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 38995 أن القول بالكراهة هو الأقرب إلى الصواب، أما الأضحية عن الشخص الحي فتجوز بإذنه فقط، كما في الفتوى رقم: 31308.
ولا مانع من أن تشترطي على من يتولى ذبح الأضحية توزيعها بطريقة معينة أو تشترطي عدم توزيعها على غير المسلمين، خصوصاً أن أعطاء الكافر من الأضحية مكروه عند بعض أهل العلم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 79919، والدعاء المشروع عند ذبح الأضحية، قد سبق بيانه في الفتوى رقم: 38323.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1428(11/15969)
الصدقة تصرف للمساكين كما تصرف للفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال، توجد في بلدنا جمعية خيرية حكومية وهذه الجمعية تضع صناديق الصدقة والمساعدة في كل شارع وقرية وحتي الناس إذا كان عندهم صدقة يرمونها في الصندوق وبعد ذلك الجمعية تجمع هذا المال وتعطيه للفقراء والمساكين وأرادت هذه الجمعية أن تسجل كل 6 أشهر اسم 100 شخص لتعطيهم المال والتموين وكان لنا واسطة في هذه الجمعية وكتب اسم ثلاثة أشخاص من أسرتنا والحمد لله نحن لسنا فقراء ولكنا نعتبر مساكين تقريباً وبرأيكم هل أخذ هذه التموينات حرام أم حلال، وأسرتنا كثيرة 13 نفرا والآن نحن محتارون ربما تسجيل أسمائنا يكون في حصة أحد آخر وهذا ليس بالأمر الجيد فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً ... وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنتم مساكين -وهم الذين يجدون ما لا يكفيهم كمن كانت كفايته عشرة دراهم ولا يجد إلا خمسة أو سبعة- فلا حرج في أخذ هذه الصدقات؛ لأن الصدقة كما تصرف للفقراء فإنها تصرف أيضاً للمساكين، كما قال الله تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا {الإسراء:26} ، وقال تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ ... {التوبة:60} ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. رواه الترمذي وغيره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 60559.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(11/15970)
حكم إعطاء الصدقة لأجل العمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مبلغ من المال وأريد أن أتصدق منه لعدد من الأشخاص لأداء مناسك العمرة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الصدقة من غير الزكاة الواجبة عليك فلا حرج في ذلك، ونسأل الله أن يجزيك خيراً ويتقبل منك، أما إذا كانت الزكاة الواجبة فلا يصح صرفها لهؤلاء الأشخاص لأداء العمرة بل ولا الحج ولو كانوا غير قادرين على الحج، وهذا على الصحيح من قولي العلماء، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 32281، والفتوى رقم: 17341.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(11/15971)
ما يلزم من قال في نفسه سأعطي فلانا كذا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت عزمت على إعانة أحدهم على الزواج لأنه فقير وأنا والحمد لله أشتغل في أروبا, فى الأول وعدته بأني سأتكفل بشراء غرفة النوم وبعد ذالك تحدثت مع نفسي بصوت مسموع وقلت سأعطيه كل مال سأتحصل عليه من نسبة على المبيعات (ليس الأرباح) فأنا أحصل على راتب يكفيني تماما ومع ذالك أحصل على نسبة بسيطة على كل ما أبيعه, وذلك مع العزم على إعطائه المبلغ الأول فى حالة لم تكن النسبة التي سأحصل عليها كافية لشراء غرفة النوم, تبين الآن أن النسبة أكبر مما كنت أنتظر فهل يجب إعطاؤه كل المبلغ مع العلم أنه لا أحد يعلم بما حدثت به نفسي أم أنه يكفيني دفع المبلغ المقرر في الأول مع بعض الإحسان.
ملحوظة بسيطة: أنا أستطيع أن أؤجل طلبي للنسبة إلى الشهر المقبل أو أطلب جزءا منها فقط وبذالك لا أدفع كل المبلغ له ولكني أريد حكم الشرع من فضلكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قول الأخ السائل لنفسه سأعطي فلانا كذا وكذا قول لا يترتب عليه شيء إلا ثواب النية الصالحة.
وفي الحديث: من هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها وعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة. رواه البخاري ومسلم وغيرهما، فإرادة الخير خير.
وإذا قال الشخص لنفسه وبصوت مسموع إني سأعطي فلانا كذا وكذا ولم يك هذا منه على سبيل النذر فإنه لا يلزمه شيء، وإنما هو عزم على فعل الطاعة فيثاب على عزمه كما مر في الحديث السابق
وأما عن الوعد الذي صدر منه للشخص المذكور بأن يتكفل بشراء غرفة نوم له فإن المطلوب منه الوفاء بالوعد إما وجوبا وإما ندبا، بحسب حال الموعود قبل الوعد وبعده. وراجع تفصيلا أكثر في مسألة إلزامية الوعد في الفتوى رقم: 17057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(11/15972)
حكم المعونة المالية لمن يريد الزوج بامرأة كتابية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق مقبل على الزواج من أجنبية (كتابية) وأريد أن أقدم له مالاً، لكي أعينه على الزواج، ولكن أخاف أن يستغل هذا المال في حفلة الزواج، علما بأن الحفلة قد تكون على الطراز الغربي وأنا أريد من تقديم هذه الهدية هو أن الله ييسر لي للزواج مثلما أنا أحاول أن أساعده للزواج، فهل يجوز لي أن أقدم له هذا المال أم لا، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا غلب على ظنك أن الإعانة التي ستدفعها لهذا الصديق ستصرف على ما لا يحل، كحفلة مختلطة أو غير ذلك من الأمور المحرمة، فلا يجز لك أن تدفع المال إليه، لأنك في هذه الحالة معينُ له على المنكر، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، وانظر الفتوى رقم: 26720، والفتوى رقم: 21564.
ونرشدك أخي الكريم إلى أن سبل الخير والبر كثيرة جداً، فكم من المسلمين يموتون جوعاً، وكم من المسلمين يعيشون ولا يجدون ما يستر أبدانهم ولا ما يدفع عنهم الحر والبرد، ولا شك أن إعانتك لهؤلاء أفضل وأولى، وعوائد الصدقة على أمثال هؤلاء أرجى وأنفع لك من إعطائها لهذا الصديق، وإذا علم الله رحمتك بعباده الضعفاء رحمك ويسر لك أمورك ومن ذلك الزواج، وفقك الله لكل خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1428(11/15973)
المن والأذى في الصدقة وحديث النفس بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: ما معنى المن والأذى في الصدقة، وهل تدخل الوسوسة ضمن ذلك بمعنى لو تصدق الإنسان وحدثته نفسه أنك فعلت ذلك من أجل كذا وكذا وما شابه ذلك؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أثنى الله تعالى في كتابه الكريم على المنفقين المخلصين وذم المنفقين المانين والمرائين، فقال سبحانه: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ {البقرة:262-263-264} ، والمان بصدقته هو من يعطي غيره ثم يمن عليه فيقول له ألا تذكر يوم كذا أعطيتك كذا وأحسنت إليك. هذا هو المشهور في تفسيره، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المراد بالمن: المن على الله تعالى، والأذى الأذى للفقير.
والأذى للفقير يكون بالقول، ومنه ما سبق، فإنه يجرح مشاعر الفقير ويكسر نفسه، ويكون بالفعل كضربه واستخدامه ونحو ذلك، ولو تأمل المنفق لعلم أن المحسن الحقيقي هو الله تعالى، كما قال الله تعالى: وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ {النور:33} ، وقال تعالى: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ {الحديد:7} ، فالمال مال الله تعالى، وقد قال بعض السلف: إن من نعم الله على العبد أن يسخر الله له من يقبل منه صدقته ليؤجره ويثيبه عليها. فللفقير فضل على الغني أيضاً.
وقد وردت الأحاديث بالنهي عن المن بالصدقة، ففي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المنان بما أعطى، والمسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب.
وأما مجرد أن يحدث المتصدق نفسه بأنه أحسن إلى فلان، أو إحساسه بعلو في نفسه، أو أنه فعل ذلك ليقال كذا أو نحو ذلك، دون أن يتكلم، ولا يعمل بمقتضى ما أحس به في نفسه فلا شيء فيه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1428(11/15974)
ما يفعل إذا وجد في أمتعته متاعا لا يعرف مالكه
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على المجهود ونسأل الله أن يزيدكم من علمه، أعمل بالسعودية وعند سفري إلى بلدي مصر منذ سنتين مضت وعند تفتيشي في جمرك بلدي وبعد الانتهاء من التفتيش تم تحميل أغراضي إلى سيارتي من قبل العمال وبعد وصولي إلى بيتي فؤجئت بكرتونة ليست ملكي وهي عبارة عن أدوات منزلية وثمنها 600 ريال وليس عليها أي دليل لصاحبها أو رقم تليفون وحاولت مرارا الوصول لصاحبها ولكن دون جدوى، والله يعلم بما في الصدور، وهي الآن موجودة عندي في البيت ولا أعرف كيف أتصرف بها، والسؤال: لي أخت كبيرة تريد شراءها بمبلغها والتصدق بهذا المبلغ على أخي وهو يعاني من مرض نفسي وغير قادر على تحمل أعباء العمل وهو جالس في المنزل بدون عمل ويأخذ أدوية ويراجع المستشفي من حين إلى آخر، فهل هذا يجوز من الناحية الشرعية، فأفيدوني؟ جزاكم الله كل خير وبارك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيمن وجد في أمتعته متاعاً لا يعرف مالكه على قولين:
القول الأول: أنه يعتبر لقطة يجب تعريفه سنة في الموضع الذي يغلب على الظن وجود ربه فيه، ثم بعد ذلك للملتقط تملكه مع ضمانه لصاحبه إن عرف بعد ذلك، وإلى هذا ذهب الحنابلة، قال صاحب الإنصاف: لو ألقت الريح إلى داره ثوب إنسان. فإن جهل المالك: فلقطة.
القول الثاني: أنها مال ضائع وليست بلقطة فإن لم يعثر على صاحبها ردت إلى بيت المال أو صرفت في مصالح المسلمين، وإلى هذا ذهب الشافعية، قال صاحب تحفة المحتاج: ما ألقاه نحو ريح أو هارب لا يعرفه بنحو حجره أو داره وودائع مات عنها مورثه ولا تعرف ملاكها مال ضائع لا لقطة.
والذي يظهر لنا -والعلم عند الله تعالى- أن القول الثاني هو الأرجح لأن اللقطة هي الشيء الذي تجده ملقى فتأخذه، قال في المصباح المنير: قال الأزهري اللقطة بفتح القاف اسم الشيء الذي تجده ملقى فتأخذه قال: وهذا قول جميع أهل اللغة وحذاق النحويين. وقال في طلبة الطلبة: الالتقاط هو الأخذ والرفع.
وعليه فلا يدخل في ذلك ما أدخل خطأ في أمتعة إنسان بغير اختياره أو ألقته الريح في حجره، ولم يقصد هو إلى التقاطه كما ذهب إليه الشافعية.
وإذا تقرر هذا فعليك أن تبذل ما في وسعك للوصول إلى صاحب هذا الكرتون بمراجعة الجمارك التي تم فيها التفتيش وتنزيل وتحميل الأغراض إلى سيارتك، فلعل صاحبها سأل عنها هناك وترك عنوانه، فإن يئست من العثور عليه فتصدق بها أو بثمنها، فإن عثرت على صاحبها بعد ذلك فخيره بين إمضاء الصدقة ويكون الثواب له أو أخذ ثمن الكرتونة ويكون الثواب لك، ولا مانع من صرف الصدقة إلى أخيك إذا كان فقيراً غير مستغن بنفقة من تجب عليه نفقته كالأب مثلاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 61262، والفتوى رقم: 80888.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(11/15975)
الأشد حاجة من غير القرابة يقدمون في الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ مرتبه يصل إلى ألف جنيه مصري وعنده أربعة أولاد في مراحل التعليم المختلفة، فهل يجوز إعطاء أخي هذا من الصدقات التي أخرجها كل شهر لشراء بعض الأشياء مثل بطانية زيادة أو سرير إضافي أو ملابس له وللأولاد أو أشاركه فى شراء شقة للتوسعة عليه وعلى أولاده أو في مصاريف تعليم الأولاد، مع العلم بأني أعرف أناسا آخرين أفقر منه، وهل هو الأفضل أم الآخرون؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أخوك على الحالة التي ذكرت من كونه محتاجاً إلى مصاريف لتعليم الأولاد أو لاقتناء منزل أو لشراء بعض الأثاث ونحو ذلك، فالأفضل تقديمه في صدقتك لاشتمال إعطائه على صدقة وصلة؛ إلا إذا وجد من هو أشد منه حاجة وفقراً، فالأفضل إعطاؤه نظراً لشدة الحاجة، قال ابن قدامة في المغني متحدثاً عن توزيع الزكاة: ويستحب أن يبدأ بالأقرب فالأقرب، إلا أن يكون منهم من هو أشد حاجة فيقدمه، ولو كان غير القرابة أحوج أعطاه، قال أحمد: إن كانت القرابة محتاجة أعطاها، وإن كان غيرهم أحوج أعطاهم. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 75866.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1428(11/15976)
حكم دفع نسبة من التبرعات للعاملين على جمعها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جمعية بر وتقدم لنا الحكومة السعودية مساعدات مالية لتسيير أعمال الجمعية وتوزيعها على المستحقين
والسؤال هل يجوز لمن يتقدم لنا بأموال تبرعات من الغير أن يأخذ منها نسبة سواء كانت زكاة أو كفالة يتيم أو صدقات أم يكون له النسبة في التبرعات العامة فقط؟
وإن كانت الزكاة لا تصرف إلا في مصارفها الشرعية فهل يجوز إعطاؤه من الحساب العام علماً بأن ذلك يؤثر على مبلغ الحساب العام الذي هو خاص بالموظفين وجميع أنشطة الجمعية؟
نرجو الرد على كل سؤال على حدة والله يحفظكم ويرعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جمع التبرعات والصدقات للمشاريع الخيرية وتوزيعها على المستحقين وإقامة المشاريع العامة النافعة كالمساجد والمدارس والمراكز الصحية ونحو ذلك أمر حسن، وعلى القائمين بذلك أن لا يتصرفوا إلا في حدود ما أذن فيه أصحاب الأموال، فإذا شرط صاحب المال شرطا وجب الالتزام به. وتراجع الفتوى رقم: 10139.
وإذا لم يشترط شرطا معينا، جاز للوكيل التصرف بما تقتضيه المصلحة.
وأما استقطاع نسبة من المبلغ المتبرع به للعاملين على جمع التبرعات أجرة من هذا المال أو نسبة منه من مجموع مال الجمعية فلا حرج فيه إلا الأمور التي لا يمكن استقطاع نسبة منها لكونها لا تفي بشرط المتبرع. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 50816، والفتوى رقم: 3699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(11/15977)
وضع الصدقات في صناديق الجمعيات الخيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[قبول الصدقة داخل مراكز التسوق هل صناديق الجمعيات الخيرية والهلال الأحمر الموجودة داخل مراكز التسوق والسوبرماركت مضمونة ومحل ثقة 100% ويمكن التصدق من خلالها بكل اطمئنان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحكم على ما ذكرت من الجمعيات يتوقف على معرفة هذه الجمعيات، فإن كانت تقوم بما أسند إليها من أعمال وتوزيع لصدقات المسلمين على مستحقيها فإن وضع الصدقات في صناديقها كوضعها في يد الفقير والمحتاج- وإن كان الأفضل للمسلم أن يضع صدقته في يد المحتاج ليطمئن قلبه- وهؤلاء يؤجرون على القيام بهذا العمل العظيم، فالدال على الخير كفاعله، فقد روى الترمذي قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يستحمله فلم يجد عنده ما يتحمله، فدله على آخر فحمله، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: إن الدال على الخير كفاعله.
وما دامت هذه الجمعيات مرخصا لها بالعمل من الجهات الرسمية وأولياء الأمور فإن أمرها يُحمَل على الثقة؛ لأنه لا يجوز لولي الأمر أن يرخص بهذا العمل إلا لمن هو أهل للمسؤولية.
أما إذا لم تكن محل ثقة فلا يجوز للمسلم وضع صدقته في صناديقها لما في ذلك من عونها وتضييع حقوق الفقراء والمساكين.
وكلمة الفصل في هذه الجمعيات والتثبت من أمرها تكون بالرجوع إلى أهل العلم والخبرة في البلد الذي توجد فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(11/15978)
حكم أخذ الغني من الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أني لا أحب أن آخذ صدقة ولا آكل من صدقة والناس في البلد التي أعمل بها يقولون لي حرام عليك أنت لم تقبل الصدقة وأنا أقول لهم أنا أعمل ولا يجوز لي أن آخذ صدقة وأنا لا أحب أن أكل من الصدقات، فهل هذا حرام فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة تطلق على الزكاة الواجبة وعلى صدقات النافلة فإن كنت تقصد بالصدقة الزكاة فلا يجوز لك أخذها، إلا إن كنت من مصارفها، لأنها حق لمن ذكرهم الله تعالى بقوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60} ، فإن لم تكن فقيراً ولا مسكيناً بأن كان دخلك يكفيك لنفقة نفسك ونفقة من تلزمك نفقته من زوجة وعيال، ولم تكن مديناً بدين لا تجد سداده إن لم تكن كذلك فإنك لست من أهل الزكاة فلا يحل لك أخذها، وهذا لا يعني أن لا يجوز لك أن تأكل منها أو تقبلها إذا أعطاك إياها مالكها الفقير ونحوه.
وإن كنت تقصد بالصدقة صدقة التطوع فيجوز للغني أخذها بلا سؤال، وإن امتنع منها فلا شيء عليه، ولا يكون مرتكباً لإثم، والقول بأنه آثم غير صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/15979)
صدقة الابن على أبيه ابتغاء رضاه هل تعد رياء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أتصدق بالصدقة على أبي لأرضيه، فهل لي أجر في ذلك أم يعتبر رياء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل يعني بقوله (أتصدق الصدقة على أبي) أي الصدقة الواجبة -الزكاة- فإن الزكاة لا تدفع للوالدين، لأنهما -أي الوالدان- إن كانا من أهل الزكاة فإن نفقتهما واجبة على الولد، وقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أن الزكاة لا تدفع للوالدين، وأنه إذا كان الوالدان أو أحدهما فقيراً فإنه يجب على الولد أن ينفق عليهما، وانظر لذلك الفتوى رقم: 3515، والفتوى رقم: 911.
وأما إن كان المقصود بقول السائل (أتصدق الصدقة..) هو: صدقة التطوع ولم يكن الأب فقيراً فإن صدقة التطوع يستحب دفعها للوالدين والأقارب، لقول الله تعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة:215} ، قال العلماء هذا في صدقة التطوع.
والسعي لإرضاء الوالد بالمال أو غيره لا يعد رياءً، والمسلم مطالب بإرضاء الوالدين لأن هذا من البر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضى الرب من رضا الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي وصححه الألباني.
ونرجو من الله أن يؤجر الأخ السائل لبره بوالده وصلته بالمال، وليحرص أن يكون الدافع لإرضاء الوالد هونيل رضى الله تعالى وثوابه وهذا هو الإخلاص، وانظر للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 54295.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1428(11/15980)
حكم الصدقة مع الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدينة للبنك الربوي بمبلغ أستطيع أن أسدده خلال أشهر وبأقساط، وأنا أرغب بإخراج الصدقة كل شهر من معاشي، فما هو حكم ذلك، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل هو جمع المال للتخلص من الدين؛ لما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه من قضاء؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه؛ وإلا قال: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فهو لورثته.
ولكن تجوز الصدقة مع الدين، وقد فصل ذلك الإمام النووي -رحمه الله تعالى- ذلك في المجموع فقال: إذا أراد صدقة التطوع وعليه دين، فقد أطلق المصنف -الشيرازي- وشيخه أبو الطيب وابن الصباغ والبغوي وآخرون، أنه لا تجوز صدقة التطوع لمن هو محتاج إلى ما يتصدق به لقضاء دينه. وقال المتولي وآخرون: يكره، وقال الماوردي والغزالي وآخرون: لا يستحب، وقال الرافعي: لا يستحب، وربما قيل: يكره هذا كلامه، والمختار أنه إن غلب على ظنه حصول الوفاء من جهة أخرى فلا بأس بالصدقة وقد تستحب، وإلا فلا تحل، وعلى هذا التفصيل يحمل كلام الأصحاب المطلق.
وما دام الدين مقسطاً كل شهر ولك راتب فلا مانع من أن تتصدق بما يزيد عن القسط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(11/15981)
من دفع مبلغا شهريا ليتيم فهل يعد كافلا له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إخراج مبلغ شهري لبعض الأطفال الأيتام يدخل في باب الكفالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كفالة اليتيم لها منزلة عظيمة في الإسلام، ويكفي في بيان فضلها ما جاء في صحيح البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى. وأي منزلة أفضل من ذلك؟
وإخراج مبلغ شهري ليتيم إذا كان يغطي حاجته من النفقة والكسوة وما يتبع ذلك من مسكن ومصاريف تعليم إن كان يحتاجها، فإن ذلك يعتبر كفالة تامة وفاعله ينال الثواب الذي وعد الله به من قام بكفالة اليتيم إن شاء الله تعالى. وأما إذا لم يكن المبلغ كافياً فإن فضله عظيم كذلك وهو صدقة من أعظم الصدقات وإحسان من أعظم الإحسان، وأفعال الخير التي حث عليها الإسلام في نصوص الوحي الكثيرة من القرآن والسنة، فقد قال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا {النساء:36} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1428(11/15982)
حكم الأكل مما نواه صدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الأكل من الذبيحة التي يتم ذبحها بنية أنها لله علماً بأنه قد تم التلفظ بهذه النية أني نويت هذه الذبيحة لله كلها، وهل يجوز تقسيمها كما في الأضحية ثلث للأهل وثلث للأقارب وثلث للفقراء؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الأخ السائل لم يأت في كلامه بما يدل على النذر، فإن هذه الذبيحة تصير صدقة تطوع، وصدقة التطوع لا تلزم إلا بالقبض، وما لم يتم قبضها من قبل الجهة التي نواها لها فالظاهر أنه لا كراهة في أكله منها، قال في كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: ومن أخرج شيئاً يتصدق به أو وكل في ذلك، أي الصدقة به (ثم بدا له) أن لا يتصدق به (استحب أن يمضيه) ولا يجب، لأنه لا يملكها المتصدَق عليه إلا بقبضها، وقد صح عن عمرو بن العاص أنه كان إذا أخرج طعاماً لسائل فلم يجده عزله حتى يجيء آخر، وقاله الحسن. انتهى.
وإذا علم أن الصدقة لا تلزم حتى يتم قبضها ولو أخرجها صاحبها، فمن باب أولى إذا لم يخرجها، وإنما تكلم بما يدل على أنها صدقة، ومع ذلك فلو تنزه عن الأكل منها فلا شك أن ذلك أولى وأفضل؛ لئلا يدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: في صدقته كالكلب يعود في قيئه. متفق عليه، ولا حرج في تقسيمها على نحو ما يستحب في الأضحية. وليراجع في ذلك الفتوى رقم: 75555.
ولبيان صيغ النذر يطالع الفتوى رقم: 15024، ثم إن الصحيح أن التلفظ بالنية في العبادات غير مشروع إلا فيما استثني. ولذلك يراجع الفتوى رقم: 11235، والفتوى رقم: 70879.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(11/15983)
المشاركة في بناء مأذنة هل يدخل في الصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي لقد توفيت والدتي رحمها الله منذ 4 شهور، حيث كانت تعاني من ضيق في الشريان التاجي بالقلب، أنا الآن أريد عمل صدقة جارية لها ففكرت ماذا أفعل، اتفقت مع أحد الأشخاص على أن نبني أنا وهومأذنة لمسجد قائم منذ حوالي 4 سنوات، علماً بأن هذا الشخص هو المتبرع بالأرض للمسجد ومتحمل الكثير من نفقة البناء، سؤال هو: هل بناء المأذنة لهذا المسجد يعتبر صدقة جارية تنتفع بها والدتي في قبرها إن شاء الله أم ماذا، وإذا لم يكن فماذا أفعل لكي أهديها ثواب الصدقة الجارية، فأرجو الرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن البر والإحسان إلى والدتك أن تتصدق عنها بصدقة جارية لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمه توفيت أينفعها إن تصدقت عنها، قال: نعم، قال: فإن لي مخرافاً وأشهدك أني قد تصدقت به عنها. رواه البخاري. والمخراف هو البستان المثمر.
وكلما كان الانتفاع بالصدقة أكثر كان أجرها أعظم، ومأذنة المسجد إن كان المقصود منها أن توضع عليها الأبواق المكبرة للصوت فهذا مقصد طيب وفيه أجر؛ لأنه وسيلة إلى إبلاغ الأذان لعدد أكبر من جيران المسجد، وعليه فالمشاركة في ذلك تعتبر صدقة جارية، وأما إن كان المقصود من المأذنة مجرد الجمال فهذا أمر كمال، وعليه فالذي نرى أن نختار مشروعاً آخر غير ذلك فيمكن أن تبني مسجداً ولو صغيراً في قرية تحتاج إليه أو تشارك في بنائه أو في بناء مدرسة أو مركز صحي أو تحفر بئراً وتشتري آلة ترفع الماء لأهل قرية محتاجة أو توقف محلا تجارياً أو أرضاً زراعية لمصلحة الفقراء والمساكين أو طلبة العلم ونحو ذلك من الأعمال الخيرية النافعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(11/15984)
ثواب الصدقات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء صدقة شهرية لأولاد خالي وزوجته، علما بأن خالي متزوج من اثنتين واحدة في مدينة والأخرى في مدينة أخرى وهو يعمل بوظيفة جيدة ولا نعلم مرتبه سوى أنه يقول أنه يسدد أقساطا للبنك فتأخذ راتبه ولا يبقى سوى القليل ونحن نشعر أنه كاذب، ولكن أولاده وزوجته القائمون معنا في أشد الحاجة إلى المال حيث الابنه في الثانوية العامة والدروس كثيرة وأخوها في الصف الأول الإعدادي وأيضا يحتاج إلى الدروس، وأصبحت الأم عليها ديون كثيرة ويطالبها أناس كثيرون وخالي لا يراعي ذلك، هذا هو الحق والله العظيم؟ وجزاكم الله خيراً على حسن إنصاتكم لي، وأرجو الرد فى أقرب وقت.. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن إعطاء الصدقة فيه من الأجر ما لا يعلم قدره إلا الله، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل: لأتصدقن الليلة بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، قال: اللهم لك الحمد، على زانية، لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، قال: اللهم لك الحمد، على غني، لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية، وعلى غني، وعلى سارق. فأتي فقيل له: أما صدقتك فقد قبلت، أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها، ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله، ولعل السارق يستعف بها عن سرقته.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فما ذكرته عن أبناء خالك وأمهم من الاحتياج يجعلهم أولى بصدقتك من أي أحد آخر، وذلك لأنهم غير منتفعين بأموال عائلهم إن كانت له أموال، ولأن الصدقة على الأقارب المحتاجين أكثر أجراً من الصدقة على المحتاجين من غير الأقارب، ففي الحديث الشريف: إن الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة. رواه النسائي وابن ماجه وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(11/15985)
حكم زجر الطفل الذي يسأل بطريقة تؤذي الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[في يوم الجمعة كانت هناك فتاة أمام المسجد ومعها أخت صغيرة لفت انتباهي أنه كل ما مر شخص تقول الفتاة شيئا في أذن أختها فتذهب الصغيرة وتمسك بيد الشخص وتتعلق بملابسه وتتدحرج بطريقة مقلقة ومزعجة, لم يعجبني هذا الفعل وعندما جاء دوري يعني عند اتجاه الفتاة نحوي نهرتها ولمت أختها على ما تعلمه لها وبعد ابتعادي تذكرت قول الله تعالى "وأمّا السائل فلا تنهر" فحز في نفسي ما فعلت فما رأيكم هل ارتكبت خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في مجرد زجر الطفل عن شيء قد يؤذي به الآخرين أو قد يؤذي به نفسه ونحو ذلك، ليس في هذا حرج، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كخ كخ، ليطرحها، ثم قال: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة. وأما الآية الكريمة: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ {الضحى:10} ، فهي تنهى عن زجر السائل المحتاج. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 45055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(11/15986)
حكم صرف بعض التبرعات كإعانات أو رواتب لموظفي المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي العزيز:
كثيراً ما نرى بعض الجوامع أو المساجد تضع صندوقا للتبرعات للمسجد أو لخدمات المسجد، فهل يجوز صرف بعض من هذه التبرعات للعاملين في المسجد من إمام أو خطيب وخدم وهكذا (يعني للعاملين) ، علما بأن البعض منهم من ليس له راتب أصلا، والبعض الآخر له راتب ولكن لا يكفيه وهكذا، فهل يجوز صرف بعض منها لا كلها ويصرف البعض الآخر لبقية الخدمات الأخرى وإذا كان لا يجوز، فما هو الحل؟ وجزيتم ألف ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسلام يحث على فعل الخير بجميع أنواعه، يقول الله تعالى: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* {الحج:77} ، وعلى الإنفاق في سبيل الله بصفة خاصة، فيقول تعالى: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {البقرة:261} ، وما تبرع به المسلمون لصالح مساجدهم أو لغيرها فيجب على القائمين على جمع التبرعات صرفه فيما جمع له، وعلى الوجه الذي أراده المتبرعون، وما جمع من التبرعات للمسجد فإنه يصرف في مصالحه التي يراها القائمون على المسجد مصلحة، وهم مأمونون على ذلك، ومسؤولون أمام الله وأمام الناس عن أمانتهم.
ويدخل في مصالح المسجد صيانته ... وأجر العاملين فيه والموظفين.. فيجوز أن يصرف راتب من تبرعات المسجد لمن لم يتبرع بعمله، كما يجوز أن يصرف منه للمحتاج من العاملين إذ كان راتبه لا يكفيه سواء كان إماماً أو خطيباً أو فراشاً ... وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 6565، والفتوى رقم: 50851.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(11/15987)
دفع الصدقة لحملة صناديق الأفاعي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله
سؤال
إنني أقع في حيرة شديدة إذا أتاني سائل يدق باب المنزل وهو شاب في صحة جيدة. يحمل صندوقا فيه أفاعي ويطلب مني الصدقة دون أن يحدد ما يريد.ولو طلب طعاما لأطعمناه.ولكنه يريد نقودا وسكرا مع العلم أنه مع مجموعة أخرى من الشباب اتخذوا التسول حرفة.ويطوفون ببيوت الناس. وفي غالب الأحيان لايجدون فيها إلا النساء والأولاد ويطلبون الصدقة ويقولون في وجه الله ليحرجوا الناس. وفي وقت الصلاة لا تجد لهم أثرا في المسجد.
1-ما حكم الشرع في التعامل مع هذا الصنف من الناس.
2-ما حكم الشرع في رده بقول: الله يسهل. لأنني أتأسف بعد انصرافه وخاصة أنه قال في وجه الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم- إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما.
وبناء على هذا الحديث فإنه لا يجوز لمن هذه صفاتهم أن يسألوا الناس، ولا ينبغي لأحد أن يعطيهم لما في ذلك من تشجيعهم على مخالفتهم الشرعية.
فإن السؤال لا يجوز إلا لمن تحمل مالا ليصلح به بين الناس،أو من أصابته جائحة في ماله، أو من أصابه فقر مدقع أو حاجة ملجئة تضطره للسؤال.
وقد بينا ذلك بالتفصيل مع بيان كيفية التعامل مع السائل المجهول الحال في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45055، 18128، 17909، 57511. نرجو أن تطلعي عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1428(11/15988)
حكم التصدق لترويض النفس وكفها عن المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اتفقت أنا وزوجتي على أنه إذا صدر من أحدنا لفظ يسيء إلى أي شخص قريب أو بعيد في وجوده أو في غيابه فإنه يجب على المخطئ أن يقوم بدفع مبلغ من المال على أن نقوم بتجميع المال ونقوم بالتصدق به، فهل هذا التصرف يعتبر بدعة، فأنا أعلم أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في ذلك بدعة؛ بل هو من الوسائل المشروعة لترويض النفس وكفها عن المعاصي، وقد فعل بعض علماء السلف ذلك، فقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا حرملة: سمعت ابن وهب يقول: نذرت أني كلما اغتبت إنساناً أن أصوم يوماً، فأجهدني، فكنت أغتاب وأصوم، فنويت أني كلما اغتبت إنساناً أن أتصدق بدرهم، فمن حب الدرهم تركت الغيبة. وعلق على ذلك الإمام الذهبي بقوله في كتابه سير أعلام النبلاء: قلت: هكذا والله كان العلماء، وهذا هو ثمرة العلم النافع.
ولكن ننبه إلى أن ذلك لا يغني عن وجوب المبادرة بالتوبة إلى الله من اغتياب الآخرين والوقوع في أعراضهم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 18180.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1428(11/15989)
حكم تصدق الأم من المال الممنوح من الدولة لأولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحبة السؤال رقم 2138922 المتعلق بالصدقة من الهبة التي تمنحها الدولة كل شهر للأولاد. أعلمكم أن هذه المرأة زوجها سكير ويصرف كل دخله في الخمر والمحرمات وقد أذن لها أن تصرف في مال الأولاد لشراء حاجيات البيت فهل تحرم هذه المسكينة من أن تتصدق على المحتاجين؟ فهذه الهبة توضع في حساب الرجل أو حساب الزوجة أو حساب الأولاد إن كان لديهم حساب، وأغلبية الأسر هنا يتصرفون في هذه الأموال إما للسفر إلى موطن رأسهم في الصيف أو لكسوة الأولاد أو لشراء حاجبات البيت خاصة إذا كان دخل الزوج لا يكفي. شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الهبة المذكورة تدفع لأي من المذكورين في السؤال وكان حال الزوج ما ذكرته السائلة فإنه لا يجوز تمكينه من هذا المال إذ في تمكينه مفسدتان الأولى: إعانته على معصية الله تعالى من شرب الخمر وارتكاب المحرمات.
الثانية: حرمان من يستحق هذا المال حقا كالأولاد والزوجة.
وأما مسألة تصدق الزوجة بهذا المال أو بجزء منه على الفقراء فيعود إلى التفصيل السابق في الفتوى المتقدمة وهو أنه إن كانت الدولة تدفع هذا المال للأولاد عن طريق الأم أو الأب فلا يصرف إلا إليهم ويباح للأم أن تأخذ منه حاجتها فقط دون صرفه إلى غيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1428(11/15990)
صرف بعض التبرعات في أجور الموظفين وتمويل المشاريع الخيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا جمعية تنموية وخيرية والمؤسسون شباب ويأتي تبرعات من خلال أفراد كصدقة وزكاة لكن الأغلبية للصدقات ونجمع تبرعات من خلال أحداث مثل يوم الطفل لصالح أيتام وفقراء ومرضى سرطان ومن خلال شنطة رمضان، هناك تكاليف لجمع التبرعات مثل الدعايا والمواصلات ومرتبات أفراد بأجر، وهناك مصاريف لتشغيل الجمعية مثل إيجار وكهرباء ومرتب سكرتارية، هل من حق الجمعية أن تدفع تكاليف إقامة المشروعات مثل مهرجان الطفل وشنطة رمضان من تبرعات هذه المشاريع، هل من حقها أن تصرف على تكاليفها الخاصة من التبرعات، مع العلم أن ليس هناك مصدر آخر حيث إن الأفراد 90% منهم متطوعون بدون أجر ويقومون بتحمل كثير من المصروفات والجمعية هى مركز مدعم لهذه المشروعات ومكان لتجمع الأفراد للتخطيط وهيئة رسمية تحمينا وتدعمنا قانونيا، وهناك اقتراح بأن نذكر فى الجوابات الرسمية وللجهات التي نجمع منها التبرعات أن التبرعات موجهة للمشروع وهناك نسبة للجمعية البعض يرونها 1/8 والبعض يفضل أن تكون 10%، بالله عليكم أن تساعدونا برأيكم وفتوى مؤكدة ومعها دليلها من القرآن أو السنة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يجزيكم خيراً على ما تقومون به من جهد مشكور، إنه ولي ذلك والقادر عليه، واعلمي أن الأصل في الجمعيات الخيرية أنها وكيل في التصرف فيما يرد إليها من أموال، والوكيل لا يتصرف إلا في حدود ما أذن له موكله، فإذا شرط الموكل شرطاً وجب عليه الالتزام بشرطه ولم تجز له مخالفته، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 10139.
وإذا لم يشترط الموكل شرطاً معيناً، جاز للوكيل التصرف بما تقتضيه المصلحة، وبهذا الأصل تتضح الإجابة على ما ذكرتم، فبالنسبة إلى الزكاة فإنها تصرف في مصارفها الشرعية فقط، لكن يجوز أخذ أجرة على جمعها وصرفها في مصارفها، كما هو موضح في الفتوى رقم: 6243.
وبالنسبة إلى التبرعات فما لم يشترط المتبرعون صرفها إلى جهة معينة مما يجوز الصرف إليه فإنه يجوز التصرف في أموال التبرعات بحسب المصلحة، ومنها ما ذكرتم من مصاريف وأجور الموظفين وتكاليف إقامة المشروعات الخيرية على أن يكون ذلك بقدر الحاجة فقط، وإذا عملتم بالاقتراح الذي ذكرتموه فهو أفضل، حيث يتيح لكم حرية أكبر في التصرف في هذه الأموال حسب المصلحة. وراجعي تتميماً للجواب الفتوى رقم: 50816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1428(11/15991)
حكم تصدق الأم بما تمنحه الدولة من مال للأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديقة متزوجة وتحب أن تتصدق كثيراً وتعطي المحتاجين، لكن وللأسف زوجها لا يريد ويرفض، مع العلم بأنها لا تشتغل ويأتيهم مبلغ كل شهر من الدولة على الأطفال التي أنجبتهم -هكذا القانون في فرنسا يعطي الأهل مالاً على كل طفل حتى يبلغ سن 18 - وهذه الأم تسأل إن كان يجوز لها أن تتصدق من هذا المال، مع العلم بأن زوجها رخص لها أن تشتري منه كل حاجيات البيت من أكل وشرب ... لكن أن تتصدق إن علم فسوف يرفض مع العلم بأن لديه دخله يتصرف فيه كيف شاء أفيدونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بد من معرفة شروط هذه الهبة التي تمنحها الدولة لمثل هذه الأسرة حتى يمكننا الحكم على تصرف الزوجة فيها، فإذا كانت الدولة تملّك الأب هذه الهبة ليقوم هو بالصرف على أولاده حسب ما يراه، فلا يجوز لزوجته التصدق بماله إلا بإذن صريح منه، أو بما علم من حاله أنه لا يمنع منه لكونه قد جرى العرف بالتسامح فيه عادة. وراجعي تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 9457.
أما إن كانت الدولة تملّك الهبة للأم دون الأب فهو مال لها وتتصرف فيه كما تشاء مع مراعاة حق أولادها فيه، وإن كانت الهبة تصرف للأولاد، والأبوان مجرد وكيلين عنهم فيجب الصرف عليهم دون سواهم، وللأبوين الأخذ من هذه الهبة لحاجتهما، ولا يجوز لهما الأخذ منها ليعطيا الآخرين، وراجعي في تصرف الأب في مال ولده الفتوى رقم: 15504.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1428(11/15992)
التصرف بالصدقة حسب نية المتصدق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أكبر إخوتي وقد ابتلى الله عز وجل أخي الأصغر بمرض مزمن وحالتنا المادية غير كافية لمعالجة هذا المرض فتعاطف معنا الخيرون وأهل القلوب الرحيمة ولم يكف هذا المال لمعالجة هذا المرض الخطير والمزمن إلى أن توفي أخي رحمة الله عليه من هذا المرض الخبيث وأعطاني بعض الذين أعرفهم مالا لإتمام الجنازة (جنازة أخي) ولتدبير مصاريفها فتمت الجنازة على أحسن ما يكون ثم بقي معي من المال ما يوازي أكثر من200 دولار تقريباً، فما حكم هذا المال هل آخذه لي، مع العلم بأني بدون عمل وطالب أحتاج المال أم أوزعه، وإذا كان الخيار الثاني فكيف تتم عملية التوزيع؟ وتقبلوا فائق التحية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينظر في قصد المتصدق فإذا كان دفع إليك هذا المال بقصد تجهيز جنازة أخيك من كفن ودفن ونحوه ولم يقصد التبرع عليك، فما بقي من هذه الصدقة يرد إلى من تصدق بها إلا أن يأذن لك بهذه الزيادة، فإن أذن لك بها وقصدك بهذه الصدقة فإنك تملكها وتتصرف بها كيف تشاء، وإن قصدك وقصد إخوانك فهي مشتركة بينكم تقتسمونها بالسوية. ويدل على ما تقدم قول زكريا الأنصاري في أسنى المطالب من كتب الشافعية: ... وإن أعطاه كفناً لأبيه فكفنه في غيره فعليه رده إليه.. قال الأذرعي: وهو ظاهر إن علم قصده، فإن لم يقصد ذلك لم يلزمه رده؛ بل يتصرف فيه كيف شاء. ثم قال في مسألة مشابهه:.. كمن يطلب شيئاً لعياله فيعطاه لأجلهم فإنه يملكه ثم ينفقه عليهم إن شاء، فإن قصدهم معه أو دونه فالملك مشترك في الأولى ومختص بهم في الثانية ... وظاهر أنه إذا لم يقصد أحداً كان الملك له دونهم. انتهى.
وأما كيف يعرف قصد المتصدق فيعرف بالتصريح، أو بقرينة الأحوال، وغالب هذا النوع من الصدقة يقصد به المتصدق إعانة أهل الميت في مصابهم على وجه العموم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1428(11/15993)
شراء الصدقة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت تصدقت بثياب كانت تحبها جدا ثم بعد فترة أرادت أن تسترد هذه الثياب ممن تصدقت عليها وأن تعطيها بدلا منها مالا مع العلم بأن هذه المتصدق عليها لم تستعمل هذه الثياب وقد تقبلت الأمر وقد فرحت بالمال أكثر فهل هذا جائز؟ أم يعد كالرجوع في الهبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قامت أختك يعتبر شراء لصدقتها، وشراء الشخص صدقة نفسه داخل في حكم الرجوع في الصدقة المنهي عنه في الحديث، لكن النهي هنا محمول على الكراهة عند جمهور العلماء، والبيع صحيح أيضا عند كثير من أهل العلم.
قال النووي في شرح صحيح مسلم عند كلامه على ما رواه مسلم عن عمر رضي الله عنه: أنه حمل على فرس في سبيل الله، فوجده عند صاحبه وقد أضاعه، وكان قليل المال، فأراد أن يشتريه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: لا تشتره، وإن أعطيته بدرهم، فإن مثل العائد في صدقته كمثل الكلب يعود في قيئه. هذا نهي تنزيه لا تحريم، فيكره لمن تصدق بشيء أو أخرجه في زكاة أو كفارة أو نذر ونحو ذلك من القربات أن يشتريه ممن دفعه هو إليه أو يهبه أو يتملكه باختياره منه، فأما إذا ورثه منه فلا كراهة فيه- إلى أن قال - وكذا لو انتقل إلى ثالث ثم اشتراه منه المتصدق فلا كراهة، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وقال جماعة من العلماء: النهي عن شراء صدقته للتحريم. والله أعلم. انتهى
وقال النووي أيضا في المجموع: وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَاشْتَرَاهَا مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ صَحَّ الشِّرَاءُ وَمَلَكَهَا، لِأَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، وَلَا يَتَعَلَّقُ النَّهْيُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ. انتهى.
وفي الاستذكار لابن عبد البر: قال أبو عمر: كره مالك والليث والحسن بن حي والشافعي شراء الصدقة لمن تصدق بها، فإن اشترى أحد صدقته لم يفسخوا العقد، ولم يردوا البيع، ورأوا له التنزه عنه. انتهى.
لكن ما دامت المرأة المتصدق عليها مغتبطة بإعطاء المال أكثر، فنرجو أن لا يكون بذلك بأس، لأن من أهل العلم من يرى جواز شراء الصدقة إذا لم تكن هناك محاباة من طرف المتصدق عليه في صالح المتصدق، ففي شرح السير الكبير للسرخسي في المذهب الحنفي بعد أن ذكر القول بكراهة شراء الصدقة ودليله: وَعِنْدَنَا لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِبْدَالٌ وَلَيْسَ بِرُجُوعٍ، وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ نَهَى لِمَكَانِ الْمُحَابَاةِ أَيْ إذَا عَلِمَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُتَصَدِّقَ هُوَ الَّذِي يَشْتَرِيهِ فَرُبَّمَا يُحَابِيهِ فِي الثَّمَنِ، فَيَصِيرُ قَدْرُ الْمُحَابَاةِ يُشْبِهُ الرُّجُوعَ فِي الصَّدَقَةِ، فَيُكْرَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُحَابِي الْمُتَصَدِّقَ لِمَكَانِ الصَّدَقَةِ، لَا يَكُونُ رُجُوعًا فِي الصَّدَقَةِ، وَلَا يُشْبِهُ الرُّجُوعَ فَلَا يُكْرَهُ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1427(11/15994)
هل يجب على الزوجة استئذان زوجها في الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي الصدقة دون علم زوجي علما بأنني من قبل استأذنته في ذلك فقال لي تصدقي بما شئت وإني لا مانع لدي ولكن ألاحظ عليه أحيانا أنه غير راض لكنه لا يتكلم وإن تكلم أقنعه وأنه يوافق على ذلك لكي لا (أزعل) فقط ما حكم الدين في ذلك وهل كل مرة أردت فيها الصدقة يجب أن أستأذنه علما أنني لا أعمل وأتصدق من المال الذي يعطيني إياه لكي أتدبر به نفسي وبيتي وأطفالي فما رأيكم بهذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 9457، ما يجوز من إنفاق المرأة من مال زوجها بغير إذنه وما لا يجوز من ذلك، لكن ما دام زوجك قد أذن لك في التصدق من ماله متى شئت فلا حرج عليك في التصدق من غير أن تسأذنيه في كل مرة، لكن لا تسرفي في ذلك، ولا تنفقي إلا ما تطيب به الأنفس غالبا، ومن غير أن يضر ذلك بعياله وشئون بيته، لاسيما وأنك شعرت أنه غير راض عن ذلك، إلا أنه ما دام لا يتكلم فالأصل أنه أذن بالفعل في أمر متعارف عليه بين أهل كل البيت من غالب الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1427(11/15995)
حكم طلب الفقير صدقة باسم آخر دفعا للحرج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أطلب مساعدة من الغير (لي) ولكن باسم آخر، والله يعلم بنيتي أنها لي وذلك من باب خوف الحرج (التعفف) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا طلبت من الغير مساعدة للفقراء دون تقييد ذلك بفقير فلا حرج عليك أن تأخذي منها ما دام وصف الفقر منطبقا عليك؛ كما هو موضح في الفتوى رقم: 19458.
أما إذا طلبت المساعدة لفقير معين بينما أنت تريدينها لنفسك فلا يجوز لك الأخذ منها؛ لما في ذلك من الكذب ومخالفة شرط الموكل الذي وكلك على إيصالها إلى هذا الفقير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(11/15996)
تصدق الزوجة من مالها لا يحتاج لإذن الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وأملك غوشيه و3سلاسل وأردت أن أبيع الغويشه لأساعد أمي هل هذا يجوز مع العلم أني أخذت رأي زوجي وهو موافق ولكن قال لي إن هذه الحاجات ليست بملكي ولا يجوز أن أتصرف بها إلا بموافقته مع العلم أن هذا الذهب أمتلكه قبل أن أتزوجه. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مال المرأة ملك لها ومن حقها أن تتصرف فيه كيف شاءت ما دام تصرفها في دائرة المباح وأحرى إذا كان في القربات وصلة الرحم.
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء أن يتصدقن ولو من حليهن كما في الصحيحين، ولم يعلق ذلك على رضى أزواجهن أو غيرهم، وراجعي لمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 20360.
وعلى هذا، فلا مانع شرعا أن تهبي ما شئت من مالك أو تتصدقي به على أمك أو غيرها؛ كما هو رأي جمهور أهل العلم سواء كان في ذلك حدود الثلث أو فوقه، وسواء ملكت المال قبل الزواج أو بعده.
ولكننا ننصحك بالتشاور مع زوجك والاستماع إلى رأيه وخاصة إذا كان ذلك في حدود التبرع والصلة..
كما ننبهك إلى أنه إذا كانت أمك فقيرة ولا زوج لها فإن نفقتها تجب على أبنائها القادرين، وأنت من ضمنهم، وإذا لم يكن لها أبناء غيرك فيجب عليك نفقتها وكسوتها.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتاوى: 9210، 1693، 32112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1427(11/15997)
هل يطعم الطعام في مكة أم في بلدان أخرى أكثر احتياجا
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم بعض الناس بإرسال أموال مع المعتمرين من خارج السعودية وذلك لشراء طعام وتوزيعه في الحرم المكي خلال شهر رمضان وذلك طمعا في مضاعفة الأجر في مكة المكرمة وذلك بالرغم من توفر الخير الكثير في مكة من أهل السعودية وكذلك من المقيمين بها والبلاد التي يتم إرسال الأموال منها هي بلاد فقيرة ويوجد بها الكثير من الفقراء الذين لا يجدون ما يأكلونه. فما هو الأفضل والأكثر ثوابا إن شاء الله (توزيع الأموال على الفقراء والمحتاجين في بلادهم أم إرسالها إلى مكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن الطاعة يتضاعف ثوابها حسب الزمان والمكان، وقد دل على ذلك ما أخرجه أحمد وابن ماجه وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه. وروى البزار والطبراني عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة.
ومكة –زادها الله شرفا- هي أفضل البلاد وأحبها إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ففي مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: علمت أنك خير أرض الله وأحب الأرض إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
ومع هذا فإن إرسال الأموال لشراء الطعام وتوزيعه في الحرم المكي خلال شهر رمضان، ليس بالضرورة أفضل من صرف ذلك المال والطعام في بقاع أخرى من العالم.
ذلك لأن قواعد الشرع تقتضي إيثار المضطر من الناس، وقد ندب الشرع إلى تفريج الكرب؛ ففي صحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ... الحديث. وفي صحيح مسلم والمسند وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر عن معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وإذا اشتد الفقر في بلد من البلدان وجبت مواساته بالمال والطعام وجميع ما يحتاجه، وكان صرف المال إليه أفضل من صرفه في أي بلد آخر ولو كان مكة المكرمة؛ لأن أفضل الأعمال إطلاقا هو الحفاظ على الواجبات، ويدل لذلك ما في الحديث القدسي: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب مما افترضته عليه. رواه البخاري.
والخلاصة أن صرف المال في الأماكن الأكثر احتياجا أفضل من صرفه في مكة إذا كان أهل مكة أقل احتياجا، وإذا تساوى أهل مكة مع البلدان الأخرى في الاحتياج كان صرف المال فيها أفضل من صرفه في غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1427(11/15998)
التصدق على المتسولين أم على المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أعطى الصدقة إلى المتسولين الذين أشك في كثير منهم أم إلى بيوت الله؟ أيهما أفضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد بالصدقة صدقة التطوع -كما هو الظاهر- فإن الأمر فيها سهل ولا يتوقف عليها أداء فرض وصاحبها مأجور على نيته، ولو صرفت في غير محلها في نفس الأمر كما أسلفنا في الفتوى رقم: 11560، ولم نجد لأهل العلم نصا يفيد المفاضلة بين التصدق على المتسولين وغيرهم من أهل الحاجة وبين صرف الصدقة فيما يتعلق بشؤون المساجد، لكن الظاهر من القواعد الفقهية يدل على أن ذلك ينظر فيه إلى الحاجة، فقد يكون المستولون في أشد الحاجة ولا يوجد من يتصدق عليهم، وفي هذه الحالة تكون الصدقة عليهم أفضل، وفي الصدقة عليهم صدقة ورد للسائل بشيء، وقد ورد عن أنس مرفوعا: أفضل الصدقة أن تطعم كبدا جائعا. مع أنه حديث ضعيف كما ذكر الألباني في ضعيف الجامع؛ إلا أنه في فضائل الأعمال، وقد يكون المسجد يحتاج إلى إصلاح ضرورياته من مرافق أو سقف أو أبواب أو نحو ذلك ولا يوجد من يقوم بإصلاحه وليس في الحي مسجد غيره مثلا، وفي هذه الحالة يقدم على المتسولين في الصدقة أو في الجزء الأكبر منها إذا لم يعلم أنهم يسألون للحاجة الضرورية وإلا قدموا، مع أنه لا ينبغي ردهم خائبين، فينبغي ردهم بشيء ولو كان بسيطا لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن رد السائل خائبا، ففي صحيح ابن حبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ردوا السائل ولو بظلف محرق. قال أبو حاتم: قوله صلى الله عليه وسلم: ردوا السائل قصد زجر بلفظ الأمر، يريد به لا تردوا السائل إلا بشيء ولو بظلف محرق. ورواه مالك في الموطأ بلفظ: ردوا المسكين ولو بظلف محرق. ورواه النسائي بلفظ: ردوا السائل ولو بظلف - في حديث هارون - محرق. وصححه الألباني.
أما إذا كان المراد بالصدقة الزكاة فإنها لا تصرف إلا في جهة محددة، وهي الأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة: 60} أما بناء المساجد وما يتعلق بإصلاحها فلا تصرف فيه الزكاة، وانظر الفتوى رقم: 65537.
كما ننبه هنا أن الفقير والمسكين يصدقان في دعواهما الفقر والمسكنة إلا لريبة بأن كان ظاهرهما يخالف ما ادعياه من الفقر والمسكنة. قال الشيخ الدردير في شرحه لمختصر خليل: وصدقا (المسكين والفقير) في دعواهما الفقر والمسكنة إلا لريبة تكذبهما بأن يكون ظاهرهما يخالف دعواهما فلا يصدقان إلا ببينة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1427(11/15999)
دفع الصدقة إلى جهات غير مؤتمنة وحكم الصدقة على غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[.. رغم عتبي عليكم لعدم الإجابة على أسئلتي ولكني لن أقطع صلتي بكم نظراً لما تقدمونه من خدمات جليلة لنصرة دين الحق..
كما تعلمون توجد عوائل عديدة مهجرة في بغداد، تركت منازلها قسراً أو بسبب دمار بيوتها نتيجة القصف والتفجيرات وهذه العوائل من أطياف ومذاهب مختلفة وربما قسم منها من دين آخر، قامت بعض الجهات بإيوائها وإسكانها في مقرات دينية كالمساجد أو مباني رسمية كالدوائر والمدارس ... إلخ فهل يجوز لي مساعدة هذه العوائل بإعطاء جزء من راتبي الشهري الى هؤلاء الذين يقومون بإعالتهم دون التأكد تماماً من إيصالهم كل المبلغ لهذه العوائل أم قسم منه ودون معرفة دين أو مذهب تلك العوائل.. أرجو أجابتي قبل نهاية الشهر وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يزيدك حرصا على الخير، وأن يجزيك خيرا على ما تبذلين من صدقة، ولا حرج عليك إن شاء الله في دفع شيء من صدقة التطوع لهؤلاء المنكوبين ولو وجد من بينهم بعض ممن ليسوا بمسلمين، فمن الجائز شرعا التصدق على غير المسلم، وقد سبق أن بينا ذلك بالفتويين التاليتين: 12798، 59983، وينبغي أن تحرصي على دفع هذه الأموال إلى جهات مؤتمنة يغلب على الظن إيصال هذه الأموال إلى مستحقيها، والحذر من دفعها إلى أي جمعية مشبوهة قد تستخدمها في الفساد والإفساد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1427(11/16000)
التصدق بجميع المال.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك حدّ أدنى للصّدقات وعمل الخير، وكذلك هل هناك حد أقصى للأعمال الخيرية من أموال وغيرها، وقد طرحت هذا السؤال لأن هناك من يقول إنّ عمل الخير له حدود دنيا وحدود قصوى (مثلا الزكاة هي الحد الأدنى في الأموال والثلث هو الحد الأقصى على زعم بعضهم) ؟ وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص يجوز له التصرف الكامل في ماله بالهبة والصدقة وغيرهما، وليس لذلك حد معين ينتهي إليه، بل لو تصدق بكل ماله لجاز ذلك، لكن لا ينبغي له الإقدام على ذلك إلا إذا كان على درجة عالية من الرضى والصبر والقناعة، ففي شرح النووي لصحيح مسلم بعد ذكره لحديث توبة الله تعالى على كعب بن مالك الذي أراد الصدقة بماله كله، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى إبقاء بعضه، قال النووي: وإنما أمره صلى الله عليه وسلم بالاقتصار على الصدقة ببعضه خوفاً من تضرره بالفقر، وخوفا أن لا يصبر على الإضاقة، ولا يخالف هذا صدقة أبي بكر رضي الله عنه بجميع ماله فإنه كان صابراً راضياً. انتهى.
ومن تصدق بمال معين لا يملك سواه نفذت صدقته عند بعض أهل العلم، ففي المنتقى للباجي: ومن تصدق بشيء معين وهو جميع ماله فالمشهور من المذهب أنه يلزمه إخراج جميعه، وفي النوادر عن ابن نافع: يجزئه الثلث. انتهى.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 60496، والفتوى رقم: 76789.
وما قيل عن الحد الأدنى من الصدقات صحيح وهو أداء الواجب من الزكاة، وأما الحد الأقصى ففي حال حياة المتصدق فالأمر كما ذكرنا، وأما الصدقة المعلقة بالوفاة وتسمى الوصية فإن الله عز وجل أجاز الوصية بالثلث فما دون، ولا تنفذ الوصية بما زاد على ذلك إلا برضى الورثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(11/16001)
حكم اشترط صرف الصدقة حسب شروط المتصدق
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص تصدق بمبلغ من المال واشترط على كل رجل أخذ مبلغا من المال أن يشتري به من مكان حدده لهم. هل هذا يجوز (اشترط صرف الصدقة حسب شروط المتصدق) ؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تصدق على غيره بشرط أن يشتري بما أعطاه شيئا محددا أو من مكان محدد ونحو ذلك فله حالتان:
الأولى: أن يشترط عليه في العقد عدم التصرف فيه إلا حسب الشرط فهذه الصدقة باطلة ولا يملكها من أعطيت له.
الثانية: أن يتصدق عليه من غير أن يصرح بالشرط في العقد بل يقول له: خذ هذا المال واشتر به كذا أو اشتر به من مكان كذا ونحوه مما يراه مصلحة له أو هو بحاجة إليه، ففي هذه الحالة يملك ما أعطيه ويلزمه التصرف فيه حسب طلب المتصدق، قال الشرواني: وكشرط أن يشتري به كذا ـ فتبطل الهبة ـ كما صرح به ـ ابن حجر ـ بخلاف ما لو دفعه ليشتري به ذلك من غير تصريح بالشرط فإنه يصح ويجب عليه شراء ما قصده الدافع. قال شيخنا الزيادي: ومثل ذلك ما لو قال خذه واشتر به كذا، فإن دلت القرينة على قصد ذلك حقيقة أو أطلق وجب شراؤه. اهـ.
وقال زكريا الأنصاري رحمه الله في أسنى المطالب: ولو أعطاه دراهم وقال: اشتر لك بها عمامة أو ادخل بها الحمام أو نحو ذلك تعينت لذلك مراعاة لغرض الدافع، هذا إن قصد ستر رأسه بالعمامة وتنظيفه بدخول الحمام لما رأى به من كشف الرأس وشعث البدن ووسخه، وإلا أي وإن لم يقصد ذلك بأن قاله على سبيل التبسط المعتاد فلا تتعين لذلك بل يملكها أو يتصرف فيها كيف شاء. والحاصل أنه يملكها في الشقين لكنه في الأول إنما يتصرف فيها في الجهة المأذون فيها.... أما إذا لم يقصد شيئا فظاهر أنه كالشق الأول ـ أي عليه صرفها حسب طلب الواهب أو المتصدق.. وإن وهب له درهما بشرط أن يشتري له به خبزا فيأكله لم تصح الهبة، لأنه لم يطلق له التصرف قاله القاضي، ويفارق: اشتر لك بهذا عمامة بأنه عقد مستقل عقب بشرط يخالف مقتضاه بخلاف ذاك فإنه وضع على الخصوص من أول أمره. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1427(11/16002)
صدقة لا رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا بالعمل يجمع للساعي والسواق كل شهر مبلغ رمزي من كل موظف (3 جنيهات) لمساعدتهم، فما حكم ذلك، فهل يدخل في خانة الرشوة والعياذ بالله منها؟ وجزاكم الله خير الجزاء في الدنيا والآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يدخل ذلك في باب الرشوة، لأن من يبذل هذا المبلغ لا يبذله ليتوصل بذلك إلى إبطال حق أو إحقاق باطل، كما هو الشأن في الرشوة، إنما يبذله لهم على وجه الصدقة المشروعة لمساعدتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1427(11/16003)
التعامل مع المتسول يختلف باختلاف حاله
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يجب التعامل مع ممتهن التسول، أي الشخص الذي يتخذ التسول مهنة له؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسلام ذم سؤال الناس عموماً، وحث على سؤال الله عز وجل، والتعفف عما في أيدي الناس، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم.
وقال تعالى: لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا {البقرة:273} ، وللمزيد من الفائدة عن ذم السؤال نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17909، 39228، 20195.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم من تحل لهم المسألة، فقال: إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو غرم مفظع، أو جائحة. رواه مسلم.
ولذلك فإن كان السائل صاحب فقر مدقع أو كان مديناً لا يستطيع أداء دينه أو أصابته حائجة في ماله فإن التعامل معه يختلف مع من يسأل للتكاثر، فالذي يتصف بالأوصاف الثلاثة إما أن يبذل له المستطاع أو يرد بجميل من القول، وفي هؤلاء يقول الله تعالى: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ {الضحى:10} ، ومثل هؤلاء مجهول الحال الذي يدعي الفقر ... وسبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 18128، والفتوى رقم: 45055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(11/16004)
الحكمة من إخفاء الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من إخفاء الصدقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى التالية أرقامها: 62253، 67184، 62760، 11256.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1427(11/16005)
حكم التصدق عن الزوجة من مال الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج أن يتصدق عن زوجته علما بأن الزوجة لا يوجد لها أي مورد مالي غير نفقة الزوج وهي ترغب بالتصدق؟ .
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الزوج أن يتصدق عن زوجته من ماله فينوي عند إخراج صدقته أن يكون ثوابها لزوجته سواء أكانت فقيرة أم غنية؟ وسواء أكانت حية أم ميتة؟ وقد فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم 73290.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(11/16006)
هل ينال أجر كفالة اليتيم من دفع المال إلى دار الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس ترى أن بدل التكفل بيتيم في دار للأيتام ومراعاته من حيث الملبس والمأكل والتعليم وخلافه أن أفضل من أني أكفل طفلا واحدا ويكون معه في نفس الدار من هم لم يمن عليهم الله بأسرة تكفلهم وترعاهم كالطفل المكفول فذلك قد يؤدي إلى غيرة ونقص للأطفال الآخرين عندما يجدوا المكفول في حال أحسن منهم من حيث اللبس والأكل، ويفضل هؤلاء الناس أن يدفعوا المال بدل لطفل بعينه لا للدار كلها بحيث يكون كل الأطفال سواسية فهل يعتبر ذلك أجر كفالة يتيم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان دفع المال لدار الأيتام محققا لكفايتهم من النفقة والتأديب والرعاية كان ذلك كافيا لكي ينال المنفق هذه المرتبة العالية كفالة اليتيم التي يكون صاحبها رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.
وإذا لم يكن دفع المال محققا لذلك المعنى المعتبر في الكفالة كأن يكون المال لا يفي بجميع حاجاتهم؛ فإنه يكون مشاركا في كفالتهم ويثاب على قدر ذلك، وقد يكون ذلك أعظم أجرا من كفالة يتيم واحد ولاسيما إذا كان في دفعها لهم جميعا درأ ما يخشى من المفسدة المشار إليها في السؤال. وراجع للتفصيل الفتاوى التالية أرقامها: 61505، 59947، 4543، 3152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1427(11/16007)
هبة ثواب الصدقة لقريب حي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لي أن أتصدق بشجيرات لوز لجدي وهو على قيد الحياة كصدقة جارية له، وهل أشارك معه الأجر، علماً بأني غارسها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة بشجرات لوز أو غيرها بنية أن يكون الثواب لجدك الحي أو الميت أمر حسن ويصل إليه الأجر والثواب بإذن الله، ويحصل لك الأجر، كما بيناه في الفتوى رقم: 52840.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1427(11/16008)
دفع المال لشراء مكائن تعمل عليها القتيات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا دفع مبلغ من المال لبعض الفتيات لشراء مكائن تفصيل ليقمن بالعمل ويكسبن من خلالها هل يعتبر هذا صدقة جارية أم لا؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المبلغ المذكور قد دفع لأجل شراء الماكينة لتبقى عند الأخوات المذكورات فإن هذا يعتبر صدقة جارية ما دامت موجودة ينتفع بها, وإن دفع بصفته قرضا مساعدة لهن على تأسيس شغل يتكسبن منه فإن في ذلك أجرا عظيما، ولمزيد التوضيح يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 43607، والفتوى رقم: 48404.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1427(11/16009)
الصدقة الأعظم وما تعظم به الصدقات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تحصل على حسنات أكثر إذا كان المبلغ المتصدق به أكبر أم هل يعتمد ذلك على عدد الصدقات؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم إذا تصدق بصدقة من كسب طيب مخلصا لله تعالى فإنه يثاب على قدر صدقته لقوله تعالى: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ {الأنعام:160} وقوله أيضا: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:40} وعليه فثواب الصدقة يعظم كلما كثر المبلغ المتصدق به، فلو تصدق مثلا بمائة دفعة واحدة فهذا أكثر ثوابا من التصدق بأقل في دفعات. لكن إن تصدق بتلك المائة دفعات على عدة أشخاص فهذا أفضل من التصدق بها مرة واحدة على شخص واحد لكون الصدقة التي يعم نفعها أفضل من غيرها، وراجع الفتوى رقم: 51031، مع التنبيه على أن ثواب الصدقة يعظم عند مراعاة المتصدق لعدة أمور منها:
1- الإسرار بالصدقة وإخفاؤها حفاظا على الإخلاص لقوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ {البقرة:271} وراجع الفتوى رقم: 62253.
2- كونها من كسب طيب لأن الصدقة من الحرام لا تقبل فالله طيب لا يقبل إلا طيبا وراجع الفتوى رقم: 39719.
3- إذا ترتب عليها جلب مصلحة لدين الله تعالى ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: فإنما العطاء إنما هو بحسب مصلحة دين الله، فكلما كان لله أطوع ولدين الله أنفع كان العطاء فيه أولى، وعطاء محتاج إليه في إقامة الدين وقمع أعدائه وإظهاره وإعلائه أعظم من إعطاء من لا يكون كذلك وإن كان الثاني أحوج. انتهى
4- كون المتصدق عليه أشد حاجة وفقرا، قال المناوي في فيض القدير: والصدقة على المضطر أضعاف مضاعفة، إذ المتصدق عليهم ثلاثة فقير مستغن عن الصدقة في ذلك الوقت وفقير محتاج مضطر، فالصدقة على المستغني عنها وهو في حد الفقر صدقة، والصدقة على المحتاج مضاعفة، وعلى المضطر أضعاف مضاعفة.
5- ومن أفضل الصدقة بل أعظمها أجرا ما كان في حال الصحة والحاجة إلى المال، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى رسول الله صلى الله رجل فقال يا رسول الله أي الصدقة أعظم فقال: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ... .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1427(11/16010)
كفالة الأولاد الذين يتخلى عنهم آباؤهم
[السُّؤَالُ]
ـ[اليتيم لغة هو من مات أبوه قبل أن يصل إلى سن الرشد والبلوغ التي تمكنه من العمل والاعتماد على نفسه، ومعروف هو فضل كفالة اليتيم التي حثنا عليها القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم في آيات وأحاديث شريفة عدة، ولكن ماذا عن الطفل الذي ما زال أبواه على قيد الحياة، ولكنه وحيد ولا يجد عناية من أحد، وهو الشائع في المناطق التي ابتليت بمرض الإيدز كجنوب أفريقيا، حيث إن الوالدين المصابين بالمرض لا يكون باستطاعتهما العناية بالطفل فيتخلون عنه، وأيضاً الحالة هي كذلك في حالات إدمان الوالدين الكحوليات أو المخدرات، فكمؤسسة خيرية تعمل في كفالة الأيتام هل يدخل الأطفال في هذه الحالات ضمن تعريف اليتيم، حيث يتم رفض أطفال من هؤلاء في برامج الكفالة فقط لأن آباءهم على قيد الحياة على الرغم من أنهم لا يعيلونهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الإسلام حث على فعل الخير كله وخاصة إغاثة الملهوف وإطعام الجائع وعون المحتاج ... بغض النظر عن جنسه أو لونه.. فالعبرة بالاحتياج ولو كان المحتاج حيواناً أعجم، فنصوص الوحي من القرآن والسنة مليئة بالحث على فعل الخير، فمن ذلك قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* {الحج:77} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: في كل كبد رطبة أجر. رواه البخاري.
ولذلك فإن كفالة الأولاد الذين يتخلى عنهم آباؤهم لأي سبب أمر له فضل عظيم وفيه خير كبير، فوجود آبائهم على قيد الحياة كعدمه، وما داموا قد تخلوا عنهم فإنهم أصبحوا كاليتامى، وفيما يخص المؤسسات المختصة في كفالة الأيتام، فإن كفالة هذا النوع من الأطفال بالنسبة لها يتوقف على من يمولونها والقائمين عليها، فإن كانوا يشترطون للكفالة من مات أبواه بالفعل دون غيره أو من له مواصفات خاصة فإن شروطهم معتبرة شرعاً، فقد نص أهل العلم على أن شرط الواقف كنص الشارع ما لم يخالفه.
أما إذا لم يشترط ممولوا المؤسسة الخيرية شيئاً أو اشترطوا شرطا لا يخرج هذا النوع من الأطفال، فإن من أفضل ما تصرف فيه هذه الأموال هو كفالة هذا النوع من الأطفال وتربيتهم على الإسلام وأخلاقه الفاضلة وفي ذلك من الأجر والخير ما لا يعلمه إلا الله، فقد قال الله عز وجل: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا {المائدة:32} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(11/16011)
ما على من أراد ذبح شاة لوجه الله
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بخصوص ذبح الشاه أو الخروف لوجه الله تعالى وبقصد توزيع لحمه كصدقة.
1. هل يجب علي إخبار التاجر أنني سأشتري الشاه كصدقة؟
2. هل لنوع أو لون الشاة أو الخروف أي شروط؟
3. هل لنوع الشاة أي شروط؟
4. هل يجب علي أن ألمس الشاة أو الخروف قبل الذبح؟ أو قول أي شيء؟
5. هل يحق لي ولأهل بيتي الأكل من المذبوح أم لا؟
وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذبح خروف أو غيره من الأنعام صدقة على الفقراء والمساكين عمل حسن تثاب عليه، ولا يجب عليك بل ولا يندب لك إخبار البائع أنك تريد ذبحها للفقراء، كما انه لا يوجد هناك شروط محددة لنوع الخروف أو لونه الذي تريد ذبحه صدقة، بل كلما كان أسمن وأنفع للفقراء كان أفضل.
ولا يجب ولا يندب أن تمس الشاة أو الخروف الذي تريد ذبحه ولا أن تقول شيئا زائدا عند ذبحه سوى التسمية والتكبير، أو قول اللهم تقبل مني ونحو ذلك، لما رواه مسلم عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به، فقال لها: يا عائشة هلمي المدية ثم قال اشحذيها بحجر ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه، ثم قال باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محد ومن أمة محمد ثم ضحى به.
وأما الأكل من الذبيحة فلا مانع منه ما لم تكن نذرت ذبحه للفقراء فلا يحل حينئذ أن تأكل منه شيئا، بل لا بد أن توزعه كله على الفقراء والمساكين، وتراجع الفتوى رقم: 71886.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1427(11/16012)
الصدقات الجارية من الرواتب التقاعدية
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع / طلب فتوى بجواز استخدام الراتب التقاعدي أو جزء منه كوقف (صدقة جارية) عن أرواح مشتركي المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية
تفخر الدول الإسلامية بأنها تمتلك واحداً من أفضل نظم التأمينات الاجتماعية في العالم وبالرغم من كل الإيجابيات التي يتمع بها هذا النظام إلا أننا نعتقد أن هناك بعض السلبيات التي يجب تفاديها ومنها مادام الإنسان معرضاً للموت فإننا كمسلمين لا تنقطع أعمالنا بوفاتنا بل يظل العمل الخيري والوقف والصدقة الجارية وغيرها من الأمور التي يصل أجرها إلينا بعد وفاتنا، فصحيح أنه بعد وفاة المؤمن عليه يصرف راتبه التقاعدي لزوجته وأبنائه من بعده، لكنه ليس راتباً مستمراً بل مقطوعاً إذا تزوجت أرملته بغيره أو عمل أبناؤه أو تزوجت بناته، ولا يتمتع ورثة النساء المؤمن عليهن في المؤسسة برواتبهن حيث يرجع بعد ذلك الراتب إلى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
ومادام الأمر كذلك فإنني كمشترك في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أرغب بتحويل راتب شهر على الأقل سنوياً من راتبي التقاعدي عند وفاتي لصالح أي عمل خيري تراه المؤسسة العامة للتأمينات مناسباً أو أن تنشأ وقفاً خيرياً عن روحي وعن أرواح إخواني واخواتي مشتركي المؤسسة يعادل راتب شهر على الأقل من كل سنة يسمى (وقف المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية) يساهم في حل مشكلات البطالة وإيجاد فرص عمل لأبنائنا أو يساهم في بناء مدرسة أو كلية أو جامعة خيرية وقفية لصالح أبناء الفقراء وغير المقتدرين أو يفك دين معسر أو ليساهم في زواج شخص غير مقتدر أو يعالج مريضاً بمرض خطير...... إلخ من أمور الخير التي جُبل عليها المسلمون وحضت عليها الشريعة الإسلامية السمحاء لحل مشكلة الأحياء وإنشاء أعمال خيرية لصالح الأموات، فهل يجوز ذلك؟ وما رأي الهيئة العامة للافتاء لديكم بهذا الأمر، إن فتواكم هذه ستحدث بإذن الله نقلة نوعية في عمل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وستساهم في دعم العمل الخيري والأوقاف الإسلامية في العالم الإسلامي.
وعليه فإنني أرفع إلى فضيلتكم هذا الأمر وكلي أمل بالحصول على فتواكم بأسرع وقت ممكن لندعم بها الصدقة الجارية والوقف ولنساهم معاً في صناعة مستقبل أفضل لأبناء المسلمين، والله الموفق؟
هذا وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أفضلية الصدقة الجارية، وهي أحد الأمور الثلاثة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن المرء ينتفع بها بعد موته، قال صلى الله عليه وسلم-: إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له. ولكن راتب التقاعد بعد موت صاحبه لا يصلح أن يكون صدقة جارية على الوجه الذي ذكر في السؤال. وذلك لأنه إما أن يكون مخصوما من أصل استحقاقات الموظف، فهو بمثابة الدين له، فهو ملك له، ويجب أن يقسم بين الورثة كما يقسم باقي تركته، لأنه جزء منها، وإما أن يكون منحة من جهة العمل لعيال العامل بعد وفاته، فيجب حينئذ أن يصرف لمن خصصته الجهة المذكورة له دون غيره.
وإما أن يكون خليطا بأن يخصم منه شيء من أصل الاستحقاقات، وتتبرع جهة العمل بشيء آخر، فما كان منه مخصوما من الاستحقاقات، فهو جزء من التركة، يقسم كقسمتها، وما كان منه تبرعا من جهة العمل، فهو حق لمن صرفته له دون غيره.
وعليه، فالذي يملك التصرف في راتب الموظف بعد موته هو الجهة المستحقة له حسبما ذكر من التفصيل، وأما الموظف فإذا كان يريد صدقة جارية، فعليه أن يفعلها من رواتبه قبل التقاعد، أو من راتب التقاعد قبل الموت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1427(11/16013)
التصدق بتذاكر الفطور للمحتاجين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أخي في الله لقد طرحت عليكم سؤالا وتلقيت الإجابة أشكركم عليها ولكن لم تكن على سؤالي بالضبط. السؤال رقم 2116876 والإجابة كانت على رمز 2116677 ind وانتم وجهتموني على فتوى رقم 68093 ولكن الأمر هو أن تذكرة الفطور التي ذكرتها هي في النهار وليس في رمضان يعني الغداء وليس إفطار صائم كما جاء في الفتوى. السؤال هو هل شراء تذكرة غداء في مطعم العمل لمحتاج تعتبر صدقة لغداء أي إطعام مسكين علما بأن سعر هذه التذكرة هو ستة دنانير والوجبة كاملة. شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال الذي رقمه: 2116876، كان نصه: أنا عاملة بمركز وهذا المركز له مطعم سعر تذكرة الغداء ستة دنانير ونحن العمال نفطر في هذا المطعم. السؤال هو: لو اشتريت تذاكر لعمال محتاجين ليفطروا بها تعتبر لي صدقة مثل ما تصدقت بغداء لمسكين. أريد الاستفسار في هذا الأمر من فضلكم أفيدوني بجواب، أريد أن أطعم ستين مسكينا هل أستطيع شراء ستين تذكرة لستين عاملا محتاجا. علما أن الغداء المقدم بهذه التذكرة هو غداء كامل؟ شكرا مسبقا أنا في انتظار الجواب.
وهذا السؤال لم نوجه صاحبه إلى إجابة سابقه، وإنما أجبنا عنه بالفتوى رقم: 74848.
فعلى السائل الكريم أن يعود إلى هذا الرقم ليجد إجابته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(11/16014)
إخراج الأم الصدقة بنية أنها عن ابنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للصدقة والدتي تعرف أناسا يستحقون الصدقة وأنا لا أعرفهم فأنا أعطيها الفلوس وهي تعطيهم هل ثوابها يقل؟ لأني أعرف أن الصدقة ينبغي أن أخرجها بيدي اليمنى بحيث لا تعلم بها يدي اليسرى يعني المفروض تكون فى السر لكني لا أعرف الناس الذين يستحقونها وأخاف أن أعطي لأحد يكون غير مستحق لها وأنا كنت ناوية أن أخرج صدقة في هذا الشهر لكن وجدت أنه لن يتبقى معي فلوس تكفينى باقي الشهر فأمي أخرجتها عني وأنا الشهر المقبل إن شاء الله سأرد المبلغ لأمي؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت لا تعرفين المحتاجين للصدقة فالأفضل أن تعطي والدتك وهي تقوم بتوزيعها عليهم حتى يكون نفعها أعظم. وصدقة السر أفضل من صدقة الجهر إذا أمكن الإسرار بها أو أمكن ولكن كان الجهر بها سببا للاقتداء بالمتصدق. وعلى المسلم أن يخلص النية لله تعالى, وأن يكون الباعث له عليها هو ابتغاء وجه الله تعالى كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 62760. وأما إخراج والدتك للصدقة بنية أن يكون أجرها لك ومن ثم ستقومين برد المبلغ لها فلا حرج فيه, ويكون أجر الصدقة لك ولها مثل أجرك, ما دامت أعانتك على الخير وأوصلته للمحتاجين. نسأل الله تعالى أن يجزيكما خيرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(11/16015)
سقي الماء في مكان يعصى الله فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسر في مسألة وهي هل يجوز وضع الماء للشرب للصدقة في قاعة الإنترنت مع العلم أن هناك الاغلبية يراسلون النساء ويقومون بالمعاصي؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة بالماء من أفضل الصدقات فعن سعد بن عبادة قال قلت: يارسول الله, أي الصدقة أفضل؟ قال سقي الماء. رواه ابن ماجه وغيره، ولو كان المسقي بهيمة أو كافرا معصوم الدم أو مسلما فاسقا, ولكن في الحالة المذكورة في السؤال لا يجوز أن توفر لهم الماء في ذلك المكان؛ لأن فيه إعانة لهم على الباطل والله تعالى يقول في كتابه العزيز: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} وعليه فلا تجعل أنت ولا غيرك صدقتك في هذا المكان إذا كان في وضعها فيه إعانة لأهل المعاصي على معاصيهم لئلا تحصل على الوزر بدل الحصول على الأجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(11/16016)
لا يصح الخلط بين الزكاة وبين صدقة التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الكريم أريد أن أسألكم عن زكاة الأموال. زوجي قرر أن ينفق في سبيل الله عشرة في المائة من أي مبلغ يربحه أو يحصل عليه بالطبع من الحلال، ويريد أن يسأل هل هذا المبلغ الذي سيخرجه سيكون من ضمن الزكاة أو هو خارج عن الزكاة التي يخرجها سنويا عن أمواله. وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زكاة المال إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول فريضة في رأس المال والربح سواء قرر صاحب المال التصدق بنسبة من ربح ماله أم لا، ولا يصح الخلط بينها وبين صدقة التطوع، هذا وننبه إلى أنه لا يعتبر قراره هذا نذرا إلا إذا نطق بما يدل على الالتزام بإخراج النسبة المذكورة وإنفاقها في سبيل الله، فعند ذلك يصير ناذرا ويجب عليه الوفاء بنذره خارجا عن زكاة ماله، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 19542، والفتوى رقم: 15531.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(11/16017)
تصرف الإنسان في ماله جائز من وجوه دون أخر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في مقولة من حكم في ماله فما ظلم؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المقولة لها حظ من النظر ولكنها ليست على إطلاقها, فيجوز للمسلم أن يحكم في ماله بما لا يخالف الشرع من صرفه في المباح دون إسراف أو تبذير، وله هبته -كله أو بعضه- في حال أهليته للتصرف، والأفضل ألا يكون في ذلك ضرر عليه أو على ورثته من بعده، فقد تبرع كثير من الصحابة بجل أموالهم، وبعضهم بماله كله، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، كما يجوز له أن يوصي بما لا يتجاوز الثلث منه، ولو كان في حال المرض المخوف لمعينين ولجهات الخير والأوقاف، لتكون صدقة جارية له لا ينقطع أجرها.
أما حكمه فيه بالصرف في الحرام أو إلى جهات لا تستحقه أو فيما لا ينفعه في دنياه أو آخرته فإنه يعتبر ظلما لنفسه ولتحمله به الإثم لحرمانها من الثواب في الآخرة ومن النفع في الدنيا, وكما يعتبر ظلما لورثته وأقاربه ومجتمعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1427(11/16018)
تصرف الصدقة في أي من مصارف البر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أردت أن أضع صدقة جارية لجدي المتوفى، هل من الأفضل أن أضعه كله في بناء مسجد واحد أم أن أقسمه على عدة مساجد للمشاركة في إعمارها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحسن أن تنظر في الأحوج إليه من الخيارين فكل منهما صدقة جارية، ويمكن أن تستخير الله تعالى فيما تميل إليه نفسك من الخيارين، كما يمكن صرف الصدقة في أي من مصارف البر، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35601، 25888، 72270، 66807، 56783، 48404.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1427(11/16019)
دفع المساعدة المالية إلى المرأة الأجنبية المحتاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في دولة خليجية وقبل سفري كان لي زميلة في العمل متزوجة وعندها ولد وبنت وحالتها المادية سيئة للغاية وزوجها مسافر ولم يرسل لها أي مبالغ من المال وهي صغيرة في السن وجميلة ولاحظت تقرب بعض الزملاء منها الظاهر بغرض المساعدة ولكن الأفعال تدل على مساومتها على نفسها وقد قمت بمساعدتها لوجه الله وبدون أي نية مسبقة حتى بعد سفري أرسل لها المال فهل ما أفعله هذا حرام أم حلال؟ وخصوصاً أنني تعرضت لمشاكل كثيرة وتركي للعمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه إذا صلحت نيتك, وكان إحسانك إلى هذه المرأة لوجه الله تعالى فإننا نرجو من الله تعالى أن يثيبك على إحسانك وصدقتك, وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتك, وهذا الإحسان في ظروف هذه المرأة إن شاء الله له فضل عظيم لأنه يعينها على أن لا تقع في شباك أولئك الذئاب البشرية أصحاب النفوس الخسيسة الذين يستغلون فقر وحاجة المرأة وبعدها عن زوجها في أغراضهم الخبيثة.
هذا وينبغي للسائل أن يقتصر في حديثه مع المرأة الأجنبية على قدر الحاجة من إخبارها بتحويل المال إليها ونحو ذلك, ولا يتوسع معها في الحديث كما ينبغي أن ينصحها بترك العمل في هذا المكان الموبوء إن استطاعت مع التزامها بآداب الإسلام من الحجاب الشرعي الكامل وعدم الخضوع بالقول ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1427(11/16020)
الصدقة على الموسر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إرجاع الصدقة أو عدم تقبلها مع العلم أننا ميسورو الحال والحمد الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أعطاك شخص مالا كصدقة أو هدية دون أن تسأله فاقبله ولا ترده ولو كنت غنيا وهناك من هو أفقر منك، فقد قال عمر رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء، فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني. فقال: خذه، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك. متفق عليه.
وروى أحمد عن خالد بن عدي الجهني قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من بلغه معروف عن أخيه من غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله عز وجل إليه. قال الإمام النووي رحمه الله: واختلف العلماء فيمن جاءه مال هل يجب قبوله أم يندب؟ على ثلاثة مذاهب حكاها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، والصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه يستحب في غير عطية السلطان، وأما عطية السلطان فحرمها قوم وأباحها قوم وكرهها قوم، والصحيح أنه إن غلب الحرام فيما في يد السلطان حرمت، وكذا إن أعطى من لا يستحق، وإن لم يغلب الحرام فمباح إن لم يكن في القابض مانع يمنعه معه استحقاق الأخذ، وقالت طائفة: الأخذ واجب من السلطان وغيره، وقال آخرون: هو مندوب في عطية السلطان دون غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1427(11/16021)
الصدقة في ليلة الجمعة ويومها أعظم ثوابا
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ، كما هو معلوم أنَّ تخصيص يوم الجمعة للصيام وليلته للقيام قد نُهينا عنه، ولكن يوجد بعض الناس في بلدنا أنهم يخصّون ليلة الجمعة بالصدقة، ويأتون مثلاً بالطعام إلى المسجد ليأكل الناس بعد صلاة المغرب من ليلة الجمعة وربما الذّين يأكلون هذا الطعام أكثرهم من الأغنياء، ولا يفعلون ذلك إلا في هذه الليلة، ما رأى فضيلتكم بذلك؟ وقد نبهتهم أنا يا فضيلة الشيخ أنّ تخصيص يوم للصدقة وإطعام الطعام لا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم عند ما نهانا أن نخص يوم الجمعة بصيام وليلته بقيام، يدخل في ذلك كل عبادة يُخص بها هذا اليوم، إلاّ ما ورد فيه دليل كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم، ما رأي فضيلتكم في ذلك، هل أنا على صواب أم على خطأ؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة في ليلة الجمعة ويومها يكون ثوابها أعظم نظرا لفضيلة ذلك الزمان.
قال ابن القيم في زاد المعاد متحدثا عن خصائص يوم الجمعة:
الخامسة والعشرون: أن للصدقة فيه مزية عليها في سائر الأيام، والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر أيام الأسبوع، كالصدقة في شهر رمضان بالنسبة إلى سائر الشهور. وشاهدت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه، إذا خرج إلى الجمعة يأخذ ما وجد في البيت من خبز أو غيره، فيتصدق به في طريقه سرا، وسمعته يقول: إذا كان الله قد أمرنا بالصدقة بين يدي مناجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصدقة بين يدي مناجاته تعالى أفضل وأولى بالفضيلة. انتهى
وفي تحفة الحبيب على شرح الخطيب وهو شافعي متحدثا عن الجمعة:
ويسن كثرة الصدقة وفعل الخير في يومها وليلتها، ويكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومها وليلتها لخبر: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي. انتهى.
وفي فتح العلي المالك للشيخ محمد عليش المالكي:
(ما قولكم) في رجل يصنع ذكرا في ليلة الجمعة أو ليلة الاثنين أو نحوهما من الليالي الفاضلة، ويدعو أهل الذكر فهل إذا توجه غيرهم معهم في تلك الليلة بلا دعوة، وأكل مما يجعل لهم فيها كالعك يحرم عليه أفيدوا الجواب؟ فأجبت بما نصه: الحمد لله، والصلاة، والسلام على سيدنا محمد رسول الله: الطعام المجعول للفقراء الذاكرين خارج مخرج الصدقة على غير معين بحيث يقصد به مخرجه كل حاضر، فيجوز لكل من يحضر معهم تناوله، والله أعلم. انتهى
فتخصيص ليلة الجمعة بإطعام بعض الناس لا بأس به؛ بل هو طاعة يثاب عليها فاعلها.
وكون من يطعمهم من الأغنياء لا حرج فيه لأن صدقة التطوع تباح للغني؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 51694.
وعليه؛ فما شاهدته من إطعام الطعام ليلة الجمعة ليس مثل تخصيصها بالقيام الذي ثبت النهي عنه في الحديث الصحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1427(11/16022)
حكم عدم رد ما أخذ بالخطأ والتصدق بقيمته
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل عدة سنوات ذهبت إلى السوق لشراء بدلة عندها قست عدة بدلات في المحل لاختيار البدلة المناسبة وعندما عدت إلى البيت وجدت نفسي أرتدي طرفا من بدلة أخرى وهو صديري نسيت أن أخلعة عندما كنت أقيس، ولقد رفض زوجي أن أعيده بحجة أن السوق بعيد وأنا لم أكن أخرج من البيت وحدي مطلقا ولا يسمح زوجي لي بالخروج بدونه وبعد سنة عدت إلى نفس المحل لكني وجدت البضاعة تغيرت كلها فتصدقت بعشرة دنانير ثمن القطعة ونويت الصدقة باسم صاحب البضاعة وسؤالي هو: هل علي إثم؟ وهل كان علي أن أتصدق بثمن البدلة اعتبارا أنها فسدت؟ علما أني لم ألبس هذه القطعة ولا مرة وتصدقت به بعد أكثر من سنة لأني كنت أتمنى أن أعيده , علما أن زوجي في ذلك الزمن لم يكن يصلي وغير ملتزم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأخت السائلة ارتكبت خطأين:
الأول: عدم ردها للقطعة التي أخذتها ناسية إلى صاحبها وفي الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد. وما كان لها أن تطيع زوجها في عدم رد القطعة إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وكان يمكنها إذ منعت من الخروج أن ترسل القطعة مع شخص آخر.
الخطأ الثاني: أنها تصدقت بثمن القطعة مع وجود صاحبها وإمكانية ردها إليه، فإنه لا يتصدق بالشيء عن صاحبه إلا إذا لم يوجد أو وجد وتعذر الرد إليه، كما لا يتصدق به عنه إن وجد ورثة له بل يدفع إلى الورثة في حال موت صاحب الحق.
أما وقد حصل ما حصل فالمطلوب منك أن تطلبي من صاحب القطعة إمضاء الصدقة, فإن لم يرض يجب عليك دفع قيمتها إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1427(11/16023)
مصرف الصدقة إذا لم يحصل الغرض الذي جمعت له
[السُّؤَالُ]
ـ[جُمع مال لامرأة مريضة بإحدى الدول العربية لعمل عملية زرع نخاع وعُرض الموضوع على أحد العلماء الأفاضل وطلب تقريرا طبيا من طبيب ثقة حتى يستطيع الإفتاء، وبعرض التقرير (الوارد من بلد المريضة) على الطبيب المقيم معنا في الدوحة قال إن هذا ليس تقرير دكتور، ولكن يبدو أن موظفا كتبه وطلب تقريرا مفصلا بحالة المريضة، وطلبنا من أسرة المريضة المقيمة معنا التقرير فقالوا هذا هو التقرير ولا يوجد غيره، وعلمنا من المقربين من هذه الأسرة أن الدكتور المعالج يعارض عمل العملية وفيه دكتورة أيضاً معالجة تقر بالعملية وحتى الآن (أكثر من 3 أشهر) لم يأتوا بالتقرير اللازم ولا رقم حساب المستشفى فكيف نتصرف في النقود مع العلم بأنه يصعب إرجاع المال إلى أصحابه، هل نضع هذا المال في مشروع خيري أم يُعطى لمرضى آخرين أفتونا مآجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغالب أن المانحين لمثل هذا المال يعطونه على وجه الصدقة ولا يريدون استرجاعه ولو لم يحصل الغرض الذي جمع له في الأصل، وعليه يكون ما جمع لتلك المرأة قد أصبح ملكاً لها، تتصرف به كيف شاءت.
وأما إن علم أنهم إنما يعطونه ليستعان به في العملية لا غير، فحينئذ إذا لم يتم الغرض الذي منح من أجله، فإنه يرد لأصحابه، ففي شرح الخرشي عند قول خليل: وإن أعانه جماعة فإن لم يقصدوا الصدقة عليه رجعوا بالفضلة وعلى السيد بما قبضه إن عجز وإلا فلا.... قال: يعني أن المكاتب إذا أعانه جماعة بمال يستعين به على أداء نجوم كتابته فأداها وفضل بعد ذلك فضلة فإن لم يقصدوا بذلك الصدقة عليه بأن قصدوا فكاك رقبته أو لا قصد لهم فإنهم يرجعون عليه بتلك الفضلة، فإن عجز المكاتب عن أداء نجوم الكتابة ورق لسيده فإنهم يرجعون على السيد بما قبضه من مالهم، لأنه لم يحصل قصدهم، وأما إن قصدوا بذلك الصدقة على المكاتب فإنهم لا يرجعون بالفضلة عن أداء النجوم وكذلك إذا لم يفضل شيء بل ولا بما قبضه السيد إن عجز.
وعلى التقدير الأخير، فإن تعذر إرجاع هذا المال لأصحابه بعد البحث والاجتهاد، تُصُدق به عنهم، فإن جاء أحدهم بعد، خير بين إمضاء الصدقة، وبين استرجاع ماله، ولكن لا ينبغي أن يستعجل في شيء من ذلك حتى يتيقن أن العملية لم يعد لها محل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(11/16024)
الصدقة على الأقارب أولى وأفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أختي ولها ميراث عن والدها ولها بنتان وهما محتاجتان وأنا لست محتاجا فهل آخذ نصيبي من ميراثي عن أختي وأتصدق به عنها حيث لا أرغب في إعطائه لهما حيث كانتا تعاملان أمهما (أختي) معاملة سيئة، أم أُعطيهما الميراث وأعطيهما من زكاة مالي رغم ما كانتا تفعلانه مع أمهما حيث إنني الآن أقطعهما، أرجو الرد؟
جزاكما الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن الأفضل لك أن تتصدق على أقاربك وذي رحمك إن كانوا محتاجين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي القرابة ثنتان: صدقة وصلة. رواه أصحاب السنن وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة في شأن صدقتة": ... ذلك مال رابح, وإني أرى أن تجعلها في الأقربين, فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
ولذلك فالأفضل لك أن تجعل صدقتك في ابنتي أختك ما دامتا محتاجتين سواء كان ذلك في الصدقة الواجبة (الزكاة) أو في صدقة التطوع، أوالتنازل لهما عن نصيبك من التركة.
ولا شك أن معاملتهما السيئة لأمهما لا تجوز، فقد أكد الله عزوجل على حقوق الوالدين وأمر بالإحسان إليهما وخاصة الأم, ونصوص الوحي من القرآن والسنة مليئة بالوصية بالوالدين وهي معروفة لدى كل مسلم, وكان عليك أن تنصحهما وتبين لهما وجوب الإحسان إلى الوالدين وحرمة الإساءة إليهما، وعليك الآن أن تصلهما بكل وسيلة ممكنة, فصلتهما واجبة وقطيعتهما محرمة, قال الله تعالى: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم.
نسأل الله تعالى أن يؤلف بين القلوب, ويصلح ذات البين. ونرجو أن تتطلع على الفتوى 6719، 60230
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(11/16025)
جمع الصدقات الكثيرة ثم ادعاء سرقة المال أو ضياعه
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أمر خطير.. وهو كما سأذكره الآن.. رجل على برنامج في الإنترنت يسمى البالتوك.. جمع من المسلمين أموالا لفتح قناة فضائية للرد على شبهات النصارى.. وبعد فتره ضاعت منه الأموال واتهم كل من حوله وكل من اختارهم هو بنفسه أنهم من سرقوا الأموال.. وكان المبلغ كبيرا.. وسكت الإخوة على الموضوع منعاً للفضيحة.. لأننا في مجال دعوة على هذا البرنامج.. وبتدخل الأفاضل في هذا البرنامج أغلقنا هذا الموضوع.. ورجع نفس الأخ مرة أخرى بالإعلان عن جمع تبرعات بنفس حجة القناة مرة أخرى.. ويطلب مليون دولار من المسلمين.. ولأن هذا الأخ معروف ومن الإخوة القدامى في فتح غرف للرد على النصارى.. الكثير من المسلمين يثقون به.. وأسألكم رعاكم الله.. ما رأيكم في هذا الأمر.. ثم لو كان رأيكم بأن نقف أمامه في جمع تبرعات مرة أخرى ونوعي الناس.. يا ليت نرى منكم فتوى بذلك.. أو نسألكم بالله عليكم تدلونا ماذا نفعل.. نحتار فعلاً.. أختم كلامي بأننا حاولنا معه بكل السبل ولا طائل من النصيحه غير المسبة واتهامنا بأننا أتباع الكفار ولاعقى أحذية السلطان.. لأننا لم نسكت على رجل يريد أن يضيع أموال المسلمين.. والأغرب من هذا يا أفاضل.. أنه لا يريد أن يقوم بمشروعه تحت رعاية جهة إسلامية.. ولا يريد أن يجمع التبرعات على هيئة أسهم.. ولا حتى يريد أن يعطي الناس ضمانات.. ويقول بأن من يتبرع له بمال.. يعتبر تبرعه هبة.. هل هذا صحيح بالله عليكم.. أرجوكم تفيدونا.. ممكن أن تعطونا فتوى عامة مثلاً بأنه لا يجوز دفع أموال لجهات غير معروفة.. أو كما ترى أعينكم من الصواب أفيدونا به بارك الله فيكم..والله على ما أقول شهيد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن هناك قرائن معتبرة على كذب هذا الرجل في أن هذه الأموال قد سرقت منه، وكان عدلا مرضي السيرة، فإنه يصدق في دعواه أن هذه الأموال قد سرقت، ولا يطالب بضمانها إلا إذا ثبت أنه قصر في حفظها.
ولا يجوز له أن يتهم إخوانه بهذه التهم المذكورة دون بينة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. رواه مسلم
وإذا لم يكن قد قصر في حفظ التبرعات الأولى فلا مانع أن يجمع تبرعات أخرى لفتح هذه القناة الإسلامية، وإلا فليتول حفظ المال غيره ممن لهم قدرة على حفظ المال وصيانته، وعلى كل فلا يسوغ له أن يتصرف باعتبار هذه الأموال هبة له فإن هذا أكل للمال بالباطل لأن الناس قد تبرعوا بهذه الأموال لغرض إنشاء هذه القناة فكيف تكون هبة له.
ولا ريب أن الأولى أن يكون جمع التبرعات تحت إشراف هيئة إسلامية موثوق بها تتولى جمع الأموال وتنفيذ المشروع والإشراف عليه فإن هذا أبعد عن الريبة وأنفى للشك وأعون على تنفيذ هذا المشروع وإخراجه في صورة لائقة.
أما إذا كانت هناك قرائن معتبرة شرعا على كذب هذا الرجل مثل أن يظهر عليه الثراء فجأة دون سبب واضح فإنه لا يقبل قوله في أن هذه الأموال سرقت كما لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم قول عم حيي عندما سأله عن مال حيي بن أخطب فقال أذهبته النفقات والحروب، فقال عليه الصلاة والسلام: العهد قريب والمال أكثر من ذلك. رواه البيهقي، وقد استنبط منه ابن القيم رحمه الله أنه يؤخذ في الأحكام بالقرائن والأمارات، وأن من كان القول قوله إذا قامت قرينة على كذبه لم يلتفت إلى قوله ونزل منزلة الخائن.
ويجب في هذه الحالة تحذير الناس منه ورفع أمره إلى من يأخذ على يديه ويسترد هذه الأموال منه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم، وراجع الفتوى رقم: 39949.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1427(11/16026)
حكم دفع صدقة التطوع لليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً أشكركم على الإجابة السريعة على سؤالي الذي يحمل الرقم 2112148 وحتى وإن كانت هذه السرعة تعود لتحويلي إلى فتوى سابقة، ولكن سؤالي حول الصدقة وليس الزكاة.
أرجو منكم الإجابة على سؤالي مرة ثانية لو سمحتم من غير أن تحيلوني إلى فتاوى سابقة
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز دفع صدقة التطوع لليتيم المذكور ولايجزئ دفع الزكاة الواجبة له ما دام غنيا، قال النووي في المجموع: تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف، فيجوز دفعها إليهم ويثاب دافعها عليها، ولكن المحتاج أفضل، قال أصحابنا: ويستحب للغني التنزه عنها ويكره التعرض لأخذها. انتهى
وقال الكاساني فى بدائع الصنائع: وأما صدقة التطوع فيجوز صرفها إلى الغني لأنها تجري مجرى الهبة. انتهى
وعليه؛ فلا مانع من دفع صدقة التطوع لليتيم المذكور، وإن كان الأفضل والأكثر ثوابا صرف الصدقة لفقير محتاج، وما أكثر المحتاجين والفقراء في المسلمين اليوم.
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1427(11/16027)
حكم التصدق عن الحي
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا فضيلة الشيخ هو حول التصدق عن المريض كيف تكون النية؟ هل هذه الصدقة تحسب للمريض أم للمتصدق؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة عن الغير سواء كان حيا أو ميتا مقبولة والشرط فيها أن ينوي المتصدق عند إخراجها أن الثواب لفلان. قال البهوتي: وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه لحصول الثواب له.. من تطوع وواجب تدخله النيابة كحج ونحوه أو لا، أي لا تدخله النيابة كصلاة وكدعاء واستغفار وصدقة وأضحية وأداء دين وقراءة وغيرها.
ويكون أجرها للمتصدق عنه, وأما المتصدق نفسه فإن من أهل العلم من ذهب إلى أن الله يعطيه مثل أجر من تصدق عليه. قال الشيخ سليمان الجمل في حاشيته على شرح المنهج: قوله: فقد نص إمامنا الشافعي على أن من تصدق على الميت يحصل للميت ثواب تلك الصدقة وكأنه المتصدق بذلك، قال: وفي واسع فضل الله أن يثيب المتصدق. اهـ.
ومنهم من يرى أن ثواب ذلك العمل لمن أهدي له, وأما العامل فله أجر إحسانه إلى من أهداه له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(11/16028)
جمع الصدقات وصرفها لمن يحج بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أربع سيدات جمعن مالاً من التبرعات ليتسنى لرجل أداء مناسك الحج، ولكن هن لا يذكرن شيئاً ويكتفين بالقول إنها مفاجأة وسوف يعرفونها لاحقا أي المتبرعون، أهذا جائز أم لا؟ حفظكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تقوم به تلك النسوة عمل طيب يثبن عليه إن شاء الله تعالى، وإذا كان المتبرعون قد تبرعوا لهذا الغرض فيتعين صرف المال المذكور للحج، ولا يجوز صرفه في غرض آخر.
مع التنبيه على أن الحج إنما يجب بشروطه المعروفة عند أهل العلم، والتي سبق بيانها في الفتوى رقم: 6081، والفتوى رقم: 22472.
وإن كان النسوة يكتمن ما يقمن به من هذا الأمر حرصاً على الإخلاص ومخافة من الوقوع في الرياء أو السمعة فهذا أيضاً مقصد حسن وطاعة لله تعالى، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 24914.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(11/16029)
جمع الأخت الصدقات لأختها الأرملة أم الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[يعطيكم الله الصحة والعافية، سؤالي هو: أنا أرملة ولي بنتان وأعيش مع أمي وبناتي في مدينة غير مدينتي في بيت استئجار وأعمل موظفة وبراتب بسيط جداً قررت شراء شقة لي في مدينتي والانتقال هناك ولكن الشقة على أقساط وتكلف ملايين الريالات اليمنية بالرغم من أنها ليست كبيرة، ولكن ظروف الغلاء في بلادي هي السبب، المهم بعت ما فوقي وتسلفت وتدينت حتى أسدد قيمة الشقة وقد ساعدتني أختي وزوجها التي تعيش في بلد خليجي هي وعائلتها وجزاها الله عنا كل الخير، ومع هذا كله فلم نستطع إكمال أقساط الشقة فاضطرت أختي أن تفتح باب المساعدة من جيرانها ومعارفها في هذه البلدة الخليجية وفعلاً أهل الخير ما قصروا وساعدونا وهذا الموضوع له أكثر من عام، ولكن أختي لم تقل لأهل الخير أن هذا البيت لوالدتها المسكينة ولأختها الأرملة الذي تعول ابنتين ولكن قالت لهم: هو لأم أيتام وما كذبت ففعلاً نحن أيتام ولكن لم تقل هؤلاء الأيتام أهلها وليس ذلك لأنها تستعر منا لا والله فجزاها الله خيرا هي وزوجها وأولادها لأنهم واقفون معنا منذ سنين ولو الناس كلها تخلت عنا هي ما تتخلى عنا إن شاء الله، المهم فبعد ما جمعت ما تيسر من أهل الخير فللأسف بعض النساء اتهموها بأنها تنصب عليهم وأن لا يوجد بيت للأيتام بالرغم وربنا أعلم أن أختي وأسرتها متدينون وملتزمون ما شاء الله تبارك الله ويحبون فعل الخير مع البعيد قبل القريب، المهم فتوقفت أختي عن باب التبرع لاستكمال أقساط شقتنا باستثناء ثلاث عائلات كانوا مستمرين في فعل الخير، علماً بأن أختي أعلنت بأن أم الأيتام قد استكملت قيمة الشقة للأيتام وأنهم صاروا يسكنون حالياً فيها، ولكن هؤلاء العائلات كانوا يعطون أختي الفلوس ويقولون لها: اشتري لأم الأيتام أغراضا ومرة اشتري لهم ملابس ومره اشتري لهم طعاما، المهم كانت جزاها الله خير ترسل لنا هذه الفلوس لاستكمال أقساط الشقة، فالسؤال هنا: هل تعتبر أختي ونحن آثمين لأنها تأخذ الفلوس وترسلها لنا, كي نسدد قيمة الشقة دون أن تنفذ ما طلبوه منها أهل الخير، وما حكم الشرع في ذلك، أفيدونا جزاكم الله عنا كل الخير ونحن في انتظار ردكم ويا ليت يكون في أسرع وقت ممكن وسامحونا لأننا نعيش في قلق من الخوف في أن نقع في الإثم، ولا أخفيكم نحن للآن لم نستكمل قيمة الشقة والله على ما أقول شهيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قامت به أختك تجاهك يعد من الأعمال الخيرة التي تثاب عليها إن شاء الله تعالى, فإنه إذا كان الإحسان إلى البعيد قربة عظيمة فالإحسان إلى القريب بله الأم والأخت أعظم القربات، وفي الحديث: الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. رواه الترمذي وحسنه، هذا ولا يلزم أختك أن تخبر المتبرعين بعلاقتها بك لأن هذا لا يؤثر، فالمتصدق تصدق على أرملة وأيتام محتاجين ولا يعنيه أسماءهم أو علاقتهم بمن يجمع الصدقات لهم، بعكس ما لو تصدق على فلان بن فلان فهنا يجب الصرف إلى من حدده المتبرع، كما لا حرج إن شاء الله تعالى من صرف المال الذي يدفعه المحسنون لشراء طعام أو ثياب أو أغراض أخرى في تسديد ثمن الشقة لأن هذا أيضاً من الأغراض بل هو أهم أغراض المتصدق عليه، وحتى يرتفع الحرج من قلوبكم اطلبي من أختك أن تُعلم المحسنين أنها تقوم بإرسال ما يتصدقون به إلى أم الأيتام لتنفقه في حاجاتها بدون تحديد وبهذا لا يبقى في قلوبكم شيء من هذه المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(11/16030)
تصرف الزوج في صدقة امرأته بغير إذنها
[السُّؤَالُ]
ـ[نويت إخراج صدقة من راتبي شهرياً ولكني كنت أعطيتها لزوجي لكي يدفعها في أي من الجمعيات الخيرية ولكنه كان يضطر لصرف هذا المبلغ في البيت لعدم كفاية السيولة معه، فهل يجب علي إعادة دفعها مرة أخرى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك سعيك المبرور ونسأله جل وعلا أن يديم عليك فعل الخيرات ونفع المحتاجين، فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.
وأما تصرف زوجك في مالك الذي سلمته له ليدفعه إلى الجمعيات الخيرية لنفع المحتاجين فلا يجوز له أن يتصرف فيه إلا بإذنك، فإن أذنت له بصرفه عند الحاجة فلا شيء عليه، وينبغي لك أن تدفعي بدله حتى تكوني من الذين إذا عملوا عمل خير داوموا عليه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل. متفق عليه.
وإن لم تبدليه فلا شيء عليك لأن مجرد العزم لا يوجب عليك ذلك وإنما يوجبه النذر ولم يحصل منك نذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1427(11/16031)
الإنفاق في وجوه الخير وحكم تأخير النذر المعلق
[السُّؤَالُ]
ـ[عقدت العزم على أن أخرج صدقة من راتبي شهرياً بقيمة مائة درهم للتصدق بها في أوجه مختلفة من أوجه الصدقة (أبناء العراق وفلسطين والأيتام لمندوبي الجمعيات الخيرية) ، وكنت أعطيها لزوجي حيث إني لا أستطيع الخروج من البيت كثيراً، ولكن كان يضطر زوجي لصرفها تحت أي ظرف (لم يكن معه نقود كافية أو اضطر أن يحضر شيئا للبيت) ، فهل علي إخراجها مرة ثانية، كذلك نذرت نذرا وتحقق، ولكني أجلته لأول الشهر، فهل علي أثم ولي في أسرتي أطفال أيتام من أسرتين مختلفتين (أختي وخالتي) ، هل واجب التصدق عليهم على الرغم من أن أزواجهم تركوهم والحمد لله مستورون، وما هي أوجه التصدق عليهم، هل المال أم إحضار ملابس أم نفقة في التعليم؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك سعيك المبرور، ونسأله جل جلاله أن يديم عليك فعل الخيرات ونفع المحتاجين، فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.
وأما تصرف زوجك في مالك الذي سلمته له للصدقة، فلا يجوز له أن يتصرف في المال الذي تعطيه إياه إلى المحتاجين إلا بإذن منك، فإن أذنت له بصرفه عند الحاجة فلا شيء عليه، وينبغي لك أن تدفعي بدله حتى تكونين من الذين إذا عملوا عمل خير داوموا عليه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل. متفق عليه.
وإن لم تبدليه فلا شيء عليك لأن مجرد العزم لا يوجب عليك ذلك وإنما يوجبه النذر، وأما تأخير الوفاء بالنذر المعلق فجائز ما لم يكن لمعين وطالب به فيجب فوراً، قال الشهاب الرملي: والوفاء بالمنذور حيث لزم فهو على التراخي إذا لم يقيده الناذر بوقت معين.
وقال الشمس الرملي في نهاية المحتاج: لو عين شيئاً أو مكانا للصدقة تعين فيلزمه ذلك أي ما التزمه إذا حصل المعلق عليه لخبر: من نذر أن يطيع الله فليطعه. ويلزمه ذلك فوراً إذا كان لمعين وطالب به وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1427(11/16032)
الصدقة الجارية من مال المورث هل يصل ثوابها إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصدقة الجارية التي تنفع الميت يجب أن تكون من عمله هو قبل الموت أم عندما يموت يأتي أهله بالصدقة الجارية ويقولون إن ثوابها يصل إليه في حين أنه كان قبل الموت وفي حياته ومعه المال الكافي لعمل الصدقة لا يتصدق وعندما يقول له أحد الذين يريدون خيرا تصدق يقول لهم لا أو ليس معي مال وهو معه مال وعندما يموت يأخذون من ماله وهو غير مخير ويعملون له صدقة تنفع أنا سمعت من أحد العلماء أن ثواب هذه الصدقة لا يصل للميت ولكن يصل إلي فاعلها وأنا مقتنع بهذا الرأي، فما رأي الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة الجارية تكون من مال المالك حال حياته كأن يبني مسجداً، وتكون بعد مماته سواء فعلها قريب له أو أجنبي، فإن أخرج الورثة الراشدون من التركة صدقة عنه وصل ثوابها إليه، وإن بنوا مسجداً على أن الأجر له فهي صدقة جارية ويلحقه ثوابها بإجماع العلماء، وإنما وقع الخلاف بينهم في وصول ثواب قراءة القرآن والصلاة ونحو ذلك، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 56783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(11/16033)
من اعتاد ذبح خروف كل سنة وأصابته ضائقة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي خروف أذبحه سنويا لله ولكني في تلك المرحله أتزوج فهل يمكنني أن أبيعه ليفك بعضا من ضيق يدي؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فهمناه من السؤال أنك لم تنذر ذبح خروف كل عام، وعليه فذبح الخروف لله تعالى كل سنة أمر حسن والمداومة على هذا العمل الخيري مطلوب, ولكن لو ألمت بك حاجة واحتجت إلى بيعه والانتفاع بثمنه فلا حرج عليك في ذلك، ما دام ذلك غير نذر منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(11/16034)
ضوابط شرعية للصناديق الخيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من الشباب كونّا صندوقا خيريا من أجل مساعدة بعضنا بعض في حالة المرض والوفاة والظروف الصعبة نجمع فيه من كل شخص مبلغ خمسمائة ريال يمني أي ما يعادل عشرة ريال سعودي مع العلم نحن ليس لدينا أملاك ولا شيء غير رواتبنا الشهرية وظروف الكل صعبة جدا فهل هذا العمل جائز ليس فيه مانع شرعي؟ وهل يجوز لنا أن نضع فيه أموال النذر والصدقات وزكاة الفطر وأي زكاة أخرى كزكاة الأموال؟ أفتونا مأجورين بارك الله فيكم.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قمتم به عمل خيري مبارك يستفيد منه المشاركون, ولا بد أن يكون هذا الصندوق مضبوطا بالضوابط الشرعية التي تبعد الخلافات بين المشتركين في الاستحقاق ونحو ذلك، ومن تلك الأسس التي تحقق هذه الأغراض مايلي:
1 ـ أن يكون القصد هو التعاون والتكافل والإرفاق.
2 ـ ألا يكون هنالك ارتباط بين ما يدفعه المشترك وبين ما يحصل عليه إذا وجد سبب استحقاقه فقد يزيد وينقص حسب حال الشخص المستفيد وليس بحسب ما يدفعه.
3 ـ أن تكون الحالات التي تشملها مساعدة الصندوق موصوفة وصفا محددا منعا لحصول الخلاف فيما بعد.
4 ـ أن يكون هناك مشرفون على الصندوق يتولون النظر في حالات الاستحقاق بعد حصول كل حالة على حدة، ويحددون القدر اللازم لها باعتبار حال المستفيد غنى وفقرا، ونحو ذلك مما يظهر منه أن القصد هو التعاون والإرفاق، وليس المقايضة البحتة.
5 ـ لا حرج في أن يكون الاشتراك في الصندوق بمبلغ مقطوع محدد أو بمبلغ مفتوح، ولا حرج في اختلاف نسبة ما يدفعه المشاركون فيه كل بحسب قدرته.
أما الأشياء الواجبة كزكاة المال وزكاة الفطر والنذور ونحو ذلك فلا يصح أن توضع في هذا الصندوق, بل الزكاة توزع للمستحقين لها فورا, وكذا النذر ونحوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1427(11/16035)
بين الصدقة والنصرة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند عرض استيكرات ملصقة مكتوب عليها (محمد صلى الله عليه وسلم في قلب كل مسلم) على أصدقائي، فقالوا لي: لماذا لا توفر أموالك وتعطيها للفقراء بدلاً من طباعة هذه الاستيكرات وتوزيعها على الناس وهم مقتنعون بذلك، فأرجو توضيح ذلك، مع بيان الصحة والخطأ في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل عمل خير يكون فضله بحسبه ومدى نفعه وحاجة الناس إليه وهكذا، فإذا كان عملك لتلك الملصقات يحتاج الناس إليه لتذكرهم أو تبعث في نفوسهم حب النبي صلى الله عليه وسلم ونصرته واتباع سنته ولم يقم أحد بذلك فيكفيكه فهو عمل بر وتثاب عليه، بحسب إخلاص النية وثمرة العمل، وهكذا فجميع الأعمال يوازن بينها في الفضل والأجر بحسب الزمان والمكان والعامل نفسه ومدى تعدي نفع عمله.
ولا شك أن الصدقة على الفقراء والمساكين والإنفاق في وجوه الخير من أفضل أعمال البر وأعظمها أجراً، ولا تعارض بين هذا وذاك، والأولى لك أن تجمع بين الحسنتين وتكسب أجر العملين فإذا تعين أحدهما فحسب فمرد الموازنة بينهما إليك فتنظر أيهما أكثر فائدة وأعم نفعاً وأبلغ أجراً على حسب ما ذكرنا من ضوابط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1427(11/16036)
تصدق الزوجة من مال زوجها وتصدقه عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال كيف تتصدق زوجتي وهى ربة بيت وليس لها عمل إلا عمل البيت وهل أتصدق عليها أنا وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا على أن التطوع بالصدقة ليس بواجب بل من تطوع بها نال ثوابها إن شاء الله تعالى ومن لم يفعلها لا يعاقب على تركها, وإن كان للسيدة المذكورة مال وأحبت التصدق به فلها ذلك ويجوز لها أن تتصدق من مال زوجها بما جرت العادة بالتسامح في مثله لقوله صلى الله عليه وسلم:
إِذَا تَصَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَلِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِك. متفق عليه وهذا اللفظ للبخاري.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:
وفى الحديث فضل الأمانة وسخاوة النفس وطيب النفس فى فعل الخير والإعانة على فعل الخير. انتهى.
وتجب عليك نفقة زوجتك ولا يجزئك أن تدفع لها الزكاة الواجبة.
أما صدقة التطوع فلا مانع من دفعها لها ففي فتح الباري أيضا:
وفي الحديث الحث على الصدقة على الأقارب وهو محمول في الواجبة على من لا يلزم المعطى نفقته منهم. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 71560، والفتوى رقم: 2221.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1427(11/16037)
مسائل في الهدية والصدقة لآل البيت ولغيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرات المشايخ والعلماء الكرام:
أود الاستفسار منكم حول أمر ضروري:
لقد ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أتي بطعام سأل عنه فإن قيل له هدية قبله وأكل منه أما إذا كان صدقة قلا يقبله.
هل أجر ومثوبة الهدية يعادل أجر الصدقة؟
وإذا أهديت آل البيت هدية فهل يكون أجرها هو أجر الصدقة التي تدفع في خارج آل البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما أشرت إليه من قبول النبي صلى الله عليه وسلم الهدية والأكل منها ورفضه للصدقة ثابت لأن الصدقة المفروضة (الزكاة) لا تحل له صلى الله عليه وسلم ولا لآله لأنها طهرة للناس ولأموالهم؛ كما جاء في صحيح مسلم وغيره مرفوعا: إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد إنما هي أوساخ الناس، وفي الصحيحين وغيرهما أن الحسن بن علي رضي الله عنهما أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كخ كخ ارم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة.
وأما الهدية والهبة فإنهما حلال لآل البيت، وكذلك صدقة التطوع على قول الجمهور.
وبالنسبة لأجر الصدقة والهدية وأيهما أفضل أو أكثر أجرا؟ فإن كليهما عبادة وقربة لله تعالى، فقد جاء الأمر بهما في نصوص الوحي من الكتاب والسنة، وإذا كان لإحداهما الفضل فهو بحسب المقام وحال المهدى إليه أو المتصدَق عليه، وحاجته، وحال المهدي أو المتصدِق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سبق درهم مائة ألف درهم....... الحديث. رواه النسائي وابن خزيمة والحاكم.
هذا ما لم تكن الصدقة فريضة، فإن الفريضة أفضل من النافلة وأعظم أجرا؛ لما رواه البخاري في الحديث القدسي: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه.
وإذا كان آل البيت بحاجة ماسة فلا شك أن الهدية لهم أفضل من الصدقة أو الهدية لغيرهم.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 67737، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1427(11/16038)
حكم وضع الأموال المتبرع بها في البنوك الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أما بعد: فنحن جمعية دينية ثقافية دينية معترف بها نقيم بفرنسا بضواحي باريس، نودع ما يجود به المؤمنون من أموال في البنك، وما نريد إجابة عنه أن لهذه الأموال فوائد تتراكم ولا نعرف ما نفعل بها، فاختلفت آراء المصلين في قاعة لنا نصلي فيها مؤقتا حتى نشتري قطعة أرض نبني فيها مسجدا. وسؤالنا هو أشيروا علينا فيما يمكن صرف فوائد الأموال المودعة في البنك؟
جزاكم الله خيرا والله لا يضيع أجر المحسنين وأبقاكم لنا ذخرا وقدوة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد والثبات في عملكم الدعوي والثقافي.
وأما مسألة وضع الأموال التي يتبرع بها المتبرعون في البنوك الربوية فإن ذلك غير جائز إلا في حالة الاضطرار إلى وضعها في هذه البنوك كأن يخشى عليها السرقة أو الضياع ونحو ذلك، لأن وضع هذه الأموال في البنوك الربوية إعانة على الربا فالبنك يقرض هذه الأموال بفوائد، وإذا كان لا بد من الإيداع في البنك فإن أمكن بدون فائدة فهذا هو المتعين، وإن لم يمكن فلا تترك الفوائد للبنك ولكن تؤخذ وتصرف في مصالح المسلمين العامة مثل الصرف على دور الأيتام، ومراكز التعليم والدعوة ونحو هذه المصالح العامة، ويجوز أن تصرف هذه الفوائد في شراء أرض المسجد أو بناء مسجد، وراجع أدلة ذلك في الفتوى رقم: 62361.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1427(11/16039)
هل يأخذ الابن ما تبقى من صدقات أبيه بغير علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالى هو: والدى يرسل المصاريف باسمى ويحدد وجهة الصرف بالأسماء ودائما يكون هنالك فائض فأتصرف فيه علما أنه يحدد لي نصيبى من هذا المال أما ما زاد فلا يسألني عنه هل هذا حرام أي أنني آكل مالا حراما حقيقياً لا أدري كم المبلغ الذي تصرفت فيه علما أنها ليست المرة الأولى؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لايجوز للابن أن يأخذ شيئا من مال أبيه إلا بإذنه وطيب نفسه، ما دام الوالد يقوم بواجبه تجاه ابنه المحتاج، ولتفاصيل ذلك وأدلته نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 31157.
وبناء على هذا فإنه لا يجوز للأخ السائل أن يأخذ من المال المتبقي بعد أخذ نصيبه منه ودفع الأنصبة للأشخاص الذين عينهم له والده، إلا إذا أذن له أبوه في أخذه أو شهد له العرف بأن المال المتبقي يكون له، أو كان أبوه مقصرا في نفقاته الضرورية ولم يمكنه الحصول عليها بعلمه بشرط ألا يأخذ في هذه الحالة إلا بقدر حاجته.
وذلك لأن الابن في هذه الحالة وكيل عن أبيه في صرف هذه الصدقات والوكيل مؤتمن على ما في يديه، ومقتضى الأمانة أن يتصرف في موضوع الوكالة حسب القيود التي وضعها الموكل.
وبعد هذا الإيضاح يمكن للأخ السائل أن يعرف ما إذا كان يحق له أخذ المال المتبقي أو جزء منه، فإن جاز له فالحمد لله، وإن لم يجز حسب الضوابط السابقة وجب عليه رده إلى والده بالصورة التي يراها مناسبة لبقاء العلاقة بينه وبين والده تسير على نسق الوفاق، ولا يضر كون رد المال بغير علم أبيه كما بينا في الفتوى رقم: 6022، وراجع للفائدة الفتويين رقم: 47942، ورقم: 64199.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1427(11/16040)
الصدقة معناها وأنواعها ومصارفها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين أما بعد:
في البداية أشكركم جزيل الشكر على منحكم لنا هذه الفرصة للمعرفة أكثر وأكثر.
سؤالي كالتالي:
الصدقة ما معناها ومتى تجب ولمن تجب؟
هل يجب أن تكون الصدقة ماليا أي نقودا أو عبارة عن حاجات تنفع الغير مثل اللباس أو الطعام؟
جزاكم الله إخواني رحمة منه سبحانه وتعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة تطلق على الزكاة الواجبة وعلى صدقات النافلة، أما الزكاة المفروضة فإنما تجب في أموال مخصوصة بشرائط مخصوصة وتصرف في مصارف مخصوصة مبينة في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة: 60} والأموال التي تجب فيها الزكاة هي:
1-الذهب والفضة وما قام مقامهما من الأوراق المعروفة اليوم.
2- الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم معزا وضأنا.
3- ما يقتات من الحبوب والتمر والزبيب من الثمار على خلاف بين أهل العلم في تفاصيل الأنواع التي تجري فيها الزكاة من الزروع والثمار.
4- عروض التجارة، وراجع الفتويين برقم: 6513، 21033.
وتطلق الزكاة أيضا ويراد بها زكاة الفطر المفروضة ومنه ما في الصحيحين عن ابن عمر قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر ...
وهي صاع على كل مسلم.
وتطلق ويراد بها التطوع كالإحسان إلى المحتاجين وغيرهم من مال غير الزكاة، وتكون الصدقة المستحبة للفقير وهي أفضل، وتكون للغني لعله يعتبر ويتصدق على غيره.
وتكون بإقامة مشاريع خيرية كمسجد وسقاية وشق طريق أو توزيع ثياب أو طعام ونحو ذلك من كل ما فيه نفع للآخرين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1427(11/16041)
حكم الصدقة على الغني
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ لحم الأضحية من الجار أو من ذوي القربى؟ وهل تعد هي صدقة على المقتدر بحيث يجب أن يسأل هل هي صدقة ام هدية؟ وهل ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من لحم الأضاحي؟ ولو ضحى المرء من هو الأولى بالأضحية؟
ما هو المستحب في ذلك أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أخذك بعض لحم الأضحية من جارك أو غيره ولو كنت غنيا وقادراعلى الأضحية، ولا يلزمك السؤال هل اللحم المذكور هدية أم صدقة؟ وعلى افتراض كونه صدقة فيجوز لك قبوله ولو كنت غنيا؛ لأن صدقة التطوع مباحة للغني، قال النووي في المجموع: تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف، فيجوز دفعها إليهم ويثاب دافعها عليها, ولكن المحتاج أفضل. قال أصحابنا: ويستحب للغني التنزه عنها, ويكره التعرض لأخذها. انتهى.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: وأما صدقة التطوع فيجوز صرفها إلى الغني لأنها تجري مجري الهبة. انتهى. وللمزيد راجع الفتوى رقم: 35844
وكون النبي صلي الله عليه وسلم أكل من أضحية غيره لم نقف على ذلك بخصوصه، لكن الثابت من خُلُقه صلى الله عليه وسلم وفعله أنه كان يقبل الهدية من غيره، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أوكراع لقبلت.
وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن عائشة رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ؛ خُيِّرَتْ عَلَى زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ، وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدُمٍ مِنْ أُدُمِ الْبَيْتِ، فَقَالَ: أَلَمْ أَرَ بُرْمَةً عَلَى النَّارِ فِيهَا لَحْمٌ؟ فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَكَ مِنْهُ. فَقَالَ: هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا: إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ. انتهى
وانطلاقا من هذا فلا مانع من أكله صلى الله عليه وسلم من أضحية غيره، ومن أراد التصدق من أضحيته فالأفضل أن يبدأ بذوي رحمه الفقراء لأن الصدقة عليهم صدقة وصلة للرحم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي القرابة اثنتان صدقة وصلة. رواه النسائي وابن ماجه وصححه الشيخ الألباني.
وقال النووي في المجموع: أجمعت الأمة على أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب. والأحاديث في المسألة كثيرة مشهورة. انتهى.
وبالنسبة لما يفعل بالأضحية فيستحب للمضحي أن يأكل منها ويتصدق ويهدي لغيره. وراجع الفتوى رقم: 12388،
ومن أهل العلم كالحنابلة والشافعية من أوجب التصدق منها؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 44487
والأضحية سنة عند جمهور أهل العلم ليست بواجبة، وراجع الفتوى رقم: 14090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1427(11/16042)
حكم التوكيل بالصدقة في مرض الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني أخي 7000 آلاف ريال وقال لي تصدق بها قبل مماتي، هل يجوز أن أتصدق بها أو أسلمها للورثة، علماً بأني صرفت ألفين من المبلغ في علاجه وبقيت خمسة آلاف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المتصدق قد أعطى المبلغ المذكور في مرضه الذي مات فيه -كما هو المتبادر من السؤال- فإن الصدقة ماضية إذا كان المبلغ لا يزيد على ثلث مال الميت، وعلى الآخ السائل أن ينفذ ما أمره به أخوه ويدفع المال للفقراء والمحتاجين بما في ذلك ما صرف على علاج أخيه من مال الصدقة لأنه لم يأمره بذلك بل أمره بالتصدق به، ويجب عليه صرفه للجهة التي ينصرف إليها عموم لفظ الصدقة وهم الفقراء والمساكين، قال في منح الجليل شرح مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول المؤلف في باب الهبة: (كأن دفعت لمن يتصدق عنك بمال ولم تشهد) وأما المريض فكل ما فعله فهو في ثلثه أشهد أو لم يشهد، ففي المدونة: وكل صدقة أو حبس أو هبة أو عطية بتلها (أي أمضاها) مريض لرجل بعينه أو للمساكين فلم تخرج من يده حتى مات فذلك نافد من ثلثه كوصاياه.
وقال ابن قدامة رحمه الله في باب الهبة: وقوله: إذا كان ذلك في صحته يدل على أن عطيته في مرض موته لبعض ورثته لا تنفذ، لأن العطايا في مرض الموت بمنزلة الوصية في أنها تعتبر من الثلث إذا كانت لأجنبي إجماعاً، فكذلك لا تنفذ في حق الورثة. قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكم الوصايا، هذا مذهب المديني والشافعي والكوفي. انتهى. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 9488.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1426(11/16043)
بيع البضاعة يثمن زهيد للمحتاجين والتبرع ببعض الأرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
قد قمت بجلب ماكينتي خياطة عدد (2) مع مساعيين اثنين وقمت بعمل شراشف وبعثتها إلى الجمعية الخيرية حيث تتبنى بيع هذة المنتجات بسعر زهيد ومن ثم أقوم بالتبرع من الأرباح المستحصلة فما هو رأيكم بهذا المشروع أرجو إجابتكم مع جزيل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في ذلك ما كان خاليا من الأمور المحرمة. وأنت مأجور بإذن الله على نيتك الحسنة في تقديم تلك البضاعة وتيسيرها بثمن زهيد لأصحاب الحاجات فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى. رواه البخاري
كما أنك مأجور على تبرعك ببعض ما يدره عليك ذلك العمل وشرط حصول ذلك كله إخلاص النية لله عز وجل وابتغاء وجهه والدار الآخرة قال الله تعالى: وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ.
نسأله سبحانه أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه، وأن يسدد على درب الخير خطانا إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(11/16044)
هبة ثواب كفالة اليتيم للغير
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بكفالة يتيم وأود أن أهب الأجر لأختي، فهل يجوز، وهل أبلغها بذلك، وهل هناك صيغة معينة أتلفظ بها لأهب الأجر لها؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكفالة اليتيم من أفضل القربات والطاعات، وإذا أراد الكافل أن يكون الثواب لغيره فيكفيه أن ينوي أن الثواب لفلان، وإذا تلفظ بذلك فقال: اللهم اجعل ثواب كفالته إلى فلان فحسن وإلا فالنية بالقلب كافية في أي ثواب يقصد منه الغير، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 40586.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1426(11/16045)
انتفاع الأم بمال ابنتها اليتيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أختكم من فلسطين كنت متزوجة من أحد المجاهدين والحمد لله أن رزقه الله واستشهد مقبلاً غير مدبر كما كان يتمنى في مقارعة العدو الصهيوني عندما كان يصد الغزاة عن أرضنا أرض غزة الحبيبة، وقد رزقنا الله قبل استشهاده بشهر بفتاة، بعد استشهاده قامت بعض الجمعيات الخيرية بعد استشهاده بإعطائنا بعض المساعدات المالية كما قامت بعض الجمعيات بعمل كفالات دورية للطفلة ويأتي لنا بعض الهدايا المالية في بعض المناسبات، كنت خائفة من هذه النقود وفي كيفية التعامل معها، وما هو الحكم في هذه الأموال، وما هو نصيب الفتاه في هذه الأموال، وما هو نصيبي وما هو نصيب والديه وأخوته الصغار، وهل أستطيع أن أتصرف في أموال الطفلة وذلك لإكمال تعليمي الجامعي، أجيبوني؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك التصرف في هذه الأموال إلا في إطار القيود التي حددتها الجهات التي تمنحها لك، فما مُنح للطفلة فهو لها، وما مُنح لك فهو لك، وكذا ما مُنح لوالدي زوجك وإخوته، وانظري الفتوى رقم: 22219.
فإذا ضاقت بك النفقة على نفسك واحتجت إلى بعض المال جاز لك أن تأخذي من مال ابنتك بالمعروف، وليس إتمام التعليم في الجامعة خاصة من الحاجات الضرورية التي تبيح لك أخذ مال اليتيم، إلا إذا كان علماً يجب عليك تعليمه لنفسك من أمور دينك.
علماً بأنه يحق لك أن تأخذي أجرة من مال الطفلة مقابل حضانتها إذا لم يوجد من يقوم بحضانتها بلا مقابل، وتحدد قيمة أجرة الحضانة بحسب المعروف في بلدكم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 31165، والفتوى رقم: 47145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1426(11/16046)
منع الصدقة عن الأيتام لعدم أمانة القائمين عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أخرج مبلغ 50 جنيها بصفة شهرية لدار أيتام،، ولكن منذ فترة كثرت الأقاويل بأن المسئولين على الدار غير أمناء على النقود والهدايا العينية،، وبالفعل رأت زوجتي بعينها أحد الفساتين التي أهديناها لهم تلبسه ابنة أحد العاملين بالدار،، كما حذر إمام المسجد من هذه الدار أيضاً،،، ومنذ شهرين وأنا لا أدفع لهم مبلغ ال 50 جنيها لهم ولكني ما زلت أخرجها لأيتام بنفسي من يدي في أيديهم،،،
فهل هكذا أدخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم أنني مثل الكلب الذي يقيئ ثم يبتلعها أي الذي رجع في صدقته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان بإمكانك أن تدفع المبلغ المذكور للأيتام من يدك إلى أيديهم فافعل ذلك ولا تقطع صدقتك عن هؤلاء الأيتام، فإن لم يمكن ذلك وظننت أنها لن تصل إليهم إذا أعطيت للقائمين عليهم، فلك أن تدفعها لأيتام أو فقراء غيرهم ولا تدخل بذلك في معنى الحديث المذكور، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه. رواه مسلم وغيره، لأن هذا فيمن يخرج صدقته أو هبته بالفعل ثم يرجع فيها بعد ذلك، قال النووي رحمه الله تعالى عند شرح هذا الحديث: هذا ظاهر في تحريم الرجوع في الهبة والصدقة بعد إقباضهما وهو محمول على هبة الأجنبي، أما إذا وهب لولده وإن سفل فله الرجوع فيه كما صرح به في حديث النعمان بن بشير. انتهى
وننبه هنا على أن هؤلاء الأيتام لا ينبغي أن يتركوا ويهملوا بحجة أن القائمين على دارهم ليسوا أمناء بل لا بد من النظر في حالهم من جهة المسؤولين المعنيين بشأن الأيتام لئلا يضيع هؤلاء المساكين، ولا يفوتنا هنا أن ننبه الأخ السائل أنه لا ينبغي عند الكتابة الاقتصار في الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلمة (ص) أو (صلعم) وما أشبهها من الرموز التي قد يستعملها بعض الكتبة والمؤلفين، لما في ذلك من مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله: صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {الأحزاب: 56}
كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 7334. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين التاليتين: 9488، 66255.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1426(11/16047)
كفالة الأسرة المحتاجة وكفالة الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي كافلة أسرة في فلسطين، وأرسلت لها الجمعية الخيرية الكافلة عن طريقها الأسرة بأن رب الأسرة أصبح قادرا على القيام بواجباته نحو الأسرة بعد أن اشترى سيارة وأصبح تدخل عليه مصروفا، وقامت الجمعية الخيرية بتحويل الكفالة الشهرية المرسلة من قبل زوجتي الى أسرة أخرى محتاجة داخل فلسطين، ورب أسرتها مصاب في الشبكية في عينه، وقالت الجمعية الخيرية إن لم تتصلوا بنا فسيعتبر بأنكم قبلتم بالتحويل للأسرة الفلسطينية الثانية، إلا أن زوجتي أرادت أن تعرف هل كفالة الأسرة تعادل كفالة اليتيم؟ وخاصة بأن مندوب الجمعيه قال لنا: إن الأيتام أخذوا حقهم وزياده من ناحية الكفالة فتجد اليتيم قد يكفله أكثر من شخص وأكثر من جمعية دون أن يدري أحد بالآخر، وأن كفالة الأسرة تعادل كفاله اليتيم بل قد تزيد.
فما مدى صحة ذلك؟ وهل كفالة الأسرة تعادل كفالة اليتيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكفالة اليتيم لها من الفضل والثواب ما لا يعلم قدره إلا الله، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى. وأي منزلة أفضل من ذلك؟
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشتكي قسوة قلبه فقال له: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك. أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
وورد في كفالة المسكين والأرملة ولو غير متصفين بصفة اليتم فضل كبير، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله. وأحسبه قال: كالقائم الذي لا يفتر، وكالصائم الذي لا يفطر.
وعليه فالذي نجزم به هو أن في كفالة اليتيم وفي كفالة الأسر المحتاجة من الخير ما لا يعلم قدره إلا الله. وأما القول بأن كفالة الأسرة تعادل كفالة اليتيم، فإن ذلك يحتاج إلى توقيف من الشارع، وهو ما لم نقف عليه.
ولكن القواعد تقتضي إيثار المضطر من الناس، وقد ندب الشرع إلى تفريج الكرب؛ ففي صحيح البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ... الحديث. وفي صحيح مسلم والمسند وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر عن معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وعليه فلا يبعد أن تكون كفالة الأسر أولى من كفالة الأيتام الذين قد أعطوا من المال ما صاروا به أغنياء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1426(11/16048)
التصدق من مال الغير بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مع عمي في سوق للمواد الغدائية وأحيانا يأتي إلينا محتاجون يطلبون التصدق عليهم وأحيانا أعطيهم من غير علم عمي وهو مالك المال، فهل علي إثم، وإذا كان علي أثم فما هو كفارة هذا الإثم، علما بأن المبالغ التي أتصدق بها بسيطة ولا أستطيع حصرها الآن؟ وبارك الله فيكم، وجزاكم كل الخير عن الأمة الإسلامية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لك التصرف في مال عمك بالصدقة أو غيرها بدون إذنه، ويعد ذلك منك اعتداء على ماله، وعليك أن تتوب إلى الله عز وجل من هذا التصرف أو تخبر عمك بما فعلته، فإن أجاز عملك فالحمد لله، وإن لم يجزه دفعت له من مالك ما تتيقن أو يغلب على ظنك أنه مثل ما أنفقته من ماله بدون علمه، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 51821.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1426(11/16049)
حكم تصدق المرأة من مصروف البيت بدون علم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف رأي الدين فى أن أخرج بعض الصدقات من نقود أدخرها من مصروف البيت من غير علم زوجى مع أن زوجى يخرج زكاة المال ولكن بغير أن يدقق ربما تزيد فى بعض السنين وفى الغالب تقل عن المبلغ الذى يجب دفعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 9457. ما يجوز للمرأة أن تنفقه من مال زوجها وما لا يجوز أي بدون علمه فالرجاء مراجعتها. وعليه.. فإن على الأخت السائلة أن تحذر من أن تقع في محرم رغبة منها في فعل الخير.
هذا إن كان المصروف من مال الزوج، أما إن كان من مالك فلك أن تتصدقي بدون إذنه ولتنظري الفتوى رقم: 47875،
أما مسألة الزكاة فإن كان المال مال الزوج فيمكن تفادي نقص ما يجب دفعه من الزكاة بأن تبيني له أن المبلغ الواجب إخراجه عن زكاة المال لا بد أن يخرج كاملاًً ولا يجوز الاحتفاظ بشيء منه، ولتطلعيه على الفتوى رقم: 51647، لبيان التحذيرمن عدم إخراج الزكاة.
وإن كان المال مالك فلا بد من إشرافك على زكاته أو توكلي من يزكيه عنك ويخرج المبلغ الواجب إخراجه كاملاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(11/16050)
تسديد دين الأم من الصدقات
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي متوفاة وعليها دين مبلغ من المال للبنك وأنا أسدد ذلك عنها حالياَ.
وأرسل لي جماعة مبلغاً من المال كي أتصدق به عنهم.
فهل يجوز أن أسدد النقود التي بذمة والدتي من المبلغ الذي أرسل لي كي أخلصها منه ولا يبقى برقبتها.
لأنه ليس باستطاعتي تسديد المبلغ بالكامل؟
وهل تجوز الصدقة على دار بيوت المسنين أو دور الأيتام للأطفال؟
وهل تجوز الصدقة على أهل بيتي بالرغم من أن لهم إيرادا بسيطا؟
جزاكم عني كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو هذا المال الذي أُرسل إليك من أن يكون زكاة مال أو صدقة تطوع، فإن كان زكاة مال جاز لك أن تعطي منها من ذكرتهم إذا اتصفوا بوصف الفقر أو المسكنة أو أحد أوصاف الأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ {التوبة: 60} ويدخل في ذلك دور الأيتام والمسنين إذا كان من ينفق عليهم فيها أهلاً لاستحقاق الزكاة وكذا أهل بيتك وسداد الدين الذي على والدتك.
أما إذا كان هذا المال صدقة تطوع وكان قد حدد المنفق لها مصارف خاصة فلا يجوز لك العدول عما حدده لك، فإن لم يكن حدد لك مصرفاً معيناً جاز لك أن تعطيها لمن تراه أهلاً لها ولو كان من الأشخاص أو الجهات المذكورة في السؤال. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19289 // 25203 // 40777 // 21734.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(11/16051)
لا يجوز التصدق بمال الحي إلا بعلمه ورضاه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اسأل عن ابنة تريد التصدق بمال والدتها بعد مماتها كصدقة جارية، البنات يردن مثلها التصدق، أما الأولاد لا علم لهم به، الأم ما زالت عائشة، ما حكم الشرع في ذلك الأمر؟ هل يجوز لها التصرف بهذا المال من نفسها أم لا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للبنت المذكورة أن تتصرف في مال أمها ما دامت الأم على قيد الحياة لأن المال باق في ملكها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
كما قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير.
وعليه، فلا يجوز للبنت المذكورة ولا لغيرها من الأخوات التصرف بمال أمهن ما دامت على قيد الحياة إلا بتمام رضاها وعلمها، ولا يجوز لها أيضا بعد ممات أمها إلا في ما يخصها هي بعد قسم التركة، فعندئذ يجوز لها أن تتصدق به عن أمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(11/16052)
حكم دفع الصدقة للابن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء الزكاة لزوجة ابني أو الصدقة عليها، على أن تصرفها فيما يخصها هي حيث لا تجوز الصدقه والزكاة على الابن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى قد بين الأصناف الذين تصرف لهم الزكاة في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60} .
وإذا كانت زوجة ابنك متصفة بالفقر وكان زوجها غير قادر على الإنفاق عليها فلا مانع من دفع الزكاة لها وهي مجزئة عنك إن شاء الله تعالى، وراجعي الفتوى رقم: 55946.
أما صدقة التطوع فيجوز دفعها للابن أو زوجته ولو كانا غير فقيرين لأنها تجوز للأغنياء، وراجعي الفتوى رقم: 23540.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(11/16053)
ضوابط التصدق على الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أعطيت شخصا مسيحيا فلوسا على أساس أنه محتاج جدا ومقطوع ويريد أن يسافر إلى بلده هل هذا حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من دفع مال سوى الزكاة لغير مسلم ليسد به حاجته وذلك هو الراحج من أقوال العلماء، كما بيناه في الفتوى رقم: 12798.
أما إذا علم المعطي أنه سيستعين به على معصية الله فلا يجوز له إعطاؤه لهذا العارض؛ كأن يشتري به صليبا أو خمرا ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(11/16054)
حكم إهداء ثواب الصدقة الجارية للأهل والأصحاب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التصدق بنية الصدقة الجارية للأهل والأصحاب وكذلك للخطيب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من إعطاء ثواب الصدقة الجارية أو غيرها لكل مسلم، وهذا باتفاق أهل العلم، كما قال القرافي في الفروق حيث قسم القربات إلى ثلاثة أقسام: قسم اتفق أهل العلم على عدم جواز إعطاء ثوابه كالإيمان وقسم اتفقوا على جواز إهداء ثوابه وهو القربات المالية كالصدقة، وقسم اختلفوا فيه وهو العبادات البدنية كالصلاة والصوم.. وللمزيد من التفصيل وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 35631، والفتوى رقم: 27664، ولذلك فإنه يجوز التصدق بنية الثواب لمن ذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(11/16055)
الصدقة خفية أفضل وأقرب إلى الإخلاص
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يكون الأجر والثواب أكبر وأعظم عند الله عندما يتم إخفاء وستر الإنفاق المالي في سبيل رضى الله ورسوله والمؤمنين \\\" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون\\\"؟؟؟؟؟
في أمان الله وكل ساعة وأنتم بخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {البقرة: 271} وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. وذكر منهم: ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
ولهذا فلا شك أن الإنفاق سرا والصدقة خفية على الفقراء والمساكين أفضل منها إذا كانت علانية لأن ذلك أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء وأقل إحراجا للفقراء، وقد استثنى أهل العلم من ذلك الزكاة الواجبة فالإعلان بها أفضل لأنها شعيرة وركن من أركان الإسلام، فينبغي إظهارها.
وللمزيد من أقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتويين: 62174، 62253، وما أحيل عليه فيهما.
وأما الآية المذكورة فقد قال عنها أهل التفسير ما معناه: إنها تضمنت ترغيبا وترهيبا ووعدا لمن عمل خيرا، ووعيدا لمن عمل شرا، وقد جاءت في سياق حديث القرآن عن المنافقين وختام الآية: وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون
فيجازى المحسن على أعماله الحسنة والمسيء على أعماله السيئة؛ كما قال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ {الزلزلة: 7-8}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1426(11/16056)
شروط الإنفاق في سبيل الله وبعض آدابه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما هي شروط الإنفاق في سبيل الله؟
في أمان الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشرط الإنفاق في سبيل الله أن تخلص النية لله في ذلك، فتنفق رجاء ثوابه وابتغاء مرضاته، قال تعالى: وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى {الليل: 20} .
وأن يكون ما تنفقه حلالا، لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وأن لا يكون في إنفاقك على من تنفق عليه إعانة له على الإثم والباطل لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} .
وقبل ذلك كله لا بد أن يكون المنفق مسلماً، فعمل الكافر باطل، قال تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا {الفرقان: 23} .
وقال: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا {النور: 39} .
ومن آدابه الوسطية فيه، كما قال تعالى: وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا {الإسراء: 29} .
وأفضلها أن تتصدق وأنت صحيح شحيح ترجو الغنى وتخشى الفقر ولا تنتظر حتى إذا بلغت الروح الحلقوم قلت لفلان كذا أو لفلان كذا، وقد كان لفلان كذا.
والأقربون أولى بالمعروف فتنفق على نفسك وزوجك وولدك ثم أدناك فأدناك كما دلت على ذلك الأحاديث الكثيرة الواردة في هذا المقام.
وقد بين سبحانه وتعالى في كتابه فضل الإنفاق في سبيل الله، وما ينبغي للمنفق فعله في نفقته، فقال: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا {البقرة: 261-264} .
فهذه شروط الإنفاق وبعض آدابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1426(11/16057)
من تصدق بمال ولم يقبله المتصدق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عديل ألمت به ضائقة قبل ثلاث سنوات فأرسلت له مبلغا من المال ولا أدري أكان هذا المبلغ زكاة مال أم صدقة في ذلك الوقت، والآن هو يريد أن يرد هذا المال ومصر ولا أدري ما الذي يجعله يصر على ذلك حيث ترك لي هذا المال مع صديق له بعد أن رفضت أن آخذه أنا منه وأنا في هذا الوقت محتاج فهل يجوز لي أن آخذه أم لا وكيف أتصرف به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المال إما أن يكون زكاة أو يكون صدقة.
فعلى الاحتمال الأول لا يجوز لك بحال من الأحوال تملكه ولا الاستفادة منه، وإنما يجب عليك دفعه إلى مستحقه من الفقراء والمساكين.
وعلى الاحتمال الثاني، فالذي يفهم من كلام المالكية واستحسنه بعضهم أنه لا حرج عليك في الاستفادة منه، لأنه صدقة على معين لم يقبلها.
جاء في الفواكه الدواني وغيره من كتب المالكية: أن من أخرج كسرة لسائل فوجده قد ذهب أنه لا يجوز له أكلها، ويجب عليه أن يتصدق بها على غيره كما قاله مالك، وقال غيره: يجوز له أكلها، وجمع ابن رشد بين قولي مالك وغيره بحمل كلام غير مالك على ما إذا أخرجها لمعين، فيجوز له أكلها عند عدم وجوده أو عدم قبوله، وحمل كلام مالك على إخراجها لغير معين فلا يجوز له أكلها بل يتصدق بها على غيره، لأنه لم يعين الذي يأخذها وهذا جمع حسن. اهـ
ولكن بما أن هذا المال حقيقة مشكوك في وضعيته، ويدور الشك فيه بين أن يكون زكاة وبين أن يكون صدقة، فلا شك أن الأولى والأورع صرفه إلى الفقراء والمساكين، لأنه على الاحتمال الأول كما قدمنا لا يجوز لك استعماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1426(11/16058)
إعطاء المال لفقير غير الذي حدده المتصدق
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد زميل لي يعمل عند شخص ثري ويقوم هذا الشخص الثري بإعطاء مبلغ شهري لبعض الأفراد الفقراء ويعطيني زميلي هذا المبلغ أوصله لأحد الأشخاص وهي امرأة أرملة ومعها أطفال، ولكن سلوكها سيء للغاية والجميع يعرف وهي تجهر بالمعصية حيث تزني مع أخي زوجها المتوفي وأنجبت منه مرتين، ولكن تنزل المولود عنده ثلاثة أو أربعة شهور كل مرة وسلوكها غير إسلامي بالمرة وهي تعمل في البيوت خادمة عند أكثر من شخص وحالتها المادية جيدة حيث يظهر ذلك عندما تشتري أشياء لا يقدر على شرائها بعض الناس العاديين وتقوم بإعطاء بعض المال لأخي زوجها الذي لا يعمل كي يشرب بها الخمر والسجائر وهو شخص سلوكه لا يمس الإسلام بشيء مثلها حيث يأمر زوجته وأولاده كي يعملوا ويعطوا له المال وغير ذلك من الأمور السيئة والأكيدة لمن يعرف هؤلاء الأفراد وهم جيراني ... والسؤال هنا هو: أنا قلت أكثر من مرة لزميلي هذا يقول للشخص الثري الذي يعمل عنده إن هذه المرأة لا تستحق المال، ولكنه قال من أجل الأطفال وأنا أقول إن الأطفال يلبسون ويأكلون أحسن من أناس كثيرين حيث تصرف هذه المرأة معاشا لزوجها ويعطيها ناس كثيرون مالا، فأنا أقول لو أني أخذت المال الذي يعطيه لي زميلي وقمت من ورائه بإعطائه لفرد آخر يستحق حتى ولو كان هذا الشخص يأخذ أيضا جزءا من المال الذي يعطيه الرجل الثري هذا فهل هذا حرام، مع العلم الأكيد أن هذه المرأة عندها ما يكفيها ويزيد وتعطي بعض المال لأخى زوجها الذي يعمل معها الفاحشة ولكن الرجل الثري مصر كل الإصرار على إعطائها المال، فما رأي الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل أن نجيب الأخ السائل على مسألته ننبه إلى أن اتهام الناس في أعراضهم أمر خطير لا يجوز لأحد الخوض فيه، لما يترتب على ذلك من آثار وخيمة وشيوع للفاحشة بين المؤمنين، قال الله تعالى: لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ {النور:12} .
وقد وضع الله تعالى للقذف بالزنا شروطاً، منها أن يرى المرء ذلك بنفسه رؤية لا يشوبها شك، وأن ينضم إليه ثلاثة مثله في اليقين الذي حصل له، وقد بينا ذلك واضحاً في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20147، 17640، 57330.
أما عن إعطاء هذا المال للأسرة المذكورة، فإنه لا يجوز لك أن تخالف فيه أمر موكلك بإيصال هذا المال إليهم، لكن إذا تيقنت أو غلب على ظنك أنهم يستعينون بهذا المال على معصية الله تعالى فلا يجوز لك أن تتولى إيصاله إليهم، وعليك أن تنصح المتصدق به دون أن تتصرف فيه بما يخالف أمره، فإن انتصح فالحمد لله، وإن أبى إلا ذلك رددت المال إليه ورفضت توكيله لك، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11560، 32258، 45446، 26720.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1426(11/16059)
هل يجب التحري قبل الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً بارك الله تعالى فيكم فلقد كنتم أحد أسباب هدايتي والتي أسأل الله أن يديمها عليّ ولا أستطيع أن أصف لكم مدى سعادتي وراحة بالي وقلبي اليوم لي تساؤل بخصوص التبرع وكفالة اليتيم..
لقد عرض علي صديق لي أن أقوم بكفالة طفلة يتيمة وقال إن ذلك يتم من خلال جمعية تسمى الجمعية الشرعية الرئيسية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية وقال إن ما عليك سوى دفع مبلغ يسير كل شهر لهذه الجمعية وغيرك يقوم بالمثل وبذلك يتكون مبلغ وفير لهذا اليتيم وسؤالي: هل عليّ أن أتأكد من وجود تلك الجمعية حيث إني أقوم بإعطاء المال لصديقي وهو يقوم بذلك نيابة عني اعتقاداً مني أنه صادق والله أعلم بالنوايا.
بارك الله تعالى فيكم وأعانكم على فعل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان صديقك ثقة أمينا في نظرك فيمكن أن ترسل هذا المبلغ عن طريقه ليتم إيصاله لليتيمة، وهذه الصدقة ليست واجبة عليك، وإنما هي من نوافل الأعمال التي يتقرب بها إلى الله وتنال بها محبته، وإذا كانت الصدقة غير واجبة فأحرى أن لا يجب عليك البحث عن الجمعية، بل عليك أن تخلص النية في إنفاقك وتحتسب الأجر عند الله وتسأله القبول.
ويشرع بل يفضل أن تؤثر بهذه الكفالة بعض الأقرباء الذين تعلم حالهم، لما في الحديث: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة. رواه النسائي وصححه الألباني.
وراجع الفتوى رقم: 6395، والفتوى رقم: 19715.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(11/16060)
حكم الانتفاع بمال الصدقات ثم رده
[السُّؤَالُ]
ـ[أجمع مالاً من الأهالي في مؤسسة أشتغل بها ليصرف على الطلاب في متطلبات مدرسية، وحالياً لا حاجة لهذا المال إلى أن أحتاجه فهو مدخر، هل يجوز أن أستعمله ثم أرده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك استعمال هذا المال لأنه أمانة تحت يدك، واستعمالك إياه -ولو تم رده بعد ذلك- خيانة لهذه الأمانة، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27} ، وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له. وراجع للأهمية الفتوى رقم: 21071، والفتوى رقم: 1794.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1426(11/16061)
انتفاع الإخوة بأموال الكفالة الخاصة بأختهم
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخنا الفاضل نحن أسرة فلسطينية بسيطة جداً الأب متوفى ولا يوجد لدينا أي مصدر دخل نهائيا وخصوصا أني من فلسطين وأنتم تعرفون وضعنا المادي جيدا والاخ الأكبر يدرس ولا يعمل لنا أخت طفلة مكفولة من أحد الإخوة من الخارج وهذه الأخت قاصرة شرعا (15 سنة) ، ونحن نقوم بأخذ هذه الكفالة وسد احتياجاتنا منها ونقوم بشراء مستلزمات البيت منها، مع العلم بأننا فتحنا حسابا لهذه الأخت بالبنك الإسلامي وضعنا جزءاً ليس بصغير من كفالتها لها كتوفير للمال ولنكون منصفين معها ونقوم بشراء ما تريده من هذه الكفالة ولا نحرمها أبدا بل نميزها عن أخواتها وهي تقول لنا أنها تقبل أن نقوم أيضا بصرف هذه الكفالة على أنفسنا لأنه لا يوجد مصدر دخل نهائيا، فما الحكم الشرعي الإسلامي لهذا العمل، البعض قال لنا إنه حرام صرف أي قرش من هذه الكفالة على أنفسنا فهذه الكفالة لها فقط ونحن نريد جوابا من سيادتكم ومساعدتنا، بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أختكم المكفولة قد بلغت راشدة، فلا مانع من الأخذ من مالها بالقدر الذي تأذن فيه، والرشد هو: حسن التصرف في المال.
وعكس الرشد السفه، وهو: تبذير المال وإنفاقه في غير محله.
ولمعرفة تفاصيل مسألة البلوغ والرشد راجع الفتوى رقم: 33965، ومنها يتبين لك أن أختكم قد بلغت إذا كانت سنها خمس عشرة سنة، كما ذكرت.
وأما إذا لم تكن رشيدةً فلا يجوز أخذ شيء من مالها ولو أذنت فيه، لأن إذنها قبل البلوغ والرشد لا اعتبار له، لعدم توفر أهلية التصرف فيها، هذا إذا كان الكافل قد عين المبلغ الذي يرسل لهذه الأخت، أما إذا كان يرسله باسمها لكنه صرح لكم بأن المبلغ لكم جميعاً فلا نرى مانعاً من الأخذ منه لتعلق حقكم به كأختكم، ومعرفة إذن الكافل في ذلك يمكن الوصول إليها بالاستفسار منه عن حقيقة هذه الكفالة، وراجع الفتوى رقم: 44806، والفتوى رقم: 52990.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1426(11/16062)
لم يرد في السنة دعاء خاص عند دفع الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هل هناك دعاء معين أو ذكر عندما أدفع بصدقة لأنني أدعو اللهم تقبل مني هذه الصدقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نطلع على دعاء خاص يدعو به المتصدق عند دفع الصدقة، وقد ذكر بعض العلماء أن التسمية تسن عند دفعها، قال في مغني المحتاج في الفقه الشافعي: وتسن التسمية عند الدفع إلى المتصدق عليه لأنها قربة قال العلماء ولا يطمع المتصدق في الدعاء من المتصدق عليه لئلا ينقص أجر الصدقة، فإن دعا له استحب أن يرد عليه مثلها لتسلم له صدقته.
واعلمي أن المسلم إذا تصدق بصدقة من مال طيب لا يريد بذلك إلا وجه الله تعالى فإن الله تعالى يقبل منه ولو لم يدع، وينبغي للمسلم أن يجتهد في سؤال الله عز وجل أن يتقبل منه عمله ويتجاوز عن تقصيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1426(11/16063)
صرف الصدقة في غير ما تبرع له المتصدق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم احتاجت امرأة مريضة إلى إجراء عملية جراحية لغرض العلاج، ولكن حالتها المادية لا تسمح لإجراء هذه العملية، مع العلم بأنها موظفة، وكذلك زوجها، ولهم رواتب شهرية يتقاضونها ولكن لا تكفي حاجاتهما، فقام شقيقها بجمع مبلغ من المال لأجل ذلك دون علمها، فاجتمع له مبلغ من المال، ولكن بتوفيق من الله تمكنت من إجراء تلك العملية في مستشفى حكومي، وبقي ذلك المال المجموع لها، ولكن بعد العملية استمرت في العلاج وهذا يحتاج إلى مبلغ من المال لشراء الأدوية وإجراء التحاليل والكشوفات الطبية اللازمة، كذلك تحتاج إلى الأكل والشرب، فهل يجوز لها استعمال المال المجموع لها لغرض العملية، وإنفاقه في مستلزمات العلاج بعد العملية والأكل والشرب، مع العلم بأن هذا المبلغ وصل النصاب، وحال عليه الحول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المتبرعون وأهل الخير قد اشترطوا أن يصرف ما تبرعوا به في العملية وإلا رد إليهم فإن ما لم يصرف من المال في العملية رد إلى أصحابه المتبرعين.
وأما إذا لم يشترطوا شيئاً فإن المال يعتبر ملكا للمرأة التي وهب لها تنفق منه كيف تشاء على علاجها وغيره، وعليها أن تخرج منه الزكاة ما دام قد بلغ النصاب وحال عليه الحول، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 60600، والفتوى رقم: 63754 وما أحيل إليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1426(11/16064)
هل يجوز التصدق بالثياب المستعملة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سألت في الأيام الماضية أحد أهل الخير وطلبت منه أن يدلني على إحدى الأسر الفقيرة لأن لدي بعض الملابس المستعملة وأريد أن أتصدق بها بدلا من رميها ولكنه قال لي هذا لا يصح إذا كنت تريد أن تتصدق فتصدق بالملابس التي ترتديها وقرأ آية (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وقال لي هل ترضى أنت لنفسك هذا فقلت له أنا الحمد لله لست محتاجا وهو مصر على رأيه، ما رأيكم في ما قاله لي إذا كنتم تخالفونه الرأي فأريد دليلا على ذلك؟ وماذا أفعل بهذه الملابس هل أرميها مع العلم أنها في حالة جيدة وليست ممزقة أو بالية هي فقط مستعملة؟.
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في التصدق بالثياب المستعملة، بل هو مستحب عند بعض أهل العلم في حال ما إذا لبست ثوباً جديداً.
ففي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي الشافعي: ويسن لمن لبس ثوباً جديداً التصدق بالقديم، إلى أنه قال: وليس التصدق بالثوب القديم من التصدق بالرديء، بل مما يحب، وهذا كما جرت به العادة من التصدق بالفلوس دون الذهب والفضة. انتهى
والآية التي ذكرتها في سؤالك فصل ابن الجوزي القول فيها حيث قال في تفسيره زاد المسير: قول الله تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ، في البر أربعة أقوال: أحدهما: أنه الجنة قاله ابن عباس ومجاهد والسدي في آخرين، قال ابن جرير فيكون المعنى: لن تنالوا بر الله بكم الذي تطلبونه بطاعتكم، والثاني: التقوى قاله عطاء ومقاتل، والثالث: الطاعة قاله عطية، والرابع: الخير الذي يستحق به الأجر قاله أبو روق.
قال القاضي أبو يعلى: لم يرد نفي الأصل وإنما نفى وجود الكمال، فكأنه قال لن تنالوا البر الكامل.
قوله تعالى: حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ فيه قولان، أحدهما: أنه نفقة العبد من ماله وهو صحيح شحيح. رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. والثاني: أنه الإنفاق من محبوب المال قاله قتادة والضحاك، وفي المراد بهذه النفقة ثلاثة أقوال، أحدها: أنها الصدقة المفروضة قاله ابن عباس والحسن والضحاك، والثاني: أنها جميع الصدقات قاله ابن عمر، والثالث: أنه جميع النفقات التي يبتغى بها وجه الله تعالى سواء كانت صدقة أو لم تكن.
وعليه، ففي الآية أقوال لأهل العلم، والإنفاق مما يحب الإنسان سبب لوصول كمال البر ونهايته مع الخلاف في المقصود بالنفقة هنا، والتصدق بالثوب المستعمل هو من باب التصدق من المال المحبوب للإنسان كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(11/16065)
إحياء نفسك وأهلك أوجب عليك من حق سائر الناس.
[السُّؤَالُ]
ـ[قد استلمت من أحد الأشخاص الذين ينفقون في سبيل الله مالاً يقارب (50000) خمسين ألف ريال وتم تخصيص مبلغ (15000) خمسة عشر ألف ريال لي غير الخمسين ألفا فقمت بتوزيع المبلغ كاملاً بالإضافة إلى الخمسة عشر ألف ريال دون أخذ شيء من هذه المبالغ خشية أن لا أنال الأجر من الله وخوفا أن يحسب الأجر من العبد مقابل هذا المبلغ وحالتي المادية ضئيلة وأهل البيت غضبوا علي ولكن لم أبال بغضبهم، فهل هنا قد عملت الخير لي وللمحسن بالله أم ظلمت أهل بيتي بالمبلغ المخصص لي وجزاكم الله الخير منا ومن المسلمين جميعاً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنك مأجور على ما قمت به من إنفاق المال الذي تسلمته. فقد قال الله تعالى: وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا {المزمل:20} ، وقال تعالى: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ {البقرة:272} ، وقال صلى الله عليه وسلم مخاطبا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرأتك. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
ومع هذا، فإنك لو أمسكت مما خصص لك قدرا تسد به حاجتك وحاجة أهلك، كان ذلك خيرا لك.
فقد أخرج البخاري وغيره من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول. قال العيني في عمدة القاري: والمعنى أن شرط التصدق أن لا يكون محتاجا ولا أهله [محتاجين] ولا يكون عليه دين، فإذا كان عليه دين فالواجب أن يقضي دينه. وقضاء الدين أحق من الصدقة والعتق والهبة، لأن الابتداء بالفرائض قبل النوافل. وليس لأحد إتلاف نفسه وإتلاف أهله وإحياء غيره، وإنما عليه إحياء غيره بعد إحياء نفسه وأهله، إذ هما أوجب عليه من حق سائر الناس. أهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(11/16066)
حكم تصدق الولد مما يأخذه من أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[- أود الاستفسار عن الآتي
أنا فتاه جامعيه ولا أعمل بالشهادة التي حصلت عليها وليس لي دخل أو مصروف خاص بي ولكني آخذ من أمي بعض المال وأطلب من أخي وضعه في الجامع الذي بجوارنا كصدقة عني وعن أهلي فهل يجوز ذلك أم لا حيث قيل لي يجب أن يكون من دخلي الخاص بي وليس من المال الذي آخذه من أمي فأرجو إفادتي مال أمي تأخذه من أبي طبعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أخذك للمال المذكور من أمك بغير إذنها ولا رضاها فذلك لا يجوز، لقوله صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه. رواه الإمام مسلم
وبالتالي، فما أخذتيه بغير رضاها وجب عليك رده لها أو طلب المسامحة منها والتحلل منه.
وإذا كان ذلك برضاها فالمال حينئذ ملك لك تتصرفين فيه بما شئت من صدقة أو غيرها.
وأخذ والدتك من مال زوجها جائز بشرط كونه يسيرا في عرف البلاد وما زاد على ذلك فلا يجوز.
وراجعي الفتوى رقم: 42095 الفتوى رقم: 9457.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1426(11/16067)
الحكم ينبني على نية المتصدق
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرضت لأزمة صحية منذ فترة (تليف في النخاع) ,وتطلب علاجي السفر للخارج وحالتي المادية لا تسمح ,فتبرع لي أهل الخير بمبلغ ... وهناك قرر الأطباء إجراء عملية ولكني لم أجد شخصا أنسجته مطابقة لأنسجتي ليتبرع لي ,فوصف لي الأطباء علاجا أستخدمه مدى الحياة حتى أجد الشخص المناسب وأجري العملية, وهذا الموضوع صعب جدا ومكلف فعندما عدت بعد ثلاثة أشهر بقي معي جزء من المال ففكرت أن استثمره ليعود علي بالفائدة ويغطي مصاريف علاجي إن شاء الله ويساعدني في أمور الحياة ولا أحتاج العون من أحد مرة أخرى, وفي نيتي إن أطال الله في عمري ونجح مشروعي سأعيد المبلغ لأصحابه مع العلم أنهم والحمد لله أغنياء وغير محتاجين لما سأعطيهم إياه..
هل علي إثم باستثماري المال؟ وإذا من الله علي بالصحة والخير هل الأفضل أن أعيد المال لأصحابه الأغنياء أم أتصدق به؟؟؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزى الله من أعانك على مرضك خير الجزاء، ونسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل
واما بخصوص المبلغ الذي تبرع به هؤلاء فينظر فيه إلى نية المتبرعين بسؤالهم عنه، فإن كان قصدوا دفع تكاليف العلاج فقط فيجب رد ما زاد أو لم ينفق في هذا المجال إلى أصحابه، فإن سامحوك فيما زاد أو رضوا أن تتاجر به فلا مانع.
وأما إن كانوا قصدوا مواساتك وإعانتك دون تحديد فالمال كله لك، ولك أن تتصرف به كيف شئت، وراجع الفتوى رقم: 34293.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(11/16068)
هل طباعة الأشرطة الأسلامية تعد صدقة جارية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الصدقات الجارية؟ وهل تعتبر الأشرطة الإسلامية من الصدقات الجارية؟ أنا شخص أنوي عني وعن والديى وزوجتي وإخواني عندما أتصدق بمبلغ بسيط وأنويه عني وعنهم فهل لهم أجر نيتي؟ وما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقف الأشرطة للانتفاع بها من الصدقة الجارية ويثاب الإنسان عليها مدة بقائها، وأما التشريك في الصدقة بأن تنوي أن ثواب هذه الصدقة لك ولوالديك ومن شئت إشراكهم فجائز، وينال الثواب الكل.
قال في الإقناع من كتب الحنابلة: وكل قربة فعلها المسلم، وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(11/16069)
التبرع لبناء مؤسسة للمعاقين هل يعد صدقة جارية
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت في برنامج مصري أن هناك جمعية مصرية تريد بناء مؤسسة للأطفال المعوقين. هل التبرع لهذا الأمر يعتبر صدقة جارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإقامة مؤسسة خيرية لرعاية المعاقين عمل خيري نافع وخدمة للضعفاء والمحتاجين، فإعانة القائمين بالمشروع صدقة ويبقى النظر فيما إذا كانت الصدقة التي ستعينهم بها ستوضع في شيء ثابت كبناء ونحوه أو ستصرف في شيء يستهلك كطعام ونحوه، فإن كان الأول فهي صدقة جارية، وإن كان الثاني فهي صدقة ولكن ليست بجارية، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 43607.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(11/16070)
مصرف الصدقة إذا توفي المتصدق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[حياكم الله وأحسن إليكم عندي سؤال مهم ومستعجل.
كان لدي قريب مريض ومحتاج لمبلغ كبير لإجراء عملية جراحية على القلب. وقمت أنا وأخ لي بجمع مبلغ من المال من المحسنين لغرض العملية. وبقي المال عندنا والمريض تُوفي.
فهل هاته الأموال تنتقل إلى ملكية الميت رحمه الله ونعطيها للورثة. وهم زوجة وبنت وأب؟
وهل يحق لنا أن نعطي المال للزوجة والبنت دون الأب لأن بعض المساهمين بعد بلوغه نبأ الوفاة اقترح أن نعطي نصيبه للزوجة والبنت دون الأب.
فهل بمجرد ما أخذنا المال أصبح في ملكية الميت - علما أن المساهمين ما اشترطوا أن يسترجع المال في حالة الوفاة- بل منهم من صرح وقال خذ هذا المال لصالح فلان.
أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 62355
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1426(11/16071)
الصدقة على شارب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المسلم مطالب بأن يتحرى في الشخص الذي يتصدق عليه وإلى أي حد، وهل إذا تصدق عن جهالة على فاسق يشرب الخمر هل له أن يأمل في الثواب؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصدقة تنقسم إلى قسمين صدقة واجبة وهي الزكاة وصدقة غير واجبة وهي صدقة التطوع، فأما الأولى فلا بد من دفعها إلى مستحقيها وهم المذكورون في الفتوى رقم: 41520.
وعليه فلا بد من التحري ومعرفة أن من تعطى له يستحقها، ولبيان حد الفقير والمسكين طالع الفتوى رقم: 60559، ولو تصدق الصدقة الواجبة على مسلم فاسق فسقاً لا يخرجه عن الملة جاز وتجزئ بشرط أن يكون مستحقاً لها، وبشرط ألا يستعين بها على فسقه، مع أن صرفها لغيره أفضل، كما سبق أن ذكرنا ذلك في فتوانا رقم: 1485.
وأما صدقة التطوع فلا شك أن أولى من تعطى لهم الفقراء والمساكين الأقرب فالأقرب، ولكن لو أعطيت لأي أحد ولو غير مسلم فإن ذلك جائز، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 525.
وخلاصة القول أن الصدقة على شارب الخمر جائزة ولو كانت عن قصد ما لم يعلم أنه يستعين بها على شراء الخمر، وإلا كان التصدق عليه من التعاون على الإثم والعدوان، وأولى إن كانت من غير قصد والثواب حاصل بنية التصدق إن شاء الله وقعت موقعها أو لم تقع موقعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1426(11/16072)
علم الناس بالصدقة هل يبطل أجرها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت تتصدق على أسرة فيها أيتام شهرياً وكانوا يبوحون بهذه الصدقة للناس، هل لنا الأجر أم يجب إعلامهم بسترها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا خلاف بين العلماء في أن صدقة السر أفضل من صدقة العلانية للسلامة من الرياء لبعدها عن أعين الناس قال ابن قدامة في المغني: وصدقة السر أفضل من صدقة العلانية لقول الله تعالى: إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ.
ولما روي في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. وذكر منهم رجلا تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه. انتهى.
لكن تفضيل صدقة السر على العلانية قد حمله بعض العلماء على الغالب، وفي غير الغالب قد تكون صدقة العلانية أفضل، قال ابن العربي في أحكام القرآن: فأما صدقة النفل فالقرآن صرح بأنها أفضل منها في الجهر بيد أن علماءنا قالوا: إن هذا على الغالب مخرجه، والتحقيق فيه أن الحال في الصدقة تختلف باختلاف المعطي لها والمعطى إياها والناس والشاهدين لها. أما المعطي فله فائدة إظهار السنة وثواب القدوة وآفتها الريا والمن والأذى، وأما المعطى إياها فإن السر أسلم له من احتقار الناس له أو نسبته إلى أنه أخذها مع الغنى عنها وترك التعفف.
وأما حال الناس فالسر عنهم أفضل من العلانية لهم من جملة أنهم ربما طعنوا على المعطي لها بالرياء وعلى الآخذ لها بالاستغناء ولهم فيها تحريك القلوب إلى الصدقة لكن هذا اليوم قليل. انتهى.
وعلى كل حال فإن علم الناس بها لا يبطل أجرها، ولا يلزم المتصدق أن يطلب من المتصدق عليه أن يكتم ولو أمره بذلك فإنه أبلغ في السر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1426(11/16073)
لا يأثم من توقف عن الصدقة المستحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت إُخرج لله 50 جنيها كل شهر، وهذا للفقراء أو اليتامى أو من يحتاج وأنا الآن احتاج هذا المبلغ لأن زوجتي سوف تلد عن قريب وأنا أدخر من أجل يوم الولادة، فهل يجوز أن أقطتع هذا المبلغ من أجل حالة زوجتي، أفيدوني جزاكم الله خيرا وشكراً لحسن استماعكم لنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإنفاق في وجوه الخير عبادة يعظم ثوابها، وقد ثبت الترغيب فيها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ {الحديد:7} ، وقال تعالى أيضاً: وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:272} ، كما وعد الله تعالى المنفقين بأن يخلف عليهم ما أنفقوه ابتغاء وجهه تعالى، حيث قال: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ:39} .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا.
وفي الصحيحين أيضاً واللفظ للبخاري قال صلى الله عليه وسلم: من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل.
وعليه؛ فإذا كنت تنفق المبلغ المذكور تطوعاً منك صدقة على المساكين أو غيرهم فهذه طاعة تثاب عليها إن شاء الله تعالى، لكنها ليست بواجبة، فيجوز لك التراجع عنها مطلقاً سواء احتجت إلى المبلغ المذكور أم لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(11/16074)
الأصل أن الإسرار بالصدقة أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج أن يخبر الزوجة عن المبالغ التي يتصدق بها دون أن ينقص من أجره شيئاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل في حق المسلم إخفاء صدقته التي هي من باب التطوع محافظة على الإخلاص والبعد عن الرياء؛ بدليل قوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ {البقرة: 271}
قال الإمام ابن كثير في تفسيره: فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها، لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به فيكون أفضل من هذه الحيثية. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة. والأصل أن الإسرار أفضل لهذه الآية. انتهى.
هذا إضافة إلى ما ثبت في الصحيحين أن من ضمن السبعة الذي يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله.
قال الإمام النووي: وفي هذا الحديث فضل صدقة السر. قال العلماء: وهذا في صدقة التطوع، فالسر فيها أفضل، لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء، وأما الزكاة الواجبة فإعلانها أفضل. انتهى.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 26758.
وعليه، فالأفضل في حقك إخراج الصدقة سرا من غير إخبار أحد بما في ذلك زوجتك. لكن يجوز لك إخبارها بتلك الصدقة، وتكون بذلك قد تركت الأفضل والأكثر ثوابا وهو الإسرار بها، إلا إذا كان في إخبارها مصلحة معتبرة شرعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(11/16075)
إخفاء الصدقات خير من إعلانها
[السُّؤَالُ]
ـ[أراد شخص أن يتبرع لبناء مئذنة مسجد والطابق الثاني منه شريطة أن يكتب على البناء الذي تبرع به\" أنه عن روح والده فلان\"
فهل نقبل منه هذا التبرع ونقبل هذا الشرط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى تجنب وضع لائحة باسم المتصدِق أو المتصدَق عنه لأن إخفاء الصدقات خير من إعلانها، ولأن البدع والمباهاة تدخل في هذا الباب بكثرة، وخصوصا في هذا الزمن، مع أنه لا داعي له لأن الله الله عز وجل هو الذي يثيب، وهو يعلم نية المتصدِق ومن تُصُدِّق عليه ومن تصدَق به.
ثم إنه يُخْشَى على المتصدق في حال كتابة اسم والده أن يتسرب إلى قلبه الرياء فيضيع عليه ثواب عمله، ولكن لو أصر المتصدق على ذلك فلا حرج عليكم في قبول المال منه والوفاء له بما اشترط عليكم، وهو كتابة اسم والده على البناء، ولكن ليعلم أنه بعد تبرعه بما ذكر لا سبيل له على المسجد فهو كغيره من المصلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(11/16076)
تصدق المرأة بكل مالها بغير إذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[سبق أن أرسلت سؤالا لي وتمت إجابته بعونكم، وكان سؤالي: خطيبتي تريد بعد زواجها أن تنفق جميع مرتبها بالكامل تبرعا لأناس فقراء فعليين، أنا لن أتأخر عن سداد زكاتي أو زكاتها، كما أنني لا أبخل على أي فقير، ولكنني عارضتها حيث إنني أخبرتها أن ذلك تبذير وقد نحتاج نحن أو أولادنا هذا المبلغ الذي يصرف بالكامل شهريا، نظرا لصعوبة الأيام واحتياجاتها، أؤكد سيدي أنني لا أعارض أبدا أن تتبرع للفقراء ولكن ليس بالمبلغ كله أليس كذلك يا سيدي؟ قلت لها تنفق ربع المبلغ عليهم بجانب إنفاقي أنا عليهم، كما أنني أنوي ألا أمس جنيها واحدا من مرتبها فهو من حقها بالكامل، أرجو من سيادتكم إعطاء النصح في هذا الموضوع لأنه قد يسبب حساسية بيني وبين خطيبتي التي أحبها بشدة، وكانت من ضمن إجابتكم: لها أن تصرف الثلث فقط، وأن أرادت أكثر فلها أن تستأذن زوجها، المهم لو صرفت باقي مرتبها رغما عن زوجها فهل ذلك يدخل في نطاق الحرام، أي أنها فعلت شيئا يحاسبها الله عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على استحباب أن تستأذن الزوجة زوجها فيما تنفقه من مالها ولا يجب عليها ذلك، أي أن عدم استئذانها ليس حراماً، وهذا هو الراجح لعموم قول الله تعالى: حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ {النساء:6} ، وراجع الفتوى رقم: 2221.
فما دامت بالغة رشيدة فلها التصرف في مالها بما تشاء من التصرفات ما لم يكن محرماً، وذهب الإمام مالك إلى أن لها التبرع بالثلث فما دونه، وأما ما زاد عليه فلا بد فيه من إذن الزوج، وقد ذكرنا أقوال أهل العلم في ذلك مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 9116.
أما طلبك النصح في هذا الموضوع فنقول للأخت إن الأولى أن تمسك بعض مالها، ففي الصحيحين من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أمسك بعض مالك فهو خير لك. كما أن الأولى أن تستأذن زوجها في إنفاق ما زاد على الثلث، لما في ذلك من صيانة العشرة بين الزوجين ودوام استمرارية الحياة الزوجية وسعادتها واستطابة نفس الزوج، وكل ذلك أمر يرغب فيه الشارع ويحث عليه كثيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(11/16077)
كفالة اليتيم والصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في كفالة يتيم ولكن للأسف الشديد راتبي الشهري لا يسمح لي بذلك، فسؤالي هو: أنني إذا تبرعت بشكل مستمر لإحدى جمعيات كفالة اليتيم بمبلغ بسيط يعني حوالي 10 أو 5 دولارات شهريا، فهل يعد ذلك بمثابة صدقة جارية، أم يحتسبها الله لي بمثابة كفالة يتيم؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً. متفق عليه، ومعنى كفالة اليتيم: القيام بأمره ومصالحه من نفقة وكسوة وتأديب وتربية وغير ذلك.
وإذا كان دفع المال لدار كفالة الأيتام كافياً في سد حاجة اليتيم من النفقة والتأديب والرعاية، كان ذلك كافياً لكي ينال المنفق هذه المرتبة العالية -كفالة اليتيم- التي يكون صاحبها رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.
وإذا لم يكن دفع المال محققا لذلك المعنى المعتبر في الكفالة كأن يكون المال لا يفي بجميع حاجات اليتيم فإنه يكون مشاركاً في كفالته ويثاب على قدر ذلك بالفعل وعلى الباقي بالنية كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة، وليست كفالة اليتيم بالطريقة المذكورة من الصدقة الجارية لأن الصدقة الجارية هي تحبيس أصل المال وتسبيل منفعته، وقد ذكرنا أمثلة للصدقة الجارية في الفتوى رقم: 8042.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(11/16078)
صنيعة الطعام وإهداء الثواب لآل البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا من سكان العراق، طبعا تعرفون بما يسمى بيوم عاشوراء وأربعين الحسين،
المهم كثير من الجيران يذبحون لهذه المناسبة كل عام ويوزعون الأكل على البيوت فعندما نسألهم عنه يقولون الذبح تم لوجه الله والثواب للحسين رضي الله عنه وأرضاه وعلى هذا الأساس نقبل منهم الطعام ونسمي ونأكله، لكن سمعت مرة أن آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم لا تجوز عليهم الصدقات وبالتالي لا يجوز أن نخرج طعاما ونقول هذا ثواب للحسين، وبالتالي لا يجوز أن نأخذه وإذا أخذناه لا يجوز أكله. والله أعلم، أفتونا في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الاحتفال بهذا اليوم وصنع الطعام فيه ونحو ذلك في فتوى مفصلة برقم: 7466 فليرجع إليها.
وأما قبول الطعام من القائمين بتوزيعه في هذا اليوم، فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 45347.
وأما كون أهل البيت لا تحل لهم الصدقة فالمراد به أنه لا يحل لهم قبول الصدقة حال حياتهم، أما إهداء ثواب الصدقة لهم بعد موتهم فهم في ذلك كغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(11/16079)
سداد دين الزوج أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى قطعة أرض أريد أن أبني عليها دارا للأيتام فهل أبنيها أم أبيعها لأسدد شيكا على زوجي وإن لم يدفعه سوف يسجن علما بأنه صرف الشيك على احتياجات المنزل والمعيشة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى في مثل هذه الحالة هو مساعدة الزوج على سداد دينه الذي قد يؤدي التأخر في سداده إلى المساءلة ووقوع عقوبة السجن عليه، لاسيما وقد ذكرت أنه تورط في هذه الديون من جراء نفقته على البيت، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لزينب زوجة عبد الله بن مسعود لما سألته عن حكم إعطاء زكاة مالها لزوجها فقال: أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة. متفق عليه.
وهذا الحكم في الزكاة الواجبة، وهو في الصدقة النافلة من باب أولى، لأن البداءة بالقريب في مثل هذا قد رغب فيها الشرع وحث عليها، ففي الحديث: يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول: أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك. رواه أحمد والنسائي، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني.
وراجعي في هذا الفتوى رقم: 25858، والفتوى رقم: 45989، ويؤيد ما ذكرناه عظم حق الزوج على زوجته بما ينبئ عن تقديمه في البر عند تعارضه مع ما ذكرت في السؤال، وراجعي الفتوى رقم: 39566.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1426(11/16080)
حكم وراثة الميئوس من حياته والتصدق من ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي مريضة ولا تعي ما حولها منذ سنوات ورثت من خالي رحمه الله وليس لها غيري أنا ابنتها وأبناء ابنها المتوفى قريبا رحمة الله عليه (ولدان وثلاث بنات) وابنة عم أبيها.. الآن زوجة أخي المرحوم تقول لي إن أبناءها لهم النصف وأنا النصف وقريبتها لا ترث وأنا معترضة لأن والدتي على قيد الحياة أطال الله في عمرها ولا يجوز أن نرثها في حياتها أو أن نستثمر مالها لأنه ليس من حقنا جميعا وأنا عندي وكالة عن والدتي، وأقول لهم بأني أستطيع أن أسحب منه لأعمال الخير لأن المبلغ كبير والحمد لله على نعمه وليس من حقي أن آخذ لي شيئا، وأنا أعلم أنها لو كانت تستطيع الكلام لعملت لوالدتها ووالدها وأجدادها رحمهم الله صدقات جارية زوجة أخي معترضة وتريد أن ترى ما أسحبه وتحاسبني على كل شيء كون أولادها يرثون هذا ما تراه لأنها تقول هي وأهلها إن والدتي كالميتة وخالي قبل وفاته قد أعطى أصدقاءه مبالغ كبيرة وعنده الشيكات وهذا منذ سنين ولم يستطيع في حياته أن يسترجع منها شيئا وكل هذا بيد المحامي وبعد وفاة أخي انتقلت الوكالة لي وأنا أقول لهم والدتي لا تريد هذا المال سيبقى في ذمتهم ولا نريد مشاكل الله الغني وهي كذلك معترضة أريد منهم كذلك أن يصفوا المال من الفوائد قبل التصرف فيه والزكاة منه ولا أحد يساعدني في ذلك، فماذا أفعل وهل ما أقوم به صحيح كون الوكالة بيدي أنا أخاف الله أفيدوني؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت الوكيل الشرعي عن والدتك فالواجب هو التصرف في مالها بما هو أصلح من استثماره في الحلال، وعلاجها منه، والإنفاق عليها، وأداء ما فرض الله تعالى فيه من الزكاة.
ولا يحق لك أن تعملي منه الأعمال الخيرية أو غيرها إلا إذا رجع لها عقلها وأمرت بذلك في حدود الثلث، وما ذكرتيه من أنه لا يجوز أن ترثوها في حياتها فصحيح، ولا يجوز إرث الشخص ولو كان ميئوساً من حياته إلا بعد التحقق من موته؛ لأن شرط الإرث تحقق موت المورث وحياة الوارث بعده.
وفي حال وفاة والدتكم قبل الورثة المذكورين فإن لك (البنت) النصف فرضا، والنصف الآخر لأبناء أبنائها تعصيباً يقسم بينهم للذكر ضعف نصيب الأنثى، ولا شيء لابنت عم أبيها.
وعليك بالرجوع إلى المحكمة الشرعية في هذه الأمور كلها فهي أدرى بمثل هذه الحالات، وبإمكانها التحقيق والاطلاع أكثر من غيرها، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية: 41195، 53310، 55574.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1426(11/16081)
الصدقة أفضل من القرض
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تنظم الشريعة الغراء علاقة المقرض والمقترض؟ (أقصد مايخص الأشخاص وليس المؤسسات) بمعنى أنني أرى بعض الإخوة كثير الاقتراض - وأحاول أن أنهاه - فيقول إن درهم القرض أفضل من درهم الصدقة - هل هذا صحيح؟ بمعنى أن الأفضل لي أن أقرض شخصا ما على أن أخرج نفس المال كصدقة؟ ومن ناحية أخرى استعاذ رسولنا عليه الصلاة والسلام من المغرم والمأثم - أرجوالتوضيح والاستفاضة.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للإنسان أن يستدين إذا علم من نفسه القدرة على الوفاء، ولكن لا ينبغي للمسلم أن يتساهل بالاستدانة لأدنى سبب، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم التشديد في الدين في حق المستدين، فعن محمد بن عبد الله بن جحش قال: كنا جلوساً بفناء المسجد حيث توضع الجنائز، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين ظهرانينا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره قِبَل السماء فنظر، ثم طأطأ بصره، ووضع يده على جبهته ثم قال: سبحان الله سبحان الله، ماذا نزل من التشديد؟ قال: فسكتنا يومنا وليلتنا، فلم نرها خيراً حتى أصبحنا. قال محمد: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما التشديد الذي نزل؟ قال: في الدين، والذي نفس محمد بيده، لو أن رجلاً قتل في سبيل الله، ثم عاش، ثم قتل في سبيل الله، ثم عاش وعليه دين، ما دخل الجنة حتى يقضى دينه. رواه أحمد. وعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها! قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: الدين. رواه أحمد. وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة ويقول: اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم. فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ يا رسول الله من المغرم! قال: إن الرجل إذا غرم: حدث فكذب، ووعد فأخلف. متفق عليه، ولا ريب أن هاتين الصفتين من صفات المنافقين، وحري بالمسلم أن يبتعد عن كل ما يؤدي للتخلق بصفاتهم، وليس القرض أفضل من الصدقة، في حق المقرض، بل الصواب أن الصدقة في حقه أفضل من القرض، فقد قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280} . قال الإمام الجصاص في كتابه أحكام القرآن: يعني والله أعلم: أن التصدق بالدين الذي على المعسر خير من إنظاره به، وهذا يدل على أن الصدقة أفضل من القرض لأن القرض إنما هو دفع المال وتأخير استرجاعه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قرض مرتين كصدقة مرة. وأما ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة مكتوبا الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر فقلت يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة قال لأن السائل يسأل وعنده والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة. رواه ابن ماجة، فهو حديث ضعيف، قال الكناني في مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه: هذا إسناد ضعيف، وقال الألباني: ضعيف جدا. وقال النفراوي في الفواكه الدواني: المعتمد أن الصدقة أفضل من القرض، لأن المتصدق لا يأخذ بدلها بخلاف المقرض، والحديث ضعيف. وأما في حق المقترض، فإن كان يرجو الوفاء فلا ريب أن القرض أفضل من أن يطلب الصدقة، لما في ذلك من صون وجهه عن ذل المسألة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لاتزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس على وجهه مزعة لحم. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(11/16082)
البم والصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعمل صدقة جارية لأمي التي قد توفيت وهذه الصدقة هي مشاركة في قيمة بم لرفع الماء في قرية معينة وهذا البم تابع لمشروع أهلي بتلك المنطقة ويستفيد منه أهالي المنطقة في الشرب والسؤال يا فضيلة الشيخ من جزئين:
هل تعتبر هذه المشاركة صدقة جارية لأمي المتوفاة وإذا كان ذلك صدقة جارية هل إذا خرب ذلك البم وتعطل عن العمل تظل الصدقة جارية وتستمر حسناتها لأمي المتوفاة أم تنتهي بانتهاء وخراب البم؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا وجعل ذلك في موازين حسناتكم 0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشراء ما يسمى بالبم أو المشاركة في شرائه -وهو الذي يرفع الماء إلى خزانات المياه- ووقفه بنية الثواب للوالدين أو أحدهما يعتبر صدقة جارية مدة بقائه، فإذا تلف انقطعت الصدقة، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 10668.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/16083)
الصدقة على القرابة الفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أؤجر بإحضار الخبز لبيت أختي الأرملة وأولادها على حسابي يوميا بنية خالصة لوجه الله الكريم، وهل يجوز أن أنوي بنية واحدة بأن أقول إن كل قرش يخرج مني لأي شخص سواء قريب أو بعيد هو خالص لوجه الله الكريم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمتصدق يثاب على الصدقة لا سيما على القريب؛ بل الأفضل أن يخص بها القرابة من الفقراء لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة، والصدقة على الفقير أعظم أجراً لكونها تسد خلته، وإذا كانت الصدقة صدقة تطوع جاز دفعها إلى الأغنياء وأثيب المتصدق، والأفضل دفعها إلى الفقير، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف فيجوز دفعها إليهم ويثاب دافعها عليها، ولكن المحتاج أفضل، قال أصحابنا: ويستحب للغني التنزه عنها، ويكره التعرض لأخذها. انتهى.
وكون الإنسان ينوي أن كل ما دفعه من ماله إلى شخص يكون صدقة عليه أمر حسن، ولكن لا بد من نية أخرى خاصة عند دفعها لحصول الثواب عليها كصدقة، أو تسليمها إلى فقير فإنه يكفي في الحصول على ثواب الآخرة، وإن كان الأفضل مع ذلك الجمع بين النية ومناولة الفقير، ففي أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري: ولو ملك شخصا لحاجته من غير استحضار ثواب الآخرة ينبغي أن يكون صدقة أيضاً، فينبغي الاقتصار على أحد الأمرين: إما الحاجة، أو قصد ثواب الآخرة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/16084)
الشاي الذي يقدم للموظفين هل يعتبر صدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل شرب الشاي على نفقة العمل (نثريات) يدخل في باب الصدقة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المراد من السؤال هو هل ما يقدم إلى الموظفين والعمال أثناء العمل من الشاي وغيره مما ليس مشروطا إعطاؤه لهم، أي هل يعتبر صدقة من جهة العمل على هؤلاء أم لا؟ فإن كان هذا هو المسؤول عنه فالجواب أن هذا معروف وكل معروف صدقة، كما في الصحيحين وغيرهما. قال في تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي: قال الراغب: المعروف كل اسم يعرف حسنه بالشرع والعقل معا. وقال ابن أبي جمرة: يطلق اسم المعروف على ما عرف من أدلة الشرع أنه من أعمال البر سواء جرت به العادة أم لا، قال: والمراد بالصدقة الثواب، فإن قارنته النية أجر صاحبه جزما، وإلا، ففيه احتمال. قال: وفي هذا الكلام إشارة إلى أن الصدقة لا تنحصر في الأمر المحسوس فلا تختص بأهل اليسار مثلا، بل كل واحد قادر على أن يفعلها في أكثر الأحوال بغير مشقة. انتهى.
وإن كان المسؤول عنه غير هذا المعنى فالرجاء توضيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/16085)
صرف الصدقة في غير الجهة التي حددها المتصدق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي زميلة حدث لها بتر فى قدمها وبقيت أجمع النقود لها وجمعت مبلغا من المال والحمد لله، وجاء يوم اليتيم فقررت أن آخذ جزء من هذه النقود لدار أيتام وكان ذلك على أساس أن كل المال أولا وأخيرا يقع في يد الله سبحانه وتعالى وهى أيضا الحمد لله أناس كتيرون يساعدونها وهذه الدار لا يقبل عليه الكثير فهل مافعلته حرام وسأعاقب عليه ويعلم الله أني ما أخذت من هذه النقود شيئا لنفسي بل الحمد لله أضفت عليها فأريد جوابا لسؤالي هل مافعلته حرام ولكني لم أكن أقصد غير أن كل النقود تقع في يد الله.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الأخت السائلة تأخذ المال من المتصدقين به على أنه صدقة على زميلتها بعينها فلا يجوز لها صرفه في غير الوجه الذي تصدق به أهله عليه وهو تسليمه لزميلتها، وإن صرفته في غير هذا الوجه فهي ضامنة له، قال الحطاب في مواهب الجليل: وأفتى ابن رشد في نوازله في سؤال سأله القاضي عياض عنه ونص السؤال ـ والجوب رجل أخرج مالا بصدقة فعزل منه شيئا سماه بلسانه وميزه لمسكين بعينه ثم بعد ذلك بدا له فصرفه لمسكين آخر فهل يباح له ذلك أم لا يباح له ذلك لتمييزه إياه لمسكين بقوله:.. وهل صار قوله هذا لفلان وقد أخرج المال مخرج الصدقة كقوله تصدقت بهذا على فلان وهل يستوي في هذا ما أخرج الإنسان على هذا الوجه من ماله وماميزه لمعين مما يجري من صدقة غيره على يديه إذ ظهر لي بين الوجهين فرق.. الجواب، تصفحت السؤال فإن كان هذا الرجل الذي عزل من المال الذي أخرجه للصدقة شيئا سماه لمسكين بعينه سماه له ونوى أن يعطيه له ولم يبتله بقول ولا نية فيكره له أن يصرفه إلى غيره وإن كان قد بتله (قطعه) له بقول أو نية فلا يجوز له أن يصرفه إلى غيره وهو ضامن له إن فعل ذلك وكذلك ما جعل إليه تنفيذه مما أخرجه غيره للصدقة سواء ومثله في المعنى الذي يأمر للسائل بشيء أو يخرج به إليه فلا يجده يكره له أن يصرفه إلى ماله ولا يحرم ذلك إن كان إنما نوى أن يعطيه له ولم يبتله له بقول ولا نية وبالله التوفيق. انتهى. بتصرف قليل هذا إن كان المال المتصدق به من غير الزكاة الواجبة وإلا فلا يجوز أن تصرف إلا إلى الأصناف الثمانية التي حددها الله ومنهم الفقراء الذين لا مال لهم، وللفائدة يرجى مطالعة الفتوى رقم: 9488.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/16086)
تصدق الزوجة بمالها كله على الفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيبتي تريد بعد زواجها أن تنفق جميع مرتبها بالكامل تبرعا لأناس فقراء فعليين. أنا لن أتأخر عن سداد زكاتي أو زكاتها. كما أنني لا أبخل على أي فقير، ولكنني عارضتها حيث إنني أخبرتها أن ذلك تبذير وقد نحتاج نحن أو أولادنا هذا المبلغ الذي يصرف بالكامل شهريا. نظرا لصعوبة الأيام واحتياجاتها.أوكد سيدي أنني لا أعارض أبدا أن تتبرع للفقراء ولكن ليس بالمبلغ كله أليس كذلك ياسيدي؟ قلت لها تنفق ربع المبلغ عليهم بجانب إنفاقي أنا عليهم. كما أنني أنوي ألا أمس جنيها واحدا من مرتبها فهو من حقها بالكامل. أرجو من سيادتكم إعطاء النصح في هذا الموضوع لأنه قد يسبب حساسية بيني وبين خطيبتي التي أحبها بشدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه جمهور أهل العلم أن المرأة الرشيدة لها أن تتصرف في جميع مالها بما شاءت من الهبة والصدقة من دون الرجوع إلى إذن زوجها، وذهب مالك إلى أن لها ذلك فيما دون الثلث، وأما مازاد عليه فلا بد فيه من إذن الزوج، وراجع الفتوى رقم: 20630، وعليه فإنه يجوز لخطيبتك أن تتصدق بجميع مرتبها على الفقراء ولا يعد ذلك تبذيرا ولا إسرافاً ما دامت عندها من ينفق عليها، لكن مع ذلك ننصحها بأن تأخذ رأيك بحيث تنفق بعضا من المال وتبقي بعضا آخر إذ أن هذا المال قد تحتاج إليه هي وأولادها في المستقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1426(11/16087)
تقدير نسبة الصدقات من الراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو المبلغ المحبب صرفه لوجه الله تعالى كصدقات من الراتب الذي أتقاضاه (مثلا نسبة 20% من الراتب أو 30% من الراتب) وماهو المبلغ الواجب توفيره مع إعطاء مثال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المسلم قبل الشروع في صدقة التطوع أن يبدأ في أداء ما وجب عليه من نفقة من تجب عليه نفقته من زوجة وأبوين فقيرين وأولاد إذا كانوا في المرحلة التي تجب فيها نفقتهم. فإذا أدى ما وجب عليه فهو مخير في التصرف في ماله حسبما يريد بشرط عدم صرفه في محرم شرعا. ولا شك أن صرف المال فيما يرضي الله تعالى من أفضل الأعمال بعد أداء الواجبات، فقد أمر الله تعالى بالإنفاق في وجوه الخير وحث عليه بقوله: وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ {الحديد: 7} . وقال أيضا: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ {البقرة: 272} . وقال أيضا: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ {آل عمران: 92} . كما وعد الله تعالى المنفقين بأن يخلف عليهم ما أنفقوه ابتغاء وجهه تعالى حيث قال: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ: 39} . كما ثبت في الأحاديث الصحيحة الترغيب في مثل هذا الإنفاق فمن ذلك: 1ـ ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا. 2ـ وفي الصحيحين أيضا واللفظ للبخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل.
وعليه؛ فالواجب عليك أن تنفق على من تجب عليك نفقته، وما بقي بعد ذلك فأنت بالخيار في التصرف فيه ما دام ذلك التصرف في حدود أوامر الشرع، ولم نقف على ما يدل على تحديد مبلغ معين يصرف في وجوه الخير؛ بل الأمر في ذلك واسع، وكلما استطاع المسلم الإنفاق فيما يرضي الله تعالى فهو أفضل له وأعظم ثوابا، وراجع الفتوى رقم: 19453، والفتوى رقم: 21685.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1426(11/16088)
شراء الورق والأقلام هل هو صدقة جارية
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني إمام مسجدنا كخطي جميل أن أعمل على مدار الشهر 2كرتونة عليها بعض الأحاديث وبالعبارات التي تفيد المصلين وخاصة بالمناسبات كرمضان والحج ومحرم الخ وإلى مدة الله اعلم مداها وقبلت وقلت له وعلى حسابي أجرة الكرتون والأقلام هل هذا العمل وبإذن الله يعتبر صدقة جارية أو علم ينتفع به؟ أم ماذا؟ وهل أجره قائم حتى لو انقطع؟ للتكرم بالرد على إيميلي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيامك بكتابة العبارات والجمل المفيدة ولصقها ببعض جدران المسجد ليستفيد منها المصلون عمل خيري نافع، نسأل الله جل وعلا أن يثيبك عليه ويثيب إمام المسجد الذي دلك على فعله، وأما شراؤك للأوراق والأقلام فصدقة من الصدقات تثاب عليها، وليست جارية لأن الصدقة الجارية هي الوقف الذي يحبس أصله وتسبل منفعته كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 43607.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(11/16089)
المخاطرة بالدين للحصول على دراهم معدودة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي عن صديقة أخبرتني أنها تذهب للكنيسة لتحضر دروسا عن كيفية تربية الأطفال وبدون هذه الدروس لا يقبل اشتراكها في أخذ مساعدات من الكنيسة لأطفالها الصغار من أكل ولعب وملابس وحاجيات مما يتبرع بها الناس المسيحيون لكنيستهم.
وكان جوابي لها أن عملك هذا حرام وبالأخص أنها ليست بحاجة أبدا، زوجها هنا في أمريكا يعمل بشهادته وراتبه جيد جدا والحمد لله.
وكان جوابي لها من منطلق عدم حاجتها المادية ثانيا أن هذه المساعدات من الكنيسة
فهل ما استندت عليه صواب أم أني آثمة؟ وقد أفتيت بشكل غير صحيح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم دخول الكنائس في الفتوى رقم: 37925.
أما حضور دروس في الكنيسة من أجل الحصول على مساعدات مالية أو عينية فلا يجوز، لأنها رشوة من أجل دعوة المسلمين للنصرانية وهو ظاهر من قولك، وبدون هذه الدروس لا تأخذ مساعدات، ولا شك أن التردد على الكنيسة ومجالسة النصارى والاستماع للقسيس كل هذا سيمحو عقيدة الولاء والبراء والحب والبغض في الله، لاسيما أن هذه الدروس في التربية، والتربية عند هؤلاء تختلف بلا شك عن التربية عندالمسلمين.
وراجعي الفتاوى ذات الأرقام: 32852، 35580، 55038 فالواجب عليك النصح لهذه المرأة بعدم الذهاب لتلك الكنسية، وأن تبيني لها أنها تخاطر بدينها في مقابل الحصول على دراهم معدودة، وأنه يجب عليها التعفف عن قبول المساعدات مادامت غير محتاجة لها، فإن احتاجت سألت المسلمين أولا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يستعفف يعفه الله. رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر، وراجعي الفتوى رقم: 34019.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1426(11/16090)
أكل الإنسان من ماله الذي أخرجه صدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلادنا أناس يجمعون الأموال بينهم ليقيموا مأدبة عشاء في المسجد ويسمونها صدقة ثم يأكلون منها.
ننتظر منكم الإجابة وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم إقامة الحفلات في المسجد في الفتوى رقم: 59681، فلتراجع، وأما أكل الإنسان مما خرج من يده صدقة فمكروه. قال الخرشي في شرحه لقول خليل المالكي: ولايركبها ولايأكل من غلتها. قال: والمعنى أن من تصدق بصدقة على ولده أو على أجنبي فليس له أن يركبها، ولا أن يأكل من غلتها بوجه، ولا يشرب منها، والنهي على سبيل الكراهة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(11/16091)
إعطاء القائم بجمع التبرعات أجرة مما جمع
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد رأي الدين في أمرين
1- نحن هنا في أمريكا بصدد بناء مسجد جديد ولكي نقوم بذلك فلابد من تعيين مدير لمشروع لكي يطوف الولايات المختلفة ويجمع الأموال اللازمة لإتمام المشروع وهذا المسؤول سيكون متفرغا تماما للمشروع وسوف يحدد له راتب معين وسؤالي هو هل يجوز لنا أن ندفع له راتبه من المال الذي سيجمع علما بأن هذا الراتب محدد وليس له علاقة بما سيجمعه أي أنه ليس نسبة مما سيجمعه بل هو محدد ومتفق عليه فهل يجوز لنا ذلك
2-هنا في المسجد قد يحدث ويصاب شخص ما وقد يقوم بمقاضاتنا مما يستلزم معه أن ندفع له أموالا كثيرة لا نستطيع دفعها وسؤالي هو هل يجوز لنا أن نتعاقد مع إحدى شركات التأمين على أن ندفع لها مبلغا من المال سنويا وتقوم هذه الشركة بتحمل ما قد يحدث
أرجو سرعة الإجابة وجزاكم الله كل خير
أخوكم ـ أحمد كامل
نائب رئيس مسجد النورـ نورمان ـ أوكلاهوماـ أمريكا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في إعطاء القائم بجميع التبرعات للمسجد أجرة مما جمعه لأن عمله هذا لمصلحة المسجد، ولمزيد الفائدة عن هذا الموضوع وما هو قريب منه تراجع الفتوى رقم: 50816.
وأما عقد التأمين مع الشركة بالصفة المذكورة في السؤال فلا يجوز، لما فيه من الغرر والجهالة، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 472.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(11/16092)
الصدقة الجارية كيفيتها وشروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكركم على جهودكم
لقد أخرجت صدقة جارية على روح جدتي وجدي بعد وفاتهما وهي مبلغ لسد حاجة الدواء لمرأة مسنة وعمياء شهريا هل يثابون عليه؟ كيف؟ هل يعلمون؟ وإذا ماتت هذه السيدة أو مت أنا كيف تستمر هذه الصدقة الجارية وما هي شروطها
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على ما تقومين به من بر وإحسان إلى جدك وجدتك ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك ويثيبك على ذلك وينفعهما بما تصدقت، واعلمي أن الذي تقومين به هو صدقة سينتفع بها جداك بإذن الله تعالى، وراجعي الفتوى رقم: 21740 والفتوى رقم: 23015 ولكنها ليست جارية لأن الصدقة الجارية هي الوقف الذي يدوم أصله وتستهلك منفعته أو يقال هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة.
وينبغي لك جعل هذه الصدقة جارية كأن تبني مسجدا أو تشاركي فيه أو تشتري مصاحف وتوزعيها على المساجد المحتاجة إليها أو على الفقراء أو تنشئي مشروعا استثماريا ولو صغيرا وتجعلي ريعه للفقراء ونحو ذلك، وشرط الصدقة الجارية أن تكون من مال حلال وتصرف إلى من يستحقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(11/16093)
إشراك النفس مع الغير في ثواب الصدقة بعد مضيها
[السُّؤَالُ]
ـ[تصدق رجل بصدقة جارية عن شخص متوفى وبعد فترة (طامعاً بالأجر) قال في نفسه إن هذه الصدقة عن نفسه أيضاً، فهل تجوز هذه النية وهل يقبل العمل، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نية التشريك في ثواب الصدقة لا تصح بعد مباشرة التصدق واستقرار النية على أن الثواب غير مشترك، ففي الاشباه والنظائر: في وقت النية: الأصل أن وقتها أول العبادات ونحوها.
وعليه فإذا تصدق شخص يصدقه ووهب ثوابها لحي أو ميت فإنه لا يصح أن يشرك نفسه في ثوابها بعد مضيها، لكن يجب أن يعلم أن الواهب لثواب الصدقة لن يعدم الحصول على شيء من الأجر وهو أجر الإحسان إلى المتصدق عنه والإعانة على الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(11/16094)
أثر الصدقة في دفع البلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي طفلة عمرها سنة ونصف لاحظت مؤخرا أنها تحلم أحلاما تفزعها فأقوم بإيقاظها مع التكلم بذكر الله ولكنها تكون متأثرة جداً علما بأنني أقرأ عليها آية الكرسي والمعوذات وكذلك: أعيذك بالله من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامّة. لقد نصحني أحد الإخوة بأخذها إلى شيخ ليقرأ عليها وهل ينفع أن نقوم بذبح خروف لوجه الله تعالى من أجل إبعاد العين؟ وكيف يتم توزيعه؟ علما بأنني أعيش بجدة-السعودية.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى، وأن تقرأ القرآن الكريم والأدعية المأثورة على ابنتك، وخاصة آية الكرسي عند النوم، فإن من قرأها عندما يأوي إلى فراشه لن يزال معه من الله حفيظ، ولن يقربه شيطان حتى يصبح، فقد صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري وغيره.
وتدوام على ذلك وعلى قراءة أذكار الصباح والمساء في بيتكم وعلى أدعية الدخول والخروج والطعام ... وعلى قراءة سورة البقرة في البيت.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأوا البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة السحرة. رواه مسلم.
وقال عنها صلى الله عليه وسلم: ... من قرأها في بيته ليلاً لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال، ومن قرأها نهاراً لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام. رواه ابن حبان في صحيحه.
ولا مانع من أخذها إلى شيخ ليقرأ عليها ويرقيها الرقية الشرعية، ولا شك أن للصدقة فضلاً عظيماً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: صنائع المعروف تقي مصارع السوء. رواه الطبراني. وروى البيهقي عن أنس مرفوعاً وموقوفاً: باكروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطى الصدقة.
ولا مانع أن تكون الصدقة بذبح خروف أو غيره وتوزيعه على الفقراء والمساكين، أو غير ذلك من أنواع الصدقة.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 11014.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1426(11/16095)
بين النفقة على الوالد وعلى بناء مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أريد أن أتصدق ببعض المال في سبيل الله ولكن أنا حائر من يكون أولى بالصدقة.
أولا: والدي بنى دارا ويعجز عن إكماله من قلة النقود
ثانيا: يوجد في منطقتنا مسجد قيد البناء ولكنه لم يكمل بسبب قلة النقود أيضا. علما بأن منطقتنا ليس فيها مسجد سوى هذا الذي يبنى حاليا. فماذا أفعل ومن أولى بهذه الصدقة؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله ألف خير والله لا يضيع أجر المحسنين والله ولي التوفيق.
ملاحظة: أنا متزوج ولدي طفلان ولا أملك دارا للسكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من الإحسان إلى الوالدين الإنفاق عليهما لاسيما مع الحاجة أو العجز عن إكمال الحاجة، وهذا النوع من الإحسان يكون في حالة فقر الوالدين واجبا، ويكون مستحبا في حال ما إذا كان لهما مال أو كسب لا يشين بهما ويليق بحالهما. فإذا كان والد الأخ السائل محتاجا إلى إكمال بناء سكن له فالأولى صرف المال إليه ما لم يكن السائل وأولاده وأهله أحوج إلى بناء سكن فصرفه في ذلك أولى.
ويدل على هذا الحديث الذي رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا، فقال رجل يا رسول الله: عندي دينار، قال: تصدق به على نفسك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على خادمك.
قال الشوكاني: حديث أبي هريرة فيه دليل على أن الإنفاق على أهل الرجل أفضل من الإنفاق في سبيل الله. اهـ.
فالمقصود أن النفقة على الأهل والولد والوالد أفضل من النفقة على بناء مسجد.
وفي الحديث: ابدأ بمن تعول. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(11/16096)
مسائل حول جمع الصدقات والتصرف فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم في الأعياد بجمع مبالغ زكاة من تجار أو جمعيات لغرض توزيعها على المحتاجين وعليه فإنني أسأل عن إمكانية:
1- إعطاء جزء منها لوالدتي وإخوتي حيث هم معوزون لموت عائلهم (والدي) ؟
2- إعطاء جزء منها لبعض أقاربي المعوزين؟
3- صرف بعض مبالغ الأضاحي لمحتاجين في أمور غير متعلقة بالأضاحي؟
4- وضعها في حسابي البنكي مع أموالي والتصرف في بعضها على سبيل المناقلة المالية مع الاحتفاظ بكشف حساب لها وذلك في حالات تكون لدي مبالغ زكاة ولم تكن هناك بعد حالة مستحقة لها؟
5-هل يلزم علي عند منحها للمحتاجين أن أبلغهم أنها زكاة لهم من جميعبات وتجار أسميهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إعطاء أقاربك الزكاة المذكورة، لكن يكره لك أن تخصهم بجميعها، ففي حاشية الدسوقي المالكي: وأما تخصيص النائب قريبه مطلقاً سواء كانت تلزمه نفقته أم لا فهو مكروه حيث كان أجنبياً من رب المال. انتهى
والأموال المدفوعة بقصد ذبح الأضاحي لا يجوز استخدامها في غير ذلك، كما سبق في الفتوى رقم: 7381.
كما لا يجوز لك استقراض المال المذكور، كما سبق في الفتوى رقم: 32527.
فالواجب عليك إذا لم تجد مستحقاً للزكاة ردها إلى أصحابها إن كانوا يجدون من يستحقها ليصرفوها إليه، وإلا فعليك الاحتفاظ بها مع تحرير وثيقة مشتملة على كون المبلغ المذكور زكاة أو وقفاً أو صدقة مخافة أن يفجأك الموت ويتحول المال إلى الورثة.
واعلم أن إيداع المال في بنك ربوي لا يجوز إلا في حال الضرورة الملحة، كالخشية من تلفه مع عدم وجود بديل إسلامي لا يتعامل بالربا، وراجع الفتوى رقم: 9537.
ولا يلزمك إخبار المحتاجين بكون ما تقدمه لهم من الزكاة، وراجع الفتوى رقم: 54252.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(11/16097)
مساعدة منكوبي تسونامي غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تقديم المساعدة المالية لضحايا زلزال تسونامي من غير المسلمين.
مع الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز تقديم مساعدة للمنكوبين من غير المسلمين، لأن الراجح من كلام أهل العلم جواز صدقة التطوع على الكافر، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 12798، ولكن الأولى أن تخص المسلمين بتلك المساعدة نظرا لاحتياجهم أكثر في مختلف نواحي العالم.
إضافة إلى أن الثواب في ذلك أعظم، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه الترمذي في سننه. وراجع لمزيد فائدة الفتوى رقم: 22030.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(11/16098)
مدى مشروعية الطبق الخيري
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن مشروعية الطبق الخيري وهو أن نشترك مجموعة من الناس في طبخ بعض المأكولات وبيعها للناس بثمن قد يكون أغلى بقليل على أن يذهب ريعها للمحتاجين أو المنكوبين من زلزال أو غيره، فهل تكون النية خالصة لوجه الله تعالى لمن يشتري بعض الأغراض، وهل في هذا تقليد للنصارى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هذا العمل لا بأس به -في حد ذاته- ما لم يكن هناك مانع آخر، بل ينبغي أن يصنف في أعمال الخير التي حث عليها الإسلام وأمر بها جملة وقرنها بالأمر بالركوع والسجود.... والجهاد، فقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* {الحج:77} ، ولا شك أن المسلم مأمور بمخالفة الكفار وخاصة فيما له علاقة بدينهم وشعاراتهم.
أما الأخذ بالوسائل بما يحقق الأهداف الشرعية النبيلة فلا بأس به على أي جهة كانت ما دامت تلك الوسائل لا تخالف الشرع، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته مليئتان بالأمثلة على ذلك.
وينبغي لمن يقوم بهذا العمل أو أي عمل خير أن يخلص فيه لله تعالى، وليعلم أن الأعمال بالنيات، ولا قيمة لعمل بدونها، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 11255، والفتوى رقم: 22072.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1425(11/16099)
هل تصرف الصدقة في غير الجهة التي حددها المتصدق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف بسيط أعول أسرة تتكون من أربعة أطفال في المدة الماضية تحصلت على مبلغ مالي بسيط عبارة عن صدقة طّلب مني صاحبها إرسالها إلى شخص فقير قد كنت شرحت له ظروف هذا الفقير وكنت أنا بحاجة ماسة إلى هذا المبلغ علما بأنني محتاج مثله أو أكثر فأخذت المبلغ وصرفته على عيالي. السؤال / هل يجوز لي أخذ هذا المال؟ مع العلم وأنا أكتب إليكم هذه الرسالة لا أملك ثمن قوتي وقوت عيالي، وأصدقك القول لا أملك في جيبي الآن إلا دينارا واحدا وفي حسابي بالمصرف خمسة دنانير فقط.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المتصدق قد دفع إليك هذا المال لكي توصله إلى فلان من الناس فلا يحق لك أن تأخذه لنفسك ولو كنت فقيراً، ذلك أنك في هذه الحالة وكيل عن صاحب المال وقد وكلك لتصرفه في جهة محددة فيجب التزام هذه الجهة، فإن خالفت فصرفت المبلغ على نفسك أو عيالك صار ديناً عليك تدفعه للمتصدق عليه المعين متى قدرت على ذلك إلا أن يعفو عنك، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 44472.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1425(11/16100)
ماهية المتسول الذي تحل له المسألة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المتسولات في الشوارع العامة هل هم الفقراء والمحتاجون الذين دعانا الدين للإنفاق عليهم، وما حكم من قالت لإحدى المتسولات الله يعطيك فشتمتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسول لا يحل إلا لثلاثة بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف قال: إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال: سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال: سداداً من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا. رواه مسلم من حديث قبيصة.
فهؤلاء فقط هم من يَحل لهم السؤال، وغيرهم إنما يأكلون المال بغير حق. فانظري إلى حال المتسولين لتعرفي ما إذا كانوا ممن تحل لهم المسألة، فيكونون ممن أمرنا الدين بالإنفاق عليهم، أم أنهم ممن لا تحل لهم المسألة فلا يكونون منهم.
وإذا لم يكن المرء يعرف ما إذا كان المتسول هو ممن تحل له المسالة أو ممن لا تحل له، فلا بأس بأن يعطيه احتياطاً.
والإنسان إذا لم يجد ما يعطيه للسائل، فعليه أن يرد عليه رداً حسناً، قال تعالى: قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ {البقرة:263} .
وعليه، فما قالته المرأة للمتسولة من الدعاء هو المطلوب لمن لم يجد ما يعطيه للسائل، وأما الشتم الذي ردت به تلك المرأة فهو مما نهى عنه الشارع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه.
وروى الترمذي عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1425(11/16101)
التصدق على المتسولين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التصدق على الفقراء الجالسين على أبواب المساجد أو المحلات؟ أو يفضل التصدق في صناديق الخير الموجودة بقرب بيوت الله؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل في حق المسلم وضع صدقته في المحل الذي يعظم أجرها، حيث يكون المتصدق عليه أشد احتياجاً من غيره، كما سبق ذلك في الفتوى رقم: 21685.
وعليه، فإذا غلب على ظنك شدة المتسولين الجالسين، فالأفضل التصدق عليهم، وإذا كان التصدق لصالح ما تصرف له الصدقة من خلال تلك الصناديق، فالأفضل تخصيصهم بالصدقة، وإن جمع المرء بين هذا وهذا فذلك أفضل، وراجعي الفتوى رقم: 11560، والفتوى رقم: 48906.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(11/16102)
نبة الصدقة لا تجعلها واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيم بدولة خليجية ولقد أعانني الله وتزوجت ورزقني الله الأولاد ولقد نويت لفضل الله العظيم أن أقوم بعمل صدقة شهرية لجزء من المقربين ولله في فقرائه بدولتي إلا أنني بعد أن رزقني الله بالولد الثاني وبعد أن اشتريت سيارة بالأقساط لم يعد الحال كسابقه معي وقد مرت بي الآن الشهور الشداد فهل أمنع هذه الصدقة إلى أن يمن علي الله من فضله أم أكمل ما ابتدأئه حتى يفرج علي الله من كرب يوم القيامة؟ نفع الله المسلمين بعلمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنية الصدقة لا تجعلها واجبة على الشخص وإنما يوجبها عليه النذر، والنذر لا بد له من لفظ، قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج عند كلامه على أركان النذر: وأما الصيغة فيشترط فيها لفظ يشعر بالتزام، فلا ينعقد بالنية كسائر العقود.
ولكن ينبغي لك أن تواصل فعل ما نويته من الصدقة على الفقراء والمساكين من قرابتك ما دمت تقدر على ذلك، أما إذا لم تجد ما تتصدق به، فنسأل الله جل وعلا أن يكتب لك ما كنت تعمله عند القدرة، ففي البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا.
قال الحافظ في الفتح في شرح هذا الحديث: وهو في حق من كان يعمل طاعة فمنع منها، وكانت نيته لولا المانع أن يدوم عليها، كما ورد ذلك صريحا عند أبي داود. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1425(11/16103)
حكم مخالفة شرط المتصدق
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله عليه أفضل صلاة وسلام، أما بعد: فضيلة الشيخ الكريم: أرجو من الله ثم من فضيلتكم أن أجد حلا لمشكلتي، هي ليست مشكلة ولكن شك وريبة، ما سوف أكتبه سوف يكون كثيراً وطويلاً جداً فأرجو من فضيلتكم عدم إهمال أي كلمة أكتبها لما لها من أهمية كبيرة بالنسبة لي حيث إني سوف أشرح لكي أضمن أن أنقل لفضيلتكم المشكلة كما هي دون نقص أو زيادة ولكي تستطيعوا فهمها، أنا أرملة ولدي أطفال أيتام بعضهم قد تجاوز سن البلوغ وبعضهم مازال صغيراً نقيم في الخليج والحمد لله (أسرة عربية مسلمة) فضيلة الشيخ مشكلتي هي أن هناك أختا من نفس جنسيتي تقيم هنا في الخليج ولديها أولاد أخ (عيال أخيها) أيتام يعيشون في الوطن فأرادت أن تأخذ لهم مساعدات مالية تعينهم على عيش كريم وذلك من مؤسسة خيرية ولكن كان رد المؤسسة لها هو أنهم لا يقدمون مساعدات للأيتام خارج البلاد وبما أنها تعرفني وتعرف أن لدي أطفالاً أيتاماً قدمت لهذه المؤسسة طلب مساعدة باسمي (دون علمي) وعندما طلبت منها المؤسسة معلومات عني جاء زوجها إلى بيتي وأخذ المعلومات المطلوبة من ابنتي بدعوى أن هناك فاعل خير يريد تقديم مساعدة لنا، ثم أخذ المعلومات للمؤسسة، فقبلت المؤسسة الطلب على أساس أنها سوف تقدم المساعدة لأطفالي (ملاحظة هي لم تنتحل شخصيتي ولكنها قدمت الطلب للمؤسسة مبينة لهم بأنها تسعى لمساعدة أطفالي في حين أن شغلها الشاغل كان كيف تحصل على المساعدة لأولاد أخيها) ، وقد طلبت المؤسسة رقم حسابي لكي ينزل عليها مساعدة شهرية وأتت لي طلبت مني أن أعطيها رقم حسابي لكي تنزل هذه المساعدة باسم أطفالي لأطفال أخيها الذين رفضتهم المؤسسة، لقد ترددت كثيراً قبل أن أعطيها رقم حسابي ولكن مع كثرة إلحاحها علي رق قلبي لهؤلاء الأطفال اليتامى فقد تذكرت أطفالي فقلت إذا كنت أستطيع المساعدة فلم لا، علما بأنها عرضت علي أن يكون المبلغ الذي سينزل مناصفة بين أطفالي وأطفال أخيها، أنا أحس أن المسألة مسألة تحايل والحيلة المستخدمة هم أطفالي اليتامى الذين هم أمانة في رقبتي وإني مشتركة في هذا التحايل على المؤسسة الخيرية، المعطيات: الأخت قدمت الطلب بنية أنه لأولاد أخيها باسم أطفالي (القابض والمستفيد الفعلي مختلفان) ، قدمت المؤسسة المساعدة بنية إعطائها لأطفالي، أعطيتها رقم الحساب بنية مساعدة هؤلاء الأطفال اليتامى، ما يقلقني: هل في هذه المسألة تجاوز شرعي، هل أنا محاسبة بحكم أني واصية على أطفالي ومسؤولة عن ما يتصدق أهل الخير عليهم على هذا المبلغ الذي سوف يذهب لهؤلاء اليتامى الآخرين، بما أن المساعدة لأطفالي وسوف تنزل في حسابي وأنا الوحيدة القادرة على التصرف فيها فهل أستطيع أن أدفع نصف المبلغ لأولاد أخي تلك المرأة بنية الصدقة عن أطفالي، وإن كان الجواب لا فما هو الحل، فضيلة الشيخ: أرجو توجيهي لما فيه مصلحة هؤلاء اليتامى الذين بين يدي فالخوف كل الخوف الذي يقلقني هو أن أكون ظالمة لأطفالي الذين هم أمانة بين يدي، وأن أكون قد وقعت في خطأ غير مقصود، سامحوني على الإطالة وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المتصدق أو وكيله إذا اشترط أن تصرف صدقته في مكان معين أو لجهة معينة، فيجب امتثال هذا الشرط، ولا يجوز التحايل عليه بمثل هذه الطريقة التي فعلتها أختك وبإعانة منك والتي يترتب عليها أن يأخذ المال من لا يستحقه ويحرم منه من يستحقه.
وعليه، فإن المبلغ الذي ينزل في حسابك يعتبر حقاً لأولادك، لأنهم هم المستحقون له بحسب شرط المتصدق وبحسب الأوراق والمستندات التي قدمت للجمعية، وليس لأولاد أختك شيء، كما أنه ليس لك أن تتصدقي من أموال هؤلاء الأبناء بدون إذن من يعتبر الإذن منه وهم البالغون الراشدون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(11/16104)
التصدق بذبيحة يوم عرفة وحكم الأكل منها
[السُّؤَالُ]
ـ[عن صدقة يوم عرفة أنا وأصدقائي نعمل مشروعاً اسمه ذبيحة الفقراء ونشتري خروفا ويتم ذبحه وتوزيعه للفقراء والمساكين والمحتاجين بعرفة أحد المساجد وقررت أن أتبرع أنا وحدي بخروف هل يجوز أن أخذ من لحمه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيوم عرفة من أفضل الأيام عند الله تعالى، فصومه يكفر ذنوب سنتين وخير الدعاء دعاء يوم عرفة، فالصدقة على الفقراء والمساكين، والإكثار من الطاعات في هذا اليوم لها زيادة فضل على غيرها، لأن الأعمال الصالحة تتضاعف في الأيام الفاضلة، كما هو معلوم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام العشر. يعني عشر ذي الحجة. أخرجه الترمذي بهذا اللفظ، وأخرجه البخاري مختصراً.
وعليه، فإذا كان المقصود أنكم تتصدقون بتلك الذبيحة في يوم عرفة، فذلك من العمل المحبوب عند الله تعالى، وإذا تبرعت أنت فيه بخروف للفقراء والمساكين فحسن، ولك الأخذ منه ما لم تكن قد نذرته كله للفقراء والمساكين.
وننبهك إلى أنه لا يجزئ ذبح الأضحية في يوم عرفة، لأن وقت ذبحها يوم النحر بعد صلاة العيد كما هو معلوم، ولا ينبغي تفويت الأضحية بالذبح يوم عرفة، لأن الأضحية أفضل، بل ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(11/16105)
حكم التصدق بنية أن يعينه الله على تكاليف الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[لله الحمد والمنة على كل شيء، بيده الخير كله أنا ولله الحمد أعمل براتب حوالي 2500 درهم وأتصدق بما أستطيع، وإذا طلبني أحد لا أرده، إذا كان الحال ميسوراً.... في هذه الأيام أنا قادم على الزواج ولكنني لا أملك مصاريفه كاملة فهل إذا تصدقت بمبلغ من المال بنية أن الله يعوضني به في الدنيا قبل الآخرة، لكي يعينني على الزواج أكون آثماً، وأنني فضلت الدنيا على الآخرة وأن نيتي لم تكن خالصة لنيل الأجر فأحياناً أقول إن الله لن يخيبك لأنك تتصدق بما تستطيع وفي نفس الوقت ينتابني شعور أن الله لن يعوضني لأني كثير المعاصي وأرتكب كثيراً من المحظورات وأنا عالم أنها حرام ولا شك في تحريمها، فهل هذا من سوء الظن أفيدوني وانصحوني أفادكم الله رب العالمين، موجز السؤال هو: هل إذا عمل المسلم عمل خير يقصد به وجه الله وحده بنية التعويض والتوفيق في الحياة الدنيا من الله لا من غيره يكون آثماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح أن الله تعالى يخلف النفقات التي يخرجها العبد في سبيله، وينفق على المنفقين من عباده، قال الله عز وجل: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ:39} ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: أنفق أنفق عليك، وقال: يد الله ملأى، لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار ... الحديث.
وجاء في الخبر الصحيح أن صلة الرحم سبب لزيادة الرزق وطول العمر. روى الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه.
فهذا الحديث الآخير يأمر بصلة الرحم، ويحث عليها من أحب البسط في الرزق وطول العمر، فهو يفيد إذاً أن طلب الرزق وطول العمر عن طريق صلة الرحم لا يعد مذموماً، ويقاس عليه فعل الصدقة من أجل ذلك، وعليه فإن من تصدق بنية أن الله يعوضه في الدنيا ما يعينه على الزواج لا يعد آثماً، ولكن الأولى للمسلم أن يطلب بجميع أعماله وجه الله لا غير، والله تعالى سيجزيه في الدنيا والآخرة بما هو خير له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(11/16106)
حكم صرف التبرعات في غير الغرض المخصص لها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد جمعت تبرعات من عدد من الناس بنية عمل موصلات للمياه لبعض الفقراء, إلا أن المبلغ المطلوب جمعه لهذه المهمة لم يكتمل, فهل يجوز وضع المبلغ في عمل خيري آخر كصدقة جارية أخرى مع ملاحظة أنني لن أستطيع إخبار كل هؤلاء الذين جمعت منهم التبرعات لأنني نسيت المتبرعين؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت هذه التبرعات دفعت لغرض خاص فلا يجوز صرفها إلا في الغرض الذي حدده المتبرع لأنه مال خرج عن ملكه بهذا الشرط، ولكن إذا لم يمكن ذلك ولم يمكن إعلام المتبرع فلا بأس في صرفه في مصالح الفقراء في أمر آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(11/16107)
الصدقة الجارية وأثرها بعد الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عمل صدقة جارية عن نفسي وعن أخت لي وهي على قيد الحياة؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مما ينتفع به المرء بعد موته الصدقة الجارية. روى الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
ولا مانع من أن يشرك المرء معه غيره في ثواب الصدقة حيا كان الغير أو ميتا، وراجعي في ذلك فتوانا رقم: 29491.
وعليه، فبإمكانك أن تعملي صدقة جارية عن نفسك وعن أختك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(11/16108)
متى تكون الصدقة جارية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر تقديم التبرعات للمراكز الإسلاميه والقرآنية صدقة جارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه التبرعات تدفع فيما له أصل يدوم الانتفاع به، بحيث يبقى أصله وتنفق عوائده في أعمال الخير، فهو من الصدقة الجارية وهي من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، إلا من صدقة جارية، وعلم يتفع به، وولد صالح يدعو له. رواه مسلم عن أبي هريرة. وروى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته. والصدقة الجارية هي الوقف، والوقف ما حبس أصله وسبلت منفعته، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر أرضاً بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها. الحديث متفق عليه. أما إذا أنفق أصل المال المتبرع به فيكون صدقة ولكنها ليست جارية. ولكن من أنفق مالا على طلاب العلم فله إن شاء الله تعالى أجر ما عَلِموه وعلَّموه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1425(11/16109)
حكم أكل غير المحتاجين من موائد الإفطار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في الإفطار داخل المسجد مع العلم أنه يتوفر الوقت لعمل الطعام وراتبي جيد وهل هناك شروط للإفطار في المساجد؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للإفطار في المساجد شروط إلا ما يحدده الما نحون لموائد الإفطار أو المبالغ التي أنفقت في تلك الموائد، فإذا كان المانحون قد جعلوها للفقراء أو للمصلين أو لجماعة المسجد أو للذين لا يملكون مكانا يأوون إليه، أو حددوا أية صفة أخرى للاستفادة من ذلك، فإنه لا يجوز لمن لم يتصف بما حددوه أن يفطر منها. لأن نصوص الشرع قد دلت على وجوب الالتزام بشرط الواهب والواقف إذا كان لا يخالف الشرع. وإن كان المانحون لهذه الموائد والمبالغ لا يشترطون شيئا وإنما يجعلونها للصائمين فلا مانع من أن يفطر منها أي صائم ولو كان يملك مرتبا جيدا. إلا أنه من الأفضل لغير المحتاج أن لا يضايق المحتاجين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/16110)
لا يترك الإحسان إلى الأيتام لأجل إسراف أمهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أبناء عم أيتام الأب ولكن أمهم مسرفة بشكل مفرط جدا وبشكل غير عادي عندما أحاول أن أعطيها نقودا أفكر ألف مرة لأنها تصرفها على أشياء تافهة جدا وتترك الأولاد بدون الضروريات فماذا أفعل؟
أرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الله تعالى عن الإسراف في صرف الأموال وعن التبذير. قال تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {الأعراف: 31} وقال تعالى: وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ {الإسراء: 26- 27} .
وقال صلى الله عليه وسلم: كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير سرف ولا مخيلة. وقال ابن عباس: كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان: سرف أو مخيلة. رواه البخاري تعليقا، ووصله غيره.
ونهى الله عن أكل مال اليتيم. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا {النساء: 10} .
وعليه، فينبغي أن توجه من قريباتك إلى أم أبناء عمك من تنصحها وتبين لها حرمة ما تفعله. وإذا عرفت أنها لا تترك تبذير الأموال فالأحسن أن تقتصر فيما تعطيه لأولئك الأيتام على المسائل التي يحتاجونها من الثياب والنفقات ونحو ذلك بدل أن تعطيهم نقودا. ولا يحملنك إسراف أمهم على ترك مساعدتهم، فإن كفالة الأيتام من أفضل القرب. ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة، وأشار بالسبابة والوسطى. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(11/16111)
لا يصرف مال الواهب في غير ما نص عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد اثنان من المتبرعين للمسلمين، وكل واحد منهم يريد التبرع لشيء واحد بكل المبلغ ومصر على هذا الشيء، فهل يجوز الكذب عليهم ونعطي تبرع الآخر لمسلمين أخرين وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أخذ مال المتبرع لغرض معين وصرفه في غرض آخر يخالف ما نص عليه الواهب إلا بإذنه. لما في ذلك من الكذب عليه، ومن المعلوم بالضرورة لدى كل مسلم أن الكذب حرام ولما في ذلك من مخالفة شرط الواقف أو الواهب. وقد نص أهل العلم على أن شرط الواقف كنص الشارع مالم يخالف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(11/16112)
نفقة المرأة على إخوتها البالغين تعد من باب الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة لدي أسرة متوسطة الحال ولدي أشقاء رجال ولكنهم لا يعملون باستمرار وأنا أعمل وأصرف على البيت معظم الوقت، ولقد نويت أن تكون هذه المبالغ التي أقدمها صدقة، فهل تقبل أم أنني مكلفة بالصرف على المنزل؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك الإنفاق على إخوتك المذكورين، وما تصرفينه عليهم يعتبر من باب المعروف وهو صدقة مقبولة إن شاء الله تعالى، وقد رغب الله تعالى في الإنفاق ورتب عليه الثواب الجزيل، فقد قال الله تعالى: وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا {المزمل:20} ، وقال تعالى: وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:272} ، وقال الله تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ:39} ، وقال صلى الله عليه وسلم مخاطباً سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرأتك. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
وعليه فما تنفقينه على إخوتك هو من باب الصدقة والمعروف وإذا كان أبواك فقيرين فتجب عليك نفقتهما مع القدرة عليها، وراجعي الفتوى رقم: 22617.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(11/16113)
حكم التبرع لمستشفى في بلد غير مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر دفع التبرعات للمستشفيات ومراكز المعاقين صدقة علما أننا نعيش في بلد غير مسلم ولكن فيها نسبة من المسلمين وأديان أخرى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبرع لصالح المستشفى أو مركز لمعالجة المعاقين إذا كان تمليكا لهما بلا عوض ابتغاء الثواب الأخروي من الله تعالى فهو داخل في تعريف الصدقة عند أهل العلم قال خليل في مختصره: الهبة تمليك بلا عوض ولثواب الآخرة صدقة. انتهى. والصدقة على الكافر محل خلاف بين أهل العلم هل تجوز أم لا، والراجح إن شاء الله تعالى جوازها كما في الفتوى رقم: 22030. ولا شك في أن الأفضل في حق المسلم أن يتحرى بصدقته أن تصرف لصالح المسلمين المتقين، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما وحسنه الشيخ الألباني. ولا يخفى أن إرسال تلك التبرعات إلى المستشفيات أو مراكز معالجة المعاقين في بلاد المسلمين أفضل وأعظم ثوابا عند الله تعالى لكونهم مسلمين وأشدا حتياجا من غيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(11/16114)
صدقة التطوع في الأقربين أفضل منها في غيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص متزوج منفصل عن والدي عندي بعض المال أريد أن أتصدق بصدقة وأريد أجرها من التي يضاعفها الله إلى سبعمائة ضعف فهل أتصدق على والدي الذي دخله لا يكاد يكفي أسرته أو أتصدق على أخي الذي يريد أن يكمل بيته ويريد أن يتزوج أم أتصدق على أشخاص آخرين محتاجين للصدقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل يعني صدقة التطوع فإن الأفضل له أن يتصدق على الأقربين فيقدم الأقرب فالأقرب مع مراعاة ـ أشدهم حاجة، قال ابن العربي رحمه الله تعالى في أحكام القرآن عند تفسير قوله تعالى: يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة:215} . قال في هذه الآية قولان أحدهما أنها منسوخة بآية الزكاة.. الثاني أنها مبينة مصاريف صدقة التطوع وهو الأولى لأن النسخ دعوى وشروطه معدومة هنا، وصدقة التطوع في الأقربين أفضل منها في غير هم. انتهى. قال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي بعد أن ذكر أن الوالدين والزوجة والأولاد الذين تجب نفقتهم: لايجوز دفع الزكاة إليهم وأما صدقة التطوع فيجوز دفعها إلى هؤلاء والدفع إليهم أولى. انتهى. وأما الزكاة فيمكن أن يدفعها لأخيه إن كان فقيرا، ولا يجوز دفعها للوالدين باتفاق أهل العلم. قال في المغني وهو حنبلي: ولا يعطي من الصدقة المفروضة للوالدين وإن علوا ولا للولد وإن سفل، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين في الحال التي يجبر الدفع إليهم على النفقة عليهم. انتهى
ثم إن على السائل أن يعلم أن نفقة والديه واجبة عليه إن كانا محتاجين وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 911، والفتوى: 478.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1425(11/16115)
حكم صدقة البنت على إخوتها الفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عاملة وأحب أن أتصدق بمالي وفي نفس الوقت أسرتي تحتاج إلى المال أي أن أبي متوسط الدخل ولدي إخوة كثر وهم يحتاجون إلى مزيد من الرعاية التي لا يستطيع والدي وحده توفيرها وأقول أحيانا بأن إنفاقي على إخوتي صدقة فهل هذا صحيح؟ وهل هذا يعتبر كأنها صدقة على الفقراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الصدقة التي تريدين إخراجها هي الزكاة الواجبة فلا حق فيها لغني، فإن كان إخوانك فقراء فهم من مستحقيها بل هم أولى من غيرهم لأن دفع الزكاة لهم صدقة وصلة كما وضحنا ذلك في الفتوى رقم: 53072.
وإن كانت الصدقة غير واجبة فيجوز أن تدفع لهم ولو كانوا أغنياء كما في الفتوى رقم: 51694، والأولى بها إخوانك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(11/16116)
حكم أخذ المال الذي يعطى على وجه الصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاث فتيات طلقت والدتنا ونحن صغار وكان أبى يدفع لنا نفقة لا تكفينا وكان أحد أفراد العائلة من الأغنياء يخصص راتباً شهرياً لعدد من أفراد الأسرة من المحتاجين ومن بينهم والدتي وهو مبلغ ضئيل جداً ولكن والدتي كانت تأخذه ولم نعلم أنا وإخواتي بهذا الأمر إلا من وقت قريب ونحن الآن قد أكرمنا الله أنا وإخواتي وأعمل أنا وأختي الصغرى في مراكز جيدة وأزواجنا يعملون فى مراكز مرموقة والحمد لله وأختي الثالثة ربة منزل ومتزوجة من مهندس حالته أكثر من متوسطة والحمد لله وتعيش والدتي معي على أساس إنى الابنة الكبرى (أى إنها لا تحتاج نفقة للإعاشة) وتخصص كل منا مبلغا شهرى كمصروف لأمى لعلاجها ونفقتها الشخصية كل مبلغ منه على حدى أكثر من ضعف ما تتقاضاه أمي من هذا القريب جزاه الله خيرا على أية حال المشكلة الآن أني طلبت من أمي مرارا عدم تلقي هذا المبلغ والتنازل عنه لمن يحتاجه من أفراد الأسرة ولأني أرى أن هذا يسيء لنا أنا وأخواتى وأزواجنا ويظهرنا في صورة المقصرين تجاهها وهذا غير صحيح كما يجعلنا في صورة المتلقين الإحسان في حين أنى شخصيا وزوجى نخصص صدقات شهرية أضعاف المبلغ الذى تتقاضاه أمي من قريبنا لبعض المحتاجين وأمى نفسها تتصدق بزكاة المال عن مبلغ تملكه بأحد البنوك غير الصدقات الأخرى طوال العام ولكن ردها دائما أن أقرباءها كلهم غير محتاجين ويأخذون من هذا المال وأن هذا رزق جاء لها من الأقرباء وهو من عند الله ولا يجوز أن ترفضه وأنها عندها أن تأخذ من أقربائها هؤلاء ولا تأخذ من أزواجنا لأنها كما تقول تتحرج منهم وأقول لها إن هذا غير صحيح لأنه فرض عليهم (أزواجنا) طالما أنها ليس لها ولد وأطلب منها لو احتاجت حاجة زيادة تقول لي ولكن هي مصرة على الاستمرار في أخذ هذا المال. فهل يجوز لها أخذ هذا المبلغ شرعا؟ وما هي الأحاديث الدالة على وجوب نفقة الحماة على زوج الابنة إذا لم يكن لها ولد؟ وبماذا تنصحني لأمنع أمي من تلقي هذا المبلغ إذا كان هذا ليس من حقها؟
الرجاء سرعة الرد وأعتذر لطول الرسالة.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أمك لا تسأل الشخص الذي يعطيها، وإنما يفعل هو ذلك من تلقاء نفسه على وجه الصلة، فلا حرج عليها في الأخذ منه، ففي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء، فأقول: أعطه أفقر إليه مني، حتى أعطاني مرة مالاً، فقلت: أعطه أفقر إليه مني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذه وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، ومالا فلا تتبعه نفسك.
قال الإمام النووي معلقاً على الحديث: اختلف العلماء فيمن جاءه مال هل يجب قبوله أم يندب؟ على ثلاثة مذاهب حكاها أبو جعفر ابن جرير الطبري، والصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه يستحب في غير عطية السلطان، أما عطية السلطان فحرمها قوم وأباحها قوم وكرهها قوم.
وإن كانت أمك تسأل هذا المال أو أنه أعطي لها بصفة الفقر وهي لم تعد كذلك، ففي كلا الحالتين يلزمها تركه أو صرفه إلى من هو أحوج إليه منها.
ولا تجب نفقة الأم على زوج ابنتها، وإنما تجب على البنت نفسها إن كان لها مال، وكانت الأم محتاجة، وذلك لأن الله تعالى قال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} .
ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند الحاجة.
وبالنسبة لمنع الأم مما تأخذه إن لم تتوفر فيها شروط إباحته، فلك أن تعظيها وتبيني لها حكم المسألة كما أوردناها في الفتوى رقم: 20195 وتستعيني ببقية أخواتك، فإن لم تستجب لشيء من ذلك فاتركيها وشأنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(11/16117)
مجرد خسارة نسبة كبيرة من المال لا تبيح المسألة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: سؤالى يتلخص فى أن حالي كان ميسورا ماديا والحمد لله وتعرضت لفتنة عظيمة أدت إلى خسارتى نسبة كبيرة من مالي ولم أخبر أحدا عن ذلك ونظرا لحاجتي الشديدة إلى المال هذه الأيام لظروف كثيرة واستحيائى أن أطلب مالا من أحد فإنى أطلب المال من أصدقائى وأقول لهم إن هذا المال سيذهب لأحد المحتاجين ولا أخبرهم أنه أنا من سيأخذ المال نظرا للحرج الشديد، فهل ذلك يجوز أم لا، برجاء التفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن مجرد خسارة نسبة كبيرة من المال لا تبيح المسألة، فكم من تاجر أو صاحب مؤسسة يخسر الأموال الطائلة ويبقى له بعد الخسارة ما يغنيه عن سؤال الناس، والسؤال إنما يباح لمن ألمت به حاجة شديدة في نفقاته ونفقات عياله أو كانت له ديون كثيرة يعجز عن الوفاء بها.
ففي صحيح مسلم وسنن النسائي وأبي داود والدارمي ومسند الإمام أحمد من حديث قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، قال ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال: سدادا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سداداً من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا.
ثم ما يعطيه الأصدقاء من المال إن كانوا يوجهونه إلى شخص معين أو يعطونه لمن يتصف بصفة من الاحتياج معينة، فلا يجوز صرفه في غير ما قصده المانحون، وعليه فإن كنت محتاجا بالدرجة التي وردت في الحديث، ولم يكن أصدقاؤك يخصصون عطاياهم لأشخاص بعينهم، وكنت متصفا بالصفة التي يريدونها، فلا مانع من الأخذ مما يعطونك، وإن اختل شيء من ذلك لم يجز ما تفعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(11/16118)
استحباب مكافأة المهدي بالدعاء للمهدى له
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: هل يجوز للمتصدق أن يعطي الفقير صدقة من ماله ويطلب من الفقير الدعاء الدعاء له بخير أو الدعاء له عندما تحل بالمتصدق مصيبة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طلب المسلم من أخيه المسلم أن يدعو له أمر جائز، وكنا قد بينا ذلك في الفتوى رقم: 18397.
ومن ذلك طلب المتصدِق من المتصدَق عليه أن يدعو له؛ بل إن المسكين أو المتصدَق عليه مطالب بذلك ولو لم يطلب منه، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: من أتى إليكم معروفاً فكافؤوه، فإن لم تجدوا فادعوا له. أخرجه أحمد في المسند وأصحاب السنن.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أَهديتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاةٌ قال: "اقْسِمِيها" فكانت عائشةُ إذا رجعتِ الخادمُ تقولُ: ما قالُوا؟ تقولُ الخادمُ: قالوا: باركَ الله فيكم، فتقول عائشة: وفيهم بارك الله، نردُّ عليهم مثلَ ما قالوا، ويَبقى أجرُنا لنا. أخرجه النسائي في السنن الكبرى، وقال الألباني: إسناده جيد.
هذا مع أن الصدقة مع ما فيها من جزيل الأجر قد يدفع الله بها الأمراض ويرفعها من غير دعاء المسكين، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: داووا مرضاكم بالصدقة. حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1425(11/16119)
الصدقة الجارية من خير ما يبقى للمرء بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[إن جدي يملك مالا، والآن أصابه شيء من الخرف، نرجو منكم أن تدلوني على شيء يستثمر أمواله، ويستمر أجرها إلى ما بعد موته، وجزاكم الله خيرا على ما تبذلونه من جهود!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله: قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه سببها فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف.
والحاصل أنه من خير ما يبقى للمرء بعد موته الصدقة الجارية، والصدقة الجارية هي ما يجري ثوابها وأجرها على المتصدق ويلحقه بعد موته، وهي أنواع كثيرة، منها حفر الآبار، وبناء المدارس والمستشفيات والمساجد ودور الأيتام والمعوزين.. الخ.
روى ابن ماجه وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته.
وننبه السائل الكريم إلى أن أموال جده تبقى ملكا له ولو غلب على عقله ولكن يمنع من التصرف فيها في تلك الحال إلى أن يفيق، وصدقته وهبته ووقفه غير معتبر حال جنونه وغياب عقله، وبالتالي، فلا يحق لأحد أن يتصرف في أموال هذا الجد إلا بما يعود إليها بالنماء أو في حدود ما يحتاجه هو من نفقة وعلاج وأجرة خادم إن احتاج لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(11/16120)
اقتراف المعاصي لا تمنع قبول الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي يعمل بعض الذنوب..وقد توفي والدي قبل فترة وهو يتصدق عنه فهل تقبل هذه الصدقة منه لوالدي
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على الأخ المذكور أن يتوب إلى الله تعالى أولاً بأن يقلع عن الذنوب التي يرتكبها ويندم على صدورها منه ويعزم على ألا يعود إليها ـ فبذلك تتم توبته، ففي الحديث التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه. أما صدقته عن أبيه فإنها مطلوبة منه وهي مقبولة إن شاء الله تعالى لأن المسلم ما دام يوحد الله تعالى ويصلي فإن صدقته تقبل منه، وإنما الشرك هو الذي يمنع قبول الصدقة من الشخص، قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره الجامع لأحكام القرآن عند قوله تعالى في سورة المائدة: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ {المائدة: 27} ، قال ابن عطية: المراد بالتقوى هنا اتقاء الشرك بإجماع أهل السنة، فمن اتقاه وهو موحد فأعماله التي تصدق فيها نيته مقبولة، وأما المتقي للشرك والمعاصي فله الدرجة العليا من القبول والختم بالرحمة. انتهى بلفظه. وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 32151، 8042، 25888.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(11/16121)
حكم التصدق طلبا لزيادة المال
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يقوم بالتصدق طامعاًٌُُ ان يبارك له الله في ماله وعمله ويرزقه أكثر وأكثر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في حكم التصدق والصوم لتحصيل عرض من أعراض الدنيا وأحوال ذلك، فنحيل السائل الكريم إلى هذه الفتوى وهي برقم: 25249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1425(11/16122)
الصدقة على الأخت أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ فترة وأنا أقوم بدفع مبلغ معين في مكان ما من أجل كفالة الأيتام والجديد في الموضوع أنه لي أخت تمر بظروف ماديه قاسيه ولها ولدان والدهم على قيد الحياة ولكنه لا يقوم بالصرف عليهم، والسؤال من الأولى بالصدقه؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الصدقة على أختك أولى من الصدقة على غيرها من غير الأقارب، وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في ذلك فنحيل السائلة عليها وهي برقم: 49028.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1425(11/16123)
آيات في الزكاة والصدقات
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم تزويدي بالسور والآيات التي تتضمن أي معني عن الزكاة والمتزكين والمتصدقين والمتصدقات.
وجزاكم الله عنا وعن الإسلام والمسلين خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا توجد سورة بعينها تختص بموضوع الزكاة والصدقة، لكن القرآن والسنة النبوية مليئان بالآيات والأحاديث التي تأمر بالزكاة خاصة والصدقة عامة، وتثني على المؤدين زكاة أموالهم، وعلى المتصدقين والمتصدقات، مثل قوله تعالى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ [سورة الحديد: 18] .
واعلم أن الأمر بالزكاة أو بالصدقة عامة بل بجميع الأعمال الصالحة والترغيب في ذلك عام للرجل والمرأة على حد السواء إلا في المسائل التي يختص الرجل بوجوبها مثل الجهاد والجمعة. قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [سورة النحل: 97] .
وقال: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [سورة البقرة: 247] .
وقال في سورة الحديد: مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [سورة الحديد: 11] .
وقال في سورة البقرة: مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [سورة البقرة: 245] .
وقال في سورة المزمل: وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [سورة المزمل: 20] .
واعلم أن الله سبحانه وتعالى لا يحتاج منا إلى قرض، ولكنه يدخر الصدقات فيضاعفها حتى إن اللقمة لتصير مثل جبل أحد، ثم يتفضل بها على صاحبها عندما يكون في أمس الحاجة إليها، ثم إن الزكاة شأنها عظيم فهي الركن الثالث من أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة، وقد قرنت بالصلاة في اثنتين وثمانين آية من كتاب الله، وقد أوجبها الله تعالى بالقرآن والسنة والإجماع، وقد جاء الترهيب من منعها في كثير من الآيات والأحاديث، فلتراجع لذلك الجزء الأول من كتاب فقه السنة للسيد سابق رحمه الله تعالى، فقد أطال في ذلك المعنى في باب الزكاة وتعريفها والترغيب في أدائها والترهيب من منعها، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 47539، والفتوى رقم: 23070.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1425(11/16124)
حكم الصدقة عن الوالدين وهما على قيد الحياة
[السُّؤَالُ]
ـ[اذا قمت بالتصدق بمبلغ بنية عن والدتي دون علمها وهي على قيد الحياة هل يذهب أجر الصدقة لها وهي لي أجر بذلك أيضا؟
سؤالي الثاني
أيهما أجره أكبر بالنسبة للوالدة أن تتبرع هي من أموالها أم عندما أتبرع أنا عنها دون علمها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة عن الوالدين أو عن أحدهما وهما على قيد الحياة أو بعد الوفاة يعتبر من البر والإحسان، ويصل الثواب إلى من تصدقت عنه بإذن الله تعالى، ولا يلزم علمه إذا كان حيا، ويرجى لك الحصول على مثل أجر من تصدقت عنه. قال الشيخ سليمان الجمل في حاشيته على شرح المنهج: قوله: (وأن يقرأ إلخ) والأجر له وللميت، وإن يهد ثواب ذلك للميت أو ينوه بالقراءة فيكتفي في حصول ثواب القراءة للميت بالقراءة عند قبره وكأن الميت هو القارئ، ويثاب القارئ أيضا، فقد نص إمامنا على أن من تصدق على الميت يحصل للميت ثواب تلك الصدقة وكأنه المتصدق بذلك، قال: وفي واسع فضل الله أن يثيب المتصدق. اهـ.
وقال المرداوي في الإنصاف بعد أن ذكر وصول ثواب القرب إلى الميت: والحي في كل ما تقدم كالميت في انتفاعه بالدعاء ونحوه، وكذلك القراءة ونحوها. قال القاضي: لا نعلم رواية بالفرق بين الحي والميت. قال المجد: هذا أصح.. إلى آخر كلامه.
إلا أن صدقة الشخص من ماله لنفسه أعظم أجرا من صدقة غيره عنه، لأن في صدقته بنفسه بذل المال المحبوب إلى النفس، وحصول زيادة في الإيمان نتيجة ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(11/16125)
حكم طلب التبرع في مكبرات الصوت
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يدور حول ظاهرة جديدة عندنا في فلسطين وبالتحديد في غزة حيث عند بناء مسجد تخرج سيارة محمول عليها سماعات كبيرة (إذاعة متنقلة) وينادونا بالتبرع مما يعمل إزعاجا من صوت هذه الإذاعة، والظاهرة أنها تقف في منتصف الشارع وإذا تبرع أحد يقول بالإذاعة أنا فلان تبرع بكذا وكذا وتخرج سيارة وتأتي بعدها سيارة أخرى لمسجد آخر. فهل من شيم الإسلام الإزعاج؟ وهذه الظاهرة تكرر بصورة شبه يومية ورغم الحالة الاقتصادية التي يمر بها الشعب.
أفتوني أثابكم الله. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيام شخص أو أشخاص بطلب التبرع لبناء المساجد ونحوها أمر حسن يثاب عليه فاعله إن أحسن النية فيه، إلا أن الطريقة المذكورة في السؤال إذا كانت فعلا متكررة بحيث يحصل بها أذى وإزعاج للناس فلا ينبغي الاستمرار عليها، وينبغي نصح القائمين عليها برفق ولين في أن يغيروها إلى غيرها من الطرق التي تحصل الغرض دون أذى للآخرين.
كما أن في قولهم تصدق فلان بكذا وفلان بكذا لا ينبغي لما في ذلك من جر بعض المتصدقين إلى الرياء والفخر وامتناع آخرين لكون ما قد يتصدقون به يسيرا.
هذا؛ ما نوصي به إخواننا ونسأل الله جل وعلا أن ينصر الإسلام ويؤلف بين أهله، وأن يذل الكفر ويشتت شمل أهله، إنه على كل شيء قدير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(11/16126)
من أنواع الصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الرائع: لو قمت بدفع مبلغ للمساعدة في شراء منزل لستر عائلة لأم ترعى أولادها المعاقين، مع العلم بأن المنزل الي كانت تقطنه طردها منه صاحبه وستبقى بلا مأوى إن لم يتم شراء منزل لها، والسؤال هو: هل تعتبر المساعدة في هذا المجال صدقة جارية، أرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المساهمة والمساعدة في هذا النوع من أعمال الخير تعتبر من أفضل الصدقات وهي داخلة من جهة المعنى في الصدقة الجارية، وإن كان العلماء فسروا الصدقة الجارية بالوقف لأنه مستمر ونفعه لا ينقطع إذ لا يباع أصله لكن هذه الصدقة التي تبقى غالباً بعد موت صاحبها لا ينقطع أجرها ما دام نفعها مستمراً، وقد ذكر السندي شارح جامع الترمذي عند شرح حديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له. قال: صدقة جارية هي الوقف وشبهه مما يدوم نفعه. انتهى.
وعليه فإن شراء البيوت للأرامل والأيتام أو المساهمة تعد من الصدقة الجارية التي يجرى أجرها على صاحبها بعد موته مادام النفع بها مستمراً، نسأل الله أن يضاعف لك الأجر ويخلف عليك في الدنيا والآخرة، وللمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8042، 3152، 33985.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1425(11/16127)
شروط تصدق المسلم على ورثته أو غيرهم من الفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل حول ما إذا كان بإمكان أحد أن يتصدق قبل موته على ورثته بماله بدلا من أن يرثوه بعد مماته، وإذا كان ذلك صحيحا فهل يمكنه أن يحتفظ بالوصية سرا حتى يموت؟
ثانيا: هل يصل للميت أجر من ماله الحلال الذي تركه للورثة بعده؟
تنبيه: إنني أقصد الثلثين الذي لا يحق لي الوصية بهما لأحد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً أن يتصدق المسلم على ورثته أو غيرهم من الفقراء والمساكين بماله كله أو بعضه، وفي هذه الحالة إذا كان على الورثة يكون صدقة أو هبة وليس تركة؛ لأن التركة يشترط لها تحقق وفاة المورث، فلا يصح تقسيم تركة الحي، ثم إنه لا بد في هذه الحالة من حصول الحيازة التامة من طرف الموهوب له أو المتصدق عليه وذلك قبل موت الواهب أو مرضه مرض الموت، والحيازة تكون بحيث يتصرف فيما وهب له تصرف المالك في ملكه ويرفع الواهب عنه يده.
وأما كتابة ذلك والاحتفاظ به سرا حتى يموت صاحب المال فلا يصح لأنه تصرف في ما زاد على الثلث بعد الموت، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد: الثلث والثلث كثير. رواه البخاري ومسلم، ولما رواه الإمام أحمد في المسند مرفوعاً: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. فتأجيل ذلك إلى ما بعد الموت يعتبر وصية، والوصية لا تصح بأكثر من الثلث -كما عملت- ولا على وارث.
وأما هل يصل أجر للميت من ماله الحلال الذي تركه لورثته فإننا نرجو أن يحصل له بذلك أجر وخاصة إذا كانوا صالحين يصرفون منه في وجوه البر وأعمال الخير ويتصرفون فيه وفق الشرع، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله عنه: إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم فقراء. والحديث في الصحيحين، فنرجو أن يكون هذا الخير له ولهم في العاجل والآجل.
والذي لا شك فيه أن مما يلحق الميت أجره بعد موته هو الصدقة الجارية وأعمال الخير التي يقوم بها في حياته، وتظل ثمرتها جارية بعد موته، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 14374، والفتوى رقم: 38649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(11/16128)
وكلوه بإيصال صدقة لفلان فلم يقبلها.. فما العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم التكرم بالإجابة على هذا السؤال: كان لي جار وتدهورت أحواله المادية ونظراً لتفكيره الشديد دخل المستشفى نظير جلطة في المخ، المهم قمت أنا وبعض الناس في الحي بجمع أموال لمساعدته وكنا نسعى في جهات مختلفة سواء في العمل أو أصحاب المحلات والجيران في الحي وكل واحد بما تجود له نفسه المهم أعطوني أنا هذه الأموال وذهب أنا ومعي ناس من أهل الحي إلى زوجته فأعطيناها جزءاً من هذه الأموال التي تم جمعها، المهم بعد أسبوع توفي هذا الرجل (الله يرحمه ويرحم أموات المسلمين) ، كان ما زال ناس من أهل الخير يحضرون أموالا، المهم أخذنا هذه الأموال وذهبنا إلى زوجته لكي نعطيها هذه المبالغ لكنها رفضت أن تأخذ أي فلوس وقال لنا أخوه أنا سوف أقوم برعايتهم، قمنا بتسديد بعض الكمبيالات التي عليه وتبقى مبلغ حتى الآن معي لا أستطيع التصرف فيه ولا أدري أين أذهب بهذا المال أو أعطيه لمن أفيدوني أفادكم الله، وهل يجوز وضع هذا المال (وقف) أهل الخير، يستفيد من أرباحه أهل الخير؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاكم الله خيراً على ما قمتم به من عمل مبارك، ونسأل الله أن يكتب لكم الأجر والمثوبة عليه، ونذكركم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. رواه مسلم.
أما عن السؤال فاعلم أنك وكيل عن أصحاب المال في صرفه، فلا يجوز لك صرفه في غير ما طلبوا إلا بإذنهم، وبما أن الشخص الذي أمروك بالصرف إليه قد رفض قبول الصدقة فالواجب عليك الآن أن تخبر المتبرعين بما جرى، فمن أراد أن تتصدق بنصيبه صدقة جارية (وقف) فعلت ذلك، ومن أراد الصدقة بذلك على شيء معين فعلت ذلك، ومن أراد أن ترجع له ماله فأرجعه له لأن التبرع لا يتم إلا بالقبض، لما رواه مالك في الموطأ: أن أبا بكر رضي الله عنه كان قد نحل عائشة رضي الله عنها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: يا بنية، كنت قد نحلتك جذاذ عشرين وسقا، ولو كنت حزتيه أو قبضتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب. وفي الموطأ أيضاً عن عمر رضي الله عنه مثله.
قال النووي -رحمه الله- في روضة الطالبين: وأما شرط لزوم الهبة فهو القبض، فلا يحصل الملك في الموهوب أو الهدية إلا بقبضهما هذا هو المشهور.
وفي المقنع في كتاب الهبة قوله: وتلزم بالقبض، وهذا إحدى الروايتين، وهي المذهب مطلقاً.
وفي مواهب الجليل: المعروف من الأدلة أن الهبة يشترط في ملكها الحوز.
وإذا لم تتمكن -بعد بذل الجهد- من معرفة المتبرعين أو بعضهم فلتتصدق بمالهم في وجوه الخير ومصالح المسلمين، والأفضل أن تكون الصدقة جارية. ونريد التنبيه إلى أنه إذا كان ضمن هذه الأموال شيء من أموال الزكاة فلا يجوز صرفها في غير مصارفها المذكورة في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(11/16129)
التصدق على القريبة المكفوفة ثوابه مضاعف
[السُّؤَالُ]
ـ[من أقاربي بنت مكفوفة ووالدها موظف وله معاش تفرح إذا أعطيتها هدية أو فلوساً، هل لي أجر التصدق عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما التصدق على القريبة المكفوفة بما يدخل عليها السرور فإنه عمل خير يثاب عليه، فقد حض الشارع على الإحسان والإنفاق على الأقارب، يقول الله تعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة:215} ، وفي الحديث: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الأرناؤوط والألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1425(11/16130)
حكم الصدقة على الأقارب المقيمين خارج البلد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مساعدة الفقراء من أقارب أو غيره خارج البلد الذي نعيش فيه؟ وهنا أعني المساعدة المالية لأن بعض الناس يقول بأنه لا يحسب لنا ثواب على ذلك يجب فقط ضمن البلد الذي تعيش فيه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مساعدة الأقارب حث عليها الشارع ورغب فيها ووعد بالثواب عليها بقول الله تعالى: قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة: 215}
وفي الحديث: إن الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة. رواه أحمد والترمذي وصححه الأرناؤوط والألباني. وهذا الترغيب يشمل الأقارب الساكنين معك في البلد الذي أنت فيه والساكنين خارجه. وقد رغب الشارع أيضا في مساعدة جميع الفقراء والمساكين سواء كانوا في بلدك أو خارجه وسواء كانوا أقارب أم لم يكونوا أقارب، ولكن الجار القريب الرحم والجار من غير ذوي الأرحام أولى من غيرهما من الأقارب والفقراء الساكنين بعيدا ويدل لذلك قول الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ {النساء: 36} ، هذا في صدقات التطوع، وأما الزكاة المفروضة فقد سبق بيان حكم نقلها إلى خارج البلد في الفتوى رقم: 12533.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1425(11/16131)
يتصدق من مال أبيه وأخيه بدون علمهما فما حكمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا محل أشترك فيه مع أبي وأخي بنفس الحصة من المال والحمد لله الله فتح علينا فتحا مبينا وفوائده كبيرة ولما رأيت كثرة هده الفوائد وإمساك أبي وأخي عن الصدقة النافلة ما عدا الزكاة رأيت أن آخد مبلغا من المال كل شهر حتى أتصدق به على طلبة العلم مثلا وعلى من أراد الزواج من الإخوة فبدأت مشروعي هدا وأنا الآن منذ سنة وأنا أخرج هذا المبلغ الشهري حتى وصل المبلغ إلى 7000 دولار تقريبا ولكن الخطأ الذي أنا أظن أني وقعت فيه هو عدم علم أبي وأخي بالأمر وهدا لأني أعرف أنهما لا يوافقاني ولكن لو قلت لهم المبلغ للمسجد لا يرفضون هدا الأمر فهل أبقى أخرج المبلغ الشهري دون علمهما أو أقول لهما إني أخرج المبلغ للمسجد أي لا أصارحهما بحقيقة لمن أعطي المبلغ وفي حالة عدم الجواز أي عدم جواز أخد المبلغ بهذه الطريقة كيف أصارحهم بالمبلغ ال 7000 دولار هل أرده لهم أم أقول لهم إنهم للمسجد وهل يجوز لي أن أبقى أخرج هدا المبلغ الشهري بقولي لهم لأنه للمسجد مع العلم أنه لطلبة العلم ولمساعدة الشباب على الزواج والذي أظنه أنهم لو يعلمون أني أخرجت هذا المبلغ بغير إذنهم وفي هذه السبل فسيغضبون ماعدا إذا قلت لهم هذا المبلغ للمسجد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خير الجزاء على حبك للخير وإعانة المحتاجين، ونسأل الله جل وعلا أن يكتب أجرك ويزيدك من فضله.
أما ما سألت عنه وهو التصدق من مال أبيك وأخيك بغير إذنهما فاعلم أنه لا يحل لك ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه الدارقطني وأحمد، وصححه الألباني.
ولأنه لا يحصل لهما ثواب الصدقة إلا بأن يتصدقا بأنفسهما أو يوكلاك بذلك، فتصدقك من مالهما بغير إذنهما محرم.
ولا يحل لك أيضا الكذب عليهما بقولك صرفته للمسجد، بل الواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل من هذا الفعل وخصم هذا المبلغ من حصتك أو إرجاع المال أو إخبارهما بالحقيقة وهي أنك صرفت هذا المال للمحتاجين من طلبة العلم أو للمتقدمين للزواج من الفقراء، فإن رضيا بذلك فهو المطلوب. ونسأل الله عز وجل أن يوفقهما ويثيبهما على ذلك، وإن لم يرضيا به وجب عليك رد مالهما إليهما تاما غير منقوص، والله عز وجل يكتب لك أجر ما أنفقت، وإذا أردت في المستقبل أن تتصدق على طلبة العلم أوغيرهم فتصدق من مالك الخالص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1425(11/16132)
مالم يقع زكاة فهو صدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخرج الزكاة منذ ثلاث سنوات ولكن بعد معرفتي بأحكامها تبين لي أني كنت أخرجها على أموال لم تلبغ النصاب وعلى أموال لم تصل للحد الذي أحسب عليه الزكاة وكنت أخرجها على ذهب الزوجة والذي يعتبر شبكتها.. فهل ما تم إخراجه سيتقبل منه الله ما يقدر كزكاة ويعتبر الباقي صدقة؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الزائد عن القدر المجزئ في الزكاة يعتبر صدقة على الأصح وكذا المال الذي أخرجته عن مال لم تجب فيه الزكاة لعدم بلوغه النصاب، قال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى، قاعدة: الواجب الذي لا يتقدر: كمسح الرأس مثلا إذا زاد فيه على القدر المجزئ هل يتصف الجميع بالوجوب؟ فيه خلاف بين أئمة الأصول والأكثر منهم على المنع. قال في شرح المهذب: إذا مسح جميع الرأس ففيه وجهان مشهوران أصحهما: أن الفرض منه ما يقع عليه الاسم والباقي سنة. والثاني: أن الجميع يقع فرضا.. أو أخرج بعيرا عن خمس من الإبل هل الواجب خمسه أو كله؟ ... فيه وجهان والأصح: أن الواجب القدر المجزئ ... لكن صحح فيه ـ شرح المهذب ـ في باب الزكاة أن الزائد في بعير الزكاة فرض وفي باقي الصور نفل وادعى اتفاق الأصحاب على تصحيح هذا التفصيل وصحح في صفة الصلاة من زوائد الروضة وشرح المهذب. والتحقيق أن الجميع يقع واجبا)
والحاصل أن الزائد لا يخلوا إما أن يقع واجبا كأصله أو مستحبا ولن يذهب سدى، وأما ما أخرجته عن المال الذي لم تجب زكاته فهو أيضا صدقة تثاب عليها لأن مجرد تسليم المال إلى الفقير يعتبر صدقة ولو لم ينو ثواب الآخرة كما نص على ذلك جماعة من أهل العلم ومنهم ابن حجر الهيتمي في الفتاوي له فما دام أنه لم يقع زكاة فهو صدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1425(11/16133)
صدقات تحل للأغنياء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمن حالته المادية ممتازة أن يأخذ من الصدقات لا أعني المال ولكن أعني الصدقات الأخرى مثل الشرب من برادات الماء في الشوارع أو المساجد وهي صدقة بنية المتبرع. أو الأكل من التمر الذي يتصدق به الناس في وجبات الإفطار في الحرم المكي مثلا
أفيدونا أفاد الله بكم الإسلام والمسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصدقة التي لا تحل للأغنياء هي الزكاة، أما صدقة التطوع فإنها تحل للغني والفقير. قال الباجي في شرح الموطأ: وأما صدقة التطوع فتعطى لكل أحد من غني أو فقير. انتهى.
وقال في "عون المعبود" شرح سنن أبي داود: وأما صدقة التطوع فهي بمنزلة الهدية تحل للغني والفقير. قال: ذكره الزرقاني في شرح الموطأ.
وفي الموسوعة الفقهية: وتحل الصدقة للأغنياء كما تحل للفقراء، والمراد بالغنى ما منع من أخذ الزكاة لغناه، فيحل له الأخذ من صدقة التطوع، إلا أنه يستحب له التنزه عنها والتعفف. انتهى.
وعليه، فإنه لا حرج لغني في الشرب من برادات الماء التي توجد عند المساجد أو في الشوارع أو التناول من تمور الإفطار، إذ الغالب أن هذا العمل يكون صدقة على العامة، فإن كان بعض هذه الصدقات مختصا بالفقراء وعلم بذلك فلا يقربه، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 19715، 35651.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1425(11/16134)
حكم التصدق على مجهول الحال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أتصدق على أحد معين ومرات يأتي لي أحد ويقول أعطوني مالا أنا كذا وكذا، ويقدم وثائق فهل أعطيه وكذلك كيف أعرف أن هذا الشخص الذي أمامي من أهل الصدقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المتصدق أن يتحرى موضع صدقته، فيبحث عن أهل الحاجة والمعوزين ويدفع إليهم المال الذي جادت به نفسه بسخاء نفس وإخلاص، فإذا قدم إليه أحدٌ ما يثبت حاجته، ولم يوجد ما يثبت خلاف ما قدمه، فالأصل حمل أحوال المسلمين على السلامة، ولا تُنسب لواحد منهم تهمة إلا بدليل، فليعتبر بالظاهر وليس مكلفا بالبحث في البواطن، فإنها موكولة إلى الله تعالى، ولأن يخطىء المرء في العطاء خير من أن يصيب في المنع، والثواب مترتب على الصدقة إن حسنت النية على كل حال، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:
17909، 18128، 11560، 19715.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1425(11/16135)
حكم بناء صالة أفراح في المسجد ومن الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن في مدينة من مدن أمريكا الشمالية ويوجد مشروع بناء مسجد ومن ضمن المشروع أيضا بناء صالة متعددة الأغراض أي يمكن استخدامها للأفراح والحفلات للجالية المسلمة وتوجد مجموعة من الأشخاص تريد أن تخرج صدقة وليس زكاة هل جائز إعطاء المبلغ لهم مع العلم أنه يوجد مسجد في المدينة أو إرسال المبلغ لمحتاجين في بلادنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على مسألتين:
المسألة الأولى:
ما يتعلق بتخصيص صالة ضمن مشروع المسجد للأفراح والحفلات وذلك جائز بشروط.
الأول: أن تكون الأرض غير موقوفة للمسجد فإذا كانت موقوفة للمسجد فلا يجوز البناء عليها إلا ما كان من المسجد ومرافقه المتممة له كدورات المياه وبيت الإمام ونحو ذلك.
والثاني: أن تنضبط الحفلات بالضوابط الشرعية من عدم التبرج وعدم الغناء المحرم وغير ذلك من الضوابط الشرعية
وراجع الفتوى رقم: 10097 والفتوى رقم: 31973
والمسألة الثانية:
ما يتعلق بالصدقة ـ غير الزكاة ـ لأجل إنشاء الصالة المذكورة آنفا حيث إنه لا حرج في ذلك إذا نضبط الأمر بالضوابط الشرعية التي ذكرناها، لكن هل الأفضل هو التصدق لصالح هذه الصالة أم لصالح المحتاجين في بلد المتصدق؟
لا شك أن الأفضل هو التصدق على المحتاجين في بلد المتصدق وغيره من البلدان خصوصا إذا كانوا في حالة اضطرار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(11/16136)
الأفضل في الصدقة ما كان نفعه أكثر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أردت التصدق هل يستحب أمر على أمر مثلاً، هل يستحب الذبح أم إخراج المال، وهل إخراجه في الجامع ليقوم المسؤولون بتوزيعه يقل من حيث الثواب عن ما إذا قمت أنا بتوزيعه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأفضل في الصدقة ما كان نفعه أكبر للفقراء والمحتاجين، ولذا كان من القواعد الفقهية عند أهل العلم أن ما كان من الأعمال نفعه متعد فهو أفضل مما نفعه قاصر، وقد نص أهل العلم على هذه القاعدة، قال الزركشي في المنثور في القواعد من قوله: العمل المتعدي أفضل من القاصر.
ولهذا قال الأستاذ أبو إسحاق وإمام الحرمين وأبوه وغيرهم: بتفضيل فرض الكفاية على فرض العين، لأنه أسقط الحرج عن الأمة. انتهى، ومثله السيوطي في الأشباه والنظائر.
وقد نقل ابن مفلح في الفروع قال: سأل حرب، أحمد: أيحج نفلا أم يصل قرابته؟ قال: إن كانوا محتاجين يصلهم أحب إلي. انتهى.
وعليه؛ فالمستحب والأفضل من الصدقة ما كان نفعه أكثر بالنسبة للفقراء فإن رأيت أن حاجتهم أكبر إلى اللحم فيكون الذبح والتصدق عليهم باللحم أحب وأفضل، وإن رأيت أنهم يحتاجون إلى المال أكثر فالمستحب أن تتصدق عليهم بالمال.
وإخراجها في الجامع ليقوم المسؤولون بتوزيعها لا يقلل الثواب إذا لم يقصد به رياء ولا سمعة؛ بل قد يكون أفضل لأن فيه إخفاء لمن تصدق بها، والأفضل في صدقة التطوع الإخفاء وعدم الإظهار، وكذلك سائر العبادات التطوعية لأن ذلك أبعد عن الرياء، قال الله تعالى: إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ [البقرة:271] ، ومما يستأنس به في هذا المعنى ما أخرجه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة.
إلا أن أهل العلم قالوا: إن إذا كان في إظهارها مصلحة شرعية وأمن على نفسه الرياء فالأفضل إظهارها، كمن يرجو أن يكون قدوة لغيره في البذل والعطاء في الإنفاق في أوجه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1425(11/16137)
للزوجة أن تتصدق من راتبها حيث شاءت
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل فضيلتكم في قول الزوج لزوجته إن المال الذي تتقضاه في عملها ملكه على اعتبار أنه يوصلها لعملها وكذلك يقوم بإرجاعها، فهل هذا يجوز أم لا، وهل يمكنها أن تتصدق منه بدون إذنه أم لا على اعتبار أنه ملكه، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراتب الزوجة حق لها تتبرع منه وتتصرف فيه كيف شاءت ما دامت غير سفيهة، وليس لزوجها أن يأخذ منه إلا برضاها، وأما ذهابه بها إلى العمل ورجوعه بها فإن قصد بذلك التبرع فليس له عليها شيء، وإن قصد توصيلها مقابل أجرة فله أجرة المثل، وليس له الزيادة على ذلك، وانظري الفتوى رقم: 32280، والفتوى رقم: 4556.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1425(11/16138)
مسائل تتعلق بأعمال الجمعيات الخيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مؤسسة خيرية أهلية محلية (أردنية) لدينا أكثر من 60 فرعاً موزعاً في كافة المناطق والمدن ونقوم بجمع الأموال النقدية والعينية من المحسنين ونقدمها على شكل مشروعات خيرية لمستحقيها من الفقراء والأيتام وغيرهم، ولدينا أنظمة ولوائح تنظم جميع نواحي عمل المؤسسة، نرجو تكرمكم بإفتائنا حول جملة من القضايا المتعلقة بعملنا كمؤسسة خيرية وهي كالآتي:
السؤال الأول: تقوم الفروع باستقطاع نسبة من المبالغ التي تردها من المحسنين لتغطية المصاريف الإدارية للفرع كما تقوم الإدارة العامة للمؤسسة باستقطاع مبلغ آخر لمصروفات إدارية من نفس المبلغ، فما هو الحكم الشرعي لهذا الإجراء، وهل هناك حد أعلى للمبلغ المستقطع من التبرعات سواء كانت صدقات أو كفالة يتيم أو صدقات عامة ... إلخ.
السؤال الثاني: عطفاً على السؤال الأول، هل يلزمنا إبلاغ كل متبرع بمقدار النسبة المتقطعة من المبلغ الذي تبرع به، فإن كان يلزمنا فهل يكفي الإبلاغ عن طريق المنشورات والإصدارات العامة للمؤسسة أم يجب الإبلاغ لكل متبرع على حدة، وهل يكفي إبلاغ المتبرع بأننا نقوم باقتطاع جزء من المبلغ لتغطية المصروفات الإدارية دون تحديد مقدار المبلغ المقتطع؟
السؤال الثالث: تقوم بعض فروع المؤسسة بالاتفاق مع بعض جامعي التبرعات على أن تعطيهم نسبة من أي مبلغ يحصلون عليه من المحسنين، كما تقوم بعض الفروع الأخرى بإعطائهم نسبة من التبرعات بالإضافة إلى مبلغ شهري من صندوق المصروفات الإدارية للفرع، فما الحكم الشرعي في ذلك، وهل تعتبر النسبة التي تعطى لجامع التبرعات جزءً من النسبة الإدارية التي سوف تقتطع أصلا من المبلغ المتبرع به؟
السؤال الرابع: هل هناك ضوابط شرعية لاستثمار أموال الصدقات والزكوات غير الضوابط المتعلقة باستثمار أموال الغير، وهل يجوز إقراض هذه الأموال بالربا أو وضعها في بنوك ربوية لأخذ ما يعرف بـ (الفائدة) ، وهل يجوز إقراضها للموظفين أو لغيرهم كقروض حسنة، وهل يجوز تقديمها كقروض تعليمية للطلاب غير القادرين على دفع الرسوم الجامعية؟
السؤال الخامس: بعض الناس يقومون بأخذ الفائدة البنكية (الربوية) وإعطائها لنا، فهل لنا أخذها وهل هناك تحديد معين لمصارفها، وهل لنا أن قبل تبرعات البنوك الربوية، وهل نقبل تبرعات أهل الكتاب وغيرهم من غير المسلمين؟
السؤال السادس: بعض التجار يشترطون علينا تحرير سند قبض بالمواد العينية التي يودون التبرع بها بمبلغ أكبر من القيمة الفعلية لتلك المواد للاستفادة من الإعفاءات الضريبية، فهل يجوز هذا؟
السؤال السابع: نقوم باستقطاع نسبة من مبلغ كفالة اليتيم أو كفالة الطالب أو كفالة أسرة فقيرة ... بهدف تقديم رعاية صحية وتعليمية ودعوية لهم، تقدم لهم على شكل دروس، رحلات، دورات مهنية، مخيمات كشفية؛ دروس تقوية، علاج مجاني في عياداتنا وخدمات وأنشطة أخرى متنوعة فهل هذا الإجراء جائز وهل يتوجب علينا إبلاغ الكافلين بالنسبة المقتطعة، وهل نكتفي بالإبلاغ عبر النشرات العامة للمؤسسة أم يتوجب علينا إبلاغ كل كافل على حدة، وهل هناك حد معين لهذه النسبة، وهل يجوز وضع نظام داخلي في المؤسسة يتضمن إيقاع عقوبات على الذين يتخلفون عن حضور الأنشطة دون عذر مقبول، كتجميد مبلغ الكفالة لمدة معينة، أو إيقاع عقوبة مالية عليهم، أو قيامنا باستبدال المكفول بآخر، وفي حال استبداله بآخر هل يتوجب علينا إبلاغ كافله بذلك أم نكتفي بوجود النظام الداخلي للمؤسسة؟
السؤال الثامن: هل يجوز تقديم جوائز للأيتام والطلاب المتفوقين أو الفائزين بالمسابقات الثقافية أو القرآنية من أموال الزكاة؟
السؤال التاسع: هل يجوز تقديم جزء من المواد العينية عند توزيعها على الفقراء لموظفي المؤسسة وبخاصة الفقراء منهم، وهل يجوز صرف مبالغ للموظفين كمكافآت أو بدل عمل إضافي؟
السؤال العاشر: في حال حصول خطأ من المسؤول في اتخاذ قرار مالي ضمن اجتهاده والذي يؤدي إلى إهدار المال، أو في حال تهاون الإدارة في إجراءات حفظ المال وترتب على ذلك إضاعة المال أو فقده أو سرقته فهل يترتب عليه حكم شرعي؟
السؤال الحادي عشر: تردنا من المحسنين مبالغ لصالح مشروع كفالة اليتيم دون تحديد يتيم معين فهل يجوز الاحتفاظ بها كاحتياط لكفالات الأيتام القائمة فعلا في حال انقطاع كافلها يتم التعويض بالمبالغ المحتفظ بها من أجل استمرار الكفالة؟
السؤال الثاني عشر: هل يجوز استبدال الكفالة النقدية بشراء مواد عينية بقيمتها وصرفها لبعض الأسر حتى لا تقوم الأسرة المكفولة بصرفها على أشياء مذمومة كالدخان مثلا، وفي حال توفر كميات من المواد العينية في المؤسسة هل لنا أن نقوم بتوزيعها على المكفولين مقابل مبلغ الكفالة النقدي، وهل يجوز الاستفادة من المواد العينية بعمل إفطارات جماعية للمحسين بهدف جمع التبرعات أو الصرف من أموال المؤسسة لهذه الغاية، وهل يمكن تقديمها لضيوف المؤسسة أو استهلاك جزء منها في الاجتماعات الإدارية للعاملين أو المتطوعين في المؤسسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الجمعية الخيرية الأصل فيها أنها وكيل في التصرف فيما يرد إليها من أموال، والأصل في الوكيل أن لا يتصرف إلا في حدود ما أذن له موكله، فإذا شرط الموكل شرطاً وجب عليه الالتزام بشرطه ولم تجز له مخالفته، وتراجع الفتوى رقم: 10139.
وإذا لم يشترط الموكل شرطاً معيناً، جاز للوكيل التصرف بما تقتضيه المصلحة، وهذه القاعدة ينبغي التنبه لها، وكذا ينبغي التنبه إلى أن الواجب اختيار من عرف عنهم الدين والورع للعمل في هذه الجمعية والقيام عليها حتى تراعى الضوابط الشرعية في إنفاق أموالها.
وبخصوص ما ورد من أسئلة حول بعض المسائل المتعلقة بالجمعية الخيرية، فيمكن تلخيصها فيما يلي:
أولاً: استقطاع نسبة من المبلغ المتبرع به لتغطية المصاريف الإدارية، وهذا لا حرج فيه إن شاء الله، إذا لم يكن بالإمكان تحصيله من غيرها، على أن يكون ذلك بقدر الحاجة، ولا يلزم إخبار المتبرع بذلك، وتراجع الفتوى رقم: 3699.
ثانياً: إعطاء العاملين على جمع التبرعات أجرة من هذا المال أو نسبة منه، وهذا لا حرج فيه أيضاً، وتراجع الفتوى السابقة.
ثالثاً: استثمار الأموال، فإن كانت أموال زكاة فلا يجوز استثمارها، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 10019، وإن كانت أموال تبرعات فيجوز استثمارها إذا كان ذلك أصلح للفقراء والمحتاجين ولم يكن هنالك من الفقراء من هو في حاجة لها.
رابعاً: إقراض هذه الأموال بفائدة ربوية، وهذا لا يجوز وكذا لا يجوز وضعها في بنوك ربوية من أجل الفوائد، أو لأجل غرض آخر من غير ضرورة، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 942.
وأما إقراضها قرضا حسناً لبعض الموظفين أو لدفع الرسوم الدراسية لبعض الطلاب فلا يجوز، لأن من كان محتاجاً منهم، فهو مستحق لها بلا قرض، ومن لم يكن محتاجاً لها فلا يجوز إعطاؤه منها.
خامساً: قبول تبرعات البنوك الربوية، يجوز، لأن المال المحرم سبيل التخلص منه إنفاقه في أعمال البر، وأما أخذ فوائد البنوك الربوية ممن تاب وأراد التخلص منها فلا حرج فيه إن شاء الله، والواجب صرفها في وجوه الخير المختلفة، وكذا يجوز أخذ ما يتبرع به الكفار من أهل الكتاب أو غيرهم، إذا أمنت المفسدة في ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 12267.
سادساً: كتابة سند قبض للتجار المتبرعين بأكبر من القيمة الفعلية، وهذا لا يجوز، لأن في ذلك إخباراً بخلاف الواقع، وهذه هي حقيقة الكذب.
سابعاً: الاستقطاع من أموال التبرعات لإقامة أنشطة، وهذا يجوز ما دامت تتحقق به مصلحة، ولا يفوت مصلحة أعظم، ولا يلزم إخبار المتبرع بذلك، ما دام لم يشترط شرطاً معيناً.
ثامناً: وضع لوائح تنظم العمل الداخلي، وهذه لا حرج فيها إن شاء الله ما دام ذلك يؤدي إلى تحقيق المقصود، وأما العقوبة المالية فلا ينبغي الإقدام عليها في حق من غاب عن الأنشطة، إذ الغالب حاجة المكفول لهذا المال.
تاسعاً: دفع جوائز للفائزين من أموال الزكاة لا يجوز، لأن للزكاة مصارف محددة من قبل الشرع، فلا يجوز تعديها، وتراجع الفتوى رقم: 3962.
عاشراً: إعطاء جزء من المواد العينية لموظفي الجمعية، لا حرج فيه إن شاء الله إن كان أحدهم محتاجاً، وكذا إن لم يكن محتاجاً، ما دام ذلك تتحقق به مصلحة العمل، ويجوز كذلك صرف مكافآت للموظفين، أو بدل عمل إضافي، لنفس التعليل السابق.
الحادي عشر: هلاك بعض مال الجمعية بسبب بعض الموظفين، فإن كان ذلك دون تعد أو تفريط فلا يضمن، وإن كان بتعد أو تفريط فإنه يضمن، لأن يده في ذلك يد أمانة، وتراجع الفتوى رقم: 31745.
الثاني عشر: الاحتفاظ بكفالة أيتام غير مشروطة، فالأصل فيه عدم الجواز، إذ الغالب أن حاجة المتبرع المبادرة بإنفاق المال، ولكن إن وجدت مصلحة راجحة فلا حرج إن شاء الله في الاحتفاظ بها.
الثالث عشر: استبدال الكفالة النقدية بمواد عينية، وهذا جائز إذا كان أصلح للفقير أو اليتيم، وما دام لا يخالف شرط المتبرع، وقد قال الله تعالى عن الإيتام: وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:220] .
الرابع عشر: عمل إفطارات جماعية للمحسنين بهدف جمع التبرعات منهم، وهذا لا حرج فيه إن شاء الله، ما دام تترتب عليه مصلحة أعظم.
الخامس عشر: إكرام ضيوف المؤسسة من أموالها، فيجوز بما جرى به العرف دون مغالاة، وكذا القول في إنفاق جزء منها في الاجتماعات الإدارية التي تقتضيها مصلحة العمل، وحاصل الأمر في أمر هذه الجمعية أن ينظر القائمون عليها ما هو أصلح للمتبرعين بهذه الأموال، وما هو أصلح للفقراء والمحتاجين وأن يتقوا الله تعالى فيما ولاهم الله تعالى عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(11/16139)
المسلم يختص بأجر عمله الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يتصدق زوجي أو يزكي أو يعمل صدقة جارية، هل الأجر له فقط أم لجميع أهل بيته، علماً بأنني لا أعمل وليس لي دخل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن المسلم يختص بأجر عمله الصالح من الصدقة الجارية وغيرها، لكنه لو وهب ثواب ذلك أو بعضه لغيره جاز ذلك، وانتفع ذلك الغير بالأجر، قال في متن الإقناع من كتب الحنابلة: وكل قربة فعلها مسلم وجعل ثوابها أو بعضه كالنصف ونحوه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه. انتهى.
وعلى هذا، فلو أن زوج السائلة أشرك في ثواب صدقته أهل بيته أو غيرهم جاز ذلك وانتفعوا، لكنه لو لم يشرك أحداً في أجر صدقته فإن العمل عمله إلا إذا كانت الزوجة أو غيرها من أهل بيته يساعدون في ذلك العمل بأي شكل من أنواع المساعدة، فإنهم حينئذ يؤجرون على قدر تعاونهم معه على البر والتقوى، ففضل الله واسع وخيره عميم.
كما أن للزوجة التصدق ويكون لها أجر إذا تصدقت بالشيء اليسير من بيت زوجها مما جرت العادة بالمسامحة بمثله، ففي الموسوعة الفقهية ما نصه: اتفق الفقهاء على أنه يجوز للمرأة أن تتصدق من بيت زوجها للسائل وغيره بما أذن الزوج به صريحاً كما يجوز لها التصدق من مال الزوج بما لم يأذن فيه ولم ينه عنه إذا كان يسيراً عند جمهور الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية وهو الراجح عند الحنابلة.
ويستدل الفقهاء بما روت عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تصدقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة كان لها أجرها ولزوجها بما كسب وللخازن مثل ذلك. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1425(11/16140)
لا أصل للقول بأن على المرأة إذا حجت أن تتصدق بملابسها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت شيئا\" وأحببت التأكد منه يقولون: إن المرأة إذا حجت وعادت من الحج فمن الواجب عليها أن تتصدق بملابسها التي حجت فيها على الفقراء فهل هذا صحيح أم خرافة؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول بأنه يجب على المرأة أن تتصدق بملابسها التي حجت فيها على الفقراء قول لا دليل عليه ولم يقل به أحد من أهل العلم فيما نعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1425(11/16141)
لا تصرف الأموال إلا للجهة التي حددها المتصدق
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا جماعة المسجد جمعت مبلغا من المال لإخواننا في فلسطين وبسبب الضغوطات لمكافحة الإرهاب يتعذر علينا إرسال هذا المبلغ إليهم،فهل يجوز إرساله إلى المنكوبين من الناس في بلاد أخرى. ... ... ... ... ... ... ... ...
ملاحظة: هل لديكم وسائل أخرى لإرسالها هذا المبلغ إلى فلسطين.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأموال التي جمعت لأهل فلسطين يجب أن تصرف إليهم لأنهم الجهة التي حددها المتصدق والذين قاموا بجمعها وكلاء عن المتصدقين ولا يملك الوكيل صرف الشيء إلى غير من حدده الموكل، وفي الحديث: إن الخازن المسلم الأمين الذي يعطي ما أمربه كاملاً موفرا طيبة به نفسه حتى يدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين. متفق عليه.
ويمكن للإخوة الذين تولوا جمع هذه الأموال أن يراسلوا حملات الإغاثة لفلسطين في قطر أو الإمارات ويدفعوها لهم ليقوموا بتسليمها إلى المحتاجين في فلسطين.
ويوجد في قطر مثلاً اللجنة القطرية للإغاثة والتي تتكون من جمعية قطر الخيرية ومؤسسة الشيخ عيد الخيرية والهلال الأحمر القطري.
وبالدخول على موقع الجمعيتين بالانترنت تجدون تفاصيل أكثر في هذا الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1425(11/16142)
حائر بين المساهمة في بناء مسجد والتصدق على المحتاجين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب لدي تجارة ناجحة والحمد لله وأجتهد في أداء واجباتي نحو هذا المال وإخراج ماهو مطلوب مني ولدي فائض من مالي أقوم بالتصدق به على مجموعة من بيوت إخواني المسلمين في صورة دخل شهري لهؤلاء المسلمين حتى أصبح هذا المال أساسيا لهم وهناك الآن مسجد يبنى في الحي الذي أسكن فيه فهل من الأفضل توجيه هذا الفائض من المال للمشاركة في بناء هذا المسجد أم الاستمرار في معاونة هؤلاء الإخوة من المسلمين؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حض الشارع على بناء المساجد، قال تعالى: [فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ]
(النور: 36)
وفي الحديث: من بنى مسجداً بنى الله له في الجنة مثله. رواه مسلم.
كما حض الشارع أيضاً على التصدق على الفقراء والمساكين لاسيما عند الحاجة الماسة إلى الصدقة.
كما قال جل وعلا: [فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ*فك رقبة*أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ*يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ*أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ] (البلد:16)
والتصدق على المتعففين من الفقراء أولى من الذين يسألون.
وفي الحديث: إن المسكين ليس بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان أو التمرة والتمرتان، قلت يارسول الله: فمن المسكين؟ قال: الذي لا يسأل الناس ولايجد ما يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه. وراه أحمد من حديث
ابن مسعود.
فإذا تقرر ذلك فما هو الأفضل الصدقة على الفقراء أم بناء مسجد؟
وجواب هذا السؤال فيه تفصيل فإذا كان الفقراء في حاجة ماسة إلى الصدقة وكانوا من المتعففين الذين لا يفطن لهم أحد كما هو حال هؤلاء الذين تنفق عليهم فإن الصدقه عليهم أفضل من المشاركة في بناء المسجد، لإن بناء المسجد سيتم بك وبغيرك بينما هؤلاء الفقراء لا يتفطن إليهم أحد.
ويمكن أن يقال إذا لم تك الحاجة ماسة بالفقراء ولم يك هناك مسجد في الحي أو توقف بناؤه عليك فإن التبرع له أفضل.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1425(11/16143)
نوى التبرع لبلد فقير ثم صرف المبلغ إلى بلد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الثاتي
نويت أني أتبرع بمبلغ معين لبلد فقير معين ومن ثم دفغت هذا المبلغ لبد آخر غير البلد الذي نويت أن أدفع له
ونفس الشيء بالنسبة لبناء بئر أو دفع عيدية ليتيم إذا نويت مثلا أن أدفع عيدية ليتيم ومن ثم قمت بتبرع ذلك المبلغ لبلد فقير بدلا من دفعها عيدية هل يجوز ذلك أم لا يجوز؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
قأما نية التبرع لشخص ما فإنه لا يترتب عليه شيء، وعليه، فإنه لا حرج في صرفه لشخص آخر أو جهة أخرى، لأن نيته لا تعتبر نذرا لأنه لم يتلفظ بصيغة النذر ولا تعتبر هبة لأنه لم يعلم بها الموهوب له ولم يستلم الهبة ولم يتحقق ما اشترط في لزوم الهبة من القبض والتنجيز والحيازة.
وقد ذكر الكرماني في شرح حديث البخاري: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. ذكر في شرحه أن الوجود الذهني لا أثر له وإنما الاعتبار بالوجود القولي في القوليات، والعملي في العمليات.
ويدل لما ذكر الكرماني قول البخاري بعد إيراد هذا الحديث قال قتادة: إذا طلق في نفسه فليس بشيء، وراجع للمزيد في أحكام اليمين الفتاوى التالية أرقامها: 11096، 34211، 25110، 32708.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(11/16144)
الصدقات التي تصبح على سلامى الناس مستحبة في الأصل
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت حديثا فيما معناه: أنه يصبح على كل سلامي من الإنسان صدقة فهل هذه الصدقات واجبة وفريضة يحرم تركها أم هي مندوبة ومستحبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة. وهذا لفظ البخاري.
وفي رواية مسلم: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى.
فهذه الصدقات التي تصبح على سلامى الناس كلها مستحبة في الأصل ولا يلزم بها، إلا أن بعض ما ذكر في الحديث مما يعتبر صدقة قد يكون واجباً في بعض الأحيان كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(11/16145)
حكم من تبرع لجهة معينة فوقعت لجهة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت انا وزوجتي في إحدى المؤتمرات الإسلامية التي حصلت في الولاية التي نعيش فيها. وكان المسؤولون عن المؤتمر نفس الأشخاص المسؤولين عن المسجد والمدرسة الإسلامية في هذه الولاية.
كانت زوجتي تريد التبرع إلى المدرسة الإسلامية لأنها بحاجة إلى الدعم المالي, وفي المؤتمر, قام أحد الأشخاص المسؤولين بلم التبرعات لمركز الشباب الذي يجمع الشباب المسلم في الولايه بعيدا عن الفساد العام في الولايات. هذا المركز يتضمن ألعاب مثل لتنس والبلياردو..الخ.
فظنت زوجتي أنه للمدرسة الإسلامية, فتصدقت زوجتي بمبلغ كبير من مالها الخاص الذي تحصل عليه من شغلها.
عندما أخبرتني زوجتي بما فعلت, قلت لها إن المسؤولين كانوا يجمعون لمركز الشباب وليس للمدرسة.
لجعل المسألة قصيرة, طلبت مني زوجتي أن أوصل الشيك للمسؤولين فرفضت وقلت لها بما أن نيتك كانت للمدرسة الإسلامية, فادفعيها إلى المدرسة الإسلامية.
بصراحه أحست بالذنب لصدها عن دفع صدقة وفي نفس الوقت غضبت من زوجتي لأنها دفعت مبلغا كبيرا لمركز الشباب وهناك أمور أولى في وقتنا هذا من مركز للشباب, وأنا أعمل المستحيل لجمع ما أستطيع جمعه لأهلنا في فلسطين. حيث هناك 28 عائلة أحاول مساعدتهم. فقلت لها هم أو المدرسة أولى
سؤالي هل أخطأت برفض إيصال الشيك؟
أعرف أن لا رأي لي ولا سلطة على أموالها الخاصة, ولكن هل كان من الأولى استشارتي في الموضوع؟
أخيرا, وحيث إن النية كانت في الأصل للمدرسة هل يجوز إعطاء المدرسة الصدقة أم أنها ثبتت لمركز الشباب؟
أفيدوني وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى بهذه الصدقة هو المدرسة لكون نية المتصدقة كانت لها، ولأنها الأولى على ما ذكر السائل؛ لكن إخراجها للنادي مع كون النية كانت للمدرسة لا حرج فيه، ولها الأجر بحسب نيتها، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي يزيد معن بن يزيد السلمي قال: كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليك وسلم، فقال: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن.
قال الحافظ في الفتح: كأنه كان لا يرى الصدقة على الولد تجزئ، أو يرى أن الصدقة على الأجنبي أفضل، فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن له ما نوى، لأنه كان ينوي أن يتصدق بها على محتاج، وابنه يحتاج إليها، فوقعت موقعها، وإن كان لم يخطر بباله أنه يأخذها، وبين لابنه أن له ما أخذ، لأنه أخذه بحقه محتاجاً إليه.
ونقول: إن ما تقومان به من الإنفاق والتبرع وكفالة المحتاجين من المسلمين عمل مشكور، وسعي مبرور تؤجرون عليه إن شاء الله، فاستمرا على هذا العمل وتشاورا وتطاوعا ولا تختلفا، وانظرا معاً أي الأعمال مقدم وأولى وأكثر أجراً، ونسأل الله أن يبارك لكما وأن يخلف عليكما خيراً، أما أنت فلست آثماً إذا لم توصل الشيك؛ لكن الأولى لك والأبعد عن الخلافات أن توصله نيابة عن زوجتك، كما أن الأولى لها هي أن تستشيرك في أمر كهذا فلعل عندك من العلم في الموضوع ما لم يكن عندها، أو لعلك تذكرها بما نسيته مما هو الأولى بالصدقة، وتذكرا قوله تعالى: [وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ] (سبأ: من الآية39) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(11/16146)
أولى الناس بالصدقة والمعونة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد ساعدت خادمة عندي بشراء بيت لها ولكن هناك من قال لي الأولى لو ساعدت به أولاد أختك غير الشقيقة بالرغم أن وضعهم ليس سيئا والمبلغ لن يساعدهم إلا بالحدود البسيطة، بينما بالنسبة للخادمة فقد كان إيواؤها في منزل ولو برأس الجبل فما حكم ما صنعت، فهل أثاب على ذلك أم الأقربون أولى بالمعروف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الصدقة أوالمساعدة للأقربين إذا كانوا محتاجين أولى وأعظم أجرا منها لغيرهم، فقد روى البخاري عن أنس رضي الله عنه أن أبا طلحة أراد أن يتصدق بحديقة له هي أحب ماله إليه، فجعل أمرها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أرى أن تجعلها في الأقربين.
وقال صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على الرحم صدقة وصلة. رواه أحمد وأصحاب السنن وحسنه الترمذي
ومع ذلك فإذا تصدق الشخص على فقير ولولم يكن من أقاربه فلا شك أن له بذلك أجر المتصدقين، وخاصة إذا كان له به صلة كالخادم والأجير.
فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في كل كبدة رطبة أجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(11/16147)
حكم التصدق بالملابس القصيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد التخلص من البنطلونات والبلوزات القصيرة وبعضها لم ألبسه غير مرة أو مرتين، هل يجوز أن أضع هذه الملابس في المسجد للفقراء، علما بأني الآن ألبس الجيبات والواسع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الهداية والثبات، واعلمي أنه ليس من شروط التوبة التخلص من الثياب التي كانت المرأة تتبرج بها أمام الأجانب، لكن من شروطها الإقلاع عن التبرج، والعزم على عدم العود، والندم على ما فات، لكن إذا أردت التصدق بهذه الثياب فهو أمر حسن، بشرط ألا تعلمي أو يغلب على ظنك أن من تتصدقين عليها بها ستستعملها في الحرام، لأن ذلك فيه إعانة على الحرام، والله تعالى يقول: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2] ، ولا حرج في وضعها في المسجد ليستفيد منها الفقراء إذا كانت طاهرة نظيفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1425(11/16148)
الصدقة بمعناها الخاص والعام، وأولى الناس بها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد عاهدت الله في نفسي أن أي مال يرزقني الله به أتصدق بعشره، والسؤال: على مَن مِن هؤلاء تسمى صدقة وأيهم أولى بها وأيهم أعظم أجراً، وما الفرق بين النفقة والصدقة، وماذا يشترط في المتصدق عليه (في مجال الإسلام والإيمان والعقيدة عامة) ، نصرة الإسلام والمسلمين ورفع الضرر عنهم، التيسير على معسر، قضاء الدين لمديون، الأقارب وصلة الأرحام، أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل من ذكرت إذا صرفت فيهم ما التزمت بصرفه فقد أخرجته في وجه من وجوه الصدقة، فالصدقة تعم جميع أبواب الخير لما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي ذر مرفوعاً:.... فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة. الحديث، وفي الصحيحين عن أبي هريرة يرفعه: يعين الرجل في دابته يحامله عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة، ودل الطريق صدقة.
إلا أنك إذا كنت قد أطلقت في نيتك.. فإن الصدقة في مفهومها الخاص إنما تطلق على ما أعطي في ذات الله للفقراء.
وعليه؛ فإن المعسر إذا كنت تعني به الفقير فإن التيسير عليه داخل في معنى الصدقة الخاص، وقل مثل ذلك في المدين والقرابة إن كانوا فقراء، والأولى بها منهم هو أشدهم احتياجاً إليها، وإذا تساووا في الاحتياج كان الأقارب وذوو الرحم أولى من غيرهم، لأنها في حقهم صدقة وصلة، كما رواه أصحاب السنن مرفوعاً: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة. وفي هذا رد على أيهم أعظم أجراً.
ثم الفرق بين النفقة والصدقة يكون بحسب مقصود المتكلم، فقد تكون النفقة هي عين الصدقة إذا كان المال منفقاً في بعض وجوه الخير، ويمكن أن تكون الصدقة أخص في قصد الخير، لأن النفقة قد لا يراد منها وجه الله.
ثم للرد على الجزء الأخير من السؤال، فإنه لا يشترط في المُتصدَق عليه إسلام ولا إيمان ولا غيرهما، فالكافر يصح أن يتصدق عليه، والحيوان يصح التصدق عليه، إلا أن صرف الصدقات فيمن يتقوى بها على طاعة الله وعبادته أولى من صرفها فيمن هو بخلاف ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(11/16149)
هل تطيع أمها التي تمنعها من التصدق بيعض مالها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أود أن أخرج الصدقات ولكن والدتي تمنعني بطريقة أو بأخرى وأحيانا تقول لي أعطني المال الذي تودين التصدق به مع العلم أنها ليست بحاجة إليه كثيرا , فهل أطيعها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصدقة لفظ عام يطلق على الصدقات الواجبة كالزكاة وعلى غير الواجبة فإن كانت هذه الصدقة واجبة كالزكاة فليس لأمك منعك من إخراجها وعليك أن لا تطيعيها في ذلك فإن الزكاة ركن من أركان الإسلام يجب أداؤها ولا تجوز طاعة في منعها أما إذا كانت الصدقة غير واجبة ومنعتك أمك من إخراجها فالواجب عليك طاعة أمك لأن طاعة الوالدين واجبة والصدقة مستحبة، وإذا تعارض واجب مع مستحب قدم الواجب باتفاق العلماء، ولكن لو أخرجتها سرا بحيث لا تشعر فهذا حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1425(11/16150)
من أحكام الصدقة عن الأحياء والأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه وجعل ذلك في ميزان حسناتكم ... آمين، سؤالي هو: هل يجوز التصدق على العلماء ليذكروني، علما بأنني أعرفهم (طبعاً فقط عن طريق الإعلام) وإن شاء الله أحببتهم في الله، وهم لا يعرفوني أم أنهم غير محتاجين إلى تصدق أحد، علما بأن خالي الكبير الله يرحمه قد توفي منذ مدة وكذلك حماتي (والدة الزوج) وبعض الناس كذلك أعرفهم رحمنا ورحمهم الله جميعاً آمين، هل هم أولى بالصدقات، وهل هناك مشكلة إذا كان التصدق بمال بسيط جداً مثلاً ريالان أو 5 ريالات، وهل يجوز الجمع بين الكل بنفس المبلغ مع التصدق على الأحياء مثل الأطفال؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود من سؤالك إهداء ثواب الصدقة إلى الموتى من العلماء أو من أقاربك أو غيرهم فالأولى تقديم أرحامك، لما في ذلك من اجتماع الصدقة والصلة بالنسبة لذي الرحم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم صدقة وصلة. رواه النسائي وغيره وصححه الشيخ الألباني.
والتصدق بالقليل من المال لا حرج فيه بل فيه أجر لقول الله تعالى: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة:7-8] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق. رواه مسلم وغيره.
والتصدق عن الجميع بمبلغ واحد لا مانع منه، ويكون قدر نصيب كل شخص بحسب نيتك أنت، فإذا نويت مثلاً أن لكل واحد الربع وهم أربعة حصل لكل واحد الربع حسبما نويت، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه.
وإذا كان المقصود بقولك مع التصدق على الأحياء مثل الأطفال، دفع الصدقة إلى بعض الأحياء كالأطفال مع نية إهداء الثواب إلى الأموات فلا مانع من ذلك ويحصل الأجر والثواب إن شاء الله، لما ثبت في الصحيحين: قالوا يا رسول الله وإن لنا في البهائهم لأجراً، فقال: في كل كبد رطبة أجر.
وإن كان المقصود الجمع بين الأموات والأحياء في ثواب الصدقة فلا مانع من ذلك، فإن ثواب الصدقة يصل الميت كما يصل الحي وإن كان الأولى تقديم الميت في الإهداء لانقطاع عمله بخلاف الحي، فما زال قادرا على اكتساب الأعمال الصالحة خصوصاً الأطفال الذين لم تلزمهم التكاليف الشرعية بعد، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19715، 5541، 29491.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1425(11/16151)
حكم الصدقة على العم الذي يمارس رهان الخيل
[السُّؤَالُ]
ـ[إني قد وفقني الله أن أتصدق على عم لي لا يملك دخلا ماديا وذلك كل شهر إلا أن عمي بلغني أنه يراهن على الخيول فهل تجوز عليه الصدقة؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على إحسانك إلى عمك، ونسأل الله عز وجل أن يجزيك الثواب على هذا الإحسان.
وأما ما يتعلق برهان عمك على الخيل فجائز، لأن النصوص الشرعية قد جاءت بالرخصة في ذلك على تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 26712.
ولو افترض أن عمك يراهن رهانا محرما أو يمارس أعمالا منكرة آخرى فلا حرج في التصدق عليه وصلته بما أمكن لعل الله عز وجل يغنيه عن كسبه المحرم بالصدقة المباحة.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية، فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي غني فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني، فأتى فقيل له: أما صدقتك على سارق، فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية، فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني، فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1425(11/16152)
الإيثار المحمود لا يكون مع ترك النفقة الواجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
رجل يعول عائلة لا يملك مالاً وعندما تحصل على مبلغ معين من المال قرر أن يتصدق به كله، فما حكم التصدق بهذا المال، وما الحكم إذا كان على الرجل دين، وإن كان الرجل آثما فكيف نوفق بين قوله تعالى {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (9) سورة الحشر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: عندي دينار قال: أنفقه على نفسك، قال: عندي آخر، قال: أنفقه على ولدك، قال: عندي آخر، قال: أنفقه على أهلك، قال: عندي آخر، قال: أنفقه على خادمك، قال: عندي آخر، قال: أنت أعلم به. رواه البيهقي وأبو يعلى وحسنه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.
قال الشيرازي في المهذب: لا يجوز أن يتصدق بصدقة تطوع وهو محتاج إلى ما يتصدق به لنفقته أو نفقة عياله.... ولا يجوز لمن عليه دين وهو محتاج إلي ما يتصدق به لقضاء دينه لأنه حق واجب فلم يجز تركه بصدقه التطوع كنفقة عياله. انتهى.
قال النووي في شرح المهذب: إذا كان محتاجاً إلى ما معه لنفقة نفسه أو عياله هل يتصدق صدقة التطوع؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يستحب ذلك.
الثاني: يكره ذلك.
الثالث: وهو الأصح لا يجوز وبه قطع المصنف.
... فإن قيل يرد على المصنف وموافقيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً من الأنصار بات به ضيف فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه فقال: لا مرأته نومي الصبيان وأطفئي السراج وقدمي للضيف ما عندك فنزلت هذه الآية: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9]
فالجواب من وجهين:
أحدهما: أن هذا ليس من باب صدقة التطوع، إنما هو ضيافة والضيافة لا يشترط فيها الفضل عن عياله ونفسه لتاكدها.
والثاني: أنه محمول على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين حينئذ بل كانوا قد أكلوا حاجتهم، وأما الرجل وامرأته فتبرعا بحقهما، وكانا صابرين فرحين بذلك، ولهذا جاء في الآية والحديث الثناء عليهما.
فإن قيل: قوله نومي صبيانك يدل على أن الصبيان كانوا جياعاً فالجواب: أن الصبيان لا يتركون الأكل عند حضور الطعام ولو كانوا شباعاً فخاف إن بقوا مستيقظين أن يطلبوا الأكل عند حضور الطعام. انتهى.
المسألة الثانية: إذا أراد صدقة التطوع وعليه دين فقد أطلق المصنف وشيخه وآخرون أنه لا تجوز صدقة التطوع لمن هو محتاج إلى ما يتصدق به لقضاء دينه، وقال المتولي وآخرون: يكره، وقال الماوردي والغزالي وآخرون: لا يستحب.
.... والمختار أنه إن غلب على ظنه حصول الوفاء من جهة أخرى فلا بأس بالصدقة وقد تستحب وإلا فلا تحل. انتهى.
وقال النووي في شرح مسلم: من قصة هذا الرجل وأهله، قال: هذا محمول على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين إلى الأكل ... فإنهم لو كانوا على حاجة بحيث يضرهم ترك الأكل لكان إطعامهم واجباً، ويجب تقديمه على الضيافة. انتهى.
وبهذا تعلم أن الإيثار المحمود لا يكون في ترك واجب من نفقة أو دين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(11/16153)
لا تتم الصدقة إلا بالحيازة
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل فترة كان أحد أصدقائي بحاجة إلى مبلغ كبير من المال فسألني أن أقرضه لكني قمت بجمع مبلغ جزء منه مني وأجزاء من أشخاص آخرين لمساعدته وأعطيته لصديقي وقلت له إني لا أحتاجه لكنه أصر أن المبلغ دين وأنا أعرف أن حالته صعبة ومن الصعب عليه سداد المبلغ فقلت له حتى لا أجرحه أن يسدني المبلغ بعد تخلصه من جميع المشاكل المادية وكان كل ما يسألني أقول له لست مستعجلا وبعد سنوات جاءني قائلا إن المبلغ سيصبح بحوزته قريبا ولكني نسيت الأشخاص والمقادير التي دفعوها وهم وأنا دفعنا المبلغ على أساس أننا لا نريده ... فماذا افعل أن سدني المبلغ؟ ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحيازة للشيء الموهوب شرط لمضي الهبة، قال ابن أبي زيد في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة. وإذا لم يقبل الموهوب له الهبة فهو عن الحيازة أبعد، وعليه، فإن المال الذي جمعته لصديقك هذا ما زال ملكا لأصحابه، فإذا استلمته كنت تستطيع إيصاله إليهم بأية وسيلة فافعل، وإن لم تستطع ذلك لنسيانهم كما ذكرت أو لعدم معرفة أماكن إقامتهم، فيمكنك أن تتصدق به عنهم، وإن جاءوا بعد أو بعضهم كانوا مخيرين بين إمضاء الصدقة والأجر لهم، أو أخذ مثلها والأجر لك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 8315، أما عن تحديد المبالغ التي دفعها كل واحد فلك أن تجتهد فيها.
ثم إنه ما كان ينبغي لك أن تفعل ما فعلت بالنسبة لما دفعه غيرك، وذلك أن الذي ينبغي لك فعله هو أن تخبرهم أن الرجل لم يقبل الهبة وتتشاور معهم في إعطائه المبلغ على أنه قرض، فإن وافقوا كتب الأمر لأنه صار دينا، والدين يكتب توثيقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(11/16154)
لا حرج في توزيع أول راتب على الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[جرت العادة عندنا أن من يعمل في وظيفة معينة فإن أول مرتب لذلك الشخص يوزع على ذوي الأرحام فقد يوزع غالبية ذلك المرتب، هل ذلك الفعل جائز أم يعتبر بدعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في الاستمرار في هذه العادة؛ إذ للمكلف الرشيد أن يتبرع بماله لمن شاء لمناسبة أو لغير مناسبة، وعليه فهذه عادة حسنة لاسيما إذا كان يخصص أو يؤثر بهذا العطاء ذوي الحاجات من ذوي الأرحام.
ولا يدخل هذا في البدعة، ولكن ينبغي لمن يقوم بهذا العمل أن ينوي التقرب إلى الله تعالى بتوزيعه ماله على أٌقربائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(11/16155)
يمكن للمرأة أن تتصدق في جميع أحوالها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي معتدة فهل يجوز لها بعد انتهاء العدة أن تذبح وتتصدق أجيبوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الإسلام على بذل الصدقات إلى الفقراء والمساكين وغيرهما من أوجه الخير، ووعد المولى سبحانه الفاعل بالخلف والجزاء الكثير، فقال: [مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ] (الحديد:11) .
وقال: [وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ] (سبأ: 39) .
وقال: [مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ] (البقرة: 261) .
وفي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا.
وهذا الأجر يشمل الرجل والمرأة معا، وليس مقيدا بوقت دون آخر، وبهذا يعلم أن المرأة يمكنها أن تتصدق وهي ذات زوج أو مطلقة أو غير ذلك من أحوالها، بما فيها وقت العدة أو بعدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(11/16156)
تأتيه صدقات لأولاد أخيه اليتامى وهم غير محتاجين فهل يقبلها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم الإجابة على سؤالي..ولكم جزيل الشكر
أنا رجل لي أخ توفى منذ سنة،وترك زوجة، وثلاثة أولاد قصراً، وترك لهم بعض المال، كما أنهم يتقاضون مرتب والدهم بعد وفاته، وهم بهذه الصفة غير محتاجين ... وكنت قد توليت رعاية مصالحهم، إلا أن الناس يأتون إلي بين الحين والآخر ببعض الصدقات عليهم فأقبلها بوصفهم يتامى قصراً، لا بوصفهم محتاجين، فهل ذلك جائز أم أنه يجب علي رد ما يأتيهم من تلك الصدقات لكونهم مستوري الحال؟ وإذا كان الجواب بالمنع فهل لي أن أعطيها لغيرهم من المحتاجين بعد أن آخذها باسمهم؟ أفيدوني بارك الله لكم.
عبد الحكيم احمد عمر..ليبيا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما يدفعه الناس إليك لهؤلاء اليتامى من أموال الزكاة، فلا يجوز لك أن تقبلها والحالة هذه، لأن الأغنياء ليسوا من مصارف الزكاة الثمانية التي بينها الله في كتابه وهم: [إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ] (التوبة: 60) . والواجب عليك أن تردها على أصحابها وهم يوزعونها على مستحقيها، ولا يجوز أن تصرفها في مستحقيها بنفسك، لأنها تفتقر إلى النية وهي من شرائط الزكاة، وقد نصوا على عدم إجزاء تصدق الواحد عن غيره بغير أمره.
وأما إن كان ما يدفع من صدقات التطوع أو هدايا التودد ونحوه كالصلة فيجوز لك أن تقبل ذلك، لأنها تجري مجرى الهبة. قال أهل العلم: ويستحب للغني التنزه عنها.
هذا ونسأل الله عز وجل أن يجزي الأخ السائل خيرا على توليه رعاية مصالحهم وليحتسب الأجر عند الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا. رواه البخاري.
وتراجع الفتاوى التالية: 14410، 15146، 20886، 44595.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(11/16157)
حكم إبداء وإظهار الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[معي زميلة في العمل اكتشفت أن أخاها الصغير مصاب بمرض السرطان، وأنا أعلم أن ظروفها المادية بحالة سيئة جدا، فقمت بالتبرع لها بمبلغ من المال وأبلغت صديقة أخرى بذلك حتى أشحذ همتها لمساعدتها أيضا، فهل هذا يدخل ضمن إبطال الصدقة بالمن والأذى؟ علما بأنني أحاول جمع مال لها بعرض حالتها وظروفها على من أعرف حتى يتبرع لها فهل هذا حرام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الحامل لك على حث الآخرين على التبرع وإخبارهم بما تبرعت به هو الرغبة في مساعدة هذه الزميلة وأخيها، ولم تقصدي من وراء ذلك سمعة أو رياء أو منًّا، فليس حثك للآخرين على التبرع داخلا في المن والأذى، وليس محرما، بل هو عمل صالح تؤجرين عليه إذا نويت بذلك التقرب إلى الله.
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 19247.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(11/16158)
دفع مالا كصدقة جارية فاختلسه الآخذ.. هل ينال الدافع ثوابها
[السُّؤَالُ]
ـ[تم دفع مبلغ من المال كصدقه جارية في بناء مسجد -
لكن الشخص الذي استلم المال أخذه وترك المسجد
هل تحتسب صدقة جارية أم لا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر –والله أعلم- أن المال المذكور إذا كان تم دفعه بإخلاص نية لبناء مسجد ابتغاء تحصيل ثواب صدقة جارية، ثم نكث الشخص الذي أخذ المال ولم يُقدر على تخليص المال منه، يعتبر صدقة جارية، لأن الدافع للمال فعل الذي أمر به الشرع، فالمعتبر في الصدقة أن يكون المرء في حال صحته وتمكنه من الانتفاع بماله، روى ابن ماجه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته. محل الشاهد منه: أو صدقة.. قال في شرح سنن ابن ماجه: أي أخرجها في زمان كمال حاله ووفور افتقاره إلى ماله وتمكنه من الانتفاع به.
وراجع الجواب 12506.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/16159)
لا تناقض بين حديث قبيصة وإعطاء مجهول الحال من الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أوفق فيما ذكرتم لي في الفتوى رقم 45055 وبين نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن إعطاء السائل إلا في ثلاث حالات كما في حديث مخارق الهلالي رضي الله عنه يعيني هل هاتان مسالتان مختلفتان أم أن أي صدقة أخرجها سواء كانت واجبة أو تطوعا ترتبط بحديث مخارق الهلالي وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تناقض بين ما أفتينا به في الفتوى رقم: 45055 وبين حديث قبيصة بن مخارق الهلالي، فالذي أفتينا به هو أن الشخص إذا جُهِل حاله وادعى الفقر والمسكنة، فإنه يعطى من الصدقة.
وأما الحديث المذكور، ففيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة، ولم ينه عن الإعطاء لغيرهم إذا جهل حاله، ونص الحديث كما في صحيح مسلم عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، قال: ثم قال: ياقبيصة: إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال سدادا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلان فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال: سدادا من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحت ا. وأخرجه أحمد وأصحاب السنن غير الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/16160)
تجوز الصدقة للرجلين عند عدم التعيين
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل فقير وزميله في العمل إحدى بناته تعاني من مرض الكلى وهي في حالة غسيل وهذا الرجل الفقير وقع في دين وأصبح غارما لعدم قدرته على سد الدين منذ سنوات لذلك لجأ صاحب الدين إلى أحد الأغنياء وطلب مساعدة زميله وذكر له أن المساعدة لرجل غارم ورجل عنده مرض فدفع الغني مبلغا من المال متأثرا بحالة البنت المريضة، فهل يجوز تقسيم المبلغ بينهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان صاحب المال دفع صدقته للمذكورين (الغارم وأبي البنت المريضة) فإنه يجوز أن يقسم المال بينهما، والظاهر من السؤال هو أن صاحب المال دفع للرجلين، إذ لم يعين واحداً منهما برغم تأثره بحالة البنت المريضة. وراجع الفتوى رقم: 33488.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(11/16161)
الحكم في تمول ما زاد عن مال المساعدة مرجعه لنية المتبرعين
[السُّؤَالُ]
ـ[تجهزت للزواج وسرق مني مبلغ ليس لي فساعدني أصحابي كل واحد بمبلغ فزاد المبلغ عن المبلغ المسروق فسددت المبلغ المسروق لصاحبه وسددت بعض ضوائقي بالباقي فهل الباقي يعتبر به شبهة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما قام به أصدقاؤك من المساعدة هو عمل طيب محمود، فيه لهم من الله تعالى الأجر والجزيل عليه إن قصدوا به وجه الله، لقول الحق سبحانه: إنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (الكهف: من الآية30) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. رواه مسلم في صحيحه.
أما بخصوص المال المتبرع به عليك فينظر فيه إلى نية المتبرعين، فإن قصدوا به تعويضك ما سرق منه فقط فهذا لا يجوز أن تأخذ ما زاد على ذلك، وإنما ترد الباقي إلى أصدقائك بقدر مساهماتهم ما لم يأذنوا لك في الانتفاع به، وإن كان الهدف هو البذل والمواساة من غير تحديد فلك ما زاد على قدر المسروق، وانظر الفتوى رقم: 34293.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(11/16162)
لا يضيع الله أجر من أحسن عملا
[السُّؤَالُ]
ـ[5-يوجد زميل معه أموال ولكنه يخاف ان يصرفها لأنه لا يعرف أن يجمعها مرة أخرى , , ويحتاج جهازا للقلب وأحضرناه له - فهل أموال هذا الجهاز تحسب لنا فى ميزان حسناتنتا أم تحسب ماذا؟
ارجو الرد للأهمية وشكرا جدا لتعبكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فإن كنتم تحتسبون الأجر عند الله فيما أنفقتم من الأموال على زميلكم الذي يملك المال ولا يريد أن ينفقه، فإن الله سيجعله في ميزان حسناتكم إذا كان خالياً من الرياء ومحبطات العمل الأخرى.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكى عن رجل تصدق على سارق وزانية وغني قال:.... لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني ... إلى آخر الحديث وفيه: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني، فأتى فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله.
وعليكم أن تبينوا لزميلكم أن البخل مذموم في الشرع، قال الله تعالى: وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [آل عمران:180] .
وروى البخاري في الأدب المفرد عن جابر، والحاكم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وأي داء أدوى من البخل.
وفي صحيح البخاري أن أبا بكر قال لجابر رضي الله عنهما: وأي داء أدوأ من البخل.، فالله تعالى هو الرازق ولا ينبغي للمرء أن يعتقد أنه إن صرف أمواله سوف لا يمكنه جمع مال آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(11/16163)
مجهول الحال لا يطالب ببينة على فقره
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ لازم أن يكون ثلاثة من ذوي الحاجة لما أعطي السائل، وهل هناك ما يقوم مقام الثلاثة من الأوراق الوثائقية أو ظهور عاهة لبدنه ونحو ذلك، وأيضاً هل هؤلاء الثلاثة ذوو الحاجة للحالات الثلاثة أم فقط لمن أصابته جائحة، وأيضا فقر مدقع ولا يستلزم لمن تحمل حمالة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، قال: ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش (أو قال سداداً من عيش) ، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش (أو قال سداداً من عيش) فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا.
وهذا الحديث محمول على من سأل وقد عرف عنه الغنى أما المجهول فلا يطالب بالبينة لإثبات حاجته، قال الإمام النووي رحمه الله: وهذا محمول على من عرف له مال فلا يقبل قوله في تلفه والإعسار إلا ببينة، وأما من لم يعرف له مال فالقول قوله في عدم المال.
ويدل لهذا ما رواه الإمام أحمد وأبو داود وحسنه العلائي عن فاطمة بنت حسين عن حسين بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للسائل حق وإن جاء على فرس.، قال صاحب عون المعبود: للسائل حق وإن جاء على فرس: فيه الأمر بحسن الظن بالمسلم الذي امتهن نفسه بذل السؤال، فلا يقابله بسوء الظن به واحتقاره بل يكرمه بإظهار السرور له، ويقدر أن الفرس التي تحته عارية أو أنه ممن يجوز له أخذ الزكاة مع الغنى، كمن تحمل حمالة أو غرم غرماً لإصلاح ذات البين، أو يكون من أصحاب سهم السبيل فيباح له أخذها مع الغنى.
وقد جاء في مسند أحمد وسنن أبي داود وغيرهما عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: أخبرني رجلان أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة فسألاه منها، فرفع فينا البصر وخفضه فرآنا جلدين فقال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب.
وأما إذا رأيت عاهة ببدن السائل أو جاء بأوراق وثائقية تثبت حاجته، فلا إشكال في إعطائه ولو كان كاذباً فإثمه على نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(11/16164)
الأولى ألا تدفع الصدقة للفاسق حتى يتوب
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله.... وبعد: يا شيخ رجل دخله من حرام وحلال فالحرام عنده مكان للأفراح والرقص الخليع والمكان الحلال فهو مدرب كمال أجسام وهو مرات في عدم ترتيبه لحياته وأيضاً لكثرة غلاء البلاد، وله ولدان ومتزوج يطلب مساعدة لأن مرات لا يأتيه دخل ليسد حاجاته، فما هو الذي يجوز لي أن أعطيه مع ذكر أنه مرات يتصل بي ويحتاج مالاً ومرات يتصل بي ويحتاج وجبة طعام، مع أنه كان مع الأغنياء سابقاً ومن أهل الترف، فيا شيخنا الفاضل ما الحالات التي يجوز أن أعطيه فيها وما هذا الشيء الذي أعطيه حتى لا أكون عونا له على المعصية، وهل يجوز لي أن أعطيه أو لا، شكراً وأرجو التفصيل بكل فروع المسألة للأهمية؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان من المسلمين مسرفاً على نفسه في المعاصي مرتكباً للكبائر فإنه لا يعان على ذلك لا بصدقة ولا بغيرها، بل يحرم الدفع إليه إذا كان سيستعين بها على معصية الله، جاء في أسنى المطالب: يحرم دفع صدقة التطوع إلى العاصي بسفره أو إقامته إذا كان فيه إعانة له على ذلك، وكذا يحرم دفعها إلى الفاسق الذي يستعين بها على المعصية وإن كان عاجزاً عن الكسب. انتهى.
وأما إذا لم يستعن بها على معصيته فالأولى أن لا تدفع له أيضاً، ذلك أن الفاسق يهجر ولا يوصل حتى يتوب إلى الله عز وجل، لا سيما من يجاهرون بالمعصية، والشخص إذا فتح صالة للرقص والاختلاط فإنه يرتكب بذلك أمراً محرماً ويصدق على فاعله أنه قواد، والقوادة في الشرع هي الجمع بين الرجال والنساء على معصية الله تعالى، يقول ابن تيمية: القواد الذي يأخذ ما يأخذه ليجمع بين اثنين على فاحشة.، ومن كانت هذه حالته فكيف يُعان ويكرم قبل أن يتوب!
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/16165)
مجهول الحال الذي يدعي الفقر يعطى من الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد يا شيخ مرات أكون ماشياً في الطريق فيوقفني رجل ويقول لي إنه محتاج ويريد مالاً وكذلك نساء متخمرات يطلبن المال، فما حكم هؤلاء عموما وماذا أفعل معهم ومنهم من يأتيني ويده مقطوعة ولكن بدنه سليم وصحيح ومنهم من يأتي ورجله مكسورة ومنهم دون ذلك فما هو الضابط في إعطاء أولئك القوم وهل لي أن أنكر عليهم إذا كان لا يجوز لهم المال وهل أدخل في قوله تعالى {وأما االسائل فلا تنهر} وما معنى الآية وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصدقة على الفقراء والمعوزين المتعففين منهم والسؤال من أفضل الأعمال عند الله تعالى، كما قال عز وجل: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (البقرة:262) ، وقال: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ*لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (المعارج:25) ، وإنما يمتنع الشخص عن التصدق على من تيقن أنه ليس من أهل الصدقة أو أنه يستعين بها على معصية الله تعالى، أما من جهل حاله وادعى الفقر والمسكنة فإنه يعطى كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم رجلين سألاه فرآهما جلدين، فقال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب. رواه أحمد.
وأما معنى الآية الكريمة: وأما السائل فلا تنهر. فيقول الطبري رحمه الله: وأما من سألك من ذي حاجة فلا تنهره، ولكن أطعمه واقض له حاجته. ا. هـ
وقال القرطبي: وأما السائل فلا تنهر، أي لا تزجره فهو نهي عن إغلاظ القول، ولكن رده ببذل يسير، أو رد جميل. ا. هـ
فمعنى الآية يتفق مع ما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(11/16166)
من تصدق بصدقة على فلان ثم ردها
[السُّؤَالُ]
ـ[استدان مني أحد الأشخاص مبلغاً من المال وقدره ألفا ليرة سورية , وأعطيته بعدها مبلغاً من المال وقدره أربعة آلاف ليرة لوجه الله في سبيل مساعدة والده عندما مرض مرضاً شديداً دون أن يطلب مني ذلك أو حتى دون أن أقول له إن هذا المبلغ هو دين , ومر الوقت واختلفت مع هذا الشخص وافترقنا بعد أن كنا أصدقاء فطلبت منه مبلغ الألفي ليرة على أساس أنه دين ولكنه أصر إلا أن أن يرد لي المبلغ كاملاً (ستة آلاف ليرة) وقال لي أنها من حقي وأنه لا يريد لأحد أن يكون له فضل عليه , ولكنني رفضت بشدة وقلت له أن حقي هو الألفي ليرة فقط وليس لي أي حق ببقية المبلغ لأنه لم يكن على سبيل الدين , والسؤال هنا هل لي بأن أتبرع بالأربعة آلاف ليرة في سبيل الخير (لبناء مسجد مثلاً) ؟؟؟ وهل يحق لي أن آخذ هذا المبلغ وأتصرف فيه كما أشاء؟؟
وجزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيمن تصدق بصدقة على معين ولم يقبل، فقيل: يمضي في صدقته ويعطيها لفقير آخر ولا ينتفع بها، وقيل: له أن ينتفع بها، قال الدسوقي في حاشيته نقلا عن ابن يونس: قال مالك: إذا خرجت للسائل بالكسرة أو بالدرهم فلم تجده أرى أن تعطيه لغيره تكميلا للمعروف، وإن وجدته ولم يقبل فهو أولى من الأول لتأكيد العزم بالدفع، واختلف هل له أكلها في هاتين الحالتين أم لا؟ فقيل: لا يجوز أكلها مطلقا، وقيل يجوز مطلقا، وقيل: إن كان معينا جاز له أكلها، وإن كان غير معين، فلا يجوز. اهـ
ولا شك أن الأحوط هو عدم أخذها، بل التصدق بها على فقراء آخرين أو جعلها في بناء مسجد كما هو رغبة السائل هنا.
والله أعلم. ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(11/16167)
حكم التبرع للجالية لإقامة حفلة بمناسبة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بالتبرع الخيري المتداول بيننا في الجالية المسلمة في بريطانيا ألا وهو: التبرع لإقامة حفلات للجالية بمناسبة العيد، فهل للمتبرع أن ينوي التصدق وهل له أجرها أم هناك أوجه أخرى، وهذا يعتبر مساهمة من عضو لجاليته ولا تحسب صدقة وإن توافرت النية؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الغرض من إقامة هذه الاحتفالات هو إدخال السرور على المسلمين والتأليف بينهم وتوحيد كلمتهم وعلاج مشاكلهم ودعوتهم إلى الله، ونحو هذا من المقاصد الصالحة التي تعود على المسلمين بالنفع، ولم تشتمل هذه الاحتفالات على محظورات شرعية، كالغناء الماجن والموسيقى والتبرج والاختلاط ونحو ذلك من المحرمات، فالتبرع لإقامتها بنية التقرب إلى الله هو من الصدقة التي يؤجر عليها المسلم، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: كل معروف صدقة.، وقوله: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليهما.
أما إذا خلت من هذه المقاصد أو اشتملت على محظورات شرعية، فالتبرع لها ليس من الصدقة، بل قد يكون محرماً إذا اشتملت على محظورات شرعية، وقد يكون مكروهاً إذا لم تشتمل على محظورات ولم يكن فيها نفع المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/16168)
هل يتبرع لخاله أم لبناء منارة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيم في قطر وليس الكويت، سؤالي: أود التبرع بمبلغ من المال وعندي خالي أخو والدتي قام ببناء منزل ولكن لم يتمكن من إكماله نظراً لظروف صعبة، وكذلك يوجد في بلدي الأصلي مسجد بدون منارة فأيهما الأولى بالتبرع لخالي أم لبناء منارة للمسجد؟ وجزاكم الله خيراً، وأرجو الرد بأسرع وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
سبق بالرقم: 42892.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(11/16169)
الصدقة على القريب الفقير أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي استفسار حول حديث معناه أنه اذا كانت توجد نواقص في المنزل مثل (ستائر وغيرها أشياء للديكور ليس إلا) هل فعلا لا يجوز أن أرسل بعضا من المال لمساعدة ذوي القرابة، هذا السؤال أطرحه عليكم لأنه يوجد خلاف بيني وبين زوجتي في المصاريف التي أرسلها إلى الأهل بالبلاد وهي تقول لي إنه يوجد حديث بهذا المعنى، أرجو الرد حتى أوضح لها ضعف معلوماتها الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فانظر الفتوى رقم: 21685، فقد ذكرنا فيها أحاديث مجموعها يفيد أن الإنسان يجب أن يبدأ بالإنفاق على من يعول، ثم الصدقة إن رغب على ذوي قرابته.
وفي الحديث: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول. رواه أبو داود.
فإذا ما قام الإنسان بالنفقة الواجبة عليه، فله أن يتصدق على من يشاء، وليست الأشياء المذكورة في السؤال من ستائر وغيرها من الأشياء اللازمة، بل الاشتغال بهذه الكماليات مع وجود من لا يجد لقمة العيش من المسلمين نقص في الشعور بالأخوة الدينية وزهد في الثواب، ويزداد الأمر سوءاً إذ كان هؤلاء المحتاجون قرباء للشخص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/16170)
التصدق بمال الميت لا ينفذ إلا أن يشاء الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال من أختي تقول فيه إن إحدى جاراتها أعطتها ملابس كي تبيعها لأن الجارة محتاجه، لكن الجارة ماتت قبل أن تعطيها ثمن البضاعه، وأهلها يعيشون في الرياض والإحساء، وعندما علمت بوفاتها تصدقت عنها لبناء مسجد بناء على رغبة أهلها فما الحكم؟ علما بأن بعض الإخوان يقول إنه لا يجوز لأنها تكون للورثه فما الصحيح؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تبرأ ذمة أختك بالصدقة بهذا المال على المسجد، ويلزمها رده إلى الورثة لأن الملك قد انتقل إليهم بعد وفاة مورثتهم، وإذا أذن بذلك جميع الورثة فلا يلزمها شيء بشرط أن يكونوا بالغين رشداء، فإن كان منهم من هو غير بالغ أو غير رشيد وجب على أختك رد نصيبه، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23756، 19614، 9214.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(11/16171)
حكم التبرع بمثل ما نوى لا يعينه
[السُّؤَالُ]
ـ[قررت فى يوم من الأيام أن أخرج 10 جنيهات فى سبيل الله خالصة لوجه الله وحددت الوجهة التي سأضعها فيها وصارت معي في حافظة النقود حتى أمر على المكان الذي سأضعها فيه، واليوم كنت خارج المنزل في مكان بعيد وكانت الأجرة 1 جنيه وأنا عائد (أجرة الباص الصغير) وعندما نظرت في الحافظة لم أجد إلا 75وجنيه واضطررت أن أفك العشرة جنيهات فقد كنت في موقف صعب جدا وكنت أخاف أن أحل عهدي مع الله ثم قررت أن أفكها ثم أرصد 10 جنيهات أخرى بدلاً منها
أريد أن أعرف موقفي بالضبط
وجزاكم الله ألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النقود التي تصدرها الدول كالجنيه والريال والدينار ونحو ذلك، من نوع المال المثلي لا القيمي، والمال المثلي لا يتعين بالتعيين في الراجح لأن أفراده لا تتفاوت، وهذا مذهب المالكية والشافعية، قال السرخسي في المبسوط: "النقود عندنا لا تتعين في العقود والفسوخ، ألا ترى أنهما بعد التقابض لو تفاسخا العقد لم يجب على واحد منهما رد المقبوض من النقد بعينه، ولكن إن شاء رده، وإن شاء رد مثله". انتهى.
وقال القرافي في الفروق: "الدراهم والدنانير لا يتعينان في العقد، إذ لو عُينا لم يتعين، لأن له أن يدفع مثل ما عين". ا. هـ
وقال المواق في التاج والإكليل: "الدنانير والدراهم لا تتعين". ا. هـ
وهذا المذهب رواية عن أحمد أيضاً، قال في الإنصاف: "وعنه -أي أحمد- لا تتعين بالتعيين". ا. هـ
وبناء على ذلك، فإن العشرة الأخرى التي رصدتها مكان الأولى تجزئ عنك، إذ لا ضرر على مستحقيها في ذلك، لكننا ننصحك بألا تعود إلى مثل ذلك في المستقبل، نظراً لكراهة بعض العلماء التسلف من المال المثلي الذي لا يملكه حامله، كالوديعة والأمانة ونحو ذلك، قال خليل المالكي: "وحرم سلف مقوم ومعدِم، وكره النقد والمثلي". ا. هـ
وقد خرجت الـ10 جنيهات من ملكك بنية التبرع بها، وفصلها عن مالك، كما بيناه في الفتوى رقم: 41577
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1424(11/16172)
حكم صرف المال إلى وجوه الخير لحرمان الولد الفاسق من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد امتحنني الله بولد فاسق لم يتعلم في الجامعة ولم يحترف صنعة، ويعيش عالة على الغير، وأخشى إن ورثني أن يضيع تعب العمر في ما لا يرضي الله، وإنني أفكر في وقف أملاكي لوجه الله حتى تنفعني عند الله في الآخرة، فما حكم الشرع في ذلك؟ وهل من طريقة أفضل من الطريقة التي أفكر فيها؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر العلماء أن الرجل لو ابتلي بولد فاسق يخاف أن يستعمل ميراثه بعد موته في معصية الله تعالى، أن الأولى لمثل هذا الرجل أن يصرف ماله كله في وجوه الخير، ولا يتركه لهذا الولد الفاسق لينفقه في ما حرم الله.
جاء في "البحر الرائق" من كتب السادة الحنفية: ولو كان ولده فاسقا وأراد أن يصرف ماله إلى وجوه الخير ويحرمه عن الميراث، هذا خير من تركه، لأن فيه إعانة على المعصية. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(11/16173)
حكم قبول الصدقات من الضرائب على شركات الخمور
[السُّؤَالُ]
ـ[قدمت إحدى الحكومات غير المسلمة مساعدات مالية لمجموعة من الشبان المسلمين، فهل يجوز الانتفاع بهذه المساعدات أم يكون من الأفضل ردها لأصحابها؟
علماً بأن الحكومة صرحت بأن مصدر هذه الأموال هو حصيلة ضرائب فرضت على شركات متخصصة في إنتاج وتصنيع الخمور والسجائر وغيرها من المحرمات.
أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء
السائل: (مجموعة من شباب المسلمين من جنوب شرق آسيا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الأموال التي تجمع في صورة ضرائب أموال يدفعها أصحابها وصولاً إلى ارتكاب محرمات، كمن يدفع المال ليزني أو ليقامر ونحو ذلك، فلا يمكن إرجاعها إلى أصحابها إذ في إرجاعها إليهم إعانة لهم على منكرهم، وإذا كان الأمر كذلك فإن سبيل هذه الأموال هو التصدق بها للمستحقين.
جاء في سبل السلام ناقلاً عن ابن القيم أن هذا المال في جميع كيفياته يجب التصدق به ولا يرد إلى الدافع، لأنه دفعه باختياره في مقابل عوض لا يُمكن صاحب العوض استرجاعه فهو كسب خبيث يجب التصدق به، ولا يعان صاحب المعصية بحصول غرضه ورجوع ماله. ا. هـ
ومن كلمات ابن القيم في هذا الباب قوله: إن كان المقبوض برضى الدافع وقد استوفى عوضه المحرم، كمن عاوض على خمر أو خنزير أو على زنا أو فاحشة، فهذا لا يجب رد العوض على الدافع، لأنه أخرجه باختياره واستوفى عوضه المحرم، فلا يجوز أن يجمع له بين العوض والمعوض عنه ويسترد ماله، فهذا تصان الشريعة عن الإتيان به ولا يسوغ القول به.
وعليه؛ نقول لهؤلاء الإخوة إن لهم أخذ هذه الأموال وصرفها على مستحقيها من فقراء المسلمين ومساكينهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(11/16174)
أفضل الصدقات ما كان على القريب الكاشح
[السُّؤَالُ]
ـ[حديث "خير الصدقة على القريب الكاشح" ماذا يعني؟ وما درجة صحة هذا االحديث؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث الذي سألت عنه أخرجه الإمام أحمد والدارمي عن حكيم بن حزام، ولفظه: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصدقات أيها أفضل؟ قال: على ذي الرحم الكاشح. وقد صححه الشيخ شعيب الأرناؤوط.
وأما عن معناه، فهو أن أفضل ما يتصدق به المرء هو ما يتصدق به على قريبه الذي يعاديه ويضمر ذلك، لأن في هذه الصدقة الجمع بين صلة الرحم وترغيم الشيطان، فالكاشح -كما في "لسان العرب-: العدو الذي يضمر عداوته ويطوي عليها كشحه أي باطنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1424(11/16175)
حكم قبول هبات الكفار وتبرعاتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في السعودية ولي صديق توفاه الله ونحن زملاؤه وأصدقاؤه نجمع لأهل بيته المال هل يجوزأخذ مال من غير مسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يوجد ما يمنع من قبول مساعدة أو هبة أو هدية الكافر للمسلم، وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا الكفار، كما أهدى هو الكفار الهدايا والهبات، وانظر للمزيد من الفائدة الفتوى رقم:
7680
وعليه فلا مانع من جمع التبرعات لأهل زميلكم ممن مد إليكم يد المساعدة مسلماً كان أو كافراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1424(11/16176)
شراء بعض الحاجات للأيتام لا يبلغ مبلغ كفالة اليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل زيارة ملجأ للأيتام وشراء مستلزمات لهم يعتبر ككافل اليتيم أم لا بد من طفل واحد فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده من حديث أبي هريرة مرفوعا: كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة، وأشار بالسبابة والوسطى. ومعنى كفالة اليتيم: تربيته والقيام بأمره ومصالحه من نفقة وكسوة وتأديب وتربية ونحو ذلك، وكلما زاد عدد الأيتام الذين يكفلهم زاد الأجر والثواب عند الله عز وجل، فالنفقة على يتيمين أفضل من النفقة على يتيم واحد، وفي كل خير.
ولمزيد من الفائدة، نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 31965، 19537، 17241.
أما مجرد شراء بعض الحاجات للأيتام، فلا يبلغ مبلغ كفالة اليتيم وإن كان فيها أجر كبير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(11/16177)
يد الوكيل على مال المتصدق يد أمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد معي دينار، وهذه كانت من فتاة من أجل أن تتصدق بها لشخص حينها لم يكن معها القيمة وأحضرت بعد يومين، لكن الشخص لم يأت بعدها، وبعد مرور هذه الأيام فإني نسيت شكله، هل يجوز لي أن أتبرع بهذه القيمة أم لا؟ مع العلم بأن الموضوع مضى عليه عام كامل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدينار الذي بحوزة السائلة أمانة، وعليها دفعه إلى الشخص الذي حدده المتصدق، فإن فاتها ذلك لعدم رؤيتها له أو نسيانها شكله -لو رأته- فعليها إعادة الدينار إلى المتصدق، لأنه أمانة، قال تعالى مادحا المؤمنين: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المؤمنون:8] .
ولا يجوز لها التصرف فيه إلا بإذن المتصدق.
فإن لم تتمكن من إعادته للمتصدق لعدم معرفتها مكانه، فإنه يجوز لها إبراء ذمتها بالتصدق عنه بالدينار لمن ترى أنه يستحق ذلك، فإن لقيته بعد ذلك خيرته بين إمضاء الصدقة وبين استرجاع الدينار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(11/16178)
أعطته عمته مالا للفقراء فهل يأخذ منه لكونه فقيرا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعطتني عمتي مبلغاً من المال لكي أتصدق به للفقراء، حيث إنني أعرف بعض الفقراء من حولي.
سؤالي هو: هل أستطيع أن آخذ جزءا من المال حيث إنني بحاجة إلى المال، وحيث إنني أعد من الفقراء، حيث إن الراتب لا يكفيني، ولي أولاد أعيلهم، ولا أستطيع أن اخبر عمتي بأنني بحاجة إلى المال.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت عمتك لم تحدد لك أشخاصا بأعيانهم تصرف إليهم الصدقة وكنت من الفقراء المحتاجين، فلا حرج عليك في أن تأخذ كما يأخذ غيرك ممن هم في نفس حالك، وإن كانت قد حددت أشخاصا ولم تكن منهم، أو حددت جهة ولم تكن منها، فلا يجوز لك أن تأخذ لنفسك، وانظر الفتوى رقم: 27947.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(11/16179)
أجر من تصدق بصدقة جارية عن غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو أجر من تصدق بصدقة جارية بنية شخص آخر.. هل الأجر كله لمن له النية أم أن الشخص الذي يخرجها من جيبه يناله نصيب من الأجر
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتفصيل ذلك سبق في الفتوى رقم: 32689 فتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1424(11/16180)
الصدقة على الفقير القريب صدقة وصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الإعطاء من زكاة النقدين لأرملة من الأقارب وأولادها مع العلم أنها تمتلك منزلاً تقطن فيه والظاهر أن لديها قوت يومها أم أن الأفضل البحث عن من هو أحوج منها من الأباعد؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة ممن لا تلزمك نفقتها وكانت فقيرة، والفقير: هو من لا دخل له يكفيه كفاية تامة، ولو وجد مسكناً أو دخلاً غير كاف، فإذا كانت قريبتك بهذه الصفة فلك أن تعطيها من الزكاة بل هي أولى من غيرها لحديث: الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم صدقة وصلة. رواه الترمذي، ولمعرفة حد الفقر يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 4938.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(11/16181)
أرجعي الدينار إلى صاحبته تتصرف فيه حيث شاءت
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد معي دينار وهذا كان من فتاة من أجل أن تتصدق بها لشخص، حينها لم تكن معها القيمة، وأحضرت بعد يومين لكن الشخص لم يأت بعدها فإذا نسيت شكله، فهل يجوز لي أن أتبرع بهذه القيمة أم لا؟ مع العلم بأن الموضوع مضى عليه عام كامل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك أن تلك الفتاة أعطتك ديناراً على أن تتصدقي به على مسكين معين، فلم تجدي أو لم تتمكني من معرفته، فإن كان الأمر كذلك فأرجعي الدينار إلى صاحبته تتصرف فيه حيث شاءت، كما سبق في الفتوى رقم: 6757.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(11/16182)
تصرف الصدقات للفقراء الذين عينهم المتصدق
[السُّؤَالُ]
ـ[بحكم مكانتي يتقدم إلي البعض بطلب توزيع صدقاتهم وزكاتهما وعندما يقدمونها لي أحيطهم علما بالجهة التي سيتم توزيعها عليها وهم الفقراء والمحتاجون فعلا ممن أعرفهم، وأحيانا أطلب بعض المساعدات لجهة فقيرة محتاجة، وعند ورود المال يظهر لي أن هناك أناساً أفقر ممن طلبت المساعدة لهم، فهل يجوز لي أن أقتطع جزءاً من تلك المساعدات التي ذكرتها للمتبرع وأوجهها لجهة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المتصدقون قد عينوا فقراء لصدقاتهم، فلا يجوز لك صرفها إلى غيرهم، وإن كانوا تركوا لك الاجتهاد في الأمر، فلا حرج عليك في أن تصرفها كلها أو تقتطع بعضها لفقراء آخرين غير الذين جمعت لهم.
وأما نقل الزكاة من بلد إلى بلد، فسبق بيان حكم ذلك في الفتوى رقم: 12533.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1424(11/16183)
لا أجر في الصدقة من مال حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الدليل على حرمة الصدقة من الحرام من الكتاب والسنة، ولمن يكون الأجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت نصوص الشرع على أن الله تعالى لا يقبل الصدقة إذا كانت من كسب حرام صرف، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تصدق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله.
قال النووي في شرحه لهذا الحديث: المراد بالطيب هنا الحلال.
وعلى هذا فمن كان لديه مال حرام وجب عليه التخلص منه بدفعه إلى الفقراء والمساكين، ومن في حكمهما من مصالح المسلمين، وليس له في ذلك أجر الصدقة اللهم إلا أجر امتثاله، وبهذا يعلم أنه لا أجر في هذا المال، لأحد لأنه في حقيقة أمره ليس ملكاً لأحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1424(11/16184)
المال حق لمن عينه المعطي
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني شخص مبلغاّ من المال كصدقة أوزعها على الفقراء، فاحتجت لهذا المال فأخذته على سبيل القرض، وعندما يأتيني مال أرده مرة أخرى على الفقراء، فهل هذا الفعل جائزُُ شرعاً، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المعطي قد عين لك أفراداً معينين أو فئة معينة لتعطيهم هذا المال، ولست أنت منهم فلا يجوز لك أخذ هذا المال بأي صورة من الصور، لأن المال قد صار حقاً لمن عينهم المعطي، والواجب عليك أن تتوب فوراً مما صنعت، وذلك بالندم عليه والعزم على عدم العودة إليه، ورد المال إلي مستحقيه، أما إذا كنت واحداً ممن عينهم المعطي أو كنت داخلاً في عموم كلامه، كأن يأمرك بإعطائها للفقراء مثلاً وكنت فقيراً، فلا مانع أن تأخذ من هذا المال بقدر ما حدد المعطي، ولا يجب عليك رده لأنك تكون في هذه الحالة أحد المستحقين له، ولا يجوز لك أن تقترض ما زاد عن حقك إلا بإذن أرباب المال الذين أرسل إليهم، فإذا فعلت ما فعلت فالواجب عليك هو التوبة كما بينا سابقاً، ورد المال فوراً إلى أصحابه، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27947، 15522، 15256.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(11/16185)
لا يجوز أن يقتطع من مال المتبرعين في غير ما تبرعوا له
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله ... وبعد:
هل يجوز للمسؤولين عن إدارة المسجد أن يقتطعوا نسبة معينة من مجموع المحصول لمن يأتي لجمع تبرعات في مسجدهم، أفيدونا؟ مشكورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أذن بذلك المتبرعون فلا مانع، وإلا فلا يجوز أن يقتطع من مال المتبرعين في غير ما تبرعوا له وأذنوا به، هذا إن كان المقصود بالسؤال أن إدارة المسجد تفرض على من يجمع التبرعات في مسجدهم لجمعية خيرية أو غيرها، مبلغاً من المال، أما إن كان المقصود أن إدارة المسجد تكلف من يجمع التبرعات في مسجدهم ثم يعطونه أجرة على قيامه بذلك العمل، فلا بأس، وانظر الفتوى رقم: 11130، 3699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(11/16186)
حكم الصدقة على حارس العمارة وخادمة المدرسة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخراج الصدقة للمعارف مثل الخادمات بمدارس الأبناء أو حارس العمارة التى بها العمل.. هل هو مكروه أم لا.. مع العلم بأن هؤلاء الأشخاص سيظهرون بعض الاهتمام بي وبأولادي.. أرجو أن أكون قد استطعت توصيل المفهوم الذي بداخلى..؟ جزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الصدقة إما أن تكون زكاة مفروضة، وإما أن تكون صدقة تطوع، فإن كانت زكاة مفروضة فإنه لا يجوز لك إعطاؤها لمن ذكرتهم ولا لغيرهم، إلا إذا كانوا من الأصناف الثمانية المذكورة في قول الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60] .
وإذا كانت صدقة تطوع فإن لك أن تدفعها إلى من ذكرت أو غيرهم، ولو لم يكونوا من الأصناف الثمانية.
لكننا ننبهك إلى أنه لا يجوز لك ذلك إذا كان على سبيل الرشوة، مثل أن يقدمك على غيرك ممن هو أولى منك، أو يهمل غيرك ليقوم بشيء لك، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1424(11/16187)
جمع تبرعات ثم أودعها في بنك باسمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو رأي الدين في إمام مسجد يودع تبرعات المصلين في أحد البنوك باسمه؟
وآخر يتاجر بهذا المال. وآخر يستدين هذا المال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصد هذا الإمام بإيداع هذا المال المتبرع به باسمه في البنك هو تحويله إلى ملكه الخاص، فهذا قطعا لا يجوز، لأنه استيلاء على مال بغير حق شرعي، وقد قال الله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة: 188] .
كما أن فعله هذا يعد خيانة عظيمة لهؤلاء المتبرعين والمتبرع لهم، إذ كان عليه صرف هذا المال إلى الجهة المتبرع لها.
لكن إن كانت المصلحة تقتضي حفظه لهذا المال باسمه في البنك، مع إقراره بأنه ما فعل ذلك إلا ليحفظ هذا المال للجهة المتبرع لها، سواء كانت شخصا أو هيئة خيرية، فليس فيما فعله إثم، إلا أنه يتحتم عليه تحرير وثيقة يبين فيها عدم ملكيته لهذا المال، والجهة المستحقة له، مخافة أن يأتيه الأجل ويتحول المال إلى ورثته.
أما بالنسبة لذلك الإمام الآخر الذي يتاجر بمال التبرعات، فلا شك أنه آثم لتعديه على مال ليس من حقه التصرف فيه إلا بقدر ما وكل إليه، وعلى كل، فإنه بتصرفه هذا، أصبح ضامنا لهذا المال.
أما بخصوص الإمام المستدين، فانظر حكمه في الفتوى رقم: 32527.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(11/16188)
تصرف الصدقة حسب تحديد الجهة المانحة
[السُّؤَالُ]
ـ[لديّ إخوة يتامى يتلقى بعضهم مساعدة شهرية من الجمعيات الخيرية السؤال هل يجوز صرف هذه المساعدة على جميع إخوتي؟ علماً بأنهم بحاجة أم يقتصر صرفه على الذين تأتي المساعدة باسمهم فقط؟
أرجو الإفادة وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتحديد اختصاص المبلغ المصروف بالإخوة الذين تصرف لهم هذه المساعدة يرجع في الأصل إلى الجهة التي تصرف لهم، فإن كان قصدهم مساعدة الأسرة بكاملها، لكنهم يحددون المساعدة لأشخاص معينين من الأسرة لاستيفاء الأوراق الرسمية فقط دون قصد اختصاصهم بذلك، فيجوز في هذه الحالة صرف المبلغ على الأسرة كاملة، وهذا هو الغالب الأعم في الجمعيات الخيرية الموجودة الآن، أما إن كان قصد الجمعية هو كفالة الأشخاص الذين تصرف المساعدة باسمهم دون إخوتهم، فلا يجوز في هذه الحالة التصرف فيها بإنفاقها على غيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(11/16189)
حكم قبول المساعدات من الكنائس
[السُّؤَالُ]
ـ[الدين الإسلامي دين العفة والكرامة ما حكم الشرع في شخص يحصل على مساعدات من الكنائس سواء مأكل أو ملبس أو مال شهري له ولأسرته المسلمة، وهو يوجد في بلد أوروبي للدراسة، وله مرتب شهري من دولته تكفيه هو وأسرته وهل مأكله وملبسه حرام وما دوري تجاهه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قبل الهدايا من الكفار، وبناء على ذلك، فإذا كانت المساعدة التي تقدمها الكنيسة مما لا ينهى عنه لذاته كالخمر والخنزير، ولا تحمل المهدى إليه على التنازل عن شيء من دينه، فلا حرج في أخذها، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 7680.
وأما دورك تجاهه، فإن كان موضوعه خاليا من الحرمة، فواضح، وإن كان الذي يهدى إليه محرما لذاته، أو يحمل على محرم، فدورك أن تنهاه عن المنكر طبقا لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ":من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد من حديث أبي سعيد.
ولا شك أن الأولى له التعفف عن قبول هذه المساعدات ما دام غير محتاج لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(11/16190)
لتكن الصدقة في غير الأعمال البدعية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في الحي مجموعة من الناس يدعون الناس إلى البدع والسنة على حد سواء غير أن بدعهم كثيرة جداً وآخرون على منهج السلف الصالح فهل يجوز لي أن أساعد هاتين الطائفتين لما فيهما من خير أم أجعل مساعدتي المادية لهؤلاء الذين على منهج السلف فقط دون غيرهم؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه تشرع لك مساعدة المجموعة التي ذكرت أنها سائرة على منهج السلف الصالح؛ لأن هذا من التعاون على البر والتقوى، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
وأما المجموعة التي ذكرت أنها تدعو الناس إلى البدعة والسنة على حدٍّ سواء، وأن بدعهم كثيرة، فإنه يجوز لك مساعدتهم على أعمالهم التي هي موافقة للسنة، مع بذل النصح لهم، وبيان الحق الذي خفي عليهم.
أما إذا كنت لا تعلم الوجه الذي سينفقون فيه هذا المال الذي ستعطيه لهم، فلا تساعدهم؛ لأن الشبهة تحوم عليهم، فقد ذكرت أن بدعهم كثيرة جدًّا، فلربما أنفقوا هذا المال في أمور بدعية كالاحتفال بالمولد، أو طبع كتاب يدعو إلى البدعة، أو غير ذلك مما لا تجوز إعانتهم عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1424(11/16191)
حيث جاز التصدق بالمال جاز بغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أجبتموني على سؤال عن صدقة الفتاة من منزل أبيها بأن ليس لها أجر إذا كانت وبدون علمه لكن إذا كانت غير النقود مثلا أطعمة طازجة أم غير طازجة لكن الذي يشتريها هو فهل لها أجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أذن الأب لأولاده في التصدق من ماله جاز لهم ذلك، والإذن إما أن يكون نصًا، وإما أن يكون عرفًا، فالنص كأن يقول لهم: أذنت لكم في التصدق من مالي. والعرف: جريان العادة بعدم منع الآباء أبناءهم من التصدق بأموالهم. فالعادة مُحكَّمة كما هو معلوم في الأصول، فحيث جاء التصدق بأموالهم على ما ذكرنا، جاز ذلك في النقود والسلع والأطعمة وغيرها، وحيث لم يجز التصدق بأموالهم، لم يجز ذلك في النقود والسلع والأطعمة وغيرها؛ لأن الأطعمة والسلع تدخل تحت اسم الأموال، نظرًا لأنها تتحول ولها قيمة معتبرة في العرف. ولتراجع الفتاوى التالية: 32773، 26448، 35287.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1424(11/16192)
المسلم مطالب بالصدقة والحض عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة لي أخت متزوجة، وزوجها لا يوفر لها ولأبنائها قوتهم، فأنا أتصدق عليهم من مالي أو من بعض المأكولات التي يشتريها أبي أو إخوتي فأحيانا أتصدق عليهم خفية خوفا من عدم موافقة زوجة أبي بالرغم من أن أبي وإخوتي هم أيضا في مساعدتها، فما حكم هذا؟ وهل تعتبر لي خيانة أبي من منزلنا لأختي وأبنائها وهل لي الأجر وهل تنفعني عن الصدقة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك في التصدق من مالك على أختك، بل إن ذلك قربة وطاعة، لكونه صدقة وصلة رحم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنّ الصّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَة. رواه الترمذي وابن ماجه.
وأما مال أبيك فلا يجوز لك أن تتصدقي منه، إلا بإذنه، وإذا أذن بذلك فلا تضر كراهة زوجة أبيك لذلك.
وينبغي أن تحثي أباك وإخوتك على التصدق على أختك والإحسان إليها، وأن تذكريهم دائمًا بحالها هي وأولادها، لما في ذلك من الأجر والثواب وصلة الرحم.
وإذا أذن أبوك في الصدقة كان له الأجر، ولك أجر مثله، لكونك الدالة على الخير، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ دَلَّ على خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أجْرِ فاعِلِهِ. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1424(11/16193)
حكم التصدق بفساتين السهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لدي ملابس ضيقة وفساتين سهرة، أريد أن أتخلص منها بعد أن هداني الله والحمد لله، فهل يجوز لي أن أتصدق بها؟ فأنا أخاف أن تقع هذه الملابس في يد فتاة وتستعملها للتبرج أمام الأجانب فيقع علي جزء من الذنب.
أفيدوني أفادكم الله وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الهداية والثبات. واعلمي أنه ليس من شروط التوبة التخلص من الثياب التي كانت المرأة تتبرج بها أمام الأجانب، لكن من شروطها: الإقلاع عن التبرج، والعزم على عدم العود، والندم على ما فات. لكن إذا أردت التصدق بهذه الثياب فهو أمر حسن، بشرط ألاَّ تعلمي أو يغلب على ظنك أن من تتصدقين عليها بها ستستعملها في الحرام؛ لأن ذلك فيه إعانة على الحرام، والله تعالى يقول: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] ، والصالحات المحتاجات لمثل هذه الثياب كثر إذا سألتِ عنهنَّ. وراجعي الفتاوى التالية لمزيد فائدة: 7278، 13364، 10181.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1424(11/16194)
إذا تصدق على غني وهو لا يعلم فصدقته مقبولة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله.. كثر في هذه الأيام السائلون أمام المساجد وأصبح المرء لا يفرق بين المحتاج وغير المحتاج، وعلمت أنه من أعطى لغير المحتاج يعتبر سفيهًا، فما العمل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق حكم التسول في الفتوى رقم: 17909، والفتوى رقم: 20195. وأما بالنسبة لمن سئل الصدقة فنقول: رغَّب الشارع في التصدق ومدح الباذلين للسائل والمحروم، فقال تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ [البقرة:177] . وقال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذريات:15 - 19] . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ردوا السائل ولو بظلف محرق. رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني. وعليه فنقول للأخ السائل: لا ترد من سألك ولو كنت لا تعلم هل هو محتاج، ولك أجر ما تصدقت به عليه ولو كان غنيًّا؛ فقد بوب الإمام البخاري في صحيحه فقال: باب إذا تصدق على غنيٍ وهو لا يعلم.، قال ابن حجر في الفتح: أي فصدقته مقبولة. وأسند البخاري رحمه الله تحت هذا العنوان حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل: لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية؟ لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته. فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق، وعلى زانية، وعلى غني، فأتي: فقيل له: أما صدقتك على سارق: فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية: فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني: فلعله يعتبر، فينفق مما أعطاه الله. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(11/16195)
إعطاء العامل مالا على سبيل الصدقة مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
إذا ذهب شخص لمحل واشترى أغراضا، وقام أحد العمال بإيصال الأغراض إلى سيارته وقام هذا الشخص وأعطاه مبلغٍا من المال كصدقة فهل يجوز؟ علمًا أنه لم يقصد بها رشوة ولم يخبره مسبقًا أنه سوف يعطيه شيئا، وسواء أعطاه أم لا فإن العامل ملزم بحمل الأغراض.. فما الحكم في ذلك؟ شكرًا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإعطاؤك هذا العامل مبلغًا من المال على سبيل الصدقة مشروع، وهو إحسان تثاب عليه إن قصدت به وجه الله تعالى، ولا يعتبر رشوة؛ لأنه ليس فيه إحقاق باطل أو إبطال حق أو تضييعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(11/16196)
حصتك من المسجد صدقة جارية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله.
لدي بعض الأسئلة حول موضوع الصدقة:
توفي أبي منذ أسابيع قليلة، وأنا إحدى بناته ومتزوجة، وأعمل، وأريد أن أتصدق عنه صدقة جارية، ولكني لا أستطيع أن أقوم ببناء مسجد وحدي، فهل إذا ساهمت في بناء مسجد تكون هذه صدقة جارية؟ وهل لابد أن تكون الصدقة من ميراثي؟ أم يمكن أن أدفعه من حر مالي؟ حيث إن الميراث موقوف لوجود أختي الصغيرة وهي غير راشدة، وهل إذا ساعدت أختي بمصروف شهري تعتبر هذه صدقة؟ والسؤال الأخير أن أبي قبل وفاته كان يزرع شجرا في الحدائق العامة حول منزله، ويهتم دائما بسقايتها، فهل تعتبر هذه صدقة جارية تشفع له بعد وفاته؟ وهل إذا اعتنيت أنا بها بعده أكون أساعد على الصدقة الجارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزى الله الأخت السائلة خيرًا على برها وإحسانها إلى أبيها بعد موته. ونقول لها: إن كنت لا تقدرين على بناء مسجد بمفردك فشاركي غيرك في بنائه وتكون حصتك صدقة جارية، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاةٍ لبيضها، بنى الله له بيتًا في الجنة. رواه أحمد وغيره.
والقطاة: نوع من الطيور. ومفحص القطاة: هو المكان الذي تخيم فيه وتبيض؛ لأنها تفحص عنه التراب. قال شارح سنن الترمذي: وللعلماء في توجيه قوله: ولو كمفحص قطاة قولان: الأول: أنه محمول على المبالغة وهو قول الأكثر. وقال آخرون: هو على ظاهره، فالمعنى على هذا أن يزيد في مسجد قدرًا يحتاج إليه وتكون هذه الزيادة على هذا القدر أو يشترك جماعة في بناء مسجد، فتقع حصة كل واحد منهم ذلك القدر. اهـ
ولا يشترط أن تكون هذه الصدقة مما ترثينه من والدك، بل كل مال حلال تملكينه صح التصدق به. ومساعدتك لأختك في نفقاتها إن كانت محتاجة إليها صدقة وصلة؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة. رواه الترمذي.
وأما عن زراعة الأشجار وسقيها وحصول الثواب بذلك أم لا؟ فالجواب: إن كانت هذه الأشجار أشجارا ينتفع بها الخلق، ففي غرسها وسقيها أجر؛ ففي صحيح البخاري ومسلم وغيرهما، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلاَّ كان له به صدقة.
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في فتح الباري: ومقتضاه أن أجر ذلك يستمر ما دام الغرس أو الزرع مأكولاً منه ولو مات زارعه أو غارسه ولو انتقل ملكه إلى غيره. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(11/16197)
هل يتصدق من مال أمه بدون إخبارها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم.
أعتذر إليك مسبقا، لأني أوردت سؤالين معا.
صادف أني كنت يوما في السوق ومعي مبلغ كاف من النقود، فالتقيت برجل مسن سألني بعض النقود فرفضت لأنها لم تكن نقودي، بل هي لوالدتي، وستشك في صدقي عندما أخبرها عما فعلت بالمبلغ الناقص، فما هو مدى صحة عملي هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس عليك فيما فعلته شيء، بل إنه هو التصرف الصحيح؛ لأنه لا يجوز لك التصرف في مال أمك إلا بإذنها. قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه الترمذي.
هذا إذا كان هذا المال عندك كوديعة، أو كنت وكيلاً عن أمك فيه بمعاملة ما، أما إذا كان هذا المال قرضاً عندك، فإن لك أن تتصرف فيه كيفما تشاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1424(11/16198)
جمع الصدقات يوم العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقوم في قريتنا في بلد الجزائر بهذه العادة في يوم العيد حيث بعد أن نصلي صلاة عيد الفطر أو عيد الأضحى نبسط في المسجد منديلين ليتبرع ويتصدق المصلون وغير المصلين الذين ندعوهم للقيام بذلك بواسطة مضخم الصوت فيتصدق كل واحد منهم إلى أي منديل يشاء أو يجزئ ما يتصدق به على كل من المنديلين أحد المنديلين مخصص للجنة الدينية للقرية التي تستعمل المال لأعمال تعود بالمنفعة للقرية كتوسيع المسجد مثلاً أما الأموال التي يتصدق بها إلى المنديل الآخر فهي مخصصة لإمام المسجد الذي يستعملها لينفع بها نفسه ونعلمكم أن الإمام موظف من طرف الدولة ويتقاضى أجرته الشهرية فما رأيكم في ما نقوم به؟ وهل يستحق الإمام الأموال التي توضع في المنديل الثاني بما أنه موظف دولة؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
هذه العادة - أي التصدق يوم العيد - لها أصل في السنة، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى - أو في فطر - إلى المصلى فمر على النساء فقال: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكنّ أكثر أهل النار. الحديث.
قال الحافظ في الفتح (1/305) : وفي هذا الحديث من الفوائد مشروعية الخروج إلى المصلى في العيد، وأمر الإمام الناس بالصدقة فيه. اهـ.
أما الصدقة على الإمام فإن كان غنيًّا ليس فقيراً - والفقير هو الذي لا يجد شيئًا يكفيه بالمعروف- فلا يجوز له الأخذ من هذه الصدقات. وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تحل الصدقة لِغنيٍ، ولا لذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ.. حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم عن ابن عمر.
وفي لفظ عند أبي سعيد: لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغازٍ في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين، فأهداها المسكين للغني رواه ابن خزيمة وابن الجارود.
وأما إن كان إمام المسجد فقيراً لا يكفيه الراتب الذي يتقاضاه من الدولة، فإنه يحل له أن يأخذ ما يكفيه هو ومن تلزمه نفقتهم بالمعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(11/16199)
كيفية التصرف فيما بقي من أموال التبرعات
[السُّؤَالُ]
ـ[أخبرني والدي بأن لديه دينا قديما منذ ما يقرب على العشر سنوات سابقة، ولم يكن لوالدي مصدر مالي بعد أن كبر في السن وضعف عمله، فكنت أنا وإخوتي نقوم بتسليمه جزءاً كبيراً من مرتباتنا في نهاية كل شهر خلال فترة العشر سنوات لمساعدته في تسديد الديون، والآن اقتربنا ولله الحمد من تسديد ماتبقى من دين لوالدنا، حيث أحاول الآن تجميع بعض الأموال من أهل الخير باجتهادي وإخوتي، بدلاً من تسديدها من مرتباتنا لقلة الموارد المالية لدينا في الوقت الحالي.
والسؤال: لو أن المبالغ التي جائتنا من أهل الخير في الوقت الحالي كانت أكثر من المبلغ المتبقي من الدين، فهل يجوز لنا -نحن الأبناء- أن نستخدمها لصالحنا الخاص على اعتبار أننا كنا نساعد والدنا في تسديد ديونه خلال الفترة السابقة من جيبنا الخاص؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سعيكم لقضاء الديون عن أبيكم عمل طيب تؤجرون عليه إن شاء الله تعالى.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة. رواه مسلم.
ولكن إذا حصل عندكم من التبرعات ما يكفي لقضاء دين أبيكم، فيجب أن تكُفُّوا عن طلب المساعدة في ذلك، لأن السؤال حينئذ غير مشروع في حقكم.
فقد أخرج مسلم في صحيحه عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمرلك بها، قال: ثم قال: يا قبيصة: إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال سدادا من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا.
أما ما زاد على قضاء الدين من التبرعات فينظر فيه، فإن كان أهل الخيرات الذين تبرعوا قصدوا بذلك أداء الدين فقط، فما بقي بعد قضائه يرد عليهم بقدر مساهمتهم، وإن قصدوا الصدقة عليكم فما فضل فهو لكم، وإن قصدوا الصدقة على والدكم فهو له.
هذا ما أفتى به الإمام مالك رحمه الله تعالى في المدونة الكبرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(11/16200)
الصدقة تكون على سبيل التبرع وليس الإلزام
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أن لدينا جمعية من 500 ريال شهريا حيث إننا 20 فردا استمررنا لمدة حتى أن اكتمل لدينا مبلغ من المال حيث نستطيع أن نقرض من أراد القرض، ولكن سؤالي هوأننا اتفقنا أن يكون مبلغ خمسين ريالا مقننا على كل شخص شهريا يدفع زيادة على الخمسمائة حيث تكون الخمسين ريالا التي تؤخذ من كل فرد صدقة تخرج في وجوه الخير، فهل عملنا هذا جائز؟ حيث إن الخمسين ريالا أصبحت فريضة على من أراد الاشتراك....ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أصل إنشاء هذه الجمعيات لا حرج فيه إن شاء الله كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:.
1959، ويبقى النظر في أمر إلزام كل مشترك في هذه الجمعية بدفع مبلغ معين يخصص للصدقة، فالذي يظهر أن هذا لا يجوز، لأن الصدقة تكون على سبيل التبرع، والتبرع ينافي الإلزام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(11/16201)
حكم التبرع لهيئة خيرية لها حساب في بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التبرع للجمعيات الخيرية التي تعمل على تحفيظ القرآن الكريم ولديها حسابات مصرفية لدى مصارف تتعامل بالفائدة (الربا) ؟ جزاكم الله عنا خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تعلم القرآن وتعليمه من خير ما يعمله العبد، أخرج البخاري وغيره عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
وإن فتح الحسابات في المصارف الربوية لهو مما نهى الله عنه، لأنه من عون أهل الربا على ما هم فيه من الإثم، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
فهذه المنظمات الخيرية قد خلطت عملاً صالحاً بآخر سيء عسى الله أن يتوب على أصحابها، والظاهر أن التبرع لها حسن لما ينجر عن ذلك من الخير، وعلى المتبرع أن يعطي مساهمته بواسطة أخرى غير البنوك الربوية إن أمكنه ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1424(11/16202)
حكم التصدق بمال بعضه مكتسب بالتهريب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أموالي مختلطة منها من التهريب وأحيانا أدفع الرشوة ومنها من الحلال، هذه الأموال هل يجوز أن أتصدق بها، حتى المساكين عندما أريد أن أعطيهم أقول فى نفسي هذا المال حرام وماذا أستفيد لو تصدقت به، فماذا أفعل قدموا لي النصيحة؟
والسؤال الثاني: عندما يكون هناك شخص يقود سيارته بسرعة فائقة فى الطريق واصطدم بشيء ما وعمل حادث ومات حينها، فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان كسبك مشوبا بالحرام، فالواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل، والإقلاع عن الكسب الحرام، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إليه، وإرجاع الحقوق إلى أهلها.
وأما الصدقة من المال المختلط من الحلال والحرام، فلا بأس بها، وتنوي بالحلال نيل الأجر والثواب من الله، وبالحرام التخلص منه، والأفضل أن تتصدق بأطيب مالك وأحبه إليك، لأن الله يقول في كتابه الكريم: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92] .
وقال تعالى: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُون [البقرة:267] .
وأما الصدقة بعين المال الحرام، فغير مقبولة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما تصدق أحد بصدقة من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب ... متفق عليه.
وراجع الجواب: 15981.
وأما الشخص الذي أفرط في السرعة بسيارته بحيث تجاوز السرعة المعتادة واصطدم بشيء فمات فهو قاتل لنفسه خطأ، واختلف أهل العلم فيمن قتل نفسه خطأ هل على عاقلته ديته أم لا وقد فصل ذلك ابن قدامة في المغني فقال: وإن جنى الرجل على نفسه خطأ، أو على أطرافه، ففيه روايتان:
الرواية الأولى: قال القاضي: أظهرهما أن على عاقلته ديته لورثته إن قتل نفسه، أو أرش جرحه لنفسه إذا كان أكثر من الثلث، وهذا قول الأوزاعي، وإسحاق لما روى أن رجلاً ساق حماراً فضربه بعصا كانت معه، فطارت منها شظية، فأصابت عينه ففقاتها فجعل عمر، ديته على عاقلته، وقال: هي يد من أيدي المسلمين، لم يصبها اعتداء على أحدٍ ولم نعرف له مخالفاً في عصره، ولأنها جناية خطأٍ، فكان عقلها على عاقلته، كما لو قتل غيره.
فعلى هذه الرواية، إن كان العاقلة الورثة، لم يجب شيء لأنه لا يجب للإنسان شيء على نفسه، وإن كان بعضهم وارثاً، سقط عنه ما يقابل نصيبه، وعليه ما زاد على نصيبه، وله ما بقي إن كان نصيبه من الدية أكثر من الواجب عليه.
الرواية الثانية: جنايته هدر، وهذا قول أكثر أهل العلم منهم ربيعة ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وهي أصح لأن عامر بن الأكوع بارز مرحباً يوم خيبر، فرجع سيفه على نفسه، فمات ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بدية ولا غيرها، ولو وجبت لبينه النبي صلى الله عليه وسلم.
ولأنه جنى على نفسه، فلم يضمنه غيره كالعمد ولأن وجوب الدية على العاقلة إنما كان مواساة للجاني، وتخفيفاً عنه، وليس على الجاني هاهنا شيء يحتاج إلى الإعانة والمواساة فيه، فلا وجه لإيجابه، ويفارق هذا ما إذا كانت الجناية على غيره، فإنه لو لم تحمله العاقلة، لأجحف به وجوب الدية لكثرتها.
واختلفوا أيضاً في الكفارة هل تجب كفارة في ماله أم لا فذهب الحنفية والمالكية إلى عدم ذلك وذهب الشافعية والحنابلة في المعتمد عندهم إلى وجوبها والظاهر أنها لا تجب، قال ابن قدامة في المغني: من قتل نفسه خطأ وجبت الكفارة في ماله وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة: لا تجب لأن ضمان نفسه لا يجب فلم تجب الكفارة كقتل نساء أهل الحرب وصبيانهم، ولنا عموم قوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء:92] .
ولأنه آدمي مؤمن مقتول خطأ فوجبت الكفارة على قاتله كما لو قتله غيره والأول -قول أبي حنيفة - أقرب إلى الصواب إن شاء الله فإن عامر بن الأكوع قتل نفسه خطأ ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيه بكفارة، وقول الله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً إنما أريد بها إذا قتل غيره بدليل قوله تعالى: وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ [النساء:92] ، وقاتل نفسه لا تجب فيه دية بدليل قتل عامر بن الأكوع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/16203)
حكم صدقة الولد بمال الأهل المتبقي من المشتريات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد:
أود أن أستفسر عن الصدقة، هل إذا أخذت النقود من الأهل وتصدقت بها أؤجر عليها أم يعود الأجر إلى الأهل بمعنى مثلا أنني طالب إذا أتاني مصروفي من الأهل وأنا بدوري قمت بالصدقة من هو المأجور في هذه الحالة؟ أو إذا ذهبت واشتريت بعض السلع الخاصة للبيت والباقي تصدقت به بدون علم الأهل، هل لي الأجر بذلك، مع العلم بأن الباقي لا أسأل عنه في البيت، وكيف أبعد الوسواس الذي ينتابني بأن الصدقة رياء ومظاهر وبماذا أدعو عندما أتصدق؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما تصدقت به من مصروفك فأجره لك لأن المال مالك وهبه لك أهلك على سبيل التمليك وللإنسان أن يتصرف في ملكه بما يشاء في حدود ما أذن فيه الشرع، أما بخصوص سؤالك الثاني، فإن أذن لك أهلك في التصرف بما فاض من المال عما كلفت بشرائه فلا حرج عليك أن تتصرف فيه ببيع أو صدقة أو هبة، ولك الأجر في ما تصدقت به أو وهبته إن أردت بذلك وجه الله والدار الآخرة.
وأما إن لم يأذن لك أهلك فأنت متعد لا يجوز لك التصرف في هذا المال والواجب عليك رده إليهم، فإن تصرفت فيه فأنت ضامن له.
وأما ما ذكرت من الوسواس الذي ينتابك حين تتصدق، فهو نوع من التلبيس الشيطاني، على المسلم أن يستعيذ منه والواجب على المسلم أن يفعل الخير وأن يجاهد نفسه على الإخلاص، لا أن يترك العمل حتى لا يقع في الرياء، واعلم أنه ليس هناك دعاء مخصوص تدعو به إذا أردت أن تتصدق لكن لك أن تدعو الله أن يتقبل منك صدقتك وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(11/16204)
بناء دار للأيتام يعد صدقة جارية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل التبرع لإنشاء دار للأيتام يعد بمثابة صدقة جارية؟ وهل يجب الجهر بالنية فى حال التبرع أم يكفي أن تكون سراً؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبناء دار للأيتام يعد صدقة جارية، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8042.
وأما ما يتعلق بالجهر بالنية عند مباشرة العمل، فقد سبق تفصيله في الفتوى رقم: 11235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(11/16205)
موقف الشرع في المساعدة بالصدقة لتارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لدي أقرباء كثيرون محتاجون جدا في العراق ولكن كثيراً منهم لا يصلون، لكن بصراحة أنا أساعدهم لكي لا ينخرطوا فيما هو أسوأ وأنا أساعدهم على حساب وقتي وجهدي، فهل عملي صحيح أم لا، لأنني أشعر بالندم بعض الأحيان على مساعدتهم لعدم التزامهم بالدين مع العلم بأن هناك أناسا فقراء كثيرين كي أساعدهم إن شئت بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى. وجزاكم الله خيرا.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عملك هذا صحيح إن شاء الله، فالله تبارك وتعالى امتدح الصحابة في قوله: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً [الانسان:8] ، مع أن أسراهم كانوا يومئذ كفاراً، وقال جل من قائل: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8] .
وجاء في قبول الصدقة على السارق والزانية والغني، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قَالَ رَجُلٌ: لأَتَصَدّقَنّ اللّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ. فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ زَانِيَةٍ. فَأَصْبَحُوا يَتَحَدّثُونَ: تُصُدّقَ اللّيْلَةَ عَلَىَ زَانِيَةٍ. قَالَ: اللهُمّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَىَ زَانِيَةٍ. لأَتَصَدّقَنّ بِصَدَقَةٍ. فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ غَنِيَ. فَأَصْبَحُوا يَتَحَدّثُونَ: تُصُدّقَ عَلَىَ غَنِيَ. قَالَ: اللهُمّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَىَ غَنِيَ. لأَتَصَدّقَنّ بِصَدَقَةٍ. فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ. فَأَصْبَحُوا يَتَحَدّثُونَ: تُصُدّقَ عَلَىَ سَارِقٍ. فَقَالَ: اللهُمّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَىَ زَانِيَةٍ وَعَلَىَ غَنِيَ وَعَلَىَ سَارِقٍ. فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: أَمّا صَدَقَتُكَ فَقَدْ قُبِلَتْ. أَمّا الزّانِيَةُ فَلَعَلّهَا تَسْتَعِفّ بِهَا عَنْ زِنَاهَا. وَلَعَلّ الْغَنِيّ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمّا أَعْطَاهُ اللهُ. وَلَعَلّ السّارِقَ يَسْتَعِفّ بِهَا عَنْ سَرِقَتِهِ". أخرجه البخاري وغيره.
فلا تندم على مساعدتك لمن كنت تساعد من قرابتك، مع العلم بأنك إذا لم يكن في مقدورك تعميم العون على المتقين منهم والعصاة، فإن تخصيص المساعدة للمتقين أولى من مساعدة غيرهم.
فعن أبي سعيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والدارمي.
قال في تحفة الأحوذي: أي متورع يصرف قوة الطعام إلى عبادة الله، والنهي وإن نسب إلى التقي ففي الحقيقة مسند إلى صاحب الطعام، فهو من قبيل لا أرينك ها هنا، فالمعنى لا تطعم طعامك إلا تقيا، قال الخطابي: هذا إنما جاء في طعام الدعوة دون طعام الحاجة.... ج7ص64.
ولكن تجب عليك دعوة هؤلاء الذين لا يصلون وتبين خطر ترك الصلاة لهم، وإن كان التهديد بترك المساعدة يردعهم عن ترك الصلاة فهددهم به، بل إن رأيت أن ترك المساعدة لهم يحملهم على الصلاة وجب عليك ترك مساعدتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(11/16206)
حكم التصرف في مال الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت الوالدة رحمها الله تعطي صدقات من غير علم أحد منا بذلك ولم نعلم بذلك إلا بعد موتها وكذلك كانت تنفق على يتامى وطبعاً كل ذلك من مال والدي وبموافقته فهل يصلها كل هذا الثواب العظيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة أن تعطي شيئاً من مال زوجها لأحد، ولو كان ذلك على وجه الصدقة إلا بإذنه، لأن ذلك يعد تعدياً على مال الغير، وذلك لا يجوز شرعاً، ومن أهل العلم من أباح لها التصدق بالقليل دون الكثير.
قال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر أن في المسألة خلافاً: فصل: وهل تجوز للمرأة الصدقة من مال زوجها بالشيء اليسير بغير إذنه على روايتين إحداهما الجواز.
وقال النووي في شرحه لمسلم: ومعلوم أنها إذا أنفقت من غير إذن صريح ولا معروف من العرف فلا أجر لها بل عليها وزر.
ومحل هذا إذا لم يكن الزوج عالماً ولا راضياً، أما إن علم ورضي كحال أم السائل، فإن أجر الصدقة يشمل المرأة المتصدقة وزوجها، كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها بما كسب. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(11/16207)
هل يعطى السائل إذا سأل الناس في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إعطاء السائل في المسجد؟ والذين يبيعون البضاعة مباشرة بعد صلاة الجمعة ويصلون آخر الناس ويخرجون أولهم؟ وأحيانا نجد نساء يسألن على أبواب المساجد؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا السائل من أهل الصدقة ولم يؤذ أحداً في المسجد بأن يتخطى رقاب الناس، أو غير ذلك من الإيذاء، ولا جهر جهراً يشغل به المصلين أو الدارسين في حلق العلم، فيجوز السؤال، ويجوز التصدق عليه، وإلا لم يجز له السؤال ولا لغيره التصدق عليه، لأنه من باب المعاونه على الإثم الذي نهى الله عنه بقوله: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة:2] .
وما يقال هنا يقال في النساء اللاتي يسألن عند أبواب المسجد إذا كن يسألن بلا ريبة، أو تبرج.
وأما البيع عند أبواب المسجد وساحته، فلا مانع منه، ولا حرج فيه في الجمعة وغيرها، ولكنه يحرم عند النداء الثاني للجمعة، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة:9] .
فإذا قضيت الفريضة فلا حرج من الانصراف إلى البيع والشراء، قال تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة:10] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1424(11/16208)
هل يصح التصدق عن الجنين
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو توضيح حكم الصدقة عن الجنين في بطن أمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تقصد بسؤالك عن حكم الصدقة عن الجنين حكم إخراج زكاة الفطر عنه، فلا تجب عند أكثر أهل العلم حتى نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك، واستحب الحنابلة إخراجها عنه، لأن عثمان رضي الله عنه كان يخرجها عن الجنين، وعن أبي قلابة قال: كان يعجبهم أن يعطوا زكاة الفطر عن الصغير والكبير حتى عن الحمل في بطن أمه. رواه أبو بكر عن الشافي.
وإذا كنت تقصد مطلق الصدقة، فليس هناك من النصوص الشرعية ما يمنع من الصدقة عن الجنين، وفعل عثمان رضي الله عنه وغيره من الصحابة يدل بفحواه على مشروعية الصدقة عنه، لأنه دل على أنه يعامل معاملة من تحققت حياته، والحي يشرع التصدق عنه، وإن كان الأولى أن يقتصر المسلم في ذلك على صدقة الفطر، لأن الآثار لم ترد في غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/16209)
إعطاة الصدقة للسائل المسلم في بلاد الكفر.. نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في بريطانيا وأنا في الطريق يتعرض لي أخوات مسلمات يطلبن صدقة وأنا أعرف أن في هذه الدولة لا يوجد محتاجون كما في بلاد الإسلام فهل أعطيهن صدقة أم لا؟ لأني سمعت أنه حتى تأخذ أجر الصدقة يجب أن تتحرى صاحبها هل هو بحاجة أم لا؟ ولكن ذلك هنا صعب، كيف لي أن أتحرى ذلك أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب أن تعطي هؤلاء النسوة من الصدقة لأنه يجوز أن يعطى المجهول الذي يدعي الفقر من الصدقة، كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم رجلين سألاه فرآهما جلدين، فقال: "إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب." رواه أحمد.
وهذا لأن إعطاء الغني خير من حرمان الفقير، فإذا كان هذا في حق آحاد الناس فهو في حق هؤلاء المسلمات اللواتي يعشن في بلاد غير إسلامية أوكد، لما فيه من حفظ أعراضهن من الوقوع فيما حرم الله، ولاسيما في تلك المجتمعات التي تشيع فيها الفاحشة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/16210)
لا حرج على من نوى أن يتصدق على أناس ثم صرف المبلغ لغيرهم.
[السُّؤَالُ]
ـ[فذات مرة هممت بسوء ثم هداني الله فعزمت على أن أصرف ما كنت سأعمله به ابتغاء مرضات الله سبحانه وتعالى وفكرت في ما سأصرفه فتذكرت أقواماً أستطيع أن أصرفه إليهم وعزمت على ذلك ولا أدري أتكلمت أم لا ولكن أعتقد أني إن كنت قد تكلمت فإني قلت إن شاء الله ثم صرفت ذلك لكن على غير أولئك بل على قوم سألوا بجانبي ولست متأكدا هل هم كما وصفوا أنفسهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن هم بسوء ثم تركه لم يكتب عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. رواه البخاري ومسلم.
لكن هذا إذا كان مجرد خاطر، أما إذا كان الخاطر قد ارتقى إلى درجة العزم الجازم فإنه ينزل منزلة الفعل ولا بد من التوبة والاستغفار منه، وحيث إنه قد تم منك ذلك فنسأل الله لك المغفرة، وما صنعته في ذلك المال هو التصرف اللائق بالتائب الصادق وما نويت في نفسك بأن تتصدق بكذا أو تصرفه في كذا فلك أجر هذه النية ولا يعتبر ذلك نذراً لازماً عليك لأن النذر لا بد له من صيغة يلفظها الناذر بلسانه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 11382.
وعليه فلا يلزمك شيء وحيث صرفت المال فلك أجره إلا أنه ينبغي التحري في الموطن الأنفع والأكثر حاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1424(11/16211)
لا مانع من إظهار الصدقة لقصد حسن
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أهدي بعض المساجد نسخاً من القران الكريم وأود أن أكتب عليه من الداخل عبارة
--وقف لله تعالى إهداء من د/ محمد رضوان--
وذلك دعوة لكي يتخذني الآخرون قدوة في ذلك فهل يعتبر هذا من قبيل الرياء والسمعة أو أبتعد عنها لكي يكون عملي خالصا لوجه الله ولا يداخله أي شعور آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على المسلم في إظهار القربات أمام الناس إذا أمن على نفسه الرياء، بل قد يكون مأجورًا إذا أراد حث الناس على مثل فعله، وإن تأسى به أحد في فعل الخير كان له مثل أجر ما فعله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجرهم شيء" رواه مسلم ولا نرى أن تكتب اسمك على المصاحف؛ لأن المقصد المذكور يتحقق بإظهار الصدقة وحث الناس عليها أو كتابة فاعل خير عليها دون كتابة اسم المتصدق قطعاً للرياء ولدابر الشيطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(11/16212)
الأخ الفقير أولى بالصدقة من غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يملك مالاً ويريد أن يتصدق ببعض المال هل يجوز له بأن يتصدق به لأخيه الذي لا يملك شيئاً ولا أي مصدر للذخل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإعطاء صدقة التطوع للأخ المحتاج أولى من إعطائها لغيره لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة " رواه الترمذي وحسنه، ورواه أحمد وقال عنه الأرناوؤط صحيح.
ولا مانع كذلك من إعطاء الأخ من أموال زكاة أخيه المفروضة إذا كانت لا تلزمه نفقته، وذلك لعموم الحديث السابق. وقد بينا ذلك وافياً في الفتاوى التالية: 20621 26826 25203 25811
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/16213)
حكم إهداء ثواب الصدقة للأحياء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أتبرع وأتصدق عن أهل بيتي ووالدي وأقربائي دون علمهم وهل يجوز التبرع عن الموتى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان القصد أن تتصدق ثم تهدي ثواب الصدقة لوالديك أو أقربائك أو نحوهم فهذا أجازه جماعة من أهل العلم، قال في متن الإقناع من كتب الحنابلة: وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه، لمسلم حي أو ميت جاز، ونفعه، لحصول الثواب له ... من تطوع وواجب تدخله النيابة كحج ونحوه، أو لا (أي لا تدخله النيابة) كصلاة، وكدعاء، واستغفار، وصدقة، وأضحية، وأداء دين، وقراءة، وغيرها) .
وأما الصدقة عن الموتى فقد تقدم حكمها في الفتوى رقم:
9998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/16214)
فضل الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[اذكرحديثاً يدل على فضل الصدقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منهم: ... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1423(11/16215)
حكم إخراج صدقة من مال شخص متوفى لرجل مدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج صدقة من مال شخص متوفى على شخص مدين لا يملك سداد دينه ومهدد بالسجن لعدم السداد أم أن هذا لا يجوز إلا من مال الزكاة؟ جزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الشخص المتوفى له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون قد أوقف أو أوصى بشيء من ماله على الفقراء والمساكين، وحينئذ فلا حرج في إعطاء هذا الشخص المدين من ذلك المال الموقوف أو الموصى به.
والحالة الثانية: ألا يكون أوقف أو أوصى بشيء من ماله لا على الفقراء ولا على غيرهم.
فإن اتفق الورثة على إخراج شيء من التركة قبل تقسيمها بينهم، ليصرف في أوجه البر فلا بأس أن يصرف هذا المبلغ أو شيء منه لهذا الشخص المدين، والمدين الفقير يجوز إعطاؤه من الزكاة المفروضة والصدقة المستحبة على حد سواء.
وننبه إلى أن الميت بمجرد موته تنقطع ملكيته للمال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1423(11/16216)
إبداء صدقة التطوع.. بين الأفضلية وعدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل مسؤول عن أعمال خيرية لرجل أعمال، من رعاية أيتام وأرامل ومطلقات وسد حاجات بعض ذوي الاحتياجات الخاصة " المعاقين ".. فهل يجوز مثلا لو يتبرع بنسبة 70% من نفقات التبرع وهي لوجه الله بالسر.. ونسبة 30% وهي لوجه الله ولكن في العلن كنوع من الدعاية والإعلان له.. والله يسدد خطاكم....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل في صدقة التطوع الإخفاء وعدم الإظهار وكذلك سائر العبادات التطوعية لأن ذلك أبعد عن الرياء، أما الفرائض فالأفضل فيها أن تعلن لأن الغالب فيها عدم الرياء.
ومما يستأنس به في هذا المعنى ما أخرجه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. وبما رواه الترمذي عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الذي يجهر بالقرآن كالذي يجهر بالصدقة، والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة.
وقال الله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:271] .
إلا أن أهل العلم قالوا: إنه إذا كان في إظهارها مصلحة شرعية وأمن على نفسه الرياء فالأفضل إظهارها، كمن يرجو أن يكون قدوة لغيره في البذل والعطاء في الإنفاق في أوجه الخير.
ومن هذا يعلم السائل أن الأصل في الصدقة التطوعية العطاء خفية.
وعليه؛ فلا حرج في التبرع على هذا النحو الذي ذكرت إن كان المقصود بالجزء الذي تعلنه تحفيز الناس على الإنفاق وكانت نية المنفق سليمة من شائبة الرياء فهذا ربما كان أفضل من الإنفاق سراً، وأما إذا قصد بالدعاية الشهرة والسمعة فلا يجوز قطعاً لأنه من محبطات الصدقة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ [البقرة:264] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1423(11/16217)
من جاز إعطاؤه من الزكاة جاز إعطاؤه من الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج الصدقة على رجل مدين ولا يستطيع سداد دينه، أم هذا جائز في الزكاة فقط؟ وهل المقصود فى قوله تعالى (إنما الصدقات للفقراء والمساكين…إلى آخر الآية) هل المقصود الصدقة أم الزكاة؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمدين من الأصناف المستحقة للزكاة، إلا إن كان استدان من أجل معصية، ولم يتب منها، وانظر الفتوى رقم: 5676.
ومن جاز إعطاؤه من الزكاة الواجبة جاز إعطاؤه من الصدقات والتبرعات بلا خلاف بين أهل العلم لأن الباب في الصدقات غير الواجبة أوسع منه في الصدقات الواجبة.
والمقصود بالصدقات في الآية الزكاة الواجبة، قال الإمام القرطبي رحمه الله: (والصدقة متى أطلقت في القرآن فهي صدقة الفرض) . انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1423(11/16218)
لا يجوز التصدق من مال الآخرين إلا بطيب أنفسهم
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أتصدق على خالتي الفقيرة خفية من أمي لأنهما متخاصمتين والمال مال والدي وإن كنت أعينهما في جلبه فهل يحصل الأجر لي؟
أرجو الإفادة وبارك الله فيكم وأسكنكم فسيح جنانه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأول ما ننصح به السائل هو محاولة الإصلاح بين خالته وأمه، وبذل الجهد في ذلك، فإنه لا يجوز للمسلم هجر أخيه المسلم فوق ثلاث ليال، كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
وأخرج البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال".
أما عن الصدقة على الخالة الفقيرة، فهي ليست صدقة فحسب، بل صدقة وصلة رحم، كما جاء ذلك في الحديث، فقد أخرج الترمذي وحسنه عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن عمها سلمان بن عامر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر، فإنه بركة، فإن لم يجد تمراً فالماء فإنه طهور، وقال: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة".
وكذلك أخرجه الحاكم في المستدرك، والنسائي في الكبرى.
لكن لابد أن يكون المال الذي تتصدقين به تملكينه، أما إذا كان لغيرك ولو أباك فلا يجوز لك أخذه بدون إذنه، وليس لك في التصدق به أجر، لأن الله تعالى طيب ولا يقبل إلا طيباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/16219)
هل يجوز تمول الصدقة لغير الفقير
[السُّؤَالُ]
ـ[كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأخذ الصدقات ويأخذ الهدايا. فهل نحن مطالبون بعدم أخذ الصدقات إذا كنا موسعين ولا أقصد بالصدقات هنا الزكاة لأن أمرها معروف والذين تعطى لهم معروفون بنص القرآن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صدقة التطوع لا يحل لأحد أن يطلبها إلا إذا كان أهلاً لاستحقاقها، وقد بينا أهل الاستحقاق لها في الفتوى رقم: 1519 فليراجع لما فيه من الفائدة.
أما إذا حصل المرء على هذا المال دون طلب منه، فلا مانع من أن يأخذه ولو لم يكن محتاجاً إليه، إذ لا مانع من ذلك شرعاً، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر " إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك " رواه البخاري وغيره.
لكن إذا علم من حصل على هذا المال أن المتصدق به عين طائفة معينة ليس هو داخلاً فيها، كالفقراء والمساكين مثلاً، فلا يجوز له أخذه، وننبه إلى أن ما أشار إليه السائل من كون النبي صلى الله عليه وسلم لا يأخذ الصدقة خاص به صلى الله عليه وسلم وكذلك آله الكرام وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم 6344.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1423(11/16220)
من تصدق على إخوانه المتزوجين فما حكمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أتصدق شهرياً بمبلغ من المال، إخواني رجال وبنات متزوجون وحالتهم كفاف (مستورة) السؤال إنني أميل الى إعطائهم مقدار الصدقة كي يتوسعوا في عيشهم، أم الأفضل إعطاؤه للفقراء والأيتام؟
مع العلم أن إخواني موظفون بالحكومة ومرتباتهم تكفي ضروراتهم بالكاد، ولا تكفي مثلاً تغذية الأطفال باللبن يومياً أو الفواكه واللبس إلخ؟ وجزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك في دفع الصدقة إلى إخوانك المذكورين، ولك أجر الصدقة وأجر صلة الرحم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
ولو جعلت جزءاً من صدقتك للفقراء والأيتام، أو خصصتهم بصدقة بعض الشهور كان حسناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(11/16221)
حكم الصدقة عن المتوفاة بالمال الموروث عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أختي وليس لها أولاد فورثناها أنا وإخوتي.إخوتي أجمعوا على التصدق بما ورثوه من المتوفاة صدقة لها. وأنا أرغب في مشاركتهم ولكن عندي زواج وراتبي قليل (3000ريال) وليس عندي ما أقدمه مهراً وثأثيث منزل الزوجية سوى الاقتراض بالدين. سؤالي هو: لواحتفظت بمالي من الإرث لمساعدتي بإكمال نصف ديني يكون لأختي المتوفاة الأجر والثواب لأنني أرغب لها ذلك ولكن ظروفي المادية معدمة وعمري فوق 34 سنة. وهل يجوز لإخوتي والذين نووا التصدق للمتوفاة بما ورثوا أن يساعدوني بما ورثوا صدقة للمتوفاة. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنصيبك من الميراث يعد ملكاً خالصاً لك يجوز لك أن تتصرف فيه بأنواع التصرفات، وإذا كنت محتاجاً له فالأولى أن تنفقه على نفسك وحاجاتك، ولك في ذلك الأجر والمثوبة، ففي الحديث: " أيما رجل كسب مالاً من حلال فأطعم نفسه وكساها فمن دونه من خلق الله فإن له به زكاة." رواه ابن حبان والحاكم، وقال صحيح الإسناد
وروى الدارقطني " وكل معروف صدقة، وما أنفق الرجل على نفسه وأهله فهو له صدقة."
وروى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: " ابدأ بنفسك فتصدق عليها ... " فسمى ما ينفقه الرجل على نفسه صدقة يؤجر عليها.
ومعلوم أنه من ملك شيئاً جاز له هبته وإهداؤه، وبالتالي فما دام الأجر ثابتاً لك فيما تنفق على نفسك فيجوز لك أن تهب هذا الأجر أختك المتوفاة.
كما أنه يستحب لإخوتك التصدق عليك، والصدقة عليك أولى من الصدقة على غيرك، لحديث: " الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة." رواه أحمد
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(11/16222)
حكم دفع مال لتخفيف عقوبة قاتل ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
المشكلة هي أن لنا قريبة فتاة بكر زنت وحملت من هذه الفعلة وكانت بالشهر الثالث فقتلها أخوها انتقاما لشرفه ونتيجة لذلك دخل السجن وهنا يريد أهله توكيل محامي لتخفيف الحكم عنه على أن تكون أتعاب المحاماة مقسمة على العائلة فما حكم دفع المال للتخفيف عن هذا الشاب الذي ارتكب جريمتي قتل:أخته وجنينها هل يجوز أن ندفع لهم المال للتخفيف عن هذا الشاب فهي فتاة بكر حدها الجلد وليس القتل وما ارتكبه أخوها يعتبر جرما فهل من حق والد الشاب وإخوته الذين تأمروا على الفتاة "ابنتهم" وقتلوها بدافع محو العار أن يدفع باقي أفراد العائلة لهم المال للتخفيف عن هذا المجرم؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ارتكب هذا القاتل جرمًا عظيمًا بقتله نفسًا حرمها الله عز وجل، قال الله سبحانه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93] .
فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل من ذنبه، وأما إعانته للتخفيف من عقوبته فأمر مرتب على علم الإصلاح منه بعد ذلك، فإن غلب على الظن أن هذه الإعانة يترتب عليها إصلاح جاز ذلك وندب إليه، لقول الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40] .
فندب سبحانه وتعالى إلى العفو المقرون بالإصلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1423(11/16223)
لا يحل التصدق بمال الوالد إلا بإذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أتصدق من مال أبي لكي أستوفي 60صدقة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" كل المسلم على المسلم حرام دمه وما له وعرضه " رواه مسلم. فلا يحل مال الوالد إلا بإذنه، فإن وهب ولده مالاً فله أن يتصدق به، أو أذن له بأن يتصدق تصدق، وإلا فإنه لا يحل للولد أن يتصدق بشيء من مال والده للحديث السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1423(11/16224)
حكم سرقة المال الحرام لإنفاقه على الفقراء ...
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز سرقة المال الحرام على سبيل إنفاقه على الفقراء ووجوه الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، ولا يجوز بحال من الأحوال التوصل إلى فعل القربات بطريق المحرمات لتنافي الغرضين، وتناقض الوجهتين، والغاية النبيلة لا تسوغ ما حرمه الله من الوسيلة، ولا يستقيم في صريح العقول، وصحيح المنقول مثل الفعل الذي ذكرته أيها السائل في سؤالك، وما أشبه هذا الفعل بفعل من زنت لتتصدق فليتها ما زنت ولا تصدقت، وراجع الفتوى رقم:
4061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(11/16225)
لا يشترط لمن تصدق بذبيحة أن يشهد ذبحها
[السُّؤَالُ]
ـ[ذبحت صدقة لجدتي أم أمي بفلوس أمي ولكن حين الذبح لم أكن متواجدا هل يجوز ذلك أم أنه لا بد من وجودي حين الذبح؟ مع العلم بأنني نويتها بنية الوالدة كما أمرتني الوالدة فهل الصدقة تقبل مع عدم وجودي حين الذبح وأنا من قام بشرائها والذهاب بها إلى المسلخ ولكنني لم أكن موجود حين الذبح؟؟ أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عدم مشاهدتك للذبح لا يؤثر في النية، فإذا كنت نويت الصدقة عن جدتك، فإن الأعمال بالنيات كما قال صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه
ولا يشترط الحضور ولا المشاهدة.
فإذا توفرت الشروط، وانتفت الموانع، فإن الصدقة مقبولة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(11/16226)
الثواب الكبير ينتظر المتصدقين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إعطاء الصدقة للمتسولين وهل هناك أجر على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دعا الله إلى الإنفاق والبذل في سبيله تعالى، ووعد المنفقين أموالهم على الفقراء والمحتاجين أجراً عظيماً، فقال سبحانه: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة:262] .
وهذا من مميزات الإسلام ومحاسنه التي سبق بها غيره من الديانات والنظم، حيث إنه لفت أنظار المحسنين إلى تلك الفئة من المحرومين والبائسين الذين لا يجدون وسيلة لكسب قوتهم إلا من هذا الباب، فقال جل ثناؤه: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُوم * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) [المعارج:24-25] . ومن هذا يتضح للسائل الأجر العظيم الذي ينتظر من يتصدق على أمثال من ذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(11/16227)
انتفاع الشخص بما تصدق به ... نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في صحيح البخاري عن رسول الله (عليه الصلاة والسلام) أنه نهى طفلاً صغيراً عن أكل صدقة قائلاً نحن لا نأكل الصدقات " فما هي الصدقة التي نهانا عنها الرسول وإذا نحرت ولوجه الله آكل من هذا النحر أم لا وشكراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كخ كخ.. ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة.
وهذا الحديث صريح في أن الصدقة حرام على آل محمد، دون غيرهم من الناس، وقد سبق بيان هذا مع علته في الفتوى رقم:
6344.
وإذا تصدق المرء بصدقة لوجه الله فهل يجوز له أن يأكل منها أم لا؟ في ذلك تفصيل ملخصه أنه: إذا تصدق بها على أناس معينين، فلا يجوز له الأكل منها، أما إذا تصدق بها دون أن يعين أحداً فيجوز له الأكل منها إذا كانت العادة الجارية في بلده على أن من تصدق بشيء مطلق عن التعيين، أخذ منه، فيأخذ ما جرت العادة بأخذه دون زيادة.
قال المواق في التاج والإكليل: من المدونة: من تصدق على أجنبي بصدقة لم يجز له أن يأكل من ثمرتها، ولا يركبها إن كانت دابة، ولا ينتفع بشيء منها، ولا من ثمنها. انتهى، وراجع الفتوى رقم:
8048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(11/16228)
الصدقة ... أم سداد الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[في البدايه أشكركم على هذا الموقع المتميز الذي يجد فيه المسلم أجوبة لجميع تساؤلاته.
انا لدي سؤال أو بالأحرى أريد التأكد من أمر.
أنا تسلفت من والدتي مبلغا وقدره 1000 ريال وهذا يعني أنني الآن مديونة لوالدتي بمبلغ 1000ريال.
وسؤالي هو هل يجوز لي أن أؤجل سداد دين والدتي إلى ما بعد شهر رمضان لأنني أريد أن أتبرع في هذا الشهر الفضيل حيث تتضاعف فيه الحسنات مع العلم بأن ليس لي دخل شهري سوى 500 ريال أتسلمها من الجامعة كل شهر
فارجوا منكم الاجابه على تساؤلي لانني سمعت انه لا يجوز لي التبرع وانا مديونه ... فافيدوني وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا حان موعد قضاء الدين الذي عليك لأمك ولم تأذن لك في تأجيل القضاء فالواجب عليك تقديم قضاء الدين على الصدقة لأن قضاء الدين واجب والصدقة مستحبة، وإذا تعارض واجب مع مستحب قدم الواجب باتفاق العلماء، وأما إذا وافقت أمك على تأجيل قضاء الدين فلا بأس أن تتصدقي بما استطعت في شهر رمضان المبارك أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1423(11/16229)
كثرة المال في يد الشخص ... نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في كتاب إحياء علوم الدين الكثير عن ذم المال وقد وهبنا الله مبلغا من المال وأنصح زوجي التصدق به كله خشية من حساب الله يوم القيامة لكنه يرفض وأنا في رهبة كبيرة من حساب الله علما بأننا نتصدق كثيرا ولكن كثرة المال تؤدي إلى كثرة الإنفاق في الترف فأرجو أن تدلوني إلى الطريق الصحيح جزاكم الله كل الخير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللشخص حرية التصرف في كل ماله حال صحته، ما لم يكن في ذلك إسراف أو تبذير أو إنفاق في أوجه غير مشروعة، وقد تبرع كثير من الصحابة بغالب أموالهم، ومنهم من تبرع بماله كله، وأقرهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وهذا النوع من الإنفاق داخل تحت عموم قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة:254] .
وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ [البقرة:267] .
وغير ذلك من الآيات التي تحث على الإنفاق، لكن الأفضل أن يراعي المرء حال نفسه وورثته، فإن وجد أن التبرع بكل المال يضر به أو بورثته فالأفضل في هذه الحالة أن يبقي من ماله ما يندفع به هذا الضرر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: إنك إن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك، فقلت: يا رسول الله، أخلف بعد أصحابي؟ قال: إنك لن تخلف، فتعمل عملاً صالحاً إلا ازددت به درجة ورفعة، ثم لعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام، ويضر بك آخرون. رواه البخاري.
فإن تبرع المرء بكل ماله مع حاجته إلى المال من باب الإيثار، فهذا مما ندب إليه الشرع، كما قال عز وجل: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر:9] .
وراجعي في هذا الفتوى رقم:
21316.
وننبه الأخت السائلة إلى أن الإسراف والتبذير محرمان، وقد سبق الكلام عنهما في الفتوى رقم:
19064 والفتوى رقم:
20991.
ولمعرفة المزيد عن كتاب إحياء علوم الدين راجعي الفتوى رقم:
6784.
وعلى كل حال فالمال إذا أديت حقوقه الواجبة من الزكوات ومواساة المحتاجين فلا تضر كثرته، ولا تدل إلا على الخير -ن شاء الله- لقوله صلى الله عليه وسلم: نعم المال الصالح للرجل الصالح. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(11/16230)
حكم الصدقة عن الأم المجهولة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أتصدق على أمي التي لم أرها لأني لقيطة وتربيت عند ناس ليسوا بأهلي أو أعمل لها صدقة جارية لأني لا أعرف هل هي حية أم ميتة وأمي التي ربتني قد ماتت هل يجوز لي أن أتصدق عنها وهل يجب علي زيارة أختها من الحين إلى الآخر أقصد كزيارة الأرحام؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يعينك وأن يكتب لك الأجر والمثوبة، أما بالنسبة للصدقة عن الميت فقد تقدم الكلام عنها في الفتوى رقم:
3406
فلا حرج عليك في الصدقة عن أمك ولو كنت لا تعلمين أحية هي أم ميتة.
ولا حرج عليك في أن تتصدقي أيضاً عن المرأة التي ربتك، كما يعلم من الفتوى المشار إليها.
أما بالنسبة لأخت هذه المرأة فإنه لا يجب عليك زيارتها وصلتها، لأنها ليست من أرحامك، ولكن زيارتها وصلتها تدخلان في صلة وزيارة عموم المسلمين والمسلمات، وتزداد تأكيداً إذا كان القصد منها التعبير عن اعترافك بالجميل لأختها التي ربتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1423(11/16231)
ما ينبغي مراعاته لدى إخراج الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سألت سؤالاً عن إمكانية التبرع لفلسطين بدلا من أن أوفي بالنذر ولقد رددتم على أنه لا يجوز التصدق وأنه يجب الوفاء بالنذر ... فهل التصدق العادي مثل التبرع لفلسطين في مثل هذا الوقت؟ ورقم سؤالي السابق هو 38404]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرء إذا أراد أن يتصدق صدقة تطوع، نظر في أحوال المحتاجين من حوله، وقدَّم فيها أو آثر منهم أشدهم فاقة وحاجة وأعطاهم إياها، والأولى بذلك أقرباؤه، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول، أمك وأباك وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك. رواه النسائي وصححه الألباني.
وفي صحيح البخاري أن أبا طلحة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخٍ.. ذلك مال رابح ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين.
هذا من حيث الأصل، لكن قد يعرض للمرء الذي يريد إخراج صدقته أن يجد قوماً أشد حاجة من أقربائه، وليس لهم من يعينهم كأهل فلسطين، الذين هم جزء من جسد الأمة الواحد، فالأفضل في هذه الحالة إعطاء الصدقات لهم، عن طريق القنوات الموثوقة لضمان وصول الأموال إليهم، وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا مع قوم من مضر كانت بهم فاقة شديدة فأمر الصحابة أن يتصدقوا عليهم، مع أنه يوجد في المدينة فقراء يقيناً، لكنه وجد فقر القوم المذكورين أشد من فقر من كانوا بالمدينة وحاجتهم إلى المال أشد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1423(11/16232)
التصدق حذر المعصية ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لقد كثرت ذنوبي في الآونة الأخيرة فوجدت طريقة لتجنبها، قمت بكتابة وثيقة على نفسي وأشهدت الله عليها ووضعتها في جيبي لا تفارقني، ذكرت في هذه الوثيقة كل الذنوب المحتملة وأنني اذا ارتكبت اي ذنب منها فيجب علي التصدق بمبلغ 20 دولاراً عن كل ذنب ومن يومها لم أعد أرتكب هذه الذنوب، ولكني الآن بدأت أشعر أن عدم ارتكابي لهذه الذنوب هو خوفي من دفع المبالغ وليس خوفا من الله فهل أنا على حق، وهل هذه الطريقة شرعية علما بأنها اثبتت فعاليتها جدا على الأقل بالنسبة لي، أفتونا مشكورين
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من أن يعاقب الإنسان نفسه معاقبة مالية لارتكابه معصية من المعاصي، كما فعل كعب بن مالك رضي الله عنه حين انخلع من ماله صدقة إلى الله ورسوله، كما في الصحيحين ولفظ البخاري: إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، أمسك بعض مالك فهو خير لك.
ولا تلتفت إلى شعورك بأنك ما تركت الذنوب إلا خوفاً من الصدقة، فإن تركك للذنوب خير من ارتكابها على كل حال.
ثم إن الذي حملك على الالتزام بالمبلغ المذكور أصلاً هو الخوف من الوقوع في الذنوب، وما حملك على الخوف من الوقوع فيها إلا خوف الله، فالدافع الحقيقي في الكل هو خوف الله، فلا تلتفت إلى وساوس الشيطان، ومداخله الخبيثة، وامض فيما أنت فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(11/16233)
التصدق من الميراث يحتاج إلى موافقة من الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ غير شقيق من أم أخرى عاق لأبيه بكل ما لهذه الكلمة من معنى--- توفي والدي وترك مبلغا كبيرا من المال غير مزكى إطلاقا ولو لمرة واحدة----- ونحن نرغب بإخراج الزكاة عن هذا المبلغ عن 12 سنة والتصدق بجزء منه ثم توزيع المتبقي من المبلغ حسب الشرع وسنعطي أخانا المذكور حقه كاملا بعد خصم الزكاة والصدقة-- هل يمكننا عمل ذلك دون أخذ رأي وموافقة ذلك الأخ. نرجو الإفادة بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التخلف عن أداء الزكاة ذنب عظيم فاسألوا الله المغفرة لوالدكم، ويجب عليكم إبراء ذمته بإخراج الزكاة عن السنوات التي لم يزك فيها، ولا يشترط علم أخيكم غير الشقيق ولا رضاه بذلك.
أما التصدق بما زاد عن الزكاة فإنه لا بد من رضاه، فإن لم يرض فأعطوه حقه، ثم تصدقوا بما تشاؤون، وهذا في من كان منكم بالغاً رشيداً أما من كان قاصراً أو سفيهاً محجوراً عليه فلا يجوز التصرف في ماله بالهبة أو نحوها.
وننبه هنا إلى أنه يجب عليكم أن تنصحوا هذا الأخ، وتأمروه بالتوبة من العقوق، ومن توبته أن يكثر من الدعاء والاستغفار لوالده، وكذا القيام بالأعمال الصالحة، وإهداء ثوابها له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1423(11/16234)
حكم الصدقة من كسب صالون تجميل نساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الأكل في بيت امرأة مالها من كسب دكان حلاقة النساء؟ وهل تقبل صدقاتها؟ وهل يجوز أكل طعام العرس الذي فيه موسيقى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة فتح دكان لتجميل بنات جنسها بما في ذلك قص بعض شعر المرأة المتزوجة تجملاً لزوجها، ولكن يشترط توفر الشروط المذكورة في الفتوى رقم: 2984، والفتوى رقم: 951.
فإذا تقرر جواز ذلك أصبح المال المكتسب من هذه المهنة حلالاً.
وعليه، فتصح الصدقة منه، وتقبل كغيره من الأموال التي هي من أصول مباحة.
أما فيما يخص العرس المشتمل على موسيقى، فلا يجوز الحضور إليه، ولا الأكل من الأطعمة المقدمة فيه، لما قرر أهل العلم من أنه لا يجوز للإنسان حضور طعام العرس إذا كان هناك منكر لا يقدر على تغييره من مثل الخمر والمعازف، ونحو ذلك.
لما روى أحمد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال (يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1423(11/16235)
أجر المرأة إذا تصدقت من بيت زوجها غير مفسدة.
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم السؤال هل يحق للزوجة هبة أشياء خاصة ببيتها إلى أهلها
دون استشارة الزوج وهو الذي صرف ماله على الأشياء المذكورة حتى وإن كانت رخيصة الثمن شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للمرأة الصدقة من مال زوجها بالشيء اليسير بغير إذنه، وقد رجّح هذا القول ابن قدامة في المغني، ومن الأدلة لهذا المذهب، حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجر بعضٍ شيئاً. متفق عليه؛ ولأنها بحكم العادة تتصرف في مال زوجها، والإذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي.
وقد ذهب بعض العلماء إلى عدم الجواز مطلقاً، والقول الأول أقوى.
فعلى هذا فلا حرج عليك -إن شاء الله- في هبتك أشياء رخيصة الثمن من مال الزوج بغير إذنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1423(11/16236)
حكم التأخير في صرف مال كفالة اليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم تأخير صرف مبلغ من المال ليتيم أنا متكفلة به علما بأن لي شهرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك إن كفالة الأيتام من أعظم القربات وأجل الطاعات، ويكفي في الترغيب فيها قوله صلى الله عليه وسلم: كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين -وأشار مالك بالسبابة والوسطى. متفق عليه، واللفظ لمسلم.
إذا علمت هذا أيتها السائلة فاعلمي أن كفالة اليتيم تدخل في باب الصدقات والأعمال الخيرية التطوعية.
وعليه فإذا لم تلتزمي بكفالة يتيم معين فإن تأخير صرفك للمال لا تأثمين به، وإن كان الأولى لك والأفضل المبادرة وعدم التواني في ذلك العمل الخيري فالله عز وجل يقول: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات [المائدة:48] . ويقول: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمرأن:133] .
أما إذا كنت تحملت كفالة يتيم والتزمت بها فإنه يجب عليك القيام بما التزمت على الوجه الذي التزمت به، ولا يجوز لك تأخير نفقة ذلك المكفول عن الوقت الذي يحتاجها فيه لما يترتب على ذلك من ضياعه هو، وعدم الوفاء منك أنت بما التزمت به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(11/16237)
المرأة الرشيدة تتصدق بما شاءت من مال
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز شرعا أن تتصدق المرأة بصداقها -مهرها-؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة إذا ملكت صداقها أصبح من ضمن ممتلكاتها، وقد اختلف أهل العلم في أحقية تصرف المرأة في مالها بالهبة أو بالصدقة من غير إذن زوجها، فقال الليث: (لا يجوز لها ذلك مطلقاً إلا بإذنه) .
ووافقه الإمام مالك فيما زاد على الثلث، وذهب الجمهور إلى أنه يجوز لها التصرف مطلقاً من غير إذن الزوج إذا لم تكن سفيهة، فإن كانت سفيهة لم يجز، وذلك لحديث جابر رضي الله عنه، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصدقن، فإن أكثركن حطب جهنم" متفق عليه.
قال الشوكاني في نيل الأوطار في هذا الحديث دليل على جواز صدقة المرأة من مالها من غير توقف على إذن زوجها، وعلى مقدار معين من مالها كالثلث.
والحاصل أنه يجوز للمرأة إذا كانت رشيدة أن تتصدق بما شاءت من صداقها، ولا يتوقف ذلك على إذن زوجها عند الجمهور، وهو الصواب للحديث المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(11/16238)
ثبوت أجر المتصدق وإن وقعت الصدقة في غير أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجب على المتصدق أن يتحرى جيداً عندما يتصدق؟ وهل عليه إثم إذا وضع ما رزقه الله في موضع غير موضعه أي لمن لا يستحق هذا المال؟
وجازاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى المتصدق أن يتحرى جيداً عندما يخرج صدقته، حتى لا تقع بيد من لا تحل له هذه الصدقة، لا سيما الصدقة المفروضة "الزكاة"، لأنها إذا وقعت بيد من لا يستحقها لا تجزئ عن الفرض على تفصيل في ذلك.
أما صدقة التطوع، فلا إثم على من تحرى مصارفها، ثم قُدِّرَ أن وقعت عند من ليس أهلاً لها كالغني مثلاً، بل هو مأجور على ذلك، فقد عقد الإمام النووي في صحيح مسلم باب: ثبوت أجر المتصدق وإن وقعت الصدقة في غير أهلها، وجاء تحت هذا الباب بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال رجلٌ: لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، قال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته ووضعها بيد غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، قال: اللهم لك الحمد على غني، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد على زانية، وعلى غني، وعلى سارق، فأتي فقيل له: أما صدقتك، فقد قبلت، أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها، ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله، ولعل السارق يستعف بها عن سرقته" متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(11/16239)
جمعيات الإقراض بالربا رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشتغل بشركة عامة ولدى هذه الشركة صندوق للرعاية الاجتماعية يستخدم في مساعدة المنتجين بمكافاة عند الزواج أو الوفاة غير مسددة إلى الشركة غير أنه يقوم على منح المنتجين سلفة وقروضا بفائدة وتذهب هذه الفائدة في المساعدة المجانية فما الحكم في ذلك هل يصح أن أطلب سلفة أو قرضا من هذا الصندوق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم أخذ قرض بفائدة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1746، 1986.
وتقدم أن ذلك من الربا، ولا يؤثر في الحكم كون هذه الفائدة ستوضع بعد ذلك في صندوق الرعاية الاجتماعية، ولكن البديل لذلك أن تشرف الشركة على تكوين جمعية خيرية للموظفين، ويكون هناك اشتراكات تبرعية منهم، وتصرف أموالها في أزمات الموظفين واحتياجاتهم الضرورية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/16240)
ثواب صدقة السر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أتصدق بمال لي عند والدتي فأنا في بلد أخرى وأريد أن أتصدق في بلدي ويجب أن أخبر والدتي عن مقدار المال فهل يجوز ذلك لأنني أريد أن أكون ممن يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله "فيجب أن تكون الصدقه مخفية"فماذا لي أن أفعل جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزادك الله حرصاً على الخير، وبالنسبة لصدقة السر فإذا أمكنك فعلها من غير هذا المال الذي عند والدتك فذلك أفضل لأنها حينئذ لا يطلع عليها إلا الله، فإن لم يمكن ذلك فأخبري والدتك بمقدار المال، واطلبي منها ألا تذكر أمر هذه الصدقة لأحد، لعل الله تعالى يدخلك بذلك فيمن يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(11/16241)
الصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نويت في نفسي بعد أن هداني الله إن رزقت بعمل سأتصدق بخمس الراتب لفعل الخير إذ أنني أخذت بالآية الكريمة: (ولله الخمس مما غنمتم) وهل هذا يعني أنني ابتدعت بدعة؟ وهل إذا تصدقت بهذا المال إلى إخوتي الصغار في السن من أجل مساعدة والدي في مصاريف المدارس الباهظة يكون صحيحا؟ وما هي مصاريف الصدقات إذ أنني أريد أن أفعل الخير ولا أريد أن أحرم والدي وإخوتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نيتك التصدق بخمس الراتب أمر مشروع في أصله من حيث كونه صدقة وليس من باب الابتداع، لكن الخطأ هو في الاستدلال بهذه الآية، واللفظ الصحيح للآية: (أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَه) [الأنفال:41] .
أما أنت فلك أن تتصدقي بما شئت من مالك، وتصدقك بالمال من أجل مساعدة والدك في مصاريف المدارس شيء طيب، بل قد يكون واجباً مادام الوالد محتاجاً.
أما مصارف الزكاة والصدقة الواجبة، فقد ذكرها الله تعالى في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة:60] .
أما صدقة التطوع، فالأولى صرفها للأقارب ما داموا في حاجة إليها، ففي سنن النسائي والترمذي من حديث سلمان بن عامر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صدقتك على ذي الرحم صدقة وصلة".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1423(11/16242)
من حسن المعاشرة الإنفاق على الزوج المحتاج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة في التربية والحمد لله المعاش يكفيني والغريب أن زوجي في الأيام الأخيرة كثير الطلب على لأموالي الخاصة إني في البداية كنت أساعده ولما اكتشفت أنه على علاقة بامرأة أخرى كانت خطيبته منذ 20سنة عاود الاتصال بها خفت من المساعدة وهو دائم الخلاف معي وتطور الأمر ينام خارج الغرفة علي أساس أعطيه من الفلوس أفيدوني هل حرام أن أمنع الفلوس عنه مع العلم لما كانت الأموال في يده ما كان يبخل علي أما الآن يبخل علي حتي بالابتسامة والبيت أصبح كئيباً ماذا أفعل وأنا زوجة منذ 19 عاماً وعندي 5أولاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمال المرأة ملك لها، ولا يلزمها أن تنفق منه على زوجها بل نفقتها واجبة عليه، ولكن إن كان الزوج محتاجاً وعندها ما تسد به حاجته فمن الإحسان أن تعطيه حاجته، وإن كان لا يجب عليها ذلك، وقد سبق بيان هذه المسألة مبسوطة في الفتوى رقم:
4556
كما سبق بيان حكم هجر الزوج لفراش زوجته في الفتوى رقم
8935.
أما بخصوص قول السائلة بأنها اكتشفت أنه على علاقة بأمرأة أخرى ...
فننصح السائلة بمعالجة الموضوع بحكمة حفاظاً على بيتها وأسرتها، وأولادها، وإن أمكن مصارحته ونصحه بخطورة اتصاله بهذه المرأة التي لا تحل له فافعلي، وإلا فابحثي عن وسائل أخرى مع تقربك منه ومحاولة إزالة الفجوة بينك وبينه، ولربما صار منك تقصير في حقه فلجأ إلى ذلك، كما يمكن توسيط أهل الخير ممن لهم تأثير عليه لرأب الصدع وبيان خطورة الوضع بالنسبة إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1423(11/16243)
التصدق بأموال مشتبهة وحكم قبولها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التصدق بأموال مشتبه بأن مصدرها حرام؟
وهل على من أخذ أموال الصدقة حرج أو إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الجواب عن السؤال نحتاج إلى أمرين:
الأول: بيان معنى المشتبه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الأمور إلى ثلاثة:
الأول: حلال محض. ...
الثاني: حرام محض. ... ... ...
والثالث: المشتبه. وهو ما اختلف العلماء في حله وتحريمه من الأعيان كأكل لحوم الخيل وأكل الضب، ولبس ما اختلف في جواز لبسه كلبس جلود السباع، أو ما اختلف العلماء في حله وتحريمه من المكاسب مثل عقود البيع التي وقع النزاع بين العلماء في جوازها وعدم جوازها كالتورق. هذا أحد التفسيرين للمشتبه.
والتفسير الثاني له هو: اختلاط الحلال بالحرام، هكذا فسره الإمام أحمد -رحمه الله- كما حكاه ابن رجب أي فهل يجوز لنا الأخذ ممن اختلط ماله الحلال بالحرام أم لا؟ هذا موضع شبهة.
الثاني: موقف المسلم أمام المشتبهات، والناس أمام المشتبهات قسمان:
الأول: من زال عنه الاشتباه وتبين له الأمر: الحل أو الحرمة، فهذا يجب عليه العمل بما تبين له.
الثاني: من لا يزال الاشتباه قائماً عنده، فلا ينبغي له الإقدام على المشتبه وقد حذره النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وأنه سيجره ذلك إلى أحد أمرين أو كليهما:
الأول: الاعتياد على ارتكاب المنهي، فارتكابه للمشتبه يجره لارتكاب الحرام الواضح.
الثاني: أنه بارتكابه للمشتبه لا يأمن أن يكون قد وافق الحرام فليحذر.. وقد جرى عمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده والصالحون من بعدهم على التوقي من المشتبهات قدر الإمكان، والأخبار في ذلك كثيرة.
وبعد هذا نقول:
إذا تبين معنى الشبهة فمن اكتسب مالاً فيه شبهة فله أن يتصدق به بل هو الأولى.
وأما من اكتسب مالاً من حرام فإن الواجب عليه أن يتخلص منه.
وليس ذلك صدقة من الصدقات فإن الصدقة لا تكون إلا من حلال، وأما أخذ الصدقة لمن كان محتاجاً إليها فلا بأس فيه ولا حرج إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(11/16244)
الأصناف الذين تحل لهم المسألة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التسول خاصة في المساجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى مدح الفقراء المتعففين بقوله تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً) [البقرة:273] .
والآية وإن كانت في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أهل الصفة وغيرهم، فإن العبرة بعمومها.
وقد ذم الإسلام الجشع والطمع والسؤال، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس على وجهه مزعة لحم".
وقد بين صلى الله عليه وسلم من تحل له المسألة، ففي صحيح مسلم عن قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه قال: تحملت حمالة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله، فقال: "أقم عندنا حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها، ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال: سدادا من عيش - ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة. فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش - أو قال: سداداً من عيش - فما سواهن من المسألة ياقبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتاً".
فهؤلاء الثلاثة فقط هم الذين تحل لهم المسألة: تحمل الحمالة للصلح، إصابة الجائحة في المال، الفاقة والفقر المدقع.
فإن كان السائل من هؤلاء، فالمسألة جائزة بدون قيد بنص الحديث. أما غير هؤلاء فلا يجوز له سؤال الناس -أصلاً- ولو في غير المسجد، فإذا فعل ذلك في المسجد كان إثماً زائداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(11/16245)
حكم إعطاء الصدقة لبناء المساجد، وللكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم الشرع في:- إعطاء الصدقات في بلاد الكفار للكفار ولبناء المساجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صدقات التطوع لا حرج في إعطائها للكفار الذين لم يكونوا في حرب مع المسلمين، كما لا حرج أيضاً في دفعها لبناء المساجد أو صيانتها.
أما الصدقة الواجبة وهي زكاة المال وزكاة الفطر، فلا تدفع للكفار بوجه من الوجوه، إلا على وجه تأليف من في تأليفه ودخوله في الإسلام قوة للمسلمين ومنعة، أما المساجد فالأصل أنها ليست من مصارف الزكاة، وراجع الفتوى رقم: 5757.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(11/16246)
من تحقق له أمر لا يجب عليه التصدق إلا بنذر
[السُّؤَالُ]
ـ[رزقني الله مالا من بيع جزء من أرض لي فهل لا بد من ذبح وإراقة دم ذبيحة للفقراء أم التصدق بالمال أيهما أفضل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....
أما بعد:
فإنه لا يجب عليك أن تذبح وتطعم الفقراء ولا يجب عليك أن تتصدق بمال، إلا إذا كنت قد نذرت بأنك إذا بعت الأرض ستذبح أو تتصدق، وأما بدون نذر فلا يجب عليك.
ولكن الصدقة مستحبة على كل حال وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان في ظل صدقته يوم القيامة، والأحاديث والآيات القرآنية في الحث على الصدقة والترغيب فيها كثيرة جداً، والأفضل في الصدقة مراعاة حاجة الفقراء فإن كان الطعام أو اللحم أنفع لهم كان ذلك هوالأفضل، وإن كانت حاجتهم إلى المال أشد كان إعطاؤهم المال أفضل.
هذا وننبه الأخ السائل إلى أمر آخر لعله أهم مما سأل عنه وهو زكاة هذا المال فإن كانت هذه الأرض قد تملكها للتجارة بها وبلغت قيمتها نصاباً بنفسها أو بما انضم إليها من نقود يملكها أو عروض تجارية وحال عليها الحول فيجب عليه أن يزكيها بإخراج ربع عشر القيمة، وإن كانت لم تعد للبيع وإنما اشتراها لنفسه ثم احتاج وباعها فلا زكاة على ما مضى، فإن بلغت القيمة نصاباً أي قيمة خمسة وثمانين جراماً من الذهب إن بلغت هذا المقدار وحال عليها الحول وجبت فيها الزكاة فيخرج حينها ربع العشر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1423(11/16247)
ينبغي لمن تعهد أن يتبرع بمبلغ أن يفي بتعهده ما استطاع
[السُّؤَالُ]
ـ[تبرع رجال في حفل أقيم لأجل جمع التبرعات لإنشاء مجمع ثقافي ورياضي عام، وتم إعلان قيمة التبرع الذي تبرع به كل شخص أثناء الحفل على الجمهور. ولكن ما حصل أنه بعد الحفل لم يأت إلا بعض التبرعات التي أعلن عنها. والسؤال: هل يلزم على المتبرع إيفاء ماتبرع به كاملاً؟ وهل يجوز له أن يسقط بعض أو نصف ما تبرع به؟ ما حكم الشرع في مثل هذه الأمور؟ أرجو الإفادة العاجلة، وجزاكم الله عنا كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تعهد شخص بالتبرع لصالح مشروع خيري أو مشروع مباح ينبغي أن يفي بما تعهد به لعموم قول الله تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً) سورة الإسراء. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه" [الحديث متفق عليه] . ولا ينبغي له أن يسقط شيئاً مما تبرع به إلا إذا لم يستطع فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها. والتعاون على أعمال الخير مرغب فيه شرعاً قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى) . لكن ينبغي للمرء أن يتعهد بما يستطيع الوفاء به ولا يحمله الحماس وإثارة الموقف له أن يتعهد بما قد يعجز عن الوفاء به. ثم إن على الأخ المتبرع أن يعلم أن هذا العنوان (مجمع ثقافي ورياضي) عنوان مطاط قد تدخل تحته محاذير شرعية كثيرة فقبل أن يتبرع له فعليه أن يتأكد من سلامته من هذه المحاذير لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه ما فعل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه" [رواه الترمذي وغيره وهو صحيح] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/16248)
منزلة الصيام بين سائر العبادات
[السُّؤَالُ]
ـ[مكانة الصيام ضمن باقي العبادات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصيام عبادة عظيمة الثواب والفوائد وهو قسمان:
1- واجب ومن أهمه وآكده صيام رمضان فله مكانة عظيمة في الإسلام فهو الركن الرابع منه بعد الشهادتين وأداء الصلاة وإيتاء الزكاة، ومن أنكر وجوبه فهو كافر بإجماع أهل العلم، وقد ثبت الترغيب العظيم في شأن صيامه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 65723.
2- صوم غير واجب وهذا أيضاً ثوابه عظيم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً. متفق عليه، واللفظ لمسلم. وأنواع الصيام تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 27716، وللمزيد راجع في ذلك الفتوى رقم: 3423، والفتوى رقم: 12929.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(11/16249)
الحكمة من اختيار رمضان كشهر للصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي أحب أن أستفسر عن الحكمة في اختيار شهر رمضان شهر الصوم، ولماذا لم يكن أي شهر آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلله الحكمة البالغة في كل ما شرعه، وقد نطلع على الحكمة فنزداد إيماناً وقد لا نطلع عليها، ولكن لا يتوقف إيماننا وانقيادنا على معرفتها، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:36} ، ولم نقف على الحكمة من وجوب الصوم في رمضان دون غيره من الشهور.
ولكن لرمضان فضائل خصه الله بها دون سائر الشهور منها؛ جعله زمناً لإنزال الكتب السماوية، وزمناً لهذه العبادة العظيمة وهي الصوم، وقد قال الله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ {القصص:68} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(11/16250)
ماذا يفعل من صام أول رمضان في بلد وآخره في غيرها عند اختلاف الرؤية وأين يخرج زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب مبتعث وعندي إجازة في22رمضان بحيث أكون أول رمضان في باكستان وأخره في السعودية. علما بأن شهر رمضان يتأخرعن السعوديه بفارق يوم ... السؤال..هل أقضي يوما بعد شهر رمضان. لأنني في ذلك الوقت في السعوديه؟؟ وهل أدفع زكاة الفطر في باكستان أو السعودية؟؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال، ثم اعلم أخي أن ثبوت دخول رمضان أو انسلاخه يقتدى فيه بأهل البلد الذي دخل رمضان أو انسلخ على الشخص وهو فيه، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون. رواه أبو داود. وعلى هذا فإن دخلت السعودية ورؤيتهم للهلال متقدمة على أهل باكستان، فإنه يلزمك الأخذ برؤيتهم، فإن أفطروا بعد أن صاموا تسعة وعشرين يوماً باعتبار رؤيتهم، لزمك الفطر معهم ثم قضاء اليوم الذي سبقوك بصومه، لأنك لم تصم إلا ثمانية وعشرين يوماً، وإن أكملوا رمضان ثلاثين يوما فلا يلزمك شيء لأنك صمت تسعة وعشرين يوما، والشهر ثلاثون أو تسع وعشرون. وأما زكاة الفطر فإنها تخرج في البلد الذي وجبت عليك فيه وهو السعودية ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 9442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(11/16251)
نسيان الطهارة من المحيض لا يبطل الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في امرأه جنب وقد نسيت تماما الطهارة قبل الإفطار وذلك في شهر رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصيامها صحيح وعليها الغسل وقضاء الصلوات التي صلتها وهي على جنابة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 2267.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(11/16252)
صامت الدول العربية وأعلنت دولته أن اليوم عيد فهل يصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكام صيام أول يوم العيد علما بأن الدولة أعلنت عن يوم العيد وباقي الدول العربية مكملة لشهر رمضان. هل أفطر مع هذه الدولة أو أواصل الصيام وجزاكم الله كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا أن لأهل كل بلد رؤيتهم، فإذا رؤي الهلال في البلد الذي أنت فيه فإنك تفطر معهم كما بيناه في الفتوى رقم: 39425. ولكن إذا كانت هذه البلدة لا تراعى فيها الضوابط الشرعية في تحري الهلال، ولا تعتمد على رؤية الهلال رؤية شرعية وإنما تقتصر على التقاويم الفلكية مثلا فإنك تفطر مع أقرب بلد تراعى فيه هذه الضوابط كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 113796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1430(11/16253)
وقت الإفطار هو غروب الشمس ولا عبرة بالأذان إذا خالفه
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في حينا عدد من المساجد، ولكن الأذان مواعيده غير موحدة، فالمسافة الزمنية بين أول أذان مسموع وآخر أذان قد تصل إلى ربع الساعة، ففي رمضان لا ندري أيكون الإفطار على أول أذان مسموع بوضوح؟ أم على أذان أقرب مسجد؟ أم على توقيت الدولة؟ وكذلك الإمساك؟.
الرجاء كريم تفضلكم بالإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإفطار يكون عند غروب الشمس - لا على الأذان الأول ولا على الأذان الثاني - لقول النبي اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ. متفق عليه.
وكذا الإمساك يكون مع طلوع الفجر، فيلزمكم تحري غروب الشمس حتى تعلموا وقت صلاة المغرب والإفطار، وكذا تحري أوقات الصلوات الخمس، ومن لم يكن عارفا بعلامات دخول الوقت فله تقليد مؤذن عدل عارف بالأوقات، وأوقات الصلاة لا تعرف إلا بالعلامات الكونية التي جعلها الشرع دليلا على دخول أوقات تلك الصلوات، وبالتالي فإن التقويم الصادر من وزارة الأوقاف ونحوها لا يعتمد عليه إذا علم أوغلب على الظن أنه مخالف للعلامات الشرعية، أو أنه غير دقيق، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 97824. ونحن نستبعد أن يصل فارق التوقيت في أذان المغرب بين المساجد إلى ربع ساعة، كما ذكرت السائلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(11/16254)
حكم من سافر إلى بلد تأخر صومهم وأكملوا رمضان ثلاثين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من تونس وأعمل في القطر الليبي المجاور. عند حلول شهر رمضان الفائت كنت في ليبيا وكان صيامنا هناك سابقا بيوم لتونس. وفي عطلة عيد الفطر رجعت إلى تونس وكان يوم التاسع والعشرين من رمضان في تونس هو تمام الثلاثين في صيامي. ولكن في تونس أتموا صيام الثلاثين لعدم ثبوت رؤية هلال شهر شوال، فأفطرت مخالفا لأهل البلد الذي أنا فيه كي لا أصوم واحدا وثلاثين يوما. فهل ما قمت به صحيح؟ وثم أريد رأيكم في مسألة الاختلاف الحاصل بين المسلمين في التقويم. صحيح أن هذا الاختلاف كان موجودا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده، ولكننا في عصر تطورت فيه العلوم وأصبح من الممكن معرفة إمكانية رؤية الهلال من عدمها مسبقا. أما آن لنا نحن المسلمين أن نتوحد على الأقل في تقويمنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة من سافر إلى بلد تأخر فيه ثبوت الشهر عن البلد الذي بدأ الصوم فيه وأتموا صيام ثلاثين يوما فماذا يفعل فيه هو؟ في هذه المسألة خلاف بين أهل العلم. فمنهم من قال يلزمه الصوم معهم لأنه صار منهم، ومنهم من قال يفطر لأنه التزم حكم البلد الأول. وصحح النووي القول الأول، وانظر الفتوى رقم: 95336.
فعلى القول الثاني لا حرج على الأخ السائل فيما فعل.
وفي ما يخص المسألة الثانية؛ فمعلوم أن الصيام والفطر يعتمد فيهما على رؤية الهلال، وليس على التقويم الذي يعتمد على الحسابات الفلكية، ومسألة الاختلاف الحاصل في هذا الموضوع راجع إلى مسألة اختلاف المطالع. وسبق بيان هذه المسألة والخلاف في اعتبار المطالع في الفتوى رقم: 6636.
والمسألة سهلة والخلاف فيها لا يجوز أن يكون سبب فرقة بين المسلمين، واختلافهم في الصوم بسبب ما ذكرنا لا ينافي اجتماعهم واتحاد كلمتهم كما هو الشأن في ابتداء الصوم كل يوم، فيصوم من في المشرق ولا يزال من في المغرب مفطرا، وليس في ذلك تفرق ولا اختلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1430(11/16255)
حكم الفطر في رمضان خشية أن يعلم أهله بإسلامه
[السُّؤَالُ]
ـ[من الله على أحد الأشخاص بالإسلام بعد أن كان نصرانيا والآن هو ملتزم بشعائر الإسلام ولكن بالخفية حيث لا يقدر أن يطلع أهله على إسلامه وحتى الصلاة يؤديها في بيت صديقه والمشكلة الآن مسالة الصيام حيث لا يستطيع أن يصوم فإن صام اكتشف من قبل أهله. فماذا يفعل؟ هل يطعم عن كل يوم مسكينا أم أنه يقضي الأيام فيما بعد إلى أن تهيأ له الظروف المناسبة أم هناك حل آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتبين لنا السائل ماذا يترتب على علم أهله بإسلامه حتى نعلم هل هو في حكم المكره على الفطر أم لا، والأصل أنه يجب عليه أن يصوم ما دام مسلما تنطبق عليه شروط الصوم من العقل والبلوغ والاستطاعة والإقامة، ولا يجوز له أن يفطر لكي لا يعلم أهله بإسلامه، وينبغي للمسلمين أن يساعدوه ويثبتوه ويعينوه على التمسك بدينه والالتزام بشرائعه وأن يوفروا له الدعم المعنوي والمادي بقدر ما يستطيعون
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1429(11/16256)
لم تصم رمضان في زمن تشك أنها فيه كانت قد بلغت
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة تشك في أنها لم تصم شهر رمضان لأنها في وقتها لم تكن تدري بأنها بالغة أو شكت ماذا تصنع؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن القواعد المقررة شرعاً أن اليقين لا يزول بالشك، فمن لم يصم في سنة من السنين الماضية، وشك هل كان بالغاً وقتها أم لا؟ وكانت سنه دون الخمسة عشر عاماً، فإن الأصل أنه لم يبلغ ولا يطالب بصيام تلك السنة، ولهذا نظائر كثيرة في أبواب الفقه، فقد نص العلماء على أن: المسلم إذا نبتت عانته وشك في بلوغه لا يحكم ببلوغه.. ولا يثبت له شيء من أحكام البالغين.. كما في تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي الشافعي، وجاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: ولا يحكم ببلوغه -أي ابن عشر فأكثر- إن شك فيه- أي في بلوغه لأن الحكم بالبلوغ يستدعي يقيناً ترتب الأحكام عليه من التكاليف ووجوب الغرامات فلا يحكم به مع الشك ... انتهى.
وأما إن كان مستيقناً ببلوغه في تلك السنة وشك في صيامه، وكان من عادته التهاون بصيام رمضان فالذي نراه أنه يجب عليه القضاء لأن الأصل أنه لم يصم ولم تبرأ ذمته، وقرينة كونه متهاوناً ترجح كفة هذا الأصل، فيجب عليه القضاء، وإن لم يكن من عادته التهاون بصيام رمضان لم يلزمه القضاء لأنه يبعد أن لا يصوم المسلم المحافظ شهراً كاملاً من غير عذر ثم يشك بعد ذلك هل صامه أو لا، والشك في مثل هذه الحال ضرب من الوسوسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1429(11/16257)
العلة من تحريم صوم يومي الفطر والأضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يحرم صيام عيد الفطر وعيد الأضحى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم صيام العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيامهما لما في الصحيحين عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن صوم يومين: يوم الفطر ويوم النحر. انتهى.
والمسلم مطالب بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم وعدم مخالفة أمره على كل حال، سواء علم الحكمة من النهي أو لم يعلم. قال الله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور: 63}
والعلة في وجوب فطرهما وتحريم صيامهما على ما ذكره العلماء بالنسبة لعيد الفطر هي الفصل في الصوم، وإظهار تمام شهر رمضان وبيان حده بفطر ما بعده. وأما عيد الأضحى فلأجل النسك المتقرب بذبحه ليؤكل منه ولو شرع صومه لم يكن لمشروعية الذبح فيه معنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(11/16258)
أحوال من صام مع أهل بلد وأفطر مع أهل بلد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تم رد شبكتكم الموقرة بالأمس على سؤالي برقم 2140703 بتاريخ 11/4/2007، ولكنه رد على سؤال غير مماثل لسؤالي، حيث لم يتم الرد علي الجزء الخاص بصلاة العيد، وسوف أكرر سؤالي مرة أخرى: حضرت بداية رمضان في مصر وذهبت للعمرة في السعودية العشر الأواخر ونزلت على مصر فكان يوم 30 رمضان، فإذا صمته سيكون 31 بالنسبة لي وإذا فطرت فما حكم صلاة العيد بالنسبة لي هل أصليها مع مصر أم أصليها لوحدي يوم 30 وكيفية صلاتها وحدي، فأفيدوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت أخي الكريم أنك كنت في بداية رمضان في مصر ثم سافرت للعمرة ثم عدت إلى مصر وعليه فإنك تكون في بداية الشهر وفي نهايته في مصر، فكيف يكون الشهر بالنسبة لك واحدا وثلاثين يوماً وبالنسبة لأهل مصر ثلاثين؟ إلا إذا كنت قد صمت مع السعودية وهي متقدمة على مصر بيوم، فإن العلماء قد اختلفوا فيمن هذه حاله، فقيل يفطر بالنية ولا يظهر إفطاره أمام الناس، وقيل لا يفطر إلا مع الناس في اليوم الذي يفطر فيه الجميع، وهذا قول الجمهور، ورجح هذا القول شيخ الإسلام، واحتج له بحديث الترمذي: صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون.
وعليه فلا تصل العيد في هذا اليوم لأنه يوم الثلاثين من رمضان بالنسبة لأهل البلد، وأما صلاة العيد لمن صلاها وحده فهي نفس الصلاة مع الجماعة فيكبر في الأولى سبعاً بغير تكبيرة الإحرام وفي الثانية خمساً بغير تكبيرة القيام من الجلوس إلا أنه لا خطبة فيها، ولو كان شخص في بداية الشهر في بلد ونهايته في بلد آخر فإن العلماء يقولون: حكم الشخص هو حكم البلد الذي هو فيه عند دخول الشهر وعند خروجه، فلو دخل شهر رمضان في السعودية مثلاً ولم يدخل في مصر وكان الشخص في السعودية ثم سافر في رمضان إلى مصر فإنه يتم صومه معهم ولا يفطر حتى يفطروا، فلو صاموا ثلاثين فإن عليه أن يصوم معهم ولا يفطر لوحده ويكون صومه واحداً وثلاثين يوماً لأنه سبقهم بيوم.
ولو حصل العكس بأن سافر من مصر إلى السعودية وصاموا في السعودية تسعة وعشرين يوماً وأفطروا فإنه يفطر معهم ويكون صومه ثمانية وعشرين يوماً لأنهم قد سبقوه بيوم ثم يقضى بعد ذلك يوماً، وهذا هو الأصح من أقوال أهل العلم رحمهم الله تعالى، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتاب المجموع: لو شرع في الصوم ببلد ثم سافر إلى بلد بعيد لم يروا فيه الهلال حين رآه أهل البلد الأول، فاستكمل ثلاثين من حين صام، فإن قلنا لكل بلد حكم نفسه فوجهان:
أصحهما: يلزمه الصوم معهم لأنه صار منهم.
والثاني: يفطر لأنه التزم حكم الأول.... إلى أن قال: ولو سافر في بلد لم يروا فيه إلى بلد رئي فيه فعيدوا اليوم التاسع والعشرين من صومه، فإن عممنا الحكم أو قلنا له حكم البلد الثاني عيد معهم ولزمه قضاء يوم وإن لم نعمم الحكم وقلنا له حكم البلد الأول لزمه الصوم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(11/16259)
صيام من كان في مكان يستمر فيه النهار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من صام في البحر، علماً أن هذه المنطقة لا يوجد فيها الليل وكيف هي مواقيت الصلاة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مسافراً مسافة قصر سواء كان في البر أو في البحر وكان ذلك في رمضان فلا يجب عليه الصيام حتى يرجع إلى المكان الذي سافر منه أو ينوي الإقامة في مكان آخر مدة أربعة أيام فأكثر، فعند ذلك يجب عليه إتمام الصلاة، ويجب عليه الصيام، فإن كان في مكان يستمر فيه النهار فليعتمد على بداية الشهر ونهايته وتحديد أوقات الإمساك والإفطار ودخول وقت الصلاة على توقيت أقرب بلد يتمايز فيه الليل والنهار، وهذا أمر ميسر في هذا الزمان حيث كثرت وسائل الاتصال على نطاق واسع، وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 13229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(11/16260)
حكم تأخير المشتغل بالإفطار سنة المغرب والذكر بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أكون صائمة وآكل قليلا ثم أذهب للصلاة ولا أقول أذكار الصلاة ولا أصلي ركعتي السنة إلا بعد الأكل هل أنا آثمة أرجوكم أرشدوني إلى سنة حبيبنا صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للأذكار المأثورة بعد الفريضة، فمن السنة اتصالها بالصلاة لما ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم في الفتوى رقم: 47896، أما سنة المغرب فلا بأس بتأخيرها لثبوت ذلك عن بعض السلف من الصحابة وغيرهم ففي المصنف لابن أبي شيبة:
1 ـ عن ميمون بن مهران قال: صلى حذيفة المغرب في جماعة فلما سلم الإمام قام رجل إلى جنبه فأراد أن يصلي الركعتين فجذبه حذيفة قال: اجلس، لا عليك أن تؤخر هاتين الركعتين انتظر قليلا.
2ـ عن ميمون قال: كانوا يحبون تأخير الركعتين بعد المغرب (حتى) تشتبك النجوم.
3ـ عن ابن عون قال: كان رجاء بن حيوة إذا صلى المغرب لم يصل بعدها شيئا حتى يغيب الشفق. انتهى.
وعلى كل فإن تلك الأذكار والركعتين من السنن التي يثاب فاعلها ولا يأثم تاركها، فضلا عمن أخرها عن وقتها الأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1427(11/16261)
صيام يوم الشك وهل له كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[صمت يوم الشك بالنسبة للأردن الذي كان أول يوم للصيام في بعض الدول الأخرى ثم تبين وجود خطأ في رؤية الهلال وصيام تلك الدول هل من كفارة لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان على الأخت السائلة أن تصوم وتفطر حسب رؤية البلد الي تقيم فيه، فإن ثبت الشهر هناك صامت وإلا أكملت شعبان كحال أهل بلدها، لأن الراجح من أقوال أهل العلم اعتبار اختلاف المطالع في رؤية الهلال، فرؤية الهلال في بلد لا تلزم أهل بلد آخر يختلف مطلعه عنه، كما بيناه في الفتوى رقم: 6636.
وإذا كانت قد صامت حسب رؤية البلاد المذكورة اعتباراً بالقول القائل بعدم اعتبار اختلاف المطالع فلا مانع حينئذ، ولكن تخفي ذلك تفادياً للخلاف، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 77899.
فإن لم تكن صامت اعتباراً بثبوت الشهر في تلك البلاد ولم تفطر معهم، وإنما صامت اليوم الأخير من شعبان بالنسبة لبلدها احتياطاً أن يكون من رمضان، فلا يخلو هذا اليوم من أن يكون يوم الشك بالنسبة لبلدها أو يكون غير يوم شك، وكلاهما قد ورد النهي عن صيامه فيوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا غيمت السماء تلك الليلة ولم ير الهلال على قول لأهل العلم، وقيل هو يوم الثلاثين إذا كانت تحدث برؤية الهلال في ليلته من لا تقبل شهادته، وصيامه مختلف في مشروعيته بين أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 43100.
وأكثر العلماء على أن صومه غير مشروع إذا صامه الشخص معتقداً أنه قد يكون من رمضان، والأصل في النهي عنه ما رواه البخاري وأبو داود والنسائي والترمذي عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه قال: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
وعليه فإذا كان صيامها لهذا اليوم احتياطاً أن يكون من رمضان فقد فعلت أمراً مكروهاً، وإن كان تطوعاً أو قضاء أو سرداً للصوم أو صادف نذراً فلا بأس بذلك. وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 54724.
قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي ناقلاً عن الخطيب البغدادي: أجمع علماء السلف على أن صوم يوم الشك ليس بواجب، وهو إذا كانت السماء مغيمة في آخر اليوم التاسع والعشرين من شعبان، ولم يشهد عدل برؤية الهلال، فيوم الثلاثين يوم الشك، فكره جمهور العلماء صيامه إلا أن يكون له عادة بصوم فيصومه عن عادته، أو كان يسرد الصوم فيأتي ذلك في صيامه فيصومه. انتهى.
وإن كان هذا اليوم ليس يوم الشك وإنما هو آخر يوم من شعبان بالنسبة لذلك البلد وما جاوره فلا ينبغي صيامه أيضاً لثبوت النهي عن تقدم رمضان بصيام يوم أو يومين إلا في حق من كان يسرد الصوم أو يصوم يوم الخميس أو الإثنين أو يقضي أو يصوم نذراً، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 13550، ومع هذا فليس على الأخت السائلة كفارة بسبب صيام هذا اليوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(11/16262)
السنة التي فرض فيها الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[في أي سنة فرض الصيام وفي أي شهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فرض صيام شهر رمضان في شعبان من السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة بالمدينة المنورة.
وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 26702، 40187.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1427(11/16263)
متى وأين فرض الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[متى وأين فرض الصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فرض صيام رمضان في شهر شعبان في السنة الثانية من الهجرة في المدينة المنورة فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1425(11/16264)
الوصول إلى التقوى هو هدف الصوم الأسمى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يذكر أحد الدعاة المشهورين على أحد الفضائيات أنه اتخذ شعاراً لرمضان هذا العام هو (أنا مش شايف غيرك يارب في الكون) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا نعرف ماذا يُقصد من هذا الشعار، ولكننا نقول: إن الواجب على كل مسلم السعي الحثيث لتحقيق الغاية من مشروعية الصوم، وهو تحصيل التقوى، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {البقرة: 183} .
فالوصول إلى التقوى هو الغاية العظمى والهدف الأسمى، ولابد من تحقيق هذه الغاية بالوسائل المشروعة من الالتزام بآداب الصوم، وتجنب كل ما يعرضه للفساد، والإكثار من العمل الصالح، فإن كان هذا الشعار يرتبط به العمل والتطبيق فحسن.
أما إن كان فارغاً عن العمل، فينبغي تركه، لأنه بذلك يصرف النفس عن حقيقة العمل، وعمقه إلى التمسك بعناوين مجردة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/16265)
صيام يوم الشك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم صيام يوم الشك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 43100 أن صيام يوم الشك مختلف في مشروعيته بين العلماء، فالرجاء الاطلاع عليها، ونضيف هنا ما ذكره النووي في المجموع قال: قال الخطيب: أجمع علماء السلف على أن صوم يوم الشك ليس بواجب إلى أن قال: فكره جمهور العلماء صيامه إلا أن يكون له عادة بصوم فيصومه عن عادته أو كان يسرد الصوم فيأتي ذلك في صيامه فيصومه. انتهى
وكذلك يجوز صومه لقضاء يوم كان يطلب عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1425(11/16266)
حكم استئذان الزوج في الصيام الواجب
[السُّؤَالُ]
ـ[يافضيلة الشيخ، علمت أنه يجب على المرأة استئذان زوجها عند صيام التطوع،
سؤالي هو: هل له الحق أن يعرف نوع الصيام، إن كان صيام تطوع أو صيام نذر؟ وما هو سبب النذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا خلاف بين العلماء في أن المرأة ليس لها أن تصوم صوم التطوع إذا لم يأذن لها زوجها الحاضر بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه. فإن صامت تطوعا بغير إذنه فإن له أن يقطع عليها صومها بالجماع دون الأكل والشرب.
وأما إن كان صيامها فرضا مثل قضاء رمضان وقد ضاق الوقت على التأخير فلا حق للزوج في الاستئذان، وليس له منعها من الصيام الواجب في حال ضيق الوقت عليه لئلا يفوت عليها. قال الحافظ في الفتح: قوله إلا بإذنه في غير صيام أيام رمضان وكذا في غيره من الواجب إذا تضايق الوقت.انتهى.
وألحق العلماء بصوم التطوع كل ما أوجبته على نفسها من نذر أو كفارة أو غيرهما. قال صاحب مواهب الجليل عند قول خليل بن إسحاق المالكي: وليس لامرأة يحتاج لها زوج تطوع بلا إذن، وقال ظاهر كلامه أن غير التطوع لا تحتاج فيه إلى استئذان وليس كذلك بل كل ما أوجبته على نفسها من نذر أو كفارة يمين أو فدية أو جزاء صيد في الإحرام أو في الحرم فحكمه حكم التطوع بخلاف قضاء رمضان.
وينبغي أن يقيد هذا بالنذر غير المعين بوقت أما النذرالمعين بوقت وخشي فواته فلا يحق له منعها منه ما لم يتضرر بذلك كأن يطول الزمن المنذور صومه، وعلى كل حال فللرجل الحق في معرفة نوع الصيام الذي تصومه زوجته وسببه لما يترتب على معرفة نوع صيامها وسببه من جواز قطعه له وعدم جواز ذلك، كما أنه يندب له ألا يحول بينها وبين ما تريد من صوم لا يضر به لأن ذلك من التعاون على البر وقد قال الله تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(11/16267)
الهدف الأساسي لفريضة الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأهداف من وراء فرض الصوم على المسلمين، وهل هناك هدف معين لكي يتسنى لي بحثه بشكل موسع في بحثي في اللقب ماجستير، ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التقوى هي الهدف الأساسي الذي فرض الله عز وجل من أجله الصيام على العباد، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة:183)
فيمكنك أن تجعل موضوع "التقوى" هو موضوع بحثك في الماجستير، وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
كما أن فوائد الصيام كثيرة، وقد سبق لنا أن أصدرنا بعض الفتاوى في بيان الحكمة من الصيام، ومنها الفتوى رقم: 11875 والفتوى رقم: 12929 والفتوى رقم: 26396 والفتوى رقم: 28791
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/16268)
لم تصم رمضانات عديدة جهلا بوجوبه عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أمي كانت من البدو ترعى الغنم ولم تكن تعرف أن الصيام واجب عليها ولم يكن ينصحها أحد ويأمرها بالصيام، ولم يكن هناك أحد يوقظها للسحور، فكانت تصوم جزءا من اليوم ثم يدركها التعب والعطش فتفطر، وظلت على هذا الحال سنين طويلة، فما الذي يلزمها الآن؟
جزاكم الله كل خير على جهودكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على المسلم تعلم ما يهمه من الأحكام الشرعية، ويجب على ولي أمره من والد وزوج أن يعلمه عملا بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم: 6] .
فقد ذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية: أن عليا رضي الله عنه قال: في معناها: أدبوهم وعلموهم، وذكر كذلك عن الضحاك ومقاتل أنهما قالا: حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه.
ويتعين على أهل القرى والبوادي أن يحرصوا على وجود من يعلمهم وينصحهم، فقد نص الفقهاء على منع السكن ببلد لا يوجد فيه عالم يفتي في الأحكام.
ومن أهم ما يعين على ذلك أن يبعثوا أبناءهم ليدرسوا العلم الشرعي ويرجعوا إليهم فقهاء مبشرين ومنذرين، قال الله تعالى: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة: 122] .
وتنبغي الاستفادة كذلك من الأشرطة والبرامج الإذاعية والكتيبات التي تهتم بأساسيات الدين ومهمات الأحكام.
وأما حكم هذه الوالدة بالخصوص، فإن كان إفطارها بسبب المشقة الفادحة، فقد سبق جواز ذلك في الفتوى رقم: 32235، ويجب عليها قضاء ما أفطرته، وإن كانت أفطرت لمجرد تعب وعطش عادي، فإنها تأثم بسبب الإفطار لغير عذر معتبر، ويلزمها القضاء والتوبة النصوح.
وإن أخرت القضاء حتى جاء رمضان آخر بعد علمها بوجوب القضاء، ولم يكن لها عذر في التأخر بسبب حمل أو مرض، فإنه تلزمها مع القضاء كفارة عن كل يوم بإطعام مسكين.
وليرجع للزيادة في الموضوع إلى الفتاوى التالية أرقامها: 10865، 14952، 19067، 26899، 16193، 14502، 35393، 19084، 19829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(11/16269)
غلبة العطش من الأعذار المبيحة للفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. أنا أفطرت يوما من رمضان، وكنت حاملا في الشهر السابع، والسبب أنني أصبت بعطش شديد بعد رجوعي إلى المنزل (علما بأن هذا الشهر من رمضان جاء في فصل الصيف) . وبعد أن شربت الماء أكلت على أساس أنني قد فطرت. حيث إنني بنيت إفطاري هذا على أساس الفتوى القائلة إنه يجوز للحامل الإفطار. فما هو الحكم في ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كان سبب الفطر ما ذكرت من شدة العطش، فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى في ما فعلت، لأن العطش الشديد موجب للفطر كالمرض، قال صاحب "بدائع الصنائع" وهو حنفي: الأعذار المسقطة للإثم هي المرض والسفر والإكراه والحبل والرضاع والجوع والعطش وكبر السن، لكن بعضها مرخص، وبعضها مبيح مطلق لا موجب. اهـ. وقال صاحب "الكفاف" الشنقيطي المالكي: وجاز الإفطار بما زاد على ما اعتيد من جوع وشيطان الفلا وشيطان الفلا هو العطش. وفي حاشيتي قليوبي وعميرة وهما من علماء الشافعية: ومثل المرض غلبة جوع وعطش. ويشهد لما قدمنا قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78] . والصبر على العطش الشديد الزائد على طور المعتاد فيه حرج واضح. وراجع الجواب: 17190، والجواب: 2261. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(11/16270)
المفطر لعذر ليس له أن يكره زوجته الصائمة على الجماع
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرت في يوم من أيام رمضان برخصة السفر وعند وصولي للبيت في نهار ذلك اليوم تحايلت على زوجتي، وبالمخادعة جامعتها. فما هو المترتب على كل منا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت قد أكرهتها على الجماع وهي صائمة، فقد اقترفت إثما عظيما، وحوبا كبيرا، فعليك أن تتوب إلى الله ولا تعد لذلك مرة أخرى، وعليك قضاء هذا اليوم الذي أفطرته لأجل السفر، أما الزوجة فلا إثم عليها، وصومها صحيح، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه، وراجع الفتوى رقم: 19087.
وإن كانت قد طاوعتك، فقد ارتكبت ذنبا كبيرا، وتجب عليها التوبة إلى الله مع قضاء هذا اليوم، وفي وجوب الكفارة عليها خلاف، ومذهب جمهور العلماء وجوب الكفارة، ولمعرفة ما هي الكفارة، راجع الفتوى رقم: 1104.
وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 6674، 1113، 12069.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/16271)
السر في وقوع المعاصي في رمضان مع تصفيد الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[في رمضان تصفد الشياطين ومع ذلك ترتكب الكثير من المعاصي هل يعني أن الإنسان هو أيضا مصدر شر من غير وسوسة الشيطان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وقوع المعصية من بني آدم قد يرجع لأسباب عديدة، منها الشيطان والهوى والنفس الأمارة بالسوء، فعلى القول بتصفيد عموم الشياطين في رمضان، فإن المعصية قد تقع بسبب تسويل النفس لصاحبها، قال السندي في حاشيته على سنن النسائي عند قوله صلى الله عليه وسلم: وصفدت الشياطين: ولا ينافيه وقوع المعاصي، إذ يكفي وجود المعاصي شرارة النفس وخبائثها، ولا يلزم أن تكون كل معصية بواسطة شيطان، وإلا لكان لكل شيطان شيطان ويتسلسل، وأيضاً معلوم أنه ما سبق إبليس شيطان آخر، فمعصيته ما كانت إلا من قبل نفسه، والله تعالى أعلم. انتهى.
وهناك توجيهات أخرى للحديث ذكرها الباجي في شرح الموطأ، حيث يقول: قوله وصفدت الشياطين يحتمل أن يريد به أنها تصفد حقيقة، فتمتنع من بعض الأفعال التي لا تطيقها إلا مع الانطلاق، وليس في ذلك دليل على امتناع تصرفها جملة، لأن المصفد هو المغلول العنق إلى اليد يتصرف بالكلام والرأي وكثير من السعي، ويحتمل أن هذا الشهر لبركته وثواب الأعمال فيه وغفران الذنوب تكون الشياطين فيه كالمصفدة، لأن سعيها لا يؤثر، وإغواءها لا يضر ... ويحتمل أن يريد صنفاً من الشياطين يمنعون التصرف جملة، والله أعلم وأحكم. انتهى.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الذين يصفدون من الشياطين مردتهم، فعلى هذا فقد تقع المعصية بوسوسة من لم يصفد من الشياطين.
وتراجع الفتوى رقم:
34105 لمزيد الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/16272)
يشرع الفطر لمن سافر سفرا مباحا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت سافرت من مدينتي إلى مدينة أخرى في رمضان قبل الزوال، علما بأن المدينة تبعد حوالي 300 كيلو متر عن طريق مدينة بالقرب من مدينتي وكان بعد الزوال بدقائق، هل يجب علي القضاء؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننبه السائل إلى أن سؤاله غير واضح، وعلى كل حال فمن سافر سفراً مباحاً مسافته تبلغ ثمانين كيلو متراً فأكثر جاز له الإفطار ويجب عليه قضاء ما أفطر، لقول الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(11/16273)
يجب القضاء على من صام أقل من تسعة وعشرين يوما
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سمعنا أنه يجب علينا قضاء يوم في رمضان، هل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنتم قد صمتم في بلدكم رمضان في بلاد تتفقون أنتم وأهلها في مطلع واحد وكان ما صمتم بناء على رؤيتكم أو رؤية غيركم من المسلمين تسعة وعشرين يوما أو ثلاثين يوما، فلا يجب عليكم قضاء شيء من رمضان، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون. رواه الترمذي وصححه الألباني، قال الترمذي: وفسر بعض أهل العلم الحديث فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس.
وقال الخطابي في معنى الحديث: إن الخطأ مرفوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قوما اجتهدوا فلم يروا الهلال إلا بعد ثلاثين فلم يفطروا حتى استوفوا العدد، ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعا وعشرين، فإن صومهم وفطرهم ماضٍ لا شيء عليهم من وزر أو عيب، وكذلك هذا في الحج إذا أخطأوا يوم عرفة، فإنه ليس عليهم إعادته.
وإذا كنتم قد صمتم أقل من تسعة وعشرين يوما، فيجب عليكم قضاء ما يكمل به رمضان تسعة وعشرين يوما، لأن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين يوما كما هو معلوم.
وراجع للأهمية الفتوى رقم: 6375، والفتوى رقم: 2536.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(11/16274)
حكم تقديم المفطرات لغير المسلم في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توجد عندنا جارة مسيحية، وتأتي لزيارتنا أحيانا وتزورنا أيضا في رمضان، سؤالي هو: هل يجوز لنا أن نقدم لها الضيافة مثل الشاي أو قهوة؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في الإحسان إلى الكفار المسالمين، ويتأكد ذلك إذا كانوا جيرانا، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 23823.
وبهذا تعلم أخي مشروعية ضيافة هذه الجارة المسيحية، لكن عليك أن تعلم أنه لا يجوز لك الجلوس معها ولا تقديم القهوة لها، وإنما تتولى ذلك زوجتك أو أختك أو نحوهما من محارمك، وذلك لأن هذه المرأة أجنبية عنك، ولأنها في الغالب ربما تكون غير محجبة.
أما تقديم الشاي أو غيره من المفطرات في نهار رمضان فإنه لا يجوز، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 37319.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(11/16275)
العبرة في الصيام والإفطار بالبلد الذي يوجد الصائم فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في بلد وصمت يوم الأحد وأتيت للسعودية ووجدتهم قد صاموا يوم الإثنين, فمن أتبع في رؤية هلال العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعبرة بالبلد الذي فيه الشخص، فمتى ثبت عندهم رمضان بصيامهم، أو شوال أفطر بفطرهم، وتراجع الفتوى رفم: 12036.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/16276)
أول العشر الأواخر من رمضان الليلة الحادية والعشرون
[السُّؤَالُ]
ـ[متى تكون بداية العشر الأواخر، من ليلة العشرين من رمضان أو بعد ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتبدأ العشر الأواخر من رمضان بغروب شمس يوم العشرين منه، وهذا بين واضح ولله الحمد، فليلة العشرين لا تعد من العشر الأواخر، بل هي خاتمة ليالي العشرين الماضية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/16277)
يصوم ويفطر تبعا للبلد الذي سيسافر إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصرية مقيمة في قطر، والسؤال هو: هل يجب علي قضاء صوم يوم الأحد 26 أكتوبر والمفترض صيامه حسب رؤيه هلال رمضان فى مصر مع العلم بأنني سوف أسافر لقضاء آخر أيام الشهر الفضيل هناك فى مصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب عليك قضاء يوم الأحد لأنك كنت مقيمة في قطر ولم يثبت الشهر فيها ذلك اليوم، وإذا انتقلت إلى مصر فحكمك في الإفطار والصيام حكمهم، فتصومين بصيامهم وتفطرين بفطرهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون. رواه الترمذي، ثم قال: وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر.. مع الجماعة..
فإذا ثبت الشهر في مصر بعد تسعة وعشرين يوماً فعليك قضاء يوم لأنك صمت ثمانية وعشرين يوماً، والشهر لا يقل عن تسعة وعشرين، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 11673.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/16278)
ليس من البر أن تصوم إذا كان في السفر مشقة عليك
[السُّؤَالُ]
ـ[مسافرلأداء العمرة في هذا الشهر الكريم أريد أن أصوم أثناء السفر من اليمن هل يجوز لي الصيام جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لك الصوم في سفرك إذا لم تكن في ذلك مشقة عليك، ودليل ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله أجد مني قوة على الصوم في السفر، فهل علي جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي رخصة من الله تعالى فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه.
وأما إذا كان يشق عليك الصوم في السفر فإنه يتأكد في حقك الإفطار، لما رواه الشيخان عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى رجلاً قد اجتمع الناس عليه، وقد ظُلل عليه فقال ماله؟ قالوا: رجل صائم، فقال صلى الله عليه وسلم: ليس من البر الصوم في السفر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(11/16279)
صيام المسافر يتبع البلد الذي نزل به
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب بالأردن، وقد صمت رمضان قبل الكويت بيوم، وأريد أن أقضي آخر ثلاثة أيام من رمضان بالكويت والعيد، وقد يكون رمضان بالكويت ثلاثين يوما فأكون قد صمت واحد وثلاثين يوماً، لأن الأردن سبقت الكويت بيوم، فهل أكمل رمضان مع الكويت أو أفطر في اليوم الواحد والثلاثين أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحكمك حكم البلد الذي ستسافر إليه، فإن صاموا ثلاثين فصم معهم، وإن أفطروا فأفطر معهم، قال الإمام النووي في المجموع: فرع: لو شرع في الصوم ببلد ثم سافر إلى بلد بعيد لم يروا فيه الهلال حين رآه أهل البلد الأول، فاستكمل ثلاثين من حين صام، فإن قلنا لكل بلد حكم نفسه فوجهان، أصحهما يلزمه الصوم معهم، لأنه صار منهم. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 12036.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/16280)
فرض صوم رمضان في المدينة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.. جميعا ...
أرجو من الإخوة الأفاضل الإجابة على الأسئلة التالية:
السؤال الأول: كم رمضان صام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وفاته؟
السؤال الثاني: متى فرض الصوم وأين في مكة أم المدينة؟
السؤال الثالث: من هي أخت الرسول صلى الله عليه وسلم من الرضاعة؟ شاكرا لكم حسنا تعاونكم معي ...
أنا بانتظار الرد..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد أن فرض رمضان تسع سنوات، وذلك لأن صوم رمضان قد فرض في السنة الثانية من الهجرة، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة.
وبخصوص المكان الذي فرض فيه الصوم فهو المدينة، إذ لم يفرض في مكة من العبادات إلا الصلاة، وأما أخت النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فهي الشيماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/16281)
حكم صوم التطوع إذا نوى الفطر ثم عاد فنوى الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص نوى أن يفطر وهو صائم في أحد الأيام من غير شهر رمضان، إلا أنه لم يتناول مفطراً وظل على صيامه بقية النهار، فما حكمه؟
1- بما أنه لم يتناول مفطرا ولم ينفذ ما نوى، فصيامه صحيح.
2- يكون صيامه صحيحا إذا زكي تردده ذاك بالفدية، وهي إطعام مسكين.
3- لا يصح صيامه لأنه نقض النية: التي هي ركن من أركان الصيام، أي الإجابات صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في حكم من نوى الإفطار وهو صائم، وقد ذكرنا ذلك الحكم في الفتوى رقم: 26167.
وذلك الحكم يستوي فيه الصوم في رمضان وفي غيره، وما إذا كان الصوم واجباً وما إذا كان تطوعاً، لكن إذا كان الصيام تطوعاً ونوى الصيام من جديد، فإنه يصح صومه على القول بعدم اشتراط تبييت النية في صوم التطوع، والمسألة فيها خلاف بين أهل العلم مبسوط في مواضعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(11/16282)
حكم التقيد بإمساكية رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء إفادتي حول استعمال إمساكية رمضان التي تحدد وقت الإمساك، وهل صحيح أن الإمساك يكون عند قول المؤذن (الصلاة حضرت) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الإمساكية منضبطة بالوقت الشرعي، وهو من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، فيجب التقيد بها، وإذا لم تكن كذلك فلا تتقيد بها، وراجع الفتوى رقم: 12007.
وكذا الأذان إذا كان في الوقت، فإنه يلزم التقيد به عند سماع أوله، لا عند قول المؤذن "الصلاة خير من النوم"، وقول السائل: عند قول المؤذن "الصلاة حضرت" لعله سهو، فإن المؤذن لا يقول ذلك في أي أذان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1424(11/16283)
المفطر في رمضان لعذر لا يحرم أجر طاعاته الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لم أتمكن من الصيام بسبب حملي، السؤال هو: بأدائي للفرائض الأخرى وقراءة القرآن وصلاتي للتراويح هل أحصل على الثواب المضاعف الذي وعدنا به نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أم لا لأنني لم أصم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت معذورة في ترك الصيام بسبب الحمل، ولكن تقومين بتلاوة القرآن وصلاة التراويح وما تقدرين عليه من الأعمال الصالحة، فنرجو الله تبارك وتعالى أن يضاعف لك أجر وثواب ما تقومين به في هذا الشهر الكريم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(11/16284)
لا حرج في إعلان الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصوم علنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج في إعلان الصوم لإظهاره إن لم يكن في إظهاره مراءاة أو تسميع، ويدل له إعلام النبي صلى الله عليه وسلم بصيامه كما في قوله لأم المؤمنين عائشة لما قالت له أهدي لنا حيس، قال: أرينيه فلقد أصبحت صائماً. رواه مسلم.
فدل على أن إعلان الصيام لا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(11/16285)
شهر شعبان كغيره تسعة وعشرين أو ثلاثين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي لمن صام قبل المسلمين بيوم مدعيا أن شهر شعبان لا يتجاوز تسعة وعشرين يوماً، وهذا الشيء منتشر وواقع بين بعض الناس في نجران؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قدمنا حكم تقدم رمضان بصيام يوم أو يومين على سبيل الاحتياط أنه من رمضان في الفتوى رقم: 13550.
أما ادعاء أن شهر شعبان لا يزيد على تسعة وعشرين يوماً فهذه دعوى باطلة بنص الأحاديث الصحيحة، ومنها ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الشهر تسعة وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1424(11/16286)
استعمال حبوب منع الحمل لمنع الحيض لأجل صيام رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة ولدي طفلان أستخدم وسيلة اللولب لمنع الحمل، ولكن يحدث لي شيء من الاضطراب في دورتي الشهرية وأصبحت بالنسبة لي دورة كل أسبوعين، ما حكم استخدامي لحبوب منع الحمل خلال هذه الفترة لكي أضمن صيام شهر رمضان، وإن لم يكن بالكامل ثلاثة أرباعة؟؟ ما حكم الدين في استخدامي لها؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننبهك وفقك الله إلى أن تركيب اللولب محرم شرعاً، ما لم تكن هناك ضرورة ملجئة أو حاجة شديدة، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 4219، وارجعي للفائدة للفتوى رقم: 17660.
وأما بالنسبة لاستعمال حبوب منع الحمل لمنع الحيض، فقد تقدم الكلام عليه في الفتوى رقم: 2200.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(11/16287)
سنن الصيام ومكروهاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن المكروهات والبدع والمستحبات في الصيام الواجب والصيام التطوع، وهل الكحل فيه شيء من البدع في الصيام أو غيرالصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا فتوى في بيان مكروهات الصيام، فنحيل السائل إليها، وهي برقم: 27748.
وأما المستحبات أو السنن، فإنه يُسَنّ تأخير السحور إن لم يخش طلوع الفجر، وتعجيل الفطر عند تحقق الغروب.
لقوله صلى الله عليه وسلم: عجلوا الإفطار وأخروا السحور. رواه الطبراني عن أم حكيم.
ويسن أيضا لمن شُتِم أن يقول: "إني صائم"، لقوله صلى الله عليه وسلم في الصائم: فإن امرؤ شاتمه أو قاتله، فليقل إني صائم إني صائم. رواه مسلم عن أبي هريرة
ويسن أيضا أن يكون فطره على رطب، فإن لم يجد، فعلى تمر، فإن لم يجد، حسا حسوات من ماء، وذلك لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء.
ويسن أن يقول ما ورد عند الإفطار، ومنه: "اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت، ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله. رواه أبو داود والدارقطني وغيرهما.
وأما الكحل للصائم، فقد سبق حكمه في الفتوى رقم: 12391، فنحيل السائل إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1424(11/16288)
لامس الخادمة في رمضان منذ عامين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبدأ حديثي بأني طالب عمري 18 عاماً لا أنسى أني قد ارتكبت معصية تغضب الله منذ ما يقرب العامين، وذلك أني قد لمست إحدى من يساعدن والدتي فى المنزل وهي بنت عمرها 18 عاما وذلك فى شهر رمضان بعد عودتي من المدرسة، وأفطرت هذا اليوم وإني والله لنادم على ما فعلته ولكني لا أقدر على إطعام 60 مسكينا نظرا لحالتي المادية فأنا كما ذكرت طالب فماذا أفعل وشكراً لكم ولموقعكم المتميز........؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت قد أفطرت بارتكاب فاحشة الزنا، فعليك قضاء هذا اليوم مع إطعام مسكين مداً من طعام، بسبب تأخير قضاء هذا اليوم حتى حضر رمضان آخر، وراجع الفتوى رقم: 28072.
ويلزمك مع ذلك صيام شهرين متتابعين، فإن عجزت عن الصيام أطعمت ستين مسكيناً، وراجع التوى رقم: 29594.
فإن عجزت عن الإطعام بسبب الفقر، فهل تسقط الكفارة بالإعسار أو تبقى في ذمتك؟
فيه خلاف بين أهل العلم، والراجح أنها تبقى في ذمتك إلى أن تستطيع أداءها، وراجع الفتوى رقم: 34862.
وإن كنت قد أفطرت بالاستمناء أو نزول المني بسبب المباشرة المحرمة - لا بسبب الجماع - فعليك القضاء فقط، وإن كنت إنما لامست بشرة البنت فقط دون أن يحصل إمناء ولا إمذاء، فإن الصوم لا يبطل بذلك.
ويلزمك مع كل ما تقدم أن تتوب إلى الله، وتكثر من الاستغفار، وراجع الفتوى رقم: 17680، والفتوى رقم: 18861، والفتوى رقم: 28748.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1424(11/16289)
تتأكد حرمة العادة السرية وتشتد في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من عمل العادة السرية في نهار رمضان ظناً منه أنها غير مفطرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعادة السرية محرمة شرعاً، وقد سبق بيان حكمها في الفتوى رقم: 7170.
وإن الطباع السليمة تنفر منها، والفطر المستقيمة تأبى الإقبال عليها، ويكفي في بيان قبحها أن فاعلها لا يرضى الجهر بها أمام الناس، والمرء إذا أبى أن يظهر شيئاً كان ذلك دليلاً على قبحه، ولذلك سميت سرية هذا فضلاً عن ضررها بالبدن والنفس، فإذا كانت هذه العادة محرمة على الدوام، فحرمتها تتأكد وتشتد في شهر رمضان، حيث إن فاعلها يخرق حرمة الشهر، ويسعى لإفساد الصوم، وهذا من المبارزة لله تعالى بمخالفة شرعه، والتخلي عن أمره.
والظاهر من حال السائل أنه فعل العادة السرية جهلاً منه بأنها مفطرة، مع علمه بأصل حرمتها، والعلم بحرمتها يوجب على فاعلها الإثم والقضاء، وإن كان جاهلاً بما يترتب عليها، هذا إذا كان فاعلها قريب عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة، بحيث يخفى على مثله هذا الحكم، أما إذا كان في مجتمع مسلم، ومرت عليه مدة يستطيع فيها التعلم، فلا فرق في وجوب القضاء ولحوق الإثم بين علمه أو عدم علمه، لأنه مقصر في تعلم ما يجب عليه وما يحرم.
فالواجب إذن على السائل أن يتوب إلى الله تعالى مما فعل لحرمته، كما يجب عليه قضاء الأيام التي مارس فيها العادة السرية، لأن الاستمناء من المفطرات المتفق عليها بين الفقهاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(11/16290)
تناول المفطرات ليلا لا يفسد الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب في ليلة من ليالي رمضان كاد أن يقع في كبيرة الزنى أحاطت به المغريات حاول الابتعاد ولكن النفس الامارة بالسوء حاصرته ولتفادي هذه الجريمة استمني بيده ولم يزن وبعدها ندم على فعلته وتاب ما حكم صيامه؟ علماً بأن ذلك حدث ليلاً هل صيامه صحيح؟ وهو الآن في صراع نفسي.
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاستمناء باليد حرام، ويمكنك أن تتعرف على طرق علاجه، وأقوال العلماء فيه في الفتوى رقم: 23935.
وأما صيامك فهو صحيح إن شاء الله، لأن تناول المفطرات مفسد للصيام في نهار رمضان لا في ليله، لقول الله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [البقرة:187] .
لكن المعصية تعظم حسب الزمان والمكان، كما أن الطاعة تتضاعف كذلك حسب المكان والزمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1424(11/16291)
عدد الرمضانات التي صامها عليه الصلاة والسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[كم مرة صام الرسول صلى الله عليه وسلم شهر رمضان المبارك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصوم فرض في السنة الثانية للهجرة بعد أن توطنت نفوس المسلمين على التوحيد والصلاة، وألفت أوامر القرآن.
قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: وكان فرض في السنة الثانية من الهجرة، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد صام تسع رمضانات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(11/16292)
الأمم التي فرض عليها الصيام قبل هذه الأمة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال: ذكر الصيام في العديد من الآيات القرآنية وقد فرضت بموجب هذه الآيات على الأمم التي سبقتنا كما ورد ذكر صوم زكريا ومريم وغيرهما عليهما السلام فمتى فرض الصيام على الأمم السابقة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وفي زمن أي رسول وما هي الأدلة على ذلك؟
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183] . فدلت الآية على أن الصيام فرض على الأمم السابقة قبلنا أيضاً، ولم يرد في حديث صحيح تحديد أي الأمم فرض عليها الصيام أولاً ولا كيفيته، لكن ذكر بعض المفسرين آثاراً عن بعض السلف منها:
1- ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: هم أهل الكتاب.
2- وعن ابن مسعود وغيره أنه قال: ثلاثة أيام من كل شهر، إلى أن نسخ بالقرآن.
3- وعن الحسن البصري رحمه الله قال: نعم، والله لقد كتب الصيام على كل أمة قد خلت، كما كتبه علينا شهراً كاملاً.
أما صيام زكريا ومريم عليهما السلام فهو صيام عن الكلام، لأن المعنى اللغوي للصيام هو: الامتناع، فقد قال تعالى عن زكريا عليه السلام: (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) [آل عمران:41] .
وعن مريم عليها السلام أنها قالت: (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً) [مريم:26] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1423(11/16293)
حكم التهنئة بقدوم شهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التهنئة بحلول شهر رمضان كقول بعضهم كل عام وأنتم بخير أو رمضان كريم أو مبارك الشهر عليكم وإذا كان تجوز التهنئة فما هي الصيغة الصحيحة الواردة في السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالثابت في السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبشر أصحابه بقدوم شهر رمضان كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح، وعدَّه بعض أهل العلم أصلاً في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بقدوم الشهر، والأمر في ذلك واسع إن شاء الله تعالى وليس هناك لفظ بعينه لهذه التهنئة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1429(11/16294)
الصوم الواجب على المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل واجب على المسلم الصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصيام واجب على المسلم في عدة حالات:
1- صيام شهر رمضان، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {البقرة:183} ، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: بني الإسلام على خمس.... ومنها: وصوم رمضان.
2- قضاء صيام رمضان لمن وجب عليه القضاء.
3- صوم الكفارات والنذور والفدية في الحج لمن وجب عليه شيء من ذلك، هذا عن الصوم الواجب، أما الصوم المستحب فعدة أنواع، فقد سبق بيانها مفصلة في الفتوى رقم: 3423، وشروط الصوم تقدم ذكرها في الفتوى رقم: 26873.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1428(11/16295)
ثواب الصيام في شدة الحر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أجر الصائم في يوم شديد الحر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن في الصوم الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى، وهو من أفضل العبادات فرضا كان أو نفلا.
فمن صام لله يوما واحدا إيمانا واحتسابا باعده الله عن النار سبعين سنة، ففي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا. وفي رواية: ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا.
وظاهر الحديث أن أي يوم صامه العبد إيمانا واحتسابا ينال به الثواب المذكور، فإذا كان في الصيام مشقة ونصب لطول اليوم وشدة حر فإن ثوابه أعظم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: إن لك من الأجر قدر نصبك ونفقتك. رواه البيهقي وأصله في صحيح مسلم.
وروى عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي في الشعب وأبو نعيم في الحلية واللفظ لأبي نعيم عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: خرجنا غازين في البحر فبينما نحن والريح لنا طيبة والشراع لنا مرفوع فسمعنا مناديا ينادي يا أهل السفينة قفوا أخبركم حتى والى بين سبعة أصوات، قال أبو موسى: فقمت على صدر السفينة فقلت: من أنت؟ ومن أين أنت؟ أو ما ترى أين نحن؟ وهل أستطيع وقوفا؟ قال: فأجابني الصوت: ألا أخبركم بقضاء قضاه الله عز وجل على نفسه؟ قال: قلت: بلى أخبرنا قال: فإن الله تعالى قضى على نفسه أنه من عطش نفسه لله عز وجل في يوم حار كان حقا على الله أن يرويه يوم القيامة. قال: فكان أبو موسى يتوخى ذلك اليوم الحار الشديد الحر الذي يكاد ينسلخ فيه الإنسان فيصومه.
وعلى هذا، فأجر الصيام عظيم ولكنه في شدة الحر يكون أعظم أجرا.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 17765.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1427(11/16296)
العبرة في الإفطار بغروب الشمس لا بالأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب الأذان قبل الإفطار وخاصة في المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للصائم أن يفطر إلا بعد غروب الشمس، لقوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ {البقرة: 187} . فإن علم الشخص بغروب الشمس فله الفطر سواء أذن المؤذن أم لا، بل لو أذن المؤذن قبل غروب الشمس فلا يجوز الإفطار لمن علم بحقيقة الأمر، فالعبرة بغروب الشمس لا بالأذان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم. متفق عليه وللآية التي سبق ذكرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(11/16297)
حكم صيام تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ما حكم صيام تارك الصلاة ثم هل يمكن أن أحج عن ابني الذي توفي ولم يصلِّ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ترك الصلاة جحوداً كان كافراً باتفاق أهل العلم، أما من تركها كسلاً، فقد اختلف فيه أهل العلم، والراجح أنه كافر خارج عن ملة الإسلام إذا كان قد تركها تركاً تاماً، أما الذي يصلي تارة ويتركها تارة، فالراجح عدم كفره.
وعلى هذا فلا يصح صيام تارك الصلاة تركاً كلياً ولا الحج عنه، سواء كان الترك كسلاً أو جحوداً، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 11660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/16298)
[السُّؤَالُ]
ـ[- الصوم من أي العبادات وما هي صفة الصوم؟
- أرجو منكم التكرم بالإجابة ولكم مني جزيل الشكر والعرفان وأنا في انتظار الجواب منكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصوم من العبادات البدنية، وحقيقته: الإمساك عن شهوتي البطن والفرج وسائر المفطرات، من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، بنية التقرب إلى الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(11/16299)
صيام من قبلنا من حيث الزمان والصفة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف كان صيام الأمم السابقة؟ من ناحية الامتناع عن الأكل والشراب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] .
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله في كتابه القيم "زاد المسير" ج1 ص184: 185: وفي موضع التشبيه في كاف كما كتب قولان:
أحدهما: أن التشبيه في حكم الصوم وصفته لا في عدده، قال سعيد بن جبير: كتب عليهم إذا نام أحدهم قبل أن يطعم لم يحل له أن يطعم إلى القابلة، والنساء عليهم حرام ليلة الصيام وهو عليهم ثابت، وقد أرخص لكم، فعلى هذا تكون هذه الآية منسوخة بقوله: أحل لكم ليلة الصيام الرفث "البقرة 187" فإنها فرقت بين صوم أهل الكتاب وبين صوم المسلمين.
والثاني: أن التشبيه في عدد الأيام، ثم في ذلك قولان:
أحدهما: أنه فرض على هذه الأمة صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وقد كان ذلك فرضاً على من قبلهم، قال عطية عن ابن عباس في قوله تعالى كما كتب على الذين من قبلكم قال: كان ثلاثة أيام من كل شهر ثم نسخ برمضان، قال معمر عن قتادة كان الله قد كتب على الناس قبل رمضان ثلاثة أيام من كل شهر، فعلى هذا القول تكون الآية منسوخة بقول الله تعالى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن.
والثاني: أنه فرض على من قبلنا صوم رمضان بعينه، قال ابن عباس فقدم النصارى يوما ثم يوما وأخروا يوما، ثم قالوا: نقدم عشراً ونؤخر عشراً. وقال السدي عن أشياخه: اشتد على النصارى صوم رمضان فجعل يتقلب عليهم في الشتاء والصيف، فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صياما في الفصل بين الشتاء والصيف، وقالوا: نزيد عشرين يوما نكفر بها ما صنعنا، فعلى هذا تكون الآية محكمة غير منسوخة. انتهى.
ومن هذا النقل تعلم أن أهل التفسير متفقون على أن صيام من قبلنا كان كصيامنا من جهة الامتناع عن الأكل والشرب، وإنما اختلفوا هل كان صيامهم كصيامنا في العدد والزمان أم لا؟ واختار الإمام النحاس أن صيامهم كان كصيامنا في شهر رمضان فغيروا، وقال: هو الأشبه بما في الآية، وذكر القرطبي تأييداً لقول النحاس حديثاً رواه الطبراني في معجميه الكبير والأوسط عن دغفل بن حنظلة قال: كان على النصارى صوم شهر رمضان، فكان عليهم ملك فمرض فقال: لئن شفاه الله ليزيدنّ عشرا، ثم كان عليهم ملك بعده فأكل اللحم فوجع فقال: لئن شفاه الله ليزيدنّ ثمانية أيام، ثم كان ملك بعده فقال: ما ندع هذه الأيام أن نتمها ونجعل صومنا في الربيع ففعل فصارت خمسين يوماً. وقد أنكر الأئمة كأحمد بن حنبل والبخاري والترمذي وابن سعد وغيرهم أن يكون لدغفل بن حنظلة صحبة، فعلى هذا فالحديث مرسل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(11/16300)
ماهية صيام الأنبياء والأمم السالفة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف كان صيام الأنبياء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صيام الأنبياء لم نجد منه منقولاً إلا صيام داود عليه السلام، أو ما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولتنظر ذلك في الفتوى رقم: 14543.
وقد ورد في صحيح مسلم وغيره عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر.
قال النووي: معناه: والمميز بين صيامنا وصيامهم السحور، فإنهم لا يتسحرون ونحن يستحب لنا السحور. النووي على مسلم ج7 ص 207.
وأما ما سوى ذلك، فإننا لم نجد فرقاً بين صيامنا وصيام من قبلنا، فالله تبارك وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] .
وقال الشعبي وقتادة وغيرهما: التشبيه يرجع إلى وقت الصوم وقدر الصوم، فإن الله تعالى كتب على قوم موسى وعيسى صوم رمضان فغيروا، وهذا القول: أعني قول من يقول إن الصيام الذي فرض على من قبلنا مثل صيامنا يؤيده الحديث المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(11/16301)
أنواع الصيام الواجب والتطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أنواع الصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
اعلم أن الصيام المشروع عشرة أنواع:
تسعة منها واجبة وهي: صوم رمضان، وصيام النذر، وكفارة اليمين، وكفارة الظهار، وكفارة القتل، وصوم التمتع، وصوم الإحصار، وصوم الجزاء عن قتل الصيد، وصوم المحرم فدية.
وهذه الأنواع منها:
- ما يجب التتابع فيه وفي قضائه.. وهو صوم الشهرين في كفارة الظهار والقتل والجماع في رمضان.
- ومنها ما يجب التتابع فيه إلا لعذر المرض والسفر، ولا يجب في قضائه وهو شهر رمضان.
- ومنها ما يجب فيه التفريق، وهو صوم التمتع في الحج فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع الحاج إلى بلده.
- ومنها ما يستحب فيه التتابع وهو قضاء رمضان وصوم ثلاثة أيام كفارة اليمين، وقيل يجب فيها التتابع.
- ومنها النذر وهو على ما يشترط الناذر من تتابع أو تفريق وقضاؤه مثله.
- ومنها ما عدا ذلك فلا يؤمر فيه بتتابع ولا تفريق.
والنوع العاشر من أنواع الصيام: صوم التطوع وهو أنواع:
صوم يوم وفطر يوم، وهو أفضل الصيام.
صيام ستة أيام من شهر شوال.
صيام تسع ذي الحجة، وآكدها يوم عرفة.
وصوم شهر الله المحرم وآكده يوم عاشوراء مع صوم يوم قبله أو يوم بعده.
وصوم أكثر شعبان.
وصوم يوم الاثنين والخميس.
وصوم الأيام البيض من كل شهر، وهي ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر.
ولكل ما ذكرنا أدلة من الكتاب والسنة تراجع في مواضعها من كتب الفقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1423(11/16302)
استقبال شهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمنى من سيادتكم تزويدي من علمكم عن كيفية استقبال شهر رمضان الكريم؟
وشكرا:أحمد مبارك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للمسلم أن يفرح بقدوم شهر رمضان ويستقبله بتوبة نصوح، وبالاستعداد التام، والتفرغ للعبادة كالصلاة، وتلاوة القرآن، والذكر والتسبيح والاعتكاف، وترك الذنوب والمعاصي، ورد الحقوق إلى أهلها، ونحو ذلك، ولكن للأسف الشديد كثير من الناس يهتمون في استقبال رمضان بشراء أنواع المطاعم والمشارب، ونحو ذلك، وكان الأولى بهم أن يقللوا من ذلك ليتحقق المقصود من القيام، وهو تقوى الله سبحانه وتعالى وخشيته لأن من أعظم المعينات عليها التقليل من الطعام والشراب لأنه بتقليل الطعام والشراب تضيق مجاري الدم التي ينفذ الشيطان من خلالها لإغواء الإنسان، كما قرر ذلك أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1423(11/16303)
لا عذر في إفطار رمضان بحجة عدم الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من كان يفطر في بعض أيام رمضان سراً بنية أنه لا يصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصيام رمضان فرض على كل مسلم بالغ مقيم قادر. ولا يجوز لمسلم أن يفطر يوماً من رمضان إلا بعذر شرعي، فإن أفطر -سراً أو جهراً- من غير عذر فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، والله تعالى هو الرقيب على عباده الشهيد الذي لا يخفى عليه خافيه: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19] .
وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [التغابن:4] .
وقال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ [آل عمران:5] .
فعلى من ارتكب هذا الذنب أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة فإن الله يقبل توبة التائبين، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
وتوبته بأن يقضي الأيام التي أفطرها ويندم على فعله ذلك، ولا بد أن يعزم على أن لا يعود إلى هذه المعصية وإذا كان هذا في الصيام! فإن الصلاة أعظم فهي عمود الإسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ رأس الأمر الإسلام وعمود الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله. أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وقد حذر الله تعالى من إضاعتها وتوعد من أضاعها بـ (غي) وهو وادٍ في جهنم، فقال الله سبحانه: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] .
فإذا تركت الصلاة فقد حكم بعض أهل العلم على تاركها بالكفر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. خرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح من حديث بريدة عن أبيه.
والصلاة أول ما يحاسب عليه العبد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر..... خرجه النسائي وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
فالواجب التوبة من ترك الصلاة وإهمالها لأنها ركن من أركان الإسلام، وقد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته وهو ينازع الموت، فقال: الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم. خرجه أحمد وابن ماجه وغيرهم.
وكان عمر رضي الله عنه يقول: إن أهم أمري عندكم الصلاة فمن ضيعها فهو لما سواها أضيع. وقال: فمن ضيعها فلاحظ له في الإسلام.
ومن قصر في واجب فلا يقصر في واجب آخر بحجة تقصيره في الأول لئلا تجتمع عليه الآثام من كل جهة، بل الواجب أن يؤدي جميع الواجبات ولا يخل بشيء منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1423(11/16304)
القادر على الصيام لا يصح له الإفطار بحال
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بقضاء الصيام
المشكلة هي أنني ونتيجة الجهل قد أفطرت في شهر رمضان عندما كنت في الثانوية مدة شهرين تقريبا وإنني والحمد لله أصوم الآن وإني نادم جدا ولكني أجد صعوبة كبيرة في الصيام وذلك بسبب التدخين وليس بسبب صحي فهل يجوز لي إخراج كفارة مال؟
مع الشكرِ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أخي الكريم أن تقضي الصيام الذي فاتك، مع الاستغفار والتوبة والندم على ما فرطت في جنب الله، ولا يجوز لك الإطعام بدل الصيام ما دمت قادراً على الصيام، وعليك أن تتخلص من آفة الدخان عافاك الله من هذه العادة السيئة، وما قد ينشأ عنها من مرض عضال.
وانظر الفتوى رقم: 1819 بشأن الدخان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/16305)
صلاة وصيام الساكنين قرب القطبين
[السُّؤَالُ]
ـ[سألني عدد كثير من غير المسلمين عن حكم الصوم والصلاة بالنسبة للناس الذين يسكنون في قرين ليند حيث تطول الأيام كثيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهاهنا حالتان:
الحالة الأولى: من كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع الفجر وغروب الشمس، إلا أن نهارها يطول جداً في الصيف، ويقصر في الشتاء، وجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعاً، لعموم قوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) [الإسراء:78] .
وقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) [النساء:103] .
ولما ثبت عن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة؟ فقال له: "صل معنا هذين" يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالاً فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر، وصلى العصر والشمس مرتفعة أخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: "أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله. قال: "وقت صلاتكم بين ما رأيتم" رواه البخاري ومسلم.
ففي اليوم الأول صلى الصلوات في أول الوقت، وفي اليوم الثاني أخرها إلى ما قبل خروج الوقت، ثم صلاها قبل أن يخرج وقتها، وأخبر أن الصلاة بين هذين الوقت.
إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في تحديد أوقات الصلوات الخمس قولاً وفعلاً، ولم تفرق بين طول النهار وقصره، وطول الليل وقصره ما دامت أوقات الصلوات متمايزة بالعلامات التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم.
وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان، فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب، وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم ما دام النهار يتمايز في بلادهم من الليل، وكان مجموع زمانهما أربعاً وعشرين ساعة، ويحل لهم الطعام والشراب والجماع، ونحوها في ليلهم فقط، وإن كان قصيراً، فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد.
وقد قال الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة:187] .
ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله، أو علم بالأمارات، أو التجربة، أو إخبار طبيب أمين أن الصوم يفضي إلى إهلاكه، أو إحداث مرض به، أو زيادة أو بطء برئه، فله أن يفطر، ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء.
قال تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة:185] .
وقال الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة:286] .
وقال: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج:78] .
الحالة الثانية: من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفاً، ولا تطلع فيها الشمس شتاءً، أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر، ويستمر ليلها ستة أشهر مثلاً، فهؤلاء عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، وأن يقدروا لها أوقاتها، وحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض.
وذلك لحديث طلحة بن عبيد الله قال: جاء رسول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات في اليوم والليلة. قال: هل عليّ غيرهن؟ قال: "لا إلا أن تطوع" رواه البخاري ومسلم وأبو داود.
ولما حدث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن المسيح الدجال قالوا: ما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوماً، يومٌ كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم"، فقيل: يا رسول الله، اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "لا، اقدروا له قدره" رواه مسلم.
فلم يعتبر اليوم الذي كسنة، أو اليوم الذي كشهر ... يوماً واحداً يكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بيَّن أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم، فيجب على المسلمين في البلاد المسئول عن تحديد أوقات الصلوات فيها أن يحددوا أوقات صلاتهم معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم يتمايز فيها الليل من النهار، وتعرف فيها أوقات الصلوات الخمس بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة.
وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان، وعليهم أن يقدروا لصيامهم فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته، وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته، وبطلوع الفجر كل يوم، وغروب شمسه في أقرب البلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار، ويكون مجموعها: أربعاً وعشرين ساعة، لما تقدم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المسيح الدجال، وإرشاده أصحابه فيه إلى كيفية تحديد أوقات الصلوات فيه، إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة، وبهذا التفصيل المذكور أفتت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(11/16306)
تعمد الفطر في رمضان كبيرة ... وكفارته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الفطر المتعمد في رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تعمد الفطر في نهار رمضان كبيرة من كبائر الذنوب، وانتهاك لحرمة هذا الوقت العظيم، ومخالفة لأمر الله تعالى في قوله: (أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة:187] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أفطر يوماً في رمضان في غير رخصة رخصها الله له لم يقض عنه صيام الدهر كله، وإن صامه" روه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي، وقال البخاري: ويذكر عن أبي هريرة رفعه: "من أفطر يوماً من رمضان من غير عذر، ولا مرض لم يقضه صوم الدهر، وإن صامه".
لهذا، فيجب على من تعمد الفطر أن يتوب لله تعالى أولاً من هذه الكبيرة، كما يجب عليه قضاء ما أفطر من الأيام، وفي حالة ما إذا كان سبب فطره الجماع في نهار رمضان، فعليه مع القضاء الكفارة المغلظة، وراجع تفصيلها في الجواب رقم:
1352
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1422(11/16307)
لا قضاء إلا بعد البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي ابنة والعمر 12 سنة بالغة دخل رمضان وباقي لها قضاء أربعة أيام فما العمل أفيدونى أفادكم الله.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على ابنتك أن تقضي الأيام الأربعة التي عليها من السنة الماضية بعد انتهاء شهر رمضان، وعليها مع القضاء كفارة، وهي إطعام مسكين عن كل يوم إذا كانت قد أخرت قضاء الأيام التي عليها حتى أتاها رمضان آخر بلا عذر، هذا إذا كانت قد بلغت في رمضان الماضي، والذي هي مطالبة بأربعة أيام منه.
أما إذا لم تكن قد بلغت إلا بعد ذلك فلا قضاء عليها، وعليك أن تراجعي الفتوى رقم: 918
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/16308)
لا يزول الأصل بالشك
[السُّؤَالُ]
ـ[1-في صغري كنت أسكن في بلد لم يكن يشدد أهلها على تعاليم الأسلام, لذا لم أكن أصوم كل أيام رمصان, وعندما بلغت لم يخبرني أحد أنه علي قضاء الأيام التي أفطرتها, حتى تزوجت وعلمت بوجوب القضاء. فهل علي الآن قضاء تلك الأيام؟ وكيف أقضيها؟ ولا أعلم عدد الأيام التي فطرتها؟ إضافة إلى ذلك أشك في شهر لم أصمه كوني كنت حاملا ولا أدري إن قضيته أم لا, فما أصنع؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يلزمك قضاء ما أفطرت من أيام رمضان قبل البلوغ، وأما الشهر الذي تشكين في قضائه فيلزمك قضاؤه أيضاً، لأن الأصل بقاؤه في ذمتك، فلا يزول هذا الأصل بالشك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(11/16309)
الصيام تعريفه وأنواعه
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ماهو الصيام وماهي أنواعه؟
جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصيام شرعاً: هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج، أي المفطرات، من طلوع الفجر الصادق، إلى غروب الشمس مع النية، وينقسم إلى واجب ومستحب:
أما الواجب فهو صوم رمضان، وما يلزم الشخص من كفارات أو نذور.
أما الصوم المستحب فهو كثير؛ ومنه على سبيل المثال: ستة في شوال لمن صام رمضان، وصوم يوم عرفة لغير الحاج، وعاشوراء، وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(11/16310)
إفطار يوم بدون عذر لا يسوغ إفطار غيره من الأيام
[السُّؤَالُ]
ـ[1-من أفطر عمداً في رمضان هل يجوز له الصيام في اليوم التالي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أفطر في نهار رمضان عامداً من غير رخصة فقد ارتكب ذنباً عظيماً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة رخصها الله له لم يقض عنه صيام الدهر" رواه أصحاب السنن الأربعة، وصححه ابن خزيمة.
فيجب على هذا الشخص أن يتوب إلى الله تعالى مما فعل، ويجب عليه أن يصوم باقي رمضان، ثم يقضي ذلك اليوم الذي أفطر فيه، وإن كان فطره في هذا اليوم قد تم بالجماع، فعليه القضاء والكفارة الكبرى، وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1422(11/16311)
حكم صيام من لا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[أجيبوني رحمكم ورحمني الله
في خطبة الجمعة الماضية قال الخطيبب: يمكن للمسلم أن يصلي ولا يصوم بمعنى أن هذا شيء وهذا شيء آخر أو العكس أن يصوم ويكون لا يصلي وأيضاً يمكن للمسلم أن يعمل في محل لبيع الخمور ويكون يصلي.
أي أننا يجب أن لا نقول له اترك العمل يبقى يعمل في محل بيع الخمر ويبحث عن عمل
جزاكم الله كل خير أفيدوني في ما سمعت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة والصيام ركنان من أعظم أركان الإسلام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا" متفق عليه.
ومن ترك الصلاة أو الصوم جاحداً للفريضة كان كافراً باتفاق أهل العلم.
أما من ترك الصلاة كسلا، فقد اختلف فيه أهل العلم، والراجح أنه كافر خارج عن ملة الإسلام، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
6839 والفتوى رقم: 7152
وهذا بخلاف تارك الصوم كسلا، فإنه لا يكفر في قول جماهير أهل العلم، ولا نعلم دليلا صحيحاً يدل على كفره.
وعليه فمن صلى وترك الصوم، كان مقترفاً كبيرة عظيمة، معرضاً نفسه للعقاب الشديد، ولا يجوز إقرار تارك الصوم على هذا المنكر بحال.
وأما من صام وترك الصلاة، فإن صومه لا ينفعه على القول بكفر تارك الصلاة، ولعل الخطيب ممن يرى عدم كفره.
وعلى كل، فإن هذا الصائم التارك للصلاة لا يقال له: اترك الصوم؛ وإنما ينصح ويوعظ ويذكر بشأن الصلاة، وخطرها، وحكم تاركها.
وكذلك المصلي الذي يعمل في محل بيع الخمور، لا يجوز أن ينهى عن الصلاة بحال، وإنما يقال له: اترك العمل المحرم، واعلم أن الصلاة الكاملة تنهى صاحبها عن هذا الإثم: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) [العنكبوت:45] والواجب عليه أن يدع العمل في بيع الخمور فوراً، للعن النبي صلى الله عليه وسلم: بائع الخمر، وحاملها، وعاصرها، ومعتصرها، وساقيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1422(11/16312)
صيام سكان البلاد القريبة من القطب الشمالي
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يكون الصيام في البلاد القريبة من القطب الشمالي مثل النرويج والسويد حيث يمتد النهار إلى 20 ساعة؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فقد خاطب الله المؤمنين بفرض الصيام فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183] .
وبين ابتداء الصيام وانتهاءه بقوله سبحانه: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة:187] .
ولم يخصص هذا الحكم ببلد، ولا بنوع من الناس، بل شرعه شرعاً عاماً، ليشمل سائر البلاد.
كما شرع الله سبحانه للمريض والمسافر الفطر في رمضان لدفع المشقة عنهما، قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:185] .
فمن شهد رمضان من المكلفين، وجب عليه أن يصوم، سواء طال النهار أو قصر، فإن عجز عن إتمام صيام يوم، وخاف على نفسه الموت أو المرض، جاز له أن يفطر بما يسد رمقه ويدفع عنه الضرر، ثم يمسك بقية يومه، وعليه قضاء ما أفطره في أيام أخر يتمكن فيها من الصيام، ومن هنا فإنه يلزمكم الصيام، ولو امتد النهار إلى عشرين ساعة، ما دام النهار محدداً والليل محدداً، كما يلزمكم الصيام، ولو بلغ النهار ثلاث ساعات فقط،كما يحدث في فصل الشتاء. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(11/16313)
الجاهل بفريضة الصيام يقضي ما فاته
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة عاشت طفولتها في بلاد هي عنها غريبة ولم تكن تعرف الصيام معرفة تامة فهي لم تصم رسمياً حتى بلغت سن (18 سنة) ولكنها عندما كبرت تعلقت بالإسلام أكثر وأحست بالذنب على ما فات وقد قدرت عمرها بأنها قد بلغت وعمرها (11 سنة) فصامت شهراً ودفعت عليه 30 ديناراً ليبياً ولكنها الآن بصحة لا تسمح لها بالصيام فما الحكم في ذلك علماً أن مرضها لا يمنعها من صيام رمضان أفتونا جزاكم الله عنا خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلتعلم هذه الأخت أن صيام رمضان ركن من أركان الإسلام ودعيمة من دعائمه كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان" متفق عليه كما أن الصيام من فروض الأعيان التي يجب على كل مسلم أو مسلمة أن يبادر إلى تعلم حكم الله فيها، وأن يحافظ عليها ويحرص على أدائها، ثم إن على هذه السيدة أن تتوب إلى الله تعالى مما حصل منها من تفريط في هذه الفريضة العظيمة، وأن تحافظ عليها فيما بقي من عمرها، ما لم يمنعها المرض من ذلك، عسى الله أن يكفر عنها ما مضى، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه.
وعليها أن تقضي ما فاتها من صيام ولتبادر إلى ذلك قدر ما تستطيع. وإن كانت الآن في ظروف لا تسمح لها بالصيام فلتتحر حتى تكون مستطيعة لذلك. ولا حرج في أن لا توالي الصيام، بل تصوم أياماً ثم تفطر، وهكذا حتى ييسر الله لها قضاء ما عليها من صيام، ولا بأس كذلك أن تتحين الفترات التي ليست شديدة الحر إن كان ذلك مما يساعدها على الصيام، ثم إن عليها أن تطعم - مع القضاء- عن كل يوم أفطرته مداً من طعام تدفعه لمسكين. لتفريطها في القضاء، والمد هو ما يساوي سبعمائة وخمسين غراماً.
أما الدنانير التي دفعتها عن الشهر الذي قضته فإن كان كل دينار منها يساوي قيمة مد الطعام أو أكثر، فنرجو أن يكون ذلك مجزئاً عنها، وإن كان أقل من قيمته فعليها أن تدفع ثلاثين مداً عن أيام ذلك الشهر.
ونرجو أن تطلع على فتاوى لنا متقدمة في هذا الموضوع تحت الأرقام 3247 4038 7035
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1422(11/16314)
حكم من أفطر متعمدا بغير عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كفارة من أفطر يوما في رمضان من غير سبب شرعي، وهل يجوز أن أنيب إمام المسجد في القيام عني بمهمة الإطعام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الفطر في نهار رمضان بغير سبب شرعي كبيرة عظيمة، وخطأ جسيم لا يجوز الإقدام عليه. فإن كان الفطر بسبب الجماع كان أعظم من غيره، لأن من جامع في نهار رمضان متعمداً وجب عليه القضاء والكفارة وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطيع فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين مد من بر أو نصف صاع من تمر، أو أرز، أو غير ذلك من قوت البلد، ولو صنعت لستين مسكيناً طعاماً وجمعتهم عليه لكان حسناً، ولو كلفت شخصاً ثقة - إمام مسجد، أو غيره - بتوزيعها، فلا حرج، لكن لابد من التأكد من معرفته بطريقة توزيعها.
أما من أفطر بالأكل أو الشرب ونحوهما فلا يجب عليه إلا القضاء في قول أكثر أهل العلم، لكن يلزمه التوبة والاستغفار، لأن الفطر بدون عذر شرعي معصية عظيمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1421(11/16315)
من أفطر في رمضان وكان بالغا فعليه القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم..أنا أبلغ من العمر سبعة عشر عاما ولم أكمل صيام شهر رمضان ... فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جعل الشارع البلوغ أمارة على كمال العقل لأن الاطلاع على أول كمال العقل متعذر فأقيم البلوغ مقامه، وللبلوغ علامات: الأولى: الاحتلام وذلك بخروج المني من الرجل أو من المرأة في يقظة أو نوم لقوله تعالى: (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ... ) [النور: 59] . الثانية: الإنبات وهو: ظهور شعر خشن على العانة فإذا لم تظهر إحدى هاتين العلامتين يرجع بعد ذلك إلى العلامة الثالثة وهي البلوغ بالسن، وقد اختلف العلماء في منتهاه: فيرى الشافعية والحنابلة أن البلوغ بالسن يكون بتمام خمس عشرة سنة قمرية للذكر والأنثى، وهو قول في مذهب مالك، لخبر ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: " عرضت على النبي ِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَُ يَوْمَ أُحُدٍ َوأناَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي ولم يرني بلغت، وعرضت عليه يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي ورآني بلغت" متفق عليه.
ويرى أبو حنيفة أن البلوغ بالسن يكون بثماني عشرة سنة للذكور وسبعة عشرة سنة للإناث. ودليل ذلك قوله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده) [الإسراء:34] قال ابن عباس: الأشد: ثماني عشرة سنة. قالوا: الأنثى أسرع بلوغاً فنقصت سنة.
وعلى هذا فالذي يظهر والله أعلم هو أن قضاء رمضان واجب عليك لأنك إن كنت قد احتلمت أو نبت لك شعر خشن فالأمر واضح ووجوب القضاء عليك مجمع عليه، وإن كنت لم تحتلم ولم ينبت لك شعر فبلوغك سن الخامسة عشرة كاف في التكليف فالأخذ به أحوط لأنه هو مذهب الشافعي وأحمد ورواية عن مالك، كما تقدم، ولأن الدليل فيه قوي وهو حديث ابن عمر الثابت في الصحيح وقد تقدم.
إذا تقرر هذا وكان إفطارك بسبب جماع في نهار رمضان فيلزمك مع القضاء الكفارة، وإن كان بغير ذلك وتعمدت فلا يلزمك إلا التوبة والقضاء، وإن كنت قد أفطرت لعذر فلا يلزمك إلا القضاء فقط. وإذا أخرت هذا القضاء حتى جاء عليك رمضان الثاني فيلزمك مع القضاء كفارة التأخير، وهي إطعام مسكين عن كل يوم أخرت قضاءه لغير عذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/16316)
من أفطر رمضان متعمدا لسنوات فعليه القضاء مع التوبة والاستغفار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أفطر متعمداً في رمضان، في سنوات سابقة؟ وما كفارة ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب في حقك التوبة إلى الله من هذا التقصير والاستغفار، وفعل الحسنات المذهبات للسيئات. والذي يلزمك الآن قضاء تلك الأيام الفائتة، سواء كانت كثيرة أم قليلة، مع إطعام مسكين عن كل يوم، لتجاوزك محل القضاء. هذا إذا كان سبب فطرك أكلاً أو شرباً، فإن كنت مفطراً بالجماع فالخطب عظيم، إذ إن عليك أن تكفر ـ بصيام شهرين متتابعين ـ عن كل يوم حدث فيه الفطر بالجماع، فإن عجزت فأطعم ستين مسكيناً، لأن الخيار الثالث هو عتق الرقبة، وهي غير موجودة الآن فيما نعلم. ثم إن عليك أن تعلم أن هذا الفعل الذي أقدمت عليه فعل عظيم، سواء أكان فطرك بأكل أو شرب أو جماع، لأن اقتحامك حرمة الشهر الذي حرم الله الفطر فيه من غير عذر، يعتبر هدماً لركن من أركان الإسلام التي بني عليها، وفيه جرأة على انتهاك محارم الله، وتعمد مخالفة أمره، فإن الله يقول: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وقد شهدت الشهر فلم تصمه!. نسأل الله السلامة. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/16317)
أثر الصيام في تماسك المجتمع
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الأعزاء. إني أتساءل عن أثر الصيام في تحقيق تماسك المجتمع. وأدعو الله أن يوفقنا فيما هو خير لنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصيام له مكانة عظيمة في الإسلام، فهو الركن الرابع منه بعد الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وله فوائد كثيرة تقدم بيان بعضها في الفتوى رقم: 26396، ومن فوائد الصيام حصول المحبة والتماسك بين أفراد المجتمع، فأغنياء المسلمين عندما يجدون مس الجوع في صيامهم يجعلهم ذلك يتذكرون حال الفقراء الذين يتأثرون بالجوع في غالب أوقاتهم وليس في رمضان، فيترتب على ذلك أن يقوموا بالتصدق على هؤلاء الفقراء فيثمر ذلك محبة وألفة في المجتمع، وقد ثبت الترغيب في إفطار الصائم كما سبق في الفتوى رقم: 68093.
أضف إلى ذلك ما يحصل بالصيام من التزام المجتمع بالإمساك في وقت واحد والإفطار كذلك مما يقوى معاني الترابط والاتحاد في المجتمع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1428(11/16318)
الصيام يهذب الأخلاق والطباع
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: عندما أصوم أكون متشددة فلا أستعمل الهاتف مثلا، وأشعر أني كل ما أحاول تفاديه أقع فيه كغض البصر ... أرجو إجابتي ومدي بكل ما يجعل صيامي مقبولا إن شاء الله؟ وجزاكم االله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصيام عبادة عظيمة وركن من أركان الإسلام، وعليه فإن كنت تقصدين بقولك (عندما أصوم أكون متشددة) أنك لا تتصلين على أرحامك ولا تردين على من اتصل بك ونحو ذلك فهذا لا ينبغي لأن المطلوب من المسلم أن يفرح بأداء هذه الفريضة وينشرح لها صدره ويحسن خلقه مع غيره، ولا يكون عبدا لبطنه وشهوته، فإذا لم يتناول الطعام تغير مزاجه وساءت تصرفاته.
وإن كنت تقصدين بالتشدد أنك لا تستعملين الهاتف في محادثة محرمة أو غير مفيدة فهذا ليس بتشدد بل هو المطلوب منك لا سيما في الصيام.
كما أن عليك أيضاً أن تبتعدي عن الحرام كالنظر إلى ما لا يحل النظر إليه والغيبة وغير ذلك، ومرتكب ذلك ناقص الثواب ما لم يفعل ما يفسد صومه فيفسد وعليه القضاء.
وقد بينا حقيقة الصيام، وما ينبغي استشعاره في الصيام في الفتوى رقم: 26396، والفتوى رقم: 7619 فلتراجعيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1425(11/16319)
صام النبي صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات
[السُّؤَالُ]
ـ[كم شهر رمضان صام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد فرض صوم رمضان في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للجهرة، فيكون بذلك قد صام شهر رمضان لمدة تسع سنوات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(11/16320)
منافع الامتناع عن شهوة الجسد للصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا تجوز العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة في رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فرمضان من مواسم الخيرات التي امتن الله بها على عباده ليقوى إيمانهم وتزداد تقواهم، وتتعمق صلتهم بربهم؛ فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به ... متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
وفي رواية له: يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ...
ومعلوم أن هذا الترك للطعام والشراب والشهوة إنما هو في نهار رمضان، دون ليله، ليتحقق من وراء ذلك عدة فوائد جمة، لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق الصيام، فقد شرع الله الصيام لتهذيب نفس الصائم بكبحها عن شهواتها وفطامها عن مألوفاتها، ليُرَبي المسلم من خلال ذلك على قوة العزيمة ومضاء الإرادة، ويجعله متحكماً في شهوات نفسه وأهوائها، متمكناً من السيطرة عليها والإمساك بزمامها، بحيث لا يكون مستسلماً لها، بل مستسلماً لأوامر ربه خاضعاً منقاداً لنواهيه، مؤثراً لمحابه -سبحانه- مقدما لها على رغبات الجسد وشهواته، والشهوة الجنسية من أعظم شهوات الجسد التي يطالب المسلم بالتحكم فيها، وهذا ما يحققه الصوم.
يقول الإمام الرازي: إن الصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى، فإنه يردع عن الأشر والبطر والفواحش، ويهون لذات الدنيا ودياستها، وذلك لأن الصوم يكسر شهوة البطن والفرج، فمن أكثر منه هان عليه هذان الأمران، وخفت عليه مؤونتهما، فكان ذلك رادعاً عن ارتكاب الفواحش والمحارم، وذلك جامع لأسباب التقوى.
وللفائدة انظر الفتوى رقم:
26396.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1423(11/16321)
الصيام مدرسة يجدد فيها المسلم ما وهى من عرى إسلامه
[السُّؤَالُ]
ـ[فلسفة الصيام في الإسلام؟ أريد الإجابة بالعربية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى شرع لعباده ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وسعادتهم في أخراهم، وقد امتحن عباده بما شرع لهم من العبادات والمعاملات، ليمحص بذلك من يعبد مولاه، ومن يتبع هواه، فمن امتثل شرعه ووقف عند حدوده بصدر منشرح، ونفس مطمئنة، نال الفوز والفلاح، ومن أخذ من ذلك ما يلائم رغبته، ويصادف هوى في نفسه، ونبذ ما سوى ذلك وراء ظهره خسر الدنيا والآخرة.
وقد جعل من هذه العبادات ما يتعلق بعمل البدن كالصلاة، وما يتعلق ببذل المال، كالزكاة، وما يجمع بين هذين كالحج والجهاد، وجعل منها ما يستوجب كف النفس عن محبوباتها ومشتهياتها كالصيام.
ولكل من هذه العبادات حكم بالغة، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها أو تجاهلها.
ومن هذه العبادات الصيام، ومن حكمه وفوائده، أنه طاعة لله عز وجل يثاب عليها المؤمن ثوابا غير محدود فقد ورد في البخاري من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: إن في الجنة بابا يقال له: الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد.
وفي هذا من التكريم والخصوصية ما لا مزيد عليه، ومن هذه الفوائد أن شهر الصيام تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب جهنم، وتصفد فيه الشياطين، كما جاء في البخاري، ومنها أن فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وقد ورد في فضلها وعظم شأنها حديث البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
وهكذا نرى أن الله تعالى جعل شهر الصوم موسماً سنوياً تكرم به على عباده ليكون لهم مناسبة يحطون فيها عنهم الأوزار والآثام، فيخرجون منها بصحائف بيض، ولكنه تعالى خص بهذه التحفة عباده الذين يصومون بجميع جوارحهم عما حرم الله فيجمعون بين صوم الظاهر والباطن، فيستحقون ما لا يستحقه غيرهم، يقول الرسول صلى الله عليه سلم: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. أخرجه البخاري.
ومن فوائد الصيام أنه مدرسة خلقية كبرى متعددة الجوانب يتدرب فيها المؤمن سنوياً على كثير من الخصال الحميدة، منها: جهاد النفس ومقاومة الأهواء، وخلق الصبر على ما قد يُحْرَم منه، وتدريبه على الأمانة، ومراقبة الله في ظاهره وباطنه، إذ لا رقيب على الصائم إلا الله، وكفى به رقيباً.
ومنها: أنه يقوى الإرادة ويشحذ العزيمة، ويعود على النظام والانضباط.
ومنها: أنه ينمي في المسلم عاطفة الرحمة والأخوة، والشعور برابطة التضامن والتعاون التي تربط بين المسلمين فيما بينهم، فيدفعه إحساسه بالجوع والعطش إلى أن يمد يد العون والمساعدة للآخرين الذين كانوا يقاسون مرارة الفقر والحرمان طيلة أيام السنة.
ومنها: أنه يذكر الصائم بنعم الله عليه إذ منحه القدرة على هذه العبادة التي ينال بها جزيل الثواب في وقت حُرِمَ فيه آخرون منها.
ومنها: أن الصوم يجسد وحدة المسلمين في العبادة والسير على منهج موحد في هذه العبادة كغيرها، في هذا الشهر فسلوكهم فيه متشابه سواء في ذلك القاصي والداني.
ومنها: الفوائد الصحية الكثيرة التي يجنيها الصائمون في فترة الصيام، وقد أثبت الطب الحديث بأبحاثه وتجاربه وما توصل إليه من نتائج أن الصوم أفضل وسيلة للإنسان للتخلص من كثير من الأمراض والمعاناة التي عجز الأطباء عن علاجها.
وهكذا نجد أن الصيام مدرسة خصبة يجدد فيها المسلم ما وهى من عرى إسلامه، ويأخذ فيها ما قصر في أخذه خارجها، ودورة يتخرج منها المسلم في ثوب إيماني جديد، يدخل به في مستقبل أفضل، بهمة قوية في كسب الخير وعلاج ما يلم به من خلل وما عسى أن يخلق منه المسلم المستقيم في سلوكه، البصير بما يصلح أمر دينه ودنياه.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يصومون فيقبلون، وينالون عظيم الأجر وحسن الخاتمة. إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1423(11/16322)
السنة التي فرض صوم رمضان فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأركان التي فرضت على المسلمين في العام الثاني للهجرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم ركناً من أركان الإسلام فرض في السنة الثانية إلا صوم شهر رمضان أو فريضة الزكاة. قال شيخ الإسلام بن تيمية: وأما صوم رمضان فهو إنما فرض في السنة الثانية من الهجرة، وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(11/16323)
عبادة الصيام مكتوبة في شرائع الأنبياء السابقين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صام الكثير من الأنبياء لله تعالى قبل بعثة محمد (صلى الله عليه وسلم) والسؤال هو متى فرض الصوم على الأمم قبل الإسلام وفي زمن أي رسول وما هو الدليل..؟ شكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلم بزمن فرض الصيام على الأمم من قبلنا علم لا تترتب عليه منفعة، ولذلك لم يخبرنا الله عز وجل عنه، ولا بين ذلك نبيه صلى الله عليه وسلم، ولو كان نافعاً لبينه لنا الله ورسوله.
وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن المقصود بهم اليهود والنصارى ولكن هذه دعوى بدون دليل، فالله عز وجل أخبر بأنه فرض الصوم على من قبلنا، وهذا لا يختص باليهود والنصارى.
والمهم أن يتدبر المسلم هذا التشبيه بين الصيام الذي فرض علينا والصيام الذي فرض على من قبلنا، ولماذا أخبرنا الله عز وجل بأن الصوم كان مفروضاً على من قبلنا؟
والجواب أن من وراء الإخبار بهذا فائدتين:
الأولى: الاهتمام بهذه العبادة والتنويه بها لأنها عبادة مشروعة في شرائع الأنبياء من قبل، وهذا يقتضي اطراد صلاحها ووفرة ثوابها.
الثانية: التهوين على المكلفين بهذه العبادة حتى لا يستثقلونها فإن الاقتداء بالغير أسوة في المصاعب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1423(11/16324)
فرض صوم رمضان في السنة الثانية للهجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[متى فرض صوم رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد:
فقد فرض رمضان في شهر شعبان في السنة الثانية من الهجرة. بقوله تعالى: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) . البقرة (183) . وقوله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلاّ الله. وأن محمداً رسول الله. وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ". [رواه البخاري وغيره] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/16325)
حكم مخالفة الدولة في الفطر والصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[كان العيد عندنا في ليبيا يوم السبت، ولكن بعض الناس صاموا وأنا أراه تفرقة للأمة، فما حكم الدين في ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الدولة عندكم تعتمد في إثبات دخول شوال على رؤية الهلال أو إتمام رمضان، فإنه يلزم الناس جميعاً الفطر يوم العيد إذا أعلنته الدولة، ولا يجوز لأحد أن يصوم يوم العيد.
وأما إذا كانت الدولة تعتمد على الحساب الفلكي ـ لا على الرؤية الشرعية ـ فإنه لا عبرة بقولها في تحديد العيد والصيام، وانظري ـ للأهمية ـ الفتوى رقم: 127662.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(11/16326)
حكم صيام يوم تكملة لرمضان إذا اختلاف الناس في صومه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صيام يوم تكملة لرمضان مع اختلاف الناس في صومه؟ ومتى يكون الصوم إن كان صحيحا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فاته يوم من رمضان لم يصمه وجب عليه قضاؤه، ولا يجب القضاء في يوم معين وإنما الواجب أن يقضيه قبل دخول رمضان آخر, وقول السائل: مع اختلاف الناس في صومه، إلخ , إن كان يعني أن الناس مختلفون في بداية الشهر أو نهايته، فإن كان البلد لا يعتمد في دخول الشهر ونهايته على الحساب الفلكي، وإنما يعتمد على الرؤية وتحروا الهلال وصاموا تسعة وعشرين يوما، فقد فعلوا ما أمروا به وصيامهم صحيح ولا عبرة بالشك.
وإما إن كانوا يعتمدون على الحساب الفلكي وكان صيامهم ناقصا مقارنة بالتحري الشرعي للهلال ـ رؤيته أو إتمام شعبان ـ فإنه يلزمهم صيام الأيام الناقصة ـ سواء كانت يوما أو يومين ـ وانظر الفتوى رقم: 127662.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1430(11/16327)
حكم الإفطار والصيام على الحساب الفلكي
[السُّؤَالُ]
ـ[بلادنا تعتمد في بداية شهر رمضان على الحسابات الفلكية وقد أجمع علماء الدين على عدم جواز الاعتماد على تلك الحسابات، وكغيري صمنا وأفطرنا على تلك الحسابات ـ وحسب الرؤيا ـ فقد صمنا 28 يوما، فهل علينا قضاء؟ وهل نحن آثمون في ذلك؟ كما أن هناك أناسا مقيمين صاموا وأفطروا مع دول العالم الإسلامي الأخرى، فهل ما فعلوه صحيح؟ وهل يجوز الصوم والإفطار مع دولة غيرالتي تقيم فيها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن تحديد بداية الشهر ونهايته بناء على الحساب الفلكي خلاف الإجماع؛ كما نص على ذلك أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى: فَإِنَّا نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْعَمَلَ فِي رُؤْيَةِ هِلَالِ الصَّوْمِ أَوْ الْحَجِّ أَوْالْعِدَّةِ أَوْالْإِيلَاءِ أَوْغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ بِالْهِلَالِ بِخَبَرِالْحَاسِبِ أَنَّهُ يُرَى أَوْ لَا يُرَى لَا يَجُوزُ، وَالنُّصُوصُ الْمُسْتَفِيضَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ كَثِيرَةٌ، وَقَدّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ خِلَافٌ قَدِيمٌ أَصْلًا وَلَا خِلَافٌ حَدِيثٌ، إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ الحادثين بَعْدَ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ زَعَمَ أَنَّهُ إذَا غُمَّ الْهِلَالُ جَازَ لِلْحَاسِبِ أَنْ يَعْمَلَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِالْحِسَابِ، فَإِنْ كَانَ الْحِسَابُ دَلَّ عَلَى الرُّؤْيَةِ صَامَ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا الْقَوْلُ ـ وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالْإِغْمَامِ وَمُخْتَصًّا بِالْحَاسِبِ ـ فَهُوَ شَاذٌّ مَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ، فَأَمَّا اتِّبَاعُ ذَلِكَ فِي الصَّحْوِ أَوْ تَعْلِيقُ عُمُومِ الْحُكْمِ الْعَامِّ بِهِ فَمَا قَالَهُ مُسْلِمٌ. هـ.
والذي جاء به الشرع هو تحديد بداية الشهر برؤية الهلال أو بإتمام شعبان عند عدم رؤيته في الصحو أوعند الغيم, لقوله صلى الله عليه وسلم: صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُواعِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ. رواه البخاري.
فإذا كانت الدولة عندكم تبني شهرها على الحساب الفلكي فلا تتابع في هذا, لأن الطاعة إنما تكون في المعروف, ويلزم الناس حينئذ أن يتحروا الهلال بأنفسهم، فإن رأوه صاموا وإن لم يروه في الصحو أو بسبب الغيم أتموا عدة شعبان ثلاثين، فإن تعذرعليهم تحري الهلال لمنع الدولة لهم أو نحو ذلك من الأسباب صاموا وأفطروا مع أقرب بلاد الإسلام إليهم ممن يتحرى الهلال, وإذا ثبت أن صيامكم هذه السنة كان ثمانية وعشرين يوما بناء على تحري الهلال فيلزمكم قضاء ما أفطرتموه من الشهر، فإن كان الشهرـ بناء على ما جاء به الشرع ـ ثلاثين يوما لزم الناس قضاء يومين, وإن كان الشهر ناقصا لزمهم قضاء يوم, ومن أفطر وصام بناء على الحساب الفلكي تبعا وهو جاهل بالحكم الشرعي فنرجو أن لا إثم عليه ولا يسقط عنه, ومن كان عالما بالحكم الشرعي فهو آثم وتلزمه التوبة إلى الله تعالى, وينبغي لأهل العلم أن يقوموا بما أخذه الله عليهم من ميثاق بيان الحق وعدم كتمانه فهم الأسوة والقدوة التي يقتدي بها الناس، ونسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويهدي ولاة أمورالمسلمين إلى الحق والعمل به، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 126768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1430(11/16328)
ما يثبت به دخول الشهر سهل ويسير
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن بداية شهر رمضان بإيطاليا هل كانت يوم الجمعة21 سبتمبر أم يوم السبت 22سبتمبر لأنني خلال تلك الفترة كنت متواجدا في بلدي المغرب وكانت بداية شهر رمضان هناك يوم السبت 22 سبتمبر، وحينما عدت إلى إيطاليا لأنني مقيم بها وجدت المسلمين مختلفين حيث يقول البعض بأن بداية شهر رمضان كانت يوم الجمعة 21، فيما يُصر الطرف الآخر بأن بداية شهر رمضان كانت يوم السبت 22 وللإشارة فلا زال هذا الاختلاف قائما إلى يومنا هذا وهو أقرب ما يوصف بالفتنة حيث تجد في المسجد الواحد أو بالأحرى داخل الأسرة الواحدة هناك من صام يوم الجمعة وهناك من صام يوم السبت. رجاء أفيدونا حول هذا الموضوع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علم لنا بالوقت الذي ثبت فيه دخول شهر رمضان في إيطاليا، ولكن الأمر يسير جداً وهو أهون بكثير مما وصفت، فإن الله تعالى لرحمته بعباده نصب لهم علامات واضحة على دخول الشهر وثبوته بحيث تندفع عنهم الفتن وتزول الإشكالات، وهذه العلامات من الوضوح بحيث يستوي في معرفتها العام والخاص، والبدوي والحضري ونحن نبين لك ما يثبت به دخول الشهر، فإذا كان الشهر قد ثبت بأحد هذه الوجوه التي سنذكرها فالحق مع من صاموا يوم الجمعة وإذا لم يكن الشهر قد ثبت فالحق مع من أتم عدة شعبان ثلاثين يوماً، فإذا شهد عدلان بأنهما رأيا الهلال ليلة الثلاثين من شعبان وجب على الناس الصوم والفطر، وكذا إذا شهد برؤيته عدل على الراجح، فإن لم يُر الهلال ليلة الثلاثين من شعبان أتم الناس عدة شعبان ثلاثين يوماً، وقد بين العلماء ما يثبت به دخول الشهر أتم بيان.
قال في مواهب الجليل: قال في المقدمات: صيام رمضان يجب بأحد خمسة أشياء: إما أن يرى الهلال، أو يخبر الإمام أنه قد ثبتت رؤيته عنده، وإما أن يخبر العدل بذلك أو عن الناس أنهم رأوه رؤية عامة، وكذلك إذا أخبره عن أهل البلد إنهم صاموا برؤية عامة، أو بثبوت رؤية عند قاضيهم، وإما أن يخبره شاهدان عدلان أنهما قد رأياه، وإما أن يخبر بذلك شاهد واحد عدل في موضع ليس فيه إمام يتفقد أمر الهلال بالاهتبال به. انتهى.
وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج في بيان ما يثبت به دخول الشهر: وإنما يجب (بإكمال شعبان ثلاثين) يوماً (أو رؤية الهلال) ليلة الثلاثين منه لقوله صلى الله عليه وسلم: صومو لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين. رواه البخاري.
ويضاف إلى الرؤية وإكمال العدد ظن دخوله بالاجتهاد عند الاشتباه كما سيأتي في كلامه.. والظاهر كما قال الأذرعي أن الأمارة الظاهرة الدالة كرؤية القناديل المعلقة بالمناثر في آخر شعبان في حكم الرؤية وهل تثبت بالشهادة على الشهادة طريقان أصحهما القطع بثبوته كالزكاة وقيل لا كالحدود.. (وثبوت رؤيته) يحصل (بعدل) سواء كانت السماء مصحية أم لا لأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رآه فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فصام وأمر الناس بصيامه. رواه أبو داود وصححه ابن حبان.
وعن ابن عباس رضي الله عنه عنهما قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال إني رأيت هلال رمضان فقال أتشهد أن لا إله إلا الله قال: نعم، قال: أتشهد أن محمداً رسول الله، قال: نعم، قال: يا بلال أذن في الناس فليصوموا غداً. صححه ابن حبان والحاكم. انتهى بتصرف.
وبه تعلم أنه لا مسوغ لهذا الخلاف وتلك الفتن، فإن كان عدل قد رأى الهلال ليلة الثلاثين من شعبان فالأمر واضح وقد وجب على أهل هذه البلد الصوم لشهادته، وإلا وجب إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً لما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1430(11/16329)
التماس رؤية الهلال مشروع ومستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التماس رؤية الهلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن ترائي الهلال من الأمور المشروعة؛ لما فيه من ضبط وقت دخول العبادة، والإتيان بها على الوجه الذي يرضاه الله تعالى، ومن ههنا نص العلماء على استحباب ترائي هلال رمضان كما دلت على ذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن قدامة رحمه الله: وجملة ذلك أنه يستحب للناس ترائي الهلال ليلة الثلاثين من شعبان وتطلبه ليحتاطوا بذلك لصيامهم ويسلموا من الاختلاف، وقد روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحصوا هلال شعبان لرمضان.
وقال في حاشية الروض المربع: ويستحب ترائي الهلال، ليلة الثلاثين من شعبان، احتياطًا لصومهم، وحذارًا من الاختلاف، وعن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان، ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غم عليه، عد ثلاثين، ثم صام. رواه أحمد، وأبو داود، والدارقطني، وقال: هذا إسناد صحيح. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(11/16330)
هل يشترط حكم الحاكم لثبوت الهلال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشترط حكم الحاكم في ثبوت الهلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم هل الشهادة على رؤية الهلال هي من باب الأخبار أو من باب الشهادات؟ فمن قال هي من باب الشهادات اشترط أن تكون بلفظ الشهادة، وأن يكون ذلك في مجلس الحاكم، ومن قال هي من باب الأخبار لم يشترط لثبوت الهلال شيئا ممّا يشترط للشهادة ولم يشترط لثبوته حكم الحاكم.
قال النووي في شرح المهذب مبينا هذا الخلاف: قال أصحابنا: فإن شرطنا عدلين فلا مدخل للنساء والعبيد في هذه الشهادة، ويشترط لفظ الشهادة، ويختص بمجلس القاضي، ولكنها شهادة حسبة لا ارتباط لها بالدعوى، وإن اكتفينا بعدل فهل هو بطريق الرواية أم بطريق الشهادة؟ فيه وجهان مشهوران وحكاهما السرخسي قولين. انتهى.
فتبين بهذا أن الشافعية يشترطون لثبوت الشهر ثبوته عنها الحاكم.
وهؤلاء مع ترجيحهم القول بأنه شهادة، وأنه لا بد من ثبوتها عند الحاكم إلا أنهم قالوا إن من أخبره من يثق بخبره بأنه رأى الهلال لزمه الصوم وإن لم يثبت ذلك عند الحاكم، وصحح كثير من أهل العلم
أن الشهادة على رؤية الهلال من باب الأخبار وليست من باب الشهادات، فلا يشترط إذن في ثبوت الهلال حكم الحاكم.
قال ابن القيم في بدائع الفوائد: وعلى هذه القاعدة مسائل أحدها الإخبار عن رؤية هلال رمضان من اكتفى فيه بالواحد جعله رواية لعمومه للمكلفين فهو كالأذان، ومن اشترط فيه العدد ألحقه بالشهادة لأنه لا يعم الأعصار ولا الأمصار بل يخص تلك السنة وذلك المصر في أحد القولين، وهذا ينتقض بالأذان نقضا لا محيص عنه.
وقال في منح الجليل: لما كان القياس عند المتأخرين رد ثبوت الهلال لباب الإخبار إذا رأوا أن الفرق بين باب الخبر وباب الشهادة أن كل ما خص المشهود عليه فبابه باب الشهادة وكل ما عم فلزم القائل منه ما لزم المقول له فبابه باب الإخبار جعلوا في المذهب قولا بقبول خبر الواحد في الهلال. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(11/16331)
حكم الاعتماد على الحساب الفلكي في تحديد بداية الشهور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الشرع في هذا البيان الذي أُلْزِمَتْ به أغلب المساجد في أوروبا؟ ما حكم من اتبع هذا الكلام وصام رمضان حسب الحسابات الفلكية؟ هل من نصيحة للذين أصدروا هذا البيان وكذلك لمن اتبعهم في تحديد شهر رمضان؟
تحديد بداية شهر رمضان بتاريخ: 11-8-2009
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين...... وبعد
فإن الأمانة العامة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث تنتهز هذه الأيام المباركة لتدعو المسلمين قاطبة إلى الاعتصام بحبل الله تعالى ووحدة الصف ولمِّ الشمل متذكرين قول الله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها....الآية. 103 آل عمران.
ولعل قدوم شهر رمضان يكون فرصة ليستدرك المسلمون مافاتهم فيصلحوا من أحوالهم ويوحدوا صفوفهم وينبذوا ما يفرقهم لعل الله أن يبدل الحال إلى أحسن الأحوال: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.11 الرعد.
كما تود الأمانة العامة أن تؤكد على قرار المجمع الفقهي الدولي في قراره رقم (18) في مؤتمره الثالث لعام 1986م، أنه لا عبرة باختلاف المطالع لعموم الخطاب: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. متفق عليه. وعلى ما صدر عن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في دورته التاسعة عشرة حول إثبات دخول الشهور القمرية والتي أشارت إلى:
1 - أن الحساب الفلكي أصبح أحد العلوم المعاصرة التي وصلت إلى درجة عالية من الدقة بكل ما يتعلق بحركة الكواكب السيارة وخصوصاً حركة القمر والأرض ومعرفة مواضعها بالنسبة للقبة السماوية، وحساب مواضعها بالنسبة لبعضها البعض في كل لحظة من لحظات الزمن بصورة قطعية لا تقبل الشك.
2 - أن وقت اجتماع الشمس والأرض والقمر أو ما يعبر عنه بالاقتران أو الاستسرار أو المحاق حدث كوني يحصل في لحظة زمنية واحدة، ويستطيع علم الفلك أن يحسب هذا الوقت بدقة فائقة بصورة مسبقة قبل وقوعه لعدد من السنين، وهو يعني انتهاء الشهر المنصرم وابتداء الشهر الجديد فلكياً. والاقتران يمكن أن يحدث في أي لحظة من لحظات الليل والنهار.
3 - يثبت دخول الشهر الجديد شرعياً إذا توافر ما يلي:
أولاً: أن يكون الاقتران قد حدث فعلاً قبل غروب الشمس.
ثانياً: أن يكون هناك إمكانية لرؤية الهلال بالعين المجردة أو بالاستعانة بآلات الرصد في أي موقع على سطح الأرض، ولا عبرة لاختلاف المطالع لعموم الخطاب بالأمر بالصوم والإفطار.
ثالثاً: لقبول إمكانية رؤية الهلال لا بد أن تتحقق الشروط الفلكية التالية:
أ - أن يغرب الهلال بعد غروب الشمس في موقع إمكانية الرؤية.
ب - ألا تقلّ زاوية ارتفاع القمر عن الأفق عند غروب الشمس عن (5°) خمس درجات.
ج - ألاّ يقلّ البعد الزاوي بين الشمس والقمر عن (8°) ثماني درجات.
4 - على المسلمين في البلاد الأوروبية أن يأخذوا بهذه القاعدة في دخول الشهور القمرية والخروج منها وخصوصاً شهري رمضان وشوال، وتحديد مواعيد هذه الشهور بصورة مسبقة، مما يساعد على تأدية عباداتهم وما يتعلق بها من أعياد ومناسبات وتنظيم ذلك مع ارتباطاتها في المجتمع الذي تعيش فيه.
5 - يوصي المجلس أعضاءه وأئمة المساجد وعلماء الشريعة في المجتمعات الإسلامية وغيرها بالعمل على ترسيخ ثقافة احترام ما انتهى إليه القطعي من علوم الحساب الفلكي عندما يقرر عدم إمكانية الرؤية، بسبب عدم حدوث الاقتران، وأن لا يُدعى إلى ترائي الهلال، ولا يقبل ادعاء رؤيته.
وبناءً عليه تعلن الأمانة العامة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بخصوص رؤية هلال شهر رمضان المبارك للعام الهجري 1430هـ 2009م، أن المعلومات الفلكية العلمية تؤكد التالي:
1. أن هلال شهر رمضان لعام1430هـ يولد في الساعة (10) و (02) دقيقة و (35) ثانية حسب التوقيت العالمي الموحد (غرينتش) من يوم الخميس الواقع في (20) آب / أغسطس 2009 م أو ما يوافق الساعة (13) و (02) دقيقة و (35) ثانية حسب التوقيت المحلي لمكة المكرمة.
2. أن الرؤية ممكنة في قسم كبير من الجنوب الغربي لأمريكا اللاتينية. ففي مدينة سانتياغو مثلا تغرب الشمس في الساعة (18:17) ويغرب القمر في الساعة (18:51) أي أن القمر يتأخر في غروبه عن الشمس بـ (33) دقيقة ويكون ارتفاعه فوق الأفق أكثر من (5) درجات. وفي مدينة ليما من البيرو تغرب الشمس في الساعة (18:05) ويغرب القمر في الساعة (18:31) أي يتأخر القمر في غروبه عن الشمس بـ (26) دقيقة ويكون ارتفاعه فوق الأفق (6) درجات.
3. وبناء على ما سبق سيكون أول شهر رمضان لعام 1430هـ بإذن الله تعالى يوم الجمعة الموافق لـ (21) آب /أغسطس 2009 م.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا في عدة فتاوى عدم مشروعية الاعتماد على الحساب الفلكي في تحديد بداية الشهور القمرية وانتهائها، وأن القول بالحساب الفلكي يعتبر قولا مخالفا لما دلت عليه الأحاديث الصحيحة ولما اتفق عليه الصحابة ومردود عند جمهور أهل العلم، وأن مجمع الفقه الإسلامي قرر عدم الاعتماد على الحساب الفلكي فانظر لذلك كله الفتوى رقم: 6636. بل ومخالف أيضا للغة العرب التي نزل بها القرآن, فالهلال مأخوذ من الإهلال أي الظهور, فإذا لم يره الناس فهو ليس هلالا ولا عبرة بأقوال الفلكيين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: فَإِنَّ الْهِلَالَ مَأْخُوذٌ مِنْ الظُّهُورِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ فَطُلُوعُهُ فِي السَّمَاءِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْأَرْضِ فَلَا حُكْمَ لَهُ لَا بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا ... وقال أيضا: ... وَذَلِكَ أَنَّ الْهِلَالَ أَمْرٌ مَشْهُودٌ مَرْئِيٌّ بِالْأَبْصَارِ. وَمِنْ أَصَحِّ الْمَعْلُومَاتِ مَا شُوهِدَ بِالْأَبْصَارِ وَلِهَذَا سَمَّوْهُ هِلَالًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ تَدُلُّ عَلَى الظُّهُورِ وَالْبَيَانِ: إمَّا سَمْعًا وَإِمَّا بَصَرًا ... . وهلال أصحاب الفلك ليس هلالا ظاهرا لا بصرا ولا سمعا, وأما البيان المذكور فلنا عليه عدة ملاحظات:
أولا: قولهم: على المسلمين في البلاد الأوروبية أن يأخذوا بهذه القاعدة.... إلخ إن كانوا يعنون أنه يجب على المسلمين أن يأخذوا بهذه القاعدة – كما يدل عليه لفظ (على) – فهذا إيجاب لما لم يوجبه الله ولا رسوله, وأين هي الأدلة الشرعية من الكتاب أو السنة أو الإجماع على وجوب الأخذ بالحساب الفلكي.
ثانيا: إذا كانوا يرون أنه لا عبرة باختلاف المطالع فلماذا لا يوجبون ذلك على المسلمين في الأرض كلها؟! لماذا يوجبونه على المسلمين في أوروبا فقط , وهذا تناقض عجيب.
ثالثا: دعواهم بأن الحساب الفلكي يعتبر قطعيا هذه دعوى يكذبها الواقع فيما نرى, فقد تعدد الحالات التي يخبر فيها الفلكيون باستحالة رؤية الهلال, ثم يثبت رؤيته بشهادة العشرات – وليس الآحاد - من الناس العدول في بلدان المسلمين على اختلافها, وانظر المبحث النفيس الذي ذكره العلامة بكر أبو زيد رحمه الله تعالى حول إثبات أن الحساب ظني وليس قطعيا وذلك في كتابه فقه النوازل (2 /216) وقد ذكر حوادث كثيرة موثقة تدل على أن الحساب ظني وليس قطعيا , وإذا كان الأمر كذلك فليس من الصواب إيجاب الأخذ بالحساب الظني وترك ما جاء به الشرع من الاعتماد على الرؤية أو إتمام شعبان ثلاثين يوما.
والخلاصة أننا نرى أن هذا البيان لا عبرة به وأنه يجب على المسلمين في أوروبا أن يتحروا الهلال فإن رأوه صاموا وإن لم يروه – سواء لأجل غيم أو كان الجو صحوا – أتموا عدة شعبان ثلاثين يوما, وهذا ما جاء به الشرع المطهر وقد قال الله تعالى: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ. {الأعراف: 3} . والاعتصام بحبل الله تعالى الذي ورد في الآية الكريمة التي صدر بها البيان معناه الاعتصام بالكتاب وليس في الكتاب والسنة الاعتماد على الحساب الفلكي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(11/16332)
القول المعتبر في دخول شهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيكم بأطيب التحيات، أنا أعيش في بلد -أفغانستان- أهلها متمسكون بمذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالي تمسكاً حاداً وشديداً، ولا يعملون إلا بفتوى من المذهب الحنفي سواء كانوا أهل العلم أو عامة الناس، والمسألة التي غالباً نقع فيها في حيرة ومشكلة كل عام في شهر رمضان والعيدين هي مسألة رؤية الهلال واختلاف المطالع إلى درجة، ناهيك عن مستوى البلد أو المحافظة، أو المديرية، بل في قرية واحدة في بعض البيوت يفطرون والبعض يصومون، بعضهم يضحون الأضاحي والبعض يؤجلونها لليوم التالي، طبعاً لا يبالون بالحكومة لأنها تحت ظل الاحتلال. اذاً نرجو من سماحة المشايخ والسادة المفتين حفظهم الله أن يفيدونا بقول راجح في المذهب، وأن يكون قريباً لجمع كلمة المسلمين وبعيداً عن الخلاف حتى نقنعهم، وتكونون سبباً لجمع كلمة المسلمين، ونحن نبلغهم إن شاء الله تعالى.
فجزاكم الله عنا وعن كافة أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الجزاء -لو تكرمتم بتعجيل إرسال الجواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في ذكر مذاهب الفقهاء في مسألة اختلاف المطالع كما في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 6636، 2536، 55632، 56512.
والقول المفتى به عندنا والمرجح لدينا هو أنه لكل بلد رؤيته اعتباراً باختلاف المطالع، وقد أفتى بالعمل بذلك المجمع الفقهي التابع لمنظة المؤتمر الإسلامي وغيره، وهذا القول مخالف لقول الحنفية والجمهور، فإذا كان الناس في بلدكم يتحرون رؤية الهلال ولا يعتمدون على الحساب الفلكي فليعملوا بما ظهر لهم، فإن رئي الهلال في بلدكم أو في بلد مجاور يتفق معكم في مطلع القمر فصوموا، وإن لم ير الهلال في بلدكم ولا في بلد يتفق معكم في مطلع القمر فأتموا عدة شعبان، لأن المقصود باعتبار اختلاف المطالع هو الاتفاق في مطلع القمر، وليس المقصود بذلك الاتفاق في حدود الدولة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 41107.
قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى:.. إذا رآه أهل المشرق وجب على أهل المغرب المساوين لهم في الخط أن يصوموا، لأن المطالع متفقة.
وإذا رئي في بلد آخر لا يتفق معكم في مطلع القمر وكان قول الجمهور هو السائد في بلدكم فليعملوا به وليصوموا بناء على رؤية ذلك البلد، وجمع الكلمة على هذا القول خير من التفرق على غيره بحيث يصوم بعض أهل البيت الواحد ويفطر بعضهم، وإذا أوكلت الدولة مهمة تحري الهلال للعدول من الناس فإن كون الدولة تحت الاحتلال هذا لا يبرر عدم الاعتماد على شهادة العدول، وإذا أوكلت تلك المهمة لغير العدول فينبغي لأهل العلم أن يتولوا هم تلك المهمة، هذا ما ننصحكم به، وينبغي لأهل العلم أن يجمعوا الناس على كلمة الحق والعمل بالشرع من غير عصبية ومخالفة لنصوص الشرع، وانظر لذلك الفتوى رقم: 108984. والفتاوى المرتبطة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(11/16333)
لا بأس أن تقلد من يتحرى الهلال في المسألتين
[السُّؤَالُ]
ـ[الجالية الإسلامية في بلد استراليا منقسمون في إثبات رمضان والعيدين على قسمين: منهم من يتبع رؤية الهلال، ومنهم من يتبع إعلان رؤية الهلال في بيت الله الحرام، طبعًا نحن الطلبة منقسمون في الاتباع، فمنهم من يطمئن لهؤلاء، ومنهم من يطمئن لأولئك، وسؤالي هو: إذا كنت متبعًا الفريق الذي يرى رؤية الهلال في رمضان وعيد الفطر، ولكني في عيد الأضحى أتبع الجماعة الثانية التي تتبع بيت الله الحرام (لاطمئناني لهؤلاء في رمضان وعيد الفطر، واطمئناني لأولئك في عيد الأضحى) ، فهل فعلي هذا صحيح، أم خطأ؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا عبرة باختلاف مطالع القمر، فمتى ثبتت رؤية هلال رمضان في بلد وجب على جميع المسلمين أن يصوموا، وذهب الشافعية وبعض الحنفية إلى أن لكل بلد رؤيتهم ولا يلزمون برؤية أهل بلد آخر، وهذا هو الراجح والمفتى به في الشبكة، كما في الفتوى رقم: 56512.
وبناء عليه، فنرى أن تقلد من يتحرى الهلال في المسألتين أي في هلال شوال ورمضان وفي هلال ذي الحجة، ولا مانع من اختلاف يوم الأضحى في البلدان لاختلاف المطالع، علماً بأن لا مانع كذلك من الأخذ بالرأي الآخر في المسألتين أو إحداهما، ما لم يكن القصد منه التشهي بتتبع الرخص، وانظر لذلك الفتوى رقم: 37716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1430(11/16334)
الصيام والفطر إذا رؤي الهلال من خلال هيئة موثوقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيمة في مدينة ليدز بريطانيا وعندنا مشكلة ألا وهي أن شيخ المسجد الشيخ عبد الله جديع يقول إننا نتبع مجلس الإفتاء الأوروبي في صيام شهر رمضان المبارك وكذلك العيد، لكن في هذه السنة الشيخ فجأة قرر أنه لن يتبع المجلس ولا نعرف من سيتبع ولكنه قرر أن يكون يوم الثلاثاء القادم هو أول أيام العيد رغم أن معظم الدول الإسلامية والعربية تقول إنه يوم الأربعاء فنطلب منكم فتوى هل نصوم، أم نفطر، مع العلم بأننا نصلي الجمعة والمواقيت في نفس المسجد فأفيدونا أفادكم الله؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا عبرة باختلاف مطالع القمر، فمتى ثبتت رؤية هلال رمضان في بلد وجب على جميع المسلمين أن يصوموا، وذهب الشافعية وبعض الحنفية إلى أن لكل بلد رؤيتهم ولا يلزمون برؤية أهل بلد آخر، وهذا هو الراجح والمفتى به عندنا، كما في الفتوى رقم: 56512.
فإذا وجد مجلس أو هيئة موثوقة تقوم بتحري رؤية الهلال ورأته فإنه يلزم من كان في بلد الرؤية العمل بها صوماً وفطراً إذا شهد بالرؤية من تقبل شهادته وهو العدل في هلال الصوم والعدلان في هلال الفطر، وإذا لم ير الهلال في بلدكم ولكنه رئي في بلد آخر فلكم الأخذ بقول الجمهور بالصيام والفطر تبعاً لمن ثبت دخول الشهر عندهم من البلاد الإسلامية، ولكم الأخذ بالقول الآخر الذي رجحناه.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 77772.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(11/16335)
الاعتماد في دخول الشهر الهجري على الرؤية لا الحساب
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا وجد خلاف بين الفلكيين في دخول شهر شوال، وأنا اقتنعت أن دخول شهر شوال كان خطأ بالرغم أنه لم يُعلن عن ذلك في البلد، فهل يجب علي صيام يوم عن آخر أيام رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعتبرُ في دخول الشهور الهجرية ثبوت رؤية الهلال بشهادة العدول، ولا مدخل للحساب الفلكي في إثباتِ دخول الشهر من عدمه، ودلائل ذلك كثيرة فمنها قوله صلى الله عليه وسلم: لا تصوموا حتّى تروه، ولا تفطروا حتّى تروه، فإن غمّ عليكم، فاقدروا له. رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته، وافطروا لرؤيته. متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فافطروا. ر واه البخاري.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى العلة من جعل دخول الشهر مبني على ثبوت الرؤية دون الحساب، لما فيه من التيسير على المكلفين، فهذه الشريعة سمحة جاءت للحضري والبدوي، والعالم والجاهل، فلا بد من أن تكونَ طرق معرفة الأحكام الشرعية في متناول كل أحد، وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: إنّا أمّة أميّة، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا، يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين. رواه البخاري من حديث ابن عمر.
وقد تكاثرت نصوص العلماء الدالة على أن إجماع السلف هو ترك العمل بالحساب، وغلطوا من قال بخلاف ذلك.
فقد ذكر الصنعاني قول الباجي في الرد على من قال: إنّه يجوز للحاسب والمنّجم وغيرهما الصوم والإفطار اعتماداً على النجوم، إنّ إجماع السلف حجّة عليهم. انتهى
وقال إبن رشد: إنّ العلماء أجمعوا على أنّ الشهر العربي يكون تسعاً وعشرين، ويكون ثلاثين، وعلى أن الاعتبار في تحديد شهر رمضان إنّما هو الرؤية ... واختلفوا في الحكم إذا غمّ الشهر. انتهى.
قال شيخُ الإسلام ابن تيمية: فإنّا نعلم بالإضطرار في دين الإسلام، أنّ العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدّة أو الإيلاء، أو غير ذلك بخبر الحاسب، أنّه يرى أو لا يرى، لا يجوز ... ، وقد أجمع المسلمون عليه، ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلاً، ولا خلاف حديث، إلاّ أنّ بعض المتأخرين من المتفقّهة الحادثين بعد المائة الثالثة، زعموا أنّه إذا غمّ الهلال جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب، وهذا القول وان كان مقيداً بالإغمام ومختصاً بالحاسب، فهو شاذ، مسبوق بالإجماع على خلافه، فأمّا اتباع ذلك في الصحو، أو تعليق عموم الحكم العام به، فما قاله مسلم. الفتاوى لإبن تيمية. انتهى.
ومن نقل عن مطرف بن عبد الله تجويز العمل بالحساب لم يصب،فالنقل عنه غير صحيح، وقد أطنب ابن عبد البر في التمهيد ومن بعده الحافظ في الفتح في تقرير هذه المسألة بما يُراجع منهما.
والخلاصة: أنه لا اعتداد بأقوال الفلكيين وآرائهم في ثبوت دخول الشهر من عدمه، وأن المعتبر في ذلك هو الرؤية الشرعية، فمتى شهد العدول برؤية الهلال وجب الصوم والفطر، فإذا كان شهر شوال قد ثبت في البلد التي أنتِ فيه ثبوتاً شرعياً فلا يقول أحدٌ من العلماء بأنه يلزمك القضاء بسبب قول بعض الفلكيين، بل من قال بهذا فقد أبعد النُجعة، وعليه فقضاء هذا اليوم غيرُ واجبٍ عليكِ ولا مشروعٍ في حقك.
وأما كونكِ اقتنعتِ بخطأ الرؤية الشرعية فاعلمي أن اقتناعكِ ليس حجةً على الشرع، بل يجبُ عليكِ أن تجعلِي قناعتكِ موافقةً لما دلت عليه النصوص، ولو سلمنا جدلاً أن الرؤية كانت خطأ في نفس الأمر فلا يضرُ هذا شيئا لما ثبت عند أبي داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1429(11/16336)
الاختلاف في إثبات دخول الشهر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقيم بفرنسا ودائما نختلف على هلال رمضان وهلال العيد إذ أن العائلة الواحدة تنقسم إلى شطرين النصف يصوم اليوم والنصف الآخر يصوم غدا ونفس الشيء يحصل في العيد، وأنا صراحة أصوم حسب المملكة السعودية وأفطر لفطرها ونصف عائلتي يصوم لفرنسا ويفطر لفطرها والنصف الأخر يصوم بصيام السعودية ثم يفطر لفطر فرنسا وقد سئمت من هذه المهزلة التي لا تستند إلى أصول، ألم يقل النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أن للمسلمين عيدين فلماذا يتخذ كل واحد منا لنفسه عيداً خاصا به متى شاء ذلك، ولماذا يكون لكل بلد يوم عرفة خاص به وحسب معلوماتي فيوم عرفة يوم يكون الحجاج في جبل عرفة، فلماذا يتخذ البعض يوم عرفة قبل أو بعد أن يكون الحجاج في جبل عرفة، فأجيبوني أرجوكم، هل أنا المخطئة أم هم، وإن كنت كذلك فأجيبوني كي أصحح خطئي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك حرصك على وحدة الصف واجتماع الكلمة، ولكن لا بد من أن تتنبهي إلى أمور ليحصل لك بها ضبط هذه الغيرة المحمودة إن شاء الله، وفيها تصحيح لبعض ما ورد في سؤالك من مجانبة الصواب.
أولاً: اختلف العلماء فيما إذا رئي الهلال في بلد، هل تلزم رؤيتهم رؤية جميع البلاد، فذهب الجمهور إلى هذا القول، وذهب الشافعي في الجديد إلى أن لأهل كل بلد رؤيتهم، وحكاه الترمذي عن أهل العلم، وهو قول كثير من المعاصرين، لكن لا بد أن تعلمي أن الهلال إذا رئي في البلد التي أنت فيها فلا يجوز ترك رؤيتهم إعتماداً على عدم رؤيته في بلد آخر، لأن الهلال في هذه الحالة قد ثبت بطريق شرعي.
ثانياً: ليس الضابط هو رؤية الهلال في السعودية دون غيرها، بل الضابط عند من يرى أن رؤية البلد الواحد رؤية لجميع البلاد هو أن تثبت رؤية الهلال في أي قطر، وانظري لذلك الفتوى رقم: 100777.
ثالثاً: المتبع في هلال ذي الحجة في جل الدول هو اتباع المملكة العربية السعودية في ذلك لما أن المشاعر في بلادهم، ومن ثم فلا توجد المشكلة ذاتها في يوم عرفة وعيد الأضحى كوجودها في أول رمضان وعيد الفطر، وإن كان الخلاف جارياً في هلال ذي الحجة جريانه في هلال رمضان وشوال سواء بسواء، فلا مانع عند القائلين بأن لكل أهل بلد رؤيتهم من أن يكون يوم عرفة في بلد غير يوم عرفة في البلد الآخر، وليس في هذا تفريق للمسلمين بل كل فريق من العلماء تبنى ما رآه موافقاً للدليل من وجهة نظره.
رابعاً: الذين يصومون لغير رؤية بلدهم ولا يفطرون إلا مع بلدهم يتناقضون، إذ باب المسألتين واحد.
خامساً: إذا كنت تعملين بأحد القولين في المسألة وتأخذين برؤية الهلال إذا ظهر في غير البلد الذي أنت فيه، فهذا قول طائفة كثيرة من أهل العلم، ولا تثريب على من عمل به، ولكن ليس لمن عمل بهذا القول أن يظهر مخالفته الناس بل عليه أن يعمل به في خاصة نفسه، لما يجره ذلك من الفتن والشرور.
سادساً: إذا كان أهل البلد الذي أنت فيه يتحرون الهلال ثم لم يروا الهلال وعمل الناس بمقتضى ذلك ولم يلتفتوا إلى رؤية البلاد الأخرى فهذا قول طائفة كبيرة من أهل العلم، وهو ما رجحناه من قبل في فتاوى كثيرة، والأخذ بهذا القول أبعد عن إثارة الفتن بين المسلمين، فلا داعي البتة لهذه النبرة الحادة التي نلمسها في سؤالك.
والذي يأخذ برؤية بلده دون غيرها له أسوة بابن عباس، فقد رأى العمل برؤية أهل المدينة، دون أن يلتفت إلى رؤية أمير المؤمنين معاوية بالشام، وكان أهل الشام قد رأوا هلال رمضان قبل أهل المدينة بيوم، والخبر عند مسلم في صحيحه، وقال الترمذي عقب إخراجه له: والعمل على هذا عند أهل العلم يرون أن لكل أهل بلدٍ رؤيتهم. انتهى. ولا يقول أحد من الناس إن ابن عباس فرق الأمة وجعل لها عيدين.
والخلاصة: أن المسألة اجتهادية، وفيها للعلماء قولان معروفان، فمن عمل بأحدهما باجتهادٍ أو تقليد سائغ فلا حرج عليه، ولا يجوز لأحد أن ينكر على من يخالفه في هذه المسألة باجتهاد أو تقليد سائغ، وبخاصة إذا كان من يخالفه هو من يصوم ويفطر مع الجماعة ومعظم الناس، ولكن بمقتضى مراعاة المصلحة الأرجح ليس لأحد أن يظهر خلاف عموم الناس في الصوم والفطر حرصاً على عدم توسيع رقعة الخلاف بين المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1429(11/16337)
كيف نصوم عند عدم مراعاة الضوابط الشرعية في إثبات بدء الصيام والفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من إيران (جنوب إيران) لدي سؤال يتعلق بصيام يوم الثلاثاء الماضي (عيد الخليج) !
نحن نعيش في بلده أفقها مع أفق الدوحة (قطر) بعض من أهل البلدة صاموا يوم الثلاثاء لأنهم يقولون نحن لم نر الهلال وسنكمل ثلاثين، وبعض منهم وأنا أيضا أفطرنا هذا اليوم لأن قدوتنا هي المملكة السعودية نصوم معهم ونفطر معهم ولأنه هنا في إيران علماء أهل السنة ليس لديهم سلطة كافية لإعلان متى نصوم أو نفطر وأريد أن أتيقن من هذا، هل نحن نستطيع أن نصوم مع قطر أو السعودية ونفطر معهم، وأنا هل علي أن أقضي هذا اليوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المسلم يعتمد في صومه وفطره على رؤية الهلال في بلده الذي يقيم فيه بشرط أن يكون الاعتماد في ذلك البلد على الرؤية الشرعية لا على التقويم الفلكي فيفطر ويصوم مع أهل بلده، ولكن إن كانت اللجنة الموكل إليها تحري الهلال لا تراعي الضوابط الشرعية في إثبات بدء الصيام والفطر، ولم يتمكن الناس من تحري الهلال بأنفسهم أو إعلان رؤيته فلا مناص من أن يصوموا مع أقرب بلد منهم يتحرى الهلال بطريقة منضبطة شرعا، وفي هذا إعمال لقول الجمهور من أنه إذا رئي الهلال في بلد لزم الناس كلهم الصوم، وبناء على هذا فمن صام أو أفطر اعتمادا على ما سبق فهو على صواب وليس عليه قضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1429(11/16338)
هل إذا كان شعبان تاما فلا بد أن ينقص رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدى صحة هذا القول: إذا كان شهر شعبان ثلاثين يوما فلا بد أن يكون شهر رمضان تسعة وعشرين يوما، لأنه من المستحيل أن يتعاقب شهران قمريان كلاهما ثلاثون يوما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا القول غير صحيح فقد ثبت بالمشاهدة المتواترة توالي الشهور الكاملة ثلاثين يوما والذي ذكر بعض أهل العلم ندور تواليه هو أربعة أشهر تامة كلها أو ناقصة كلها.
قال الشيخ محمد عليش المالكي في منح الجليل: لكن ذكر ابن رشد في جامع المقدمات نحو ما ذكره علي الأجهوري قائلا لا تتوالى أربعة أشهر ناقصة أو تامة إلا النادر فانظره وتأمله، قلت ما ذكره ابن رشد ليس نحو ما ذكره علي الأجمهوري لزيادة ابن رشد قوله إلا في النادر فلم يجعل القاعدة كلية فلذا ألغاها الإمام رضي الله عنه. وانتهى.
ومع هذا فإنه لا دليل في الشرع على عدم توالي أربعة أشهر تامة أو ناقصة، فلو لم ير الهلال أزمنة طويلة فإن الواجب تكميل الشهور كلها.
قال خليل: ومن لا يمكنه رؤية ولا غيرها كأسير كمل الشهور. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(11/16339)
العاجز عن تحديد أول رمضان إذا صام بعد دخوله بأيام
[السُّؤَالُ]
ـ[لسبب ما لم تكن له أي وسيلة لمعرفة هل بدأ رمضان أو لم يبدأ بعد. وبعد اجتهاد بدأ الصيام وصام 30 يوما, فيما بعد تبين له أنه بدأ الصيام 11 يوما بعد بداية رمضان. فماذا تفتونه به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذي بدأ الصيامَ بعد ابتداءَ رمضان بأحدَ عشرَ يوماً إذ لم يمكنه تحديدُ وقت ابتداء الشهر لعذر كأن كان محبوساً أو نحو ذلك، فقد وقع ما صامه عن رمضان فيه وهو بقية الشهر صحيحاً مجزئاً، وأما ما صامه بعد الشهر فقد وقع صومه له صحيحاً كذلك مسقطاً للفرض في قول عامة العلماء، لكن يلزمه قضاء يوم لأنه قد وقع في أثناء صيامه يوم العيد وصومه لا يصح، قال الخرقي في مختصره: وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير, فإن صام شهرا يريد به شهر رمضان, فوافقه, أو ما بعده أجزأه, وإن وافق ما قبله لم يجزه.
قال شارحه الموفق: وجملته أن من كان محبوسا أو مطمورا, أو في بعض النواحي النائية عن الأمصار لا يمكنه تعرف الأشهر بالخبر, فاشتبهت عليه الأشهر، , فإنه يتحرى ويجتهد, فإذا غلب على ظنه عن أمارة تقوم في نفسه دخول شهر رمضان صامه, ولا يخلو من أربعة أحوال: أحدها, أن لا ينكشف له الحال، فإن صومه صحيح, ويجزئه لأنه أدى فرضه باجتهاده. فأجزأه, كما لو صلى في يوم الغيم بالاجتهاد. الثاني: أن ينكشف له أنه وافق الشهر أو ما بعده، فإنه يجزئه في قول عامة الفقهاء. انتهى. محل الشاهد منه وقد ذكر بقية الحالات بما تحسن مراجعته في المغني.
وقال رحمه الله في سياق شرح المسألة: فإن دخل في صيامه يوم عيد لم يعتد به. انتهى.
والخلاصة: أن صومه وقع صحيحاً مجزئاً وأنه يلزمه قضاءُ يومٍ مكان يوم العيد إلا إذا ثبت أن رمضان في بلده كان تسعة وعشرين يوما فقط فإنه حينئذ لا يلزمه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(11/16340)
مسائل حول إثبات دخول شهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
فضيلة الشيخ: ... ...
نحن أبناؤكم طلاب دارسون في مدينة ميسور (جمهورية الهند) ، ولدينا إشكالية فيما يتعلق بتحديد أول يوم من شهر رمضان المبارك ويومي عيد الفطر وعيد الأضحى المباركين، والإشكالية تتمثل فيما يأتي:
* يوجد في هذا البلد نسبة كبيرة من المسلمين وهناك مساجد وجمعيات وغيرها، والذي يحصل أن أول أيام شهر رمضان ويوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى يثبت بالتقويم في بداية كل عام كون حكومة الهند غير مسلمة فتطلب من المسلمين ومن غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى تحديد أيام أعيادهم لاعتمادها عطلة رسمية في التقويم، وعندما نناقش المسلمين في هذا البلد في ذلك يقولون إن لديهم لجنة لتحري رؤية الهلال ولكن الملاحظ خلال وجودنا لبضع سنوات في هذا البلد أنهم غالبا ما يعتمدون على التقويم مع العلم أنه في بعض السنوات كالسنة الماضية كان هناك فرق يومين بين الصيام هنا في مدينتنا وبين معظم الدول العربية كالسعودية وغيرها.
*الجدير بالذكر أن الهند تتكون من عدة ولايات مستقلة، وغالبا ما يختلف تحديد أول يوم من رمضان ويومي عيد الفطر وعيد الأضحى من ولاية إلى أخرى، بل وصل الحد إلى أنه في العام الماضي حصل اختلاف في الصيام والفطر وتقديم الأضاحي بين بعض المدن في إطار الولاية الواحدة. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
*أيضا بالنسبة لعيد الأضحى المبارك عادة لايتوافق العيد هنا مع العيد في المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية وحجتهم في ذلك أن لديهم مطلع غير مطلع السعودية.
* وحيث إن المدينة " ميسور " التي نحن نسكنها يقطنها كثير من المسلمين ولديهم مساجد عامرة بالمصلين حتى أنهم يصلون التراويح في جماعات بالمساجد، إلا أننا نجد حرجا في تحديد أول أيام الصيام ويومي عيد الفطر وعيد الأضحى المباركين.
* وبالمناسبة فإن الطلاب العرب في هذه المدينة قد اختلفوا على آراء:
الأول: أن نصوم مع أهل هذه المدينة التي نحن فيها وأن نفطر معهم على أي حال.
الثاني: أن نصوم مع أقرب بلد مسلم وهي باكستان ولكن فيها نفس الإشكالية المذكورة أعلاه. ...
الثالث: أن نصوم مع المملكة العربية السعودية كونها متضمنة المدينة النبوية والبيت الحرام قبلة المسلمين.
الرابع: أن يصوم كل واحد مع الدولة التي ينتمي إليها، فالمصري يصوم مع مصر، واليمني يصوم مع اليمن، والسعودي يصوم مع السعودية، وهكذا. ... ...
لذا نرجو منكم أن تفيدونا ما هو الرأي الأسلم بحسب الشرع حتى نقتفيه ويزول الإشكال في مسألة تحديد أول أيام الصيام ويوم عيد الفطر، وهل نقدم أضاحينا مع المسلمين في هذا البلد أم مع المسلمين في السعودية وغيرها من الدول العربية، أفيدونا حفظكم الله ونفعنا الله بعلومكم. ... ... (نحن في انتظار الرد)
أبناؤكم طلاب عرب موفدون للدراسة
مدينة ميسور
الهند
شعبان 1429 هـ ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإشكالات التي ذكرها الأخ السائل هي إشكالات يعاني منها كثير من المسلمين إن لم يكن أكثرهم في كل عام عند تحديد دخول رمضان والعيد والحج لاسيما من كان منهم يعيش في بلد غير إسلامي، ولو أن المسلمين عملوا بما جاءت به الشريعة في هذا الباب لزال كثير من تلك الإشكالات ولضاقت دائرة الخلاف، وذلك أن الشريعة علقت إثبات دخول الشهر على رؤية الهلال أو إتمام عدة شعبان ثلاثين يوما عند عدم رؤيته ولا يخلو الحال عندكم من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون المسلمون في تلك البلد يتحرون رؤية الهلال بالعين، وهنا لا يخلو الأمر من حالتين:
الأولى: أن تثبت رؤية الهلال بخبر العدل فيجب عليكم حينئذ الصوم ولا تلتفتوا بعد ثبوت رؤية الهلال عندكم إلى بلد آخر غير بلدكم.
الثانية: أن لا يرى الهلال عندكم سواء كان الجو صافيا أو غائما فتتمون عدة شعبان ثلاثين يوما ثم إذا رئي الهلال في دولة أخرى فالمرجح والمفتى به في موقعنا في هذه الحال أنكم تتمون شعبان ثلاثين ولا تصوموا على رؤية غير بلدكم ما دامت تختلف معها في المطلع.
الأمر الثاني: أن يكون المسلمون يعتمدون على الحساب الفلكي ولا يتحرون رؤية الهلال فهنا يلزمكم أنتم أن تتحروا الهلال فإن لم يمكنكم تحريه فلكم أن تصوموا على أقرب بلد لكم يتحرى الهلال، وانظر الفتوى رقم: 12470.
وأما الآراء التي ذكرها السائل:
فالرأي الأول وهو الصوم مع أهل مدينتكم على كل حال- فهذا بإطلاقه- ولو كانت لا تتحرى الهلال وتعتمد على الفلك مخالف لما جاءت به الشريعة وذكرناه سابقا من رؤية الهلال أو إتمام عدة شعبان.
وأما الرأي الثاني وهو الصوم على أقرب بلد وهي باكستان فهذا كما ذكرنا جائز فيما إذا لم توجد لجنة عندكم تتحرى الهلال ولم يمكنكم أنتم تحريه وكانت باكستان تتحرى الهلال، فإن اختل شرط من هذه الشروط الثلاث فلا تصوموا بناء على قولهم.
وأما الرأي الثالث وهو الصوم مع السعودية فهذا جائز إذاتعذر عندكم تحري الهلال ولم توجد لجنة تتحرى الهلال ولا بلد مجاور يتحراه فعندئذ صوموا مع السعودية أو غيرها ممن لا يعتمد على الحساب وثبت عنده رؤية الهلال مراعاة لقول من قال إذا رآه أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم، والعمل بهذا خير من البلبلة التي تعيشونها.
وأما الرأي الأخير وهو أن يصوم كل واحد مع بلده الأصلي فهذه بدعة ما أنزل الله بها من سلطان وتزيد الأمر تعقيدا والمسلمين خلافا وفرقة، وراجع الفتوى رقم: 29107، والفتوى رقم: 6636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(11/16341)
المسافر إذا رجع لبلده هل يفطر بفطرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ليبي وأنا الآن في رومانيا للدراسة، ولقد بدأت صيام رمضان في رومانياعلماً بأني صمت يوم (1-9- 2008) حسب إمساكية شهر رمضان المبارك علماً بأن ليبيا صامت قبلنا بيوم وأنا سوف أعود إلي ليبيا يوم 28 رمضان بتوقيت رومانيا وليبيا 29 رمضان بتوقيت ليبيا، سؤالي هو إذا ليبيا صامت 29 يوما ماذا أفعل وإذا صامت ليبيا 30 يوما ماذا أفعل، أجيبوني على هذا السؤال؟ بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البلد الذي ستذهب إليه يعتمد ما ورد به الشرع في ثبوت رؤية هلال رمضان أو هلال شوال فإنك تفطر بفطرهم، فإن صاموا تسعاً وعشرين لزمك قضاء يوم، وإن صاموا ثلاثين يوماً لم يلزمك قضاء يوم لأنك صمت تسعاً وعشرين يوماً، وقد سبق بيان هذه المسألة بالتفصيل في الفتوى رقم: 11673.
وأما إن لم يكن ذلك البلد يعتمد على ما ورد به الشرع في ذلك فعليك بالاعتبار برؤية أقرب بلد إليكم والفطر بفطرهم، وانظر لذلك الفتوى رقم: 70722.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(11/16342)
تأخرت مدينتها في الصوم عن المدينة المجاورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في ولاية متشيغن والمدينة التي أعيش فيها أثبتت أن رمضان يوم الثلاثاء وهي المدينة الوحيدة التي بدأت بشعبان مختلفة عن المدن التي تجاورنا.
المدن التي تجاورنا وهي على بعد تقريبا ساعة أثبتت أن رمضان يبدأ يوم الإثنين على أساس أنهم لم يتمكنوا من رؤية الهلال يوم السبت وأصبح الأحد متمما لشعبان!! فإذا أردت أن أصوم مع المدن المجاورة هل يقع علي إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الترمذي رحمه الله عقبَ ذكره لخبرِ كريبٍ مع ابن عباس وهو في صحيحِ مسلم وحاصله أن ابن عباس لم يأخذ برؤية معاوية، قال أبو عيسى: والعملُ على هذا عند أهل العلم، يرونَ أن لأهل كل بلدٍ رؤيتهم مادامت المطالع مختلفة أي يمكن أن يطلع القمر في هذا البلد دون ذاك.
وعليه، فإذا ثبتت رؤية الهلال بطريقٍ شرعي في المدن المجاورة لكم وكانت متحدةٌ معكم في المطلع وهذا هو الغالب، لزمَ أهلُ مدينتكم الصوم والفطر لما قدمناه، وصيامك معهم في هذه الحالة هو المتعين، أما إذا كانت تلك البلاد تختلف مع البلد الذي أنت فيه فلا يلزم أهل البلد الذي أنت فيه الصوم برؤية تلك البلاد، لكن إذا صمتِ لرؤية المدن المجاورة في هذه الحالة عملا بقول من يقول بأن رؤية البلد رؤية لسائر البلدان فلا حرج عليك، لأن المسألة اجتهادية ومذهبُ الجمهور أن الهلال إذا ظهرَ في بلد لزم جميع الناس الصوم والفطر، لكن عليكِ إذا خفتِ من حصول مفسدة وفتنة أن تصومي سراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(11/16343)
الصيام والفطر إذا لم تختلف المطالع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيم وأعمل بدولة الإمارات وأسكن في مدينة تتبع سلطنة عمان على الحدود مباشرة مع الإمارات, وهذا العام 1429 هـ تأخرت سلطنة عمان عن الإمارات بيوم في بداية شهر رمضان ولكنى بدأت الصوم مع دولة الإمارات، خوفاً من أن أكون أنا الوحيد المفطر في أول يوم من رمضان بين زملائي بالعمل وخوفاً من أن أنتقل للسكن في الإمارات خلال الشهر الكريم، وأكون قد اختلفت في البداية عن الإمارات في الصوم.
والسؤال: هل يصح صيامي مع الإمارات؟ وهل لو حدث اختلاف في يوم العيد مع من يكون عيدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت على صواب في صيامك بصوم الناس في دولة الإمارات، وصومك صحيح وإذا سبقت رؤية شهر شوال في الإمارات فأفطر معهم أيضا، فالمسافة بين الدولتين المذكورتين في اعتقادنا قريبة جدا، ولا تختلف المطالع بينهما بناء على اعتبار اختلاف المطالع في هذا الأمر، وهو الراجح. وقال بعض أهل العلم بعدم اعتبار ذلك أصلا، وإذا خشيت شرا أو سوء ظن بالفطر أو الصوم فليكن سرا.
وراجع الفتوى رقم: 39847.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(11/16344)
يدرسون في بلد يصوم فيه المسلمون ويفطرون على التقويم
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ندرس في بلد غير إسلامي لكن يوجد به مسلمون ولكنهم لا يصومون ويفطرون على الهلال بل على التقويم فهل يجب علينا أن نصوم معهم أم نصوم مع بلدنا ... أفتونا جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرؤية الشرعية لهلال شهر رمضان أو شوال أو غيرهما إنما تثبت برؤية العين المجردة، وبالتالي فإذا كان البلد الذي تقيمون فيه لا يعتمد إلا على التقويم الفلكي فلا تصوموا ولا تفطروا معهم، بل تحروا رؤية الهلال بأنفسكم فتصوموا إذا رأيتم هلال رمضان وتفطروا إذا رأيتم شهر شوال، وبإمكانكم الأخذ برؤية الهلال في بعض البلاد القريبة التي لا تختلف في المطالع مع بلدكم.
ومن أخذ برؤية بلد آخر بعيد مقلدا لمن يرى من أهل العلم عدم اعتبار اختلاف المطالع فلا حرج عليه في ذلك، وراجع الفتوى رقم: 77923، والفتوى رقم: 39425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(11/16345)
رؤية الهلال في بلد هل تعتبر رؤية لسائر البلاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في نيوزيلاند وهي كما تعلمون هي أول بلد تشرق فيه الشمس ويبدأ بها اليوم على وجه الأرض، المسلمون هنا قلة وهناك مشكلة نواجهها كل عام بالنسبة لبدء شهر رمضان المبارك، كل عام يقوم المعنيون بشؤون المسلمين بإعلان بداية شهر رمضان بتأخير يوم أو يومين عن الدول الإسلامية مع أن المنطق أن نيوزيلاندا تسبق جميع الدول من ناحية زمنية كما أسلفت، وفي نهاية شهر رمضان يكتشفون أن بداية الصوم كانت خطأ.
السؤال هو: هل أتبع الدول الإسلامية بالنسبة لبداية الصوم أم أتبع ما يقرره قادة المسلمين في نيوزيلاند مع العلم أنهم مخطئون؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المسلمون في بلدك يرون الهلال رؤية شرعية ولا يكتفون بالعمل بالحساب فالذي يفتي به كبار العلماء المعاصرين -وهو مذهب الشافعي في الجديد- أن لكل أهل بلدٍ رؤيتهم، وانظر لذلك الفتوى رقم: 39703، والفتوى رقم: 39425.
وأما إذا كان الناس في البلد الذي أنت مقيم به لا يعتمدون على الرؤية الشرعية للهلال وإنما يكتفون بالحسابات الفلكية فهذه الحسابات الفلكية لا يثبت بها دخول الشهر ولا خروجه عند عامة العلماء، وقد بين بطلان العمل بها ابن عبد البر في التمهيد ومن بعده شيخ الإسلام ابن تيمية ثم الحافظ ابن حجر في الفتح.
وعلى هذا فعليكم أن تكملوا شعبان ثلاثين إذا لم تروا هلال رمضان، هذا إذا كنتم قد رأيتم هلال شعبان، ولكم أن تعملوا برؤية بلدٍ من بلاد المسلمين يشتركون معكم في جزء من الليل يرى أهله الهلال رؤية شرعية، بناء على القول بأن الرؤية في بلد رؤية لسائر البلاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(11/16346)
متواجد في الجزائر ويصوم رمضان وفق رؤية السعودية ويفطر وفق رؤيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الزواج أصبحت أعيش في فرنسا مع زوجي وأهله ووجدتهم يتبعون السعودية في صيام شهر رمضان, وفي رمضان الفائت كان أهل زوجي في الجزائر لما جاء شهر رمضان لكنهم رغم أنهم في بلد مسلم لكنهم يصومون مع السعودية ويفطرون معها, وفي منتصف رمضان سافرت أنا وزوجي إلى الجزائر (إلى أهله) وكنا صائمين مع السعودية ولما جاء العيد في السعودية كان في الجزائر لا يزال رمضان, ونحن لو أكملنا صيام ذلك اليوم في الجزائر نصير صمنا 30 يوما, وقلت لهم: نكمل الشهر معهم لأنه اليوم 30 وليس 31 يوم فقالوا لي: نحن دائما نتبع السعودية وأنت دائما تعاندين ولا تسمعين الكلام ... واضطررت أن أفطر معهم وسؤالي: هل يجوز هذا أم لا؟ أو أعيد صيام هذا اليوم وحتى لو يكون ردكم أن أعيد هذا اليوم فإني لا أقول لزوجي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلمِ فيما إذا ظهرَ الهلال في بلدٍ من البلاد هل يلزم الناسُ جميعاً الصومُ والفطر أو لا، وبينَّا أن الراجح العمل باختلاف المطالع وانظري الفتوى رقم: 6636، والفتوى رقم: 13807، والفتوى رقم: 70722، وفي هذا القول دفعٌ للفتنة ونفيٌ للخلاف، ولكن إذا كان الإنسان يرى رأي الجمهور وهو أن رؤية البلد الواحد تلزمُ جميع الناس، فعليه أن يعمل بهذا سراً دون أن يُظهره، فإذا كان المسلمُ في بلد رؤي فيه الهلال رؤيةً شرعية فالذي نرى له أن يصوم ويُفطر مع أهل تلكَ البلد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون. رواه أبو داود والترمذي وحسنه، ولأن المسألة من مسائل الاجتهاد فالظاهرُ أنه لا يلزمك قضاء ذلك اليوم الذي أفطرته متابعةً لزوجك على مذهبه، وإن أردتِ قضاءه احتياطا فحسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1429(11/16347)
بداية شهر رمضان في أوروبا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسألكم سؤالا، ولا أسأل أحدا بعد، نحن في رمضان هنا في فرنسا منا من يصوم حين تعلن السعودية حلول رمضان، ومنا من يصوم حين تعلن الجمعية الإسلامية بمسجد باريز أو مسجد ليون الكل بفرنسا، والكل متفقون بينهم أعني المسجدين، أقول عندنا مسجد في قرية صغيرة خمسين في المائة يصومون أو يفطرون مع السعودية والبقية حسب ما تعلن به الجمعية الإسلامية بباريز.
نحن إن شاء الله نريد أن نتوحد، ولهذا نريد منكم فتوى أنتبع المملكة العربية السعودية أم نتبع الجمعية الإسلامية بباريز أو نتبع البلد الإسلامي القريب لفرنسا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما نختاره لكم هو اتباع الجمعية الإسلامية بباريس إن كانت تتحرى الهلال، ومما ننبهكم عليه أن مسألة الرؤية للهلال واتباع كل بلد رؤيتهم أو الاكتفاء برؤية موحدة هي من المسائل القديمة والتي كثر حولها البحث، وقد ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن الرؤية الواحدة كافية لعموم بلاد الإسلام، وذهب الإمام الشافعي وجماعة إلى قول باختلاف المطالع ولكل أدلة بيانها في الفتوى رقم: 6636.
وعلى كل فمن عمل بأحد القولين فلا حرج عليه ولا تثريب لأنه قول اجتهادي سائغ مع اختيارنا لكم ما تقدم.
وراجع الفتوى رقم: 56270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(11/16348)
الاستدلال على رؤية الهلال فلكيا
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يستدل على هلال رمضان فلكياً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطريقة الاستدلال على رؤية الهلال بواسطة علم الفلك يرجع فيها إلى المختصين في هذا المجال، ولا علم لنا بها، لكن ننبهك إلى أن الهلال لا يثبت شرعاً إلا برؤية العين المجردة وليس بالإثبات عن طريق علم الفلك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 11921.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(11/16349)
العبرة برؤية هلال ذي الحجة في بلادكم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلن المركز الإسلامي باليابان أن عيد الأضحى المبارك يوم الخميس ونحن من عدة دول مختلفة ونقيم هنا للدراسة وانقسمنا لفريقين الأول يقول بصلاة العيد يوم الأربعاء اتباعا للسعودية على أساس أن وقفة عرفات مرتبطة بالزمان والمكان، أما الفريق الآخر وهم من بنجلاديش وباكستان وماليزيا فيعتبرون العيد زمانيا فقط، فما هو الصواب بارك الله فيكم علما بأننا نصوم وقفة عرفات ونضحي أيضا والحمد لله نرجو الإفادة للأعوام القادمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبرة برؤية هلال ذي الحجة في بلادكم، وبناء على هذه الرؤية يكون صومكم اليوم التاسع من ذي الحجة، واعتبار اليوم الذي بعده وهو العاشر من ذي الحجة يوم عيد الأضحى، واختلاف المطالع معتبر، فليس عليكم اتباع رؤية السعودية إن كان بينها وبين بلدكم اختلاف في المطالع. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 3336، والفتوى رقم: 13807.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(11/16350)
مسائل في ثبوت صوم رمضان أو الإفطار منه
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية أريد التعريف بنفسي, أنا فتاة مسلمة من المغرب, شغلني الموضوع الذي يتعلق بالاختلاف الحاصل في تحديد الشهور الهجرية مثلا: ليلة القدر يقال إنها في ليلة وترية وهي ليلة واحدة, لكن المشكلة عندنا في المغرب لم نعد نفرق بين هل إذا كان اليوم وتري أم لا، فسؤالي إليكم هو التالي: هل أتبع المملكة العربية السعودية في بداية الصيام والإفطار وبهذا يمكنني تحديد الأيام الوترية، ونعلم أيضا أن عرفة واحد وليس أكثر, وليس لكل دولة يوم عرفة, والسؤال الذي أود الحصول على جواب مفصل من سيادتكم عليه هو من أراد صيام هذه الأيام العشرة المباركة اقتداءاً بالسنة النبوية الشريفة، فهل يصومها بالموازاة مع إخواننا القاطنين بالمملكة العربية السعودية، نتمنى منكم إجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم أن يكون على علم بأشهر السنة القمرية ليكون على بصيرة بدخول شهر الصيام ووقت الحج، ولأن العام الهجري هو المعتبر في حول الزكاة أيضاً.
أما فيما يتعلق بسؤال الأخت الكريمة.. فإن الأصل في ثبوت صوم رمضان أو الإفطار منه رؤية الهلال، واختلاف المطالع معتبر على الراجح، فلا يصوم المسلم بصوم بلد بعيد عنه، وإذا لم ير الهلال ببلده راعى في أمر الرؤية ما يجاور بلده من البلدان.
وتوضيح ذلك أنها إن كانت تقيم في المملكة العربية السعودية فلتعتبر رؤية المملكة في صيام رمضان والإفطار وتحديد ليالي الوتر من رمضان، وكذلك الأمر بالنسبة لعشر ذي الحجة ويوم عرفة وصيام تسع ذي الحجة، وإن كانت تقيم في المغرب ونحوها من البلاد البعيدة عن البلد المذكور فلتعتبر رؤية البلد الذي تقيم فيه في سائر ما تقدم ذكره.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29105، 14067، 6636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(11/16351)
هل يصوم ويفطر كل الناس بصوم وإفطار السعودية
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله أنكم لم تخيبوا أملي بالرد وجزاكم الله عنا وعنكم كل خير، أما فيما يتعلق برسائلي التي وصلتكم وطلبتم إعادتها:
أولاً: ما حكم بداية الصيام والإفطار في الدول غير الإسلامية علماً بعدم وجود مركز إسلامي معتمد وكل ملّة للأسف تفعل على هواها مع وجودهم في نفس المدينة!!
وما حكم أن بعض الأشخاص يعتمدون على الفلك في ظهور الهلال والبعض الآخر يقوم باتباع المملكة السعودية بغض النظر عن أي شيء باعتبار أن كل العالم يعتمد عليها في الحج الكريم وعيد الأضحى؟؟؟.
ولدي طلب آخر وهو إيصال صوتي عن طريقكم الكريم إلى منظمه المؤتمر الإسلامي لإيجاد حل سريع وشاف يوحّد كلمة المسلمين وعيدهم في أنحاء المعمورة وخاصة في المهجر الذين يعانون بشدة وحتى أنهم لا يجدون مبررا لهذا التباين لزملائهم الأجانب حتى لا يصدقون أنهم من نفس الدين ولا حول ولاقوه إلا بالله.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأصل في ثبوت صوم رمضان أو الإفطار منه رؤية الهلال لا الحساب الفلكي، كما أن اختلاف المطالع له اعتباره فلا يصوم المسلم بصوم بلد بعيد عنه، وإذا لم ير الهلال ببلده راعى في أمر الرؤية ما يجاور بلده من البلدان، والواجب على المسلمين الحرص على الوحدة والحذر من الفرقة، إلا أن الخلاف في هذه لمسألة من الخلاف المحتمل الذي لا يذم عليه المختلفون إذا كان اختلافهم مبناه الاختلاف المعروف قديما في هذه المسألة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن العبرة في ثبوت هلال رمضان أو شوال هو الرؤية وليس الحساب الفلكي، وأن اختلاف المطالع معتبر على الراجح من أقوال أهل العلم، ويمكنك أن تراجع الفتوى رقم: 6636، وينبغي للمسلمين أن يحرصوا على الوحدة والائتلاف لا الفرقة والاختلاف، فإذا لم يوجد مركز إسلامي في بلادهم فيمكنهم أن يكونوا لجنة شرعية لتحري رؤية الهلال أو يتبعوا في ذلك إحدى البلاد المجاورة لهم، ولا يمكن لمن هو بعيد عن السعودية أن يصوم بصوم أهلها أو يفطر بإفطارهم.
ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتويين: 6375، 2536.
ثم إنه ينبغي أن يعلم أن الخطب يسير لا يقتضي كل هذا التهويل، والخلاف في مسألة اختلاف المطالع خلاف قديم منذ عصر الصحابة رضي الله عنهم وليس مظهرا من مظاهر الاختلاف المذموم، ومن عمل بما أداه إليه اجتهاده فقد أحسن أصاب أم أخطأ، وقديما قال سعيد بن جبير رحمه الله: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع.
أما المشكلة التي عندك في خدمة الرسائل فقد عرضناها على القسم الفني وسيردون عليك بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1428(11/16352)
يفطر الشخص في البلد الذي يقيم به عند الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مقيمة خارج وطني ولقد صمت في بلدي مع العلم أن أهل البلد الذي أقيم فيه سبقونا بالصيام بيوم والآن أنا رجعت إلى البلد الذي أقيم فيه، سؤالي هو هل أفطر مع البلد الذي صمت معه يعني أن أصوم يوم عيد البلد الذي أنا فيه أم أفطر؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعتبر بالنسبة لك هو البلد الذي تقيمين فيه عند الفطر فأفطري معهم ولو تأخر فطر أهل البلد الذين بدأت الصيام معهم، لكن عليك أن تحسبي مجموع الأيام التي صمتها، فإذا بلغت تسعاً وعشرين كان ذلك كافياً لك لتحقق صيام الشهر، وإن كانت أقل من ذلك فأكمليها بعد العيد تسعاً وعشرين، فإن الشهر لا يقل عن ذلك، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 39669.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(11/16353)
لا يثبت الشهر الهجري عن طريق الحساب الفلكي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في بلد عربي مسلم، يقوم باعتماد التاريخ العربي الهجري عن طريق الفلك، وبشكل علني، حيث يصدر في تقويم سنوي بهذا الخصوص، ولا توجد رؤية مطلقا وأنا بحمد الله أقوم في بعض الأوقات بصيام أيام 13، 14، 15 من الشهر العربي، فهل يجوز لي أن أتبع هذا التقويم أم أقوم بأخذ التاريخ من دولة أخرى تعتمد على الرؤية الشرعية، وماذا أفعل في حال صيام شهر رمضان، فأ فيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فثبوت الهلال يكون بالرؤية أو بكمال الشهر المنصرم ثلاثين يوماً، ولا يثبت عن طريق الحساب الفلكي، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 6636.
فإذا أردت صيام الأيام البيض التي ذكرت فلا تعتمد في صيامها على الحساب الفلكي في بلدك، بل إذا لم تر الهلال أو تثبت لك رؤيته فاعتمد في صيامك على ثبوت الهلال في أقرب بلاد الإسلام إليك، وكذلك الحال بالنسبة لشهر رمضان. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 12470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1428(11/16354)
ما يشترط لإثبات دخول شهر رمضان وسائر الشهور
[السُّؤَالُ]
ـ[يرى كثير من العلماء أن شهادة الواحد تكفي في إثبات رؤية شهر رمضان في حين يشترط شهادة اثنين للخروج منه (برؤية هلال شوال) ولكني لم أعثر أبدا على حديث يدل على هذا الأمر وأريد أن أعرف حكم ثبوت الأشهر الفمرية الأخرى، وسأكون شاكرا إذا ذكرتم لي الأدلة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدليل ثبوت شهر رمضان برؤية عدل واحد هو ما رواه أبو داود والنسائي والترمذي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء أعرابي إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: رأيت الهلال قال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله؟ قال: نعم قال: يا بلال أذن في الناس فليصوموا غداً.
وروى أبو داود والدارمي عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أني رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه.
وأما دليل اشتراط شاهدي عدلٍ لإثبات دخول شهر شوال فهو ما رواه أبو داود في سننه ـ باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال من حديث حسين بن حريث عن أمير مكة أنه قال: عهد إلينا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن ننسك للرؤية فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما ... الحديث
قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع:
" لا يثبت هلال شوال ولا سائر الشهور غير رمضان إلا بشهادة رجلين حرين عدلين لحديث الحارث ... وقياساً على باقي الشهادات التي ليست مالاً ولا المقصود منها المال ويطلع عليها الرجال غالباً مع أنه ليس فيه احتياط للعبادة بخلاف هلال رمضان، هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافةً إلا أبا ثور " أ. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1428(11/16355)
لكل بلد رؤيته
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من العرب السودانيين -تسعة أشخاص- متواجدون في دولة الهند بغرض الدراسة لمدة لا تتجاوز العامين والنصف وقد أقبل علينا شهر رمضان، تقصينا أحوال المسلمين هنا فوجدنا أن الجاليات العربية تصوم وتفطر على صيام أهل مكة، أما الهنود المسلمون فإنهم يعتمدون على التقويم ولا يتحرون رؤية الهلال كما قيل لنا، سمعنا بعض الفتاوى تقضي بأن نصوم كما يفعل أهل البلد فصمنا كما يصوم أهل الهند أي بعد يومين من مكة، ولكن في اليوم الأول من رمضان تبين لنا أن هذا الهلال الظاهر هو على الأقل هلال يومين، كما أن هناك بعض الإخوة لنا قد صاموا مع أهل مكة وآخر صام اليوم الثاني مع أهل عمان، فنرجو الإفادة حول الوضع الشرعي وما يترتب علينا؟ وجزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالصيام لرؤية هلال رمضان، فقال: صوموا لرؤيته. ويثبت الهلال برؤية العدل الواحد، ولا عبرة بالحساب على الراجح عند جماهير أهل العلم، فإن لم ير الهلال وجب إتمام شعبان ثلاثين يوماً.
فإن أتم الناس شعبان ثم بدا لهم الهلال كبيراً في أول ليلة من رمضان أو ثانيه فلا عبرة بذلك، وما فعلوه هو الصواب، ولكن وقع النزاع بين العلماء فيما لو رئي الهلال في بلد دون غيره هل يلزم سائر البلاد الصيام أم أن لكل بلد رؤيته، نحن نرجح أن لكل بلد رؤيته، لكن من عمل بالقول الأول لا حرج عليه.
وعليه.. نقول للإخوة السائلين إن كنتم قد صمتم يوم صام الناس في الهند فصومكم صحيح ولا شيء عليكم، إذ يبعد أن يتواطؤوا على تأخير الصيام بعد أن رأوا الهلال وفيهم علماؤهم، ومن صام عملاً برؤية بلد آخر فلا حرج عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1427(11/16356)
واجب من يسكن في دولة لا تهتم برؤية الهلال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في دوله لا يهمها رأت الهلال في أول أيام رمضان أم لا، يعني صومها سياسة فماذا نفعل نحن إذا غم علينا ولم نر الهلال هل نتبع دول الخليج مع أن مسافتنا معهم أقرب إلينا من عاصمة دولتنا أم ماذا نفعل مع أنا إذا تبعناهم يوما أو يومين نأکل في أيام رمضان؟
أفيدونا جزاکم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكم هو تحري الهلال فإن رأيتموه لزمكم الصوم، وإن لم تروه ورأته بلدة إسلامية أخرى فيلزمكم الصوم معهم عند جمهور أهل العلم بناء على أنه لا عبرة باختلاف المطالع، وذهب بعض أهل العلم إلى الاعتبار باختلاف المطالع وهو الراجح دليلا؛ لما أخرجه مسلم وغيره عن كريب قال: قدمت الشام واستهل علي هلال رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني ابن عباس ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم. ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا؛ هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الترمذي: والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل بلد رؤيتهم.
والقائلون باختلاف الرؤية يرون أنها لا تعتبر إلا في مسافة القصر فما فوق وهي (85) كيلو مترا على قول عندهم.
وعليه.. فلو كان ما بينكم وبين البلدة الأخرى هذه المسافة فأكثر ولم تروا الهلال فلا يلزمكم الصيام حتى تروه أو تكملوا شعبان ثلاثين، وإن كان دون ذلك لزمكم الصيام معهم ولو لم يعلن بلدكم عن دخول الشهر، وينبغي أن تراعوا المصلحة والمفسدة من حيث إظهار الصيام أو إخفائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1427(11/16357)
من صام رمضان بعد يومين من إقرار الدول الاسلاميه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صام رمضان بعد يومين من إقرار الدول الاسلاميه له.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السؤال عن حالة شخص بمفرده فالواجب عليه الصوم إذا ثبتت رؤية الهلال في البلد الذي يقيم فيه، وإذا كان تأخر صومه عن تلك الرؤية بيوم أو أكثر أثم ووجب عليه القضاء لما فاته، وراجع الفتوى رقم: 39703، والفتوى رقم: 11573.
وإن كان الامر متعلقا ببلدة حيث لم تثبت عندها رؤية الهلال وثبت في غيرها فهل يلزم الصوم في هذه الحال أم لا؟ فالمسألة محل خلاف بين أهل العلم، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 6636، 39425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1427(11/16358)
ما يفعل من صام مع بلد ثم انتقل إلى آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد بدأت صيام شهر رمضان في مصر وأنا حاليا في قطر فيوجد فرق يوم لأنه في مصر قاموا بالصيام بعد قطر بيوم فهل يحب علي قضاء يوم لأني قمت بصيام 29 يوما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام شهر شوال قد استهل عليك وأنت في قطر فالواجب عليك الفطر برؤية هذا البلد ولو كنت قد بدأت صيام رمضان بناء على الرؤية المتأخرة في مصر، ولا يلزمك قضاء يوم لأنك صمت تسعة وعشرين يوما، والشهر قد يكون ثلاثين وقد يكون تسعة وعشرين.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 12036، والفتوى رقم: 40690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1427(11/16359)
هل يلزم الصوم إذا رؤي الهلال في بلد قريب
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن توضحوا لي موضوع رؤية هلال شهر رمضان المبارك، وهل صيامنا يوم السبت صحيح أم أننا سبقنا الشهر، علما أني أسكن العراق حيث لم نر الهلال إلا مساء يوم الثلاثاء؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصيام في شهر رمضان متوقف على رؤية الهلال أو إتمام شهر شعبان ثلاثين يوما، لقوله صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحابة أو ظلمة، فأكملوا العدة عدة شعبان، ولا تستقبلوا الشهر استقبالا ولا تصلوا رمضان بيوم من شعبان. رواه النسائي واللفظ له وأصله في الصحيح.
فالواجب عليكم في العراق أو في أي بلد آخر أن تتحروا رؤية الهلال، فإن لم تروه، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما.
وإذا رآه أهل بلد آخر، فقد اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:
الأول منهما: أنه يلزمكم الصوم، وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة، وقول عند الشافعية.
والثاني: أنه لا يلزمكم الصوم إلا برؤيتكم أنتم للهلال في بلدكم أو البلاد القريبة منكم، والمقصود بالقريبة ما اتفقت في المطالع، فمطلع الحجاز ليس هو مطلع العراق وهكذا، وهو الصحيح عند الشافعية وبعض الأحناف، واستدلوا على ذلك بأن ابن عباس لم يعمل برؤية أهل الشام، كما في حديث كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيته؟ فقلت: رأيته ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
وهذا القول الثاني هو المرجح.
وعليه، فإذا كان الهلال قد رئي في العراق أو في البلاد القريبة منها ليلة السبت ولو من طرف عدل واحد فصومكم صحيح، وإلا فواجبكم أن تكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما ثم تصوموا بعد ذلك ولو لم تروا الهلال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1427(11/16360)
صيام أهل البلاد التي لا تهتم برؤية الهلال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحمد من إيران أود أن أسأل عن روئة هلال رمضان: نحن نعيش في جنوب إيران ولا ندري أيهما نتبع في الصيام؟ دولتنا التي لا تعطي أهمية للهلال وتصوم أول يوم رمضان بما تسميه يوم الشك أم نتبع الدول المجاورة کقطر والسعودية و ... أرجوکم بينوا لنا ماذا نفعل وقد ثبت لنا بالتجربة أن صيامنا مع الدول العربية المجاورة يکون صحيحا، وبالطبع نحن کأهل السنه لا نستطيع أن نصوم يوم الشك کما تفعل دولتنا فماذا نفعل؟
وجزاکم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم اعتبار اختلاف المطالع في رؤية الهلال، فرؤية الهلال في بلد لا تلزم أهل بلد آخر يختلف مطلعه عنه كما بيناه في الفتوى رقم: 6636، ولكن لو قدر أن بلادكم لا تهتم برؤية الهلال فإن عليكم أن تتحروا رؤية الهلال بأنفسكم وتصوموا إذا رأيتم هلال رمضان، وتفطروا إذا رأيتم هلال شوال، أو أتممتم رمضان ثلاثين يوما، فإذا لم تروا الهلال فاعتمدوا في ثبوت الهلال على رؤية البلد الذي تتحد مطالعكم مع مطالعه، ولو قدر أن واحدا منكم صام مع دولة أخرى فإنه يواصل الصوم معكم ولو صام واحدا وثلاثين يوما، إلا إذا كان هذا الشخص آخذا بالقول القائل بعدم اعتبار اختلاف المطالع فلا مانع من أن يصوم مع غير بلده ويفطر معهم، ولكن يُخفي ذلك إذا كان يترتب على إظهاره شقاق وفتنة في البلد وقد شاهدنا ذلك في بعض المناطق.
وأما صوم يوم الشك فلا يجوز؛ لما رواه البخاري وأبو داود والنسائي والترمذي عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه قال: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1427(11/16361)
لا يجب الصوم على من لم تثبت رؤية الهلال في بلده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من بلد قيل فيه إن هلال رمضان لم يظهر يوم السبت ولذلك كان يوم الأحد هو اليوم الأول من رمضان على خلاف بعض البلدان الإسلامية.
لم أتوصل يوم الجمعة إلى قرار ثابت بهذا الشأن وبدأت صومي يوم الأحد.
الآن أنا في ريبة من أمري وأكبر ظني أنه كان علي صيام رمضان بداية من يوم السبت.
الرجاء إعطاء رأيكم في هذا الاختلاف وماذا علي أن أفعل (الكفارة:60 يوما أو قضاء يوم لأني فعلت ذلك بجهالة.
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الهلال لم تثبت رؤيته ليلة السبت في بلدك ولا في بلد قريب منه لا تختلف بينهما المطالع فلا يلزمك الصوم في السبت ولا تجب عليك كفارة ولا قضاء يوم.
واختلاف بعض الدول الإسلامية في ثبوت الهلال قد يكون لبعد المسافة بينهما بحيث تختلف المطالع بينها أو لسبب لآخر.
وإذا ثبت الهلال في بلد من بلاد الإسلام هل تكون تلك الرؤية قاصرة عليه أم تشمل غيره من بلاد المسلمين؟ في ذلك خلاف راجع التفصيل فيه في الفتوى رقم: 6636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1427(11/16362)
حكم من صام مع غير بلده
[السُّؤَالُ]
ـ[نرى كل عام اختلافا حول بداية شهر رمضان، ونرى أيضاً بعض الناس يخالفون بلادهم في تلك البداية ويتبعون السعودية في الصيام أو عدمه. ما حكم الدين في ذلك؟ وهل هم على صواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم اعتبار اختلاف المطالع في رؤية الهلال، فرؤية الهلال في بلد لا تلزم أهل بلد آخر يختلف مطلعه عنه؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 6636.
وعليه.. فإذا كان مطلع بلد هذا الشخص يختلف عن مطلع البلد الآخر فلا يصوم مع أهل ذلك البلد، ولو قدر أنه صام معهم فإنه يواصل الصوم مع أهل بلده ولو صام واحدا وثلاثين يوما، إلا إذا كان هذا الشخص آخذا بالقول القائل بعدم اعتبار اختلاف المطالع فلا مانع من أن يصوم مع غير بلده ويفطر معهم، ولكن يخفي ذلك إذا كان يترتب على إظهاره شقاق وفتنة في البلد، وقد شاهدنا ذلك في بعض المناطق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1427(11/16363)
من صام مع بلد ثم انتقل إلى بلد آخر فماذا يصنع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صام أول يوم من رمضان مع دولة غير دولته، علماً بأن دولته لم تعلن الصيام، وإذا صامت دولته ثلاثين يوماً فهل يكمل معها (فيصوم 31 يوماً) أو مع الدولة التي صام معها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم اعتبار اختلاف المطالع في رؤية الهلال، فرؤية الهلال في بلد لا تلزم أهل بلد آخر يختلف مطلعه عنه، كما بيناه في الفتوى رقم: 6636.
وعليه فإذا كان مطلع بلد هذا الشخص يختلف عن مطلع البلد الذي صام معه، فإنه يواصل الصوم مع أهل بلده ولو صام واحداً وثلاثين يوماً، وإذا كان هذا الشخص يأخذ بالقول القائل بعدم اعتبار اختلاف المطالع فلا مانع من أن يصوم مع غير بلده ويفطر معهم، ولكن يخفي ذلك إذا كان يترتب على إظهاره شقاق وفتنة في البلد، وقد شاهدنا ذلك في بعض المناطق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(11/16364)
أهل البلاد غير الإسلامية هل يصومون حسب قرار الحكومة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقيم في بلاد غير مسلمة وأهلها لا يعتمدون على رؤية الهلال في تحديد بداية رمضان حيث تلزمهم الحكومة بوضع يوم محدد منذ بداية السنة الميلادية وقد صادف أن صمنا بعد السعودية بيومين في العام المنصرم سؤالي هو:
هل أصوم مع مسلمي تلك البلاد أم أصوم مع السعودية؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا عبرة باختلاف مطالع القمر، فمتى ثبتت رؤية هلال رمضان في بلد وجب على جميع المسلمين أن يصوموا، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين. متفق عليه.
وعلى هذا القول فيلزمك الصيام تبعا لمن ثبت دخول الشهر عندهم سواء كان السعودية أو غيرها.
وذهب الشافعية وبعض الحنفية إلى أن لكل بلد رؤيتهم ولا يلزمون برؤية أهل بلد آخر، وعلى هذا القول فعلى المقيمين في غير البلاد الإسلامية أن يتحروا الهلال ويصوموا حسب رؤيتهم، فإن لم يمكنهم ذلك فحينئذ يأخذون برأي جمهور الفقهاء ويصومون مع من ثبت عندهم دخول الهلال، ولا يأخذون بقرار الحكومة لأنه ليس مبنيا على مستند شرعي وهو الرؤية لهلال رمضان أو ثبوته بطريق أخرى شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(11/16365)
الصوم والفطر مع الجماعة المتصفة بالاستقامة والعلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يصوم أو يفطر رمضان مع بلد آخر غير البلد الذي يعيش فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المسلم يعتمد في صومه وفطره على رؤية الهلال في بلده الذي يقيم فيه بشرط أن يكون الاعتماد في ذلك البلد على الرؤية الشرعية لا على التقويم الفلكي، ففي سنن الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون.. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس. قال الشيخ الألباني: صحيح.
وعليه؛ فلا يجوز للمسلم الصوم والفطر اعتماداً على رؤية خارج بلده إذا كان البلد الذي هو فيه يعتمد في إثبات الهلال على الرؤية الشرعية كأن تكون فيه جماعة متصفة بالاستقامة والعلم مكلفة بالبحث عن الأهلة وإثباتها بالوسائل المقررة شرعاً، وللفائد راجعي الفتوى رقم: 13303، والفتوى رقم: 11673.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1426(11/16366)
لا قضاء على من أفطر بناء على رؤية شرعية أو اتحاد المطلع
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الفاضل لدي سؤال أرجو أن تفتوني فيه وجزاكم الله خير جزاء.
بعد مضي شهر ونصف من رمضان تم إعلان فتوى عن وجود خطأ في ثبوت رؤية هلال شوال إننا أفطرنا في يوم ثلاثين من رمضان وعلى هذا طولبنا أن نصوم عن ذاك اليوم فهل علينا قضاء ذلك اليوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل ومن معه أفطروا في هذا اليوم معتمدين على رؤية شرعية حصلت في بلدهم أو فيما جاورهم من البلاد التي تتحد معهم في المطلع فإنهم لا يطالبون بصيام يوم آخر لأن الشهر قد يكون تسعة وعشرين، والعبرة في هذا برؤية العين المجردة، ولمزيد التفصيل في هذا الموضوع راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28756، 39714، 6636، 12470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(11/16367)
إذا لم تثبت رؤية الهلال ليلة ثلاثين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يولد هلال شوال الساعة الواحدة بعد منتصف الليل يوم السبت، هل يوم الأحد أول أيام العيد طبعاً نقلنا من جماعة الفلك وليس برؤية العين المجردة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 55632، والفتوى رقم: 12470 أن المعتبر في ثبوت الشهر هو رؤية الهلال بالعين، وأنه لا عبرة بالحساب إذا لم يثبت الشهر بالرؤية المعتبرة شرعاً على الراجح من أقوال أهل العلم.
وعليه؛ فإذا لم يُرَ هلال شوال ليلة الثلاثين من رمضان في البلد الذي يقيم فيه الشخص ولا فيما يجاوره من البلاد التي تتحد معه في الرؤية فإنه لا عبرة بما قال الفلكيون، ويعتبر يوم تلك الليلة آخر يوم من رمضان لما تقرر من أنه إذا لم تثبت رؤية الهلال ليلة ثلاثين أكمل الشهر ثلاثين يوما. وللمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 68703.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(11/16368)
كيفية ثبوت شهر شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ الفاضل سبق وأن تقدمت إليكم بسؤال من شقين الشق الأول وتعلق بالحساب الفلكي في والصوم والعيد وكانت إجابتكم عليه بترجيح الرؤية وعدم الاعتداد بالحساب الفلكي في فتواكم رقم68319 والشق الثاني من السؤال شخصي يتعلق بي أنا شخصيا وهو هل في هذه الحالة نصوم يوما بدل الذى عيدنا فيه وكيف نتعامل مع هذه الحالة في المرات القادمة هل نخالف الدولة في ذلك أم نتابعها طاعة لولي الأمر رغم أني فهمت من فتواكم بعدم صحة العيد الماضي؟
أرجو الإجابة على السؤال وجزكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت دخول شهر شوال في بلدكم ليبيا وكنتم قد صمتم تسعة وعشرين يوماً فلا يلزمكم قضاء يوم لأن الشهر يكون ثلاثين ويكون تسعة وعشرين يوماً.
وأما ثبوت شهر شوال فيكون بأمرين.
الأول: إتمام رمضان ثلاثين يوماً.
الثاني: رؤية الهلال بالعين لا بالحساب الفلكي على الراجح، ولكن ذكرنا في الفتوى السابقة رقم: 40176. أن الحاكم المسلم لو اعتمد الحساب الفلكي فإنه يُعتمد ترجيحه ولا يُخالف ولا يجب القضاء. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 68703.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1426(11/16369)
ثبوت رؤية الهلال معتبرة على من هم على مسافة لا تختلف فيها المطالع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رؤية الهلال، إذا شاهده بعض سكان المدينة، والبعض الآخر التي تسكن على بُعد أو على كيلومترات أنكرت رؤية الهلال؟ وهل لرؤية الهلال كيلومترات معينة ومخصوصة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرؤية هلال رمضان تثبت برؤية عدل واحد فقط على الراجح، فإذا ثبتت هذه الرؤية الشرعية وجب الصوم على من علم بتلك الرؤية وكان على مسافة لا تختلف فيها المطالع، وبالتالي فعلى القرية القريبة من المكان الذي ثبتت فيه رؤية الهلال أن يعتمدوا تلك الرؤية إذا كانت مستوفاة للشروط الشرعية، وراجع الفتوى رقم: 28756. والفتوى رقم: 55632.
وإذا ثبتت رؤية الهلال في بلد فقد اختلف أهل العلم هل تعم تلك الرؤية جميع البلدان أم يكون ذلك خاصاً بمن على مسافة لا تختلف فيها المطالع وهذا هو القول الراجح كما سبق في الفتوى رقم: 6636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1426(11/16370)
مدى صحة الاعتداد بالحساب الفلكي
[السُّؤَالُ]
ـ[في ليبيا يعتمدون على الحساب الفلكي في تقدير بداية الشهر القمري ونهايته وأعلن لنا على تحديد موعد عيد الفطر لهذا العام يوم الأربعاء حيث كانت ولادة الهلال بساعتين ونصف قبل فجر يوم الأربعاء الموافق 2-11-2005، السؤال هو: هل عيد الليبين صحيح في هذه الحالة ويتمشي مع نصوص الشريعة الإسلامية وإجماع المسلمين، وهل الهلال الذي يولد بعد غروب شمس يوم الثلاثاء يعتد به، وإذا كانت إجابتكم سيدي الفاضل بعدم صحة العيد، ما يجب علي أن أفعله في هذا الموقف وفي المواقف السابقة؟ ثبت الله أجركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلم بولادة الهلال ليلا عبر الحساب الفلكي سواء بعد المغرب أو قبل الفجر محل خلاف بين أهل العلم، ومرجعه إلى مدى الاعتداد بالحساب الفلكي أو عدمه، والصحيح أنه لا يعتد به، كما بيناه في الفتوى رقم: 6636.
وأما قولك (وهل الهلال الذي يولد بعد غروب شمس يوم الثلاثاء يعتد به) ، فالجواب: نعم يعتد به إذا رؤي، أما إذا علم عبر الحساب فيعتد به أيضاً عند طائفة من أهل العلم، والراجح خلافه كما سبق. وعلى القول الراجح فلو أثبت الحساب أن الهلال ولد ليلة الثلاثين فإنه لا يعتد به ويلزم الصوم إتماما للشهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1426(11/16371)
ولادة الهلال ليلا قبل الفجر.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم أن تفيدوني في هذا السؤال حول بداية الشهر القمري حيث أنا في ليبيا وضعو اموعدا لتحديد ميلاد الهلال ليؤخذ به لليوم التالي وهو قبيل الفجر حيث إنه إذا ولد الهلال قبيل الفجر يعتبر اليوم أي يوم ذلك الفجر بداية الشهر أما في بعض الدول الإسلامية يعتبرون أى ولادة هلال تاتي بعد المغرب لايعتد بها لليوم التالي، هل ما تقوم به ليبيا يتماشي مع السنة النبوية في الرؤية أم هو مخالف وإذا كان مخالفا هل يجوز لي مخالفة الدولة عند إعلانها مولد الهلال في ساعات الليل بعد الغروب، هل يجوز لي مخالفتها في العيد أو الصيام، أرجو منكم التوضيح ولكم مني جزيل الشكر ومن الله الأجر والثواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نص عليه أكثر الفقهاء أن رؤية الهلال نهاراً لا عبرة بها سواء كانت قبل الزوال أو بعده، وأن رؤية الهلال المعتبرة لا تكون إلا ليلاً، وتكون بعد غروب الشمس إلى نصف ساعة تقريباً، ولا يرى بعد ذلك في العادة، ولكن لو قدر أنه رئي في الليل قبل الفجر فإن رؤيته معتبرة لأن النزاع بين الفقهاء في رؤيته نهاراً هل يعتد بها أو لا؟ فاتفقوا على عدم الاعتداد بها إذا كانت بعد الزوال، وذهب الأكثر إلى عدم الاعتداد بها ولو كانت قبل الزوال، وذهب آخرون إلى الاعتداد بها ودخول الشهر بها والراجح الأول.
وأما العلم بولادته ليلا قبل الفجرعبر الحساب الفلكي فهذا يرجع إلى مدى الاعتداد بالحساب الفكلي أو عدمه وهو محل خلاف بين أهل العلم، والصحيح أنه لا يعتد به كما بيناه في الفتوى رقم: 6636،
فقولك: (بعض الدول الإسلامية يعتبرون ولادة الهلال التي تأتي بعد المغرب لا يعتد بها لليوم التالي) غير صحيح بل رؤيته بعد المغرب هي الرؤية المعتبرة وهو مشهور معروف. وإذا ثبت دخول الشهر فهل يلزم جميع المسلمين الصوم أم يقتصر على من اتحد مطلعهم دون من اختلف، وهذه المسألة فيها خلاف.. والراجح اعتبار اختلاف المطالع إلا إن رجح الحاكم غير ذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 40176.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(11/16372)
تصوم إذا رئي الهلال في البلد الذي أنت فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أستفسر هل أصوم مع السعودية أو مع باكستان، أي إذا كان الصوم عند العرب غدا وفي باكستان بعد غد، فهل أصوم غدا أو بعد غد؟، أرجو الرد اليوم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كان في بلد من بلاد المسلمين وثبت في ذلك البلد هلال رمضان فإنه يصوم بهذه الرؤية ولو كان هو من بلد آخر لأن العبرة بالبلد الذي هو فيه. ولا عبرة بالبلد الأصلي له ولا بغيره. ولينظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 39425، والفتوى رقم: 61590.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(11/16373)
العبرة برؤية الهلال في مكان التواجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب عربي وأدرس في دولة إسلامية والمذهب الرائج في هذه الدولة مخالف لأهل السنة في بداية صيام رمضان، وأنا يمکن أن تطول إقامتي في هذه الدولة، فإذا جاء شهر رمضان هل أصوم بحساب مکة أم بحساب هذه الدولة أم وطني، أفيدونا؟ جزاکم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه إذا رئي الهلال في بلد لزم جميع المسلمين الصيام، وذهب آخرون إلى اعتبار اختلاف المطالع وهو الراجح عندنا، كما في الفتوى رقم: 39425.
وعليه؛ فالعبرة باختلاف المطلع، لا بوطنك الأصلي ولا بمكة المكرمة، فتصوم إذا رئي الهلال في البلد الذي أنت فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1426(11/16374)
صيام مسلمي الصين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في الصين منذ سنتين وقد تكررت معنا مشكلة إعلان صوم رمضان وإعلان الإفطار حيث تقوم الجمعية الإسلامية الصينية بمعتقد مفاده أن الأشهر القمرية كلها 30 يوما وعليه يعتمد إعلان بدء الصيام بإتمام شعبان ثلاثين يوما من غير مراعاة لرؤية القمر وإتمام رمضان 30 يوما بشكل دائم ولا نعلم منذ متى وهم على هذا الاعتقاد وما هي مرجيعيتهم؟
رغم أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أثبت أن الصيام والفطر يكون برؤية القمر
في ذلك ويتبع أغلب المسلمين هنا إعلان دولة السعودية لذلك وينقسم الناس إلى صائم ومفطر كل حسب مرجعه.
فهل نتبع السعودية أم الجمعية أم الدول التي جئنا منها؟
أفيدونا جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب عليكم أن تعتمدوا على رؤية العدل لهلال شهر رمضان في بلدكم، والبلدان القريبة التي تتحد مع بلدكم في المطلع، ورؤية الهلال أمر ميسور، فإن لم تروه لزمكم إتمام الشهر ثلاثين على الراجح من أقوال أهل العلم، وليس لكم الاعتماد على رؤية السعودية لبعدها عنكم واختلاف المطالع فيما بينكم وبينها، ولا على البلدان التي قدمتم منها إذا كانت بعيدة لذلك السبب أيضا.
وكذلك الجمعية المذكورة فلا يجوز الاعتماد عليها إن كانت لا تعتمد على رؤية الهلال ولا تعتبره ينقص عن الثلاثين، وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 6375.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(11/16375)
رؤية الهلال.. قبل غروب الشمس أم بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي عن رؤية الهلال هل تكون قبل غروب الشمس أم بعدها، وهل إذا رؤي الهلال واختفى قبل الغروب يعتد به أم يلزم مكوثه حتى بعد الغروب حتى يؤخذ به، هل هناك اختلاف بين العلماء عن وقت الرؤية، أرجو التوضيح؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا رئي الهلال نهاراً فهو لليلة المستقبلة، فإن كان ذلك في يوم الثلاثين من شعبان فلا يلزم الإمساك بقية اليوم، لأنه لم يثبت دخول شهر رمضان، وإن كان في يوم الثلاثين من رمضان لا يلزم الفطر لأنه لم يدخل شهر شوال سواء كانت رؤيته قبل الزوال أو بعده، أما بعد الزوال فاتفاقا فيما نعلم، وأما قبل الزوال فعلى رأي جمهور أهل العلم. وذهب بعضهم إلى أنه إذا رئي قبل الزوال يكون لليلة الماضية وبعده للمستقبلة.
قال العراقي رحمه الله تعالى في طرح التثريب: إذا رئي -الهلال- نهاراً فهو لليلة المستقبلة، فإن كان ذلك يوم الثلاثين من شعبان لم يصوموا، وإن كان يوم الثلاثين من رمضان لم يفطروا، وسواء كان ذلك قبل الزوال أو بعده هذا هو المشهور في المذاهب الأربعة، وحكي عن عمر وابن مسعود وابن عمر وأنس والأوزاعي والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه. وذهب سفيان الثوري وأبو يوسف وبعض المالكية إلى أنه إن رئي قبل الزوال فهو لليلة الماضية وهو رواية عن أحمد وبه قال ابن حزم الظاهري. انتهى.
وإذا رئي الهلال يوم ثلاثين قبل غروب الشمس واختفى قبل غروبها أيضاً فإن تلك الليلة هي أول الشهر، ولا تشترط حينئذ رؤية الهلال بعد غروب الشمس لأن الشهر المنصرم قد اكتملت عدته.
والفقهاء إنما يتكلمون في هذه المسألة بناء على اختلافهم في هذا اليوم الذي رئي فيه الهلال هل هو آخر الشهر المنصرم أم أول الشهر الداخل؟ أما الليلة التي بعد اليوم فهي قطعاً من الشهر الداخل كما بينا، وقد ذكرنا في صدر هذه الفتوى ما نراه راجحاً من هذا الخلاف.
وأما إن رئي الهلال في اليوم التاسع والعشرين قبل الغروب ولم ير بعده فالذي يظهر من كلام المالكية أن تلك الرؤية كافية لإثبات أن تلك الليلة هي أول الشهر، وأما الشافعية فقالوا: إن تلك الرؤية لا تكفي حتى يرى بعد الغروب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1425(11/16376)
يفطر الصائم حسب رؤية البلد الذي هو فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مواطن مصري وقد أكرمني رب العالمين بأداء عمرة رمضان هذا العام 1425هـ في العشر الأواخر، وقد حدث الاختلاف السيء في الرؤية حيث كان رمضان في السعودية 29 يوماً وفي مصر 30 يوماً وطبعاً حدث الاختلاف المعتاد هل نفطر مع السعودية أم مع مصر، وقد قلت لمن معي في الأتوبيس إن إحدى الفتاوى تقول إننا نفطر ونصوم مع البلد التي نكون فيها عند ظهور الرؤية ولكن المشكلة بالنسبة لمجموعتنا أننا سوف نركب الطائرة الساعة السابعة صباح يوم العيد بالنسبة للسعودية 30 رمضان بالنسبة لمصر، وبالتالي سوف نكون في مصر قبل أذان المغرب، فقال بعض العلماء في مصر الذين اتصلنا بهم بالتليفون إننا نفطر مع مصر على أساس أننا سنصل قبل أذان المغرب وبالنسبة لي نويت أن آخذ برخصة السفر على أساس إن كان هذا يوم عيد وحرام الصيام فيه فالحمد لله لم أصم وإن كان هذا اليوم هو 30 رمضان فعلي أن أقضي هذا اليوم بدون أن يكون علي إثم وذلك حتى يكون أمامي فرصة للتأكد من السؤال عن صحة صيام هذا اليوم من عدمه، فهل هذه النية صحيحة، وماذا أفعل في هذا اليوم هل علي قضاؤه أم لا، وما الحكم في هذا الاختلاف بصفة عامة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليكم الفطر برؤية الهلال في البلد الذي حصلت فيه الرؤية وهو السعودية، بدليل ما في سنن الترمذي وغيره، قال صلى الله عليه وسلم: الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس. انتهى. وصححه الشيخ الألباني، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 54556، والفتوى رقم: 40690.
وعليه فقد أحسنت في فطرك المذكور، ولا يلزمك قضاء يوم، لأنك أفطرت اعتماداً على رؤية شرعية، إضافة إلى أنك قد صمت تسعة وعشرين يوما، والشهر قد يكون ثلاثين أو تسعة وعشرين، والاختلاف في رؤية الهلال بين الدول لا ضرر فيه، إذا كان هناك اختلاف في المطالع، لأنه معتبر شرعاً بدليل حديث كريب الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه، وراجع تفصيل هذا في الفتوى رقم: 2536.
وعليه، فإن دخول رمضان أو نهايته يعتمد فيه الشخص على البلد الذي استهل عليه فيه، أو كانت النهاية فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/16377)
المعتبر في بداية شهر رمضان وشوال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح لمن يقيم ببلد أجنبي أن يصوم ويفطر مع السعودية باعتبارها بلد المقدسات الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأخذ برؤية بلد بعينه أو عدم الأخذ بها في دخول رمضان أو خروجه يرجع إلى اختلاف أهل العلم لا إلى كون البلد الذي رؤي فيه الهلال بلدا مقدساً، وقد اختلف أهل العلم إذا رؤي الهلال في بلد من البلدان هل هي رؤية لجميع المسلمين يلزمهم جميعاً الصيام أو الإفطار بها؟ أم أن لكل بلد حكمه في الصيام أو الإفطار حسب اختلاف المطالع؟
فذهب جمهورهم إلى القول الأول عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا. متفق عليه من حديث ابن عمر، وقالوا الخطاب عام لجميع المسلمين، ولا عبرة باتفاق المطالع واختلافها، وذهب الإمام الشافعي وجماعة من السلف إلى القول باختلاف المطالع، وقالوا إن الخطاب في الحديث نسبي فإن الأمر بالصوم والفطر موجه إلى من وجد عندهم الهلال.
أما من لم يوجد عندهم هلال فإن الخطاب لا يتناولهم إلا حين يوجد عندهم، وهذا القول هو الراجح، والقول بعدم اعتبار اختلاف المطالع يخالف المعقول والمنقول، أما مخالفته للمعقول فلمخالفته لما هو ثابت بالضرورة من اختلاف الأوقات، وأما مخالفته للمنقول فلأنه مخالف لما أخرجه مسلم وغيره، عن كريب قال: قدمت الشام واستهل علي هلال رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني ابن عباس، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الترمذي: والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل بلد رؤيتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(11/16378)
الاختلاف في رؤية هلال شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أود أن أشكركم على الجهود التي تقومون بها لخدمة هذا الدين
أما سؤالي فهو:
هنا في فرنسا هناك من بدأ يوم العيد يوم السبت في إحدى المدن الفرنسية حيث إن المسجد المتواجد هناك أقيمت فيه صلاة العيد يوم السبت وكل سكان تلك المدينة اتبعوا المسجد فهل عليهم من شيئ في ذلك علما بأن حجة المشرفين على المسجد هو أنهم يتبعون المملكة السعودية علما بأن مسجد باريس أقيمت فيه صلاة العيد يوم الأحد
نرجو منكم الجواب سريعا لأن الأمر يتعلق بعدد كثير من الناس وبدينهم
نرجو منكم الدعاء لإخوانكم هنا في فرنسا للثبات على الدين وسط الفتن والله يتولانا ويتولاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 56270
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1425(11/16379)
الاختلاف في رؤية الهلال
[السُّؤَالُ]
ـ[نتمنى من الله العلي القدير أن يتقبل منا ومنكم صيام رمضان وقيامه، لقد سهل الله علينا أن نبدأ رمضان في يوم واحد إلا نسبة قليلة من المسلمين في العالم وهذا أفرحني كثيراً.... لكن في آخر رمضان وقع ما وقع من تفرقة وانشقاق بين المسلمين (المقيمين بفرنسا) في تحديد يوم عيد الفطر حتى أن في نفس المدينة، هناك من أفطر يوم التاسع والعشرين وهناك من أتم الثلاثين، السؤال: ما هي الإيضاحات في عدم الاتحاد بين المسلمين، أفيدوني؟ جزاكم الله عني خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وقع بين المسلمين المقيمين في فرنسا من اختلاف في رؤية هلال شوال من كون بعضهم أتم شهر رمضان لعدم رؤيته الهلال وبعضهم أفطر تبعاً لمن أعلن رؤيته قد وقع في بلدان أخرى أيضاً مثله قديماً وحديثاً، لأن هذه المسألة محل خلاف قديم بين أهل العلم رحمهم الله، وهي من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف، ولذا لا ينبغي أن تكون سبباً للفرقة والنفرة بين المسلمين، فلكل رأيه وهذا من سعة الشريعة ورحمة الله بالعباد، وذلك أن الله أراد بهذا الاختلاف التوسيع على عباده، فإذا ضاق الأمر بهم في قول عالم في زمن من الأزمان أخذوا بقول آخر، ولو أراد الله أن تكون نصوص الكتاب والسنة لا تحتمل إلا وجها واحداً لا اختلاف فيه ما أعجزه ذلك، ولكنه أراد من ذلك الخلاف حكماً يعلمها سبحانه، وقد ذكر الإمام ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله: أن عمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد اجتمعا فجعلا يتذاكران الحديث فجعل عمر يجيء بالشيء مخالفاً فيه القاسم، وجعل ذلك يشق على القاسم حتى تبين فيه فقال له عمر: لا تفعل، فما يسرني أن لي باختلافهم حمر النعم. انتهى.
واستشار الرشيد مالكاً أن يحمل الناس على موطئه في مثل هذه المسائل فمنعه من ذلك، وقال: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار، وقد أخذ كل قوم من العلم ما بلغهم.
وصنف رجل كتاباً في الاختلاف فقال أحمد: لا تسمه كتاب الاختلاف، ولكن سمه كتاب السعة، ولهذا كان بعض العلماء يقول: إجماعهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة ... لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالاً، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا ورجل بقول هذا كان في الأمر سعة، وكذلك قال غير مالك من الأئمة: ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه.
ولهذا قال العلماء المصنفون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصحاب الشافعي وغيره، إن مثل هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها.
ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه. انتهى.
وعليه، فلا حرج على من أخذ بأحد الرأيين مع احترام رأي الآخرين وعدم الجزم بصواب رأيه، وتخطئة الآخرين، وأن تشرح هذه المسألة للمسلمين بشكل واضح حتى لا يختلفوا بسببها اختلافاً مذموماً يؤدي إلى النفرة والتقاطع ونحو ذلك، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 6636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(11/16380)
دخول شهر رمضان والخروج منه
[السُّؤَالُ]
ـ[تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنت- بفضل الله - بخير
شيوخنا الأفاضل إن بفرنسا هيئة تشكلت بانتخاب من المسلمين عبر التراب الفرنسي وبتنظيم من السلطات الفرنسية، تقوم ببعض الصلاحيات والأنشطة المحدودة كرصد هلال رمضان وهلال شوال. وفي هذه السنة أخذت بحديث كريب الذي يقر باختلاف المطالع فأعلنت عبر وسائل الأعلام بأن العيد يكون يوم الأحد 14 نوفمبر لاستحالة الرؤية إلا أن بعض الأئمة (وهم لحسن الحظ أقلية) أصروا على متابعة السعودية فأعلنوا العيد يوم السبت، وباعتبار أن البلد المضيف غير مسلم وأغلبية المسلمين إما أميون جهلة وإما حديثو عهد بالإسلام مما تسببت فتنة تقريبا وعمت الفوضى ففي البيت الواحد تجد الأب صائما والابن في عيد أو العكس وكل طرف يخطيء الآخر فالذين أفطروا يوم السبت قالوا نحن على صواب والآخرون ارتكبوا معصية لانهم صاموا يوم عيد وهو محرم؛ والآخرون قالوا بل أنتم على خطأ لأنكم أكلتم يوما من رمضان عمدا فعليكم القضاء والكفارة وأكبر من هذا وذاك صرنا مسخرة أمام الكفار الذين يسألوننا ساخرين كم عندكم من عيد الفطر؟ ومن هي الطائفة المحقة؟ ونحيل على حضراتكم السؤال الأخير , من هم الذين على حق؟ كما نرجو أن تقولوا لنا في ذلك كلمة كي نقوم بنشرها وتوزيعها في جنوب فرنسا حيث الفرقة والتقسيمات وبارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تم الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 56270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(11/16381)
استفسارات حول رؤية الأهلة وكيفية حساب بداية الأشهر العربية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن للقمر بأن يرى ناقصاً مرئياً مشرقاً حتى رؤيته بعد غروب الشمس مباشرة حق، كم ساعة بعد اجتماع القمر يمكن أن نرى الهلال، كيف تثبيت يوم بدء شهر شعبان بعدم رؤية هلال رجب بعد غروب الشمس في يوم 29 من الشهر القمري السابق، أي اليوم يوم 29 من شهر شعبان بعدم رؤية الهلال بعد غروب الشمس في يوم 29 من الشهر القمري السابق، كيف ندخل في شهر رمضان، نعتمد على الشهر القمري الشرعي أو الشهر القمري الصيني، هل الشهر القمري الشرعي على الحساب الفلكي صحيح معتمد، هل الشهر القمري الصيني على الحساب الفلكي صحيح معتمد؟ يرحمكم الله، وتفضلوا بوضع الإجابات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعرفة بداية رمضان تحصل بأحد أمرين:
1- كمال شعبان ثلاثين يوماً
2- رؤية الهلال من طرف عدلين أو مستفيضة أو عدل واحد على الراجح، وهذه الرؤية التي يترتب عليها وجوب الصوم لا بد أن تكون بالعين المجردة فإذا حصلت فقد وجب الصوم أو الفطر، سواء كان الهلال مشرقا أو ناقص الحجم بسبب غيم مثلاً أو نحو ذلك، فالهلال عادة يطلع دقيقا ثم لا يزال يعظم حتى يصبح مستديراً، ففي التفسير المأثور للإمام السيوطي: أن رجلين من الأنصار قالا يا رسول الله ما بال الهلال يبدو ويطلع دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود كما كان لا يكون على حال واحد فنزلت: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ. انتهى.
والفترة التي تمكن بعدها رؤية الهلال بعد اجتماع القمر يرجع تحديدها إلى علماء الفلك، وتثبت بداية شهر شعبان برؤية الهلال أو باكتمال شهر رجب قبله ثلاثين يوماً، كما تثبت بداية شهر رجب برؤيته أو باكتمال الشهر الذي قبله ثلاثين يوما وهو جمادى الآخرة، وراجع الفتوى رقم: 45459.
والرؤية المعتبرة شرعاً هي الحاصلة بالعين المجردة كما أسلفنا فلا تثبت عن طريق الحساب الفلكي كما قرر ذلك مجمع الفقه الإسلامي، وراجع الفتوى رقم: 6636.
وبالنسبة للقمر الصيني فإن كان معتمداً على الحساب الفلكي فلا تثبت به رؤية شرعية، وإن كان المقصود به الهلال الذي يظهر في السماء في بلاد الصين فهو كغيره تثبت به الرؤية هناك حيث يجب على المسلمين الاعتماد عليه في الرؤية أو على رؤية بلد قريب منهم بحيث لا يكون اختلاف بينهم في المطالع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(11/16382)
مسألة حول دخول الشهر برؤية الهلال
[السُّؤَالُ]
ـ[معذرة أعود وأكرر السؤال وتوضيحا لسؤالين 234526 و 234769 أنا لا أسأل في موضوع رؤية الهلال هل يجب اعتبار اختلاف المطالع أم لا ولا أسأل هل يجوز اعتماد الحساب الفلكي أم لا ولكن السؤال الذي يحيرني هو لماذا تعلن الدول في الشرق الأوسط عن ثبوت رؤية الهلال ثبوتا شرعيا وفي بعض الأحيان في جهات متعددة والأمر أن رؤية الهلال في ذلك اليوم ممتنعة امتناعا كليا وبالبراهين القطعية، إني أتعطش لجواب دقيق وصريح لأن الموضوع مهم جدا بحيث تتعلق به صحة بعض الأركان كالصوم والحج مثلا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أجبنا رداً على السؤالين المذكورين وبينا أن ثبوت رؤية الهلال يكون بالشهادة على رؤيته، ولو من واحد عدل، لما روى أبو داود والنسائي والترمذي عن ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت الهلال. قال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله؟ قال: نعم. قال: يا بلال أذن في الناس، فليصوموا غداً.
وروى ابن عمر قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه. رواه أبو داود.
هذا فيما إذا دل الحساب على إمكان الرؤية، أما إذا دل الحساب على عدم إمكان الرؤية، فقد ذكر حكم ذلك الإمام السبكي رحمه الله مفصلاً ونحن ذكرناه في الفتوى السابقة فلا معنى لإعادته.
وأما قولك: لماذا تعلن الدول في الشرق الأوسط عن ثبوت رؤية الهلال ثبوتاً شرعياً وفي بعض الأحيان في جهات متعددة والأمر أن رؤية الهلال في ذلك اليوم ممتنعة امتناعاً كليا وبالبراهين القطعية؟ فهذا السؤال يوجه -إن صح ذلك- إلى الجهات المختصة بإثبات الهلال في تلك الدول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(11/16383)
مسألة في ثبوت الشهر برؤية الهلال
[السُّؤَالُ]
ـ[توضيحا للسؤال 234526 لماذا تعلن أغلب دول الشرق الأوسط في غالب الأحيان ثبوت رؤية الهلال ثبوتا شرعيا في حين لم يقع بعد اجتماع القمر بالشمس أو يكون الهلال قد غاب تحت أفقهم وقت غروب الشمس وتكون هكذا الرؤية البصرية ممتنعة امتناعا قطعيا؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللإمام السبكي رحمه الله في الفتاوى في (مسألة) فيمن شهد برؤية الهلال واقتضى الحساب تكذيبه تفصيلا جيدا قال رحمه الله:
الحالة الأولى: إذا دل الحساب على إمكان الرؤية ولم ير
فالشهرفي الشرع ما بين الهلالين ويدرك ذلك إما برؤية الهلال وإما بكمال العدة ثلاثين , واعتباره إكمال العدة ثلاثين دليل على أنه لا ينتظرون به الهلال وأن وجوده في نفس الأمر معتبر بشرط إمكان الرؤية , ولو لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لكان إذا فارق الشعاع مثلا قبل الفجر يجب صوم ذلك اليوم فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولم يجعل الصوم إلا في اليوم القابل , وهذا محل مجمع عليه لا خلاف فيه بين العلماء ,
وثم محل آخر اختلفوا فيه يمكن أن يؤخذ من الحديث ويمكن أن يعتذر عنه وهو ما إذا دل الحساب على أنه فارق الشعاع ومضت عليه مدة يمكن أن يرى فيها عند الغروب فقد اختلف العلماء في جواز الصوم بذلك وفي وجوبه على الحاسب وعلى غيره أعني في الجواز على غيره فمن قال بعدم الوجوب عليه وبعدم الجواز فقد يتمسك بالحديث ويعتضد بقوله صلى الله عليه وسلم {إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له} وفي رواية {فأكملوا عدة شعبان ثلاثين} وهذا هو الأصح عند العلماء ومن قال بالجواز اعتقد بأن المقصود وجود الهلال وإمكان رؤيته كما في أوقات الصلاة إذا دل الحساب عليها في يوم الغيم , وهذا القول قاله كبار ولكن الصحيح الأول لمفهوم الحديث وليس ذلك ردا للحساب فإن الحساب إنما يقتضي الإمكان ومجرد الإمكان لا يجب أن يرتب عليه الحكم وترتيب الحكم للشارع وقد رتبه على الرؤية ولم تخرج عنه إلا إذا كملت العدة , الفرق بينه وبين أوقات الصلاة أن الغلط قد يحصل هنا كثيرا بخلاف أوقات الصلاة يحصل القطع أو قريب منه غالبا , وهذا الخلاف فيما إذا دل الحساب على إمكان الرؤية ولم ير فأحد الوجهين أن السبب إمكان الرؤية , والثاني وهو الأصح أن السبب نفس الرؤية أو إكمال العدة وعلى كلا الوجهين ليس ما دل عليه الحساب محكوما عليه بالبطلان وقد يكون في نفسه بحيث تنتهي مقدماته إلى القطع وقد لا تنتهي إلى ذلك بحسب مراتب بعده عن الشمس وقربه.
الثاني أن يدل الحساب على عدم إمكان رؤيته ويدرك ذلك بمقدمات قطعية ويكون في غاية القرب من الشمس ففي هذه الحالة لا يمكن فرض رؤيتنا له حسا لأنه يستحيل فلو أخبرنا به مخبر واحد أو أكثر ممن يحتمل خبره الكذب أو الغلط فالذي يتجه عدم قبول هذا الخبر وحمله على الكذب أو الغلط ولو شهد به شاهدان لم تقبل شهادتهما لأن الحساب قطعي والشهادة والخبر ظنيان والظن لا يعارض القطع فضلا عن أن يقدم عليه والبينة شرطها أن يكون ما شهدت به ممكنا حسا وعقلا وشرعا فإذا فرض دلالة الحساب قطعا على عدم الإمكان استحال القبول شرعا لاستحالة المشهود به والشرع لا يأتي بالمستحيلات , ولم يأت لنا نص من الشرع أن كل شاهدين تقبل شهادتهما سواء كان المشهود به صحيحا أو باطلا ولا يترتب وجوب الصوم وأحكام الشهر على مجرد الخبر أو الشهادة حتى إنا نقول: العمدة قول الشارع صوموا إذا أخبركم مخبر فإنه لو ورد ذلك قبلناه على الرأس والعين لكن ذلك لم يأت قط في الشرع بل وجب علينا التبين في قبول الخبر حتى نعلم حقيقته أولا ولا شك أن بعض من يشهد بالهلال قد لا يراه ويشتبه عليه أو يرى ما يظنه هلالا وليس بهلال أو تريه عينه ما لم ير أو يؤدي الشهادة بعد أيام ويحصل الغلط في الليلة التي رأى فيها أو يكون جهله عظيما يحمله على أن يعتقد في حمله الناس على الصيام أجرا أو يكون ممن يقصد إثبات عدالته فيتخذ ذلك وسيلة إلى أن يزكى ويصير مقبولا عند الحكام , وكل هذه الأنواع قد رأيناها وسمعناها فيجب على الحاكم إذا جرب مثل ذلك وعرف من نفسه أو بخبر من يثق به أن دلالة الحساب على عدم إمكان الرؤية أن لا يقبل هذه الشهادة ولا يثبت بها ولا يحكم بها , ويستصحب الأصل في بقاء الشهر فإنه دليل شرعي محقق حتى يتحقق خلافه , ولا نقول الشرع ألغى قول الحساب مطلقا والفقهاء قالوا: لا يعتمد فإن ذلك إنما قالوه في عكس هذا , وهذه المسألة المتقدمة التي حكينا فيها الخلاف أما هذه المسألة فلا ولم أجد في هذه نقلا ولا وجه فيها للاحتمال غير ما ذكرته.أ. هـ
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(11/16384)
المعتبر شرعا في حساب الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أبدأ بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، هل أبدأ صيامي بالشهر العربي أحسب وأصوم؟
أم أبدأ بالشهر الفرنجي أحسب وأصوم؟
ولكم جزيل الشكر ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعتبر شرعاً في حساب الصوم وغيره من الأحكام الشرعية هو الشهور القمرية وليست الشمسية.
وعليه؛ فحسابك لصوم الثلاثة الأيام من كل شهر يكون بالشهر القمري فقط، وللتعرف على الأيام المرغب في صيامها راجعي الفتوى رقم: 3423.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(11/16385)
المعتبر في ثبوت الشهر هو رؤية الهلال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوم الاثنين الموافق الأول من مارس عام ألفين وأربع للميلاد هو اليوم العاشر من المحرم، حيث إننا قد سمعنا أن بيانا صدر من مجلس القضاء الأعلى بالسعودية يقول إن اليوم العاشر من المحرم هو الموافق ليوم الثلاثاء الثاني من مارس؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعتبر في ثبوت الشهر -رمضان أو غيره- هو رؤية الهلال، وليس التقدير الحسابي، إذ أن رؤية الهلال هي الأصل والضابط الشرعي، وهي متيسرة لكل الناس بخلاف التقدير الحسابي، وتراجع الفتوى رقم: 11921، والفتوى رقم: 11075.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/16386)
المرجع في ثبوت الشهر القمري
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ثبت رؤية هلال محرم وهل يعتبر يوم السبت أول أيام محرم وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فثبوت الشهر القمري يعتبر بأحد أمرين: أحدهما رؤية الهلال، والثاني: إكمال الشهر قبله ثلاثين يوماً.
والأصل في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوماً. متفق عليه.
وعليه؛ فإن القطع بثبوت شهر محرم في أحد اليومين يرجع إلى رؤية كل بلد، فمن البلاد من ثبتت لديه الرؤية يوم السبت، ومنها من ثبت عنده يوم الأحد، وعلى كلٍ، فالإنسان مطالب بالرجوع إلى رؤية بلده نظراً لاختلاف المطالع.
ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 6636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(11/16387)
من سافر إلى بلد تأخرت رؤية الهلال فيه بيوم عن بلده
[السُّؤَالُ]
ـ[سافر أخ لنا من مصر إلى المغرب في يوم 30 رمضان، فوجدهم هناك في يوم 29 رمضان، ولم تثبت رؤية الهلال عندهم في ذلك اليوم، فأتموا رمضان ثلاثين يوماً فلو صامه معهم لكانت أيام صيامه 31 يوما فهل يصوم معهم أم يفطر؟ وهل إذا حدث العكس وذهب إلى بلد تفطر غدا في اليوم الثامن والعشرون بالنسبة له، هل يصوم وعندهم عيد أم ماذا يفعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من سافر من البلد الذي بدأ صوم رمضان فيه إلى بلد تقدم ثبوت الشهر فيه بيوم عن البلد الأول، ثم أفطر أهل البلد الثاني لتسع وعشرين يوماً فإنه يجب عليه أن يفطر معهم ولو لم يكن صام إلا ثمانية وعشرين يوماً، ولكنه يجب عليه أن يقضي يوماً، لأن الشهر لا يقل عن تسعة وعشرين يوماً.
وأما إذا سافر إلى بلد تأخر ثبوت الشهر فيه بيوم عن البلد الأول، وأتم هو صيام ثلاثين يوماً ولم يثبت الشهر في البلد الثاني، فقد اختلف أهل العلم فيه، فقيل يفطر بالنية ولا يظهر إفطاره أمام الناس، وهذا مذهب الشافعي، وقيل لا يفطر إلا مع الناس في اليوم الذي يفطر فيه الجميع، وهذا قول الجمهور، ورجح هذا القول شيخ الإسلام، واحتج له بحديث الترمذي: صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون.، وراجع الفتوى رقم: 13303، والفتوى رقم: 11673، والفتوى رقم: 12036.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(11/16388)
الصوم متعلق برؤية الهلال لا بالحساب الفلكي
[السُّؤَالُ]
ـ[يختلف علماء الدين والفلك سنويا على مولد هلال رمضان وشوال، وتختلف الرؤية الشرعية مع الفلكية، وصمنا هذا العام 2003 كما قيل ثاني أيام مولد شهر رمضان، فما حكم ذلك، وهل يكون علينا قضاء يوم كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المعتبر شرعاً في إثبات دخول شهر رمضان وخروجه هو الرؤية أو إكمال العدة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين. متفق عليه.
وعليه؛ فإذا صام الشخص بالرؤية تسعة وعشرين يوماً فإن صيامه كامل؛ ولو قيل إن الحساب الفلكي يثبت أن رمضان ثلاثون يوماً، وذلك لأن الصوم كما سبق في الحديث متعلق برؤية الهلال لا بالحساب الفلكي، وراجع الفتوى رقم: 11921، والفتوى رقم: 12470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(11/16389)
حكم الاعتمادا على إخبار الفلكي صياما وإفطارا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أفطر على إخبار الفلكي مراعاة للمجتمع وطاعة لولي الأمر، وهل علينا قضاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مدار ثبوت الهلال هو على رؤيته أو إكمال ثلاثين، روى الشيخان وغيرهما من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين.
وعليه فإن من أفطر بإخبار الفلكي فقد فعل خطأ وعليه القضاء، وهو آثم إلا إذا كان جاهلاً الحكم، ولا يحق لولي أمر أياً كان أن يحمل الناس على الفطر اعتماداً على إخبار الفلكي دون اعتماد على رؤية الهلال أو إتمام الثلاثين، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 12470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(11/16390)
لا تتخلف رؤية الهلال إلا بوجود تباين في المطالع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام رمضان في بلد وعلى بعد أمتار على الحدود لا يصومون لعدم الرؤية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن رؤية هلال رمضان أو شوال أو غيرهما من سائر الشهور لا تختلف من بلد لآخر إلا إذا وجد تباين بين البلدين في المطالع، وحديث كريب الذي أخرجه مسلم في صحيحه أكبر دليل على هذا، وانظر الفتوى رقم:
2536، والفتوى رقم: 29107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(11/16391)
الصحيح اعتبار اختلاف المطالع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصري وأعمل في دولة الكويت، وسؤالي هو: هل علينا قضاء يوم من شهر رمضان علما بأننا صمنا متأخرين عن بعض الدول العربية بيوم، وأفطرنا في نفس اليوم الذي أفطرت فيه هذه الدول وبعض الناس يقولون أنهم كانوا على حق في رؤية هلال رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح هو اعتبار اختلاف المطالع، وعليه فصيامك مع البلد الذي أنت فيه هو الصواب، وليس عليك قضاء ما صامه أهل البلاد البعيدة الأخرى، وانظر الفتوى رقم: 39425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(11/16392)
الصيام والفطر يكون حسب رؤية البلد الذي هوفيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أديت مناسك العمرة آخر شهر شعبان، ولم يثبت الهلال بالمملكة بينما ثبت في مصر. وغادرت المملكة فجر أول يوم رمضان الموافق فجر الثاني من رمضان بمصر. أرجو الإفادة عن موقفي من التعويض إذا جاء شهر رمضان بمصر تاما30 يوما وغير تام 29يوما علما بأنني لم أصم أي يوم بالمملكه حيث غادرتها قبل بدء الصيام ووصلت مصر مع بدايه صوم ثاني أيام رمضان..نرجو الافادة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال، ثم اعلم أخي أن ثبوت دخول رمضان أو انسلاخه يقتدى فيه بأهل البلد الذي دخل فيه رمضان أو انسلخ على الشخص وهو فيه، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون رواه أبو داود.
وعلى هذا فما دمت قدمت إلى مصر ورؤيتهم للهلال متقدمة على أهل مكة، فإنه يلزمك الأخذ برؤيتهم، فإن أفطروا في اليوم التاسع والعشرين باعتبار صومك وهو اليوم الثلاثون حسب رؤيتهم، لزمك الفطر معهم ثم قضاء اليوم الذي سبقوك بصومه، وإن أكملوا رمضان ثلاثين يوماً فلا يلزمك شيء لأنك صمت تسعة وعشرين يوماً، والشهر ثلاثون أو تسع وعشرون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1424(11/16393)
الاختلاف في اعتباراختلاف المطالع وعدم اعتباره
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يعتبر اختلاف المطالع فى حدود البلدان التى رسمها الاستعمار، ولا يعتبر فى كل محافظة أو إقليم، فيصوم أهل البلد كله إذا ظهر فى أقصى مدينة حدودية، ولا يصوم أهل المدينة المجاورة لأنها تبع البلد الآخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق أهل العلم على أن مطالع الأهلة مختلفة، وأن ذلك مما علم بالضرورة حساً وعقلاً، إلا أنهم اختلفوا في اعتبار ذلك في بداية صوم رمضان ونهايته، وعدم اعتباره على قولين:
فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع وأن لكل بلد رؤيته، ومنهم من لم ير ذلك، وأنه إذا ثبتت رؤية الهلال في بلد لزم الصوم كل البلاد الأخرى.
واستدل كل فريق بأدلة من الكتاب والسنة والقياس، وهذه المسألة من المسائل الاجتهادية التي اختلفت فيها آراء المجتهدين من هذه الأمة.
ومن المعلوم أن حكم الحاكم المسلم يرفع الخلاف في المسائل الاجتهادية، فإذا رأى الحاكم أن اختلاف المطالع غير معتبر أو أنه معتبر، ارتفع الخلاف ولزم أهل البلد طاعته، محافظة على الوحدة في صومهم رمضان وصلاتهم العيد في بلادهم.
وليست العبرة بأن هذه الحدود رسمها الاستعمار، وإنما العبرة بالواقع الذي نعيشه الآن، وذلك أن من تغلب على بلد وصارت الكلمة النافذة فيها له من غير مخالف، وجب على المسلمين طاعته في المعروف وحرم الشذوذ عن أهل البلد، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع المسلمين على كلمة واحدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/16394)
صوم رمضان متوقف على رؤية الهلال أو إكمال عدة شعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في النمسا، أيصح الصيام غدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن فرض الصيام في شهر رمضان متوقف على رؤية الهلال أو إتمام شهر شعبان ثلاثين يوما، لقوله صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحابة أو ظلمة، فأكملوا العدة عدة شعبان، ولا تستقبلوا الشهر استقبالا ولا تَصلوا رمضان بيوم من شعبان. رواه النسائي واللفظ له وأصله في الصحيح.
فالواجب عليكم في "النمسا" أن تتحروا رؤية الهلال، فإن لم تروه، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما.
وإذا رآه أهل بلد آخر، فقال بعض أهل العلم: يلزمكم الصوم، وقال آخرون: لا يلزمكم الصوم، ولكل بلد رؤيته، وراجع الفتوى رقم: 2536.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1424(11/16395)
لا يصح الاعتماد على الحسابات أو ما يسمى بالاستشعار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أصوم مع بلدي إذا كانت رؤية هلال رمضان بطريقة الاستشعار عن بعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة أن شهر رمضان لا يثبت إلا برؤية الهلال أو إكمال عدة شعبان ثلاثين، ولا يلزم الصيام اعتماداً على الحساب أو ما يسمى الاستشعار، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 12470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1424(11/16396)
إذا اختلفت المطالع فلا يلزم سائر البلاد الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
لقد تم إثبات رمضان في كل من الدول: مصر والأردن وبعض الدول الإسلامية الأخرى هذا العام ولم يثبت في الإمارات والخليج، إلا أني وجدت بعض القلائل من المسلمين قد صام بمفرده، بحجة أنه تم إثباته في دولة إسلامية أخرى، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ لأن ذلك سبب في أن بعض الناس صام والآخر لم يصم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هؤلاء الذين صاموا إن كانوا معتمدين على رؤية الهلال في بلد قريب ليس بينه وبين بلدهم اختلاف في المطالع، فقد أصابوا فيما فعلوا، أو كانوا مقلدين لمن يقول بعدم اعتبار اختلاف المطالع من أهل العلم، فقد أصابوا أيضا، والراجح أنه إن كانت رؤية الهلال في بلد تختلف فيه المطالع مع بلدهم، فهذه الرؤية في حقهم غير موجبة للصوم عليهم.
وراجع الجوابين التاليين: 6636، 2536.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1424(11/16397)
الاختلاف في إثبات هلال رمضان معتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف عالج الإسلام مسألة الاختلاف في رؤية هلال شهر رمضان في الأقطار الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن مسألة إثبات دخول شهر رمضان وما يتعلق بذلك وما ينشأ عنه من تقدم بعض الدول الإسلامية بالصوم وتأخر بعضها، مسألة فيها سعة وفسحة، نظراً إلى نصوص الشرع واختلاف العلماء في الشروط التي يثبت بها دخول الشهر، فمن العلماء من اشترط للعمل بالرؤية شهادة عدل أو عدلين، ومنهم من اشترط جماً غفيراً، ومنهم من اعتبر اختلاف المطالع ومنهم من لم يعتبره، ومنهم من فصّل، ولكل منهم دليله وحجته، وقد سبقت لنا فتاوى في هذه المسألة تمكن مراجعتها تحت الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26865، 6636، 29107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(11/16398)
يثبت رمضان برؤية اهلال أو إكمال عدة شعبان ثلاثين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا أريد أن أستفسر متى رمضان المبارك في الولايات المتحدة "فرجينيا"V.A) washington D.C؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بداية شهر رمضان متوقفة على رؤية الهلال أو إتمام شهر شعبان ثلاثين يوماً، لقوله صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحاب أو ظلمة فأكملوا العدة، عدة شعبان، ولا تستقبلوا الشهر، ولا تصلوا رمضان بيوم من شعبان. رواه النسائي وغيره واللفظ له.
فالواجب عليكم في أمريكا أن تتحروا رؤية الهلال فإن رأيتموه وجب عليكم الصيام، لقول الله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185] .
وإذا لم تروه فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1424(11/16399)
يصوم المسلم مع المسلمين في البلد الذي يقيم فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما شرعية الصيام بتوقيت غير البلد الأم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يصوم مع المسلمين في البلد الذي يقيم فيه ويفطر معهم عندما يفطرون ...
وذلك لما رواه أبو داود والترمذي واللفظ له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون.
قال الترمذي: وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس، ولمزيد من الفائدة نرجو الإطلاع على الفتوى رقم: 2536.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1424(11/16400)
أفطر مع بلدك ثم أكمل بعد العيد تسعا وعشرين
[السُّؤَالُ]
ـ[العبد الله من ليبيا والآن أنا موجود في بريطانيا ومن الممكن أن يكون رمضان في ليبيا يوم25-10وبريطانيا يوم27 وأنا راجع إلى ليبيا يوم29 إذا تأكد هذا الاحتمال فمن المكمن أيضا أن يحدث اختلاف في نهاية الشهر مما يؤدي إلى نقص في صيامي (احتمال) فمع من أصوم أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح اعتبار اختلاف المطالع في رؤية الهلال، فرؤية الهلال في بلد لا تلزم بلداً كما بيناه في الفتوى رقم: 6636 وبناء عليه فلا يلزمك أيها الأخ السائل أن تصوم مع ليبيا وإنما يلزمك أن تصوم حسب رؤية البلد الذي تسكنه عند دخول الشهر، فإذا رجعت إلى بلدك فلتكمل معهم الشهر حتى نهايته فإذا أفطروا يوم العيد فأفطر معهم، ثم عليك أن تحسب مجموع الأيام التي صمتها، فإذا بلغت تسعاً وعشرين كان ذلك كافياً لك لتحقق صيام الشهر، وإن كانت أقل من ذلك فأكملها بعد العيد تسعاً وعشرين، فإن الشهر لا يقل عن ذلك.
وراجع الفتوى رقم:
12036
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1424(11/16401)
بيان أن لكل بلد رؤيتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل السلام عليكم ورحمة الله
أرجوكم أن تنورونا في موضوع الصيام مع أهل البلد، هل نصوم معهم سواء تأكدوا من رؤية الهلال أم لم يتأكدوا، أم نصوم مع السعودية؟ وجزاكم الله ألف خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا ثبتت رؤية هلال رمضان في بلدكم بشهادة العدل الواحد، وجب عليكم الصوم، سواء رُئِيَ الهلال في بلد آخر أم لم يُرَ، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته.
وأما إذا لم تروا الهلال في بلدكم ورُئِي في بلد آخر، فهل يلزمكم الصوم؟ قولان لأهل العلم:
الأول منهما: أنه يلزمكم الصوم، وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة، وقول عند الشافعية.
والثاني: أنه لا يلزمكم الصوم إلا برؤيتكم أنتم للهلال في بلدكم أو البلاد القريبة منكم، والمقصود بالقريبة ما اتفقت في المطالع، فمطلع الشام غير مطلع الحجاز وهكذا، وهو الصحيح عند الشافعية وبعض الأحناف، واستدلوا على ذلك بأن ابن عباس لم يعمل برؤية أهل الشام، كما في حديث كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيته؟ فقلت: رأيته ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
والقول الثاني هو المرجح، كما في الفتوى رقم: 2536.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1424(11/16402)
السعي إلى وحدة المسلمين في صيامهم وأعيادهم مطلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله
كلنا نعرف أن الدول الإسلامية لا تحتفل بالأعياد في يوم واحد هل هذا جائز شرعا وماهي أسباب هذا الخلاف هل هو راجع للزمن أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسبب الشرعي المعتبر لاختلاف المسلمين في يوم العيد هو اختلاف المطالع، فمن المعلوم أن بين المطالع تفاوتاً ملحوظاً، فقد يرى أهل بلد الهلال، ولا يراه أهل بلد آخر، والذي عليه المحققون من أهل العلم أن اختلاف المطالع معتبر، وقد بينا دليل ذلك في الفتوى رقم:
2536، والفتوى رقم: 6636 فلتراجعا.
وأما ما عدا ذلك فهي اختلافات سياسية لا يقرُّها الشرع، وعلى جميع المسلمين نبذ خلافاتهم والسعي إلى وحدة المسلمين في صيامهم وأعيادهم، ويجب عليهم الاجتهاد في إزالة العوائق والقضاء على بذور الخلاف والشقاق، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(11/16403)
لكل بلد رؤيته سواء في رمضان أم غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصوم المسلمون يوم عرفة حسب التقويم أم عليهم أن يصوموا مع السعودية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المقرر شرعاً أن مطالع هلال الشهور القمرية تختلف من بلد لآخر، وعلى كل أهل بلد أن يلتزم اعتبار ظهور الهلال أو عدمه حسبما تقرر اللجنة المختصة بإثبات ذلك أو نفيه، ولا عبرة بالتقويم؛ لأنه يبنى غالباً على الحسابات الفلكية.
وبناءً على ذلك، فإذا كانت البلد التي تعيش فيها تعتمد رؤية الهلال عند البلاد السعودية لاتحاد المطلع معها، فيوم عرفة عندكم هو يوم عرفة عندهم، أما إن كانت بلدك تعتمد إثبات الهلال بنفسها فعليك أن تلتزم بها سواء وافقت البلاد السعودية أم لم توافقها، ولمزيد من الفوائد والأحكام راجع الفتوى رقم:
13807، والفتوى رقم: 14067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(11/16404)
نصاب الشهادة في رؤية هلال رمضان وشوال
[السُّؤَالُ]
ـ[كم عدد الشهود لرؤية هلال رمضان وشوال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في هلال رمضان هل يكفي في إثباته شهادة الواحد العدل أو لا بد فيه من اثنين، فذهب الإمام أحمد في المشهور عنه إلى كفاية الواحد، وهو قول عمر، وعلي، وابن عمر، وابن المبارك، والشافعي في الصحيح عنه، محتجين بما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن أعرابيًّا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت الهلال، قال: أتشهد ألا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، قال: نعم، قال: يا بلال أذن في الناس فليصوموا غداً. رواه أبو داود والنسائي والترمذي.
وبما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بالصيام. رواه أبو داود.
وقال مالك والليث والأوزاعي: لا بد من اثنين، مستدلين بقول عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب حين خطب الناس في اليوم الذي شك فيه: لقد جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين، وإن شهد شاهدان ذوا عدل فصوموا وأفطروا.
وبقول عثمان رضي الله عنه: لا يقبل إلا شهادة اثنين. ولأن هذه شهادة على الهلال فأشبهت شهادة شوال.
وفرق الإمام أبو حنيفة بين الصحو والغيم، فقال بقبول شهادة الواحد في الغيم، ولم يقبل في الصحو إلا الاستفاضة.
قال الإمام الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم.
وقال النووي: وهو الأصح.
وقد حاول البعض الجمع بين القولين وذلك بقبول شهادة الواحد إن رأى وحده وقدم على الناس، كما في حديث الأعرابي، وبعدم قبولها إن كان بين الناس وادعى أنه رآه دونهم لأنهم يعاينون ما عاين.
أما هلال شوال فلا بد فيه من شهادة اثنين عدلين عند عامة الفقهاء، إلا أبا ثور، وذلك لخبر عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب المتقدم، ولما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة رجل واحد على الهلال، وكان لا يجيز على رؤية الإفطار إلا رجلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(11/16405)
هل لاختلاف مطالع القمر اعتبار شرعي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ان أصوم مع السعودية إذا ثبت رؤية الهلال عندهم وأنا في سلطنة عمان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا عبرة باختلاف مطالع القمر، فمتى ثبتت رؤية هلال رمضان في بلد وجب على جميع المسلمين أن يصوموا، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين. [متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه] .
وذهب الشافعية وبعض الحنفية إلى أن لكل بلد رؤيتهم ولا يلزمون برؤية أهل بلد آخر، والصحيح -إن شاء الله- هو قول الجمهور، إلا إن كانت المسافات متباعدة بحيث لا يشترك البلدان في جزء من الليل.
والواقع أن جميع البلاد العربية خاصة دول الخليج مطالعها متحدة أو متقاربة جداً، ولذلك يجب على من كان مقيماً فيها أن يصوم برؤية المسلمين في أي بلد منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1423(11/16406)
لا يجوز اعتبار الحدود في مسألة الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ثبوت رؤية هلال رمضان في دولة ما تلزم الدول الأخرى وإن كان لكل بلد هلاله فما علاقة الحدود السياسية للدول بطبيعة المسألة الفلكية والجغرافية؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أقوال العلماء فيما إذا رأى أهل بلد الهلال هل يلزم سائر المسلمين الصيام أم لا؟ في الفتوى رقم: 6636، والفتوى رقم: 2536.
أما قول السائل: ما علاقة الحدود السياسية للدول بطبيعة المسألة الفلكية والجغرافية؟ فهو كلام صحيح، فإن هذه الحدود السياسية من صنع الكفار فرقوا بها المسلمين، ولا يجوز بناء الأحكام الشرعية عليها، بل الواجب هو إزالتها، وتوحيد المسلمين تحت راية واحدة، وخليفة واحد، ودولة واحدة.
فعلى كلا القولين المتقدمين، فإنه لا يجوز اعتبار هذه الحدود في مسألة الصيام، بل إنه من العجب أن تجد قريتين أو مدينتين بينهما مئات الأمتار، وإحدى القريتين أو المدينتين صائمة والأخرى مفطرة، وتنتمي هذه إلى الدولة، وتلك تنتمي إلى دولة أخرى، والله المستعان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(11/16407)
صيام عرفة مرتبط بالزمان وليس بالمكان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم رحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل: بإذن الله سيكون الجمعة هو أول أيام عيد الأضحى في الدول الاسلامية. وللأسف الشديد سيكون يوم السبت هو أول أيام عيد الأضحى في أمريكا حسب ما أعلنه مجلس الشورى الإسلامي والذي تتبعه المساجد هنا في أمريكا.
لقد حث الرسول عليه الصلاة والسلام على صوم يوم عرفة, وسؤالي هو: "هل نصوم الخميس حيث أنه يوم عرفة أم نصوم الجمعة لأنه اليوم الذي يسبق العيد عندنا -وهو ليس بيوم عرفة والحث على صيام يوم عرفة وليس التاسع من ذي الحجة- أم نصوم الخميس والجمعة وما الحكم في ذلك.?
جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر لنا هو أن يوم عرفة بالنسبة لكم هو اليوم الذي يسبق يوم العيد، لأنه هو اليوم التاسع بالنسبة لكم، ونظير هذا هو ما يكون في ليلة القدر فإنها بالنسبة لكم قد لا تكون كليلة القدر بالنسبة لغيركم، وصيام يوم عرفة منفصل عن وقوفه في عرفة، فالصيام يشرع لمن لم يكن حاجاً، وبالتالي فهو مربوط بالزمن وليس بالمكان، والزمن بالنسبة لكم هو المعتبر، ومع هذا لو صمت الجمعة والخميس كان ذلك أولى، لأن الخميس هو اليوم الثامن، وهو يوم التروية، وقد شرع صومه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/16408)
ثبوت عيد الأضحى برؤية الهلال واختلاف المطالع معتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اختلاف المطالع معتبر في عيد الحج؟ وماذا يفعل من ابتلي باختلاف المسلمين في مدينة واحدة في يوم العيد هل هو السبت أم الجمعة؟ وكل طائفة سوف تصلي العيد في اليوم الذي تراه؟ وما هوالحكم في يوم عرفة لمن أراد الصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى المسلمين أن يدعوا الفرقة، ويعتصموا بحبل الله جميعاً، ومن ذلك أن أهل البلد الواحد المتحد المطلع يلزمهم أن يتحدوا في الصوم والأضحية، فيصوموا أو يضحوا في يوم واحد باعتبار ثبوت الهلال لديهم، أو إكمال عدة الشهر، ولا يلزمهم أن يوافقوا أهل بلد آخر يخالفهم في المطلع.
وعليه، فالطائفة التي ستصلي العيد أو ستصوم عرفة بناء على ثبوت الشهر أو العيد في تلك المدينة أو المدن المجاورة لها، فإنه يلزمكم أن تصوموا وتصلوا معهم، لما ثبت في سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون"، ولا يجوز لمسلم أن يخالف ذلك، وإن كان بعض بلدان المسلمين سيتقدم أو يتأخر، فلا عبرة بشيء من ذلك ما دامت المطالع مختلفة.
وانظر جواب رقم: 2536.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1422(11/16409)
أقول العلماء فيمن رأى هلال الفطر أو الصوم وحده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم مصري أقطن في المغرب وقد شاهدت هلال شهر رمضان في الليلة التي شاهده فيها المسلمون في مصر حيث رأيت الهلال وبقي لمدة 30دقيقة. إلا أن السلطات في المغرب لم تثبت لديهم رؤية الهلال وقرروا أن يصوموا في اليوم الموالي لليوم الذي صام فيه المصريون وسؤالي هو:
ماذا علي فعله؟
لقد قررت أن أحتفل بعيد الفطر طبقاً للرؤية في مصر بغض النظر عن ما سيكون عليه الحال في المغرب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهاهنا مسألتان: المسألة الأولى هي: أنك ما دمت تعيش في المغرب فيلزمك أن تبدأ الصيام معهم، وأن تفطر معهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون" رواه أبو داود بإسناد جيد.
هذا إذا كان البلد يعتمد في صيامه وإفطاره على رؤية الهلال، وليس على الحساب الفلكي، أما إن كان يعتمد على الحساب الفلكي فيمكنك الاعتماد على رؤية نفسك، أو رؤية من حولك من المؤمنين ممن يتحرون الهلال، أو رؤية بلد مجاور عند تعذر ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"
المسألة الثانية: وهي تتعلق بما إذا كنت في بلد يعتمد على رؤية الهلال وليس الحساب الفلكي، ورأيت الهلال بنفسك لكنهم لم يروه، فهل تصوم أم لا؟ قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: إذا رأى هلال الصوم وحده، أو هلال الفطر وحده، فهل عليه أن يصوم برؤية نفسه؟ أو يفطر برؤية نفسه؟ أم لا يصوم ولا يفطر إلا مع الناس؟ على ثلاثة أقوال: هي ثلاث روايات عن أحمد أحدها: أن عليه أن يصوم، وأن يفطر سراً، وهو مذهب الشافعي.
والثاني: يصوم، ولا يفطر إلا مع الناس، وهو المشهور من مذهب أحمد ومالك وأبي حنيفة.
والثالث: يصوم مع الناس، ويفطر مع الناس، وهذا أظهر الأقوال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون" رواه الترمذي، وقال حسن غريب، ورواه أبو داود، وابن ماجه، وذكر الفطر والأضحى فقط. … إلخ. (مجموع الفتاوى25/114-118) لابن تيمية.
وقد سبقت أجوبة في الموضوع نحيلك على بعضها للفائدة برقم:
12036 11673 6636
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(11/16410)
عالمية الإسلام لا تعني نبذ رؤية الهلال وحتمية الأخذ بالحساب
[السُّؤَالُ]
ـ[- الإسلام دين عالمي فلابد أن يكون هناك حل للعيش بدون أن نجعل الشمس والقمر دليلين على الوقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد شرع لنا الله سبحانه وتعالى التوقيت بالأهلة لحكم عظيمة، ومنها:
أنها علامة سهلة ميسرة تناسب جميع المكلفين من الإنس والجن على اختلاف طبقاتهم: علماء وأميين، أهل الحضر، وأهل البادية، والعرب، والعجم، والرجل والمرأة.. ومن خلال الشمس - وهي العلامة الظاهرة للعيان - نعرف بدء النهار ونهايته، وأوقات الصلوات وتحديدها بدقة وبيسر وسهولة، ومن خلال الهلال نعرف كيف نصوم، وكيف نحج ... إلخ
قال تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة:185] .
وقال صلى الله عليه وسلم بشأن الهلال: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً" رواه مسلم.
وعند النسائي: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحاب فكملوا العدة" فكلفنا الله سبحانه وجعل رؤية الهلال بعد استتاره آخر الشهر علامة، ولم يجعل لنا علامة لا يعرفها إلا النزر اليسير من الناس.
وعلى هذا جرى العمل زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وزمن الخلفاء الراشدين، والأئمة الأربعة، ومن بعدهم ...
قال الإمام ابن تيمية: أجمع المسلمون - إلا من شذ من المتأخرين المخالفين المسبوقين - بالإجماع على أن مواقيت الصوم والفطر والنسك إنما تقام بالرؤية عند إمكانها لا بالكتاب والحساب الذي يسلكه الأعاجم من روم وفرس وهند وقبط وأهل كتاب، وقد قيل: إن أهل الكتاب أمروا بالرؤية لكنهم بدلوا.
ومن الأدلة على اعتبار الأهلة قوله صلى الله عليه وسلم: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا" رواه البخاري ومسلم. ومعنى (هكذا وهكذا) يعني: مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين. ومعنى (لا نحسب) أي: لا نعرف حساب علم النجوم وتسييرها، فالعمل بقول المنجمين ليس من هدينا، بل إنما ربطت عبادتنا بأمر واضح وهو رؤية الهلال ... وفي الإناطة بذلك دفع للحرج عن العرب في معاناة ما لا يعرفه منهم إلا القليل، ثم استمر الحكم بعدهم، وإن كثر من يعرف ذلك، ثم إن الأخذ بالأهلة لا يتعارض مع عالمية الدين الإسلامية، بل يناسبه تماماً حيث إن كثيراً من الشعوب والبلدان لا تعرف شيئاً عن علم الفلك والنجوم حتى الآن، بينما لا يجدون أدنى مشقة في رؤية الأهلة، وصدق الله العظيم حيث يقول: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً) [الإسراء:12] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(11/16411)
الفارق الزمني لا يتنافى مع توحيد العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[نلاحظ في المجتمع العربي والإسلامي أن هناك اختلافاً في شهر رمضان فيما يخص رؤية الهلال حيث إن كل دولة تصوم بمفردها وتفطر بمفردها مع العلم أن الصلاة واحدة والعبادة واحدة
فما هو الفرق في شهر رمضان?وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شمول حكم رمضان لسائر بلاد المسلمين بثبوت رؤيته في بلد من البلاد، وعدم شموله، وإعطاء كل بلد حكماً خاصاً ورؤية مستقلة أمر مختلف فيه من قديم، وقد سبق أن ذكرنا ذلك بالتفصيل في الجواب رقم:
6636
وذكرنا هنالك أن الراجح أن لكل بلد حكماً خاصاً به بالنسبة لثبوت الشهر مع الأدلة. فليرجع السائل الكريم إليه، وكون الصلاة واحدة لا يتعارض مع إعطاء كل بلد حكماً خاصاً به في ثبوت رمضان.
بل إن مما يشهد لهذا القول الراجح، ويوضح أن الفارق الزمني معتبر شرعاً هو كون صلاة الظهر -مثلاً- في المشرق ليست في نفس الوقت الذي يصلي فيه أهل المغرب، وهذا شيء مشاهد ومسلم به. وبهذا يظهر للسائل أن الفارق الزمني لا يتنافى مع توحيد العبادة، سواء كانت صوماً أو كانت صلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(11/16412)
حكم الصيام والإفطار على الحساب الفلكي
[السُّؤَالُ]
ـ[بلد عربي أعلن أن اليوم الذي يصادف الثلاثين من رمضان هو أول أيام عيد الفطر وذلك عن طريق الحساب وكل الدول الاسلامية الأخرى المجاورة لها صائمون فهل نقضي هذا اليوم؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز الصيام ولا الإفطار بناءً على الحساب الفلكي، وإذا علم الشخص أن دولة ما تعتمد ذلك فلا يتبعها فيه، وعليه أن يصوم على رؤيته للهلال، فإن لم يره فليصم على رؤية أقرب بلد يعتمد أهله رؤية الهلال، ومن أفطر على مجرد علم الحساب الفلكي والدول المجاورة المعتمدة على الهلال صائمة لزمه قضاء ذلك اليوم، ولا إثم عليه إن كان جاهلاً بالحكم.
وانظر جواب رقم:
11921 وجواب رقم: 6636
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(11/16413)
التقدير الحسابي.....والصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من الطلاب العرب الموجودين في الهندومعروف أن الهند قد حددت رمضان في التاريخ من بداية العام ولم تتحر الهلال وبالتالي فقد صام طلاب العرب على السعودية ولم يصوموا على الهند والتي تأخرت عن الهند بيوم لكن بعض الطلاب صام على الهند فماهو تعليقكم على هذا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المعتبر شرعاً في إثبات شهر رمضان أو شوال أو غيرهما هو الرؤية بالعين، وليس التقديرات الحسابية، على الراجح من أقوال أهل العلم، لقول الله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه…) [البقرة: 185]
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته" الحديث متفق عليه.
وهذا الذي تقتضيه حكمة التشريع الرباني، فرؤية الهلال ممكنة لكل أحد، وفي كل زمان ومكان.
أما معرفة بداية الأشهر عن طريق الحساب فهي غير ممكنة لكل أحد، وقد تكون معلومة في زمان دون زمان، وفي مكان دون آخر.
وعلى ذلك فما تفعله دولة الهند غير معتبر شرعاً، ولا يجوز الأخذ بمقتضاه.
وعليكم أن تعتمدوا في ثبوت الأهلة على الرؤية، فإن لم تتمكنوا من ذلك فاعتمدوا على رؤية أقرب بلد مسلم إليكم، كباكستان مثلاً.
وراجع الجوابين:
6375 11573
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1422(11/16414)
حكم من انتقل من بلد إلى بلد: صياما وإفطارا
[السُّؤَالُ]
ـ[1-حسب علمي أن رمضان يبدأ يوم 16/11/ في مصر والآن أنا في اليابان الذي يبدأ فيه الصيام اعتباراً بأقرب بلد له وهو ماليزيا هذا يعني أن يوم الجمعة يكون 29 شعبان، وفي قضيتي أنا سأسافر إلى مصر وهذا يعني أن عدد صيامي سيكون اقل من عدد أيام رمضان في مصر فسؤالي الأول:
فما هو البلد الذي أتبعه لبداية الصيام أتبع أهل مصر لأني إذا سافرت إلى بلدي سأكون وضعي مثل أهل بلدي أم أبدأ الصيام مع أهل اليابان الذين يتأخرون في الصيام على الأقل يوما عن أهل مصر آمل إجابتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المسلمين في اليابان وما شابهها أن يتعاونوا بينهم في تكوين لجنة شرعية تضم مجموعة من العلماء، وطلبة العلم، وأصحاب التجارب والخبرة، لتحري رؤية الهلال حتى لا يقعوا في الحيرة والاضطراب كل عام، وفي حالة عدم التمكن من معرفة بدء رمضان وانتهائه، فإنهم يصومون حسب رؤية البلد المسلم المجاور، ولا يعتمد على حساب الفلكيين.
وأما من انتقل من البلد الذي بدأ الصيام مع أهله إلى بلد آخر، فحكمه في الإفطار والاستمرار حكم البلد الذي انتقل إليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون" رواه أبو داود
وعليه فإنك تبدأ الصيام في اليابان لرؤية أهله، أو لرؤية ما جاوره من بلاد المسلمين، فإذا انتقلت إلى مصر فإنك تنتهي من الصيام لرؤية أهله، فإذا تبين أنك صمت أقل من تسعة وعشرين يوماً، فالواجب عليك هو أن تقضي يوماً، لأن الشهر لا يكون أقل من تسعة وعشرين يوماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1422(11/16415)
هلال رمضان ... بين الشك واليقين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن طلبة ندرس في باكستان هل يجب علينا الصيام معهم مع علمنا أن لجنة رؤية الهلال عندهم تحوي العديد من الفرق الضالة وكل سنة يتعمدون مخالفة جميع المسلمين بيوم أو يومين. أفيدونا مأجورين قبل حلول رمضان..والسلام عليكم ورحمةالله وبركاته....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ورد في سؤال الإخوة الطلاب من قولهم: وكل سنة يتعمدون مخالفة جميع المسلمين بيوم أو يومين ليس بلازم، فإن تأخر رؤية الهلال عندهم أمر لا غرابة فيه، فإن مطالع الهلال تختلف باختلاف الجهات، كما تختلف مطالع الشمس، وعليه فنقول: إن كانت مخالفتهم بالتقديم أي أنهم يعلنون رؤية الهلال قبل رؤية الناس له، فيجب عليكم أن تصوموا لرؤيتهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" متفق عليه.
ولقول ابن عمر رضي الله عنهما: (تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه) رواه أبو داود والدارمي
فالصوم يجب بواحد من أمرين:
الأول: رؤية العدل للهلال.
الثاني: إكمال عدة شعبان ثلاثين.
دلت على هذا نصوص السنة المطهرة.
وإن كانت مخالفتهم بالتأخير، أي أنهم يصومون بعد صيام الناس، فلا يخلو المقام حينئذ من تقديرين:
التقدير الأول: أن تكونوا قد رأيتم الهلال بأنفسكم، فمن رآه بنفسه لزمه الصوم على الصحيح من أقوال أهل العلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته"
وهذا قد رآه، ولأن رمضان يثبت برؤية العدل الواحد على الصحيح.
التقدير الثاني: أن لا تروا الهلال، وحينئذ يلزمكم إكمال عدة شعبان ثلاثين برؤية البلد الذي أنتم فيه لهلال شعبان.
هذا وننبه إخواننا الطلاب إلى أن هدي الصحابة رضي الله عنهم هو ترائي الهلال، أي تكلف رؤية الهلال، والنظر إليه، هل يرونه أم لا؟
وقد ثبت عنهم هذا في غير موقف من مواقفهم، منها ما تقدم في مطلع هذا الجواب من قول ابن عمر: "تراءى الناس الهلال" أي تكلفوا النظر إليه لعلهم يرونه.
ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي البختري قال: (نزلنا بطن نخلة فتراءينا الهلال) إلى غير ذلك من أخبارهم، فينبغي لكم أن تعملوا بهدي الصحابة، لتزيلوا عن أنفسكم الشك،
ومما ينبغي التنبيه عليه ما ورد في صيغة السؤال: أن إساءة الظن في لجنة رؤية الهلال في باكستان، وهذا ما لا ينبغي للمسلم مع عموم المسلمين، فكيف بمن عرف بالعلم والدعوة إليه كما أن رؤية الهلال مسألة شرعية، تعتمد على أصول شرعية مبنية على خلاف عريض بين علماء المسلمين، فقد يتوهم الإخوة السائلون أن اللجنة تتعمد المخالفة، ويكون الأمر بخلافه إذ تتبنى اللجنة قرارها على مقررات عليمة لديها، ومن ذلك عدم لزوم رؤية أهل بلد لبلد آخر، إلى غير ذلك من الأصول التي تبنى عليها هذه المسألة، فينبغي إحسان الظن بأهل العلم، وهذا أقل ما يفعله المسلم تجاههم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه" رواه أحمد في المسند والحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
وراجع الجواب رقم:
2536
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(11/16416)
الأصل في ثبوت الشهر رؤية الهلال، واختلاف المطالع له اعتباره
[السُّؤَالُ]
ـ[علمنا أن ليبيا هي الدولة الوحيدة التي أعلنت رؤية هلال رمضان فهل يعتد برؤيتها أم لا؟ وهل تعتمد الرؤية الشرعية أم الحساب الفلكي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأخذ برؤية بلد بعينه أو عدم الأخذ بها يرجع إلى اختلاف أهل العلم، فيما إذا رؤُي الهلال في بلد من البلدان فهل هي رؤية لجميع المسلمين يلزمهم جميعاً الصيام أو الأفطار بها؟ أم أن لكل بلد حكمه في الصيام أو الأفطار حسب اختلاف المطالع؟
فذهب جمهور أهل العلم منهم أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى القول الأول، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا" متفق عليه من حديث ابن عمر، وقالوا الخطاب عام لجميع المسلمين، ولا عبرة باتفاق المطالع واختلافها، وذهب الإمام الشافعي وجماعة من السلف إلى القول باختلاف المطالع، وقالوا إن الخطاب في الحديث نسبي فإن الأمر بالصوم والفطر موجه إلى من وجد عندهم الهلال، أما من لم يوجد عندهم هلال فإن الخطاب لا يتناولهم إلا حين يوجد عندهم، وهذا القول هو الراجح. والقول بعدم اعتبار اختلاف المطالع يخالف المعقول والمنقول، أما مخالفته للمعقول فلمخالفته لما هو ثابت بالضرورة من اختلاف الأوقات، وأما مخالفته للمنقول فلأنه مخالف لما أخرجه مسلم وغيره، عن كريب قال: قدمت الشام واستهل عليّ هلال رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني ابن عباس، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟. فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا. هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال الترمذي: والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل بلد رؤيتهم.
وأما ما يثبت به رمضان فهو رؤية هلال رمضان ولو من واحد عدل، أو بكمال شعبان ثلاثين يوماً إذا كانت ليلة الثلاثين منه صحوا، فإن فيها غيم أو سحاب أو نحو ذلك، فقد اختلف في الحكم هنا أهل العلم، وخلافهم فيه ناشئ عن اختلاف فهمهم في المراد من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإن غمَّ عليكم ـ يعني هلال رمضان ـ فاقدروا له" المتفق عليه عن ابن عمر، فذهب أحمد وطاووس وطائفة قليلة إلى أن معناه: ضيقوا له العدد، كقوله تعالى: (ومن قدر عليه رزقه) [الطلاق: 7] أي ضيق، وقوله تعالى: (يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) [الشروى: 12] ومعنى التضييق له أن يجعل شعبان تسعة وعشرين يوماً، وإذا كانت السماء ليلة الثلاثين من شعبان ذات سحاب أو غيم ونحوه مما يحول دون رؤية الهلال يصام اليوم التالي، ويقدر الهلال تحت السحاب. قالوا: وقد فسر ابن عمر هذا الحديث بفعله، وهو راويه وأعلم بمعناه، فوجب الرجوع إلى تفسيره، فقد أخرج أبو داود أن نافعاً قال: كان ابن عمر إذا مضى من شعبان تسع وعشرون، بعث من ينظر الهلال، فإن رأى فذاك، وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطراً، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائماً".
وذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي، وهي رواية عن احمد، وجمهور السلف إلى أن الشهر يثبت برؤية الهلال، أو إكمال العدة ثلاثين يوماً، وأن صيام يوم الغيم لايجزئ عن رمضان. وقالوا إن معنى فاقدروله أي: قدروا تمام العدد ثلاثين يوما، واحتجوا ببقية الروايات، مثل: " فاقدروا له ثلاثين، وهي مفسرة للرواية المطلقة "فاقدروا له".
وقال مطرف بن عبد الله بن الشخير وأبو العباس بن سريج وابن قتيبة وآخرون معناه قدروه بحساب المنازل. وقالوا: إن الشهر يثبت بالحساب الفلكي.
والراجح أن الشهر يثبت برؤية الهلال، فإن غّم أكمل ثلاثين يوماً، وهو قول جمهور العلماء، لأن القول بتقديره تحت السحاب والغيم منابذ لصريح باقي الروايات، والقول بحساب المنازل مردود بما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا". قال ابن حجر "والمراد أهل الإسلام الذين بحضرته عند تلك المقالة، والمقالة محمولة على أكثرهم، لأن الكتابة كانت فيهم قليلة نادرة، والمراد بالحساب هنا: حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك إلا النزر اليسير، فعلق الصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير، واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك. بل ظاهر السياق ينفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً".
وقال النووي: " فالصواب ما قاله الجمهور، وما سواه فاسد مردود بصريح الأحاديث السابقة".
وقال ابن تيمية: " ولا ريب أنه ثبت بالسنة الصحيحة واتفاق الصحابة أنه لا يجوز الاعتماد على حساب النجوم".
وقد قرر المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الرابعة المنعقدة بمكة بتاريخ 7-17 ربيع الآخر سنة 1401هـ في قراره الأول أن العمل بالرؤية في إثبات الأهلة لا بالحساب الفلكي. والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(11/16417)
الأصل في الصوم أو الإفطار رؤية الهلال وليس تقليد بلد بعينه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد:
فنحن المسلمين المقيمين في الصين نعاني من عدم تمكننا معرفة بدء رمضان وانتهائه بشكل صحيح كل عام، حيث جرت العادة هنا لكون أن ساعتنا تسبق البلدان العربية بحوالي خمس ساعات أن تقرر الجمعيات الإسلامية تأخير الصيام والإفطار يوما ربما كي لا نصوم ونفطر قبل إخواننا في الحرم المكي الشريف , فكل عام نفطر أول يوم من رمضان كانت السعودية مثلا قد صامته ونصوم أول يوم من عيد الفطر عندهم وهذا ما يؤلم قلبنا فما الحل أفتونا جزاكم الله عنا كل خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليكم في هذه المسألة أن تتعاونوا فيما بينكم، وتكوّنوا لجنة شرعية تضم مجموعة من العلماء وأصحاب التجربة والخبرة لتحري رؤية الهلال في بلادكم، حتى لا تقعوا في الحيرة والاضطراب كل عام بخصوص الفطر والصوم، ولأباس بالاستعانة بمسلمين آخرين من إحدى البلدان المجاورة لكم، وفي حالة عدم تمكنكم من معرفة بدء رمضان أو انتهائه يمكنكم الصوم أو الفطر حسب رؤية البلد المجاور، وما دمتم في (الصين) وتسبقون (مكة) بحوالي خمس ساعات، فلا يمكن أن تصوموا وتفطروا حسب أهل مكة، بل الواجب عليكم تحري الهلال، فإذا تمكنتم من رؤيته وجب عليكم الصوم أو الفطر بمقتضى الرؤية، ولو لم توافقوا أهل مكة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب عموم المسلمين بقوله:" صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين " متفق عليه. وعند النسائي بسند صحيح قوله صلى الله عليه وسلم" الشهر يكون تسعة وعشرين، ويكون ثلاثين، فإذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمّ عليكم فأكملوا العدة ". وعند مسلم "فإن غُمّ عليكم فصوموا ثلاثين يوما" ولا يخفى أنه قد تقرر العمل باختلاف المطالع منذ صدر الإسلام إلى يومنا هذا، وقد أفتى بالعمل بذلك المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وغيره.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1421(11/16418)
من أخذ بأن رؤية الهلال في قطر ملزمة لبقية الأقطار لزمه الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، ...
أخ لكم من بلاد الشام يتساءل تفاجأنا هذه الأيام بما أعلنته المملكة العربية السعودية من اعتبار أن يوم الإثنين هو الأول من شهر ذي القعدة وهذا يعني أننا قد أفطرنا يوماً من رمضان بسبب خطأ الرؤية الذي قد حصل. ... وعلى هذا، فهل نحن مطالبون بقضاء يوم بدلاً عن اليوم الذي قد أفطرناه من رمضان، هل هناك من يعرف عن ذلك؟ وإذا كان الأمر كذلك ألا يحسن بهيئة كبار العلماء -وفقهم الله- أن تنوه إلى ذلك؟ ... في الحقيقة لا أعرف إن كانت قد فعلت ذلك؟ هل من أحد يعرف هل ينبغي علينا القضاء أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان يرى أن رؤية الهلال في قطر من الأقطار يجب العمل بها في بقية الأقطار- وذلك قول لطائفة من أهل العلم - يجب عليه أن يقضي يوماً على حسب ما أعلنته المملكة السعودية. لأنه يقتضي أن بداية شوال كانت يوم السبت وليس يوم الجمعة. ومن كان يرى أن لكل قطر رؤيتهم يجب عليهم العمل بها، وهم غير ملزمين برؤية القطر الآخر -وذلك قول لطائفة أخرى- فعليه أن يعمل على حسب ما ثبت في القطر الذي هو فيه. ولعل الجهة المختصة في السعودية أعلنت ذلك ولم يبلغك ذلك. هذا وقد وصلتنا بعد كتابة هذا الجواب ونشره إجابة لفضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين وإليك نصّها تكميلاً للفائدة. الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فقد سألني بعض الناس عن دخول شهر شوال عام 1420هـ حيث اختلفت الأمة الإسلامية فيه. فأجبت بأن هذا أمر لا غرابة فيه فإن مطالع الهلال تختلف باختلاف الجهات كما تختلف مطالع الشمس وهذا ثابت باتفاق أهل المعرفة بهذه الأمور، فقد يرى الهلال في جهة من الجهات ولا يرى في جهة أخرى. ويثبت دخول شهر رمضان بواحد من أمرين: إما برؤية هلاله وإما بإكمال شهر شعبان ثلاثين يوماً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " وفي حديث آخر: " إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له "، وفي رواية للبخاري: " فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين "، وفي حديث آخر: "فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ". وفي هذا العام عام 1420هـ ثبت شرعاً في المملكة العربية السعودية دخول شهر شوال ليلة الجمعة الموافق 7 يناير عام 2000 ميلادية، فيوم الجمعة المذكور أول يوم من شوال ثبت ذلك بشهادة ثلاثة رجال في شمال المملكة واثنين في وسط المملكة، ولا مناص عن العمل بمثل هذه الشهادة شرعاً، ولهذا كان عيد الفطر من رمضان هذا العام هو يوم الجمعة. نسأل الله تعالى القبول لجميع المسلمين. كتبه محمد الصالح العثيمين في 11/11/1420هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1422(11/16419)
هل يمكن أن يظهر هلال ذي الحجة في مكان دون آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في الهند أيام الحج الماضي 1420هـ فعرفت بأن العلماء عندنا قرروا أن يكون صوم يوم عرفة في يوم الخميس وعيد الأضحى في يوم الجمعة بعكس الواقع في مكةالمكرمة حيث كان يوم عرفة يوم الأربعاء ويوم النحر يوم الخميس وذلك بسبب مغايرة رؤية الهلال عندنا، أي صمنا بالهند في يوم النحر! والبعض صاموا مع أهل مكة. وهل يجوز لنا أن يصوم عرفة مع أهل مكة إذا تأكدنا من وقوف يوم عرفة؟ أو علينا أن نصوم حسب رؤية هلال ذي الحجة في بلادنا؟؟ نرجو التفصيل. شكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تعمل بما قرره أهل العلم عندكم فيما يتعلق برؤية الهلال لأن اختلاف المطالع معتبر في ذلك على الراجح إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/16420)
البلاد التي تعيش نصف السنة ليلا ونصفها نهارا تكون تابعة في مدة الليل والنهار لأقرب بلد منها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تقدر أوقات الصلاة والإمساك والإفطار لساكني الأماكن التي تشرق عليها الشمس لمدة ستة أشهر وتغرب لنفس المدة أي ستة أشهر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المسلمين الذين يقيمون في بلادٍ لا تغيب عنها الشمس صيفاً ولا تطلع فيها الشمس شتاءً، أو في بلادٍ يستمر نهارها ستة أشهر ويستمر ليلها ستة أشهر مثلاً، أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، بأن يقدروا أوقاتها ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلادٍ إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضهاعن بعض. فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم حدّث أصحابه عن المسيح الدجال فسألوه عن لبثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوماً يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، فقيل يا رسول الله: الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا: اقدروا له قدره " رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
فلم يعتبر اليوم الذي كسنة يوماً واحداً يكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب في كل أربع وعشرين ساعة خمس صلوات، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بين أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم. ولا فرق بين الصلاة والصوم.. إذ يجب عليهم صيام شهر رمضان، وعليهم أن يقدروا لصيامهم فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته، وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه، يقيسون ذلك ببدء الشهر ونهايته وبطلوع فجر كل يوم وغروب شمسه في أقرب بلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار، ويكون مجموعهما أربعاً وعشرين ساعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(11/16421)
اختلاف المطالع له اعتباره
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد اجتماع الدول الإسلامية بالمملكة العربية السعودية والاتفاق على توحيد بداية وانتهاء شهر رمضان على جميع الدول، لماذا لم يتم التوحيد؟ وما موقف المسلمين في الدول التي خالفت هذا الإجماع من الناحية الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تعلم أن البلاد الإسلامية لم يحصل أن اتفقت على رؤية واحدة فيما يخص شهر رمضان المبارك.
وذلك أن الذي عليه المحققون من أهل العلم أن الاختلاف في المطالع معتبر، ومن المعلوم أن بين المطالع تفاوتا ملحوظا، ومما يشهد لهذا الاعتبار ما رواه مسلم في صحيحه من حديث كريب مولى ابن عباس أن أم الفضل بنت الحارث بعثته في حاجة إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال؟ فقلت رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت فلا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم" ووجه الشاهد من الحديث يتضح في النقاط التالية.
1) أن المسلمين في ذلك الوقت دولة واحدة ومعاوية خليفتهم، وابن عباس ممن يقرون ذلك، فلو لم يكن اختلاف المطالع معتبرا لما وسعهم خلافه.
2) أن كريبا أخبر ابن عباس بأنه هو رأى الشهر ورآه الناس معه فصام وصاموا، وكريب تابعي جليل من أفضل من روى عن ابن عباس وغيره من الصحابة، وقد خرجت له أحاديث كثيرة في البخاري ومسلم وغيرهما.
3) أن ابن عباس قال هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسب الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عليم بمدلول اللفظ وبخطورة نسبة شيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل به نصا أو مضمونا. وأما اجتماع الناس على رؤية واحدة بالنسبة ليوم عرفة فلأنهم في مكان واحد يجب أن تكون فيه الرؤية موحدة فلا أثر للاختلاف بين بلدك ومكة في المطلع إذا كنت أنت موجوداً في مكة، فرؤيتك برؤيتهم وليست برؤية أهل بلدك وهذا واضح.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1422(11/16422)
من شروط صحة الصوم الجزم في النية
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد نزل علي دم، واعتقدت أنه دم الحيض، ولكن بعد ذلك اتضح لي أنه ليس بدم حيض، وكنت قد أمسكت عن الطعام من قبل أذان الفجر؛ لأنني كنت شاكة في أمر الحيض، نويت الصيام حتى يتضح لي إن كان حيض أم لا. فعندما اتضح أنه ليس بدم حيض اغتسلت وأكملت صيام اليوم، ولكنني كنت قد أكلت بعض جلد من الشفتين. فهل علي قضاء هذا اليوم؟
أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبيني لنا كيف اتضح لك أن هذا الدم ليس دم حيض حتى نوافق أو نخالف، وعلى كل فالواجب: عليك قضاء هذا اليوم؛ لأننا وإن سلمنا أن ما رأيته من الدم لم يكن حيضا، وإنما كان استحاضة، فإن أكلك بعض جلد شفتيك مفطر بلا شك إن كان عمدا، ثم إن من شرط صحة الصوم الجزم في النية أي أن ينوي أنه صائم بلا تردد، وقد نص العلماء على أنه يشترط للصوم نية جازمة، فمتى لم يوجد الجزم بالنية لم يصح الصوم فرضا.
قال في أسنى المطالب: وَيَجِبُ في الصَّوْمِ نِيَّةٌ جَازِمَةٌ مُعَيِّنَةٌ كَالصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وجميع ذلك يجب قبل الفجر في الفرض ولو نذرا. .. انتهى بتصرف.
وقد بينا في الفتوى رقم: 127130. أن الحائض إذا نوت الصوم من الليل ولم يكن لها عادة بانقطاع الحيض لم يصح صومها، وعلة ذلك عدم جزمها بالنية كما بين العلماء، وراجعي الفتوى المشار إليها. فإن كانت نيتك للصوم غير جازمة فصومك غير صحيح.
ونحب أن ننبهك إلى أن الأصل في الدم الذي يصيب المرأة أنه دم حيض لا دم فساد وعلة، فإذا أمكن اعتبار الدم الذي تراه المرأة حيضا بأن كان في زمن الحيض ولم ينقص عن أقله ولم يعبر أكثره فالأصل أنه حيض، وانظري لمعرفة ضابط زمن الحيض الذي يعتبر الدم الذي تراه المرأة فيه حيضا الفتوى رقم: 118286. كما ننبهك إلى أن تعمد أكل شيء من جلد الإنسان سواء جلد الشفتين أو غيره لا يجوز لأن أكل الآدمي حرام.
قال النووي في المجموع نقلا عن الغزالي: أكل الآدمي حرام لحرمته لا لاستقذاره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(11/16423)
حكم التردد أو الشك في نية قضاء يوم من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[فكرت في صيام قضاء أحد أيام رمضان، ولكن حاجتي لتناول عقار طبي جعلتني أفكر في ترك الصيام بناء على طلب الدكتور ضرورة الالتزام بمواعيد الدواء، وأثناء تفكيري في عقد نية الصيام من عدمها نمت واستيقظت صباحا ولا أدري، هل عقدت نية الصيام أم لا؟ فماذا أفعل ـ جزاكم الله خيرا؟ فهل أكمل صيامي كقضاء؟ أم كتطوع؟ أم أفطر، لأتناول دوائي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح صوم هذا اليوم عن قضاء رمضان، لأن من شرط صحة صوم القضاء تبييت النية الجازمة من الليل، وهذا لم يحصل منك، قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وَيَجِبُ في الصَّوْمِ نِيَّةٌ جَازِمَةٌ مُعَيِّنَةٌ كَالصَّلَاةِ، وَلِخَبَرِ: إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ. وَمُعَيِّنَةٌ بِكَسْرِالْيَاءِ، لِأَنَّهَا تُعَيِّنُ الصَّوْمَ وَبِفَتْحِهَا، لِأَنَّ النَّاوِي يُعَيِّنُهَا وَيُخْرِجُهَا عن التَّعَلُّقِ بِمُطْلَقِ الصَّوْمِ، وَجَمِيعُ ذلك يَجِبُ قبل الْفَجْرِ في الْفَرْضِ ـ وَلَو ْنَذْرًا أو قَضَاءً أو كَفَّارَةً أو كان النَّاوِي صَبِيًّاـ لِخَبَرِ: من لم يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قبل الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ له. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ. وهو مَحْمُولٌ على الْفَرْضِ بِقَرِيبَةِ خَبَرِ عَائِشَةَ. انتهى.
وقال البهوتي في كشاف القناع: ومن قال أنا صائم غدا ـ إن شاء الله ـ فإن قصد بالمشيئة الشك والتردد في العزم والقصد فسدت نيته، لعدم الجزم بها. انتهى.
وإن كنت أكملت هذا اليوم تطوعا جاز ذلك، لأن التطوع لا تشترط نيته من الليل على الراجح، وهو قول الجمهور، لحديث عائشة الذي تقدمت الإشارة إليه في كلام صاحب أسنى المطالب، وهوعند مسلم في صحيحه قالت عائشة ـ رضي الله عنها: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ فَقُلْنَا لَا، قَالَ: فَإِنِّي ـ إِذَنْ ـ صَائِمٌ.
ولو كنت أفطرت هذا اليوم فلا بأس، وبخاصة إذا كنت تحتاجين إلى الدواء، فإن فطر المريض في نهار رمضان إذا كان الصوم يضر به جائز فهاهنا أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1430(11/16424)
تعليق نية الصوم على الطهر من الحيض
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت حائضا وطهرت، ولكنني لم أنو الصيام، بل قلت في نفسي سأصوم إن طهرت وإن لم أطهر سأفطر. وشربت كأس ماء قبل الإمساك ولكنني لم أقل: اليوم سأصوم رمضان. فهل صيامي صحيح في هذا اليوم أم علي أن أعيد صيامه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد طهرت بعد الفجر فلا شك في أن صيامك غير صحيح ويلزمك القضاء لوجود الحيض في جزء من زمن الصوم، وأما إن كنت طهرت قبل الفجر، وكنت قد علقت نية الصوم على الطهر من الحيض- كما هو ظاهر السؤال- فإن كانت لك عادة تعلمين بها أن الدم ينقطع قبل الفجر فصومك صحيح، ولا يلزمك القضاء، وأما إن لم تكن لك عادة فقد نص الفقهاء على أنه يلزمك القضاء والحال هذه لعدم وجود الجزم بالنية.
قال النووي رحمه الله: إذا نوت الحائض صوم الغد قبل انقطاع دم حيضها ثم انقطع في الليل قال المتولي والبغوى وآخرون من أصحابنا: إن كانت مبتدأة يتم لها في الليل أكثر الحيض أو معتادة عادتها أكثر الحيض وهى تتم في الليل صح صومها بلا خلاف؛ لأنا نقطع بأن نهارها كله طهر، وإن كانت عادتها دون أكثره ويتم بالليل فوجهان أصحهما تصح نيتها وصومها لأن الظاهر استمرار عادتها فقد بنت نيتها على أصل، وإن لم يكن لها عادة أو كانت ولا يتم أكثر الحيض في الليل، أو كانت لها عادات مختلفة لم يصح لأنها لم تجزم ولا بنت على أصل ولا أمارة. انتهى.
وقياس اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أن صومك صحيح، فإنه صحح صوم من قال إن كان غدا من رمضان ففرضي وإلا فمفطر مع وجود التردد وعدم الجزم، وعلل ذلك بأن النية تتبع العلم وبأنه فعل ما يقدر عليه فلم يكن عليه القضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(11/16425)
لا يؤثر في نية الصوم تعليق الفطر على وجود العذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة حامل ـ بحمد الله ـ بتوأم وفي الشهر السابع، وأخشى أن أصوم شهر رمضان وأن لا أستطيع إتمام يومي حتى المغرب، فهل يجوز لي أن لا أصوم في رمضان؟ على أن أصوم بعد أن أضع حملي ـ إن شاء الله ـ أم هل يجوز لي أن أجرب الصيام في رمضان بنية أن أفطر إن وجدت نفسي لا أستطيع إتمام يومي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا خافت الحامل على نفسها جاز لها الفطر ولزمها القضاء، وإذا خافت على ولدها فقط جاز لها الفطر وعليها القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم أفطرته على ما هو الراجح عندنا، وقد بينا مذاهب العلماء وأدلتهم في هذه المسألة في الفتوى رقم: 113353.
وأما إذا لم تخف الحامل على نفسها ولا على ولدها لم يجز لها الفطر، لأنه لا عذر لها يبيح الفطر، فإذا كنت تخافين على نفسك أو على ولدك ضرراً بالصوم جاز لك الفطر وعليك القضاء فقط في الحال الأولى، والقضاء وإطعام مسكين في الحال الثانية، ولا فرق في جواز الفطر ولزوم القضاء، أوالقضاء والإطعام، بين أن تفطري في أثناء النهارأو تصبحين مفطرة إذا وجد العذر المبيح للفطر، فإذا غلب على ظنك أنك تتضررين بالصوم أو أن جنينك يتضرر به جاز لك أن تصبحي مفطرة، وإذا غلب على ظنك أنك تقدرين على الصوم بلا ضرر يلحقك أو يلحق جنينك فالواجب عليك أن تبيتي نية الصوم، فإذا حدث العذر في أثناء النهار وعجزت عن إتمام الصوم جاز لك الفطر، لقوله تعالى: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة:185} .
ولا يؤثر في نية الصوم تعليق الفطر على وجود ما يبيحه شرعاً.
وليس معنى قولنا: فإذا حدث العذر أنه يجب عليك الصيام حتى يحصل الضرر بالفعل، بل المقصود أنك تصومين ما لم تتوقعي حصول ضرر، فإذا توقعت أن استمرارك في الصوم سيحصل به الضرر أفطرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(11/16426)
حكم الصيام بنية الشفاء من المرض والتطوع لله
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الصيام قصد الشفاء من بعض الأمراض،وذاك هو الغرض، لكن في نفس الوقت أنوى صيام تطوع أو قضاء. فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يُخلص عبادته لله، وأن يبتغي بطاعته وجهه تعالى، قال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ {البينة:5} ، وقد اختلف العلماء فيمن تقرب بقربة ينوي العبادة وأمراً آخر مباحاً هل يجزيه عن العبادة أو لا، على قولين:
وأكثر العلماء على جواز التشريك؛ لأن الغرض المباح لا يُنافي العبادة، وذهب جماعة منهم إلى بطلان العبادة بهذا التشريك، قال في المهذب: وإن نوى بطهارته رفع الحدث والتبرد والتنظيف صح وضوؤه على المنصوص في البويطي لأنه نوى رفع الحدث وضم إليه ما لا ينافيه، ومن أصحابنا من قال: لا يصح وضوؤه لأنه أشرك في النية بين القربة وغيرها، وقال النووي في شرحه: قال صاحب الشامل: لو أحرم بالصلاة بنية الصلاة والاشتغال بها عن غريم يطالبه صحت صلاته؛ لأن اشتغاله عن الغريم لا يفتقر إلى قصد. ولهذه المسألة نظائر في الطواف بنية الطواف والاشتغال عن الغريم وغيرها. انتهى.
والصوم بنية القربة والاستشفاء من هذا الباب، كما هو واضح، والخلافُ فيه هو عينه الخلاف الجاري في الصور المذكورة.
وجاء في الموسوعة الفقهية: وقال المالكية: لو نوى رفع الحدث والتبرد أجزأه – أي عن رفع الحدث – لأن ما نواه مع رفع الحدث حاصل، وإن لم ينوه فلا تضاد، وهذه النية إذا صحبها قصد التبرد فإنها صحيحة ولا يضرها ما صحبها، وقيل لا يُجزئ لأن المقصود من النية أن يكون الباعث على العبادة طاعة الله تعالى فقط، وههنا الأمران. انتهى
وفيها أيضاً: وعند الحنابلة: لو شرك بين نية الوضوء وبين قصد التبرد أو إزالة النجاسة أو الوسخ أجزأه، وهو قول أكثر أصحاب أحمد، لأن هذا القصد ليس بمحرم ولا مكروه، ولهذا لو قصد مع رفع الحدث تعليم الوضوء لم يضره ذلك، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقصد أحيانا بالصلاة تعليمها للناس، وكذلك الحج كما قال: خذوا عني مناسككم، وعندهم كذلك: لا يضر مع نية الصلاة قصد تعليم الصلاة لفعله صلى الله عليه وسلم في صلاته على المنبر وغيره، أو قصد خلاص من خصم أو إدمان سهر، أي لا يمنع الصحة بعد إتيانه بالنية المعتبرة، لا أنه لا ينقص ثوابه، ولهذا ذكره ابن الجوزي فيما ينقص الأجر، ومثله قصده مع نية الصوم هضم الطعام. انتهى.
وبه تعلم أن الذي ينبغي لك تمحيض النية للعبادة والقربة خروجاً من الخلاف، وأن التشريك لا يضر عند الأكثر.
وبكل حال فمن صام صوما صحيحا، وتقبله الله منه فإنه سيحصل بإذن الله تعالى على فوائد الصوم التي منها الفوائد الصحية، وراجع الفتوى رقم: 26396.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1430(11/16427)
التردد في الفطر هل يفسد به الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت هذه الفتوى وقد قرأت فتاوى أخرى مشابهة لها في العديد من المواقع الأخرى:
السؤال:
من فضلكم في بعض الأيام التي كنت أصومها قضاء عن الأيام التي أفطرتها في رمضان بسبب الحيض كنت أتردد في إكمال الصيام أثناء اليوم لشكي في صحة الصوم لسبب أو لآخر ولكني أستمر في الصيام وأحيانا أخرى بسبب هذا الشك أقرر الفطر وعدم الاستمرار ثم أعدل عن ذلك وقد قرأت فتوى بأن التردد أو العزم على الإفطار يفسد الصيام ووجدت فتاوى أخرى بأن الصيام صحيح طالما لم أفطر وأن الشك في صحة الصوم هو ما أدى لذلك ووجدت فتاوى أخرى بأن هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء والآن أنا في منتهى الحيرة فهل صيامي صحيح أم يجب على إعادة صيام هذه الأيام أفتوني بالله عليكم وجزاكم الله خيرا.
أخي الكريم / أختي الكريمة:
نحيلك على (سؤال/ أسئلة) سابقة يتضمن الجواب عليها ما استفسرت عنه في سؤالك
الفتوى:
الفهرس» فقه العبادات» الصيام» مقدمات في الصيام» النية في الصوم (30)
رقم الفتوى: 26167
عنوان الفتوى: لا يحصل الفطر بمجرد النية.
تاريخ الفتوى: 10 شوال 1423 / 15-12-2002
السؤال: ما حكم من قال إنه سيفطر اليوم مثلا في رمضان بسبب الحر وبعد العودة للمنزل أحس بالراحة هل أفطر هنا لأنه عقد النية بذلك مع الأدلة؟
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من نوى الإفطار في نهار رمضان، وجزم بذلك، فقد فسد صومه ولو لم يتناول مفطراً، وهذا هو مذهب المالكية، والصحيح عند الحنابلة، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.
والصوم عبادة من شرطها النية، ففسدت بنية الخروج منه كالصلاة، ولأن اعتبار النية في جميع أجزاء العبادة، لكن لما شق اعتبار حقيقتها اعتبر بقاء حكمها وهو أن لا ينوي قطعها.
ومن نوى الإفطار، وجزم بذلك وجب عليه التوبة والإمساك عن المفطرات، ثم قضاء ذلك اليوم.
وذهب الأحناف والشافعية في الصحيح من مذهبهم إلى أنه لا يفطر بمجرد العزم على الفطر بل لا بد من تناول مفطر، والمذهب الأول هو الراجح لقوة مأخذه. والإنسان إذا شق عليه الصوم من حر أو نحوه، وخاف على نفسه من الهلاك يفطر، ثم يقضي ذلك اليوم، ولو نوى الإفطار بسبب الحر أو نحوه ثم زال ذلك العذر قبل أن يفطر، فإنه يمسك عن المفطرات ثم يقضي ذلك اليوم بعد رمضان.
والله أعلم.
رقم الفتوى: 25705
عنوان الفتوى: نية الإفطار الجازمة تفسد الصيام
تاريخ الفتوى: 22 رمضان 1423 / 27-11-2002
السؤال: إذا نوى الصائم أن يفطر ولم يفطر فهل صيامه صحيح؟
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من نوى الإفطار وعزم على ذلك فسد صومه؛ لأن مدار الأعمال على النيات، كما في الحديث الذي في الصحيحين: إنما الأعمال بالنيات.
وهذا مذهب المالكية والصحيح عند الحنابلة وهو الراجح. أما إن نوى غير عازم عليه بل تردد في ذلك، فقال بعض أهل العلم: يفسد صومه استصحابًا للحديث الذي قدمنا، وقال غيرهم: صومه صحيح؛ لأن الأصل بقاء نية الصوم حتى يعزم على تركها وإزالتها.
والله أعلم.
أرجو من المختصين بالفتوى المساهمة....لأنني لست أدري كيف يعد المرء مفطرا وهو صائم لمجرد أنه تردد أو عزم على الإفطار ثم تراجع وحتى لو كان التردد بسبب شهوة الطعام وليس التعب أو الشك في صحة الصيام فكيف يعد مفطرا طالما أنه غالب رغبته في الفطر ... وهل الصيام إلا مجاهدة للنفس ضد الشهوات، وهل المقصود بالحديث إنما الأعمال بالنيات. هو أن العمل يكتب بمحرد النية لأن مفهومي لهذا الحديث كان هو أنه لكي أحصل على ثواب العمل فلا بد من النية قبله لا مجرد العمل الصالح دون نية، وكيف يوافق القول بأن المرء قد أفطر لمجرد التردد أو العزم على الإفطار ثم العدول عنه، الأحاديث المذكورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَو يَعْمَلُوا بِهِ. وأيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه فإن عملها فاكتبوها سيئة وإذا هم بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة فإن عملها فاكتبوها عشرا.
أرجو التعليق لأن هذه الأمر بصراحة جعلني لا أقوم بإكمال صيامي في كثير من الأيام الخاصة بالقضاء أو التطوع لأنني رأيت أنه طالما أنني ترددت فصيامي فسد ولن أكمل.. أرجو التعليق وشكرا.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس فيما ذكرت إشكال بحمد الله فإن حديث: إنما الاعمال بالنيات نص واضح على اشتراط النية في صحة العبادة، والمسألتان المذكورتان مختلف فيهما بين أهل العلم، والراجح عندنا أن التردد في الفطر لا يفسد به الصوم فإن قال الرجل في نفسه أفطر أو لا أفطر لم يكن مفطرا بذلك حتى يعزم عزما جازما على الفطر، وذلك لأن الأصل صحة نيته واستصحاب حكمها فلا يزول يقين النية إلا بيقين فسخها لأن القاعدة أن اليقين لا يزول بالشك، وقد يستدل لهذا بالأحاديث التي ذكرتها كتجاوزه عز وجل لهذه الأمة عما حدثت به أنفسها، وأما العزم على الفطر فالراجح عندنا أنه من المفطرات لأن فاعله قد نقض نيته بذلك ولم يستصحب حكم النية بل خلى جزء من النهار عن استصحاب حقيقتها أو حكمها فلم يصر بذلك صائما الصيام المأمور به شرعا، والأحاديث المذكورة لا تشكل على هذا المذهب بل قد دلت السنة الصحيحة على أن الإنسان يأثم إذا نوى المعصية نية جازمة كما ثبت في الصحيح من حديث أبي بكرة رضي الله عنه: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه.
وفي حديث ابن كبشة الأنماري عند الترمذي: إنما الدنيا لأربعة نفر.. وذكر منهم رجلا لم يؤته الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مثل ما لفلان لعملت فيه بعمله، قال صلى الله عليه وسلم فهو بنيته، فهما في الوزر سواء.
فدلت هذه النصوص وغيرها على أن العزم على المعصية عزما جازما لا يستوي مع الهم بها أو التردد في فعلها فافترق الأمران وظهر بوضوح رجحان ما نفتي به في هذه المسألة من أن التردد في النية لا يفسد الصوم وأن العزم الجازم على الفطر يفسده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1430(11/16428)
صام الحادي عشر على أنه عاشوراء فتبين خلافه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صيام يوم على اعتبار أنه العاشر من المحرم وذلك حسب التقويم المتواجد لدى المكتبات، ولكن اكتشف بعد مضي نصف النهار أنه اليوم هو الحادي عشر من المحرم 1430؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان ينبغي لك التحري والسؤال عن الوقت الذي رؤي فيه الهلال رؤية شرعية، وعدم الاكتفاء بهذا التقويم الذي قد يصيب وقد يخطئ، فإن المعتبر هو الرؤية الشرعية للهلال.
وإذا كنت لم تصم يوم العاشر لاعتقادك أنه يوم التاسع فهي سنة فات محلها، ولم تصب بذلك صوم عاشوراء؛ لأن يوم عاشوراء هو يوم العاشر من المحرم، وأنت مأجور إن شاء الله بنيتك ورغبتك الصادقة في صيام عاشوراء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحا مقيما. أخرجه البخاري.
وتثاب أيضا لتطوعك بالصيام يوم الحادي عشر، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا. وينبغي فيما بعد أن تتحرى رؤية الهلال لئلا تقع في مثل هذا الخطأ.
وقد اختلف العلماء فيمن صام عاشوراء لا بنية عاشوراء، هل يحصل له أجر صيام عاشوراء. وقد ذكرنا خلافهم في الفتوى رقم: 104804.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1430(11/16429)
مسائل في نية الفطر والتردد فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلكم في بعض الأيام التي كنت أصومها قضاء عن الأيام التي أفطرتها في رمضان بسبب الحيض كنت أتردد في إكمال الصيام أثناء اليوم لشكي في صحة الصوم لسبب أو لآخر ولكني أستمر في الصيام وأحيانا أخرى بسبب هذا الشك أقرر الفطر وعدم الاستمرار ثم أعدل عن ذلك، وقد قرأت فتوى بأن التردد أو العزم على الإفطار يفسد الصيام ووجدت فتاوى أخرى بأن الصيام صحيح طالما لم أفطر وأن الشك في صحة الصوم هو ما أدى لذلك، ووجدت فتاوى أخرى بأن هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء، والآن أنا في منتهى الحيرة فهل صيامي صحيح أم يجب علي إعادة صيام هذه الأيام.
أفتوني بالله عليكم وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قرأته من كون هذه المسألة مختلفاً فيها هو الصحيح وقد بينا ذلك في فتاوى سابقة، وانظري منها الفتوى رقم: 4113، والفتوى رقم: 25705.
وأما المسألة الأولى: وهي العزم على الفطر فمذهب جمهور العلماء -وهو الصحيح أو الصواب- أن من نوى الفطر أفطر لفوات شرط العبادة وهو النية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات.
قال الموفق رحمه الله في شرح قول الخرقي: ومن نوى الإفطار فقد أفطر، هَذَا الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، إلى أن قال: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَصْبَحَ صَائِمًا، ثُمَّ عَزَمَ عَلَى الْفِطْرِ، فَلَمْ يُفْطِرْ حَتَّى بَدَا لَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَا، بَلْ أُتِمُّ صَوْمِي مِنْ الْوَاجِبِ. لَمْ يُجْزِئْهُ حَتَّى يَكُونَ عَازِمًا عَلَى الصَّوْمِ يَوْمَهُ كُلَّهُ، وَلَوْ كَانَ تَطَوُّعًا كَانَ أَسْهَلَ. وَظَاهِرُ هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. انتهى.
وأما التردد في الفطر ففيه قولان: هما وجهان في مذهب أحمد أحدهما: يفطر به لفوات شرط النية، والثاني: وهو الراجح أنه لا يفطر بالتردد لأن الأصل صحة صومه ولأن استصحاب الأصل وهو أنه لم يفسد نيته كاف في ترجيح هذا القول، وعدم الفطر بالتردد هو الذي رجحه العلامة ابن عثيمين في الشرح الممتع، وعلى هذا فإنه يلزمكِ قضاء الأيام التي عزمت على الفطر في أثنائها، لأنك قطعت نيتك بذلك فأفسدت صومك ولا تبرأ ذمتك إلا بالقضاء، وأما الأيام التي ترددت في الفطر في أثنائها فلا يلزمك قضاؤها، وإن قضيتها احتياطاً وخروجا من الخلاف كان ذلك حسناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1430(11/16430)
حكم الجمع بين نية صوم القضاء وصوم يوم عرفة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت صائما في أحد الأيام، ونظراً لحالة مرضية اضطررت للفطر، مما أوجب علي قضاءه، وقد صمت يوم عرفة الماضي بنية صوم عرفة ونية قضاء ذلك اليوم فهل صومي لعرفة يجزئني وأحصل على الأجرين معا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت صائماً تطوعاً في هذا اليوم الذي أفطرت فيه فلا قضاء عليك عند الجمهور، وألزم بعض أهل العلم بالقضاء، والصحيح الأول؛ لما في صحيح مسلم من أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح وقد نوى الصيام ثم أفطر، ولم ينقل أنه قضى، ولأدلة أخرى كثيرة بينها أهل العلم ... وأما إن كنت صائماً فرضاً كصوم رمضان أو قضائه أو صوم نذر أو كفارة لا يشترط فيها التتابع أو يشترط، وقلنا إن التتابع لا ينقطع بالفطر للعذر كما هو الراجح، أو كنت ترى وجوب القضاء على من أفطر في صيام التطوع أو تقلد من يرى ذلك، فالقضاء واجب عليك، والظاهر أنه يجزئك التشريك بين نية القضاء ونية صوم يوم عرفة؛ لأن مقصود الشرع يتحقق، إذ المراد أن يحصل صوم يوم عرفة، وقد حصل، كما أنه لو اغتسل يوم الجمعة للجنابة أجزأه عن غسل الجنابة والجمعة عند الأئمة الأربعة.
قال العلامة العثيمين رحمه الله في فتاوى الصيام: من صام يوم عرفة، أو يوم عاشوراء وعليه قضاء من رمضان فصيامه صحيح، لكن لو نوى أن يصوم هذا اليوم عن قضاء رمضان حصل له الأجران: أجر يوم عرفة، وأجر يوم عاشوراء مع أجر القضاء، هذا بالنسبة لصوم التطوع المطلق الذي لا يرتبط برمضان. انتهى. وإن قضيت يوماً مكانه لمكان الشبهة ولأجل الاحتياط فحسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(11/16431)
صام عدة أيام بنية القضاء وصيام الست من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا نويت صيام 6 من شوال ونية القضاء، وبعد صيام 4 أيام قالوا لا يصح، فهل أعيد صيام القضاء أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أنه لا يصح الجمع بين نية القضاء ونية الست من شوال، وأن الأيام التي صيمت بنية القضاء وست من شوال أنها تقع عن القضاء وعليه فلا يلزمك إعادتها، ولو أعدتها احتياطا وإبراء للذمة مراعاة لقول من قال إنها تقع عن النفل لا عن القضاء فحسن.
وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 41144، والفتوى رقم: 6579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(11/16432)
الوقت المعتبر لنية صيام الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قدوم شهر رمضان بيت النية لكني لم أصم اليوم الأول بسبب العذر الشرعي وصمت اليوم التالي بدون تجديد النية فهل يجوز صيامي لأني كنت قد نويت الصيام لكن بعد أن أغتسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قد خطر بقلبك ليلة اليوم الثاني أن غدا رمضان وأنك ستصومينه فقد وجدت منك النية وصومك صحيح، وإن لم يخطر بقلبك ذلك ولم تعزمي على صيامه فصيامك غير صحيح حتى وإن نويت قبل اليوم الأول، لأن الوقت المعتبر لنية الصوم هو الليل، فنيتك قبل ليلة الصيام لا عبرة بها، قال ابن قدامة في المغني: وجملته أنه لا يصح صوم إلا بنية إجماعاً فرضاً كان أو تطوعاً ... وإن كان فرضاً كصيام رمضان ... اشترط أن ينويه من الليل عند إمامنا ومالك والشافعي ... انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية عند ذكر شروط صحة الصوم: ثالثاً- التبييت: وهو شرط في صوم الفرض عند المالكية والشافعية والحنابلة والتبييت: إيقاع النية في الليل، ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ... ويجوز أن تقدم من أول الليل، ولا تجوز قبل الليل ... انتهى.
وانظري للفائدة في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38883، 14300، 56641، 68745.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1429(11/16433)
حكم الجمع بين نية صيام رمضان وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز جمع النية في صيام رمضان، أي أصوم بنية صيام فرض رمضان وبنية أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهبُ جمهور أهل العلم أن اليوم في رمضان يتعينُ له، فلا يجوز صيام غيره فيه، قال النووي رحمه الله في شرح المهذب: قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى: يتعين رمضان لصوم رمضان، فلا يصح فيه غيره، فلو نوى فيه الحاضر أو المسافر أو المريض صوم كفارة أو نذر أو قضاء أو تطوع أو أطلق نية الصوم لم تصح نيته، ولا يصح صومه، لا عما نواه ولا عن رمضان، هكذا نص عليه وقطع به الأصحاب في الطرق. انتهى.
فإذا كان صيام غيره كالتطوع أو القضاء أو الكفارة لايجوز استقلالاً، كأن يكون مسافرا يجوز له الفطر فيصوم في رمضان بنية الكفارة مثلاً، فأولى ألا يجوز مع نية رمضان.. والخلاصة: أنه لا يجوز الصوم في رمضان إلا بنية رمضان، ولا يجوز الصوم فيه بنية غيره وأولى ألا يجوز نية رمضان وغيره، ومن فعل ذلك فصيام ذلك اليوم باطل عليه قضاؤه، وقد فصلنا حكم التشريك بين النيات وما يجوز من ذلك وما لا يجوز في الفتوى رقم: 6579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(11/16434)
صام على التقويم ولم ينو تاسوعاء فهل ينال أجره
[السُّؤَالُ]
ـ[نوى شخص صيام تاسوعاء وعاشوراء معتقدا أنهما يوما الجمعة والسبت وكان اعتقاده هذا بناء على التقويم (التاريخ المدون في النتيجة) الذي خالف الواقع. فصام يوم الخميس بنية تطوع وصام الجمعة بنية تاسوعاء ثم اتضح له حقيقة الأمر فلم يصم يوم السبت.
فهل يحتسب له صيام تاسوعاء وعاشوراء أم أنه محروم؟
نسألكم الدعاء بالهداية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حصول أجر صيام يوم عاشوراء أو تاسوعاء ونحوهما لمن صامه بالفعل بنية غيره. فقال بعضهم: يحصل له أجر عاشوراء أو تاسوعاء لوجود الصوم فيه وإن لم ينوه له؛ لأن المقصود هو حصول الصوم في هذا اليوم، وقد حصل بالفعل.
وقال الآخرون: لا يحصل له الأجر المخصوص الذي رتبه الشرع على صيام ذلك اليوم أعني عاشوراء مثلا لأنه لم ينو صومه. ومن أراد المزيد من الاطلاع على كلام أهل العلم في هذه المسألة فلينظر كتب المذهب الشافعي عند الكلام على نية الصوم، وعلى كل، فإنا نرجو أن يحصل للسائل أجر صيام عاشوراء وتاسوعاء، وإن لم ينو صومهما بالصوم الذي حصل منه كما يرى بعض أهل العلم كما يحصل للسائل أجر صوم يوم الخميس وأجر الصوم بصوم يوم الجمعة بالإضافة إلى أجر نيته صوم يومي تاسوعاء وعاشوراء بلا خلاف إذ إن نية الخير وإرادته عمل خير يثاب عليه ولا يسمى مثله محروما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(11/16435)
حكم الجمع بين نية القضاء وصيام تاسوعاء وعاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[كان علي قضاء يومين شهر رمضان الفائت وفي التاسوعاء والعاشوراء من شهر محرم نويت صيام القضاء وكذلك بنية البركة في هذه اليومين الكريمين، فهل تجوز لي نية القضاء مع نية البركة، فأفتوني جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصود السائلة بقولها (نية البركة) أي بركة موافقة الصوم ليوم مبارك أو بركة الصوم في ذاته، ولم تقصد نية سنة صيام تاسوعاء وعاشوراء، فلا حرج عليها في الجمع بين نية القضاء ونية البركة، وأما إن كانت تقصد بقولها (نية البركة) أي سنة صيام تاسوعاء وعاشوراء فهذا تشريك في النية بين عبادتين مستقلتين كل واحدة منهما مطلوبة لذاتها فلا يصح، وانظري في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 7273، والفتوى رقم: 6579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1429(11/16436)
حكم الجمع بين نية صوم يومي الإثنين والخميس وصوم آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام أيام 6 شوال كل إثنين وخميس من شوال بجمع نيتي صيام 6 شوال والإثنين والخميس لتحصيل الأجرين، وما هو الضابط في جمع أكثر من نية في عمل واحد، أي هل يجوز مثلا صيام رمضان وعند يوم الإثنين ننوي صيام رمضان مع سنة يوم الإثنين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمع أكثر من نية في عمل واحد هو ما يعرف عند أهل العلم بمسألة التشريك، وحكمه أنه إذا كان في الوسائل أو مما يتداخل صح، وحصل المطلوب من العبادتين، كما لو اغتسل الجنب يوم الجمعة للجمعة ولرفع الجنابة فإن جنابته ترتفع ويحصل له ثواب غسل الجمعة، وإن كانت إحدى العبادتين غير مقصودة والأخرى مقصودة بذاتها صح الجمع ولا يقدح ذلك في العبادة كتحية المسجد مع فرض أو سنة أخرى، فتحية المسجد غير مقصودة بذاتها، وإنما المقصود هو شغل المكان بالصلاة وقد حصل.
فإذا تقرر هذا فاعلم أنه لا حرج في الجمع بين صيام الإثنين والخميس وبين أي صوم آخر، لأن الصوم يوم الإثنين والخميس إنما استحب لكونهما يومين ترفع فيهما الأعمال، فأحب النبي صلى الله عليه وسلم صيامها لترفع أعماله وهو صائم، فقد جاء في الحديث الشريف أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن الأعمال ترفع يوم الإثنين والخميس فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم. خرجه السيوطي عن أبي هريرة وصححه الألباني.
وعلى السائل أن لا يشرك في صومه للفرض نية النفل، فإن المعنى المقصود من صيام الإثنين والخميس حاصل له من غير أن يحتاج إلى نية ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(11/16437)
ينال العامل ثواب عمله وإن لم يعلمه أو يستحضره أثناء العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال في النية, وسأضرب له مثلا بصيام التطوع: عندما أنوي صيام أي يوم على سبيل التطوع أضع في نيتي عدة نيات منها على سبيل المثال (أن يباعد الله النار عن وجهي سبعين خريفا) , (أن يكون لي وجاء وجنة) , (أن أضيق مجاري الشيطان بالجوع والعطش) , (أن يكون لي دعوة مقبولة) , (أن أدخل من باب الريان) , وهكذا.... وسؤالي هو: لو أن هناك فضلا آخر لا أعرفه فهل أنال ثوابه رغم أني لا أعرفه ولم أضعه في نيتي، ولكني فعلت العمل المؤدي إليه (وهو الصوم في هذه الحالة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتقبل من الأخ السائل صالح الأعمال من صيام وغيره، ثم إنا نقول له: كل ما ذكرت من النيات عند الصيام لست مطالباً به ويجزئ من ذلك كله أن تصوم لوجه الله تعالى، فإذا قبل الله صيامك فستجد إن شاء الله كل ما ورد مما أعد الله للصائم من إجابة الدعوة والمباعدة بين وجهك وبين النار والدخول من باب الريان الذي لا يدخل منه إلا الصائمون.
واستحضار هذه النيات عند الصوم لا يمنع الحصول على غيرها من أجر الصيام، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 65731.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1428(11/16438)
وقت نية الصيام الواجب أداء أو قضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اليوم صائمة قضاء ولم أنو النية قبل النوم لكن النية كانت موجودة من قبل فهل يجوز الصوم لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنية الصيام الواجب أداء أو قضاء لا بد أن تكون من الليل، ولا يشترط أن تكون النية عند النوم، فلو نوى ليلا ولم ينو عند النوم فصومه صحيح، وأما لو لم ينو من الليل مطلقا فصومه غير مجزئ، وقد فصل ذلك ابن قدامة الحنبلي في المغني فقال: (ولا يجزئه صيام فرض حتى ينويه أي وقت كان من الليل) وجملته أنه لا يصح صوم إلا بنية إجماعا فرضا كان أو تطوعا لأنه عبادة محضة فافتقر إلى النية كالصلاة، ثم إن كان فرضا كصيام رمضان في أدائه أو قضائه والنذر والكفارة اشترط أن ينويه من الليل عند إمامنا ومالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: يجزئ صيام رمضان وكل صوم متعين بنية من النهار لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم. متفق عليه. وكان صوما واجبا متعينا ولأنه غير ثابت في الذمة فهو كالتطوع، ولنا ما ورى ابن جريج وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له. وفي لفظ ابن حزم: من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له. أخرجه النسائي وأبو داود والترمذي. وروى الدارقطني بإسناده عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له. وقال: إسناده كلهم ثقات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1427(11/16439)
تغيير نية الصيام من التطوع إلى القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تغيير نية الصيام بعد صومه من أجر إلى دين صمت 6 أيام شوال وبعد علمي بأنه يستحب القضاء أولا غيرت النية فهل يجوز ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأيام التي صمتها لا تجزئك عن صيام قضاء رمضان؛ لأن صيام القضاء يشترط فيه تعيينه بالنية المبيتة قبل طلوع الفجر الصادق، ولا يجزئك تغيير النية، ويصح صومك للست من شوال قبل قضاء رمضان وإن كان الأفضل تقديم القضاء. وعليه فتكونين قد صمت الست من شوال. أما صوم القضاء فهو باق في ذمتك. وراجعي الفتوى رقم: 6651.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(11/16440)
قضاء الصوم الذي لم تبيت له النية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لم ينو الصيام ناسيا وهو عازم علي الصيام شهر رمضان وقد تسحر في أول يوم قبل الفجر بغية الصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في وجوب تبييت النية كل ليلة من رمضان فذهب الأكثر إلى أنه لا بد من ذلك لصحة الصوم لأن كل يوم عبادة مستقلة تحتاج إلى نية مستقلة، واستدلوا على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له. أخرجه أحمد وأصحاب السنن وحسنه السيوطي. وذهب المالكية إلى أنه يكفي نية واحدة للكل لمن يجب عليه الصوم فلو كان مريضاً مرخصا له في الفطر أو مسافرا وأراد أن يصوم فلا بد له من النية، وكذا لو كان الصوم الذي يريده لايجب فيه التتابع كالقضاء ونحوه كما بينا في الفتوى رقم: 39552، وعليه فالأحوط أن تقضي الصوم الذي لم تبيت له النية، واعلم أن النية هي القصد ومحلها القلب ومن تسحر قبل الفجر للصيام كفاه ذلك من النية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(11/16441)
النية في الصيام والاشتراط فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف صفة النية للصيام، وهل النية تصح للشهر كله أو كل يوم بمفرده، وأنا كثيرة النسيان لذلك أفضل النية للشهر بكامله، وهل يصح قول وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، مثل ما يقال في العمرة أو الحج؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النية محلها القلب، ولا يشترط النطق بها، فبمجرد أن يعزم المسلم في الليل على أنه صائم غدا فقد أتى بالنية ولا يطالب باستصحابها كل الليل بل إنه إن أتى بها في أي جزء من الليل أجزأه ذلك، وكانت صحيحة، قال الخرقي: ولا يجزئه صيام فرض حتى ينويه أي وقت كان من الليل. انتهى، وقد تقدم في الفتوى رقم: 14300 أنه لا بد من تبييت النية كل ليلة من ليال رمضان أو غيره من الصيام الواجب وأن هذا قول جمهور العلماء، فالرجاء مطالعة الفتوى المشار إليها.
ولا يصح الاشتراط في الصوم ولا يفيد لأن المكلف ما دام غير معذور فلا يسقط عنه الصوم بحال من الأحوال، وإن طرأ عليه عذر من مرض أو سفر أو حيض أو نفاس فقد أحل الله له الفطر في السفر والمرض وحرم الصوم في حال الحيض أو النفاس على المرأة، وبالتالي فلا فائدة من الاشتراط مع أن الاشتراط خاص بالحج ولم يرد في الصوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(11/16442)
يندب قضاء الأيام البيض لمن اعتاد صيامها
[السُّؤَالُ]
ـ[من لم يصم أيام البيض هل يجوز صيام أيام أُخرى بدلها ويكون له نفس أجر أيام البيض؟ وهل لا بد من النية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كانت عادته صوم الأيام البيض وفاته صومها في وقتها ندب له قضاؤها، ويحصل بالقضاء أصل أجر الأداء لا سيما إذا كان ترك الأداء بعذر، ولا بد من نية صومها في الأداء والقضاء، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: وينبغي أن يشترط التعيين في الصوم المرتب كصوم عرفة وعاشوراء وأيام البيض وستة من شوال ونحوها، كما يشترط ذلك في الرواتب من نوافل الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1425(11/16443)
شرب قبل عقد نية الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نويت أن أصوم يوم الاثنين من كل شهر على مدار العام، ولكن في بعض الأيام أقوم بشرب الماء بعد صلاة الفجر ناسياً أن اليوم يوم الاثنين ولا أنتبه إلا بعد الفراغ من الشرب، فهل صومي صحيح، وهل يلزمني تجديد النية لكل يوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صومك غير صحيح لأنك لم تعقد النية أصلاً، وفعلت ما يتنافى مع الصوم ويفسده وهو الشرب بعد طلوع الفجر.
وليس عليك قضاء إلا إذا كان قصدك بالنية نذر صيام الإثنين من كل شهر، فهنا يلزمك صيام يوم بدله، لأن من لزمه صوم يوم معين بالنذر فأفطر فيه لزمه القضاء.
هذا إذا لم تكن نويت الصوم ذلك اليوم، أما إذا كنت نويت ثم شربت ناسياً فإنك تتم صومك ولا شيء عليك إن شاء الله تعالى، وصومك صحيح، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 727، 32925، 6178.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(11/16444)
يجب تعيين النية عند اختلاف جنس الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كان علي صيام النذر 6 أشهر وقضاء أيام من رمضان، فقمت بالصيام بنية واحدة، ألا وهي الصيام من دون أن أحدد النية بالضبط هذه نية صيام النذر وهذه نية القضاء، فصمت حوالي 4أشهر بعدها علمت بوجوب تحديد النية في الصيام أي نية القضاء وحدها، وبعد الانتهاء أنوي النذر أو العكس، فهل علي إعادة كل ما صمته؟ وجزاكم الله الجنة على ما أنتم قائمون عليه والسلام عليكم. ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصيام النذر وقضاء الفائت من رمضان، يعتبران جنسين مختلفين، يجب عند فعلهما تعيين النية لكل واحد منهما على انفراد، قال في "غمز عيون البصائر" وهو حنفي: المشار إليه وجوب التعيين في الأجناس المختلفة، ولغويته عند اتحاد الجنس. اهـ
وقال العبادي في حاشيته على "تحفة المحتاج" وهو شافعي: ويستثنى من وجوب التعيين ما قاله القفال: إنه لو كان عليه قضاء رمضانين أو صوم نذر أو كفارة من جهات مختلفة، فنوى صوم غد عن قضاء رمضان، أو صوم نذر أو كفارة جاز، وإن لم يعين عند قضاء أيهما في الأول ولا نوعه في الباقي، لأنه كله جنس واحد. اهـ.
وقال المرداوي في "الإنصاف" وهو حنبلي: لو نوى خارج رمضان قضاء ونفلا، أو قضاء وكفارة ظهار، فهو نفل، إلغاء لهما بالتعارض، فتبقى نية أصل الصوم. اهـ.
وهذا يدل على أنه إذا اختلف الجنس وجب التعيين، وإنما قيل بوجوب تعيين النية، لوجود التزاحم بين عبادتين مختلفتي الجنس، والحاجة إلى اليقين عند المزاحمة واجبة، هذا إذا كان النذر غير محدد بوقت معين، وفي هذه الحالة لا تجزئ الأيام التي صامها عن القضاء، ولا عن النذر، وتكون له نافلة، لأنه لا يكون صائما عن أحدهما، فلم يبق إلا أصل الصوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(11/16445)
الأحوط إفراد صيام القضاء والست من شوال بنية لكل منهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن للمرأة أن ترد دينها-العادة الشهرية- في شهر شوال؟ وهل تعتبر الأيام التي صامتها المرأة بمثابة دين وأجر في نفس الوقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يصح الجمع في النية بين القضاء وصوم الست من شوال، لأن كلا من العبادتين مقصودة لذاتها، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه في هذه الحالة لا يجزئ الصوم عن أي منهما، فالأحوط إفراد كل منهما بالصوم، ولمزيد من الفائدة، تراجع الفتوى رقم: 6579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/16446)
حكم الصيام بنية النفل مع القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصيام بنيتين، كأن أنوي صيام يوم على أنه قضاء ونفل أو نفل ونفل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا أنه لا يصح التشريك في النية بين القضاء والنفل، لأن كلاً من العبادتين مقصود لذاته، راجعي في هذا الفتويين:
7059 / 6579 وكذا القول في التشريك في النية بين نفل ونفل آخر مقصودين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(11/16447)
لا يشرع التلفظ بنية الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الأول: لاحظت في بعض المساجد أن المسلمين في شهر رمضان المبارك قبل صلاة التراويح ينوون نية الصوم يوميا حتى نهاية شهر رمضان الفضيل، فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النية محلها القلب، ولا يشرع التلفظ بها، ولم ينقل من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الصيام في رمضان أنهم كانوا يجددون النية كل ليلة قبل الصلاة.
وقد نص بعض أهل العلم على أن نية صيام الشهر في بدايته تكفي لبقيته، وكذلك كل صوم يجب تتابعه تجزئ فيه النية عند بدايته، ولا يلزم تجديدها كل ليلة، وهو مذهب المالكية ومن وافقهم.
قال العلامة خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وكفت نية لما يجب تتابعه.
وقال ابن أبي زيد في الرسالة: ويبيت الصيام في أوله، وليس عليه البيات في بقيته. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وإنما لكل امرئ ما نوى. وهذا نوى صيام جميع الشهر، فوجب أن يكون له، ولأنه عبادة واحدة تكفيها نية واحدة.
ومع ذلك، فلو نوى كل ليلة، لكان أحسن وأحوط، مراعاة لقول من قال بوجوبها، وخروجا من الخلاف.
قال النفراوي: والمنفي هو وجوب تبييت النية كل ليلة، فلا ينافي أنه يستحب تبييتها كل ليلة لمراعاة الخلاف..
والحاصل أن ما يفعله هؤلاء من إعلان النية كل ليلة قبل الصلاة، لا ينبغي، وتكفيهم نية صيام الشهر كله من بدايته، وإن جددوا النية كل ليلة دون إعلان، كان ذلك حسنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1424(11/16448)
تجب النية لكل يوم من أيام رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الأول: في بعض المساجد في شهر رمضان ينوون نية الصوم يوميا حتى نهاية الشهر الكريم، فهل تجوز النية في شهر رمضان، أفيدونا أفادكم الله؟
السؤال الثاني: عندما تفقد أحداً من أهلك أو أقاربك في البحر لمدة أسبوع أو أكثر، وتجده طبعا تكون رائحته كريهة، فهل يجوز غسله أو الصلاة عليه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب تبييت النية لصيام كل يوم من أيام رمضان في أي جزء من الليل، ويكون ذلك بنية مستقلة لكل يوم، كما هو موضح في الفتوى الرقم: 14300.
وأما التلفظ بالنية فمحل نزاع بين العلماء: فذهب الجمهور إلى مشروعية ذلك، حيث نص الحنفية على ندبه والشافعية على سنيته، والحنابلة على استحبابه سراً وهو المذهب عندهم، وعلل الجمهور ذلك بأن اجتماع القلب واللسان أولى من الانفراد، وبالقياس على التلفظ بالنية في الحج.
وذهب المالكية إلى أن الأولى ترك التلفظ، وهو الوجه الثاني عند الحنابلة واختاره شيخ الإسلام، وأما التلفظ بذلك جماعة في المسجد فمحدث لا أصل له، وهو من البدع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(11/16449)
حكم من نوى صيام غد فأفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أنوي الصيام قبل يوم بأني سأصوم غدا ولم أصم هل يقع علي صوم يوم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا الصيام تطوعا، فلا حرج في تغيير النية وترك الصوم، ولا يلزمك شيء بتركك الصوم.
أما إن كان صيام نذر، ونذرت أن تصوم ذلك اليوم بعينه، فإنه يلزمك أن تصوم يوما مكانه قضاء فقط.
جاء في "المدونة" قلت: أرأيت لو أن رجلا قال: لله علي أن أصوم غدا فأفطر، أيكون عليه كفارة يمين مع القضاء؟ فقال لا، فقلت: وهو قول مالك؟ فقال: نعم، قال: وتفسير ذلك أن من نذر ولم يجعل له مخرجا، فكفارته كفارة يمين، وهذا قد جعل لنذره مخرجا للصيام، قلت، وهذا التفسير فسره لكم مالك؟ فقال: نعم هو قوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(11/16450)
حكم عقد نية الصوم في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
رجل عليه صلاة العشاء وهو في رمضان قام للصلاة فتذكر أنه لم ينو الصوم والوقت ضيق بحيث أنه لو قطع الصلاة ونوى الصوم خرج وقتها بطلوع الفجر وإن أتم الصلاة خرج وقت نية الصوم فهل له أن يبطل إحداهما أو ينوي بقلبه الصوم وهو في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التلفظ بالنية في العبادات فيما لا يشرع، بل هو بدعة، وإنما النية محلها القلب، فمن استحضر في قلبه أنه سيصوم اليوم التالي من رمضان فقد نوى الصيام، ولو كان عقد هذه النية أثناء الصلاة، وإن كان ينبغي للمسلم أثناء الصلاة أن لا يشتغل بغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1423(11/16451)
لا يحصل الفطر بمجرد النية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قال إنه سيفطر اليوم مثلا في رمضان بسبب الحر وبعد العودة للمنزل أحس بالراحة هل أفطر هنا لأنه عقد النية بذلك مع الأدلة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من نوى الإفطار في نهار رمضان، وجزم بذلك، فقد فسد صومه ولو لم يتناول مفطراً، وهذا هو مذهب المالكية، والصحيح عند الحنابلة، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى."
والصوم عبادة من شرطها النية، ففسدت بنية الخروج منه كالصلاة، ولأن اعتبار النية في جميع أجزاء العبادة، لكن لما شق اعتبار حقيقتها اعتبر بقاء حكمها وهو أن لا ينوي قطعها.
ومن نوى الإفطار، وجزم بذلك وجب عليه التوبة والإمساك عن المفطرات، ثم قضاء ذلك اليوم.
وذهب الأحناف والشافعية في الصحيح من مذهبهم إلى أنه لا يفطر بمجرد العزم على الفطر بل لا بد من تناول مفطر، والمذهب الأول هو الراجح لقوة مأخذه.
والإنسان إذا شق عليه الصوم من حر أو نحوه، وخاف على نفسه من الهلاك يفطر، ثم يقضي ذلك اليوم، ولو نوى الإفطار بسبب الحر أو نحوه ثم زال ذلك العذر قبل أن يفطر، فإنه يمسك عن المفطرات ثم يقضي ذلك اليوم بعد رمضان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(11/16452)
نية الإفطار الجازمة تفسد الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نوى الصائم أن يفطر ولم يفطر فهل صيامه صحيح]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من نوى الإفطار وعزم على ذلك فسد صومه؛ لأن مدار الأعمال على النيات، كما في الحديث الذي في الصحيحين: "إنما الأعمال بالنيات."
وهذا مذهب المالكية والصحيح عند الحنابلة وهو الراجح.
أما إن نوى غير عازم عليه بل تردد في ذلك، فقال بعض أهل العلم: يفسد صومه استصحابًا للحديث الذي قدمنا، وقال غيرهم: صومه صحيح؛ لأن الأصل بقاء نية الصوم حتى يعزم على تركها وإزالتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1423(11/16453)
صيام النافلة ... والنية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
الحمد لله نويت أن أصوم الاثنين والخميس والثالث والرابع والخامس عشر وشهر رمضان إن شاء الله.
أما السؤال فهو: -هل تلزم النية كل يوم أحد والأربعاء في المساء حتى أصبح صائماً حيث أنني قد نسيت أن الغد الخميس فأصبحت أفطرت وبعدها راودني الشك هل اليوم الخميس أم لا وقد عرفت أن اليوم الخميس فأمسكت عن الطعام وأكملت الصيام فهل هذا الصيام صحيح لكوني نويت الصيام من قبل أم ما فعلته خطأ علي تداركه فيما بعد؟ أفيدوني جزاكم الله عني وعن سائر المسلمين الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشترط تبييت النية من الليل في صيام النافلة بل يمكن أن ينشئ النية في النهار إن لم يأكل، فإن أكل فلا.
وانظر الفتوى رقم:
5769
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(11/16454)
القضاء بنية الكفارة لا يجزئ
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
* أفطرت شهر رمضان لعامين متتالين عندما كان عمري 21 سنة، وعمري الآن 33 سنة، وبعد ذلك بعامين أردت قضاء هذين الشهرين فصمت 60 يوما عن يوم واحد ولم أقض باقي الأيام.
أرجو منكم موافاتي بالرأي الشرعي في هذا الأمر، وما يتوجب عليّ فعله. أفيدوني أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أولاً هو التوبة من هذه المعصية العظيمة لتركك هذا الركن من أركان الإسلام.
وأما بخصوص سؤالك.. فإنه يجب عليك صيام شهرين قضاءً عن شهري رمضان اللذين أفطرتهما، ثم إطعام ستين مسكيناً نتيجة لتفريطك في القضاء حتى جاء رمضان الموالي.
وننبهك هنا إلى مسألة: وهي أن أي يوم أصبحت فيه صائماً ثم أفسدته بجماع في نهار رمضان، فإنه تجب عليك فيه كفارة لانتهاكك حرمة الشهر، وهي عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن عجزت فإطعام ستين مسكيناً، كما ثبت ذلك في البخاري من حديث أبي هريرة.
أما إن كان فطرك بغير جماع، فلا يلزمك إلا القضاء مع كفارة تأخير قضاء يوم مكان ذلك الذي أفطرته، وهي إطعام مسكين واحد عن كل يوم، كما قدمنا.
وإذا تبين للسائل عدم لزوم الكفارة، فإن صيامه لستين يوماً بنية الكفارة لا يجزئه عن قضاء شهري رمضان لعدم وجود نية القضاء في ذلك، ودليل هذا قوله صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(11/16455)
حكم صوم من نواه بعد طلوع الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم صيام من صامت يوما من رمضان بدون أن تبيت النية؟ ذلك لأنها كانت حائضا وإذ بها تفاجأ أنها قد طهرت قبل الفجر وهذا من غير قصد لأنها لم تتمكن من رؤية علامة الطهر جيدا, فلم تنو الصيام إلا بعد طلوع الفجر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتبييت النية من الليل شرط في صحة صيام رمضان، قال الخرقي في مختصره:
(ولا يجزئه صيام فرض حتى ينويه أي وقت كان من الليل) .
وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد.
وعليه، فالواجب على هذه المرأة قضاء هذا اليوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(11/16456)
هل تكفي نية واحدة من أول الشهر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة مدى وجوب النية المسبقة للصوم بالنسبة للمرأة التي أفطرت في شهر رمضان بسبب الحيض وتريد أن تصومها بعد ذلك فهل النية تكون كل يوم مستقل بذاته أم تكون مجتمعة لعدد الأيام التي سيتم صيامها وإن كانت مجتمعة فماحكم التي تفطر يوما في منتصفها ... ولكم جزيل الشكر مني والجزاء من عند الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أراد صيام رمضان فإنه لا بد له من نية مستقلة لكل يوم، لأن صوم كل يوم عبادة مستقلة فلا بد لها من نية، هذا مذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة، وقال مالك وهو رواية عن أحمد: تكفي نية واحدة عن رمضان كله، وما في حكمه من كل صوم يجب تتابعه ككفارة الظهار ونحوها، لأنه عبادة واحدة فتكفيه نية واحدة كالصلاة والحج، أما ما لا يجب تتابعه كقضاء رمضان وكفارة اليمين فلا بد فيه من تجديد النية لكل يوم.
وعلى القول الأول وهو الراجح فلا بد لصحة الصوم من نية مبيتة من الليل لكل يوم من الأيام المذكورة، سواء تتابع صيام تلك الأيام أو تفرق.
ومن بدأ صيام يوم واجب فلا يجوز له الإفطار لغير عذر، فإن أفطر لغير عذر أثم، وعليه أن يصوم يوماً آخر مكانه، ولا أثر لذلك على صيام بقية الأيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1422(11/16457)
نية القضاء غير ملزمة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نوت المرأة القضاء ثم لم تصم ذلك اليوم..هل عليها إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن نوى القضاء أو أي صوم واجب فلا يلزمه أن يصوم ذلك اليوم إلا إذا شرع في الصيام، فإذا شرع حرم عليه قطعه، كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(11/16458)
لا حرج في عدم تبييت النية في صوم التطوع.
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان لدي أمر ما يلزم فيه امتناعي عن الطعام والشراب فقضيت أمري في ذلك اليوم وواصلت امتناعي عن الطعام والشراب بنية صوم ذلك اليوم فهل تكون نية الصوم صحيحة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا يصح صوم الفرض إلا بتبييت النية من الليل، لأن جميع النهار يجب صومه في الفرض، فلابد أن تتقدمه نيته كسائر العبادات.
وأما صوم التطوع فقد اختلف أهل العلم في اشتراط تبييت النية له على قولين:
الأول: قول الجمهور وهو عدم اشتراط ذلك. وإنما اشترطوا أن لا يكون قد حصل منافٍ للصوم من لدن طلوع الفجر إلى وقت إنشاء نية الصوم. واستدل هؤلاء بحديث عائشة في صحيح مسلم والسنن قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: "هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا. قال: فإني إذن صائم". ثم أتانا يوماً آخر فقلنا يا رسول الله: أهدي لنا حيس، فقال: "أرينيه فلقد أصبحت صائماً" فأكل.
ونقل النووي عن القاضي وغيره أن هذه الرواية للحديث مفسرة للروايات الأخرى ومبينة أن هذا وقع في يومين لا في يوم واحد. ثم قال: "وفيه دليل لمذهب الجمهور أن صوم النافلة يجوز بنية في النهار قبل الزوال..".
واستدلوا أيضا بآثار عن بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم في هذا المعنى. وقد ذكر بعض تلك الآثار البخاري في الصحيح تعليقاً وترجم لها بقوله: "باب إذا نوى بالنهار صوماً" ثم قال: وقالت أم الدرداء كان أبو الدرداء يقول: عندكم غداء؟ فإن قلنا لا، قال: فإني صائم يومي هذا. ثم قال البخاري: وفعله أبو طلحة، وأبو هريرة، وابن عباس وحذيفة رضي الله تعالى عنهم.
وهذه الآثار ـ عدا أثر ابن عباس ـ موصولة في المصنفين لعبد الرزاق وابن أبي شيبة. فأما أثر أم الدرداء فهو في مصنف ابن أبي شيبة.
وأما أثر أبي طلحة وأبي هريرة فهو في مصنف عبد الزراق ولفظه فيه: أن عبيد الله بن مهران أخبر أن أبا هريرة وأبا طلحة كانا يصبحان مفطرين فيقولان: هل من طعامٍ؟ فيجدانه أو لا يجدانه فيتمان ذلك اليوم.
وفي مصنف عبد الرزاق عن أبي طلحة مثله.
وأما أثر حذيفة فهو في مصنف عبد الرزاق ولفظه: قال حذيفة: من بدا له الصيام بعد ما تزول الشمس فليصم.
وهو في مصنف ابن أبي شيبة بلفظ: أن حذيفة بدا له في الصوم بعدما زالت الشمس فصام.
وأما أثر ابن عباس فوصله الطحاوي ـ كما في الفتح ـ عن طريق عمرو بن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يصبح حتى يُظْهر ثم يقول: والله لقد أصبحت وما أريد الصوم، وما أكلت من طعام ولا شراب منذ اليوم، ولأصومن يومي هذا".
وهنالك آثار أخرى عن غير من ذكر البخاري من الصحابة بهذا المعنى، منهم علي ومعاذ وابن عمر رضي الله تعالى عنهم.
واستدلوا أيضا ببعض الأقيسة العقلية لخص أهمها شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ج 25 ص 120 في معرض كلامه على الخلاف في هذه المسألة ونقله لحجج كل قولٍ حيث قال: وأما القول الثالث فالفرض لا يجزئ إلا بتبييت النية، كما دلَّ عليه حديث حفصة وابن عمر رضي الله عنهم، لأن جميع الزمان فيه الصوم، والنية لا تنعطف على الماضي.
وأما النفل فيجزئ بنية من النهار كما دل عليه قوله "إني إذاً صائم" كما أن الصلاة المكتوبة يجب فيها من الأركان ـ كالقيام والاستقرار على الأرض ـ ما لا يجب في التطوع توسيعاً من الله على عباده في طرق التطوع، فإن أنواع التطوعات دائماً أوسع من أنواع المفروضات ...
ثم علق شيخ الإسلام على هذا القول بقوله: "وهذا أوسط الأقوال".
القول الثاني في مسألتنا: اشتراط تبييت النية في الفرض والنفل على حد السواء وهو قول المالكية ومروي عن بعض السلف، ودليلهم ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده وابن خزيمة في صحيحه وأصحاب السنن عن أم المؤمنين حفصة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له". وفي رواية "من لم يبيت الصيام..".
وقد روي هذا الحديث مرفوعاً وموقوفاً، وصحح غير واحد من أئمة الحديث الموقوف دون المرفوع. منهم البخاري والترمذي والنسائي.
وقال أصحاب هذا القول: إن اللفظ عام يشمل الفرض والتطوع، وتأولوا حديث عائشة المتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نوى الصيام من الليل، ثم ضعف عنه وأراد الفطر لذلك.
والجمهور يرون أن حديث حفصة على تقدير صحة رفعه مخصص بحديث عائشة رضي الله عنهما.
وقالوا: إن تأويل المالكية بعيد متكلف، وبعض روايات حديث عائشة يفهم منها أن النبي صلى الله عليه وسلم أنشا نية الصيام من سؤاله هذا. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/16459)