إهداء ثواب الصلاة للميت هل يجوز أن تصلى جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعلم أن صلاة ركعتين مثلا وإهداء ثوابهما إلى ميت يجوز. ولكن سؤالي هو: هل يجوز أن نصلي هاتين الركعتين جماعه مثلا أنا وإخوتي وإهداء ثوابهما إلى والدي رحمه الله، بنية أن يكون الأجر أكبر لو صليناهما جماعة، أم يجب أن يصليهما كل واحد لوحده، وأقصد بالجماعة هنا هو أن يؤمنا إمام وليس أن نصليها في وقت واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة إهداء ثواب القرب للميت محل خلاف بين أهل العلم، وقد سبق الكلام على ذلك وبيان رجحانه في عدة فتاوى، منها الفتويين رقم: 8132، 11599.
ومع ذلك فالاقتصار على المتفق عليه منها أولى وأحرى بالقبول، ومما أجمع أهل العلم على انتفاع الميت به: الدعاء والاستغفار له، والصدقة عنه، وكذلك الحج والعمرة من حيث الجملة، كما سبق تفصيله في عدة فتاوى، منها الفتويين رقم: 3406، 69673.
هذا مع العلم أنه لم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعا، وصاموا وحجوا، أو قرءوا القرآن، أن يهدوا ثواب ذلك لموتاهم، بل كان عادتهم فعل العبادة لأنفسهم مع الدعاء والصدقة للميت، وراجع الفتوى رقم: 72789.
وعلى القول الراجح بجواز إهداء ثواب الصلاة للميت، فيجوز أن تكون هذه الصلاة جماعة أو فرادى، فإن جمهور العلماء على جواز الجماعة في صلاة التطوع، ولكن لا يداوم على ذلك، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن المداومة على صلاتها جماعة بدعة، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: صلاة التطوع في جماعة نوعان:
أحدهما: ما تسن له الجماعة الراتبة كالكسوف والاستسقاء وقيام رمضان، فهذا يفضل في جماعة دائما، كما مضت به السنة.
الثاني: ما لا تسن له الجماعة الراتبة، كقيام الليل، والسنن الرواتب، وصلاة الضحى، وتحية المسجد ونحو ذلك، فهذا إذا فعل جماعة أحيانا جاز، وأما الجماعة الراتبة في ذلك فغير مشروعة، بل بدعة مكروهة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين لم يكونوا يعتادون الاجتماع للرواتب على ما دون هذا. اهـ.
فلو صلى كل واحد منكم بمفرده كان أفضل، قال النووي في المجموع: النوافل المطلقة لا تشرع فيها الجماعة، أي لا تستحب، لكن لو صلاها جماعة جاز، ولا يقال: إنه مكروه. اهـ.
وراجع في ذلك الفتويين رقم: 6712، 56928.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(11/13043)
حكم هبة ثواب الأعمال للأقرباء وغيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[خلال الفترة الماضية توفي عدة أناس أعرفهم.. منهم القريب ومنهم من لا يمت بصلة قرابة لي.. مثل خالي وإمام مسجد الحي الذي أسكنه وزميلي في العمل.. وأيضا أجدادي لأبي ولأمي، اعتدت على التصدق بمبالغ مالية عنهم، أو بالتبرع بمبالغ مالية لصالح مشاريع إسلامية (كطباعة المصاحف) أو التبرع لإنشاء وقف (كحفر الآبار) أو التبرع لهم بأجر ركعتين.. وذلك لكل متوفى على حدة..
السؤال: هل ما أقوم به ينفعهم وينفعني؟ هل هم يستفيدون بعد موتهم وأثاب أنا عليه في حياتي وبعد موتي؟ حيث إنني قرأت بأن المستفيد الوحيد من مثل هذه الأعمال هم فقط الوالدان..وإذا كانت الاجابه بالنفي فما هو مصير الأعمال التي قمت بها على تلك النية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رجحنا في فتاوى كثيرة أن من عمل عملاً ووهب ثوابه للميت وصله ذلك الثواب، أياً ما كان هذا العمل. وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية:، 3500، 2288، 77143.
كما أن واهب الثواب للميت فإنه ينتفع من جهة أخرى، وهي جهة البر والإحسان إلى الميت، فيرجى حصول الثواب له من هذا الوجه إن شاء الله، وأما نفس ثواب العبادة فإنه لمن وُهب له، وانظر الفتوى رقم: 39462.
واعلم أن العلماء اتفقوا على أن الدعاء للأموات وهبة ثواب العبادات المالية لهم كالصدقة ينفعهم، ولم يفرق أحد منهم فيما نعلم بين الولد وغيره، واختلفوا فيما عدا ذلك كالعبادات البدنية.
وقد ثبت في مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمرو بن العاص حين أراد أن ينحر نذراً نذره أبوه العاص بن وائل: لو كان أبوك أقر بالتوحيد فصمت عنه وتصدقت نفعه ذلك.
فجعل المانع من انتفاعه بما يوهب له الكفر فحسب، ونبه بالصوم على وصول ثواب العبادات البدنية، وبالصدقة على وصول ثواب العبادات المالية، كما أشبع القول في هذه المسألة ابن القيم في كتاب الروح.
وقد ذهب بعض المعاصرين من العلماء إلى أن الميت لا ينتفع إلا بما يهبه له ولده من الأعمال مُحتجاً بأن الأصل أن الإنسان لا ينتفع بسعي غيره، ولا يُخص من ذلك إلا ما خصه الدليل، وقد أذن الشارع للولد بأن يهب ثواب طاعته لوالده، ولم يأذن لغيره فلا يُقاس غيره عليه، وأيد ذلك بأن ولد الرجل من كسبه، وجواباَ على هذا القول نقول: إننا لا نعلم أحدامن الأئمة والعلماء المتقدمين فصل هذا التفصيل، بل نقل غير واحد من العلماء كالنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية الإجماع على أن الميت ينتفع بثواب العبادات المالية، كالصدقة وأثبتوا الخلاف فيما عداها، والراجح كما عرفناك انتفاعه بها، وسنذكر بعض الأدلة على ذلك إن شاء الله.
وأجاب العلامة العثيمين رحمه الله عن هذه الشبهة المتقدمة، وهي أن الأحاديث إنما فيها ذكر انتفاع الولد بما يهبه له ولده فقال عليه الرحمة:
" فإن قيل: هذا من عمل الولد لوالده، وعمل الولد من عمل الوالد، كما في الحديث السابق: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، حيث جعل دعاء الولد لوالده من عمل الوالد، فالجواب من وجهين:
أحدهما: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعلل جواز حج الولد عن والده، بكونه ولده، ولا أومأ إلى ذلك، بل في الحديث ما يبطل التعليل به؛ لأن النبى -صلى الله عليه وسلم- شبهه بقضاء الدين الجائز من الولد وغيره، فجعل ذلك هو العلة، أعني كونه قضاء شيء واجب عن الميت.
الثاني: أنه قد جاء عن النبى -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على جواز الحج عن الغير، حتى من غير الولد، فعن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبى -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة. قال: {من شبرمة} ؟، قال: أخ لي، أو قريب لي. قال: {حججت عن نفسك} ؟ قال: لا. قال: {حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة}
قال في البلوغ: رواه أبو داود وابن ماجة. وقال في الفروع: إسناده جيد، احتج به أحمد في رواية صالح، لكنه رجح في كلام آخر أنه موقوف. فإن صح المرفوع فذاك، وإلا، فهو قول صحابي لم يظهر له مخالف، فهو حجة ودليل على أن هذا العمل كان من المعلوم جوازه عندهم.
ثم إنه قد ثبت حديث عائشة في الصيام: من مات وعليه صيام صام عنه وليه. والولي هو الوارث سواء كان ولدا أم غير ولد، وإذا جاز ذلك في الصيام مع كونه عبادة محضة، فجوازه بالحج المشوب بالمال أولى وأحرى. انتهى.
وقد بسط شيخ الإسلام ابن تيمية أدلة هذه المسألة وبين موضع الإجماع والخلاف، ورجح ما رجحناه في مواضع كثيرة من كلامه، ونحن نسوقُ من كلامه ما يتبين به المقصود، وتحصل به الفائدة إن شاء الله، قال رحمه الله:
" والأحاديث الصحيحة في هذا الباب كثيرة، مثل ما في الصحاح عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي توفيت، أفينفعها أن أتصدق عنها؟ قال: (نعم) قال: إن لي مخرفا أي بستاناً أشهدكم أني تصدقت به عنها. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي افتلتت نفسها، ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: (نعم) . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبي مات ولم يوص، أينفعه إن تصدقت عنه؟ قال: (نعم) .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص: إن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن يذبح مائة بدنة، وأن هشام بن العاص نحر حصته خمسين، وأن عمراً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: (أما أبوك فلو أقر بالتوحيد فصمت عنه، أو تصدقت عنه، نفعه ذلك) .
وفي سنن الدارقطني: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله، إن لي أبوين، وكنت أبرهما حال حياتهما. فكيف بالبر بعد موتهما؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من البر أن تصلي لهما مع صلاتك، وأن تصوم لهما مع صيامك، وأن تصدق لهما مع صدقتك) .
وقد ذكر مسلم في أول كتابه عن أبي إسحاق الطالقاني، قال: قلت لعبد الله بن المبارك: يا أبا عبد الرحمن، الحديث الذي جاء: (إن البر بعد البر، أن تصلي لأبويك مع صلاتك، وتصوم لهما مع صيامك؟) قال عبد الله: يا أبا إسحاق، عمن هذا؟ قلت له: هذا من حديث شهاب بن حراس، قال: ثقة. قلت: عمن؟ قال عن الحجاج بن دينار. فقال: ثقة. عمن؟ قلت: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا إسحاق، إن بين الحجاج وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مفاوز تقطع فيها أعناق المطي، ولكن ليس في الصدقة اختلاف. والأمر كما ذكره عبد الله ابن المبارك. فإن هذا الحديث مرسل.
والأئمة اتفقوا على أن الصدقة تصل إلى الميت، وكذلك العبادات المالية، كالعتق.
وإنما تنازعوا في العبادات البدنية، كالصلاة، والصيام، والقراءة، ومع هذا ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وعليه صيام، صام عنه وليه) ، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت، وعليها صيام نذر. قال: (أرأيت إن كان على أمك دين فقضيتيه، أكان يؤدي ذلك عنها؟) قالت: نعم، قال: (فصومي عن أمك) .
وفي الصحيح عنه: أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أختي ماتت، وعليها صوم شهرين متتابعين، قال: أرأيت لو كان على أختك دين أكنت تقضيه؟ قالت: نعم. قال: (فحق الله أحق) . وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن بريدة بن حصيب عن أبيه: أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي ماتت، وعليها صوم شهر، أفيجزي عنها أن أصوم عنها؟ قال: (نعم) .
فهذه الأحاديث الصحيحة صريحة في أنه يصام عن الميت ما نذر، وأنه شبه ذلك بقضاء الدين.
والأئمة تنازعوا في ذلك، ولم يخالف هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة من بلغته، وإنما خالفها من لم تبلغه، وقد تقدم حديث عمرو بأنهم إذا صاموا عن المسلم نفعه. وأما الحج فيجزي عند عامتهم، ليس فيه إلا اختلاف شاذ.
وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ فقال: (حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين، أكنت قاضيته عنها؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء) وفي رواية للبخاري: إن أختي نذرت أن تحج. وفي صحيح مسلم عن بريدة: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت، ولم تحج، أفيجزي أو يقضي أن أحج عنها؟ قال: (نعم) .
ففي هذه الأحاديث الصحيحة: أنه أمر بحج الفرض عن الميت وبحج النذر. كما أمر بالصيام. وأن المأمور تارة يكون ولدًا، وتارة يكون أخًا، وشبه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بالدين، يكون على الميت. والدين يصح قضاؤه من كل أحد، فدل على أنه يجوز أن يفعل ذلك من كل أحد، لا يختص ذلك بالولد. كما جاء مصرحًا به في الأخ.
فهذا الذي ثبت بالكتاب والسنة والإجماع علم مفصل مبين. فعلم أن ذلك لا ينافي قوله: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] " انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(11/13044)
العبادات المالية والبدنية التي يهدى ثوابها للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي رحمها الله (أرجو الدعاء لها يا شيخنا الجليل) ، أرجو التكرم ببيان مشروعية الأعمال التالية من حيث إهداء ووصول الثواب لها إن شاء الله تعالى: هل يجوز الصيام عنها تطوعا، وهل يجوز أداء الصلوات التي فاتتها في حياتها لأسباب مختلفة أهمها المرض الطويل الشديد، وإذا لم يصح ذلك ماذا أفعل لجبر ذلك، وهل يجوز التصدق عنها لإخوتي الفقراء وكذا لفقراء المسلمين، وهل يجوز أداء العمرة والحج عنها علما بقيامها بأداء تلك الفريضة حال حياتها، وهل يجوز عمل صدقة جارية لها، وما هو أنسب وجه للصدقة الجارية في تلك الحالة. وهل تشعر بوصول ذلك لها في قبرها، وهل عدم رؤيتها في المنام حتى الآن رغم مرور ثلاث سنوات على وفاتها دليل على شيء علما بأنني والحمد لله كنت بارا بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى العلي العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرحم أمك وجميع موتى المسلمين.
واعلم أن إهداء ثواب العبادات المالية والبدنية إلى موتى المسلمين يجوز عند كثير من أهل العلم، ويصل إليهم- إن شاء الله تعالى- كما هو مذهب أحمد وأبي حنيفة، وطائفة من أصحاب مالك والشافعي.
وسبق بيان ذلك في عدة فتاوى وبإمكانك أن تطلع على بعضها تحت الأرقام التالية: 5541، 113822، 76240، 80329، 11537، 26307، 27528، 27617، 56783، 79657.
وعلى هذا القول يجوز لك أن تفعل كل ما ذكر من القرب وتهدي ذلك لوالدتك وسوف يصلها ثوابه إن شاء الله تعالى إلا الصلاة المفروضة؛ فلا يصح قضاؤها عنها كما سبق بيانه بالتفصيل في الفتوى رقم: 9656.
وبإمكانك أن تعوض ذلك بالإكثار لها من الدعاء وأنواع الصدقة الجارية والمنقطعة وخاصة الصدقة الجارية حيث إنها يستمر ثوابها.
وعلى كل حال؛ فكل عمل خير تعمله وتهدي ثوابه لها فإنه يصلها كما قال صاحب الإقناع وهو حنبلي المذهب: وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها.. لمسلم حي أو ميت جاز، ونفعه، لحصول الثواب له.
ولا مانع من التصدق عنها على إخوتك الفقراء وغيرهم من فقراء المسلمين؛ والصدقة على الأقارب صدقة وصلة.
ومن أفضل الصدقات الجارية عن الميت توفير الماء بحفر الآبار وغيرها للمحتاجين وبناء المساجد والمدارس والمستشفيات..
وأما عدم رؤيتك لأمك في المنام؛ فلا يترتب عليه شيء، وليس دليلا على عدم برك بها، أو أنها قد لا تكون نجت من عذاب الله، فليس في عدم الرؤية في النوم شيء من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(11/13045)
إخراج الابن صدقة جارية عن أبيه المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[حدد أبي أن أعطيه مبلغا من المال كمصروف شهريا. هل يجوز أن أحولها بعد وفاته كصدقة جارية؟ وما هي المجالات التي ممكن نعتبرها صدقة جارية؟ وهل تنفع الوالد صدقة الابن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 67263، أن للأب أن يأخذ من مال ولده ما يحتاج إليه مما لا يضره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك ... رواه ابن ماجة وغيره.
وإذا مات الأب فيجوز للولد أن يصرف ذلك المبلغ صدقة على أبيه، بل هذا من أعظم البر والإحسان إلى الأب بعد مماته، والصدقة يصل ثوابها إلى الميت باتفاق القفهاء كما بيناه في الفتوى رقم: 56783، 77545.
ولمعرفة أنواع الصدقة الجارية نحيلك للفتويين رقم: 8042، والفتوى رقم: 79193، حول انتفاع الآباء بعمل الأبناء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1430(11/13046)
مسائل حول إهداء ثواب الطاعات للأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي رحمها الله (أرجوك يا شيخنا الجليل أن تدعو لها) ، ما أفضل الأعمال التي أهديها لأمي وفق القرآن والسنة، وهل تشعر بهذا الإهداء وتعرف من قدمه لها، وهل هذا يدخل في ميزان حسناتها عند قبوله إن شاء الله من الحي الذي لا يموت،وهل ينالني أجر من الله عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدتك. وأفضل طاعة تهدي ثوابها لأمك بعد موتها هي الصدقة والدعاء لإجماع أهل العلم على وصول ثوابهما للميت، واختلافهما في وصول ثواب غيرهما من الطاعات، وأفضل الصدقة سقي الماء. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 56783.
وتنتفع أمك إجماعا بثواب كلتا الطاعتين المذكورتين، ويكون ما أهدي لها منهما في ميزان حسناتها، وتشعر بهذا الإهداء وتعلم من أهداه لها، ويدل لهذا ما ذكره ابن القيم في كتابه الروح عند مبحث (هل تعرف الأموات زيارة الأحياء أم لا) فينبغي مراجعته.
وما أهديته من ثواب الطاعات لوالدتك ينالك ثوابه عند بعض أهل العلم، وقال بعضهم: لا ثواب لك، لكنك مأجور على الإحسان والبر بأمك بعد موتها. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 33440.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(11/13047)
حكم إهداء ثواب صلاة التسابيح للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أداء صلاة التسابيح عن الميت، مع العلم أنه كان يريد أداءها قبل وفاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم صلاة التسابيح، كما فصلنا أقوالهم في الفتوى رقم: 2501.
وعلى القول بمشروعيتها فإن فعلها وإهداء ثوابها للميت جائزٌ لا حرج فيه، على القول الراجح عندنا وهو أن ثواب القرب كلها يصل إلى الميت وينتفع به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص: إنه لو كان أبوك أسلم فصمت عنه وتصدقت نفعه ذلك. أخرجه أحمد في المسند.
وهذا هو قول الحنفية والحنابلة، وأطال ابن القيم في نصره في كتاب الروح، وكذا ابن أبي العز في شرح الطحاوية وقواه النووي من الشافعية، ونصره كذلك القرطبي من المالكية، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 5541، 113528، 113177.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(11/13048)
هل يلحق الميت ثواب بانتفاع الورثة بتركته
[السُّؤَالُ]
ـ[- توفي عني زوجي وليس لديه أطفال، فنقلت أغراض منزلي كله في منزل والدي، فهل تصله صدقه جاريه إذا نمت أنا وإخوتي الصغار على فراشه، وهل يصله الأجر على سيارته إذا استخدمها إخواني في الذهاب للمدارس والنزهات ولشراء متطلباتهم؟ وهل أنا أيضا سأؤجر؟
وهل تكون التلفاز صدقه جاريه له إذا استخدمته في فتح قنوات إسلاميه، وهل سيأثم زوجي إذا فتح إخواني قنوات غير ذلك مثل أفلام الكرتون والمسلسلات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرحم زوجك رحمة واسعة، ثم ننبهك إلى أن الواجب تقسيم تركة زوجك بعد موته فيكونُ حظك الربع، إذ ليس لزوجك ولد، وما بقيَ يُقسم على القرابة حسب أنصبائهم، فإن فضلَ شيءٌ عن أصحاب الفروض، كان لأولى رجل ذكر.
وإذا تصدقت عن زوجك بصدقة سواءٌ كانت هذه الصدقة من تركتكِ منه أو غيرها، وسواءٌ كانت على إخوتك أو غيرهم، فإن ثوابها يعودُ إليه، قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: الأئمة اتفقوا على أن الصدقة تصل إلى الميت، وكذلك العبادات المالية كالعتق. انتهى، وانظري الفتوى رقم: 9998.
وإذا كان إخوتك محتاجين، وتصدقت عليهم بما ذُكر من تركة زوجك بنيةِ أن يكون ثواب الصدقة له، نفعه ذلك إن شاء الله، وإن لم تنو الصدقة عنه فإن ثوابها يكونُ لكِ، لأنكِ أنت المالكة للمال إذ لم يعد لزوجك تعلق به بعد موته. وإذا لم يتصدق ولم يوهب له ثواب الصدقة لم يلحقه ذلك الثواب؛ لعموم قوله تعالى: وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى. {النجم:39} .
وهل يلحق الميتَ ثواب بانتفاعك بتركته؟ قد بين أهل العلم أن الميت ينتفع بتركه ورثته أغنياء، ويلحقه بذلك الثواب، وذلك عند كلامهم على قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكفَّفون الناس.متفقٌ عليه.
قال الشيخ ابن عثيمين: ويظن بعض العامة أنه إذا لم يوص فإنه لا أجر له وليس كذلك، بل إذا ترك المال لورثته فهو مأجور في هذا، وإن كان الورثة يرثونه قهرا، ولكن إذا كان مسترشدا َ بهدي النبي – صلى الله عليه وسلم – لقوله: إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة. فإن أجره بذلك أفضل من أن يتصدق عنه بشيء من ماله. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر قوله: وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة. هو معطوف على قوله: إنك إن تدع. وهو علة للنهي عن الوصية بأكثر من الثلث، كأنه قيل: لا تفعل لأنك إن مت تركت ورثتك أغنياء، وإن عشت تصدقت وأنفقت، فالأجر حاصل لك في الحالين انتهى.
وقال الباجي في المنتقى: وَقَوْلُهُ إنَّك إِنْ تَذَرْ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ. يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لِسَعْدٍ؛ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لَهُ فِيمَا هُوَ خَيْرٌ لِغَيْرِهِ دُونَهُ, وَذَلِكَ يَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَقَاءَ وَرَثَتِهِ فِي غِنًى عَنْ النَّاسِ أَطْيَبُ لِنَفْسِهِ مِنْ أَنْ يَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ, وَهَذَا الَّذِي جُبِلَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ، فَمَا مِنْ أَحَدٍ فِي الْأَغْلَبِ إِلَّا يُرِيدُ الْخَيْرَ وَالْخَصْبَ لِذُرِّيَّتِهِ وَرُبَّمَا آثَرَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُشِيرَ بِذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم إِلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَأَكْثَرُ لِأَجْرِهِ. انتهى.
وإذا انتفع الورثة أو غيرهم بشيءٍ من تركة الميت في أمور محرمة، فإنه لا يأثم بذلك لقوله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى. {فاطر:18} ، قال السفاريني رحمه الله في غذاء الألباب: مطلب: إذا ترك الموروث مالا وعصى به الورثة هل يكون شريكا لهم في المعصية أم لا؟
واعلم أنه قد كثر السؤال عن مثل هذه المسألة من أن الإنسان إذا خلف مالا فعصى به الورثة يكون المورث شريكا لهم في المعصية، فأجبت عنها بأنه إن كان اكتسب المال من وجه حل، وأدى الحقوق المطلوبة منه على الوجه المشروع، لم يكن وجه لمشاركة الورثة في معصيتهم بالمال بلا محال. انتهى.
وفي معنى المال غيره من الأشياء التي قد تُستعمل في الطاعة والمعصية، لكن ننبهكِ على أنه لا يجوز لكِ تمكينُ إخوتكِ من مشاهدة ما لا تجوز مشاهدته في التلفاز، وأن الإثم يلحقكِ أنت إذا قدرتِ على منعهم ولم تفعلي، وإذا انتفعوا بالتلفاز المملوك لكِ فيما لا يجوز شرعا كنتِ معينةً لهم على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. {المائدة:2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(11/13049)
ادع لأمك بمفردها ثم ادع لأموات المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عند الدعاء لأمي المتوفاة عند قبرها أن أدعو لها ولموتى المسلمين الموجودين في المقبرة، أم يكون الدعاء لها فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لأمك، ويجوز لك الدعاء لها عند قبرها أو بعيداً عنه فكل ذلك يصلها، كما يجوز لك الدعاء لها في جملة الدعاء لموتى المسلمين في تلك المقبرة، وإن دعوت لها بمفردها ثم دعوت لها في جملة أموات المقبرة فهذا أكثر ثواباً لها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 76733.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(11/13050)
مقولة اكتبوا كذا وجعلها الله أجرا لكم ولوالديكم والمسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر في بعض المنتديات قول {اكتبوا الجملة التالية وجعلها الله أجرا وثوابا لكم ولوالديكم والمسلمين جميعا الذي يبغي يكتبها فهي بحسناته والذي ما يبغي الله يساعده، لا إله إلا الله محمد رسول الله -أستغفر الله العظيم -سبحان الله وبحمده. فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذكر الله تعالى بهذه الطريقة، فإن هذا من الأمور الحسنة التي فيها تعاون على البر والتقوى، وليس داخلاً في الدعاء أو الذكر الجماعي؛ لأن الذكر الجماعي هو ما يفعله بعض الناس من الاجتماع في وقت ما ليرددوا بصوت جماعي أذكاراً وأدعية وأوراداً وراء شخص معين، أو في صيغة جماعية وبصوت واحد.
وراجع في بيان جواز ذلك الفتاوى الآتية أرقامها: 48823، 60487، 61125، 112673.
أما قولك: "وجعلها الله أجرا وثوابا لكم ولوالديكم والمسلمين جميعا" فإن كنت تقصد بذلك الدعاء لمن كتب ذلك الذكر فلا حرج، وإن كنت تقصد أن من يذكر الله تعالى يهب أجره لغيره، فقد اختلف العلماء في وصول ثواب من صلى أو صام أو فعل طاعة من الطاعات وأهدى ثواب ذلك لغيره حياً أو ميتاً. فذهب أكثر المالكية والشافعية إلى عدم جواز اهداء ثواب الطاعة وعدم وصول ثوابها، وذهب الحنفية إلى صحة ذلك وانتفاع المهدى له بالثواب حياً كان أو ميتاً، وهو مذهب الحنابلة في الإهداء للميت أما إهداء الثواب للحي ففيه روايتان كما ذكر المرداوي في الإنصاف.
والأولى للمسلم أن يجعل ثواب القرب لنفسه خروجاً من الخلاف، ولأنه سيأتي عليه يومٌ وهو أفقرُ ما يكونُ إلى الحسنات، وليكثر من الدعاء والترحم على موتى المسلمين فإن ذلك مما ينفعهم من غير خلاف.
ويمكنك مراجعة حكم هبة ثواب الأعمال إلى الأحياء والأموات بمزيدٍ من التفصيل في الفتاوى الآتية أرقامها: 5541، 18276، 27664، 110782.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(11/13051)
التكفير عن معصية الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ينفع أن أكفر عن معصية والدي وهو الآن ميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم البر بالوالدين أن يكثر الولد من الاستغفار لهما، والتصدق عنهما، والاكثار من الدعاء لهما وأداء ما عليهما من الحقوق كالزكاة والكفارات، ويشرع كذلك الحج عنهما، ويرى كثير من أهل العلم أنه يشرع أن يعمل عملا صالحا ويهدي لهما ثوابه، ونرجو الله تعالى أن ينفع والدك بهذا.
وفي خصوص التكفير عن الوالد فإن كان الذنب المراد تكفيره مما تجب فيه كفارة كالكفارة الواجبة في الإفطار بالجماع في رمضان، ونحو ذلك..فإنه ينفعه إذا قمت بذلك.
وأما إن كان ذنبا لا تكفره إلا التوبة وهو لم يتب منه، فإن الأدلة قائمة على أن الشخص إذا لم يتب من ذنبه فإنه يكون في مشئية الله، إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، ولا ينتفع شخص بتوبة غيره.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 43940، 51247، 66807، 52888، 10602، 53063.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1430(11/13052)
صيام غير الولي عن امرأة ماتت وعليها صوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصوم للمتوفاة لتعويض أيامها ولكن الصيام بأيام زائدة لعدم معرفه عدد الأيام بالضبط مع العلم أنه لا تجمع بيننا صلة قرابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من مات وعليه صوم صام عنه وليه. وهذا الحديث دليل واضح على مشروعية الصوم عن الميت إذا مات وعليه صوم، وسواء كان هذا الصوم صوم نذر أو مفروضاً بأصل الشرع، وهو ما رجحه النووي في شرح المهذب، فإذا مات إنسان ولم يكن تمكن من القضاء فإنه لا يصام عنه ولا يطعم عنه، وأما إن كان تمكن من القضاء فالمشروع لوليه استحباباً أن يصوم عنه، وقد وضحنا ذلك في الفتوى رقم: 76640.
وإنما قلنا بالاستحباب لما في رواية عند البزار: فليصم عنه وليه إن شاء، ولقوله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {فاطر:18} ، إذا تبين هذا فقد اختلف أهل العلم هل يجوز أن يصوم غير الولي عن الميت أو لا، وجواز أن يصوم غير الولي عن الميت هو الذي مال إليه البخاري، ووجه ترجيح هذا القول أن النبي صلى الله عليه وسلم شبهه بالدين، والدين يصح قضاؤه من كل أحد، وإنما ذكر الولي لكونه الغالب، ولأن الراجح جواز هبة ثواب العبادات البدنية للموتى فزالت شبهة المانع إذا وافق على هذا الأصل، وقد حرر الحافظ الخلاف في المراد بالولي وفي جواز أن يصوم غير الولي عن الميت فقال في الفتح: اخْتَلَفَ الْمُجِيزُونَ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ وَلِيُّهُ فَقِيلَ كُلُّ قَرِيبٍ، وَقِيلَ: الْوَارِثُ خَاصَّةً. وقِيلَ: عَصَبَتُهُ، وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ، وَالثَّانِي قَرِيبٌ، وَيَرُدُّ الثَّالِثُ قِصَّةَ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَأَلَتْ عَنْ نَذْرِ أُمِّهَا.
قَالَ: وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْوَلِيِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّيَابَةِ فِي الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ، فَكَذَلِكَ فِي الْمَوْتِ إلَّا مَا وَرَدَ فِيهِ الدَّلِيلُ، فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا وَرَدَ وَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى الْأَصْلِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ.
وَقِيلَ: لَا يَخْتَصُّ بِالْوَلِيِّ، فَلَوْ أَمَرَ أَجْنَبِيًّا بِأَنْ يَصُومَ عَنْهُ أَجْزَأَ، وَقِيلَ: يَصِحُّ اسْتِقْلَالُ الْأَجْنَبِيِّ بِذَلِكَ وَذَكَرَ الْوَلِيَّ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ.
وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْبُخَارِيِّ اخْتِيَارُ هَذَا الْأَخِيرِ، وَبِهِ جَزَمَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَقَوَّاهُ بِتَشْبِيهِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِالدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ لَا يَخْتَصُّ بِالْقَرِيبِ. انتهى.
وما رجحه الحافظ قد عرفت الجواب عنه، لكن الأحوط أخذ الإذن من القريب، وإذا صيم عن هذه المرأة فإنه يصام عنها بالتحري وغلبة الظن، وإن زاد شيئاً فثوابه لها يبلغها وتنتفع به كما هو الصحيح من قولي العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1430(11/13053)
كفلت أيتاما وجعلت الثواب لوالديها
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت عن أجر كافل اليتيم فقمت ولله الحمد بالذهاب إلى الجمعية الخيرية وكفلت 3 أيتام ولله الحمد واحد في ثوابي والثاني في ثواب أمي (لأن أمي لا تعمل وليس لها دخل) والثالث في ثواب أبي وهو يشتغل ولا يعلم أنني كفلت يتيما في ثوابه مع العلم أن أمي تعلم بذلك، وهل هذا يعتبر من بر الوالدين وهل يجب أن أخبر أبي، أنا لا أرغب بذلك؟
جزاكم الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على جميل صنعك في كفالة اليتيم وعلى إشراك والديك معك في الفضل والثواب، وما فعلته يدخل قطعا بإذن الله في بر الوالدين بل هو من أعظم البر إن شاء الله.
وإذا كان إهداء المال وغيره من متاع الدنيا الزائل يعتبر من البر والصلة فما بالك بإهداء الباقيات الصالحات التي يحبها الله وينميها الله جل وعلا لصاحبها بفضله وكرمه.
وثواب هذا الفعل واصل لوالديك إن شاء الله، فإن الصدقة عن الغير سواء كان حيا أو ميتا مقبولة.
قال البهوتي: وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه لحصول الثواب له.. من تطوع وواجب، تدخله النيابة كحج ونحوه أو لا، أي لا تدخله النيابة كصلاة وكدعاء واستغفار وصدقة وأضحية وأداء دين وقراءة وغيرها.
وسواء شرط المتصدق عند الفعل أن الثواب لفلان، أو وهب ثوابه بعد فعله لغيره، قال الكاساني في البدائع: فإن من صام أو صلى أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات أو الأحياء جاز، ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنة والجماعة. انتهى.
ويكون أجرها للمتصدَّق عنه, وأما المتصدِق نفسه فإن من أهل العلم من ذهب إلى أن الله يعطيه مثل أجر من تصدق عليه.
قال الشيخ سليمان الجمل في حاشيته على شرح المنهج: قوله: فقد نص إمامنا الشافعي على أن من تصدق على الميت يحصل للميت ثواب تلك الصدقة وكأنه المتصدق بذلك، قال: وفي واسع فضل الله أن يثيب المتصدق. اهـ.
ومنهم من يرى أن ثواب ذلك العمل لمن أهدي له, وأما العامل فله أجر إحسانه إلى من أهداه له.
ولا حرج عليك إن أنت كتمت هذا عن أبيك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1430(11/13054)
مات أبوه تاركا للصلاة فهل ينفعه إن أهدى له ثواب بعض القربات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي رحمه الله وكان للأسف لا يصلي ولا يصوم ويشرب الخمر والسجائر وفي نفس الوقت كان طيب القلب وحنونا ويسعى لعمل الخير وحريصا على أولاده وقد ابتلاه الله بأمراض عديدة قبل وفاته بأربع سنوات.
السؤال هو: هل يجوز العمرة والحج وإقامة الصلاة ودفع الزكاة والاستغفار والتبرع بالصدقات عنه علماً بأنه بعد موته دفن في دولة أخرى، أرجو توضيح ذلك مع التقدير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتارك الصلاة إما أن يكون تركها جحودا وإنكارا لوجوبها، فهذا كافر باتفاق أهل العلم، وينبغي التبرؤ منه، ولا يجوز الترحم عليه ولا الاستغفار له.
وإما أن يكون تركها تهاونا وتكاسلا مع اعتقاده وإقراره بفرضيتها، فهذا قد اختلف فيه أهل العلم، هل كفره كفر أكبر مخرج من الملة، أم كفر أصغر لا يخرج منها.
فعلى القول الأول يكون حكمه كالسابق، لكن فقهاء الحنابلة القائلين بتكفير تارك الصلاة كفرا مخرجا من الملة اشترطوا لتكفير الشخص المعين أن يدعى للصلاة فيأبى الصلاة ويصر، فإذا لم تحصل هذه الدعاية لهذا الشخص فإنه لا يكفر على هذا القول أيضا، وعليه وكذا على القول الثاني يكون قد مات مسلما فيستحب الاستغفار له والترحم عليه، ويجوز إهداء ثواب بعض الأعمال له.
ومما أجمع أهل العلم على انتفاع الميت به الدعاء والاستغفار له، والصدقة عنه، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 3406، وكذلك الحج والعمرة من حيث الجملة كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 69673.
وأما الصلاة له فإن كانت بنية القضاء عنه فلا يصح، وأما إن كان ذلك على وجه إهداء ثوابها، فهذا محل خلاف بين أهل العلم، والراجح جوازه كما سبق تفصيله في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8132، 24841، 18276.
ولذلك جاء في الموسوعة الفقهية في مسألة النيابة في القربة، تعليقا على قول ابن عباس: لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد. قالوا: فذلك في حق العهدة لا في حق الثواب.
ولمزيد من الفائدة عن إهداء الأعمال الصالحة لتارك الصلاة، يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39734، 17671، 21221، 8041، 11326.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1430(11/13055)
هل ينتفع من مات وهو لا يصلي بالصدقة والأعمال الصالحة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق طلب مني استشارتكم في موضوع ولده المتوفى سنة 2007 بسبب مجموعة إرهابية تعرضت له عند ذهابه إلى العمل في العراق بعد إطلاق النار عليه. حيث كان المرحوم لا يصلي وإنما يصوم رمضان فقط ويشرب الخمر وكان باراً بوالديه ولديه علاقات غير شرعية بنساء كثيرات فهل يشمله قوله تعالى ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا، والده من حملة القرآن ويقوم منذ خمسة عشر عاماً برفع الأذان في المساجد حباً لله تعالى ويدعو له في كل صلاة وفي السجود وأثناء الليل هل ينفعه ذلك وقد قام بتقديم صدقة جارية باسمه ومبلغ من المال إلى أحد الجوامع هل ينفعه ذلك وهل يعذب في القبر وماذا يفعل الأب والأم كي يخففا عنه ذلك وعندما بلغ الوالد بنبأ وفاته وقف أمام جنازته وقال حسبي الله ونعم الوكيل لا إله إلا الله إنا لله وأنا أليه راجعون الحمد لله، الرجاء توجيهنا ما هو العمل كي يغفر الله له المعاصي والذنوب، ولكم الجزاء والثواب؟
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم تارك الصلاة وهل يخرج بذلك من الملة أم لا، وجمهورهم على أنه لا يخرج بذلك من الملة، وهو قول معتبر، وراجع بخصوصه الفتوى رقم: 103984.
كما أن القائلين بتكفير من ترك الصلاة كسلا يشترطون لتكفيره أن يدعى إلى الصلاة فيأبى فلا يكفرونه إلا بعد الدعاية.
وبناء على ذلك فإن لوالد هذا الفتى أو غيره أن يدعو له بالمغفرة، وأن يتصدق عنه، ونرجو أن ينفعه ذلك بإذن الله تعالى، ولا يمكن الجزم بحاله في القبر لأن هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، ولكن رحمة الله واسعة، فقد يكون الله تعالى قد غفر له ببره لوالديه ونحو ذلك من أعمال صالحة قد عملها.
ومن أعظم ما ينتفع به الميت الدعاء له والاستغفار له والتصدق عنه ولا سيما الصدقة الجارية، وغير ذلك من أنواع البر، وانظر الفتوى رقم: 35631.
وآية سورة الإسراء التي أشرت إليها فمعناها كما ذكر الطبري في تفسيره: فقد جعلنا لولي المقتول ظلما سلطانا على قاتل وليه، فإن شاء استقاد منه فقتله بوليه، وإن شاء عفا عنه، وإن شاء أخذ بديته. انتهى.
وعلى هذا؛ فإذا علم قتلة هذا الشاب كان لأوليائه الحق في المطالبة بالقصاص، ولهم أيضا المطالبة بالدية، أو العفو عن القاتل.
هذا مع العلم بأن أمر إقامة الحدود للسلطان لا لعامة الناس، وراجع الفتوى رقم: 29819.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1430(11/13056)
تحرير مذهب الشافعية في وصول ثواب القراءة للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء في تفسير ابن كثير في سورة النجم عند قوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) أن المفسر رحمه الله نقل قول الإمام الشافعي الذي ينفي وصول ثواب إهداء قراءة القرآن للموتى وقد قرأت في فتواكم المنقولة أدناه أن الأحناف والشافعية أجازوا إهداء ثواب القرآن للميت فهل هناك أي تعارض وعلى أي أساس تم ذكر موافقة الشافعية لهذا الأمر طالما أن رأس المذهب يقول بغير ذلك؟ وهل الثواب مملوك لقارئ القرآن كي يهبه لمن يشاء أم أنه أمر بيد الله؟ وكم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه؟ ... إلخ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائل الكريم على المتابعة ونرحب بكل ملاحظة تردنا منه، وننبهه إلى أن الخلاف في هذه المسألة معروف وقديم.
جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف العلماء في قراءة القرآن للميت وإهداء ثوابها له، فذهب الحنفية والحنابلة إلى جواز قراءة القرآن للميت وإهداء ثوابها له، قال ابن عابدين نقلاً عن البدائع: ولا فرق بين أن يكون المجعول له ميتاً أو حياً، والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره، وقال الإمام أحمد: الميت يصل إليه كل شيء من الخير، للنصوص الواردة فيه، ولأن الناس يجتمعون في كل مصر ويقرؤون يهدون لموتاهم من غير نكير فكان إجماعاً، قاله البهوتي من الحنابلة.
ومن المعلوم أن المالكية والشافعية عندهما قولان في المسألة، عدم وصول الثواب وهو قول المتقدمين منهم، ومنهم الشافعي -كما أشرت- وقول المتأخرين بوصول الثواب ... ومن المعلوم أن المذهب لا يقتصر على أقوال الإمام وآرائه وحده، والذي ذكرنا في المذهب هو القول الآخر لرجحانه عندنا بالأدلة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 8150 ولم نذكر أنه قول الإمام، وعلى هذا الأساس نسبنا هذا القول للمذهب.. وقد نقل الإمام النووي في الأذكار ورياض الصالحين عن الإمام الشافعي رحمه الله قوله: ويستحب أن يقرأ عنده (الميت) شيء من القرآن وإن ختموا القرآن كله كان حسناً.
ولا اعتراض على وصول الثواب بالآية الكريمة، لأنها إنما تدل على أن الإنسان لا يُعطى كسب غيره، لكن إن وهب هذا الغير كسبه، فإنه يصير من جنس كسبه في وجوه الانتفاع به، ولا اعتراض كذلك بما ذكر من كون الثواب بيد الله تعالى أو بأنه رب قارئ للقرآن ... فالكلام إنما هو عن من تقبل الله قراءته وأعطاه الثواب ثم أهدى القارئ هذا الثواب للغير.. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 3406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(11/13057)
حكم الاستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصل أجر قراءة القرآن على الميت بالمال أي يؤجر القارئ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأصل إهداء ثواب قراءة القرآن إلى الميت جائز، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 5541، والفتوى رقم: 3406.
وإنما يحصل الثواب أصلاً لمن قرأ تقرباً إلى الله واحتساباً للأجر عنده، وأما من قرأ نظير مال فحظه من قراءته هو هذا المال الذي قرأ لأجله، على أن استئجار القارئ بالمال لهذا الغرض من الابتداع في الدين، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 35828، كما سبق حكم أخذ الأجرة على قراءة القرآن الكريم في المناسبات في الفتوى رقم: 11701 وما أحيل عليه فيها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يصح الاستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت، لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة الإذن في ذلك، وقد قال العلماء: إن القارئ إذا قرأ لأجل المال فلا ثواب له، فأي شيء يهدى إلى الميت، وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح، والاستئجار على مجرد التلاوة لم يقل به أحد من الأئمة، وإنما تنازعوا في الاستئجار على التعليم. اهـ من الفتاوى الكبرى، وقال أيضاً: إعطاء أجرة لمن يقرأ القرآن ويهديه للميت بدعة لم ينقل عن أحد من السلف.. من مجموع الفتاوى. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 104606.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(11/13058)
حكم الصدقة عن امرأة كان علاقة محرمة بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مغترب في بلد عربي للعمل، تعرفت على سيدة متزوجة منذ عامين عن طريق الانترنت من بلد آخر، وجمعت بيننا مشاعر وأحاسيس متبادلة، حيث إنها لم تكن سعيدة في حياتها الزوجية وكانت حياتها عادية، أخبرتني بأنها تزوجت لتدين زوجها وأنه كان أحسن المتقدمين لها خلقا، ولكن لم يكن بينهما مشاعر، حتى أولادها الاثنين من زوجها كانوا نتيجة لمرتين من المعاشرة إحداهما وهي فاقدة الوعي نتيجة حبوب منومة، لكنها آثرت الاستمرار حفاظاً على البيت والأولاد، ولعدم وجود بديل آخر خاصة وأنها شكرت في زوجها ولم تذكره بسوء لكنها لم تستطع أن تحبه أو تبادله مشاعره، ومع الوقت استمر كلامنا حتى جمعت بيننا مشاعر مشتركة واتفقنا على أن يتم طلاقها عقب عودتي حتى أتزوج بها، وفي يوم اكتشفت بالصدفة أثناء تعرضها لحادث مروري أنها تعاني من سرطان بالمخ واستمرت رحلة العلاج بعملية جراحية أعقبها فقد النطق ثم عودته ثم فقد الذاكرة منذ عشرة أشهر، كنت بالنسبة لها ذكرياتها الماضية التي كانت تحكي لي عنها يوميا على مدار عام كامل قبل فقدها لذاكرتها أوضحت لها ما كان مخفيا عنها وعلاقتها بجميع من حولها حتى ومن كانت تحب ومن كانت تكره، ومن كان يحبها ومن كان يطمع بها مما كانت قد ذكرته لي.
أخبرت والدتي بالتواصل معها عبر الهاتف وكم أحبت والدتي وأحبها جميع أهلي حيث إنهم في بلد واحد، ولم يجمعهما غير الهاتف والاطمئنان بالتليفون، وبتاريخ اتصلت بي في وقت متأخر وأخبرتني بأنها في المستشفى نتيجة لتعب مفاجئ وطلبت مني الحرص على سلامتها، وأنها تتمنى أن تراني وبعد حوالي 5 دقائق اتصلت بي صديقتها وأبلغتني بأنها اتصلت بها ووسلمت عليها وودعتها، بعدها بـ 5 دقائق علمت صديقتها من زوجها أنها توفيت إلى رحمة الله وأبلغتني.
توضأت وصليت ودعوت لها بالرحمة والمغفرة.
لم نتكلم يوما سويا في حوارات غير أخلاقية، بل كنت لها مساعداً ومشجعاً لها على العلاج، بالنصح والإرشاد خاصة بعد فقدها للذاكرة وكانت تستجيب والحمد لله. كانت محجبة لم تكن منتقبة وحكت لي عن كثير من المضايقات التي تتعرض لها والعديد من المعاكسات والتحرشات حتى من الطبيب الذي أجرى لها العملية بالمستشفى، كونها تتمتع بجمال أخاذ، فطلبت منها أن تنتقب وبالفعل استجابت والحمد لله بعد العديد من المناقشات حول النقاب.
كانت سيدة محبوبة من جميع من حولها الأهل، الأصدقاء، الجيران.
كانت تحفظ القرآن وتقوم الليل وتتصدق وتعين المحتاجين، كانت بارة بوالديها وبإخوتها.
أنا الآن أدعو لها بالرحمة ولكني أرغب في التصدق ووهب الثواب لها هل يجوز لي ذلك أم أن علاقتي بها كانت محرمة ابتداء ولن ينفعها أي شيء أقدمه لها وأوهب ثوابها لها، أقسم بالله لم نتحدث يوما في محرم لدي بعض من صورها أرسلتهم لي.
أحتفظ بمعظم الحوارات التي كنا نجريها على الإنترنت شات أرجو الدعاء لها بالمغفرة والرحمة، والرد على سؤالي كما أوضحت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعارف عبر الشبكة العنكبوتية بين الرجال والنساء غير جائز، لما يترتب عليه من مفاسد وما يشتمل عليه من تعريض للفتن، وما يجره من بلاء إلى المجتمع، فقد أخطأت حين أقمت علاقة مع تلك المرأة فهذا أمر لا يقره الشرع، وقد تماديت في ذلك حتى هتكت أسرار بيتها، وأعنتها على خيانة زوجها، حتى اتفقتما على طلاقها منه، وذلك منكر عظيم وإثم كبير، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبّب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده. رواه أبو داود وصححه الألباني.
فيجب عليك أن تتوب إلى الله مما فعلت، وتعزم ألا تعود لمثل ذلك، وأن تستر على تلك المرأة، نسأل الله أن يغفر لها وعلى نفسك، فلا تخبر أحداً بما كان بينكما، وعليك أن تزيل كل ما يتعلق بتلك العلاقة من الحوارات المسجلة، والصور التي عندك فلا يجوز لك الاحتفاظ بها.
أما عن سؤالك عن حكم هبة ثواب الصدقة لها، فالجمهور على أن ذلك ينفع الميت، ولا يضر في ذلك كون علاقتك بها كانت محرمة، لكن ننبهك إلى أنك ينبغي أن تهتم بنفسك أولاً وتبحث عن الأعمال الصالحة والحسنات الماحية، لتكفر عما وقعت فيه من المعصية، وتتعلم أحكام الدين وحدود الشرع، وتسعى للتقرب إلى الله قبل فوات الأوان، قال تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ* لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ {عبس:37،36،35،34}
وننصح السائل إذا كان لم يتزوج أن يبادر إلى الزواج من ذات دين وخلق، فإن ذلك عون له على طاعة الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1429(11/13059)
كيف تبر زوجتك المتوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي توفيت إلى رحمة مولاها ما هي أصح الأعمال التي يمكنني أن أبرها بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما أجمع أهل العلم على انتفاع الميت به: الدعاء والاستغفار له، والصدقة عنه، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 3406، وكذلك الحج والعمرة من حيث الجملة، كما سبق تفصيله في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69673، 2451، 20708، 25638.
والصدقة الجارية أنفع من غيرها من الصدقات، وقد تقدم ذكر أمثلة لها في الفتوى رقم: 8042.
وقد سبق الكلام أيضا عن مسألة إهداء ثواب الأعمال الصالحة بصفة عامة للميت، ورجحان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8132، 11599، 60241، 33988. وإن كان الاقتصار على المتفق عليه منها أولى وأحرى بالقبول. ومما يدخل في بر الزوجة المتوفاة: صلة أقاربها ومعارفها وحسن العهد بهم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 34303.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1429(11/13060)
حكم صيام الست من شوال عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام الست من شوال عن شخص متوفى..؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصيام الست من شوال من قبيل صيام التطوع وهو يصل ثوابه للميت عند بعض أهل العلم، وبناء على هذا القول لا مانع من صيام تلك الأيام للميت.
ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وأما الصيام عنه وصلاة التطوع عنه، وقراءة القرآن عنه، فهذا فيه قولان للعلماء: أحدهما: ينتفع به، وهو مذهب أحمد، وأبي حنيفة، وغيرهما. وبعض أصحاب الشافعي وغيرهم.
والثاني: لا تصل إليه، وهو المشهور في مذهب مالك والشافعي. انتهى.
ولكن الأولى وما ننصح به هو أن يعمل الإنسان لنفسه فإنه بحاجة لعمله لاسيما الأعمال التي اختلف العلماء في وصولها إلى الميت, وينبغي مع ذلك أن يدعو للأموات فإن ذلك ينفعهم باتفاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1429(11/13061)
مسائل في إهداء ثواب الأعمال للأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[في ليلة أول يوم من شهر رمضان المعظم وعندما كنت أستعد للنوم قلت: اللهم إني نويت إهداء ثواب الصيام والقيام وكل ما سأتلوه بإذن الله من كتاب الله خلال شهر رمضان إلى روح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإلى روح أبي فتقبلها مني يا رب (مع العلم أن أبي متوفى) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بُد من أن ننبهك أولاً على أن إهداء ثواب القربِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم مما لا يُشرع ولم يرد به نص، وانظر الفتوى رقم 19275، بل واقعُ الأمرِ أن كل طاعات الأمة وحسناتها تقع في ميزان النبي صلى الله عليه وسلم، لأن من دل على خيرٍ فله مثلُ أجر فاعله، وكل خيرٍ يفعله المسلمون فإنما هو بدِلالةِ النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما إهداؤكَ ثواب الصيام والقيام لأبيكَ المتوفى إن كنت فعلتها بنية عن نفسك لا عنهما بل أهديت لهما ما حصل لك من ثواب على ذلك العمل فلا نعلم ما يدل على مشروعيته، ولكن قد قال بصحته بعض أهل العلم كما ذكرنا في الفتوى رقم: 112409.
وأما إهداءُ ثواب قراءة القرآن فالراجحُ وصول ثوابه إليهم، وانظر الفتوى رقم: 5541، وإن كان الأولى للمسلم أن يجعل ثواب القرب لنفسه خروجاً من الخلاف، ولأنه سيأتي عليه يومٌ وهو أفقرُ ما يكونُ إلى الحسنات.
فليكثر من الدعاء والترحم على موتى المسلمين فإن ذلك مما ينفعهم من غير خلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1429(11/13062)
حكم الدعاء للطفل عند قبره بعد دفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الوقوف عند قبر الطفل والدعاء له بعد دفنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الدعاء للطفل مشروع في الصلاة عليه وبعد دفنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من السنة الدعاء لأموات المسلمين عموماً وخاصة بعد الدفن، وذلك لما ورد في سنن أبي داود عن عثمان رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل. رواه أبو داود والبيهقي وحسنه النووي والسيوطي. وصححه الألباني.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه كان يقوم على المنفوس من ولده الذي لم يعمل خطيئة فيقول: اللهم أجره من عذاب القبر.
وفي سنن البيهقي عن أبي هريرة: أنه كان يصلي على المنفوس الذي لم يعمل خطيئة قط ويقول: اللهم اجعله لنا سلفاً وفرطاً وذخراً.
وذكر ابن أبي زيد المالكي في الرسالة دعاء خاصاً بالطفل عند الصلاة عليه فقال: تقول: اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك أنت خلقته ورزقته وأنت أمته وأنت تحييه، اللهم فاجعله لوالديه سلفاً وذخراً وفرطاً وأجراً، وثقل به موازينهم، وأعظم به أجورهم، ولا تحرمنا وإياهم أجره، ولا تفتنا وإياهم بعده، اللهم ألحقه بصالح سلف المؤمنين في كفالة إبراهيم، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وعافه من فتنة القبر ومن عذاب جهنم.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 626، 5023، 95011 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1429(11/13063)
حج التطوع عن الميت وهبة ثواب العمل الصالح له
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أخي في حادث وهو حاج عن نفسه أكثر من مرة وأنا حججت مرة واحدة وأنوي الحج هذا العام، فهل يجوز أن نكلف من يحج له ونعطيه نفقة الحج وزيادة أم أنا أحج عنه مع احتياجي للحج هذا العام إن شاء الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم أخاك وجميع موتى المسلمين ويتقبل منهم ... ولتعلم أنه يجوز لكم تكليف من يحج عن أخيكم ويلحقه ثواب الحج -إن شاء الله تعالى- كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 111133، ويشترط أن يكون رضي به الورثة إذا كانوا رشداء بالغين أو ذلك تبرعاً منكم ومن مالكم الخاص.
ولا يصح أن يكون ذلك من ماله هو لأن ماله أصبح تركة إلا إذا كان أوصى بالحج عنه من تركته، فإن ذلك ينفذ في حدود الثلث، وما دمت قد حججت عن نفسك حجة الفرض فيجوز لك أن تحج أو تهدي له ثواب ذلك وتهدي ما استطعت من القرب وأعمال الخير، فكل ذلك يلحقه ثوابه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن سمعه يلبي عن شُبرمة فقال له: من شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي، فقال: حججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة. رواه أبو داود وابن ماجه وصححه وابن حبان، وصححه الألباني..
وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 5738.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1429(11/13064)
هبة ثواب العمل للموتى والأحياء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء للموتى والأحياء جميعاً كأن يقول نويت أن أسبح الله مائة مرة فأجرهم أجمعين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمسم أن يهدي ثواب ما عمل من أعمال الخير والطاعة للمسلمين جميعاً الأحياء منهم والأموات، وهم ينتفعون بذلك ويصلهم ثوابه إن شاء الله تعالى، وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 3500، والفتوى رقم: 27664 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1429(11/13065)
صوم النذر نيابة عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة صوم النيابة عن من مات وعليه صيام نذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي صحة الصوم عن الميت خلاف مشهور بين أهل العلم، والراجح صحته، وللوقوف على كلام أهل العلم وأدلتهم في ذلك انظر الفتوى رقم: 45744، والفتوى رقم: 2502.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1429(11/13066)
التبرع بتعويض عن حادث في مشروع خيري للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يأتي بعدما أطرح لكم حدثا حصل لي من شهرين، حدث حادث سير لأخي وصاحبه هو الذي كان يقود السيارة، توفي أخي وسجن صاحبه، تنازلت أمي عن القضية بدون مقابل كان أخي يتيم الأب وغير متزوج، بعد خمسة أيام من وفاة أخي جاء لصاحب أخي مولود جديد سماه علي على اسم أخي، وبعد أربعين يوم من وفاة أخي جاء والد صاحبه مع مجموعة من أقاربه ومعهم ظرف، يعني مبلغا من المال.. رفضت أمي المبلغ وقالت ما في شيء في الدنيا يعوضها على ولدها الغالي، ولكن أصر والد صاحب أخي وأقر أن المبلغ ليس دية وإنما هي مراسم عزاء ولكنه متأخر، وبعد إقناع والدي أصبح المال مع أمي مع إصرار قوي حتى الآن على رفض المبلغ، أخبرت أمي بما أنها رفضت المبلغ أن تعمل به مشروعا خيريا لأخي المرحوم، كبناء مسجد في بلد إسلامي يقل عندهم المساجد، أكيد بدعم من عندها لأن أخي غير متزوج وليس لديه ولد صالح يدعو له..
السؤال: هل يجوز أن أستخدم المبلغ في عمل مشروع خيري للمرحوم أم لا؟ أرجو إفادتي في أسرع وقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من صرف الدية أو ما يدفع لأهل الميت في صدقة جارية عن الميت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم أخاك ويغفر له، ولتعلمي أن تنازل أمك لا يسقط إلا حقها خاصة، وأما بقية الورثة فلهم الحق في المطالبة بحقهم، وإذا رضي الورثة بالدية أو أي تعويض آخر جاز لهم وضعه في مشروع خيري أو صدقة جارية، يكون ثوابه للميت إذا كانوا جميعا رشداء بالغين، وإلا فيكون ذلك في نصيب من رضي به من البالغين الرشداء.
كما ننبه إلى أنه إذا كان الحادث المذكور قد وقع بعد أخذ السائق الاحتياطات اللازمة ولم يكن سبب الحادث مخالفة منه لقوانين السير، فإنه لا دية عليه ولا إثم. كما سبق بيانه بالتفصيل في الفتوى: 68060.
وإذا لم تثبت الدية؛ فلا مانع من أخذ المبلغ المذكور من باب المواساة والمكارمة، وصرفه فيما ذكر من وجوه الخير إذا كان خاصا بالأم ومَن رضي بالمشروع من البالغين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1429(11/13067)
حكم هبة ثواب القراءة للنبي والمؤمنين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا دعا الإنسان بهذا الدعاء عندما يقرأ القرآن للميت يحفظ أجر القارئ، الدعاء هو (اللهم هب أجراً مثل أجري للرسول خاصة وللميت وللمؤمنين عامة) ؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم أن ثواب قراءة القرآن يصل إلى الميت، كما سبق بيانه بالأدلة وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 32689.
وعلى ذلك فلا مانع من سؤال الله تعالى ودعائه أن يهب ثواب ما يقرؤه القارئ للأموات ... أما النبي صلى الله عليه وسلم فإن له مثل أجر كل عامل للخير من دون أن ينقص ذلك من أجر العامل، لأنه صلى الله عليه وسلم هو الذي دلنا على كل خير وعمل صالح.. ولذلك لا داعي للدعاء له بمثل الدعاء المذكور، وسبق بيان ذلك بشيء من التفصيل في الفتوى رقم: 26169.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1429(11/13068)
حكم إهداء ثواب الأعمال للغير
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: مع العلم أن العبادات توقيفية هو هل يجوز أداء شكر لمن أسدى لي معروفا بليلة أقومها أو أجزاء من القرآن أقرأها ثم أدعو لصاحب الجميل بهذا العمل دون الدعاء ولو لنفسي فغرضي فصل الدعاء لغيري عن الدعاء لنفسي فتنتظم عبادتي، وهل لذلك صيغة إهداء أم نية القلب عند أداء العبادة المهدى أجر الدعاء بها كافية، أفتوني وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك أيها الأخ الكريم لحرصك على طلب العلم ومعرفة الأحكام الشرعية فيما تقدم عليه، كما نشكرك لتواصلك معنا، ولم يحصل منا تجاهل لسؤالك كما توهمت، ولكن ربما تأخر الجواب قليلا نظرا لكثرة الأسئلة الواردة على الموقع، فنرجو أن تلمتس لنا العذر في ذلك، وسؤالك السابق كنا قد أجبنا عنه ونشر على الموقع، في الفتوى رقم: 110782.
لعلك لم تطلع عليه، وإذا مراجعته ستجد الجواب شافيا إن شاء الله، إلا أننا نزيدك هنا تنبيها آخر وهو أنه لا مانع من أن تدعو لنفسك مع الدعاء لغيرك بل السنة أن يبدأ الإنسان بالدعاء لنفسه ثم الدعاء لغيره.
وفقنا الله وإياك لكل خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(11/13069)
إهداء ثواب الأعمال للغير ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[فهل يشرع لشكر من أحسن إلي في أمور كثيرة أن أقوم بعض الليالي أصلي فيها وأدعو له خاصة دون نفسي حتى كذلك لأمي مع العلم بكونها ما زالت حية وقد حملت همي صغيرا وإلى الآن ثم هل يجوز الشكر أحيانا بتلاوة القرآن لرد الجميل وإن جاز فهل لهذه الأعمال صيغة إهداء أم تكفي نية القلب أفتونا وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الشرع على مكافأة المحسن ومبادلته الإحسان بالإحسان، وعلى شكر من قدم للمرء معروفا، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الألباني.
ففي هذا الحديث الحث على مكافأة من أسدى إليك إحسانا، فإن لم يجد المرء شيئا ماديا يكافئه به فتكون مكافأته بالدعاء له وتكرير هذا الدعاء: حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ. كما في الحديث.
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ. رواه الترمذي وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ جَيِّدٌ غَرِيبٌ، وصححه الألباني.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِأَحَدٍ جَزَاك اللَّه خَيْرًا مَرَّة وَاحِدَة فَقَدْ أَدَّى الْعِوَض وَإِنْ كَانَ حَقّه كَثِيرًا. انتهى.
والدعاء إذا كان داخل الصلاة فهو أقرب للإجابة لاسيما في السجود فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ. رواه مسلم.
فدعاؤك في صلاتك بالليل أو الدعاء خارج الصلاة لمن أحسن لك والدعاء للوالدة من الأعمال المشروعة بلا خلاف بين العلماء للحي أو الميت، قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ {الحشر:10} .
وفي صحيح مسلم عَنْ صَفْوَانَ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ وَكَانَتْ تَحْتَهُ الدَّرْدَاءُ قَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ فَأَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي مَنْزِلِهِ فَلَمْ أَجِدْهُ وَوَجَدْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ فَقَالَتْ: أَتُرِيدُ الْحَجَّ الْعَامَ فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَتْ: فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِخَيْرٍ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ.
واعلم أنه لا حرج على المسلم في الدعاء لأخيه مع ترك الدعاء لنفسه، ويدل لهذا حديث الصحيحين: يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر. وحديث الصحيحين: يرحم الله لوطا لقد يأوى إلى ركن شديد.
وأما تلاوة القرآن لرد الجميل كما تقول فلعلك تقصد إهداء ثوابه لمن قدم لك معروفا، فهذه مسألة محل خلاف بين العلماء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في عرضه للخلاف: الناس على قولين:
أحدهما: أن ثواب العبادات البدنية من الصلاة والقراءة وغيرهما يصل إلى الميت كما يصل إليه ثواب العبادات المالية بالإجماع وهذا مذهب أبي حنيفة وأحمد وغيرهما وقول طائفة من أصحاب الشافعي ومالك وهو الصواب لأدلة كثيرة ذكرناها في غير هذا الموضع.
والثاني: أن ثواب العبادة البدنية لا يصل إليه بحال وهو المشهور عند أصحاب الشافعي ومالك. انتهى.
وفي المتأخرين من الشافعية أيضا من ذهبوا إلى أن ثواب القراءة يصل إلى الميت، وحكى النووي في شرح مسلم والأذكار وجها أن ثواب القراءة يصل إلى الميت. واختاره جماعة من أصحاب الشافعي منهم ابن الصلاح والمحب الطبري. وفي تفصيل مذاهب من ذكرنا من العلماء ينظر: مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل، حاشية إعانة الطالبين، تحفة المحتاج، الدر المختار ورد المحتار وما بعدها، فتح القدير، الشرح الكبير، مغني المحتاج، المغني، كشاف القناع، المهذب.
وقد فصل الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح: وما بعدها، الكلام في هذه المسألة ورجح جواز إهداء ثواب جميع الأعمال إلى الغير.
وأنصح السائل بالاقتصار على الأشياء التي ورد بها النص من الدعاء والاستغفار والصدقة ونحوها فهذا هو حال السلف من الصحابة ومن بعدهم وهو أكمل حال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فإذا أهدي لميت ثواب صيام, أو صلاة, أو قراءة, جاز ذلك, وأكثر أصحاب مالك, والشافعي يقولون: إنما يشرع ذلك في العبادات المالية, ومع هذا لم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعا, وصاموا, وحجوا, أو قرءوا القرآن. يهدون ثواب ذلك لموتاهم المسلمين, ولا لخصوصهم, بل كان عادتهم كما تقدم, فلا ينبغي للناس أن يعدلوا عن طريق السلف, فإنه أفضل وأكمل. انتهى
وأما عن كيفية هذا الإهداء فإن نوى المهدي وصول ثواب هذا العمل لفلان كفى، وإن قال: اللهم اجعل ثواب عملي هذا لفلان، ونحو هذا من الكلام، كفى أيضا.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39462، 77143، 72356، 99025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(11/13070)
مسائل في قراءة القرآن على الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة الفاتحة على روح الميت ... وإذا كانت بدعة ما هو الرد على من يقول إن عثمان رضي الله عنه قرأ الفاتحة عندما مر على أحد القبور ومعها سورة أخرى وهل هذا صحيح ... وجزاكم الله خيرا ونفع بكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن العبادات مبناها على التوقيف، فلا يعبد الله إلا بما شرع، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه، لا عثمان ولا غيره أنهم كانوا يقرؤون الفاتحة على روح الميت، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، فالواجب ترك هذه المحدثات، والتقيد بما ورد في السنة من الدعاء لأهل القبور من المسلمين.
وإنما اختلف الفقهاء في حكم قراءة القرآن - بدون تخصيص الفاتحة – عند القبور ووقت الدفن أو بعده؛ فمنهم من استحبه ومنهم من كرهه ومنهم من بدعه..
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَبْرِ فَكَرِهَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَلَمْ يَكُنْ يَكْرَهُهَا فِي الْأُخْرَى. وَإِنَّمَا رَخَّصَ فِيهَا لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَوْصَى أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَ قَبْرِهِ بِفَوَاتِحِ الْبَقَرَةِ وَخَوَاتِيمِهَا، وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَالْقِرَاءَةُ عِنْدَ الدَّفْنِ مَأْثُورَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يُنْقَلْ فِيهِ أَثَرٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
والمذكور عن ابن عمر رواه البيهقي بسند حسن كما في فقه السنة للسيد سابق.
وفي الفروع لابن مفلح: لَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَبْرِ وَفِي الْمَقْبَرَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ ... وَعَنْهُ: لَا تُكْرَهُ وَقْتَ دَفْنِهِ، وَعَنْهُ: تُكْرَهُ ... وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ، وَعَلَيْهَا قُدَمَاءُ أَصْحَابِهِ،..وَعَلَّلَهُ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو الْمَعَالِي بِأَنَّهَا مَدْفِنُ النَّجَاسَةِ، كَالْحَشِّ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَبُو حَفْصٍ يُغَلَّبُ الْحَظْرُ، كَذَا قَالَ، وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَوْصَى إذَا دُفِنَ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتِهَا، فَلِهَذَا رَجَعَ أَحْمَدُ عَنْ الْكَرَاهَةِ. اهـ.
والمختار هو المنع من ذلك كما هو قول جمهور السلف، وما ورد عن ابن عمر هو رأي خالفه فيه غيره وهم أكثر الصحابة فليس بحجة، وراجع الفتوى رقم: 52997.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1429(11/13071)
قربات ينتفع بها الميت ويصل ثوابها إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أذكار الصباح والمساء والتسبيح بعد الصلوات،والتسبيح طوال النهار بنية إيصال ثوابه للميت والقرآن هل يصل للميت، وإذاعملت أي خير ولو رفعت وسخا من السجاد وقلت عن روح زوجتي وأمي هل يصل الثواب، وإذا فتحت الراديو للاستماع للقرآن بنية إيصال الثواب إلى أمي وزوجتي وأموات المسلمين وما هي الأعمال التي تثقل حسنات الميت0
وهل الزوجة المتوفاة إذا ظل زوجها يردد في صلاته وأمام الناس أنه يشهد الله أنه راضٍ عن عن زوجته فهل هذا يشفع لها ويثقل ميزانها عند الله عز وجل.
إخواني دلوني على طريقة يصل من خلالها الثواب إلى زوجتي كالجبال لأنها كانت على خلق ودين، ماتت زوجتي صغيرة ويعلم الله كم كنت أحبها لخلقها وهل حسن الخلق يشفع لها عند الله وماتت يوم جمعة أثناء صلاه الجمعة فجاءة بدون مرض مسبق، وجدناها ميتة لوحدها وأنا والأولاد في صلاه الجمعة، وهل لها الأجر أن الله أماتها ولم تفرح بشبابها وبأطفالها، وهل يصل لها الدعاء إذا جلسنا أنا والأولاد كل ليلة ندعو لها ولموتى المسلمين من ورقة أدعية كثيرة وطويلة0 وهل يصل سلامي إليها إذا قلت اللهم أبلغ سلامي إلى زوجتي0
أريد بالتفصيل كل ما يصل للميت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على وصول ثواب الدعاء للميت والصدقة عنه واختلفوا فيما سوى ذلك هل يصل أم لا؟ وعليه فإهداء ثواب الطاعات التى ذكرتها من أذكار وإزالة الأذى من المسجد والاستماع للقرآن وغيرها يصل ثوابه للميت عند بعض أهل العلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 69795.
وأفضل ما يهدى للميت هو الإكثار من الدعاء له والصدقة عنه لحصول الإجماع على وصول ثوابهما، وأفضل الصدقة كونها بالماء كوقف بئر أو موضع سقاية للناس، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 56783.
وحسن معاشرة الزوج وطاعته في غير معصية الله طاعة لله تعالى تثاب عليه الزوجة إن قصدت بذلك امتثال أمر الله تعالى، وبالتالي فإذا أثنيت عليها خيرا وأعلنت رضاك عنها بذلك فنرجو الله تعالى أن يكون هذا مما ينفعها فى قبرها لأن الثناء على الميت بخير ينفعه بعد موته، وراجع فى ذلك الفتوى رقم: 71916.
ولم نقف على مايدل على ثبوت الأجرعلى الموت فى مرحلة الشباب إلا في حالة ما إذا كان الموت فجأة وراجع في ذلك الفتوى رقم: 94618.
والموت يوم الجمعة سبب لنجاة الميت من عذاب القبر فقد ورد في ذلك حديث حسنه بعض أهل العلم كما تقدم فى الفتوى رقم: 98274.
ولا مانع من الجلوس للدعاء للزوجة المتوفاة أو غيرها من موتى المسلمين، ويصل ثواب هذا الدعاء لكن لا تنبغي المواظبة على الاجتماع عليه كل ليلة مخافة الوقوع في ضابط البدعة الإضافية، وراجع في ذلك الفتوى رقم 17644.
والدعاء المشتمل على وصول السلام إلى الزوجة لا نعلم دليلا يدل على حصوله أم عدم حصوله، والأولى الدعاء لها بالمغفرة والرحمة ففي ذلك من الثواب ما يكفي، فإذا زرت قبرها فسلم عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1429(11/13072)
دفع مال للحج عن الولد المتوفى أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل أن أخرج مبلغا للحج عن والدي المتوفى أم أقوم بإخراج المبلغ لمن لم يسبق له الحج من ذوي الحاجة، علماً بأن والدي رحمة الله عليه وعلى أموات المسلمين أجمعين سبق وأن حج عن نفسه أكثر من حجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لم نجد من أهل العلم من نص على المفاضلة بين هذين الأمرين، والظاهر أن الأولى دفع المبلغ للحج عن الوالد لأنه أولى بالبر، مع أنه يمكن الجمع بين الأمرين بدفع المبلغ لمن لم يسبق له الحج بنية إهداء ثواب ذلك للوالد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نجد من أهل العلم من نص على المفاضلة بين هذين الأمرين، لكن الظاهر أن الأولى دفع المبلغ للحج عن الوالد وإن كان قد أدى الحج عن نفسه، لأن هذا كله من أعمال البر والتطوع، والوالد أولى من غيره، ويدل لذلك ظاهر قوله تعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة:215} ، مع أنه يمكن الجمع بين الأمرين بدفع المبلغ لمن لم يسبق له الحج بنية إهداء ثواب ذلك للوالد.
قال ابن قدامة في المغني: وأي قربة فعلها، وجعل ثوابها للميت المسلم، نفعه ذلك إن شاء الله، أما الدعاء والاستغفار والصدقة وأداء الواجبات فلا أعلم فيه خلافاً إذا كانت الواجبات مما يدخله النيابة. انتهى.
ثم ساق ابن قدامة الأدلة على انتفاع الميت بسائر القرب، وقال: وهذه أحاديث صحاح، وفيها دلالة على انتفاع الميت بسائر القرب، لأن الصوم والحج والدعاء والاستغفار عبادات بدنية، وقد أوصل الله نفعها إلى الميت، فكذلك ما سواها ... إلى أن قال: وهذا عام في حج التطوع وغيره، ولأنه عمل بر وطاعة، فوصل نفعه وثوابه كالصدقة والصيام والحج الواجب. انتهى.
وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 95083.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1429(11/13073)
قربات يفعلها الابن ليغفر الله ذنوب أمه المتوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[اكتشفت وأنا في عمر 56 سنة، بأن لي أختا أنجبتها أمي بعلاقة غير شرعية بعد وفاة أبي وكانت أوصت إأخواتي أن لا يخبرنني بهذه الأخت إلا بعد وفاتها كوني الذكر الوحيد من بينهن، أشهد أن أمي كانت امرأة تائبة, تقية, محسنة، فما يمكن من العمل حتى يغفر الله ذنبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يشرع الاستغفار للأم والتصدق والحج والعمرة عنها، ويجب سترها وستر البنت وعدم قذفها بنفي النسب فهي لاحقة بالأب إذا كانت ولدت بعد أربع سنين أو أقل عند الجمهور.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يغفر لوالدتك ويتجاوز عنها ويتقبل أعمالها ويجعلها كفارات لما حصل منها، وكان عليها أن تستر نفسها ولا تخبر أحداً بمعصيتها، وكان على الأخوات ألا يخبرن أحداً، فأما إذا أعلمنك فعليكم جميعاً ستر الموضوع، لما في الحديث: من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة. متفق عليه.
فيجب سترها وستر البنت، أما النسب فنقول إذا كانت المرأة فراشاً لرجل فأتت بولد لمدة يمكن فيها أن يكون الحمل منه أي لأربع سنين أو أقل لأن أكثر مدة الحمل أربع سنين عند الجمهور، فإذا أتت به لأكثر الحمل أو أقل فإن هذا الولد ينسب إلى الزوج، ولا يجوز لأحد أن ينفي نسبه، إلا إذا أنكره الزوج ولاعن، فقد أخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام، فقال سعد: هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه، انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبيه من وليدته. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شبهه فرأى شبهاً بينا بعتبة. فقال: هو لك يا عبد بن زمعة. الولد للفراش وللعاهر الحجر. واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة، فلم تره سودة قط. قال النووي في شرحه للحديث: معناه أنه إذا كان للرجل زوجة أو مملوكة صارت فراشاً له فأتت بولد لمدة الإمكان منه لحقه الولد، وصار ولداً يجري بينهما التوارث وغيره من أحكام الولادة، سواء كان موافقاً له في الشبه أم مخالفاً.. انتهى.
وقد ذكر الدسوقي: أن المرأة إذا ولدت ولداً وتصادق الأبوان على نفي ذلك الولد وعدم لحوقه بالزوج فإنه لا ينتفي لحوقه بالزوج إلا بلعان منه هذا هو المشهور ... فإن تصادقا على نفيه ولم يلاعن لحق به. انتهى. وإذا كان اتفاق الأبوين على نفي النسب لا ينفيه إلا بلعان فمن باب أولى ألا ينتفي بكلام الأم وحدها، أما إذا ولدت لأكثر من تلك المدة فلا تلحق بالرجل.
وأما ما يمكن عمله للأم ليغفر الله لها فأهمه الدعاء والاستغفار والتصدق عنها والحج والعمرة إن تيسرا وذلك لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. وقد روى أبو داود في سننه عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله هل بقي علي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما. وقد حكى الله تعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ {إبراهيم:41} ، كما حكى الله تعالى عن نوح عليه الصلاة والسلام دعاءه قائلاً: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا {نوح:28} ، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن امرأة قالت: يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها، ولم توص وأراها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم فتصدقي عنها، وقد سأل سعد بن عبادة رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أراد أن يتصدق عن أمه التي توفيت، فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: الماء، فحفر سعد بيراً وقال هذه لأم سعد. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
فأكثر من الدعاء لها بالمغفرة والرحمة، وتصدق عنها إن استطعت، ولا تذكرها إلا بخير، ويستحسن أن تزوج بنتها عند بلوغها برجل يبعدها عن الاتصال بأعمامها من باب الاحتياط، عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم لسودة في حق أخيها الذي ألحق بأبيها لكونه ولد على فراشه وكانت القافة تشهد بإلحاقه بعتبة بن أبي وقاص الذي ادعاه: الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة. رواه البخاري ومسلم.
ولو تصورنا أنها ولدت بعد فترة لا يمكن إلحاقها فيها بالوالد وكانت الأم تركتها في حضانة أو دار رعاية ولم يكن معروفاً أمرها في المجتمع فالأولى ستر موضوعها مع حرصكم على الاتصال بها وتربيتها الدينية والأخلاقية وتزويجها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1429(11/13074)
استحباب الإكثار من إهداء ثواب القربات للمنتحر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم امرأة انتحرت بسبب ضغوط نفسية سببها زوجها حيث كان يشرب الخمر ويضربها بشدة ولا يعطيها مصروفا للمعيشة وهي أم لطفلين
(ما هي الواجبات على أهلها في الدنيا لكي تنفع المرحومة في آخرتها) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالانتحار من كبائر الذنوب لأنه قتل للنفس التي حرم الله إلا بالحق، وفيه وعيد شديد كما ورد في الحديث الصحيح، ولكن إن مات المنتحر على الإيمان فهو في مشيئة الله تعالى، وعلى أهله أن يستغفروا له، ومن عمل منهم عملا صالحا ووهبه ثوابه وصل إليه، ونفعه إن شاء الله تعالى.
ولمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 38175، 10397، 5671.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(11/13075)
الصدقة والدعاء للأم المتوفاة وحزن القلب عند تذكرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أجد ردا من فضيلة الشيخ محمد حسان إن كان ممكنا ... أمي لا أعرف كيف أوفيها حقها وكلما أتذكرها في كل صلاتي تكاد عيناي أن تبكيان وإني أبكي كلما أتصدق عليها وخاصة أنني أتصدق لأمهات كبيرة وأقول لهم ادعوا لأمي فهل هذا حرام أنني أبكي عليها كثيرا وأتذكرها كثيرا كما أنني كنت أن تراني وأنا في وضع جيد وأن أعطيها من مالي وأن أقوم بخدمتها حتى ولو كانت نائمة على فراشها مع العلم أنني أتصدق عليها في بناء مساجد وكفالة الأيتام وغيره والله ولكنى أخشى أن يكون رياء أن أذكره أشتاق إليها كثيرا جدا والله أني لأبكي وأنا أكتب رسالتي من شدة حزني عليها مع العلم أنها فارقت الحياة منذ 9/2005 هل هذا حرام وإن كان فماذا أفعل في قلبي؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حزن القلب ودمع العين عند المصيبة أو تذكرها لا حرج فيهما شرعا، ما لم يكن معهما رفع صوت أو تسخط من قدر الله تعالى وعدم الرضى بقضائه.
ففي صحيح البخاري وغيره أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- دخل على ابنه إبراهيم وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأنت يا رسول الله. فقال: يا ابن عوف إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى فقال صلى الله عليه وسلم: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون.
وأما صدقتك عن أمك والدعاء لها.. بعد وفاتها فهذا من كمال برها ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ". وروى الإمام أحمد أن رجلاً من الأنصار جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" هل بقي من بر أبوي شيء بعد موتهما؟ فقال: خصال أربعة: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما.
وأما كون ذلك رياء أو إخلاصا فهذا راجع إلى مقصدك منه ونيتك فيه.. فقد عرف أهل العلم الرياء بأنه ضد الإخلاص، والإخلاص: أن تقصد بعملك وجه الله، أما الرياء فمشتق من الرؤية وهو أن يعمل العبد العمل ليراه الناس
هذا وننبهك إلى أن عليك أن تشتغل بصلاتك وتتدبر ما تقرأ فيها من قرآن وأدعية وأذكار ليكون ذلك عونا لك على تعقلها والخشوع فيها.
كما ننبهك إلى أن فضيلة الشيخ محمد حسان ليس موجودا هنا؛ فالموقع الذي تخاطبه هو مركز الفتوى بالشبكة الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر.
وللمزيد انظر الفتويين: 25255، 52003.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1429(11/13076)
وقف المصاحف وكتابة اسم الميت فيها للدعاء له
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والد زوجتي وأولاده يريدون توزيع مصاحف بالمساجد كصدقة جارية ويريدون طباعة دعاء له في أول ورقه من المصحف ووضع اسمه للدعاء له بالمغفرة لكل من يقرؤه، هل يجوز؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من توقيف مصاحف بمسجد، وجعل الثواب لميت بعينه مع كتابة اسم الميت في أول ورقة من المصحف من أجل الدعاء له من طرف القارئ في المصحف، فالصدقة الجارية والدعاء مما يصل ثوابه للميت، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 27442، والفتوى رقم: 49556، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 3406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(11/13077)
الصوم عن الميت الذي عليه صيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اسألكم عن قضاء صيام شهر رمضان علي الميت، مع العلم بأنه أوصي بصيامه عنه، وهل يجب إخراج كفارة عن كل يوم في يومه أو يجوز إخراجها دفعة واحدة عند إكمال الصيام، وهل تحسب الكفارة لكل السنوات أو تخرج عن سنة واحدة، لأن الميت تأخر في قضاء الصيام لعدة سنوات؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا لم يتمكن المكلف من قضاء الصيام بسبب اتصال عذره حتى مات فلا يشرع القضاء عنه ولا الإطعام لأنه معذور ولا شيء عليه من هذا القبيل، وإن تمكن من القضاء ولم يقض حتى مات فقد اختلف في جواز الصيام عنه، والذي نفتي به هنا أنه جائز وتخرج كفارة تأخير القضاء من تركة الميت إن ترك مالاً ولا تتكرر الكفارة بتعدد التأخير ويستحب أن يكون الإطعام متزامناً مع القضاء بأن يقضي يوماً ثم يطعم عنه أو يطعم بعد إتمام القضاء، ومن قدم الإطعام على القضاء أجزأه ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المتوفى لم يتمكن من الصيام والقضاء بسبب اتصال عذره حتى مات فلا يشرع القضاء عنه ولا الإطعام لأنه معذور ولا شيء عليه من هذا القبيل، وإن كان قد تمكن من القضاء ولم يقض حتى مات فقد اختلف في جواز الصيام عنه، والذي نفتي به هنا أنه جائز، وتخرج كفارة من تركة الميت إن ترك مالاً مع أنه لا مانع من أن يخرجها عنه وليه أو غيره تطوعاً، ولا تتكرر بتعدد التأخير، فمثلاً لو كان عليه شهر تأخر قضاؤه عدة سنوات لم يجب في الكفارة إلا إطعام ثلاثين مسكيناً عدد أيام القضاء، ويستحب أن يكون الإطعام متزامناً مع القضاء بأن يقضي يوماً ثم يطعم عنه أو يطعم بعد إتمام القضاء، ومن قدم الإطعام على القضاء أجزأه ذلك وفاته الندب، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 104645.
قال النووي في المجموع: من مات وعليه قضاء رمضان أو بعضه فله حالان: (أحدهما) : أن يكون معذوراً في تفويت الأداء ودام عذره إلى الموت كمن اتصل مرضه أو سفره بالموت لم يجب شيء على ورثته، ولا في تركته لا صيام ولا إطعام، وهذا لا خلاف فيه عندنا، (الحال الثاني) : أن يتمكن من قضائه سواء فاته بعذر أم بغيره، ولا يقضيه حتى يموت، ففيه قولان مشهوران (أشهرهما واصحهما) : عند المصنف والجمهور وهو المنصوص في الجديد أنه يجب في تركته لكل يوم مد من طعام، ولا يصح صيام وليه عنه. (والثاني) وهو القديم وهو الصحيح عند جماعة من محققي أصحابنا وهو المختار، أنه يجوز لوليه أن يصوم عنه، ويصح ذلك ويجزئه عن الإطعام وتبرأ منه ذمة الميت، ولكن لا يلزم الولي الصوم، بل هو إلى خيرته. انتهى بحذف دعت إليه الحاجة ... ولمزيد الفائدة والتفصيل يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 31112، والفتوى رقم: 96962.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(11/13078)
حكم إهداء ثواب الذكر للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في الدعاء لوالدي المتوفى حيث إنني أدعو له بعد صلاة الفجر بـ (اللهم اغفر لأبي) فقط، ف هل يجوز أن أقول أستغفر الله والحمد لله والله أكبر ولله الحمد ثم أقول اللهم اجعل ثوابها لأبي، وهل يجوز أن أتصدق وبعد الصدقة أقول اللهم أجعل ثوابها لأبي؟ وجزاكم الله عني خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى أن تجعل الثواب لنفسك وتخص الميت بالدعاء لأنه ينفعه بلا خلاف وكذا الصدقة، أما ما ذكرت من إهداء ثواب الذكر لأبيك فلا مانع منه؛ إذ قد ذكر بعض أهل العلم أن كل قربة عملها المسلم وجعل ثوابها لمسلم آخر جاز ونفعه ذلك بإذن الله تعالى، وللفائدة يراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 71095، 31558، 27233.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1429(11/13079)
النيابة في الصلاة لا تصح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أداء الصلاة عن شخص متوفى لم يكن يصلي ولكنه ندم قبل مماته على ذلك وكان ينوي الصلاة إلا أن أمر الله نفذ قبل أن يستطيع الصلاة بسبب مرضة الشديد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة ليست من العبادات التي تصح النيابة فيها فلا يشرع لأحد أن يصلي عن أحد؛ لكن الدعاء للميت والصدقة عنه والاستغفار له كل ذلك ينفعه بإذن الله تعالى باتفاق العلماء، وننبه إلى أن الصلاة لا تسقط عن المسلم البالغ ما دام عاقلا فإن كان مريضا صلى بحسب حاله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(11/13080)
كل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها للمسم يحصل له الثواب
[السُّؤَالُ]
ـ[بنيتي تأسيس موقع لقارئ مصري متوفى أعرض فيه كل تلاواته:
1* هل يعتبر لنا صدقة جارية في آن واحد؟
2* ماذا لو لم أوفق هل أُجزى بنيتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نشر التلاوات الطيبة المؤثرة على شبكة الإنترنت لا شك أنه من عمل الخير الذي تؤجر عليه إن شاء الله، إن نويت جعله صدقة جارية ووهبت ثوابها للقارئ يناله الثواب إن شاء الله، فقد قال ابن مفلح رحمه الله في الفروع: كل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها للمسلم نفعه ذلك وحصل له الثواب.... ومثل لذلك بالدعاء والقراءة والصدقات، وإذا عزمت على هذا الأمر وباشرت ما يوصل إليه مما هو في إمكانك من الأسباب ولم تتمكن من فعله فإن الله تعالى يثيبك على عزمك ومباشرتك، لما في الحديث: من هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة. رواه البخاري ومسلم. بل قد ذكر ابن حجر في الفتح نقلا عن الطوفي أن إرادة الخير من عمل القلب يثاب صاحبه عليه.
وهذا، وننبه إلى أن هناك ما هو أهم من تأسيس هذا الموقع وهو السعي والبذل في تحفيظ القرآن للأبناء الأذكياء، فيمكن أن يحفظ بعضهم القرآن ويعيش في رحاب القرآن تاليا له معلما، إماما في التراويح. وأما الموقع فقد لا يستفيد منه إلا قلة من الناس، إضافة إلى أن هناك كثيرا من المواقع تهتم بنشر تلاوات القراء المشهورين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(11/13081)
كيف تتدارك تقصيرك في حق والدك بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي توفي رحمه الله رحمة واسعة وأشعر أني كنت مقصرة في حقه في الدنيا أي لم أهتم به الاهتمام الكافي ولم أشعره بحبي وذلك لاختلافنا في بعض الأمور، وأحيانا كنت أتكلم معه فى بعض الأمور التي ألاحظها عليه وكان يغضب مني، ولكني والله كنت أفعل ذلك من أجل مصلحته وخوفي عليه من الله، وكنت أحيانا أدعو له بالهداية والصلاح، وأحيانا كنت أخاصمه ولا أتكلم معه وهو أيضا كان يكتم مشاعره عنا أي لا يبين لنا بعض الحنان مما كان يشعرنا بأنه لا يهتم بنا، ولكن اتضح لي بعد فوات الأوان أنه كان يحبنا ونحن أيضا نحبه، سؤالي هو: كيف أعوضه كل ما كان يعانيه منا وأريد أن يسامحنى فهل يشعر بي وأنا أخاطبه كي يسامحني، عند إخراج الصدقة هل يجب أن أخرج مبلغا خاصا به وحده كصدقة وأخرج عن نفسي صدقة أخرى خاصة بي أم يمكن أن أخرج مبلغا واحدا وأقول إنه صدقة عني ولأبى مثل ثوابه، أو اللهم اجعل لأبي نصيبا من صدقتي، أبي ليس عليه صيام فرض لم يصمه، هل يمكن أن أصوم بعض الأيام كتطوع وأهدي ثواب الصيام لأبي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك تدارك ما تشعرين به من تقصير في حق والدك، وأولى ما تفعلينه في سبيل ذلك وأيسره هو الدعاء والاستغفار له، وتخيري في ذلك ساعات الإجابة، ولا يشغلنك شعور أبيك بعملك أو عدم شعوره، فالله هو السميع العليم.
كذلك قضاء ما عليه من حقوق إن وجدت، وصلة أهله ومن يحبهم.
والصدقة عنه تعتبر من أفضل ما يهدى له، والأحسن أن تخصيه بصدقة على حدة، وإن أشركته في ثواب صدقتك فلا حرج في ذلك، وإهداء ثواب القربات إلى الأموات مشروع يصلهم بإذن الله تعالى، ومن ذلك ثواب الصيام.
وللفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10602، 35491، 44041، 53063، 55045.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(11/13082)
يصل ثواب الصدقة للميت حسب ما نواه المتصدق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أتصدق صدقة جارية لوالدي يرحمه الله، فهل يجوز أن أنوي أن تكون الصدقة له ولأكثر من ميت، هل أجره لوالدي أم ينقص منه؟ وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم أن إهداء ثواب الأعمال الصالحة للميت يصله وينتفع به سواء كان صدقة جارية أم غير جارية، ولا مانع من إشراك أكثر من ميت في ثواب الصدقة كما ذكر أهل العلم.
قال في كشاف القناع: وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه كالثلث أو الربع لمسلم حي أو ميت جاز ذلك ونفعه لحصول الثواب له. انتهى.
وعلى هذا فإذا أشركت مع والدك غيره في إهداء ثواب الصدقة فالظاهر أنه سيصل إليه نصيبه حسب نيتك، فإن نويت له النصف وصل إليه، وإن نويت أكثر وصل أيضا -إن شاء الله- إذ هذا هو مقتضى النية، والأعمال بالنيات؛ كما في الحديث الصحيح.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(11/13083)
الصدقة والاستغفار والدعاء للأجنبية المتوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحببت فتاة فى الكلية.. واستمر حبنا أربع سنوات، كانت من أجمل أيام العمر فكانت إنسانة متدينة مطيعة لله وكانت تساعدني على الاستقامة في الصلاة والمذاكرة وأكملت معها سنوات الجامعة كلها ونجحت فيها رغم صعوبتها بتشجيع منها حتى أشتغل ونتزوج بعدها، مع العلم بأنها كانت فى جامعة ثانية وكانت هي الحلم الذي أنام وأصحو عليه، وكان يحصل بيننا بعض الأخطاء من قبلات وأحضان ومشاعر دافئة، وأنهيت كليتي وتقدمت لخطبتها ورفضت أمها لأني لا أملك فيلا ولا سيارة، مع العلم بأني كان عندي شقة وأعمل، وأجبرتها على الخطوبة لرجل غيري راجع من أمريكا ودخلت أنا على إثر ذلك المستشفى وجاء لي شلل شبه مؤقت من الفراق والبعد عنها واستمر ذلك ستة شهور، تعذبت فيها كثيراً فإنها كانت حلم عمري التي كنت أدافع وأسعى لتحقيقه والزواج بها، وفى يوم قابلتها صدفة من غير موعد وكانت لحظات النهاية حكت لي كل شيء من تعرض للضرب والإهانه والحبس من أمها حتى تكمل الخطوبة وطلبت مني أن أساعدها.. وأقف بجوارها وكانت في حالة صعبة جداً، واتفقت معها أن أقابلها بعدها بأسبوع لكن قدر الله.. توفيت، ماتت من العذاب والفكر التى كانت تعيش فيه، على العلم بأنها لم تعان من أي أمراض.. وعرفت أنا الخبر فأصابني المرض.. والاكتئاب والعذاب لموتها.. وذلك من ست سنوات، وحتى الآن لا أنساها وجميع أوراقها وهداياها عندي، أدعو الله لها وأتصدق على روحها.. فما رأى الدين.. وهل سوف أراها فى الجنة إن شاء الله.. وكيف أستغفر لها.. مع العلم بأني تزوجت وعندي ولد وبنت.. فأفيدوني هل سوف تكون زوجتي إن شاء الله فى الجنة؟ ولسيادتكم كل التقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أولاً أن تتوب إلى الله تعالى مما وقعت فيه معها من أخطاء، وأن تستر عليها وعلى نفسك ذلك ولا تحدث به، ولا حرج عليك أن تتصدق عنها وتستغفر لها، كأن تقول: (اللهم اغفر لها اللهم ارحمها) ونحو ذلك، ولعل الله يقبل صدقتك عنها ودعاءك لها فيؤتيها ثواب ذلك ويغفر لها خطيئتها ويدخلها جنته، وأما سؤالك هل تكون هذه الفتاة زوجة لك في الجنة فالله أعلم بذلك، ولكن إن لم تكن هذه الفتاة قد تزوجت في الدنيا فلك أن تدعوالله تعالى أن يجعلها زوجتك في الجنة. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 95541، والفتوى رقم: 11537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(11/13084)
حكم تخصيص سجدة من الصلاة بالدعاء لأحد الأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الكريم حفظه الله:
بعد وفاة والدتي رحمها الله، ولعلمي أن الدعاء فى السجود أقرب للقبول بإذن الله، أقوم بالدعاء لنفسي من خيري الدنيا والآخرة في كل سجدة وأقوم بالدعاء لوالدتي بالرحمة والمغفرة ودخول الجنة في السجدة الثانية، وذلك في كل ركعة وفي كل صلاة، فهل ذلك من البدع، وهل من طريقة تجبر ما فات من صلوات أمي نتيجة المرض والعجز؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحم والدتك ويغفر لها ويسكنها فسيح جناته هي وسائر أموات المسلمين، ثم إنه ما من شك في أن الدعاء من أفضل ما ينتفع به الأموات، ولا سيما إن كان من الأبناء الصالحين لآبائهم وأمهاتهم، كما أن السجود من أرجى أوقات الإجابة، لذا فإنه يجوز للأخ السائل أن يدعو في سجوده لنفسه بصلاح الحال وتيسير الرزق الحلال، ونحو ذلك مما هو مباح، ولا حرج عليه في ذلك ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، أو يعتدي في الدعاء، كما يجوز له أن يدعو لوالدته بالمغفرة والرحمة في جميع السجدات، ويجوز أن يقتصر على الدعاء لها في سجدة في بعض الأحيان والأمر في ذلك واسع، لكن لا ينبغي تخصيص سجدة واحدة لا يدعو لها إلا فيها، وقد كره بعض أهل العلم المواظبة على دعاء خاص لا يدعو الداعي بغيره، وانظر الفتوى رقم: 99061، والفتوى رقم: 77191.
وما فات أمك من الصلوات بسبب المرض والعجز فإن كان ذلك في حال غياب وعيها فلا شيء عليها لعدم تكليفها في ذلك الوقت، وأما ما كان في حالة وعي منها فكان الواجب عليها أن تصلي كل صلاة في وقتها على الهيئة التي تستطيع أو تقضي ما لم تصله في وقته، أما الآن وقد توفاها الله تعالى فلا يشرع لك القيام بقضاء ذلك عنها، ولكن عليك أن تكثر من الدعاء والاستغفار لها والتصدق عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1428(11/13085)
جواب شبهات حول إهداء ثواب القراءة للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز قرآءة القرآن بنية إهداء ثواب القرآءة للميت - مع العلم أننى ما سمعت عالما يُسأل عن ذلك إلا قال بجواز إهداء ثواب القرآءه للميت.
وأنا لست عالما ولا أدعي العلم ولكنى لا أميل إلى هذه الفتوى لأن الراجح عندي (وهذا فيما بيني وبين نفسي) أنه لا يجوز فعل ذلك لعدة أمور:
1- أنني لا أقول لم يرد بل أقول إنني لم أقرأ فيما قرأت جواز ذلك.
2- أن من قال بجواز ذلك لم يأت بدليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان هناك دليل أرجو جزاكم الله خيرا إخباري به.
3- فيما قرأته فى تفسير قول الله عز وجل (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه) أن الأب يذهب إلى ولده ويقول له أي بني ماذا كنت لك فى الدنيا فيقول نعم الأب فيقول أعطني حسنة أنجو بها فيقول له إني أخاف مما تخاف منه....فإذا كان الأمر كذلك فكيف يفرط الإنسان في حسنات ويهبها إلى آخرين.
4- كيف يضمن المرء أن الله قبل منه عمله وقراءته للقرآن وأن الله سيعطيه على ذلك حسنات.. أنا في اعتقادي أن في هذا إساءة فهم للنصوص الشرعية.
5 - في حديث الثلاثة الذين دخلوا الكهف ووقعت صخرة على باب الكهف فسدت عليهم الكهف ولم يستطيعوا الخروج فقالوا لن ينجينا من هذا إلا أن ندعو الله بصالح أعمالنا فكل واحد من الثلاثة ذكر عمله الصالح ثم قال اللهم إن كنت فعلت هذا ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه (فلنتأمل لم يقل اللهم إني فعلت كذا فافعل لي كذا) .
من أجل ذلك أنا ألزم نفسي أنه لا تجوز القرآءة بنية إهداء ثواب ما قرأت إلى فلان.
فأرجو منكم جزاكم الله خيرا إفتائي في هذا الأمر، هل أنا على صواب أم على خطأ.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن ذكرنا في عدة فتاوى أن مسألة إهداء ثواب القراءة للغير مسألة خلاف بين العلماء، بين مجيز وبين مانع، وأن من أجازها استدل بالأدلة الصحيحة الدالة على وصول ثواب الصدقة للغير والحج عن الغير ونحوها، وأنه لا فرق بين ثواب الصدقة وثواب القراءة من حيث أن كليهما لم يفعلهما الشخص المهدى إليه، فإذا جاز إهداء الصدقة إليه جاز غيرها كإهداء القراءة. وما ذكره الأخ السائل من قوله (كيف يضمن ... إلخ) وكذا ما ذكره واستشهد به من حديث الثلاثة أصحاب الغار فالجواب عنه أن عدم معرفة قبول القراءة لا يمنع من إهدائها إليه إن قبلت، بدليل أن الصدقة أيضا لا نعلم أن الله سيتقبلها ومع ذلك شرع لنا التصدق عن الميت لقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أخبره أن أمه ماتت وأراد الصدقة عنها قال له: نعم تصدق عنها. والحديث في البخاري، وكذا ما ذكره الأخ السائل من أن المرء يوم القيامة يفر من أبيه ... إلخ ليس فيه دليل أيضا على عدم وصول الثواب إلى المهدى إليه، وإهداء الثواب ليس تفريطا في الحسنات كما ذكر ولو كان تفريطا لقال النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل: تصدق عن نفسك لا عن أمك ولا تفرط في حسناتك ومالك مثلا، ولقال للرجل الذي سأله أن يحج عن أبيه: حج عن نفسك ولا تفرط في حسناتك مثلا، فلما لم يقل صلى الله عليه وسلم شيئا من ذلك علم أنه ليس في إهداء الثواب تفريطا في الحسنات بل قد يكون داخلا في نفع المسلمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الراقي ... من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل. .. رواه مسلم.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 3406، والفتوى رقم: 79657.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1428(11/13086)
قضاء الابن الصوم نيابة عن أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي مات منذ مدة، وسبق له أن تربص في الاتحاد السوفياتي سابقا عدة سنوات كعسكري ولم يصم شهر رمضان بسبب البرد القارس لتلك المنطقة. فكان يشرب الكحول مثل الفودقا وهذا من شدة البرد.
أردت أن أصوم عنه تلك الشهور التي أفطرها عمدا. فما موقف الشريعة من هذا الموضوع.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صوم رمضان ركن من أركان الإسلام كما هو معلوم، وتركه عمدا كسلا وتهاونا من أكبر الكبائر، أما تركه جحودا لوجوبه أو استحلالا لتركه فإنه كفر والعياذ بالله تعالى، فيجب على المسلم الحذر من ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 12069 والفتوى رقم: 26114.
أما بالنسبة للصوم عمن ترك الصيام عمدا تكاسلا، فالجواب عنه أن الصيام عن الميت المفرط في القضاء محل خلاف بين أهل العلم، والذي نفتي به هنا أنه جائز إذا كان الميت قد تمكن من القضاء وفرط فيه حتى مات، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 31112، والفتوى المحال عليها فيها.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 96962.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(11/13087)
توضيح حول إهداء ثواب القراءة للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[راجعوا ما كتبتموه في هذه الفتوى 14052 وجزاكم الله خيراً.. من ناحية إهداء ثواب القراءة فإنكم قلتم به وهذا لا دليل عليه والراجح من أقوال أهل العلم والله أعلم أنه لا يصل وإنما ربما يضيع الأجر على القارئ الذي أهدى ثواب قراءته؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر الأخ السائل ابتداء على تواصله معنا وإبداء نصحه فيما يرى أنه صواب، ونسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته، وأما ما ذكره عن مرجوحية القول بجواز إهداء ثواب قراءة القرآن للميت، وأن هذا القول لا دليل عليه فهذا قول غير صحيح، فقد دلت السنة على وصول ثواب العمل الصالح إذا عمل للميت، سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أمي ماتت، فينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. رواه أبو داود. وقال للذي سأله: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: نعم.
فهذه الأعمال أوصل الله نفعها للميت مع كون الصيام عبادة بدنية فكذلك ما سواه، ووجه ذلك أن من عمل عملاً ملك ثوابه، ومن ملك شيئاً فله أن يهبه ما لم يقم بالموهوب له مانع من الانتفاع بالثواب، ولا يمنع منه إلا الكفر، والموت ليس بمانع بدليل وصول الدعاء، ولذا ذهب كثير من الأئمة إلى أن أي قربة فعلها المسلم وأهدى ثوابها لمسلم حي أو ميت نفعه ذلك، وهذا مذهب الإمامين أحمد ابن حنبل وأبي حنيفة النعمان بن ثابت.
ومع أننا نفتي بجواز إهداء ثواب قراءة القرآن إلى الميت، فإننا ننبه إلى أمرين:
الأول: أن السبيل إلى ذلك هو فعلها بنية التقرب إلى الله وإهداء ثوابها للغير، لكن يجب الحذر من فعل ذلك على صورة تدخلها في دائرة الابتداع، كاستئجار قارئ، أو فعلها جماعة، أو تخصيص شخص معين بقراءتها، لا سيما إن عرف عنه الخير والصلاح، اعتقاداً من قارئها أنه بذلك يجلب نفعاً أو يدفع ضراً، فيترتب عليه فسادٌ في الاعتقاد، كما هو واقع ومشاهد من كثير من جهلة المسلمين.
الثاني: أن الاقتصار على الصدقة عن الميت والدعاء له أفضل من إهداء الثواب خروجاً من الخلاف، ولأنه لم يكن من عادة السلف أن يقرأ الواحد منهم القرآن ثم يهديه إلى الميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1428(11/13088)
هل تشفع سورة الملك لمن قرأت له
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والدي متوفى فهل يجوز أن اقرأ له سورة الملك لكي تنجيه من عذاب القبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سورة الملك ثبت في الحديث أنها تشفع لصاحبها، كما في الحديث: إ ن في القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غفر له: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وظاهر كلمة صاحبها أنها تشفع لمن قرأها ولا نعلم دليلاً أنها تشفع لمن قرئت له، إلا أن قراءة القرآن وإهداء ثوابه للموتى قد ذكر كثير من المحققين أنه مشروع وكذلك الصدقة والحج عنه والدعاء له.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2288، 5541، 79657.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(11/13089)
الدعاء ينفع الميت في أي مكان قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[مات أخي ودفن في خارج جمهورية مصر العربية، هل عندما أزور المقابر في داخل الجمهورية، كأني أقوم بزيارته أو هو موجود في الخارج ولا بد من السفر إليه حتى نتمكن من زيارته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحسن الله عزاءك في أخيك، ونسأل الله أن يغفر له ويرحمه، وما من شك في أن زيارتك للمقابر في بلدك لا تعتبر زيارة لقبر أخيك إلا أن الدعاء له ينفعه بإذن الله في أي مكان دعوت له فيه بخير، والدعاء له لا يتطلب السفر لزيارة قبره، وراجع الفتوى رقم: 98550.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(11/13090)
من الأعمال الفاضلة التي يهدى ثوابها للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أفضل ما أستطيع أن أقدمه لزوجي المتوفى غير الصدقة وذكره بالرحمة وصيانة أولادنا والاهتمام بهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في الاهتمام بأمر زوجك بعد وفاته، وأفضل ما يقدم للميت هو الصدقة والدعاء؛ لأن وصول أجرهما إلى الميت أمر مجمع عليه بين أهل العلم، ولم يشذ عن ذلك إلا المبتدعة الذين قالوا: لا يصل إلى الميت شيء من الثواب إلا عمله أو المتسبب فيه.
والأخبار في ذلك ثابتة مشهورة في الصحيحين وغيرهما، وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن المبارك أنه قال: ليس في الصدقة خلاف.
ومن الأعمال الفاضل فعلها عن الميت الحج عنه والاعتمار، وخصوصا إذا كان الحج والعمرة قد وجبا عليه ولم يكن قد قام بهما؛ لأنهما في هذه الحالة يجب أن يفعلا عنه من تركته قبل قسمها إذا كان فيها ما يفي بذلك.
كما أن الصدقة عنه أنواع كثيرة، فمنها الصدقات الجارية، كبناء المساجد وحفر الآبار وتسبيل منافع الدور أو الدواب، ووقف المصاحف وكتب العلم، وغير ذلك مما هو معلوم ...
ولا يمكن حصر المجالات التي يمكن صرف المال فيها وإعطاء ثوابها للميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1428(11/13091)
لا يصح عمل عمرة عن شخص غير معين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بعمل عمرة ثانية وقلت (لبيك اللهم عمرة عن عبد من عبادك في النار بحاجة لأجر عمرة ليدخل الجنة) فهل تجوز هذه النية؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يصح عمل عمرة عن شخص غير معين مثل أن يحرم الشخص ويلبي بعمرة عن عبد من عباد الله من غير تعيين، ولكن لا مانع من أن يعتمر الشخص عن نفسه ثم يهب ثوابها لمن شاء معينا أو غير معين إذا كان مسلما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد عمل عمرة عن عبد من عباد الله من المسلمين، فقد ذكر العلماء أن الأعمال لا تصح عن غير معين، وعلى هذا فإن هذه العمرة لا تصح عن غير المعين، ولكن تحسب للمعتمر نفسه إن شاء الله، مع أنه لو عمل العمرة عن نفسه وأهدى ثوابها إلى غير معين فلا مانع من ذلك بشرط أن يكون من المسلمين.
قال في فتح القدير في الفقه الحنفي بعد أن ذكر أن الإحرام يصح بالمجهول: وعند عمل النسك فلا بد من تعيين من يقع عنه النسك إن كان عن الغير، فإن لم يعين حتى عمل بعض أعمال النسك لم يصح عمله عن الغير حينئذ، فقال: بخلاف ما إذا لم يعين حتى شرع وطاف ولو شوطا لأن الأعمال لا تقع لغير معين فتقع عنه ثم ليس في وسعه أن يحولها إلى غيره. وإنما جعل له الشرع ذلك في الثواب ولولا السمع لم يحكم به في الثواب. انتهى.
وفي الفروع لابن مفلح ما نصه: قال صاحب المحرر: من سأل الثواب ثم أهداه كقوله: اللهم أثبني على عملي هذا أحسن الثواب واجعله لفلان كان أحسن ولا يضر كونه مجهولا لأن الله يعلمه، كمن وكل رجلا في أن يهدي شيئا من ماله يعرفه الوكيل فقط صح، ذكره القاضي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(11/13092)
كيف يتحلل ممن ظلمه وقد مات
[السُّؤَالُ]
ـ[أخ يسأل كيف يطلب السماح من قريب له متوفى ظلمه في حقّه (قاطعه وقال له كلاما يؤذيه) مع العلم أن هذا الأخ كان في سفر عند ممات قريبه. المتوفى ترك أبناء عند إمكانية طلب السماح كيف يتجلى للحي رضى الميت وسماحه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، فعلى هذا الأخ أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى امتثالا لأمره سبحانه وتعالى حيث يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً {التحريم: من الآية8} .
وإذا كان هذا الظلم في شيء مادي فإن عليه أن يبادر برده إلى ورثة الميت المعتدى عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.
وإذا كان في شيء معنوي فإنه يكثر من الدعاء والاستغفار له، ونظرا لتعذر السماح من الميت فيرجى أن يكون في ذلك تكفير أو تخفيف لحقوقه.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 22430، والفتوى: 36627، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1428(11/13093)
عدم إقامة المناسبات لمدة أربعين يوما حدادا على الميت من البدع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فلسطيني ومن مدينة غزة، تنتشر لدينا في القطاع ظاهرة الحداد على الميت أربعين يوما خلالها يمتنع أقارب الميت عن إقامة مناسبات الزواج والأفراح ولا أعلم سببا لهذا العدد من الأيام، فما حكم الشرع في ذلك، والأمر الآخر يقوم أهل الميت بتوزيع كتيبات صغيرة بها بعض من سور القرآن الكريم منها الكهف وياسين والملك، فهل في هذا أجر للميت، وكيف تكون قراءة القرآن لروح الميت، وهل ورد شيء بالنسبة لقراءة سورة ياسين لروح المتوفى؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحداد على الميت أربعون يوماً وامتناع أقارب الميت خلال تلك المدة عن مناسبات الزواج أمور مبتدعة لا دليل عليها شرعاً، وإنما الحداد المشروع هو ثلاثة أيام للمرأة عند وفاة أحد أقاربها إضافة إلى إحداد الزوجة على زوجها أربعة أشهر وعشرا، وراجع الفتوى رقم: 94267، والفتوى رقم: 35476.
وإهداء أهل الميت بعض كتب تحتوي على بعض سور القرآن فيه أجر ومثوبة، وإن قصدوا إهداء الثواب للميت وصله إن شاء الله تعالى، وراجع الفتوى رقم: 12366.
وإهداء ثواب تلاوة القرآن يصل الميت عند بعض أهل العلم، وينوي القارئ إهداء ثواب قراءته للميت أو يقول بعد قراءته: اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى روح فلان، وراجع الفتوى رقم: 3406، والفتوى رقم: 32689.
وتخصيص سورة يس بالإهداء للميت قد ورد فيه حديث ولكنه ضعيف، كما تقدم في الفتوى رقم: 12230.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1428(11/13094)
وصول ثواب الصدقة إلى الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[تقوم بعض الجهات الخيرية بإصدار كوبونات لأعمال خيرية كترميم مسجد أو صدقة جارية، فهل يجوز شراء كوبونات الصدقة الجارية بنية عمل صدقة جارية لأموات المسلمين أم يجب تحديد ميت بعينه، وهل يصل أجر هذا العمل إلى الميت، فأفتوني؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشراء كوبونات صدقة جارية بنية أن يكون ثوابها لأموات المسلمين جميعاً أمر حسن يثاب عليه فاعله، ويصل ثواب الصدقة إلى كل ميت مسلم، ولا يشترط تخصيص الثواب لشخص معين أو جماعة معينة، ويدل على ذلك حديث أبي رافع رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين، فإذا صلى وخطب أتي بأحدهما وهو في مصلاه فذبحه، ثم قال: اللهم عن أمتي جميعاً من شهد لك بالتوحيد، وشهد لي بالبلاغ ... رواه البزار وأحمد، وقال الهيثمي: بإسناد حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1428(11/13095)
بعض ما يجوز عمله من القربات للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل الله أن يجمعنا وإياكم في الفردوس الأعلى في جوار الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام بلا حساب وبلا عذاب ... آمين.
أتقدم إليكم بسؤالي هذا والقلق ينتابني حيال والدي رحمه الله، والدي توفي منذ سنتين وكان لديه تقصير تجاه رب العالمين وذلك لكونه لم يكن مواظباً على الصلاة المكتوبة, كان يصلي أحياناً وأحياناً لا يفعل كسلاً وليس إنكاراً لوجوبها، كان قليلاً ما يصوم رمضان ويحتج بأنه مريض وعليه أن يأخذ دواء القلب أو أنه ضعيف لا يستطيع, ولكنه كان من المدخنين وأنا أظن أنه لم يكن مواظباً على الصيام بسبب ضعف مقاومته لترك التدخين، كنا في فترة بعيدة من الزمان نملك دكاناً للبقالة وحسب علمي وكما أذكر (حيث إنني كنت صغيراً حينها) أنه لم يكن يخرج زكاة البضاعة التي فيه, وكانت أوضاعنا المادية صعبة, ولم تربح تجارتنا وبعنا الدكان بعدها، كنت أعلم أنه أحياناً ربما امتلك مبلغاً من المال يمكنه من الحج ولكنه لم يحج, وكان دائماً يقول لي أنه يتمنى الذهاب إلى الحج ولكنه لا يستطيع حيث إنه كان يعاني من مشاكل كثيرة وخطيرة في العينين وكان عليه أن يبتعد عن الزحام والشمس والتعب، ولكن بعد وفاته تبرع بعض الناس وقاموا بالحج عنه (أظنهم ثلاثة أشخاص منفردين) ، أنا أحببت والدي كثيراُ وكذلك أحبه كل من عرفه وجاء في جنازته والعزاء خلق كثير لم نعرف أغلبهم وكلهم شهدوا له بحسن الخلق وطيب المعشر، وكلما قابلني شخص كان يعرف أبي قال لي رحم الله أباك كان رجلاً ونعم الرجال وكان حسن السمعة؟ لذلك أرجو منكم أن تبينوا لي ماذا يمكنني عمله من أجل البر بوالدي, أنا أحبه وأخاف عليه من عذاب القبر ومن عذاب يوم القيامة؟ جزاكم الله كل خير ورزقني وإياكم الجنة وحرّمني وإياكم على النار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتقبل دعاءك ويرحم والدك وجميع موتى المسلمين، ولتعلم أن بإمكانك أن تعمل الكثير مما ينفع والدك بعد وفاته، وإذا كان والدك قد فرط في صيامه فيشرع لك أن تصوم عنه -على الراجح من أقوال أهل العلم- وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 76640 نرجو أن تطلع عليها.
وكذلك إذا كان فرط زكاة وجبت في ماله فإن عليكم أن تخرجوا عنه الزكاة من ماله وذلك قبل قسمة التركة وانظر تفصيل ذلك وأدلته في الفتوى رقم: 42099 وما أحيل عليه فيها، وأما الحج فيجزئ عنه ما فعله من قام بالحج عنه، كما يمكن أن تنفعه بكثرة الدعاء له والصدقة عنه الجارية وغير الجارية ... وغير ذلك من أعمال البر وإهداء ذلك له، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
هذا وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة عن إهداء ثواب القربات للأموات والمرض الذي يعذر به ... وكلام أهل العلم حول ذلك وأدلتهم في الفتوى الأخيرة التي أشرنا إليها أعلاه..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1428(11/13096)
التصدق بالماء والدعاء على النفس عند المحتضر
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدى الفاضل توفيت أمي منذ ما يقرب من شهرين وقد كانت ترغب فى عمل الآتي:
1- كانت قبل وفاتها ترغب فى عمل لافتة توضع على طريق السفر بها أذكر الله أو استغفر الله أو سبحان الله.... وهكذا، المهم أننا بعد وفاتها قمنا بعمل الإجراءات لذلك إلا أنه أتضح أنه تم منع هذه اللافتات لأسباب أمنية، وقد قررنا عمل ماء مسبل بدلا من ذلك، فهل عدم استطاعتنا تأدية هذه الوصية يعد حراما علينا، مع العلم بأن أمي قامت قبل وفاتها بعمل سبيل ماء.
2- قبل وفاة أمي ذهبنا إلى تعزية أحد أقاربنا ووجدت أمي أنهم يقومون بتوزيع كتيب (الدعاء للمتوفي) وعند عودتنا قالت إنها ترغب بعمل مثل هذه الكتيبات حتى تكون صدقة جارية على روحها وبعد وفاتها لم نقم بعمل هذه الكتيبات واشترينا عوضا عنها مصاحف وقمنا بإيداعها المسجد على أساس أن المصحف سيكون ثواب القراءة فيه أكبر من ثواب هذه الكتيبات التي تحتوي على بعض السور ودعاء للمتوفى، فهل قيامنا بذلك يعد مخالفا لوصيتها وهل يجب علينا عمل هذه الكتيبات.
3- بعد وفاة أمي وتغسيلها كنت أجلس معها في الغرفة وأخذت أدعو الله كثيراً وأثناء دعائي لها دعوت على نفسي بأن لا يعذب الله أمي في القبر وأن يعذبني عوضا عنها، وكنت أقول يا رب لا تعذب أمي في القبر ثانية، ارحمها يارب عذبني عوضا عنها يا رب تعذبت في الدنيا كثيراً فلا تعذبها، المهم أني بعد وفاتها سمعت أحد أشرطة الدار الآخرة وأنه يجب عدم الدعاء بسوء عند وفاة أحد لأن الملائكة تؤمن على هذا الدعاء، فهل أعد آثمة وهل علي شيء، فأرجو إفادتي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من سعى في تحقيق طموح الوالدة أو تنفيذ وصيتها بأمر ما ثم عجز عن ذلك فإنه يعفى عنه لقول الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، وأما التصدق بالماء فهو من أفضل القرب والصدقات، ففي الحديث أن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: يا رسول الله إن أم سعد ماتت فأي الصدقة أفضل، قال: الماء، قال: فحفر بئراً وقال هذه لأم سعد. رواه أبو داود وحسنه الألباني. وفي الحديث: ليس صدقة أعظم أجراً من ماء. رواه البيهقي وحسنه الألباني.
وإذا كانت الأم ترغب في توزيع كتاب ما ولم تكن أوصتكم، ولكنكم رغبتم في تحقيق طموحها ثم رأيتم أن المصحف أفضل من ذلك الكتاب واشتريتم مصاحف لهذا الغرض فإنه لا حرج في هذا، لأن القرآن هو أفضل ما يقرأ ويتعلم وهو أفضل الذكر، وأما إذا كانت أوصت فعلاً بأن يخرج من مالها ما يوفر به ذلك الكتاب فلا بد من تنفيذ وصيتها ما لم يكن الكتاب مشتملاً على ما لا يجوز نشره من بدع أو غيرها، لنص أهل العلم على أن شرط الواقف إذا كان مشروعاً يجب التقيد به، وذكر شيخ الإسلام أنه يجوز تغيير شرط الواقف لما هو أصلح منه، وأما إن لم تكن تركت مالاً لتنفيذ الوصية وأردتم أنتم تنفيذ ما أرادت فلا يلزمكم التقيد بالكتاب المذكور اتفاقاً بل يشرع لكم العدول إلى الأفضل، وأما الدعاء على نفسك بالعذاب بدلاً عن أمك فهو ممنوع للنهي عن الدعاء عن النفس في الحديث: لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم ولا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم. رواه مسلم. وفي الحديث في النهي عن الدعاء بما لا يرغب عند المحتضر: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون. رواه مسلم.
وكان عليك أن تستغفري لوالدتك وتكثري الدعاء لها بالرحمة ورفع الدرجات كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة فقال لما حضر موته: اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبة في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره ونور له فيه. رواه مسلم. وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52737، 34480، 31284، 26022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1428(11/13097)
مدى أثر عمل الولد من خير أو شر على أبويه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الولد من سعي أبيه خيراً كان عمله أو شراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يعمله الولد من أعمال الخير يستفيد منه الوالد، فقد ثبت أنه يؤجر بسبب حفظ ولده القرآن وعمله به، كما في حديث الحكم: من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حليتين لا تقوم لهما الدنيا، فيقولان: بم كسبنا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن.
وأما ما يعمله الولد من السيئات فإنه لا يعتبر من كسب والده ولا يكتب عليه سيئات بسببه إذا كان لم يفرط في تربيته والسعي في تعليمه ووقايته من النار، ويدل لذلك قول الله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164} ، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 79193، 96075، 73465.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1428(11/13098)
فقد الزوجة والولد وما يعمله الزوج لينفعها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتكون من عدة أجزاء، كنت متزوجا وكانت زوجتي حاملا وأثناء الولادة توفيت هي والجنين وصبرت لفقدانهما وأريد أن أعرف إن كان عند الصبر يبنى لمن صبر بيت في الجنة يسمى بيت الحمد، كانت زوجتي تصلي لكن في الفترة الأخيرة قبل وفاتها لم تصل وأريد أن أعرف حكم ذلك، وهل يمكن أن أفعل أي شيء أكفر به تركها للصلاة في أيامها الأخيرة، كذلك أريد أن أعرف ما يصل الميت من صدقات وأعمال أقوم بها في الدنيا وتصل هذه الزوجة رحمة الله عليها؟ ولكم الشكر الجزيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتغمد زوجتك بواسع رحمته وأن يتجاوز عنها، وقد أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه ومالك واللفظ له من حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تعدون الشهادة؟ قالوا: القتل في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد. قوله: والمرأة تموت بجمع.. أي تموت بالولادة.
ومن مات له ولد فصبر واحتسب بنى الله له بيتاً في الجنة وسماه بيت الحمد، كما في مسند الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد.
وأما عدم صلاة زوجتك في آخر حياتها فخطأ فادح منها نسأل الله تعالى أن يغفر لها ويتجاوز عنها، والمطلوب منك أن تدعو لها وتتصدق عنها حسب قدرتك لأن هذا من الاعتراف بالجميل، فقد قال الله تعالى عن الزوجين: وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ {البقرة:237} ، وفي صحيح البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد.
ولو كان عليها صوم فأطعمت عنها بدل كل يوم مسكيناً أو صمت عنها بإذن أهلها لحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه. وكذلك الحج والعمرة وقراءة القرآن وسؤال الله بعد القراءة أن يعطيها مثل ثواب ما قرأته، وأما الصلاة فلا تقضى عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1428(11/13099)
الدعاء للميت وإهداء ثواب القراءة له
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: ما فضل سورة الفاتحة للميت وأيهما أفضل ثواباً للميت هي أم الدعاء له ولا فضل على كلام الله ولكن كدعاء للميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مما لا شك فيه هو أن سورة الفاتحة لها فضل وخصوصية ولذلك تدعى أم القرآن والسبع المثاني وهي الكافية الشافية، لكن لا يوجد فيما نعلم دليل على تخصيصها بالقراءة مع إهداء ثوابها للميت، بل إنها مثل سائر القرآن في اختلاف أهل العلم في وصول ثواب قراءته للميت. والصحيح إن شاء الله تعالى أنه يصل لأن المحققين من أهل العلم يرون أن من عمل عملاً فقد ملك ثوابه إن استوفى شروط القبول، وله أن يهبه لمن يشاء ما لم يقم بالموهوب له مانع يمنعه من الانتفاع بما وهب له، ولا يمنع من ذلك إلا الموت على الكفر والعياذ بالله، أما الدعاء فلا خلاف بين أهل العلم في أن الميت ينتفع به ويصل ثوابه إليه إن توفرت شروط الإجابة.
وعلى هذا فعلى القول بعدم وصول ثواب قراءة القرآن فمن الواضح أن الدعاء أفضل للاتفاق على وصول ثوابه. أما على القول الآخر وهو الصحيح فلم نجد من أهل العلم من ذكر أيهما أفضل للميت. والذي نرى هو أنه لا داعي للمفاضلة هنا، وينبغي الدعاء للميت وإهداؤه ثواب قراءة الفاتحة وغيرها من القرآن. ولو اقتصر على أحدهما فليقتصر على الدعاء لأنه محل اتفاق.
ولبيان حكم إهداء القرآن للميت فليراجع في ذلك الفتوى رقم: 35828.
كما يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 34090، لبيان المأثور من الأدعية للأموات. وللفائدة يراجع في ذلك الفتوى رقم: 69795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(11/13100)
حكم فعل الزوجة صدقة جارية من مال زوجها لأبيها المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عمل صدقة جارية من مال الزوج على روح والد الزوجة (مع وجود أولاد للمتوفى) قادرين على التصدق أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن تعمل المرأة صدقة جارية أو أي نوع من الصدقات الأخرى من مال زوجها إن علمت رضاه أو أذن لها فيه، وتعطي ثواب ذلك لأبيها، وإذا كان أهل العلم قد اختلفوا في وصول ثواب الصوم والحج وقراءة القرآن للميت، فإنهم متفقون على أن الصدقة والدعاء يصل ثوابهما للأموات، وأحق من ينبغي أن يسعى الإنسان في نفعه حيا أو ميتاً هو والده، وعلى ذلك فلا مانع من أن تعملي الصدقة المذكورة وتنوي ثوابها لوالدك، وهذا يعتبر من بره.
وأما إذا لم يأذن الزوج في ذلك، ولم تعلمي رضاه به فليس لك أن تفعلي شيئاً منه، لما أخرجه أحمد وغيره من حديث أبي أمامه رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تنفق المرأة شيئاً من بيت زوجها إلا بإذن زوجها.
ولا دخل في هذه المسألة لوجود أولاد المتوفى أو قدرتهم على التصدق عنه، فصحيح أنهم الأولى بفعل ذلك عنه، ولكنه عمل خير يصح من أي أحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1428(11/13101)
قضاء الصلاة عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي صديق لي مرضت والدته ودخلت المستشفى في العناية المركزة إثر جلطة في القلب ومكثت ثلاثة عشر يوما متواصلة. وبعد ذلك توفيت رحمها الله ويريد ابنها أن يقضي ما عليها من صلاة خلال فترة مكوثها في المستشفى ...
هل يجوز أن يقضي ما عليها من صلاة خلال فترة مكوثها في المستشفى؟ وهل أجر الصلاة يصل إلى الميت؟ وماذا يجب عليه أن يعمل؟
أفتونا في ذلك جزاكم الله ألف خير ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المرأة المذكورة قد مكثت تلك المدة داخل المستشفى وهي فاقدة الوعي فقد رفع عنها التكليف وبالتالي فلا تجب عليها الصلاة، وإن كانت في تلك المدة تتمتع بعقلها فتجب عليها الصلاة حسب استطاعتها، وقد سبق حكم طهارة المريض وكيفية صلاته في الفتوى رقم: 68501.
وفي حال ما إذا كنت تلك المرأة قد ماتت وعليها قضاء بعض الصلوات فلا يشرع لابنها ولا غيره القضاء نيابة عنها كما تقدم في الفتوى رقم: 9656.
وأما إهداء ثواب الصلاة إلى الميت فقد سبق تفصيل مذاهب أهل العلم حوله وذلك في الفتوى رقم: 11599.
وبخصوص ما ينبغي للشخص فعله لوالديه أو أحدهما بعد الموت فقد سبق تفصيله في الفتوى رقم: 10602، والفتوى رقم: 27617.
والأمور المشار إليها في الفتويين السابقتين غير واجبة لكن يترتب عليها ثواب عظيم لفاعلها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1427(11/13102)
حكم تلقين الميت إذا تأخر دفنه عن الوفاة بمدة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: إذا عثر على جثة الميت بعد أسبوع فهل يتم تلقينه عند الدفن بشكل طبيعي؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في التلقين أن يكون عند الاحتضار؛ لما رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله.
وقال صلى الله عليه وسلم: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. رواه أبو داود.
وأما التلقين بعد الدفن فقد اختلف فيه أهل العلم لضعف الحديث الوارد فيه، والراجح عند المحققين جوازه كما بينا في الفتوى رقم: 1978.
وعلى ذلك، فلا مانع من تلقين الميت إذا دفن ولو كان دفنه قد تأخر عن الوفاة بمدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1427(11/13103)
إهداء ثواب القراءة للميت وهل يعلم بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أذكر الله وأهدي ثواب قراءتي إلى روح والدي المتوفى وإذا كان يجوز أريد معرفة صيغة الدعاء الخاص بهذا الشيء. وهل يعلم المتوفى بهذا الشيء أم لا. وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على السائل أن يقرأ القرآن أو يذكر الله تعالى ثم يهدي ثواب ذلك لوالده المتوفى، ونرجو أن يصل ثوابه إليه إن شاء الله.
قال في الروض المربع: وأي قربة من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج وقراءة وغير ذلك فعلها مسلم وجعل ثوابها لميت مسلم أو حي نفعه ذلك. قال أحمد: الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة فيه. اهـ
وقد سبق لنا أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 2288، والفتوى رقم: 5541.
ولا نعلم دعاء خاصا يقال عند إهداء الثواب، بل يدعو بما تيسر كأن يقول اللهم إن كنت قبلت عملي فاجعل ثوابه لوالدي أو نحو ذلك.
وقول السائل هل يعلم المتوفى بهذا الشيء الذي يظهر أنه يعلم لأنه يصل إليه الثواب وينتفع به وقد روى البيهقي والبزار من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تبارك وتعالى ليرفع للرجل الدرجة فيقول: رب أنى لي هذه الدرجة؟ فيقول: بدعاء ولدك لك. قال في المجمع: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير عاصم بن بهدلة وهو حسن الحديث.
وقال الحافظ في الفتح:.... وفي الحديث جواز الصدقة عن الميت وأن ذلك ينفعه بوصول ثواب الصدقة إليه ولاسيما إن كان من الولد ... اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(11/13104)
مدى وصول ثواب أعمال الأبناء إلى آبائهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي توفي وعمري 3 سنوات وأمي توفيت وعمري 8 سنوات وأنا بفضل الله أنعم بهداية الله لي والحمدلله رب العالمين سؤالي جزاكم الله خيرا: هل يصل جزاء صالح عملي (نرجو من الله القبول) إليهما رغم أنهما لم يربياني.وهل إذا حفظت القرآن سألبسهم يوم القيامة ذلك التاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الولد يثاب على الأعمال التي قام بها قبل بلوغه وبعد بلوغه؛ لما رواه مسلم عن كريب: أن امرأة رفعت صبيا فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر. وينال والداه منه الدعاء لهما والاستغفار والتصدق عنهما وما أهدى لهما ثوابه من تلاوة وما عمله عنهما من حج أو عمرة؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أوعلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث: قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه سببها، فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف. اهـ.
وفي الحديث أن رجلا قال: يا رسول الله أن أمي افتلتت نفسها ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم فتصدق عن أمك. رواه البخاري ومسلم.
وقيل إن كل عمل صالح يعمله الولد يلحق ثوابه لأبويه ولو لم يدع لهما، كما أنه إذا ترك صدقة جارية يلحقه ثوابها ولو لم يدع له من انتفع بها أو استفاد منها. جاء ذلك في شرح ابن ماجه للسيوطي والدهلوي، وقيل إنه لا يثاب الوالد أو الوالدة على عمل يعمله ولدهما إلا إذا كان هذا العمل نتيجة تربيتهم لهذا الولد أو نصحهم وتوجيههم وتعليمهم ونحو ذلك مما يكون له أثر في اهتداء الوالد لهذا العمل، ويجعلهما داخلين في مضمون قوله صلى الله عليه وسلم: من دعا إلى هدى فإن له من الأجر مثل أجور من تبعه. رواه مسلم. أما أن يثاب بمجرد عمل الولد فهذا مخالف للنصوص الشرعية الدالة على أن الإنسان لا يستحق إلا عمله؛ لقوله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى {النجم: 39}
وأما الولد الذي يحفظ القرآن ويعمل به فإن الله يكرم والديه بالكسوة في الجنة، فقد أخرج الحاكم في المستدرك عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجا من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس ويكسى والداه حلتين لا تقوم بهما الدنيا فيقولان: بم كسينا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
وأخرج الإمام أحمد في المسند وأبو داود في السنن والحاكم في المستدرك عن معاذ بن أنس الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجا يوم القيامة ضوؤه مثل ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عمل بهذا. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 69795، 51983، 39052، 26498، 58089.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(11/13105)
كفالة اليتيم وما يعمله الابن برا بأمه بعد موتها
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الكريم حفظه الله
أريد كفالة يتيم عن والدتي رحمها الله والتي توفيت منذ ستة شهور، وأرجو التكرم ببيان التالي: هل يصل الثواب لها (أي) إن قبلت إن شاء الله تعالى تكون بمثابة مجاورة للنبي الكريم بالجنة وفق الحديث الشريف أم ستكون بمثابة صدقة، وما هي كيفية كفالة اليتيم في زماننا هذا، وهل لو قمت بتبرع دوري (شهري أو سنوي) ، لإحدى دور رعاية الأيتام هل يكون ذلك كفالة يتيم أم يجب تحديد يتيم بعينه والتكفل بكافة متطلباته، كما أرجو التكرم بيان ماذا علي عمله لبر أمي بعد مماتها رحمها الله غير الدعاء مع التوضيح، بالأمثلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده من حديث أبي هريرة مرفوعاً: كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة، وأشار بالسبابة والوسطى.
ومعنى كفالة اليتيم: تربيته والقيام بأمره ومصالحه من نفقة وكسوة وتأديب وتربية ونحو ذلك، ولو قدمت ما يكفي لكفالة يتيم لإحدى الجهات الخيرية التي يوثق بها، وقلت لها اجعلي هذا كفالة ليتيم فإنك تكون كافل يتيم، ولا يلزم أن تعين أنت يتيماً بعينه، وأما تبرعك لها بمبلغ شهري فلا يعتبر كافياً في الكفالة إلا إذا حددت جهة الصرف فبينت أنها ليتيم وكانت كافية فعلا لكفالته.
وأما صدقتك عن الأم فإنها يصلها ثوابها إن شاء الله، والتصدق عنها من أعظم البر بها، ومثله إنفاذ عهدها وصلة أقاربها وأصدقائها والاستغفار والدعاء لها، ففي الصحيحين أن رجلاً قال: يا رسول الله: إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إن أبي مات ولم يوص، أفينفعه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم. رواه أحمد ومسلم.
وروى أبو داود عن مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم.... الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاد عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما.
وقد أجمع أهل العلم على انتفاع الميت بالصدقة عنه، والدليل على انتفاع الميت بذلك ما في الصحيحين: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. متفق عليه، واللفظ لمسلم. ولما رواه أحمد والنسائي عن سعد بن عبادة أن أمه ماتت، فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت افأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء. قال الحسن: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة.
قال النووي رحمه الله في شرح حديث: إ ذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية ... وفيه أن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت، وكذا الصدقة، وهما مجمع عليهما. انتهى.
وقال ابن مفلح في المبدع: وأي قربة من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج وقراءة وغير ذلك فعلها مسلم وجعل ثوابها لميت مسلم نفعه، قال الإمام أحمد: الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1427(11/13106)
انتفاع الميت بالدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو توضيح ما يصل للميت من أجر مع توضيح قول الأئمة الأربعة في ذلك، علما بأن حديث رسول الله عنه: إذا مات ابن آدم انقطع عمله.....، وهل صلاة الجنازة مما فيها من دعاء له يعتبر من الأجر أم أنه دعاء بالتخفيف على صاحبها، مع أن الدعاء يدخر لصاحبه إن لم يجب في الدنيا ففي الآخرة، الرجاء التوضيح من كل النواحي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 11599، والفتوى رقم: 69795 بيان مذاهب أهل العلم حول ما يصل ثوابه للميت بعد موته، أما الدعاء للميت فإنه يصله ثوابه بلا خلاف إن توفرت في الداعي شروط الاستجابة، والدعاء في الجنازة من هذا القبيل، وراجع الفتوى رقم: 23895، ولم يتضح لنا مراد السائل بقوله (يعتبر من الأجر..) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1427(11/13107)
سداد القرض الربوي عن الميت هل ينفعه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من مات وعليه قرض ربوي متمثل في قطعة أرض فأرادت زوجته التفويت في القطعة بالبيع بنية تطهير زوجها من ذلك القرض فهل ينفعه ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان بيع هذه الأرض يؤدي إلى الخلاص من الفوائد الربوية المترتبة على القرض أو تقليلها وجب ذلك على ورثته؛ لعموم قوله تعالى: وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {البقرة: 278} ونفع ذلك الميت؛ لأن الله تعالى كما يكتب على العبد أعماله التي يعملها يكتب عليه أيضا ما يتولد عن تلك الأعمال سواء كان ذلك التولد في حياته أو بعد مماته، كما قال الله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ {يس: 12} قال ابن عباس آثارهم: ما أثروا من خير أو شر.
وقال الله تعالى: يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ {القيامة: 13} قال العلماء: أي قدم من أعماله وأخر من آثاره، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء. ومعلوم أن هذه الفوائد الربوية مما تولد عن عمله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1427(11/13108)
الصدقة عن الميت مستحبة لا واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[اذا انقطعت الصدقة التي كنت أدفعها على روح والدي بسبب عذر لفترة، فهل هذا يؤلم والدي في موته
وما هي النصيحة التي تقدمونها لي لكي أعمل بها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة عن والدك من الإحسان إليه الذي يفرح به ويرفع درجته عند الله تعالى.
روى الإمام أحمد أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: نعم، خصال أربع: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما. الحديث رواه أبو داود وابن ماجه.
ولا حرج عليك في انقطاع تلك الصدقة ولو لغير عذر، لكن الذي ننصحك به أن تواصل الصدقة عنه أو تعمل له صدقة جارية كحفر بئر أوتوصيل المال للناس في بلد محتاج أو سقاية أو مسجد أو نحو ذلك، فإن عجزت فتصدق ولو بالقليل فإن الله يضاعفه ويكتب لك مثل أجر والدك، فإن عجزت مطلقا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والله يأجرك ويثيبك على حسن نيتك وقصدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(11/13109)
مشروعية الترحم على الميت المسلم والتصدق عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله في يوم الأحد الماضي كنت على الطريق الرئيسي وقد حدث أمامي حادث سيارة مؤلم جدا وقد توفي فيه خمسة أشخاص وجميعهم إناث تقريبا وقد كنت من المنقذين لهؤلاء وقد أثر في هذا الموقف جدا جدا بالله عليكم ما واجبي تجاه هؤلاء الذين ماتوا أسأل الله أن يتقبلهم برحمته الواسعة وأنا من يومها أدعو الله أن يتقبلهم برحمته وأن يجمعني بهم في جنة الفردوس وأن يغفر لهم فهل هذا جائز أم لا يجوز؟
وأنا أريد أن أتصدق عليهم بمبلغ من المال حتى وإن كان هذا المبلغ بسيطا ولكني لا أعرفهم بالاسم فهل يجوز أن أتصدق عليهم وأن تكون نيتي عليهم ولا أسميهم بالأسماء؟
وما هي الأشياء التي ترونها أنتم مناسبة لهؤلاء رحمهم الله رحمة واسعة وجميع المؤمنين.
وفقكم الله وأريد أن أقول لكم بأني والله أحبكم في الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم الذي يموت بحادث السير يرجى له أن يكون من جملة الشهداء لشبهه بصاحب الهدم، والترحم عليه والدعاء له والتصدق عليه وإهداء الثواب له مشروع، ولا يشترط معرفة اسمه فيمكن أن تنوي التصدق عن أولئك الذين ماتوا بحادث السير إن كانوا مسلمين. والله سبحانه يعلمهم بأسمائهم، ولا مانع أن تسأل الله أن يجمعك بهم في الجنة، وعليك أن تكون عالي الهمة في الدعاء، فتسأل الله أن يجعلك في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن تكون محبا لهم عاملا بأعمالهم متبعا لهم.
هذا، وننبه إلى أن الترحم على غير المسلمين لا يجوز؛ لأن الله لا يغفر لمن مات على الكفر ولا يرحمه بعد موته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1427(11/13110)
هل ترى الميتة زوجها الحي وهل يراها في منامه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل زوجتى رحمها الله تراني في كل شيء أفعله؟ ولما أقرأ لها قرآنا هل يصل إليها ثوابه؟ وما الذي تشعر به عندما أقرأ لها القرآن؟ وانا كنت أقرب إليها من أي أحد فى الدنيا فلماذا لا تأتيني في المنام رغم أني عمري ما نسيتها لحظة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى جل وعلا أن يتغمد زوجتك بالرحمة والرضوان، وأن يسكنها فسيح الجنان، وأن يأجرك في مصيبتك ويخلفك خيرا منها؛ إنه سميع مجيب.
وأما ما سألت عنه من إمكانية رؤية زوجتك الميتة إياك وهي في قبرها ومعرفتها لجميع أحوالك في الدنيا فالجواب عنه: أن ذلك لا يحدث، ولكن هل تسمع كلامك إن زرت قبرها فترد عليك السلام مثلا، هذا خلاف بين أهل العلم، وقد فصلنا القول فيه في الفتوى رقم: 24738، والفتوى رقم: 4276.
وأما قراءة القرآن وإهداء ثوابها للميت فهو جائز، ويرجى وصوله وانتفاعه بذلك كما بينا في الفتويين رقم: 683، 2288.
ونوصيك بمسامحتها والإكثار من الدعاء لها والصدقة عنها. ولا تشغل نفسك بغير ذلك من الوساوس والهواجس. وإياك أن تذكرها بما لا ينبغي أو تفعل مالا يجوز شرعا في التعبير عن حبك إياها ولهفتك عليها. بل يجب عليك أن تضبط أمورك كلها بضوابط الشرع فقد قال صلى الله عليه وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. متفق عليه.
وعدم رؤيتك لها في المنام لا يدل على شيء، والمنامات لا ينبني عليها حكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(11/13111)
انتفاع الميت بما يهدى إليه من أعمال صالحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سأقول لكم قصتي وأتمنى أنكم تريحوني، تعرفت على واحد عمره 17 وأحببته وأحبني وأتممنا سنة وسبعة شهور وما قدرت أن أدعه ولا قدر يهدني لأنا صحيحا أحببنا بعضا، لكن والله حبنا شريف وما فيه محرمات ولا طلعنا مع بعض حتى صورتي ماشافها وكنا ناويين على الزواج وكان يقول لأهله اللهم تلفون الي بينا وللعلم علاقتنا قوية بالتلفون، وكان التلفون لا يغلق والله الا وقت الصلاة، هو يسمع أغاني ويؤخر الصلاه، وأنا الحمدالله أصلي في وقتها وأقرأ القرآن وفوق هذا لاأقدر أن أتركه، المهم جاء يوم ومات فيه وأنا حالتي لا يمكن تصورها، لا أعرف ماذا أفعل بدونه غير أني أتذكره بالخير وأدعو له وأعمل له الأعمال الصالحه.. وختمت له القرآن وأدعو له فيصلاتي كل يوم، ولا توجد مرة لم أدع له، وإن شاء الله سأبني له مسجدا في ثوابه وأبحث عن شيخ يحج عنه لأنا اعتمرنا عنه، ولكن الحين أحب معرفة أشياء وأسئلة
عن حياة القبر وأريد أن أعرف هل الدعاء يصل للميت وما هو شعوره؟؟ وهل أعمالي التي أعملها يعلم عنها؟
ودمتم بحفظ الله ورعايته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائلة الكريمة على اهتمامها بدينها والسؤال عما أشكل عليها، وننبهها إلى أن الإسلام منع تكوين العلاقات بين الرجال والنساء الأجانب إلا عن طريق الزواج الشرعي سدا لذريعة الفساد وما يؤول إليه مجرد الاتصال من أمور أكبر، ولذلك فإن عليك المبادرة بالتوبة النصوح مما مضى ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك، وبخصوص الدعاء للميت وإهداء ثواب الأعمال الصالحة له من الحي فإنه ينتفع بذلك ويصل ثوابه إليه على الراحج من أقوال أهل العلم، وقد سبق بيان ذلك وأدلة ومذاهب العلماء فيه في الفتويين: 5541، 8150، نرجو الاطلاع عليهما وعلى ما أحيل عليه فيهما.
والذي ننصحك به هو أن تصرفي قلبك عن التفكير في هذا الميت، وأن تعلقي قلبك بالله تعالى وحده، فإن في ذلك راحة البال وصالح الحال والمآل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1427(11/13112)
مشروعية الدعاء للميت عند القبر أو بعيدا عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستوي الوجهان: أن أدعو للميت في المنزل وأن أذهب عنده إلى المقبرة؟
وهل كما يصله دعائي الخاص له يصله أيضا بتعميمه مع جميع موتى المقبرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء للأموات مشروع سواء كان عند القبور أم كان بعيدا عنها. ودليل مشروعيته عموما دون تقييد بالقرب فهو في قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ودليل مشروعيته عند القبور ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ... إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم، قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون.
ولا فرق بين أن يدعو المرء لشخص واحد على انفراد وبين أن يدعو له مع جميع موتى المقبرة. فكل ذلك يعتبر دعاء له ويرجى نفعه به، ورحمة الله أوسع، وفضله أكثر.
والأولى أن يدعو له على انفراد ويدعو له في جملة موتى المقبرة، ليكون الدعاء له مكررا.
وراجع الفتوى رقم: 26080.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1427(11/13113)
حكم إهداء ثواب العمرة للنبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قام النبي صلى الله عليه وسلم بأداء عمرة، وهل أستطيع أن أودي عمرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع عمر، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 27160.
وأما إهداء الأعمال إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومنها الحج والعمرة عنه صلى الله عليه وسلم فقد اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من منعه ومنهم من أجازه، وقد بينا ما هو الأولى في الفتوى رقم: 26169 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(11/13114)
من الأعمال التي يصل ثوابها للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الكريم.... حفظكم الله، توفيت والدتي رحمها الله بعد مرض طويل امتد لسنوات عديدة، وأريد بيان وترتيب أفضل الأعمال التى يصل ثوابها للميت لو قمت بها، وكذلك التكرم ببيان مشروعية الأعمال التالية من الكتاب والسنة:
1- الصلاة لها وذلك لجبر ما فاتها منها حال حياتها حيث كانت رحمها الله عاجزة عن أداء بعض الصلوات بسبب المرض المزمن الشديد والصعوبة البالغة فى حركتها وتنفسها وصحتها بشكل عام (أمراض القلب والضغط والسكر والنقرس أعاذكم الله) .
2- الصيام لها أو أداء الفدية عنها حيث أفطرت عدة أيام من رمضان على مدار سني مرضها، بالرغم من أنها لم توص بأية وصية لوفاتها بالمستشفى فجأة إثر عدة أمراض مزمنة امتدت لسنوات عديدة بغير أن تشفى، وما مقدار الفدية فى عصرنا الحاضر؟ وتخرج لمن؟ علما بأنني لا أستطيع على وجه الدقة تحديد الأيام التي أفطرتها بالشهر الكريم على مدار العمر حتى بعد الاستفسار من الأسرة فى مصر بهذا الخصوص.
3- الصدقة والصدقة الجارية وأنواعهما وأفضلهما فى هذا الزمن مع أمثلة توضيحية، وهل يجوز إخراجها لأخواتي البنات المتزوجات الفقيرات نيابة عنها، أم أن الصدقة الجارية هي ما فعله الميت بنفسه حال حياته ويمتد ثوابه له بعد موته ولا يجوز لغيره أداؤها.
4- العمرة والحج لها بالرغم من قيامها بأدائهما حال حياتها، ولكننى أرغب فى أدائهما تطوعا وإهداء الثواب لأمي رحمها الله.
5- قراءة القرآن لها وختمه أو سور معينة، وقراءة الفاتحة سواء عند قبرها أو بعيدا عنه حيث إنني أعيش بمكة وهي دفنت بمصر.
6- أفضل الدعاء للميت وفق السنة المطهرة، أرجو التكرم بالإحاطة لأننى أمام الفتاوى المختلفة أجدنى عاجزا "عن القيام بأي وجه من أوجه البر لأمي رحمها الله حتى الآن سوى الدعاء وهذا ما يسبب ألما شديداً" لي، فأفيدوني بأحب الأعمال المشروعة بالسرعة الممكنة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من برور الوالدين بعد موتهما الدعاء لهما والتصدق ليصل ثواب ذلك إليهما, وصلة أرحامهما وأصدقائهما وأهل مودتهما، لذا فإننا نقول لأخينا السائل الكريم: جزاك الله خيراً على اهتمامك بما تنتفع به أمك بعد موتها.
وننبه على أنه لا يشرع لأحد أن يصلي عن أحد، لكن لو أراد أن يصلي النافلة ويهدي ثوابها لها فقد أجاز ذلك بعض أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8132، كما يستحب له أن يصوم نيابة عنها إذا كان قد بقي عليها صيام, ويجوز له أن يتطوع بالصيام ويهدي ثوابه لها ويفدي عنها إذا كانت قد لزمتها فدية ويدفعها لأخواته الفقيرات أو غيرهن من أقاربه المحتاجين أو أي فقير، ولينظر في ذلك الفتوى رقم: 35491، والفتوى رقم: 75896.
كما يشرع له أن يتصدق ويهب ثوابها لأمه سواء كانت صدقة جارية أو لا, وكذلك العمرة والحج لأن هذه أعمال صالحة يصح إهداء ثوابها للغير، كما هو مبين في الفتوى رقم: 3500، ولمعرفة أنواع الصدقة الجارية فلينظر في الفتوى رقم: 8042، ولبيان حكم إهداء القرآن للميت فليراجع في ذلك الفتوى رقم: 35828.
وللأخ الكريم أن يقرأ القرآن كله أو بعضه سواء في ذلك سورة الفاتحة وغيرها من السور ويهب ثواب قراءته لأمه فسيصلها أجر ذلك إن شاء الله تعالى، سواء كان بمكة أو غيرها من سائر البلاد، ولبيان أقوال أهل العلم في حكم القراءة عند القبر راجع في ذلك الفتوى رقم: 14865، كما يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 34090 لبيان المأثور من الأدعية للأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1427(11/13115)
هبة ثواب الوقف للميت وأجر المساهمة في بناء مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على هذا الموقع المفيد النافع0
عندما توفي جدي رحمة الله عليه ترك بعض الأراضي، بعضها منقول ملكيتها لبعض أعمامي والباقي كان باسم جدي, أثناء تلك الفترة كان أحد الرجال المحسنين يبحث عن أرض لبناء مسجد فجاء وعرض علينا شراء أرض معينة كانت مسجلة باسم والدي فاجتمع أعمامي واتفقوا بالتبرع بتلك الأرض لبناء المسجد عن روح جدي. وبعد حصر الإرث أعطوا لوالدي قطعة أرض أخرى بدل تلك المتبرع بها، سؤالي هل يكون لوالدي أجر وأعمامي أيضا والأهم جدي خصوصا وهي أرض ولم يقوموا هم بالبناء...... سؤالي الآخر: هل أحصل على أجر بناء مسجد عندما أتبرع بمبلغ صغير مساهمة في بناء مسجد أي هل يكون لي أجر لأن المبلغ صغير مقارنة بالمبلغ المطلوب لبناء مسجد0000 أرجو أن يكون استفساري واضحا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تبرع أعمامك بقطعة الأرض التي عوضوا عنها لمالكها على نية أن يكون الأجر لوالدهم أمر حسن يثابون عليه لأنه عمل صالح ويجري ثوابه على والدهم المتوفى، ومن لم يتبرع منهم بحصته لم يدخل في ذلك الأجر.
وأما سؤالك الثاني، فنقول إن استطعت أن تبني مسجدا ولو صغيرا فافعلي ولك أجر المسجد كله، فإن لم تتمكني من ذلك فشاركي في بناء مسجد ويكون أجرك على قدر ما شاركت به، وراجعي الفتوى رقم: 35601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1427(11/13116)
أحكام في عمل أهل الميت طعاما
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي متوفى قبل شهر ونريد أن نعرف كيف يتم تقسيم ما سوف يتم ذبحه من اللحم وهل يجوز أكله أم يوزع بالكامل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول للأخ السائل الكريم أولا: إن عمل أهل الميت طعاما وجمع الناس إليه مكروه ومخالف للسنة, وفيه زيادة شغل إلى شغلهم, وتشبه بصنيع أهل الجاهلية وهو من النياحة المحرمة. وإنما السنة أن يعمل الجيران لأهل الميت طعاما لانشغالهم بالمصيبة عن عمل الطعام لأنفسهم؛ كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 58580.
لذا فإننا نأمر الأخ السائل وغيره من المسلمين باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة وغيرها, أما إذا عمل أهل الميت أو بعضهم طعاما سواء كان لحما أو غيره ووزعوه على الفقراء صدقة عن ميتهم فهذا فعل حسن لأن الميت ينتفع بالصدقة والدعاء باتفاق العلماء, كما بينا في الفتوى رقم: 52481. وليست هناك قسمة معينة يجب التزامها بل يوزع الطعام على المحتاجين من الأقرباء وغيرهم حسب تفاوتهم في الاحتياج, كما يجوز الأكل منه، ولو وزع الطعام كله على الفقراء فلا باس بذلك, هذا ولا يجوز أن يكون ذلك من تركة الميت قبل قسمتها إن كان في الورثة صغار؛ لأن في ذلك اعتداء على أموال اليتامى, وإن لم يكن فيهم صغار فلا بد من موافقة الكبار على ذلك.
وننبه هنا على أمرين مهمين أولهما: لا يجوز الذبح عند القبور؛ كما أسلفنا في الفتوى رقم: 74757، الثاني: لا يجوز الذبح لفلان وإلا كان ذلك من أعمال الشرك, بل لابد أن يكون الذبح خالصا لله تعالى؛ كما بينا في الفتوى رقم: 52339 , ولمزيد الفائدة ينظر الفتوى رقم: 59766.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(11/13117)
طباعة السور وإهداء الثواب للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زيارة النساء للقبور، وما حكم طباعة بعض سور القرآن الكريم (يس- الواقعة- الرحمن..) وتوزيعها كصدقة جارية على روح الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 42615، والفتوى رقم: 36964 بيان حكم زيارة النساء للقبور فلتراجعها.
أما طباعة السور المذكورة وتوزيعها وإهداء ثواب هذا العمل إلى روح الميت فلا بأس بذلك وهو داخل في باب الصدقة الجارية، ويصل ثواب ذلك لمن أهدي إليه إن شاء الله تعالى، فإن المحققين من أهل العلم يرون أن من عمل عملاً صالحاً فقد ملك ثوابه إن استوفى شروط القبول، وأن له أن يهبه لمن يشاء ما لم يقم بالموهوب له مانع يمنعه من الانتفاع بما وهب له، كأن يكون كافراً والعياذ بالله تعالى، وقد أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 3406.
ولعل السائل الكريم قد سمع أن لهذه السور بعينها فضلاً على غيرها من سور القرآن، وحاصل ذلك أنه قد ورد في فضلها أحاديث، لكن حكم علماء الحديث على كثير من تلك الأحاديث بالضعف، كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12197، 13140، 27354.
وإذا علمنا أن الأحاديث الواردة في تفضيل هذه السور على غيرها غير صحيحة، وأنها مثل سائر القرآن، فالأولى والله أعلم طباعة جزء عم أو جزء تبارك وذلك لكثرة حاجة الناس إلى هذه السور القصار الموجودة في هذين الجزءين, وكثرة قراءتها في الصلاة, وسهولة حفظها على الصغار والكبار, وبذلك يكثر الأجر. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 31558.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1427(11/13118)
لا بأس بالصدقة عن الميت الغني
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أريد أن أسأل فضيلتكم عن الختمة للميت، هل يصل ثوابها إليه، ثانياً: إن كان الميت لم يكن فقير الحال فهل نستطيع أن نتصدق من مالنا له وبالعكس إن كان من عائلة غنية، ولكن لصغر سنه لم يتصدق، فهل نستطيع أن نتصدق له، وهل صدقتنا تصل إليه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ثواب قراءة القرآن يصل إلى الميت على الراجح من أقوال أهل العلم رحمهم الله تعالى، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 3406.
وأما الصدقة عنه فيصل ثوابها بالإجماع سواء كان الميت غنياً أو فقيراً، وسواء كان له أولاده أغنياء كباراً أو صغاراً أو لا، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3500، 9998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(11/13119)
حكم إهداء ثواب الصلاة للآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً بما تقدمونه لخدمة إخوانكم المسلمين، لطفاً لقد طرحت سؤالا ولا أجد الإجابة، والسؤال وارد صلاة ركعتين في المسجد الأقصى للذين لا يستطيعون الوصول من الدول الإسلامية إلى المسجد الأقصى، ودمتم مشاعل تضيء الطريق للأمة الإسلامية؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح أن يصلي أحد عن أحد لا فرضاً ولا نفلاً، ولكن إذا صلى وأهدى ثواب الصلاة إليه فجائز على الأصح، قال الزيلعي في تبيين الحقائق تحت باب الحج عن الغير: الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره عند أهل السنة والجماعة صلاة كان أو صوماً أو حجاً أو قراءة قرآن أو أذكارا إلى غير ذلك من جميع أنواع البر، ويصل ذلك إلى الميت وينفعه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالصدقة على الميت، وأمر أن يصام عنه الصوم، فالصدقة عن الموتى من الأعمال الصالحة، وكذلك ما جاءت به السنة في الصوم عنهم.
وبهذا وغيره احتج من قال من العلماء: إنه يجوز إهداء ثواب العبادات المالية والبدنية إلى موتى المسلمين. كما هو مذهب أحمد وأبي حنيفة، وطائفة من أصحاب مالك والشافعي.
فإذا أهدي لميت ثواب صيام أو صلاة أو قراءة جاز ذلك، وأكثر أصحاب مالك والشافعي يقولون: إنما شرع ذلك في العبادات المالية.
ومع هذا لم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعاً وصاموا وحجوا أو قرؤوا القرآن أن يهدوا ثواب ذلك لموتاهم المسلمين، ولا بخصوصهم، بل كان عادتهم كما تقدم -أي فعل العبادة لأنفسهم مع الدعاء والصدقة للميت- فلا ينبغي للناس أن يبدلوا طريق السلف، فإنه أفضل وأكمل. وذهب الحنابلة إلى جواز إهداء الثواب للحي والميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(11/13120)
لا يشترط التلفظ بالنية لوصول ثواب الصدقة للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في الحديث أن الميت يجوز عليه الصدقة، هل هناك صيغة معينة يفعلها الإنسان، يعني يقول شيئا بلسانه أو ينوي أن هذا على أبيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة عن الميت مشروعة ولا يشترط لها تلفظ باللسان بل يكفي أن ينوي بقلبه أن ثواب هذه الصدقة لفلان ويتصدق بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1427(11/13121)
لا بأس بإخرج الطعام عن الميت بنية الثواب
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس يقومون بإخراج كمية من القمح بحدود (طن) بعد وفاة أحد ذويهم بعد قيامهم بالقراءة عليها وتعليلهم لذلك هو كفارة لما سها أثناء الصلاة أو نقص من صلاته فما وجه هذا الفعل شرعاً؟
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإخراج كمية من القمح أو غيره من الطعام وتوزيعه للفقراء والمساكين بنية أن يكون الثواب للميت أمر حسن، وأما قراءتهم على الطعام قبل إخراجه -كما هو ظاهر السؤال- فلا أصل له فليترك.
وأما اعتقادهم بأن هذا يسد ما حصل من نقص في صلوات الميت فلا دليل عليه, بل يتصدقون بذلك على وجه الثواب له، والله تعالى يثيبه على ذلك بما شاء سبحانه وتعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1427(11/13122)
إشراك الغير في القربات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح للمسلم أن يستغفر عن شخص آخر، تفاصيل السؤال هو أني من حوالي سنة وأنا كلما أستغفر أو أسبح أو أحمد الله فأني أنوي بنيه المشاركة عني عن شخص أكن له بالغ الاحترام واأقوم بالتسبيح والتهليل والاستغفار 66 بدلاً من 33 وتوسعت الأمور إلى أني صرت عندما أنوي قراءة القرآن أنويها بنية مشتركة إلى أن قال لي أحد الأصدقاء إن هذا العمل ربما غير جائز خاصة أن الشخص المعني هي فتاة، فهل أوقف هذا العمل أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 55978 بيان جواز إشراك المسلم غيره من المسلمين في ثواب كل قربة عملها، قال في مطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى في الفقه الحنبلي: وكل قربة فعلها مسلم وجعل) المسلم (بالنية، فلا اعتبار باللفظ، ثوابها أو بعضه لمسلم حي أو ميت جاز، ونفعه ذلك بحصول الثواب له، ولو لرسول الله صلى الله عليه وسلم) ، ذكره المجد. (من) : بيان لكل قربة (تطوع وواجب تدخله نيابة كحج) أو صوم نذره ميت (أو لا) تدخله نيابة، (كصلاة ودعاء واستغفار وصدقة) وعتق (وأضحية وأداء دين وصوم) غير منذور، (وكذا قراءة وغيرها) . انتهى.
لكن الأولى للأخ السائل أن يقرأ القرآن ويذكر الله تعالى ويستغفره امتثالاً لأمر الله وابتغاء الأجر لنفسه ثم يدعو للشخص المذكور بالهداية والتوفيق وذلك لأن إهداء ثواب هذه العبادات وإن كان جائزاً إلا أنه غير وارد عن السلف، وانظر الفتوى رقم: 27233.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(11/13123)
الأعمال التي يصل ثوابها إلى الموتى
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي توفاه الله تعالى، وأريد أن أكون ذلك الولد الصالح الذي ينفع أباه بعد موته، فبماذا تنصحونني أن أعمل له، وبسؤال أدق هل يجوز الصلاة عنه أو الصيام عنه (ليس قضاء عنه) ، وقراءة القرآن والتصدق وعمل الولائم وأعمال البر الأخرى،
وعندما أريد أن أهب له ثواب أي عمل، ما هي الضوابط الشرعية لأهبه ثواب العمل، وما هي الصيغة المأثورة عند الوهب.
وما رأيكم بهذه الصيغة، \" اللهم هب مثل ثواب ما قرأته لروح المصطفى صلى الله عليه وسلم ولروح أبي ولأرواح جميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات؟
بارك الله فيكم وزادكم علماً، وصبَّركم الله على كثرة أسئلتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع العلماء على أن الدعاء والصدقة ينتفع الميت بهما ويصله ثوابهما لحديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث. ومنها: وولد صالح يدعو له. واختلفوا رحمهم الله تعالى فيما عدا ذلك من الأعمال الصالحة تهدى للميت هل تنفعه ويصله ثوابها أم لا؟ فمن قائل لا يصله منها شيء، ومن قائل تصله جميعاً، وممن يفرق بين الأعمال فيقول يصله بعضها ولا يصله البعض الآخر، وقد فصل العيني رحمه الله تعالى القول في ذلك وانتصر للقائلين بوصوله فقال: قلت اختلف الناس في هذه المسألة فذهب أبو حنيفة وأحمد رضي الله تعالى عنهما إلى وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت.. وقال النووي المشهور من مذهب الشافعي وجماعة أن قراءة القرآن لا تصل إلى الميت، ولكن أجمع العلماء على أن الدعاء ينفعهم ويصلهم ثوابه لقوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ {الحشر: 10} وغير ذلك من الآيات وبالأحاديث المشهورة منها قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد. ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لحينا وميتنا. وغير ذلك. فإن قلت هل يبلغ ثواب الصوم أو الصدقة أو العتق؟ قلت روى أبو بكر النجار في كتاب (السنن) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله: إن العاص بن وائل كان نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة، وإن هشام بن العاص نحر حصته خمسين أفيجزئ عنه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أباك لو كان أقر بالتوحيد فصمت عنه أو تصدقت عنه أو أعتقت عنه بلغه ذلك. وروى الدارقطني قال رجل: يا رسول الله كيف أبر أبوي بعد موتهما؟ فقال: إن من البر بعد الموت أن تصلي لهما مع صلاتك وأن تصوم لهما مع صيامك وأن تصدق عنهما مع صدقتك. وفي كتاب القاضي الإمام أبي الحسين بن الفراء عن أنس رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، إذا نتصدق عن موتانا ونحج عنهم وندعو لهم فهل يصل ذلك إليهم؟ قال: نعم ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي إليه. وعن سعد أنه قال يا رسول الله إن أبي مات أفأعتق عنه؟ قال: نعم. وعن أبي جعفر محمد بن على بن حسين أن الحسن والحسين رضي الله عنهما كانا يعتقان عن علي رضي الله عنه. وفي الصحيح قال رجل يا رسول الله إن أمي توفيت أينفعها أن أتصدق عنها؟ قال: نعم.
فإن قلت قال الله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى {النجم: 39} وهو يدل على عدم وصول ثواب القرآن للميت؟ قلت اختلف العلماء في هذه الآية على ثمانية أقوال أحدها أنها منسوخة بقوله تعالى: وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ {الطور: 21} أدخل الآباء الجنة بصلاح الأبناء قاله ابن عباس رضي الله عنهما، ومنها أن ليس للإنسان إلا ما سعى من طريق العدل فأما من باب الفضل فجائز أن يزيد الله تعالى ما شاء قاله الحسين بن فضل، ومنها أنه ليس له إلا سعيه غير أن الأسباب مختلفة فتارة يكون سعيه في تحصيل الشيء بنفسه، وتارة يكون سعيه في تحصيل سببه مثل سعيه في تحصيل قراءة ولد يترحم عليه وصديق يستغفر له، وتارة يسعى في خدمة الدين والعبادة فيكتسب محبة أهل الدين فيكون ذلك سبباً حصل بسعيه، حكاه أبو الفرج عن شيخه ابن الزغواني. وغير ذلك من الأقوال في تلك الآية. انتهى من عمدة القاري بتصرف يسير. وللاستزادة في ذلك انظر الفتوى رقم: 43619، 54695، 5541.
وأما الضوابط الشرعية لذلك فهي البعد عن البدع والمحرمات والإسراف والغلو المذموم، وقد بينا طرفاً من ذلك في الفتاوى المحال إليها آنفاً.
وأما سؤالك هل هنالك صيغة مأثورة في ذلك؟ فالجواب عنه أنه لم ترد صيغة محددة كما بينا في الفتوى رقم: 21878، والصيغة التي ذكرتها صيغة صحيحة طيبة لما فيها من تعميم النفع ولكون بعض العلماء من الشافعية يرى أنه لا يصل إلا ثواب الدعاء، وانظر الفتوى رقم: 33440، 3406، ولكنا ننبهك إلى أن إهداء ثواب الطاعات إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل ولم يؤثر عن الصحابة الكرام وسلف الأمة. فالأولى أن يقف المرء على ما ورد من متابعته صلى الله عليه وسلم واتباع سنته والإكثار من الصلاة والسلام عليه ونحوه مما ورد، وانظر الفتوى رقم: 2977، نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1426(11/13124)
حكم إهداء ثواب الزكاة المفروضة إلى الأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عند إخراج الزكاة أن ننوي أنها عن روح الوالدين رحمهما الله، أم لا يجوز ذلك؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطاعات تختلف في جواز إهداء ثوابها للغير فمنها ما يصح إهداء ثوابه ومنها ما لا يصح، قال القرافي رحمه الله تعالى: القربات ثلاثة أقسام: قسم حجر الله تعالى على عباده في ثوابه ولم يجعل لهم نقله لغيرهم كالإيمان فلو أراد أحد أن يهب قريبه الكافر إيمانه ليدخل الجنة دونه لم يكن له ذلك، بل إن كفر الحي هلكا معا أما هبة الثواب مع بقاء الأصل فلا سبيل إليه، وقيل الإجماع في الصلاة أيضاً ...
وقسم اتفق الناس على أن الله تعالى أذن في نقل ثوابه للميت وهو القربات المالية كالصدقة والعتق.
وقسم اختلف فيه هل فيه حجر أم لا وهو الصيام والحج وقراءة القرآن. انتهى.
والراجح وصول ثواب ذلك إلا أن العلماء قد اختلفوا في قيام الشخص بالواجبات كالزكاة والصلاة وإهداء ثوابها إلى الغير، قال ابن عابدين رحمه الله تعالى: وفي جامع الفتاوى: وقيل: لا يجوز في الفرائض. وفي كتاب الروح للحافظ أبي عبد الله الدمشقي الحنبلي الشهير بابن قيم الجوزية ما حاصله: أنه اختلف في إهداء الثواب إلى الحي، فقيل يصح لإطلاق قول أحمد: يفعل الخير ويجعل نصفه لأبيه أو أمه، وقيل لا لكونه غير محتاج لأنه يمكنه العمل بنفسه، وكذا اختلف في اشتراط نية ذلك عند الفعل، فقيل: لا لكن الثواب له فله التبرع به وإهداؤه لمن أراد كإهداء شيء من ماله، وقيل نعم لأنه إذا وقع له لا يقبل انتقاله عنه، وهو الأولى.
وعلى القول الأول لا يصح إهداء الواجبات لأن العامل ينوي القربة بها عن نفسه وعلى الثاني يصح، وتجزئ عن الفاعل، وقد نقل عن جماعة أنهم جعلوا ثواب أعمالهم للمسلمين، وقالوا: نلقى الله -تعالى- بالفقر والإفلاس، والشريعة لا تمنع من ذلك، ولا يشترط في الوصول أن يهديه بلفظه كما لو أعطى فقيراً بنية الزكاة، لأن السنة لم تشترط ذلك في حديث الحج عن الغير ونحوه، نعم إذا فعله لنفسه ثم نوى جعل ثوابه لغيره لم يكف كما لو نوى أن يهب أو يعتق أو يتصدق ويصح إهداء نصف الثواب أو ربعه كما نص عليه أحمد، ولا مانع منه، ويوضحه أنه لو أهدى الكل إلى أربعة يحصل لكل منهم ربعه فكذا لو أهدى الربع لواحد وأبقى الباقي لنفسه. انتهى ملخصاً.
وقال أيضاً: وفي البحر بحث أن إطلاقهم شامل للفريضة لكن لا يعود الفرض في ذمته لأن عدم الثواب لا يستلزم عدم السقوط عن ذمته. انتهى.
على أن الثواب لا ينعدم كما علمت، وسنذكر فيما لو أهل بحج عن أبويه أنه قيل إنه يجزيه عن حج الفرض، وهذا يؤيد ما بحثه في البحر، ويؤيده أيضاً قوله في جامع الفتاوى، وقيل لا يجوز في الفرائض، وبحث أيضاً أن الظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم يجعل ثوابه لغيره لإطلاق كلامهم. انتهى. قلت: وإذا قلنا بشموله للفريضة أفاد ذلك لأن الفرض ينويه عن نفسه، فإذا صح جعل ثوابه لغيره دل على أنه لا يلزم في وصول الثواب أن ينوي الغير عند الفعل، وقدمنا في آخر الجنائز قبيل باب الشهيد عن ابن القيم الحنبلي أنه اختلف عندهم في أنه هل يشترط نية الغير عند الفعل؟ فقيل لا لكون الثواب له فله التبرع به لمن أراد، وقيل نعم وهو الأولى لأنه إذا وقع له لم يقبل انتقاله عنه، وقدمنا عنه أيضاً أنه لا يشترط في الوصول أن يهديه بلفظه كما لو أعطى فقيراً بنية الزكاة لأن السنة لم تشترط ذلك في حديث الحج عن الغير ونحوه، نعم لو فعله لنفسه ثم نوى جعل ثوابه لغيره لم يكف كما لو نوى أن يهب أو يعتق أو يتصدق، وأنه يصح إهداء نصف الثواب أو ربعه. ويوضحه أنه لو أهدى الكل إلى أربعة يحصل لكل ربعه، وتمامه هناك، مطلب فيمن أخذ في عبادته شيئاً من الدنيا.
والحاصل أنه لو نوى بالزكاة إسقاط الفرض عنه وحصول الثواب لوالديه أنه لا بأس بذلك عند طائفة من أهل العلم ومنعه آخرون والذي ننصح به أن يهدي لهما ثواب طاعته المستحبة ويتصدق عنهما نافلة ويدعو لهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1426(11/13125)
إهداء ثواب الأعمال الخيرية للأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أراد المسلم أن يبر والديه بعد وفاتهما يدعو لهما ويتصدق عنهما، ولكن هل يجوز أن يقرأ القرآن ويهب ثواب هذه القراءة لهما أو يصلي ويهب لهما ثواب هذه الصلاة، وما حكم اللوحات التي توضع في الشوارع ويكتب عليها (اذكروا الله) أو (صلوا على النبي) وقد وضعها صاحبها بغرض كسب الثواب إما له أو لوالديه؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم بيان حكم إهداء ثواب قراءة القرآن للميت في فتاوى كثيرة فراجع منها الفتوى رقم: 24236، وراجع لمعرفة حكم الصلاة عن الميت في الفتوى رقم: 11599.
وأما اللوحات التي يكتب فيها ذكر الله كالاستغفار أو الصلاة والسلام على رسول الله ونحو ذلك، وتوضع على حافة الطريق فهي عمل خيري يثاب عليه فاعله لما في هذه اللوحات من التذكير بالله تعالى والصلاة والسلام على رسوله عليه الصلاة والسلام، ولو قصد واضعها أن يكون ثوابها لوالديه أو أحدهما فإنه يصل إليهما بإذن الله جل جلاله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1426(11/13126)
يثاب الشخص بالتصدق على الميت من ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبه للفتوي رقم 67258 حيث إنني نويت الصدقه للزوج لا لي ولا لأهله والوارث أصلا ابن له لا نعرف للآن هل هو مسيحي أم مسلم وإذا كان مسيحيا فمعظم العائله سوف تدخل وأنا حتى لو لم يوافق الورثه الآخرون لو صار فإن الصدقة أريدها من مالي لزوجي وليس لي ولماذا تصرون على أن ثواب الصدقه لي، أنا أعملها من مالي الخاص له وهي حتى زيادة عن الذي صرفته في حياته، وحياة الزواج وكل زوج وزوجه تختلف، أنا أريد هذا المبلغ لزوجي المتوفى عن طريق صدقة جاريه أو دعاء أو غيرها وهو كان يتبرع ولكن ليس مثلي فأنا أكثر إنفاقا من هذه الناحية، المهم ما حكم ما أنفقته وفي نيتي صدقة عن زوجي ليس لي ولا للورثة وأنا أنفق صدقة عن نفسى ولكن ما يهمني أن النية كانت متوجهة للزوج المتوفى ولا أريد تغيير النية بعد أن تصدقت وعملت صدقة جارية منذ فترة طويلة له لأنني حتى لو لم أكن آخذ من ماله بدون إذنه فإني بعد وفاته سوف أتصدق عنه وأعمل له صدقة وصدقتي له ليست فقط من أجل المال الذي تم أخذه، ولكنني كنت أحبه جدا وأريد أن أكون زوجته في الآخرة أيضا، الرجاء الرد والكماليات مثلا بالنسبة لزوجة مرفهة تعتبر ضروريات لغيرها ولا تقاس كل الزوجات بمثل المقياس ذاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا قصدت أن تكون هذه الصدقة من مالك ونويت ثوابها لزوجك، فلا بأس في ذلك بل هو ما تثابين عليه، والمرجو من الله تعالى أن يصل ثوابها إليه، أما عن المال الذي أخذته من مال زوجك في حياته ودون علمه فالواجب عليك رده إلى الورثة كما ذكرنا في الفتوى التي أشرت إلى رقمها.
علماً بأن نفقة الزوجة تختلف من امرأة لأخرى وذلك حسب العرف العام لنفقة مثلها، ولذلك فإن الله تعالى قال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19} ، وقال: مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:236} ، وراجعي في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8497، 51574، 722.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(11/13127)
نفع الأموات بإهداء ثواب القراءة إليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الإمام ابن أبي العز في شرح الطحاوية:
إنه يجوزإهداء ثواب القرآن للميت، هل يصح هذا الأمر عن النبي عليه الصلاة والسلام؟
وهل يجوز نشر هذا الأمر بين العوام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذهب إليه ابن أبي العز في شرحه على الطحاوية، وهو جواز إهداء ثواب قراءة القرآن للميت هو الراجح كما بيناه في الفتوى رقم: 3406، وعليه فلا حرج من تعليم عامة الناس ذلك لينفع الأحياء الأموات الذين انقطعوا عن العمل الصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(11/13128)
مسائل حول هبة ثواب القراءة للأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجوز قراءة القرآن للأموات كأن يقول القارئ وهبت القراءة لفلان رحمه الله وهل يحصل الميت على أجر من تلك القراءة وما للقارئ وما عليه من تلك القراءة.
2- هل يجوز التصدق عن الأموات وخاصة أن عمل الإنسان ينقطع بموته.
3- يقال بأنه يجب على قارئ القرآن القراءة من جميع المصاحف الموجودة في بيته وعدم اقتصار القراءة من مصحف واحد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا أن يقرأ المسلم القرآن الكريم ويهدي ثوابه للميت المسلم قريبا كان أو غير قريب، والراجح أن ثواب القراءة يصل إلى الميت كما يصله ثواب الصدقة عنه وغير ذلك من أعمال البر.
وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتويين التاليتين: 2288، 3406.
وأما قارئ القرآن فإنه مأجور على قراءته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف، وميم حرف. رواه الترمذي.
وأما انقطاع عمل الإنسان بعد موته فلا يمنع وصول ثواب عمل غيره من تلاوة القرآن والصدقة وغير ذلك إذا أهداه إليه، فالمانع من وصول الثواب هو الموت على الكفر فقط.
هذا، ولا يجب أن يقرأ القارئ من جميع المصاحف الموجودة عنده، وبإمكانه أن يقرأ من أحدها أو منها جميعا والأمر واسع.
ولكن يستحب لمن عنده مصحف أو مصاحف أن يقرأ منها كل يوم أو ينظر فيها حتى لا يكون هاجرا لها.
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: وينبغي لمن كان عنده مصحف أن يقرأ فيه كل يوم آيات يسيرة لئلا يكون مهجورا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(11/13129)
إهداء ثواب القراءة للأحياء والأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا فضيلة الشيخ هو أني والحمد الله أريد أن أهدي مصحفين وأريد أن تكون النية لله أولا طبعا، وإن يكون المصحف الأول للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، والثاني لي ولعائلتي، أي ثواب القراءة أو جزء من الثواب عندما يقرأ من المصحفين، أرجو أن تكونوا فهمتم السؤال فلم أعرف كيف أعبر.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإهداء المصاحف لمن هم بحاجة إليها عمل خيري وقربة يتقرب بها إلى الله تعالى إذا صلحت النية، فننصحك بإكمال ما قصدته ونويته، وننبهك إلى أن اللفظ هنا غير معتبر وإنما حسبك في ذلك النية، فلا يشترط ذكر صيغة معينة، وإن قال بعض أهل العلم باستحباب صيغ لذلك كما بينا في الفتوى رقم: 33440.
ويجوز وقف المصحف وإهداء ثواب ذلك إلى الميت أو الحي ويعتبر ذلك من الصدقة الجارية، كما بينا في الفتوى رقم: 43035.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(11/13130)
العمرة عن الميت دون إذن ورثته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لشخص أن يعتمر عن شخص ميت دون أخذ الإذن من ورثته أم يشترط أن يستأذن من ذويه، أفيدونا أثابكم الله؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز لك أن تعتمر عن الميت المذكور ولو لم تستأذن ورثته لأن عمرتك عنه مثل الدعاء والصدقة ولا تشترط موافقة الورثة في هذا كله، ويشترط لجواز عمرتك عنه أن تكون قد اعتمرت عن نفسك، كما سبق في الفتوى رقم: 2451.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(11/13131)
هبة ثواب القراءة للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قراءة القرآن الكريم وهبته للميت جائزة أم هي بدعة؟ وإذا كانت جائزة فما هي الحكمة منها؟ وما هو الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة القرآن وإهداء ثوابها للميت مشروعة، والمقصود منها نفع الميت والإحسان إليه، ودليلها هو إلحاقها بما دل الدليل من الحديث والإجماع على أنه يصله كالصدقة والدعاء، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 3500.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1426(11/13132)
من بدع الجنائز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
ما حكم الإسلام في ظاهرة \"فك الوحدة\" وهي أنه في حالة وفاة شخص ما يقوم أهله وأقاربه بزيارة قبره فجراً وعلى الأغلب يكون معهم شيخ أو مقرئ فيتلون آيات وسور من القرآن وبعضهم يجلس حول القبر ويستمع فقط ثم يغادرون المقبرة بعد صلاة الفجر أو بعد الآذان لا أدري بالضبط، وهناك أيضا ظاهرة الختمة وهي أن يأتي عدد من المشايخ أو الدراويش إلى بيت الميت أو بيت أحد من أهله فيجلس المشايخ وأقارب الميت وأهله ويأخذ كل واحد جزءا من القرآن فيختمون القرآن في أقل من ساعة وأحيانا يكررون الختمة في الأربعين أي اليوم الأربعين بعد الوفاة، فما الحكم في هذه الأمور كلها وهل هي بدع وإثم، وهي منتشره بوضوح في بلدي
بارك الله فيكم؟ وجزاكم كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزيارة القبور مشروعة ولكن تخصيص وقت معين للزيارة لأن له فضلاً على غيره من الأوقات ومنفعة الزيارة فيه أكبر، هذا التخصيص من البدع الإضافية، والاجتماع على قراءة القرآن وإهداء ثوابها للميت من البدع المحدثة كذلك، كما بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2504، 16500، 3689.
والصور التي ذكرتها في سؤالك أو أغلبها مشتمل على هذه البدعة، كالاجتماع في بيت الميت أو غيره، أو عند القبر أو في الأربعينية، فكل ذلك من البدع.
وأما ختم القرآن وإهداؤه للميت دون اجتماع على ذلك على الهيئة التي ذكرت فالراجح من أقوال أهل العلم جوازه، وأن ثوابه يصل بإذن الله تعالى إلى الميت، وقد فصلنا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3406، 35190، 24236، 27426.
وأما قراءة القرآن على القبر دون اجتماع، فقد ذهب جمهور العلماء إلى كراهتها كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 14865.
واعلم أخي السائل أن ما يسمى بالأربعينية، وهي قراءة أهل الميت القرآن أو زيارة القبر أو التصدق بعد مرور أربعين يوماً على موته، من البدع المنكرة، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة أو السلف الصالح، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه البخاري ومسلم.
فيجب على المسلم الحذر كل الحذر من البدع والمحدثات، والتمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والسلف الصالح، ففي ذلك الخير كله، وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الترمذي والألباني، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 32569، والفتوى رقم: 14753.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1426(11/13133)
جواز زيارة النساء للقبوربضوابط وحكم زيارتها للمعتدة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي رحمه الله منذ خمسة أيام وأريد أن أسأل عن أمرين جزاكم الله خيرا
1- هل يجوز للنساء زيارة قبر والدي وبالأخص أمي وأخواتي في الوقت الحالي علما بأن أمي في فترة العدة وما هو تفسير الحديث (لعن الله زوارات المقابر) هل يقصد كثيرات الزيارة أم الزيارة في ذاتها؟
2- لقد ترك والدي بعض النقود في جيبه وأنا أريد أن أتصدق عن والدي وأنا أرى أن الهدف من الصدقة هو الأجر للميت (وأود إعلامكم بأن أخواتي بحمد الله ملتزمات بدين الله كما أنهن محجبات ولكن لا يلبسن اللباس الشرعي الصحيح والحمد لله بدأت منذ فترة أشهر تقريبا أحاول معهن في طريق الالتزام والحمد لله بعد أن كن يسمعن الأغاني ابتعدن عنها وابتعدن عن مشاهدة الفيديو كليب وشيئا فشيئا نحو الالتزام ولكن الآن الخطوة القريبة إن شاء الله هي اللباس الشرعي) وأود السؤال النقود التي تركها أبي لو اشتريت لأخواتي بها اللباس الشرعي هل يكون الأجر لوالدي أكبر أم لو تصدقت بها إلى المسجد أو للأيتام فأنا أبتغي أن يكون الأجر لوالدي أكبر وهذا ما هو بحاجة إليه، وأنا أريد أيضا أن أذهب عمرة عن والدي إن شاء الله فلو ذهبت من نقود والدي هل يكون الأجر أكبر أم من أي نقود أخرى ... علما أن المبلغ قليل فإما أن أشتري لأخواتي أو أتصدق أو أذهب بها عمرة عن والدي وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح جواز زيارة النساء للقبور ما لم يكثرن أو يقمن بمحرم، وقد وفق القرطبي وتابعه الشوكاني ونصره الشيخ مصطفى العدوي، وفقوا بين حديث لعن الله زوارات القبور والأحاديث المفيدة لجواز الزيارة لحمل اللعن على من تكثر الزيارة نظرا لصيغة المبالغة الواردة في الحديث.
وقد ذكر الحاكم في المستدرك أن هذا الحديث منسوخ بتلك الأحاديث الأخرى وهي موجودة في بعض الفتاوى التي سنحيلك عليها، وأما الوالدة فعليها أن تصبر في بيتها حتى تنتهي عدتها، وتكثر الدعاء والترحم على الوالد.
وأما ما تركه الوالد فهو تركة تقسم بعد أداء الدين وإخراج الوصايا على الوارثين، فإن تبرعوا بإعطائها لتؤدي العمرة أو تتصدق بها على الوالد، فذاك وإلا فقسمها بين الوارثين، وإن كان عندك أنت مال تحب إنفاقه وإهداء ثوابه للأب فإنفاقك على أخواتك المحتاجات من أفضل القرب لاجتماع الصدقة وصلة الرحم، ويتأكد هذا إذا كان في مجال اللبس الشرعي.
وإن كانت عندكم أيضاً حاجة لهذا فإنفاقه على أنفسكم أفضل من إنفاقه في مصالح المسجد.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 55209، 34470، 56021، 25175، 10177.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1426(11/13134)
التذكير بالدعاء للميت عن طريق المنتدى
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: لقد توفي لدينا منذ فتره أخ لنا وكان يشاركنا في أحد المنتديات, وبعد فترة من وفاته وضع موضوع في المنتدى.. الدعاء اليومي لهذا الشخص ويدخل يوميا أعضاء المنتدى فيدعون له بالرحمة والمغفرة ... الآن يا شيخ هل هذا العمل بدعة أم هو جائز، أفيدونا جزاكم الله خيراً مع الأدلة لكي لا تكون علينا حجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في التذكير بالدعاء لهذا الأخ، ولا حرج على الإخوة في الدعاء له دائماً، والأولى تعميم الدعاء للمؤمنين جميعاً، فإن الاستغفار لأهل الإيمان والدعاء لهم مشروع دائماً؛ لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {الحشر:10} ، وفي الحديث: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة. رواه الطبراني، وقال الهيثمي: إسناده جيد، وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1426(11/13135)
إهداء ثواب القراءة إلى الأنبياء والرسل
[السُّؤَالُ]
ـ[أقرأ القرآن وأختمه وأقول قبل قراءتي اللهم إنّي نويت تلاوة ما تيسّر من كلامك العزيز. اللهم بلّغ ثواب تلاوتي إلي رسولنا الكريم محمّد عليه ألف صلاة وألف تسليم وإلى آله وصحبه أجمعين وللأنبياء والمرسلين والشّهداء والصدّيقين والأولياء والصّالحين ولوالديّ ولإخوتي وأخواتي ولجميع المؤمنين.
فهل النيّة بهذه الطّريقة صحيحة أم أنّ الأنبياء والمرسلين ليسوا في حاجة لمن يقرأ لهم القرآن؟ وهل يجب البدء بقول لي ولوالديّ قبل كلّ أحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإهداء ثواب قراءة القرآن وغيرها من الطاعات لرسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره من الرسل والأنبياء أمر لا يستند إلى دليل، فينبغي عدم الاقدام عليه لعدم ثبوته عن السلف الصالح فمن بعدهم، ففي مواهب الجليل للحطاب المالكي: وسئل الشيخ عماد الدين بن العطار تلميذ النووي رحمهما الله تعالى: هل تجوز قراءة القرآن وإهداء الثواب إليه صلى الله عليه وسلم وهل فيه أثر؟ فأجاب بما هذا لفظه: أما قراءة القرآن العزيز فمن أفضل القربات، وأما إهداؤه للنبي صلى الله عليه وسلم فلم ينقل فيه أثر ممن يعتد به، بل ينبغي أن يمنع منه لما فيه من التهجم عليه فيما لم يأذن فيه، مع أن ثواب التلاوة حاصل له بأصل شرعه صلى الله عليه وسلم وجميع أعمال أمته في ميزانه، وقد أمرنا الله بالصلاة عليه وحث صلى الله عليه وسلم على ذلك، وأمرنا بسؤال الوسيلة والسؤال بجاهه فينبغي أن يتوقف على ذلك، مع أن هدية الأدنى للأعلى لا تكون إلا بالإذن. انتهى كلامه. قال صاحبنا الشيخ شمس الدين السخاوي تلميذ شيخنا قاضي القضاة ابن حجر في مناقبه التي أفردها أنه سئل عن من قرأ شيئا من القرآن وقال في دعائه: اللهم اجعل ثواب ما قرأته زيادة في شرف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأجاب: هذا مخترع من متأخري القراء لا أعلم لهم سلفا فيه. انتهى. وأما إهداء ثواب القراءة وغيرها من الطاعات لغير الأنبياء والرسل فإنه جائز ويحصل النفع به كما سبق في الفتوى رقم: 3406. ولا بأس بأن تقول اللهم بلغ ثواب تلاوتي إلى شخص بعينه أو جماعة بقصد وصول ثواب القراءة إليهم. ففي المغني لابن قدامة: وقد روي عن أحمد أنه قال: إذا دخلتم المقابر فاقرؤوا آية الكرسي وثلاث مرات قل هو الله أحد ثم قل: اللهم إن فضله لأهل المقابر. انتهى. وقال الحطاب في مواهب الجليل متحدثا عن إهداء القراءة للميت: أما الدعاء بجعل ثوابه له فليس تصرفا بل سؤال لنقل الثواب إليه ولا منع فيه. انتهى. ومن الأفضل أن تبدأ بالدعاء لوالديك لأنهما أحق الناس ببرك ودعائك ففي الصحيحين: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وفقال: يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك، قال: ثم من، قال: ثم أمك، قال: ثم من، قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. هذا إضافة إلى أن الدعاء للوالدين من البر الذي لا ينقطع بموتهما، وراجع الفتوى رقم: 25972.
ولله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1426(11/13136)
مشروعية إهداء ثواب القراءة للحي والميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة المصحف للناس الذين لا يعرفون القراءة في حياتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في قراءة القرآن وإهداء ثوابها لحي أو لميت سواء كان يقرأ القرآن في حياته أو لا، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: الحي في كل ما تقدم كالميت في انتفاعه بالدعاء ونحوه، كذا القراءة ونحوها. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 40586.
وهذا كله إن كان المقصود هو السؤال عن مشروعية إهداء ثواب القراءة للميت، أما إن كان المقصود السؤال عن مشروعية القراءة لمن لا يحسن القراءة، فقد تقدم جوابه في الفتوى رقم: 49450 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1426(11/13137)
هل يخفف ثواب القراءة عن الميت في قبره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة القران ووهب ثوابه للمتوفى؟ وهل القراءة تخفف عليه من عذاب القبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح أنه يجوز قراءة القرآن وإهداء ثوابه للمتوفى كما سبق في الفتاوى ذات الأرقام: 3406، 33988، 8150. ولعل ذلك يكون سبباً في تخفيف العذاب عنه مع بذل الوسع في الدعاء له والاستغفار له والصدقة عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(11/13138)
إهداء ثواب الطاعات إلى مدمن الخمر الذي مات
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل الخير ونسأل الله عز وجل أن يجعله في ميزان أعمالكم
السؤال هو
شخص مات وهو مدمن مخدرات (جرعة زائدة) هل يجب عمل مشاريع خيرية له وهل تقبل العمرة إذا كانت بثوابه وكذلك هل تحسب له ثواب ختمة قرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص الذي مات مدمنا للخمر تجري عليه أحكام الإسلام الظاهرة من تغسيل وصلاة ودفن في مقابر المسلمين، بشرط أن يكون قد مات على ملة الإسلام.
وفي هذه الحالة لا مانع من إهدائه ثواب بعض الطاعات كالعمرة أو تلاوة القرآن أو ثواب مشروع خيري من نوع ما.
لكن لا يجب على ورثته أو غيرهم أداء العمرة عنه أو غير ذلك من الطاعات إلا إذا كان الميت قد اتصف بشروط وجوب الحج والعمرة ولم يؤدهما فالواجب حينها على ورثته أن يدفعوا من ماله أجرة من يحج عنه ويعتمر بشرط أن يكون النائب المذكور أدى فريضة الحج والعمرة عن نفسه قبل ذلك، وراجع الأجوبة التالية: 51932، 3500، 27528، 10177.
وشرب الخمر كبيرة من كبائر الذنوب ثبت في شأنها الوعيد الشديد، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 23674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1426(11/13139)
الإجماع على وصول ثواب الصدقة للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي منذ 10 سنين وطيلة هذه السنين أدعو له بالرحمة والمغفرة في صلاتي وفي كل شهر أجهز بعض الطعام وأقدمه للمساكين وأحيانا لبعض الطلبة الموجودين في بيوت الله لتعلم القرآن الكريم وأمور الدين وعند تقديمي للطعام أخبرهم بأن هذه \\\"كرامة \\\" والدي رحمه الله وأطلب منهم الدعاء له بالرحمة والمغفرة. سؤالي هل هذه \\\"الكرامة\\\" تنفع الميت أم لا.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن الصدقة والدعاء يصل إلى الميت نفعهما واستدلوا بأدلة كثيرة. قال ابن المبارك: ليس في الصدقة خلاف، وراجع الفتاوى ذات الأرقام: 9998، 31558، 52481، 36244.
وعليه، فتقديم هذا الطعام (الكرامة) صدقة ينتفع بها أبوك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(11/13140)
جواز الإيثار بالقرب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى لا إيثار في القرب أو كما قال الجويني (لا يجوز التبرع في العبادات، ويجوز التبرع في غيرها) ، وهل هذا الحكم على إطلاقه؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإيثار بالقرب معناه أن يقدم المسلم أخاه في أمر من الأمور الدينية التي تقرب إلى الله تعالى، وهذا القول (لا إيثار في القرب) ، ذكره بعض أهل العلم في القواعد الفقهية، واستدلوا له بما في الصحيحين وغيرهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: لا، والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً، فتله (وضعه) رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده.
قال النووي في شرح مسلم: وقد نص أصحابنا وغيرهم من العلماء على أنه لا يؤثر في القرب، وإنما الإيثار المحمود ما كان في حظوط النفس دون الطاعات، قالوا: فيكره أن يؤثر غيره بموضعه من الصف الأول وكذلك نظائره.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز الإيثار بالقرب، وهذا هو الصواب إن شاء الله، وقد عد ابن القيم -رحمه الله تعالى- في زاد المعاد ذلك غاية الكرم والسخاء والإيثار، فقال رحمه الله تعالى: وقول من قال من الفقهاء لا يجوز الإيثار بالقرب لا يصح.. وذكر من الأدلة على ذلك عدة آثار عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم منها: أن أبا بكر ناشد المغيرة أن يدعه هو يبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدوم وفد الطائف ليكون هو الذي بشره وفرحه بذلك، وهذا يدل على أن الرجل يجوز له أن يسأل أخاه أن يؤثره بقربة ... وأنه يجوز للرجل أن يؤثر بها أخاه ... وقد آثرت عائشة عمر بن الخطاب بدفنه في بيتها جوار النبي، وسألها عمر ذلك فلم تكره له السؤال ولا لها البذل ...
وعلى هذا؛ فلا كراهة في الإيثار بالقرب، ولو كان فيه كراهة لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ . وقد ختم ابن القيم بحثه الطويل في هذا الموضوع بقوله: وهل إهداء القرب المجمع عليها والمتنازع فيها إلى الميت إلا إيثارا بثوابها، وهو عين الإيثار بالقرب.... وبإمكانك أن تطلع على البحث بكامله في الجزء الثالث من الزاد ص 221 وما بعدها لأن المقام لا يتسع لأكثر من هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(11/13141)
إشراك الأموات في ثواب بناء المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ساهمت في بناء مسجد أو بنيته بمفردي فلو أشركت أهلي الأحياء والأموات معي في احتساب الأجر فهل ينقص ذلك من ثوابي شيئا علما بأنني لم أشرك أحدا في النفقة على بناء المسجد؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عمل خيرا كبناء مسجد أو شارك في بنائه، وأهدى ثوابه لغيره فهل يحصل الثواب لهما أو للمهدى له: فيه خلاف، والذي استظهرناه في الفتوى رقم: 33440، أنه يكون للمهدى له، وبناء على ذلك فمن أشرك غيره فالأجر بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1426(11/13142)
إهداء ثواب كفالة اليتيم إلى الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن اعتبار المبلغ الذي يدفع كل شهر لكفالة طفل يتيم كصدقة جارية لوالدي المتوفي، ثم أقوم أنا بدفع مبلغ شهري أيضاً لكفالة طفل آخر لنفسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس أن تتصدقي بكفالة يتيم وتهدي ثواب تلك الصدقة إلى والدك المتوفى فإنه ينتفع بها إن شاء الله تعالى، كما أجمع عليه أهل العلم، وراجعي الفتوى رقم: 3500.
كما أنه من المفيد لك أن تتبرعي بكفالة يتيم آخر على أن الثواب لنفسك فهذا من أعمال البر التي ثبت الترغيب فيها، وراجعي الفتوى رقم: 3152.
والصدقة الجارية عند الفقهاء تطلق على الوقف الذي يدوم الانتفاع به بحيث يبقى أصله وتنفق عوائده في مجال من مجالات الخير، وراجعي الفتوى رقم: 55463، والفتوى رقم: 52570.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1425(11/13143)
الدعاء للميت وإهداؤه ثواب تلاوة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الذي يصل الميت من الدعاء وقراءة القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في إهداء ثواب تلاوة القرآن، بل ذلك من الإحسان، وكذا الدعاء. وقد سبق بيان هذه المسألة في الفتوى رقم 2288، والفتوى رقم 49674،. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1425(11/13144)
حكم إشراك الشخص غيره بالنية في ثواب صدقته
[السُّؤَالُ]
ـ[تبرع شخص بثلاجة ماء عن شخص متوفى وبعد أن شاهد الكثير من الناس يشربون من الماء أراد أن يكون له نصيب من السقيا فقال في نفسه إن هذه الصدقة عنه، أيضاً فهل يجوز إشراك النية في هذه الصدقة، أفيدونا؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للشخص أن يشرك غيره بالنية في ثواب صدقته عند إخراجها، لما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد، فأتي به ليضحي به، فقال لها: يا عائشة هلمي المدية، ثم قال: اشحذيها بحجر، ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش، فأضجعه، ثم ذبح، ثم قال: بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد، ثم ضحى به.
قال ابن عابدين: والأفضل لمن يتصدق نفلاً أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات، لأنها تصل إليهم، ولا ينقص من أجره شيء. انتهى.
وقال ابن قدامة: أي قربة فعلها، وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إن شاء الله تعالى، أما الدعاء والاستغفار والصدقة، وأداء الواجبات فلا أعلم فيه خلافاً إذا كانت الواجبات مما يدخله النيابة ...
وأما بعد إخراج الصدقة، فإنها تقع للمنوي عنه، ولو كان العامل قد نواها لغيره، فإنه يقع له مثل أجره كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 52897.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1425(11/13145)
حكم جمع النية للأب والأم في إهداء ثواب صيام يوم واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يصوم الأحياء للأموات؟ وهل يجوز جمع النية للأب والأم في يوم واحد؟ وهل يجب أن أصوم أيام متواصلة أو اثنين وخميس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بالصوم عن الميت قضاء الصيام الذي كان يطالب به في حياته فقد اختلف أهل العلم في ذلك، حيث قال بعضهم: لا يصح الصيام عنه، بينما قال بعضهم باستحباب ذلك، وراجع الفتوى رقم: 18276.
وإن كان المقصود إهداء ثواب الصيام للميت، فالحنابلة والحنفية يقولون بانتفاع الميت بذلك، كما في الفتوى التي سبقت الإحالة إليها.
ولا مانع من جمع النية للأب والأم في إهداء ثواب صيام يوم واحد، ويكون الثواب بينهما بحسب نيتك، كأن يكون لكل منهما نصفه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه.
وهذا الصيام المذكور ليس بواجب بل هو تطوع منك، وبالتالي فلا يجب اتصاله، ولا كونه يوم اثنين أو خميس -مثلا- بل يكون قدره وتوقيته بحسب ما أردت في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(11/13146)
انتفاع الميت بالصدقة عنه جارية أو غير جارية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي زميل يعمل معنا وتم تجميع مبلغ من المال ليكون صدقة جارية باسم المتوفى وتقوم المؤسسة التي أعمل بها بجمع أموال من خلال صندوق يطلقون عليه صندوق الصدقة الجارية بحيث يتم توزيع الأموال الخاصة به كصدقة جارية باسم الزميل المتوفى فهل هذه الأموال تعتبر صدقة جارية ينتفع بها الزميل المتوفى وتعود عليه بالنفع كما ورد في حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ... أم تعتبر صدقه يعود نفعها على الذين تبرعوا بجمع الأموال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على انتفاع الميت بالصدقة عنه سواء كانت جارية كبناء سقاية ماء أو مسجد ونحو ذلك، أو كانت غير جارية كإعطاء فقير بعض الدراهم بنية حصول الثواب للميت، والدليل على انتفاع الميت بذلك ما في الصحيحين: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. متفق عليه. واللفظ لمسلم، ولما رواه أحمد والنسائي، عن سعد بن عبادة أن أمه ماتت فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء. قال الحسن: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة.
قال النووي رحمه الله في شرح حديث: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية" وفيه أن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت، وكذا الصدقة، وهما مجمع عليهما. انتهى. ويحصل للمتصدق عن الميت مثل أجر من تصدق عنه كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 52897.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(11/13147)
هل تشعر المتوفاة بالحجة التي أهدي ثوابها إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قيامي بعمرة وحج لابنتي المتوفاة هل تشعر بها وتنقلها من مكان لمكان وما ثوابها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أديت الحج والعمرة وأهديت ثوابها إلى ابنتك حصل لها الأجر وانتفعت بذلك وشعرت به حيث تحصل لها الفرحة والسرور بذلك، كما في الفتوى رقم: 20800.
وكونها تنتقل به من مكان إلى مكان فهذا من الأمور الغيبية التي لم يطلعنا الله عليها، لكن انتفاعها بالثواب المذكور قد يترتب عليه رفع درجاتها أو حصول مزيد ثواب أو تخفيف عنها، وانظر الفتوى رقم: 53063.
وثواب الحج والعمرة يكون بحسب إتمامهما وإتقانهما إضافة إلى مدى اتصاف فاعلهما بالتقوى والإخلاص لله تعالى، فإن قبول العمل يكون بحسب ذلك، ففي تفسير القرطبي عند قوله تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ: قال ابن عطية: المراد بالتقوى هنا اتقاء الشرك بإجماع أهل السنة، فمن اتقاه وهو موحد فأعماله التي تصدق فيها نيته مقبولة، وأما المتقي للشرك والمعاصي فله الدرجة العليا من القبول والختم بالرحمة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(11/13148)
إهداء ثواب الأعمال الصالحة لكافة المسلمين جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ: هل يجوز للمسلم خلال دعائه ومناجاته ربه أن يقول إنني أتصدق بحسناتي لإخواني المسلمين أو الشهداء؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إهداء المسلم ثواب أعماله الصالحة لكافة المسلمين أو للشهداء فقط ويثاب على ذلك إن شاء الله تعالى، قال ابن عابدين في رد المحتار وهو حنفي: والأفضل لمن يتصدق نفلا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل إليهم، ولا ينقص من أجره شيء. انتهى.
وفي مطالب أولى النهى للرحيباني وهو حنبلي: وكل قربة فعلها مسلم وجعل المسلم بالنية فلا اعتبار باللفظ ثوابها أو بعضه لمسلم حي أو ميت جاز، ونفعه ذلك بحصول الثواب له. انتهى، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 32689.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(11/13149)
حكم الحج عن الشهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: تقبل الله منكم ومنا صيام وقيام رمضان بمزيد من الأجر والثواب، السؤال هو: هل يحج عن الشهيد؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحج عن الغير جائز لمن كان قد حج عن نفسه، ويمكن أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 7019.
وقد فضل الله الشهيد وبين ذلك في كتابه حيث قال جل من قائل: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {آل عمران:169-170} .
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. ومع هذا الفضل فإن الشهيد كسائر الناس يحتاج إلى زيادة الأجور والدرجات في الآخرة فلا بأس بالحج عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(11/13150)
لا بد من تجديد النية عند إهداء ثواب العمل للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلا م على سيدنا محمد النبيى الكريم أما بعد:
سؤالي: منذ 10 سنوات نويت أن يكون كل ما أقوم به من عمل خير أو قراءة قرآن أو تسبيح ثوابه أجعله
على 3 بحيث يكون الثلث لوالدي والثلث لوالداتي والثلث لي أنا هل تكفي تلك النية مرة واحدة ولا يجب عليّ إعادة النية في كل مرة؟ وهل يصل هذا الثواب لمن أقدمه لهم؟
جزاكم الله خير الجزاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه إجماع أهل العلم هو أن الصدقة والدعاء يصل ثوابهما إلى الميت، واختلف العلماء فيما سوى ذلك من أعمال التطوع كالصيام والصلاة وتلاوة القرآن، فمنهم من قال بوصولها ومنهم من قال بعدم الوصول، وراجع في جميع هذا فتوانا رقم: 3406.
وقد رجح كثير من أهل العلم انتفاع الحي أيضاً بالعمل الذي يهدى إليه ثوابه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 27233.
أما بخصوص عدم استحضار نية إهداء ثواب العمل الصالح عند القيام بالعمل مع تقدم نية إهداء الثواب على نحو ما ذكر السائل، وهل يلحق الثواب بتلك النية السابقة أم لا، فالجواب عنه والله أعلم أن النية السابقة لا تفيد، وذلك أن إهداء الثواب من باب الهبات، والإنسان لا يصح شرعاً أن يهب ما لا يملك ويستأنس لهذا بما قاله بعض العلماء في أنه لابد من قول المرء عند إهداء الثواب: اللهم إن كنت أثبتني على هذا فقد جعلت ثوابه أو ما شاء منه لفلان..
وقال صاحب المحرر: من سأل الثواب ثم أهداه كقوله: اللهم أثبني على عملي هذا أحسن الثواب واجعله لفلان كان أحسن.
وعليه، فإن النية السابقة لا تكفي ليكون ثواب الأعمال اللاحقة واصلا لمن أريد له، بل لابد من تجديد إهداء الثواب عند كل عبادة، أو بعدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(11/13151)
سكرات الموت وإهداء القربات للأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[أليس للموت سكرات كما أسمع، فكيف يموت الذين يتعرضون للسكتة القلبية حيث أبي رحمه الله كان يتحدث هو وأمى وفجأة سمعت شخيراً منه فالتفتت عليه فوجدته مغمض العينين أي أن الأمر لم يأخذ ثوانى ... وهل قراءة القرآن تصل إليه والصوم أي عندما أقول نويت صيامي لروح الوالد تصل إليه وعندما أريد النوم أقرأ سورة تبارك وأنا على فراشي فهل أقرؤها مرتين لي ولوالدي؟
أرجوك يا شيخي الكريم أجبنى جزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
- وبعد فإن سكرة الموت التي هي غمرته وشدته وآلامه.. لا بد منها لكل نفس كما قال الله تعالى كل نفس ذائقة الموت وقال تعالى وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد قال أهل التفسير: والمعنى أنها السكرة التي كتبت بموجب الحكمة وأنها لشدتها توجب زهوق الروح.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن للموت سكرات رواه البخاري.
وقال صاحب روح المعاني: (كل نفس تتألم بالموت.. لكن ذلك مختلف شدة وضعفا ... ) وعلى ذلك فكل من يموت يناله من سكرات الموت وآلامها ما قدره الله تعالى عليه.
أما بالنسبة ل قراءة القرآن وإهداء ثوابها للميت فتصل إليه إن شاء الله تعالى على الراجح من أقوال أهل العلم وكذلك أفعال الطاعات كلها كالصدقة والصوم ولك أن تقرئي السورة من القرآن مرتين أو أكثر لك ولمن شئت أن تهدي له الثواب.
ولتفاصيل ذلك وأدلته وأقوال العلماء نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 2288، 31558، 45867.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(11/13152)
ما يفعل تخفيفا عن السارق والمفرطة في القضاء اللذين ماتا
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد موتانا سرق وعلمنا بعد موته فما علينا فعله للتكفير عن ذنبه، أم متوفاة وكان عليها كفارة شهر رمضان لأنها أفطرته بعد ولادة أخت لنا ولعل هذا لجهل منها، فماذا علينا أن نفعل هل نصوم عنها وكيف يكون ذلك؟ جزاكم الله عنا كل خير، وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1- فما بذمة الميت من المال المسروق يؤخذ من تركته قبل توزيعها على الورثة إن ترك ما فيه وفاء للدين لقوله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ {النساء:12} ، وراجع الفتوى رقم: 6159.
فإن كان صاحب الحق المسروق منه غير موجود هو ولا أحد ورثته فيخرج المال المذكور صدقة عن مالكه، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 21844. وعليكم أن تكثروا من الاستغفار له والدعاء والصدقة بما تيسر لكم، عسى الله تعالى أن يتجاوز عنه.
2- فإن الأم المتوفاة إذا كانت قد أفطرت في شهر رمضان من غير سبب مبيح جاهلة حرمة الفطر وكانت ممن يعذر بجهله بأن كانت غير متمكنة من التعلم فلا قضاء عليها ولا كفارة، وراجع الفتوى رقم: 24032.
وإن كان فطرها لسبب مشروع كالنفاس مثلاً أو مرض لا يمكنها الصوم معه وفرطت في القضاء حتى ماتت فيستحب لأوليائها من أبناء ونحوهم قضاء ما تطالب به من شهر رمضان، كما في الفتوى رقم: 2502، والفتوى رقم: 13113.
وإن كانت متعمدة للفطر حيث كانت عالمة بحرمته فأقدمت عليه عن طريق الأكل أو الشرب مثلا فالراجح أن عليها القضاء ولا كفارة عليها، وبالتالي فالمطلوب القضاء عنها على وجه الندب إذا ماتت مفرطة في القضاء، وراجع الفتوى رقم: 21720.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(11/13153)
طباعة المصحف والكتب الفقهية وهبة ثوابها للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على الموقع..
توفيت أمي منذ شهر..اللهم اغفر لي ولها وارحمنا.. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات..
الحمد لله طبعنا مجموعة مصاحف في ثوابها..
وكتب فقهية كذلك..
سؤالي: هل لي أن أجعل الكتب التي أملكها في ثوابها.. سواء كانت كتبا دينية أو قانونية بحكم طبيعة عملي من باب (علم ينتفع به) ؟
السؤال الثاني:
إني وإن شاء الله ذاهب للعمرة وقد اعتمرت من قبل والحمد لله مرات عدة.. وأريد أن أعتمر عن أمي وعن خالي المتوفيين..
وأنا من قطر فكيف لي ذلك بالنسبة للميقات , هل أعتمر عن أحدهما فقط.. أم أعتمر عن نفسي ثم أعتمر عنهما بميقات أهل مكة.. وإن كان غير ذلك فأرجو أن تفتوني جزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا وبارك فيك على حرصك على بر والدتك ونسأل الله عز وجل أن يكتب أجرك ويرحم أمك ثم اعلم أن ما فعلته من طبع المصحف وبعض الكتب الفقهية بنية الأجر لها يصلها نفعه وثوابه بإذن الله لأنه من الخير، ومثل ذلك التصدق عنها بما تملكه من كتب دينية، وأما الكتب القانونية فكذلك إذا أعطيتها لمن يحسن الانتفاع بالصالح منها ويحذر من الباطل الذي فيها.
وأما عمل عمرة لأمك وعمرة أخرى لخالك فهو عمل طيب وصحيح مادمت قد اعتمرت عن نفسك ونرجو لك بذلك الأجر والثواب.
وللمزيد في هذه المسألة تراجع الفتوى رقم: 21505.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1425(11/13154)
الميت يصل إليه ثواب كل شيء من الخير
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لي أخ متوفى من سنة ونصف وأنا أقوم كل يوم جمعة بصدقة وعند التصدق أحتسب الأجر بأن أقول نصفها لي والنصف الآخر إلى أخي فهل يصل ثوابها لي وإلى أخي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن ثواب الصدقة والدعاء والحج يصل إلى الميت، واحتجوا بحديث عائشة في الصحيحين أن رجلا قال: يا رسول الله: إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إن أبي مات ولم يوص، أفينفعه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم. رواه أحمد ومسلم.
قال في المبدع: وأي قربة من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج وقراءة وغير ذلك فعلها مسلم وجعل ثوابها لميت مسلم نفعه، قال الإمام أحمد: الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة. اهـ.
أما تخصيص يوم الجمعة فإن حصل اتفاقا وليس عن قصد فلا بأس، أما لو كنت تقصده لأن الصدقة فيه أفضل وما شابهه، فلم يصح في هذا شيء، فتصدق في أي يوم وهي مقبولة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(11/13155)
حكم إهداء بعض الحسنات للأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن إهداء الحسنات للميت، فمثلاً أقول \"اللهم أعط أبي من حسناتي ليدخل الجنة\" وهل تصل فعلاً هذه الحسنات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم وصول ثواب العبادات البدنية إلى الميت، وراجع الفتوى رقم: 2288.
قال في المبدع: وأي قربة من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج وقراءة وغير ذلك فعلها مسلم وجعل ثوابها لميت مسلم نفعه، قال الإمام أحمد: الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة فيه. انتهى.
وأما حكم الدعاء الذي ذكرته من إهداء ثواب أعمال غير معينة فقد نص ابن مفلح من الحنابلة على جوازه في كتاب الفروع فقال: قال في المحرر من سأل الثواب ثم أهداه كقوله (اللهم أثبني على عملي هذا أحسن الثواب واجعله لفلان كان أحسن ولا يضر كونه مجهولاً لأن الله يعلم، وفي مفردات ابن عقيل يشترط أن تتقدم نية ذلك أو تقارنه. انتهى، فلو عملت أعمالاً صالحة ونويتها لأبيك ابتداءً لكان أفضل، والله نسأل أن يرحم أباك وأموات المسلمين.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(11/13156)
البدعة تحديد مكان القراءة، لا أصل القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء التوضيح بالنسبة لقراءة القرآن والفاتحة وإهداء الثواب للميت, ففي فتواكم رقم27265 لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل هذا، والحديث الشريف: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد, وفتواكم رقم 683 فهو جائز. وفي فتوى للشيخ سفر الحوالي في www.islamway.com فقد حرمت القراءة على رأس الأربعين أو ثلاثة أيام يقرأ قاريء القرآن كله أو ثلاثين قارئا. أرجو الإيضاح ما هو الفرق بين الفتاوى, وهل الحديث الشريف: لا خير في عادة لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم, وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم -رحمك الله- أن الفتويين متفقتان في حكم وصول ثواب القراءة للميت. أما ما ورد في الفتوى رقم: 27265 أنه بدعة فهو تحديد مكان القراءة مثل بيت الميت أو على القبر، لا أصل القراءة، فاتفقت الفتويان في أصل الحكم وهو وصول ثواب القراءة، وزادت الأخرى حكما آخر، وهو حكم الاجتماع على الهيئة المخصوصة، فهذا ما نصصنا عليه أنه لم يرد، ومن هذا الباب فتوى الشيخ سفر الحوالي التي أشرت إليها، فإن فيها تحديد القراءة على رأس الأربعين أو ثلاثة أيام وما شابه، وما ذكرته ليس بحديث وهو: لاخير في عادة لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم: وإنما الوارد قوله صلى الله عليه وسلم: وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها. رواه ابن ماجه وغيره. وقوله أيضاً: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(11/13157)
يرجى للمتصدق عن الميت أن ينال مثل أجره
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أشكركم على خدماتكم الجليلة التي تقدمونها لنا ونسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم وبعد، سؤالي - الصدقة على الميت كالوالد مثلا هل أحصل على نفس الثواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة عن والدك المتوفى تعتبر من البر به والإحسان إليه، ويصله ثوابها بإذن الله، ويرجى لك مثل أجر ما تصدقت به عنه، فقد روى أبو داود عن مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم: إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم.. الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاد عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما. قال الجمل في حاشيته على شرح المنهج: (قوله وأن يقرأ إلخ) والأجر له وللميت وإن يهد ثواب ذلك للميت أو ينوه بالقراءة فيكتفي في حصول ثواب القراءة للميت بالقراءة عند قبره وكأن الميت هو القارئ ويثاب القارئ أيضا، فقد نص إمامنا على أن من تصدق على الميت يحصل للميت ثواب تلك الصدقة وكأنه المتصدق بذلك، قال وفي واسع فضل الله أن يثيب المتصدق. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(11/13158)
حكم صنع الطعام كصدقة عن المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد فترة طويلة من وفاة والدي وذهاب ما يشغلنا، ومن غير تحديد وقت معين أردت أن أصنع طعاما عن والدي المتوفى وأدعو الأقارب والجيران وغيرهم فما الحكم مع الدليل؟ بارك الله بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلماء اتفقوا على قبول الصدقة عن المتوفى، واحتجوا بأحاديث كثيرة منها حديث عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم، إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. متفق عليه.
قال الشوكاني: والحديث يدل على أن الصدقة من الولد تلحق الوالدين بعد موتهما، ويصل إليهما ثوابها، فيخصص عموم قوله تعالى: وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى. انتهى.
وقد حكى الإمام النووي الإجماع على وصول ثواب الصدقة، ويدخل في ذلك صنيعة الطعام وغيره، فكل ذلك من البر، أما ما رواه الإمام أحمد بسند صححه الألباني في أحكام الجنائز عن جرير قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
فإن في هذا الأثر أن المحظور هو صنع الطعام بعد الدفن، لأن فيه مشقة على أهل الميت على ما هم فيه من الحزن، ولما فيه من مخالفة السنة وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم. رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(11/13159)
مدى انتفاع الميت بالأعمال البدنية والمالية
[السُّؤَالُ]
ـ[قراءة الفاتحة على أرواح الأموات، إهداء ختم القرآن للميت، قراءة سورة يس أو أي سورة من القرآن في مآتم، هل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قراءة القرآن وإهداء ثوابه للميت جائز في مذهب أحمد وأبي حنيفة وغيرهم، قال ابن تيمية: إن الميت ينتفع بجميع الأعمال البدنية من صلاة وقراءة قرآن، كما ينتفع بالعبادات المالية من الصدقة والعتق ونحوها. راجع الفتوى رقم: 2288، وأما تخصيص سورة معينة للقراءة فلم يثبت ولا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(11/13160)
هل يصل ثواب الاستماع لتلاوة القارئ إليه بعد موته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي متوفى وقد ترك بعض الأشرطة مسجلة بصوته وهو يقرأ القرآن فقد كان يحفظ القرآن وبعض الأشرطة لبعض الشيوخ المشاهير مثل الشيخ مشاري راشد وغيره
س1 /فهل إذا استمعت إلى الاشرطة يصل ثوابها إليه؟
س2/كانت رغبة أخي قبل أن يموت أن أذهب إلى المسجد لحفظ القران ولم أستطع تحقيق رغبته إلا بعد وفاته وأنا الآن ختمت الربع الأخير وحفظت البقرة إن شاء الله فهل يصل إليه ثواب ما حفظت.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يوصل ثواب قراءته في الشريط إليه، وأن يجعلها في ميزان حسناته، لأن قراءة القرآن من أفضل الذكر، وإذا سجل القارئ قراءته على شريط ابتغاء مرضاة الله عز وجل فإنه يؤجر إن شاء الله من جهة أن من يستمع إلى قراءته ينتفع به، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله أو عامله ". رواه ابن حبان في صحيحه.
وكذلك الأمر فيما تركه من أشرطة للقرآن الكريم بصوت بعض القراء، ومثله أيضاً حفظك للقرآن إن كان بسبب دعوته وحثه لك على الحفظ وأخذك بوصيته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ". رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(11/13161)
حكم تخصيص قراءة الفاتحة على الميت بعد كل صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في قراءة فاتحة الكتاب على المتوفى في أي وقت وبعد كل صلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إهداء ثواب قراءة للقرآن للميت وغيره من الأعمال الصالحة جائز على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو مذهب الجمهور، وانظر الفتوى رقم: 3406، والفتوى رقم: 32689، والفتوى رقم: 35828، والفتوى رقم: 47920.
إلا أنه قد تطرأ على العمل المشروع أمور تجعله من البدع كتخصيص قراءة سورة معينة في زمن معين أو فعلها جماعة أو استئجار عليها ونحو ذلك، وتخصيص قراءة الفاتحة للميت وجعل ذلك بعد كل صلاة من هذا القبيل فهو أمر غير مشروع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه من حديث عائشة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1425(11/13162)
حكم قراءة الفاتحة وإهداء ثوابها إلى الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[قراءة الفاتحة على روح الميت وأنا في البيت أو عند المرور على القبور. ما هو حكمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن ثواب قراءة القرآن يصل إلى الميت، سواء سورة الفاتحة أو غيرها من سور القرآن الكريم، لأن من عمل عملا ملك ثوابه ومن ملك شيئا فله أن يهبه لمن شاء ما لم يقم بالموهوب له مانع من الانتفاع بالثواب، ولا يمنع منه إلا الكفر عياذا بالله تعالى.
فلك أن تقرأ الفاتحة وتهدي ثوابها لروح الميت إذا مررت على قبره أو كنت في بيتك.
أما مايشرع الدعاء به عند المرور على المقابر فما رواه سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمه لأصحابه إذا خرجوا إلى المقابر: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية. رواه مسلم.
وما رواه ابن عباس قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر. رواه الترمذي وحسنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(11/13163)
إهداء ثواب القرآن للميت مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفتائي في مسألة قراءة القرآن على الميت بدون أي تجمع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في قراءة القرآن وإهداء ثوابها للميت إذا لم يكن ذلك مصحوبا بشيء من البدع. وراجع الفتوى رقم: 24236، والفتوى رقم: 5541.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1425(11/13164)
حكم كتابة اسم المتوفى على المصاحف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز كتابة اسم المتوفى على كتب القرآن الكريم التي توزع كصدقة جارية على روحه أو يكتب الدعاء له بدون ذكر اسمه عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقاعدة المقررة عند أهل العلم أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يثبت موجب للتحريم، ولم نقف على نص ينهى عن كتابة اسم المتوفى أو غيره على الشيء المراد صدقة جارية.
وعليه فلا مانع من كتابة الاسم على المصحف أو غيره للغرض المذكور، إلا أن يكون الفاعل قصد المباهاة والفخر فيكون النهي عن ذلك من هذه الجهة، والأولى عدم الكتابة مطلقاً لأن صدقة السر أفضل من صدقة الجهر إلا لموجب، قال الله تعالى: إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة:271] ، وأما كتابة الدعاء له دون ذكر اسمه فلا حرج فيها لأنه سبب للدعاء له كلما قرأت المصاحف.
وقبل أن ننهي الإجابة نريد أن ننبهك إلى أن عبارة كتيبات القرآن الكريم لا يناسب إطلاقها على كلام الله عز وجل، بل إنها تتنافى تنافيا تاما مع أمر الله بتعظيم شعائر الله، فقد قال جل من قائل: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1425(11/13165)
حكم إهداء ثواب القراءة لغير المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أقرا القرآن احتساباً لرجل مسيحي، وبإمكانكم أن تجيبوا باللغة العربية؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن احتساباً لرجل مسيحي ولا أن يفعل عنه أية عبادة أخرى، لأن واجب المسلم أن يعتقد أن من مات على الدين المسيحي فهو خاسر مخلد في نار جهنم، قال الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85] ، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6] ، وقال تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا [النساء:48] .
وطمع المرء في المغفرة لمن مات مسيحياً أو في دخوله الجنة أو انتفاعه بشيء من العبادات هو شك في مدلول هذه الآيات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(11/13166)
توزيع الثواب بين الأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي والد وأخوان شابان متوفيان ولكنني إلى اليوم لم أزر قبورهم فهل علي إثم لذلك ولكنني أذكرهم دوما وأقرأ الفاتحة على أرواحهم في كل صلاة وأذكرهم كلما دفعت صدقة لوجه الله فماذا يجب علي تجاههم وإن قصرت بزيارة قبورهم كيف أكفر عن ذلك؟ وعند قراءة الفاتحة أو القرآن أو الصدقة هل يجب تخصيص كل شخص منهم بشيء أم يجوز أن أجمعهم جميعا بعمل واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننبهك إلى عدة أمور:
أولاً: حكم زيارة القبور للنساء قد سبقت الإجابة عليها في الفتوى رقم: 36964.
ثانياً: ثواب الأعمال الصالحة من صدقة وتلاوة قرآن يصل ثوابه للميت إن شاء الله تعالى، كما في الفتوى رقم: 2288.
ثالثاً: بخصوص توزيع الثواب بينهما فهذا راجع لنيتك فإذا أهديت لهما ثواب عمل صالح بقصد كون كل منهما له النصف مثلاً، حصل ذلك إن شاء الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
رابعاً: لا يجب عليك إهداء ثواب الطاعة لهما، ولا الدعاء لهما، وإن فعلت ذلك تطوعاً فلك الأجر إن شاء الله لقوله تعالى: وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (البقرة: من الآية215) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(11/13167)
الحج عن الأم أولى عن الأخ
[السُّؤَالُ]
ـ[حال حياة والدتي كنت قد نويت الحج لشقيقي الذي توفي في عمر 33 عاماً، ولم يكن يملك أي مال ليحج به، والآن وقد توفيت والدتي وكان لديها مال حال حياتها إلا أنها لم تحج مستندة إلى أنها كانت قد حجت مع والدها \"جدي\" وقت أن كان عمرها 12أو 9 أو 6 عاماً ثلاث مرات، وعندما عزمت الآن تقديم أوراقي إلى شركة السياحة للحج عن أخي المتوفي فوجئت بأختي تطلب مني أن أحج عن أمي وأنه أولى، فلمن أحج الآن، هل أحج عن شقيقي تنفيذاً لنيتي التي كنت قد عزمت عليها في حياة والدتي، أم أحج عن أمي، أم أنه يجوز لي الجمع في النية في الحج عن الاثنين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى أن تحج عن أمك لأن برها متأكد، ولأنه قد وجب عليها الحج واحتمال أن حجها كان قبل البلوغ احتمال قائم، ولا بأس بتغيير عزمك من الحج عن أخيك إلى الحج عن أمك، وانظر الفتوى رقم: 8364، ويمكنك أن تحج عن أخيك في السنوات القادمة، أو أن تستأجر من يحج عنه، ولا يخفى أنه يشترط فيمن يحج عن غيره أن يكون حج عن نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(11/13168)
ماتت أمها في صغرها وتريد أن تبرئ ذمتها من الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لقد توفيت والدتي وأنا في الصغر وأريد أن أعرف هل عليها قضاء صيام أم لا، ولا أعرف أريد أن أبرئ ذمتها، فهل أخرج كفارة على الاحتياط، أم لازم إصوم بنفسي، وأنا لا أدري إن كان ما عليها قليلاً أم كثيراً وإن كان علي إخراج المال هل أعطيه لشقيقتها التي لا يصرف عليها أحد، أم غيرها؟ وجزاكم الله خيراً، ملحوظة: أرجو إرسال الإجابة على بريدي الإلكتروني. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكوني على يقين من كون والدتك مطالبة بقضاء صوم واجب فلست مطالبة بصيام عنها، ولا كفارة ولا إطعام، لأن الأصل براءة الذمة، أما إذا حصل لك علم بكونها تطالب بقضاء صوم واجب كرمضان مثلاً، فيستحب لك أن تصومي نيابة عنها على الراجح من كلام أهل العلم، ولست مطالبة بكفارة ولا إطعام، وراجعي الفتوى رقم: 18276.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(11/13169)
من صيغ الترحم والاستغفار للأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ماهي جميع أشكال الترحم على الموتى؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أشكال الترحم على الميت الصلاة عليه والدعاء له بكل صيغة تفيد الترحم والاستغفار، وقد أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعية كثيرة، نحيلك على بعضها في الفتوى رقم: 34090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(11/13170)
أمور تجلب الخير للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الدعاء قبل صلاة الجنازه - الأشياء التي تجلب الخير للميت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلم أن يدعو الله تعالى للميت قبل صلاة الجنازة عليه، بل ينبغي له ذلك، لأن الدعاء مطلوب دائما، لا سيما بعد وفاته، لأنه أحوج ما يكون إلى الدعاء.
وأما الأشياء التي تجلب الخير للميت فكثيرة، منها:
1- الدعاء له.
2- الصدقة عنه.
3- إهداء ثواب القراءة ونحوها له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(11/13171)
الاستغفار للميت هل يزيد في حسناته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد الإستفسار عن بعض الأسلة سائلة الله عز وجل أن يجزيكم كل الخير في الإجابة عليها ...
والدي توفى في اليوم الأول من ذي الحجة وكان يصادف يوم جمعة ...
فأريد أن أعرف
1- مافضل الموت في هذه الأيام (العشرة من ذي الحجة) وخصوصاً يوم الجمعة؟
2- مافضل قراءة القرآن للميت هل يصله أم لا؟ حيث قمنابختم القرآن مرتين عن روحه قبل الدفن.
3- كيف نستغفر له وهل تصله هذه الاستغفارات ويستفيد منهاوتزيد من حسناته؟
4- هل ممكن الصوم للميت والحج له على الرغم من أنه حاج وكذلك العمرة؟
5- هل الروح تعلم عن أهل بيتها؟
6- هل زيارة القبر يشعر بها الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن فضل الموت يوم الجمعة وذلك في الفتوى رقم: 28696
وأما عن الموت في عشر ذي الحجة فلا نعلم له فضلاً معيناً؛ إلا أن الموت في الأزمنة الفاضلة والأمكنة الفاضلة والحالات الفاضلة له فضل على ما لم يكن كذلك من حالات الموت.
وأما عن إهداء ثواب القرآن للميت ووصول الثواب إليه فقد تقدم الكلام عنه في الفتوى رقم: 3406.
وأما عن الاستغفار للميت فإنه ينفعه ويفيده ويصله بإذن الله ويكون سبباً في التخفيف عنه وغفران ذنوبه، ولا نعلم ما يدل على أنه يزيد في حسنات الميت، ولكن إذا نقصت سيئاته فإن حسناته ترجح، وراجع الفتوى رقم: 18760، وأما عن الصوم عن الميت والحج والعمرة فإنها تصله بإذن الله ولو كان قد حج أو اعتمر، وراجع الفتوى رقم: 8150.
وأما عن علم الروح بما يقوم به أهل الميت نيابة عنه وشعور الميت بزيارة من زاروه فقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 24738.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1425(11/13172)
لا يهدى ثواب القرآن للكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أقارب مقيمون في أستراليا وبقرب منازلهم توجد مقابر والسؤال هو: هل يجوز كلما مروا على تلك المقابر بحكم وجودها على طريق ذهابهم وإيابهم أن يقرؤوا الفاتحه على أرواح الموتى مع العلم أنها مقابر لغير المسلمين أو لا يجوز ولكم الشكر والله يجزي الجميع بالخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكفار لا يجوز الترحم عليهم ولا إهداء ثواب القرآن لهم، ولا قراءة الفاتحة على أرواحهم، بل الواجب الاتعاظ بمصيرهم، وتذكر الآخرة عند المرور بهم، وقد قال النبي صلى عليه وسلم للأعرابي: حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار. والحديث رواه ابن ماجه والبزار والطبراني في المعجم الكبير، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح.
وراجعي الفتوى رقم: 6373.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1424(11/13173)
حكم إهداء ثواب الصدقة لأكثر من ميت
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أقوم ببناء مسجد وبئر ماء عن أجدادي الأموات، فهل يجوز إشراك ستة منهم في هذا المسجد، وهل يصلهم أنني قمت بذلك عنهم؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإهداء ثواب الصدقة الجارية للأموات أمر حسن، كما هو مبين في الفتوى رقم: 38175 وما فيها من إحالات.
ولا بأس بإشراك أكثر من واحد في هذا الثواب، قال في كشاف القناع: وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه كالثلث أو الربع لمسلم حي أو ميت جاز ذلك ونفعه لحصول الثواب له. انتهى.
وما دام الأجر سيصل إليهم فلا تهمك معرفة ما إذا كانوا سيعرفون أنه من عندك أم لا، على أننا لم نجد أحداً من أهل العلم تكلم في هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/13174)
حكم إهداء ثواب العمرة للميت بعد أدائها
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للمعتمر هل يجوز بعد أداء العمرة بفترة أن يهب ثوابها إلى والده أو والدته المتوفين، أم أنه تلزم النية فى ذلك قبل أداء العمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص بعض الفقهاء على أنه يجوز أن ينوي الإنسان العمل لنفسه ثم يقوم بإهداء ثوابه للغير، قال الكاساني في بدائع الصنائع في سياق كلامه عن إهداء الثواب للميت: وبهذا علم أنه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتاً أو حيا، والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره، لإطلاق كلامهم، وتراجع الفتوى رقم: 8150.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(11/13175)
حكم التشريك في ثواب الأضحية
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد امرأة كانت متزوجة من رجل وأنجبتت منه طفلاً ثم توفي فتزوجت رجلاً آخر. هل يجوز للمرأة أن تخرج الضحية لزوجها المتوفى ولأهل البيت معاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لهذه المرأة إشراك هذا الرجل المتوفى في ثواب الأضحية، ففي تحفة المحتاج وهو في الفقه الشافعي: وخبر "اللهم هذا عن محمد وأمة محمد" محمول على التشريك في الثواب، وهو جائز، ومن ثم قالوا: له أن يشرك غيره في ثواب أضحيته، وظاهره حصول الثواب لمن أشركه، وهو ظاهر، وإن كان ميتاً قياساً على التصدق عنه. انتهى.
ويشير بهذا الخبر إلى الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الأضحى، فلما انصرف أتى بكبش فذبحه، فقال: بسم الله، والله أكبر، اللهم إن هذا عني وعمن لم يضح من أمتي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(11/13176)
الصدقة بشتى أنواعها يصل ثوابها للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصدقة عن المتوفى بمبالغ مالية فقط أو من الممكن أن تكون أشياء أخرى كالطعام والملابس،
وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على جواز التصدق على الميت ووصول ثوابها إليه -وسواء كانت الصدقة بمال أو ملابس أو غير ذلك- ما لم يكن المتوفى كافراً، كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3500 / 9998 / 31558.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(11/13177)
كل عمل صالح يهدى للميت يصله ثوابه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي رحمة الله عليه منذ أسبوع وأريد عمل كل شيء صالح يستفيد به أبي دون الاقتراب من البدع فالأمر اختلط علي فبعض الأمور أراها ليس لها أهميه مثال، مايسمونه الخمس عشر أو الأربعين أو ما إلى ذلك نرجو الإفادة بما هو أصلح للمتوفى نسأل الله أن يتقبل
... ... ... ولكم وافر الاحترام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا ما ينبغي فعله من الولد للوالد بعد وفاته، وذلك في الفتوى رقم: 10602.
وعلى وجه العموم فإن كل عمل صالح تفعله بنية التقرب إلى الله تعالى وتنوي ثوابه لوالدك فإنه يصل إليه بإذن الله تعالى، ولعل من أهم ما ينفعه صلاحك في نفسك وطاعتك لربك، وأما البدع التي تفعل في المآتم -وما أكثرها- فلا شك أن الواجب الحذر منها، ومن ذلك ما ذكرت في سؤالك من الأربعينية وغيرها، ويوجد في السنة ما يغني عن ذلك كله، وراجع الفتوى رقم: 31916 نسأل الله تعالى أن يزيدك حرصاً على الخير وأن يحسن عزاءك في والدك، وأن يغفر لوالدك ويرحمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/13178)
هبة ثواب المشاركة في المشاريع الخيرية للأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عضو في لجنة \"مسجد دار القرآن\" والذي يتم بناءه الآن في مدينة نيويورك والمشرف على الانتهاء في منطقة تسمى بيشور/لونغ آيلند. ومن باب الحث على جمع التبرعات قام رئيس اللجنة بسؤال المسلمين على دفع مبلغ 1000 دولار لمن يرغب بأن يقوم المسجد بزرع شجرة على روح والد أو والدة المتبرع (المتوفى) ووضع لوحة باسم المتوفي تحت أو حول الشجرة التي سيتم زرعها في حديقة المسجد.
والسؤال هو: هل يجوز زرع شجرة على روح الميت؟ وهل يجوز وضع لوحة باسم المتوفى تحت أو حول الشجرة؟
نرجو التفضل بإفتائنا بأدلة من القرآن والسنة في أسرع وقت قبل فوات الأوان والقيام بعمل قد يكون سبباً فيما بعد لبدعة يقوم عليها من تبرع بالمال بالالتفاف حول الشجرة لقراءة الفاتحة على روح المتوفي وتتناقلها الأجيال.
جزاكم الله عنا كل خير ولو كان بالإمكان إفتائنا باللغة الإنكليزية لنقدمها لمن لا يعرف العربية من القائمين على المسجد لإقناعهم بالعدول في حالة عدم جواز ذلك العمل.
أخوكم
محمد رياض خوام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المساهمة في بناء المساجد أو المشاريع الخيرية لا شك أنها من أجل ما يتقرب به إلى الله عز وجل، وأن أجرها عظيم، وهي من الصدقات الجارية التي تنفع الإنسان بعد موته، ويجري عليه ثوابها وهو في قبره، وإن وهب ثوابها لميته لحقه إن شاء الله، لا سيما إذا كان أحد أبويه، وكما أن الصدقة فيها الخير الكثير لمن أخرجها وتبرع بها، فإن الدال عليها هو الآخر له مثل أجر صاحبها.
وعليه، فإن قيام رئيس اللجنة المذكورة بجمع المال للمسجد أو لواحقه ومتمماته لإنشاء حديقة أشجار -ذات قيمة تفيد المسلمين في مصالحهم- لاشك أنه عمل طيب يثاب عليه، وأن المساهمين المتبرعين يثابون وإن وهبوا ثواب تبرعاتهم تلك لأمواتهم يصلهم إن شاء الله ذلك الثواب، والدليل هو ما في الصحيحين وغيرهما واللفظ لمسلم من أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن أمي افتتلت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم.
لذا، فإنا نقول: إذا كان ما يقوم به رئيس اللجنة هو جمع المال لهذا الغرض الذي ذكرنا، فلا حرج فيما يقوم به، وأجر الصدقات لمن وهب له كما قدمنا، لكن الأولى تجنب وضع تلك اللوائح، لأن إخفاء الصدقات خير من إعلانها، ولأن البدع والمباهاة تدخل في هذا الباب بكثرة وخصوصا في هذا الزمن، مع أنه لا داعي له لأن الله عز وجل هو الذي يثيب، وهو يعلم نية المتصدق ومن تصدق عليه وما تصدق به.
ثم إنه يخشى على المتصدق في حال كتابة اسم والده أن يتسرب إلى قلبه الرياء فيضيع عليه ثواب عمله، وننبه إلى أنه ينبغي زرع أشجار مثمرة، يستفيد المصلون والمارة من ثمرها، فيكثر ثواب من جعلت الصدقة له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/13179)
لا يصام الست من شوال عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على ما تبذلونه من جهد
توجد لي إحدى معارفي تصوم في شهر شوال 6 أيام عن نفسها و6 أيام عن والدتها المتوفاة و6 أيام عن والدها المتوفى، علما بإن والدها ووالدتها كانا لا يصومان في شهر شوال، هل يجوز الصيام عنهم، أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت لنا فتاوى تفصل الخلاف في الصيام عن الغير، وفيما إذا كان هذا الغير ينتفع بهذا الصيام أولا ينتفع به، ويمكن للسائلة الكريمة أن تراجع منها الفتوى رقم:
18276
وأما كون والدي المسؤول عن حكمها لم يكونا يصومان هذه الأيام الستة، فإن ذلك لا يؤثر في المسألة ما داما مسلمين، إذ لا دليل على أن الميت لا ينتفع إلا بعبادة كان يمارس مثلها.
ثم على القول بصحة الصوم عن الميت، فإن فضيلة الستة من شوال التي وردت في الحديث لم تأت مطلقة، وإنما ورد الحديث بلفظ: من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر. رواه مسلم.
مما يدل على أن فضيلة صومها مقيدة بأن تكون مسبوقة بصيام رمضان، وهو غير متأت من الميت.
وعليه؛ فصوم هذه الأيام عن الميت لا يعدو كونه صوم أيام كسائر أيام السنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/13180)
حكم النيابة عن الميت في الصلاة والصوم والحج والزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أنوي الحج هذا العام والحجة عن أختي التي وتوقيت وهي عندها 34عاماً، وعندها مرض الشلل منذ الولادة وسبب المرض من الدماغ، وفي التقارير الصادرة من المستشفيات، هل يجوز أن أحج عنها؟.. وما حكم عن الصلاة والصوم والزكاة؟ وعاشت منذ الولادة على الفراش؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت أختك فاقدة للعقل، فلا يجب عليها حج ولا صلاة ولا صوم، لأن العقل مناط التكليف وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة، وذكر منهم: المجنون حتى يفيق.
لكن إن كان لها مال وجبت زكاته، وذلك من خطاب الوضع لا من خطاب التكليف.
وأما إذا كانت عاقلة وماتت ولم تحج فهذا محل تفصيل كما يلي:
1- من مات بعد استطاعة الحج ولم يحج يخرج عنه من ماله ما يحج به عنه على الراجح، ويشترط في النائب عنه أن يكون قد حج عن نفسه.
2- ومثله من قدر مادياً وعجز بدنياً بسبب مرض ولم يمكن الحج به محمولاً.
3- وأما من لم تتوفر له الاستطاعة بسبب فقره أو مرضه المزمن ومات قبل أن يحج ولم يترك مالاً، فإنه لا شيء عليه، ولا يلزم الورثة أن يحجوا عنه، ولا أن ينيبوا أحداً في الحج عنه، ولكن إذا تطوع أحد إخوته فحج عنه أو أناب في حج عنه فإن هذا مشروع.
وأما الزكاة عن الميت فإن كان قد ترك مالاً وكانت الزكاة قد وجبت فيه، فإنه يجب إخراجها عنه من أصل المال، لأن وجوب الزكاة قد تقرر في حياته وأصبح ديناً عليه، وأما إذا توفى قبل وجوب الزكاة عليه فإن المال قد تحولت ملكيته إلى الورثة وتعلق حكم زكاته بهم.
وأما أن لم يترك الميت مالاً ولكن تطوع بعض أهله بالتصدق عنه فإن هذا مشروع ويصله ثوابه إن شاء الله.
وأما الصلاة عن الميت فإن كانت فريضة فإنه لا يشرع نيابة غيره عنه فيها، وأما أهداء ثواب صلاة التطوع فإنه لم يكن معروفاً من هدي السلف وقد رجح بعض أهل العلم وصول ثوابها إلى الميت ومنهم ابن القيم، ورجح النووي وابن عبد البر عدم وصولها.
وأما الصوم عن المريض الذي لم يستطع القضاء حتى توفي فإنه غير مطلوب اتفاقاً، وأما إذا قدر على القضاء ولم يقض حتى مات فإنه يشرع القضاء عنه على الراجح، كما رجح بعضهم جواز إهداء ثواب صوم النافلة له، وراجع للمزيد من التفصيل في حكم النيابة في الحج والصوم والصلاة وإهداء ثواب القربات للأموات وضابط المرض الذي يعذر به في الحج والصوم ومعرفة أدلة ذلك وكلام أهل العلم فيه، الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8132،
11599،
13616،
7019،
26498،
10177،
13796،
17251،
10087،
20771،
2502،
18276،
31112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1424(11/13181)
حكم هبة ثواب الصوم للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن يصوم الفرد أياما ويهب ثوابها لوالده المتوفى أو والدته؟ ولكم خالص الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز ذلك على الراجح من أقوال العلماء، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 31558.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1424(11/13182)
أوصاه عمه بعمل عتاقة له بعد موته، فهل يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عم أوصاني بعد مماتة بأن أعمل عتاقة له وهي قراءة سورة الإخلاص 20 ألف مرة، فهل هذا يجدي مع الميت أجيبوني، أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الميت ينتفع بما يهدى إليه من أعمال صالحة، وهذا ما ذكرناه في الفتوى رقم: 3406، والفتوى رقم: 18641.
وأما قراءة سورة الإخلاص بهذا العدد وتسمية ذلك بالعتاقة، فلم يرد به أثر في ما نعلم، فإذا فُعل لا بنية أنه سنة أو تقرب بالعدد المذكور، بل لكونه وصية بخير وطاعة فلا بأس، وانظر الفتوى رقم: 26022.
وتنفيذك للوصية المذكورة في السؤال من باب الإحسان، وليست واجبة عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(11/13183)
إهداء ثواب الأعمال لمن مات تاركا الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتى فى الله، إنني أحبكم فى الله، وبارك الله فيكم ونفع الله بكم وبأمثالكم الأمة، سؤالي عن والدي رحمه الله، وهبت نصف أعمالي له، علما بأنه كان مقصراً جداً فى الصلاة، وكنت أنصحه ويقول ادعُ لي بالهداية، وهو رجل أمي، وإنني أتألم كلما تذكرت أنه ربما يكون بفعله هذا قد كفر، نسأل الله العافية والسلامة؟
بارك الله فيكم وجزاكم كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجاز جماعة من أهل العلم إهداء ثواب العمل للمسلم سواء كان حيا أو ميتاً، وهو مذهب الحنابلة والأحناف، وإليه ذهب بعض المالكية والشافعية.
ولتفاصيل ذلك وأقوال العلماء نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 8132.
هذا إذا لم يكن هناك مانع بالشخص المهدى له ثواب العمل، والمانع هو الكفر-والعياذ بالله- لأن المسلم منهي عن الدعاء للكافر كما قال الله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113] .
فإذا دعا المسلم للكافر أو أهدى إليه عملاً لم يصادف ذلك محلاً.
وقد اختلف أهل العلم في حكم تارك الصلاة، فذهب بعضهم إلى أنه كافر كفراً أكبر مخرج من الملة.
وذهب الجمهور إلى أن كفره غير مخرج من الملة، فإذا كان تقصير أبيك في الصلاة معناه أنه تارك لها، فعلى قول الجمهور يمكنك أن تدعو له، وتتصدق عنه وتهدي له من أعمالك الصالحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1424(11/13184)
هل يؤجر من أهدى ثواب القراءة للغير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإنسان أن يهدي قراءه للقرآن لشخص آخر حي، وهل هذا ينقص أجره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إهداء ثواب قراءة القرآن للغير جائز على الراجح من كلام أهل العلم، سواء كان المهدى إليه حياً أو ميتاً، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 3406، والفتوى رقم: 27233.
وبخصوص أجر هذه القراءة فإنه بهبته للغير ينتقل كله إلى من وُهب إليه، ولكن قد يؤجر الواهب من وجه آخر كمحبته لأخيه وإحسانه إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1424(11/13185)
لا حرج في إهداء ثواب القربة لجماعة من المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح تخصيص أجر ختمة القرآن لأكثر من شخص؟ كأن أقول اللهم اجعل أجر هذه الختمة لأبي وأمي
ولكل مسلم لا يستطيع القراءة، وكذلك بالنسبه للعمرة..؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على المسلم في قراءة القرآن وإهداء ثوابه لمسلم أو لجماعة من المسلمين سواء كانوا أحياء أو أمواتاً، قال في الإقناع وهو من كتب الحنابلة: وكل قربة فعلها مسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحو لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه. انتهى.
فقوله "كل قربة" يشمل قراءة القرآن والعمرة وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(11/13186)
هل ينال الوالدان الثواب بمجرد عمل الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
فتوى رقم 38336 لم تجب عن سؤالي كما أحببت، لأن السؤال بطريق آخر، هو ما يلي:
هل لو لم يدع الولد لوالده ولم يتصدق عنه ولكنه رجل صالح، وقد يكون صلاحه ليس من تعليم أبيه، فهل خيره يصل لأبيه؟ وهل هذا يفهم منه أن الأم ليس لها نصيب؟ أفيدوني مشكورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يثاب الوالد أو الوالدة على عمل يعمله ولدهما إلا إذا كان هذا العمل نتيجة تربيتهم لهذا الولد أو نصحهم وتوجيههم وتعليمهم ونحو ذلك، مما يكون له أثر في اهتداء الوالد لهذا العمل، ويجعلهما داخلين في مضمون قوله صلى الله عليه وسلم: من دعا إلى هدى فإن له من الأجر مثل أجور من تبعه. رواه مسلم. أما أن يثاب بمجرد عمل الولد، فهذا مخالف للنصوص الشرعية الدالة على أن الإنسان لا يستحق إلا عمله، لقوله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم:39] .
فهذه الآية تبين أنه ليس للإنسان إلا عمله استحقاقا بطريق العدل، ولا يعترض على تفسير الآية بهذا بأن الميت ينتفع بما يهديه إليه غيره من الثواب كثواب الصدقة وقراءة القرآن، ونحو ذلك من عمل الغير الذي قد يستفيد منه الميت، لأننا نقول: إن ذلك بشرط أن يعمل الغير العمل ثم يهدي ثوابه للميت، وسواء في ذلك الولد وغيره.
أما أن يستحق الوالد أو الوالدة الثواب بمجرد ما يعمله الولد من أعمال لم يهد لهما ثوابها، ولم يكن لهما أثر في التوجيه إليها، فليس في النصوص الشرعية ما يدل عليه، وليس الإنجاب بمجرده كافيا في أن يثاب الوالد أو الوالدة بمجرد عمل الولد، وإلا لكان كافيا في أن يعاقبا بمجرد معصيته.
ومما يؤيد ما ذكرنا، قوله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله، إلا من ثلاث: ولد صالح يدعوله.. رواه مسلم. فلم يقل ولد صالح فقط، إنما قال: "ولد صالح يدعو له" مما يدل على أن استمرارية الأجر ليست فقط بصلاح الولد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(11/13187)
الدعاء للميت في جميع الأحوال
[السُّؤَالُ]
ـ[أفضل دعاء للمتوفى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا فتاوى في الدعاء للميت عند دفنه وعند الصلاة عليه، وبعد ذلك في أي وقت، وهناك تجد من الأدعية المأثورة الصحيحة، فتخير منها ما شئت، وإن دعوت له بجميعها فحسن.
انظر ذلك في الفتاوى رقم: 10225، و 30905، و 34090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1424(11/13188)
النيابة في الصلاة لا تصح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع بعض الأموال للصلاة عن الميت، وما كيفية ذلك وهل عليها دليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يصح قضاء الصلاة عن الميت بحال، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 9656.
وعلى هذا فلا يجوز استئجار أحد للصلاة عن الميت، لأن الصلاة من العبادات التي لا تصح فيها النيابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1424(11/13189)
الوالد ينتفع بعمل ولده الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
يقول صلى الله عليه وسلم {أنت ومالك لأبيك} ، ونعلم أن الولد من كسب والده، وأن الولد الصالح ينفع والده حتى بعد الموت، إذن لماذا يجب أن يهدي الولد أجر الحج أو الصيام أو غيره لأبيه إذا علم أنه تلقائيا يؤجر على كل خير يفعله ولده، أفيدوني رعاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعلوم أن الإنسان يُجزى يوم القيامة بعمله هو لا بعمل غيره قال تعالى: (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه) [النبأ:40] وقال تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) [النجم:39] ، قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: (أي كما لا يُحملُ عليه وزر غيره كذلك لا يُحصِّل من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه) ، ثم قال: (وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، من ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية من بعده، أو علم ينتفع به "، فهذه الثلاث هي في الحقيقة من سعيه وكده وعمله كما جاء في الحديث: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه".
وثبت في الصحيح: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً" ا. هـ مع شيء من الاختصار.
فتلخص مما سبق أن الوالد ينتفع بعمل ولده الصالح الذي دله عليه، وكذا لو دعا له أو تصدق عنه ونحو ذلك.
وأما قول السائل: لماذا يجب أن يهدي الولد ... إلخ فنحن لا نعلم أحداً من أهل العلم قال بهذا القول، أي بأنه يجب أن يهدي الولد أجر الحج أو الصيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(11/13190)
إهداء ثواب الأعمال الصالحة يصل للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أرملة وفكرت في بناء مسجد لزوجي وحفر بئر وأن يحج أحد عنه وأيضا كفالة يتيم وذلك كله في ثوابه وغيرها من الأعمال الخيرة لأني أعلم أن زوجي رحمه الله مقصر في دينه..
السؤال:-
كيف تصل أعمال الخير للموتى؟ وهل يشعرون بذلك؟ وهل لي أجر في ذلك؟ علما بأني أيضا مقصرة نوعا ما..
وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم أن إهداء ثواب الأعمال الصالحة للميت يصل، ومن ذلك ما ذكرت في السؤال، وراجعي الفتوى رقم: 2288 والفتوى رقم: 3500 والفتوى رقم: 25638
ولك أجر فيما فعلت وانظري الفتوى رقم: 32689
وأما كيف يصل فلا ندري لأن ذلك من أمر الغيب وأما هل يشعر الميت بذلك فنعم، وانظري الفتوى رقم:
24738
وننصح الأخت السائلة بأن تعمل لنفسها وتكثر من الدعاء للميت، فإن الدعاء ينفعه كما صح بذلك الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1424(11/13191)
حكم الاجتماع لقراءة القرآن وإهداء ثوابه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ...
نحن مجموعة من الأصدقاء على الإنترنت....كل واحد منا في بلد....نقوم كل أسبوع بختم القرآن ... حيث يختار كل شخص منا عددا من الأجزاء ... ونهدي الختمة لشخص نقوم باختياره....هل يجوز ذلك؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم إهداء ثواب القرب التي قام بها لمسلم حيا كان أو ميتا.
جاء في "دقائق أولي النهى لشرح المنتهى" من كتب الحنابلة: (وكل قُرْبة فعلها مسلم وجعل) المسلم (ثوابها لمسلم حي أو ميت حصل) ثوابها (له..) . اهـ
وجاء في "كشاف القناع": وكل قربة فعلها مسلم وجعل ثوابها أو بعضها لمسلم حي أو ميت جاز. اهـ
ثم ذكروا أن إهداء القرب مستحب.
قال في الكشاف: ويستحب إهداء ذلك.. وذكر القاضي: وللمهدي ثواب الإهداء، وقال بعض العلماء: يثاب كل من المهدي والمهدى له، وفضل الله واسع. اهـ لكن الاجتماع لقراءة القرآن وإهداء ثوابه لم يكن من عمل السلف الصالح ولم يقم عليه دليل.
وعليه، فما تفعلونه من أجل الإهداء أمر حسن وجائز، لكن اجتماعكم من أجله بدعة، فلتحذروا منها، وإياكم ومحدثات الأمور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1424(11/13192)
وصول الثواب للميت إذا أهداه له الحي
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي متوفى منذ حوالي سنة تقريباً.. وليست لدي إمكانيات مادية كي أخرج له صدقات، وأتمنى أن يصله كل عمل طيب أقوم به من دعاء وصلاة.. وأنا سمعت بأن أي عمل يقوم به الابن أو البنت يصل إلى والديه.. وحالياً أنا أتعلم حفظ القرآن والتجويد.. فهل يعتبر تعليمي هذا وكل عمل في طاعة الله صدقة جارية على روحه.. أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فرحم الله والدكِ وغفر الله له ولموتى المسلمين، واعلمي أنه بإمكانكِ أن تعملي الكثير لوالدكِ بعد وفاته، وراجعي لذلك الفتوى رقم: 10602.
والراجح من أقوال العلماء أن أي عمل صالح يمكن إهداء ثوابه للميت ويصله ذلك بإذن الله، وراجعي التفاصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3500، 33988، 29004، وكذا ما أحلنا عليه فيها.
وما سمعته السائلة من أن أي عمل يعمله الولد يصل ثوابه إلى والديه مطلقاً غير صحيح، لأنه لا يصله إلا ما أهداه له ولده، نعم يثاب الأب الذي ربى أولاده على الفضائل ثواب التربية الصالحة.
وقد وعد الله عز وجل بأن يجمع بين المؤمن وذريته الذين اتبعوه على الإيمان، وعد أن يجمع بينهم في الجنة في منزلة واحدة، فيرفع ناقص العمل حتى يساوي كثير العمل تفضلا من الله ومنة.
وتعلمكِ القرآن وحفظكِ له وأي عمل تقومين به أنتِ لا يكون صدقة جارية لوالدكِ، لكن لك أن تهدي ثواب ما شئت منه له كما تقدم.
لكن السؤال هنا من أهدى ثواب عمل من الأعمال لآخر هل يكون له مثل ذلك الأجر؟ تقدم الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 33440.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1424(11/13193)
حكم تشريك الوالدين المتوفيين في ثواب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أقول: اللهم اجعل ثوابه لي ولوالدي المتوفين؟ وذلك بعد كل عمل خيري: كالصدقات والتسبيح بعد الصلاة أربعا وأربعين مرة وكذلك الاستغفار وتلاوة القرآن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا أقوال العلماء في وصول ثواب الأعمال الصالحة المهداة من الحي للميت في الفتوى رقم: 3406 فلتراجع، وبينا فيها أن الراجح وصول ثواب الأعمال إلى الميت.
وعليه، فيجوز للسائل أن يهدي ثواب العمل كله لوالديه أو يشركهما معه.
وننبه السائل إلى أن التسبيح بعد الصلاة لم يرد بهذا العدد الذي ذكره في السؤال وهو أربع وأربعون مرة.
بل الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسبح ثلاثاً وثلاثين ويحمد ثلاثاً وثلاثين ويكبر ثلاثاً وثلاثين، وفي بعض الأحيان يسبح عشر مرات ويحمد عشراً ويكبر عشراً، وفي أحيان أخرى يسبح خمساً وعشرين ويحمد خمساً وعشرين ويكبر خمساً وعشرين ويهلل خمساً وعشرين، بيّن هذا كله ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد، فليرجع إليه لمزيد من الفائدة إن أمكن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(11/13194)
الدعاء للميت بعد دفنه.. المشروع والممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندنا لما نصل إلى المقبرة بينما جماعة يقومون بدفن الميت، فإنَ جماعة أخرى تقوم بترتيل القرآن، وبعدما يدفن الميت يرفع الإمام والحاضرون أيديهم ويدعو بالخير للميت وأهله وجميع المسلمين ويؤمن الحاضرون ويمسح ويمسحون وجوههم، فهل ما ذكرنا لكم من السنة؟ فإن لم يكن كذلك فما السنة في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة أن الصحيح من أقوال أهل العلم وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت إن أهداها الحي له.
ولكن قراءة القرآن على القبر وخاصة حال دفن الجنازة أمر غير مشروع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله هو ولا أحد من خلفائه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 27265 فلتراجع.
وأما الدعاء للميت بعد دفنه فإنه مشروع في الجملة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد دفن جنازة: استغفروا لأخيكم وسلوا له بالتثبيت فإنه الآن يُسأل.
ولكن ليس في الحديث ما يدل على أن هذا الدعاء كان جماعياً، بل ظاهر الحديث على خلاف ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالدعاء، ولم يقل سأدعو لأخيكم فأمنوا، فمن كان حريصاً على أن يتقبل الله عز وجل منه العمل، فعليه باتباع السنة، فإن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه موافقاً لشرعه.
وأما مسح الوجه بعد الدعاء فمسألة خلافية بين العلماء، منهم من استحبه ومنهم من منعه، والأمر واسع في ذلك وإن كنا نرجح من باب الورع عدم المسح، لأن الحديث الوارد في المسح لا يخلو من كلام، ولعدم اشتهار ذلك عند السلف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1424(11/13195)
التصدق عن والديك وهما أحياء أمر مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أقوم بعمل استقطاع شهري كصدقة لصالح والديّ؟ مع العلم باستطاعتهما وأنهما أحياء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان مقصودك بالصدقة هو التصدق عن والديك وهما أحياء - كما هو المتبادر في سؤالك -، فهذا أمر مشروع لا حرج فيه إن شاء الله تعالى، وقد مضى لنا جواب فيه تفصيل لذلك فراجعه تحت رقم: 8132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(11/13196)
يجوز لك أن تذبحي تقربا لله عن أبيك
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي، وأردت أن أقوم بعمل ثواب لعل الله سبحانه وتعالى يتقبل مني وأهب مثله لوالدي، فسيقوم عمي بأداء العمرة هذا العام، وأردت أن أعطيه مبلغاً من المال ليذبح ما يتيسر له ذبحه في المدينة المنورة، لعل الله يتقبل ثواب تلك الذبيحة وإطعام الفقراء منها ويرحم بها والدي. فهل هذا جائز أم أنه من الأفضل أن أقوم بالذبح أو توزيع اللحم في بلدي؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح الذي عليه جمهور الفقهاء هو جواز الذبح عن الميت تقربًا، ومنعه الشافعية إلا إذا نذره الميت أو كان وقفًا منه. وإنما أجازه الجمهور؛ لأنه من جنس القربات التي يتقرب بها الحيُّ، فيصح أن يهديها للميت، فيجوز لك أن تذبحي تقربًا لله عن أبيك، سواء بالمدينة المنورة أو في بلدك. ولعل الذبح في بلدك أولى لمظنة كون حاجة الفقراء فيه أكثر، ولعله تكون فيه صدقة على ذي رحم، فيحصل منه أجر الصدقة وأجر الصلة.
ولو جعلت ثمن هذه الذبيحة صدقة، فهو أفضل للاتفاق على مطلق الصدقة عن الميت، كما حكاه غير واحد، كالنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية والعراقي.
وأصل ذلك الحديث المخرج في الصحيحين والسنن وغيرها، عن عائشة رضي الله عنها: أنّ امْرَأةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ الله إنّ أُمّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَلَمْ تُوصِ وأراها لو تَكَلَّمَتْ تصَدَّقَتْ، أفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ فَتَصَدّقِي عَنْهَا.
وقد يخص بعض الناس الذبح عن الميت لاعتقاد بوجوبه أو استحبابه على غيره، حتى صار في بعض البلاد كالواجب الذي لا يفرطون فيه، ولعل المالكية كرهوه لهذا الاعتبار ولو كان أضحية.
والحمد لله أن أبواب الخير التي يصل الميت ثوابها كثيرة، فيمكن أن تفعلي منها ما يتيسر لك، وتجدي أمثلة عليها مع الأدلة على بعضها في الفتوى رقم: 8042، فلتراجعها إن شئت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(11/13197)
حكم هبة ثواب صدقة للميت كان أخرجها عن نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت امرأة ببناء مسجد وتمنت من الله تعالى الثواب ثم بعد عدة سنوات توفي زوجها وأثناء نقله لصلاة الجنازة عليه تمنت من الله تعالى أن يهب له نصف ثواب بناء المسجد.
فهل هذا جائز؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للمرء أن يعطي للميت ثواب صدقة أخرجها عن نفسه. والمختلف فيه من ذلك هو هل يحصل الثواب للواهب مع حصوله للموهوب له، أم لا يحصل إلا للموهوب له فقط. وانظري ذلك في الفتوى رقم: 33440.
وبناء على ذلك فلا ضير فيما فعلته هذه المرأة، بل هو فعل مستحب، ولكن عليها أن تنجز ما أرادته للميت من الثواب بصيغة الدعاء لا بصيغة التمني؛ كأن تقول: اللهم اجعل نصف ثواب مسجدي الذي بنيته لزوجي.. أو نحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1424(11/13198)
إهداء ثواب القراءة للميت جائز بضوابط
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ الكريم
أفتونا عما أسمعه وأشاهده، أي قراءة الفاتحة أو سورة يس مفردا أو جماعة وإهداؤها إلى روح الشيخ الفلاني وخصوصا الشيخ العلاني خصوصا للشيخ ... وخصوصا حضرة الشيخ الفلاني.
جزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أصل هذه المسألة جائز، نعني إهداء ثواب قراءة القرآن إلى الميت. وقد سبق أن بيَّنَّا ذلك في الفتوى رقم: 5541، والفتوى رقم: 3406.
والسبيل إلى ذلك هو فعلها بنية التقرب إلى الله وإهداء ثوابها للغير. لكن يجب الحذر من فعل ذلك على صورة تدخلها في دائرة الابتداع، كاستئجار قارئٍ، أو فعلها جماعة، أو تخصيص سورة معينة، أو تخصيص شخص معين بقراءتها، لا سيما إن عرف عنه الخير والصلاح، اعتقادًا من قارئها أنه بذلك يجلب نفعًا أو يدفع ضرًّا، فيترتب عليه فسادٌ في الاعتقاد، كما هو واقع ومشاهد من كثيرٍ من جهلة المسلمين.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتويين: 2288، 15970.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(11/13199)
لا مانع أمن إهداء ثواب العمل للأحياء والأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع عمل استقطاع لوالدي من راتبي الخاص وعمل صدقة جارية لهما؟ مع العلم باستطاعتهم المادية. ولكنها رغبتي كنوع من البر لوالدي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من أن يتصدق المسلم أو يستقطع من راتبه للأعمال الخيرية أو يعمل أي عمل صالح ويهدي ثوابه لغيره من الأحياء والأموات. وقد اختلف أهل العلم في وصول ثواب الصوم والحج وقراءة القرآن للميت، واتفقوا على أن الصدقة والدعاء يصل ثوابهما للأموات، وأحق من سعى الإنسان في نفعه حيًّا أو ميتًا هما والداه.
وعلى ذلك فلا مانع من أن يستقطع المسلم من راتبه صدقة جارية وينوي ثوابها لوالديه سواء كانوا أحياء أو أمواتًا، بل هذا يعتبر من برهما.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال العلماء نحيلك إلى الفتوى رقم: 32689.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(11/13200)
لا مانع من إهداء ثواب صيامك لوالدك المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تغيير النية؟
أي (لقد نويت صيام الدهر كله، يوما بيوم، مادمت على قيد الحياة، وقد سمعت أنه يجوز للابن أن يصوم عن والده المتوفى، فهل يجوز أن أغير النية لكي أصوم عن والدي المتوفى رحمه الله؟
ولكم جزيل الشكر.
وأدخلنا وإياكم جنات الفردوس إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان على والدك صوم، فإنه يستحب أن تصوم عنه، لما جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مات وعليه صيام، صام عنه وليه. وهذا الذي ذهب إليه المحققون من أهل العلم.
أما إذا لم يكن عليه صوم، فلا مانع من أن تهدي له ثواب الصيام الذي تصومه أنت أصلاً، أو غير ذلك من أنواع الطاعات والصدقات.
ولا داعي لتغيير نية صيامك في هذه الحالة، ولا يلزم ذلك إلا إذا كان عليه صيام فرض، فإنك تصوم بنية القضاء عنه، كما جاء في الحديث الصحيح.
وتغيير النية وترك الصيام نهائيا لا مانع منه، لأن المتطوع أمير نفسه، إلا إذا كان ذلك نذرا، فإنه تلزمك متابعته والوفاء به.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 18276.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(11/13201)
حكم قراءة سورة مخصوصة بعدد معين للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قراءة سورة الإخلاص مائة ألف مرة للميت تعتقه من النار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالميت الموحد تحت مشيئة الله تعالى، إن شاء غفر له على ما بدر منه، وإن شاء عذبه ثم مصيره إلى الجنة قطعاً، لأنه لا يخلد موحد في النار.
وقراءة القرآن وإهداء ثواب ذلك إلى الميت مما ينفعه عند الله تعالى، ويصل ثوابها إليه لعموم الأدلة الواردة في وصول ثواب الأعمال إلى الميت، كما هو مبين في الفتوى رقم: 2288.
وأما قراءة سورة مخصوصة وإهداء ثوابها إلى الميت، فلم يثبت في ذلك حديث لا في سورة الإخلاص ولا في غيرها، فضلاً عن تحديد ذلك برقم أو نتيجة معينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(11/13202)
المأثور من الأدعية للأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
والدي توفي منذ شهرين تقريبا، وأنا أريد أن أبره بعد موته، وأريد أن أدعو له في كل الأوقات، فما هي الأدعيه التي يمكن أن أدعو بها لوالدي رحمه الله؟ وما هي صيغة الاستغفار له؟ أن أمكن أريد أكثر الأدعيه من السنة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء للميت يصح بكل صيغة تفيد الترحم والاستغفار، ومما أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلي:
عن واثلة بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الدعاء لميت: اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِ من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر له وارحمه، فإنك أنت الغفور الرحيم. رواه أحمد وأبو داود.
وعن عوف بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الصلاة على جنازة: اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بماء وثلج وبَرَد، ونَقِّهِ من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وقِهِ فتنة القبر وعذاب النار. رواه مسلم.
وروى أحمد وأصحاب السنن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفَّهُ على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده.
وعن أبي هريرة قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة على جنازة، فقال: اللهم أنت ربها وأنت خلقتها، وأنت رزقتها وأنت هديتها للإسلام، وأنت قبضت روحها، وأنت أعلم بسرها وعلانيتها، جئنا شفعاء له فاغفر له ذنبه. رواه أحمد وأبو داود.
ولأبي هريرة دعاء يقول فيه: اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه سيئاته، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده. أخرجه الإمام مالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(11/13203)
أفضل ما تقوم به الزوجة عن زوجها المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي زوجي منذ أربعة أشهر وقد صنعت قلادة ذهبية عليها صورته، فهل في ذلك أي خطأ ارتكبته
وما هي الأشياء التي يمكن أن تكون صدقة جارية على روحه؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما قمت به من جعل هذه الصورة على القلادة الذهبية أمر محرم، إذ أن أكثر أهل العلم على تحريم هذا النوع من الصور، لما ثبت بالسنة الصحيحة من أدلة تحريم التصوير، وراجعي في الفتوى رقم: 4371 - والفتوى رقم: 28837
وأما بخصوص الصدقة الجارية فانظري الفتوى رقم:
8042 ونضيف هنا فنقول: إن من أفضل ما يمكن أن تقومي به دعاءك له بالرحمة والمغفرة، ورعايتك لأبنائه وتنشئتهم على الأخلاق والآداب الإسلامية إن كان له منك أبناء.
نسأل الله تعالى أن يغفر له وأن يحسن عزاءك فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(11/13204)
اهداء القربة للميت هل ينال المهدي ثوابها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للمتصدق عن الميت أجر الصدقة كما للميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاختلف العلماء في المسلم يعمل القُربة من صدقة أو قراءة ونحو ذلك ثم يهديها للميت، هل يكون أجرها للمُهدِي والمُهدَى له، أم للمُهدَى له فقط؟
جاء في مطالب أولي النهى:
وسُنَّ إهداء القُرَب فيقول: اللهم اجعل ثوب ذلك لفلان، وذكر القاضي أنه يقول: اللهم إن كنت أثبتني على هذا، فاجعله أو ما تشاء منه لفلان، وقال ابن تميم: والأولى أن يسأل الأجر من الله تعالى ثم يجعله للمُهدَى له، فيقول: اللهم أثبني على ذلك واجعله ثوابا لفلان، وللمُهدِي ثواب المُهدَى، وقال بعض العلماء: يثاب كلٌّ من المهدِي والمهدَى له، وفضل الله واسع. اهـ.
وقال القاسم في حاشيته على تحفة المحتاج: إذا نوى ثواب القراءة للميت ودعا، حصل له ثوابها، لكن هل المراد أن يحصل له مثل ثوابها، فيحصل للقارئ ثواب قراءته، وللميت مثله، أو المراد أنه لا يحصل للقارئ حينئذ ثواب، وإنما يحصل للميت فقط؟ فيه نظر، والقلب للأول أميل.. اهـ.
والذي يظهر -والله أعلم- أن من فعل قُربة ثم أهداها لغيره أن أجر تلك القُربة يكون للمُهدَى له، ولا شيء للمُهدِي، لأن نفسه طابت بهبة ذلك للميت، ولكن يؤجر بالإحسان إلى الميت والبرِّ به خصوصا إذا كان أباه أو أمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1424(11/13205)
الاقتصار على هدي النبي في الدعاء للميت أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته
أتساءل هل تجوز قراءة القرآن للميت بالرغم أنه لم يرد عن سيد المرسلين وأشرف الخلق هذا الأمر على الرغم من أهميته وإن بطل رأيي وكان ورد شيء في هذا الأمر فأرجو أن تفيدونا؟ كذلك عندما غارت أمنا عائشه من أمنا خديجة فقد قال لها الرسول لن أستغفر لك حتى تستغفري لخديجة كذلك عندما توفي سيدنا أبوبكر وسيدنا عمر وكذلك سيدنا عثمان كان يستغفر لهم سيدنا علي ولم يقرأ القرآن كذلك هم بالتوالي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الفتوى بجواز إهداء ثواب قراءة القرآن للميت، فراجعه برقم: 3406.
أما حديث: لن أستغفر لك حتى تستغفري لخديجة. فلم نجده في شيء من كتب السنة، لا صحيحا ولا ضعيفا.
أما استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لكثير من المسلمين أحياء وأمواتا، فقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك، ولا يحتاج لدليل، وكذلك استغفار عمر لأبي بكر وعثمان لهما، وعلي لهم جميعا ثابت، وليعلم أنه لم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم ولا هدي أصحابه قراءة القرآن للموتى، فالأولى الاقتصار على هديهم في الدعاء والاستغفار، وعدم قراءة القرآن لهم، وإن فعل المسلم ذلك جاز لما تراه من أوجه الاستدلال، وشروط الجواز في الفتوى المشار إليها سابقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1424(11/13206)
حكم دعاء الحي أن يقسم الله ثواب أعماله بينه وبين الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أدعو الله بأن يقسم ثواب كل أعمالي مناصفة بيني وبين أمي وأبي الميت طول حياتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من الدعاء بذلك، ويكون للموتى مثل ثواب ما عمل عند الشافعية وجماعة، ونفس ثواب ما عمل عند الحنفية وجماعة.
قال الإمام القرافي في الفروق: القربات ثلاثة أقسام: قسم حجر الله تعالى على عباده في ثوابه ولم يجعل لهم نقله لغيرهم كالإيمان، فلو أراد أحد أن يهب قريبه الكافر إيمانه ليدخل الجنة دونه لم يكن له ذلك، بل إن كفر الحي هلكا معا، أما هبة الثواب مع بقاء الأصل، فلا سبيل إليه، وقيل الإجماع في الصلاة أيضا ... وقسم اتفق الناس على أن الله تعالى أذن في نقل ثوابه للميت، وهو القربات المالية، كالصدقة والعتق، وقسم اختلف فيه هل حجر أم لا، وهو الصيام والحج وقراءة القرآن، فلا يحصل شيء من ذلك للميت عند مالك والشافعي رضي الله عنهما.
وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل: ثواب القراءة للميت. انتهى.
وقال ابن عابدين في حاشيته: تنبيه: صرح علماؤنا في باب الحج عن الغير بأن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة او صوما أو صدقة أو غيرها.
وقال: الذي حرره المتأخرون من الشافعية وصول القراءة للميت إذا كانت بحضرته أو دعا له عقبها ولو غائبا، لأن محل القراءة تنزل الرحمة والبركة، والدعاء عقبها أرجى للقبول، ومقتضاه أن المراد انتفاع الميت بالقراءة، لا حصول ثوابها له، ولهذا اختاروا في الدعاء: اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأته إلى فلان، وأما عندنا، فالواصل إليه نفس الثواب. وفي البحر: من صام أو صلى أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والأحياء جاز، ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنة والجماعة، كذا في البدائع، ثم قال: وبهذا علم أنه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتا أو حيا، والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه، ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره، لإطلاق كلامهم، وأنه لا فرق بين الفرض والنفل. اهـ.
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: إيصال عين ثواب ما قرأه غيره غير مراد، وإنما المراد الدعاء بأن الله تعالى يتفضل ويوصل مثله إلى المدعو له، فلفظة المثل إن صرح بها فواضح، وإلا، فهي مرادة، وحذف لفظها وإرادة معناها شائع في كلامهم في الوصية والبيع وغيرهما. اهـ.
وقال ابن القاسم في حاشيته على تحفة المحتاج: إذا نوى ثواب القراءة للميت ودعا حصل له ثوابها، لكن هل المراد أنه يحصل له مثل ثوابها، فيحصل للقارئ ثواب قراءته، وللميت مثله، أو المراد أنه لا يحصل للقارئ حينئذ ثواب، وإنما يحصل للميت فقط، فيه نظر، والقلب للأول أميل، وهو الموافق لما يشعر به كلام ابن الصلاح اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 8132، والفتوى رقم: 15604.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1424(11/13207)
حكم إهداء ثواب التبرع بالدم للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت جدتي رحمها الله، فلم يكن معي مال حتى أتصدق به على روحها فقمت بالتبرع بالدم على روحها، فهل هذا يعتبر صدقة أصلا، وهل تعتبر صدقة جارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا حكم التبرع بالدم وضوابطه وفضيلته في الفتوى رقم:
5090، والفتوى رقم: 11994.
ومن هذا تعلم أن التبرع بالدم بالضوابط المذكورة صدقة، ولكن ليس صدقة جارية، وقد اتفق أهل العلم على جواز إهداء ثواب الصدقة إلى الميت وأن الله ينفعه بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1424(11/13208)
أعمال لا ينقطع أجرها بعد الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصدقه تجوز عن الميت بعد وفاته، وأين هي من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ينقطع عمل ابن آدم إلا من ثلاث.... إلخ (ينقطع) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصحيح عند أهل العلم أن الصدقة عن الميت مطلوبة ويصل إليه ثوابها -إن شاء الله تعالى- بدليل الحديث المتفق عليه: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن أمي افْتُلِتَتْ نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم.
فوصول ثواب الصدقة والدعاء للميت هو من فعل غيره عنه، وذلك لم ينقطع، أما سعي الإنسان لنفسه فينقطع بموته إلا في المسائل التي كان له جهد في تحصيلها قبل موته، فلا تعارض إذن بين وصول ثواب الصدقة والدعاء وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له.
قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث: قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه سببها، فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خلَّفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف.
وأيضاً وصول ثواب الصدقة والدعاء للميت والحج عنه ونحوها كلها أمور ثابتة بأدلة شرعية صحيحة تدل على مشروعيتها، وللمزيد من الفائدة يرجع إلى الفتوى رقم: 8042، والفتوى رقم: 25888.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(11/13209)
ما يجوز إهداء ثوابه إلى الميت وما لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ قتل في أمريكا بعمر26 سنة هل يجوز لي أن أصوم عنه وأصلي عنه أيضاً وهل قراءة القرآن يذهب أجرها له وما فضل سورة يس في القرآن وفائدتها للأموات؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن ثواب العبادات البدنية كالقراءة والصلاة والصوم يجوز إهداؤه إلى الميت، وهذا مذهب أحمد وأبي حنيفة وطائفة من أصحاب مالك والشافعي.
أما العبادات المالية كالصدقة والعتق ونحو ذلك فيصل ثوابها إلى الميت بالإجماع، وراجع للتفصيل الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2288، 3500، 25638، 8041.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1424(11/13210)
تبليغ الميت بالقربات لا يثبت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي وعملت لها صدقة وهي إعمار مسجد الحي ووهبت الأجر لها، فهل يصلها ذلك وهل تبلغ به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيصل إلى الميت ثواب الصدقة بإجماع العلماء، أما تبليغه بذلك فقد ورد فيه حديث ضعيف لا يصح، وراجع لذلك الفتوى رقم: 9998
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(11/13211)
لا بأس بإهداء ثواب الصدقة أو بعضه لشخص أو أكثر من الأحياء أو الأموات.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لي صديقة اتفقت مع زميلاتها على أن يقمن بجمع مبلغ (365) درهماً (حسب أيام السنة) من أهل الخير في كل عام لوضعها في مشروع (وقف) لم يحدد ما هو فهل هذا المبلغ يعتبر صدقة جارية عن الأحياء والأموات وهل يجوز أن أشرك اثنين أو أكثر من أجدادي الأموات في هذا المبلغ أم الأجر لن يكون كاملاً؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصدقة من الأعمال والقربات التي يصح إهداء ثوابها إلى الغير من الأحياء والأموات، ومن أفضل الصدقات الصدقة الجارية. قال في الإقناع من كتب الحنابلة: وكل قربة فعلها مسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه. انتهى.
وعليه فلك أن تتصدقي بأي مبلغ وتهدي ثوابه أو بعض الثواب ولو إلى أكثر من شخص ممن قد ماتوا أو ما زالوا أحياء، وفضل الله واسع وخيره عميم، ولن يحرموا جميعهم من الأجر، ويجوز أن تشركي نفسك معهم في الأجر كما هو مبين في الفتوى رقم:
15604.
هذا كله إذا كانت الصدقة من مالك، أما إذا كنت فقط تجمعينها فأجرها للمتصدق، ولك أجر الجمع والسعي في ذلك، ولك أن تهدي ثواب ذلك إلى من شئت كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1423(11/13212)
تقسيمات العلماء حول جواز نقل القربات إلى الأحياء والأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكنني أن أختم القرآن عن أحد والدي مع العلم أنه حي لم يمت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قسم العلماء جواز نقل القربات إلى الغير إلى ثلاثة أقسام:
-قسم حجر الله تعالى على عباده في ثوابه، ولم يجعل لهم نقله لغيرهم، كالإيمان والتوحيد، فلو أراد أحد أن يهب قريبه الكافر أو غيره إيمانه أو ثوابه ليدخل الجنة لم يكن له ذلك.
-وقسم اتفق الفقهاء على أن الله تعالى أذن في نقل ثوابه، وهو القربات المالية كالصدقة والعتق.
-وقسم اختلف فيه، فذهب الحنفية والحنابلة إلى جواز نقل ثواب ما أتى به الإنسان من العبادة لغيره من الأحياء والأموات، يقول الكاساني: من صام أو صلى أوتصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والأحياء جاز. "وقال في الفروع:" كل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها للمسلم نفعه ذلك.
واحتجوا على جواز نقله للأحياء بما ورد في الصحيح، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أملحين أقرنين موجوءين، فيذبح أحدهما عن أمته ممن شهد بالتوحيد وشهد له بالبلاغ.
ويذبح الآخر عن محمد صلى الله عليه وسلم وآل محمد. قال في الفروع: وهو يدل على أن أمته أمواتهم وأحياءهم قد نالهم النفع والأجر بتضحيته، وإلا كان ذلك عبثاً.
ولا يجوز عند أكثر المالكية نقل ثواب الصلاة وا لصيام والحج وقراءة القرآن إلى الغير، ومثل ذلك عند الشافعية، وانظر الفتوى رقم:
18276.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1423(11/13213)
مذاهب العلماء فيما يصل ثوابه إلى الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزالجمع بين نيتي ختم القرآن لي ولشخص آخر ميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم قراءة القرآن وهبة ثوابه للأموات في فتاوى سابقة ذكرنا فيها أن ذلك جائز في الجملة، وهو مذهب الحنفية والحنابلة وبعض متأخري المالكية، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما، وقد نص الحنابلة على أنه يجوز للقارئ أن يهب كل القراءة أو بعضها للأموات، قال في كشاف القناع: (وكل قربة فعلها المسلم، وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه كالثلث أو الربع لمسلم حي أو ميت جاز ذلك ونفعه لحصول الثواب له.) انتهى
وبناءً على ذلك؛ فلا مانع من ختم القرآن بالصورة المذكورة في السؤال، مع العلم بأن فعل الأمور المتفق على جوازها للأموات أولى من المختلف فيها، كالصدقة عنهم والدعاء والحج والاعتمار لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1423(11/13214)
قراءة القرآن أثناء الدفن والعزاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز قراءة القرآن في بيت الميت وما حكم قراءة القرآن في المقبرة أثناء الدفن إلى أن
يفرغ منه؟ وجزاكم الله كل الخير.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم -رحمهم الله تعالى- في وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت، وجمهور العلماء يقولون بوصولها لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَان) [الحشر:10] .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، أن الصدقة تصل إلى الميت وتنفعه، وقاس العلماء قراءة القرآن عليها. ولا يعارض ذلك قوله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) [لنجم:39] .
أي ليس له من كسبه وسعيه هو إلا ما قدمه وعمله، ولا يمنع ذلك أن يكسب من سعي غيره لدلالة الأحاديث المتكاثرة على وصول ثواب الحج والصدقة والدعاء والعلم.. وغيرها.
والقراءة تصل من غير تحديد مكان أو زمان معين ومحدد لها. وما يفعل من الاجتماع في بيت الميت لقراءة القرآن وعمل ما يسمونه (بالختم) عمل غير مشروع لم ينقل عن السلف فعله، وإنما هو من المحدثات لتقيده بكيفية وزمن وحال لم يأت الشارع به، والمنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على الميت ثم دفنه والاستغفار والدعاء له ثم الانصراف.
وكذلك قراءة القرآن على القبر أثناء الدفن إلى أن يفرغ منه عمل ليس عليه دليل، والمتبع إنما هو النبي صلى الله عليه وسلم، فإن فعل شيئاً فعلناه واقتدينا به، وإن لم يفعل شيئاً فلا نفعله، فالخير كل الخير في اتباعه، وما ترك خيراً إلا ودل عليه ولا شراً إلا وحذر منه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) . أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1423(11/13215)
الأولى أن تجعل القراءة لنفسك، وأن تخص الأموات والأحياء بالدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أختم القرآن إن شاء الله..عن روح جدي الميت ولكن هل أقدر أن أهب ختمتي لأكثر من ميت أم لا؟؟؟ وهل يجوز أن أختم عن أحد حي..؟؟ ساعدوني بالرد وجزاكم الله كل الخير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فثواب القراءة المهداة إلى القريب أو البعيد أو المجهول يصل إليه إن شاء الله تعالى ولا فرق بين كونه ميتاً أو حياً على الراجح من أقوال العلماء، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: الحي في كل ما تقدم كالميت في انتفاعه بالدعاء ونحوه، كذا القراءة ونحوها.
ولا بأس أن يهدي القارئ ثواب ختمته لميت واحد أو أكثر، والأولى أن تجعل القراءة لنفسك، وأن تخص الأموات بالدعاء والصدقة، إذ لو كانت القراءة للأموات عملا فاضلاً مستحباً لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إليه كما أرشدهم للصدقة والدعاء.
وهذا لا يتعارض مع قولنا بوصول الثواب، أو بجواز القراءة، فهذا شيء، واستحباب العمل والدعوة إليه شيء آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1423(11/13216)
حكم الحج عن تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في أداء الحج عن جدي ولكن المشكلة أنه كان لا يصلي ومات وهو لا يصلي فهل يجوز أداء فريضة الحج عنه وهل يجوز الدعاء له بالمغفرة والتصدق أو فعل الخيرات عنه؟ جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا مات جدك وهو منكر وجوب الصلاة فقد مات كافراً -والعياذ بالله- لا يجوز الدعاء له، ولا طلب الغفران، ولا إهداء شيء من القربات، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيم) ٌ [التوبة:114] .
وإما إن مات وهو تارك للصلاة مع اعترافه بوجوبها وتقصيره، وكان تركه لها تركاً مطلقاً، فهو كافر أيضاً على الراجح من أقوال أهل العلم، ومن أهل العلم من رأى عدم كفره إذا كان مقراً بالوجوب.
وعليه؛ فيجوز الدعاء له، والحج والتصدق عنه.
والراجح الذي تدل عليه أدلة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة هو القول بكفره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(11/13217)
أقوال العلماء في إهداء ثواب القراءة للنبي عليه الصلاة والسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة سورة الفاتحة على روح النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في قراءة الفاتحة أو غيرها من القرآن الكريم وإهداء ذلك إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت طائفة: إن هذا من البدع المحدثة التي لم يرد بها أثر، وهو اجتراء على مقام النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يرد، كالصلاة عليه وسؤال الوسيلة له.
وقال طائفة: إن ذلك جائز بل مندوب قياساً على الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وسؤال الوسيلة والمقام المحمود ونحوه بجامع الدعاء بزيادة تعظيمه، والأولى ترك ذلك، لعدم وروده عن السلف، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم يصل إليه ثواب كل عمل صالح يصدر عن أمته، لأن الدال على الخير كفاعله، وكل خير تفعله أمته فهو الدال عليه صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(11/13218)
الميت ينتفع بالصدقة عنه بالإجماع
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي جدي منذ مدة وأريد أن أشتري بعض المصاحف وأجعلها في المسجد وقفا على نية أن الأجر
يكون لجدي فهل يجوز أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على انتفاع الميت بالصدقة عنه، لما في الصحيحين " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله؛ إن أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال نعم) متفق عليه، واللفظ لمسلم، ولما رواه أحمد والنسائي، عن سعد بن عبادة أن أمه ماتت فقال: " يا رسول الله، إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم. قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء " قال الحسن: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة.
قال النووي رحمه الله في شرح حديث: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية" (وفيه أن الدعاء يصل يصل ثوابه إلى الميت، وكذا الصدقة، وهما مجمع عليهما، وكذا قضاء الدين كما سبق) . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(11/13219)
الصدقة الجارية عن الميت مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله الخير وسؤالي هو
لقد توفيت ابنة عم لي قبل أسبوعين فهل يجوز أن أقوم بعمل صدقة جارية لها وإهدائها عمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيشرع لك الصدقة، سواء كانت جارية أو غيرها، وكذلك العمرة أو الحج لمن توفى من أقاربك أو غيرهم.
كما هو مبين في الفتوى رقم: 8132، والفتوى رقم: 3500
ولمعرفة أنواع الصدقة الجارية انظر الفتوى رقم: 8042.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(11/13220)
إهداء ثواب صلاة النافلة للميت جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما صفة صلاة الركعتين التي إذا وهبهما المرء للمتوفى أرسل الله للمتوفى ألف ملك يحمل كل منهم هدية يتنعم بها الميت إلى يوم القيامة؟ وكيف أهدي هاتين الركعتين لوالدتي المتوفاة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأجمع العلماء على وصول أجر الصدقة والدعاء إلى الميت، واختلفوا في الصلاة والصيام وقراءة القرآن، فمذهب أبي حنيفة وغيره أن ذلك يصل إلى الميت، وذهب الشافعي ومالك في المشهور عنه إلى أن ذلك لا يصل، وللتفصيل في هذه المسألة ينظر الفتوى رقم: 3406.
وعليه يجوز للشخص أن يصلى ما شاء من صلاة التطوع ثم يُهدى ثواب ذلك إلى الميت.
أما الحديث الوارد في السؤال فلم نجد له أصلاً بعد البحث عنه، والظاهر أنه من الأحاديث الموضوعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1423(11/13221)
الميت ينتفع بدعاء الناس له والصدقة عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي رأت في المنام ابنة زوجها ولقد توفيت هذه البنت وهي في عز شبابها رأتها تبكي وتقول يا حظكم تقدرو تصلوا وتدعوا فقالت الجدة تعالي معنا فقالت لا أستطيع عندي حارس لا يتركني أذهب معكم وكانت دموعها غزيرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن الميت ينتفع بدعاء الناس له والصدقة عنه والاستغفار له، وكذا جميع الطاعات، وعلى هذا فالذي ننصح به هو أنه لا حرج بل من المستحسن أن يدعى لتلك الفتاة بالرحمة والمغفرة وأن يتصدق عنها، ويهدى ثواب ذلك لها وليس هذا تأويلاً للرؤيا، وإنما هذا أمر مشروع لكل ميت، ونعتذر للسائل عن تعبير الرؤيا، فإن الموقع خاص بالفتاوى عن الأحكام الشرعية العملية، كما ننبه إلى أن الرؤيا لا تنبني عليها أحكام، ولا يلزم منها شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1423(11/13222)
يتجدد الثواب للميت كلما تجدد النفع بأعماله الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو: عندما ينزل الرجل إلى قبره بعد وفاته وله من الأعمال الجارية كولد صالح يدعو له وكعمل خيري جاري ... فهل ينزل هذا الرجل بما عمل في دنياه فقط؟ أم ينزل بما عمل في دنياه؟ وما سيأتي له من دعاء لولده ومن حسنات جارية له يعلمها الله؟.
السؤال الثاني: توفي والدي يرحمه الله منذ أيام بمرض في بطنه (أي مبطون) ونراه في أحلامنا وهو سعيد ويلبس البياض وواقف أمام باب يشع منه نور ومرة يصطاد سمكا ومرة أخرى تسأله ابنته: أبي هل أنت في الجنة أم النار؟ فيقول لها: لقد رحمني ربي وأدخلني الجنة وهو لابس للبياض. فهل أحلامنا بالمتوفى حقيقة؟ مع العلم بأن من يحلم به هن أتقى من فينا وأكثرهن التزاما.
وجزاكم الله خيرا وأسف علي الإطالة وأرجو الإجابة علي السؤالين جعلهم الله في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات وخلف وراءه صدقة جارية، أو ولداً صالحاً يدعو له، فإن ثواب ذلك يتبعه إلى قبره، وإنما يصله ثواب الشيء عند حصوله.
فمن بنى مسجداً مثلاً، فإن أجر من صلى فيه يصله عند صلاة القوم في ذلك المسجد، وهكذا يتجدد له الثواب كلما تجدد النفع بعمله إلى أن ينقطع ما تركه.
وراجع الفتوى رقم: 8042، والفتوى رقم: 3960.
أما بالنسبة للرؤيا، فإن مركزنا غير مختصص بتأويل الرؤيا، لكن ظاهر هذه الرؤيا يبشر بخير، فوالدكم إن شاء الله في خير عظيم.
نسأل الله أن يكرمنا وإياكم والمسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1423(11/13223)
ختم القرآن على الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم ختم القرآن على ميت وقراءة بعض الآيات بعد صلاة الفجر على الميت هل يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود بختم القرآن على الميت، هو إهداء ثواب قراءة القرآن كاملاً إلى الميت فهذا جائز ويصل ثواب ذلك إلى الميت، على القول الصحيح لأهل العلم، ويجوز فعل ذلك بعد صلاة الفجر وفي أي وقت بلا تعيين، وإن كان المقصود بختم القرآن على الميت ما يحدث في بعض البلدان من الاجتماع على ذلك، ومناوبة القراءة فهذا من البدع التي لا أصل لها ولا مستند.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1423(11/13224)
لا تشرع قراءة القرآن في المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز قراءة القرآن جماعة في المقبرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقراءة القرآن في المقبرة لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه الراشدين، لا جماعة ولا فرادى، والخير كله في اتباع من سلف، والشر في ابتداع من خلف، والمشروع في زيارة القبور: السلام على أهلها والدعاء لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(11/13225)
الدعاء والعتق يصلان إلى الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى مجلس الفتاوى الموقر
أود السؤال عن ختم القرآن التي يقرأها العبد للشخص المتوفى أو العتق مائة ألف مرة
قل هو الله أحد أو الحمد هل تصله أو يستفيد منه المتوفى أم لا مع العلم أنني سمعت أنه لا يستفيد منه سوى الشخص الذي يقرأه وما يصل للمتوفى هو قول رحمه الله أو قراءة الفاتحة على روحه فقط
أرجو أن تكون الإجابة على السؤال مرفقة بآيات قرآنية أو أحاديث مسندة إذا أمكن
وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدعاء للميت، والصدقة له، والعتق عنه، وقراءة القرآن، ونحو ذلك كل ذلك يصل إلى الميت، وينتفع به كما سبق في الفتوى رقم:
3689، والفتوى رقم:
3406، والفتوى رقم:
8150.
إلا أن تخصيص سورة معينة أو سور معينة للقراءة، واعتقاد الأفضيلة لذلك، أو الاجتماع بصفة معينة لقصد القراءة، أو استئجار قارئ، ونحو ذلك كل هذا مما لا أصل له في الشرع، كما يتضح من الأجوبة المحال عليها سابقاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(11/13226)
يصل للنبي عليه الصلاة والسلام ثواب كل عمل صالح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة الفاتحة على روح النبي صلى الله عليه وسلم وروح الأموات؟ وهل لذلك كيفية معينة؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسبق بيان حكم إهداء ثواب قراءة الفاتحة وغيرها من القرآن في الفتوى رقم 18641 والفتوى رقم 16500 والفتوىرقم 15970
واعلم أخي أن نبينا صلى الله عليه وسلم يصل إليه ثواب كل عمل صالح من دون أن يهدي إليه أحد شيئاً، لأن الدال على الخير كفاعله، وكل خير يحدث من أمته صلى الله عليه وسلم فهو الدال عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(11/13227)
لا صيغة محددة لإهداء ثواب القراءة للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الصيغة المناسبة لإهداء قراءة القرآن الكريم على روح المتوفى وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة القرآن وإهداء ثوابه للميت جائزة على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد سبقت بذلك الفتوى رقم:
3406.
أما الصيغة، فلم يرد في الشرع صيغة محددة، فلو قال مثلاً بعد القراءة: "اللهم إن كنت قبلت قراءتي هذه فاجعل ثوابها لفلان" فهو حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1423(11/13228)
التصدق عن الميت مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي جار لنا وأولاده يريدون أن يعملوا صدقة جارية على روحه وقد أفتى لهم أحد أن الصدقة الجارية لا تجوز للميت وأن الإسان قبل وفاته يجب أن يكون هو الذي يعملها مامدى صحة هذا؟ برجاء إفتائي وجزاكم الله كل خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الفتوى غير صحيحة أنه قد أجمع أهل العلم المعتبرون في الإجماع على أنه يستحب أن يتصدق أولياء الميت عن ميتهم، وقد دلت على ذلك أدلة كثيرة وراجع التفاصيل في الفتوى رقم:
8132 والفتوى رقم:
3406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(11/13229)
إهداء ثواب العمل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنوي إن شاء الله أداء مناسك العمرة هذا العام وسؤالي هو: هل يجوز لي أداء مناسك العمرة لرسولنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم؟ وهل يجوز أيضا أداء المناسك للصحابة رضوان الله عليهم؟ وهل يجوز أداء مناسك العمرة للصحابة أجمعين (عمرة واحدة) أوهل لا بد من صحابي صحابي كل بشخصه؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لم يرد عن السلف إهداء ثواب الطاعات إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه، فالواجب الوقوف عند ما وقفوا عنده، فكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف.
فالنبي صلى الله عليه وسلم غني عن أن توهب له الطاعات، وصحابته قد رضي الله عنهم، والمسلم الآن أحوج منهم لهذا الثواب.
والذي ينبغي عمله هو ما أرشدنا إليه القرآن من الصلاة والسلام على خير الأنام، ومن الترحم على أصحابه، قال تعالى في حق النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56] .
وقال في حق أصحابه: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:10] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(11/13230)
كل قربة فعلت لحي أو ميت تنفع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أعمل ولكن براتب قليل وأريد أن أتصدق بجزء من راتبي ويوجد جمعية لكفالة اليتيم في المنطقة التي أسكن فيها ويوجد فيها نظام كفالة أسرة يتيمة بحد أدنى 30 جنيها مصريا وأنا أريد أن أتصدق بـ 50 جنيها وهو 1/3 راتبي وأنا أعلم أنه مبلغ قليل ولكن في حدود إمكانيتي والسؤال هو عندما أتصدق بالمبلغ يكون في نيتي أنه صدقة عني فقط أم يجوز أن يكون في نيتي أن يكون صدقة عني وعن أبي وأمي وأختي الأحياء وأيضا عن أجدادي وعمين وعمة توفاهم الله حتى ينالهم ثواب الصدقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يبارك في صدقتك، وأن يجزيك عليها خيراً، ولك أن تخصي نفسك أو أحد الأموات بثواب هذه الصدقة، ولك أن تهبي ثوابها لجميع من ذكرت.
قال في الإقناع من كتب الحنابلة: (وكل قربة فعلها المسلم، وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(11/13231)
ثواب الفاتحة وغيرها يصل ثوابها للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصل ثواب القرآن وخاصة سورة الفاتحه إلى روح الميت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن ثواب قراءة القرآن يصل إلى الميت، سواء سورة الفاتحة أو غيرها من سور القرآن الكريم، لأن من عمل عملاً ملك ثوابه ومن ملك شيئاً فله أن يهبه لمن شاء ما لم يقم بالموهوب له مانع من الانتفاع بالثواب، ولا يمنع منه إلا الكفر عياذاً بالله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(11/13232)
إهداء الأعمال الصالحة للميت التارك الصلاة هل تنفعه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان والدي مقصرا في صلاته فقط علما أنه كان يصوم وقد حج وحجج والدته ومعه نفر كثر ولكن لم يكن مواظبا على صلاته وقد أوفدت من يحج عنه وأنا ابنه ووالدتي عملت الشيء نفسه فهل هذا كاف ليقيه عذاب النار وعذاب القبر. واللهم ارحم أمواتنا وأموات المسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ترك الصلاة إثم عظيم، وقد جاءت نصوص السنة الصحيحة بتكفير تارك الصلاة، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر.
ولكن الصحيح من أقوال أهل العلم الذين حكموا بتكفير تارك الصلاة أنه لا يكفر إلاَّ من تركها تركاً كلياً. أما المقصر الذي يصلي بعضها ويترك بعضها فلا يكفر. ولعل هذا الوالد كان من هذا النوع نسأل الله عز وجل أن يغفر لموتى المسلمين أجمعين.
وإذا كان كذلك فإنه يجوز لأبنائه أو زوجته أن يهدوا له ثواب بعض أعمالهم ونسأل الله أن يتقبل ذلك منهم، وعليهم أن يكثروا من الدعاء والاستغفار له، ويحسنوا بعد ذلك الظن بالله تعالى، فإنه عند ظن العبد به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1423(11/13233)
أقوال العلماء في القراءة عند القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في قراءة القرآن عند القبور]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية: (واختلف العلماء في قراءة القرآن عند القبور على ثلاثة أقوال: هل تكره أم لا باس بها وقت الدفن، وتكره بعده؟ فمن قال بكراهتها كـ أبي حنيفة ومالك وأحمد في رواية، قالوا: لأنه محدث لم ترد به السنة، والقراءة تشبه الصلاة، والصلاة عند القبور منهي عنها فكذلك القراءة، ومن قال لا بأس به كـ محمد بن الحسن وأحمد -في رواية- استدلوا بما نقل عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أوصى أن يُقرأ على قبره وقت الدفن بفواتح سورة البقرة وخواتمها، ونقل أيضاً عن بعض المهاجرين قراءة سورة البقرة.
ومن قال: لا بأس بها وقت الدفن فقط، وهو رواية عن أحمد أخذ بما نقل عن ابن عمر وبعض المهاجرين.
وأما بعد ذلك كالذين يتناوبون القبر للقراءة عنده فهذا مكروه، فإنه لم تأت به السنة، ولم يُنقل عن أحد من السلف مثل ذلك أصلاً. وهذا القول لعله أقوى من غيره، لما فيه من التوفيق بين الدليلين.) ا. هـ
هذا ترجيح ابن أبي العز الحنفي في المسألة، لأنه رأى أن فعل الصحابة لذلك عند الدفن مما يؤيد القراءة في هذا الوقت، وعدم فعلهم لذلك في بقية الأوقات دليل على عدم الجواز فيها، فالصحابة أتبع الناس لنبيهم صلى الله عليه وسلم، والراجح عندنا -والله أعلم- هو القول الأول، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ أو يأمر بالقراءة وقت الدفن، بل إنه كان يقول لأصحابه: "استغفروا لأخيكم" رواه مسلم، وفي صحيح مسلم أيضاً عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: "قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون".
ومن ترك ذلك من الصحابة أكثر ممن فعله.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(11/13234)
اقتصري على الدعاء والصدقة ودعي زيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت إجابة الفتوى رقم 20407 بخصوص الفتاة المنتحرة وإنني يوميا أقرأ المصحف حتى أكملته مرة وفي طريقي للأخرى وقد عاهدت نفسي على ذلك إلى ما شاء الله تعالى وأهب ثواب القراءة لها وأقرأ سورة يس يوميا للشفاعة لها فهل هذا حسنا لها مع العلم بأنني أفعل ذلك يوميا عند زيارة قبرها والدعاء لها بالمغفرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيشرع الدعاء للميت والاستغفار له، وإهداء ثواب الطاعات كالصدقات وقراءة القرآن. وقد بينا ذلك في فتاوى كثيرة سابقة، وأما قراءة القرآن عند القبر، فهذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه الراشدين الذين أمرنا بإتباع سنتهم، ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
وزيارة النساء للقبور مكروهة عند جمهور العلماء، ومنهم من ذهب إلى تحريمها.
ولهذا نقول: اقتصري على الدعاء لها، والصدقة عنها، ودعي زيارة قبرها.
واعلمي أن قراءة سورة ياسين على الأموات لم يصح فيها حديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/13235)
إهداء ثواب القراءة للأحياء والأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بعد الانتهاء من ختم القرآن: هل يجوز أن أهديه إلى (أقصد بذلك ختام القرآن) والدي أو عن صاحبه أو عن أولاده وعن أهل بيته (أقصد به القارىء نفسه) ......
وهل يمكن أن تكون النية لكل جزء عن شخص معين
من الأحياء والأموات.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت مسألة وصول ثواب قراءة القرآن للأموات في الفتوى رقم 3406 والفتوى رقم 2288 ولا بأس بأن تكون النية أن لكل ميت جزءاً معيناً من القرآن، أما بخصوص هبة ثواب القراءة للأحياء فقد اختلف العلماء فيه، وقد ذكرنا طرفا من أقوال المجيزين والمانعين في الفتوى رقم: 68314، فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(11/13236)
الأمر واسع في شأن وصول ثواب القراءة للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت أن ثواب قراءة القرآن يصل للميت إذا تمت القراءة عند القبر أو غيره ولكني رأيت الإمام ابن باز يقول في كثير من فتاواه إن قراءة القرآن أو وهب ثوابه للميت فإنه لايصل؟ أفيدوني يرحمكم الله. مع ملاحظة السرعة في الرد. مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم ذكر أقوال العلماء وخلافهم في وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت وذلك في الفتوى رقم:
3406 وفي الفتوى رقم: 1376
والشيخ ابن باز رحمه الله تعالى أخذ بأحد القولين، وغيره أخذ بالقول الآخر، والأمر في ذلك واسع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(11/13237)
حديث "اقرؤا على موتاكم يس ضعيف"
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزقراءة سورة يس وإهداء أجرها للمتوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقراءة القرآن بنية إهداء ثوابه للميت جائزة، ولكن تحديد سور معينة لم يصح فيه حديث، ومن ذلك الحديث الوارد في قراءة سورة يس، وهو ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اقرءوا على موتاكم يس) فقد ضعفه كثير من أهل العلم بالحديث، وأعلوه بثلاث علل:
الأولى: جهالة أبي عثمان أحد رواته.
الثانية: جهالة أبيه.
الثالثة: الاضطراب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1422(11/13238)
مشروعية الوعظ عند الدفن
[السُّؤَالُ]
ـ[1- اعتاد الناس في بعض المناطق بعد دفن الموتى أن يلقي الإمام موعظة يخاطب فيها الحاضرين ويدعوهم إلى الاتعاظ فهل لهذا العمل أصل في الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإلقاء موعظة عند الدفن لتذكير الحاضرين بالموت وما بعده أمر مشروع وردت به السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، فقد روى أبو داود وأحمد وغيرهما عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة، وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، فقال: "استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثاً" ثم قال: "إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة.." إلى آخر الحديث، وهو حديث طويل بين فيه صلى الله عليه وسلم ما يلقاه العبد عند الموت وبعده.
واستدل به أهل العلم على مشروعية التذكير عند الدفن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1422(11/13239)
أقوال العلماء في وصول ثواب الصلاة عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[1-عند وفاة والدي أوصى بأن نعطي مالا لمسلم صالح يصلي صلوات لأجله علماء بعض الفرق يفتون بجوازه ولكن الأمر من الصعوبة بمكان أن أقبل بأن يصلي شخص لشخص آخر وأنا مستعد أن أوقع هذا المال لمسلم صالح أعرفه ولكن لا أعرف هل يقبل الله ذلك عوضاً عنه؟ إذا لم يجز هذا فهل يجوز لي أن أشتري بالمال نفسه طعاماً وأوزعه بين الفقراء والمساكين؟ آمل أن ترشدوني في هذه القضية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء رحمهم الله في وصول ثواب الصلاة للميت، فذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا يصل، واستدلوا على ذلك بقول الله جل وعلا: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) [النجم: 39] وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد يدعو له) رواه مسلم. قالوا: فلا يلحق الميت إلا ما ورد به نص من الشارع كالثلاثة المذكورة في هذا الحديث، وكالصوم المذكور في حديث ابن عباس، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر؛ أفأقضيه عنها؟ قال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم. قال: "فدين الله أحق أن يقضى") رواه البخاري ومسلم. وكالحج المذكور في حديث ابن عباس رضي الله عنه من أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت؛ أفأحج عنها؟ قال: "نعم، حجي عنها؛ أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضية؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء" رواه البخاري.
وهذا المذهب -أعني عدم وصول ثواب الصلاة للميت- رجحه النووي، وحكى عليه ابن عبد البر الإجماع.
وذهب الحنفية والحنابلة إلى أن ثواب الصلاة يصل، قياساً على الصوم والصدقة والحج.
قال ابن القيم: (والعبادات قسمان: مالية وبدنية، وقد نبه الشارع بوصول ثواب الصدقة على وصول سائر العبادات المالية، ونبه بوصول ثواب الصوم على وصول سائر العبادات البدنية، وأخبر بوصول ثواب الحج المركب من المالية والبدنية، فالأنواع الثلاثة ثابتة بالنص والاعتبار.) انتهى
إلا أن القائلين بوصول ثواب العبادات البدنية يشترطون لذلك عدم أخذ عوض عليها.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومن كان مذهبه أنه يجوز إهداء ثواب العبادات البدنية كأحمد وأصحاب مالك فهذا يعتبر أمراً آخر، وهو أن هذا إنما يكون من العبادات ما قصد به وجه الله، فأما ما يقع مستحقاً بعقد إجارة أو جعالة فإنه لا يكون قربة.)
وعلى ضوء ما تقدم نقول: إن هذه الوصية باطلة على كلا المذهبين، لأن المجيزين لإهداء ثواب الصلاة يشترطون لوصوله عدم التعويض عنه، وحينئذ فهذا المال يرجع للورثة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه البخاري ومسلم أي فهو مردود عليه ثم إننا نرشدك وننصحك بأن تتصدق عن والدك من مالك الخاص، إن كان لك مال، وتستغفر له، فإن ذلك يصله وينفعه إن شاء الله تعالى، لحديث مسلم المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1422(11/13240)
دفن الميت ليلا بين الجواز والمنع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم دفن الموتى في الليل؟ هل يجوز دفن الميت الذي مات بعد صلاة المغرب في الظلام؟ أم أنه يجب الانتظار حتى الصباح ودفنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دفن الموتى في الليل مختلف فيه بين العلماء، فمنهم من قال بجوازه بلا كراهة، ومنهم من قال: إنه مكروه. وذهب ابن حزم إلى تحريمه كما في المحلى، وتبعه الألباني في أحكام الجنائز، ومما يدل على الجواز بلا كراهة ما رواه أبو داود عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (رأى ناس ناراً في المقبرة فأتوها، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر، وإذا هو يقول: " ناولني صاحبكم، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر.)
قال الإمام ابن القيم: هذه النار كانت للإضاءة، ولهذا ترجم عليه أبو داود: الدفن بالليل. قال الإمام أحمد: لا بأس بذلك، وقال: أبو بكر دفن ليلاً، وعلي دفن فاطمة ليلاً، وحديث عائشة: " سمعنا صوت المساحي من آخر الليل في دفن النبي صلى الله عليه وسلم" وممن دفن ليلاً: عثمان، وعائشة وابن مسعود، ورخص فيه عقبة بن عامر، وابن المسيب، وعطاء، والثوري، والشافعي، وإسحاق. وكرهه الحسن، وأحمد في إحدى الروايتين… وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: " مات إنسان، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده، فمات بالليل فدفنوه ليلاً، فلما أصبح أخبروه. فقال: ما منعكم أن تعلموني؟ فقالوا: كان الليل وكرهنا - وكانت ظلمة- أن نشق عليك فأتى قبره، فصلى عليه".أهـ
ومما يدل على كراهة الدفن ليلاً حديث جابر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلاً من أصحابه قبض، فكفن في كفن غير طائل، وقبر ليلاً، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك) رواه مسلم قال النووي معقباً، (فكرهه الحسن البصري إلا لضرورة، وهذا الحديث مما يستدل له به، وقال جماهير العلماء من السلف والخلف لا يكره…) كما نقل النووي الإجماع على جواز الدفن ليلاً، فقال عند حديث (إن علياً دفن فاطمة رضي الله عنها ليلاً) : فيه جواز الدفن ليلاً، وهو مجمع عليه، لكن النهار أفضل إذا لم يكن عذر. انظر صحيح مسلم بشرح النووي كتاب الجهاد.
والراجح هو ما قاله الإمام ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود: (والذي ينبغي أن يقال في ذلك -والله أعلم- أنه متى كان الدفن ليلاً لا يفوت به شيء من حقوق الميت، والصلاة عليه، فلا بأس به، وعليه تدل أحاديث الجواز، وإن كان يفوت بذلك حقوقه والصلاة عليه وتمام القيام عليه، نهي عن ذلك، وعليه يدل الزجر، وبالله التوفيق) .
وبناء على ما تقدم نقول -للسائل الكريم- إنه إذا كان إبقاء الميت ليلاً إلى الصباح لا يؤدي إلى تغيره، ورجي من ذلك أيضاً تكثير المصلين عليه فدفنه بالنهار أفضل، وإذا لم يوجد من يصلي عليه ليلاً، أو لم توجد إضاءة ولم يخش تغيره إن ترك إلى الصباح انتظر به حتى يدفن نهاراً، وإذا توفر عدد لا بأس به للصلاة عليه، وتوفرت الإضاءة جاز دفنه بالليل بلا كراهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1422(11/13241)
أدعية تقال عند الدفن وبعده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الدعاء الذى يقال عند دفن الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد استحب الفقهاء أن يقول من يدخل الميت في قبره عند وضعه فيه: (بسم الله، وعلى ملة رسول الله) لما روى ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا وضعتم موتاكم في القبور فقولوا: بسم الله، وعلى ملة رسول الله" رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود، وابن ماجه. قال في كشاف القناع: (وإن أتى عند وضعه ولحده بذكر أو دعاء يليق بالحال فلا بأس به. قال سعيد بن المسيب: حضرت ابن عمر في جنازة، فلما وضعها في اللحد قال: " اللهم أجرها من الشيطان، ومن عذاب القبر، اللهم جاف الأرض عن جنبها، وصعد روحها، ولقها منك رضواناً" وقال ابن عمر: (سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم.) رواه ابن ماجه.
وعن بلال: (أنه دخل مع أبي بكر في قبر، فلما خرج قيل لبلال: ما قال؟ قال: قال: أسلمه إليك الأهل والمال والعشيرة، والذنب العظيم، وأنت غفور رحيم فاغفر له) رواه سعيد. انتهى. وحديث ابن ماجه قال عنه في الزوائد: (في إسناده حماد بن عبد الرحمن وهو متفق على تضعيفه) .
ويستحب الدعاء للميت عند القبر بعد دفنه واقفاً، نص عليه الإمام أحمد وقال: قد فعله علي، والأحنف بن قيس. لحديث عثمان بن عفان قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: " استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل" رواه أبو داود. وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف على القبر بعدما ما يسوى عليه، فيقول "اللهم نزل بك صاحبنا، وخلف الدنيا خلف ظهره، اللهم ثبت عند المسألة منطقه، ولا تبتله في قبره بما لا طاقة له به" رواه سعيد في سننه، والأخبار بنحو ذلك كثيرة. ومقتضى ما سبق أنه يستحب الدعاء للميت بعد وضعه في القبر، وسؤال التثبيت له، ولا يلزم لذلك لفظ معين، كما أن المستحب أن يقول من يضعه: " بسم الله، وعلى ملة رسول الله" لما تقدم في الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1422(11/13242)
الصدقة عن الميت فضيلة حسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصدقة التي تخرج وتتم هبة ثوابها للميت؟ وكيف يتم هبة ثوابها؟ وهل حقا أنها تذهب للميت على طبق بنور ويقال له إنها من فلان فيفرح بها ويرضى عن المتصدق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أفضل ما يفعله الحي لميته أن يتصدق عنه، أي يخرج الصدقة عنه، وينوي ثوابها له، فعن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً قال: (يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم، فتصدق عن أمك) رواه البخاري ومسلم. وقد أجمع أهل العلم على أن الصدقة والدعاء يصل إلى الميت نفعهما، وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن المبارك أنه قال: (ليس في الصدقة خلاف) وأما كون الصدقة يذهب بها إلى الميت على طبق من نور…فقد ورد ذلك في حديث ضعيف عن أنس بن مالك قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من أهل بيت يموت منهم ميت فيتصدقون عنه بعد موته إلا أهداه له جبريل عليه السلام على طبق من نور، ثم يقف على شفير القبر فيقول: يا صاحب القبر العميق هذه هدية أهداها إليك أهلك فاقبلها، فيدخل عليه فيفرح بها ويستبشر، ويحزن جيرانه الذين لا يهدى إليهم شيء" قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في الأوسط وفيه أبو محمد الشامي، قال عنه الأزدي: كذاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1422(11/13243)
قضاء الصلاة عن الميت غير مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي وقد فاتته صلوات أيام مرضه الأخير فهل لي أن أحصي ما فاته من صلوات وأقضيها عنه؟ ما الحكم في ذلك وما واجبي نحوه في حالة عدم جواز قضاء الصلوات التي عليه؟
أفيدونى أفادكم الله لأتمكن من حسن بر أبي بعد وفاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من مات وفي ذمته صلاة فرض أو صلوات، فإنه لا يشرع القضاء عنه، لأن الأصل في العبادات عدم إجزاء النيابة والتوكيل فيها، فلا يخرج من هذا الأصل إلا ما ورد النص من الشارع على مشروعية النيابة فيه، مثل: الحج، ونذر الصوم، ونحو ذلك.
أما صلاة الفرض، فلم يرد فيها دليل يبيح النيابة فيها، وفي موطأ الإمام مالك بن أنس أنه بلغه عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنه لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد".
وأثر ابن عمر هذا وإن كان غير مسلم في الصوم، لوجود الدليل الخاص فيه، إلا نه مسلم في الصلاة.
وعلى هذا، فنقول لمن مات والده، وقد فاتته صلوات فرض، سواء فاتته في مرضه، أو في صحته، نقول له: ليس عليك قضاء، وإنما واجبك نحوه الدعاء والاستغفار له، وإنفاذ وصيته من بعده، وإكرام صديقه، وصلة الرحم التي لا صلة لك بها إلا به.
وأفضل ما يقدم الولد لوالده الميت الدعاء له، والصدقة الجارية عنه (الوقف) لورود الحديث الصحيح في ذلك.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(11/13244)
هل تجتمع أرواح المؤمنين ليلة الجمعة ويومها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل توجد أحاديث صحيحة تثبت أن الأموات يخرجون من قبورهم ليلة الجمعة لاستقبال الصدقات، فإذا تصدق الحي عن الميت، فإنها تصله عن طريق هدايا في أطباق، يسرون بها.
وهل من السنة زيارة المقابر يوم الخميس ليلة الجمعة، أم يجوز زيارتهم في أي يوم؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لم نعثر على أحاديث صحيحة؛ بل ولا ضعيفة تدل على ما ذكره السائل. وقد ذكر ابن القيم في كتاب (الروح) بعض الرؤى والآثار عن السلف تدل على أن أرواح الموتى المؤمنين تجتمع ليلة الجمعة ويومها ولم يتعقب ما ذكره برد.
أما زيارة القبور فإنها تجوز في كل يوم، وليس هنالك يوم بعينه له خصوصية عن غيره. ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتحرى يوماً لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1422(11/13245)
مزيد إيضاح حول وصول ثواب القراءة للميت، والدعاء له
[السُّؤَالُ]
ـ[ثبت في السنة بأنه يجوز للولي أن يحج عن الميت ويصوم عنه ما فات من صيام رمضان ويدعو له، ولكنكم أفتيتم في الفتوى 2288 بجواز إهداء القرآن وهذا لم يذكر في السنة أريد دليلاً؟
وقلتم في الفتوى رقم 5023 بأنه يجوز الدعاء والاستغفار لزائرة القبول أريد دليلاً على هذا من السنة الصحيحة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما نحرص عليه في موقعنا "مركز الفتوى" ألاّ نذكر الحكم إلا بدليله، ولعلك -أخانا الكريم- لم يطل تأملك في فتوانا، فلم يتضح لك استدلالنا على جواز إهداء ثواب القرآن للميت، ونحن نعيد توضيحه بأبسط مما ذكر في الجواب فنقول وبالله التوفيق:
وردت الأحاديث الصحيحة بجواز إهداء ثواب بعض الأعمال كالحج، والصدقة، والصوم إلى الميت، ولم تذكر هذه الأحاديث كل الأعمال، فألحقنا ما لم يذكر بما ذكر، من باب إلحاق النظير بنظيره لوضوح علته، وهو أن من ملك شيئاً جاز له إهداؤه، فقلنا يجوز أن يهدي القارئ ثواب قراءته رجاء قبولها للميت المسلم، وهو كما ترى نوع من الاستنباط الذي جرى عليه العلماء، منهم العلامة ابن القيم في كتاب الروح. أما الاعتراض على هذا الاستدلال بقوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) .
فنحن نقول بهذه الآية، ولكن انتفاع الميت بكسب غيره الموهوب له غير داخل فيها، بدلالة الأحاديث والمعنى، فدلت الأحاديث على انتفاع الميت بصدقة غيره وحجه عنه، وكذلك المعنى فالآية إنما تدل على أن الإنسان لا يُعطى كسب غيره، لكن إن وهب هذا الغير كسبه، فإنه يصير من جنس كسبه في وجوه الانتفاع به.
أما الدليل على جواز، بل استحباب الدعاء والاستغفار لأهل القبور، ممن يزورها، ومن غيره، فلعله واضح من الحديث المذكور في الفتوى موضوع السؤال، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "نسأل الله لنا ولكم العافية" رواه مسلم.
فإن هذا دعاء ولا شك، وأما الاستغفار، وهو دعاء أيضاً، فإنه يمكن الاكتفاء بالدليل الأول على استحبابه، غير أنه قد ورد صريحاً في الحديث الآخر، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم.." وهو واضح في الدلالة.
وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين ... اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد". والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1422(11/13246)
هل الصلاة عن الميت مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي عن الميت؟ أم أنه يقتصر على الدعاء والصدقة والصيام له؟
وهل ما يقام في بعض الدول العربية ويسمى الشادر- قراءة القرآن في الطرق العامة- يعتبر بدعة ولماذا؟
جزاكم الله خيرا عنا وعن جميع المسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن لا يصلي أحد عن أحد، قال القرطبي رحمه الله (وأجمعوا أنه لا يصلي أحد عن أحد) انتهى من تفسير القرطبي لقوله تعالى (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (النجم:39)
وذلك لأن الصلاة من العبادات البدنية المحضة فلا تدخلها النيابة.
وإن كان المراد أن تصلي نافلة ثم تهب ثوابها للميت، فهذا أجازه جماعة من أهل العلم.
قال في متن الإقناع من كتب الحنابلة: (وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه، لمسلم حي أو ميت جاز، ونفعه، لحصول الثواب له ... من تطوع وواجب، تدخله النيابة كحج ونحوه، أولا (أي لا تدخله النيابة) كصلاة وكدعاء واستغفار وصدقة وأضحية وأداء دين وصوم وقراءة وغيرها) .
وقال في شرحه كشاف القناع: (وقول المصنف: أو لا، كصلاة: هو معنى قول القاضي: إذا صلى فرضاً وأهدى ثوابه صحت الهدية وأجزأ ما عليه، قال في المبدع: وفيه بُعد) انتهى.
والأشهر عند الحنابلة أنه لا يصح هبة ثواب الفرض، قال في شرح منتهى الإرادات (ولو صلى فرضاً وأهدى ثوابه لميت لم يصح في الأشهر، وقال القاضي: يصح. وبعد) انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالصدقة على الميت، وأمر أن يصام عنه الصوم، فالصدقة عن الموتى من الأعمال الصالحة، وكذلك ما جاءت به السنة في الصوم عنهم. وبهذا وغيره احتج من قال من العلماء: إنه يجوز إهداء ثواب العبادات المالية والبدنية إلى موتى المسلمين. كما هو مذهب أحمد وأبي حنيفة، وطائفة من أصحاب مالك والشافعي.
فإذا أهدي لميت ثواب صيام أو صلاة أو قراءة جاز ذلك وأكثر أصحاب مالك والشافعي يقولون: إنما شرع ذلك في العبادات المالية.
ومع هذا لم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعاً وصاموا وحجوا أو قرأوا القرآن، يهدون ثواب ذلك لموتاهم المسلمين، ولا بخصوصهم، بل كان عادتهم كما تقدم- أي فعل العبادة لأنفسهم مع الدعاء والصدقة للميت- فلا ينبغي للناس أن يبدلوا طريق السلف، فإنه أفضل وأكمل) انتهى من الفتاوى الكبرى ج 3 ص 37
ولهذا فالأفضل والأكمل أن يقتصر المسلم على ما وردت به السنة كالدعاء للميت والصدقة، والصيام عنه إذا كان عليه صوم واجب، وكذلك الحج عنه إذا كان عليه حج واجب، لأدلة كثيرة منها:
قوله صلى الله عليه وسلم "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به" رواه مسلم.
وعند النسائي: أن سعداً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أمي ماتت ولم توص، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم".
وعند النسائي أيضاً: "إن أمي ماتت وعليها نذر، أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال: نعم".
وفي صحيح البخاري ومسلم: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ قال: نعم، فدين الله أحق أن يقضى".
وعند الترمذي وأبي داود، وأحمد أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي ماتت ولم تحج، أفأحج عنها؟ قال: نعم، حجي عنها". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
أما إقامة السرادقات (الشادر) في الطرق العامة لقراءة القرآن على روح الميت، فهو بدعة، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أمر محدث، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد" رواه البخاري ومسلم، وقوله في (أمرنا) أي: في ديننا، وقوله (رد) أي: مردود على صاحبه كائناً من كان.
ولو كان ذلك مشروعاً لسبقنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، فالاجتماع بهذه الكيفية، وبهذه الطريقة مع ما يحدث من مخالفات أخرى، كشرب الدخان، والتباهي، والفخر، والإسراف، والتبذير الذي يحدث في هذه المناسبات إلى غير ذلك من المخالفات لا يشك عاقل - مع كل ذلك- في عدم مشروعيته والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(11/13247)
هبة ثواب أعمال الحي للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يصل ثواب هبة القرآن للميت..ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن الصدقة والدعاء يصل إلى الميت نفعهما، ولم يشذ عن ذلك إلا المبتدعة الذين قالوا: لا يصل إلى الميت شيء من الثواب إلا عمله أو المتسبب فيه. والأخبار في ذلك ثابتة مشهورة في الصحيحين وغيرهما وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن المبارك أنه قال: ليس في الصدقة خلاف. واختلف أهل العلم فيما سوى ذلك من الأعمال التطوعية كالصيام عنه وصلاة التطوع وقراءة القرآن ونحو ذلك. وذهب أحمد وأبو حنيفة وغيرهما وبعض أصحاب الشافعي إلى أن الميت ينتفع بذلك، وذهب مالك في المشهور عنه والشافعي إلى أن ذلك لا يصل للميت. واستدل الفريق الثاني بقوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) [النجم:39] وبقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث…….." والآية والحديث أجاب عنهما أصحاب الفريق الأول بأجوبة أقربها إلى الصواب بالنسبة للآية أن ظاهرها لا يخالف ما ذهب إليه أصحاب الفريق الأول فإن الله تعالى قال: (ليس للإنسان إلا ما سعى) وهذا حق، فإنه إنما يستحق سعيه، فهو الذي يملكه، كما أنه لا يملك من المكاسب إلا ما اكتسبه هو، وأما سعي غيره فهو حق وملك لذلك الغير لا له، ولهذا الغير أن يهدي سعيه لمن شاء. فإنه ليس كل ما ينتفع به الحي أو الميت من سعيه، بل قد يكون من سعيه فيستحقه لأنه من كسبه، وقد يكون من سعي غيره فينتفع به بإذن صاحبه، كالذي يوفيه الإنسان عن غيره فتبرأ ذمته. وأما جوابهم عن الحديث فقالوا: ذكر الولد ودعائه له خاصان، لأن الولد من كسبه كما قال تعالى: (ما أغنى عنه ما له وما كسب) [المسد: 2] فقد فسر الكسب هنا بالولد، ويؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه" رواه أصحاب السنن. فلما كان الأب هو الساعي في وجود الولد كان عمل الولد من كسب أبيه، بخلاف الأخ والعم والأب ونحوهم فإنه ينتفع بدعائهم بل بدعاء الأجانب، لكن ليس ذلك من عمله. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "انقطع عمله إلا من ثلاث.." ولم يقل أنه لا ينتفع بعمل غيره، فإذا دعا له ولده كان هذا من عمله الذي لم ينقطع وإن دعا له غيره لم يكن من عمل الوالد ولكنه ينتفع به. فالصحيح إن شاء الله وصول ثواب القراءة للميت. وسلك بعض الشافعية ممن يقولون بعدم وصول القراءة للأموات مسلكاً حسناً. قالوا: إذا قرأ وقال بعد قراءته اللهم إن كنت قبلت قراءتي هذه فاجعل ثوابها لفلان. وعدّوا ذلك من باب الدعاء.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1424(11/13248)
الدعاء المأثور عند زيارة المقابر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب الوضوء لزائر القبور؟ وما هو الدعاء للميت في المقبرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوضوء لزائر القبور غير واجب، لأن زيارة القبور ليست من الأمور التي يشترط فيها الطهارة.
وأما الدعاء للميت فمما أثر منه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمه لأصحابه إذا خرجوا إلى المقابر، "وهو قوله: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية" رواه مسلم.
وما رواه ابن عباس قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: " السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر". رواه الترمذي وحسنه.
وإذا زار قبراً مخصوصاً، فإنه يسلم على صاحبه تسليمه على الأحياء، ويجعل القبر بينه وبين القبلة. وإن دعا واستغفر له بعد ذلك فلا بأس.
... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13249)
ينتفع الميت بدعاء الولد الصالح له.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. أرجو توضيح المقصود في الولد الصالح في الحديث الشريف.عندما ينقطع عمل الانسان إلا من ثلاث.هل ذلك مقتصر على أبنائه فقط أم أقربائه. ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث:
إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له"
والمقصود بالولد في هذا الحديث إن شاء الله هم أولاد الميت دون بقية أقاربه، نعم إذا دعا له شخص آخر قريب أو غيره فإنه سينتفع - إن شاء الله - بدعائه إذ ليس في الحديث ما يدل على عدم انتفاعه به، وغاية ما فيه أن المنقطع بموت الشخص هو عمله هو، ولما كان ولده من عمله لأنه متسبب فيه صح استثناؤه مما ينقطع بالموت.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13250)
ثواب أعمال الأحياء يصل إلى الأموات بالنية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصل ثواب أعمال الأحياء إلى الأموات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فإن ثواب أعمال الأحياء من دعاء وصدقة وحج يصل للميت بالإجماع، وما سوى ذلك مختلف فيه، فمن أهل العلم من يرى عدم وصول ثوابه لعموم قول الله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى) [النجم:39] .
واستثنى بعض هؤلاء ما خصه الدليل ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاثة - صدقة جارية أو علمٌ ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" [رواه مسلم] .
ومن أهل العلم من رأى انتفاعه بكل طاعة أهدي له ثوابها، وهذا هو التحقيق لأن من عمل عملاً ملك ثوابه، ومن ملك فله أن يهب، ما لم يقم بالموهوب له مانع، ولا يمنع هنا إلاّ الكفر.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/13251)
قراءة القرآن الكريم يصل ثوابها للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الأول: لقد سمعت من مدةٍ فتوى تقول: إن قراءة القرآن الكريم على روح الميت بدعة، وإن المسلم عندما يقرأ القرآن فهو يقرؤه لنفسه وليس للميت، والشيخ عندما أفتى هذه الفتوى أخذ بالحديث الشريف الذي يقول: (ينقطع عمل بن آدم إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له) الحديث صحيح. والحديث واضح جداً وصريح بالفعل، أنه ينقطع عمل بن آدم من كل شئ حتى من قراءة القرآن، إلا من الأمور الثلاثة التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث الذي صدر عن معقل بن يسار الذي قال فيه: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤوها على موتاكم يعني يس) حديث ضعيف، والله أعلم أن الرسول الكريم قصد قراءة يس عند الاحتضار لتخفيف الآلام وأمارات الموت على المحتضر ولتسهيل خروج الروح، وأنا أريد أن أعرف الحكم في هذه الفتوى، فأنا دائماً كنت أقرأ القرآن على روح والدي رحمه الله، وعندما سمعت بهذه الفتوى توقفت عن قراءة القرآن على روحه خوفاً من البدع، واكتفيت بالدعاء له والصدقة على روحه، مع العلم أن الذي أفتى هذه الفتوى هو فضيلة العلامة الجليل الشيخ: محمّد بن صالح العثيمين. السؤال الثاني: عندما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (علم ينتفع به) ماذا قصد؟ هل هذا يعني على سبيل المثال أن أطبع كتاباَ دينياَ مفيداً وأكتب في مقدمته أو في مؤخرته على روح فلان كما هو معروف في بعض البلدان، وإذا كان هذا يجوز فهل أستطيع مثلاً أن أطبع أشرطة دينية مثل محاضرات قيمة وأوزعها للمسلمين على روح والدي؟ فأنا باستطاعتي أن أطبع مثل هذه الأشرطة، ويا ليت أن يكون هذا يجوز، فهذا ما أستطيع أن أفعله حالياً من الناحية العملية تلبية لقول الرسول الكريم (علم ينتفع به) ، وبهذا … وبحول الله وفضله ومدده، أكون قد فعلت الأمور الثلاث: (العلم، الصدقة، والدعاء) من غير بدع ورياء ونفاق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن الصدقة والدعاء يصل إلى الميت نفعهما، ولم يشذ عن ذلك إلا المبتدعة الذين قالوا لا يصل إلى الميت شيء من الثواب إلا عمله أو المتسبب فيه. والأخبار في ذلك ثابتة مشهورة في الصحيحين وغيرهما وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن المبارك أنه قال: (ليس في الصدقة خلاف) . واختلف أهل العلم فيما سوى ذلك من الأعمال التطوعية كالصيام عنه وصلاة التطوع وقراءة القرآن ونحو ذلك. وذهب أحمد وأبو حنيفة وغيرهما وبعض أصحاب الشافعي إلى أن الميت ينتفع بذلك، وذهب مالك في المشهور عنه والشافعي إلى أن ذلك لا يصل للميت. واستدل الفريق الثاني بقوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) [النجم:39] وبقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث…….." رواه مسلم. والآية والحديث أجاب عنهما أصحاب الفريق الأول بأجوبة أقربها إلى الصواب بالنسبة للآية أن ظاهرها لا يخالف ما ذهب إليه أصحاب الفريق الأول فإن الله تعالى قال: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) وهذا حق، فإنه إنما يستحق سعيه، فهو الذي يملكه، كما أنه لا يملك من المكاسب إلا ما اكتسبه هو، وأما سعي غيره فهو حق وملك لذلك الغير لا له، ولهذا الغير أن يهدي سعيه لمن شاء. فإنه ليس كل ما ينتفع به الحي أو الميت من سعيه، بل قد يكون من سعيه فيستحقه لأنه من كسبه، وقد يكون من سعي غيره فينتفع به بإذن صاحبه، كالذي يوفيه الإنسان عن غيره فتبرأ ذمته. وأما جوابهم عن الحديث فقالوا: ذكر الولد ودعائه له خاصان، لأن الولد من كسبه كما قال تعالى: (ما أغنى عنه ما له وما كسب) [المسد: 2] فقد فسر الكسب هنا بالولد، ويؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه" رواه أصحاب السنن. فلما كان الأب هو الساعي في وجود الولد كان عمل الولد من كسب أبيه، بخلاف الأخ والعم والأب ونحوهم فإنه ينتفع بدعائهم بل بدعاء الأجانب، لكن ليس ذلك من عمله. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "انقطع عمله إلا من ثلاث.." ولم يقل أنه لا ينتفع بعمل غيره، فإذا دعا له ولده كان هذا من عمله الذي لم ينقطع، وإن دعا له غيره لم يكن من عمل المرء ولكنه ينتفع به. فالصحيح إن شاء الله وصول ثواب القراءة للميت. وسلك بعض الشافعية ممن يقولون بعدم وصول القراءة للأموات مسلكاً حسناً. قالوا: إذا قرأ وقال بعد قراءته اللهم إن كنت قبلت قراءتي هذه فاجعل ثوابها لفلان صح ذلك. وعدّوا ذلك من باب الدعاء. 2 المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: "أو علم ينتفع به" ما تركه الميت من العلم النافع كتعليمه الناس القرآن ونحو ذلك، وأما طباعة الأشرطة والكتب ونحوهما فكل ذلك يدخل في باب الصدقة الجارية، ويصل ثوابها لمن أهدي إليه إن شاء الله. فالحاصل أن المحققين من أهل العلم يرون أن من عمل عملا فقد ملك ثوابه إن استوفى شروط القبول، فله أن يهبه لمن يشاء ما لم يقم بالموهوب له مانع يمنعه من الانتفاع بما وهب له، ولا يمنع من ذلك إلا الموت على الكفر والعياذ بالله. هذا والله نسأل أن يوفقك لبر أبيك وأن يثيبك على حرصك على ذلك.
وفي الختام ننبهك إلى أمرين
الأول: كتابة صلى الله عليه وسلم كاملة فلا ينبغي الاستغناء عنها بـ (صلعم)
الآخر: أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى جواز إهداء ثواب القراءة للميت، وأن ذلك يصله وينتفع به إن شاء الله، وإنما الذي لم يجوزه هو الاجتماع عند القبور والقراءة عليها، وأن الأولى اجتناب لفظ الفاتحة على روح فلان ونحوها من الألفاظ المحتملة التي اشتهرت عن بعض أهل البدع. وهذا الذي قاله الشيخ هو مذهب الجماهير من أهل العلم والمحققين. وانظر فتوى الشيخ في كتابه مجموع فتاوى العقيدة المجلد الثاني ص305.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1421(11/13252)
إهداء الطاعات للنبي صلى الله عليه وسلم لم يردعن السلف.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قراءة القرآن تفيد الميت؟ واذا كان الجواب بنعم هل يجوز ان أهبها للنبي عليه الصلاة والسلام وعلى الصحابة أجمعين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أيها السائل الكريم تقدم جواب عن وصول القراءة وغيرها من الطاعات للميت برقم: 3406 فراجعه جزاك الله خيراً.
والنبي صلى الله عليه وسلم غني عن أن توهب له الطاعات، بل ينبغي أن يكثر العبد من الصلاة والسلام عليه كما أمر بذلك الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13253)
ثواب الأعمال الصالحة تصل إلى الميت بإذن الله
[السُّؤَالُ]
ـ[عمة صديقة قريبة من قلبي تبلغ من العمر 55 عاما تعرضت فى الفترة السابقة إلى حالة نفسية صعبة واختفت يوما وليلة خارج المنزل وتم عودتها عن طريق أشخاص وجدوها جالسة على الرصيف وتم البحث فى اوراقها حتى تم إرجاعها ولم نعلم ماذا حدث غير انها كانت ذاهبة الى الدكتور وبعد ذلك تم عرضها على طبيب نفسي مع العلم أن زوجها يعيش فى أرض زراعية يتم استصلاحها من فترة ويأتى كل فترة وكانت تزوجته ومعه طفلين وأنجب أيضا ولدين وقامت بتربيتهم وتزوج أحد أبنائه ويوجد ابنه والولدان حاليا بالجامعة ويوم الجمعة السابقة فوجئنا بأنها ألقت نفسها من الدور الخامس بعد أن قطعت شريانها فى غفلة من أبنائها وجميعنا نعتصر حزنا على وفاتها بهذه الطريقة لأنها كانت سيدة مؤمنة ومليئة بالحنان لكل من حولها ولا نعلم إن كان زوجها قد تزوج من فتاه في هذا المكان وتأثرت لهذه الدرجة وتحولت لحالة اكتئاب جعلتها لا تعلم بما تفعل. أرجو أفادتنا بما نفعل من أجلها حتى يغفر الله لها. وكم اتمنى أن يرحمها الله بما فعلت من حسنات في الدنيا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي عليكم الآن أن تفعلوه هو الترحم على هذه المرأة والاستغفار لها. وإن تصدقتم عنها فذلك أيضاً مما ينفعها بإذن الله تعالى، والذي يظهر من الحالة التي شرحتموها في سؤالكم أن هذه المرأة أقدمت على إلقاء نفسها وهي فاقدة للعقل، وعلى ذلك تكون غير مخاطبة شرعاً فلا تؤاخذ بما تفعله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة:عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل" أخرجه أصحاب السنن وأحمد والحاكم وغيرهم عن جماعة من الصحابة.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13254)
اجتماع عدد من القراء لعمل ختمة للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع الحنيف فيما يعرف بقراءة الختمة (وهي اجتماع عدد من القراء يتقاسمون أجزاء المصحف الشريف ويقرأ كل واحد جزءا أو جزئين أو ثلاثة ثم يعطيهم صاحب الختمة التي قد عملها لأجل أحد أبويه الميتين، يعطيهم مبالغ مالية نظير ذلك! فما حكم الشرع في هذه القراءة علما بأنهم يجلسون مع بعضهم ويقرءون بصوت عال، وما حكم من ألزموه بالقراءة معهم فرفض أخذ المبلغ فهل يجب عليه أن يقرأ نصيبه من الأجزاء التي ألزموه بها، أرجو الرد الشافي ولكم أطيب التحياتف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي مسند أحمد وصحيح مسلم وسنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه في ما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله في من عنده" والظاهر من الحديث أنهم يتلون كتاب الله ويتدبرون معانيه ويتدارسونها في ما بينهم، فقراءة القرآن جماعة على هذ1 الوجه لاشك أنها من أفضل القربات.
أما الصورة المذكورة في السؤال فإنها من البدع المحدثة ولا تجوز مشاركة من يقوم بها ولو كان المشارك لا يأخذ من الثمن شيئا، ولا ثواب في هذا النوع من القراءة لأنه بدعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ". متفق عليه. فلا ثواب فيما يقوم به هؤلاء، لكن إذا أراد الشخص أن يقرأ القرآن ويهب ثوابه لميته فله ذلك ويصله إن شاء الله تعالى.
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1422(11/13255)
هل يصل ثواب من قرأ القرآن ووهبه للمتوفى؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز قراءة القرءان عند الميت وله، بأن أقرأ القرآن وأهدي إليه ثوابه وهل تجوز قراءة الفاتحة على روحه؟ وما هو الدليل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصد السائل أن يقرأ ويهب ثوابه للمتوفى، فإن ذلك يصل إلى المتوفى - إن شاء الله - لعموم الأدلة الواردة في وصول ثواب الأعمال إلى الميت، فقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أمي ماتت، فينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: "نعم" رواه أبوداود، وقال للذي سأله: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: "نعم". فهذه الأعمال أوصل الله نفعها للميت مع كون الصيام عبادة بدنية فكذلك ما سواه، ووجه ذلك أن من عمل عملاً ملك ثوابه ومن ملك شيئا فله أن يهبه ما لم يقم بالموهوب له مانع من الانتفاع بالثواب، ولا يمنع منه إلا الكفر، والموت ليس بمانع بدليل وصول الدعاء.
وأما حديث: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث………الخ) فالمنقطع عنه إنما هو ثواب عمله هو، وليس عمل غيره. وإن كان قصد السائل استئجار قارئ يقرأ عند المتوفى أو في مكان اجتماع المعزين، فإن هذا من محدثات البدع، ويخشى على صاحبه ألا يصل إلى ميته شيء منه، بل يخشي عليه هو أن يكون آثماً، لأنه أحدث في دين الله ما ليس منه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها. هذا والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13256)
أقوال العلماء في تلقين الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تلقين الميت واجب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فتلقين الميت بعد دفنه ليس واجباً بالإجماع، ولا كان من عمل المسلمين المشهور بينهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، بل ذلك مأثور عن عددٍ من الصحابة: كأبي أمامة، ووائلة بن الأسقع، فمن الأئمة من رخص فيه كالإمام أحمد، وقد استحبه طائفة من أصحابه، وأصحاب الشافعي، ومن العلماء من يكرهه لاعتقاده أنه بدعة. فالأقوال فيه ثلاثة:
الاستحباب، والكراهة، والإباحة، وهذا أعدل الأقوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1422(11/13257)
إهداء ثواب القراءة للميت جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة الفاتحة على روح الميت؟ وماهو الدليل؟ مشكورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد:
إذا كان قصد السائل هو أنني أقرأ القرآن وأهب ثواب ما قرأته للميت فالراجح إن شاء الله وصول ثواب ذلك إليه لأنه من عمل عملاً ملك ثوابه ومن ملك شيئا فله أن يهبه ما لم يقم بالموهوب له مانع من الانتفاع بالثواب ولا يمنع منه إلا الكفر والموت ليس بمانع بدليل وصول الدعاء. وأما حديث: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث………الخ" فالمنقطع عنه إنما هو ثواب عمله هو، وليس عمل غيره. والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1421(11/13258)
الدعاء للميت بعد الدفن سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يجب على الأقرباء (أو أي شخص حضر الدفن) عمله عند القبر فور الانتهاء من دفن الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
إذا فرع من دفن الميت فإن من السنة أن يدعوا له بعد دفنه وتسوية التراب عليه، والأصل في ذلك ما ورد في سنن أبي داوود عن عثمان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: "استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل" رواه أبو داود والبيهقي وحسنه النووي والسيوطي.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13259)
حكم إقامة وحضور السرادقات على روح الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أريد أن أعرف حكم الشرع في إقامة أو حضور السهرة على روح المتوفى، وما يتبعه من الخميس والأربعين ومن ثم السنوية؟ لقد قيل لي إنها بدعة، وعندما امتنعت عن المشاركة في مثل تلك الأمور اتهمني بعض من أهلي بالتقصير، وأثيرت خلافات وجدل واسع.
أريد أن أفعل ما يرضي الله ورسوله فقط. وإن كانت بدعة فكيف يمكنني أن أعتذر عن مثل تلك الأمور بدون أن يحمل علي أحد، وهل لي دور في التوعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإقامة السرادقات لقراءة القرآن على روح الميت، وما يسمى بالخميس أو الأربعين أو السنوية، كل ذلك من البدع المنكرة، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه الكرام، ولو كان ذلك مشروعاً لسبقونا إليه مع مقتضى الداعي.
ثم لا يخفى ما يحدث في مثل هذه المناسبات من المنكرات، كشرب الدخان والتباهي والفخر والإسراف والتبذير، إلى غير ذلك من المخالفات.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه. فيجب على المسلم الحذر من البدع والمحدثات، وعليه التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، ففي ذلك الخير كله، وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الترمذي والألباني. وراجع في ذلك الفتويين: 8188، 17309.
فهذه الاجتماعات البدعية لا يجوز حضورها إلا لغرض الإنكار، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 102086.
وينبغي أن يبادر الأخ السائل فيبين لأقاربه هذه الأمور بالطريقة المناسبة، فيدعوهم إلى الخير والسنة قبل أن يدعوه هم إلى الشر والبدعة، ويبين لهم أن هذه الأشياء لا ينتفع بها الميت ولا الحي، وإنما هي عادات متوارثة لا يدل عليها شرع، ولا يقرها عقل، وفي هذا إظهار لسبب عدم مشاركته في تلك المناسبات من ناحية، وبذل للنصيحة الواجبة من ناحية أخرى.
وعليك أخي السائل بالرفق في بيان هذه الأمور، لعموم البلوى بها وانتشارها في كثير في بلاد المسلمين. ثم لتصبر بعد ذلك على ما يمكن أن تتهم به من التقصير أو التشدد أو نحو ذلك، كما قال لقمان لابنه: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {لقمان:17} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1430(11/13260)
حكم عمل الصديقات عزاء لصديقتهن المتوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة نعيش في الغربة بإحدى الدول الغربية، كانت لنا أخت أصيبت بمرض السرطان وتقرب إليها العديد من الأخوات حتى أصبحن بالنسبة لها مثل أسرتها وأكثر حيث لم يكن لديها أحد سوى ولدين 13 و18 عاما وتوفيت تلك الأخت بعد صراع أليم مع المرض، وبعد أن قمنا بصلاة الجنازة عليها في المسجد اقترحت بعض الأخوات أن يقمن عزاء لها حيث شعرن أنهم أسرتها وهذا لمن أراد أن يأتي من الأخوات من مناطق مختلفة داخل المقاطعة التي نقيم بها وقد كان يزورها العديد من الأخوات من مختلف المناطق حيث إنها كانت محبوبة وطيبة جدا ولأن المنازل صغيرة فقد اقترحن إقامة العزاء في المسجد والتي هي بمثابة مكان للاجتماع وتلقي الدروس والصلاة في منطقتنا، ولم يعترض إمام المسجد وتتساءل الأخوات هل ما قمن به مع النية الصادقة يعد من البدع حيث يخشين أن يكون فيها أى ابتداع ونحن هنا في الغربة نبتعد عن الأهل وأهل العلم وتخشى تلك الأخوات أن يأخذن ذنب من يأتي بمثل هذا العمل بعدهن لذا يردن التأكد حتى إن كان فيه خطأ يبلغن به الآخرين فلا يقعن فيه ولا يأخذن هن الذنب، وقد تحول العزاء إلى حلقة درس بعد أن اجتمعن يتذكرن فيها هادم اللذات ويذكرن الله وأوامره ونواهيه. وعذرا للإطالة وجزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزي جميع هؤلاء الأخوات خير الجزاء على ما قمن به من التعاطف مع زميلتهن في مرضها وما قمن به من الإحسان إليها حيث ينبغي أن تكون علاقة المسلم بأخيه المسلم هكذا، ولا سيما عند المحن والشدائد، أما ما قمن به من الاجتماع والتوافد من كل ناحية لإقامة العزاء فليس من السنة، فالاجتماع للعزاء من النياحة سواء اجتمعن في المسجد أو في غيره، وكان عليهن ألا يقمن بذلك لأنه ليس من عمل السلف، وقد يتخذ عادة بعدهن فلا يموت شخص إلا كان ذلك مناسبة للاجتماع من كل ناحية، وقد يتطور الأمر فتصير فيه المحرمات، وكان عليهن الاقتصار على تعزية ولدي الميتة عزاء يوافق السنة خاليا من البدع كعمل الطعام من قبل أهل الميت مع الاجتماع لذلك لأنه من النياحة.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31143، 47307، 80257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1429(11/13261)
حكم حضور الدعاة إلى الولائم بمناسة الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدنا لهم عادة بإقامة وليمة في اليوم الثالث للميت، يدعونني الناس لإلقاء درس أنا لا آكل منها.
فما حكم الداعية الذي يلقي موعظته ويأكل من تلك الوليمة مع الناس؟ وما حكم الشرع في هذه العادة (الوليمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
عمل الولائم في المأتم وجمع الناس عليها وإحضار القراء ونحو ذلك مما اعتاده الكثير من المسلمين يعتبر من البدع في الدين. ولا يجوز حضورها إلا لغرض الإنكار.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عمل الولائم بمناسة الوفيات وجمع الناس عليها وإحضار القراء ونحو ذلك مما اعتاده الكثير من المسلمين ليس له أصل في الشرع.
والسنة في هذا الأمر هي أن يصنع الجيران أو الأقارب لأهل الميت طعاما لأنهم ينشغلون عادة بالمصيبة عن إعداد الطعام لأنفسهم، وأما عكس ذلك فهو من البدع.
ثم إنه لا ينبغي حضور مثل هذه الولائم التي تخالف السنة سواء لغرض الأكل أوغيره ولا سيما إذا كان الشخص داعية لأن حضوره من غير إنكار يشجع على هذه البدع، ولأن من كثر سواد قوم فهو منهم، وقد صار شريكا لهم؛ كما ورد في الحديث الذي أورده الحافظ ابن حجر في المطالب العالية أن رجلا دعا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إلى وليمة، فلما جاء سمع لهوا فلم يدخل، فقال: ما لك؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كثر سواد قوم فهو منهم، ومن رضي عمل قوم كان شريكا لمن عمله.. ولم نجد من حكم على هذا الحديث؛ لكن سكت عنه الحافظ اب ن حجر.
ويجوز حضور الداعية لغرض الدعوة التي تتضمن الأمر بتقوى الله تعالى والتمسك بالسنة ونبذ البدعة في هذه العوائد وغيرها، فإن حضوره لذلك أمر مطلوب شرعا لأن الدين النصيحة؛ كما في الحديث الصحيح.
ونحن نوجه نصيحتنا لكافة المسلمين أن يجعلوا النبي صلى الله عليه وسلم أسوتهم، ويتركوا هذه العادات المخالفة للسنة والمكلفة للمصابين بحيث يصل الأمر إلى حد الاستدانة لذلك أو أكل أموال اليتامى وإنفاقه في غير حق شرعي، أضف إلى ذلك ما قد يحصل من الإسراف الذي نهى الله عنه.
وقد سبقت الإجابة عن حكم الأكل من هذا الطعام الذي يصنع لهذه المناسبة في الفتوى رقم: 67278.
والله أعلم. ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1428(11/13262)
التعزية قبل الدفن وبعده
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قول عظم الله أجركم لأهل الميت قبل الدفن؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعزية المصاب في ميته تجوز قبل الدفن وبعده، بل تجوز قبل انقطاع الميت، فقد عزى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنته في ولدها وهو يحتضر، فأرسل إليها كما في حديث الصحيحين: إن لله ما أخذ وله ما أعطى فلتصبر ولتحتسب.
ولكن الأفضل عند الجمهور أن تكون بعد الدفن، وأبو حنيفة والثوري يفضلان وقوعها قبله.
وراجع الفتوى رقم: 6068.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1428(11/13263)
حكم السفر للتعزية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شد الرحال للعزاء في صديق توفي في منطقة بعيدة عني؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ليس السفر للتعزية من هدي السلف، وإذا كان السفر لا مشقة فيه ولا يؤدي لتضييع واجب فلا نعلم ما يمنع منه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السفر للتعزية من مكان بعيد لم يكن من هدي السلف، فقد توفي النجاشي وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب ولم يؤثر عنه أنه سافر أو أرسل بعض أصحابه للتعزية فيه، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون ولم يؤثر عن الصحابة أنهم جاءوا من الأقاليم الأخرى للتعزية.
وقد كثر السفر في هذا العصر للتعزية، وقد أفتى الشيخ ابن باز رحمه الله أنه لا يعلم بأسا به إذا كان لقريب أو صديق لما فيه من الجبر والمواساة وتخفيف آلام المصيبة، وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه لا يراه إلا إذا كان الإنسان قريبا وكان عدم سفره له يعتبر قطيعة للرحم ولم يكن في السفر مشقة ولا ترك وظيفة واجبة، والأولى أن يتصل عليه بالهاتف ويصبره.
وراجع الفتوى رقم: 40356، والفتوى رقم: 58044.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1428(11/13264)
حكم إعداد أهل الميت الطعام للمعزين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يعمل الطعام للناس الذين يأتون لتقديم التعزية وخاصة من الأماكن البعيدة ويتم ذلك بواسطة مال يقوم الناس الذين حضروا التعزية بجمعة، وهل الصدقة الجارية يصل ثوابها للميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إعداد الطعام من قبل أهل الميت للمعزين سواء كان ذلك الطعام من مال أهل الميت وحدهم أو بمشاركة المعزين يحرم في بعض الحالات، ويكره في بعضها، ويجوز أيضاً في حالات أخرى، وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 58580، والفتوى رقم: 80300.
أما الصدقة الجارية فإن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع به سواء كان الميت هو الذي قدمها لنفسه أو قدمها غيره وأعطاه ثوابها، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 43607، والفتوى رقم: 8042، والفتوى رقم: 53063.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1428(11/13265)
حكم إعداد الطعام في دار الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إعداد الطعام كصدقة في دار الميت في اليوم الأول من وفاته مع العلم أن جيرانه وأقاربه يشاركون في إعداد هذا الطعام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكره لأهل الميت إعداد الطعام لغيرهم، وإن تعين إعداده لضيافة القادمين إليهم جاز ذلك، لكن يحرم صنع الطعام إذا لم يأذن بعض الورثة أو كان ضمنهم غير بالغين، ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع: (ويكره فعلهم) أي: فعل أهل الميت (ذلك) أي: الطعام (للناس) الذين يجتمعون عندهم لما تقدم (قال الموفق وغيره) كالشارح (إلا من حاجة) تدعو إلى فعلهم الطعام للناس (كأن يجيئهم من يحضر منهم من أهل القرى البعيدة ويبيت عندهم فلا يمكنهم) عادة (إلا أن يطعموه) فيصنعون ما يطعمونه له (ويكره الأكل من طعامهم قاله في النظم. وإن كان من التركة وفي الورثة محجور عليه) أو من لم يأذن (حرم فعله، و) حرم (الأكل منه) لأنه تصرف في مال المحجور عليه، أو مال الغير بغير إذنه. انتهى.
وفي منح الجليل لمحمد عليش المالكي: وأما الاجتماع على طعام وفي بيت الميت فبدعة مكروهة إن لم يكن في الورثة صغير؛ وإلا فهو حرام. انتهى.
وكون بعض الناس المعزين قد يتبرع بما يعين على إعداد الطعام المذكور لا يجعل الإقدام على ذلك مشروعا، بل من السنة تقديم الطعام إليهم جاهزا؛ كما في الفتوى رقم: 58580.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(11/13266)
جلوس الرجال والنساء لتلقي التعازي في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى الشبكة الإسلامية المحترمة.. سؤال عن التعزية في الجوامع والمساجد هل كان هذا الأسلوب متبعا في أيام الرسول الحبيب والشفيع محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ وهناك من الدول أو الشعوب ما تفتي بعمل مكان خاص للنساء في الجوامع والأماكن لأجل التعازي. هذا ولك الشكر والتقدير وأدامكم الله وحفظكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجلوس أقارب الميت رجالا أو نساء في المسجد لتلقي التعازي لم يثبت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم, ولم نقف على ما يدل على مشروعيته, بل صرح بعض أهل العلم بكراهته. ففي فتح القدير للكمال بن الهمام الحنفي: ويجوز الجلوس للمصيبة ثلاثة أيام وهو خلاف الأولى, ويكره في المسجد. انتهى.
وفي كشاف القناع عن متن الإقناع وهو حنبلي: قال أحمد في رواية أبي داود ما يعجبني أن تقعد أولياء الميت في المسجد يعزون أخشى أن يكون تعظيما للموت أو قال للميت. انتهى.
وعليه فالجلوس للتعزية في المسجد من طرف أولياء الميت رجالا أو نساء غير مشروع، لكن إن لقي الشخص قريب الميت في المسجد فلا بأس بتعزيته حينئذ كما قال الإمام الشافعي، وراجع الفتوى رقم: 6068، وراجع الفتوى رقم: 26160، والفتوى رقم: 27474.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1427(11/13267)
زيارة المعزين غير أهل المتوفى والجلوس عندهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك عادة عند فئة من الناس في الجنازة والتعزية لأهل فقيد بين قريتين، مسافة بالسيارة ساعة واحدة بينهن، جميع أهالي القريتين مسلمون، وهناك ترابط وثيق بين أهالي القريتين من قرابة بصلة رحم، زواج، مودة، جنسية واحدة، وكلهم أو أغلبهم في المذهب الحنفي.
العادة: بعد ما يحضرون الجنازة أو زيارة أهل الفقيد للتعزية من قرية إلى أخرى، ... فورا مسرعين يرجعون إلى قريتهم ولا يقبلون أن يتأخروا قليلا للضيافة عند أقاربهم (دون أهل الفقيد) حتى عند صلة أرحامهم بحجة أنه لا يليق أو لا يجوز التأخر للضيافة أو الزيارة في هذه المناسبة.
السؤال: هل هذه العادة لها أصل في الدين؟؟؟
أرجو جوابا شافيا ومفصلا لأن العادة قد تؤدي إلى إحراج، توتر، وسلبيات أخرى من الناحية الاجتماعية.
وشكرا لكم على صبركم علينا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فصلنا في الفتوى رقم: 31143، كراهة الجلوس في بيت الميت للتعزية، بل يعزى الشخص وينصرف. وأما الجلوس في غير بيت أهل الميت من الأقارب أو الأصدقاء أو غيرهم ممن هم في منطقة المتوفى فلا نعلم مانعا من ذلك, والقائل بالمنع هو المطالب بالدليل لأن الأصل الجواز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1427(11/13268)
حكم الموعظة في بيت الميت أثناء التعزية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا عنا وعن الإسلام في كثير من البلدان يتجمع الرجال أوالنساء للعزاء في أحد الأموات ويكون أهل الميت في حالة من الحزن خاصة النساء فتقوم إحدى النساء وتلقي موعظة عليهم وقد يلاحظ أن ذلك يخفف عن أهل الميت سواء أكان الذي يلقي الخطبة رجل أمام الرجال أوامرأة أمام النساء فهل هذا حرام؟ مع أنه لا يمكن أن نمنع مثل هذا التجمع في العزاء لأنه أصبح عادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 6068، بيان حكم التعزية ووقتها إضافة إلى عدم مشروعية الاجتماع لها، أما الاختلاط بين الرجال والنساء فقد تقدم تفصيل حكمه أيضاً في الفتوى رقم: 48184، والفتوى رقم: 63091، والتزام الموعظة في بيت أهل الميت أثناء التعزية غير مشروع لعدم دليل يدل على ثبوته، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 30317، ويحرم على الرجال التلذذ بسماع كلام المرأة سواء كان ذلك أثناء موعظة أو غيره، وراجع الفتوى رقم: 56650، وينبغي بذل الجهد في نصح كل من يقوم بمثل هذه الأمور وبيان عدم مشروعيتها ويكون ذلك بحكمة ورفق، ولا ينبغي أن يصد الدعاة ويؤيسهم استحكام العادات غير الشرعية عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهل شرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1426(11/13269)
الأكل من الطعام الذي يصنع عند اجتماع المعزين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأكل من الصدقة التى يقرأ فيها القرآن على الميت مع العلم بأنه يعمل بها داخل ليبيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في فتاوى سابقة أن اجتماع المعزين عند أهل الميت مع عمل أهل الميت الطعام لهؤلاء عند الاجتماع يعتبر عند السلف من النياحة المحرمة فانظر الفتوى رقم: 67056، والفتوى رقم: 29981، والفتوى رقم: 58580.
ولبيان حكم الأكل من هذا الطعام الذي يصنع لهذه المناسبة راجع الفتوى رقم: 67278.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1426(11/13270)
التعزية قبل الدفن وبعده
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)
أما بعد..
هل ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه تقبل العزاء في الموتى بعد دفنهم؟
إذ إنني كنت في عزاء أحد الأصدقاء وتساءلت بماذا يستفيد الميت بكل هذا!!
أفلا يكون أفضل له أن تصرف هذه الأموال (المنفقة في إقامة الصوان بجانب تكاليف أخرى) كصدقة جارية تفيده
بجانب أني فوجئت بالناس يذكرون الله بصوت عال في العزاء رغم أن النبي الكريم أخبرنا أننا نناجي سميعا بصيرا ...
ووفقكم الله لخدمة هذا الدين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم التعزية ووقتها وحكم الاجتماع عليها، وذلك في الفتوى رقم: 6068، وبينا خلالها جواز التعزية قبل الدفن وبعده مباشرة مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم: فإذا وجب فلا تبكين باكية. والوجوب هو الموت، ولأن وقت الصدمة عند الموت وحال الدفن، ويكون ذلك بالدعاء للميت بالمغفرة وللحي بالصبر والسلوان، وقد عزى صلى الله عليه وسلم ابنته قبل دفن ابنتها لما أرسلت إليه أنها تحتضر، فأرسل إليها: إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب. متفق عليه.
وأما عمل وليمة لذلك بعد الدفن أو قبله فإنه بدعة محدث يجب الحذر منه لمخالفته للسنة المطهرة في قوله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل أبي جعفر طعاما فإنه أتاهم أمر يشغلهم. كما عند أبي داود وغيره.
وما نشاهده من عمل الولائم للتعزية واجتماع الناس لها يخالف السنة المطهرة كما بينا، وقد حذر منه العلماء فقد روى أحمد عن جرير قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
مع ما يقع في ذلك من إسراف وتبذير وتفاخر فيها، وهذا كله من طاعة الشيطان والإعراض عن سبيل الرحمن، وانظر الفتوى رقم: 4271.
وأما سؤالك هل ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تقبل العزاء في الموتى بعد دفنهم فالجواب عنه أن الذي نقل هو فعله صلى الله عليه وسلم لذلك كما بينا، ولم ينقل عنه رفضه للعزاء في وقت معين، ولو كان ذلك لنقل. وقد بينا أقوال العلماء في ذلك، وأنه لا حرج في التعزية قبل الدفن وبعده إلى ثلاثة أيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(11/13271)
تناول الطعام في بيت الميت تابع لمن قدمه من الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي عمي قبل عام تقريباً وله في وفاته قصة فقد كان لا يصلي ولا يصوم في شبابه بل كان أحياناً يجاهر بالمعصية والعياذ بالله، ولما تقدم بالسن أصبح يتوارى من المعاصي ولكنه ظل لا يصلي حتى أصيب بالسرطان ومكث في المستشفى 9 أيام قبل أن يموت قضى الأيام الثلاثة الأولى منها في تذكر أمور بيته والحياة الدنيا ثم في الأيام الثلاثة التالية بدأ بذكر الله مع تذكر أمور الدنيا بين الحين والآخر أما أيامه الثلاثة الأخيرة فقد قضاها بذكر الله ثم توفي وصلى عليه المئات في مسجد يؤمه مئات المصلين إلا أن طلبة العلم من الشباب وهم زملاء ابنه رفضوا قراءة القرآن له واكتفوا بأن جاؤوا وتناولوا الطعام في بيت عمي ثم خرجوا دون أن يدعوا له بالرحمة وهو ما أثر استياءنا جميعاً فهل يجوز لنا الترحم على هذا الميت أم أنه مات كافراً وهل ما فعله طلبة العلم صحيح؟ أي هل يجوز تناول طعام الميت إذا كان كافراً؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في شأن تارك الصلاة دون جحود لوجوبها، وإنما تركها كسلا أواعتباطاً، فمنهم من حكم بكفره ومنهم من لم يحكم بكفره كما بينا ذلك مفصلاً في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1145، 11326، 30388.
وعلى ذلك، فمن مات ولم يكن يصلي فيجري في حكم الترحم عليه نفس الخلاف، فمن قال بكفره قال لا يصلى عليه ولا يترحم عليه، ومن لم يقل بكفره قال يجوز الترحم والصلاة عليه، كما قال خليل في متخصره الفقهي: وصلى عليه غير فاضل.
وما صدر من ذلك الرجل في آخر حياته من ذكر وتوبة قد يقبل فتغفر ذنوبه ويختم له بذلك، وقد لا يقبل لأن من شروط التوبة أن يكون قبل غرغرة الروح وحضور الأجل، قال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ {النساء: 17-18} .
والحكم على قبول توبته أو عدم ذلك غير ممكن، ولكن من ترك الصلاة عليه والترحم زجراً لأصحاب المعاصي عن ذلك لا ينكر عليه سيما من كان يعتقد كفر تارك الصلاة كما بينا.
وأما التعزية فجائزة بل إن الشارع قد ندب إليها حتى ولو كان الميت كافراً أو المعزي كافراً؛ كما بينا في الفتوى رقم: 10141، والفتوى رقم: 12253.
ولكن الجلوس للأكل عند أهل الميت يخالف السنة لأمره صلى الله عليه وسلم بصنع الطعام لأهل الميت فقال: اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد آتاهم ما يشغلهم. رواه الخمسة إلا النسائي.
وقد روى أحمد عن جرير قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنع الطعام بعد دفنه بدعة. قال الشيرازي في المهذب: ويكره الجلوس للتعزية لأن ذلك محدث، والمحدث بدعة.
أما ما فعله الطلبة المذكورون من رفضهم للقراءة على الميت فهم مصيبون فيه لأن الاجتماع لقراءة القرآن على الميت من البدع المحدثة وتراجع الفتوى رقم: 2504، والفتوى رقم: 30622.
ولكن لا يجوز لهم الأكل مما أعد لمن يقرأ على الميت إذا كانت نفوس أهل الطعام لا تطيب به لهم، وليس لكون الميت كافراً لأن الطعام هنا تابع لمن قدمه من الورثة أو من غيرهم، على أنه لو افترض أنه لكافر وطابت به نفسه فلا حرج في تناوله إن كان مما يباح لنا.
وكان الأولى بهؤلاء الطلبة أن يبينوا الحق ويرشدوا إليه بحكمة وموعظة حسنة، فإذا استجيب لهم فذلك المطلوب وإلا انصرفوا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(11/13272)
حكم تناول الطعام في بيت الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم أكل الطعام في دار أهل الميت وإن كان من أهله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 59766 أنه ليس من السنة أن يصنع أهل الميت طعاما بمناسبة موته يجتمع الناس عندهم، وأن هذا مخالف للسنة، وإذا كان الطعام من تركة الميت فإن كان في ورثته من هو غائب أو صغير أو سفيه فإنه لا يجوز خصمه من أنصبتهم، وإذا علمت أن صنع الطعام لهذه المناسبة مخالف للسنة فعليك أن تبتعد عن هذه البدعة وتحاول إقناع من يعملها بالابتعاد عنها، أما الأكل من الطعام بعد صنعه فالظاهر أنه لا بأس به لأنه لا يمكن إلغاؤه، ولاسيما إذا كان الأكل من أهل الميت.
وينبغي للمسلم أن يكون تابعا للنبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، ولا يكون تابعا للعادات التي تخالف هديه صلى الله عليه وسلم.
أما إن صنع بعض أقارب أهل الميت أو جيرانهم لهم طعاما من غير اجتماع فلا بأس بالأكل من هذا الطعام لقوله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لأهل جعفر طعاما فإنه قد جاءهم ما يشغلهم. رواه الترمذي وغيره وحسنه الألباني.
قال في تحفة الأحوذي شرح الترمذي: والمعنى جاءهم ما يمنعهم من الحزن عن تهيئة الطعام لأنفسهم فيحصل الهم والضرر وهم لا يشعرون. قال الطيبي: دل على أنه يستحب للأقارب والجيران تهيئة الطعام لأهل الميت ... إلى أن قال: وقال القارئ: واصطناع أهل الميت الطعام لأجل اجتماع الناس عليه بدعة مكروهة، بل صح عن جرير رضي الله عنه كنا نعده من النياحة، وهو ظاهر في التحريم. انتهى.
إذا علمت هذا فاعلم أن الأكل من هذا الطعام الذي يصنع على صفة تخالف السنة قد يكون حراما، وأقل أحواله أنه مكروه، والمراد الطعام الذي يصنع ويتكلف فيه لأجل هذه المناسبة، أما إذا عمل أهل الميت طعامهم العادي أو جاءهم طعام من أقاربهم أو جيرانهم فلا بأس بالأكل من هذا كله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1426(11/13273)
دعوة المعزين لتناول الطعام والشراب
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله عندي سؤال آمل أن تجيبوني عليه وهو كما يلي: ورد في الشرع الحنيف أن صنع الطعام من قبل أهل الميت للمعزين حرام, كيف نجمع بين هذا النهي وقوله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فليكرم ضيفه) , ونحن نعلم أن من عادات العرب إكرام الضيف وقد يؤدي عدم إكرام الضيف إلى سوء الظن والتنافر, خصوصأ أن معظم الناس لا يعلم مثل هذه النواهي؟ وإذا حضر وقت الطعام وأراد أهل الميت أن يأكلوا والمعزين مازالوا في البيت هل يجوز لهم أن يدعوهم إلى الأكل معهم أم هو داخل في النهي، وخصوصأ إذا كان الطعام من صنع أهل الميت لأنفسهم، وأود أن يكون الجواب مرفقا بالأدلة الشرعية وأقوال العلماء في هذا الباب؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اجتماع المعزين عند أهل الميت وصنع أهل الميت الطعام لهم عند الاجتماع عده السلف من النياحة المحرمة، قال جرير بن عبد الله البجلي: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وأما تقديم الشراب لمن دخل زائرا أو معزياً، ودعوة من حضر وقت تناول أهل الميت لوجبتهم العادية أو إكرام ضيف ببيت عندهم فلا حرج فيه كما يفيده كلام ابن قدامة في المغني، وراجع الفتوى رقم: 8300، والفتوى رقم: 58580.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(11/13274)
التعزية في الصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[طفلة عمرها ثمانية أشهر توفيت هل يجوز أن نعمل لها عزاء.
أفيدونا بالسرعة الممكنة جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز تعزية أهل الصبي وذلك بالدعاء لهم وأمرهم بالصبر واحتساب الأجر، لما أخرجه الشيخان من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه: أن ابنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إليه أن ابني قد احتضر فاشهدنا فأرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ وما أعطى وكل شيء عنده مسمى فلتصبر وتحتسب.
وأما إقامة وليمة لذلك فهو من البدع المنكرة كما بينا في الفتوى رقم: 140، وكذلك الجلوس لتلقي العزاء فقد كرهه بعض أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 26160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(11/13275)
الإعلان عن وفاة الميت وإلصاق صورته فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد جرت العادة هنا عندنا أن يعلن عن الميت بإعلانات وتعلق في المساجد والمقاهي والأماكن العمومية فما حكم ذلك؟ وما حكم إلصاق صورة المتوفى في الإعلان ليتعرف عليه الناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 23113 جواز الإعلان عن وفاة الشخص بتعليق أوراق في الأماكن العامة ونحو ذلك لاجتماع أكثر عدد للصلاة عليه والدعاء له، أو إعلام من له حق عليه ومن عليه حق له بوفاته حتى يحضر ليؤدي ما عليه ويطالب بماله إن شاء، ويشترط أن لا يكون ذلك للندب والنياحة وتعظيم المصيبة، وأن لا يكون ذلك على سبيل الفخر والمباهاة أو مؤديا إلى ذلك.
وأما إلصاق صورة الميت مع هذه الأوراق فلا ينبغي، لأن الصور الفوتغرافية مختلف في حلها فالأحوط والأسلم هو الابتعاد عن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1426(11/13276)
تشييع جنازة الكافر والتعزية فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قام إمام المسجد في قريتنا في خطبة الجمعة بتعزية النصارى في أنحاء العالم بوفاة البابا وقد قام بالثناء عليه وأن له مواقف مشّرفة تساند المسلمين وأنّ هذا الأمر من سياسة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فهل فعل هذا الإمام صحيح وهل تجوز تعزية غير المسلمين وإذا جاز هذا الأمر فماذا نقول لهم وأسأل الله العظيم أن يجزي هذا الموقع والقائمين عليه لما ينشره في خدمة الإسلام والمسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 12254 حكم تعزية الكافر، وما هي الصيغة التي يعزى بها، وأنه لا يدعى للميت الكافر بالرحمة والمغفرة اتفاقا، لقوله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {التوبة: 113} وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استأذنت ربي أن أستعفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي.
ولعدول النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء بالرحمة للعاطسين من اليهود إلى الدعاء لهم بالهداية، والتعزية لا تكون على المنابر في الخطب وغيرها لعامة الناس، وإنما تكون لقريب الميت.
وأما تشييع جنازة الكافر فلا يجوز، وقيل يكره، إلا إذا كان قريبا فيجوز، وألحق بعضهم الزوجة والجار والمملوك والمولى بالقريب.
قال شمس الدين الرملي في نهاية المحتاج: ولا بأس باتباع المسلم جنازة قريبه الكافر، لما رواه أبو داود عن علي أنه قال: لما مات أبو طالب أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن عمك الشيخ الضال قد مات، قال: انطلق فواره. ولا يبعد كما قاله الأذرعي إلحاق الزوجة والمملوك بالقريب، ويلحق به أيضا المولى والجار كما في العيادة فيما يظهر، وأفهم كلامه تحريم تشييع المسلم جنازة الكافر غير نحو القريب، وبه صرح الشاشي كابتداء السلام، لكن قضية إلحاق الزوجة ونحوها به الكراهة فقط، وما نازع به الإسنوي في الاستدلال بخبر علي في مطلق القرابة، لوجوب ذلك على ولده علي كما كان يجب عليه مؤونته حال حياته يمكن رده بأن الإذن له على الإطلاق دليل الجواز؛ إذ كان متمكنا من استخلاف غيره عليه من أهل ملته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(11/13277)
تعزية المسلم إذا كان مبتدعا
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي زميل ولدي معه عشرة عمر وهو يعتنق بعض المذاهب المنحرفة وقد توفي لديه جده فأردت زيارته، فهل يجوز لي زيارته مع العلم بأن الزيارة تكون في...... الخاصة بهم، فما هو السبيل نحو تعزيته، أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعزية المسلم في مصابه مستحبة، لقوله صلى الله عليه وسلم: من عزى مصابا فله مثل أجره. رواه الترمذي، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يعزي أخاه بمصيبته إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
فإذا كان عندك حرج من تعزية زميلك في مكانه فإنه متى حصلت التعزية في محل العمل أو المسجد أو الطريق صحت، ولا تمنع بدعية هذا الشخص من تعزيته، فقد أجاز الفقهاء تعزية الذمي الكافر، فالمسلم وإن كان مبتدعاً أولى.
وذلك أن التعزية من باب حسن المعاملة، والعدل في تبادل الحقوق التي تقتضيها ضرورة المجاورة والمعاملة الدنيوية، ويتعين الحرص على أن لا يكون في التعزية محذور شرعي ولا موافقة للمعزى على باطل، ولا يلزم منها مودة ولا موالاة له.
وينبغي للمسلم الذي يريد أن يحافظ على دينه أن لا يصاحب إلا الأخيار، ولا يكثر من المجالس التي يكثر فيها القيل والقال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه أحمد وأصحاب السنن.
وقد قال أهل العلم: إن مخالطة الناس بغير ضوابط شرعية قد تسبب مرض القلب، فربما سمع أو شاهد ما لا يرضي الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(11/13278)
إقامة المآتم والولائم بمناسبة الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في الأكل في المأتم ومعاونة الجيران لجارهم بمده بالطعام لمدة أسبوع من الوفاء له وللمعزين، كل يوم جار يقدم وجبة، وما حكم التأليف (ختم القرآن بالمأتم كصدقة للميت) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التجمع وعمل المآتم والولائم ... بمناسبة الوفاة لا يجوز لأنه من البدع والمحدثات التي أحدثها الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابة والسلف الصالح ولأنه كذلك من النياحة وتعظيم المصيبة ... ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. وفي رواية: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة. رواه ابن ماجه، وعلى ذلك فلا ينبغي للمسلم أن يشارك في هذه البدع.
وأما صنع الطعام لأهل الميت من بعض الأقارب أو الجيران فلا بأس به بل هو سنة، ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك في إطار التجمع والاحتفال.. وأما مدة التعزية فلا ينبغي أن تتجاوز ثلاثة إلا لغائب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا. متفق عليه.
وأما قراءة القرآن في المأتم فإنها أيضاً من البدع والمحدثات وعلى المسلم أن يتجنب ذلك كله ولا بأس أن يقرأ القرآن ويهدي ثوابه للميت بعيداً عن جو الاحتفال وعدم تأجير من يقرأ، ولا بأس كذلك بالصدقة عنه فإن ثواب ذلك يصله إن شاء الله تعالى، وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33291، 4271، 8132، 18377.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(11/13279)
صنيعة الطعام لأهل الميت وتعزيتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم صنع الطعام لأهل الميت وهل هو محدد بزمان أو مكان وكذلك التعزية هل هي محددة بثلاثة أيام وأين مكانها، وهل تصح قبل الدفن أم هي بعده، مع الأدلة إذا تكرمتم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصنع الطعام لأهل الميت مستحب في يوم وليلة بمنزلهم، قال الإمام النووي في المجموع: واتفقت نصوص الشافعي في الأم والمختصر والأصحاب على أنه يستحب لأقرباء الميت وجيرانه أن يعملوا طعاماً لأهل الميت ويكون بحيث يشبعهم في يومهم وليلتهم.
قال الشافعي في المختصر: وأحب لقرابة الميت وجيرانه أن يعملوا لأهل الميت في يومهم وليلتهم طعاماً يشبعهم فإنه سنة وفعل أهل الخير، قال أصحابنا ويلح عليهم في الأكل ولو كان الميت في بلد آخر يستحب لجيران أهله أن يعملوا لهم طعاماً. انتهى.
والتعزية مستحبة للمصاب، وجمهور أهل العلم على أنها تكون بعد الدفن أو قبله إن ظهر من أهل الميت جزع قبل الدفن، كما في الفتوى رقم: 6068، وتصح في أي مكان كما في الفتوى رقم: 35083.
ومدتها ثلاثة أيام عند جمهور الفقهاء، وراجع الفتوى رقم: 27474، والفتوى رقم: 53556.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1425(11/13280)
لا يشرع صنع أهل الميت للطعام ولو كان المال من المعزين
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأعزاء، درج أهلنا في السودان على إعداد الطعام بعد دفن الميت لمدة يومين أو ثلاثة أيام وهو ما يسمى عندنا بالفراش ويقوم كل معز بدفع مبلغ من المال كمساهمة منه وقد أصدر الإخوة في المركز العام لجماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان عدة فتاوى تحرم الفراش ولكن بعض منهم تراجع مجتهداً، وقد اعتمدوا في تراجعهم على أن المعزي يدفع نقوداً مما ينفي إعداد أهل الميت للطعام بحكم أن أموال الطعام مصدرها المعزون، نرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشرع لأهل الميت صنع الطعام سواء كان من مال الورثة، أو من ثلث مال الميت الذي أوصى به ولو أوصى بصنعه، لأنه خلاف السنة, ولا يشرع أيضاً صنعهم للطعام ولو كان المال من قبل المعزين لأن في ذلك تكليفهم بأعباء فوق ما هم فيه من الحزن، والسنة أن يقدم لهم الطعام جاهزاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإنه أتاهم أمر يشغلهم. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
فالسنة إذن أن يقدم هذا الطعام لأهل الميت، لا أن يصنعوه وينشغلوا به زيادة على انشغالهم بمصابهم، وقد قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة. رواه أحمد.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: يستحب إصلاح طعام لأهل الميت، يبعث به إليهم، إعانة لهم، وجبرا لقلوبهم، فإنهم ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي إليهم عن إصلاح طعام لأنفسهم. وقد روى أبو داود في سننه بإسناده عن عبد الله بن جعفر، قال: لما جاء نعي جعفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فإنه قد أتاهم أمر شغلهم. وروي عن عبد الله بن أبي بكر، أنه قال: فما زالت السنة فينا، حتى تركها من تركها، فأما صنع أهل الميت طعاما للناس، فمكروه، لأنه فيه زيادة على مصيبتهم، وشغلا لهم إلى شغلهم، وتشبها بصنع أهل الجاهلية، وروي أن جريراً وفد على عمر، فقال: هل يناح على ميتكم؟ قال: لا، قال: فهل يجتمعون عند أهل الميت، ويجعلون الطعام؟ قال: نعم، قال: ذاك النوح. وإن دعت الحاجة إلى ذلك جاز، فإنه ربما جاءهم من يحضر ميتهم من القرى والأماكن البعيدة، ويبيت عندهم، ولا يمكنهم إلا أن يضيفوه. انتهى.
وعليه؛ فلا يرتفع المحظور إذن بتقديم مال لأهل الميت ثم شغلهم بصنع الطعام والاجتماع في بيتهم، واعتقاد أن هذا العمل ينفع الميت اعتقاد غير صحيح، لأن النياحة مما يتأذى به الميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(11/13281)
حكم القول عند التعزية جعلها الله آخر الأحزان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بقول جعله الله آخر الأحزان تقال لتعزية أهل متوفى؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل قائل هذا القول أراد الدعاء لأهل الميت بسلامة باقي الأسرة حتى لا يأتيهم حادث وفاة يحزنهم بعد ذلك، وراجع في أدب التعزية وما يقال فيها الفتاوى التالية أرقامها: 14964 و 6068 و 20003 و 22195.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(11/13282)
المنتحر يعزى أهله كغيره من موتى المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أسألكم عن المنتحر هل يقام له عزاء أم لا يقام له عزاء، هل يعزى أهله أم لا وهل يعتبر كافراً أم مسلماً، أفتوني في هذا السؤال؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمنتحر قد أوقع نفسه في وعيد شديد والعياذ بالله. روى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نهار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً.
ومع هذا، فإنه من المستحب تعزية أهله لعموم الأمر بالتعزية، روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من عزى مصاباً فله مثل أجره.
وإن كنت تعني بقولك: هل يقام له عزاء، ما يفعله الناس من الاجتماع عند أهل الميت لتلاوة القرآن، وإعداد الطعام الكثير ونحو ذلك، فإن هذا بدعة ولا يجوز أن يفعل لا للمنتحر ولا لغيره، وليس قاتل نفسه كافراً بمجرد انتحاره ما لم يكن قد فعل ذلك مستحلا له، وعلى المستحل تحمل النصوص المصرحة بكون قاتل نفسه مخلداً في نار جهنم ومنها ما قدمناه قبل قليل، وراجع في هذا فتوانا رقم: 12658.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1425(11/13283)
الاجتماع في بيت الميت لقراءة القرآن وتناول الطعام خلاف السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[قد كانت العادة في قريتي إذا توفي أحد من الناس في النهار مثلا دفن في ذلك النهار فورا وبعد ذلك
لما يدخل الليل وبعد صلاة العشاء يجتمع الناس من جوار الميت في بيت صاحب المصيبة ويقرؤون
سورة الفاتحة وورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة الناس وخمس آيات من أوائل سورة البقرة وثلاث آيات من أواخرها والاستغفار والتسبيح ولصلوات على النبي والتهليل والدعاء للميت في الاختتام
بعد ذلك قد يكون صاحب البيت يقدم للناس الطعام والشراب صدقة للميت أو لشكره بحضورهم ودعائهم للميت
يجري ذلك مدة أسبوع في كل ليلة
الأسئلة
ما حكم تلك العادة؟ هل تلك العادة تخالف شريعة الإسلام؟ وهل تلك العادة هي المنهي عنها كما في حديث رسول الله في امتناع الاجتماع في بيت الميت بعد دفنه وامتناع تقديم الطعام؟
وهل يمكن أن تذكر أسباب الورود ذلك الحديث وكيف حاله صحيح أو ضعيف أو غيره؟
شكرا على إجابتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يفعل من الاجتماع في بيت الميت لقراءة القرآن والأذكار عمل غير مشروع، ولم ينقل عن السلف فعله، وإنما هو من المحدثات، والمنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على الميت ثم دفنه والاستغفار والدعاء له بعد دفنه ثم الانصراف، والخير كل الخير في اتباعه صلى الله عليه وسلم، فما ترك خيراً إلا ودل عليه، ولا شراً إلا وحذر منه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها.
وقد اتفقت المذاهب الأربعة المتبوعة على أن اجتماع الناس على طعام بيت الميت أمر مكروه مخالف للسنة، واستثنى الحنابلة الضيوف فيجوز إطعامهم.
فالسنة أن يقدم الطعام لأهل الميت لا أن يصنعوه وينشغلوا به زيادة على انشغالهم بمصابهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم أمر يشغلهم. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقد قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(11/13284)
طقوس مبتدعة في التعزية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أسأل فضيلتكم عن أمر نحن العجم نفعله هنا في الأردن:
حيث إنه في العزاء عندنا عندما يأتي أحدهم ليعزي يقف على باب البيت ويقول آمين فيقوم الحاضرون ويدعون للميت بما شاءوا ثم يقول القادم الفاتحة فيقرأ الحاضرون الفاتحة.
فهل هذا الفعل يمكن أن يندرج تحت قول بدعة حسنة؟
وما هو الحكم الشرعي إن لم يكن كذلك؟
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أصل التعزية أمر مشروع قد ورد الشرع بالترغيب فيه، وقد كان سلف هذه الأمة الصالح يعزي بعضهم بعضا، إلا أنهم لم يجعلوا لذلك كيفية معينة، ولم يخصوه بقراءة سورة معينة، بل كان الاجتماع عند أهل الميت للتعزية بدعة ضلالة عندهم، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 12229، والفتوى رقم: 15970.
إذا ثبت هذا، فلا أصل في الشرع لما ورد في هذا السؤال من طقوس للتعزية، بل هو بدعة ضلالة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل بدعة ضلالة. كما في حديث العرباض بن سارية في سنن أبي داود وسنن الترمذي.
وليُعلم أنه ليس في الدين بدعة حسنة، بل كل بدعة ضلالة، وقد رود عن بعض السلف قولهم: من استحسن فقد شرع. وأثر عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال: من ابتدع بدعة فزعم أنها حسنة فقد زعم أن محمد صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، لأن الله تعالى يقول: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً [المائدة: 3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/13285)
حكم الاجتماع للتعزية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الفتوى حول التعازي التي تقام للميت أي ما يقال عنها التمساية، وهي تبدأ من بعد صلاة المغرب إلى بعد العشاء وقراءة القرآن، هل ورد هذا الشيء عن سيدنا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) فأرجو منكم الرد بالدليل، إما بالكتاب أو السنة، لأن البعض يقول إنها ليست واردة عن النبي محمد، فما هو الصحيح؟ مع الدليل وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا العمل ليس مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان الاجتماع عند أهل الميت في عهد السلف معدودا من النياحة المحرمة. قال جرير بن عبد الله البجلي: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة. رواه أحمد وابن ماجه. وذكر الألباني أنه صححه النووي والبوصيري.
وقد نص ابن القيم في الزاد، والنووي في المجموع على النهي عن الاجتماع للتعزية في مكان معين، بل الواجب أن يسعى أولياء الميت في معايشهم ولا يجلسون، وينبغي لمن لقيهم في أي مكان أن يعزيهم فيه.
وراجع في إهداء ثواب القرآن للميت الفتوى رقم: 2288، والفتوى: 3406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(11/13286)
لا تمنع بدعته من تعزيته
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل يجوزاستخدام العطور التي بها نسبة من الكحول والذهاب إلي المسجد؟
2- هل يجوز تأدية واجب العزاء إلى شخص مبتدع في المقبرة؟
وجزاكم الله عني خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحب هـ أما بعد:
فأما جواب السؤال الأول، فقد سبق في الفتوى رقم: 254
وبالنسبة للسؤال الثاني، فإن تعزية المسلم في مصابه مستحبة، لقوله صلى الله عليه وسلم: من عزى مصاباً فله مثل أجره رواه الترمذي.
ومتى حصلت في المقبرة أو المسجد أو الطريق صحت.
وعليه، فلا مانع من تعزية هذا الشخص في المقبرة أو أي مكان آخر، ولا تمنع بدعته من تعزيته، فقد أجاز الفقهاء تعزية الذميّ الكافر، فال مسلم وإن كان مبتدعاً أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(11/13287)
حكم المشاركة في جنازة الكافر وتعزية أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أولا أهنئكم بقرب انتهاء رمضان أعاده الله إلينا.
السؤال-هل يجوز لمسلم تعزية غير مسلم. بمعنى أن زوجتي سويدية مسلمة وأهلها ليسوابمسلمين. فمات أبوهاهل يلزمها أن تدخل معهم في الكنيسة يوم دفنه وهل لنا كذلك أن نذهب إلى القبور للمشاركة في دفن والدها. أفيدوني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص العلماء على جواز تعزية الكافر في ميته، وقالوا: إنه يقال فيها: (أخلف الله عليك) أما بالنسبة للذهاب مع الكفار في جنائزهم فهو أمر لا يجوز. قال الإمام مالك في المدونة: ولا يغسل المسلم والده الكافر، ولا يتبعه، ولا يدخله قبره، إلا أن يخشى أن يضيع فيواريه.
وكذا قال صاحب الإقناع، وهو أحد أئمة الحنابلة، وإنما منع المسلم من اتباع جنازة الكافر، وإدخاله في قبره، لما فيه من التعظيم له، والتطهير، فأشبه الصلاة عليه، وهي محرمة بنص القرآن الكريم. أما إذا لم يوجد من الكفار من يواري الكافر فيشرع للمسلم حينئذ أن يواريه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر علياً بن أبي طالب أن يواري أباه. أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد.
لذا فنقول للسائل: لا حرج على زوجتك في زيارة أهلها، وتعزيتهم في والدها الميت، كما لا حرج عليك أنت أو غيرك من المسلمين في ذلك، أما الدخول معهم في الكنيسة يوم الدفن فهو نوع من الصلاة، وهو من خصائص الكفار، فلا يجوز للمسلمين، ومثله في المنع المشاركة في دفن الكافر، واتباع جنازته كما تقدم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(11/13288)
حكم بناء قاعات للتعزية
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم بناء قاعات لمجالس العزاء لأهل البلدة للتخفيف عن كاهل صاحب المصيبة، حيث إن استقباله للمعزين قد يكون مكلفا، بل في بعض الأحيان يكون مستحيلا، خاصة إذا كان حجم البيت وموقعه ضيقا لا يتسع لاستقبال الكم الهائل من المعزين وقد يضطر إلى استئجار السرادقات ـ الخيم ـ وبأسعار تكلفه في الوقت الذي تكون هذه القاعات لا تكلفه إلا الماء الذي يقدمه للقادمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من السنة تعزية أهل الميت، فقد رغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
والتعزية ليس فيها تجمع ولا مراسيم ولا تكلف، فكل ذلك من البدع والمحدثات التي يجب الابتعاد عنها فلم يكن السلف الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ يتكلفون فيه، بل بعضهم يعزي بعضا عند اللقاء في أي مكان في المقبرة أو المسجد أو البيت أو الطريق، فالتواضع فيها والبساطة وعدم تعظيم المصيبة هو الذي ينبغي.
وقد سبق بيان كيفيتها وما يقال فيها وما ينبغي تجنبه من البدع فيها في الفتاوى التالية أرقامها: 26160، 60940، 65966، وما أحيل عليه فيها، فنرجو أن تطلع عليها.
وأما بناء القاعات لتجمع المعزين وجلوسهم فيها بحجة التخفيف عن أهل الميت أو غير ذلك فهو من البدع التي يجب تجنبها والابتعاد عنها، وذلك لما رواه الإمام أحمد وغيره عن جرير بن عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
وإذا كان مجرد هذا نياحة، فما بالك بإعداد الأماكن الثابتة لذلك؟.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1430(11/13289)
حكم معانقة أقارب الميت عند التعزية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً وبارك فيكم على هذا الموقع المبارك، والسؤال هو: ما حكم معانقة ولي الميت أثناء تعزيته حيث انتشرت المعانقة لأولياء الميت من قبل المعزين؟ وهل ورد في ذلك شيء؟ أو أن المطلوب هو مصافحة اعتيادية؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد في معانقة ولي الميت أثناء تعزيته شيء من الأخبار، ولا يجوز التدين لله بذلك، وقد كره كثير من الفقهاء المعانقة لغير القادم من سفر، لما ثبت من نهيه صلى الله عليه وسلم عنها، وعلى هذا فإن الظاهر جواز معانقة ولي الميت والتزامه، لكن مع الكراهة، وشرط الجواز عدم قصد التعبد لله بذلك، وأن لا تكون هناك ريبة أو شهوة، وللفائدة انظر المواطن التي تشرع فيها المعانقة وضوابط معانقة متماثلي النوع في الفتوى رقم: 20802.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1430(11/13290)
حكم مبيت الأقارب المعزين القادمين من بعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء إفتائي في عزاء أهل الميت. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا جلوس للعزاء. فماذا يفعل أهل الميت إذا كان أقاربهم الذين حضروا للعزاء قد جاؤوا من أماكن بعيدة ويشق عليهم المغادرة بعد دفن الميت مباشرة، فيبيتون عند أهله يوما أو يومين؟ وهل يأثم الأقارب بهذا التصرف؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجلوس للعزاء قد اختلف أهل العلم في حكمه فكرهه بعضهم وأجازه بعضهم كما سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 26160.
وقال الحافظ في الفتح عند شرح الحديث الذي جاء فيه خبر استشهاد زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة وقول عائشة رضي الله عنها جلس يعرف فيه الحزن.. قال الحافظ: وفي هذا الحديث من الفوائد أيضاً جواز الجلوس للعزاء بسكينة ووقار.
وقد اتفق أهل العلم على أن تعزية المسلم في مصابه من السنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من عزى مصاباً فله مثل أجره. رواه الترمذي وابن ماجه. وقال الترمذي غريب. وقوله: من عزى أخاه بمصيبة كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة. رواه ابن ماجه. أما الحديث الذي ذكرته: لا جلوس للعزاء. فلم نقف عليه.
وبخصوص جلوس الأقارب القادمين من بعيد فلا حرج فيه -إن شاء الله تعالى- نظراً للحاجة أو الضرورة ورفعاً للحرج والمشقة، وهو في هذه الحالة ليس جلوساً لمجرد التعزية، وإنما هو جلوس للحاجة. وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 27474، 6068.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(11/13291)
حكم التعزية ولمن تكون
[السُّؤَالُ]
ـ[جرت العادة الاجتماعية في بلدنا أنه اذا مات قريب (عم، خال ... ) أن تجتمع العائلة في بيت أهل الميت (معظم الأقارب يبيتون ويقيمون طيلة مدة العزاء. وتعلمون ما في ذلك من إثقال نفسي ومادي على أهل الميت، ولكنها عادة اجتماعية مازال جل الناس يتمسكون بها. علمت أن من السنة ان يعزي الشخص أهل الميت ويخرج مباشرة، ولايمكث عندهم ... بل على المسلمين من الأقارب والجيران صنع الطعام لأهل الميت بسبب انشغالهم في مصابهم. كيف يمكن التوفيق بين عاداتنا الاجتماعية والسنة المطهرة. ومن هم الأقارب الواجب تعزيتهم في الميت، حيث توفيت خالة زوجي منذ مدة وغضبت حماتي من صديقاتي لأنهن لم يحضرن لتعزيتي بوفاة خالة زوجي ... علما أنني لم أغضب لذلك، وقلت لها إنه ليس من الواجب تعزيتي في خالة زوجي، فهي لا تمت لي بصلة رحم، فغضبت والدة زوجي ولم يعجبها كلامي. أفيدونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاجتماع في بيت الميت بعد موته عادة جاهلية ذميمة، سبق بيان حكمها وما اشتملت عليه من مخالفات شرعية، وذكر أقوال أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم: 31143. فعلى أهل الميت – بعد دفنه - أن ينصرفوا في حوائجهم، فمن صادفهم عزاهم، ومن أتى دورهم للتعزية فلا حرج عليهم في استقباله حينئذ، أما أن يجتمعوا في دار، ويعطلوا أعمالهم وأشغالهم لأجل استقبال المعزين، فهذه بدعة لا خير فيها، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وعلى المسلمين تكييف عادتهم الاجتماعية بما لا يخالف السنة.
وأما سؤالك عن الأقارب الواجب تعزيتهم، فنقول ابتداء: التعزية مستحبة وليست واجبة. قال الدردير: وندب تعزية لأهل الميت إلا مخشية الفتنة. انتهى.
وجاء في الفروع: يستحب تعزية أهل المصيبة حتى الصغير ولو بعد الدفن. انتهى.
وتكون التعزية لجميع أقارب الميت من كبير وصغير ورجل وامرأة، إلا المرأة الشابة التي يخشى منها الفتنة، فإنه لا يعزيها إلا محارمها. قال الشافعي رحمه الله: ويعزى الصغير والكبير والمرأة، إلا أن تكون شابة فيقتصر في تعزيتها على محارمها. انتهى.
أما غضب والدة زوجك من عدم حضور صديقاتك للتعزية فلا محل له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(11/13292)
إقامة مجالس عزاء بنية قضاء الحاجات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إقامة ما يسمي بمجالس عزاء تقرأ فيها آية يس ويذكر بها سيرة الحسين بنية قضاء الحاجات لأصحاب الدار ثم توزع الحلوى، فهل هذا صحيح أم من البدع، فأرجو الإجابة لأنه نصحني البعض بإقامة مجلس عزاء بنية فتح نصيب ابنتي للزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشك مسلم في أن أحسن الهدي هو هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يشك مسلم كذلك في أن الأمور كلها مردها إلى الله عز وجل وأزمتها بيديه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته. صححه الألباني في الصحيحة.
فإذا كنت تريدين أن يُعجل الله لابنتك بالزواج فعليك بالاجتهاد في طاعته وطلب مرضاته والإكثار من ذكره، والاستعانة بالدعاء فإنه سلاح ماض يحصل به المطلوب ويزول به المرهوب، وأما مثل هذه البدع والخرافات فإنها لا تقرب بعيداً ولا تُدني قاصياً، وقد بينا أن الجلوس للتعزية من البدع وبينا حكم قراءة القرآن في المآتم، وانظري لذلك الفتوى رقم: 31143، والفتوى رقم: 75790.
وأما قراءة سيرة الحسين فنفس بدعي واضح، ولماذا لم يكن المراد قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين؟! فهذا من عمل أهل البدع الغليظة أن يجلسوا ليُعزي بعضهم بعضاً في الحسين رضي الله عنه بقراءة سيرته وقصة استشهاده والتي زيد فيها ما زيد ثم ينوحون، ويفعلون من الأفاعيل ما لا يليق مثله بأهل الإسلام، فنحن نعيذك بالله من مثل هذه الأفعال، ونوصيك بالتمسك بالسنة، فإن التمسك بها سبب حصول كل خير واندفاع كل شر في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(11/13293)
تقديم التعزية في منتديات الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[العنوان: حكم تخصيص موضوع لتقديم التعازي بوفاة قريب لأحد الأعضاء والدعاء له.
في بعض المنتديات تفتح صفحة وتخصص لتقديم التعازي بوفاة قريب لأحد الأعضاء..وتكون مجمل ردود الأعضاء.. الدعاء لهذا الميت..
فهل يحمل هذا على تقديم واجب العزاء، ويؤجر الإنسان على فعله؟
أم أن هذا من تخصيص الدعاء لشخص ما.. فيكون بدعة؟؟
لأني قرأت فتوى بأن تخصيص موضوع للدعاء لأهل غزة بدعة، أفلا يكون تخصيص مواضيع للدعاء لميت قريب لأعضاء المنتدى، ألا يكون أيضا بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعزية أهل الميت مستحبة، وقد سبق بيان بعض أحكامها في الفتاوى الآتية أرقامها: 6068، 26160، 27474.
ولا نرى حرجاً في تخصيص موضوع لتقديم التعازي لوفاة شخص ما، ولا نرى في هذا محذوراً ولا بدعة،
وقد سبق في فتوانا رقم: 71258 بيان جواز المشاركة في المنتديات التي تخصص موضوعاً للدعاء للعالم أو الحاكم المسلم المتوفى، وأن ذلك من جملة الحث على الدعاء لأموات المسلمين.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 48823، 60487، 61125، 103674، 112673.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1430(11/13294)
لا بأس بصنع طعام لأهل الميت بدون تكلف ولا تفريق بين رجل أو امرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عندنا عرف في القبيلة أنه إذا مات أحد الجماعة نقدم وجبتين للرجل ووجبة واحدة للمرأة ويأخذون مبلغا معينا من أفراد القبيلة، هل هذا العمل جائز أفيدونا رحمني الله وإياكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه العادة محدثة؛ فلم تكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من عمل السلف الصالح، ولذلك يجب تركها، والأخذ بالسنة والعمل بها في حياتكم كلها وخاصة عند الوفاة وتعزية أهل الميت..
ولا بأس أن تصنعوا لأهل الميت طعاما من غير تفريق بين ما يقدم للرجل وما يقدم للمرأة، ومن دون تكلف ولا مراسيم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاة ابن عمه جعفر رضي الله عنه: اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإنه أتاهم أمر يشغلهم. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
كما أنه لا حرج في التصدق عن الميت بطعام أو غيره.
وسبق بيان حكم التعزية وحكمتها وكيفيتها.. في الفتوى رقم: 27474.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(11/13295)
تعزية المرأة الأجنبية بوفاة زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي رحمه الله، فهل يجوز للزائرين من غير الأقارب تعزية والدتي والسلام عليها والظهور لهم بالحجاب الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحسن الله عزاءك في والدك، ونسأل الله تعالى أن يغفر له ويرحمه، وبخصوص التعزية فيجوز تعزية الرجل للمرأة الأجنبية ما لم تكن شابة فيكره له تعزيتها خشية الفتنة، ففي الشرح الكبير للدردير وهو مالكي: (و) ندب (تعزية) لأهله وهي الحمل على الصبر بوعد الأجر والدعاء للميت والمصاب إلا مخشية الفتنة ... انتهى.
وفي الإنصاف للمرداوي وهو حنبلي: تكره التعزية لامرأة شابة أجنبية للفتنة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1429(11/13296)
لا يؤجل الزفاف أكثر من ثلاث أيام بعد موت الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت بنت عمتي يوم الإثنين وزواجي يوم الخميس ماذا أفعل في هذه اللحظة، هل الأفضل أن أؤجل الزواج أم أتمه، وقد سمعت أنه بعد 3 أيام العزاء لا مانع أن يعمل حفل للمناسبات، وهل يوجد حديث، أفيدوني بذلك؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد نهي عن إقامة الأعراس مدة معينة بعد وفاة ميت غير الزوج، وإذا كان كذلك فالأصل الحل والجواز، لكن لا بأس بمراعاة مشاعر أهل الميت بتأخير حفل الزواج ثلاثة أيام من الوفاة لأن ذلك وقت للتعزية؛ كما سبق في الفتوى رقم: 27474.
وأما بعد الثلاث فلا ينبغي التأخي، ر فإن إظهار الحزن لا يجوز بعد ثلاث لأهل الميت فضلاً عن غيرهم.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي دواد: ... وفيه دلالة على أن البكاء والتحزن على الميت من غير ندبة ونياحة جائز ثلاثة أيام. انتهى.
وعليه؛ فلا حرج عليك في إقامة حفل عرسك في الوقت المذكور.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 46271.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1428(11/13297)
الزيادة على أيام الحداد من تعظيم المصيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عائلة من الجزائر توفي والدنا رحمه الله منذ 3 سنوات. كان إنسانا حنونا علينا كرس حياته وهو صغير في إعانة والده الفقير والذي كان له 11 ولدا. ثم إنه رحمه الله بعد زواجه وإنجابه لـ 8 أولاد أكمل مسيرته في تربيتنا والسهر على تدريسنا عند بلوغه 61 سنة توفي دون مرض كانت فاجعة كبيرة لنا ولأمنا لكننا صبرنا على حكم الله فإنها سنة الحياة. لكن بعد أسبوع تفاجأنا بأحد من أعمامي جاء ليأخذ جدتي لبيته لأن زفاف ابنته اقترب ودعانا نحن أيضا. جدتي رفضت الذهاب لأنها لا تستطيع أن تحضر العرس وقد فقدت منذ أيام لأول مرة ولدا لها. لكن ما تفاجانا له أكثر هو أنه كيف استطاع أن يقيم حفلا في صالة للحفلات والغناء والموسيقى الصاخبة وأبناء أخيه وزوجته وأمه يحسون ببالغ الحزن على الفقيد الذي لم يمر على وفاته سوى 10 أيام. منذ دلك اليوم انقطعت صلته بنا حين سمع أننا لن نسامحه حيث ما قام به لا يثبث سوى عدم حبه لنا ولأبي. وهو لا يحس بالذنب بل إنه قال إن الحزن 3 أيام. أمي دائما حين تسمع في المسجد أو التلفاز عن أهمية صلة الرحم تستاء كثيرا نحن كذلك كيف تنصحونا آجركم الله وإيانا.أرجوكم أن تجيبوني في أقرب وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم موتاكم، ويصلح ذات بينكم، ويعيننا وإياكم على طاعته واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ولتعلموا أن قطيعة الرحم لا تجوز، فقد قال الله عز وجل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23}
وعلى عمكم أن يعينكم على القيام بواجب صلة الرحم، ويختار الوقت المناسب لفرحه، ولتعلموا أن الحداد على الميت لا يجوز أن يتجاوز ثلاثة أيام؛ إلا للزوجة فإنها تحد على زوجها أربعة أشهر وعشرا؛ لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث؛ إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا. لما في الزيادة على ذلك من تعظيم المصيبة، وتذكير أهلها بالحزن.
وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 21053، 27474، 59717.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(11/13298)
حكم تقديم العزاء وصنع الطعام لأهل الميت والاجتماع للأكل عندهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقديم العزاء واجب وما حكم تقديم الأكل للمعزين واجتماعهم في بيت العزاء، وما هو حكم رفض الطعام الذي يقدمه الجيران لأهل الميت في اليوم الأول لأنهم ينتظرون أن يقدم لهم أهل الميت الأكل لمدة أسبوع فيتحول بيت الميت لمطعم بابه مفتوح بالليل والنهار، وكيف السبيل لاتباع ما أمر به الله في مثل هذه المصيبة، وهل يجوز طرد الأقارب والجيران أن لم ينفع معهم النصح وأن ما يفعلونه بدعة، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن حكم تقديم العزاء فإنه مستحب وليس بواجب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
كما أن صنع الطعام لأهل الميت مستحب أيضاً، قال الإمام النووي في المجموع: واتفقت نصوص الشافعي في الأم والمختصر والأصحاب على أنه يستحب لأقرباء الميت وجيرانه أن يعملوا طعاماً لأهل الميت، ويكون بحيث يشبعهم في يومهم وليلتهم.
أما تقديم الأكل للمعزين واجتماعهم في بيت العزاء بمناسبة الوفاة فإنه لا يجوز، لأنه من البدع والمحدثات التي أحدثها الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح، ولأنه كذلك من النياحة وتعظيم المصيبة ... ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. وفي رواية: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة. رواه الإمام أحمد وابن ماجه، وإذا تقرر أن الاجتماع إلى أهل الميت وصنع الطعام من النياحة التي ورد النهي عنها، فالمتعين على المسلم أن لا يشارك فيه ولا يأكل منه.
وأما السبيل لإزالة هذه البدعة فهو بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستخدام الحكمة في ذلك، والقدوة الحسنة، ولا داعي إلى طرد الأقارب والجيران، لأن ذلك ليس من أخلاق المسلم، ولكنك إذا فعلت ما أوجب الله عليك من النصح فلا يضرك بعد ذلك فعل أولئك، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة:105} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1428(11/13299)
التعزية برسائل الجوال
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل هل تجوز التعزية بsms إن كانت الظروف تجبر على ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعزية مستحبة كما تقدم في الفتوى رقم: 6068، ومن لم يتمكن من تعزية غيره مباشرة فيمكنه الاكتفاء بالاتصال به بواسطة بعض وسائل الاتصال كالهاتف أو البريد الألكتروني، وراجع الفتوى رقم: 40356.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(11/13300)
صنع أهل الميت وليمة في آخر أيام التعزية خلاف السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند وفاة شخص ما يقوم أهله بتقديم وليمة كبيرة في آخر يوم من أيام التعزية مع قراءة ما يسمونه المولد النبوي فهل هذا جائز وما هو الدليل إن كان صحيحاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصنع أهل الميت لوليمة في آخر أيام التعزية خلاف السنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه أتاهم أمر يشغلهم. رواه أبو دواد وغيره، وروى أحمد عن جرير قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة، وأما قراءة ما يسمونه بالمولد النبوي عند الوليمة فأمر مبتدع محدث لا دليل عليه, فينبغي الابتعاد عنه والحذر منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1427(11/13301)
التعزية في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[کيف کانت التعزية في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من هدي السلف في التعزية تسلية المصابين والدعاء لهم وصنع الطعام لهم وعدم الاجتماع عندهم، فيقول المعزي: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، لما في الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه أن ابنا لي قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب. ويمكن أن يعزيهم بتعزية الملائكة في الرسول صلى الله عليه وسلم، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عزتهم الملائكة يسمعون الحس ولا يرون الشخص، فقالت: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإنما المحروم من حرم الثواب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي. ويدل لصنع الطعام قول النبي صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم. رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني. وقد كان الاجتماع عند أهل الميت في عهد السلف معدودا من النياحة المحرمة. قال جرير بن عبد الله البجلي: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة. رواه أحمد وابن ماجه. وذكر الألباني أنه صححه النووي والبوصيري. وقد نص ابن القيم في الزاد، والنووي في المجموع على النهي عن الاجتماع للتعزية في مكان معين. وفي مصنف ابن أبي شيبة أن جريرا قدم على عمر فقال: هل يناح قبلكم على الميت؟ قال: لا. قال: فهل تجتمع النساء عندكم ويطعم الطعام؟ قال: نعم. قال: تلك النياحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1425(11/13302)
لا فرق في التعزية بين كون المتوفى كبيرا أو صغيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم:
هل يجوز فتح بيت عزاء للطفل الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع الحكيم قد ندب إلى التعزية، لما روى ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة. حسنه الألباني.
وقد اختلف العلماء في الجلوس في المنزل للتعازي، فأباحه المالكية وكرهه غيرهم أو رأوه خلاف الأولى، لما روى أحمد عن جرير بن عبد الله قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
ولا فرق في التعزية بين أن يكون المتوفى كبيرا أو صغيرا. وراجع لمزيد من الفائدة فتوانا رقم: 26160.
والحاصل أن التعزية مستحبة، وأن ما يصحبها ممارسات ومظاهر تستوجب في العادة إنفاق أموال كثيرة ليس من السنة، والظاهر أن قولك فتح بيت عزاء إنما يقصد منه تلك الممارسات والمظاهر، وعليه، فالواجب تركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1425(11/13303)
أفضل صيغ التعزية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقال عند تقديم التعازي للمسلم وماهو رده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة تعزية الميت وحمله على الصبر والرضا بقضاء الله تعالى وقدره. ويكون ذلك بكل الألفاظ التي تؤدي هذا الغرض. ولا شك أن أفضل ذلك ما جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله لبنته عند وفاة ابنها: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب. ولا مانع من استعمال غير ذلك من الألفاظ نحو: أعظم أجركم ... أو أحسن الله عزاءكم وغفر لميتكم. وإذا رد المعزَى بدعاء للمعِزّي كأن يقول له: جزاك الله خيرا أو ما أشبه ذلك فهذا حسن. ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين التالية أرقامهما: 22195، 20003.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(11/13304)
حكم التعزية بعد ثلاثة أيام
[السُّؤَالُ]
ـ[مرحبا، هل من السنة أن يستمر العزاء ثلاثة أيام ويسمى اليوم الأخير يوم \"الطلوع\" حيث إن هذا منتشر في بلادنا، فإنه معروف أن أيام التعزية ثلاثة أيام وبعدها ينتهي العزاء ومن أراد التعزية بعد هذه الأيام لا يعتبر تعزية بل سلاماً عادياً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام عى رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى استحباب التعزية لمدة ثلاثة أيام استنادا إلى حديث الإحداد الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا. متفق عليه.
وكرهوا التعزية بعد ثلاثة إلا لغائب، وذلك لأن المقصود من التعزية سكون قلب المصاب، والغالب سكونه بعد ثلاث فلا يجدد الحزن بالتعزية، أما إن كان المعزى غائباً أو المعزي ولم يلق أحدهما الآخر فلا بأس أن يعزيه متى لقيه، لأن في التعزية معاني أخرى غير تسكين قلب المصاب كالدعاء وهو مشروع في كل وقت، وممن نقل ذلك النووي في المهذب، والنفراوي في الفواكه الدواني، وابن مفلح في الفروع، وعليه فاقتصار أهل بلدك على ثلاثة أيام في التعزية صحيح لاستناده إلى الدليل السابق الذكر، أما تسمية اليوم الثالث يوم الطلوع فلا نعلم لها أصلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(11/13305)
موقف الشرع من لبس النساء للذهب عند التعزية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الذهب للمرأة أثناء العزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحل الله لبس الذهب للنساء وحرمه على الرجال، روى أبو داود والنسائي وأحمد بسند جيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجعله في يمينه، وأخذ ذهباً فجعله في شماله ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي. زاد ابن ماجه في رواية: حل لإناثهم.
وروى أحمد والنسائي والترمذي وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي، وحرم على ذكورها.
والتعزية لأهل الميت مستحبة لما ورد فيها من الأحاديث، روى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عزى أخاه في مصيبة كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة.
ولم يرد في السنة أمر بلبس النساء للذهب عند التعزية ولا نهي عن ذلك فبقي -إذاً- على أصله من الإباحة لهن، وإذا كنت تسأل عن حكم لبسه بالنسبة لأهل الميت، فالأصل أنه مباح لنسائهم سوى زوجة المتوفى فإنه يحرم عليها أثناء العدة مثل سائر أنواع الزينة، قال النبي صلى الله عليه وسلم في المتوفى عنها زوجها: لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل. رواه أبو داود.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(11/13306)
رغب الشارع في تعزية أهل الميت على كل حال
[السُّؤَالُ]
ـ[اقتداءا بالسلف وما وصى رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بدأت بمتابعة الجنائز لأخذ الأجر كما ورد بالحديث وذلك بـ: (الصلاة على الميت - اتباع الجنازة - دفن الميت)
فهل علي أن أنتظر الصفوف للسلام على أهل الميت، حيث يصطف أهله الأقرباء لقبول التعازي، وهل هذا من السنة؟ .
علما أنني لا أعرف أهل الميت ولا الميت نفسه-
مع الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد رغب الشارع الحكيم في تعزية أهل الميت في مصابهم ورتب على ذلك الثواب العظيم، سواء عرف الميت وأهله أم لا، فاحرص على هذا الخير ونسأل الله تعالى أن يزيدك حرصاً على الخير.
وأما اصطفاف أهل الميت وتميزهم لتقدم لهم التعزية، فلا حرج فيه إن شاء الله، وراجع لمزيد من الفائدة الفتاوى:
6068 / 28071 / 39489
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/13307)
تشرع التعزية سواء كان الميت صغيرا أم كبيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[بنت خالتي لديها طفلة ماتت وهي في عمر تسعة شهور، أي قبل أن تخرج للحياة بأيام، بصراحة احترت فيما أقوله لها لتعزيتها، وأنا أعلم أنه لا تجوز معاملة الطفلة كمعاملة الناس الكبار، أرجو إفادتي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تعزية المصاب بالميت مستحبة لا خلاف بين العلماء في ذلك، سواء كان الميت صبياً أو كبيراً.
وعليه فتشرع لك تعزية ابنة خالتك في وفاة طفلتها، ولمعرفة ما يقال في التعزية انظر الفتوى رقم: 22195 على الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(11/13308)
السفر من أجل تعزية أهل الميت جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو ما حكم السفر من مدينة إلى مدينة داخل المملكة للتعزية؟ لأنني سمعت من عدة أشخاص بأنه لا يجوز السفر من أجل التعزية، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تعزية المسلم في مصابه من القربات التي يثاب المسلم على فعلها، كما بيناه في الفتوى رقم: 28071.
كما بينا آداب التعزية وبعض أحكامها في الفتوى رقم: 26160.
علماً بأنه يجوز السفر من أجل تعزية أهل الميت، ولو كان ذلك من بلد إلى بلد ما دام ذلك ميسوراً، وبشرط ألا يكون فيه تكلف أو مشقة قد تكون خارج وسع المرء، وعلى من وجد مشقة في ذلك أن يكتفي بالتعزية من خلال الهاتف أو البريد، ونحو ذلك من وسائل الاتصال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/13309)
قيام المرأة في التعازي لأهل المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قيام المرأة في التعازي لأهل المتوفى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التعزية لأهل المتوفى أمر مستحب، روى عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبته إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة " أخرجه ابن ماجه والبيهقي.، والحديث عام في الرجال والنساء، انظر الفتوى رقم 19244 هذا إذا كنت تقصد التعزية في عمومها، وأما إن كنت تعني بقيام المرأة في التعازي وقوفها لأهل الميت فإن ذلك لم يرد في السنة، وإنما ورد أن المعزي يصبر المصابَ ويأمره بالاحتساب، أخرج الشيخان عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما- قال: " أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إن ابنا لي قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب ... "
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(11/13310)
الاجتماع لأهل الميت ممنوع من وجهين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعد الاجتماع للعزاء وخاصة أنه قد أخذ بُعدا اجتماعيا وليس عباديا وأصبح عادة وليس عبادة وتفرضه ضرورات الحياة حيث إن من طبيعة الناس التواصل والتراحم وخاصة في المناسبات الحزينة، فيأتون من أماكن بعيدة لتعزية المصاب، فإذا لم يجلس في بيته فكيف يعزونه، حيث إن من الصعب أن يبحثوا عن أهل الميت لتقديم واجب العزاء لهم، رغم كثرة المشاعل والتهاء الناس، وتباعد محالهم وما شاكل ذلك، أفلا ترون معي أن القول ببدعية هذا الأمر والتحريج فيه يؤدي إلى نوع كلفة وعنت على الناس؟؟ وهل البدعة تدخل في العادات أم فقط محصورة في العبادات؟
ولكم خالص الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالبدعة هي: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله عز وجل.
هكذا عرفها الشاطبي رحمه الله في كتابه الاعتصام، مشيراً إلى أن البدعة لا تدخل في باب العادات.
لكن هذا الاجتماع لأهل الميت ممنوع من وجهين:
الأول: كونه محدثاً، وقد صرح بذلك غير واحد من أهل العلم، قال الشيرازي في المهذب: ويكره الجلوس للتعزية، لأن ذلك محدث، والمحدث بدعة. انتهى.
وقال ابن الهمام في فتح القدير: ويكره اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت، لأنه شرع في السرور لا في الشرور، وهي بدعة مستقبحة. انتهى.
وفي الفتاوى الهندية: ويكره الجلوس على باب الدار، وما يصنع في بلاد العجم من فرش البسط والقيام على قوارع الطرق من أقبح القبائح، كذا في الظهيرية.
وقال في كشاف القناع عن حكم هذا الاجتماع: نقل المروزي عن أحمد: هو من أفعال الجاهلية وأنكر شديداً، ولأحمد وغيره عن جرير وإسناده ثقات قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
ويكره الأكل من طعامهم. قال في النظم: وإن كان من التركة وفي الورثة محجور عليه، أو من لم يأذن حرم فعله، وحرم الأكل منه، لأنه تصرف في مال المحجور عليه، أو مال الغير بغير إذنه. انتهى
والوجه الثاني في منع هذا الجلوس والاجتماع: أنه داخل في النياحة المحرمة، فلو قُدر أن المجتمعين لا يقصدون التعبد باجتماعهم، فقد أتوا محذوراً آخر، كما في أثر جرير السابق.
وفي مصنف ابن أبي شيبة أن جريرا قدم على عمر فقال: هل يناح قبلكم على الميت؟ قال: لا. قال: فهل تجتمع النساء عندكم ويطعم الطعام؟ قال: نعم. فقال: تلك النياحة.
والحاصل أن أهل الميت ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم، فمن صادفهم عزاهم، ومن أتى دورهم للتعزية فلا حرج عليهم في استقباله حينئذ، لا أن يجتمع أهل الميت في دار، ولا أن يعطلوا أعمالهم وأشغالهم لاستقبال المعزين، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1424(11/13311)
حول التعزية والموعظة في بيت المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الموعظة التي تقام في بيت الميت وهل هي بدعة أو مستحبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن المطلوب في بيت الميت التعزية، وهي الحمل على الصبر بذكر ما يخفف حزن المصاب، ويهون عليه مصيبته، وهي مندوبة، فقد روى البخاري من حديث أسامة بن زيد قال: أرسلت بنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إليه أن ابنا لي قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: "لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب".
أما الموعظة في بيت الميت فلا ينبغي أن تتخذ سنة مطلوبة لعدم ثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخير كل الخير في اتباع سنته وما خالفها فهو بدعة مردود على صاحبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13312)
التعزية من القربات
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن (العزاء) .
إذا مات أحد هل من الدين أم هي من العادة تعزية أهله؟ وإذا مات لأحد الأصدقاء شخص هل ذهابي له أثاب عليه أم ماذا يجب أن تكون نيتي عند الذهاب له؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تعزية المصاب في مصابه أمر شرعي ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله.
روى ابن ماجه بإسناد حسن عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة".
وروى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه إن ابناً لي قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: (إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب.)
وقد دّل الحديث الأول على أن التعزية من القربات التي ينال المؤمن بها الأجر العظيم من الرب الكريم، فما على المؤمن إلا أن يخلص النية في ذلك بأن يحتسب الأجر من الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/13313)
التعزية.. حكمتها.. ومدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد في القرآن الكريم أو السنة النبوية ما يدل على أنه توجد ثلاثة أيام للعزاء أم أنها عادة اعتادها الناس؟ وشكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم دليلاً في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية نص على تحديد مدة التعزية، ولكن ذهب جمهور الفقهاء إلى تحديدها بثلاثة أيام، وذهب الثوري وأبو حنيفة إلى أنه لا يُعزى بعد الدفن.
وإنما ذهب العلماء إلى استحباب التعزية حتى ثلاثة أيام استناداً إلى حديث الإحداد الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث؛ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً.) متفق عليه.
وكرهوا التعزية بعد ثلاث إلا لغائب، وذلك لأن المقصود من التعزية سكون قلب المصاب، والغالب سكونه بعد ثلاث فلا يجدد الحزن بالتعزية، أما إن كان المعزَّى غائباً أو المعزِّي ولم يلق أحدهما الآخر فلا بأس أن يعزيه متى لقيه، لأن في التعزية معاني أخرى غير تسكين قلب المصاب كالدعاء وهو مشروع في كل وقت، وممن نقل ذلك النووي في المهذب، والنفراوي في الفواكه الدواني، وابن مفلح في الفروع.
وذهب بعض الفقهاء إلى عدم تحديد مدة التعزية مطلقاً.. نقل ذلك ابن مفلح في الفروع عن جماعة من الحنابلة، ونقله النووي وجهاً عند الشافعية لأبي المعالي الجويني،.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1423(11/13314)
الجلوس لتلقي العزاء في المنزل، وما يقال في التعزية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يصلنا خبر وفاة يقوم أهل الميت بتحديد اليوم والمكان لاستقبال العزاء مع تقديم الشاي هل يجوز ذلك؟ وما هي شروط العزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتعزية أهل الميت مستحبة، لما رواه ابن ماجه من حديث عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يعزي أخاه بمصبته إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة.) قال الألباني في الإرواء: حديث حسن.
وأما الجلوس لها في المنزل أو نحوه، فإن العلماء اختلفوا في حكمه، فكرهه الحنابلة والشافعية، وأباحه المالكية، وهو على خلاف الأولى عند الحنفية، إلا أن ما اعتاده الناس في زماننا هذا من الاجتماع وإعداد الطعام والشراب للمعزين وتقديمه لهم كما يفعل في الأعراس والمناسبات فإنه من البدع المحدثة، لما روى أحمد وغيره عن جرير بن عبد الله قال: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصعنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
) هذا؛ وليس في التعزية شيء محدد لا يقال غيره، بل يقول المعزي للمعزى ما هو لائق بحال الميت المصاب، ففي تعزية المسلم بالمسلم يقول: (أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك وغفر لميتك.)
وفي تعزية المسلم عن الكافر: (أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك.
) وفي تعزية الكافر بمسلم: (أحسن الله عزاءك وغفر لميتك.)
وفي تعزية الكافر عن الكافر: (خلف الله عليك، ونحو ذلك.)
وأكثر العلماء على أن التعزية ثلاثة أيام فما زاد عليها كره؛ إلا أن يكون المعزى أو المعزي غائباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(11/13315)
تهنئة العيد الشرعية، والسنة في قول المعزي
[السُّؤَالُ]
ـ[تعارفنا على قول (تقبل الله) والرّد بقول (تقبل الله منّا ومنكم صالح الأعمال) أو (حرماً) والرّد بقول (جمعاً) بعد نهاية كل صّلاة، وكذلك قول (كل عام وأنتم بخير) و (مبارك عيدكم) وغيرها عند التهاني للأعياد، وكذلك قول (عظّم الله أجركم) والرّد بقول (شكر الله سعيكم) عند العزاء، وكذلك قول (زمزم) والرّد بقول (أجمعين) بعد الوضوء..... ماهو الهدي النبوي في العزاء والأعياد والدعاء للمصلّي والمتوضّي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العزاء والأعياد وغيرهما هو على النحو التالي:
1- ففي العزاء يقول المعزي: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، لما في الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه أن ابنا لي قبض فأتنا فأرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى.
وعلى المعزي أن يؤمِّن على ما عزى به ويقول: للمعزي آجرك الله..وإن حصل مع ذلك مصافحة فلا حرج.
2- في التهنئة بالعيد يقول: تقبل منا ومنك. وذلك لما ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح بإسناد حسن عن جبير بن نفير قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل منا ومنك.
ولم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء لأصحابه بعد الصلاة ولا بعد الوضوء، ولم يؤثر عنه شيء من ذلك، لا "حرماً" ولا "زمزم" وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها. ولا شك أن التعبد بالأمور المحدثة مذموم، مردود على صاحبه، لقوله صلى الله عليه وسلم: كل بدعة ضلالة. رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13316)
حكم التعزية في منزل المتوفى _رجالا ونساء_
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التعزية للميت بالنسبه للنساء في بيت المتوفى جائزة أم لا؟ مع أنه لم يرد ذكر أو حديث عن الرسول - عليه الصلاه والسلام- بالنسبه لتعزية الميت (وماذا يدل على توصية بن عثيمين لأهل بيته أن لا يقبلوا التعزية فيه)
أرجو الإجابه بأقصى وقت ممكن لما في ذلك من أهيمة بالنسبة للنساء؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتعزية للميت بالنسبة للنساء في بيت المتوفى جائزة، لأن الحكم الذي ورد بخصوص التعزية عام، والأصل أن ما ورد من الأحكام في حق الرجال يدخل فيه النساء إلا ما خصه الدليل.
وقد ورد حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالنسبة للتعزية، ففي سنن ابن ماجه وسنن البيهقي عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الجنة. والحديث حسنه الشيخ الألباني -رحمه الله- بمجموع طرقه في إرواء الغليل الحديث رقم: 764- 3/216-217.
أما ما ذكرت من توصية ابن عثيمين لأهل بيته أن لا يقبلوا التعزية فيه، فلا ندري ما مدى صحة هذا النقل، لكن يغلب على الظن أن يكون قد أوصى بعدم إقامة مأتم وهو الاجتماع عند أهل الميت بعد الدفن والجلوس عنده، وليس أصل العزاء، لأن هناك فرقا بينهما، فالتعزية سنة، والمأتم بدعة، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها:
4271
5010
6068
8300
12229
14964.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(11/13317)
التعزية بالكافر جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمسلم تعزية غير مسلم. بمعنى أن زوجتي سويدية مسلمة وأهلها ليسوابمسلمين. فمات أبوها هل يلزمها أن تدخل معهم في الكنيسة يوم دفنه وهل لنا كذلك أن نذهب إلى القبور للمشاركة في دفن والدها. أفيدوني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص العلماء على جواز تعزية الكافر في ميته، وقالوا: إنه يقال فيها: (أخلف الله عليك) أما بالنسبة للذهاب مع الكفار في جنائزهم فهو أمر لا يجوز. قال الإمام مالك في المدونة: ولا يغسل المسلم والده الكافر، ولا يتبعه، ولا يدخله قبره، إلا أن يخشى أن يضيع فيواريه.
وكذا قال صاحب الإقناع، وهو أحد أئمة الحنابلة، وإنما منع المسلم من اتباع جنازة الكافر، وإدخاله في قبره، لما فيه من التعظيم له، والتطهير، فأشبه الصلاة عليه، وهي محرمة بنص القرآن الكريم. أما إذا لم يوجد من الكفار من يواري الكافر فيشرع للمسلم حينئذ أن يواريه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم (أمر علياً بن أبي طالب أن يواري أباه) . أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد.
لذا فنقول للسائل: لا حرج على زوجتك في زيارة أهلها، وتعزيتهم في والدها الميت، كما لا حرج عليك أنت أو غيرك من المسلمين في ذلك، أما الدخول معهم في الكنيسة يوم الدفن فهو نوع من الصلاة، وهو من خصائص الكفار، فلا يجوز للمسلمين، ومثله في المنع المشاركة في دفن الكافر، واتباع جنازته كما تقدم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(11/13318)
هل يجوز دخول الكنائس للتعزية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دخول الكنائس للتعزية والاستماع إلى حديثهم وكله شرك بالله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تعزية النصارى جائزة لأنها من باب حسن المعاملة والبر، ولأنها تقتضيها ضرورة المجاورة، وقد أذن الله تعالى في ذلك، حيث قال: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة:8] .
وإذا جازت التعزية فلا فرق بين أن تكون في البيوت أو في الكنائس، إلا أنه يشترط في ذلك كله أن لا يشتمل على أمر محرم، أو إقرار لهم على باطل يفعلونه أو يقولونه، أما الاستماع إلى كلامهم المتضمن للشرك بالله تعالى فلا يجوز، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأنعام:68] .
وعلى ذلك، فإذا كانت مجالس العزاء عندهم لا تخلو من ذلك في وقت من الأوقات، فلا يجوز حضورها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1422(11/13319)
حكم تعزية النصارى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تعزية المسيحيين في الكنائس أو في البيت حيث لدي جيران وأصدقاء مسيحيون.
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس في تعزية أولئك المسيحيين في كنائسهم أو في بيوتهم إذا لم ينطو ذلك على محذور شرعي. وراجع الجواب رقم 3308
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1422(11/13320)
خاتمة العزاء بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أرجو إفتائي بسؤالي عن اليوم الثالث أو ما يسمى بخاتمة العزاء عندما توزع الحلوى والطعام وقراءة القرآن في هذا اليوم بالتحديد. وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكرته مما يسمى بخاتمة العزاء وما يحصل فيها من الاجتماع وتوزيع الطعام وقراءة القرآن كل ذلك غير مشروع، وقد مرت لنا فتاوى بهذا الخصوص فانظر فتوانا في الاجتماع للقراءة برقم: 6068 4271 3689
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1422(11/13321)
تعزية أهل الميت: وقتها وحكم الاجتماع لها
[السُّؤَالُ]
ـ[جرت العادة عندنا أن أهل الميت يقفون بعد انتهاء الدفن صفا واحدا ويمر المشاركون في الجنازة أمامهم ليقدموا لهم العزاء.
فهل هذه الطريقة مشروعة أم لا؟ وما الدليل؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تعزية المسلم في مصابه مستحبة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من عزى مصاباً فله مثل أجره" رواه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي غريب. وقوله: "من عزى أخاه بمصيبة كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة" رواه ابن ماجه.
واختلف أهل العلم في وقت التعزية، فذهب بعضهم إلى أنها تكون قبل الدفن، وبه قال أبو حنيفة والثوري لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا وجب فلا تبكين باكية" أخرجه مالك والشافعي وأحمد وأبو داود.
وقيل في المراد بالوجوب: إنه هو دخول القبر ـ كما وقع في رواية عند أحمد ـ لأن وقت الموت هو وقت الصدمة الأولى، والتعزية تليه فينبغي أن تكون التعزية في وقت الصدمة التي يطلب الصبر عندها، وقيل في معنى الوجوب: إنه هو الموت، وهو الراجح من أقوال أهل العلم، لثبوت هذا المعنى في عدة أحاديث أخر. ففي سنن أبي داود والنسائي وابن حبان: قالوا: (وما الوجوب يا رسول الله؟ قال: "الموت") . والمقصود بالبكاء المنهي عنه هو: البكاء مع رفع الصوت، وهو النواح. فقد روى أحمد في مسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكن ونعيق الشيطان" ثم قال: "إنه مهما كان من العين والقلب فمن الله عز وجل، ومن اليد واللسان فمن الشيطان" وعن أنس قال: (شهدنا بنتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر فرأيت عينيه تدمعان) رواه البخاري.
وذهب الجمهور إلى أن التعزية تكون بعد الدفن لانشغال أهل الميت بتجهيزه، وتكون قبله كذلك إن ظهر من أهل الميت شدة جزع قبل الدفن، فتعجل التعزية لذلك.
والمستحب عقب الدفن أن يقام على القبر، ويدعى للميت بالتثبيت، كما روى أبو داود في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان إذا دفن الرجل من أصحابه يقوم على قبره" ويقول: "سلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل"، ويكون دعاؤه له وهو واقف، لما رواه سعيد بن منصور عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يقف فيدعو".
وأما وقوف قرابة الميت صفاً، ومجيء المشيعين لتعزيتهم بعد دفن ميتهم فلا حرج في ذلك لبلوغ المقصود به ـ وهو التعزية ـ وهذا أيسر عليهم جميعاً، وكيفما حصلت التعزية صحت. قال الشافعي رحمه الله: (والتعزية من حين موت الميت في المنزل، والمسجد، وطريق القبور، وبعد الدفن، ومتى عزى فحسن، فإذا شهد الجنازة أحببت أن تؤخر التعزية إلى أن يدفن الميت ... ويعزى الصغير والكبير والمرأة، إلا أن تكون شابة فيقتصر في تعزيتها على محارمها. انتهى) .
وليس الوقوف لتلقي العزاء بعد الدفن من الاجتماع للتعزية الذي كرهه بعض أهل العلم. قال الشيرازي في المهذب: (ويكره الجلوس للتعزية لأن ذلك محدث، والمحدث بدعة) . وفي الجلوس لها تجديد للأحزان. وقد روى أحمد عن جرير قال: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة) .
وفي حصولها بعد الدفن على المقابر أبلغ أثر، وهو أمنع لتجدد الأحزان. ولا يشرع لمن عزى بعد الدفن أو في أي وقت تكرار التعزية، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أعظم العيادة أجراً أخفها والتعزية مرة) رواه البيهقي في شعب الإيمان عن جابر بن عبد الله ورواه البزار في مسنده عن علي رضي الله عنه وفيه ضعف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1422(11/13322)
تصح التعزية قبل الدفن، وبعده أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل يجوز تعزية أهل الميت قبل دفنه. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
يجوز للمسلم أن يعزي أخاه المسلم في فقد ميت له قبل الدفن وبعده. لكن التعزية بعد الدفن أفضل لانشغال أهله قبل الدفن بتجهيزه، إضافة إلى أن تعزيتهم بعد الدفن أوقع في نفوسهم من حيث مواساتهم وتسليتهم في مصابهم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13323)
المدة المسموح بها في الحزن على الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الابن الأكبر لوالدي الذي توفي بعد معاناة مع المرض الخبيث لستة شهور، عاش والدي ست سنوات لم يكن يقيم معه سواي وشقيقي الأصغر، يراعينا ويدعمنا ماديا ويقوم بدور الأب والأم، بينما شقيقي الأوسط وشقيقتي كانا يعيشان مع والدتي المنفصله عن والدي تلك الفترة، وكانا يزورانه أو يتصلان به ماعدا والدتي وعلى فترات متباعدة بعد استجداء مني ليتذكرا أباهم، وفي الشهر الأخير فقط استطعت لم الشمل خلال حفل خطبتي الذي أقمته من أجل إسعاد أبي، فحضروا بعدها ليعيشوا في المنزل خلال الشهر الأخير فقط، الآن وبعد أقل من أسبوعين من وفاته أشعر وكأني الوحيد في المنزل الذي يشعر بالحزن والألم بينما هم يضحكون ويمزحون، ويتكلمون عن تجديد المفروشات القديمة وخلافه بدون مراعاة ذكريات وبصمات أبي على كل شبر في المنزل وفترة الحداد، نسوا أو تناسوا والدي رغم وضعي صورته على الحائط ليروها ذهابا وإيابا، ونسوا أن المرض الخبيث يأتي من الحزن والهم بعد أن فارقوه ست سنوات بسبب خلاف زوجي. مالحكم عليهم في شرع الله؟ هل أصمت وأترك الأمور تسير حتى لايغضبوا وتتفكك الأسرة من جديد؟ أم كيف يكون عقابهم على ما اقترفوه في حق والدي رحمه الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد انفصال الوالدين لا يبيح التقصير في حقّ أحدهما، وإنمّا تجب المداومة على برّهما وطاعتهما في المعروف ولا تجوز طاعة أحد الوالدين في مقاطعة الآخر.
واعلم أنّه عند افتراق الوالدين فإنّ الأولاد الصغار دون سنّ التميّز تكون حضانتهم لأمّهم ما لم يكن بها مانع من موانع الحضانة المبينة في الفتوى رقم: 9779. وأمّا الأولاد الكبار فالراجح من مذاهب العلماء أنّهم يخيّرون في الإقامة عند أبيهم أو أمّهم، وانظر الفتوى رقم: 50820.
وعلى هذا فمن اختارمن إخوتك البالغين الإقامة مع أمّه أو أبيه فلا حرج عليه، أمّا من قصّر في برّ أحدهما ورعايته وتفقّد أحواله وطاعته في المعروف فهو آثم إلّا أن يكون تاب توبة صادقة، وقد أحسنت حين نصحت إخوتك بزيارة والدهم وحرصت على جمع شملهم، ونسأل الله أن يجزيك على ذلك خير الجزاء.
أمّا عن شعورك بعدم حزن إخوتك على فقد والدهم، فليس في مجرد ضحكهم ومزاحهم ورغبتهم في تجديد الأثاث ليس في ذلك دليل على عدم حزنهم على فقده، وليس من برّ الوالد المبالغة في الحزن عليه والتعلّق بما خلّفه من ذكريات، بل ذلك أمر مذموم، وكذلك لا ينبغي تعليق صورته بالبيت، وانظر الفتوى رقم: 680.
وننبّهك إلى أنّ قولك إنّ مرض السرطان يأتي بسبب الحزن يحتاج إلى دليل علمي من أهل الاختصاص، واعلم أنّ الإحداد يكون للنساء على غير الزوج ثلاثة أيام فقط، والمشروع في الحزن والبكاء على الميت ألّا يزيد على ثلاثة أيام.
ففي عون المعبود شرح سنن أبي داود: وفيه دلالة على أن البكاء والتحزن على الميت من غير ندبة ونياحة جائز ثلاثة أيام. انتهى.
ثمّ إنّ هذه الأمور لا تفيد الميّت شيئاً، وإنّما الذي يفيده الدعاء له والصدقة عنه، فينبغي أن تتعاون مع إخوتك على ذلك وتحرص على صلتهم والإحسان إليهم ولم شملهم.
وننبّهك إلى أنّ حقّ أمّك عليك عظيم بل هو آكد من حقّ أبيك، فاحرص على برّها والإحسان إليها فذلك من أعظم القربات إلى الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1430(11/13324)
حكم المشاركة والإعانة على إقامة المآتم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في مصر هنا يتم إقامة مأتم للعزاء أو سرادقات ... ثم يأتون بقراء للقرآن ليقرؤوا على الجالسين، فالسؤال هو ما حكم الذهاب للعزاء بهذه السرادقات؟ وما حكم من ساهم فيها بالعمل كالكهربائي الذي يقيم السرادقات ويعلق الأنوار؟ وإن لم تكن مشروعة فما العمل في من يقطن ببلد بعيدة عن أهل الميت ثم لم يدرك الجنازة لبعد المسافة ... ماذا يفعل إذا أراد أن يعزي أهل الميت؟؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإقامة مأتم بعد دفن الميت والاجتماع للعزاء من الأمور المبتدعة التي لا تستند على دليل شرعي، والسعي إليه بدعة يتعين نصح الناس بالتخلي عنها، كما أن الاجتماع لختم القرآن وإهداء ثوابه للميت بدعة محدثة أيضا، لكن إذا قرأ الشخص بمفرده بعض القرآن أو كله وأهدى الثواب للميت وصله عند بعض أهل العلم ولا إثم في ذلك، وراجع الفتوى رقم: 3689، والفتوى رقم: 6068، والفتوى رقم: 59717، والفتوى رقم: 56082.
وكل من أعان على إقامة ذلك المأتم بعمل ككهربائي ونحوه فقد أعان على إقامة بدعة، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى ولا يعد إلى مثل هذا الفعل، ومن كان على مسافة بعيدة عن مكان أهل الميت فله السفر للتعزية إذا كان الميت قريبا أو صديقا كما تقدم في الفتوى رقم: 99518، وليقتصر على تعزية أقارب الميت ثم يرجع ولا يشارك في المأتم المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1429(11/13325)
حكم الأكل في بيت الميت مما يأتي به المعزون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاكل في بيت الميت بعد موته مباشرة علما أن الطعام ليس من مال الميت وإنماهو من الصدقات التي يأتي بها المعزون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أن صنع الطعام لأهل الميت مستحب، وأن تقديم الأكل للمعزين واجتماعهم في بيت العزاء بمناسبة الوفاة من البدع المحدثة وهو كذلك من النياحة وتعظيم المصيبة، حتى ولو كان هذا الطعام أتي به من مال المعزين أنفسهم.
فعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة. رواه الإمام أحمد وابن ماجه.
وقد اتفقت المذاهب الأربعة المتبعة على أن اجتماع الناس على طعام بيت الميت أمر مكروه مخالف للسنة، واستثني الضيوف فيجوز إطعامهم.
وإذا تقرر أن الاجتماع إلى أهل الميت وصنع الطعام من النياحة التي ورد النهي عنها، فالذي ينبغي للمسلم أن لا يشارك فيه ولا يأكل منه، وأن يكون تابعا للنبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، ولا يكون تابعا للعادات التي تخالف هديه صلى الله عليه وسلم، لا لحرمة الآكل أو الطعام في ذاته ولكن لما يتلبس بهذا الفعل من بدعة ومخالفة للشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1429(11/13326)
الجلوس عند أهل الميت للأكل والشرب من النياحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو بيان الحكم الشرعي حول المسألة التالية:
تقوم جماعة من المسلمين بجمع قدر من المال وزيارة أحد المسلمين والجلوس عنده على الأكل والشرب وذكر الله تعالى لتعزيته ومواساته وذلك بعد انتهاء مدة العزاء. هل هذا بدعة محدثة أم سنة حسنة؟
أسأله تعالى أن يغفر لنا جميعا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما ذكرته من الفعل يدخل في ضابط البدعة وليس من السنة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
تستحب التعزية للرجال والنساء اللاتي لا يفتن، لقوله صلى الله عليه وسلم: من عزى أخاه في مصيبة كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة. رواه ابن ماجه.
ويستحب صنع الطعام لأهل الميت، ويكره منهم للناس. فعن عبد الله بن جعفر قال: لما نعي جعفر حين قتل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه.
وأكثر العلماء على أن التعزية ثلاثة أيام وما زاد عليها مكروه، إلا أن يكون المعزَى أو المعزي غائبا، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 27474.
وعد أهل العلم الاجتماع للتعزية والجلوس عند أهل الميت للأكل والشرب من النياحة. روى أحمد وغيره عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد الدفن من النياحة.
وأما اتخاذ ذلك مناسبة لذكر الله فإنه داخل في ضابط البدعة الإضافية كما تقدم في الفتوى رقم: 631.
فالذي ينبغي أن يفعل مما ذكرته هو تعزية أهل الميت دون الاجتماع لذلك، ولا بأس بمساعدتهم بالمال أو الطعام ونحو ذلك. وغير ذلك مما ذكرته بدعة محدثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(11/13327)
النياحة المنهي عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من فلسطين واستشهد أخي قبل حوالي 45 يوما، والحمد لله كنا صابرين ومؤمنين بقضاء الله وقدره عندما أبلغونا بنبأ استشهاده، ولكن وقت خروج جنازته من البيت صرخت أنا ووالدتي مودعين إياه قائلين له مع السلامة يا أخي بصوت عال 4-5 مرات وكان هناك حشد كبير من الناس بينهم رجال، وبعد وفاته داومت على قراءة القرآن والدعاء له بالمغفرة والرحمة له سائلين الله أن يتقبله مع الشهداء والصديقين والأبرار وأن يسكنه جنات النعيم، قبل أيام أخبرنا أحد أصحابه أنه رأى أخي في المنام وأخبره أخي عن حزنه الشديد وعن غضبه مني ومن والدتي وامرأة أخرى، مع العلم بأن هذا المنام قد تكرر مرتين، فأفيدوني وجزاكم الله كل خير هل من الممكن أن يكون سبب حزنه منا بسبب الصراخ عليه أثناء وداعه، وماذا أفعل لكي يسامحني ويغفر لي ربي ويرضى عني أخي الشهيد، علما بأني دائماً أدعو له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نقول ابتداء: أحسن الله عزاءكم وغفر لميتكم وتقبله في الشهداء، ونهنئكم على صبركم عندما أبلغتم بموته فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى. متفق عليه من حديث أنس.
ونرجو أن لا يكون رفع صوتكم بالسلام عليه نياحة، وقد ذكر العلماء أن النياحة رفع الصوت بالبكاء وعدُّ محاسن الميت مع الكذب أو شق الجيوب وضرب الخدود، وقد كان الأولى بكم عدم رفع الصوت لوجود رجال أجانب كما ذكرت، وأما الرؤيا فما نحن بتأويل الأحلام بعالمين، ولا يوجد عندنا قسم في موقعنا خاص بالرؤيا، ولكنا نقول على وجه العموم: إنه عليكن أن تستغفرن الله تعالى على كل حال، وينبغي أن تكثرن من الترحم والاستغفار والدعاء لأخيك، وإن تصدقتن وأهديتن ثواب الصدقة له فذلك حسن، وانظري للفائدة في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20439، 25255، 23121.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1428(11/13328)
الحداد المشروع والحداد الممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد أربعين يوماً حدادا على الميت وكلمة حداد، فهل هي كلمة جاهلية أم مسيحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يوجد في الشرع ما يسمى في بعض البيئات بأربعينية الميت، فهي بدعة ابتدعها بعض الناس، فيجب الابتعاد عنها، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 31916، والفتوى رقم: 74217.
وأما الحداد على الميت ثلاثة أيام فمشروع، وعلى الزوجة خاصة أن تحد على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا {البقرة:234} ، وفي الصحيحين وغيرهما مرفوعاً: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً. وبذلك تعلمين أن الحداد بهذا المعنى هو من الشرع وليس من الجاهلية أو المسيحية، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 10011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(11/13329)
صور من المآتم المذمومة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أن لحالات الوفاة عند حدوثها في بلدنا وخصوصا في الأرياف تقدم من قبل عائلة الميت وجبات للحاضرين سواء غذاء أو عشاء قد تستمر أياما وهي في العادة تكون مكلفة تثقل كاهل عائلة الميت ماديا وهذا الأمر يستمر أسبوعا على الأقل، ويتوج هذا الأمر بوجبة عشاء مكلفة في أغلب الأحيان تكون اما يوم الاثنين أو يوم الخميس بعبارة أخرى بعد مرور خمسة أيام اوأكثر من وقوع الوفاة، وهذا العشاء يشبه الى حد كبير وليمة العرس عندنا ويسمى عندنا بالعامية (تاليف) حيث يتم إحضار شيخ أو داعية إسلامي ليلقي درسا أو خطبة بعد العشاء للحاضرين حيث يقال إن هذه الوليمة هي صدقة على الميت (وبهذا الثمن المكلف) والذي لا يقوم بها قد يتعرض لبعض النقد وقد تباينت آراء بعض الناس (المتعلمة) عندنا في مدى شرعية هذا الأمر، فمنهم من يقول بجوازه شرعا ومنهم من يقول أن من الأفضل التصدق بثمن هذه الوجبة على الفقراء والمحتاجين وبأقل كلفة بدلا من هذا البذخ والذي قد يصل بعائلة الميت إلى ذبح عشرة خراف على الأقل أو نحر بعيرين أو أكثر وقد يلجأ بعض الناس إلى الاستدانة من أجل ذلك هذا طبعا فيما يسمى بـ (التاليف) دون سواه من باقي الأيام وفي بعض الأحيان يصل هذا الأمر إلى التبذير والإسراف فيتم إلقاء ما بقي من الطعام والشراب في القمامة فهل لهذا الأمر ما يقابله شرعا؟ وهل يجب الحزن على الميت (40) يوما؟ وماهي أحكام الوضيمة (الوجبة المقدمة من أهل الميت) شرعا؟ وهل هناك ما يلزم أهل المتوفى بتقديم مايسمى عندنا (تاليف) صدقة على الميت وبهذه التكلفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الصورة الواردة في السؤال من النياحة المحرمة شرعا، وإن مما يؤسف له ما اعتاد عليه الكثير من المسلمين من مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بهذا الموضوع حيث قبلوا الأمر وألزموا أهل الميت عن طريق التمسك بالأعراف السيئة عمل الولائم والمآتم وجمع الناس عليها وإحضار القراء ونحو ذلك مما ليس له أصل في الشرع.
والسنة في هذا الأمر هي أن يصنع الجيران أو الأقارب لأهل الميت طعاما لأنهم مشغولون بالمصيبة عن إعداد الطعام لأنفسهم، وقد سبقت الإجابة عن مثل هذا السؤال في الفتوى رقم: 75109، فالرجاء مراجعتها لمزيد الفائدة.
ونحن نوجه نصيحتنا لكافة المسلمين أن يجعلوا النبي صلى الله عليه وسلم أسوتهم، ويتركوا هذه العادات المخالفة للسنة والمكلفة للمصابين بحيث يصل الأمر إلى حد الاستدانة لذلك أو أكل أموال اليتامى وإنفاقه في غير حق شرعي، أضف إلى ذلك ما قد يحصل من الإسراف الذي نهى الله عنه، وعن الحزن على الميت وما يسمى بأربعينية الميت انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 74217 ـ 72638، 75948، ثم إن أهل الميت غير ملزمين شرعا بالصدقة عن الميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(11/13330)
الأكل في منزل أقرباء الهالك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الأكل في منزل أقرباء الهالك، علماً بأنهم ليسوا في نفس مدينة منزل الهالك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في السنة أن يصنع أهل الميت طعاماً ليجتمع الناس عليه إلا إذا كان هناك ضيف فيصنع له طعام لضيافته، سواء كان ذلك من أقرباء الميت في البلد الذي توفي فيه أو في غيره، وليس لمناسبة الموت، ففي مسند الإمام أحمد عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة.
لا سيما إذا كان أهل الميت فقراء، وإذا كان في التركة يتامى فإنه لا يجوز أن تعمل تلك الولائم من التركة، لأن ذلك يعتبر تعدياً على أموال اليتامى، وأكلاً لها بغير حق هذا فضلا عن كونه من النياحة كما سبق. وللمزيد من الفائدة في هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 33291، والفتوى رقم: 67278.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1427(11/13331)
توبة من تشق ثيابها عند المصيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة عندما سمعت بموت أمها قامت بشق وتمزيق ثيابها، فما هي الأحاديث الواردة في ذلك، وهذه المرأة تريد التوبة من هذا الذنب فكيف ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما قامت به تلك المرأة من شق ثيابها عند المصيبة يعتبر من كبائر الذنوب والنياحة المحرمة، وتلزمها التوبة إلى الله تعالى، وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان الأدلة على تحريم شق الجيوب ولطم الخدود والنياحة، وبيان كيفية التوبة من ذلك الذنب، فانظر الفتوى رقم: 21997، والفتوى رقم: 20439، والفتوى رقم: 25255.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1427(11/13332)
الحزن على الميت والبكاء عليه بغير نياحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير خلاق الله,,,
أما بعد: عند وفاة أغلى الناس عندي كيف أحزن على طريقة الكتاب والسنة؟
أفيدوني أثابكم الله,,,,,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحزن في مثل هذا الظرف أمر فطري، ولذلك فإن مجرد الحزن على الميت لا حرج فيه لأنه أمر خارج عن إرادة المصاب وكذلك البكاء من غير نياحة، ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القين وكان ظئرا لإبراهيم عليه السلام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأنت يا رسول الله، فقال يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى، فقال صلى الله عليه وسلم: إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون. هذه رواية البخاري، قال النووي رحمه الله تعالى: فيه جواز البكاء على المريض والحزن، وأن ذلك لا يخالف الرضا بالقدر، بل هي رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما المذموم الندب والنياحة والويل والثبور ونحو ذلك من القول الباطل، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ولا نقول إلا ما يرضي ربنا. انتهى.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 44878، والفتوى رقم: 35476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1427(11/13333)
جواز الحزن على الميت بضوابطه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة، وتوفي أحد أعز الناس لها منذ ثلاثة أيام، السؤال: فهل علينا الجلوس مثلها حزناء ولا نستطيع الضحك؟! ومن السنة لا يجوز الحزن أكثر من ثلاثة أيام؟ فهل هذا صحيح. وماذا علينا الفعل في هذه الحالات كمسلمين؟
والله أعلم، وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إظهار الحزن على الميت الذي هو قريب لصديقتك، ففي عون المعبود شرح سنن أبي داود: وفيه دلالة على أن البكاء والتحزن على الميت من غير ندبة ونياحة جائز ثلاثة أيام. انتهى.
وبالتالي فلا بأس بمواساة صديقتك بإظهار الحزن لمصيبتها مع التخفيف عنها ما أمكن ذلك، والبعد عن الاجتماع عند أهل الميت والذي يفعله بعض الناس في هذه المناسبة لأنه يعتبر من النياحة كما سبق في الفتوى رقم: 59717، وتستحب تعزية أهل الميت، وقد تقدم في الفتوى رقم: 26160، حكم التعزية إضافة إلى ما يقال فيها.
كما يشرع الدعاء لهذا الميت ونحو ذلك من كل ما ينفعه كالصدقة مع نية إهداء الثواب له، وراجعي الفتوى رقم: 44878، كما سبق في الفتوى رقم: 35476، بيان حقيقة الإحداد على الميت، وأنه يشرع للمرأة عند موت قريبها الإحداد ثلاثة أيام.
وأخيرا ننبه إلى أن الضحك مشروع في أصله؛ إلا أنه لا ينبغي الإكثار منه وخاصة عند المصاب، بل تنبغي مواساته وتصبيره بما أعد الله تعالى للمصابين الصابرين وحثه على التسليم والرضا لقضاء الله تعالى وقدره، ولمعرفة حكم الضحك عموما راجعي الفتوى رقم: 30423.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1427(11/13334)
هل تحدث الإنسان ببعض ما يتحلى به من صفات يعد رياء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث لي أنني أشك كثيراً في تصرفاتي وأجد أن بها رياء , مع أنني أحاول كثيراً أن أصرف عن نفسي هذا الخاطر. وهنا تحديداً أود أن أسأل حضراتكم عن موقف حدث لي. فقد توفيت أمي رحمها الله تعالى منذ 6 أشهر تقريباً. كانت علاقتي بها غير عادية , حيث كانت أمي هي دنيتي وحبي. كنت دائمة المرافقة لها لدرجة أنني ساعات كنت أحس أنها تريد أن تلتقط أنفاسها بعيداً عني! والله لقد كنت أحبها حباً كثيراً أعجز عن وصفه. ونظراً لأنني لست ماهرة في صنع علاقات اجتماعية أو جعل الناس تحبني , فقد كنت أجد في أمي سلوتي والحب الذي لم أجده في معظم من حولي. وعند وفاتها - رحمها الله تعالى - توفيت أمامي , سبحان الله كان الموقف حينها أسهل علي مما كنت أتصور بكثير سبحان الله والحمد لله الذي ألهمني الصمود والقوة حينها وما كنت لولاه سبحانه أقوى على ذلك والله. المهم أنني حتى لم أبك أمام أحد , ولا حتى أمام إخوتي , ولم ير دموعي أحد إلا الله سبحانه وتعالى.كنت أقصد أن لا يراني أحد لسببين:أحدهما أنني أحس بأن الدموع عورة يعني لا ينبغي لأحد أن يراها لأنها لحظة من لحظات الضعف البشري أو أنني لا ينبغي أن أثقل أحدا بمشاكلي وحزني لأن الناس فيها ما يكفيها. أما السبب الأهم هو أنني كنت أحس أنني لو \"فضفضت\" أو بحت بمشاعري لأحد فإن ذلك ينقص أجري عند الله تعالى.وبذلك قررت أن لا يرى دموعي أحد بعد أمي. وأنا على هذه الحال منذ وفاتها , ولكنني والله في الحقيقة أغلق علي الغرفة وأنخرط في بكاء مرير حتى أخشى أن يسمع صوتي أو أن يغشى علي من الحزن! لدرجة أن أختي تتصور أنها أكثرنا حزناً على أمي لمجرد أنها لم تر دموعي أو دموع أخي! المهم أنني في هذه الأثناء كان ينتابني شعور قوي جداً أن الدنيا غابة بعد الأم لأن أحداً لم يحس بي أو بحزني وألمي وأن المشاعر \"موضة قديمة \" لا تناسب هذا العصر بما يلزمه من قسوة وقوة ... ولكنني لم أستطع أن أكون بهذه القوة حتى الآن ... المشكلة الآن أنني صرت على العكس , صرت أحكي لصديقاتي المقربات كيف أن أمي ماتت أمامي وكيف ألهمني الله الصبر , أحكي كل ذلك بغرض أن أجد فيهم من يقدر مشاعري وألمي ومن قد يشفق علي أو يتعاطف معي! وأفرح إذا اندهش البعض من صعوبة الموقف , وربما أحزن إذا لم يكترث البعض للأمر أو لم يقدروا حجم ما مررت به.... سؤالي الآن: هل هذا رياء؟ هل ما أحكيه من تجربة صعبة مررت بها ينقص من أجري؟ مع العلم بأنني أحكيها لكي يشعر الناس بي.. لأجد فيهم قلباً واحداً يحنو ويحس بما ألم بي ... فهل هذا رياء؟ وإذا كان ذلك رياء ما هي أفضل وسيلة للتخلص من هذه المشاعر؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الثبات والتوفيق وأن يلهمك الصبر والسلوان ويتغمد أمك برحمته ويلبسها ثوب المغفرة والرضوان. وجزاك خيرا على برك بأمك حال حياتها. ولتعلمي أن ذلك لا ينقطع بموتها لما ثبت في الحديث عند أحمد وغيره أن رجلا من الأنصار سأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل بقي من بر أبوي شيء بعد موتهما؟ فقال خصال أربعة: الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما. وانظر الفتوى رقم: 10602 والفتوى رقم: 27617. وأما تحملك وصبرك وعدم بكائك عليها فنسأل الله تعالى أن يكون في ميزان حسانتك فقد أعد سبحانه للصابرين أجرا عظيما. وإن كان جريان الدمع والبكاء الغالب لا حرج فيه فقد فاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لموت ابنه ابراهيم وقال: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا مايرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون. متفق عليه واللفظ للبخاري. وقد بينا في الفتوى رقم: 25255، والفتوى رقم: 39646، الممنوع من البكاء والمشروع منه عند الميت وحال الحزن وضيق الصدر. وأما سؤالك عن تحدثك بذلك هل يدخل في باب الرياء، فنقول إن ذلك يتوقف على نيتك فإن كنت قصدت به مراءاة الناس ليمدحوك بصبرك وجلدك ويتحدثوا عنك بذلك فهو رياء. وإن كنت قصدت التحدث بنعمة الله عليك لقوله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ {الضحى:11} . ولا شك أن الصبر على المصائب من نعم الله وآلائه العظيمة ممن قصد التحدث بتلك النعم فلا يعد ذلك رياء، وقد فصلنا القول في الفرق بين الرياء والتحدث بالنعم في الفتوى رقم: 62883، وننصحك بالحذر من أن يوقعك الشيطان في العنت بسبب ما يوسوس به إليك. وانظري الفتوى رقم: 18265.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(11/13335)
معنى قول عمرو بن العاص \"ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها فإذا أنا مت..\"
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الإجابة على السؤال التالي وهو: الحديث المروي عن ابن شماسة الذي قال فيه: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياق الموت ... إلخ، وفي آخر الحديث قال: ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار. المطلوب شرح هذا الحديث؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المراد بقوله رضي الله عنه: ولينا أشياء لا أدري ما حالي فيها، هو ما تولاه من الولايات على مصر حيث كان والياً عليها في عهد عمر بن الخطاب وبعض خلافة عثمان، ثم وليها أيضاً في خلافة معاوية رضي الله عن الجميع، فكأنه يتهم نفسه في هذه الحالة الثالثة ويرى أنها أقل شأنا من حالته الثانية أيام كان يعايش فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، ويرى أنه لو مات عليها لرجا أن يكون من أهل الجنة.
وأما قوله: فلا تصحبني نائحة. النائحة هي المرأة التي تنوح على الميت إذا ندبته أي بكت عليه وعددت محاسنه كذا في شرح عون المعبود، وأما النار فهي معروفة وقد نهاهم عن هذا لنهي الشارع عنه، وقال النووي في شرح مسلم: في قوله: فلا تصحبني نائحة ولا نار امتثال لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقد كره العلماء ذلك فأما النياحة فحرام، وأما اتباع الميت بالنار فمكروه للحديث. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية للمزيد من الفائدة في الموضوع: 57138، 14964، 20439، 23121.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1426(11/13336)
توجيه حديث تعذيب الميت ببكاء أهله عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن الجمع بين قول الله سبحانه وتعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى وقوله صلى الله عليه وسلم الميت يعذب بما نيح عليه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال أهل العلم أنه لا تعارض بين الآية المشار إليها والحديث الصحيح الذي رواه الأئمة.
فالآية محكمة ومعناها واضح، والحديث محكم ومعناه أن ذلك فيمن أوصى أهله بالبكاء عليه، كما كان أهل الجاهلية يفعلون. كما يقول قائلهم:
إذاأنا مت فانعيني بما أنا أهله * وشقي علي الجيب يا ابنة معبد
قال القرطبي عند تفسير الآية المذكورة: استدلت عائشة رضي الله عنه بهذه الآية في الرد على من قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله. قال: وقال علماؤنا: ولا وجه لإنكارها، فإن الرواة لهذا المعنى كثير، منهم عمر وابنه، والمغيرة، وقيلة بنت مخرمة، فلا وجه لتخطئتهم، ولا معارضة بين الآية والحديث، فالحديث محمله على ما إذا كان النوح من وصية الميت وسنته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1425(11/13337)
الاجتماع للتعزية يعتبر من النياحة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن شباب نجلس يوميا بعد صلاة العشاء نقرأ القرأن وفي يوم من الأيام كانت عندنا في القرية جنازة لأحد الأشخاص قد توفي فذهبنا جميعا وقمنا بدفنه والعزاء عند المقابر لأهل الميت كعادة القرية ولكن في المساء يقوم أهل الميت بعمل سرادق لقراءة القرآن والناس يذهبون للعزاء ففي هذا اليوم قال أحد الشباب نلغي جلسة القرآن ونذهب للعزاء في السرادق فقلت له إننا ذهبنا في الصباح للدفن وأخذ العزاء على المقابر ونجلس أحسن لجلسة القرآن فهذا ثواب أكبر ولكنه اعترض وقال هذا ثواب أكبر وهو العزاء فقولوا لي أي عمل له الأجر العظيم عند الله لأننا شباب نحرص على الثواب الأعظم فنحن عقدنا النية على ذلك منذ خمس سنوات أفيدونا أفادكم الله وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعزية المسلم بسبب موت بعض أقاربه مستحبة، ولا بأس بأن تكون عند القبر وتفعل مرة واحدة ولا تتكرر، فينبغي لكم أن تكتفوا بالتعزية التي قمتم بها عند المقابر ولا تذهبوا إلى الجموع المذكورة، فإن الاجتماع للتعزية يعتبر من النياحة، وراجع الفتوى رقم: 6068.
كما أن الاجتماع للقراءة على الميت من البدع التي لا تستند إلى دليل، فلا ينبغي المشاركة فيها ولا حضورها، وراجع الفتوى رقم: 2288.
واجتماعكم للقراءة إن كان للمدارسة والحفظ فهذا عمل طيب وثوابه عظيم، لقوله صلى الله عليه وسلم: وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده. رواه مسلم.
وإن كانت القراءة بشكل جماعي وبصوت واحد فهذه بدعة محدثة ينبغي تجنبها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه. وراجع الفتوى رقم: 7673.
وبما قدمناه يتبين للسائل أن الاشتغال بقراءة القرآن ومدارسته أفضل، لكن ينبغي أن يكون على الوجه الشرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1425(11/13338)
حكم البكاء بصوت عال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم البكاء بصوت عال حتى تظن بأنه ضحك ليس بكاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في البكاء الإباحة ولو كان بصوت إلا إذا صحب ذلك ما لا يجوز من نياحة أو ضرب صدر أو نتف شعر أو شق جيب. قال ابن حجر في تحفة المحتاج: ويحرم الندب بتعديد شمائله.... ومع ذلك المحرم الندب لا البكاء، لأن اقتران المحرم بجائز لا يصيره حراما ... ومن ثم رد أبو زرعة قول من قال يحرم البكاء عند ندب أو نياحة أوشق جيب أو نشر شعر أو ضرب خد بأن البكاء جائز مطلقا وهذه الأمور محرمة مطلقا. اهـ. وفي حاشية ابن القاسم على التحفة: قوله خلاف الأولى، وهو المعتمد.. قال شيخنا هذا في البكاء بعد الموت وأما قبله فمباح. اهـ. وفيها أيضا: قال السبكي: وينبغي أن يقال إذا كان البكاء لرقة على الميت وما يخشى عليه من عقاب الله تعالى وأهوال يوم القيامة فلا يكره، ولا يكون خلاف الأولى، وإن كان للجزع وعدم التسليم للقضاء فيكره أو يحرم. انتهى. والثاني أظهر، قال الروياني: ويستثنى ما إذا غلبه البكاء فإنه لا يدخل تحت النهي لأنه مما لا يملكه البشر وهذا ظاهر، قال بعضهم وإن كان لمحبة ورقة كالبكاء على الطفل فلا بأس به، والصبر أجمل، وإن كان لما فقد من علمه وصلاحه وبركته وشجاعته فيظهر استحبابه، أو لما فاته من بره وقيامه بمصالح حاله فيظهر كراهته لتضمنه عدم الثقة بالله تعالى. قال الزركشي: هذا كله في البكاء بصوت، أما بمجرد دمع العين فلا مانع منه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(11/13339)
البكاء على الميت.. الجائز والمحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأم الثكلى إذا بكت على ابنها يحزن لحزنها؟ وهناك أقوال أن من تبكي على ابنها لا تراه في المنام؟ وإذا أحبت رؤية وليدها في المنام ماذا تفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبكاء على الميت يجوز منه ما كان بلا صوت بالاتفاق، لما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم فاضت عيناه حينما رفع إليه ابن ابنته كأنه شن، فقال له سعد: يا رسول الله، ما هذا؟ فقال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء. متفق عليه، وفعل مثل ذلك عند موت ابنه إبراهيم.
والمحرم من البكاء على الميت إنما هو النوح والندب ونحوهما، ففي الحديث الشريف: إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم، وأشار إلى لسانه. متفق عليه.
وأما حزن الابن بسبب بكاء أمه عليه، فقد اختلف فيه أهل العلم، فمنهم من رأى أنه يعذب بما وقع عليه من الندب والنياحة، ومنهم من لم ير ذلك؛ إلا أن يكون الميت أوصى بأن يبكى عليه، وراجعي في جميع هذا فتوانا رقم: 25255.
ولم نعثر على شيء إذا فعلته الأم يعينها على رؤية ابنها في المنام، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 33774.
ولم نعثر كذلك على ما يدل على أن بكاءها على ابنها يحرمها من رؤيته في المنام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(11/13340)
البكاء المجرد تأثرا بفقد المحبوب وموته جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه لا يجب البكاء على الميت؟
أرجو الاهتمام والرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النياحة على الميت بلطم الخدود وشق الجيوب ونشر الشعر ونحو ذلك من أعمال الجاهلية، وهي من الكبائر، أما البكاء المجرد عن ذلك والناشئ عن التأثر بفقد المحبوب وموته، فهو جائز باتفاق العلماء، لفعله صلى الله عليه وسلم، حيث إنه فاضت عيناه بالدموع لما مات ابنه إبراهيم عليه السلام، ولمزيد بيان راجعي الفتوى رقم: 25255.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1425(11/13341)
لا تعارض بين حلق رؤوس أولاد جعفر، والبراءة من الحالقة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد:
عن عبد الله بن جعفر {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهل آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم ثم أتاهم فقال، لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ثم قال: ادعوا لي بني أخي، فجيء بنا كأنا أفرخ، فقال: ادعوا لي الحلاق، فأمره فحلق رؤوسنا} صحيح، ما هو شرح الحديث وكلماته وفقهه، وهل فيه تناقض بين براءة الرسول من الحالقة وبين فعله لأولاد الصحابي؟ وبالله التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المسؤول عنه أخرجه أبو داود وصححه الألباني عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: أمهل آل جعفر ثلاثاً أن يأتيهم ثم أتاهم، فقال لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ثم قال ادعوا لي بني أخي، فجيء بنا كأنا أفرخ، فقال: ادعوا لي الحلاق، فحلق رؤوسنا.
ومعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه الخبر بوفاة جعفر في مؤتة ترك أهله يبكون عليه ويحزنون ثلاثة أيام، وكان في ذلك دليلا على جواز البكاء والتحزن على الميت في هذه المدة، من غير ندبة ولا نياحة، ثم لما مرت هذه الأيام طلب بأن يؤتى ببني جعفر، وهم عبد الله وعوف ومحمد، فجيء بهم كأن شعر رؤوسهم يشبه زغب الطير، فأمر الحلاق أن يحلق رؤوسهم، وذلك إشفاقاً عليهم من الوسخ والقمل، لأن أمهم شغلت بمصابها في زوجها عن القيام بترجيل شعورهم، هذا مجمل ما ذكره صاحب عون المعبود في شرحه للحديث.
وبهذا يتبين عدم التعارض بين هذا الحديث وحديث أبي بردة الذي اخرجه أحمد وحسنه الأرناؤوط وفيه: وأشهدكم أني بريء من كل حالقة.
وذلك لأن الحلق في الحديث الأول مشروع في الأصل لأنه متعلق بالأطفال ولم يطرأ عليه ما يمنعه بينما الحلق في الحديث الثاني ممنوع من الأصل، لأنه متعلق بحلق رؤوس النساء، وتعضّد بمنع آخر وهو كونه وقع تعبيراً عن التضجر من المصاب، وبالتالي عدم الرضا بقضاء الله تعالى وقدره، وهذا هو وجه البراءة هنا، لأن الرضا بالقضاء من مقتضيات العقيدة، وعلى هذا استحق غير المسلِّم به هذه البراءة من النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(11/13342)
حكم النعي من خلال مكبرات الصوت بالمسجد.
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يتوفى لنا في المنطقة شخص يعلنون عن الوفاة بمكبرات الصوت في المساجد، فهل هذا الأمر صحيح؟ وما هي الطريقة الصحيحة للتبليغ؟
وجزكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإعلام بموت الشخص لا حرج فيه إن شاء الله، وهو من النعي الجائز، ما لم يقترن بمحذور شرعي فيمنع لأجل ذلك. وراجع في هذا الفتوى رقم: 23113.
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم في الأسود الذي توفي ودفن دون علمه صلى الله عليه وسلم: أفلا آذنتموني. رواه البخاري.
لكن النداء على الجنائز من خلال مكبرات الصوت في المسجد أمر لا ينبغي. قال المواق في كتابه التاج والإكليل لمختصر خليل: سمع ابن القاسم: سئل مالك عن الجنائز يؤذن بها على أبواب المساجد، فكره ذلك، وكره أيضًا أن يصاح في المسجد بالجنازة ويؤذن بها. وقال: لا خير فيه. وقال: لا أرى بأسًا أن يدار في الحلق يؤذن الناس بها، ولا يرفع بذلك صوته. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1424(11/13343)
صنيعة الطعام من أهل الميت من النياحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عندما نعزي الناس أن نتعشى عندهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنتم أنتم الذين تصنعون الطعام وتأتون به لأهل الميت وتأكلون معهم مواساة لهم، فلا بأس بذلك، إذ أنه يستحب للأهل والجيران صنع طعام لأهل الميت، لحديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: لما جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي صلى الله عليه وسلم اصنعوا لآل جعفر طعاما، فقد أتاهم أمر يشغلهم، أو أتاهم ما يشغلهم. رواه الإمام أحمد وأبو دود والترمذي وابن ماجه والبيهقي وحسنه الألباني وشعيب الأرنؤوط.
أما إن كان أهل الميت هم الذين يصنعون الطعام وأنتم وغيركم تتعشون عندهم، فهذا بدعة محدثة، وحكمه دائر بين التحريم والكراهة الشديدة، لقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(11/13344)
صنيعة الطعام من أهل الميت من النياحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك عادة متبعة في قبيلتنا منذ عدة سنوات وهي وجود جمعية تعاونية يعطى بموجبها لكل رب عائلة تحدث له حالة وفاة 1000 دينار لتغطية تكاليف المأتم من مواد غذائية ومصروفات الوجبات الغذائية ومستلزمات أخرى، علما بأن الوجبات الغذائية يتم طهيها في منزل المتوفى، ويقوم كل رب عائلة عند حدوث وفاة بدفع مبلغ 10 دينارات وذلك للحفاظ على رصيد الجمعية، الرجاء تفصيل الحكم في هذه القضية مقرونا ذلك بالأدلة الثابتة من الكتاب والسنة خصوصا أنه يساورني شك في إن ما نقوم به من البدع؟ وجزاكم الله خيراً.
للعلم القبيلة متكونة تقريبا من 100 عائلة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما ذكره السائل الكريم يعد من البدع ومن النياحة التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
فلا يجوز لكم التعاون على مثل هذا النوع، بل يجب عليكم تركه والبعد عنه، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نحيلك إلى الفتوى رقم: 8300، وعن كيفية التعزية نحيلك إلى الفتوى رقم:
6068.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/13345)
البكاء على الميت.. المشروع منه والممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي عن عمر يناهز السابعة والسبعين، وقد حزنت لفراقها كثيرا، وكل ما أتذكرها لا أقدر أن أكف عن البكاء، فهل فعلا البكاء يؤذيها، وهل هو حرام، وكيف أبرها، وكيف أنفعها بعد وفاتها. وقد تمنيت حين ذهبت لها في قبرها أن أزيح التراب عنها لأراها وأقبلها، ولكني طبعا لم أفعل، فهل التمني حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن البكاء بلا صوت جائز اتفاقاً، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه بأنه رحمة، ففي الحديث المتفق عليه "أنه فاضت عيناه حينما رفع إليه ابن ابنته كأنه شن، فقال له سعد: يا رسول الله، ما هذا؟ فقال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء. " وكذلك الحال عند موت ابنه إبراهيم.
أما المحرم فهو النوح والندب أو البكاء المقرون بهما أو بأحدهما، كما في الحديث: " إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم، وأشار إلى لسانه. " متفق عليه قال النووي رحمه الله: (وأجمعوا كلهم على اختلاف مذاهبهم على أن المراد بالبكاء - أي البكاء الذي يعذب عليه - البكاء بصوت ونياحة، لا مجرد دمع العين.) انتهى
وقد رأى الجمهور أن الميت يعذب إذا أوصى أن يبكى عليه ويناح بعد موته، وذلك جمعاً بين الأحاديث التي رواها عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الميت يعذب ببكاء أهله. " متفق عليه.
وإنكار عائشة رضي الله عنها أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا محتجه بقول الله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [لأنعام:164] ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما مر على يهودية يبكي عليها أهلها فقال:" إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها. " قالت عائشة رضي الله عنها: (تعذب بكفرها لا بسبب البكاء.
وقد رأى الإمام البخاري أنه يعذب إذا كان ذلك من سنته، فقال: (باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يعذب الميت ببعض بكاء أهله. إذا كان النوح من سنته.)
وننصح - الأخت السائلة - بالإقلاع عن البكاء، لا سيما إن كان ذلك كثيراً، وأن تدعو الله تعالى لأمها بالمغفرة، وتتصدق عنها بصدقة جارية إن استطاعت، ففي الحديث الذي أخرجه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
"وكذلك ما أخرجه الإمام أحمد أن رجلاً من الأنصار جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" هل بقي من بر أبوي شيء بعد موتهما؟ فقال: خصال أربعة: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما.
"هذا هو ما ينفعها بعد موتها، أما إزاحة التراب عنها بعد دفنها فلا يجوز، سواء كان ذلك للتقبيل أو غيره، وذلك لما ثبت من النهي عن كل ما يؤذي كالقعود والوطء ونحوهما، روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم: " نهى أن يجصص القبر وأن يبنى عليه وأن يقعد عليه.
"أما مجرد التمني فلا مؤاخذة عليه إن شاء الله تعالى، ونرجو الله جل وعلا أن يأجرك في مصيبتك وأن يغفر لوالدينا ولجميع المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(11/13346)
البكاء بصوت ونياحة يؤذي الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قدر الله لي أن أحب بنتاً كانت كل حياتي فرحتي بسماع صوتها كانت أحن علي من الأهل كانت القلب النابض لي قدر الله لها أن تتزوج وتنقطع أخبارها وفرحت لها وحزنت على عمري ودعوت لها بالخير ولكن مع الأيام قرأت إحدى الجرائد وإذا بالبنت التي أحبها قد توفيت أسأل الله لها الرحمة
وبقراءتي لهذا الخبر رجعت الذكريات لي ودمعت عيني وعشت في آهات الله يعلم بها نعم إرادة الله فعلت بي هذا ولكن هل يصح لها الدعاء مني وزيارة قبرها أم ذلك يسبب لها العذاب والعياذ بالله أرجوك سرعة الرد علي يرحمني الله معكم. وشكرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فدعاء الحي للميت وزيارته لقبره لا يؤذيه، بل قد ينتفع الميت بدعاء الحي له، أما الذي يؤدي إلى عذاب الميت في قبره من أفعال الأحياء فهو البكاء فقط، وليس كل بكاء، وإنما البكاء المصحوب بصوت. قال الإمام النووي - رحمه الله - في شرحه على صحيح مسلم: وأجمعوا كلهم على اختلاف مذاهبهم على أن المراد بالبكاء هنا: البكاء بصوت ونياحة لا مجرد دمع العين. انتهى
وإنما يعذب الميت بالنياحة عند جمهور العلماء - وهو الراجح - إذا كان قد أوصى بأن يبكى عليه، ويناح عليه فنفذت وصيته، أما من لم يوصٍ فلا يعذب، لقول الله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] .
ونصيحتنا لك - أخي السائل- أن تكتفي بالدعاء لها والترحم عليها، ثم انشغل بذكر الله عن ذكرها، فهي - رحمها الله- قد أفضت إلى ما قدمت، أما أنت فمطالب بأن تقدم أعمالاً صالحة تنفعك عند الله إذا صرت إلى ما صارت إليه، فاشغل نفسك بذكر الله واجتهد في طاعته، والله المسؤول أن يحسن خاتمتنا وخاتمتك.
ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:
1109
4220
9360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(11/13347)
النعي ... بين الاستحباب والتحريم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في النعي الذي ينشر في الجرائد المصحوب بآيات قرآنية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز الإعلان بموت الشخص في الجملة، ما لم يقترن نعيه بما كان يفعله أهل الجاهلية من ذكر شمائله ومآثره ومدحه والثناء عليه بما يعلم الناس أنه ليس فيه، قال ابن حجر رحمه الله: (النعي ليس ممنوعاً كله، وإنما نهي عما كان أهل الجاهلية يصنعونه.) انتهى
وإذا كان المقصود من النعي المباهاة والفخر فإنه لا يجوز أيضاً، وقد يكون النعي واجباً إذا كان المقصود منه استحضار من يقوم بحق الميت من غسله وكفنه والصلاة عليه، وقد يكون مستحباً إذا رجي منه استغفار الناس له، أو الصلاة عليه، كما في البخاري ومسلم عن أبي هريرة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم، نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربعاً. "
وروى أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة عن جيش الأمراء "غزوة مؤتة": ألا أخبركم عن جيشكم هذا الغازي؟ إنهم انطلقوا حتى لقوا العدو فأصيب زيد شهيداً، فاستغفروا له، فاستغفر له الناس، ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب فشد على القوم حتى قتل شهيداً، أشهد له بالشهادة، فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة، فأثبت قدميه حتى أصيب شهيداً فاستغفروا له. وصححه الأرناؤوط.
أما عن كتابه بعض الآيات القرآنية مع النعي الجائز، فلا شيء في ذلك لكن يجب على من يحملها المحافظة عليها وإكرامها، فإن لم يستطع فليحرقها أو يعدمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(11/13348)
لطم الخدود خلق الجاهليين
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم رد الدين بعد اللطم على الخدود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لطم الخد جزعاً عند المصائب محرم، لما في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية.
) بل عدَّ بعض أهل العلم فعل ذلك من الكبائر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من فاعله.
وبناءً على ذلك فإنه يجب على من وقع في هذا المحظور أن يتوب إلى الله تعالى، بالندم على ما فعل، والعزم على عدم العودة إليه أبداً، والإكثار من نوافل العبادات من صلاة وغيرها، مع المداومة على الاستغفار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1423(11/13349)
النياحة نعيق الشيطان واعتراض على القدر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في النياحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حرم الإسلام النياحة على الميت، واعتبرها الرسول صلى الله عليه وسلم من أمر الجاهلية، وتوعد صاحبها بالعقاب، فقد ورد ذلك في الصحيحين وغيرهما.
فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة". وقال عليه الصلاة والسلام: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب" رواه مسلم.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية" رواه مسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم يبايع النساء وينهاهن عن النياحة، كما في الصحيحين عن أم عطية رضي الله عنها، فالنياحة اعتراض على قضاء الله وقدره، ولهذا حرمها الشرع.
أما بكاء العين، وحزن القلب، فليس من النياحة المنهي عنها، قال البخاري: قال عمر رضي الله عنه: دعهن يبكين على أبي سليمان (خالد بن الوليد) ما لم يكن نقع أو لقلقة.
والنقع: التراب على الرأس. واللقلقة: الصوت.
وروى أحمد عن ابن عباس مرفوعاً: (إياكن ونعيق الشيطان، ثم قال: إنه مهما كان من العين والقلب فمن الله عز وجل، ومن اليد واللسان فمن الشيطان.)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(11/13350)
صنع الطعام من أهل الميت للناس من النياحة.
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم عمل العشاء في ثالث يوم بعد الوفاة كرحمة على روح الميت وقراءة القرآن كاملاً بحضور شيخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشرع لأهل الميت صنع الطعام سواء كان من مال الورثة، أو من ثلث مال الميت الذي أوصى به ولو أوصى بصنعه، لأنه خلاف السنة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإنه أتاهم أمر يشغلهم " رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
فالسنة أن يقدم هذا الطعام لأهل الميت، لا أن يصنعوه وينشغلوا به زيادة على انشغالهم بمصابهم.
وقد قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه " كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من الناحية" رواه أحمد.
واعتقاد أن هذا العمل ينفع الميت اعتقاد غير صحيح، لأن النياحة مما يتأذى به الميت، وإذا كان هذا الطعام يصنع من مال الورثة وفيهم ُقصر، أو من لا تطيب نفسه بحقه فيه فإن فيه منكراً آخر، وهو الاعتداء على حقهم.
ولا يشرع قراءة القرآن للميت على الوجه الوارد في السؤال، لأنه عمل محدث، لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، واستئجار مقرئ لذلك منكر آخر، وقد قال العلماء: إن القارئ لأجل المال لا ثواب له، فأي شيء يهدى للميت؟.
والحاصل أن المشروع: الإحسان إلى أهل الميت ومواساتهم، وتعزيتهم، وصنع الطعام وتقديمه إليهم، والدعاء للميت، وإخراج الصدقة عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13351)
حكم قراءة سورة الفاتحة بعد دفن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني جزاكم الله خيراً عن حكم قراءة سورة الفاتحة بعد الانتهاء من الصلاة على الميت أو دفنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فقد سبق الكلام على حكم قراءة الفاتحة بعد صلاة الجنازة في الفتوى رقم: 15970، والفتوى رقم: 18949، وأما قراءة الفاتحة أو غيرها من القرآن بعد الدفن، فالراجح فيها المنع، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: اختلف السلف فيما إذا قرأت الفاتحة عند الميت بعد دفنه مباشرة أو غيرها من القرآن، والصحيح أيضاً أنه ليس بسنة، والسنة أن تستغفر له وتسأل له التثبيت. مجموع الفتاوى.
وقال أيضاً: فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن إذا دفن الميت يقول للناس: اقرؤوا عليه الفاتحة، أو شيئاً من القرآن، بل كان إذا فرغ من دفنه وقف عليه، وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل. مجموع الفتاوى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية: القراءة للأموات (من الرسل أو الأولياء أو الصالحين) أو غيرهم من الناس قبل الدفن أو بعده لا تجوز، لأنها عبادة والعبادات مبنية على التوقيف وليس هناك دليل يدل على مشروعيتها، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. وقال صلى الله عليه وسلم: اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبوراً، فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. خرجه مسلم في صحيحه، وهذا الحديث يدل على أن المقابر ليست محلاً للصلاة، ولا للقراءة. وانظر الفتوى رقم: 14865، والفتوى رقم: 110213.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1430(11/13352)
قراءة القرآن الكريم على القبور بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عندما نسير أو نمر من أمام مقبرة تعودنا قراءة الفاتحة، ومنا من يقرأ القرآن في المقبرة فما حكمه؟ وهل هو من السنة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الفعل المذكور في السؤال لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه الراشدين، والخير كله في اتباعهم، والشر كله في ابتداع من خالفهم، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 23828، 29428، 67342، 49919.
ومما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ. رواه مسلم. ففيه إشارة إلى أن القبور ليست موضعاً للقراءة شرعاً.
وقال أبو داود في مسائله: سمعت أحمد سئل عن القراءة عند القبر؟ فقال: لا. اهـ.
وقال الشيخ ابن باز: ليس لقراءة القرآن على الميت أو على القبر أصل صحيح، بل ذلك غير مشروع، بل من البدع. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين: قراءة القرآن الكريم على القبور بدعة، ولم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ... والواجب على المسلمين أن يقتدوا بمن سلف من الصحابة، والتابعين لهم بإحسان حتى يكونوا على الخير والهدى. اهـ.
وقال الشيخ الألباني في أحكام الجنائز: قراءة القرآن عند زيارة القبور مما لا أصل له في السنة. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(11/13353)
حكم بناء قاعة لاستقبال المعزين
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم بناء قاعة للعزاء؟ علما أن المنطقة التي أعيش بها بحاجة ماسة إلى مثل هذه القاعة حيث إن أهل الميت في الأيام الثلاثة الأولى يستقبلون المعزين بالعشرات إن لم يكن بالمئات ولا يوجد أي بيت يتسع لمثل هذا العدد الهائل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعزية المسلم مشروعة مستحبة، وورد في فضلها حديث عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلَّا كَسَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه ابن ماجه والبيهقي وحسنه الشيخ الألباني.
والتعزية تكون في أي مكان لقي المسلم فيه أخاه، وقد توفيت بعض من بنات النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفي ابنه إبراهيم ولم يعلم عنه أنه جلس في مكان محدد لمن يأتي يعزيه أو حدد وقتا لهذا، وكذلك لم يعرف هذا عن أحد من الصحابة، بل قد توفي الخلفاء الراشدون، وكانوا أفضل الصحابة ومكانتهم عالية فلم يحدث الصحابة مكانا يجتمعون فيه للعزاء، بل كان الصحابة يعدون الاجتماع بعد الدفن وصناعة الطعام من النياحة.
فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ. رواه الإمام أحمد وابن ماجه، وَقال البوصيري فِي الزَّوَائِد: إِسْنَاده صَحِيح رِجَال الطَّرِيق الْأَوَّل عَلَى شَرْط الْبُخَارِيّ وَالثَّانِي عَلَى شَرْط مُسْلِم. وصححه أيضا الألباني.
قال السندي في شرحه لابن ماجه:" قَوْله (كُنَّا نَرَى) هَذَا بِمَنْزِلَةِ رِوَايَة إِجْمَاع الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَوْ تَقْرِير النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى الثَّانِي فَحِكْمَة الرَّفْع عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهُوَ حُجَّة (وَصَنْعَة) أَيْ الْأَهْل وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا عَكْس الْوَارِد إِذْ الْوَارِد أَنْ يَصْنَع النَّاس الطَّعَام لِأَهْلِ الْمَيِّت فَاجْتِمَاع النَّاس فِي بَيْتهمْ حَتَّى يَتَكَلَّفُوا لِأَجْلِهِمْ الطَّعَام قَلْب لِذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ كَثِير مِنْ الْفُقَهَاء أَنَّ الضِّيَافَة لِأَهْلِ الْمَيِّت قَلْب لِلْمَعْقُولِ لِأَنَّ الضِّيَافَة حَقًّا أَنْ تَكُون لِلسُّرُورِ لَا لِلْحُزْنِ وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى.
وبناء على ما سبق، فلا يشرع بناء قاعة للعزاء، فهذا من المحدثات التي لو كانت خيرا لسبقنا إلى فعلها خير القرون، ومن يأتي للعزاء يعزي أهل الميت حيثما وجدهم في بيتهم أو مسجدهم أو سوقهم أو مكان عملهم ثم ينصرف فهذا هو المشروع.
وقد سبق أن ذكرنا أن الاجتماع لأهل الميت ممنوع من وجهين في الفتوى رقم: 31143 فراجعها،
وبينا في الفتوى رقم: 56082 أن الاجتماع للتعزية يعتبر من النياحة، وفي الفتوى: 6068 بينا وقت تعزية أهل الميت وحكم الاجتماع لها، وكل الخير في اتباع من سلف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1430(11/13354)
التصدق عن الميت وتسميته مقام اليوم هل يعد بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك مصطلح يستخدم في بلدتنا وهو: مقام اليوم. وهو عبارة عن عدد من الأغنام تذبح وتوزع مع كميات من الحبوب والسكر والغذاء، توزع صدقة لأهل البلد عند موت أي إنسان إذا لم يكن قد أخرجها قبل مماته، السؤال:
ما حكم من يقوم بهذا العمل تحت هذا المسمى هل يعتبر بدعة؟ ما حكم من يقوم بهذا العمل في حياته أو يقوم به أهله بعد مماته بنية أنه صدقة من الصدقات؟ وهل يصل أجر ذلك إلى الميت إذا تم إخراجها بعد موته؟ وإذا أراد الأهل إخراج شيء من الصدقات عن ميتهم فما هو الأفضل بحيث يصل أجره إلى الميت ولا يتم الوقوع في البدع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصدق الإنسان عن نفسه في حياته، أو تصدق أهل الميت عنه بعد مماته بذبح أو طعام ونحوه كل ذلك مشروع مستحب، ويصل ثوابه إلى الميت- بإذن الله- كما دلت على ذلك الأدلة الشرعية، وليس التصدق عنه ببدعة إلا إذا اعتقدوا وجوب تلك الصدقة فإنها تكون بدعة حينئذ، لأنهم اعتقدوا وجوب ما ليس بواجب. أو صاحب التصدق اعتقاد فاسد، وتسميتها بمقام اليوم أو غيرها من التسميات لا نرى أنها تخرج بها تلك الصدقة إلى حيز البدعة، نعم تلك التسمية ليست سنة والصدقة سنة، وقد سبق لنا أن بينا مشروعية الصدقة عن الميت في الفتويين: 25888، 56783.
وأما ما هو الأفضل فالصدقة كلها خير وفضل، وانظر لذلك الفتوى رقم: 8042 وفيها أمثلة للصدقة عن الميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(11/13355)
حكم وضع كرات مبللة في قبر الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[توضع ثلاث كرات صغيرة مبللة بالماء خلف ظهر الميت بعد وضعه في اللحد، توضع الأولى خلف رقبته ويقال: منها خلقناكم، والثانية خلف ظهره ويقال: وفيها نعيدكم، وتوضع الثالثة خلف ساقيه ويقال: ومنها نخرجكم تارة أخرى. ما حكم هذا العمل ومشروعيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دليل شرعي يثبت مشروعية وضع هذه الكرات المذكورة بهذه الكيفية مع الميت في قبره عند الدفن، والظاهر أنه من البدع التي يجب الابتعاد عنها، ولكن يسن لمن حضر وضع الميت في قبره أن يحثو عليه ثلاث حثيات قبل أن يهال عليه التراب لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك. وراجع في هذا الفتوى رقم: 103607.
وأما قول: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى. فذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه لم يثبت فيه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(11/13356)
حكم إشعال النار في بيت الميت ثلاثة أيام بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم إشعال النار في بيت أهل الميت مدة 3 أيام الأولى بعد الوفاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتلك بدعة محدثة يجب نبذها وإنكارها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. وفي رواية: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. متفق عليه.
فيلزم المسلم أن يحذر كل الحذر من الابتداع، ويسعى في تغيير المنكر بما استطاع، كما قال صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 109792، والفتوى رقم: 8208.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1430(11/13357)
حكم وضع الميت في المسجد لإلقاء نظرة الواداع عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: أعيش في إحدى الولايات الأمريكية بين جالية إسلامية كبيرة، وقد رأيت في أحد المساجد الكبيرة هنا أمراً جديداً لم نعهده من قبل لا في بلادنا ولا هنا، فقد أقبل القائمون على المسجد بتقليد ما يفعله النصارى في كنائسهم وغيرهم في معابدهم من عرض زعمائهم وموتاهم أمام الناس لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم، فشرعوا في تقليد هذه العادة بعرض الميت المسلم أمام الناس في المسجد وقد مددوه في نعشه وكشفوا وجهه لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه، وحين تحدثت معهم وأخبرتهم أنه يجوز أن يودع أحباب وأهل الميت ميتهم ولهم كشف وجهه وتقبيله، ولكن لا يجوز عرضه في المسجد هكذا ليلقي الناس نظرة الوداع الأخيرة عليه كما يفعل غير المسلمين، وأن هذا ليس له أصل عندنا وأنه تقليد لغيرنا، فقالوا بل هو جائز ولا حرج فيه وأنه ليس هناك دليل على منع ذلك؟ فأفيدونا أفادكم الله.
علماً بأني سمعت مقطعا من فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز رحمه الله يقول إن هذا ليس له أصل لكن أحتاج إلى أدلة وأقوال تفصيلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر على ما ذكرت من أن تقبيل الميت ممن يجوز له تقبيله جائز لثبوت السنة بذلك، وقد سبق بيان هذا بالفتوى رقم: 70233.
وأما وضعه في المسجد لإلقاء نظرة الواداع عليه فلا نعلم له أصلا في الشرع، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم.
فمن يجيز مثل هذا الفعل بالصورة التي يفعلها هؤلاء هو المطالب بالدليل.
ثم إن في هذا تشبها بغير المسلمين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن تشبه بقوم فهو منهم.
هذا بالإضافة إلى أنه قد يتضمن مخالفة ما جاءت به السنة من الإسراع بالجنازة؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها، وإن يك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(11/13358)
حكم صنع الطعام ممن مات له ميت وصلاة وحشة القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل هل يجوز ما يفعله بعض الناس عندما يموت أحد يطبخون طعاما أو يوزعونه، وبعد ما يأكلون الطعام يقرؤون سورة الفاتحة ويقولون إن الطعام يصل إلى الميت، وعندما يدفنون الميت أول يوم يصلون بعد المغرب صلاة يسمونها صلاة وحشة القبر............ فأرجو الرد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود هو صنع الطعام وتوزيعه على الفقراء والمساكين بقصد التقرب إلى الله تعالى بإطعام الطعام وإهداء ثواب ذلك إلى الميت فلا حرج في ذلك ما لم يصحب ذلك أمر غير مشروع كاجتماع للعزاء وقراءة القرآن أو الفاتحة خاصة بصفة جماعية أو نحو ذلك.
وأما صنع الطعام وجمع الناس عليه فقد عده أهل العلم من النياحة، ومن البدع المستقبحة المخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم المضادة لأمره، واعتقاد أن هذا العمل ينفع الميت اعتقاد غير صحيح، لأن النياحة مما يتأذى به الميت، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 4271، والفتوى رقم: 29981.
كما لا تشرع التلاوة على النحو المذكور في السؤال، ولا الصلاة المسماة صلاة وحشة القبر، فإنه لا أصل لها في الشرع، وهي من الأعمال المحدثة المردودة على صاحبها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1430(11/13359)
هل يلزم دهن البيت إذا مات أحد أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه يجب دهن البيت من الداخل ومن الخارج بعد أن يموت أحد أهله؟ لأنه يقال عند الخروج بالميت يصرخ صرخة ينتثر بها دمه على جدران المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس صحيحا ما ذكر من وجوب هذا الأمر، ويدل لذلك أنه لم يعرف هذا الأمر عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته مع فشو الموت في ذلك العصر والقيام بالآداب المطلوبة عند الموت، ولم يذكر هذا منها، فهو إذا بدعة ولا يجوز فعله بهذا القصد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1429(11/13360)
حكم أربعينية الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأربعينيّة التي تقام للميت والتي تستغل لذكر مناقبه وأعماله الجليلة التي قدمها لفائدة الإسلام والمسلمين وذكر آثاره الأدبية والعلمية وجهاده في سبيل الوطن وسبيل دحر الجهل والضلال؟ وجزاكم الله كل خير، ودمتم حماة الإسلام وحراس العقيدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأربعينية التي تقام للميت من البدع المستحدثة التي لا دليل عليها ولو كان الغرض منها ما ذكر السائل، وعليه فيتعين تركها وعدم حضورها ونصح الآخرين بعدم إقامتها والمشاركة فيها بأي وسيلة كانت، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 74217.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(11/13361)
حكم وضع الماء على القبر لسقي الطير والبهائم
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس يرش على القبر الماء ويسكب قليلا في كأس توضع على القبر من جهة الرأس بنية أنه إذا شرب منه الطائر أو أي بهيمة يعتبر صدقة، كما أن البعض يغرس شجرة من العطر أو الياسمين ويسقيها كل يوم جمعة عند زيارته للقبر، فما حكم ذلك كله في ديننا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل هذا من البدع أو يفضي إلى الاعتقادات الباطلة والتعبدات المحدثة، ومن أراد سقيا الطيور والبهائم جعلها بعيدة عن القبور حتى لا تتخذ طريقاً وممراً للبهائم، وراجع الفتوى رقم: 45994، والفتوى رقم: 20611.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(11/13362)
الاجتماع في بيت الميت لتلاوة القرآن وإهداء ثوابه له
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من الطالبات ندرس في منارة لتعليم القرآن والحمد لله وهناك من يبعث لنا أحيانا لكي نعمل له ختمة وأحيانا نذهب إلى أحد منازل المعارف لنعمل ختمة لشخص متوفى من هذا البيت ويقدم لنا مأكولات خفيفة ولاحظت في بعض البيوت أنهم يقومون بوضع عبوات من المياه ونحن ندرس لغرض القراءة عليها وسؤالي هو هل تجوز هذه الختمات سواء في المنارة أو في البيوت التي نذهب لها وما حكم وضع هذه المياه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاجتماع لتلاوة القرآن وإهداء الثواب للميت في بيت أهل الميت من الأمور المبتدعة التي لا دليل على مشروعيتها كما لا يشرع الأكل مما يقدم في مثل هذه المناسبات كما تقدم في الفتوى رقم: 67265،
أما قراءة القرآن وإهداء ثوابه للميت من غير اجتماع لذلك الغرض فحسب فجائز، كما قدمنا في الفتاوى المحال عليها، أما النفث في الماء بعد قراءة القرآن للتبرك والاستشفاء فلا بأس به وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 101799، والفتوى رقم: 56090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(11/13363)
حكم تشغيل القرآن في منارة المسجد عند موت أحد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يموت شخص ما يتم تشغيل شريط قرآني من على منارة المسجد قي قريتنا فهل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فتح شريط القرآن أمر مباح كما هو معلوم، لكن اتخاذه لهذه المناسبة على أنه من جملة ما يفعل عند موت الميت يدخل في حد البدعة لأن كل ما يتعبد به إذا لم يرد الشرع بالتزامه لا يشرع لأحد أن يداوم عليه ويتخذه سنة، وتراجع الفتوى رقم: 6823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1429(11/13364)
كراهة اتباع الجنائز بالنار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد حديث بعدم اتباع الجنائز بالنار مثل الذين يتبعون الجنازة وهم يدخنون السجائر!
هل هذا حرام؟ وما هو الحديث وأين ذكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار. رواه أحمد وأبو داود والبيهقي وغيرهم، وأوصى أبو هريرة رضي الله عنه حين وفاته بأن يسرعوا بدفنه، وأن لا يتبعوه بمجمرة، رواه أحمد والنسائي، وكذا أوصى أبو موسى رضي الله عنه: لا تتبعوني بصارخة ولا بمجمرة. رواه البيهقي. وروى عبد الرزاق في المصنف عن عبد الأعلى قال: كنت مع سعيد بن جبير وهو يتبع جنازة معها مجمرة يتبع بها فرمى بها فكسرها، وقال سمعت ابن عباس يقول: لا تشبهوا بأهل الكتاب.
فهذه الآثار وغيرها تدل على المنع من اتباع الجنازة بنار.
وقد جاء في شرح الزرقاني على الموطأ: لأنه من شعار الجاهلية والنصارى، ولما فيه من التفاؤل.... وقال بعض العلماء: لا تجعلوا آخر زادي إلى قبري نارا. وهو أيضا من السرف والمباهاة وإضاعة المال للعود الذي يحرق.
وقال النووي في المجموع: ... ونقل ابن المنذر إجماع العلماء على كراهته قال: وممن نقل عنه ذلك عمر وأبو هريرة وعبد الله بن مغفل ومعقل بن يسار وأبو سعيد الخدري وعائشة، وذكر البيهقي عن عبادة بن الصامت وعائشة وأسماء وغيرهم أنهم أوصوا أن لا يتبعوا بنار، قال أصحابنا: وإنما كَرِه للنص، ولأنه تفاءَل بذلك فأل السوء، وهذا الذي ذكرناه من كراهة الاتباع هو نص الشافعي والجمهور.... .
والتدخين حال اتباع الجنازة لايبعد دخوله في التعليل – مع كونه محرما في أصله - لأن في الدخان نار تحرق وفيه إضاعة للمال وسرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1429(11/13365)
حكم رفع السبابة والتشهد عند حمل الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[رفع السبابة وقول أشهد عند حمل الجنازة هل فيه نقل صحيح صريح؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا نعلم دليلاً من الكتاب أو السنة على مشروعية رفع السبابة والتشهد عند حمل الجنازة، ولم نطلع على نقل عن أهل العلم في ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلاً من السنة على مشروعية رفع السبابة والتشهد عند حمل الجنازة، ولم نطلع على نقل عن أهل العلم في ذلك، وقد ذكر كثير من الفقهاء أنه ينبغي لمن تبع الجنازة أن يكثر من الصمت لأنه وقت تدبر وتفكر. قال ابن نجيم الحنفي في شرح كنز الدقائق: ... وينبغي لمن تبع جنازة أن يطيل الصمت ويكره رفع الصوت بالذكر وقراءة القرآن وغيرهما في الجنازة..
وقد روى الطبراني حديثاً في إسناده ضعف، وفيه:.. إن الله عز وجل يحب الصمت عند ثلاث ... وعند الجنازة. وذهب بعض الفقهاء إلى استحباب الذكر عند الجنازة وأن الممنوع هو رفع الصوت به، قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: ... ويسن الذكر والقراءة سراً وإلا الصمت ويكره رفع الصوت ولو بالقراءة.. انتهى.
وانظري للفائدة الفتوى رقم: 13825.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(11/13366)
العتاقة والتصدق عن الميت وقراءة القرآن له
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي العتاقة؟ وكيفية عملها؟ هل يجوز إعطاء بعض الشيوخ مالا لقراءة القرآن وتكون هذه هي العتاقة؟
هل يجوز أن أعمل إفطار صائم بغرض صدقة لروح أبي المتوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عرفناه عن العتاقة هو أنها مصدر عتق بمعنى تحرر.
فقد جاء في لسان العرب: العتق: خلاف الرق وهو الحرية، وكذلك العتاق، بالفتح، والعتاقة؛ عتق العبد يعتق عتقا وعتقا وعتاقا وعتاقة فهو عتيق ...
وأما هذه العتاقة التي تسأل عنها هنا فإنها ليست من السنة ولا هي معروفة عندنا.
واعلم أنه لا مانع من التصدق عن الميت بأي وجه من وجوه الصدقة المشروعة. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 11537.
إلا أن أهل العلم قد اختلفوا في قراءة القرآن عن الميت، فمنهم من منعها ومنهم من أجازها بشرط أن لا يرتبط بها شيء من المراسيم المعروفة أو استئجار القراء. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 3689.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1428(11/13367)
عدم زواج الابن إلا بعد مرور عيد على وفاة أبيه من البدع
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي متوفى منذ 7 أشهر وأريد أن أتزوج الآن وأقدر على مؤن الزواج ولكن عمي يرفض ذلك ويقول لي ولو تزوجت الآن لن أحضر بحجة أنه لابد أن يمر على والدي عيد، فما رأيكم مع أنني حددت موعد الفرح ومن خلال كلامه يتضح لي أني لو تزوجت الآن لن يحضر لي في أي شيء، فهل بذلك أكون أنا قاطعا لصلة الرحم.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هناك أساس شرعي لما ذكر عمك من أنه لا بد أن يمر عيد بعد وفاة أبيك حتى يتسنى لك إتمام الزواج، وعليه، فلا حرج عليك في إتمام هذا الزواج، ولا شك أنك لو تيسر لك إقناع عمك فهو أولى تفاديا للمشاكل، ولو تم الزواج من غير رضاه فلا تكون بذلك قاطعا للرحم، والذي نوصيك به أن تجتهد في السعي لإقناعه وأن تسعين في ذلك ببعض من تثق بهم من أهل العلم أو غيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1428(11/13368)
تحريم تشييع الميت بالموسيقى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح عندما يموت الشاب (من سن البلوغ إلى 25سنة) يجب جلب موسيقى له ويشيع بالهلاهل وهل هي من البدع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن يشيع الميت بالموسيقى بل يحرم، واعتقاد وجوب ذلك يعتبر بدعة عظيمة إذ هو اعتقاد وجوب أمر حرمه الله تعالى، وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان تحريم آلات الموسيقى واستماعها، فانظر الفتوى رقم: 6110، والفتوى رقم: 1455، والفتوى رقم: 66001، ولم يتبين لنا المقصود من قول السائل ويتبع بالهلاهل، وانظر الفتوى رقم: 10603، والفتوى رقم: 13825.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1428(11/13369)
حكم الاجتماع والنياحة بعد موت الميت بأربعين يوما
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدنا الجزائر بعض النواح عند موت أحد بعد 40 يوما ويقدمون صدقات ويقرؤون عليه القرآن والذكر، فهل هذا صحيح فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أربعينية الميت من البدع المحدثة، وأما التصدق عنه وقراءة القرآن فهو مشروع على الأرجح، ولكن الاجتماع عند الأربعين والنياحة ممنوعان شرعاً، وراجع للتفصيل في الأمر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60940، 47307، 44220، 31916، 4271، 24236، 3406، 5541، 35828.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1428(11/13370)
حكم كتابة الدعاء بالزعفران ورشه على كفن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت عن أحد الصالحين دعاء كله تذلل ورجاء لله سبحانه وتعالي للعتق من النار وقيل إنه يمكن أن يكتب بالزعفران والمسك وماء الورد ويرش على كفن الميت من قبيل الرجاء، فما رأي الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتابة الدعاء المذكور بالزعفران أو غيره ثم رشه على كفن الميت لم نقف على ما يدل على مشروعيته، وعليه، فالإقدام على ذلك من الابتداع في الدين، ومن باب جعل الشيء سبباً لشيء لم يجعله الله سبباً له لا شرعاً ولا حساً، وبالتالي فينبغي الابتعاد عنه والاقتصار على الأمور المشروعة كالدعاء للميت والتصدق عنه بنية إهداء الثواب له وغير ذلك من الأمور التي تنفع الميت بعد وفاته. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 631، والفتوى رقم: 69795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(11/13371)
الونيسة في ميزان الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[يقال إنه عند حمل المتوفى والخروج به من منزله يجب ذبح خروف بما يسمى الونيسة (لمؤانسته في قبره) ما صحة ذلك؟ . (لم أر لذلك مرجعا) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالونيسة هي ذبيحة تذبح بعد أن يهال التراب على الميت مباشرة، وقد جاء اسمها من (الونس) حيث تكون إنسا للمتوفى. وقال البعض إنها المبيت عند القبر في الليلة الأولى بعد الدفن لإيناس الميت بزعمهم.
وأيا كان الحال من ذلك فإنه من البدع المذمومة، التي لا أصل لها من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا من فعل أصحابه، ولو كان خيرا لسبقونا إليه.
فلما لم يرد شيء من ذلك عنهم، مع كثرة من مات في حضورهم، عُلم أنه لا خير فيه.
والأصل في العبادات التوقيف، فلا يعبد الله إلا بما شرع في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. ولا ثواب في فعل البدع، بل هي مردودة على صاحبها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد. رواه البخاري ومسلم. وهي ضلالة، لأنه جاء في الحديث الشريف: " وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة " رواه مسلم. وزاد النسائي: وكل ضلالة في النار.
والمبتدع يخشى عليه أن تصيبه الفتنة كما قال سبحانه: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. النور/63.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: فليحذر الذين يخالفون عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان.اهـ
وعليه، فما قلت إنه عند حمل المتوفي والخروج به من منزله يذبح له خروف ... إلى آخر ما ذكرته هو من البدع المضلة التي يجب على المسلمين أن يحاربوها أينما وجدت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1428(11/13372)
السنة صنع الطعام لأهل الميت، لا أن يصنعوه وينشغلوا به
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم إفادتي بما يأتي: أمرنا بأن نصنع الطعام لمن مات له ميت ونلح عليه بالأكل لكي لا يضعف لحزنه الشديد على المصيبة التي أصابته كما جاء ذلكم في نعي جعفر بن أبي طالب، فسؤالي إذا عكسنا الأمر فيصنع أهل الميت طعاما ثم يدعون جماعة ليقرؤوا شيئا من القرآن والأذكار ويهدوا ثواب ذلكم للميت ثم يأكلوا منه في بيته، فهل هذا يجوز ومطلوب شرعا كما ورد في الحديث المبين أدناه؟
{خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر أوسع من قبل رجليه أوسع من قبل رأسه فلما رجع استقبله داعي امرأة فجاء وجيء بالطعام فوضع يده ثم وضع القوم فأكلوا فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه ثم قال أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها فأرسلت المرأة يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة فلم أجد فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعميه الأسارى} ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يشرع لأهل الميت صنع الطعام، ولا دعوة جماعة ليقرؤوا شيئا من القرآن والأذكار ويهدوا ثواب ذلك للميت ثم يأكلوا من الطعام المعد.
وكل هذا مخالف للسنة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه أتاهم أمر يشغلهم. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
فالسنة أن يقدم هذا الطعام لأهل الميت، لا أن يصنعوه وينشغلوا به زيادة على انشغالهم بمصابهم.
وقد قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة. رواه أحمد.
واعتقاد أن هذا العمل ينفع الميت اعتقاد غير صحيح، لأن النياحة مما يتأذى به الميت، وإذا كان هذا الطعام يصنع من مال الورثة وفيهم قصر، أو من لا تطيب نفسه بحقه فيه فإن فيه منكرا آخر، وهو الاعتداء على حقهم.
ولا يشرع قراءة القرآن للميت على الوجه الوارد في السؤال لأنه عمل محدث لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولو كان خيرا لسبقونا إليه.
وأما الحديث فلا دلالة فيه على جواز صنع أهل الميت الطعام والدعوة إليه لأنه لم يقل أحد أن الداعي كان أهل ذلك الميت، ولم يستدل به أحد فيما نعلم على ذلك، وإنما وقع خطأ في رواية الحديث بيناها في الفتوى رقم: 76358.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(11/13373)
بدع الجنائز والوصية باجتنابها
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشرت عندنا عادات وتقاليد في الموت مثل 10أيام أو 40 يوم بدل 3أيام وكذلك إحضار امرأة لقراءة القرآن والدعاء للميت بين النساء وطبعاً صوتها سيسمعه من في الشارع لوجود الميكروفون، وعدم قبر الميت ووضعه في الثلاجة لحين وصول الأهل والأقارب لدفنه أو إحضار الجثة من خارج البلاد أو دفن الجثة في اليوم الثاني في قريته ولا أدري ما العبرة من ذلك وكذلك تكون القبور غير مطابقة للسنة من حيث الشكل أو وضع بعض الأشجار وغيرها من العادات، فهل من الممكن كتابة وصية أو ورقة أضعها في غرفتي أطلب فيها من أهلي عدم عمل هذه الأشياء، وإذا كان من الممكن أن تكتبوا لي صيغة مناسبة لها؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم حكم العزاء وآدابه في الفتوى رقم: 6068 فليرجع إليها.
وأما الجلوس للتعزية والاجتماع لها وتحديد تلك الأيام المذكورة في السؤال وجلب من تقوم بتلاوة القرآن فمن البدع المحدثات التي لا تستند على دليل شرعي وليست من هدي السلف الصالح رضوان الله عليهم، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31143، 16500، 7603.
أما صوت المرأة فالراجح أنه ليس بعورة ما لم يكن فيه خضوع بالقول أو ترخيم للصوت أو تلذذ الرجال بسماعه، ولما كانت قراءة المرأة للقرآن لا تخلو من نغم وتمطيط وتليين وتحبير للصوت كره للمرأة أن ترفع صوتها بالقراءة بحضرة الأجانب خشية الافتتان بصوتها، قال في نهاية المحتاج: فقد صرحوا- يعني علماء الشافعية- بكراهة جهرها في الصلاة بحضرة أجنبي وعللوه بخوف الافتتان، ولمزيد فائدة راجعي الفتوى رقم: 4508، 24898، 50422، 59279.
أما تأخير دفن الميت فإن كان لحاجة راجحة كاجتماع الناس للصلاة عليه أو لإحضار من هو أولى بتغسيله وما شابه جاز ما لم يخف عليه التغير أو يطل الانتظار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات يوم الإثنين ضحوة ودفن في جوف الليل من ليلة الأربعاء، فإن كان لغير حاجة فقد كرهه الأئمة الأربعة واستثنوا من ذلك من مات فجأة أو بهدم أو غرق فأوجبوا التأخير حتى يتحقق الموت، وراجعي الفتوى رقم: 10135، ولكن إن كان التأخير من أجل انتظار شخص بعينه أو بعض أقاربه وهناك من يصلي عليه كره ذلك.
أما نقل الميت من بلد لآخر فجائز إذا كان لغرض صحيح ولم يخش انتهاك حرمة الميت أو انفجاره وتمزقه، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 40254، والفتوى رقم: 4003 فليرجع إليهما.
أما صفة القبور الشرعية فقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 504، فليرجع إليها، وأما وضع الزهور أو الغصون الخضراء على القبور فقد سبق الكلام عليه في الفتوى رقم: 24505.
أما كتابة الوصية للأهل والأقارب بالتزام السنة واجتناب بدع الجنائز والمنكرات فهو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبرئة للذمة من العهدة لا سيما إذا علمت أو غلب على ظنك أنهم سيقعوا في البدع والمنكرات، قال الحافظ ابن حجر عند قوله صلى الله عليه وسلم: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه..... أو يكون قد عرف أن لأهله عادة بفعل أمر منكر وأهمل نهيهم عنه. وقال أيضاً في موضع آخر: قال ابن المبارك: إذا كان ينهاهم في حياته ففعلوا شيئاً من ذلك بعد وفاته لم يكن عليه شيء. انتهى.
وأما صيغة تلك الوصية فيمكن أن تكون بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وتبيين الحق لهم بالقول في الحياة وبذلك تبرأ الذمة إن شاء الله تعالى، ويمكن أن تكتب لهم أي كلام مختصر متضمن لهذا الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(11/13374)
استبدل صنعة الطعام بعد الدفن بأمر حسن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من قوم إذا مات الرجل أو المرأة منهم فإنهم يعملون ما يسمى بـ \"غداء الميت أو عشاه\" وهذا يكون على حساب أولاده أو إخوته أو يأذنوا لأحد الأصدقاء أو الجيران بعمله على حسابه ويسمونه واجبا وعليهم رده لمن عمله عند حصول الموت عنده وهو وليمة لمن شاركوا في الجنازة ودفنها ومن حضر للتعزية من الأماكن الأخرى، يعودون بعد الدفن إلى بيت الميت أو بيت أحد الجيران لتناول هذا الغداء أو العشاء، ثم يجهزون
بيتا للعزاء ويقدمون للمعزين القهوة والتمر وأحيانا نسخا من القرآن بخمس سور كصدقة عن الميت
وفي اليوم الثالث للوفاة يقوم أبناء الميت أو إخوته بتجهيز وليمة غداء لمن أتى لتعزيتهم ويسمونها
\"تونيسة\" وكل هذا يكلف الكثير من المال والبعض يضطر للاقتراض من الغير لتغطية التكاليف، حصل أن خالف رجل فعل هؤلاء القوم عندما توفي والده فلم يعمل غداءا للميت ولم يعط أحدا الإذن بعمله عنه ولم يعمل \"تونيسة\" في اليوم الثالث لكنه قام بشراء بعض الخراف وذبحها ووزعها لحما نيئا على الفقراء واليتامى كصدقة عن والده، فسخط عليه القوم وصاروا يعيرونه ويسمونه بالناقص ويهمزونه بالكثير، أفيدوني أفادكم الله هل عمل القوم مشروع أم مخالف للشريعة وهل ما فعله هذا الرجل موافق للسنة أم مخالف، أرجو منكم معرفة هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من السنة أن يصنع أهل الميت طعاماً ليجتمع الناس عليه، أو يفعله جار لهم على أن يقضوه عند موت ميت له؛ إلا إذا كان هناك ضيف فيصنع له طعام لضيافته، وفي مسند الإمام أحمد عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة.
لا سيما إذا كان أهل الميت فقراء، وأما إذا كان في التركة يتامى فإنه لا يجوز أن تعمل تلك الولائم وتخصم من إرثهم، فإن كان الراشدون سيعملونها ولا بد فلتكن من نصيبهم فقط.
وما فعله هذا الرجل فأمر حسن وقطع لهذه العادة السيئة لأن موضوع النهي هو الاجتماع في بيت الميت وصنع الطعام للحاضرين، وأما ذبح بعض الذبائح والتصدق بذلك عن الميت، فإن ذلك أمر حسن وكذا توزيع بعض المصاحف على الحاضرين، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 44220، والفتوى رقم: 8300.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(11/13375)
الزغردة والصياح على المشيع
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت توفيت بنتا وعند تشييع جنازتها نحن أخواتها زغردنا عليها (زغاريد) عندنا نحن في ليبيا أن من يموت لهم بنت أو ولد لم يتزوج يقال عليه (البنت = عروس) و (الولد =عريس) فقيل لنا لا تزغردن أبداً إلا على واد جار أو في مناسبة حج.
فماذا تفيدوني في هذا الخصوص..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زغردة النساء لا تجوز بحضرة الرجال إذا كانت تخشى بها الفتنة، سواء كانت لجريان واد أو مناسبة حج أووفاة، كما أنه ثبت في حديث الصحيحين نهي النساء عن اتباع الجنائز.
وأما قول الولد عريس أو البنت عروس عند تشييع الميت، فهو من العادات المحدثة المخالفة لما ينبغي أن يفعله مشيعو الجنازة من تذكر الآخرة، والترحم على الميت، والدعاء له.
ولا شك أن المؤمن إذا مات ودخل الجنة سيكرمه الله بما يشتهي من زواج وغيره، ولو لم يتزوج في الدنيا لما في الحديث: وما في الجنة عزب. رواه مسلم.
وأما الزغردة والصياح على المشيَع بأنه عروس فإنه لا فائدة فيه، مع أنه مخالف لهدي السلف، فالميت مشيع إلى قبره ليبدأ حياته البرزخية والأخروية، وليس مزفوفا إلى عرسه.
وراجعي فيما ينبغي فعله عند تشييع الجنازة، وفي جواز الزغردة للنساء إن كن وحدهن في مناسبة عرس، وفي المزيد عما تقدم الفتاوى التالية أرقامها: 36487، 2369، 14964، 53946، 9787، 47172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1425(11/13376)
حكم صنعة الطعام عن الميت بعد موته بمدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصنع طعام عن أبي المتوفي قبل خمسة أشهر وأدعو الناس عليه حيث ذهب ما يشغلنا ومن غير تحديد زمن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من السنة أن يصنع أهل الميت طعاماً يدعون الناس إليه، ولو كان فيه خير لفعله النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله الصحابة وهم أدرى الناس بالسنة، وهم أولى بفعل الخير والاستباق إليه، وفي مسند الإمام أحمد عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة.
وليس موضوع النهي هو مجرد إعداد الطعام والتصدق به عن الميت، فإن ذلك أمر حسن إذا خلا من الاجتماع، وراجع فيه الفتوى رقم: 44220، وعليه فلا باس بأن تصنع الطعام وتقدمه صدقة عن أبيك المتوفى، ولكن بدون اجتماع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(11/13377)
حكم إقامة المآتم في دور المناسبات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المآتم في دار المناسبات الملحق بالجامع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن إقامة المأتم على الميت، ذلك في الفتوى رقم: 31143، والفتوى رقم: 10499.
وما ذكرناه فيها يشمل ما إذا كان ذلك في البيت أو في دار المناسبات في الجامع أو غير ذلك من الأماكن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1425(11/13378)
هل تزور روح الميت البيت كل يوم مرة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعتذر عن عدم تحيتي لكم في رسالتي السابقة:
أريد أن أسأل عن مدى صحة أن الميت يتم سؤاله كل يوم اثنين وخميس عن أهل بيته، وأن روح الميت كل يوم تزور البيت مرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم حديثا ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم يفيد ما ذكر، وغاية ما في الأمر ما ذكر في الفتاوى التالية برقم: 14368 ورقم: 8268، ورقم: 15281، ورقم: 24019، ورقم: 24738.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(11/13379)
حكم الشهادة للميت بصوت عال بعد صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد صلاة الجنازة يقول الإمام للمصلين ما تشهدون فيه فيقولون: من أهل الخير، علماً بأن الميت معروف للجميع، ومن أهل الصلاح، فما حكم الشرع في هذا القول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قاله الإمام المذكور من البدع الشائعة عند بعض الناس، فقد ذكر هذا القول الشيخ الألباني في كتابه أحكام الجنائز وبدعها ضمن البدع المشهورة حيث قال: قول البعض عقب الصلاة عليها بصوت مرتفع ما تشهدون فيه، فيقول الحاضرون كذلك: كان من الصالحين ونحوه. انتهى.
أما ثناء الناس بخير على الميت في غير هذه الحالة لكونه من الصالحين فهو دليل على سعادته، ففي الحديث المتفق عليه واللفظ للبخاري: مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقال: وجبت ثم مر بأخرى فأثنوا عليه شراً أو قال غير ذلك فقال: وجبت فقيل: يا رسول الله: قلت لهذا وجبت ولهذا وجبت قال شهادة القوم المؤمنون شهداء الله في الأرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1425(11/13380)
بناء الدور في القبور وجعل الدرابزين عليها بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ ذكر الألباني رحمه الله في كتابه أحكام الجنائز وبدعها ص 329 رقم البدعة 176 و178 وهل أفهم من أن الداربزين والألواح التي على قبر النبي صلى الله عليه وسلم بدعة لا تجوز، وكذلك ما حكم إسراف الأموال الطائلة للكعبة وطليها بالذهب وأيضاً فإن بابها أي الكعبة من الذهب فما حكم هذا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكره الشيخ الألباني رحمه الله في البدعة رقم 176 من أن بناء الدور في القبور والسكن فيها بدعة، وما ذكره في البدعة 178 من أن جعل الداربزين على القبر بدعة، قد سبقه في عدهما من البدع، صاحب المدخل المعروف بابن الحاج وليس هناك درابزين أو ألواح على قبر النبي صلى الله عليه وسلم، إنما الداربزين الموجود إنما هو أمام الجدار الذي بني على القبر كما هو معلوم.
وأما إنفاق الأموال الطائلة -بدون حاجة- على الكعبة، أو جعل بابها من ذهب فإنه لا يجوز لما في ذلك من السرف واستعمال الذهب الذي جاءت النصوص بتحريم استعماله، قال في نهاية المحتاج: ولو حلي المسجد أو الكعبة أو قناديلها بذهب أو فضة حرم، وكذا تعليقها إن حصل من التحلية شيء بالعرض على النار أخذاً مما مر في الآنية، لأنها ليست في معنى المصحف ولعدم نقله عن السلف فهو بدعة (وكل بدعة ضلالة) .
وقال النووي في المجموع: وفي تحلية الكعبة والمساجد بالذهب والفضة وتعليق قناديلها وجهان: أصحهما: التحريم لأنه لم ينقل عن السلف مع أنه سرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/13381)
حكم تلاوة القرآن أثناء التشييع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز قراءة القرآن في الجنازة، وهناك عادة عندنا عندما يموت أحد بعد موته بثلاثة أيام تجتمع مجموعة من الأشخاص ليختموا القرآن -طبعاً بدون ترتيل- مع العلم بأن ختم القرآن أعني هذه العادة تقرأ لكل من مات يصلي أو لا، لا يفرق هذا -لا يختلف- عندهم حتى وإن مات وهو في حالة معصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتلاوة القرآن في الجنازة إذا كانت تفعل استناناً فلا تجوز، إذ لم يرد في السنة ما يدل لها، وراجع الفتوى رقم: 7603، والفتوى رقم: 2504.
ولا فرق في هذا بين أن يكون الميت صالحاً أو طالحاً، ثم إن ترتيل القرآن واجب على مستطيعه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1623.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(11/13382)
اجتماع الناس على طعام في بيت الميت مخالف للسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[نلاحظ عندنا انه حينما يكون فرح (زفاف ولادة طفل ... الخ) يقوم اهل البيت (وكذا يفعل اهل شخص متوفي صدقة عن ميتهم) بإخراج ماكولات متنوعة (حلويات قهوى شاي كسكس ... الخ) عند المسجد بعد صلاة الجمعة ويأكل منها المصلون الذين خرجوا من المسجد غنيهم وفقيرهم ولا تقدم للفقراء وقد اصبحت هذه عادة عندنا. فهل ما ذكرنا لكم ثابت شرعا وهل هو الزينة المذكورة في القراان الكريم في قوله تعالى \" ... خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ... \". وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الحديث عند أحمد وابن ماجه والطبراني في معجمه الكبير وغيرهم عن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة.
وقد اتفق المذاهب الأربعة المتبوعة على أن اجتماع الناس على طعام بيت الميت أمر مكروه مخالف للسنة وهو من البدع المكروهة لا المحرمة.
واستثنى الحنابلة الضيوف، فيجوز إطعامهم.
وأما التصدق بالطعام دون اجتماع في بيت الميت، فليس فيه محذور وليس داخلا تحت الكراهة، وليس الإطعام في المسجد من الزينة الواردة في الآية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/13383)
التأوه عند الألم جائز وتركه أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد:
فهل يجوز قول آه آه أو ياي ياي للتعبير عن الألم وماذا على من يقول ياي عند سقوطه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان قول المريض (آه) ونحوها من العبارات الدالة على التوجع لمجرد التعبير عن الألم من غير تسخط على القدر، أو جزع زائد، فلا حرج فيه ولا كراهة، لأن عدم تحمل الألم الزائد شيء جبلي، وقد ثبت عن عدد من الصحابة التعبير عن الألم: كقول أبي بكر: إني وجع، وقول عائشة وا رأساه، بل وقول أيوب عليه السلام شاكيا: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83]
وبذلك بوب الإمام البخاري في صحيحه (باب قول المريض: إني وجع، أو وا رأساه، أو: اشتد بي الوجع، وقول أيوب عليه السلام أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83]
هذا وقد كره جماعة من العلماء التأوه والشكوى التي على سبيل الإخبار وإن لم يكن فيها تسخط، ويروى أن الأثرم دخل على الإمام أحمد في مرض موته وهو يئن، فقال له: بلغنا أن كل شيء يكتب حتى الأنين، فكف عنه الإمام، وكرهه أيضا جماعة من الشافعية، ولكن رد ذلك غير واحد من أئمتهم كالحافظ بن حجر والإمام النووي الذي يقول في ذلك: هذا ضعيف أو باطل، فإن المكروه ما ثبت فيه نهي مقصود، وهذا لم يثبت فيه ذلك. ثم احتج بحديث عائشة في الباب، وهو الحديث الذي رواه الإمام أحمد والدارمي وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: رجع إلي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا وأنا أقول: وا رأساه، قال: بل أنا يا عائشة وا رأساه.
وقال النووي: ولعلهم أرادوا بالكراهة خلاف الأولى، فإنه لا شك أن اشتغاله بالذكر أولى انتهى.
فيكمن حمل قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة بل أنا يا عائشة وا رأساه. على أنه قاله تسلية لها، أو إخبارا بأن به مثل الذي بها، ولم يقل ذلك تشكيا، لأنه لم يقله ابتداء، إنما قاله مجاراة لها.
قال القرطبي: اختلف الناس في هذا الباب، والتحقيق أن الألم لا يقدر أحد على رفعه، والنفوس مجبولة على وجدان ذلك، فلا يستطاع تغييرها عما جبلت عليه، وإنما كلف العبد ألا يقع منه في حال المصيبة ما له سبيل إلى تركه كالمبالغة في التاوه والجزع الزائد، كأن من فعل ذلك خرج عن معاني أهل الصبر، وأما مجرد التشكي فليس مذموما حتى يحصل التسخط للمقدور، وقد اتفقوا على كراهة شكوى العبد ربه، وشكواه إنما هو ذكره للناس على سبيل التضجر. والله أعلم انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر معللا قول بعض العلماء بالكراهة: ولعلهم أخذوه بالمعنى من كون كثرة الشكوى تدل على ضعف اليقين، وتشعر بالتسخط للقضاء، وتورث شماتة الأعداء، وأما إخبار المريض صديقه أو طبيبه عن حاله، فلا بأس به اتفاقا. انتهى.
والخلاصة أن التأوه ونحوه جائز بلا كراهة، وتركه واشتغال المريض بالذكر أولى. أما كلمة ياي التي يقولها بعض الناس عند وقوعه أو اصطدامه بشيء فإنها لا تخلو غالبا من أن تكون على سبيل الجزع بغير قصد من قائلها، وما كان بغير قصد لا يترتب عليه حكم شرعي، أو يكون بقصد تنبيه من يخلصه من الأمر الذي فاجأه، وهذا أيضا لا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1424(11/13384)
لا فرق بين نزولهن من السيارات أو بقائهن فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز اتباع النساء للجنازة من داخل السيارات مع عدم النزول منها في حالة الالتزام بعدم البكاء بصوت مرتفع أو العويل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيكره للنساء اتباع الجنائز، ولا فرق بين نزولهن من السيارات أو بقائهن فيها.
قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: وأما النساء فيكره لهن اتباعها ولا يحرم، وهذا هو الصواب. ا. هـ
والدليل على ذلك حديث أم عطية رضي الله عنها في الصحيحين قالت: نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا.
وانظر الفتوى رقم: 8104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1424(11/13385)
قراءة سورة الإخلاص إحدى عشرة مرة على الميت بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[خطبنا خطيب وقال إنه لا يجوز دفن الميت بالليل، أرجو الإفادة وما حكم قراءة القرآن علي الميت حيث هنا في مصر عندما يموت شخص فبعد الصلاة عليه نردد سورة الإخلاص 11 مرة، فما حكمها أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة الاخلاص إحدى عشرة مرة على الميت ورد فيها حديث حكم عليه الشيخ الألباني بالوضع في كتاب الجنائز.
وأما دفن الميت ليلاً فيرجع إليه في الفتوى رقم: 11178.
وأما قراءة القرآن على الميت فيرجع إليها في الفتوى رقم: 2288، والفتوى رقم: 27265.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1424(11/13386)
ذكرى الأربعين بدعة في الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ذكرى الأربعين للمتوفى حرام وما حكم الشرع فى ذكرى الأربعين والسنوية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ذكرى الأربعين أو السنوية أو نحوهما من كل مأتم يجتمع فيه الناس يقام للميت بأي مناسبة، يعد بدعة في الدين لم تعهد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عهد أصحابه ولا في القرون المشهود لهم بالخير، والخير كله في الاتباع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1424(11/13387)
الاجتماع لختم القرآن عند الميت وصنعة الطعام لهم لايجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
جرت العادة هنا في بلادي أنه عند موت أي إنسان يقوم أهل الميت بجلب مجموعة من حفظة القرآن ويقوم هؤلاء الحفظة بختم القرآن في منزل الميت وأحيانا يأخدون نقود مقابل هده الختمة، وفى الغالب يقوم أهل الميت بتقديم الطعام لهم، فهل يجوز هذا؟ وفى حالة كونه لايجوز ماهوحكم من يفعل هدا من غير ان ياخد نقودا ولكن يقدم له لطعام من قبيل إكرام الضيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم بيان حكم هذه الصورة المذكورة في السؤال في الفتوى رقم: 2504 والفتوى رقم: 16500 ومنها تعلم أن الاجتماع بهذه الصورة من البدع المحرمة، سواء اتخذ وسيلة للارتزاق أولا، وأنه لا يجوز.
ولا يجوز كذلك لأهل الميت تقديم الطعام للناس الذين يجتمعون إليهم، لأن ذلك من البدع المحدثة المخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم كما أن الاجتماع إلى أهل الميت لا يجوز، قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة. رواه أحمد
وللتفصيل راجع الفتوى رقم:
4271 وإذا كان ذلك والاجتماع وتقديم الطعام غير جائز، فيحرم الإعانة عليه بحضوره أو قبول الطعام الذي يقدم فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(11/13388)
تصرفات أهل الميت البدعية بعد موته لا يلحقه إثمها إلا إذا أوصى بها.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل علينا إثم إذا حدث أثناء غسل الجنازة أو دفنها أو في العزاء أي نوع من البدع ونحن لسنا راضين ولكن تم ذلك رغماً عنا ونحن نعلم أن الميت لا يرضى ذلك ولكن أهل هذه البلدة يعتقدون بذلك كأن يعلنوا بالصوت عن الميت وقراءة الفاتحة وقراءة القرآن والمديح والنعي وشراء أحسن المأكولات من أحسن مطعم والتباهي بمراسم الدفن والبناء على القبر وماذا علينا حيال ذلك أفيدونا بارك الله فيكم ونفع الأمة بكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تصرفات أهل الميت البدعية بعد موته لا يلحقه إثمها، إلا إذا أوصى بها، أو لم ينههم عنها مع علمه بأنهم سيفعلونها، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
قال الإمام النووي يرحمه الله: تأولها الجمهور على من وصى بأن يبكى عليه ويناح بعد موته، فنفذت وصيته، فهذا يعذب ببكاء أهله عليه ونوحهم، لأنه بسببه ومنسوب إليه. انتهى.
وقال ابن حجر في فتح الباري: أو يكون قد عرف أن لأهله عادة بفعل أمر منكر وأهمل نهيهم عنه. انتهى.
وقال أيضاً: قال ابن المبارك: إذا كان ينهاهم في حياته، ففعلوا شيئاً من ذلك بعد وفاته لم يكن عليه شيء. انتهى.
وبهذا يتبين لك أيها السائل الكريم أن الميت لا شيء عليه من ذلك، لأنه لم يأمر به، وهو له كاره، وإنما الإثم على من فعله بعده، أما بالنسبة لكم، فالواجب عليكم أن تنكروا البدع بكل أنواعها كل على حسب استطاعته، وفي حدود سلطته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم وغيره.
وعلى من استطاع تغيير المنكر أن يتخير الأسلوب الأمثل في تغييره، بحيث لا ينفر الناس منه، أو يحملهم على كراهية الحق.
ونحب أن ننبه السائل هنا إلى أن النعي منه المشروع ومنه الممنوع، فإذا كان الغرض منه إخبار الناس للاجتماع للصلاة عليه وتجهيزه ودفنه فهذا لا مانع منه، ما لم يصحبه تعداد شمائله أو الافتخار بنسبه ونحو ذلك، وراجع الفتوى رقم:
23113.
ولمعرفة حكم قراءة القرآن على القبور راجع الفتوى رقم: 14865.
ولمعرفة حكم قراءة القرآن للأموات إذا لم يكن القارئ عند القبر، راجع الفتوى رقم:
3406، والفتوى رقم: 8150.
ولمعرفة حكم صنع الولائم للأموات، راجع الفتوى رقم: 5010، والفتوى رقم: 8300.
ولمعرفة صفة القبور في السنة، راجع الفتوى رقم: 504، والفتوى رقم: 562.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1424(11/13389)
قراءة القرآن على المقابر من المحدثات.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة القرآن على المقابر لو أن القارئ امرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أنما يفعله بعض الناس من قراءة القرآن عند المقابر مع اعتقاد أن لذلك مزية أو فضلاً غير صحيح بل هو من المحدثات التي لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام ويستوي في ذلك الرجال والنساء، وراجع الفتوى رقم: 27265.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1423(11/13390)
حكم الجهر بالذكر خلف الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذكر بالجهر جماعة وراء الجنازة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الذكر من أعظم العبادات، ولكن فعله جماعة بصوت مرتفع وراء الجنازة من البدع المحدثة التي لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه، ولا السلف المشهود لهم بالخير.
وقد نهانا صلى الله عليه وسلم، عن كل محدثة وكل بدعة، فقال صلى الله عليه وسلم:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. " وفي رواية:" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. " رواه البخاري ومسلم.
وضابط البدعة كما قال الإمام الشاطبي -رحمه الله-: (هي طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله عز وجل. فهي تشابه الطريقة الشرعية من غير أن تكون كذلك في الحقيقة، كالذكر بهيئة الاجتماع بصوت واحد.)
وعرف بعض العلماء البدعة: بأنها كل عمل أو كل عبادة لم يعملها الرسول صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي لفعله، وعدم وجود مانع يمنع من فعله.
وهذه التعريفات للبدعة من هؤلاء الأعلام تنطبق على الذكر جماعة وراء الجنازة جهراً.
فينبغي للمسلم أن يبتعد عن ذلك ويتبع السنة ويكثر من الذكر على كل حال، وخاصة في الأوقات والأماكن التي يكون الإنسان فيها وَجِلاً متعظاً ... قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الأحزاب:42] .
وقال تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) [آل عمران:191] .
وينبغي له بدلاً من ذلك أن يدعو للجنازة ويستغفر لها بعد أن تقبر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: استغفروا لصاحبكم فإنه الآن يسأل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(11/13391)
حكم قراءة الفاتحة بعد صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
هناك عادة في إحدى مناطق الجزائر يقرؤون الفاتحة على الميت بعد صلاة الجنازة وأنا إمام في هذا المسجد، فبعد صلاة الجنازة أنصرف وأنا في حرج. فهل قراءة الفاتحة على الميت بدعة أم هي سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتزام قراءة الفاتحة أو غيرها من سور القرآن عقب صلاة الجنازة، بدعة لكن قراءة القرآن، سواء الفاتحة أو غيرها وإهداء ثواب قراءتها إلى الميت، جائز وثوابها يصل إلى الميت -إن شاء الله- ما لم يقم بالميت مانع من الانتفاع بالثواب، ولا يمنع منه إلا الكفر، وللفائدة انظر الفتوى رقم:
2288 والفتوى رقم:
683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(11/13392)
إقامة الأناشيد على القبور بدعة منكرة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم إقامة الأناشيد على القبور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز إقامة الأناشيد على القبور، وإنما ينبغي السكوت حال سير الجنازة، ثم الاستغفار للميت عقب دفنه، والسلام على أهل القبور حين المرور والزيارة.
أما الاستغفار، فلما رواه أبو داود والبيهقي بإسناد حسن عن عثمان رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: "استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل".
وأما السلام، فلحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد" رواه مسلم في صحيحه.
وعلى هذا، فإقامة الأناشيد على القبور لا تجوز، بل هي بدعة محدثة منكرة، وهي أيضاً تتنافى مع ما شرعت له زيارة القبور من تذكر الآخرة وما نشأ عن ذلك من انكسار وحزن، وقد روى البيهقي وأبو نعيم عن قيس بن عبادة قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند الجنائز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1423(11/13393)
يقتصر في الموعظة والدعاء أثناء الدفن على المأثور
[السُّؤَالُ]
ـ[يرجى التكرم بالإجابة على سؤالي حسب ما جاء في الكتاب والسنة المطهرة وعن سلف هذه الأمة:
كنت في مقبرة لدفن أحد الأقارب وعندما انتهينا من دفنه رحمه الله رحمة واسعة شرع أحد الأخوة في الموعظة فأنكرها قلبي ولساني ولكن جهل الناس بالسنة الصحيحة وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم غلب على كلامي وإنكاري فهل يا شيخ ما يفعل في المقابر بعد دفن الأموات من المواعظ وختمها بالدعاء على القبر بشكل جماعي والتأمين بصوت واحد يعتبر من السنة ومن الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتذكير الناس بالموت وما بعده على المقبرة أثناء دفن الميت أمر مشروع محمود، إذ فيه حث للنفوس على الاستعداد لمثل هذه اللحظة، والعمل لما بعد الموت، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخرج أحمد وأبو داود والحاكم وغيرهم عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال: "استعيذوا بالله من عذاب القبر -مرتين أو ثلاثاً- ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل عليه من السماء ملائكة بيض الوجوه ... ) إلى آخر الحديث الطويل الذي احتوى على موعظة بليغة تبين حال المؤمن عند الموت ومستقره بعد ذلك، وحال الكافر أو الفاجر ومستقره بعد ذلك.
وبعد الانتهاء من دفن الميت يشرع للحاضرين الوقوف عند القبر والاستغفار للميت والدعاء له بالتثبيت.
قال ابن القيم في بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم: (وكان إذا فرغ من دفن الميت قام على قبره هو وأصحابه وسأل له التثبيت، وأمرهم أن يسألوا له التثبيت.) انتهى
وهو يشير بذلك إلى ما أخرجه أبو داود عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: "استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يُسأل".
) وقد علق شيخ الإسلام ابن تيمية على هذا الحديث قائلاً: (وهذا من معنى قوله تعالى: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) [التوبة:84] .
فإنه لما نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على المنافقين وعن القيام على قبورهم، كان دليل الخطاب أن المؤمن يصلى عليه قبل الدفن، ويقام على قبره بعد الدفن.) انتهى
لكن يقتصر في ذلك على المشروع والمأثور، لأن الدعاء عبادة والعبادات مبناها على التوقيف، فلا يعبد الله إلا بما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم، والدعاء والتأمين بشكل جماعي بعد دفن الميت بدعة محدثة، لأنه لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه رضي الله عنهم، ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
فعلى المسلم الابتعاد عن مثل ذلك، والتقيد بالمأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففيه غنية عما سواه، وسلامة من البدع والمحدثات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1423(11/13394)
تخصيص قراءة الفاتحة بعد صلاة الجنازة محدث
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم من يقرأ سورة الفاتحة بعد الانتهاء من صلاة الجنازة أي قبل حمل الجنازة إلى القبر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إهداء ثواب قراءة القرآن وغيره من الأعمال الصالحة إلى روح الميت جائز على الراجح من أقوال العلماء وهو مذهب الجمهور. ولكن قد يعرض للمشروع ما يجعله ممنوعاً كأن يخصص له زمان أو مكان أو هيئة أو عدد لم يخصصه الشارع.
وعليه فإن تخصيص سورة الفاتحة بقراءتها بعد صلاة الجنازة يعد من المحدثات وقد قال صلى الله عليه وسلم "إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة" رواه الترمذي وغيره، وقال صلى الله عليه وسلم "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1423(11/13395)
حكم تشييع الجنازة بالأناشيد الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[من فلسطين أرض الرباط: هل يجوز إذاعة الأناشيد الإسلامية في تشييع جنازات الشهداء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة لمن تبع الجنازة السكوت، فلا يرفع صوته بقراءة ولا ذكر ولا نشيد ولا غيره، وذلك لما رواه البيهقي وأبو نعيم عن قيس بن عباد قال: (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند الجنائز.)
قال الألباني في أحكام الجنائز: رجاله ثقات.
ثم قال: (ولأن فيه تشبها بالنصارى، فإنهم يرفعون أصواتهم بشيء من أناجليهم وأذكارهم مع التمطيط والتلحين والتحزين، وأقبح من ذلك تشييعها بالعزف على الآلات الموسيقية أمامها عزفاً حزيناً، كما يُفعل في بعض البلاد الإسلامية تقليداً للكفار. والله المستعان) .
ثم نقل عن النووي رحمه الله كلاماً مهما، نذكره بتمامه، قال رحمه الله في كتاب الأذكار: (واعلم أن الصواب والمختار وما كان عليه السلف رضي الله عنهم السكوت في حال السير مع الجنازة، فلا يُرفع صوت بقراءة، ولا ذكر ولا غير ذلك.
والحكمة فيه ظاهرة، وهي أنه أسكن لخاطره، وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة، وهو المطلوب في هذا الحال، فهذا هو الحق، ولا تغتر بكثرة من يخالفه، فقد قال أبو علي الفضيل بن عياض رضي الله عنه ما معناه: الزم طرق الهدى، ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين، وقد رُوّينا في سنن البيهقي ما يقتضي ما قلته [يشير إلى قول قيس بن عباد السابق] .
وأما ما يفعله الجهلة من القراءة على الجنازة بدمشق وغيرها، من القراءة بالتمطيط، وإخراج الكلام عن مواضعه، فحرام بإجماع العلماء، وقد أوضحت قبحه، وغِلظ تحريمه، وفسق من تمكن من إنكاره فلم ينكره في كتاب (آداب القراءة) والله المستعان) . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(11/13396)
حكم الأكل من الطعام الذي يصنعه أهل الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم أن صنيعة الطعام أيام العزاء محرم شرعا لحديث جرير البجلي فما هو حكم الأكل من هذا الطعام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقد عد أهل العلم صنع أهل الميت للطعام بدعة مستقبحة مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم مضادة لأمره، حيث أمر أن يصنع الناس لأهل الميت طعاماً مواساة لهم.
كما نصوا أن الأكل من ذلك الطعام الذي يصنعه أهل الميت مكروه، بل عده بعضهم من النياحة المنهي عنها نهي تحريم، مستدلين بما رواه الإمام أحمد في مسنده وابن ماجه في سننه عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة.)
وهذا إذا كان الطعام من مال أهل الميت، أما إذا كان من التركة، فلا يجوز الأكل منه إذا كان من الورثة من هو غير بالغ رشيد، أو كان فيهم من لا يرضى بذلك، ولا تسمح به نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/13397)
صنعك الوليمة لوالدك المتوفى بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... سؤالي هو: شخص توفي والده ويريد أن يدعو الناس الذين جاءوا لتعزيته لوليمة عشاء طلبا للثواب والأجر لوالده وله.. هل هناك أي مانع شرعي من دعوة الناس للعشاء سيما أن بعض الأخوة أفتوا أن ذلك بدعة من البدع المنتشرة بين المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعمل أهل الميت لوليمة يدعون الناس إليها من البدع المحدثة المخالفة للسنة النبوية المطهرة، فالسنة أن يصنع طعام لأهل الميت ويُهدى لهم، كما في المسند والسنن عن عبد الله بن جعفر قال: لما جاء نعي جعفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإنه قد أتاهم أمر يشغلهم".
كما أن الاجتماع إلى أهل الميت بدعة، بل إن ذلك يعد من النياحة كما يروى عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه أنه قال: " كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة " كما في المسند.
فعلى هذا الأخ أن يحذر من هذه البدع، ويلزم السنة، فإن الخير كل الخير في ذلك للحي وللميت.
وننصحه أن يكثر من الاستغفار والترحم على هذا الميت، وإن كانت لديه سعة مادية فليتصدق صدقة يجعل له ثوابها فإن ذلك مما ينفعه بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13398)
صنع الولائم في العزاء من البدع المنكرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم إقامة مأدبات الطعام في العزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إقامة مأدبات الطعام في العزاء من البدع والمحدثات المنكرة ولا أصل لها في الشرع، فقد ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد."
وروى أحمد وغيره عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد الدفن من النياحة.) وتحريم النياحة معلوم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1422(11/13399)
من سرقت زكاته يخرج مكانها احتياطا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سرقت أموال صدقة الفطر وأموال الزكاة في الطريق إلى إخراجها، فهل يجزئ بحكم النية؟ أم يجب وصولها إلى مقصدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في المجزئ في إخراج الزكاة هل هو مجرد الإخراج أم وصولها للفقير، فذهب المالكية والشافعية إلى الأول، ففي المدونة: وقال مالك في الرجل يخرج زكاة ماله عند محلها ليفرقها فتضيع منه، إنه إن لم يفرط فلا شيء عليه… 1/381.
وفيها أيضاً: قال ابن القاسم: من أخرج زكاة الفطر عند محلها فضاعت منه، رأيت أن لا شيء عليه، وزكاة الأموال وزكاة الفطر عندنا بهذه المنزلة، إذا أخرجها عند محلها فضاعت أنه لا شيء عليه. 1/393.
وقال الحنابلة والأحناف إنها لا تجزئ ما لم تصل إلى يد الفقير، قال ابن مفلح في الفروع: ومن أخرج زكاة فتلفت قبل أن يقبضها الفقير لزمه بدلها… 2/570.
وبناء على ما تقدم وعلى أننا لم يظهر لنا رجحان أي من المذهبين، فإن الأحوط لمن هذه حالته أن يخرج الزكاة مرة ثانية، مقلداً ما هو أشق، مع أنهم مجمعون على أن التلف إذا كان بتفريط من صاحب المال أنها لا تجزئ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(11/13400)
يخرج الوصي الزكاة إذا تحققت شروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: إني موكل على مال شخص أخر ومسؤول بنفقة عليه لديه مال في عهدتي حال عليه الحول فأخرجت زكاته هل في العام القادم اخرج الزكاة عليه ام لا؟
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا المال قد بلغ نصابا واستمر على ذلك إلى العام القادم، فحال عليه الحول ولم ينقص عن النصاب، وجبت فيه الزكاة، وعلى الوصي أي يخرجها عنه وينوي أن هذا زكاة صاحب المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/13401)
زكاة الربح الناتج عن المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعمل فى التجارة وأعطاني أخ لي مبلغ 10000جنيه لأقوم بالمتاجرة له فيها، السؤال هنا: على من
فينا تجب زكاة المال؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زكاة رأس المال (10000) واجبة على أخيك، وأما الربح الناتج عن المضاربة ففيه خلاف بين أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 16615، والفتوى رقم: 15705.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(11/13402)
لا يجزئ احتساب أجرة العمل بدلا من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يعمل عملاً يتقاضى عليه أجراً، جاءه فقير فأدى له عملاً ولم يتقاض منه شيئاً على أن يحسب ما يجب أن يتقاضاه منه من مال الزكاة، فهل يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز الاكتفاء بالعمل للفقير بدلا عن دفع الزكاة إليه، وذلك أن أهل العلم نصوا على منع إسقاط الدين المترتب للمزكى على الفقير مقابل حظه من الزكاة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 2040.
لكن لا مانع من العمل عند الفقير بأجر يساوي قدر الزكاة أو أكثر، ثم أخذه منه على أنه أجرة للعمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(11/13403)
حكم إعطاء الزكاة للعمال كبديل عن العيدية
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لزكاة المال
هل يجوز إعطاؤها للوالدة؟
هل أعطيها لشخص موظف يمر بظروف صعبة لفترة معينة
هل يجوز إعطاؤها بدل إكرامية للعمال يعني أنا أعطي للعمال عيدية هل تكون الزكاة مكانها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما جواب السؤال الأول والثاني: فيراجع في الفتاوى التالية: 16333، 12203، 21454، 1928.
وأما جواب السؤال الثالث: فيقال: إن كان هؤلاء العمال يكفيهم ما يتقاضون من راتب في سداد ضرورياتهم من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ولو بالإيجار، فلا يجوز الدفع إليهم، لأنهم ليسوا بفقراء، وانظر لمعرفة من هو الفقير والمسكين الفتوى رقم: 13683، فإن صدق بينهم وصف المسكنة والفقر، فلك أن تدفع لهم الزكاة بنية الزكاة لا العيدية، ولا يلزم أن تخبرهم بأنها زكاة ما دمت نويت الزكاة وكانوا أهلا لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1424(11/13404)
حكم الاقتراض لإخراج الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدي مبلغ سوف أحصل عليه فى ديسمبر، وأريد أن أخرج زكاة المال الخاصة بي كما تعودت وتعود مني من يحصل على الزكاة فى شهر رمضان المبارك، هل من الممكن أن اقترض المبلغ وأخرج الزكاة على أن أرد هذا المبلغ المقترض بعد حصولي على الدخل المنتظر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت لا تملكين هذا المال إلا في الشهر المذكور فليست فيه زكاة، أما إن كنت تملكينه ولكن قبضه لا يتم إلا في الشهر المذكور، فإن كانت الجهة التي عندها مليئة غير مماطلة فتجب فيه الزكاة بشروطها، ولكن يجوز تأخير الزكاة حتى يقبض، وفي هذه الحالة يزكى زكاة الدين عن السنوات الماضية إن كانت قد مضت عليه سنة أو أكثر، وعلى كل حال يجوز لك الاقتراض لإخراج الزكاة ولو لم يحل أجلها ما دمت قادرة على الوفاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(11/13405)
يجب على أولياء القصر إخراج الزكاة في أموالهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
لدي حديقة ثمار وهي لقصر وقدقمت ببيع الثمار بمبلغ من المال ولكن على أقساط وقد استلمت المقدم من هذا المبلغ فما هي الزكاة المفروضة عليه، وهل إخرج عن المبلغ بالكامل؟ أم أخرج عن المقدم فقط؟ ولدي القصر مبالغ في البنك فما ايضا الزكاة المفروضة عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزكاة الزروع والثمار إذا بلغت النصاب إنما تكون من المحصول عند الحصاد لقوله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141] .
ولا يجزئ إخراج القيمة في مذهب الجمهور، وعليه فإذا كانت الثمار قد بلغت نصاباً فالواجب عليك الآن هو إخراج عشر الثمر إذا كانت مما سقي بلا كلفة ونصف العشر إذا كانت ما سقي بكلفة كالسواقي والمضخات ولا يجزئك إخراج الزكاة نقداً، نعم إذا كان المبلغ الذي بيعت به الثمار قد بلغ نصاباً بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة وحال عليه الحول وهو نصاب فإنه يزكى زكاة النقدين "ربع العشر".
وأما عن الأموال الموجودة للقصر لدى البنك فإن الزكاة واجبة فيها إذا بلغت نصاباً بنفسها أو بما انضم إليها من نقد أو عروض وحال عليها الحول، وزكاتها ربع العشر (2.5) ، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6407، 4369، 8561.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1424(11/13406)
لا بد في الزكاة من النية
[السُّؤَالُ]
ـ[أخرجت زكاة مالي على دفعات مقدماً قبل الحول ولكن اكتشفت أنني أخرجت زيادة عما يجب علي بمبلغ كبير عن هذا العام، هل يجوز أن أعتبر الزيادة من زكاة العام المقبل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن تعجيل الزكاة قبل حلول وقتها وذلك في الفتوى رقم: 6497.
وما أخرجته من زيادة عن المقدار الواجب في الزكاة لا يجوز لك أن تعده من زكاة العام المقبل لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه.
وأنت لم تنوِ بإخراجها إلا زكاة هذا العام، فاحتسب الأجر عند الله واعلم أنها لن تضيع بل سيخلف الله غيرها في الدنيا وسيجعل لك بها عظيم الثواب في الآخرة بإذنه سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1424(11/13407)
السنة التي فرضت فيها الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[- في أي سنة فرضت الزكاة؟
- هل يحل الجمع بين المرأة وبنت أختها؟
- من هي الصحابية التي أودع عندها المسلمون المصحف الأول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد فرضت الزكاة في السنة الثانية من الهجرة، ولا يحل الجمع بين المرأة وابنة اختها، كما سبق مفصلاً في الفتوى رقم: 13094.
والصحابية التي أودع المسلمون عندها المصحف هي أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(11/13408)
آلية حساب الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بدأت العمل منذ تخرجي في عام 1992 ولم أكن أملك مالاً وعملت بالهندسة والمقاولات وبدأت أكون نفسي شيئا فشيئا حتى تزوجت ورزقني الله الولد ومعي سيارة وطبيعة عملي الحر تجعلني دائماً لي حقوق عند العميل وكذلك عليّ من الحقوق للموردين وأخذ ما أحتاجه أثناء العمل ولكنني حتى الآن لم أدخر أموالاً معينة وبالتقريب أربح بمعدل شهري حوالي 7000 جنيه مصري وللأسف حتى الآن لم أتمكن من إخراج الزكاة ولا أعرف كيف أحسبها فكما قلت أنا لم أدخر مالاً منفصلاً ورأسمالي في عملي فبالله عليكم دلوني كيف أستطيع أن أخرج الزكاة (طريقة الحساب) ؟
والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك الآن هو الاجتهاد والتحري في تحديد أول سنة تم فيها مالك نصاباً، وهو ما يعادل قيمة أدنى النصابين 85 جراماً من الذهب أو 595 جراماً من الفضة، ويمكنك معرفة ذلك بسؤال صاحب محل ذهب عن قيمة الذهب، وسؤال صاحب محل فضة عن قيمة الفضة، فإن بلغ ما عندك من المال مع الذي لك في ذمم الناس قيمة أحدهما وجبت عليك زكاته وهي ربع العشر أي اثنين ونصف في المائة بعد استبعاد ما للناس عليك من الديون، وهكذا كل سنة تحسب ما عندك من المال وتضم إليه ما لك من الأموال في ذمم الناس ثم تستبعد الديون التي عليك، فإن بقي قيمته أدنى النصابين زكيته وإلا فلا.
ويشترط لوجوب الزكاة في المال الذي في ذمم الناس أن يكون مرجو الأداء بأن يكون على موسر غير مماطل ولا جاحد، فإن كان على معسر أو موسر مماطل أو جاحد فلا تجب الزكاة فيه إلا عند قبضه، وإذا قبض وكان قد حال عليه الحول زكي زكاة عام واحد ولو كان قد لبث عند المعسر أو المماطل أو الجاحد سنين كثيرة، وهذا على الراجح من أقوال أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1423(11/13409)
لا يجزئ إخراج الزكاة عن أحد دون علمه لعدم وجود النية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت امرأة متزوجة من رجل بخيل لا يتصدق ولا يزكي ومتوفر لديه المال. فهل يمكن أن تأخذ من ماله دون علمه وتزكي منه؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على هذه المرأة أن تتناصح مع زوجها، وتبين له بالحكمة خطر منع الزكاة والترغيب في الصدقة، وأما إخراج الزكاة عنه من دون علمه فلا يجزئ لعدم وجود النية، كما بينا في الفتوى رقم: 28168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(11/13410)
حكم قبول هدية مانع الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ غني جدا ولكنه لا يدفع الزكاة، وتقول له أمي بأنه يجب أن يدفع الزكاة ولكنه لا يريد، وفي يوم العيد يعطينا العيدية. فهل أستطيع أن آخذ منه هذه العيدية أم تكون مالا حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزكاة ركن من أركان الإسلام وفريضة من فرائضه العظام، وعدم إخراجها كبيرة من كبائر الذنوب يجب على العبد التوبة منها، والمبادرة بإخراجها. وسبق أن بينا خطورة منع الزكاة وعقوبة مانعها في الدنيا والآخرة في عدة فتاوى بإمكانك أن تطلعي على بعضها تحت الرقمين التاليين: 14756، 28606.
ولذلك فإنكم مطالبون جميعا أن تواصلوا نصيحتكم لهذا الأخ حتى يؤدي ما افترض الله تعالى عليه وخاصة هذه الفريضة العظيمة.
وبخصوص ماله فإنه ليس بحرام، ولذلك يجوز لكم أخذ هديته والأكل من ماله كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 105160. ولكم أن تمتنعوا من قبول هديته وتهجرونه إذا كان في ذلك مصلحة، وإلا فإننا ننصحكم بقبول هداياه ومواصلة النصح له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1430(11/13411)
ما نقصت صدقة من مال
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي حساب استثماري، اشترطت على البنك عدم التعامل بالربا. والآن أنا في حيرة من إخراج زكاة أرباح قليلة قد لا تصل إلى قيمة زكاته، فإن زكيت عن كامل المبلغ بما في ذلك رأس المال، فإن رأس المال سوف يتناقص سنة بعد أخرى. فهل أستمر في دفع الزكاة هكذا حتى لو ضاع رأس المال أم أدفع الزكاة عن الأرباح فقط؟ أرشدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البنكُ الذي أودعت فيه هذا المال بنكاً ربوياً، فإن إيداعك المال فيه محرم، واشتراطك عليهم عدم التعامل بالربا لا ينفع، لأن الفصل بين معاملات المودعين في مؤسسة واحدة مما لا يكادُ يُتصور.
وأما إذا كان البنك الذي أودعت فيه المال بنكاً إسلاميا لا يتعامل بالربا، فإيداعك فيه مباح، سواء شرطت عدم التعامل بالربا أو لم تشترطه. وقد بينا كيفية زكاة المال المودع في البنوك ربوية كانت أو إسلامية، وما يلزم من أودع ماله في بنك ربوي في الفتوى رقم: 4653.
واعلم أن الواجب عليك على تقدير كون الأرباح ربوية أن تتخلص من هذه الأرباح في مصالح المسلمين، أو تنفقها على الفقراء والمساكين، ثم تزكي أصل مالك كما بيناه في الفتوى المحال عليها.
وأما إذا كانت هذه الأرباح مشروعة فإنك تزكي المال وربحه على رأس كل حول هجري، لأن الربح تابعٌ للأصل في نمائه فوجب أن يُزكى بزكاته.
واعلم أن زكاة المال ركنٌ من أركان الإسلام فلا يجوزُ التفريط فيها، ولا التهاون في أدائها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ. أخرجه مسلم. وقال تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. {سبأ:39} . فدل ذلك على أن الزكاة ليست سبباً لنقص المال واجتياحه، بل هي سبب لتكثيره ونمائه والبركة فيه.
فعليك أن تؤدي زكاة مالك، وأنت طيب النفس قرير العين، ويمكنك أن تبحث عن وسيلة أخرى لتثمير المال، يكون احتمال الربح فيها أكبر، وهذه الوسائل كثيرة والحمد لله.
وأما أن تترك أداء الزكاة خشية أن يذهب رأس المال، فهذا من أكبر المحرمات، وأعظم الكبائر، فقد قال الله عز وجل: يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ. {التوبة 34، 35} .
ولو فُرض أن الزكاة اجتاحت المال، وأتت عليه فلم يبق لك إلا ما دون النصاب فهل في ذلك ما يبرر امتناعك عن دفع حق أوجبه الله عليك؟ أليس هذا المال محض هبة من الله عز وجل، ومنة منه تعالى، وأنت عبد مستخلف في هذا المال فوجب عليك أن تنفقه حيثُ أمرك ربك، فهو الذي خلقك، وهو الذي خولك هذا المال كما قال عز وجل: وَأَنفَقُوا مما جعلكم مستخلفين فيه. {الحديد:7} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(11/13412)
الطائفة الممتنعة عن الزكاة في منظار الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الطائفة الممتنعة عن الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الطائفة الممتنعة عن الزكاة إن كان امتناعها إنكاراً لوجوبها فإما أن يكون عن جهل كمن نشأ ببادية فيعرف بوجوبها ولا يحكم بكفره لأنه معذور، وإن نشأت ببلاد الإسلام فتجرى عليهم أحكام المرتدين، وأما إن كان امتناعهم من أدائها مع الاعتراف بوجوبها فيأخذها الإمام منهم قهراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطائفة الممتنعة عن الزكاة لا تخلو من أحوال ذكرها ابن قدامة في المغني، ويحسن أن ننقل كلامه في ذلك، حيث قال: فصل: فمن أنكر وجوبها جهلاً به، وكان ممن يجهل ذلك إما لحداثة عهده بالإسلام، أو لأنه نشأ ببادية نائية عن الأمصار، عرف وجوبها، ولا يحكم بكفره، لأنه معذور، وإن كان مسلماً ناشئاً ببلاد الإسلام بين أهل العلم فهو مرتد، تجري عليه أحكام المرتدين ويستتاب ثلاثاً، فإن تاب وإلا قتل، لأن أدلة وجوب الزكاة ظاهرة في الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فلا تكاد تخفى على أحد ممن هذه حاله، فإذا جحدها لا يكون إلا لتكذيبه الكتاب والسنة، وكفره بهما ... وإن منعها معتقداً وجوبها، وقدر الإمام على أخذها منه، أخذها وعزره ... فأما إن كان مانع الزكاة خارجاً عن قبضة الإمام قاتله، لأن الصحابة رضي الله عنهم قاتلوا مانعيها، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه. انتهى. وأثر أبي بكر هذا رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(11/13413)
حكم الأكل من مال مانع الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد زواجي اكتشفت أن زوجي لم يكن يدفع زكاة أمواله، لهذا أسال إن كان ماله حراما أم لا، وهل يحق لي العيش منه، وإذا أراد أن يكفر عما مضى ويطهر أمواله كيف السبيل لذلك.
أرجوكم الموضوع هام لي جدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وعدم إخراجها بعد الوجوب معصية شنيعة، ومانع الزكاة ليس ماله حراما كله، ولزوجته البقاء معه، ولتنصحه دائما، وإذا أراد إبراء ذمته فليخرج الزكاة عن جميع السنين الماضية التي لم يزك فيها مع التوبة الصادقة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزكاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثالث منه بعد الشهادتين وأداء الصلاة، وقد ثبت الوعيد الشديد في شأن عدم إخراجها والتهاون بها؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 14756.
وعليه.. فالواجب نصح زوجك دائما وتذكيره بخطورة ما هو مقيم عليه من منع الزكاة، وليس كل ماله بحرام، ولا حرج عليك في العيش معه، لكن لا تملي من موعظته مع الاستعانة بالله تعالى ثم بمن يمكن له التأثير عليه -إن وجد- كإمام مسجد حيه أو بعض أقاربه أو أصدقائه.
وإذا أراد أن يبرئ ذمته ويكفر عما مضى زمنه فليتب إلى الله تعالى توبة صادقة وليخرج الزكاة عن جميع السنين السابقة التي لم يخرج فيها زكاة، وكيفية إخراجها هنا تقدمت مفصلة في الفتوى رقم: 53511، والفتوى رقم: 55294.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1429(11/13414)
جواب شبهة حول قتال أبي بكر لمانعي الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف قاتل أبو بكر مانعي الزكاة مع أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:"نهيت عن قتل المصلين". وفي الحديث أيضاً:"بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها قال فقسمها بين أربعة نفر بين عيينة بن بدر وأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة وإما عامر بن الطفيل فقال رجل من أصحابه كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء قال فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ألا تأمنونني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء قال فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار فقال يا رسول الله اتق الله قال ويلك أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله قال ثم ولى الرجل قال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه قال لا لعله أن يكون يصلي فقال خالد وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم قال ثم نظر إليه وهو مقف فقال إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وأظنه قال لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود" أي أن أبا الخوارج ليس مهدور الدم ما دام يصلي، كما أن أحداً من المسلمين لم يشر عليه بقتالهم وعارضوه بادي الأمر، وفي آراء الفقهاء سعة في حكم قتل تارك الزكاة (طالما شهد شهادة الحق وأدى الصلاة) . لا أنكر فعل أبي بكر لكن أسأل ليطمئن قلبي. وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأبو بكر -رضي الله عنه- قد قاتل مانعي الزكاة بإجماع من الصحابة -رضي الله عنهم-. والإجماع حق مقطوع به في دين الله عز وجل، وأصل عظيم من أصول الدين، ومصدر من مصادر الشريعة. قال القاضي أبو يعلى رحمه الله: الإجماع حجة مقطوع عليها، يجب المصير إليها، وتحرم مخالفته، ولا يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ. انظر العدة 4/1058.
ولسنا بهذا نعني أن الإجماع مقدم على نصوص الوحي من كتاب أو سنة، بل إن الإجماع مستمد من الكتاب والسنة، وتال لهما في المنزلة. وإنما نعني أن نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قتل المصلين ليس على إطلاقه بدليل قتل المرتد ولو لم يترك الصلاة.
وبدليل قتل المصلي قصاصا، أو قتله حدا إذا زنى وهو محصن، أو إذا بغى أو حارب، ونحو ذلك من الأمور الكثيرة التي ورد الحد فيها بالقتل، دون النظر فيما إذا كان المقام عليه الحد مصليا أو غير مصل.
وهذا التقييد للحديث هو الذي فهمه أبو بكر -رضي الله عنه- حين قال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه.
وهو الذي فهمه عمر -رضي الله عنه- لما سمع كلام أبي بكر فقال: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1428(11/13415)
مسائل متنوعة في الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أحكام زكاة المال وأوجه إنفاقها وهل تجوز على القريب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 16101، والفتوى رقم: 3740، معنى الزكاة وبيان حكمها، مع ذكر الأموال التي تجب فيها، أما الوجه الذي تصرف فيه الزكاة فهو أن تدفع للفقراء والمساكين أو غيرهم من مصارف الزكاة الذين تقدم ذكرهم في الفتوى رقم: 27006، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 25067، والفتوى رقم: 24270، جواز إعطاء الزكاة للقريب الذي لا تجب نفقته على المزكي بشرط أن يكون محتاجاً، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 59224، والفتوى رقم: 4237.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1426(11/13416)
لا تسقط الزكاة ولو مضت سنون طويلة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا؟
سؤالي عن الزكاة /
كان والدي قد أودع لي في البنك منذ (سبعة أعوام)
مبلغا وقدره (عشرة آلاف ريال) ولكن لم يكن لي حق التصرف فيه وكان هذا المال ينمو في البنك شيئا فشيئا حتى بلغ المبلغ (ثلاثة عشر ألفا) ثم حصل قبل سنتين أن أخبرت والدي بحاجتي لهذا المال فأخرجته؟
السؤال هل تجب الزكاة في هذا المال من حين تملكي إياه علما بأنه كان المبلغ باسمي ولكن ليس لي الحق في إخراجه؟
2/ إذا كان يجب في هذا المال الزكاة فهل تحسب السنوات السابقة وهي السبع السنوات أم أخرج الزكاة من حيث السنة الأولى التي امتلكتها فيه؟
3/ كيفية إخراج الزكاة على ما تفتونني به سواء إذا كان سبع سنوات أم لسنة واحدة؟
علما بأني كنت جاهلا في الموضوع وصرفت المبلغ كاملا فما الحل وأريد أن أكفر عن سيئتي هذه وشكرا لكم؟
فأنا مستعد عن دفع أي مبلغ مطلوب دفعه؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجب عليك الزكاة في المال المذكور بداية من مرور الحول عليه بعد اكتماله نصابا، وكونك لا تستطيع إخراجه من البنك غر مبرر لسقوط الزكاة إذ بإمكانك معرفة قدره وإخراج الزكاة عنه، كما يجب عليك إخراج الزكاة عن تلك السنوات السبع، فتقوم بمعرفة مقدار المال كل سنة على حدة مع الاحتياط في ذلك حتى يغلب على ظنك براءة الذمة، ثم تخرج ما وجب عليك من زكاة، والنصاب الذي تجب الزكاة فيه من الأوراق النقدية الحالية هو ما يساوي عشرين مثقالا من الذهب، وقدره بالوزن الحالي خمسة وثمانون غراما تقريبا، والقدر الواجب إخراجه هو ربع العشر: 2،5 وراجع الفتوى رقم: 2055.
وإذا كان المبلغ المذكور مودعا في بنك ربوي فلا تجب الزكاة إلا في رأس المال فقط، والفوائد الربوية لا زكاة فيها، بل يجب التخلص منها عن طريق صرفها في المصالح العامة ككفالة الأيتام مثلا، وراجع الفتوى رقم: 15523، ويحرم إيداع المال في البنك الربوي إلا في حال الضرورة كخوف الضياع عليه مع عدم وجود بنك إسلامي خال من المعاملات الربوية، وعندئذ يجوز إيداعه لكن في حساب جار وليس في حساب توفير، وراجع أيضا الفتوى رقم: 518.
واعلم أن الزكاة باقية في ذمتك ولو صرفت المال كله، فإذا لم تقدر على إخراجها الآن فأخرجها إذا ملكت ما يفي بها. قال النووي في المجموع: إذا مضت عليه سنون ولم يؤد زكاتها لزمه إخراج الزكاة عن جميعها، سواء علم وجوب الزكاة أم لا، إلى أن قال: فرع: قال أبو عاصم العبادي في كتابه "الزيادات": لو استقرت عليه زكاة ثم مرض ولا مال فينبغي أن ينوي أنه يؤدي الزكاة إن قدر ولا يقترض. وقال شاذان بن إبراهيم: يقترض لأن دين الله أحق بالقضاء. قال: فإن اقترض ودفع الزكاة ونوى الوفاء إذا تمكن فهو معذور بالاتفاق. انتهى.
وفي التاج والإكليل نقلا عن المدونة: لو حال الحول ففرط في إخراج زكاته حتى ضاع المال ضمن الزكاة. انتهى.
وعليه، فالواجب عليك إخراج الزكاة عن تلك السنين السبع مع ملاحظة معرفة قدر ما يجب عليك في كل سنة على حدة، كما عليك التوبة والإكثار من الاستغفار إذا كان مالك مودعا في بنك ربوي وكنت مقصرا في إخراجه منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/13417)
شؤم المعصية ـومنها منع الزكاة ـ يطال فاعلها وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي أنني مريضة منذ حوالي 7 أو 8 سنوات والحمد لله على كل شيء اللهم لا اعتراض، ولكني أخذت بكل الأسباب الممكنة والدعاء المستمر مني ومن كل الناس الذين يعرفونني ولكن أبي لا يدفع زكاة أمواله وقد تنبهت إلى أن هذا قد يكون سببا في تأخير شفائي وعدم استجابة الدعاء ونزول النقمة والبلاء على البيت وقد سألت بعض العلماء الأفاضل فأكدوا لي شكوكي وقالوا إنه قد يكون السبب الأكبر وقد حاولت إقناع أبي مرارا وتكرارا دون جدوى أرجو المشورة أكرمكم الله فهل هذا بالفعل يمكن أن يكون سببا وكيف تقترحون على إقناع أبي أرجو من حضراتكم الاهتمام لأني تعبانة جدا وطاقتي خلصت فعلا ولا أعرف ماذا أفعل
وشكر لكم الله اهتمامكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يمن عليك بالشفاء، واعلمي أن جزاء صبرك مدخر لك، قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: 10)
وتأملي قوله تعالى: {بِغَيْرِ حِسَابٍ} ، فأبشري بخير، فوالله لغمسة واحدة في الجنة تنسيك كل بلاء مّر بك في هذه الدنيا الدنيّة، قال صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ صبغة في الجنة، فقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مرّ بك شدة قط؟ فيقول: لا يارب!!! ما مرّ بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط!! ".
وأما والدك فالواجب عليك نصحه وتخويفه من عقوبة منع الزكاة، وأن المال مال الله، وأنه مستخلف فيه، قال تعالى: {وأنفقوا مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (النور: 33) وقال: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} (الحديد: 7)
وأعلميه أن هذا المال الذي يكنزه سيكون وبالا عليه يوم القيامة، حيث إنه سيعذب به، قال صلى الله عليه وسلم: ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم، فيجعل صفائح، فيكوى بها جنباه وجبينه حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقدراه خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار.." رواه مسلم.
ثم أعلميه أن أهل السنة والجماعة في حكم مانع الزكاة على قولين، القول الأول: أنه كافر كفراً أكبر مخرجاً من الملة، قال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (التوبة: 11) ف في هذه الآية نفى أخوة الدين عن من لم يؤت زكاة ماله، فمانع الزكاة ليس أخاً لجماعة لمسلمين.
والقول الثاني: أن مانع الزكاة الذي يعتقد وجوبها، وإنما منعها بخلاً بها أنه مؤمن ناقص الإيمان وأنه يستحق الوعيد الشديد، كما مر في الحديث السابق ذكره، وهذا القول هو الراجح.
لكن قولي لأبيك: كيف ترضى لنفسك أن يختلف علماء المسلمين في إسلامك؟! فبعضهم يقول: أنت مسلم، وبعضهم يقول: بل أنت كافر؟
واعلمي رحمك الله أن المعاصي والاثام لا يحاسب عليها إلا فاعلها، قال تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} (النساء: 123) ، ولم يقل يجز غيره به، وقال سبحانه: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (الأنعام: 164) ، فالله لن يحاسبك عن ما اقترفته يد أبيك من الآثام، مع كونك مطالبة بنصحه وتذكيره.
ولا شك أن شؤم المعصية يطال فاعلها وغيره، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما منع قوم الزكاة إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا. رواه البيهقي وغيره.
وأما كونك تدعين الله وقد تأخرت الإجابة هذه السنوات، فلذلك أسباب انظريها في الفتوى رقم: 21386 ولمعرفة شروط وموانع إجابة الدعاء انظري الفتوى رقم: 2395 والفتوى رقم: 8331 والفتوى رقم: 9081 والفتوى رقم: 11571
ونصحك ببعض العلاجات الربانية والنبوية، فعليك بالعسل، وداومي عليه فقد قال تعالى في شأنه: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} (النحل: 69)
وعليك بالحبة السوداء، فقد قال عنها رسول الله صلى عليه وسلم: الحبة السوادء شفاء من كل داء إلا السام ". رواه البخاري، والسام هو الموت.
وعليك أيضاً بشرب ماء زمزم بنية الاستشفاء به من المرض، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " ماء زمزم لما شرب له ". رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني.
كما ننصحك بالرقية الشرعية، فقد رقى محمد بن الخطاب وأبو سعيد الخدري وغيرهما بعض المرضى فشفوا بإذن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1425(11/13418)
ترهيب القرآن من منع الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[وردت آيات للترهيب من منع الزكاة والتبشير بالعذاب الأليم في الجزء العاشر من القرآن الكريم، ماهي السورة؟ ما رقم الآيتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالايتان هما الرابعة والثلاثون والخامسة والثلاثون من سورة التوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(11/13419)
أكل الربا ومنع الزكاة من عظائم الأمور
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ 19 عاما، أبي لا يؤمن بالزكاة ولا يؤديها، كما أن جميع أموالنا في بنوك ربوية، هل علي إثم في ذلك مع أني تكلمت مع أمي وأبي في هذا الموضوع مرارا ولم أستطع إقناعهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً وبارك الله فيك لحرصك على هداية أبيك ولحرصك على تحري الحلال.
واعلمي أن أكل الربا ومنع الزكاة من عظائم الذنوب، وجحد الزكاة كفر وردة والعياذ بالله، فعليك أن تستمري في نصح أبيك، ولكن بالرفق واللين وبالتي هي أحسن، وحاولي أن تهدي له بعض الأشرطة والكتيبات التي تتحدث عن عظيم إثم منع الزكاة، وكفر جاحدها وعظيم إثم آكل الربا، وكلمي من ينصحه ممن له كلمة عنده.
أما عن الأكل من ماله فإن كان كل ماله من الربا، فإنه لا يجوز لك الأكل منه إلا في حالة الضرورة، أما إذا كان ماله مختلطاً فيه الحرام وفيه الحلال -ولو كان الحرام غالباً- فإن الأكل منه مكروه، إلا أن يكون المأكول هو عين الحرام، وقد تقدم تفصيل الكلام عن ذلك في الفتوى رقم:
6880
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1424(11/13420)
بيان خطر مانع الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخشى من أن زوجي لا يدفع الزكاة ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن واجبك هو النصيحة لزوجك؛ لأن ذلك من التعاون على البر والتقوى، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] ومن التواصي بالحق والصبر الذي ذكره الله جل وعلا في قوله: وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر] .
ولأن الدين النصيحة كما في صحيح الإمام مسلم عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
ولأن ذلك واجبك كزوجة وشريكة له في الحياة، فإن الله تعالى يقول: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67] .
وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم مانع الزكاة في كثير من الأحاديث الصحيحة بالعقاب الشديد في الآخرة، وبمحق البركة من ماله في الدينا، وما قد يصحب ذلك من عقوبات أخرى؛ لأن العاصي عرضة لسخط الله وانتقامه.
وراجعي الفتوى رقم: 14756.
وفقنا الله وإياك لطاعته، والفوز بجنته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/13421)
هل يحكم بكفر تارك الصيام ومانع الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عدم الصيام أو عدم الزكاة لغير عذر شرعي مخرج من الملة (أي بأن يكون كافراً) ؟
أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ترك الزكاة والصوم جحوداً بوجوبهما فلا شك في كفره وخروجه عن ملة الإسلام، وذلك لقيام الأدلة الصحيحة الصريحة من الكتاب والسنة والإجماع على وجوبهما.
فأما الكتاب، فقوله سبحانه وتعالى في حق الزكاة: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) [البقرة:43] . وفي الصوم: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة:185] .
وأما الحديث، فقوله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس: ... ، وذكر منها: أداء الزكاة، وصوم رمضان" رواه البخاري ومسلم.
وأما الإجماع، فقد أجمع المسلمون على وجوبهما وركنيتهما.
أما إذا كان تركه لهما تكاسلاً مع إقراره بوجوبهما، فهذا وإن كان قد أتى ذنباً عظيماً بتركه ركنين من أركان الإسلام، فإنه لا يكفر.
لكن تؤخذ منه الزكاة كُرْهاً ولو أدى ذلك إلى مقاتلته. قال صاحب طرح التثريب: وأما تارك الزكاة بخلاً، فإنها تؤخذ منه قهراً، فإن امتنع بالقتال قوتل.
أما تارك الصوم، فقد نقل الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير عن القاضي عياض أنه يحبس، ويمنع الطعام والشراب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1423(11/13422)
تخرج الزكاة من تركة مانع الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[تُوُفي رجلٌ ولم يكن يزكِ عن ماله منذ أكثر من عشرين عاماً وأراد أبناؤه أن يزكوا عنه من ماله قبل تقسيم التركة فكيف يمكن أن يزكوا؟ وبكم يزكوا من هذا المال؟ مع العلم أنه لم يكن يزك رغم عدم إنكاره للزكاة.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المال الوارد في السؤال نقداً أو ذهباً أو فضة أو عروض تجارة، فينظر كم كان لديه من المال في كل عام من هذه الأعوام، فإن بلغ نصاباً، فالواجب إخراج ربع العشر 2.5 منه، وإذا لم يستطع أبناؤه تحديد ذلك على وجه القطع فيكفيهم إخراج ما يغلب على الظن أن ذمته تبرأ به، فإذا تردد الأمر بين أن يكون المال في السنة الأولى خمسة آلاف، أو أربعة آلاف وتسعمائة مثلاً اعتبروه خمسة آلاف، أو تردد في السنة الثانية بين أن يكون قد زاد حتى بلغ سبعة آلاف مثلاً أو ستة آلاف وتسعمائة اعتبروه سبعة آلاف احتياطاً في إبراء ذمته، فإن شأن الزكاة عظيم، والتهاون في إخراجها خطر كبير.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه -يعني شدقيه- ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك! ثم تلا: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [آل عمران:180] " رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/13423)
أهداف الزكاة وآثارها في حياة الفرد والمجتمع
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف لماذا شرع الله الزكاة. مع العلم أني اطلعت على الإجابات في الموقع ولم أجد إجابه شافية؟ وشكرا......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى شرع الزكاة لحكم عظيمة، وأهداف سامية كريمة، تعمُّ المعطي والآخذ والمجتمع.
فمن حكمها بالنسبة للمعطي أنها تطهره من الشح والبخل، وتحرر نفسه من الذل والخضوع للمال، وتدربه على البذل والإنفاق، وهي شكر لنعمة المال، واعتراف بفضل الله وإحسانه، وهي علاج لقلب المعطي من الاستغراق في حب الحياة وحب المال، وهي جالبة لمحبة الناس له وثنائهم عليه، وكما أن الزكاة طهارة لنفس المعطي فهي كذلك طهارة لماله ونماء وبركة له، كما قال تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [البقرة:276] .
وأما أهدافها بالنسبة للآخذ.. فمن ذلك إغناؤه وحفظ حياته بتوفير احتياجاته المادية والنفسية، وهي تطهير لقلبه أن يحسد أصحاب الأموال أو يحقد عليهم.
وأما أهدافها في المجتمع.. فمن ذلك أن فيها إقامة لمصالح المسلمين العامة، ومن أهمها: تثبيت الدين في النفوس كما في مصرف المؤلفة قلوبهم. وإقامة الدين، وصد الأعداء عن ديار المسلمين كما في مصرف "في سبيل الله". وحماية المستضعفين والمنقطعين كما في سهم ابن السبيل. ودعماً للمصلحين كما في سهم الغارمين. وفي الزكاة سبيل إلى القضاء على تضخم المال في أيد قليلة وحرمان الفقراء الذين لا يجدون ما تقوم به حياتهم ويسد حاجاتهم. فلو لم يفرض في أموال الأغنياء بنصيب معلوم وحق مفروض لهؤلاء المساكين -وهم الكثرة الكاثرة- لتعمقت الأحقاد بين أبناء المجتمع الواحد، ولتقسم المجتمع وتفكك، ولعصفت الثورات بالأخضر واليابس، ولحصل بسبب ذلك من الفساد والجرائم ما لا يحصيه إلا الله.
فالزكاة حقيقة هي صمام الأمان للمجتمع المسلم، الآمن المتعاون.
وللاطلاع أكثر على حكمة الزكاة ننصحك بقراءة كتاب "فقه الزكاة" للشيخ يوسف القرضاوي المجلد الثاني -الباب السادس- أهداف الزكاة وآثارها في حياة الفرد والمجتمع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(11/13424)
الفرق بين الصدقة والزكاة، وحكمهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الصدقة وماحكم الزكاة؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزكاة والصدقة لفظان بينهما عموم وخصوص مطلق، أي أن أحدهما أعم وأشمل من الآخر، وهذا الأعم هو الصدقة والزكاة أخص منها، فكل زكاة صدقة وليس كل صدقة زكاة.
والزكاة ركن من أركان الإسلام يجب أداؤها ويكفر من أنكر فرضيتها وهي إخراج قدر مخصوص من مال مخصوص بشروط مخصوصة يصرف لجهات مخصوصة، فالزكاة لا تجب في كل مال بل هناك أموال خاصة تجب فيها الزكاة تسمى الأموال الزكوية، كالذهب والفضة وسائر النقود الورقية والأنعام وغيرها.
والواجب أيضاً إخراج مقدار مخصوص بشروط مخصوصة.
وأما الصدقة فلفظ أعم إذ يطلق على الصدقات الواجبة كالزكاة وعلى غير الواجبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1423(11/13425)
من يؤدي الزكاة ناقصة متوعد بالويل، ومانعها أعظم جرما
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يدفع زكاة ماله ناقصة وما الفرق بينه وبين من لا يدفع نهائياً؟ شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره والذي كتبه أبو بكر الصديق إلى عمّاله على الصدقة، يقول فيه: "إن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله بها ورسوله، فمن سُئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سُئل فوق ذلك فلا يعطه ... إلى أن قال: ولايجُمع بين مُفترق ولا يُفرق بين مجتمع خشية الصدقة". ففي هذا الحديث النهي عن النقص عن الزكاة المحددة من جهة صاحب المال والنهي عن الزيادة عليها من جهة العامل على جمعها، والنهي عن التلاعب والاحتيال لإسقاط شيء منها. وهذا معنى "لايجمع بين مفترق ولايفرق بين مجتمع خشية الصدقة". قال مالك في الموطأ: (معنى هذا أن يكون النفر الثلاثة لكل واحد منهم أربعون شاة وجبت فيها الزكاة، فيجمعونها حتى لا يجب عليهم كلهم فيه إلا شاة واحدة) ، أو يكون للخليطين مائتا شاة وشاة فيكون عليهما فيها ثلاث شياة فيفرقونها حتى لا تكون على كل واحد منهما إلا شاة واحدة.
وقال الشافعي: (هو خطاب لرب المال من جهة، والساعي من جهة، فأمر كل منهما أن لا يحدث شيئاً من الجمع والتفريق خشية الصدقة) .
فإخراج الزكاة ناقصة أمر محرم، وهو من التطفيف الذي توعد الله أهله بالويل والعذاب: لقوله سبحانه وتعالى (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين:1] ، قال علماؤنا:التطفيف في كل شيء في الصلاة والوضوء والكيل والميزان، وهو خيانة لله وللمؤمنين، وأبو بكر رضي الله عنه يقول: (والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه) . رواه البخاري.
أما ما الفرق بينه وبين من لا يدفعها نهائياً، فلا شك أن من لا يدفعها نهائياً أعظم جُرماً وأخس قدراً عند الله ممن يدفعها ناقصة، ولقد توعده الله بأشد العذاب قال تعالى: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَة) [آل عمران:180] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحُمي عليه في نار جهنم، فيجعل صفائح فتكوى بها جنباه وجبينه حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار". رواه مسلم، وفي البخاري مثله مع اختلاف في اللفظ.
وإذا كان هناك حاكم مسلم فإنه يجب عليه أخذ الزكاة منه قسراً وتعزيره. وإن كان الممتنعون عن دفعها فئة ذات شوكة فإن إمام المسلمين يقاتلهم حتى يدفعوها، كما قاتل أبو بكر والصحابة مانعي الزكاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1423(11/13426)
الزكاة ... تعريفها وخصائصها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو تعريف الزكاة في الدين الإسلامي وما خصائصها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزكاة في اللغة: مشتقة من الزكاء وهو النماء والزيادة. وسمي ما يخرج من المال للمساكين -بإيجاب الشرع- زكاة لأنها تزيد في المال الذي أخرجت منه وتوفره وتقيه الآفات.
والزكاة في الشرع عرفت بتعريفات منها: أنها حق يجب في المال، ومنها: أنها اسم لأخذ شيء مخصوص من مال مخصوص على أوصاف مخصوصة لطائفة مخصوصة.
والزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة الواجبة بالكتاب والسنة والإجماع. وتختص الزكاة من بين الجبايات والضرائب المالية الأخرى بسمات من أبرزها وأعمها: ما يقترن بهذه الفريضة من روح الإيمان والاحتساب والقيام بالواجب، وهي الروح التي تتجرد منها الضرائب الرسمية.
وتختص بأنها تؤخذ من الأغنياء الذين يستوفون شروط وجوبها ويملكون نصابها وتصرف في مصارفها المحددة من الفقراء والمساكين والغارمين وغيرهم من أصناف مستحقي الزكاة، وهذا بالعكس في الجبايات والضرائب والمكوس التي تفرض من الحكومات، فهي تؤخذ من الفقراء وأوساط الناس وترد على أغنيائهم وأقويائهم، فهي تصرف في الاستقبالات والاحتفالات للرؤساء والسلاطين وفي نفقات الولائم والمهرجانات ومآدب السفارات ودعايات الإعلام وجعالات الصحفيين ووكالات الأنباء وتكاليف الصحف والمجلات، وغيرها من الأمور التي يدفع فيها الضعيف ليستفيد منها القوي.
أما الزكاة فهي كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم "تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم" متفق عليه فهي فريضة فرضها الله عبادة للموسرين، ولطفاً ورحمة بالفقراء والمحتاجين.
يقول السيد محمد رشيد رضا في تفسيره (ولو أقام المسلمون هذا الركن من دينهم لما وجد فيهم - بعد أن كثرهم الله ووسع عليهم في الرزق - فقير مدقع، ولا ذو غرم مفجع، ولكن أكثرهم تركوا هذه الفريضة فجنوا على دينهم وأمتهم فصاروا أسوأ من جميع الأمم حالاً في مصالحهم المالية والسياسية، حتى فقدوا ملكهم وعزهم وشرفهم) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1423(11/13427)
الزكاة قد تكون سببا في الشفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ورثت مبلغا بسيطا من المال من والدي رحمهم الله والآن أنا أعمل في دبي وقمت بخطبة فتاة واتفقنا على مهرها والذي يبلغ أكثر من نصف المال الذي ورثنه وكذلك أنا أشتري دواء عفاكم الله لعلاجي وتكلفته عالية جدا تبلغ حوالي 2500 درهم إماراتي وأنا أعمل منذ سنة ولم أستطع أن أجمع أي مبلغ مال لأتمكن من الزواج. هل أنا مطالب بدفع الزكاة من المال الذي ورثته من والدي علما أني أنا أحتاج مبلغا كبيرا لعلاجي شهريا والعلاج قد يستمر ل 5 أعوام أو أكثر؟ مع العلم الغلاء هنا فاحش؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المال الذي ورثته عن أبويك قد بلغ نصاباً فإنه يلزمك أن تؤدي زكاته، واعلم أن الزكاة لا تنقص المال بل تزيده وتنميه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ما نقص مالٌ من صدقة. أخرجه مسلم،
فعليك أن تخرج زكاة مالك وأنت طيب النفس قرير العين، وأن تعلم أن الله سيخلف عليك أضعاف أضعاف ما تبذله، قال تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. {سبأ: 39} .
واعلم أن من أسباب شفائك من مرضك – نسأل الله لنا ولك العافية – أن تخرج الزكاة وتكثر من الصدقات ففي الحديث: داووا مرضاكم بالصدقة. قال الألباني في صحيح الترغيب: حسنٌ لغيره.
ومهر خطيبتك ليس ديناً عليك الآن لأنك لم تعقد عليها، فإذا عقدت عليها استقر في ذمتك نصف المهر وإذا دخلت بها استقر في ذمتك المهر كاملاً، وحينئذٍ يخصم الدين الذي عليك من المال الذي عندك وتؤدي زكاة ما بقي إذا كان نصاباً كما هو مذهب الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1429(11/13428)
الزكاة نقص في الظاهر وبركة ونماء ودفع ضر
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت ما أفتيتم به سيادتكم حول فوائد البنوك الربوية وقمت والحمد لله بتحويل أموالي لبنك إسلامي لكن سؤالي هو: إذا كان عندي مبلغ من المال يقدر بـ 1000 جنيه مثلا، وحال عليه الحول فلن أخذ فائدة عليه وبالتالي استحقت زكاة مال عليه فأخرجت 2.5% منه لهذا العام فأصبح المبلغ 975 وهكذا في العام التالي 2.5% أيضا وبالتالي ينخفض أصل رأس المال علما بأني موظف ولا أجيد التجارة وسؤالي خاص بي شخصيا وبأمي بعد أن توفي والدي وترك لنا طفلا ولا نثق بأحد لنسلمه مالنا ما الحل فلو تركت المال هكذا نقص أصله من الزكاة ولو أخذت عليه فائدة كانت حراما؟ علماً بأن البنوك الإسلامية تعطي فائدة على الأموال المودعة.
أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله تعالى خيرًا على تخليك عن الربا، ونسأل الله تعالى أن يبارك لك في رزقك.
واعلم أن الله جل وعلا وعد المتقي بالرزق من حيث لا يحتسب، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2، 3] .
وليكن في كريم علمك أن الله جل شأنه لا يشرع لعباده حكمًا إلا كان لهم فيه الخير والرشاد، سواء علمنا ذلك أو جهلناه، ومما شرع الحكيم الخبير وجوب إخراج الزكاة عند توافر شروط وجوبها المبينة في الفتوى رقم: 4007، والفتوى رقم: 3922.
وإذا كانت الزكاة تنقص المال في الظاهر، إلا أن الله تعالى يعوض المزكي بركة في ما بقي ويدفع عنه المضرات، فينجبر نقص الصورة بذلك، هذا إلى الجانب كون الإنسان ينال الأجر على طاعته لله تعالى وامتثال أمره في ذلك، ويشهد لهذا ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 23869.
والله أعلم.
0
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(11/13429)
دلالة اقتران ذكر الصلاة مع الزكاة في القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا تذكر دائماً الصلاة مع الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لفظ الزكاة ورد في القرآن الكريم بهذا اللفظ تسعا وعشرين مرة كلها مسبوقة بلفظ الصلاة؛ إلا في موضعين لم يرتبط فيها ذكر الزكاة بذكر الصلاة وهما: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ [الأعراف:156] .
الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ [فصلت:7] .
ولم يُرتبط لفظها بالصلاة إذا كان نكرة، نقول إذاً -والله أعلم- إن هذا الترابط دال على أهمية الزكاة في الشريعة الإسلامية، فالصلاة هي عماد الدين، والزكاة ذكرت بعدها في الكثير الغالب، فما ذلك إلا لشدة الاعتبار بها.
وقد فهم أبو بكر الصديق-رضي الله عنه- هذا الترابط وتلك الأهمية مما حمله على قتال مانعي الزكاة في فترة عصيبة على المسلمين.
روى أبو هريرة قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه وكفر من كفر من العرب، فقال عمر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس؟ وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم، أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله، فقال: والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها، قال عمر رضي الله عنه: فو الله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه فعرفت أنه الحق. متفق عليه.
وكما لازم ذكر الزكاة ذكر الصلاة في القرآن، فقد ورد التلازم بينهما في الكثير الغالب في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو: إقام الصلاة وإيتاء الزكاة - تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، مما ورد في الصحيحين وفي غيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(11/13430)
صدقة الأخ على أخته الفقيرة لها أجران
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.... وبعد:
منذ سنوات وأنا أقدم جزءا من مال زكاتي لأخت لي متزوجة ولها بنت 22 سنة وولد 17؟ لا عمل لها زوجها جندي متقاعد ودخله ضعيف، علما بأنهم يعيشون في مدينة المعيشة فيها غالية نسبيا، فهل هذه الزكاة "مقبولة"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان زوج أختك عاجزاً عن النفقة عليها وعلى عيالها، فهي أحق بالزكاة من غيرها، وفي زكاتك عليها أجران أجر الزكاة وأجر الصلة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي القرابة ثنتان: صدقة وصلة. رواه الترمذي.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 29321.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1424(11/13431)
الأصل أن يتولى الشخص إخراج الزكاة بنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ماهي الجهة التي يجب على المسلمين دفع الزكاة إليها وفق دلائل من الكتاب المجيد؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المسلم الذي ملك نصاباً ملكاً تاماً، وحال عليه الحول أن يخرج زكاة ماله إلى أحد مصارفها الثمانية التي حددها الله في القرآن بقوله سبحانه وتعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمسالكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن سبيل فريضة من الله والله عليكم حكيم) [التوبة:60] علماً بأن الأصل أن يخرجها بنفسه، لأنه أوثق له، وأكثر ضماناً، ويجوز أن يوكل غيره بشرط أن يكون مسلماً ثقة أميناً، سواء كان الوكيل فرداً أو مؤسسة خيرية، ويتعين إعطاء الزكاة للإمام إذا طلبها وكان عدلاً، بشرط أن يكون بيت المال منتظماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(11/13432)
الزكاة عبادة وقربة.. وليست عقابا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف وأكتري بيتا وأجمع المال لشراء بيت حتى لا أضطر للاقتراض بالفائدة. فهل تجب علي الزكاة في المال الذي أجمعه؟ لأني إذا أديت الزكاة فسأكون معاقبا مرتين: أداء الكراء والزكاة في حين أني إذا اقترضت فسأرتاح من كل هذا العنت.
وجزاكم الله خيرا.
... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجب عليك الزكاة في المال الذي تدخره لشراء مسكن إن بلغ نصاباً بنفسه أو بما انضم إليه وحال عليه الحول.
وأداء الزكاة ليس عقاباً -كما ذكرت- وإنما هو فريضة من فرائض نتقرب بها إلى الله، ولا يجوز لمسلم أن يطلق على ركن من أركان الإسلام مثل ما ذكرت.
واعلم أن الزكاة تطهر المال وتنميه فلا يجوز لك التفريط فيها، كما لا يجوز لك الاقتراض قرضاً ربوياً لأجل شراء المسكن ما دمت قادراً على الاستئجار، ومثل هذا القرض لا يريح صاحبه بل يجلب إليه العنت والتعب في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فالله يقول: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [البقرة:276] .
وأما في الآخرة فالله يقول: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.... وقال: هم سواء. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(11/13433)
الزكاة المتأخرة دين لا تبرأ الذمة إلا بأدائها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لم أدفع زكاة المال إلا قليلا رغم أني أملك مبلغا كبيرا من المال. كيف أكفر عن عدم أداء حق الله في الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمنع الزكاة كبيرة من أكبر الكبائر، وذنب من أعظم الذنوب، وحسبك في التحذير منه وبيان خطره قول الله تعالى: يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ. {التوبة:35} . وقول النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه مسلم في صحيحه: مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ. والنصوص في هذا الباب كثيرة.
فعليك أيها الأخ بالتوبة النصوح إلى الله تعالى من منعك الزكاة هذه المدة، والندم الشديد على ما فرط منك من التقصير، وعليك أن تحسب مقدار ما وجب عليك من الزكاة في هذه السنين ثم تبادر بقضائه، فإنها دين في ذمتك وحق للفقراء في مالك فلا تبرأ إلا بقضائها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
فإن عجزت عن معرفة مقدار الواجب بيقين فعليك أن تتحرى، فتخرج من مالك ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمتك.
قال العلامة العثيمين رحمه الله فيمن أخر الزكاة سنين: هذا الشخص آثم في تأخير الزكاة، لأن الواجب على المرء أن يؤدي الزكاة فور وجوبها ولا يؤخرها، لأن الواجبات الأصل وجوب القيام بها فورًا، وعلى هذا الشخص أن يتوب إلى الله عز وجل من هذه المعصية، وعليه أن يبادر إلى إخراج الزكاة عن كل ما مضى من السنوات، ولا يسقط شيء من تلك الزكاة، بل عليه أن يتوب ويبادر بالإخراج حتى لا يزداد إثمًا بالتأخير. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(11/13434)
تعجيل الزكاة لا يغير وقت الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة: الفريق المسول عن الفتوى بموقع الشبكة الإسلامية جعل الله هذا العمل الجليل في ميزان حسناتكم يوم القيامة وزادكم الله حرصا ونفعا للأمة:
سؤالي هو: كنت دائما أخرج زكاة مالي في شهر رمضان من كل سنة، ولكن في هذه السنة وعندما حصلت أحداث غزة جعلتني أقدم موعد الزكاة إلى شهور قبل هذا الموعد وتسليم مبلغ الزكاة إلى الجمعيات الخيرية الحكومية المسؤولة عن التجميع لأهل غزة ـ كان الله في عونهم ـ فما هو حكم تقديم موعد الزكاة عند حصول مثل هذه الكوارث؟ وفي العام القادم أي الموعدين يكون حولا لي لأخرج الزكاة فيه؟ وما هو حكم تسليم هذه الأموال إلى هذه الجمعيات الخيرية الحكومية؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعجيل الزكاة في أثناء الحول جائز في قول الجمهور، وقد استوفينا خلاف العلماء في هذه المسألة ورجحنا جواز تعجيل الزكاة وبخاصة إذا وجدت مصلحة تقتضي التعجيل، وانظر لذلك الفتوى رقم: 6497، وإذا عجلت الزكاة فإن حول المال لا يتغير ولا يجب التعجيل في كل عام، بل حول المال في العام الثاني هو حوله في العام الأول قبل أن تعجل الزكاة عن محلها، ودفع الزكاة لهذه الجمعيات التي تتولى جمعها لصالح المسلمين المكروبين من أهل فلسطين أو غيرهم، قد بينا حكمه مفصلا في الفتوى رقم: 117494.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1430(11/13435)
يجب إخراج الزكاة فور تذكرها لمن نسي أن يخرجها وقت وجوبها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي مبلغ من المال أودعته لدى أخي، وكنت أطلب منه أن يدفع زكاته في شهر جمادى الآخرة كل عام ـ ومن المال نفسه ـ ولكن في هذا العام نسيت أن أذكره بذلك حتى جاء شهر رجب أي تأخرت شهرا، وفي بدايه شهر رجب احتجت إلى شيء من المال وبعث لي أخي جزءا منه أي بعد استحقاق الزكاة وقبل دفعها، فهل علي الآن دفعها؟ وإن كان علي، فهل أحسب معه قيمة المال الذي أخذته أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حال الحول على هذا المال وهو مملوك لك وقد بلغ النصاب ولو بضمه إلى ما تملكه من مال آخر فقد وجبت زكاته عليك، ووجب عليك المباردة بإخراجها، وإذا وجبت الزكاة فإن الذمة لا تبرأ إلا بأدائها ولو أنفقت جميع المال، لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
وأنت معذور ـ إن شاء الله ـ في تأخيرك الزكاة عن وقت وجوبها بنسيانك تذكير أخيك، ولكن يجب عليك متى ذكرت أنك لم تخرج زكاة هذا المال أن تبادر بإخراجها، فإن الزكاة تجب على الفور، وعليك إخراج زكاة جميع المال الذي حال الحول عليه، سواء في ذلك ما أنفقته منه وما لم تنفقه لما تقدم، وانظر الفتوى رقم: 121174.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1430(11/13436)
حكم جمع الزكاة في صندوق ودفعها لمستحقيها أقساطا شهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي زكاة مال أخرجها كل أول شهر رمضان، وأنا محتار في ثلاثة أوجه لدفع الزكاة، الأول: وهو الذي كنت أعمله الأعوام السابقة: أبعثها إلى أخوالي في مصر، حيث إنهم مستحقون للأموال أكثر من بلدي ليبيا، والثاني أننا أنشأنا عندنا في البيت مثل الصندوق نجمع فيه الزكوات، ثم تعطى على هيئة معونة شهرية لأخي وأختي، حيث إنهم أصحاب عيال والمرتبات لا تكفيهم جيدا، ومع العلم أن صهري وأخي يدخنون وليسوا في حاجة ماسة ولكنهم يعتبرون فقراء بالنسبة لنا، والوجه الثالث: أن هناك قريبي الذي لا يعمل وهو يبحث عن عمل ولم يجده ومن مدة أسبوع كلمني على الهاتف وقال إن هناك جماعة يطالبونه بدين فأعطيته المال، فهل يجوز أن أقول له أن المبلغ الذي أعطيته إياه زكاة؟ مع أنه أخذها في الأول على نية الدين، ومع العلم أنه كان مدخنا ولكنه التزم وأقلع عن التدخين، والآن يستعمل المضغة ـ نوع من التبغ يمضغ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن ما يسمى عندكم ـ بالمضغة ـ هي نوع من التدخين المحرم، كما بيناه في الفتوى رقم: 20252، فيجب على قريبك التوبة إلى الله تعالى منها وتركها.
وأما عن السؤال: فلا يجوز أن تعتبر المبلغ الذي دفعته له دينا من الزكاة، لأنه يشترط في الزكاة النية، وأنت لم تدفعها بنية الزكاة، كما أنه لا يجوز إخراج الزكاة على أقساط إلا بشروط ذكرناها في الفتوى رقم: 6415. والواجب في الأصل إخراجها دفعة واحدة لا على أقساط، وذلك لأن إخراج الزكاة واجب على الفور، وهي حق لأهلها يجب تسليمها إليهم دفعة واحدة، فلا يجوز لكم أن تحتفظوا بالزكاة عندكم في صندوق وتخرجوها على دفعات. وما ذكرته عن إخوانك وأخواتك من أن رواتبهم لا تكفيهم، فاعلم أنه يجوز دفع الزكاة إليهم بل يتأكد استحباب ذلك، فيدفع لهم منها ما يسد حاجتهم، لكن إن كان الراتب يكفي لسد الحاجة في الأصل وكان سبب عدم كفايتهم إنفاق بعض أموالهم في أمر محرم - كالتدخين - فإنهم ليسوا من أهل الزكاة ولا يجوز دفعها إليهم، لأن فقرهم ليس عن قلة ذات يدهم، ولكن عن إنفاق المال في المحرم، وإعطاؤهم الزكاة حينئذ يعتبر إعانة لهم على الاستمرار في إنفاق المال في المعصية. وانظر الفتوى رقم: 26720، حول حكم دفع الزكاة لمن يستخدم المال في المعصية، وننبهك أخيرا إلى أنه ينبغي على المزكي أن يتحرى في دفع الزكاة فلا يدفعها إلا لمن علم أو غلب على ظنه أنه من أهلها، وانظر الفتوى رقم: 27006، عن مصارف الزكاة والمراد بكل منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(11/13437)
كيفية حساب زكاة سنوات مضت
[السُّؤَالُ]
ـ[في خلال 3 سنوات وشهرين تمكنت من جمع: 126500 مقسمة كالتالي: في شهر 12 من عام 2005 تمكنت من جمع: 1000 ريال، وعلى مدار عام 2006 تمكنت من جمع: 32000، وعلى مدار عام 2007 تمكنت من جمع: 33500، وعلى مدار عام 2008 تمكنت من جمع: 40000، وفي شهر 1 من عام 2009 تمكنت من جمع: 20000، وقد جمعتها لغرض الاستفادة منها في شراء قطعة أرض وتمكنت من شرائها ـ والحمد لله ـ ولكن المشكلة أنه لم يتم تزكية ما تم جمعه من المال في خلال هذه السنوات المشار إليها، لذا أرجو منكم التكرم بإرشادي إلى الطريقة الصحيحة والمبلغ الواجب إخراجه لإبراء ذمتي؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية يجب على السائلة الكريمة أن يتوب إلى الله تعالى من معصية تأخير الزكاة لهذا السنوات بعد وجوبها، فإن الأصل في إخراج الزكاة الفورية، ولا يجوز تأخيرها إلا لعذر كعدم حضور المال.
ويجب عليك الآن أن تزكي السنين الماضية من حين امتلكت النصاب وحال عليه الحول القمري، وقد سبق بيان النصاب في الفتوى رقم: 4237.
ومقدار ما يجب عليك بعد مرور هذه السنوات ينبني على خلاف العلماء: هل تجب الزكاة في عين المال أم في الذمة؟ كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 121528، 35577.
والأحوط والأبرأ للذمة أن الزكاة تجب في الذمة، وهذا هو الأيسر في الحساب أيضا، وطريقة ذلك أن تخرج عن كل سنة ربع عشر مجموع ما كنت تمتلكيه فيها، والذي فهمناه من مسألة السائل أن أول حول حال عليه بعد ملك النصاب كان يملك ـ 32000ـ وزكاتهاـ 800ـ.
وفي الحول الثاني جمع إلى هذا المبلغ مبلغ ـ33500ـ فيكون المجموع ـ 65500ـ وزكاته ـ1637.5ـ.
وفي الحول الثالث جمع إلى هذا المجموع مبلغ ـ40000ـ فيكون المجموع ـ 105500ـ وزكاته ـ2637.5ـ. ثم جمع إلى ذلك مبلغ ـ20000ـ ولكنه لم يحل عليه الحول بل اشترى بالمال أرضا، فيكون مجموع القدر الواجب إخراجه هو:
ـ5075ـ.
هذا هو الأحوط، فإن زكى مقدار ما وجد عن السنة الأولى، ثم طرح هذا القدر الذي أخرجه كزكاة عن السنة الأولى من مجموع المال المزكى عن السنة الثانية، وهكذا باعتبار أن الزكاة تجب في عين المال، أجزأه ذلك. وراجع في ذلك الفتوى: 55294.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1430(11/13438)
كيفية أداء الزكاة من تركة الميت الذي لم يؤدها لسنوات
[السُّؤَالُ]
ـ[نظرا لتداخل الفتاوى أود معرفة كم عدد سنين الزكاة عن والدي الذي توفى في صفر1430هـ، وقد علمت أنه لم يدفعها منذ تاريخ عودته من الخارج في جمادى الاخر1424هـ.
وقد أفادت دار الإفتاء بالإسكندرية أن الزكاة تكون عن سنة واحدة عند سؤالهم، ولا أعلم السبب.
والبعض أفاد بأداء الزكاة عن الفترة ككل وهي 5 سنوات، لأن العام السادس هجريا لم يتم وقت وفاة الوالد. والبعض أفاد بأن الزكاة تكون عن الفترة ككل 6 سنوات. وهل تحتسب الزكاة على أساس تناقصي مثلا بمعنى أن الزكاة عن 100ألف مثلا في أول سنة تكون الزكاة على 97.5 للعام الثاني والثالث تكون 95؟ لذا أرجو الإفادة بعدد السنين وكيفية حساب الزكاة على السنين بتفصيل أكثر بعد إذنكم لأن كل أسئلتي بهذا الخصوص يتم الرد عليها باختصار شديد ولا أدرك منها شيئا؟
أفادنا وأفادكم الله بعلمه.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قصر والدكم رحمه الله وعفا عنه بتركه إخراج الزكاة الواجبة عليه مدة هذه السنين، فينبغي أن تجتهدوا في الاستغفار له وسؤال الله تعالى أن يعفو عنه، ثم عليكم أن تبادروا بإخراج زكاة جميع السنوات التي ترك أبوكم إخراجها، فإنها دين في ذمته لا يبرأ عند الله إلا إذا أديت عنه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه. وهذا مذهب جمهور أهل العلم، والزكاة لا تسقط بالتقادم كما هو معلوم، وانظر الفتوى رقم: 122422. والواجب عليكم أن تخرجوا زكاة خمس سنين لأن الحول السادس لم يحل على المال وهو في ملك أبيكم وحولان الحول شرط في وجوب الزكاة.
وأما عن كيفية إخراج الزكاة وهل يخصم القدر المخرج عن كل سنة ممّا يخرج عن السنة التالية؟ فهذا ينبني على خلاف الفقهاء هل الزكاة تجب في عين المال أو تجب في الذمة؟ فإن قلنا هي في عين المال فإنكم تخصمون ما يجب إخراجه عن السنة الأولى ممّا تخرجونه عن الثانية وهكذا حتى تستوفوا المدة أو ينقص المال عن النصاب، وإن قلنا هي في الذمة فإنكم تخرجون زكاة جميع السنين عن جميع المال، ولا شك في أن القول الثاني أحوط، وقد رجح العلامة العثيمين أن الزكاة تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة.
قال صاحب زاد المستقنع: وتجب الزكاة في عين المال، ولها تعلق بالذمة. انتهى.
قال الشيخ العثيمين: فقال بعض العلماء: إنها واجبة في الذمة، ولا علاقة لها بالمال إطلاقاً. بدليل أن المال لو تلف بعد وجوب الزكاة لوجب على المرء أن يؤدي الزكاة، وقال بعض العلماء: بل تجب الزكاة في عين المال، لقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه لليمن: أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم. فالزكاة واجبة في عين المال.
وكلا القولين يرد عليه إشكال، لأننا إذا قلنا: إنها تجب في عين المال صار تعلقها بعين المال كتعلق الرهن بالعين المرهونة، فلا يجوز لصاحب المال إذا وجبت عليه الزكاة أن يتصرف فيه، وهذا خلاف الواقع، حيث إن من وجبت عليه الزكاة له أن يتصرف في ماله، ولو بعد وجوب الزكاة فيه لكن يضمن الزكاة.
وإذا قلنا: بأنها واجبة في الذمة، فإن الزكاة تكون واجبة حتى لو تلف المال بعد وجوبها من غير تعد أو تفريط وهذا فيه نظر أيضاً، فالقول الذي مشى عليه المؤلف قول جامع بين المعنيين، وهو أنها تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة، فالإنسان في ذمته مطالب بها، وهي واجبة في المال، ولولا المال لم تجب الزكاة فهي واجبة في عين المال. انتهى.
وقال أيضاً: ينبني على الخلاف في تعلق الزكاة بالمال أو بالذمة عدة مسائل ذكرها ابن رجب في القواعد، أوضحها: لو كان عند إنسان نصاب واحد حال عليه أكثر من حول، فعلى القول بأنها تجب في الذمة يجب عليه لكل سنة زكاة، وعلى القول بأنها تجب في عين المال، لم يجب عليه إلا زكاة سنة واحدة السنة الأولى لأنه بإخراج الزكاة سينقص النصاب، فإذا كان عند الإنسان أربعون شاة سائمة ومضى عليه الحول ففيها شاة، وبها ينقص النصاب لأن الزكاة واجبة في عين المال، أما إن قلنا: إن الزكاة تجب في الذمة فإنها تجب في كل سنة شاة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1430(11/13439)
زكاة السنوات الماضية دين لا تبرأ الذمة إلا بإخراجها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية: أرجو من حضرتكم النظر في هذه الفتوى.
توفي والدي وترك لنا رصيدا في البنك وكنا صغارا، وبعد 8 سنوات من وفاته أخبرنا عمي بأمر هذا الرصيد فتصرفنا فيه ببناء مسكن، وبعد مرور 27 سنة من وفاته نبهنا أحد الأصدقاء إلى أمر زكاة هذا الرصيد، وقد تراكمت وأصبح المبلغ كبيرا بعض الشيء، ولا أخفيكم بأن المبلغ متوفر لدينا بالكامل، ولكن لمتطلبات الحياة وغلاء المعيشة محتاجون إلى هذا المبلغ كدفعة واحدة، وبصراحة أكثر ليست الحاجة بمعني العوز والفاقة بمعناها الصريح، ولكن كما أسلفت محتاجون إليها، فهل نخرج الزكاة عن سنة واحدة فقط لجهلنا بأمرها؟ أم نخرجها على دفعات لمدة 8 سنوات قادمة؟ أم نخرجها كاملة دفعة واحدة؟ وفى النهاية لا أقصد بهذا التحديد تقيد إجابتكم بما ورد، ولكن أرفع لكم الأمر للتفضل علينا برأي الشرع في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب عليكم أن تجتهدوا في تعلم أحكام الشرع، وتبحثوا عمّا يجب عليكم من حقوق الله تعالى، ثم ليعلم أن الزكاة متى وجبت عليكم فهي دين في ذمتكم فلا تبرؤون إلا بدفعها، ولا يجزئكم أن تخرجوها لسنة واحدة، كما لا يجوز لكم أن تؤخروا إخراجها مع القدرة عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
فالواجب على كل منكم أن يحسب حصته من هذا المال، فإذا بلغت نصابا بنفسها أو بضمها إلى ما عنده من نقود أخرى أو عروض تجارة، فالواجب عليه إخراج زكاة جميع تلك السنوات التي دارت على المال وهو نصاب ولم يخرج زكاتها قبل التصرف في هذا المال، ولا تحصل براءة الذمة إلا بذلك، ولمعرفة خلاف العلماء في كيفية حساب زكاة السنوات الماضية راجع الفتويين رقم: 121528، 44009.
ومن كان عاجزا عن إخراج الزكاة لكونه لا يملك ما يخرجها به أو يحتاج إلى ما بيده من المال في ضرورات الحياة من مأكل أو مشرب أو مسكن أو ملبس أو دواء، فلا إثم عليه في تأخير إخراجها، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} . وتجب عليه المبادرة بإخراجها متى قدر على ذلك لما تقدم.
ثم إننا ننبهك إلى أن هذا المال إن كان موضوعا في بنك ربوي، فما نتج عنه من الفوائد في تلك المدة دين أيضا في ذمتكم يجب عليكم التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين أو بدفعه إلى الفقراء والمساكين، فإن كنتم من المستحقين لهذا المال لكونكم فقراء ومساكين جاز لكم أن تتصدقوا به على أنفسكم. قال النووي نقلا عن الغزالي رحمهما الله: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم بل هم أول من يتصدق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1430(11/13440)
الفوائد الربوية لا تضم إلى المال المزكى بل يتخلص منها جملة في المصالح العامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مغربي مقيم في إيطاليا منذ حوالي سبع سنوات، كل سنة في العطلة الصيفية أذهب إلى المغرب وأدع ما وفرته خلال السنة في البنك، والآن لدي مبلغ معلوم وأسئلتي هي:
1 - يتعلق بالربا: خلال الثلاث أو الأربع السنوات الأولى- لم أتذكر جيدا- لم أكن أتخلص من الفائدة الربوية وبعد ذلك بدأت أبرئ ذمتي منها بإعطائها للفقراء. فما الحكم؟
2 - يتعلق بالزكاة: لم أزك أبدا منذ السنة الأولى الأموال. فما الحكم؟ مع العلم بأن آخر مرة أودعت فيها المال هي أغسطس 2007.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا هداك الله أن وضع الأموال في البنوك الربوية لا يجوز، ولا يسوغ وضعها كون واضعها يتصدق بها، فإن تصدقه بها لا يرفع عنه الإثم وهو مقيم عليه، متماد في أكل الربا باستمراره في ترك المال في البنك، وآكل الربا ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالواجب عليك التوبة النصوح، وإخراج هذه الأموال من البنك الربوي واستثمارها في مجال آخر، أو وضعها في بنك من البنوك الإسلامية، ومن تمام توبتك أن تخرج جميع هذه الفوائد التي حصلت لك من البنك الربوي، وأن تنفقها في مصالح المسلمين، أو تتخلص منها بصرفها بها على الفقراء والمساكين، وإن عجزت عن معرفة مقدار هذه الفوائد على وجه اليقين فاعمل بالتحري، وأخرج ما يحصل لك به غلبة الظن ببراءة ذمتك فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
وانظر الفتوى رقم: 3623.
كما أن هذه السنوات السبع التي تركت إخراج زكاتك فيها يجب عليك التوبة النصوح إلى الله عز وجل من ذلك، فإن تأخير الزكاة ومنعها مستحقيها بعد أن يحول حولها ذنب عظيم نسأل الله العافية.
ومن تمام توبتك أن تحسب جميع ما لزمك من زكاة في هذه السنين فتبادر بإخراجها، وذلك بالرجوع إلى حساباتك على رأس كل حول هجري، ومقدار الزكاة هو ربع العشر من المال الذي بلغ نصابا وحال عليه الحول.
وإنما تجب الزكاة عليك في مالك الذي دخل في ملكك بطريق مباح، وأما الفوائد الربوية فلا تجب فيها الزكاة بل يجب إخراجها كاملة في مصالح المسلمين كما قدمنا، وانظر الفتوى رقم: 4680.
واعلم أن ما كان من مال استفدته في أثناء الحول من غير نماء الأصل، فإنك تبتدئ به حولا جديدا ولا يكون تابعا للأصل في زكاته في قول الجمهور، وهذه الزكاة دين في ذمتك فلا تبرأ إلا بقضائها، ولا تصح توبتك إلا بأدائها لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
وانظر لمزيد الفائدة في كيفية حساب زكاة تلك السنين ووجوب إخراجها الفتاوى التالية: 21769، 59464، 15523.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1430(11/13441)
لا يجوز تأخير الزكاة لإخراجها في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أكن أعمل ولكن كنت في برنامج دورات يقتضي أن لا أعمل في مكان حكومي، وفي شهر 4 أو5 تم إنزال أول راتب لـ 4 شهور، وهو راتب منحة لم يبلغ نصاب الزكاة، وبعد حوالي عام من ذلك بلغ المال عندي في المصرف حد النصاب: أي 4 من العام الآخر، وهوعبارة عن: مرتب المنحة ومرتب عمل الدولة، وأنا أسأل هل يمكنني أن أؤجل الزكاة حتى الـ 10 الأواخر من رمضان؟ بحيث يزيد الأجر، ويكون تاريخا ثابتا في كل عام للزكاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حال الحول على المال الذي بلغ نصابا، وهو في ملكك وجب عليك المبادرة بإخراج زكاته، ولم يجز لك تأخيرها، فإن تأخير الزكاة بعد وجوبها من غير عذر لا يجوز، وليس انتظار رمضان حتى تخرجها فيه عذرا يبيح التأخير، فإن الفقراء يحتاجون للمعونة في رمضان وغيره، ففي تأخيرك إخراج الزكاة إلى رمضان الذي يأتي بعد أن يحول حول النصاب إثم ومعصية لله تعالى، وليس في ذلك أجر كما تصورت، ويمكنك أن تعجل زكاة مالك إن أردت إخراجها في رمضان فتخرجها في رمضان الذي يكون قبل حولان الحول، فإن تعجيل الزكاة في الحول جائز في قول الجمهور.
وراجع الفتوى رقم: 43805، والفتوى رقم: 100503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1430(11/13442)
مسائل فيمن أخر إخراج الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لم أخرج الزكاة عن المحل التجاري الذي أملكه، وذلك طيلة أربع سنوات لجهل وتقصير مني، وأنا الآن أشعر بندم شديد لذلك وأريد أن أكفر عن ذنبي، ولقد قرأت في فتوى سابقة عن موضوع مشابه يطالب فيها من قصر في إخراج الزكاة بالرجوع إلى حسابات آخر كل سنة سابقة وإخراج الزكاة على أساس هذه الحسابات، لكني أجد نفسي عاجزة عن القيام بهذه الحسابات بحكم أني أحيانا أقوم بشراء بضاعة بدون فاتورة أو وصل حسب نوعية البضاعة، وأيضا لا أقوم دائما بتسجيل المداخيل والمصاريف طيلة السنة، فكيف لي أن أحسب قيمة الزكاة خلال السنوات الماضية؟ وهل يجوز لي دفعها بالتقسيط على مدى أشهر السنة إذا لم أقدر على إخراجها دفعة واحدة؟ وهل يشترط أن أخرجها في وقت معين؟ وإذا كان كذلك فمتى يجوز إخراج هذه الزكاة؟ وهل يجوز أن أدفع قيمة الزكاة عن المحل من مالي غير الذي أجنيه من المحل؟ أرجو منكم الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي من عليك بالتوبة وتداركك برحمته، فإن منع الزكاة من أكبر الذنوب وأعظم الموبقات، وحسبك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا أحميت يوم القيامة فجعلت صفائح من نار فكوي بها جنبه وجبينه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. أخرجه مسلم.
وتأخير الزكاة بعد وجوبها من غير عذر من المحرمات، وانظري الفتوى رقم: 121174.
ثم اعلمي أن الواجب عليك بعد إذ من الله عليك بالتوبة أن تحسبي ما لزمك من الزكاة التي تركت أداءها في الأعوام الماضية ثم تخرجين جميع ذلك، فإن الزكاة ومنها زكاة عروض التجارة لا تسقط بالتقادم بل هي دين في الذمة فلا تبرئين إلا بأداءها كما قال صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
فإن عجزت عن الوصول إلى اليقين في ذلك فاعملي بالتحري واجتهدي في مراجعة الحسابات ومحاولة تذكر ما لزمك، ثم أخرجي ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمتك، فإن هذا هو ما تقدرين عليه والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وانظري الفتوى رقم: 16744.
وأما إخراجك ما لزمك من الزكاة على أقساط فالأصل عدم جوازه، وأنه يجب عليك المبادرة بإخراج ما لزمك من الحق إلا إن كان لك عذر في التأخير كأن لم يكن عندك من المال ما تخرجين به الزكاة فتؤخرين إخراجها حتى يتيسر المال ثم تبادرين بإخراجها متى توفر لك المال، فحينئذ لا يحرم التأخير لأن هذا عذر، والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. {التغابن:16} وانظري الفتوى رقم: 20116.
وأما سؤالك عن الوقت الذي تخرجين فيه الزكاة فقد عرفت جوابه ممّا سبق، وأنه يلزمك المبادرة بأداء الحق لمستحقه عند القدرة عليه وليس لذلك وقت محدد، ولا يلزمك أن تخرجي زكاة عروض التجارة من نفس ربح المحل، ويجوز لك إخراجها من غيره من المال الذي تملكينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(11/13443)
لم يخرج الزكاة من عدة سنين قبل وفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو نصاب الزكاة لأبي فقد مات في نهاية شهر يناير2009، وقد قالت زوجة أبي إنه لم يدفع الزكاة منذ أن رجع من عمله بالخارج منذ تاريخ أغسطس 2003. وقد ترك إرثا مكونا من: وديعة بالبنك تقدر ب 140ألف جنيه كان يأخذ عائده كل 5أشهر ويصرفه عن آخره نظرا لمرضه الذي مات به وهو يعالج منه، وترك شقة تمليك له تقدر ب200ألف جنيه، وشقة مناصفة تقدر ب100ألف جنيه نصيبه منها ويؤجرها للغير ب750جنيه، وشقة مقدرة ب100ألف جنية يؤجرها للغير بمبلغ 500جنيه تقريبا، ومحل مقدر ب80 ألف جنيه على حد علمي يؤجره أيضا ب500جنيه، وأرض بمنطقة نائية لم يصل لها العمران حتى الآن لكنها مستقبلا يقال إنها سيكون لها ثمن. فما هي المدة التي يجب إخراج الزكاة عنها؟ وما هو النصاب لما ذكرته مما سبق ويجب إخراج الزكاة عليه وما ليس له نصاب منها؟
ولكم جزيل الشكر وأفادنا وأفادكم الله بعلمه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرحم أباك، ثم اعلم أن حساب الزكاة يكونُ بالحول الهجري لا الميلادي، وانظر الفتوى رقم: 10550.
وأما جواب سؤالك، فهو على النحو التالي:
أولا: المال الذي أودعه أبوك في البنك تجبُ فيه الزكاة بلا شك لأنه مال نامٍ بلغ النصاب، ومقدارها ربع عشر المبلغ عن كل سنةٍ هجرية لم يخرج أبوك الزكاة فيها، فإن الزكاة لا تسقط بالتقادم، وانظر الفتوى رقم: 20637.
ثانياً: ما تركه أبوك من شقق ودكان مما يُعد للقنية لا تجبُ فيه الزكاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس على الرجل في عبده ولا فرسه صدقة. متفق عليه.
وإنما تجبُ الزكاة في أجرة ما كان مؤجراً منها إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول، وانظر الفتويين رقم: 98100، ورقم: 111187.
ثالثاً: هذه الأرضُ إن كان أبوك قد اشتراها بنية التجارة فهي من عروض التجارة، تجبُ الزكاة في قيمتها على رأس كل حول ومقدارها ربع عشر قيمتها، ويلزمكم إخراج زكاة السنين التي لم يُخرج أبوكم زكاة هذه الأرض فيها، وأما إن كانت دخلت في ملكه لا بعقد معاوضة، وإنما ملكها بميراث أو نحو ذلك، فلا زكاة فيها، وكذا إن اشتراها لا بنية التجارة، وانظر الفتويين رقم: 113345، 118248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(11/13444)
حكم تعجيل الزكاة لأكثر من حول
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء من حضرتكم التكرم بتوضيح ماذا يجب على من يقوم بإخراج زكاة ماله لمدة خمس سنوات تقريبا. وهل يجوز إخراجها مثلا بذبح خروف أو ما شابه. ولكم جزيل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح لكن إذا كان المراد أن هذا الرجل أخر إخراج الزكاة هذه المدة فالواجب عليه التوبة النصوح إلى الله عز وجل والمبادرة بدفع الزكاة إلى مستحقيها فإن تأخير الزكاة بعد حولان الحول غير جائز لأنه حق الفقراء فلم يجز تأخيره عنهم، ولأن الله وقت لإخراجها وقتا وهو الحول فلم يجز تأخيرها عنه كالصلاة.
قال النووي رحمه الله: قد ذكرنا أن مذهبنا أنها إذا وجبت الزكاة وتمكن من إخراجها وجب الإخراج على الفور فإن أخرها أثم، وبه قال مالك وأحمد وجمهور العلماء نقله العبدري عن أكثرهم. ونقل أصحابنا عن أبي حنيفة أنها على التراخي وله التأخير، قال العبدري اختلف أصحاب أبي حنيفة فيها فقال الكرخي على الفور وقال أبو بكر الرازي على التراخي، دليلنا قوله تعالى: وآتوا الزكاة، والأمر عندهم على الفور. انتهى.
وأما إن كان المراد أنه يريد إخراج الزكاة عن خمس سنين مستقبلة فهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم وهي هل يجوز تعجيل الزكاة قبل الحول أو لا؟ ومذهب الجمهور الجواز لأن العباس استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته فأذن له، أخرجه أبو داود وغيره.
قال ابن قدامة رحمه الله: وجملته أنه متى وجد سبب وجوب الزكاة وهو النصاب الكامل جاز تقديم الزكاة وبهذا قال الحسن وسعيد بن جبير والزهري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحق وأبو عبيد، وحكي عن الحسن أنه لا يجوز وبه قال ربيعة ومالك وداود. انتهى.
هذا عن تعجيل الزكاة في الحول وأما عن تعجيلها لأكثر من حول ففيه روايتان عند الحنابلة، قال الموفق رحمه الله في المغني: إذا عجل الزكاة لأكثر من حول ففيه روايتان إحداهما: لا يجوز لأن النص لم يرد بتعجيلها لأكثر من حول. والثانية: يجوز وروي عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن يخرج الرجل زكاة ماله قبل حلها بثلاث سنين لأنه تعجيل لها بعد وجود النصاب أشبه تقديمها على الحول الواحد.
ورجح بعض أهل العلم جواز تعجيل الزكاة لحولين فقط لما رواه البيهقي وغيره من أن النبي صلى الله عليه وسلم تسلف من العباس زكاة سنتين، فيُقتصر على ما ورد به النص ومع هذا فترك التعجيل أولى خروجا من الخلاف، قال الشيخ العثيمين رحمه الله في الفتاوى: تعجيل الزكاة قبل حلولها لأكثر من سنة: الصحيح: أنه جائز لمدة سنتين فقط، ولا يجوز أكثر من ذلك، ومع هذا لا ينبغي أن يعجل الزكاة قبل حلول وقتها، اللهم إلا أن تطرأ حاجة كمسغبة شديدة (مجاعة) ، أو جهاد، أو ما أشبه ذلك، فحينئذ نقول: يُعجل؛ لأنه قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل، وإلا فالأفضل ألا يزكي إلا إذا حلت الزكاة؛ لأن الإنسان قد يعتري ماله ما يعتريه من تلف، أو غيره، وعلى كل حال ينبغي التنبه إلى أنه لو زاد عما هو عليه حين التعجيل: فإن هذه الزيادة يجب دفع زكاتها.
وأما إخراج الزكاة بذبح كبش أو نحوه فهو غير جائز لأن الزكاة يجب أن تخرج من جنس المال المزكى ولا تجزئ القيمة في الزكاة عند الجمهور، وقد بيّنا مذاهب العلماء في هذه المسألة في الفتوى رقم: 80337.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(11/13445)
جواز تعجيل الزكاة خلال الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى زوجي مبلغ يبلغ النصاب، سيحول عليه الحول بعد شهرين، وتم إخراج مبلغ 500 جنيه لأمي حيث كانت تحتاج لأمر شديد الضرورة، ولأخته حيث كانت مريضة، فهل تحسب من الزكاة،علما بأن مرتبنا لا يكفينا عشرة أيام، ونستكمل كل شهر من هذا المبلغ، علما بأن المبلغ هو عشرون ألفا نتيجة بيع (تاكسي) كنا نعيش من دخله مرتاحين، وتم البيع اضطراراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من ملك مالاً زكوياً يبلغ نصاباً وحال عليه الحول وجبت عليه زكاته، وإن كان مدخراً للنفقة أو غيرها. وانظري لذلك الفتوى رقم: 28517، والفتوى رقم: 14142.
وعليه، فزكاة هذا المال واجبة على زوجك ما دام قد بلغ نصاباً، فإن كان قد دفع المال المذكور لأمك أو لأخته بنية الزكاة، وكان من دفعه إليه من أهل الزكاة المستحقين لها أجزأ ذلك عنه، ولم يلزمه إعادة إخراجها، لأنه دفع الزكاة لمستحقها بالنية، وتعجيل الزكاة في أثناء الحول جائز عند الأكثر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد سبب الوجوب: فيجوز عند جمهور العلماء كأبي حنيفة والشافعي وأحمد فيجوز تعجيل زكاة الماشية والنقدين وعروض التجارة إذا ملك النصاب. انتهى.
وأما إذا كان قد دفع هذا المال إلى والدتك أو أخته بغير نية الزكاة، فإن ذلك لا يجزئ عنه، ويجب عليه إخراج زكاته إذا حال الحول الهجري، فإن إخراج الزكاة لا يجزئ إلا بالنية، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه. وانظري لذلك الفتوى رقم: 112862.. وأما هذا المال المدفوع فإنه صدقة يؤجر عليها ولا يضيع عليه ثوابها إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(11/13446)
حكم إخراج بعض الزكاة قبل حلول الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي بعض الودائع التي أدخلتها البنك قبل 3 شهور وأخرى قبل شهر مضى، إلا أنني أفضل أن أخرج زكاة أموالي خلال شهر رمضان مع زكاة الفطر، فهل يجوز أن أزكي عن هذا الودائع أخذاً بالاعتبار النسبة التي بلغتها من الحول فقط، أم أخرج الزكاة كاملة، أم يتحتم علي الانتظار حتى يبلغ الحول عليها، وهل يجوز لي الانتظار حتى رمضان القادم لإخراج الزكاة وفي هذه الحالة يكون قد مضى عليها حول كامل وبضعة شهور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب سؤالك يتبين بمعرفة أقوال أهل العلم في حكم تأخير الزكاة وحكم تعجيلها، فأما تأخير الزكاة عن الحول من غير عذر فغير جائز بلا شك، كما لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها ولا تأخير الصيام عن وقته، ولأنه حق للفقراء فلم يجز منعهم منه، ولا حرمانهم من الانتفاع به، ولأن الأمر بإيتاء الزكاة يقتضي وجوب الامتثال على الفور، وقد روي في الحديث: ما خالطت الصدقة مالاً إلا أفسدته. وهو وإن ضعفه الأئمة لكن معناه حسن وهو في باب الترغيب والترهيب، فيتساهل فيه، وقد قال الشيخ أحمد شاكر إسناده صحيح.
ورخص بعض أهل العلم في تأخير الزكاة مدة يسيرة كاليوم ونحوه لمصلحة راجحة.
وأما تعجيل الزكاة في الأموال التي يشترط لزكاتها الحول كالأثمان والعروض فأجازه الجمهور ومنعه مالك وأهل الظاهر، وحجة الجمهور ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم تسلف من العباس صدقة سنتين.. حسنه الألباني، ويشهدُ لحسنه ما في صحيح مسلم حين قيل إن العباس منع الزكاة فقال صلى الله عليه وسلم: هي علي ومثلها.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: ومما يرجح أن المراد ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لو أراد أن يتحمل ما عليه لأجل امتناعه لكفاه أن يتحمل مثلها من غير زيادة، وأيضاً الحمل على الامتناع فيه سوء ظن بالعباس. انتهى.
والراجح مذهب الجمهور لثبوت الحديث وورود ما يؤيده ولأن الحول كما يقول الخطابي إنما شرط رفقاً بالمكلف فإذا أسقطه سقط، لكن ينبغي أن يقيد التعجيل بالحولين فلا يزاد عليهما عملاً بظاهر السنة ... إذا علمت هذا فإخراجك الزكاة في هذا الشهر جائز على قول الجمهور، وإذا أخرجت بعضها جاز كذلك، وكان عليك الباقي عندما يحول الحول، فإذا زاد المال في أثناء الحول زيادة تابعة للأصل وجبت زكاة الزيادة عند حول الأصل، وإذا نقص المال عند حلول الحول فالزائد المخرج عند إخراج الزكاة صدقة، وانتظارك حتى يحول الحول أولى لأن فيه خروجاً من الخلاف، ولأن الفقراء يحتاجون إلى المال طيلة العام وإخراجها في رمضان من كل عام يفوت هذه المصلحة، ولا ارتباط شرعاً بين زكاة المال وزكاة الفطر ولا بين زكاة المال ورمضان، وأما تأخير الزكاة حتى يأتي رمضان الآخر فيكون قد مضى عليها بعد الحول بضعة أشهر فغير جائز قطعاً، وقد بينا دليل ذلك في أول الجواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(11/13447)
تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد سبب الوجوب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بجوز لي أن أخرج زكاة مالي كلها أو بعضها خلال العام الذي لم ينته بعد أي مسبقاَ حيث أنشأت صندوقا خيريا باسم والدتي رحمها الله أضع فيه صدقاتي كلها وما أجده من صدقات غيري وأصرفه على المساكين والفقراء ومن جاء ذكرهم في آية الزكاة؛ كصدقة جارية لوالدتي رحمها الله، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على عملك الخيري وإنشاء صندوق خيري باسم والدتك رحمها الله تعالى، فهذا من برها فعملك عمل خير وبر، أما الجواب فيجوز لك عند جمهور أهل العلم أن تخرج زكاة مالك كلها أو بعضها خلال العام الذي لم ينته بعد -أي مستقبلاً-، والدليل هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم تعجل الزكاة من عمه العباس رضي الله عنه، رواه أبو داود 2/115، وابن ماجه 1/572، والترمذي 3/63، وأحمد 1/104. وحسنه الألباني في تعليقه على أبي داود، وأصل الحديث في الصحيحين البخاري 1468، ومسلم 983.
قال ابن قدامة: مسألة: قال (ويجوز تقدمة الزكاة) وجملته أنه متى وجد سبب وجوب الزكاة وهو النصاب الكامل جاز تقديم الزكاة، وبهذا قال الحسن وسعيد بن جبير والزهري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق وأبو عبيد. المغني 2/260.
وقال ابن تيمية: وأما تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد سبب الوجوب فيجوز عند جمهور العلماء كأبي حنيفة والشافعي وأحمد. مجموع الفتاوى 25/85.. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 6497.
وفيما يخص الجزئية الثانية من سؤالك فإن من شروط صحة الزكاة أن تملك لمستحقها من الأصناف الثمانية الوارد ذكرهم في الآية المتعلقة بمصارف الزكاة، وأن تخرج بنية الزكاة، وبالتالي فلا يصح أن تجعل صدقة جارية عن الوالدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1429(11/13448)
كيفية حساب الحول لمن أخر الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في شهر 6 من سنة 2006 كان لدي مبلغ قد بلغ نصاب الزكاة وقد حال عليه الحول غير أني أجلت إخراج زكاته إلى شهر 12 من سنة 2006، اليوم لدي مبلغ قد بلغ النصاب فهل أعتبر بداية الحول من شهر 6 وهو تاريخ وجوب الزكاة أم من شهر12 وهو تاريخ إخراجها (أي هل تجب علي زكاة عن المبلغ المجموع بين شهري 6 و 12 من سنة 2007) ؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تأخير الزكاة عن وقت وجوبها لا يجوز إلا لعذر مثل: غياب المال أو نحوه، وبشرط أن يكون التأخير يسيراً، وبهذا تعلم أن تأخيرك لزكاتك كل هذه المدة لا يجوز، والواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل وعدم العود لمثل هذا.
وأما عن حكم المبلغ المتوفر لديك الآن والبالغ نصاباً فينظر فيه.. فإذا كان هذا المبلغ نماء للمال الأول فحوله حول أصله، أما إذا لم يكن نماء من الأول فيستقبل به المالك حولاً جديداً، بمعنى يبدأ حوله من يوم استفادته ولم لو لم يبلغ نصاباً بنفسه بل بما انضم إليه مما هو ملك له من نقود أو عروض تجارة ولو كانت مما أخرج زكاته من قبل، وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن كل مال مستفاد هو حول جنسه السابق له نماء كان أو غير نماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(11/13449)
تخرج الزكاة عن الميت الذي لم يؤدها قبل قسمة التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[مات أبي رحمه الله وغفر له ولم يخرج زكاة مال (لسنتين) كنا نحن أبناؤه قد جمعناه له ليشتري بيتا يسكن فيه والأسرة فهل إذا أخرجنا نحن عنه الزكاة من نفس المال نريحه؟ فهو لا زال محفوظا للغرض نفسه، فهذا أمر يؤرقني. أرجو الجواب عليه قريبا إن شاء الله وزادكم الله علما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن هذا المال ملك للأب، وعلى ذلك فيجب عليكم أن تخرجوا زكاة هذا المال عن السنتين اللتين لم تخرج فيهما زكاته، ويكون ذلك قبل قسمه؛ لأن إخراج الزكاة الواجبة على الميت في حياته يكون قبل تقسيم تركته على ورثته، وإذا فعلتم ذلك فقد أديتم الواجب عليكم وعلى الوالد المتوفى، ونرجو أن يسقط عنه إثم التأخير، ويحصل له أجر ذلك إن شاء الله تعالى إن كان ينوي إخراج الزكاة وحبسه عن ذلك عذر حتى مات. مع التنبيه على أنه لا يجوز تأخير الزكاة عن وقت وجوبها من غير عذر. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 69693، 95914، 100503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1428(11/13450)
حالات جواز تأخير الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[استحقت زكاة الأموال علي من بداية شهر رمضان الكريم، سأقوم بدفعها على دفعتين, فهل يجوز ذلك؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
بعد وجوب الزكاة لا يجوز إخراجها بالتقسيط ولا تأخيرها إلا لمصلحة تقتضي ذلك كانتظار دفعها لقريب فقير، أو كان المال غائباً، أو لم يجد المزكي مصرفاً للزكاة في بلده.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حان وقت وجوب الزكاة عليك فأخرجها فوراً، ولا يجوز لك إخراجها على دفعتين إلا إذا كان التأخير لمصلحة كانتظار دفعها لقريب فقير، أو كان المال غائباً، أو لم تجد مصرفاً للزكاة في بلدك. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 20324، والفتوى رقم: 20116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(11/13451)
حكم من أخرج مبلغا من المال ثم بدا له أن يحتسبه من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنني أدفع مبلغا محددا شهرياً لصندوق أيتام، فهل يجوز لي (كما قيل لي من القائمين على هذا الصندوق) احتساب مجموع المبلغ عند اكتمال الحول من قيمة الزكاة التي تجب علي مثلا لو كان المبلغ المدفوع خلال السنة 300 دينار وعند احتساب الزكاة وجب علي 500 دينار، فهل أستطيع أن أخرج 200 دينار وهو الفرق بين المبلغين، وهل للنية علاقة في ذلك؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من دفعك المبلغ المذكور لصالح كفالة الأيتام محتسباً إياه من الزكاة قبل حلول الحول بناء على مذهب جمهور أهل العلم من جواز تعجيل الزكاة قبل حلول الحول، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6806، والفتوى رقم: 28590.
لكن إذا أخرجت المبلغ من غير نية الزكاة ثم أردت احتسابه بعد ذلك زكاة فلا يجزئك لأن نية الزكاة لا بد أن تكون عند إخراجها، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 32900، وتراجع الفتوى رقم: 28947.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1428(11/13452)
تعجيل الزكاة لإعطائها لشخص عليه دين
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابن أخت يعمل في تجارة إطارات السيارات ويتعامل بالدين سواء مع البيع أو الشراء ولكن حصل له أن الدين الذي عليه أصبح يتزايد نتيجة عدم تمكنه من تجميع الدين الذي له وأصبح مهددا بالحبس نتيجة منحه صكوكا بالآجل للشركة التي يشتري منها البضاعة.
السؤال هو:
1- هل نستطيع أن نعطيه الزكاة المقدمة أي قبل حلول وقتها بعدة شهور.
2- هل يعتبر من الغارمين.
3- ماذا عن الديون التي له بعد جمعها باعتبار أنه ليس كل ديونه ميؤسا منها؟
أفيدونا جزاكم الله عنا كل خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن مصارف الزكاة الثمانية مصرف الغارمين أي المدينين، كما قال تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة: 60} ومن كان عليه دين استدانه لمصلحته الخاصة ولا يجد له وفاء فإنه غارم يجوز إعطاؤه من الزكاة.
وعليه إذا كان ابن أختك يستطيع أن يحصل ما له من ديون ويسدد بها دينه فلا يجوز إعطاؤه من الزكاة لأنه ليس بغارم، أما إذا كان لا يستطيع تحصيلها أو لا يستطيع تحصيل بعضها فإنه يقوم بسداد ما يمكنه ويعطى من الزكاة القدر الذي يمكنه من سداد دينه فلا بأس بتعجيل الزكاة قبل موعدها لذلك، وراجع للتفصيل الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27380، 9874، 32530.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(11/13453)
من أخرج مبلغا ناويا الزكاة ثم تبين أنه لا يلزمه إخراجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أضع أموالي شهادات استثمار (فئة أ) في البنك الأهلي المصري، ثم عرفت أن هذا ربا وقررت سحب هذه الأموال من البنك الأهلي والتخلص من الفوائد في أوجه الخير، وأن أضع رأس المال في بنك فيصل الإسلامي، ولكن الذي أريد أن أسأل عنه هو أني طوال العشر سنوات الماضية، كنت أدفع زكاة المال من راتبي (الذي هو حلال) على قيمة هذه الشهادات الكلية بما فيها الفائدة، وعرفت الآن أنه لا زكاة على الفائدة الربوية وإنما تجب فقط على رأس المال، والسؤال الآن هو: ما حكم الجزء الذي تم دفعه من الزكاة على هذه الفوائد الربوية طوال العشر سنوات الماضية، وهل يجوز لي عند التخلص من الفوائد أن أجنب منها ما يعادل هذا المبلغ النقدي وأضمه إلى رأس المال الذي سأحتفظ به (بدلا عن الجزء الذي كنت أدفعه زكاة عن الفائدة الربوية) ، باعتبار أنني كنت أدفعه من راتبي الحلال وأنه لم تكن هناك زكاة واجبة على هذه الفوائد، أرجو الإفادة بأسرع ما يمكن؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي كان يلزمك في المسألة المعروضة هو إخراج الزكاة عن أصل مال الوديعة، أما الفائدة الربوية فهي مال خبيث لا يُملك وبالتالي لا يزكى، وإنما يتخلص منه جميعاً بصرفه في مصالح المسلمين العامة.
وعلى كل حال فبما أنك أخرجت من مالك مبلغاً ناوياً الزكاة ثم تبين أنه لا يلزمك إخراجه، فيحق لك أن تحسب ذلك من زكاة مالك في السنة القادمة إلا أن تتبرع، بمعنى أنه عند إخراجك لزكاة مالك في العام القادم تحسب ما أنفقته خطأ من جملة الزكاة الواجبة عليك، وهذا السياق يقول العلماء: إن الساعي (المحصل للزكاة) لو أخذ فوق الواجب اعتد بالزيادة من سنة ثانية، ولو أنه أخذ دون ما يعتقد المالك وجوبه لزم المالك إخراج الباقي فيما بينه وبين الله.. ذكر ذلك ابن مفلح في الفروع، أما الفائدة فكلها مال حرام يجب صرفها على الفقراء والمساكين والأيتام ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1426(11/13454)
أحكام تعجيل الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل وأدخر من راتبي شهريا، ولا أعرف كيف أحسب الزكاة على مالي المدخر، فقررت أن أخرج مبلغاً شهرياً لمكان محدد، يخصم تلقائيا من مالي المدخر كل شهر، وأنا إذا حسبت مقدار الزكاة المفروض على كل مدخراتي لمدة عام سوف يتخطى المبلغ الذي أدفعة شهريا هذا المقدار، فهل يحسب هذا زكاة على مالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط وجوب الزكاة كمال النصاب وحولان الحول بالتاريخ الهجري، فلا يجزئ إخراج الزكاة قبل ملك النصاب، قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب بغير خلاف علمناه. انتهى.
وعليه.. فإذا كان المدخر من راتبك أقل من النصاب فلا تجب فيه الزكاة، وكذلك إذا كان نصابا فلا تجب فيه الزكاة إلا بعد تمام الحول بعد اكتمال النصاب، لكن إذا أردت تعجيل إخراج الزكاة قبل تمام الحول وبعد تمام النصاب عن طريق اقتطاع مبلغ معين منه يدفع لمصارف الزكاة مع نية الزكاة عند الإخراج فهذا جائز على مذهب جمهور أهل العلم، وقد سبق التفصيل في الفتوى رقم: 6806.
لكن بعد تمام الحول تضبطين ما أخرجته من زكاة معجلة، فإن كان مساويا للقدر الواجب فالأمر واضح، وإن كان أقل من الواجب فأخرجي ما يكمل الواجب، وراجعي الفتوى رقم: 14605.
وأما بعد تمام الحول فلا يجزئ إخراج الزكاة على شكل أقساط شهرية ولا تأخيرها إلا لمصلحة معتبرة شرعاً، كما تقدم في الفتوى رقم: 20324.
وطريقة زكاة الراتب المدخر تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 3922.
ونصاب الزكاة من الأوراق النقدية الحالية إضافة إلى القدر الواجب إخراجه تقدم بيانها في الفتوى رقم: 2055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1426(11/13455)
تأخير الزكاة لإخراجها في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[في أول عام مضى منذ حصولي على مالي الخاص البالغ للنصاب قمت بتأخير إخراج الزكاة لمدة شهرين تقريباً لكي أخرجها في شهر رمضان وقد أفتيتم في الفتوى رقم 25486 بحرمة ذلك. ماذا يجب علي الآن مع العلم بأنني أخرج الزكاة في شهر رمضان منذ ذلك الحين (3 سنوات) وأرغب أن أستمر في إخراج الزكاة في شهر رمضان وذلك لفضيلة الشهر وخشية أن أنسى إخراج الزكاة في أي من الشهور الأخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز تأخير الزكاة بعد وجوبها وهو وقت تمام الحول بعد تملك المال إلا لعذر، والتأخير إلى رمضان ليس من الأعذار المبيحة لتأخير الزكاة عن وقتها، والذي يجب على السائل هو أن يتوب إلى الله تعالى ويزكي ماله عند حلول الحول. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 12152.
واعلم أن إخراج الزكاة عند الحول أمر واجب وهو الذي يرضاه الله تعالى ويحبه، فلا يجوز تأخير الزكاة لإخراجها في رمضان لإدراك فضيلة الزمان، بل فعل ذلك سبب لغضب الله وسخطه، نسأل الله العافية.
ومسألة النسيان غير واردة، وعلى أنها محتملة فلا تجيز تأخير الزكاة عن الحول، ويمكن أن يوصي إخوانه أو بعضهم على تنبيهه على إخراج الزكاة عند تمام الحول أول رجب مثلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1426(11/13456)
كيف تعرف قدر المال الزكوي عن السنين السابقة
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص الفتوى رقم 57827 التي تفضلتم بالرد عليها قريباً والفتوى رقم 43805 التي أرسلتها من سنة ولم أر ردها إلا في الرد على الفتوى الجديدة المبلغ المتبقي الآن 3500 في البنك الإسلامي ومبلغ 1700 جنيه أعطيته لأحد الأشخاص سلفة وسآخذه منه قريباً أي إجمالي المبلغ يساوي 5200 جنيه وهذا المبلغ لا يتجاوز النصاب وبخصوص أن أدفع الزكاة عن الأعوام السابقه فأحب أن أوضح أننا كنا نأخذ من المال خلال العام ولكنه لم يكن فعلا يقل عن النصاب بل كان في كل الحالات يزيد فكيف أدفع عن كل سنة؟ كيف أحسب زكاة كل سنة؟ وهل يمكنني أن أقسط هذا المبلغ عن السنين السابقه فأنا لا أملك حتى أدفع كل الزكاة عن المبلغ دفعة واحدة يعني كل ما ربنا يرزقني أدفع جزءا وتفضلت يا شيخنا وقلت إنني ليس علي وزر إن أخرت الدفع ولكن هل هذا يعتبر دينا علي؟ أنا آسف لإزعاجكم ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من فرج على مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلمعرفة ما يجب عليك إخراجه من زكاة لمالك عن الأعوام السابقة، يمكنك الرجوع إلى البنك الذي كانت والدتك تتعامل معه، وتطلب كشف حساب السنين الماضية، ومنه تعلم قدر المال الزكوي في كل عام، فما تيسر إخراجه الآن مما وجب عليك إخراجه في الماضي فلا يجوز لك تأخيره أو تقسيطه، فإذا نفد ما عندك من مال، ولم تستطع إخراجه الآن وجب عليك إخراجه وقتما تيسر، والله تعالى يخلف عليك خيراً مما أخرجت، وما سعد أحد بعد توحيد الله تعالى سعادته بطاعة ربه، كما قال عز وجل: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل: 97} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(11/13457)
إذا بيع البيت المؤجر فكيف يزكى ثمنه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لدي منزل يدخل علي إيجاراً وكنت أزكي من دخله سنوياً.... بعت هذا المنزل منذ ستة أشهر، وقيمته محفوظة في بنك إسلامي والحمد لله، هل على هذا المال زكاة الآن، وهل يمكن أن أخرج زكاة نصف السنة في شهر رمضان، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ثمن المنزل الذي كنت تتخذه للإيجار سابقاً يبدأ حوله من يوم تملكه أي تملك ثمن البيت ولا يبنى حوله على حول غلته السابقة وعليه فلتزكه إذا حال عليه الحول من يوم بيع المنزل، ولا يجب عليك إخراج الزكاة قبل حلول حول المال، ولجواز تقديم زكاة المال قبل الحول راجع الفتوى رقم: 6497، ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 16627.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(11/13458)
الزكاة دين في ذمة من لم يخرجها
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتغلت من قبل لمدة حوالي 10 سنوات حتى أصبح رصيدي حوالي 10000 دينار ومنذ سنة تزوجت وأنفقت جميع أموالي في تجهيزي وحفلة العرس. سؤالي هو أنني لم أخرج الزكاة في تلك الفترة ما الذي يجب أن أفعله مع العلم أنني لا أشتغل الآن؟ وهل أخرجها لو رجعت إلى الشغل من الراتب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت الزكاة قد وجبت عليك مع القدرة على إخراجها فإنها باقية في ذمتك تخرجينها متى قدرت على ذلك، ففي التاج والإكليل نقلا عن المدونة: لو حال الحول ففرط في إخراج زكاته حتى ضاع ضمن الزكاة. انتهى. وقال الإمام النووي في المجموع: وإن تلف المال بعد الحول وقبل التمكن فلا إثم ولا ضمان عليه بلا خلاف وإن أتلفه المالك لزمه الضمان. إلى أن قال: قال أبو عاصم العبادي في كتابه الزيادات: لو استقرت عليه زكاة ثم مرض ولا مال فينبغي أن ينوي أنه يؤدي الزكاة إن قدر ولا يقترض، وقال شاذان بن إبراهيم: يقترض لأن دين الله أحق بالقضاء قال: فإن اقترض ودفع الزكاة ونوى الوفاء إذا تمكن فهو معذور بالا تفاق. انتهى. وعليه فإذا حصل بيدك مال فالواجب عليك إخراج ما وجب عليك من زكاة، وطريقة معرفة الواجب عليك أن تعرفي قدر المبلغ المرصود عندك في كل سنة على حدة فإن كان نصابا فأخرجي القدر الواجب، وعليك الاحتياط في ذلك حتى يغلب على ظنك براءة الذمة، والنصاب الذي تجب فيه الزكاة من الأوراق النقدية الحالية هو ما يساوي عشرين مثقالا من الذهب وهو ما يقدر بالوزن الحالي بخمسة وثمانين غراما تقريبا. والقدر الواجب إخراجه هو ربع العشر: 2.5. وراجعي الفتوى رقم: 2055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(11/13459)
كيف يحتسب الزكاة من لم يخرجها منذ فترة طويلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لم أخرج الزكاة منذ سنة 1998 نظرا لجهلي بذلك، فكيف يمكنني إخراج الزكاة عن كل سنة -هل يمكنني اقتطاع مثلا مبلغ زكاة 1999 من المبلغ المحدد في سنة 2000؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المال بلغ نصابا وحال عليه الحول، فالزكاة فيه واجبة، وعليه يجب على الأخت السائلة أن تخرج الزكاة عن السنوات السابقة، وتلام على تأخيرها الزكاة وعدم إخراجها لكل هذه السنوات وعلى تقصيرها في تعلم أحكام دينها وخاصة أن الأمر يتعلق بركن من أركان الإسلام وهو الزكاة.
وأما كيف تخرجين الزكاة عن هذا المبلغ، فعليك أولاً أن تعرفي قدر قيمة 85 جراماً من الذهب للسنة الأولى، فإن كان ما لديك يعادل هذه القيمة، أو يزيد فتخرجين مما لديك مقدار 2.5 والعام الثاني مثل ذلك تنظرين قيمة الذهب حيث إن قيمته تتغير من عام إلى عام، فتخرجين مما لديك مقدار 2.5 وهكذا بالنسبة للأعوام الباقية.
والمبلغ الذي وجب إخراجه زكاة لعام 1999 -مثلاً- يخصم من المال، فإن بقي المال بعد الخصم بالغا النصاب فيزكى بالطريقة السابقة وهكذا في الأعوام التالية، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 21769.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(11/13460)
يجوز تقديم الزكاة لسنتين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بالسعودية براتب شهري وأدفع منه 2.5% شهريا لمستحقي الزكاة في مصر مقدما أي عن السنة الهجرية من رمضان 1424 حتى رمضان 1425 فهل هذا صحيح مع العلم أني دفعت الزكاه عن العام الماضي في رمضان1423.وهل إرسالها إلى مصر وليس في السعوديه يعتبر خطأ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أنه يجوز تقديم الزكاة لسنتين قبل بشرط أن يكون المال قد بلغ نصاباً، وقد فصلنا هذا ضمن الفتوى رقم: 51830.
ويجوز نقل الزكاة من البلد الذي وجبت فيه إلى بلد آخر للمصلحة، كما فصلناه في الفتوى رقم: 12533.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1425(11/13461)
هل تصح الوصية بإخراج الزكاة بعد الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن لأحد لم يدفع سنوات ماضية من الزكاة، ولكنه قاربته المنية أوصى في وصيته الورثة بإخراج الزكاة من الميراث بعد موته، هل يصح ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على من لم يدفع زكاة ماله أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، وأن يخرج ما استقر في ذمته من الزكاة فيما مضى قبل أن يأتيه الموت، وخاصة إذا كان مصاباً بمرض مخوف، لأن الزكاة ركن من أركان الإسلام، وعدم إخراجها من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب، وإذا لم يتمكن من ذلك فعليه أن يجعل ذلك في أول وصية يوصي بها، وإذا لم يوص بها فإن على ورثته إخراجها من رأس ماله، لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:.... فدين الله أحق أن يقضى.
ولمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 42049.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(11/13462)
حكم تعجيل الزكاة لمدة ثمان سنوات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج 20% من زكاة 8 سنوات لابن أخي لمساعدته في الزواج دون إخباره أنه من الزكاة وأنه لمساعدته أم لا، أرجو سرعة الرد على البريد الإلكتروني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في أن تعطي ابن أخيك من زكاة مالك، إذا كان محتاجاً لأجل الزواج بل صرف الزكاة له أفضل لأنه من القرابة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم صدقة وصلة. رواه الترمذي والنسائي وأحمد، ولا يشترط علمه بأنها زكاة أو غير زكاة وإنما عليك أن تنوي بها عند دفعها له أنها زكاة.
ويكون إعطاؤه منها بقدر الحاجة، وليس من الحاجة الإسراف في تجهيزات العرس، والمبالغة في الكماليات فليتنبه لذلك، وأما قولك من زكاة ثمان سنوات؟ فإن كنت تقصد أن تعطيه كل سنة نصيباً منها فلا شيء في ذلك وإن كنت تقصد تعجيل زكاة ثمان سنوات فهذا محل خلاف بين أهل العلم على أقوال.
الأول: ما ذهب إليه الحنفية وهو جواز تعجيل الزكاة لأكثر من عامين، قال السرخسي في المبسوط: تعجيل الزكاة عن المال الكامل الموجود في ملكه من سائمة أو غيرها جائز عن سنة أو سنتين أو أكثر. انتهى.
الثاني: ما ذهب إليه المالكية حيث منعوا التقديم واستثنوا اليسير، ثم اختلفوا في تقدير هذا اليسير، فقيل يوم أو يومان، وقيل عشرة، وقيل شهران.
الثالث: مذهب الشافعية وهو جواز التعجيل لعام واحد، قال الإمام النووي رحمه الله في المنهاج: ولا تعجل لعامين في الأصح. انتهى.
الرابع: مذهب الحنابلة، وهو جواز التعجيل لسنتين، قال المرداوي رحمه الله تعالى: يجوز تعجيلها لحولين فقط، وهو الصحيح من المذهب. وهو وجه صحيح عند الشافعية.
والراجح هو جواز تعجيل الزكاة، وينبغي أن لا تزيد المدة على سنتين، وراجع الفتوى رقم: 28590.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1425(11/13463)
حكم دفع الزكاة على هيئة رواتب شهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مبلغ من المال حوالي 100000.00 جنيه قيمة زكاة المال لهذا المبلغ 2500.00 يتم توزيع هذه القيمة كأنها رواتب شهرية لبعض الناس أو مثلا أنا أعطي 100 جنيه كل شهر إلى شخصين وآخر السنة يتم حساب الزكاة وحساب المبلغ المدفوع ويتم دفع الفرق آخر العام هل هذا جائز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت توزع هذا المال على هيئة رواتب شهرية أثناء الحول، فلا شيء عليك، لأن هذا يعتبر تعجيلا للزكاة وهو جائز، ولكن لا بد من مراعاة كلام أهل العلم فيما يتعلق بمسألة التعجيل، وقد فصله ابن ق دامة في "المغني" فقال: (ومن قدم زكاة ماله , فأعطاها لمستحقها , فمات المُعْطَى قبل الحول , أو بلغ الحول وهو غني منها , أو من غيرها , أجزأت عنه) . وجملة ذلك أنه إذا دفع الزكاة المعجلة إلى مستحقها , لم يخل من أربعة أقسام: أحدها , أن لا يتغير الحال , فإن المدفوع يقع موقعه , ويجزئ عن المزكي , ولا يلزمه بدله , ولا له استرجاعه , كما لو دفعها بعد وجوبها. الثاني: أن يتغير حال الآخذ لها , بأن يموت قبل الحول , أو يستغني , أو يرتد قبل الحول. فهذا في حكم القسم الذي قبله , وبهذا قال أبو حنيفة. وقال الشافعي لا يجزئ ; لأن ما كان شرطا للزكاة إذا عدم قبل الحول لم يجز , كما لو تلف المال , أو مات ربه. ولنا , أنه أدى الزكاة إلى مستحقها , فلم يمنع الإجزاء تغير حاله , كما لو استغنى بها , ولأنه حق أداه إلى مستحقه , فبرئ منه , كالدين يعجله قبل أجله , وما ذكروه منتقض بما إذا استغنى بها , والحكم في الأصل ممنوع , ثم الفرق بينهما ظاهر , فإن المال إذا تلف تبين عدم الوجوب ; فأشبه ما لو أدى إلى غريمه دراهم يظنها عليه , فتبين أنها ليست عليه , وكما لو أدى الضامن الدين , فبان أن المضمون عنه قد قضاه , وفي مسألتنا الحق واجب , وقد أخذه مستحقه. القسم الثالث , أن يتغير حال رب المال قبل الحول بموته أو ردته , أو تلف النصاب , أو نقصه , أو بيعه , فقال أبو بكر: لا يرجع بها على الفقير , سواء أعلمه أنها زكاة معجلة أو لم يعلمه. وقال القاضي: وهو المذهب عندي ; لأنها وصلت إلى الفقير فلم يكن له ارتجاعها , كما لو لم يعلمه , ولأنها زكاة دفعت إلى مستحقها , فلم يجز استرجاعها , كما لو تغير حال الفقير وحده. قال أبو عبد الله بن حامد: إن كان الدافع لها الساعي , استرجعها بكل حال , وإن كان الدافع رب المال , وأعلمه أنها زكاة معجلة , رجع بها , وإن أطلق لم يرجع بها. وهذا مذهب الشافعي ; لأنه مال دفعه عما يستحقه القابض في الثاني ; فإذا طرأ ما يمنع الاستحقاق , وجب رده , كالأجرة إذا انهدمت الدار قبل السكنى , أما إذا لم يعلمه فيحتمل أن يكون تطوعا ويحتمل أن يكون هبة , فلم يقبل قوله في الرجوع ... ) وأما إذا كنت توزع الزكاة بعد نهاية الحول، فهذا لا يجوز إلا لمصلحة معتبرة، لأن الزكاة حق للفقراء، لا بد من دفعها لهم حين وجوبها، ولمزيد الفائدة، تراجع الفتوى رقم: 14605.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1425(11/13464)
كيفية حساب زكاة أموال لم تؤد زكاتها من سنوات ولا يعرف مقدارها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي عن زكاة المال لم تدفع من أكثر من عشرين عاماً:
أبي له إخوة أربعة، اشتغلوا في التجارة منذ أكثر من عقدين، لقد كان أبي أكبرهم سنا وكان هو المسؤول عن التجارة وبقية أعمامي يساهمون في هذه التجارة ببعض المال وقليل من الجهد، حيث كان أعمامي يعملون أعمالاً حكومية أخرى، توفي أحد الأعمام إثر حادث سيارة ودفع التأمين قسطا من المال ووضع المال عند الوالد, وتوقف الآخر عن العمل في إسرائيل واستلم مدخراته وأعطاها للوالد، سؤالي الآن: هذه الأموال كلها لم تزك أبدا ولا يمكن معرفة الأموال التي كان يجب أن تزكى كل عام، سؤالي الآن كيف يزكى هذا المال؟!
هل لكم رأي في تقسيم الرصيد المتبقي بين الإخوة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على والدك وأعمامك إخراج زكاة مالهم لكل السنوات الماضية إذا بلغ نصيب كل واحد نصاباً بنفسه أو بما معه من نقود أو ذهب أو فضة أو عروض تجارة، وحال عليه الحول، فإن كان لا يستطيع تحديده في كل سنة فليجتهد وليتحر ما يغلب على ظنه أنه لزمه من الزكاة، وبذلك تبرأ ذمته لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وهذا هو وسعه. هذا من جهة الزكاة، أما من جهة تقسيم المال، فإن على والدك أن يسلم مال أخيه المتوفى إلى ورثته ولا يجوز له حبسه عنهم لأنه حقهم، كما أن عليه أيضاً أن يرد مال إخوانه الآخرين إليهم إذا طلبوه حسب المتفق عليه بينه وبينهم.
وأخيراً ننبه إلى أن المال الذي دفعه التأمين إلى عمك المتوفى يحتاج منكم أن تنظروا كم المال الذي دفعه للتأمين، وكم المال الذي صرفه له التأمين، فإن كان مساوياً للذي دفعه أو أقل فلا حرج في ذلك، وإن كان أكثر فإنه يجب رد الزائد للتأمين لأنه يؤخذ -كما هو المعروف- مقابل عقد يتم بين التأمين والمؤمِّن وهذا العقد فيه جهالة ولا يجوز، فالمال المأخوذ به حرام لا يجوز الانتفاع به، فإن لم يقبله التأمين صرف في المصالح العامة. وكلامنا السابق في التأمين غير التعاوني، أما إذا كان التأمين تعاونياً فلا حرج في أخذ المال كله، وراجع الفتوى رقم: 8308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1425(11/13465)
لا تبرأ الذمة إلا بإخراج الزكاة عن كل السنوات السابقة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حضرة المفتي الفاضل سؤال يتعلق بالزكاة, هو إذا كانت امرأة تملك مالا في البنك وكانت تربي أولادها الأيتام من هذا المال ولم تخرج الزكاة عن مالها لسنوات طويلة (18 سنة) وذلك لاعتقادها أن إنفاق مالها على الأيتام بمثابة إخراج للزكاة, هل كان هذا صحيحا من ناحية شرعية أم لا؟ علما بأن جد وأعمام الأولاد كانوا على قيد العلاج ولم يتكفلوا بالصرف على الأولاد, وإذا لم يكن صحيحا فهل يجب عليها إخراج الزكاة بأثر رجعي عن كل السنوات الثمانية عشر السابقة وهذا سوف يأتي على جزء كبير من المال قد يصل إلى أكثر من نصف المال والتي لا تزال بحاجة له لمساعدة أولادها فهم لا يزالون في بداية طريقهم, أم ماذا عليها أن تفعل لتبرأ ذمتها أمام الله تعالى؟ فلقد تضاربت الأقوال حول هذا الموضوع وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب جمهور العلماء أن الزكاة حق في المال بغض النظر عن مالكه، سواء كان صبيا أو مجنونا أو غير ذلك، فإذا كان المال بالغا نصابا وحال عليه الحول، فالزكاة فيه واجبة، وعليه، فتلزم الأخت السائلة التوبة من تأخير الزكاة وعدم إخراجها لكل هذه السنوات، ويجب عليها الآن أن تخرج الزكاة عن كل السنوات السابقة ولو أدى ذلك إلى ذهاب أكثر من نصف المبلغ، لأن ذلك حق الله، وينبغي لها أن تستثمر أموال الأيتام حتى لا تأكلها الزكاة، ولكن لا يجوز استثمارها في بنوك الربا.
وكون جد الأيتام وأعمامهم أحياء ولا ينفقون عليهم، لا يبرر عدم إخراج الزكاة على أنه لا يجب على ولي اليتيم الإنفاق عليه إذا كان لدى اليتيم من المال ما يكفي للنفقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/13466)
لا يجوز تأخير الزكاة لتدفع على أقساط
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والدي متوفى وقد ترك لي مبلغا من المال يساعدني على الدراسة والزواج وأنا الآن عمري 20 سنة، والمبلغ موجود ببنك فيصل الإسلامي ويتعامل طبقا للشريعة الإسلامية بدون تحديد نسبة الفوائد والمبلغ ليس كبيراً ولكن قد يساعد ولو قليلا في زواجي وإكمال دراستي الجامعية، وأنا وأمي نأكل من الفوائد التي نأخذها كل 3 شهور، فهل على هذا المبلغ زكاة؟ وكم قيمة الزكاة؟ وهل يمكن دفعها على أقساط؟ لأني لو أخذت من أصل المبلغ سينقص المبلغ بين فترة وأخرى نقصا كبيرا؟ أنا أفكر بأنه لو كانت على هذا المال زكاة وبعد حساب قيمته أن أقسمه وأخذه من الفوائد يعني أدفع الزكاة على 4 مرات بالسنة (الفوائد كل 3 شهور) ؟ أسألكم بالله الإجابة على سؤالي لأن الأمر هام جدا وخطير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا المال- صغيراً كان أو كبيراً- إذا بلغ نصاباً وهو ما يساوي قيمة 85 جرام ذهباً وحال عليه الحول من يوم تملكه فإن الزكاة واجبة فيه، أصلاً وربحاً فتخرج 2.5 من رأس المال والأرباح، كل سنة قمرية، ولا يجوز تأخير الزكاة لتدفعها على أقساط، وراجع في هذا الفتوى رقم: 20116.
أما إن أردت تعجيل الزكاة قبل تمام الحول فلا مانع ولك أن تدفعها في هذه الحالة مقسطة، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 14605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/13467)
لا تسقط الزكاة بالتقادم
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل كان يملك مالاًًً ولم يدفع عنه الزكاة لمدة 10 سنوات ثم تاب بعد هذه الفترة فهل تسقط عنه الزكاة في تلك الفترة مع أنه قل ماله وأصبح يدفع عن هذا المال القليل وكان في البداية ماله كثير؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المال إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة، ولا تسقط هذه الزكاة لأنها حق للفقراء، فعلى هذا فالواجب على هذا الرجل إخراج الزكاة عن كل سنة بلغ المال فيها نصاباً، ويمكنه التحري في ذلك وإخراج ما تبرأ به الذمة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 20637، والفتوى رقم: 25067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(11/13468)
لا تسقط الزكاة بالإعسار بعد وجوبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عربي مسلم, عمري 40 عامأ, وقد بدأت الصلاة في الآونة الأخيرة، سؤالي هو: كيف يترتب علي أن أخرج الزكاة المستحقة عن السنين السابقة, مع الأخذ في الاعتبار: (أ) عدم معرفتي بأموالي في السنين السابقة (ب) عدم مقدرتي على دفع الزكاة بوضعي الاقتصادي الحالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تتحرى وتجتهد قدر استطاعتك في معرفة قدر ما يجب عليك من الزكاة، ثم تخرجه عند قدرتك على ذلك، لأن الزكاة ثابتة في ذمتك، لا تسقط بإعسارك بعد وجوبها وتفريطك في أدائها، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 21769، والفتوى رقم: 22615، والفتوى رقم: 29210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1424(11/13469)
من لا يجد تكاليف الجراحة يعد فقيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أخرجت جزءا من زكاة المال على بعض الأقارب المحتاجين، هل يمكن للشخص الذي وكلته في صرف مبالغ الزكاة أن يحتفظ بجزء من مبلغ الزكاة للمساهمة في عملية جراحية لأحد هؤلاء الأقارب؟. المشكلة هي أن ميعاد العملية غير محدد في الوقت الحالي، إنما هي من المتوقع حدوثها حسب حالة المريض الصحية. كيف تتم معاملة المبالغ المحجوز حتى وقت العملية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله في إعطاء الزكاة لقريبك هذا إن كان واحدا من المصارف التي تستحق الزكاة والتي قد ذكرها الله تعالى في كتابه، ومنها الفقراء والمساكين، وقد بينا في الفتوى رقم: 33334، والفتوى رقم: 33132 أن الذي لا يجد ثمن العلاج أو تكاليف الجراحة، أنه يعد فقيرا يجوز صرف الزكاة له، لكن لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها إلا زمنا يسيرا لمصلحة أو حاجة، ولهذا ينبغي لوكيلك أن يعطي الزكاة لهذا الفقير إن كان مستحقا لها الآن بوصف الفقراء والمسكنة، أو يكون غارما (مدينا) فإن لم يكن كذلك، فلا تدفع الزكاة إليه، إلا أن يجري العملية في زمن قريب ويحتاج إلى أجرتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/13470)
تأخير الوكيل الزكاة للمصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص ثري أعطانا مبلغا من المال للزكاة لنوزعها بمعرفتنا ووزعاناها وبقي جزء منها على أن نوزعه لمن حولنا حسب الحاجة من خدم فيما بعد، فهل يجوز أن نبقيه على أمل توزيعه فيما بعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لصاحب الزكاة ولا لوكيله من جمعية أو شخص تأخيرها إلا لمصلحة وبقدر يسير، وانظر الفتوى رقم: 19326، والفتوى رقم: 18836.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(11/13471)
يجب إخراج الزكاة يوم اكتمال الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تشترط الدقة في الوقت والتحديد فيه عند إخراج زكاة المال، فإذا كان الشخص يخرج الزكاة في كل عام، فهل عليه أن يخرجها في نفس اللحظة من كل عام، أم يجوز أن تتأخر بعض أيام مثلا: كان يكون في سنة في أول رمضان، وفي سنة أخرى في نصفه أو أحيانا يجعلها في آخر الشهر، أي أنها تدور في رمضان ما بين أوله إلى آخره، حسب نشاطه وتفرغه، وهل يأثم بذلك إذا لم يحدد يوماً معيناً بالضبط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص العلماء على أنه لا يجوز تأخير إخراج الزكاة عن وقتها إلا لعذر، مثل غياب المال أو غياب من تصرف له الزكاة ونحو ذلك.
وحولان الحول شرط في وجوب الزكاة لما أخرجه الترمذي وغيره من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من استفاد مالاً فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول عند ربه.
فإذا حال الحول وجب الإخراج فوراً ولا يجوز أي تأخير، وذلك يعني أن من ملك نصاباً في اليوم الخامس من شهر المحرم مثلاً يجب عليه أن يخرجها في نفس اليوم من السنة القمرية الموالية، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 19427.
وإذا لم يلتزم بالإخراج في اليوم الذي يجب فيه فقد أثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(11/13472)
لا يجوز استرجاع الزكاة بعد صرفها لمستحقها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز لمؤسسة زكاة أن تجبر متلقي أموال الزكاة الذين من صنف في سبيل الله، على رد قيمة ما تلقوه منها إليها إذا خالفوا شروطاً اشترطتها تلك المؤسسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تم صرف أموال الزكاة إلى أحد الأصناف المستحقين لها، فلا يجوز استردادها منه، لأنها صارت ملكاً له بتعيينها له وبقبضه لها، لكن إذا تبين أنه ليس من الأصناف المستحقين للزكاة وجب استردادها منه، لتدفع إلى مستحقيها، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 2249، والفتوى رقم: 9488.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1424(11/13473)
حكم تقسيم مبلغ الزكاة وإخراجه على دفعات
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مبلغ من المال وجبت فيه الزكاة بعد مرور الحول، ومبلغ الزكاة غير متوافر معي الآن، هل يمكن تقسيم المبلغ وإخراجه على دفعات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز تقسيم مبلغ الزكاة وإخراجه على دفعات، لأنها تجب لحاجة الفقراء وهي ناجزة، فيجب أن يكون الوجوب ناجزاً فوراً، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6806، والفتوى رقم: 6415.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(11/13474)
تأخير الزكاة للتأكد من حاجة المحتاج
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل طبيبا بأحد المستشفيات وآخذ من أخي زكاة ماله لإنفاقها على المرضى الفقراء وهم كثر، وأتأخر أحيانا للتأكد من حاجتهم، فما الحكم فى تفضيلهم على أهل البلدة؟ وما حكم التأخر؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن تأخير الزكاة وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
19326، 20116، 28435.
والخلاصة أن تأخير الزكاة حرام إلا لعذر أو حاجة، وتأكدك من حاجة واستحقاق من تعطيه الزكاة يعد عذراً يبيح التأخير بشرط أن يقدر بقدره.
ومن حل في مستشفى بلد وهو محتاج فإنه يصير من فقراء البلد الذين تصرف لهم زكاته، وإعطاء من هذا حاله أكثر من فقراء أهل البلد وتفضيله عليهم لكونه محتاجا إلى أكثر مما يحتاجونه أمر لا بأس به، والمهم أن لا تدخل في ذلك أهواء النفس ومصالحها، فالله تعالى يعلم المفسد من المصلح..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(11/13475)
حساب الزكاة إذا أخرج بعضها قبل أن يحول الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج الزكاة قبل أن يحول الحول؟ وإذا كان جائزا، كيف يتم حساب الزكاة في نهاية نفس العام؟ مثلا أخرجت زكاة 10000 ريال سعودي في شهر رجب وفي شهر ذي الحجة كنت أملك 150000 ريال. هل أخرج زكاة الـ 150000 طارحا منه زكاة الـ 10000 أم ماذا أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز تعجيل الزكاة وإخراجها قبل حولان الحول، إذا كان المال بالغا نصابا، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6497.
وفي المثال المذكور: إن كان حول المال في ذي الحجة، وعجلت الزكاة في رجب، فإن المائة والأربعين ألفا المشار إليها، لها حالتان:
الأولى: أن تكون نماء ناتجا عن المبلغ الأول، كربح المال والتجارة، فالقاعدة أن حول ربح المال هو حول أصله، وعليه، فالواجب زكاتها عند تمام الحول، فإذا حال الحول في ذي الحجة أخرجت زكاة 140000.
الثانية: أن تكون مالا مستفادا بهبة أو ميراث ونحو ذلك، وليست نماء للمال، فأنت بالخيار بين أن تزكيها في حول المال الأول أو بين أن تجعل لها حولا مستقلا يبدأ من يوم ملكتها.
وفي حال كون هذه المائة والأربعين ألفا جاءت تباعا، كالمدخر من الراتب مثلا، فإن الأولى والأيسر إخراج زكاتها في حول المال الأول، فتزكي في ذي الحجة عن المائة والأربعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1424(11/13476)
كيفية إخراج الزكاة عن سنوات متراكمة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يضع في حسابه كل شهر مبلغا من المال وهو يعمل بالخارج كيف يحسب زكاة ماله في نهاية كل عام؟ وهل يجوز له أن يخرجها مرة واحدة بعد عدة سنوات عن كل سنة؟ وهل يخصم مبلغ الزكاة من المبلغ الكلي عند حساب زكاة السنة التالية؟
وشكرا لكم وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة عن كيفية زكاة المال الذي يودع كل شهر، فراجع الجوابين رقم: 3922، 14150.
أما تأخير دفع الزكاة عدة سنوات فلا يجوز؛ لأن الأصل في إخراج الزكاة الفورية، ولا يجوز تأخيرها إلا لعذر، كعدم حضور المال أو انتظار دفعها لقريب، وذلك لمدة يسيرة عرفًا لا تبلغ السنة، فكيف بتأخيرها سنوات، فتأخير إخراج الزكاة عن وقت وجوبها بلا عذر، شح وظلم للفقراء وتعدٍّ على حقوقهم.
راجع في هذه المسألة الفتويين السابقتين برقم: 20116، 28787.
ومن منعه مانع من إخراج زكاة ماله حتى تراكمت عليه زكاة سنين، فليزك ما كان موجودًا من المال طيلة السنين، وطريقة زكاته أن يزكي ما وجد عن السنة الأولى، ثم يزكي ما تبقى بعد إخراج زكاة السنة الأولى عن السنة الثانية، وهكذا - مثال ذلك: غاب عن ماله ثلاث سنوات، والمال أربعة آلاف، فإذا تمكن من زكاة ماله فليخرج زكاة أربعة آلاف عن السنة الأولى، ثم عن السنة التالية ثلاثة آلاف وتسعمائة، وعن التي تليها يخرج الزكاة عن اثنين ونصفاً وثمانمائة وثلاثة آلاف.
وهذا بناء على الراجح من أقوال أهل العلم من أن الزكاة تتعلق بالمال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(11/13477)
إذا وجبت الزكاة وجبت المبادرة بإخراجها
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاك الله خيرا يا شيخ إذ أفتيتني في أمري منذ مدة في الفتوى التي تحمل رقم 34392 بعنوان "زكاة الحلي أم إرضاء الوالدة".
حيث ذكرت لي حكم الشرع في الحلي المتخذة للزينة إذ أنني لم أبين لك أن الحلي موضوع السؤال متخذة للادخار على أساس ما قد سيكون من زواج مستقبلي وقد بلغت هذه الحلي النصاب وحال عليها ما يربو على ستة أحوال هداني الله فأخرجت قيمة الزكاة عنها لهذا العام وأنوي إخراج قيمة السنوات التي خلت ولم أخرج عنها زكاة تلك الحلي وذلك بأن أقتطع من راتبي الشهري من شهر لآخر حتى أجمع مبلغ السنوات الست ويتم ذلك كما ذكرت لك خفية عن والدتي وأستسمحك أن تعود لرقم الفتوى حتى تتذكر سبب عملي ذلك خفية عنها..
هل علي إخراج زكاة الحلي المدخرة خفية عن والدتي دونما خوف من غضبها أو غضب الله ليتسع صدرك يا شيخ وأسألك المعذرة إن كنت قد أقلقتك..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الحلي متخذًا للكنز وجبت فيه الزكاة.
قال زكريا الأنصاري رحمه الله في أسنى المطالب: وكذا تجب في حليٍّ اتخذ للكنز للصرف له عن الاستعمال، فصار مستغنى عنه كالدراهم المضروبة.
وإذا وجبت الزكاة وجبت المبادرة بإخراجها، ولا يجوز تأخيرها إلاَّ لعذر معتبر شرعاً، كغيبة المال، أو عدم وجود من يستحقها، أو لانتظار فقير محتاج إليها، ونحو ذلك.
فيجب على هذه الأخت المبادرة بإخراج الزكاة، ولا يجوز إخراج الزكاة مقسطة بعد وجوبها، إلاَّ لعذر من الأعذار السابقة.
وينبغي للسائلة إن كانت لا تقدر على إخراج الزكاة خفية عن أمها، أن تحاول إقناع أمها ما استطاعت بثواب من أدى زكاة المال، وأن الله عز وجل قد وعد بالخلف، فقد قال سبحانه: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39] .
وأن الزكاة لا تنقص المال، بل هي سبب لنمائه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما نقصت صدقةٌ من مال رواه مسلم.
فإن لم ترض الأم بذلك فلا تلزم البنت طاعتها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(11/13478)
دفع الزكاة على أقساط معجلة جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يقوم بتقديم مساعدة مالية شهرية لإحدى الأسر هل تعتبر جزءاً من الزكاة أم أنها إنفاق في سبيل الله؟ هو يريد أن تكون جزء من الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان دفعه لهذه المساعدة على سبيل التعجيل للزكاة قبل تمام الحول فهو جائز، وتراجع في هذا الفتوى رقم: 9874.
وإن كان دفعه لها مقسطة بعد وجوبها عليه، فالأصل عدم جواز ذلك، إلا لمصلحة راجحة أو عذر. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 14605.
وننبه هنا إلى أن نية الزكاة معتبرة حال إخراج المال، فإن أخرج هذا المال على سبيل الصدقة لا بنية الزكاة لم يجز له احتسابه من الزكاة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 26127.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(11/13479)
لا تجزئ الزكاة إذا كانت النية بعد إخراج المال
[السُّؤَالُ]
ـ[سلام الله عليكم إخوتي في الله، ولكم جزيل الشكر.. لدي مبلغ من المال بلغ النصاب، لظروف أخرت إخراج الزكاة عنه، (الله شاهد علي أني نويت إخراجها) قبل ذلك أصيب أحد أقربائي بمرض الكليتين مما اضطره إلى إجراء التصفية مرة في الشهر، لكن حالته ضعيفة، وطلب مني المساعدة فأعطيته قدراً من المال. سؤالي: هل يمكن أن أعد هذا المال كزكاة؟ هل ارتكبت إثما في تأخير الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالواجب إخراج الزكاة عند وجوبها ولا يجوز تأخيرها إلا لعذر أو مصلحة معتبرة، ولا حرج عليك في إعطائها لقريبك المحتاج إذا كان ممن لا تلزمك نفقته، بل إعطاؤها إياه أفضل لما رواه أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم عن سلمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة. واعلم أن الزكاة لا تصح إلا إذا نويتها عند إخراجها على أنها زكاة، أما إذا أخرجتها بغير نية ثم نويتها بعد ذلك فلا تجزئ، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 25273 وما فيها من الإحالات. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(11/13480)
مذاهب العلماء في تعجيل الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أدفع الزكاة مقدما لـ4 سنوات مثلا، وهل يمكن أن تقسط على مدار السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي تعجيل الزكاة قبل تمام الحول أقوال:
الأول: مذهب الحنفية حيث جوزوا تعجيل الزكاة لأكثر من عامين، قال السرخسي في المبسوط: تعجيل الزكاة عن المال الكامل الموجود في ملكه من سائمة أو غيرها جائز عن سنة أو سنتين أو أكثر. انتهى.
الثاني: مذهب المالكية حيث منعوا التقديم واستثنوا اليسير، ثم اختلفوا في تقدير هذا اليسير، فقيل يوم أو يومان، وقيل عشرة، وقيل شهران.
الثالث: مذهب الشافعية، ولخصه الإمام النووي في المنهاج فقال: لا يصح تعجيل الزكاة على ملك النصاب ويجوز قبل الحول، ولا تعجل لعامين في الأصح. انتهى.
الرابع: مذهب الحنابلة، قال المرداوي: يجوز تعجيلها لحولين فقط، وهو الصحيح من المذهب. وهو وجه صحيح عند الشافعية.
والراجح هو جواز تعجيل الزكاة إذا انعقد سبب من أسباب الزكاة, وللزكاة سببان: هما النصاب والحول، فإذا انعقد الحول وهو السبب الأول جاز إخراج الزكاة، فإن جاء آخر الحول والنصاب قد تغير بنقصان تبين أنها صدقة تطوع، ويدل على ذلك ما أخرجه أبو داود والترمذي عن علي أن العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك، قال الحاكم: صحيح الإسناد.
وأما حديث العباس الذي رواه البيهقي وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا كنا احتجنا فاستلفنا العباس صدقة عامين. فهو مرسل كما ذكر ذلك البيهقي وابن حزم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(11/13481)
تعجيل الزكاة.. ومسائل أخر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ يدرس في الجامعة، ووالدي لا يستطيع دفع نفقات الدراسة، هل يمكن لي أن أدفع من زكاة أموالي له؟ وهل يمكن أن أدفعها كاملة لشخص معين ليقوم بدفعها لأخي حسب أقساط الجامعة، علما بأن المبلغ كاملا يساوي زكاة أموالى لمدة 3 سنوات؟ (يرجى العلم أن والدي عنده منزل، فهل يجب عليه بيع المنزل للإنفاق على أخي) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في دفع الزكاة لأخيك الذي لا يستطيع دفع نفقات الدراسة التي يحتاجها ليصيب قواماً من العيش، بشرطين:
الأول: أن يكون مجال تلك الدراسة مباحاً، فلا تحل إعانته بالزكاة ولا بغيرها على تعلم ما هو محرم كالموسيقى أو التمثيل والغناء الماجن أو رسم ذوات الأرواح، وما شابه ذلك؛ لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
الثاني: أن يكون أخوك عاجزاً عن أن يقوم بنفقات دارسته عن طريق الكسب أو عن طريق الجمع بين الدراسة والكسب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب. رواه أحمد بسند صحيح.
وأما بالنسبة لسؤالك في توكيل من تثق فيه لكي يدفع لأخيك هذه الزكاة على حسب أقساط الجامعة، فلا يخلوا ذلك من حالين:
إما أنك تريد تعجيل زكاتك لثلاث سنوات، وإما أن لديك زكاة متأخرة عن هذه المدة، فإن كنت تريد بذلك تعجيل زكاتك ثلاث سنوات فقد اختلف أهل العلم في جواز تعجيل الزكاة قبل وجوبها على قولين:
الأول: الجواز، وإلى هذا ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، واستدلوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه تعجل من العباس صدقة سنتين. أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم، وحسَّنه الألباني. قالوا: وتأخير الزكاة إلى زمن الوجوب من باب الرفق بالمالك..، وعليه فإذا رضي المزكي بالتعجيل وسمحت به نفسه فأي مانع يمنع ذلك؟!
الثاني: المنع، وإليه ذهب الإمام مالك وجوز بعض المالكية تقديمها بزمن يسير، واحتجوا بأن الحول أحد شرطي الزكاة فلم يجز تقديمها عليه كما لا يجوز قبل ملك النصاب اتفاقاً؛ ولأن الشرع وقَّت للزكاة وقتاً وهو الحول فلم يجز تقديمها عليه كالنصاب.
والراجح الذي عليه المحققون هو مذهب الجمهور؛ لأن الحديث في تعجل النبي صلى الله عليه وسلم من العباس الزكاة سنتين صريح في ذلك، ولأننا لا نسلم أن الحول أحد شرطي الزكاة، بل النصاب فقط، والحول تأجيل في الأداء بعد أصل الوجوب فهو كالدين المؤجل، وتعجيل المؤجل صحيح، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 6806.
وينبغي ألا تزيد في التعجيل على حولين اقتصاراً على ما ورد به النص.
وللفائدة راجع كتاب فقه الزكاة للدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله الجزء الثاني/827- 832.
أما إذا كان لديك زكاة متأخرة لمدة ثلاث سنوات، فلا يحل لك تأخيرها، والواجب عليك إخراجها فوراً، وفي كلتا الحالتين المتقدمين لا حرج عليك أيضاً في توكيل من تثق فيه لكي يدفع لأخيك هذه الزكاة على حسب أقساط الجامعة.
وإخراج الزكاة في القرابة أولى - إن كانوا فقراء - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة. رواه الترمذي وحسنه.
ولا يلزم والدك أن يبيع البيت الذي يملكه لينفق على أخيك، ولا تلزم أباك النفقة على أخيك إذا كان أخوك يستطيع أن يعمل وينفق على نفسه.
علماً بأن نفقة الرجل على أهله من أعظم القربات إلى الله، قال صلى الله عليه وسلم: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/13482)
ما يفعل من أخر الزكاة للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا لدي حساب مصرفي في دولة خارج محل إقامتي، وظروفي المادية في محل إقامتي لم تسمح لي بإخراج الزكاة عن ذلك المال ولم تمكنني من السفر إلى البلاد التي لدي فيها الحساب. حاليا أرغب في أداء الحج وادخرت مبلغا لذلك.
سؤالي: هل عليّ أداء الزكاة أولاً ثم التفكير في الحج أو يمكنني تأدية الحج ثم إتيان الزكاة شكرا؟ وجزاكم الله ألف خير....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزكاة واجبة على الفور، ولا يجوز تأخيرها إلا لمصلحة أو حاجة، ولهذا ينبغي أن تسعى في إخراج زكاة مالك، ولو بإرسال شيك لمن تعرف في ذلك البلد ليأخذ به من حسابك قدر الواجب عليك.
فإن تعذر ذلك فلا حرج عليك -إن شاء الله- في تأخير الزكاة إلى ما بعد الحج.
لكن ننبهك إلى وجوب كتابة ذلك في وصيتك، لأنها قد تعلق بها حق الفقراء، فوجبت الوصية بها صيانة لهذه الحقوق، وإبراء للذمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(11/13483)
حرمة تاخير أداء الزكاة بعد وجوبها لأجل إخراجها في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن زكاة الراتب..حيث أني أملك مالاً حال عليه الحول إلا أني قد داينت شخصاً ولم أعد أعرف هل سيرجع لي مالي أم لا وعلاقتي به أكبر من أن أسأله مالي.. فما حكم الزكاة في هذا الدين، هل أزكي عليه أم لا علما بأني كنت أزكي عليه طوال المدة الفائتة؟ وكذلك أريد أن أغير موعد صرف الزكاة حتى يتوافق مع شهر رمضان مثلا فكيف أفعل؟ أفيدوني رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما زكاة الراتب فمبينة في الفتوى رقم:
4111.
وأما ما أسلفته لذلك الشخص فينبغي لك أن تزكيه، وحرجك منه لا يمنع ذلك إلا إذا كان معسراً أو مماطلاً فلا زكاة على هذا الدَّين حتى تقبضه، فإذا قبضته فزكه لسنة واحدة.
وأما موعد إخراج الزكاة فلا يشترط في رمضان وإن كان إخراجها فيه أفضل بفضلية الزمان وإذا أردت ذلك فلك أن تقدم الزكاة في أول رمضان يدركك قبل حولان الحول.
فإذا حال الحول وكان قد حصل لمالك نماء زائد بعد تقديم الزكاة وجب عليك إخراج زكاته ولا يجوز لك تأخيرها إلى رمضان وإذا لم يحصل لمالك نماء زائد بعد تقديم الزكاة فلا شيء عليك.
أما إذا أخرت الزكاة عن موعدها إلى رمضان القادم فقد وقعت في محظور تأخير الزكاة عن وقتها، وهذا لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13484)
حساب الزكاة عن سنوات خلت لم تؤد زكاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف من ست سنوات ولتأخري في أداء الزكاة بصفه دقيقة حيث صرفت من المال لسيارة ومحل وأرض، وقد أخرجت مبالغ الزكاة دون دقة حوالي 2000ريال كيف أخرج الزكاة بدقة عن السنوات الماضية؟ هل أحسب المال الآن وأزكيه 6مرات، وكيف أزكي المال الذي صرف، مع العلم أنني لا أعرف مقداره بدقة أرجو إفادتي في أسرع وقت ممكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزكاة من أعظم العبادات، فهي الركن الثالث من أركان الإسلام فيجب على المسلم أن يؤديها على الوجه المطلوب، ولا يجوز له أن يتهاون في أدائها.
ثم لتعلم أيها الأخ أن ما استهلكه الإنسان من أمواله قبل حلول الحول عليه لا يحسب من النصاب، وكذلك ما اشترى به سيارة استخدام أو استئجار أو مسكناً.
لذا فإن عليك أن تراجع حساباتك عن كل سنة من السنين الست التي مضت، ثم تنظر في ما حال الحول عندك من المال فتزكيه ولا تحسب استهلاكاتك ولا ثمن سيارتك ولا ثمن المسكن، والزكاة هي: اثنان ونصف بالمائة.. وبعد أن تحسب المقدار الذي يجب إخراجه أخصم الألفين التي كنت قد أخرجتهما ثم أخرج الباقي.
هذا كله إذا كنت تعرف المبلغ الذي يحول عليه الحول عندك كل سنة أما إذا التبس عليك الأمر فلتتحر ولتجتهد قدر استطاعتك في معرفة ذلك ولو احتطت وأخرجت ما تراه أكثر من اللازم كان أبرأ لذمتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1423(11/13485)
حكم تأخير زكاة الزرع عن وقت الحصاد
[السُّؤَالُ]
ـ[في زكاة الزرع
يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (وآتوا حقه يوم حصاده) فهل معنى هذا أن يوزع هذا الحق عند الحصاد أو يعرف قيمته ويوزع في أوقات مختلفة حسب الظروف وحاجة الناس؟
وإذا كان الزارع أو صاحب الزرع عليه دين فهل يخصم هذا الدين من زكاة الزرع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زكاة الزروع والثمار يجب أن تخرج بعد الحصاد مباشرة، لقول الله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) . [الأنعام:141] . ولا يجوز تأخيرها إلا إذا تعلق بذلك مصلحة شرعية.
هذا فيما يتعلق بالوقت، أما إن كان على صاحب الزرع دَيْنٌ فيجوز له خصمه قبل إخراج الزكاة، إذا كان هذا الدَّيْن مما أنفق على زرعه، قبل وجوب الزكاة أما ما أنفقه على الزرع بعد وجوب الزكاة كمؤنة الحصاد والدياس فلا، ذكر ذلك صاحب كشاف القناع من الحنابلة وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله في المغني أن الإمام أحمد رحمه الله قال: (من استدان ما أنفق على زرعه واستدان ما أنفق على أهله احتسب ما أنفق على زرعه دون ما أنفق على أهله) اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1423(11/13486)
لا تسقط الزكاة بالتقادم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
رجل كان يقول لامرأته إنه يزكي على ذهبها، مع العلم أنها كانت تقول له أزكي أم أنك قد زكيت فيقول لها إني قد زكيت وبعد حوالي عشرين سنة حدثت مشاكل بينهم فقال لها زكي على كل السنين الماضيه،
وبعد فترة اشترط عليها شرطا بأن تدفع مبلغا من المال لأحدى الأسر الفقيرة مقابل ماكان يدفع من زكاة الذهب
مع العلم أنه كان يدفع الزكاة برغبته هل تلزم هذه المرأة بالزكاة؟
إذا كان قد دفع الزكاة فهل تلتزم بالشرط؟ أحيانا يقول إنه لم يكن يدفع الزكاة ... ماذا تصنع هذه المرأة؟
أفتونا جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يلزم هذه المرأة إخراج الزكاة عما مضى من السنين إذا تحققت أن زوجها كان يخرج الزكاة عنها، وكانت قد نوت الزكاة عند الإخراج والشرط الذي اشترطه عليها لا يلزمها إذا علم من حاله أو من العادة أنه لم يخرج الزكاة ليرجع بها عليها، أما إذا ظهر أن الرجل كان كاذبا في قوله متلاعباً بزوجته وأنه لم يخرج الزكاة فيجب على المرأة إخراجها عن جميع السنين التي لم يخرج فيها الزكاة وإثم التأخير على الزوج، مع العلم أن هذا الذهب إذا كان معدا للزينة فإنه لا زكاة فيه على الراجح وهو قول جمهور أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1423(11/13487)
دفع الزكاة على أقساط شهرية من الراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن يتم تقسيم الزكاة على أقساط شهرية يتم دفعها من راتب الشهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ملك من المال نصاباً وحال عليه الحول وجب عليه إخراج زكاته، ولا يجوز تأخيرها بغير عذر، ويأثم الشخص بهذا التأخير، قال الشيرازي في المهذب (من وجبت عليه الزكاة لم يجز له تأخيرها، لأنه حق يجب صرفه إلى الآدمي، توجهت المطالبة بالدفع إليه فلم يجز له التأخير) . انتهى.
وبخصوص السؤال المطروح فقد صرّح العلماء أنه لا يجوز إبقاء الزكاة عند صاحبها ليفرقها على مستحقيها طوال العام.
قال الدسوقي المالكي في حاشيته: (ووجب تفرقتها على الفور، وأما بقاؤها عنده، وكل ما يأتيه أحد يعطيه منها فلا يجوز) . 1/500.
وعليه، فلا يجوز لرب المال إبقاء الزكاة عنده، وإخراجها على شكل أقساط، إلا لمصلحة معتبرة كأن ينتظر فقيراً قريباً أوعذر كأن كان المال غائباً أو لم يجد في بلده مصرفاً من مصارف الزكاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1423(11/13488)
تعجيل الزكاة لعدة سنوات لا بأس فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان لدي مبلغ محدد من المال أخرج عنه الزكاة كل عام فهل يجوز أن أخرج الزكاة مقدما لعدة سنوات قادمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا المبلغ نصاباً فلا حرج عليك في تعجيل زكاته لعدة سنوات، كما سبق مفصلاً في الفتوى رقم: 6497.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(11/13489)
محل جواز إخراج الزكاة بالتقسيط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج زكاة المال على أقساط شهرية بعد حولان الحول على المال المستحق للزكاة نظرا لأن إخراجها كمبلغ مجمل تؤدي إلى إرهاق صاحب المال مادياً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا حال الحول، فالواجب إخراج الزكاة فوراً من غير تأخير، وهذا هو مقتضى قوله تعالى: (وَآتُوا الزَّكَاةَ) [البقرة:43] . وقوله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) [الأنعام:141] .
وروى الشافعي والبخاري في التاريخ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما خالطت الصدقة مالاً إلا أهلكته".
وروى أحمد والبخاري عن عقبة بن الحارث قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، فلما سلم قام سريعاً، فدخل على بعض نسائه ثم خرج، ورأى ما في وجوه القوم من تعاجبهم لسرعته، قال: "ذكرت وأنا في الصلاة تبراً عندنا، فكرهت أن يمسي أو يبيت عندنا، فأمرت بقسمته".
ووجوب إخراج الزكاة عند حلول الحول هو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة خلافاً لأبي حنيفة -رحمه الله-.
أما قولك إن إخراج الزكاة جملة يؤدي إلى إرهاق صاحب المال، فهو قول مستغرب جداً إذ لا وجه للمقارنة بين ما يخرجه الإنسان زكاةً وبين أصل المال المزكى، فإن الزكاة -كما تعلم- ربع العشر فقط في أكثر الأموال شيوعاً، وهو الذهب والفضة، وما قام مقامهما، وما يتبعهما كعروض التجارة، أو بمعنى آخر 2.5، أو بمعنى آخر هي جزء من أربعين جزءاً من المال، فكيف يكون في إخراجها إرهاق لصاحب المال؟!.
والخلاصة أنه لا يجوز تأخير الزكاة عن وقت وجوبها إلا لعذر معتبر شرعاً كأن يكون المال غائباً أو لم يجد في بلده مصرفاً من مصارف الزكاة وأما ما ذكره في السؤال فليس عذراً لتأخيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(11/13490)
متى يجوز تأخير الزكاة عن وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخرج الزكاة وقت وجوبها، فهل يمكنني إيداعها لدى من يقوم بصرفها في صورة مرتبات شهرية لأسر الفقراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن من وجبت عليه الزكاة، وقدر على إخراجها لم يجز له تأخيرها لأن هذا حق يجب صرفه إلى من توجهت المطالبة بالدفع إليه فلم يجز له التأخير، كالوديعة إذا طالب بها صاحبها.
إلا أن العلماء بعد أن قرروا ما تقدم استثنوا بعض الصور التي يجوز فيها تأخير دفع الزكاة، ومنها ما ذكر صاحب الإنصاف قال: ويجوز التأخير ليعطيها لمن حاجته أشد على الصحيح من المذهب.
وقال ابن قدامة في المغني: فصل فإن أخرها ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة أو ذي حاجة شديدة فإن كان شيئاً يسيراً فلا بأس، وإن كان كثيراً لم يجز إخراجها حتى يدفعها إليهم متفرقة في كل شهر شيئاً.
وذكر ابن مفلح في الفروع: وعنه (أي أحمد) له أن يعطي قريبه كل شهر شيئاً، وعنه لا. وحمل أبو بكر الأولى على تعجيلها، قال صاحب المحرر: وهو خلاف الظاهر.. وأطلق القاضي وابن عقيل الروايتين.
وخلاصة المسألة أنه إذا كان صرف الزكاة في صورة مرتبات شهرية للفقراء، فيه مصلحتهم فلا مانع منه، لاسيما إذا قام رب الزكاة بعزلها عن ماله ووضعها عند شخص آخر ليقوم بصرفها على الفقراء، فإنه بذلك يسلم من المحاذير التي في تأخير الزكاة من خشية الموت والإفلاس وضياع الزكاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1423(11/13491)
لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها إلا من عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[حال الحول على المال الذي عندي ولم أخرج زكاته وقد مرت مدة زمنية قدرها ستة أشهر فهل علي انتظار الحول الثاني وأخرج زكاة المال عن الحولين أم ماذا أفعل؟
أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص العلماء على أنه لا يجوز تأخير إخراج الزكاة عن وقتها إلا لعذر، مثل غياب المال، أو انتظار إعطائها لصالح أو جار، بشرط أن يكون الانتظار يسيراً.
وعليه، فإنه يجب على السائل التوبة والمبادرة بإخراج زكاته ولا ينتظر بها حولا قادماً، وذلك لقول الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) [البقرة:43] .
ووجه الدلالة هنا أن الأمر المطلق يقتضي الفور، كما هو مقرر عند علماء الأصول، ولأن الزكاة حق يجب صرفه إلى من توجهت المطالبة بالدفع إليه فلم يجز له التأخير كالوديعة إذا طالب بها صاحبها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(11/13492)
شروط جواز تأخير الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخرجت الزكاة وقمت بتوزيعها على المحتاجين وتركت نصيباً لواحدة من الأرامل وتبقى باقي المبلغ عندي وهو
مفصول حتى أجد مسافراً ليوصل لها المبلغ فهل يجوز هذا التأخير الغير مقصود؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت قد عزلت الزكاة عن مالك فلا تنتفع بها في قليل ولا كثير ريثما تتمكن من إرسالها أو تسليمها لمستحقها، فالظاهر أنه لا مانع من ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (فصل: فإذا أخرجها ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة أو ذي حاجة شديدة فإن كان شيئاً يسيراً فلا بأس وإن كان كثيراً لم يجز) اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1423(11/13493)
الحالات التي يجوز فيها تقسيط الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل يجوز دفع الزكاة مقسطة شهريا للصرف على بعض الأسر حيث أقوم بكفالة بعض الأسر ودفع مبلغ ثابت لهم شهريا؟
2- تأخرت فى دفع الزكاه لمدة 9 سنوات لجهلي في أن المبلغ الذي معي لا يستحق زكاة فكيف أقوم بدفع الزكاة التي صارت عليّ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتقسيط الزكاة له حالتان:
الحالة الأولى: تقسيطها قبل وجوبها أي (تعجيل الزكاة) قبل تمام الحول كمن يعطي أسرة فقيرة خمسة آلاف شهرياً بنية الزكاة، وفي نهاية السنة ينظر في مقدار زكاته، فإن كانت زكاته أكثر من ستين ألفاً أخرج الباقي، وإن كانت زكاته أقل، اعتبر ما زاد صدقه له أجرها عند الله فهذا التقسيط جائز، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 9874.
الحالة الثانية: تقسيط الزكاة بعد وجوبها، وهذا لا يجوز إلا لمصلحة راجحة أو عذر وقد بينا ذلك في الفتوى رقم 20324.
وأما ما مضى من السنوات فعليك أن تخرج زكاته فوراً من غير تراخ، لأنه دين للفقراء ترتب في ذمتك، فيجب عليك أداؤه لهم، لأن تأخيره بعد حلوله يعد من المطل المحرم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لي الواجد يحل عقوبته وعرضه" رواه النسائي وأبو داود وابن ماجه وغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1423(11/13494)
إخراج الزكاة بالتقسيط
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
نرجو من فضيلتكم إفادتنا بالتالي:
· هل يجوز لي أن أدفع زكاة مالي التي حان وقت إخراجها في شكل أقساط شهرية؟
· وما مدى جواز ذلك في حالة استطاعة إخراجها دفعة واحدة، وفي حالة عدم الاستطاعة على إخراجها دفعة واحدة؟
جزاكم الله خيرا
ناصر الحلواني
nasser39 maktoob.com]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز تأخير الزكاة بعد وجوبها، إلا إذا تعذر على المزكي إخراجها لسبب خارج عن قدرته فلا شيء عليه، لأن الله يقول: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) وعليه السعي لإخراجها في أقرب وقت أمكنه، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
6806
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1422(11/13495)
تقديم الزكاة عن موعدها يستلزم النية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد فكرت في أن أعطي المبلغ المستحق للزكاة للسنة القادمة لشخص معين
وقبل أن يأتي موعد إخراج الزكاة بأسبوع جاء نفس الشخص الذي نويت أن أعطيه الزكاة وكان محتاجاً فأعطيته مبلغاً يفوق الزكاة ولكن قبل بلوغ مالي موعد الزكاة بأسبوع
فهل يجوز حساب هذا المبلغ أنه زكاة أم لا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت نويت عند إعطائك المبلغ للفقير أنه زكاة مالك فإنه يجزئك لاتفاق الجميع على جواز تقديم الزكاة بهذه المدة اليسيرة، وراجع لحكم تقديم الزكاة الجواب رقم:
6497
أما إذا كنت لم تنو بما أعطيته للمحتاج الزكاة عن مالك فإنه لا يجزئك، لوجوب النية في الزكاة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" متفق عليه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/13496)
تقديم الزكاة قبل موعدها ... حكمها ... والأموال التي تجوز فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[قريب لي موظف في مؤسسة حكومية اختلس مبلغاً من الأموال العامة وحكم بالسجن بعد أن رد جزءاً من المبلغ المختلس هذا المبلغ الذي رده هو كل ما في حوزته وبقيت عائلته بلا مورد رزق هل يجوز دفع كفالته من زكاة مالي قبل أن يحول الحول ليتمكن من الخروج من السجن؟ هل يعد ممن يدخل ضمن فئة الغارمين؟ أفتونا أثابكم الله ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
اشترط الفقهاء في استحقاق المدين للزكاة، أن يكون قد استدان في طاعة أو أمر مباح، لأن في إعطائه لغيره ممن استدان ليتوصل إلى أمر محرم، إعانة له على معصية الله عز وجل، وإغراء لغيره بمتابعته في عصيانه، إلا إذا تاب وحسنت حاله، فإنه يعطى من الزكاة، لأن التوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وبما أن هذا المال الذي لزم -المختلس- وحبس من أجله، لم يترتب في ذمته بوجه شرعي، فلا يكون مستحقا للزكاة إلا بعد إعلان توبته واستقامة أمره.
وأما تقديم أداء الزكاة قبل موعده، فالراجح جوازه فيما يشترط له الحول، كالماشية السائمة، والنقود، وسلع التجارة، فمتى وجد سبب وجوب الزكاة -وهو النصاب الكامل- جاز تقديم الزكاة قبل حلول الحول، بل يجوز تقديمها لحولين أو أكثر، بخلاف ما إذا عجلها قبل ملك النصاب فلا يجوز، وبهذا قال الحسن، وسعيد بن جبير والزهري، والأوزاعي، وأبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد.
واستدلوا على جواز التقديم قبل الحول بما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عمر على الصدقة، فقيل: منع ابن جميل، وخالد بن الوليد، والعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، فدافع النبي صلى الله عليه وسلم عن خالد والعباس وكان مما قاله " إنا كنا قد احتجنا، فاستسلفنا العباس عامين " وقد جاءت هذه القصة في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وفي رواية لمسلم عن أبي الزناد " وأما العباس، فهي علي ومثلها معها " قال أبو عبيد في رواية -هي علي ومثلها- يقال:كان تسلف منه صدقة عامين، ذلك العام والذي قبله.
قال الشوكاني، ومما يرجح أن المراد ذلك، أن النبي صلى الله عليه وسلم لو أراد أن يتحمل ما عليه لأجل امتناعه، لكفاه أن يتحمل مثلها من غير زيادة. اهـ
فتحصل أن لا مانع من دفع الزكاة لهذا الرجل إذا تاب واستقام أمره، وإن لم يتب وكان أهله وأولاده غير المكتسبين فمن المساكين أي ممن لا يجدون ما يكفيهم أعطوا من الزكاة ما يكفيهم، وتحصل كذلك أن تقديم الزكاة قبل موعدها، يجوز في الماشية، والنقود وعروض التجارة، بخلاف الزروع والثمار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(11/13497)
التقادم لا يسقط الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إحدى قريباتى لديها ما يفوق نصاب الزكاة وهي لم تخرج زكاة أبداً وتريد الآن إصلاح ذلك
علما بأن هذا المال مُودع في صورة شهادات استثمار وهي لا تقتنع بأن ما تدره هذة الشهادات
مال ربوي أرجو إجابتى بما يُقنعها وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه إذا أتى على المكلف بالزكاة سنون لم يؤد زكاته فيها، وقد تمت شروط الوجوب لم يسقط عنه منها شيء اتفاقاً، ووجب عليه أن يؤدي الزكاة عن كل السنين التي مضت ولم يخرج زكاته فيها.
وأما إيداع المال في صورة شهادات الاستثمار فينظر له الجواب رقم 1220
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1422(11/13498)
قول الفقهاء في إخراج الزكاة على دفعات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج الزكاة على دفعات؟ وهل يجوز إخراجها قبل وجوبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم إخراج الزكاة قبل وجوبها، فذهب الإمام مالك إلى منعه إلا بزمن يسير كشهر مثلا، وذهب الجمهور إلى جوازه: منهم الأئمة الثلاثة. وما ذهب إليه الجمهور يشهد له ما رواه أبوعبيد في الأموال بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه تعجل من العباس صدقة سنتين" أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم وحسنه لألباني في إرواء الغليل.
كما يترجح أيضا بالدليل النظري وهو أن تعجل الزكاة من مصلحة الفقير، وتأخيرها إلى زمن الوجوب من باب الرفق بالمالك، وعليه فإذا رضي المزكي بالتعجيل وسمحت به نفسه فأي مانع يمنع ذلك؟
وأما إخراج الزكاة على دفعات فإذا كان بعد الوجوب فلا يجوز، لوجوب إخراج حق الفقير كاملاً وافياً عند حلوله، ولاشك أن إخراجه على دفعات فيه نوع من التأخير والمماطلة بحق الفقير، أما إذا كان إخراجها على دفعات قبل وجوبها، على القول بجوازه الذي ذهب إليه الجمهور - وهو الصواب - فلا مانع منه. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1421(11/13499)
تعجيل الزكاة للمصلحة جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بإخراج زكاة أموالي قبل حلول الحول بشهر وعشرة أيام وذلك رغبة في زيادة ألأجر حيث إني أخرجتها في شهر رمضان فهل عملي جائز شرعا وهل سقطت عني أم لا أرجو إفادتي وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اشترط أهل العلم لوجوب الزكاة شروطاً منها بلوغ النصاب، وحولان الحول بالشهور الهلالية.
وأجمعوا على أنه لا يجوز تعجيلها قبل أن يكتمل النصاب، قال ابن قدامة: فصل: (ولا يجوز تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب بغير خلاف علمناه) والعلة في ذلك أنه تعجيل للحكم قبل سببه.
واختلفوا في جواز تعجيلها قبل تمام حولها، فذهب المالكية إلى أنه لا يجوز تعجيل الزكاة قبل تمام الحول بمدة كبيرة، لما رواه ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول" وبه قال ربيعة، وسفيان الثوري، وداود وأبو عبيد. إلا أنهم قالوا: إنه يجوز إخراجها إذا قارب الحول على التمام بنحو شهر مع الكراهة. قال خليل (أو قدمت بكشهر) قال شارحه فتجزئ مع الكراهة، سواء كان التقديم لمستحقها، أو لوكيل يدفعها له.
وذهب أكثر أهل العلم إلى جواز تعجيلها قبل تمام الحول من غير كراهة، لا سيما إن كان ثَمَّ مصلحة، كأن يوجد بالفقراء حاجة عاجلة، أو تنزل بالمسلمين نازلة.
لما رواه الخمسة إلا النسائي عن علي رضي الله عنه أن العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل زكاته قبل أن تحل فرخص له في ذلك" قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: "إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام" رواه الترمذي وقال: (وقد اختلف أهل العلم في تعجيل الزكاة قبل محلها، فرأى طائفة من أهل العلم أن لا يعجلها، وبه قال سفيان الثوري قال: أحب إلىَّ أن لا يعجلها، وقال أكثر أهل العلم إن عجلها قبل محلها أجزأت عنه، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق) أهـ.
قال ابن تيمية رحمه الله: (يجوز تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد وجود سبب الوجوب عند جمهور العلماء منهم الأئمة: أبو حنيفة والشافعي وأحمد، فيجوز تعجيل زكاة الماشية، والنقدين، وعروض التجارة، إذا ملك النصاب) .
وسبب الخلاف في ذلك ـ كما ذكر ابن رشد ـ أن الزكاة هل هي عبادة؟ أو حق للمساكين؟ فمن قال: إنها عبادة وشبهها بالصلاة لم يجز إخراجها قبل الوقت، ومن شبهها بالحقوق الواجبة المؤجلة أجاز إخراجها قبل الأجل على جهة التطوع. أهـ.
فالراجح أنه يجوز تقديم الزكاة قبل عام الحول ـ للمصلحة ـ إذا وجد سبب الوجوب وهو: ملك نصاب كامل نام أو فاضل عن الحاجة الأصلية لحصول الغنى به، وتأخير الأداء إلى تمام الحول هو من باب التيسير على أرباب الأموال، فلو أخرجها ربها قبل الحول صح، كما في الدين المؤجل الذي يعجله صاحبه قبل بلوغ أجله.
وعلى ذلك فإن كنت قد نويت أداء الزكاة عند إخراجك لهذا المال صحت زكاتك وأجزأت عنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رمضان 1421(11/13500)
المال التالف بين وجوب زكاته معدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت باستثمار مبلغ: 1450 دولار في شركة بورصة في الأردن، وبعد فترة وجيزة أفلست شركات البورصة في الأردن، ونتلقى وعود بإعادة هذا المبلغ من قبل الحكومة بعد تحصيلها من الشركات، ولكن سؤالي هو: هل تجب علي الزكاة عن هذا المبلغ، حيث إنه قد حال عليه حول كامل؟ وهل هذا المبلغ نصاب؟ وكم يبلغ نصاب الزكاة في أيامنا الحالية؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنصاب هو ما يساوي 85 جراما من الذهب الخالص تقريبا، أو 595 جراما من الفضة الخالصة تقريبا، فإذا بلغ ما يملكه الشخص هذا المقدار وجبت عليه زكاته إذا حال عليه الحول وهو في يده دون أن ينقص عن النصاب في أثناء الحول، وأما هذا المال المسؤول عنه، فإن كان الحول قد حال عليه وأمكنك أداء الزكاة قبل أن تفلس هذه الشركات فقد استقرت الزكاة في ذمتك وصارت دينا عليك يجب عليك المبادرة بإخراجها، فإن تلف المال بعد التمكن من أداء الزكاة لا يسقط وجوبها، قال ابن قدامة في المغني: وحكى عنه الميموني أنه إن تلف النصاب قبل التمكن من الأداء سقطت الزكاة عنه، وإن تلف بعده لم تسقط، وحكاه ابن المنذر مذهبا لأحمد وهو قول الشافعي والحسن بن صالح وإسحق وأبي ثور وابن المنذر، وبه قال مالك إلا في الماشية.
وأما إذا كانت هذه الشركات قد أفلست قبل حولان الحول أو قبل تمكنك من الأداء فلا شيء عليك، قال ابن قدامة: والصحيح ـ إن شاء الله ـ أن الزكاة تسقط بتلف المال إذا لم يفرط في الأداء، لأنها تجب على سبيل المواساة فلا تجب على وجه يجب أداؤها مع عدم المال وفقر من تجب عليه، ومعنى التفريط أن يتمكن من إخراجها فلا يخرجها، وإن لم يتمكن من إخراجها فليس بمفرط ـ سواء كان ذلك لعدم المستحق أو لبعد المال عنه. انتهى.
ثم إن كان القائمون على هذه الشركات قد تعدوا بفعل ما لا يجوز أو فرطوا بترك ما يجب في حفظ المال والقيام عليه فهم ضامنون له، وحينئذ فحكم هذا المال حكم الديون التي في يد الغير فيجب عليك زكاته إذا قبضته لما مضى من السنين، كما بينا ذلك في الفتويين رقم: 119194، ورقم: 119205، وأما إذا لم يكن من هذه الشركات تعد ولا تفريط فلا ضمان عليها لهذا المال، لأن المضارب لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(11/13501)
هل في مال الصبي المحفوظ لدى الحكومة لحين بلوغه زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الزكاة في مال الصبي الذى له ولي وأمواله قيد الحكومة حتى يبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزكاة واجبة في مال الصبي إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول عند جماهير أهل العلم خلافا للحنفية، وانظر الفتوى رقم: 14985. والخطاب بإخراج الزكاة عن مال الصبي يتوجه إلى وليه.
وإذا المال محفوظا لدى الحكومة لحين بلوغ الصبي راشدا فإن ذلك لا يمنع من جوب الزكاة فيه فتتولى الحكومة إخراج زكاته إن كان الصبي تحت وصياتها، أو يخرجها وليه إن كان للصبي مال آخر عنده. وإذا لم تخرج الزكاة في الفترة المذكورة ثم دفع المال إلى مالكه بعد بلوغه سن الرشد فإن عليه إخراجها عن الفترة التي وجبت فيها الزكاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1430(11/13502)
لا زكاة في المال الذي خرج عن ملك صاحبه قبل حولان الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك مبلغا قدره: 20000 جنيه مصري، وكان سيحول عليها الحول فى شهر محرم القادم، وقمت بشراء قطعة أرض فى شهر رمضان الفائت، لأبنيها سكنا لي ولأولادي ـ حيث إنني أسكن بالإيجار ـ وقيمة الأرض: 63000 جنيه، وقمت باقتراض المبلغ الباقي: 43000 جنيها من والدتي، وأقوم بسداده حاليا وبشكل شهري بواقع 500 جنيه، وسيستمر السداد عدة سنوات، فهل علي زكاة إذا جاء شهر المحرم؟ وما هو مقدارها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا زكاة عليك في هذا المال الذي كنت تملكه، لكونه خرج عن ملكك قبل أن يحول عليه الحول، ومن شروط وجوب الزكاة حولان الحول، ولا زكاة عليك أيضاً في قطعة الأرض التي اشتريتها، لكونك لا تعدها للتجارة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ليس على الرجل في عبده ولا فرسه صدقة. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1430(11/13503)
حكم أخذ زيادة على المبلغ المسترد المدفوع كمقدم لشراء شقة وهل تخرج عليه زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان معي مبلغ ثلاثين ألف جنيه، وذهبت لأدفع مقدما لشراء شقة لأسكن فيها، وكان التعاقد على أن أستلمها بعد عام لكى يتم إنشاؤها، فتم التعاقد ودفعت المبلغ، وإلى الآن (بعد مضى عامين من التعاقد) لم أستلمها حيث لم يتم إنشاؤها بعد. وانتهى بنا الأمر إلى أن آخذ مبلغي. فهل يحق لي أن آخذ زيادة عن مبلغي الذي دفعته لهم حيث إن المبلغ الآن أصبح ضعيف القيمة فى سوق العقار بعد فوات العديد من الفرص في خلال عامين؟ وإذا أخذت نفس المبلغ هل تجب علي زكاة مال، علما بأني عند دفع المبلغ كنت قد اقترضت من عملي لاستكمال هذا المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما زكاة هذا المال فلا تجب عليك لأنه خرج من ملكك بقبض البائع له، وإنما يجب عليك أن تستأنف به حولاً جديداً من وقت رجوعه إلى ملكك، وانظر لذلك الفتوى رقم: 28655.
وأما أخذك قدراً زائداً على المبلغ الذي دفعته فالأصل عدم جوازه إلا إن كان قد ترتب عليك ضرر فعلي من جراء تأخر البائع في تسليم الشقة، فهنا يجوز لك أن تأخذ تعويضاً بقدر الضرر الذي ترتب عليك، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 34491.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1430(11/13504)
من اشترى أرضا وكان مالكا للنصاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ليس لي دخل سوى راتبي الشهري وأقوم بإخراج الزكاة في بداية كل عام هجري وعلى كل الأموال الموجودة بحوزتي في ذلك التاريخ ـ بغض النظر عن مرور الحول عليها ـ وفي منتصف العام الحالي قمت بشراء أرض زراعية، فهل يجب علي إخراج الزكاة على المبلغ المدفوع ثمنا لتلك الأرض؟ وإذا كان يجب، فهل يتم احتساب المدة حتى تاريخ شراء الأرض؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفعله من إخراج زكاة جميع المال دفعة واحدة دون مراعاة حول المال المستفاد في أثناء الحول جائز في مذهب الجمهور، لأن تعجيل الزكاة في أثناء الحول جائز عندهم، وانظر الفتوى رقم: 120247، وإن كان هذا لا يلزمك، وإنما الواجب عليك أن تخرج زكاة كل مال استفدته من غير نماء الأصل عند حولان حوله وهذا قول الجمهور، خلافا لأبي حنيفة ـ رحمه الله ـ وقد فصلنا أحكام زكاة المال المستفاد في فتاوى كثيرة، وانظر منها الفتويين رقم: 119844 ورقم: 122178.
وأما هذه الأرض الزراعية التي اشتريتها فلا زكاة عليك في المال المدفوع ثمنا لها، لأنه مال لم يحل عليه الحول فلم تجب فيه الزكاة، لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول. أخرجه ابن ماجه.
وإن كنت قد اشتريت هذه الأرض بنية القنية فلا زكاة عليك فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس على الرجل في عبده ولا فرسه صدقة. متفق عليه.
وأما إن كنت اشتريتها بنية التجارة فالواجب عليك أن تقومها عند حولان حول أصلها الذي اشتريتها به ثم تخرج زكاتها، وهي ربع عشر قيمتها، فإن عروض التجارة تزكى عند حولان حول الأصل الذي اشتريت به، كما بيناه في الفتوى رقم: 126796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(11/13505)
زكاة الأجير والموظف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كيفية دفع الزكاة عند الإجارة والتوظيف؟.
أرجو التفصيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان يعمل أجيرا أوموظفا فإنه لا زكاة عليه فيما يكسبه من المال حتى يبلغ نصابا ويحول عليه الحول الهجري وهو في ملكه دون أن ينقص عن النصاب، ثم إذا كسب مالا بعد ذلك في أثناء الحول فإنه يزكيه عند حولان حوله ولا يضمه إلى الأصل في قول الجمهور، وإن أخرج زكاة المال كله عند حولان حول الأصل جاز، لأنه يكون قد عجل زكاة بعض المال في الحول وهذا جائز عند الجمهور، وانظر لمعرفة المزيد عن كيفية زكاة المال المستفاد الفتاوى التالية أرقامها، 111117 119844، 122178، فإذا حال الحول على المال الذي وجبت زكاته وجبت المبادرة بإخراجها، ومقدارها ربع العشر، تدفع إلى مستحقيها ممّن عينهم الله تعالى وجعلهم مصارف للزكاة في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة 60} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1430(11/13506)
استقبل بما قبضته من مال حولا جديدا من وقت دخوله في ملكك مرة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك مبلغا من المال وكنت قد دفعته كدفعة أولى في شقة إلا أنني وبعد حوالي ثلاثة شهور اختلفت مع المالك وألغيت العقد واسترددت معظم المبلغ نقداً والباقي في شيك يصرف في شهر 9 ـ بإذن الله ـ وأنا الآن أبحث عن شقة أخرى، وسؤالي هو: هل تجب الزكاة على هذا المال؟ ومنذ متى يبدأ احتساب الحول؟.
وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان عقد البيع الذي تم بينك وبين مالك الشقة صحيحاً، فإن هذا المال قد دخل في ملكه بقبضه له منك، فإذا فسختما العقد ورجع المال إلى ملكك فإنك تستقبل به حولاً جديداً من وقت دخوله في ملكك مرة أخرى، وتضم إلى ما قبضته ما بقي في ذمة البائع وأعطاك شيكاً به لأنه صار مملوكاً لك، فإذا حال الحول الهجري والمال في ملكك وكان بالغاً نصاباً ـ ولو بضمه إلى ما تملكه من مال زكوي آخر ـ ولم ينقص عن النصاب في أثناء الحول فإنه يجب عليك إخراج زكاته وهي ربع العشر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1430(11/13507)
أحكام الزكاة في مال الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[متى تفرض الزكاة على الأيتام الذين بلغوا 21سنة وما زالت تعيلهم الأم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن بلغ الحلم لا يسمى يتيما، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ. رواه أبو داوود.
وانظري الفتوى رقم: 111115 , والزكاة واجبة في مال اليتيم على الصحيح من أقوال الفقهاء كما هو مذهب الجمهور, ولكن يشترط في ماله أن يبلغ النصاب ويحول عليه الحول، وانظري الفتوى رقم: 113211 حول حكم إخراج الزكاة في أموال الأيتام , والفتويين رقم: 18877 , ورقم: 103951، عن شروط الزكاة في مال اليتيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(11/13508)
هل يزكي السمسار عن عملية كل بيع
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صهر يمتهن السمسرة وشراء السيارات المستعملة وإعادة بيعها، وكذا بيع وشراء الأراضي والمنازل أو السمسرة فيها وأخذ عمولة عنها.
سؤالي: هل تجوز عليه الزكاة؟ هل يزكي عن كل عملية بيع؟ أم ملزم بمرور الحول؟ حسب المذهب المالكي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب جمهور العلماء، ومنهم مالك رحمه الله أن المال المستفاد إذا لم يكن نماء الأصل كربح التجارة أو نتاج السائمة فإنه يستقبل به حول جديد.
قال ابن جزي الغرناطي في القوانين الفقهية: فيمن استفاد مالا فإن كان من هبة أو من ميراث أو من بيع أو غير ذلك لم تجب عليه زكاة حتى يحول عليه الحول، وإن كان ربح مال زكاه لحول أصله كان الأصل نصابا أو دونه إذا أتم نصابا بربحه، فإن ربح المال مضموم إلى أصله، وإذا استفاد فائدتين فإن كانت كل واحدة نصابا فأكثر زكاها لحولها، وإن كمل النصاب يضم إحداهما إلى الأخرى زكاهما معا لحول الثانية، وإن كانت الأولى وحدها نصابا زكاها لحولها، وانتظر بالثانية حولها، وإن كانت الثانية نصابا وحدها زكاهما معها لحول الثانية. انتهى.
وبهذا تعلم أن صهرك لا تلزمه الزكاة فيما يحصله من ربح السمسره إلا إذا حال عليه الحول، إذا كان هذا المال الذى استفاده نصابا ولو بضمه إلى ما يملكه من مال. وإذا كان قد ملك نصابا قبل أن يستفيد هذا المال فإنه لا يزكي هذا المال المستفاد بزكاة أصله، وإنما يستقبل به حولا جديدا، وأما إذا كان لدى صهرك عروض تجارة فإنه يزكيها وما نتج عنها من ربح على رأس الحول بشرط أن تبلغ نصابا بنفسها أو بما انضم إليها من نقود أو عروض تجارة، وانظر الفتوى رقم: 78193.
وننبهك إلى أن مذهب مالك رحمه الله هو عدم جواز تعجيل الزكاة قبل محلها، وعنه يجوز تعجيلها بالزمن اليسير، وأجاز تعجيل الزكاة جمهور العلماء.
قال ابن عبد البر المالكي في الاستذكار: واختلف أهل العلم في جواز تعجيل الزكاة فقال مالك فيما روى عنه ابن وهب وأشهب وخالد بن خداش: من أدى زكاة ماله قبل محلها بتمام الحول فإنه لا يجزئ عنه وهو كالذي يصلي قبل الوقت. وروي ذلك عن الحسن البصري وبه قال بعض أصحاب داود. وروى ابن القاسم عنه لا يجوز تعجيلها قبل الحول إلا بيسير، وكذلك ذكر عنه ابن عبد الحكم بالشهر ونحوه، وأجاز تعجيل الزكاة قبل الحول سفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور وإسحاق وأبو عبيد، وروي ذلك عن سعيد بن جبير وإبراهيم وابن شهاب والحكم وابن أبي ليلى. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(11/13509)
لا زكاة على المال الخارج من ملك صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حجزت في اسمنت من الدولة بمبلغ 2300 دينار ليبي، وتأخر حوالي سنتين ونصف، وبعد ذلك أتى الاسمنت كله. هل يمكنني الزكاة عن المال الذي حجزت به بعد أن بعد بعت الاسمنت. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا العقدُ الذي أبرمته لشراء الأسمنت هو المعروف بعقد السلم، وهو تعجيل الثمن، وتأجيل المثمن، وهذا المال الذي أسلمته في شراء الأسمنت لا زكاة عليك فيه لأنه خرج من ملكك، بتسليمه للبائع، وإنما تجب زكاة دين الثمن في عقد السلم على البائع.
قال ابن قدامة: ولو اشترى شيئا بعشرين دينارا أو أسلم نصابا في شيء فحال الحول قبل أن يقبض المشتري المبيع أو بقبض المسلم فيه والعقد باق، فعلى البائع والمسلم إليه زكاة الثمن لأن ملكه ثابت فيه فإن انفسخ العقد لتلف المبيع أو تعذر المسلم فيه وجب رد الثمن وزكاته على البائع. انتهى.
فإن كان البائع هو الدولة فحكمُ هذا المال المقبوض منك هو حكم المال العام فلا زكاة فيه.
جاء في الموسوعة الفقهية: نص الحنابلة على أن مال الفيء، وخمس الغنيمة، وكل ما هو تحت يد الإمام مما يرجع إلى الصرف في مصالح المسلمين لا زكاة فيه. ولم نجد لدى غيرهم تعرضا لهذه المسألة مع مراعاتها في التطبيق، إذ لم يعهد علما ولا عملا أخذ الزكاة من الأموال العامة. انتهى.
وبهذا يتبين لك أن هذا المال لا زكاة عليك فيه، لأن حوله حال وهو ليس في ملكك، وإن شئت الصدقة فإن بابها واسع، وفضلها عظيم. وقد قال تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. {سبأ:39} .
وأما الثمن الذي بعت به الأسمنت فإن زكاته تجبُ عليك من حين دخوله في ملكك إذا كان نصاباً، ولو بضمه إلى ما تملكه من مال زكوي آخر، وإنما تجب عليك زكاته بعد أن يحول الحول الهجري على دخوله في ملكك، ومقدارها ربع العشر 2.5 من مقدار المال.
وهذا كله إن كان العقد بينك وبين الدولة قد استوفى شروطه، ومنها العلم بالأجل أي بأن يكون قد حدد لك موعد لاستلام الإسمنت، وهذا هو الظاهر. ولا يضر تأخر التسليم بعد ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1430(11/13510)
المال المستقطع لتأمين التقاعد.. هل فيه زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي في الزكاة: تقوم شركة مستخدمة بقطع مبلغ من المال لكل مستخدم كل شهر، وتدفعه لشركة تأمين في إطار تأمين التقاعد. ولا يستفيد المستخدم من المال إلا إذا وصل سن التقاعد أو انفصل عن الشركة المستخدمة.
السؤال: هو هل تجب الزكاة عن هذا المال، حالما يأخذه الشخص أم حتى يبلغ الحول وهو في حوزته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الكلام عن حكم زكاة هذا المال لا بُد من التنبيه على أن التأمين التجاري محرم، فلا يجوزُ الدخول فيه، ولا إنشاء عقوده، وقد بينا حكم التأمين في فتاوى كثيرة، وأن جميع صوره محرمة إلا ما كان من التأمين التعاوني، وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 2593، 47273، 26640.
ومن ثمّ فإن كان التأمين الوارد في السؤال من التأمين التجاري فالواجبُ إلغاء هذا العقد، ويسترد المؤمن ما دفعه من مال، فإن لم يتمكن فإنه لا يسترد بعد تقاعده إلا مقدار المال الذي دفعه، وزكاته واجبةٌ عليه لما مضى من السنين إذا بلغ نصاباً فيزكيه للسنين الماضية عند قبضه، وعند مالك أنه يزكيه لسنة واحدة عند قبضه وعند الحنفية إنه لا يزكي إلا بعد حول بعد قبضه، والأحوط القول الأول. وانظر الفتوى رقم: 115971.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(11/13511)
إنفاق شيء المال البالغ النصاب أثناء الحول لا يمنع وجوب الزكاة في باقيه
[السُّؤَالُ]
ـ[امتلكت مبلغا من المال تجب فيه الزكاة، وبعد تسعه أشهر من امتلاكي لهذا المبلغ أي قبل أن يكمل العام أخذت مايقارب ربع المبلغ وصرفته، واكتمل العام علي ما تبقى من هذا المبلغ. مع العلم أن ما تبقى أيضا تجب فيه الزكاة.
1- هل لأني أخذت من المبلغ قبل اكتمال العام يكون قد سقطت علي زكاة التسعة أشهر الماضية، ويبدأ العام الآخر في زكاة ما تبقى من المال من الوقت الذي أخذت منه هذا الجزء من المبلغ؟
2- وإن لم تسقط مني زكاة التسعة أشهر الماضية فهل أزكي التسعة أشهر بالمبلغ الكامل ومن ثم الثلاثة أشهر الأخرى بالمبلغ بعد أن نقص؟
3- أم أخرج زكاة العام كله وكأن المبلغ لم ينقص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ملك مالاً يبلغُ نصاباً، وحال عليه الحول الهجري ولم ينقص عن النصاب في أثناء الحول، وجبت عليه زكاته، وإن أنفق بعضه بما لا يُنقصه عن النصاب في أثناء الحول، فإنه يُزكي ما بقي بيده من هذا المال الذي لم ينقص عن النصاب عندما يحول الحول من وقت ملكه له، وبه تعلم أن إنفاقك بعض هذا المال في أثناء الحول لا يمنعُ وجوب الزكاة في باقيه ما دام لم ينقص عن النصاب.
فالذي يلزمك هو أن تزكي ما بقي بيدك من المال عند حولان الحول، لأنه مال بلغ نصاباً ولم ينقص عنه في أثناء الحول فوجبت فيه الزكاة.
ولا يلزمك أن تُزكيَ المال الذي أنفقته عن التسعة أشهر التي ملكته فيها، لأنه مالٌ لم يحل عليه الحول فلم تجب فيه الزكاة.
وقد جاء في الحديث: من استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول.أخرجه الترمذي ورجح الحافظ وقفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(11/13512)
لا ينقطع حول الأصل إذا اشتري به عرض للتجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أملك مبلغا من المال أؤدي زكاته كل عام في وقت محدد، ثم اشتريت به سيارة قصد استعمالها مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبيعها بنية تحقيق قدر من الربح، وفعلا بعتها بعد شهرين محققا ربحا، فهل أخرج الزكاة في نفس الوقت الذي كنت أخرجها فيه سنويا أم أبدأ حولا جديدا من وقت شراء السيارة أو من وقت بيعها؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه السيارة التي اشتريتها بنية بيعها من عروض التجارة، وقد توفر فيها شرط وجوب الزكاة في العروض، وهو أن تملك بعقد معاوضة، وأن ينوي عند تملكها أنها للتجارة، وقد وجد هذان الشرطان. فتجب زكاتها، ولا ينقطع حول أصل المال بشرائك لها، فتزكي هذا الثمن إذا حال حول النقد الذي اشتريت به السيارة، لأن عروض التجارة تزكى بزكاة أصلها الذي اشتريت به، فلا ينقطع حول الأصل إذا اشتري به عرض للتجارة.
قال الموفق في المغني: وإذا اشترى عرضاً للتجارة بنصاب من الأثمان، أو بما قيمته نصاب من عروض التجارة بنى حول الثاني على الحول الأول، لأن مال التجارة إنما تتعلق الزكاة بقيمته، وقيمته هي الأثمان نفسها، وكما إذا كانت ظاهرة فخفيت فأشبه ما لو كان له نصاب فأقرضه لم ينقطع حوله بذلك، وهكذا الحكم إذا باع العرض بنصاب، أو بعرض قيمته نصاب، لأن القيمة كانت خفية فظهرت أو بقيت على خفائها فأشبه ما لو كان له قرض فاستوفاه أو أقرضه إنساناً آخر.
وبما تقدم تعلم أن شراءك للسيارة لم ينقطع به الحول، وأن الواجب عليك أن تزكي جميع مالك في الوقت الذي تخرج زكاة مالك فيه عند حولان حول الأصل، وربح التجارة تابع لأصل المال في الزكاة لأنه نماؤه فكان تابعاً له.
قال ابن قدامة في أقسام المال المستفاد: أحدها أن يكون المستفاد من نمائه كربح مال التجارة ونتاج السائمة فهذا يجب ضمه إلى ما عنده من أصله فيعتبر حوله بحوله. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(11/13513)
تعاقد مع شركة لشراء مسكن فأخلت الشركة بالعقد.. هل عليه زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة هل علي زكاة في مال كنت أدخره، غير أنه قبل أن يحول عليه الحول دفعته في مشروع لإحدى الشركات العقارية بصفتي مساهما في رأسمال الشركة من أجل امتلاك شقة بعد نهاية المشروع. بعد أشهر تبين لي أن هذه الشركة ليس لديها مصداقية، ولديها مشاكل في التسيير، فقررت أن أسحب المبلغ المدفوع. هل علي زكاة في هذا المال أم أبدأ في حساب حول جديد لمالي المسترجع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المسكن الذي تعاقدت مع هذه الشركة على شرائه غير منضبطٍ ضبطاً تاماً بالصفة التي تمنعُ حدوث النزاع، فهذا العقد عقد غرر لا يجوز، وعليه فهذا المالُ لم يخرج عن ملكك، وزكاته واجبةٌ عليك عند حولان حوله.
وأما إذا كانت شروطُ عقد الاستصناع متوفرةً في هذا العقد، وقد بيناها في الفتوى رقم: 115760. وكان هذا المسكنُ منضبط الصفةِ ضبطاً يمنعُ حدوث النزاع، فالمفتى به عندنا أن هذا العقد جائز، وأنه داخلٌ في عقد الاستصناع، ومن ثم فقد خرج هذا المال عن ملكك حين دفعته لهذه الشركة، فإذا رجع المال إلى ملكك بفسخ العقد، فإنك تستأنف به حولاً جديداً. وانظر الفتوى رقم: 115894.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1430(11/13514)
تحكم (المجلس الحسبي) في المال لا يبرر عدم إخراج الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت لكم في الفتوى رقم: 120505 سؤال:
قد راسلتكم سابقا عن موضوع والدي بالفتوى رقم:110622، والاستشارة رقم:2220765. والآن بعد وفاة والدي اتضح لي أنه لم يدفع الزكاة لمدة 6 سنوات، ولن نستطيع إخراجها لأن لدينا قاصرا وهي والمجلس الحسبي سيكون المتحكم والمتصرف في هذا المال، بالإضافة لعدم التأكد على حد علمي لكن بشكل عام اتفق الجميع أن يدفع ما على والدي من زكاة عندما يأخذ كل حقه من الميراث، ويوجد من البعض من يريد تقسيطه لأن الإرث سيكون قليلا بالنسبة لهم كزوجة أبي والتي ستعتاش من المعاش والإرث، وللصرف على أختي منه، أو لمبادلته معنا لتستحوذ هي على الشقة ونحن نأخذ ما تبقى، علما بأن في ذلك تقليلا من حقي أنا وأخي إلا أننا لو وافقنا على هذا سيكون تكريما لروح والدي، ولإبعادهم عن المشاكل فما رأيكم في الموضوع ككل؟ وما الذي يجب اتخاذه حيال ذلك من سداد الإرث؟ وهل هو أصبح دينا في رقبتنا كما أن الدين على المتوفى يصبح في رقبة ورثته؟ وما هي عواقب وذنوب إهمال دفعه؟ وهل في تقسيم الإرث بيننا بتنازلي أنا وأخي عن الشقة لصالح أختي وأمها، علما بأن باقي الميراث لا يكفي باقي حقنا ككل في الشقة، فهل يمكن اعتبار هذا الفارق زكاة دفعناها لصالحهم نظراً لحالة الضيق التي ستكون عليها زوجة أبي وأختي بعد الوفاة، نظراً لأنهم سيكون معظم اعتمادهم على معاش والدي فقط، وباقي الإرث لن يكفي شيئا لهم عندما يدفعوا الفارق فيما بيننا؟
فعلى حد علمي والدي كان لديه شقة يعيش بها تقدر حاليا بـ 200 ألف جنيه، وشقة في مكان بعيد يؤجرها أعتقد بـ 300 جنيه ومقدرة بـ 80 ألفا، ومحل أعتقد أيضا أنه غير مؤجر ومغلق لكنه مقدر بحوالي 50 ألفا، ووديعة بالبنك مقدرة بـ 138 ألف جنيه، وأرضين بمكان لم يصل له العمران وعند تقدريهم تراوحت بين 10 إلى20 ألف على حد علمي، وشقة مؤجرة بما يقارب بـ 350 جنيه أخرى ومقدرة بـ 200 ألف جنيه، لكنها مناصفة بيننا الآن وبين ورثة عمي رحمه الله، وتوجد أرض علمت أن أبي لم يقم بالعملية قبل وفاته حتى يأخذ ثمن محصولها ولكن تذكر بالإرث ولا أعلم السبب وراء إخفائها، علما أيضا أن الإيجار بعد وفاة الوالد لم تعطينا زوجة أبي حقنا منه عن الشهر التالي لوفاته ولكنها أعطتنا إياه فيما بعد.
هذه تقريبا بيانات الإرث الذي لم يدفع عنه والدي الزكاة منذ 6 سنوات، فماذا ترون في الأمر ككل التقسيم مع زوجة أبي وأختي والزكاة؟
الفتوى: وقد كان ردكم: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء لقد أطال السائل بذكر تفاصيل عن ممتلكات أبيه لا حاجة لها في السؤال ولا في الجواب، وإننا نرى أنه يجب عليكم إخراج الزكاة من التركة فوراً، وأنه لا حق لكم فيها بل هي حق لأهلها، والورثة إنما يأخذون من التركة ما تبقى بعد الوصية والدين، كما قال الله تعالى: ... مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ. {النساء:11} . ويجب إخراجها كاملة دفعة واحدة من غير تقسيط، لأنها كما ذكرنا حق للفقراء وليست حقاً لكم، وكون نصيب بعضكم من الإرث قليلاً هذا ليس عذراً في عدم إخراج الزكاة التي هي ليست أصلاً من جملة التركة، ولا يمكن اعتبار ما يتنازل عنه السائل لأخته وأمها من الزكاة.
والله أعلم.
--------------
وأود أن أشير لفضيلتكم أني طرحت هذه التفاصيل حتى تفتوني بنصاب زكاة كل منها وما له زكاة وما ليس له زكاة
أما عن التقسيط فقد أشرت أيضا أن لي أختا قاصرا ولن نستطيع إخراج شئ من حقها لأن المجلس الحسبي رقيب ولن يعترف بشيء من هذا كموضوع الزكاة.
لذا أرجو من سيادتكم بعد إذنكم التأني في قراءة ما أرسلته لكم وعدم التعجل في الرد ولكم جزيل الشكر أفادنا وأفادكم الله بعلمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر أخي السائل على ما ذكرناه لكم من وجوب إخراج الزكاة قبل قسمة التركة، وما ذكرته من أنه يوجد في الورثة قصر، وأن المجلس المشار إليه هو الذي يتولى التصرف في نصيبه من التركة هذا ليس مبررا لعدم إخراج الزكاة، ويمكنكم أن تشهدوا جميعا عند ذلك المجلس بأن على والدكم زكاة لم يخرجها حتى يخصم قيمة الزكاة من التركة ومن نصيب القصر، فإن امتنع المجلس من ذلك فإن على كل واحد منكم أن يخرج ما وصل إلى نصيبه من هذه الزكاة، ويتحمل والدكم تقصيره فيما أوجب الله عليه مما لم يتم إخراجه. وأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
وما ذكرته من أنكم تريدون التنازل عن شيء من نصيبكم لزوجة أبيكم وأختكم على أنه زكاة عن أبيكم وابنته لا يصح لأن الزكاة لا تدفع إلى من تجب نفقتهم على المزكي كالزوجة والفروع، فزوجة أبيكم وابنته لا يصح أن تدفع لهما زكاة ماله، والعقارات التي كان يملكها أبوكم ويسكنها لا تجب الزكاة في قيمتها، وكذا العقارات التي كان يؤجرها لا تجب الزكاة في قيمتها، وإنما تجب في مدخولها إذا بلغ نصابا بنفسه، أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو ذهب أو فضه أو عروض تجارة، وحال عليه الحول، والمحل المغلق إذا لم يتخذه والدك للتجارة بمعنى أنه اشتراه ليؤجره لا ليبيعه عند ارتفاع سعره، فهذا لا زكاة في قيمته، وإن اشتراه ليبيعه عند ارتفاع سعره فإنه يزكى زكاة عروض التجارة فيقوم المحل ويخرج من قيمته ربع العشر، وكذا الأراضي التي كان يملكها ما كان منها اشتراه بنية زرعه أو البناء عليه فلا زكاة فيه، وما اشتراه بنية الاتجار به وبيعه عند ارتفاع سعره ففيه الزكاة. وانظر الفتوى رقم: 285. حول زكاة العقارات، والفتوى رقم: 119871. بعنوان هل تجب الزكاة في العقار الموروث، والفتوى رقم: 100434 حول الأراضي التي تجب فيها الزكاة.
ولعل الأفضل للأخ السائل أن يشافه أهل العلم بهذا المسائل المتعلقة بالميراث وزكاته السابقة لأنها من المسائل الشائكة التي تحتاج إلى إيضاح أكثر وتفصيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1430(11/13515)
لا زكاة على من عليه دين يستغرق كل ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت قرض تورق من بنك الراجحي وقدره 300 ألف ريال لمدة عشر سنوات، انقضت منها أربع سنوات وبقيت ست سنوات.
وقمت باستثمار هذا المبلغ في سوق الأسهم بالمضاربة: البيع والشراء في نفس اليوم وأحيانا أسبوعيا.
وبعد السنة الأولى خسرت نصف المبلغ وبقي عندي 150 ألف ريال، وكذلك السنة الثانية خسرت النصف وبقيت عندي 75 ألف ريال.
وكذلك السنة الثالثة خسرت وبقي عندي من أصل المبلغ 40 ألف ريال، مع العلم أنني أضع من راتبي في السوق ويمكن أن تكون الأربعون التي بقيت نصفها من راتبي.
وفي السنة الرابعة أضفت مبلغا آخر من راتبي قدره 15 ألف ريال، وربحت ولله الحمد، ووصل المبلغ إلى 200 ألف ريال، مع العلم بأنني لا زلت خسرانا من المبلغ الأساسي، ورواتبي، وما زالت الأقساط مستمرة.
السؤال: هل على هذه الأموال زكاة؟ وكم تكون الزكاة، مع العلم بأنني لم أدفع شيئا طوال هذه الفترة وأريد أن أبرئ ذمتي، أفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن عندك من الأموال الزكوية الأخرى ـ كالذهب والفضة، وعروض التجارة وغيرهما- ما يزيد عن حاجتك مما يمكن أن تجعله في مقابلة الدين، فالذي يظهر لنا هو أنه لا زكاة عليك فيما عندك من النقود، لأن الدين الذي عليك يستغرق كل المال ويحيط به، وانظر الفتوى رقم: 53957. حول نوعية الأسهم التي تزكى، والفتوى رقم: 102957، بعنوان متى يمنع الدين الزكاة، والفتوى رقم: 6336.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(11/13516)
وجوب إخراج الزكاة في مال الصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة عربية متزوجة، جئت أزور بريطانيا وأولد فيها طفلي الأول، ولكن القدر فرض أن أعيش هنا الآن لي تقريبا سبع سنوات، وأستلم نقودا حق الأولاد من الحكومة، وأوفر منها ولم أزك عنها.. ولكن أزكي زكاة الفطر وعيد الأضحى، أو لو أحد مسافر أعطيه مبلغا ليوزع في بلدي؛ لأنه يوجد فقراء كثير، ولكن هنا لا يوجد. في خاطري حاجات خيرية كثيرة، ولا أدري كيف أفعل في موضوع زكاة المال التي هنا؛ لأن ضميري ليس مرتاحا وخصوصا أنا أرى أني مرتاحة وغيري لا. وكيف أقدر وأساعد ناسا في هذه البلاد أو في بلدي (الصدقة) أو في بناء مساجد أو أي شيء فيه الخير، علما بأن ظروفي لا تسمح بزيارة بلدي الآن. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجبُ عليكِ إخراج الزكاة في مال أولادك، الذي ذكرتِ أنه يُصرف لهم إذا كان هذا المال نصاباً، ويجبُ عليكِ إخراجه عما مضى من السنين، فإن الزكاة لا تسقط بالتقادم. وقد بينا مقدار النصاب وكيفية إخراج الزكاة عن أكثر من سنةٍ مضت في الفتوى رقم: 93502.
والقول بوجوب إخراج الزكاة في مال الصبي، هو قول الجمهور. قال ابن قدامة في المغني: الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون. . . روي ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وعائشة والحسن بن علي وجابر رضي الله عنهم. وبه قال مالك والشافعي وأحمد. انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: والذي يدل على وجوبها في أموالهم عموم أدلة إيجابها من الكتاب والسنة، ولمَّا بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن وبين له ما يقول لهم كان مما قال له: أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم. رواه الجماعة، ولفظة: (الأغنياء) تشمل: الصغير والمجنون، كما شملهما لفظ الفقراء، وروى الشافعي في مسنده عن يوسف بن ماهك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابتغوا في أموال اليتامى، لا تذهبها أو لا تستهلكها الصدقة. وهو مرسل. وروى مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة، وقد قال ذلك عمر للناس وأمرهم، وهذا يدل على أنه كان من الحكم المعمول به والمتفق على إجازته، وروى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال: كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها، فكانت تخرج من أموالنا الزكاة. انتهى. وانظري الفتوى رقم: 6407.
وأما ما كنتِ تدفعينه إلى المسافرين ليخرجوه في بلادهم، فإن كنتِ تدفعينه إليهم بنية الزكاة، وكانوا يصرفونه في مصارفها، فإنه يجزئ عنكِ، فتخصمين هذا القدر الذي زكيته مما وجب عليكِ، وتبادرين بإخراج ما بقي.
ومصارف الزكاة قد بينها الله في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60} .، فلا يجوز لكِ دفع الزكاة في بناء المساجد، وغيرها مما ليسَ من مصارف الزكاة، وإذا لم تستطيعي إخراج الزكاة في البلد التي أنت فيه لعدم وجود المستحقين لها، أو لعدم علمكِ بهم جاز لك توكيل من يخرجها في غير بلدك، فإن نقل الزكاة جائزٌ للحاجةِ، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 12533.
وأما ما تريدين فعله من أعمال الخير، فنسأل الله أن يعينكِ ويوفقك، وباب الصدقة واسع، ومهما اجتهدتِ في أفعال البر فأنتِ مأجورة، قال تعالى: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ {البقرة:272} ، لكن ننبهكِ على أن صدقتكِ لا بد وأن تكون من مالكِ أنت، ولا يجوز لكِ أن تتصرفي في مال أولادك إلا بما فيه المصلحة، فلا تخرجي منه إلا الحق الواجب وهو الزكاة سواءٌ في ذلك زكاة المال، وزكاة الفطر.
واعلمي أنه ليس لعيد الأضحى زكاة، أو صدقة مخصوصة، وإنما المشروع فيه التقرب إلى الله بذبح الأضاحي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(11/13517)
زكاة الزيادة خلال الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[في 1 محرم 1429 كان مقدار النصاب 14500000 دينار جزائري، ودار الحول على هذا المبلغ فأردت أن أزكي في 1 محرم 1430، لكن في 1 محرم 1430 أصبح مقدار النصاب هو 19500000 دينار جزائري. هل يجب علي إخراج الزكاة اعتبارا بالنصاب الأول، أو لا يجب علي إخراج الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المبلغ إذا كان نصابا -وهذا هو الظاهر لنا- فيجب عليك زكاته عند تمام الحول على ملكه، والزيادة التي طرأت عليه إن كانت من أرباحه فتجب زكاتها معه لأن حول الربح حول أصله.
أما إن كانت من مال آخر استفدته بإرث أو من غلة عقار فلا تجب عليك زكاتها مع ذلك النصاب، ولكن يجب أن تزكيها إذا حال عليها الحول من يوم استفادتك لها ولو كانت أقل من نصاب، ولكن إن ضممتها للنصاب وزكيتها معه عند حوله فلا حرج.
وتراجع الفتويين رقم: 15966، 4237.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1430(11/13518)
هل على من ملك أرضا بإرث زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أنا وأمي وأختي أرض ميراث، هذه الأرض منذ مات والدي منذ 8 سنوات لم نستفد منها بشيء. الآن أجرناها عاما، لكن هذه الأرض لا نخرج لها زكاة، فنحن لا نعلم هل لها زكاة أم لا؟ مع العلم أن سعر الأرض نفسها قد ازداد عن سعرها يوم أن أخذناها ميراثا، ولو أردنا أن نبيعها ونستبدل ثمنها بعقار أو أرض أخرى فهل يختلف الأمر؟
ملحوظة هذه الأرض كانت سمكية وتحولت إلى زراعية، تحولها إلى زراعية رفع سعرها إلى حد ما، لكننا في كلتا الحالتين لم نستطع استغلالها سمكية أو زراعية فهي بالنسبة لنا تعتبر بورا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ملك أرضا بإرث أو تجارة أو هبة أو غير ذلك فإنه لا زكاة عليه في قيمتها، وإنما تجب الزكاة في قيمة الأرض إذا اشتراها بنية التجارة، فتزكى حينئذ زكاة عروض التجارة.
وعليه، فلا زكاة عليكم في الأرض المشار إليها، وإنما تجب عليكم الزكاة في أجرتها إذا بلغت نصابا بنفسها أو بما انضم إليها من نقود أخرى وحال عليها الحول. وانظري للفائدة الفتوى رقم: 53335.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1430(11/13519)
زكاة المال المدخر في صندوق التقاعد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إخراج الزكاة عن مال تم ادخاره في صندوق التقاعد، أقوم حاليا بدفع مبلغ شهري لمؤسسة الضمان الاجتماعي وذلك لادخاره وتشغيله لديهم إلى حين بلوغي سن التقاعد، وعند بلوغي لهذه السن يكون لدي الاختيار إما بالحصول على كامل المبلغ دفعة واحدة أو من خلال راتب تقاعدي شهري من المبلغ المدخر.
السؤال: هل يكون المبلغ المدخر-الذي تم دفعه من خلال الاستقطاعات الشهرية- خاضعا للزكاة إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول؟ علما بأنني لا أستطيع سحب المبلغ المدخر إلا عند بلوغي سن القاعد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الضمان الاجتماعي وضوابط الاشتراك فيه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72909، 9532، 10664، 29228، 9531.
وأما زكاة المال المدخر لدى هذا الصندوق فهي واجبةٌ إذا بلغ المال نصاباً وحال عليه الحول، ولكن لا يلزمك إخراجها إلا بعد قبضكَ للمال، فتزكيه إذا قبضته لما مضى من السنين في قول الجمهور، وعند مالك أنك تزكيه لسنةٍ واحدة، وقول الجمهور أصح وأحوط. وانظر لذلك الفتوى رقم: 68290.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(11/13520)
كيفية الزكاة بعد تقسيم الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي من 3 أسابيع وترك لي أنا وأختي ودائع في البنك لكي تساعدنا علي تجهيزنا مستقبليا، فهل يكون عليها زكاة مال كما أنه سوف يكون لنا أموالاً على مكافأة أبي رحمه الله وإصابة عمل لوفاته بالعمل، فهل لنا أن نخرج أيضا زكاة عليها وكم تكون قيمتها؟ فنرجو الدعاء لأبي ولنا وفقكم الله وجزاكم كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرحم أباكم برحمته الواسعة، وأن يوفقكم لما فيه الخير، ثم اعلموا بارك الله فيكم أن إيداع الأموال في البنوك الربوية غير جائز، إلا عند الضرورة كما بينا ذلك وما يترتب عليه في الفتوى رقم: 518 فلتراجع.. فإذا كانت هذه البنوك التي ترك أبوكم الأموال فيها بنوكاً ربوية فيجب عليك إخراج المال منها فوراً.
ثم إن هذه الأموال يجب تقسيمها بينكم القسمة الشرعية التي فرضها الله عز وجل كما بينتها آيات المواريث، فمن كان حظه من هذا المال منكم قد بلغ نصاباً وهو ما يساوي (85 جراماً من الذهب الخالص) أو (595 جراماً من الفضة الخالصة تقريباً) فزكاة هذا المال واجبة عليه، وذلك بعد مرور عام هجري كامل على دخول المال في ملكه وهو يوم وفاة الوالد رحمه الله.
وأما إذا كان حظ الواحد منكم لا يبلغ نصاباً ولو بضمه إلى ما يملكه من مال آخر فلا زكاة عليه فيه، والزكاة واجبة في هذا المال إذا بلغ نصاباً حتى وإن كان معداً لجهازكم لأنه مال مدخر، وقد بينا وجوب الزكاة فيه في الفتوى رقم: 104771.
والمكافأة التي تحصل لكم من جهة عمل أبيكم رحمه الله بعد قسمتها عليكم حسب الأنصبة الشرعية.. فإذا كان النصاب يكمل بها فإنكم تبتدئون حساب الحول من يوم دخولها في ملككم، وأما إذا كان النصاب لا يكمل بها فلا زكاة فيها على ما قدمنا.
وأما إذا كان النصاب قد كمل قبل ملكها فحكمها هو حكم المال المستفاد فعند أبي حنيفة أنه يضم إلى الأصل ويزكى بزكاته، وعند الجمهور أنه يُحسب له حول مستقل من يوم ملكه، والراجح هو مذهب الجمهور.. وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 41759، والفتوى رقم: 36382.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(11/13521)
هل في المال الباقي على ملكية صاحبة زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الجليل: أسأل عن التالي دفعت مبلغا من المال مع أخ لي لشركة عقارات تشتري الأراضي بأموالنا وتبني عليه عمارة سكنية سيكون لنا فيها بأمر الله شقة ونصيب من المحلات التجارية التي تبنى في الطابق الأرضي (قد نحصل على محل نعمل به مشروعا تجاريا مطعم مثلا أو تقوم الشركة ببيع المحلات وتعطينا نصيبنا من (أموال) وسنمتلك الشقة لنبيعها في المستقبل كتجارة نربح من استثمارها وما دفعناه من أموال الآن هو مقدم لشراء الأرض وضعناه في حساب الشركة بالبنك وسيتم شراء قطعة الأرض قريبا
وسؤالي هو هل الأموال التي دفعناها للشركة عليها زكاة مال أم لا حيث إنها بلغت النصاب وسيمر عليها عام هجري قريبا؟ وجزاكم الله خيرا، أرجو توضيح وضع هذا المال هل هو مال تجارة مع ذكر دليل فتوى فضيلتكم لكي أطمئن..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 113044، أن هذه المعاملة غير جائزةٌ شرعاً لما فيها من الجهالة والغرر، وعليه فالزكاةُ واجبةٌ عليكَ في هذا المال، لأنه لم يزل في مُلكك شرعاً، وعليك السعي في استرداده من هذه الشركة العقارية.
ولا يلزمك أن تزكيه حتى تقبضه، فإذا قبضته فعليكَ زكاته لما مضى من السنين.
وقد نص الجمهورُ من أهل العلم على وجوب التراد في العقد الفاسد، وأن المال لا يخرجُ من ملك صاحبه إذا حكم بفساد العقد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: المقبوض بالعقد الفاسد يجب فيه التراد من الجانبين، فيرد كل منهما على الآخر ما قبضه منه، كما في تقابض الربا عند من يقول: المقبوض بالعقد الفاسد لا يملك كما هو المعروف من مذهب الشافعي وأحمد. انتهى.
فإذا كان هذا المال لم يخرج من ملكك -كما هو المعروف من مذهب الشافعي وأحمد كما نص عليه الشيخ- فزكاته واجبةٌ عليك، لكنك إذا عجزت عن استرداده فحكمه حكم المال المغصوب، والراجح أنك تزكيه حين تقبضه لما مضى من السنين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1429(11/13522)
النصاب إذا اشتري به عرض للتجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان عند الشخص مال وبلغ المال النصاب وتم إخراج الزكاة عن الحول الأول وبدأ في حساب الحول الثاني (بداية مارس) لإخراج الزكاة وأثناء الحول (بداية أكتوبر) اشترى به ذهبا للاستثمار فهل تحول المال إلى ذهب يوجب حساب حول الزكاة من بداية أكتوبر أم يستمر بنفس بداية الحول الأصلية في بداية مارس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أن حساب الزكاة يكون بالتاريخ الهجري لا الميلادي وانظر الفتوى رقم: 10550.
ثم اعلم أن النصاب إذا اشتريَ به عرضٌ للتجارة فحولُ عروض التجارة في هذه الحال هو حول الأصل، وعليه فإذا كان هذا الذهب حليا واشتريته بنية التجارة فالواجبُ عليكَ أن تُزكيَ قيمة هذا الذهب إذا حال حول المال الذي اشتريته به لما أنكَ اشتريته لتستثمره، قال ابن قدامة في المغني في سياقه لمذهب الشافعي وهو أيضاً مذهبُ مالكٍ وأحمد في هذه الصورة: وإن اشترى سلعة بنصاب، فزادت قيمتها عند رأس الحول، فإنه يضم الفائدة، ويزكي عن الجميع. انتهى. وأيضاً فإن هذه الأوراق النقدية إنما تُزكى لأن أصلها الذهب أو الفضة كما هو معلوم.
والحليُ إذا كان معداً للتجارة فإنه يُزكى زكاة عروض التجارة، فيقوّمُ على رأس الحول ويُخرجُ ربع عشر قيمته وهذا مذهبُ الشافعي وأحمد خلافاً لمالك رحمه الله.
قال ابن قدامة في المغني: ويعتبر في النصاب في الحلي الذي تجب فيه الزكاة بالوزن، فلو ملك حليا قيمته مائتا درهم، ووزنه دون المائتين، لم يكن عليه زكاة. وإن بلغ مائتين وزنا، ففيه الزكاة وإن نقص في القيمة ; لقوله عليه السلام: ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة.
اللهم إلا أن يكون الحلي للتجارة فيقوم، فإذا بلغت قيمته بالذهب والفضة نصابا، ففيه الزكاة ; لأن الزكاة متعلقة بالقيمة، وما لم يكن للتجارة فالزكاة في عينه، ... إلى أن قال: وهذا مذهب الشافعي. وقال مالك: الاعتبار بالوزن ... ولنا، أن الصناعة صارت صفة للنصاب لها قيمة مقصودة، فوجب اعتبارها كالجودة في سائر أموال الزكاة. انتهى بتصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(11/13523)
هل في المال المعد للحج زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قدمت أمي فى شركة سياحية على الحج هذا العام إن شاء الله ومبلغ الحج المدفوع يحل عليه نصاب الزكاة قبل الحج، فهل يجب على هذا المبلغ الزكاة أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا المال باقياً في أيديكم حتى يحول عليه الحول الهجري لم تسلموه لشركة السياحة، فزكاته واجبة عليكم لوجود شرط الزكاة، وهو كمال النصاب وحولان الحول، وأما إذا كانت الشركة قد قبضت هذا المال فعلاً ودخل في ملكها فلا زكاة عليكم فيه لأنه قد خرج من أيديكم فلم تعودوا مالكين له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1429(11/13524)
هل على من اشترى مطعما ثم باعه بعد ثلاثة أعوام زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت مطعما منذ 3 سنوات بـ 50 ألف بعد مرور سنة ونصف ربحت منه 25 ألف وبعد مرور السنة والنصف الثانية ربحت منه 24 ألف ومن ثم بعته بـ 750000. السؤال كيف أحسب الزكاة؟.
جزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد اشتريتَ هذا المطعم بنية التأجير أو لتعمل فيه فلا زكاة عليك في عين المطعم وآلاته، وإنما تجب الزكاة فيما فيه من مواد أعدت للبيع، وعلى هذا فلا زكاة عليك في القيمة التي بعت بها هذا المطعم وما فيه من آلات ومعدات إلا بعد أن يحول الحول الهجري على دخولها في ملكك، وأما الأرباح التي حصلت لكَ في أثناء مدة الثلاث سنوات، فكانَ الواجبُ عليكَ زكاةُ ما دخل في ملكك منها إذا حال الحول الهجري على رأس المال الذي اشتريت به تلك المواد والمعدات للبيع وكان نصابا بنفسه أو بضمه إلى ما عندك من نقود أخرى أو ذهب أو فضة، إلا إذا أنفقتها في أثناء الحول أو أنفقت بعضها فلا يجبُ عليكَ زكاة المال الذي أنفقته لأنه لم يعد في مُلكك، وإذا تحققت أن الزكاةَ كانت واجبةً عليك في هذه المدة فيجبُ عليكَ زكاةُ ما مضى من السنين لأنها في ذمتك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فدينُ الله أحقُ أن يُقضى. متفقٌ عليه.
وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام الآتية: 40355، 73271، 43028.
أما إذا كنت اشتريت هذا المطعم بنية بيعه فإنه يصير بذلك من عروض التجارة فيلزمك أن تخرج ربع عشر قيمته كلما حال الحول على الثمن الذي اشتريته به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1429(11/13525)
المال الذي في يدك تجب فيه الزكاة بشروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للزكاة، أنا قد اعتدت أن أخرج الزكاة بيوم معين وقد اشتركت بمشروع بناء مستشفى لا يزال قيد الإنشاء ويحتاج على الأقل سنة ونصف ليبدأ العمل، اشتركت كمساهم بنسبة معينة وبعد اكتمال المشروع سأقوم أو يفترض أن أعمل في هذا المستشفى، وقد دفعت خلال هذه السنة وحتى الآن مبلغا معينا وعلي دفع أقساط أو دفعات شهرية حتى يكتمل المشروع، والسؤال هل ما دفعته حتى الآن وما سأدفعه مستقبلا عليه زكاة وبالتالي علي حسابه ضمن ما أمتلكه من سيولة عند كل حول أم لا، فأفيدوني جوابا شافياً؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بالنسبة لما دفعته في بناء هذه المستشفى فليس عليك فيه زكاة، لأن المستشفى وإن كانت مشروعاً استثمارياً إلا أنه لا تجب الزكاة في عينها لأنها ليست من عروض التجارة، وإنما تجب الزكاة فيما تدره من ربح إذا تحقق فيه شرط وجوب الزكاة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 62266.
وأما المال الذي ينتظر أن تدفعه في تكميل بناء المستشفى، فإذا حال عليه الحول وهو في يدك وجب عليك إخراج زكاته (2.5) إذا كان قد بلغ النصاب مضافاً إلى ما عندك من نقود أو عروض تجارة وحال عليه الحول، وذلك لوجود شرط وجوب الزكاة فيه وهو بلوغ النصاب وحولان الحول، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 19440، والفتوى رقم: 20189.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(11/13526)
المبلغ المذكور يبلغ النصاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي مال في البنك ولا أعرف كم قيمة زكاتي؟
علما ً بأن المبلغ الموجود في البنك حالياً #9.000ريال]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المبلغ المذكور يبلغ النصاب إذ النصاب للأوراق النقدية هو قيمة خمسة وثمانين جراما من الذهب أو خمسمائة وخمسة وتسعين جراما من الفضة، وعليه فإذا حال عليه الحول فيجب إخراج ربع عشره 2،5 عن كل سنة هجرية مرت عليه من حين بلوغه النصاب فيجب أن يخرج من تسعة آلاف ربع عشرها وهو خمسة وعشرون ومائتا ريال (225) وراجع الفتوى رقم: 19959، والفتوى رقم: 3325.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1429(11/13527)
حكم الاحتيال للتهرب من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق قبل نهاية الحول يبيع استثماراته ويقوم بشراء غيرها ويقول: إنه بذلك لا يستحق عليه زكاة، وأنه يستحق على الربح فقط فأرجو الإفادة، هل تغيير شكل الاستثمار أو بيعه وإعادة شرائه يعفي من الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت استثمارات صديقك في البضائع التجارية فهذه لا تجب الزكاة في عينها بل في قيمتها، وعليه فإذا كان الشخص المذكور يمارس التجارة في نوع معين من البضائع وقبل الحول يبيعها ويشتري بضاعة أخرى فلا تسقط عنه الزكاة، بل إذا حال حول الثمن الذي اشتريت به تلك البضائع، إن كان ذلك الثمن نصاباً وجب عليه أن يعرف قيمتها في السوق ويخرج الزكاة عن أصل المال والربح معاً، ولو فرض أنه اشترى عروض التجارة بمال دون النصاب، فإن الحول يبدأ من اكتمال النصاب، فإذا حال الحول لزمه أن يقوم ما عنده من عروض فإن كانت القيمة بالغة نصاباً فعليه إخراج ربع العشر، وليس وجوب الزكاة مقتصراً على الربح فقط، بل تجب فيه مع رأس المال لأنه ناشئ عنه.
وضم الربح لأصل المال في الزكاة هو مذهب المالكية والحنابلة وقول عند الشافعية وأبي يوسف من الحنفية ففي الموسوعة الفقهية: يضم الربح الحاصل من عروض التجارة في أثناء الحول إلى الأصل، وذلك لأجل حساب الزكاة، فلو اشترى مثلاً عرضاً في شهر المحرم بمائتي درهم فصارت قيمته قبل آخر الحول ولو بلحظة ثلثمائة درهم زكى الجميع آخر الحول، سواء حصل الربح في نفس العرض كسمن الحيوان، أم بارتفاع الأسواق قياساً على النتاج مع الأمهات؛ ولأن المحافظة على حول كل زيادة مع اضطراب الأسواق مما يشق، ولأنه نماء جار في الحول تابع لأصله في الملك فكان مضموماً إليه في الحول، وهذا مذهب المالكية والشافعية في قول هو خلاف الأظهر والحنابلة وإسحاق وأبي يوسف، والأظهر عند الشافعية أنه يضم الربح إلى الأصل ما لم يكن هناك نضوض فإن كان فلا يضم بل يزكي الأصل لحوله ويستأنف للربح حولاً، وقال أبو حنيفة: إنه يبني حول كل مستفاد على حول جنسه نماء كان أو غيره. انتهى.
وإذا كان يشتري بثمن بضاعته تلك مالاً لا تجب زكاته كشراء أرض للبناء مثلاً ونحو ذلك، لكي تسقط عنه الزكاة، فإن كان ذلك في أول الحول فلا زكاة عليه، وإن كان بعد الحول وجبت الزكاة، وإن كان قرب الحول فقد اختلف أهل العلم هل تسقط الزكاة أم لا؟ وراجع تفاصيل ذلك في الفتوى رقم: 98664.
وعليك نصح صديقك هذا وتذكيره بحرمة منع الزكاة وخطورة التحايل لإسقاطها، وأن يخرج ما وجب عليه من زكاة واجبة فيما مضى مع الاحتياط في ذلك حتى يتحقق من براءة ذمته، وبين له أن الصدقة لا تنقص المال بل تنميه لما في صحيح مسلم: ما نقصت صدقة من مال ... ولقوله تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ:39} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(11/13528)
مقدار النصاب في الذهب والفضة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النصاب في زكاة المال -بعد مرور الحول- يساوي 80غراما من الذهب؟ وإذا كان كذلك فهل هذا يعني إذا كانت 80غرام من الذهب تساوي 8000 درهم في السنة الماضية, وهذه السنة 80 غرام تساوي 1200 درهم، السؤال: هل أخرج الزكاة كل سنة بناء على ما وصلت إليه قيمة 80 غراما من الذهب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنصاب من الأوراق النقدية الحالية يرجع في قدره إلى القيمة من الذهب والفضة، وهذا ما يجعل النصاب من تلك النقود يختلف صعودا وهبوطا تبعا لقيمة الذهب أو الفضة وقت وجوب الزكاة.
والنصاب من الذهب هو خمسة وثمانون غراما من الذهب, ومن الفضة خمسمائة وخمسة وتسعون 595 غراما، والأوراق النقدية تقدر بالأحظ للفقراء منهما أي بالذي يبلغ المال به النصاب من الصنفين.
وقولك أن 80 غراما كانت تساوي في السنة الماضية 8000 درهم وهذه السنة صارت تساوي 1200 يفيد أن الغرام الواحد كان يساوي في السنة الماضية 1000 درهم وأنه هذه السنة يساوي 15 درهما.
وهذا أمر يتنافى مع واقع التضخم المشهود، وعلى أية حال فإن الواجب لتحديد ما إذا كان مال من الأوراق النقدية قد بلغ النصاب هو أن ينظر في قيمة 85 جراما من الذهب أو قيمة 595 جراما من الفضة فإذا ساوى المال أحد هذين وجبت الزكاة إذا حال عليه الحول، وإذا تقرر وجوب الزكاة فالواجب إخراجه هو ربع العشر 2.5 بالغا ما بلغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(11/13529)
كيفية تحديد نصاب الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تم تحديد نسبة 2.5 للزكاة؟ وهل هي موحدة في كل البلاد الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رسول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يلق ربه إلا بعد أن بين لأمته جميعَ ما تحتاج إليه في أمر دينها.
ومقادير الزكاة وأنصبتها من حدودِ الله التي بينها النبي- صلى الله عليه وسلم – أتم بيان، فليس لأحدٍ بعده أن يزيدَ فيها ولا أن ينقص منها، قال تعالى: وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا {الحشر: 7} ، وليست كلُ الأصناف التي تجبُ فيها الزكاة مُقدرة بربع العشر (2,5) بل هذه زكاةُ الأثمان وعروض التجارة، وأما الزروع والثمار والحيوان وسائر الأصناف الزكوية فلها مقاديرُ أخرى مبينة في النصوص، ودليلُ وجوب إخراج زكاة الأثمان وعروض التجارة بهذا المقدار المتقدم ذكره ما رواه عليٌ – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق، فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهمًا درهمًا وليس في تسعين ومائة شيء، فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم. رواه أحمد وأبو داود والترمذي. صححه أحمد شاكر وحسنه الألباني.
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون دينارا، فإذا كان لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار.. الحديث. رواه أبو داود.
وهذا المقدار الواجب لا يتفاوت بتفاوت الأزمنة ولا الأمكنة بل هو مقدارٌ شرعيٌ ثابت يلزمُ كل مكلف وجدت فيه شروط هذه العبادة ...
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(11/13530)
زكاة المال المستفاد أثناء الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت على مبلغ 165000 في الشهر السابع سنه 2007 وصرفت جزءا من المبلغ في الزواج وتبقى من المبلغ 15000 درهم ولكن المبلغ المتبقي يصل أحيانا إلى 10000 درهم ولم يقل عن 10000 وحال الحول على المبلغ هل عليه زكاة أم لا، وكم المبلغ إذا وجدت الزكاة مع العلم أني أضفت مبلغا فوق 10000 وأصبح 50000 منذ شهر....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشترط لوجوب الزكاة ملك النصاب وحولان الحول، والنصاب هو ما يساوي عشرين دينارا من الذهب أو مائتي درهم من الفضة، انظر الفتوى رقم: 4053.
ثم لا بد أن تعلم أخي الحبيب أن حول الزكاة يُحسب بالحول الهلالي -التقويم الهجري- لا الميلادي، والتقويم الهجري ينقص عن الميلادي أحدَ عشرَ يوماً تقريباً، فعليك أن تحدد اليوم الذي ملكت فيه النصاب بالتاريخ الهجري، ولأن المال الذي ملكته قبل أكثر من سنة لم ينقص عن عشرةِ آلاف درهم فإن كان هذا المبلغ يبلغ النصاب حسب التفصيل الذي بيناه، فعليك أن تبادر بإخراج زكاته وهي ربع العشر (2,5) ، وأما الزيادة التي حصلت لك في أثناء الحول حتى صار بها المال خمسين ألفاً فهذه إن كانت متولدةً عن الأصل كأن كانت ربح تجارةٍ فإنه تلزمك زكاتها مع الأصل بلا خلافٍ بين العلماء، وأما إن كانت غيرَ متولدةٍ عن الأصل -وهذا هو الظاهر من سؤالك- بأن أتتك من طريقٍ آخر (إرثٍ أو راتب أو نحوه) فالصحيح من قوليّ العلماء وهو مذهب الجمهور أنك تحسب لها حولاً مستقلاً فإذا مضى زكيتها، وإن شئت أن تزكي هذا المال المستفاد مع أصل المال جاز لأنه تعجيلٌ للزكاة في الحول وهو جائزٌ عند الجمهور، وراجع فيه فتوانا رقم: 6497،. واحرص على إخراج الزكاة في موعدها، وألا يتكرر منك تأخير إخراج الزكاة عن وقتها لكي لا تعرض نفسك لسخط الله عز وجل ... وبالله التوفيق
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1429(11/13531)
زكاة المال إذا نقص عن النصاب أثناء الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[تكون لي مال من مرتبي بلغ النصاب وقبل أن يبلغ الحول اشتريت سيارة فكيف أزكي مالي وهل أزكي على السيارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال ـ وإن بلغ نصابا ـ لا يجب إخراج زكاته حتى يحول عليه الحول، فإذا اشترى صاحب المال منه قبل الحول سيارة للقنية فإنها لا تجب فيها الزكاة، وإذا تم الحول يزكي ما عنده من المال إذا كان بلغ النصاب وذلك لحديث ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ عِنْدَ رَبِّهِ. رواه الترمذي ثم قال: رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا زَكَاةَ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَبِهِ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِذَا كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ سِوَى الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، فَإِنْ اسْتَفَادَ مَالًا قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْمَالَ الْمُسْتَفَادَ مَعَ مَالِهِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ. وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ. انتهى.
وقَالَ أَبُو بَكْرٍ لجابر وقد أعطاه مالا: لَيْسَ عَلَيْكَ فِيهَا صَدَقَةٌ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ. رواه أحمد.
وقال عَلِي: لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. رواه أحمد.
وعن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ: أنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ مِنْ مَالٍ زَكَاةً حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. رواه مالك في الموطأ.
وقال الباجي في شرحه: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. انتهى.
ومن الأدلة على عدم وجوب زكاة ما اشترى من المقتنيات كالمنزل والثياب والسيارة؛ قول النبي صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَغُلَامِهِ صَدَقَةٌ. رواه البخاري ومسلم.
قال النووي: هَذَا الْحَدِيث أَصْل فِي أَنَّ أَمْوَال الْقِنْيَة لَا زَكَاة فِيهَا, وَأَنَّهُ لَا زَكَاة فِي الْخَيْل وَالرَّقِيق إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ , وَبِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاء كَافَّةً مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف. اهـ.
وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 1371، 3245، 6527، 8027، 39473، 65193، 69303، 54242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(11/13532)
هل في آلة التصوير زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب الزكاة على آلة التصوير الموجودة في المحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الآلة إذا لم تكن تراد للبيع فليس عليك زكاة فيها، وإنما تجب عليك الزكاة في الربح الذي يعود عليك منها إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول.
وأما نفس الآلة فطالما أنها ليست معدة للتجارة فلا زكاة عليك فيها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس على الرجل في عبده ولا فرسه صدقة. متفق عليه.
وفي معنى هذا كل ما اتخذه الإنسان للقنية أو للغلة.
وتجدر ملاحظة أن تصوير ذوات الأوراح محل خلاف بين أهل العلم، ويجري في آلة التصوير من حيث بيعها وشراؤها من الخلاف ما يجري في التصوير، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 17976.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(11/13533)
زكاة المال الموروث الذي تأخرت قسمته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في التركة (البيت أو محل تجاري أو الأرض) بعد بيعهم بعد مرور ثلاث سنوات زكاة؟، علماً بأن التأخير في البيع ليس لقصد الزيادة وإذا كان لأحد الأبناء سهم في المحل التجاري، هل بعد التقسيم لابد أن يزكى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى أن تقسم تركة الميت بعد وفاته بعد استكمال الإجراءات المطلوبة لذلك، وإذا كان تأخير القسمة قد تم برضا من يعتبر رضاهم من الورثة فإنه لا مانع منه، ثم إنه لا زكاة في البيت والأرض، أما المحل التجاري فتجب زكاته وينظر إلى نصيب كل واحد من الورثة على حدة، فإن بلغ النصاب بنفسه أو بضمه إلى غيره مما هو في ملكه من نقود أخرى أو عروض تجارية قد حال عليها الحول، فعليه الزكاة عن كل سنة مرت وهو يملك النصاب، والنصاب في الأوراق النقدية الحالية وما في حكمها كالبضائع التجارية هو ما يساوي خمسة وثمانين غراماً من الذهب تقريباً أو خمس مائة وخمسة وتسعين جراما من الفضة، والقدر الواجب إخراجه هو ربع العشر (اثنان ونصف في المائة) ، وسواء في ذلك كان الوارث بالغا أو غير بالغ، كما هو مبين في الفتوى رقم: 38213.
أما من لم يبلغ نصيبه نصابا بنفسه ولا بضمه إلى غيره فلا زكاة فيه، وقد كان على الشخص الذي يملك نصيبا من المحل التجاري أن ينظر بنفسه أو ينظر وليه إن كان صغيرا في قدر سهمه عند حولان الحول فإن كان نصابا بنفسه أو بضمه إلى غيره زكاه وإلا فلا زكاة عليه، وحيث إنه أخر النظر في ذلك لهذه المدة فإن الزكاة لا تسقط بالتقادم وليقدر المبلغ عند تمام كل سنة من السنين الثلاث ويخرج زكاته إن كان نصابا بنفسه أو بضمه إلى غيره مما هو في ملكه من النقود أو الأموال التجارية التي حال عليها الحول.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات خطير جدا وعليه فلا يمكن الاعتماد فيه على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق في عدد الورثة وما إن كانت هناك وصايا أو ديون أو غير ذلك مما يتعلق بالميت، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 72390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1429(11/13534)
زكاة المساهم في جمعية مع أصدقائه
[السُّؤَالُ]
ـ[كان معي مبلغ من المال واستلفت عليه مبلغا آخر أو عملت جمعية مع بعض الأصدقاء وقبضت أول الجمعية وهذه الجمعية مستمرة لمدة أكثر من عام لكى أعمل به مشروعا، فهل يتم حساب زكاة المال على المبلغ الأصلى فقط أم بالإضافه إلى المبلغ الذي استلفته؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنشاء مثل تلك الجمعية التي ذكرت أمر مشروع نظراً لما يشتمل عليه من المصلحة والتعاون، والمساهم في هذه الجمعية إما أن يكون قد أتى دوره فيكون آخذاً، وإما أن يكون دافعاً للأقساط المقررة ويتأخر أخذه لدورة الجمعية، وكيفية الزكاة في كلتا الحالتين قد سبق بيانها وذلك في الفتوى رقم: 5457، والفتوى رقم: 11468.
بقي أن ننبه السائل الكريم إلى أنه إذا أراد حساب ما لديه من نقود فليسقط منها ما عليه من دين ما لم يكن عنده من الأموال غير الزكوية الزائدة عن حاجته ما يقابله، فإن بقي بعد إسقاط دينه نصاب مضت عليه سنة قمرية وجبت الزكاة وإلا فلا، وراجع في هذا الفتوى رقم: 6336.
والنصاب من الأوراق النقدية الحالة هو ما يساوي خمسة وثمانين غراماً من الذهب، أو خمسمائة وخمسة وتسعين جراما من الفضة، والقدر الواجب إخراجه زكاة هو اثنان ونصف في المائة (ربع العشر) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1429(11/13535)
غلاء الأسعار لا يسقط الزكاة على من وجبت عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مبلغ من المال بالبنك حيث إنني موظف ومن الفوائد أسدد بها مصاريف مدارس الأولاد واستكمال ما يلزمني لاحتياجات البيت وكنت أخرج الزكاة وهذا العام نظرا للغلاء الشديد لم أستطع الوفاء بجميع الزكاة حيث إن المال أساسي أذا أخذت منة ستقل الفوائد وبالتالي ستزداد الأعباء علي وأنني لا أريد أن أسأل أحدا للمساعدة؟ ... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن البنك الذي تودع فيه بنك ربوي لذا يجب عليك أن تسحب منه مالك وتتوب إلى الله مما كنت عليه، وإذا أردت الاستثمار فلتستثمر في المصارف التي تتعامل طبقا لأحكام الشرع أو في غيرها من أوجه الاستثمار الجائزة لأنه لا يجوز للمسلم التعامل مع البنوك الربوية ولا الإيداع فيها، والفوائد المأخوذة من هذه البنوك ربا محرم ويجب التخلص منها كلها بصرفها في مصالح المسلمين العامة أو إعطائها للجهات الخيرية، وللتحذير من الإيداع في البنوك الربوية وأخذ فوائدها يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 1220، والفتوى رقم: 2181.
وإذا تبين أن الفوائد الربوية يجب التخلص منها علمنا أن الزكاة هنا إنما تجب في رأس المال فقط، ولا تسقط بحال من الأحوال ما دام المال يبلغ النصاب وقد حال عليه الحول وهو كذلك، سواء في ذلك فترة غلاء الأسعار وغيرها. لذا يجب على الأخ السائل أن يدفع الباقي من زكاة رأس ماله، وليحذر من التردد في إخراج الزكاة أو نقص المبلغ الذي يجب إخراجه فإنها الركن الثالث من أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة، وقد ورد الوعيد الشديد في حق مانعها، ولا ينسى أن الفقراء والمساكين هم أشد الناس تأثرا بغلاء الأسعار فكيف يمنعون حقهم أو ينقص في وقت هم في أمس الحاجة إليه، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 26987، والفتوى رقم: 27503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(11/13536)
من عنده مال وجبت فيه الزكاة واكتسب مالا من بيع أرض
[السُّؤَالُ]
ـ[مال بلغ النصاب وحال عليه الحول ثم أتى مال من بيع قطعة أرض كانت هبة في الأصل قبل 3 أشهر من حولان حول النصاب أعلاه فهل يضاف مبلغ قطعة الأرض وتخرج الزكاة أم تخرج زكاة المال الأول وينتظر حتى يحول الحول على مال قطعة الأرض ثم يزكى؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تجب زكاة المال المكتسب من بيع الأرض إلا إذا حال عليه الحول، لكن يجوز تقديم الزكاة فيضمه للنصاب الذي كان عنده ويخرج زكاة الجميع عند تمام حول المال الأول.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال المكتسب من بيع الأرض لا تجب الزكاة فيه إلا إذا حال عليه الحول، لكن يجوز تقديم الزكاة، فلمالكه أن يضمه للنصاب الذي كان عنده ويخرج زكاة الجميع عند تمام حول المال الأول ولو كان المبلغ المستفاد أثناء الحول دون النصاب لأنه تابع للنصاب الأول، ثم إن النصاب في الأوراق النقدية الحالية وما في حكمها كالبضائع التجارية هو ما يساوي خمسة وثمانين غراماً من الذهب تقريباً، والقدر الواجب إخراجه هو ربع العشر (اثنان ونصف في المائة) .
قال ابن قدامة في المغني: فإن استفاد مالا مما يعتبر له الحول، ولا مال له سواه، وكان نصابا، أو كان له مال من جنسه لا يبلغ نصاباً، فبلغ بالمستفاد نصاباً، انعقد عليه حول الزكاة من حينئذ، فإذا تم حول وجبت الزكاة فيه، وإن كان عنده نصاب، لم يخل المستفاد من ثلاثة أقسام: أحدها: أن يكون المستفاد من نمائه كربح مال التجارة ونتاج السائمة، فهذا يجب ضمه إلى ما عنده من أصله، فيعتبر حوله بحوله ... إلى أن قال: القسم الثالث: أن يستفيد مالاً من جنس نصاب عنده، قد انعقد عليه حول الزكاة بسبب مستقل مثل أن يكون عنده أربعون من الغنم مضى عليها بعض الحول فيشتري أو يتهب مائة، فهذا لا تجب فيه الزكاة حتى يمضي عليه حول أيضاً. وبهذا قال الشافعي وبيان ذلك أنه لو كان عنده مائتا درهم مضى عليها نصف الحول، فوهب له مائة أخرى، فإن الزكاة تجب فيها إذا تم حولها بغير خلاف ولولا المائتان ما وجب فيها شيء.. إلى أن قال: وأما ضمه إليه في النصاب فلأن النصاب معتبر لحصول الغنى، وقد حصل الغنى بالنصاب الأول. انتهى بحذف دعت الحاجة إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1429(11/13537)
النصاب الشرعي لزكاة الأموال والذهب والعقارات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الطريقة الدقيقة لاحتساب زكاة المال عن المال والذهب والعقارات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النصاب الشرعي لزكاة الأموال يعرف بالمقارنة مع النصاب من الذهب أو الفضة حسبما هو أحظ للفقراء.
فنصاب الذهب هو عشرون ديناراً، وهو ما يعادل 85 جراماً من الذهب، ونصاب الفضة هو مائتا درهم ويعادل 595 جراماً من الفضة، فإذا أراد المرء أن يعرف النصاب من أي عملة كانت فلينظر كم قيمة نصاب الذهب ونصاب الفضة منها، فإذا بلغت النصاب بهما أو بأحدهما وجبت الزكاة، والذي يجب إخراجه هو ربع العشر أي اثنان ونصف في المائة.
وفيما يتعلق بالذهب فكما قلنا أن نصابه خمسة وثمانين جراماً، فمتى ملك الإنسان هذا القدر من الذهب أو أكثر وحال عليه الحول وهو كذلك وجب عليه إخراج الزكاة، والقدر الواجب إخراجه هو ربع العشر (اثنان ونصف في المائة:2.5)
أما فيما يتعلق بالعقارات فإذا كان العقار لم يشتر ليباع بقصد التجارة فلا زكاة فيه، لكن إن كان معدا للإيجار، فإن الزكاة واجبة فيما يحصل من غلته إذا حال عليه الحول وهو نصاب بنفسه أو بما ينضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة.
وإن كان العقار معدا للبيع فإنه يزكى زكاة عروض التجارة، فتجب الزكاة في قيمته إذا بلغت نصابا بنفسها أو بما ينضم إليها من نقود أو عروض تجارة وحال عليها الحول، ويقوم كل سنة بسعر السوق وقت وجوب الزكاة. ومقدار الزكاة في ذلك كله 2.5 أي: في كل ألف ريال خمسة وعشرون ريالاً.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 78590، والفتوى رقم: 104486.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1429(11/13538)
من أعطي من الزكاة ما يبلغ النصاب وحال عليه الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[تحصل جدتي على بعض المبالغ من بعض الأقارب على سبيل الزكاة كما تذكر بالرغم من أنها تعيش مع ابنتها وجميع طلباتها مجابة.
وقد تجمع لها الآن ما يقارب 30000 ريال وأعطتها سلفة لزوج ابنتها لمساعدته في بناء مسكنه.
السؤال: جدتي لم تكن تخرج الزكاة بحجة أن هذه الأموال أساسا زكاة. وكما أنها لا تعلم لاهي ولا والدتي كم سنة مر الحول عليها ,, كما أن المبلغ حاليا غير متوفر (أقرضته) ..
فما الحكم في مالها الآن؟ وهل التصدق من دون نية الزكاة فيما مضى يقوم مقام الزكاة عن تلك السنوات؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت جدتك تجد الكفاية من إنفاق وكسوة ومسكن ونحو ذلك من مال ابنتها فإنها ليست من أهل الزكاة ولا يجوز لها أخذها، أما إذا لم تجد ذلك أو وجدت بإنفاق زوج ابنتها عليها فإنها محتاجة، ولها أخذ الزكاة ما دامت كذلك لأن زوج ابنتها لا يلزمه نفقتها، فإن أعطيت من الزكاة ما يبلغ النصاب وحال عليه الحول وهو كذلك لزمها إخراج زكاته ولو كان أصله من الزكاة لأنه مال مملوك لشخص معين فتجب فيه الزكاة، وحيث إن المبلغ المذكور يبلغ النصاب ولم يعلم عدد السنين التي مرت عليه فيرجع لمعرفة قدره في كل سنة وفي تقدير السنين التي مرت عليه وهو نصاب إلى الاجتهاد والتحري والتقدير، فعليها أن تتحرى في تقدير السنين التي مرت على هذا المبلغ وهو نصاب وفي مقداره كل سنة ثم تخرج ربع العشر حسب المبلغ عن كل سنة مرت عليه وهو نصاب لأنها لا تستطيع غير ذلك، والزكاة لا تسقط بالتقادم، ولا تجزئ عنها الصدقة التي لم تكن مصحوبة بنية الزكاة، هذا إذا كان زوج ابنتها الذي اقترض المبلغ مليئا غير مماطل، فإن لم يكن كذلك انتظرت حتى يرده إليها فتخرج زكاة ما قبل إقراضه على نحو ما ذكرنا، وما بعد إقراضه تخرج عنه زكاة سنة واحدة إذا مكث في ذمته سنة أو أكثر.
وننبه إلى أن النصاب في الريال ونحوه من العملات هو ما يعادل خمسة وثمانين غراما من الذهب، أو خمسمائة وخمسة وتسعين جراما من الفضة، والمقدار الواجب إخراجه هو ربع العشر أي 2،5، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 2055، والفتوى رقم: 22940.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(11/13539)
المال الذي تجب فيه الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مكتب خدمات عامة ومراجعة الدوائر الحكومية ... السؤال هل على الدخل زكاة أم لا؟ علماً أن دخل هذا المكتب غير محدد ولايبقى بمعنى أنه يُصرف في حينه أو على مدار الشهر من رواتب عاملين وخلافه ... أفيدوني جزاكم الله خيراً مشكورين هل يجب عليّ أن اُخرج منه الزكاة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزكاة تجب في المال إذا توفرت فيه شرطان:
الأول أن يبلغ نصابا وهو ما يعادل قيمة 85 جراما من الذهب أو ما يعادل خمسمائة وخمسة وتسعين جراما من الفضة.
الثاني: أن يمر عليه حول هجري من اكتمال النصاب، وهذا المال الذي ذكرت لا يتوفر فيه هذان الشرطان وعليه فليس فيه زكاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(11/13540)
يستقبل في المال الخارج عن الملك حول جديد
[السُّؤَالُ]
ـ[دفعت مبلغا من المال كمقدم لشراء شقة سكنية من شركة تعمل في مجال الإسكان ولكن تعثرت الشركة في البناء وتم استرداد المبلغ بعد 20 شهرا، هل تجب الزكاة عن هذه المدة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البيع قد تم بينك وبين الطرف الثاني -كما هو الظاهر- فإنك لا تطالب بزكاة هذا المال عن تلك الفترة لخروجه عن ملكك، ولو رجع إليك بعد ذلك لسبب ما، بل عليك أن تستقبل حولا من يوم رجوعه إليك.
وإنما تجب زكاته على الشركة إذا بلغ النصاب لأنه صار ملكا لها بعد العقد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1429(11/13541)
لا زكاة في ما زاد على ما دفع إلى شركة التأمين
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت على مال من شركة تأمين إلا أني لا أستطيع أن أحصل عليه إلا بعد مرور عشر سنوات السؤال الأول، هل يجب علي إخراج الزكاة كل سنة كالدين المرجو أم يجب علي إخراج الزكاة مرة واحدة عند قبضها أي فقط 2.5 بالمئة علما بأنني لو أخرجت الزكاة عند قبضها عن السنوات كلها سيذهب 25 بالمائة منها، هو أن غلاء المعيشة بعد 10 سنوات سيرتفع أو ينخفض فتصبح الأموال لا قيمه لها مثل الآن فهل أستطيع أن آخذ ما أضافه البنك على أموالي حتى توازي القيمة الآن أم أن هذا ربا، فأفيدوني رحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من تحصل بيده مبلغ التأمين التجاري فلا يستحق منه المؤمِّن إلا قدر ما دفعه هو أو دفع نيابة عنه، وعليه إنفاق ما زاد على ذلك في منافع المسلمين العامة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الذي يستحقه المؤمن من شركة التأمين التجاري مال ناتج عن عقد محرم، فالتأمين التجاري من العقود المحرمة والتي أجمعت المجامع الفقهية على حرمتها، وراجع في هذا الفتوى رقم: 7394.
ولا يستحق المؤمن من مبلغ التأمين إلا ما دفعه من أقساط أو دفعته عنه جهة كما تفعل بعض المؤسسات لموظفيها، وأما ما زاد على ذلك فهو مال محرم لا يملك، فإذا تحصل في يد المؤمن يجب عليه إنفاقه في منافع المسلمين العامة أو التصدق به على الفقراء والمساكين، وبهذا تعلم أنه لا زكاة عليك في ما زاد على ما دفع إلى شركة التأمين لأنه ليس بمالك حتى تطالَب بزكاته، وإنما سبيله الصرف في منافع المسلمين كما تقدم.
وما قيل في مبلغ التأمين يقال في فوائد البنك التي تعطيها على الودائع الموجودة عندها، فهذه الفوائد مال محرم لا يملك، ويصرف في منافع المسلمين العامة كدور الأيتام ومدارس التحفيظ ونحوها، وفي كل الأحوال يجب على السائل أن يفسخ عقد التأمين أن أمكنه ذلك لأنه عقد محرم لا يجوز التمادي فيه، مع إمكان فسخه، ومع فسخ العقد يجب التوبة إلى الله عز وجل والعزم على عدم العود لمثله.
وأما بالنسبة لمسألة الزكاة في الأقساط التي دفعها المؤمن لشركة التأمين فإنها تعتبر في معنى الوديعة عند الشركة. وراجع في زكاة الوديعة الفتوى رقم: 5661.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(11/13542)
زكاة المال المدخر
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة مطلقة عندها مبلغ من المال تحفظه للزمن هل تخرج عنه زكاة مال؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تجب الزكاة في المال المدخر إذا حال عليه الحول ابتداء من اكتماله نصابا ولا اعتبار لسبب ادخاره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الذي ادخرته تلك المرأة المطلقة تجب عليها زكاته إذا حال عليه الحول ابتداء من اكتماله نصابا، ولا اعتبار لسبب ادخاره.
والنصاب من الأوراق النقدية الحالية هو ما يساوي خمسة وثمانين غراما من الذهب، والقدر الواجب إخراجه هو ربع العشر.
وراجعي الفتويين التاليتين: 1408، 2055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(11/13543)
من مات وترك مبلغا من المال بلغ النصاب وحال عليه الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي وترك مبلغا من المال في البنك والمبلغ حال عليه الحول وبلغ النصاب وقطعة أرض ومنزلين والأسرة هي (زوجة وولد وثلاث بنات) فكيف أوزع حقوق إخوتي حسب الشرع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمبلغ الذي في البنك إن كان قد حال عليه الحول في حياة أبيك قبل وفاته فقد وجبت فيه الزكاة فيخرج منه ربع العشر 2،5 ولا زكاة في الزيادة الربوية إن كان البنك ربويا ويجب التخلص منها بإنفاقها في وجوه الخير، وبعد إخراج الزكاة يقسم المبلغ مع ما تركه الميت بين الورثة القسمة الشرعية.
وأما إن كان المبلغ لم يحل حول على تملك والدكم له إلا بعد وفاة الوالد فإنه لا تجب الزكاة فيه لانقطاع الحول بوفاته وانتقال ملكيته إلى الورثة فيستأنفون حولا جديدا من وفاته، فمن كان نصيبه من المال يبلغ النصاب بنفسه أو بما انضم إليه من نقود وعروض تجارة، ثم حال عليه الحول فإنه يخرج الزكاة -ربع العشر- عن نصيبه.
والقسمة الشرعية للتركة إن كان واقع الحال ما ذكر من أن الميت توفي عن زوجة وثلاث بنات وابن ولم يترك وارثا غيرهم تكون على النحو التالي: للزوجة الثمن، لقوله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: من 12} والباقي يقسم على الأولاد: البنات الثلاث والابن للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11} . فتقسم التركة جميعا النقود والأرض والبيت على أربعين سهما: للزوجة ثمنها خمسة أسهم، ولكل بنت سبعة أسهم، وللابن أربعة عشر سهما.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(11/13544)
زكاة المال الموروث قبل قسمه ودفع الزكاة لأحد الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل ... أود الاستفسار على أمر وأرجو من الله أن أجد عند سيادتكم جوابا مقنعا إن شاء الله ... ف هل يجوز دفع الزكاة من أخ لأخيه من مال والده المتوفى أوضح أكثر (الوالد متوفى وترك تجارة لابن وصاه قبل موته بتولي تسيير التجارة بالفائدة 30 بالمائة، والباقي مصروف البيت المهم هذا الابن أراد أن يخرج زكاته لكن يرى أن إخوته أحق بهذه الزكاة لأنهم لا يعملون في الوقت الحالي ومحتاجون، فهل هذا يجوز أم لا، أرجو الإجابة في أقرب وقت وأرجو من الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال المذكور قد انتقل ملكه إلى الورثة بمجرد وفاة الوالد سواء في ذلك ابنه الذي أوصاه بتسيير التجارة وغيره من سائر الورثة، وعليه فإن الوصية هنا لا عبرة بها، والواجب هنا هو قسم المال على الورثة. وإذا علم كل نصيبه فلا مانع من أن يتفقوا على أن يتولى تسيير التجارة من كان يقوم بذلك.
أما فيما يتعلق بزكاة المال قبل قسمه ودفع الزكاة لأحد الورثة.. فإن كانت الزكاة وجبت فيه بعد موت الميت فعلى كل وارث زكاة نصيبه إذا كان نصاباً بنفسه أو بما يضم إليه من نقود أو عروض تجارية، بشرط مرور حول كامل على نصيب كل وارث وهو في ملكه، وإذا علم كل واحد نصيبه وأراد إخراج زكاته فلا مانع من أن يدفعها لإخوته الذين ليست لهم مهنة ولا وظيفة تعود عليهم بما يكفي لحاجتهم وحاجة من يجب عليهم إنفاقه، وليس في ملكهم من المال ما يكفي لذلك أيضاً، وإن وجبت فيه قبل موت المالك لزم إخراجها قبل قسم المال، وإن كان أولاد الميت فقراء فلا مانع من إعطائهم منها، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 59703.
ومعنى وجوب الزكاة قبل موت الميت أن يحول حول المال قبل أن يموت المالك، فإن مات قبل إخراج الزكاة أخرجت باعتباره ملكاً لشخص واحد.
ثم إن أمر التركة ليس أمراً عادياً، وعليه فلا يمكن الاكتفاء ولا الاعتماد فيه على الفتاوى بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية في البلد لكي تحقق فيها وتنظر فيها إذا كان على الميت حقوق أم لا وتوزعها على الورثة. وللفائدة تراجع في ذلك الفتوى رقم: 48622، والفتوى رقم: 23547.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1429(11/13545)
زكاة المال الثابت الذي لا يزيد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متقاعد لدي حساب في المصرف بحدود 200000 درهم في أي سنة لا يتغير وهو ثابت.
سؤل: أريد فهم خصم الزكاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المال المذكور نصابا فإنه يجب عليك إخراج الزكاة عنه كل سنة ما لم ينقص عن النصاب ولو كان ثابتا لا يزيد، لأن الزكاة واجبة في الأثمان من ذهب وفضة وما يقوم مقامهما -كالنقود في زماننا- وإن لم يكونا ناميين حقيقية وذلك لتحقق القابلية للنماء، ولذلك يتفق العلماء على أن الحلي الذي تدخره المرأة لغير زينتها فيه الزكاة.
جاء في حاشية رد المحتار- وهو من كتب الحنفية- في تعريف النماء: في الشرع هو نوعان: حقيقي، وتقديري، فالحقيقي الزيادة بالتوالد والتناسل والتجارات، والتقديري تمكنه من الزيادة بكون المال في يده أو يد نائبه. انتهى.
وفي أسنى المطالب - وهو من كتب الشافعية – في ذكر ما تجب فيه الزكاة: والنقدان -أي الذهب والفضة- ولو غير مضروبين لا لتحاقهما بالناميات بتهيئتهما للإخراج دون غيرهما من الجواهر غالبا والتجارة لما فيها من النماء. انتهى.
وعليه؛ فما دام مال السائل موضوعا بالمصرف وتحت تصرفه فهو مال زكوي لأنه إما نام بالفعل، وإما قابل للنماء بطبعه، ومن هنا تجب فيه الزكاة بمرور الحول الهجري، والزكاة قدرها 2.5 بالمائة.
وإن لم تكن أديت زكاة السنوات السابقة وجب احتسابها وإخراجها عما سبق.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 15523.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(11/13546)
الزكاة تجب على من بلغ نصيبه من الميراث نصاب الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد وفاة والدي يرحمه الله لعدة سنوات تم بيع بيت جدي المتوفى قبل والدي واستلمت أسرتي نصيب والدي,,, وقد وكلنا والدتي لتسلم المبلغ والذي تقريبا 75000 ولم نقم بتقسيمه وتركنا المبلغ معها علما بأننا 3 بنات متزوجات وثلاثة أولاد بالغون لم يتزوجوا بعد ويقيمون مع والدتي بالمنزل.. وقد اشترت أمي بعد تشجيعنا لها قطعتي أرض بجزء من المبلغ لم نحدد لمن تكون أو إذا كانت للبناء في المستقبل أم للاستثمار,, فهل تجب الزكاة على المال الموروث كل حسب نصيبه أم على المبلغ الإجمالي مادمنا لم نقسمه؟ وإذا وجبت هل نزكي على المبلغ كله أم على المبلغ المتبقي في حفظتها فقط؟ وهل على الأرض التي اشترتها والدتي زكاة؟ وكذلك هل علينا إثم بعدم تقسيم الإرث,,يرجى الشرح بالتفصيل. وكم تكون القسمة حسب الشرع إذا كانت الزكاة واجبة على كل واحد منا على حدة؟.. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الزكاة تكون على من بلغ نصيبه من التركة نصاب الزكاة بنفسه أو بما انضم إليه من ممتلكاته الخاصة بشرط أن تكون نقودا أو عروض تجارة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل والأولى أن تقسم تركة الميت بعد وفاته وبعد استكمال الإجراءات المطلوبة لذلك فربما أدى تأخير القسمة إلى تعقيد الأمور أو حدوث نزاع، ومع ذلك فلا مانع شرعا من تأخير القسمة خاصة إذا كان ذلك لمصلحة وبرضى من يعتبر رضاهم من الورثة.
وبخصوص ما تركه والدكم من ممتلكات ثابتة ومنقولة وما وصل إليه من تركة أبيه وما نتج عن ذلك من أرض وغيرها فإنه كله يعتبر تركة على جميع ورثته، وما دام لم يقسم عليهم فإنه ينظر إلى نصيب كل واحد منهم على حدة، وعلى كل من عنده نصاب تام من التركة بنفسه أو بما انضم إلى نصيبه مما في ملكه من نقود أخرى أو عروض تجارة نقول عليه أن يخرج زكاته عند مرور الحول على النصاب في ملكه.
وأما من لم يبلغ نصيبه نصاب التركة فلا زكاة عليه، ولهذا فإن الزكاة ليست على مجمل التركة لأنها ليست ملكا لشخص واحد، وإنما هي على من بلغ نصيبه نصاب الزكاة، وانظري الفتوى رقم: 38328، وليس عليكم في الأرض المشتراة زكاة ما دامت لم تشتر بنية البيع.
وكيفية تقسيم هذه التركة إن كان الورثة محصورين فيمن ذكر يكون على النحو التالي: لأمكم الثمن فرضا، وما بقي بعد فرض الأم يقسم بين الأبناء والبنات تعصيبا للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(11/13547)
ينقطع الحول بنقصان النصاب أثناء الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت أخرج الزكاة في عاشوراء من كل عام، ولكن هذه السنة اختلف الأمر حيث إنه كان عندي مبلغ من المال في بداية السنة أي قبل حولان الحول وبالغ النصاب، ولكن في نصف السنة قمت بصرف هذا المبلغ في بناء بيت ثم تزوجت، وبعد ذلك لم يبق لي شيء، ثم بعد عدة أشهر من ذلك حصلت على مبلغ آخر من العمل نتيجة زيادة في المرتب، وهذا المبلغ وصل النصاب، فهل الآن أقوم بإخراج الزكاة كالعادة في عاشوراء أم أنتظر حتى يصل المبلغ الحول.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علاقة لهذا المال الجديد بحول المال الأول الذي لم يبق منه شيء، بل لو كان الأول باقيا فإن حول هذا المال الجديد يكون من بداية ملكه، ولا تجب زكاته عند الحول الأول، بل لا تجب إلا بعد مرور حول من ملكك له ومن اكتمال النصاب، علما أن هذا الحول يكون بالتاريخ الهجري. وبشرط أن لا ينقص النصاب أثناء الحول، فإذا نقص انقطع الحول.
والأصل في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
ولا يمنع ذلك من جواز تعجيلها قبل الحول، خاصة إذا كان في ذلك مصلحة للفقراء ونحوها ... كما هو رأي أكثر أهل العلم.
وراجع الفتوى رقم: 6497، والفتوى رقم: 23555.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1429(11/13548)
من شروط الزكاة في مال اليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أخ لي في حادثة، فحكم لنا المحكمون العرفيون بما يسمى تعويضا، هذا التعويض بلغ النصاب، وكان أخي هذا قد ترك يتيمتين (أنثيين) وزوجة، هذا المال قد أوقفناه لشراء بيت لليتيمتين، لكنه لا يكفي فأعطيناه لأحد الإخوة الأمناء ممن لهم خبرة في التجارة ليستثمره كي يزيد ونستطيع شراء بيت لهما به بعد ذلك، السؤال: هل هذا المال عليه زكاة، مع العلم بأننا لا ننفق منه شيئاً على الطفلتين، فنفقاتهما من عند الله ثم من عندنا خوفا من نفاد المال، ثم إن وجبت عليه الزكاة فهل يجوز الإنفاق على اليتيمتين من زكاته، مع العلم بأن هاتين اليتيمتين وأمهما ليس لهم أي دخل ثابت، وأحب أن أضيف أنني سألت حول هذه الفتوى فتضاربت أقوال العلماء ما بين قائل: إن هذا المال ليس عليه زكاة، وقائل أن عليه زكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الراجح من أقوال أهل العلم وجوب الزكاة في مال اليتيم إذا بلغ نصيب كل واحدة منهما النصاب بنفسه أو بما تملكه من نقود أخرى أو عروض تجارة وحال عليه الحول، ولا يصح أن تنفق الزكاة على مخرجها، ولا على من تلزمه نفقته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لقد اختلف أهل العلم فيما إذا كانت الزكاة تجب في مال اليتيم أم لا، وبينا من قبل هذا الاختلاف وذكرنا أن جمهور أهل العلم على وجوبها وهو الصحيح، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 4369.
ولكن من شروط وجوب الزكاة ملك النصاب، وهذا المال الذي ذكرت أنه تعويض حكم به لكم المحكمون العرفيون يعتبر إرثاً بين الزوجة والبنتين والعاصب، فللزوجة منه الثمن لوجود الفرع الوارث (أي البنتين) ، لقوله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم {النساء:12} ، وللبنتين الثلثان لتعددهن، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ {النساء:11} ، وباقيه يكون للعاصب أو العصبة.
وأي من هؤلاء كانت حصته نصاباً بنفسها أو بما انضم إليها مما في ملكه من نقود أخرى أو عروض تجارة كان فيها الزكاة إذا حال عليها الحول، وعلى تقدير أن في المال زكاة فإنها لا يمكن أن تعطى لمخرجها، ولكنها يمكن أن تعطى لغيره من الورثة إذا كان فقيراً أو مسكيناً، ولم يكن ثمت مانع من إعطائه الزكاة، فيمكن أن تعطى زكاة كل من البنتين للأخرى، ولا يمكن أن تعطي الأم أياً منهما زكاتها، ولا أن تعطى هي زكاة أي منهما، لوجوب نفقة كل على الآخر، قال ابن قدامة في المغني: فإن الأم تجب نفقتها، ويجب عليها أن تنفق على ولدها إذا لم يكن له أب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1429(11/13549)
زكاة من يملك مقدارا من المال ومقدارا يعمل به
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا جزار أملك مقدارا من المال مدخراً وآخر أعمل به وأريد إخراج الزكاة، فأفتوني جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما تملكه من مال مدخر بالإضافة إلى المال الذي تعمل به سواء كان يتمثل في نقود أو في قيمة بهائم تعدها للذبح، إذا كان الجميع أو بعضه يكتمل به نصاب وهو ما يساوي عشرين مثقالاً من الذهب، وقدره بالوزن الحالي خمسة وثمانون غراماً تقريباً، فإن الواجب عليك إذا مر على هذا المال حول هجري إخراج ربع العشر من مجموع هذا المال أي بنسبة 2.5 منه، ويمكن للفائدة مراجعة الفتوى رقم: 12853.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1429(11/13550)
هل على من معه مال لإتمام بناء البيت زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الكريم، أمضيت عقداً مع إحدى الشركات لبناء منزل، المنزل لن يكون جاهزاً إلا بعد عامين دفعت مبلغا مسبقا والباقي عند انتهاء الأشغال، فهل ما تبقى لي دفعه يعتبر ملكا لي وتجب فيه الزكاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا زكاة عليك إذا كنت لا تملك غير المال الذي هو دين في ذمتك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إذا كنت تعني أنك كنت تملك مبلغاً من المال تريد به إقامة منزل، وتعاقدت مع إحدى الشركات على ذلك، وأعطيتها جزءاً من المال الذي بحوزتك، وستعطيها الباقي بعد انتهاء الأعمال، وتسأل عما إذا كان هذا المال المتبقي في حوزتك تجب فيه الزكاة أم لا.... فالجواب: أنك إذا كنت لا تملك غير هذا المال، وهو لا يزيد على القدر المتبقي عليك من نفقات المنزل، فإن الزكاة لا تجب عليك، لأنه دين في ذمتك.
وإن كنت تملك أموالاً أخرى غير زكوية أثاثاً أو حيواناً أو عقارات ونحو ذلك ... مما فيه وفاء للدفعة المتبقية عليك أو لشيء منها، بحيث لو حذفته بقي لك نصاب، فإنك تزكي ذلك، فمثلاً لو افترضنا أن الذي بحوزتك هو (5000000 وحدة حسابية) وتملك من الأثاث ونحوه ما قيمته (3000000 وحدة حسابية) فإنك تزكي (2000000 وحدة حسابية) ، ويشترط للمال الذي يقابل مع الديون أن يكون مما يباع على المفلس، أي بأن لا يكون مما يحتاجه المرء في شؤونه الخاصة، كمنزله الذي يسكن فيه، أو الأمتعة التي يحتاج إليها أو سيارته الخاصة ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(11/13551)
وجوب زكاة المال كلما حال عليه الحول وهو نصاب
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أملك مبلغا من المال أخرجت زكاته ومرت سنة كاملة لم يزد المبلغ ولم ينقص، فهل علي إخراج الزكاة منه مرة أخرى (أي من المال المخرج منه الزكاة سابقا) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزكاة واجبة في المال كلما حال عليه الحول وهو نصاب، سواء زاد أو نقص أثناء الحول أو لم ينقص ولم يزد، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 35037، والفتوى رقم: 4007، والفتوى رقم: 383.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1428(11/13552)
الزكاة تتعلق بالمال ما دام نصابا زاد أو نقص
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مبلغ من المال قبل سنتين لكن هذا المبلغ نقص إلى أكثر من النصف، ربع المبلغ أقرضته لشخصين والباقي اشتريت به سيارة ومحلا، أما الباقي فعند أخي لا أعرف إذا كان علي أن أدفع زكاته علما بأن المال المتبقي يتناقص.
جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المتبقي من المال نصابا وحال عليه الحول وهو كذلك وجب إخراج زكاته ولو كان يتناقص لأن الزكاة تتعلق بالمال ما دام نصابا سواء كان ينمو أو ينقص.
أما المبلغ الذي أقرض فإذا كان الشخصان اللذان أقرضتهما معسرين عاجزين عن الوفاء أو كانا موسرين لكنهما مماطلين فلا تجب زكاة هذا الدين حتى يقبض، فيزكى لسنة واحدة بعد قبضه. وإن كانا موسرين غير مماطلين اعتبر هذا الدين بمثابة الوديعة عندهما فيجمع مع الباقي من المال ويزكى الجميع لكل سنة إذا حال عليه الحول وهو نصاب.
أما السيارة فإن كانت للقنية والاستعمال الشخصي فلا زكاة فيها، وإن كانت للأجرة فتجب الزكاة فيما يحصل من غلتها إذا حال عليها الحول وهو نصاب بنفسه أو بما يضم له من الفلوس أو العروض التجارية مما هو في ملك صاحب المال.
أما المحل فإذا كان تجاريا بمعنى أن فيه البضائع التي تشترى وتباع فتجب زكاة ما فيه من البضائع التي تشترى وتباع عند نهاية الحول إذا كانت نصابا بنفسها أو بضمها إلى ما معك من المال. ويستثنى من ذلك المكائن والمعدات التي تستخدم ولا تباع، أما المبنى ذاته فلا زكاة فيه. وإذا كان المقصود بالمحل مبنى يؤجر فالواجب زكاة ما يحصل منه على نحو ما تقدم في سيارة الأجرة. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 38918.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1428(11/13553)
زكاة المال.. مقدارها.. نصابها.. وقت وجوبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن زكاة المال ماهو مقدارها ونصابها، متى تجب؟ علماً أني أعيش في فرنسا وهل المال الذي أمتلكه لكن صاحب العمل يحتفظ به بحجة عدم السيولة عليه زكاة، أرجو الرد بلغة سهلة ومثال مبسط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد بالمال هنا الفلوس أي الأوراق النقدية المتعامل بها وما في حكمها كالبضائع التجارية فإن النصاب فيها يقدر بنصاب الذهب ونصاب الفضة. ونصاب الذهب عشرون ديناراً، وهو ما يقدر وزنا بخمسة وثمانين غراماً، ونصاب الفضة خمسمائة وخمسة وتسعون جراما، فمن كان في ملكه من المال ما يساوي أحد هذين فما فوق وحال عليه الحول وجب عليه أن يخرج عنه ربع عشره أي 2،5، هذاهو مقدار زكاة هذا النوع من المال إذا بلغ النصاب.
أما فيما يتعلق بزكاة مال الأخ السائل.. فإن كان الشخص الذي يحتفظ به قادراً على أدائه غيرمنكر ولا مماطل فيجب على رب المال إخراج زكاته كأنه تحت يده، بشرط أن يكون المال نصابا بنفسه أو بضمه إلى ما معه من نقود أو عروض تجارية، أي بضائع أعدت للبيع، إن كان له شيء من ذلك، وبشرط أن يحول عليه الحول وهو نصاب أيضا، أما إذا كان الشخص الذي يحتفظ بالمال معسرا لا يستطيع أداءه، أو كان موسرا لكنه مماطل أو منكر فلا زكاة فيه حتى يقبضه صاحبه، فإذا قبضه زكاه لسنة واحدة إن كان نصابا أيضا.
ولبيان النصاب في الأموال الأخرى كالزروع والثمار وبهيمة الأنعام يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33427، 52977، 31056.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1428(11/13554)
تجب الزكاة في نصيب كل وارث حسب شروط الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة أرملة وبعد وفاة زوجي أخذنا مكافأة نهاية الخدمة، والمال الذي نأخذه من البنك عليه فائدة وأنا أصرف على أولادي (أيتام) من هذا المال، فما هو حكم الشرع هل هذا حلال أم حرام، وهل هذا المبلغ عليه زكاة رأس المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمكافأة للميت بعد وفاته تورث عنه ويعطى كل وارث منها قدر نصيبه من الإرث، والواجب على من يلي أمر هؤلاء الأيتام إخراج هذا المال من البنك الربوي واستثماره في الطرق المشروعة، وراجعي الفتوى رقم: 94712، والفتوى رقم: 75775، والفتوى رقم: 74425.
وأما زكاته فتجب على رأس المال إن كان نصيب كل وارث نصابا وهو قيمة (85) جراما من الذهب وحال عليه الحول، وإلا فلا تجب، وراجعي الفتوى رقم: 38200.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1428(11/13555)
إبدال المال بغير جنسه للتهرب من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الأرض المخصصة للبناء ليس فيها زكاة إلا عند بيعها تزكى مرة واحدة، بعض الأشخاص الذين لديهم مال مدخر بدلاً من أن يدفع عليه كل عام 2.5% الزكاة المحددة شرعا يقوم بشراء قطعة أرض من المخصصة للمباني لادخار المال فيها وبالتالي لا يدفع الزكاة، فهل لا يأثم من يفعل ذلك، وهل يصح تحويل المال المدخر لشيء لا تجب فيه الزكاة وعند الحاجة للمال يباع ذلك الشيء وبالتالي لا ينقص المال لأنه لن يزكى بهذه الطريقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأرض التي لا تراد للبيع والتجارة لا زكاة فيها حتى تباع ويقبض ثمنها ويحول عليه الحول وهو نصاب بنفسه أو بما ينضم إليه من النقود أو العروض عند المالك، ثم إنه لا ينبغي للمسلم أن يبيع أو يبدل ماله الذي تجب فيه الزكاة لأجل التهرب منها، فإن فعل ذلك عند بداية الحول أو في أثنائه فلا شيء عليه، وإن فعله بعد الوجوب وهو تمام الحول لزمه إخراج زكاة المال الذي تهرب من زكاته بإبداله أو بيعه، أما إذا فعل ذلك قبيل تمام الحول قرب الوجوب فقد اختلف في إلزامه بالزكاة، فمن أهل العلم من يرى أنه ملزم بإخراج الزكاة معاملة له بنقيض قصده وهو مذهب المالكية والحنابلة، ومنهم من يرى أنه لا زكاة عليه وهو مذهب الشافعية والأحناف مع كراهة ما فعل كما ذكر النووي، قال ابن قدامة في المغني: قد ذكرنا أن إبدال النصاب بغير جنسه يقطع الحول، ويستأنف حولا آخر، فإن فعل هذا فراراً من الزكاة لم تسقط عنه، سواء كان المبدل ماشية أو غيرها، وكذلك لو أتلف جزءاً من النصاب، قصداً للتنقيص، لتسقط عنه الزكاة، لم تسقط، وتؤخذ الزكاة منه في آخر الحول، إذا كان إبداله وإتلافه عند قرب الوجوب، ولو فعل ذلك في أول الحول لم تجب الزكاة، لأن ذلك ليس بمظنة للفرار، وبما ذكرناه قال مالك والأوزاعي وابن الماجشون وإسحاق وأبو عبيد وقال أبو حنيفة والشافعي: تسقط عنه الزكاة، لأنه نقص قبل تمام حوله، فلم تجب فيه الزكاة، كما لو أتلفه لحاجته. انتهى.
وأما سؤالك هل يصح تحويل المال المدخر إلى شيء لا تجب فيه الزكاة.
فالجواب: أن تحويل المال إلى مال لا تجب فيه الزكاة إن كان بنية المتاجرة فإن الزكاة لا تسقط في المال المبدل لأنه لم يخرج عن كونه من عروض التجارة، وإن كان استبداله بنية اقتنائه أو بيعه عند الحاجة إلى ثمنه لاستهلاكه فلا تجب فيه الزكاة، كما سبق بيانه الفتوى رقم: 17348.
هذا.. وإن الزكاة وإن كانت تنقص المال في الظاهر؛ إلا أنها تعود عليه بالبركة والنماء، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما توضع أحد لله إلا رفعه الله. رواه مسلم. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 1712.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1428(11/13556)
المال المدخر لبناء بيت تجب زكاته
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بتوفير مبلغ من المال لشراء بيت في بلدي لأسكنه عند عودتي، علماً بأني أملك قطعة أرض ولكن المبلغ لا يكفي للبناء، قيمة البيت 92000 ريال قيمة الأرض 85000 ريال، سؤالي هو: هل تجب علي زكاة، وإن وجبت فما مقدارها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأرض المذكورة إذا كنت قد ملكتها لغرض البناء عليها فلا زكاة فيها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 19817.
والمبلغ المدخر لبناء بيت تجب زكاته إذا كان نصاباً وحال عليه الحول، وكيفية هذه الزكاة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 73007، والفتوى رقم: 60585.
وإذا وجبت عليك زكاة اثنين وتسعين ألف ريال فأخرج عنها ربع العشر وهو ألفان وثلاثمائة ريال، والنصاب من الأوراق النقدية الحالية تقدم بيانه في الفتوى رقم: 2055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(11/13557)
يجوز تقدير النصاب بكل من الذهب والفضة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية حسا ب زكاة المال ومصارفها الشرعية والحكم في من أفتى بجعل نصاب الزكاة حوالي 1800جنيه مصري استناداً إلى الفضة، وليس للذهب لارتفاع سعر جرام الذهب في مصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط وجوب الزكاة في الأوراق النقدية بلوغها نصاباً، وقدره 85 جراماً من الذهب أو 595 جراماً من الفضة، ويجوز تقدير النصاب بكل من الذهب والفضة، وبالتالي فإذا كان الشخص المزكي في مصر وكان لديه 1800 جنيه مصري تساوي قيمتها نصاباً من الفضة فتجب عليه الزكاة إذا حال عليها الحول، لأن المعتبر في الوجوب هو وجود ما يساوي نصاباً من الذهب أو الفضة، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 4237.
ومصارف الزكاة تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 27006، كما سبق في الفتوى رقم: 19959 بيان أنواع المال المزكى، وكيفية حساب زكاتها، ومقدار النصاب. وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31056، 33427، 31017.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(11/13558)
من اشترى أرضا للزراعة ثم بدا له أن يبيعها هل عليه زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت قطعة أرض في 9 ربيع الثاني 1426هـ فوضعت فيها كل ما أملك نقداً لأول مرة ملكت النصاب وبقي على اكتمال الحول شهرين وكنت أنوي إخراج الزكاة بكل فرح، ولكن بدت قطعة الأرض ولم تكن في الحسبان وثمنها حينذاك يساوي قيمة النصاب تقريبا، وعند شرائها كنت أنوي إقامة أي مشروع استثماري زراعي أو غيره، وقد وضعت احتمال عدم قدرتي على إنجاز المشروع فقطعة الأرض موجودة في منطقة نائية وأنا امرأة غير متزوجة فقلت إن لم أستطع فأتركها إلى أن أحتاجها لأبيعها وقد ارتفع ثمنها، ومر عام ونصف، من المماطلة الإدارية حتى تم توثيقها ومعرفة حدودها بالضبط، هل علي زكاتها وكيف، وهل علي إثم لعدم إخراج زكاتها في وقتها، علما بأنها لا تعود علي بأي دخل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك زكاة المال الذي اشتريت به قطعة الأرض لأنه لم يحل عليه الحول قبل شرائها، ولا يجب عليك أيضاً زكاة الأرض لأنك لم تشتريها بنية التجارة فيها، وإنما بنية استثمارها بالزراعة فيها أو نحو ذلك.
وأما نيتك بعد ذلك بأن تبيعيها عند الحاجة إليها فلا يجعلها من عروض التجارة التي تجب زكاتها لأن من شروط عروض التجارة أن تشترى بنية التجارة فيها عند البيع لا بعد ذلك، فمن اشترى أرضاً ليبني عليها مسكناً ثم بدا له أن يبيعها فإنه لا زكاة عليها ولو مرت عليها سنين وهي معروضة للبيع.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 25132، والفتوى رقم: 2180.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(11/13559)
الزكاة على مالك المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في دكان منذ حوالي سنة بتمويل مادي من والدي وأقوم بإدارة شؤونه والبيع والشراء بإشراف والدي، ولا أتقاضى أجراً باعتبار أنه سيؤول لي بعد عمر طويل، بل آخذ مصروفي من الدكان مباشرة، أسأل عن زكاة الدكان من يخرجها أنا أم أبي لأنه صاحب المال، علما بأن له موارد مادية أخرى، كما أسأل عن تقويم السلعة عند الزكاة بثمن الشراء أم ثمن البيع وإذا كان التقويم بثمن البيع فكيف يمكن تقديره مسبقا في بضاعة تتغير فيها أثمان البيع والشراء ويطلب زبائنها التخفيض دائما وبنسب عامة؟ وشكراً جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك هو المالك للدكان المذكور فتجب عليه الزكاة إذا توفرت شروطها، ولا تجب عليك أنت لعدم الملك، وكيفية زكاة المحل التجاري تقدمت مفصلة في الفتوى رقم: 39871، والفتوى رقم: 44301.
والمعتبر في قيمة البضائع الموجودة في الدكان هو وقت وجوب الزكاة وليس بثمنها وقت الشراء أو البيع، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 65311.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1428(11/13560)
هل تجب الزكاة على المدخر في الصناديق التكافلية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف بإحدى المصالح الحكومية وعندنا صندوق للتكافل الاشتراك فيه اختياري يقطتع أجزاء من المرتب في مقابل أن يعطى العضو 45 شهرا من كامل مرتبه عند التقاعد أو لورثته عند الوفاة ويحق لك الانسحاب في أي وقت واخذ أصل الأموال فهل على رصيدي المدخر في هذا الصندوق زكاة ولقد اعتقلت عدة سنوات وأنا مشترك فكيف أحسب زكاتها. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صناديق التكافل التي تنشأ بين الموظفين في المؤسسة الواحدة أو الوزارة الواحدة تندرج في باب التعاون، وهو ما ندب الله تعالى المسلمين إليه بقوله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.
وحتى يتحقق هذا المقصود الشريف "البر والتقوى" يجب أن تقوم هذه الصناديق وفق الأحكام الشرعية، ويلتزم المشاركون فيها بالضوابط الشرعية. وقد سبق بيان هذه الضوابط في الفتوى رقم: 72909، فنرجو مراجعتها.
أما بخصوص الزكاة في مال المشترك المدخر في هذه الصناديق فيجب فيه زكاة إذا بلغ نصابا بمفرده أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة هي ملك لصاحبه وحال عليه الحول. وراجع للمزيد والتفصيل الفتوى رقم: 37227.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1428(11/13561)
مذاهب العلماء فيمن باع ذهبا ليتخلص من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا بلغ الذهب النصاب وجبت عليه الزكاة، لكن أحيانا قد يتعذر على المسلم أن يدفع الزكاة سنويا، والسؤال: هل يجوز تعمد بيع قليل من الذهب ليصبح ما بحوزة الشخص دون النصاب, وبذلك تسقط عنه الزكاة المتعينة على ما يمتلكه الشخص من ذهب، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي للمسلم أن يبيع ماله أو يبيع بعضه حتى ينقص عن النصاب تهرباً من وجوب الزكاة، فإن فعل ذلك عند بداية الحول أو أثنائه فلا شيء عليه، وإن فعله بعد الوجوب وهو تمام الحول لزمه إخراج الزكاة، أما إذا فعل ذلك قبيل تمام الحول قرب الوجوب فقد اختلف في إلزامه بالزكاة، فمن أهل العلم من يرى أنه ملزم بإخراج الزكاة معاملة له بنقيض قصده وهو مذهب المالكية والحنابلة، ومنهم من يرى أنه لا زكاة عليه وهو مذهب الشافعية والأحناف مع كراهة ما فعل كما ذكر النووي.
قال ابن قدامة في المغني: وكذلك لو أتلف جزءاً من النصاب، قصداً للتنقيص، لتسقط عنه الزكاة لم تسقط، وتؤخذ الزكاة منه في آخر الحول إذا كان إبداله وإتلافه عند قرب الوجوب، ولو فعل ذلك في أول الحول لم تجب الزكاة، لأن ذلك ليس بمظنة للفرار، وبما ذكرناه قال مالك والأوزاعي وابن الماجشون وإسحاق وأبو عبيد. وقال أبو حنيفة والشافعي: تسقط عنه الزكاة، لأنه نقص قبل تمام حوله، فلم تجب فيه الزكاة، كما لو أتلفه لحاجته. انتهى.
وبما ذكرنا يتبين أن بيع بعض الذهب المذكور إذا كان عند بداية الحول لا شيء فيه ولو كان بالقصد المذكور، وإن بيع قرب نهاية الحول ففيه الخلاف المذكور، وإن بيع بعد نهاية الحول وجبت فيه الزكاة بالاتفاق، ثم إن ما ذكرنا من سقوط الزكاة في الذهب لو بيع أو بيع بعضه ونقص عن النصاب، محله إذا بيع بغير النقود وما في حكمها كعروض التجارة بأن بيع بشيء للقنية، أما إذا بيع بالفلوس أو ما في حكمها من البضائع التي تراد للبيع وبقي ذلك إلى تمام الحول فلا تسقط الزكاة هنا على ما رجحه كثير من أهل العلم من أن الذهب يضم إلى الفضة لتكميل النصاب.
وعليه؛ فتجب في الجميع أي في باقي الذهب ولو نقص عن النصاب وثمن ما بيع منه إن حال الحول على الجميع وهو نصاب بنفسه، أو بما ينضم إليه مما يملكه صاحب المال من الفلوس وبضائع التجارة وذلك لما تقرر عند أهل العلم من أن العملات المتعامل بها حكمها حكم الذهب والفضة في سائر الأحكام، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 11736، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 28846، والفتوى رقم: 68614.
هذا إذا كان الذهب غير حلي متخذ للنساء، فإن كان حلياً فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 6237، خلاف العلماء في وجوب زكاة الحلي، وخلصنا فيها إلى أن الراجح هو عدم وجوب زكاة الحلي المعد للزينة ولو كان أكثر من النصاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1428(11/13562)
يبدأ الحول من حين بلوغ المال النصاب، لا من أول ادخار للمال
[السُّؤَالُ]
ـ[س 1: أنا متزوج وموظف في إحدى الشركات، وكلما أستلم راتبي أقوم بإيداع جزء منه في حسابي البنكي لبناء المستقبل حتى وصل الآن تقريبا 600 دينار كويتي حيث بدأ الإيداع في البنك منذ شهر يونيو2006، السؤال هو، هل في الشهر يونيو2007 سيكون حول نصاب؟ وهل تجب الزكاة من هذا المبلغ بما أنني سوف آخذ جزءا من هذا المبلغ في الشهور المقبلة للمصاريف أو لشراء بعض الحاجات؟ وإذا كان هناك متبقية من هذا المبلغ بعد صرف جزء منها فهل تجب الزكاة؟ أو كيف طريقة إخراج الزكاة من هذا المبلغ؟ أفيدوني علما وجزاكم الله خيرا.
س2: زوجتي لديها ذهب في الخزانة، ولم تستعملها أكثر من سنة، ووزنها لا يقل من 80جم. السؤال هو، كم وزن تجب الزكاة من الذهب؟ وبعد 9 شهور بإذن الله سوف نقضي إجازة في البلاد، السؤال هو، هل تجب الزكاة من هذا الذهب بما أنها سوف تستعملها زوجتي في الإجازة؟ أفيدوني علما وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجب الزكاة في المال المدخر إلا إذا بلغ نصابا، وحال عليه الحول، ويبدأ الحول من حين بلوغ المال النصاب، وليس من حين أول ادخار للمال.
ونصاب المال هو ما يعادل قيمة 85 جراما من الذهب، أو ما يعادل قيمة 595 جراما من الفضة.
وشرط وجوب الزكاة أن لا ينقص النصاب خلال الحول، فإن نقص ولو يوما فإن الحول ينقطع، وتبدأ حولا جديدا من حين عودته نصابا وتزكيه عند نهاية الحول، وقد بينا كيفية حساب زكاة الراتب في الفتوى رقم: 3922، فلتراجع.
وأما حلي زوجتك فلا زكاة فيه مطلقا لأنه (80 جراما) وهو دون النصاب.
ولو كان نصابا وتتخذه لتتحلى به عند الحاجة فالأحوط زكاته، ولا تجب على الراجح من أقوال أهل العلم رحمهم الله تعالى، كما بيناه في الفتوى رقم: 2870.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1428(11/13563)
يزكي عن حصته بعد علمه بمقدارها عن السنين الماضية
[السُّؤَالُ]
ـ[تشارك زوجي مع شخص بحيث يقوم ببناء مبني على أرض الأخير وبعد بيع الشقق يتقاسمون الأرباح بنسب اتفق عليها سابقا بعد فترة انقلب هذا الشخص على الاتفاق وأراد رفع نسبته ووصل الأمر إلى القضاء ولكن وبما أن الموضوع عند القضاء فإن الأعمال توقفت إلى أن يتم البت بالموضوع وحاليا البناء تقريبا منته ولكن غير كامل فلا نستطيع البيع بعد أن وضعنا جميع مدخراتنا في هذا البناء ونتحمل خسارة من حوالي الخمس سنوات السؤال هل تجب الزكاة على حصص المبنى التي لنا في الاتفاق علما أننا حاليا لا نملك المال لدفع هذه الزكاة؟ وهل نستطيع أن ندفع جميع السنين بعد أن يبت الموضوع ونقوم ببيع حصصنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل البدء ببيان حكم الزكاة لا بد من بيان حكم الشراكة الحاصلة بين زوجك وصاحبه. والحكم هو أن هذه الشركة لا تصح عند جمهور أهل العلم، ولا بد من تصحيح هذه الشركة، ومن صور تصحيحها: أن يبيع صاحب الأرض جزءا مشاعا منها كالنصف مثلا لصاحبه ثم يجمعان المال ويقومان ببناء الأرض ثم بيعها، ويكون الربح بينهما على قدر المال أو حسب الاتفاق عند بعض أهل العلم.
وما دام قد رفع الأمر إلى القضاء فإنه سينظر في ملابسات القضية، وسيحكم بما يتوافق مع الشرع إن شاء الله تعالى، إذا كان قضاء شرعيا، وهذا من حيث حكم هذه الشراكة وما يترتب عليها.
وأما من حيث الزكاة فإن على زوجك زكاة ماله الذي وضعه في البنك، ولكن لا يجب عليه إخراجها فورا كل سنة، بل ينتظر حتى يفصل القضاء في الأمر ويتبين له قدر نصيبه في المشروع القائم ويجد السيولة المالية، وحينها عليه أن يزكي نصيبه لكل ما مضى من السنين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1427(11/13564)
معنى (ربع العشر) في الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستفسرعما يجب علي من زكاة مالي الذي حال عليه الحول، أرجوك ياشيخ أن تفسرها لي تفسيرا واضحا لأنني وبصراحة لا أعرف ما هو ربع العشر. فأرجوا منكم التفسير، وهل للزكاة حد إذا لم أتعداه لا تجب الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزكاة لا تجب إلا إذا بلغ المال نصابا وحال عليه الحول أي مرت عليه سنة هجرية، ونصاب الأوراق النقدية وما في حكمها كعروض التجارة هو ما يعادل قيمة 85 غراما من الذهب، وما دون ذلك لا تجب فيه الزكاة لأنه لم يصل إلى حد النصاب، والطريقة التي تعرف بها هل ما عندك نصاب أم لا؟ إما بسؤال أهل العلم والمعرفة عن ذلك، وإما بمتابعة أسعار الذهب عند بداية الحول ونهايته فإنها ترتفع وتنزل، فإذا حال حول مالك وأنت تملك من الريال -مثلا- وما في حكمه من الأشياء المعدة للتجارة ما يقابل ذلك أو أكثر وجبت عليك الزكاة، ومعرفة ربع العشر في غاية البساطة، وذلك بأن تقسم ما لديك على أربعين، والناتج هو ربع العشر، فلو كان لديك عشرة آلاف -مثلا- فربع عشرها هو ناتج قسمتها على أربعين وهو مائتان وخمسون ريالا.
وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14963، 54154، 77927.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(11/13565)
زكاة الأرض يتحدد حسب النية من اقتنائها
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت قطعة أرض عن طريق إحدى شركات العقار بقيمة 200,000 ريال بتاريخ 01/08/1426 ودفعت دفعة أولى مقدارها 80,000 ريال وتم تقسيط الباقي على 12 شهر، بواقع 10,000 ريال شهريا وكان الاتفاق على أن يتم تسجيل قطعة الأرض باسمي عند دفع الدفعة الأولى دون أن تكون مرهونة لهذه الجهة وبالفعل تم تسجيلها باسمي والحمد لله فأصبحت أملكها منذ شرائها في 01/08/1426، وبدأت بتسديد هذه الأقساط إلى أن انتهيت منها في 01/08/1427 والحمد لله. سؤالي هو مضى على شرائي لهذه الأرض سنة أي حال عليها الحول هل يجب علي دفع الزكاة في هذه الحالة،علما بأنني انتهيت من سداد الأقساط في 01/08/1427، كما أنني إلى الآن لم أستقر على رأي هل أتركها كاستثمار أم أجعلها لي لبناء بيت خاص بي؟
أرجو أن تفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبشرائك الأرض تكون قد ملكتها سواء سددت كل قيمتها، أو بعضها، والباقي وزع على أقساط، وأما زكاتها فإن كنت قد اشتريتها بنية التجارة مجردة أو مع قصد القنية كالسكن -مثلا- ولكن متى حصلت على ربح بعتها فعليك زكاتها، قال العلامة الدردير في شرح مختصر خليل (وإنما يزكى عرض ... بنية تجر) أي ملك مع نية تجر مجردة (أو مع نية غلة) بأن ينوي عند شرائه أن يكريه وإن وجد ربحا باعه (أو) مع نية (قنية) بأن ينوي الانتفاع به من ركوب أو حمل عليه أو طء، وإن وجد ربحا باع ... (على المختار والمرجح) فيهما (لا) إن ملك (بلا نية) أصلا (أو) مع (نية قنية) فقط (أو) نية (غلة) فقط (أو هما) أي القنية والغلة معا فلا زكاة.
أما إن كنت لم تنو التجارة وقت الشراء على ما بينا فلا زكاة عليك لأن الأصل عدم التجارة في المشتريات، والعرض لا يكون للتجارة إلا بنيتها؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 2180.
وفي حالة شرائك لها للتجارة حسب ما سبق فتجب عليك الآن زكاتها لكل ما مضى من السنين فتجتهد وتتحرى وتحدد قيمتها كل سنة كم كانت ثم تخرج زكاتها، ولا تسقط الزكاة بتقادم الزمن لأنها حق لمستحقيها، وفي حالة عدم شرائك لها للتجارة فلا زكاة عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1427(11/13566)
هل في المستخرج من البحر زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زكاة المستخرج من البحر وكم نصابه وما مقداره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا زكاة في المستخرج من البحر، وإنما تجب الزكاة فيه إذا بيع وحصل منه نصاب وحال عليه الحول، وقد بين ذلك ابن قدامة رحمه الله في المغني فقال (1911) : فصل: ولا زكاة في المستخرج من البحر، كاللؤلؤ والمرجان والعنبر ونحوه، في ظاهر قول الخرقي، واختيار أبي بكر، وروي نحو ذلك عن ابن عباس، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وعطاء، ومالك، والثوري، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، والشافعي، وأبو حنيفة، ومحمد، وأبو ثور، وأبو عبيد، وعن أحمد رواية أخرى، أن فيه الزكاة، لأنه خارج من معدن، فأشبه الخارج من معدن البر، ويحكى عن عمر بن عبد العزيز أنه أخذ من العنبر الخمس، وهو قول الحسن، والزهري، وزاد الزهري في اللؤلؤ يخرج من البحر، ولنا أن ابن عباس قال: ليس في العنبر شيء، إنما هو شيء ألقاه البحر، وعن جابر نحوه، رواهما أبو عبيد، ولأنه قد كان يخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه، فلم يأت فيه سنة عنه، ولا عن أحد من خلفائه من وجه يصح، ولأن الأصل عدم الوجوب فيه، ولا يصح قياسه على معدن البر، لأن العنبر إنما يلقيه البحر، فيوجد ملقى في البر على الأرض من غير تعب، فأشبه المباحات المأخوذة من البر، كالمن والزنجبيل وغيرهما، وأما السمك فلا شيء فيه بحال، في قول أهل العلم كافة، إلا شيء يروى عن عمر بن عبد العزيز. رواه أبو عبيد عنه، وقال: ليس الناس على هذا، ولا نعلم أحداً يعمل به. وقد روي ذلك عن أحمد أيضاً، والصحيح أن هذا لا شيء فيه، لأنه صيد، فلم يجب فيه زكاة كصيد البر، ولأنه لا نص ولا إجماع على الوجوب فيه، ولا يصح قياسه على ما فيه الزكاة، فلا وجه لإيجابها فيه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(11/13567)
الأرض الموروثة لا زكاة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن زكاة الأرض، اشتريت أرضا بنية المتاجرة بها، كيف تحسب زكاتها، مع العلم بأنني لا أعلم قيمتها حاليا وحاولت معرفة قيمتها لكن دون جدوى، هناك إرث لي ولإخوتي من والدتي ووالدي وهي عبارة عن قطعتين من الأرض مسجلتين باسم عمي وليس باسمي، ومن المعروف أنهما لنا أمام الجميع، حاولت تسجيلهم لكن عمي رفض ذلك وهو الآن منذ ما يقارب 3 سنوات في أمريكا ولن يعود، هل يترتب على هذه الأرض زكاة، وكيف تحسب وأنا لا أعلم قيمة شرائها أو قيمتها الحالية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد اشتريت الأرض المذكورة بنية التجارة فهي عرض تجارة يجب عليك تقويمها كل سنة وإخراج الزكاة عنها، ومعرفة قيمتها أمر ميسور، وهو أن تسأل أهل الخبرة بقيمة الأراضي، أو تذهب إلى أحد المكاتب المعروفة لبيع الأرض وشرائها وتطلب منهم أن يقدروا قيمة الأرض، أو توكل شخصاً في القيام بهذه المهمة، والواجب عليك أن تحرص وتهتم بالموضوع لأن الزكاة أحد أركان الإسلام.
وأما الأراضي التي ورثتموها عن أبيكم وأمكم فلا زكاة فيها سواء كانت مسجلة بأسمائكم وتحت تصرفكم أو كانت باسم عمكم وتحت تصرفه، لأن من شروط وجوب الزكاة في الأرض أن تكون اشتريت بمقابل ونوي بها التجارة عند الشراء، ولم يتحقق هذان الشرطان في القطعتين المذكورتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1427(11/13568)
تجب الزكاة في مال الصغير إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 19 سنة وكنت أجمع المال في حصالات صغيرة منذ كنت صغيرة ومنذ سنتين تقريباً وضعتهم في البنك وبلغوا نحو 5000 درهم وفي نفس الوقت شاركت مع أخي بشراء الأسهم وأصبح لدي الآن في البنك 10000 درهم، فهل تجب علي زكاة المال؟ بانتظار الرد ... وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول وجبت الزكاة فيه، وإن كان المالك له صغيراً، وعلى ولي الصغير أن يخرجها من مال الصغير.
وعليه.. فالواجب عليك أن تجتهدي في تحديد الوقت الذي بلغ فيه المال نصاباً وزكاته بعد مرور حول عليه من ذلك الوقت، وتجتهدي في تحديد قدره في السنة الثانية وتزكيه، وهكذا كل سنة، ولا يكلفك الله تعالى فوق ذلك لأنه خارج عن قدرتك، قال الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، وقدر نصاب الدراهم الورقية هو ما يساوي قيمة 85 جراماً من الذهب أو 595 جراماً من الفضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1427(11/13569)
كافل اليتيم وإخراج الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كافل يتيم هل يجوز لي دفع الزكاة عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 6407، بيان أن الصحيح من أقوال أهل العلم أن الزكاة واجبة في مال الصبي يتيما كان أو غيره، وأن ولي الصبي المذكور يجب عليه إخراجها إذا توفرت شروط الوجوب، وعليه.. فكافل اليتيم المذكور إن كان هو وليه الشرعي فإنه يجب عليه إخراج الزكاة في هذه الحالة إذا توفرت شروط وجوبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1427(11/13570)
واجب من نسي وقت بلوغ ماله النصاب
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مبلغ شهري أدخره، فما حكم الزكاة فيه، وأريد أن أنبه إلى أني لا أذكر متى بلغ النصاب، وجزاكم الله خيرا ونفع الله بكم الإسلام والمسلمين،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمتى بلغ المال المدخر نصابا وحال عليه الحول وجبت زكاته، وإذا كنت لا تدري متى بلغ النصاب فالواجب عليك الاجتهاد والتحري في تحديد ذلك حسب قدرتك ثم إخراج الزكاة، ولا يكلفك الله فوق ذلك لأنه خارج عن وسعك، وقد قال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: من الآية286} .
وانظر في كيفية حساب الزكاة في الراتب ووقت إخراجها الفتوى رقم: 477، والفتوى رقم: 1615.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1427(11/13571)
لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى سبيكة ذهب صغيرة بقيمة 600 دينار تقريبا، وحال عليها الحول وأريد أن أدفع الزكاة ولا أعرف كم النصاب فيها، وأيضا لا أعرف ما هو النصاب ولدي 700 دينار كويتي كلها بالدولار الأمريكي، ولا أعرف زكاتها كم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل نصاب كل من الذهب والفضة، ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 2055.
وما ذكرت أنك تملكينه من المال يزيد قطعاً على النصاب، فإذا حال عليه الحول وجبت فيه الزكاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
والقدر الواجب عليك إخراجه منه هو ربع العشر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وفي الرقة ربع العشر. رواه البخاري وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1427(11/13572)
من شك هل أخرج الزكاة أم لم يخرجها
[السُّؤَالُ]
ـ[تعودت إخراج الزكاة في رمضان من كل عام ولكن قبل أسبوع من رمضان الماضي حدثت لي حادثة شديدة جدا ولم أتذكر إلا الآن أنني قد أكون لم أخرج الزكاة عن العام الماضي ولكنني عندما أحاول التذكر جيدا أتذكر أنني سمعت أو ربما قرأت أو أخبرني أحد بأنه يستحب إخراج الزكاة في رجب وعليه فقد أكون أخرجت الزكاة العام الماضي في شهر رجب ولكني لست متأكدة من ذلك فهل ما سمعته صحيح وبذلك أكون أخرجتها في رجب فعلا وإن لم يكن صحيحا فهل أخرجها مرة أخرى عن العام الماضي مع العلم بأن جزءا كبيرا من هذا المال أنفق على عمليات التجميل التي أجريتها بعد الحادثة ولكن ذلك كان في أثناء رمضان الماضي وبعده فماذا أفعل وإن كان علي أخراج الزكاة عن العام الماضي فهل أخرجها عن قيمة المبلغ الذي كان في العام الماضي قبل حدوث الحادثة أم ماذا أفعل؟؟؟؟ أفتوني بسرعة جزاكم الله كل خير. . .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت الأخت غير متأكدة من إخراج زكاة مالها عن السنة الماضية فيجب عليها أن تخرجها اعتبارا بقدر المال في يوم حولان الحول أي اليوم الذي تكون قد مرت عليه سنة هجرية، وليس اعتبارا بقدره في الوقت الحالي لأنها تقررت في ذمتها ولم تخرج بصفة مؤكدة، فوجب إخراجها عن قدر المال وقت وجوبها فيه، وليس صحيحا أن للزكاة شهرا يكون إخراجها فيه أفضل، بل يجب إخراج الزكاة إذا حال عليها الحول في أي شهر كان، ولا يجوز تأخيرها إلا لعذر أو مصلحة راجحة تقتضي ذلك.
وما أنفق من المال أثناء الحول لا تجب زكاته بعد حولان الحول، وإنما تجب زكاة ما بقي إن كان بالغا نصابا بنفسه أو بما انضم إليه من جنسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1427(11/13573)
هل في المال الذي جمع للعلاج زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي ابن مريض أريد أن أعالجه وأنا موظف بشركة فأخذت أجمع له المال توفيرا من راتبي وأيضا قد بعثتني الشركة في دورة لمدة شهر فتحصلت على مكافأة من هذه الدورة علما بأن المال الذي أجمعه قد مر عليه الحول وقد وصل النصاب والمكافأة التي تحصلت عليها كانت منذ خمسة أشهر فهل على هذا المال زكاة.
أرجو الرد سريعا جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جل جلاله أن يشفي ولدك من المرض الذي ألم به، وأن ييسر لك المال الذي تعالجه به ويكتب لك الأجر والثواب.
وأما ما يتعلق بزكاة المال الذي جمعته لعلاجه وبلغ نصابا وحال عليه الحول فهي واجبة وهي قليلة لا تؤثر في نقصان المال بل تباركه وتنميه.
وأما المكافأة فلا زكاة عليها حتى يحول عليها الحول، فإذا حال الحول وهي نصاب بنفسها زكيتها، أو حال الحول وهي نصاب بضمها إلى مال آخر لديك قد حال عليه الحول زكيتها كذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1427(11/13574)
زكاة من يمتلك مالا لبناء بيت
[السُّؤَالُ]
ـ[كان عندي مبلغ من المال ادخرته من راتبي في حساب خاص لبناء بيت لي، علما بأني لا أملك بيتا، إلى الآن لم أنته من البناء وبقي معي جزء من هذا المال حل نصابه بالإضافة إلى مبلغ آخر ادخرته في الأشهر الماضية (لم يحل نصابه) من راتبي، سؤالي جزاكم الله خيراً، ما هو المال الذي يجب ان أخرج عنه زكاة، مثال: كان معي في رمضان الماضي 10000 دولار صرفت 5000 إلى الآن في بناء بيت لي وبقي 5000، وخلال هذه السنة وفرت 7000 دولار فما المبلغ الذي تجب عليه الزكاة، علما بأني لم أنته من بناء البيت بعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجب عليك الزكاة في المبلغ الذي بلغ نصاباً بنفسه أو بانضمامه إلى غيره من النقود أو الذهب أو الفضة أو عروض التجارة وحال عليه الحول، وفي المثال الذي ذكرته تجب عليك الزكاة في الخمسة آلاف دولار إذا حال عليها الحول، أما بقية المال الذي ادخرته خلال أشهر من راتبك فتجعل لكل مال ادخرته في كل شهر حولاً مستقلاً، تزكيه عند حلول حوله، ولا يخفى عسر هذه الطريقة. والأيسر عليك والأعظم لأجرك أن تزكي كل ما معك مرة واحدة عند حلول حول أول مال تجب فيه الزكاة، وهو في المثال المذكور رمضان، ولا يؤثر فيما ذكر كونك تعد المبلغ الذي معك لأجل بناء البيت. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8152، 477، 802، 16627، 29995.
أما ما صرفته قبل أن يحول عليه الحول فلا زكاة عليه. ونسأل الله أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(11/13575)
مسائل في إخراج الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي في الزكاة وحقوق إخواني، لقد بدأت العمل لحسابي منذ عشرين عاما في البداية كنت فقيراً وكنزي شهادتي وما حباني به الله من علم في الحاسبات الإلكترونية وحب الناس وفي ذلك الزمن كنت أعول نفسي وزوجتي وأمي وإخوتي الأيتام ولم أوفق في اكتناز المال للأسباب التالية:
1- احتياجات العائلة المتعددة.
2- إنجاز مشاريع للعائلة من زواج وجهاز.
3- تكبير مشروعي الخدماتي التجاري.
مع أني كنت أتصدق على الفقراء والمساكين، بعد كبر إخواني وانتهاء دراستهم قمت بإدخالهم معي في المشروع وزوجتهم وبنيت لهم المساكن واقتنيت لهم السيارات وكتبت لهم الأراضي والمحلات والنخيل لقاء عملهم معي وزيادة من عندي حيث كنا في السابق أيتاما فقراء وأردت أن لا أحرمهم من شيء في حكم المقدور وكنت أفضلهم على نفسي وأبنائي نظراً لكل هذا عند الحول لم أكن أصل حد النصاب في الزكاة وكان هذا الأمر يحزنني وكنت آخذ مبلغا محترما من المال أوزعه على أساس احترازي من الوقوع في منع الزكاة، بعد وفاة الوالدة رحمها الله فرط العقد وكنت حينها في أزمة مالية كبرى حيث وصلت ديوني أكثر من 350 ألف دولار ورهنت جزءا من ممتلكاتي الخاصة، بالنسبة لأخواتي أعطيتهم كتبت لهم سابقا البيت السيارة المحل التجاري الأرض النخيل وزدتهم تجهيزات وبعض الأموال الجارية ولم أبق لنفسي سوى البيت الذي أسكنه وقطعة أرض ملاصقة له وسيارة والمكتب الذي امتلكته عند بدايتي للعمل حيث كانوا هم صغاراً وكذلك تجهيزات العمل والأهم كل الديون، المشكل هل ما أعطيت إخواني هو حلال لهم أم تجب عليه زكاة ومن يزكيها، ثانيا منذ خمس سنوات وأنا أعمل جاهداً لأوفر احتياجات أسرتي ورد الديون لأصحابها ولكن التغيرات التكنولوجية في العمل وتغير بما يوافق طلبات السوق تجبرني على صرف مبالغ كبرى للاستثمار المتواصل النتيجة رد حوالي 80 في المائة من الديون واستثمار حوالي 150 ألف دولار في الأجهزة والمباني وعدم إخراج الزكاة بحجة الديون وعدم وجود سيولة إني خائف جدا من الله وغضبه علي في بداية حياتي كنت أقول لنفسي أن إعالتي أيتاما وأهلهم شرائي لهم لبيوت وغيره لم يترك لي ما أزكي، والآن أقول الديون والاستثمارات المجبر عليها لم تترك لي أمرا، وكذلك لا أعرف كيف أزكي حيث ليست لدي الآن تجارة بل خدمات هل أزكي على رقم الأعمال أو على الأجهزة، كيف السبيل لأطهر نفسي وأموالي وقسمته على أخواتي، هل أزكي كل ما شريت أم ماذا دلوني بارك الله فيكم، ما حكم ما أملك، ما حكم ما أعطيت لإخواني، وهل لا زالت لديهم حقوق عندي، كيف أزكي من الآن وصاعداً، كيف أطهر مالي وأكفر عن خطيئتي، مع العلم بإني كل سنة أخرج مبلغا بنية الزكاة، ولكن غير خاضع لمنطق واضح وحساب دقيق وأتصدق كثيراً ولا أنكر ركن الزكاة؟ المعذب بحق الله وحقوق إخوانه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبارك الله فيك وجزاك الله خيراً على حسن صنيعك مع إخوانك ومع المحتاجين، فنسأل الله تعالى أن يثيبك ويسددك وييسر أمرك فيما يستقبل من حياتك، أما بالنسبة للزكاة فاعلم، أولاً: أنه لا تجب الزكاة في المال إلا إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول، ويستثنى من ذلك الثمار فإن زكاتها عند حصادها إذا بلغت النصاب وهو خمسة أوسق.
ثانياً: لا زكاة في العروض التي تملكها للقنية كالمسكن والسيارة ونحو ذلك، وإنما تجب الزكاة في العروض التي للتجارة بأن اشتريتها ونويت بها التجارة حين شرائها وكانت معروضة للبيع، سواء كانت مما ينقل كالسيارات -مثلاً- أو ثابتة كالأرض، فإن عليك آخر الحول أن تنظر إلى قيمة ما عندك بما تساويه في السوق، ثم تنظر كم عندك من النقدين -الذهب والفضة- أو ما ألحق بهما من الأوراق النقدية، وكم لك من الديون المرجوة على الناس فتضيفها، وتنظر كم عليك من الديون فتخصمها إن لم يكن عندك ما يقابلها من أموال أخرى غير زكوية، ثم تنظر في الباقي فإن كان نصاباً وجبت عليك زكاته وإلا فلا زكاة عليك، وللمزيد من الفائدة في خصوص هذه النقطة راجع الفتوى رقم: 6336.
وهذه العملية تعملها سنوياً، فإن كنت لا تتذكر بالضبط ما كان يجب عليك زكاته فتحر واجتهد وأخرج ما ترى أن ذمتك تبرأ به عند الله.
هذا وننبه إلى أن الأصول الثابتة التي لا يراد بيعها كتجهيزات المكاتب والمعدات الخدمية لا زكاة فيها، وكذلك البيوت والعقارات التي لا يراد بيع أعيانها وإنما تتخذ للتأجير، كما ننبه إلى أنه لا يحسب ما أخرجته سابقاً إلى الفقراء والمحتاجين، إلا إذا كنت قد نويت به الزكاة، لأن الزكاة عبادة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه.
فإذا تذكرت ما أخرجته من الزكاة فكمل الباقي إن كانت بقيت عليك زكاة، وهذا غاية ما في وسعك لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وأما ما أعطيته إخوانك فحلال لهم، وتجب زكاة المال الذي أعطيتهم إياه حسب التفصيل السابق.
والخلاصة أنه إذا لم يحل الحول على نصاب من النقد أو من الأموال المعدة للتجارة، فإنه لا زكاة عليك، أما إذا كان الحول ينقضي عليك وأنت تملك النصاب من النقود أو من العروض المعدة للتجارة، فإنه تجب عليك الزكاة على نحو ما سبق أن ذكرنا، وإذا وجبت عليك الزكاة فلا يجزئ عنها ما تخرجه للفقراء والمساكين بغير نية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1427(11/13576)
لا تحتاج الزوجة لإذن زوجها في إخراج زكاة مالها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة ولي أبناء، لي مع زوجي حساب بنكي واحد يجمع كل عائداتنا المادية، أقوم بإخراج الصدقات منه والزكاة دون علم من زوجي لأنه يرفض ذلك، أقوم بهذا وأنا أنوي أن ما أخرجه هو من حرّ مالي. غير أني يراودني إحساس بعدم الارتياح مخافة أن أكون أخالف شرع الله وأنا أتصرف من وراء ظهر زوجي، فأفتوني وأريحوني يرحمكم الله، وجزااكم الله عني ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك فيما تفعلينه إلا أنه ينبغي أن تعلمي مقدار رصيدك وجملة أموالك كي تعلمي مقدار الواجب فيها شرعا فتخرجيه، ولك أن تتصدقي منها على أن تضبطي ما تصدقت به أوأنفقتِه لتعلمي ما نقص من مالك، ولا تحتاجين في ذلك إلى إذن من زوجك بل يجب عليك إخراج الزكاة الواجبة ولو لم يأذن في ذلك كما بينا في الفتوى رقم: 8603، وإذا أذن لك أن تخرجي عنه زكاة ماله فيجزئ ذلك عنه هو أيضا، وانظري الفتوى رقم: 7411، وإن لم يأذن لك في إخراج الزكاة عنه فالأولى أن تعزلي مالك وتفتحي حسابا مستقلا لأن أموال زوجك غير طاهرة لا بركة فيها لأن الزكاة هي التي تطهر النفس والمال؛ كما قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا {التوبة: 103} وانصحيه وبيني له عظم ذنب مانع الزكاة كما هو مبين في الفتوى رقم: 14756
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(11/13577)
هل في المال المدخر لشراء منزل زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مال في البنك ـ أدخره لشراء منزل ـ بلغ النصاب ولكنه سيبلغ الحول بإذن الله يوم: 29/12/2006 من هذا العام ونويت أن أزكي منه فهل هذا يعني أن في وقت الزكاة العام المقبل أزكي في نفس الفترة، أم في عاشوراء، أنا عاملة وفي كل شهر أدخر جزءا من راتبي هل تجب الزكاة من المال الموضوع في البنك، أم يجوز لي أن أزكي المبلغ المستحق من راتبي ما دام مالي، أم يجب أن أخرج المبلغ من البنك؟
جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الذى ادخرته تجب فيه الزكاة إذا كان نصابا وحال عليه الحول, والمعتبر هنا هو الحساب بالتقويم الهجري وليس بالتقويم الميلادي؛ لأن التقويم الهجري ينقص عن الآخر بأحد عشر يوما تقريبا وراجعي الفتوى رقم: 10550، وزكاة المدخر من الراتب تقدم تفصيل حكمها في الفتوى رقم: 3922.
وإن أخرجت الزكاة عن الجميع عند حلول الحول على المال المدخر لشراء المنزل فهذا أفضل وأوفر حظا للفقراء، وجميع المبالغ المدخرة في البنك كلها لك فيجوز لك إخراج ما وجب عليك من زكاة من المال المدخر لشراء المنزل أو غيره كالراتب مثلا, فالمهم إخراج القدرالذى وجب عليك من الزكاة.
ولايجوز للمسلم إيداع ماله في بنك ربوي إلا في حالة الضرورة الملحة؛ كالخوف على ضياعه وعدم وجود بنك إسلامي لا يتعامل بالربا. وراجعي الفتوى رقم: 518.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1427(11/13578)
مسائل في زكاة مهر المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[عقد قراني يوم 6/12/2004 ولم أقبض المهر إلا بعد عام وبما أنه يبلغ النصاب أخرجت منه الزكاة بعدما قبضته، وفي يوم 30/1/2005 بدأت بتوفير مبلغ في كل شهر من أجل التجهيز لمصاريف الزواج، علماً بأن المبلغ الموفر وصل النصاب في 30/5/2005، فهل علي أن أضيف المال الموفر على مال الصداق وإخراج الزكاة الآن، أم انتظر حتى يحل الحول على النصاب أي في 30/5/2006، وماذا عن التجهيزات التي دفعت تسبيقاً عليها والباقي على دفعة في الأشهر القادمة، ويوم زواجي سيكون بإذن الله يوم 16/8/2006، علماً بأن جميع الأموال الموفرة هو لمصاريف الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قامت به الأخت السائلة من إخراج الزكاة عن المهر كان صواباً لأنه ملكته من يوم العقد، وقد تم حول على ملكها له، قال ابن قدامة في المغني في معرض كلامه على دفع الزكاة قبل الدخول: في هذه المسألة أحكام، منها: أن المرأة تملك الصداق بالعقد. وهذا قول عامة أهل العلم، إلا أنه حكي عن مالك أنها لا تملك إلا نصفه. وروي عن أحمد ما يدل على ذلك. وقال ابن عبد البر: هذا موضع اختلف فيه السلف والآثار، وأما الفقهاء اليوم فعلى أنها تملكه. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن أعطيتها إزارك جلست ولا إزار لك. دليل على أن الصداق كله للمرأة، لا يبقى للرجل منه شيء، ولأنه عقد تملك به العوض بالعقد، فملك فيه العوض كاملاً كالبيع، وسقوط نصفه بالطلاق لا يمنع وجوب جميعه بالعقد، ألا ترى أنها لو ارتدت، سقط جميعه. انتهى إلى أن قال: والمرأة إذا قبضت صداقها زكته لما مضى، وجملة ذلك أن الصداق في الذمة دين للمرأة، حكمه حكم الديون، على ما مضى إن كان على مليء به فالزكاة واجبة فيه، إذا قبضته أدت لما مضى.. إلى أن قال: وإن مضى عليه حول قبل قبضه، ثم قبضته كله، زكته لذلك الحول. انتهى.
وقال النووي: اتفقت نصوص الشافعي رضي الله عنه والأصحاب رحمهم الله تعالى على أن المرأة يلزمها زكاة الصداق إذا حال عليه الحول، ويلزمها الإخراج عن جميعة في آخر الحول بلا خلاف وإن كان قبل الدخول، ولا يؤثر كونه معرضاً للسقوط بالفسخ بردة أو غيرها أو نصفه بالطلاق. انتهى.
وأما الذي تم توفيره أثناء حول المال السابق فله حكم المال المستفاد أثناء الحول، وقد تقدم في الفتوى رقم: 29995 أن المال المستفاد أثناء الحول يستقبل به حول فيكون له حوله الخاص به، وإذا أراد المزكي أن يزكيه عند حول المال السابق جاز له ذلك من باب جواز تعجيل الزكاة، هذا إذا لم يكن المبلغ الموفر ناشئاً عن ربح المال الأول الذي هو المهر، فإن كان من ربحه فإن حوله حول أصله، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 22856.
أما ما تم دفعه عن التجهيزات قبل حلول حول المال فإنه لا يزكى لأنه لم يحل عليه الحول، وأما هذه العروض نفسها فإنها لا تزكى أيضاً لأنها عرض قنية وهو لا زكاة فيه، وأما الأقساط المتبقية من ثمن التجهيزات فإن تم تسديدها قبل حلول حول المال زكي ما بقي من المال إن لم ينقص عن النصاب، وإن بقي منها البعض وقت وجوب الزكاة نظرنا مجموع الباقي من الأقساط، فإن كان يستغرق المال أو ينقصه عن النصاب لو خصم منه سقطت الزكاة في المال المذكور، وإن لم يستغرقه ولم ينقصه عن النصاب خصم مقابل الدين من المال وزكي الباقي، لكن يشترط في إسقاط الزكاة بالدين ألا يكون عند المالك مال آخر يجعله في مقابل الدين ولو كان غير زكوي، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 7675.
هذا بناءً على ما فهمناه من السؤال، وهو أن هذه التجهيزات قد اشتريت وأصبح ثمنها ديناً، أما إذا كانت لم تشتر إلى الآن فإن ما يحتاج إليه في شرائها لا يقال له دين ومن ثم لا يحسم قدره من المال، بل يزكى كل ما حال عليه الحول من المال، وننبه هنا إلى أن المال إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول زكي سواء رصد للزواج أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1427(11/13579)
هل في المال الذي ينقص أثناء الحول زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ الكريم
كنت قد بعثت إليكم سؤالا خاصا بزكاة مال والدتي ولقد استلمت منكم الإجابة على السؤال دون توضيح الإجابه الخاصة على سؤالي بالتحديد فأرجو من حضرتكم الإجابة على سؤالي بالتحديد وبدون إرسال إجابه مماثلة على السؤال وسؤالي هو:
والدتي أرملة تبلغ من العمر ستا وستين سنة ولديها رصيد (خمسة آلاف وخمسمائة دينار) في المصرف من غير فائدة تصرف منه خلال السنة وذلك لعدم كفاية الراتب الضماني التي تتقاضى من الضمان الاجتماعي وهذا الرصيد طبعا في تنازل وذلك للصرف منه خلال العام أي غير ثابت, وسؤالي هو هل يجوز لها استخراج زكاة من رصيدها غير الثابت في المصرف كل سنة؟ فإذا وجبت الزكاة فما قيمة المبلغ المراد إخراجه حيث إن رصيدها في المصرف في تنازل وغير ثابت خلال السنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على والدتك إخراج الزكاة من هذا المال إذا حال عليه الحول وهو نصاب ولو كان ينقص أثناء الحول وذلك كل سنة، علما بأن مقدار النصاب من الدينار وغيره من العملات الموجودة حاليا هو ما يعادل قيمة 85 جراما تقريبا من الذهب، أو ما يعادل قيمة 595 جراما من الفضة، والمبلغ الذي يجب إخراجه هو ربع العشر أي اثنان ونصف في المائة، فإذا حال الحول على هذا المال نظر فيه يوم تمام الحول، فإن كان الباقي منه نصابا وجب إخراج هذه النسبة منه سواء نقص أثناء الحول أو ثبت، فإن حال الحول وقد نقص عن النصاب فلا زكاة عليها طالما أنه لا مال لها تكمل النصاب.
ولمزيد الفائدة والتفصيل في حكم الإيداع في البنوك يرجى مراجعة الفتوى رقم: 4653، والفتوى رقم: 3922، والفتوى رقم: 4237، والفتوى رقم: 3856.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1426(11/13580)
هل في المال المدخر لشراء منزل زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مبلغ من المال نقدا وحال عليه الحول وثم سحب هذا المبلغ لشراء منزل وثم إرجاع المبلغ بعد حوالي الشهر لأنه لم يتم شراء المنزل والآن ناوي شراء قطعة ارض. هل الزكاة على المبلغ كاملا أو الباقي من ثمن الأرض وموعد إخراج الزكاة مضى عليه ثلاثة أشهر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزكاة تجب في المال كله لأنه حال عليه الحول، ولا يجوز تأخير الزكاة بعد تمام الحول لغير عذر، فما دام المال موجودا سواء سحب أو لم يسحب فإن الزكاة واجبة فيه إذا حال عليه الحول وهو نصاب ولو كان مالكه ينوي شراء منزل أو قطعة أرض أو نحو ذلك، وانظر الفتوى رقم: 19440، والفتوى رقم: 31540، والفتوى رقم: 40803.
ثم إنه إذا حال الحول ثانية على هذا المال ولم يُشتر به منزل أو قطعة أرض فإن الزكاة تجب فيه عند تمام كل حول، فإذا اشتريت به قطعة أرض أو منزل بقصد الاقتناء فلا زكاة في الأرض أو المنزل. أما إذا اشتريت به ذلك بغرض الاتجار فالزكاة واجبة في قيمة الأرض أو المنزل عند حولان حول المال الذي اشتري به لا من تاريخ الشراء ما دام هذا المال نصابا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1426(11/13581)
شروط وجوب زكاة المال الموروث
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وترك لنا جزءا من المال (بشرط أن المال المتروك لبناء منزل لنا) ، ولم نبن حتى الآن وقد مر على المال حول كامل، فما وجوب زكاة المال، هل يخرج على المال زكاة أم لا أفيدوني أفادكم الله؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال المذكور قد انتقل ملكه إلى الورثة بمجرد وفاة والدهم، وبالتالي فالواجب على كل وارث زكاة نصيبه منه إذا كان نصيبه نصاباً بنفسه أو بما يضم إليه من نقود أو عروض تجارية، بشرط مرور حول هجري كامل على نصيب كل وارث بداية من وقت ثبوت وفاة والدهم، وراجع الفتوى رقم: 23547، والفتوى رقم: 48622.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1426(11/13582)
حكم زكاة النقود المدخرة للإيجار
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا أنا من العراق وأسكن في بيت إيجار بالسنة وثمنه غال، وأنا موظفة وراتبي جيد وزوجي يعمل أعمالا حرة، هل يجوز أن أذهب للحج عن طريق الأقساط الشهرية حيث سأضع قدر قيمة التكلفة ذهابا كضمان ثم أسدد عن طريق المرتب الشهري، هل هذا جائز، وهل تقع علينا زكاة النقود حيث إننا ندفع إيجارا سنويا بحوالي مليون ونصف دينار، ويقال بأن هذا يعتبر زكاة لأنه مبلغ يدفع كل سنة وكل سنة يحمتل أن يزيد الإيجار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي سؤالك قضيتان:
الأولى: حكم الذهاب للحج بقرض؟
والجواب: أنه لا حرج عليك في ذلك وإن كان لا يجب لأن الله يقول في كتابه الكريم: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً {آل عمران:97} ، فالاستطاعة شرط لوجوب الحج على المسلم، ولا إثم عليه لو مات قبل أن يحج ما دام أنه كان عاجزاً.
ويجب أن يكون هذا القرض حسنا لا ربا فيه، أما إن كان قرضاً ربوياً فيحرم، وحجك غير مبرور، وذهب الإمام أحمد إلى بطلان الحج بالمال الحرام وأنه لا يسقط فريضة الحج.
والثانية: حكم زكاة النقود التي يدخرها الزوج والزوجة للإيجار؟
والجواب: أنه لا زكاة في هذا المال إلا إذا بلغ مال كل واحد منكما نصاباً وحال عليه الحول، ولا يجمع مال أحدكما إلى الآخر لإتمام النصاب، ولكن إذا كنت تملكين زوجك مبلغاً من راتبك كل شهر أو العكس ليدفع في الإيجار واجتمع لدى جامع المال نصاب وحال عليه الحول ولم يكن عليه دين يستغرقه أو ينقصه عن النصاب -ومن الدين الإيجار المستحق- وجبت الزكاة على صاحب المال، وبهذا يتضح أنه إذا كان يدفع الإيجار مؤخراً فإنه لا زكاة عليه في هذا المال لأنه كله دين للمؤجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1426(11/13583)
اليتيم المريض المالك للنصاب هل عليه زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة عن وجوب زكاة المال على طفل (8 سنوات) ورث مالاً يزيد عن النصاب، ولكنه يتيم ومريض يقوم بعلاج نفسه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجب الزكاة في مال اليتيم المذكور ما دام المال قد بلغ النصاب الشرعي بغض النظر عن كونه مريضاً يحتاج للعلاج منه، والمخاطب بإخراج الزكاة وليه، هذا هو مذهب جمهور أهل العلم، كما تقدم في الفتوى رقم: 6407، والفتوى رقم: 4369.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(11/13584)
المحلات المؤجرة لا زكاة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[المفتي الكريم، أنا موظف استدنت مبلغاً من المال على أن أسدده بأقساط شهرية واشتريت بهذا المبلغ محلا تجاريا بغية تأجيره كي أزيد دخلي الشهري، فهل تجب الزكاة عن المحل التجاري، علماً بأنه لا يزال في ذمتي 10 أقساط من أصل 12 قسطا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحلات المؤجرة لا زكاة فيها، وإنما تجب الزكاة في الأجرة إذا بلغت نصاباً بنفسها أو بما انضم إليها من النقود أو عروض التجارة، وحال عليها الحول ولم يكن عليك دين ينقص النصاب، كما في الفتوى رقم: 7674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1426(11/13585)
لا تسقط الزكاة عن مالك النصاب ولو مريضا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أحد أقاربي مريض نفسيا ولا يقدر على العمل وترك له والده مبلغا من المال في إحدى البنوك ويعيش من الربح الذي يأخذه من البنك ولا يكاد يكفي احتياجاته الشخصية فهو -حوالي- مائة وخمسون جنيها في الشهر فهل يجوز دفع زكاة على هذا المال مع العلم أنه إذا دفع زكاة المال سوف تقل فيمه الفائدة التي لاتكاد تكفي احتياجاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البنك المذكور يلتزم في معاملاته بأحكام الشريعة الإسلامية فالواجب زكاة رأس المال المذكور إذا حال عليه الحول وهو نصاب، وكذلك ما يحول عليه الحول من الأرباح التي تؤخذ من البنك، ولا يحسب ما استهلك أثناء الحول، ثم إن الزكاة حق فرضه الله للفقراء في المال الذي تتعلق به الزكاة إذا بلغ نصابا، سواء كان مالك المال صحيحا أو مريضا، كبيرا أو صغيرا، وهي وإن كانت تنقص المال في الظاهر فإن إخراجها يعود على المال بالبركة والنماء. فعلى ولي الرجل المريض أن يخرج زكاة المال ولو نقصت الأرباح. هذا إن كان الرجل المريض لا يستطيع حسن التصرف وإلا أخرج الزكاة عن نفسه أو وكل من يخرجها.
وإن كان البنك المذكور لا تتفق معاملاته مع الشرع الإسلامي وجب إخراج المال من البنك، ولا زكاة إلا في رأس المال الحلال، ويجب التخلص من الفوائد الربوية بصرفها في مصالح المسلمين كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3519 والمسؤول عن هذا الأمر هو الرجل إن كان يستطيع التصرف برشد أو وليه إن كان لا يستطيع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(11/13586)
الربح يزكى مع أصله فحول الربح هو حول أصله
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على سؤالي بصورة منفصلة حسب نصه حيث إنني لم أفهم الرد وحيث إن الإجابة التي أحلتموني إليها لم تكن بمعنى سؤالي جزاكم الله خيراً، وسؤالي هو: كان لدي مبلغ مودع بالبنك من العام السابق تحت شرط وديعة استثمارية وفقا للشروط الإسلامية وكان مبلغي المودع ما يقارب الألفين وثمانمائة وخمسون دولارا وهذا المبلغ قمت بزكاته العام السابق ولكن بعد ذلك بدأت أضع مرتبي بالكامل منذ اكتوبر 2004 وهو مبلغ ثلاثمائة وخمسين دولارا شهريا إلى أن وصل المبلغ في نهاية شهر يوليو 2005 مبلغ الستة آلاف وثلاثمائة وخمسين دولارا موضوعة بالبنك أرجو سائلا الله لكم التوفيق إخباري كيف يمكنني أن أزكي مثل هذا المبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوديعة التي وضعتها في البنك تعتبر نصاباً وتجب عليك زكاتها مع أرباحها نهاية الحول، وأما الراتب الذي أضفته إليها فلك في زكاته طريقتان:
الأولى: هي الأيسر عليك أن تنظر إلى ما تحصل في يدك من هذا الراتب بعد مضي الحول فتزكيه.
وما دمت قد وضعت أول راتب في شهر أكتوبر عام 2004م وكان أوله في العام المذكور يوافق 18 رمضان 1425هـ، فإنك في 18 رمضان عام 1426هـ تنظر كم معك من المال وتزكيه جميعاً ولو لم يبلغ نصاباً بنفسه لأنه يعتبر بالغاً نصاباً بالمال المودع وهذه الطريقة أيسر عليك، كما سبق وأنفع لمصارف الزكاة.
والطريقة الثانية: أن تجعل لكل ما ادخرته في كل شهر حولاً مستقلاً، وحساباً خاصاً، ولا يخفى عسر هذه الطريقة.
وننبهك إلى أمرين:
الأول: أن حساب الزكاة يكون بالعام الهجري وليس بالعام الميلادي، لأن فيه زيادة أيام على العام الهجري.
الثاني: أن الربح يزكى مع أصله فحوله حول أصله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1426(11/13587)
الزكاة على ما بلغ النصاب وحال عليه الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم بإفادتي بخصوص زكاة المال، فأنا أعمل بالسعودية وفي كل عام أقوم بإخراج زكاتي، وسؤالي هو هل إخراج الزكاة يكون بعد خصم مصروفاتي العائلية المختلفة من دفع أقساط للمدارس ومصاريف الأولاد بمعنى كافة المصاريف التي يحتاجها البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزكاة لا تجب إلا فيما يحول عليه الحول من الأموال إن بلغ النصاب، فما ينفق أثناء الحول سواء كان على البيت أو غيره لا يحسب عند إخراج الزكاة لأنه قد استهلك قبل حلول الحول.
وأما أقساط المدارس فما دفع منها أثناء الحول فلا يحسب أيضا، أما إذا كانت تستحق عند تمام الحول فإنها حينئذ أصبحت دينا في ذمتك تقوم بخصمها من مالك وتزكى الباقي بعدها، أما إذا لم تكن قد استحقت كلها فتخصم المستحق منها فقط بإعتباره دينا عليك، هذا إذا لم تكن تملك من الأموال الأخرى ولو غير زكوية ما يفي بهذا الدين، فإن كان عندك ما يفي بالدين فلا تخصم المبلغ المستحق بل تزكي المال كله ثم تؤدي ما استحق عليك، وقد سبق توضيح هذا المعنى في الفتويين التاليتين: 58481، 13204.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1426(11/13588)
زكاة المال المتنازع عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي مال بلغ النصاب ومر عليه الحول, إلا أن جزءا منه كان موضوع نزاع بيني وبين أحد الناس. وفي نفس الشهر الواجب إخراج الزكاة فيه حكمت المحكمة لصالحه إلا أني لا زال لم يحكم علي بالتنفيذ. فهل أخرج الزكاة على كل المال أم فقط على الجزء المتبقي وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما لديك من المال الذي لا نزاع عليه نصابا وحال عليه الحول فلا خلاف في وجوب زكاته عليك، وأما المال المتنازع عليه، فإن كنت تعلم أنه لك وهو في يدك وجب عليك زكاته مع ما سبق، وإن كنت تعلم أنه ليس لك وإنما هو لمنازعك فلا زكاة عليك فيه، بل الواجب عليك التوبة ورده لمالكه، وتجب عليه هو زكاته إذا توفرت شروط وجوب الزكاة فيه، وإن كان الأمر مشتبها عليك، فمن حكم له به فعليه زكاته، لأنه تبين أنه مالكه. وقد نص الفقهاء على وجوب زكاة المال المغصوب إذا رجع إلى صاحبه والمال الضائع ونحو ذلك. قال شمس الدين الرملي رحمه الله تعالى في نهاية المحتاج: وتجب في المغصوب إذا لم يقدر على نزعه ومثله المسروق، بل هو داخل في الأول إذ حد الغصب ينطبق عليه، والضال وما وقع في بحر وما دفنه في محل ثم نسي مكانه، والمجحود من عين أو دين ولا بينة به، ولم يعلم به القاضي في الأظهر لملك النصاب وتمام الحول.
الثاني: وهو القديم لا تجب لامتناع النماء والتصرف فأشبه مال المكاتب لا تجب فيه زكاة على سيده، أما إذا قدر على نزع المغصوب أو كان له بالمجحود بينة أو علم به القاضي في حالة يُقضَى فيه بعلمه فإنه يجب عليه قطعا، ولا يجب دفعها حتى يعود المغصوب وغيره مما مر لعدم التمكن قبله، فإذا عاد زكاه للأحوال الماضية، ولو تلف قبل التمكن سقطت الزكاة. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(11/13589)
هل في الودائع المرهونة لدى البنك زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي ودائع بالبنوك تدر عائدا سنويا. وقمت بالاقتراض بضمان هذه الودائع لشراء مسكن وتأثيثه. وما زلت أسدد أقساط هذه القروض. هل يجب دفع زكاة المال على هذه الودائع؟ إن كانت الإجابة بنعم، فكم تكون قيمة الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينظر في هذه الودائع فإذا كانت مودعة في بنك ربوي، ويتقاضى المودع عليها فوائد سنوية، فإن ذلك يعد ربا محرماً ويجب على المودع سحب هذه الودائع والتوبة إلى الله عز وجل، كما يجب عليه زكاة أصل الودائع فقط بمقدار 2,5، أما الفوائد الناتجة عنها فيتخلص منها بصرفها في وجوه الخير كدفعها للفقراء والمساكين. وأما إن كانت الودائع في بنك إسلامي فإن الزكاة واجبة على أصلها وأرباحها بمقدار 2،5، هذا.. وكون هذه الودائع مرهونة لدى البنك حتى الانتهاء من أقساط الأثاث لا يمنع وجوب الزكاة فيها على ما ذهب إليه جماهير أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1425(11/13590)
زكاة المال المستفاد عن طريق الإقالة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت قطعة أرض وتم كتابة العقد وكان الاتفاق على أن يتم دفع نصف القيمة عند كتابة العقد والباقي بعد عام، ولكن بعد عام ذهبت لصاحب الأرض لإنهاء المبلغ المتبقي واستلام الأرض ونظراً لارتفاع ثمن الأرض قام البائع بفسخ العقد وإرجاع المبلغ الأول وقد فرض عليه مجلس العقد دفع مبلغ يعادل 10% زيادة على سبيل التعويض مع أن الشرط الجزائي المدون في العقد يعادل 35%، وسؤالي هو هل على هذا المبلغ زكاة في ذمتي أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تم الاتفاق على البيع المذكور في السؤال، واستوفى ذلك جميع الأركان والشروط فقد لزم العقد، ولا يجوز لأحد الطرفين أن يرجع فيه، ولا يشترط لتمام العقد أن يكون موثقاً في الدوائر الرسمية، كما بيناه في الفتوى رقم: 17757.
لكن إذا طلب أحد طرفي العقد من الآخر أن يقيله بيعته، استحب له أن يجيبه إلى طلبه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أقال نادماً بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة. رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم وقال: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه، وابن خزيمة في صحيحه واللفظ له، وصحح الألباني رواية أبي داود وابن ماجه بلفظ: من أقال مسلماً أقاله الله عثرته يوم القيامة.
فإذا رضي الطرف الآخر بالإقالة بشرط الزيادة على المبلغ الذي دفعه ثمناً للأرض جاز لأن الإقالة بيع في الراجح من قولي العلماء، وقد بيناه في الفتوى رقم: 28056، وراجع الفتوى رقم: 34491.
أما زكاة المبلغ المذكور مع ما أضيف إليه من تعويض فلا زكاة عليك فيه حتى يحول عليه الحول وقد بلغ نصاباً بنفسه أو بغيره، لأنه مال مستفاد عن طريق الإقالة باعتبارها بيعاً كما ذكرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1425(11/13591)
دفع الضريبة ظلما لا يسقط الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب محل تجاري أدفع ضرائب شهرية بقيمة عالية هل أخرج الزكاة مع الضرائب؟ مع العلم أن إخراجهما معا يؤثر عليّ وأيضا بالنسبة إلى عداد الكهرباء فالدولة تفرض رسوما إضافية بالنسبة إلى الرخص التجارية أي أكثر من المستهلك بمرتين ونصف أي إذا كانت القيمة التي صرفتها =20 دينارا يجب أن أدفع 50 دينارا هل يجوز أن أتحايل على العداد بحيث أدفع القيمة المستهلكة فقط؟ مع العلم أن النظام يحارب التجارة.
الرجاء أن تكون الإجابة واضحة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالضرائب والمكوس والإتاوات الظالمة إذا تمكن الشخص من التحايل عليها وإسقاطها كان حسناً، أما الامتناع عن إخراج الزكاة بحجة دفع تلك الضرائب الظالمة أو احتسابها من ضمن الزكاة فلا يجوز، وراجع في هذا الفتوى رقم: 38415. والفتوى رقم 20261.
وراجع في حكم التحايل للتهرب من دفع رسوم الكهرباء الفتوى رقم: 8936.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(11/13592)
أقوال العلماء في زكاة الأجرة المقبوضة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في أجرة عقار مقدماً لمدة عامين أو أكثر هل يقوم بزكاة هذا المال فور استلامه إياه أو ينتظر مرور الحول؟.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزكاة الأجرة المقبوضة مقدماً محل اختلاف بين أهل العلم: فعند الحنابلة وبعض الشافعية تجب زكاتها إذا حال الحول على قبضها، وللمالكية تفصيل في ذلك، وملخص ما في المسألة مذكور في الموسوعة الفقهية كما يلي:
مذهب الحنابلة ونقله الكاساني عن محمد بن الفضل البخاري الحنفي وهو قول عند الشافعية أن الأجرة المعجلة لسنين إذا حال عليها الحول تجب على المؤجر زكاتها كلها، لأنه يملكها ملكاً تاماً من حين العقد بدليل جواز تصرفه فيها، وإن كان ربما يلحقه دين بعد الحول بالفسخ الطارئ.
وعند المالكية لا زكاة على المؤجر فيما قبضه مقدماً إلا بتمام ملكه، فلو أجر نفسه ثلاث سنين بستين ديناراً كل سنة بعشرين وقبض الستين معجلة ولا شيء له غيرها، فإذا مر على ذلك حول فلا زكاة عليه، لأن العشرين التي هي أجرة السنة الأولى لم يتحقق له ملكها إلا بانقضائها، لأنها كانت عنده بمثابة الوديعة فلم يملكها حولاً كاملاً.
فإذا مر الحول الثاني زكى عشرين، وإذا مر الثالث زكى أربعين إلا ما نقصته الزكاة، فإذا مر الرابع زكى الجميع.
وفي قول عند المالكية وهو الأ ظهر للشافعية لا تجب إلا زكاة ما استقر، لأن ما لم يستقر معرض للسقوط، فتجب زكاة العشرين الأولى بتمام الحول الأول، لأن الغيب كشف أنه ملكها من أول الحول.
وإذا تم الحول الثاني فعليه زكاة عشرين لسنة وهي التي زكاها في آخر السنة الأولى، وزكاة عشرين لسنتين وهي التي استقر عليها ملكه الآن، وهكذا. ولم نجد عند الحنفية تعرضاً لهذه المسألة. انتهى
أما زكاة الأجرة المعجلة فور استلامها، فلا نعلم أحداً قال به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1425(11/13593)
حكم زكاة من استلم الميراث بعد ما حال عليه الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال وهو: ورثنا أنا وأخواتي مالاً، ولكننا لم نستلمه بعد ولكن حال عليه الحول قبل أن نرثه الآن نحن لم نستلمه، ولكن بعد ما ورثناه لم يحل عليه الحول ... بل حال عليه الحول قبل ما ورثناه، السؤال هو: هل علينا زكاة عليه، علما بأننا إلى الآن لم نستلمه بعد، وإذا استلمناه هل نخرج عليه الزكاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المال الذي خلفه لكم مورثكم نصاباً، وحال عليه الحول قبل موته، فالواجب عليكم زكاته قبل قسمة التركة، كما بيناه في الفتوى رقم: 22940 وإذا قسم قبل إخراج الزكاة، فالواجب على كل واحد منكم إخراج نصيبه حتى تبرأ ذمته عند الله جل جلاله.
وإذا حال عليه الحول بعد موت المورث وقبل قسمته، فيجب على كل وارث زكاة نصيبه إذا بلغ نصيب كل واحد من الورثة نصاباً، سواء كان نصاباً بنفسه أو بانضمامه إلى ما عنده من مال، كما بيناه في الفتوى رقم: 23547.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(11/13594)
زكاة المنزل المؤجر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وإخوتي ووالدتنا يوجد لدينا منزل ورثناه من أبينا رحمة الله عليه ولم يتم بيعه حتى الآن ولكن تم تأجير هذا المنزل منذ أربع سنوات بقيمة 200 دينار
ونحن نستنفع من هذا الإيجار في مصاريف البيت
فهل يجوز إخراج زكاة على هذا المبلغ أم لا علما بأننا لم نخرج أي زكاة على هذا المبلغ إلى الآن
أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا زكاة في هذا البيت الذي ورثتموه، وإنما يجب على كل واحد منكم زكاة نصيبه من أجرته منه إذا بلغت نصابا بنفسها أو بضمها إلى ما يملكه من ذهب وفضة وعروض تجارة وحال عليه الحول، وهو سنة قمرية، فإن لم يكن له نصاب أو لم يحل الحول فلا زكاة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(11/13595)
إذا نقص النصاب في بعض الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[أسرة توفي عائلها أدوا الزكاة بعد وفاته ثلاثة أعوام وبعدها توقف وكلاؤهم الكبار المكلفون بإدارة أموال الورثة عن أدائها بسبب أنهم يعلمون إخوتهم الصغار في جامعات مختلفة ويبنون لهم مسكنا لازالوا يواصلون بناءه ويبلغ الحول ولا يدخر شي من أموال الورثة حيث أنها تصرف في الأمور السالفة الذكر علما بأن هناك دخل شهري خلفه المتوفى لورثته من إيجارات عقارات فأرسلت هذا الاستفسار لأنني حضرت جدلا قائما بين الأسرة المذكورة حول موضوع وجوب الزكاة من عدمه في ظل الوضع القائم حيث إن الأمر كذلك وعدتهم بأنني سأطلب استفسارا من خلال موقع على الانترنت وسأوافيهم به مطبوعا بعد حصولي على الفتوى وفق الله الجميع لإقامة دين الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر -كما ذكر السائل- من أنه لا يحول الحول على ما يبلغ النصاب فلا تجب الزكاة، إذ الزكاة تجب بشرطين: الأول: بلوغ النصاب، وهو ما يعادل قيمة 85 جراما من الذهب.
الثاني: حولان الحول.
فمن ملك مالا يبلغ نصابا بنفسه أو بما انضم إليه من ذهب أو عروض تجارة وحال عليه الحول فقد وجبت فيه الزكاة، وأما إذا نقص النصاب في بعض الحول، أو انقطع الحول بإنفاق المال، أو لم تكن حصة الفرد نصابا وحدها أو بما انضم إليها من مال له آخر فلا تجب زكاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(11/13596)
هل الزكاة واجبة في المال المستثمر أم المدخر فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن الزكاة، وأرى في كثير من الإجابات أن المال المستثمر وجبت عليه الزكاة، هل من الممكن توضيح ذلك، أني على علم فقط بأن المال المدخر هو الذي عليه الزكاة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال المستثمر في التجارة من الأموال التي تجب فيها الزكاة، قال ابن قدامة في المغني: فإن الأموال الزكاتية خمسة: السائمة من بهيمة الأنعام، والأثمان وهي الذهب والفضة، وقيم عروض التجارة وهذه الثلاثة الحول شرط في وجوب زكاتها لا نعلم فيه خلافا سوى ما سنذكره في المستفاد، والرابع ما يكال ويدخر من الزروع والثمار، والخامس المعدن وهذان لا يعتبر فيهما حول. انتهى.
فالمال المستثمر إذاً تجب فيه الزكاة كما تجب في المال المدخر بل هو أولى بالزكاة إذا كان نصابا مع ربحه أو بما ينضم إليه من نقود أو عروض تجارية عند مالكه بشرط مرور الحول عليه بعد اكتماله نصابا، والنصاب الذي تجب فيه الزكاة من الأوراق النقدية الحالية هو ما يساوي عشرين مثقالاً من الذهب وقدره بالوزن الحالي خمسة وثمانون غراما تقريباً، والقدر الواجب إخراجه هو ربع العشر 2.5، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28602، 50993، 43368.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/13597)
الزكاة واجبة في أموال المريض نفسيا وعقليا
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسألكم ان كانت الزكاة تتوجب على الأخ المريض. أنا لي أخ مريض بمرض نفسي منذ 24 عاما ومنذ 12 سنة توفي والدي وأخي هذا موجود في مشفى خاص بالأمراض النفسية والعقلية. طبعا\" تكفلت أنا وإخوتي بمصاريفه وقد بلغ هذا أضعاف ما تركه له الوالد. الآن سؤالي هو هل تجوز الزكاة على الأخ. أرجو منكم الإجابة وجزاكم الله تعالى كل خير عن الأمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن سؤال الأخ الكريم يتضمن أمرين أحدهما هل تجب الزكاة في مال المريض، والجواب أن زكاة المال لا علاقة لها بالمرض، فإذا كان عنده من المال ما يبلغ النصاب بعد خصم ما عليه من الديون الحالة وحال عليه الحول وجب إخراج الزكاة منه يخرجها وليه ويدفعها إلى مستحقيها، وبإمكانك الاطلاع على الفتاوى التالية: 11338، 11467، 7674. والأمر الثاني هو هل تجوز الزكاة على الأخ، وقد تقدم الجواب عنه في الفتوى رقم: 478، فالرجاء الرجوع إليها ففيها الإجابة الكافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1425(11/13598)
مرور الحول من شروط وجوب الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن زكاة المال: هل المال المرصود لشراء سيارة شخصية تجب فيه الزكاة أم لا، وهل هناك فرق في دفع الزكاة إذا كان المال المرصود لشراء السيارة قبل حلول الحول على المال أو بعد حلوله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال المذكور تجب عليك زكاته إذا كان نصاباً وحده أو بما ينضم إليه من مال آخر عندك، بشرط تمام الملك وكمال الحول، ولا يجب دفع الزكاة عن المبلغ إلا إذا حال عليه الحول لأن مرور الحول شرط من شروط وجوب الزكاة، وراجع الفتوى رقم: 12422، والفتوى رقم: 11997.
وللتعرف على مقدار النصاب في الأوراق النقدية الحالية، راجع الفتوى رقم: 2055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1425(11/13599)
تجب الزكاة عند توفر شروطها بغض النظر عن حالة المالك الصحية
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد إجراء عملية في العمود الفقري أصبت بشلل نصفي دائم. بعدها حصلت من الدولة على مبلغ من المال كتعويض لأن الخطأ كان من الطبيب. لا أستطيع العمل وتصرف لي مساعدة البلدية. بالنسبة للتعويض!
هل يجب علي إخراج الزكاة منها، وهل علي دفع الزكاة في كل سنة، أم يجوز لي عدم إخراج الزكاة منها والاحتفاظ بها كوني معاقا لصرفها عند الحاجة حيث الأعمار بيد الله.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا بلغ المال نصابا بنفسه، أو بما انضم إليه من ذهب أو فضة أو عروض تجارة وحال عليه الحول وجبت زكاته بغض النظر عن حالة مالكه، ولذلك تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون وغيرهم، وقدرها 2،5 (ربع العشر) . والنصاب هو ما يعادل قيمة 85 جراما من الذهب أو قيمة 595 جراما من الفضة، وعليه فتلزمك زكاة هذا المال إذا توفر الشرطان المذكوران: تمام النصاب وحولان الحول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1425(11/13600)
النية شرط في إجزاء الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في الأعوام السابقة كنت أخرج الزكاة ولم أكن أنوي من داخلي (أقصد النية) كما في الصلاة عندما أنوي مثلا صلاة الظهر 4 ركعات، لم أكن أنوي أني أخرج عبادة الزكاة، فهل تحتسب لي تأديتها، حيث أنني قرأت أنه يشترط النية أساسا في الأعمال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنية المشترطة في الزكاة هي أن يقصد بقلبه عند إخراجها إلى مستحقيها أو وكيلهم أن ما يخرجه هو الزكاة الواجبة عليه في ماله، وهي شرط في إجزاء الزكاة عند أهل العلم، لأنها عبادة مفروضة كالصلاة، ولابد لها من نية.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه.
ولأن إخراج المال لله يكون فرضاً ويكون نفلاً، فافتقرت الفريضة إلى النية لتمييزها عن النفل، وقياساً على الصلاة كما سبق، وشذ الإمام الأوزاعي فقال بعدم اشتراط النية قال: لأنها دين على صاحبها، وأداء الدين لا يفتقر إلى نية. وقول الجمهور هو الصواب.
لكن الذي نخشاه هو أن تكون مصابا بالوسوسة في موضوع النية، فكيف تقول إنك تخرج الزكاة على أنها زكاة، ثم لا تكون لك نية، أليس هذا تناقضا؟!
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1425(11/13601)
زكاة المال تجب على مالكه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الزكاة على الأموال الموضوعة في البنك تكون على أصل المبلغ أم على المبلغ كله؟
وهل لو أبي وضع باسمي فلوسا في البنك من الذي تفرض عليه الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في بيان كيفية زكاة الأموال المودعة في المصرف، وهل هي في الأصل أم في الربح؟ فنحيل السائلة إليها وهي برقم: 4653. وقول السائلة: من الذي تفرض عليه الزكاة؟ فإن زكاة المال تجب على صاحبه أي مالكه. فإن كان أبوك قد كتب باسمك الأموال التي في المصرف وأراد بذلك تمليكك لهذا المال، فالزكاة واجبة عليك أنت. وأما إن كتبه لأمر آخر ولم يرد أن يملكك هذا المال فالزكاة عليه وليست عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1425(11/13602)
زكاة المهر المعجل إذا لم يقبض
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي، هل تجب الزكاة على المهر المعجل في حال عدم قبضه من قبل الزوجة، وهل تجب الزكاة عليه في حال قالت الزوجة لزوجها بعد الزواج سامحتك بالمقدم دنيا وآخره؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمهر المعجل إذا لم يقبض، فإنه يعتبر دينا كالمؤخر، وإذا حال عليه الحول، وهو في ذمة الزوج وجبت عليها زكاته إذا كان الزوج موسراً باذلاً، فإن كان معسراً أو مماطلاً فلا تجب زكاته إلا إذا قبضته، وإن لم يحل عليه الحول بأن أخذته منه وأنفقته قبل تمام حوله أو أبرأته منه فلا زكاة فيه، لما روى ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول. وروى الترمذي: من استفاد مالاً فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول عند ربه. وراجع الفتوى رقم: 1008.
وإن أبرأت الزوجة الزوج من المهر المقدم، بأن قالت له سامحتك فيه دنيا وآخرة، فإن زكاته تسقط عنها إذا لم يكن حال حوله وهو في ذمته موسراً باذلاً، وأما إن كان الإبراء حصل بعد سنة أو سنين، فإن الزوجة تؤاخذ بزكاة تلك الأعوام الماضية، قال ابن قدامة في المغني: إذا وهبت المرأة مهرها لزوجها وقد مضى له عشر سنين، فإن زكاته على المرأة لأن المال كان لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(11/13603)
الأموال والممتلكات التي يعطى منها الخمس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم إعطاء الخمس في الشريعة الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين لنا السائلة الكريمة ما يعطى منه الخمس، فإن كان قصدها من كل الممتلكات والأموال، فهذا ليس على إطلاقه، فإن الخمس يعطى من الرّكاز وهو ما وجده الشخص من الكنوز التي دفنت في الجاهلية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وفي الركاز الخمس. متفق عليه من حديث أبي هريرة.
وكذلك يخرج الخمس مما غنمه المسلمون من العدو في الجهاد في سبيل الله، قال الله تعالى: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ {الأنفال:41} . وأما ما يدفع من العين وعروض التجارة، فهو ربع العشر زكاة منها عند الحول، وما يعطى من المنتجات الزراعية فهو العشر إن كانت لا تسقى بجهد، وأما إن كانت تسقى بجهد وآلة فإن زكاتها نصف العشر عند الحصاد، وما يخرج عن الإبل فهو شاة إذا بلغت خمس روؤس، وفي البقر عجل تبيع إذا بلغ ثلاثين رأساً، وفي الغنم شاة إذا بلغت أربعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(11/13604)
مسائل متنوعة في الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السنة الماضية أخرجت الزكاة في 27/7/2003، ويوم 27/7/2004 رزقت بمولودة في تاريخ الزكاة وعندي نقدا مبلغ 1200 دينار ليبي تقريباً، ويوجد دين أطلبه 1000 دينار ليبي استلفهم مني صديق وعندي قطعة أرض اشتريتها للمتاجرة منذ 4 أشهر تقريباً، ويوم موعد الزكاة قمت بدفع رسوم توليد زوجتي للعيادة مبلغ 620 دينار ليبي، سؤالي: كيف أزكي الآن لأني في حيرة وضيق لأني لا أجد من أثق فيه لسؤاله، أرجو إفادتي هل علي زكاة، وهل يجوز تأخيرها أم لا، والأرض معروضة للبيع، وهل عندما أبيعها أزكي من مالها، علما بأني الآن موظف وراتبي قليل جداً ولا يكفي حتى لرسوم الهاتف!!! أرجو الرد علي بسرعة جداً؟ ولكم منا الدعاء، وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال تضمن عدة جوانب:
الجانب الأول: حكم تأخير الزكاة؟
وجوابه: أنه لا يجوز تأخير إخراج الزكاة بعد وجوبها، لأنها حق لمستحقه فلا بد من المسارعة في أدائها إليه، ولما في ذلك من التعجيل إلى إبراء الذمة.
الجانب الثاني: حكم حساب الزكاة بالأشهر الميلادية؟
وجوابه: أنه لا يجوز ذلك، لأن هناك فرقاً بين عدد أيام السنة الهجرية والميلادية، فالفرق بين كل سنة هجرية مع السنة الميلادية هو اثنا عشر يوماً تقريباً، ولهذا لا يصح حساب الزكاة بالأشهر الميلادية، ولذا فإن عليك أن تغير حساب الزكاة إلى الأشهر الهجرية، وإن كنت قد أخرجت زكاة مالك عدة سنوات بالأشهر الميلادية، فإن عليك أن تجتهد في تحديد تلك السنوات وحساب الأيام الزائدة ثم إضافتها إلى الحول الهجري للزكاة، وهناك طريقة أخرى وهي أنك إذا عرفت التاريخ الهجري عند أول مرة أخرجت فيها الزكاة فاجعله الآن هو وقت إخراجك للزكاة في السنوات القادمة.
الجانب الثالث: أن الزكاة لا تجب إلا إذا بلغ المال نصاباً وهو ما يساوي قيمة خمسة وثمانين جراماً من الذهب أو خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة، وحال عليه الحول، والنصاب في مالك يشمل النقد الذي بيدك والدين - إذا كان على موسر باذل كما سيأتي بيانه- وقطعة الأرض التي اشتريتها بنية التجارة، فإذا كان المجموع يبلغ نصاباً وجبت عليك زكاة الجميع بعد مرور الحول.
وعليه؛ فالمال الذي دفعته مقابل توليد امرأتك يحسب مع رأس المال، ويزكى لأنه بمرور الحول وجبت فيه الزكاة.
الجانب الرابع: حكم زكاة الدين؟
وجوابه: أنه تجب عليك زكاة في الدين كل سنة إذا كان على غني باذل، لأنه في حكم الموجود عندك، ولكن لك أن تؤخر إخراجها حتى تقبض الدين، ولك أن تؤديها مع زكاة مالك، والأول رخصة، والثاني فضيلة وإسراع في إبراء الذمة.
أما إذا كان الدين على مماطل أو معسر، فلا زكاة عليه ولو بقي عشر سنوات، لأنك عاجز عنه، ولكن إذا قبضته فعليك أن تزكيه مرة واحدة في سنة القبض فقط، ولا تلزمك زكاته لما مضى، لأن إسقاط الزكاة عنه لما مضى فيه تيسير على المالك؛ إذ كيف تجب عليه الزكاة مع وجوب إنظار المعسر، وفيه أيضاً تيسير على المعسر، وهو إنظاره، ففيه مصلحتان.
وعليه، فإذا كان المدين باذلاً غير مماطل، فالواجب عليك أداء الزكاة عن هذا الدين عن كل ما مضى من السنوات، وإن كان معسراً لا يرجى سداده فليس فيه زكاة الآن، ولكن إذا قبضته، فأد زكاة سنة واحدة، ولا يشترط بلوغ الدين النصاب بنفسه ما دمت تملك مالاً آخر يبلغ نصاباً بنفسه أو بالدين.
الجانب الخامس: حكم زكاة قطعة الأرض؟
وجوابه: أنه لا تجب الزكاة عليها إلا بشرطين:
الأول: أن تشترى بنية التجارة.
الثاني: أن تبلغ قيمتها نصاباً بنفسها أو بما انضم إليها من نقود أخرى أو عروض تجارة، وعليك زكاتها كل سنة دون تأخير، ولا يشترط زكاتها من قيمتها ويكون حولها هو حول المال الذي اشتريت به، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1425(11/13605)
من لم يكن ضابطا لوقت وجوب الزكاة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[لست متذكرا لتاريخ اخراج زكاتي العام الماضي بالضبط، وكيف أخرجها بالعام الميلادي، وهل يجوز منح مال الزكاة لإخواني الصغار رغم أنهم يعيشون مع والدي في منزل واحد وأنا لا أعيش معهم، وهل يجوز لي منح بعض أقاربي مال الزكاة في صورة هدايا منعاً للاحراج.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن ضابطا لوقت وجوب الزكاة عليك فعليك إخراجها في وقت يغلب على ظنك مصادفته لوقت الوجوب أو قبله.
واعلم أن حول الزكاة لا يكون بالتاريخ الميلادي بل بالتاريخ الهجري، لأن السنة القمرية تنقص عن السنة الشمسية بنحو أحد عشر يوما تقريبا، فالحساب هنا بالسنة الشمسية فيه ظلم للفقراء بتأخير حقوقهم، وراجع الفتوى رقم: 10550.
ودفع زكاتك لإخوتك الصغار مع وجود أبيهم جائز إذا كانوا في حاجة إلى ذلك، لكون الأب عاجزا عن نفقتهم لفقره، أما إذا كان الأب موسرا قادرا على النفقة عليهم فلا يجزئ عنك ذلك، وراجع الفتوى رقم: 39337.
ويجوز لك دفع زكاتك إلى الأقارب في شكل هدايا تفاديا لوقوعهم في الحرج إذ لا يلزمك إخبارهم بكونها زكاة بشرط أن لا يترتب على الإعطاء المذكور قطع ما كنت تصلهم به من هدية ونحوها قبل ذلك، وراجع الفتوى رقم: 12149.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(11/13606)
لا تسقط الزكاة ولو نوى الحج بها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أدفع زكاة مال حال عليها الحول وأنا أنوي بها الحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجب عليك زكاة تلك النقود إذا بلغت نصاباً بنفسها أو بما انضم إليها من نقود أو عروض تجارة، وحال عليها الحول إضافة إلى تمام ملكك لها، والنصاب المعتبر في النقود هو ما يعادل قيمة النصاب في الذهب وهو عشرون مثقالاً، ويقدر وزنه الآن بخمسة وثمانين غراماً من الذهب، وراجع الفتوى رقم: 2055.
ولا يسقط عنك الزكاة كونك تنوين صرف تلك النقود لمؤونة الحج، فما دامت النقود في ملكك فإن حق الزكاة باق فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/13607)
النصاب المعتبر في عروض التجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أملك أدوات كهربائية برأس مال قدره 5000 جنيه، هل يجوز إخراج زكاة المال عليه، علماً بأنه لا يكفيني مصاريفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبضاعة التي عندك لا تجب فيها الزكاة إلا مع توفر شروطها من تمام النصاب وبقائه عندك حولا كاملا، والنصاب المعتبر هنا هو النصاب في الذهب، وهو عشرون مثقالاً، ويقدر وزنه الآن بخمسة وثمانين غراما من الذهب.
فإذا قمت بتقويم بضاعتك، وكانت قيمتها بالعملة المحلية تصل إلى ما يعادل خمسة وثمانين غراما من الذهب، وجبت عليك الزكاة بشرط تمام الحول، وكمال الملك.
وطريقة زكاة عروض التجارة التي عندك وما يجب عليك إخراجه في حال وجوب الزكاة عليك، راجع لهذا كله الفتوى رقم: 3078، كما يمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 2055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(11/13608)
بلوغ النصاب يوجب الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة أرملة تتلقى إعانات شهرية من أقاربها تفيض عن حاجتها وهي تحتفظ بجزء منها لشراء بعض الأشياء، فهل عليها من زكاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا بلغ ما توفره هذه المرأة من هذه الإعانات نصاباً وحال الحول القمري عليه وجب على هذه المرأة أن تخرج الزكاة وإلا بإن لم تبلغ نصاباً أو لم يحل الحول فلا زكاة عليها، وانظري الفتوى رقم: 11206.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(11/13609)
لا ينوب عن دفع الزكاة شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتغل أبي في التجارة لسنوات عديدة ولكنه للأسف لم يزك ماله. لديه الآن رصيد ثابت من المال منذ ما يقارب 10 سنوات.
أبي الآن أصيب بمرض يؤثر على ذاكرته وهو لا يعرف الآن مقدار المال الذي كان معه في السنوات الماضية العديدة والتي قد تزيد عن العشرين عاماً.
الرجاء أن تخبروني عن كيفية إخراج زكاة مال والدي؟ هل يكفي ويكفر إخراج نسبة معينة من المال الآن عن الزكاة التي لم تدفع عن السنوات الماضية؟
هل يكفرالتوبة والحج المبرور عن عدم إخراج الزكاة عن المال المذكور آنفا؟
وبارك الله لنا فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن تأخير الزكاة عن وقتها لا يجوز، قال النووي في المجموع: مذهبنا أنها إذا وجبت الزكاة وتمكن من إخراجها وجب الإخراج على الفور، فإن أخرها أثم، وبه قال مالك وأحمد وجمهور العلماء. ا. هـ
وعلى هذا؛ فالواجب على أبيك التوبة والاستغفار من ذلك، ومن شروط قبول توبته إخراج الزكاة عن جميع السنين الماضية التي أخر دفع زكاة ماله فيها، فإن استطاع أن يتذكر عدد السنوات ومقدار الزكاة في كل سنة فالأمر واضح وإلا احتاط لذلك كله حتى يغلب على ظنه أداء كل ما عليه في ذلك، لا ينوب عن ذلك شيء مما ذكر، فإن الزكاة حق للفقراء لا يسقط إلا بدفعه لهم، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 8995، والفتوى رقم: 15523.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/13610)
زكاة من يمتلك مكتب تدقيق حسابات
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مكتب خاص لتدقيق حسابات السؤال هل يجب علي زكاة المال؟ (علما أنه قد قرب العام)
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق بيان حكم عمل مكاتب التدقيق والعمل فيها في الفتوى رقم: 16956، والفتوى رقم: 28330.
أما سؤالك عن الزكاة، فإن كان لك مال مما كسبته من مكتب التدقيق أو غيره وبلغ نصابا وحال عليه الحول، فقد وجبت عليك الزكاة في نهاية السنة، وتبدأ السنة منذ بلوغ المال نصابا، فلو بلغ نصابا في أول شهر صفر، وجبت تزكيته في أول صفر من السنة التالية، وهكذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(11/13611)
لا زكاة على المبالغ المدفوعة مقدما لقاء الإيجار
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب صاحب أحد المحلات التي نستأجرها قيمة الإيجار لمدة خمس سنوات مقدمة على أن يعمل لنا خصماً وتم دفع المبلغ له هل يدخل المبلغ ضمن وعاء الزكاة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا زكاة عليكم في المبالغ التي دفعتموها مقابل إيجار المحل للمدة المذكورة، لأن المال صار مملوكاً لمالك المحل، والزكاة واجبة عليه هو فيه، ولا شأن لكم بمال لا تملكونه، وقد خلى بينكم وبين الانتفاع بالمحل المؤجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(11/13612)
تجب الزكاة على من بلغت حصته نصابا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل أنا وزوجتي ولي أرض ومحل وثلاثة أولاد، أفييدوني عن قيمة الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال فيه إجمال.. ولكن على العموم فإن كان كل واحد منكم يملك قيمة نصاب وقدره من الذهب 85 جراماً وحال الحول على ذلك فإن الزكاة واجبة عليكم جميعاً، وإن كانت الأرض معدة للتجارة فإنها تضم إلى سائر الأموال والعروض الأخرى، أما من لم يملك نصاباً وليس عنده مال آخر يضمه إليه فلا كاة عليه، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13747 / 25132 / 19817.
أما بالنسبة للدكان فالزكاة لا تجب إلا في أجرته، وعليه فمن بلغت حصته منكم نصاباً ولو بانضمام الأرض أو غيرها من عروض التجارة وجبت عليه الزكاة ومن لا فلا.
هذا إن كان المقصود هو مجرد ملك بناية الدكان وحدها، أما إن كان قصد به ما يحويه من عروض التجارة فهذه تقوَّم، فمن بلغ ملكه نصاباً بنفسه أو بضمه إلى مال آخر عنده أخرج الزكاة، ومن قصر عنها فلا يلزمه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/13613)
زكاة المال المدخر أو المستثمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة أمتلك ثمنية آلاف (8000 ريال) منذ ثلاث سنوات، هل تجب فيها الزكاة، أرجو إفادتي سواء كانت هذه النقود مخزنة أو في مشاريع تجارية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على من ملك نصاباً من النقود وحال عليها الحول أن يخرج الزكاة منه وهي ربع العشر، والنصاب ما يساوي قيمة خمسة وثمانين جراماً من الذهب، أو خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة.
فإذا كان هذا المال الذي عندك يساوي النصاب من أحد النقدين فأخرجي ربع العشر عن كل سنة منذ بلوغه النصاب، سواءً أكان المال مدخراً أو في مشاريع تجارية.
إلا أنه إذا كان المال على هيئة عروض تجارة فإنك تقوّمين هذه العروض عند حلول الحول، فإذا بلغت قيمتها نصاباً بنفسها أو بما أنضم إليها من نقود أخرى وجبت الزكاة فيها وهي ربع العشر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1424(11/13614)
هل في الأجهزة المعدة للإيجار زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي شركة كمبيوتر صغيرة بها عدة أجهزة كمبيوتر وأثاث أستعمله في تشغيل هذه الأجهزة ولقد مر على افتتاحي لهذه الشركة عام كامل، وأريد فهم ما يجب علي من الزكاة وكيف أخرجها، وما مقدار النصاب لمثل حالتي؟
مع العلم بأني أعمل في مكان استأجرته من صاحب المبنى
وشكراً راجياً منكم الإفادة والنصح]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان من الأجهزة والأثاث قد اشتري بنية البيع فهو من عروض التجارة، تجب فيه الزكاة إذا بلغ قيمته نصاباً بنفسه أو بما انضم إليه من النقود وعروض التجارة وحال على هذا النصاب الحول.
وانظر الفتوى رقم: 27624، ففيها ذكر النصاب وبعض التفاصيل النافعة.
أما إن كانت هذه الأجهزة والأثاث معدة للتأجير أو غيره من أنواع الاستعمالات غير البيع، فليست عليك زكاة فيها، لكن ما وصلك من الإجارات إذا بلغ نصاباً بنفسه أو بما تضم إليه من نقود وعروض تجارة، فإنه تجب عليك الزكاة فيه بالشروط السابقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/13615)
زكاة أموال القصر
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع هو عن الزكاة، لقد كنت أحد القصر وأنا الآن راشدة كنت أعتقد أن شؤون أموال القصر تزكي عن أموالنا التي هم مسؤولون عنها فيجب عليهم الزكاة عنها وإبلاغ صاحبها والآن سؤالي هو هل يجب عليه الزكاة أم لا مع العلم أني لا أعرف كم المدة التي قضت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المال إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة.
وعليه فالواجب إخراج زكاة هذا المال عن هذه السنوات، ويمكنك الاتصال بهذه الهيئة لمعرفة عدد هذه السنوات، وراجعي لمزيد من الفائدة الفتاوى: 4369 / 18877 / 14985
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(11/13616)
لا زكاة على من أهدى ماله قبل الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة لديها مبلغ من المال ادخرته عندما كانت تعمل- لوقت الحاجة- وحال عليه الحول وقامت بأداء الزكاة المفروضة عليها والآن سيحول عليه الحول قريبا وهي تريد أن تقسمه بين بناتها، السؤال هو:
هل يجوز لها أن تقسمه بين بناتها فقط دون أن تعطي للذكور؟
هل يجب عليها أن تزكيه بعد أن تقسمه بين البنات إن جاز لها ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن هبة الأم لبناتها دون أبنائها، وذلك في الفتوى رقم: 38399.
وإذا قسمت الأم المال على أولادها قبل تمام الحول، فإنه لا زكاة عليها فيه، وإنما الزكاة فيه على من يملكه، إذا كان نصابا وحال عليه الحول من وقت ملكه له، وإذا قسمته بعد الحول، وجب عليها أن تخرج زكاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/13617)
زكاة الأواني الفضية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مجموعة أطر للتعليق فضية وأشياء للزينة من الفضة وصينيات أطرافها من الفضة ومرآة إطارها فضي, لا أستطيع تقييم ثمنها فهل علي أن أزكيها أم لا. بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الإجابة على سؤالك اعلمي أنه لا يجوز اتخاذ أدوات للزينة من الفضة، وكذا تزيين الأشياء بها إذا كانت الفضة كثيرة، فإذا كانت قليلة فيكره، وعن ضابط القلة والكثرة يقول النووي في المجموع: المشهور أن الكثير ما استوعب جزءاً من أجزاء الإناء بكماله كأعلاه أو أسفله أو عروته أو شبه ذلك، والقليل ما دونه.
وراجعي الفتوى رقم: 37864 والفتوى رقم: 31071 وعليك أن تفصلي الفضة وتنتفعي بها في الانتفاعات المباحة.
أما عن الزكاة في هذه الأغراض التي ذكرتها فإنها واجبة، ومقدارها ربع العشر وراجعي الفتوى رقم:
33937 وإذا شككت في وزنها فالأحوط أن تعتبري بالأكثر، فمثلاً إذا شككت هل هي ثلاثة كليوغرام أم أربعة جعلتها أربعة، وهكذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/13618)
زكاة العقارات المخصصة للسكن أو الإيجار
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ورثت من أبي عمائر نصرف من بعضها على إخوتي القصر ونسدد دينا وأنا أعيش في منزل والدي والعقارات مخصصة للإيجار، هل علي زكاة في هذا الميراث؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت لديكم نقود تبلغ نصابا بنفسها أو بما ينضم إليها من عروض التجارة، بعد حسم قدر الدين وحال عليها الحول، فتجب عليكم الزكاة فيما لديكم من نقود وعروض تجارة بمقدار ربع العشر.
أما العقارات المخصصة للسكن أو الإيجار، فليست فيها زكاة.
وراجع الفتوى رقم: 19847، والفتوى رقم: 7674، والفتوى رقم: 14985.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1424(11/13619)
الزكاة في مهر الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب علي إخراج الزكاة عن مهر زوجتي الذي يفوق قدر النصاب؟ وجزاكم الله عني خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمهر الزوجة ملك لها، فهي التي يجب عليها أن تخرج زكاته، فإن تبرع الزوج بإخراج الزكاة من ماله، وأذنت بذلك الزوجة ونوت ذلك قبل الإخراج، صح.
هذا في غير الحلي المعد للزينة واللبس، وأما هو -أي الحلي- فلا زكاة فيه على الراجح، كما في الفتوى رقم: 29506.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/13620)
هل تجب الزكاة في ميراث الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا نقود باسم الوالد المتوفى ولم نستطع تحويلها لحسابنا، وهي عبارة عن حساب جاري بالمصرف بدون فوائد، فهل تجب عليها الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبمجرد وفاة والدكم -رحمه الله- تصبح هذه النقود ملكاً لورثته، ولا تجب فيها الزكاة إلا إذا بلغ نصيب كل وارث نصاباً بنفسه، أو بما معه في مال من جنسه، فعليه حينئذ زكاته، وله تقديمها عند نهاية الحول وله تأخيرها حتى يقبضها، فيزكيها لما مضى ما دام غير قادرٍ على قبضها، أما إذا كان قادراً على قبضها فتجب عليه زكاته عند نهاية كل حولٍ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(11/13621)
الأجناس المختلفة لا تضم إلى بعضها لتكميل النصاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تجيبوني على السؤال التالي: كيفية إخراج الزكاة في ما يلي: شخص يمتلك 83 غراماً من الذهب، 38 رأس من الغنم و4 من النوق، فهل النصاب يحتسب على كل صنف وحده أو يحتسب على مجموع قيمة هذه الأصناف؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الأموال لا يضم بعضها إلى بعض في تكميل النصاب، لاختلاف الأجناس، وبناءً عليه فلا زكاة في الأموال المذكورة في السؤال لأنها دون النصاب، فنصاب الذهب خمسة وثمانون جراماً، ونصاب الغنم أربعون شاة، ونصاب الإبل خمس من الإبل، وما نقص من ذلك فلا زكاة فيه إلا أن يشاء المتصدق، هذا إذا لم تكن معدة للتجارة.
أما إذا كانت معدة للتجارة فإنها تضم بعضها إلى بعض وتزكى زكاة عروض التجارة، فإذا بلغت قيمتها نصاباً -وهو الواقع- وحال عليها الحول وجبت زكاتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(11/13622)
كمال النصاب في جميع الحول شرط في وجوب الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بإخراج الزكاة في 15 رمضان من كل عام، هذا العام لم يكتمل النصاب إلا بعد مرور أكثر من أسبوع عن تمام الحول، مع العلم بأن أموالي لا يحول عليها الحول لأنني وكيل عقاري، ليست لي عروض تجارة، ومداخيلي متقطعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من كلام أهل العلم أن كمال النصاب في جميع الحول شرط من شروط وجوب الزكاة، وعليه فلا زكاة عليك ما دام النصاب نقص خلال الحول، إلا أن تتبرع بذلك.
فإذا كمل عندك نصاب وحال عليه الحول مع كمال النصاب وجبت عليك الزكاة، وراجع الفتوى رقم: 23555، والفتوى رقم: 477.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(11/13623)
مقدار النصاب بالذهب والفضة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف نصاب الزكاة بمعنى مقدار المال الواجبة فيه الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجب الزكاة في المال إلا إذا بلغ نصاباً، وحال عليه الحول دون أن ينقص عن النصاب، ونصاب الذهب بالوزن الحاضر 85 جراماً، ونصاب الفضة 595 جراماً، ونصاب الأوراق النقدية قيمة أدناهما لأنه الأحظ للفقراء والأحوط لبراءة الذمة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 17599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(11/13624)
هل في المال الباقي بعد الخسارة زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت شريكاً في مشروع صغير لبيع السيارات لم نربح أي شيء وخسرت مبلغ 33000 درهم من رأس المال الكلي الخاص بي 52000 درهم، فهل أخرج الزكاة أم لا وإن أخرجتها، فهل على رأس المال 52000 أم المتبقي؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمبلغ المذكور سواء الكلي أو ما بقي منه بعد الخسارة قد بلغ النصاب، وبلوغ النصاب هو الشرط الأول من شروط وجوب الزكاة، وأما الشرط الثاني فهو حولان الحول، وعليه فإن كان الحول مضى على المبلغ الكلي وتمكنت من إخراج الزكاة ولم تخرجها، فقد وجب عليك إخراج زكاة جميع المال، أما إن كان الحول لم يمض إلا على المبلغ المتبقي بعد الخسارة بمعنى أن الخسارة وقعت في أثناء الحول، فلا تجب عليك زكاة إلا ما مضى عليه الحول فقط، وانظر الفتوى رقم: 27624، والفتوى رقم: 14496.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/13625)
لا زكاة واجبة في المال قبل الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
سؤال: رجل عنده 200000 درهم ولكن لم يحل عليها الحول أفيه زكاة أم لا؟ جزاكم الله خيراً>]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المبلغ المذكور يساوي قيمة 85 جراماً من الذهب فأكثر وحال عليه الحول، فالزكاة واجبة فيه وقدرها (ربع العشر) وإذا لم يحل عليه الحول فلا زكاة فيه، ولو كان مستوفياً جميع الشروط الأخرى، وراجع الفتوى رقم: 165.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1424(11/13626)
تقدير نصاب المال بالذهب أم بالفضة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
كنت أريد أن أسأل عن زكاة المال، حيث إني لا أعلم كم هو النصاب، بعض العلماء يفتون بأخذ الذهب كمعيار والبعض يقولون الفضة، فأيهما هو الصحيح، مع العلم بأن سعر كل واحد يختلف
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من شرط الزكاة في الأوراق النقدية أن تبلغ نصاباً، والنصاب هو ما يساوي قيمة 85 جراماً من الذهب، أو ما يساوي قيمة 595 جراماً من الفضة، وقد بحث الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه القيم فقه الزكاة بماذا يحدد نصاب المال في عصرنا هذا بالذهب أم بالفضة؟
وانتهى إلى القول بالتحديد بالذهب، وقال: إن هذا القول سليم الوجهة قوي الحجة. وقال: إن الأولى أن نقتصر على تقدير النصاب في عصرنا بالذهب، وأن التقدير بالفضة وإن كان أنفع للفقراء إلا أنه إجحاف بأرباب الأموال. ونحن نميل إلى ما قرره الشيخ ونفتي به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(11/13627)
المهر المؤجل مال تجب فيه الزكاة إذا تحققت شروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المهر المؤجل للزوجة، هل عليه زكاة، وكيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمهر المؤجل مال تجب فيه الزكاة إذا كان بالغاً نصاباً وحال عليه الحول من يوم استحقاقه بالعقد، ولكن لا تجب زكاته إلا بعد قبضه، فإذا قبضته المرأة زكته كزكاة الدين عن الأعوام السابقة، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 1008.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(11/13628)
عدم تقاضي راتب لا يمنع وجوب الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أرجو من سيادتكم الموقرة الإجابة على سؤالي
أنا أعمل في قطاع خاص وأتقاضى مرتبا نتيجة عملي، ولكن منذ عشرة أعوام لم أتقاض أي مرتب بسبب وضع المكتب المتدهور، ولا أعلم ماذا على أن أفعل وأريد أن أزكي عن مالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يسهل أمرنا وأمرك وأن يصلح حالنا وحالك، وأن يفتح علينا وعليك أبواب فضله ورزقه.
وإذا كانت الأموال التي تسأل عن زكاتها هي الرواتب التي في ذمة المكتب لك، فإن زكاتها هي زكاة الدين المبينة في الفتاوى التالية: 30320، 30616، 32200.
وإذا كانت أموالا أخرى عندك، فإذا كانت بالغة نصابا بنفسها أو بما انضم إليها من نقود أو عروض وحال عليها الحول، فإن الزكاة فيها واجبة، ولا علاقة لذلك بكونك لا تتقاضى راتبا على عملك في القطاع المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(11/13629)
لا زكاة في الفستق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الحيم
تحية طيبة وبعد:
نرجو منكم بيان الأمر التالي:
هل تقع الزكاة على ثمار أشجار الزيتون والفستق الحلبي وما هو مقدارها.
وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
6936 بيان وجوب الزكاة في الزيتون ومقدارها.
وأما الفستق فلا زكاة فيه عند المالكية كما في مواهب الجليل، ولا عند الشافعية كما في حاشية سليمان الجمل على فتوحات الوهاب لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وهو الراجح لأنه مما لا يقتات اختياراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(11/13630)
تجب الزكاة في المال النقدي ولو كان غير نام
[السُّؤَالُ]
ـ[ادخرت مبلغا من المال وذلك عندما كنت أعمل، أما الآن فأنا لا أعمل، وليس عندي مال في يدي إلا القليل مما يعطيني إياه أولادي، هل تجب الزكاة علي في المال المدخر؟ علما بأنني لم أزده منذ 9 سنوات، والمبلغ إن أردت إخراج الزكاة منذ ذلك الوقت لا يتبقى منه شيء وأنا ادخرته وخرجت من العمل في نفس السنة ولم تكن عندي المادية في يدي، وأنا أدخره للحج وللعوز لي ولأولادي، وهو يبلغ 1300 دينارا كويتيا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فشروط وجوب الزكاة في المال النقدي هي بلوغ النصاب والملك التام وحولان الحول، ويشترط في النصاب أن يكون زائدا عن الحاجات الأصلية كالطعام والشراب والملبس والمسكن، فمازاد عن ذلك وكان بالغا نصابا وحال عليه الحول في ملك صاحبه، وجبت فيه الزكاة ولو كان غير نام على الصحيح، والظاهر أن هذا المال الذي تملكينه (1300 دينار كويتي) زائد عن حاجتك الأصلية بدلالة ادخاره لمدة تسع سنوات، وأن أولادك يقومون بالنفقة عليك، ولذلك تجب عليك الزكاة فيه لبلوغه النصاب وهو قيمة (85 جراما من الذهب عيار 24) فإذا زكيته عن سنة، وكان ما بقي يكمل النصاب، زكيته عن سنة أخرى، وهكذا حتى ينقص عن النصاب، فلا تجب عليك فيه زكاة حينئذ إلا إذا كمل النصاب من مال آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/13631)
لديهم أسهم ونفود مدخرة وعليهم ديون فكيف يزكون؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي ولدى أبنائي أسهم في الفحص الفني والصناعات والبنك الإسلامي والوقود، ومبلغ في البنك بحوالي خمسين ألف ريال، أريد أن أعرف قيمة الزكاة الواجب دفعها علماً بأن لدي ديوناً لأقربائي تزيد على مبلغ مائتين وخمسين ألف ريال، وقرض سيارة من جهة العمل، وقرض بناء، ترجى الإفادة حتى أستطيع إخراجها قبل منتصف رمضان؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبالنسبة لزكاة الأسهم تراجع بشأنها الفتويين التاليتين: 1038، 19079.
وبالنسبة للمبلغ الموجود في البنك فإنه يضم إلى جملة الأموال التي تزكى وتخرج الزكاة عنها مجتمعة.
وأما الديون التي عليك لأقاربك أو غيرهم، وهل تمنع من الزكاة أو لا، فينظر بخصوص ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7674، 11338، 6336، 6367.
واعلم أن الذي يزكي منكم هو من بلغت حصته نصابا، أو كان يملك ما لو أضافه إلى حصته صار الجميع نصابا، والنصاب هو ما يعادل قيمة 85 جراماً من الذهب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1424(11/13632)
زكاة الذهب تجب في قيمته على هيئته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
أنا عندي 259 جراماً من الذهب للاستعمال، عيار 22 وقيمته بالجرام الآن 45 درهماً وهو بهيئة الخام فهل أزكي وهو خام أو مع الشغل، مع العلم بأنني لن أستطيع بيعه إلا وهو خام، وكم قدر زكاته؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زكاة هذا الذهب تجب في قيمته على الهيئة التي هو بها، وراجع الفتوى رقم: 33269.
وننبه إلى أن أهل العلم قد اختلفوا في وجوب الزكاة في الذهب المعد للاستعمال المباح على قولين، أقواهما القول بالوجوب لقوة أدلته، ولأن الأخذ به أحوط وأبرأ للذمة، ولمزيد من الفائدة تنظر الفتوى رقم: 265.
وأما الواجب إخراجه عنه فهو ربع العشر أي 2.5، فلو كان سعر الجرام من ذهبك يساوي 45 درهماً فإن القدر الواجب إخراجه هو 259×45×2.5 ×22/24=267.09 درهماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(11/13633)
زكاة المال المغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني كنت تعاقدت مع مقاول لبناء شقة لي على دفعات، ثم إنه تأخر في مرحلة من التنفيذ، فحال الحول على الدفعة التي دفعتها له، ثم إنه هرب بمالي ولم يسجل الشقة، هل تستحق الزكاة على هذه الدفعة، ما هو الدعاء عليه المشروع، ما الدعاء الوارد عن الرسول لاسترداد مالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلمعرفة حكم زكاة هذا المال (الدفعة التي دفعتها للمقاول) ينظر هل هي مقابل عمل أنجز في البناء، فإذا كان كذلك فلا زكاة فيها لأنها انتقلت من ملكك إلى ملك المقاول.
أما إن كانت هذه الدفعة ليست مقابل شيء، وإنما أخذها المقاول وهرب بها، فتأخذ في هذه الحالة حكم المال المغصوب والمسروق، وقد سبق حكم زكاة هذا النوع من المال في الفتوى رقم: 29749، فلتراجع.
وأما حكم الدعاء على هذ الشخص، فيدعى عليه بما يدعى على الظلمة دون تعدٍّ، ولم يرد في الشرع ما يلزم المظلوم بدعاء معين لإطلاق الحديث "دعوة المظلوم" دون تقييدها بدعوة خاصة، وانظر المزيد في الفتوى رقم: 11808.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(11/13634)
إذا استهلك المال قبل نهاية الحول فلا زكاة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
عندي منزل أملكه تسكن فيه عائلة وتعطيني مبلغ 1100 ريال، وفي المقابل أنا أستأجر منزلا وأدفع أجرته 1100 ريال أيضاً هل يترتب علي أي زكاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليست عليك زكاة في عين المنزل، وأما ما تكسبه من أجرة، فإن كان بحيث يبلغ نصاباً بنفسه، أو بما انضم إليه من نقود أو ذهب أو فضة، وحال عليه الحول، فتجب عليك زكاته عند نهاية الحول، فإذا استهلك قبل نهاية الحول فلا زكاة فيه، وانظر الفتوى رقم: 285، والفتوى رقم: 19847.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1424(11/13635)
ليس في العسسل زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود معرفة مقدار زكاة العسل ومقدارها هل بعد احتساب التكلفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس في العسل زكاة على الراجح من أقوال أهل العلم، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 2368، والفتوى رقم: 37184.
إلا أن يكون العسل معداً للتجارة، ففيه زكاة التجارة، وانظر الفتوى رقم: 920.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1424(11/13636)
لا حرج في إخراج الزكاة من المال المدخر أو من المرتب
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الصلاة والسلام على رسول الله
فقد تجمع لدي مبلغ يعادل خمسين ألف ريال قطري بالدولار خلال ثلاثة شهور من العام الماضي، وكنت أحاول استثماره ولم يتسن لي ذلك، فما قيمة الزكاة المفروضة عندما يحول الحول؟ وهل أدفع هذه الزكاة من أصل المبلغ أم من الدخل الشهري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزكاة المفروض إخراجها من النقود هي ربع عشر المال البالغ نصابا، أي 2،5 والنصاب يقدر بثمن خمسة وثمانين غراما من الذهب، أو خمسمائة وخمسة وتسعين جراما من الفضة.
ولا شك في أن ما معك من المال قد بلغ نصابا وزيادة، فالواجب عليك هو إخراج 1250 ريالا قطريا زكاة مالك.
ويجوز إخراجها من المال المدخر كما يجوز إخراجها من مرتبك الشهري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1424(11/13637)
الخدمات التطوعية لا تعد زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
أخى يعمل محامياً ومتخصصاً فى قضابا التعوبض، وبقوم بعمل الإجراءات الإدارية للقضايا الأخرى بدون أي مقابل، ويقول إن مقابل هذا العمل زكاة، فهل هذا يعتبر زكاة أم لا بد من إخراج الزكاة منفصلة عن العمل؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للزكاة شروطاً معلومة لا بد من توافرها، منها بلوغ المال النصاب، وحولان الحول عليه، والملك التام، ولا يسمى هذا التطوع بالإجراءات الإدارية مالاً لا عرفاً ولا شرعاً، وعليه فلا يقوم تطوعه هذا مقام الزكاة، بل لا بد أن يحسب ماله البالغ نصاباً، وهو ما يساوي قيمة 85 جراماً من الذهب، سواء كان نقداً أو عرض تجارة، فإذا استوفى شروط الزكاة أخرج الزكاة مالاً، أما تطوعه بخدمة الناس، فإن كان في ما يباح العمل فيه فإنه يحتسبه عند الله تعالى وهو مأجور عليه -إن شاء الله- وإن كان مما لا يباح فليدعه فوراً وليتب إلى الله منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1424(11/13638)
زكاة السيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[إني اشتريت سيارة قبل سنتين بـ 120000 دينار عراقي وهي تعمل في شركة، ولكن انخفض سعر السيارة الآن، والسيارة تأخذ شهريا 250 دولاراً أمريكياً، سؤالي: هل يجب دفع الزكاة على مبلغ قيمة السيارة أم على راتب السيارة، أعتذر على الخطأ القواعدي لأني كردي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجب عليك الزكاة في قيمة السيارة، وإنما تجب عليك في الحاصل من أجرتها، فإن كان يبلغ نصاباً بنفسه أو بضمه إلى أموالك الأخرى، وحال عليه حول قمري، وجبت عليك الزكاة فيه، ومقدارها 2.5، أما النصاب فمقداره ما يعادل 85 جراماً من الذهب أو 595 جراماً من الفضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1424(11/13639)
صور زكاة مال الزوجين
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يحسب نصاب الزوج وزوجته في زكاة المال هل لكل منهما نصابه أو يجمع المالان معا ويحسب النصاب؟ وهل يجوز إخراج زكاة مال الزوجة من مال الزوج علما بأني أرى أن مالي ومال زوجتي مالا واحداً؟ هل أستطيع تأخير زكاة المال أو تقديمها لظروف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمال الزوجين من غير بهيمة الأنعام له صورتان:
إحداهما: أن يخلط المالان، وفي هذه الصورة خلاف بين أهل العلم.
فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة والشافعية في القديم إلى عدم اعتبار الخلطة، فلو كان المال -مثلاً- نصاباً حال الجمع والخلط ولو فرق المال لما بلغ نصيب واحد من الزوجين نصاباً فلا زكاة حتى يبلغ نصيب كل واحد منهما نصاباً ويحول عليه الحول، فمن بلغ نصيبه نصاباً زكى، ومن لم يبلغ ماله نصاباً فلا زكاة عليه وهذا الراجح.
وذهب الشافعية في الجديد الصحيح إلى أن للخلطة تأثيراً فلو كان مال كل منهما لا يبلغ نصاباً فخلطاه فبلغ نصاباً وجبت الزكاة فيه بشروط مقررة عندهم للخلطة، من حيث النصاب، وأما الحول فلكل منهما حوله.
والثانية: أن لا يخلط المالان بل لكل ماله على انفراده فهنا لا خلاف أنه يشترط لوجوب الزكاة أن يكون مال كل واحد منهما نصاباً ويحول عليه الحول.
وأما إخراجك الزكاة عن زوجتك فلا مانع إن أذنت بشروط مذكورة في الفتوى رقم: 7411، والفتوى رقم: 12582.
وأما الكلام عن تقديم الزكاة فسبق في الفتوى رقم: 6497.
وأما تأخيرها فسبق في الفتوى رقم: 18836.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1424(11/13640)
حكم زكاة (الشاليه) العقار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أمتلك شاليه منذ 6 سنوات وغير جاهز للاستخدام أو للإيجار. هل تجب فيه الزكاة؟ وإن وجبت فماهو المبلغ الواجب إخراجه للزكاة؟ علماً بأنه قيمة الشراء 35000جنيه والقيمة الحالية تقريباً 50000 جنيه. أفتونا أفادكم الله وجزاكم عنا وعن المسلمين خير الجزاء. وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الشاليه المذكور معدا للاستخدام الخاص، فلا زكاة فيه، وكذلك إذا كان معدا للإيجار، فلا زكاة في قيمته، وإنما تجب الزكاة في مردوده وما يحصل من إيجاره إذا بلغ النصاب بنفسه، أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة، وحال عليها الحول.
أما إذا كان معدا للبيع، فحكمه حكم عروض التجارة، يُقَوّم كل سنة، فإذا بلغت قيمته الزكاة بنفسها أو بما انضم إليها أخرجت منها الزكاة، سواء كان مستخدما أو لا، ومقدار الزكاة، ربع العشر.
وعلى هذا، فلا زكاة عليك في الشاليه المذكور إلا إذا كان معدا للتجارة.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 19847.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(11/13641)
دفع الزكاة قبل بلوغ النصاب غير مجزئ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف أتقاضى راتبا شهريا ويبقي لي منه بعض المال، ويتم إخراج زكاة الراتب بنسبة محددة تدفع إلى السلطات في بلدي سنويا 000 هل علي زكاة في المال الذي يتبقى معي عندما يحول الحول عليها وبالطبع عند بلوغ النصاب أم لا 00000على أساس أنه سبق وقد تم أخذها ضمن زكاة الراتب المفروضة سنويا علينا من سلطات البلد الذي ننتمي إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالراتب الشهري لا زكاة فيه إلا إذا بقي منه شيء وحال عليه الحول، وهو بالغٌ ناصبًا بنفسه، أو بما يضم إليه من مال آخر للمالك، ونعني بالمال هنا: الذهب أو الفضة أو عروض التجارة، أو العملات الورقية، فإذا حال الحول على النصاب وجب إخراج ربع العشر، والنية لا بد منها في إخراج الزكاة. وقد سبق بيان حكم ما تأخذه الدولة كزكاة في الفتوى رقم: 28336، فليرجع إليها. كما سبق بيان حكم دفع الزكاة إلى الحاكم إن كان ظالمًا في الفتوى رقم: 35305، فلتراجع. ومما ينبغي أن يتنبه له السائل أن دفع الزكاة بعد بلوغ المال النصاب وقبل حولان الحول مجزئ، وأما دفعها قبل بلوغ المال النصاب فغير مجزئ، ويجب إخراجها ثانية. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1424(11/13642)
الميراث الذي لم يقسم هل فيه زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي منذ حوالي الثلاث سنين وترك لنا مبلغا من المال (6000دينار أردني) للأم والزوجة و7 ذكور وابنتين في أحد البنوك الإسلامية, ولم يتسن لنا سحب المبلغ من البنك إلا هذا العام لعدم تفرغ أحد لإنهاء الأوراق الرسمية, فهل يتوجب علينا دفع زكاة المال للعامين الفائتين أم نبدأ بحساب الحول منذ وقت استلامنا للمبلغ أفيدونا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المال الذي تركه والدك في المصرف الإسلامي المذكور قد انقطعت ملكيته عنه منذ وفاته -رحمه الله- وصارت الملكية للورثة، وعليه فمن بلغت حصته منهم نصاباً، أو كان عنده من المال يوم وفاة والدك ما لو أضيف إلى حصته صار نصاباً، فإن الزكاة تلزمه بعد سنة من ملكيته النصاب.
ومن لم يحصل له نصاب، فإن الزكاة لا تلزمه، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 4202.
وبناء على ذلك، فإنا سوف نقسم لك التركة المذكورة حتى تعرف نصيب كل فرد، وما إذا كانت في شيء من ذلك زكاة.
- الأم لها السدس، قال تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:11] . وذلك ألف دينار أردني.
- الزوجة سهمها الثمن، قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12] . وذلك سبع مائة وخمسون ديناراً أردنياً.
- الباقي وهو أربعة آلاف ومائتان وخمسون ديناراً بين الأولاد والبنات للذكر مثل حصة بنتين. قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11] . فيكون لكل واحدة من البنتين مائتان وخمسة وستون ديناراً وقريب من ثلثي الدينار، ولكل واحد من الأولاد خمس مائة وواحد وثلاثون ديناراً وقريب من ثلث الدينار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1424(11/13643)
بلوغ النصاب يوجب الزكاة دون التفات لأي اعتبار
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
هل تجب الزكاة في مال بلغ النصاب لامرأة ليس لها معيل ولا تقوم بتشغيل هذا المال؟ علما بأن هذا المال تقريبا ضعف النصاب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دامت هذه المرأة تملك نصابًا من الأموال الزكوية، فإنه يجب عليها زكاته كل سنة، فإذا ما نقص عن النصاب فلا زكاة عليها فيه، سواء كانت تعمل أو لا تعمل، وسواء كانت مكفية بنفقة غيرها أم لا. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 29207.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/13644)
احتساب الزكاة لا يكون بالشهور الشمسية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
في 05 أكتوبر 2002 كان لدي مبلغ 305 دولار أمريكي و 550 يورو، ثم في شهر نوفمبر من نفس السنة أصبح لدي 305 دولار و 1300 يورو وللذكر تحصلت على هذه المبالغ في إطار نفقات مهمة قمت بها، ونظرا لحاجتي الشديدة لهذا المال فقد ادخرته للضرورة لئلا أصرفه، لكني تذكرت مؤخرا أنني ربما وجبت علي زكاته، فما الحكم في وجوب الزكاة عليه؟ ومتى أخرجها؟ وما هو المبلغ الذي أخرجه؟ وبأي عملة
أرشدوني رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تؤرخ لبداية ادخارك بالتاريخ الهجري القمري؛ لأن احتساب الزكاة لا يكون بالشهور الشمسية. ثم تنظر هل كان المبلغ الذي ادخرته في التاريخ الأول (5 أكتوبر 2002) بعد تحويله للقمري هل كان بالغًا نصابًا؟
والنصاب هو ما يساوي قيمة 85 جرامًا من الذهب، أو (595 جرامًا من الفضة) ، فإن كان بالغًا نصابًا وجبت فيه الزكاة -عندما تأتي عليه سنة قمرية كاملة- ومقدارها ربع العشر (2.5) .
أما المبلغ الآخر الذي حصلت عليه في نوفمبر فأنت مخير بين أن تضيفه للمبلغ الأول وتعتبر بداية الحول لهما يوم الأول، وهذا فيه راحة لك وزيادة أجر إن شاء الله، وإما أن تجعل له حولاً مستقلاً يبدأ من يوم امتلكته مع تحويل التاريخ من الشمسي للقمري.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتويين التاليتين: 14142، 28517.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1424(11/13645)
الربح تابع لرأس المال في الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لدي مبلغ من المال اشتريت به سيارتين وبعتهما على شخص بالأجل بمبلغ أكثر من قيمتهما، على أن يسدد المبلغ كاملا بعد عام.
فهل علي دفع زكاة هذا المال؟ وهل أدفع زكاة الأصل أو زكاة المبلغ كاملا بالزيادة التي هي مقابل الأجل؟
وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم زكاة الدين في الفتوى رقم: 7368.
أما الربح، فيعتبر جزءاً من المال، فكأنك الآن مالك للمبلغ كله بما في ذلك الربح، فتجب عليك زكاة المبلغ كله، ففي المدونة الكبرى ما يلي:
أرأيت الدنانير تكون عند الرجل عشرة دنانير فيتجر فيها فتصير عشرين ديناراً بربحها قبل الحول بيومين أيزكيها إذا حال الحول؟ قال: نعم. قلت: ولم وليس أصل الدنانير نصاباً؟ قال: لأن ربح الدنانير هاهنا من المال بمنزلة غذاء الغنم منها التي ولدتها ولم يكن أصلها نصاباً، فوجبت فيها الزكاة بالولادة، فكذلك هذه الدنانير تجب فيها الزكاة بالربح فيها. انتهى
وفي الغرر البهية للشيخ زكريا الأنصاري الشافعي: ووجبت أي الزكاة للربح في التجارة والنتاج بكسر النون الحاصلين في حول أصلهما بحول أصلٍ أي أصلهما وهو رأس المال والأمهات. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(11/13646)
زكاة الأجهزة بين الوجوب وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله.
أنا أملك محلاً للإنترنت، وأملك أجهزة للإعلام الآلي، وأنا شريك مع أحدهم، وقد دار الحول على هذا المحل، ونصيبي في هذه الأجهزة بلغ نصاب زكاة الأموال، مع العلم بأني لا أملك المال، لأني أسدد به ديوني الكثيرة، فهل أعين قيمة هذه الأجهزة التي تعمل وتدخل المال وأدفع عنها الزكاة.
أفتوني أعانكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المحل المذكور يحتوي على أجهزة يتم تأجيرها للزبائن، والحصول على عائد مادي من ورائها، فلا زكاة في الأجهزة نفسها، ولكن الزكاة تكون على الريع الذي يتحصل منها بعد مرور الحول عليه، إذا بلغ نصابًا في نفسه أو بانضمامه إلى غيره، وحال عليه الحول، وهو ما يسمى بزكاة المستغلات كالعمارات والبيوت المؤجرة. وراجع في هذا الفتوى رقم: 27646، والفتوى رقم: 19847.
أما إذا كان المحل المذكور تتم فيه المتاجرة في نفس الأجهزة ببيعها وشرائها، فإن زكاة هذه الأجهزة تدخل في أحكام زكاة عروض التجارة، فتقوَّم إذا حال عليها الحول وبلغت نصابًا، ويجب فيها ربع العشر 2.5. وراجع الفتوى رقم: 23795.
علمًا بأنه يحق للمدين خصم قيمة الديون المتعلقة بذمته من المال الزكوي الذي وجبت فيه الزكاة، وهذا قول جمهور العلماء. كما بيناه في الفتوى رقم: 6336..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(11/13647)
الأرض وما شاكلها لا تزكى أعيانها إلا إذا كانت معدة للتجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[نمتلك قطعة أرض ورثناها عن والدنا، وقد قمنا ببيعها حديثا، ما كيفية أداء زكاتها أم هل ننتظر دوران الحول على ثمنها؟ وما كيفية أداء زكاة الأرض المشتراة للاستثمار على المدى الطويل؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأرض التي ورثتموها عن والدكم لا تزكَّى إلا بعد بيعها ودوران الحول على ثمنها، وإذا حال الحول على ثمنها فإنما يزكيِّ مَنْ بلغت حصته نصابًا، أو كان عنده ما إذا أضيف إليها بلغت به نصابًا؛ وذلك لأن الأرض وما شاكلها لا تزكَّى أعيانها إلا إذا كانت معدة للتجارة، فقد روى الجماعة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس على المسلم في فرسه وغلامه صدقة.
ثم إن الأرض المشتراة للاستثمار على المدى الطويل إنما تزكى غلتها إذا بلغت نصابًا. ومقدار الزكاة ربع العشر، لما أخرجه البخاري وغيره: وفي الرقة ربع العشر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(11/13648)
لا علاقة بين وجوب الزكاة وبين فقد المسكن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب الزكاة على من تهدمت داره بزلزال إذا كان له مال مدخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا علاقة بين وجوب الزكاة وبين تهدم الدار بزلزال أو غيره، فالله تعالى قد فرض الزكاة في المال إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول تطهيرًا له وبركة ونماء. قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103] .
وروى الجماعة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن قال: إنك تأتي قومًا أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله عز وجل افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم ... الحديث.
وبناء على ذلك فإن من تهدمت داره بزلزال وكان له مال مدَّخر فإن الزكاة تجب عليه إذا توفرت شروطها التي منها ملك النصاب كما أسلفنا، ولو كان محتاجًا إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(11/13649)
المال البالغ النصاب تجب زكاته إذا توفرت الشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب علي الزكاة إذا كنت قد ربحت مالا من الأسهم المباحة شرعا وهذا المال سوف أستخدمه في الزواج وشراء بعض مستلزماته أرجو منكم جزاكم الله خيرا إفادتي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجب الزكاة في هذا المال إذا بلغ نصابًا بنفسه أو انضمام غيره إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة، وحال عليه الحول، سواء أكان مرصودًا للزواج أو غيره من الأغراض المشروعة.
وراجع الفتوى رقم: 1038، والفتوى رقم: 2785.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(11/13650)
هل في مال الصندوق التعاوني زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسرة لديها صندوق تعاوني يصرف في أعمال الخير مثل (إعانات الزواج، بعض الولائم، عند حدوث بعض المشاكل في القبيلة، الدم وغيره..) مع العلم بأن المال لا ينمى بأي عرض من عروض التجارة، ويتم جمع المال عند رأس كل عام هجري.
س/ هل علي هذا الصندوق التعاوني زكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا المال مرصودا لهذه الأغراض، وقد أخرجه أصحابه عن ملكهم، بحيث لا يعاد إليهم، فلا زكاة فيه لكونه في حكم الوقف.
وأما إن كان باقيا على ملك أصحابه، ومن أخذ منه شيئا فعلى سبيل القرض مثلا، فإنه يزكى، وتكون زكاته حينئذ بحسب حصة كل شخص منه، فمن بلغت حصته منه نصابا أو كان عنده من المال ما إذا أضيف إلى حصته بلغت نصابا زكى، ومن لا، فلا.
وانظر الفتوى رقم: 9684
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(11/13651)
حكم زكاة الكتب المموهة بالذهب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب الزكاة في الكتب المحلاة بالذهب والفضة وكذا المموهة بهما إذا تجمع منها ما يبلغ النصاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان يمكن أن يجتمع بعد التفكيك من الذهب أو الفضة المموه منها أو المحلى نصاب وجبت زكاته؛ لأن تمويه وتحلية الكتب غير كتاب الله حرام، وأما إذا كان مستهلكًا بحيث لا يجتمع منه نصاب فلا زكاة فيه. وقد ذكر الإمام النووي رحمه الله في المجموع عن البندنيجي قوله: فإن كان المموه مستهلكًا لا يحصل منه شيء بالسك لم يحرم استدامته ولم يجب فيه زكاة، وإلا حرمت ووجبت زكاته إن بلغ وحده نصابًا أو بانضمام مال آخر له. اهـ
وقال المرداوي في الإنصاف وهو يتكلم في حكم تمويه وتحلية المسجد والمحراب: وحيث قلنا يحرم وجبت إزالته وزكاته، وإن استهلك فلم يجتمع منه شيء فله استدامته ولا زكاة فيه لعدم الفائدة وذهاب المالية. وقد صرح البهوتي في دقائق أولي النهى بحرمة تحلية كتب العلم فقال: ويحرم تحلية كتب العلم. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(11/13652)
مقدم الآجار زكاته على المؤجر
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدينا في مصر قانون للإيجار هو عبارة عن أن يقوم المستأجر بدفع مقدم للإيجار لمدة 10 سنوات مثلا ويقوم كل شهر بدفع باقي الإيجار (مثلا يدفع المستأجر لمالك الشقة 15 ألف جنيه مقدم إيجار لعشر سنوات ويدفع كل شهر 100 جنيه إيجار على أن تحسب معها 100 جنيه من 15 ألف جنيه المدفوعة مقدما ويظل هكذا إلى أن تنفذ 15 ألف جنيه ليبدأ بدفع 200 جنيه كاملة) وسؤالي: زكاة مال مقدم الإيجار المدفوع هل تجب على المستأجر أم على مالك الشقة حيث أن هذا المال لا يرد للمستأجر حتى لو ترك الشقة قبل أنتهاء مدة العقد وهذا المال المستفيد من قيمته الفعلية هو مالك الشقة حيث يصبح من حقه من يوم تأجير الشقة فمن حقه المتاجرة به أو الزواج به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
المبلغ المقدم الذي أخذه المؤجِّر هو ملك للمُؤَجِّر، وليس للمستأجر، وعليه فالزكاة تجب على مالكه وهو المُؤجِّرْ.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 34016.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(11/13653)
من شروط الزكاة تمام الملك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة قمت باستئجار محل لمدة 3 سنوات ودفعت لمالك المحل قيمة الإيجار كاملة لهذه المدة مقدما (190ألف)
وسؤالي هو: هل تجب زكاة هذا المال علي أم على مالك المحل؟ حيث إن هذا المال لا يجوز أن أسترده بأي حال من الأحوال لو تركت المحل قبل انتهاء مدة التأجير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجب عليك الزكاة في المال الذي دفعته لصاحب المحل لأنه خرج عن ملكك، ومن شروط وجوب الزكاة تمام الملك، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 14898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(11/13654)
زكاة السيارات المؤجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أملك وكالة لتأجير السيارات حيث أمتلك عددا من السيارات أقوم بتأجيرها وأريد أن أخرج الزكاة. فما هي طريقة احتسابها؟
أفيدوني أفادكم الله وبارك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه السيارات هي لمجرد الأجرة كما ذكرت فإنما الزكاة في أجرتها، وليست في السيارات نفسها.
وعليه؛ فإذا اجتمع عندك من إيجار السيارات نصاب فأكثر، وحال الحول على ذلك، فالواجب عليك إخراج الزكاة، وإذا لم يجتمع عندك نصاب أو اجتمع ولم يحل عليه الحول فلا زكاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/13655)
حكم زكاة من اشترى سيارة ناويا بيعها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا جزائري مقيم بقطر اشتريت سيارة بالأقساط ونويت بعد تسديد الأقساط أن أشحنها إلى الجزائر لبيعها وبعد سنة ترددت ممكن ما أشحنها إلى الجزائر فهل تجب عليها زكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يخلو أمرك من حالتين:
الأولى: أن تكون قد اشتريتها بنية التجارة أي بنية بيعها فهي عرض تجارة تجب عليك زكاتها عند نهاية الحول وتقومها بما تساويه في السوق وتخرج ربع العشر.
والثانية: أن تكون قد اشتريتها بنية الانتفاع بها ثم بيعها بعد انتهاء الأقساط والانتفاع بثمنها فليست عرض تجارة ولا زكاة عليك فيها، إلا إذا بعتها وبقي ثمنها في حوزتك حولاً وهو بالغ نصاباً بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة، فإنك تزكيه كسائر الأموال النقدية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(11/13656)
تجب زكاة المال البالغ النصاب بتمام الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة ورثت بعض المال وكان مكتمل النصاب يوم 10 ربيع الأول 1424 هل يكون يوم إخراج الزكاة إن شاء الله يوم 10 ربيع الأول 1425 أم 11 ربيع الأول 1425؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك دفع الزكاة من هذا المال إذا حال عليه الحول وهو بالغ النصاب، وإن نقص في أثناء الحول ثم اكتمل حسبت من يوم تمام النصاب، وإذا فرض أنه لم ينقص أثناء الحول، فتجب زكاته بتمام الحول، وهو نهاية اليوم التاسع من ربيع الأول، وتؤدين الزكاة في ذلك اليوم أو اليوم الذي بعده، وإن عجلت إخراجها قبل يوم كان حسنا، وإن أخرت إخراجها عن التاسع والعاشر لأسباب مشروعة مثل أن يتعذر تسليمها لمن يستحقها في نفس اليوم جاز ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1424(11/13657)
من شروط زكاة العقار المعد للإيجار
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: هل يستحق علي زكاة؟ وكيفية حسابها؟
القصة كالآتي: تركت الشقة التي كنت أمتلكها وأسكنها لمدة ثلاث سنوات وقمت بإيجارها بمبلغ 20000 جنيه سنويا ويوجد علي دين بمبلغ 13500 جنية سنويا، فهل الزكاة أؤديها عن القيمة السوقية أو الفعلية للشقة؟ مع العلم بأن باقي مبلغ الإيجار يتم صرفه قبل أن يتم الحول؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجب عليك زكاة في الشقة المعدة للإيجار، وإنما تجب في ريعها أي عائد إيجارها إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول.
فإذا قبضت مبلغ الإيجار فاطرح منه قيمة ديونك، وما بقي إن بلغ نصاباً بنفسه أو بما انضم إليه من أموال أخرى، وحال عليه الحول ولم ينقص عن النصاب أثناء الحول، فتجب فيه الزكاة وهي ربع العشر 2.5.
أما وقد تم صرف المال قبل أن يحول عليه الحول فلا زكاة عليك فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(11/13658)
لا زكاة على الأرباح التي أنفقت قبل حولان الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة أضع أموالي في بنك إسلامي يمنحني كل شهر عائداً أقوم بإنفاقه على بيتي، وسؤالي عندما يحول الحول على أموالي هل أقوم بحساب قيمة الزكاة من مجموع كل العوائد الشهرية التي قمت بإنفاقها + أصل المال، أم من أصل المال فقط وما تبقى من أموال العوائد الشهرية معي؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ليس عليك أن تخرجي الزكاة عن الأرباح التي أنفقتها قبل أن يحول الحول على أصلها الذي نتجت عنه، بل الواجب أن تحسبي كل سنة الأموال التي أكملت عندك السنة وهي أصل المال مع ما تبقى من أموال الأرباح الشهرية.
وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول. رواه ابن ماجه وأحمد وأبو داود عن عليّ رضي الله عنه.
ويجب التنبه إلى أن حول الربح هو حول الأصل الناتج عنه فيزكى تبعا له، ولو حصل قبل نهاية الحول بيوم واحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/13659)
الزكاة واجبة في المال الزكوي سواء كان صاحبه بالغا أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي 16 سنة وقد بلغت هل تفرض علي زكاة أم لا علما بأن لدي أموال تفوت عليها السنة؟ شكراً لسرعة الرد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان لديك مال زكوي بلغ نصاباً وحال عليه الحول فيجب إخراج زكاته سواء بلغت أو لم تبلغ لأنه لا يشترط في صاحب المال الزكوي البلوغ لأن الزكاة من العبادات المالية وهذا مذهب جماهير أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 4369، والفتوى رقم: 6407، والفتوى رقم: 14985.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1424(11/13660)
أنصبة بعض أنواع الأموال الزكوية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزكاة وكيف ندفعها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيمكنك أن تتعرف على أحكام الزكاة وقدر النصاب في الفتويين التاليين: 16101، 19959.
أما كيفية دفعها ولمن تدفع، ففي النقود وعروض التجارة.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا كانت لكم مائتا درهم وحال عليها الحول، ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كان لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار، فما زاد فبحسب ذلك.... الحديث في سنن أبي داود. وفي الحبوب.. روى البخاري من حديث سالم مرفوعاً: في ما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر.
وأما زكاة الماشية.. فقد جاء حديث أنس أن أبا بكر رضي الله عنهما كتب له: هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله، في كل أربع وعشرين من الإبل فما دونها الغنم: في كل خمس شاة، فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى، فإن لم تكن فابن لبون ذكر، فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدا وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة، فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة.... وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاةٍ شاةُُ، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين ففيها شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة.... رواه البخاري.
وعن معاذ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة ... رواه الخمسة.
وأما مصارف الزكاة، فقد فصلتهم الآية: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(11/13661)
هل تجب الزكاة في المال المدخر
[السُّؤَالُ]
ـ[تم تقاعد أبي من العمل وصرفت له رواتب خمس سنوات كاملة وقدرها مليون ومئتان ألف، وهو الآن يصرف منه شهرياً، وسؤالي هو: هل عليه زكاة في هذا المبلغ أم لا؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا المال إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول تجب فيه الزكاة، ولاعبرة بعدم نماء هذا المال بالفعل، إذ أن الدراهم والدنانير معرضة للنماء بنفسها، قال القرافي في الفروق: الزكاة تجب في الدراهم والدنانير، ينوي بها التجارة أو لم ينو، ولا تجب الزكاة في العروض إلا بنية التجارة. انتهى.
وقد علل وجوب الزكاة في الدنانير والدراهم في هذه الحالة بقوله: لأنه معرض للنماء بنفسه، لأنه يقدر أن يصرفه فيما شاء ليحصل به الربح، ويمكنه أن يشتري به ما شاء كل وقت، فصار كالمعد بالنية. انتهى.
فعلى هذا.. فإن الزكاة تجب في هذا المال كلما حال عليه الحول ما دام النصاب باقياً، ولا ريب أن زكاة المال سبب في حصول البركة فيه ونمائه وزيادته، كما قال الله تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(11/13662)
زكاة الماس - بيان وتوضيح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اقتناء الماس تدفع عنه الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الألماس للبس والزينة فلا زكاة فيه، وإن كان للتجارة ففيه الزكاة إن بلغ نصاباً بنفسه، أو بما انضم إليه من أموال أخرى أو عروض تجارة، وحال عليه الحول، وانظر الفتوى رقم: 6237.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/13663)
زكاة الراتب لسنوات فائتة
[السُّؤَالُ]
ـ[فتحت حساباً جارياً في أحد البنوك لتحويل الراتب قبل أربع سنوات ونصف ولم أكن أراقب الرصيد وما يدور عليه الحول من مال لأنه لم يكن يتبقي شيء كثير إلا أنه قبل سنتين كان يتبقى مال أعلى من النصاب ولكني لا أعرف كيف ازكي وما هي الطريقة فالحساب جاري ولا يثبت ومرة يزيد ومرة ينقص فماهي الطريقة؟
أرجو التوضيح الدقيق حيث إن البنك يقول إنه من الصعب أن يعطيني تاريخاً مفصلاً للرصيد مع العلم أن لدي أقساطا تجارية تستقطع من هذا الراتب.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا حكم زكاة الراتب، وكيفية إخراجها في الفتوى رقم: 10، والفتوى رقم: 1303، والفتوى رقم: 6489 فراجعها.
وراجع لمعرفة كيف تزكي السنوات الماضية الفتوى رقم: 4111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1424(11/13664)
لا تجب الزكاة في الأرض إذا اشتراها بقصد السكن
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي قطعة أرض تمليك اشتريتها منذ 20 سنة بمبلغ 10000 جنيه مصري وحتى الآن لم تبع ولم تدر علي دخلا، فهل أخرج عنها زكاة.... أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت قصدت بشراء هذه الأرض استغلالها من أجل السكن فيها أو بيعها بقصد الحصول على ثمنها للاستهلاك فلا زكاة عليك، أما إن قصدت التجارة بها وبلغت قيمتها نصاباً بنفسها أو بما انضم إليها من نقود أو عروض تجارة فإن الزكاة تجب فيها، وانظر الفتوى رقم: 1008، والفتوى رقم: 6798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(11/13665)
تتكرر في كل مال عند انقضاء كل حول
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي كمية من المال قد أخرجت عنها الزكاة المفروضة في السنة الماضية، هل أخرج عنها الزكاة هذه السنة مع أني مدخرها في البنك ولم أستعملها طوال السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف بين أهل العلم في وجوب تكرار الزكاة كل عام في المال إذا استوفى الشروط الموجبة للزكاة، قال ابن حزم رحمه الله: واتفقوا على أن الزكاة تتكرر في كل مال عند انقضاء كل حول، حاشا الزرع والثمار، فإنهم اتفقوا أن لا زكاة فيها إلا مرة في الدهر فقط. انتهى. من مراتب الإجماع، وراجع الفتوى رقم: 9330.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13666)
الزكاة واجبة في مجموع النصاب وما زاد عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله.
هل تجب الزكاة على مقدار النصاب أم على المقدار الزائد على النصاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجب الزكاة في المال إذا بلغ نصاباً بنفسه أو بغيره وحال عليه الحول، والزكاة واجبة في مجموع النصاب وما زاد عليه إذا استوفى الشروط الموجبة للزكاة، ولا تجب الزكاة في المال المستفاد بعد كمال النصاب حتى يحول عليه الحول، فإن أخرج زكاته مع مال النصاب متعجلاً إخراجها أجزأه، ولمعرفة شروط إخراج الزكاة راجع الفتوى رقم: 19959.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/13667)
تخرج الزكاة بعد مرور سنة قمرية على النصاب
[السُّؤَالُ]
ـ[الآن أعمل وأريد إخراج الزكاة عن مالي ولكن لا أعلم ماهو بداية الحول الذي يجب أن أخرج فيه الزكاة أي في أي شهر، الشهر الأول للعام أم نهايته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المال الذي بدأت به التجارة يبلغ نصاباً فالواجب عليك إخراج زكاته بعد مرور حول منذ ملكته وإن كان المال الذي بدأت به التجارة لا يبلغ نصاباً فالواجب عليك حساب الحول منذ أن بلغ المال النصاب سواء كان ذلك في بداية السنة أوفي آخرها أوفي وسطها، مع التنبيه إلى أن حول الزكاة يعتبر بالسنة القمرية لا الشمسية، وأن النصاب قيمته ما يساوي 85 جراما ذهبا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/13668)
كنز المال.. رؤية فقهية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً على مجهودكم لخدمة الإسلام والمسلمين وبعد:
فقد كنت أدخر مالاً في بيتي لإعداد مسكن ولم أضعه في بنك أو مصرف خوفا من الوقوع في الربا وقرأت دراسة للإمام الشيرازي يبين أن حبس المال عن التدوال والحركة دون انتفاع الناس به صورة من الكنز الذي أشارت إليه الآية {والذين يكنزون الذهب والفضة} فاشتريت من المصرف الإسلامي الدولي شهادة إيداع بجزء وجزء آخر وضعته في دفتر توفير في نفس المصرف فهل علي إثم في ذلك؟ أرجو توضيح ما يصح وما لا يصح منها لأني متحرج من الانتفاع بهما؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمسلم أن يقتني ويدخر ما شاء من المال المباح ما دام يؤدي حق الله تعالى فيه، وقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة:34] .
ظاهر فيه أنه إذا أديت زكاة الكنز فليس على صاحبه إثم ولا تبعة باكتنازه، قال
ابن عمر وغيره: (وما أديت زكاته ليس بكنز وإن كثر،وإن كانت تحت سبع أرضين.) ذكره ابن كثير في تفسيره.
وروى ابن ماجه من حديث خالد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب قال: "خرجت مع عبد الله بن عمر فلحقه أعرابي فقال له قول الله {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} قال له ابن عمر: من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة، فلما أنزلت جعلها الله طهوراً للأموال. ثم التفت فقال: ما أبالي لو كان لي أحد ذهباً أعلم عدده وأزكيه وأعمل فيه بطاعة الله عز وجل."
وروى أبو داود عن ابن عباس قال: "لما نزلت {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} قال: كبر ذلك على المسلمين. فقال عمر: أنا أفرج عنكم فانطلق فقال: يا نبي الله إنه كبر على أصحابك هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم.." قال في عون المعبود: (وحاصل الجواب أن المراد بالكنز منع الزكاة لا الجمع مطلقاً.) انتهى.
وأما سؤالك عن شهادة الإيداع وحساب التوفير في المصرف الإسلامي فانظر جوابه في الفتوى رقم: 23577، والفتوى رقم: 11488.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/13669)
زكاة المال الغائب والضال والمغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مال في بلد آخر لا يمكنني الذهاب إليه إطلاقا ولا أدري إن كنت سأتسلمه يوما أم لا فهل يزكى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في المال الذي لا يقدر صاحبه على الانتفاع به لكونه مفقوداً أو ضالاً أو مغصوباً أو مسروقاً لا يُدرى من سرقه، أو مصادراً من السلطات، أو كان دينا على جاحد له -وهو ما يعرف بمال الضمار- هل تلزم زكاته أم لا؟
فمذهب الحنفية أنه لا زكاة فيه، واحتجوا على ذلك بقول علي رضي الله عنه: ليس في مال الضمار زكاة.
ولأن المال إذا لم يكن الانتفاع به والتصرف فيه مقدوراً لا يكون المالك به غنياً.
وذهب المالكية إلى أن هذا المال يزكى لعام واحد إذا وجده صاحبه ولو بقي غائباً عنه سنين.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى وجوب الزكاة فيما ذكرنا، لكن لا يجب دفعها إلا بعد قبض المال، فيزكيه لما مضى من السنين.
والأظهر ما ذهب إليه المالكية من أنه لا يزكى إلا لسنة واحدة بعد قبض المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1424(11/13670)
لا فرق بين المرأة والرجل في أحكام الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن الزكاة هل الزكاة فرض على المرأة أيضأ؟
حاليا أنا فتاة مخطوبة من شخص وتم العقد منذ فترة قليلة.. أريد أن أعرف هل واجب علينا نحن كزوجين إخراج الزكاة في كل شهر؟؟ أو في السنة مرة؟ وما قيمة الزكاة لكل شخص قادرعلى دفعها؟ ومعلومة لكم
حالياً أنا لا أعمل وزوجي راتبه يصل تقريبا 300 دينار بالسعودي تقريبا 3000 ريال ...
وهل يجب أن أخرج الزكاة من المال الذي أحصل عليه في العيد (العيدية) والعيدية المعروفه عندنا في الخليج هل هي تعتبر زكاة؟ أو ماذا تعتبر بالتحديد وبالتفصيل؟ وجزاكم الله ألف خير.
وسامحوني طولت عليكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة المعروفة الواجبة بالكتاب والسنة والإجماع، ويجب أداؤها على كل مسلم ملك النصاب، وحال عليه الحول إن كان نقداً من ذهب او فضة أو أوراق مالية أو كان عروض تجارة أو ثروة حيوانية. وأما المحاصيل الزراعية فحولها وقت حصادها.
ولا يشترط لوجوبها أن يكون الشخص متزوجاً؛ بل تجب على المتزوج وغير المتزوج، وفي مال الصبي على الراجح وهو قول الجمهور.
وعليه؛ فإذا كنت تملكين من المال ما يبلغ النصاب وحال عليه الحول أي دارت عليه سنة هجرية فتجب عليك الزكاة، وكذلك الأمر بالنسبة لزوجك.
وراجعي الفتوى رقم
26567.
وأما النصاب فهو من الذهب، خمسة وثمانون جراماً ومن الفضة خمسة وتسعون وخمسمائة جراما، ومن الأوراق النقدية ما يعادل أحد هذين، فمن ملك هذا القدر فأكثر وحال عليه الحول يجب عليه أن يخرج عنه ربع العشر 2.5 سواء كان حصل عليه من طريق الهدية أو العيدية أوالهبة أو العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1423(11/13671)
الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يشتغل في التجارة من سنه 96 ولكن دائماً يخسر في تجارته حتى إنه لا يستطيع إخراج زكاة ماله لأن الدين متراكم عليه وعندما يقوم بتسديد ديونه ويعاود مرة أخرى يخسر من جديد فماذا يفعل؟ وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجب عليك الزكاة إلا إذا بلغ ما عندك من المال نصاباً بعد اسقاط الديون التي عليك، ذلك أن الدين يسقط الزكاة في الأموال الباطنة كما هو مذهب جماهير العلماء وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
17169،
وأما بشأن الخسارة في التجارة فيمكن سؤال أهل الاختصاص والرجوع إليهم لعمل دراسة متكاملة عن المشروع، وعليك قبل ذلك وبعده بالدعاء وترك الذنوب، فإن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1423(11/13672)
الدفعة المقدمة لشراء هل فيها زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[دفعت مقدم شقة مبلغاً كبيراً من المال واستلامها بعد أربع سنوات بغرض الإستثمار العقارى
هل تجب الزكاة فى هذا المقدم أم فى اجمالي سعر الشقة ام لا تجب الزكاة الا بعد الاستلام وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما دفعته من المال مقدماً لثمن الشقة لا يلزمك زكاته لأنه قد انتقل من ملكك إلى ملك البائع. وأما الشقة فإن كنت اشتريتها بنية استثمارها بالتأجير ونحوه فلا تجب الزكاة في عينها بل في ريعها (والريع النماء) فإذا بلغ ما جنيته منها نصاباً بنفسه أو بما انضم إليه وحال الحول على قبضه وجب عليك إخراج زكاته، وإن كنت اشتريت الشقة بنية التجارة بعينها فالواجب عليك تقويمها على رأس الحول الذي كنت تزكي فيه الثمن ولو لم تقبضها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم 15297 والفتوى رقم 13618
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/13673)
الاحتياط في أمور الدين أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا التبس على المسلم حساب الزكاة بدقة، هل يجوز له إخراج الزكاة بقية زائدة ينويها صدقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا شك المسلم في حساب زكاته أو التبس عليه أمرها فإن عليه أن يتحرى، فإذا تبين له ما شك فيه وتحقق منه فإنه يعمل بمقتضى ما تبين له، وإن لم يتبين له شيء بنى على يقينه وهو القليل؛ لأن الأصل براءة الذمة ولا تشغل إلا بمحقق.
ولكنه إذا تورع واحتاط لدينه وأخرج ما شك فيه فهذا هو الأفضل وقد قال بعض أهل العلم
والاحتياط في أمور الدين ... من فر من شك إلى يقين
فإن كان من الصدقة المفروضة برئت ذمته، وإن لم يكن منها كان صدقة تطوع يجد ثوابها عند الله تعالى.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم 14713
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(11/13674)
الزكاة واجبة في المال المدخر إذا تحققت الشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نحن عائله مسلمه نعيش في كندا منذ عام ونحن لازلنا بدون عمل ونعيش على مدخراتنا, إذ يتوجب علينا اجتياز الكثير من الامتحانات كي يتسنى لنا البحث عن عمل. الآن نحن ندرس ونعيش على مدخراتنا. كنا والحمد لله مواظبون على أداء فريضة الزكاة، أما الآن لا نعلم هل تجب علينا الزكاة عن ما تبقى لدينا من مال نعتمد عليه في معاشنا ونحن لا نعلم متى يرزقنا الله بعمل في هذه البلاد؟ وجزاكم الله عنا وعن سائر المسلمين خير الجزاء....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ملك من المسلمين مالاً ملكا تاما, وقد بلغ هذا المال النصاب وحال عليه الحول فإن هذا المال تجب فيه الزكاة لقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم ٌ [التوبة:103] .
وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه قال لمعاذ رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: فإذا فعلو فأخبرهم أن الله تعالى فرض عليهم زكاة من أموالهم وترد على فقرائهم. واللفظ للبخاري.
إذا ثبت هذا؛ فإن الزكاة تجب فيما تحت أيديكم من المال إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول.
ولتعلموا إخوة الإسلام أن أداء فريضة الزكاة من تقوى الله تعالى، وقد وعد الله من اتقاه بأن يجعل له من ضيقه فرجا ومخرجا، كما قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب [الطلاق:2-3] .
كما أن إنفاق المال سبب في زيادته وبركته، كما قال تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ: 39] .
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال, وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا, وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله. وفي ? الطبراني: ما نقص مال من صدقة.
وفي ختام هذا الجواب ننبه الأخ السائل إلى أن الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا للضرورة التي لا يمكن دفعها إلا بذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم " أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين " رواه أبو داود وغيره وذلك لما في الإقامة في بلاد الكفر من الضرر على الدين والأخلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/13675)
الزكاة تتعلق بذمة صاحب المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي تقاعد على المعاش من 10 سنوات وعند تقاعده تم صرف مبلغ من المال له من جهة عمله، بعد أخذ المال قام أبي بإيداعه في بنك ربوي، كان أبي يدخر هذا المال لبناء بناية لسكننا نحن الأبناء، ولم يزكِ أبي عن هذا المال طيلة هذه السنين، ولقد بنى والدي البناية العام الماضي وصرف المال والفائدة الربوية في هذه البناية، ولقد أعطانا نحن الأبناء هذه البناية كهبة، الآن يأتي السؤال: هل يجب علي التخلص من الفائدة الربوية ودفع الزكاة في مال أبي، وكيف السبيل إلى ذلك، وقد تم صرف المال على البناية؟ هل يجب علي إخراج الفائدة الربوية في مال أبي وزكاة ماله المستحقة من مالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب عليك أن تتخلص من الفوائد الربوية التي زادت على رأس المال طيلة السنوات الماضية عندما كان مودعا في البنك الربوي لأنها مال خبيث لا يجوز اقتناؤه، فيصرف في مصالح المسلمين ولو كان الوالد أعطاه لكم فهذا لا يبيحه، وبإمكانك أن تتخلص منه شيئا فشيئا حسب استطاعتك ولا يلزمك بيع البناية.
أما الزكاة فإنها تجب في رأس المال دون الفوائد، لأن الفوائد ـ كما ذكرنا - ليست ملكا لكم، وإنما هي مال حرام يجب التخلص منه.
وإذا تقرر وجوب الزكاة في رأس المال طيلة هذه السنوات قبل أن يصرف في البناية، فإن زكاته تجب على والدكم وتتعلق بذمته خاصة لأنه المالك للمال في تلك الفترة.
والمال بعد صرفه في البناية لا زكاة فيه لأنها لم تقصد للتجارة وإنما للسكن، فهي من أموال القنية ولا زكاة فيها إلا إذا استعملت في الإيجار فيزكى ما حصل من إيجارها إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول.
والحاصل: أنه يجب عليكم التخلص مما زاد على رأس المال من الفوائد الربوية، قال تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة: 279] .
وأما الزكاة فإنها تجب في المال في الفترة التي كان مرصودا قبل صرفه على البناية وتتعلق أصلا بذمة أبيكم، وإذا أخرجتموها عنه بعد إعلامه فإن ذلك مجزئ، إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/13676)
المال الزائد أثناء الحول كيف تؤدى زكاته
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يمتلك مبلغاً بلغ النصاب وحال عليه الحول وفي نهاية العام وجد لديه مبلغاً أكبر من المبلغ الذي بدأ به فهل على هذا المبلغ الزائد زكاة مال؟ نفترض أنه كان معه 5000 جنيه وورد له خلال العام 2000 جنيه هل يستحق زكاة المال عن5000 جنيه أم 7000 جنيه.
وبفرض العكس آخر العام كان معه أقل من النصاب هل يستحق عليه زكاه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزكاة تجب في المال إذا كان بالغاً نصاباً وحال عليه الحول كل عام، وأما المال الزائد على رأس المال فهو على قسمين:
أولهما: أن يكون ناتجاً عنه كربح في تجارة ونحو ذلك، فهذا يضاف إلى رأس المال، ويزكى معه وحوله حول أصله.
الثاني: أن لا يكون المال الزائد عن رأس المال ناتجاً عنه ولكنه من جنسه فأنت في زكاته بالخيار بين أمرين:
الأول: أن تضيفه إلى رأس المال، وتزكيه معه عند تمام حول المال الأول.
والثاني: أن تستأنف حولاً جديداً، وتزكيه عند تمام الحول، ولو كان هذا المال الزائد دون النصاب، لأنه قد بلغ النصاب بالمال الأول، وهذا ما يغفل عنه كثير من الناس أو يجهلونه، ويظنون أنه لا زكاة فيه إلا إذا حال عليه الحول وهو بالغ نصاباً بنفسه يقول ابن قدامة في تعليل ضم المال المستفاد إلى جنسه في النصاب (وأما ضمه إليه في النصاب فلأن النصاب معتبر لحصول الغني وقد حصل الغنى بالنصاب الأول.
وأما إذا وجد الشخص ماله في آخر العام أقل من النصاب، فلا زكاة عليه فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1423(11/13677)
زكاة كل مال بمفرده
[السُّؤَالُ]
ـ[وضعت عندي أمي وابن أخي أموالاً عند جمعها تبلغ نصاب الزكاة فهل أخرج منها الزكاة؟ وهل للأجير زكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يضم أحد المالين للآخر لتكملة النصاب ما دام لكل منهما مالك مستقل، وإنما تجب الزكاة في كل منهما بمفرده إذا بلغ نصاباً في نفسه أو بما يضم إليه من مال آخر لمالكه وكان من جنسه، وبعد أن يحول عليه الحول.
بقي النظر في حكم إخراج الزكاة بغير علم من هي عليه أو غير إذنه في إخراجها، هل تجزيء أو لا؟ قال القرافي في الفروق في هذه المسألة:
(المسألة الأولى: الزكاة إن أخرجها أحد بغير علم من هي عليه وغير إذنه في ذلك فإن كان غير الإمام فمقتضى قول أصحابنا في الأضحية يذبحها غير ربها بغير علمه وإذنه، إن كان الفاعل لذلك صديقه، ومن شأنه أن يفعل ذلك بغير إذنه، لأنه بمنزلة نفسه عنده لتمكن الصداقة بينهما أجزأته الأضحية، إن كان مخرج الزكاة من هذا القبيل فمقتضى قولهم في الأضحية أن الزكاة تجزئه لأن كليهما عبادة مأمور بها مفتقرة للنية، وإن كان ليس من هذا القبيل لا تجزيء عن ربها لا فتقارها للنية على الصحيح من المذهب) . واشتراط النية في إخراج الزكاة هو قول عامة الفقهاء كما ذكر ابن قدامة في المغني.
وبناء على ذلك نقول للسائل: إنه على فرض تحقق الشروط في واحد من المالين، فلا يجزيء إخراج الزكاة عن صاحبه إلا إذا كان قد وكلك على إخراجها، أو كان رب المال صبياً أو مجنوناً وكنت أنت الذي يلي تسيير شؤون ماله، هذا فيما يتعلق بزكاة المال.
أما دفع الزكاة للأجير فإنه جائز إذا تحقق فيه وصف من أوصاف مستحقي الزكاة التي ذكر الله تعالى في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1423(11/13678)
زكاة الوديعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي وديعة في المصرف الإسلامي وهي عبارة عن ضمان لشركة لكي أحصل على تسهيلات لها، هل عليها زكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الوديعة كالرهن تجب فيها الزكاة كل سنة، وبإمكانك أن تؤخر إخراج زكاتها حتى تقبضها فتزكيها عن ما مضى من السنوات عند قبضها.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
5661.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1423(11/13679)
من دفع الزكاة ولا يدري أقل من الواجب أو أكثر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي: كانت والدتي تدفع زكاة المال ولكن لا تحسبة بدقة أو بطريقة صحيحة لمدة تزيد عن 35 سنة إنما تدفع المال وتقول زكاة مال وعندما سألتها هل المبلغ أقل أم أكثر من المفروض بعد أن شرحت لها الطريقة الصحيحة حسب ما فهمتة من فتواكم للأسئلة عن الزكاة قالت لا تعلم، علما أنه تم شراء منزل للعائلة ولم يبق من المال إلا القليل (4000) فماذا تفعل حتى تبرأ ذمتها، فإنها لن تقدر أن تعود إلى35 سنة لكل سنة على حدة لمعرفة المبلغ الذي مضى عليه الحول، فهل تقوم بدفع زكاة عن المبلغ الموجود حالياً ويلزمها استغفار عما سبق أم ماذا؟؟ الرجاء الإجابة بالتفصيل مع الشرح؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان الواجب على أمك أن تعرف ما يجب عليها في مالها من الزكاة فهي بجهلها قد فرطت في واجب من أهم واجبات الدين.
وإذا كانت قد أخرجت من مالها زكاة في الأعوام الماضية، لكنها لا تدري إن كانت تلك الزكاة أقل أو أكثر مما يجب عليها فالواجب عليها أن تجتهد في ذلك قدر الطاقة ثم تخرج من الزكاة ما يغلب على ظنها أنها قد استوفت به ما يجب عليها من الأعوام الماضية.
وكونها قد اشترت منزلاً للعائلة ولم يبق من المال إلا ما ذكرت لا يعد عذراً يسقط عنها تلك الزكاة التي ما تزال في ذمتها، وعليها أن تسارع في إخراجها، وتستغفر الله، وتكثر من الصدقة عسى أن يعفو عنها ويتوب عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(11/13680)
حكم زكاة المستغلات
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ حوالي العام شاركت في بناء مستشفى للاستثمار، وعما قريب يتم افتتاحه والعمل به، فهل أزكي عن المبلغ الذي شاركت به أم على الأرباح، علما بأن الأرباح المتوقعة بعد سنة أو أكثر، ولا يصح أن أسحب المال قبل سنتين؟ وشكراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت ساهمت في هذا المشروع بقصد الإستفادة من ريع السهم لا بقصد التجارة فيه، فإن هذا السهم يزكى زكاة المستغلات كالعقار ونحوه، بمعنى أنه لا زكاة عليك في أصل السهم وإنما تزكى ما تحصل من ريعه إذا بلغ نصاباً بنفسه أو بما ينضم إليه من نقود أخرى وحال عليه الحول، أما إذا كنت ساهمت في هذا المشروع بقصد المتاجرة في السهم فيلزمك أن تزكيه زكاة عروض التجارة بمعنى أن الزكاة تجب في أصل السهم وربحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1423(11/13681)
الزكاة على رأس المال والربح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي رأس مال في شركة فهل أدفع الزكاة على رأس المال أم على الأرباح وهل يكون في نهاية السنة المالية للشركة أم عند الحول علماً أن الشركة معرضة للربح والخسارة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزكاة في مالك هذا واجبة بشرطين هما: بلوغ النصاب، وحولان الحول على المال منذ ملكته.
والنصاب يساوي 85 جراماً من الذهب، أو ما يعادلها من النقود، فإذا كان رأس المال بالغاً نصاباً، وتمت له سنة قمرية، وهو لا يزال في ملكك، ولم ينقص عن النصاب، فعليك إخراج زكاته مضافاً إليه الأرباح خلال هذه السنة، والسنة المعتبرة هي القمرية لا السنة المالية التي تحسب عادة بالتقويم الشمسي.
أما إذا حدثت خسارة في الشركة، وكانت سببا في أن ينقص رأس المال عن النصاب فلا زكاة، إلا إذا انضاف إليه ما تم نصاباً فتستأنف حولاً جديداً اعتباراً من تاريخ بلوغ المال النصاب، ولا بد من تحري الدقة في الحسابات لأنه على ضوئها يعرف متى بلغ المال النصاب، ومتى يحول عليه الحول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1423(11/13682)
بقاء النصاب مدة الحول شرط لوجوب الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لشخص دفع الزكاة وعنده محل تجاري ويقوم بتأجيره لشخص آخر ويتقاضى عن كل شهر مبلغاً من المال ولكن بانتهاء الحول لا يوجد عنده أي رصيد مالي واستفاد من قيمة الإيجارات بالكامل قبل نهاية الحول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليعلم السائل الكريم أن الزكاة غير واجبة في عين المحل المذكور، وإنما تجب في الغلة المأخوذة منه؛ بشرط الأول بلوغها النصاب بنفسها أو بما انضم إليها من نقود أخرى أو عروض تجارة الثاني حولان الحول، فإن تخلف أحد الشرطين سقطت الزكاة، وذلك لما قرره جمهور أهل العلم أن حولان الحول شرط في زكاة الأثمان وعروض التجارة والماشية.
قال النووي رحمه الله تعالى: مذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجمهور أنه يشترط في المال الذي تجب فيه الزكاة في عينه ويعتبر فيه الحول كالذهب والفضة والماشية وجود النصاب في جميع الحول فإن نقص النصاب في لحظة من الحول انقطع الحول فإن كمل بعد ذلك استأنف الحول من حين يكمل النصاب. وبناء على هذا؛ فإنه لا زكاة على السائل لعدم بقاء المال معه سنة كاملة ولو كان قد بلغ النصاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1423(11/13683)
زكاة الأرض المشتراة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بأخذ سياره بالأقساط عن طريق أحد البنوك لمدة24 شهراً ثم بعتها وجمعت قيمتها على 50000ريال واشتريت أرضاً سكنية وسوف تنتهي أقساط السيارة في هذا الشهر. كيف أدفع زكاة هذه الأرض ومتى؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الأرض السكنية التي اشتريت.. إن كان قصدك من شرائها السكن عليها فلا زكاة فيها لأنها مال قنية، ولا زكاة في أموال القنية
وإن كان القصد من ذلك الاتجار بها.. فإن فيها الزكاة إذا حال الحول عليها فتقومها بقيمتها في السوق وقت الزكاة بغض النظر عن ثمنها الأصلي وتخرج عنها ربع عشر قيمتها أي 2،5 اثنين ونصفاً بالمائة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1423(11/13684)
حكم الزكاة على أموال التأمين الاجتماعي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب الزكاة على أموال التأمين الاجتماعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتأمين حرام بكافة صوره وأشكاله إلا التعاوني منه، وقد تقدمت التفاصيل في الفتاوي التالية: 472، 7394، 9532.
فإذا كان التأمين تعاونياً، فإنه لا زكاة في الأموال المجتمعة من ذلك لأنها قد صارت أموالاً تبرعية وقفية وليست ملك أحد. وراجع، الفتوى رقم: 9684، والفتوى رقم: 22997.
أما إذا كان التأمين غير تعاوني، فالواجب إلغاؤه والبعد عنه، وما حصل منه من ربح يجب التخلص منه كاملاً بإنفاقه في مصالح المسلمين أما من تحصل من التأمين على مقدار ما دفعه فإنه يزكيه إذا كان نصاباً وحال عليه الحول، وراجع الفتوى رقم: 5661.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1423(11/13685)
لا فرق بين المرأة والرجل في أحكام الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أحكام الذكاة بالنسبة للمرأة سواء العازبة أو المتزوجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود في السؤال (الزكاة) بالزاي فلا فرق فيها بين الرجل والمرأة، وبين العازبة والمتزوجة، ومتى ملك واحد منهم نصاباً، وحال عليه الحول وجبت عليه الزكاة، ما لم يكن ذلك النصاب مال قنية، كبيته الذي يسكنه، وسيارته التي يركبها، ونحو ذلك، فلا زكاة عليه فيه.
وإن كان المقصود (الذكاة) بالذال فكذلك لا فرق بين الرجل والمرأة وبين العازبة والمتزوجة، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع9/87: وتحل ذبيحة المرأة بلا خلاف لحديث كعب بن مالك. ا. هـ والحديث رواه البخاري ومالك في الموطأ، والبيهقي في السنن عن معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ أخبره أن جارية لكعب بن مالك كانت ترعى غنماً بسلع فأصيبت شاة منها، فأدركتها فذبحتها بحجر، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم، فقال: "كلوها."
وقال النووي رحمه 9/89: (ونقل ابن المنذر الإجماع على حل ذكاة المرأة والصبي المميز) . ا. هـ
وأصح الوجهين عند الشافعية أنه لا يكره توكيل المرأة الحائض بالذبح لعدم وجود الدليل على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1423(11/13686)
لا بد من نية الزكاة عند الإعطاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إعطاء مبلغ من مرتبي شهرياً لعمال البوفيه في المكان الذي أعمل فيه يعتبر زكاة؟ جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان العامل الذي تعطيه هذا المال متصفاً بأحد أوصاف مستحقي الزكاة الثمانية، جاز لك أن تعطيه ذلك بنية الزكاة عند الإعطاء لأن النية شرط فيها، ويجزئ ذلك عنك في الزكاة الواجبة، ولو كان إخراجها قبل تمام الحول إذا كان مالك قد بلغ النصاب لأن الراجح من أقوال أهل العلم جواز تعجيل الزكاة قبل تمام الحول بعد بلوغ المال النصاب، وأما إذا كنت تقصد بهذه الزكاة زكاة حول قد مضى فإن الواجب االمبادرة بإخراج كل الزكاة ولا يجوز تأخيرها إلا لعذر أو مصلحة راجحة.
والأصناف الثمانية هم المذكورون في قول الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60] .
أما إذا لم يكن العامل متصفاً بأحد هذه الأوصاف، أو كان متصفاً بأحدها لكنك أعطيته المال دون أن تنويه من الزكاة عند الإعطاء، فلا يحسب ذلك من زكاة مالك، لما سبق بيانه من مقام النية في هذه العبادة الجليلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(11/13687)
الذمم المالية للأولاد مستقلة بعضها عن بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أربعة أبناء قصر، تعودت أن أضع لكل واحد منهم العيدية التي قام بتوفيرها في العيد بدفتر توفير خاص به بالإضافة إلى مبالغ أخرى مني أضعها لكل واحد منهم بين الحين والآخر. وقد بلغ لكل منهم في دفتره مبلغ نصاب الزكاة، فهل تستحق الزكاة على كل دفتر على حدة تبعا لنصابه في الزكاة، أم يكون نصاب الزكاة على الأربعة دفاتر مجتمعة وكأنه مبلغ واحد، وبذلك كان يجب إخراج الزكاة عندما وصل مجموع المبالغ في الدفاتر الأربعة إلى النصاب. وذلك علما بأني أعتبر هذه المبالغ كرصيد ادخاري يمكن استخدامه عند الاحتياج إليه في أي ظرف. وما حكم المبالغ الخاصة بهم من عيدياتهم عند إخراج الزكاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأموال التي تم للأولاد تحصيلها مما يعطى لهم في الأعياد، أو مما تعطيه لهم أنت، صارت ملكاً لهم، فلا يحق لأحد أن يتصرف فيها دون إذن منهم إن كانوا راشدين، فإن لم يكونوا راشدين، فلا يحق لمن تولى أمرهم أن يتصرف في هذه الأموال إلا بما ينفعهم ويحافظ عليها، والواجب على من قام على هذه الأموال أن يخرج عنها الزكاة، فمتى بلغ النصاب بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة هي ملك لصاحب المبلغ وحال عليها الحول، ويكون لكل واحدٍ منهم نصاب خاص، لأن ذمتهم المالية مستقلة بعضها عن بعض، ولا عبرة بنيتك استخدام هذه الأموال عند الحاجة إليها، لأن ذلك لا يلغي ملكية الأبناء لها، وراجع في هذا الجواب رقم 18834 وليعلم أن وضع الأموال في صناديق التوفير البريدية أو البنكية التي تتعامل بالربا لا يجوز، لما تشتمل عليه من الربا المحرم، وقد سبق بيان ذلك تفصيلاً في الجواب رقم 5942
ورقم 4464
فالواجب عليك الآن سحب هذه الأموال والاحتفاظ بها، أو الاتجار فيها أو إيداعها في بنك إسلامي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(11/13688)
إخراج الزكاة عن البالغ لا بد فيها من نية صاحبها أو توكيل منه
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تركت عندها أمها بعض المال في حال مرضها ولم تقل لها بشأنه شيئاً. وبعد فترة أخرجت البنت مبلغاً من هذا المال زكاة عن أموال أمها دون علمها. والآن وبعد وفاة الأم هل ما فعلته ابنتها صحيح أم عليها إعادة ما دفعت من مال أمها للورثة أم ماذا تنصحون لبراءة ذمة هذه البنت والله يحفظكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعلته البنت غير صحيح؛ لأن زكاة أموال البالغين لا بد فيها من النية أو التوكيل من أصحابها، والواجب عليها الآن هو إعادة المال الذي أخرجته إلى الورثة، ثم مطالبتهم بدفع الزكاة إن كانت هذه المرأة المتوفاة لم تزك وتركت تركة للورثة فالواجب إخراج الزكاة قبل قسمة التركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(11/13689)
لا زكاة على المال ما لم يبلغ النصاب
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لدي مبلغ من المال ثم وضعته في بنك إسلامي بعد أن بلغ النصاب فالتفاصيل كالتالي وصل المبلغ النصاب 2700 جنيها مصريا في شهر شوال من العام الماضي ثم وضعته في بنك فيصل الإسلامي منذ شهر واحد فقط ولكني وضعت أربعة ألاف وكنت أود إخراج الزكاه في شوال المقبل فأود معرفة كيفية إخراجها وهل علي إخراج المبلغ من رأس المال أم من غيره أود الإفادة وجزاكم الله خيرا فهل علي أن أذهب إلى البنك في بداية شوال المقبل وأقول لهم أريد اخراج الزكاة من رأس المال أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام مالك بلغ نصاباً في شهر شوال الماضي، فالواجب عليك زكاته في شهر شوال المقبل، ولا يلزمك إخراج الزكاة من عينه، بل يجزئك إخراجها منه أو من غيره.
وأما المال الذي أضفته إليه ووضعته معه في البنك فلا يلزمك زكاته، إلا إذا حال عليه الحول، سواء بلغ نصاباً أو لا، فنصابه نصاب المال الأول، إلا إذا كان ناتجاً عن المال الأول، فإنه يكون تبعاً له، ويحسب معه، ويزكى الجميع في شهر شوال المقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(11/13690)
الزكاة واجب في المال الزكوي ولو كان صاحبه عاطلا
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ ست سنوات قدم زوجي من أمريكا ومعه مبلغ من المال ولكن لم يتسن له هنا أن يعمل وهو منذ ذلك الوقت ممتنع عن دفع الزكاة بحجة أنه عاطل عن العمل ما حكم الشرع في ذلك؟ ومايتوجب علينا فعله الآن مع العلم أنه لم يبق معنا إلا ما نستطيع به أن نحج ومصروفنا فهل تقبل حجتنا أرشدنا ماذا نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزكاة حق المال، فإذا بلغ المال الزكوي نصاباً، وحال عليه الحول، فقد وجبت فيه الزكاة، سواء كان صاحبه عاملاً أو كان عاطلاً، صغيراً كان أو كبيراً.
وعليه، فالواجب على زوجك الآن أن يخرج زكاة جميع السنوات التي لم يؤد فيها الزكاة، وإخراج الزكاة مقدم على أداء الحج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(11/13691)
حولان الحول على النصاب يوجب الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كنت أعمل واستطعت أن أوفر مبلغا بسيطا ثلاثة آلاف دينار أخبأه للطوارئ ولا أزيد عليه مبلغا آخر لأنني لم أعد أعمل فهل يجب أن أستخرج زكاة على المبلغ؟ مع العلم أن المبلغ ثابت ولن يزيد بل ينقص لأنه للحاجة. ولكم جزيل الشكر والعرفان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه تجب عليك زكاة هذا المبلغ كل ما حال عليه الحول وهو بالغ نصاباً، والنصاب هو ما يساوي خمسة وثمانين غراماً من الذهب.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 12422، وكذلك الفتاوى المربوطة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1423(11/13692)
البيت المخصص للسكن لا زكاة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك شقة صغيرة أقيم بها مع أسرتي وقمت بشراء شقة أكبر للانتقال اليها ولكن تحتاج للتشطيب. علما بأن لدينا شقة أخرى للمصيف. هل يجب إخراج الزكاة عن أي منهم؟
أفادكم الله وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعقار لا تجب فيه الزكاة إلا إذا تملكه الشخص بنية التجارة، وكذلك تجب في غلته إذا كان له غلة إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول، أما من تملكه للسكن فلا زكاة عليه فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1423(11/13693)
كيف يزكى محل للاتصالات الهاتفية
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن لي إخراج زكاة المحل الخاص بالهاتف العمومي حيث أنني أمتلك بفضل الله خمسة غرف في المحل؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزكاة لا تجب فيما في هذا المحل من آلات ومعدات ما دام صاحبها قد تملكها ليستغلها في الإيجار وإنما تجب الزكاة في غلتها إذا بلغت نصاباً بنفسها أو بضمها إلى أموال أخرى في ملكه من ذهب أو فضة أو نقود أو عروض تجارة وحال عليها الحول أي دارت عليها سنة هجرية، ونعني بالنصاب هنا ما يعادل خمسة وثمانين جراماً من الذهب، أوخمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1423(11/13694)
دفاتر التوفير والزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي دفتر أدخر فيه بعض المال والذى يزيد عن ألف جنيه وكل سنة تحول عليه أصرف منه مبلغا من الزكاة وأبي لديه دفتر باسمي يدخر فيه بعض المال لي
والسؤال هل علي دفع زكاة عن الدفتر الذي لدى والدي أم والدي هو الذي يجب عليه دفع الزكاة عن ذلك الدفتر حيث إنه هو الذي يعلم ما فيه من مال وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا المال الذي تستثمره قد وضع في بنك لا يتقيد في تعامله بأحكام الشريعة الإسلامية، فإن ذلك لا يجوز، وعليك بسحبه منه، ووضعه في نشاط استثماري لا ربا فيه، وما حصل من الفوائد الربوية لا يجوز لك تملكه، ويجب عليك أن تتخلص منه بدفعه في مصارف الأموال العمومية.
وإن كان في مصرف إسلامي أو مؤسسة لا تتعامل بالربا، فهذا لا مانع منه شرعاً.
وسبقت الإجابة عن التعامل بدفاتر التوفير يمكن لك الاستفادة منها، وهي برقم:
4464
وأما عن الزكاة فمقدارها محدد وهو 2,5 إذا بلغ المال النصاب، وحال عليه الحول، فإن كان المبلغ الذي تخرجه كل سنة لا يصل إلى هذه النسبة، فعليك أن تكمله، وأما المال الذي عند أبيك، فأنت المسؤول الأول عن زكاته، فلا بد أن تزكيه بنفسك، أو توكل والدك على إخراج الزكاة منه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(11/13695)
تخلل النقص في النصاب أثناء الحول؟..
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يقوم المرء باستخراج زكاة التجارة حيث إن التجارة موسمية وليست طول العام مع العلم بأن الأرباح أحيانا تصرف قبل انتهاء الحول؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الفقهاء اشترطوا لوجوب الزكاة في المال ثلاثة شروط هي: تمام الملك، وبلوغ النصاب، وحولان الحول الهجري، ويستثنى من هذا الشرط الأخير زكاة الزروع والثمار والمعادن المعثور عليها في الأرض، لقول الله تعالى في الزروع: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام:141] .
ويعتبر ابتداء الحول من يوم ملك النصاب، ولا بد من كماله في الحول كله فلو نقص أثناء الحول ثم كمل اعتبر ابتداء الحول من يوم كماله على الراجح.
وعلى هذا، فإن على الشخص المسؤول عنه أن يزكي ماله إذا توفرت في الشروط السالفة، وكان ملكه للنصاب لم يتخلله نقص طيلة العام، وما أنفقه خلال السنة من هذا المال أرباحاً أو أغيرها فلا زكاة عليه فيه، وانظر الفتوى رقم: 5039.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(11/13696)
زكاة المال الموروث..
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي قبل حوالي السنتين وترك لنا مبلغاً من المال في البنك (بالغاً لنصاب الزكاة) ولكن التركة لم توزع على الورثة حتى الآن. مع العلم أنه لا أحد من الورثة يستطيع أن يتصرف بالمال وحده فما حكم زكاة هذا المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا بلغ نصيب كل واحد من الورثة -في هذا المال- نصاباً، سواء كان نصاباً بنفسه أو بانضمامه إلى ما عنده من مال، فقد وجبت فيه الزكاة بعد مرور حول هجري من وفاة المورث، وبناء على ذلك فيجب على من وجبت عليه الزكاة منكم أن يخرجها عن العامين معاً، ومقدار النصاب ما يساوي قيمة 85 جراماً من الذهب، أو خمسمائة وخمسة وتسعين من الفضة، فإذا بلغ هذا المقدار فالواجب إخراج ربع العشر 2.5، علماً بأن وضع الأموال في البنوك الربوية لا يجوز لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، ومن اضطر إلى حفظ أمواله في هذه البنوك فليكن في الحساب الجاري لئلا يكون آكلاً للربا، داخلاً في وعيد فاعله.
أما ما تحصل لكم من فوائد ربوية في هذه الفترة فلا زكاة فيه، ويجب عليكم
التخلص منه في وجوه الخير، لأنه مال محرم لا يجوز لكم الانتفاع به، والله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1423(11/13697)
كل فرد تحسب زكاته على حدة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أربعة أبناء أضع لكل واحد منهم مبلغا من المال مكون من عيدياتهم الخاصة في الأعياد، ومبالغ أخرى مني بين الفترة والأخرى وقد بلغ لكل منهم في دفتره الخاص نصاب الزكاة فهل تستحق الزكاة على كل دفتر على حدة، وله نصاب مستقل؟ أم يكون نصاب الزكاة على الأربعة دفاتر مجتمعة وبذلك كان يجب إخراج الزكاة لهم عندما وصل مجموع المبالغ مجتمعة إلى النصاب الشرعي؟ علما بأن هذه المبالغ يمكن أن أستفيد منها في مصالح خاصة بالأسرة جميعها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصبي إذا تملك مالاً بأي وسيلة من وسائل التملك المشروعة، كالإرث والهبة ونحوه، وبلغ هذا المال نصاباً، وجبت فيه الزكاة إذا حال عليه الحول من يوم بلوغه النصاب.
وذلك لعموم قول الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً) [التوبة:103] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم" متفق عليه من حديث ابن عباس.
وعلى هذا إذا بلغ نصيب كل واحد من أولادك الأربعة نصاباً، فتخرج زكاة ماله، ولا علاقة له بأموال بقية الإخوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(11/13698)
النية شرط في إجزاء الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 37 وحججت بيت الله العام الفائت ولم أؤد زكاة في حياتي معتمدة على أبي وزوجي في ذلك. ماحكم الشرع في ذلك وهل يجب علي الزكاة؟ وكيف أعوض ما فات؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزكاة تجب في المال إذا بلغ مقداراً محدداً، وهو النصاب، وحال عليه الحول وهو سنة هجرية كاملة، قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا..... [التوبة:103] .
وروى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه عندما بعثه إلى اليمن: (فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم) .
فمن لم يملك مالاً، أو ملك مالاً دون النصاب، لم تجب عليه الزكاة.
فعلى هذا إن لم تملكي فيما مضى من المال ما يبلغ نصاباً، وهو ما يعادل 85 جراماً من الذهب أو خمسة وتسعين وخمسمائة جرام من الفضة، أو ملكت هذا النصاب، ولم يبق حتى يحول عليه الحول، فلا زكاة عليك، وإن كنت قد ملكت هذا المال الذي بلغ نصاباً، وحال عليه الحول، فإنك تزكينه لما مضى من السنين، أي من حين ملك النصاب وهذا بشرط ألا يكون أبوك أو زوجك قد أخرج زكاته بإذن منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(11/13699)
زكاة المال المتولد والمال المستفاد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي في الزكاة وهو:
فتحت حساباً جارياً في بنك إسلامي في 27/03/2000
وبعد أن حال الحول الميلادي كان الرصيد مبلغا وقدره 1.450000مليون وأربعمائة وخمسون ألف درهمٍ وهو ناتج عن تحصيل شيكات من بداية التاريخ المذكور حتى نهاية السنة الميلادية
فكيف يمكنني إخراج زكاه المبلغ وجزاكم الله كل خير.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قيمة هذه الشيكات قبل تحصيلها تعتبر ديناً لك على أصحابها، وعليه فإن حول المال المتجمع لديك من تحصيل تلك الشيكات هو حول أصل ذلك الدين، فانظر متى بلغ مالك نصاباً واحسب حوله من ذلك الوقت، هذا إن كنت امتكلته في فترة واحدة أو كان بعضه متولدا عن بعض أما إن كنت امتلكته في فترات متفاوتة ولم يكن بعضه متولدا عن بعض فلك في تحديد حوله خياران:
الأول: أن تجعل حوله جميعاً عند مرور الحول على أول نصاب ملكته منه فتزكيه جميعاً في ذلك الوقت بغض النظر عن تفاوت أوقات امتلاكك له. وهذا أسهل عليك وأحظ الفقراء.
الخيار الثاني: أن تجعل لكل دفعة ملكتها حولا مستقلا بها تزكيها عند مروره.
واعلم أن المقصود بالحول هنا هو الحول القمري بمعنى أن يمر على تملكك للنصاب اثنا عشر شهراً عربياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1423(11/13700)
زكاة المال قبل تقسيم الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفيت كانت تحصل على أموال من المحسنين كزكاة وصدقة وأموال من الضمان الاجتماعي وأموال أخرى من أقاربها في الأعياد وعندما توفيت تركت مبلغا تجاوز المائة ألف ريال، هل على هذا المال زكاة حيث لم تكن تزكي عنه وما حكم أخذ الأموال الزائدة عن الحاجة وما العمل الآن لإبراء ذمتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على الورثة زكاة هذا المال قبل تقسيم التركة لكل السنوات الماضية منذ بلوغ المال النصاب، فإن لم يعرفوا عدد السنين فعليهم أن يجتهدوا في تحديدها فما تيقنوه لزمهم إخراج الزكاة عنه، وما لم يتيقنوه فإن كانوا جميعاً من أهل التبرع فاحتاطوا وأخرجوا زكاة السنين التي ظنوا بلوغ المال فيها النصاب فهو أفضل وأبرأ لذمة مورثهم.
وننبه إلى أنه لا يحل للغني أخذ الزكاة المفروضة لأنها حق الفقراء، قال سليمان بن خلف الباجي في المنتقى شرح الموطأ: (وصدقة النفل تحل للغني والفقير، وإنما الذي يحرم من الصدقة على الغني صدقة وجبت للفقراء ... ) اهـ
وعليه فإذا علم قدر المال الذي أخذته من الزكاة وهي ليست مستحقة لها لزم صرفه للمستحقين له من الفقراء مباشرة ولا يدخل في تركتها لأنه مال حرام لا يملك ولا يطيب لآخذه ولا لورثته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/13701)
حكم انقطاع النصاب أثناء الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف ولدي مشكلة في تقدير الزكاة فلو افترضنا أن نصاب الزكاة بالعملة المحلية (1000) دينار وبلغ رصيدي (1200) دينار في شهر محرم –أي بلغ النصاب - ولكن في شهر صفر الذي يليه بلغت النقود (800) - أقل من نصاب الزكاة- ثم ارتفع في الشهر الذي يليه إلى (1000) . وهكذا فكيف أقدر الزكاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا إشكال فيما ذكرت، فإن الزكاة تجب في المال إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول منذ بلوغه النصاب، فإن نقص المال عن النصاب أثناء الحول، أنقطع ذلك الحول ثم إن تم ملك الإنسان نصاباً كان بداية حوله منذ تمام النصاب في المرة الثانية.
وبيان ذلك انك إذا ملكت نصاباً في شهر محرم، ثم انقطع النصاب في شهر صفر، ثم ملكت نصاباً في شهر ربيع الأول، كان بداية حولك هو شهر ربيع الأول وهكذا.
وإذا أردت أن تسلك سبيل السماحة وطابت نفسك بذلك، فزكِّ المال حين يحول الحول على أول نصاب ملكته، سواء ظل النصاب موجوداً خلال الحول أو انقطع.
وفي حالك المذكور يقال:
إذا حال الحول ودخل شهر محرم فانظر ما لديك من المال، قليلاً كان أو كثيراً، فزكه، وهذا أيسر لك، وأدعى لعدم النسيان أو التفريط في الزكاة، وهو مصلحة للفقراء أيضاً.
وإن سلكت المسلك الأول فلا حرج عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1423(11/13702)
الجهل لا يسقط الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي هي التي تتولى أمورنا منذ الصغر وقبل سبع سنوات أجرت محلا لتبيع به الملابس وبدأت ب700 دينار وكانت تجهل أمر الزكاة فكلما وصل المبلغ ألفاً أو ألفين اشترت بضاعة جديدة لتبيعها
وعادة قبل بلوغ الحول, وكانت تعتقد جهلا منها أن الصدقة تغني عنها, والآن تركت المحل العام الماضي , فما حكم الزكاة في السنوات الماضية ,وهي لا تمتلك إلا ما يطعمنا ويسقينا, أفيدونا مأجورين أفادكم الله لأن والدتي تخشى الله من هذا الموضوع بعد ما أعلموها بأمر الزكاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا بلغت قيمة عروض التجارة النصاب أو بما انضم إليها من نقود أخرى والنصاب هو خمسة وثمانون جراماً من الذهب- إذا بلغت القيمة هذا القدر وحال عليها الحول -أي دارت عليه السنة الهجرية- فقد وجبت الزكاة وهي ربع عشر القيمة، وعلى هذه الأخت أن تجتهد في معرفة ما كان بيدها عند رأس كل سنة ثم تخرج زكاة السنوات جميعاً، أي تجتهد في معرفة ما كان لديها عند رأس السنة الأولى فتخرج زكاته، ثم ما كان لديها عند رأس السنة الثانية فتخرج زكاته وهكذا، وإن كانت معسرة الآن فإن الزكاة ثابتة في ذمتها تخرجها متى قدرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1423(11/13703)
يبتدئ حول الزكاة منذ بلوغ المال النصاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ادخرت مبلغاً من المال في البنك ومر علي ستة شهور ثم سحبت جزءا منه ثم أعدته ثانية وكررت نفس العملية خلال هذه السنة. هل علي زكاة من بداية إدخالها البنك أم من آخر عملية سحب تمت للمبلغ؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حول الزكاة يبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه المال النصاب، فقد يبلغ النصاب قبل إيداعه في البنك وقد يبلغه بعد ذلك، ولا تأثير للسحب في الحول إلا إذا نقص المال عن النصاب فإن الحول ينقطع بذلك، ولا زكاة عليه في هذه الحالة، فإذا تم النصاب مرة ثانية ابتدئ الحول من تمامه لأن كمال النصاب في جميع الحول شرط لوجوب الزكاة كما هو مذهب جمهور العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(11/13704)
الجاهل بحساب الزكاة لا يعفيه منها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تارك الزكاة؟ وما حكم الذي يتهاون في دفع الزكاة بعذر أنه لا يعلم كيفية احتسابها؟ فكيف تحسب الزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم مانع الزكاة في فتوى سابقة برقم:
14756 فلترجع إليها.
وأما عدم العلم بكيفية حساب الزكاة، فليس عذراً في عدم إخراجها، والواجب على من لا يعلم أن يسأل فإن فرط فهو آثم.
والزكاة يختلف قدرها باختلاف المال المزكى، فزكاة النقدين: أي الذهب والفضة، وما قام مقامها من العملات الورقية، وما ألحق بذلك من عروض التجارة يخرج منها ربع العشر، وذلك بأن يقسم المال على أربعين، والواجب هو جزء واحد من هذه الأربعين جزءاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(11/13705)
الزكاة على مالك المال نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[طالما الزوجه تعمل ولها راتب تنفقه في منزل زوجها فهل يجب عليها أن تزكي وتتصدق منه أم تعتمد على زوجها في إخراج الزكاه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراتب إذا بلغ نصاباً بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة، وحال عليه الحول، فإنه يجب فيه الزكاة. والمسؤول عن إخراج الزكاة هو المالك إذا لم يكن قاصراً.
وبهذا تعلم السائلة أن زكاة راتبها هي المسؤولة عنها لا زوجها، أما إن استهلك الراتب في النفقة على النفس أو العيال أو غيرهم، أو بقي منه شيء أقل من النصاب أو بقي منه نصاب ولكن لم تدر عليه السنة الهجرية فلا تجب فيه الزكاة في هذه الأحوال.
وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
4111
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(11/13706)
كيف يزكي من لا يستقر عنده المال حولا
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أعمال له مداخيل كثيرة ولكن لا يستقر عنده المال حولا مثلا كلما جمع مقدارا كبيرا اشترى حافلة أو شاحنة أو فندقا ولكن لا يجتمع عنده المال كيف يقوم بدفع الزكاة أرجو التوضيح؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الأشياء التي ذكرها السائل إذا كانت معدة للتجارة بمعنى أن الشخص يشتريها لبيعها، فتجب فيها زكاة عروض التجارة، تُقَوَّم إذا حال حول المال الذي اشتريت به ويخرج فيها ربع العشر.
أما إذا كانت للإيئجار فإنه لا تجب الزكاة في عينها، وإنما تجب في ريعها إذا حال عليه الحول وبلغ النصاب بنفسه أو بما انضاف إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة.
وإن كان هذا الريع لا يحول عليه الحول لم تجب فيه الزكاة، هذا فيما إذا لم يقصد بذلك التهرب من دفع الزكاة.
أما إن نوى بذلك التهرب من دفع الزكاة، فإنه يجب عليه إخراج زكاة هذا الريع، معاملة له بنقيض قصده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(11/13707)
معنى: النماء ... في المال الزكوي
[السُّؤَالُ]
ـ[من ضمن شروط الزكاة النماء. فما هو معنى هذا الشرط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنماء في اللغة مصدر نمى ينمي نمياً ونماءً: أي زاد وكثر، ونميت الشيء تنمية: أي جعلته ينمو، والمراد فعل ما به يزيد الشيء ويكثر. وفي الشرع: هو زيادة المال وتكاثره، وهو نوعان: حقيقي وتقديري.
فالحقيقي: الزيادة بالتوالد والتناسل والتجارات.
والتقديري: التمكن من الزيادة بكون المال في يده أو يد نائبه، والنماء المشروط في مال الزكاة هو النوع الثاني أي أن يكون المال من شأنه أن ينمى بتحقق قابليته للنماء لا أن ينمى بالفعل، قال في البدائع (ولسنا نعني به حقيقة النماء لأن ذلك غير معتبر وإنما نعني به كون المال معداً للإستنماء بالتجارة أو بالإسامة (رعي الحيوان في الكلأ المباح) اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1423(11/13708)
لا يأخذ من الزكاة من قد سدت حاجته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عمة أرملة تبلغ من العمر 70 عاماً ولا يوجد لها سوى أبناء إخوتها ويدفع لها أحد الأقرباء من أموال الزكاة ولكن هذه الأموال تراكمت مع الزمن بالإضافة إلى ما تركه زوجها حيث بلغت حوالي 5000 دينار أردني تقريبا وهي تريد التبرع بالأموال الزائدة عن حاجتها فهل يجوز لها التصدق أو الزكاة أم تدخر هذا المال للزمن لكونها لا معيل لها؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة من المساكين الذين لا يجدون ما يكفيهم وليس لها منفق واجب عليه نفقتها، فإنه لا بأس في أن يعطيها من لا تجب عليه نفقتها الزكاة بقدر حاجتها، فإذا سدت حاجتها، فإنه لا يجوز إعطاؤها من الزكاة، ويجب عليها حينئذٍ ألا تقبل الزكاة.
وما كان من مبالغ عند هذه المرأة قد بلغت النصاب وحال عليها الحول، فإنه يجب عليها إخراج زكاته، سواء حصل عن طريق الزكاة أو غيرها.
ويستحب لها أن تخرج ما تشاء من صدقة التطوع زيادة على الزكاة الواجبة، ولها أن تدخر ما تشاء ما دامت تؤدي زكاته.
ويجدر بنا هنا أن ننبه إلى أن ما أخذته هذه المرأة من الزكاة بعد سداد حاجتها، فإنه يجب عليها رده لصاحبه حتى يصرفه في مصارف الزكاة المعلومة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(11/13709)
حول البضائع التجارية هو حول الثمن الذي اشتريت به
[السُّؤَالُ]
ـ[تملكت لفترة ثمانية أشهر مبلغ مليون ليرة سورية ثم بعد ذلك اشتريت بهذا المبلغ بضاعة بقصد التجارة وقد بيع منها حتى الآن الربع وأن هذه البضاعة مضى عليهاعشرة أشهر أيضا فهل تجب علينا الزكاة علماَ بأنه لم يحل الحول على المبلغ النقدي ولا على البضاعة أفيدونا من فضلكم
-]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على السائل إخراج الزكاة من المال المذكور متى ما حال الحول على أصله ما دام بالغاً النصاب، إذ حول البضائع التجارية المشتراة بالنقد هو حول الثمن الذي اشتريت به، وكيفية إخراج الزكاة أن تقوم بحصر البضاعة، فإذا بلغت قيمتها هي وما عندك من نقود أخرى أو عروض تجارة ما يساوي نصاب الذهب، وهو خمسة وثمانون جراماً أو نصاب الفضة، وقدره خمسمائة وخمسة وتسعون جراماً فما فوق، فقد وجب إخراج ربع العشر أي 2.5 من الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1423(11/13710)
لا تسقط الزكاة بحال عندما تتحقق شروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي مطلقة منذ سنة وعندها مبلغ من المال يستحق الزكاة ولكنها بدون عمل وبدون عائل يصرف عليها ومطالب الحياة كثيرة وهي بحاجة ماسة للمال لتواجه صعوبات الحياة فهل يسقط عنها فرض الزكاة أم لابد منه؟ وهل يمكن تجزئته على مدار العام إذا كان لابد منه؟ وإن كانت أمها وأخواتها بحاجة للمال فهل تدفع لهم من زكاة المال؟ وهل يمكن دفع جزء من الزكاة وتَعفى من الباقي؟
وأنا طالب في الجامعة وأعيش معها ووالدي يعطيني مصاريفي ولكنها قليلة لا تكفي فهل يمكنها أن تصرف علي من زكاة مالها مع العلم أنها بدون عائل أو عمل وهي في حاجة للمال لتواجه مصاعب الحياة ونشكر سيادتكم على سعة صدركم ونرجو الإفادة بدقة ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا المبلغ الذي مع أمك قد بلغ نصاباً وحال عليه الحول فإن الزكاة فيه واجبة، ولا يجوز أن تحسب ما تعطي أمها أو ابنها من الزكاة وكذا كل من تجب عليها نفقتهم وهم الأصول والفروع، لكن لا بأس أن تحسب ما تعطي أختها إذا كانت من مصارف الزكاة بشرط أن تعطيه إياها بنية الزكاة.
وكونها محتاجة للمال ولا عائل لها لا يسقط عنها الزكاة ولا بعضها ما دامت مالكة نصاباً حال عليه الحول. وننصحها بأن تحاول أن تستثمر هذا المال وتنميه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب [الطلاق:2-3] .
وقال سبحانه: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39] .
أما بالنسبة لتقسيط الزكاة فراجع له الفتوى رقم:
6415.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1423(11/13711)
لا زكاة في أموال القنية
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت قطعة أرض فضاء بالتقسيط بغرض بناء عمارة للسكن والاستثمار وحتى الآن لم أكمل سداد الثمن فهل يجب عليها زكاة؟ علماً بأني عندي رصيد من المال وأدفع عنه الزكاة.
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الأرض التي اشتريتها لا بنية الاتجار بها، ولكن بنية السكن فيها واستغلالها فلا زكاة عليك فيها، لأنها من أموال القنية، ولا زكاة على المسلم فيما يقتنيه من دور وأثاث وسيارات، لحديث " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة " رواه البخاري ومسلم.
وإذا استثمرت بالفعل، فإن الزكاة تكون في غلتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1423(11/13712)
هل القرابة ووجوب النفقة من موانع دفع الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصرف على أسرتي المكونة من أبي وأمي وعدد 3 إخوان في كل شيء أكل وشرب وملبس وتعليم وكل شيء وأيضا أقوم بتجهيز أخواتي البنات للزواج عدد 2 بنت هل هذا يعتبر زكاة خاصة وأني أصرف عليهم أكثر بكثير من زكاة مالي أم أنه واجب ولابد من إخراج زكاة المبلغ الذي معي أم أن ما أقوم به معهم يكفي ولا يجب إخراج زكاة مالي؟
جزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من كلام أهل العلم -والله أعلم- هو جواز دفع الزكاة لأي قريب، إذا كان ممن يستحقون الزكاة، ما عدا الوالدين والأولاد.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: ثم الأصل عدم المانع، فمن زعم أن القرابة أو وجوب النفقة مانعان، فعليه الدليل، ولا دليل. ا. هـ
وليُعلم أنه لا بد من النية قبل إخراج الزكاة ودفعها إليهم، فإن أنفق القريب على أقربائه ثم بعد ذلك أراد أن يحتسبها من الزكاة فلا يجوز احتسابها من الزكاة لفقدان النية عند إخراجها.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 9892، 6415، 829، 478.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(11/13713)
هل تجب الزكاة في مال مدخر لبناء بيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك بعض المال وحال عليه الحول وأنا أضعه في البنك لأني لا أستطيع استثماره وأني أدخره لشراء شقة ولو أني أخرجت كل المفروض علي من زكاه فلن أستطيع شراء الشقة أفيدوني مع العلم أني أخرج بعض المال للزكاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجب عليك الزكاة في المال الذي تدخره لشراء المسكن إن بلغ نصاباً بنفسه، أو بما انضم إليه من نقود أخرى، أو عروض تجارة، وحال عليه الحول.
ولا عبرة بعدم استثمارك له، لأنه مال حلال مملوك قابل للنماء بلغ نصاباً، وحال عليه الحول، وما أخرجته من مال بنية الزكاة تخصمه، وما بقي عندك من زكاة، فتخرجها مع التنبه إلى أنه لا يجوز لك أن تضع مالك في بنك ربوي إلا في حالة الضرورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(11/13714)
النصاب ... معناه وقدره. وكيف تحسب الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة عن كيفية احتساب الزكاة وما هو المقصود بالنصاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النصاب هو القدر الذي إذا وصل إليه المال وجبت فيه الزكاة، وهو يختلف باختلاف أنواع المال فهو في الزروع والثمار خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً فالأوسق الخمسة ثلثمائة صاع والصاع أربعة أمداد والمد، قدره العلماء بملئ كفي الإنسان المعتدل إذا ملأهما غير مقبوضتين ولا مبسوكتين، وخمسة أوسق بالمقايس العصرية تساوي 652كيلو جرام من القمح، والواجب فيها العشر إن كانت تسقى بماء السماء أو بلا كلفة ونصف العشر إذا كانت تسقى بغير ذلك،
ونصاب الذهب عشرون دينارا، وذالك يعادل 85 غراماً، ونصاب الفضة مائتا درهم، وذالك يعادل 595 غراماً، ونصاب الأوراق المالية ما يعادل أحد هذين النصابين والواجب في هذه الأصناف ربع العشر ومثل ذلك ما تقوم به عروض التجارة. والنصاب في الغنم أربعون شاة، وفي البقر ثلاثون، وفي الإبل خمس والواجب إخراجه في بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم قد بيناه في الفتوى رقم 31056.
وننبه إلى أن الزكاة في النقدين وهما: الذهب والفضة، وما ألحق بهما من عملات وعروض تجارة، وفي بهيمة الأنعام لا تجب إلا بثلاثة شروط:
1/ بلوغ المال المزكى نصاباً في النقدين.
2/ تمام الملك.
3/ حولان الحول (وهو مرور عام هجري كامل على ملك المالك) .
أما الزكاة في الزروع والثمار فلا يشترط لها حولان الحول، ولكن تؤدى زكاتها عند حصادها، لقوله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) [الأنعام:141] .
مع مراعاة الشرطين الأول والثاني، وراجع الفتوى رقم: 4007، ولمعرفة زكاة عروض التجارة والأسهم راجع الفتوى رقم: 6141، ولمعرفة زكاة الراتب راجع الفتوى رقم: 3922،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(11/13715)
الفرق بين شرطي نصاب الزكاة والزيادة على الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[من ضمن شروط الزكاة النصاب والزيادة عن الحاجة. ما هو الفرق بين النصاب والزيادة عن الحاجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النصاب في الزكاة هو: القدر المعتبر لوجوب الزكاة، فلا تجب في أقل منه، وهو يختلف باختلاف أنواع الأموال التي تجب فيها الزكاة، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم 19959.
وأما الزيادة عن الحاجة الأصلية، فهو شرط من شروط وجوب الزكاة بعد بلوغ النصاب، عند بعض الفقهاء يضاف إلى شرط النماء، وقصدوا به: ألا يكون محتاجاً إلى هذا المال حاجة أصلية في حاجاته الضرورية، لأنه في هذه الحالة لا يكون غنياً عنه، ومن ليس غنياً فهو فقير، والفقير تصرف إليه الزكاة فلا معنى لأن تؤخذ منه، وما ذكرناه هنا إنما ذكرناه مجملاً -لبيان مراد السائل- وليس تقريراً للحكم ولا ترجيحاً لأحد شقي الخلاف المشهور في المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1423(11/13716)
الزكاة عبادة مؤقتة بوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[بلغ المال الذي معي نصاب الزكاة ولا أعلم هل يتم إخراج الزكاة يوم إتمام المبلغ للنصاب أم بعد عام هجري كامل؟ وهل يتم إخراج الزكاة في نفس اليوم من كل عام هجري؟ أم يتم إخراجها أول العام الهجري فقط؟
أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا تجب الزكاة في المال الذي بلغ نصاباً حتى يحول عليه الحول، وهو عام هجري كامل، ومتى ما حال الحول على المال وهو بالغ النصاب وجب إخراج زكاته يوم تمام الحول، ولا علاقة له بشهر رمضان كما يعتقد كثير من الناس اليوم ولا بأول العام الهجري، بل لا يجوز تأخيرها انتظاراً لشهر رمضان، لأنها حق للفقراء والمساكين وغيرهم من مصارف الزكاة، فوجب دفعها فور وجوبها، ويتم إخراجها في نفس اليوم من كل عام هجري، ولا ارتباط لذلك بأول العام الهجري كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(11/13717)
يختلف وجوب الزكاة باختلاف نوع هذه (التعاونية)
[السُّؤَالُ]
ـ[تأسست بيننا تعاونية للسكن طبقا لقوانين معدة لهذه الغاية مجموع المتعاونين 113 عضوا أتدبر شؤونها بميزانيتين الأولى تسمى ميزانية التجهيز يساهم فيها كل عضو بمبلغ 1000درهم شهرياً تخصص لإعداد البنية التحتية قنوات التطهير+ شبكة الماء المشروب+ شبكة الهاتف الشبكة الطرقية.
الميزانية الثانية خصصت لتسيير الاتصالات الهاتفية الاجتماعات ومستلزماتهاالتنقلات ... وهي ميزانية يسهم فيها كل عضو بمبلغ 200درهم سنويا. السؤال مشكورين هل تجب علينا الزكاة في الميزانية العامة أم في أحد الشقين فقط أم أنها لا تجب، وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزكاة تجب في المال إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول وكان ملكاً لصاحبه.
وعليه، فإن لكل واحد في هذه التعاونية نصيباً معلوماً من هذا المال، فإذا كان قد بلغ نصاباً بنفسه أو بما انضم إليه من نقود له أخرى أو عروض تجارة وحال عليه الحول فإنه تجب عليه فيه الزكاة، هذا إذا كانت تعاونية خاصة لا يستفيد منها إلا الأعضاء المساهمون.
ولا فرق في هذا بين ميزانية التجهيز وميزانية التسيير.
أما إذا كانت تعاونية عامة بمعنى أنه مال مرصود للخدمات المذكورة يستفيد منه كل أهل القرية من ساهم ومن لم يساهم، ولن يرجع إلى صاحبه فالظاهر أنه لا تجب فيه الزكاة لأنه مال عين لمصلحة عامة، فخرج بذلك التعيين والإخراج عن ملك صاحبه الخاص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(11/13718)
زكاة الأسهم المشتراة بنية المشاركة في الربح فباعها فربح
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اشترى أسهم شركة لا بنية بيعها ولكن بنيةالمشاركة في ربح الشركة آخر العام وأخذ الربح أكثر من سنة ثم احتاج لظروف صعبة إلى بيع هذه الأسهم فربح من بيعها مبالغ كبيرة
فما حكم أرباح الأسهم الأولى؟ وما حكم الأرباح المترتبة عن بيع هذه الأسهم؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت ساهمت في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي لا بقصد التجارة في الأسهم نفسها فإنه يجب عليك أن تزكي زكاة المستغلات كالعقار ونحوه، بمعنى أنه لا زكاة عليك في أصل الأسهم، وإنما تزكي ما تحصل من ريعها (ربحها) إذا بلغ نصاباً بنفسه أو بما ينضم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة وحال عليه الحول.
أما إذا كانت الشركة التي ساهمت فيها جعلت الأسهم في عروض التجارة للبيع والشراء فيلزمك أن تزكي الأسهم زكاة تجارة، بمعنى أن الزكاة تجب في أصول الأسهم وربحها جميعاً. كما هو مبين في الفتوى رقم:
186.
وما حصلت عليه من مال ببيع هذه الأسهم تختلف زكاته حسب الحالتين السابقتين، فإذا وجبت عليك زكاة المستغلات فإنك عند بيع أسهمك لا تزكي رأس المال والربح الذي اكتسبته من بيعها، بل تستقبل بالجميع حولا جديداً فإذا حال عليه الحول وكان بالغاً النصاب زكيته أصلاً وربحاً، فإن كلا من الأسهم التي بعتها وربحها يظل حول زكاته كما كان وهو الحول الذي كنت تزكي كل ما لديك في نهايته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1423(11/13719)
إخراج الزكاة مقدم على أداء العمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في الجامعة ادخرت من المبلغ الذي أستلمه كمصروف شخصي على مدى أربع سنوات 5000 دولار وقمت بوضعها في البنك كوديعة والآن أريد أن أقوم بدفع الزكاة بالإضافة إلى عمل عمرة إلى بيت الله الكريم أفيدوني أفادكم الله ورحمكم هل تجوز لي العمرة والزكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم الودائع المصرفية في الجواب رقم: 9207، وذكرنا هنالك كيفية أداء زكاة الأموال التي التبس أمرها ولم يعرف متى بلغت نصاباً ولا متى تم حولها.
أما بالنسبة إلى سؤالك هل تعمل عمرة أم لا؟ فالجواب هو: أن عمل العمرة أمر محمود ومطلوب شرعاً، بل هو من الواجبات إن لم تكن قد اعتمرت من قبل، ولكن إخراج الزكاة مقدم عليها، فإذا لم يتبق من المال بعد إخراج الزكاة ما يفي بتكاليف العمرة سقط عنك وجوب العمرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1423(11/13720)
المال المستفاد أثناء الحول يزكيه عند تمام حوله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
مبلغ مالي وصل النصاب ولكن بلغ نصفه الحول مع العلم أن هذا النصف تجاوز النصاب هل يتم إخراج الزكاة عن كل المبلغ أم عن ماتجاوز الحول فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ملك نصاباً من النقود وهو ما يساوي قيمة 85 جراماً من الذهب فأكثر، وحال الحول عليه فإنه يلزمه أن يزكيه.
وعليه، فإنه يجب على السائل أن يزكي ما بلغ النصاب من ماله بمجرد حولان الحول عليه، وأما لم يحل عليه الحول مما استفاده من مال آخر فإنه يزكيه عند تمام حوله هو الآخر ولا يلزمه إخراج الزكاة عنه عند حول المال الأول على الراجح من أقوال أهل العلم، ولو زكاه مع الأول عند تمام حول الأول أجزأه ذلك؛ بل إن ذلك أعظم - إن شاء الله - لأجره لأنه أحظ للفقراء، وراجع الفتوى رقم:
3922.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1423(11/13721)
الربح تابع للأصل في وجوب الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي حسابان استثماريان في بنك إسلامي. فهل عليهما زكاة؟ وكيف يمكن إخراج الزكاة؟ مع العلم أن أحد الحسابين قد حال عليه الحول..أما الآخرفإني أحتاج إلى المال فأسحب منه ثم أعيده مرة أخرى بمعنى أنه لم يحل عليه الحول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان أحد هذين الحسابين من نماء وربح الآخر فإنهما يزكيان جميعاً عند حولان الحول على أول نصاب اكتمل منهما، لأن الربح تابع للأصل ولا عبرة بتفريق المال وجعله في أكثر من حساب.
أما إذا كان أحدهما غير ناتج عن الآخر بل كان مستفاداً بطريقة أخرى، فإن ما لم يبلغ منهما نصاباً يضم للحساب البالغ نصاباً في النصاب. وإن شئت فزكهما جميعاً عند حولان حول الحساب الأول، وإن شئت فزك كل حساب عند حولان حوله الخاص به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1423(11/13722)
يجب إخراج الزكاة عن المتيقن عدم إخراج زكاته من سنوات سابقة
[السُّؤَالُ]
ـ[وضع والدي رحمه الله نقوداً لي أنا وأخواتي في البنك وكان لا يدفع زكاة المال على ما أظن والآن كثرت النقود من خلال الفوائد التي يضيفها البنك وهي مبالغ كبيرة فهل يجوز الآن أن نخرج زكاة المال عن والدي وكيف أخرج زكاة المال عن نقودي علما بأن بها مبلغاً كبيراً من لفوائد ونظرا للظروف الحالية فمن الممكن ومن الأكيد أني سأستخدم هذه النقود وخاصة أنني في بداية حياتي العملية وسأحتاج إليها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليكم أن تخرجوا زكاة ما تيقنتم من أن والدكم لم يخرج زكاته من السنين التي مرت في حياته بالغة ما بلغت، لأن الزكاة حق للفقراء في أموال الأغنياء، ولا تسقط بحال من الأحوال، ويُبدأ بإخراجها قبل قسم التركة، لأن حق الفقراء دين من الديون التي تؤخذ من رأس المال قبل قسم التركة. لذا فإنه يجب عليكم أن تخرجوا زكاة السنوات الماضية التي لم يُخرج أبوكم عنها الزكاة؛ إن عرفتم عددها، فإن لم تعرفوا عددها فأخرجوا عن المتيقن، وإن احتطتم وكان الورثة كلهم من أهل التبرع فذلك أحوط وأبرأ لذمة أبيكم، ثم بعد إخراج الزكاة يقسم المال على الورثة، وكل واحد يستقبل بنصيبه حولا من يوم ملكه له.
ويجب التنبه هنا إلى أنه إذا كانت هذه الأموال مودعة في بنك ربوي فإنه لا تجب الزكاة إلا في رأس المال المودع، أما الفوائد الربوية فلا زكاة فيها، لأنها لا تملك، ومن شروط وجوب الزكاة الملك الشرعي، وإنما يجب التخلص منها بدفعها في الملصالح العامة في مشاريع خيرية أو تصليح طرق أو حفر آبار، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1423(11/13723)
هل في المصاريف المدفوعة مقدما زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم باحتساب الزكاة الشرعية الواجبة على الشركة التي أعمل بها، وذلك على أساس القوائم المالية للشركة، ومن بين أصول الشركة بند "مصاريف مدفوعة مقدما" وهو عبارة عن مصاريف دفعت فعلا ولكن لأغراض تطبيق معايير المحاسبة فإن الجزء الخاص بالسنوات التالية والمدفوع مقدما يظهر ضمن أصول الشركة بجانب الذمم المدينة. علما بأنه من غير المتوقع غالباً استرداد هذه المصاريف أو أي منها مثل الإيجارات والرسوم الحكومية وغيرها. فهل تخرج الزكاة عن هذه البنود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه المصاريف دفعت فعلاً للجهات المذكورة أو لغيرها فلا زكاة عليها، سواء دفعت مقدماً قبل وقت الاستحقاق أو بعده، ما لم يكن ذلك تهرباً من دفع الزكاة لأصحابها.
فإن كانت النية التهرب من دفعها، فيعامل صاحب تلك النية بنقيض قصده، فتؤخذ منه الزكاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(11/13724)
الزكاة في مال الصبي واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم إخراج الزكاة عن المال المدخر في (الحصالة) في مرحلة الطفولة وإن كان هناك زكاة فما نصابها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمال الصبي الذي بلغ نصاباً يجب إخراج زكاته على ولي أمر الصبي، وهذا مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة، واستدلوا بما في الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: " ألا من ولي يتيماً له مال فليتجر فيه، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة " والمراد بالصدقة: الزكاة المفروضة، لأن اليتيم لا تخرج من ماله صدقة تطوع، إذ ليس للولي أن يتبرع من مال اليتيم بشيء، ولأن الزكاة تراد لثواب المزكي، ومواساة الفقير. والصبي والمجنون من أهل الثواب وأهل المواساة على ما قاله الشيرازي، وبأن الزكاة حق يتعلق بالمال، فأشبه نفقة الأقارب وأروش الجنايات وقيم المتلفات. وقال الدردير المالكي: إنما وجبت في مالهما لأنها من باب خطاب الوضع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(11/13725)
الزكاة في مال الصبي واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم إخراج الزكاة عن المال المدخر في (الحصالة) في مرحلة الطفولة وإن كان هناك زكاة فما نصابها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمال الصبي الذي بلغ نصاباً يجب إخراج زكاته على ولي أمر الصبي، وهذا مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة، واستدلوا بما في الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: " ألا من ولي يتيماً له مال فليتجر فيه، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة " والمراد بالصدقة: الزكاة المفروضة، لأن اليتيم لا تخرج من ماله صدقة تطوع، إذ ليس للولي أن يتبرع من مال اليتيم بشيء، ولأن الزكاة تراد لثواب المزكي، ومواساة الفقير. والصبي والمجنون من أهل الثواب وأهل المواساة على ما قاله الشيرازي، وبأن الزكاة حق يتعلق بالمال، فأشبه نفقة الأقارب وأروش الجنايات وقيم المتلفات. وقال الدردير المالكي: إنما وجبت في مالهما لأنها من باب خطاب الوضع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(11/13726)
زكاة الأعوام الماضية تؤدى فورا
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدى منذ 12 عاما ولم ندفع الزكاة طيلة هذه المدة إلا مبالغ بسيطة
ماذا أفعل الآن لأعالج هذا الموضوع هل يجب أن أدفع كل ما سبق أم يمكن أن أدفع هذا العام فقط وأقسط ما سبق في المستقبل إن شاء الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أموال الوالد المذكور تنتقل ملكيتها بمجرد موته إلى ورثته، وعليه فمن ورث منها نصاباً أو أقل من نصاب، وكان عنده مال آخر من جنسه، يبلغ به نصاباً وجب عليه أن يخرج عنه الزكاة كل سنة من يوم مِلكه له، لهذا نقول للسائل: يجب عليك إخراج ما ترتب من الزكوات على هذه الأموال طيلة السنوات. وذلك فوراً لأنه حق وجب، فلا يسقط بتقادم الزمن، ولا يجوز لك التساهل في إخراجه، ولا تأخيره ولا تقسيطه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1423(11/13727)
تجب الزكاة بتحقق شروطها ولو كان صاحبها عاطلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة (لا أعمل) . عمري 18 سنة. أدخر المال في بنك إسلامي، ومصدر هذه الأموال إما من (العيديات) التي وُضعت في البنك منذ طفولتي وإما من ادخاري لمصروفي الشخصي عدة أشهر ثم إيداع المبلغ في البنك. كما أنني حصلت على مبلغ كبير لتفوقي الدراسي (حيث كنت من العشرة الأوائل على مستوى الدولة) وأودعته في البنك أيضاً.. وقد مرت أحوال عديدة لم أخرج خلالها زكاة المال مرة واحدة.. أريد أن أعرف جزاكم الله خيراً هل تجب عليّ زكاة المال مادمت لا أعمل.. وكيف يمكن حسابها علماً بأن المبالغ كانت تُدخل في أوقات متفرقة كما سحبت مرة مبلغاً من المال من أجل مساعدة والدي في تأثيث غرفتي في منزلنا الحديث.. أفتونا وفقكم الله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعدم عمل الشخص لا يسقط عنه وجوب الزكاة في ماله إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول. وعليه، فالواجب عليك التعجيل بإخراج الزكاة لكل السنوات الماضية منذ بلوغ المال النصاب ومضي الحول عليه، وينبغي عليك عند إخراج الزكاة أن تجتهدي وتحتاطي إبراء لذمتك. وطريقة ذلك أن تنظري في السنة التي بلغ المال فيها النصاب، فإن دار الأمر بين أن تكون منذ خمس سنوات أو ست -مثلاً- فالواجب زكاة خمس سنين، والأحوط إخراج زكاة ست سنوات.
وكذا اجتهدي في تحديد مقدار المال في كل سنة، فإن دار الأمر بين أن يكون في سنة ما -مثلاً- دائراً بين ثمانين ألفاً أو مائة ألف فالأحوط أن تجعليه مائة ألف، وهكذا سائر السنين ومن ثم تزكين كل سنة بحسبها، وبهذا تكونين قد فعلت ما في وسعك. وقد قال الله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) نسأل الله لنا ولك الإعانة والقبول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1423(11/13728)
كل فرد يستقل بزكاة ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[-سؤال بخصوص الزكاة.
لي ابنة أعطيها بين الحين والآخر بعض النقود عن طيب خاطر وهي تدخرها لكن عندما تضيق بي الحال أصرف من نقودها وقد لا أرجع لها ما أخذت منها فهل يتم احتساب مالها مع أموالي لاحتساب الزكاة الواجبة علي أم تعتبر مستقلة بأموالها علما أنه إذا حسبت أموالها معي وصلت النصاب أما إذا أعتبرت أموالها مستقلة بذاتها لم تبلغ النصاب؟
وجزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أنه لا يجوز لأحد أن يرجع في هبته، لقوله صلى الله عليه وسلم: "العائد في هبته كالعائد في قيئه" متفق عليه.
ويستثنى من ذلك الوالد في هبته لولده، لرواية: "إلا الوالد فيما يعطي ولده" رواها الترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه.
أما بالنسبة لسؤالك عن الزكاة، فإن كنت قد وهبت تلك الأموال لابنتك هبة حقيقة، بحيث يكون لها حرية التصرف فيها كبقية أموالها، وليس مجرد حيلة لإسقاط الزكاة، فإن هذه الأموال قد صارت في ملكها هي، ولا تحسب من أموالك في الزكاة، ولا يضر أخذك منها عند الاحتياج، لكن إذا كانت أموال البنت وحدها نصاباً، وجب عليها إخراج الزكاة فإن كانت بالغة رشيدة باشرت هي دفع زكاتها.
أما إن كانت غير بالغة أو غير رشيدة، فعليك أنت أن تخرج عنها الزكاة من مالها، وهذا على أرجح أقوال العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1422(11/13729)
المال المستهلك أثناء الحول لا زكاة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[1- منذ قرابة العامين قمت بفتح حساب جار استثماري بفرع المعاملات الإسلامية بأحد البنوك والحقيقة أني أجد صعوبة في كيفية إخراج زكاة المال الذي حال عليه الحول والعائد المترتب عليه، حيث أني أقوم عليه بإخراج زكاة هذا المال شهريا، فعلى سبيل المثال في شهر فبراير الحالي أقوم بمراقبة المبلغ الذي حال عليه الحول في فبراير الماضي وأخرج الزكاة المفروضة عليه وهكذا دواليك لأن كل يشهر يحل الآن تجب فيه الزكاة عن مبلغ تم إيداعه في ذات الشهر من العام الماضي فهل هذا المسلك صحيح من الناحية الشرعية أم أن هناك وسيلة أكثر سهولة، وما حكم المبالغ التي يجري أحيانا سحبها من الحساب لسبب أو لآخر ولم يكن قد حال عليها الحول، أفيدونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا المسلك الذي سلكته لإخراج الزكاة صحيح بالنسبة لما تجدد عليك من مال، من نحو راتب أو هبة أو غير ذلك، وهنالك طريقة أخرى أسهل لإخراج زكاة الراتب ونحوه، ذكرناها في الجواب رقم:
477 بالإضافة إلى الطريقة المذكورة في السؤال.
أما بالنسبة لأرباح الأموال الاستثمارية فهذه حولها هو حول أصلها، فيزكى الجميع عند تمام حول الأصل، وأما المبالغ المسحوبة أثناء الحول فلا زكاة عليها.
وفي الأخير ننبه السائل إلى أن الحول المعتبر في الزكاة هو الحول القمري، وقد سبق أن ذكرنا ذلك في الجواب رقم: 582 فليراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1422(11/13730)
معنى كلمة (الحول) في اللغة والشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو المعنى الحقيقي للحول عند الشخص الذي يزكي على راتبه من العمل إذا كان راتب الشخص ينتهي بانتهاء الشهر فهل يعتبر راتب الشهر الأخير من السنة من ضمن الأموال التي يحول عليها الشهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحول في اللغة: السنة، ويأتي بمعنى: القوة، والتغير، والانقلاب، وبمعنى الإقامة. والحول من حال الشيء حولاً: إذا دار. وسميت السنة حولاً لانقلابها ودوران الشمس في مطالعها.
وتعريف الحول شرعاً: هو مضي سنة قمرية بعد بلوغ المال نصاباً.
والمرتب لا تجب فيه الزكاة إلا إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:
11834 1303 3922
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(11/13731)
زكاة من ملك النصاب ثم جاءته أموال في أوقات مختلفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أود أن أسأل عن زكاة المال.
لقد رزقني الله من المال ما بلغ النصاب والحمد لله الذي هداني لأزكي عنه في أول شهر رمضان من كل عام. ولقد وصلني في هذا العام مبلغ من المال قبل موعد إخراجي الزكاة بحوالي الشهرين فهل علي أن اخرج الزكاة عن المال الإضافي هذا العام؟ مع العلم أنه لم يحل عليه الحول في هذه الحالة أم أؤخرها إلى رمضان القادم؟.
حدث معي هذا في السنة الماضية أيضا لكنني أجلت زكاة المال المضاف إلى هذا العام فهل أخطأت في ذلك؟ وما العمل الآن إن كان مافعلته خطأ وقد مضى على موعد الزكاة الأصلي قرابة شهر تقريبا.
أفيدوني زادكم الله من علمه وجزاكم عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المال الذي حصلت عليه متولداً من المال البالغ النصاب، فإنه يلحق به، ويزكى معه في نفس الوقت، وإن لم يمر على حصوله إلا أيام قبل موعد إخراج الزكاة.
وإن كان غير متولد منه، فيكون له حول مستقل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1422(11/13732)
في مثل هذه الحالة تحتسب الزكاة من حول جديد
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت سيارة لاستعمالي الخاص بكل مالدي من مال قبل أن يحول الحول على هذا المال بخمسة أشهر وكان يبلغ النصاب ثم بعت هذه السيارة بعد شهرين لعيوب اكتشفتها بها وخسرت جزءاً كبيراً من ثمنها ولم أنفق هذا المال فمتى تجب زكاة هذا المال؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حول هذا المال يبدأ من الوقت الذي بعت فيه السيارة، فإذا حال عليه الحول وجبت فيه الزكاة، وليس حوله من أول الحول قبل الشراء، لأنه بشراء السيارة انتقض الحول الأول، ثم ببيع السيارة ابتدأ حول جديد.
ومما يجدر التنبه له أن هذا الحكم خاص بمثل حالتك هذه: وهي أن يكون لدى الشخص نقود فيشري بها ما يعده للاستعمال، ثم يطرأ عليه بعد ذلك ما يجعله يقرر بيعه، فيشترط لابتداء حول جديد شرطان:
الأول: أن لا يكون الغرض من شراء السيارة ثم بيعها هو التهرب من دفع الزكاة.
الثاني: أن يكون قد اشتراها بنية استعمالها وليس بنية الاتجار بها، فإن اشتراها بنية الاتجار فحول المال هو حوله الأول، لأن السيارة حينئذ عرض من عروض التجارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1422(11/13733)
يزكي كل من الورثة نصيبه بشرطه
[السُّؤَالُ]
ـ[1- توفي نسيبي قبل أربعة شهور وأنا وكيل على أمواله. وتم حصرها نقدية وعينية. متى تجب الزكاة على أمواله؟؟ مع العلم أنه لم يتم تقسيم المال للورثة ولا نعلم متى آخر مرة أخرج فيها الزكاة.
أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإنسان بمجرد موته ينتقل ما كان يملك من أموال وحقوق إلى ورثته.
وعليه، فإذا كان هذا الرجل لم يُتحقق من وجوب الزكاة في أمواله قبل موته، فلا زكاة فيها، وإنما يستقبل كل واحد من الورثة بنصيبه حولا جديداً، أعني من صار منهم مالكاً نصاباً منها، أو مما انضم إليها مما كان عنده من جنس المال المزكى، فإذا حال الحول على النصاب أخرج الزكاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(11/13734)