حكم غسل الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم غسل الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الميت إذا مات وجب على طائفة من الناس أن يبادروا إلى غسله، أما وجوب المبادرة فلحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها عليه، وإن تكن غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم" أخرجه الشيخان.
ومن المعلوم أن الأمر يحمل على الوجوب ما لم يكن له صارف، ولا صارف هنا فيما نعلم، وأما وجوب الغسل، فلأمره صلى الله عليه وسلم به في حديث المحرم الذي وقصته ناقته، وفيه: "اغسلوه بماء وسدر" أخرجه الشيخان من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقوله صلى الله عليه وسلم في ابنته زينب رضي الله عنها: "اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر من ذلك ... " أخرجه البخاري ومسلم عن أم عطية رضي الله عنها. وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن تغسيل الميت المسلم واجب وجوباً كفائياً، بحيث إذا قام به البعض سقط عن الباقين، لحصول المقصود بالبعض، كسائر الواجبات على سبيل الكفاية.
وراجع الفتوى رقم: 6672.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1422(11/12352)
كيفية غسل وتكفين الميت والشروط المطلوبة في المغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما كيفية تغسيل الميت وتكفينه والصفات الواجب توفرها في المغسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن غسل الميت له آداب وأحكام، فمن أراد أن يغسل ميتاً، فإنه يبدأ بستر عورته وجوبا، وهي بالنسبة للرجل ما بين السرة والركبة، وكذلك بالنسبة للمرأة مع المرأة ما بين السرة والركبة.
ثم يجرده من ملابسه، لقول الصحابة حين مات النبي صلى الله عليه وسلم: "هل نجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا" رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم، وصححه الألباني في أحكام الجنائز. ويستحب أن يستره عن عيون الناس، ويكره لغير من يعين في غسله حضوره، ثم يضعه على سرير الغسل أو مكان مرتفع، ويرفع رأسه إلى قرب جلوسه، ويعصر بطنه برفق، ويكثر صب الماء حينئذ، ثم يلف على يده خرقة فينجيه (أي يغسل مخرجيه) ، ولا يحل أن يمس ـ مباشرة بدون حائل ـ عورة من له سبع سنين فأكثر، ويستحب ألا يمس سائر جسده إلا بخرقة، ثم يوضئه ندباً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي غسلن ابنته: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها" رواه البخاري ومسلم.
ولا يُدخل الماء في فيه ولا في أنفه، ويدخل إصبعيه مبلولتين بالماء بين شفتيه فيمسح أسنانه، ويدخلهما في منخريه فينظفهما.
ويكون على إصبعيه خرقة حين ذلك، ثم ينوي غسله ويسمي، ويغسل برغوة السدر رأسه ولحيته فقط، والسدر يدق ويوضع في إناء فيه ماء، ثم يضربه بيديه حتى يكون له رغوة. وذلك حتى لا يصل شيء من تفل السدر إلى شعر رأسه ولحيته، فيصعب إخراجه، أما الرغوة فليس فيها تفل.
ثم يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر ثم كله ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً، حسب ما يقتضيه الحال مع المحافظة على الإيتار لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك" رواه البخاري ومسلم.
ويمر في كل مرة يده على بطنه.
ويجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً، لقوله صلى الله عليه وسلم: "اجعلن في الغسلة الأخيرة كافوراً، أو شيئاً من الكافور" متفق عليه.
والكافور طيب معروف أبيض يدق ويجعل في آخر غسلة، وفائدته تطييب الميت، وطرد الهوام عنه، لما لرائحته من خاصية في ذلك، ولا حرج في استعمال الصابون إن احتيج إليه.
ومن أهل العلم من قال: يقص شاربه ويقلم أظفاره، ولا يسرح شعره، ثم ينشفه بثوب.
وإن خرج من الميت شيء بعد الغسلات السبع حشي مخرجه بقطن، ثم يغسل المحل ويوضأ، وإن خرج بعد تكفينه لم يُعد الغسل. والمرأة يضفر شعرها ثلاثة قرون، ويسدل وراءها لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
أما الصفات الواجب توفرها في الشخص المغسل:
فقد قال الفقهاء: ينبغي أن يكون الغاسل ثقة أمينا، عارفاً بأحكام الغسل.
ولا يجوز له إذا رأى من الميت شيئاً مما يكره أن يذكره إلا لمصلحة، وإن رأى حسنا من أمارات الخير مثل وضاءة الوجه ونحو ذلك، فيستحب له إظهاره، ليكثر الترحم عليه، والرغبة في الاقتداء به.
إلا إذا كان الميت مبتدعاً ورأى على وجهه مكروها سواداً أو ظلمة، فإنه ينبغي أن يبين ذلك حتى يحذر الناس من دعوته ومنهجه.
وأولى الناس بغسل الميت وصُّيه ثم أبوه ثم جده ثم الأقرب فالأقرب من عصباته. وكذلك الأنثى أولى الناس بها وصيتها ثم القربى فالقربى من نسائها.
ولكل من الزوجين غسل صاحبه، ولرجل وامرأة غسل من له سبع سنين، لأنه لا حكم لعورته.
وأما كيفية تكفين الميت:
فيستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف بيض، تجمّر، ثم تبسط بعضها فوق بعض، ويجعل الحنوط فيما بينها، ثم يوضع الميت عليها مستلقياً، ويجعل شيء من الحنوط في قطن ثم يوضع بين إليتيه، ويشد فوقها خرقة مشقوقة الطرف كالتبان - السروال القصير - تجمع إليتيه ومثانته، ويجعل الباقي على منافذ وجهه، ومواضع سجوده، وإن طيب كله فحسن.
ثم يرد طرف اللفافة العليا على شقه الأيمن، ويرد طرفها الآخر من فوقه، ثم الثانية والثالثة كذلك، ويجعل أكثر الفاضل عند رأسه، ثم يعقده، وتحل في القبر.
وإن كفن في قميص ومئزر ولفافة جاز.
وتكفن المرأة في خمسة أثواب: إزار وخمار وقميص ولفافتين.
والقدر الواجب هو ثوب يستر جميع الميت. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1421(11/12353)
لا يجوز للرجل أن يغسل والدته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يقوم بتغسيل والدته المتوفاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل أن يغسل والدته ولا بنته، ولا يجوز لها أن تغسله.
فالنساء يغسلهن النساء، والرجال يغسلهم الرجال، ولا يجوز العكس إلا في الزوجين فيجوز لكل منهما أن يغسل الآخر.
وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتوى رقم: 93923. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(11/12354)
أحق الناس بغسل المرأة الميتة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تغسل المرأة امرأة أجنبية مع وجود أقارب لها من النساء كالبنات والأخوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحق الناس بغسل المرأة هن محارمها من النساء، الأقرب فالأقرب منها، فإذا أذن لغيرهن من الأجنبيات بغسل المرأة فلا مانع، جاء في الكافي من كتب الحنابلة: وأولاهم بغسل المرأة: أمها ثم جدتها ثم ابنتها ثم الأقرب فالأقرب ثم الأجنبيات اهـ.
وقال الرملي في (غاية البيان شرح زبد ابن رسلان) : الأولى بغسل المرأة نساء القرابة اهـ.
وقال النووي في (المجموع) : إذا ماتت امرأة ليس لها زوج، غسلها النساء ذوات الأرحام المحارم؛ كالأم والبنت وبنت الابن وبنت البنت والأخت والعمة والخالة وأشباههن، ثم ذوات الأرحام غير المحارم كبنت العم وبنت العمة وبنت الخال وبنت الخالة يقدم أقربهن فأقربهن ... قال البغوي وغيره: فإن اجتمع امرأتان كل واحدة ذات رحم محرم، فأولاهما من هي في محل العصوبة لو كانت ذكرا، فتقدم العمة على الخالة اهـ.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 30471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(11/12355)
هل تظهر عند تغسيل الميت علامات تدل على حسن الخاتمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك علامات للميت تدل على حسن خاتمته وخاصة عند تغسيل الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلاً في علامة حسن الخاتمة يظهر عند تغسيل الميت، وقد بينا علامات حسن الخاتمة في الفتوى رقم: 94050.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(11/12356)
الواجب في غسل الميت يحصل بتعميم الجسد بالماء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز حضور مناسك دفن نصراني دون المشاركة في طقوسهم، وهل يجب إعادة الغسل لرجل غسلته زوجته مع العلم أنها لا تعلم كيفية الغسل ولكنها عممت الماء على جسده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى عدم جواز تشييع المسلم لجنازة الكافر، فلا يجوز حضور الجنازة ولو من غير مشاركة في شعائر الكفر، وانظر لذلك الفتوى رقم: 96486، والفتوى رقم: 35531.
وأما إعادة الغسل فلا تشرع، ويجوز للمرأة أن تغسل زوجها على الصحيح من أقوال الفقهاء، وتعميم جسد الميت بالماء عند غسله يكفي لأن الواجب في غسل الميت يحصل بتعميم الجسد بالماء.
قال ابن حجر الهيتمي في كتاب الجنائز من تحفة المحتاج: أقل الغسل ولو لنحو جنب تعميم بدنه بالماء لأنه الفرض في الحي.... انتهى.
جاء في كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: لأن القصد تعميمه بالماء وقد حصل ... انتهى.
وعليه؛ فإذا كانت الزوجة قد عمت جسد زوجها بالماء عند تغسيله فهذا كاف، ولا يشرع إعادة غسله، وانظري الفتوى رقم: 4882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(11/12357)
لا يجوز ترك الميت حتى تتغير رائحته ولونه دون غسل وتكفين ودفن
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي توفيت في البيت وتركت 24ساعة، وهذا كله من غير غسيل أو كفن، فقط بثيابها التي توفيت فيها، وفي اليوم الثاني وقبل الغسيل انتشرت الرائحة ولم يرد أحد أن يغسلها والسبب من الرائحة، إلا ابنتها الصغرى غسلتها وكفنتها، حتى أن وجهها بدأ يتغير إلى الأخضر أو الأزرق.
سؤالي هو: هل هذا الذي حصل لها هو من تأخير الدفن أو فيه شيء ثان، مع العلم أنها لم تترك الصلاة والصيام يوما، ولكي يطمئن قلبي.
افدوني أفادكم الله وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما ذكر من تأخير تجهيز جنازة هذه المسلمة وتأخير دفنها حتى حصل لها التغير أمر محرم شرعا لما فيه من انتهاك حرمة الإنسان المسلم الذي كرمه الله تعالى وأوجب دفنه، كما أنه مخالف لما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم من الإسراع في تجهيز الجنائز ودفنها، ومناف أيضا لمراعاة حقوق الوالدين والإحسان إليهم بعد الموت، هذا إذا لم يكن لذلك التأخير سبب خارج عن الإرادة، أما ما ذكر من تغيير لون الوجه بعد التغير فالظاهر أنه بسبب التغير الذي نشأ عن التأخير، ولا يدل على شيء، وما دامت هذه المرأة كانت تؤدي صلاتها وصيامها وواجباتها فلن ترى إلا خيرا إن شاء الله، ثم إن على المسلم أن يكتم ما يرى من أحوال الموتى مما قد يظن الناس أنه علامة سوء، فقد روى الطبراني في معجمه الكبير عن أبي رافع مرفوعاً: من غسل ميتاً فكتم عليه غفر له أربعين كبيرة. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، ورواه الحاكم في المستدرك بلفظ: غفر له أربعين مرة. وقال: على شرط مسلم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1428(11/12358)
حكم وصية المرأة أن يغسلها زوجها وأن لا يراها أحد غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بارك الله فيكم، هل يجوز أن توصي المرأة أن لا يغسلها عند موتها إلا زوجها وأن لا يراها أحد غيره؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على جواز تغسيل كلا الزوجين لصاحبه، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا بأس أن يغسل أحد الزوجين صاحبه من غير ضرورة. وذلك لما رواه مالك في الموطأ وغيره أنا أبا بكر رضي الله عنه أوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس رضي الله عنها وذلك بحضور الصحابة فكان إجماعاً، وكذلك أوصت فاطمة رضي الله عنها أن يغسلها زوجها علي رضي الله عنه رواه الدارقطني، وقال ابن عباس: الرجل أحق أن تغسله امرأته. رواه ابن أبي شيبة.
وعلى ذلك.. فيجوز للمرأة أن توصي أن يغسلها زوجها وأن لا يراها أحد غيره، كما أوصت سيدة نساء العالمين فاطمة رضي الله عنها، ولعل ذلك أفضل كما قال ابن عباس، وكما قالت عائشة: لو استقبلت من الأمر ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1428(11/12359)
أولى الأقارب بتغسيل الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[من يستطيع تغسيل الميت من الأقارب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج أن يغسل الميت أحد أقاربه، فيجوز لأي قريب من أقارب الميت أن يتولى تغسيله؛ إلا أنه يشترط إذا كان الميت ذكراً أن يتولى تغسيله الذكور أو زوجته، ولا يتولى تغسيله امرأة، وكذلك لو كان الميت أنثى أن يتولى تغسيلها النساء أو زوجها، ولا يتولى تغسيلها الرجال، وأولى الأقارب بتغسيل الميت: وصيه ثم أبوه ثم جده ثم الأقرب فالأقرب من عصباته، ثم ذوو أرحامه. والأولى لغسل أنثى وصيتها ثم القربى القربى من نسائها، ولكل من الزوجين غسل صاحبه. انتهى من زاد المستقنع. وانظر للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 53522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1428(11/12360)
أقل ما يجزئ من غسل الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم أن تفتوني في هذا الموضوع وهو:
توفي طفل أثناء ولادته وقمت أنا بتغسيله الساعة الثانية ليلا ولم أضع عليه الطيب ولم أغسله بالصابون بل بالماء الدافئ مع العلم أن طريقة الغسل كانت صحيحة ولكن لم أقم بشراء كفن له لأن الوقت كان متأخرا ولم أجد أحدا أشتري منه فقمت بتكفينه بقطعة من القماش نظيفة وجديدة فهل ما قمت بعمله صحيح؟
أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قمت بإتقان غسل الميت المذكور فيجزئك ذلك لأن استعمال الطيب في الغسل غير شرط في صحته، ففي المدونة على الفقه المالكي: إذا غسل الميت فطهر فذلك له غسل وطهور، قال: والناس يغسلون الميت ثلاث مرات كل ذلك يجزئ عند الغسلة الواحدة، وما فوق ذلك مما تيسر من غسل فهو يكفي ويجزئ، قال مالك: وأحب إلي أن يغسل ثلاثا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثا وخمسا بماء وسدر، ويجعل في الآخرة كافورا إن تيسر ذلك. هذه رواية ابن وهب. انتهى.
وفي كتاب الأم للإمام الشافعي: قال الشافعي رحمه الله تعالى: أقل ما يجزئ من غسل الميت الإنقاء كما يكون أقل ما يجزئ في الجنابة، وأقل ما أحب أن يغسل ثلاثا، فإن لم يبلغ بإنقائه ما يريد الغاسل فخمس، فإن لم يبلغ ما يحب فسبع، ولا يغسله بشيء من الماء إلا ألقى فيه كافورا للسنة، وإن لم يفعل كرهته، ورجوت أن يجزئه. انتهى.
كما يجزئ الكفن الذي قمت به إذا كان ساترا للميت، ففي تحفة المحتاج ممزوجا بشرح المنهاج على الفقه الشافعي متحدثا عما يجزئ من الكفن (وأقله ثوب) يستر العورة المختلفة بالذكورة والأنوثة. انتهى.
وفي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع وهو حنبلي: والواجب (ثوب واحد يستر جميع البدن) لأن العورة المغلظة يجزئ في سترها ثوب واحد، فكفن الميت أولى. انتهى.
وقال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: قال ابن عرفة: قال أبو عمر وابن رشد: الفرض من الكفن ساتر العورة، والزائد لغيرها سنة، قال ابن بشير: أقله ثوب يستر كله. انتهى.
ولم تذكر حصول صلاة على ذلك الميت، ومن المعروف أنها فرض كفاية، وتقدمت صفتها مفصلة في الفتوى رقم: 56392، والميت إذا دفن بدون صلاة فإنه يصلى على قبره ما لم يمض على الدفن أكثر من شهر، وهذا قول أكثر أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 32960.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1427(11/12361)
كيفية غسل الميت إذا خيف تقطعه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يغسل ميت شطره كأنه محروق بالماء الحار من كثرة النوم عليه ولطول مرضه؟ وجزاكم الله الجنة ونعيمها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان شق الميت المذكور يمكن غسله بالماء ودلكه من غير تفسخ ولا تقطع فيجب غسله بالماء مع الدلك، وإن كان يتأذى بالدلك بحيث يتقطع اقتصر على صب الماء فقط، فإن لم يمكن صب الماء عليه بأن خيف تقطعه فيغسل شقه السليم وييمم الباقي، قال ابن قدامة في المغني: والمجدور والمحترق والغريق أذا أمكن غسله غسل، وإن خيف تقطعه بالغسل صب عليه الماء صبا ولم يمس، فإن خيف تقطعه بالماء لم يغسل وييمم إن أمكن كالحي الذي يؤذيه الماء، وإن تعذر غسل الميت لعدم الماء يمم، وإن تعذر غسل بعضه دون بعض غسل ما أمكن غسله وييمم الباقي سواء. انتهى، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 27169.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1426(11/12362)
لا يعاد غسل الميت ولو خرج منه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل حول غسل الميت، فالعادة عندنا أنه إذا مات أحد يمر عليه يوم وليلة ويوم قرابة 36 ساعة ثم يدفن، ونغسله قبل الدفن بـ 8 ساعات تقريبا يعني أننا لا نغسله فى اليوم الذى توفي فيه بل ننتظر حتى اليوم التالي كما أسلفت، وحدث هذه المرة أننا غسلناه, على غير العادة وبطلب من أهل الميت, فى اليوم الذى توفي فيه، ومرت عليه ليلة إلى وقت الظهر من اليوم التالي فصلينا عليه ودفناه فقيل لنا إننا فعلنا شيئا غير جائز، وكان واجبا علينا أننا ننتظر حتى اليوم الذى ندفنه فيه فنغسله، وبما أننا غسلناه قبل ذلك كما أشرت, فيجب علينا إعادة غسله، فهل ما فعلناه كان خطأ يجب الاستغفار منه؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الالتزام بهذه العادة مخالف لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الإسراع بالجنازة، وراجع الفتوى رقم: 10135.
وبناءً على ذلك فلا ينبغي أصلاً تأخير الميت لهذه الفترة المذكورة في السؤال ما لم يكن ذلك لمصلحة معتبرة شرعاً، وعلى كلٍ فالغسل الذي فعلتم مجزئ ولا تطالبون شرعاً بإعادة هذا الغسل ولو خرج من الميت شيء بعد الغسل، قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل بن إسحاق المالكي: وإذا خرج من الميت بعد غسله نجاسة فإنه لا يعاد غسله ولا وضوءه بل تغسل النجاسة فقط عن بدنه وكفنه لانقطاع التكليف بالموت.
وقال زكريا الأنصاري في الغرر البهية ممزوجاً بشرح البهجة الوردية في الفقه الشافعي: أما نجس خارج قد يعرض أي يظهر من الميت بعد غسله ولو بعد تكفينه فإنه يزال عنه حتما دون إعادة غسل ووضوء وإن خرج من فرجه لسقوط الفرض بما جرى وحصول النظافة بإزالة الخارج ولأنه غير مكلف فلا ينتقض طهره.
ومحل الشاهد من هذه النصوص أن الغسل لا يعاد ولو خرج من الميت نجس بعد الغسل، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8745، 60940.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(11/12363)
الهيئة المستحبة حال غسل الميت، وكيفية عصر بطنه
[السُّؤَالُ]
ـ[عند غسل الميت يجب أن يكون ناحية القبلة فهل رأسه أم عند رفع رأسه يكون وجهه هوالذى ناحية القبلة؟ وعند نحنحة الميت أي تنظيف الأمعاء من الفضلات أخذت القائمة بهذا العمل وقتا طويلا في ذلك مما جعلها تضغط بشدة على البطن وتعتذر للميت وأنا كنت واقفة أمام ذلك ولكن بعد مرور وقت على ذلك شعرت بتأنيب الضمير فهل أنا أخطات أم القائمة على ذلك هي المخطئة؟ وكيف أكفر عن ذلك مع العلم أن المتوفاة هي أمي وأنا في قلق دائما أرجو إفادتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهيئة المستحبة لموضع الميت حال تغسيله محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى إضجاعه على جنبه الأيمن مستقبل القبلة كحالته عند الاحتضار، ومنهم من يرى أنه يكون مستلقياً على قفاه، ورجلاه إلى القبلة.
قال المرداوي في الإنصاف: يستحب توجيهه في كل أحواله، وكذا على مغتسله مستلقيا. قاله في الفروع وقدمه وقال: ونصوصه يكون كوقت الاحتضار. انتهى.
وقال النووي في المجموع: يستحب أن يستقبل به القبلة، وهذا مجمع عليه، وفي كيفيته المستحبة وجهان؛ أحدهما: على قفاه وأخمصاه إلى القبلة ويرفع رأسه قليلا ليصير وجهه إلى القبلة، حكاه جماعات من الخراسانيين وصاحبا الحاوي والمستظهر من العراقيين وقطع به الشيخ أبو محمد الجويني والغزالي وغيرهما، قال إمام الحرمين: وعليه عمل الناس. والوجه الثاني -وهو الصحيح المنصوص للشافعي في البويطي وبه قطع جماهير العراقيين وهو الأصح عند الأكثرين من غيرهم وهو مذهب مالك وأبي حنيفة-: يضجع على جنبه الأيمن مستقبل القبلة كالموضوع على اللحد، فإن لم يمكن لضيق المكان أو غيره فعلى جنبه الأيسر إلى القبلة، فإن لم يمكن فعلى قفاه. انتهى.
وعند المالكية لا يطلب توجيه الميت إلى القبلة حال الغسل، ففي مواهب الجليل للحطاب المالكي: وقال في الطراز: وليس عليهم أن يكون متوجها إلى القبلة لأن ذلك ليس من سنة الغسل في شيء. انتهى.
ولا يشرع عصر بطن الميت بل يكون ذلك برفق ولطف، ففي المصنف لابن أبي شيبة: عن إبراهيم قال: يعصر بطن الميت عصرا رفيقا في الأولى والثانية. وفيه أيضا عن ابن سيرين قال: يعصر بطن الميت في أول غسلة عصرة خفيفة. انتهى. وفي المدونة قال مالك: قال ابن القاسم: قال مالك: يعصر بطن الميت عصرا خفيفا.انتهى. وقال ابن قدامة في المغني متحدثا عن صفة غسل الميت: ثم يمر يده على بطنه يعصره عصرا رفيقا ليخرج ما معه من نجاسة لئلا يخرج بعد ذلك، ويصب عليه الماء حين يمر يده صبا كثيرا ليخفي ما يخرج منه ويذهب به الماء. انتهى.
وعليه؛ فلا يشرع الضغط بشدة على بطن الميت بل المطلوب كونه برفق. ولا إثم على الأخت السائلة في هذا الأمر لعدم مباشرتها للفعل المذكور إضافة إلى عدم علمها بعدم مشروعية ما قامت به تلك المرأة المباشرة للتغسيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(11/12364)
لا يغسل الرجل المرأة الميتة وإن كانت ذات محرم فكيف بالأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يقوم حانوتى رجل بتغسيل السيدات المتوفيات في مشرحة المستشفى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للرجل أن يغسل امرأة ولو كانت ذات محرم فكيف بالأجنبيات إلا أن تكون زوجته، قال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر جواز غسل الزوج زوجته والعكس أيضاً: وليس لغير من ذكرنا من الرجال غسل أحد من النساء ولا أحد من النساء غسل غير من ذكرنا من الرجال وإن كن ذوات محرم وهذا قول أكثر أهل العلم.
ثم ذكر ابن قدامة عن أحمد بن حنبل أنه يجوز للرجل أن يغسل أخته من فوق الثياب إذا لم يجد امرأة تغسلها ولا زوج لها، قال وكل ذات محرم تغسل وعليها ثيابها يصب عليها الماء صباً يعني إذا لم تجد من يغسلها من النساء ولا زوج لها، ثم قال فأما إن مات رجل بين نسوة أجانب أو امرأة بين رجال أجانب أو مات خنثى مشكل فإنه ييمم. انتهى. وبه يعلم أن الرجل لا يجوز أن يتولى غسل المرأة الأجنبية منه بحال من الأحوال، ويجوز له غسل زوجته مطلقاً وذوات محرمه من فوق الثيات عند الضرورة، ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم 16269، والفتوى رقم 6672.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(11/12365)
حكم تولي الحائض أو الجنب غسل الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، السؤال: هل الجنب أو الحائض يجوز لهما غسل الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شيء في تولي الحائض غسل الميت كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 30092.
ومثلها الجنب في ذلك قال في تحفة المحتاج وهو من كتب الشافعية: ويغسل الجنب والحائض الميت بلا كراهة لأنهما طاهران. انتهى، وقد استحب المالكية تجنب الحائض والجنب للمحتضر. قال خليل في المختصر: و (ندب) تجنب حائض وجنب له. انتهى أي للمحتضر، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 29661.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(11/12366)
غسل كل من الزوجين للآخر بعد موته مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[مامدى أفضلية أن يقوم الرجل بتغسيل زوجته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصد السائل من سؤاله عن أفضلية تغسيل الرجل لزوجته بعد موتها فإن الراجح جواز غسل كل من الزوجين للآخر بعد موته، وقد تقدم بيان ذلك مدعوماً بالدليل في الفتوى رقم: 21890. ولم يرد في الآثار ذكر لفضيلة معينة لتغسيل الرجل امرأته سوى ما ورد في فضيلة تغسيل الميت عموما، إلا أنه قد يكون تغسيل أحد الزوجين للآخر أستر للميت.
وأما إذا كان المقصود من السؤال فضيلة تغسيل الرجل لزوجته حال الحياة فليس هناك ما يدل على فضيلة ذلك التغسيل بخصوصه
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(11/12367)
لكل من الزوجين أن يغسل الآخر بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم تغسيل المرأة لزوجها بعد وفاته والعكس أي تغسيل الزوج لزوجته، هل هذا يجوز أم لا، ولقد سمعت أن الزوج إذا استخرجت له شهادة وفاة ثم hتضح بعد ذلك أنه حي لا بد وأن يعقد على زوجته من جديد، فهل هذا صحيح أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح جواز غسل كل من الزوجين للآخر بعد موته، وقد تقدم بيان ذلك مدعوماً بالدليل في الفتوى رقم: 21890.
وأما المرأة التي سمعت بوفاة زوجها ثم اتضح أنه حي فيمكن أن يرجع إليها من دون عقد إذا لم تكن طلبت من القاضي أن يطلقها عليه وفسخ نكاحها منه بسبب تضررها من طول غيبته، وأما مجرد الحكم بموته فإنه لا يمنع رجوعها إليه ولو عقد عليها رجل آخر، وهذا على تفصيل في هذه المسألة تجده في الفتوى رقم: 3441، والفتوى رقم: 12338.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1425(11/12368)
حكم غسل الميت في الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن غسل الميت في الحمام، وإلقاء ماء الغسل به، وهل إذا وجد أن شعر الإبط والعانة طويل وأيضا الأظافر فهل يتم تقصيرها أم تركها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجاز أهل العلم غسل الميت في أي مكان مستور كبيت وخيمة، ونص فقهاء الحنابلة وغيرهم على جوازه في الحمام، قال البهوتي في شرح المنتهى: ولا بأس بغسله أي الميت في حمام نصاً.
وأجازوا كذلك إلقاء الماء عليه كما نص البهوتي وغيره من فقهاء الحنابلة، فقال: فلو ترك ميت تحت ميزاب ونحوه مما ينصب منه الماء وحضر من يصلح لغسله وهو المسلم المميز، ونوى غسله وسمى ومضى زمن يمكن غسله فيه بحيث يغلب على الظن أن الماء عمه كفى. شرح المنتهى، فيجوز تركه تحت ما يسمى بالدش بشرط النية والتسمية وغلبة الظن بحصول التعميم.
وأما تقليم الأظفار ونتف الآباط وحلق العانة فمن ما اختلف الفقهاء في حكمه، ففي مذهب الشافعية قولان أحدهما يقول إنه يفعل به ذلك لأنه تنظيف، فشرع في حقه كإزالة الوسخ. الثاني يكره وهو قول المزني لأنه قطع جزء منه فهو كالختان. واختار النووي رحمه الله أن يترك ذلك، ونقله نصاً عن الشافعي وصوبه. ا. هـ
وذهب الأحناف والمالكية إلى كراهة فعل ذلك بالميت، جاء في المدونة قال ابن القاسم: قال مالك: أكره أن يتبع الميت بمجمرة أو تقلم أظفاره أو تحلق عانته، ولكن يترك على حاله، قال: وأرى ذلك بدعة ممن فعله. ا. هـ
وقال الكمال بن الهمام الحنفي: ولا يسرح شعر الميت ولا لحيته ولا يقص ظفره ولا شعره، والحاصل أن الراجح من أقوال أهل العلم أن ذلك مكروه، وهو قول الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1425(11/12369)
حك وتطييب مواضع السجود من الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ لما غسلت ميتا مع شخص آخر دعاني لذلك رأيته وضعه شيئاً من الدهن وهو عود له رائحة جميلة على مواضع أعضاء سجود الميت السبعة فهل هذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقال الإمام ابن مفلح الحنبلي في الفروع: ويطيب مواضع سجوده ومغابنه، نص عليه -أي أحمد بن حنبل رحمه الله- وتطييبه كله حسن، وعنه الكل سواء. ا.هـ
ونص على مثل ذلك الإمام الباجي المالكي في المنتقى.
وانظر الفتوى رقم: 37132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(11/12370)
حكم غسل الرجل ابنته المتوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لرجل توفيت ابنته وهي بالغة سن الرشد غسلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في غسل الميت أنه لا يغسل الرجال إلا الرجال، ولا النساء إلا النساء، لأن نظر النوع إلى النوع أهون، ولأن حرمة المس ثابتة بعد الموت ثبوتها حال الحياة، قال ابن قدامة في المغني: فصل: وليس لغير من ذكرنا من الرجال غسل أحد من النساء، ولا أحد من النساء غسل غير من ذكرنا من الرجال، وإن كن ذوات رحم محرم، وهذا قول أكثر أهل العلم.
وقد سبق أن بين -ابن قدامة- جواز غسل الرجل زوجته، إذا ثبت هذا فلا يجوز لهذا الرجل غسل ابنته هذه إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك، بأن لا يوجد من يغسلها من النساء، قال ابن قدامة أيضاً: فإن دعت الضرورة إلى ذلك بأن لا يوجد من يغسل المرأة من النساء فقال مهنا: سألت أحمد عن الرجل يغسل أخته إذا لم يجد نساء، قال: لا، قلت: فكيف يصنع؟ قال: يغسلها وعليها ثيابها، يصب عليها الماء صبا، قلت لأحمد: وكذلك كل ذات محرم تغسل وعليها ثيابها؟ قال: نعم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/12371)
كيفية التصرف إذا لم يمكن غسل الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الأول: في بعض المساجد في شهر رمضان ينوون نية الصوم يوميا حتى نهاية الشهر الكريم، فهل تجوز النية في شهر رمضان، أفيدونا أفادكم الله؟
السؤال الثاني: عندما تفقد أحداً من أهلك أو أقاربك في البحر لمدة أسبوع أو أكثر، وتجده طبعا تكون رائحته كريهة، فهل يجوز غسله أو الصلاة عليه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أمكن غسله وجب، وإن لم يمكن صب عليه الماء من غير غسل، فإن لم يمكن ذلك يمم، وانظر الفتوى رقم: 31228.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(11/12372)
غسل الميت لا ينقض الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل غسل الميت ينقض الوضوء؟ مع ذكر الدليل، واختلافات العلماء إن أمكن.. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في وجوب الوضوء من غسل الميت، فذهب الحنابلة إلى وجوبه، وهو قول إسحاق والنخعي، وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة، قال: أقل ما فيه الوضوء.
وذهب أكثر الفقهاء إلى أنه لا يجب الوضوء بغسل الميت، وهو الصحيح إن شاء الله لأنه لم يرد فيه نص ولا هو في معنى المنصوص عليه، فبقي على الأصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(11/12373)
هل يغسل الابن أمه المتوفاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي سيدة مسنة وأنا أقوم بغسلها يوماً بعد يوم، وأريد أن أعرف إذا توفاها الله هل يجوز لي غسلها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنرجو الله أن يتقبل منك برك بوالدتك وما تقوم به من خدمتها في هذه السن، وننصحك بأن تتجنب النظر أو اللمس لعورتها أثناء ما تقوم به من تنظيفها، إلا ما دعت إليه الضرورة من ذلك.
وأما عن سؤالك، فإن الأولى بغسل المرأة النساء إذا لم يوجد زوج، فإن لم توجد النساء، كان لمحارمها من الرجال غسلها، قال خليل بعد ذكر أحقية الزوج في الغسل: والمرأة أقرب امرأة ثم أجنبية ولف شعرها ولا يضفر ثم محرم فوق ثوب.
قال الدردير: ثم محرم نسباً أو صهراً أو رضاعاً، ويلف على يديه خرقة غليظة لئلا يباشر جسدها، ويجعل بينه وبينها حائلا كثوب يعلق بالسقف بينه وبينها. 1/411.
والخلاصة أن لك غسل أمك إذا توفيت بشرط أن لا توجد امرأة تقوم بذلك عنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(11/12374)
يجوز للرجل أن يغسل ويكفن ويدفن زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
هل يجوز للرجل أن يغسل ويكفن ويدفن زوجته عند وفاتها؟ علما بأنهما ليسا في مكان مقطوع.
وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للرجل أن يغسل ويكفن ويدفن زوجته.
لما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: ما ضرك لو مُتِّ قبلي فغسلتك وكفنتك، ثم صليت عليك ودفتنك. رواه أحمد وابن ماجه وحسنه الأرناؤوط والألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1424(11/12375)
عدد من يقوم بتجهيز الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء تحت رأس الميتة عند تلبيسهاالكفن وندعو لها بالرحمة والغفران، وكم عدد الأفراد الذين يدخلون لإلباسها الكفن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب الدعاء للميت في أي وقت من الأوقات، لعموم قول الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10] .
ولا نعلم في الدعاء عند غسل الميت أو تكفينه سنة ثابتة، أما عدد الذين يقومون بتجهيز الميت، فلا نعلم في ذلك تحديداً من الشارع الحكيم، لكن قد نص بعض الفقهاء على أنه يستحب في تجهيز الميت أن يكون عدد من يقوم بذلك وتراً، قال صاحب أسنى المطالب: فرع يستحب أن يكون عددهم "أي الدافنين" وعدد الغاسلين وترا ثلاثة فأكثر بحسب الحاجة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(11/12376)
النساء أولى بغسل الميتة من محارمها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت جدتي وغسلتها أنا وأبي ما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكان الواجب أن لا يقدم على غسل المرأة ولدها ولا غيره من المحارم إن وجد من النساء من تقوم بذلك، فإن قام بذلك أحد المحارم فلا إثم عليه، وأولى النساء بغسلها -كما قال النووي في المجموع-: النساء ذوات الأرحام المحارم كالأم والبنت وبنت الابن وبنت البنت والاخت والعمة والخالة وأشباههن، ثم ذوات الأرحام غير المحارم كبنت العم وبنت العمة وبنت الخال وبنت الخالة يقدم أقربهن فأقربهن، قال الشيخ أبو حامد وغيره: وبعد هؤلاء يقدم ذوات الولاء، فإن لم يكن فالأجنبيات..... ثم قال: قال البغوي وغيره: فإن اجتمع امرأتان كل واحدة ذات رحم محرم فأولاهما من هي في محل العصوبة، لو كانت ذكراً فتقدم العمة على الخالة، فإن لم يكن نساء أصلاً غسلها الأقرب فالأقرب من رجال المحارم على ما سبق فيما إذا مات رجل، فيقدم الأب ثم الجد ثم الابن على الترتيب السابق. انتهى.
إلا ابن العم فإنه اجنبي وأولى الناس بغسل الميت الأب ثم الجد ثم الابن ثم ابن الابن ثم الأخ ثم ابن الأخ ثم العم ثم ابن العم لأنهم أحق بالصلاة عليه.
ويجوز أن يغسل الزوج زوجته وإن وجدت النساء وأن تغسل الزوجة زوجها وإن وجد الرجال.
أما إذا مات الرجل ولم يوجد من يغسله من الرجال ولا زوجة ولا نساء محارم، أو ماتت المرأة ولم يوجد نساء ولا زوج ولا أحد محارمها فييمم الميت، جاء في الموسوعة الكويتية: وهذا عند الحنفية والمالكية والشافعية في الأصح والحنابلة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(11/12377)
حضور الحائض غسل الميت أو تغسيله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحديث الشريف أو الآية القرآنية التي تحرم على المرأة الحائض حضور غسل الميت أو تغسيل الميت؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا توجد آية قرآنية تمنع الحائض من غسل الميت ولا من حضور غسله، ولا نعلم حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى، ولا نعلم أحداً من أهل العلم حرم ذلك إلا أن بعض السلف كالحسن وابن سيرين كره ذلك، كما رواه عنهما ابن أبي شيبة في مصنفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/12378)
غسل الميت المحترق
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة مسلمة في سن البلوغ 20 سنة ماتت حرقا وذهبت معالم جسدها لم تعرف أهي ذكر ام انثى حتى إن جسدها قد تقلص بعد الحرق السؤال: كيف يكون تغسيلها حسب السنة مع دليل وهل يجوز دخول رجال ليس من محارمها او من غير محارمها لتغسيلها مع انها غير متزوجة ونحن نعلم ان دخول النساء عليها سوف يسبب كارثة من الصراخ وعدم التحمل لفظاعة المنظر افتونا سريعا وجزاكم الله خيرا سببت جدلا بين الاخوان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب في هذه الحالة هو أن تغسل هذه الفتاة إن أمكن، وإن لم يمكن كأن يخش أن يتمزع جسدها، يُممت فيضرب من يُيممها يديه على الأرض ثم يسمح بهما وجهها وكفيها ثم تكفن ويصلى عليها جاء في المغني والمجدور والمحترق والغريق إذا أمكن غسله غسل وإن خيف تقطعه بالغسل صب عليه الماء صباً ولم يمس فإن خيف تقطعه بالماء لم يغسل وييمم إن أمكن كالحي الذي يؤذيه الماء، وإن تعذر غسل الميت لعدم الماء ييمم وإن تعذر غسل بعضه دون بعضٍ غُسل ما أمكن غسله وييمم الباقي كالحي سوء
وقال النووي إذا تعذر غسل الميت لفقد الماء أو احتراق بحيث لو غسل لتهرى لم يغسل بل ييمم، وهذا التيمم واجب لأنه تطهير لا يتعلق بإزالة نجاسة فوجب الانتقال به عند العجز عن الماء إلى التيمم انتهى
وأما الذي يغسل هذه المرأة إذا لم يكن لها زوج فيغسلها النساء وأولاهن ذات رحم محرم ثم ذات رحم غير محرم ثم الأجنبية فإن لم يكن نساء غسلها الأقرب فالأقرب من الرجال المحارم ولهم أن يغسلوها مع وجود النساء وأولى إذا خشي صياحهن وصراخهن، فإذا لم يوجد من يغسلها من النساء والرجال المحارم فقال الجمهور من أهل العلم تُيمم ولا تغسل، وقيل يجب تغسيلها من فوق ثوب ويلف الغاسل يده بخرقة ونحوها ويغض طرفه ما أمكن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1423(11/12379)
تجب إعادة الغسل عند تحقق الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إذا تم غسل الميت والصلاة عليه وعند دفنه في القبر وجد أنه لا زال على قيد الحياة ثم فارق الحياة وهو في القبر ... هل يجب الغسل والصلاة عليه مرة أخرى؟
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الغسل والصلاة لم يصادفا محلهما لأنه ظهر أنهما وقعا على شخص حي، وعليه تجب إعادتهما مرة ثانية عند تحقق موت المذكور، وننبه هنا إلى أنه ينبغي التأكد من موت الإنسان قبل إجراء أحكام الميت عليه، وخاصة إذا كان غريقاً أو من أهل الصرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(11/12380)
هل يغسل كلا الزوجين صاحبه إذا مات
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني السلام عليكم.
ماحكم غسل المرأة للرجل والرجل للمرأة؟ أجب بالدليل مع مستندات الأحناف؟ نشكركم شكرا جزيلا وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق العلماء على جواز أن تغسل المرأة زوجها الميت، لما رواه مالك في الموطأ أن أسماء بنت عميس غسلت زوجها أبا بكر رضي الله عنهما بوصية منه بحضرة المهاجرين والأنصار فلم ينكر ذلك أحد.
قال ابن المنذر: واجمعوا أن المرأة تغسل زوجها إذا مات.
واختلفوا في جواز غسل الزوج امرأته إذا توفيت.. فذهب الجمهور إلى أن للرجل أن يغسل زوجته، لما رواه أصحاب السنن أن عليا غسل فاطمة رضي الله عنهما. واشتهر ذلك بين الصحابة فلم ينكره أحد فصار بمنزلة الإجماع السكوتي.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: لومت قبلي لغسلتك وكفنتك. رواه أحمد وابن ماجه. وهذا الذي يقتضيه القياس الصحيح.
وذهب الأحناف إلى عدم جواز غسل الرجل لزوجته الميتة، وحجتهم أن المرأة بموتها تنقطع العلاقة الزوجية بينها وبين زوجها، وبالتالي فلا يحل له مسها ولا النظر إليها كما لو طلقها قبل الدخول، ولكن الأحاديث وعمل الصحابة والقياس حجة عليهم.
وعلى هذا.. فإن لكلا الزوجين أن يغسل صاحبه إذا مات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(11/12381)
أخذ الأجرة على تغسيل الميت ... المانعون والمجيزون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ الأجر المالي على غسل الميت دون طلب هذا الأجر علماً أن أهل الميت يصرون على إعطاء هذا الأجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب جمهور العلماء منهم المالكية والشافعية والحنابلة هو جواز أخذ الأجرة على تغسيل الميت.
قال الشربيني في مغني المحتاج: وتصح الإجارة لتجهيز ميت كغسله وتكفينه ودفنه، وتعليم القرآن أو بعضه، ونحو ذلك مما هو فرض كفاية، وليس بشائع في الأصل، وإن تعين على الأجير في الأصح.
والحنابلة كرهوا الاستئجار على غسل الميت، ولم يحرموه، قال في كشاف القناع: ويكره أخذ أجرة على شيء من ذلك، يعني: الغسل، والتكفين، والحمل، والدفن.
قال في المبدع: كره أحمد للغاسل والحفار أخذ أجرة على عمله، إلا أن يكون محتاجاً فيعطى من بيت المال، فإن تعذر أعطي بقدر عمله.
وذهب الحنفية إلى عدم جواز أخذ الأجرة على غسل الميت، قال الكاساني في بدائع الصنائع: ولا يجوز الاستئجار على غسل الميت.. ذكره في الفتاوى، لأنه واجب، ويجوز على حفر القبور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1423(11/12382)
الميت محروقا وأمثاله ... كيف يغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[مات محروقا كيف يغسل علما بأن الماء سوف يضر الجثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن تكريم الله تعالى للإنسان، ومن سمو تعاليم هذا الدين العظيم أن فرض لأموات المسلمين الغسل والطهارة والنظافة والطيب والكفن والصلاة والدفن. هذا في الأحوال العادية.
فإذا لم يمكن ذلك كله فليعمل منه قدر المستطاع. قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] . وقال صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فاتوا منه ما استطعتم.... متفق عليه من حديث أبي هريرة.
وعلى هذا، فإذا كان جسم الميت محترقاً أو متحللاً فإنه لايغسل، وإنما يصب عليه الماء إذا لم يزده تحللاً، وإلاترك وكفن وطيب وصلى عليه ودفن.
لأن جسم المسلم محترم بعد موته كاحترامه قبل الموت، فعن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: كسر عظم الميت ككسره حياً. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. وفي صحيح مسلم عن مرثد بن أبي مرثد رضي الله عنه مرفوعاً: لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا عليها.
والخلاصة أن الغسل واجب للميت ما أمكن، فإذا كان يزيده تحللاً ويؤدي إلى تمزقه ترك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1423(11/12383)
حكم أخذ الأجرة على تغسيل الميت والصلاة عليه ودفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أحفظ القرآن الكريم وأجهز الموتى يعني من تغسيل وتكفين والصلاة عليه والدفن وقراءة القرآن عليه مدة ثلاث ليال وهو المعمول به في بلادنا وآخذ على ذلك مقابل مالي. لكن أفادني بعض الناس على أن هذا المقابل هو حرام. فما رأيكم سماحة المفتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه القائمة التي ذكر السائل الكريم بدءاً بتغسيل الميت، وانتهاء بقراءة القرآن عليه، يختلف الحكم الشرعي في أخذ الأجرة مقابلها، فبالنسبة للتغسيل والتكفين والدفن والحمل، فلا حرج في أخذها، نص على ذلك غير واحد من فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة، مع الكراهة عند الحنابلة.
أما الصلاة وقراءة القرآن على الميت، فلا يجوز أخذ الأجرة على واحدة منهما، وذلك لتمحضهما للعبادة، وهذا باتفاق أكثر العلماء، وحتى أولئك الذي يرون جواز قراءة القرآن على الميت، ووصول ثوابها له، فإنهم يشترطون لجوازها أن لا تكون في مقابل أجرة.
وإذا تقرر هذا، فليعلم السائل أن المقابل المالي إذا كان مأخوذا عن الجميع، بحيث لو ترك الصلاة -مثلا- أو القراءة يكون الأجير مخلا بما اتفق عليه مسبقاً، فجميع المقابل حرام للقاعدة المعروفة، وهي أن الصفقة إذا جمعت حراما وحلالاً غلب الحرام. وهي قاعدة معمول بها عند المالكية والحنفية وبعض الشافعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1423(11/12384)
ما ينفصل عن الإنسان الحي لا يغسل ولا يصلى عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[نود من حضراتكم إفادتنا في هذا السؤال
وهو ما تقولون في ساق رجل قطعت وقال أحد الناس إن حكمها حكم المتوفى تغسل ويصلى عليها وتدفن وتشيع وعند موته هل يفضل أن تدفن معه؟
نريد إفادتكم بسرعة عاجلة لأننا حياري
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس لهذه الساق حكم الميت، وإنما حكمها حكم ما سواها مما ينفصل من جسم الإنسان، فيطلب دفنها فقط احتراماً للإنسان وإكراماً له، ولا يشرع تغسيلها ولا الصلاة عليها ولا تشييعها عند دفنها، ولا أن يحتفظ بها حتى تدفن مع صاحبها عند موته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1422(11/12385)
الميت الذي لا يستطاع تغسيله ييمم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم رحمة الله وبركاته. مات مسلم بمرض إيدز وجسمه مكفون بالكيس البلاستيكي حسب النظام الوقائي قبل غسله الشرعى ويمنع كشفه ما الذي يجب علينا أن نفعل نحوه من الغسل والكفن والصلاة عليه والدفن وهذا أمر واقع فى بلادنا أرجومنكم التكرم بالنظر إلى هذاالسؤال بسرعة جزاكم الله عنا خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا غلب على الظن وجود عدوى مضرة بفك الكيس عن الميت المذكور فإن عليكم أن تيمموه من فوق الكيس كما يتيمم الحي للصلاة بأن تمسحوا وجهه وكفيه ثم تصلوا عليه صلاة الجنازة وتدفنوه فالله جل وعلا يقول: (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن:16] وهذا هو المستطاع بالنسبة لكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1422(11/12386)
لا تشرع إعادة غسل الميت إذا غسل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، السلام عليكم لي قريب مات بجدة (وهو من مصر) غسلناه هنا بالمملكة وأردنا أن ننقله إلى مصر ليدفن هناك وخلال فترة الإجراءات (خمسة أيام) كان يتم إعطاء الميت حقن لحفظ الجثة _ فقال لنا الذي غسله يجب إعادة الغسل في مصر قبل دفنه.. فهل هذا صحيح؟؟ أرجو الإجابة المفصلة وخاصة ذكر الآراء والأدلة إن وجد..؟؟ لأن هذا الأمر يتكرر كثيرا. وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إعادة الغسل للميت الذي تم غسله على الوجه الصحيح المجزئ لا تشرع، لما فيها من الغلو والاعتداء، سواء دفن في المكان الذي مات فيه، أو نقل منه إلى مكان آخر. فقد روى الإمام أحمد وابن ماجه وأبو داود عن عبد الله بن مغفل أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء". ولا سيما إذا كان الميت قد وضع في أكفانه، فقد نص الفقهاء على عدم مشروعية إعادة غسل الميت بعد تكفينه حتى ولو خرج منه نجس يسير أو كثير، وهذا أظهر القولين عن الإمام أحمد، ذكره ابن قدامة في الكافي.
... ... ... ... ... ... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12387)
حكم كتابة شيء من القرآن أو الذكر على كفن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مشروعية أو عدم مشروعية لف أو تكفين الميت -سواء كان الميت ذكرا أو أنثى -بأي قطعة قماش أو راية يوجد عليها كلام الله، أو تحمل عبارات التوحيد كراية حماس والجهاد الإسلامي مثلا، ورايات أخرى احتوت على كلام الله، مثل بعض آيات أو أجزاء منها, وما هي مشروعية دفن المتوفى بها, لاسيما وأن كثيرا من هذه الرايات تتعرض للدماء وبعض النجاسات التي قد تخرج من الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتابة شيء من القرآن أو الذكر على كفن الميت أو ما يلف به الميت فوق الكفن وإن لم يدفن فيه؛ لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم مع أحد من الشهداء أو غيرهم، ولم يفعله الصحابة لما مات النبي صلى الله عليه وسلم في كفنه أو كفن غيره، وليست هذه الأشياء مما يكرم به الميت، بل إكرام الميت يكون باتباع السنة في تكفينه وغسله ودفنه، فلا يشرع فعل ذلك، وأما دفن الميت به؛ فلا يجوز حتى لا يمتهن كلام الله، وذكره سبحانه.
وقد سئل ابن الصلاح رحمه الله عن ذلك، فحرمه، وهذا نص السؤال والجواب: مسألة في الكفن: هل يجوز أن يكتب عليه سور من القرآن: يس والكهف، وأي سورة أراد، أو لا يحل هذا خوفا من صديد الميت وسيلان ما فيه على الآيات وأسماء الله تعالى المباركة المحترمة الشريفة، وهل يجوز أن يصحبه في القبر شيء من الثياب المخيطة؟
أجاب رضي الله عنه: لا يجوز ذلك، وأما المخيطة فيجوز أن يكفن في قميص. والله أعلم. اهـ من فتاوى ابن الصلاح.
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوي الفقهية الكبرى: قَدْ أَفْتَى الْإِمَامُ ابن الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ كِتَابَةُ شَيْءٍ من الْقُرْآنِ على الْكَفَنِ صِيَانَةً له عن صَدِيدِ الْمَوْتَى، وَمِثْلُ ذلك الْكِتَابُ الذي يُسَمُّونَهُ كِتَابَ الْعُهْدَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ، وَأَقَرَّ ابن الصَّلَاحِ على ذلك الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ، وهو ظَاهِرُ الْمَعْنَى جِدًّا، فإن الْقُرْآنَ، وَكُلَّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ كَاسْمِ اللَّهِ أو اسْمِ نَبِيٍّ له يَجِبُ احْتِرَامُهُ وَتَوْقِيرُهُ وَتَعْظِيمُهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ كِتَابَتَهُ وَجَعْلَهُ في كَفَنِ الْمَيِّتِ فيه غَايَةُ الْإِهَانَةِ له إذْ لَا إهَانَةَ كَالْإِهَانَةِ بِالتَّنْجِيسِ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ ما في كَفَنِ الْمَيِّتِ لَا بُدَّ وَأَنْ يُصِيبَهُ بَعْضُ دَمِهِ أو صَدِيدِهِ أو غَيْرِهِمَا من الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ التي بِجَوْفِهِ، فَكَانَ تَحْرِيمُ وَضْعِ ما كُتِبَ فيه اسْمٌ مُعَظَّمٌ في كَفَنِ الْمَيِّتِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فيه اهـ
وفي حاشية الجمل على شرح المنهج: وَلا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ الأَسْمَاءِ الْمُعَظَّمَةِ صِيَانَةً لَهَا عَنْ الصَّدِيدِ اهـ
ومن يفعل ذلك ممن ذكرت في سؤالك نحسبه فعله بحسن نية ورغبة في الخير، ولكن هذا وحده لا يكفي ليكون الفعل مشروعًا، فيجب اتباع المشروع في كفن الميت والابتعاد عما يحرم.
وللمزيد من الفائدة يمكن مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6672، 48356، 52768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(11/12388)
صفة كفن الرجل والمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الكريم أود معرفة كيف يكون غسل الميت وكيف يكون تكفينه للرجل والمرأة كما أود معرفة هل يجوز للمرأة أن تغسل زوجها وأباها؟ ولكم مني جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أحكام غسل الميت وتكفينه في فتاوى كثيرة، ولهذه الأحكام باب مستقل يمكنك مراجعته بالدخول إلى العرض الموضوعي لفتاوى الشبكة، وانظر الفتوى رقم: 6672.
واستحب بعض العلماء أن تكفن المرأة في ثلاثة أثواب كالرجل، وأكثر أهل العلم على أن المرأة تكفن في خمسة أثواب، قال ابن المنذر: أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفن المرأة في خمسة أثواب. انتهى..
ويدلُ لهذا حديث ليلى بنت قانف في تكفين أم كلثوم ابنة النبي صلى الله عليه وسلم في خمسة أثواب ناولهن إياها النبي صلى الله عليه وسلم، وسكت عنه أبو داود ومال النووي إلى أنه حسن..
وروى الجوزقي عن أم عطية: وكفناها -تعني بنت النبي صلى الله عليه وسلم- في خمسة أثواب، وخمرناها كما نخمر الحي. قال الحافظ: وهذه الزيادة صحيحة الإسناد.
قال ابن قاسم في حاشية الروض: وإنما استحب لها الخمسة لأنها تزيد حال حياتها على الرجل في السترة لزيادة عورتها على عورته، فكذلك بعد الموت. انتهى.
وأما تغسيل الزوجة زوجها فقد بينا أن الراجح جوازه، وذلك في الفتوى رقم: 18115، وأما تغسيلها أباها فغير جائز لأنه لا يجوز لها أن ترى عورته حال الحياة، وقد بينا أن الرجل لا يجوز له تغسيل النساء سوى زوجته، وأن المرأة لا يجوز لها تغسيل الرجال سوى زوجها، وانظر لذلك الفتوى رقم: 55692.
ونقل ابن المنذر إجماع العلماء على أن للرجل والمرأة تغسيل الصغير، وقيده الحنابلة بمن دون سبع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1430(11/12389)
زيادة ثوب في الكفن بدون إذن الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند تكفين الميتة هل يجوز وضع لباس للميتة، لباس غير الكفن غال كان على الميتة، فالتي كانت تغسل وضعته لها ما الحكم في ذلك..مع أنها كفنت بالخمس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه أكثر أهل العلم أن المرأة تكفن في خمسة أثواب، قال ابن قدامة في المغنى: قال ابن المنذر: أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفن المرأة في خمسة أثواب. انتهى.
وتكره زيادة كفنها على خمسة أثواب قال النووي في المجموع: واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه يستحب تكفين المرأة في خمسة أثواب. وأن الرجل يكفن في ثلاثة ولا يستحب الزيادة, ويجوز إلى خمسة بلا كراهة, ويكره مجاوزة الخمسة في الرجل والمرأة. انتهى.
وعليه فإذا كانت الميتة قد كفنت في خمسة أثواب فهذا كفن مجزئ فإن زيد عليها برضى الورثة وكانوا رشداء بالغين فهذا مكروه وليس بحرام على ما رجحه كثير من أهل العلم.
أما إذا زيد على ذلك بغير رضى الورثة فهذا تعد، وبذلك تكون المرأة الغاسلة قد أخطأت في إضافة الثوب الغالي الذي كانت ترتديه الميتة حال حياتها، فهذا الثوب قد انتقل ملكه لورثة تلك الميتة بمجرد موتها، وعلى هذا تكون الغاسلة قد أتلفته بدون إذنهم، فإن أسقطوا حقهم وكانوا رشداء بالغين سقط، وإلا فإن أمكن نبش القبر نبِش واستُخرِج الثوب عند بعض أهل العلم ولاضمان عليها حينئذ.
ففي المجموع للنووي: قال أصحابنا: إذا وقع في القبر مال نبش وأخرج , سواء كان خاتما أو غيره قليلا أو كثيرا هكذا أطلقه أصحابنا , وقيده المصنف بما إذا طلبه صاحبه, ولم يوافقوه على التقييد، وهذا الذي ذكرناه من النبش هو المذهب, وبه قطع الأصحاب في كل طرقهم, وانفرد صاحب العدة بحكاية وجه أنه لا ينبش, قال: وهو مذهب أبي حنيفة, وهذا الوجه غلط. انتهى.
وإن تعذر نبش القبر وجب عليها أداء قيمته لهؤلاء الورثة إلا إذا تنازلوا عن حقهم فلهم ذلك إذا كانوا ممن يصح تصرفهم بحيث كانوا كلهم من أهل البلوغ والعقل والرشد، فمن المعلوم أن الخطأ والعمد في أموال الناس سواء كما ذكرنا في الفتوى رقم: 54910.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1429(11/12390)
فائدة الكفن للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم وبعد الرجاء إفادتي في الأسئلة التالية:
1- ما هي أهمية الكفن الإسلامي بالنسبة للميت خاصة وأنه يوم الحشر يبعث الناس عراة كما ولدتهم أمهاتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم فوائد الكفن ستر الميت عن أنظار من يدفنونه فتستر عورته كما يستر ما قد يحصل لبعض الناس من تغير الجسد، ويضاف إلى هذا امتثال أمر الشارع المفيد وجوب الكفن ففي الحديث: إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه. رواه الترمذي.
وفي الصحيحين أنه قال في المحرم الذي مات بعرفة: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(11/12391)
الحنوط.. تعريفه.. وأماكن وضعه من جسد الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: ما هو الحنوط؟ نحن هنا بالمغرب نقوم بوضع نوع من الورد في القبر أو ما شابه يسمونه بالحنوط، والذي لديه رائحة جميلة هل هذا هو الحنوط، وماذا عن الورد الذي يتم وضعه في القبر قبل وضع الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحنوط عرفه الإمام النووي في المجموع وهو شافعي قائلاً: والحنوط -بفتح الحاء وضم النون- هذا هو المشهور، ويقال: الحناط بكسر وهو أنواع من الطيب يخلط للميت خاصة لا يقال في غير طيب الميت حنوط، قال الأزهري: يدخل في الحنوط الكافور وذريرة القصب والصندل الأحمر والأبيض. انتهى.
والحنوط يجعل في أماكن خاصة من جسد الميت، ففي المنتقى للباجي المالكي: الحنوط ما يجعل في جسد الميت وكفنه من الطيب والمسك والعنبر والكافور وكل ما الغرض منه ريحه دون لونه، لأن المقصود منه ما ذكرنا من الرائحة دون التجمل باللون (مسألة) : إذا ثبت ذلك فموضع الحنوط، قال أشهب: إن جعل الحنوط في لحيته ورأسه فواسع، وقال ابن حبيب: يجعل الكافور على مساجده ووجهه وكفيه وركبتيه وقدميه، ويجعل في مسامه وعينيه وفمه وأذنيه ومنخريه وعلى القطن الذي يجعله بين فخذيه، ويجعل بين أكفانه كلها، ولا يجعل على ظاهر كفنه، وجه ذلك أن الحنوط يجعل من أعضائه فيما يكرم وهو مواضع السجود، وفيما تيقن منه خروج الأذى، وليرد ريح الحنوط ما تيقن من ريح مكروهة، ولا يجعل على ظاهر الكفن شيء من ذلك، لأن الحنوط إنما هو لمعنى الريح لا للون.
وفي الفروع لابن مفلح الحنبلي: يستحب كون الأثواب ثلاث لفائف بيض، ويستحب تبخيرها، زاد غير واحد: ثلاثاً، للخبر، والمراد وتراً، بعد رشها بماء ورد أو غيره، ليعلق، ويبسط بعضها فوق بعض، وأحسنها أعلاها، ليظهر للناس عادة الحي، ويذر بينها حنوط وهو أخلاط من طيب لا ظاهر العليا. انتهى بتصرف.
والحنوط شامل لماء الورد، ففي حاشية الصاوي على الشرح الصغير المالكي: أي فالمراد بالحنوط: الطيب بأي نوع من مسك أو زبد أو شند أو عطر شاه أو عطر ليمون أو ماء ورد، والأكمل أن يكون فيه كافور. انتهى.
أما وضع الورد أو غيره من الطيب في القبر قبل دفن الميت فلا نعلم دليلاً على مشروعيته، وبالتالي فالقيام بذلك داخل في ضابط البدعة الإضافية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 631.
إضافة إلى كونه مضيعة للمال، فلذلك كره بعض أهل العلم كالشافعية رش القبر بماء الورد بعد الدفن لما فيه من إضاعة للمال، ففي المجموع للنووي: يستحب أن يوضع على القبر حصباء، وهو الحصا الصغار لما سبق، وأن يرش عليه الماء لما ذكره المصنف، قال المتولي وآخرون: يكره أن يرش عليه ماء الورد وأن يطلى بالخلوق لأنه إضاعة مال. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1428(11/12392)
عدد الأثواب التي يكفن فيها الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تكفين الرجل والمرأة في أكثر من خمس قطع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فقد أوضحنا ما يتعلق بالميت من غسل وكفن في الفتوى رقم: 6672، والفتوى رقم: 52007.
وأما الزيادة على الخمسة فإن الرجل يكفن عند الحنابلة في ثلاثة أثواب ولا يزاد على ذلك؛ وكذلك الشافعية لكن لا يكره عندهم زيادته إلى خمسة، ولا يزاد على ثلاثة عند الأحناف، ويكفن في خمسة عند المالكية ولا يزاد على ذلك. هذا بالنسبة للرجل.
أما المرأة فقد ذكر أهل المذاهب الأربعة أنها تكفن في خمسة أثواب، ولم يقل أحدهم بالزيادة على خمسة إلا المالكية فلا حرج عندهم في الزيادة على خمسة إلى سبعة، وهي خمار ودرع ومئزر وأربع لفائف، قال في التاج والإكليل على مختصر خليل بن إسحاق المالكي: الذي للباجي وغيره أن المستحب من الكفن خمسة أثواب: قميص وعمامة ومئزر وثوبان يدرج فيهما، والمرأة كذلك: مئزر وثوبان ودرع وخمار، ولا بأس بالزيادة فيها إلى السبع لحاجتها إلى الستر. انتهى، وهذه الزيادات كلها إنما هي مستحبة، وإنما الواجب هو ثوب يستر الميت فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(11/12393)
مدى مشروعية شراء الكفن من أرض الحرمين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حددت أن أشتري كفنا أكفن فيه بعد موتي من أرض الحرمين وبعد أن منَّ عليَّ الله بالحج اشتريته من المدينة المنورة وبعد رجوعي إلى البلد الذي أقيم فيه فجأة فكرت فيما فعلت وقلت في نفسي عسى أن يكون هذا الفعل شركا بالله فما هو رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هذا الفعل شركاً بالله عز وجل، والشرك هو أن يصرف العبد العبادة لغير الله عز وجل، ولا حرج إن شاء الله في أن يشتري الإنسان كفنه، وانظر الفتوى رقم: 20565 ففيها الدليل على ذلك وأقوال أهل العلم.
إلا أننا نلفت نظر السائل إلى أن اعتقاد أن للكفن الذي اشترِيَ من أرض الحرمين ميزة وفضيلة على غيره من الأكفان قد يعد من البدع، فلا ينبغي للمسلم أن يعتقد ذلك، ولمعرفة الشرك وأنواعه نحيلك إلى الفتوى رقم: 7386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/12394)
جواز إعداد الكفن قبل الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل شراء الكفن الذي يعده الإنسان لنفسه في حياته فيه ثواب، وهل عليه زكاة إذا حال عليه الحول؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز إعداد الكفن حال الحياة على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي سأله البردة لتكون كفنه، فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه:أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتها، أتدرون ما البردة؟ قالوا: الشملة؟ قال: نعم، قالت: نسجتها بيدي فجئت لأكسوكها، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها، فخرج إلينا وإنها إزاره، فحسنها فلان، فقال: اكسنيها ما أحسنها، قال القوم: ما أحسنت! لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها ثم سألته وعلمت أنه لا يرد، قال: إني والله ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني، قال سهل: فكانت كفنه.
فهذا الحديث يدل على جواز إعداد الكفن قبل الموت، وعلى هذا جماهير العلماء، وذهب الشافعية -رحمهم الله- إلى أنه لا ينبغي له أن يعد الكفن حال حياته حتى لا يسأل عنه، لأنه إنفاق قبل تحقق الحاجة، والإنسان يسأل عن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه؟ فلا ينبغي له أن يعد الكفن ليعفي نفسه من السؤال الثاني. هذا ما قالوه.
والراجح ما ذهب إليه الجمهور للحديث السابق، وحيث قال الفقهاء يجوز ولم يقولوا يستحب، فمعنى ذلك أنه ليس فيه ثواب لذاته. وليس في الكفن زكاة لأنه من مال القنية لعدم ورود الدليل في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/12395)
صفة كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كان كفن الرسول -صلى الله عليه وسلم - أبيض؟؟؟ أم كان أخضرا؟؟؟
... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض؛ كما ثبت في الحديث عن عائشة رضي الله عنها، كما في الصحيحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(11/12396)
لا يلزم كون الكفن جديدا والأبيض أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن يكون الكفن أبيض وأن يكون جديدا؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب أن يكون الكفن جديد بل يجزئ الخلق (القديم) إذا غسل؛ لما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: اغسلوا ثوبي هذين وكفنوني فيها، فإنهما للمهل والصديد.
والأفضل أن يكون التكفين بالثياب البيض؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: البسوا من ثيابكم البياض فإنها خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم. رواه أبو داود والترمذي، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 46443.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(11/12397)
المطلوب في الكفن أن يكون كثيفا سابغا
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاك الله خيراً هل يمكن أن توضح لي مواصفات الكفن، كم طوله بالمتر؟ وهل يكون من أي نوع من القماش؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بين العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى في المنهاج القويم ما هو أقل الكفن وماهو أكمله ومن أي شيئ يكون وما هو اللون المفضل فيه مع بيان أمور مهمة فقال: وأقل الكفن) الواجب (ثوب) لحصول الستر به فلا يكفي ما يصف البشرة مع وجود غيره لا في الرجل ولا في المرأة ويجب كونه مما يباح له لبسه في الحياة كالحرير للمرأة..ويكفي بالنسبة لحق الله تعالى ثوب (ساتر للعورة) فقط وهي في الذكر ما بين السرة والركبة وفي المرأة ... غير الوجه والكفين، أما بالنسبة لحق الميت فيجب ثوب يعم به جميع البدن.
) ويسن للرجل ثلاث لفائف) يستر كل منها جميع البدن لما صح أنه صلى الله عليه وسلم كفن فيها وكالرجل غيره إذا كفن في ثلاثة فالأفضل أن تكون لفائف (و) يسن (للمرأة) والخنثى خمسة أزار يشد عليها وهو ما يستر العورة (ثم) بعد شد الإزار يندب (قميص) يجعل فوقه (ثم) بعد لبس القميص يندب (خمار) يغطى به الرأس (ثم) بعد ذلك يندب (لفافتان) تلف فيهما للاتباع في الأنثى وقيس بها الخنثى احتياطا للستر، (والبياض أفضل من غيره لما صح من الأمر به (والمغسول) أفضل من الجديد لأن مآله للبلى، والمراد بإحسان الكفن في خبر مسلم بياضه ونظافته وسبوغه وكثافته لا ارتفاعه إذ تكره المبالغة فيه ... (و) الثوب (القطن أفضل) من غيره كما قاله البغوي لأن كفنه صلى الله عليه وسلم كذلك (ويبخر) ندبا الكفن لغير المحرم ويندب أن يبخر ثلاثا وأن يكون التبخير (بعود) .اهـ
وأما تحديد طوله بالمتر فلم يرد بذلك أثر، وهو يختلف باختلاف الأشخاص طولاً وعرضاً والمطلوب أن يكون كثيفاً سابغاً للبدن كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/12398)
لا يشترط أن يكون الكفن من القطن
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الدين في كفن الميت إذا كان به نسبة من البولستر تقدر بـ 25 في المائة والباقي قطن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشترط أن يكون الكفن من قطن أو من نوع من الثياب، وعليه فلا بأس بالكفن المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/12399)
صفة كفن المرأة، وحكم من أعد كفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يكون كفن المرأة مخيطاً وأن يتم تكفين المرأة بالملابس التي جهزتها لنفسها أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في تكفين الميت رجلاً كان أو امرأة في ثوب أعده لذلك الغرض، لما في البخاري عن أبي حازم عن سهل رضي الله عنه: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتها…… فحسنها فلان فقال: اكسنيها ما أحسنها، قال القوم: ما أحسنت، لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها، ثم سألته وعلمت أنه لا يرد، قال: إني والله ما سألته لألبسها إنما سألته لتكون كفني، قال سهل: فكانت كفنه.
والشاهد في الحديث عدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، أما بخصوص حكم تكفين المرأة في ثوب مخيط فهو الصواب، قال ابن قدامة في المغني: ولما كانت تلبس المخيط في إحرامها وهو أكمل أحوال الحياة استحب إلباسها إياه بعد موتها، والرجل بخلاف ذلك، فافترقا في اللبس بعد الموت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/12400)
الصدقة بالكفن وهبته جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن كفن الميت يخرج من ماله.
توفي والدي وتوجهت لبائع الأكفان فأمدني بالكفن
وامتنع عن أخد ثمنه قائلا إنه صدقة بدون مقابل
وكفن والدي بذلك الكفن الذي لم يأخد ثمنه من ماله، فهل هذا الفعل جائز أم أرد على التاجر ثمن الكفن من مال الهالك؟
افيدونا ولكم منا الشكر الجزيل ومن الله الاجرالكثير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس بأن يكون الكفن صدقة أو هبة، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 28527.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1424(11/12401)
من يتولى مؤن الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[مصاريف الجنازة ممن تدفع؟ وإذا دفعها بعض الأحبة والأصدقاء والأقارب عن المتوفى فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مؤن الجنازة كأجرة الغاسل وقيمة الكفن ونحو ذلك تخرج من مال الميت وتقدم على سائر الحقوق المتصلة بالتركة؛ عدا ما تعلق بعينها كالزكاة والرهن ونحو ذلك، ولو تبرع بها شخص فلا بأس بذلك إذا قبل الورثة.
واختلف العلماء في الزوجة هل تكون هذه المؤن في مالها أم في مال زوجها؟ على قولين:
الأول: وهو قول الأكثر أنها في مالها.
الثاني: وهو قول مفتى به عند الحنفية وقول عند المالكية والأصح عند الشافعية أنها على الزوج.
وإذا لم يكن للمتوفى مال فعلى من تجب عليه نفقته في حياته، وإذا لم يوجد ففي بيت المال لأنه أعد لحوائج المسلمين، وإن لم يكن بيت مال قائم أو ليس فيه شيء فعلى من علم وقدر من المسلمين، فإن عجزوا سألوا، فإن لم يوجد غسل وجعل عليه الإذخر أو نحوه من النبات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/12402)
استحب بعض الفقهاء حشو منافذ الميت بقطن
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة سبب وضع القطن في فم وأنف الميت ... ؟ وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
وبعد فقد استحب بعض الفقهاء حشو منافذ الميت بقطن ليخفي ما يظهر من رائحته أو يمنع ما يخرج منه، واستحبوا أن يجعل في القطن حنوط وكافور.
وقد جاء هذا عن بعض السلف فقد روى ابن أبي شيبة عن الحسن قال: يحشى دبره ومسامعه وأنفه. وروى أيضاً عن ابن سيرين قال: يحشى دبر الميت وفوه ومنخراه قطناً.
لكن لم يثبت به دليل شرعي. وعليه؛ فلا يشرع فعله إلا إن خيف خروج شيء من الميت فيفعل لدرء المفسدة.
قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وإن خيف خروج شيء كدم من منافذ وجهه كفمه وأنفه فلا بأس أن يحشى بقطن دفعاً لتلك المفسدة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1423(11/12403)
الدليل على جواز إعداد الكفن قبل الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الدين في شراء الحي كفنه قبل موته والاحتفاظ به , هل هو أمر مبتدع؟؟؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه، أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتها، أتدرون ما البردة؟ قالوا: الشملة؟ قال: نعم، قالت: نسجتها بيدي فجئت لأكسوكها، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها، فخرج إلينا وإنها إزاره، فحسنها فلان، فقال: اكسنيها ما أحسنها، قال القوم: ما أحسنت! لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها ثم سألته وعلمت أنه لا يرد، قال: إني والله ما سألته لألبسه إنما سألته لتكون كفني، قال سهل فكانت كفنه.
فهذا الحديث يدل على جواز إعداد الكفن قبل الموت وعلى هذا جماهير العلماء.
وذهب الشافعية -رحمهم الله- إلى أنه لا ينبغي له أن يعد الكفن حال حياته حتى لا يسأل عنه، لأنه إنفاق قبل تحقق الحاجة، والإنسان يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه؟ فلا ينبغي له أن يعد الكفن ليعفي نفسه من السؤال الثاني. هذا ما قالوه.
والذي يظهر جواز إعداد الكفن حال الحياة بلا كراهة لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم الرجل على ذلك في الحديث السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1423(11/12404)
لا حرج في تبرع الجمعيات الخيرية بالأكفان
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ جزاكم الله خير الجزاء، عندي سؤال:
كنت أعمل أنا وأبي في المملكة العربية السعودية، ونوينا في شهر رمضان 1427هـ الذهاب لأداء عمرة، وفي طريقنا إلى العمرة انقلبت بنا السيارة التي تقلنا وتوفي أبي -رحمه الله - وقد أصبت في رأسي إصابة بالغة، وقد تم تكفين أبي في المملكة العربية السعودية، وذلك عن طريق إحدى الجمعيات الخيرية، وتم نقل الجثمان إلى مصر.
أنا يا فضيلة الشيخ أسأل عن الكفن في هذه الحالة، هل يجوز، وإذا كان لا يجوز هل أقوم بإخراج قيمة الكفن من مالي الخاص، أفيدوني- أثابكم الله- لأن هذه المسألة تؤرقني وأفكر فيها كثيراً، فماذا أفعل؟
جزاكم الله الفردوس الأعلى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم أباك وأن يكتب لكما أجر عمرة تامة.
ولتعلم أنه لا حرج في تبرع الجمعية الخيرية أو غيرها بتكفين أبيك وتحمل نفقات نقله ودفنه، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 13830.
ولذلك فلا حرج في ذلك -إن شاء الله تعالى- ولا يلزمك إخراج قيمة الكفن، وإذا أخرجت شيئاً من مالك صدقة عن نفسك، أو عن أبيك فذلك خير تثاب عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1430(11/12405)
حكم وقوف الرجل على غسل حماته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يقف الزوج على حماته في الغسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أي عمل يسبب اطلاع الرجل على عورة المرأة محرم شرعاً ولو كانت محرماً له، فلا يجوز للرجل أن يقف على محرمه في الغسل، بحيث يرى عورتها سواء كانت حماة أو غيرها من المحارم، وقد ذكر أهل العلم أن المرأة المتوفاة يغسلها النساء أو زوجها، فإن لم يوجد زوج ولا نساء غسلها محارمها مع سترها ووضع قطعة قماش على اليد تمنع من الإحساس بطراوة الجسد، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية مع إحالاتها: 67147، 20445، 45063.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1429(11/12406)
حكم نزع الجبيرة عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي شخص وعلى رجله جبيرة، وتم فكها قبل الغسل، فهل هذا العمل صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان نزع تلك الجبيرة لا تترتب عليه مثلة بحيث لا يسقط شيء من الميت بسبب نزعها فلا حرج في ذلك، بل ذلك مطلوب شرعا ليحصل تعميم الماء على جسد الميت.
ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع الحنبلي: (وتزال اللصوق) بفتح اللام: ما يلصق على الجرح من الدواء، ثم أطلق على الخرقة ونحوها إذا شدت على العضو للتداوي قاله في الحاشية (لغسل واجب فيغسل ما تحتها) ليحصل تعميم البدن بالغسل وكالحي (فإن خيف من قلعها مثلة) بأن خيف سقوط شيء من الميت بإزالتها ونحوه (مسح عليها) كجبيرة الحي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1429(11/12407)
حكم خضاب الميت وتكحيله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة الحائض أو النفساء أن تدخل على الميت أثناء تغسيله وتشارك في تغسيله؟
هل يجوز وضع الحناء على رأس الميت ووضع الكحل في عين الميت أم هي من البدع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للشق الأول من السؤال يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 55546، للإجابة عليه.
أما عن الثاني فقد ذكر فقهاء المذهب الحنبلي أنه يسن خضاب رأس المرأة المتوفاة، ولحية الرجل المتوفى أيضا ولو كانا غير شائبين، قال في كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: وَيُسْتَحَبُّ خَضْبُ لِحْيَةِ رَجُلٍ وَرَأْسِ امْرَأَةٍ وَلَوْ غَيْرَ شَائِبَيْنِ بِحِنَّاءٍ؛ لِقَوْلِ أَنَسٍ: اصْنَعُوا بِمَوْتَاكُمْ مَا تَصْنَعُونَ بِعَرَائِسِكُمْ. انتهى.
وفي المذهب الشافعي ما يدل على عدم مشروعية ذلك ولو كان جائزا في الحياة، ففي حاشية ابن قاسم على تحفة المحتاج في الفقه الشافعي، ما نصه: وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ حُكْمِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي مِصْرِنَا وَقُرَاهَا مِنْ جَعْلِ الْحِنَّاءِ فِي يَدِ الْمَيِّتِ وَرِجْلَيْهِ، وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ ذَلِكَ فِي الرِّجَالِ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِمْ فِي الْحَيَاةِ، وَيُكْرَهُ فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. انتهى. فدل كلامه هذا على أن وضع الحناء على الميت غير مشروع في الجملة.
أما وضع الكحل في عين الميت فلم نجد من من أهل العلم من نص على مشروعيته من عدمها، والظاهر أنه غير مشروع لأن الثابت في السنة أن الميت يغسل بماء وسدر، ويوضع في كفنه حنوط وهو الطيب، أما الكحل فلا ذكر له هنا، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 14964.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1428(11/12408)
المرأة إذا ماتت بين رجال أجانب عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اسألكم عن امرأة ماتت بين مجموعة من الرجال وليس معها محرم، فمن محرمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة إذا ماتت بين مجموعة من الرجال وليس معها محرم من محارمها فالذي عليه أكثر أهل العلم أنها تيمم، ييممها رجل أجنبي ثم تدفن، فقد جاء في الموطأ: وحدثني عن مالك أنه سمع أهل العلم يقولون: إذا ماتت المرأة وليس معها نساء يغسلنها ولا من ذوي المحرم أحد يلي ذلك منها ولا زوج يلي ذلك منها يممت فمسح بوجهها وكفيها من الصعيد.
وعن بعض أهل العلم أنها تستر بثوب وتغسل، وقيل بدفنها دون غسل وهو ضعيف، جاء في المجموع النووي: إذا مات رجل وليس هناك إلا امرأة أجنبية أو امرأة وليس هناك إلا رجل أجنبي، ففيه ثلاثة أوجه: "أصحها" عند الجمهور ييمم ولا يغسل، وبهذا قطع المصنف في التنبيه والمحاملي في المقنع والبغوي في شرح السنة وغيرهم، وصححه الروياني والرافعي وآخرون، ونقله الشيخ أبو حامد والمحاملي والبندنيجي وصاحب العدة وآخرون عن أكثر أصحابنا أصحاب الوجوه. ونقله الدارمي عن نص الشافعي، واختاره ابن المنذر، لأنه تعذر غسله شرعاً بسبب اللمس والنظر، فييمم كما لو تعذر حسا. (والثاني) يجب غسله من فوق ثوب، ويلف الغاسل على يده خرقة ويغض طرفه ما أمكنه، فإن اضطر إلى النظر قدر الضرورة، صرح به البغوي والرافعي وغيرهما. كما يجوز النظر إلى عورتها للمداواة. وبهذا قال القفال، ونقله السرخسي عن أبي طاهر الزيادي من أصحابنا، ونقله صاحب الحاوي عن نص الشافعي، وصححه صاحب الحاوي والدارمي وإمام الحرمين والغزالي، لأن الغسل واجب وهو ممكن بما ذكرناه فلا يترك. (الثالث) لا يغسل ولا ييمم، بل يدفن بحاله، حكاه صاحب البيان وغيره وهو ضعيف جداً بل باطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1428(11/12409)
هل الزوجة أحق بغسل زوجها الميت أم أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفاه الله وليس عنده إلاّ زوجته وأمه، فمن هو الأحق بتغسيله، هل هي أمه أم زوجته؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزوجة أحق بغسل زوجها من أمه، بل إن أم الرجل لا يجوز لها الإقدام على غسله إلا إذا لم يوجد من يقوم بغسله من زوجة أو رجل ولو كان من غير أقاربه، قال النووي في المجموع: إن كان له زوجة جاز لها غسله بلا خلاف عندنا، وبه قالت الأئمة كلها إلا رواية عن أحمد، وهل تقدم على رجال العصبات؟ فيه الوجهان اللذان ذكرهما المصنف وهما مشهوران (أصحهما) عند الأكثرين لا تقدم، بل يقدم رجال العصبات ثم الرجال الأقارب ثم الأجانب ثم الزوجة ثم النساء المحارم. وبهذا قطع المصنف في التنبيه والجرجاني في التحرير. (والثاني) تقدم الزوجة عليهم، وصححه البندنيجي. انتهى.
ومن الفقهاء من يرى أن كلا الزوجين أولى بغسل الآخر من سائر العصبة، قال الخرشي في حاشيته على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول خليل: وقدم الزوجان إن صح النكاح: يعني أن كل واحد من الزوج أو الزوجة إذا مات الآخر يقدم في غسله على سائر الأولياء، ويقضى له إذا نازعه الأولياء، لأن من ثبت له حق فالأصل أن يقضى له به. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1428(11/12410)
الكف عما يرى من الميت من مكروه.
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أقاربي توفي وكان يقف معنا أثناء الغسل أحد أقاربنا، وعلى حد علمي أنه غير واجب التحدث عن أي شيء عن المتوفى أثناء الغسل لأنها أمانة، وقد تحدث الشخص المذكور لأحد الأشخاص من الأقارب بأن المتوفى تنفس مرتين ونزف من فمه أثناء الغسل، كما قال إن جسد المتوفى كان به بقع، رجاء أفتوني بحكم الدين في هذا الشخص، وما يجب عليه فعله إن كان ما فعله حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن غسل الميت وتكفينه ودفنه وكتم ما يُرى منه عند ذلك مما يستدعي سوء الظن به أو يجرح مشاعر أقاربه الأحياء فيه أجر عظيم وثواب كثير عند الله تعالى، فقد روى الحاكم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من غسل ميتاً فكتم عليه غفر له أربعين مرة، ومن كفن ميتاً كساه الله من سندس وإستبرق الجنة، ومن حفر لميت قبراً وأجنه فيه أجري له من الأجر كأجر مسكن أسكنه إلى يوم القيامة. وفي رواية: من غسل ميتاً فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة.
فحرمة الميت باقية له بعد موته كما كانت له في حياته، وعلى من تحدث عن الميت بشيء مما يكره أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه، فقد فوت على نفسه خيراً كثيراً وثواباً عظيماً، فما ذكر من الأجر في الحديث هو لمن فعل ذلك محتسباً وكتم ما يرى مما يكره. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51635، 72591، 64429.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(11/12411)
كفن الميت يكون في ماله
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة قبل موتها بأيام قليلة أوصت بنت خالتها بأن تحضر لها الكفن ولا تريد الكفن إلا منها وعندما ماتت لم تتمكن بنت الخالة من حضور الدفن فأرسلت ثمن الكفن إلى أولادها فرفضوا أخذ المال وقالوا إن هناك من أفتاهم بأنهم هم أولى منها
المرأة الثانية تشعر بأنها ضيعت حق بنت خالتها في وصيتها ولا تدرى ما تفعل هل تنفق هذا المال في سبيل الله في طريق آخر أم تجبر أولاد بنت خالتها لقبول مال الكفن نرجو من سيادتكم الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكفن الميت مثل سائر تجهيزاته تكون في ماله إذا كان قد ترك مالا، وإلا فهي على من تجب عليه النفقة، ففي الموسوعة الفقهية: ونفقات التجهيز تكون من تركة الميت إن ترك مالا، وتقدم على ديونه ووصيته وإرثه، فإن لم يكن له مال، وجب تجهيزه على من تجب عليه نفقته في حال حياته، فإن لم يوجد أحد من هؤلاء وجب تجهيزه في بيت مال المسلمين إن وجد، فإن لم يوجد أو كان موجودا ولم يمكن الأخذ فتجهيزه على المسلمين فرض كفاية.
وعليه فأولاد تلك المرأة المتوفاة هم الأولى بتكفينها، وبنت خالتها إذا أحضرت لها كفنا فإنه يكون بمثابة هبة ومساعدة ساعدت بها من وجب عليه ذلك، والموهوب له ليس ملزما بقبول الهبة، بل له أن يقبلها أو يرفضها، ثم إنه لا دخل للوصية في هذا الموضوع لأن تكفين الميت فرض على كل من علقه الشرع به، وليس لأحد أن ينقل ذلك الفرض عن محله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1427(11/12412)
حكم النظر إلى الميت وتقبيله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز النظر إلى الميت قبل غسله وبعد غسله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز النظر إلى الميت وتقبيله قبل غسله وبعده للحاجة بشرط أن يكون القائم بذلك ممن يجوز له النظر إليه ومسه في حال حياته، ومن ذلك محارمه من النساء وزوجته، والعكس إذا كان الميت أنثى، وقد دلت على ذلك السنة فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قَبَّل عثمان بن مظعون وهو ميت وهو يبكي، أو قال: عيناه تذرفان. رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وعنها أيضاً قالت: أقبل أبو بكر فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله، ثم بكى فقال: بأبي أنت يا رسول الله، لا يجمع الله عليك موتتين. رواه البخاري.
وعنها أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها وقد اشتكت من صداع ألم بها: ما ض رك لو مت قبلي فقمت عليك فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك. رواه ابن ماجه.
قال الشمس الرملي: ويجوز لأهل الميت ونحوهم كأصدقائه تقبيل وجهه لخبر أنه صلى الله عليه وسلم قبل وجه عثمان بن مظعون بعد موته. ولما في البخاري: أن أبا بكر رضي الله عنه قبل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته، وينبغي ندبه لأهله ونحوهم كما قال السبكي، وجوازه لغيرهم، ولا يقتصر جوازه عليهم، وفي زوائد الروضة في أوائل النكاح: ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح، فقيده بالصالح، وأما غيره فينبغي أن يكره. وفي الحاشية عليه قال (قوله: كأصدقائه ومنهم الزوجة والزوج فيما يظهر) اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(11/12413)
تأخير الغسل والكفن إلى ما قبل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند تحديد ميعاد للجنازة وليكن بعد العصر وتم الانتهاء من الإجراءات صباحا هل نقوم بالغسل والكفن صباحا أيضا ثم ننتظر؟ أم نجعل الغسل والكفن قبل العصر مباشرة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة الإسراع في تجهيز الميت والإسراع بدفنه، فإذا دعت ضرورة إلى تأخير الدفن، فينبغي أن يسرع فيما يستطاع من تجهيزه مثل الغسل والكفن ولو أخر إلى ما قبل الصلاة فلا حرج في ذلك ما دام أنه لابد أن يتأخر، ثم إن التأخير إذا كان يؤدي إلى التغيير لا يجوز، لما في ذلك من إهانة للميت، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 66120.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1426(11/12414)
لا يخرج الميت من القبر إلا لمصلحة راجحة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة رزقت بمولود في مستشفى خاص وبسبب الإهمال توفيت هذه المرأة ومولودها وبعد ثلاثة أشهر يريد زوجها إخراج الجثة من القبر لإثبات الخطأ الطبي، فما حكم إخراج الجثة من القبر بعد هذه المدة لإثبات الخطأ الطبي؟ مولودها خرج للحياة ميتا هل يغسل وهل يصلى عليه؟
الرجاء من فضيلتكم الإجابة في أقرب وقت لأن المسألة مستعجلة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل حرمة نبش القبر لحرمة الميت وكرامته، ولا يجوز إلا لمصلحة راجحة أو ضرورة تدعو إلى ذلك، كما بينا في الفتوى رقم: 22870 وكذلك تشريح الجثة بعد الدفن، فإنه لا يجوز إلا لمصلحة قوية راجحة تغلب ما فيه من المفسدة، كما في الفتوى رقم: 56764 والفتوى رقم: 6777.
والمصلحة هنا غير راجحة لأن التهمة والظن الضعيف لا يمكن بناء حكم عليهما بحيث ينبش قبر تلك المرأة بعد مضي مدة يغلب على الظن أنها تغيرت وتمزق جسدها، فامتهان جثتها وهتك حرمتها وبشاعة تشريحها بعد تغيرها مفاسد عظيمة لا يمكن معارضتها بمصلحة متوهمة، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، كما أن أهل تلك المرأة وأقاربها يتأذون من ذلك الفعل، وليس للزوج الانفراد بالحق في ذلك.
والذي نراه هنا أنه لا يجوز نبش قبر تلك المرأة وتشريح جثتها، لما في ذلك من المفاسد العظيمة، وإن كان في ذلك مصلحة فهي ضعيفة متوهمة لا تقوى على معارضة تلك المفاسد، ولا يمكن رفع حكم الأصل بها وهو حرمة نبش القبر وحرمة الجثة وكرامتها.
وأما الصلاة على السقط فقد بينا حكمها وخلاف أهل العلم فيها، وذلك في الفتوى رقم: 46387، فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1426(11/12415)
صنيعة الطعام للمعزين بمال الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ترك رجل مالا بعهدة أخته بغرض أن تصرف منه عليه وعلى أهله أثناء مرضه فلما توفي ظل قدر من هذا المال أخذ منه مستحقات غسله ودفنه ثم صنعت منه أخته طعاما للمعزين فهل يجوز لها ذلك أم هو حق اليتامى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما بقي من مال الميت المذكور بعد تمريضه وتجهيز دفنه يعتبر أمانة في يد أخته، وما استهلكته في غير وجهه الشرعي يعتبر دينا في عنقها يجب عليها رده وأداؤه للورثة، وما صنعته من الطعام للمعزين بوفاته يعتبر بدعة محدثة مردودة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
وفي رواية: من عمل عملاً ليس أمرنا فهو رد. رواه مسلم.
ولم يكن العمل عند السلف الصالح على عمل الولائم والطعام للمعزين، ويكون الأمر أشد إذا كان ذلك من مال اليتامى القصر والورثة الذين لا تطيب أنفسهم بذلك.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 4271.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1425(11/12416)
هل يشرع الغسل بعد الرجوع من دفن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك حديث وارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالاغتسال بعد الرجوع من دفن الميت؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على حديث ولا على أثر يدل على الأمر بالاغتسال بعد الرجوع من الدفن، وإنما الوارد هو الأمر باغتسال من غسل ميتا. ووضوء من حمله، ففي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتا فليغتسل ومن حلمه فليتوضأ. والغسل من غسل الميت مستحب عند الجمهور وليس بواجب، وكذلك الوضوء من حمله. قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود قال الخطابي: لا أعلم أحدا من الفقهاء يوجب الا غتسال على من غسل الميت، ولا الوضوء على من حمله، ويشبه أن يكون الأمر في ذلك على الاستحباب. قال ومن حمله فليتوضأ قد قيل في معناه أي ليكون على وضوء ليتهيأ للصلاة على الميت والله أعلم. انتهى. وعلى هذا المعنى فالمطلوب الوضوء قبل حمل الميت إلى مكان الصلاة وليس الوضوء بعد حمله، والظاهر المعنى الأول بدليل لفظ الترمذي: من غسله الغسل ومن حمله الوضوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(11/12417)
التأخر في دفع ثمن الكفن لا يؤاخذ به الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا مات الإنسان وغسل وكفن ودفن لكن ثمن كفنه لم يسدد إلا بعد أسبوع، ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكفن يكون في تركة الميت ويقدم على كل الحقوق المتعلقة بالتركة كما فصلناه في الفتوى رقم: 21998.
وكون أحد الورثة أو غيره اشتراه بالدين على أن يسدد من تركة الميت بعد حين وكذا لو تبرع بشرائه ولكن لم يسدد قيمته في الحال، كل ذلك لا يؤاخذ به الميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(11/12418)
حكم حضور الأبناء غسل أمهم المتوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من حق الأبناء الذكور حضور غسل الأم رغم وجود بنات المتوفاة وأقاربها بناتها وبنات الأخ وبنات الأخت وأحفادها من البنات؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان حضور الأبناء غسل أمهن يعني مباشرتهم له، فإن ذلك لا يجوز قولاً واحداً مع وجود النساء، لأن المرأة لا يجوز أن يباشر غسلها إلا النساء، كما سبق في الفتوى رقم: 30471.
أما حضورهن قريبا من المكان الذي تغسل فيه، وهي في ستر عنهن بقصد تعليم المشرفات على الغسل أو نحو ذلك فلا بأس به، قال في المغني بعد أن ذكر جواز غسل الزوج الزوجة وغسلها له قال: وليس لغير من ذكرنا من الرجال غسل أحد من النساء ولا أحد من النساء غسل غير من ذكرنا من الرجال، وإن كن ذوات رحم محرم، وهذا قول أكثر أهل العلم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1425(11/12419)
حقيقة الكتمان المطلوب عند غسل الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت لنا إحدى القريبات من بعيد، وفي الغسل دعا أهلها أمي لحضور الغسل وأثناء الغسل لاحظت أمي بعض الكدمات على جسدها وكأنها تعرضت للضرب فأدى إلى موتها فأخبرت أمي أبي بما رأت. فهل هذا يعتبر خيانة للأمانة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتغسيل الميت من أفضل القربات، وأكثرها ثوابا عند الله. روى الطبراني في معجمه الكبير عن أبي رافع مرفوعا: من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعين كبيرة. وروى الحاكم في المستدرك مثله.
والمقصود من الكتمان عدم ذكر ما يمكن أن يلاحظه الغاسل من اسوداد الوجه مثلا ونتن الرائحة، ونحو ذلك مما يوحي بأن المرء ليس من أهل الخير.
وأما الذي ذكرته في السؤال فليس فيه ما يدل على أن ثمة أمانة حتى نقول إن أمك قد خانتها.
ولكن الأحوط للمرء أن لا يتعجل في الإخبار بكل ما يرى، إذ قد يكون الأمر على خلاف ما تصوره، فقد تكون الآثار التي في المتوفاة من بقايا مرض قديم أو تكون لها أسباب أخرى عادية. وذكر مثل هذا النوع من الأمور قد تترتب عليه فتن وإفساد. فعلى أمك أن تتجنب الكلام في مثله. وعلى أبيك أن يكتم ما سمعه من أمك تفاديا لما يمكن أن ينجر عنه.
وعلى كل حال؛ فلم يتبين لنا فيه وجه لخيانة الأمانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1425(11/12420)
حكم سقوط الميت على ماء الغسل بعد تكفينه
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد تغسيل الميت وتكفينه وعند حمله من على المغسلة وقع على الأرض وابتل الكفن من ماء الغسل المنسكب على الأرض هل هذا يؤثر؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الماء الذي سقط عليه الميت بعد تكفينه نجسا كأن كان على بدن الميت نجاسة غسلت بهذه الماء وانفصل عنها متغيرا، فالواجب غسل ما أصابته النجاسة من الكفن. قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: فلو خرج من الميت بعده أي الغسل نجس ولو من الفرج وقبل التكفين أو وقع عليه نجس في آخر غسله أو بعده وجب إزالته فقط من غير إعادة غسل أو غيره لسقوط الفرض بما جرى، وحصول النظافة بإزالة الخارج ... أما بعد التكفين، فيجزم بغسل النجاسة فقط، إلى آخر كلامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(11/12421)
تغطية نعش المرأة بثوب أبلغ في الستر
[السُّؤَالُ]
ـ[ياشيخ لما نضع الميت على الخشبة فإذا كان رجلا نرى اللفاف الأبيض ولكن إذا كانت أمرأة فلا نرى أي شيء إلا غطاء أسود من الأعلى يغطي الخشبة بالكلية فما حكم هذا؟ وهل هناك دليل على هذا أم هو بدعة؟ وكذلك.. لما تدفن المرأة الإخوة من محارمها يكونون داخل القبر ثم الإخوة الأجانب يقفون من الأعلى ويغطونهم فلا نرى إلا الغطاء الأسود ثم يقوم محارمها بوضعها في اللحد ووضع الأحجار عليها ثم ينزعون الغطاء ونقوم بحث الرمل والأن ما حكم تغطية المرأة وهل ثبت أي شئ عن ذلك دليل صحيح أم هو بدعة منكرة حيث إني قرأت جملة من الكتب ولم أقف على شيء من ذلك فيما أعلم فهلا أعلمتونا؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المستحب أن يغطى نعش المرأة بثوب لكون ذلك أبلغ لها في الستر، قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن يترك فوق سرير المرأة شيء من الخشب أو الجريد مثل القبة، يترك فوقه ثوب ليكون أستر لها، وقد روي أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها أول من صنع لها ذلك بأمرها. انتهى.
أما الرجل فلا يطلب في حقه الستر المذكور.
أما من يتولى إدخال المرأة قبرها فهم محارمها من الرجال ثم النساء، قال ابن قدامة في المغني أيضاً: لا خلاف بين أهل العلم في أن أولى الناس بإدخال المرأة قبرها محرمها، وهو من كان يحل له النظر إليها في حياتها، ولها السفر معه، وقد روى الخلال بسنده عن عمر رضي الله عنه أنه قام على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت زينب بنت جحش فقال: ألا إني أرسلت إلى النسوة من يدخلها قبرها، فأرسلن من كان يحل له الدخول عليها في حياتها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(11/12422)
فضل تغسيل الميت وكتم عيوبه
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ كما هو معلوم لديكم أن من غسل مسلما وكتم عليه فالله تعالى يغفر له أربعين كبيرة فما معنى كبيرة وكذلك خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وأيضا إذا كفنه كساه الله من سندس وإستبرق والسؤال هو إذا كنت أنا أعمل مغسلا للموتى ومن طبيعة عملي أنني سأغسل في اليوم مرتين أو أكثر وكذلك أكفن فكيف يغفر لي أربعين مرة وكبيرة وأخرج من ذنوبي كيوم ولدتني أمي فهل من توضيح لهذا يا شيخ وأيضا لما أكفنه فسوف أكسى ـ إن شاء الله ـ فهل سيصبح ثوبا فوق ثوب أم ماذا وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
- ... فقد روى الإمام أحمد وابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من غسل ميتا فأدى فيه الأمانة ولم يفش عليه ما يكون منه عند ذلك، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. هذا الحديث ضعفه أهل العلم، قال شعيب الأرناؤوط: إسناده ضعيف لضعف جابر.. ويحيى الجزار لم يذكروا له سماعا من عائشة.
ويمكنك أن تراجع الفتوى رقم: 43687 في تخريج الأحاديث المتعلقة بالأربعين كبيرة، وبالكسوة بالسندس والإستبرق.
- ... ثم إن الكبيرة هي كل ذنب فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة، وراجع فيها الفتوى رقم: 4978.
- ... وأما ما سألت عنه من تكرار غفران الذنوب وكثرة الكسوة بثياب السندس والإستبرق، فتلك درجات في الثواب وتكريم وكمال في النعيم لا يعلم قدره إلا الله. قال تعالى: [فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] (السجدة:17) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(11/12423)
حكم إرسال الطلاب لمغاسل الموتى لأخذ العظة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ هل يجوز بدلا من إرسال طلاب الجامعة أو المدرسة إلى رحلات هابطة أن نرسلهم لأحد مغاسل الموتى للموعظة وبيان آلات الغسل لهم، وأيضاً ما حكم هذه الحالة عند وجود ميت فيجتمعون حوله لينظروا إليه، وهل يجوز الكلام عند الميت والرد على الهاتف أو الضحك سواء بالمقبرة أو عند غسل الميت؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمشرفين على تعليم الطلاب أو التلاميذ أن يحرصوا على توظيف أوقات هؤلاء المتعلمين، لأن ذلك من أداء الأمانة والقيام بالمسؤولية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
وبالتالي فلا ينبغي تضييع أوقات هؤلاء المتعلمين بالرحلات الفارغة التي لا تعود بالنفع عليهم.
وبالنسبة لإرسال الطلاب إلى مغاسل الموتى للموعظة والاطلاع على آلات الغسل فلا بأس به، ونظرهم إلى الميت مباح إذا كان هذا النظر مما يباح في حياته، فلا يجوز النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه في حال الحياة، قال البهوتي في دقائق أولي النهى: ولا بأس بتقبيله -أي الميت- والنظر إليه ممن يباح له ذلك في الحياة. انتهى.
ومع هذا فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه يستحب ستر الميت عن أعين الناظرين، قال الإمام النووي في المجموع: ويستحب أن يستر الميت من العيون لأنه قد يكون في بدنه عيب كان يكتمه. انتهى.
أما الكلام بغير ذكر الله تعالى أو الضحك ونحو ذلك بحضرة الميت أو في المقبرة فقد كرهه أهل العلم، وهو دليل على قسوة قلب صاحبه وعدم دخول الموعظة إلى قلبه، وراجع الفتوى رقم: 33231.
أما الرد على الهاتف في تلك الأحوال فإن كان لحاجة فلا بأس به لكن يقتصر فيه على قدر الحاجة فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(11/12424)
حكم تهيئة الكفن قبل الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[1- زميلة لي قد احضرت الكفن لها ولكن هل تقوم بخياطته ام لا يتم تخييط الكفن؟
2- فى مساجد السيدات يقومون بتوزيع المصحف كأجزاء على مجموعات بحيث إن كل مجموعة تكون مسئولة عن جزء وتقرؤه قراءة صامتة ثم بعد الانتهاء يقومون بالدعاء لختم القران فهل هذا يجوز؟
3- هل وضع الاموال في أي بنك حلال وفوائدها حلال\"أرجو إجابة قاطعة لأن هذا الموضوع محير جدا\".
4-يوجد قريبة لنا أحضرت جهازها وباقي لها ستائر وبعض الرفايع فهل يجوز إعطاء زكاة مال لها.
5-يوجد زميل معه أموال ولكنه يخاف أن يصرفها لأنه لا يعرف أن يجمعها مرة أخرى , , ويحتاج جهاز للقلب وأحضرناه له - فهل أموال هذا الجهاز تحسب لنا فى ميزان حسناتنتا أم تحسب ماذا؟
ارجو الرد للأهمية وشكرا جدا لتعبكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من هدي السلف الصالح إحضار المرء كفنه وتهيئته قبل موته، فذلك مما يؤمر به أهله بعد موته، والأفضل للمسلم أن لا يحيد عما كان عليه سلف الأمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(11/12425)
الوضوء من غسل الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[- هل غسل الميت ينقض الوضوء أم لا?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن الوضوء من غسل الميت فراجع الفتوى رقم: 38750
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/12426)
هل يجب نزع الأسنان الصناعية من الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[مات والدي رحمه الله ودفناه وأسنانه تركيبة ونسينا أن نخرجها فهل علينا ذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب نزع الأسنان الصناعية من الميت، سواء كانت من الذهب أو من غيره، بل لا ينبغي لأن منظرة يقبح بذلك. قال المرداوي في الإنصاف: قال في الفصول: وكذا لو رآه محتاجاً إلى ربط أسنانه بذهب، فأعطاه خيطاً من ذهب، أو أنفاً من ذهب، فأعطاه فربطه به ومات، لم يجب قلعه ورده لأن فيه مثلة. انتهى
وقال ابن قدامة في المغني: وإن جبر عظمه بعظم فجبر، ثم مات لم ينزع؛ إن كان طاهراً. انتهى
وراجع الفتوى رقم:
12511.
وبناءً على هذا فلا إثم عليكم، سواء كان ذلك قصداً أو نسياناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1423(11/12427)
العين الصناعية هل تنزع عن الميت؟
[السُّؤَالُ]
ـ[1-إذا توفي قريب لي وقد تم زرع عين صناعية له هل يدفن بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المقرر شرعاً أن حرمة المسلم وهو ميت كحرمته وهو حي، ومن ثم فلا يجوز التعدي على حرمته، وإذا كان للميت عين صناعية فلا تنزع عنه قبل دفنه، وإنما يدفن بها، لما يترتب على نزعها من تشويه منظره، وهو لم يصنعها أصلاً إلا لتفادي مثل هذا المنظر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1422(11/12428)
هل يقال في الصلاة على المرأة أبدلها زوجا خيرا من زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[عند صلاة الجنازة على المرأة هل نقول: أبدلها زوجا خيرا من زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمنصوص في مذهب المالكية والحنابلة في الدعاء للمرأة في الصلاة عليها، عدم قول أبدلها خيرا من زوجها، وعللوا بأن المرأة قد تكون زوجا في الآخرة لزوجها في الدنيا.
قال في التاج والإكليل شرح مختصر خليل: وإن كانت امرأة قلت: اللهم إنها أمتك ثم تتمادى بذكرها على التأنيث غير أنك لا تقول وأبدلها خيرا من زوجها لأنها قد تكون زوجا في الآخرة لزوجها في الدنيا، ونساء الجنة مقصورات على أزواجهن لا يبغين بهم بدلا، والرجل تكون له زوجات كثيرة في الجنة ولا يكون للمرأة أزواج. انتهى.
وقال في كشاف القناع عن متن الإقناع من الحنابلة: ولا يقول: أبدلها زوجا خيرا من زوجها في ظاهر كلامهم.
قاله في الفروع. انتهى.
وأما الشافعية فلا بأس عندهم أن يقال (أبدلها زوجا خيرا من زوجها) ، وذلك أن المراد بالإبدال في الأهل والزوجة إبدال الأوصاف لا الذوات، فيراد بإبدالها زوجا خيرا من زوجها أي في صفاته، بأن يكون خيرا من حيث صفاته وأخلاقه.
قال في نهاية المحتاج شرح المنهاج: قوله وزوجا خيرا من زوجه. قضيته أن يقال ذلك وإن كان الميت أنثى. انتهى.
والظاهر أن المراد بالإبدال في الأهل والزوجة إبدال الأوصاف لا الذوات قوله تعالى: ألْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ {الطور:21} .
ولخبر الطبراني وغيره: إن نساء أهل الجنة من نساء الدنيا أفضل من الحور العين، ثم رأيت شيخا قال: وقوله أبدله زوجا خيرا من زوجه. من لا زوجة له يصدق بتقديرها له أن لو كانت له، وكذا في الزوجة إذا قيل إنها لزوجها في الدنيا، يراد بإبدالها زوجا خيرا من زوجها ما يعم إبدال الذوات وإبدال الصفات. انتهى..إلى أن قال: قوله يراد بإبدالها: أي بإبدال الزوجة مطلقا لا الزوجة المذكورة.
وقوله: ما يعم إبدال الذات: أي كما إذا قلنا إنها ليست لزوجها في الدنيا، وقوله إبدال الصفات: أي كما إذا قلنا إنها لزوجها في الدنيا. قوله وإبدال الهيئة: أي الصفة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(11/12429)
اتجاه رأس الميت في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند صلاة الجنازة على الميت ما هو اتجاه رأس الميت بالنسبة للإمام أي تكون يمين أم شمال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب الشافعية إلى أن الإمام يقف عند رأس الميت الذكر ووسط المرأة، ويجعل رأس الذكر إلى جهة يساره ورأس المرأة إلى جهة يمينه قال البجيرمي رحمه الله تعالى: ويوضع رأس الذكر لجهة يسار الإمام ويكون غالبه لجهة يمينه خلافا لما عليه عمل الناس الآن، أما الأنثى والخنثى فيقف الإمام عند عجيزتهما ويكون رأسهما لجهة يمينه على عادة الناس الآن.
ولم يفرق المالكية بين الذكر والأنثى بل يجعل رأسهما عن يمين الإمام، كما في مختصر خليل وشروحه، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 15878.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(11/12430)
صلاة الجنازة على السقط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك صلاة جنازة على الطفلة الصغيرة (6شهور) كذلك كيف هو الغسل لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجنين إذا أتم في بطن أمه أربعة أشهر فما فوقها ثم نزل ميتا، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه. قال الإمام ابن قدامة في المغني: السقط: الولد تضعه المرأة ميتا، أو لغير تمام، فأما إن خرج حيا واستهل، فإنه يغسل ويصلى عليه بغير خلاف قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الطفل إذا عرفت حياته، واستهل صلي عليه. وإن لم يستهل، فقال أحمد: إذا أتى له أربعة أشهر غسل وصلي عليه. اهـ. ثم رجح رحمه الله هذا القول وذكر أدلته. ومعنى استهل: أي صرخ. وأصل الإهلال رفع الصوت. وكذا تسميته، وذبح العقيقة عنه، لما جاء في السنة من أن الروح تنفخ فيه بعد هذه المدة، وقد روى أحمد وأبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: والسقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة. وعند النسائي والترمذي وصححه بلفظ: الطفل يصلى عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1426(11/12431)
لماذا لم يصل الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة الجنازة على السيدة خديجة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لم يصل الرسول صلاة الجنازة على السيدة خديجة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يصل النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة يوم ماتت لأن صلاة الجنازة لم تكن قد شرعت حينئذ، قال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله في تحفة المحتاج: (تنبيه) هل شرعت صلا ة الجنازة بمكة أو لم تشرع إلا بالمدينة لم أر في ذلك تصريحاً، وظاهر حديث أنه صلى الله عليه وسلم صلى على قبر البراء بن معرور لما قدم المدينة – وكان مات قبل قدومه لها بشهر" كما قاله ابن إسحاق وغيره، وما في الإصابة عن الواقدي وأقره أن الصلاة على الجنازة لم تكن شرعت يوم موت خديجة – وموتها بعد النبوة بعشر سنين على الأصح – أنها لم تشرع بمكة بل بالمدينة) ونقل عن البرماوي قوله: وفرضت بالمدينة في السنة الأولى من الهجرة، ولم تفرض بمكة، ولذلك دفنت خديجة من غير صلاة وأول من صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم أسعد بن زرارة، وأول من صلى عليه في القبر البراء بن معرور وأول من صلي عليه غائباً النجاشي.)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(11/12432)
فرط في خير عظيم لا يقدر بثمن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الشخص الواقف قرب المسجد أثناء أداء صلاة الجنازة ولم يؤدها ما حكم الشرع فيها
أرجو الرد السريع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجنازة فرض كفاية عند جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة والمشهور عند المالكية، فإذا قام بها بعض المصلين سقط الوجوب عن الآخرين.
فإذا كان هذا الشخص ترك الصلاة على الجنازة وصلى عليها جماعة آخرون فلا إثم عليه، لكنه فاته خير عظيم لا يُقدَّر بثمن.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان، قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين.
فصلاة الجنازة واتباعها مطلوب ومقصود قصداً مؤكداً، وهو في حق الرحم والقريب والجار والصديق آكد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1425(11/12433)
حكم تكرار الصلاة على الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نصلي علي الميت أكثر من مرة؟
وهل يجوز أن يكون نفس المصلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجاز جمع من الفقهاء الصلاة على الميت الغائب عن البلد إلى مدة شهر من دفنه، أما إذا كان في نفس البلد فإن من لم يصل عليه جاز له أن يصلى على قبره. لما في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبر رطب فصلى عليه وصفوا خلفه وكبر أربعا. وفي الصحيحين أيضاً أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد فسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ماتت. قال: أفلا كنتم آذنتموني؟ قال: دلوني على قبرها فدلوه فصلى عليها.
ولا يشرع لمن صلى على الجنازة أن يصلي عليها مرة أخرى، قال صاحب بدائع الصنائع: والتنفل بصلاة الجنازة غير مشروع بدليل أن من صلى مرة لا يصلي ثانيا. أنتهى
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1425(11/12434)
حكم الصلاة على الجنين الذي لم تنفخ فيه الروح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصلى على الذي لم تنفخ فيه الروح ولكن له هيئة طفل بمعنى أنه مات قبل الأربعة شهور بكذا يوم فهل نصلي عليه ونسميه ووو أم لا بد أن تكون بعد الأربعة أشهر حيث بلوغ الروح ثم نسميه ونحو ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أتم الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يوماً (أربعة أشهر) ثم نزل ميتاً، فإنه تشرع الصلاة عليه وتسميته وذبح العقيقة عنه، وراجع الفتوى رقم: 709.
وأما إذا لم يتم أربعة أشهر فلا تشرع الصلاة عليه ولا تسميته لأنه لم تنفخ فيه الروح، وليس إلا مجرد قطعة من اللحم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(11/12435)
لم يصل النبي صلى الله عليه وسلم على كافر قط
[السُّؤَالُ]
ـ[من النصراني الذي صلى عليه الرسول؛ وأمر المرسلين بالصلاة عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على نصراني قط كيف وقد نهاه الله عن الصلاة على المنافقين الذين يظهرون الإسلام بقوله: ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره أفيصلي بعد ذلك على نصراني كافر ظاهراً وباطناً، ولعل السائل يقصد صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم على النجاشي لما بلغه وفاته، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم (الصحابة) إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربعاً.
ومعلوم أن النجاشي أسلم ومات مسلماً بأرض الحبشة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1424(11/12436)
لا تمنع صلاة الجنازة على من ماتت متبرجة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا ماتت متبرجة، هل نذهب لنصلي عليها الجنازة أم يصلي عليها أهلها فقط، ثم كيف نذهب وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بلعن المتبرجات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن عقيدة أهل السنة والجماعة، أنهم يصلون على من مات من الأبرار والفجار، والتبرج للمرأة فسق ومعصية، لا يخرجها من الإسلام إلا باستحلالها للتبرج، وعليه فإنه يصلى على من ماتت وكانت متبرجة في حياتها.
وأما لعن المتبرجة الوارد في قول النبي صلى الله عليه وسلم: يكون في آخر أمتي رجال يركبون على سرج كأشباه الرحال، ينزلون على أبواب المساجد، ونساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، العنوهن فإنهن ملعونات، لو كان وراءكم أمة من الأمم خدمتهن نساؤكم كما خدمكم نساء الأمم قبلكم. رواه ابن حبان والحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم، وحسنه الألباني.
فهذا اللعن لا يفيد تكفير المتبرجة، وإنما يدل على أن هذا التبرج كبيرة من الكبائر يوجب فسق المتبرجة كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1424(11/12437)
قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة مستحبة لا واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الجنازة بدون فاتحة الكتاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة مما اختلف فيه العلماء، فمذهب الشافعية أنها فرض في الجنازة لعموم الحديث: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.، ولحديث ابن عباس: أنه جهر بالفاتحة في صلاة الجنازة وقال لتعلموا أنها سنة.
ورجح الوجوب الإمام الشوكاني وقال إنه حق، وذهب الحنابلة إلى وجوبها في رواية عن أحمد وعنه رواية أخرى باستحبابها ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية أنها تستحب ولا تجب كما في الاختيارات.
بينما ذهب مالك وأبو حنيفة إلى عدم مشروعية قراءتها في الجنازة لأن المقصود من صلاة الجنازة الدعاء للميت، وعارضوا حديث ابن عباس بحديث ابن عمر وعبد الرحمن بن عوف قالا في صلاة الجنازة: ليس فيها قراءة شيء من القرآن.
والذي نختاره هو مشروعية قراءة الفاتحة لكن على سبيل الاستحباب لا على الوجوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1424(11/12438)
الأفضل أن يدعو للميت بالمأثور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز الدعاء للميت بعد التكبيرة الثالثة بما يجده المصلي خيراً للميت بسبب عدم حفظ الأدعية المستحبة قراءتها في هذا الموقف؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء في الصلاة على الميت واجب عند أهل العلم، ويطلب الإخلاص فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء. رواه أبو داود والبيهقي وابن حبان.
والأفضل أن يكون هذا الدعاء بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا به، فقد جاءت عدة صيغ صحيحة عنه، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه، وقه فتنة القبر وعذاب النار. رواه مسلم.
وإذا لم يكن المصلي على الميت يحفظ دعاء مأثوراً عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يدعو بصيغة يمكن أن يصدق عليها الدعاء، وهذا موجود في كتب أهل العلم، ففي كشاف القناع للبهوتي: ويدعو للميت في الثالثة سراً بأحسن ما يحضره ولا توقيت أي تحديد فيه أي الدعاء للميت، نص عليه ويسن الدعاء بالمأثور.
وقال النووي في المجموع: وبأي شيء دعا جاز، لأنه نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية مختلفة، فدل على أن الجميع جائز.
وبهذا أيضاً قال المالكية وغيرهم، ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 1999.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(11/12439)
الصلاة على الميت الحاسد كغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصلى على الحاسد صلاة الغائب؟ وإن كان فكيف تصلى عليه هل بعلمه؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحسد أمر مذموم وخلق مشئوم وقد ورد النهى عنه في الكتاب والسنة، وهو صفة ذمٍ نعاها الله على اليهود ضمن ما فيهم من الصفات الذميمة، قال تعالى (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) [البقرة: من الآية109] .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخواناً " متفق عليه، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ولا يجتمعان في قلب عبد الإيمان والحسد" رواه النسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ومعنى لا يجتمعان: أي لا ينبغي للمؤمن أن يحسد فإنه ليس من شأنه ذلك. ويحتمل أن المراد بالإيمان كماله.
والخلاصة أن الحاسد مسلم يجب على المسلمين أن يصلوا عليه كما يصلى على بقية المسلمين، أما الصلاة على الغائب فسبق بيان حكمها في الفتوى رقم: 3647 والفتوى رقم: 7920.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(11/12440)
حكم تغيير الضمير في الدعاء في الجنازة لذكورية الميت أو أنوثته
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة جنازة فهمنا من الإمام أن المتوفى ذكر، لكن الإمام قال عليها ثم كبر فاحترت هل أدعو لذكر أم أنثى، فأذكر أني دعوت للمتوفى بصيغة الذكر لأني شككت أن الإمام أنثها للجنازة وليس لنوع الميت. فهل إذا جهل المأموم كون الميت ذكرا أم أنثى يدعو بصيغة التذكير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيما إذا كان الميت أنثى هل يحول الضمير فيقال: اللهم اغفر لها وارحمها ونحو ذلك أو يقتصر على لفظ الحديث الوارد؟ فرجح الشوكاني رحمه الله أنه يقتصر على الألفاظ الواردة في الحديث.
قال رحمه الله: والظاهر أنه يدعو بهذه الألفاظ الواردة في هذه الأحاديث سواء كان الميت ذكرا أو أنثى ولا يحول الضمائر المذكورة إلى صيغة التأنيث إذا كان الميت أنثى لأن مرجعها الميت وهو يقال على الذكر والأنثى. انتهى.
ولعل الراجح إن شاء الله أنه يحول الضمائر فيدعو للأنثى بصيغة الضمير المؤنث، وإن ذكر الضمير جاز على تأويل الشخص أو الميت.
جاء في حاشية إعانة الطالبين: (قوله ويجوز تذكيرها) أي الضمائر في الأنثى (وقوله بإرادة الميت أو الشخص) يعني أنه إذا ذكر الضمير وكان الميت أنثى جاز ذلك بتأويلها بالشخص أو بالميت. انتهى.
وقد فصل الشيخ العثيمين القول في هذه المسألة وبين أنه إذا جهل كون الميت ذكرا أو أنثى فإنه يخير فإن شاء ذكر الضمير على تأويل الشخص وإن شاء أنثه على تأويل الجنازة، ونحن ننقل كلامه بطوله من الشرح الممتع للفائدة.
قال رحمه الله: وقوله: «اللهم اغفر له» الضمير للمفرد المذكر، فإذا كان الميت أنثى، فهل نقول: اللهم اغفر له، أو نقول: اللهم اغفر لها بالتأنيث؟ الجواب: بالتأنيث؛ لأن ضمير الأنثى يكون مؤنثاً، فنقول: اللهم اغفر لها وارحمها، وعافها، واعف عنها..... إلى آخر الدعاء. فإن قيل: الحديث ورد بالتذكير فكيف نؤنث الضمير إذا كان الميت أنثى؟ فالجواب: أن هذا الحديث ورد في الدعاء لميت ذكر، ولو أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: إذا صليتم على الميت فقولوا: اللهم اغفر له ... إلخ لتوجه عدم التأنيث، فنأخذ بالنص ونؤوله على ما يناسب الحال. وإن كان المقدم اثنين تقول: اللهم اغفر لهما ... وإن كانوا جماعة تقول: اللهم اغفر لهم. وإن كن جماعة إناث تقول: اللهم اغفر لهن. وإن كانوا من الذكور والإناث، فيغلب جانب الذكورية، فتقول: اللهم اغفر لهم، فالضمير يكون على حسب من يدعى له. ونظير هذا من بعض الوجوه حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ في دعاء الغمّ: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك. والمرأة تقول: اللهم إني أمتك بنت عبدك بنت أمتك.... . وإن كان الإنسان لا يدري هل المقدم ذكر أو أنثى، فهل يؤنِّث الضمير أو يذكِّرُه؟.الجواب: يجوز هذا وهذا، باعتبار القصد، فإن قلت: اللهم اغفر له، أي: لهذا الشخص، أو للميت، وإن قلت: اللهم اغفر لها، أي: لهذه الجنازة. انتهى.
وبه تعلم أن ما فعلته من الدعاء على الجنازة بصيغة ضمير المذكر حين جهلت كون الميت ذكرا أو أنثى فعل صحيح لا حرج عليك فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1430(11/12441)
يشترط لصحة صلاة الجنازة حضور الميت بين يدي المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا ميت توفي في المستشفى، وبقي أياما فيه، وعندما أحضره أهله من المستشفى فصلينا عليه ودفناه، ثم اكتشف أن الجثة التي دفنت هي لشخص آخر، وأن الجثة المقصودة لا تزال في المستشفى، فهل تعاد الصلاة عليه أم أنه يدفن مباشرة؟ وهل سأله الملكان وهو في المستشفى أو بعد دفنه بأسبوع من دفن الجثة المزيفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بد من إعادة صلاة الجنازة على هذا الميت؛ لأنكم لم تصلوا عليه صلاة مجزئة بالنسبة له، إذ لا بد في صحة صلاة الجنازة من حضور الميت بين يدي المصلين. قال في حاشية الروض ضمن سياق شروط صلاة الجنازة: وحضور الميت بين يديه، فلا تصح على جنازة محمولة، ولا من وراء جدار. وقال في الحاشية: وكذا يشترط تكفينه فلا تصح قبل أن يغسل أو ييمم لعدم.
فإن لم يكن الميت قد غسل وكفن فهذا موجب آخر لإعادة الصلاة على هذا الميت وعدم الاكتفاء بالصلاة الأولى.
وأما السؤال في القبر فالأصل أنه يكون بعد الدفن، كما دلت على ذلك الأحاديث، إذا كان الميت ممّن يدفن كما هو الغالب في الموتى. وانظر الفتوى رقم: 94331.
لكن الميت إذا تأخر دفنه تأخرا كثيرا كما هي حال هذا الميت فلم نقف على دليل في أمر سؤاله، ومثل هذا لا يمكن القول فيه بمجرد الرأي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(11/12442)
حكم الجهر بالتكبير في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في المغرب الناس يجهرون بالتكبير في صلاة الجنازة، فما حكم هذا الجهر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجهر بالتكبير في صلاة الجنازة مستحب بالنسبة للإمام، أما المأموم فلا يطالب بالجهر به، وليكبر بحيث يسمع نفسه، قال في نهاية المحتاج شرح المنهاج: واتفقوا على جهره بالتكبير والسلام: أي الإمام أو المبلغ لا غيرهما نظير ما مر في الصلاة كما هو ظاهر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(11/12443)
علة كون صلاة الجنازة لا ركوع فيها ولا سجود
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي إخواني في الله هو ما هي الحكمة الإلهية من أن الصلاة على الميت لا ركوع لها ولا سجود؟
سؤال آخر وهو ما هي الحالات التي لا يجوز رفع اليدين فيها في الدعاء حيث إنني سمعت من أحد العلماء أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه في الدعاء بعد الصلاة المكتوبة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في أمر العبادة كمال التعبد لله تعالى بالانقياد والتسليم والامتثال والاتباع، وربما تلمس العلماء بعض الحكم والتعاليل لكون بعض العبادات على صفة معينة أو عدد معين مع التأكيد على ذلك الأصل الآنف الذكر.
وبخصوص ما سألت عنه فقد قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الشرح الممتع بعد أن ذكر القول القائل بأنه لا استفتاح في صلاة الجنازة قال: وعللوا ذلك بأن هذه الصلاة مبنية على التخفيف، ولهذا ليس فيها ركوع ولا سجود ولا قراءة مطولة زائدة على الفاتحة، بل ولا قراءة مطلقا على قول بعض العلماء ولا تشهد. انتهى.
وللإجابة عن السؤال الثاني تراجع الفتوى رقم: 66831، والفتوى المحال عليها فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1428(11/12444)
علامات بلوغ الطفل وكيفية صلاة الجنازة عليه وحكم التلقين
[السُّؤَالُ]
ـ[إن الطفل معصوم غير مكلف ما لم يبلغ الحلم، فإذا مات قبل البلوغ فهو من أصحاب الجنة كما ورد في الحديث.
فسؤالي متى يكون الطفل بالغاً، فما هي كيفية صلاة الجنازة على الطفل المتوفى، وهل من الواجب الدعاء بالمغفرة على جنازة الطفل كصلاة جنازة الرجل البالغ أم هناك كيفية أخرى للصلاة والدعاء فيها، وهل يسن التثبيت بعد دفنه.
ومن العادات في بعض البلدان أن شخصاً يقف عند القبر بعد الدفن ثم يتلو \" التلقين\"، فهل هذا سنة أم بدعة. أرجو الجواب بالتفصيل مشفعاً بالأحاديث الصحيحة. فجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلامات بلوغ الطفل قد بيناها من قبل ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 10024.
وصلاة الجنازة على الطفل هي نفس الصلاة التي تفعل للبالغ، وقد بيناها من قبل فلك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 1999.
والدعاء على الطفل هو مثل الدعاء على البالغ، مع أن الطفل غير مخاطب، ولكن السنة وردت بذلك، فقد روى مالك في موطئه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة صبي فسمع من دعائه: اللهم قه عذاب القبر.
وتلقين الميت بعد دفنه لم يكن من عمل المسلمين المشهور بينهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، ولكنه أثر عن عدد من الصحابة، وقد اختلفت المذاهب فيه بين الاستحباب والكراهة والإباحة. ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 1978.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1426(11/12445)
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا إمام يصلي على الميت أو على الجنازة بصوت جهوري بالآيات القرآنية والأدعية الواردة.
سؤالي هل هذا جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقراءة في صلاة الجنازة يسن أن تكون سرا لا جهرا، ففي المهذب للشيرازي الشافعي: والسنة في قراءتها الإسرار، لما روي أن ابن عباس صلى بهم على جنازة فكبر ثم قرأ بأم القرآن فيجهر بها ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف قال: إنما جهرت بها لتعلموا أنها هكذا. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ويسر القراءة والدعاء في صلاة الجنازة لا نعلم بين أهل العلم فيه خلافا، ولا يقرأ بعد أم القرآن شيئا، وقد روي عن ابن عباس من أنه جهر بفاتحة الكتاب، قال أحمد: إنما جهر ليعلمهم. انتهى.
وعليه؛ فما فعله الإمام المذكور خلاف السنة الثابتة، إلا إذا كان قد فعل ذلك في حالات نادرة ليعلِّم الناس كما فعل ابن عباس، والصلاة صحيحة على كل حال، وراجع صفة صلاة الجنازة عند المذاهب الأربعة في الفتوى رقم: 56392.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(11/12446)
صفة صلاة الجنازة في المذاهب الأربعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن كيفية صلاة الجنازة على المذاهب الأربعة، كيف تؤدى وخاصة على مذهب الإمام مالك على الرغم من أنني أعرف الإجابة لكن بعض الناس يختلفون في هذا الأمر، هناك من يقول لا تصح إلا بقراءة الفاتحة في التكبيرة الأولى ووووو إلى آخره، وهناك من يقول لا تصح إلا بالدعاء، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجنازة لا تصح عند المالكية إلا بخمسة أمور وهي: النية- القيام فيها إلا لعذر- أربع تكبيرات- الدعاء بعد كل تكبيرة حتى بعد الرابعة عند الإمام اللخمي - التسليم مرة واحدة.
وعند الحنابلة أركانها ستة، قال المرداوي في الإنصاف: وأقل ما يجزئ في الصلاة ستة أركان: النية، والتكبيرات الأربع، والفاتحة بعد الأولى، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية، والدعاء للميت بعد الثالثة، والتسليمة مرة.
ووافقهم الشافعية في هذه الأركان؛ إلا أنهم زادوا ركنا سابعاً وهو القيام فيها بالرغم من وجود من يقول بوجوبه من الحنابلة.
وعند الحنفية أركانها أربعة، قال الزيلعي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وهي: صلاة الجنازة أربع تكبيرات بثناء بعد الأولى، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثانية، ودعاء بعد الثالثة، وتسليمتين بعد الرابعة. انتهى.
ويتبين من هذا أن قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى من صلاة الجنازة ركن عند الحنابلة والشافعية مستدلين بعموم حديث: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. متفق عليه، وما رواه البخاري في صحيحه أن ابن عباس قرأ بها في صلاة الجنازة.
ورجح شيخ الإسلام أنها مستحبة وليست بواجبة، كما في الفتوى رقم: 31420.
أما الدعاء فهو ركن أساسي في صلاة الجنازة عند المذاهب الأربعة كما ذكرنا، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 1999.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(11/12447)
حكم صلاة الجنازة مع وجود حائل بين الإمام والمأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إمام يصلي على جنازة خارج المسجد بينما المصلون ماكثون داخل المسجد، وعند إقامة الصلاة يكون المصلون على يسار الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على جواز الصلاة على الميت في المسجد ودليلهم ما رواه الإمام مسلم في صحيحه أن عائشة رضي الله عنها: أمرت أن يمر بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد فتصلي عليه، فأنكر الناس ذلك عليها، فقالت: ما أسرع ما نسي الناس ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد. قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: وفي هذا الحديث دليل للشافعي والأكثرين في جواز الصلاة على الميت في المسجد، وممن قال به أحمد وإسحاق. قال ابن عبد البر: رواه المدنيون في الموطأ عن مالك وبه قال ابن حبيب المالكي.
وقال ابن أبي ذئب وأبو حنيفة ومالك في المشهور عنه: لا تصح الصلاة عليه في المسجد بحديث في سنن أبي داود: من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له. ودليل الشافعي والجمهور حديث سهيل بن بيضاء. وأجابوا عن حديث سنن أبي داود بأجوبة: أحدها: أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به. قال أحمد بن حنبل: هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوأمة وهو ضعيف. انتهى، هذا عن حكم الصلاة على الميت في المسجد عموماً.
لكن إن كنت تقصد إن الإمام يصلي على جنازة وحده خارج المسجد والمصلون داخل المسجد بحيث يوجد حائل بينهم مع الجنازة فصلاة المأمومين باطلة عند الحنابلة في هذه الحالة صحيحة عند غيرهم، قال البهوتي: ولا تصح الصلاة على الجنازة من وراء حائل قبل الدفن كحائط ونحوه كنعش مغطى بخشب كما قدمه في الفروع وغيره.
وقال أيضاً: قال المجد وغيره قربها من الإمام مقصود كقرب المأموم من الإمام لأنه يسن الدنو منها. انتهى.
وإن كان المقصود كون الإمام والمأمومين داخل المسجد والجنازة خارجه مع وجود حائل بجدار ونحوه فلا تصح الصلاة عليها عند الحنابلة كما تقدم وتكره عند المالكية، قال الدردير في شرحه لمختصر خليل: وكره الصلاة عليه فيه أي المسجد والميت خارجه لئلا يكون وسيلة لإدخاله فيه، ففي إدخاله والصلاة عليه فيه مكروهان. انتهى.
ومن السنة توزيع المأمومين في صلاة الجنازة إلى ثلاثة صفوف، لأن ذلك من أسباب مغفرة ذنوب الميت كما في الفتوى رقم: 45913.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1425(11/12448)
الأولى أن تجعل الصفوف في صلاة الجنازة ثلاثة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ الآن كما هو معلوم أن السنة في صلاة الجنازة ثلاثة صفوف وهكذا طيب لو أن المسجد كبير وقد اكتمل من على اليمين وعلى الشمال صف واحد هل لنا اتباعا للسنة أن نأخذ من هذا الصف الطويل لنعمل ثلاث صفوف ولا بأس بأن نترك من على اليمين وعلى الشمال فراغ ووسع للمصلين وأيضا هل يجوز رفع اليدين للدعاء على الميت عند القبر لما ندعو له وهل تجوز جماعة والاتجاه نحو القبلة ومتى يحرم الدعاء عند القبر وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا بأس بأن تكون الصفوف عن يمينها فراغ وعن يسارها فراغ في حال صلاة الجنازة، إذا كان ذلك لأجل أن تجعل الصفوف ثلاثة، لما ورد من استحباب أن يصف المصلون على الجنازة ثلاثة صفوف.
فقد روى مالك بن هبيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مؤمن يموت فيصلى عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا ثلاثة صفوف إلا غفر له، فكان مالك بن هبيرة يتحرى إذا قل أهل الجنازة أن يجعلهم ثلاثة صفوف. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه، وقد حسنه الترمذي في سننه، فهو صالح للاحتجاج به، وإن كان قد ضعفه الألباني مرفوعا، وقال الإمام أحمد بن حنبل: أحب إذا كان فيهم قلة أن يجعلهم ثلاثة صفوف، قالوا فإن كان وراءه أربعة كيف يجعلهم قال: يجعلهم صفين، أما رفع اليد في الدعاء، فقد وردت أحاديث صريحة تثبته، ولا تعارض بينها وبين حديث أنس المتفق عليه: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء. كما صرح بذلك ابن حجر فمن الأحاديث الصحيحة الصريحة في أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في الدعاء في غير الاستسقاء حديث أبي موسى الأشعري الذي في الصحيحين وفيه: فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ ثم رفع يديه ثم قال: اللهم اغفر لعبيدك أبي عامر حتى رأيت بياض إبطيه وغيره من الأحاديث التي ذكرها الإمام ابن حجر في الفتح، والحاصل أن الدعاء للميت عند القبر وغيره مع رفع اليدين أمر جائز، فقد أخرج أبو داود عن عثمان بن عفان أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل. أما الدعاء والتأمين بشكل جماعي مع استقبال القبلة أو غيره بعد دفن الميت، فإنه بدعة محدثة، فلم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، أما متى يحرم الدعاء عند القبر، فإنه لا توجد حالة يحرم فيها الدعاء عند القبر إلا إذا كان الدعاء في غير محله، بأن طلب من الميت شيئا أو استغاث به أو نحو ذلك، أما أن تدعو للميت، فلا يحرم في أي وقت من الأوقات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(11/12449)
تارك الصلاة بين وجوب الصلاة عليه وعدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك من يتوفى وهو تارك للصلاة فيقوم أهله بغسله ثم الصلاة عليه، ويكون هناك جمع من الناس يصلون عليه وهم لا يعرفون أنه تارك للصلاة، هل يقع ذنب على هؤلاء الناس أم يقع الذنب على أهل المتوفى الذين قاموا بالصلاة عليه؟ وتحصل في مكة أو المدينة مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعلك تعلم أن أهل العلم اختلفوا في حكم تارك الصلاة تكاسلاً، فمذهب الجمهور (الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي) أنه لا يكفر كفراً مخرجاً من الملة، وعليه فهو من فسقة المسلمين تجوز الصلاة عليه والدعاء له....
وذهب جماعة من أهل العلم منهم الإمام أحمد وغيره إلى كفر تارك الصلاة كفراً مخرجاً من الملة لا تجوز الصلاة عليه ولا الدعاء له.
مع اتفاقهم جميعاً على أنه لو تركها جحوداً كان كافراً كفراً مخرجاً من الملة لا تجوز الصلاة عليه ولا الدعاء له.
قال الله تعالى: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة:84] ، وقال الله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113] .
وعلى القول بعدم كفر تارك الصلاة يجب تغسيله وتكفينه والصلاة عليه كغيره من المسلمين، ويصلي عليه غير أهل الفضل ردعا لغيره وزجراً.
وأما الجاحد فلا تجوز الصلاة عليه بحال من الأحوال، والإثم في ذلك على من يعلم، أما من لم يعلم ووضعت أمامه الجنازة وهو لا يعلم من حالها شيئاً فصلى عليها حسب ما يبدو من حالها أنها مسلمة، فلا إثم عليه لأن الله تعالى يقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الأحزاب:5] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(11/12450)
القراءة في صلاة الجنازة.. سرية أم جهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل تجوز صلاة الجنازة جهراً؟ وما الدليل على ذلك؟ أفيدوني....؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن يسر بالقراءة والدعاء في الصلاة على الجنازة، قال ابن قدامة في المغني: فصل: ويسر القراءة والدعاء في صلاة الجنازة لا نعلم بين أهل العلم فيه خلافاً، ولا يقرأ بعد أم القرآن شيئاً، وقد روي عن ابن عباس أنه جهر بفاتحة الكتاب، قال أحمد: إنما جهر ليعلمهم. انتهى.
ولكيفية صلاة الجنازة تراجع الفتوى رقم: 1999.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(11/12451)
تشتمل صلاة الجنازة على قيام وأربع تكبيرات
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بصلاة الجنازة وراء إمام فقال إن صلاة الجنازة 4 ركعات ولكن بدون ركوع ولا سجود. هل ذلك صحيح أم هل هي فقط ركعة واحدة مع أربع تكبيرات؟ ما هو الدليل جزاكم الله عنا خيرا والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجنازة تكبيرات معلومة بغير ركوع ولا سجود: ولا يصح أن يقال: هي ركعة واحدة مع أربع تكبيرات، بل هي صلاة مشتملة على قيام مع أربع تكبيرات وقد سبق بيان صفة صلاة الجنازة في الجواب رقم 1999 فراجعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1423(11/12452)
حكم رفع اليدين أثناء الدعاء في صلاة الجنازة وبعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ... ... ... ... ... ... ...
شيخنا الموقر حفظك الله أريد أن أطرح عليك سؤالاً: هل رفع اليدين أثناء الدعاء في الصلاة على الميت بعد دفنه مباشرة غير جائز؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فرفع اليدين بعد التكبيرة الثالثة حال الدعاء للميت أمر غير مشروع، وهو من المحدثات، وقد نص بعض أهل العلم على كراهة ذلك، ومنهم الشافعية.
وإن كان المقصود الدعاء للميت خارج الصلاة، فيستحب له رفع اليدين، لأن الأصل هو استحباب رفع اليدين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله حيي كريم سخي يستحي إذا رفع الرجل يديه إليه أن يردهما صفراً خائبتين" رواه أبو داود. وقال: حديث حسن.
وقد سرد الإمام النووي في المجموع أحاديث كثيرة في رفع اليدين.. وقال بعدها: وفي المسألة أحاديث كثيرة غير ما ذكرته، وفيما ذكرته كفاية، والمقصود أن يعلم أن من ادعى حصر المواضع التي وردت الأحاديث بالرفع فيها فهو غالطٌ غلطاً فاحشاً. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(11/12453)
لا تجوز الصلاة على منكر شريعة الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله كل خير أما بعد:
توفي رجل من قريتي وكان شيوعياً فاحتار الناس في جواز صلاة الجنازة عليه فمنهم من معارض ومؤيد
فإذا ولد شخص على الإسلام وكان معروف عنه أنه شيوعي فهل تجوز عليه صلاة الجنازة في حالة
1) انكاره لوجود الله
2) انكاره للإسلام ونبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع إيمانه بالله تعالى
3) إيمانه بالشيوعية كنظام إشتراكي إقتصادي مع إيمانه بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم والإسلام كدين الله، قد يبدو سؤالي سخيفا ولكن أريد إرجاع هذا الأمر لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لحل الخلافات؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أنكر وجود الله تعالى أو شك في ذلك، أو أنكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته أو شك فيها، فهو كافر بالله تعالى، قال تعالى عن الكفار: وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ [الجاثية:24] .
وثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار.
ومن أنكر التشريع الاقتصادي في الإسلام، وآمن بالتشريع الاشتراكي فهو كافر أيضا، لأنه إيمان ببعض الكتاب، وكفر ببعضه، وقد قال تعالى: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة:85] .
وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً [البقرة:208] .
فعلى هذا فلا تجوز الصلاة على من كان هذا حاله، لقوله سبحانه: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة:84] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(11/12454)
قول العلماء في حكم صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الجنازة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجنازة فرض على الكفاية عند جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة، واختلف فيها قول المالكية، والمشهور عندهم كمذهب الجمهور.
وفرض الكفاية كما قال عنه صاحب الموافقات: متوجه على الجميع، لكن إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين. ا. هـ
ولمعرفة كيفية صلاة الجنازة راجع الفتوى رقم: 11702، والفتوى رقم: 1999.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1423(11/12455)
الحكمة من اختلاف وقوف الإمام حيال الرجل والمرأة في الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو:
في الصلاة على الميت يقف الإمام عند رأس الرجل أما في الصلاة على امرأة ميتة فيقف الإمام عندما يقارب منتصف المرأة أو عند السرة ما الحكمة في ذلك؟ هذا السؤال يحيرني كما أنني سئلت من إحدى الأخوات ولكن لم أعرف الجواب.
أرجو أن أجد الإجابة الشافية عندكم.
وجعل الله ذلك في موازين حسناتكم يوم القيامة
وجمعني الله وإياكم إخواني في الفردوس الأعلى من الجنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال " صليت وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها ".
وروى ابن ماجه عن أبي غالب، قال "رأيت أنس بن مالك صلّى على جنازة رجل فقام حيال رأسه، فجيء بجنازة أخرى بامرأة، فقالوا: يا أبا حمزة صلّ عليها فقام حيال وسط السرير، فقال العلاء بن زياد: يا أبا حمزة: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام من الجنازة مقامك من الرجل، وقام من المرأة مقامك من المرأة؟ قال: نعم، فأقبل علينا، فقال: احفظوا" ورواه الترمذي في سننه، وقال: حديث أنس هذا حديث حسن.
وقد علل العلماء وقوف النبي - صلى الله عليه وسلم - حيال وسط المرأة بأنه موضع العجز منها، فيكون الوقوف عنده أستر لها، وليس ذلك موجوداً في الرجل، وذهب الأحناف إلى أنه يقوم عند صدر الرجل والمرأة، وعللوا ذلك بأن الصدر موضع القلب وفيه نور الإيمان، فيكون القيام عنده إشارة لإيمانه، وأجابوا عن حديث أنس، بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قام عند عجيزتها، لأنها لم تكن منعوشة أي مغطاة - فحال بينها وبينهم. وذهب المالكية إلى أنه يقوم عند وسط الرجل ومنكب المرأة، والأول هو قول الجمهور، وهو أولى بالاتباع، لأن الحديث الصحيح قد دل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(11/12456)
حكم صلاة النساء على الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة الصلاة على الميت في الحرم المكي أو المدينة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة صلاة الجنازة، سواء في الحرم المكي أو المدني أو في أي مكان، إلا أنه يكره لها تشييع الجنازة؛ ولو للصلاة عليها، وانظر الفتوى رقم: 8104
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1422(11/12457)
إذا زاد الإمام على أربع تكبيرات في صلاة الجنازة فإنه يتبع
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كبر الإمام خمس تكبيرات في صلاة الجنازة مكان أربع تكبيرات فما حكمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كون تكبير صلاة الجنازة أربعاً هو قول أكثر أهل العلم من الصحابة، فمن بعدهم، وإليه ذهب الثوري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي، وهو آخر ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم.
روى ابن عبد البر في الاستذكار من طريق أبي بكر بن سليمان قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر على الجنائز أربعاً وخمساً وسبعاً وثمانياً، حتى جاءه موت النجاشي، فخرج إلى المصلى وصف الناس وراءه، وكبر عليه أربعاً، ثم ثبت النبي صلى الله عليه وسلم على أربع حتى توفاه الله.
ويرى بعض أهل العلم أن التكبير خمس، وعلى كلٍ: فإن الإمام إذا زاد في التكبير على أربع، فإنه خالف الجمهور، ولكنه يتبع، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" رواه أبو داود، وقد قال الإمام أحمد وإسحاق إذا كبر الإمام خمساً، فإنه يتبع، على أن المالكية قالوا: إذا زاد الإمام في صلاة الجنازة على أربع تكبيرات يسلم المأمومون وراءه ولا يتبعونه، ولكن القول الأول هو الراجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1422(11/12458)
هل تشرع صلاة الجنازة للنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة الصلاة على الجنازة؟ وهل هذا مذكور في القرآن؟ ماذا أفعل في هذا الموضوع عندما نكون في الحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم نصاً من القرآن يدل على صلاة الجنازة، سواء للرجال أو للنساء، وإنما ثبت ذلك بالسنة النبوية، ويجوز للمرأة الصلاة على الجنازة، لأنها مخاطبة بأحكام الشريعة كالرجل، إلا ما جاء الدليل فيه بتخصيص أحدهما بحكم معين، ولا يوجد دليل شرعي يمنع المرأة من الصلاة على الجنازة، وهذا باتفاق الأئمة.
هذا إذا كانت الصلاة في المسجد أو البيت ونحو ذلك، أما أن تُشيِّع المرأة الجنازة ولو للصلاة عليها، فإن ذلك منهي عنه، فقد أخرج البخاري ومسلم عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: نهينا عن أن نتبع الجنائز ولم يعزم علينا.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أي ولم يؤكد علينا في المنع كما أكد علينا في غيره من المنهيات، فكأنها قالت: كره لنا اتباع الجنائز من غير تحريم، وقال القرطبي ظاهر سياق أم عطية أن النهي نهي تنزيه، وبه قال جمهور أهل العلم، ومال مالك إلى الجواز، وهو قول أهل المدينة، ويدل على الجواز ما رواه ابن أبي شيبة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جنازة فرأى عمر امرأة، فصاح بها، فقال: "دعها يا عمر ... الحديث" وأخرجه ابن ماجه والنسائي من هذا الوجه، ومن طريق أخرى ... عن أبي هريرة، ورجاله ثقات. انتهى.
فينبغي للمرأة أن لا تخرج لتشييع الجنائز، ولو أداها ذلك إلى ترك صلاة الجنازة، فقد أمرها النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة المكتوبات في بيتها، وأخبرها أنها أفضل من صلاتها معه في المسجد، وإذا كان هذا في المكتوبة، فهو في غيرها أحرى.
أخرج أحمد عن أم حميد رضي الله عنها أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك. قال: "قد علمت أنك تحُبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي" وروى بعض الحديث ابن المنذر في الأوسط، وقال بعده: فإذا كان هذا سبيلها في الصلاة، وقد أمرن بالستر، فالقعود عن الجنائز أولى بهن وأستر. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1422(11/12459)
صفة صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تصلى صلاة الجنازة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد:
كيفية الصلاة على الجنازة هي: أن يكبر المصلي التكبيرة الأولى ويستفتح ويقرأ الفاتحة، ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الإبراهيمية التي نقرؤها في الصلاة، ثم يكبر الثالثة ويجتهد في الدعاء للميت بالمغفرة ورفع الدرجات وأن يبدله الله خيراً من أهله وأن يخلفه في أهله بخير، ثم يكبر الرابعة ويدعو لجميع المسلمين أحياء وأمواتاً. وأفضل الدعاء ما ثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكان دعاؤه قوله: "اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله داراً خيرا من داره وأهلا خير من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وقه فتنة القبر وعذاب النار". وما ثبت في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى على جنازة قال: "اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان". وما ثبت في الموطأ أن أبا هريرة كان يقول إذا صلى على جنازة: "اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده". ثم يكبر الرابعة وإن شاء دعا أيضا ثم يسلم. فهذه الكيفية من أحسن كيفياتها ـ إن شاء الله تعالى ـ وهو سبحانه وتعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12460)
مذاهب العلماء في الأحق بالصلاة على الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت أمي ولا أذكر إن كانت أوصت بأن أصلي عليها الجنازة إماما أم لا، ولما طلبت من الإمام أن أصلي عليها قال بأن السنة أن يصلي إمام المسجد على الجنازة، وذكر قصة جنازة الإمام الحسن رضي الله عنه وأن الحسين رضي الله عنه ترك الإمام يصلي عليه وقال إنها سنة النبي عليه الصلاة والسلام فصلى هو عليها.
فمن له الحق في الصلاة عليها أنا ابنها ووليها وأشفق الناس عليها أم الإمام؟
وهل يختلف الحكم إن كانت أوصت بأن أصلي أنا عليها، فعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أوصت بأبي هريرة رضي الله عنه أن يصلي عليها، وكثير من الصحابة أوصوا لبعضهم البعض أن يصلوا عليهم، ولم يكن إمام المسجد أو إمام المسلمين أو خليفتهم أو من ينوب عنه يصلي على الجنازة؟
فما الحكم في هذه المسألة؟ وما هي أقوال أهل العلم؟ وما هو قول ابن تيمية فيها إن وجد له فتوى في المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخلاف في هذه المسألة طويل الذيل وكلام أهل العلم فيه كثير، وذلك أن من السنة أن يقدم السلطان في الإمامة لما ثبت في الصحيحين من حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو مرفوعا: لا يؤمن الرجل الرجلَ في سلطانه. وفي رواية: ولا تؤمن الرجل في أهله ولا في سلطانه ولا تجلس على تكرمته في بيته إلا أن يأذن لك. رواه مسلم. وعند أبي داود بلفظ: لا يؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه. وفي رواية: ولا يؤم الرجل في سلطانه. رواه الحاكم والبيهقي والترمذي وصححها البغوي والألباني.
وانطلاقا من هذه الروايات الحديثية اختلف أهل العلم هل تشمل السلطة كل إمام، أم أنه لا بد أن تكون له سلطة إمارة أو قضاء؟ واختلفوا هل يشمل عمومها صلاة الجنازة؟ أم أن الجنازة لها ولاية خاصة؟ مثل ولاية النكاح حيث يقدم فيها الأقربون على السلطان.
فيرى الحنفية أنه يقدم الخليفة ثم نائبه ثم إمام الحي إن كان أفضل من الولي. ويرى المالكية أنه يقدم الخليفة ثم نائبه الذي جمع بين الولاية والصلاة والخطبة، ولا يقدم الإمام الذي لا يقوم بغير الصلاة. وللشافعية قولان أصحهما تقديم الولي. وللحنابلة قولان أصحهما تقديم السلطان على الولي، وظاهر كلام الطحاوي وابن قدامة والشوكاني وابن عثيمين ترجيح تقديم الإمام إن صلي على الجنازة في المسجد. وإن كانت الأم أوصت فيقدم الوصي على السلطان عند المالكية والحنابلة. قال الشوكاني في السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار: وحديث: لا يؤمن الرجل في سلطانه. يتناول بعمومه كل صلاة جماعة من الصلوات الخمس وغيرها، وقد اقتدى بهذه السنة الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما وقدم سعيد بن العاص يصلي على أخيه الحسن بن علي رضي الله عنه، وقال: لولا أنها سنة ما قدمتك. كما أخرجه البزار والطبراني والبيهقي وهو المنقول في كتب السير والتاريخ. اهـ
وقال شيخ الإسلام في المنهاج: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتقدم على الإمام ذي السلطان وإن كان المأموم أفضل منه، ولهذا قال العلماء: إن الإمام الراتب لا يقدم عليه من هو أفضل منه، وكانت السنة أولا أن الأمير هو الذي يصلي بالناس، وتنازع الفقهاء فيما إذا اجتمع صاحب البيت والمتولي أيهما يقدم على قولين، كما تنازعوا في صلاة الجنازة هل يقدم الوالي أو الولي وأكثرهم قدم الوالي، ولهذا لما مات الحسن بن علي قدم أخوه الحسين بن علي أمير المدينة للصلاة عليه وقال لولا أنها السنة لما قدمتك، والحسين أفضل من ذلك الأمير الذي أمره أن يصلي على أخيه، لكن لما كان هو الأمير وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه قدمه لذلك. اهـ
وقال الزحيلي في كتابه الفِقْه الإسلاميّ وأدلَّته: من الأولى بالصلاة على الجنازة؟ للفقهاء آراء ثلاثة:
الرأي الأول ـ للحنفية: السلطان إن حضر أو نائبه أحق بالصلاة على الميت بسبب السلطنة، ولأن في التقدم عليه ازدراء به، فإن لم يحضر فالقاضي؛ لأنه صاحب ولاية، فإن لم يحضر فيقدم إمام الحي؛ لأنه رضيه في حياته، فكان أولى بالصلاة عليه في مماته، ثم يقدم الولي الذكر ...
الرأي الثاني ـ للمالكية والحنابلة: أحق الناس بالصلاة على الميت: من أوصى الميت أن يصلي عليه، عملاً بفعل الصحابة، فقد أوصى أبو بكر أن يصلي عليه عمر، وعمر أوصى أن يصلي عليه صهيب، وعائشة أوصت أن يصلي عليها أبو هريرة، وأم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد ... إلخ، ثم الوالي أو الأمير، للحديث السابق: «لا يؤم الرجل الرجل في سلطانه» ، ثم الأولياء العصبات....
الرأي الثالث ـ للشافعية في الجديد: أن الولي أولى بالإمامة من الوالي، وإن أوصى الميت لغير الولي، لأن الصلاة حقه، فلا تنفذ وصيته بإسقاطها كالإرث، لأن المقصود من الصلاة على الجنازة هو الدعاء للميت، ودعاء القريب أقرب إلى الإجابة لتألمه وانكسار قلبه. وأما وصايا الصحابة بالصلاة عليهم، فمحمولة على أن أولياءهم أجازوا الوصية. .... اهـ
وفي مشكل الآثار ل لطحاوي: باب ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يقضي بين المختلفين في الإمامة في الصلوات على الجنائز هل يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ولا يؤم أمير في إمارته» أم لا؟ قال أبو جعفر: روينا في الباب الذي قبل هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤم أمير في إمارته» ، فكان أبو حنيفة وأصحابه يدخلون الإمامة في الصلوات على الجنائز في ذلك، وكان الشافعي لا يدخلها فيه فنظرنا هل روي في شيء عمن تقدمهم، فوافق أحد هذين القولين أم لا؟ فوجدنا أبا أمية قد حدثنا قال: حدثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الجحاف، قال أبو جعفر: وهو داود بن أبي عوف، عن إسماعيل بن رجاء، قال: أخبرني من شهد الحسين بن علي حين مات الحسن عليهما السلام قال لسعيد بن العاص: «تقدم، فلولا أنها سنة ما تقدمت» ووجدنا إبراهيم بن محمد بن يونس البصري، قد حدثنا، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا سفيان، عن سالم بن أبي حفصة، عن أبي حازم، قال: إني لشاهد يوم مات الحسن بن علي، فرأيت حسينا يقول لسعيد بن العاص وهو يطعن في عنقه: «تقدم، لولا أنها سنة ما تقدمت» قال: فكان بينهما شيء، فقال أبو هريرة: تنفسون على ابن نبيكم تربة تدفنونه فيها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني» قال أبو جعفر: فكان في هذا الحديث ما قد دل على دخول الصلوات على الجنائز في ذلك، فكان القياس عندنا يوجب هذا القول، وكان الشافعي مما يحتج به، لقوله الذي ذكرناه عنه في ذلك: أن هذا من الفروض الخاصة وكان مخالفوه في ذلك يقولون: إنها من الفروض العامة التي تسقط عن العامة بقيام الخاصة منهم بها؛ لأن على المسلمين الصلوات على جنائزهم كما عليهم غسلهم، وكما عليهم مواراتهم في قبورهم، وكان من قام بذلك منهم، سقط به الفرض عن بقيتهم، وكانت الجماعات للصلوات الخمس في المساجد واجبة على المسلمين إلا أن من قام بذلك منهم سقط به الفرض عن بقيتهم، وكانت الجماعة في الصلوات الخمس لو حضرها الأمير، كانت الإمامة فيها إليه دون غيره من الناس، فمثل ذلك في القياس الجماعة في الصلوات على الجنائز إذا حضرها الأمير كانت الإمامة فيها إليه دون غيره من الناس، والله عز وجل نسأله التوفيق. اهـ
وفي مختصر اختلاف العلماء للطحاوي فيمن أحق بالصلاة على الميت: قال أبو حنيفة: إمام الحي أحق بالصلاة على الميت ثم الأب، وقال أبو يوسف: الصلاة على الميت إلى وليه ... وقال مالك: والي المصر أو صاحب الشرطة إذا كانت الصلاة إليه أحق بالصلاة على الميت من وليه والقاضي إذا كان هو الذي يلي الصلاة ... وقال الأوزاعي: الوالي أحق بالصلاة على الميت من وليه، وكان الحسن يعجبه تقديم الإمام على الميت ويقول هو من السنة، وقال عبيد الله بن الحسن: الإمام أحق بالصلاة عليه من الولي، وقال الشافعي: الولي أحق من الوالي والولاية للعصبة روى الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج قال: سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يؤم الرجل في سلطانه. ورواه شعبة عن إسماعيل بن رجاء بإسناده وقال: لا يؤم أمير في إمارته. قال أبو جعفر: وأما ما حكيناه عن أبي حنيفة أن إمام الحي أحق فإنه إذا لم يحضر الصلاة عليهم والي مصرهم، فإذا حضر الوالي فالصلاة إليه في قوله وفي قول سائر أصحابه. وكان ابن أبي عمران يقول: إنما جعل الصلاة إلى أئمة الحي في ذلك الوقت لأنهم كانوا لا يقدمون حينئذ للصلاة بهم في المسجد إلا من لا يصلح لغيره منهم أو يتقدمه لما هو عليه من الفضل، وقد زال الآن ذلك فلا اعتبار بأئمة الحي فيه. اهـ
وقال ابن قدامة في المغني: أكثر أهل العلم يرون تقديم الأمير على الأقارب في الصلاة على الميت وقال الشافعي في أحد قوليه: يقدم الولي , قياسا على تقديمه في النكاح , بجامع اعتبار ترتيب العصبات , وهو خلاف قول النبي صلى الله عليه وسلم {لا يؤم الرجل في سلطانه} . وحكى أبو حازم قال: شهدت حسينا حين مات الحسن , وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص , ويقول: تقدم , لولا السنة ما قدمتك وسعيد أمير المدينة وهذا يقتضي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وروى الإمام أحمد بإسناده عن عمار مولى بني هاشم قال: شهدت جنازة أم كلثوم بنت علي , وزيد بن عمر فصلى عليها سعيد بن العاص وكان أمير المدينة وخلفه يومئذ ثمانون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فيهم ابن عمر , والحسن والحسين وسمى في موضع آخر زيد بن ثابت , وأبا هريرة. وقال علي رضي الله عنه: الإمام أحق من صلى على الجنازة وعن ابن مسعود نحو ذلك. وهذا اشتهر فلم ينكر , فكان إجماعا , ولأنها صلاة شرعت فيها الجماعة , فكان الإمام أحق بالإمامة فيها كسائر الصلوات وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنائز , مع حضور أقاربها , والخلفاء بعده ولم ينقل إلينا أنهم استأذنوا أولياء الميت في التقدم عليها. فصل: والأمير هاهنا الإمام , فإن لم يكن فالأمير من قبله , فإن لم يكن فالنائب من قبله في الإمامة , فإن الحسين قدم سعيد بن العاص , وإنما كان أميرا من قبل معاوية، فإن لم يكن فالحاكم. اهـ
وفي مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين أنه سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى: من أولى الناس بالصلاة على الميت الإمام أو الولي؟ فأجاب فضيلته: إن صُلِّي عليه في المسجد فالإمام أولى (أعني إمام المسجد) لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَؤُمنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه"، وإمام المسجد سلطان في مسجده، وإن صلِّي عليه في مكان غير المسجد فأولى الناس به وصيّه، فإن لم يكن له وصي فأقرب الناس إليه، وإن صلى أحد الحاضرين فلا بأس. اهـ
وقال العز بن عبد السلام: وأما غسل الموتى وتكفينهم وحملهم ودفنهم فيقدم فيه الأقارب لأن حنوهم على ميتهم يحملهم على أكمل القيام بمقاصد هذه الواجبات وكذلك يقدم الآباء على الأولاد , لأن حنو الآباء أكمل من حنو الأولاد. وكذلك يقدم القريب في الصلاة على الأموات على جميع أهل الولايات؛ لأن من الصلاة الشفاعة للميت , والقريب لفرط شفقته وشدة حزنه عليه يبالغ في الدعاء له ما لا يفعله الأجانب. اهـ
وقال النووي في المجموع: إذا اجتمع الولي المناسب والوالي فقولان مشهوران: (القديم) : أن الوالي أولى , ثم إمام المسجد ثم الولي (والجديد) : الصحيح أن الولي مقدم على الوالي وإمام المسجد , وممن صرح بتقديم إمام المسجد على الولي تفريعا على القديم صاحب التهذيب والرافعي , واحتجوا للقديم بحديث {لا يؤم الرجل في سلطانه} وللجديد بأنها ولاية تترتب فيها العصبات , فقدم الولي على الوالي كالنكاح , وحملوا الحديث على غير صلاة الجنازة , وممن قال بتقديم الوالي علقمة والأسود والحسن البصري وسويد بن غفلة ومالك وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق قال ابن المنذر: هو قول أكثر أهل العلم , قال: وبه أقول , قال: وروي عن علي ولا يثبت عنه , وممن قال بتقديم الولي الضحاك وأبو يوسف. اهـ
وقال الباجي في شرح الموطأ: فإن اجتمع هؤلاء ثلاثتهم في جنازة فأحقهم بالصلاة عليه الوالي وبه قال أبو حنيفة والشافعي والدليل على ذلك ما روي عن أبي حازم قال شهدت حسينا حين مات الحسن وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص وهو يقول تقدم فلولا السنة ما قدمناك وسعيد أمير المدينة يومئذ، ودليلنا من جهة القياس أن هذه صلاة سن لها الجماعة فكان الوالي أحق بإمامتها كصلاة الجمعة والعيدين.
(مسألة) : ومن الوالي الذي يستحق الصلاة على الجنازة ويكون أولى بها من الولي روى علي بن زياد عن مالك أن ذلك من إليه الصلاة من وال أو قاض أو صاحب شرطة وبه قال ابن القاسم , وقال مطرف وابن الماجشون وأصبغ: إنما ذلك إلى الأمير الذي تؤدى إليه الطاعة خاصة دون سائر الأئمة والحكام , وقال ابن وهب: إن ذلك للقاضي وروي عن ابن القاسم أن ذلك لمن كانت إليه الصلاة.... اهـ
وقال المواق في شرح مختصر خليل: (والأولى بالصلاة وصي رجي خيره ثم الخليفة) قال في الذخيرة ما نصه: (قاعدة) ضبط المصالح العامة واجب ولا تنضبط إلا بعظمة الأئمة في نفوس الرعية ومهما أهينوا تعذرت المصلحة , فلذلك لا يتقدم في صلاة الجنازة ولا في غيرها لأن ذلك يخل بأئمتهم. وروى ابن غانم: وصي الميت بالصلاة عليه أحق من الولي. وروى سحنون: إن كان لعداوة بينه وبين وليه فالولي أحق. سحنون: والوصي أحق من الخليفة والخليفة أحق من الولي. (لا فرعه إلا مع الخطبة) ابن رشد: لا يكون أحق بالصلاة على ميتهم إلا الأمير أو قاضيه أو صاحب شرطته أو مؤمره على الجند إذا كانت الخطبة والصلاة إلى كل واحد منهم , فإن انفرد بالخطبة والصلاة دون أن يكون إليه حكم بقضاء أو شرطة أو إمارة على الجند وانفرد بالحكم بالقضاء أو الشرطة أو الإمارة على الجند دون أن تكون إليه الخطبة والصلاة , لم يكن له في الصلاة على الجنازة حق وكل من كان إليه منهم الحكم بوجه من الوجوه والصلاة فوكيله عليهما جميعا بمنزلته في أنه أحق من الأولياء بالصلاة على الجنازة. وأما إن كان وكيله على الحكم دون الصلاة أو على الصلاة والخطبة دون الحكم فلا حق له في الصلاة على الجنازة. وهذا مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة. وعن ابن القاسم أن ذلك لمن كانت إليه الخطبة والصلاة يريد وإن لم يكن إليه الحكم. اهـ
وقال الحطاب في شرح مختصر خليل: ولا اختلاف في أنه لا حق في الصلاة على الجنائز لمن انفرد بالصلاة دون الخطبة والقضاء , أو بالحكم دون القضاء والخطبة والصلاة , فهذا تحصيل هذه المسألة انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(11/12461)
جبر النقص في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[في الصلاة شرع سجود السهو للخطإ والشك وغير ذلك، فيبني على الأقل ويسجد للسهو، أو إذا زاد سجد للسهو أو إذا نقص يكمل ويسجد للسهو، فهل يوجد سجود للسهو في الطواف وصلاة الجنازة؟ أم ماذا يحل مكانه؟ فمثلا في الطواف يبني على الأقل ثم ماذا يحل محل سجود السهو؟ وما هوالمقابل لسجود السهو في الطواف وصلاة الجنازة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا: أن مقتضى العبودية لله عز وجل التسليم لأحكامه والخضوع لأوامره وإن لم تظهر لنا الحكمة، وقد شرع لنا سجود السهو في الصلاة جبرا لها فنسمع ونطيع، ولم يشرع في الطواف ولا في صلاة الجنازة، وإنما يجبر نقص صلاة الجنازة والطواف إذا شك بالبناء على الأقل وهو المتيقن ويأتي بالمشكوك فيه، وهذا جبر نقص تلك العبادة فلا تحتاج إلى سجود السهو، وقد علل الفقهاء عدم مشروعية سجود السهو في صلاة الجنازة بأنه لا سجود في صلبها.
قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: سوى صلاة جنازة فلا سجود لسهو فيها، لأنه لا سجود في صلبها ففي جبرها أولى.
وهذه العلة المذكورة تشمل الطواف، فإنه وإن كان صلاة، كما ورد في الحديث: الطواف بالبيت صلاة. واختلف في رفعه ووقفه على ابن عباس، فهذا باعتبار ما يشترط له من الطهارة وسترالعورة ونحو ذلك، ولكنه لا سجود في صلبه ففي جبره أولى، وقد بينا ما يفعله من شك في الطواف وأنه يبني على الأقل وذلك في الفتوى رقم 14305، وتراجع للفائدة الفتوى رقم: 127248.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1430(11/12462)
حكم الصلاة على السكران
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصلى على السكران عند موته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن مات وهو سكران فقد مات على ذنب عظيم، ولكنه لا يزال مسلما، فتجري عليه أحكام الإسلام الظاهرة من تغسيل وصلاة ودفن في مقابر المسلمين، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 60145.
هذا بالنسبة لعموم المسلمين، أما أهل الفضل ومن يُقتدى بهم ويُنظر لفعالهم، فلهم أن يمتنعوا عن الصلاة عليه وعن شهود جنازته، إن كان في ذلك زجر وردع لأمثاله عن هذه المعاصي والمنكرات، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 30686.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(11/12463)
يصلى على ما يبقى من أجزاء الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل عربي مجهول الحال أي أنه لا يُعْلَمُ هل أنه كان يصلي أم لا. وكان هذا الرجل متزوجا من كافرة وأبناؤه منها كلهم كفار. بعد موته أحرقوا جثته وجمعوا الرماد في سطل صغير أتي به وصلي عليه الجنازة.
ما هو حكم الصلاة على مجهول الحال؟ وهل يجوز الصلاة على الرماد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الصلاة على من لا يُعلم حاله ممن ثبت له حكم الإسلام، وأنها واجبة، وذلك في الفتوى رقم: 17654.
وكون هذا الرجل كان متزوجاً بكافرة، فإن كانت هذه الكافرة كتابية فزواجه بها جائز، وإن لم تكن كتابيه فزواجه بها محرم، فإن استحله كان كافرا بعد إقامة الحُجة عليه، فإن الله تعالى يقول: وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ {الممتحنة:10} .
وإذا حصل الشك فالأصل بقاءُ حكم الإسلام، فإن من ثبت له الإسلامُ بيقين فإنه لا يزول إلا بيقين، وإذا كان هذا الرجل قد أحرقت جثته، فإنه يُصلى على ما بقيَ منه من رماد، وقد سُئلت اللجنة الدائمة سؤالاً متعلقاً بمن يموتون في حوادث سير وأحياناً يشب حريق بالسيارة فتحترق الأجساد فأجابت: يصلى عليهم جميعاً بعد تغسيل ما يتيسر تغسيله منهم وتكفينه، فإن لم يتيسر التغسيل يمموا، وإذا لم يبق منهم إلا أجزاء فيصلى على ما بقي من أجزائهم، وكذا المحترق يصلى عليه أيضا. انتهى. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 70437.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(11/12464)
المجنون يعامل في أحكام الجنازة معاملة غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الجنازة على المجنون: المختل عقلياً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمجنون المحكوم بإسلامه كغيره في أحكام الجنازة من وجوب غسله وتكفينه، والصلاة عليه، لعموم الأدلة القاضية بوجوب صلاة الجنازة على من مات من المسلمين، وقد فصلنا القول في هذه المسألة، ورجحنا القول بأن المجنون يُعامل في أحكام الجنازة من غسل، وتكفين، وصلاة عليه، معاملة غيره في الفتوى رقم: 35710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(11/12465)
الصلاة على الجنازة إذا اجتمعت جنائز عديدة من الرجال والنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة وهي تلد وتوفي الجنين أيضا، نرجو معرفة كيفية الصلاة عليهما، هل بنية واحدة لهما أم يصلى على كل منهما منفردا؟.
وهل يجوز دفنهما معا في قبر واحد أم يدفن كل منهما في قبر منفرد؟.
وهل نوع الجنين يغير في الحكم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ماتت امرأة وطفلها جازت الصلاة على كل واحد منهما بمفرده، وهو الأفضل عند الشافعية والحنفية، وعلله النووي بأنه أكثر عملا وأرجى للقبول، وجازت الصلاة عليهما مجتمعين، وهو الأفضل عند الحنابلة، وعللوه بأنه أبلغ في الإسراع بالجنازة، وهو الأوفق لعمل الصحابة.
قال الألباني في أحكام الجنائز: إذا اجتمعت جنائز عديدة من الرجال والنساء، صلي عليها صلاة واحدة، وجعلت الذكور - ولو كانوا صغارا - مما يلي الامام، وجنائز الاناث مما يلي القبلة، وفي ذلك أحاديث: الأول: عن نافع عن ابن عمر: أنه صلى على تسع جنائز جميعا، فجعل الرجال يلون الامام والنساء يلين القبلة، فصفهن صفا واحدا، ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي امرأة عمر بن الخطاب وابن لها يقال له: زيد، وضعا جميعا، والإمام يومئذ سعيد بن العاص، وفي الناس ابن عباس وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة، فوضع الغلام مما يلي الامام، فقال رجل: فأنكرت ذلك، فنظرت إلى ابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وأبي قتادة، فقلت: ماهذا؟ قالوا: هي السنة. أخرجه النسائي وابن الجارود في المنتقى والدارقطني والبيهقي. قلت ـ أي الألباني: وإسناد النسائي وابن الجارود صحيح على شرط الشيخين ... إلى أن قال: ويجوز أن يصلى على كل واحدة من الجنائز صلاة، لأنه الأصل، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في شهداء أحد. اهـ.
وأما دفنهما معا فغير جائز إلا لضرورة، ولا اختلاف في هذا الحكم بين ما إذا كان المولود ذكرا أو أنثى، وقد بينا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 71378.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1430(11/12466)
لا حرج في إدخال الميت المسجد والصلاة عليه فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر الميت المسلم نجسا ولا يجوز إدخاله إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق العلماء على طهارة المسلم حيا واختلفوا في طهارته ميتا على قولين، والصواب طهارته لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إن المؤمن لا ينجس. متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو عند الجماعة إلا البخاري والترمذي من حديث حذيفة رضي الله عنه.
وقد حرر الشوكاني رحمه الله الخلاف في المسألة وانتصر للقول بالطهارة، فقال رحمه الله: وحديث الباب أصل في طهارة المسلم حيا وميتا، أما الحي فإجماع، وأما الميت ففيه خلاف، فذهب أبو حنيفة ومالك والقاسم والمؤيد بالله وأبو طالب إلى نجاسته، وذهب غيرهم إلى طهارته، واستدل صاحب البحر للأولين على النجاسة بنزحه ماء زمزم من الحبش، وهذا مع كونه من فعل ابن عباس كما أخرجه الدارقطني عنه، وقول الصحابي وفعله لا ينتهض الاحتجاج به على الخصم محتمل أن يكون للاستقذار لا للنجاسة. ومعارض بحديث الباب وحديث لأبي هريرة السابق، وحديث ابن عباس عند البيهقي: إن ميتكم يموت طاهرا فحسبكم أن تغسلوا أيديكم. انتهى.
إذا عرفت هذا وظهر لك رجحان القول بطهارة المسلم الميت علمت أنه لا حرج في إدخال الميت المسجد والصلاة عليه فيه، وقد صلت عائشة على سعد في المسجد، وأخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على ابن بيضاء إلا في المسجد، وهذا ثابت في الصحيح وإن كانت الصلاة على الميت في المصلى أولى، وانظر الفتوى رقم: 111191.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1430(11/12467)
هل السنة هي الصلاة على الميت في المسجد أم المصلى
[السُّؤَالُ]
ـ[كلما أتي بجنازة إلى المسجد يخرج إليها الإمام ليصلي عليها (مستعملا المصدح) ويتركنا نكبر في الداخل.. سؤالي: هل هذا يعتبر أمرا محدثا؟ حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالجنازة في داخل المسجد وليس فيه حرمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغالب من فعله النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي على الجنازة في المصلي، وإن صلى على بعض أصحابه في المسجد أحياناً قليلة، والصلاة على الجنازة في المسجد جائزة بلا كراهة على الصحيح، وانظر الفتوى رقم: 17049.
وما ذكرته من استعمال الإمام للمصدح (مكبر الصوت) أمر حسن تتحقق به مقاصد الشريعة ويحصل به سماع المأمومين صوت الإمام على الوجه التام، وأما كون الإمام يصلي في حرم المسجد، فلا حرج في ذلك إذا كان يصلي أمام المصلين، ويمكنهم الاقتداء به ومتابعته، وإن وجد بينه وبينهم حائل لا يمنع كمال الاقتداء وصحة المتابعة فلا بأس.. ولكن الأولى أن يصلوا معه في المكان الذي توضع به الجنازة ويصطفوا خلفه ثلاثة صفوف، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 51305.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1429(11/12468)
حكم صلاة الجنازة في ساحة معزولة عن المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جماعة في أسبانيا نستفسر منكم أثابكم الله حول صلاة الجنازة في ساحة مغسلة موجودة داخل سور مقبرة النصارى يعني مكان الصلاة داخل في سور المقبرة ولكن المقبرة مجزأة فيها سكن لمن يحرسها ومغسلة ومكان دفن للآموات وكل مكان له بابه الخاص ولكن الكل داخل في سور المقبرة فهل تصح صلاة الجنازة في هذه الحالة مع العلم أن جثة الميت يتم نقلها الى البلد الأصلي ,رفع الله قدركم وبيض وجهكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فالصلاة في الساحة المذكورة جائزة بلا كراهة لأنها معزولة عن المقبرة بجدار كما فهمنا، وإنما اختلف العلماء في صلاة الجنازة في المقبرة فمنهم من يرى الجواز ومنهم من يرى الكراهة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة في الساحة المذكورة جائزة بلا كراهة لأنها ليست في المقبرة إذ أنها معزولة عنها بجدار كما فهمنا، وإنما تنازع العلماء في صلاة الجنازة في المقبرة فمنهم من يرى الجواز ومنهم من يرى الكراهة، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 11238، فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1428(11/12469)
الرؤية الشرعية في امتناع النبي عن الصلاة على المدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ (لعل على صاحبكم دين؟ قالوا: نعم، ديناران، فتخلف قال: صلوا على صاحبكم -ورفض عليه الصلاة والسلام أن يصلي عليه؛ إشعاراً للأمة بخطورة الدين) هل ينطبق هذا الحديث الشريف في الأحوال الآتية: رجل فقير معدم اقترض مالا وجاءه لص وسرق ماله، ثم وقع في مستنقع الدين فلا يستطيع السداد إلى أن حانت وفاته، وهل ينطبق على شخص اقترض مالاً فأصيب بمرض مزمن ولا أحد يريد أن يسد عنه وصاحب المال يطالب بأمواله وبذل كل جهده ودمه ليسدد الدين فلم يستطع، ألا يدخل في قوله تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) أم أن الحديث ينطبق على الذي يقدر أن يسدد ولا يسدد الدين الذي في ذمته أفيدونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدين ليس مانعاً من الصلاة على الميت، بل تجب الصلاة على المدين، ولا فرق بينه وبين غيره في وجوب الصلاة عليه، وإنما ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه زجراً عن المماطلة والتقصير في الأداء وتحذيراً من التقحم في الدين، قال في تحفة الأحوذي عند شرح ما رواه الترمذي وغيره من: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل ليصلي عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صلوا على صاحبكم فإن عليه دينا. قال أبو قتادة: هو عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالوفاء. قال: بالوفاء، فصلى عليه. وهو حديث صحيح.
قال القاضي وغيره: امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على المديون إما للتحذير عن الدين والزجر عن المماطلة والتقصير في الأداء، أو كراهة أن يوقف دعاءه بسبب ما عليه من حقوق الناس ومظالمهم. وقال القاضي ابن العربي في العارضة: وامتناعه من الصلاة لمن ترك عليه ديناً تحذيراً عن التقحم في الديون لئلا تضيع أموال الناس؛ كما ترك الصلاة على العصاة زجراً عنها حتى يجتنب خوفاً من العار ومن حرمان صلاة الإمام وخيار المسلمين. انتهى.
وقيل: إن الحديث منسوخ بحديث آخر وهو كما في رواية الترمذي عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيقول: هل ترك لدينه من قضاء، فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه، وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم. فلما فتح الله عليه الفتوح قام فقال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المسلمين فترك ديناً علي قضاؤه، ومن ترك مالاً فهو لورثته. وهو حديث صحيح كما ذكر الألباني وغيره.
قال في تحفة الأحوذي عند شرح الحديث: قال المنذري في الترغيب: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلي على المدين ثم نسخ ذلك وذكر هذا الحديث. انتهى.
وفي سنن أبي داود عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن أعظم الذنوب عند الله أن يلقاه بها عبد بعد الكبائر التي نهى الله عنها أن يموت رجل وعليه دين لا يدع له قضاء. وهو حديث ضعيف، كما ذكر الألباني.
قال في عون المعبود عند شرح هذا الحديث: فعل الكبائر عصيان الله تعالى وأخذ الدين ليس بعصيان، بل الاقتراض والتزام الدين جائز، وإنما شدد رسول الله صلى الله عليه وسلم على من مات وعليه دين ولم يترك ما يقضي دينه كيلا تضيع حقوق الناس. انتهى. كذا في المرقاة، قال العزيزي: هذا محمول على ما إذا قصر في الوفاء أو استدان لمعصية. انتهى.
ومن هذا يعلم أن المثالين المذكورين في السؤال لا يتناولهما التحذير الذي يتضمنه الحديث المذكور، لا سيما وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر عند شرح هذا الحديث: وفيه الترغيب في تحسين النية، والترهيب من ضد ذلك، وأن مدار الأعمال عليها، وفيه الترغيب في الدين لمن ينوي الوفاء. انتهى، أي يؤخذ من هذا الحديث الترغيب في الدين لمن يريد الوفاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1428(11/12470)
حكم الزيادة على أربع في تكبيرات الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ميت وكبر أكثر من أربع تكبيرات في صلاة الجنازة، فما صحة ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر على الجنائز أكثر من أربع كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 9388.
لكن كان آخر الأمر منه صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر أربعاً وإلى ذلك ذهب أكثر أهل العلم، قال البخاري: (باب التكبير على الجنازة أربعاً) ، قال الحافظ ابن حجر: قال الزين بن المنير أشار بهذه الترجمة إلى أن التكبير لا يزيد على أربع، ولذلك لم يذكر ترجمة أخرى ولا خبراً في الباب، قال: وقال أبو عمر: انعقد الإجماع على أربع، ولا نعلم من فقهاء الأمصار من قال بخمس إلا ابن أبي ليلى. انتهى.
وفي المبسوط: للحنفية عن أبي يونس مثله. وقال النووي في شرح المهذب: كان بين الصحابة خلاف ثم انقرض وأجمعوا على أنه أربع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(11/12471)
صلاة النبي على ابنه إبراهيم. ومسائل في الصلاة على الطفل الصغير
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل يصلى على الطفل الصغير الميت صلاة جنازة أم لا، وإذا كان يصلى فهل يدعى له أيضاً بالرحمة والمغفرة والتثبيت عند السؤال، وهل صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة جنازة على ولده إبراهيم أم لا؟ وبارك الله لنا فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجنين إذا أتم ستة أشهر في بطن أمه ثم خرج، أو أتم أربعة أشهر وعرفت حياته عند ولادته فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه بلا خلاف، ومن باب أولى إذا عاش فترة بعد ولادته ثم مات، قال الإمام ابن قدامة في المغني: إن خرج حيا واستهل، فإنه يغسل ويصلى عليه بغير خلاف، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الطفل إذا عرفت حياته، واستهل صلي عليه. ومعنى استهل: أي صرخ. وروى أحمد وأبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: والسقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة. وعند النسائي والترمذي وصححه بلفظ: الطفل يصلى عليه.
وقال ابن قدامة: وإن كان الميت طفلاً، جعل مكان الاستغفار له: اللهم اجعله فرطا لوالديه، وذخراً وسلفا وأجراً، اللهم ثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، اللهم اجعله في كفالة إبراهيم وألحقه بصالح سلف المؤمنين، وأجره برحمتك من عذاب الجحيم، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، اللهم اغفر لأسلافنا وأفراطنا ومن سبقنا بالإيمان ... ونحو ذلك وبأي شيء دعا مما ذكرنا أو نحوه أجزأه، وليس فيه شيء موقت.
وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم على ولده إبراهيم، قال الحافظ الزيلعي في نصب الراية: أحاديث صلاته عليه السلام على ولده إبراهيم: فيه أحاديث مسندة وأحاديث مرسلة، فالمسندة: عن ابن عباس والبراء بن عازب وأنس والخدري، فحديث ابن عباس رواه ابن ماجه في سننه أخبرنا عبد القدوس بن محمد بن داود بن شبيب الباهلي عن إبراهيم بن عثمان عن الحكم بن عتبة عن مقسم عن ابن عباس قال: لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى عليه رسول الله وقال: إن له مرضعاً في الجنة، ولو عاش لكان صديقا نبيا، ولعتقت أخواله القبط، وما استرق قبطي. انتهى.
وأما حديث البراء فرواه أحمد في مسنده حدثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن جابر الجعفي عن عامر الشعبي عن البراء، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم، ومات، وهو ابن ستة عشر شهراً. ورواه البيهقي، وقال: وكونه صلى عليه، هو أشبه بالأحاديث الصحيحة. انتهى. ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن سفيان عن جابر الجعفي عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم.. إلى آخره، لم يذكر فيه البراء، وكذلك عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن جابر به مرسلاً. وأما حديث أنس فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا عقبة بن مكرم ثنا يونس بن بكير ثنا محمد بن عبيد الله الفزاري عن عطاء عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على إبراهيم، وكبر عليه أربعا. انتهى. ورواه ابن سعد، فذكره. وأما حديث الخدري فرواه البزار في مسنده حدثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي الكوفي ثنا عبد الرحمن بن مالك بن مغول عن الجريري عن أبي النضر عن أبي سعيد الخدري بلفظ أبي يعلى سواء، وأما المرسلة: فعن البهي، واسمه عبد الله بن يسار، قال: لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقاعد. انتهى. وعن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ابنه إبراهيم، وهو ابن سبعين ليلة. انتهى. رواهما أبو داود في سننه ورواهما البيهقي، وقال: هذه الآثار مرسلة، وهي تشد الموصول، وروايات الإثبات أولى من روايات الترك. انتهى {حديث آخر} : رواه ابن سعد في الطبقات عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه. {حديث آخر} : رواه أيضاً عن جعفر بن محمد عن أبيه نحوه {حديث آخر} : رواه أيضاً عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه عليه الصلاة والسلام صلى عليه بالبقيع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/12472)
الدعاء المسنون في الصلاة على الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[أبو هريرة يقول في دعاء الميت اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه هل يجوز للإنسان أن يقول محسنا فزد في حسناته أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء المذكور قد دعا به النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ورد في المعجم الكبير للطبراني عن يزيد بن ركانة: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى على الميت كبر أربعا ثم قال: اللهم عبدك وابن أمتك احتاج إلى رحمتك، وأنت غني عن عذابه، فإن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه، ثم يدعو بما شاء الله أن يدعو.
وروى الحاكم في (المستدرك) من حديث يزيد بن ركانة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي على الجنازة قال: اللهم عبدك وابن عبدك احتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه، إن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه. وزاد: هذا إسناد صحيح.
ولم نر في ألفاظ الدعاء المذكور ما يمنع من الدعاء به، بل هو من السنة طالما أنه ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعن الصحابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1427(11/12473)
صفة التسليم من صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: كيفية التطبيق العملي أثناء التسليم في ختام صلاة الجنازة.
هنالك عادة أثناء القول: السلام عليكم ورحمة الله والتوجه إلى اليمين إنزال اليد اليمنى، وبعد التوجه بالتسليم إلى اليسار إنزال اليد اليسرى، ما مشروعية هذا العمل؟
أفيدونا أفادكم الله.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه أكثر أهل العلم أن التسليم من صلاة الجنازة يكون واحدة فقط، وقد فصل ابن قدامة في المغني الكلام في هذه المسألة قائلا:
التسليم على الجنازة تسليمة واحدة، عن ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وليس فيه اختلاف إلا عن إبراهيم. وروي تسليمة واحدة عن علي، وابن عمر، وابن عباس، وجابر، وأبي هريرة، وأنس بن مالك، وابن أبي أوفى، وواثلة بن الأسقع. وبه قال سعيد بن جبير، والحسن، وابن سيرين، وأبو أمامة بن سهل، والقاسم بن محمد، والحارث، وإبراهيم النخعي، والثوري، وابن عيينة، وابن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق. وقال ابن المبارك: من سلم على الجنازة تسليمتين فهو جاهل جاهل، واختار القاضي أن المستحب تسليمتان، وتسليمة واحدة تجزئ. وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي، قياسا على سائر الصلوات. ولنا، ما روى عطاء بن السائب: {أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم على الجنازة تسليمة واحدة.} رواه الجوزجاني بإسناده، وأنه قول من سمينا من الصحابة، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم، فكان إجماعا، قال أحمد: ليس فيه اختلاف إلا عن إبراهيم. انتهى.
والصيغة المستحبة لهذا التسليم هي: السلام عليكم ورحمة الله على جهة اليمين، ويجزئ قول: السلام عليكم فقط.
قال ابن قدامة في المغني:
إذا ثبت هذا فإن المستحب أن يسلم تسليمة واحدة عن يمينه، وإن سلم تلقاء وجهه فلا بأس، قال أحمد: يسلم تسليمة واحدة. وسئل يسلم تلقاء وجهه؟ قال: كل هذا، وأكثر ما روي فيه عن يمينه. قيل: خفية؟ قال: نعم. يعني أن الكل جائز، والتسليم عن يمينه أولى، لأنه أكثر ما روي، وهو أشبه بالتسليم في سائر الصلوات. قال أحمد يقول: السلام عليكم ورحمة الله. وروى عنه علي بن سعيد أنه قال: إذا قال السلام عليكم. أجزأه. وروى الخلال بإسناده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه صلى على يزيد بن المكفف فسلم واحدة عن يمينه: السلام عليكم. انتهى
وبالتالي فما تقومون به من تسليمتين لعله تقليد لبعض أهل العلم كالشافعية، لكن عملية إنزال اليمنى عند التسليمة الأولى إلى جهة اليمين واليد اليسرى عند التسليمة الثانية إلى جهة اليسار لم نقف على من قال بمشروعيتها من أهل العلم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1427(11/12474)
الصلاة على من قتل في حد.. نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة على من قتل في حد، مع ذكر دليل من الكتاب والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة حق لكل مسلم مات يشهد أن لا إله إلا الله سواء أكان مقتولاً في حد أو في غيره، ودليل ذلك من الكتاب مفهوم قوله تعالى: وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ {التوبة:84} ، فمفهومها يدل على أن من مات مسلماً يؤمن بالله ورسوله يصلى عليه مطلقاً، ولم يرد مخصص لذلك، بل جاءت السنة صريحة في ذلك حيث صلى الرسول صلى الله عليه وسلم على الغامدية التي قتلت في حد الزنى، ولما قال له عمر أتصلي عليها وقد زنت؟! قال صلى الله عليه وسلم: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى. رواه مسلم.
وأمر بالصلاة على ماعز لما قتل أيضاً في حد الزنى، قال ابن حجر: وظهر لي أن البخاري قويت عنده رواية محمود بالشواهد فقد أخرج عبد الرزاق أيضاً وهو في السنن لأبي قرة من وجه آخر عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف في قصة ماعز، قال: فقيل: يا رسول الله أتصلي عليه؟ قال: لا، قال: فلما كان من الغد، قال: صلوا على صاحبكم، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: فهذا الخبر يجمع الاختلاف فتحمل رواية النفي على أنه لم يصل عليه حين رجم، ورواية الإثبات على أنه صلى الله عليه وسلم في اليوم الثاني.
ولم يخالف في الصلاة على المرجوم فيما نقل سوى الزهري؛ إلا أن المقتول في حد يرى بعض الأئمة أنه يصلي عليه غير الفضلاء أخذاً برواية عدم صلاته صلى الله عليه وسلم على ماعز وأمره لأصحابه بالصلاة عليه، ولكن الرواية قوية وتشهد لها قصة الغامدية وصلاته صلى الله عليه وسلم عليها وهي مرجومة في حد الزنى، وقد لخص النووي كلام أهل العلم في ذلك فقال في شرحه لصحيح مسلم: واختلف العلماء في الصلاة على المرجوم.. فكرهها مالك وأحمد للإمام ولأهل الفضل دون باقي الناس، ويصلي عليه غير الإمام وأهل الفضل، قال الشافعي وآخرون: يصلي عليه الإمام وأهل الفضل وغيرهم. والخلاف بين الشافعي ومالك إنما هو في الإمام وأهل الفضل، وأما غيرهم فاتفقا على أنه يصلي، وبه قال جماهير العلماء قالوا: فيصلي على الفساق والمقتولين في الحدود والمحاربة وغيرهم، وقال الزهري: لا يصلي أحد على المرجوم وقاتل نفسه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1427(11/12475)
مذاهب العلماء في حالة بطلان الصلاة على الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[الأخ الكريم فضيلة الشيخ
السؤال: منذ أسبوعين توفي ابن عمي وأشرت لأخيه الأصغر منه أن يؤم المصلين باعتباره أولى, إلا أنه لا يدري كيفيتها, فأشرت بأن يكبر أربعاً مع قراءة الفاتحة بعد كل تكبيرة ويسلم بعد الأخيرة، على أن يقرأ المأمومون الفاتحة بعد التكبيرة الأولى والصلاة الإبراهيمية بعد الثانية والدعاء والاستغفار بعد الثالثة (على اعتبار أن هذا ما فهمته من خطبة جمعة من أحد شيوخنا الأفاضل بمدينة زواره لثلاث سنين مضت تقريبا, إلا أني لم أتاكد من هذه المعلومة بالبحث والتدقيق, فعند مراجعة ذلك بعد دفن فقيدنا رحمه الله, اتضح الخطأ الذي وقعت فيه بدون قصد فقط لأجل أن يكرم الفقيد بآخر عمل من أهله الأقربين في هذه الدنيا وزيادة في ذلك كان إيصاله لمثواه الأخير من قبلي والإمام أي أخي الفقيد كما انتظرت بعد دفنه إلى أن رحل الجميع ودعوت له كثيراً أن يثبته ويغفر الله له ... ألخ، أمل أن تفتونا في هذا الأمر؟ جزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 56392 بيان صفة صلاة الجنازة بالتفصيل، وقد ذكرنا فيها أن قراءة الفاتحة في الركعة الأولى من صلاة الجنازة ركن عند الحنابلة والشافعية خلافاً للمالكية والحنفية، وقد رحج شيخ الإسلام ابن تيمية أنها مستحبة فقط، كما تقدم في الفتوى رقم: 31420.
فالخطأ الذي وقع فيه الإمام هنا هو قراءته للفاتحة بعد كل تكبيرة غير التكبيرة الأولى وهذا لا يبطل الصلاة؛ لأن تكرار الفاتحة في الصلاة لا يبطلها ولو كان عمداً، وراجع الفتوى رقم: 41349.
وإن كان الإمام المذكور قد ترك الدعاء للميت فالصلاة باطلة لأن الدعاء ركن في صلاة الجنازة عند أهل المذاهب الأربعة، كما تقدم في الفتوى السابقة، وفي حالة بطلان هذه الصلاة فهذا الميت بمثابة من لم يُصَل عليه، وبالتالي فتعاد الصلاة على قبره فقط ولا ينبش، قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: وإن دفن قبل الصلاة، فعن أحمد أنه ينبش، ويصلى عليه، وعنه أنه إن صلي على القبر جاز. واختار القاضي أنه يصلى على القبر ولا ينبش. وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر المسكينة ولم ينبشها.
وفي المنتقى للباجي وهو مالكي: والقياس أن يصلى على القبر إذا لم تكمل الصلاة على الميت لأنه بمنزلة من لم يصل عليه. انتهى.
ومن الجدير بالتنبيه عليه أن المسلم مطالب بالتفقه في أمور دينه، خصوصاً فروض العين كالصلاة والصيام ونحوهما، وكلما تفقه في دينه كان ذلك أكثر ثواباً له عند الله تعالى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 59220، والفتوى رقم: 11280.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1426(11/12476)
إذا اجتمع صلاتان يبدأ بأخوفهما فوتا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شخص لم يصل العصر ودخل المسجد فوجدهم يصلون الجنازة، هل يصلي معهم أم يتركهم ويذهب ليصلي الفرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى تقديم الصلاة على الجنازة لخشية فواتها، ومن المعروف أنه إذا اجتمع صلاتان يبدأ بأخوفهما فوتاً، كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 25328.
والصلاة على الجنازة فيها فضل عظيم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان، قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(11/12477)
حكم من صلى على الجنازة وهو جنب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صلى على جنازة وهو جنب بغير قصد (كنت في بلد غير بلدي وكنا ثلاثة بيوت وفي صباح باكر أتاني أحد الأقارب وقال لي (فلانة) توفيت فمن شدة الصدمة استعجلت بالذهاب معه وقمنا بكل الإجراءات وبعدها ذهبنا إلى المقبرة للدفن وفي جامع المقبرة وضعناها لكي نصلي عليها، وكنا شخصين فقط مع شيخ الجامع فتحرجت من الموقف فذهبت إلى الوضوء وتوضأت وأنا أقول باسم الله باسم الله وذهبت وصليت معهم، فما حكم ذلك، وهل علي ذنب وماذا أفعل أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر شرط من شروط صحة الصلاة فإن كان السائل يقصد بقوله "بغير قصد" أي غير علم بهذا الحكم أو ناسياً فنرجو أنه لا إثم عليه في صلاته على الجنازة وهو متلبس بالحدث الأكبر.
وأما إن كان عالماً بالحكم ذاكراً أنه على جنابة فقد ارتكب محظوراً بهذا العمل، وعليه التوبة إلى الله عز وجل وصلاته باطلة على كل حال، وانظر الفتوى رقم: 8333، والفتوى رقم: 9069.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(11/12478)
وضع الجنازة أمام المصلين أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا يأتون بالميت ويضعونه أمامنا ونحن نصلي وتوجد أمامناغرفة مخصصة للأموات يضعون الميت فيها لانتظار الصلاة إلى أن نصلى ويأتون بالميت لكي نصلي عليه هل وضعه أمامنا ونحن نصلي أو في هذه الغرفة فيه شيء خصوصا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن نصلي إلى المقبرة ومعلوم أن صلاة الجنازة تصلى قياما لكي لا يكون فيها شبه تعظيم لغير الله والميت لوترك في الغرفة لصارت له قبرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كره جماعة من العلماء وضع الجنازة في المسجد، وهذا قول مالك.
قال مالك رحمه الله: أكره أن توضع الجنازة في المسجد.
وقال خليل: في مختصره: وإدخاله المسجد، أي وكره إدخاله أي الميت بمسجد، وتشتد الكراهة إذا وضعت الجنازة في قبلة المصلين.
قال الشيخ علي القاري في المرقاة (2/372) عند كلامه على حديث: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها.
قال رحمه الله: وفي معناه بل أولى منه الجنازة الموضوعة (يعني في قبلة المصلين، وهو مما ابتلي به أهل مكة حيث يضعون الجنازة عند الكعبة ثم يستقبلون إليها.
وقال العلامة الألباني رحمه الله معلقا: يعني في صلاة الفريضة، وهذا بلاء عام قد تعداه إلى بلاد الشام والأناضول وغيرها، وقد وقفنا منذ شهر على صورة شمسية قبيحة جدا تمثل صفا من المصلين ساجدين تجاه نقوش مصفوفة أمامهم فيها جماعة من الأتراك كانوا ماتوا غرقا في باخرة. اهـ.
فينبغي على القائمين على هذا المسجد أن ينتهوا عن وضع الجنازة أمام المصلين أثناء الصلاة، بل يضعونها خارج المسجد، وإذا أرادوا الصلاة عليها أدخلوها.
مع العلم وأن الغالب من هديه صلى الله عليه وسلم هو الصلاة على الجنائز في المصلى خارج المسجد وإن كانت الصلاة عليه في المسجد صحيحة، كما في الفتوى رقم: 17049.
وأما الجنازة إذا كانت توضع في الغرفة فالحكم ينبني على معرفة الغرفة هل هي في داخل المسجد ويدخلها المصلون للصلاة فيها أم هي خارج المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(11/12479)
لا يصح أن تؤم المرأة الرجال في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن للمرأة أن تصبح إماماً للرجال في الصلاة المفروضة وكذلك في صلاة الجنازة وإذا كان نعم هل يكون الرجال خلفها أم لها أن تؤمهم وهي في مصلاها، وهل يجوز لها ان تكون إماماً على الجنازة ولما تنتهي تعطي الرجال ليصلوا على الجنازة الله يوفقكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح أن تؤم المرأة الرجال في شيء من الصلوات المفروضة أو غيرها، وهذا ما عليه عامة أهل العلم وراجع فيه الفتوى رقم: 25215.
وعليه؛ فلا يصح أن تؤم المرأة الرجال في صلاة الجنازة، وقولك هل يجوز لها أن تكون إماماً على الجنازة، وإذا انتهت تعطي الرجال ليصلوا عليها، قد فهمنا منه أنك تسأل عما إذا كانت صلاة المرأة على الجنازة قبل أن يصلي عليها الرجال تصح أم لا؟ ثم يعيد الرجال الصلاة بعدها، والجواب عليه هو أن لا حرج على المرأة في الصلاة على الجنازة، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 14598.
وأما إعادة الصلاة على الجنازة فقد اختلف فيها أهل العلم فكرهها أبو حنيفة ومالك وأباحها الشافعي وأحمد، وطالما أن الرجال حاضرون فالأولى أن يؤم المصلين فيها رجل، ويقتدي به الرجال والنساء، ولا تكرر الصلاة خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1425(11/12480)
إذا حضرت الجنازة والمكتوبة فأيهما أولى بالبدء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن تصلي المرأة على جنازة رجل أجنبي أو محرم وكذلك على امرأة مثلها وما هي الحالات التي تجوز في ذلك وما هي الضوابط في ذلك.. وأيضا لما نأتي بالجنازة من المغسلة وهي بجانب المسجد هل نقول دعاء الخروج للمسجد لما نأتي بها ولما ندخلها المسجد هل نقول دعاء الذهاب إلى المسجد وكذلك الدخول.. ومن أين نأتي بها للصلاة عليها هل من يمين الصف وما حكم من يعتقد هذا أو من نصف الصف وكذلك يا شيخ هل نصلي عليها بعد الفريضة أو بعد السنة وهل يجوز الصلاة عليها قبل الفريضة بساعة مثلا وما حكم التأخر للصلاة عليها إ لى الفريضة أو بعدها مع أن الجنازة انتهوا من غسلها وكم واحد يحمل الجنازة وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجوز للمرأة الصلاة على الجنازة، سواء كانت جنازة امرأة مثلها أو رجل أجنبي منها أو محرم لها، بل إنها تحصل على الثواب الذي يحصل عليه الرجل، فلم يدل دليل على التفريق بينهما فيما يتعلق بالصلاة على الجنازة، وراجع الفتوى رقم: 8104.
وعند ذهابكم للمسجد صحبة الجنازة، يشرع لكم الدعاء المأثور في هذا المجال، كما يشرع لكم الإتيان بالدعاء المأثور عند دخول المسجد وعند الخروج منه، فلا دليل على التفريق في هذا الأمر بين الدخول مع جنازة أو بدونها، وإدخال الجنازة من الجانب الأيمن من الصف أفضل، بدليل ما في صحيح البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله.
ولكن لا مانع من إدخالها من وسط الصف أو من جهة أخرى، ومن اعتقد أفضلية إدخال الجنازة من يمين الصف نظرا لكونه صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيامن في شأنه كله فاعتقاده صواب، وإذا حضرت الجنازة وحان وقت الصلاة المفروضة، فتقدم الصلاة المفروضة إلا الفجر والعصر، قال ابن قدامة في "المغني": وجملته أنه إذا حضرت الجنازة والمكتوبة بدئ بالمكتوبة إلا الفجر والعصر، لأن ما بعدهما وقت نُهِي عن الصلاة فيه، نص عليه أحمد على نحو من هذا، وهو قول ابن سيرين، ويروى عن مجاهد والحسن وسعيد بن المسيب وقتادة أنهم قالوا: يبدأ بالمكتوبة لأنها أهم وأيسر، والجنازة يتطاول أمرها والانشغال بها، فإن قدم جميع أمرها على المكتوبة أفضى إلى تفويتها، وإن صلي عليها ثم انتظر فراغ المكتوبة لم يعد تقديمها شيئا إلا في الفجر والعصر، فإن تقديم الصلاة عليها بعيد أن يقع في غير وقت النهي عن الصلاة، فتكون أولاً. انتهى.
وعليه، فتقدم الصلاة المفروضة على الجنازة إذا حان وقت الفريضة في غير الفجر والعصر، أما إذا حضرت الجنازة ولم يحن وقت الفريضة فتقدم الجنازة ولا ينبغي تأخيرها، للأمر بالإسراع بتجهيزها مخافة حصول التغير.
أما صلاة السنة، فتقدم عليها صلاة الجنازة إذا خيف فواتها، لأن الواجب مقدم على غيره، ويمكن حمل الجنازة من طرف أي عدد بحسب الحاجة، قال الدردير في شرحه لمختصر خليل عاطفا على الجواز: وحمل غير أربعة للنعش، إذ لا مزية لعدد على عدد، خلافا لمن قال بندب الأربعة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(11/12481)
خير الصفوف في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[3- أي الصفوف أفضل في صلاة الجنازة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما أي الصفوف أفضل في صلاة الجنازة فقد ذكر بعض الفقهاء أنها في الفضلية سواء حتى لا يرغب الناس في غير الصف الأول، فيفوت على الميت فضيلة جعل المصلين عليه ثلاثة صفوف.
وذهب بعض الفقهاء إلى أن آخرها أفضل إظهاراً للتواضع، لأنهم شفعاء للميت فهو أحرى بقبول شفاعتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(11/12482)
أحق الناس بالتقديم في الصلاة على الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[لو وجد الولي أو نائبه فيقدم في الصلاة على الجنازة وهل هذا رغم وجود الإمام الراتب أم أن الأولى له أن يصلي الإمام أو راتبه ثم لو وجد في المكان نفسه من هو أحفظنا لكتاب الله فهل يقدم على الولي ونائبه أم هما أولى ثم القراء وهكذا وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحق الناس بالتقديم في الصلاة على الميت من أوصى الميت نفسه بأن يكون هو المصلي عليه، ثم إمام المسلمين، ثم عصبته حسب ترتيبهم، قال خليل: والأولى بالصلاة وصي رجي خيره، ثم الخليفة لا فرعه إلا مع الخطبة، ثم أقرب العصبة ...
وإذا حضر الصلاة من هو أفضل من المستحق للصلاة من العصبة فمن الأفضل للعصبة أن يقدموه وليس ذلك لازماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(11/12483)
أول من صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما اسم أول من صلي عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأول من صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة هو أسعد بن زرارة، وأول من صلى عليه في القبر هو البراء بن معرور، وأول من صلى عليه غائبا هو النجاشي.
وإذا كنت تقصد من أول من صلى الجنازة على النبي صلى الله عليه وسلم فهو عمه العباس ثم المهاجرون، ثم الأنصار، ثم أهل القرى.
وننبه الأخ السائل إلى أن مثل هذه الأسئلة لا يترتب عليها عمل، فالأولى السؤال عما يحتاجه ويترتب عليه عمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(11/12484)
من اقتدى بإمام يسلم تسليمتين في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الإمام على مذهب والمأموم على مذهب، فهل يخالف المأموم الإمام، مثل صلاة الجنازة إذا كان الإمام ممن يرى أن التسليمتين نهاية صلاة الجنازة والمأموم يرى أنها تسليمة واحدة عند الانتهاء من صلاة الجنازة، فهل يخالف المأموم الإمام في هذه الحالة، وإذا خالفه أليس يكون قد خالف حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به"، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي عليه جمهور أهل العلم أن المطلوب تسليمة واحدة عند انقضاء صلاة الجنازة، قال ابن قدامة في المغني: السنة أن يسلم على الجنازة تسليمة واحدة، قال رحمه الله: التسليم على الجنازة تسليمة واحدة عن ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. إلى أن قال: واختار القاضي أن المستحب تسليمتان، وتسليمة واحدة تجزئ وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي قياساً على سائر الصلوات. انتهى
وقال الإمام النووي في المجموع: وأما صفة السلام ففيه نصان للشافعي هنا المشهور أنه يستحب تسليمتان. انتهى.
وعليه؛ فمن اقتدى بإمام يسلم تسليمتين في صلاة الجنازة، فينبغي اتباعه لأمرين:
أولاً: امتثال أمره صلى الله عليه وسلم بمتابعة الإمام كما في الحديث المتفق عليه.
ثانياً: مراعاة لمن يرى ذلك من أهل العلم كالشافعي مثلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1424(11/12485)
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا بفرنساـ عادة ـ إذا مات مسلم يغسل ويكفن ويوضع في تابوت، ثم يرسل إلى بلده الأصلي كي يدفن ـ لعدم وجود مقابر إسلامية إلا القليل ـ السؤال: هل يصلى عليه بعد وضعه في التابوت ثم يصلى عليه مرة ثانية قبل دفنه؟ أي هل تجوز الصلاة على الميت مرتين؟ بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسبق الكلام عن حكم نقل الميت من بلد إلى بلد في الفتوى رقم: 4003. وأما الصلاة على الجنازة مرتين أو أكثر من قبل من لم يصل عليها، فلا مانع منه، قال النووي في "المجموع": مذهبنا أنه يصلى على القبر، ونقاوه عن علي وغيره من الصحابة رضي الله عنه، قال ابن المنذر رحمه الله: وهو قول ابن عمر وأبي موسى وعائشة وابن سيرين والأوزاعي وأحمد، وقال النخعي ومالك وأبو حنيفة: لا يصلى على الميت إلا مرة واحدة، ولا يصلى على القبر إلا أن يدفن بلا صلاة ... اهـ. وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله في "أسنى المطالب": ولمن حضر بعد الجماعة الذين صلوا أن يقيموا الصلاة جماعة أخرى وفرادى. وهذا القول هو الراجح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي وعلى المرأة التي تَقُمُّ المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12486)
فروق في صلاة الجنازة بين الرجل والمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجاء إفادتي هل هناك فرق في صلاة الميت سواء رجل أو امرأة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا فرق في صفة صلاة الجنازة بين ما إذا كان الميت رجلاً وما إذا كان امرأة، إلا أنه إن كان الميت امرأة فالسنة أن يقف عند وسطها، بخلاف الرجل فإنه يقف عند رأسه، وكذا يجوز للإمام تأنيث الضمير في الدعاء للمرأة فيقول: "اللهم اغفر لها وارحمها ... إلخ"، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1999، والفتوى رقم: 30840.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/12487)
حكم صلاة الجنازة على شخص لا يصلي ولا يصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان رجل لا يصلي ولا يصوم ويدعي أنه مسلم ومات، هل يصلي عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في شخص لا يصلي ولا يصوم، هل يكفر بذلك أم لا، والراجح عندنا كفره، كما في الفتوى رقم: 1145.
وعلى ذلك فإذا مات لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/12488)
هل تشرع إعادة الصلاة على الميت لو ظهر بطلانها
[السُّؤَالُ]
ـ[أخطأ إمام في صلاة الجنازة، حيث كان يسلم بعد كل تكبيرة، ومن خلفه كانوا من أهل البادية لا يفقهون هذه الصلاة، ماذا يجب على الإمام من كفارة ونحوه، وماذا يجب على من خلفه، وما واجبنا نحو المتوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجنازة بهذه الكيفية التي ذكرت في السؤال غير صحيحة لمخالفتها الكيفية المشروعة، والتي سبق بيانها في الفتوى رقم:
1999.
وعلى هذا فلا بد من إعادة الصلاة على هذا الميت ولو كان قُبِرَ، ما لم يكن مضى على ذلك أكثر من شهر عند كثير من أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 34202.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1424(11/12489)
هل يشرع سجود السهو في صلاة الجنازة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
هل يشرع سجود السهو في صلاة الجنازة؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سجود السهو في صلاة الجنازة غير مشروع. قال ابن قدامة في المغني في شأن التكبير على الجنازة: فإن نقص منها تكبيرة عامدًا بطلت كما لو ترك ركعة عمدًا، وإن تركها سهوًا احتمل أن يعيدها كما فعل أنس، ويحتمل أن يكبرها، ما لم يطل الفصل كما لو نسي ركعة، ولا يشرع لها سجود سهو في الموضعين. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/12490)
هل يعامل المجنون في أحكام الجنائز كغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. توفي لنا رجل متخلف ذهنيا، وأقيمت له مراسم دفن كما هو معمول بها للمكلفين، هل يصح هذا.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمجنون المسلم إذا مات فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن ويصنع به ما يصنع بغير المجنون. قال في نهاية المحتاج: في بيان أركان الصلاة على الميت: (الدعاء للميت) بخصوصه، نحو: اللهم ارحمه أو اللهم اغفر له؛ لخبر: إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء. ولأنه المقصود الأعظم من الصلاة، فلا يكفي الدعاء للمؤمنين والمؤمنات، ويكون (بعد) التكبيرة (الثالثة) وقضية إطلاقه كغيره، وجوبه لغير المكلف، ومن بلغ مجنونًا ودام إلى موته، وهو الأوجه؛ إذ الجاري على الصلاة التعبد، خلافًا للأذرعي. اهـ
أما عن مراسيم الدفن - إن صح التعبير - فإن كان المقصود بها ما سبق ذكره من الغسل والتكفين ... إلخ، فحكمه سبق، وإن كان المقصود بها ما يعمله كثير من الناس من الاجتماع عند أهل الميت وصناعة الطعام فإن ذلك يعد من المحدثات، سواء كان الميت مجنونًا أم غير مجنون؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: إياكم ومحدثات الأمور.. رواه الترمذي وغيره.
ولعل السائل أشكل عليه الأمر لأن الصلاة والدعاء على الميت هي للشفاعة له عند الله، وهو غير محتاج لها؛ لأن القلم مرفوع عنه، والجواب عن هذا الإشكال أن الشفاعة لا يلزم أن تكون لغفران الذنوب فحسب، بل قد تكون لرفع الدرجات، ومثل ذلك الصلاة على الصبي والدعاء له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(11/12491)
حكم الصلاة على القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الجنازة على قبر المتوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا دفن الميت من غير صلاة جازت الصلاة عليه إلى شهر عند أكثر العلماء، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 32960.
وإن كان قد صلي على الميت قبل الدفن فلا تعاد الصلاة ثانية عند مالك وأبي حنيفة. قال النووي في المجموع: مذهب النخعي ومالك وأبي حنيفة لا يصلى على الميت إلا مرة واحدة، ولا يصلى على القبر إلا أن يدفن بلا صلاة. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(11/12492)
ما وجد من جسد المسلم يصلى عليه ويدفن
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال: ما الحكم في صلاة الجنازة على أقل من نصف الجثة؟ أفيدونا أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة أن يُصلَّى على ما وُجِد من الجسم، فقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه أن: أبا عبيدة رضي الله عنه، صلى على رؤوس بالشا م، وأن أبا أيوب الأنصاري صلى على رِجْل، وأن عمر صلى على عظام بالشام.
وقال ابن أبي زيد القيرواني المالكي في الرسالة: ويصلى على أكثر الجسد، واختلف في الصلاة على مثل اليد والرجل.
قال شارحها: فقيل لا يصلى عليه لاحتمال أن يكون صاحبه حيا، وليس بشيء، فالتحقيق أنه ي صلى عليه. انظر مسالك الدلالة عند النص المذكور.
والحاصل أن ما وجد من جسد المسلم ي ُصلَّى عليه ويدفن للآثار الواردة عن الصحابة في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(11/12493)
لا تجوز الصلاة على ميت بعد مضي أكثر من شهر على دفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل مسلم منذ أكثر من 15 سنة ولم يقم أهله بصلاة الجنازة سهواً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا دفن الميت من غير صلاة جازت الصلاة عليه في قبره إلى شهر عند أكثر أهل العلم، لما روى الترمذي عن سعيد بن المسيب: أن أم سعد ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب، فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر.
قال ابن قدامة في المغني: من فاتته الصلاة على الجنازة فله أن يصلي عليها ما لم تدفن، فإن دفنت فله أن يصلي على القبر إلى شهر، هذا قول أكثر أهل العلم. انتهى.
وبناء على هذا فلا تشرع الصلاة على هذا الرجل المسؤول عنه، لأن له أكثر من شهر بالطبع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/12494)
يصلى على المحرم كما يصلى على غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصلى على الميت المحرم، وهل يصلي على الشهيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما حكم الصلاة على الشهيد فقد سبقت في الفتوى رقم: 27586.
وأما المحرم فإنه يصلي عليه كما يصلى على غيره إلا أنه في حال غسله وتكفينه يحرم تطييبه وأخذ شيء من شعره أو ظفره ويحرم ستر رأسه وإلباسه مخيطاً إن كان رجلاً وإن كانت امرأة حرم ستر وجهها، لما روى ابن عباس قال: بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته أو قال فأوقصته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإن يبعث يوم القيامة ملبياً. رواه البخاري.
قال الشافعي في الأم: إذا مات المحرم غسل بماء وسدر وكفن في ثيابه التي أحرم فيها أو غيرها ليس فيها قميص ولا عمامة ولا يعقد عليه ثوب كما لا يعقد الحي المحرم ولا يمس بطيب ويخمر وجهه ولا يخمر رأسه ويصلى عليه ويدفن. انتهى.
وذهب مالك وأبو حنيفة وقبلهما ابن عمر وعائشة إلى أن المحرم يطيب ويُلبس المخيط كسائر الموتى، وقالوا منع تطييبه وتخميره ... إلخ، حكم من أحكام الحج فوجب أن يبطل بالموت.
وقالوا في الحديث الآنف إنه حكم مخصوص بذلك الميت لأنه لا طريق لنا إلى أن نعلم نحن في غيره من الأموات أن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً، وتعليل النبي صلى الله عليه وسلم الحكم بما لا طريق لنا إلى معرفته دليل على أنه حكم مخصوص به ولو كان حكماً يتعدى إلى غيره لعلله بما لنا طريق إلى معرفته. انتهى من المنتقى شرح الموطأ، وقريباً من هذا التعليل قاله الأحناف كما في المبسوط للسرخسي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(11/12495)
صلاة السنة لا تعد تأخيرا للجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلينا الظهر وكانت هناك جنازة وقلت لهم إن صلاة الجنازة تقدم على سنة الظهر معتمدا على أن الفرض أولى من السنة وحديث النبي "ثلاث لا يؤخرن" من بينها الجنازة إذا حضرت، فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكان بإمكانكم أن تصلوا سنة الظهر ثم تصلوا على الجنازة وليس في ذلك تأخير للجنازة، وعلى كل حال فلو خشي فوات صلاة الجنازة فإنها تقدم على سنة الظهر ثم تصلى السنة بعد ذل.،
وحديث: ثلاثة يا علي لا تؤخرهن: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤاً. رواه الترمذي وأحمد.
واختلف في تصحيحه وتضعيفه، وتشهد له الأحاديث الصحيحة في الإسراع بالجنازة، لكن صلاة ركعتين لا تعد تأخيراً للجنازة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/12496)
حكم التقدم على الإمام في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التقدم على الإمام في صلاة الجنازة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز التقدم على الإمام في صلاة الجنازة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم " إنما جعل الإمام ليؤتم به "، قال الإمام النووي في المجموع: متى تقدم على الجنازة أو القبر أو الإمام فالصحيح بطلان صلاته. ا. هـ
وانظر الفتوى رقم:
9069
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(11/12497)
الصلاة على المخالف لعقيدة أهل السنة وعقد النكاح له
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلكم هل تجوز الصلاة على من مات وهو لا يصلي إلا الجمعة إذا اخذنا بفتوى من قال بكفر تارك الصلاة جاحداً أو تكاسلا ولو صلاة واحدة؟ وهل تجوز الصلاة على المخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة أو عقد النكاح له؟ وما هو الحل إذا كنت أريد أن أتزوج من فتاة ولي أمرها لا يصلي ومن يتولى العقد حينئذ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الشخص المخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة هو رجل مبتدع، وصاحب البدعة إما أن يكون ابتداعه مكفراً له، وفي هذه الحالة فلا يزوج من امرأة مسلمة ولا يتولى عقداً لا له ولا لغيره، ولا يصلى عليه إذا مات، وإما أن يكون ابتداعه غير مكفر، وفي هذه الحالة إذا مات فإنه يصلى عليه ولو امتنع بعض أهل الفضل من الصلاة عليه زجراً لأمثاله لكان حسنا، والأولى ألا يزوج حتى يقلع عن بدعته وحتى يتوب إلى ربه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(11/12498)
الصلاة على الجنازة أولا أم أداء المكتوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... ... ... ... ... ... ... ... ...
ما حكم من أتى إلى الصلاة في المسجد ووجد أن هناك صلاة جنازة ولم يصل الظهر أو أي وقت فهل يصلي الظهر أم يصلي صلاة الجنازة علما أن صلاة الظهر قد فاتته أي أتى متأخراً والمتوفى من المعارف أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيُنظر إن كان بقي من الوقت ما يسع صلاة الظهر والجنازة فإنه يصلي على الجنازة ثم يصلي الظهر، فإن لم يبق وقت إلا لأداء الظهر فيجب عليه أن يصلي الظهر ولو فاتته صلاة الجنازة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1423(11/12499)
الصلاة خلف الجنازة ... نظرة فقهية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة وراء التابوت في المسجد وأقصد أي صلاة مفروضة مثلا العصر وذلك تمهيدا لصلاة الجنازة بعد إتمام هذه الصلاة المفروضة بسرعة بعيدا عن التأخير بإدخاله إلى المسجد وأيضا لو ترك في الخارج سيعطل عمل السير
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء رضي الله عنهم في الصلاة على الجنازة في المسجد، وقد بينا أن الراجح جوازه كما في الجواب رقم:
17049
وأما الصلاة إلى جنازة موضوعة في القبلة فصحيحة سواء كانت فرضاً أم نفلاً، لأن المصلين إنما يصلون لله تعالى لا إلى الميت، ولعدم الدليل المانع من ذلك، لأن المؤمن لا ينجس حياً ولا ميتاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة لما استخفى منه -أين اختفى وقد كان جنباً-: سبحان الله إن المؤمن لا ينجس. متفق عليه.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل وعائشة رضي الله عنها معترضة بين يديه كاعتراض الجنازة، ففي الصحيحين من حديثها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا معترضة بين يديه كاعتراض الجنازة.
ووجه الدلالة أنها شبهت نفسها بالجنازة ولو كانت الصلاة خلفها باطلة ما شبهت حالها بها، فإذا جازت الصلاة خلف النائم، جازت الصلاة خلف الجنازة بجامع الطهارة في كلٍ، إلا أن من الفقهاء من صرح بكراهة الصلاة إلى -حي أو ميت- أو متحدث خشية اشتغال المصلي به، وهذه العلة موجودة في الصلاة إلى الجنازة، لا سيما إذا كان على الميت غطاء ملون، ولهذا ينبغي وضع الجنازة خلف الصفوف حتى إذا فرغ المصلون من صلاة الفرض، قدمت ليصلى عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1423(11/12500)
شهود الجنازة ... أم تعليم القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل سمعتم بمن يدعى إلى قيراطين فيحزن, أنا معلم قرآن ويتزامن موعد الجنائز غالبا مع وقت التعليم, وكثيرا ما تكون هناك جنازة في قريتنا, فما الأفضل لي البقاء مع الطلبة أم الذهاب الى الجنازة, وفقكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن شهود الجنازة والصلاة عليها ودفنها فيه خير كثير وثواب عظيم، فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من شهد جنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان، قيل وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين " ولكن هذا في حق من ليس بمرتبط بواجب التزم به أو تعين عليه، لأن القيام بشؤون الجنازة فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين.
وعلى ذلك.. فإنه لا ينبغي لك أن تترك واجبك ومهمتك الأساسية، والأمانة التي أنيطت بك لتشيع الجنازة لأنها -كما قلت- فرض كفاية، أما تعليم الطلبة فإنه أصبح فرضا عينياً بالنسبة لك، ولا يجوز تضييعه بحال من الأحوال إلا إذا تعينت عليك الجنازة.
وننبهك إلى أن تعليم كتاب الله تعالى لأبناء المسلمين لا يقل أهمية، ولا ينقص أجراً عن حضور الجنازة بل هو الأفضل بالنسبة لك، ولم يختلف أهل العلم في أن القيام بالفرائض أفضل من اتباع الجنائز، ولكنهم اختلفوا: هل اتباع الجنائز أفضل أو القيام بالنوافل والجلوس في المسجد؟
قال الإمام مالك رحمه الله كان سليمان بن يسار ومجاهد يقولان: شهود الجنازة أفضل من شهود النوافل والجلوس في المسجد، وقال ابن المسيب وزيد بن أسلم: النوافل والجلوس في المسجد أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(11/12501)
الأولى بالتقديم صلاة الجنازة أم الجماعة الحاضرة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في صلاة الجنازة ودخل وقت صلاة الفريضة فأيهما أولى أن أترك صلاة الجنازة وأذهب إلى المسجد لألحق بالجماعة أم أتم صلاة الجنازة وأصلي الفرض لاحقاً؟ مع العلم بأن صلاة الجنازة كانت خارج المسجد في مكان عام وصادفت أنها في نفس الوقت مع صلاة الفريضة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حضر الجنازة يكره له الانصراف عنها قبل الصلاة عليها، وقد نص على ذلك بعض أهل العلم، قال العلامة الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير لمختصر الشيخ خليل عند قوله: وانصراف عنها بلا صلاة ... قال: ويكره الانصراف قبل الصلاة مطلقاً، سواء حصل في تجهيزها طول أو لا..
وعلى هذا فلا ينبغي لك الانصراف قبل الصلاة، وخاصة أن بعض أهل العلم قال بتعين الجنازة على من حضرها.
وبإمكانك أن تصلي مع من حضر الجنازة جماعة، ثم تصلون على الجنازة، وبذلك تحصل على فضل الجماعة والصلاة على الجنازة.
والأصل في ذلك أن تصلى الفريضة ثم يصلى على الجنازة؛ إلا إذا خشي عليها من التغيير فتقدم ما لم يفت وقت الصلاة الحاضرة.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا اجتمع صلاتان بدأ بأخوفهما فوتاً، فإن خيف فواتهما بدأ بالواجبة.
هذا إذا كانت الفريضة الحاضرة غير الفجر والعصر، فإن كانت الفجر أو العصر فالأفضل تقديم الجنازة حتى لا يصلى عليها في وقت النهي، وإن كانت الحاضرة صلاة المغرب فالأولى تأخير الجنازة حتى تصلى المغرب ثم يصلى عليها، إلا إذا خشي عليها من التغيير فتقدم.
قال المرداوي في الإنصاف:.. ونقل الجماعة تقديم الجنازة على فجر وعصر فقط.
والحاصل أنه لا ينبغي لك الانصراف عن الجنازة بعد حضورها حتى تشهد الصلاة عليها ودفنها إن استطعت.
وأن بإمكانكم بل هو الواجب عليكم - على الراجح من أقوال أهل العلم - أن تصلوا الفريضة جماعة قبل الجنازة أو بعدها حسبما هو مفصل أعلاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(11/12502)
حكم الصلاة على من مات سكران
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصلى على تارك الصلاة الذي مات وهو مخمور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات وهو في حالة سكر يصلى عليه، وقد سبق تفصيل الحكم فيمن مات وهو لا يصلي هل يصلى عليه أم لا؟ وذلك في الفتوى رقم 17254
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1423(11/12503)
حكم من نقص تكبيرة في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا صليت صلاة الجنازة وفي الأخير وبعد الانتهاء من الأدعية للميت نسيت التكبير الرابع وسلمت وعلما بأنني كنت الإمام فما الحكم بالنسبة لي ولمن كان مقتديا بي.
أفتونا مأجورين
شكر الله سعيكم وأجزل لكم المثوبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب في صلاة الجنازة أربع تكبيرات، ولا يجوز أن ينقص منهن شيء، ومن نقص تكبيرة متعمداً بطلت صلاته، ومن نسيها فإن ذكرها قبل أن تدفن الجنازة أتم بقية التكبيرات عليها، فإن طال الفصل استأنف الصلاة من أولها.
فإن ذكر بعد أن دفنت، ولم يكن صلى على الميت غير تلك الصلاة، فإنه يصلي على قبره، لأن الصلاة عليه لم تكتمل فهو بمنزلة من لم يصل عليه، ولا يشرع في ذلك كله سجود للسهو.
قال ابن قدامة في المغني: فإن نقص فيها تكبيرة عامداً بطلت كما لو ترك ركعة عمداً، وإن تركها سهواً احتمل أن يعيدها، كما فعل أنس، ويحتمل أن يكبرها ما لم يطل الفصل كما لو نسي ركعة، ولا يشرع لها سجود سهو في الموضعين. انتهى
والمأمومون في ذلك حكمهم حكم الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1423(11/12504)
فضيلة تكثير المصلين على الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صح حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أن الجنازة التي يصلي عليها أكثر من أربعين شخصاهي في الجنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه.
وفي حديث عائشة رضي الله عنها: ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه. رواه مسلم أيضاً.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إلا شفعوا فيه أو إلا شفعهم الله فيه أي: قبلت شفاعتهم.
قال في تحفة الأحوذي: وفي هذه الأحاديث استحباب تكثير جماعة الجنازة، ويطلب بلوغهم إلى هذا العدد الذي يكون من موجبات الفوز، وقد قيد ذلك بأمرين:
الأول: أن يكونوا شافعين فيه أي مخلصين له الدعاء سائلين له المغفرة.
الثاني: أن يكونوا مسلمين ليس فيهم من يشرك بالله شيئاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(11/12505)
هل يستحب تأخير الصلاة على الجنازة لتكثير المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأخير الصلاة على الميت الذي تم تجهيزه بعد صلاة الظهر إلى صلاة العصر بالرغم من كراهة الصلاة بعد العصر وكذلك الدفن بعد العصر بحجة تكثير المصلين أم أنه يصلى عليه متى جهز؟ أفيدونا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن أوقات الكراهة في الفتوى رقم:
7392.
والخلاصة أن الراجح من أقوال العلماء أنه لا حرج في صلاة ما له سبب في أوقات الكراهة، وهذا يشمل الجنازة. وراجع الفتوى رقم:
13512.
أما بالنسبة لمسألتنا: فإنه إذا وجد من يكفي للصلاة على الميت قبل العصر فإنه لاينبغي تأخيرها إلى ما بعد العصر لأن الإسراع في تجهيز الجنازة مطلوب شرعاَ. وراجع الفتوى رقم:
10135.
أما قول السائل إنه يكره الدفن بعد العصر فغير صحيح، لأن الوارد إنما هو النهي عن الدفن عند طلوع الشمس وعند الغروب وعند الزوال كما هو مبين في الفتاوى المحال عليها، والمراد تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1423(11/12506)
أقوال العلماء فيمن مات ولم يعرف إسلامه، وأصحاب الكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من مات ولم يُعرف حال إسلامه هل يصلى عليه أم لا وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الميت قد عرف إسلامه لدى الناس، لكن خفي حاله عليهم من ناحية التزامه بشرائع الإسلام، فالأصل أنه مسلم، والمسلم يُصلى عليه براً كان أو فاجراً، ومن باب أولى مستور الحال، قال ابن تيمية رحمه الله: وأما من كان مظهراً للفسق مع ما فيه من الإيمان كأهل الكبائر، فهؤلاء لا بد أن يُصلي عليهم بعض المسلمين، ومن امتنع من الصلاة على أحدهم زجراً لأمثاله عن مثل ما فعله، كما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على قاتل نفسه، وعلى الغال، وعلى المدين الذي لا وفاء له، وكما كان كثير من السلف يمتنعون من الصلاة على أهل البدع -كان عمله بهذه السنة حسنا.... انتهى
وقال أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار: وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز ترك الصلاة على المسلمين المذنبين من أجل ذنوبهم، وإن كانوا أصحاب كبائر. انتهى
وقال أبو بكر بن المنذر في الأوسط: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة على المسلمين، ولم يستثن منهم أحدا، وقد دخل في جملتهم الأخيار والأشرار. انتهى
وقد روى البخاري من حديث جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى على ماعز الذي مات مرجوماً، وفي صحيح مسلم أنه صلَّى على الغامدية بعد رجمها أيضاً.
أما إذا لم يعلم أمسلم هو أم لا؟ ومات في ديار المسلمين وكان به علامات الإسلام كالختان وغيره، فإنه يُصلى عليه لاتفاق الظاهر مع الأصل، وكذلك إن لم يوجد عليه علامات كفر ولا إسلام عملاً بالأصل -وهو الدار- أما إن وُجد عليه علامات الكفر -كعدم الختان أوحمل الصليب- ففيه خلاف بين العلماء، فمن رأى عدم جواز الصلاة عليه عمل بالظاهر، وبهذا قال الإمام أحمد ومن رأى جواز الصلاة عليه عمل بالأصل وهو قول أصحاب الإمام أحمد، كما أفاد ذلك ابن رجب في القواعد، وبه قال الشافعية. قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: ولا فرق في ذلك بين أن توجد فيه علامات الكفر كالصليب أو لا لحرمة الدار. انتهى
أما إن مات في ديار الكفار ووجدت عليه علامات الإسلام، فقد اتفق الإمام أحمد والأصحاب على مشروعية الصلاة عليه عملاً بالظاهر وإن خالف الأصل، لأن الأصل هنا -وهو وجوده في دار الكفر- عارضه أصل آخر وهو أن كل مولود يولد على الفطرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1423(11/12507)
هل يصلى على الميت غير المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة على من مات من المسلمين ولم يكن يصلي لله في حياته.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من مات ولم يكن يصلي في حياته، فإما أن يكون جاحدا لوجوبها وهذا كافر لا خلاف في ذلك بين أهل العلم. وعليه، فلا تجوز الصلاة عليه ولا الاستغفار له، لقول الله تعالى: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة:84]
وإما أن يكون مقراً بوجوبها ولكنه تارك لها كسلا وتهاونا، ً فهذا مختلف في كفره.
فمن حكم بكفره لزم من ذلك عدم الصلاة عليه إذا مات.
ومن لم يقل بكفره -وهم الجمهور- قال: إنه يصلى عليه كباقي فسقة المسلمين. وراجع الفتوى رقم:
11326 1145
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1423(11/12508)
حكم الصلاة على الجنازة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا يصلى على الميت داخل المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة على الجنازة في المسجد محل خلاف بين العلماء، منهم من أجازها بلا كراهة، ومنهم من كرهها، فالشافعي وأحمد وإسحاق يصححون الصلاة على الجنازة في المسجد بلا كراهة، مستدلين بما رواه مسلم وغيره أن عائشة رضي الله عنها أمرت أن يمر بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد فتصلي عليه، فأنكر الناس ذلك عليها، فقالت: ما أسرع ما نسي الناس! ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلاّ في جوف المسجد.
وذهب أبو حنيفة ومالك في المشهور عنه إلى كراهة الصلاة على الجنازة في المسجد، مستدلين بما رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى على جنازة في المسجد، فلا شيء له".
وهذا الحديث قد رد عليه الأولون بجملة ردود منها:
أولاً: أن الحديث ضعيف، قاله الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
ثانياً: أن الوارد في النسخ المشهورة المسموعة من سنن أبي داود قوله: "فلا شيء عليه" بدل فلا شيء له.
ثالثاً: أنه -على رواية لا شيء له- محمول على نقص الأجر في حق من صلى على الجنازة في المسجد، ورجع ولم يشيعها إلى المقبرة، فقد فاته أجر كثير ظفر به من شيعها وحضر دفنها.
وبعد هذا نقول: الراجح من أقوال أهل العلم جواز الصلاة على الجنازة في المسجد اقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وعدم صحة المعارض لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1423(11/12509)
لا حرج على المرأة في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ سؤالي إذا كانت المرأة في الحرم أو المسجد ونادى المؤذن للصلاة على الميت فهل يجوز للمرأة أن تصلي على الميت حيث إني سمعت أن صلاة المرأة على الميت مكروهة؟
أفيدونا وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للمرأة أن تصلي على الجنازة في الحرم وفي غيره، لا نعلم في ذلك خلافاً، وليس في ذلك أي كراهة، بل هو من المستحبات، وإنما المكروه لها هو اتباع الجنائز، والإكثار من زيارة القبور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12510)
صفة الجنين الميت الذي يصلى عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي لي مولود في بطن أمه في الشهر الثامن ولم أكن أعلم بأنه تجب الصلاة عليه. فهل أصلي عليه قضاء أو صلاة الغائب. علما بأنه قيل أثناء دفنه بأنه لاتجب الصلاة عليه لأنه ولد ميتا.
أرجو إفادتى أثابكم الله.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في الجنين إذا مضى عليه في بطن أمه أربعة أشهر ثم سقط ميتاً، هل يصلى عليه أم لا؟ والراجح أنه يصلى عليه، والدليل هو ما رواه أحمد وأبو داود عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " … والسقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة" وسبق تفصيل هذا في الفتوى رقم: 7135 وما دمت لم تصل على ولدك فيمكنك أن تصلي عليه الآن، فإن كنت تقيم في البلد المقبور فيه فاخرج إلى قبره وصل عليه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن المرأة التي كانت تقم (تنظف) المسجد؟ فقالوا: ماتت، فقال: " دلوني على قبرها، فدلوه فصلى عليها" متفق عليه. وإن كنت غائباً عن البلد صليت عليه صلاة الغائب، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما صلى على النجاشي ملك الحبشة. والحديث في الصحيحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1422(11/12511)
السقط المتخلق يصلى عليه صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت زوجتي حاملا وأراد الله أن تضع ما فى بطنها وهي لم تكمل شهرها السادس ولكنها وضعت توأما ولكنهما توفيا بعد مرور ثمان 8 ساعات من قدومهما. فهل يصلى عليهما صلاة جنازة أفيدونا أفادكم الله وإن كانا قد دفنا بدون جنازة فما حكم الدين فى ذلك. وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن هذين التوأمين يصلى عليهما صلاة الجنازة المعروفة، من غير خلاف بين أهل العلم في ذلك.
فإن لم يصل عليهما قبل دفنهما، صلي عليهما بعد الدفن. وراجع الجواب رقم 7135
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1422(11/12512)
يشترط لصلاة الجنازة ما يشترط لغيرها من الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن صلاة الجنازة تجوز بدون وضوء إذا كان الإنسان مضطرا وبعد الصلاة يرجع ويتوضأ أفيدونا أدخلكم الله الجنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجنازة يتناولها لفظ الصلاة، فيشترط فيها الشروط التي تفرض في سائر الصلوات، كالطهارة من الخبث، والطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، واستقبال القبلة، وستر العورة.
أما في حال الاضطرار الشرعي، كعدم الماء، أو العجز عن استعماله، فإنه تجوز الصلاة مطلقاً، سواءً أكانت صلاة الجنازة، أم كانت غيرها من الصلوات، وعلى المصلي حينئذ أن يتيمم، بأن يضرب بيديه الأرض، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، قال تعالى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) [المائدة:6] . ومتى أديت الصلاة على الوجه المشروع، فإنها لا تعاد، سواء أكانت صلاة الجنازة، أم كانت غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1422(11/12513)
لا حرج في صلاة الجنازة للنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[صلينا صلاة الجنازة في ساحة عامة وليس مقبرة وكانت وراءنا نساء صلوا معنا صلاة الجنازة، فهل جائز للنساء صلاة الجنازة في أماكن غير المقبرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في صلاة النساء معكم في تلك الساحة، وهن مثابات على ذلك إن شاء الله تعالى.
والمنهي عنه هو اتباع النساء للجنائز، لما في الصحيحين وغيرهما من حديث أم عطية قالت "كنا ننهى عن اتباع الجنائز" وفي رواية "نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا".
ولمزيد من الفائدة يراجع الجواب رقم: 8104
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1422(11/12514)
الأحكام المتعلقة بالجنين إذا خرج ميتا
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ما هي الأحكام المتعلقة بالجنين الذي مات في بطن أمه في الشهر التاسع؟
2-وماهو وضعه بالنسبة للحياة البرزخية ويوم القيامة. وهل يشفع لوالديه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجنين إذا أتم في بطن أمه أربعة أشهر فما فوقها ثم نزل ميتاً، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه.
قال الإمام ابن قدامة في المغني: السقط: الولد تضعه المرأة ميتاً، أو لغير تمام، فأما إن خرج حيّاً واستهل، فإنه يغسل ويصلى عليه بغير خلاف.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الطفل إذا عرفت حياته، واستهل صُلي عليه. وإن لم يستهل، فقال أحمد: إذا أتى له أربعة أشهر غسل وصُلي عليه. وهو الراجح.
ومعنى استهل: أي صرخ. وأصل الإهلال رفع الصوت.
وكذا تسميته، وذبح العقيقة عنه، لما جاء في السنة من أن الروح تنفخ فيه بعد هذه المدة، وقد روى أحمد وأبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والسقط يُصَلَى عليه، ويُدْعَى لوالديه بالمغفرة والرحمة" وعند النسائي والترمذي وصححه بلفظ: "والطفل يصلى عليه".
ومن الأمور التي تتعلق بالجنين: إجهاضه، أي: (الجناية عليه) ، حيث اتفق الفقهاء على وجوب الغُرَّة بموت الجنين بسبب الاعتداء.
وينبغي أن يعلم السقط الذي مات في بطن أمه بعد نفخ الروح فيه تترتب عليه الأحكام التي تترتب على الولادة، ويمكن تلخيصها في الآتي:
مشروعية تغسيله، وتكفينه، والصلاة عليه، وتسميته، والعقيقة عنه، وترتب الغرة بموته بسبب الاعتداء، ووقوع الطلاق المعلق على ولادته، وانقضاء العدة المترتبة على ولادته، وتعتبر أمه نفساء، ولا يرث، ولا يورث إذا لم يستهل. والله أعلم.
أما بالنسبة لوضع السقط في الحياة البرزخية، ويوم القيامة، فلا توجد أدلة صحيحة صريحة بشأنه ـ فيما نعلم ـ ولعله يلحق بأطفال المسلمين لما ذكرنا من كونه يصلى عليه، ويكفن، ويغسل.. إلخ. لكن هل يشفع لأبويه؟
من العلماء من قال بأنه يشفع لأبويه، واستدلوا بأحاديث منها:
حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته" رواه أحمد، والطبراني في الكبير، وضعفه العراقي في تخريج الإحياء.
وفي رواية: "والسقط يجر أبويه إلى الجنة" رواه ابن ماجه، وضعفه العراقي أيضاً، وقال في الزوائد: في إسناده يحيى بن عبيد الله بن موهب، وقد اتفقوا على ضعفه.
وفي تذكرة الموضوعات: "السقط يثقل الله به الميزان، ويكون شافعاً لأبويه يوم القيامة".
والأحاديث المثبة لشفاعة السقط غير صحيحة، لكن لعله يستأنس بما رواه البخاري عن الحسن أنه قال: "يقرأ على الطفل بفاتحة الكتاب" ويقول: "اللهم اجعله لنا فرطاً، وأجراً، وسلفاً" فيرجى أن يشفع لأبويه إذا صُلي عليه، وعق عنه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1421(11/12515)
دم السقط الذي لم يتخلق وحكم الصلاة والصيام معه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ...
لقد أتاني دم في رمضان وفي وقت الحيض فلما استمر نزوله أكثر من 15يوما ذهبت إلى المستشفى فعلمت أنه دم إجهاض لم يتخلق
وأنا لم أصم ولم أصل لاعتقادي أنه دم حيض.
فما حكم ذلك جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دم السقط غير المتخلق ليس دم نفاس على أصح قولي أهل العلم. والدم الخارج منك إما أن يكون له أوصاف الحيض أو لا، فإن لم يكن له وصف الحيض فهو دم استحاضة، وإن كان له وصف الحيض فاجلسي عادتك حائضا، وما تجاوز عادتك يعتبر استحاضة، وفي فترة استحاضتك ـ حسب حالك ـ يجب عليك الصوم والصلاة مع مراعاة الوضوء لكل صلاة بعد دخول الوقت وتنظيف مكان الدم مع الشد عليه ليمنع نزول الدم أثناء الصلاة.
وما تركتيه من صلاة أو صيام في فترة استحاضتك الأولى فالأولى قضاؤه احتياطاً، لأنه قد يكون منك تفريط من عدم السؤال والتثبت فيما يلزمك تعلمه.
وإن لم تقض فنرجو أن لا شيء عليك، لما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد أن حمنة بنت جحش قالت "كنت أستحاض حيضة شديدة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه …الحديث " فعين لها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحيض ستة أيام أو سبعة، وأن تصلي بقية الشهر، ولم يأمرها بإعادة ما تركته من الصلاة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1421(11/12516)
حكم الصلاة على قاتل نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة وبعد هل يجوز الصلاة على المنتحر؟ بالرغم من أنه مريض نفسيا بشكل غير ملحوظ ومنتظم على الرغم من أن من يتحدث معه يجده على درجة كبيرة من الطيية إلى درجة السذاجة وعدم تقييم الأمور بمقارنته بباقي الناس مما دفع بعض الأشخاص إلى تأليف بعض الحكايا الفكاهية وهو يقوم بتصديقها!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح الإمام مسلم من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "أتي برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه".
والمشاقص: سهام عراض، واحدها مِشقَص بكسر الميم وفتح القاف.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث: "وفي هذا الحديث دليل لمن يقول لا يصلى على قاتل نفسه لعصيانه، وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعي.
وقال الحسن والنخعي وقتادة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء يصلى عليه، وأجابوا عن هذا الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه بنفسه زجراً للناس عن مثل فعله، وصلت عليه الصحابة.
ثم نقل النووي عن القاضي عياض قوله: "مذهب العلماء كافة الصلاة على كل مسلم ومحدود ومرجوم وقاتل نفسه وولد الزنا، وعن مالك وغيره أن الإمام يجتنب الصلاة على مقتول في حد، وأن أهل الفضل لا يصلون على الفساق زجراً لهم.." اهـ.
فالحاصل أن قاتل نفسه يصلى عليه ـ في الراجح ـ ولو كان عاقلا يعي كل ما يفعل ويقول، وأحرى إذا كان على الوضع المذكور في السؤال.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12517)
أحكام تتعلق بالجنين إذا ولد ميتا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال 1: توفي جنين في رحم أمه عن عمر 9 شهور ولم يحمم ولم يكفن ولم يسمى ولم يصلى عليه وبعد ذلك علمنا بوجوب تسميته والصلاة عليه (علماً بأننا قد سألنا بعض الشيوخ في منطقتنا وأفادوا بعدم ضرورة ذلك) ، فما الحكم الشرعي في ذلك وإذا كان من الواجب عمل ذلك بالنسبة للجنين الميت فما هو الحل الآن؟؟؟ أرجو الإجابة بأسرع وقت ممكن علماً بأن والدة الجنين تحلم به دائماً ملطخابالدماء وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا تجب تسمية هذا الجنين قطعاً، وكذلك الصلاة عليه على الراجح، لأنه لم يخرج إلى الدنيا حياً، ولو فعلوا ذلك على سبيل الاستحباب والندب لكان أولى.
وإنما كان عليهم أن يغسلوه ويكفنوه ويدفنوه.
أما الآن وقد حصل ما حصل فلا حرج عليهم إن شاء الله تعالى، وأما ما تراه والدة هذا الجنين في منامها فليس له علاقة بالموضوع، ولعله من وساوس الشيطان ليحزنها به ويشوش عليها، فإذا رأته فلتفعل ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأى في منامه ما يكره، فقد ثبت عنه أنه قال: "الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم حلماً يخافه فلينفث عن يساره ثلاثا، وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لن تضره" متفق عليه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12518)
يقضي المسبوق في الجنازة ما فاته من تكبيرات
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فاتت المصلي صلاة جنازة بعض التكبيرات, فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا فاتت المصلي صلاة الجنازة بعض التكبيرات فإنه يتدارك ما فاته من التكبيرات مع أذكارها إن أبقيت الجنازة، ولم ترفع فإن رفعت أتى بالتكبيرات فقط وسلم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12519)
إذا نفخت الروح في الجنين يصلى عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا مات الجنين عند ولادته هل يصلى عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
إذا أتم الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يوما (أربعة أشهر) ثم نزل ميتا فإنه يشرع الصلاة عليه وتسميته وذبح العقيقة عنه، لما جاء في السنة من أن الروح تنفخ فيه بعد هذه المدة.
وقد روى أحمد وأبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة". ورواه النسائي والترمذي وصححه ولفظهما: "والطفل يصلى عليه".
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12520)
مشروعية صلاة الجنازة على قبرالمولود إن استهل صارخا ولم يصل عليه عند وفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت بنت صغيرة عمرها ثلاثة أشهر وغسلت ولم يصل عليها هل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عدم الصلاة على البنت المذكورة خطأ كبير وكان الواجب أن يصلى عليها بعدما غسلت وكفنت، لأن أهل العلم مجمعون على أن الطفل، سواء كان ذكراً أو أنثى إذا استهل صارخاً عند ولادته يصلى عليه، فما بالك بمن عاشت ثلاثة أشهر ثم إن الواجب في هذه الحالة أن يصلى على قبرها، إن علم مكانه.
قال في منح الجليل شرح مختصر خليل عند قوله: ولا يصلى على قبر إلا أن يدفن بغيرها قال: فيصلى على القبر وجوباً إن خيف تغيره وإلا أخرج وصلى عليه على المعتمد ومحل الصلاة على قبره إذا لم يطل الزمن حتى يظن فناؤه، وأنه لم يبق منه إلا عظم الذنب. انتهى
وبه تعلم أن الصلاة على قبرها مأمور بها وجوباً لقرب الزمن، وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 15118.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1425(11/12521)
صلاة الجنازة في المقبرة صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[وأيضا لو لم يتبقى من وقت انتهى الصلاة إلا بعض دقائق مثلا وأنا في المقبرة فهل أصلي فيها وأيضا يا شيخ كيف أوفق بين ما ذكرته آنفاً وبين فعل الرسول وصحابته من الصلاة على الخادمة التي ماتت في الليل فراح وصلى عليها الرسول وتبعه الصحابة فهو صلى في المقبرة وأيضا لما اتجه إلى القبلة سيكون أمامي قبور هلا فصلتم لنا بارك الله في كل ما تحبونه وترضونه وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
4- ... ... فالصلاة في المقبرة منهي عنها، واستثنى من ذلك صلاة الجنازة، فتجوز في المقبرة لفعله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث حين صلى على المرأة التي كانت تقم المسجد، وهو في الصحيح.
قال في "منتهى الإرادات": ولا تصح الصلاة تعبدا صلاة فرض أو نفل في مقبرة قديمة أو حديثة تقلبت أولا لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك. رواه مسلم. ثم قال: سوى صلاة جنازة في مقبرة، فتصح لصلاته صلى الله عليه وسلم على القبر، فيكون مخصصا للنهي السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(11/12522)
مبطلات صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل التحرك من صف إلى صف لسد فرجة أثناء صلاة الجنازة يبطل هذه الصلاة، وما مبطلات صلاة الجنازة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة في صلاة الجنازة إذا صليت في جماعة أن ترص فيها الصفوف وتسوى كما تسوى في سائر الصلوات، لما ثبت في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى قبر المرأة التي كانت تنظف المسجد فصف الناس وكبر أربع تكبيرات. رواه ابن ماجه وغيره بألفاظ مختلفة.
قال في المنتقى شرح الموطأ: وقوله فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد إلى موضع قبرها حتى صف الناس على قبرها، وهذا يقتضي أن الصفوف على الجنازة مسنونة كسائر الصلوات. انتهى.
وجاء في المغني: قال: فصل: ويستحب تسوية الصف في الصلاة على الجنازة، نص عليه أحمد، وقيل لعطاء: أخذ على الناس أن يصفوا على الجنازة كما يصفون في الصلاة؟ قال: لا، قوم يدعون ويستغفرون ولم يعجب أحمد قول عطاء هذا، وقال: يسوون صفوفهم، فإنها صلاة ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربعاً، متفق عليه، وروي عن أبي المليح أنه صلى على جنازة، فالتفت، فقال: استووا لتحسن شفاعتكم. انتهى.
هذا ومن تسوية الصفوف سد الفرج والخلل في الصف، فمن رأى فرج في الصف الذي أمامه استحب له التقدم لسده ولو كان في الصلاة، ولا يضر صلاته ذلك.
وأما مبطلات صلاة الجنازة فإنها تبطل بترك شرط أو ركن، وشروطها هي شروط سائر الصلوات إلا الوقت فليس لها وقت معين، وإن كانت تكره في بعض الأوقات، وأما أركانها فهي: النية والقيام مع القدرة وأربع تكبيرات وقراءة الفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء للميت وتسليمة واحدة، وهذا مذهب الشافعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/12523)
أقوال العلماء في الصلاة على الجنازة في المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الجنازة في المقبرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم الصلاة على الجنازة في المقبرة على قولين:
الأول: لا بأس بها، وهو مذهب الحنفية وراوية عن أحمد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبرٍ وهو في المقبرة. وقال ابن المنذر: ذكر نافع أنه صُلىِ على عائشة وأم سلمة وسط قبور البقيع، صلى على عائشة أبو هريرة، وحضر ذلك ابن عمر، وفعل ذلك عمر بن عبد العزيز.
الثاني: تكره، وهو مذهب علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن عباس، وبه قال عطاء والشافعي ورواية لأحمد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الأرض كلها مسجد، إلا المقبرة والحمام" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي عن أبي سعيد الخدري، وصححه ابن حبان والحاكم وأحمد شاكر، رحمة الله على الجميع.
وقال البخاري في صحيحه: باب كراهة الصلاة في المقابر.
وروى بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبوراً".
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: (ونقل ابن المنذر عن أكثر أهل العلم أنهم استدلوا بهذا الحديث على أن المقبرة ليست بموضوع للصلاة، وكذا البغوي في شرح السنة والخطابي) .
وهذا هو الراجح، وأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على القبر فهذا لبيان الجواز في حق من فاتته الصلاة على الجنازة، فله الصلاة عليها في المقبرة، سواء قبل الدفن أو بعده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1422(11/12524)
حكم وضع المصلي على الغائب العصا أمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس يضع العصا أمامه في صلاة الغائب على الميت، هل ورد في ذلك شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم الصلاة على الغائب في الفتوى رقم: 30687.
كما سبق حكم السترة للمصلي في الفتوى رقم: 16685.
أما وضع العصا أمام المصلي على الجنازة الغائبة لغرض خارج عن السترة فلا نعلم له أصلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1425(11/12525)
من شروط صحة الصلاة على الغائب
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال هو أن عندنا أمواتاً لوالدي ولم يصلوا عليهم صلاة الجنازة فالوالد يريد أن يجتمع أهل الأموات ويصلوا عليهم ما حكم ذلك مع العلم أن الأموات غير معروفة قبورهم أفتونا مأجورين؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هؤلاء الأموات غير معروفة قبورهم، فإنهم يأخذون حكم الميت الغائب، وبالتالي فتشرع الصلاة عليهم. ولا سيما إذا علم أنه لم يصل عليهم، قال في نهاية المحتاج في معرض كلامه على الصلاة على الغائب: وفي معناه إذا قتل إنسان ببلد وأخفي قبره عن الناس. انتهى كلامه، ومعناه -والله أعلم- أن من مات ولم يعلم مكانه صلي عليه كالغائب ولو كان في البلد.
وعليه؛ فما يريده الوالد لا حرج فيه إذا توفرت فيمن يريد الصلاة على هؤلاء شروط صحة الصلاة على الغائب، والتي من أهمها أن يكون وقت موت الغائب مكلفاً مسلماً ... وللمزيد من الفائدة في مسألة الصلاة على الغائب تراجع الفتوى رقم: 33181، والفتوى رقم: 30687، والفتوى رقم: 51445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(11/12526)
الصلاة على الغائب تكون بعد غسله وتجهيزه
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الجنازة على الميت الغائب في بلد آخر، هل يشترط أن نتأكد بأن الميت تم غسله وكفنه أم يجوز الصلاة عليه بمجرد سماع خبر وفاته والتأكد بأنه فارق الدنيا، أفيدونا جزاكم الله بالدليل من الكتاب والسنة؟ ودمتم في رعاية الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في جواز الصلاة على الميت المسلم الغائب عند القائلين بذلك هو صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي الثابتة في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربعاً. وذهب القائلون بعدم جواز الصلاة على الغائب إلى أن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقد أوضحنا كلام العلماء في هذه المسألة في الفتوى رقم: 30687.
وبناء على القول بجواز الصلاة على الغائب، فإن الأصل في الصلاة على الميت أن تكون بعد الغسل والتجهيز، لا فرق في ذلك بين الغائب والحاضر، وعليه فإن من أراد أن يصلي على غائب فعليه أن يتحرى غسله وتجهيزه أي تكفينه ثم يصلي عليه، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 51445، والفتوى رقم: 30840.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(11/12527)
قول الشافعية والأحناف في الصلاة على الغائب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة على الميت (صلاة الغائب) قبل أن يصلى عليه في البلد الذي مات فيه؟ وهل يشترط للصلاة عليه الغسل والتكفين؟ وقد يحدث أحيانا أن يموت أحد أقرباء الميت في صباح الجمعة مثلا وقد يتأخر الصلاة والدفن في موطنه وإذا صلى أحد من أقرباء الميت بعد صلاة الجمعة ونظراً لاجتماع العدد الكثير للجمعة ولم يصل عليه في بلده بعد فهل يجوز ذلك؟ وما رأي المذهب الشافعي والحنفي المتبع في الهند في هذه المسألة؟ أفيدوني بالتفصيل لأن إجاباتكم غالباً ما تكون قصيرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق ذكر أقوال العلماء في صلاة الغائب في الفتوى رقم: 30687. كما تقدم الحكم في المسألة بالنسبة للمذهب الحنفي في الفتوى رقم: 9617.
ويشرع عند الشافعية الصلاة على الميت الغائب عن البلد بشرط حصول العلم أو الظن أنه تم تغسيله أو مع استصحاب نية الصلاة عليه إن كان قد غسل.
قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: تجوز الصلاة على الغائب عن البلد ولو دون مسافة القصر وفي غير جهة القبلة والمصلي مستقبلها، لأنه صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي بالمدينة يوم موته بالحبشة. رواه الشيخان وذلك في رجب سنة تسع.
قال ابن القطان: لكنها لا تسقط الفرض. قال الزركشي: ووجهه أن فيه إزدراء وتهاوناً بالميت لكن الأقرب السقوط لحصول الغرض، وظاهر أن محله إذا علم الحاضرون. قال الأذرعي: وينبغي أنها لا تجوز عن الغائب حتى يعلم أو يظن أنه قد غسل إلا أن يقال تقديم الغسل شرط عند الإمكان فقط على ما مر، أو يقال ينوي الصلاة عليه إن كان قد غسل فيعلق النية. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(11/12528)
من الذي يمكن أن تصلى عليه صلاة الغائب
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل بنى مسجداً، وراتب الإمام والمؤذن والكهرباء وغير ذلك عليه، وانتقل إلى رحمة الله، وصلي عليه بالمسجد الحرام.
هل تجوز إقامة صلاة الغائب عليه بمسجده بجدة؟ وما الدليل على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف في حكم الصلاة على الغائب، هل هي مشروعة في حق كل ميت أم هي من خصوصيات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والذي نرى ترجيحه هو أنها مشروعة في حق من مات بأرض ليس فيها من يصلى عليه، أما من صُلي عليه فإنه لا تصلى عليه صلاة الغائب. وانظر ذلك في الفتوى رقم: 30687.
وعليه فإن هذا الميت الذي صُلي عليه في المسجد الحرام لا تشرع في حقه صلاة الغائب، وأدلة ذلك في الفتوى المذكورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(11/12529)
حكم صلاة الغائب على من مات بزلزال الجزائر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
1- هل هناك نهي عن كف "لف" البنطلون أو الإزار؟
2- لقد قمنا فى صلاة الجمعة بصلاة الغائب على ضحايا الزلزال الذي ضرب الجزائر؟
3- هل يجوز رفع اليدين عندما نقول "سبحانك ربي رب العزة عما يصفون...." وهل يجوز رفعها عند
كل صلاة، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق ذكر الحديث الذي ينهى عن كف الثوب في الصلاة، والحكمة من هذا النهي في الفتوى رقم:
18349، والفتوى رقم: 17710.
وكذا قد تقدم بيان ما يتعلق بأداء صلاة الغائب على من مات بزلزال الجزائر بالفتوى رقم: 33181.
وأما رفع اليدين المسؤول عنه، فإن كان المقصود به رفع اليدين عند القنوت فقد سبق جوابه في الفتوى رقم: 6822.
وإن كان المقصود به رفع اليدين بعد الصلاة فقد سبق جوابه في الفتوى رقم: 5340.
وإن كان المقصود منه غير ذلك فنرجو بيانه حتى تتسنى لنا الإجابة عليه على وجه الدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(11/12530)
يصلى على من غلب على الظن موته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه للأمة من خدمات جليلة أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلها في ميزان أعمالكم يوم القيامة إنه على ما يشاء قدير.... وبعد:
أود الاستفسار من جنابكم الكريم حول صحة صلاة الغائب على إخواننا في الجزائر، والذين قضوا تحت الأنقاض وربما لا يكون هناك من صلى عليهم أو أخرجهم بعد!! أرجو الإسراع بالإجابة قدر الإمكان إن تكرمتم؟ وجزاكم الله خيرا عنا وعن جميع الامة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتشرع الصلاة على الغائب إذا غلب ع لى الظن أنه لم يصلّ عليه، هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم كما سبق أن بينا ذلك ف ي الفتوى رقم:
30687
فعلى هذا فإن من تحقق أو غلب على الظن موته ولم يتيسر العثور عليه للصلاة عليه فإنه تصلى عليه الصلاة على الغائب، إلا أننا ننبه هنا إلى أنه بما أن البحث مستمر لإخراج الجثث من تحت الأنقاض فإن الأولى الانتظار حتى تستخرج الجثة فيصلى على الميت؛ إذ أن هذا هو الأصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(11/12531)
صفة صلاة الغائب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أريد معرفة كيفية " صلاة الغائب"
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المقصود بصلاة الغائب صلاة الجنازة التي تصلى على من مات ببلد آخر، فيصطف المصلون صفوفاً كما هو الحال في صلاة الجنازة، ويصلي بهم أحد الناس إماماً فيكبر بهم تكبيرات صلاة الجنازة الأربع يقرأ سورة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى، ثم الصلاة الإبراهيمية بعد التكبيرة الثانية، ثم الدعاء للميت بعد التكبيرة الثالثة، ثم السلام بعد التكبيرة الرابعة، هذه هي صفتها، ولمزيد من الفائدة عن حكمها تراجع الفتوى رقم: 7920
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1424(11/12532)
أقوال العلماء في الصلاة على الغائب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الغائب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في صلاة الجنازة على الغائب، فذهب الشافعي وأحمد في ظاهر مذهبه إلى أنها مشروعة، واستدلوا بما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربعاً.
ومعلوم أن النجاشي مات بأرض الحبشة.
وذهب الحنفية والمالكية إلى عدم مشروعية صلاة الغائب، وأجابوا عن قصة النجاشي بأن الصلاة عليه من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الجائز أن يكون رُفع للنبي صلى الله عليه وسلم سرير النجاشي فصلى عليه صلاته على الحاضر المشاهد، قالوا: ويدل على ذلك أنه لم ينقل عنه أنه كان يصلي على كل الغائبين، وتركه سنة، كما أن فعله سنة، ولا سبيل لأحدٍ بعده أن يعاين سرير الميت من المسافة البعيدة ويرفع له حتى يصلي عليه، فعلم أن ذلك مخصوص به.
وذهب الإمام أحمد في رواية نقلها شيخ الإسلام كما في الفتاوى الكبرى (4/444) إلى صلاة الغائب على من له فضل وسابقة على المسلمين، فقال: إذا مات رجل صالح صلي عليه. واختار هذا القول من المتأخرين الشيخ السعدي رحمه الله.
والراجح -والله أعلم- أن صلاة الغائب مشروعة في حق من مات بأرض ليس فيها من يصلي عليه، أما من صلي عليه حيث مات فإنه لا يصلى عليه صلاة الغائب، وإلى هذا ذهب جمع من المحققين، منهم الخطابي والروياني وترجم بذلك أبو داود في السنن فقال: باب الصلاة على المسلم يليه أهل الشرك في بلد آخر.
واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، قال ابن القيم في زاد المعاد:.... وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الصواب أن الغائب إن مات ببلدٍ لم يصلَّ عليه فيه، صلي عليه صلاة الغائب، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي لأنه مات بين الكفار ولم يُصلَّ عليه، وإن صلي عليه حيث مات لم يصلَّ عليه صلاة الغائب، لأن الفرض قد سقط بصلاة المسلمين عليه.
وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، ويؤيد هذا أيضاً أنه قد مات في عهد الخلفاء الراشدين كثير ممن كانت لهم أيادٍ على المسلمين ولم يُصَلَّ صلاة الغائب على أحد منهم، والأصل في العبادات التوقيف حتى يقوم الدليل على مشروعيتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(11/12533)
ما ذكره فقهاء الأحناف في عدم جواز الصلاة على الميت الغائب
[السُّؤَالُ]
ـ[لم يتطرق المذهب الحنفي إلى صلاة الغائب. فما هو السبب؟ يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد منع علماء المذهب الحنفي الصلاة على الميت الغائب، وقالوا: بأنه أبيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي على الميت الغائب دون أمته، لأمر خصه الله تعالى به.
قال الإمام السرخسي في المبسوط: (قال علماؤنا رحمهم الله تعالى: لا يصلى على ميت غائب.
وقال الشافعي رضي الله عنه: يصلى عليه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي وهو غائب.
ولكنا نقول: طويت الأرض، وكان هو أولى الأولياء، ولا يوجد مثل ذلك في حق غيره، ثم إن كان الميت من جانب المشرق، فإن استقبل القبلة في الصلاة عليه، كان الميت خلفه، وذلك لا يجوز، وإن استقبل الميت كان مصلياً لغير القبلة، وذلك لا يجوز) . باب غسل الميت.
وكذلك في بدائع الصنائع للكاساني أيضاً، وغيره من مراجع الحنفية.
ولا يخفى أن مسألة الصلاة على الغائب خلافية بين العلماء، وإذا أردت الرجوع إلى المسألة مع أدلتها، فارجع - إن شئت - إلى المغني لابن قدامة الجزء الثاني، والمجموع للنووي الجزء الخامس، ومواهب الجليل من أدلة خليل الجزء الأول. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(11/12534)
هل يصلى على الشهيد صلاة الغائب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[على من تصلى صلاة الغائب، وهل تصلى علي الشهيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة على الغائب (أي: المسلم الذي مات في بلد آخر) جائزة، فقد روى الشيخان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة معه على النجاشي لما مات في الحبشة.
وتصلى صلاة الغائب على كل مَن تُصلى عليه صلاة الجنازة، وهو: كل مسلم مات: ذكراً كان أم أنثى، صغيراً كان أم كبيراً، باتفاق الفقهاء.
ولا يُصلى على الشهيد (الذي قتله الكفار في المعركة) صلاة الجنازة، ولا صلاة الغائب عند بعض الفقهاء، لما رواه البخاري وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم، ولم يغسلهم، ولم يصل عليهم.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز الصلاة على الشهيد، لما روى البخاري: أنه صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلى على أهل أحد صلاته على الميت بعد ثمانِ سنين، كالمودع للأحياء والأموات.
ولما رواه البيهقي مرسلاً أنه صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد قبل دفنهم.
ولعل ما ذهب إليه الإمام ابن حزم من جواز الصلاة على الشهيد وجواز تركها، إعمالاً للنصوص الواردة في ذلك قول حسن وجيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1422(11/12535)
تجوز الصلاة على الميت مرات عدة بعد أن صلي عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد أن صلي على الميت ودفن هل يجوز الصلاة عليه مرة أخرى في مساجد أخرى من نفس البلد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أجاز جمع من الفقهاء الصلاة على الميت الغائب عن البلد إلى مدة شهر من دفنه. أما إذا كان في نفس البلد، فإن من لم يصل عليه جاز له أن يصلي على قبره. لما في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبر رطب فصلى عليه وصفوا خلفه وكبر أربعا". وفي الصحيحين أيضاً أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد فسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ماتت. فقال:" أفلا كنتم آذنتموني؟ قال: دلوني على قبرها فدلوه فصلى عليها".
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12536)
دخل المسجد ووجدهم يصلون على الجنازة ولم يكن أدى الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[من دخل إلى المسجد ولم يدرك الجماعة الأولى مع الإمام ووجد الإمام يصلي على جنازة، فهل يصلي المكتوبة أولاً؟ أم يصلي مع الإمام على الجنازة ثم يصلي المكتوبة؟.
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن دخل المسجد بعد انتهاء الجماعة ووجد الجماعة يصلون على جنازة، فإنه يصلي عليها معهم حتى لا تفوته ثم يصلي الفريضة بعد ذلك، هذا إذا لم يخش خروج وقت الفريضة، قال ابن قدامة في المغني: فصل: وإذا اجتمع صلاتان، كالكسوف مع غيره بدأ بأخوفهما فوتاً. انتهى.
قال ابن باز فيمن دخل المسجد ووجد الجماعة يصلون على الجنازة: المشروع لك في مثل هذا الأمر أن تنوي صلاة الجنازة إذا علمت أنها صلاة جنازة ثم تكبر وتكمل معهم صلاة الجنازة، ثم بعد ذلك تصلي صلاة الظهر لأن صلاة الجنازة تفوت، وصلاة الظهر لا تفوت، لأن وقتها واسع. وفق الله الجميع. انتهى من مجموع فتاواه.
وانظر للأهمية في ذلك الفتوى رقم: 25328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(11/12537)
الدعاء بعد التكبيرة الرابعة في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة جنازة الإمام سلم بعد التكبيرة الرابعة مباشرة، أليس بعد الرابعة دعاء عام للأحياء والمتوفين من أمة محمد؟ المأموم إذا كان مذهبه تسليمة واحدة في صلاة الجنازة، لكن الإمام سلم اثنتين، هل يجب على المأموم تسليمتان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء بعد التكبيرة الرابعة في صلاة الجنازة مّما اختلف العلماء في حكمه، فبعضهم ذهب إلى مشروعيته وبعضهم إلى عدم مشروعيته.
قال ابن قدامة: ظاهر كلام الخرقي أنه لا يدعو بعد الرابعة شيئا، ونقله عن أحمد جماعة من أصحابه وقال: لا أعلم فيه شيئا، لأنه لو كان فيه دعاء مشروع لنقل، وروي عن أحمد: أنه يدعو ثم يسلم لأنه قيام في صلاة فكان فيه ذكر مشروع كالذي قبل التكبيرة الرابعة، قال ابن أبي موسى وأبو الخطاب يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وقيل يقول: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده وهذا الخلاف في استحبابه، ولا خلاف في المذهب أنه غير واجب، وإن الوقوف بعد التكبير قليلا مشروع.
وانظر صفة صلاة الجنازة في الفتوى رقم: 56392.
وإذا سلّم الإمام تسليمتين فإنه يشرع للمأموم متابعته، وإن كان مذهب المأموم الاكتفاء بتسليمة واحدة. فقد جاء عن الحنابلة مشروعية متابعته تخريجاً على متابعة الإمام في قنوت الفجر.
قال ابن مفلح: وهل يتابع الإمام في التسليمة الثانية؟ يتوجه، كالقنوت في الفجر. وفي الفصول: يتبعه في القنوت، قال: وكذا "في" كل شيء، لا يخرج به عن أقاويل السلف.
وكلام الحنابلة في قنوت الفجر ليس صريحاً في الوجوب.
قال المرداوي: لو ائتم بمن يقنت في الفجر تابعه فأمن أو دعا جزم به في المحرر والرعاية الصغرى والحاويين وجزم في الفصول بالمتابعة وقال الشريف أبو جعفر في رؤوس المسائل تابعه في الدعاء قال ابن تميم: أمن على دعائه وقال في الرعاية الكبرى تبعه فأمن ودعا وقيل: أو قنت وقال في الفروع ففي سكوت مؤتم ومتابعته كالوتر روايتان وفي فتاوى ابن الزاغوني يستحب عند أحمد متابعته في الدعاء الذي رواه الحسن بن علي فإن زاد كره متابعته وإن فارقه إلى تمام الصلاة كان أولى وإن صبر وتابعه جاز وعنه لا يتابعه قال القاضي أبو الحسين: وهي الصحيحة عندي. انتهى.
وعلى ذلك فالأحوط متابعة الإمام في التسليمة الثانية كما سبق في الفتوى رقم: 43458.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(11/12538)
كفارة من صلى على الجنازة وهو جنب
[السُّؤَالُ]
ـ[لو تكرمتم علي بأن تنصحوني كيف أكفر عن ذنب ارتكبته من عشرين سنة، والذنب الذي ارتكبته لم يفارق مخيلتي أبدا، والشخص الذي ارتكبت الذنب معه هو أخ مسلم مثلي، وضميري دائما يؤنبني بذنبي، ويوم ارتكبت الذنب كنت بالغا لكن ارتكبته وأنا نادم على ما فعلت، وهو: عندما توفي هذا الأخ أنا كنت على جنب وذهبنا بالجثمان إلى المسجد لكي نصلي صلاة الجنازة، مع العلم أني لم أدخل المسجد حينها لأني كنت على ما كنت عليه، لكن الكل كان يطلب مني الدخول للصلاة قبل قيامها، تصور كم كنت خجلا من نفسي في الوضع الذي كنت فيه، وكنت حزينا كثيرا من ما كنت فيه، وأخيرا دخلت من خجلي من الجميع، والكل يعرف أني مسلم وكيف مازلت متأخرا عن الدخول لقضاء صلاة الميت، وصليت معهم ثم ذهبنا ودفناه، وفي نفس الليلة رأيت المتوفى في منامي وكان ينظر لي بنظرة وليس مثلها نظرة، كان ينظر إلي بنظرة المنزعج الغضبان، ومنذ ذلك الوقت وليومنا هذا لم يذهب من مخيلتي أبدا وأحاسب نفسي كيف فعلت الذنب وأنا نادم جدا على ما اقترفت، ودائما أطلب من الله المغفرة على ما فعلت، لكن لم أفعل هذا الذنب إلا مرة واحدة في حياتي، ومن وقت لآخر أذهب للمقبرة وأغسل له قبره، وأقرأ له الفاتحة في كل صباح، وأدعو له كما يجب من الدعاء، وتصدقت له بصدقة لمسجد، ودائما أقدم ما أستطيع لأرملته وأولاده، ومنذ فترة أتاني في منامي وقبلني من خدَي لكني ما زلت نادما وخائفا من عذاب الله، ودائما احذر أصحابي وأحبابي وكل من أعرفه أقول لهم وإياكم أن تفعلوا هذان الشيْئان يقولون وما هما؟ أقول: الضرر بالناس، والإشراك بالله. وأخيرا وليس آخر ما زلت نادما على فعلتي، وإذا تكرمتم على بكرم الإسلام ساعدوني كيف أكفر عن ذنبي الكبير هذا؟ وأنا لكم من الداعيين ولكم مني تحية الإسلام والشكر الخالص. اللهم اجعلنا رحماء لبعضنا البعض يا رحمن يا رحيم آمين آمين آمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن ذنبك وإساءتك هو كونك صليت على جنازة هذا الأخ المذكور وأنت على جنابة.
فنسأل الله جل وعلا أن يغفر لك ذنبك بكرمه ومنه ورحمته، واعلم أن الخجل من الناس لا يبرر لك ما فعلته؛ لأن الله جل جلاله أحق أن تخشاه، وقد كان يمكنك تدارك الأمر بالاغتسال في دورة مياه المسجد مثلا.
وإذا خفت فوات صلاة الجنازة بالاغتسال فقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى جواز التيمم في تلك الحالة، فقال: أصح أقوال العلماء أنه يتيمم لكل ما يخاف فوته، كالجنازة وصلاة العيد وغيرهما مما يخاف فوته؛ فإن الصلاة بالتيمم خير من تفويت الصلاة. مجموع الفتاوى.
وعلى أية حال فكفارة ما فعلته تكون بالاستغفار والتوبة النصوح، وبما أنك قد ندمت على ما فعلت فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: الندم توبة. رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.
إلا أن من شروط التوبة أيضا العزم على عدم الوقوع في ذلك مرة أخرى. وانظر شروط التوبة في الفتوى رقم: 5450.
ونسأل الله سبحانه أن يتقبل منك ما فعلته من الصدقة عن ميتك، وأن يجزيك خيرا عن تقديم ما تستطيعه لأرملته وأولاده وتحذير أصحابك من الضرر والشرك.
وأما غسلك القبر؛ فهذا ليس بمشروع؛ لأنه لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا عن أصحابه ولا عن التابعين لهم بإحسان، فالصواب تجنبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(11/12539)
هل تجب صلاة الجنازة وجوبا عينيا على من كان في المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الجنازة تكون فرض عين على الموجودين الحاضرين بالمقابر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجنازة فرض كفاية با لإجماع، كما قال النووي رحمه الله: وفرض كفاية كما قال عنه صاحب الموافقات: متوجه إلى الجميع لكن إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين. انتهى.
فليس بواجب عيني على من كان في المقبرة أن يصلي في الجنازة، غير أنه لا شك أن شهود الجنازة والصلاة عليه ودفنها فيه خير كثير وثواب عظيم، فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شهد جنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان، قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(11/12540)
صلاة الجنازة في أحد الحرمين ودفن الميت في البقيع
[السُّؤَالُ]
ـ[أبى يرحمه الله قد مات في مكة ودفن في البقيع سؤالي هل هذه تعد نعمة من الله والصلاة عليه في الحرم لها فضل عن المساجد الأخرى وأبي كان من المجاهدين لنصرة الإسلام وأحسن تربيتنا الإسلامية وعذب من أجل دينه والحمد لله فهل يستفيد أولاده بفضل هذا الجهاد في رضى ربهم عليهم وهل حقا أن الذي دفن في البقيع له أن يطلب من الله شيئا لأولاده يوم القيامة مثلا أن يكونوا معه في الجنة لو كان في منزلة أعلى اللهم اجمعنا مع نبينا محمد وكل الأحباء وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه من أعظم النعم أن يصلى على المسلم في المسجد الحرام أو بالمسجد النبوي وذلك لما يوجد فيهما من كثرة المصلين إضافة إلى فضل المكان، فالصلاة في الحرمين أفضل من الصلاة في جميع المساجد الأخرى، ونرجو الله تعالى أن يثيب الوالد على ما قدم من عمل صالح، ولا نعلم دليلا خاصا يفيد أن المدفون في البقيع يجد ما طلب لأولاده، ولكن أهل الإيمان عموما يكرمهم الله تعالى في الآخرة بلحوق أبنائهم بهم كا يدل له قوله تعالى: وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ {الطُّور:21}
وإذا كان الوالد توفي بمكة ونقل إلى المدينة ليدفن بالبقيع فإن هذا مما لا ينبغي فعله لما فيه من تأخير الدفن لغير سبب شرعي، وراجعي في فضل الدفن في البقيع، وفي المزيد عما تقدم الفتاوى التالية أرقامها: 63646، 76083، 103868، 37358، 23895، 44259.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(11/12541)
الصلاة على الجنين بين الوجوب وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفتائي في هذه المشكلة التي تقلقني ليلا ونهارا منذ حوالي 4سنوات طلقت زوجتي الثانية بسبب معاملتها لأولادي قد حملت وأسقطت في الشهر الرابع تقريبا، الإسقاط حصل في البيت ولم يكن في المستشفى، الوقت تحديدا في العصر وكنت مستعجلا وعندي عمل قامت الزوجة بلفه في قماش أبيض وقالت لي خذه للمقبرة وأخذته وذهبت إلى المقبرة التي على طريقي ولم أجد أحدا في المقبرة، وكان جوار المقبرة مخطط وكوم من التراب والرمال أكوام وقمت بدفنه وذهبت مسرعا مستعجلا إلى عملي ولم أصل عليه علما أن المولود قطعة من اللحم ولم يكن يتبين منه شيء، أرجو من فضيلتكم إفتائي هل علي إثم أو شيء أقوم به وجزاكم الله عني خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ليس على الحامل ذنب في إسقاطها بلا قصد ولا يشرع عقابها بسبب ذلك، فإن تسببت في ذلك فقد عصت الله سبحانه وتعالى ولزمتها الغرة وهي دية الجنين مع الكفارة، وإذا كان السقط لم يكمل أربعة أشهر فلا إثم عليك في دفنه من غير صلاة، وإن كان قد أكمل أربعة أشهر فعلى القول بوجوب الصلاة عليه في هذه المرحلة فقد أخطأت لأن بإمكانك أن تسأل أهل العلم، وعليك أن تتوب إلى الله تعالى، أما على القول بعدم وجوب الصلاة عليه في هذه المرحلة فلا إثم عليك في ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الجنين قد سقط بلا سبب من أمه فإنه لا ذنب عليها في ذلك ولا يشرع عقابها ولا لومها على ما لا كسب لها فيه، أما إن كان بسبب منها فقد عصت الله سبحانه وتعالى حيث أقدمت على إسقاط جنين وصل إلى هذه المرحلة ولزمتها الكفارة ودية السقط، فقد نص أهل العلم على أن الحامل إذا عملت عملاً يسبب عادة إسقاط جنينها، ثم سقط نتيجة لذلك العمل، كأن تشرب دواء فتسقط منه، فإنها تضمنه، فتجب عليها الغرة وقيمتها عشر دية أم الجنين، كما تلزمها الكفارة.
قال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي: وإذا شربت دواء فألقت جنينها ميتاً فعليها غرة، ولا ترث منه شيئاً، وتعتق رقبة، ليس في هذه الجملة اختلاف بين أهل العلم نعلمه، إلا ما كان من قول من لم يوجب عتق الرقبة. انتهى.
وتسقط الغرة بعفو الورثة، بخلاف الكفارة، والكفارة هي: عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، لقوله تعالى: فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92} .
أما ما قمت أنت به من دفنه من غير صلاة.. فإذا لم يكمل أربعة أشهر -كما هو الظاهر- فلا إثم عليك في ذلك لأنه في هذه المرحلة لا يصلى عليه باتفاق الفقهاء.
قال النووي في المجموع: قال العبدري: إن كان له دون أربعة أشهر لم يصل عليه بلا خلاف، وإن كان له أربعة أشهر ولم يتحرك لم يصل عليه عند جمهور العلماء، وقال أحمد وداود رحمهما الله: يصلى عليه.
فإن كان قد أكمل أربعة أشهر فعلى القول بوجوب الصلاة على السقط إذا مضى عليه أربعة أشهر -وهو قول الإمام أحمد ومن وافقه- فقد كان عليك أن لا تقدم على هذا الأمر حتى تسأل عنه أهل العلم، فإن تجرأت على ذلك مع إمكان الرجوع إلى أهل العلم فقد أخطأت وعليك أن تتوب إلى الله تعالى، وعلى قول الجمهور لا إثم عليك فيما فعلت لعدم وجوب الصلاة على السقط في هذه المرحلة.
قال ابن قدامة في المغني أيضا: السقط الولد تضعه المرأة ميتاً، أو لغير تمام، فأما إن خرج حيّاً واستهل، فإنه يغسل ويصلى عليه بغير خلاف.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الطفل إذا عرفت حياته، واستهل صُلي عليه. وإن لم يستهل، فقال أحمد: إذا أتى له أربعة أشهر غسل وصُلي عليه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(11/12542)
حكم الصلاة على الساحر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة علي الساحر عند موته؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
حكم الصلاة على الساحر يتبع الحكم على ديانته فعلى القول يكفره لا يصلى عليه. وأما على القول بإسلامه فإنه يصلي عليه غير الأفاضل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الساحر اختلف في أمره هل هو كافر، أم إنه مسلم مرتكب للكبائر فالصلاة عليه يتبع لديانته.
وقد بينا رجحان تكفيره وخلاف العلماء فيه في الفتاوى التالية أرقامها: 11104، 13974، 24767.
فإن اعتمدنا القول بكفره فإن الكافر لا يصلى عليه لقوله تعالى: وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ {التوبة84}
والإجماع على تحريم الصلاة على الكافر كما نقله النووي في المجموع.
وأما على القول بعدم كفر الساحر فإنه يصلى عليه لأن الفساق يحتاجون للاستغفار وسؤال الرحمة لهم ولكن ينبغي ألا يصلي عليه أفاضل الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1429(11/12543)
حكم تأخير صلاة الجنازة حتى يكثر الجمع
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هذه المرة فيما يخص الجنازة ... يوم الأحد تم وصولنا إلى المقبرة قبل صلاة العصر بحوالي ربع ساعة فقمنا بانتظار الأذان وذلك من أجل القيام بالفرض وأيضا حتى تجتمع أكثر من جنازة فحدث في ذلك الوقت اضطراب حيث إن البعض يقول لا يجوز الانتظار والبعض الآخر يقول لا بل يلزم الانتظار متعللين بصلاة الجنازة في المسجد الحرام حيث إنه إثر الفرض يقوم الإمام بصلاة الجنازة، فسؤالي هو: هل يجوز لنا هذا الانتظار، أم يجب علينا دفن الميت أثر الوصول إلى المقبرة، فأفيدونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز تأخير الصلاة على الجنازة لتكثير المصلين أو لحضور ولي للميت إذا لم يترتب على التأخير المذكور تغُّير للميت أو مشقة على الحاضرين، كما تجوز الصلاة على الجنازة بعد صلاة العصر قبل اصفرار الشمس وقُرْبِ مغيبها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من تأخير الصلاة على الجنازة انتظاراً لكثرة المصلين إذا لم يترتب على التأخير تغيرها أو حصول مشقة للحاضرين، ففي دقائق أولى النهى ممزوجاً بمنتهى الإرادات الحنبلي: (ولا بأس أن ينتظر به) أي الميت (من يحضره من وليه أو غيره، إن قرب) المنتظر (ولم يخش عليه) أي الميت (أو يشق) الانتظار (على الحاضرين) نص لأنه تكثير للأجر بكثرة المصلين بلا مضرة فإن بَعُد أو خُشي عليه، أو شق على الحاضرين جُهِّز فوراً. انتهى.
وفي حاشية الشهاب العبادي على الغرر البهية وهو شافعي: ثم لعل محل الوجوب ما لم يكن التأخير عن الفرض لانتظار كثرة المصلين عليها، وإلا فيجوز التأخير، لأنه لمصلحة الميت فلا تهاون به ولا ازدراء. انتهى.
ولا حرج في الصلاة على الجنازة بعد صلاة العصر قبل اصفرار الشمس واقتراب مغيبها، ففي المصنف لابن أبي شيبة: كان عبد الله بن عمر إذا كانت الجنازة صلى العصر ثم قال عجلوا بها قبل أن تطفل الشمس. انتهى. وفيه أيضاً عن عمرو بن هرم قال: سئل جابر بن زيد عن الجنازة يصلى عليها قبل صلاة العصر أو بعدها قال: يصلى على الجنائز قبل العصر وبعد العصر وقبل المغرب ثم يصلى المغرب. وفي المدونة للإمام مالك: وقال مالك: لا بأس بالصلاة على الجنازة بعد العصر ما لم تصفر الشمس، فإذا اصفرت الشمس فلا يصلى على الجنازة إلا أن يكونوا يخافون عليه فيصلى عليها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(11/12544)
هل لصلاة الجنازة في المسجد الحرام زيادة فضل للمصلي والميت
[السُّؤَالُ]
ـ[فضل الصلاة على الأموات بالحرم المكي -للميت، والمصلين على الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن فضل صلاة الجنازة في المسجد الحرام بالنسبة للمصلي داخل في عموم فضل الصلاة في هذا المكان ومضاعفة أجرها على الصلاة فيما سواه، أما بالنسبة للميت فإنه كلما كثرت الجماعة كان ذلك أفضل بالنسبة له، والصلاة عليه في هذا المكان مظنة لكثرة الجماعة، أضف إلى ذلك الدعاء له في هذا المكان أيضاً ولم نجد من ذكر أن لذلك فضلاً خاصاً غير ما ذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1429(11/12545)
حكم إعادة الصلاة على الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي رحمها الله وصلينا عليها الجنازة وكنت الإمام فى الصلاة ثم انتقلنا إلى بلدة أخرى للدفن على حسب الوصية وصلينا عليها الجنازة مرة أخرى وكنت الإمام أيضا فى صلاة الجنازة، فهل يجوز الصلاة مرتين على الجنازة بنفس الإمام، وإذا لم يجز ذلك فما العمل لجبر ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى حكم نقل الميت، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 44259.
وفيما يخص موضوع سؤالك فالذي عليه أهل العلم أنه ليس من السنة أن تعاد الصلاة على الجنازة ممن صلوا عليها أولاً، ومن أهل العلم من لا يرى تكرار الصلاة على الجنازة أصلاً، جاء في المغني: ومن صلى مرة فلا يسن له إعادة الصلاة عليها، وإذا صُلي على الجنازة مرة لم توضع لأحد يصلي عليها ... انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية: وعند الشافعية والحنابلة: تسن الصلاة على الجنازة لكل من لم يصل أولاً، سواء أكان أولى بالصلاة عليه أم لم يكن، وقال في الأم: إن سبق الأولياء بالصلاة على الجنازة ثم جاء ولي آخر أحببت أن لا توضع للصلاة ثانية، وإن فعل فلا بأس إن شاء. وعند مالك لا تعاد الصلاة على الجنازة مرة أخرى. انتهى.
وفي بدائع الصنائع (وهو من كتب الحنفية) : ولا يصلى على ميت إلا مرة واحدة، لا جماعة ولا وحدانا عندنا، إلا أن يكون الذين صلوا عليها أجانب بغير أمر الأولياء، ثم حضر الولي فحينئذ له أن يعيدها. انتهى.
فقد علمت من هذا أن أصحاب المذاهب الأربعة لا يرون إعادة الصلاة من نفس الجماعة التي صلت أولاً، فهو -إذاً- فعل ليس من السنة، ولكن بما أن هذا الأمر قد فات، فالصواب أن لا تعيدوا فعل مثله، ولا نرى عليكم شيئاً فيما مضى، لأنه لم يرد نهي عن خصوص هذا الفعل، وإنما هو مأخوذ من الأمر بتعجيل تجهيز الميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1428(11/12546)
الصلاة في المسجد على ميت موضوع في تابوت
[السُّؤَالُ]
ـ[يدخل الميت للصلاة عليه في المسجد وهو داخل صندوق الدفن فهل السنة أن يكون غطاء الصندوق مكشوفا أم يصلى عليه وهو داخل هذا التابوت والغطاء مغلق بحيث لا يرى الميت، علما بأن الميت مكفن بداخل التابوت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن أهل العلم قد اختلفوا في الصلاة على الجنازة في المسجد، وقد بينا أن الراجح جوازه كما في الجواب رقم: 17049.
كما نريد التنبيه إلى أن الدفن في التابوت مكروه، قال الخطيب الشربيني: ويكره دفنه في تابوت بالإجماع لأنه بدعة إلا في أرض ندية ... أو رخوة.
ثم الأفضل في حق الرجل الميت أن يترك بلا ستر، ويستحب الستر في حق المرأة. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 72123.
وقد علمت من هذا أن وضع الميت في التابوت ليس من السنة، وأن الستر إنما يسن في حق المرأة.
ومع ذلك فالصلاة تصح على الميت، سواء كان في تابوت أو لم يكن، وسواء كان مستورا أم لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1428(11/12547)
اشتراط الطهارة لصلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أجاز الظاهرية صلاة الجنازة بغير وضوء باعتبارها دعاء للميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نجد للظاهرية ما يدل على عدم اشتراط الوضوء لصلاة الجنازة، بل الذي يبدو من كلام ابن حزم أنهم مثل الجمهور في اشتراط الطهارة لصلاة الجنازة كسائر الصلوات، قال ابن حزم في كتابه المحلى في معرض استدلاله على عدم وجوب الموالاة في الوضوء: كما روينا من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر: أنه بال بالسوق ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ثم دعي لجنازة حين دخل المسجد ليصلي عليها فمسح على خفيه ثم صلى عليها. انتهى.
وقال في المحلى أيضاً بعد أن ذكر جواز سجود التلاوة من غير وضوء: أما سجودها على غير وضوء، إلى غير القبلة كيف ما يمكن؟ فلأنها ليست صلاة، وقد قال عليه السلام: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. فما كان أقل من ركعتين فليس (صلاة) إلا أن يأتي نص بأنه صلاة، كركعة الخوف، والوتر، وصلاة الجنازة، ولا نص في أن سجدة التلاوة: صلاة؟. انتهى.
أما القول بعدم اشتراط الطهارة لصلاة الجنازة باعتبارها دعاء، فقد نقل عن الشعبي ومحمد بن جرير الطبري قال النووي في المجموع: ذكرنا أن مذهبنا أن صلاة الجنازة لا تصح إلا بطهارة، ومعناه إن تمكن من الوضوء لم تصح إلا به، وإن عجز تيمم، ولا يصح التيمم مع إمكان الماء وإن خاف فوت الوقت، وبه قال مالك وأحمد وأبو ثور وابن المنذر، وقال أبو حنيفة: يجوز التيمم لها مع وجود الماء إذا خاف فوتها إن اشتغل بالوضوء وحكاه ابن المنذر عن عطاء وسالم والزهري وعكرمة والنخعي وسعد بن إبراهيم ويحيى الأنصاري وربيعة والليث والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي وهي رواية عن أحمد وقال الشعبي ومحمد بن جرير الطبري: يجوز صلاة الجنازة بغير طهارة مع إمكان الوضوء والتيمم، لأنها دعاء، قال صاحب الحاوي وغيره هذا الذي قاله الشعبي قول خرق به الإجماع، فلا يلتفت إليه. انتهى. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 9069.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1428(11/12548)
حكم الدعاء للميت المرتكب للكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء للميت الذي كان يتعامل بالربا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كل من ثبت إسلامه ومات لا يشرك بالله شيئاً ولم يعمل ما يقتضي خروجه من الدين فإنه يعتبر مسلماً، فإن كان يرتكب بعض الكبائر ومات قبل التوبة منها اعتبر مسلماً عاصياً، إن شاء الله غفر له وإن شاء عاقبه بذنوبه، ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، ويجوز الدعاء له والتصدق عليه وترجى له الرحمة والمغفرة من الله سبحانه، قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء {النساء:48} ، بل من كان هذا حاله فهو أحوج ما يكون إلى الدعاء والاستغفار، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 16907، والفتوى رقم: 72087.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1428(11/12549)
الصلاة على من مات فاسقا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للميت أن نصلي عليه وكان يشتم الناس بالألفاظ السيئة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة على الميت فرض كفاية على كل مسلم ولو فاسقاً، بل الفاسق أحوج إلى الدعاء من غيره، ولم ينه الله عن الصلاة والدعاء والاستغفار إلا للمشركين، كما قال الله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {التوبة:113} ، وهذا ليس بمشرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(11/12550)
الصلاة على من مات مصرا على الربا ومفرطا في الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الجليل حفظه الله تعالى، هل يجوز أن نصلي الجنازة على شخص حاله كان كالتالي: يشهد بأنه لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عبده ورسوله ولم ينكر معلوما من الدين بالضرورة وكان يصوم رمضان ويصلي الخمس صلوات إلا إنه كان مرابيا يتعامل بالربا الفاحش مع الناس وكان لا عمل له سوى ذلك، وهو يعلم أن ذلك من أكبر الكبائر إلا إنه كان مصرا على ذلك ومات والعياذ بالله على ذلك، وكان لا يخرج زكاة ماله ولا يحج مع القدرة على ذلك بحجة أن ماله حرام فلن يقبل الله منه عبادة تقوم على المال، فهل هذا الشخص يعتبر مسلما عاصيا ويجوز الصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين، فنرجو من فضيلتكم سرعة الرد؟ جزاكم الله تبارك وتعالى عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مما لا شك فيه أن التعامل بالربا والتفريط في الحج في حق المستطيع من أعظم الكبائر والعياذ بالله تعالى، لكن ما دام الشخص المذكور كما قلت كان يشهد شهادة الحق ويصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ولم يعمل ما يقتضي خروجه من الدين ومات على ذلك فإنه يعتبر مسلماً عاصياً، إن شاء الله غفر له وإن شاء عاقبه بذنوبه، ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء {النساء:48} ، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 16907، والفتوى رقم: 72087.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1428(11/12551)
الصلاة على قاتل نفسه وحكم تعزية أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة على المنتحر، ثم هل يجب العزاء في المنتحر؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه تجب الصلاة على قاتل نفسه كغيره من المسلمين، ولولي الأمر أو من يقتدى به أن يدع الصلاة عليه زجراً عن هذا العمل، ولا تترك الصلاة عليه بالكلية، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 2386.
وكذلك تشرع تعزية أهل المنتحر لأن مصابهم قد يكون أعظم من غيرهم، وميتهم مات مسلماً عاصياً فيلتمس له العذر ويطيب خاطر أهله المفجوعين به، وقد روى ابن ماجه من حديث عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يعزي أخاه بمصيبته إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة.
وقد قال العلماء في تعزية المسلم عن الكافر: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك. فهذا بيان لمشروعية التعزية في الكافر فضلاً عن المسلم الذي مات عاصياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1428(11/12552)
صلاة المرأة على الجنازة وحكم الوساطة للحج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تشارك في صلاة الجنازة؟ وما هو حكم من ينوي الحج للمرة الثانية وذلك بعد تدخل شخص لخروج اسمه من القائمة الإضافية، مع العلم بأن هذا التدخل بدون مقابل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة تشرع لها الصلاة على الجنازة وتثاب عليها لكنها تُنْهى عن تشييعها والمشي معها إلى الدفن، كما تقدم في الفتوى رقم: 8104.
والوساطة من أجل حصولك على فرصة للحج جائز بشرط ألا يترتب عليها تضييع فرصة لشخص آخر مستحق لها، ويحرم التدخل المذكور إذا ترتب عليه استبعاد شخص من المستحقين. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 12863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1428(11/12553)
تعدد القراريط بتعدد الجنائز المصلى عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خير وأثقل الله ميزان حسناتكم على ما تقومون به من جهد في سبيل الله،،،
س- من المعلوم أن فضل صلاة الجنازة كبير،
هل إذا صليت على أكثر من جنازة فلي أجر العدد، قراريط؟ وهل يفرق إذا كانت الجنازة طفلا أو مرأة أو رجلا في الأجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين من حديث أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان. قيل: وما القيراطان؟ قال مثل الجبلين العظيمين.
فهذا الثواب حاصل لكل مصل على جنازة مسلم رجلا كان أو امرأة كبيرا كان أم صغيرا لأن لفظ الجنازة يفيد العموم، وهو باق على عمومه حتى يثبت ما يدل على التخصيص.
كما أن من صلى على عدة جنائز كان له من القراريط بعدد ها سواء صلَّى على تلك الجنائز صلاة واحدة أو صلَّى على كل جنازة على حدة.
ففي فتاوى الرملي الشافعي:
ويتعدد القيراط بتعدد الجنائز وإن اتحدت الصلاة عليها لأن الشارع ربط القيراط بوصف وهو حاصل في كل ميت فلا فرق بين أن يحصل دفعة أو دفعات، والحكمة في تمثيله صلى الله عليه وسلم بجبل أحد دون غيره من الجبال كبره وعظمه وكون المخاطبين يعرفونه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1428(11/12554)
عدم تسوية الصفوف في صلاة الجنازة هل يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح صلاة الجنازة دون تساو لصفوف المصلين أو الوقوف العشوائي؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 66388 كيفية الصفوف في صلاة الجنازة والاصطفاف فيها، وتسوية الصفوف سنة وليس ذلك واجباً، وبالتالي فلا تبطل الصلاة بعدم تسوية الصفوف، لكن لا ينبغي ترك السنة ولا سيما إذا لم يكن هناك مانع من تسويتها، وننبه هنا على أن من أهل العلم من لا تصح عنده صلاة المنفرد خلف الصف لغير عذر سواء في ذلك صلاة الجنازة وغيرها وهم الحنابلة، قال في دقائق أولي النهى ممزوجاً بنص المنتهى: فإن كانوا ستة فأكثر جعل كل اثنين صفاً وإن كانوا أربعة جعلهم صفين، ولا تصح صلاة الفذ فيها خلافاً لابن عقيل والقاضي في التعليق. انتهى.
وعليه فليحذر الشخص الذي يقوم خلف الصف وحده وهو يجد مكاناً من أن تبطل صلاته على هذا القول، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 31530.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1427(11/12555)
الصلاة على من سب دين الله ثم مات
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شخص سب العزة الإلهية أمامي عن غضب ثم ذهب، وفي اليوم التالي علمت أنه قد مات وأنا لا أعلم إذا كان استغفر الله وتشهد، فهل يجوز أن أصلي عليه؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في عدة فتاوى أن سب الله تعالى يعتبر كفراً مخرجاً عن ملة الإسلام، سواء كان ذلك بسبب غضب أم لا، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 33915، والفتوى رقم: 8927.
وعليه فما دمت قد سمعت من هذا الرجل ما يقتضي كفره وخروجه عن الإسلام ولم تعلم أنه عاد إلى الإسلام من جديد فلا تجوز لك الصلاة عليه لأن آخر ما تعلمه عنه هو الكفر والعياذ بالله تعالى، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 66372.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1427(11/12556)
هل يقطع المسبوق صلاته ليلتحق بصلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد لصلاة الظهر فوجدت الإمام في الركعة الثالثة دخلت معهم وعند سلام الإمام نودي لصلاة الجنازة في هذه الحالة ماذا يجب علي أن أفعل هل أتم صلاتي أم ماذا؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا..........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبعد سلام الإمام تقوم بقضاء ما فاتك من الصلاة قبل الدخول مع الإمام، ولا تقطع الفريضة العينية لأجل أداء صلاة الجنازة التي هي فرض كفاية إذا قام بها البعض سقط الوجوب عن الباقين، وبعد سلامك من صلاة الظهر فالتحق بجماعة المصلين على الجنازة حتى تفوز بالثواب الجزيل المترتب على ذلك. وراجع الفتوى رقم: 67458.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1427(11/12557)
حكم وضع الميت في تابوت وستره
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث عندنا شيء في المساجد عند الصلاة على الميت أريد الاستفسار عنها وهى:
1- وضع الميت في تابوت وغلقه من أعلى بغطاء خشبي فهل السنة أن يوضع الرجل في هذه الخشبة المعروفة عندنا في مصر مع تركها مفتوحة من أعلى ولا يوضع أي شيء إذا كان الميت ذكرا وإذا كانت أنثى وضعت بطانة أي شيء على الخشبة من أعلى لأن المرأة عورة
2- عند الصلاة يتعمد المصلون تكثير الصفوف بجعلها صفوف غير مكتملة من أجل أن يكثروا الصفوف مع العلم أن الصفوف في وضعها الطبيعي أثناء صلاة الفريضة كثيرة فعددها 5أو6 صفوف الصف فيه حوالي 40 رجل لأن المسجد كبير
3- تعمد المصلين تقريب الصفوف من بعضها لدرجة أنها تكاد أن تلتصق ببعضها بالرغم أن الصفوف في وضعها الطبيعي أثناء صلاة الفريضة تكون المسافة بينها بمقدار سجود المصلين أو يزيد قليلاً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل عدم وضع الرجل الميت في تابوت وستره بثوب ونحوه بل يترك بلا ستر، ويستحب الستر في حق المرأة سواء كان ذلك حال الصلاة أو حال الحمل إلى المقبرة. قال المرداوي: يستحب ستر نعش المرأة، ذكره جماعة من الأصحاب، منهم ابن حمدان وقدمه في الفروع ... قال بعض العلماء: أول من اتخذ ذلك لها زينب أم المؤمنين، وماتت سنة عشرين. .. ويكره تغطيته بغير البياض، ويسن به، وقال ابن عقيل، وابن الجوزي وغيرهما: لا بأس بحملها في تابوت، وكذا من لم يمكن تركه على النعش إلا بمثله كالأحدب ونحوه.
وأما الدفن في التابوت فمكروه سواء كان المدفون رجلا أو امرأة، قال الخطيب الشربيني رحمه الله: ويكره دفنه في تابوت بالإجماع لأنه بدعة (إلا في أرض ندية ... أو رخوة)
وأما الصفوف في الصلاة على الميت فيستحب أن تكون ثلاثة؛ لما في الصحيحين عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى على أصحمة النجاشي، فصفنا وراءه فكنت في الصف الثاني أو الثالث.
وعن مالك بن هبيرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب. قال ـ الرواي ـ فكان مالك إذا استقل أهل الجنازة جزأهم ثلاثة صفوف للحديث. رواه أبو داود وغيره، قال النووي رحمه الله: ويستحب أن تكون صفوفهم ثلاثة فصاعدا، لحديث مالك بن هبيرة. وما زاد على الثلاثة فإن كان العدد تتم به الصفوف فالأفضل إتمامها كسائر الصلوات، ولا يحدث صف قبل إتمام ما قبله إلا إذا دعت الحاجة كأن لا يسع المكان فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1427(11/12558)
حكم التحقق من حال الميت قبل الصلاة عليه والدعاء للفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز السؤال عن أحوال الميت المسلم الدينية قبل الصلاة عليه، وإن كان فاسقاً فلماذا نصلي عليه وندعو له بالرحمة، لماذا لا نتركه لأمر الله دون دعائنا له، أرجو التفصيل قدر الإمكان؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن ثبت له الإسلام ولم يثبت عنه ما ينقضه فهو مسلم يصلى عليه ويدعى له بالمغفرة والرحمة، ولو كان فاسقاً بل هو أحوج إلى الدعاء من غيره ولم ينه الله عن الدعاء والاستغفار إلا للمشركين، كما قال الله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {التوبة:113} ، ولا ينبغي أن يسأل عن أمور الميت الدينية لأن المسلم مطالب بالستر على أخيه المسلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة. متفق عليه.
ولم يكن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من أمور الميت إلا الدَّيْن لعظم شأنه فإنه يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين، فما بالك بغير الشهيد، فكان يصلي على من ترك وفاءً لدينه ومن لم يترك وفاء أمر الصحابة بالصلاة عليه، ثم لما فتح الله عليه الفتوح كان يتحمل عن المدين دينه ويصلي عليه، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه فضلا، فإن حدث أنه ترك لدينه وفاء صلى وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح، قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يترك الصلاة على من عليه دين ليحرص الناس على قضاء الدين في حياتهم والتوصل إلى البراءة منها, هكذا قال أهل العلم كما ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1427(11/12559)
قراءة السورة بعد الفاتحة في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشرع في صلاة الجنازة قراءة سورة بعد سورة الفاتحة؟ وأرجو أن يكون الجواب مرفوقاً مع الدليل, لأني سمعت أن هناك دليلا على ذلك في صحيح البخاري, إلا أني لست متأكدا. وجزاكم الله خيرا..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الذي عليه أهل المذاهب الأربعة هو عدم قراءة سورة بعد الفاتحة في صلاة الجنازة بل إنهم اختلفوا في قراءة الفاتحة فمنهم من لا يرى مشروعية قراءتها فيها وهم المالكية ومن وافقهم، ومنهم من يرى أنها ركن من أركانها مثل سائر الصلوات وهم الحنابلة والشافعية، ومنهم من يرى أنها مستحبة فقط وهو شيخ الإسلام ابن تيمية.وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 56392 والفتوى رقم: 31420. أما قراءة السورة بعد الفاتحة فقد ورد فيه أثر رواه النسائي عن ابن عباس أنه صلى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر فلما فرغ قال: سنة وحق.
قال في تحفة الأحوذي شرح الترمذي: فائدة قد وقع في رواية النسائي ... فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة (يعني ابن عباس) قال: وهذا يدل على أن السنة قراءة فاتحة الكتاب وسورة معها، قال الشوكاني فيه مشروعية قراءة سورة مع الفاتحة في صلاة الجنازة ولا محيص عن المصير إلى ذلك لأنها زياده خارجة عن مخرج صحيح انتهى قلت (والكلام لشارح الترمذي) قال الحافظ في التلخيص بعد أن ذكر أثر ابن عباس أنه قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب وقال إنها سنة مالفظه: ورواه أبو يعلى في مسنده من حديث ابن عباس وزاد وسورة. قال البيهقي ذكر السورة غير محفوظ. وقال النووي إسناده صحيح. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1426(11/12560)
انتظار المسبوقين للمشاركة في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد انتهائنا من صلاة الفرض، هل نصلي على الجنازة، أم ننتظر من يكملون الفرض بالخلف، وماذا إذا أقيمت جماعة ثانية، هل ننتظرها أيضا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسراع في تجهيز الميت من غسل وتكفين وصلاة ودفن أمر مطلوب شرعاً كما سبق في الفتوى رقم: 21701.
كما أن تكثير المصلين مرغب فيه أيضاً كما سبق في الفتوى رقم: 23895.
وعليه فإذا لم يكن يخشى على الميت من التغير فالظاهر أن انتظار المسبوقين وغيرهم أولى لتكثر الصفوف ويكثر الداعون له، فإن خيف على الميت من التغير فلا ينتظر أحد إذا وجدت جماعة يصلون عليه، لكن الأولى لهؤلاء الذين يأتون بعدما تهيأ الناس لصلاة الجنازة وخافوا إذا أحرموا في الفرض أن تفوتهم صلاة الجنازة أن يقدموا الصلاة على الجنازة ثم يصلوا الفرض ما دام في الوقت سعة، قال ابن قدامة في المغني: وإذا اجتمع صلاتان بدأ بأخوفهما فوتاً، فإن خيف فواتهما بدأ بالواجبة. انتهى
ولم لم تنتظروهم وسلم المسبوقون التحقوا بكم وأكملوا الصلاة على الجنازة، وأما الجماعة التي جاءت بعد ما سلمتم فإذا لم تنتظروهم فقد قدمنا أن الأولى أن يبدءوا بالصلاة التي يخشى فواتها وهي هنا الجنازة، فإذا قدموا الفرض وسلموا قبل رفع الجنازة فلهم أن يصلوا عليها مرة أخرى، قال ابن قدامة في المغني: وأما من أدرك الجنازة ممن لم يصل عليها فله أن يصلي عليها. انتهى
وقال أيضاً: وتعاد الصلاة عليه قبل الدفن جماعة وفرادى، نص عليهما أحمد. انتهى
ولا يعني بالإعادة هنا إعادة من صلى عليها مرة، وإنما يعني تكرار الصلاة على الميت ممن لم يصل عليه، وقال أيضاً: ومن صلى مرة فلا يسن له إعادة الصلاة عليها. انتهى
وفي حال ما إذا لم تنتظروا هؤلاء الذين أحرموا بعدما سلمتم من صلاة الفرض، فالظاهر أنه لا بأس بذلك، ولا يعتبر صلاة جماعتين في مسجد واحد، لأن الصلاة هنا ليست صلاة واحدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(11/12561)
التيمم عند خوف فوت صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحبابي في الله، أجاز بعض الفقهاء التيمم لمن خاف فوات صلاة الجنازة مع الجماعة، واستثنوا من ذلك ولي الميت، بحجة أن الدين أعطى لولي الميت الحق في أن يعيد الصلاة على ميته، هل من توضيح في هذه المسألة؟ وجزاكم الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الجنازة مثل سائر الصلوات في اشتراط الطهارة من الحدث والخبث كما تقدم في الفتوى رقم: 9069 إلا أن بعض أهل العلم ذكر أن من خاف فوات صلاة الجنازة إذا اشتغل بالطهارة أنه يتيمم ويصليها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما إذا خاف فوات الجنازة أو العيد أو الجمعة ففي التيمم نزاع والأظهر أنه يصليها بالتيمم ولا يفوتها. انتهى وهذا قول عند المالكية، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل: وأما لو كان موجودا وخاف الحاضر الصحيح بالاشتغال بالوضوء فوات الصلاة على الجنازة فالمشهور أنه لا يتيمم لها وقيل يتيمم لها وقال ابن وهب إن صحبها على طهارة وانتقض تيمم وإلا فلا.
ولم يفرق من قال بهذا القول بين ولي الميت وغيره فيما اطلعنا عليه. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(11/12562)
هل يعلن قبل صلاة الجنازة أن الميت ذكر أو أنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[أحبابي في الله لاحظت في صلاة الجنازة أن الإمام ينادي قبل تكبيرة الإحرام الصلاة على من حضر من موتى المسلمين, أو يقول: جنازة رجل إذا كان الميت رجلاً أو جنازة امرأة إذا كانت الميت امرأة السؤال هو: هل يجب على الإمام أن يقول شيء من هذا قبل تكبيرة الإحرام وذلك ليعلم المأمومون على من يصلون؟ أو يكتفي الإمام والمصلون بأن ينووا بقلوبهم فقط؟ ما القول الراجح في هذا الباب؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب على الإمام أن يقول للناس شيئاً من هذا القبيل، لأنه لا يشترط في صلاة الجنازة أن يكون المصلي يعلم هل الجنازة ذكر أو أنثى، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 66968، ولكن لو قال ذلك الإمام أو غيره فلا بأس بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(11/12563)
صلاة الجنازة إذا ظن أن الميت رجل فتبين العكس
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله عندي سؤال آمل أن تجيبوني عليه وهو كما يلي: صلى رجل صلاة الجنازة ونوى فيها الصلاة على رجل وبعد إتمام الصلاة تبين له أن الميت امرأة, ماصحة صلاته؟ وأود أن يكون الجواب مرفقا بالأدلة الشرعية وأقوال العلماء في هذا الباب, وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يشترط في صحة الصلاة على الجنازة معرفة كونها ذكرا أو أنثى إذ لم يرد دليل يدل على اشتراط ذلك، وقد نص بعض أهل العلم على هذه المسألة بعينها.
قال أحمد الدردير في الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول خليل: وركنها النية ولا يضر عدم استحضار كونها فرض كفاية ولا اعتقاد أنها ذكر فتبين أنها أنثى ولا عكسه إذ المقصود بالدعاء هذا الميت ولا عدم معرفة كونه ذكرا أو أنثى ودعا حينئذ إن شاء بالتذكير وإن شاء بالتأنيث.
قال الدسوقي معلقا على قوله إن شاء بالتذكير: أي لكون الميت شخصا وقوله إن شاء بالتأنيث أي نظر لكونه نسمة. انتهى.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الشرح الممتع: وإذا كان الإنسان لا يدري هل المقدم ذكر أو أنثى فهل يؤنث الضمير أو يذكره ثم قال: يجوز هذا وهذا باعتبار القصد فإن قلت اللهم اغفر له أي لهذا الشخص أو الميت أو اللهم اغفر لها أي هذه الجنازة. انتهى.
ومن خلال هذه النقول يتبين للسائل الكريم صحة صلاة الجنازة إذا ظن المصلي أنها رجل فتبين العكس أو العكس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(11/12564)
الإجابة على المنادي لصلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قال المؤذن: صلاة الجنازة يرحمكم الله جنازة رجل مثلا، ماذا يجب على المأموم أن يقول؟ بعض الناس يقول: اللهم اغفر لنا وله. هل هذا صحيح؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على السامع للنداء بالصلاة على الجنازة أن يجيب المنادي بدعاء، ولكن إن دعا للميت بالمغفرة فلا حرج فيه، بل الدعاء للأموات مطلوب لكن بخصوص إجابة المنادي هذه لا دليل على إجابتها بالدعاء فيما نعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(11/12565)
الصفوف في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ بارك الله في علمكم وعملكم ونفعكم ونفع بكم: بعد صلاة الجمعة وبالطبع يكون المسجد ممتلئا بالمصلين، تأتي جنازة ليصلي عليها الناس وبالطبع يأتي أهل الميت وهم يحملونه إلى أن يصلوا للقبلة ولا يوجد لهم مكان في الصفوف الأمامية فيتم عمل صف بين الصف الأول والثاني ولكن لا يكتمل هذا الصف الذي عملوه بين الصفين، فهل لا بد من إتمام هذا الصف أم يمكن أن نصلي بدون إكمال هذا الصف]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة في صلاة الجنازة أن تصلى جماعة وتجوز فرادى، قال الإمام النووي رحمه الله: تجوز صلاة الجنازة فرادى بلا خلاف، والسنة أن يصلى جماعة. وفي حالة أدائها جماعة يستحب أن تكون الصفوف ثلاثة ولو كانت الصلاة في المسجد ولم يتم الصف الأول والثاني لما في الصحيحين عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى على أصحمة النجاشي فصفنا وراءه فكنت في الصف الثاني أو الثالث. وعن مالك بن هبيرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب. قال ـ الرواي ـ فكان مالك إذا استقل أهل الجنازة جزأهم ثلاثة صفوف للحديث. رواه أبو داود وغيره، قال النووي رحمه الله: ويستحب أن تكون صفوفهم ثلاثة فصاعدا، لحديث مالك بن هبيرة. ومازاد على الثلاثة فإن كان العدد تتم به الصفوف فالأفضل إتمامها كسائر الصلوات ولا يحدث صف قبل إتمام ما قبله إلا إذا دعت الحاجة لذلك فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(11/12566)
إسراع الإمام في صلاة الجنازة وإعادتها على القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[في إحدى الصلوات على الجنازة كان الإمام مسرعا بحيث لم يتمكن المصلون من تكملة قراءة الفاتحة ولا تكملة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتمكنوا من الدعاء على الميت إلا قليلاً جداً ثم سلم الإمام ثم قبل الدفن عند توجهنا بالجنازة إلى المقبرة قام أحد الإخوان في الله يقول بأنه يفضل الصلاة على الجنازة مرة أخرى بسبب تسرع الإمام حسب فتوى من أحد أهل العلم إذا لن يحدث هذا الموضوع شوشرة وبالفعل قام هذا الشخص بالصلاة على الجنازة ولكن بعد دفنها في القبر وتمت الصلاة فوق القبر الخاص بالميت تقريبا هو وبعض الأشخاص هل تعتبر صلاة الإمام صحيحة أم عليها شيء؟ وهل ما قام به الشخص من صلاة فوق القبر على الميت صحيح؟ وماذا عليه ومن صلى معه أن يفعلوا إن لم يكن ما قاموا به صحيحا؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصفة صلاة الجنازة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 1999 كما سبق تفصيل أركانها في الفتوى رقم: 56392.
فإذا كان الإمام المذكور أتى بما يجزئ في تلك الصلاة فهي صحيحة للجميع مع العلم أن قراءة الفاتحة هنا مستحبة وليست بواجبة على ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، كما سبق في الفتوى رقم: 31420.
كما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يجزئ منها أي صيغة حصلت وهي ركن عند الحنابلة والشافعية.
قال ابن قدامة في المغني: وصفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كصفة الصلاة عليه في التشهد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألوه كيف نصلى عليك علمهم ذلك، وإن أتى بها على غير ما ذكر في التشهد فلا بأس لأن القصد مطلق الصلاة. انتهى
كما أن الدعاء يجزئ منه ما يصدق عليه ذلك.
قال الإمام النووي في المجموع: اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أن الدعاء فرض في صلاة الجنازة وركن من أركانها وأقله ما يقع عليه اسم الدعاء. انتهى
وقال الدردير في شرحه لمختصر خليل المالكي متحدثاً عن أركان صلاة الجنازة: وثالثها الدعاء من إمام ومأموم بعد كل تكبيرة وأقله اللهم اغفر له أو ارحمه وما في معناه. انتهى
وعليه، فإذا كان الإمام المذكور قد أتى في الصلاة بما يجزئ فيها فهي صحيحة للجميع، ولا تشرع لمن صلى تلك الصلاة إعادة الصلاة عليها مرة أخرى، ومن فعل ذلك فليستغفر الله تعالى. أما من أعاد الصلاة معتقداً بطلان الصلاة الأولى فلا شيء عليه، لأن الصلاة على القبر مشروعة إذا لم يصل على الميت ما لم يمض أكثر من شهر على الدفن، كما سبق في الفتوى رقم: 34202.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1426(11/12567)
وضع الميت في صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية وضع الميت في صلاة الجنازة أمام المصلين أو خلفهم؟
جزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجنازة إذا أريد الصلاة عليها وضعت أمام المصلين ويقف الإمام عند وسط المرأة وعند رأس الرجل، ولمعرفة المزيد من أحكام صلاة الجنازة راجع الفهرس الموضوعي لفتاوى موقعنا، وذلك بالضغط على عرض موضوعي ثم فقه العبادات ثم الجنائز ثم الصلاة على الميت. وراجع الفتوى رقم: 15878.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(11/12568)
الصلاة على الميت بعد دفنه وصلاة الغائب عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من كوسوفا، وقد حصل لي النقاش مع أحد زملائي عن هذه المسألة: كما هو معلوم لديكم أن خلال الحرب في كوسوفا قتل عدد كثير من المسلمين لكن الصرب أخفوا جنائزهم، وبعد الحرب بأمر من المشيخة الإسلامية صلي عليهم على الغائب، والآن بعد 6 سنوات وجد جثث بعضهم، في هذه الحالة ماذا نعمل هل نصلي عليهم مرة أخرى، وإذا صلينا هل تكون الصلاة عليهم قبل الدفن أم بعد الدفن.
أفتوني مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في الصلاة على الميت بعد دفنه لمن فاتته الصلاة عليه من الحاضرين أو كان غائبا فحضر بعد دفنه، ولا حرج أيضا في الصلاة عليه صلاة الغائب وشرط المصلي على قبره أو الغائب عنه أن يكون من أهل الصلاة عليه وقت دفنه، أما إذا كان ليس أهلا للصلاة عليه عند دفنه كأن يكون كافرا أو امرأة حائضا عند دفنه فلا تشرع له الصلاة على قبره ولا صلاة الغائب عليه بعد ذلك. وعليه، فلا حرج في الصلاة على الأموات المذكورين قبل دفنهم وبعده، ويسقط فرض الصلاة على الميت عن الحاضرين بصلاة الغائبين عليه، وشرط سقوطها عنهم أن يعلموا بها ولا إثم عليهم إذا لم يمكنهم الصلاة، أما إذا لم يعلموا بصلاة الغائبين فلا يسقط الفرض ولا إثم التأخير إلا إذا كان هناك مانع من صلاتهم عليه، والحالة التي ذكرتموها في سؤالكم يظهر منها أن الحاضرين لم يتمكنوا من الصلاة على الأموات بسبب إخفاء الكفار لهم وفي هذه الحالة تجزئ صلاة الغائب عليهم لأنه تعسر الوصول إليهم. وقد نص العلامة ابن حجر الهيتمي على أن البلد إذا كبرت وشق الحضور إلى الميت للصلاة عليه، فإن لمن شق عليه ذلك أن يصلي عليه صلاة الغائب وهذه الحالة أولى. وعليه، فلا حرج في تكرار الصلاة على هؤلاء المذكورين قبل دفنهم وبعده ولا تجب؛ لأنه قد صلى عليهم وجازت صلاتكم عليهم الآن لأنهم لم يدفنوا حتى هذا الوقت كما ذكرتم، وهذا كله لغير شهيد المعركة. أما شهيد المعركة وهو من قتله الكفار في ساحة القتال فلا يصلى عليه مطلقا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على شهداء أحد كما في صحيح البخاري وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم، ولم يغسلهم، ولم يصل عليهم. وأما ما ورد في زيارته لهم بعد وصلاته عليهم فالمقصود بالصلاة الدعاء، لا حقيقة صلاة الجنازة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1426(11/12569)
صلاة الجنازة على تارك الصلاة ومرتكب الكبيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو معرفة رأى الدين فى هذه الواقعة
الحكاية وقعت بعد صلاة ظهرأحد الأيام في حي الثقبة بالخبر، فعندما أدى المصلون صلاة الظهر وانتظروا الصلاة على الميت، وجاء بعضهم بالجثمان ووضعوه أمام المصلين، ونادي المؤذن \" الصلاة على الميت\"
كانت المفاجأة الصاعقة، إمام المسجد يرفض الصلاة عليه، المصلون في حالة من الذهول، لماذا يا شيخنا..؟!
وسط حالة من الذهول انتابت بعض المصلين، لدرجة أن بعضهم بكى من شدة التأثر قال الإمام مخاطبا جموع المصلين هل تعرفون لماذا لن أصلي عليه..؟!!
قالوا: نعم.
قال الإمام: إنه رجل لم يكن من المصلين، ولا يعرف المسجد، ولم يكن يفيق من الخمر؟!!
هل عرفتم الحقيقة..؟!!
إنني أعرف هذا الشخص ولذلك أرفض الصلاة عليه..!!
الميت مواطن سعودي، يبلغ من العمر (50) عاما، يعيش بمفرده في مسكن متواضع جدا، وقام أقارب له من بعيد بتغسيله وتكفينه وحملوه للمسجد للصلاة عليه، وكانت المفاجأة رفض الإمام الصلاة عليه بعد أن عرف اسم الميت..!! وقد حمل للمقبرة مباشرة دون الصلاة عليه وقد يكون هناك من صلى عليه في المقبرة!
هل من حق هذا الإمام أن يفعل ذلك ومن قال له إن هذا الرجل لا يصلي؟ هل كان يراقبه
ومن أعطى له الحق في تكفير مسلم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟
بالله عليكم أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم صلاة الجنازة على تاركي الصلاة وأصحاب الكبائر وأقوال أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم: 17654 والفتوى رقم: 17254.
وأما حكم التكفير وضوابطه ومتى يجوز الحكم به ومتى لا يجوز ذلك فقد ذكرناه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 721، 14489، 4132، 20442 وبينا كذلك حكم الصلاة على الجنازة في المقبرة في الفتوى رقم: 11238.
وننبه هنا على أن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هي أول ركن من أركان الإسلام، وهي مفتاحه، ولكن لها حقوق وشروط لا بد من استيفائها، لما أخرجه البخاري من حديث ابن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله. فدل ذلك على أن الإسلام ليس مجرد القول باللسان، وإنما هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان، فمن فعل ذلك أدى حق الشهادة، ومن لم يفعل فإنه لم يستوف حقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1426(11/12570)
تحريم الصلاة على الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إقامة صلاة الغائب على البابا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز الصلاة على الكافر بإجماع أهل العلم، ففي المهذب في الفقه الشافعي: وإن مات كافر لم يصل عليه لقول الله تعالى: وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ. ولأن الصلاة لطلب المغفرة، والكافر لا يغفر له فلا معنى للصلاة عليه. انتهى.
وقال الإمام النووي في المجموع: وأجمعوا على تحريم الصلاة على الكافر. انتهى.
وقال ابن العربي في أحكام القرآن: قوله تعالى: وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم.. الآية: نص في الامتناع من الصلاة على الكفار. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(11/12571)
إشراك الجنازة الثانية في الصلاة على الاولى
[السُّؤَالُ]
ـ[الإمام يصلي على الجنازة كبر التكبيرة الأولى والثانية وأدخلوا له الجنازة الثانية فماذا يفعل الإمام هل يتم الصلاة على الأولى أم يجمع بينهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإمام في هذه الحالة يكمل الصلاة الأولى ويسلم ثم يبتدئ صلاة الجنازة على الثانية، قال في بلغة المسالك وهو من فقهاء المالكية: فإذا كبر على جنازة وطرأت جنازة أخرى فلا يشركها معها بل يتمادى في صلاته على الأولى حتى يتمها ثم يبتدئ الصلاة على الثانية. انتهى.
وقد أجاز الحنابلة للإمام أن يشرك الجنازة الثانية في صلاته على الجنازة الأولى إن كان بقي من صلاته أربع تكبيرات، قال البهوتي وهو حنبلي: ولو كبر إمام على جنازة فجيء بجنازة أخرى فكبر الثانية ونواها أي التكبيرة لهما أي الجنازتين وقد بقي من تكبيره أربع بالتي نواها لها بأن كانت رابعة فما دون جاز. انتهى، فعلى مذهب الحنابلة يمكن أن يشرك الإمام الجنازة الثانية في التكبير الباقي ويكبر خمساً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/12572)
الصلاة على السقط ودفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم مقيم في فرنسا وقد حملت زوحتي وفي الأسبوع التاسع عشر وثلاثة أيام أجهضت ومات الجنين، هل يجوز الصلاة عليه ودفنه، في فرنسا القانون لا يسمح بذلك إلا إذا تجاوز الجنين اثنين وعشرين أسبوعاً أو خمسمائة جرام وزنا، ولهذا لم يسلم لي لدفنه فذهبت إلى المستشفى لرؤيته وصليت عليه أنا وحدي وتركته لهم لحرقه كما قالوا لي لأني لا أستطيع فعل أكثر من هذا، هل ما فعلت جائز؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا خلاف بين أهل العلم في أن السقط إذا استبان بعض خلقه يجب أن يوضع في خرقة ويدفن، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 26940.
وأما الصلاة عليه، فقد اختلف فيها، فقال جمهور أهل العلم بأنها لا تجب إلا إذا استهل صارخاً، وقال أحمد بوجوبها إذا مضى له أربعة أشهر، وهذا القول الأخير هو الذي نراه أصوب، ولك أن تراجع في هذا الموضوع فتوانا رقم: 7135.
واعلم –أيها الأخ الكريم- أن المسلم لا يجوز أن يقيم في بلد لا يتمكن فيه من ممارسة واجبات دينه وشعائره.
وعليه، فنقول لك إنك معذور في عدم دفنك لولدك لما ذكرته من قانون البلد الذي أنت مقيم به، فإنه: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، ولكن واجبك من الآن هو أن تبادر إلى الهجرة إلى حيث يمكنك أن تمارس دينك على الوجه الكامل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(11/12573)
شروط مشروعية الصلاة على العضو
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصلى صلاة الجنازة على العضو المبتور مثل الرجل أو الذراع؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان العضو مبتورا في حياة صاحبه فلا يغسل ولا يصلى عليه، وإن وجد عضو ممن تيقن موته فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في الصلاة عليه.
فذهب الحنفية إلى عدم مشروعية الصلاة عليه، وإنما يصلى عندهم على الجزء الأكبر من الميت حتى لو وجد نصفه تاما لا يصلى عليه، بل لا بد من كونه أكثر الميت. قال الكاساني رحمه الله في بدائع الصنائع وَلَا يُصَلَّى عَلَى بَعْضِ الْإِنْسَانِ حَتَّى يُوجَدَ الْأَكْثَرُ مِنْهُ عِنْدَنَا ; لِأَنَّا لَوْ صَلَّيْنَا عَلَى هَذَا الْبَعْضِ يَلْزَمُنَا الصَّلَاةُ عَلَى الْبَاقِي إذَا وَجَدْنَاهُ فَيُؤَدِّي إلَى التَّكْرَارِ
وقال ابن الهمام في فتح القدير: وَإِذَا وُجِدَ أَطْرَافُ مَيِّتٍ أَوْ بَعْضُ بَدَنِهِ لَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ بَلْ يُدْفَنُ؛ إلَّا إنْ وُجِدَ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ مِنْ بَدَنِهِ فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ , أَوْ وُجِدَ النِّصْفُ وَمَعَهُ الرَّأْسُ فَحِينَئِذٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ مَشْقُوقًا نِصْفَيْنِ طُولًا فَوُجِدَ أَحَدُ الشِّقَّيْنِ لَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ
وذهب المالكية إلى أنه لا يصلى عليه إلا إذا وجد ثلثاه فأكثر أو نصفه فأكثر ودون الثلثين لكن مع الرأس فإنه يصلى عليه. قال الدردير رحمه الله في الشرح الكبير: وَلَا يُغَسَّلُ دُونَ الْجُلِّ يَعْنِي دُونَ ثُلُثَيْ الْجَسَدِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَسَدِ مَا عَدَا الرَّأْس، فَإِذَا وُجِدَ نِصْفُ الْجَسَدِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ وَدُونَ الثُّلُثَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ لَمْ يُغَسَّلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْ يُكْرَهُ لِأَنَّ شَرْطَ الْغُسْلِ وُجُودُ الْمَيِّتِ، فَإِنْ وُجِدَ بَعْضُهُ فَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ وَلَا حُكْمَ لِلْيَسِيرِ وَهُوَ مَا دُونَهَا
وذهب الشافعية والحنابلة إلى مشروعية الصلاة على العضو كيد ورجل وهو الراجح لما سيأتي من أدلة في كلام الإمامين النووي وابن قدامة رحمهما الله تعالى، ويشرط عند الجميع أن يكون صاحب العضو المبتور قد مات أما إذا كان لا يزال حيا فلا يصلى عليه كما قدمنا، قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: وَاتَّفَقَتْ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله وَالْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ بَعْضُ مَنْ تَيَقَّنَّا مَوْتَهُ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ , وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إلَّا إذَا وُجِدَ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِهِ , وَعِنْدَنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ , قَالَ أَصْحَابُنَا رحمهم الله: وَإِنَّمَا نُصَلِّي عَلَيْهِ إذَا تَيَقَّنَّا مَوْتَهُ. فَأَمَّا إذَا قُطِعَ عُضْوٌ مِنْ حَيٍّ , كَيْدِ سَارِقٍ , وَجَانٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ , وَكَذَا لَوْ شَكَكْنَا فِي الْعُضْوِ هَلْ هُوَ مُنْفَصِلٌ مِنْ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ؟ لَمْ نُصَلِّ عَلَيْهِ , هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ , وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ فِي كُلِّ الطُّرُقِ إلَّا صَاحِبَ الْحَاوِي وَمَنْ أَخَذَ عَنْهُ.
وقال ابن قدامة في المغني: فإن لم يوجد إلا بعض الميت , فالمذهب أنه يغسل , ويصلى عليه. وهو قول الشافعي. ونقل ابن منصور عن أحمد , أنه لا يصلى على الجوارح. قال الخلال: ولعله قول قديم لأبي عبد الله , والذي استقر عليه قول أبي عبد الله أنه يصلى على الأعضاء. وقال أبو حنيفة , ومالك: إن وجد الأكثر صلي عليه , وإلا فلا ; لأنه بعض لا يزيد على النصف , فلم يصل عليه , كالذي بان في حياة صاحبه , كالشعر والظفر. ولنا , إجماع الصحابة رضي الله عنهم، قال أحمد: صلى أبو أيوب على رِجْل , وصلى عمر على عظام بالشام , وصلى أبو عبيدة على رؤوس بالشام. رواهما عبد الله بن أحمد , بإسناده. وقال الشافعي: ألقى طائر يدا بمكة من وقعة الجمل , فعرفت بالخاتم , وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد , فصلى عليها أهل مكة. وكان ذلك بمحضر من الصحابة , ولم نعرف من الصحابة مخالفا في ذلك , ولأنه بعض من جملة تجب الصلاة عليها , فيصلى عليه كالأكثر , وفارق ما بان في الحياة ; لأنه من جملة لا يصلى عليها , والشعر والظفر لا حياة فيه. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1425(11/12574)
الصلاة على من مات بسبب شرب المحرمات
[السُّؤَالُ]
ـ[إن مات أحد بسبب كثرة التدخين هل هو كمثل رجل مات بسبب شرب الخمر؟ هل يصلى عليه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا تحريم شرب الدخان، وأن صاحبه لا يبلغ في الإثم درجة شرب الخمر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 51605. وأما الصلاة على الذي مات بسبب شرب الدخان أو بسبب شرب الخمر أو غيرهما من المعاصي وهو مظهر للإسلام، فإن أهل العلم على أن الصلاة عليه واجبة، وفي الفتاوى الكبرى لابن تيمية: سئل عن الصلاة على الميت الذي كان لا يصلي، هل لأحد فيها أجر أم لا؟ وهل عليه إثم إذا تركها مع علمه أنه كان لا يصلي؟ وكذلك الذي يشرب الخمر وما كان يصلي، هل يجوز لمن كان يعلم أن يصلي عليه أم لا؟ أجاب: أما من كان مظهرا للإسلام فإنه تجرى عليه أحكام الإسلام الظاهرة من المناكحة والموارثة، وتغسيله والصلاة عليه، ودفنه في مقابر المسلمين، ونحو ذلك. وكره بعض أهل العلم صلاة أهل الفضل على أهل الكبائر، قال الدردير: وكره صلاة فاضل بعلم أو عمل أو إمامة على بدعي ردعا لمن هو مثله، أو مظهر كبيرة كزنا وشرب خمر إن لم يخف عليهم الضيعة. وراجع لمزيد الفائدة فتوانا رقم: 44304.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1425(11/12575)
حكم الصلاة على أهل الطرب والمعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة على المطرب إذا توفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمطرب إذا كان يستخدم آلات العزف في طربه، ففعله حرام، روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف. وقد حكى كثير من أهل العلم الإجماع على التحريم في هذه الحالة. وإذا وقع الغناء بغير آلة ففيه تفصيل بين أن يدعو إلى الحرام أو يحمل عليه فيحرم، أو لا يكون كذلك فيباح، وراجع فيه الفتوى رقم: 987.
وعلى كل حال، فالمطرب إذا كان يظهر الإسلام، فإنه يصلى عليه كسائرأهل المعاصي، قال الحافظ في الفتح: وأطلق عياض فقال: لم يختلف العلماء في الصلاة على أهل الفسق والمعاصي والمقتولين في الحدود؛ وإن كره بعضهم ذلك لأهل الفضل، إلا ما ذهب إليه أبو حنيفة في المحاربين، وما ذهب إليه الحسن في الميتة من نفاس الزنا، وما ذهب إليه الزهري وقتادة قال: وحديث الباب في قصة الغامدية حجة للجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1425(11/12576)
هل يغسل السقط ويصلى عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم دفن جنين عمره 4 شهور وبقي في بطن أمه شهرا آخر ميتا وعندما أخرجه الطبيب وجده مشقوقا نصفين فأمر بدفنه فورا بدون غسل أوصلاة
أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السقط لا يصلى عليه ولا يغسل عند المالكية ومن وافقهم.
قال مالك في المدونة: لا يصلى على المولود ولا يحنط ولا يسمى ولا يرث ولا يورث حتى يستهل صارخا بالصوت. يعني ينزل حيا.
واستدلوا لذلك بما رواه الترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم والبيهقي من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الطفل لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل.
قال الترمذي: وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا قالوا: لا يصلى على الطفل حتى يستهل وهو قول سفيان الثوري والشافعي.
وعلى هذا، فما فعله الطبيب المذكور هو الحكم لتحقق عدم الحياة في هذا الطفل.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن السقط إذا وصل إلى أربعة أشهر يغسل ويصلى عليه، وهو مذهب أحمد رحمه الله تعالى.
وذهب بعضهم إلى جواز الصلاة على القبر إلى مدة شهر من دفنه.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل، نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 15118.
وبما أن الطفل المذكور دفن على وفق مذهب معتبر مستند على أدلة شرعية، فلا داعي للصلاة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(11/12577)
شارب الخمر يغسل ويكفن ويصلى عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة على الذي مات سكرانا وهو كان لا يصلي أو مات بعد 5 أيام بسب شرب الخمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشرب الخمر من كبائر الذنوب وليس بكفر، وعليه، فلو مات شخص وهو مصر على شرب الخمر أو مات في حالة سكره، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه، لأنه مات عاصيا لا كافرا، قال الحافظ في الفتح: وأطلق عياض فقال: لم يختلف العلماء في الصلاة على أهل الفسق والمعاصي والمقتولين في الحدود، وإن كره بعضهم ذلك لأهل الفضل، إلا ما ذهب إليه أبو حنيفة في المحاربين وما ذهب إليه الحسن في الميتة من نفاس الزنا، وما ذهب إليه الزهري وقتادة، قال: وحديث الباب في قصة الغامدية حجة للجمهور.
وأما الصلاة على تارك الصلاة، فهي مبنية على الخلاف في حكمه هل هو مسلم عاصٍ أم كافر؟ فمن حكم بكفره وهو الذي تدل عليه ظواهر النصوص، حرم الصلاة عليه، ومن رأى أنه مسلم عاصٍ، جوز الصلاة عليه، ولا شك أن القول بالصلاة عليه أولى بالأخذ به من القول بعدم الصلاة عليه، لأنه مذهب الجمهور، وبالتالي فعليكم أن تصلوا على الشخص المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1424(11/12578)
من جرح في الحرب ثم مات بعد ذلك هل يعد شهيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال لفضيلتكم أرجو الإجابة عليه وهو: شخص جرح في حرب وبعد ذلك توفي بسبب الجرح فهل يا ترى يعتبر شهيدا أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما من حيث الأجر والثواب فهو شهيد إن شاء الله تعالى. وقد بينا ثواب الشهداء في الفتويين: 32415، 32629.
وأما من حيث الغسل والتكفين والصلاة عليه فلا تجري عليه أحكام شهيد المعركة، بل هو كسائر الموتى يغسل ويكفن ويصلى عليه؛ لأن شهيد المعركة وحده هو الذي لا يغسل ولا يصلى عليه عند جمهور العلماء، انظر تبيين الحقائق،الذخيرة، روضة الطالبين، المغني.
ومن الأدلة على ذلك كقصة سعد بن معاذ رضي الله عنه، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي الْأَكْحَلِ فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ إِلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا فَمَاتَ فِيهَا. رواه البخاري ومسلم.
أما رواية غسله فقد أخرجها ابن سعد في الطبقات، وحسن إسنادها الأرناؤوط في حاشية سير أعلام النبلاء.
فمع موت سعد بن معاذ رضي الله عنه بسبب جرحه في المعركة إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم غسله وصلى عليه، وهو معدود في الشهداء عند عامة العلماء.
ومن الأدلة أيضا: مارواه الإمام مالك في الموطأ بسند صحيح عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَكَانَ شَهِيدًا يَرْحَمُهُ اللَّهُ.
وقال الإمام مالك عقب الأثر السابق: أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ الشُّهَدَاءُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يُغَسَّلُونَ وَلَا يُصَلَّى عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَإِنَّهُمْ يُدْفَنُونَ فِي الثِّيَابِ الَّتِي قُتِلُوا فِيهَا. قَالَ مَالِك: وَتِلْكَ السُّنَّةُ فِيمَنْ قُتِلَ فِي الْمُعْتَرَكِ فَلَمْ يُدْرَكْ حَتَّى مَاتَ، قَالَ:وَأَمَّا مَنْ حُمِلَ مِنْهُمْ فَعَاشَ مَا شَاءَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا عُمِلَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. اهـ.
وقال ابن عبد البر: وأجمع العلماء على أن الشهيد إذا حمل حيًا -ولم يمت في المعترك، وعاش أقل شيء - فإنه يصلى عليه، كما صنع بعمر رضي الله عنه. اهـ. التمهيد.
ويشترط لنيل ثواب الشهادة أن يكون مسلما، ويقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، كما في حديث أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ. فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. رواه البخاري ومسلم.
ولا نجزم لأحد بالشهادة إلا من شهد له الشرع بل نرجو ذلك ونقيده بالمشيئة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1430(11/12579)
هل يدخل الشهيد الجنة بغير حساب ولا عذاب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الشهيد يدخل الجنة بغير حساب ولا عقاب إلا إذا كان عليه ديْن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. قال النووي في شرحه على مسلم: وأما قوله صلى الله عليه وسلم إلا الدين، ففيه تنبيه على جميع حقوق الآدميين، وإنما يكفر حقوق الله تعالى.
وعلى هذا، فإن الشهيد في سبيل الله لا حساب عليه ولا عقاب إلا فيما يتعلق بحقوق العباد، أما حق الله تعالى فلا حساب عليه فيه ولا عقاب، كما جاء في الحديث، وكما سبق بيانه بتفصيل أكثر في الفتاوى التالية أرقامها: 95181، 21539، 19076. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(11/12580)
هل جثة الشهيد تتحلل أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل جثة الشهيد تتحلل أم لا؟ وإذا كان الجواب لا. هل هذا يعني أن قوانين الكيمياء والفيزياء لا تنطبق عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم نصا يفيد أن الشهيد لا يتحلل ولا تأكل الأرض جسده، وإنما ثبت ذلك في حق الأنبياء، ولكن ثبت أن كثيرا من الشهداء لم تتغير أجسادهم بعد فترة من الزمن، فقد ثبت في مسند عبد الرزاق عن جابر بن عبد الله يقول: لما أراد معاوية أن يجري الكظامة قال: من كان له قتيل فليأت قتيله يعني قتلى أحد، قال: فأخرجهم رطاباً يتثنون، قال: فأصابت المسحاة رجل رجل منهم فانفطرت دما، فقال أبو سعيد: لا ينكر بعد هذا منكر أبدا.
وقد تناقل هذه الحقيقة كثيرون من أهل الثقة في أثناء الجهاد الأفغاني ضد السوفييت في عقد الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي.
وقوانين الكيمياء والفيزياء أسباب خلقها الله عز وجل، والأسباب لا تعمل بنفسها، ولكن تعمل بإرادة الله لها أن تعمل. ألم ترّ أن النار التي تحرق لم تحرق إبراهيم عليه السلام. فالأصل في الجثث التحلل بالسنن العادية، ولكن هذه السنن يعطلها الله كيف يشاء ومع من يشاء من خلقه، كما قال بعضهم: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالفرار من المجذوم وأكل معه. قال: أراد أن يعلمنا أن لا نتخذ الأسبابَ أربابا.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16275، 16554، 16377.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(11/12581)
هل يأخذ من مات بحادث سيارة حكم الشهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أختي مع ابنها في حادث سيارة وكان ذلك يوم الجمعة 15 شعبان فما حكم ذلك من فضلكم هل يعتبر ذلك من الشهداء إن شاء الله ولي زوجتي جاء في المنام رجل فقال لها قولي لأمك إن الرسول صلى الله عليه والسلام يقول لك هات الآية بسم الله الرحمن الرحيم (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ... ) إلى آخر الآية لأني لا أتذكرها كلها ولا أحفظها , ثم بعد شهر توفي لها أحب وأعز أبنائها في حادث ورزقه الله بالشهادتين لأنهم كانوا أربعة فتوفي اثنان ونجا اتنان وكان في سفر وكان على طاعة الله وملتزما على العقيدة السلفية وعلى التوحيد وكان ملتحيا ومسبلا وكانت أمه تحبه كثيرا. أرجو من فضيلتكم أن تفسر لنا المنام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الميت بحادث السير يعتبر شهيدا- إن شاء الله تعالى- إذا توفرت فيه شروط الشهادة وانتفت عنه موانعها؛ فهو يشبه موت من يموت بالهدم، أو بمن يخر عن دابته المنصوص على أنهما من الشهداء؛ لذلك فقد ألحق بعض أهل العلم الموت بحادث السيارة بموت الهدم. ولذلك فنرجو أن تكون هذه الأخت وابنها شهيدين.
وسبق بيان ذلك وأدلته في عدة فتاوى منها: 15027، 32448، 34588، 42767، نرجو من السائل الكريم أن يطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
نسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لجميع موتى المسلمين.
ونعتذر للسائل الكريم عن تفسير الرؤيا المذكورة، وبإمكانه أن يرسلها إلى الجهات المختصة في تعبير الرؤيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1428(11/12582)
من يستحق إطلاق الشهيد عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أشاهد برنامجا بعد إعدام الرئيس صدام حسين رحمه الله وكانت هناك وجهتان، فالأولى للعالم الجليل نصر فريد واصل وهو مفتي مصر سابقا والثانية لأحد أساتذة القانون والشريعة، وفي الأولى اعتبره ممثل وجهة النظر شهيدا وفي الثانية لم يعتبره شهيدا فما رأي فقهائنا في الشبكة الإسلامية؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نطق بالشهادتين فهو محكوم بإسلامه في الظاهر وحسابه على الله، وتجري عليه أحكام المسلمين، فإذا مات فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ويترحم ويدفن في مقابر المسلمين، روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف الأنصاري عنه، فطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ قلت: كان متعوذاً، فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.
وأما الحكم عليه بكونه شهيداً فلا، فإن لفظ الشهيد إذا أطلق انصرف إلى من قتل مجاهداً في سبيل الله، ومن قتل مجاهداً لا يجزم له بأنه نال أجر الشهادة، بل يرجى له ذلك فقط، فما بالك بغيره، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 46232، والفتوى رقم: 18137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1427(11/12583)
منزلة الشهيد وحكم الانتفاع بالمنح التي تصرف لذوي الشهداء
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله رب العالمين الذي أكرمني سبحانه باستشهاد ابني ونحسبه كذلك إن شاء الله برصاص طائرات العدو الصهيوني حيث إن ابني أنس يبلغ من العمر اثنا عشر عاماً، وبخصوص ذلك أتوجه إليكم ببعض الأسئلة، وأرجو منكم إجابتي عليها، وبارك الله فيكم.. وجزاكم الله خيراً.
ما هي منزلة ابني عند خالقه، هل يبلغ ابني منزلة الشهداء إن شاء الله حيث إنه استشهد وهو جالس على جهاز الحاسوب وبجانبه إخوته وعمره 12 عاماً، هناك عدة مؤسسات اجتماعية ورسمية تصرف منحة شهرية لذوي الشهداء وأنا رجل لي دخل، فما حكم هذه المنحة، وهل تنقص من أجري عند الله، وما هو حكم بناء القبر وكتابة اسم المتوفى عليه، وما حكم زيارة القبور، وهل يشعر ابني بزيارتنا له، وهل يجوز لأمه أن تزوره؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن للشهيد منزلة عظيمة عند الله تعالى فقد تواترت على ذلك نصوص الوحي من القرآن والسنة، ويكفي الشهيد فضلاً ومنزلة عند الله تعالى أنه يشفع في سبعين من أهل بيته كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان فضل الشهداء عند الله تعالى في الفتوى رقم: 32629.
ولتعلم أنه لا يمكن لنا أن نقطع في هذه الحياة لأحد بعينه بجنة أو نار إلا ما نص عليه الدليل لأن ذلك غيب لا يعلمه إلا الله تعالى، ولكننا نرجو للمحسنين ونخاف على المسيئين، ونرجو أن يكون ابنك من الشهداء ويبلغ أعلى منازلهم، فقد روى البخاري وغيره أن أم حارثة رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ألا تحدثني عن حارثة؟ وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب (طائش) فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت في البكاء، وكان ذلك قبل تحريم النياحة، فقال: يا أم حارثة إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى. ونسأل الله تعالى أن يصيب ابنكم الفردوس الأعلى.
وأما ما تمنحه بعض الجهات لذوي الشهداء فمن كان مستحقاً له حسب شروط تلك الجهات وأخذه فقد أصبح ملكاً له عند الحوز ... ونرجو أن لا ينقص ذلك أجر من أخذه إذا صبر واحتسب، وإذا لم تكونوا محتاجين لهذه المساعدات فبإمكانكم أن تصرفوها في وجوه الخير وأعمال البر في سبيل الله.
وأما البناء على القبر والكتابة عليه فإنه لا ينبغي لحديث جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبنى على القبر أو يزاد عليه أو يجصص أو يكتب عليه. رواه البيهقي وغيره، وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ويكره البناء على القبور وتجصيصها ... ونرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 25107.
وأما زيارة القبور والدعاء لأهلها فإنها مشروعة للرجال والنساء بالضوابط الشرعية والحكمة منها أنها تذكر بالآخرة.. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 675.
وأما إحساس الميت بزيارة أهله فقد اختلف فيها أهل العلم ورجح المحققون أنه يحس بهم، إحساس خاصاً ويسمع كلامهم، وانظر أدلة ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54731، 54990، 55046.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1427(11/12584)
الشهيد الذي لا يغسل ولا يصلى عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز تغسيل الشخص الشهيد أم لا؟
خالي خادم ومؤذن جامع في بغداد تم قتله على يد مسلحين وكان يبلغ عمره 75سنة. هل يجوز غسل جثمان الرجل أم لا ولكم جزيل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشهيد لا يغسل ولا يصلى عليه وهو من مات في قتال الكفار بسببه أي بسبب القتال كأن قتله أحدهم, أو أصابه سلاح مسلم خطأ, أو عاد إليه سلاحه, أو تردى في حملته في وهدة, أو وجد قتيلا عند انكشاف الحرب ولم يعلم سبب موته وإن لم يكن عليه أثر دم؛ لأن الظاهر أن موته بسبب القتال. فإن انقضى القتال وفيه حياة مستقرة وكان قد جرح فيه ثم مات بسبب تك الجراحة أو مات في قتال البغاة فغير شهيد في الأظهر, وكذا لو مات في القتال لا سببه كأن مات بمرض أو فجأة فغير شهيد.
والحاصل أن للشهيد ثلاثة قيود حتى يكون شهيد معركة ويعطى أحكام الشهيد في الدنيا وهي:
1- الموت حال القتال.
2- كونه قتال كفار.
3- كونه بسبب القتال
فإن لم تتوفر هذه القيود فإن المقتول يغسل ويكفن ويصلى عليه كغيره من أموات المسلمين، وهذه القيود الثلاثة لا تتوفر في خالك المقتول رحمه الله وجعل الجنة مثواه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1427(11/12585)
متى يحكم للمقتول بالشهادة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يحاسب من مات مقتولا وكان القتل بسبب عراك ولم يكن القتيل هو السبب بل الطرف الآخر وقام الطرف الأخر بضرب القتيل بسكين في رأسه وتوفي على أثر ذلك بعد 3 أيام، ما هو حكم الله في هذا، هل يعتبر شهيدا أم ماذا، الرجاء الإجابة بأسرع وقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كيفية حساب الناس من الأمور الغيبية التي لا تعرف إلا عن طريق الوحي، وبالتالي فإنه لا يمكن معرفة حساب شخص معين الآن نظراً لانقطاع الوحي، هذا وننبه إلى خطورة وعظم ذنب التقاتل بين المسلمين، وقد سبق بيان خطره في الفتوى رقم: 22649، والفتوى رقم: 20234.
وبالرجوع إليهما يعلم أنه لا يحكم بالشهادة على المقتول في قتال بين طرفين إن لم يكن القتال في الجهاد أو الدفاع عن النفس أو المال أو العرض، أما إذا ظلم شخص فرد عن نفسه أو ماله أو عرضه فقتل فإنه يعتبر شهيدا لما في الحديث: من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1426(11/12586)
الميت بحادث سيارة هل يأخذ حكم الشهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في إجابتكم على أحد الأسئلة أن الوفاة في حادث سيارة يعد موت فجأة وليس من درجات الشهادة، ولكن ألا تعد مثل هذه الحوادث قتل خطأ وألا يعد ضحاياها من الشهداء كالمقتول ظلما؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مالك وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه قال: " الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد " وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن من صدمته سيارة أو انقلبت به سيارته ثم تحطمت عليه فمات أنه ملحق بشهيد الهدم المذكور في الحديث، وكذلك من احترقت به سيارته، أو غرق بها في نهر ونحوه. لكنهم لا يأخذون حكم شهيد المعركة في الدنيا، فيجب أن يغسلوا وأن يكفنوا ويصلى عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1423(11/12587)
الشهيد في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[فبما يخص الشهداء في الحرب العراقية الإيرانية ومن كلا الطرفين ما هو موقفهم الشرعي هذا أولاً، ثانيا: نحن في العراق عوائل الشهداء استلمت حقوقا وأموالا من النظام السابق لأنه اعتبرهم شهداء، وكذلك سلم لكل عائلة شهيد بيتا فما حكم الصلاة والصيام في هذه البيوت، ولكم الأجر والثواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذين قتلوا في الحرب العراقية الإيرانية أمرهم إلى الله تعالى الذي لا يظلم الناس شيئاً، وقد أفضوا إلى ما قدموا، ولا حاجة للبحث عن موقفهم، والشهيد في الإسلام هو من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وقتل على ذلك، وأما من قاتل أنفة وغيرة وحمية وليس لإعلاء كلمة الله ولا دفاعاً عن حق يبتغي وجه الله فليس بشهيد، ومن قتل دفاعاً عن بلده في حق أو دفاعاً عن ماله فهو شهيد، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ... رواه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
لأن الأعمال بالنيات والله تعالى أعلم بها، وقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه خطب الناس فقال: تقولون في مغازيكم فلان شهيد ومات فلان شهيداً، ولعله قد يكون قد أوقر راحلته ألا لا تقولوا ذلكم، ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد. قال الحافظ في الفتح وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد بن منصور ... وقد بوب البخاري في صحيحه باباً سماه (باب لا يقال فلان شهيد) .
وأما البيوت التي منحتها الدولة لأسر من قتل في الحرب فهي منحة من الدولة ولا مانع شرعاً من سكناها والصلاة فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(11/12588)
جواز إطلاق لفظ الشهيد على سبيل الرجاء لا الجزم
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهرت في الآونة الأخيرة من يشهدون لمعين بالجنة، والشهادة، في وسائل الإعلام وبين الشباب، فهل ثبت شيء من ذلك في قول أهل السنة، أرجو أن تعطونا أقوال أهل العلم، لا سيما ابن تيمية تلميذه والأدلة على ذلك لنثبته، وهل الذي شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالشهادة كالمبطون وغيرهم متوقف على صلاح العبد وتقواه، أم لا بأس وإن كان كافراً أو فاسقاً من المسلمين؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن منهج أهل السنة والجماعة ألا يحكموا لأحد من أهل القبلة بعينه بجنة ولا نار إلا ما ورد النص بتعينه، ولكنهم يرجون للمحسنين الجنة، ويخشون على المسيئين من النار، ويعتقدون أن من مات من المسلمين لا يشرك بالله شيئاً لا يخلد في النار مهما عظمت ذنوبه، ويطلقون وصف الشهادة على من قتل مجاهداً في سبيل الله -حسب الظاهر- ومن قتل دون نفسه دفاعا عنها أو دفاعا عن أهله وماله....
وقد وردت الأدلة الصريحة الصحيحة على جواز إطلاق الشهادة على هذا النوع، فقد قال الصحابة رضوان الله عليهم والنبي صلى الله عليه وسلم يستمع: فلان شهيد وفلان شهيد حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد، فقال صلى الله عليه وسلم: كلا، إني رأيته في النار في عباءة غلها أو بردة غلها.... والحديث أخرجه مسلم وغيره.
وفيه دليل على جواز إطلاق الشهادة على من قتل شهيداً حسبما يبدو لنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الصحابة ذلك، والذي لا ينبغي أن يقال ذلك على سبيل الجزم والقطع وذلك لا يعرف ولا يكون إلا عن طريق الوحي، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم العلاء الأنصارية رضي الله عنها عندما قالت لعثمان بن مظعون بعد وفاته: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال لها صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله أكرمه؟ فقالت: بأبي أنت يا رسول الله فمن يكرمه الله؟ فقال: أما هو فقد جاءه اليقين، والله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي، قالت: فوالله لا أزكي أحدا بعده أبدا. رواه البخاري وغيره.
والحاصل أنه لا مانع من أن يقال فلان شهيد، أو يطلق ذلك على سبيل الإجمال لأنه حكم بالظاهر، وأما من حكم له النبي صلى الله عليه وسلم بالشهادة كالمبطون.. فيشترط فيه أن يكون مسلماً، والمسلمون فيهم الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات، وأما الكافر فلا يدخل في هذا قطعاً، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18137، 26390، 4625.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(11/12589)
هل ينال ثواب الشهادة من يأكل حق العباد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يموت غرقا وهو مسافر على متن سفينة تجارية يعمل عليها، وهل يعتبر شهيدا بغض النظر إن كان يصلي أم لا أو كان يرتكب الذنوب كبائرها أو صغائرها, أو كان يسرق أو يختلس أو كان يأكل حق العباد ولا يعطي الأجير أجره, أفيدونا؟ جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالميت غرقاً من المسلمين يعتبر شهيداً بدليل ما ثبت في الحديث المتفق عليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم: الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله.، وقد سبق أن بينا حكم ترك الصلاة وأقوال العلماء في ذلك في الفتوى رقم: 1145 فليرجع إليها.
والشهادة منزلة عظيمة وسبب لتكفير الذنوب بما فيها الكبائر إذا كانت هذه الذنوب متعلقة بحق الله تعالى، أما ما يترتب عليه حق آدمي من سرقة مال واختلاسه أو عدم أداء أجرة عمل ونحو ذلك فلا بد من أدائه لصاحبه في الدنيا أو تحلله منه، وإلا أخذ من حسنات من عليه الحق أو وضع عليه بعض سيئات صاحب الدين، بدليل ما ثبت في صحيح البخاري وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(11/12590)
لا يقال لمن مات وهو ذاهب إلى عمله شهيد دنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين شهيد الدنيا وشهيد الآخرة؟ وهل من مات في حادث وهو ذاهب لعمله لشرح محاضرة يعتبر شهيد دنيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا الفرق بين شهيد الدنيا، وشهيد الآخرة، وشهيد الدنيا والآخرة، في الفتوى رقم: 26390.
ومنها يعلم أن من مات في حادث وهو ذاهب لعمله، لشرح محاضرة، أو لأداء أي عمل آخر، لا يقال له شهيد دنيا، لأن شهيد الدنيا هو من قتل في الجهاد، لكن قتاله كان رياء، أو لغرض من أغراض الدنيا، ومن مات في حادث وهو ذاهب لعمله ليس كذلك، ولكن قد يكون من شهداء الآخرة، شأنه شأن الميت بداء البطن، أو بسبب الهدم أو الغرق، أو الطاعون، إذا توفرت فيه شروط نيل الشهادة التي ذكرناها في الفتوى رقم: 34588.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1424(11/12591)
هل المتوفى بالسرطان شهيد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المتوفى بالسرطان شهيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان السرطان في البطن، فنرجو الله جل وعلا لصاحبه أن يكون ممن ينالون ثواب الشهادة، وإن كانوا لا تجري عليهم أحكام الشهداء في الظاهر، بل يغسلون ويصلَّى عليهم، ويفعل بهم ما يفعل بغيرهم من الموتى، وراجع الفتويين التاليتين: 27708، 16940.
أما إذا كان خارج البطن، فإنه كغيره من الأمراض التي تكفر السيئات، وترفع الدرجات بقدر ما يصاحبها من الألم والمشقة، وبقدر صبر صاحبها ورضاه بقضاء الله وقدره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1424(11/12592)
الشهداء ليسوا خمسة فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[الشهداء خمسة: المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله
ما معنى "المبطون"؟
وما حكم التي تموت وهي تلد، أو الذي يموت بحادث سيارة، أو بسبب المرض، أو الأزمة القلبية (سواء أكان قائما بواجباته الدينية أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله. رواه ابن ماجه وأبو داود وغيرهما من حديث جابر بن عتيك أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد.
والمبطون كما يقول النووي: هو صاحب داء البطن، وهو الإسهال. وقال القاضي: وقيل: هو الذي به الاستسقاء وانتفاخ البطن. وقيل: هو الذي تشتكي بطنه. وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقًا.
وقوله: المرأة تموت بجُمع شهيد. أي تموت وفي بطنها ولد، فإنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل وهو الحمل. وقيل: هي التي تموت بكرًا. والأول أشهر كما قال الحافظ في الفتح.
هذا وخصال الشهادة أكثر من هذه السبع، قال الحافظ ابن حجر: وقد اجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة.. وذكر منهم: اللديغ، والشريق، والذي يفترسه السبع، والخار عن دابته، والمائد في البحر الذي يصيبه القيء، ومن تردى من رؤوس الجبال. قال النووي: قال العلماء: وإنما كانت هذه الموتات شهادة يتفضل الله تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها. اهـ
قال ابن التين: هذه كلها ميتات فيها شدة تفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصًا لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء. اهـ
قال الحافظ: والذي يظهر أن المذكورين ليسوا في المرتبة سواء، ويدل عليه ما روى أحمد وابن حبان: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الجهاد أفضل؟ قال: من عقر جواده وأهريق دمه. رواه الحسن بن علي الحواني في كتاب المعرفة له بإسناد حسن من حديث ابن أبي خالد قال: كل موتة يموت بها المسلم فهو شهيد غير أن الشهادة تتفاضل. .
ثم قال: ويتحصل مما ذكر من هذه الأحاديث أن الشهداء قسمان: شهيد الدنيا وشهيد الآخرة، وهو من يقتل في حرب الكفار مقبلاً غير مدبر مخلصًا. وشهيد الآخرة وهو من ذكر، بمعنى أنهم يعطون من جنس أجر الشهداء ولا تجري عليهم أحكامهم في الدنيا. اهـ.
وبما تقدم نعلم أن المسلم الذي يموت بسبب مرض أو حادث سيارة ونحو ذلك من الميتات التي فيها شدة وألم نرجو أن يكون من الشهداء.
هذا وليعلم أن لنيل أجر الشهادة شروطا كما قال السبكي عندما سئل عن الشهادة وحقيقتها. قال: إنها حالة شريفة تحصل للعبد عند الموت لها سبب وشرط ونتيجة. اهـ
من هذه الشروط: الصبر والاحتساب وعدم الموانع كالغلول، والدَّين، وغصب حقوق الناس. ومن الموانع كذلك: أن يموت بسبب معصية كمن دخل دارًا ليسرق فانهدم عليه الجدار فلا يقال له شهيد، وإن مات بالهدم. وكذلك الميتة بالطلق الحامل من الزنا.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عن رجل ركب البحر للتجارة فغرق فهل مات شهيدًا؟ أجاب: نعم مات شهيدًا إذا لم يكن عاصيًّا بركوبه ... اهـ
وقال في موضع آخر: ومن أراد سلوك طريق يستوي فيها احتمال السلامة والهلاك وجب عليه الكف عن سلوكها، فإن لم يكف فيكون أعان على نفسه فلا يكون شهيدًا. اهـ
ومع ما مر ذكره فإننا نقول: إن من مات بهذه الميتات وهو موحد فإننا نرجو له الحصول على أجر الشهادة وإن كان مفرطًّا في بعض الواجبات أو مرتكبًا لبعض المحرمات، فرحمة الله واسعة وفضله عظيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(11/12593)
الميت بصدمة سيارة يلحق بصاحب الهدم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ماتت في حادث أثناء رجوعها من العمل وكانت صائمة وكانت على موعد مع من تحب وقابلته قبل وفاتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح عند أهل العلم الآن أن الموت بسبب صدمة سيارة يعتبر بمثابة الموت بسبب الهدم، وهذا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن بعض الشهداء فقد أخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الشهداء خمسة: المطعون والمبطون والغَرِق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله عز وجل.
وعليه.. فيكون موت هذه المرأة شهادة لها نحسبها كذلك، إضافة إلى أنها كانت متلبسة بالصيام وهو عبادة عظيمة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: من صام يوما في سبيل الله بعّد الله وجهه عن النار سبعين خريفا. متفق عليه.
أما كونها قابلت من تحب قبل وفاتها فإن كانت هذه المحبة شرعية، مثل أن تكون قامت بزيارة والديها أو أحدهما أو في صلة رحم أو زيارة أخت في الله أو قابلت زوجها، فهذا أيضا عمل صالح طيب يكون في ميزان حسناتها إن شاء الله تعالى.
وإن كان من قابلته لا تجوز لها زيارته ولا مقابلته فنسأل الله تعالى أن يتجاوز عنها، وأن يكون صومها وما سلف من أعمالها الصالحة وما حصلت عليه من شهادة سببا لتكفير ما ارتكبته من ذنب، خاصة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. أخرجه مسلم في صحيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1424(11/12594)
من قتل دون دينه فهو شهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في أحد الكتب لمؤلف يدعى مبارك رمضاني الجزائري أنه يقول إن الشيخ الألباني ذكر أن كلا من الشهيدين حسن البنا وسيد قطب ليسا بشهيدين إطلاقاً، فهل ذكر الشيخ الألباني هذا الكلام ولماذا إذن ليسا بشهيدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نطلع على ما ذكره السائل الكريم عن الشيخ الألباني رحمه الله
ولكننا ننبه السائل الكريم إلى أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ومن قتل دون دينه فهو شهيد. أي في نصرة دين الله تعالى والذَّبِّ عنه بأي وسيلة.
فقد روى الإمام أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي عن سعيد بن زيد واللفظ للترمذي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وبعضه في الصحيحين.
قال العلماء: لأن المؤمن محترم ذاتاً وديناً ومالاً وأهلاً، فإذا اعتدي على شيء من ذلك جاز له الدفع عنه فإذا قتل بسببه فهو شهيد.
وعلى هذا.. فإننا نرجو للشيخين المذكورين أن يكونا شهيدين عند الله تعالى، فإن الظاهر من حالهما أنهما ما قتلا إلا بسبب الدفاع عن هذا الدين العظيم وتبنيه منهج حياة ودعوة الناس إليه، وبيان زيف الدعوات الباطلة والأفكار المنحرفة التي ظهرت في زمنهما، ونقول هذا حسب الظاهر والله تعالى يتولى السرائر، وهو سبحانه وتعالى أعلى وأعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(11/12595)
فضل من ماتت وهي حامل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو فضل من ماتت وهي في عدة زوجها المتوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نقف على حديث أو أثر يبين فضل المرأة التي تموت في عدة الوفاة بصورة طبيعية، ولا شك أنها إذا كانت صابرة محتسبة تنال أجر الصابرين ولو لم تمت، فقد وردت بذلك الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة.
لكن إذا كان في بطنها حمل فهي من الشهداء إن شاء الله تعالى، فقد روى مالك في الموطأ عن جابر بن عتيك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه، فصاح به فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: غلبنا عليك يا أبا ربيع، فصاح النسوة وبكين، فجعل جابر يسكتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعهن فإذا وجبت فلا تبكي باكية، قالوا: يا رسول الله ما الوجوب؟ قال: إذا مات، فقالت ابنته: والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيداً فإنك كنت قد قضيت جهازك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته، وما تعدون الشهادة؟ قالوا: القتل في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعونِ شهيد، والغًرِق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحَرِق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجُمْعٍ شهيد.
ومحل الشاهد أن هذه المرأة إذا كانت ماتت بأحد الأسباب المذكورة تكون شهيداً إن شاء الله، قال الباجي في المنتقى: "والمرأة تموت بجُمْعٍ" قيل: تموت بالولادة، وقيل: تموت جَمعاء بكرا غير ثيب لم ينلها أحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(11/12596)
يرجى لمن مات أثناء عملية القلب الشهادة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو فضل من ماتت وهي في البنج ((التخدير)) أثناء إجراء عملية للقلب حيث كان الصدر مفتوحا من جراء العملية والجرح كبير جدا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنرجو الله لمن ماتت في مثل هذه الحالة -المذكورة في السؤال- ونحوها أن تكون شهيدة، وأن تكون داخلة في أصناف الشهداء الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر الفتوى رقم: 27708 والفتوى رقم: 18524 والفتوى رقم: 17168
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(11/12597)
الميت بداء البطن من شهداء الآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذي يتوفى مبطوناً، أي بمرض في بطنه يعتبر شهيداً عند الله، حيث أن والدي عنده السرطان وانتشر في معدته عن طريق الكبد والبنكرياس، أفيدوني؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد في الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الشهداء خمسة: المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله.
والمراد أنهم شهداء في ثواب الآخرة لا في ترك الغسل والصلاة عليهم. قال ابن قدامة في المغني: فأما الشهيد بغير قتل كالمبطون والغريق وصاحب الهدم والنفساء فإنهم يغسلون ويصلى عليهم، لا نعلم فيه خلافاً. انتهى.
والمبطون -كما قال النووي رحمه الله في شرح مسلم- هو: صاحب داء البطن وهو الإسهال، قال القاضي: وقيل هو الذي به الاستسقاء وانتفاخ البطن، وقيل: هو الذي تشتكي بطنه، وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقاً. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/12598)
منزلة من قتل دفاعا عن غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من رأى شخصاً في الشارع لا يعرفه ولكنه يستغيث به لأنه مهدد بالسكين من شخص آخر (قاطع طريق) يريد أخذ ما لديه فذهبت لأنقذه ولكنني قتلت فهل أحسب من الشهداء وتكون منزلتي مع شهداء الحروب أم لا؟ مع ذكر السبب.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن رأى صائلاً هجم على مسلم معصوم يريد قتله أو إذهاب بعض أعضائه، فإنه يجب عليه أن يدفع عنه، ولا يجوز له إسلام المسلم لهذا الصائل وهو قادر على نصرته.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما إسلام صاحبه والتخلص عنه فهو مثل إسلام أمثاله من المظلومين، وهذا فرض على الكفاية مع القدرة، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه". فإن كان عاجزاً عن ذلك أو هو مشغول بما هو اوجب منه أو قام غيره لم يجب، وإن كان قادراً وقد تعين عليه، ولا يشغله عما هو أوجب منه وجب عليه. انتهى
وأما إن كان الصائل يريد مال الغير لا نفسه، فإنه يجب على من رآه دفعه عنه ما لم يلحقه بذلك أذى في نفسه أو في ماله أو في جاهه.
قال الغزالي: مهما قدر على حفظ مال غيره من الضياع من غير أن يناله تعب في بدنه أو خسران في ماله أو نقصان في جاهه وجب عليه، وهو أقل درجات حقوق المسلم، وهو أولى بالإيجاب من رد السلام. انتهى
ومن أدى دفعه عن أخيه المسلم أو ماله إلى ذهاب نفسه فقد قام بواجبه ويؤجر على نصرته، وثواب الله واسع، لكن لا نعلم أن من قتل دون نفس أو مال غيره يكون شهيداً.
لأن النصوص النبوية جاءت دالة على الشهادة لمن قتل دون ماله أو نفسه أو أهله أو دينه، ولم يرد منها ما يدل على ثبوتها لمن ذكر حاله في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1423(11/12599)
المعيار الشرعي للشهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن حكم من مات مقتولا وهو سكران وهل يجوز تسميته شهيدا بحكم أنه مقتول أم لا يجوز ذلك وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس كل من مات مقتولاً يعد شهيداً، ولكن المقتول على أقسام:
الأول: أن يقتل ظالماً.. وهذا ليس بشهيد قطعاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه. رواه البخاري ومسلم.
والثاني: أن يقتل مظلوماً في دفاعه عن نفسه أو ماله أو عرضه أو دينه أو في الجهاد في سبيل الله، فهذا شهيد إن شاء الله، وراجع الفتوى رقم:
16377
والفتوى رقم: 6753
والثالث: أن يقتل خطأ، فهذا لا نستطيع أن نقول إنه شهيد، ولا غير شهيد.
أما من قتل وهو سكران، فإن كان من القسم الأول فظلمات بعضها فوق بعض، وإن كان من القسم الثاني فنرجو أن يكون شهيداً، والشهيد يغفر له كل ذنب إلا الدين.. كما في الصحيح.
وإذا كان من القسم الثالث فليس بشهيد، وبئست الخاتمة التي ختم بها حياته. فالخمر أم الخبائث!! ومع ذلك فنسأل الله أن يغفر له.
وننتهز هذه الفرصة لننبه على كلمة كانت تتردد على ألسنة بعض السلف، وهي "لا تكن على حال تكره أن يأتيك الموت عليه" وهذه الجملة آية في البلاغة والصدق. فإن الموت غائب، وهو آت قطعاً وحدوثه متوقع في كل حين، والأعمال بخواتمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1423(11/12600)
الغريق شهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر الغريق الذي ذهب ليتنزه شهيداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تعدون الشهيد فيكم؟ فقالوا: يا رسول الله، من قتل في سبيل الله، فهو شهيد، فقال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، قال ابن مقسم: أشهد على أبيك أنه قال: والغريق شهيد".
وفي رواية في المسند وغيره: "والمرأة تموت بجمع".
فالغريق شهيد بإذن الله، سواء ذهب للنزهة أو لغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(11/12601)
يجوز قول فلان شهيد على طريق الإجمال
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دار بيني وبين صديق لي حوار أزعجني جدا. ادعى صديقي أن الشهداء في فلسطين ليسوا شهداء وأنه لا يجوز أن نطلق كلمة شهيد على أي إنسان بداية ... ثم مصادفة قرأت فتوى في موقع سلفي لابن عثيمين -رحمة الله عليه- يؤكد هذا التوجه ... أما حجة صديقي في الأولى أنه كيف أن الموتى -على حد تعبيره- في فلسطين شهداء مع الرائحة الكريهة التي فاحت منهم وتحلل أجسامهم ... ومعروف أن جسد الشهيد لا تتحلل بل وتفوح منها رائحة المسك؟ الرجاء إجابتي على السؤال مع الدليل جزاكم الله كل خير ووفقكم إلى طريق الحق والصواب. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: التقى هو المشركون فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقال: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه من أهل النار! فقال رجل من القوم: أنا صاحبه. قال: فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه. قال: فجرح الرجل جرحا شديداً فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه. فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله، قال وما ذاك؟ قال: الرجل الذي ذكرت آنفاً أنه من أهل النار! فأعظم الناس ذلك. فقلت: أنا لكم به فخرجت في طلبه ثم جرح جرحاً شديداً فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة.
وقد وضع الإمام البخاري هذا الحديث تحت باب: لا يقال فلا ن شهيد. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي، وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال: تقولون في مغازيكم فلان شهيد ومات فلان شهيداً ولعله قد يكون قد أوقر راحلته. ألا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد. وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما من طريق محمد بن سيرين، ثم قال: فالمراد النهي عن تعيين وصف واحد بعينه بأنه شهيد، بل يجوز أن يقال ذلك على طريق الإجمال.
والحديث فيه دليل على جواز إطلاق لفظ الشهادة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الصحابة ذلك بل أقرهم حيث كانوا يقولون: فلان شهيد وفلان شهيد. كما في لفظ مسلم حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا إني رأيته في النار ...
فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم إطلاق لفظ الشهادة على الغال لملابسة خاصة به.
وعموماً فالشهادة والإيمان من موجبات دخول الجنة، فإذا قيل فلان مؤمن أو فلان شهيد فلا مانع من ذلك، وهو حكم بالظاهر وليس على سبيل القطع، وانظر ما كتبناه بخصوص المسلمين الذين قتلوا في مخيم جنين على أيدي اليهود المعتدين برقم:
16377 والفتوى رقم: 16554 ليتضح لك منه أن حجة صاحبك واهية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(11/12602)
شهداء ولكن ماتوا على فرشهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الشهيد يغفر له جميع ذنوبه، وإذا كان كذلك فإني سمعت من أحد المشايخ أن الشخص يعتبر شهيدا بشرط أن يكون ملتزما بأوامر الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يعطى الشهيد ست خصال: عند أول قطرة من دمه يكفر عنه كل خطيئة، ويرى مقعده من الجنة، ويزوج من الحور العين، ويؤمَّن من الفزع الأكبر ومن عذاب القبر، ويحلَّى حلة الإيمان. رواه أحمد من حديث قيس الجذامي.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن سهل بن حنيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء؛ وإن مات على فراشه.
وقد وردت آثار تدل على أن المؤمن بفعله للصالحات وتركه للمحرمات يكون شهيداً، منها: ما أخرجه ابن جرير عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مؤمنو أمتي شهداء، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ. ومنها ما أخرجه ابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن الرجل ليموت على فراشه وهو شهيد. ثم تلا: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال يوماً وهم عنده: كلكم صديق وشهيد! قيل له: ما تقول يا أبا هريرة؟ قال اقرأوا: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد مثل ذلك عن مجاهد رحمه الله، وأخرج ابن حبان عن عمرو بن ميمون الجهني قال: جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الصلوات الخمس وأديت الزكاة وصمت رمضان وقمته فمَّمن أنا؟ قال: من الصديقين والشهداء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: من مات وفيه تسع فهو شهيد. ويقصد بالتسع ما في قوله تعالى: التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [التوبة:112] .
ولا شك أن من جمع إلى هذه الأعمال الصالحة الجهاد في سبيل الله ومقارعة الخطوب وبذل النفس لله فهو أعظم أجراً وأرفع درجة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف. رواه الترمذي.
وفي الصحيحين وسنن أبي دواد من حديث عبد الله بن أبي أوفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس: لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1423(11/12603)
الشهادة لا تطلق إلا على من استوفى شروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن اعتبار النصارى الذين قتلوا في فلسطين من طرف اليهود شهداء؟
وهل يمكننا أن نسمي النصارى إخوان المؤمنين لأن الله عز وجل قال - إنما المؤمنون إخوة-
... ... ... ... بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من مات على غير دين النبي محمد صلى الله عليه وسلم فإنه كافر خالد مخلد في نار جهنم، دلت على هذا عشرات الآيات من القرآن الكريم، وأحاديث كثيرة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم،
قال سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [البقرة: 161] .
وقال سبحانه (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة:72] .
والنصارى واليهود كفار مشركون كما دل على ذلك القرآن، فقد قال الله تعالى (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) [البينة:1] .
وقال سبحانه (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [التوبة: 31] .
ففي الآية الأولى سماهم كفاراً، وفي هذه الآية سماهم مشركين.
وقد قال صلى الله عليه وسلم "والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلاَّ كان من أصحاب النار" رواه مسلم.
إذا علم هذا تبين أن من قتل من النصارى فإنه حطب جهنم ولا يجوز تسميته شهيداً.
فالشهادة منزلة عظيمة تفوق منزلة الصالحين كما دل على ذلك القرآن، ولكن الناس قد امتهنوا هذا اللفظ وأضفوا هذا اللقب على من شاءوا، وقد سبق وأن بينا المقصود بالشهيد في جواب سابق برقم 6753 فليراجع.
وأما قول الأخ السائل: هل يمكننا أن نسمي النصارى إخوان المؤمنين؟ فالجواب أنهم ليسوا إخواناً لنا في الإيمان بل هم كفار كما سبق تقريره. ونزيد هنا فنقول: بأنهم كفار بنبيهم عيسى عليه السلام، فإن عيسى بشر بمحمد عليهما صلوات الله وسلامه، فمن كذب محمداً فقد كذب عيسى ومن كفر بمحمد فقد كفر بعيسى. والله سبحانه عندما يذكر تكذيب الأمم لأنبيائها يقول سبحانه (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) [الشعراء: 105] .
ومعلوم أنهم لم يكذبوا إلاَّ نوحاً، ولكن تكذيبهم لواحد كتكذيبهم للجميع، وهكذا قال سبحانه عن الأقوام الآخرين كما في سورة الشعراء. فالأنبياء سلسلة متلاحقة يبشر السابق باللاحق ويصدق اللاحق السابق فمن كفر بواحدٍ منهم كفر بهم جميعاً.
وانظر الفتوى رقم: 2924
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1423(11/12604)
ليس كل الشهداء في منزلة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سأل الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه. هل إذا سألت الله الشهادة بصدق ولم أستشهد في حياتي ومت على فراشي سيكون أجري مثل أجر الشهيد الذي قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيه: للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه.
وليس معنى هذا أنهما يستويان من كل وجه، بل يشتركان في أصل الأجر لا في تمامه، ولذلك قال المناوي في فيض القدير: مجازاة له على صدق الطلب، لأن كلا منهما نوى خيرا وفعل ما يقدر عليه فاستويا في أصل الأجر، ولا يلزم من استوائهما فيه من هذه الجهة استواؤهما في كيفيته وتفاصيله؛ إذ الأجر على العمل ونيته يزيد على مجرد النية، فمن نوى الحج ولا مال له يحج به يثاب دون ثواب من باشر أعماله، ولا ريب أن الحاصل للمقتول من ثواب الشهادة تزيد كيفيته وصفاته على الحاصل للناوي الميت على فراشه، وإن بلغ منزلة الشهيد، فهما وإن استويا في الأجر لكن الأعمال التي قام بها العامل تقتضي أثرا زائدا وقربا خاصا وهو فضل الله يؤتيه من يشاء. اهـ.
وعبر النووي عن هذا المعنى بـ من التبعيضية فقال: إِذَا سَأَلَ الشَّهَادَة بِصِدْقِ أُعْطِيَ مِنْ ثَوَاب الشُّهَدَاء. اهـ.
فليس كل الشهداء في منزلة واحدة، فأعلاهم قدرا وأعظمهم أجرا الشهيد في المعركة مع الكفار، فهو أفضل حتى من الشهيد في قتال المسلمين من أهل البغي، قال ابن قدامة في المغني في حق من قتل في معركة قتال أهل البغي: هل يغسل ويصلى عليه، فيه روايتان، إحداهما: لا يغسل ولا يصلى عليه؛ لأنه شهيد معركة أمر بالقتال فيها فأشبه شهيد معركة الكفار. والثانية: يغسل ويصلى عليه، وهو قول الأوزاعي وابن المنذر؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة على من قال: لا إله إلا الله. واستثنى قتيل الكفار في المعركة، ففيما عداه يبقى على الأصل. ولأن شهيد معركة الكفار أجره أعظم وفضله أكثر، وقد جاء أنه يشفع في سبعين من أهل بيته. وهذا لا يلحق به في فضله فلا يثبت فيه مثل حكمه فإن الشيء إنما يقاس على مثله. اهـ.
وقال السبكي في فتاويه: الذي نعتقده أن الله يعطيه مرتبة الشهداء لقصده وسؤاله وعدم تمكنه من الوصول إليها، وللمرء فيما ينويه ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يمكنه الفعل فيؤجر على نيته أجرا دون أجر الفعل.
الثانية: أن يتقدم له عادة به فكتب له ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحا مقيما. وذلك لأن العذر الذي قدره الله عليه من المرض أو السفر هو الذي منعه.
الثالثة: أن لا تصل قدرته إليه لهذا الحديث، فإن طالب الشهادة لا قدرة له عليها فقد فعل ما في وسعه، فإذا قطع عنه أعطاه الله من سعة فضله ذلك، لكنه لا يسمى شهيدا في العرف، ويحتمل أن يسمى حتى لو حلف حالف ليصلين على شهيد فصلى عليه بر. والكلام في هذا كالكلام في أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وما أشبه ذلك. اهـ.
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى: أَيْ يُعْطَى أَجْرَ الشُّهَدَاءِ وَمَرَاتِبُهَا في ذلك مُتَفَاوِتَةٌ حتى في الْأَشْخَاصِ كما دَلَّتْ عليه الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ في شُهَدَاءِ الْمَعْرَكَةِ، وَلِلشُّهَدَاءِ خُصُوصِيَّاتٌ منها أَنَّهُ يُغْفَرُ له أَوَّلَ دَفْعَةٍ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ من الْجَنَّةِ، وَيُجَارُ من عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنُ من الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَيُوضَعُ على رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، وَيُزَوَّجُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ من الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ في سَبْعِينَ من أَقَارِبِهِ. رَوَاه التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ غَرِيبٍ. وَمِنْهَا أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. كما في الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، وَأَنَّ أَرْوَاحَهُمْ في جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ في الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِي إلَى قَنَادِيلَ تَحْتَ الْعَرْشِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَبَعْضُ هذه الْخِصَالِ يَكُونُ لِسَائِرِ الشُّهَدَاءِ كَالْأَخِيرَةِ كما نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ عن الْعُلَمَاءِ، وَكَوِقَايَةِ فِتْنَةِ الْقَبْرِ كما ذَكَرَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ وَنَقَلَهُ عن الْقُرْطُبِيِّ. اهـ.
ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 42767، 102618، 119091.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(11/12605)
حكم من مات في غير معركة وهل يغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر المدنيون الذين يقتلون في غزة شهداء معركة؟ وهل إذا كان بعضهم غير ملتزمين دينيا فهل يأخذون نفس الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من مات من المسلمين بسبب قتل الكفار المحاربين له يعتبر شهيدا وينال أجر الشهادة ولو كان غير ملتزم، ويدل لهذا ما ثبت في الحديث من تكفير الله ذنوب الشهداء المتعلقة بحق الله تعالى؛ كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم قال: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. أخرجه مسلم في صحيحه.
وقال النووي في المجموع: يثبت حكم الشهادة فيما ذكرناه للرجل والمرأة والعبد والصبي والصالح والفاسق. اهـ
وفي الفتاوى الهندية في تعريف الشهيد: هو في الشرع من قتله أهل الحرب والبغي وقطاع الطريق أو وجد في معركة وبه جرح أو يخرج الدم من عينيه أو أذنه أو جوفه أو به أثر الحرق أو وطئته دابة العدو وهو راكبها أو سائقها أو كدمته أو صدمته بيدها أو برجلها أو نفروا دابته بضرب أو زجر فقتلته أو طعنوه فألقوه في ماء أو نار أو رموه من سور أو أسقطوا عليه حائطا أو رموا نارا فينا أو هبت بها ريح إلينا أو جعلوها في طرف خشب رأسها عندنا أو أرسلوا إلينا ماء فاحترق أو غرق مسلم.... . ولو كان المسلمون في سفينة فرماهم العدو بالنار فاحترقوا من ذلك وتعدى إلى سفينة أخرى فيها المسلمون فاحترقوا كلهم شهداء. اهـ.
واختلف في تغسيل من قتل في غير المعركة إن لم يتغير جسمه، أما إن تغير فلا يطلب تغسيله اتفاقا.
قال الدسوقي: قول المصنف: ولا يغسل شهيد معترك يقتضي أن مقتول الحربي الكافر بغير معركة يغسل وهو قول ابن القاسم ومقتضى موضع من المدونة، وروى ابن وهب لا يغسل شهيد كافر حربي بغير معركة لكونه له حكم من قتل بها وهو نص المدونة في محل آخر, وتبعه سحنون وأصبغ وابن يونس وابن رشد ويحيى القرطبي فتمنى أنه لم يكن غسل أباه وصلى عليه حين قتله عدو كافر بقرطبة حين أغار عليها الكفار على غفلة والناس في أحراثهم. وذكر شيخنا أن ما قاله ابن وهب هو المعتمد، وقد اتفق سنة اثنتين وخمسين وألف أن أسرى نصارى بأيد مسلمين أغاروا على الإسكندرية في وقت صلاة الجمعة والمسلمون في صلاتها فقتلوا جماعة من المسلمين فأفتى علي الأجهوري بعدم غسلهم وعدم الصلاة عليهم ... اهـ
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 31228، 74025، 46232.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(11/12606)
ما تكفره الشهادة في سبيل الله من الذنوب وما لا تكفره
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه من خدمة رهيبة جداً للمسلمين وأنا والله استفدت من موقعكم بشكل كبير جداً وما زلت فهو كنز حقيقي خاصة الفتاوى
سؤالي هو هل ترك الصلاة هو ذنب يغفر، فهل الجهاد يغفره، أنا لا أصلي (كنت أصلي) لكن بقيت أحب ديني وأتمنى النصر للإسلام والمسلمين، وحينما تشتد المعارك بين المسلمين والكفار أجلس أتحسر على حالي، وأتمنى أن أخرج للجهاد لنصرة الإسلام ونيل الشهادة والفوز بالجنان وتكون نفسي تواقة جداً للجهاد، ولكن ترك الصلاة يقعدني خوفا إن مت بالمعركة أن ألقى الله كافراً وأن جهادي ليس له فائدة بسبب تركي الصلاة، علما بأنني في مثل تلك الحالة أتحسر وأندم بشدة وأبكي، لكن المصيبة أنني أندم وأبكي وأصلي حين تبدأ المعارك فقط وبعد أن تهدأ الأمور أرجع إلى ترك الصلاة والكبائر شيئا فشيئا، فأ فيدوني بارك الله فيكم، فأنا لا أريد أن أموت لأدخل جهنم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق المتهاون بها أو مضيعها، فقد قال الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5} ، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، وتارك الصلاة جاحداً لوجوبها كافر بإجماع أهل العلم، وتاركها كسلاً لا يكون كافرا بذلك عند جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنفية وخلافاً للحنابلة القائلين بكفره، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 5259.
وبناءً على مذهب الجمهور من عدم كفر تارك الصلاة كسلاً فيجب عليه قضاء جميع الصلوات التي تركها، وإذا لم يكن ضابطاً لعددها فليواصل القضاء حتى يغلب على ظنه براءة الذمة. وكيفية قضاء هذه الفوائت الكثيرة سبق بيانها في الفتوى رقم: 61320.
فإذا قام بقضاء هذه الفوائت وتاب توبة صادقة من تركه للصلاة فتكفر عنه هذه المعصية، وإذا كان الشخص تاركاً للصلاة كسلاً ونال الشهادة في سبيل الله تعالى فإنه يعتبر شهيداً، كما تقدم في الفتوى رقم: 23310.
والشهادة في سبيل الله تعالى مكفرة لجميع الذنوب باستثناء حقوق الآدميين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه الإمام مسلم وغيره. وفي شرح صحيح مسلم للنووي: فيه هذه الفضيلة العظيمة للمجاهد وهي تكفير خطاياه كلها إلا حقوق الآدميين، وإنما يكون تكفيرها بهذه الشروط المذكورة، وهو أن يقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر، وفيه أن الأعمال لا تنفع إلا بالنية والإخلاص لله تعالى. انتهى.
فنوصيك يا أخي الحبيب أن تعزم النية على المحافظة على صلواتك، وتستعين بالله تعالى، وتتخذ لذلك التدابير المعينة كمجالسة الصالحين وصحبة الأخيار وحضور مجالس العلم والذكر وتدبر القرآن وما فيه من الوعيد للمعاندين والوعد للطائعين. نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياك إلى ما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1428(11/12607)
ما تكفره الشهادة وما لا تكفره
[السُّؤَالُ]
ـ[ذكر في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن الشهيد يغفر له بأول دفعة من دمه، فهل يغفر للشهيد جميع ذنوبه حتى وإن كانت من الكبائر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشهادة في سبيل الله تكفر بها جميع الذنوب التي تتعلق بحق الله عز وجل، وأما ما يتعلق بحق المخلوق كالديون ونحوها فلا تكفرها الشهادة، إذ لا بد من رد الحق لصاحبه أو استحلاله منه، أو القصاص يوم القيامة، وقد يمن الله عز وجل على الشهيد أو غيره ممن عليه حقوق للخلق فيرضيهم عنه بما يشاء، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45676، 45905، 49082.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1428(11/12608)
شهيد البحر والبر سواء في الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا حديث صحيح أم لا، يغفر لشهيد البحر كل ذنب حتى الدين والأمانة. وإن كان صحيحا فمن الراوي للحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في الحديث: شهيد البر يغفر له كل ذنب إلا الدين والأمانة، وشهيد البحر يغفر له كل ذنب والدين والأمانة. رواه أبو نعيم في الحلية والديلمي في الفردوس وضعفه الألباني.
وقد عارض هذا الحديث ما هو أصح منه ولم يفرق بين البر والبحر، وهذا مما يؤكد رد هذا الجزء وعدم حجيته، فقد روى مسلم في الصحيح عن أبي قتادة أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف قلت؟ قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1427(11/12609)
لا يجزم بالشهادة لمن مات في حادث سيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي ذهب للعمل في غانا، وتوفي نتيجة حادث سيارة وهو من مصر، وهو صغير في السن (30عاما) ذهب إلى هناك ليكسب ما يقيه السؤال، وكان هناك بعيدا عن أهله.
هل نحتسبه عند الله من الشهداء؟
وهل لو كان شهيدا ينطبق عليه حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه يشفع لسبعين من أهله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات في حادث سيارة، يرجى أن يكون شهيدا ولا يجزم له بالشهادة، لعدم ثبوت نص بضابط من يموت شهيدا، وإنما عد النبي صلى الله عليه وسلم أصنافا ممن يموتون ميتة فيها شدة وألم، كالغريق، والحريق، والمطعون، والمبطون، والنفساء تموت بسبب ولدها، وكذا صاحب الهدم، وإنما قلنا ترجى له الشهادة، لأن موته فيه شدة وألم تشابه أو تفوق ما ورد في النصوص، ولذا ألحقه بعض العلماء بصاحب الهدم، أي الذي يتهدم عليه منزل فيموت.
أما كونه يشفع في سبعين من أهل بيته، فلا ينطبق عليه، لأن هذا الفضل في حق شهيد الدنيا والآخرة، الذي يقتل في سبيل الله، كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة، ولا يقاس عليه غيره لعدم التماثل، كما قال ابن قدامة في "المغني": وإن قُتل العادل كان شهيدا، لأنه قُتل في قتال أمر الله به بقوله: فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي [الحجرات: 9] . وهل يغسّل ويصلى عليه؟ فيه روايتان إحداهما: لا يغسّل ولا يصلى عليه، لأنه شهيد معركة أُمر بالقتال فيها، فأشبه شهيد معركة الكفار، والثانية: يغسّل ويصلى عليه، وهو قول الأوزاعي وابن المنذر، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة على من قال: لا إله إلا الله، واستثنى قتيل الكفار في المعركة، ففيما عداه يبقى على الأصل، ولأن شهيد معركة الكفار أجره أعظم، وفضله أكثر، وقد جاء أنه يشفع في سبعين من أهل بيته، وهذا لا يلحق به في فضله، فلا يثبت فيه مثل حكمه، فإن الشيء إنما يقاس على مثله. انتهى.
وقال ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" في معرض كلامه عن فضل الشهادة: وبعض هذه الخصال يكون لسائر الشهداء كالأخيرة، (يعني أنهم أحياء عند ربهم يرزقون) كما نقله القرطبي عن العلماء، وكوقاية فتنة القبر، كما ذكر الجلال السيوطي.. الخ وقد ذكر قبلها قريبا كون الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته، ولم يعدّها من الخصال التي تشمل جميع أنواع الشهداء سوى شهيد المعركة.
ولمزيد من الفائدة انظر الفتاوى: 3397، 15027، 34588.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(11/12610)
كرامات الشهداء ومنزلتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كرامات الشهداء ومنزلتهم؟ وهل هناك من درجة أعظم من الشهادة يستطيع الإنسان أن يقوم بها إن لم يستطيع الجهاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان مقصود السائل بقوله "كرامات الشهداء" ما يحصل لهم بعد موتهم من العلامات الدالة على صدقهم وقبول الله لهم، فإن هذا كثير لا يمكن حصره، فمنهم من تُشَمُّ منه رائحة المسك، ومنهم من يموت وهو يبتسم، ومنهم من يرى على وجهه الانشراح والنور.
وإن كان مقصوده ما أعد الله لهم، فقد جاءت الآيات القرآنية والأحاديث تَتْرى في بيان فضل الشهداء.
فمنها قوله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:169-171] .
وقال صلى الله عليه وسلم: ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة، وفي رواية: لما يرى من فضل الشهادة. رواه الشيخان عن أنس.
وقول السائل هل هناك درجة أعظم من الشهادة.. الخ الجواب عليه هو نعم، فدرجة الصديق أعلى من درجة الشهيد.
قال تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً [النساء:69] .
وقال تعالى: أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ [الحديد: 19] .
قال ابن كثير رحمه الله: ولا شك أن الصديق أعلى مقاما من الشهيد كما رواه مالك عن أبي سعيد الخدري مرفوعا:: إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم.
قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: بلى، والذي نفسي بيده رحال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين. اهـ والحديث رواه الشيخان أيضا. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1424(11/12611)
الشهيد الذي يقتل في المعركة لا يغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أرجو من حضرتكم إبلاغي هل المقتول يغسل قبل الدفن أو لا؟.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات من المسلمين يجب تغسيله على الأحياء وجوباً كفائياً، بحيث إذا قام به البعض سقط الوجوب عن البقية الآخرين.
قال النووي في المجموع: وغسل الميت فرض كفاية بإجماع المسلمين.
واستثنى العلماء الشهيد الذي يموت في ساحة المعركة في قتاله مع الكفار، وذلك لحديث جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم: أمر في قتلى أحد بدفنهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا. رواه البخاري.
وبهذا تعلم حكم غسل الميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1424(11/12612)
مصير مسلم ونصراني قتلا من أجل الدفاع عن الوطن
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا اشترك المسلم والنصراني في الحرب لتحرير الوطن كما حدث مثلا في حرب أكتوبر وتوفي الاثنان فالمسلم جزاؤه الجنة فما نصيب النصراني، وقد قال المولى عز وجل" ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه"، أرجو الإجابة وعدم إهمال سؤالي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمصير الكفار من اليهود والنصارى نار جهنم خالدين مخلدين فيها أبداً، ولا يغير من حالهم كونهم ماتوا مدافعين عن أوطانهم، أو ماتوا وقد عمروا المستشفيات وعبَّدوا الطرقات وكفلوا الأيتام ورحموا المسكين، أو عمروا للمسلمين المساجد أو فعلوا ما فعلوا، ومن شك في كفر اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار فقد كفر، لأنه أنكر معلوماً من دين الإسلام بالضرورة، قال الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85] .
وقال الله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ [آل عمران:19] .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم وغيره: والذي نفس محمد بيده.. لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار.
وأما أعمالهم من الخير في الدنيا فلا قيمة لها لأنها فعلت على غير أساس الإيمان، قال الله تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً [الفرقان:23] .
والله تعالى كلفهم بلا إله إلا الله محمد رسول الله فقدموا على الله بغيرها، وانظر الفتوى رقم: 16091.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(11/12613)
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وردت هذه العبارة في كتاب فقه على المذهب الشافعي:
وأما الشهيد: فلا يغسل، ولا يصلى عليه، ويسنّ تكفينه في ثيابه التي قتل فيها. لما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في قتلى أحد بدفنهم بدمائهم، ولم يغسلوا ولم يصلّ عليهم.
السؤال: يرجى من فضيلتكم بيان الرأي في الصلاة على الشهيد.
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في غسل الشهيد والصلاة عليه وتكفينه في غير ثيابه التي مات فيها، والصحيح الذي ذهب إليه أكثر الفقهاء هو أنه لا يغسل، ولا يكفن في غير ثيابه التي قتل فيها، ولا يصلى عليه. وهذا القول هو الراجح لصحة أدلته وصراحتها، ومن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمر بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1423(11/12614)
الشهادة.. أنواعها والفروقات بينها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين شهيد الدنيا، شهيد الآخرة، وشهيد الدنيا والآخرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شهيد الدنيا والآخرة: هو الذي يقتل في الجهاد في سبيل الله مقبلاً غير مدبر لا لغرض من أغراض الدنيا، ففي الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: إن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال مستفهما: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه فمن في سبيل الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله. رواه البخاري.
أما شهيد الدنيا: فهو من قتل في الجهاد لكن قتاله كان رياء أو لغرض من أغراض الدنيا.. أي لم يكن في سبيل الله، فهو في الدنيا يعامل معاملة الشهيد فلا يغسل ولا يصلى عليه، وينتظره في الآخرة ما يستحق من عقوبة جزاء سوء قصده وخبث طويته.
أما شهيد الآخرة: فهو من يُعطى يوم القيامة أجر الشهيد ولكنه لا يعامل معاملته في الدنيا؛ بل يغسل ويصلى عليه.. ومن هؤلاء: المقتول ظلماً من غير قتال، والميت بداء البطن أو بالطاعون أو بالغرق، وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الشهداء خمسة: المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله. متفق عليه.
وكذلك حديث أنس: الطاعون شهادة لكل مسلم. متفق عليه، والحديث الآخر: من قتل دون ماله فهو شهيد. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1423(11/12615)
التمثيل بجثث الشهداء خلق جاهلي
[السُّؤَالُ]
ـ[أطلب تزويدي بموقف الشرع الإسلامي من قضية احتجاز إسرائيل لأعداد من رفات الشهداء داخل مقابر مجهولة وموقف الشرع من التنكيل برفات الشهداء؟ وكيف يتعامل الدين الإسلامي الحنيف بجثث الأعداء الذين يقتلون في الحروب في فترة الدولة الإسلامية؟ وكيف يتم التعامل مع المقابر الخاصة بهم؟
وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من يسعون في الأرض فساداً ويقتلون الأطفال والنساء ويهدمون البيوت ويدمرون المدن لا يتوقع منهم إلا أن ينكلوا برفات الشهداء.
ومثل هذا ليس بجديد.. فقد مثلت قريش بشهداء المسلمين يوم أحد، ومع ذلك ذكر الله أنهم أحياء عنده فرحين بما آتاهم من فضله، قال جل وعلا: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [آل عمران:169-170] .
أما من يقتل من الكفار في الحروب فإن جثته يحفر لها وتوارى في التراب؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بقتلى المشركين يوم بدر، حيث أمر بهم فوضعوا في القليب.
أما مقابرهم الخاصة فلا يدفن المسلمون بها ولا يتعرض لها إلا إذا احتيج لنبشها لتوسعة مسجد أو شارع أو نحوهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1423(11/12616)
تارك الصلاة هل يعتبر شهيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الفرد جنباً ولم يغتسل وسمع منادياً للجهاد ولبى النداء واستشهد هل تقبل هذه الشهادة؟ وهو أيضا لم يكن من المصلين وألف شكر على إجابات الأسئلة السابقة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه مما لا شك فيه أن الصلاة لها منزلة كبيرة في الإسلام فهي الركن الثاني بعد الشهادتين وهي عماد الدين وأساسه وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، وقد صرحت الأحاديث الصحيحة بكفر من تركها، ومن جملتها حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بين الرجل والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. رواه أصحاب السنن.
وبهذا استدلت طائفة من أهل العلم منهم الإمام أحمد على كفر تارك الصلاة تكاسلاً؛ إلا أن الجمهور لم يكفروه، وحملوا أحاديث التكفير على الجاحد أو المستحل للترك، أو أن المراد كفر دون الكفر الأكبر.
وعلى كلٍ من الرأيين فإن الإنسان الذي هذه حالته وصدرت منه توبة صادقة قبل مشاركته في المعركة واحتاج المسلمون إليه في النصرة فإنه يعد شهيداً لأنه عند القائلين بالكفر لم يكن مؤمنا، وكأنه بتوبته تلك دخل الإسلام من جديد.
أما على رأي الجمهور فإنه يعتبر عاصياً بتركه للصلاة وهو محاسب عليها إن لم يغفر الله له، ولكنه مع ذلك يحصل على الشهادة، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: من قتل في سبيل الله فهو شهيد. رواه مسلم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(11/12617)
الشهيد قد يحفظ جسده وقد يبلى
[السُّؤَالُ]
ـ[قال الرسول صلعم أجساد الشهداء لا تصبح عظاما. لماذا أجساد شهداء الجزائر كانت كذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نقف على حديث ينص على أن أجساد الشهداء لا تبلى أو لا تصير عظاماً، والشهيد قد يبلى جسده، وقد يظل محفوظاً إكراماً من الله تعالى له، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم 16275.
وننبه إلى أنه لا يشرع أن يكتب الإنسان (صلعم) اختصاراً لجملة صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم 7334
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(11/12618)
الأمر الذي لا يغفر للشهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما الذي يحبس الشهيد عن مرتبة الفردوس من أعمال الدنيا؟ وبارك الله فيكم......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يحبس الشهيد عن دخول الجنة الدين، ودليل ذلك ما رواه الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدين، فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(11/12619)
كون أجساد الشهداء لا تتغير لم يرد به دليل
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا دائما نسمع أن الأرض لا تأكل جسد الشهداء وأن رائحتهم تكون كرائحة المسك، ولكن في مخيم جنين كانت تخرج من الجثث المتحللة روائح نتنة جداً، أريد توضيحا لهذه المسألة لو تكرمتم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصحيح والثابت هو أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وأنهم فضلوا وميزوا على غيرهم من المؤمنين بأنهم يرزقون في الجنة ويأكلون ويتنعمون، وغيرهم من المؤمنين منعم بما دون ذلك. فتلك هي ميزة الشهداء وخاصتهم من جهة حياتهم في قبورهم، أما كون أجسادهم لا تتغير فهذا لم يرد به دليل تقوم به حجة حسب علمنا. وكون رائحة الشهيد رائحة المسك هذا أيضاً ثابت لكنه يكون يوم القيامة إظهارا لفضيلة الشهيد وتنويها به بين أهل الموقف، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال " كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذْ طُعِنَتْ تَفَجَّرُ دَمًا اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْك" واللفظ للبخاري. ولهذه الحكمة ترك غسل شهيد المعركة.
وبهذا يعلم السائل الكريم وغيره أن تحلل جثث المسلمين الذين قتلوا في مخيم جنين -ظلماً- وهم يدافعون عن أنفسهم ودينهم وأموالهم وأعراضهم وأرضهم ليس فيه دليل أبداً على كونهم غير شهداء، بل الصحيح الذي لا مرية فيه هو أن من قتل دون ماله أو دمه أو أهله من المسلمين فهو شهيد، تغيرت رائحته أم لم تتغير، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد" رواه الترمذي والأدلة على هذا كثيرة جداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1423(11/12620)
لا ترابط بين الشهادة وعدم تغير الجثة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل جثة الشهيد محرمة على دود الأرض؟
وإذا كانت كذلك لماذا تتحلل جثث الشهداء في فلسطين؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لا نعلم نصاً من كتاب الله ولا من سنة رسوله فيه الإخبار عن تحريم جثث الشهداء على الأرض، ولكن ورد الحديث بتحريم أجساد الأنبياء على الأرض، كما رواه النسائي وأبو داود وغيرهما.
وقد وردت الآيات والأحاديث تثبت أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وأن أرواحهم في جوف طير خضر تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش. ولكن هذا لا يعني أن أجسادهم لا تبلى، فحياة البرزخ لا تقاس بحياة الدنيا. وقد تبقى أجساد بعض الشهداء كرامة من الله عز وجل لهم كما حصل لشهداء أحد، وقد صحت بذلك الأخبار.
ومما ينبغي التنبه له أن الشهادة حكم غيبي لا نعلمه على الحقيقة، فربما قتل المسلم في المعركة فنعده نحن شهيداً، وليس هو بشهيد لسبب لم نطلع عليه، وغاية ما في الأمر أننا نحكم على شخص قتل في المعركة بأنه شهيد في ظاهر الأمر، ونعطيه أحكام الشهيد، ولكننا لا نعلم هل هو عند الله شهيد أم لا؟ فقد يكون قاتل رياءً، وقد يكون قاتل ليقال: فلان شجاع، وقد يكون قاتل لغرض من أغراض الدنيا ... وهكذا، فعلم بواطن الأمور مرجعه إلى الله وحده، ونعود فنؤكد أنه لا ترابط -شرعاً- بين الشهادة وعدم تغير الجثة، فقد يكون الشخص شهيداً وتتغير جثته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1423(11/12621)
هل تغفر ذنوب الغريق لأنه شهيد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الغريق يعتبر شهيدا حتى ولو كانت أعماله سيئة؟ وهل يعاقب عليها أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم وغيره. وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: والغريق شهيد. الحديث رواه مسلم وغيره.
وعلى ذلك، فإن أعمال الغريق السيئة مغفورة له ـ ما لم تكن دينا أو كفرا مخرجا من الملة ـ فضلا من الله تعالى، لأنه شهيد، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال العلماء بعد ذكر شهداء الآخرة: هذه كلها ميتات فيها شدة تفضَّل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصا لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين رقم: 100560، 97099.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(11/12622)
المرأة التي ماتت في فترة النفاس هل تعتبر شهيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: لقد توفيت أختي بعد ولادة ابنها بخمسة عشر يوما، وكان تحديد وفاتها بجلطة بالدماغ
هل تعتبر شهيدة لأنها توفيت في مدة النفاس؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرحم أختكم ويحسن عزاءكم فيها، ونفيدكم أن المرأة تعتبر شهيدة إذا ماتت بسبب النفاس، وأما إذا ألم بها مرض من الأمراض في مدة النفاس وماتت بسببه فلا يعتبر ذلك شهادة.
فالحديث الذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه الشهداء، قال فيه: والمرأة تموت بجمع.
قال الباجي في المنتقى: المرأة تموت بجمع، قيل تموت بالولادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1430(11/12623)
الميت بالقصف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 23 عاما، ولي أخت استشهدت في الحرب على غزة، وهي من عمري في السن، وليس لنا صلة، ولا نحن ممن استهدفه الاحتلال ولكنا وهي في صبرنا على حالنا كحال شعبنا على انتهاء الحرب، ولكن الاحتلال استهدف هدفا له وكانت أختي ضمن الضحايا العشرين تقريبا، ولكن حالي بعد انتهاء الحرب بين عدم الصبر على الفراق مع أني أدعو الله دائما وبين حالي في وسواسي هل هي شهيدة يقبلها الله أم هي مقتولة وحسابها كباقي الأموات. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن ينصر الإسلام ويعز المسلمين، وأن يفرج هم المهمومين وينفس كرب المكروبين. ثم اعلم أخي الكريم أن الصبر خير ما يعطى العبد وأوسعه وأنفعه، فتصبر وارتقب رحمة الله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر. رواه البخاري ومسلم.
وأبشر بما يسركم في الدنيا والآخرة إن أنت رضيت بقضاء الله وقدره، فقد قال الله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر: 10} وقال سبحانه: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ. رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه. وحسنه الألباني. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بعمل، فما يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها. رواه أبو يعلى وابن حبان والحاكم، وحسنه الألباني.
وتذكر أخي الكريم قول النبي صلى الله عليه وسلم: عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ. رواه مسلم. وراجع للفائدة الفتويين رقم: 13849، 39151.
أما بالنسبة لأختك التي ماتت بالقصف فأقل ما يقال فيها إن لها حكم الميت بالهدم، وهذا حكم له النبي صلى الله عليه وسلم بالشهادة، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 67463، 32448.
وكذلك فإنها ماتت بنيران اليهود وهم من أهل الكتاب، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعطى من قتله أهل الكتاب أجر شهيدين، فروى أبو داود أن أم خلاد جاءت تسأل عن ابنها وهو مقتول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابنك له أجر شهيدين. قالت: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: لأنه قتله أهل الكتاب.
وأما إن كانت أختك قد شاركت في القتال بأي صورة كانت نصرة لدين الله وإعلاء لكلمته، فقتلها اليهود، فهي من شهداء المعركة إن شاء الله، وهذه أعلى صور الشهادة، وفيها يقول الله تعالى: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ {آل عمران:169-171} وراجع في ذلك الفتويين رقم: 31791، 18524.
ويرجى لمزيد الفائدة الاطلاع على الفتوى رقم: 117417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(11/12624)
الفرق بين شهيد الدنيا وشهيد الآخرة.. وأحكامهما
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي إثر صدمة من موتوسيكل مسرع حيث كان والدي عائدا من صلاة التراويح في 17 رمضان المنصرم بعد شراء السحور لليوم التالي وظل بغيبوبة20 يوما بالعناية المركزة حتى توفاه الله 7 أكتوبر الماضي هل يكون شهيدا؟ وما الفرق بين شهيد الدنيا الآخرة؟ وما هو أجر الشهيد؟ أرجو الشرح والتفصيل حتى يبرد قلبنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعظم أجركم ويرحم والدكم وجميع موتى المسلمين، وبخصوص الموت بحوادث السير أو من صدمته سيارة لم يرد نص في أن صاحبه يكون شهيدا، ولكن ورد في الحديث أن صاحب الهدم شهيد، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن من مات بحادث يعتبر شهيدا إلحاقا له بصاحب الهدم.
وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتويين: 42767، 37026 مع ما للشهيد من أجر وفضل عند الله تعالى.
وأما الفرق بين شهيد الدنيا وشهيد الآخرة؛ فهو أن شهيد الدنيا فقط هو من قتل في الجهاد؛ لكن قتاله كان رياء أو لغرض من أغراض الدنيا، فيعطى أحكام الشهداء في الدنيا من حيث عدم الصلاة عليه وترك غسله وتكفينه، وشهيد الدنيا والآخرة هو الذي يقتل في الجهاد في سبيل الله مقبلاً غير مدبر لا لغرض من أغراض الدنيا.
وشهيد الآخرة فقط هو: من يُعطى يوم القيامة أجر الشهيد ولكنه لا يعامل معاملته في الدنيا؛ بل يغسل ويصلى عليه..
وللمزيد من التفصيل والأدلة انظر الفتويين: 44941، 26390 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1430(11/12625)
هل الموت أثناء الحج يعد شهادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف إذا مات شخص في الحج هل يعتبر شهيداً؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الموت في أثناء الحج علامة إن شاء الله تعالى على حسن الخاتمة، وقد وقصت رجلاً ناقته فمات عام حج النبي صلى الله عليه وسلم وكان الرجل محرماً فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يكفنوه في ثوبيه وألا يخمروا رأسه ولا يمسوه طيباً، وقال صلى الله عليه وسلم: فإنه يُبعث يوم القيامة ملبياً. متفق عليه.
وهذه لا شك مثوبة عظيمة وأعظم بهذه الدرجة فإن الحج والجهاد من أفضل الأعمال، وأما كونه شهيداً فلا نعلم دليلاً يدل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(11/12626)
الميت بمرض الفصام هل يعتبر شهيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أجر مرضى الفصام في الدنيا والآخرة ولو ماتوا بسبب مرضهم دون انتحار ما جزاؤهم هل هم شهداء " مبطونين" حيث إن مرضهم من تخصص الباطنة في الطب وكذلك فهو يدمر حياتهم ويفقدون قدرتهم على العمل "إعاقة" ولو كانوا غير مصلين لكن مسلمون، فهل يغفر لهم لو ماتوا على هذا المرض وأحيانا يتحسنون ولكن تظل إعاقة العمل وبعض التهيؤات ما رأيكم بهذا الابتلاء؟ وهل هو بلاء أم ابتلاء حيث صعب علاجهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود السؤال عن مرض انفصام الشخصية فالذي علمناه عنه أن له تأثيراً في العقل. وعليه، فإن فقد صاحبه العقل بسببه، فحكمه حكم المجنون والمعتوه، وفي هذه الحالة لا يكلف بالصلاة، ولا يجب عليه قضاء ما فاته حال إصابته، سواء طال الزمن أم قصر، وإذا كان يفيق أحياناً ويدرك في وقت إفاقته جزءاً من وقت الصلاة فيجب عليه القضاء إذاً بمضي زمن يمكن فعل الصلاة فيه، أما إذا لم يفقد العقل، فصاحبه كبقية المرضى المكلفين، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19625، 26565، 2312.
وأما الحكم بالشهادة لمن مات بسبب هذا المرض لكونه مبطوناً، فصحيح أن المبطون شهيد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الشهداء خمسة: المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله عز وجل. متفق عليه.. ولكن ليس هذا المرض من داء البطن في شيء، فإن المبطون كما قال النووي: هو صاحب داء البطن، وهو الإسهال، قال القاضي: وقيل: هو الذي به الاستسقاء وانتفاخ البطن، وقيل: هو الذي تشتكي بطنه، وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقاً. انتهى.
ويكفي هذا المريض أجر الصبر على هذا الداء العضال، فإن الأجر على قدر شدة المرض، وحسبك من ذلك قوله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10} ، وقد سبق لنا بيان ثواب الصبر على المرض، وأن الأجر على قدر البلاء والنصب، وأن عظم الجزاء من عظم البلاء. وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5344، 13849، 30794.
وأما هل هذا المرض بلاء أم ابتلاء؟ فالجواب: أنه لا فرق في الحقيقة بين اللفظين من حيث الاستعمال اللغوي، فكلاهما بمعنى الاختبار والامتحان، ويكونان بالسراء والضراء، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 63679، والفتوى رقم: 37968.
وأظن أن مراد السائل: هل هذا المرض امتحان من الله أم عقوبة منه سبحانه؟ فإذا كان هذا مراده فينظر متى حدث المرض، فإن ولد به الإنسان أو أصابه قبل البلوغ فهو ابتلاء بمعنى الامتحان، وإن كان حدوثه بعد البلوغ فإنه يحتمل أن يكون بلاء وعقوبة، ويحتمل أن يكون ابتلاء وامتحاناً، وعلى كل حال ينبغي أن نذكر قوله صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1430(11/12627)
من مات وهو يؤدي عمله في حرس الحدود هل يعتبر شهيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو إذا مات شخص وهو يؤدي عمله في حرس الحدود هل يعتبر شهيدا أم لا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن مات وهو يؤدي عمله في حرس الحدود لا يعتبر شهيدا بمجرد قيامه بهذا العمل ولكن نرجو أن يكون قد مات على خير إن كان قد مات وهو يقوم بهذا العمل على وجه شرعي كما أنه إذا مات بحادث ونحو ذلك يرجى أن يكون من شهداء الآخرة، ولمزيد الفائدة راجع الفتويين 107494، 26390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(11/12628)
من قتل دون أهله وولده فهو شهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[تصارع جاران لنا بسبب الأطفال فضرب أحدهما الآخر بأداة حديدية فقتله، قرأت أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن القاتل والمقتول في النار لكن أمي رحمها الله كما ربتني صغيرا- أخبرتني بأنها شاهدت على القناة الجزائرية الأرضية مفت أفتى بشهادة المقتول الذي كان يدافع عن أولاده ظالمين كانوا أو مظلومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث الذي أشرت إليه حديث صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، فقلت: يا رسول الله؛ هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه.
ولعل ما شاهدته أمك أو سمعته هو في من مات وهو يدافع عن من يريد الاعتداء على ولده أو أهله، فقد روى الإمام أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي عن سعيد بن زيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد. وبعضه في الصحيحين.
وقد بينا أن من مات في الدفاع عن هذه الأمور يكون شهيدا في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 32061.
كما بينا أنواع القتل وحكم كل نوع منها في الفتوى رقم: 11470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(11/12629)
هل مرضى السكر والكبد والكلى والسرطان يعدون من الشهداء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
ما هي الأمراض التي يعد من توفي بها من الشهداء (مبطون) وهل يدخل من ضمنها الأمراض المزمنة كالسكري والسرطان والسل ومريض القولون والكلى والطحال والكبد.... وهل لأصحاب العاهات نصيب من ذلك كالأعمى والأصم والأبكم ... ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيرجى لمن مات بسبب القولون أو السرطان في البطن أو أي داء في البطن أن يكون من الشهداء لحديث: المبطون شهيد. رواه البخاري.
وقد قيل هو الذي يموت بداء في بطنه مطلقا كما بيناه في الفتوى رقم: 110760، وكذا الموت بمرض السل شهادة كما بيناه في الفتوى رقم: 72903، والسل قرحة تصيب الرنة معها حمى.
ولا نعلم من الكتاب أو السنة ما يدل على أن الموت بالسكري أو الكبد ونحوه مما ذكر أنه يعتبر من الشهادة إلا أن يكون أحدها مندرجا في الموت بداء البطن أو غيره مما جاءت الأحاديث بأن الموت به شهادة، وكذا لم يرد فيما نعلم ما يدل على أن من مات أعمى أو أصم أو أبكم أنه يموت شهيدا، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 39035، والفتوى رقم: 8223، والفتوى رقم: 34588.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1429(11/12630)
مزايا الموت بداء البطن
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أخي منذ أسبوع واشتد عليه المرض منذ حوالي ثلاثة شهور، وآخر شهرين كان في المستشفى بعد إجراء جراحة كبيرة جدا كانت نتيجتها استئصال الأمعاء الدقيقة الكامل نتيجة وجود أورام خبيثة بها وأدى ذلك إلى وفاته بعد فتح بطنه مرتين لإجراء العمليه وأثرت العصارة المعدية التي كانت تخرج من أمعائه على باقي أعضاء جسمه، وكان يتألم ألما شديدا جدا ومتواصلا ويصاب بالقيء وحرم من الطعام والشراب آخر شهر تماما وكان مؤمنا شاكرا لله على كل شيء، حتى أنه قال لي أنه لو يستطيع السجود لله وهو على حالته هذه لسجد شكرا لله، وأنه نوى عند خروجه من المستشفى أن يذهب للعمرة وكان يدعونا إلى الصلاة ويحمد الله دائما على كل شيء وعلى حالته، وقد تعذب عذابا شديدا من مرضه وكان صالحا ويذبح لله ويصوم ويصلي ويصل الرحم دائما، وكان كل من عرفه يحبه حتى أنه عند وفاته شكر فيه كل الناس وعلى أخلاقه وعلى معاملته للناس جميعا، فهل يعتبر مبطونا ويحسب على الشهداء بسبب مرضه أم لا؟ وهل يقيه الله من عذاب القبر؟ ولي سؤال آخر أن العديد من الأشخاص حلموا به بعد موته وهو حي بعد الموت، ومن حلم به حيا مرة أخرى ليتزوج وهو في عرسه ومن حلم به يقول إنه شفي من مرضه، فما تفسيرك لهذه الأحلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الرحمة لأخيك وأن يرزقكم الصبر وحسن العزاء، وما ذكره السائل من تعرض أخيه للبلاء الشديد قبل موته فلعل هذا مما يرفع درجته عند الله، ويرجى له أن ينال أجر الشهادة، فقد ثبت عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: الْمَبْطُونُ شَهِيدٌ وَالْمَطْعُونُ شَهِيدٌ. رواه البخاري ومسلم.
وقد ذكر بعض العلماء أن المبطون هو من مات بأي داء في بطنه مطلقا، قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه للحديث السابق: وَأَمَّا (الْمَبْطُون) فَهُوَ صَاحِب دَاء الْبَطْن، وَهُوَ الْإِسْهَال. قَالَ الْقَاضِي: وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي بِهِ الِاسْتِسْقَاء وَانْتِفَاخ الْبَطْن، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي تَشْتَكِي بَطْنه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَمُوت بِدَاءِ بَطْنه مُطْلَقًا. اهـ.
وقد ثبت في السنة أيضا أن الموت بداء البطن من أسباب الوقاية من عذاب القبر، فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا وَسُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ وخَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ فَذَكَرُوا أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ مَاتَ بِبَطْنِهِ فَإِذَا هُمَا يَشْتَهِيَانِ أَنْ يَكُونَا شُهَدَاءَ جَنَازَتِهِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَقْتُلْهُ بَطْنُهُ فَلَنْ يُعَذَّبَ فِي قَبْرِهِ. فَقَالَ الْآخَرُ: بَلَى. رواه الإمام أحمد، والترمذي وحسنه، والنسائي، وصححه الألباني.
والرؤى التي رئيت لأخيك نحسبها إن شاء الله من المبشرات، فإنها مع ما سبق من ابتلائه وثباته ثم موته بداء بطنه من الأمور التي يرجى معها أن يكون صاحبها ممن قال الله فيهم: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {يونس: 62-64} ، فقد سأل رجل أَبَا الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. فَقَالَ: مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ مُنْذُ أُنْزِلَتْ، هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ. رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني.
وينبغي أن نعلم أن من عقيدة أهل السنة والجماعة ألا يشهد لمعين بجنة ولا نار إلا من عينه الوحي وشهد له بذلك، وأما غيرهم فنرجو لهم الجنة ولا نقطع لأحد بعينه بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1429(11/12631)
هل يعتبر من مات أثناء عملية جراحية شهيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر المؤمن الذي مات عند قيامه بعملية جراحية في قلبه شهيدا؟ نفس السؤال إذا أصابه نزيف إثر العملية ببضع ساعات؟ وإن كان كذلك فهل جسمه يبقى محفوظا في قبره؟ أي لا يتلاشى
وهل أن عندما تكون أعضاء الميت لينة عند غسله فهل هذه تعتبر صفة من صفات الإيمان؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المؤمن عند موته يثنى عليه خيرا، ويذكر بما فيه من الأوصاف الحميدة، ويدعى له، ويصلى عليه، ويرجى له الخير من الله تعالى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة. رواه مسلم، وقوله: لا يزال البلاء - المرض - بالمؤمن ... حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة. رواه أحمد والترمذي.
أما وصفه بأنه شهيد فيقتصر فيه على الذين وردت فيهم الأحاديث، ولا يعني ذلك نفي أن الله قد يُلحقَه بهم رحمة من الله وتفضلا أخذا من قوله تعالى: وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ {النساء: 69، 70}
وأما عدم تحلل جسمه وحفظه فلا نعلم دليلا يعتمد عليه في ذلك نفيا أو إثباتا، فيبقى محتملا.
وأما علامات وفاته على الإيمان فهناك علامات ذكرها أهل العلم منها: وضاءة وجهه، ولين أعضائه، وخفة جنازته، ويسر دفنه، ونقله، وغير ذلك، فهذه علامات خير يتفائل له بها خيرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(11/12632)
مدى اعتبار تارك الصلاة المقتول ظلما من الشهداء
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أب متوفى منذ سنوات وكان لا يصلي تكاسلا وقد قتل ظلما للاستيلاء على حاجياته، أريد معرفة الحكم الشرعي في وفاته وهل يدخل في حكم المظلوم، وصلاة واستقامة بعض أولاده هل تعود عليه بالخير، والعكس بالنسبة لفساد أولاده؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فقد سبق أن بينا حكم تارك الصلاة واختلاف أهل العلم فيه، وهل يعتبر شهيداً إذا قتل دون نفسه أو دينه أو ماله أو غير ذلك من أسباب الشهادة إذا لم يتب، بناء على الحكم عليه بالإسلام أو الكفر؟ فذهب بعضهم إلى أن تارك الصلاة كافر كفراً أكبر ... ولا حظ له في الإسلام ولا الشهادة ... ومذهب الجمهور ومنهم أصحاب المذاهب الثلاثة وهو رواية عن الإمام أحمد أنه مسلم عاص بترك الصلاة محاسب عليها إذا لم يغفر الله له، وله حكم الشهادة وأجرها.
وبناء عليه.. فإن كان قتل وهو يدافع عن نفسه أو أهله أو ماله فهو شهيد -إن شاء الله تعالى- لما في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد. رواه البخاري. وفي رواية للترمذي وغيره، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد. وفي رواية للنسائي: من قتل دون ماله مظلوماً فهو شهيد. والروايتان صححهما الألباني. وأخرج مسلم عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي، قال: فلا تعطه مالك، قال: أرأيت إن قاتلني، قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني، قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته، قال: هو في النار.
وقد ذكر أصحاب الموسوعة الفقهية أنه ذهب الفقهاء إلى أن للظلم أثراً في الحكم على المقتول بأنه شهيد، ويقصد به غير شهيد المعركة مع الكفار، ومن صور القتل ظلماً: قتيل اللصوص والبغاة وقطاع الطرق، أو من قتل مدافعاً عن نفسه أو ماله أو دمه أو دينه أو أهله أو المسلمين أو أهل الذمة، أو من قتل دون مظلمة، أو مات في السجن وقد حبس ظلماً، واختلفوا في اعتباره شهيد الدنيا والآخرة، أو شهيد الآخرة فقط؟ فذهب جمهور الفقهاء: إلى أن من قتل ظلماً يعتبر شهيد الآخرة فقط، له حكم شهيد المعركة مع الكفار في الآخرة من الثواب، وليس له حكمه في الدنيا، فيغسل ويصلى عليه، وذهب الحنابلة في المذهب: إلى أن من قتل ظلماً فهو شهيد يلحق بشهيد المعركة في أنه لا يغسل ولا يصلى عليه، لقول سعيد بن زيد رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد. ولأنهم مقتولون بغير حق فأشبهوا من قتلهم الكفار. انتهى.
وقد رجح ابن مفلح بعد ذكر الخلاف عن الحنابلة أنه يغسل، واستدل لذلك بأن عمر وعثمان وعلياً والحسين قتلوا ظلماً وغسلوا وصلي عليهم ولأنه ليس بشهيد المعركة أشبه المبطون.
وقال صاحب عون المعبود: من قتل دون ماله: قال العلقمي: أي من قاتل الصائل على ماله حيواناً كان أو غيره فقتل في المدافعة فهو شهيد أي في حكم الآخرة لا في الدنيا أي له ثواب الشهيد. انتهى ...
ومن أدلة جمهور أهل العلم على أن تارك الصلاة ليس كافراً كفراً مخرجاً عن الإسلام، قول الله تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء {النساء:48} ، فعموم الآية دال على أن تارك الصلاة داخل تحت المشيئة، إلى غير ذلك من الأدلة، وقد أتى على معظمها الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني ثم قال رحمة الله تعالى: ولأن ذلك إجماع المسلمين فإنا لا نعلم في عصر من الأعصار أحداً من تاركي الصلاة ترك تغسيله والصلاة عليه، ودفنه في مقابر المسلمين، ولا منع ورثته ميراثه، ولا منع هو ميراث مورثه، ولا فرق بين زوجين لترك الصلاة من أحدهما، مع كثرة تاركي الصلاة، ولو كان كافراً لثبتت هذه الأحكام كلها، ولا نعلم بين المسلمين خلافاً في أن تارك الصلاة يجب عليه قضاؤها، ولو كان مرتداً لم يجب عليه قضاء صلاة ولا صيام. انتهى.
وقال النووي في المجموع: فرع: في مذاهب العلماء فيمن ترك الصلاة تكاسلاً مع اعتقاده وجوبها فمذهبنا المشهور ما سبق أنه يقتل حداً ولا يكفر، وبه قال مالك والأكثرون من السلف والخلف، وقالت طائفة: يكفر ويجري عليه أحكام المرتدين في كل شيء، وهو مروي عن علي بن أبي طالب وبه قال ابن المبارك وإسحاق بن راهويه وهو أصح الروايتين عن أحمد وبه قال منصور الفقيه من أصحابنا كما سبق. وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة والمزني لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي.. إلى أن قال: ولم يزل المسلمون يورثون تارك الصلاة ويورثون عنه ولو كان كافراً لم يغفر له ولم يرث ولم يورث، وأما الجواب عما احتج به من كفره من حديث جابر وبريدة ورواية شقيق فهو أن كل ذلك محمول على أنه شارك الكافر في بعض أحكامه وهو وجوب القتل. وهذا التأويل متعين للجمع بين نصوص الشرع وقواعده التي ذكرناها، وأما قياسهم فمتروك بالنصوص التي ذكرناها، والجواب عما احتج به أبو حنيفة أنه عام مخصوص بما ذكرناه، وقياسهم لا يقبل مع النصوص، فهذا مختصر ما يتعلق بالمسألة. والله أعلم. انتهى ...
وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 95355، والفتوى رقم: 16290، والفتوى رقم: 23310، والفتوى رقم: 68656.
وأما صلاح أولاده واستقامتهم فإنه ينتفع به، وأما فسادهم فلا يتضرر به إلا إذا كان أعانهم عليه أو قصر في تربيتهم على الدين؛ كما بيناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69795، 37358، 73465.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(11/12633)
الطيار العسكري يموت أثناء عمله هل يعد شهيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر الطيار العسكري شهيدا عند مقتله أثناء تادية واجبه أو بسبب خطإ أثناء تدريبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نرجو لمن مات من الموحدين بحادث مثل هذا يؤدي فيه واجبه المهني الجائز شرعا أن يكون من شهداء الآخرة الذين ينالون أجر الشهيد كمن مات بالهدم أو خر من دابته أو تردى من جبل كما جاء في الأحاديث.
وانظر تفاصيل ذلك وأدلته في الفتوى: 39743. وأما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1429(11/12634)
الميت بداء البطن شهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[من مات طبيعيا بدون سبب من الله وكان طوال حياته يعاني من بطنه يعتبر شهيدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود أنه لم يمت بسبب من الأسباب التي جعلها الشرع سببا لنيل الشهادة فلا يكون شهيدا، وأما إن كان قد مات بداء البطن الذي يعاني منه أو بغيره من أسباب الشهادة فإنه يكون شهيدا، وقد يبلغ العبد مراتب الشهداء بصدق نيته؛ كما ورد به الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1429(11/12635)
هل من صدمته سيارة أو تحطمت عليه فمات يأخذ حكم الشهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي رحمها الله كانت تقية مؤمنة ماتت والدتها وتركتها في سن السادسة، فعاشت مرارة اليتم وبعد زواجها عاشت لأبنائها تخاف عليهم حتى بعد زواجهم كما تساعد ماديا كل واحد منهم يحتاج إلى المساعدة، ولكن في المقابل لا يهتم لأمرها أحد خاصة الذكور، وهي تحج بحمد الله وتعتمر كلما وجدت محرما يرافقها، قدر الله أن تتعرض لحادث سيارة وهي في طريقها إلى طبيب العيون رفقة أخي صاحب السيارة وذلك بعد عودتها من مكة في عمرة بشهرين فقط.. لم يصب أخي أما هي فقد دخلت الإنعاش لمدة 4 أيام ثم ماتت، السؤال هو: هل تعتبر أمي شهيدة، وماذا عن أخي? وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يقطع لأمك بالشهادة، وهي مرجوة لها، وأما أخوك فله أجر الصبر إن كان قد صبر، ولا يتصور أن يكون له شهادة بما ذكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن مات في حادث سيارة، يرجى أن يكون شهيداً ولا يقطع له بذلك، لعدم ثبوت نص صريح فيه، ولقد عد النبي صلى الله عليه وسلم أصنافاً ممن يموتون ميتة فيها شدة وألم، ووصفهم بأنهم شهداء، روى مالك وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه قال: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد.
وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن من صدمته سيارة أو انقلبت به سيارته ثم تحطمت عليه فمات أنه ملحق بشهيد الهدم المذكور في الحديث، وكذلك من احترقت به سيارته، أو غرق بها في نهر ونحوه، ومن هذا تعلمين أن أمك لا يقطع لها بالشهادة، ولكنها مرجوة لها، وأما أخوك الذي قلت إنه لم يصب فليس من المتصور أن يكون بذلك شهيداً، ولكنه إذا كان قد صبر على المصيبة ابتغاء مرضاة الله فإنه بذلك يكون له أجر الصبر، هذا إذا كنت تقصدين في موضوع الأخ ظاهر السؤال، وإن كنت تسألين هل عليه دية أو كفارة؟ فالجواب: أن ذلك يختلف باختلاف الحال وهو مفصل في الفتوى رقم: 7757.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(11/12636)
ضابط المبطون
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت أمي منذ خمسة أيام وقد أصيبت من نحو ستة أشهر بمرض جعلها لا تستطيع بلع الطعام والشراب بسهولة حتى أنها فقدت وزنا كثيرا جداً، وفي آخر أيامها لم تستطيع بلع الطعام ولا حتى الماء مطلقا وتوفاها الله، أرجع الطب ذلك إلى وجود انسداد فى المريء -علما بأنه قد أصيبت أمي في نفس الوقت بحالة نفسية سيئة بسبب وفاة أبي وقلة زيارة أولادها لها وشعورها بالوحدة، فهل تعتبر أمي من المبطونين وبالتالي من الشهداء؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما أصيبت به أمك ليس من أمراض البطن، ولكن ذلك قد لا يحرمها من أن تكون من الشهداء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن المبطون كما يقول النووي: هو صاحب داء البطن، وهو الإسهال، وقال القاضي: وقيل: هو الذي به الاستسقاء وانتفاخ البطن، وقيل: هو الذي يشتكي بطنه. وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقاً.
ومن تعريف المبطون هذا يتبين أن أمك لا توصف بأنها من المبطونين، ولكن ذلك قد لا يحرمها من أن تكون شهيدة أو أن يبلغها الله منازل الشهداء ببعض أعمالها، فقد جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(11/12637)
من الناس من يبلغ منزلة الشهداء وإن مات على فراشه
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أسبوعين توفي أبي، كنت حينها وقبل أن يتوفى بجانبه أقرأ له القرآن، ولما شخص بصره وأحسست بطلوع الروح رفعت أصبع يده اليمنى للسماء وشهدت له (ذكرت الشهادتين بنية أنه هو الذي قالهما) وقرأت له سورة الإخلاص 11 مرة وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة إثر هذا انتقل أبي للرفيق الأعلى فهل يعتبر أنه مات شهيداً، وبماذا بوسعي أن أنفعه في قبره وفي آخرته؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحسن الله عزاءك في أبيك، ونسأل الله سبحانه أن يغفر له ويرحمه وأن يحسن عاقبته، واعلمي أن الشهيد في سبيل الله في الأصل هو من قتل وهو يجاهد لإعلاء كلمة الله، وهناك من يطلق عليهم شهداء الآخرة أي يعطون في الآخرة أجر الشهيد، ومن هؤلاء المبطون والغريق وصاحب الهدم وغيرهما، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 26390، ومن الناس من يبلغ منزلة الشهداء وإن مات على فراشه؛ كما بين النبي صلى الله عليه وسلم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 9751.
فنرجو أن يكون أبوك قد نال الشهادة بسبب أو أكثر من هذه الأسباب، ثم إن المرء قد ينال الدرجات العلى بأي سبب آخر غير الشهادة في سبيل الله، وهناك كثير من الأمور التي يمكن أن يبر بها الوالد بعد موته كالدعاء والصدقة ونحوهما، ويمكنك مراجعة الفتوى رقم: 66807.
والسنة في حق الميت تلقينه الشهادتين عند موته، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 14964، ولا تصح النيابة عنه في ذلك، ونرجو أن لا تشغلي بالك بهذا الأمر فقد يكون أبوك قد قالها، ولو لم يقلها فلا يعني ذلك أنه ليس من أهل الخير.
ولا تشرع قراءة سورة الإخلاص بالصفة المذكورة على الميت إذ لم يرد بذلك دليل صحيح فيما نعلم، ولذا حكم بعض أهل العلم بأن هذا الفعل بدعة؛ كما هو مبين في الفتوى رقم: 32157، ولا نعلم دليلاً على قراءة شيء من القرآن عند المحتضر إلا ما روي في حديث ضعيف في قراءة سورة يس، فإن قرئت عنده فلا بأس لثبوت ذلك عن بعض التابعين. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 35349.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1428(11/12638)
تارك الصلاة الغريق هل يعتبر شهيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زوجة صديق توفي أخوها غرقا ذهب للنهر صباح أحد أيام لغسل وجهه وسقط فيه مما سبب اختناقه، فهل يعتبر مات شهيداً خصوصا وأن صلاته كانت متقطعة وفي أيامه الأخيرة كان وللأسف لا يصلي، فما حكم الشرع فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تارك الصلاة قد يكون شهيداً عند الجمهور، وهو كافر عند بعض أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الغريق معدود من الشهداء على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث، ففي صحيح مسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تعدون الشهيد فيكم؟ فقالوا: يا رسول الله، من قتل في سبيل الله فهو شهيد، فقال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، قال ابن مقسم: أشهد على أبيك أنه قال: والغريق شهيد.
ولا شك أن منزلة الصلاة في الإسلام عظيمة، فهي عماد الدين والركن الثاني بعد الشهادتين، وقد اختلف أهل العلم في حكم تاركها تهاوناً وتكاسلاً؛ فذهب الجمهور إلى أنه كافر كفراً أصغر لا يخرجه من الملة، وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن كفره مخرج من الملة، فعلى رأي الجمهور فإن تارك الصلاة يعتبر عاصياً بتركه لها وهو محاسب عليها إن لم يغفر الله له، ولكنه مع ذلك يحصل على الشهادة، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: والغريق شهيد. وعلى رأي الإمام أحمد ومن وافقه ليس له حظ في الإسلام وأحرى الشهادة. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 20852، والفتوى رقم: 23310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1428(11/12639)
المقتول ظلما شهيد عند بعض أهل العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه من نفع وفائدة للمسلمين والإسلام وجعله الله في موازين حسناتكم يوم القيامة إن شاء الله, سؤالي يا إخواني الكرام عن أبي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته إن شاء الله، فقد توفي والدي على يد كافر في مكان خال من الناس أي في البر قتل أبي لسبب قسوة أبي عليه في العمل وكان هذا الأسيوي لا يعمل جيداً فكان والدي يضغط عليه بالكلام وبالعمل الشاق لكي يعمل جيداً، في يوم من الأيام وهما لوحدهما في البر قام هذا الأسيوي بقتل والدي ودهسه بالسيارة حتى مات والدي رحمة الله عليه وعلى المسلمين جميعاً, وبعدها بساعات قبضوا عليه وقاموا بمحاكمته وقتله وأخذ القانون مجراه، سؤالي هو: هل يحتسب عند الله عز وجل شهيدا.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله أن يرحم والدكم ويحسن عزاءكم، وأن يهدي جميع المسلمين للرفق بعمالهم، ونوصيكم بالترحم على الوالد والاستغفار له والتصدق عنه، وأما الحكم عليه فإن كان قتل مظلوماً فنرجو الله أن يتقبله من الشهداء لكونه قتل ظلماً، وقد نص الشيخ زكريا الأنصاري على أن المقتول ظلماً شهيد وتابعه الشربيني والهيتمي وغيرهما، وراجع للتفصيل في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63081، 42767، 34588، 22649، 59230، 26390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1428(11/12640)
من مات بداء البطن وهو لا يصلي هل يعتبر شهيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أعلم أن من مات بداء البطن فهو شهيد، فهل هذا ينطبق على كل الأشخاص حتى لو لم يكونوا يصلون حيث إنه مرض طوال سنوات حياته وعذب بمرضه وصبر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم أن من ترك الصلاة (تهاونا) لا تنفعه الشهادة ولا غيرها من أعمال البر ومكفرات الذنوب لأنه كافر كفرا أكبر مخرجا من الملة على الراجح. قال الله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ.. الآية {إبراهيم:18} وسبق بيان حكم تارك الصلاة في الفتوى: 1145، وأقوال أهل العلم فيه.
وذهب بعضهم إلى أن تارك الصلاة فاسق عاص، وأن كفره دون الكفر الأكبر، وأنه محاسب عليها إن لم يغفر الله له، وإن مات بداء البطن أو نحوه من أسباب الشهادة يكون شهيدا كغيره من عصاة المسلمين.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائد ة في الفتويين: 34588، 23310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1428(11/12641)
شهداء الآخرة.. وهل يغفر للغريق الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يعتبر موت الغريق أصعب موت، وأن الله يغفر له الدين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن موت الغريق شهادة في الآخرة وليس في الدنيا؛ لأن الشهداء على ثلاثة أقسام:
الأول: وهو أعلاها شهيد الدنيا والآخرة، وهو المؤمن الذي قتل في المعركة مع الكفار، فلا يغسل، ويكفن في ثيابه، ولا يصلى عليه.
الثاني: شهيد الدنيا فقط وهو المنافق الذي يقتل في معركة مع الكفار، فإنه يعامل في الدنيا معاملة الشهيد، ولكنه في الآخرة في الدرك الأسفل من النار.
الثالث: وهو شهيد الآخرة فقط، وهو من مات بأحد الأسباب التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد. رواه مالك وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه.
قال الحافظ ابن حجر: وقد اجتمع لنا في الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة، وذكر منهم: اللديغ، والشريق، والذي يفترسه السبع، والخار عن دابته، والمائد في البحر الذي يصيبه القيء، ومن تردى من رؤوس الجبال. فهذا يحصل على أصل ثواب شهيد المعركة، ولكنه لا يعامل في الدنيا معاملة شهيد المعركة؛ بل يغسل ويكفن ويصلى عليه.
وقد بين العلماء سبب حصول ثواب الشهادة بالموت بأحد هذه الأسباب.
قال النووي: قال العلماء: وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفضل الله تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها. انتهى.
وقال ابن التين: هذه كلها ميتات فيها شدة تفضَّل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصا لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء. انتهى.
والشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين؛ لما رواه أحمد وغيره من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدين، فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك.
والغريق من هؤلاء لا يغفر له الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1428(11/12642)
يرجى لمن مات بسبب الفشل الكلوي أن يكون شهيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذي يتوفى بمرض الفشل الكلوي يعتبر مبطونا وبالتالي شهيد؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو أن يكون الذي مات بسبب مرض في بطنه من الفشل الكلوي وغيره من أمراض البطن أن يكون شهيدا؛ كما قال ذلك بعض أهل العلم مستدلين بعموم قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما: الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله.
وللمزيد من التفصيل نرجو أن تطلع على الفتويين: 34588، 27708.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1428(11/12643)
التي تموت بسبب الولادة شهيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ ثلاث سنوات تقريبا توفيت زوجتي المتدينة أثناء ولادتها الثامنة مباشرة بعد أن رزقني الله منها بمولود ذكر وكأن أجلها أن توصل الأمانة بسلام وتذهب حزنت عليها حزنا شديدا جدا. وحمدت الله واسترجعت حين سماع الخبر المفاجئ مباشرة ولكن القلب يعتصر حزنا وشفقة أنها كانت عطوفة تقية فقد كانت تطلب مني أن أبقى عند الأولاد أثناء الولادة الأخيرة. إلا أنني رفضت إلا أن أبقى بجوارها في المستشفي التي كانت لا تحب أن تلد بها ولكن قدرها أن تكون هذه المستشفى هي النهاية. فأنا راض عنها وأملي أن يرضى الله عني وعنها. أدعو لها بالمغفرة السوال هو:
هل تعد زوجتي في مراتب الشهداء؟ وإن كان كذلك الرجاء تبيان ذلك بالآيات والأحاديث الشريفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فن سأل الله أن يرحم المتوفاة، ويتقبلها في الشهداء، ويدخلها فسيح جناته،
والمرأة التي تموت بسبب الولادة تعد من الشهداء، وقد أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه ومالك واللفظ له من حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تعدون الشهادة؟ قالوا: القتل في سبيل الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد, والغرق شهيد, وصاحب ذات الجنب شهيد, والحرق شهيد, والذي يموت تحت الهدم شهيد, والمرأة تموت بجمع شهيد.
قال الباجي في المنتقى: والمرأة تموت بجمع قيل: تموت بالولادة، وقيل: تموت جمعاء بكرا غير ثيب لم ينلها أحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(11/12644)
السل شهادة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من مات بمرض السل يعتبر شهيداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن مات من المسلمين بمرض السل فإنه ترجى له الشهادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: السل شهادة رواه الطبراني من حديث سلمان، وأبو الشيخ من حديث عبادة وصححه الألباني، قال المناوي في فيض القدير: السل قرحة في الرئة معها حمى دقيقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(11/12645)
من مات في العمل هل يعتبر من الشهداء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي أنواع الشهادة وهل شهيد العمل من ضمنها؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا أنواع الشهادة والشهداء في الفتويين: 5278 - 26390.
وأما شهيد العمل فلم تبين لنا نوع العمل، إن كان مما يجوز أو مما لا يجوز، وما نية صاحبه فيه؟ وكيفية موته، ونحو ذلك مما يمكن معه تصور المسألة والحكم عليها. لأن العمل منه ما يحرم شرعاً، من مات في سبيله مات عاصياً لله وليس شهيداً قطعاً، ومن العمل ما هو في سبيل الله كالجهاد وطلب العلم الشرعي ونحوه، فهذا في سبيل الله، ومن العمل ما هو مباح كالتجارة ونحوها، فصاحبه إذا مات بإحدى الكيفيات المذكورة في الفتاوى المحال إليها فهو شهيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1426(11/12646)
الميت تحت الهدم شهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أخ عمره 14 سنة توفي قبل شهرين كان يعمل في آلة لحفر الآبار فانهار به أحد الآبار وغمرته الرمال فمات رحمه الله اختناقا مع العلم أننا لم نرغمه على العمل كان يريد أن يشتري هدية لأمه واشتراها فعلا فهل يعتبر شهيدا لأنه مات غريقاً
وهل يعتبر شهيد العمل؟؟؟ مع العلم أنه لم ينقذه أحد والشخص الذي حاول إنقاذ أخي منع مع العلم أنه يمكن إنقاذ أخي رحمه الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الميت تحت الهدم معدود من الشهداء ومثله الغريق كما في الحديث: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد. رواه مالك وأبو داود والنسائي.
واعلم أن السعي في إنقاذ الأخ واجب على مستطيعه ولا يحل لأحد منعه منه، فإن إنقاذ الغريق والمخوف عليه الهلاك يستباح به قطع الصلاة ومس الطبيب للمرأة من باب الضرورة. وراجع الفتوى رقم: 51683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(11/12647)
الميت اختناقا بسبب الحريق له أجر الشهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وهو مختنق بالحريق ولم تمسسه نار إطلاقا.. وكان ذلك دفاعا عن بيته وأهله.. فهل يعتبر شهيدا؟؟ وإن كان كذلك نرجو تبيان ذلك بالدليل القرآني أو من السنة النبوية..
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم عدداً من الشهداء غير شهيد المعركة، جاء ذلك في أحاديث صحيحة منها ما رواه مالك في الموطأ وأصحاب السنن، حيث قال صلى الله عليه وسلم: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله، المطعون شهيد، والغِرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد.
وقال صلى الله عليه وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله أو دون دمه أو دون دينه فهو شهيد.
قال في عون المعبود: من قاتل الصائل على ماله حيوانا كان أو غيره فقتل في المدافعة فهو شهيد، أي في حكم الشهيد في الآخرة لا في الدنيا، أي له ثواب شهيد.
وعلى هذا، فوالدكم له أجر الشهيد إن شاء الله تعالى لما يظهر من الأحاديث، مع العلم أن الشهداء غير شهيد المعركة يغسلون ويكفنون ويصلى عليهم، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 8223.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1425(11/12648)
الميت بمرض الإيدز أو السرطان لا يعتبر شهيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ: الرسول بشر بشهادة الذي يموت بالطاعون، فهل يقاس عليه غيره من الأمراض مثل الإيدز أو السرطان، وما هو حكم من إذا ذكر عنده السرطان نفخ عن يساره وتعوذ أو شيء من هذا، وأيضاً يا شيخ أين مسجد قباء؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالميت بمرض الإيدز أو السرطان ونحوهما لا يعتبر شهيداً، إلا إذا كان مرض السرطان أو الإيدز في بطنه ومات متأثراً بذلك، فترجى له الشهادة، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 27708.
وأما الاستعاذة بالله من السرطان عند ذكره وكذا غيره من الأمراض فحسن، وأما النفخ جهة اليسار فلا نعلم له أصلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(11/12649)
يرجى لمن مات في حادث سيارة أن يكون من شهداء الآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الميت بحادت سيارة وهو في طريقه للجامع يعتبر شهيدا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشهداء على قسمين: شهداء الدنيا، وهم من قتلوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وشهداء الآخرة، وهم من يعطون أجراً من جنس أجر الشهداء، ولكن لا تجري عليهم أحكام شهداء الدنيا، كالغريق والمبطون، والذي يموت تحت الهدم ونحوهم ممن جاءت بذكرهم السنة.
وعلى هذا فيرجى أن يكون من مات في حادث السيارة من شهداء الآخرة بإذن الله، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى: 34588 3397، 32448، وكون هذا الشخص قد مات في طريقه إلى المسجد، فهي علامة خير، يرجى بها أن يكون قد ختم له بخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(11/12650)
المبطون شهيد الآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي قبل أسبوع وأنا مهاجرة إلى سويسرا ولم أتمكن من رؤيته وقد كان يتمنى رؤيتي ماذا أفعل حتى أبره ولكم الفضل والجزاء؟ لأنني أشعر بأنني قصرت في حقه، مع العلم بأنه توفي وهو يعلن رضاه عني، هذا أولاً، ثانياً: قد كان أبي من قبل سجيناً سياسياً وقد خرج من السجن بمرض في الأعصاب كان يدمر أعصابه جزءاً جزء حتى إن المرض أقعده، وكان قبل ذلك غير مهتم بصلاته إلا أنه من حوالي 4 أو 5 سنوات أصبح يصلي وهو مقعد، وكانت عقيدته صافية فلم يكن يخالطه الشرك ولا شيء بحكم أنه كان له أولاد ملتزمون يذكرونه بالله وكان يحب الملتزمين جداً، ورغم بلواه فهو من مواليد 42 كان دائماً صابراً على بلواه أي مرضه الذي خرج به من السجن وكل ما سأله أحد عن حاله كان يحمد الله على كل حال، وقد ابتلي أيضاً بهجرتي وكنت أقرب أولاده إلى نفسه حيث هاجرت مع زوجي هرباً بدينه ولم أستطع رؤيته منذ 6 سنوات، ولكن أبي كان مدخناً وقد مات مبطوناً أي حدث له انفجار في الأوعية الدموية لمعدته، فهل هو شهيد وهل هو من أهل الجنة؟ أرجو أن تقولوا لي قولاً يعزيني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعظم الله أجرك في والدك، ونسأل الله أن يغفر له ويرحمه، وقد بينا في فتاوى سابقة كيف يمكن للمسلم أن يبر والديه بعد الموت، فراجعي الفتوى رقم: 22777، والفتوى رقم: 10602.
ونرجو أن يكون والدك شهيداً داخلاً تحت قوله صلى الله عليه وسلم: والمبطون شهيد.، وقد بينا أقوال العلماء في تفسير المبطون في الفتوى رقم: 34588 فراجعيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(11/12651)
كيف تنالين أجر الشهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة همي الوحيد أن أنال الشهادة في سبيل الله وكما تعلمون أن فتاة ولا أستطيع الذهاب إلى الجهاد فما هو العمل الذي إذا عملته نلت مرتبة الشهداء إذا مت وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يبارك فيك وأن يرزقنا وإياك الصدق في طاعته والسعي في رضاه.
ومن المعلوم أن العبد إذا حسنت نيته وصدقت في طاعة الله ثم حال بينه وبين تلك الطاعة حائل أعطاه الله ثواب تلك الطاعة وإن لم يفعلها.
ومصداق ذلك ما رواه الإمام مسلم عن سهل بن حنيف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه"
وروى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال:"إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم "قالوا يا رسول الله: وهم بالمدينة؟ قال:"وهم بالمدينة حبسهم العذر".
والجهاد مما يختص به الرجال دون النساء، والحالات التي تجاهد فيها المرأة حالات قليلة، وقد لا يتيسر لكثير من النساء الجهاد في سبيل الله لظروفهن وخلقتهن التي فطرهن الله عليها.
والمرأة قد شرع الله لها ما يلائمها من الأحكام، وقد رغبت عائشة رضي الله عنها في الجهاد لما رأت من فضله وثوابه العظيم فدلها النبي صلى الله عليه وسلم على ما تحصل به أجر الجهاد في سبيل الله.
فروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل. أفلا نجاهد؟ قال:" لا.لَكُنَّ أفضل الجهاد حج مبرور"
فالحج المبرور هو جهادك وجهاد أمثالك من النساء، وكذا جهاد الضعيف كما صح في روايات أخرى
ولأبي يعلى عن أنس أن النساء أتين النبي صلى الله عليه وسلم فقلن: يارسول الله، ذهب الرجال بالفضل: يجاهدون ولا نجاهد. قال: ((مهنة إحداكن في بيتها تدرك جهاد المجاهدين إن شاء الله) .
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1422(11/12652)
شهداء غير المعركة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الموت حرقا يعتبر شهادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من مات من المسلمين بحريق، فهو شهيد، فقد أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه ومالك من حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد".
وروى أحمد شهادة الحرق من حديث راشد بن حبيش رضي الله عنه. هذا ومما يجدر التنبه له أن المذكورين لا يأخذون حكم شهيد المعركة في الدنيا، فيجب أن يغسلوا ويكفنوا ويصلى عليهم، كما يفعل بغيرهم من الموتى. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1422(11/12653)
الموت في الحوادث يعتبر موت فجأة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدى العام الماضي في حادث سيارة. عن عمر يناهز 74عاما. وكان وقت حدوث الحادثة يعبر الطريق راجعا من عمله. فهل يعتبر والدي شهيداً. مع التفضل بذكر درجات الشهادة ومنازلها في الجنة.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تعدون الشهيد فيكم؟ فقالوا يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد. فقال إن شهداء أمتي إذاً لقليل قالوا فمن هم يا رسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في الطاعون فهو شهيد ومن مات في البطن فهو شهيد" قال ابن مقسم: "أشهد على أبيك في هذا الحديث أنه قال: والغريق شهيد" وفي رواية في المسند وغيره" والمرأة تموت بجمع". وأما والدك -نسأل الله له الرحمة والغفران- فموته موت فجأة، وهذا الموت راحة للمؤمن كما في المسند وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن موت الفجأة فقال: "راحة للمؤمن وأخذة أسف للفاجر" حسنه السيوطي.
وأما درجات الشهادة فأعلاها ما جاء في الحديث المذكور أولا ومنازلها بأعلى المنازل في الجنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12654)
من مات محروقا وكان لا يصلي فهل يعد شهيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[من مات وهو مسلم ولكنه لا يصلي بمعنى: تارك للصلاة، ومات في حريق، فهل موتته موتة شهيد؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب أن ذلك مبني على حكم تارك الصلاة، فإن قلنا بإسلامه فهو من الشهداء لإن المحروق شهيد، كما في الفتوى رقم: 8223، وقد سبق بيان الشهادة ومراتبها في الفتوى رقم: 31791.
أما إن قلنا بكفره فليس شهيداً، وانظر التفصيل في حكم تارك الصلاة في الفتاوى التالية أرقامها: 1145، 6061، 5259.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(11/12655)
لا فرق في ثواب الشهيد بين ذكر وأنثى وطفل
[السُّؤَالُ]
ـ[أحبتي في الله أشكركم على الموقع الجميل والشيق وأتمنى من الله أن يوفقكم إلى كل خير، سؤالي: نحن نعلم فضل الشهادة وما أعد الله للشهيد فما للمرأة والأطفال إذا استشهدوا في المعركة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جنس الشهيد- ذكرا كان أو أنثى..- قد أعد الله تعالى له من النعيم المقيم الأبدي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وخصه بخصائص يتميز بها عن غيره، ومن هذه الخصائص أن الله تعالى يغفر له عند أول قطرة من دمه، ولا يجد من آلام القتل إلا كما يجد المقروص من القرصة، ويرى مقعده في الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويحلى حلة الإيمان، ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه.
ورد ذلك كله عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وسبق بيان بعضه في الفتوى رقم: 47198، وهو لجميع الشهداء لا فرق في ذلك بين ذكر وأنثى وكبير أو صغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1430(11/12656)
أهل الشهيد الذين يشفع فيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد استشهد زوج أختي وكنا نحبه كثيراً وعلاقتنا به قوية جداً ولكن عائلته وإخوته وأخواته كثر، وأنا أسمع أن الشهيد يشفع لـ70 من أهله، فسؤالي هو: كيف يتم اختيار المشفوعين وهل يتم اختيارهم على حسب صلة القرابة.. فأنا أخاف ألا يكون لي نصيب من شفاعته لأن عائلته كثيرة، فأرجوكم أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
شفاعة الشهيد في سبعين من أهل بيته ثابتة، والمقصود بأهل بيته الذين يشفع فيهم أقاربه عموماً، وقد تدخل فيهم زوجته والأمر مرجعه لله، يختار وفقاً لحكمته، وله الفضل يؤتيه من يشاء، والشفعاء كثيرون، فليس الشهيد وحده هو الذي يشفع، فسلي الله أن يشفع فيك نبيه صلى الله عليه وسلم وغيره من الشفعاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى تبارك وتعالى أن يزيدك حرصاً على الخير، وأن يرزقنا وإياك الجنة ويعيذنا من النار، ونسأله أن يغفر لزوج أختك ويرحمه.
وأما شفاعة الشهيد في سبعين من أهل بيته فثابتة، والمقصود بأهل بيته أقاربه عموماً، وقد تدخل فيهم زوجته، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 61234، وفيها بيان شروط نيل الشفاعة فراجعيها، والأمر كله لله، يختار من يشاء فيشفع فيه من يشاء وفقاً لحكمته وعلمه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، واعلمي أن الشفعاء كثيرون، فليس الشهيد وحده هو الذي يشفع فهنالك الأنبياء وعموم المؤمنين وغيرهم، وهنالك رحمة أرحم الراحمين فعلقي رجاءك بالله، وسليه شفاعة الشفعاء يحقق لك سؤالك بإذنه سبحانه. وللمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 34463.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(11/12657)
عدم القطع بالشهادة للمعين بالجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد نقل عن الإمام أحمد بن حنبل من رواية القرشي يقول فيه: ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله ولا بكبيرة أتاها إلا أن يكون في ذلك حديث فنروي الحديث كما جاء على ما روي ونصدق به ونعلم أنه كما جاء ولا تنقض الشهادة. فما معنى تنقض الشهادة، وأي شهادة التي لا تنقض، ملحوظة: نحن نبحث عن معنى هذا النقل ولا نبحث عن ثبوت الرواية من عدم ثبوتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في المثل (أثبت الحجر ثم انقش) ، فلا بد من التأكد من ثبوت الرواية قبل البحث عن معناها.
واعلم أن كلام الإمام أحمد قد نقله جماعة من أهل العلم ولم يذكروا كلمة تنقض الشهادة، وإنما ذكروا كلمة ولا ننص الشهادة، ومعناها كما في المسودة في أصول الفقه: عدم القطع بالشهادة للمعين بالجنة، ففي المسودة ما نصه: قال القاضي: قوله: ولا ننص الشهادة معناه عندي -والله أعلم- لا نقطع على ذلك. قال شيخنا: قلت: لفظ ننص هو المشهور ومعناه لا نشهد على المعين ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(11/12658)
المقتول ظلما هل له حكم الشهيد
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي خطيبي طعناً وشنقاً في بيته فهل تعتبر موتته هذه من درجات الشهادة لأنه دفن في دمه ولم يغسل. جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحكم على الشخص بالشهادة يتوقف على وجود نص من نصوص الوحي يدل عليه.
فإن كان الشخص المذكور قتل ظلما وهو يدافع عن أهله أو عرضه أو ماله أو نفسه فهو شهيد، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد. قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده قوي.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن من قتل ظلما في مثل هذه الحالة لا يصلى عليه..
قال الجزيري في كتاب فقه المذاهب الأربعة: ومثل الشهيد المتقدم المقتول ظلما بأن قتل وهو يدافع عن عرضه أو ماله ونحو ذلك فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يكفن بل يدفن بثيابه.
ونر جو من السائلة أن تطلع على الفتوى: 59230.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(11/12659)
شهيد المعركة وحده هو الذي لا يغسل ولا يصلى علبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ورد في الأحاديث النبوية أن من مات غرقا أو مطعونا أو يدافع عن عرضه وغيرهم فهو شهيد، فهل يغسلون قبل دفنهم، وهل غسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شهيد المعركة وحده هو الذي لا يغسل ولا يصلى عليه عند جمهور العلماء، وأما الشهداء الآخرون فيغسلون ويصلى عليهم كسائر الأموات، وقد أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 5278.
وأما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه غسل وصلي عليه، وقد حمل من المكان الذي طعن فيه وعاش بعد ذلك فترة، ففي الموطأ عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب غسل وكفن وصلي عليه وكان شهيداً يرحمه الله، وعن مالك أنه بلغه عن أهل العلم أنهم كانوا يقولون الشهداء في سبيل الله لا يغسلون ولا يصلى على جنائزهم وأنهم يدفنون في الثياب التي قتلوا فيها، قال مالك: وتلك السنة فيمن قتل في المعترك فلم يدرك حتى مات، قال: وأما من حمل منهم فعاش ما شاء الله بعد ذلك فإنه يغسل ويصلى عليه كما فعل بعمر بن الخطاب رضي الله عنه. انتهى.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن المراد بالمطعون صاحب الطاعون أي من مات بسبب الطاعون وليس من طعن بسكين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(11/12660)
للشهيدة في الجنة نعيم مقيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير، للشهيد في الجنة 70-72 حورية، لا أعلم كم بالضبط، فكيف هو الحال للشهيدة مع تبيان الأسباب لطفا لأنني سمعت بأن الشهيدة لها شخص واحد لا أدري إن جاز لنا القول بحوري مع ثقتي التامة بأن كل شيء له حكمته ولكنني أتعرض لهذا النوع من الأسئلة ولا أملك الحجة للرد على الناس مع العلم بأنني أعيش في ألمانيا لذلك أتعرض لمثل تلك الأسئلة من الألمان. فما هو الرد على ذلك. جزاكم الله عنا كل خير. إيمان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للشهيد وللشهيدة عند الله ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، والأصل أنه لا فرق بين ثواب الشهيد وثواب الشهيدة إلا فيما ورد دليل يخصصه، ومما ورد فيه دليل مخصص ما ذكر في السؤال، وقد ورد أن الله تعالى يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم.
وفي سنن ابن ماجه: للشهيد عند الله تعالى ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده في الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه.
وفي رواية الترمذي: ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين.
فالخصال المذكورة ينالها الشهيد سواء كان رجلاً أو أمرأة إلا أن المرأة في الآخرة لا تريد غير زوجها من الإنس، ولا تحب غيره، ونعيم الجنة متوفر لكل أهلها حسب ما يشتهون كما قال تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (الزخرف: من الآية71) ، ونساء الجنة قاصرات الطرف على أزواجهن لا يبغين بهم بدلاً فبذلك كمال متعتهن وتمام نعيمهن وأعظم سعادة لهن.
ونحن نعتقد جازمين أن أهل الجنة جميعاً رجالاً ونساء سينالون من النعيم المقيم الأبدي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فكلهم ينال بغيته ومشتهاه هناك حسب رغبته.. وينبغي أن تعلمي أن أمور الآخرة لا تقاس بالأمور الدنيوية فما في الآخرة مما في الدنيا إلا الأسماء.
كما ننصحك ألا تضيعي وقتك وتشغلي نفسك بما يثيره أعداء الإسلام من الشبه والتشكيك للنيل من الإسلام العظيم وخاصة ما يتعلق بالمرأة، فإن الإسلام دين شامل ونظام كامل أعطى كل ذي حق حقه، وخاصة المرأة التي كرمها أماً وبنتا وزوجة وأختا ... فلا يوجد في الإسلام صراع بين الرجل والمرأة لأن الرجل جزء من المرأة والمرأة جزء من الرجل، يكمل بعضهما بعضاً، مع احتفاظ كل منهما بخصائصه التي فطره الله تعالى عليها.
قال تعالى: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ (آل عمران: من الآية195) ، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 16675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(11/12661)
حد الإسراع بالجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله.. أسرعت جماعة تحمل جنازة إلى المقبرة سرعة جعلت المشيعين يجرون جريا للحاق بالنعش المحمول.. وشق الأمر عليهم وخاصة الشيوخ منهم، بل اشتكى الشباب عن مجاراة سرعة حاملي النعش.. والاستياء والتذمر.. فلما سئلوا قالوا (نحي السنة النبوية) ، فسؤالنا هو: هل السنة النبوية في الجنازة هو الإسراع بها، وما هو حد السرعة هذه، حتى لا يشق على المشيعين اتباع الجنازات وتحصيل أجر ذلك إن شاء الله؟ ورمضانكم مبارك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من السنة تعجيل دفن الميت لما روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها عليه، وإن يكن سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم.
وقال صلى الله عليه وسلم: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أخرجه الطبراني بإسناد حسن.
ويسرع بالميت وقت المشي بلا خبب، وحده أن يسرع به بحيث لا يضطرب الميت على الجنازة ولا يشق على ضعفة من يتبعها ولا على حاملها، ويكره بخبب لقوله صلى الله عليه وسلم: أسرعوا بالجنازة. أي ما دون الخبب، كما في رواية ابن مسعود: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المشي خلف الجنازة، فقال: ما دون الخبب. رواه أحمد وأبو داود وقد ضعف هذا الحديث البخاري والترمذي وابن عدي والنسائي والبيهقي وغيرهم كما قال الشوكاني.
قال ابن قدامة في المغني: والمشي بالجنازة الإسراع (لا خلاف بين الأئمة رحمهم الله في استحباب الإسراع بالجنازة وبه ورد النص، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: أسرعوا بالجنازة، فإن تكن صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم. متفق عليه. وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تبع الجنازة قال: انبسطوا بها، ولا تدبوا دبيب اليهود بجنائزها. رواه أحمد في المسند. واختلفوا في الإسراع المستحب، فقال القاضي: المستحب إسراع لا يخرج عن المشي المعتاد، وهو قول الشافعي. وقال أصحاب الرأي: يخب، ويرمل، لما روى أبو داود عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: كنا في جنازة عثمان بن أبي العاص فكنا نمشي مشياً خفيفاً، فلحقنا أبو بكر فرفع سوطه فقال: لقد رأيتنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نرمل رملاً. ولنا ما روى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه مر عليه بجنازة تمخض مخضاً، فقال عليه السلام: عليكم بالقصد في جنائزكم. من المسند. وعن ابن مسعود قال: سألنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن المشي بالجنازة فقال: ما دون الخبب. رواه أبو داود والترمذي، وقال: يرويه أبو ماجد، وهو مجهول. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: انبسطوا بها، ولا تدبوا دبيب اليهود. يدل على أن المراد إسراع يخرج به عن شبه مشي اليهود بجنائزهم، ولأن الإسراف في الإسراع يمخضها، ويؤذي حامليها ومتبعيها ولا يؤمن على الميت. وقد قال ابن عباس في جنازة ميمونة: لا تزلزلوا وارفقوا فإنها أمكم. انتهى.
وقال الزرقاني في شرح الموطأ: أسرعوا بجنائزكم أي بحملها إلى قبرها إسراعاً خفيفاً فوق المشي المعتاد والخبب بحيث لا يشق على ضعفة من يتبعها ولا على حاملها ولا يحدث مفسدة بالميت والأمر للاستحباب باتفاق العلماء، وشذ ابن حزم فقال بوجوبه، وقيل المراد شدة المشي، وهو قول الحنفية وبعض السلف، ومال عياض إلى نفي الخلاف، فقال: من استحبه أراد الزيادة على المشي المعتاد ومن كرهه أراد الإفراط كالرمل، والحاصل أنه يستحب الإسراع لكن بحيث لا ينتهي إلى شدة يخاف منها حدوث مفسدة بالميت ومشقة على الحامل أو المشيع لئلا ينافي المقصود من النظافة وإدخال المشقة على المسلم.
قال القرطبي مقصود الحديث أن لا يبطأ بالميت عن الدفن ولأن البطء ربما أدى إلى التباهي والاحتفال، قال ابن عبد البر وتأوله قوم على تعجيل الدفن لا المشي وليس كما ظنوا ويرده قوله تضعونه عن رقابكم وتبعه النووي فقال: إنه باطل مردود بهذا وتعقبه الفاكهاني بأن الحمل على الرقاب قد يعبر به عن المعاني كما يقول حمل فلان على رقبته ديوناً فيكون المعنى استريحوا من نظر من لا خير فيه، قال: ويؤيده أن الكل لا يحملونه.. قال الحافظ: ويؤيده حديث ابن عمر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره. أخرجه الطبراني بإسناد حسن ... انتهى.
وقد دلت هذه النصوص من كلام الأئمة على أن المراد هو الإسراع الذي لا يشق على المشيعين ولا تحصل به مفسدة للجنازة، وراجع للبسط في الموضوع شرح معاني الآثار للطحاوي والمجموع للنووي ونيل الأوطار للشوكاني وطرح التثريب للعراقي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1429(11/12662)
حكم المشاركة في تشييع جنازة الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تشييع جنازة الكتابي، علماً بأنه يقترن سير الجنازة بحمل صليب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم تشييع جنازة الكافر، كتابياً كان هذا الكافر أم غير كتابي، قريباً كان أم غريباً على الراجح من أقوال أهل العلم، ويتأكد المنع بوجود هذا الصليب الذي هو شعيرة من شعائر الكفر، ويجسد الكذبة الكبرى التي نفاها الله في محكم كتابه، فقال: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ {النساء:157} ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 12254، والفتوى رقم: 17239.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1428(11/12663)
الميت لا يتحكم في سير الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله يدعي بعض حامل الميت أن الميت لا يريد السير لأنه كان يحب هذا المكان ما صحة هذا من الكتاب والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحس يفيد أن الميت بعد وفاته ليس عنده إرادة أو قدرة على الامتناع عن السير لجهة ما أو إيقاف حامليه عن السير به، ولم يرد شيء من الوحي فيما نعلم يدل أن الميت يفعل ذلك. وعليه، فلا يلتفت إلى هذه التخرصات وينبغي الإسراع بدفن الجنائز كا وردت بذلك السنة. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 76529، 71487، 44259، 20372.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(11/12664)
بطء سير الجنازة لا دلالة له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عندما تكون الجنازة بطيئة في المشي يدل ذلك على أن المتوفى عاص؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالإسراع بالجنازة، ويشمل ذلك الإسراع في المشي بها إلى القبر والإسراع في التجهيز والدفن، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 10135.
والإسراع المذكور مطلوب من القائمين على تجهيز الميت ودفنه، فإن فعلوا ذلك فقد عملوا بالسنة، وإن أبطأوا من غير عذر فقد خالفوا السنة، والميت غير معني بشيء من هذا كله، ولا يدل بطء السير بالجنازة على عصيانها، كما أن الإسراع بها لا يدل على عدم عصيانها، هذا ولا ينبغي البحث عن مساوئ المسلم إذا مات لأنه صار إلى ما صار إليه، بل تذكر محاسنه ويحسن به الظن ويستغفر له ويترك أمره إلى الله تعالى، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 73859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1427(11/12665)
من قام بحمل الجنازة أعظم أجرا ممن لم يحمل
[السُّؤَالُ]
ـ[نرى الناس يتنافسون على حمل الميت أثناء سير الجنازه فهل في ذلك ثواب يزيد عن السير في الجنازه
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها ثم تبعها حتى تدفن كان له قيراطان من الأجر، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع كان له من الأجر مثل أحد. وحمل الميت وحفر قبره وغير ذلك من أعمال الدفن من أعمال الخير.. والتسابق والمسارعة إلى هذه الأعمال من باب المسارعة إلى الخيرات والتسابق إلى أعمال البر. قال الله تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ {البقرة: 148} . ولا شك أن من حمل الجنازة أو قام بشيء من أعمال الدفن احتسابا للأجر عند الله تعالى أنه أكثر أجرا ممن لم يقم بشيء من ذلك. قال الله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ {الزلزلة:7} . ولا يتم الواجب الذي هو الدفن والصلاة.. إلا بالقيام بالأعمال الأخرى كالحمل ... وعلى ذلك فإن من حمل الميت له أجر زائد على من لم يحمله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1425(11/12666)
مذاهب العلماء في تشييع جنازة الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أرسلت لكم سؤالاً في حكم تشييع المسلم لجنازة الكتابي فأفتيتم في الفتوى ذات الرقم 96486 بعدم جواز تشييع جنازته مع أن تشييع جنازتهم نقل عن كثير من التابعين وعلى رأسهم واعظ العراق الحسن البصري فهل هذه المسألة متفق عليها وما الجواب عن فعل ذلك من التابعين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم تشييع جنازة الكافر أمر مختلف فيه بين الفقهاء بين مبيح ومانع، فمنهم من منع من تشييع جنازة الكافر كما هو قول المالكية والحنابلة، ومنهم من أجاز تشييع جنازة الكافر القريب كما هو قول الشافعية، وقد ذكرنا شيئاً من ذلك في الفتوى رقم: 61380، والفتوى رقم: 10846.
وما أفتينا به من المنع هو القول الذي تبين لنا رجحانه، ولم نقف على ما ذكره السائل من أن الحسن البصري شيع جنازة كافر، وعلى فرض صحة ذلك فإن الحجة في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفيما أجمعت عليه الأمة، ومن المعلوم أن تشييع جنازة الميت إكرام له، والكافر ليس أهلاً للإكرام، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى: تشييع الجنازة من إكرام الميت، والكافر ليس أهلاً للإكرام، بل يهان، قال الله تبارك وتعالى: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا. فدل هذا على أن غيظ الكفار مراد لله -عز وجل- وقال تعالى: وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. وتشييع الكافر إكرام له، وإكرام لذويه، ولهذا يحرم أن يتبع جنازته.. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(11/12667)
لا حرج في نقل الموتى إلى المقابر في سيارة خاصة بنقل الموتى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في نقل الموتى إلى المقابر للدفن في سيارة خاصة بنقل الموتى، وهل هو تشبه بالكفار، فأفيدونا أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن التشبه بالكفار أمر مذموم في الشرع، فقد روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى.... الحديث. وفي لفظ: من تشبه بقوم فهو منهم. رواه الإمام أحمد.
ولكن ضابط التشبه المنهي عنه -كما ذكر أهل العلم- هو أن يفعل المرء ما يختص به المتشبه بهم ولم يكن يشاركهم فيه غيرهم.
ومعلوم أن نقل الموتى إلى المقابر للدفن في سيارة خاصة بنقل الموتى أو في أي وسيلة نقل أخرى، هو أمر شائع بين المسلمين، وبعيد عن أن يكون مما يختص به الكفار، وبالتالي فهو ليس تشبها بهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1428(11/12668)
حكم تشييع الكافر لجنازة المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أثناء صلاة الجنازة حضور ووقوف من ليس بمسلم والكافر ومن ملل أخرى مع الإمام للصلاة، وماذا يفعل المرء إذا وجد في هذا الموقف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سئل الفقيه المالكي عليش عن حكم تشييع الذمي لجنازة المسلم ونص السؤال هو: ما قولكم في ذمي تبع جنازة مسلم فهل للمسلمين منعه من المشي معهم في المشهد؟ فأجاب: الحمد لله؛ نعم لهم منعه من ذلك، لأنه نجس، قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ. ولأنه جنب، وملائكة الرحمة تنفر منه، ولأن المقصود من المشي في الجنازة الشفاعة للميت، والكافر لا يصلح للشفاعة عند الله تعالى، لأنه عدوه، وبعيد عن رحمته، ولأنه ورد من أول كرامات الميت عند الله تعالى أن يغفر لمن مشي في جنازته، والكافر ليس أهلاً للمغفرة، قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ. ولأن تشييع الجنائز من فروض الكفاية، وشعائر الإسلام، والكافر ليس من أهلها، ولأن تشييع الكافر جنازة المسلم جميل من الكافر على المسلم، قال الله تعالى: وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً. ولأن تمكينه من ذلك ولاية له، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ. وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ. ولأن ذلك يفرحه، ويوجب شماتته في المسلم لأنه عدوه، ولأن ذلك تعظيم له، والواجب علينا إهانته، وتحقيره إلى غير ذلك من العلل التي لا تخفى على البصير الخبير بأحكام دين الإسلام، والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. انتهى.
وإذا منع الكافر من المشي مع مشيعي الجنازة فلأن يمنع من الوقوف معهم للصلاة أولى، والتصرف في مثل هذه الحالة أن يصلي المسلم على جنازة أخيه مع بيان عدم مشروعية حضور الكفار لجنائز المسلمين. وبالإمكان تنبيه الإمام على مثل الحالة لينبه عليها الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1427(11/12669)
ما هو حكم الزغاريد عند خروج الجنازة.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الزغاريد عند خروج الجنازة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يستحب رفع الصوت مع الجنازة بذكر أو غيره في قول عامة أهل العلم وهو المروي عن الصحابة والتابعين، قال أبو قلابة: كانوا يعظمون الميت بالسكينة. رواه ابن أبي شيبة في المصنف، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يستحب رفع الصوت مع الجنازة لا بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك هذا مذهب الأئمة الأربعة، وهو المأثور عن السلف من الصحابة والتابعين ولا أعلم فيه مخالفاً، بل قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن يتبع بصوت أو نار. رواه أبو داود ... وقال قيس بن عباد -وهو من أكابر التابعين من أصحاب علي بن أبي طالب- كانوا يستحبون خفض الصوت عند الجنائز وعند الذكر وعند القتال، وقد اتفق أهل العلم بالحديث والآثار أن هذا لم يكن على عهد القرون الثلاثة المفضلة. انتهى.
قال الإمام النووي في المجموع: المستحب خفض الصوت في السير بالجنازة معها فلا يشتغلوا بشيء غير الفكر فيما هو لاقيه وسائر إليه. انتهى.
وقال في حاشية الجمل: وكره لغط فيها وهو ارتفاع الأصوات في سير الجنازة. انتهى، وعليه فتكره الزغاريد عند خروج الجنازة لأنه مخالف لهدي السلف الصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(11/12670)
حكم اتباع جنازة القريب الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا مسلم من أب مسلم وأم فرنسية لم تسلم، وأنا مازلت أحاول معها لكنها تطلب مني كل ما دعوتها لتسلم أن أزيل اللحية وأهجر المساجد، سؤالي هو: إذا بقيت والدتي على هذا الحال وتوفيت هل أتبع جنازتها وهل يجوز لي شرعا أن أتبع جنائز أخوالي الكافرين؟ أريد جوابا ونصحا بارك الله لنا فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصح الأخ الكريم أن يداوم على دعوة أمه إلى الإسلام عسى الله أن يجعله سبباً في نجاتها، مع لزوم صحبتها بالمعروف، كما قال الله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَي [لقمان:15] .
وفي صحيح مسلم أن هذه الآية نزلت في أم سعد بن أبي وقاص، إذ حلفت أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه ولا تأكل ولا تشرب، فنزلت الآية تنهى عن طاعتها في الكفر مع الوصية بصحبتها بالمعروف، والصحبة بالمعروف كما يقول الطبري هي طاعتها في ما لا تبعة عليك فيه في ما بينك وبين ربك ولا إثم.
وفي الآية دليل على أن المسلم يصل أبويه الكافرين ويحسن إليهما ويلين معهما في الدعوة إلى الله، وقد سألت أسماء بنت أبي بكر الرسول صلى الله عليه وسلم قائلة: إن أمي (من الرضاعة وكانت كافرة) قدمت علي وهي راغبة أفأصلها، قال: نعم. رواه مسلم.
وقوله تعالى: َاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَي وصية لك أيها الأخ ولكل أحد أن يتبع سبيل المؤمنين التائبين، ويعرض عن سبيل الكافرين الجاحدين، ولو كانوا آباءهم أو أمهاتهم أو إخوانهم.
أما حكم اتباع المسلم لجنازة أقاربه الكفار وبالأخص والديه، فمختلف فيه، والذي نختاره الجواز، ففي المصنف أن ابن عمر سئل عن الرجل يتبع أمه النصرانية تموت قال: يتبعها ويمشي أمامها، وروي عن ابن عباس أنه بلغه أن رجلاً نصرانياً مات وله ابن مسلم فلم يتبعه، فقال ابن عباس: كان ينبغي له أن يتبعه ويدفنه.
وجاء في المجموع: ويجوز للمسلم اتباع جنازة قريبه الكافر. انتهى.
وقال في موضع آخر: ولا يكره للمسلم اتباع جنازة أقاربه من الكفار، لما روي عن علي رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن عمك الضآل قد مات، فقال: اذهب فواره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(11/12671)
لا تخرج الحاد من بيتها لتشييع زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
السئوال: مات زوجها بفرنسا وينقل جثمانه إلى بلد إسلامي ليدفن. فهل يسمح لها تشييع جنازته والمكوث بضعة أيام خارج بيتها بفرنسا وهي في حداد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على هذه المرأة أن تبقى في منزلها حتى تنتهي عدتها بمضي أربعة أشهر وعشر إن كانت غير حامل، أو بوضع الحمل إن كانت حاملا، وانظر الفتوى رقم: 29084.
وأما تشييعها لجنازة زوجها، فإنه يكره للنساء تشييع الجنازة، لقول أم عطية رضي الله تعالى عنها: نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا.
هذا إذا لم يترتب على ذلك أمر محرم، فإن ترتب عليه فعل محرم أو ترك واجب حرم عليها تشييع الجنازة.
قال في "أسنى المطالب": وتشييع الجنازة سنة متأكدة للرجال، مكروه للنساء إن لم يتضمن حراما.
وقال في نهاية المحتاج: وتشييع الجنازة سنة مؤكدة، ويكره للنساء.
وفي مكوث هذه المرأة خارج بيتها أياما ترك لواجب وهو مبيتها في بيتها مدة العدة، وبناء عليه، فلا يسمح لها بذلك. ولمزيد من الفائدة حول ما يلزم المرأة في العدة من الإحداد، نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 5554، والفتوى رقم: 11084، والفتوى رقم: 21440.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/12672)
شهود جنازة المسلم فضله عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. ما حكم حضور جنازة أحد أصدقاء العائلة؟ شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن شهود المسلم جنازة المسلم والصلاة عليه ودفنه، فيه خير كثير وفضل عظيم لمن فعله، فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شهد الجنازة حتى يصلى عليها، فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن، فله قيراطان، قيل: وما القيراط؟ قال: مثل الجبلين العظيمين.
واعلم أن اتباع جنازة المسلم حق على المسلم الحي، وهذا الحق قد يكون فرض عين، أو كفاية، أو مندوبا، وفي كل الأحوال، فاتباع الجنازة مطلوب مقصود قصدا مؤكدا، وهو في حق الرحم والقريب والجار والصديق آكد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1424(11/12673)
هل تأثم المرأة إذا اتبعت الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تبعت جنازة مع الناس إلى المقبرة فتأسفت على ما فعلت ثم تابت، فهل يغفر الله لها أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاتباع المرأة للجنازة مكروه وليس بحرام، كما في الفتوى رقم: 32172 587112
، والفتوى المحال عليها فيها، وعليه فلا ذنب عليك في ذلك، وينبغي لك ألا تعودي لمثل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1424(11/12674)
علة منع النساء من اتباع الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما السبب في منع النساء من اتباع الجنائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الشيخان عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا.
قال القرطبي رحمه الله: ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج، وما ينشأ من الصياح ونحو ذلك. ا. هـ
وهذا هو الغالب على النساء، عدم الصبر عند المصيبة، والجزعُ، فلربما سخطت على أقدار الله وارتكبت ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من النياح ولطم الخدود وشق الجيوب.
وعلى كلٍ، فالمسلم يجب أن يستسلم لنصوص الكتاب والسنة، ولو لم يعلم السبب، وقد قال تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [النور:51] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(11/12675)
حكم حضور جنازة الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[مات صديقي وهو لا ديني، وقد كان طيبا معي، فهل يجوز حضور جنازته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أن تحضر جنازة صديقك الملحد، فالمسلم لا يحل له المشي في جنازة الكفار، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمَّا إذا كان يجوز للمسلم إذا مات النصراني أن يتبع جنازته، فأجاب: الحمد لله رب العالمين: لا يتبع جنازته ... وانظر ذلك في الفتاوى الكبرى (3/5) .
وقال خليل: ولا يغسل مسلم أبًا كافرًا ولا يدخله في قبره إلا أن يضيع فليواره. قال صاحب التاج والإكليل: ... قال مالك: لا يغسل المسلم أباه الكافر ولا يتبعه.. (3/78) .
ثم اعلم أن مصادقة أصحاب السوء خطر عظيم وبلاء كبير، تعرض فاعلها لكثير من المفاسد، لما يلزم من اقتداء الصديق بصديقه. روى أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المرء مع من أحب. متفق عليه.
فعليك بمصادقة الأتقياء ومجانبة أهل السوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(11/12676)
صفة مشيع الجنازة من حيث الركوب والسبق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
سؤالي هو هل يجوز لي أن أذهب إلى الجنازة بالسيارة أو أسبقها إلى المقبرة دون أن أمشي معها بالرغم من أن المقبرة لا تبعد كثيراعن المدينة (حوالي 1.5كيلومتر) أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسؤول عنه في تشييع الجنازة هنا مسألتان:
الأولى: المفاضلة بين الركوب والمشي؟
والثانية: سبق الجنازة أو التأخر عنها؟
أما الركوب عند تشييع الجنازة فمكروه عند الأئمة الأربعة، والمشي هو الأفضل لمن لا يشق عليه لضعفه أو لبعد المكان.
وأما المشي أمام الجنازة فهو الأفضل عند الأئمة الثلاثة خلافاً لأبي حنيفة إذ قال: المشي خلفها أفضل.
والراجح الأول، لما رواه الترمذي عن ابن عمر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر يمشون أمام الجنازة.
لكن إذا كان المشيع راكباً فالأولى أن يمشي خلفها عند الجميع، قال الخطابي في الراكب: لا أعلمهم اختلفوا في أنه يكون خلفها.
أما من لم يكن معها وتقدمها إلى موضع الصلاة فهو لم يشيعها، ولا حرج عليه في ذلك، لكن فاته فضل اتباع الجنازة.
قال النووي في المجموع: اتباع الجنازة ولو تقدم عليها كثيراً فإن كان بحيث ينسب إليها ... حصل له فضيلة اتباعها، وإن كان بحيث لا ينسب إليها لكثرة بعده وانقطاعه عن تابعيها لم تحصل له فضيلة المتابعة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1423(11/12677)
يكره رفع الصوت بالذكر والتهليل خلف الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عند حمل الميت قول لا إله إلا الله محمد رسول الله جهراً وفي الطريق؟ وشكراً مسبقاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيكره رفع الصوت بالذكر والتهليل خلف الجنازة، وقد سئل شيخ الإسلام عن رفع الصوت في الجنازة فأجاب:
الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ مَعَ الْجِنَازَةِ لَا بِقِرَاءَةِ وَلَا ذِكْرٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ هَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا ; بَلْ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُتْبَعَ بِصَوْتِ أَوْ نَارٍ} رَوَاهُ أَبُو داود. وَسَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما رَجُلًا يَقُولُ فِي جِنَازَةٍ: اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ , فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا غَفَرَ اللَّهُ بَعْدُ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ - وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ التَّابِعِينَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه -: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ خَفْضَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ وَعِنْدَ الذِّكْرِ وَعِنْدَ الْقِتَالِ. وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَالْآثَارِ أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الْمُفَضَّلَةِ. وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ: إنَّ هَذَا قَدْ صَارَ إجْمَاعًا مِنْ النَّاسِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا زَالَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَمَا زَالَتْ جَنَائِزُ كَثِيرَةٌ تَخْرُجُ بِغَيْرِ هَذَا فِي عِدَّةِ أَمْصَارٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا كَوْنُ أَهْلِ بَلَدٍ أَوْ بَلَدَيْنِ أَوْ عَشْرٍ تَعَوَّدُوا ذَلِكَ فَلَيْسَ هَذَا بِإِجْمَاعِ ; بَلْ أَهْلُ مَدِينَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي نَزَلَ فِيهَا الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَهِيَ دَارُ الْهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ ; وَالْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ لَمْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ ; بَلْ لَوْ اتَّفَقُوا فِي مِثْلِ زَمَنِ مَالِكٍ وَشُيُوخِهِ عَلَى شَيْءٍ وَلَمْ يَنْقُلُوهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ خُلَفَائِهِ لَمْ يَكُنْ إجْمَاعُهُمْ حُجَّةً عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ وَبَعْدَ زَمَنِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لَيْسَ إجْمَاعُهُمْ حُجَّةً بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ هَذَا يُشَبَّهُ بِجَنَائِزِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ أَهْلُ الْكِتَابِ عَادَتُهُمْ رَفْعُ الْأَصْوَاتِ مَعَ الْجَنَائِزِ وَقَدْ شُرِطَ عَلَيْهِمْ فِي شُرُوطِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ لَا يَفْعَلُوا ذَلِكَ ثُمَّ إنَّمَا نُهِينَا عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ فِيمَا لَيْسَ هُوَ مِنْ طَرِيقِ سَلَفِنَا الْأَوَّلِ وَأَمَّا إذَا اتَّبَعْنَا طَرِيقَ سَلَفِنَا الْأَوَّلِ كُنَّا مُصِيبِينَ وَإِنْ شَارَكَنَا فِي بَعْضِ ذَلِكَ مَنْ شَارَكَنَا كَمَا أَنَّهُمْ يُشَارِكُونَنَا فِي الدَّفْنِ فِي الْأَرْضِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
10603
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1423(11/12678)
من أحكام الجنائز ... وكيفية المشي مع الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدينا في صلاة الجنازة عندما توضع الجنازة أمام المصلين وبعد الصلاة على الميت يدعى الإمام للدعاء للميت ثم يقول في آخر الدعاء بسر الفاتحة ثم تقرأ جهراً مع البعض، وكذلك عندما تحمل الى المقبرة يقال وراءها قول جماعي لا إله إلا الله محمد رسول الله جهراً وكذلك عند الدفن يتم الدفن بتقدم أحد للدعاء وبعد الدعاء يقول بسر الفاتحة ثم تقرأ جهراً فهل هذا القول أي العمل جائز وعند تشييع الجنازة هل نكون أمام النعش أو خلفه عند الذهاب إلى المقبرة (كذلك يقال لا يجوز قراءة القران في المقبرة أي على القبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فدعاء الإمام بعد صلاة الجنازة والناس يؤمنون خلفه أمر غير مشروع، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
فالدعاء في هذه الحالة هو محل الإنكار، وليس قوله بسر الفاتحة، وقد بينَّا حكم قول الداعي بسر الفاتحة في فتوى سابقة: 17793، فليرجع إليه.
وأما رفع الصوت بالذكر عند تشييع الجنازة فرادى أو جماعة فقد بينَّا حكمه في فتوى سابقة برقم:
10603 فلتراجع.
والسنة أن يدعى للميت بعد أن يوضع في قبره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل. رواه أبو داود.
وليس في الحديث ما يدل على مشروعية الدعاء جماعة.
وأما عن المشي مع الجنازة أيهما أفضل أمامها أم خلفها؟ فإن جمهور العلماء ومنهم مالك والشافعي وأحمد: يرون أن الأفضل المشي أمام الجنازة: لأن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا يمشون أمام الجنازة. رواه أبو داود.
فإن كان راكبًا فقد ذهب المالكية والحنابلة إلى أن الأفضل أن يكون وراءها.
وأما قراءة القرآن على القبر، فقد بينَّا حكمها في الفتوى رقم:
14052، فارجع إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(11/12679)
حكم تشييع المسلم جنازة الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يشارك فى دفن موتى النصارى وخاصة إذا كانوا جيراناً له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي لمسلم أن يشيع جنازة كافر، أو يتبعها، أو يشارك في دفنها، ولو كان جاراً له، بل عليه أن يترك كل ذلك لأهل دينه. هذا مذهب جمهور أهل العلم، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن قوم مسلمين مجاوري النصارى، فهل يجوز للمسلم إذا مرض النصراني أن يعوده؟ وإذا مات أن يتبع جنازته؟ وهل على من فعل ذلك من المسلمين وزر أم لا؟
فأجاب: الحمد لله رب العالمين لا يتبع جنازته، وأما عيادته فلا بأس بها، فإنه قد يكون في ذلك مصلحة لتأليفه على الإسلام، فإذا مات كافراً، فقد وجبت له النار، ولهذا لا يصلى عليه. انتهى.
وقد أجاز بعض أهل العلم تشييع جنازة ذوي القربى من الكفار، مستدلاً بما أخرجه ابن أبي شيبة عن أبي وائل قال: ماتت أمي وهي نصرانية، فأتيت عمر فذكرت له، فقال: اركب دابة وسر أمامها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1422(11/12680)
المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: "أسرعوا بالجنازة ... "
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المقصود من الإسراع في شأن الميت إلى اللحد الإسراع في تجهيزه والصلاة عليه ودفنه أو المقصود الإسراع بالميت بعدالصلاة عليه إلى الدفن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أسرعوا بالجنازة، فإن تكن صالحة فخير تقدمونه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم".
وفي هذا الحديث حض على الإسراع بالجنازة، وذكر الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم أن المراد بذلك هو: الإسراع بالمشي عند حملها إلى القبر، بدليل العلة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم وهي قوله: "فشر تضعونه عن رقابكم" وقال: إنه الصواب الذي عليه جماهير العلماء.
ونقل عن القاضي عياضٍ أن المراد بذلك هو: الإسراع في تجهيزها من تغسيل وصلاة ودفن، ونحو ذلك، ورد النووي هذا القول.
ولكن الذي يبدو من كلام الحافظ ابن حجر في الفتح هو ترجيحه، حيث قال بعد نقله للقولين: ويؤيده - يعني القول الأخير - حديث ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره". أخرجه الطبراني بإسناد حسن، ولأبي داود من حيث حصين بن وحوح مرفوعاً: "لا ينبغي لجيفة مسلم أن تبقى بين ظراني أهله". الحديث.
والذي يظهر - والله تعالى أعلم - أنه لا مانع من أن يشمل مراد الحديث الأمرين جميعاً بشرط أن لا يكون في ذلك إخلال بما يستلزمه الحال.
والعلة التي ذكرها النووي تعقبها الفاكهاني - كما قال الحافظ - بأن الحمل على الرقاب قد لا يكون المراد منه حقيقته، كما تقول: حمل فلان على رقبته ذنوباً.
فتحصل - من جميع ما تقدم - أن الراجح هو: كون المراد بالإسراع ما يشمل الإسراع في الغسل والتكفين والصلاة والحمل والدفن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1422(11/12681)
الإشارة بالسبابة والقيام عند مرور الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما وجه الصحة أو الخطأ في إشارة العوام بالسبابة عند مرور جنازة عليهم من المسلمين؟
وماذا ينبغى فعله إذا مرت علينا (أو مررنا على) جنازة غير مسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لم نطلع على ما يدل على مشروعية رفع السبابة عند مرور الجنازة، ولم نجد لأهل العلم في ذلك كلاما أيضا، وعليه فإن ذلك غير مشروع لعدم وجود ما يدل عليه من السنة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالقيام عند مرور الجنازة وقام لجنازة يهودي عند ما مرت به لكن القيام للجنازة منسوخ عند الكثير من الفقهاء، واستدل لذلك بحديث آخر صحيح، وعلى هذا فمن مرت عليه جنازة سواء كانت لمسلم أو كافر فلا يقوم لها بناء على قول أكثر الفقهاء، ومن مر على جنازة كافر فلا يجوز له حضورها ولا تشييعها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نطلع على ما يدل على مشروعية رفع السبابة عند مرور الجنازة، ولم نجد لأهل العلم في ذلك كلاما أيضا، وعليه فإن ذلك غير مشروع لعدم وجود ما يدل عليه من السنة.
أما فيما يتعلق بما ينبغي فعله إذا مرت بنا الجنازة أو مررنا بها، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالقيام عند مرور الجنازة، وقام لجنازة يهودي عند ما مرت به.
ففي البخاري عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأى أحدكم جنازة فإن لم يكن ماشيا معها فليقم حتى يخلفها أو تخلفه أو توضع من قبل أن تخلفه.
وفي البخاري أيضا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: مرت بنا جنازة فقام لها النبي صلى الله عليه وسلم وقمنا له فقلنا يا رسول الله إنها جنازة يهودي قال إذا رأيتم الجنازة فقوموا.
لكن القيام للجنازة منسوخ عند الكثير من الفقهاء من بينهم مالك والشافعي والإمام أحمد ولذلك لم يقولوا باستحباب القيام لها إذا مرت، واستدل لنسخ القيام للجنائز بما روى مالك عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الجنائز ثم جلس بعد. والحديث رواه أبو داوود عن مالك عن يحيى بن سعيد عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري عن نافع بن جبير بن مطعم عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في الجنائز ثم قعد بعد. وهو صحيح كما ذكر الألباني، وعلى هذا القول لا يشرع القيام للجنازة سواء كانت لمسلم أو كافر، وقد تمسك بعض أهل العلم بهذه الأحاديث الدالة على مشروعية القيام للجنائز، ورأى أن الحديث الناسخ لهذه الأحاديث ليس صريحا في النسخ لأنه محتمل، وممن اختار هذا القول النووي رحمه الله بعد أن ذكر الخلاف في المسألة، فقال في المجموع: فقد ثبتت الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالقيام لمن مرت به جنازة حتى تخلفه أو توضع وأمر من تبعها أن لا يقعد عند القبر حتى توضع، ثم اختلف العلماء في نسخه, فقال الشافعي وجمهور أصحابنا: هذان القيامان منسوخان فلا يؤمر أحد بالقيام اليوم, سواء مرت به أم تبعها إلى القبر،،، إلى أن: قال قال المحاملي: القيام للجنازة مكروه عندنا وعند الفقهاء كلهم قال: وحكي عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه أنه كان يقوم لها , وخالف صاحب التتمة الجماعة فقال: يستحب لمن مرت به جنازة أن يقوم لها, وإذا كان معها لا يقعد حتى توضع, وهذا الذي قاله صاحب التتمة هو المختار, فقد صحت الأحاديث بالأمر بالقيام, ولم يثبت في القعود شيء إلا حديث علي رضي الله عنه وهو ليس صريحا في النسخ, بل ليس فيه نسخ لأنه محتمل القعود لبيان الجواز والله أعلم. ثم ذكر النووي مذاهب العلماء في القيام للجنازة فقال. قد ذكرنا مذهبنا في ذلك وبه قال مالك وأحمد. انتهى.
هذا فيمن مرت عليه جنازة سواء كانت جنازة مسلم أو كافر.
وفي خصوص جنازة الكافر فإنه لا يشرع حضورها ولا تشييعها كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 35531، والفتوى رقم: 96486.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(11/12682)
الموت على عمل صالح وشهادة المسلمين للميت بخير
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي توفي يوم الجمعة ليلا في العشر الأواخر من رمضان وكان مريضا بمرض السرطان ولم يتألم من المرض وكان يعلم بالمرض منذ أكثر من سنة ولم يخبر أحدا إلا أمي وصبر على المرض وكان يصبر أمي ويقول لها إن أراد الله شفائي لشفاني لا تقلقي وإذا لا يريدني الله أن أعيش ربما أموت لسبب آخر غير المرض وهذه مشيئة الله. وعندما كان ينازع كان ينزل من جبينه عرق. وكان أبي مستعجلا جدا يريد الذهاب إذ إنه كان شيخ يقرأ عليه القرآن فكان أبي يقول إن قراءة القرآن تؤخره عن الذهاب. وكان يفتح عينيه وينظر لمكان واحد ويقول لأمي إنه فرحان ومبسوط (هذا كله في فترة وأنه كان ينازع) تقول له أمي لماذا فرحان ماذا ترى فيقول لها لا شيء. وكان يقول إنه عندما يذهب سوف يعملون له حفلة ويلبسونه الأبيض.مع العلم أنه عندما توفي كان في جنازته فوق ال20 ألف شخص وتقريبا جميع الناس كانت تبكي عليه من قلب خالص ويقولون أنهم فقدوا إنسانا غاليا عليهم. وكان أبي مخلصا جدا في عمله وكان يساعد المعلمين للرجوع إلى عملهم بعد أن فصلوا كل هذا ولم يكن يخبر أحدا بأنه كان يساعد الناس. وعندما كان ينازع كان دائما يقول لأمي أريد أن أنهض لأتوضأ وكان بالفعل ينهض ويتوضأ وفي اليوم الذي توفي فيه لم يتكلم ولا كلمة واحدة إلا أنه عندما دخلنا عنده رأيناه يصلي وهو نائم في غيبوبة.
أرجوك يا حضرة الشيخ ما معنى هذا كله إذ إن جميع الناس تشهد له بصدقه ووقوفه لجانب المظلومين وإخلاصه في العمل والحمد لله كان يصلي ويصوم وحج مرتين مرة عنه ومرة عن عمي المتوفى وعمرة 3 مرات. وذهب آخر مرة للعمرة وهو مريض وذلك فبل وفاته بشهرين. وقبل أن يتوفى ب5 دقائق دخل للحمام واستحم وخرج من الحمام ونام على السرير وخرجت روحه مباشرة.وفي نفس اليوم الذي توفي فيه قال لأمي اطلبي من (أب أخيه) أن يجهز لي التراب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لأبيك ولجميع المسلمين، ونذكرك بفضل الصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى، وما ذكرت من شأن أبيك واستقامته على الحق ومساعدته للآخرين وشهادتهم له بالخير وكثرة من حضر جنازته من المسلمين وموته يوم الجمعة، كل ذلك يدل على حسن الخاتمة وبشرى الخير له، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بعبده خيرا استعمله قالوا: كيف يستعمله؟ قال: يستعمله في عمل صالح قبل موته. رواه أحمد والترمذي وغيرهما. وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت، ومروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال: وجبت فقال عمر رضي الله عنه: ما وجبت؟ قال: هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض.
وللمزيد نرجو أن تطلعي على الفتاوى: 73790، 29018، 30723.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(11/12683)
هل يتوقف الميت رغما عن حامليه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما تسير الناس في الجنازة يقول الميت وقف هنا (لا إله إلا الله) هيا بنا نكمل السير. فهل هذا الميت يتوقف عن السير رغما عن إرادة حامل النعش أم هذه خرافة؟
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الشخص بعد موته لا يخاطب الأحياء وهو على نعشه بأن يقفوا في مكان معين ويقولوا ذكرا معينا ثم يأمرهم بالسير؛ لأن هذه صفة الأحياء ولم نعلم لهذا أصلا يدل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1427(11/12684)
وقوف حملة الميت أمام بيوت أقاربه والأضرحة والمساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله، وقوف الميت وقت تشيع الجنازة أمام الأضرحة وبيوت بعض الأقارب والمساجد، ما صحة هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المراد وقوف حملة الجنازة بها عند الأماكن المذكورة فهذا محدث مخالف للسنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإسراع بالجنازة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 10135، مع التنبيه على أنه إذا احتيج إلى الوقوف لأجل الاستراحة فلا بأس بذلك، ويستوي في ذلك الوقوف أمام هذه الأماكن وغيرها ما دام الباعث عليه ما ذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1427(11/12685)
تعسر أمر الجنازة لا علاقة له بحال الميت من صلاح أو فساد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح عندما تأخذ الجنازة وقتا طويلا يكون صاحب الجنازة سيئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة تعجيل الأحياء بتجهيز الميت ودفنه كما بيناه في الفتوى رقم: 10135، والفتوى رقم: 66120، وتأخيره لغير عذر تفريط من الأحياء ولا يعني سوء الميت وفساده، وتعسر أمر الجنازة وصعوبة تجهيزها لا علاقة له بحال الميت من صلاح أو فساد، بل قد يكون نتيجة لعوامل عادية لصلابة الأرض، وعدم الإعداد الجيد لمؤن التجهيز، والمطلوب من المسلم أن يحسن الظن بالمسلم ولا يظن به سوءا لمجرد مثل هذه الحالة، نسأل الله عز وجل أن يحسن خواتمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1427(11/12686)
أحكام نبش الميت بعد دفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[كل يعلم ما حدث من المجازر للمسلمين في البوسنة والهرسك كما هو معروف لدى الجميع أن الصرب كانوا يقتلون المسلمين بعد تعذيبهم الشديد ويضعونهم في الحفر الكبيرة ويغطونهم بالأرض وبعد نهاية الحرب اكتشفت المقابر الجماعية وأصبحت الفرق تحفرها لكي تصلي عليهم صلاة الجنازة ويتم تشييعهم كما ينبغي ذلك في ديننا الحنيف هل تجوز هذه العملية في الإسلام؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلماء قد ذكروا أن الميت لا يجوز نبشه بعد دفنه إلا في حالة الضرورة، وهذه الضرورة مقيدة بما إذا لم يتغير، إلا إذا تعلق بنبشه حق للغير فينبش ولو تغير، وذلك لما في نبشه من انتهاك حرمته بعد دفنه.
قال في تحفة الحبيب على شرح الخطيب في المذهب الشافعي: وأما نبشه بعد دفنه وقبل البلى عند أهل الخبرة بتلك الأرض للنقل وغيره كالصلاة عليه وتكفينه فحرام، لأن فيه هتكاً لحرمته إلا لضرورة بأن دفن بلا غسل ولا تيمم بشرطه وهو ممن يجب غسله، لأنه واجب فاستدرك عند قربه فيجب على المشهور نبشه وغسله إن لم يتغير، أو دفن في أرض أو في ثوب مغصوبين، فيجب ولو تغير الميت ليصل المستحق إلى حقه. انتهى
وعليه، فإن دفن الميت بدون صلاة أو غسل أو كفن، فإنه لا يجوز نبشه بعد تغيره، وما يفعله هؤلاء لا يجوز لهم إذ لا فائدة فيه، ولما فيه من انتهاك حرمة هؤلاء الموتى، فإن عرفت قبور هؤلاء الموتى خلال شهر من دفنهم صلي عليهم، وإن عرف مكانهم بعد أكثر من ذلك فلا صلاة عليهم، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 32960.
ومن أهل العلم من ذهب إلى الجواز مطلقاً، ومنهم من اشترط بقاء شيء من الميت، ويعرف ذلك من أهل الخبرة بشرط أن يصلي عليه من كان من أهل فرضها وقت الدفن بأن يكون حين دفن الميت مسلماً بالغاً عاقلاً طاهراً لأنه يؤدي فرضاً خوطب به في تلك الساعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1426(11/12687)
حكم نقل الميت إلى بلده عن طريق بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم وأقيم في فرنسا، وهناك بعض البنوك التي تتعهد بتكاليف إعادة جثمان المتوفى إلى بلده ليدفن في مقابر المسلمين، وذلك مقابل مبلغ مالي يؤدي كل سنة، هل يجوز هذا العقد؟ غفر الله لنا ولكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من نقل الميت إلى بلده للغرض المذكور ليكون قريباً من أهله، وليدفن بين المسلمين الذين يُرجى صلاحهم، قال أحمد الدردير في شرحه لمختصر خليل: وجاز نقل الميت قبل الدفن وكذا بعده من مكان إلى آخر، بشرط ألا ينفجر حال نقله وألا تنتهك حُرمته، وأن يكون لمصلحة، كأن يخاف عليه أن يأكله البحر، أو ترجى بركة الموضع المنقول إليه، أو ليدفن بين أهله، أو لأجل قرب زيارة أهله، انتهى.
قال أبو النجا الحجاوي في متن الإقناع: ولا بأس بتحويل الميت ونقله إلى مكان آخر بعيداً لغرض صحيح، كبقعة شريفة، ومجاورة صالح، مع أمن التغير. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 4003، والفتوى رقم: 32987.
أما نقله عن طريق البنك المذكور فلا يجوز، لما فيه من الجهالة إذ لا يعرف متى يموت الدافع لتلك المبالغ، فتقل الأجرة أو تكثر بحسب قرب الموت أو بعده، كما لا يجوز التعاقد مع البنك الذي يمارس الربا ولو علمت الأجرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/12688)
تارك الصلاة يغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محام مسلم، وأعمل كمحام لدى إحدى الطوائف اليهودية، ومن ضمن أعضاء هذه الطائفة عجوز أسلمت وأشهرت إسلامها منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما، وهي الآن مريضة مرضا شديدا، ومنذ أكثر من ثلاث سنوات سألتها هل تريدين أن تدفني في مقابر المسلمين أم اليهود؟ فلم تجب على سؤالي حتى الآن، ومنذ أيام دفعت أحد اليهود من أعضاء هذه الطائفة لتكرارهذا السؤال عليها فأجابت بأنها تريد أن تدفن في مقابر اليهود، وفى ذات الوقت قمت بسؤال أحد المقربين إليها من المسلمين، هل تقوم بتأدية الفروض الإسلامية، فأجاب بأنها مسلمة بالاسم فقط، فلا تصلي، ولم أسأل عن باقي الفروض.
أنا ليس لي القرار في طريقة تغسيلها أو دفنها، ولكن قد يكون لي التأثير على القرار.
السؤال: بعد وفاتها أأسكت وأتركها كما أرادت؟ أم أصر على تغسيلها ودفنها في مقابر المسلمين؟ علما أن دفن اليهود كدفن المسلمين في التراب.
هل أكون ارتكبت إثما بسكوتي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أشهر إسلامه يتعين علينا ما دام حيا أن نسعى في تفقيهه في دينه وما يؤدي لقيامه بأركان الإسلام لعل الله يختم له بالحسنى.
فعليك أولا أن تسعى في البحث عن نساء صالحات ليتصلن بهذه العجوز ويسعين في هدايتها وتعلمها لدينها وعملها به، ويتأكد الأمر في شأن الصلاة.
وأما لو ماتت هذه المرأة فإنها تدفن في مقابر المسلمين ولو كانت لا تصلي، وقد ذكر ابن قدامه في المغني أن ذلك مجمع عليه وقال: لا نعلم في عصر من الأعصار أحدا من تاركي الصلاة ترك تغسيله والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين. وراجع الفتوى رقم: 68656.
هذا ويتعين التنبيه إلى أن المحاماة عن اليهود يتعين التحري في شأنها، وذلك أن اليهود قوم بهت كما قال الحبر الصحابي الجليل عبد الله بن سلام، فالمحاماة عنهم في الباطل محرمة شرعا لقول الله تعالى: وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا {النساء:107} . وبقوله: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا {النساء:105} .
وقد قال تعالى: هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً {النساء:109} .
وأما المحاماة فيما تعلم أنه حق فهي جائزة إن لم تستلزم التحاكم للمحاكم غير الشرعية.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 75590، 40331، 74346، 11440، 113490.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1430(11/12689)
تأخير دفن الميت لظروف خاصة لا يدل على سوء خاتمته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب توفي في الغربة في بلد إسلامي، وظل 5 أيام في البرادة من غير دفن من أجل إتمام الأوراق ووصول أهله، وقد دفن في نفس البلد الذي توفي فيه، فهل يعتبر هذا عذابا له أو سوء خاتمة؟ وعموما هل يعذب الميت ويتضايق بتأخير دفنه؟ وهل من فرق في هذه الحالة إن كان صالحا أو طالحا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن السنة تعجيل دفن الميت، فلا ينبغي تأخيره لغير ضرورة أو حاجة، وأن تأخير دفنه لظروف قاهرة أو لإجراءات لازمة لا مانع منه إذا لم يخش عليه التغير، وليس ذلك دليلا على سوء خاتمته أو عدم صلاحه، وليس فيه تعذيب له.
انظر تفاصيل ذلك وأدلته وأقوال أهل العلم فيما يتعلق بنعيم البرزخ وعذابه وتأخير دفن الميت ونقله، في الفتاوى التالية أرقامها: 74786، 62997، 74876، 74812 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1430(11/12690)
حكم إهالة التراب على القبر بالآلات بعد الدفن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع فيما ظهر هذه الأيام في بعض مقابر المسلمين في طريقة إهالة التراب على قبر الميت بعد دفنه، عن طريق الشيول (البوكلين) ، وترك إهالة التراب بأيدي المشيعين كما هي السنة المتبعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في إهالة التراب على الميت بالآلات بعد أن يسد عليه القبر باللبن أو غيره، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 504، والفتوى رقم: 77197.
قال البيهقي في السنن الكبرى: باب إهالة التراب على القبر بالمساحي وبالأيدي.. وذكر حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: والله ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي في جوف ليلة الأربعاء. والحديث رواه الإمام أحمد في المسند وقال عنه الأرناؤوط محتمل التحسين، والمساحي هي المجارف أو آلات الحفر من الحديث كما قال أهل اللغة.
ومع هذا فلا ينبغي ترك حثو التراب في القبر ممن كان قريباً منه، لما ثبت في ذلك من الخير، مع أنه إن لم يفعل فلا بأس، لأنه أمر مستحب وليس بواجب، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 103607.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1430(11/12691)
دفن الميت على يساره أو لغير القبلة ليس من الضرورات التي تجيز نبش القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما العمل إذا اكتشفنا أن طريقة الدفن كانت غير سليمة، فوضع المتوفى على شماله واستدبر القبلة ... لجهل من قام بالعمل، وتم اكتشافه صدفة بعد أسبوعين من الوفاة، فهل يجوز كتمان الأمر بعد اكتشافه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
وجوب ترك الميت على حاله واستحباب الدعاء له والصدقة عنه، ولا يلزم الإخبار بما جرى لعدم الفائدة من ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجنازة إذا دفنت يجب احترامها وتركها، ولا يجوز نبشها إلا لضرورة، والتوجه إلى القبلة من سنن الدفن ومستحباته، وليس من الضرورات التي يمكن أن ينبش لها القبر، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة مع شرحه: ويستحب أن يجعل الميت أي يضجع في قبره على شقه الأيمن ووجهه إلى القبلة، لأنها أشرف الجهات.
وإذا وقع خطأ في الدفن أو لم يوجه الميت إلى القبلة فإنه يتدارك إذا لم يتم الدفن، فإذا دفن ترك، قال العلامة خليل في المختصر: وضجع فيه على أيمن مقبلاً وتدورك إن خولف بالحضرة. قال شراحه: وإنما يتدارك في الحضرة قبل أن يسووا عليه التراب ...
ولذلك فإن الذي ينبغي لكم هو أن تستغفروا لميتكم وتتصدقوا عنه، ولا يجوز أن تنبشوا قبره، ولا داعي لذكر ما جرى، إذ لا فائدة ترجى من ذلك، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 1721.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(11/12692)
من السنة التعجيل بدفن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لقد توفيت زوجتي أثناء غيابي إثر سكتة قلبية، ولقد تم مواراتها التراب دون أن يراها أهلها بسرعة يوم الجمعة بعد العصر, فما حكم الدين فيما وقع، ولقد كانت رحمها الله تعاني من مشاكل اجتماعية مع أهل زوجها, الخالة وابنة خالتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من السنة تعجيل دفن الميت لما روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها عليه، وإن يكن سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم. وقال صلى الله عليه وسلم: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أخرجه الطبراني بإسناد حسن.
وكذا قال العيني في عمدة القاري، وقال ابن حجر في شرحه للحديث الأول: وفيه استحباب المبادرة إلى دفن الميت لكن بعد أن يتحقق أنه مات، أما مثل المطعون والمفلوج والمسبوت فينبغي أن لا يسرع بدفنهم حتى يمضي يوم وليلة ليتحقق موتهم، نبه على ذلك ابن بزيزة.
وفي الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أنه إن تيقن الموت يبادر إلى التجهيز ولا يؤخر ... فإن مات فجأة ترك حتى يتيقن موته. وفيها أيضاً: يستحب الإسراع بتجهيزه كله من حين موته، فلو جهز الميت صبيحة الجمعة يكره تأخير الصلاة عليه ليصلي عليه الجمع العظيم، ولو خافوا فوت الجمعة بسبب دفنه يؤخر الدفن، وقال المالكية والشافعية أيضاً بالإسراع بتجهيزه إلا إذا شك في موته.
فهذا هو الأصل في دفن الميت، وهو التعجيل والمبادرة إلى ذلك إلا إذا كان هناك سبب شرعي يدعو إلى تأخير الدفن كوجود شبهة قتل مثلاً، فيؤخر الدفن لفحص الجثة والتأكد من ذلك، وقد سبق لنا بيان جواز ذلك في الفتوى رقم: 56064.
ومن الأسباب أيضاً انتظار أهل الميت، ما لم يطل هذا الانتظار، قال في فيض القدير: ينبغي انتظار الولي إن لم يخف تغيره. مع أن الأصل هو عدم انتظار الغائب، فقد قال الإمام الشافعي في الأم: ولا ينتظر بدفن الميت غائب من كان الغائب.
ولم يتبين لنا من السؤال من قام على دفنها، وإن كان الظاهر من السؤال أن أهلك هم من قاموا بذلك، وما قاموا به من التعجيل بدفنها دون انتظار أهلها جائز لما أسلفناه من استحباب التعجيل بالدفن، إلا إذا كان محل إقامة أهلها قريب منكم، فإن الأولى حينئذ انتظارهم، وننبه الأخ السائل إلى أن الأولى أن يقال على الميت: رحمه الله، بدل (المرحوم) ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2391.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(11/12693)
دفن أكثر من شخص في قبر واحد لغير ضرورة بين الكراهة والتحريم
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي كانت لا تصلي فى السنين الأخيرة من حياتها ولكن كنت أعذرها لأنها كانت تتبول على نفسها لا إراديا وكانت كذلك تشتم أبى ودائمة الشجار معه ولكنه وللحق كان يغيظها ولكن عند وفاتها حدثت أشياء منها أنها توفيت يوم خميس مساء وكان الجو باردا وممطرا بشكل ملفت ولكن في اليوم التالي وهو يوم الجمعة يوم دفنها تحسن الجو وسطعت الشمس وصلينا عليها صلاة الجمعة وكان المسجد مزدحما جدا وجاء رجل يحمل طفلا صغيرا متوفى وطلب مني أن أضعه داخل نعش أمي ودفنه معها علما بأنه كان يوجد نعشان آخران ونعش أمى كان بجوار الحائط فلماذا اختار نعش أمى بالذات وكل الناس تقول على أمى كل الخير وهى قامت بتربيتنا على أكمل وجه ولم تأكل يوما من الحرام ألا يدعو كل ذلك لمغفرة الله سبحانه وتعالى أفيدونى أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتارك الصلاة على خطر عظيم، وعدم القدرة على إزالة النجاسة ليس عذار في ترك الصلاة، بل على الشخص أن يتطهر بنفسه أو بإعانة غيره بقدر الإمكان ويصلي، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22545، 35803، 24409، وبما أن هذه السيدة قد تركت الصلاة في آخر عمرها جهلا كما يبدوـ فنرجو أن يتجازو الله عنها ويعذرها بجهلها إنه جواد كريم، وراجع الفتوى رقم: 9672. وكونها توفيت ليلة الجمعة يعتبر من علامات حسن الخاتمة لحديث: ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر. رواه الترمذي وأحمد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وفي إسناده ضعف، وأما ثناء الناس عليها فإن كانوا أهل خير وصلاح فعلامة خير أيضا، فعن أنس بن مالك قال: ثم مر بجنازة فأثني عليها خيرا، فقال: نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثني عليها شرا، فقال: نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت، قال عمر فدى لك أبي وأمي مر بجنازة فأثنى عليها خيرا، فقلت وجبت وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثني عليها شرا فقلت: وجبت وجبت وجبت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض. أنتم شهداء الله في الأرض. أنتم شهداء الله في الأرض. وأما كونها توفيت عند نزول المطر فلا نعلم أن ذلك من علامات حسن الخاتمة. واعلم ـ وفقك الله ـ أن ظهور شيء من علامات حسن الخاتمة لا يلزم منه الجزم بأن ذلك الشخص من أهل الجنة، ولكن يستبثر له بذلك، كما أن عدم وقوع شيء منها للميت لا يلزم منه أنه غير صالح فهذا كله من الغيب، ونسأل الله لنا ولك حسن الخاتمة. وأما دفن الطفل معها فمكروه عند طائفة من أهل العلم، وحرام عند آخرين، مالم تكن هناك ضرورة تدعو إلى ذلك، قال الكاساني رحمه الله في بدائع الصنائع: ولا يدفن الرجلان أو أكثر في قبر واحد هكذا جرت السنة من لدن آدم إلى يومنا هذا، فإن احتاجوا إلى ذلك قدموا أفضلهما وجعلوا بينهما حاجزا من الصعيد، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بدفن قتلى أحد وكان يدفن في القبر رجلان أو ثلاثة وقال: قدموا أكثرهم قرآنا. وإن كان رجل وامرأة قدم الرجل مما يلي القبلة، والمرأة خلفه اعتبارا بحال الحياة. وقال المرداوي في الإنصاف: ولا يدفن فيه اثنان إلا لضرورة وكذا قال ابن تميم، والمجد، وغيرهما، وظاهره التحريم إذا لم يكن ضرورة وهو المذهب نص عليه وجزم به أبو المعالي وغيره وقدمه في الفروع وغيره. وقال الشمس الرملي رحمه الله في نهاية المحتاج: ولا يدفن اثنان في قبر أي لحد وشق واحد ابتداء بل يفرد كل ميت بقبر حالة الاختيار للاتباع، ذكره في المجموع وقال إنه صحيح، فلو دفنهما ابتداء فيه من غير ضرورة حرم كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى، وإن اتحد النوع كرجلين أو امرأتين أو اختلف، وكان بينهما محرمية ولو أما مع ولدها وإن كان صغيرا، أو بينهما زوجية، أو مملوكية كما جرى عليه المصنف في مجموعه تبعا للسرخسي، لأنه بدعة وخلاف ما درج عليه السلف، ولأنه يؤدي إلى الجمع بين البر التقي والفاجر الشقي، وفيه إضرار بالصالح بالجار السوء. فإن كان حصل ذلك منكم جهلا فلا شيء عليكم ونسأل الله أن يعفو عنكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1425(11/12694)
حل العقد من عند رأس الميت ورجليه مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ما يدعى بفك الوحدة للميت بعد دفنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مراد السائل حل العقد التي يربط بها الكفن بعد دفن الميت، فإنه لا حرج في فكها، بل هي مطلوبة عند بعض أهل العلم.
وقد روى ابن أبي شيبة في المصنف عن الضحاك أنه أوصى أن تحل عنه العقد، ويبرز وجهه من الكفن، وقد روى أبو داود وعبد الله بن أحمد أن الإمام أحمد كان يأمر بحل عقد الكفن، وقد نص فقهاء الحنابلة على استحبابه.
قال ابن قدامة في المغني: وأما حل العقد من عند رأسه ورجليه فمستحب، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أدخل نعيم بن مسعود القبر نزع الأخلة بفيه، وعن ابن مسعود وسمرة بن جندب نحو ذلك.
وهذا الحديث الذي استدل به ابن قدامة رواه البيهقي وابن أبي شيبة، وضعفه الألباني في الضعيفة.
وقد استدل البهوتي في كشاف القناع والرحيباني في مطالب أولي النهى لحل العقد بما روى الأثرم عن ابن مسعود قال: إذا أدخلتم الميت اللحد فحلو العقد.
هذا إذا كان مراد السائل ما ذكرنا، فإن كان مراده غير ذلك فليبينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1425(11/12695)
الطريقة المطلوبة شرعا في دفن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الطريق الصحيحة في دفن الموتى، وهل لهم قبلة مخصوصة، نرجو التوضيح بالتفصيل مع الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة والإجماع، وإن كانت توجد صور موضحة لذلك نرجو إرسالها في الإجابة إن أمكن ذلك مع خالص الشكر؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطريقة المطلوبة شرعا لدفن الميت مفصلة في الفتوى رقم: 504.
أما الجهة التي يوجه نحوها وجه الميت فهي جهة الكعبة المشرفة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن البيت الحرام: قبلتكم أحياء وأمواتا. رواه أبو داود وحسنه الشيخ الألباني، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 11702.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(11/12696)
لا يتصور الجهل بوجوب دفن السقط
[السُّؤَالُ]
ـ[أجهضت وأنا في الشهر السادس بالبيت، ورميت بالجنين بالقمامة بجهل مني وعلمت بعد ذلك بضرورة دفنه وتكفينه هل علي إثم من ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن السقط إذا استبانت خلقته يجب دفنه، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 26940 وما وقع منك من إلقاء هذا السقط في القمامة وعدم دفنه خطأ يجب عليك التوبة منه، إذ لا يتصور الجهل بوجوب دفنه ممن يعيش في ديار الإسلام، بل كان من الواجب عليك سؤال أهل العلم قبل الإقدام عليه، لاسيما مع توافر العلماء، ويُسر سبل الاتصال بهم، ثم إن هذا الإجهاض إن تم بلا قصد منك فلا شيء عليك.
وإن تم بقصد وتعمد، فانظري الفتوى رقم: 2016
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1424(11/12697)
من أحكام الهيكل العظمي بعد الاستغناء عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب لدي هيكل عظمي كنت أستعين به في الدراسة، فما حكم تكفينه ودفنه أو إهدائه لطالب طب أو بيعه والتصدق بثمنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسبق أنه لا يجوز بيع الآدمي أو جزء منه في الفتوى رقم: 632 - لأنه لا يملك، وما لا يملك فلا يصح بيعه ولا هبته ولا إهداؤه، وإنما جاز استخدام جثة الميت أو جزء من أجزائه للمصلحة الشرعية المعتبرة كما وضحنا ذلك في الفتوى رقم:
6777، والفتوى رقم: 30237.
ونقل هذه الجثة أو الهيكل لمن ينتفع بها لنفس الغرض لا حرج فيه، فإن استغني عن هذه الجثة أو ذلك الهيكل، فإن كانت لمسلم لم يصلَّ عليه غسل وكفن وصلي عليه، وإن كانت من ذمي كفن ودفن، وإن كانت من غيرهما فتوارى بالتراب حتى لا يتضرر منها الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(11/12698)
دفن السقط أم حرقه
[السُّؤَالُ]
ـ[سقط نزل عمره ثلاثة أشهر ما حكم دفنه مع العلم أن الدفن يكلفنا مبلغا كبيرا ألا يمكن أن ندفنه بغير طريقة البلاد التي نعيش فيها (أوروبا) وقد أخبرنا المستشفى أن السقط إن لم يدفن فسيحرق ثم يلقى به في مقابرهم. يمكن أن نحاول ذر رماده في مقابر المسلمين إن أمكن وإلا فلا؟ أفتونا وجزاكم الله كل خير وبارك الله فيكم.. رجاء مثل هذه المسائل التي لا نجد لها مجالا في كتب الفقه الموجودة أين نجدها؟ وكيف نجيب الناس عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف بين جمهور الفقهاء في أن السقط إذا استبان بعض خلقه أنه يجب أن يدرج في خرقة ويدفن.
ولا شك أن السقط بعد الأشهر الثلاثة تتبين خلقته، فعلى هذا فإنه يجب دفنه، لأن في ذلك إكراماً له، فلا يلقى على وجه الأرض تأكله السباع والطيور.
ويتعلق الوجوب بأولياء هذا السقط، فيبذلون المال من أجل هذا الإكرام بالدفن، ولا يستكثر ما يدفع من أجله من المال، وإذا عجزوا عن ذلك فليستعينوا بالجمعيات الخيرية والمراكز الإسلامية الموجودة في تلك البلاد، ولا يجوز أن يُمكَّن الكفار من حرقه لأن في ذلك امتهاناً لكرامته.
هذا إن أمكن دفع المبلغ المطلوب، وإلا فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
وفي ختام هذا الجواب فإننا ننبه السائل إلى أن الأحكام التي تتعلق بالسقط متوفرة في كتب فقهائنا، كما أننا نعتذر إليه لتأخر الإجابة، وذلك بسبب إجازة عطلة عيد الفطر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(11/12699)
كيف يوجه المحتضر والميت في قبره وعند الصلاة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[1- كيف يوجه المتوفى أثناء الاحتضار والتغسيل وصلاة الجنازة والدفن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب الحنفية والمالكية والصحيح من مذهب الشافعية والحنابلة أن الميت يستحب توجيهه عند احتضاره إلى القبلة على شقه الأيمن، فإن لم يقدر فعلى ظهره ورجلاه إلى القبلة.
ولم يصح حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، كما قال الشيخ الألباني في أحكام الجنائز.
لكن جاءت آثار عن بعض الصحابة والتابعين في ذلك، منها ما رواه ابن أبي شيبة أن عمر قال لابنه حين حضرته الوفاة: إذا حضرت الوفاة فاصرفني.
وما رواه أيضاً عن إبراهيم النخعي أنه قال: كانوا يستحبون أن يوجه الميت القبلة إذا حضر. وأما عند تغسيله فلا يستحب توجيهه إلى القبلة، وإنما يوجه بالكيفية التي تسهل غسله وتنظيفه.
وأما في اللحد فمذهب الأئمة الأربعة وغيرهم أنه يوضع على شقه الأيمن، ووجهه إلى القبلة، كتوجيهه عند الاحتضار، وأما عند الصلاة عليه فإن الإمام يقف عند رأس الرجل، ووسط المرأة، والأفضل أن يكون على شقه الأيمن موجها إلى القبلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1422(11/12700)
الهيئة التي يوضع عليها الميت في قبره
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم كيف ينام الإنسان فى القبر؟ هل رأس الإنسان أثناء النوم ناحية القبلة أم رجلاه؟ بحيث عندما يبعث يقوم من نومه ويكون جالسا ووجهه أمام القبلة؟ أثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيدفن الميت في قبره على شقه الأيمن موجهاً وجهه إلى القبلة، وهذه الكيفية هي التي جرى عليها عمل المسلمين من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه من بعده رضي الله عنهم ما يخالف ذلك، روى البخاري والنسائي والترمذي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: " أيهم أكثر أخذاً للقرآن" فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد..
فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما اضطر إلى دفن أكثر من واحد في القبر قدم إلى القبلة أكثرهم أخذاً للقرآن، وهذا الحديث دل على أنهم يوجهونهم على جنوبهم. قال الشافعي في الأم في مثل هذه الحالة (ويكون الذي للقبلة أفضلهم وأسنهم) انتهى. فالحاصل أن الذي يوجه إلى القبلة هو الوجه لا الرأس ولا الرجلان، وأن الهيئة التي يكون عليها الميت هي هيئة المضجع على شقه الأيمن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(11/12701)
الترغيب بالدفن بجوار أهل الصلاح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الميت إذا دفن بجانب ميت يعذب يرى ذلك ويتأذى منه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأمور التي تحدث لأهل القبور من الأمور الغيبية التي لا يجزم بشيء فيها دون الاعتماد على نص من نصوص الوحي الثابتة في هذا الشأن.
وقد رغب أهل العلم في الدفن بجوار أهل الصلاح، كما قال القرطبي والمناوي.
ويستأنس لذلك بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دفن عثمان بن مظعون ووضع عند رأسه حجرا، وقال: أتعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي. رواه أبو داود، وحسنه الألباني.
وقال صاحب الكفاف:
والدفن بين الصلحا وصى خبر به وعن جوار الأشرار زجر.
وقد روى الحاكم في المستدرك: أنه لما توفيت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألحقوها بسلفنا الخير: عثمان بن مظعون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(11/12702)
دفن المسلم في بلاد الكفر.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيم فى إيطاليا منذ ما يقرب من 25 عاما أنا وأسرتى.
سؤالي الأول: هل يجوز للمسلم أن يدفن فى الدولة التى مات فيها ولو كان أغلبيتها نصارى؟ مع العلم أن شحن جسد المتوفى إلى مصر يتكلف حوالى 4 ألاف يورو، أليس الحي أبقى وأولى من الميت؟
سؤالى الثانى: إذا رأيت جنازة لنصرانى ماذا أقول؟
سؤالى الثالث: هل يجوز لي أن أشارك فى جنازة جاري النصراني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في دفن المسلم ببلاد الكفار غير أنه لا يدفن في مقابرهم، ويدل لجوزاه دفن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه بالقسطنطينة، كما يدل له أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة والتابعين أنهم كانوا يحرصون على نقل الشهداء الذين استشهدو ببلاد الكفر، ولكن المسلم ينبغي له الحرص على المقام ببلاد المسلمين إن أمكنه ذلك، وهو متعين إذا خشي على نفسه وولده ضياع الدين أو الأخلاق.
وأما جنائز الكفار فقد صرح أهل العلم بمنع اتباعها. فقد قال مالك في المدونة: ولا يغسل المسلم والده الكافر ولا يتبعه ولا يدخله قبره. انتهى.
قال صاحب الإقناع: وإنما منع المسلم من اتباع جنازة الكافر وإدخاله في قبره لما فيه من التعظيم خشية الصلاة عليه وهي محرمة بنص القرآن الكريم.
ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي في القرآن عن الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم فقد قال الله تعالى: وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ. {التوبة:84} .
ولكن تجوز تعزية الكافر في ميته وتجوز زيارة الكافر المريض كما زار النبي صلى الله عليه وسلم الشاب اليهودي ودعاه إلى الله حتى أسلم كما في الحديث الذي رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1430(11/12703)
حكم من رمت على وجه أمها الميتة التراب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت أمها في الغربة منذ فتره بسيطة فذهبت هي وأخواتها لتغسيلها ودفنها ورمت على وجه أمها حفنة من التراب وهذا المنظر أثر عليها حتى الآن فكلما تتذكره تبكي وكأنها فعلت شيئا لا يجوز.
أفيدونا أثابكم الله وأود الرد بسرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإلقاؤها التراب على وجه أمها لا ندري ما الذي حملها عليه؟ فإن كانت تعتقد مشروعية ذلك فليس هذا بمشروع، وإنما المشروع أن يحثي التراب على قبر الميت ثلاث حثيات بعد دفنه، ولا إثم عليها ـ إن شاء الله ـ وكذا إن فعلته من غير قصد منها، وأما إن كانت فعلته عبثا أو استهانة بأمها وتحقيرا لها، فقد أخطأت خطئا عظيما بلا شك، وعليها التوبة إلى الله عز وجل، وعليها أن تجتهد في الاستغفار لأمها ـ رحمها الله ـ والدعاء لها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1430(11/12704)
حكم دفن الميت دون نزع العصابة التي يشد بها فمه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دفن الميت وبقيت عصابة من القماش تلف فمه تمنعه من الفتح. هل في ذلك شيء. علماً أن العصابة وضعت حول فمه لأنه عند ما توفي كان فمه شيئاً ما مفتوح؟ هذا وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب وضع العصابة من القماش أو غيره لشد فم الميت حتى لا ينفتح كما نص عليه أهل العلم.
قال النفراوي المالكي في شرح الرسالة: ويستحب شد لحييه بعصابة عريضة ويربطها من فوق رأسه لينطبق فاه.
ولا بأس في إبقائها عليه بعد دفنه، فلم نقف على من قال بإزالتها..
وقد سبق أن بينا أهم الأحكام المتعلقة بالميت في الفتويين: 8208، 110846. فنرجو أن تطلع عليها للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(11/12705)
ثواب من يحثو التراب على الميت أثناء دفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد حديث شريف للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) فيه شرح عن أجر من يرمي التراب على الميت أثناء دفنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى ابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة، ثم أتى قبر الميت فحثا عليه من قبل رأسه ثلاثاً.
وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتويين: 93547، 103607 فنرجو أن تطلع عليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1430(11/12706)
حكم دفن الميت في غير المكان الذي أوصى أن يدفن فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أوصت امرأة بأن تدفن فى مقابر معينة، وقررت الوصية عدة مرات قبل الوفاة، وهذه المقابر فيها والدتها، ولكن بعد الوفاة اكتشفنا أن هناك حالة وفاة في نفس المقابر منذ أقل من شهر، ولا يصح فتح باب القبر فدفنت في مقابر زوجها في بلد مجاور. فما الحكم الشرعى لما فعلناه؟ أرجو الرد السريع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هناك مانع من دفن هذه المرأة في المكان الذي أوصت أن تدفن فيه - كما ذكرت- فلا حرج أن تدفن في مكان آخر من مقابر المسلمين.
ولا يجوز نبش قبرها بعد ذلك أو نقلها إلى المكان الذي أوصت به، ولو زال ذلك المانع. قال العلامة خليل المالكي في المختصر مع شرحه: (وَالْقَبْرُ حَبْسٌ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يُنْبَشُ) : أَيْ يَحْرُمُ نَبْشُهُ (مَا دَامَ) الْمَيِّتُ (بِهِ) : أَيْ فِيهِ.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 63643 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1430(11/12707)
دفن الشعر والظفر وأمثال ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان: الشعر، والظفر، والدم، والحيضة، والسن، والمشيمة، والقلفة.
فأتمنى أن تشرحوا لي هذا وما مدى صحته?
وأيضا كيف يمكن أن نحصر الشعر لما فيه من تساقط في كل مكان، أو كيف يمكن دفن الدم بما أن السكن في مدن وليس في البر؟
وجزاكم الله خيرا، ونفع بكم الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت بعض الآثار في الأمر بدفن الشعر، والظفر، والدم، والسن، والقلفة، والمشيمة، وهذه الآثار وإن كانت ضعيفة لكن مضمونها موافق لما دلت عليه نصوص الوحي من القرآن والسنة من حرمة الآدمي وكرامته. وسبق بيان ذلك في الفتوى: 9187.
وإذا لم يوجد مكان يدفن فيه الدم أو غيره، فيمكن أن يتخلص منه بجعله في المجاري، والبواليع، أو غيرها، مما يجعله يختفي عن أعين الناس، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن الزبير أن يريق دمه صلى الله عليه وسلم في مكان لا يراه أحد، كما في الفتوى المشار إليها.
وأما ما تساقط من الشعر.. فمما لا يمكن جمعه أو تتبعه، أو يصعب ذلك، فلا حرج في تركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1430(11/12708)
دفن آدم عليه السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[من دفن سيدنا آدم عليه السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في قصص الأنبياء أن الملائكة هم الذين دفنوا آدم - عليه السلام-، وجاء في مسند الإمام أحمد: أن آدم عليه السلام لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني إني أشتهي من ثمار الجنة فذهبوا يطلبون له‘ فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون أو ما تريدون وأين تذهبون؟ قالوا: أبونا مريض فاشتهى من ثمار الجنة، قالوا لهم: ارجعوا فقد قضي قضاء أبيكم، فجاؤوا، فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم، فقال: إليك إليك عني، فإني إنما أوتيت من قبلك خلي بيني وبين ملائكة ربي تبارك وتعالى، فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه وحفروا له وألحدوا له وصلوا عليه، ثم دخلوا قبره فوضعوه في قبره، ووضعوا عليه اللبن ثم خرجوا من القبر ثم حثوا عليه التراب، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم. وإسناده ضعيف كما قال شعيب الأرنؤوط.
وقال عنه صاحب مجمع الزوائد رجاله رجال الصحيح غير عتبه بن ضمرة وهو ثقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1429(11/12709)
حكم إخراج القطن من فم الميت بعد وضعه في القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إخراج القطن من فم الميت بعد وضعه في القبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن الأصل أن القطن لا يجعل في فم الميت، لأن ذلك لم يثبت له دليل في الشرع، لكن بعض بعض الفقهاء استحبوا فعله إن خيف خروج شيء من الميت.
قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وإن خيف خروج شيء كدم من منافذ وجهه كفمه وأنفه فلا بأس أن يحشى بقطن دفعاً لتلك المفسدة. انتهى.
وفيما يخص موضوع سؤالك فإن إخراج القطن من فم الميت بعد وضعه في القبر ليس مما تدعو إليه المصلحة، بل هو إلى المفسدة أقرب، وبالتالي فلا نرى إباحته، خصوصاً أن أهل العلم قد ذهب الكثير منهم إلى كراهة الكشف عن أي جزء من أجزاء الميت معللين بأن: المرض والموت يغيران من محاسن الحي المعهودة، فإذا رآه من لا علم له ظن به ظن السوء، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 25675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(11/12710)
دفن المرأة بعد صلاة العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما سبب عدم دفن المرأة بعد صلاة العصر؟ ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم مانعا يمنع من دفن المرأة بعد صلاة العصر، وإنما الوارد في الحديث الذي رواه مسلم وغيره النهي عن الدفن في ثلاث ساعات: ومنها حين تضيف الشمس للغروب أي حين تميل للغروب، ومعناه كما قال النووي رحمه الله وغيره: كراهة تعمد تأخير الدفن إلى هذا الوقت، وهذا لا يختص بالمرأة بل الرجل والمرأة فيه سواء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(11/12711)
الجهة التي يوجه إليها الميت في قبره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قول الاسلام فى اتجاه المقابر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم الإسلام في اتجاه المقابر أن تكون متجهة إلى جهة القبلة، وأن يوضع الميت على شقه الأيمن، ووجهه إلى القبلة كتوجيهه عند الاحتضار.
وذلك لما رواه أبو داوود والحاكم وغيرهما أن رسول الله- صلى عليه وسلم- قال: البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا. حسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(11/12712)
حثو التراب في القبر ثلاثا بعد اكتمال وضع الميت فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[جرت العادة عندنا في حال دفن الميت أن نسمع عبارة تباركوا بعمل ثلاث حثيات من التراب على القبر، فهل لهذا أصل شرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
حثو التراب في القبر ثلاثاً بعد اكتمال وضع الميت فيه مستحب لورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة وبعض الأئمة والفقهاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود هو السؤال عن حكم حثو التراب في القبر ... فالجواب: إن حثو التراب في القبر ثلاثاً بعد اكتمال وضع الميت فيه مستحب، وهو وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة وبعض الأئمة، قال ابن قدامة في المغني: روي عن أحمد أنه حضر جنازة، فلما ألقي عليها التراب، قام إلى القبر فحثا عليه ثلاث حثيات، ثم رجع إلى مكانه وقال: قد جاء عن علي وصح، أنه حثى على قبر ابن مكفف. وروي عنه أنه قال: إن فعل فحسن، وإن لم يفعل فلا بأس. ووجه استحبابه ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ثم أتى قبر الميت من قبل رأسه فحثا عليه ثلاثاً. أخرجه ابن ماجه. وعن عامر بن ربيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على عثمان بن مظعون فكبر عليه أربعاً، ثم أتى القبر فحثا عليه ثلاث حثيات وهو قائم عند رأسه. رواه الدارقطني. وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حثا على الميت ثلاث حثيات بيديه جميعاً. أخرجه الشافعي في مسنده. وفعله علي رضي الله عنه، وروي عن ابن عباس أنه لما دفن زيد بن ثابت حثا في قبره ثلاثاً، وقال: هكذا يذهب العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(11/12713)
دفن الجنازة مقدم على صلاة النافلة البعدية ويجب إذا خشي تغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ترك سنة الصلاة البعدية من أجل الإسراع بدفن الميت. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الظاهر أن الإسراع بدفن الجنازة مقدم على السنة البعدية إذا أمن تغير الجنازة وإلا قدمت وجوبا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من السنة التعجيل بدفن الجنازة بعد اكتمال تجهيزها، والظاهر أن الإسراع بدفن الجنازة مقدم بدليل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإسراع بذلك، ولأن وقت الراتبة فيه متسع بل إنها تقضى عند بعض الفقهاء، ولأن الجنازة تقدم على الكسوف والعيد، قال النووي في المجموع: ولو اجتمع جنازة وكسوف أو عيد قدم الجنازة؛ لأنه يخاف تغيرها، قال أصحابنا: ويشتغل الإمام بعدها بالصلاة الأخرى ولا يشيعها، بل يشيعها غيره، فإن لم تحضر الجنازة أو أحضرت ولم يحضر الولي أفرد الإمام جماعة ينتظرونها، واشتغل هو والناس بالصلاة الأخرى، ولو حضرت جنازة وجمعة ولم يضق الوقت قدمت الجنازة بلا خلاف، نص عليه، انتهى.
وجاء في الدر المختار ما معناه أن صلاة الجنازة تقدم على سنة المغرب وغيرها. وفي رد المحتار على الدر المختار في الفقه الحنفي: ولو اجتمع عيد وكسوف وجنازة ينبغي تقديم الجنازة، وكذا لو اجتمعت مع فرض وجمعة ولم يخف خروج وقته. إلى ان قال: إذا اجتمع الكسوف والجنازة بدئ بالجنازة لأنها فرض وقد يخشى على الميت التغير. انتهى.
هذا إذا لم يخش التغير وإلا فإن التعجيل بالدفن مقدم وجوبا على السنة البعدية نظرا لوجوب مراعاة حرمة الميت، ولأن السنة الراتبة غير واجبة والواجب مقدم على السنة.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 66120.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1428(11/12714)
لا يؤخر دفن الميت من أجل قضاء ديونه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الواجب عمله عند وفاة شخص ما ويوجد من يقول إنه مدين له، هل يؤجل دفنه حتى يأتي بالدليل أم يدفع له الدين دون انتظار دليل؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبعد التحقق من خروج روح الميت تشرع المبادرة بتجهيزه من غسل وتكفين ودفن، ولا يؤخر دفنه لأجل قضاء دين عليه.
لكن تنبغي أيضا المبادرة بقضاء دينه فذلك مقدم قبل قسمة التركة، ومن ادعى دينا على ميت فلا بد من إتيانه ببينة تثبت حقه وإلا فلا يلزم إعطاؤه لأن الأصل براءة الذمة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 66120، 6159، 21217.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1428(11/12715)
حكم دفن الأدوات المستعملة في تغسيل الميت معه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسركم عما يلي
يقومون عندنا بدفن ما تبقى من الأدوات التي استعملت لتغسيل الميت كالخرق أو الليف التي استعملت لغسل جسم الميت بها وأيضا ما تبقى من الصابون.... وغيرها مع الميت في قبره لا أدري صراحة لماذا، ولكن قالوا لي لكي لا يستعملها أحد ما في أعمال السحر، ويقولون إذا لم تدفن معه يجب أن تحرق فهل ورد من شيء في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دليل يقول بدفن الأدوات والأشياء التي استعملت في تغسيل الميت، والظاهر أن هذا غير مشروع لأنه لو كان مشروعا لنقل، ولأن فيه إضاعة للمال، ولكن استحب العلماء أن يدفن مع الميت ما سقط من شعره وأظافره وأجزاء جسمه. قال البهوتي في كشاف القناع وهو حنبلي المذهب: روى أحمد في مسائل صالح عن أم عطية قالت: تغسل رأس الميتة فما سقط من شعرها في أيديهم غسلوه ثم ردوه في رأسها، ولأن دفن الشعر والظفر مستحب في حق الحي، ففي حق الميت أولى.
وقد استحب بعض الفقهاء أيضا دفن الشعر والأظافر لئلا يستخدمها السحرة في سحرهم، ولكن هذ خاص بالأحياء كما هو ظاهر، فإن الذي يتضرر بالسحر هو الحي لا الميت، وانظر الفتوى رقم: 25693.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1428(11/12716)
هل تنفذ وصية الأم بأن تدفن مع والديها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي دائماً تقول إن وصيتها لنا عند وفاتها يكون دفنها مع والديها أي نفتح القبر ونضعها معه، علماً بأن والديها متوفيان من أكثر من 40 سنة والمكان الذي تريد الدفن فيه بعيد، مع العلم بأن والدي أي زوجها مدفون فيه ولها ابن مدفون في مكان آخر ولا أعرف، لماذا تصر على هذه الوصية (ربنا يطول في عمرها إن شاء الله) ، ما هو الشرع في فتح القبور ودفن آخرين مع الموتى؟، هل يجوز إذ لم نلب وصيتها هذه، فأرجو أن تفيدوني؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من نقل الميت من المكان الذي مات فيه إلى مكان آخر ليدفن فيه إذا كان النقل لغرض شرعي معتبر، وكان النقل على وجه لائق بالميت ولم يخش عليه تغيير ... وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 4003.
وأما فتح القبر ووضع ميت آخر فوقه أو معه فلا يجوز لما فيه من انتهاك حرمة الموتى، وسبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23194، 61413، 49313، نرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
وبناء على ما ذكرنا، فلا مانع من نقل والدتكم إلى المكان الذي أوصت به ما لم يترتب على نقلها ضرر أو مشقة، ولا مانع من دفنها مع أبيها في قبر منفصل عن قبره، ولا يجوز فتح قبر أبيها ولا دفنها معه فيه، أما إذا ترتب على نقلها ضرر أو مشقة فإنها تدفن في أقرب مقبرة من مقابر المسلمين، لأن الضرر يزال، والمشقة تجلب التيسير كما قال أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1428(11/12717)
حكم تلقين الميت بعد الموت قبل دفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[وصلني هذا الموضوع أكثر من مرة وبحثت عنه في موقعكم فلم أجد له أثرا يصدقه أو يكذبه، فآمل أن أجد عندكم جوابا عليه، وجزاكم الله خيرا.
يوم نام إبراهيم ابن الرسول عليه الصلاة والسلام في حضن أمه مارية وكان عمره ستة عشر شهراً والموت يرفرف بأجنحته عليه والرسول عليه الصلاة والسلام ينظر إليه ويقول له:
يا إبراهيم أنا لا أملك لك من الله شيئاً. ومات إبراهيم وهو آخر أولاده فحمله الأب الرحيم ووضعهُ تحت أطباق التراب وقال له: يا إبراهيم إذا جاءتك الملائكة فقل لهم الله ربي ورسول الله أبي والإسلام ديني.. فنظر الرسول عليه الصلاة والسلام خلفهُ فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُنهنه بقلب صدع فقال له: ما يبكيك يا عمر؟
فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله: ابنك لم يبلغ الحلم ولم يجر عليه القلم وليس في حاجة إلى تلقين فماذا يفعل ابن الخطاب! ، وقد بلغ الحلم وجرى عليه القلم ولا يجد ملقناً مثلك يا رسول الله!
وإذا بالإجابة تنزل من رب العالمين جل جلاله بقوله تعالى رداً على سؤال عمر: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة ويُضلُّ الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر على ما يفيد ثبوت هذه القصة ولا نعلم أحدا من أهل العلم يقول بتلقين الميت بعد الموت قبل دفنه، وإنما ذهب بعضهم إلى مشروعية التلقين بعد الدفن، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 33657، والفتوى رقم: 34922، والفتوى رقم: 55104، والفتوى رقم: 1978. واتفقوا على مشروعية تلقينه عند الاحتضار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1428(11/12718)
حكم وضع الشعر مع الميت في قبره أو كفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرة المستشار المحترم، لي أخت توفيت وعندما كانوا يغسلونها حاولت ابنتها أن تقص من شعرها لتضعه في كفن أمها ومنعناها، لكن بعد أن كفنت ودفنت قالت لي ابنتها إنها وضعت خصلة من شعرها في كفن أمها، فهل يجوز ذلك، وهل تعاقب ابنتها، علماً بأنها كانت في وضع سيء بسبب وفاة أمها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوضع الشعر مع الميت في قبره أو كفنه ليس من السنة، بل هو أمر محدث سواء كان الشعر لأحد أقارب الميت أو لغيره، ولا يستفيد الميت من هذا الشعر شيئاً ولا ينفعه إلا عمله برحمة الله تعالى، فينبغي للبنت المشار إليها أن تستغفر الله تعالى وتبتعد عن مثل هذه الأفعال، وللفائدة نحيلها للفتوى رقم: 18806 حول كيفية بر الوالدين بعد وفاتهما، وكذلك الفتوى رقم: 25972، والفتوى رقم: 25217.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(11/12719)
حثو التراب في القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: يقوم عدد من الشباب في بلادنا عند وضع التراب على الميت، بأخذ حفنات من التراب ورميها على القبر ثلاث مرات، نأمل منكم إعطاءنا حديثا إن وجد عن ذلك، مع العلم بأنه تحدث زحمة عند قيامهم بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى ابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ثم أتى قبر الميت فحثا عليه من قبل رأسه ثلاثاً.
وروى الدارقطني وغيره أحاديث أخرى تؤيد هذا، وورد هذا عن علي رضي الله عنه أنه فعله، قال ابن قدامة في المغني: روى عن أحمد أنه حضر جنازة فلما ألقي عليه التراب قام إلى القبر فحثا عليه ثلاث حثيات، ثم رجع إلى مكانه، وقال: قد جاء عن علي وصح أنه حثا على قبر ابن مكفف.. ووجه استحبابه.... وذكر حديث ابن ماجه.اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1428(11/12720)
فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في التلقين
[السُّؤَالُ]
ـ[نص الرسالة: جزاكم الله خيرا على جهودكم وجعلها في ميزانكم، قلتم في جواب السؤال (562) : ويستحب تلقين الميت عقب دفنه وقد بينا ذلك في الفتوى رقم 14052 ... انتهى http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Option=FatwaId&Id=562 وعليه ملاحظات: 1. الرابط للإحالة لايعمل. 2. ليس هو الرقم الصحيح. 3. في جواب آخر - ويبدو أنه هو الذي ينبغي أن يحال عليه - (1978) قلتم: فتلقين الميت بعد دفنه ليس واجباً بالإجماع، ولا كان من عمل المسلمين المشهور بينهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، بل ذلك مأثور عن عددٍ من الصحابة: كأبي أمامة، ووائلة بن الأسقع، فمن الأئمة من رخص فيه كالإمام أحمد، وقد استحبه طائفة من أصحابه، وأصحاب الشافعي، ومن العلماء من يكرهه لاعتقاده أنه بدعة. فالأقوال فيه ثلاثة: الاستحباب، والكراهة، والإباحة، وهذا أعدل الأقوال. انتهى http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=1978&Option=FatwaId فجاء في جواب أنه " مستحب " وفي آخر " مباح "! ومع أننا نخالفكم في كونه مباحا إلا أننا نحترم رأيكم ونثق بعلمكم ولا نحب أن نرى نقصا أو تناقضا في موقعكم، والذي هو موقعنا جميعا، ولذا أراسلكم باستمرار وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على هذه الملاحظات التي لا شك أنها لا تخلو من الإصابة، ونحن إذ نعتذر عنها للقارئ الكريم، لنتعزى فيها بأن العمل البشري لا يخلو من النقص، فقد قال الله تعالى: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا {النساء:82} ، وقال أحد الشعراء:
فمن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه.
وفي ما يتعلق بالرد على الملاحظات نقول:
1. إن كون الرابط لا يعمل هو خلل فني من القائمين على تفعيل الإحالات، وأمره خفيف؛ لأن الشخص يمكنه أن يدخل على الفتوى مباشرة بكتابة الرقم الذي يحيل عليها.
2. إ ن الرقم الذي أحلنا عليه ليس هو الرقم المناسب، وجئت أنت -مشكورا- برقم أنسب منه، فهذه الملاحظة وإن كان لها نصيب من الصحة، إلا أنك لو تأملت قليلا لعلمت أن الباحث قد أوفى الإجابة حقها، وبالتالي فما يحيل عليه من أرقام هو للفائدة فقط.
3. وعن الملاحظة الثالثة فإننا ننقل لك نص فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في التلقين حيث قال: هذا التلقين المذكور قد نقل عن طائفة من الصحابة: أنهم أمروا به, كأبي أمامة الباهلي وغيره, وروي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه مما لا يحكم بصحته; ولم يكن كثير من الصحابة يفعل ذلك, فلهذا قال الإمام أحمد وغيره من العلماء: إن هذا التلقين لا بأس به، فرخصوا فيه ولم يأمروا به. واستحبه طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وكرهه طائفة من العلماء من أصحاب مالك وغيرهم. والذي في السنن {عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقوم على قبر الرجل من أصحابه إذا دفن ويقول: سلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل} , وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لقنوا أمواتكم لا إله إلا الله} . فتلقين المحتضر سنة مأمور بها. وقد ثبت أن المقبور يُسأل ويمتحن, وأنه يؤمر بالدعاء له; فلهذا قيل: إن التلقين ينفعه فإن الميت يسمع النداء. كما ثبت في الصحيح {عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنه ليسمع قرع نعالهم} وأنه قال: {ما أنتم بأسمع لما أقول منهم} , وأنه أمرنا بالسلام على الموتى. فقال: {ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله روحه حتى يرد عليه السلام} .
فإذا تأملت هذه الفتوى علمت أن الفتاوى التي أشرت إليها ليست متناقضة، وإنما ورد فيها ما يوهم التناقض بسبب عدم ورودها في مورد واحد. وربما أيضا بسبب أن المسألة لم يحسم النزاع فيها بين أهل العلم.
وعلى أية حال، فإنا نرحب بما أبديتَه من ملاحظات، ولا شك في أننا سننتفع بها في المستقبل إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(11/12721)
حكم من أوصى أن يدفن ببلده
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد مات شخص مسلم رحمه الله, وأسكنه الله فسيح جناته.. آمين، مات بأوروبا وبلده الأصلي بلد إسلامي, هل يصلى عليه بأوروبا وببلده, وهل يدفن ببلده مع العلم أنه أمر أهله بذلك، ماهي أحسن الوصايا التي أوصيها لأهلي وأصدقائي في حال موتي؟ جعلنا الله وإياكم من أصحاب جنته.. آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نقل الميت ودفنه في بلد بعيد عن البلد الذي توفي به مختلف فيه بين أهل العلم، والراجح جوازه عندما تكون هناك مصلحة في نقله، ولا سيما إذا كان أوصى به، ويمكن أن يصلى على الميت بمحل موته، كما يمكن أن يصلى عليه في المكان الذي يدفن به، والأولى عدم تكرار الصلاة عليه، والراجح أنه غير ممنوع.
وأما الوصية الشرعية فأحسنها ما أديت فيه الحقوق الواجبة كديون الميت، وحقوق الله عليه، ومثلها ما له من الحقوق كما له من الدين على الناس، إضافة وصية أهله بالتقوى ووصيته للفقراء والمساكين، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية للاطلاع على المزيد وبعض الأدلة في الموضوع: 48596، 3647، 29972، 34352، 26022، 46498، 54552، 71487.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1427(11/12722)
نقل الميت من بلد إلى آخر ليدفن مع أقاربه
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوه في الشبكة الاسلامية لكم جزيل الشكر على هذا الموقع الرائع بروعتكم ونتمنى لكم مزيدا من التقدم والازدهار لخدمة الدين الإسلامى والعالم العربى.
إخوتي لدىَّ سؤال أحارني فترة من الزمن وأنا أبحث عن إجابة له فهلا أجبتموني؟
السؤال هو: نحن نسكن في قرية تقرب من عاصمة وطننا الكبير وعادة ما نأتي بمرضانا إلى مراكز العاصمة للعلاج وعادة تحصل الوفاة في العاصمة فهل يجوز لنا حمل الجنازه إلى قريتنا ودفنها في القرية؟ وهل يجوز دفن الميت مع أقاربه حيث تسود هذه المقوله عندنا (دفن الميت مع أهله وإن كان أهل يبعدون منه) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقل الميت من بلد لآخر قبل الدفن محل خلاف بين أهل العلم، فعند المالكية يجوز نقله إذا لم يترتب على ذلك انتهاك لحرمته ولا أذية ولا تغير، ففي فتح العلي المالك للشيخ محمد عليش وهو مالكي: وفي شرحي المجموع، وجاز نقل الميت من موضع لآخر قبل الدفن أو بعده إن لم يهتكه أي لم يخل النقل بحرمة الميت، ويؤذه، فإن هتكه وأخل بحرمته وآذاه حرم النقل قبل الدفن، ابن حبيب لا بأس أن يحمل الميت من البادية إلى الحاضرة، ومن موضع لآخر مات سعيد بن زيد، وسعد بن أبي وقاص بالعقيق فحملا للمدينة، ورواه ابن وهب، وروى لا بأس به للمصر إن قرب. انتهى
وعند الحنابلة يكره نقله لغير حاجة ففي الإنصاف للمرداوي وهو حنبلي: وقال في الكافي: (وحمل الميت إلى غير بلده لغير حاجة مكروه) ويجوز نقل غيره أطلقه الإمام أحمد قال في الفروع: والمراد وهو ظاهر كلامهم إن أمن تغيره، وذكر المجد إن لم يظن تغيره. انتهى، ولا ينقل إلا لغرض صحيح كبقعة شريفة ومجاورة صالح. انتهى
وعند الحنفية يكره نقله إلى ما زاد عن مسافة ميلين ففي شرح السير الكبير للسرخسي وهو حنفي: قال: ولو نقل ميلا أو ميلين أو نحو ذلك فلا بأس به، وفي هذا بيان أن النقل من بلد إلى بلد مكروه، لأنه قدر المسافة التي لا يكره النقل فيها بميل أو ميلين، وهذا لأنه اشتغال بما لا يفيد (62ب) فالأرض كلها كفات للميت، قال الله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا {المرسلات: 25 ـ 26} إلا أن الحي ينتقل من موضع إلى موضع لغرض له في ذلك، وذلك لا يوجد في حق الميت، ولو لم يكن في نقله إلا تأخير دفنه أياما كان كافيا في الكراهة. انتهى
وللشافعية قولان بالحرمة والكراهة ففي نهاية المحتاج ممزوجا بالمنهاج وهو شافعي (ويحرم) (نقل الميت) قبل دفنه من بلد موته (إلى بلد آخر) وإن أمن تغيره لما فيه من تأخير دفنه المأمور بتعجيله وتعريضه لهتك حرمته، وتعبيره بالبلد مثال فالصحراء كذلك، وحينئذ فينتظم كما قاله الإسنوي منها أربع مسائل، ولا شك في جوازه في البلدين المتصلين أو المتقاربين لا سيما والعادة جارية بالدفن خارج البلد، ولعل العبرة في كل بلدة بمسافة مقبرتها، أما بعد دفنه فسيأتي (وقيل يكره) لعدم ما يدل على تحريمه (إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس نص عليه) إمامنا رضي الله عنه، وإن نوزع في ثبوته عنه، إذ من حفظ حجة على من لم يحفظ لفضلها. انتهى
ويجوز دفن الميت مع أقاربه ففي شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل (و) جاز (نقل) الميت قبل الدفن وكذا بعده من مكان إلى آخر بشرط أن لا ينفجر حال نقله، وأن لا تنتهك حرمته، وأن يكون لمصلحة كأن يخاف عليه أن يأكله البحر أو ترجى بركة الموضع المنقول إليه أو ليدفن بين أهله أو لأجل قرب زيارة أهله. انتهى فهذه أقوال أهل العلم في المسألة، لكن المقولة التي ذكرتها لم نقف على ما يدل على ثبوتها، بل إن نقل الميت من بلد لآخر ليدفن مع أقاربه ينطبق عليه حكم هذه المسألة عموما، وقد بينا أن النقل قبل الدفن إذا لم يترتب عليه انتهاك لحرمة الميت جائز عند المالكية، مكروه عند الحنابلة لغير حاجة، كما يكره عند الحنفية إذا زادت المسافة عن ميلين، وللشافعية قولان بالحرمة والكراهة.
وبناء على هذا فنقول إن الأولى أن لا ينقل الميت من البلدة التي مات فيها خروجا من هذا الخلاف، إضافة إلى ما يترتب على نقله من تأخير دفنه وذلك مخالف لما أمر به الشارع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1427(11/12723)
حكم دفن شخصين في قبر واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفن رجل أجنبي في قبر امرأة متوفاة منذ عشرين عاماً، وفي حال حصول هذا الأمر بماذا يجب أن نقوم، مع العلم بأن الشخص قد دفن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز دفن شخصين في قبر واحد إلا لضرورة سواء كانا رجلين أو امرأتين أو رجل وامرأة، وسواء كانت بينهما محرمية أو كانا أجنبيين ما لم يبلى الميت الأول، ومرجع ذلك إلى أهل الخبرة كما سيأتي، قال المرداوي في الإنصاف: ولا يدفن فيه اثنان إلا لضرورة، وكذا قال ابن تميم، والمجد وغيرهما، وظاهره التحريم إذا لم يكن ضرورة، وهو المذهب، نص عليه وجزم به أبو المعالي وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقال الشمس الرملي رحمه الله في نهاية المحتاج: ولا يدفن اثنان في قبر -أي لحد وشق واحد- ابتداء، بل يفرد كل ميت بقبر حالة الاختيار للاتباع، ذكره في المجموع وقال إنه صحيح، فلو دفنهما ابتداء فيه من غير ضرورة حرم كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى، وإن اتحد النوع كرجلين أو امرأتين أو اختلف، وكان بينهما محرمية ولو أماً مع ولدها وإن كان صغيراً، أو بينهما زوجية، أو مملوكية كما جرى عليه المصنف في مجموعة تبعا للسرخسي، لأنه بدعة وخلاف ما درج عليه السلف، ولأنه يؤدي إلى الجمع بين البر التقي والفاجر الشقي، وفيه إضرار بالصالح بالجار السوء. انتهى.
وقال ابن حجر الهيتمي في شرح المنهاج: ويحرم إدخال ميت على آخر، وإن اتحدا قبل بلي جميعه.... إلى أن قال: ويرجع فيه لأهل الخبرة بالأرض، ولو وجد عظمه قبل كمال الحفر طمسه وجوبا ما لم يحتج إليه.
وما دام أنه قد تم الدفن فلا ينبش إذا كان قد تغير جسد الميت، قال ابن قدامة رحمه الله: إن تغير الميت، لم ينبش بحال. وقال النووي رحمه الله تعالى: إن تغير الميت وكان في نبشه هتك لحرمته لم ينبش وإلا نبش. أي عند وجود السبب المبيح للنبش.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1427(11/12724)
دفن الزوجين في مقبرة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفن الزوجة مع زوجها في نفس المقبرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من دفن الزوج وزوجته في مقبرة واحدة، وأما دفنهما في قبر واحد فلا يجوز إلا لضرورة.
قال المرداوي: وهو من فقهاء الحنابلة: ولا يدفن فيه اثنان إلا لضرورة وكذا قال ابن تميم والمجد وغيرهما وظاهره التحريم إذا لم يكن ضرورة وهو المذهب نص عليه وجزم به أبو المعالي وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
وقال الشمس الرملي رحمه الله وهو من فقهاء الشافعية في نهاية المحتاج: ولا يدفن اثنان في قبر أي لحد وشق واحد ابتداء بل يفرد كل ميت بقبر حالة الاختيار للاتباع ذكره في المجموع وقال: إنه صحيح، فلو دفنهما ابتداء فيه من غير ضرورة حرم كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى: وإن اتحد النوع كرجلين أو امرأتين أو اختلف وكان بينهما محرمية ولو أمّا مع ولدها وإن كان صغيرا، أو بينهما زوجية أو مملوكية كما جرى عليه المصنف في مجموعه تبعا للسرخسي لأنه بدعة وخلاف ما درج عليه السلف، ولأنه يؤدي إلى الجمع بين البر التقي والفاجر الشقي، وفيه إضرار بالصالح بالجار السوء. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1426(11/12725)
هل يمنع من الأذان شرع فيه عند الدفن
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا إخواني هو
ما حكم الأذن على الميت عند إنزاله في القبر، وإذا كان هناك شك هل يجوز إيقاف من بدأ بالأذان في هذه الحالة ...
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأذان عند وضع الميت في القبر بدعة كما بيناه في الفتوى رقم: 38099 ومن استطاع أن يمنع المؤذن من ذلك فليفعل سواء كان المؤذن قد شرع في ذلك أم كان متهيئا للشروع فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(11/12726)
حكم الدعاء والاستغفار للميت قبل الدفن وبعده
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: الدعاء بعد صلاة الجنازة ثم بعد عملية الدفن، حدث خلاف حاد بين سكان القرية والإمام على الدعاء للميت بعد صلاة الجنازة وقبل دفن الميت، وكذلك بعد الانتهاء من عملية الدفن، فالإمام يرفض رفضا قاطعا القيام بالدعاء في هاتين الحالتين بدعوى أنها بدعة محرمة شرعا، بينما أصر السكان على أنها ليست بدعة بدعوى أن الأئمة الآخرين كانوا يقومون بها، وتطور الأمر بين الطرفين إلى حد تقديم شكوى ضد الإمام إلى الإدارة يطلبون فيها نقله من القرية، كما رفض البعض التعامل معه، فلا يصلي على جنائزهم ولا يحضر أفراحهم لعقد النكاح، وبقي الأمر كذلك حتى الآن فماذا تقولون للطرفين، نريد منكم فتوى تنير عقولنا وتهدئ أعصابنا وتنقذنا من فتنة الشيطان وتعيدنا إلى الصواب بدون التباس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء للميت بعد دفنه والاستغفار له وسؤال الله أن يرزقه التثبيت أمر مشروع، كما يدل له الحديث الذي أخرجه أبو داود عن عثمان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل. وذكر ابن القيم أنه كان من هديه القيام على القبر هو وأصحابه ويسأل الله التثبيت للميت ويأمرهم أن يسألوا له التثبيت.
وقد ذكر شيخ الإسلام أن الله تعالى نهى النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم فقال: وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ {التوبة:84} ، وذكر أن مفهوم ذلك يفيد مشروعية الصلاة على الميت قبل الدفن والقيام على قبره بعد الدفن.
وأما الدعاء للميت بالمغفرة ولأهله بالصبر والمثوبة قبل الدفن فقد نص عليه بعض أهل العلم، وذكروا أنه سنة ومنهم الشربيني في مغني المحتاج والغمراوي في السراج الوهاج والنووي في المجموع، ولكن فعله جماعياً لم يثبت عن السلف، والأولى الاقتصار على المأثور من الهدي النبوي.
هذا؛ ونوصي المسلمين جميعاً باحترام أهل العلم وأئمة المساجد، كما نوصي الأئمة بالحرص على تعليم الناس الخير وإرشادهم وتوعيتهم وتثقيفهم في دينهم وعدم التضييق عليهم فيما لم يضيق فيه الشرع، كما ننبه إلى خطورة الإتيان بالبدع والمحدثات في الدين؛ لما في الحديث: كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. رواه النسائي وصححه الألباني. وفي الحديث: إ ن الله احتجر التوبة على كل صاحب بدعة. رواه الطبراني وصححه الألباني، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 626، 10225، 45268، 16651، 33346.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1426(11/12727)
وضع حجر في فم الميت عند الدفن من الخرافات
[السُّؤَالُ]
ـ[صحيح أنه يوضع في فم الميت حجر عند الدفن؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوضع حجر في فم الميت عند الدفن خرافة لا أصل لها في الشرع، وفيها إهانة للميت، فالحذر الحذر من فعل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1426(11/12728)
الدفن فوق الأرض.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفن الجثث فوق الأرض بسبب سريان الماء تحت الأرض (في المدافن) ؟ وهل يجوز نقل الجثث الحديثة في المدافن الجديدة؟ وهل يجوز البناء فوق مكان الجثث القديمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن دفن الجثث فوق الأرض لا يجزئ عند إمكان غيره، لأنه ليس بدفن.
قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: (فصل) في الدفن وما يتبعه (أقل القبر) المحصل للواجب (حفرة تمنع) بعد طمها (الرائحة) أن تظهر فتؤذي (والسبع) أن ينبشه، وخرج بحفرة وضعه بوجه الأرض وستره بكثير نحو تراب أو حجارة، فإنه لا يجزئ عند إمكان الحفر، وإن منع الريح والسبع لأنه ليس بدفن. ..
وإذا كان محل الدفن ينبع منه الماء إذا حفر ولم يتيسر غيره، فلا مانع حينئذ من الدفن فوق الأرض، لأن نبوع الماء مما يتضرر منه الأموات.
قال النووي في المجموع: ذكر ابن قتيبة في المعارف وغيره أن طلحة بن عبيد الله أحد العشرة رضي الله عنهم دفن فرأته بنته عائشة بعد دفنه بثلاثين سنة في المنام فشكا إليها النز، فأمرت به فاستخرج طريا فدفن في داره بالبصرة. قال غيره: قال الرواي: كأني أنظر إلى الكافور في عينيه لم يتغير، إلا عقيصته فمالت عن موضعها، واخضر شقه الذي يلي النز. والنز هو: ما تحلب من الأرض من الماء.
ولا يجوز نقل الجثث بعد الدفن لغير سبب شرعي، سواء كانت حديثة أم قديمة، لكن إذا لحق بالقبر ضرر أو أذى، فإنه يجوز نبشه ودفن صاحبه في مكان آخر، ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 6779.
ولا يجوز البناء على القبور قبل أن يبلى من فيها من الأموات ويصيروا تراباً، وأما إذا صارت ترابا فيجوز الانتفاع بالمقبرة بالبناء والزراعة وسائر وجوه الانتفاع، وراجعي للتفصيل ومعرفة أقوال أهل العلم في ذلك الفتوى رقم: 19135.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(11/12729)
حكم مخالفة الوصية بالدفن في مكان معين
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الكريم
والدي توفاه الله وأوصى قبل وفاته أن يدفن بجانب والده وقبر والده ليس في مقبرة عامة للمسلمين وإنما هو وقبر آخر موجودان في أرض لنا وبجانبهما منزل أخي وشارع عام وعند وفاتة خالفنا الوصية وتم دفنه في مقبرة المسلمين الموجودة في القرية التي تشرف عليها البلدية، وسؤالي هل علينا ذنب لمخالفتنا الوصية وإن كان ذلك ما العمل، ملاحظة: قبر جدي ملاصق له شارع وربما يتم توسعة الشارع لاحقا ويؤثر على القبر ولهذا اتفقنا على دفن والدي في المقبرة ومخالفة الوصية؟ ولكم كل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الذي دفعكم إلى دفن أبيكم في المقبرة العامة وعدم دفنه في أرضكم الخاصة مع أبيه حيث أوصى بذلك هو وجود القبور بجانب الشارع ويحتمل توسعته حيث تنبش القبور، فإن هذا مبرر مقبول لعدم تنفيذ وصية الوالد، وهو الأصلح إن شاء الله تعالى، والله يجزيكم عليه الخير.
وعلى كل حال فلو لم يكن هناك مبرر وتم دفنه في مقبرة المسلمين العامة فلا يجوز نبشه بعد ذلك ونقله إلى مكان آخر لما في ذلك من منافاة احترام الميت، وللمزيد من التفصيل والفائدة والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 27731، والفتوى رقم: 44259 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(11/12730)
نقل رفات الميت إلى العظامة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في مصر المقابر غير شرعية حيث يدفن الأموات في غرف ونحن الآن في مشكلة وهى أن العين المخصصة لدفن الرجال قد امتلأت فهل يجوز لنا في حالة دفن ميت جديد أن ننقل رفات أقدم ميت إلى ما يسمى بالعظامه وهى عبارة عن فتحه مربعة صغيرة يتم تجميع الرفات داخل قماش الكفن في شكل صرة ووضعها داخل الفاتحة لاخلاء مكان لميت آخر فهل هذا يجوز وجزاكم الله خيرا 0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 25133 الحالات التي يجوز فيها نبش القبور، وأما نقل عظام الميت من قبره إلى موضع آخر لحاجة ميت جديد أو أحد الأحياء فإنه لا يجوز، لأن الموضع الذي يدفن فيه المسلم يصير وقفا عليه ما بقي منه شيء من لحم أو عظم، فإن بقي منه شيء فالحرمة باقية بجميعه. قال في المنهاج: ونبشه بعد دفنه للنقل وغيره حرام إلا لضرورة.
وبناء على ما تقدم فإنه لا يجوز نبش القبر إلا بعد غلبة الظن من أصحاب الخبرة أن صاحبه قد بلي وصار ترابا، فإذا نبش ووجد به بعض أعضاء الميت فإنه يجب دفنها ولا يجوز امتهانها وتوارى في مكانها، ويجوز عند الحاجة دفن ميت جديد إلى جانبها بأن توضع العظام في جانب القبر والميت الجديد في جانب آخر.
وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 57173.
وأما صفة القبر فقد ذكرناها في الفتوى رقم: 504
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1426(11/12731)
وجود الذباب داخل القبر بعد الدفن
[السُّؤَالُ]
ـ[وجود الذباب داخل القبر وكثرته حوله بعد الدفن على ماذا يدل ذلك؟ مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم دلالة لهذا الشيء، وعلينا أن نحسن الظن بموتى المسلمين ونترحم عليهم ونستغفر لهم بعد الدفن عملاً بما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم دفن رجلاً من الصحابة ثم قال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت. رواه الحاكم، وراجع الفتوى رقم: 8208.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/12732)
حكم إعداد غرف تحت الأرض لدفن الأموات فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الكريم هناك أحوال إجتماعية توارثتها الأجيال دون النظر إلى حكمها الشرعى وكثيرا من الأحيان يجد المرء نفسه مجبرا عليها رغم أنفه، ومنها على سبيل المثال لا الحصر المآتم باختلاف أنواعها وواقعا في شارع كانت أمك في دار مناسبات وما إلى ذلك، أعلم بحرمة هذه المأتم وأعلم أيضا بأن الاجتماع عند أهل الميت لقراءة القرآن من النياحة ولكن عند حدوث وفاة أحد الأبوين يفاجأ الولد والبنت بجميع أخواله أو أعمامه يسارعون إلى إيجار مكان المأتم قبل دفن الميت وعند محاولة إثنائهم عن ذلك يسارعون بكيل التهم والسباب والنفور ويهددوه بالفضيحة بين الأهل وبعدم تمكينه من تركة الميت لأنه ليس أهلا لأن يرثه وما أشبه ذلك، فهل يجب على من مات له والده أن ينصرف بعد الدفن ولا يحضر هذه السرادقات مهما كلفه ذلك أم له أن يحضر، أم يجوز له أن يضع كراسي فقط أمام البيت دون قراءة قرآن (من مسجل حيث إن المقرىء آكل للسحت) ليستقبل فيه من أراد العزاء ولم يدرك الدفن بسبب ضيق البيوت، أرجو الإجابة وعدم إحالتي إلى سؤال مشابه، أيضا عند الدفن يجد الواحد منا مشاكل كثيرة مع الأهل حيث إن العادة هى وضع الميت على الأرض في غرفة تحت الأرض (المقبرة) وعند بيان ضرورة مواراة الجثمان يرفض الأهل بحجة أن المكان لا يتسع لدفن نفس العدد إذا ووروا بالتراب أو أن الجدران سوف تنهال من الحفر ولا أعرف حلا لذلك ومن المؤسف أن الدفن أيضا تعورف فيه على أن الميت يدفن على ظهره ورجله إلى القبلة
فما العمل في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت أخي الفاضل تعرف الحكم الشرعي فيما يجري من مخالفات شرعية فيما يتعلق بالمآتم، فعليك أن تسعى في تغيير هذه المخالفات برفق وحكمة، وتنقل للناس كلام أهل العلم المدعم بالأدلة الشرعية في هذه المسائل، وتنشر أشرطة مسموعة ونشرات مقروءة، وتجلب بعض الدعاة لإلقاء بعض المحاضرات والدروس في بيان حكم هذه المخالفات، وتبين لأقاربك وللناس أن التزام الشرع وترك العادات المخالفة له ليست فضيحة بل فيه العزة والرفعة، وتراعي في دعوتك الأصلح والأنسب للناس، مع التدرج في التغيير، فلا تقدم على عمل يكون سبباً لفتنة أو مفسدة أكبر.
فحضورك -مثلاً- قد يكون هو الأصلح للدعوة والبيان وقبول الناس لما تقول ولو بعد حين، وقد يكون عدم حضورك أصلح.. فأنت أعلم بطباع أهل بلدك وما يصلحهم، وكذلك تهيئة البيت للعزاء من حيث الأصل لا بأس به لأنه ما كل الناس يحضرون الدفن ويعزون عند ذلك فيضطرون للحضور إلى البيت، وليس هذا محظوراً وإنما المحظور هو اجتماعهم وتكليف أقارب الميت صنع الطعام لهم واستئجار قاريء يقرأ للميت ونحو ذلك.
والحاصل أنك لا تقدم على شيء يضرك ولا نفع فيه للناس، وحاول أن تسأل أهل العلم في بلدك فهم أعرف بأحوال الناس وطباعهم، وأما إعداد غرف تحت الأرض ووضع الأموات فيها فلا يجوز إلا للضرورة والحاجة كضيق المقبرة في البلد ونحو ذلك، وكانت تسمى قديماً الفساقي، قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج عنها: فإنها بيوت تحت الأرض، وقد قطع ابن الصلاح والسبكي وغيرهما بحرمة الدفن فيها مع ما فيها من اختلاط الرجال بالنساء وإدخال ميت على ميت قبل بلاء الأول، ومنعها للسبع واضح وعدمه للرائحة مشاهد.
وأما توجيه الميت للقبلة فواجب، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 9114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(11/12733)
نبش القبر ليدفن فيه ميت آخر.. الجائز والممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت سيدة يوم الأربعاء 30/3/2005 ودفنت وماتت سيدة أخرى يوم السبت 2/4/2005 وكانت قد وصت أولادها بأن تدفن في نفس القبر فقام الأبناء بفتح القبر ووضع رمال في القبر ليواروا الجثة الأولى ودفنوا أمهم، هل ما تم مكروه أم حرام وإذا كان حراما هل من كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلماء قد ذكروا أنه لا يحل لمسلم أن يفعل فعلا حتى يعلم حكم الله بسؤال العلماء، لقوله تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {النحل:43} ، فهذا هو الأصل. والواجب أن يكون السؤال عن الفعل قبل الفعل، فينبغي اعتبار ذلك فيما بعد.
وأما ما فعلتموه من نبش القبر ودفن غير صاحبه فيه فإنه لا يجوز، فقد اتفق العلماء على أن الموضع الذي يدفن المسلم فيه وقف عليه ما بقي شيء منه من لحم أو عظم، فإن بقي شيء منه فالحرمة باقية لجميعه، فإن بلي وصار تراباً جاز الدفن في موضعه والانتفاع بأرضه، قال الطحاوي: ولا ينبش القبر إذا أهيل التراب لأن النبش حرام، ولا يجوز إلا لغرض صحيح، كإخراج مال ذي قيمة ترك بالقبر، أو الخشية على صاحب القبر من السباع أو السيل ونحوه، بل إن الأحناف قد منعوا ذلك مطلقا واعتبروه مثلة، والمثلة حرام.
وقال ابن قدامة: إنما هو مثلة في حق من تغير. وقال في المنهاج: ونبشه بعد دفنه للنقل وغيره حرام إلا لضرورة.
فالواجب عليكم الآن هو التوبة إلى الله سبحانه وتعالى والاستغفار من هذا الذنب والندم عليه والنية الجازمة أن لا تعودوا إليه ثانية، وتستغفروا لأمكم وتدعوا لها بالرحمة والغفران، فابن آدم إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث كما في الحديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له. أخرجه الترمذي والنسائي وابن حبان، وصححه الألباني، وللاستزادة نرجو مراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 27731، 19135، 57172، 16054.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(11/12734)
الدفن في التابوت ودفن الميت في بلد غير الذي مات فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[كما لايخفى على فضيلتكم ما تعانيه الجالية الإسلامية في بلاد الغرب من الأخطار وذلك نتيجة الإقامة في تلك البلاد فنسأل الله أن يجعل العواقب كلها خير. فضيلة الشيخ. لدينا سؤال نريد أن نطرحه على فضيلتكم وذلك حول مسألة (ترحيل جثة الميت إلى بلده الأصلي أو دفنه حيث مات) وحول هذا الموضوع تكون عندنا سؤالان: 1- دفن الميت حيث مات في بلاد الكفر وذلك حتى يتم التعجيل بدفنه؟ ولكن في هذه الحالة بعض المفاسد منها: أ- أن الدفن عندنا يكون داخل مقبرة كبيرة الحجم ويدفن فيها جميع المِلل من اليهود والنصارى والمسلمين مع بعضهم البعض علماً بأن الحاجز بين قبور المسلمين وغيرهم هو فاصل من الأشجار فقط وليس بينهم طريق.ب - أن الميت يدفن بالتابوت.ج- أن القبر سوف ُينبش بعد عشر سنوات إذا لم يتم تسديد ثمن القبر وهذا هو القانون عندهم 2-نقل الميت إلى بلده أي بلد الإسلام؟ وفي هذه المسألة أيضاً بعض المفاسد منها:أ- أن عملية التجهيز والترحيل للميت تتطلب عدة أيام للبقاء في ثلاجة الموتى وذلك لإستكمال الإجراءات القانونيه المتعلقة بذلك وفي هذا مخالفة لأمر النبي صل الله عليه وسلم بالتعجيل بالدفن. ج - أن قانون نقل الميت إلى بلده لابد أن تكون فيه المعاملة الربوية وهى ما تسمى اليوم (بالتأمين) علما ً بأن هذا النوع من التأمين ليس إجباريا. فأي من الحالتين أفضل وأقل ضررا ً. وكذلك ونأمل من فضيلتكم توجيه النصح والإرشاد وذلك لمن يقيم في بلاد الكفر ولديه الاستطاعة في الهجرة إلي بلاد الإسلام فيُعرض نفسه وأسرته للمخاطر التي طمت وعمت ولاتخفى على أحد.
وجزاكم الله خيراً ونفع بكم الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الهجرة من بلاد الكفار في الفتوى رقم: 8614، ورقم: 2007. وبينا في الفتوى رقم: 4003، جواز نقل الميت إلى بلد آخر لمصلحة، ولا يضر تأخير دفنه لأجل تلك المصلحة بشرط ألا يحصل خلال ذلك تمزق أعضاء الميت ونحو ذلك، وقد توفر اليوم من وسائل الحفظ ما يمنع ذلك وعليه فالمفاسد المترتبة على دفن المسلم في بلاد الكفار أعظم من نقله إلى بلد إسلامي في الصورة المسؤول عنها لأن دفن المسلم في مقابر الكفار محرم بالاتفاق، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: اتفق أصحابنا ـ الشافعية ـ رحمهم الله على أنه لا يدفن مسلم في مقبرة كفار ولا كفار في مقبرة مسلمين. وبقية المذاهب كمذهبهم، وأما النقل مع حفظ الميت فالأكثر على جوازه، قال الحافظ في الفتح: واختلف في جواز نقل الميت من بلد إلى بلد، فقيل يكره لما فيه من تأخير دفنه وتعريضه لهتك حرمته، وقيل يستحب والأولى تنزيل ذلك على حالتين، فالمنع حيث لم يكن هناك غرض راجح كالدفن في البقاع الفاضلة وتختلف الكراهة في ذلك، فقد تبلغ التحريم والاستحباب حيث يكون ذلك بقرب مكان فاضل كما نص الشافعي على استحباب نقل الميت إلى الأرض الفاضلة كمكة وغيرها. ولمالك في الموطأ: أنه سمع غير واحد يقول إن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد ماتا بالعقيق فحملا إلى المدينة ودفنا بها. قال الشوكاني رحمه الله: قوله فحملا إلى المدينة، فيه جواز نقل الميت من الموطن الذي مات فيه إلى موطن آخر يدفن فيه، والأصل الجواز فلا يمنع من ذلك إلا لدليل. وفي حالة المسلم في مقبرة الكفار فإنه ينقل منها إلى مقبرة المسلمين الخاصة بهم، والدفن في التابوت مكروه، قال الخطيب الشربيني: ويكره دفنه في تابوت بالإجماع لأنه بدعة (إلا في أرض ندية ... أو رخوة) . وهي ... ضد الشديدة فلا يكره للمصلحة ولا تنفذ وصيته به إلا في هذه الحالة. وفيه تعريض لإهانة المسلم بنبش قبره عند عدم تسديد ثمن القبر وعليه فلا مانع من نقله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(11/12735)
حكم دفن أطفال المشركين في مقابر المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفن الأطفال المسيحيين في المقابر الإسلامية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز أن يدفن أطفال غير المسلمين في مقابر المسلمين سواء كانوا مسيحيين أو غيرهم، وذلك لأن حكمهم في الدنيا مثل حكم آبائهم، قال ابن قدامة في المغني قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن الطفل إذا وجد في بلاد المسلمين ميتا في أي مكان وجد أن غسله ودفنه في مقابر المسلمين يجب، وقد منعوا أن يدفن أطفال المشركين في مقابر المسلمين. انتهى، ولا فرق بين أطفال المشركين والمسيحيين في هذا الباب، وللفائدة عن مصير أطفال المشركين راجعي الفتوى رقم: 51768
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1425(11/12736)
لا حق للتربي الذي لا يصلي في وضع الميت في قبره
[السُّؤَالُ]
ـ[نحد أن الذي يضع الميت في اللحد هو التربي رغم أنه لا يصلي، فهل لا بد من صفات معينة في الذي يقوم بالدفن، وماذا يفعل عند الدفن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولى الناس بدفن الميت ووضعه في قبره أولاهم بالصلاة عليه وهم محارمه الأقرب فالأقرب، فيقدم الأب ثم الجد ثم الابن ثم ابن الابن ثم الأخ ثم ابن الأخ ثم العم ... وهكذا.
ويقدم الزوج على المحارم في دفن زوجته عند مالك والشافعي وهي إحدى الروايتين عن أحمد وعند أبي حنيفة ورواية عن أحمد يقدم المحارم على الزوج. قال ابن مفلح الحنبلي: فأما الأحق بالدفن فهو من أوصى إليه الميت بذلك، كما قلنا لو أوصى إليه بغسله ثم الأقارب الأقرب فالأقرب كما في غسله، فأما المرأة فمحارمها الرجال أحق بدفنها من النساء وهل يقدم الزوج على سائر المحارم كقول مالك والشافعي أو العكس كقول أبي حنيفة فيه روايتان، فإن لم يكن محرم فهل النساء أولى بدفنها أم الرجال فيه روايتان: إحداهما الرجال أحق فعلى هذا لا مدخل للنساء في الدفن. انتهى
وقال ابن عابدين الحنفي في حاشية رد المحتار على الدر المختار: قوله: (ويدفنها) لأن الأولى بالدفن المحارم.
قال النووي الشافعي: قال أصحابنا: أولى الرجال بالدفن أولاهم بالصلاة على الميت من حيث الدرجة والقرب لا من حيث الصفات ... إلى أن قال: فيقدم الأب ثم الجد ثم أب الأب ثم آباؤه، ثم الابن ثم ابنه وإن سفل، ثم الأخ ثم ابنه ثم العم، وهل يقدم من يدلى بأبوين على مدل بالأب؟ فيه الخلاف السابق في الصلاة على الميت، فإن استوى اثنان في درجة قدم أفقههما، وإن كان غيره أسن، نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب.
قال صاحب الحاوي وغيره: المراد بالأفقه هنا أعلمهم بإدخال الميت القبر لا أعلمهم بأحكام الشرع جملة. قال الشيخ أبو حامد والمحاملي وآخرون: لو كان له قريبان أحدهما أقرب وليس بفقيه والآخر بعيد وهو فقيه، قدم الفقيه لأنه يحتاج إلى الفقه وهذا متفق عليه. أما إذا كان الميت امرأة لها زوج صالح للدفن فهو مقدم على الأب والابن وسائر الأقارب. نص عليه الشافعي وقطع به الجمهور. انتهى.
وأما ما يفعل عند الدفن فيحفر القبر ويلحد لقوله صلى الله عليه وسلم: اللحد لنا والشق لغيرنا. ويدخل الميت مما يلي القبلة خلافاً للشافعي رحمه الله فإن عنده يسل سلا لما روي أنه صلى الله عليه وسلم: سل سلاً، فإذا وضع في لحده يقول واضعه باسم الله وعلى ملة رسول الله كذا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضع أبا دجانة رضي الله عنه في القبر، ويوضع على شقه الأيمن، ووجهه إلى القبلة، كتوجيهه عند الاحتضار إلى القبلة وتحل العقدة لوقوع الأمن من الانتشار ويسوى اللبن على اللحد، لأنه عليه الصلاة والسلام جعل على قبره اللبن. انتهى من الهداية شرح بداية المبتدي بتصرف.
ومن هذا يعلم السائل أنه لا حق للتربي الذي لا يصلي في وضع الميت في قبره، وأن الأولى بذلك أقاربه على الترتيب المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(11/12737)
حكم دفن شيء مع الميت تنفيذا لوصيته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفن أي شيء مع المتوفى في قبره مثل مسبحته أو عباءته وخلافه، مع العلم بأنها وصية المتوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشرع دفن شيء مع الميت من مسبحة وغيرها حيث لم يرد في الشرع أصل لذلك ولم يثبت عن أحد من سلف الأمة أنه فعله، ولأن ملكه لما كان يملك في حياته ينقطع بموته.
والوصية إن كانت بشيء غير مشروع فلا يجوز الوفاء بها، قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل: ثم إن إنفاذ ما عدا المحرم لازم، أي بعد الموت، وقال ابن قدامة: ولا تصح الوصية بمعصية وفعل محرم، مسلما كان الموصي أو ذمياً، فلو وصى ببناء كنيسة أو بيت نار، أو عمارتهما، أو الإنفاق عليهما، كان باطلاً. انتهى.
وقال في التاج والإكليل لمختصر خليل: الموصى به كل ما يملكه من حيث الوصية به، فتخرج الوصية بالخمر وبالمال فيما لا يحل صرفه فيه. انتهى.
فالحاصل أنه لا يشرع هذا الفعل، ولا ينفع الإنسان في قبره إلا ما قدم من الأعمال الصالحة، والدعاء له وما يهدى له من ثواب الأعمال الصالحة من قراءة القرآن ونحوها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(11/12738)
إلقاء السقط في البالوعة تجب التوبة منه
[السُّؤَالُ]
ـ[سقط حملي بعد شهر ونصف من عمره وأنا في دورة المياه, فقمت برميه في البالوعة وكنت أجهل يومها أنه يجب علي دفنه.. أنا اليوم تائبة ونادمة على ذلك بعدما قرأت فتوى لكم ذكرتم فيها ضرورة دفن السقط.. سؤالي هو هل علي حرج فيما فعلت عن جهل مني, وما الذي علي فعله للتكفير عن ذنبي الذي يؤرقني؟؟
وجزاكم الله أحسن الجزاء ووفقكم لما يحب ويرضى..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن السقط إذا استبانت خلقته يجب دفنه وراجعي الفتوى رقم: 26940 وما وقع منك من إلقاء هذا السقط في البالوعة وعدم دفنه خطأ يجب عليك التوبة منه، إذ كان من الواجب عليك سؤال أهل العلم قبل الإقدام عليه لا سيما مع وجود العلماء وسهولة الا تصال بهم
وراجعي الفتوى رقم 39525 لمزيد الفائدة
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(11/12739)
كراهة دفن السقط في الدار
[السُّؤَالُ]
ـ[ولد طفل في الأسبوع الأول من الشهر الخامس (سقط) وليس له معالم ذكر أم أنثى
هل يجوز دفنه في جزء من المنزل أم بالمقابر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى بالسقط أن يدفن في المقابر كسائر الأموات، ففي "التاج والإكليل": وكره مالك أن يدفن السقط في الدار القابسي، لأنه لا يؤمن عليه أن ينبش مع انتقال الأملاك. (3/ 54) .
وقال ابن قدامة في "المغني": والدفن في مقابر المسلمين أعجب إليّ.
وراجع الفتوى رقم: 20372، لمزيد من الفائدة.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(11/12740)
هذه الصورة ملفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتهر بين الجميع صورة لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم وهي تظهر أنه صلى الله عليه وسلم موضوع في الخشبة التي يوضع فيها الميت وفوقها ستره من الذهب فما مدى صحة هذه الصورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة معروف، وهو عليه الصلاة والسلام يوجد داخل هذا القبر ولا يرى بداخله، والمعروف من السيرة والأحاديث أنه عليه الصلاة والسلام دفن وأهيل عليه التراب، ولم يوضع في خشبة ولم يغط بسترة من ذهب ولا من غيرها، والذي يظهر أن هذه الصورة ملفقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(11/12741)
حكم إنزال الجنب الميت في قبره
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقول العلماء رضي الله عنكم إذا ماتت امرأة، هل يشترط في الذي ينزلها سواء كان أجنبياً أو محرماً لها أن يكون طاهراً، يعني لم يطأ زوجته، وهل هذا الحكم فيمن ينزل المرأة فقط فلو كانت الجثة رجلاً لا ينزله الذي وطأ تلك الليلة وهل للمرأة أن تنزل الميت، وأريد أن أعرف هل لو كان لباس الزوجة الداخلي أحمر بحتاً لا يجوز أم لا بد أن يكون لوناً كالأسود وشيء مثله، وأخيراً هل تعني تسوية القبر أن يكون قدر شبر؟ وشكراً جزيلاً، والله يوفقكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن ينزل الجنب الجنازة في القبر سواء كان الميت رجلاً أو امرأة مع أن الأولى أن يكون المتولي لأمر تجهيز الميت طاهراً من الجنابة، وراجع الفتوى رقم: 29661.
والذي يتولى أمر الميت يلزم أن يكون مثله في الذكورة والأنوثة أو أن يكون من محارمه، فلا يجوز للأجنبي أن يضع المرأة في قبرها إلا إذا لم يوجد محرم يتولى ذلك، ثم إنه لا مانع من أن تتولى المرأة إدخال الجنازة في القبر بشرط أن لا يوجد غير النساء، قال الشافعي في الأم: لا يضر الرجل من دخل قبره من الرجال ولا يدخل النساء قبر رجل ولا امرأة إلا أن لا يوجد غيرهن.
والسنة في القبر أن يرتفع قدر الشبر لا أكثر من ذلك، وراجع فيه الفتوى رقم: 14138.
وما سألت عنه مما إذا كان يجوز أن يكون لباس الزوجة الداخلي أحمر بحتا، فجوابه: أن لبس الثوب الأحمر قد اختلف أهل العلم في جوازه وكراهته، ففي فتح الباري:..... وقال الطبري بعد أن ذكر غالب هذه الأقوال، الذي أراه جواز لبس الثياب المصبغة بكل لون، إلا إني لا أحب لبس ما كان مشبعاً بالحمرة ولا لبس الأحمر مطلقاً ظاهراً فوق الثياب، لكونه ليس من لباس أهل المروءة في زماننا، فإن مراعاة زي الزمان من المروءة ما لم يكن إثماً.....
وبناء على ما ذكر فلا نرى مانعاً من أن يكون ثوب زوجتك الداخلي أحمر بحتا، لأنه مما لا يطلع عليه عادة غير الزوج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(11/12742)
استخدام الإسمنت في القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في المنطقة الشرقية من السعودية نقوم باستخدام الطابوق الإسمنتي في عمل اللحد وتغطيته في قبور الموتى فهي مما يلي الميت مباشرة. والإسمنت مادة تصنع من نار أي أن النار تستخدم لحرق نوع من الصخور وتحويله إلى إسمنت والسؤال هو هل استعمال الإسمنت جائز وفي الحديت ما ورد عن النهي من استخدام ما مسته النار في قبور المسلمين نأمل الإفادة مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من النهي في الحديث عن استخدام ما مسته النار في قبور المسلمين لم نقف عليه إلا في ما ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه، قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن ثابت بن زيد، قال: حدثتني حمادة عن أنيسة بنت زيد بن أرقم قالت: مات ابن لزيد يقال له سويد، فاشترى غلام له أو جارية جصاً وآجراً، فقال له زيد: ما تريد إلى هذا قال: أردت أن أبني قبره وأجصصه، قال: جفوت ولغوت، لا تقربه شيئاً مسته النار. فأما معتمر بن سليمان فإنه ثقة، ولكنه تغير في آخر عمره، وأما ثابت بن زيد وحمادة فالأول لم نجد من خرج له من أهل الصحيح، والثانية مجهولة، فالحديث إذن ضعيف، ولكن أهل العلم يكرهون ما مسته النار تفاؤلاً، قال ابن قدامة في المغني: ... ويكره الآجر لأنه من بناء المترفين وسائر ما مسته النار تفاؤلاً بأن لا تمسه النار. (2/190) .
وعليه؛ فإن أمكن استخدام غير ما مسته النار في الدفن فذاك أولى، وإن لم يمكن واحتيج إلى الإسمنت المذكور لحفظ الميت عن السيول أو السباع ونحوها فلا بأس بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(11/12743)
حكم دفن الميت المسلم في مقابر الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أفيدونا جزاكم الله خيرا في الإجابة عن أسئلتي التالية:
امرأة مسلمة تزوجت على رجل مسيحي وقبل الزواج ادعى زوجها أنه أسلم إرضاء لها ولأهلها فقط. هل يجوز هذا الزواج؟
ثم ماتت الزوجة ودفنت في مقبرة لغير المسلمين (ملحدين ومشركين) بينما كانت توجد مقبرة للمسلمين بحجة أن زوجها أشترى أرضا في مقبرة المشركين أيضا دفنت فيها بطريقة غير إسلامية وعلى حسب تقاليد الكفار في بريطانيا. هل يجوز ذلك؟
وهل تجوز قراءة القرآن عليها أو الدعاء لها عند زيارة قبرها في هذه المقبرة؟
أفيدونا بالإجابة جزاكم الله خيرا.
المستفسر / ماهر شولق
... ... ... ... ... 17/1/1425هـ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دفن الميت في مقابر الكفار الأصل فيه المنع، ما لم تدع إلى ذلك ضرورة، وانظر الفتوى رقم: 4437، وعلى كل، فإن دفن وأمكن نقله إلى مقبرة المسلمين أو إلى مكان مستقل وجب ذلك إذا لم يخش عليه التغير.
قال خليل بن إسحاق: ودفن من أسلم بمقبرة الكفار.
قال شارحه عليش: فيتدارك بإخراجه منها ودفنه في مقبرة المؤمنين إن لم يخف عليه التغير يقينا أو ظنا، فإن خيف تغيره فلا حرج. اهـ.
أما قراءة القرآن على القبر، فالراجح فيها عند أهل العلم الكراهة، وقد سبق تفصيل أقوالهم في الفتوى رقم: 683 فراجعها، لكن لا مانع من القراءة في أي مكان آخر وإهداء ثوابها إلى الميتة على أرجح الأقوال، كما هو مبين في الفتوى رقم: 3406.
ثم إنه لا مانع من زيارة هذه المرأة في تلك المقبرة للموعظة والدعاء لها بالرحمة والمغفرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(11/12744)
الدفن في المقبرة أفضل من البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[نقل الشيخ الألباني قدس الله روحه في كتابه أحكام الجنائز وبدعها في الفقرة (و) ص24-25 جملة من الأحاديث فيها أمر يدل على وجوب دفن الميت في مضجعه، فما هو حكم دفن الميت في موضعه الذي مات به وهل هناك خلاف في المسألة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه جمهور أهل العلم كون الدفن في المقبرة أفضل من البيت مع جواز الدفن فيه، قال ابن قدامة في المغني: والدفن في مقابر المسلمين أعجب إلى أبي عبد الله (يعني الإمام أحمد) من الدفن في البيوت لأنه أقل ضرراً على الأحياء من ورثته، وأشبه بمساكن الآخرة، وأكثر للدعاء له والترحم عليه، ولم يزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحاري، فإن قيل فالنبي صلى الله عليه وسلم قبر في بيته وقبر صاحباه معه، قلنا: قالت عائشة: إنما فعل ذلك لئلا يتخذ قبره مسجداً. رواه البخاري.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفن أصحابه في البقيع وفعله أولى من فعل غيره، وإنما أصحابه رأوا تخصيصه بذلك، ولأنه روي يدفن الأنبياء حيث يموتون، وصيانة لهم عن كثرة الطراق، وتمييزاً له عن غيره. انتهى، وللتعرف على الخلاف المذكور في المسألة راجع الفتوى رقم: 20372.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(11/12745)
حكم نقل جثة الميت ليدفن في بلد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت سيدة ميسورة الحال في مدينة نيويورك وأردنا نقل جثمانها إلى مصر-على حسب رغبتها- تحت إشراف أحد المساجد هنا؛ ولكن إمام المسجد أمرنا أن ندفنها هنا خيراً لها.. فالرجاء إفادتي لماذا يفضل الدفن فى البلد الذي توفي فيه الميت؟ علاوة على إكرام الميت بسرعة دفنه.. وما الضرر في نقل الجثمان إلى أي بلد آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقل الميت ليدفن في بلد آخر لا بأس به إذا كان لذلك غرض صحيح، كما هو مبين في الفتوى رقم: 4003، والفتوى رقم: 40254.
فإذا لم يكن هناك غرض صحيح فالأفضل أن يدفن حيث مات، لأن الشرع أمر بالإسراع في تجهيز الجنائز، ولأنه يخشى على الجثة من التغير والانفجار، وراجع الفتوى رقم: 10135.
فلا تنفذ وصية إلا إذا كان النقل لغرض صحيح، قال ابن مفلح في الفروع بعدما ذكر أنه لا ينقل إلا لغرض صحيح ... قال: وظاهر كلامهم ولو وصى به وصرح به، أبو المعالي. انتهى.
وصرح الشافعية بأن الوصية لا تنفذ إلا إذا كان النقل إلى مكة أو المدينة أو بيت المقدس كما في المجموع وغيره، وشرط هذا أيضاً عند الجواز هو الأمن من الانفجار أو التغير، كما نص الحنابلة والشافعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/12746)
هل يجب تلقين الميت بعد دفنه أو لا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ثبت في السنة أن حديث تلقين الميت (إذا جاءك الملكان وسألاك من هو ربك فقل ربي الله ... ) هو حديث ضعيف, ما هو نص هذا الحديث وأين ورد في كتب السنة وما هي علته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما حديث تلقين الميت بعد الدفن فأخرجه الطبراني في المعجم الكبير، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: وفي إسناده جماعة لم أعرفهم. انتهى.
وقال العجلوني في كشف الخفاء: قال في اللآلئ: حديث تلقين الميت بعد الدفن قد جاء فيه حديث أخرجه الطبراني في معجمه وإسناده ضعيف، وقال في المقاصد: وروى الطبراني بسند ضعيف عن سعيد بن عبد الله الأودي، وذكر قصة احتضار أبي إمامة، وأنه أوصاهم بأن يلقنوه الشهادة بعد دفنه، ثم قال: ضعفه ابن الصلاح ثم النووي وابن القيم والعراقي والحافظ ابن حجر في بعض تصانيفه وآخرون، لكن قواه الضياء في أحكامه ثم الحافظ ابن حجر لما له من شواهد.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: هل يجب تلقين الميت بعد دفنه أو لا؟ فأجاب: تلقينه بعد موته ليس واجباً بالإجماع، ولا كان من عمل المسلمين المشهور بينهم على عهد النبي وخلفائه، بل ذلك مأثور عن طائفة من الصحابة كأبي أمامة وواثلة بن الأسقع، فمن الأئمة من رخص فيه كالإمام أحمد، وقد استحبه طائفة من أصحابه وأصحاب الشافعي، ومن العلماء من يكرهه لاعتقاده أنه بدعة، فالأقوال فيه ثلاثة: الاستحباب والكراهة، والإباحة، وهذا أعدل الأقول. انتهى، يعني: الإباحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(11/12747)
النقل إلى مقبرة العائلة لا يبرر النبش الممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز نقل جثة أخي من مقبرة مملوءة عن آخرها إلى مقبرة أبى التي اشتراها قبل وفاته ودفن فيها، علما بأن المسافة بين المدفنين كيلو متر مما يكون عائقا علي زياراتنا لهم؟
أفتونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نبش قبر الميت لا يجوز إلا لمصلحة راجحة اقتضت ذلك، كما قدمنا في الفتوى رقم: 21883.
والنقل إلى مقبرة العائلة لا يبرر النبش الممنوع، كما سبق في الفتوى رقم: 27731.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1424(11/12748)
هل يجوز دفن المصحف مع الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ كنت صغيرة أحلم بكتابة القرآن بخط يدي وها أنا أحقق حلمي وأتمنى أن أترك وصية بدفن هذا القرآن معي في قبري ظنا مني أنه يحميني من عذاب القبر ويبعث معي يوم القيامة، فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأعمال الصالحة تقي من عذاب القبر وتنفع صاحبها يوم القيامة، وهذا أمر لا ريب فيه، ولكن دفن المصحف مع الميت لا يجوز وذلك لأمور:
الأول: أن فيه امتهاناً للقرآن بدفنه في الأرض لغير حاجة، وقد يأتي زمان يداس فيه القبر بالأقدام والقرآن فيه.
الثاني: أن القرآن سيتلطخ بصديد الميت وهذا حرام قطعاً.
الثالث: أن فيه إتلافاً لما ينتفع به الأحياء، حيث إن الأحياء يمكن أن ينتفعوا بهذا القرآن بالقراءة أو غيرها. فعليك أن تُبقي هذا القرآن ليقرأ به الورثة فيصلك أجر القراءة، ولك أن توصي بأن يكون وقفاً لا يباع فيجري عليك ثواب قراءة من قرأ فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1424(11/12749)
الدعاء للميت سنة قبل الدفن وبعده
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدعاء للميت قبل دفنه بدعة أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل مقصود السائل الدعاء للميت قبل دفنه هل هو بدعة..
والدعاء للميت سنة قبل دفنه وبعده.
فقد روى مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: دخل على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه، ثم قال: إن الروح إذا قبضت تبعه البصر، فضج ناس من أهله، فقال: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون، ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وأفسح له في قبره ونور له فيه.
وقد استحب بعض أهل العلم الدعاء للميت عند تغميضه وتليين مفاصله بقوله: "باسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم يسر عليه أمره وسهل عليه ما بعده وأسعده بلقائك، واجعل ما خرج إليه خيراً مما خرج منه"
والحاصل: أن الدعاء للميت سنة قبل الدفن وبعده، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 14964.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(11/12750)
الأذان عند دفن الميت بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليك ورحمة الله وبركاته
ما حكم الأذان على الميت عند الدفن؟ جزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سئل ابن حجر الهيتمي رحمه الله عن حكم الأذان والإقامة عند سد فتح اللحد، فأجاب كما في الفتاوى الفقهية الكبرى بقوله: هو بدعة، ومن زعم أنه سنة عند نزول القبر قياساً على ندبها في المولود إلحاقاً لخاتمة الأمر بابتدائه فلم يصب، وأي جامع بين الأمرين، ومجرد أن ذاك في الابتداء وهذا في الانتهاء لا يقتضي لحوقه به. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1424(11/12751)
الولد يحكم له بالإسلام تبعا لأبيه المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[مسلم يولد له ولد من امرأة غير مسلمة ثم يموت هذا الولد كيف يدفنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصبي يحكم له بالإسلام تبعاً لأبيه المسلم، قال خليل في مختصره: وحكم بإسلام من لم يميز لصغر.... بإسلام أبيه.
وبناء على هذا، فإنه يلزمك أن تجهز ولدك وتدفنه في مقبرة المسلمين، وتعامله مثل أولاد المسلمين.
وينبغي التنبه إلى أن غير المسلمة يجوز نكاحها بشرط إذن الولي، واعطاء المهر وإشهاد الشهود إن كانت كتابية عفيفة، لقوله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ [المائدة:5] .
الله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1424(11/12752)
كيف دفن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم سألني أخ بنغالي هذا السؤال ولا أعرف إجابته: عندما ننظر من الطاقة المدفون فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما ونسلم عليهم يكون وجه الرسول وأصحابه في أي اتجاه، لأن على اتجاه القبلة يكونون إلى الجنب الأيمن، غير أن المسافة بينهم لا تسع ذلك أرجو الشرح وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دفن كل من الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه على جنبهم الأيمن مستقبلين القبلة بوجوههم، قال البهوتي في كشاف القناع وهو حنبلي: ولأن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا دُفن يعني مستقبل القبلة.
وقال زكريا الأنصاري في الغرر البهية وهو شافعي: يضجعه ندياً للأيمن: أي لجنبه الأيمن، كما فُعل به صلى الله عليه وسلم عليه وسلم. ا. هـ
والثابت أن أبابكر وعمر دفنا كذلك إلا أنهما لم يدفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صف واحدِ متساويين، بل دفن أبوبكر خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفن عمر خلف أبي بكر رضي الله عنه، وقد قال ابن سعدٍ في الطبقات: دفن عمر في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وجُعل رأس أبي بكر عند كتفي النبي، وجُعل رأس عمر عند حقوي النبي صلى الله عليه وسلم. ا. هـ
وذكر النفراوي في الفواكه الدواني أن أبابكر دفن عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم قال: دفن أبوبكر عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم وعمر خلفه. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(11/12753)
دفن القرآن مع الميت غير مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت والدتي ودفنتها ودفنت معها قرآنا، ولكن ليس بنية أنني أخلق بدعة، بل بنية أن تستأنس به في قبرها حتى أرد لها بصيصا مما فعلت من أجلي، وكما كنت أحبها فقد أشفقت عليها من الوحدة، فقد فعلت هذا أرجو من الله عز وجل ألا يؤاخذني فما رأيكم؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما قمت به من دفن القرآن مع أمك لا أصل له في الشرع، ولا يخفى ما فيه من تعريض القرآن لما لا يجوز أن يعرض له. وقد أحسنت في حرصك على البر بها بعد موتها، وإن من أفضل ما تبرها به الدعاء والاستغفار لها، وغير ذلك من أعمال البر، والتي قد سبق أن بيَّنَّاها في الفتوى رقم: 7893 والفتوى رقم: 10602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(11/12754)
حكم دفن أصحاب البدع في مقابر المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو الإفادة هل يجوز لأهل السنة الاشتراك مع أهل البدع في إنشاء مقبرة في مكان واحد. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأهل البدع ليسوا سواء، فمن كانت بدعته مكفرة فإنه لا يقبر في مقابر المسلمين.
ومن كانت بدعته مفسقة فهو من المسلمين فيقبر في مقابرهم بعد تغسيله وتكفينه والصلاة عليه، ومن البدع المكفرة القول بتحريف القرآن وتكفير عامة الصحابة رضوان الله عليهم، والقول بعصمة غير الأنبياء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1424(11/12755)
هل يدفن الميت بأسنانه الاصطناعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أساتذتنا الكرام هناك سائلة تريد فتوى في ما يخص الفم الاصطناعي أو المركب تقول: هل يجوز لي أن أضع فما مركبا أو أغرس فما؟ وهل يجوز دفن الميت بهذا الفم المركب أو المغروس؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في تركيب أسنان اصطناعية لمن سقطت أسنانه، والدليل هو ما ثبت عن عرفجة بن أسعد رضي الله عنه قال: أصيب أنفي يوم الكلاب في الجاهلية فاتخذت أنفًا من وَرِقٍ فأنتن عليَّ، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتخذ أنفًا من ذهب رواه الترمذي والنسائي وأبو داود.
فأمره صلى الله عليه وسلم لعرفجة باتخاذ أنف بدل أنفه الأصلي دليل على جواز تركيب الأسنان.
وإذا مات من ركب أسنانًا أو أنفًا، فالمشروع تركهما ودفنه بهما.
قال الشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله في الشرح الممتع: أما ما لا قيمه له فلا بأس أن يدفن معه كالأسنان من غير الذهب والفضة.. وأما ما كان له قيمة فإنه يؤخذ، إلا إذا كان يخشى منه المثلة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(11/12756)
نبش القبر للمصلحة المشروعة جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب توفي منذ عام، وبعد دفنه تم إخبارنا أن المقابر بها مياه جوفية. فاشترى أهله مقبرة جديدة، هل يجوز نقل الرفات بطريقة شرعية من مدفنه إلى المدفن الجديد؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز نبش القبر ودفن صاحبه في قبر جديد إذا لحق بالقبر ضرر أو أذى؛ كأن يصل إلى الميت مياه جوفيه أو ماء مطر أو سيل أو نحو ذلك من الضرر. وقد سبق تفصيل الكلام في هذا في الفتوى رقم: 6779.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(11/12757)
حكم تلقين الميت بعد الدفن.
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الصيغة الشرعية لتلقين الموت؟
وهل هي شرعية أم مبتدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تلقين المحتضر الشهادة مندوب إليه، وقد سبق بيان ذلك بدليله في الفتوى رقم: 12838،. وكذا قد سبق بيان حكم تلقين الميت بعد الدفن في الفتوى رقم: 1978،. ونضيف هنا فنقول: إن الدعاء للميت بعد الدفن والاستغفار له هو المستحب الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وحض عليه، وذلك في الحديث الذي رواه أبو داود في السنن عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل. وإسناده صحيح.
ثم إننا ننبه إلى أن الحديث الذي قد ورد في تلقين الميت بعد الدفن، حديث ضعيف، قال العجلوني في كتابه كشف الخفاء: تلقين الميت بعد الدفن قال في اللآلئ: حديث تلقين الميت بعد الدفن قد جاء فيه حديث أخرجه الطبراني في معجمه، وإسناده ضعيف. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(11/12758)
من شرع في دفن ميت فوجد بقية جثة ميت قديم
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الموت يتحلل الإنسان فإذا قمنا بدفن جثة جديدة فوجدنا جزءا ظاهراً من جسم الجثة السابقة فهل يجوز تكفين الميت مرة أخرى داخل القبر؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز نبش قبر الميت إلا إذا بلي وصار تراباً إلا إذا وجد ت مصلحة تقتضي ذلك، وهذا مفصل في الفتوى رقم: 24582
لكن إذا تم الشروع في دفن ميت جديد ثم وجدت بقية من جثة الميت ال أول فإنها تعاد في القبر وتدفن فيه، ويحفر للميت الجديد في مكان آخر، قال ابن قدامة في المغني: وإن تيقن أن الميت قد بلي وصار رميماً جاز نبش قبره ودفن غيره فيه، وإن شك ف ي ذلك رجع إلى أهل الخبرة فإن حفر فوجد فيها عظاماً دفنها وحفر في مكان آخر، نص علي هـ أحمد، واستدل بأن كسر عظم الميت ككسر عظم الحي، وحديث كسر عظم الميت ككسره حيا أخرجه الإمام أحمد في المسند وأبو داود وابن حبان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1424(11/12759)
الدفن في مقابر الصوفية غير ممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا دفن شيخ الإسلام ابن تيمية في قبور الصوفية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم سبباً معيناً لدفن الشيخ في مقابر الصوفية، إلا أنه دفن فيها بجوار أخيه شرف الدين عبد الله، والدفن في مقابر الصوفية غير ممنوع إذ هم من المسلمين، والدفن في مقابر المسلمين هو الأصل، وقد علمنا أن هذه المقابر لا تختص بالصوفية وحدهم، بل دفن فيها غيرهم من المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12760)
لا يجوز دفن الميت في بدروم المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد أمام بيتنا مسجد جامع بناه رجل مسلم يسكن في مدينة أخرى وفجأة وجدنا أفراد أسرته يحضرونه متوفيًّ ًليدفنوه في بدروم المسجد الذي كان لا يستخدم للصلاة بل كان مغلقا قبل ذلك انقسمت الآراء الآن في صحة الصلاة في هذا المسجد وهجره البعض ومازال يصلي فيه البعض فأي الرأيين أصح وهل يهجر مسجد كان يصلي فيه لسنوات من أجل جهل بعض الناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم دفن الأموات في المساجد وحكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر بالفتوى رقم:
11530، والتفوى رقم: 4527، وبدروم المسجد منه قال صاحب الروض المربع وهو حنبلي: ومن المسجد ظهره ورحبته المحوطة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1424(11/12761)
حكم دفن الصغير غير المسلم في مقابر المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفن الطفل النصراني في مقابر المسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز دفنه في مقابر المسلمين لأن حكمه تابع لحكم أبويه في الدنيا باتفاق العلماء، فكما أن أبويه نصرانيان، لا يدفنان في مقابر المسلمين، فهو كذلك تبعُُُ لأبويه –لا يدفن في مقابر المسلمين- إلا إذا سباه مسلم فهو يتبع دين من سباه ويدفن حينئذ بمقابر المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/12762)
مدى تأثير الجنابة على دفن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أستطع الغسل وأنا جنب وسعيت لدفن ميت.. ما حكم الشرع في ذلك؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على الجنب في اتباع الجنازة ودفنها لأنه ليس من شروط ذلك الطهارة من الحدث الأكبر ولا من الحدث الأصغر، وإنما تشترط الطهارة من الحدثين للصلاة على الجنازة.
ولعل السائل الكريم قد أشكل عليه ما رواه البخاري وأحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: شَهِدْنَا بِنْتًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ، قَالَ فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ! قَالَ فَقَالَ: هَلْ مِنْكُمْ رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفْ اللَّيْلَةَ؟ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَنَا قَالَ فَانْزِلْ قَالَ فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا وقوله صلى الله عليه وسلم: [لم يقارف] . قد اختلف في معناه.. فقيل لم يقارف يعني الذنب، وقيل معناه لم يجامع تلك الليلة، وعلى المعنى الثاني فليس فيه اشتراط الطهارة من الحدثين؛ بل غاية ما فيه أن الأولى لمن يتولى الدفن أن لا يكون قد جامع أهله في تلك الليلة، والعلة في ذلك كونه بعيد العهد عن الملاذِّ في مواراة الميت، كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
والله أعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1424(11/12763)
لا يجوز نقل الميت بعد دفنه للسبب المذكور
[السُّؤَالُ]
ـ[لظروف خارجة عن إرادتنا دفن الوالد في مدافن غير مدافن العائلة وفي اعتقادنا جميعا ليست رغبة الوالد والسؤال: ـ
هل يجوز نقل المتوفى من مقبرة لأخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز نقل المتوفى بعد دفنه إلا لضرورة، وليس الأمر الذي ذكرتم من الضروريات التي تبيح ذلك، والعلة في حرمة نبش قبور المسلمين لغير ضرورة هي مراعاة حرمتهم، ولأن النبش لا يخلو عن وطء القبر، وقد نهينا عنه، وليُعلم أن وصية الميت لا تنفذ إلا فيما يشرع، أما الأمور المنهي عنها فلا اعتبار للوصية بها، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والواضح من السؤال أن الميت لم يوصِ أصلاً بما ذكرتم، بل هو مجرد أمر غلب على ظنكم أنه يريده، وعلى افتراض أنه أوصى فلا يجوز نبش قبره للسبب المذكور في السؤال، وراجع الفتاوى التالية: 1976 -
19135 -
20280.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1423(11/12764)
حكم الدفن في البيت وحوله
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من جعل حول منزله مقبرة يقبر فيها افراد العائلة مع وجود مقابر في البلدة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فدفن الميت في البيت وحوله مع وجود مقابر عامة للمسلمين على خلاف الأولى والأفضل، لأن في دفنه في البيت وحوله ضرراً على الأحياء من ورثته وتجديداً لأحزانهم، وحرماناً له من دعاء المسلمين له والترحم عليه عند مرروهم على المقابر، ولم يزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم يقبرون موتاهم في مقابر المسلمين العامة.
فإن وجدت حاجة تدعو لدفنه في البيت فلا مانع، وذلك كأن يخشى على قبره من أن ينبش لو دفن في المقابر العامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1423(11/12765)
لا بأس بانتظار مقدار ما يجتمع للميت من يصلي عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم:
هناك أخ من منطقة القبائل (البربر) طلب مني استفتاءكم بخصوص الجنازة والدفن
عند وفاة الشخص لا يدفن من يومه لتمكين وصول جميع معارفه. وبما أن معظم منطقة القبائل منطقة ريفية ولا يوجد بها مستشفى أو مكان لحفظ الجثث فإن سكان قرية السائل قاموا بشراء خزانة بها مبرد لحفظ الجثث.
فما حكم الشرع في هذا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب المسارعة إلى تجهيز الميت إذا تيقن موته، لحديث "إنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله" رواه أبو داود، وللطبراني عن ابن عمر مرفوعاً: " إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره." قال الحافظ إسناده حسن. وفي لفظ: " من مات في بكرة فلا تقيلوه إلا في قبره، ومن مات عشية فلا يبيتن إلا في قبره."
ومع هذا الاستحباب إلا أنه لا بأس أن ينتظر به مقدار ما يجتمع له جماعة يصلون عليه، ولا بأس كذلك أن يُنتظر به حتى يحضر وليه وغيره، ومحل ذلك إذا لم يخش تغيره، فإن خشي تغيره لم يجز تأخيره.
وعلى كلٍ؛ فإن كرامة الميت على أهله تعجيله إلى حفرته؛ كما قال أيوب السختياني رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(11/12766)
حكم كشف وجه الميت قبل الدفن وعند الدفن
[السُّؤَالُ]
ـ[عند دفن الميت.هل السنة ترك وجهه مكشوفا أم ستر وجهه هو السنة؟
شكرا والسلام عليكم. وفقكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكشف وجه الميت عند دفنه أو أي جزء من أجزاء جسمه ليس من السنة -على ما نعلم- بل هو إلى البدعة أقرب.
بل كره بعض أهل العلم الكشف عن وجهه بعد موته مطلقاً وقالوا: إن المرض والموت يغيران من محاسن الحي المعهودة، فإذا رآه من لا علم له ظن به ظن السوء. روي هذا عن النخعي وابن العربي، بل قال النخعي: لا يطلع على وجه الميت إلا الغاسل ذكره الحافظ في الفتح.
والصحيح أنه يجوز الكشف عن وجه الميت قبل دفنه وتقبيله، كما جاء في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل وجه عثمان بن مظعون ...
والحاصل أن كشف وجه الميت عند الدفن ليس من السنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12767)
دفن المسلمين مع الكفار يجوز إذا تعذر تمييزهم عن بعضهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن دفن موتى المسلمين وموتى الكفار معا إذاهلكوا معا ولم يمكن التمييز بينهم لتغير الجثث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز دفن مسلم في مقبرة كفار ولا عكسه إلا لضرورة، انظر حاشية قليوبي وعميرة. فإذا لم يمكن تمييز المسلمين من الكفار جاز دفنهم مع بعض، إذ لا سبيل إلى تركهم من غير دفن، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والواجب هنا هو دفن المسلمين ولا يتم هذا الواجب في صورة عدم التمييز إلا بدفن جميعهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(11/12768)
الاستعانة بالكفار في دفن وحمل الميت ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لغيرالمسلمين المسئولين عن الدفن {عمال المقابر} لحمل ودفن المسلمين. حيث يقوم المسلمون بالغسل والصلاة على المتوفى. ويقوم العاملون في المقابر وهم غير مسلمين بحمل المتوفى على عربة مخصصة لذلك ويقومون بدفنة وردم الترب عليه؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج بالاستعانة بالكافر في حفر القبور وحمل الأموات إذا احتيج إليه في ذلك، أما دفن الميت ووضعه في قبره فهذا لا ينبغي الاستعانة فيه بكافر؛ لأن هناك أشياء يشرع فعلها للميت يتعذر حصولها من الكافر، لأنه ليس من أهل العبادة.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يصح غسل الكافر المسلم؛ لأنه عبادة، وليس الكافر من أهلها.
ومن جملة ما شرع فعله للميت في وضعه في القبر توجيهه إلى القبلة وقول واضعه: بسم الله وعلى ملة رسول الله، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قال: بسم الله وعلى ملة رسول الله. رواه أحمد.
ومن هذا يعلم السائل عدم جواز الاستعانة بالكفار في كل ما يتعلق بالميت، ما عدا حفر القبر والحمل، لما يترتب على ذلك من فوات سنن كثيرة يستحب فعلها للميت.
بل ينبغي ألا يترك المسلم حمل الميت ولا حفر قبره للكفار، بل يُؤجَّر على ذلك مسلمون، وما أكثر المسلمين الصالحين لهذه المصلحة، وهم أولى من غيرهم، فإن درهما يذهب إلى يد أجير مسلم يكون ثمن خبز عائلة مسلمة تحتاج إلى ما تأكل. وأحوال فقراء المسلمين غير خافية على أحد، فأغلب المجاعات تقع الآن في بلاد إسلامية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1423(11/12769)
الأوقات التي يكره دفن الموتى فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أصل مقولة (إكرام الميت دفنه) في الدين وما هي الأوقات التي يكره دفن الموتى فيها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد هذا النص في كتاب كشف الخفاء ومزيل الالباس: قال في المقاصد الحسنة: لم أقف عليه مرفوعاً، وإنما أخرجه ابن أبي الدنيا.
وقد ورد كذلك في شرح مختصر خليل المالكي للخرشي قال: قال بعض علمائنا: إن إكرام الميت دفنه، وقد وردت السنة بذلك.
وعلى كلٍ فهذا المعنى صحيح، وهو استحباب تعجيل دفن الميت، وإن لم يثبت رفع هذا اللفظ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن عليٍّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة يا علي لا تؤخرهنَّ: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤاً.
وأما الأوقات التي ينهي فيها عن دفن الموتى فهي ثلاثة كما جاء في صحيح مسلم وغيره عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهنَّ، وأن نقبر فيها موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12770)
حكم دفن أكثر من واحد في قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[دفن منذ أيام صديق لي ودفن معه في نفس القبر بالصدفة طفل صغير حديث الولادة وليس لأهله مدافن خاصة بهم هل هناك علاقة بين ذلك وبين مدى صلاح ذلك الرجل وسؤاله في القبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز أن يدفن شخصان أو أكثر في قبر واحد إلا عند الضرورة، قال النووي رحمه الله في المجموع: لا يجوز أن يدفن رجلان ولا امرأتان في قبر واحد من غير ضرورة، وهكذا صرح السرخسي بأنه لا يجوز. وعبارة الأكثر لا يدفن اثنان في قبر كعبارة المصنف الشيرازي. وصرح جماعة بأنه يستحب أن لا يدفن اثنان في قبر. أما إذا حصلت ضرورة بأن كثر القتلى أو الموتى في وباء أو هدم وغرق أو غير ذلك وعسر دفن كل واحد في قبر فيجوز دفن الاثنين والثلاثة وأكثر في قبر بحسب الضرورة.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
7713.
وما دام قد دفن هذا الشخص مع الصبي في قبر واحد، فلا ينبش القبر لإخراج أحدهما، ودفنه في مكان آخر لأن مفسدة النبش أعظم من مفسدة بقائهما في قبر واحد، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
16054
وليس هناك أي علاقة بينهما من حيث سؤال القبر وعذابه بل كل يجازى حسب عمله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(11/12771)
الأحوال التي يجوز فيها نقل قبر الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز نقل الميت من قبره إلى قبر آخر في مقبرة أخرى.
وما هي الحالات التي يجوز فيها أن تمسح المقبرة (مكان دفن الموتى) ويقام عليها منتزه أو ساحة أو مبنى ألخ. وهل يجوز هدم مسجد مع النية الصادقة لبناء غيره في مكان آخر لغرض إكمال بناء مدرسة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبنبش قبر الميت ونقله إلى مكان آخر للدفن فيه لا يجوز إلا لغرض صحيح، وذلك كأن يدفن من غير غسل، أو لحق القبر سيل ونحو ذلك، قال في المنهاج: ونبشه بعد دفنه للنقل وغيره حرام، إلا لضرورة كأن دفن بلا غسل أو في أرض أو ثوب مغصوبين أو وقوع مال أو دفن لغير القبلة.
وقال ابن قدامة في المغني: سئل أحمد عن الميت يخرج من قبره إلى غيره؟ فقال: إذا كان شيء يؤذيه، قد حول طلحة وحولت عائشة.
وأما سؤالك عن الحالات التي يسمح فيها بالانتفاع بالمقابر، فراجع تفاصيل أقوال العلماء في ذلك في الفتوى رقم: 19135.
أما بخصوص هدم المسجد لغرض صحيح كتوسعة مدرسة أو شارع أو غير ذلك من المصالح فلا حرج فيه، وقد سبقت إجابة عنه تحت الرقم:
17780.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1421(11/12772)
دفن الأموات في البيوت ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
أنا شاب مقبل على الزواج ولكن لا أملك بيتا ولا أستطيع شراء بيت أو الإيجار ولكن تحصلت على منزل من الهيئة العامة للأوقاف لأسكنه دونما إيجار ولكن هذا البيت به غرفة خارجية يوجد بها ثلاثة قبور قديمة والسؤال هو: هل يجوز لي أن أسكن بهذا البيت؟ وهل تصح فيه الصلاة؟ علماً بأني سأسكن في الطابق الثالث منه وهذا البيت هو فرصتي الوحيدة للزواج كما أن الهيئة العامة للأوقاف تمنع نقل هذه القبور إلى المقبرة.
أفيدوني جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دفن الأموات في البيوت مسألة فيها خلاف بين العلماء، فمنهم من قال بالكراهة، ومنهم من قال بالجواز مع أفضلية الدفن في المقابر، أما من قال بالكراهة فهم الأحناف، قال الكمال بن الهمام في فتح القدير: ولا يدفن صغير ولا كبير بالبيت الذي كان فيه، فإن ذلك خاص بالأنبياء، بل يُنقل إلى مقابر المسلمين. ا. هـ
وأما من قال بأنه جائز؛ لكن دفنه في مقابر المسلمين أفضل فهم الشافعية والمالكية والحنابلة، قال النووي في المجموع: يجوز الدفن في البيت وفي المقبرة، والمقبرة أفضل بالاتفاق. ا. هـ
وفي مغني المحتاج للشربيني قال الأذرعي: إلا أن تدعو إليه الحاجة أو مصلحة.. على أن المشهور أنه خلاف الأولى، لا مكروه. ا. هـ
وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: فيجوز دفنه في الدار كما قال المواق، وإن كان الأفضل بمقابر المسلمين. ا. هـ
وهذا الحكم عند المالكية خاص بمن استهل، أما السقط فيكره دفنه في البيت مطلقاً عندهم.
وقال ابن قدامة في المغني: والدفن في مقابر المسلمين أعجب إلى أبي عبد الله من الدفن في البيوت. ا. هـ والمراد بأبي عبد الله: الإمام أحمد.
والراجح عندنا -والله أعلم- الكراهة، لأن دفنه في المقابر أقل ضرراً على الأحياء من ورثته، وأشبه بمساكن الآخرة، وأكثر للدعاء له والترحم عليه، ولم يزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحارى والنبي صلى الله عليه وسلم كان يدفن أصحابه بالبقيع، وفعله أولى من فعل غيره.
فإن قيل: فالنبي صلى الله عليه وسلم قُبر في بيته؟
قلنا: إنما فعل الصحابة ذلك، لقول أبي بكر: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ما نسيته، قال: "ما قبض الله نبياً إلا في الموضع الذي يجب أن يدفن فيه، ادفنوه في موضع فراشه" رواه الترمذي، وصححه الألباني.
قال ابن قدامة في المغني: صيانة لهم عن كثرة الطراق، وتمييزاً له عن غيره.
وبناء على ماسبق ذكره، فإنه لا مانع من السكن في البيت المذكور، لأنه لا علاقة لك بالقبور الموجودة في هذه الغرفة المستقلة، والأفضل أن تسعى أنت ومن معك من المسلمين لنقل هذه القبور إلى مقابر المسلمين، صيانة لهم ورعاية لحقهم، ولا مانع من نبش القبر لذلك لأنه غرض مشروع، قال في الإقناع -حنبلي- ويجوز نبشه لغرض صحيح. أ. هـ
وقال في الشرح الكبير: وجاز نقل الميت قبل الدفن، وكذا بعده من مكان إلى آخر بشرط ألا ينفجر حال نقله، وأن لا تنتهك حرمته، وأن يكون لمصلحة. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(11/12773)
الأولى بناء فسقية للدفن أو نبش قبر والدفن فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[نظرا لعدم وجود أماكن للدفن متيسرة في الكثير من المقابر فهل يجوز بناء فسقية للدفن فوق لحد به موتى وهؤلاء الموتى من نفس الأسرة أرجو الإجابة على هذا السؤال أفادكم الله وجعل هذه الأعمال في ميزان حسناتكم اللهم آمين--- مع العلم أنه لا مساس مطلقا بهؤلاء الذين في داخل اللحد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسألة المذكورة لا تخلو من واحدة من صورتين:
الصورة الأولى: أن ينبش القبر، ثم يبنى عليه الفسقية المذكورة، ويدفن فيها أموات آخرون، فجمهور العلماء على أنه يجوز نبش القبور المندرسة التي غلب على الظن أنه لم يبق فيها للأموات أثر، قال في أسنى المطالب: يحرم نبش القبر قبل البِلى عند أهل الخبرة بتلك الأرض، لهتك حرمة الميت، فإن بلي، بأن انمحق جسمه وعظمه وصار تراباً، جاز نبش قبره ودفن غيره فيه. انتهى
وقد سبق بيان ذلك بضوابطه مفصلاً في الفتوى رقم:
19135 والفتوى رقم: 7713.
وبناء الفسقية بالآجر والجُص لا يجوز إلا للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، ومثال الضرورة: الخوف على الأموات من السباع، أو انهدام القبر بسيل ونحوه.
قال في تحفة المحتاج: نعم إن خُشي نبش أو حفر سبع أو هدم سيل لم يكره البناء والتجصيص بل قد يجبان. انتهى
فإذا دعت الضرورة إلى بناء الفسقية فلا يجوز رفعها عن سطح الأرض إلا بقدر الضرورة الداعية إلى أصل بنائها، لورود النهي الأكيد عن رفع القبر فوق سطح الأرض أكثر من شبر، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم:
504 والفتوى رقم:
14138.
الصورة الثانية: أن تبني الفسقية فوق القبر دون أن ينبشه ويدفن الأموات فوق الأموات، وقد سبق بيان حكم بناء الفساقي على القبور، أما دفن الأموات فوق الأموات، فهذا لا يجوز إلا عند الضرورة، لقول جابر رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يبنى على القبر أو يزاد عليه أو يجصص. زاد سليمان بن موسى: أو يكتب عليه. رواه النسائي وصححه الألباني.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: وقيل: المراد بالزيادة عليه، أن يقبر ميت على قبر ميت آخر. انتهى.
ولأن هذا الفعل يؤدي إلى وطء قبور الأموات الأولين وهو منهي عنه، في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر. رواه مسلم عن أبي هريرة.
فإذا دعت ضرورة لوطء القبر جاز، لأن الضرورات تبيح المحظورات، قال الشافعي في الأم: وأكره وطء القبر والاتكاء عليه، إلا أن لا يجد الرجل السبيل إلى قبر ميته إلا بأن يطأه، فذلك موضع ضرورة، فأرجو حينئذ أن يسعه إن شاء الله تعالى. انتهى
وقال في أسنى المطالب -شافعي-: وفهم منه بالأولى عدم كراهة الوطء لضرورة الدفن. انتهى
وبناءً على ذلك، فإننا نرى في هذه الصورة، أن نبش القبر أولى إذا غلب على ظنه عدم بقاء أثر لمن قبر فيه، فإن لم يغلب على ظنه ذلك، فليدفن فوقهم، وليتحاش الوطء قدر إمكانه، فإن لم يكن ثَم ضرورة لدفنهم في هذه المقبرة فلا يجوز لما سبق ذكره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1423(11/12774)
الخيار الصحيح لدفن الموتى إذا امتلأت المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم من فلسطين أسكن في قريه عدد سكانها حوالي 8000 نسمة ندفن موتانا في مقبرة مساحتها 8 دونمات وقد امتلأت بالقبور.
رأى بعض الناس أن يدفنوا الموتى في القسم الغربي منها وفيه قبور مضى عليها أكثر من 40 عاماً.
ورأى البعض الآخر أن تطمر هذه المنطقه الغربيه بالتراب بارتفاع 1.5 متر ومن ثم يدفن فيها.
أود أن أذكر أنه يوجد قطعة أرض مساحتها 3 دونم على بعد 40 متر من المقبره حيث أنها ملك عام للقرية وبالإمكان استعمالها لدفن الموتى.
كذلك أود أن أنوه أن في القسم الغربي الذي كان فيه الرأي الأول والثاني أنه يوجد فيها قبور بارزه فلربما يتضايق أهل أصحاب هذه القبور.
السؤال: ماذا علينا أن نفعل؟ بينو لنا الحكم الشرعي مع الأدله من القرآن الكريم. ومن السنة المطهرة.
وجزاكم الله عنا وعن جميع المسلمين خيرا. والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهؤلاء الإخوة عندهم ثلاثة خيارات:-
الأول: أن يدفنوا موتاهم في القسم الغربي من المقبرة، وهذا القسم به قبور قديمة وبارزة.
الثاني: أن يطمروا هذا القسم بالتراب.
الثالث: أن يدفنوا موتاهم في منطقة جديدة تبعد عن مقبرتهم قليلاً.
فأما عن الخيار الأول: فالذي نص عليه الفقهاء كما جاء في المجموع للنووي 5/246: أنه لا يدفن الميت في موضع ميت حتى يبلى الأول بحيث لا يبقى منه شيء لا لحم ولا عظم، فإذا انمحق جسمه وعظمه وصار تراباً فيجوز بعد ذلك الدفن في موضعه بلا خلاف، ويُعرف هل بلي الميت أم لا؟ بالرجوع في ذلك إلى أهل الخبرة بتلك الناحية والمقبرة.
وهذا الذي ذكرناه من النهي عن الدفن في موضع الموتى حتى يبلوا هو محل اتفاق عند أهل العلم إلا لضرورة، انظر المجموع للنووي ومواهب الجليل وكشاف القناع وغيرها من كتب المذاهب في أحكام الجنائز.
الخيار الثاني: وهو طمر المنطقة بالتراب وهذا أيضاً لا يجوز، فكما أن أرض الميت لها حرمه كذلك هواؤها، ولهذا يقول الفقهاء: حرمة مقبرة المسلم من الثرى إلى الثريا. يقول الشوكاني معلقاً على حرمة مقبرة المسلم من الثرى إلى الثريا، يدل عليها ما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه من حديث بشير بن الخصاصية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يمشي في نعلين بين القبور فقال: يا صاحب السِّبتيتين (نعال من جلد) ألقهما. فإذا كان المشي على المقبرة ممنوعاً فازدراعها وتغيير رسمها وإذهاب قرارها ممنوع بفحوى الخطاب. انظر السيل الجرار 1/370
فحرمة الهواء باقية ثابتة حتى يذهب القرار ويندرس. كما ذكرنا قبل.
الخيار الثالث: وهو دفن الموتى في الأرض العامة للقرية، وهذا هو الخيار الصحيح الشرعي فتكون هذه الأرض مقبرة مُسّبلةً لأهل هذه القرية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(11/12775)
يجوز نبش القبر لغرض صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل دفن النساء مع الرجال حلال أم حرام وما الحكم فيما قد دفنت إذا كان حراماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص العلماء على أنه لا يجوز أن يجمع في قبر واحد بين الرجل والمرأة إلا عند تأكد الضرورة، ويجعل بينهما -حينئذ- جزء من تراب أو غيره. وفي حالة ما إذا دفنت امرأة مع رجل في قبر واحد لغير ضرورة، فإنه يشرع نبش القبر ودفن كل واحد منهما وحده، قال صاحب الإقناع: "ويجوز نبش القبر لغرض صحيح كتحسين كفنه ... "، وإفراده عمن دفن معه، والدليل على هذا قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: دفن مع أبي رجل، فلم تطب نفسي حتى أخرجته فجعلته في قبر على حدة. رواه البخاري وغيره.
وجواز نبش القبر مقيد بما إذا لم يغلب على الظن تغير الميت، وإلا ترك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1423(11/12776)
مفسدة نبش قبر دفن فيه رجل وامرأة أكبر من مفسدة الجمع بينهما
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي عام 1989ودفنت ثم بعد 6 سنوات توفي عمي ودفن في نفس المقبرة فهل هذا حرام وان كان حراما هل لا بد من التفريق وإن كان هذا يستغرق وقتاً بالشهور مثلا؟ ما العمل وأرجو الإفادة أي رفات يتم نقله إذا استطعنا تمييزه وجزاك الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصد السائل أنهما دفنا في قبر واحد فذلك أمر غير مشروع، والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدفن كل ميت في قبر، ولم يكن يجمع بين الاثنين في قبر إلاَّ إذا كانت ضرورة كما فعل يوم أحد.
ولذا فقد اختلف أهل العلم هل يحرم الجمع بين الاثنين في قبر أم يكره؟ ويشتد المنع في الجمع بين الرجل والمرأة، وأشد منه إذا كان الرجل أجنبياً عنها.
ويحرم دفن ميت في قبر قد دفن فيه آخر إلاَّ بعد أن يبلى الأول ولم يبق منه شيء، ويرجع في تحديد زمن ذلك إلى أهل الخبرة في البلد.
أما وقد وقع ما حكاه السائل من دفن الرجل في قبر المرأة، فإن أهل العلم يقولون: لا ينبش القبر في هذه الحال، وذلك أن مفسدة النبش أكبر من مفسدة الجمع بينهما في قبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1423(11/12777)
حدود جواز دفن الميت وهو في الصندوق
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي متوفى في إحدى الدول العربية وعند وفاته في هذا البلد وضع في صندوق مكون من ثلاث قطع وجيئ به إلى موطنه ودفن بهذا الصندوق وبعد وفاته جاء إلى والدتي وقال لها في المنام إنه متضايق فهل هذا بسبب جهل الذين دفنوه بهذا الشكل دون إخراجه من الصندوق. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى أن يدفن الميت في قبره دون الصندوق إذا لم تترتب على الصندوق حاجة، كحفظ الميت من التمزق أو التقطع، لما هو معروف من كراهة الدفن في التوابيت، ولمخالفة الدفن في الصندوق لعمل النبي صلى الله عليه وسلم وعمل السلف بعده.
وعلى كل حال لا علاقة لحالة الإنسان بعد موته بما يفعله الأحياء له بعد موته، ولو كان حراماً ما لم يوص به. وعليكم أن تستغفروا له، وتسألوا الله له الرحمة. وإن تصدقتم عنه فذلك الأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1422(11/12778)
لا يكره ترك الميت وحده في البيت قبل دفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حضرت شخصا وهو في حالة سكرات الموت ولم أعرف ماذا أفعل، الرجاء إخباري ماذا أفعل في المستقبل
لقد توفي هذا الشخص حوالي الساعة 6 مساءاً ولكن هناك وصية منه بأن لا يوضع في الثلاجة، هل ينام معه أحد في الحجرة أم ينام بمفرده؟
أفيدونا أفادكم الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما ما يتعلق بما يفعله الإنسان إذا حضر عند من يحتضر، فقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 8208.
أما ترك الميت وحده في بيت، فقد كرهه بعض العلماء، ولا نعلم لهم دليلاً من كتاب ولا سنة، وممن قال بكراهته بعض الحنابلة، قال الإمام البهوتي الحنبلي صاحب كتاب كشاف القناع: قال الإمام الآجري فيمن مات عشية: يكره تركه في بيت وحده، بل يبيت معه أهله.
وقال النخعي: كانوا لا يتركونه في بيت وحده، يقولون: يتلاعب به الشيطان.
فإن باتوا عنده لا يلزمهم القيام بشيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1422(11/12779)
أعضاء الإنسان المبتورة ... هل تدفن؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماذا يجب على المسلم أن يفعل بالأظافر والشعر بعد قصهم. وكذلك الأعضاء إذا بترت لمرض ما.
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تكريم الإنسان وتفضيله على غيره يقتضي أن أجزاءه، وما سقط من جسده من ظفر ونحوه محترم، فيحق عليه أن يدفنه، كما أنه لو مات دفن، فإذا مات بعضه، فكذلك تقام حرمته بدفنه كي لا يتفرق، ولا يقع في النار، أو في مزابل قذرة، وقد ورد في بعض الآثار الأمر بدفن الشعر والظفر والدم والسن والقلفة (ما يقع من جلدة الذكر عند الختان) والمشيمة، وهذه الآثار وإن كانت ضعيفة لكن مضمونها موافق لما دلت عليه نصوص كثيرة من حرمة الآدمي وكرامته، ومنها قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [الإسراء:70] .
ولا شك أن ترك ما سقط من الإنسان يتناثر في الطرقات، وتفترسه الكلاب والقطط مناف لحرمة الآدمي وكرامته، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفن دمه، كما في الحاكم والترمذي، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، ونسبه الحافظ في الإصابة لأبي يعلى في مسنده.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1422(11/12780)
أين تدفن الكتابية الحامل من مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أين تدفن امرأة مسيحية حامل علما أن زوجها مسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في حكم دفن الكتابية إذا كانت تحت مسلم فماتت وهي حبلى منه، فقال بعضهم: تدفن في مقابر المشركين لكفرها.
ومنهم من يقول: تدفن في مقابر المسلمين لأن الولد الذي في بطنها مسلم.
ومنهم من يقول: يتخذ لها قبر على حدة، وهذا القول هو الذي عليه أكثر العلماء، واختاره أحمد، قال: لأنها كافرة لا تدفن في مقبرة المسلمين، فيتأذوا بعذابها، ولا في مقبرة الكفار، لأن ولدها مسلم فيتأذى بعذابهم.
وقال صاحب المقنع: وإن ماتت ذمية حامل من مسلم دفنت وحدها، ويجعل ظهرها إلى القبلة، وقال في حاشيته تعليلاً لذلك: لأنها كافرة، فلا تدفن في مقبرة المسلمين، وولدها محكوم بإسلامه، فلا يدفن بين الكفار. وهذا القول هو الصواب إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1422(11/12781)
نبش قبر الميت لنقله لمكان آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال: رزقت بمولودين توأم ولد وبنت، الولد أخرج ميتا والبنت ولدت حية، والآن عمرها سبع سنوات، قمت بدفن الولد في فناء البيت وذلك لعدم قدرتي على دفع ثمن القبر في المقبرة العامة للمسلمين، المكان الذي دفن فيه يجوبه الأولاد في لعبهم أحيانا، هل أقوم بنقله إلى المقبرة العامة؟ وهل علي شيء؟ أفيدونا رحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في نبش قبر الميت وإخراجه من فناء البيت ودفنه في المقبرة العامة، صيانة للميت ورعاية لحقه، حيث إن فناء البيت ليس محلاً لذلك، ونظراً لأنك قد ألجأتك الضرورة لذلك أصلاً فلا شيء عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1422(11/12782)
لا يجمع بين الرجل والمرأة في قبر واحد إلا لضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إنزال الميت الذكر علي الأنثى في القبر سواء كان بينهم قرابه أم لا؟
وفي حالة جواز الإنزال فهل هناك فتره زمنية معينة بين إنزال الميت الثاني على الميت الأول أم أنه يجوز ذلك حتى ولوكان الميت الأول قد مات قبل أيام قليلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يدفن أكثر من واحد، في قبر واحد، إلا لضرورة كضيق مكان، أو تعذر وجود من يحفر القبور، أو عدم وجود مقبرة أخرى للمسلمين، كما هو الحال في بلاد الكفر اليوم. ولا يجمع بين النساء والرجال في قبر واحد إلا عند تأكد الضرورة، هذا هو فعل الصحابة ومن بعدهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يدفن كل ميت في قبر واحد) وأما الدليل على أنه يجوز دفن أكثر من واحد في قبر واحد لضرورة فهو قول هشام بن عامر، قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فقلنا: يا رسول الله الحفر علينا لكل إنسان شديد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " احفروا وأعمقوا، وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد"، قالوا فمن نقدم يا رسول الله؟ قال: " قدموا أكثرهم قرآناً" رواه النسائي، والترمذي وقال: حسن صحيح.
قالوا: فإن اجتمع رجل وامرأة لضرورة فإنه يباعد بينهما قدر الإمكان، كأن يوضع بينهما حاجز من تراب، وإن كان معهما صبي قدم الرجل، ثم الصبي، ثم المرأة.
وقال الفقهاء من الأحناف: ولذلك يكره الدفن في الفساقي: وهي كالبيت المبني يسع الجماعة قياماً، لمخالفته السنة من وجوه: ذكروا منها: اختلاط الرجال بالنساء من الأموات بلا حاجز، وقد يكون فيها ميت لم يبل. وقالوا: وما يفعله جهلة الحفارين من نبش القبور التي لم يبل أربابها، وإدخال أجانب عليهم فهو من المنكر الظاهر، وليس من الضرورة المبيحة لدفن أكثر من واحد في قبر واحد.
وإذاً فقد أجمع الفقهاء على عدم جواز نبش القبر لدفن ميت آخر معه: رجلين كانا، أو رجلاً وامرأة، أو امرأتين، ما لم يبل الأول، ومعنى يبلى: أي يصير الميت الأول تراباً، إلا لضرورة، بل إن منهم من منع دفن أكثر من ميت واحد في القبر الواحد حتى ولو صار الميت الأول تراباً، لبقاء حرمة الميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1422(11/12783)
تحويل الميت عن قبره لغرض يتعلق بالقبر القديم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز نقل رفات أمي المتوفاة من 23 عاما إلى مقبرة أخرى علما بأن المقبرة مبنية من الطوب اللبن لذلك فهى عرضة للانهيار بسبب الأمطار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز نبش القبر لغير سبب شرعي، لكن إذا لحق بالقبر ضرر أو أذى، فإنه يجوز نبشه ودفن صاحبه في مكان آخر. قال النووي في المجموع: (قال الماوردي في الأحكام السلطانية: (إذا لحق القبر سيل أو نداوة، قال أبو عبد الله الزبيري: نقله يجوز، ومنعه غيره. قلت:-القائل النووي - قول الزبيري أصح، فقد ثبت في صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أنه دفن أباه يوم أحد مع رجل آخر في قبر، قال ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع آخر فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم وضعته هيئةً غير أذنه) وفي رواية للبخاري أيضا (أخرجته فجعلته في قبر على حدة) وذكر ابن قتيبة في المعارف وغيره أن طلحة بن عبيد الله أحد العشرة رضي الله عنهم دفن فرأته بنته عائشة بعد دفنه بثلاثين سنة في المنام فشكا إليها النَّزَّ، فأمرت به فاستخرج طرياً فدفن في داره بالبصرة. قال غيره قال الراوي: كأني أنظر إلى الكافور في عينيه لم يتغير، إلاعقيصته فمالت عن موضعها، واخضر شقه الذي يلي النز) أ. هـ. من المجموع. النَّز. هو: ما تحلب من الأرض من الماء.
وقال ابن قدامه في المغني (وسئل أحمد عن الميت يخرج من قبره إلى غيره فقال إذا كان شيء يؤذيه، قد حول طلحة وحولت عائشة) انتهى
فإذا كان قبر أمك يتضرر بالمطر ونحوه، فيجوز لك نبش قبرها واستخراجها ولو كانت عظاماً، ثم دفنها في مكان آخر. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1421(11/12784)
حكم دفن المسلم في مقابر غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفن المسلم في مقابر المشركين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أنه لا يجوز دفن المسلم في مقابر المشركين ولا العكس باتفاق الفقهاء، إلاّ في حالة الضرورة القصوى، كأن لا يكون له مكان في غيرها ولايمكن نقله إلى مكان آخر وخشي تغير جثته، والدليل على ذلك هو عمل المسلمين من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، قال الحافظ ابن حزم في المحلى: "لأن عمل أهل الإسلام من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يدفن مسلم مع مشرك" انتهى.
وقد روى أبو داود والنسائي عن بشير بن الخصاصية قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر على قبور المسلمين فقال: "لقد سبق هؤلاء شر كثير" ثم مر على قبور المشركين فقال: "لقد سبق هؤلاء خير كثير" قال ابن حزم عندما ذكر الحديث: "فصح بهذا تفريق قبور المسلمين عن المشركين" انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1421(11/12785)
يجوز رش القبر بالماء لتثبيت ترابه ويحرم إذا قصد به غير ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الناس يرشون الماء على القبر فما هو حكم الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
إذا كان الغرض من رش القبر بالماء تثبيت ترابه حتى لا يتسنى للريح كشف التراب عن الميت، فقد نص العلماء على جواز ذلك، وإذا كان القصد غير ذلك فلا شك أن فعل هذا من البدع المستحدثات في الدين وهي شر كلها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1421(11/12786)
من الأمور التي تبيح نقل الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نقل الميت من دولة لدفنه في دولة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقل الميت من مكان موته إلى مكان آخر لدفنه فيه على وجه لائق به لا تهتك حرمته به، ولا يخشى من انفجاره وتمزقه جائز إذا كان لغرض صحيح، كأن يكون البلد المنقول إليه فاضلاً أو قريباً من أهله، أو يكون البلد المنقول منه غير مأمون يخشى من طغيان البحر على قبره فيه، أو يكون أهله غير مسلمين، أو لا توجد مقابر خاصة بهم، فمتى توفرت هذه الشروط فلا بأس بالنقل، لا سيما وأن تيسر وسائل النقل في هذا الزمان وسرعتها يصير البعيد قريباً والصعب سهلاً، وهذا هو مذهب المالكية والحنابلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12787)
يجوز للرجل دفن زوجته ولحدها.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يدفن زوجته وأن يدخلها إلى اللحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للرجل أن يدفن زوجته ويدخلها إلى اللحد، بل هو أحق من غيره بذلك عند فقهاء الشافعية.
والجمهور على أن أولى الناس بدفن المرأة محارمها من الرجال الأقرب فالأقرب، ثم زوجها ثم الرجال الأجانب، لأن امرأة عمر رضي الله عنها لما توفيت قال لأهلها: أنتم أحق بها.
ويجوز للرجال الأجانب تولي دفن المرأة، لما روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم حين ماتت ابنته أمر أبا طلحة فنزل في قبرها. وهو أجنبي عنها.
ومما يدل على جواز دفن الرجل زوجته قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: "ما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك" رواه ابن ماجه، وهو دليل على جواز تغسيله لها أيضاً، كما هو مذهب جمهور أهل العلم خلافاً للحنفية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12788)
تلقين الميت عند وضعه في القبر مباح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد حديث بشأن الميت الذي يطلب من أحد أقاربه أو أصحابه أن يذكّره بما يجب عليه قوله عند السؤال في القبر، وذلك بأن يقول له يافلان بن فلانة أو يا فلان بن حواء قل كذا وكذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتلقين الميت ليس واجباً بالإجماع، ولا كان من عمل المسلمين المشهور بينهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، بل ذلك مأثور عن عددٍ من الصحابة: كأبي أمامة، ووائلة بن الأسقع، فمن الأئمة من رخص فيه كالإمام أحمد، وقد استحبه طائفة من أصحابه، وأصحاب الشافعي، ومن العلماء من يكرهه لاعتقاده أنه بدعة. فالأقوال فيه ثلاثة:
الاستحباب، والكراهة، والإباحة، وهذا أعدل الأقول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1422(11/12789)
هل يدفن السقط في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[لها جنين عمره شهران ونصف وتمت إزالته في المنزل، لأنه لم يكتمل، فأين أدفنه؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعوضكم خيراً من هذا الولد ويحسن عزاءكم فيه، ونفيدكم أن السقط الذي تبينت خلقته يجب دفنه وقد اتفق أهل العلم على أفضلية الدفن بالمقبرة، وجوز بعضهم دفنه في المنزل وصرح بما يفيد كراهة ذلك، قال المواق في شرح خليل: وكره مالك أن يدفن السقط في الدار.
وذكر عن القابسي أنه علل ذلك بأنه لا يؤمن عليه أن ينبش مع انتقال الأملاك.
وقال صاحب الدر المختار: ولا ينبغي أن يدفن الميت في الدار ـ ولو كان صغيرا ـ لاختصاص هذه السنة بالأنبياء.
وقال صاحب فتح القدير: ولا يدفن صغير ولا كبير بالبيت الذي كان فيه، فإن ذلك خاص بالأنبياء، بل ينقل إلى مقابر المسلمين.
وقال النووي في المجموع: يجوز الدفن في البيت وفي المقبرة، والمقبرة أفضل بالاتفاق. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: والدفن في مقابر المسلمين أعجب إلى أبي عبد الله من الدفن في البيوت. انتهى. وقال الرحيباني في المطالب: ودفن بصحراء أفضل من دفن بعمران، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يدفن أصحابه بالبقيع ولم تزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحاري. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1430(11/12790)
حكم دفن الطفل مع المرأة في قبر واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفن طفل مع امرأة في قبر واحد؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدفن أكثر من ميت في قبر واحد ـ إن كان أحدهما طفلاً ـ محل اختلاف عند أهل العلم، فذهبت طائفة إلى أنه مكروه، وحرمه آخرون ما لم تكن هناك ضرورة تدعو إلى ذلك، وقد سبق بيان بعض النقول في ذلك في الفتويين رقم: 57977، ورقم: 23194.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(11/12791)
هل يرد الإنسان إلى تربته التي خلق منها حتى يدفن فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد في الأحاديث الشريفة أن التربة التي يدفن بها المرء هي نفس التربة التي خلق منها.أرجو الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى وبألفاظ متقاربة، منها ما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة عند قبر فقال قبر من هذا؟ فقالوا قبر فلان الحبشي يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا إله إلا الله سيق من أرضه وسمائه إلى تربته التي خلق منها. حسنه الألباني في السلسلة.
وفي جامع الأحاديث للسيوطي: ما من مولود إلا وفى سرته من تربته التي يولد منها، فإذا رد إلى أرذل عمره رد إلى تربته التي خلق منها حتى يدفن فيها. لكن الحديث ضعيف كما قال أهل العلم.
وفي مصنف عبد الرزاق عن ابن عباس أنه قال: يدفن كل إنسان في التربة التي خلق منها.
وهذا الأثر عن ابن عباس له حكم الرفع لأنه ليس مما يقال بالرأي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(11/12792)
لم يهتم بدفن طفلته المولودة فأحرقت الجثة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وضعت طفلة ميتة في الشهر السابع من الحمل بفرنسا ولقد حرقوها ولم أكن أعرف والمشكلة أن والدها لم يهتم بالدفن وقال لي اتركي المستشفى تقوم بعملها فما حكم هذا.
مع العلم أني لم أكن على علم بحرق الجثة فقد أصبت بانهيار عصبي لما سمعت بهذا الخبر..
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحسن عزاءك في هذه الطفلة ونسأله أن يبدلكما خيرا منها، وقد سبق أن بينا أنه يحرم حرق جثث الموتى فراجعي في هذا الفتوى رقم: 45300.
ولم يكن لهذا الأب أن يترك المستشفى تتولى أمر هذه الجثة خاصة وأنه يعيش في دولة كافرة؛ بل إن كان يعلم أو غلب على ظنه أن هذه الجثة ستحرق فإنه آثم بتركها عندهم. هذا مع العلم بأن الجنين إذا خرج ميتا فإنه يغسل ويصلى عليه وهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 7135.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(11/12793)
حكم رمي الميت في البحر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم دفن الميت في البحر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أنه يشرع دفن الميت بالبحر إذا خيف عليه التغير قبل الوصول إلى البر فيغسل ويكفن ويصلى عليه ثم يرمى بالبحر.
كما قال خليل المالكي في المختصر: ورمي ميت البحر به مكفنا إن لم يرج البر قبل تغيره. انتهى.
وأما إن لم يخف عليه التغير قبل الوصول إلى البر فإنه يؤخر حتى يصلوا للبر فيدفنوه به؛ كما نص عليه المواق -من علماء المالكية-.
ولا شك أن الوسائل قد توفرت في هذا العصر لحفظ الجنازة من التغير حتى تصل للبر فيمكن وضع الميت في ثلاجة تحفظه بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(11/12794)
لفظ الأرض لبعض الكفار والفجار بعد دفنهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت يوما أن شيخا كان يسرق ولما مات عند قبره قذفت به التربة فماذا تقولون في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يستغرب معاقبة الله تعالى لبعض الفجار والعصاة بأن تلفظهم الأرض بعد الدفن ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: كان رجل نصراني فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فعاد نصرانياً فكان يقول ما يدري محمد إلا ما كتبت له فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا له فأعمقوا فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم فألقوه فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا فأصبح قد لفظته الأرض فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه.
وفي سنن ابن ماجه عن عمران بن الحصين قال: أتى نافع بن الأزرق وأصحابه فقالوا: هلكت يا عمران، قال: ما هلكت قالوا: بلى، قال: ما الذي أهلكني، قالوا: قال الله: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه. قال: قد قاتلناهم حتى نفيناهم فكان الدين كله لله إن شئتم حدثتكم حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: وأنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم، شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بعث جيشاً من المسلمين إلى المشركين فلما لقوهم قاتلوهم قتالاً شديداً فمنحوهم أكتافهم فحمل رجل من لحمتي على رجل من المشركين بالرمح فلما غشيه قال: أشهد أن لا إله إلا الله إني مسلم فطعنه فقتله فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت، قال: وما الذي صنعت مرة أو مرتين فأخبره بالذي صنع فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا شققت عن بطنه فعلمت ما في قلبه، قال يا رسول الله لو شققت بطنه لكنت أعلم ما في قلبه، قال: فلا أنت قبلت ما تكلم به ولا أنت تعلم ما في قلبه، قال: فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يلبث إلا يسيراً حتى مات فدفناه فأصبح على ظهر الأرض، فقالوا: لعل عدوا نبشه فدفناه ثم أمرنا غلماننا يحرسونه فأصبح على ظهر الأرض فقلنا لعل الغلمان نعسوا فدفناه ثم حرسناه بأنفسنا فأصبح على ظهر الأرض فألقيناه في بعض تلك الشعاب.
قال الكتاني في مصباح الزجاجة: هذا إسناد حسن عاصم هو الأحول روى له مسلم والسميط وثقة العجلي وروى له مسلم في صحيحه أيضاً وسويد بن سعيد مختلف فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(11/12795)
هل يحس الشخص بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة إلى إحساس الإنسان بعد موته أنا طالبة بكلية الطب أسال إذا ما كان الميت في غرفة المشرحة يحس ويشعر بكل التشريح والتقطيع الذى نقوم به أم أنه لا روح له فبالتالى لا يشعر بكل ما يدور حوله؟ وجزاكم الله ألف خير وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يوجد دليل قاطع في إحساس الميت أو عدم إحساسه، فالصواب فيها التوقف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
قبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى حكم تشريح جثة الميت، وكنا قد بيناه من قبل، فراجعي فيه فتوانا رقم: 56064.
وفيما يخص موضوع سؤالك نقول: إن إحساس الإنسان بعد موته هو من الأمور الغيبة التي لا يصح الكلام فيها إلا بدليل.
وقد اختلف أهل العلم فيه كما بيناه من قبل، ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 54731، وفتوانا رقم: 54990.
ولم نقف على دليل قاطع في المسألة، فالصواب فيها التوقف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(11/12796)
الرائحة الكريهة التي تنبعث من الميت بعد دفنه بزمن
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي متوفي منذ أربعه أشهر أمس ذهبت أمي إلى قبره فقالت إنها شمت رائحة كريهة عند رأسه فما سبب هذه الرائحة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عندنا ما يمكن الجزم به في سبب هذه الرائحة إلا أن خروج الرائحة من جسد الميت الذي لم يوضع في ثلاجة أمر محتمل كما يحصل التغير في اللحم العادي إن لم يوضع في شيء يحفظه، ولذا شرع عند تجهيز الميت أن يطيب لستر الروائح المحتمل خروجها، نص عليه النووي وغيره. ويدل له حديث الصحيحين: اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافوراً. كما نص الفقهاء أيضاً على ضرورة تعميق القبر حتى يحجب ما يصدر منه من الروائح إذا تغير، قال صاحب الكفاف:
أقل عمق القبر ماله حجر * عن سبع وريحه عنا ستر.
هذا ويحتمل أن تكون الرائحة من ميت آخر أومن جهة أخرى، وراجعي الفتوى رقم: 37132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1428(11/12797)
حكم نقل رفات الميت ليدفن في مقبرة العائلة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وتم دفنه في مقابر العائلة، ولكنه كان يتمنى بناء مدفن خاص بأسرته، والآن تم البناء هل يجوز نقل رفات أبي إلى مقابرنا، مع العلم بأن الوفاة من سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 6779، والفتوى رقم: 45421 أنه لا يجوز نبش القبور إلا إذا دعا إلى ذلك ضرورة شرعية، وما ذكره الأخ السائل من أن أباه كان يتمنى أن يدفن في مقبرة خاصة بالأسرة، ودفن في مقبرة أخرى هذا لا يبرر نبش قبره وإخراجه، وليس هذا ضرورة تبيح ذلك.
وعليه؛ فلا نرى جواز نبش قبر والدكم لدفنه في مكان آخر، وأكثر ما يدخل السرور على أبيكم الآن وينفعه هو أن تستغفروا له وتعملوا عملاً صالحاً تهدون ثوابه له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1428(11/12798)
هل الأرض لا تأكل أجساد غير الأنبياء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى أن يفتح القبر على ميت منذ زمن طويل ووجدت جثته لم تتحلل وكان له تقريباً خمسة عشر عاماً متوفى علماً بأن مقابرنا في فلسطين كالبيوت تحت الأرض ندفن الناس فوق بعض خاصة المقبرة التي عند المسجد الأقصى فنفتح القبر على ميت قديم ونضع بجانبه ميتا جديدا فهل هذا حرام؟؟ وما معنى أن الجثة كما هي بشهادة كثير من الشهود الذين رأوه لم يتحلل كما هو؟؟؟؟؟؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ثبت في الخبر الصحيح أن الأرض لا تأكله من الأجساد هم أجساد الأنبياء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم عليه السلام، وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت، أي يقولون: قد بليت، قال: إن الله عز وجل قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام. رواه النسائي وأبو داود وابن ماجه.
وأما من سوى الأنبياء فلم يثبت شيء من ذلك في حقهم، وبالتالي فإذا ظُهر على جثة لم تتحلل فإن ذلك يمكن أن يعتبر كرامة خص الله بها صاحب تلك الجثة، ولكن ذلك يبقى من أمور الغيب التي لا يصح الجزم فيها إلا بدليل.
وعن سؤالك الثاني، فقد بينا من قبل أنه لا يجوز دفن شخصين أو أكثر في قبر واحد إلا لضرورة. ولك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: 71378.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1427(11/12799)
الدافن هل يطلع على عمل الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[يعتقد بعض الناس أن الرجل الذي يقوم بعملية دفن الميت يرى إن كان عمل الميت حسنا يرى أشياء حسنة وإن كان عمل الميت شرا يرى أشياء مرعبة ما صحة هذا؟ أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموت آية من آيات الله، كتبه الله على عباده، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ {الأنبياء:35} . وأحوال الموتى وما سيكونون عليه هي من الأمور الغيبية التي حجبها الله عن عباده.
ولم نقف على دليل في أن من يقوم بعملية دفن الميت يرى أشياء حسنة إن كان عمل الميت حسنا، ويرى أشياء سيئة إن كان عمل الميت سيئا.
إلا أن أهل العلم قد ذكروا أن من علامات أهل الخير أن يوفق العبد قبل موته للبعد عما يغضب ربه سبحانه، والتوبة من الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعات وأعمال الخير، ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة.
ومما يدل على هذا المعنى ما صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بعبده خيرا استعمله. قالوا: كيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل موته. رواه أحمد والترمذي والحاكم.
ولحسن الخاتمة علامات كثيرة، وقد تتبعها العلماء باستقراء النصوص:
- فمنها: النطق بالشهادة عند الموت.
- ومنها: الموت بعرق الجبين.
- ومنها: الموت ليلة الجمعة أو نهارها.
- ومنها: الاستشهاد في ساحة القتال
- ومنها الموت يوم الجمعة.
ومن علامات سوء الخاتمة أن يموت المرء على معصية، والعياذ بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(11/12800)
أحوال الجثث بعد الموت لا يعلمها إلا الله
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت قبل فترة قصة لشاب مضى على موته سنوات وكانت جثته محتفظة بملامحه كاملة من شعر وغيره، وكان تحته مثل رمل أبيض كان هذا الشاب عندما كان حياً مغنياً وممثلاً، فما تفسير هذا الحدث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل أحكام الغناء والتمثيل، ويمكنك أن تراجعي في الأول الفتوى رقم: 987، وفي الثاني الفتوى رقم: 2893.
وأما ما يحدث للأموات من تغيرات في جثثهم، أو بقاء لملامحهم ونحو ذلك، فإنه من الأمور الغيبية التي لا يمكن الإجابة عنها إلا بإخبار من الشارع، ولم يرد نص يحدد شيئاً من هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1427(11/12801)
يحكم بالموت إذا قرر الطب الشرعي ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أم ولدت طفلا ميتا، ولكن لما ذهب به إلى المقبرة لدفنه نبض قلبه من جديد ولما أعادوه مات وأصبح جثة هامدة، فقرر أبواه دفنه، فهل عليهم شيء من ذلك، وهل ينطبق عليهم قوله تعالى: وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت. أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز دفن الإنسان إلا بعد التحقق من وفاته لأن الأصل بقاء ما كان وهو هنا الحياة.
أما إذا تحققت وفاته فإن السنة تعجيل دفنه، وهذا من إكرامه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره. رواه الط براني بإسناد حسن كما قال في شرح الموطأ للزرقاني.
وإذا كان هذا الولد قد ولد ميتا أصلا أو مات بعد تحقق حياته وقرر ذلك أهل الاختصاص وتأكد عند أبويه حتى دفنوه وهم غير متهمين فإن هذا لا يعتبر من الوأد بل هو من الإكرام له.
ولعل من يلاحظ نبض قلبه يتخيل ذلك فقط ولم يتحققه إذا كان الطب الشرعي قد قرر موته تقريرا مؤكدا موثوقا.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتاوى: 39525، 48224، 57141، 66120.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1427(11/12802)
الدفن في البقيع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما فضل ان يدفن المرء في مقبرة البقيع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على حديث صحيح بخصوص فضل الدفن بالبقيع، لكن ذكر الحافظ ابن حجر وغيره حديثا إن صح فهو صريح في فضل الدفن بالبقيع، والحديث رواه الطبراني عن أم قيس بنت محصن قالت: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي حتى أتينا البقيع، فقال يا أم قيس يبعث من هذه المقبرة سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، فقام رجل فقال أنا منهم؟ قال نعم، فقام آخر فقال سبقك بها عكاشة.
قال الحافظ: وإن ثبت حديث أم قيس ففيه تخصيص آخر بمن دفن في البقيع من هذه الأمة وهي مزية عظيمة لأهل المدينة والله أعلم.
وذكر صاحب كشف الخفا خبرا آخر أيضا يدل على أن للدفن في البقيع مزية ونصه: الحجون والبقيع يؤخذان بأطرافهما وينثران في الجنة وهما مقبرتا مكة والمدينة، وهذا الخبر ذكره في الكشاف وبيض له الزيلعي لأنه لم يقف له على سند كما قال أهل العلم في تخريجه، وتبعه الحافظ ابن حجر وسكت عليه السخاوي وقال القاري: لا يعرف له أصل، ولهذا ذكره الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، ولكن قد يفيد في فضل الدفن بالبقيع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه رغب في الموت في المدينة وذلك يستلزم الدفن فيها، والبقيع هو مدفن أهل المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ذلك ما روى الترمذي وابن ماجه وغيرهما عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن يموت بها، ورواية ابن ماجه: من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليفعل فإني أشهد لمن مات بها. صححه الألباني، ومن ذلك ما روى مالك في الموطأ من أنه صلى الله عليه وسلم قال في شأن المدينة: ما على الأرض بقعة أحب إلي أن يكون قبري بها منها ثلاث مرات. والحديث مرسل، وقد روى البخاري في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1427(11/12803)
التعجيل بالجنازة وانتظار القادم من السفر لشهودها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي رحمة الله عليه كان يعيش في مصر وكان يعيش بمفرده في بيتنا الكبير الذي تربينا جميعاً فيه، ورفض أن يعيش مع أي منا، ونحن ستة رجال، وكان عمره 90 عاماً، وكان إخوتي يذهبون إليه لتقديم الوجبات له والجلوس معه طول اليوم ولا يتركوه إلا بعد أن يصلوا العشاء معاً، وأنا أصغر أبنائه وعمري 50 عاماً وأعيش في إيطاليا، وكنت أحادثه يومياً عبر التليفون وآخر مرة تحدثت فيها معه كانت يوم الإثنين 20 مارس الماضي، يوم الثلاثاء اتصلت كعادتي وقت الغداء لأجد أختي ترد علي وتقول بأن الحاج قد أحس بألم في البروستاتا وأعطوه مسكنات وهو أخذ حقنة منذ نصف ساعة ونائم، فاتصلت على أخت أخرى في منزلها وسألتها عن الحاج لتقول نفس الكلام، في المساء اتصلت وحادثت أخي وقال بأن الحاج أخذ حقنة الساعة الثامنة مساء ونائم من يوم الإثنين وأنا أنام معه هنا واطمئن، أنا في اليوم التالي الأربعاء اتصلت لتقول لي أختي نفس الكلام فرجوت منها أن توقظه حتى أسمع صوته فقالت لا نحن لم نصدق أنه نام لأنه كان يتألم شديدا، في مساء الأربعاء اتصلت وقال لي أخي ما قالته أختي في الصباح وقال لي اطمئن الحاج بخير ويدعو لك دائماً، في صباح الخميس الساعة السابعة اتصلت ليرد علي ابن أخي ويقول لي لحظة يا عم أبي سيكلمك ويأتيني صوت أخي ليقول البقاء لله الحاج صعدت روحه إلى خالقها فجر اليوم وسيدفن بعد صلاة الظهر، فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون، وقلت لأخي سأتصل بك بعد عشر دقائق وأغلقت الخط معه، واتصلت بمطار ميلانو وسألت إن كان هناك أي طائرات متجهة إلى القاهرة الآن فقالوا نعم فيه طائرة تقلع الساعة العاشرة وتكون في القاهرة الساعة الثانية ظهراً، وسألت إن كان فيه مكان قالوا نعم فيه مكان في الدرجة الأولى، اتصلت على الفور بأخي وقلت له أرجوكم أجلوا الجنازة إلى بعد صلاة العصر، فالعصر على الثالثة والنصف وطائرتي ستصل الساعة الثانية، فرد علي لا نستطيع لقد أعلنت الميكرفونات بعد صلاة الفجر بأن الجنازة بعد صلاة الظهر، فقلت له غير الإذاعة وأذيعوا بأن الجنازة بعد العصر، فقال لي لا نستطيع فقلت له حرام عليكم تحرموني أن أحضر جنازة والدي، فقلت له الرسول عليه الصلاة والسلام أوصى عندما يموت عبد مسلم أن يعلم به أهله وأحبابه وينتظروا حتى يحضروا جنازته، فقال لا نستطيع الانتظار، سؤالي هو: ألا يعتبر إخوتي مذنبين بأنهم أولاً ضللوني وأخفوا عني الحقيقة التي ترتب عليها عدم سفري لرؤية أبي وهو حي؟ وفي عدم انتظارهم لي لحضور الجنازة مع أنني أوضحت لهم بأن حضوري بالطائرة أكيد الساعة الثانية ظهراً، والله تعالى يقول في كتابه العزيز (وجعلنا لكل شيء سبباً فأتبع سببا) ، أفتونا؟ جزاكم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين لما تقدموا من خدمات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من السنة تعجيل دفن الميت لما روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها عليه، وإن يكن سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم. وقال صلى الله عليه وسلم: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أخرجه الطبراني بإسناد حسن، وقال في شرحه للحديث الأول: وفيه استحباب المبادرة إلى دفن الميت. انتهى.
فهذا هو الأصل في دفن الميت، وهو التعجيل والمبادرة إلى ذلك إلا إذا كان هناك سبب شرعي يدعو إلى تأخير الدفن، ومن الأسباب انتظار أهل الميت، ما لم يطل هذا الانتظار، قال في فيض القدير: ينبغي انتظار الولي إن لم يخف تغيره. انتهى.
وقال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: وفي الانتظار لولي وجهان، أحدها لا بأس أن ينتظر وليه، وهو الصحيح، ... قال في الرعاية الكبرى: ويجوز التأني قدر ما يجتمع له الناس من أقاربه وأصحابه وغيرهم، ما لم يشق عليهم أو يخف عليه الفساد. انتهى. والوجه الثاني لا ينتظر. انتهى.
وفي نهاية المحتاج للرملي الشافعي: (ولا تؤخر) الصلاة عليه أي لا يندب التأخير (لزيادة المصلين) لخبر {أسرعوا بالجنازة} ولا بأس بانتظار الولي إذا رجي حضوره عن قرب وأمن من التغير. انتهى.
وعليه فما قام به إخوانك من التعجيل بدفن الجنازة دون انتظارك جائز لما أسلفناه من استحباب التعجيل بالدفن، وإن كان الأولى انتظارك لا سيما وأن وصولك قريب ولا يخشى على الجنازة من التغير، فنسأل الله أن لا يحرمك الأجر، وينبغي لك التماس العذر لإخوانك، فالأمر سهل، والمهم الآن أن تستغفر لوالدك وتدعو له وتتصدق عنه وأن تصل أرحامك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1427(11/12804)
الأحق بالتقديم في الدفن
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان في المقبرة جنازتين إحدهما لامرأة وأخرى لرجل فأيهما يدفن أولا الرجل أم المرأة؟ وما حكم تقديم دفن المرأة على الرجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا مات جماعة وأمكن أن تتولى جماعة دفن ميت وجماعة أخرى دفن الميت الآخر وهكذا فهو المطلوب لتحقيق المسارعة بالدفن المأمور به, وإن لم يمكن ذلك فالواجب تقديم من خشي تغيره, وإلا قدم الأسبق لأنه الأحق بذلك إلا ما استثني, فإن استووا في الحضور أقرع بينهما. قال الإمام النووي رحمه الله: قال الشافعي والأصحاب: ولو مات جماعة من أهله وأمكنه دفنهم واحدا واحدا, فإن خشي تغير أحدهم بدأ به, ثم بمن يخشى تغيره بعده, وإن لم يخش تغير أحد بدأ بأبيه ثم أمه ثم الأقرب فالأقرب, فإن كانا أخوين قدم أكبرهما, فإن استويا أو كانتا زوجتين أقرع. والله أعلم. اهـ.
وصرح بعض الفقهاء بأنه لو حصلت ضرورة بدفن اثنين في قبر واحد فإنه يقدم وضع الذكر على الأنثى, ويجعل في جهة القبلة حتى يقدم الابن على أمه, إلا إذا سبق وضع الأنثى قبل الذكر فلا تنحى لسبقها. قال الشرواني في حاشيته على التحفة: قوله فيقدم ابن على امه, وهل يقدم الخنثى على أمه احتياطا لاحتمال الذكورة أو تقدم الأم لأن الأصل عدم الذكورة؟ فيه نظر، والأقرب الثاني, لأن الأصالة محققة واحتمال الذكورة مشكوك فيه ... قوله إلا ما استثنى تبع فيه شرح الروض وظاهره انه إذا سبق وضع المرأة مثلا في اللحد نحيت للذكر ولا يخلو عن إشكال ويتجه خلافه, وقد سئل محمد الرملي عن هذا الكلام وأنه يدل على أنه إذا سبق وضع أحدهما في اللحد لا ينحى إلا فيما استثنى فينحى ويؤخر فأبى أن المراد ذلك وقال: لا يجوز تأخير من وضع أولا في اللحد لغيره وإن كان أنثى وذلك الغير أباه لأنه بسبقه استحق ذلك المكان فلا يؤخر عنه. قال: وإنما المراد السبق بالوضع عند القبر فلا يؤخر عنه السابق ويقدم غيره بالوضع على شفير القبر ثم أخذه ووضعه في اللحد أولا إلا فيما استثني فليتأمل. اهـ.
وفيما ذكرنا إشارة إلى أحقية السابق حضورا بالدفن على غيره إلا ما استثني, وليس مما استثني تقديم الرجل على المرأة التي سبق حضورها إلى القبر ولو كان الميت أباها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1427(11/12805)
من يتولى دفن الميت وتجهيزه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم قراءة رسالتي والإجابة على أسئلتي وعدم تحويلي إلى فتاوى مشابهة جزاكم الله خيراً: أمي لديها خادمة تعمل تأتي لها لتنظيف المنزل من الحين إلى الآخر وهي متزوجة من سخص ما وأصبحت حاملا وقد توفي الجنين قبل ولادته بيومين، هذا الزوج غير مسؤول حيث ترك هذه الخادمة وذهب إلى زوجته الأخرى وأهله في الصعيد حيث إنهم لا يعرفون أنه متزوج من هذه الخادمة وبالتالى رفض دفن الطفل لديه طلبت الخادمة من أمي دفن الطفل في المقبرة الخاصة بنا والمدفون فيها أبي وقد رفضت فهل أنا مذنب لذلك؟ وهل يجوز دفن أي شخص مع أي شخص آخر لا يعرفه؟ وهل يحس المتوفى بمن يدفن معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدفن الميت وتجهيزه يكون من ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال فعلى من تجب عليه نفقته وهو هنا الأب، فإن قصر وأبى فهو آثم ويكون ذلك على أمه إن كان لها مال، فإن عجزت فعلى جماعة المسلمين إذا قام به بعضهم سقط الإثم عن الباقين وإلا أثموا جميعا، ويتعين على من علم به، وقد اختلف الفقهاء في حكم أخذ أجرة على ذلك فأجازها البعض ومنعها البعض، وكرهها آخرون، قال الكاساني في بدائع الصنائع: ولا يجوز الاستئجار على غسل الميت، ذكره في الفتاوى، لأنه واجب، والحنابلة كرهوا الاستئجار على غسل الميت، ولم يحرموه، قال في كشاف القناع: ويكره أخذ أجرة على شيء من ذلك، وأجاز ذلك آخرون مع أنه واجب في الأصل، قال الشربيني في مغني المحتاج: وتصح الإجارة لتجهيز ميت كغسله وتكفينه ودفنه، وتعليم القرآن أو بعضه، ونحو ذلك مما هو فرض كفاية، وليس بشائع في الأصل، وإن تعين على الأجير في الأصح.
ولو جرت العادة كما عندكم على تخصيص مقبرة لكل أسرة فلا يمنع ذلك أن يدفن غيرهم معهم بأجر أو بغير بأجر، وإذا لم تفعلوا بعد علمكم بالأمر وتقصير المسؤول عن الصبي أو عجزه فإنكم آثمون لتعين ذلك عليكم بالعلم.
ولا علاقة للوالد المدفون بتلك المقبرة بذلك الصبي أو غيره من الأموات الذين يدفنون معه فيها أو بعده سواء أكان يعرفهم أم لا، فكل يجازى حسب عمله؟ ولكن هل يشعر الميت بمن يدفن معه ويحس به ويعرفه أم لا؟ الجواب أن أمور القبر والآخرة من الأمور الغيبية التي لا يمكن الحديث عنها اعتباطا بلا لا بد من نص صحيح بذلك ولم نقف فيما اطلعنا عليه على خبر يفيد معرفة الأموات لمن يدفن معهم أو شعورهم به، سوى ما ذكر في حق الشهداء فقد أخرج الطبري بسنده قال: حدثنا محمد قال حدثنا أحمد قال حدثنا أسباط عن السدي: أما: وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ فإن الشهيد يؤتى بكتاب فيه من يقدم عليه من إخوانه وأهله فيقال: يقدم عليك يوم كذا وكذا ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا فيستبشر حين يقدم عليه كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا.
وأمور البرزخ لا تقاس على أمور هذه الدنيا وأحوالها وقوانينها، وللاستزادة انظر الفتويين رقم: 4276، ورقم: 9853.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1427(11/12806)
رماد المسلم هل يدفن في مقابر المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أسلمت امرأة شهرين قبل وفاتها ولم تعلم بذلك إلاّ ابنتها المسلمة أيضا والتي أعانتها على الإسلام, لكنها لم تعلم عائلتها غير المسلمة بذلك. عند موتها (أي بعد شهرين) كانت ابنتها المسلمة مسافرة وقامت عائلتها بحرقها عوضا عن دفنها وذلك لغلاء الأراضي في بلدها (كندا) (علما أنه حتى في حال وجود البنت فإنّ العائلة لا تأخذ برأيها إن رفضت حرقها لأنّهم كانوا قد قاطعوها بسبب إسلامها) . بعد الحرق قام زوج الأم بتفريق الرماد على العائلة في بيضات مع صورة للأم وكلمات ذكرى ملصقة عليها كذكرى للأم المتوفاة (بما في ذلك ابنتها المسلمة رغم رفضها) . الابنة الآن محتارة: ماذا تفعل بهذا الرماد: أتدفنه في التراب أم تدفنه في مقبرة إسلاميّة أم ماذا؟؟؟؟
بارك الله في جهودكم وجزاكم الله خير الجزاء على ما تقدّمونه من خدمة لإخوانكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول أولا لهذه البنت هنيئا لك إذ كنت سببا في هداية أمك للإسلام حتى ختم لها به ونسأل الله تعالى أن يتقبلها مسلمة ويسكنها فسيح جناته، وأما جواب السؤال فلم نقف على كلام لأهل العلم في خصوص وجوب دفن الرماد الباقي بعد حرق الميت سواء أحرق بعمد كما فعل هؤلاء الكفرة بهذه المسلمة أو بغير عمد كأن يكون شخص في بيت فاحترق عليه وأحرقه ولكن الفقهاء نصوا على أنه يجب دفن جميع أجزاء الميت. والرماد الباقي بعد حرقه قد يكون فيه أجزاء من المحروق فيجب دفنه وقد يكون استحال فيدفن أيضا لأنه رماد مسلم وهو محترم فينبغي احترامه وصونه بدفنه والأولى أن يكون الدفن في مقبرة المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(11/12807)
الدفن في التابوت وحكم بيعه للكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التابوت في ديننا ـ يعني ننقل مثلا الميت من بلاد الكفر ـ للمصلحة ـ بالتابوت ليصل إلينا ثم ندفنه شرعا، أو أننا ندفنه في التابوت نفسه إذا أتي إلينا من الخارج، والسؤال الآخر تعلم بارك الله في عمرك أنه لو بقي التابوت معنا فماذا نفعل به.. هل يجوز بيعه للكفار في ديار الاسلام أو بيعه عموما ولمن هذا المال، أيكون لأصحاب التركة والورثة؟ يرجى من فضيلتك إلقاء الضوء على هذا، وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كره أهل العلم الدفن في التابوت إلا إذا دعت الحاجة لذلك فتنتفي الكراهة، وذلك كعدم وجود اللبن أو تكون الأرض رخوة أورطبة أو يكون الميت قد تغير.
قال الباجي المالكي في المنتقى: قال ابن القاسم: ويكره الدفن في التابوت إلا أن لا يوجد الطوب.. وإنما كره في ذلك ما كان على وجه السرف.
وعلل بعض أهل العلم الكراهة لأن الدفن في التابوت من عادة الأعاجم وأهل الكتاب
وإذا لم يدفن الميت في التابوت فلا مانع شرعا من بيعه للكفار أو لغيرهم والانتفاع بثمنه، ويكون ثمنه لمالكه.
فإذا كان من مال الميت أووُهب له فإن ثمنه يكون لورثته.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجوالاطلاع على الفتويين: 54552، 4003.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(11/12808)
استقبال القبلة عند الدعاء للميت بعد دفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من السنة بعد دفن الميت التوجه للقبلة عند الدعاء له؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أنه من السنة الدعاء للميت قبل وبعد الدفن، كما في الفتوى رقم: 626، ورقم: 45268، ورقم: 57138.
وأما استقبال القبلة عند الدعاء له فلم نقف عليه مأثوراً مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في الجملة من آداب الدعاء، كما بينا في الفتوى رقم: 23599.
وفي مجمع الزوائد ل لهيثمي عن الحكم بن حارث السلمي أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث غزوات، فأوصى إذا دفن، قال: فقوموا على قبري واستقبلوا القبلة وادعوا لي. ولكن هذا الأثر ضعيف.
وعن عبد الله بن مسعود قال: والله لكأني أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبر عبد الله ذي البجادين وأبو بكر وعمر وهو يقول ناولوني صاحبكما حتى وسده في لحده فلما فرغ من دفنه استقبل القبلة فقال: اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه. وهو ضعيف أيضاً.
ومما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك استقباله للقبلة في دعائه ببدر وفي الاستسقاء وعند رمي الجمار واستقبلها في دعائه بالمشعر الحرام وغير ذلك من المواطن التي نقل فيها أنه استقبل القبلة بدعائه، وقد بوب البخاري بابين فقال: باب الدعاء غير مستقبل القبلة، وفي الباب الثاني قال: باب الدعاء مستقبل القبلة.
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم هذا وذاك وبالجملة فاستقبالها من آداب الدعاء كما ذكرنا، وإن لم ينقل عنه أنه استقبلها في دعائه بعد الدفن إلا فيما لم يصح مما ذكرناه فلا بأس على من فعل ذلك ولا حرج على من تركه، والأولى فعله للأدلة العامة على مشروعية استقبال القبلة في الدعاء.
قال ابن حجر وقد ترجم البخاري في الدعوات: والدعاء مستقبل القبلة من غير قيد بالاستسقاء وكأنه ألحق به لأن الأصل عدم الاختصاص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1426(11/12809)
مذاهب العلماء في الجلوس عند القبر قبل الدفن وأثناءه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الطريقة الشرعية لاتباع الجنازة؟ وأيهما أفضل الجلوس أم الوقوف عند عملية الدفن لأنه وقع خلاف بين المشيعين منهم من أمر بالجلوس ومنهم أمر بالوقوف. أفيدوني بالصواب وما يوافق السنة.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 24279، صفة تشييع الجنازة من الركوب والمشي، وأن الركوب مكروه لمن لا يشق عليه المشي، وأن الأفضل للمشاة أن يتقدموا أمام الجنازة، والأفضل للراكب أن يمشي خلفها.
وأما الجلوس عند القبر قبل أن توضع الجنازة عن أعناق الرجال فقد اختلف فيه الفقهاء؛ فكرهه الحنابلة والأحناف، بل ذهب الأحناف إلى كراهة الجلوس حتى تدفن كما سيأتي. وهو جائز عند المالكية، ومحل تخيير عند الشافعية. وأما بعد وضعها عن الأعناق أثناء الدفن فلا كراهة في الجلوس ولا القيام والأمر في ذلك على الإباحة؛ إلا قول بعض الأحناف وقد أشرنا إليه آنفاً. وقد استدل القائلون بكراهة الجلوس قبل أن توضع الجنازة عن أعناق الرجال بما رواه البخاري ومسلم وأبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا اتبعتم جنازة فلا تجلسوا حتى توضع. وهذا لفظ مسلم. قال أبو داود: روى هذا الحديث سفيان الثوري عن سهيل عن أبي هريرة قال فيه: حتى توضع بالأرض. ورواه أبو معاوية عن سهيل قال: حتى توضع في اللحد. قال أبو داود: وسفيان أحفظ من أبي معاوية. قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: قد رجح المؤلف (يعني أبا داود) رواية سفيان على الرواية الأخرى -أعني قوله: حتى توضع في اللحد- وكذلك قال الأثرم - أي وهَم رواية أبي معاوية، وكذلك أشار البخاري إلى ترجيحها بقوله: باب من شهد جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال. وأخرج أبو نعيم عن سهيل قال: رأيت أبا صالح لا يجلس حتى توضع عن مناكب الرجال. وهذا يدل على أن الرواية الأولى أرجح لأن أبا صالح راوي الحديث وهو أعرف بالمراد منه، وقد تمسك بالرواية الأخرى صاحب المحيط من الحنفية فقال: الأفضل ألا يقعد حتى يهال عليها التراب. انتهى.
ويدل لجواز الجلوس عند القبر أثناء الدفن حديث البراء الذي رواه أبو داود والنسائي وغيرهما وهو حديث صحيح كما ذكر الألباني رحمه الله تعالى، ورواية النسائي عن البراء: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة فلما انتهينا إلى القبر ولم يلحد فجلس وجلسنا حوله كأنما على رؤسنا الطير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(11/12810)
مؤن الدفن وتجهيز الزوجة هل تجب على زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة توفي عنها زوجها ولم ترزق منه بأولاد وترك لها في حصتها الشرعية مالا قدره حوالي 12 ألف دولار، وذلك منذ 21 سنة، ومعاشا يكفيها حاجتها، وعندما تزوجت بعد وفاة زوجها بثلاث سنوات منذ 18 سنة أوقف عنها المعاش، والزوج الثاني حالته المادية جيدة وله أولاد من غيرها متزوجون جميعاً وهي ليس لديها أولاد، وطول هذه السنين تخدمه وترعاه وتصرف على نفسها من إرثها من زوجها الأول والزوج الثاني فقط يقوم بإيوائها وأكلها، سؤالي هو: هل من حق الزوج الثاني بعد وفاتها في إرث باقي ما لديها من مال وذهب، وهل من حقه ألا يتكفل بمصاريف المأتم والدفن، علماً بأن لديها 2 إخوة ذكور و4 أخوات بنات كانوا يتمنون أن يقوموا بعمل صدقة جارية لروحها ولا يريدون أخذ شيء من الإرث، فما حكم الشرع في ذلك، وما هي حصة الزوج في عدم وجود أولاد بينما يوجود أولاد له من زواج سابق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده مما أعطاه الله غير مبذر ولا مقتر، قال الله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ {الطلاق:7} ، وفي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود من حديث حكيم بن معاوية عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حين سأله رجل ما حق المرأة على الزوج: تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت.
وإذا أنفقت الزوجة على نفسها أو على زوجها أو أسقطت عنه شيئاً من حقوقها أو قامت عنه ببعض ما هو واجب عليه متطوعة بذلك، فإنها بذلك تكون قد قامت بصلة وصدقة لها فيها الأجر عند الله إن شاء الله، ولكن أي شيء من ذلك لا يسقط حق الزوج في الإرث، بل هو واحد من جملة الورثة، ونصيبه نصف ما تركت الزوجة، طالما أنها لم تترك ولدا، قال الله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ {النساء:12} ، ولا يختلف هذا الحكم بكونه هو له أولاد من غيرها، لأن العبرة إنما هي بأولادها هي، سواء كانوا منه أو من غيره.
وأما بالنسبة لمصاريف مؤن الدفن والتجهيز فالجواب أن أهل العلم اختلفوا فيما إذا كان الزوج هو المطلوب بالكفن ونحوه أم لا، فأوجبه عليه الشافعية وأبو يوسف من الحنفية، ونفاه عنه المالكية والحنابلة ومحمد من الحنفية، قال صاحب التجريد وهو شافعي: ولو امتنع الزوج الموسر من ذلك أو كان غائباً فجهز الزوجة الورثة من مالها أو غيره رجعوا عليه بما ذكر إن فعلوه بإذن حاكم يراه وإلا فلا.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي: إلا المرأة فإنه لا يجب كفنها على زوجها عند محمد، لأن الزوجية انقطعت بالموت فصار كالأجنبي وعن أبي يوسف يجب عليه كفنها، كما تجب عليه كسوتها في حال حياتها.
وقال الشيخ خليل المالكي: وهو على المنفق بقرابة أو رق لا زوجية.
وفي الموسوعة الفقهية: وعلى الزوج تكفين زوجته عند الحنفية على قول مفتى به، والمالكية في قول والشافعية في الأصح، لأن نفقة الزوجة واجبة على زوجها حياتها فكذلك التكفين، وأما عند المالكية والحنابلة ومحمد من الحنفية، فلا يلزم الزوج كفن امرأته ولا مؤنة تجهيزها، لأن النفقة والكسوة وجبا في حالة الزواج وقد انقطع بالموت فأشبهت الأجنبية. وتراجع الفتوى رقم: 28527.
والذي نرى رجحانه -والله أعلم- هو ما ذهبت إليه الشافعية وأبو يوسف من الحنفية وعليه الفتوى عندهم، وإليه ذهبت لجنة الفتوى في الأزهر وهو القول بوجوب تجهيز الزوجة على زوجها ولو كانت غنية ووجه الترجيح: أن الأصل المستقر في الشريعة: أن سائر من تلزم المسلم نفقتهم وكسوتهم حال حياتهم، تجب عليه مؤنة تجهيزهم بعد مماتهم، وكذلك الزوج تجب عليه نفقة زوجها وكسوتها حال حياتها، فيلزمه تجهيزها بعد مماتها، ومما يؤكد ذلك عموم النصوص الموجبة لنفقة الزوجة وكسوتها على زوجها، كقوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. وقوله تعالى: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. وقوله صلى الله عليه وسلم: للنساء رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وأمثال هذه النصوص فإن ذلك عام يشمل حال الحياة وحال الوفاة.
وإذا كان مرادك بمصاريف المأتم إقامة مأدبات الطعام في العزاء، فإن ذلك من البدع والمحدثات المنكرة، ولا يجب على الزوج ولا على غيره، وانظر الفتوى رقم: 140.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1426(11/12811)
حكم دفن الميت في صندوق خشبي
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أكثر من ثلاثين سنة توفي لأمي ابنها البكر عن عمر 6 أشهر ولحرقة الأم وجهلها بأحكام الشرع في تلك الفترة أصرت أن يوضع ابنها في صندوق من خشب ويدفن فيه، وقد تابت الآن فهل عليها كفارة أو طريقة تصلح بها خطأها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على كراهة دفن الميت في الصندوق، لما في ذلك من مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الدفن وخشية أن يكون فيه تشبه بغير المسلمين، وهذا في الحالات العادية.
أما إذا كان لذلك داع كخشية نبش القبر.... فإنه ليس بمكروه بل هو الأولى لما فيه من حفظ الميت، وعلى كل فليس على أمك كفارة وما فعلته لا يصل إلى حد الحرام.
ونوصيها بتقوى الله عز وجل والمحافظة على أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه واتباع السنة وعمل ما استطاعت من أعمال الخير، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 14380.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/12812)
الدفن في مقابر العيون
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم الناس في البلدة ببناء مقابر (عيون) جماعية بعد أن كنا ندفن كل ميت على حدة في مقبرة خاصة به،1-أيهما أفضل مقبرة على حدة أم مقابر عيون، 2-ما الصفات التي يجب توافرها في مقابر العيون من حيث ارتفاع البناء -نوع الطوب المبني به -صب هذه العيون بإسمنت مسلح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن كل ميت يدفن على حدة في قبر خاص به، وهذه هي الطريقة المعروفة في عصر الصحابة والتابعين فمن بعدهم مما يدل على أنها أفضل من غيرها وأولى، وراجع صفة القبر المشروعة في الفتوى رقم: 504، والفتوى رقم: 562. وبخصوص مقابر العيون هذه والتي تسمى بالفسقية كما هو معروف في مصر بلد السائل فقد سبق الإجابة على هذه المسألة في الفتوى رقم: 20280.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(11/12813)
نبش القبر ومخاطبة الأرض عند الدفن
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو بعض المسلمين يدفنون الميت ثم يقولون للأرض هذا الميت أمانة عندك لمدة أسبوع مثلا ثم يقومون بنقل الميت إلى مكان سكن أهله فهل يوجد دليل شرعي على ذلك أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام المذكور الذي يقوله هؤلاء عند دفن الميت لا أصل له، ولا يجوز نبش قبر الميت بحجة نقله ودفنه في مكان سكن أهله أو في مقبرة العائلة ونحو ذلك، وإنما يجوز نبشه لضرورة كدفنه بلا غسل أو لمصلحة راجحة كنقله مخافة شيء يؤذيه ونحو ذلك.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 21883 والفتوى رقم: 27731.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(11/12814)
دعاء \"اللهم إن صاحبنا قد نزل بك..\" مستحب بعد الدفن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإنسان أن يقول للمرأة في تشييع الجنازة اللهم إن صاحبنا قد نزل بك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من قول الدعاء المذكور في حق الرجل والمرأة، لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله بعد دفن الميت وتسوية التراب عليه، لكن ينبغي ذكر صيغة التأنيث في حق المرأة، وراجع الفتوى رقم: 10225.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1426(11/12815)
استحباب المكث عند القبر بعد الدفن
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (بعد دفن الميت ننتظر عنده مقدار ذبح جزور وتقطيع لحمه) فهذه فترة طويلة قد تتجاوز الساعتين فهل تجوز لنا قراءة القرآن في هذه الفترة؟ وإن كان لا يجوز لنا ذلك فما هي السنة التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في هذه الفترة؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخبر الذي أشرت إليه هو من كلام عمرو بن العاص رضي الله عنه لما حضرته الوفاة، وليس من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد قال فيه: فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي. رواه مسلم.
قال النووي في شرح الحديث: ... ومنها استحباب المكث عند القبر بعد الدفن لحظة نحو ما ذكر لما ذكر ... وهذا الذي ذكر لا يحتاج إلى ساعتين ... بل يحتاج أقل من ذلك بكثير، فينبغي لك أن تقارنه بما يفعله الجزارون المتمرسون.
وفيما يتعلق بقراءة القرآن عند القبر، فقد اختلف فيها أهل العلم على أقوال كنا قد بيناها من قبل، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 14865.
ولك أن تراجع فيما يشرع فعله عند وفاة الإنسان وبعدها فتوانا رقم: 14964.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(11/12816)
حكم نبش القبور لتشريح الموتى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج عظام البشر الميت للعلم والبحث؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الشرع الحكيم عن نبش القبور والعبث بها تكريما للإنسان، وجعل كسر عظام الإنسان وهو ميت ككسرها وهو حي. روى أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كسر عظم الميت ككسره حيا. وفي صحيح مسلم: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا عليها. ومع هذا فإن قواعد الشرع تقتضي جلب المصالح وتكثيرها، ودفع المفاسد وتقليلها، فإذا ارتبط بتشريح جثة الميت جلب مصالح أو درء مفاسد، ولم يمكن الاستغناء في ذلك عن التشريح فإنه يباح، وكنا قد بينا ذلك في فتاوى سابقة، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 6777. وإذا احتيج إلى التشريح وأريد فعله فالأولى فيه الاقتصار على من لم يدفن بعد لتجنب نبش القبر، فإن لم يوجد للتشريح غير المدفونين فلا مانع من إخراج عظام الميت حينئذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(11/12817)
أحكام تتعلق بالميت بعد دفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن الأموات، هل عند زيارة الميت يرى ويسمع الزائر أو يحس بما يجري في العالم، وهل وضع ورق النخيل على رأس الميت وسقيه بالماء مشروع أم أنه بدعة فقط، وهل زيارة المرأة القبر لقراءة القرآن يفسد حجها، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رؤية الميت لمن يزوره مسألة غيبية يتوقف إثباتها على الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة، ولا نعلم دليلاً يثبت ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وفيه آثار عن عائشة. وأما سماع الأموات كلام الأحياء فقد اختلف فيه العلماء فمنهم من أثبته ومنهم من نفاه، والصحيح أن الميت يسمع كلام الأحياء لما ثبت في الصحيحين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت إذا وضع في قبره إنه ليسمع خفق نعالهم إذا انصرفوا. وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على القليب فقال: هل وجدتم ما وعد ربكم حقاًً ... إلى أن قال: والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم.
وقد ثبت في الصحيحين من غير وجه أنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالسلام على أهل القبور ويقول: قولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ... الحديث
قال ابن تيمية: فهذا خطاب لهم وإنما يخاطب من يسمع. وقال في موضع آخر: إن الميت يسمع من الجملة كلام الحي ولا يجب أن يكون السمع له دائماً، بل قد يسمع في حال دون حال كما قد يعرض للحي، فإنه قد يسمع أحياناً خطاب من يخاطبه وقد لا يسمع لعارض له. اهـ
أما إحساس الميت وعلمه بما يجري في العالم، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قد جاءت الآثار بتلاقيهم وتساؤلهم وعرض أعمال الأحياء على الأموات كما روى ابن المبارك عن أبي أيوب الأنصاري: إذا قبضت نفس المؤمن تلقاها أهل الرحمة من عباد الله كما يتلقون البشير في الدنيا فيقبلون عليه ويسألونه فيقول بعضهم لبعض انظروا أخاكم يستريح، فإنه كان في كرب شديد، قال: فيقبلون عليه ويسألونه ما فعل فلان وما فعلت فلانة هل تزوجت. اهـ
وإسناده جيد كما قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء، وروي مرفوعاً ولكن إسناده ضعيف جداً كما قال العراقي والألباني، ولعل هذا هو سبب إعراض ابن تيمية عن المرفوع إلى الموقوف، والموقوف هنا له حكم الرفع لأن الغيبيات لا تعرف بالعقل.
وأما وضع ورق النخيل على القبر فهو محل خلاف بين أهل العلم والراجح عدم مشروعيته، وأن وضعه على القبر كان خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم راجع الفتوى رقم: 24505.
وأما سكب الماء، فإن كان المقصود سكبه على القبر فيجوز إذا قصد به تماسك التربة وحفظ الميت من كشف التراب عنه، ولا يكون هذا إلا بعد الدفن، وأما ما يفعله العامة من رش القبر عند الزيارة فهو بدعة، وإن كان مقصود السائل سقي ورق النخيل فهو غير مشروع.
أما زيارة النساء للقبور فالراجح جوازها للاتعاظ وتذكر اليوم الآخر شريطة ألا تفضي إلى محرم من شق الجيوب والنياحة وغير ذلك من المنكرات، وراجع الفتوى رقم: 3592 ولا تأثير لزيارة القبر على صحة الحج.
أما قراءة القرآن وإهداء ثوابه للميت فالصحيح أنه يصل إليه الثواب، ولكن دون تخصيص القراءة عند القبر، لأن هذا مكروه كما سبق في الفتوى رقم: 14865.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(11/12818)
حكم دفن طفل مسيحي في مقابر المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفن طفل مسيحي في مقبرة إسلامية وإن تم ذلك فما كفارته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز دفن طفل مسيحي في مقابر المسلمين، لأن حكمه تابع لحكم أبويه، وكنا قد أجبنا عن مثل هذا في فتاوى سابقة، فراجع فيه الفتوى رقم: 30101
وإذا دفن الكافر في مقابر المسلمين -صغيراً كان أو كبيراً- فالصواب أن لا ينبش قبره، بل يترك إلا أن يكون دفن في حرم مكة فإنه ينبش ما لم يتقطع لحمه، قال صاحب أسنى المطالب: وإن دفن الكافر في حرم مكة نبش قبره وأخرج لأن بقاء جيفته فيه أشد من دخوله حيا ما لم يتهر أي يتقطع، فإن تهرى ترك.
وقال في موضع آخر: ولا يدفن الكافر في الحجاز إن أمكن نقله قبل التغير، وإلا دفن فيه، فلو دفن لم ينبش وإن لم يتغير.
والشاهد منه أن الكافر إذا كان لا ينبش إذا دفن في الحجاز، وهو ممنوع أصلاً من الإقامة فيها ومن أن يدفن فيها، فعدم نبشه إذا دفن في غيرها من البلاد التي يجوز أن يقيم فيها أحرى.
وليس في دفن الكافر في مقابر المسلمين كفارة محددة ولا يجب فيه إلا التوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(11/12819)
حكم وضع الحجر تحت رأس الميت في قبره
[السُّؤَالُ]
ـ[سلام عليكم.. يا شيخ ما هو حكم وضع بعض الأحجار تحت رأس الميت كالمخدة له.. وأنا توصلت إلى أنه لا تجوز الصلاة في المقبرة ولا إليها والسؤال هو الآن في المقبرة حائط من حديد يرى بداخل المقبرة وفي الجهة الأخرى للحديد مسجد يعني يفصل بينه وبين القبور باب من حديد فما حكم هذا المسجد حيث قد تكون القبلة باتجاه القبور وأيضا لو لم يتبق من وقت انتهى الصلاة إلا بعض دقائق مثلا وأنا في المقبرة فهل أصلي فيها وأيضا يا شيخ كيف أوفق بين ما ذكرته آنفاً وبين فعل الرسول وصحابته من الصلاة على الخادمة التي ماتت في الليل فراح وصلى عليها الرسول وتبعه الصحابة فهو صلى في المقبرة وأيضا لما اتجه إلى القبلة سيكون أمامي قبور هلا فصلتم لنا بارك الله في كل ما تحبونه وترضونه وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1- ... ... فلا بأس بوضع حجر أو لبنة تحت رأس الميت كالمخدة.
قال ابن قدامة في "المغني": ويوضع تحت رأسه لبنة أو حجرا أو شيئا مرتفعا كما يصنع الحي.
وقال الإمام الشيرازي في "المهذب" ويوسد رأسه بلبنة أو مجر كالحي إذا نام.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(11/12820)
نبش القبر لا يجوز إلا في حال الضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: رجل أوصى بدفنه بجانب بيته عند مماته وفعلا تم ذلك قبل ما يزيد على سبعة عشر عاما والآن يريد أبناؤه إقامة منزل على القطعة التي فيها القبر، فهل يجوز نقل الرفات إلى مقبرة البلدة أو إلى أي مكان آخر؟ أو هل يستطيعون البناء فوق القبر؟ يرجى الإفادة مع الشكر الجزيل وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالكم اشتمل على أمرين:
الأول: حكم نبش القبر، وهو حرام إلا عند الضرورة، وليس ما ذكر في السؤال من الضرورة، كما يجوز نبش القبور والاستفادة من مكانها إذا بليت تماما، على تفصيل تجده في الفتوى رقم: 29029، 19135، 21372.
والثاني: حكم البناء على القبر، وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتاوى التالية: 33304 504، 44912.
والخلاصة أنه لا يجوز نبش القبر للغرض المذكور ولا البناء على القبر.
ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(11/12821)
حرق جثث الموتى.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال/ هل يجوز حرق الجثث الآدمية في الحالات الاستثنائية خشية انتشار الأوبئة لا سيما في حالة الحروب والكوارث الطبيعية واستحالة الدفن الشرعي العادي
... وفي انتظار الفتوى لكم منا خالص المحبة والتقدير والله يحفظكم ويرعاكم
ملاحظة هامة/ مع رجاء التفضل بما أمكن من المصادر والمراجع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز حرق جثة الميت لأن له حرمة كحرمة الحي، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كسر عظم الميت ككسره حيا. رواه ابن ماجه وأبو داود وابن حبان في صحيحه.
فإذا كان كسر عظامه ميتا بمثابة كسرها حيا، فهذا يعني أن إحراقها بعد موته بمثابة إحراقها وهو حي، وهذا التشبيه كاف في الزجر عن هذا الفعل والتشنيع على مرتكبه.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الجلوس على القبر، وما ذاك إلا لحرمة الميت وكرامته.
ولكن لو حصلت كارثة ذهب ضحيتها عدد كثير وتعذر دفنهم أو مواراتهم عن ظاهر الأرض وكان في بقائهم على هذه الصفة ضرر على الأحياء بتقرير أهل الخبرة في هذا المجال، فلا حرج في إحراقهم حفظا لسلامة الآخرين ودفعا للضرر عنهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/12822)
حكم المدافن المشيدة فوق سطح الأرض للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[انا مقيم مصري بدولة الكويت وقد سألت من قبل عن حكم الدفن في وحه بحري عندنا حيث ان المدافن مشيدة وفوق سطح الارض بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية بالإضافة الى عدم توفرالأماكن للدفن بطريق شرعية حيث أحيانا يكون المدفن من دورين حيث الأعلى للأطفال.
وسألت أيضا عن حكم دفن العائلة الواحدة في مدفن واحد منذ أمد بعيد لنفس الأسباب بعاليه
بارك الله فيكم وجعله في حسنات القائمين على الموقع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على سؤالك في الفتويين: 504 / 29974.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(11/12823)
يستحب دفن ما زال من أجزاء البدن
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يكون التخلص من الحبل السري (سرة) للمولود حسب السنة?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صرح جمهور الفقهاء بأنه يستحب أن يدفن ما يزيله الشخص من ظفر وشعر ودم، لما روى عن ميل بنت مشرح الأشرعية قالت: رأيت أبي يقلم أظفاره ويدفنه، ويقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك. رواه الخلال.
وقال أحمد رحمه الله: كان ابن عمر يفعله.
قال الحافظ ابن حجر وهو يتحدث عن دفن الأظافر والشعر: وقد استحب أصحابنا دفنها لكونها أجزاء من الآدمي، ونقل ذلك عن ابن عمرو وهو متفق عليه بين المذاهب
والحبل السري جزء انفصل من آدمي فينبغي أن يدفن ويوارى فهو كالدم والشعر والظفر، وكذلك كدفن العلقة والمضغة التي تلقيها المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1423(11/12824)
هل يجوز للمسلم أن يحرق جثة أبيه الهندوسي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الرد علي باسرع وقت لأهمية الأمر
هناك شخص أسلم قبل عدة أيام وهناك سؤال يخطر على باله دائما وهو أن من عادات أهله (الهندوس) أن يقوموا بإحراق الميت ويجب أن يقوم الابن بعمل ذلك وبما أنه الابن الوحيد في العائلة فليس هناك غيره لهذه المهمة وهي من واجبات الابن نحو الوالدين لذا يسأل ماذا يجب عليه عمله حيال هذا الموضوع لأن أهله سوف يسألون هذا السؤال عندما يقوم بإخبارهم بأنه أسلم وما يجب عليه فعله وأيضا كيف يتعامل مع أهله الكافرين أرجو منكم التفضل بإعطائه الجواب الشافي والذي سوف يريح باله عن التفكير في هذا الموضوع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا نهنئ الأخ الكريم بدخوله في دين الإسلام، الذي ارتضاه الله وختم به جميع الرسالات والأديان، فقال عز وجل: وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً [المائدة:3] .
وللفائدة راجع الفتوى رقم:
14927.
أما بالنسبة للتعامل مع أهله وأسرته فإنه يعاملهم معاملة حسنة، فلعل ذلك يكون سبباً في إسلامهم، وقد مضى بيان كيفية التعامل مع الكفار في الفتوى رقم:
9896 والفتوى رقم:
15908.
إلا أنه يجب عليه أن يبر والديه، وأن يصل رحمه التي يجب وصلها، دون محبة أو مداهنة أو طاعة في معصية الله، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا [لقمان:15] .
فإذا مات أحد والديه ولم يوجد أحد غيره يلي أمره جاز له أن يدفنه ليواريه عن الناس، قال في مطالب أولي النهى: بل يوارى وجوباً لعدم من يواريه من الكفار. انتهى
وذلك لما روى النسائي في سننه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبا طالب مات، فقال: اذهب فواره، قال: إنه مات مشركاً، قال: اذهب فواره، فلما واريته رجعت إليه، فقال لي: اغتسل. وصححه الألباني.
فإن أبو إلا أن يحرقوه فلا يشاركهم في ذلك، لأن حرق جثث الموتى من شعائر دينهم، ونحن مأمورون بمخالفتهم، كما أنه لا يجوز لما فيه من الإهانة لآدميته، وراجع في هذا الفتوى رقم:
1425.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1423(11/12825)
حكم بناء مسجد على أرض بها قبور
[السُّؤَالُ]
ـ[بعثت لكم سؤالا على الفتاوى الحية، وفصلتم فيه كثيرا بحيث أني لم أخرج لكم برأي في المسألة، فأرجو الاختصار الشديد: قطعة أرض فيها ثلاثة قبور اشتريناها لبناء مسجد فيها، ووافق أصحابها على نقل القبور فهل يحل لنا ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكما لا يجوز بناء المسجد على القبور، فإنه لا يجوز أيضا نبش القبور ونقل ما فيها من أجل بناء مسجد، سواء وافق أصحاب الأرض أم لا؛ لأن حرمة نبش القبور من أجل حرمة الموتى، هذا إذا بقي للأموات أثر من عظم أو غيره. أما إذا لم يبق لهم أثر، فلا حرج حينئذ في نبش هذه القبور وبناء مسجد.
وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 19135، 74077، 19182.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1430(11/12826)
حكم زراعة شجر الزيتون على القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز زرع شجرة زيتون على قبر ميت وإن كان الميت حيوانا، هذة المرة الثانية التي أبعث فيها هذا السؤال فارجو الرد عليه وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زرع شجر الزيتون أو غيره من الأشجار على القبور، إما أن يكون لقصد التعبد أولا. فإن كان الأول فإن ذلك لا يجوز، لأنه لم يكن من هدي سلف هذه الأمة وأئمتها، فهو بدعة من البدع، وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
وإن كان بقصد استظلال زائري القبور أو غيره من المقاصد الحسنة فلا بأس به، وقد يكون الفاعل مأجورا عليه. وكنا قد أجبنا عن مثل هذا السؤال من قبل، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 20611.
وأما إن كان الميت حيوانا، فإن دفنه ليس معروفا إلا أن يكون لمنع انتشار الأمراض الحيوانية المعدية والوبائية، فلا بأس حينئذ بحرقه أو دفنه. ويكون حكم غرس الأشجار عليه كالحكم المذكور سابقا. أي أنه إن كان للتعبد فهو بدعة حرام. وإن كان لغير ذلك فحكمه بحسب المقصود منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(11/12827)
حكم تسوية المقبرة القديمة والدفن فوقها
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد عندنا في البلد مقبرة قديمة لها أكثر من ثلاثين سنة وقد تم استحداث مقبرة أخرى ولكن يواجه الناس والعمال صعوبة في حفر القبور فيها حتى بالآليات بسبب أن أرضيتها من الصخر الصلب مما حدا بلجنة البلد إلى اتخاذ قرار بعد سؤالها لبعض أهل العلم فقاموا بدفن المقبرة القديمة بتراب على ارتفاع مترين تقريبا وقاموا بدحله بمدحلة ثقيلة، وقد أدى هذا إلى استياء كثير من الناس حيث أنهم يشعرون عند دخولهم للمقبرة أنهم يدوسون على القبور، فهل ما قامت به اللجنة جائز؟ وماحكم دخول المقبرة وفق هذا الواقع الجديد ... ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه أهل العلم أن للميت حرمة تمنع من نبش قبره أو المشي عليه، أو طمره بالتراب إلى أن يبلى بلاء تاماً بحيث لا يبقى شيء من لحمه ولا عظامه، ويرجع في ذلك إلى أهل الخبرة، وراجع في هذا الموضوع الفتوى رقم: 18004.
وعليه؛ فكان من واجبكم أن تبحثوا عن مكان آخر للدفن ولا تفعلوا بمقبرتكم ما فعلتموه؛ إلا أن يكون لها من القدم ما يتحقق معه بلاء من فيها، وإذا لم تجدوا أي محل آخر صالح للدفن جاز لكم أن تفعلوا حينئذ ما فعلتم من باب أن الضرورات تبيح المحذورات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1425(11/12828)
مكان قبر آدم عليه السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أين يقع قبر سيدنا أدم علية السلام؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم دليلاً من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم دالاً على تحديد المكان الذي به قبر آدم عليه السلام، ولكن ذكر الهيتمي في تحفة المحتاج أثناء حديثه عن مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف عن ابن الجمال أنه قال: ومحراب هذه القبة هو محل الأحجار التي كانت أمام المنارة، وبقربه قبر آدم عليه الصلاة والسلام. كما أخرجه أبو سعيد في شرف النبوة. انتهى كلامه.
والغالب في قبور الأنبياء أن الله تعالى قد أخفى على الناس مكانها، ولعل ذلك صيانة للعقيدة وحماية لجناب التوحيد، ومن هذا الباب ما ورد في الأثر من أن عمر رضي الله عنه قد أخفى قبر النبي دانيال عليه السلام، ولمزيد من الفائدة والتفصيل تراجع الفتوى رقم: 15051.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(11/12829)
نبش القبور للبحث عن الآثار
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
سؤالي يتعلق بحكم العمل في مجال علم الآثار -البحث عن الآثار القديمة والتي يدخل فيها في بعض الأحيان نبش بعض المقابر القديمة واستخراج عظامها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما نبش قبور المسلمين فلا يحل إلا بسبب شرعي، وليس من الأسباب الشرعية المبيحة البحث عن الآثار القديمة، وقد سبقت فتوى في بعض الأسباب المبيحة لنبش المقابر، فتراجع تحت رقم: 10802.
وإن كانت قبور كفار، ففيها تفصيل يراجع في الفتوى رقم: 26722.
فحيث تضمن العمل نبش قبور يحرم نبشها، فإن ذلك محرم.
ولمزيد من الفائدة حول البحث عن الآثار، ننصح السائل بمراجعة الفتوى رقم: 13544.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(11/12830)
لا يجوز البناء على القبور إلا لضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشتريت قطعة أرض مساحتها 40 متراً لعملها مدفنا أريد بناءها وفقا للسنة النبوية وعملها باللحد فما هو شكل اللحد الشرعي مع العلم بأن مقاول البناء قال لي إن اللحد سيكون بعمق 1.30ْ فى عرض80 سم وهل يجوز بعد فترة من الزمن فتح اللحد ووضع جثمان شخص آخر وهل يجب تقسيم المساحة بين الرجال والسيدات كأن يكون نصفه للرجال ونصفه للنساء أم يوضع جثمان الشخص المتوفى بالترتيب تبعا لتاريخ الوفاة سواء أكان ذكرا أو أنثى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي جرى عليه عمل المسلمين في الأزمنة المتقدمة أن تكون المقبرة وقفاً على جميع المسلمين، ومن مات منهم دفن في تلك الأرض الموقوفة لا فرق بين غني وفقير أو قبيلة وأخرى، ولم يكن من سنة المسلمين أن يجعلوا لكل أسرة مقبرة خاصة يدفن فيها أفراد العائلة، وهذا يؤدي إلى أن كل مقبرة تبنى بناء مستقلاً عن الأخرى حتى لا تختلط قبور العوائل والعشائر وهذا لا شك أن فيه مفاسد كثيرة.
فمن هذه المفاسد البناء على المقابر، ومنها التباهي والتفاخر في بنائها، ومنها الكتابة على القبور "هذا مدفن عائلة فلان بن فلان"، ومنها ما يفعله بعض الجهلة من بناء غرفة للاستقبال بجوار المقبرة يجلس فيها أهل الميت بالساعات وربما الأيام يتجاذبون أطراف الحديث يظنون أن ذلك يؤنس الميت، ولا شك أن كل ذلك من المنكرات التي لم ترد في شرع الله ويجب على العلماء إنكار ذلك عند المسؤولين حتى لا يكون ذريعة لوقوع الناس في المحاذير الشرعية، ومن اضطر إلى شراء مقبرة له ولأسرته –كمن كان في دولة تلجئ الناس إلى ذلك- فلا حرج عليه حينئذ.
وهل يبني حول مقبرته سوراً لحمايتها من الاعتداء أو نحو ذلك؟ الذي يظهر أنه لا حرج في ذلك بحيث لا يزيد في البناء على قدر الحاجة، ومن الزيادة على قدر الحاجة تسقيف المقبرة أو رفع السور فوق الحد الذي به يحمي من الاعتداء، وننبه إلى أن الأصل في القبور حرمة البناء عليها لما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه.
وروى مسلم في صحيحه أن ثمامة بن شقي قال: كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم فتوفي صاحب لنا، فأمر فضالة بقبره فسوي ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها.
وروى عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته. رواه مسلم.
قال الإمام الشوكاني يرحمه الله: وفي هذا أعظم دلالة على أن تسوية كل قبر مشرف بحيث يرتفع زيادة على القدر المشروع واجبة متحتمة فمن إشراف القبور أن يرفع سمكها أو يجعل عليها القباب أو المساجد فإن ذلك من المنهي عنه بلا شك ولا شبهة، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعث لهدمها أمير المؤمنين علياً ثم أمير المؤمنين بعث لهدمها أبا الهياج الأسدى في أيام خلافته. انتهى.
فلا يجوز البناء على القبور إلا لضرورة وراجع الفتوى رقم: 20280 للفائدة.
وأما صفة اللحد وعمقه فإنه يكون بقدر ما يمنع السيول أن تجرف الميت ويمنع السباع من نبشه والوصول إليه ويستحب أن يكون عميقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: احفروا وأوسعوا وأحسنوا. رواه الترمذي وقال حسن صحيح، والنسائي ولفظه: احفروا وأعمقوا وأحسنوا.
ولمعرفة المزيد في صفة القبور راجع الفتوى رقم: 504.
وأما حكم نبش القبر لدفن ميت آخر فقد سبق جوابه مفصلاً في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
7713، 22870، 16343.
هذا ولا حرج أن تكون قبور النساء بجانب قبور الرجال فما زالت مقابر المسلمين من عهد النبي صلى الله عليه وسلم مختلطة رجالاً ونساءً بلا نكير، وعليه فليس هناك ما يدعو إلى تقسيم المقبرة إلى نصفين بل يدفن الرجل بجوار المرأة ولكن لا يجمعان في قبر واحد إلا لضرورة، كما تقدم في الفتوى رقم:
7713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/12831)
حكم استخدام الإسمنت لحماية القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[درجت العادة عندنا على بناء القبور بالطوب الإسمنتي ويوضع عليها خشب وعليه طوب إسمنتي ثم توضع طبقة من الإسمنت بارتفاع حوالي 10 سم ولايكون القبر بارزا بشكل كبير، ولكن ماحكم ذلك شرعا وهل يدخل في باب "تجصيص القبور المنهي عنه" وسبب استخدام الاسمنت بداعي حماية القبر من الانجراف أو الكلاب أو غيرها من الحيوانات أو النبش، أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة في القبور ألا تُرفع أكثر من شبر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهدم القبور المشرفة، كما جاء في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال لأبي الهياج الأسدي: " ألا أبعثك على ما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته".
وقال حافظ بن أحمد الحكمي في سلم الوصول:
بل قد نهى عن ارتفاع القبر وأن يزاد فيه فوق الشبر
وكل قبر مشرف فقد أمر بأن يُسوى هكذا صح الخبر
وعلى هذا، فما دام ارتفاع القبور لا يزيد على الشبر فالأمر فيه خفيف. وأما تجصيص القبر -وهو طلاؤه بالجبس ونحوه- وإدخال الطوب المحمي بالنار وما أشبهه كالأسمنت وغيره، فهو مكروه عند العلماء، إلا إذا دعت إلى ذلك حاجة، كحماية القبر من السباع، ما لم تصل إلى درجة المباهاة والفخر، لأن الضرورة تقدر بقدرها، ويمكن الاستغناء عن ذلك بتعميق الحفرة، وإحكام إهالة التراب على الميت بحيث لا يصل إليه مكروه، ولمعرفة صفة القبور في السنة راجع الفتوى رقم:
504
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1422(11/12832)
الطريقة الصحيحة للحد
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الكرام. فى ناحيتنا يجعل اللحد في أسفل جانب القبر غير القبلي ويستدلون بقول أستاذهم كنتا حاج أنه احترام بالنبي صلى الله عليه وسلم وينبغى ليكون الميت فى جنب الذي خلفه، أليس هذا خلاف السنة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة أن يحفر للميت لحد في الأرض، واللحد هو أن يحفر في الأرض ثم يعمق القبر من جهة القبلة بقدر ما يسع الميت ويستره، ويوضع الميت في القبر على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، ويسند وجهه إلى جدار القبر ويسند ظهره بلبن ونحوه ليمنعه من الاستلقاء على قفاه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: قبلتكم أحياء وأمواتاً. رواه أبو داود وصححه السيوطي وحسنه الألباني. وقد سبق بيان ذلك وبقية صفة القبور في السنة في الفتوى رقم: 504.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1430(11/12833)
حكم جعل علامة على القبر ليعرف صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في الأثر (رحم الله قبراً لا يعرف) فهل لي أن أجعل على قبر قريبي علامة حتى أعرفه من بين القبور إذا ذهبت لزيارته من أجل الأجر والعبرة وللدعاء له، علماً أنني لا أقوم بعمل مخالف لا نياحة ولا أية بدعة، بل زيارة على السنة، فهل لي أن أجعل علامة على القبر كحجر مميز أونحوه لتمييز القبر من غيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في وضع حجر ونحوه على القبر ليكون علامة يعرف بها صاحبه، وهذا مذهب جمهور العلماء: المالكية والحنابلة والشافعية، بل نص الشافعية على أنه سنة، فإن عثمان بن مظعون لما مات أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يأتيه بصخرة فلم يستطع حملها، فقام إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسر عن ذراعيه، ثم حملها فوضعها عند رأسه وقال: أتعلم بها قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي. رواه أبو داود، وحسنه الألباني. وبوَّب عليه الإمام أبو داود في سننه: (باب في جمع الموتى في قبر والقبر يعلم) بصيغة المجهول من الإعلام، أي يجعل على القبر علامة يعرف القبر بها، كما في (عون المعبود) .
وقال الشيخ عبد المحسن العباد في (شرح سنن أبي داود) : يوضع للقبر علامة حتى يعرف بها أن هذا قبر فلان، فهذا الأمر جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 25107.
أما الأثر الذي استدل به السائل الكريم: (رحم الله قبراً لا يعرف) فلم نجده في ما بين أيدينا من مراجع، ولا نظن صحة نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(11/12834)
المقدار المسموح به في رفع القبر عن الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم كتابة اسم الميت على قبرة وكذلك العبارة التالية (الفاتحة على روح المرحوم فلان) وأيضاً رفعه عن الأرض بمقدار طوبة واحدة (15-20 سم) ووضع الأسمنت على الطوب خوفاً من تآكلها بسبب الأمطار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنجيب على هذه الأسئلة بالآتي:
1- كتابة اسم الميت على القبر وحكمها الكراهة عند الجماهير، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 25107.
2- عبارة (الفاتحة على روح فلان) ، بدعة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 110213.
3- رفع القبر عن الأرض بمقدار (15-20سم) لا حرج في رفع القبر بهذا القدر، فقد نص العلماء على جواز رفعه شبراً، ولا حرج في الزيادة اليسيرة عليه لأن ما قارب الشيء يعطى حكمه.. سئل الشيخ عبد العزيز بن باز: نرى كثيراً من الناس عند دفن الميت يرفعونه أكثر من شبر وإذا نهيتهم قالوا: إن ذلك وقاية له من السيل، كذلك أراهم يزيدون حصباء فوق القبر بعد الدفن زيادة على ترابه الأصلي، كذلك يرشون عليه ماء، فما حكم ما يفعلون؟ فأجاب: كل هذا لا بأس به، الأفضل شبر ونحوه، وإذا زاد يسيراً بالحصباء أو نحوها فالأمر سهل في هذا، حتى تعلم القبور وتعرف، حتى لا تمتهن، وإذا دفنوه بترابه وجعلوا عليه حصباء ورشوه بالماء حتى يثبت بها التراب، فكل هذا لا بأس به، لأن فيه حفظاً لترابه وبقاء له.
وسئُل: أي حد يكون ارتفاع القبر عن الأرض؟ فأجاب: المشروع شبر أو ما حوله، وقبر النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع إلا شبراً، أما رفعه كثيراً فلا يجوز لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه: لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته. أخرجه مسلم في صحيحه.
4- وضع الإسمنت على الطوب الموضوع على القبر وهو مكروه كما في الفتوى رقم: 14138.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(11/12835)
لا تنفذ وصية مخالفة للشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سماحتكم الإجابة على سؤالي:
جدي المتوفى منذ أقل من شهر، كان قد بنى له قبرا منذ أكثر من عشر سنوات، هذا القبر يتجاوز طوله المتر والنصف ولقد أوصى بأن يبقى على هذا الحال.
سؤالي هو ما الذي يقع على عاتق أولاده وأحفاده وهل يقع عليهم الإثم إذا أبقوا القبر على حاله.
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد بطول القبر طول البناء عليه فإن على أولاد هذا الرجل أن يزيلوا البناء ويتركوا القبر مسطحا مسوى بالأرض أو مرفوعا قدر شبر تقريبا، ولا تنفذ وصيته بترك القبر على حاله لأن ذلك مخالف للشرع، وترك القبر على حاله لا ينفع الميت بل قد يضره إذا كان يعلم أن رفع القبر بهذه الدرجة مخالف للشرع.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 100788. ولبيان صفة القبر وفق السنة انظر الفتوى رقم: 504.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1429(11/12836)
حكم وضع الأحجار المنقوشة عند المقابر لتمييزها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وضع الحجر الغالي علي القبر جائز أم لا وهو منقوش باسم الميت وتاريخ وفاته، إذا کان حجر واحد علي رأس القبر أو رأس الميت فهل يجوز، وماذا علينا أن نفعل لکي نميز قبور أهلنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بوضع الحجر ونحوه على القبر ليكون علامة لتمييز ميت عن غيره، وأما النقش على العلامة الموضوعة على القبر فإنه مكروه عند جماهير العلماء، خلافاً لأبي حنيفة، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 25107.
هذا في مجرد وضع الحجر على القبر، وقولك "وضع الحجر الغالي ... " إذا كنت تقصد أنه غالي الثمن كالأحجار الكريمة ونحوها، فإننا لا نرى إباحة وضعه على القبر، لأن ذلك من إضاعة المال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو الحجة 1428(11/12837)
القدر المسموح به شرعا في ارتفاع القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ نسمع من الكثير من الدعاة والمشايخ أنه لا يجوز أن يكون القبر مرتفعا عن سطح الأرض إلا مقدار شبر تقريبا والسؤال هنا أن هناك صورة انتشرت في الإنترنت يقال إنها صورة قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهذه الصورة تظهر أن القبر مرتفع عن الأرض فهلا وضحتم لنا هذا الأمر؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
اختلف العلماء في الأفضلية بين تسطح القبور وتسويتها وبين رفعها قدر شبر، وكل جائز اتفاقا، وأما المحظور فهو رفعها ببناء جدار على القبر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رفع القبر قليلاً مستحب عند الجمهور، والتسطح والتسوية له أفضل عند الإمام الشافعي، والخلاف بينهم في الأفضلية لا في الجواز، كذا قال ابن حجر والنووي والمباركفوري وشيخ الإسلام في المنهاج، وأما ما يصور في الإنترنت فيصعب التأكد من قدر ارتفاعه، ثم إن المعروف عند أهل العلم كما قال ابن حجر والنووي والبيهقي والصنعاني: أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم كان مسطحاً في البداية ثم رفع في خلافة الوليد بن عبد الملك.
وأما ما ورد من الأحاديث في تسوية القبور كحديث علي: لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته. فقد حمله الملا علي قارئ على ما رفع بجدار أو نحوه، وأما رفعه قليلاً حتى يتميز ويعرف أنه قبر فلا يجلس عليه فهذا مباح اتفاقاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1428(11/12838)
حكم إعداد وتجهيز اللحد للدفن قبل موت الشخص
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي المواصفات الشرعية للحد الذي يُدفَن فيه المسلم؟ وهل يمكن تبطينه بالحجارة؟
وهل يجوز إعداد وتجهيز اللحد للدفن قبل موت الإنسان أم فقط عند الدفن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة اتخاذ اللحد عند الدفن، وصفته تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 504.
ولا بأس بتبطين اللحد بالحجارة أو اتخاذ لحد من حجارة إن كانت الأرض رخوة لا يمكن فيها لحد، وراجعي الفتوى رقم: 77197. لكن إذا كانت الحجارة قد مستها النار فيكره إدخالها القبر؛ كما سبق في الفتوى رقم: 61832.
ويجوز للإنسان حفر قبره قبل موته إذا حفره في موضع يملكه، ولا يجوز ذلك قبل الحاجة إليه إذا كان في أرض متاحة للجميع لما في ذلك من التحجير على الغير، ففي مواهب الجليل للحطاب المالكي: قال في المدخل: وليس له أن يحفر قبرا ليدفن فيه إذا مات ; لأنه تحجير على غيره، ومن سبق كان أولى بالموضع منه، ويجوز له ذلك في ملكه; لأنه لا غصب في ذلك، وفيه تذكرة لمن حفر له. انتهى.
وفي مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى وهو حنبلي: وحرم حفر قبر فأكثر بمسبلة قبل حاجة إليه. انتهى. والمقصود بالمسبلة المقبرة الموقوفة.
وبناء عليه؛ فحيث جاز حفر القبر فلا مانع من تجهيزاللحد للدفن قبل موت الإنسان لأنه جزء من القبر.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1428(11/12839)
تسوية القبور وعدم البناء عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من حضرتكم أن تفيدونا في موضوع القبور لأنه كما نعلم يوجد حديث عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيه أمر بتسوية القبور ولكن في بلدي وتحديدا دمشق المقابر كلها مخالفة للسنة فهل أكون آثما إذا كان قبر والدي ليس على السنة وكما أحيطكم علما بأن نظام المقابر عندنا يختلف عن منطقة الخليج فالمقابر عندنا تباع وتشترى ولها أوراق رسمية من الأوقاف تحفظ حق ملكية القبر للشاري وأرجو الإفادة والتفصيل من حضرتكم اعلموا أني بأشد الحاجة لجواب فصل في هذه الفتوى لأني سأعتمدها ولن أستفتي أحدا بعدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهدي النبي صلى الله عليه وسلم تسوية القبور وعدم البناء عليها، فتجب تسوية القبر بحيث لا يزيد على القدر المسنون، وتجب إزالة ما عليه من بناء إن وجد، وتراجع الفتويان: 9943، 33304، وعلى هذا فإن كان بإمكانك تسوية قبري والديك أو غيرهما من غير ضرر يعود عليك من ذلك فيجب عليك أن تفعل ولك الأجر من الله تعالى، أما إن خشيت أن يلحق ضرر بسبب ذلك فلا تفعل ما يلحق بك ضررا، ولا إثم عليك في هذه الحالة لعجزك عن إزالة ذلك المنكر، وإنما الإثم على من فعل ذلك الفعل إن كان يعلم حرمته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1427(11/12840)
مشروعية وضع حجر على القبر ليعرف صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأعزاء في الشبكة الإسلامية:
عمل حجارة عند رأس الميت، ويكتب عليها اسم الميت وبدون كلمة المرحوم أو المرحومة للتعريف بالقبر فقط فهل هذا العمل جائز شرعا، وبالتحديد نكتب هذا قبر فلان بن فلان وما حكم كتابة الآيات القرآنية وأبيات الشعر ويبدأ الاسم بالمرحوم أفتونا؟
وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرا 0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشرع وضع الحجر فوق القبر ليكون علامة يعرف بها صاحبه، وأما الكتابة عليه فمكروهة سواء كانت آيات من القرآن أو أبيات من الشعر أو اسم الميت ونحو ذلك، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 25107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1427(11/12841)
فرش القبر بالإسمنت مما لا ينبغي
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلادنا نفرش القبر بالإسمنت، وكذلك نغطي الميت بالإسمنت فهل يجوز ذلك؟
ذلك أن الإسمنت قد مسته النار، وهذا مما لا يجوز حسب معلوماتي المتواضعة، فماهي الطريقة المشروعة في دفن الموتى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصد السائل الكريم بفرش القبر بالإسمنت بناؤه به من الداخل، فإن ذلك لا ينبغي لأن السنة أن يدفن الميت في الأرض مباشرة دون فراش أو غيره، ويغطى القبر باللبن أو غيره مما لم تمسه النار.
قال الباجي المالكي في المنتقى شرح الموطأ: إن الدفن في الأرض ... وتكون هي التي تلي الإنسان، وتكون باقية على حكم الأصل.
أما إذا كان القصد هو تجصيص القبر وتبليطه، فذلك لا ينبغي أيضاً، وقد نص أهل العلم على كراهته، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ويكره البناء على القبور، وتجصيصها. كما نص عليه مالك في المدونة.
وأما الطريقة المشروعة في الدفن فقد سبق بيانها بالتفصيل في الفتوى: 504. كما نرجو أن تطلع على الفتوى: 11174. للمزيد من الفائدة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(11/12842)
حكم وضع ما مسته النار في القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت إليكم بسؤال في شأن أذية الميت من الألواح التي تصنع من الأسمنت والحديد والتي تكون تحت التراب وليس فوق القبر.وأحلتموني إلى الفتوى رقم.11174والفتوى رقم 504.حيث إنني لم أجد الجواب الشافي.لأنني سمعت في إحدى القنوات من أحد الشيوخ يذكر حديثا للرسول صلى الله عليه وسلم يقول فما معناه أن الميت يتأذى في قبره من كل شيء مر من النار كالاسمنت والحديد والطوب المعرض والمجفف بحرارة النار. وتعلمون أن هذه الأشياء كلها تعرضت لحرارة النار وبما أنه يوجد عندنا هذه الأشياء والممثلة في صفائح الأسمنت والحديد. ارتأيت أن أستفتيكم سيدي الفاضل.لبيان الحكم الشرعي في هذا الموضوع.وكيف نتصرف مع أصحاب القرار إن كان فعلا أذية للأموات. كما أرجو أن تفيدوني في صحة هذا الحديث وما درجته مع متنه.وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل أن يوضع الميت في اللحد وهو أن يحفر في أسفل جانب القبر من جهة القبلة مائلا عن الاستواء قدر ما يسع الميت ويستره، وهو أفضل من الشق وهو أن يحفر قعر القبر كالنهر، ويبنى جانباه بلبن أو غيره مما لم تمسه النار، ويجعل بينهما شق يوضع فيه الميت ويسقف عليه بلبن أو خشب أو حجارة وهو أولى ويرفع السقف قليلا بحيث لا يمس الميت. اهـ ملخصا من نهاية المحتاج للرملي.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا يدخل القبر آجرا ولا خشبا ولا شيئا مسته النار، قد ذكرنا أن اللبن والقصب مستحب، وكره أحمد الخشب. وقال إبراهيم النخعي: كانوا يستحبون اللبن ويكرهون الخشب ولا يستحب الدفن في تابوت لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وفيه تشبه بأهل الدنيا والأرض أنشف لفضلاته، ويكره الآجر لأنه من بناء المترفين، وسائر ما مسته النار تفاؤلا بأن لا تمسه النار. اهـ.
وعليه، فما سمعته أخي الكريم من كراهة وضع ما مسته النار على اللحد أو الشق له مستند من كلام أهل العلم وهو من باب التفاؤل كما صرح بذلك ابن قدامة رحمه الله لا أن الميت يتأذى بذلك، وأما لحديث المسؤول عنه فلا نعلمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(11/12843)
سقف القبر بالأسمنت والحديد
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها الإخوة الأفاضل جزاكم الله أحسن الجزاء على هذه الخدمة الجليلة
سؤالي كالتالي.. هل يتأذى الميت من القبر الذي يكون سقفه من الأسمنت والحديد، وهذا السقف يكون مواليا ومباشرا للميت.. أي في اللحد، وما هو العمل إن كان الميت لا يعلم بالحكم ولا الذين يقومون بالدفن، وما العمل مع الجهات الرسمية التي تقوم بالدفن بهذه الكيفية، إن كانت هناك إذاية للميت بهذه الطريقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 14138 كراهة إدخال الأسمنت في القبر ما لم تدع لذلك حاجة كالخوف على الميت من الحيوانات المفترسة، والحديد أولى في الكراهة من الأسمنت، فإن دعت لذلك الحاجة فلا كراهة حينئذ، قال في تحفة المحتاج وهو شافعي: إن خشى نبش أو حفر سبع أو هدم سيل لم يكره البناء والتجصيص بل قد يجبان. انتهى.
وخلاصة القول أن سد اللحد بالأسمنت والحديد مكروه، فإن دعت له حاجة فلا بأس به. والذين كرهوا ذلك من أهل العلم إنما كرهوه لأنه تشبه بأهل الدنيا والمترفين، وتفاؤلاً بأن لا تمسه النار، وليس ذلك لكون الميت يتأذى بذلك. قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: ويكره الآجر لأنه من بناء المترفين وسائر ما مسته النار تفاؤلا بأن لا تمسه النار. انتهى.
نعم إن كان ذلك للمباهاة وأوصى الميت بفعل ذلك به فإنه يشترك في الإثم مع دافنيه، والذي ينبغي هو أن يدفن المسلم بحسب ما جاءت به السنة، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 504.
وإذا اتفق أن شخصا دفن بالكيفية التي في السؤال فلا يجوز نبشه لذلك، وإنما الواجب هو تعليم القائمين على الدفن أن عليهم أن يقتصروا في سد اللحد على اللبن من الطين أو الآجر أو الحجارة، فإن دعت الحاجة لما ذكر فلا داعي لانتقادهم وكذلك الجهة الرسمية، قال خليل بن إسحاق المالكي: وسده بلبن ثم لوح ثم قرمود ثم آجر ثم قصب وسن التراب أولى من التابوت. انتهى، ويعني بقوله (وسده) أي اللحد أو الشق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1426(11/12844)
البناء على القبور للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[معلوم لدي شرعا أن تجصيص القبور والبناء عليها حرام، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يجصص القبر أو يبنى عليه أو أن يقعد عليه، سؤالي هو: هناك من يدعي أنه صدرت فتوى مفادها أنه تم إجازة ذلك في فلسطين وقرى الـ 48 وذلك لأن السلطات الإسرائيلية نهجت منهج عدم الاعتراف بمقابر معينة بحجة أنه لم يتم إثبات أنها إسلامية وما إلى ذلك من ادعاءات مما دفع لإجازة التجصيص والبناء بهدف إبرازها؟؟؟؟!!!! فهل هذا القول صحيح، فاذا كانت الإجابة (نعم) فما هي الدلالات على صحته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في القبور حرمة البناء عليها، فإن دعت الحاجة للبناء عليها جاز، راجع الفتوى رقم: 29974.
وقد أجاز أهل العلم بناء السور حول المقبرة لحمايتها من الاعتداء أو تمييز المكان للتمكن من حيازتها، وكذلك أجازوا بناء الفسقية بالآجر والجص للضرورة، كالخوف على الأموات من السباع أو انهدام القبر بالسيل ونحوه، قال في تحفة المحتاج: إن خشى نبش، أو حفر سبع، أو هدم سيل لم يكره البناء والتجصيص؛ بل قد يجبان. انتهى.
وقال البجيرمي في حاشيته: فلو بني فيها هدم البناء ولو مسجداً أو مأوى للزائرين، إلا إن احتيج إلى البناء فيها لخوف نبش سارق أو سبع، أو تخرقه بسيل؛ فلا يهدم. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 20280.
وعليه فرفع القبور من أجل حمايتها من اغتصاب اليهود لها ونبشها وهتك حرمة الأموات جائز؛ لأنها نفس العلة التي من أجلها أجاز العلماء البناء على القبور عند الحاجة. والضرورات تبيح المحظورات، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78} ، وقال الله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة:173} ، ولا علم لنا بالفتاوى التي أشار إليها السائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1425(11/12845)
اللحد أفضل أم الشق
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أم أحد الإخوة ونظرا لظروف الدفن المنتشرة في مصر وهي بناء حجرات تحت الأرض ولا ترتفع عن الأرض بما يزيد عن الشبر ولكن يوضع المتوفى بداخل تلك الحجرات على طبقة ناعمة من الرمل فقط ولذلك وكي يكرم الأخ أمه قام بحفر جزء يسير في العمق ثم قام بوضع أمه في هذه الحفرة على جانبها الأيمن ووجهها إلى القبلة وقام بتغطيتها بالتراب وزاد ارتفاع التراب عليها حتى غطاها تماما ولكنها أصبحت مثل شيء مجصص وبعد الدفن سأل أحد الخطباء فأجابه: أن هذا يعد شقا وأن اللحد لنا والشق لغيرنا فهل هذا شق؟ وإذا كان ذلك أيهما أولى وضع المتوفى على الأرض فقط أم دفنه بمثل ما ذكرت؟ مع العلم بأن هذا الأخ كان ينوي أن لا يظهر أي نوع من الأذى من أمه إذا تم الدفن بجوارها وفي نفس الوقت يسأل السائل هل عليه من إثم وما كفارته؟
أرجو الإجابة على وجه السرعة قدر الإمكان وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطريقة الدفن قد سبقت الإجابة عليها في الفتوى رقم: 504.
وما قام به الأخ المذكور يعتبر من قبيل الشق في القبر، وليس منهياً عنه إلا أن اللحد أفضل منه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللحد لنا والشق لغيرنا. رواه أصحاب السنن الأربعة وغيرهم.
وفي عون المعبود شرح سنن أبي داود: (والشق) بفتح الشين أن يحفر وسط أرض القبر ويبني حافتاه بلبن أو غيره ويوضع الميت بينهما ويسقف عليه (لغيرنا) من الأمم السابقة، فاللحد من خصوصيات هذه الأمة، وفيه دليل على أفضلية اللحد وليس فيه نهي عن الشق، قال القاضي: معناه أن اللحد أثر لنا والشق لهم، وهذا يدل على اختيار اللحد فإنه أولى من الشق لا المنع منه؛ لكن محل أفضلية اللحد في الأرض الصلبة وإلا فالشق أفضل. انتهى.
وعليه؛ فمن الأولى للأخ المذكور عدم الإقدام على دفن أمه في ذلك البناء أسفل؛ لكن ما دام الدفن قد حصل فليتركها على حالتها، ولا كفارة عليه ولا إثم إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1425(11/12846)
نبات الشجر على القبرلا يدل على فضيلة المقبور
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي بعض الأسئلة عن الميت أرجو أن ألقى لديكم الإجابة وهي: أن والدتي ينمو فوق قبرها شجرة كبيرة منشأها عند رأسها تماما دون عن باقي القبور وهي ملاحظة فعلا , فهل لها في صلاح الإنسان؟ أم إنها من باب الصدفة؟ كما أني لاحظت أن كثيرا من زوار القبور رشوا على قبور أهاليهم ماء فهل لهذا أصل في السنة؟ أم إنه من البدع؟ لأني لم أسمع في السنة عن ذلك أبدا. وجزاكم الله خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم نصا يدل على أن نبات الأشجار على القبر دليل على فضيلة المقبور، بل وُجد في الواقع أشجار ونباتات تخرج عند قبور غير المسلمين، وراجعي الفتوى رقم: 20611، والفتوى رقم: 24505.
أما عن رشق الماء على القبر، فقد يبناه في الفتوى رقم: 4152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(11/12847)
تسنيم القبر أفضل من تسطيحه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بناء القبر حتى ولو كان عشرين سم2؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم بناء القبر في الفتوى رقم: 33304.
أما تسنيمه فمن السنة؛ لما روى البخاري بسنده عن سفيان التمار قال: رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما.
قال ابن قدامة في المغني: وتسنيم القبر أفضل من تسطيحه، وبه قال مالك وأبو حنيفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/12848)
القبر بعيدا عن المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يدفن الميت بعيداً عن مقبرة القرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس هناك ما يمنع من دفن الميت بعيداً عن مقبرة القرية، لكن الأفضل هو أن يدفن في مقبرة المسلمين، وذلك لأمرين:
الأول: حتى يشمله سلام المسلمين وزيارتهم.
الثاني: أن القبور المنفردة عرضة للامتهان والنبش والبناء عليها أكثر من غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1424(11/12849)
الأفضل لكم أن تعدلوا القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دفن ميت وبعد مرور عدة شهور تذكرنا أن القبر يعلو الأرض بمسافة متر تقريبا، فهل يجب علينا أن نهدم هذا القبر ونجعل ارتفاعه عن الأرض شبراً واحداً فقط، وهل إذا تركناه على هذا الوضع يكون علينا ذنب، وهل الميت سيحاسب كذلك على هذا الوضع أفيدونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن يعاد إلى القبر ترابه وأن يرفع شبراً ويكره تجصيصه ورفعه أكثر من شبر عند أكثر أهل العلم، ولذا فالأفضل لكم أن تعدلوا القبر حتى يصير مرتفعاً عن الأرض قدر شبر، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 14138، والفتوى رقم: 504.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/12850)
الواجب فعله تجاه قبر مبني بالآجر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد
أخ يسأل عن ما يقوم به تجاه قبر أبيه الذي بني بالآجر وذلك في1970علماً أن هذا منهي عنه كما أن نبش القبورمنهي عنه أيضا. أفتوني في هذا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يكره أن يوضع في القبر الآجر، ولكنه ما دام قد وقع فلا ينبش؛ لأن العلماء نصوا على حرمة نبش القبور.
قال النووي رحمه الله في المجموع: وأما نبش القبر فلا يجوز لغير سببٍ شرعي باتفاق الأصحاب اهـ.
هذا إن كان بني به من الداخل. أما إن كان الآجر فوق القبر فإنه يسوى بالأرض، وذلك لحديث علي الذي رواه مسلم وغيره ونصه: وألا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 504.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(11/12851)
حكم وضع علامة على القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أو هل يجوز كتابة اسم وتاريخ وفاة شخص على قطعة من الرخام لمعرفة القبر مع مرور الزمن؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوضع حجر من رخام أو غيره عند القبر ليكون علامة يعرف بها صاحبه كرهه أبو حنيفة، وأجازه جمهور العلماء، وهو مذهب المالكية والحنابلة والشافعية، بل نصَّ الشافعية على أنه سنة، وقال الإمام أحمد: لا بأس أن يعلِّم الرجل القبر علامة يعرف بها. وذلك لما رواه أبو داود أنه لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً أن يأتيه بحجر، فلم يستطع حمله، فقام إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسر عن ذراعيه.. ثم حملها فوضعها عند رأسه وقال: أتعلم بها قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي.
لكن الحديث قال عنه المنذري: في إسناده كثير بن زيد.. وقد تكلم فيه غير واحد.
أما الكتابة على القبر أو على العلامة الموضوعة عليه فإنها مكروهة عند جماهير العلماء، خلافاً لأبي حنيفة، لما رواه الترمذي والنسائي عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبنى على القبر أو يزاد عليه أو يجصص أو يكتب عليه.
قال الحاكم بعد تخريج هذا الحديث في المستدرك: الإسناد صحيح، وليس العمل عليه، فإن أئمة المسلمين من الشرق والغرب يكتبون على قبورهم، وهو شيء أخذه الخلف عن السلف. وتعقبه الذهبي في مختصره بأنه: محدث ولم يبلغهم النهي. وقال الشوكاني في نيل الأوطار عند شرح الحديث: فيه تحريم الكتابة على القبور، وظاهره عدم الفرق بين كتابة اسم الميت على القبر وغيرها. اهـ.
والنهي عن الكتابة يشمل الكتابة على ذات القبر أو على الأحجار المنصوبة علامة عليه. قال النووي في المجموع: وسواء كان المكتوب على القبر في لوح عند رأسه أو في غيره، فكله مكروه لعموم الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(11/12852)
حكم تسوير القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم فيمن يقوم بتنظف القبور ووضع الريحان وماء الورد عليها وقيامه أيضا بتسويرهابالطابوق مع عدم معرفة أصحابها إلا من أقاويل البعض في أنهم كانو أولياء صالحين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما وضع الريحان والأشجار ومياه الورد على القبور فقد تقدم بيانه في الفتوى رقم 12262 والفتوى رقم 12861 فليس من الأعمال التي جاء الشرع بها فلا ينبغي فعله خصوصاً أنه شديد الشبه بتزيين القبور وهو منهي عنه.
وأما تسوير القبور فإن كان لحمايتها من السباع أو للمحافظة عليها من الاندراس فلا حرج في ذلك، لكن بحيث لا يرفع عليها البناء ولا يجصص بالجبس ونحوه كالأسمنت، لأن كلا من رفع البناء على القبور وتجصيصها منهي عنه شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1423(11/12853)
حكم تصنيع الخرسانة التي توضع على القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
بعد التحية وجزيل الشكر لكم علي النور الذي يشع من ركنكم.
السؤال: هل من يقوم بصنع الأطباق التي توضع كسقف للقبور يأثم لكونه يقوم بصنعها من الخرسانة والحديد بحيث لا يمكن للقبر أن يتهدم، وهل هناك مواصفات خاصة في سقف القبر، ويفضل ما هو قابل للتآكل بسرعة ومن ثم التهدّم
إننا في حيرة نسألكم سرعة الإجابة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الأطباق توضع على اللحد أسفل القبر فلا بأس في صنعها، وإن كانت توضع على القبر فوق سطح الأرض فإن ذلك من البناء على القبر الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم. وراجع الفتوى رقم 504 وستجد فيها صفة القبر الشرعي وصفة الدفن وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1422(11/12854)
لا تنقل الرفاة إلى قبر آخر إلا لضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز نقل رفات أمي المتوفاة منذ أكثر من عشرين عاما من مقبرتها المبنية من الطوب اللبن إلى مقبرة أخرى تبنى لها من الطوب الأحمر حيث تتعرض بفعل السيول للهدم؟ أم يحفر في نفس المكان على عمق كبير وتوضع حيث هي مع العلم أن بجوارها من الجانبين عمي وأخي (أي رجال) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد:
يجب أن يحفر لرفات هذه المرأة رحمة الله تعالى عليها في نفس المكان على عمق يمنع من السيول ونبش السباع ونحوها إذا كان ذلك ممكناً. وإن لم يكن ذلك ممكناً فتنقل إلى مكان يمكن فيه الحفر. أما بناء القبور أو البناء عليها فكل ذلك لا يجوز، سواء كان بالطوب الأحمر أو بالطين أو غير ذلك لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، كما ثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه". واعلم أخي الكريم أن الميت أحوج إلى الدعاء والاستغفار والترحم عليه، فهذا البناء لا ينتفع به إذا بني عليه ولا يضره إذا لم يبن عليه، وإنما ينفعه في ذلك الوقت عمل صالح قدمه أو أحد الأمور الثلاثة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له". فكن أخي الكريم ذلك الولد الصالح وادع لأمك، ولا ترتكب ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا تغتر بما يفعله العامة ولا تطعهم إن أمروك فالله تعالى يقول: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12855)
الصفة الشرعية للقبور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الصفات الواجب توافرها في القبور حتى تكون شرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للقبر أحكاماً منها: أنه يستحب أن يرفع عن الأرض قدر شبر، وأما حديث علي في مسلم وغيره ونصه " أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلى سويته " المراد من الحديث تسويته بالأرض وإنما المراد تسطيحه جمعاً بين الأحاديث. ويستحب أن يوضع على القبر حصباء لما في مسند الشافعي أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصباء.
ويستحب أن يجعل عند رأسه علامة شاخصة لفعل رسول الله صلى عليه وسلم ذلك عند دفن عثمان بن مظعون كما في سنن أبي داود وهذا الحديث وإن كان في سنده مقال فإن عليه العمل عند أكثر أهل العلم.
ويكره أن يجصص القبر، وأن يكتب عليه اسم صاحبه، أو غير ذلك وأن يبني عليه، وهذا مذهب جمهور العلماء، وقال أبو حنيفة لا يكره.
ودليل الجمهور ما ثبت في مسلم من حديث جابر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه ".
ويكره الدفن بالليل ولا يحرم وهو مذهب جماهير أهل العلم ودليل ذلك ما روى مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال " زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك " ويستحب تلقين الميت عقب دفنه وقد بينا ذلك في الفتوى رقم 14052ويجب أن يكون القبر مستقبل القبلة وعلى هذا اتفقت المذاهب الأربعة، ويستحب أن يضجع الميت في القبر على جنبه الأيمن، وعلى الاستحباب المذاهب الأربعة أيضاً. ويكره الجلوس على القبر والاتكاء عليه والاستناد عليه وهذا مذهب الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(11/12856)
صفة القبور في السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل توجد شروط معينة لبناءالمقابر؟ ما هو الدفن الصحيح الشرعي للجثة؟ في مصر يتم بناء المقابر بحيث توضع الجثة فوق سطح الارض هل ذلك حلال وما هو الصحيح وما يرضى الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلبناء القبور والدفن صفات بينتها السنة المطهرة إن كان قصدك في السؤال الأبنية ذاتها وهي كما يلي:
1. يحفر للميت لحد في الأرض، واللحد هو أن يحفر في الأرض ثم يعمق القبر من جهة القبلة بقدر ما يسع الميت ويستره، وهذا هو السنة عند جمهور الفقهاء لقوله صلى الله عليه وسلم: " اللحد لنا والشق لغيرنا ". [رواه أبو داود والترمذي] . وقال بعض الفقهاء، إن اللحد أفضل إن كانت الأرض صلبة وإن كانت رخوة فالشق أولى خشية الهدم، والشق هو أن يحفر قعر القبر كالنهر، واللحد يعمق قدر قامة الرجل المعتدل وقيل إلى الصدر ويوسع طولاً وعرضاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "احفروا وأوسعوا وأعمقوا". [رواه الترمذي] .
2. يوضع الميت في القبر على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، ويسند وجهه إلى جدار القبر ويسند ظهره بلبنة ونحوها ليمنعه من الاستلقاء على قفاه لقوله صلى الله عليه وسلم: " قبلتكم أحياء وأمواتا ". [رواه البيهيقي وأبوداود وصححه السيوطي] ويدخل من قبل رجليه إن كان أسهل وإلا فمن أي جانب، ويقال بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله". [رواه الترمذي وحسنه] .
3. عند وضع الميت في قبره لا يشق عن كفنه، فلم يرد الشرع بذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه" رواه مسلم. ومعلوم أن شقه وتخريقه يذهب بحسنه، وأما حل العقد من عند رأسه ورجليه فمستحب لأن عقدها كان للخوف من انتشارها، وقد أمن ذلك بدفنه، وقد روى (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أدخل نعيم بن مسعود القبر نزع الأخلة بفيه) رواه البيهقي.
4. ويوضع اللبن (وهو الطوب النيء) على اللحد بأن يسد من جهة القبر ويقام اللبن فيه اتقاء لوجهه عن التراب لقول سعد: (انصبوا على اللبن نصباً) ويكره أن يوضع على القبر الآجر وهو الطوب المحرق والخشب، لأن القبر موضع البلى، ثم يهال التراب على القبر سترا له وصيانة، ويسن لمن حضر أن يحثوا على القبر قبل أن يهال عليه التراب ثلاث حثيات لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك، وذلك أقوى عبرة وعظة.
5. يرفع القبر قدر شبر فقط، ليعرف أنه قبر ويسنم، والتسنيم للقبر أفضل من تسطيحه لقول سفيان التمار: (رأيت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مسنما) رواه البخارى. ولا يرفع القبر فوق هذا القدر لما روى الجماعة إلا البخاري أن عليا رضي الله عنه بعث أبا الهياج الأسدي وقال: (ألا أبعثك على ما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته) . وعن القاسم بن محمد قال: (قلت لعائشة: يا أماه، اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء) . رواه أبو داود. ويرش الماء على القبر ليثبت ترابه وهو مستحب، قال أبو رافع: (سل رسول الله صلى الله عليه وسلم سعدا ورش على قبره ماء) رواه ابن ماجه. وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رُشَّ على قبره ماء، رواه الخلال.
6. ويكره البناء على القبر وتجصيصه والكتابة عليه، والتجصيص هو أن يبيض أي يطلى بالجص وهو الجبس ونحوه، ومثله النقش عليه وتزويقه، وقد ذكر ابن عبد الحكم في البناء على القبر إذا أوصى الميت بذلك أن وصيته لا تنفذ، وعليه يجب هدم ما بني على القبور من القباب والسقائف والروضات ما لم تحدث مفسدة بذلك. وأما الكتابة على القبر مثل كتابة آيات من القرآن أو شاهد فيه اسم المتوفى وغير ذلك فيكره عند الجمهور ودليل ذلك ما رواه مسلم عن جابر رضى الله عنه أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يبنى عليه وأن يقعد عليه ـ رواه الترمذي ـ وأن يكتب عليه. ويعلَّم القبر بنحو حجر أو حصى لما روى الشافعي مرسلا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع (الحصى) على قبر ابنه ابراهيم، وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم صخرة عند رأس عثمان بن مظعون وقال: أتعلم بها قبر أخي لأدفن إليه من مات من أهلي. رواه أبو داود.
7. وأما وضع الميت على سطح الأرض وعمل بناء عليه فإنه مخالف لتعاليم الإسلام فالواجب الرجوع إلى السنة في دفن موتى المسلمين، والله الموفق لما فيه صلاح العباد.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(11/12857)
حكم زيارة قبور الأولياء والصالحين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز زيارة الأولياء والصالحين؟ بدعوى عدم تعظيمهم، بل لأنهم كانوا صالحين: أي زيارة قبورهم مثل زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، أم أن هذا مدخل من مداخل الشيطان؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزيارة الأولياء والصالحين وغيرهم قد تكون شرعية وقد تكون بدعية أو شركية، فإن وقعت زيارة قبورهم منضبطة بضوابط الشرع محققة لمقاصده فلا بأس بها، بل تكون حينئذ مشروعة، وأما إن وقعت على خلاف ضوابط الشرع وآدابه مخالفة لمقاصده فحينئذ ينهى عنها، وقد سبق بيان الفرق بين الزيارة الشرعية وغيرها في الفتوى رقم: 124382.
ويجب على زائر هذه القبور أن ينكر بقدر استطاعته ما قد يمارس هناك من منكرات وبدع وشركيات، فإن كان عاجزاً عن الإنكار فليترك المكان، وفي زيارة غيرهم من قبورعامة المسلمين ما يمكن تحقيق مقاصد الشرع من خلالها، وانظري لذلك الفتوى رقم: 24907.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(11/12858)
زيارة القبور.. الشرعية والبدعية
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الفاضل، حصلت بيني وبين صديقي مناقشة حول زيارة العتبات المقدسة، فصديقي من أهل البدع وأنا من أهل السنة والجماعة. فأنا قلت له يقول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام: لا تشد الرحال إلا الى ثلاث: المسجد الحرام، ومسجدي هذا إلى آخر الحديث. فالنقاش كان حول زيارة مرقد حسين بن علي رضي الله عنه في كربلاء، فأنا قلت له لا يجوز فهو عندها يقول: إذا كان ابنك أو أخوك قبره في مكان بعيد. فهل تذهب إليه أم لا؟ فأريد منكم بيانا لكي أوضحه له بأن زيارة قبر الأهل يختلف عن هذه المراقد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشتان ما بين زيارة المرء للقبور زيارة شرعية، لتذكر الآخرة والدعاء للأموات، وبين الزيارة البدعية لدعاء الموتى وطلب الحاجات منهم، أو الإقسام بهم على الله، أو لاعتقاد أن الدعاء عند قبر أحدهم أفضل وأحرى بالإجابة من الدعاء في المساجد والبيوت، ونحو ذلك.
فالزيارة الشرعية: هي من جنس الإحسان إلى الميت بالدعاء له.
وأما الزيارة البدعية فهي من أسباب الشرك بالله تعالى ودعاء خلقه وإحداث دين لم يأذن به الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فالزيارة البدعية مثل قصد قبر بعض الأنبياء والصالحين للصلاة عنده، أو الدعاء عنده أو به، أو طلب الحوائج منه أو من الله تعالى عند قبره، أو الاستغاثة به، أو الإقسام على الله تعالى به ونحو ذلك هو من البدع التي لم يفعلها أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان، ولا سن ذلك رسول الله ولا أحد من خلفائه الراشدين بل قد نهى عن ذلك أئمة المسلمين الكبار.
وإذا تأملت في هذه المظاهر المذكورة للزيارة البدعية وجدتها تنطبق على ما يفعله أولئك وغيرهم من أهل البدع، بل ويضاف إليها أيضا ما يقوم به البعض منهم من سب للصحابة رضوان الله عليهم، الذين قال
فيهم النبي عليه الصلاة والسلام: لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. متفق عليه.
وبذلك يتضح لك الفرق جليا بين زيارتك لقريبك الميت، وبين زيارتهم لتلك المراقد.
وأما مسألة شد الرحال لزيارة القبور، فالراجح فيها المنع عموما، سواء في ذلك قبور الأنبياء والصالحين وقبور عامة الناس. لكن يتأكد المنع من السفر إلى تلك المراقد أكثر منه إلى غيرها، وإن كان أصل الحكم عاما، وقد سبق بيان ما في ذلك من مفاسد.
ويشرع الدعاء للميت والاستغفار له والتصدق عنه، وزيارة قبره عندما تكون قريبا منه، بدون شد الرحل إليه.
وانظر للفائدة الفتويين: 98550، 30152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1430(11/12859)
مسألة حول زيارة المرأة للقبور
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني: هل تزور المرأة القبور؟ وهل هو واجب عليها؟ وهل الموتى ينتظرون يوم الخميس من يزورهم؟ والمرأة التي تدعو لوالدها كل يوم ولا تذهب لزيارة قبره هل هي مقصرة معه؟ مع العلم أني متحجبة ومحافظة على صلاة الفرض والسنن الرواتب، كما أني أقوم في الثلث الأخير لأصلي ما استطعت حتى يؤذن الفجر، لكني لا أزور قبر والدي لكن لا أنساه بالدعاء يوميا، وعدم زيارتي لقبره هو أني قرأت العديد من الفتاوى أن رسول الله عليه الصلاة والسلام حرم على المرأة زيارة القبور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زيارة النساء للقبور ليست واجبة، وجوزها الجمهور ومنعها بعض أهل العلم، والراجح جوازها بشروط كما قدمنا في الفتويين رقم: 34470، 93747.
وأما انتظار الموتى ليوم الخميس فلا نعلم دليلا عليه، وراجعي الفتوى رقم: 55046.
وأما الميت فيحتاج للدعاء والترحم عليه أكثر من الزيارة، وأما الزيارة فالمستفيد منها أولا هم الأحياء لأنها تذكرهم بالآخرة، لما في حديث مسلم: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها فإنها تذكر بالآخرة.
وبناء عليه، فلا يعتبر تقصيرا منها إذا جلست في بيتها وأكثرت الدعاء لأبيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(11/12860)
آداب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، والوقوف أمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للوقوف أمام قبرالنبي صلى لله عليه وسلم للسلام والصلاة عليه فضل بحيث يسعى لها؟
أرجو التوضيح بالأدلة للرد على من يجهل؟
وفقنا الله وإياكم لإعلاء الحق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والسلام عليه وعلى صاحبيه من القُرَب المستحبة, وقد روى مالك في الموطأ عن عبد الله بن عمر أنه كان يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه ثم على أبي بكر ثم على عمر رضي الله عنهما.
وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أولى ما يدخل في عموم الأمر بزيارة القبور فهي مستحبة استحبابا أكيدا, ولكن لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والوقوف على قبره آداب لا بد من رعايتها, وبيان ذلك أن الوقوف على قبره صلى الله عليه وسلم على قسمين: شرعي، وبدعي.
فالشرعي: هو ما قُصِد به التقرب إلى الله بزيارة قبره صلى الله عليه وسلم والسلام عليه.
والبدعي: ما اشتمل على شيء زائد على ذلك من الشرك أو ذرائعه، كدعائه صلى الله عليه وسلم، وطلب الحاجات منه، أو التوسل به، أو استقبال القبر والدعاء عنده مما لم ينقل عن السلف.
وقد بين العلامة العثيمين آداب زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، والوقوف أمامه بيانا شافيا, ونحن ننقل فتواه بطولها للفائدة، قال رحمه الله: إن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور المستحبة، وهي أولى وأول ما يدخل قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: زوروا القبور فإنها تذكر بالآخرة. ولكن يجب على الإنسان حين زيارة قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يعتقد أنها عبادة لله، وليس عبادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يؤمن بأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا يملك لغيره نفعاً ولا ضراً. يقول الله تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. فهذه حقيقة حال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله، فالأمر كله إلى الله عز وجل النفع والضرر للرسول صلى الله عليه وسلم ولغيره كله لله عز وجل، وهو صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ولو كان يعلم الغيب لاستكثر من الخير، وهو صلى الله عليه وسلم يمسه الضر كما يمس غيره ولهذا قال: وما مسني السوء. ولكنه صلى الله عليه وسلم يمتاز عن غيره بأنه نذير مبين لقوم يؤمنون، ولقد قاله الله تعالى له وأمره أن يعلن أنه صلى الله عليه وسلم لا يملك لأحد ضراً ولا رشدا؛ كما قال تعالى: قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً. وأمره أن يعلن شيئاً آخر فقال: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى. فالواجب على من زار قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يؤمن بذلك، أي بما وصف الله به رسوله صلى الله عليه وسلم وأن لا يتجاوزه غلواً، وأن لا يتأخر عنه تقصيراً، فللرسول صلى الله عليه وسلم ما له بما جعله الله عز وجل له، وللرب عز وجل ما له بما اختص به نفسه سبحانه وتعالى، ثم إذا سلم فلا يطيل لأن الإطالة مخالفة لهدي السلف الصالح، يقف تجاه قبر النبي صلى الله عليه وسلم مستقبل القبر فيقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صل وسلم عليه واجزه عنا خيرا ما جزيت نبياً عن أمته، ثم يخطو عن يمينه خطوة ليكون مقابل وجه أبي بكر رضي الله عنه ويقول: السلام عليك يا خليفة رسول الله رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرا، ثم يخطو خطوة أخرى عن يمينه ليكون أمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرا، أو كلمات نحوها ثم ينصرف، ولا يقف يدعو عند القبر، وينبغي أن لا يكثر من هذه الزيارة خلافاً لمن يجعلها أي هذه الزيارة كلما صلى فريضة جاء فزار أو كلما صلى الفجر جاء فزار فإننا نعلم والله علم اليقين أننا لسنا نحب الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر مما يحبه الصحابة، ولا نعظمه أكثر مما يعظمونه، وإذا كانوا لا يفعلون مثل هذا فهم أسوتنا وقدوتنا. قال الله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ. فرضى الله عز وجل عمن كانوا بعد المهاجرين والأنصار لا يكون إلا لمن اتبعهم بإحسان أي أخذ بطريقتهم غير مقصر فيها، ولا متجاوزاً لها، وإنك لتعجب من قوم يعظمون النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره أكثر من تعظيم الصحابة له، لكنهم يخالفونه في الأعمال، تجد عندهم تقصيراً في كثير من السنن التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم ليتعبد الناس بها لربهم جلا وعلا، بل إنك تجدهم مقصرين في الواجبات بل ربما تجد فيهم انتهاكاً للمحرمات ربما يكون فيهم من يحلق لحيته، ربما يكون فيهم من يشرب الخمر، ربما كان فيهم من يتتبع النساء بالمغازلة أو بالنظر المحرم أو ما أشبه ذلك، فعجباً لهؤلاء أن يخالفوا السلف من الجهتين: في الغلو في الرسول عليه الصلاة والسلام، وفي التقصير في سنته وهديه. وليس تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم أن نقف عند قبره لنزوره زيارة غير مشروعة وإنما تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم بمحبته واتباعه ظاهراً وباطناً واعتقاد أن سنته خير السنن وأن هديه أكمل الهدي وألا نتجاوز ما شرعه لا تقصيراً ولا إفراطاً هذا هو تعظيم الرسول عليه الصلاة والسلام. ولقد تحدى الله تعالى قوماً ادعوا أنهم يحبون الله باتباع الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. فنصيحتي لإخواني المسلمين أن لا يتجاوزوا حدود ما أنزل الله على رسوله، وأن لا يغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الغلو الجائر الذي يحرمون به خير سنته وخير هديه، ولقد يعجب المرء أن يقف بعض الناس أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم متجها إلى قبره حانياً رأسه مغمضاً عينيه جاعلاً يديه على صدره كما يفعل في الصلاة بل هو أشد خشوعاً من وقوفه بين يدي الله عز وجل وهذا لا شك من الجهل العظيم، وأستغفر الله إن كان هذا من تفريط العلماء وعدم وبيان الحق لهؤلاء العامة الذين لا يفعل أكثرهم ما يفعل إلا أنه يظن أنه محسن ولكنه ليس بمحسن. انتهى.
وننبه أيضاً إلى أدب مهم من تلك الآداب وهو ألا تشتمل زيارته صلى الله عليه وسلم على شد رحل, فإن الصحيح من قولي العلماء أن شد الرحل إنما يكون لزيارة المسجد وتأتي زيارة القبر تبعا كما حرره شيخ الإسلام ابن تيمية في غير موضع من فتاواه, وجرت بينه وبين مخالفيه في هذه المسألة مناقشات معروفة, ونحن ننقل من كلامه رحمه الله بعض ما دلل به على عدم فضيلة الدعاء عند قبره صلى الله عليه وسلم، وبيان الزيارة الشرعية التي كان عليها السلف والزيارة البدعية التي أحدثها الخلف, قال رحمه الله: فإن زيارة قبور الأنبياء وسائر المؤمنين على وجهين كما تقدم ذكره: زيارة شرعية، وزيارة بدعية.
والثاني: أن يزورها كزيارة المشركين وأهل البدع لدعاء الموتى وطلب الحاجات منهم، أو لاعتقاده أن الدعاء عند قبر أحدهم أفضل من الدعاء في المساجد والبيوت، أو أن الإقسام بهم على الله وسؤاله سبحانه بهم أمر مشروع يقتضي إجابة الدعاء، فمثل هذه الزيارة بدعة منهي عنها. فإذا كان لفظ الزيارة مجملا يحتمل حقا وباطلا، عدل عنه إلى لفظ لا لبس فيه كلفظ:السلام عليه، ولم يكن لأحد أن يحتج على مالك بما روى في زيارة قبره أو زيارته بعد موته، فإن هذه كلها أحاديث ضعيفة بل موضوعة، لا يحتج بشيء منها في أحكام الشريعة. فمن قصد قبور الأنبياء والصالحين لأجل الصلاة والدعاء عندها، فقد قصد نفس المحرم الذي سد الله ورسوله ذريعته، وهذا بخلاف السلام المشروع، حسبما تقدم.
وقد روى سفيان الثوري عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام. رواه النسائي وأبو حاتم في صحيحه، وروى نحوه عن أبي هريرة. فهذا فيه أن سلام البعيد تبلغه الملائكة.
وفي الحديث المشهور الذي رواه أبو الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا علي من الصلاة في كل يوم جمعة، فإن صلاة أمتي تعرض علي يومئذ، فمن كان أكثرهم على صلاة كان أقربهم مني منزلة.
وفي مسند الإمام أحمد: حدثنا شُرَيح، حدثنا عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتخذوا قبري عيدا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني. ورواه أبو داود. وروى سعيد بن منصور في سننه أن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب رأى رجلا يكثر الاختلاف إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، قال له: يا هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: لا تتخذوا قبري عيدا، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني. فما أنت ورجل بالأندلس منه إلا سواء. انتهى بتصرف.
ودليل المنع من شد الرحل إلى قبره صلى الله عليه وسلم حديث: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1430(11/12861)
الدعاء للميت ورفع اليدين وقراءة القرآن عند قبره
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول زيارة الميت والقبور، فهل يجوز الترحّم على الميت والدعاء له عند رأسه، وهل يجوز قراءة القرآن على الميّت عند رأسه، وهل يجوز رفع اليدين (كالدعاء لله) عند قراءة القرآن والترحّم على الميت؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء للميت والترحم عليه عند قبره مشروع، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 104443.
كما يشرع رفع اليدين عند الدعاء للميت ومن ذلك الترحم عليه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 75170.
وقراءة القرآن عند قبر الميت قد تقدمت أقوال أهل العلم حولها وذلك في الفتوى رقم: 14865 وقد ذكرنا رجحان القول بالكراهة، وأما رفع اليدين عند تلاوة القرآن عموماً فغير مشروع إذ لم نقف على ما يدل على مشروعيته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1429(11/12862)
لا يشترط مرافقة محرم للمرأة لدى زيارتها للقبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لابد من وجود محرم عند زيارة القبور للآنسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في زيارة النساء للقبور، فجوزها الجمهور، وانظر أدلتهم في الفتوى رقم: 34470، ولا يشترط مرافقة المحرم، ما لم يكن هناك سفر.
وانظر ضوابط خروج المرأة عموما ومن ذلك خروجها لزيارة القبور في الفتوى رقم: 67938.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1429(11/12863)
مشروعية الدعاء للميت عند زيارة القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أين يقف من يدعو لقريب له في المقبرة إذا شك في قبره، وهل الميت يسمعه إذا دعا له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هناك مكان خاص للدعاء للميت، فيشرع لمن زار قبر قريب له أو غيره من المسلمين أن يدعو له سواء علم مكان قبره أم التبس عليه مع غيره، لأن المدعو هو الله سبحانه وتعالى، وإذا أجاب الدعاء انتفع الميت سواء كان ذلك عند قبره أو في مكان بعيد، وسواء سمع الدعاء له أم لا. وانظرالفتوى رقم: 76733، والفتوى رقم: 98550.
ولا مانع من سماع الميت الدعاء له إن كان بحيث يمكن أن يسمع لو كان حيا لأنه مثل الأحياء في ذلك، وانظر الفتوى رقم: 6746.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(11/12864)
حكم زيارة قبر من مات على النصرانية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أزور قبر شخص مات على النصرانية بقصد الزيارة فقط، لأنه كان صاحباً لي ومات، مع العلم بأنني لا أنوي الدعاء له؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من قيام المسلم بزيارة قبر الكافر فقد نص على جواز ذلك فقهاء الشافعية والحنابلة، لكن ليس لغرض الدعاء ولا الاستغفار ولا يسلم عليه أيضاً، ومن فقهاء الشافعية من يخصص جواز ذلك بما إذا كان صديقاً أو قريباً أو جاراً ونحو ذلك من العلاقات.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من زيارة قبر من مات على النصرانية، فقد نص فقهاء المذهبين الشافعي والحنبلي على جواز زيارة المسلم قبر الكافر، وبعض فقهاء الشافعية يخصص جواز ذلك بالكافر القريب أو الصديق ونحو ذلك، قال النووي في المجموع: ويجوز للمسلم اتباع جنازة قريبه الكافر، وأما زيارة قبره فالصواب جوازها وبه قطع الأكثرون. وقال صاحب الحاوي: لا يجوز، وهذا غلط، لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذنت ربي أن أستغفر لأمي، فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي. رواه مسلم. وزاد في رواية له: فزوروا القبور فإنها تذكر الموت. انتهى.
وفي حاشيتي قليوبي وعميرة في الفقه الشافعي ما نصه: ولا بأس باتباع المسلم جنازة قريبه الكافر. وكالقريب الزوج والجار والصديق، وزيارة قبره كذلك. انتهى بحذف يسير. وفي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: (وتباح) الزيارة (لقبر كافر) والوقوف عند قبره، كزيارته قال في شرح المنتهى وغيره: لزيارته قبر أمه وكان بعد الفتح، وأما قوله تعالى: ولا تقم على قبره. فإنما نزلت بسبب عبد الله بن أبي في آخر التاسعة على أن المراد عند أكثر المفسرين القيام للدعاء والاستغفار (ولا يسلم) من زار قبر كافر (عليه) كالحي. انتهى. وانظر لذلك الفتوى رقم: 12254.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1429(11/12865)
حكم زيارة القبور في العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت ووجدت أهل زوجى يقومون بزيارة للمقابر ثانى أيام العيد وأعنى بأهله ليس والدته وأخواته فقط ولكن كل أهل والده رحمه الله وحين أخبرتهم بأن هناك نهيا عن زيارة المقابر فى العيد قالوا إننا نعتبرها صلة رحم لأننا نقابل بعضنا بعضا هناك. فما رأي الدين فى ذلك؟ وهل إن صاحبتهم وجلست خارج المقبرة ولم أدخل هل هناك إثم علي. رجاء الإفادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم أنه ورد نهي عن زيارة القبور في العيد كما ذكرت السائلة الكريمة، ولكن تخصيص زيارة القبور بيوم العيد وإن لم يرد فيه نهى بعينه فإنه يعتبر من البدع لأنه تخصيص لم يأت به الشرع. فزيارة القبور مشروعة في كل وقت للاتعاظ وأخذ العبرة والدعاء للأموات، وتخصيصها بزمن معين يوهم لدى البعض بأن الزيارة في ذلك الزمن سنة مشروعة، فيعتقدون مشروعية ما لم يرد به الشرع، ولذا أفتى أهل العلم ببدعية تخصيص زيارة القبور بيوم العيد، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء: وتخصيص زيارة القبور بالأعياد بدعة، سواء كان ذلك من الرجال أو النساء ... انتهى. والتعليل بأن فيه صلة للرحم تعليل عليل، وهل ضاقت الأرض بمكان يمكن أن توصل الرحم فيه إلا في المقابر.
والذي ننصح به الأخت السائلة هو أن تبين لهم الحكم الشرعي بالحكمة واللين، ولا تطالب بغير ذلك، ولو ذهبت ولم تدخل المقبرة فنرجو أنه لا إثم عليها، لاسيما وأن من الفقهاء من منع النساء من زيارة القبور مطلقاً، وإن كان المفتي به عندنا الجواز بشروط كما بيناه في الفتوى رقم: 3592.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1428(11/12866)
زيارة النساء للقبور وتشغيل الأذكار المسجلة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف هل يجوز للمسلم اصطحاب عدد من نساء الأسرة كالزوجة والبنات والأخوات إلى المقبرة، وهل يجوز خلال زيارة القبور تشغيل الأذكار المسجلة على جهاز؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في اصطحاب النساء زوجات أو بنات أو أخوات إلى المقبرة، فقد أذن للنساء في زيارتها، لكن لا ينبغي الإكثار لهن من ذلك لما ورد من لعن زوارات القبور أي كثيرات الزيارة لها، وانظر لذلك الفتوى رقم: 42615.
وأما تشغيل الأذكار المسجلة في الجهاز أو عمل ذكر جماعي عندها فلا ينبغي لما قد يؤدي إليه من اعتقاد سنيته أو أفضليته ومزيته وهو من الأمور المحدثة المبتدعة التي لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام، وانظر لذلك الفتوى رقم: 37513.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1428(11/12867)
حكم شد الرحال لزيارة قبر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن قبيلة جدنا ولي صالح إن شاء الله ونقوم بزيارة قبره كل سنة تقريبا وقبره يبعد عنا مسافة تتجاوز 150 كيلو متر تقريبا حيث نبيت هناك وننقل متاعنا وما يلزمنا للإقامة لمدة يومين تقريبا، ومن ضمن ذلك حيوانات حية نقوم بذبحها هناك ونزوره ونقرأ القرآن وندعو له وجيرانه بالتربة، ونتزود ونأكل ونشرب هناك ونرجع في اليوم التالي.
السؤال: هل هناك ما يعارض ذلك في الشريعة الإسلامية حيث هناك من قال لنا ما تقومون بذبحه هو على النصب ولا يجوز أكله وزيارتكم هذه شرك.
أيضا والدي مدفون في نفس المقبرة هل يجب علي شد الرحال لغرض زيارته والسلام عليه والدعاء له.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
زيارة القبور من السنة؛ ولكن الذبح لها شرك لا يجوز. وكذلك لا يجوز التجمع عندها كل سنة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زيارة القبور مشروعة فقد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد النهي عنها، ففي صحيح مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها.
والطريقة التي تقع بها هذه الزيارة من الإقامة عند القبور والذبائح فيها تفصيل:
فإذا كانت الذبائح مذبوحة تعظيما لأصحاب القبور فإن ذلك لا يجوز وهو من الشرك الأكبر.. ولا يجوز الأكل منها لأنها مما ذبح على النصب وما أهل به لغير الله تعالى.
أما إذا كانت مذبوحة للأحياء من أجل الحاجة إلى الأكل ولكنها عند القبور فقد كره ذلك بعض أهل العلم وكره الأكل منها.
والزيارة بهذه الطريقة خلاف هدي السلف، وفيها من البدع ما لا يخفى مثل التجمع عند القبور كل سنة، واتخاذ ذلك عادة يعتبر ذريعة للشرك الذي كان من أسبابه الأساسية الغلو في الصالحين. وللمزيد انظر الفتاوى التالية أرقامها: 31401، 63839، 74757.
وبخصوص الشق الثاني من السؤال: فإنه لا يجب عليك شد الرحال لزيارة قبر أبيك، والذي عليك هو الدعاء والاستغفار له وصلة رحمه..والصدقة عنه.. فقد روى الإمام أحمد: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: نعم، خصال أربع: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما.
وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
وراجع الفتوى رقم: 30823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1428(11/12868)
اصطحاب الأولاد والبنات عند زيارة المقابر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز اصطحاب الأطفال إلى المقابر، وهل يوجد سن محدد لذلك، وهل يقتصر في ذلك على الأولاد دون البنات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بزيارة القبور وبين الحكمة من ذلك وهي الموعظة وتذكر الآخرة، فقال: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن في زيارتها تذكرة. رواه أبو داود وغيره وأصله في صحيح مسلم.
وعلى ذلك فإن كان الطفل -ذكراً كان أو أنثى- قد بلغ مبلغاً يعقل به القربة فلا مانع من زيارته للقبور على الراجح من أقوال أهل العلم، أما إذا كان صغيراً لا يميز فلا داعي لزيارته لما علمت من حكمة الزيارة، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 93883.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(11/12869)
حكم اصطحاب الأطفال عند زيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز اصطحاب الأطفال إلى المقبرة؟ وهل يوجد سن معين؟ وما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- بزيارة القبور وبين الحكمة من ذلك وهي الموعظة وتذكر الآخرة فقال: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن في زيارتها تذكرة. رواه أبو داود وغيره وأصله في صحيح مسلم.
وعلى ذلك فإن كان الطفل قد بلغ مبلغا يعقل به القربة فلا ما نع من زيارته للقبور، أما إذا كان صغيرا لا يميز فلا داعي لزيارته لما علمت من حكمة الزيارة.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى: 93883.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(11/12870)
بكاء المرأة لفقد أمها وزيارتها قبرها يوميا
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي توفيت رحمة الله وعليها وكانت مريضة في الفراش ولي أخت مكلفة بخدمتها ومنذ أن توفيت والدتي وأختي لا تكف عن البكاء ومحاسبة نفسها بأنها أخطأت كثيراً مع والدتها أثناء مرضها، ومع العلم تزور القبر يومياً باعتقادها السماح من والدتها المتوفاة، ما هي النصيحة ومعالجة هذا الموضوع؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يأجركم في مصيبتكم وأن يغفر لجميع موتى المسلمين، والذي ننصح به هو تقوى الله العظيم والكف عن البكاء وعدم كثرة زيارة القبور للنساء، ولا مانع من الزيارة في بعض الأوقات، كما بينا في الفتوى رقم: 93747، والفتوى رقم: 25255.
كما ننصحكم بكثرة الدعاء لوالدتكم وصلة رحمها وصديقاتها والصدقة عنها.. وإذا أمكن أن تجعلوا لها صدقة جارية فذلك أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
فإن ثواب ذلك وما أشبهه من الأعمال الصالحة يلحقها إن شاء الله تعالى، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 5541.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/12871)
حكم اصطحاب الأطفال الرضع عند زيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف ما حكم زيارة المقابر للأطفال الصغار حيث إنني سمعت أن الأطفال الرضع يرون ويسمعون أشياء لا نعلمها فلا يجب زيارتهم للمقابر؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زيارة المقابر سنة في حق الكبار لأجل الاتعاظ والتذكر لقوله صلى الله عليه وسلم: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها. رواه مسلم ورواه أبو داود بلفظ: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن في زيارتها تذكرة.
ورواه الترمذي بلفظ: قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزروها فإنها تذكر الآخرة.
وهذا المعنى الذي شرعت لأجله زيارة القبور غير موجود في الرضع، وبالتالي فلا داعي لاصطحابهم إلى المقابر. أما ما ذكر من أنهم يرون ويسمعون ما لا يرى ولا يسمع غيرهم فلا نعلم له أصلا، بل الوارد في السنة سماع البهائم لعذاب القبر وكذا الملائكة، أما الثقلان الجن والإنس فإنهم لا يسمعون كما ورد بذلك الحديث، ففي صحيح البخاري عن أنس يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الكافر والمنافق: ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(11/12872)
مشروعية زيارة النساء للقبور
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤالان وهما كالتالي: توفي والدي منذ حوالي أربعين يوما، وكلما طلبت من أخي أن يأخذني للسلام على والدي من خارج المقبرة وليس داخلها، فهو يرفض دائما، فذهبت أنا وأختي الكبرى ووقفنا في خارج المقبرة بدون علم أخي، فما صحة ما فعلناه، وما هو حكم زيارة النساء للقبور، سمعت أن البكاء يفسد الصوم، فهل هذا صحيح؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم -رحمهم الله تعالى- في زيارة النساء للقبور على ثلاثة أقوال، فمنهم من منع منها مطلقاً، ومنهم من أطلق الجواز، ومنهم من جوزها بشروط جمعا بين الأدلة، وهذا الأخير هو أقرب الأقوال للصواب، فقد روى الترمذي في صحيحه عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها، فإنها تذكر الآخرة.
والمرأة تحتاج إلى التذكير كالرجل تماماً، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم قوله: النساء شقائق الرجال. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: لعن الله زوارات القبور. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، فإن اللعن لمن تكثر الزيارة كما هو واضح من الصيغة.
فخلاصة القول أنه يجوز للمرأة أن تزور القبور إن أمنت الجزع، وخرجت غير سافرة أو متعطرة، وألا تكثر الزيارة.
وعليه.. فما حصل منكن لا حرج فيه، ولا مانع من وصول المرأة إلى قرب قبر والدها، والسلام عليه والدعاء له بالشروط السابقة، ولا يحق لأخيك منعكما من ذلك إذا كنتما ملتزمتين بالضوابط الشرعية.
وأما البكاء في الصوم فغير مفسد له باتفاق أهل العلم رحمهم الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(11/12873)
حكم زيارة الحائض والمتبرجات للقبور
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في لبنان ضريح مقام الإمام الأوزاعي، ولهذا المقام أناس يشرفون عليه بحكم التَّولية، فنرجو الإجابة على الأسئلة الآتية: ما حكم المتولِّي في الشرع وكيفية التولية، هل للمتولي حق التصرف بكل ما يرد للمقام، وما كيفية التصرف، هل يجوز له بيع السجاد أو الحصر أو الزيت أو الشمع أو التصرف فيها، ما حكم النقود المنذورة ولمن تُصرف، هل يجوز للنساء السافرات شبه العاريات زيارة الضريح، هل يجوز للمرأة الحائض والنفساء زيارة المقام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علم لنا بما سميته المتولي، ولكنه تقدم لنا حكم النذر لأصحاب القبور، ويمكنك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 59768، كما يمكنك أن تراجع في حكم بناء المقامات على القبور فتوانا رقم: 9943.
وأما عن زيارة النساء للقبور، فقد اختلف أهل العلم في حكمها، فجوزها الجمهور ومنعها آخرون، وسبب الخلاف فيها ما ثبت من لعنة الزوارات في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: لعن الله زوارات القبور. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني. وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط. ولك أن تراجع في أدلة كل فريق الفتوى رقم: 34470.
ولا فرق عند من يقول بإباحة زيارة القبور بين أن تكون المرأة حائضاً أو نفساء، وبين أن تكون في طهر، ولكن أهل العلم إذا كانوا قد اختلفوا في حكم زيارة النساء للقبور، فإنهم إنما يختلفون فيها في الحالة التي تكون فيها المرأة ساترة لبدنها غير متبرجة، وأما إذا كان النساء سافرات أو شبه عاريات فإنه لا يحل لهن الخروج من بيوتهن أصلاً، ولا أن يكن على تلك الهيئات بحيث يراهن من لا يحللن له، فأحرى أن يذهبن لزيارة الأضرحة والمقامات، والتي كان الواجب على السلطة هو أن تهدمها؛ لا أن تسمح بإقامتها لأي شخص كانت كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1428(11/12874)
حكم زيارة القبور بغرض محاكمة الجن
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم زيارة الأضرحة بهدف محاكمة الجن هناك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد شرع الإسلام زيارة القبور لمقاصد معينة وبضوابط محددة قد سبق بيانها بالفتوى رقم: 31401، وأما زيارتها لما ذكر من محاكمة الجن فإن استحضار الجن ومخاطبتهم يغلب أن يكون من شأن السحرة، ولاسيما عند مثل هذه الأماكن، وخاصة إن كانت أضرحة تمارس فيها أمور لا يرضاها الشرع من الاستغاثة بأصحابها والطواف بها ونحو ذلك من بدع وشركيات، فالواجب الحذر من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(11/12875)
كانت فاطمة تزور قبر حمزة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ثبتت زيارة فاطمة رضي الله عنها لقبر حمزة رضي الله عنه، والصلاة عند قبره.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت أخبار بأن فاطمة رضي الله عنها كانت تزور قبر حمزة رضي الله عنه-.
فمن ذلك ما ورد في مصنف عبد الرزاق عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزور قبر حمزة كل جمعة.
وقد اختلف أهل العلم في زيارة القبور للنساء، فذهب الجمهور إلى الكراهة، واحتجوا بأدلة منها حديث أبي هريرة عند أحمد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله زوارات القبور. صححه الألباني. ولأن النساء فيهن رقة قلب وكثرة جزع وقلة احتمال للمصائب، وهذا مظنه لبكائهن ورفع أصواتهن. وذهب الحنفية في الأصح إلى أنه يندب للنساء زيارة القبور كما يندب للرجال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر بالآخرة. رواه مسلم عن بريدة.
وفي رد المحتار: قال الخير الرملي: إن كان ذلك لتجديد الحزن والبكاء وما جرت به عادتهن فلا تجوز، وعليه حمل حديث: لعن الله زوارت القبور. وإن كان للاعتبار والترحم من غير بكاء فلا بأس. اهـ.
وقال ابن عبد البر: قيل كان النهي عاما للرجال والنساء ثم نسخ بالإباحة العامة أيضا لهما، فقد زارت عائشة قبر أخيها عبد الرحمن، وكانت فاطمة تزور قبر حمزة. وقيل إنما نسخ للرجال دون النساء لأنه صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور، فالحرمة مقيدة بذلك دون الإباحة لجواز تخصيصها بالرجال دونهن بدليل اللعن. اهـ
وأما صلاتها -رضي الله عنها- عند قبر حمزة -رضي الله عنه- فلم نقف على شيء يفيد صحة ذلك. والمعروف عن أهل العلم المنع من ذلك. ويمكنك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 1530.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(11/12876)
زيارة الصائم للمقابر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز زيارة المقابر وأنا صائم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زيارة القبور سنة ولها آداب وضوابط ذكرناها في الفتوى رقم: 30823، والفتوى رقم: 7410 ولا فرق بين أن يكون الزائر صائماً أو غير صائم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1427(11/12877)
مسائل في زيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني في الآتي: زيارة القبور لي فيها عدة استفسارات، قيل إ ن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لم يزر أولاده وزوجاته في القبور، قراءة القرآن للميت هل تصل أم الدعاء فقط؟، قيل إ ن المسلم في زيارته للقبور يصل إلى بدايتها فقط ولا يدخل قبرا معينا للترحم على أهله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجزم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزر قبور زوجاته وأولاده قول مجانب للصواب، فبناته الثلاثة: زينب ورقية وأم كلثوم، وابنه إبراهيم، وزوجاته زينب بنت خزيمة أم المساكين , وريحانة بنت زيد بن عمرو رضي الله عنهم جميعاً كل هؤلاء ماتوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ودفنوا في البقيع، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة أنه كان يزور أهل البقيع ويستغفر لهم، وقال: وإن الله ينورها -أي قبورهم- عليهم بصلاتي. رواه مسلم وأحمد.
ومن مات منهم في مكة كخديجة وابنه القاسم لا يمكن الجزم بأنه لم يزر قبورهم، وعدم العلم بالشيء لا يدل على عدم وقوعه، بل ثبت عنه أيضاً أنه زار قبر أمه وبكى وأبكى من حوله، ومن المعلوم أنها ماتت على غير الإسلام.
وأما عن قراءة القرآن للميت هل تصل؟ فانظر لذلك الفتوى رقم: 2288.
وأما زيارة قبر معين للترحم عليه فهذا جائز، وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم صخرة على قبر عثمان بن مظعون رضي الله عنه وقال: أتعلم بها قبر أخي, ولأدفن إليه من مات من أهلي. رواه أبو داود. وقد زار قبر أمه إلا أنه لم يستغفر لها لأنها ماتت على غير الإسلام. وللفائدة نحيلك للفتوى رقم: 7410 حول آداب زيارة القبور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1427(11/12878)
حكم السفر لزيارة قبر الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد وفاة زوجتي دفنت بمنطقة تبعد عن مقر سكني 800 كم، وذلك لعدم حضوري الجنازة لوجودي بالمستشفى لغرض العلاج من حادث السيارة، وكما سمعنا من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الميت يستأنس بزيارة أقاربه ويفرح بها، والسؤال هو: هل سفري إلى مكان دفن زوجتي يجوز لي ولا يدخل ذلك في معنى الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم (لاتشد الرحال إلا إلى ثلاث ... ) أفيدوني جزاكم الله خيرا لأني أحب زيارتها لأني أشعر بها تسعد بذلك؟
والله أعلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 24964، والفتوى رقم: 30823، عدم مشروعية السفر لأجل زيارة قبر الميت، فلذا ننصحك بالكف عن زيارة قبر زوجتك والاكتفاء بفعل ما ينفعها في قبرها فإن ذلك أكثر فائدة ونفعا لها ولك، ومن تلك الأمور التي تنفعها في قبرها.
1 ـ الدعاء لها بالرحمة والمغفرة من الله تعالى.
2 ـ الصدقة مع نية إهداء الثواب لها، إلى آخر الأمور التي تنفع الميت في قبره، والتي تقدم بيانها في الفتوى رقم: 5541.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(11/12879)
الحكمة من وجود الجدران حول قبر النبي وصاحبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يحجب قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهم عن الرؤيا من خلال ستارة وشبك معدني؟ وهل ورد ذلك شرعا؟ حيث أن رؤية القبر عيانا دون حاجز (يمكن وضع حاجز زجاجي مع إبقاء الحرس أو المنظمين) لها أثر عميق في قلبي وقلوب كثير من المسلمين ممن تحدثنا إليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكمة من ذلك هي أن تبقى القبور خارجة عن المسجد النبوي، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، فالقبور الثلاثة الشريفة وإن كانت الآن ملاصقة للمسجد إلا أنها تعد مفصولة عنه بالجدران الثلاثة المحيطة بها، وقد دفن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه في حجرة عائشة رضي الله عنها، ولم يدفنوا في المسجد، وهذا متحقق إلى الآن ببقاء الجدران، ولو أزيلت وجعل بدلا منها زجاج كما يقترح السائل لكان في ذلك إدخال للقبور داخل المسجد.
وقد راعى عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما عند توسعة المسجد النبوي عدم توسعته من جهة بيوت النبي صلى الله عليه وسلم المشتملة على قبره الشريف، وروعي في التوسعة الأخيرة أيضا عدم اشتمالها على الجهة اليسرى، حتى لا تتوسط القبور الشريفة المسجد النبوي، فتبقى بذلك ملاصقة له لكنها غير داخلة فيه، ولمعرفة آداب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وراجع الفتوى رقم: 24964.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1427(11/12880)
زيارة قبر الميت وهل يشعر بالتقصير في زيارته
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي من عدة شهور ولظروف كثيرة ذهبنا إلى المقابر مرة واحدة، هل هذا يعد تقصيرا منا، وهل يشعر أبي بأننا مقصرون، وما الأشياء التي يجب أن نفعلها له؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم زيارة القبور وآدابها في الفتوى رقم: 1376.
وأنها مندوبة وتتأكد في حق الوالدين، وقال الإمام الصنعاني في سبل السلام وفي قوله: فزوروها أمر للرجال بالزيارة وهو أمر ندب اتفاقا ويتأكد في حق الوالدين لآثار في ذلك. انتهى.
فمن الأشياء التي يمكنكم فعلها براً بوالدكم بعد موته الدعاء له، وإذا أوصى بشيء أو عهد عهداً، فعليكم بتنفيذ وصيته، والوفاء بعهده، وأن تصلوا رحمكم من جهته، وإن كان له أصدقاء فتكرمونهم، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: وذكر منها ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
وروى أبو داود في سننه عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله: هل بقي علي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما.
وروى مسلم من حديث عبد الله بن عمر قال: قال صلى الله عليه وسلم: إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي. رواه مسلم. وكذلك الصدقة وإهداء ثوابها للميت، فإنها تصله من غير خلاف بين أهل العلم.
وأما غير ذلك من الطاعات كقراءة القرآن، ونحو ذلك فقد وقع فيه الخلاف بين أهل العلم، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 5541.
وليس لزيارة القبور عدد أو قت معين، وأما هل يشعر والدكم بتقصيركم في زيارته، فمسألة شعور الميت بما يجري في الحياة مختلف فيها، وسبق بيانها في الفتوى رقم: 58523.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1426(11/12881)
شروط جواز زيارة الشابة للقبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز زيارة المقابر للأنثى غير المحجبة في الثالثة والعشرين من العمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المرأة في زيارة القبور كما في الفتوى رقم: 675، ولكن يشترط لجواز ذلك أن يكون خروجها منضبطا بالضوابط الشرعية من لبس الحجاب الشرعي بالمواصفات المذكورة في الفتوى رقم: 6745، وأن لا تخرج متطيبة كما في الفتوى المشار إليها، وأن لا يترتب على خروجها ضياع واجب، وأن لا تشتمل زيارتها على محرم كالنياحة ولطم الخد وشق الثوب.
وبهذا يعلم أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج إلى زيارة القبور ولا إلى غيرها إذا كانت متبرجة فإن خرجت فهي مأزورة غير مأجورة.
ومن كانت في سن الثالثة والعشرين فإنها مأمورة بالحجاب الشرعي ومخاطبة بالتكاليف الشرعية، وانظري الفتوى رقم: 5413 بعنوان الحجاب فرض على البنت عندما تبلغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(11/12882)
من بدع زيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كالتالي هل هناك حرام أو إثم في زيارة القبور فجرا لمدة ثلاثة أيام من يوم الدفن فهذه العادة تسمى عندنا \"فكة الوحدة\" وهي عادة منتشرة.
... ... ... مع جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزيارة القبور مستحبة في كل وقت، وأما تخصيص الزيارة بوقت محدد ففيه تفصيل فإن كان تحديد ذلك الوقت لكونه وقت فراغ الزائر فلا حرج في ذلك، وأما تخصيصه بقصد اعتقاد فضيلة فيه لم تثبت في الشرع فهو من البدع الإضافية، وهي ممنوعة كما بين ذلك الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في كتابه القيم الاعتصام وهو ما سرنا عليه في عدة فتاوى لنا سابقة. وعليه، فينبغي تغيير هذه العادة التي هي تخصيص ثلاثة أيام بعد الدفن لزيارة الميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1426(11/12883)
من بدع الجنائز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
ما حكم الإسلام في ظاهرة \"فك الوحدة\" وهي أنه في حالة وفاة شخص ما يقوم أهله وأقاربه بزيارة قبره فجراً وعلى الأغلب يكون معهم شيخ أو مقرئ فيتلون آيات وسور من القرآن وبعضهم يجلس حول القبر ويستمع فقط ثم يغادرون المقبرة بعد صلاة الفجر أو بعد الآذان لا أدري بالضبط، وهناك أيضا ظاهرة الختمة وهي أن يأتي عدد من المشايخ أو الدراويش إلى بيت الميت أو بيت أحد من أهله فيجلس المشايخ وأقارب الميت وأهله ويأخذ كل واحد جزءا من القرآن فيختمون القرآن في أقل من ساعة وأحيانا يكررون الختمة في الأربعين أي اليوم الأربعين بعد الوفاة، فما الحكم في هذه الأمور كلها وهل هي بدع وإثم، وهي منتشره بوضوح في بلدي
بارك الله فيكم؟ وجزاكم كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزيارة القبور مشروعة ولكن تخصيص وقت معين للزيارة لأن له فضلاً على غيره من الأوقات ومنفعة الزيارة فيه أكبر، هذا التخصيص من البدع الإضافية، والاجتماع على قراءة القرآن وإهداء ثوابها للميت من البدع المحدثة كذلك، كما بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2504، 16500، 3689.
والصور التي ذكرتها في سؤالك أو أغلبها مشتمل على هذه البدعة، كالاجتماع في بيت الميت أو غيره، أو عند القبر أو في الأربعينية، فكل ذلك من البدع.
وأما ختم القرآن وإهداؤه للميت دون اجتماع على ذلك على الهيئة التي ذكرت فالراجح من أقوال أهل العلم جوازه، وأن ثوابه يصل بإذن الله تعالى إلى الميت، وقد فصلنا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3406، 35190، 24236، 27426.
وأما قراءة القرآن على القبر دون اجتماع، فقد ذهب جمهور العلماء إلى كراهتها كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 14865.
واعلم أخي السائل أن ما يسمى بالأربعينية، وهي قراءة أهل الميت القرآن أو زيارة القبر أو التصدق بعد مرور أربعين يوماً على موته، من البدع المنكرة، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة أو السلف الصالح، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه البخاري ومسلم.
فيجب على المسلم الحذر كل الحذر من البدع والمحدثات، والتمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والسلف الصالح، ففي ذلك الخير كله، وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الترمذي والألباني، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 32569، والفتوى رقم: 14753.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1426(11/12884)
جواز زيارة النساء للقبوربضوابط وحكم زيارتها للمعتدة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي رحمه الله منذ خمسة أيام وأريد أن أسأل عن أمرين جزاكم الله خيرا
1- هل يجوز للنساء زيارة قبر والدي وبالأخص أمي وأخواتي في الوقت الحالي علما بأن أمي في فترة العدة وما هو تفسير الحديث (لعن الله زوارات المقابر) هل يقصد كثيرات الزيارة أم الزيارة في ذاتها؟
2- لقد ترك والدي بعض النقود في جيبه وأنا أريد أن أتصدق عن والدي وأنا أرى أن الهدف من الصدقة هو الأجر للميت (وأود إعلامكم بأن أخواتي بحمد الله ملتزمات بدين الله كما أنهن محجبات ولكن لا يلبسن اللباس الشرعي الصحيح والحمد لله بدأت منذ فترة أشهر تقريبا أحاول معهن في طريق الالتزام والحمد لله بعد أن كن يسمعن الأغاني ابتعدن عنها وابتعدن عن مشاهدة الفيديو كليب وشيئا فشيئا نحو الالتزام ولكن الآن الخطوة القريبة إن شاء الله هي اللباس الشرعي) وأود السؤال النقود التي تركها أبي لو اشتريت لأخواتي بها اللباس الشرعي هل يكون الأجر لوالدي أكبر أم لو تصدقت بها إلى المسجد أو للأيتام فأنا أبتغي أن يكون الأجر لوالدي أكبر وهذا ما هو بحاجة إليه، وأنا أريد أيضا أن أذهب عمرة عن والدي إن شاء الله فلو ذهبت من نقود والدي هل يكون الأجر أكبر أم من أي نقود أخرى ... علما أن المبلغ قليل فإما أن أشتري لأخواتي أو أتصدق أو أذهب بها عمرة عن والدي وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح جواز زيارة النساء للقبور ما لم يكثرن أو يقمن بمحرم، وقد وفق القرطبي وتابعه الشوكاني ونصره الشيخ مصطفى العدوي، وفقوا بين حديث لعن الله زوارات القبور والأحاديث المفيدة لجواز الزيارة لحمل اللعن على من تكثر الزيارة نظرا لصيغة المبالغة الواردة في الحديث.
وقد ذكر الحاكم في المستدرك أن هذا الحديث منسوخ بتلك الأحاديث الأخرى وهي موجودة في بعض الفتاوى التي سنحيلك عليها، وأما الوالدة فعليها أن تصبر في بيتها حتى تنتهي عدتها، وتكثر الدعاء والترحم على الوالد.
وأما ما تركه الوالد فهو تركة تقسم بعد أداء الدين وإخراج الوصايا على الوارثين، فإن تبرعوا بإعطائها لتؤدي العمرة أو تتصدق بها على الوالد، فذاك وإلا فقسمها بين الوارثين، وإن كان عندك أنت مال تحب إنفاقه وإهداء ثوابه للأب فإنفاقك على أخواتك المحتاجات من أفضل القرب لاجتماع الصدقة وصلة الرحم، ويتأكد هذا إذا كان في مجال اللبس الشرعي.
وإن كانت عندكم أيضاً حاجة لهذا فإنفاقه على أنفسكم أفضل من إنفاقه في مصالح المسجد.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 55209، 34470، 56021، 25175، 10177.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1426(11/12885)
الحكمة من زيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة في كلام الأخ التالي. (أنا ممن يذهبون لزيارة القبور لا للتبرك والعياذ بالله ولكن من أجل تذكر أيام الذين مضوا والذين نحن بهم لاحقون عاجلا أم آجلا، وللحق فأنا عادة أمسك بالقبر لا تبركا ولكن من الحنين لمن هم في القبور وخاصة الشهداء وأشعر بداخلي أنهم سيحسون بي بإذن الله خاصة الشهداء وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وأومن أنهم يسمعون سلامي ويردون علي السلام وللحقيقه فأنا دائما أدعو وأنا أذكرهم أن يجعلني الله ممن يشفعون بهم بإذن الله – إن كنت قد استحققت النار والعياذ بالله لأن المسلم بحق يعلم أن دخوله الجنة لا يكون بعمل ولا بمنة بل هو بفضل الله تعالى - خاصة ونحن نعلم أن الشهيد يشفع لسبعين من أهله ممن استحقوا الدخول إلى النار ... طبعا هذه بإذن الله وحده وليست من باب التبرك أزورهم لأقرأ لهم الفاتحة وما تيسر من آي الله، وأدعو الله إن كانت خاتمتي بالنار والعياذ بالله أن يدخلني الجنه برحمته، وأدعو الله أن يجعلهم يشفعون لي إذا كنت ممن استحق النار، ولست أقول يا الله ببركة فلان (الذي هو شهيد
وبشفاعته أدخلني الجنة) ولكن أقول، يا رب إن كنت قد استحققت النار فأدخلني الجنة برحمتك، وأسألك يا رب العالمين أن تشفع في رسول الله بإذنك يا كريم، وإن منحت (فلان) أن يشفع عندك لسبعين من أهله فشفعه فينا يا رب العالمين ...
هذا دعائي فأرجو أن توضح لي إن كان به خطأ. ورحم الله امرءا دلني على خللي وانحرافي ... ))
جزاكم الله عنا خيرًا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زيارة القبور تشرع لما فيها من تذكر الموت والآخرة والاعتبار والاتعاظ بحال من سبق والسلام على المؤمنين والدعاء لهم. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور أهل البقيع ويقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، اسأل الله لنا ولكم العافية. رواه مسلم. وقد ندب النبي صلى الله عليه وسل لزيارتها وعلل ذلك بتذكيرها الآخرة كما في الحديث: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
وأما طلب شفاعتهم من الله تعالى فإنه جائز، وكذا طلب شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم كما قدمنا في الفتوى رقم: 53499. وعلى العبد أن يحرص على تقوية إيمانه ما دام حيا، ويسأل الله أن يحسن خاتمته ويحمل نفسه على القيام بالأعمال الصالحة والدوام عليها لعله يختم حياته بعمل صالح، وعليه أن يبتعد عما يوجب النار من الأعمال السيئة، ويتوب مما قارفه منها سابقا، ويكثر من الأعمال المكفرة للذنوب. وراجع في المزيد فيما تقدم، وفي مسألة سماع الموتى لكلام من يزورهم وقراءة القرآن لهم الفتاوى التالية أرقامها: 6317، 6746، 32689، 37813، 54731، 55045.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1426(11/12886)
فتاوى في أحكام زيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو كيفية زيارة أهل القبور وهل يجوز الجلوس عند قبورهم ومحادثتهم وهل يجوز الطواف بهم أو أخذ ترابهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذاالسؤال الفتاوى التالية أرقامها: 6317، 7410، 28076، 55045، 55046، 46642، 36448
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(11/12887)
زيارة الأهرام وزيارة النساء القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر زيارة الأهرامات من ضمن زيارة القبور، (وأعرف أنها محرمه على النساء) ، وهل تحريم زيارة القبور للنساء تكون من ناحيه زيارتها كل عام (سنوية مثلا) ، أم حتى زيارة القبر مرة واحدة كقبر الأب أو الأم مثلا لا تجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زيارة الأهرام للاعتبار والاتعاظ بحالهم والتأمل والنظر في عاقبتهم مشروع، بدليل قوله تعالى: أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ {غافر:21} ، ويشترط في زيارتها أن يسلم الزائر مما يحدث في أماكن السياحة من المحظورات الشرعية.
وأما زيارة النساء للقبور فالراجح جوازها إن لم يترتب عليها محظور شرعي، وراجعي للتفصيل فيما تقدم الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 3592، 34470، 33891، 21666، 21901، 55209، 36964.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(11/12888)
تخصيص يوم لزيارة قبر الابن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تخصيص يوم لزيارة قبر الابن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم زيارة النساء للقبور وشروط جوازها في الفتوى رقم: 3592 والفتوى رقم: 55209.
أما تخصيص يوم معين لزيارة القبور فقد سبق الجواب عليه في الفتوى رقم: 32569، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 9804 والفتوى رقم: 53063.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(11/12889)
حكم المشي بين المقابر بالنعال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم خلع النعل عند الدخول للمقبرة؟ وهل هناك إثم على من يدخل بنعله للمقبرة؟
وما مدى صحة الحديث الدال على وجوب خلع النعل عند الدخول للمقبرة؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا بأس بالمشي بين المقابر بالنعال كما سبق بيانه في الفتويين: 13680 و 8163.
أما الحديث المشار إليه فموجود في الفتوى المحال عليها، وإسناده صحيح صححه الحاكم والألباني في الجامع.
وعليه؛ فمن دخل المقبرة بنعليه فليس عليه حرج، إلا أن بعض أهل العلم كرهوا ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1426(11/12890)
صفة الدعاء عند الدفن والزيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء على القبور؟ هل هو سر أم علن؟ الرجاء إرفاق الحكم بدليل من الكتاب أو السنة لأن هذه القضية سببت خلافاً كبيراً بين بعض الإخوة.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصد بالدعاء على القبور الدعاء عند زيارتها والدعاء لأصحابها فهذا مستحب، قال ابن تيمية: فالزيارة الشرعية أن يكون مقصود الزائر الدعاء للميت، وقال في موضع آخر: سن لمن زار القبور أن يسلم على الميت ويدعو له، كما سن أن يصلي عليه قبل دفنه ويدعو له، فالمقصود بما سنه صلى الله عليه وسلم الدعاء للميت. اهـ. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5023، والأفضل أن يكون الدعاء في هذه الحالة سرا، قال الله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف:55} .
أما إن كنت تقصد الدعاء بعد الدفن والقيام على قبره فذلك سنة أيضاً؛ لما ثبت عند أبي داود بسند صححه الألباني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له الثتبت فإنه الآن يسأل.
وانعقد إجماع الأمة على انتفاع الميت بدعاء الأحياء. قال في الموسوعة الفقهية: وعقب الدفن يندب أن يقف جماعة يستغفرون للميت لأنه حينئذ في سؤال منكر ونكير.. وصرح بذلك الجمهور. اهـ.
وقد أجاز بعض العلماء المعاصرين الدعاء بصوت مرتفع والتأمين من الحاضرين بغير أن يتخذ سنة دائمة -يعني تفعل أحيانا من باب المصلحة- لأن كثيراً من الناس يقف لا يدري ما يدعو به.
وعليه؛ فينبغي عدم الإنكار على من يفعل ذلك؛ ولكن ينصح بأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الخير كله في اتباع من سلف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1425(11/12891)
حكم تكرار السلام على الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من السنة تكرار السلام على الميت ثلاث مرات، وما هو الأولى تكراره أم الاكتفاء بسلام واحد، وماذا يعني كلام ابن مفلح في الآداب كما سيأتي (ورد تكراره في المهاجرين) حيث ذكر صاحب الآداب الشرعية في (ج1، ص484 مؤسسة الرسالة) ما نصه (وفي الصحيح أن عبد الله بن عمر مر بعد الله بن الزبير وهو بعقبة بمكة وهو مقتول، فقال: السلام عليك أبا خبيب وكرره ثلاثاً، وقال في شرح مسلم: فيه استحباب السلام على الميت في قبره ثلاثاً، كما كرره ابن عمر) انتهى كلامه (يعني النووي) ، ولم يذكر أصحابنا هذا السلام في حق الميت، بل ذكروا كما في الأخبار ولا شك أنها أولى، ولم يذكر يذكروا أيضاً تكراره، ولعل هذا رأيا لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، مع أنه ورد تكراره في المهاجرين، وقد تقدم) . انتهى كلامه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى في السلام على الميت هو الاقتصار على ما ثبت عن رسول الله صلى الله وسلم وما كان يعلمه أصحابه إذا خرجوا إلى المقابر، وهو ما أخرجه الإمام مسلم وغيره من حديث بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، فكان قائلهم يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية. وفي رواية: أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع.
وأما التسليم عليهم ثلاث مرات، فلعله -كما قال ابن مفلح في الآداب الشرعية- رأي لعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمر مع جلالته وفضله وحرصه على اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رأيه في أي شيء لا يمكن أن يقدم على ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من السنة التي لم يرد لها نسخ ولا تخصيص أو تقييد.
ثم إن كلام ابن مفلح هذا الذي في الآداب الشرعية لم نقف له على نظير عند غيره، ولعله يقصد بقوله: ورد تكراره في المهاجرين أن السلام على الميت ثلاث مرات قد تكرر فعله من المهاجرين، فيكون في كلام ابن مفلح تحريف من بعض النساخ فالأصل (تكرر فعله من المهاجرين) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1425(11/12892)
حكم زيارة القبور للنساء والفتيات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زيارة المقابر للنساء عامة وللفتيات خاصة؟ ما حكم زيارتها للجنب والحائض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في زيارة القبور للنساء، فذهب الجمهور إلى الكراهة واحتجوا بأدلة منها حديث أبي هريرة عند أحمد، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله زوارات القبور. صححه الألباني. ولأن النساء فيهن رقة قلب وكثرة جزع وقلة احتمال للمصائب، وهذا مظنه لبكائهن ورفع أصواتهن. وذهب الحنفية في الأصح إلى أنه يندب للنساء زيارة القبور كما يندب للرجال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر بالآخرة. رواه مسلم عن بريدة، قال الخير الرملي: إن كان ذلك لتجدد الحزن والبكاء وما جرت به عادتهن فلا تجوز، وعليه حمل حديث: لعن الله زوارت القبور. وإن كان للاعتبار والترحم من غير بكاء فلا بأس. اهـ. راجع الموسوعة الفقهية. وذهب الإمام أحمد في رواية عنه حكاها ابن قدامة إلى عدم الكراهة لعموم حديث ثوبان السابق، وهو وجه عند الشافعية حكاه الروياني في البحر وصححه. إذا أمن الافتتان كما في المجموع للنووي، والقول بعدم الكراهة هو الراجح إن شاء الله لحديث ثوبان (فزوروها) فإنه خطاب يعم الرجال والنساء لتساويهم في علة الزيارة وهو تذكر الآخرة. ولما أخرجه الأثرم والحاكم عن عبد الله بن أبي ملكية أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت لها يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فقلت لها: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور. قالت: نعم. ثم أمر بزيارتها. صححه العراقي والألباني في الإرواء. ولحديث عائشة عن مسلم أنها قالت يا رسول الله: كيف أقول إذا زرت المقابر، قال: قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين. وأما حديث لعن الله زوارات القبور. فتوجيهه كما قال القرطبي: اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة. اهـ. أما زيارة القبور للفتيات فلا يختلف حكمهن عن العجائز لعموم أدلة الجواز ولأن عائشة كانت تزور البقيع وقد مات النبي صلى الله عليه وسلم وهي في شرخ الشباب. وفرق الرملي وابن عابدين من الحنفية بين الشواب والعجائز وكذلك صاحب المستظهري من الشافعية أباح الزيارة للعجوز التي لا تشتهى وكرهها للشواب قال النووي: وهو جمع حسن. أما الحائض والجنب فلا يختلف حكمهما عن غيرهما في شأن زيارة القبور لعدم ورود دليل للتفرقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(11/12893)
هل تنزل روح الميت عند قبره وهل يشعر بزائره ويتباهى به؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تنزل روح المتوفى يوم الخميس وتصعد يوم الجمعة عند قبره وهل يحس بزائره ويتباهى به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسائل المتعلقة بالميت وأحواله في قبره من الأمور الغيبية التي لا يجوز الخوض فيها إلا عند وجود دليل صحيح من القرآن أو السنة، وأما نزول روح المتوفى يوم الخميس وصعودها يوم الجمعة فلم نقف فيه على دليل صحيح، وذكر ابن القيم في زاد المعاد أن الموتى تدنو أرواحهم من قبورهم وتوافيها في يوم الجمعة، فيعرفون زوارهم ومن يمر بهم ويسلم عليهم. وذكر في كتاب الروح بعض المنامات والآثار التي تفيد ذلك ولم يعقب عليها.
وقال ابن تيمية وهو يتحدث عن علاقة الروح بالجسد في البرزخ: وتتصل بالبدن متى شاء الله، وذلك في اللحظة بمنزلة نزول الملك وظهور الشعاع في الأرض وانتباه النائم. اهـ.
أما إحساس الميت بزائريه فدلت عليه الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرهما التي ورد فيها التسليم على أهل القبور. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وإنما يخاطب من يسمع، وروى ابن عبد البر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(11/12894)
هل يسمع الميت في قبره ويتأثربكلام الأحياء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
تسأل صديقتي التي توفي والدها منذ أيام، هل يجوز لها أن تذهب إلى قبره وتكلمه عن أحوالها وأحوال الأسرة،غير أنها تخاف إن فعلت ذلك أن يغلبها البكاء وربما سيتألم والدها جراء ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزيارة القبور للنساء جائزة مع الكراهة عند كثير من أهل العلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 45976.
أما مخاطبة الميت فهي مخرجة على مسألة سماع الأموات، والراجح أن الميت يسمع في الجملة، ولا يجب أن يكون السماع له دائما، بل يسمع في حال دون حال، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وعليه، فلا معنى لمخاطبة الميت بهذه الطريقة، فإن حياة البرزخ غير حياتنا، كما يخشى أن يؤدي هذا إلى جزع وتسخط وما شابه وخشية هذا هو الذي من أجله كره الجمهور زيارة القبور للنساء، قال ابن قدامة: لأن المرأة قليلة الصبر كثيرة الجزع، وفي زيارتها للقبور تهييج لحزنها وتجديد لذكرى مصابها، فلا يؤمن أن يفضي بها إلى فعل ما لا يجوز. اهـ.
والله نسأل أن يرحم موتى المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(11/12895)
هل تلبس المرأة سروالا تحت الجلباب إذا زارت قبرا
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول بعض الناس أن المرأة يجب عليها أن تلبس سروالا تحت جلبابها أثناء زيارتها القبور لأن الميت يمكنه رؤيتها، ما مدى صحة هذا، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلاً يثبت رؤية الميت لمن زاره من الأحياء، وعليه فإن لبس المرأة سروالاً لزيارة المقابر لا أصل له، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أحداً من النساء بلبس السراويل عند زيارة القبور، وقد سألته عائشة ماذا تقول إذا زارت المقابر فعلمها الدعاء فقط، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز في حق النبي صلى الله عليه وسلم إجماعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(11/12896)
هل يحس المرء بما يصيب أقاربه من ضيق أو شدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحس المتوفى بالأحياء من أقاربه إذا كان في ضائقة أو خنقة أو ما أشبه ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إحساس الميت بما يصيب أقاربه من ضيق أو شدة بعد وفاته أمر غيبي لم نجد في الوحي ما يدل عليه، وقد اختلف أهل العلم في إحساسه بزيارة أقاربه له في القبر وسماعه كلامهم، فذكر ابن تيمية في الفتاوى وابن كثير والقرطبي في التفسير وابن القيم في الروح أن الجمهور على أنه يسمع كلامهم، وذكروا كثيراً من الآثار في ذلك، ورجح هذا المذهب الشنقيطي في أضواء البيان، وروي عن عائشة رضي الله عنها أنهم لا يسمعون وتابعها بعض أهل العلم على ذلك.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على بعض الأدلة والمزيد من التفصيل في الموضوع: 4276، 7410، 24738، 24019.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1425(11/12897)
حكم وضع الزهور على القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شراء الزهور ووضعها على القبر وسكب الماء على القبر، والبعض يقول المستحب أن يوضع على القبر نبات أخضر اللون فما رأيكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وضع الزهور على القبور، لا يجوز لما فيه من إضاعة للمال بغير فائدة، فلو تصدق بثمنه للميت لكان أفضل، وأيضا فيه تشبه بالنصارى وقد نهينا عن ذلك، راجع الفتوى رقم: 24505.
وأما سكب الماء فإن كان لتماسك التربة لحفظ الجثة من أن تنبشها السباع فلا بأس، وإن كان لغير ذلك فلا أصل له، وراجع الفتوى رقم: 4152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(11/12898)
لا تعلق بين العمرة وزيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المعتمر زيارة المقابر قبل السفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على المعتمر زيارة المقابر قبل السفر ولا بعده، لا في بلده ولا في مكة والمدينة، إلا أنه تستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه.
ومن قال بوجوب زيارة المقابر على المعتمر، فقد قال ما ليس له به علم، ولم يرد هذا لا في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يقل بهذا أحد من أهل العلم، وزيارتها على هذا الاعتقاد بدعة محدثة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في مرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه.
وأما زيارتها لمجرد الاتعاظ والاعتبار وليس عن اعتقاد وجوبها، فهذا مستحب للمعتمر وغير المعتمر، لقوله صلى الله عليه وسلم: فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت. رواه مسلم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/12899)
حكم زيارة الزوجة قبر زوجها يوم إكمالها العدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة المتوفى زوجها الذهاب إلى قبره يوم إكمالها العدة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زيارة المرأة لقبر زوجها يوم إكمال العدة أو قبله أو بعده لا تجب عليها لعدم دليل يدل على ذلك، ولأنها لا تجب على غيرها من الرجال والنساء في الأصل، لأن الأمر الوارد في زيارة القبور في حديث مسلم أمر بعد الحظر، والأمر بعد الحظر لا يفيد الوجوب كما قرره علماء الأصول.
ثم إنه قد اختلف أهل العلم في مشروعية زيارة المرأة للقبور وعدم مشروعيتها، وقد سبق الكلام على ذلك في الفتوى رقم: 3592، والفتوى رقم: 34470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(11/12900)
القول الراجح في زيارة المرأة للقبور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا من المغرب
1/ أعتقد أنكم عرفتم أو أحطتم علما عن المدونة الجديدة للأسرة في المغرب ... ما رأيكم في ذلك؟
2/ ما حكم الشرع في دخول المرأة إلى المقابر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزيارة المرأة للقبور محل اختلاف بين أهل العلم والراجح فيها الجواز، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 36964 والفتوى رقم: 42615.
ونعتذر لك عن عدم إجابتنا عن الجزء الأول من سؤالك وذلك لعدم اطلاعنا على هذه المدونة التي تسأل عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(11/12901)
زيارة النساء المقابر واتباعهن الجنائز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مشي النساء وراء الجنازة حرام أم لا؟ مع العلم بأنهن لن يقمن بالصراخ واللطم ومثل هذه الأشياء، وهل حضورهن الدفن حرام؟ ودخول النساء المقابر دون حضور الدفن بأن يقفن بعيدا أو ما شابه حرام أم لا؟ هذا في حالة طهارة المرأة، فهل يختلف الحكم في أي من هذه الأشياء في حالة ما إذا كانت حائضا؟؟ ... وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من كلام أهل العلم أن مشي النساء وراء الجنازة وحضورهن الدفن مكروه لا حرام.
قال الإمام النووي في "المجموع": قال الشافعي والأصحاب: يستحب للرجال اتباع الجنازة حتى تدفن، وهذا مجمع عليه للأحاديث الصحيحة، وأما النساء، فيكره لهن اتباعها ولا يحرم، هذا هو الصواب. انتهى.
وللتفصيل في هذا الموضوع، نحيلك إلى الفتوى رقم: 8104.
أما زيارة النساء للمقابر، فأجازها جمهور أهل العلم إذا لم تشتمل على أمر محرم، كالاختلاط بالأجانب ونحو ذلك.
ولا فرق في حال زيارة المقابر للنساء وتشييعهن للجنائز بين كون المرأة طاهرا من الحيض أم لا، فيستوي الحكم في كلتا الحالتين، وراجعي الفتوى رقم: 34470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(11/12902)
مقدار ثواب السلام على أهل القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما ثواب من يسلم على أهل القبر وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزيارة القبور والسلام على أهلها سنتان مرغب فيهما، وأما مقدار الثواب في ذلك فلا يعلم إلا بالنص الشرعي، ولا نعلم نصاً في ذلك، وانظر الفتوى رقم: 30823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(11/12903)
حكم زيارة القبور محبة لأصحابها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل تجوز زيارة القبور من باب محبة أصحابها؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زيارة القبور محبة لأصحابها تجوز إذا سلمت من الأمور المحرمة، كالاستغاثة بالأموات أو التمسح بالإضرحة ونحو ذلك.
والأصل في زيارة القبور الجواز أو الاستحباب ما لم يعرض لها ما يحرمها، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت.
ولأن الزائر قد يدعو للميت فينتفع بدعائه، والغالب في من زار القبور أن تدركه الخشية ويتعظ بمن يزوره، خاصة إذا كان الميت من أقاربه، وللتعرف على آداب زيارة القبور والمحرم منها، يرجع إلى الفتوى رقم: 7410، والفتوى رقم: 4973.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1424(11/12904)
حكم قراءة سورة الفاتحة على القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز قراءة سورة الفاتحة على القبور]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فراجع "الهدي النبوي في زيارة القبور وفي الدعاء المأثور عند زيارتها" وكلام العلماء في قراءة القرآن عندها، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14865، 5023، 1376.
واعلم أن تخصيص الفاتحة بالقراءة عندهم، مما لا أصل له، وقد سبق بيان بدعية قراءة الفاتحة في المناسبات في الفتوى رقم: 36989.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(11/12905)
تجوز زيارة المرأة للقبور بضوابط وأما القراءة فلا تجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة زيارة القبور لقراءة القرآن أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تضمن هذا السؤال مسألتين: الأولى: حكم زيارة النساء للقبور، وقد سبق أن بينا أنه تجوز للمرأة زيارة القبور وفقاً لضوابط معينة، تراجع في الفتوى رقم: 3592.
المسألة الثانية: حكم قراءة القرآن عند القبور، وقد سبق أن بينا أن الراجح كراهتها وأنها أمر محدث لم ترد به السنة، وتراجع الفتوى رقم:
14865.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(11/12906)
حكم زيارة المرأة للقبور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم..
إن الله لا يستحي من الحق ... هل يجوز لنا ونحن نساء أن نخرج مع الرجال ونذهب لدفن أمي إذا ماتت؟ وهل يختلف الأمر إذا كان الدفن لأقارب لنا غير أمي ونحن نساء؟ وهل يجوز لنا بعد ذلك الذهاب إلى قبر أمي بغرض زيارتها وليس بغرض الاعتبار والاتعاظ؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى كراهة اتباع المرأة للجنازة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8104.
ومحل هذا إذا كان الخروج بين رجال محارم، أما إن كان فيهم أجانب على المرأة وأدى خروجها إلى اختلاط فإنه يحرم، ومن هذا يتضح لك حكم اتباع الجنازة.
أما بخصوص زيارة القبور للنساء فالراجح من أقوال أهل العلم الجواز من حيث الأصل إذا كانت الزيارة لغرض شرعي كالاعتبار بأحوال القبور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فزوروا القبور فإنها تذكر الموت. رواه مسلم.
ومن أنواع الزيارة المشروعة كذلك زيارة القبور لأجل الدعاء لأصحابها، لحديث بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا خرج إلى المقابر: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكن العافية. رواه مسلم.
وأما غير ما ذكرنا من أنواع الزيارة فغير مشروع، كالتوسل بأصحاب القبور ونحو ذلك، قال في معارج القبول: فهذه الزيارة الشرعية المستفادة من الأحاديث النبوية وعليها درج الصحابة والتابعون. إلى أن قال: إنما فيها التذكر بالقبور والاعتبار بأهلها والدعاء لهم والترحم عليهم، وسؤال الله العفو عنهم، فمن ادعى فيها غير هذا طولب بالبرهان، وأنى له ذلك ومن أين يطلبه. انتهى.
وعلى هذا فنقول للسائلة إن كانت زيارتك لغرض مشروع فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى في زيارة أمك أو غيرها من الأموات، وإن كانت لغرض غير مباح فلا يجوز لك فعل ذلك، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(11/12907)
زيارة قبره عليه الصلاة والسلام أولى بالاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أود أن أسأل حضراتكم عن سؤال بسيط..
سمعت من قريب لي أن زيارة قبر رسول الله لا تجوز للرجال والنساء بل حرام أيضا فهل هذا صحيح؟ علماً بأن هناك حديث شريف يقول: "ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة " فكيف تكون زيارة قبر رسول الله حراماً؟ ولو كانت حراما فهل هي للرجل والمرأة؟
أفيدونا أفادكم الله.. الرجاء التوضيح بالقرآن والأحاديث..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فغير صحيح أن زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم حرام على الرجال والنساء جميعًا، بل إن لها حكم زيارة سائر القبور. وقد أخرج الترمذي من حديث بريدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة.
فهذا الحديث دال على استحباب زيارة القبور، ولا شك أن قبر الرسول صلى الله عليه وسلم داخل في ذلك بالأولى، ولكن الزيارة المشروعة هي التي تقيدت بالآداب التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانظر تفصيل الموضوع في الفتوى رقم: 24964.
وأما زيارة النساء، فقد أباحها بعض العلماء مستدلاً بعموم الحديث السابق، ومنعها البعض الآخر اعتمادًا على ما أخرجه الترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لَعَن رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَاتِ القُبوَرِ وَالمُتَّخِذِينَ عَلَيهَا المَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ.
والصحيح أنها تجوز لمن تقيدت بضوابط الشرع. وانظر ذلك في الفتوى رقم: 3592.
ثم إن الحديث الذي ذكرت نصه في السؤال قد حسنه الأرناؤوط من رواية أحمد، وورد بطرق أخرى صحيحة، ولكن لا علاقة له بموضوع الزيارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1424(11/12908)
أوقات زيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عند زيارة القبور أن أقرأ القرآن وبيدي المصحف للميت؟ وما هي الأوقات المستحبة من السنة لزيارة الميت في قبره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم قراءة القرآن عند القبور في الفتوى رقم: 14865 فراجعها.
ولم يفرق العلماء هنا بين القراءة في المصحف وتلاوة القرآن عن ظهر قلب.
وأما أوقات زيارة القبور، فإنا لم نجد فيها تحديدًا، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إليها من آخر الليل.
روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غدًا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لبقيع الغرقد. أخرجه مسلم والنسائي وأحمد.
وكان يعلم أصحابه ما يقولون عند المقابر، ولم يعين لهم وقتًا للزيارة، روى مسلم وابن ماجه وأحمد من حديث بريدة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم فرطنا، ونحن لكم تبع، ونسأل الله لنا ولكم العافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(11/12909)
أدلة جواز زيارة المرأة للقبور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل تجوز للمرأة الحائض زيارة المقابر؟ وهل يجوز لها أيضا الذكر شفاهيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الحائض لا يختلف حكمها عن غيرها في شأن زيارة القبور، وقد اختلف أهل العلم في زيارة النساء للقبور، فجوزها الجمهور، وسبب الخلاف فيها ما ثبت من لعنة الزوَّارات في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: لعن الله زوَّارات القبور. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني. وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط. وقد ذكر الحاكم في المستدرك نسخ الحديث الأول بالثاني، ووفق القرطبي بينهما، ونصره الشوكاني والشيخ مصطفى العدوي فوفق بحمل اللعن على من تكثر الزيارة نظرًا لصيغة المبالغة الواردة في الحديث، وجواز الزيارة من غير إكثار، ويدل لرجحان الجواز من غير إكثار ما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عائشة رضي الله عنها: أن جبريل قال له: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم. قالت عائشة رضي الله عنها: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين المسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون. ويدل له كذلك إقراره صلى الله عليه وسلم للمرأة التي مر بها تبكي عند قبر، كما في البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي الله واصبري. قال ابن حجر في الفتح محتجًّا بالحديث على جواز زيارة النساء للقبور: موضع الدلالة منه أنه لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر، وتقريره حجة. ومحل هذا إن علمت السلامة من وقوع محرم كمخالطة الأجانب وتضييع البيوت أو قيامهنَّ بالصياح أو غير ذلك. وأما قيام الحائض بالذكر فجائز ولا نعلم مَنْ منعه، ويدل لجوازه قوله صلى الله عليه وسلم لـ عائشة رضي الله عنها لما حاضت في حجها: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت. رواه البخاري ومسلم. ووجه الاستدلال أن الحاج مأمور بالذكر في أيام معدودات، وبالاستغفار، وهو لم يمنعها من غير الطواف. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1424(11/12910)
النفساء كغيرها في حكم زيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ذهاب المرأة لزيارة القبر وهي نفساء أم تنتظر حين تنتهي؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزيارة المرأة للمقابر مما اختلف أهل العلم فيه، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 10729، والفتوى رقم: 3592.
والمرأة النفساء كغيرها في هذا الحكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(11/12911)
زيارة القبور مشروعيتها وآدابها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أسأل عن حكم الناس الذين يزورون قبور أهل البيت مثل الحسين والسيدة زينب، ويصلون عليهم ويقرأون لهم الفاتحة؟؟ ويخصصون ليلة الجمعة لفعل ذلك؟؟ أريد أن أنصحهم، لكن ما النص الذي يسند كلامي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن آداب زيارة القبور بالطريقة المشروعة، وحكم الزيارة المحرمة وما يقع فيها من البدع، وما يتعلق بذلك، قد جاء مفصلاً في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9943، 5752، 7410.
وما ذكره السائل من أن الزائرين لتلك القبور يصلون عليهم، فإن كان المقصود أنهم يقولون: (اللهم صلِّ عليهم) مثلاً، فهذا قد يكون داخلاً في الدعاء الذي ينتفع به الميت، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا لغيره بلفظ الصلاة، فعن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقة قال: اللهم صلِّ عليهم، فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صلِّ على آل أبي أوفى. متفق عليه.
وإن كان المقصود أنهم يصلون عليهم صلاة الجنازة، فهذا غير مشروع لأن من فاتته الصلاة على الجنازة يمكن أن يصلي على القبر ما لم يمض على دفنها أكثر من شهر، هذا هو المذهب الراجح والذي عليه أكثر أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: ومن فاتته الصلاة عليه صلى على القبر، وجملة ذلك أن من فاتته الصلاة على الجنازة فله أن يصلي عليها ما لم تدفن، فإن دفنت فله أن يصلي على القبر إلى شهر، هذا قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وروي ذلك عن أبي موسى وابن عمر وعائشة رضي الله عنهم، وإليه ذهب الأوزاعي والشافعي. انتهى كلامه.
أما قراءة الفاتحة وإهداء ثوابها للميت، فقد اختلف أهل العلم هل يصل ثواب قراءة القرآن للميت أم لا، وهذا الحكم مفصل في الفتوى رقم:
32689، والفتوى رقم: 3406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(11/12912)
زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بين السنة والبدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زيارة قبر الرسول بدون قصد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم إنما تشرع لمن كان بالمدينة أو قريباً منها، أما بالنسبة لمن كان بعيداً عن المدينة فإنه لا يشرع في حقه السفر لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومسجد الأقصى. رواه البخاري.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
19508، والفتوى رقم: 24964.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(11/12913)
تحديد يوم معين لزيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف أن بعض الدول تجعل يوما محددا لزيارة القبور، فهل هذا من الدين في شيء؟ وماذا يجب علينا إن كان لنا ميت فهل من الإحسان أن نذهب لزيارة قبره كل أسبوع أو يكفي الدعاء له والصدقات الجارية له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزيارة القبور مشروعة في أي وقت، وتحديد وقت لم يحدده الشارع للزيارة يعد من المحدثات، إلا إذا كان لهذا التحديد سبب مقبول، كأن يكون الوقت المحدد هو المتيسر دون غيره، أو كانت المقابر ذات أبواب وكانت لا تفتح من قبل القائمين عليها إلا في ذلك اليوم أو نحو ذلك.
ومن كان له ميت فله زيارته متى شاء، وتحديد ذلك بكل أسبوع حكمه ما ذكرناه في أول الفتوى، وكما تشرع زيارة قبر الميت كذلك يشرع الدعاء له والصدقة عنه، ولا تكفي واحدة من هذه الثلاث عن الأخرى، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
14753.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(11/12914)
محل إباحة زيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم:
- ما حكم زيارة قبور الصالحين للاعتبار ولتذكر الموت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزيارة القبور للاعتبار وتذكر الموت والدعاء لأصحابها مشروعة، بل مندوب إليها، ففي الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا إني قد كنت نهيتكم عن ثلاث ثم بدا لي فيهن: نهيتكم عن زيارة القبور ثم بدا لي أنها ترق القبل وتدمع العين وتذكر الآخرة فزوروها ولا تقولوا هُجراً.
فإذا خلت زيارة القبور من المحاذير الشرعية كقصدها للدعاء عندها أو دعاء الصالحين المقبورين بها، إذا خلت من ذلك ونحوه فهي جائزة، بل مندوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12915)
الضوابط الشرعية لزيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زيارة القبر لشخص معين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زيارة القبور عموماً مشروعة، بل إنها مستحبة، لأنها تذكر الزائر بالآخرة، ولا فرق في هذا بين قبر وقبر، ولا بين رجل وامرأة على الراجح من أقوال أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 3592.
وننبه إلى أمر مهم وهو أنه يجب على الزائر التقيد بالضوابط الشرعية في زيارته، ومن جملة ذلك عدم السفر لمجرد هذه الزيارة، لأنه يدخل في شد الرحال، وكذلك يجب الاقتصار في زيارة الميت على جانب الموعظة والتذكرة، والدعاء للميت بالرحمة والمغفرة.
أما إن اشتملت على محرم، كما يفعل كثير من أهل البدع والجهلة من الاستغاثة بالميت وطلب الحوائج منه ونحو ذلك من الأمور، فإن الزيارة والحالة هذه تكون ممنوعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1424(11/12916)
الدعاء المشروع عند زيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
خالتى توفيت ودفنت عندما أزورها في المقبرة بماذا أدعو لها وأخي مريض بالجن كأنه مس أو غيره فلما ذهب إلى شيخ يعالجه لم يستطع إخراجه فقررنا الذهاب به إلى دبى إن كنتم تعرفون أي مركز من المراكز الإسلامية أو أحد الشيوخ فى الشارقة وأرجو منكم الإجابة فى أسرع وقت ممكن لأن أخي سيسافر وبارك الله فيكم وساعدكم على نشر الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يمن على أخيك بالشفاء وأن يصرف عنه السوء، وقد سبقت لنا فتوى ذُكر فيها علاج من به سحر أو مس فترجى مراجعتها وهي برقم: 2244.
ونحن لا نعرف أحداً في البلد المذكور يمكن أن ندلكم عليه، وأما بالنسبة لسؤالك عن دعاء زيارة القبور، فإنه يسن لزائر المقبرة أن يدعو بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما روى مسلم من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكن العافية."
ومنه ما روى الترمذي: "السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر."
ثم لا بأس أن يقصد الزائر للمقبرة قبراً مخصوصاً ويدعو له بالمغفرة ولن يدعو أحد بأفضل من دعائه صلى الله عليه وسلم كقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم: "اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله وأبدله أهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار."
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1424(11/12917)
حكم السنوية للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي قد توفاه الله منذ عدة شهور وقد قمنا بعمل صدقات جارية له والحمد لله ودائما لاننساه في الدعاء والحمد لله وقد لآحظت أن أختي تريد أن تذهب إلي قبر الوالد كل يوم خميس كعادة أهل البلد ويقرأون القرآن فهل يجوز ذلك أم يمكن لنا زيارة القبر في أي وقت وأي يوم وكذلك بالنسبة للسنوية فهل يستحب فيها تحديد هذا اليوم (وأقصد مرور سنة على الوفاة) لقراءة القرآن أم ما هو الواجب شرعا فعله؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
3592، حكم زيارة النساء للقبور وبيان الراجح فيها، مع ضوابطها، وذكرنا هنالك أن من تلك الضوابط أن لا تكثر المرأة منها، وليس للزيارة وقت معين، أما حكم قراءة القرآن عند القبر فقد سبق في الفتوى رقم:
14865.
كما سبق حكم ما سمي بالسنوية برقم:
21198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/12918)
زيارة القبور والضجعة فيها..تذكرة واعتبار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في ذهابي أنا وجماعة من الأصدقاء إلى المقبرة والبحث عن قبر خالي ثم نرقد فيه لبضع دقائق للذكرى هل يجوز أو لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه عن ابن بريدة عن أبيه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ... ".
وزاد في رواية أبي داود: "فإنها تذكر الآخرة".
وهذا يدل على استحباب زيارة القبور بغرض الذكرى والاعتبار، ولا مانع من الفعل المذكور في السؤال، فقد حفر الربيع بن خثيم في داره قبراً، فكان إذا وجد في قلبه قسوة جاء فاضطجع في القبر، فمكث ما شاء الله ثم يقول: (رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) [المؤمنون:99-100] .
ثم يرد على نفسه، فيقول: قد أرجعتك فجدي.
وذكر البيهقي في شعب الإيمان: (إن الربيع بن خثيم إذا وجد من قلبه قسوة أتى منزل صديق له قد مات في الليل، فنادى يا فلان بن فلان، يا فلان بن فلان، ثم يقول: ليت شعري ما فعلت وما فُعل بك، ثم يبكي حتى تسيل دموعه، فيعرف ذاك فيه إلى مثلها.) ا. هـ
فإذا أراد المرء أن يذكر نفسه حقيقة الدنيا، وما بعدها من الأهوال فليزر القبور، ويعتبر بما فيها، ولا حدَّ لذلك، لكن بشرط ألا يؤدي ذك إلى ما يخالف الشرع، كالتوسل بالأموات أو الطلب منهم، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(11/12919)
توضيح حول إخفاء قبور الأنبياء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الحكمة في إخفاء أماكن قبور كل الأنبياء ماعدا قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس في كتاب الله ولا في الأحاديث الصحيحة فيما اطلعنا عليه نص صريح فيه أمر بإخفاء قبور الأنبياء، والذي يظهر -والله أعلم- أن قبور الأنبياء على عهد النبوة وعهد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانت قد اندرس أكثرها لبعد الزمان، ولم يكن معروفاً على وجه الجزم أن قبراً بعينه هو لنبي معين صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً، وعامة ما يحكى من ذلك يكون كذباً -في الغالب- كما قال شيخ الإسلام: (وليس في الأرض قبر اتفق على أنه قبر نبي غير قبره -يعني: قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.) انتهى
علماً بأنه من الثابت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخفى قبر النبي دانيال عليه السلام لما ظهر بتَسْتُر، وإنما أخفاه رضي الله عنه لأن أبا موسى واليه هناك أخبره أن الناس يستسقون به، فأراد عمر أن يسد الذريعة إلى الشرك فكتب إليه عمر أن يحفر بالنهار ثلاثة عشر قبراً ثم يدفنه بالليل في واحد منها، ويعفيه لئلا يفتتن به الناس، وأما قبر النبي صلى الله عليه وسلم مع وضوحه وظهوره فقد تولى هو صلى الله عليه وسلم بنفسه تحذير المسلمين تحذيراً شديداً من اتخاذه مكاناً يجتمع الناس عنده أو البناء عليه فضلاً عن البناء على غيره من القبور، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني وحسنه الأرناؤوط.
قال صاحب عون المعبود: (قال المناوي في فتح القدير: معناه النهي عن الاجتماع لزيارته اجتماعهم للعيد.) انتهى
وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها واللفظ لبخاري قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. " لولا ذلك أبرز قبره غير أنه خَشي أو خُشي أن يُتخذ مسجداً.
والحاصل أن قبور الأنبياء لم يتم إخفاؤها إلا ما كان من عمر مع قبر النبي دانيال -على القول بنبوته-، وإنما أخفاه سداً للذريعة إلى الشرك، أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقد حفظ لقرب عهده بالنسبة إلى غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً، إضافة إلى عناية المسلمين وعلى رأسهم كثير من الخلفاء بقبره صلى الله عليه وسلم لاسيما مع وجوده في دائرة المسجد النبوي الذي لقي عناية شديدة بمرور الزمان حتى عهدنا هذا حيث تم تجديده وتوسيعه مراراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1423(11/12920)
حكم زيارة القبور وآدابها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أنا أذهب إلى الميت وهو في القبر أم لا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحكم زيارة القبور للرجال مبين في الفتوى رقم 1376
وآداب الزيارة مبينة في الفتوى رقم 7410
وحكم زيارة النساء للقبور مبينة في الفتوى رقم 3592
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1423(11/12921)
زيارة قبره عليه الصلاة والسلام بين الشرعية والبدعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم مساعدتي بالحصول على إجابة لهذا السؤال لأنه موضع خلاف لدينا
الرأي الأول: يقول إن قصد زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم لا تجوز واستدل بالحديث: ((لا تجعلوا قبري وثنا ... )) .
الرأي الثاني: يقول إنه جائز واستدل بالحديث: ((من زار قبري وجبت له شفاعتي))
أرجو أن نعرف هل هذا الحديث صحيح أم لا. وكان أصل الخلاف عندما قرأنا الحديث: (لا تشد الرحال ... )
أرجو مساعدتي وجزاكم الله كل خير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاً: لا يصح حديث في فضل زيارة قبره صلى الله عليه وسلم أبدًا، والحديث: " من زار قبري وجبت له شفاعتي. " لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الحديث المذكور فقال: (فهو ضعيف، وليس في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم حديث حسن ولا صحيح، ولا روى أهل السنن المعروفة كسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه والترمذي، ولا أهل المسانيد المعروفة كمسند أحمد ونحوه، ولا أهل المصنفات كموطأ مالك وغيره في ذلك شيئًا، بل عامة ما يروى في ذلك أحاديث مكذوبة موضوعة.) ا. هـ.
وهذا الحديث رواه الدارقطني والبزار في مسنده، ومداره على عبد الله بن عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف.
وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة لمن مر به أو كان بمسجده أو وصل المدينة، لكن الذي لا يجوز هو السفر لأجل زيارة القبر، إذ لا يجوز شد الرحال لقصد مكان إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى.
والسفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من قبور الأنبياء والصالحين بدعة لم يفعلها أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعلها مخالف للسنة ولإجماع الأئمة كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.
وأما حديث: " اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. " فهو حديث ثابت رواه مالك في الموطأ وغيره، وهناك أحاديث كثيرة صحيحة بمعناه. وهو دليل على حرمة قصد قبره للعبادة والصلاة والدعاء عنده والاستغاثة به كما يفعله اليوم كثير من الجهال، فليحذر المسلم من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1423(11/12922)
زيارة القبور يوم العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للنساء زيارة القبور أول أيام العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم زيارة النساء للقبور، وشروط جوازها في الفتوى رقم: 3592.
وليس لزيارة القبور وقت محدد، لا يوم الجمعة ولا يوم العيد ولا غيره، بل فعلها في يوم العيد لا ينبغي، لما في ذلك من حصول الحزن وتجدده في يوم جعله الله للفرح والسرور، وما اعتاده بعض الناس من توزيع الطعام في المقبرة يوم العيد أو قراءة القرآن هناك لا أصل له في الشرع، وهو من البدع المحدثات، والسنة أن يقتصر الزائر على السلام، والدعاء للميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1423(11/12923)
وضع الأغصان الرطبة على القبر محل خلاف
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن تعطوني الجواب الشافي بالأدلة على حكم وضع الزهور والنباتات على القبور لأن من يجيز ذلك يستدل بحديث الجريدة التي شقها الرسول نصفين ووضع على كل قبر نصفا وقال: (لعله يخفف عنهما مالم ييبسا) . وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في المسألة المطروحة هو حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين وغيرهما قال: "مر النبي صلى الله عليه وسلم بحائط من حيطان المدينة أو مكة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يعذبان وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة، ثم دعا بجريدة فكسرها كسرتين، فوضع على كل قبر منهما كسرة، فقيل له: يا رسول الله، لم فعلت هذا؟ قال: لعله أن يخفف عنهما ما لم تيبسا، أو إلى أن ييبسا".
وقد اختلف العلماء فيما يتعلق بالمعنى المراد من وضع الجريدتين اختلافاً واسعاً.
قال ابن حجر: (قال المازري: يحتمل أن يكون أُوحي إليه أن العذاب يخفف عنهما هذه المدة. ا. هـ
وقال أيضاً: قال القرطبي: وقُيل: إنه شفع لهما هذه المدة كما صرح به في حديث جابر.) ا. هـ
وقال أيضاً: (وقال الخطابي: هو محمول على أنه دعا لهما بالتخفيف مدة بقاء النداوة لا أن في الجريد معنى يخصه، ولا أن في الرطب معنى ليس في اليابس، وقد قيل: إن المعنى فيه أن يسبح ما دام رطباً، فيحصل التخفيف ببركة التسبيح، وعلى هذا فيطرد في كل ما فيه رطوبة من الأشجار وغيرها.) ا. هـ
وقال أيضاً: (قال الطيبي: الحكمة في كونهما ما دامتا رطبتين تمنعان العذاب يحتمل أن تكون غير معلومة لنا كعدد الزبانية.) ا. هـ
وقال أيضاً: (قال الطرطوشي: ذلك خاص ببركة يده صلى الله عليه وسلم.) ا. هـ
وقال أيضاً: (قال القاضي عياض: لأنه علل غرزهما على القبر بأمر مغيب، وهو قوله: ليعذبان، قلت: لا يلزم من كوننا لا نعلم أيعذب أم لا؟ أن لا ندعو له بالرحمة، وليس في السياق ما يقطع على أنه باشر الوضع بيده الكريمة، بل يحتمل أن يكون أمر به، وقد تأسى به بريدة بن الحصيب الصحابي بذلك فأوصى أن يوضع على قبره جريدتان، كما سيأتي في الجنائز من هذا الكتاب، وهو أولى أن يتبع من غيره.) ا. هـ
وحديث بريدة هو ما ذكره البخاري تحت باب (الجريد على القبر) قال البخاري: (وأوصى بريدة الأسلمي أن يجعل في قبره جريدان.) ا. هـ
قال ابن حجر في الفتح: (قال الزين بن المنير: والذي يظهر من تصرفه -يعني البخاري - ترجيح الوضع.) ا. هـ
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى (شافعي) : (استنبط العلماء من غرس الجريدتين على القبر، غرس الأشجار والرياحين على القبر.) ا. هـ
وقال صاحب الفتاوى الهندية (العالماكيرية) : (وضع الورود والرياحين على القبور حسن، وإن تُصدق بقيمة الورد كان أحسن، كذا في الغرائب.) ا. هـ
وقال صاحب مطالب أولي النهي (حنبلي) : (وسن لزائره فعل ما يخفف عنه -أي الميت- ولو بجعل جريدة رطبة في القبر للخبر، وأوصى به بريدة، وفي معناه غرس غيرها، وأنكر ذلك جماعة من العلماء.) ا. هـ
وقال في تحفة المحتاج (شافعي) : (يسن وضع جريدة خضراء على القبر للاتباع، وسنده صحيح، ولأنه يخفف عنه ببركة تسبيحها، إذ هو أكمل من تسبيح اليابسة، لما في تلك من نوع حياة، وقيس بها ما اعتيد من طرح الريحان ونحوه.
) ويتلخص من هذا أن وضع الزهور أو الأغصان الرطبة على القبر محل خلاف بين أهل العلم في مشروعيته أو عدم مشروعيته، وكلهم يحتج بالحديث.
والذي يترجح لنا من ذلك قول من يقول بعدم المشروعية، وأنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم لمرجحين:
الأول: إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يرفه عنهما بشفاعته، ففي صحيح مسلم من حديث جابر الطويل قال: "إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت بشفاعتي أن يرفه عنهما ما دام الغصنان رطبين".
الثاني: أن كون صاحب القبر يعذب أو لا يعذب أمر غيبي، وجزمنا بأنه يعذب، ثم غرس شيء على القبر حتى يخفف عنه إساءة ظن بالميت.
وينبغي للأحياء أن يحرصوا على نفع الميت فيما يتيقن منفعته به مما أخبرنا به الشارع، كالصدقة والدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1423(11/12924)
فتاوى حول زيارة القبور وديار المعذبين
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبنا لزيارة آثار تاريخية قديمة وهي قلعة في شمال المملكة ولم نكن نعلم أن هناك قبوراً وكانت مسورة بسور وذهبنا لنراها ومعنا نساء وهن لم يعلمن أن وراء السور قبوراً فهل يدخلن في حكم النساء الزائرات للقبور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن زيارة النساء للقبور في الفتاوى التالية: 3592 675 21901 21666 8646
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1423(11/12925)
المقابر المجهولة الحال هل يسلم على أهلها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء سفري خارج البلاد الإسلامية يصادف بعض الأحيان مروري بجانب مقبرة، فهل يجوز قراءة الذكر المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم عند المرور بجانب مقابر المسلمين، حيث أنني لا أعلم إذا كان بين هذه المقابر قبر مسلم أم لا أفيدوني جزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مر على مقبرة فله حالات:
الأولى: أن يتيقن أو يغلب على ظنه أنها قبور المسلمين، كأن يكون أهل البلد كلهم أو أغلبهم مسلمين، فلا إشكال في أنه يستحب له أن يسلم عليهم.
والثانية: أن يتيقن أو يغلب على ظنه أنها قبور لغير المسلمين كأن يكون أهل البلد كلهم أو أغلبهم كفاراً، فإنه لا يسلم عليهم، بل إن السلام عليهم محرم، بل ويشرع تبشيرهم بالنار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار. " رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني.
والثالثة: ألا يغلب على ظنه شيء، فلا بأس حينئذٍ في أن يسلم عليهم وفي نيته أنه يسلم على المسلمين منهم على افتراض وجودهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(11/12926)
الزيارة الشرعية للقبور تذكر الآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
الوالدة عجوز تفوق التسعين كلما اشتد مرضها تتوسل إلينا أن نأخذها لزيارة الأضرحة. هل نطيعها أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت ترغب في زيارة القبور والأضرحة لتذكر الآخرة مع التقيد بالأحكام الشرعية للزيارة، فلا حرج في ذلك، وعليكم طاعتها لأن ذلك من الأمور المشروعة، أما إذا كان الغرض من الزيارة دعاء الأموات أو الاستغاثة بهم وغير ذلك من مظاهر الزيارات المحرمة، فلا يجوز لكم أخذها إلى هناك، إذ: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وعليكم بنصحها باستمرار وبيان حكم ذلك لها، وأنه من الشرك الأكبر المخرج من الملة، وبينوا لها أن على العبد أن يحرص على أن يلقى ربه بالتوحيد الخالص الذي ينجيه الله به من النار ويدخله به الجنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1423(11/12927)
تلبية طلب الأم للزيارة الشركية ليست من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أم تبلغ حوالي ثمانين سنة تصر على زيارة الأضرحة كلما اشتد بها المرض ولم نستطع عصيانها لأنها تبدأ بالبكاء وتصفنا بالتقصير في حقها فماذا نعمل؟ للإشارة كلما تزور الأضرحة يخف مرضها.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل لكم طاعة والدتكم في طلبها الذهاب لزيارة الأضرحة وطلب الشفاء من أهلها، لأن هذا شرك كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 9943.
وطاعتكم لها في هذا إعانة لها على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة:2] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" رواه أحمد، وصححه السيوطي والهيثمي والألباني.
وعليكم أن تعلموها برفق وحكمة أن هذا الذي تطلبه محرم شرعاً، وأن هؤلاء الذين تظن أنهم يشفون من المرض لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، فضلاً عن أن ينفعوا غيرهم، بل هم محتاجون لدعاء الأحياء واستغفارهم لهم، وكونها تحس بخفة وبعض استراحة من شدة وطأة المرض بعد زيارتهم هو استدراج لها، أو وهم نفسي يلقيه الشيطان إليها لتواصل السير في غيها.
نسأل الله السلامة والعافية والهداية للجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1423(11/12928)
زيارة قبور آل البيت ... هل لها مزية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم..زيارة آل البيت واجبة وذلك في ظل وجود آداب ماهي هذه الآداب؟ ما حكم الصلاة في المساجد التي يوجد بها أضرحة مثل سيدنا الحسين رضي الله عنه والسيدة نفيسة رضي الله عنها وباقي آل البيت..مع توضيح الدليل على ذلك..جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزيارة القبور مستحبة -لا واجبة- ولا فرق في ذلك بين قبور آل البيت أو غيرهم من المسلمين.
ولمعرفة آداب زيارة القبور، وحكم زيارة الأضرحة المعظمة، والصلاة في المسجد المشتمل على قبر، انظر الفتاوى التالية أرقامها:
1376 5752 4527 7410 9943
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1422(11/12929)
زيارة النساء للقبور.. بين المنع والإباحة
[السُّؤَالُ]
ـ[امراة توفي زوجها:
هل يجوز لها أن تذهب للعمرة خلال العدة.
هل يجوز لها أن تذهب لزيارة قبر زوجها خلال العدة.
وإذا خرجت لأحد السببين هل يطولها إثم؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب عليها هو أن لا تسافر لا للعمرة ولا لغيرها، وأن تبقى في بيت زوجها حتى يبلغ الكتاب أجله، أي حتى تنتهي عدة الوفاة، لأن المتوفى عنها يجب عليها أن تمكث في بيت زوجها الذي توفي وهي فيه حتى تنتهي العدة.
وزيارة النساء للقبور مطلقاً محل خلاف بين أهل العلم، قال ابن تيمية: (وأما المسألة المتنازع فيها فالزيارة المأذون فيها، هل فيها إذن للنساء ونسخ للنهي في حقهن، أم لم يأذن فيها، بل هن منهيات عنها؟ وهل النهي نهي تحريم أم تنزيه؟ في ذلك للعلماء ثلاثة أقوال معروفة…) ثم قال: (فمن العلماء من اعتقد أن النساء مأذون لهن في الزيارة، وأنه أذن لهن كما أذن للرجال، واعتقد أن قوله صلى الله عليه وسلم:" فزورها فإنها تذكركم الآخرة) خطاب عام للرجال والنساء، والصحيح أن النساء لم يدخلن في الإذن في زيارة القبور لعدة أوجه…إلى آخر كلامه) في الفتاوى الكبرى كتاب الجنائز، زيارة القبور للنساء.
ومثله في شرح النووي لصحيح مسلم عند حديث ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها…"الحديث.
قال النووي: (وهذا من الأحاديث التي تجمع الناسخ والمنسوخ، وهو صريح في نسخ نهي الرجال عن زيارتها، وأجمعوا على أن زيارتها سنة لهم، وأما النساء ففيهن خلاف لأصحابنا، وقدمنا أن من منعهن قال لا يدخلن في خطاب الرجال، وهو الصحيح عند الأصوليين) .
قال ابن حجر: (واختلف في النساء فقيل: دخلن في عموم الإذن، وهو قول الأكثر، ومحله ما إذا أمنت الفتنة، ويؤيد الجواز حديث الباب) ثم قال ابن حجر أيضاً: (وممن حمل الإذن على عمومه للرجال والنساء عائشة، فروى الحاكم من طريق ابن أبي مليكة أنه رآها زارت قبر أخيها عبد الرحمن فقيل لها: أليس قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ قالت: نعم، كان نهى ثم أمر بزيارتها) وقد تقدم في الموضوع جواب محرر خلاصته جواز زيارة المرأة للقبور إن أمنت الفتنة وخرجت مع محرم، وهو تحت الرقم: 3592 فليراجع، ويؤيده ما نقله ابن حجر في الفتح عن القرطبي قال: (ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج، والتبرج، وما ينشأ منهن من الصياح ونحو ذلك، فقد يقال: إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن، لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12930)
زيارة القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[الأخوة الكرام شكرا لكم علي ردكم على فتواي رقم 13039 التي سألت فيها عن زيارة قبر ابني كل جمعة وجزاكم الله خير الجزاء علي ردكم الطيب والواضح في آداب زيارة المقابر. ولكنني كنت أركز في سؤالي عل نقطة مهمة بالنسبة لي وهو أنني أزور المقبرة كل جمعة ولا يفوتني ذلك الا لظرف قاهر فهل تخصيص الجمعة فقط دون غيرها من الأيام غير مستحب أرجو التكرم بالإفادة عن هذه النقطة ولكم من الله خير الجزاء والثواب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يخلو تخصيصك زيارة المقابر يوم الجمعة من واحد من حالين:
الأول: أن يكون ذلك عن اعتقاد مزية وفضل زائد عن الزيارة في غيرها من الأيام.
الثاني: أن يكون الحامل على تخصيص الزيارة يوم الجمعة هو كونه يوم فراغك من عملك، فتتهيأ لك الزيارة فيه في وقت لا تتهيأ لك في غيره من الأيام.
فإن كان الأول، فلا شك أن ذلك مما لم يثبت في خبر صحيح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، فهو من البدع التي يجب اجتنابها.
وإن كان تخصيصك الزيارة للوجه الثاني، فلا حرج في ذلك، وإن كان الأولى ترك المداومة على الزيارة فيه، وقصد الزيارة في غيره من الأيام، حتى لا يظن من يراك أنك تتخذ ذلك سنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1422(11/12931)
هل يرى الميت من يزوره؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله هل الميت يرى من يزوره أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فرؤية الميت لمن يزوره مسألة غيبية يتوقف إثباتها على الدليل الصحيح من الكتاب أو السنة، ولا نعلم دليلاً يثبت ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(11/12932)
حديث زيارة عائشة رضي الله عنها لقبر أخيها عبد الرحمن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تفسير حديث سيدتنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.. في زيارتها لقبر أخيها.. من كل النواحي الشرعية رجاءً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحديث زيارة عائشة رضي الله عنها لقبر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر رواه الحاكم والبيهقي، وصححه الذهبي، وقال الحافظ العراقي: إسناده جيد، وصححه الألباني، ولفظه (عن عبد الله بن أبي مليكة أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر، فقلت لها: يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر عبد الرحمن بن أبي بكر. فقلت لها: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم. ثم أمر بزيارتها" وفي رواية: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في زيارة القبور".
وهذا الحديث من أدلة جواز زيارة النساء للقبور، وقد سبق بيان ذلك مع ضوابطه تحت الفتوى رقم 6750، 3592
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1422(11/12933)
الدليل على جواز المشي في المقابر بالنعال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزالمشي بين المقابر بالنعال حيث بدأت هذه الظاهرة بين قليل من الشباب لحديث يشير إلى ذلك ولكن بالبحث فيه وجدت أن الكراهة مرهونة بالخيلاء أو لقذر بالنعل وهذا التفسير قد يكون أقرب لمراد الشريعة لأسباب منها التيسير وعدم المشقة ومنها أننا لم نجد هذه الظاهرة ولاتوجد سنة غائبة كلية عن جموع الأمة وكذلك لم نجد العلماء في كل بلاد العالم من يفعل ذلك منهم فأرجوالافادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا بأس بالمشي في المقابر بالنعال، قال جرير: رأيت الحسن وابن سيرين يمشيان بين القبور بنعليهما. وروى البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم" وقد استدل العلماء بهذا الحديث على جواز المشي في المقابر بالنعل إذ لا يسمع قرع النعال إلا إذا مشوا بها. وكره الإمام أحمد المشي بالنعال السبتية (أي المدبوغة بالقرظ سميت بذلك، لأن شعرها قد سبت عنها: أي حلق وأزيل) في المقابر، لما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى رجل يمشي في القبور عليه نعلان فقال: " يا صاحب السبتيتين ويحك ألق سبتيتيك" فنظر الرجل، فلما عرف ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم خلعهما فرمى بهما. قال الخطابي: يشبه أن يكون إنما كره ذلك لما فيه من الخيلاء، وذلك أن نعال السبت من لباس أهل الترفه والتنعيم، ثم قال: فأحب صلى الله عليه وسلم أن يكون دخوله المقابر على زي التواضع ولباس أهل الخشوع.
والكراهة عند أحمد عند عدم العذر، فإذا كان هناك عذر يمنع الماشي من الخلع، كالشوك أو النجاسة أو الرمضاء انتفت الكراهة. فتحصل من الأحاديث، وعمل السلف، وأقوال أهل العلم، جواز المشي بين المقابر بالنعال مطلقاً: وأن الكراهة عند بعض الفقهاء مقيدة بالخيلاء ونحو ذلك، مما ينافي المقصود من زيارة المقابر من التذلل والخشوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1422(11/12934)
آداب زيارة القبور، وهل يشعر الميت بمن يزوره؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي آداب زيارة القبور وهل يشعر الميت بأهله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزيارة القبور سنة رغب الشرع فيها، لأنها تذكر الموت والآخرة، وذلك يحمل على قصر الأمل، والزهد في الدنيا، وترك الرغبة فيها. ولزيارة القبور آداب منها:
1- السلام على أهلها المؤمنين، والدعاء لهم، فعن بريدة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، فكان قائلهم يقول: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية" رواه مسلم.
2- عدم الجلوس عليها، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتمزق ثيابه حتى تخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر" رواه مسلم.
3- أن لا يمشي بينها بنعال سبتية، وهي المدبوغة بالقرظ سميت بذلك لأن شعرها قد سبت عنها، أي حلق وأزيل، فعن بشير بن الخصاصية أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يمشي بين القبور في نعليه، فقال: "يا صاحب السبتيتين ألقهما" رواه أبو داود، قال الإمام أحمد: إسناد حديث بشير بن الخصاصيه جيد أذهب إليه إلا من علة.
وعلل الخطابي رحمه الله كراهة ذلك لما فيه من الخيلاء، فإن هذه النعال لباس أهل الترفه والتنعيم، وزائر القبور ينبغي أن يكون على زي التواضع ولباس أهل الخشوع.
وليس لزيارة القبور وقت محدد تستجب فيه، وتقييد زيارتها بأوقات مخصوصة على الاستحباب من البدع والمحدثات.
فهذه آداب زيارة القبور، فينبغي للمسلم أن يتحلى بها، ويدع الخرافات والبدع التي أحدثت عند زيارتها.
أما هل يشعر الميت بأهله عندما يزورنه؟ فورد في ذلك حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم" قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء ج4 ص 491 (أخرجه ابن أبي الدنيا في القبور، وفيه عبد الله بن سمعان، ولم أقف على حاله. ورواه ابن عبد البر في التمهيد من حديث ابن عباس نحوه، وصححه عبد الحق الأشبيلي) .
وفي الباب روايات وقصص عن الصالحين مذكورة في كتب الوعظ كالإحياء، وكتاب الروح لابن القيم وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1422(11/12935)
السلام على الأموات سرا أم جهرا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عند المرور بالمقابر أقوم بالسلام على الأموات
وأنا داخل السيارة بهمس أو في السر هل ذلك مجزىء أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأحاديث الواردة في سلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأموات جاءت بصيغة خطاب الحاضر السامع، وبلفظ السلام على الأحياء، مما يدل على أن السلام عليهم يكون بصوت مسموع، ولهذا فقد استدل من يرى من العلماء أن الموتى يسمعون بسلامه صلى الله عليه وسلم عليهم بنحو ما تقدم، يضاف إلى ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما وهو أن رسول الله صلى عليه وسلم مر بقبور المدنية
فقال "السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم" أخرجه الترمذي، وقال حسن غريب. فظاهر الحديث أن سلامه صلى الله عليه وسلم على القبور كان بصوت مسموع وإذا كان السلام على الأموات بلفظ السلام على الأحياء، وكان ظاهر حديث ابن عباس يدل على أنه بصوت مسموع كما قدمنا - فإن السنة في ذلك أن يكون السلام عليهم بصوت مسموع. وأما كون السلام عليهم سرا مجزئاً أو غير مجزئ فالظاهر - والله أعلم - أن المجزئ من ذلك هو القدر المجزئ في السلام على الأحياء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب الأموات كما خاطب الأحياء، وأخبر أنهم في السمع سواء، فقال عن قتلى بدر في حديث ابن عمرالمتفق عليه:" ما أنتم بأسمع منهم ولكن لا يجيبون " ومن المعلوم أن المجزئ في سلام الحي أن يرفع الصوت به بحيث يسمعه فيرد عليه، وليكن كذلك السلام على الميت، إن امتنع منه الرد. فإن قيل أن قتلى بدر - وما جرى مجرى هذه الحادثة - حالة خاصة فيتجه أن يكون السلام على الأموات سراً مجزئاً، ويكون جهره صلى الله عليه وسلم بالسلام عليهم من باب التعليم، أو أنه الأكمل في صفة السلام عليهم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1421(11/12936)
الجلوس عند القبر والتحدث إلى الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمن زار قبر أحد أقربائه أو أصدقائه
أن يجلس عند القبر ويتحدث مع الميت؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قليب بدر وقال مخاطبا قتلى المشركين الذين ألقوا فيها: "هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ " ثم قال: "إنهم ليسمعون ما أقول" كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه أمرنا بالسلام على أهل القبور والدعاء لهم، ففي صحيح مسلم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المتقدمين منا والمتأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون" لكن لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة أن يجلسوا عند القبر، ويحدثوا الميت بغير السلام والدعاء المشروع، ولا شك أن تجاوز ما ثبت من ذلك عنه صلى الله عليه وسلم إلى أمور لا تهم الأموات كثيراً، قد يدخل في باب الابتداع في الدين، وقد يكون وسيلة إلى مانهى الله عنه من الغلو أو النياحة ونحوها، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1421(11/12937)
تجوز زيارة النساء للقبور بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز زيارة المقابر للنساء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
فزيارة النساء للقبور اختلف فيها أهل العلم إلى ثلاثة أقوال: فمنهم من منع ومنهم من أطلق الإباحة ومنهم من جوَّز بشروطٍ جمعاً بين الأدلة وهذا الأخير هو أقرب الأقوال للصواب فقد روى الترمذي في صحيحه عن بريدة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها فإنها تذكر الآخرة". وأصل الحديث في مسلم والمرأة تحتاج إلى التذكير كالرجل تماماً وثبت عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "النساء شقائق الرجال"، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله زوارات القبور" رواه أحمد والترمذي وابن ماجه فإن اللعن لمن تكثر الزيارة كما هو واضح من الصيغة، فخلاصة القول أنه يجوز للمرأة أن تزور القبور إن أمنت الجزع وخرجت غير سافرة أو متعطرة وألا تكثر الزيارة وألا تتحرى أياماً محددة تعتقد أن لها فضلا في الزيارة. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1421(11/12938)
تستحب للرجال زيارة القبور والدعاء للميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل زيارة القبور وقراءة القرآن عليها حلال أم حرام؟ الرجاء الإفادة وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما عن زيارة القبور فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنها " قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزوروها فإنها تذكر بالآخرة " [رواه الترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه والإمام أحمد] . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال: استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر بالموت " [رواه مسلم] . فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالزيارة في هذين الحديثين حمله أكثر أهل العلم على الندب، وحمله ابن حزم على الوجوب، فالحاصل أن أقل درجاته الندب. ... وأما قراءة القرآن على القبر على النحو المعهود في بعض البلاد من استئجار قارئ ليقرأ القرآن، فلا يجوز ذلك، لأن هذا بدعة، وأما القراءة للميت وهبة ثوابها له فذهب الجمهور إلى جوازها وبه قال الحنفية والحنابلة، وذهب المالكية إلى الكراهية. ولو فعلت وأهديت ثوابها إلى الميت فلا حرج إن شاء الله، ولو جعلت له الدعاء مكانها لكان ذلك أقرب إلى السنة وأبعد عن البدعة.
... والعلم عند الله سبحانه وتعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12939)
زيارة النساء للقبور جائزة بشرط
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم زيارة القبور للنساء؟ وهل زيارة النساء لقبر النبي صلى الله عليه وسلم استثناء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزيارة القبور للنساء لا حرج فيها إذا كانت لأخذ العظة والعبرة بشرط أن لا يحدثن أمراً منكراً أثناء الزيارة كرفع الصوت بالبكاء أو النياحة على الأموات أو غير ذلك من المنكرات، والدليل على ذلك عموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "نهيتكم عن زيارة القبور فزورها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا" [رواه مسلم] ولا شك أن الرخصة في الادخار والانتباذ عامة للرجال والنساء، فكذا زيارة القبور وننبه إلى أنه لا فرق فى هذا بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر غيره، والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12940)
حكم توسعة المسجد بأرض بها قبور
[السُّؤَالُ]
ـ[أجيبوا على سؤالي رحمكم الله وهو: هل يجوز توسعة المسجد إذا ضاق إلى جهة القبلة فوق أرض مدفون فيها الموتى حال كون المسجد أقدم من المقبرة. فما هو الحكم عند الأئمة؟ أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في الإسلام وجوب احترام قبر الميت فلا يجوز نبشه ولا البناء عليه، لما رواه أبو داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كسر عظم الميت ككسره حيا.
وقال العلامة النفراوي المالكي: والقبر حبس (يعني على صاحبه) لا يمشى عليه ولا ينبش ما دام فيه إلا لضرورة، فيجب أن تصان قبور الأموات وتحترم ولا يجوز نبشها إلا في حالة الضرورة، أو في حالة ما إذا لم يبق للميت أثر من عظم أو نحوه.
ولذلك فإن كانت قبور الموتى المذكورة لم تندرس أو بقي منها شيء، فلا يجوز لكم توسعة المسجد عليها، أما إذا كانت قد اندرست نهائيا، ولم يبق للموتى فيها أثر فيجوز لكم بناء المسجد عليها.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل انظر الفتاوى: 72869، 63424، 122986، 74077. وما أحيل عليه فيها
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(11/12941)
حكم إنشاء طريق فوق القبور القديمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إقامة الطريق فوق القبور للعبور إلى مقبرة آخرى، علماً بأن المقبرة قديمة جداً حوالي 60 سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح الذي عليه جمهور العلماء أنه يجوز الانتفاع بالقبور المندرسة -وهي التي بلي فيها الأموات ولم يبق لهم أثر- بسائر أنواع الانتفاع: دفنا، وحرثاً، وزراعة، وبناء. وذهب بعضهم إلى جواز الانتفاع بالدفن فقط.
هذا في المقابر المندرسة، أما إذا بقي للأموات فيها أثر من عظم أو غيره فلا يجوز البناء فوقها ولا المشي ولا الجلوس عليها، ولو مرت عليها مئات السنين، كما سبق تفصيله في الفتويين رقم: 19135، 110102 وما أحيل عليه فيهما.
وعلى ذلك، فإن اندرست المقبرة القديمة بحيث لم يبق للموتى فيها أثر جاز -على الراجح- بناء طريق عليها، وإن كان لا يزال بها آثار للموتى فلا يجوز بناء طريق ولا غيره فوقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1430(11/12942)
لا تنبش المقابر إلا في حالة الضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم نقل عظام الميت بعد دفنه من قبره إلى قبر آخر، وذلك لوجود خلاف بين المشتركين في القبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القبر ملك لصاحبه الذي دفن فيه، ولا يجوز نبشه ولا نقله منه ما دام له وجود به إلا في حالة الضرورة، قال العلامة خليل المالكي في مختصره: والقبر حبس لا يمشى عليه ولا ينبش ما دام به. ..
قال شراحه: أي مدة ظن وجود شيء من عظامه غير عجب الذنب.
ومن حق الشريك في القبر المطالبة بالتعويض عن حصته، ولا يحق له المطالبة بنبش القبر إذا كان الدفن بإذنه أو طال زمنه وتغير الميت، ويجبر على أخذ القيمة أو المثل حينئذ.
وعليه، فإن على المشتركين تسوية خلافاتهم وعدم نبش القبر.
هذا، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 74077، 27731، 93648.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1429(11/12943)
حكم البناء فوق المقبرة قبل اندراس القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يدرس في مدرسة كانت مقبرة، وظهرت وسط ساحتها عظام الموتى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القبر إذا لم تبل عظام صاحبه وتصير ترابا فإنه حبس على صاحبه ولا يجوز البناء فوقه ولا الجلوس عليه والمشي عليه، لما في الحديث: لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر أخيه. رواه مسلم.
وفي الحديث: لا تصلو إلى القبور ولا تجلسوا عليها. رواه مسلم.
وبناء عليه فإن بناء المدرسة فوق المقبرة قبل اندراس القبور لا يجوز، ولا يجوز المشي ولا الجلوس على القبور، وبهذا يعلم منع الدراسة في تلك المدرسة لما يستلزمه ذلك من المشي فوق القبور والجلوس عليها.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 64447، 74077، 74014، 109834.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1429(11/12944)
حكم نبش هذه المقبرة التي لم تندرس والبناء عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأفاضل لدينا قضية نرجو من سيادتكم توضيح موقف الشرع منها والواجب علينا فعله تجاهها، وهي كالتالي:
توجد في قريتنا مقبرة ندفن فيها موتانا منذ زمن بعيد وبها عشرات القبور، ولقد وقعت الأرض المحيطة بالمقبرة مؤخراً تحت ملكية إحدى شركات السياحة وهي شركة إعمار الإماراتية، وتريد هذه الشركة أن تقيم قرية سياحية ومنتجعات سياحية وفنادق وحمامات سباحة وملاعب وأماكن ترفيهية وما شابه ذلك من الأشياء التي تقام فى القرى والمنتجعات السياحية، ومن المعلوم لديكم أن هذه القرى والمنتجعات يرتادها المسلمون وغير المسلمين مما يجعل هذه الأماكن عرضة للمخالفات الشرعية التي ستقع عليها كما يحدث في المنتجعات والقرى السياحية، وشركة إعمار الإماراتية تريد أن تنبش هذه القبور وتحولها إلى مكان آخر كي يتمكنوا من القيام بمشروعهم المذكور بعد أن يحصلوا على موافقة منا.. مع العلم بأن المقبرة المذكورة يمكن تفاديها وإقامة سور عليها وربطها بطريق يمر من أمامها حتى يتمكن من أراد زيارة الموتى من زيارتهم كما أن الدفن قد توقف بعد ما قامت الشركة بإنشاء سلك حول المقبرة مما حدا بأهالي القرية بعدم الدفن فى هذا المكان بعد انتشار شائعة أنه من الممكن أن تنبش الشركة هذه المقابر وتخرج الموتى منها لذلك توقف الدفن فيها بعدما أتت هذه الشركة أي أن الدفن توقف هذه الأيام فقط ...
والسؤال هو: هل يجوز لنا أن نوافق على نقل المقبرة وتحويلها ونبش القبور لهذا الغرض أم أن ذلك لا يجوز وما الواجب علينا فعله تجاه موتانا المقبورين في هذه المقبرة، وما الواجب على شركة إعمار الإماراتية فعله تجاه هذه المقبرة، فأفيدونا فإننا فى مشكلة ندعو الله أن يجعل حلها على أيديكم خاصة أن فتواكم ستلزم الجميع إن شاء الله تعالى.. وأخيراً نرجو منكم أن تكون هذه الفتوى مطبوعة ومختومة من طرفكم إثباتا منا لصحة المصدر كي يطمئن قلب الطرف الآخر للفتوى الشرعية الملزمة لكلينا بإذن الله تعالى..
أهالى قرية سيدي عبد الرحمن عنهم عطيه حموده عيد على.. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للشركة المذكورة نبش هذه المقبرة التي لم تندرس -كما يظهر- ولا البناء عليها، ولا أن ينتفعوا بها بأي نوع من أنواع الانتفاع ولو لم يجدوا لإقامة مشروعهم غير المقبرة، وذلك لأن القبر وقف على المقبور فلا ينتفع به غيره، وهذا محل اتفاق فيما إذا لم يندرس القبر.
فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن المشي في النعل على المقبرة وعن الجلوس عليها؛ كما في حديث: يا صاحب السبتيتين ألقهما. رواه أبو داود، وقال: لا تجلسوا على القبور ... وقال: لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه حتى تخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر. رواهما مسلم. فكيف بما هو أبلغ من التعدي على القبور وإهانتها وانتهاك حرمتها من نقلها أو البناء عليها.
وعليه.. فالواجب على هذه الشركة الكف عن المقبرة وعدم الإقدام على المساس بها، كما يجب منعها من ذلك إن أقدمت عليه إنكاراً لذلك المنكر بكل ما يستطاع.
وللمزيد من الفائدة وتفصيل هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 19135، والفتوى رقم: 21598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1429(11/12945)
حرمة نبش القبر وفتحه لغير ضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد مرور سبع سنوات على دفن أخي فتح القبر ووجد الكفن مندي ووجد عظمه خارج الكفن بجوار الدود الميت ما هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا نرى فيما ذكرته ما يستحق أن نجيب عليه، فخروج العظام من الكفن قد يكون ناتجاً عن انتفاخ الجثة، فإذا انتفخت انتفاخاً شديد فقد يتمزق الكفن ويخرج منه بعض أعضاء الميت، فإذا تحللت الجثة بقيت العظام فترة أطول ...
وعلى كل، فإن القبر حبس على صاحبه لا يجوز نبشه ولا فتحه لغير ضرورة ملحة، فحرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كسر عظم الميت ككسره حياً. أخرجه الإمام أحمد في المسند وأبو داود وابن حبان. ولذلك فإن عليكم غلق القبر وإعادته كما كان. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 74077، والفتوى رقم: 33048 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(11/12946)
حكم إنشاء ملعب على مقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث في قريتنا أن شرعت السلطات المحلية بإنجاز ملعب رياضي، وهذا الملعب بجانبه مقبرة من المقابر. فحدث أن أصيب قبران من القبور بأذى الجرافة، فأعدنا دفن ترابهما، والذي كان لا يحتوي على أية عظمة. فهل نحن مفرطون؟ هل نوقف الأشغال؟ أم نحتكم لمبدأ الضرورة إذ أن الأشغال قاربت على الانتهاء.. أفتونا لتطمئن قلوبنا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه القبور قد بليت وصارت ترابا فيجوز الانتفاع بالمقبرة بالبناء والزراعة وسائر وجوه الانتفاع، ومنه بناء الملعب الرياضي المذكور بشرط أن يعلم أن الرياضة فيه ستكون منضبطة بالضوابط الشرعية، وراجع للتفصيل ومعرفة أقوال أهل العلم في ذلك الفتوى رقم: 19135، والفتوى رقم: 10802.
وإن كانت لم تبل، وبقي للموتى أثر من عظم أو غيره، فلا يجوز بناء هذا الملعب عليها؛ لأن حرمة الأموات كحرمة الأحياء. فقد أخرج أبو داود وابن ماجه وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كسر عظم الميت ككسره حيا، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: يستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته. وقال الإمام الطيبي: إشارة إلى أنه لا يهان ميتا كما لا يهان حيا.
وقولك: فأعدنا دفن ترابهما، والذي كان لا يحتوي على أية عظمة ... إذا كنت تعني به أن القبور قد بليت فقد علمت الحكم في ذلك. وإن كنت تعني -فقط- أن الحفر لم يصل إلى العظام، مع أنها موجودة، فالواجب حينئذ ترك الانتفاع بتلك القبور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1428(11/12947)
حكم هدم المقبرة لغرض توسع المدينة
[السُّؤَالُ]
ـ[رأي الشرع والسنة النبوية في هدم المقابر الإسلامية، إذا كانت هذه المقبرة داخل المدينة وتتوسع المدينة بصورة سريعة أو أصبح موقع هذه المقبرة داخل الأسواق. جزاكم الله خير جزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حرمة الميت كحرمة الحي، فقد أخرج أبو داود وابن ماجه وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن كسر عظم المؤمن ميتاً مثل كسره حياً.
وقد نص أهل العلم على أن القبر حبس على صاحبه، لا يجوز أن يمشى عليه ولا ينبش ما دام به عظم من عظام المقبور أو شعر من شعره إلا لضرورة، وأن من كبائر الذنوب انتهاك حرمة الأموات ونبش قبورهم لغير ضرورة معتبرة شرعا.
وتوسع المدينة بصورة سريعة ليس مبررا لانتهاك حرمة الأموات؛ فبإمكان المدينة أن تتوسع إلى جهات أخرى وتبقى المقبرة في مكانها، ولذلك فإن على المسلمين الأحياء أن ينظموا أمور حياتهم بما ليس فيه أذية لموتاهم.
وقد سبق يبان حكم نبش القبور القديمة والحالات التي يجوز فيها توسيع الشوارع من المقبرة ... في الفتاوى: 10802، 19135، 22870، 74077. نرجو أن تطلع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1428(11/12948)
المرور على طريق فيه قبور قديمة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد عندنا مقبرة قديمة والقبور فيها غير واضحة الحدودة أي القبور متداخلة مع بعض، ويوجد عبر هذه المقبرة مشاة ولا نعلم يقينا، أنه لا يوجد قبور في هذا الطريق أي أننا نشك، فهل يجوز أن نمر من هذا الطريق مع العلم أن هذه القبور قديمة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المشي على القبر محرم في الأصل ما لم يوقن أنه بلي وصار تراباً، وإذا كنتم تشكون في أن الطريق يمر فوق بعض القبور فينبغي تحاشي المرور عبر تلك الطريق، عملاً بالحديث: استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك. رواه الإمام أحمد وحسنه المنذري والألباني. وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 52332، 75390، 22347، 32705.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/12949)
لا حرمة للقبر المهيأ لدفن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لنا المشي أو الوقوف على مكان القبر الذي لم يدفن به أحد بعد لكنسه وتنظيفه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القبر الذي لم يدفن به أحد ليس له حرمة، وليس مثل القبر الذي دفن به ميت، فشأنه شأن أي بقعة من بقاع الأرض فيجوز المشي أو الوقوف عليه ونحو ذلك. وتراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 64447، والفتوى رقم: 8163.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1428(11/12950)
لا ينبش قبر المسلم والكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكر جهودكم الواضحة في هذا الموقع، ونسأل الله أن يجزيكم عنا كل الخير وأن يجمعنا مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومع صحابته الأبرار:
لديَّ استفسار عن الفتوى رقم (72591) بخصوص إخراج الميت من القبر قلتم جزاكم الله خيرا إنه من غير الجائز إخراج المسلم من القبر إلا لضروره وإن كان غير مسلم هل لديه نفس الحصانه التي لدى المسلمين وماذا عنه إذا كان تاركا للصلاة المكتوبه هل يعامل معاملة المسلم أم معاملة الكافر والعياذ بالله، فحسب ما سمعناه عن هذا الشاب الذي أخرج من القبر أنه تارك للصلاة، سنفترض أن هذه القصة صحيحه أنتم قلتم (وإذا نبشناه فظهر أثر العذاب فيتعين ستره وعدم هتك عرضه لأن حرمة المسلم ثابتة في حياته وبعد موته) حرمة المسلم وإذا كان كافرا بالله هل نعتبرها موعظة من الله ونقوم بنشرها. نرجو أن نتحصل على الشرح التوضيحي لهذا الموضوع؟
رحمكم الله وأسكنكم فسيح جناته وبارك الله فيكم وجزاكم عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكافر لا ينبش قبره كما قدمنا في الفتوى رقم: 51867، وقد بينا في الفتوى رقم: 68656. أرجحية كون تارك الصلاة كسلا غير كافر كفرا مخرجا من الملة، ونقلنا كلام ابن قدامة في المغني في أنه لا يعلم في عصر من الأعصار أحد من تاركي الصلاة ترك تغسيله والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين، وراجع الفتوى رقم: 50186، والفتوى رقم: 50785.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(11/12951)
الجلوس على القبر بين المانعين والمبيحين
[السُّؤَالُ]
ـ[علي بن أبي طالب كان يتوسد القبور ويجلس عليها، لمن هذا الحديث وفي أي كتاب موجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مالك في الموطأ أنه بلغه أن علي بن أبي طالب كان يتوسد القبور ويضطجع عليها.
وقد ذهب لتحريم الجلوس على القبور جمهور العلماء كما قال النووي في المجموع، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث، منها قوله صلى الله عليه وسلم: لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر. رواه مسلم في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها. رواه مسلم.
وذهب المالكية وبعض الحنفية وزيد بن ثابت ويزيد بن ثابت أخوه وغيرهم إلى جواز ذلك، وحملوا الأحاديث السابقة وما في معناها على الجلوس لقضاء الحاجة على القبر.
قال البخاري في الصحيح: وقال عثمان بن حكيم: أخذ بيدي خارجة فأجلسني على قبر، وأخبرني عن عمه يزيد بن ثابت قال: إنما كره ذلك لمن أحدث عليه. وقال نافع: كان ابن عمر رضي الله عنهما يجلس على القبور
قال أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار:
الآثار مروية من طرق عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن القعود على القبور من حديث عقبة بن عامر وجابر وأبي هريرة وغيرهم، ومن الرواة لها من يوقف حديث عقبة وحديث أبي هريرة ويجعله من حديثهما.
وأما حديث جابر فذكر عبد الرزاق قال: حدثنا ابن جريج قال: أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يقعد الرجل على القبر ويقصص أو يبني عليه.
وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا حفص عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقعد عليها يعني القبور.
وعن ابن مسعود: لأن أطأ على جمرة حتى تطفأ أحب إلي من أن أقعد على قبر، وعن أبي بكرة مثله سواء.
وعن أبي هريرة قال: لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق رداءه ثم قميصه ثم إزاره حتى تخلص إلى جلده أحب إلي من أن يجلس على قبر، وهذا الجلوس يحتمل أن يكون لحاجة الإنسان كما قال مالك ومن تبعه على ذلك، وروى الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير حدثه أن عقبة بن عامر قال: لأن أطأ على جمرة أو على حد سيف حتى يخطف رجلي أحب إلى من أن أمشي على مسلم، وما أبالي في القبور قضيت حاجتي أو في السوق والناس ينظرون.
وعن الحسن وابن سيرين ومكحول كراهية المشي على القبور والقعود عليها.
وقال مالك (رحمه الله) وإنما نهي عن القعود على القبور فيما نرى للمذاهب يريد حاجة الإنسان. وحجته أن علي بن أبي طالب كان يتوسد القبور ويضطجع عليها. وإذا جاز ذلك جاز المشي والقعود فلم يبق إلا أن ذلك لحاجة الإنسان والله أعلم وهو قول زيد بن ثابت،.
وروى أبو أمامة بن سهل بن حنيف أن زيد بن ثابت قال له: هلم يا بن أخي، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبر لحدث بول أو غائط، وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن العلاء بن المسيب عن فضيل عن مجاهد قال: لا تخل وسط مقبرة ولا تبل فيها، وعلى هذا معنى الآثار المروية في الكراسة في هذا الباب. والله أعلم.
وقال الشوكاني في النيل عند شرح حديث: لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها، الحديث يدل على منع الصلاة إلى القبور، وقد تقدم الكلام في ذلك وعلى منع الجلوس عليها، وظاهر النهي التحريم. وقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ: لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر أخيه. وروي عن مالك أنه لا يكره القعود عليها ونحوه، قال: وإنما النهي عن القعود لقضاء الحاجة. وفي الموطأ عن علي أنه كان يتوسد القبور ويضطجع عليها وفي البخاري أن يزيد بن ثابت أخا زيد بن ثابت كان يجلس على القبور، وقال: إنما ذلك لمن أحدث عليها. وفيه عن ابن عمر أنه كان يجلس على القبور. وقد صحت الأحاديث القاضية بالمنع ولا حجة في قول أحد لا سيما إذا كان معارضا للثابت عنه صلى الله عليه وسلم، وقد أخرج أبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث جابر بلفظ: نهى أن يجصص القبر ويبنى عليه وأن يكتب عليه وأن يوطأ. وهو في صحيح مسلم بدون الكتابة. وقال الحاكم: الكتابة على شرط مسلم. والجلوس لا يكون غالبا إلا مع الوطء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1427(11/12952)
كراهة الجلوس على القبر والاتكاء عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة القرآن جماعة وبنغمة واحدة، هل يجوز الجلوس على قبور قديمة (أكثر من 70 سنة) لتعلم قواعد التجويد ولا يوجد مكان آخر لذلك, وتوجد في مكان يدعى \"الزاوية\" وهي مستوية مع الأرض ومغطاة بالزرابي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان أقوال العلماء في قراءة القرآن جماعة بصوت واحد في الفتوى رقم: 27933 فراجعها.
وأما الجلوس على القبور فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث، منها قوله صلى الله عليه وسلم: لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر. رواه مسلم في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم: لأن أمشي على جمرة أو سيف أو أخصف نعلي برجلي أحب إلي من أن أمشي على قبر مسلم. رواه ابن ماجه وصححه البوصيري وجود إسناده الألباني، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها. رواه مسلم.
وبناء على ذلك ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة والظاهرية إلى كراهة ذلك، قال النووي في المجموع: كراهة الجلوس على القبر والاتكاء عليه والاستناد إليه، قد ذكرنا أن ذلك مكروه عندنا، وبه قال جمهور العلماء.
وذهب المالكية وبعض الحنفية إلى جواز ذلك، وحملوا الأحاديث السابقة وما في معناها على الجلوس لقضاء الحاجة على القبر، والراجح هو قول الجمهور لأن الأحاديث أطلقت النهي ولم تقيده.
وذهب جمهور الفقهاء إلى جواز نبش القبور الدارسة للانتفاع بمكانها على تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 19135 فراجعها، هذا إذا نبشت، أما قبل أن تنبش فإن الحكم هو ما ذكرناه أولاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(11/12953)
حكم قلع الحشائش من المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد تطهير مقبرة من الحشائش الضارة فهل يجوز لنا استعمال مبيد سام للأعشاب
وفقكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما بالمقبرة من حشيش ونحوه رطبا لم ييبس بعد فلا ينبغي قعله لأن ذلك مكروه عند بعض أهل العلم. قال الخادمي في بريقه محمودية وهو حنفي: ومنها قلع الشوك والحشيش الرطبين على القبر، فإنه مكروه، فإن النباتات ما دامت رطبة تسبح الله، فحينئذ ينتفع الميت ويستأنس بتسبيحها. عن الخانية. ويكره قطع الحطب والحشيش من المقبرة فإن كان يابسا فلا بأس به لأنه ما دام رطبا يسبح فيؤنس الميت بخلاف اليابس. انتهى.
وعليه، فإذا كانت الحشائش قد يبست فلا مانع من قلعها بشرط أن يكون ما تقطع به لا تترتب عليه أذية للميت -لأن حرمته ميتا كحرمته حيا - ولا ضرر على الميت، فإذا كان لا يشتمل على أذية للحي ولا للميت فلا مانع منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(11/12954)
حكم تنظيف المقابر من الأعشاب والنباتات والأشجار
[السُّؤَالُ]
ـ[تنظيف المقابر من الأعشاب والنباتات والأشجار حكمه ومشروعيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفقهاء مجمعون على حرمة الميت المسلم، وأن الموقع الذي يدفن فيه يصير وقفا عليه، فلا يجوز نبشه ولا المشي عليه ما دام يوجد فيه شيء منه، وقد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 32705.
أما تنظيف المقابر من الأشجار والنباتات فلم نطلع على ما يدل على أنه مطلوب ولا على ما يدل على أنه ممنوع، فيبقى على الإباحة وخاصة إذا كان فيه منفعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(11/12955)
حكم نبش القبور ليدفن فيها أموات جدد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يشتري قطعة أرض ليجعلها مقبرة، ومساحتها 20×20 ويدفن من أولها إلى آخرها ويرجع يحفر وراء الأول فإذا وجد الجثة انعدمت دفن في مكانها جديدة، وهكذا علما بأن الحكومة لا تسمح بالدفن في مكان آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للميت حرمة مثل حرمته حيا، ولا يجوز نبش القبر ما دام به صاحبه إلا لمبيح شرعي، وأما إذا بلي وصار تراباً، فلا حرج في أن تستغل البقعة التي كان فيها في دفن غيره، أو في غرض آخر.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتابه المجموع: وأما نبش القبر، فلا يجوز لغير سبب شرعي باتفاق الأصحاب، ويجوز بالأسباب الشرعية ... ومختصره أنه يجوز نبش القبر إذا بلي وصار تراباً، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه، ويجوز زرع تلك الأرض، وسائر وجوه الانتفاع ... إلى أن قال: وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره، إلا أنه إذا دعت ضرورة لإدخال ميت على آخر قبل بلاء الأول جاز.
وعليه، فلا حرج في نبش القبور القديمة ليدفن فيها أموات جدد إذا كان أصحابها قد بلوا وصاروا تراباً، وكذا إذا لم يكونوا قد بلوا إن دعت إلى ذلك ضرورة فهو من إدخال ميت على آخر، وتقدم كلام النووي فيه.
وقد أحسن الشخص الذي اشترى تلك الأرض وخصصها للدفن، وله في ذلك الأجر من الله إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(11/12956)
حكم المرور وسط المقابر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز المشي وسط المقابر باعتبارها طريقا.
أفتونا جزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرور وسط المقابر مع التحفظ في المشي على القبور لا حرج فيه.
ولكن الأولى عدم جعل طريق وسط القبور، فعلى المارة أن يحاولوا عدم جعل طريقهم مارة وسط المقبرة ما لم تكن هناك ضرورة ملجئة إليها، لئلا يؤدي جعلها طريقا إلى وطء بعض الجهال أو الصبيان على القبور.
وراجع الفتوى رقم: 32705، 7410.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(11/12957)
حكم البناء فوق أرض فيها قبور
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الناس قام بإقامة أعمده خرسانية فوق أرض بها قبور وبعدها قام ببناء غرفة للسكن فوق هذه الأعمدة (أي صارت هذه الغرفة في سماء القبور) فهل عمله هذا صحيح ... وفي حالة أنه لا يجوز هذا البناء هل يجوز دخول هذه الغرفة من الجيران والأقارب.
افيدونا جزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا البناء في مقبرة موقوفة لدفن الأموات فحرام، ويجب هدم هذا البناء، ولا يجوز للمسلمين إقراره والجلوس معه في هذا البناء، وإن كان هذا البناء في ملكه فقد أساء، ولا يلزمه الهدم ولا حرج في زيارته، والجلوس معه في هذا البناء ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 44912.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(11/12958)
حكم بناء منزل في مكان القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أوصى قبل وفاته بدفنه بجانب بيته وفعلا تم ذلك ويريد أبناؤه حاليا بناء منزل في مكان القبر فهل يجوز البناء على القبر او هل يجوز نقله غلى مقبرة البلدة أو إلى مكان آخر. ... وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إهانة القبور بالبناء عليها أو الجلوس والمشي فوقها لا تجوز، ففي الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه حتى تخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر. رواه مسلم.
وهذا ما لم تبل جثته بلاءً تاماً، فإن بليت ولم يبق لها أثر جاز ذلك، وراجع فيه الفتوى رقم: 19135.
وأما نقله إلى مكان آخر فلا مانع منه ما دام المقصود من ذلك غرضاً صحيحاً، وقد سبق لنا أن أفتينا بذلك فراجعه في الفتوى رقم: 20372.
ولا فرق في النقل بين أن يكون إلى مقبرة البلدة أو أي مكان آخر، لكن الأولى النقل إلى مقابر المسلمين، لأن في ذلك من الصيانة والحراسة ما ليس في غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(11/12959)
البناء على المقبرة منهي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[قبران قديمان بجانب باب منزل. قمنا بتعليق غرفة سكن بالأعمدة فوقهما بحيث صارت تفصلهما ثلاثة أمتار من الهواء عن أرضية الغرفة المعلقة وبالتالي فليس على القبرين أي شيء فهل ما فعلناه جائز أم أن علينا نقل القبرين علما بأن القبرين قديمان ولا أحد من الأحياء يتذكرهما كما إنهما خارج مقبرة القرية وننوي نقلهما ليكونا بداخل المقبرة أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبنى على القبر، كما في صحيح مسلم قال المحلي في شرحه على المنهاج: وسواء في البناء بناء قبة أم بيت أم غيرهما ... "
وإذا كان الموضع الذي فيه القبران وقفاً فإنه يجب هدم ما بنيتم فوقهما، ولو كان في هوائهما، أما إذا كان الموضع ليس وقفاً فإنه لا يلزمكم الهدم، ولكنكم قد أسأتم بهذا العمل، وقال المحلي في شرحه على النهاية: ولو بنى عليه في مقبرة مسبلة هدم البناء بخلاف ما إذا كان في ملكه، وصرح في شرح المهذب بحرمة البناء فيها. أي في الأرض المسبلة.
أما عن النبش فإنه لا يجوز لكم، لأنه لا يجوز النبش إلا لضرورة، وليس ما أنتم فيه من ذلك.
ونريد التنبيه إلى أنه إذا كانت القبور قديمة بحيث يقول أهل الخبرة إنها قد بليت وصارت تراباً، فإنه لا بأس في الانتفاع بها ببناء أو زرع، ما لم تكن وقفاً، فإن كانت وقفاً فلا يجوز الانتفاع بها إلا في ما وقفت له كالدفن مثلاً، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 19135.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(11/12960)
حكم المشي على المقبرة في السيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا جزاكم الله على هذا الموقع خير الجزاء
وسؤالي هو: نحن نعيش في بيت بجوار مقبرة وليس لنا طريق نمشي إلا من تلك المقبرة فكل الجهات مغلقه إلا جهتها وأقصد بالمشي المشي بالسيارة، فهل يجوز لنا أن نمشي في السيارة على المقبرة، علما بأننا لا نمشي إلا للضرورة، ونحن نعيش في هذا البيت منذ حوالي عشرين سنة، أفيدونا؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق العلماء على أن الموضع الذي يدفن فيه المسلم وقف عليه ما بقي شيء منه، فإن بقي شيء منه، فالحرمة باقية لجميعه، فلا يجوز أن ينبش ولا أن يمشى عليه، وإن بلي وصار ترابا، جاز أن ينبش ويمشى عليه، وينتفع بأرضه في الغرس والزرع والبناء وسائر وجوه الانتفاع، ويعتمد في ذلك على قول أهل الخبرة، قال النووي في المجموع: ويجوز بالأسباب الشرعية، كنحو ما سبق، ومختصره أنه يجوز نبش القبر إذا بلي وصار ترابا، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه، ويجوز زرع تلك الأرض وبناؤها، وسائر وجوه الانتفاع، والتصرف فيها باتفاق الأصحاب، وإن كانت عارية رجع فيها المعير، وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره، قال أصحابنا رحمهم الله: ويختلف ذلك باختلاف البلاد والأرض، ويعتمد فيه قول أهل الخبرة بها. انتهى ج5 ص 273.
ولقد ذكرتَ أنكم تعيشون في بيتكم ذلك منذ عشرين سنة، فإن كان في المقبرة جهة قد بليت وصارت رميما جاز لكم المشي عليها بالسيارة، وإلا لم يجز، ولكم فقط أن توقفوا السيارة دون المقبرة وتخترقوها على الأقدام، إذ اختراقها بالسيارة أشد من الجلوس عليها الذي ورد النهي الشديد عنه.
روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر. رواه أحمد ومسلم وأبو داود وغيرهم.
وانظر المزيد من ذلك في الفتوى رقم:
22347.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1424(11/12961)
حكم نقل جثة الميت لقبر آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أهل زوجتي قاموا بنقل جثة أبيها بعد دفنه بأكثر من عام من قبره الذي أوصى بدفنه فيه بعد وفاته إلى مقبرة العائلة وذلك من وراء علم زوجته وبناته مكيدة فيهم ما حكم ذلك وما أثره على المتوفى وما حكم قطع الأرحام بسبب هذا العمل مع العلم أن زوجتي قد قامت أكثر من مرة بمحاولة صلة الرحم بعد هذا ولم يستجب لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنبش قبر الميت ونقله إلى مكان آخر للدفن فيه لا يجوز إلا لغرض صحيح، جاء في المنهاج للنووي: (ونبشه بعد دفنه للنقل وغيره حرام إلا لضرورة..)
وما فعله أهل زوجتك من نبش القبر وإخراج الميت منه حرام لخلوه من الغرض الشرعي الصحيح، زيادة على أن فيه إيذاء لأهل الميت ومخالفة لوصيته فالواجب عليهم التوبة إلى الله تعالى من هذا الفعل المحرم، وطلب الصفح من أهل الميت لما ألحقوا بهم من الأذى، ومع هذا فإقدامهم على ما لا يجوز شرعاً لا يسوغ قطع رحمهم ولا معاملتهم معاملة سيئة، وإنما يجب نصحهم وتوجيههم إلى الطريق الصحيح وتحذيرهم من العود لمثل ذلك العمل، أما الهجر وقطع الرحم فلا يجوز، وتتأكد حرمته إذا كان ممن تجب صلة رحمه، كالأبناء والآباء والإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1423(11/12962)
حكم نبش قبور المشركين والجلوس عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يجلس أو ينبش قبراً لإنسان غير مسلم شيوعي مثلاً أو يهودي أفيدوني جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قبر المشرك إن كان قد اندرس ولم يبق له أثر فإن نبشه جائز اتفاقاً إن كان ذلك لمصلحة كتوسيع مسجد أو شارع ونحو ذلك، لما روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم: "أمر بقبور المشركين فنبشت، عندما أراد بناء المسجد."
وإن كان النبش لغير حاجة فلا حرج فيه أيضاً لأن المشرك لا حرمة له حياً أو ميتاً؛ كما قال ابن بطال رحمه الله، وكذلك قال الحافظ ابن حجر بعد كلامه على قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.": (وأما الكفرة فلا حرج في نبش قبورهم إذ لا حرج في إهانتهم.)
ولكن كلام ابن بطال وابن حجر ينبغي أن يقيد بالحاجة.
أما الجلوس على قبر المشرك فلا حرج فيه لأنه لا حرمة له كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1423(11/12963)
حالات إباحة نبش القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.وبعد
امتلأت المقبرة والمطلوب تجميع الجثث التي هى عبارة عن (قفص صدرى متصل بالعظام وكاد الكفن أن يتآكل) المطلوب تجميعها فيما يسمى بالمعظمة وهى مكان بجوار القبر يفعل به ذلك فما الحكم؟
مع العلم بأن هذه المعظمة عبارة عن حفرة عميقة توضع بها هذه العظام بعضها فوق بعض ويوضع فاصل من الحجر بين هياكل الرجال وهياكل النساء – وتوجد المعظمة بجوار حجرة الدفن.
نرجو الإفادة ونسأل الله أن يوفقنا الصواب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز نبش القبور إلا في حالتين الأولى عند الضرورة، والثانية إذا بليت القبور بحيث لم يبق لحم ولا عظم وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتاوى التالية: 22870 18004 19135
وكذا ما أحيل عليه فيها من الفتاوى، وعليه فإنه لا يجوز لكم نبش القبور لأجل ضيق القبر، ويجب عليكم البحث عن غيرها ولو بشراء، فإن لم تجدوا فاخرجوا إلى خارج العمران واقبروا موتاكم هنالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(11/12964)
محل جواز نبش القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[امتلأت المقبرة والمطلوب تجميع الجثث التي هي عبارة عن قفص صدري متصل بالعظام وكاد الكفن أن يتآكل المطلوب تجميعها فيما يسمى بالمعظمة وهي مكان بجوار القبر يفعل به ذلك فما الحكم؟ مع العلم بأن هذه المعظمة عبارة عن حفرة عميقة توضع بها هذه العظام بعضها فوق بعض ويوضع فاصل من الحجر بين هياكل الرجال وهياكل النساء وتوجد المعظمة بجوار حجرة الدفن.
نرجو الإفادة ونسأل الله أن يوفقنا الصواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حرمة الميت كحرمته حياً فلا يجوز نبش قبره إلا لسبب شرعي يقتضي ذلك ما دام هناك بقية من عظامه، أما إذا بلي وصار تراباً فلا مانع من استغلال الأرض بالحرث والدفن وما شابه ذلك على الراجح.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: (وأما نبش القبر فلا يجوز لغير سبب شرعي باتفاق الأصحاب، ويجوز بالأسباب الشرعية كنحو ما سبق، ومختصره أنه يجوز نبش القبر إذا بلي وصار تراباً، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه، ويجوز زرع تلك الأرض، وسائر وجوه الانتفاع ... ) إلى أن قال: (وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره، إلا أنه إذا دعت ضرورة لإدخال ميت على آخر قبل بلاء الأول جاز.)
قال ابن حجرالهيتمي في شرح المنهاج: (ويحرم إدخال ميت على آخر، وإن اتحدا قبل بلي جميعه ... ) إلى أن قال: (ويرجع فيه لأهل الخبرة بالأرض، ولو وجد عظمه قبل كمال الحفر طمسه وجوباً ما لم يحتج إليه.)
والحاصل أنه لا يجوز نبش قبر ميت قبل أن يصير تراباً إلا لمصلحة دعت إلى ذلك من سقوط مال في القبر أو احتياج إلى وضع ميت آخر لا يوجد مكان لدفنه فيه.
وعليه؛ فإنه لا يجوز لكم نبش القبور لأجل ضيق المقبرة، وعليكم البحث عن غيرها ولو بشراء، فإن لم تجدوا فاخرجوا إلى خارج العمران واقبروا موتاكم هنالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(11/12965)
مصلحة سلامة العقيدة أولى من حفظ القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت جماعة مسلحة إسلامية فى كردستان العراق باسم (أنصار الإسلام) بنبش جماعة من المراقد والقبور للأولياء والصالحين وحملوا رفاتهم إلى جهة مجهولة بحجة أن المراقد يعبدون من قبل الناس.. سؤالنا هل هو جائز نبش القبور وإخراج رفاتهم في الإسلام....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل هو عدم جواز نبش القبور، صيانة لحرمة الموتى، إلا أنه إذا وجدت حاجة تستدعي نبشها ونقلها من مكانها إلى مكان آخر، فلا بأس إن شاء الله في القيام بذلك، وقد تقدم بيان هذا الحكم في الفتوى رقم:
10802.
بناء على ذلك فإن الافتتان بصاحب القبر واعتقاد النفع والضر فيه لا شك في كونه حاجة، بل ضرورة تقتضي جواز نبش هذه القبور، ونقلها إلى مكان آخر، وإخفاءها عن عوام المسلمين، وإذا كان بعض الفقهاء قد أجاز نبش القبور لحاجة توسعة الطريق مثلاً، وهي مصلحة دنيوية محضة، فجواز هذه المسألة المسؤول عنها أولى وأحرى، إذ أن المصلحة هنا مصلحة شرعية، بل من أعظم المصالح إذ أنها تتعلق بأساس هذا الدين وهو جانب العقيدة، لأن التعلق بقبور الصالحين ذريعة إلى الشرك بالله، بسؤالهم والاستعانة بهم وطلب الحوائج من دون الله تعالى، كما هو واقع ومشاهد اليوم، وقد قام الصحابة بإخفاء قبر النبي دانيال لنفس هذا الغرض، قال أبو العالية رحمه الله: (لما فتحنا تستر وجدنا في بيت مال الهرمزان سريراً عليه رجل ميت عند رأسه مصحف له، فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر رضي الله عنه، قيل لأبي العالية فما صنعتم بالرجل؟ قال: حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبرا متفرقة فلما كان الليل دفناه وسوينا القبور كلها لنعميه على الناس لا ينبشونه، فقلت: ما كانوا يرجون منه؟ قال: كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره، فيمطرون، فقلت: من كنتم تظنون الرجل؟ قال: رجل يقال له: دانيال.) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد إيراد هذه القصة في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم: (ففي هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار من تعمية قبره لئلا يفتن به الناس وهو إنكار منهم لذلك.)
وهذا مقيد بأن لا يترتب على هذا العمل مفسدة أكبر من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1423(11/12966)
حالات جواز نبش القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الأرض التي يكتشف مالكوها أثناء حفرهم بغرض البناء أنها كانت في يوم من الأيام مقبرة ليست ذات معلم وليست بالكثيرة، وواصلوا البناء بعد نقل ما واجههم من عظام، وهل هم آثمون وماذا يلزمهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل هو عدم جواز نبش القبر، لما في ذلك من الانتهاك لحرمة الميت التي يجب أن تحفظ وتصان عن الامتهان، إلا أن أهل العلم قد أجازوا ذلك في حالتين: حالة لضرورة، وحالة ما إذا لم يبق للميت أثر من عظم أو نحوه، وقد سبق ذلك في الفتوى تحت الرقم:
10802.
وبما أن هذا الأمر المسؤول عنه قد تم ووقع، وهو لا يندرج تحت حالة الضرورة، ولا الحالة الثانية، فإن الواجب على من فعل ذلك التوبة إلى الله تعالى ورد عظام الأموات إلى أماكنها وعدم البناء في المكان المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1423(11/12967)
اللعب بين القبور ينافي الآداب الشرعية والاتعاظ
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم لعب كرة القدم فوق القبور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على زيارة القبور لحكمة عظيمة وهي: أن يتذكر العبد الدار التي ينتقل إليها، ويتعظ بحال أهل القبور الذين قد أفضوا إلى ما قدموا من عمل.
فمنهم من قبره روضة من رياض الجنة، ومنهم من قبره حفرة من حفر النيران.
ونهى الشرع عن إيذاء أهل القبور بالجلوس على القبور أوالاتكاء عليها، وإلى كراهة ذلك ذهب أكثر العلماء، قال الإمام النووي في المجموع: (قد ذكرنا أن ذلك مكروه عندنا، وبه قال جمهور العلماء منهم: النخعي والليث وأبو حنيفة وأحمد وداود وقال مالك: لا يكره.)
أما لعب الكرة فينافي الآداب الشرعية لزيارة القبور، وينافي أيضاً الحكمة التي من أجلها حث الشرع على زيارة القبور، وهو داخل من باب أولى في النهي عن الجلوس على القبور والاتكاء عليها.
ولذا فعلى من يفعل ذلك أن يكف عنه في المستقبل، ويستغفر الله مما فعل في الماضي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1423(11/12968)
حكم لعب الكرة بجوار القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[نلعب الكرة في ملعب مجاور للمقابر ولكننا سمعنا أنه انتهاك لحرمة المقابر, فما صحة هذا الكلام علما بأنه من الممكن أن تطير الكرة داخل المقابر؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمقابر لها حرمة عظيمة، ويجب على المسلم أن يحترم ساكنيها، ولذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المشي بالنعال بين القبور، كما في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره عن بشير مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: " ... ثم حانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرة، فإذا رجل يمشي في القبور عليه نعلان، فقال: يا صاحب السبتيتين ويحك ألق سبتيتيك، فنظر الرجل فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلعهما فرمى بهما."
كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبور، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر. " رواه أحمد ومسلم وأبو داود وغيرهم.
ومما لا شك فيه أن لعب الكرة بجوار المقابر، وما ينتج عنه من سقوطها داخلها وذهاب اللاعبين لأخذها كل ذلك فيه انتهاك لحرمة هذه القبور.
ولهذا ننصح الأخ السائل أن يجتنب هو ومن معه لعب الكرة بجوار القبور حرصاً منهم على عدم انتهاك حرمتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(11/12969)
حكم نبش القبر وسرقة الميت منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم من يأخذ جثث الموتى لتشريحها بقصد التعليم؟
وماحكم من يسرقها من القبور؟ وماحكم من يشتريها؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم تشريح الموتى بقصد التعليم في الفتوى رقم 6777.
أما عن نبش القبر وإخراج الميت منه فلا يجوز، لما تقرر من أن الاعتداء على الميت مثل الاعتداء على الحي، وذلك لحرمة المسلم حياً وميتاً، ودليل هذا ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كسر عظم الميت ككسر عظم الحي " رواه أبو داود.
وإذا كان أكثر أهل العلم يقولون بأن عقوبة النباش الذي يسرق أكفان الميت هي القطع، فما بالك بمن يسرق الميت نفسه، لا شك أن من يفعل ذلك قد خالف الشرع والطبع وأثم إثماً كبيراً.
أما بشأن ما سألت عنه من بيع الجثث فالجواب عنه أنه لا يجوز، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم 4388
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1423(11/12970)
كيف يفعل من اكتشف أن بيته فوق قبور غير بالية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله فضيلة الشيخ:
أسكن في حي مبني على مقبرة إسلامية واكتشفنا مؤخرا عند حفر قنوات للغاز أن الجثث مازالت موجودة في الحي ونقلت الجثث التي وجدت عند الحفر إلى مقبرة حديثة وأعيد دفنها باحترام.
والآن نحن نسألكم جزاكم الله خيرا في حكم حياتنا اليومية على هذه المقبرة ونحن لا نملك سكنا آخر بعيدا عن هذه المقبرة. أفتونا جزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز إهانة القبور بأي شكل من أشكال الإهانة ومن ذلك البناء والمشي والجلوس عليها، قال صلى الله عليه وسلم: لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه حتى تخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر. رواه مسلم.
ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يمشي بين القبور بنعليه قال: يا صاحب السبتيتين ألقهما. رواه أبو دواد.
فالواجب هو إكرام مقابر المسلمين واحترامها، ولا يجوز البناء عليها أو الانتفاع بها ما لم تبل جثث الأموات بلاء تاماً، وقد تقدمت التفاصيل عن هذا في الفتوى رقم:
19135.
فالواجب عليكم الآن هو التوبة مما فعلتموه، والتحول عن القبور إن استطعتم، فإن كان التحول متعذراً فتحاشوا إهانة القبور ما استطعتم ولا بأس حينئذ في نبش ما لا يمكن الاحتراز منه من هذه القبور، وتحويلها إلى مقابر المسلمين، وذلك من باب الأخذ بأخف الضررين، فإن نبش القبور وتحويلها أخف من الإهانة الدائمة لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(11/12971)
هل يجوز نبش المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوزالبناء فوق مقبرة قديمة لغرض استثمارها تجاريا لصالح مسجد تتبع له المقبرة علما بأن هناك مقبرة جديدة بديلة للمقبرة القديمة ودخل أوقاف المسجد لايكفي مصاريفه. جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز نبش القبور لغير سبب شرعي إلا إذا وجدت ضرورة لذلك فيجوز، لا سيما إذا كانت بالية، وتفصيل القول في هذه المسألة تقدم مستوفى في الفتوى رقم:
10802 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(11/12972)
حكم نبش مقبرة لبناء مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في نبش مقابر أهل البلدة وبناء مسجد عليها تقام فيه الصلاة فما حكم الصلاة فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت القبور بليت وصارت تراباً فيجوز الانتفاع بالمقبرة بالبناء والزراعة وسائر وجوه الانتفاع، ومنه بناء مسجد عليها.
وإن كانت لم تبل، وبقي للموتى أثر من عظم أو غيره، فلا يجوز نبشها لغير سبب شرعي، فإن نبشوها لبناء مسجد لا يوجد له مكان غير المقبرة فلا حرج في ذلك، وتصح الصلاة فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(11/12973)
جواز الانتفاع بالمقبرة المندرسة بناء وزراعة
[السُّؤَالُ]
ـ[يسأل أحد المسؤولين عن البلدية في دولة عربية ويقول:
سيدي أدام الله فضلكم، ما رأي الإسلام في البناء على أرض كانت قبل مائة سنة تقريباً مقبرة للمسلمين، ولم يجر الدفن خلال هذه الفترة تقريباً على رأي السادة الأحناف في كتبهم المعتبرة مع بيان المرجع بالمجلد والصفحة حتى تكون هذه الفتوى سنداً قوياً في هذا الموضوع، وشكر الله سعيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور العلماء على أنه يجوز الانتفاع بالقبور المندرسة، وهي التي بلي فيها الأموات ولم يبق لهم أثر، وقد اختلفوا في أوجه الانتفاع، فذهب المالكية إلى أنه ينتفع بها في دفن الموتى فقط، وأجاز بعضهم بناء المسجد فيها، ومنعوا وجوه الانتفاع الأخرى، قال صاحب فتح الجليل شرح مختصر خليل: (ولا ينبش ما دام به ... أي في القبر، فإن تحقق أو ظن أنه لم يبق شيء محسوس من الميت فيجوز نبشه للدفن فيه فقط، لا زراعته ولا بناء دار) انتهى.
وقال صاحب الشرح الصغير: (إذا علم أن الأرض أكلته ولم يبق منه شيء من عظام فإنه ينبش، لكن للدفن أو اتخاذ محلها مسجداً لا للزرع والبناء) .
وذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى جواز الانتفاع بها في الدفن والحرث والزرع والبناء وسائر وجوه الانتفاع، قال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار على الدر المختار ج/3 ص/138-139: (وقال الزيلعي: ولو بلي الميت وصار تراباً جاز دفن غيره في قبره وزرعه والبناء عليه، قال في الإمداد: ويخالفه ما في التتارخانية إذا صار الميت تراباً في القبر يكره دفن غيره في قبره، لأن الحرمة باقية ... قلت -القائل ابن عابدين- لكن في هذا مشقة عظيمة، فالأولى إناطة الجواز بالبلى؛ إذ لا يمكن أن يعد لكل ميت قبر لا يدفن فيه غيره، وإن صار الأول تراباً، لا سيما في الأمصار الكبيرة الجامعة، وإلا لزم أن تعم القبور السهل والوعر على أن المنع من الحفر إلى أن يبقى عظم عسر جداً، وإن أمكن ذلك لبعض الناس لكن الكلام في جعله حكماً عاماً لكل أحد فتأمل)
والكلام الذي نقله عن عثمان بن الزيلعي مذكور في كتابه تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، وقال العيني الحنفي في البناية في شرح الهداية في ج/3 ص/295: (ولو بلي الميت وصار تراباً يجوز دفن غيره في قبره وزرعه والبناء فيه وسائر الانتفاعات به) انتهى.
وقال النووي الشافعي في المجموع: (وأما نبش القبر فلا يجوز لغير سبب شرعي باتفاق الأصحاب، ويجوز بالأسباب الشرعية كنحو ما سبق، ومختصره أنه يجوز نبش القبر إذا بلي الميت وصار تراباً وحينئذ يجوز دفن غيره فيه، ويجوز زرع تلك الأرض وبناؤها وسائر وجوه الانتفاع والتصرف فيها باتفاق الأصحاب، وإن كانت عارية رجع فيها المعير، وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم ولا غيره، قال أصحابنا رحمهم الله: ويختلف ذلك باختلاف البلاد والأرض ويعتمد فيه قول أهل الخبرة بها) انتهى
وقال المرداوي الحنبلي في كتابه الإنصاف: (متى علم أن الميت صار تراباً قال في الفروع: ومرادهم ظن أنه صار تراباً، ولهذا ذكر غير واحد يعمل بقول أهل الخبرة، فالصحيح من المذهب أنه يجوز دفن غيره فيه، نقل أبو المعالي جاز الدفن والزراعة وغير ذلك، ومراده إذا لم يخالف شرط واقفه لتعيينه الجهة وقيل لا يجوز) انتهى.
وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني: (وإن بلي الميت وعاد تراباً فلصاحب الأرض أخذها) انتهى.
والحاصل من جميع ما تقدم هو أن جواز الانتفاع بالمقبرة المندرسة بناءً وزراعة وغير ذلك من وجوه الانتفاع هو الراجح، وهو مذهب الجمهور ومنهم الحنفية، وهذا كله إذا لم تكن الأرض موقوفة، أما إذا كانت الأرض موقوفة فلا يجوز الانتفاع بها إلا على شرط الواقف.
أما إذا بقي للأموات أثر من عظم أو غيره فلا يجوز نبش قبورهم للبناء -ولو مرت عليها مئات السنين- فالتنظيم العمراني من الكماليات وليس من الضروريات المجيزة لنبش قبور لا تزال فيها آثار للأموات، فحرمة الميت كحرمة الحي، فقد أخرج أبو داود وابن ماجه وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن كسر عظم المؤمن ميتاً مثل كسره حياً) بل إن ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر قد عد ذلك من الكبائر، فعلى المؤمنين الأحياء أن ينظموا أمورهم وحياتهم بما ليس فيه أذية موتاهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(11/12974)
يحرم إحراق الأموات أو كسر عظامهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ماحكم تحريق الأموات بعد مضي عدة سنين على دفنها؟ ... ... ... وجزاكم الله تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فروى ابن ماجه وأبو داود وابن حبان في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كسر عظم الميت ككسره حيا". فإذا كان كسر عظامه ميتاً بمثابة كسرها حياً فهذا يعني أن إحراقها بعد موته بمثابة إحراقها وهو حي، وهذا التشبيه كاف في الزجر عن مثل هذا الفعل والتشنيع على مرتكبه، فكسر عظام الحي يعنى قتله والله جلّ علا يقول (ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً) [النساء: 93] . فالإقدام على إحراق جثث القتلى ولو مضت عليها قرون يعتبر من أعظم المنكرات وأبشع الجرائم، وإذا كان أهل العلم قد نصوا على منع الجلوس على القبر والمشي فوقه فما بالك بنبشه وحرق جثة صاحبه. نعم إذا كانت القبور قبور قوم مشركين ودعت الحاجة إلى نبشها فلا حرج في ذلك إن شاء الله، فقد نبش النبي صلى الله عليه وسلم قبور قوم مشركين وبنى في موضعها مسجده في المدينة. كما رواه البخاري وغيره. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12975)
نبش القبر هل يغير من حال صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: ماذا يحصل عندما ينبش قبر شخص مؤمن أو كافر؟ فهل يتوقف عذاب القبر أو نعيمه؟ وماذا لو لم يدفن الشخص أصلا أو دفن مع المسلم شخص كافر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه السائل الكريم إلى الحياة البرزخية حياة خاصة تختلف عن الحياة الدنيوية وعن الحياة الأخروية وليس لنا من حقيقتها إلا ما جاء في نصوص الوحي ومن ذلك عذاب القبر ونعيمه، وقد بينا ذلك بالأدلة في الفتوى: 79897، وما أحيل عليه فيها.
ونبش القبر أو تركه أو عدم دفن الميت أصلا لا يغير شيئا من حال صاحبه ولا يقطع عنه النعيم إذا كان سعيدا ولا العذاب إذا كان شقيا، فالله تعالى قادر على كل شيء وعلى أن يوصل إليه ما يستحق من الرحمة أو العذاب على أي حال كان، فقد روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره الموت قال لبنيه إذا أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا، فلما مات فعل به ذلك فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك منه ففعلت فإذا هو قائم فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال ـ يا رب ـ خشيتك، فغفر له.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين رقم: 10565، ورقم: 127065.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(11/12976)
خروج النمل من القبر عند التلاوة هل له في الشرع ما يفسره
[السُّؤَالُ]
ـ[تفسير خروج النمل من القبر (من طرف الشاهد) عند قراءة القرآن بشكل أفواج واختفاءه عند الانتهاء من القراءة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عندنا شيء في تفسير ما ذكر في السؤال، ونفيدكم أنه يتعين حسن الظن بالموتى المسلمين والترحم عليهم والاستغفار لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1430(11/12977)
من وجد قبرا وهو يحفر في مكان غير مخصص للدفن
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص قام بحفر بئر في أرض زراعية وفي أثناء الحفر وجد قبرا، وهذا المكان لم يكن مخصصا للمقابر، هل يترك المكان؟ أم يقوم بنقل القبر إلى مكان آخر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان جسد الميت لا يزال موجودا بالقبر فعليك أن تتركه ولا تنقله لمكان آخر، لأن القبر حبس على الميت لا ينبش ولا يمشى عليه ما دام الميت موجودا به، كما نص عليه أهل العلم، وراجع في ذلك شروح مختصر خليل.
وأما إن كان جسد الميت قد بلي فيجوز استخدام القبر لدفن ميت آخر، ومنعه المالكية في الزراعة، كما قال الحطاب، وأجازه كثير من أهل العلم، كما بينه النووي والزيلعي وغيرهما، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 19135، 51706، 109834، 121218.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1430(11/12978)
حكم وضع شيء من الرخام على القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي منذ فترة، ووالدتي من شدة حبها له تريد أن تجعل فوق حدود القبر قشرة من الرخام، فهل نطيعها في هذا الأمر وننفذه أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بوضع الرخام على القبر هو تزيينه فإن هذا ممنوع شرعا، وإن كان المقصود صيانته أو للاستدلال عليه فلا بأس وراجع الفتوى رقم: 106128.
وعلى الاحتمال الأول فلا يجوز لك طاعة والدتك في تنفيذ ذلك؛ فإنه ليس من برها في شيء؛ وإنما البر يكون بطاعتها في المعروف؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
وعليك أن تنصح والدتك بأدب ورفق ولين، وتبين لها أن ذلك غير جائز؛ للنهي عن تجصيص القبور ونحو ذلك من أمثلة المغالاة فيها، والتي لا ينتفع الميت منها بشيء، وإنما هي مخالفة للسنة وإضاعة للمال. وأما الذي ينفع الإنسان فإنما هو العمل الصالح.
ويمكن لأمك توجيه حبها الشديد لزوجها في الدعاء والاستغفار له، والتصدق عنه. فمثلا لو تصدقت عنه بثمن هذا الرخام لكان أنفع له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(11/12979)
حكم نبش قبور الفراعنة
[السُّؤَالُ]
ـ[نبش قبور قدماء المصريين (الفراعنة) وكشف وجوه الموتى بحجة معرفة تاريخ الأسر الفرعونية وما إلى ذلك ... والإعلان عن اكتشاف مقبرة فرعونية وإخراج ما فيها من أجساد الموتى بل وعرضهم فى المتاحف!! هل هذا حرام أم حلال، فأفتونا جزاكم الله خيراً؟ مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في المشرك أنه يجوز نبش قبره، إن كان قد اندرس ولم يبق له أثر، لأنه لا حرمة له، فقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم: أمر بقبور المشركين فنبشت، عندما أراد بناء المسجد. وقال الحافظ ابن حجر بعد كلامه على قول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. وأما الكفرة فلا حرج في نبش قبورهم..اهـ
وأما المسلم فإنه لا يجوز نبش قبره إلا في حالتين: الأولى: عند الضرورة أو تحقيق مصلحة راجحة. والثانية: إذا بليت القبور بحيث لم يبق لحم ولا عظم.
وقال صاحب الإقناع: ويجوز نبش القبر لغرض صحيح كتحسين كفنه ... اهـ وإفراده عمن دفن معه، والدليل على هذا قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: دفن مع أبي رجل فلم تطب نفسي حتى أخرجته فجعلته في قبر على حدة. رواه البخاري وغيره..
وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: وأما نبش القبر فلا يجوز لغير سبب شرعي باتفاق الأصحاب، ويجوز بالأسباب الشرعية كنحو ما سبق، ومختصره أنه يجوز نبش القبر إذا بلي وصار تراباً، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه، ويجوز زرع تلك الأرض، وسائر وجوه الانتفاع ... إلى أن قال: وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره، إلا أنه إذا دعت ضرورة لإدخال ميت على آخر قبل بلاء الأول جاز.
وأما نبش قبور الفراعنة فإنا لا نرى جوازه لما يحصل من تعظيم الكفرة عند كثير من العوام واعتزاز البعض بالانتساب إليهم، ولأن الأصل هو البعد عن إتيان مقابر المشركين لغير الاتعاظ بهم، فهذه المقابر ربما تحتوي على قبور كفار يعذبون.. وما كان كذلك فلا يجوز الدخول إليه إلا على جهة الاتعاظ والاعتبار، ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين، حذراً أن يصيبكم مثل ما أصابهم، ثم زجر فأسرع حتى خلفها. وفي رواية البخاري: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم.
فإذا كان المسلم منهياً عن دخول مساكنهم إلا على جهة الاعتبار، فكيف بدخول مقابرهم؟ ولذا استدل أهل العلم بهذا الحديث على تحريم أو كراهة طلب الكنوز في قبور الكفار، قال الإمام القرافي في الذخيرة: وكره مالك طلب الكنوز في قبور الجاهلية لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا وأنتم باكون، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، أو خشية مصادفة قبر نبي أو رجل صالح.
وقال الإمام النووي في المجموع: (فرع) في نبش قبور الكفار لطلب المال المدفون معهم، قال القاضي عياض في شرح صحيح مسلم: اختلف العلماء في ذلك فكرهه مالك وأجازه أصحابه، قال: واختلف في علة كراهته فقيل: مخافة نزول عذاب عليهم وسخط لأنها مواضع العذاب والسخط، وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن دخول ديار المعذبين، وهم ثمود -أصحاب الحجر- خشية أن يصيب الداخل ما أصابهم، قال: إلا أن تكونوا باكين، فمن دخلها لطلب الدنيا فهو ضد ذلك، وقيل: مخافة أن يصادف قبر نبي أو صالح بينهم.
وقال الإمام أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء: وقال الأوزاعي: لا يفعل -أي نبش قبور الكفار طلباً للمال- لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر سجا ثوبه على رأسه واستحث راحلته ثم قال: لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تدخلوها وأنتم باكون مخافة أن يصيبكم ما أصابهم، فقد نهى أن يدخلوها عليهم وهي بيوتهم، فكيف يدخلون قبورهم، فهذه النقول تبين أن أهل العلم لم يخصصوا النهي في الحديث بمساكن ثمود أو نحوهم ممن استؤصلوا بعذاب في الدنيا، بل عمموا النهي في كل مواضع العذاب، سواء كان عذاباً دنيوياً أو برزخياً. انتهى..
وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22870، 18004، 19135، 44148، 108714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(11/12980)
موت العطشان هل له علاقة بما يحدث في القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يموت الانسان وهو عطشان هل هناك علاقة لذلك به في قبره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا علاقة لموت العطشان بما يحصل في القبر، فمن كان من أهل الطاعة والاستقامة لا يضره إذا مات عطشان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(11/12981)
حكم غرس الأشجار في المقابر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الاستفادة من جثة الحيوانات, سواء كانت الجثة جثة الشياه، أو جثة الخنازير، مثلا بأن توضع تحت شجرة الجوز أو النخيل؟ وأيضا الناس عندنا يغرسون الشتلات على جوانب المقابر, وعندما تثمر الشجرة يأكل المارون بدون مقابل. ماحكم أكل مثل هذه الفاكهة؟ وما حكم غرس الشجرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فميتة الحيوان من النجاسات، ونجاستها نجاسة عينية عند الفقهاء: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة. وحكى الرازي الإجماع على نجاستها. فتسميد الأرض بها له حكم التسميد بالنجاسة، وهذا محل خلاف بين العلماء، فذهب المالكية والشافعية إلى أن من الطاهر الزرع الذي سقي بنجس، أو نبت من بذر نجس، وظاهره نجس فيغسل قبل أكله، وإذا سنبل فحباته الخارجة طاهرة قطعا ولا حاجة إلى غسلها، وهكذا القثاء والخيار وشبيههما يكون طاهرا ولا حاجة إلى غسله، واستثنى الشافعية روث الكلب والخنزير فلم يجيزوا التسميد بأي منهما.
وذهب الحنفية إلى أنه يجوز التسميد بالنجاسات، والزروع المسقية بالنجاسات لا تحرم ولا تكره.
وظاهر مذهب الحنابلة تحرم الزروع والثمار التي سقيت بالنجاسات أو سمدت بها؛ لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنا نكري أراضي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشترط عليهم أن لا يدملوها بعذرة الناس. ولأنه تترك أجزاء النبات بالنجاسة، والاستحالة لا تطهر النجس عندهم.
وقال ابن عقيل: يحتمل أن يكره ذلك ولا يحرم، ولا يحكم بتنجيسها لأن النجاسة تستحيل في باطنها فتطهر بالاستحالة كالدم يستحيل في أعضاء الحيوان لحما ويصير لبنا، وكان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يدمل أرضه بالعرة ويقول: مكتل عرة مكتل برة. والعرة عذرة الناس. انتهى.
وقد سبق في الفتوى رقم: 40327، ترجيح أن السماد النجس يجوز استخدامه مع الكراهة. وثمر الشجر النابت بين المقابر فيه شبه ـ عند بعض أهل العلم ـ بالزرع المسمد بالنجس.
قال ابن مفلح في الفروع: كَرِهَ أحمد مَاءُ بِئْرٍ بين الْقُبُورِ وَشَوْكَهَا وَبَقْلَهَا. قال ابن عَقِيلٍ: كما سُمِّدَ بِنَجَسٍ وَالْجَلَّالَةَ. انتهى.
ونقله عن الفروع البهوتي في شرح منتهى الإرادات، والرحيباني في مطالب أولي النهى، وابن ضويان في منار السبيل.
على أنه يجدر التنبيه على أن أهل العلم قد اختلفوا في ميتة الآدمي، والمعتمد عند الجمهور خلافا للحنفية أنها طاهرة سواء كان كافراً أو مسلما، وهذا ما رجحه الأستاذ الدكتور خالد بن علي المشيقح في: فقه النوازل في العبادات.
وأما مسألة غرس الأشجار في المقابر فإن كان ذلك بغرض الزينة والتجميل فهذا يخرج المقابر عن الغرض الذي شرعت زيارتها من أجله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: زوروا القبور فإنها تذكر الموت. رواه مسلم.
قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: المقبرة دور الأموات ليست دوراً للأحياء حتى تزين وتشيد ويصب عليها الإسمنت، ويكتب عليها الكلمات الرثائية والتأبينية، وإنما هي دار أموات يجب أن تبقى على ما هي عليه حتى يتعظ بها من يمر بها، وقد ثبت في الصحيح من حديث بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة. وإذا فتحنا الباب للناس ليقوموا بتزيين القبور وتشيدها والكتابة عليها صارت المقابر محلاً للمباهاة ولم تكن موضع اعتبارٍ للأحياء. انتهى.
ولذلك نص بعض أهل العلم على بطلان الوقف لتزيين المقابر. قال الشوكاني في الدراري المضية: الوقف على القبور لرفع سمكها أو تزيينها أو فعل ما يجلب على من يراها الفتنة باطل. انتهى.
وأما إن كان هذا الغرس بغرض نفع الناس بالظل أو الثمر، فهذا وإن لم يرد في القرآن أو السنة النهي عنه بخصوصه، إلا أن العمل في القرون المفضلة المشهود لها بالخيرية لم يكن على ذلك، مع ما قد يترتب عليه من المشي أو الجلوس على القبور، والاتكاء عليها والاستناد إليها، وهذه أمور منهي عنها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 64447.
والأشد من هذا أن تشجير المقابر أمر معهود عند النصارى ففيه تشبه بهم، قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ في فتاويه: تشجير المقبرة لا يجوز، وفيه تشبه بعمل النصارى الذين يجعلون مقابرهم أشبه ما تكون بالحدائق، فيجب إزالتها وإزالة صنابير الماء التي وضعت لسقيها، ويبقى من الصنابير ما يحتاج إليه للشرب وتليين التربة. انتهى.
وقد سئل الدكتور محمد بن عبد الرحمن الجهني، عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية: هل يجوز زراعة الأشجار والأزهار في المقابر بغية أن يتظلل بها من يزورون المقابر ولكي تأخذ المقبرة رونقًا جميلًا للزائرين؟ فأجاب: تزيين المقابر منهي عنه، فلا يجوز زراعة الأشجار والأزهار فيها لتزيينها، وكذا لا ينبغي زراعتها ليتظلل بها زائرها؛ فإنه لا حاجة شرعية لهذا، والمقابر تزار للعظة والعبرة وتذكر الآخرة، لا للسياحة والترفه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(11/12982)
حكم تسوير القبر ووضع شاهد باسم الميت وتاريخ وفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية جزاكم الله عنا كل خير، وجمعنا وإياكم في جنة الرضوان. أما عن سؤالي ففي ما يلي: توفي والدي رحمه الله منذ شهرين ونصف، وقمنا بدفنه هل يجوز أن نحيط القبر بالآجور، إحاطة فقط حتى يظهر مكانه، والسبب في إقدامنا على ذلك هو أن زوارها لا يحترمون هذا المكان ويدوسون القبور حتى أن بعضها سوي بالأرض، فلا تعرف بأن هذا قبر، ويتركون البهائم والأنعام ترعى في المقبرة. وهل يجوز وضع شاهد باسم والدي وتاريخ ميلاده ووفاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في السنة النهي عن تجصيص القبور ورفعها وتشييدها والبناء عليها. بل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتسويتها، فعن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته. رواه مسلم.
وقال ثمامة بن شفي: كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودس فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوي ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها. رواه مسلم.
فتسوير القبور لا يباح إلا لضرورة، كالمحافظة عليها من الاندراس بسبب السيول ونحوها، بشرط أن يكون ذلك بقدر الحاجة، فإن الضرورة تقدر بقدرها. وراجع الفتوى رقم: 108025، وما أحيل عليه فيها.
والذي نراه أن ما ذكر السائل الكريم ليس بضرورة تبيح البناء، وأنه يكفيه ما ثبت في السنة من تعميق الحفر وإحكام إهالة التراب وصف اللبِن على الميت بحيث لا يصل إليه مكروه. وتسنيم القبر ورفعه قدر شبر فقط، ليعرف أنه قبر، ويرش الماء عليه ليثبت ترابه، وقد سبق بيان ذلك مع بيان صفة القبور في السنة، في الفتوى رقم: 504.
وأما وضع شاهد باسم المتوفى وتاريخ ميلاده ووفاته، فمكروه عند جماهير العلماء، وإنما يباح عندهم وضع حجر ونحوه كعلامة يعرف بها القبر، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين: 45649، 25107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(11/12983)
حكم البناء على القبر وحراسته من المنحرفين والسارقين
[السُّؤَالُ]
ـ[الشكر أولا الى علمائنا المسلمين وكل من يساهم في هذا الموقع المفيد.
في موقع (حلول) على الإنترنت وهو موقع إسلامي بإشراف فضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الأحمد, وأنا أتصفح في الموقع قرأت عن الاضطرابات النفسية وأنواع الانحرافات الجنسية, وعند قراءتي عن انحراف جنسي يسمى جماع الأموات. والعياذ بالله, مكتوب في الموقع أن هذا الانحراف الجنسي أنه من الأكثر الانحرافات ندرة, وهنا يتجه الرجل إلى جماع السيدات بعد وفاتهن ويتفق هؤلاء المنحرفون مع حارس المقابر على هذه العملية, بل وأحيانا ما يقتل المريض ضحيته ثم يجامعها بعد وفاتها, وهذا الانحراف مزيج من السادية والفينيشية والاندفاعية القهرية.
سؤالي: هل يجب علينا نحن المسلمين أن ننبه حراس المقابر على هؤلاء المنحرفين؟ أو عند كل دفن شخص مسلم يجب علينا مراقبة المقبرة وحارسها؟ وهل أصلا لكل المقابر الإسلامية لديها حارس مقبرة؟ أليس من الأفضل والآمن عند دفن المسلم أن نعمق في القبر ونبني فوقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبناء على القبور مما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه. رواه مسلم.
بل لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتسوية القبر المشرف، فعن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته. رواه مسلم.
هذا هو الأصل، فإن وجد ما يدعو للبناء عليه كخشية سرقته أو نبشه جاز ذلك، قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: إن خشي نبش أو حفر سبع أو هدم سيل لم يكره البناء والتجصيص بل قد يجب. انتهى.
وقد سبق بيان ذلك، وأنه لا يجوز البناء على القبور إلا لضرورة، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20280، 44912، 29974، كما سبق بيان الصفة الشرعية للقبور في الفتويين: 504، 562.
وإذا علم ذلك، فلابد من أن تقدر الضرورة بقدرها، ومثل هذه الأمور التي ذكرها السائل لم نكد نسمع عنها في مقابر المسلمين، ولله الحمد، فلا يصح أن نبني على القبور لمجرد التوهم بإمكانية حصول مثل هذه الجرائم، فإن وجدت في مكانٍ ما، وقوي الاحتمال وغلب الظن أن مثل ذلك قد يحدث، أو حصل ذلك بالفعل في مقبرةٍ ما وخشي أهلها من تكراره، جاز عندئذ البناء على القبر بالقدر الذي تحصل به حمايته. وإلا بقي الأصل كما هو.
فمن قواعد الفقه: لا ينقض الأمر المتيقن ثبوتًا أو نفيًا بشك عارض قال الشيخ وليد السعيدان في كتاب تلقيح الأفهام العلية بشرح القواعد الفقهية: هذه من القواعد الخمس الكبرى، وتدخل في غالب أبواب الفقه وبالتحديد تدخل هذه القاعدة في كل فرعٍ يتجاذبه يقين وشك فتسقط الشك وتحكم باليقين ذلك. انتهى.
وكذلك الحال في ما ذكره السائل الكريم في مسألة حراسة المقابر من هؤلاء المنحرفين. فالأصل أنه لا يجب على المسلمين تعيين من يحرس مقابرهم، وعلى أية حال فالأحكام تدور مع عللها وجودا وعدما. والعلة الموجبة للحراسة إن وجدت هي التي تحدد وسيلة تلك الحراسة. فإن كانت ستحرس من قبل مختصين فلا بد أن يكونوا من المؤتمنين الثقات، وينبغي التنبيه عليهم لإدراك خطر هذه الفئة من الناس إن وجدت. وأما مراقبة الحراس أنفسهم فهذا بحسب الواقع وما يظهر من حالهم والأصل في المسلم السلامة حتى يثبت خلافها.
مع العلم أن نبش القبور لسرقة الأكفان والحلي ونحو ذلك كان أمرا معروفا من قديم، والنَبَّاش عند جمهور العلماء يعتبر سارقا تجري عليه أحكام السارقين، فتقطع يده إذا سرق من أكفان الموتى ما يبلغ نصاب السرقة. ويوجد الآن من يسرق جثث الموتى ليبيعها لتشريحها بقصد التعليم، كما سبق في الفتوى رقم: 22325، ومع ذلك لم نجد من أهل العلم من يوجب على المسلمين عموما تعيين حارس لكل مقبرة من مقابرهم.
وينبغي التنبه إلى أن موطن مثل هذا الشذوذ هي الدول الغربية، حيث يعبد كثير منهم الشهوات، وطريقة دفنهم لأمواتهم تساعد على مثل هذه الجرائم، حيث يضعون الميت في تابوت فاخر ولا يدفنونه في الأرض. وأما أهل الإسلام فمع ما في شريعتهم من تزكية للنفوس وترفع عن مثل هذه المحرمات الشاذة، ففيها كذلك حدود وأحكام رادعة، ومن ذلك أن الزوج إذا وطئ زوجته بعد موتها فحكمه في الشرع أنه يؤدب ويعزر، كما نص عليه أهل العلم. وأما إذا لم تكن زوجته فبعد أن اتفقوا على حرمة ذلك، اختلفوا في وجوب حد الزنا عليه، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 50413.
وأما مسألة تعميق القبر فهو مستحب مطلقا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: احفروا وأعمقوا وأحسنوا. رواه النسائي وأبو داود، وصححه الألباني. ولهذا الحديث ذهب الحنابلة على الصحيح من المذهب إلى أنه يسن تعميق القبر وتوسيعه بلا حد، ولأن تعميق القبر أنفى لظهور الرائحة التي تستضر بها الأحياء، وأبعد لقدرة الوحش على نبشه وآكد لستر الميت. وقد سبق ذلك في بعض الفتاوى المحال إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1430(11/12984)
حكم وضع كاميرا في قبر المسلم للاطلاع على عذاب القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من وضع كاميرات في قبور مسلمين لمعرفة عذاب القبر أو مشاهدته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما يتعين على المسلم جعل همه في هداية الأحياء حتى لا ينالهم عذاب القبر، وأن يترحم على الموتى حتى يسلمهم الله منه، وأن يجعل وسيلة الاطلاع على المغيبات نصوص الوحي المحققة، وأن يعمل بما ينجيه من العذاب.
وأما الكاميرا فليس من المتوقع أن تطلعه على حال المقبورين، لأن ذلك من أمور الغيب التي حجبها الله عن الناس في هذه الدنيا.
ولو افترضنا أن الكاميرا أطلعته على شيء من هذا، فإن هذا العمل يكتنفه عدة محاذير منها: التجسس على حال المقبورين المفضي إلى ذكرهم بالسوء، وإيذاء الأحياء، إضافة إلى ما ما ورد من النهي عن ما يظهر في بدن الميت ففي حديث البخاري: لا تسبوا الاموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا. وفي الحديث: إذا مات صاحبكم فدعوه لا تقعوا فيه.
وقد نقل المناوي أنه قال: إذا رأى غاسل الميت ما يعجبه من نحو استنارة وجه، وطيب ريح، سن أن يحدث الناس به، وإن رأى ما يكره كسواد وجه، ونتن ريح، وتغير عضو، حرم عليه أن يحدث به.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 16778، 60710، 110958.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1430(11/12985)
حكوم تحويل قبور المشركين إلى قبور إسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تغيير جثة الكافر بالمسلم في حال تبديل المقبرة من نصرانية إلى إسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم دفن المسلم في قبور المشركين والعكس في الفتوى رقم: 4437، وأما نبش قبور المشركين وجعلها قبوراً للمسلمين فلا حرج فيه، فقد كان في موضع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قبورٌ للمشركين فأمرَ بها فنبشت، قال البخاري في صحيحه باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، قال الحافظ في شرحه: قوله: باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية أي دون غيرها من قبور الأنبياء وأتباعهم لما في ذلك من الإهانة لهم، بخلاف المشركين فإنهم لا حرمة لهم. انتهى.
فإذا جاز أن يُبنى أشرف المساجد بعد المسجد الحرام وهو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في مكان مقبرة للمشركين فأولى بالجواز أن تُجعل قبورهم قبوراً للمسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1430(11/12986)
حكم بناء سور حول المقبرة بمال ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استعمال أموال الربا في تسييج مقبرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من يتعامل بالربا أن يبادر إلى التوبة وترك التعامل به، وأن يتخلص من الأموال الربوية بإنفاقها في مصالح المسلمين، وهي ما يشترك المسلمون فيه كرصف الطرق وإنشاء الجسور وبناء المدارس ودور الأيتام، ونحو ذلك، أو يتصدق بها على الفقراء والمساكين.
فإن كنت تعني بتسييج المقبرة بناء سور حول المقبرة، وكانت هذه المقبرة عامة للمسلمين وفي بناء السور مصلحة كحفظ المقبرة من اللصوص والحيوانات أو نحو ذلك، فلا نرى حرجاً في ذلك.
وننبهك إلى أنه لا يشرع البناء على القبور مطلقاً سواء كان البناء بأجر أو غيره، لما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه.
وروى مسلم أيضاً عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 679، 3098، 3519، 3705، 13176، 14257، 33304.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1429(11/12987)
حكم تحجير القبور ووضع شبابيك حديدية عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تحجير القبور أو وضع شبك حديدي حول القبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بتحجير القبور وضع الحجارة عليها وتسنيمها فإنه لا شيء في ذلك، وإن كان المقصود به البناء على القبور أو تسويرها ووضع الشبابيك الحديدية عليها. فإن ذلك من البدع المنهي عنها شرعا؛ فلم يكن النبي- صلى الله عليه وسلم-وصحابته ومن تبعهم من السلف الصالح يفعلون ذلك بقبورهم؛ بل صح نهيه صلى الله عليه وسلم- عن تجصيص القبور ورفعها أو تشييدها والبناء عليها.
وسبق بيان ذلك بالتفصيل وبيان كيفية الدفن في الفتويين: 14138، 108025. وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1429(11/12988)
حكم كتابة جمل من الكتب السابقة على القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وضع الرخام على المقابر وهل على الخطاط الذي يكتب هذا الرخام بناء على طلب أهل المتوفى شيء هذا بالنسبه للمسلمين، أما بالنسبه لرخام النصارى فأحيانا يأتينى رخام يكتب عليه الآتي (طوبى لمن اخترته وقبلته يارب ليسكن فى ديارك إلى الأبد) مقابر فلان الفلاني إلى غير ذلك من جمل الإنجيل المحرف فأرجو الرد بسرعة والإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكتابة على القبر وعلى العلامة الموضوعة عليه مكروهة عند جماهير العلماء، خلافاً لأبي حنيفة لما رواه عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب على القبر شيء. رواه النسائي والترمذي، وقال: حسن صحيح. وابن ماجه واللفظ له. وصححه الألباني..
ويزداد الأمر حرجاً ونكارة إذا كان ضمن المكتوب على القبر شيء من القرآن المجيد، فقد صرح جماعة من أهل العلم بحرمة ذلك، وبحرمة بيع هذا الرخام المنقوش بالآيات، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 97500.
وإذا كان هذا الرخام ضمن بناء على القبر فهو حرام أيضاً، وقد سبق بيان أنه لا يشرع البناء على القبور مطلقاً في الفتوى رقم: 33304، وانظر للفائدة أكثر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45649، 25107، 106128.
فإذا كان هذا هو شأن الكتابة على قبور المسلمين، فكيف بالكتابة على قبور غيرهم، وهي محل السخط والعذاب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
ولا شك أن مضمون ما ذكره السائل مما يكتب لهم من التزكية، يناقض هذا الحديث الشريف فتكون كتابته من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
ثم إن الإجارة لا تجوز على كتابة شيء من الكتب المحرفة عند أهل الكتاب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أما مذهب أحمد في الإجارة لعمل ناقوس ونحوه فقال الآمدي: لا يجوز، رواية واحدة لأن المنفعة المعقود عليها محرمة. وكذلك الإجارة لبناء كنيسة أو بيعة أو صومعة كالإجارة لكتب كتبهم المحرفة. اقتضاء الصراط.. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 1723، والفتوى رقم: 29125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1429(11/12989)
كيفية حفر قبر المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يحفر قبر المرأة، فهل هو يختلف عن الرجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قبر المرأة يحفر كما يحفر قبر الرجل، فقبور المسلمين رجالاً كانوا أو نساء لا فرق بينها، وسبق أن بينا كيفة حفر القبر بنوعية اللحد والشق وكيفية الدفن والسنة في ذلك في الفتوى رقم: 504، والفتوى رقم: 562 فنرجو أن تطلع عليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1429(11/12990)
هل يتكرر حساب الموتى إذا نبشت قبورهم
[السُّؤَالُ]
ـ[عند تطهير (نظافة) القبر من عظام المتوفى. هل عند خروجها ودخولها إلى القبر مرة أخرى هل يتم إعادة الحساب مرة أخرى؟ أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز نبش قبور الموتى لغير سبب شرعي مثل ما أسميته بنظافة القبر. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6779، والفتوى رقم: 22870،. ولا يختلف الحال من حساب الموتى إذا نبشت قبورهم عن حال غيرهم من الموتى فالحساب في الجميع واحد لا يتكرر بسبب النبش. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 94331، 4314، 57977.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1429(11/12991)
صعوبة حفر القبر هل تدل على سوء منزلة الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[حين يحفر للميت القبر إذا عثر على حجر صلب يجعل هذا الحفر صعبا جداً فهل هذا يدل على أن هذا الميت ذا مقام سيئ عند الله فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فوجود صعوبة في حفر قبر الميت ليس دليلاً على سوء مكانته عند الله تعالى، بل قد يكون الأمر ناتجاً عن اختيار مكان يصعب الحفر فيه لوجود حجارة ونحوها، ولا علاقة لذلك بحالة الميت من سعادة أو شقاوة، ولا نعلم من الشريعة ما يفيد خلاف ما قلناه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(11/12992)
حكم بناء سور حول القبر للتعرف عليه وحمايته من السيول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بناء سور حديد بعلو شبر حول القبر للتعرف عليه وحفظه من السيول، السور عبارة عن أعمدة عمودية عديدة متصلة مع بعضها بـ 4 عارضات حديدية أفقية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاءت السنة الصحيحة بالنهي عن تجصيص القبور ورفعها أو تشييدها والبناء عليها، والعلة في ذلك خشية الافتتان بأهلها والوقوع في الشرك بالغلو فيهم وصرف العبادة لهم، كما فعل اليهود والنصارى من قبل وكما وقع من بعض المسلمين في زماننا، وأيضاً لما في ذلك من إضاعة المال فيما لا فائدة فيه، روى الجماعة إلا البخاري أن عليا رضي الله عنه بعث أبا الهياج الأسدي وقال: ألا أبعثك على ما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.
لكن إن احتيج إلى تسوير القبور لحمايتها من السباع أو للمحافظة عليها من الإندراس بسبب السيول أو غيرها فلا حرج في ذلك بشرط أن يكون بقدر الضرورة أو الحاجة، لأن الضرورة تقدر بقدرها، فإن كان الضرر المتوقع يندفع بسور بعلو شبر وجب الاقتصار وعدم الزيادة على ذلك، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24626، 11174، 14138، 504.
وأما الرفع لمجرد التعرف على القبر فلا يشرع بل يشمله عموم النهي، لأن تعريف القبر يمكن بما دون ذلك، فإن حصل هذا القصد تبعاً لغرض حماية القبر من السيول ونحوها فلا حرج إن شاء الله تعالى لأنه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(11/12993)
حكم أخذ التراب من القبر وقراءة القرآن عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأخذ من تراب قبر شخص عزيز عليك، وقراءة القرآن على قبره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخذ تراب القبر للتبرك محرم شرعاً، كما قال الناظم:
نقل تراب القبر للتبرك * أمر حرام عد عنه واترك.
وأما أخذ قبضة منه عند زيارته دون قصد التبرك والتعظيم فالظاهر جوازه لوروده عن بعض السلف، وأما قراءة القرآن على القبر فراجع فيها الفتوى رقم: 14865.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(11/12994)
إحساس الميت بمن يزوره وسماعه لهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن تفيدوني بجواب شاف وكاف أفادكم الله.
لقد مررت أنا وأهلي بظروف صعبة قبل شهرين تقريبا تعرضنا لحادث سيارة وانقلبت بنا نجاني الله وحفظنا لكن توفي ابن أختي الصغير عمر رحمه الله عمره سنتان فقط سؤالي هنا هل يحس بنا؟ هل يسمعنا إذا رحنا لزيارته بقبره؟ وهل يفتقدنا؟ هل يشعر بالوحدة؟ هل يريد أمه؟
أفيدوني جازاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن الميت يحس بزواره ويسمع كلامهم، وما سوى ذلك من أسئلتك لم يرد له دليل صريح.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسائل المتعلقة بالميت وأحواله في قبره من الأمور الغيبية التي لا يجوز الخوض فيها إلا عند وجود دليل صحيح من القرآن أو السنة.
فأما السؤال عن إحساسه بكم وعن سماعكم إذا رحتم لزيارته فجوابه أنه قد دلت الأحاديث الصحيحة على ذلك، كما في الصحيحين وغيرهما. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وإنما يخاطب من يسمع، وروى ابن عبد البر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام. اهـ.
وأما السؤال عما إذا كان يفتقدكم أو يشعر بالوحدة أو يريد أمه ... فإنا لم نجد لشيء منه دليلا صريحا؛ فلا سبيل إلى الحديث فيه إذاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(11/12995)
بناء القبر على شكل غرفة ودفن أكثر من ميت فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدتنا (صوريف) بفلسطين مقبرة وحيدة بنيت القبور فيها من الإسمنت على شكل غرف صغيرة مرتفعة عن الأرض من نصف متر إلى متر ونصف أحيانا، عندما يموت رجل أو امرأة يتم فتح القبر ورمي عظام الميت السابق في زاوية القبر ودفن الميت مكانه، فتجد في القبر الواحد مجموعة من الأموات. فما هو الشرعي وغير الشرعي في هذه المقبرة؟ مع التذكير مرة أخرى بأن البناء من الإسمنت ويتم فتح القبر على الميت والقبر مرتفع عن الأرض ويتم العبث بعظام الميت. أرجو الإجابة بالتفصيل ومع الأدلة لأنني سأرفع الإجابة إلى البلدية إن شاء الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأصل أن ما ذكرته عن الدفن في بلدتكم لا يجوز في حال الاختيار، وإذا دعت إليه الضرورة ولم يوجد بد منه فلا يكون به بأس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن ما ذكرته من بناء القبور من الإسمنت على شكل غرف صغيرة. وأنه عندما يموت الشخص يفتح القبر وترمى عظام الميت السابق في زاوية، ويدفن الميت الجديد مكانه، إلى أخر ما فصلته ...
نقول إن الأصل في هذا الأمر أنه لا يجوز؛ لحرمة الميت، فقد ورد في الحديث الشريف أن "كسر عظم الميت ككسره حيا " رواه أحمد وأبو داود.
ولأن القبر حبس على الميت لا يجوز نبشه ما دام به صاحبه. قال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى-: والقبر حبس لا يمشى عليه ولا ينبش ما دام به ...
وقال ابن حجر الهيتمي في شرح المنهاج: ويحرم إدخال ميت على آخر، وإن اتحدا قبل بلي جميعه ...
كما أن بناء القبور على النحو المذكور ينافي سنة القبور.
ولكن هذا الأصل الذي ذكرناه إنما ينظر إليه في حال الاختيار، وأما مع التعذر والاضطرار، كأن لا يوجد متسع من الأرض للدفن، أو أن يكثر الموتى بحيث يصعب الحفر لجميعهم أو تخصيص قبر لكل منهم، أو غير ذلك ... فإنه لا حرج في شيء مما ذكر، طالما أنه لم يوجد بد منه.
قال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى- عاطفا على ما يجوز فعله: ... وجمع أموات بقبر لضرورة.
وجاء في الموسوعة الفقهية: الأصل أنه لا يدفن أكثر من ميت في القبر الواحد لأن {النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفن كل ميت في قبر} وعلى هذا استمر فعل الصحابة ومن بعدهم إلا للضرورة. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(11/12996)
حكم وضع الرخام على القبر وإقامة سياج حوله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وضع الرخام على القبر مع إقامة سياج به من الحديد ليحميه من مرور الناس من فوقه يعتبر بدعة وحرام أم أنه لا مانع من ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز البناء على القبور، ويجوز وضع حجر على القبر إذا كان للاستدلال به على مكانه، كما يجوز وضع سياج عليه إذا كان عرضة للمشي عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم البناء على القبور ورفعها وتجصيصها ... وأقوال العلماء في ذلك وأدلتهم على أنه لا يجوز شرعاً في الفتوى رقم: 33304، والفتوى رقم: 25107.
فإن كان قصد السائل الكريم مجرد وضع قطعة من رخام أو حجر أو غيرها على القبر عند رأسه ليستدل بها عليه، فلا مانع من ذلك شرعاً، وربما كان من السنة إذا كان لهذا المقصد وذلك لما رواه أبو داود وغيره: لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً أن يأتيه بحجر فلم يستطع حمله فقام إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسر عن ذراعيه ... ثم حملها فوضعها عند رأسه وقال: أتعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي. قال الشيخ الألباني: حسن.
وإذا كان القبر عرضة للمرور أو المشي عليه، فلا مانع من وضع سياج من حديد عليه لحمايته ومنع المرور عليه، فقد نص أهل العلم على أن حرمة الميت باقية، وأن قبره حبس عليه لا يمشي عليه ولا ينبش ما دام به، ولهذا يمنع من جميع ما يؤذي الحي، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كسر عظم الميت ككسره حياً. رواه أحمد وغيره وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(11/12997)
التباهي بقبور المسلمين بوضع الورود والزينة عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تباهي المسلمين بقبور النصارى على أنها أفضل بالورود والزينة التي تحيط عليها من قبل بعض المسلمين أنفسهم ليس فيه استهزاء لنا قول هذا في حق شريعتنا هذا ما أقصد من سؤالي السابق رقم2162522إلا أنه بدلا من كتابة مقارنتها كتبت اقترانها وليس المراد دفن مسلم بمقابر المسلمين أعرف أنه غير جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصدين بالمتباهي إظهار المسلم أن قبر المسلم أفضل من قبر النصراني عن طريق وضع الزهور والورود فهذا لا يجوز؛ لما فيه من إضاعة المال بغير حق، ولما فيه من التشبه بالكفار، وراجعي الفتوى رقم: 24505، والفتوى رقم: 51862، وأما إن كان المقصود أن بعض ضعاف الإيمان من المسلمين يدَّعون أن قبور النصارى أفضل مغترين بما عليها من الزينة ناسين ما قد يكون أصحابها يعانونه الآن من عذاب القبور وأنواع النكال، فلا شك أنه خطأ كبير يدل على جهل فاعله بمكانة المسلم عند الله، وجهله بمضمون قول الله تعالى: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ْ. {الأنفال55} . ويضاف إلى هذا تعظيمهم الكفار وهو ممنوع، وإفسادهم الأموال وهو ممنوع، ففي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم: نهى عن إضاعة المال ... ، ويضاف إلى هذا أيضا حرمة احتقار المسلم والاستهزاء به وكل ما يفيد تنقصه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(11/12998)
حكم دخول غير المسلم المقبرة لتشييع المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دخول المقبرة لغير المسلم حيث إن المتوفى كان زميل عمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من حضور غير المسلم مقبرة المسلمين لتشييع جنازة قريبه أو زميله المسلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من دخول غير المسلم مقبرة المسلمين لتشييع جنازة المسلم بشرط أن يكون المسلمون هم القائمين على الجنازة، فقد نقل صاحب مواهب الجليل عن ابن القاسم وغيره من علماء المالكية عند قول خليل: ولا يترك مسلم لوليه الكافر. قولهم: وأما مسيره معه ودعاؤه له فلا يمنع منه، ولا مانع من الحضور لغسله أو تكفينه كأن يعاون بإتيان ماء أو نحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1428(11/12999)
الكتابة على القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم كتابه الشعر على القبور وهل هذا حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تنبغي الكتابة على القبور سواء كان المكتوب شعرا أو غيره لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن الكتابة عليها، وانظر حكم الكتابة على القبور في الفتوى رقم: 25107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1428(11/13000)
حكم دخول المقبرة بالنعال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم نزع الحذاء عند دخوله إلى المقبرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل يمشي بين المقابر بنعليه: يا صاحب السبتيتين ألقهما. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه. ولم نقف على أنه صلى الله عليه وسلم خلع نعليه عند الدخول إلى المقبرة، وحمل أهل العلم النهي على الكراهة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إنه ليسمع قرع نعالهم. متفق عليه. وانظر للمزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال أهل العلم عن هذا الموضوع الفتوى رقم: 59369 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1428(11/13001)
حكم الزيادة في تراب المقبرة والأخذ منه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تعديل المقبرة بزيادة ترابها أو برفع ما سقط من ترابها بالرياح أو إصلاح ما أفسدته الأمطار وما إلى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في المقبرة أن تبقى كما هي، ولا يؤخذ من ترابها بل أخذ الموقوف حرام وقد سئل الشهاب الرملي: عمن أخذ تراباً من أرض موقوفة ما يجب عليه؟ فأجاب: بأنه يجب عليه رده إن بقي وإلا فمثله وأرش نقص الأرض ويكون للموقوف عليه. انتهى ويصرف في هذه الحالة لصالح المقبرة وحفظ المقبورين.
وأما التراب الذي سفته الريح مثلاً وليس موقوفاً من الأصل فلا مانع من أخذه لا سيما عند الحاجة، ولا يزاد في ترابها فإن زيد فيه فلا مانع منه إذا لم يترتب على ذلك اعتداء على القبور بالسير عليها ونحو ذلك، ولا تطلب زيادته إلا عند الحاجة كردم ما جرفه السيل منها ونحو ذلك لأن فيه مصلحة وهي حفظ المقبورين، وهذا كله في غير تجصيص القبور، أما تجصيصها فمنهي عنه إلا عند الحاجة، كما بيناه في الفتوى رقم: 57287.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1428(11/13002)
حكم المشي فوق القبور أو المشي بينها بالنعال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في منطقة الجامع الذي فيها وضع فيه قبر، علما بأن الجامع بني قبل القبر فمن هذا الباب لا أصلي في هذا الجامع فأضطر إلى العبور من خلال مقبرة في المدينة إلى جامع آخر فأضطر أحيانا إلى المرور فوق القبور أو قريب من القبر، علما بأني أحاول كل جهدي أن لا أسير فوق القبور، علما بأن مكان عبوري متوسط المقبرة والمقبرة طولها أكثر من 2 كم، فهل علي ذنب إذا كان موضع قدمي فوق أحد القبور أو قريب منه، أفيدونا؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحرم بناء المساجد على القبور، كما يحرم دفن الميت في المسجد، لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. ولما في صحيح مسلم من حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الل هـ. وقد بينا من قبل حكم الصلاة في مسجد فيه قبر، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 48614.
وأما ما ذكرته من اضطرارك إلى العبور من خلال مقبرة المدينة إلى جامع آخر، وأنك تضطر أحياناً إلى المرور فوق القبور أو قريبا من القبر ... فلا شك أن الأولى ترك ذلك لمن أمكنه تركه، لما ذكره بعض أهل العلم من كراهة المشي فوق القبور أو المشي بينها بالنعال، مع أن طائفة من أهل العلم لم يروا فيه بأساً، قال الدردير ممزوجاً بكلام خليل: (والقبر) لغير السقط (حبس لا يمشى عليه) أي يكره حيث كان مسنما والطريق دونه؛ وإلا جاز ولو بنعل.
وفي المجموع للنووي: المشهور في مذهبنا أنه لا يكره المشي في المقابر بالنعلين والخفين ونحوهما، ممن صرح بذلك من أصحابنا الخطابي والعبدري وآخرون، ونقله العبدري عن مذهبنا ومذهب أكثر العلماء، قال أحمد بن حنبل رحمه الله: يكره، وقال صاحب الحاوي: يخلع نعليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(11/13003)
حكم تعليق صور الميت في قبره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن تعلق صور الميت في قبره، ولماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز تعليق صور الموتى عند قبورهم لما يخاف أن يؤدي إليه من الغلو في المصورين والاعتقاد السيء فيهم حتى يفضي ذلك إلى تعظيمهم والغلو فيهم، وفي الصحيحين عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أنها ذكرتا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأينها بأرض الحبشة وذكرنا ما فيها من تصاوير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إ ن هؤلاء إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة.
وراجع للمزيد في الموضوع وفي أحكام الصور وتعليقها على العموم الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17422، 75355، 70390، 12972، 14569، 10888، 47907، 14116، 38168، 15737، 63305، 53751، 66365، 1935، 18277، 10094، 25628، 64400.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1428(11/13004)
حكم زيارة النصب التذكاري للأبطال
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم التَفَكُّر عند الحجر التذكارية للأبطال العسكرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت بقولك: الأحجار التذكارية للأبطال العسكرية، تعني آثار الهالكين المعذبين من كفار الأمم السابقة، فإن الوقوف عند تلك الآثار لا يجوز، بل ولا يجوز دخولها إلا مرورا بها مع الاتصاف بالخشوع والبكاء، حذرا أن يصاب الداخل إليها بمثل ما أصيب به أهلها، مع التفكر والاعتبار في مصيرهم.
وأما زيارتها باعتبار كونها تراثا حضاريا، فهذا مخالف للحالة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصف بها المؤمن في هذا الموقف.
وإن كنت تعني زيارة قبور الأبطال الذين ضحوا لإعلاء كلمة الله، فإن زائر تلك الأماكن ينبغي أن يقتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور، وهديه في الزيارة كما ذكره ابن القيم أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاء لهم والترحم والاستغفار لهم، وهذه هي الزيارة التي سنها لأمته وشرعها لهم وأمرهم أن يقولوا إذا زاروها: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية. رواه مسلم.
مع التنبيه على أنه لا يجوز أن يبنى على القبر لا نصبا ولا صرحا ولا غير ذلك، لما روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1427(11/13005)
حكم إنارة المقابر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إنارة المقابر مع ما في ذلك من حفظ للمقابر من العبث والمتسللين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد الشرع بالنهي عن اتخاذ السرج على القبور، قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز اتخاذ السرج على القبور لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله زوارات القبور، والمتخذات عليهن المساجد والسرج. رواه أبو داود والنسائي ولفظه: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولو أبيح لم يلعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله، ولأن فيه تضييعاً للمال في غير فائدة، وإفراطاً في تعظيم القبور أشبه تعظيم الأصنام. انتهى.
وننبه على أن لفظ (زوارات) لم يرد في سنن أبي داود ولا سنن النسائي، وورد فيهما لفظ (زائرات) وورد الآخر في مسند أحمد وسنن الترمذي وسنن ابن ماجه.
لكن إن كانت هنالك مصحلة شرعية من إنارة القبور كالمصلحة المذكورة بالسؤال وهي حفظها من العبث بها أو فيها ونحو ذلك، ولم يكف كون الإضاءة خارج المقبرة فنرجو أن لا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى، ففي الموسوعة الفقهية الكويتية بعد ذكر عدم الجواز قولهم: فإذا كانت هناك مصلحة ظاهرة تقتضي الإضاءة كدفن الميت ليلا فهو جائز. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1427(11/13006)
حكم نبش القبر لاستخراج خلية نحل منه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج خلية النحل من القبر وإعادته إلى حاله مع العلم أن العسل يوجد داخل القبر؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القبر يحرم نبشه ما دام الميت لم يتأكد من اندراسه، لأن القبر حبس على الميت الذي دفن فيه، فلا يجوز الجلوس عليه، ولا يجوز نبشه صيانة لحرمة الميت وسترا له، ولأن الاعتداء على الميت محرم كما يحرم الاعتداء على الحي ففي حديث أبي داود: كسر عظم الميت ككسر عظم الحي. وقد ثبت النهي عن الجلوس على القبور في الأحاديث النبوية، ومنعه جمهور العلماء، وبناء عليه فإن أي عمل يستدعي الاستعلاء على القبر أو نبشه يتعين تركه إلا لمصلحة تتعلق بالميت، أو بعد التأكد من أكل التراب للميت بجميع أجزائه، والحاصل أنه ينبغي أن يتكسب كسبا يتأكد من مشروعيته وأبواب الكسب المباح كثيرة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 74014، 22325، 32705، 19135، 64447، 57172، 24582.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1427(11/13007)
إزالة النباتات التي في المقابر
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله
يوجد في بلدتي مقابر ينبت فيها بعض الأشواك والنباتات الأخرغ مما يعوق السير بها عند وجود جنازة حيث نمر بهذه الأشواك مما يعرضنا للأذى مع صعوبة اقتلاعها بالأيدى، فما حكم الشرع في من يقوم بحرق هذة الاشواك التي تغطي المقابر علما بأن هذه الأشواك تنبت بكثرة، أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت تلك النباتات والحشائش التي بالمقبرة رطبة فهذه يكره قلعها مطلقا، وإن كانت يابسة فلا مانع من قلعها بشرط أن يكون ذلك بوسيلة لا تؤذي الأموات، فما يؤذي الإنسان حيا يؤذيه ميتا، وراجع الفتوى رقم: 64419، ولا شك أن حرق تلك النباتات بالنار مما يؤذي فيجب البعد عنه، ونصح من يقوم به بالكف عنه وإزالته بوسيلة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1427(11/13008)
حكم نبش القبور القديمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ورث شخص قطعة أرض بها قبر قديم يقال إنه لأحد الأولياء، ويريد أن يقيم عليها مبنى، فهل ينبش القبر وينقل الرفات الى المقبرة أم يزيل معالم القبر ويقيم المبني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن قبر الميت لا يجوز نبشه ولا البناء عليه أو المشي، لما رواه أبو داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كسر عظم الميت ككسره حيا. وقال العلامة النفراوي المالكي: والقبر حبس (يعني على صاحبه) لا يمشى عليه ولا ينبش ما دام فيه إلا لضرورة، فيجب أن تصان قبور الأموات وتحترم ولا يجوز نبشها إلا في حالة الضرورة، أو في حالة ما إذا لم يبق للميت أثر من عظم أو نحوه، وقد اختلف أهل العلم في جواز الانتفاع بالمقبرة الدارسة، فذهب المالكية إلى أنه ينتفع بها في كل ما كان لله كالمسجد، وذهب غيرهم كالجمهور إلى جواز الانتفاع بها بكل أنواع الانتفاع من بناء المساجد والمساكن والزراعة، وسبق بيان ذلك في الفتويين: 10802، 19135، نرجوا أن تطلع عليها لتفاصيل أقوال أهل العلم، ولذلك فإن كان القبر المذكور بقي منه شيء فلا يجوز لك نبشه ولا البناء عليه، أما إذا كان القبر قد اندرس نهائيا ولم يبق للميت أثر فقد علمت مذاهب أهل العلم فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(11/13009)
حكم زراعة شجر الزيتون على القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز زرع شجرة زيتون على قبر ميت وإن كان الميت حيوانا، هذة المرة الثانية التي أبعث فيها هذا السؤال فارجو الرد عليه وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زرع شجر الزيتون أو غيره من الأشجار على القبور، إما أن يكون لقصد التعبد أولا. فإن كان الأول فإن ذلك لا يجوز، لأنه لم يكن من هدي سلف هذه الأمة وأئمتها، فهو بدعة من البدع، وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
وإن كان بقصد استظلال زائري القبور أو غيره من المقاصد الحسنة فلا بأس به، وقد يكون الفاعل مأجورا عليه. وكنا قد أجبنا عن مثل هذا السؤال من قبل، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 20611.
وأما إن كان الميت حيوانا، فإن دفنه ليس معروفا إلا أن يكون لمنع انتشار الأمراض الحيوانية المعدية والوبائية، فلا بأس حينئذ بحرقه أو دفنه. ويكون حكم غرس الأشجار عليه كالحكم المذكور سابقا. أي أنه إن كان للتعبد فهو بدعة حرام. وإن كان لغير ذلك فحكمه بحسب المقصود منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(11/13010)
تعلية القبور التي غمرتها المياه الجوفية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا مقابر وقد غمرتها المياه الجوفية مما أدى إلى تأذى الأموات، فقمنا بعمل أرضية من الإسمنت المسلح وكذلك قمنا بدهان الحوائط وتلبيسها بالإسمنت فهل هذا الأمر شرعي؟ وقال لنا المقاول أنه لابد من تعلية القبر بقدر 30 أو 40 سنتيمتر حتى لا تطوله المياه مرة أخرى بحيث نصل إليه بصعود درجتين سلم نرجو الإفادة عن مدى شرعية هذا العمل مع العلم أنه لا توجد إمكانية لشراء مقابر أخرى حيث إنها غالية السعر جدا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في فعل ما ذكر في السؤال مما هو صيانة للقبور وحفظ لها، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 57287
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(11/13011)
حكم السكن بجوار مقابر الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيم في كندا وساكن في شقة تقابلها مقبرة للشعب الكندي فهل يجوز لي العيش في مثل هكذا المكان أم لا وحيث أن هذا الأمر ليس بإرادتي بل هي شقة من الحكومة. أجيبوني جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا أن يسكن المسلم في مكان تقابله أو تجاوره القبور، وبما أن القبور المذكورة قبور الكفار فينبغي للمسلم ألا يدخلها لأنها أماكن تنزَُل عذاب الله تعالى، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من دخول مساكن الذين ظلموا أنفسهم، فقال صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذرا أن يصيبكم ما أصابهم.. رواه مسلم وغيره. ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 48829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/13012)
حكم بناء خزان على مجموعة مقابر
[السُّؤَالُ]
ـ[اأا مهندس أعمل في السدود والآن نحن بصدد دراسة جدوى لتكلفة خزان ضخم.. وهنالك عدد من المقابر التى ستغمرها مياه النهر بصورة دائمة فهل لا بد من نقل المقابر علما بأنها مجوعة كبيرة من المقابر ربما تصل في مجموعها إلى عشرات الآلاف من القبور ما لا يقل عن مجموع المائة مقبرة ... فهل هنالك فتوى محكمة لإقناع المواطنين بعدم ترحيل هذه المقابر ...
الرجاء الافادة المدعمة بالأدلة والأسانيد لشفاء غليل الكل.... ولكم الجزاء الأوفى.... ودمتم في خدمة الاسلام والمسلمين - تنويه الرجاء الاجابة لهذا السؤال بعينه وعدم التوجيه للرجوع لفتاوى أخرى حتى ولو كانت مشابهة........ علماً بأننا قد قمنا البحث في كتب الصحاح والمراجع الإسلامية وأيضا قمنا بمراجعة كل فتاويكم الحالية على الإنترنت.
وما التوفيق إلا من عند الله ... إنه ولي ذلك والقادر عليه ... الرجاء إذا استطعتم إشراك أكبر عدد من العلماء في هذه الفتوى مع ذكر اسمائهم وذكر الوسيلة للرجوع اليهم عند الحاجة في خصوص هذه المسألة.
وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه القبور قد بليت وصارت ترابا فيجوز الانتفاع بالمقبرة بالبناء والزراعة وسائر وجوه الانتفاع، ومنه بناء هذا الخزان، وراجع للتفصيل ومعرفة أقوال أهل العلم في ذلك الفتوى رقم: 19135، والفتوى رقم: 10802.
وإن كانت لم تبل، وبقي للموتى أثر من عظم أو غيره، فلا يجوز بناء هذا الخزان، مادام سيؤدي إلى غمر القبور بالمياه، لأن حرمة الأموات كحرمة الأحياء، فقد أخرج أبو داود وابن ماجه وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن كسر عظم المؤمن ميتا مثل كسره حيا) ، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: " يستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته" وقال الإمام الطيبي " إشارة إلى أنه لا يهان ميتا كما لا يهان حيا "
وأخرج الحاكم والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لرجل رآه جالسا على قبر: "لا تؤذ صاحب القبر"، قال الصنعاني في شرحه: " نهي عن أذية المقبور من المؤمنين، وأذية المؤمن محرمة بنص القرآن: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} (الأحزاب:58)
وأخرج مسلم في صحيحه: عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر ". وروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " أذى المؤمن في موته كأذاه في حياته "
وعنه أيضا، قال: " لأن أطأ على جمرة أحب إلي من أن أطأ على قبر مسلم ". رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن،
فإذا كان الوطء على القبور والجلوس عليها ممنوعا، وهو أذى عارض، فلأن يمنع الأذى الدائم الناجم من غمر القبور بصورة دائمة من باب أولى،
ومحل ما ذكرنا من عدم الجواز، ما لم تكن هناك ضرورة لبناء هذا الخزان، فإذا كانت هناك ضرورة، فلا حرج في بنائه على أن يتم نقل الموتى من المقابر ـ متى ما أمكن ذلك ـ دفعا للضرر والأذى عنهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1425(11/13013)
الزجر عن السكن في ديار المعذبين
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخنا الكريم أنا طالب أدرس في الهند، حدث وانتقلت إلى بيت جديد منذ حوالي شهرين
وبعد هذا علمت أن بيتي وهو في عمارة ما هو إلا مقبرة للهندوس وأن البيت الذي بجواري هو المكان الذي يتم حرقهم فيه قبل دفنهم وهذا قبل أن يبنى البيتان وليس ذلك ببعيد. وقال لي جاري بعد خروجه من العمارة أنه لا بركة في الأموال ولا يسر في العمل ولا عافية في الصحة وهذا ما حصل مع من أعرف ممن سكن في العمارة وقد طابق ذلك معظم كلامه وأنا أخشى أن يكون المكان مكان عذاب وسخط لا رحمة علما أنني وأصدقائي وجيراني والبيت المجاور وهم من زملاونا في الدراسة لاحظناأمورا وأصواتا غريبة وهذا قبل علمنا، ونحن على أبواب امتحانات.
أفيدونا جزاكم الله كل خير وجعل الجنة مثوانا ومثواكم آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت ما ذكرت فعليكم بالانتقال إلى مكان آخر لأنه مكان تنزل سخط الله تعالى وغضبه، فقد يصاب هؤلاء بقارعة فيشملكم ذلك العقاب، ومن الأدلة على هذا مارواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحِجْر، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذراً أن يصيبكم مثل ما أصابهم، ثم زجر فأسرع حتى خَلَّفها.
وفي رواية البخاري: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: فيه الزجر عن السكن في ديار المعذبين والإسراع عند المرور بها. أ. هـ
ومن الجدير تنبيهكم عليه أن تعتقدوا أن الله تعالى هو الذي بيده الأمر كله فهو المعطي وهو المانع وهو النافع وهو الضار، وأن غير الله تعالى لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا إلا بإذنه وتقديره جل وعلا، ففي وصيته صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس:
وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف. رواه الإمام أحمد في مسنده والترمذي في سننه، وصححه الشيخ الإلباني.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1425(11/13014)
رأس القبر ومكان إدخال الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أين رأس القبر، لما أقف مقابل القبر أجد ثلاث زوايا، الأمامية وعن اليمين وعن الشمال فأين الرأس؟ وأيضاً من أين أدخل الميت وفي أي جهة؟ وقد عرفنا النهي عن إشعال الأنوار -السرج- على القبور، فما الحكم إذا كانت هذه الأنوار الكبيرة التي تكون على الشوارع العمومية تكون داخل المقبرة وتنير القبور في الليل، فما حكمها هل تدخل في النهي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرأس القبر يكون بحسب الجهة التي يكون نحوها رأس الميت، فالميت يشرع أن يضجع على شقه الأيمن متوجهاً إلى جهة القبلة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأن البيت الحرام: قبلتكم أحياء وأمواتاً. رواه أبو داود وحسنه الشيخ الألباني.
فإذا كانت جهة القبلة مشرق الشمس يكون رأس القبر حينئذ إلى جهة الجنوب، وهكذا الأمر في بقية الجهات، وإدخال الميت في القبر يكون من قبل رجليه إن كان ذلك أسهل، وإلا فمن أي جهة، وراجع الفتوى رقم: 504.
أما الأنوار التي تضيء الشوارع داخل المقبرة فإن كان المقصود منها الانتفاع بضوئها لمن يدخلون المقبرة ليلاً لدفن ميت فلا بأس بها، فهي مثل الأعمدة الكهربائية في الشوارع العمومية، وإن كانت تلك الأنوار توقد تعظيماً للقبور فهي التي ينطبق عليها النهي في هذا المجال، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 9943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(11/13015)
حكم رش الماء على القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[وأخيرا متى يجوز وضع الماء على القبر فهل هناك دليل على ذلك لا سيما عند زيارة الميت هل نضع ماء على قبره وأيضا بعد دفنه أو قبله وشكرا أرجو التوضيح وبارك الله لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
3- لا يجوز رش القبر بالماء إلا إذا كان من أجل تثبيت ترابه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 4152، والفتوى رقم: 10421.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(11/13016)
حكم الكتابة على القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كتابة اسم الأسرة على المقابر جائز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكتابة على القبر وعلى العلامة الموضوعة عليه مكروهة عند جماهير العلماء، خلافا لأبي حنيفة، لما رواه الترمذي والنسائي عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبنى على القبر أو يزاد عليه أو يجصص أو يكتب عليه.
قال النووي رحمه الله في شرح المهذب: قال الشافعي والأصحاب: يكره أن يجصص القبر وأن يكتب عليه اسم صاحبه أو غير ذلك، وأن يبنى عليه، وهذا لا خلاف فيه عندنا، وبه قال مالك وأحمد وداود وجماهير العلماء، وقال أبو حنيفة: لا يكره، دليلنا الحديث السابق. اهـ.
وأما تعليم القبر بعلامة من حجر أو خشب أو نحوهما، فجائز عند الجمهور
ومستحب عند الشافعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/13017)
حكم ثمار وماء المقبرة النابع منها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أكل الثمار المغروسة في المقبرة؟
ما حكم شرب الماء النابع من المقبرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم أن أكل الثمار المغروسة في المقبرة أو شرب الماء النابع من المقبرة، لا بأس به؛ لأن من كرهه من أهل العلم إنما كرهه لما يخشى من اختلاطه بالنجاسة، من صديد الموتى والدم ونحوه. قال ابن عقيل: ويكره الوضوء من البئر الذي في المقبرة، وأكل البقل وثمر الشجر الذي فيها كالزرع التي تسمد بالنجاسة وكالجلالة.
وهذا هو المعتمد عند الحنابلة، ولكن الحكم على تراب المقبرة بأنه مظنة للنجاسة فيه نظر، فإن النجاسة إذا استحالت ترابًا، فقد زال حكمها، ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين من أن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان مقبرة للمشركين، وفيه نخل وخرب فأمر بالنخل فقطعت، وجعلت قبلة المسجد، وأمر بالخرب فسويت، وأمر بالقبور فنشبت، فهذه مقبرة منبوشة كان فيها المشركون، ثم لما نبش الموتى جعلت مسجدًا مع بقاء ما فيها من التراب، ولو كان ذلك التراب نجسًا لوجب أن ينقل من المسجد، فدل ذلك على طهارته، وإذا كان التراب طاهرًا كان ما نبت فيه أو نبع منه طاهرًا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1424(11/13018)
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ عند القبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم قراءة القرآن عند القبر؟ وهل هي بدعة؟ وأيها أكثر وروداً عن الرسول صلى الله عليه وسلم، قراءة القرآن أم الدعاء عند القبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ عند القبر أو أمر بالقراءة عنده، وإنما الوارد عنه صلى الله عليه وسلم الدعاء للميت بعد الفراغ من دفنه أو عند زيارة المقابر.
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دفن رجلا من الصحابة ثم قال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل. رواه الحاكم.
وانظر الفتوى رقم:
626، والفتوى رقم: 10225، والفتوى رقم: 5007، و: 5023. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1424(11/13019)
لا يشرع البناء على القبور مطلقا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم بناء القبر بالآجر والرخام وما أشبه ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشرع البناء على القبور مطلقاً سواء كان البناء بآجر أو غيره لما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه. وروى مسلم أيضاً عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته. وظاهر هذين الحديثين التحريم، قال صاحب تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: قال الشوكاني في النيل: قوله: ولا قبراً مشرفاً إلا سويته. فيه أن السنة أن القبر لا يرفع رفعاً كثيراً، من غير فرق بين من كان فاضلاً ومن كان غير فاضل، والظاهر أن رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرم، وقد صرح بذلك أصحاب أحمد وجماعة من أصحاب الشافعي ومالك، ومن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخولاً أولاً القبب والمشاهد المعمورة على القبور، وأيضاً هو من اتخاذ القبور مساجد وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعل ذلك، وكم قد سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام، منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام وعظم ذلك، فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضر فجعلوه مقصداً لطلب قضاء الحوائج وملجأً لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم، وشدوا إليها الرحال، وتمسحوا بها واستغاثوا، وبالجملة إنهم لم يدعوا شيئاً مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه فإنا لله وإنا إليه راجعون. انتهى. والقائلون بكراهة البناء على القبور دون التحريم يشترطون منع هذه الأفعال التي تصدر من الناس، وألا يكون القصد من البناء المباهاة والفخر ونحو ذلك، وألا يكون البناء في مقبرة مسبلة لما فيه من التضييق، وهذا مذكور في ثنايا كلامهم، قال الحصكفي في الدر المختار: ولا يرفع عليه بناء. وقال ابن عابدين: أي يحرم لو للزينة ويكره لو للإحكام بعد الدفن. وقال النفراوي في الفواكه الدواني: ومحل الكراهة للبناء -أي على القبور- إذا عري من قصد المباهاة، وإلا حرم كما إذا كان يترتب عليه مفسدة كصيرورته مأوى للصوص أو غيرهم ومحلها أيضاً إذا كان في أرض مملوكة للباني أو مباحة كمواتٍ، وأما أرض محبسة فحرام كالقرافة بمصر. وصرح النووي أيضاً بحرمة البناء في المقبرة المسبلة كما في المجموع. وعلى كل حال فلا ينبغي أن يختلف في منع البناء في هذا الزمان الذي فشت فيه الاعتقادات الفاسدة والجهل في أوساط المسلمين سداً لذريعة الشرك والوقوع في المحرم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(11/13020)
المقابر محل اعتبار وتذكر الآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأكل في المقبرة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي لمن زار المقابر أن يشتغل بتذكر حال أهلها وما هم فيه من نعيم أو عذاب ويتذكر أنه سيصير إلى ما صاروا إليه، وينبغي له الدعاء لإخوانه المسلمين فهم أحوج ما يكونون إلى ذلك، ولا ينبغي له الاشتغال بالأكل والشرب والكلام ونحو ذلك، ولكن لو قدر أن شخصاً احتاج إلى أكل شيء أو شربه على سبيل الموافقة فلا مانع من ذلك، وأما إقامة الموائد الجماعية وحمل الطعام إلى المقابر للأكل هناك في أوقات معينة أو عندما يسمى بالمشاهد والتبرك بالأكل هناك ونحو ذلك فمنهي عنه وغير لائق ولا يؤدي الغرض من الزيارة، قال محمد الخادمي الحنفي في بريقة محمودية: ويكره الأكل عند المقابر والضحك أيضاً عندها، لأن مثل هذا محل اعتبار وتذكر الآخرة والأكل والضحك منافٍ لهما.
وقال الدردير المالكي في أقرب المسالك: والاعتبار أي الاتعاظ وإظهار الخشوع عندها أي القبور، ويكره الأكل والشرب والضحك وكثرة الكلام، وكذا قراءة القرآن بالأصوات المرتفعة واتخاذ ذلك عادة لهم كما يقع في قرافة مصر، وربما خرجوا عن قانون القراءة إلى قانون الغناء والتمطيط وتقطيع الحروف كما هو مشاهد فهو لا يجوز. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما أكل الخبز والعدس المصنوع عند قبر الخليل عليه السلام فهذا لم يستحبه أحد من العلماء لا المتقدمين ولا المتأخرين، ولا كان مصنوعاً لا في زمن الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا بعد ذلك إلى خمسمائة سنة من البعثة.... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/13021)
حكم شراء قبر قبل الممات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نحاسب أو نأخذ ذنبا إذا لم نشتر مقابر شرعية حتى ندفن فيها موتانا ونحن قادرون على شراء المقابر ولكن لا نشتريها؟
وعلى من الذنب؟ على الميت أم الذين دفنوه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دفن الميت واجب بإجماع المسلمين، قال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتاً*أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً) (المرسلات:25،26)
فإذا مات الميت في مكان لا توجد فيه مقابر عامة، ولا يمكن الدفن إلا بشراء أرض لذلك فإن ثمن ذلك يكون في مال الميت وكذلك تجهيزه كله، فإذا لم يترك الميت مالاً يكون ذلك في بيت مال المسلمين، فإذا لم يكن لهم بيت مال وجب ذلك على جماعة المسلمين.
ولا يجب على المسلم أن يشتري قبره في حياته، ولكن لا مانع شرعاً أن يفعل ذلك احتياطاً لنفسه، وإن تركه فلا إثم عليه، لأنه لا يدري متى يموت وأين يموت؟ قال تعالى: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوت) (لقمان: من الآية34) وبعد مماته يسقط عنه التكليف، ويبقى فرض تجهيزه على المسلمين. كما سبقت الإشارة إليه.
وعلى هذا، فلا إثم على المسلم إذا لم يشتر قبره في حياته، وإن فعل ذلك فلا بأس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(11/13022)
حكم توسيع الشارع على حساب المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد مقبرة تضايق الشارع هل يجوز توسيع الشارع على حسابها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز نبش القبر لغير سبب شرعي ولكن إذا وجدت ضرورة لتوسيع الشارع العام من المقبرة التي تضيق على الناس، فلا مانع من ذلك.
ولا سيما إذا كانت بالية، قال الإمام النووي في المجموع: (يجوز نبش القبر إذا بلي وصار تراباً، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه، ويجوز زرع تلك الأرض، وبناؤها، وسائر وجوه الانتفاع، والتصرف فيها باتفاق الأصحاب. وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره) . انتهى كلامه.
وقال أصبغ عن ابن القاسم في مقبرة عفت: (فلا بأس أن يبنى فيها مسجد، وكل ما كان لله فلا بأس أن يستعان ببعضه على بعض.)
وقد نص متأخرو المالكية على جواز توسعة الطريق والمسجد من المقبرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1422(11/13023)
يجوز نبش القبر بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[عند دفن عمتي لم يقم الدافن بوضعها على جانبها الأيمن مع العلم أني نبهته إلى ذلك.. هل هذا جائز وما العمل الآن بعد مضي 21 يوم على وفاتها؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فالأمر الذي نبهت عليه القائمين بالدفن يعتبر سنة، ومن العلماء من أوجبه، والراجح عدم الوجوب. وعليه فلا يلزمك الآن أن تنبش القبر، وإنما ينبغي عليك الآن أن تدعو لها، وتستغفر، وتتصدق عنها، وعلى كل فعلى القول بالوجوب فلا ينبش إلا إذا كان ذلك بقرب الدفن بحيث يغلب على الظن أن الميت لم يتغير، وإلا فلا ينبش القبر قطعاً. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/13024)
أفضل الصدقات عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وأحب أن أعمل له صدقة جارية يستفيد منها في الآخرة وتوسع له قبره
أنا حتى الآن طبعت 100 مصحف ووزعتهم. ومحتار بين 3 أمور أيهم أحسن
1- حفر بئر ويعتبر ماء سبيل
2- تركيب براد على مسجد
3- أو أن أدفع لواحد فلوس وهو يحج (حج البدل) مع العلم أن والدي حج 7 مرات؟
شاكرين لكم حسن تعاونكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم والدكم ويحسن عزاءكم..
وقد سبق بيان ما يلحق ثوابه للميت بعد وفاته في الفتويين: 8042، 25888. وقد أحسنت نسأل الله تعالى أن يتقبل منك عندما طبعت المصاحف ووزعتها في ثواب أبيك.
ولتعلم أن من أفضل الصدقات عن الميت: سقي الماء؛ كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء.
ولذلك فإن من أفضل ما تتصدق به عن أبيك هو توفير الماء بحفر بئر أو ما أشبه ذلك في الأماكن الفقيرة التي يحتاج أهلها إلى الماء كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم سعدا رضي الله عنه فقد كانت سقايته معروفة بالمدينة كما روى الإمام أح مد وغيره.
ومن أنواع الصدقة الجارية والأعمال الفاضلة بناء المساجد لمن يحتاج إليها من المسلمين، فقد روى الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من بنى مسجدا لله ولو كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة. قال الشيخ الألباني: صحيح.
وأما الصدقة بالفلوس أو الحج عنه وهو قد حج فهما من الأعمال الفاضلة ولكنهما لا يعتبران من الصدقة الجارية التي يدوم ثوابها للميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1430(11/13025)
توفي والداها وأختاها فما القربات التي يمكنها إهداؤها لهم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي وأمي واثنتان من أخواتي في حادث سيارة مؤلم وهم على سفر.
أريد أن تفيدوني كيف أحسن لهم وهل يجوز لي أن أتصدق عنهم جميعا أم فقط عن الوالدين؟
كذلك ما هي الأعمال المستحبة الواجب علي فعلها علما بأن والدي بعد وفاته علمت أنه كان على علاقة غير شرعية مع جارتنا وأحسست بالحزن الشديد وتغيرت نظرتي إليه. وأحسست أنه ظلم أمي كثيرا بما كان يفعله بدون علمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يرحم والديك وأختيك وأن يتجاوز عنهم ويسكنهم فسيح جناته وأن يلهمكم الصبر على هذا المصاب.
واعلمي أيتها السائلة أن الدعاء لهؤلاء بالرحمة والمغفرة ودخول الجنات من أفضل ما يقدم لهم, وقد سبق أن بينا انتفاع الموتى بذلك في الفتوى رقم: 121610.
ويجوز لك أيضا أن تتصدقي عنهم وسينتفعون بذلك إن شاء الله سواء في ذلك الوالدان والأختان وقد بينا هذا في الفتاوى التالية: 124982 , 32151 , 104298.
ثم اعلمي أن إهداء ثواب الأعمال الصالحة من صدقة ونحوها للميت ليس على سبيل الوجوب بل على الاستحباب والندب ويستوي في ذلك الوالدان وغيرهما, أما الدعاء للوالدين بالرحمة فقد نص بعض أهل العلم على أنه من حقوق الوالدين المؤكدة على ولدهما قبل موتهما وبعده وهما أحوج ما يكونان إليه بعد موتهما لقول الله جل وعلا: وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء: 24} . وذهب بعض العلماء إلى وجوب ذلك.
جاء في تفسير الألوسي: والظاهر أن الأمر للوجوب فيجب على الولد أن يدعو لوالديه بالرحمة، ومقتضى عدم إفادة الأمر التكرار أنه يكفي في الامتثال مرة واحدة، وقد سئل سفيان كم يدعو الإنسان لوالديه في اليوم مرة أو في الشهر أو في السنة؟ فقال: نرجو أن يجزيه إذا دعا لهما في آخر التشهدات كما أن الله تعالى قال: ياأيها الذين ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ. {الأحزاب: 56} . فكانوا يرون التشهد يكفي في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكما قال سبحانه: {واذكروا الله فِى أَيَّامٍ معدودات} . [البقرة: 203] ثم يكبرون في أدبار الصلاة. انتهى.
أما ما تذكرين من علمك بعلاقة لأبيك بامرأة أجنبية فهذا مما يجب عليك الإعراض عنه تماما, فلا تتحدثي به مع أحد بل ولا تحدثي نفسك به وعليك أن تحسني الظن بأبيك فقد يكون هذا من افتراء الناس عليه والأصل في المسلم السلامة والصيانة فلا يجوز إساءة الظن به بمجرد كلام الناس وشائعاتهم, حتى وإن تحققت من ذلك فإن الواجب عليك أن تستري على والدك وأن تذكري محاسنه وتعرضي عن مساويه, ولا يصدنك هذا عن كثرة الترحم عليه والاستغفار له. واعلمي أن رحمة الله واسعة وأنه سبحانه يغفر الذنوب جميعا ما لم يأته العبد بالشرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1430(11/13026)
لا يشرع قضاء الصلاة عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء في الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم: ينقطع عمل بن آدم بعد موته إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له. أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
سؤالي هو: الصدقة الجارية تكون في حياة الإنسان يعني قبل موته أم يجوز مثلا أن أتصدق عن أخي المتوفى؟ وإن كان يجوز ما هي الصدقة الجارية في هذه الحالة.. فمثلا إذا وضعت بعض المصاحف في المسجد بنية الإفادة لأخي فهل تعتبر صدقة جارية له؟
ومن ناحية أخرى الدعاء للميت، فمثلا إذا كانت أم المتوفى تدعو له وترضى عليه، فهل هذا يكفر عنه سيئاته. أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير؟ وهل يجوز قضاء بعض الصلوات عنه حيث فاتته بعض الصلوات بسبب مرضه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان معنى الحديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله ... في الفتوى رقم: 3960.
والمراد بالصدقة الجارية ما ينتفع بثمرته وفائدته ويبقى أصله موقوفا للانتفاع، ويصح أن يفعله المسلم في حياته كما فعل عمر - رضي الله عنه- فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أنه وقف سهمه في خيبر فسبل منفعته وثمرته على الفقراء والمساكين، وأبقى أصله لا يباع ولا يورث. فكان أول وقف في الإسلام.
كما يصح أن تكون الصدقة الجارية عن الشخص بعد موته، وقد بينا أنواعا وأمثلة من الصدقة الجارية في الفتوى رقم: 8042 ومنها وقف المصاحف، ولذلك فإن وضعكم للمصاحف في المسجد بهذه النية يعتبر صدقة جارية، نسأل الله تعالى أن يتقبلها منكم.
وبخصوص الدعاء للميت فلا شك أنه ينتفع به، وخاصة إذا كان من الوالدة.
وأما قضاء الصلاة عنه فلا يشرع سواء فاتته في مرضه، أو في صحته، ولكن الذي ينبغي هو الدعاء له والصدقة عنه كما ذكرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(11/13027)
الصدقة والدعاء لمن مات صغيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي ولد أخي البالغ من العمر 11عاما وهو لازال طفلا ـ في أول أسبوع من رمضان 1430هـ
وهناك فكرة تلح علي ولا أدري مدى مشروعيتها وهي: أن أجمع ـ عيدياته ـ من الأهل والأقارب المعتادين على معايدته وتوزيعها على الأيتام في دار الأيتام ـ أملا مني أن يسعد بها، وأحيانا أفكر أن الاتصال بيننا وبينه مقطوع وهو في عالم آخر، وبما أنه طفل فهو لايحتاج لصدقتنا عنه ولن يعرف عنها شيئا، كما أنني أود أن أعرف، هل يتوجب علينا الدعاء له؟ وهل يحتاج لدعائنا؟ لأنني ألاحظ أن الجميع يتصرفون على أنه طفل مسلم موعود بالجنه فلا يحتاج لدعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن من توفي من أبناء المسلمين قبل البلوغ من أهل الجنة، كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبق بيانه بالتفصيل في الفتوى: 94866 وما أحيل عليه فيها.
ومع ذلك، فلا مانع من الصدقة عنه والدعاء له لزيادة الخير ورفع الدرجات، فقد أجمع أهل العلم على أن الصدقة والدعاء يصل إلى الميت نفعهما، ولكن لا ينبغي أن تكون الصدقة من سؤال الناس أو جمع العيديات وإنما يصح أن تكون ممن يتبرع بها من الوالدين أوغيرهما من الأقارب بطيب نفسه، مع ملاحظة أنه لا يشترط لانتفاع الميت بثواب ما يهدى إليه من الصدقة أن يكون عالما به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(11/13028)
هل ينتفع الحي بثواب عمل وهب له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي عند قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وهب ثواب القراءة لأمي التي لا تقرأ؟ وهل ينسحب والحالة هذه عليها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنها تكون لها نورا من الجمعة للجمعة؟ وهل ينسحب ذلك على أبي الذي يقرأ ويكتب إذا وهبت له ثواب القراءة أيضاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهبة ثواب الطاعات كالقراءة ونحوها للأحياء محل خلاف بين أهل العلم، والمعتمد عند الحنابلة جواز هبة ثواب أي قربة لأي مسلم حيا كان أو ميتا.
قال في الإقناع: وكل قربة فعلها مسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحو لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه. انتهى.
وفي المذهب وجه آخر موافق لقول الجمهور بالفرق بين الحي والميت، فينتفع الميت بثواب ما يوهب له من القرب، وأما الحي فلا.
قال المرداوي في الإنصاف: الحي في كل ما تقدم كالميت في انتفاعه بالدعاء ونحوه وكذا القراءة ونحوها قال القاضي لا نعرف رواية بالفرق بين الحي والميت. قال المجد: هذا أصح قال في الفائق هذا أظهر الوجهين وقدمه في الفروع.
وقيل لا ينتفع بذلك الحي وهو ظاهر كلام المصنف أي ابن قدامة هنا وأطلقهما ابن تميم والرعايتين والحاويين، وجزم به المصنف وغيره في حج النفل عن الحي لا ينفعه ولم يستدل له وقال ابن عقيل في المفردات القراءة ونحوها لا تصل إلى الحي. انتهى.
ورجح القول بعدم انتفاع الأحياء بسعي الأحياء العلامة ابن عثيمين رحمه الله فقال في الشرح الممتع: فإن كان ميتاً ففعل الطاعة عنه قد يكون متوجهاً؛ لأن الميت محتاج ولا يمكنه العمل، لكن إن كان حياً قادراً على أن يقوم بهذا العمل ففي ذلك نظر؛ لأنه يؤدي إلى اتكال الحي على هذا الرجل الذي تقرب إلى الله عنه، وهذا لم يعهد عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، ولا عن السلف الصالح.
وإنما الذي عهد منهم هو جعل القُرَب للأموات، أما الأحياء فلم يعهد، اللهم إلا ما كان فريضة كالحج، فإن ذلك عُهد على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، لكن بشرط أن يكون المحجوج عنه عاجزاً عجزاً لا يرجى زواله. انتهى.
وبه تعلم أن هبة ثواب قراءتك لسورة الكهف أو غيرها لأبويك الحيين أو أحدهما جائز على المعتمد عند الحنابلة، وغير جائز على الرواية الأخرى وعلى ما رجحه العلامة العثيمين وهو مذهب الجمهور ولعله أرجح إن شاء الله، وعلى كل فجعلك ثواب طاعتك لنفسك أولى، وعليك ببر والديك والإحسان إليهما وتعليمهما ما يجهلانه من أمور الدين وإرشادهما إلى ما يسهل عليهما فعله من الطاعات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1430(11/13029)
هل يبنى بمال الميت مسجد لرؤيا رآها بعض أقاربه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي شخص ثري جدا ولم يوص بشيء. فبنى له أهله مسجدا من تركته وبعد خمس سنين حلمت أحد معارفهم أنه يقول لها قولي لهم يبنوا لي مسجدا. فهل يبنوا له مرة ثانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تركة الميت ملك للورثة، فإن كانوا رشداء بالغين وتطوعوا ببناء المسجد فهذا أمر محمود، وأما إن كان فيهم صبي أو سفيه فلا يجوز التصرف في ماله بل يجب أن يوضع له حقه في الميراث تحت يد أمين يحفظه له وينميه حتى يبلغ ويرشد فيتصرف فيه بما تجود به نفسه.
وأما الرؤيا المذكورة فلا يجب بها شيء، وأي عمل صالح من الصدقة أو الوقف يعمله الأبناء لأبيهم فنرجو أن يصله أجره وأن يكون ذلك من الإحسان إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(11/13030)
حكم إشراك حي أو ميت في أجر عمل صالح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص أنشر سورا قرآنية صوتية لقراء القرآن ومشايخه وخطب جمعة مفيدة صوتية، هل أستطيع مشاركة زوجتي في أجر هذا؟ وكيف ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنعم، يجوز لك أن تشرك زوجتك معك في الأجر فيما تقوم به من أعمال صالحة، كالمذكورة في السؤال أو غيرها على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ وجماعة من العلماء، قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: فَصْلٌ: كُلُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا الْمُسْلِمُ وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمُسْلِمِ نَفَعَهُ ذلك وَحَصَلَ له الثَّوَابُ. انتهى.
وفي الإقناع وشرحه: وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه كالثلث أو الربع لمسلم حي أو ميت جاز ذلك ونفعه لحصول الثواب له. انتهى من كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي.
وأما كيف تشرك زوجتك في هذا الثواب، فلك أن تقول: اللهم اجعل نصف ثواب عملي هذا أو ثلثه ونحو ذلك لزوجتي، أو تنوي القدر الذي تريد أن تهديه لزوجتك من ثواب عملك دون حاجة إلى قول معين، وقد ذكر العلماء صيغا كثيرة لكيفية هذا الإهداء، وأي ذلك فعلت منها فالأمر فيها واسع ـ إن شاء الله تعالى ـ ومن نصوص العلماء في هذا ما قاله البهوتي في كشاف القناع عن متن الإقناع: ويستحب إهداء ذلك، فيقول: اللَّهم اجعل ثواب ذلك لفلان، وقال ابن تميم: والأولى أن يسأل الأجر من اللَّه تعالى، ثم يجعله له أي: للمُهْدَى له، فيقول: اللَّهم أثبني برحمتك على ذلك، واجعل ثوابه لفلان، وللمهدي ثواب الإهداء.
وقال بعض العلماء: يثاب كل من المهدي والمهدى إليه، وفضل اللَّه واسع. انتهى.
وقال ابن مفلح في الفروع: وقال الْقَاضِي: لَا بُدَّ من قَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنْ كُنْت أَثَبْتنِي على هذا فَقَدْ جَعَلْت ثَوَابَهُ أو ما شَاءَ منه لِفُلَانٍ، لِأَنَّهُ قد يَتَخَلَّفُ فَلَا يَتَحَكَّمُ على اللَّهِ، وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ من سَأَلَ الثَّوَابَ ثُمَّ أَهْدَاهُ كَقَوْلِهِ اللَّهُمَّ أَثِبْنِي على عَمَلِي هذا أَحْسَنَ الثَّوَابِ وَاجْعَلْهُ لِفُلَانٍ كان أَحْسَنَ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مَجْهُولًا لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ. انتهى.
وقال الرحيباني الحنبلي في كتابه مطالب أولي النهي: وكل قربة فعلها مسلم وجعل المسلم بالنية ـ فلا اعتبار باللفظ ـ ثوابها أو بعضه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه ذلك بحصول الثواب له. انتهى.
ومع قولنا بجواز إهداء الثواب للميت أو الحي: لكن ينبغي أن يعلم أن الأفضل للإنسان أن يجعل الأعمال الصالحة لنفسه، وأن يخص من شاء من المسلمين بالدعاء له، لأن هذا هو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. انتهى من فتاوى الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله.
وانظر فتاوى أخرى سبقت في هذا الموضوع، ومنها الفتويان رقم: 29491، 40586.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1430(11/13031)
بنى مسجدا صدقة لزوجته من ميراث أولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت أمي ولم توص ببناء جامع لها ولكن والدي أخذ من ميراثنا وبنى لها جامعا، ونحن أبناؤها وافقنا على ذلك بترحاب ولكنها رحمها الله كانت تريد البناء لهذا الجامع في مكان غير الذي بناه فيه والدي. فهل تصلها الصدقة بعد الموت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن الصدقة يصل إلى الميت نفعها، والأخبار في ذلك ثابتة مشهورة في الصحيحين وغيرهما، وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن المبارك أنه قال: ليس في الصدقة خلاف. وقد سبق ذلك في الفتوى رقم: 3406.
وما فعله والدكم من أخذه من ميراثكم من أمكم وبناء هذا المسجد لها لا حرج فيه ما دام ذلك بطيب نفس منكم ورضا إذا كنتم كلكم بالغين رشداء، ولا يضر كون المسجد في غير المكان الذي كانت أمكم تريده ما دامت لم توص بذلك كما ورد في السؤال، وقد يكون المكان الذي اختاره والدكم أنفع لأمكم إن كان أنسب من حيث الحاجة إليه
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(11/13032)
التصدق بملابس الميت أولى من الاحتفاظ بها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي متوفى وأنا أتصدق دائما على روحه بالمال أو بالأضحية. هل أتصدق بملابسه المستعملة حيث إنني أحتفظ بها بدولابه، أحافظ عليها كنوع من الذكرى وغير قادرة على التصرف فيها. فهل هناك وزر فى أني لم أتصدق بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن التصدق بتلك الملابس أولى من الاحتفاظ بها لغير غرض صحيح؛ فإن الصدقة عن الميت داخلة في البر به، والإحسان إليه الذي يفرح به ويرفع درجته عند الله تعالى. وأيضا فإن الصدقة من الأعمال التي اتفق العلماء على انتفاع الميت بها. وانظري الفتوى رقم: 9998.
فالتصدق بتلك الملابس عن الميت أنفع له ولك من الاحتفاظ بها لمجرد الذكرى، لكن لو احتفظت بها فليس عليك وزر.
ويجدر التنبيه على أن هذه الملابس قد انتقلت ملكيتها للورثة بموت والدك، فعلى ذلك لا يجوز لك الانفراد بالتصرف فيها دون موافقة سائر الورثة، إلا إذا كنت أنت الوارث الوحيد.
ويراجع للفائدة الفتوى رقم: 20859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(11/13033)
التصدق عن الميت يصله ثوابه وينتفع به
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي توفيت وأريد أن أعمل لها صدقة جارية. أرجو الإفادة من حضراتكم؟ مع العلم أنه يوجد لنا أرض، ولي أخوات، وكان لها بالأرض ولم يتم توزيع الميراث. فهل من الإمكان أن أعمل لها من مالي الخاص؟ وأرجو دعاءكم لها بالرحمة والمغفرة من رب العالمين وأن يدخلها فسيح جناته اللهم آمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لوالدتك الرحمة الواسعة، وأن يتجاوز الله تعالى عن سيئاتها، وأما عن مسألتك فلا حرج عليك في الصدقة عن أمك، سواء كانت هذه الصدقة من مالك الخاص أو ممّا تركته لك إرثا، وقد اتفق العلماء على أن ثواب الصدقة يلحق الميت وينتفع به إذا تصدق عنه الحي، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. متفق عليه.
قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم: يلحق الميت من عمل غيره وعمله ثلاث: حج يؤدَّى عنه، ومال يتصدق به عنه أو يقضى، ودعاء ... مع أن الله – عز ذكره – واسعٌ لأن يوفي الحي أجره ويدخل على الميت منفعته. انتهى.
ونقل النووي في المجموع إجماع المسلمين على أن الصدقة عن الميت تنفعه وتصله.
وقال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: الأئمة اتفقوا على أن الصدقة تصل إلى الميت، وكذلك العبادات المالية كالعتق. انتهى.
وقال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: وَيَنْفَعُ الْمَيِّتَ صَدَقَةٌ عَنْهُ، وَمِنْهَا: وَقْفٌ لِمُصْحَفٍ وَغَيْرِهِ.
وبه تعلم أنه لا حرج عليك في أن تتصدق عن أمك صدقة جارية وأنت مأجور على ذلك إن شاء الله تعالى.
وننبهك إلى أنه لا يجوز أن تتصدق بشيء من نصيب غيرك من الورثة إلا بإذنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1430(11/13034)
مدى نفع الصدقة الجارية وتخفيفها العذاب عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حال الميت مع الصدقة الجارية؟ هل تمنع عنه العذاب أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن الصدقة والدعاء ينفعان الميت الذي مات على الإسلام ويصل إليه ثوابهما، فإذا عمل المسلم عملا صالحا وأهدى ثواب هذا العمل الصالح لميت مسلم فإنه يصله وينتفع به ـ إن شاء الله ـ سواء أكان صدقة جارية أم غير جارية، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم في الفتاوى التالية أرقامها: 19980، 32151، 104298، فنرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
وحصول النفع ووصول الثواب للميت يعني منع العذاب عنه أو تخفيفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1430(11/13035)
تكتب للميت آثار عمله الصالح أو الطالح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الميت تتوقف أعماله؟ أم أن الآثام تصله في القبر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الميت ينقطع عمله إذا مات، إلا ما وردت النصوص بوصوله إليه، كالأعمال الصالحة التي تهدى إليه، وكالصدقات الجارية والعلم النافع الذي علمه للناس، لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة؛ إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
وكذلك ما سنه الإنسان في حياته من سنن حسنة يناله أجر من عمل بها من بعده ولو بعد وفاته، وكذلك ما سنه من سنن سيئة يناله وزر من عمل بها من بعده ولو بعد وفاته.
قال سبحانه: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ {يس:12} .
قال ابن كثير: أي نكتب أعمالهم التي باشروها بأنفسهم، وآثارهم التي أثروها من بعدهم، فنجزيهم على ذلك أيضًا، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، كقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ومَنْ سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزرُ مَنْ عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا. رواه مسلم. اهـ.
وقال عليه الصلاة والسلام: لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1430(11/13036)
درجة حديث: إن هذه القبور مليئة ظلمة.... ومعناه
[السُّؤَالُ]
ـ[حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: إن هذه القبور مليئة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها عليهم بصلاتي. هل هذا حديث صحيح؟ وكيف حالنا نحن؟ وما معنى الحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث صحيح، فقد أخرجه الإمام مسلم. ومعناه كما قال ابن علان في شرح رياض الصالحين: إن القبور مملوءة ظلمة لعدم المنافذ التي يدخل منها الضوء إليها فلا ينيرها إلا الأعمال الصالحة أو الشفاعات المقبولة الراجحة. انتهى.
وأما حالنا نحن، فنسأل الله اللطف والعون على القيام بالأعمال الموجبة لنيل السعادة في الحياة الدنيوية والبرزخية والأخروية، وعلى البعد عن المعاصي الموجبة للظلمة، ومن أعظم أسباب نيل هذا النور الحفاظ على الصلاة والصبر. ففي الحديث: والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء. رواه مسلم.
ومنها القيام بالحج والعمرة كما في الحديث الذي ذكره شيخ الإسلام، وابن كثير، والقرطبي، وكان شيخ الإسلام يقول فيه: شواهد الصحة عليه.
ومنها المشاركة في حلقات مدارسة القرآن والعلم الشرعي، فالقرآن نور كما قال تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا. {النساء:174} .
ومنها دعاء المصلين على الميت كما في الدعاء المأثورة: اللهم نور له في قبره.... رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1430(11/13037)
إهداء الثواب لجميع موتى المسلمين هل يصل إليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يقوم أحد ما بتوزيع أشرطة أو ما شابه، ويكتب عليها أجرها وثوابها إن شاءالله لجميع موتى المسلمين؟ أنا لا أسأل عن الكتابة، بل هل صحيح أن الأجر يذهب لجميع موتى المسلمين؟ وهل من قام بذلك يؤجر أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن توزيع الأشرطة النافعة من أعمال البر ونشر العلم الذي هو من أفضل القربات إلى الله تعالى، ومن فعل ذلك بنية خالصة لله تعالى فهو مأجور إن شاء الله تعالى على هذا الفعل من وجهين: نشر العلم، وإهداء الثواب لموتى المسلمين الذين يحتاجون إلى ثواب، فالخلق عيال الله، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله، كما جاء في حديث مرفوع. وقد تكلم أهل العلم في سنده.
وللمزيد من الفائدة عن أقوال أهل العلم في وصول الثواب وانتفاع الموتى بما يهدى لهم انظر الفتاوى التالية أرقامها: 35631، 27664، 109039، 33440، 54695، 72735، 110782. وحيث ترجح جواز وصول ثواب العمل إلى البعض المحدد فلا يوجد مانع من وصوله إلى الكل إن كان قد أهدي لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(11/13038)
الصدقة الجارية عن الزوج المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الصدقة الجارية عن زوجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة الجارية عن زوجك غير واجبة، وإن تطوعت بها حصل له ثوابها، وقد ذكرنا أمثلة منها في الفتوى رقم: 8042.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(11/13039)
حصل لك ولأمك المتوفاة أجر هذه الصدقة الجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[تصدقت بثلاجة ماء بارد لمسجد في بلدي (كصدقة جارية لوالدتي المتوفاة) وذلك منذ ثمانية أشهر، ولكن للأسف لم يتم تركيب الثلاجة حتى الآن بالمسجد لقصور من إدارة المسجد. وسؤالي هو هل يصل الثواب والدتي رحمة الله عليها؟ ومن متى يحسب الأجر؟ من وصول الثلاجة للمسجد أو بعد أن يتم تركيب الثلاجة؟ وهل إدارة المسجد آثمة على ذلك التأخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل لإدارة المسجد عذراً في تأخير تركيب الثلاجة هذه المدة، فإن لم يكن لهم عذر فهم مقصرون بلا شك، ولم يكن ينبغي لهم هذا التأخير لما فيه من الإضرار بالمسلمين، وتأخير انتفاعهم بهذه الثلاجة.
وأما أنت فقد حصل لك أجرُ برك بأمك، وحصل لأمك أجرُ هذه الصدقة، فإن الإجماع منعقدٌ على أن الميت ينتفع بالصدقة عنه، قال في تحفة المحتاج: (وَيَنْفَعُ الْمَيِّتَ صَدَقَةٌ) عَنْهُ وَمِنْهَا وَقْفٌ لِمُصْحَفٍ وَغَيْرِهِ وَحَفْرُ بِئْرٍ وَغَرْسُ شَجَرٍ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. انتهى.
وأما كيفية حساب ذلك الثواب، وهل يجري على أمك من وقت الصدقة بالثلاجة أو من حين الانتفاع بها، فمرد علم ذلك إلى الله عز وجل، ولكن فضل الله عظيم، ورحمته واسعة، ولطفه بعباده مما لا حد له، وحسنُ الظن به تبارك وتعالى أن يجعل لك ولأمك الثواب موفرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(11/13040)
حكم إنشاء موقع إسلامي كصدقة جارية عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي عمي منذ ثلاثة أيام، وأريد أن أتصدق عليه صدقة جارية، لكني طالب فى الجامعة ولا أملك مالا لأتصدق به، لكن منحنى الله علماً.
هل يجوز أن أقوم بإنشاء موقع على الإنترنت وأضع فيه كتباً ومقالات إسلامية على أن يكون هذا الموقع صدقة جارية عليه؟ وهل يجوز أن أجعل هذا الموقع صدقة جارية على أكثر من متوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إنشاء موقع إسلامي وجعله صدقة جارية عن الميت، وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في بيان الصدقة الجارية، وأنواعها وبينا أن منها إنشاء مكتبة إسلامية لخدمة العلم والعلماء، والموقع الإسلامي كذلك فيه خدمة لعامة المسلمين، ولا مانع من جعل الصدقة الجارية على أكثر من ميت، وانظر الفتويين رقم: 8042، 48404، وكلاهما عن أمثلة الصدقة الجارية عن الميت، والفتوى رقم: 29491، حول إهداء ثواب الصدقة الجارية لشخص أو أكثر من الأحياء أو الأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(11/13041)
كل خير تسبب فيه الميت يجري عليه ثوابه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي منذ عشرين يوما-أسألكم الدعاء لها ولنا- هل يمكنني تلاوة القرآن في مصحفها واستخدام مسبحتها التي صنعتها بيديها بنية أن يصلها من الثواب؟ وهل يعتبران مصحفها ومسبحتها صدقة جارية عند استخدامنا لهما؟ وأيضا الأكل من طعام اشترته لنا من مالها قبل وفاتها واحتساب الأجر لها؟
لحظة وفاتها كانت مخدرة طبيا هل هون ذلك عليها سكرات الموت، وهل شعرت وتألمت لعدم وجودنا بجانبها؟
هل تشعر بشوقنا لها، وهل تحزن إذا سارت حياتنا بشكل طبيعي في غيابها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرحم والدتك، ويرفع درجتها في المهديين.
أما قراءتك في مصحفها فهي مما يرجى أن يلحقها ثوابه، إن كانت قد اقتنته تبتغي بذلك وجه الله، وهذا هو ما يظن بها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.
وكذلك كل خير تسببت فيه والدتك وانتفع به أحد بعد موتها، وكانت قد قصدت به وجه الله فسيجري عليها ثوابه بفضل الله تعالى، كما قال سبحانه: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ {يس:12}
قال ابن كثير: أي نكتب أعمالهم التي باشروها بأنفسهم، وآثارهم التي أثروها من بعدهم، فنجزيهم على ذلك أيضًا، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، كقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ سن في الإسلام سنة حسنة، كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ومَنْ سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزرُ مَنْ عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا. رواه مسلم. اهـ.
وقال السعدي: هي آثار الخير وآثار الشر، التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، فكل خير عمل به أحد من الناس، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه، أو أمره بالمعروف، أو نهيه عن المنكر، أو علم أودعه عند المتعلمين، أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته، أو عمل خيرا، من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان، فاقتدى به غيره، أو عمل مسجدا، أو محلا من المحال التي يرتفق بها الناس، وما أشبه ذلك، فإنها من آثاره التي تكتب له.. اهـ.
وراجع الفتويين: 64736، 18104. فيدخل في عموم ذلك ما تركته من طعام وغيره.
أما التسبيح بمسبحتها وإن قلناه بجوازه، فلا شك في أن التسبيح بالأصابع أفضل منه، لما صح من فعله صلى الله عليه وسلم له وأمره به، وقد سبق بيان ذلك مفصلا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 609، 7051، 41435.
وأما شعور الميت بحال أهله فمن الأمور الغيبية التي لا ينبغي الخوض فيها إلا على ضوء نصوص الوحي، ومن هذه النصوص قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا حضر المؤمن أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون: اخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح الله وريحان ورب غير غضبان. فتخرج كأطيب ريح المسك حتى أنه ليناوله بعضهم بعضا حتى يأتون به باب السماء، فيقولون: ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض. فيأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه يقدم عليه، فيسألونه: ماذا فعل فلان؟ ماذا فعل فلان؟ فيقولون: دعوه فإنه كان في غم الدنيا. فإذا قال: أما أتاكم؟ قالوا: ذهب به إلى أمه الهاوية.. رواه النسائي وصححه الألباني.
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات، فإن كان خيرا استبشروا به، وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا. رواه أحمد، وصححه الألباني في الصحيحة.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الأحياء إذا زاروا الأموات، هل يعلمون بزيارتهم وهل يعلمون بالميت إذا مات من قرابتهم أو غيره؟ فأجاب: نعم، قد جاءت الآثار بتلاقيهم وتساؤلهم وعرض أعمال الأحياء على الأموات.. مجموع الفتاوى.
وبحث ابن القيم ـ رحمه الله ـ هذه الموضوع في كتاب (الروح) في عدة مسائل، منها: هل تعرف الأموات زيارة الأحياء وسلامهم أم لا؟ وقال تحتها: السلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به.... ويكفي في هذا تسمية المسلم عليهم زائرا، ولولا أنهم يشعرون به لما صح تسميته زائرا. اهـ.
ومنها مسألة: أرواح الموتى هل تتلاقى وتتزاور وتتذاكر أم لا؟ وقال تحتها: وهي أيضا مسألة شريفة كبيرة القدر، وجوابها: أن الأرواح قسمان: أرواح معذبة، وأرواح منعمة. فالمعذبة في شغل بما هي فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي. والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا، وما يكون من أهل الدنيا اهـ.
وتعرض ابن كثير أيضا لهذه المسألة في تفسيره عند قوله تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ (التوبة:105) وقال: قد ورد أن أعمال الأحياء تُعرَض على الأموات من الأقرباء والعشائر في البرزخ.. . اهـ.
وكذلك تعرض لها باستفاضة عند قوله تعالى: فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ {الروم:52}
وقد سبق أن ذكرنا مسألة سماع الأموات كلام الأحياء، وإحساس الميت وعلمه بما يجري في العالم، في الفتوى رقم: 54990.
وأما كون والدتك كانت مخدرة طبيا لحظة وفاتها، وهل هوَّن ذلك عليها من سكرات الموت؟ فالله أعلم بحقيقة ذلك، ولا يترتب عليه حكم شرعي، ولا ينبني عليه عمل، وإن كنا قد قدمنا أن سكرات الموت لا بد منها لكل نفس، فراجع في ذلك الفتويين رقم: 54685، 67177.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(11/13042)