لا تجمع حتى تجاوز البيوت العامرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمته السؤال:أنا مقيم بمسقط، بحكم طبيعة عملي أسافر في نهاية كل أسبوع لقريتي يوم الأربعاء، هل يجوز أن أجمع جمع تقديم لصلاتي الظهر مع العصر والعكس صحيح (أي جمع تأخير) علما أن قريتي تبعد 300كيلو متر مربع أرجو إجابتي على المذهب الحنبلي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحيث كانت المسافة بين قريتك ومدينة مسقط 300 كيلو متراً وكان سفرك مباحاً، جاز لك الأخذ برخص السفر من القصر والجمع بنوعيه وغير ذلك.
لكن لا يجوز الجمع والقصر إلا بعد مفارقة عُمْران المدينة، كما قرر ذلك أهل العلم من الحنابلة وغيرهم.
قال المرداوي في الإنصاف بعد ذكر اشتراط مفارقة البيوت (والصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب أنه لا يشترط أن يفارق البيوت الخربة، بل له القصر إذا فارق البيوت العامرة، سواء وليها بيوت خربة أو البرية، أما إن ولي البيوت الخربة بيوت عامرة: فلابد من مفارقة البيوت الخربة والعامرة التي تليها) انتهى.
ومما ينبغي التنبه له أن الصحيح من مذهب الحنابلة أنه لو دخل وقت الصلاة على مقيم ثم سافر: أتمها. وهو من المفردات.
ومن هذا والذي قبله تعلم أنه إذا دخل عليك وقت الظهر قبل مغادرتك (مسقط) لم يجز لك جمع العصر معها جمع التقديم قبل مفارقة العمران، ولزمك أداء صلاة الظهر تامة بلا قصر على كل حال.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1423(11/11681)
جمع الصلاتين بدون عذر شرعي لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم سؤال متعلق بالصلاة أنا أعمل في شركة والحمد لله أصلي كل يوم. دوامي من الساعة 8 صباحا إلى الساعة 5 بعد الظهر وظروف الشركة لا تسمح بالصلاة فيها. ليس ممنوعا ولكن أنا لا أرتاح للصلاة فيها لظروف تمنعني السؤال هو هل يجوز أن أصلي صلاة الظهر والعصر معا يوميا الساعة الخامسة؟ وشكرا لكم كثيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها وجمعها مع أخرى إلا لعذر، كسفر طويل ونحو ذلك، ولا يجوز ذلك للمقيم، فيجب عليك أن تصلي الظهر على الحالة التي تتمكن من أداء الصلاة فيها، ولا تؤخرها عن وقتها، وأنت تعلم ما توعد الله به الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها بلا عذر.
قال تعالى: (فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون) [الماعون:4-5] قال: العلماء "هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها" ويخشى أن تكون بفعلك هذا ممن يتعمد تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها من غير عذر مبيح، فتكون مفرطاً، وقد قال عليه الصلاة والسلام "إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى" فاحرص على أدائها، ولا تلتفت للعوائق الشكلية التي يضخمها الشيطان في نفسك بغية إيقاعك في الإثم والمخالفة، وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.
... والله أعلم.
...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11682)
هل تشترط الموالاة بين الصلاتين المجموعتين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يحفظكم الله تعالى عن الجمع بين صلاة المغرب والعشاء أو الظهر والعصر هل يشترط أن لا يوجد فاصل بين الصلاتين أو يمكن الفصل بينهما بوقت قصير وهل يوجد دليل على أنه لابد من تلازم الصلاتين أي الاقامة مباشرة بين الصلاتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في الجمع بين الصلاتين هو الموالاة، لفعله صلى الله عليه وسلم حيث جمع بين المغرب والعشاء والظهر والعصر ووالى بينهما، والحديث في الصحيحين. وإذا كان الجمع وقت الصلاة الأولى فلا بد من الموالاة بين الصلاتين لأنه هو الأصل. وإذا فرق بينهما بوقت كثير بطل الجمع عند المالكية، حتى قال بعضهم إنه إذا صلى بينهما السنة بطل الجمع، والصحيح أنه لا يبطل بها.
وإذا كان الجمع في وقت الأخيرة فقيل يضر الفصل بينهما، وقيل لا يضر ولو كثر، لأنه متى صلى الأولى فالثانية تصلى في وقتها، وهو الصواب.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11683)
لا يجوز الجمع بين الصلاتين من غير سفر ولا مرض إلا بحصول حاجة ماسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل إلى الساعة الرابعة عصراً وفي بعض الأحيان لا أستطيع أن أصلي الظهر حاضراً فهل يجوز لي أن أجمع في هذه الحالة؟ علما بأنه لا يوجد في مكان العمل إلا أنا وبنت أخرى والباقي كلهم رجال، فإذا كان جائزاً فكيف تكون صلاة الجمع؟ لأنني أصليها بنية الجمع بين صلاة الظهر والعصر وأصلي أربع ركعات فقط. هل هذه الصلاة صحيحة؟ ولكم جزيل الشكر وقواكم الله على عمل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
االحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله لما فرض الصلوات حدد لها أوقاتا معينة، فلا يجوز أن تؤديها قبل دخول وقتها ولا بعد خروجه إلا في بعض الحالات كالمسافر والمريض ومن عليه فائتة حسب التفصيل المذكور في كتب الفقه. قال تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [النساء:103] فجمع الصلاتين من غير عذر محرم شرعاً لأنه مخالف لأمر الله جل وعلا بأدائها في وقتها، ومخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم خصوصاً إذا داوم عليه، أما إذا لم يتخذه عادة فمذهب الجمهور المنع منه، وذهب بعض أهل العلم إلى جوازه مستدلين بما رواه مسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع في المدينة بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر وفي رواية ولا مطر، على أن المحققين من أهل الرسوخ في العلم يرون أن هذا الجمع الذي ذكره ابن عباس إنما هو جمع صوري، حقيقته أداء الظهر مثلاً في آخر الوقت وأداء العصر في أول الوقت، فكل من الصلاتين قد أديت في وقتها فلم تقدم منهما واحدة ولم تؤخر، وهذا هو الأظهر في تفسير حديث ابن عباس المتقدم. وبهذا تعلمين أنك إن كنت جمعت جمعاً غير صوري فقد ارتكبت خطأ عظيما، يضاف إليه خطأ آخر أعظم منه وهو أنك كنت تقصرين الصلاة ولست في حال سفر. والمقيم إذا قصر صلاته فقد أجمع أهل العلم على بطلانها، فعليك أن تعيدي كل الصلوات التي صليتها على هذا النحو فتصليها تماماً، أربع ركعات للظهر، ومثلها للعصر. ونسأل الله جل وعلا أن يغفر لنا ولك، وإذا علمت كل هذا فاعلمي أيضاً أنه ينبغي لك أن تنتبهي لنقطتين أخريين:
الأولى: أن عملك في مكان يتواجد فيه الرجال بين طالع ونازل وخارج وداخل، هذا أمر لا يقبله الشرع الحنيف، ولا يلائم وضعك كامرأة مسلمة، والذي ننصحك به ترك هذا المكان إلى خير منه، ولا نرى ضرورة ملجئة إليه، وإلى حين ترك هذا المكان فالواجب عليك أخذ كل الاحتياطات اللازمة من الابتعاد عن الخلوة وعن الخضوع بالقول، والتستر بالزي الشرعي الكامل، والبعد عن ثياب الزينة والتعطر وغير ذلك.
الثانية: هي أن المرأة غير مطالبة بالصلاة في الجماعة فلها أن تصلي متى حان وقت الصلاة وفي أي مكان كان، وكونها غير مطالبة بالجماعة لا يعني أن لها أن تؤخر الصلاة عن وقتها، فتأخير الصلاة عن وقتها من أعظم الذنوب، ولا يسوغه شرعا خوف المرء على عمله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1422(11/11684)
لا يصح الأخذ برخص السفر قبل الشروع فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنوي السفر بإذن الله تعالى قبل صلاة العصر، وسوف أصل إلى البلد الآخر قبل صلاة العشاء فهل يجوز لي جمع صلاة الظهر والعصر جمع تقديم ,علماً بأنه سوف يكون لي متسع من الوقت لأداء صلاة العصر في المطار ولكن مع بعض الضيق، وذلك بسبب عدم وجود مصلى في المطار. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز جمع الصلاتين للمسافر حتى يبدأ في السفر بالفعل، ولا يكفي مجرد نية السفر، ولا العزم عليه لأن الله تعالى يقول: (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) [النساء: 101] .
فجعل جواز القصر مشروطاً بالضرب في الأرض، الذي هو السير فيها، والجمع في السفر حكمه حكم القصر غالباً.
وعلى ذلك فعليك أن لا تصلي العصر حتى يدخل وقتها، ولا حرج أن تصليها في المطار، أو في أي مكان أدركك فيه وقتها، وحتى لو لم يكن هنالك مصلىً معد للصلاة، لأن كل مكان طاهر ليس فيه مانع شرعي تجوز الصلاة فيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل" كما في صحيحي البخاري ومسلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11685)
يجوز القصر في الصلاة الرباعية والجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقدم على سفر مدته أربعة أيام وثلاث ليال. ما حكم القصر والجمع في الصلاة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
يجوز لك القصر في الرباعية والجمع بين مشتركتي الوقت: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. وقد اختلف أهل العلم في الجمع هل هو لمن جدَّ به السير فقط وليس للمسافر جمع في حالة نزوله، أم يجوز له الجمع ولو لم يجدَّ به السير، وهذا الأخير هو الراجح إن شاء الله تعالى لحديث معاذ رضي الله عنه في صحيح مسلم وغيره قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك فكان يجمع الصلاة فصلى الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً، حتى إذا كان يوماً أخّر الصلاة ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً، ثم دخل ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعاً" فقوله ثم خرج ثم دخل ثم خرج، يدل على أنه كان نازلاً يخرج من خبائه ثم يعود إليه ثم يخرج منه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11686)
العبرة بالمسافة لا بالزمن الذي تقطع فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الجمع في السفر لمدة 45 دقيقة، يعني أنني خرجت من المنزل مثلا الساعة12 ظهرا لأذهب إلى مدينة تبعد حوالي 45 دقيقة ثم رجعت الساعة الثالثة. هل أصلي الظهر والعصر جمعا وقصرا في وقت العصر؟. وكم هي المدة التي يجوز الجمع فيها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسافة التي يجوز للمسافر فيها القصر والجمع قد اختلف العلماء في تحديدها اختلافاً كثيراً لعدم وجود نص من الوحي صريح في تحديدها، وقد وصلت أقوالهم في ذلك إلى أكثر من عشرين قولاً: والذي عليه الجمهور أن أقل مسافة يجوز الترخص فيها برخص السفر هي أربعة برد أي ما يعادل ثلاثة وثمانين كيلم تقريباًن ويعتبر ابتداء هذه المسافة من انتهاء عمران المدينة أو القرية التي يسافر منها المسافر.
وبهذا تعلم أن المسافة لا تقدر بالوقت الذي تقطع فيه الآن لاختلاف وسائل النقل الحديث في السرعة، فالمسافة التي تقطعها الطائرة في خمس وأربعين دقيقة تختلف كثيراً عن المسافة التي تقطعها في ذلك الوقت السيارة أو الباخرة.
وبناء على قول الجمهور فإنه إذا كنت ستقطع في ذلك الوقت تلك المسافة المذكورة فإنه يجوز لك الترخص برخص السفر بعد مفارقة عمران البلد الذي تقيم فيه حتى تعود إليه، أما قبل مفارقة البلد فلا يجوز لك الترخص برخص السفر لأنك لم تسافر بعد وكذلك بعدما تعود إليه لأن حكم السفر قد انقطع بوصولك إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/11687)
حكم جمع الجمعة والعصر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الجمع بين صلاتي الجمعة والعصر في السفر، وإذا كان لا يجوز فكيف يكون الجمع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسافر لا تجب عليه الجمعة، فإن صادف وقت نزوله جمعة مقامة فله أن يصليها وتجزئه عن الظهر، أما جمع العصر معها فللعلماء فيه مذهبان: فمنهم من يرى أن له الجمع بين الجمعة والعصر جمع تقديم، بأن يأتي بعد انتهائه من الجمعة بركعتين للعصر، ويحتج أصحاب هذا الرأي بأن الجمعة بدل من الظهر، ولما جاز للمسافر أن يجمع الظهر والعصر جاز له أن يجمع الجمعة مع العصر، لأن البدل يأخذ حكم المبدل منه، ومنهم من يرى أنه ليس له ذلك، ويحتج له أن الجمعة لا تقام في السفر فهي تلازم الحضر، والجمع يلازم غالباً السفر، وتنافر اللوازم يؤدي إلى تنافر الملزومات، ولعل الراجح هو القول الأول لأن الجمعة ما دامت بدلاً من الظهر فلها حكمه وإن اختصت بالحضر. والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1422(11/11688)
إذا كان بين سكن المرء وعمله مسافة القصر فله أن يقصر الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أعمل فى مدينة القاهرة وأسكن في مدينة الفيوم، (على بعد حوالى 100 كم) وأسافر إلى عملي، فهل لي أن أقصر وأجمع الصلاة في مقر عملي، مع العلم أنني أعمل في القاهرة منذ 15 عاماً. جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام بين سكنك وعملك هذه المسافة، فلك أن تقصر الصلاة وتجمع مشتركة الوقت (الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء) إذا أدركك وقتها أثناء عملك، أو في طريقك ذهاباً أو إياباً، فلو جمعت جمع تقديم مثلاً، ثم وصلت إلى محل إقامتك قبل دخول وقت الصلاة الثانية، أو أثناءه، فلا تلزمك إعادتها، لأنك قد أديتها في وقت يجوز لك أداؤها فيه، لكن إذا أقيمت جماعة في مقر عملك فلتصل معهم متماً، وكذا لو صليت في أحد مساجد هذه البلدة. ودليل جواز القصر عموم الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصره الصلاة أثناء السفر، ومن ذلك حديث أنس رضي الله عنه قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعاً وصليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين" [متفق عليه] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1421(11/11689)
الجمع بين الصلاتين في غير السفر للشغل الشاغل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الجمع بين الظهر والعصر في غير السفر وكذلك المغرب والعشاء، مثل الانشغال بالدراسة حيث تكون المحاضرة وقت الصلاة.أرجو الاجابة مع بيان التعليل وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن كانت هناك حاجة تدعو للجمع بين الصلاتين كعمل متواصل يصعب قطعه، أو أمر يفوت إن ترك وفي فواته ضرر عليك أو تفويت لمصلحة شرعية معتبرة، فلا حرج في الجمع بين الصلاتين حينئذ،بشرط أن لا يتخذ ذلك عادة مستمرة، لما ثبت في البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم: جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر وفي رواية لمسلم:" من غير خوف ولا مطر".
أما جعل جمع الصلاتين عادة مستمرة فهذا لا يجوز، لأنه خلاف المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم من فعله، وحثه على أداء الصلوات في أوقاتها.
على أن المحققين من أهل العلم صرحوا بأن الجمع الذي ذكره ابن عباس هو الجمع الصوري، وهو أن يصلي المصلي صلاة الظهر في آخر جزء من وقتها (أي القدر الذي يؤدي فيه أربع ركعات مثلا) ثم يصلي صلاة العصر في أول جزء من وقتها فيظنه من رآه جمعاً، وهو في الواقع ليس بجمع، لأن كل صلاة صليت في وقتها. ومن هنا سماه الفقهاء الجمع الصوري. وليس الجمع الحقيقي الذي تقدم فيه صلاة عن وقتها إلى وقت أخرى أو تأخر صلاة إلى وقت أخرى.
وعليه فإذا كان وقت المحاضرة يتزامن مع وقت الصلاة بشكل دائم أثناء الفصل فإنه يجب حذف المادة التي تتعارض مع وقت الصلاة، وتسجيلها في وقت آخر، أو مع أستاذ آخر إذا أمكن. وإن لم يمكن استأذنت لدقائق وصليتها في أقرب مكان إلى قاعة المحاضرة، وهذا يمكن عادة. فإن اضطررت إلى البقاء في القاعة وقتا يستغرق وقت الصلاة كله، مع عدم إمكان الخروج، كأن كنت في امتحان أو عمل متواصل لايمكن قطعه، فإن لك حينئذ لا غير أن تجمع مشتركتي الوقت الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء.
وننبه هنا إلى أنه لا يجوز جمع العصر مع المغرب لعدم اشتراكهما في الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1421(11/11690)
كيفية القصر والجمع في السفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كيفية صلاة القصر والجمع عند السفر، وما أوقاتهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
يجوز للمسافر أن يجمع الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء، مع قصر ما كان رباعياً من الصلوات، ولذلك ضوابط:
1/ جمع الظهر والعصر تقديماً: وهذا أولى في حق من زالت عليه الشمس وهو في محل نزول، إذا كان نوى ألا ينزل قبل الاصفرار، فإن نوى النزول قبله فقيل: لا يحق له تقديم العصر على الظهر وقيل: يحق له وهو الصحيح.
2/ جمع الظهر والعصر تأخيراً: وهذا أولى في حق من زالت عليه الشمس، وهو في أثناء السير وقد جدّ فيه فله أن يجمع الظهر والعصر جمع تأخير.
3/ جمع المغرب والعشاء تقديماً: وهذا أولى في حق من غربت عليه الشمس وهو نازل، وقد نوى إذا ارتحل ألا ينزل إلا بعد ثلث الليل.
4/ جمع المغرب والعشاء تأخيراً: وهذا أولى في حق من غربت عليه الشمس وهو في حال ركوب وجَدَّ في السير، فله أن يؤخر المغرب إلى وقت العشاء ويجمعهما. والدليل حديث أنس المتفق عليه، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1422(11/11691)
لا يجمع بين الصلاتين إلا إذا شرع في السفر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجمع المسافر بين صلاتين قبل أن يغادر بلده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
لا تكفي نية السفر لاستباحة رخصه، بل لا بد من الشروع فيه ومفارقة بيوت بلدته، لقوله تعالى: (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) [النساء: 101] . ولقول أنس رضي الله عنه في الحديث المتفق عليه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر ثم ركب". والآية تبين أن العبد لا يقصر الصلاة إلا إذا كان ضارباً في الأرض، ولا يسمى ضارباً حتى يخرج من بلده.
... هذا والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11692)
يصح الجمع بين الصلاتين في السفر والتيمم لهما عند فقد الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نسافر إلى المقناص، ونقوم بجمع الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء، مع العلم بأنني لا أجلس في مكان واحد، ولا أعلم متى أرجع إلى البلد، وكذلك نتعفر ولا نتوضأ لأننا في مكان يصعب الحصول فيه على الماء. والله يرعاكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد أما بعد:
فمن سافر سفرا مباحا جاز له أن يجمع ويقصر إذا كان المسافة أربعة برد فما فوقها، وهي بمقدار ثلاثة وثمانين كيلومترا. فإذا كنتم مسافرين لهذه المسافة فلكم الجمع والقصر مدة السفر، فإذا وصلتم إلى بلد القنص وعلمتم أنكم تجلسون فيه، أربعة أيام فأكثر فأتموا الصلاة، وصلوا كل صلاة في وقتها، ولكم أن تتيمموا إذا لم تجدوا الماء، لقوله تعالى (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) [المائدة:6] ولا تتيمموا إلا بعد البحث عن الماء، إلا إذا غلب على ظنكم أنكم لن تجدوه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1422(11/11693)
لا يجمع بين صلاتين بغير عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم جمع صلاتين بدون عذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أفتى العلماء أنه لا يجوز الجمع بين الصلاتين، بل يجب على المسلم أن يصلي كل فرض في وقته ما دام صحيحا مقيما ـ لأن هذا هو الثابت المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وأما الذي يجمع فهو المريض للحاجة، والمسافر لعلة السفر، وكذا في المطر وغيره من الاعذار التي حددها الفقهاء. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11694)
وقت صلاة الجمعة والعدد الذي تنعقد به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أنا طالب بمدرسة فرنسية، لدينا مسجد بهذه المدرسة نصلي فيه جميع الصلوات، وكذلك صلاة الجمعة، إلا أننا نقدم صلاة الجمعة بساعتين عن وقتها، لأن البرنامج الدراسي لا يمكننا من أدائها في الوقت، ومن جهة أخرى يكون عدد المصلين اثنين أو ثلاثة إذن فما حكم صحة صلاة الجمعة من خلال ما ذكرت؟ لأنه لا يوجد بديل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أنه يجب أداء الصلوات في أوقاتها المحددة بالشرع، وأن دخول الوقت شرط في صحة الصلاة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 25459.
وبالنسبة لوقت الجمعة، فهو وقت الظهر عند جمهور أهل العلم، ولا تصح قبله، وهو يبدأ بزوال الشمس وينتهي بدخول وقت العصر.
وذهب الحنابلة إلى أن أول وقت الجمعة هو أول وقت صلاة العيد، أي يبدأ من طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح إلى حين دخول وقت العصر، وعليه، فصلاتكم الجمعة قبل وقتها المعروف جائزة على مذهب الحنابلة، وراجع في هذه المسألة الفتوى رقم: 23917.
وأما العدد الذي تنعقد به الجمعة، فهو نفسه الذي تنعقد به الجماعة، وهو اثنان فصاعدا، وهو الذي نختاره من بين الأقوال، إذ لم تقم الحجة على اشتراط عدد معين لعدم تعيينه من الشارع، وانظر الفتوى رقم: 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(11/11695)
فاته السجود حتى قام الإمام إلى الركعة الثانية من الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يصلي خلف إمام الجمعة ولما سجد لم يرفع من السجود الأول حتى قام الإمام للركعة التي تليها لأنه لم يسمع نكبير الإمام،فما حكم صلاته وإن كانت باطلة هل يعيدها ظهراً أم جمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم هذا الرجل الذي فاته السجود مع إمامه حتى قام للركعة الثانية، أن يأتي بالسجدة الثانية ويتبع إمامه ويكمل معه بقية الصلاة وصلاته صحيحة.
أما إذا كان ترك السجود والتحق بالإمام نسيانا أو جهلا، فإنه يلغي تلك الركعة التي ترك منها السجود ويأتي بركعة بدلها بعد سلام إمامه وصلاته صحيحة إن شاء الله تعالى.
أما إذا لم يكن أتى بالسجود ولم يأت بركعة بدل الركعة التي ضاع منها السجود، فصلاته باطلة، يجب عليه قضاؤها.
وإذا كانت الصلاة جمعة -كما هو حال السائل- فإنه يقضيها ظهرا أربع ركعات في أقرب وقت وفي أي وقت.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 9042، والفتوى رقم: 13908.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(11/11696)
من فاتته ركعة من الجمعة هل يجهر أم يسر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.... أما بعد:
إذا دخلت المسجد يوم الجمعة ووجدت الإمام في الركعة الثانية فبعد سلام الإمام آتي بالركعة الفائتة جهراً أم سراً؟ نظراً لأهمية الصلاة أريد أن تدلوني على مرجع يتحدث عن أحكام المسبوق للفائدة؟ جزاكم الله عنا كل خير وسدد خطاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أدرك ركعة من صلاة الجمعة مع الإمام فإنه يقوم ليأتي بالركعة الثانية بعد سلام الإمام، وصلاة الجمعة صلاة جهرية فيشرع له أن يجهر في قراءته في الركعة الثانية، وراجع الفتوى رقم:
4059، والفتوى رقم: 27099.
وأحكام المسبوق تجدها مفصلة في كتب الفقه (كتاب الصلاة) (أبواب صلاة الجماعة) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/11697)
التأمين على الدعاء يوم الجمعة لا يعتبر لغوا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التأمين على الدعاء في خطبة الجمعة يعتبر لغواً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التأمين على الدعاء في الخطبة مطلوب عند سماع دعاء الخطيب، وينبغي أن يكون سراً، قال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره في معرض حديثه عما يجوز للمأموم فعله أثناء الخطبة: وإقبال على ذكر قلَّ سراً كتأمين وتعوذ عند ذكر السبب.
وظاهر كلام الدردير والدسوقي في شرح هذا المحل أن التأمين في هذه الحال مندوب، وراجع أقوال العلماء فيه في الفتوى رقم:
26612
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1424(11/11698)
واجبات الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الواجب فعله في الخطبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد خُطبة الجمعة، فتجب فيها عدة أمور:
- أن تقع في وقت الجمعة على خلاف في تحديد وقتها.
- حمد الله، وذلك لما روى أبو هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "كل كلام لا يبدأ بالحمد لله فهو أجزم أي مقطوع البركة" رواه ابو داود.
وروى أبو داود عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تشهد قال: الحمد لله".
- الوصية بتقوى الله، لأنها المقصودة بالخطبة، فلم يجز الإخلال بها، روى الجماعة عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً ويجلس بين الخطبتين ويقرأ آيات ويذكر الناس.
- أن يخطب الخطيب خطبتين في وجود جماعة تنعقد بهم الجمعة على خلاف في تحديد هذا العدد، لما في المسند عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس، فكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً.
- أن تتقدم الخطبتان على الصلاة مع الموالاة بينهما وبين الصلاة، لأنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم خلافه، روى أحمد والنسائي عن السائب بن يزيد قال: كان بلال يؤذن إذا جلس النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر ويقيم إذا نزل، وهذا يدل على تقدم الخطبتين وموالاتهما مع الصلاة.
وهناك عدد من الشروط والواجبات غير ذلك تطلب في مظانها من كتب الفقه.
وإذا كنت تقصد خِطبة النكاح: فالخطبة ليست ركناً من أركان عقد النكاح، وليست شرطاً من شروط صحته، فلو تم العقد دونها كان عقداً صحيحاً لا تشوبه شائبة، والراجح استحبابها لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومحل الخطبة المرأة التي يحل له نكاحها في الحال، فتحرم عليه خطبة من لا تحل له، كمن كانت في عدة لرجل آخر تصريحاً أو تعريضاً في الطلاق الرجعي باتفاق العلماء، وكذلك الطلاق البائن عند الحنفية خلافاً للجمهور الذين أجازوا التعريض دون التصريح، ومن كانت في عدة الوفاة جاز التعريض بخطبتها دون التصريح، وتحرم خطبة من خطبت وركنت إلى خاطبها، ويستحب النظر إلى من يريد بها الزواج قبل خطبتها، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها، فإن في أعين الأنصار شيئاً" وهذا مذهب جماهير أهل العلم، فإذا عَنَّ للرجل الزواج من امرأة معينة تقدم إلى وليها والتمس نكاحها منه، ومباحث خطبة النكاح طويلة الفروع تطلب في مظانها من كتب الفقه.
وتتميماً للفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 13096، 313، 3179، 1157.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1424(11/11699)
هل يعتمد الخطيب على عصا أثناء الخطبة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[العصا أثناء خطبة الجمعة هل هي شرط أم سنة؟ وهل يترتب شيء على الإمام الذي يخطب بدون عصا؟
أفتونا بارك الله فيكم؟
السلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد استحب أهل العلم أن يعتمد الإمام أثناء الخطبة على عصا أو نحوها وذلك لما رواه أبو داود عن الحاكم بن حزن قال: شهدنا الجمعة مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقام متوكئا على عصا أو قوس فحمد الله وأثنى عليه. قال شعيب وعبد القادر الأرناؤوط وسنده حسن كما قال الحافظ في التلخيص وصححه ابن خزيمه وله شواهد.
ولا يعتبر هذا الاعتماد شرطا في الخطبة ولا يترتب على من خطب بدونها أي شيء، بل إن العلماء نصوا على أن له أن يمسك شماله بيمينه أو يرسلهما، قال البهوتي في كشاف القناع: وإن لم يعتمد على شيء أمسك شماله بيمينه أو أرسلهما عند جنبيه وسكنهما. انتهى.
وقال الصنعاني في سبل السلام: فإن لم يجد ما يعتمد عليه أرسل يديه أو وضع اليمنى على اليسرى أو على جانب المنبر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(11/11700)
الترهيب من التهاون في صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد أن تزوجتها بفترة وجيزة اكتشفت أن إخوتها لايصلون صلاة الجمعة.
فما حكمهم، وماذا يجب عليها وماذا يجب علي أنا، مع العلم أنني أترك زوجتي وابنتي عندهم لظروف عملي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترك الجمعة من كبائر الذنوب- نسأل الله العافية- وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم على أعواد منبره: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين. أخرجه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه. أخرجه أحمد وأصحاب السنن.
فإخوة زوجتك على خطر عظيم إن لم يتوبوا لربهم تبارك وتعالى، والواجب عليهم أن يبادروا بالتوبة من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة.
وأما أنت وزوجتك فالواجب عليكما تذكيرهم بخطورة ما هم عليه، وإدامة نصحهم ونهيهم عن هذا المنكر العظيم، فإن لم ينتصحوا فليس عليكما إثم فإنه لا تزر وازرة وزر أخرى, وأما تركك زوجتك وابنتك عندهم فلا بأس به إذا كانوا مأمونين عليها وقد يكون خيرا لها من بقاءها بمفردها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1430(11/11701)
حكم إنكار وجوب الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يصلي الصلوات الخمس في البيت ولا يصلي في المسجد أبداً وينكر وجوب صلاة الجمعة ولم يصلها أبداً فما حكمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أن صلاة الجمعة فرض بدلالة الكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة:9} ، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض ... رواه أبو داود وصححه الألباني.
وأجمعت الأمة على فرضها، فمن أنكر وجوبها فهو كافر لأنه مكذب لكتاب الله تعالى إن كان مثله لا يجهل حكمها كالذي يعيش في بلاد المسلمين، وقد روى الترمذي في سننه عن مجاهد قال: سئل ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل، لا يشهد جمعة ولا جماعة؟! قال: هو في النار. ومعنى الحديث أنه لا يشهد الجمعة ولا الجماعة رغبة عنها واسخفافاً بحقها وتهاوناً بها.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه. رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
هذا وعيد من ترك ثلاث جمع، فكيف بمن ترك الجمعة أصلاً وأنكر فرضها والعياذ بالله، فالواجب على الشخص المشار إليه أن يجدد إيمانه وأن يتوب إلى الله تعالى قبل حلول الأجل حين لا ينفع الندم، وعلى من كان له صلة به أن يذكره بالله تعالى وبأليم عقابه، فإن تاب فبها ونعمت، وإن أصر على ضلاله فليرفع أمره إلى المحكمة الشرعية إن كان ثمة محكمة شرعية، وانظر الفتوى رقم: 55851، والفتوى رقم: 61377 وكلاهما فيمن أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، والفتوى رقم: 28664 في وجوب صلاة الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1427(11/11702)
التغليظ في ترك الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في أرض المهجر، أرسل لوالدي القليل من المال بالإضافة إلى مبلغ آخر صغير أخصصه كل شهر (صدقة لله) .... أنا لا أصلي فقط صلاة الجمعة، وقد حدث لي أن نمت صباحا وأنا (مجنب) ، فحلمت حلما غريبا أخافني، إذ أني رأيت نفسي على هيئة طيف راح يبحث بين الجموع عن جسدي الميت والممدد والملفوف بالكفن، فتراءى لي وجه والدي الحزين علي، فسألته عن هذا الحال، فقال إني أكلت طعاما مسموما منذ ثلاثة أيام وهو سبب موتي.... ثم أخذت أقترب من جسدي فرأيته والروح ينزع منه، ويلفظ الأنفاس الأخيرة، وكان الألم شديدا، وفكرت بتلك اللحظة بفقدان الأهل والأصدقاء، وانتابني ندم شديد على تقصيري اتجاه الله..... ثم نقلت روحي واجتمعت مع طيف لأحد أصدقائي وهو يدعى (أمجد) وسألني عن حالي فأجبته.. أنني حزين على فقدان الأهل وحزين لأني قصرت بصلواتي واتجاه ديني، فأجابني ناصحا ... إن أحب الأعمال إلى الله الصلاة.... فراح الندم يتغلغل أكثر فأكثر إلى قلبي وتمنيت لو أرجع إلى الحياة وأصلي وأبتهل وأتقرب من الله أكثر..... إلا أن هذا الشيء كان مستحيلا في تلك اللحظة، وكنت قد ظننت أني فارقت الحياة..... بعدها استيقظت مذعورا وقلبي حزين يبكي ندما ولم أصدق أنني على قيد الحياة حتى دخل علي أحد أصدقائي الغرفة ... وأخذت أمعن فيه النظر الذي كذب الحلم وأثبت لي أني ما زلت حيا ولم أكتف بهذا، بل أخذت أتلمس الفراش من حولي علي أشعر بملمسه وأثبت لنفسي أني على قيد الحياة. ووالله كانت روحي تؤلمني في مشاعري وعواطفي، وأنه كان الأمر مفزعا ومروعا ذاك الذي انتابني.
ولا أدري أهذا من الرحمن أم من الشيطان؟ وأنا الآن حائر بأمر هذا الحلم الغريب ولا أدري ما يعني؟ وماذا علي أن أفعل وكيف سأتصرف.؟ أيكون الله غاضبا مني؟ علما أني أتوخى الحذر من أن أقع في ذنب. أرجوكم ثم أرجوكم أرشدوني وأفتوني في هذا الأمر وماذا علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالصلاة شأنها عظيم فهي ثاني أركان الإسلام، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن من تركها كفر، فإن كنت مفرطا فيها فعليك المبادرة بالتوبة قبل فوات الأوان فتندم حين لا ينفع الندم، وإن كنت تترك الجمعة فقط كما قد يظهر من سؤالك فاعلم أن صلاة الجمعة فريضة لا يستقيم أمر دين المأمور بها إلا بأدائها والمحافظة عليها كسائر الصلوات المفروضة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة:9} . وقال صلى الله عليه وسلم: رواح الجمعة واجب على كل مسلم. رواه النسائي من حديث ابن عباس، وفي أبي داود مثله وهو صحيح، وفي المسند وسنن النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه. وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم وليكونن من الغافلين.
وبالنسبة لرؤياك هذه، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان, فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من الشيطان, فإنها لا تضره. وفي رواية: وإن رأى شيئا يكرهه فلا يقصه على أحد, وليقم يصلي.
فكان عليك أن لا تقص رؤياك هذه على أحد، وأن تبادر إلى التوبة من ترك الجمعة، وتلازم قراءة القرآن والذكر والاستغفار، وتأدية الفرض في بيت الله مع الجماعة، وتتزود بخير الزاد.
وبالرغم من أن الرؤى لا تنبني عليها أحكام، إلا أن هذا المشهد المفزع الذي رأيته قد يكون أمرا من الله أراد به أن يريك عظم هذا الذنب الذي أنت عليه، كي تبادرَ لتتدارك مستقبلك قبل فوات الأوان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1427(11/11703)
كيف تنصح المرأة زوجها المضيع لصلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أقنع زوجي ليصلي الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أعظم إحسان الزوجة إلى زوجها حرصها على إعانته على طاعة الله تعالى واجتناب معصيتة، وهذا من شأن المؤمنات، فنسأل الله أن يثيبك خيراً، وأن يعينك فيما تنشدين من إقناع زوجك ليصلي الفجر، فإن عون الله تعالى أهم ما يستجلب به المرغوب ويستدفع به المرهوب، فنوصيك بأمور:
أولاً: بالاستعانة بالله تعالى.
ثانياً: ينبغي تذكيره بالله تعالى وبالموت والحساب، مع تحري الأسلوب الطيب فإن ضعف الإيمان سبب في التكاسل عن الطاعات، وزيادة الإيمان سبب في النشاط في الطاعات، وراجعي الفتوى رقم: 6342، والفتوى رقم: 5904.
ثالثاً: تذكيره بأهمية صلاة الفجر وأدائها في وقتها إن كان يؤخرها عن وقتها، وأهمية المحافظة عليها في جماعة إن كان مفرطاً في أدائها في جماعة وتراجع الفتوى رقم: 23962.
رابعاً: تخويفه بالنصوص التي وردت في التفريط في الصلوات ولا سيما صلاة الفجر وأن ذلك من علامة النفاق، وتراجع الفتوى رقم: 10673، والفتوى رقم: 5940.
خامساً: أنه ينبغي التنويع في أساليب النصح ووسائله فإن ذلك أدعى للاستجابة وقبول النصح، وتراجع الفتوى رقم: 23701.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1426(11/11704)
كم ركعة تصلي المرأة صلاة ظهر الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[المرأة هل تصلي في بيتها صلاة الظهر ركعتين أو أربع ركعات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الظهر أربع ركعات بإجماع المسلمين، ويستوي في ذلك الرجل والمرأة، ومن صلى في المسجد ومن صلى في البيت، إلا المسافر -رجلا كان أو امرأة- فإنه يجوز أن يقصر الصلاة الرباعية فيصليها ركعتين.
لكن إن كان الأخت السائلة تعني صلاة ظهر الجمعة فإنها إذا صلت في بيتها تصلي أربعا مثل ظهر سائر الأيام، فإذا ذهبت إلى المسجد وصلت الجمعة مع الناس صلت ركعتين وتجزئها عن صلاة الظهر، وإن كانت لا تجب عليها، وهذا أمر لا خلاف فيه بين العلماء. وإن كانت تعني غير ما ظهر لنا فلتوضحه لنا.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 55249 والفتوى رقم: 3193.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(11/11705)
التخلف عن حضور الجمعة ولو مرة معصية عظيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
المحترم فضيلة الشيخ أريد أن أسألكم عن الأخ يشتغل مع مصنع السيارات فرودوا ماليزية. قام المصنع بتبادل العمال مع الشركة. ووضع اليابان للشركة بأن العامل المسلم لا يسمح لهم بصلاة الجمعة إلا في المرة الثالثة على التوالي. هل يصح ذلك أم لا , ونريد منكم أن تأتونا بالأدلة حتى نريهم على سبيل الإقناع.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم التخلف عن صلاة الجمعة بسبب العمل في الفتاوى التالية أرقامها: 44018، 25643، 4590.
وما رواه أصحاب السنن وأحمد من حديث أبي الجعد الضمري من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه. لا يعني جواز أن يتخلف عنها دون الثلاث إن كان مراد السائل ذلك من قوله: لا يسمح لهم بصلاة الجمعة إلا في المرة الثالثة على التوالي.
فالمسلم الذي يتخلف عن صلاة الجمعة لغير عذر شرعي عاص لله تعالى بتخلفه ولو مرة واحدة، وقد عرض نفسه للوعيد الوارد في حديث ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما المخرج في صحيح مسلم من أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين. ويتضاعف الوعيد ويشتد إذا تخلف عن ثلاث جمع فأكثر، كما في الحديث السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(11/11706)
حكم استئذان صاحب العمل لأجل الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقطن في بلاد الغرب أصلي صلاة الجمعة بدون أن أستأذن صاحب العمل لأني أعلم بأنه سيرفض لكن لا أضر بالعمل الذي كلفت به هل علي شيء في ذلك وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك الذهاب لصلاة الجمعة ولا يجوز لك تركها، ولو منعك صاحب العمل لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا يلزم استئذان صاحب العمل ما دام ذهابك لا يضر بالعمل، أما إذا كان يضر بالعمل فلا بد من إعلامه بذهابك حتى لا يتضرر بسببك وهو لا يعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/11707)
حكم تكرار الجمعة في مسجد واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الجمعة في السجن بالسجناء الذين يفوق عددهم 150 سجينا لكن هذا العدد لا يحضر في دفعة واحدة وإنما هم منقسمون على أفواج، وهل تجوز الإعادة مع الفوج الثاني؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن هذا العدد كاف لإقامة الجمعة، لكن يجب التنبيه إلى أنه إن أمكنت صلاتهم جماعة واحدة فذلك هو الواجب، ولو ضاق المكان المخصص للصلاة فصلوا في الطرق المحيطة به، لأن أهل العلم منعوا إقامة الجمعة في مسجدين في بلد واحد من غير حاجة، فمنع ذلك في المسجد الواحد من باب أولى، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 23537، ولا يشرع لمن صلى الجمعة أن يعيدها ثانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1424(11/11708)
للمرء أن يصلي فبل الجمعة ما شاء
[السُّؤَالُ]
ـ[عدد سنن صلاة الجمعة قبلها وبعدها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء في عدد ما يصلى قبل الجمعة من السنن، فللمرء أن يصلي اثنتين أو أربعا أو أكثر.
وذهب بعض أهل العلم إلى استحباب صلاة أربع ركعات قبلها، مستدلين بحديث ضعيف أخرجه ابن ماجه عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الجمعة أربعا لا يفصل في شيء منهن.
وأما بعدها، فركعتان، وقيل أربع، وانظر أدلة ذلك في الفتوى رقم: 11006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(11/11709)
حكم صلاة الجمعة في مكان يفصله شارع عن المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[مسجد اكتظ بالمصلين وكذا الأماكن الخارجية ـبعدها شارع يمر فيه السياراتـ وتوجد على الرصيف الآخر عمارة لم يستكمل بناؤها وعلى أعمده افترشت أرضيتها وتتم صلاة الجمعة فيها، فما حكم الصلاة فى هذا المكان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتصح صلاة الجمعة والجماعة في هذا المكان الذي اكتظ بالمصلين، إذا كان المصلون يتمكنون من الاقتداء بإمامهم إما بسماع التكبير أو رؤية من يُؤتم به على الراجح من أقوال العلماء، وهذا مذهب المالكية والشافعية واختاره ابن قدامة من الحنابلة واحتج له فقال رحمه الله: فصل: وإذا كان بينهما طريق أو نهر تجري فيه السفن، أو كانا في سفينتين مفترقتين، ففيه وجهان: أحدهما: لا يصح أن يأتم به، وهو اختيار أصحابنا، ومذهب أبي حنيفة لأن الطريق ليست محلا للصلاة، فأشبه ما يمنع الاتصال.
والثاني: يصح، وهو الصحيح عندي، ومذهب مالك والشافعي، لأنه لا نص في منع ذلك، ولا إجماع ولا هو في معنى ذلك، لأنه لا يمنع الاقتداء، فإن المؤثر في ذلك ما يمنع الرؤية أو سماع الصوت، وليس هذا بواحد منهما، وقولهم: إن بينهما ما ليس بمحل للصلاة، فأشبه ما يمنع، وإن سلمنا ذلك في الطريق فلا يصح في النهر، فإنه تصح الصلاة عليه في السفينة وإذا كان جامداً، ثم كونه ليس بمحل للصلاة إنما يمنع الصلاة فيه، أما المنع من الاقتداء بالإمام فتحكم محض، لا يلزم المصير إليه ولا العمل به، ولو كانت صلاة جنازة أو جمعة أو عيد، لم يؤثر ذلك فيها، لأنها تصح في الطريق، وقد صلى أنس في موت حميد بن عبد الرحمن بصلاة الإمام، وبينهما طريق.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 15440.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1424(11/11710)
بعض نساء الصحابة كن يحضرن الجمعة مع النبي
[السُّؤَالُ]
ـ[- هل تجوز صلاة الجمعة للمرأة؟
حفظكم الله وجزكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة يجوز لها أن تصلي الجمعة في الجامع إذا كانت ممن يجوز لها الخروج، حيث أذن لها الزوج، ولم تكن متطيبة، وكانت ملتزمة باللباس الشرعي. وينبغي للزوج أن لا يمنعها، إلا أن صلاتها في بيتها أفضل لما في الحديث: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. رواه البخاري.
وفي رواية لأحمد والحاكم، وصححها الحاكم، ووافقه الذهبي والألباني: لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهنَّ خير لهنَّ.
وقد ثبت أن بعض نساء الصحابة كن يحضرن الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى مسلم عن أم هشام بنت حارثة أنها قالت: ما أخذت ق والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس.
وقد سبق بيان عدم وجوب الجمعة على النساء في الفتوى رقم: 8613.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1424(11/11711)
صلاة المرأة الظهر قبل انتهاء خطيب الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوم الجمعة إذا صلت المرأة وهي في البيت قبل أن ينتهي إمام الجامع من الخطبة الجمعة هل يجوز أم لا؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على المرأة في أداء الظهر قبل انتهاء صلاة الجمعة لأن المرأة ليست مطالبة بصلاة الجمعة.
وانظر الفتوى رقم: 26697، والفتوى رقم: 3193.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11712)
صلاة الجمعة في روسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الجمعة في روسيا فرض أم واجب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجمعة في روسيا فرض عين على الرجال كما هو الحال في بلاد الله الأخرى، فإذا توفرت شروط الوجوب ولم يكن هناك عذر من الأعذار الشرعية التي تبيح التخلف، فإن التخلف يعتبر من كبائر الذنوب وعظيم المعاصي. فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لينتهينَّ أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمنَّ الله على قلوبهم، ثم ليكوننَّ من الغافلين.
وبإمكانك أن تستفيد لو اطلعت على الفتوى رقم:
32811.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(11/11713)
حكم أداء صلاة الجمعة في البيوت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نصلي صلاة الجمعة في البيت؟
asalam 3alaycom
hal yajouzo an nosali salata aljomoa fi albayti]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشترط لصحة الجمعة أداؤها في المسجد، ولكن لا يجوز أداؤها في البيوت ونحوها ولو جماعة، لأن من شروط صحة الجمعة عدم تعددها إلا لضرورة أو حاجة، وألا يقل المجمعون عن أربعين من الرجال المسلمين العقلاء البالغين الأحرار المقيمين وتعددها في البيوت أو غيرها بغير هذه الشروط مبطل لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(11/11714)
صلاة الجمعة ركعتان، تمام غير قصر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح بأن صلاة الجمعة كانت 4 ركعات ومن ثم سنت ركعتين؟ وما هي الأسباب وفي أي عام سنت؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا لا نعلم دليلاً يدل على أن صلاة الجمعة كانت أربع ركعات ثم حولت إلى ركعتين، بل الظاهر أنها شرعت ركعتين فقط.
ويدل لذلك ما ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه قال: صلاة السفر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وأبو يعلى، واللفظ لـ أحمد، وصححه الأرناؤوط والألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(11/11715)
المؤمنون هم المأمورون بالسعي إلى الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في بلد غير إسلامي ولا يعطلون الجمعة، فهل يجوز أن أترك أحداً في المتجر (غير مسلم) في وقت أدائي لصلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] .
والمخاطبون بهذا هم المؤمنون المأمورون بالسعي إلى الجمعة، ومعلوم أن الكافر ليس من هؤلاء.
قال ابن قدامة في المغني: فصل: وتحريم البيع ووجوب السعي يختص بالمخاطبين بالجمعة، فأما غيرهم من النساء والصبيان والمسافرين فلا يثبت في حقه ذلك، وذكر ابن أبي موسى في غير المخاطبين روايتين، والصحيح ما ذكرنا، فإن الله تعالى إنما نهى عن البيع من أجل تحقيق أمره بالسعي، فغير المخاطب بالسعي لا يتناوله النهي، ولأن تحريم البيع معلل بما يحصل به من الاشتغال عن الجمعة، وهذا معدوم في حقهم ... انتهى.
وعليه نقول للأخ السائل إنه لا حرج في ترك هذا الشخص في محلك للبيع أثناء صلاة الجمعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1424(11/11716)
صلاة الجمعة في الصين
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نصلي صلاة الجمعة فى الصين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجمعة لا يختلف حكمها في الصين عن حكمها في أي بلد آخر فتجب إقامتها وحضور جميع المكلفين، إلا إذا كان هناك خوف على نفس أو دين أو أهل أو مال أو غير ذلك من الأعذار الموضحة في كتب الفقه.
وقد استدل ابن حزم في المحلى على كون الخوف عذراً بقوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] ، وبقوله: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119] .
وقال ابن قدامة في المغني في أعذار التخلف عن الجمعة والجماعة: ويعذر في تركها الخائف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العذر خوف أو مرض.، والخوف ثلاثة أنواع: خوف على النفس، وخوف على المال، وخوف على الأهل....
وقال خليل في مختصره: وعذر تركها -يعني الجمعة- والجماعة شدة وحل ومطر أو جذام ومرض وتمريض وإشراف قريب ونحوه وخوف على مال أو حبس أو ضرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(11/11717)
حكم من تخلف الجمعة فصلاها ظهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الفرد مقبولة مع عدم ترك الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجمعة فرض على من تحققت فيه شروط وجوبها، والتخلف عنها لغير عذر لا يجوز، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
8688.
ومن تخلف عنها فصلاها ظهراً، فإن كان ذلك قبل فوات الجمعة فإنها لا تجزئه صلاة الظهر، وإن كان بعد فوات الجمعة أجزأته إلا أنه يكون آثماً بتخلفه عن صلاة الجمعة مع القدرة على شهودها، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8773.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(11/11718)
الأهمية البالغة لصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب أعيش حالياً في كندا وأدرس في معهد للغة ودوامي يكون من الساعة 9 صباحاً وحتى 3 ظهراً ومن المعلوم أن يوم الجمعة هو يوم دوام عادي وبالتالي لا أستطيع الذهاب إلى صلاة الجمعة فماذا عليّ أن أفعل إذا كان من الصعب علي الذهاب إلى الصلاة خلال الدوام؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لينتهينّ أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونُنّ من الغافلين. أخرجه مسلم.
وقال: من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه. أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه المنذري والألباني.
وقال في حديث آخر: من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين. رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني.
وقد ذكر ابن عبد البر في الاستذكار أن العلماء أجمعوا على أن من تركها ثلاث مرات من غير عذر فاسق ساقط الشهادة.
وبناء على ما سبق.. فلا يجوز لمن تلزمه الجمعة أن يتخلف عنها تحت أي مبرر ما دام قادراً على حضورها لا يمنعه منها أمر قاهر، فاحرص أخي أتم الحرص على حضور الجمعة، واعلم أن الصلاة عون على قضاء الحوائج. قال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45] .
واعلم أن ركعتين في النافلة أفضل من الدنيا كلها فأحرى الجمعة، فقد أخرج الطبراني بسند حسن كما قال المنذري ووافقه الألباني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر، فقال: من صاحب هذا القبر؟ فقالوا: فلان، فقال: ركعتان أحب إلى هذا من بقية دنياكم.
ثم إن تخلف حصة واحدة في الأسبوع لا يؤثر على الدراسة، لاسيما إذا علمنا أن تعلم اللغات تتوافر له عدة وسائل في الإنترنت وغيرها.
هذا؛ ولتعلم أنه ثبت لنا أن كثيراً من المسلمين اشترطوا على المؤسسات الغربية مراعاة أمورهم الدينية، فكانوا يوفرون لهم وقت الصلاة ووجبات الإفطار في الصوم ووجبات سالمة من الخنزير والخمر، فتوكل أخي على الله، واحرص على شعائر دينك، وستفلح في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(11/11719)
هل تصلي المرأة الجمعة في بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الجمعة للمرأة في البيت؟ وكم ركعة تصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع العلماء على أن المرأة لا جمعة عليها كما نقل ذلك ابن المنذر رحمه الله وغيره، فإذا صلت في بيتها فلتصل ظهراً أربع ركعات بمجرد دخول وقت صلاة الظهر، ولا تنتظر الناس حتى يتموا صلاتهم، لفضل الصلاة في أول الوقت، لكن إذا حضرت الجمعة في المسجد جاز لها أن تصلي معهم جمعة بإجماع العلماء، كما نقل ذلك ابن المنذر أيضاً، وقد كنَّ النساء يصلين خلف النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده خلف الرجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(11/11720)
السفر يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[- كثيراً ما أسافر يوم الجمعة من المنطقة الشمالية إلى المنطقة الشرقية قاطعآ مسافة 1500 كيلومتر تقريبا ولا أصلي الجمعة ذلك اليوم حتى لو صادفت الإمام يخطب في أي من المدن التي أعبرها بل أقصرها كصلاة ظهر وأجمعها مع العصر إما جمع تقديم أو جمع تأخير وذلك لأن المسافة طويلة وأردت أن أترخص برخص السفر فهل مافعلته صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للمسلم أن يسافر يوم الجمعة لما يترتب على ذلك من ضياع شعيرة الجمعة، وهي من أعظم الشعائر، وقد ذهب إلى تحريم ذلك الشافعية سواء كان سفره بعد زوال الشمس أو قبله، وقد أخرج ابن النجار عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سافر من دار إقامة يوم الجمعة دعت عليه الملائكة لا يصحب في سفره، ولا يعان على حاجته." واستثنى الشافعية من الحرمة ما إذا خاف فوات الرفقة، فيجوز، وكذا إذا أمكنه صلاة الجمعة في طريقه.
وذهب المالكية والحنابلة إلى كراهة السفر قبل الزوال.
وذهب الحنفية إلى الجواز.
واتفقت المذاهب الأربعة على حرمة السفر بعد الزوال قبل أن يصلي.
ويزداد الأمر منعاً في حق من يسافر يوم الجمعة قبل الزوال إن كثر سفره في الجمع.
ولذا.. فعليه إن احتاج إلى السفر يوم الجمعة، ولم يتمكن من السفر يوم الخميس أن يعزم على أن يصلي الجمعة في طريقه، ثم له أن يصلي العصر معها جمعاً إن شاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1423(11/11721)
لا يشغلنك العمل عن حضور الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر تونسي أمارس تجارتي متجوّلا بين الأسواق حيث إنّني أقطن في مدينة منزل تميم وأعرض منتوجاتي في أسواق ولاية تونس وأنا شريك مع إخوتي أمّا بعد:
الموضوع:
في يوم الجمعة لا أستطيع الوصول إلى منزل تميم مبكّراً بعد العمل وبذلك في بعض الأحيان أدرك صلاة الجمعة وأحيانا لا. كما أنّني أثناء العمل في ولاية تونس أسمع نداء الجامع لأداء صلاة الجمعة بيد أن إخوتي لا يتركونني أذهب لأداء الصّلاة بحجّة تعرّض البضاعة إلى السرقة أثناء غيابي
السّؤال:
هل أبقى أعمل وألتحق بصلاة الجمعة متأخّرا هذا إن استطعت الالتحاق أم أنّي أترك عملي في هذا اليوم بالذّات غير مبال بما يقوله لي إخوتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك التخلف عن الجمعة وتجارات الدنيا كلها لا تساوي سجدة بين يدي الله تعالى، وقد ورد الوعيد الشديد والزجر الأكيد عن التخلف عن حضور الجمعة، فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لينتهينَّ أقوامٌ عن ودعهم الجمعات، أو ليختمنَّ الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين.
وانظر الفتوى رقم: 8572، والفتوى رقم: 12816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/11722)
الجمعة في الحقول النفطية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ سؤالي هو هل تجوز صلاة الجمعة في الحقول النفطية التي تبعد عن العمران بمئات الكيلو مترات فاذا كانت تجب ما حكم تاركها والعكس؟
أفيدونا أفادكم الله
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم صلاة الجمعة مع بيان مذاهب العلماء في شروطها، وذلك في الفتوى رقم: 7637، وتبين من الفتوى أن الجمعة تصح في كل مكان حصل فيه اجتماع الناس، ولا يشترط المصر، بل تصح في المدن والقرى، ولا يشترط أن تكون الإقامة في هذه الأماكن دائمة.
وبناء على ذلك، فإن كانت أماكن الحقول النفطية معدة للإقامة، بحيث يستقر العاملون فيها استقرار المقيمين في أوطانهم خلال المدة المقررة لهم، فالجمعة واجبة عليهم، لتوفر شروط وجوب الجمعة في حقهم، وتارك الجمعة عامداً مع العلم بوجوبها عليه، في هذه الحالة وغيرها، مرتكب لكبيرة من الكبائر التي يجب عليه أن يتوب إلى الله منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(11/11723)
تارك صلاة الجمعة على خطر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماعقوبة تارك صلاة واحدة من صلاة الجمعة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من ترك صلاة الجمعة لعذر كسفر أو مرض ونحوهما فلا إثم عليه، ويلزمه أن يصلي بدلاً عنها الظهر، وأما من تركها لغير عذر فإنه قد ارتكب ذنباً عظيماً يجب على من تجرأ عليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفر ويقضي بدلاً عنها الظهر، وشأن الصلاة عظيم، وانظر الفتوى رقم 16664 ورقم الفتوى 2598
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(11/11724)
حكم سفر من تلزمه الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل تسقط صلاة الجمعة عن المسافر إذا أراد السفر وقت الصلاة؟ وهل يجوز الجمع بين صلاة الجمعة والعصر في وقت واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسفر يوم الجمعة لمن تلزمه الجمعة له حالتان:
الأولى: أن يكون بعد الزوال، وهذا لا يجوز عند عامة أهل العلم خلافا للأوزاعي وأبي حنيفة لأنها قد صارت واجبة بدخول وقتها، ويستثنى من ذلك ما إذا كان الشخص يتمكن من أداء الجمعة في طريقه، أو يخاف فوات الرفقة.
والثانية: أن يكون قبل الزوال وبعد طلوع الفجر.. وهذا مختلف فيه:
فذهب المالكية والحنابلة إلى كراهة ذلك.
وذهب الحنفية إلى الجواز.
وذهب الشافعية إلى التحريم، وكرهوه في ليلة الجمعة.
والأولى اجتناب ذلك خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(11/11725)
لا تنعقد الجمعة باثنين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من الإمارات والآن في اليابان ومعي مسلم ثان كيف نصلي الجماعة وهل علينا صلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمتى وجدت جماعة للمسلمين أو مسجد قريب منكما فيلزمكما أداء الجماعة والجمعة معهم. فإن تعذر ذلك فعليكما أن تصليا فرائض الصلاة جماعة حيثما تمكنتما يؤمكما أقرؤكما لكتاب الله، ويقف الآخر عن يمينه، والجمعة لا تجب عليكما عند أكثر أهل العلم لعدم توفر العدد الذي تصح به الجمعة. وراجع الفتوى رقم:
3476
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(11/11726)
العمل في عيادة خاصة هل هو عذر في التخلف عن الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب أشتغل في مصحة خاصة كل جمعة طوال اليوم بحيث لا أتمكن من صلاة الجمعة. ما حكم تغيبي عن صلاة الجمعة, نظرا للاضطرار لكسب قوت العيش. والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعملك في مصحة خاصة ليس عذراً شرعياً يبيح لك التخلف عن الجمعة باستمرار، فعليك أن تتقي الله وتعلم أن الرزق بيد الله (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً* ويرزقه من حيث لا يحتسب) وبإمكانك العمل إلى ما قبل وقت بداية خطبة الجمعة بقليل، ثم تذهب لأدائها في المسجد، وتجمع بين الأمرين وانظر الفتويين:
8688 12816
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1422(11/11727)
يجب إغلاق المطعم وقت خطبة وصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[- هل أستطيع أخذ مبلغ مالي من أبي لأعمل به وتكوين نفسي، علما أنه منذ أكثر من سنة أشترك مع إنسان (طباخ) في فتح مطعم حيث يعمل حتى في وقت صلاة الجمعة، وحينما تكلمت مع الطباخ قال لي لا أستطيع إخراج الناس وهم يأكلون، أما أبي قال لي نفس الكلام وعندما أفتح الموضوع عليه مرة أخرى يقول دعه إنه هو الذي يعمل في ذلك الوقت، ويقول سوف أتكلم معه مستقبلا والأيام تمر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس في أن تأخذ من أبيك مبلغاً من المال لأجل أن تعمل به، وتكِّون به نفسك، ما لم يكن نفس المال جاء من مكسب حرام.
وأما عمل الطباخ وقت صلاة الجمعة، فهو حرام وكبيرة يجب نهيه عنها، ودعواه أنه لا يستطيع أن يخرج الناس غير مقبولة شرعاً، بل يجب عليه أن يخرج من تجب عليه الجمعة منهم، وعليه أن يعمل لوحات إرشادية بذلك، وأن لا يستقبل الزبائن إذا اقترب وقت الخطبة والصلاة، وأن يتخذ غير ذلك من الوسائل الكفيلة بتحقيق الغرض، وليعلم أن أي صفقة أبرمها مع زبون بعد الأذان الثاني للجمعة فاسدة لقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ... ) ولا تيأس أنت من مواصلة النصح إذا لم يتركوا ذلك.
وفقك الله وأعانك وجزاك الله خيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11728)
المتخلفون عن الجمعة قسمان ...
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم
أريد توضيحا حول ما إن كانت تأدية صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة، متى يكون ذلك
شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمتخلفون عن الجمعة قسمان:
الأول: معذور كالمرأة والمسافر والمريض فهؤلاء لهم أن يصلوا الظهر في وقتها متى شاؤوا، والأفضل تأديتها في أول الوقت، سواء صلى الناس الجمعة أم لا.
الثاني: غير معذور: وهذا لا يجوز له التخلف عن الجمعة لقوله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) [الجمعة:9] ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين" رواه مسلم.
فمن أمكنه منهم إدراك الجمعة فيجب عليه أن يدركها، فإن فاتته صلى الظهر أربعاً.
هذا إذا كان المقصود من سؤالك هو تأدية صلاة الظهر بعد الجمعة لمن فاتته الجمعة، أما إذا كنت تقصد تأدية صلاة الظهر لمن قد صلى الجمعة، فراجع الفتوى رقم: 14017
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1422(11/11729)
هل تلزم صلاة الجماعة والجمعة من كان بعيدا عن المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في بنك، وبحمد الله لم أقطع الصلاة ولا أي فريضة علي (باستثاء فريضة الحج) منذ كان عمري سبع سنوات وكذلك صلاة الجمعة التي ثابرت عليها إلى أن تم نقلي منذ أكثر من سنتين إلى أحد فروع المؤسسة حيث لا يوجد مسجد قريب في تلك المنطقة، كما أن علي مسؤوليات جديدة تمنعني الغياب عن عملي فترة الصلاة التي تستغرق وقتا كي أصل إلى أقرب مسجد وأعود إلى عملي، علما بأن قانون المؤسسة يسمح للموظف المسلم بأن يغادر إلى الصلاة يوم الجمعة. ولكن نظرا لمسؤوليات عملي قد استأذنت مديري فرفض وكذلك عرضت عليه بأن آخذ إجازتي السنوية كل يوم جمعة كي يتسنى لي أداء صلاة الجمعة ولكن كذلك رفض لأن قانون المؤسسة لا يسمح بتجزئة الإجازة السنوية.
فأفتوني في أمري علما بأنني أصلي صلاة الظهر حاضرا في العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان البنك الذي يعمل فيه الأخ السائل بنكاً ربوياً، فقد تقدم حكم العمل في البنوك التي لا تتقيد بأحكام الشريعة الإسلامية في الفتوى رقم: 1820.
وأما عن الصلاة فما فهمناه من السؤال هو أن الأخ يعمل في مكان بعيد عن المساجد، فإنه ذكر في السؤال أنه يحتاج إلى وقت طويل لكي يصل إلى المسجد.
وعليه، فنقول الكلام في مقامين:
المقام الأول: حكم صلاة الجماعة في هذه الحال.
فإن كان يسمع النداء - أي لو أذن المؤذن بدون مكبر في أقرب مسجد إليه إن كان يسمع ذلك النداء - وجبت عليه الجماعة إلا من عذر، وإلاّ لم تجب لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من سمع النداء، فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر".
المقام الثاني: حكم صلاة الجمعة.
وهنا يفرق العلماء بين ما إذا كان ذلك الموضع خارج البلد الذي تقام فيه الجمعة، فلا تجب إلا على من سمع النداء عند جماهير العلماء، وما إذا كان داخل البلد فتجب الجمعة، سمع النداء أو لم يسمع.
وعليه، فنقول للأخ السائل إن توفر فيه شرط الوجوب، فعليه أن يتقي الله عز وجل، فيؤدي فرائضه، وسيجعل له مخرجاً، وأبواب الرزق كثيرة، ولا ينال رزق الله بمثل طاعته.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1422(11/11730)
لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات ...
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يعمل لدى شركة طيلة أيام الأسبوع، ولا يصلي الجمعة، وكذا عمل كل ما في وسعه لأجل ذلك. جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق العلماء على أن صلاة الجمعة فرض عين، لقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) [الجمعة: 9] ولا يجوز للمسلم أن يتخلف عن صلاة الجمعة إلا لعذر شرعي، من سفر أو مرض أو مطر، ومن تخلف عنها من غير عذر فهو آثم، وقد عرض نفسه للوعيد، ومن الأدلة على ذلك حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن قوم يتخلفون عن الجمعة: "لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم" رواه مسلم وأحمد.
وحديث أبي هريرة وابن عمر أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين" رواه مسلم، وأحمد، والنسائي. ومعنى: (ودعهم) : تركهم، ومعنى: (يختم على قلوبهم) أي: يطبع على قلوبهم، ويحول بينهم وبين الهدى والخير.
وفصل العلماء في بيان من تجب عليه الجمعة ومن لا تجب؟ وقالوا: تجب صلاة الجمعة على المسلم الحر العاقل البالغ المقيم القادر على السعي إليها، فإذا كانت هذه الأوصاف متحققة فيك، فلا تعذر بترك الجمعة، وعلى المسؤول عنك أن يراعي حقك في ذلك وما يوجبه عليك دينك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1422(11/11731)
المسافة المحددة لوجوب الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسلت للدراسة خارج بلدي لمدة سنة، والمكان الذي أدرس فيه لا يوجد فيه مسجد وأقرب مسجد على مسافة 35 دقيقة بالسيارة أيضاً وقت صلاة الجمعة تستمر الدراسة. وسؤالي فهل هناك إثم في ترك الجمعة مع العلم أن جدول الدراسة محدد من الجامعة. آمل الفتوى في وضعي مع ذكر شروط الجمعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسافة التي تجب منها الجمعة مختلف في تحديدها، فمن العلماء من حدها بثلاثة أميال، ومنهم من حدها بأكثر من ذلك.
وتحديدها بثلاثة أميال يشهد له قوله صلى الله عليه وسلم للأعمى: " هل تسمع النداء؟ " رواه مسلم وأبو داود.
والغالب أن النداء بالصوت العادي يسمع من ثلاثة أميال، وعلى هذا فمن كان في مكان لا يوجد به مسجد تقام فيه الجمعة، وأقرب مسجد منه تزيد مسافته على نصف ساعة بالسيارة، فالظاهر أن الجمعة لا تجب عليه فيه، خصوصا إذا كان يترتب على حضورها ضرر يعود عليه.
أما إذا لم يكن هناك ضرر ولا أذى يخشاه لو تكلف حضور الجمعة مع جماعة المسلمين، فلا شك أن ذلك هو الأفضل له والأكثر أجراً.
أما الشروط التي إذا توفرت في الشخص وجبت عليه الجمعة فهي: الإسلام، والذكورة، والبلوغ والعقل، والاستيطان والإقامة.
وعليه؛ فكل رجل مسلم مكلف مستوطن أو مقيم يجب عليه حضور الجمعة، إذا أقيمت في البلد الذي هو فيه أو يقربه حسبما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1422(11/11732)
الخروج للنزهة.. وصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبنا جماعة إلى نزهة واجتزنا مسافة القصر فى يوم الجمعة وبعد المرح والأكل دخل وقت صلاة الجمعة ولم نذهب إلى صلاة الجمعة ولكن قمنا بصلاة الظهر جماعة وقصراً مع العلم بوجود مسجد بالقرب من مكان النزة ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على المسلم المحافظة على صلاة الجمعة، لأن في التخلف عنها من غير عذر شرعي وعيداً شديداً، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " من ترك ثلاث جمع تهاوناً طبع الله على قلبه" رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي الجعد الضميري رضي الله عنه، وهو حديث صحيح، وقال صلى الله عليه وسلم: " لينتهن أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم لا يكونن من الغافلين" رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
وذكر الفقهاء أن من توفرت فيه شروط الجمعة حرم عليه صلاة الظهر قبل فوات الجمعة، لما في ذلك من مخالفة الأمر بإسقاط صلاة الظهر وأداء الجمعة مكانها، أما بعد فواتها عليه فلا مناص حينئذ من أداء الظهر، بل يجب عليه ذلك، غير أنه يعتبر آثماً بسبب تفويت الجمعة بدون عذر.
وننبه على أن تخصيص يوم الجمعة بالخروج للنزهة لا ينبغي، لأنه يؤدي إلى ترك صلاة الجمعة في أغلب الأحيان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1422(11/11733)
الحراسة ... وصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا جندي في الجيش أغلب الأوقات أكون في مركز عملي ويوم الجمعة لا أستطيع الذهاب إلى المسجد وأتقدم للمسؤول عني للسماح لي بالذهاب إلى المسجد وأقابل بالرفض. ما حكم الإسلام في هذا الموضوع. وكيف أتصرف وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن صلاة الجمعة أمرها عظيم، وفضلها كبير، والتخلف عنها لغير عذر شرعي جرم جسيم، ويترتب عليه إثم كبير، فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول وهو على أعواد منبره " لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين".
وفي المسند والسنن أنه صلى الله عليه وسلم قال: " من ترك ثلاث جمع تهاوناً من غير عذر طبع الله تبارك وتعالى على قلبه".
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة صحيحة في الترغيب في حضورها.
منها ما في صحيح مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر".
ويكفي في ذلك قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون…) إلى آخر الآيات من سورة الجمعة.
وعلى ذلك فيجب على كل من تلزمه الجمعة المحافظة عليها، والحرص على حضورها. وأن يحذر كل الحذر من التخلف عنها إلا لعذر مقبول شرعاً.
أما ما يخص مسألتك فإنه يجب على المسؤول أصلاً أن يوفر للجنود والأفراد سبل إقامة الجمعة، أو يسمح لهم بالخروج لأدائها خارج المعسكر، وأن لا يمنع أحداً من أدائها، إلا من كان لا بد أن يبقى في وظيفته مداومة كالجنود للحراسة ونحوها.
ومن منعه لغير ذلك السبب فلا تجوز له طاعته ولا الانصياع لأوامره لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما في الحديث الصحيح الذي أخرجه الشيخان وغيرهما.
وعلى ذلك فإذا كان المسؤول يمنعك من حضور الجمعة بحكم أن النوبة في العمل عليك، وليس لقصد منعك من الجمعة فإنه لا حرج عليك في هذه الحالة -إن شاء الله تعالى- والجمعة ساقطة عنك، وإن كان يمنعك لئلا تحضر الجمعة فقط فإنه يجب عليك أن ترفع الأمر إلى أعلى سلطة في عملك وتبين لهم الحكم الشرعي في ذلك وأنه ليس لهم الحق أن يمنعوك من أداء ما أوجبه الله عليك واستعن بزملائك الذين قد يلحقهم ما لحقك فإن استجابت تلك السلطة لذلك وانحلت المشكلة كما ينبغي فالحمد لله رب العالمين وإن لم تستجب لذلك فعليك أن تستقيل من هذا العمل وتبحث عن عمل آخر تستطيع معه أن تطيع ربك، وتمتثل أمره، وتجتنب نهيه. ولا تحرص على هذا العمل الذي لا تستطيع معه ذلك. فإنه لا خير فيه.
واتق الله تعالى: وسيجعل الله لك مخرجاً، ويرزقك من حيث لا تحتسب، قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيئاً قدراً) [الطلاق:2-3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/11734)
تارك صلاة الجمعة على خطر عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن هناك حديثا عن النبى صلى الله عليه وسلم يفيد بأن من ترك ثلاث صلوات جمعة متتالية عامدا
فإن الله يختم على قلبه النفاق. أرجو شرح الحديث.
وهل يظل هذا الشخص منافقا حتى يموت على النفاق؟
أم أنه من الممكن أن يتوب ويصبح قلبه سليما ويموت مسلما؟ أم أن الله لا يوفقه للتوبة؟
لى صديق قال لى إنه فعل ذلك فكيف أتعامل معه؟
هل أقاطعه؟ وهل آثم بمصادقته؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اعتياد ترك الجمعات يغلّّب الرين على القلب، ويزهد في الطاعات، ويشهد لذلك أحاديث صحيحة، فعن أبي هريرة وابن عمر أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول" لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين" رواه مسلم.
وعن أبي الجعد الضمري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاوناً بها طبع الله على قلبه" رواه الترمذي. قال الحافظ العراقي: المراد بالتهاون الترك من غير عذر، والمراد بالطبع أن يصير قلبه قلب منافق.
وقال ابن العربي: (إن معنى طبع على قلبه أي ختم على قلبه بمنع إيصال الخير إليه) .
ولكن لا يلزم من هذا أن الله لا يوفقه للتوبة أو لا يقبلها منه، بل نصوص الشرع متواترة على أن الله قد يوفق العبد للتوبة في جميع الأحوال، وأن كل من تاب وأقلع ظاهراً وباطناً فإن الله يتوب عليه. ومن أصرح هذه النصوص في ذلك قوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) . [الزمر:53] .
وعليه فينبغي أن تنصح صديقك بالتوبة والندم على ما فات، فإن تاب وأناب فلا حرج عليك في مصاحبته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1422(11/11735)
لا يجوز المنع من أداء الجمعة في أكثر من مسجد إذا دعت إلى ذلك حاجة.
[السُّؤَالُ]
ـ[فى مدينة ماربيا مسجدان أحدهما كبير تقام فيه صلاة الجمعة ويبعد عن المسجد الصغير بستة كلومترات إمام المسجد الكبير منع صلاة الجمعة في المسجد الصغير وهدد بإغلاقه فما قول الشرع في هذا؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من المعروف أن الجمعة لم تصل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من مسجد واحد في المصر الواحد، ولا في عهد الخلافاء الراشدين من بعده رضي الله عنهم، ولهذا فإن أكثر الفقهاء يرى أنه لا يجوز أن تقام الجمعة في البلد الواحد في أكثر من مسجد، لكن يستثنى من ذلك ما إذا دعت ضرورة إلى تعدد الجمعات مثل ضيق المسجد عن المصلين أو بعد مسافته، أو خشية وقوع فتنة بينهم، وهذه المسافة التي ذكر السائل أنها بين المسجدين المذكورين يشق معها حضور الجمعة على أغلب الناس، وعليه فلا يجوز منع المصلين من أداء الجمعة في المسجد الأقرب لهم ويجب أن لا ينفذ التهديد، لما فيه من المنع من ذكر الله في المساجد والسعي في خرابها. وقد قال تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) [البقرة: 114]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1422(11/11736)
الصلاة في المسجد الأكثر جماعة أعظم أجرا.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته السؤال: ما فوائد وأجر الصلاة جماعة في جميع الصلوات بالمسجد وأرجو إيراد أحاديث شريفة تتعلق بالموضوع وهل هناك فارق بالأجر والثواب بالصلاة بمسجد صغير يتسع لعشرة مصلين فقط علماً أنه يقام به الصلاة كما في المساجد الكبيرة وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أداء الصلوات المكتوبات في الجماعة له فوائد كثيرة.
ومن أهمها أداء الواجب الذي فرضه الله تعالى على كل رجل صحيح لا عذر له، والفوز بما في ذلك من الأجر. ثم الحصول على زيادة الأجر المرتبة على الصلاة في الجماعة، كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما ولفظه: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة".
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو: "صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وسوقه خمساً وعشرين ضعفاً" إلى آخره. والحديثان متفق عليهما.
مع ما فيها من الاجتماع بجماعة المسلمين، والصلاة خلف إمام واحدٍ، يتعرف بعضهم على بعض، ويتبادلون السلام، ويحصل بينهم التعاون والحب وتبادل النصائح، مما يشعر بالتآلف ووحدة القلوب، ثم إن الصلاة في المسجد خير معين على أداء الصلوات في أوقاتها، وهذا شيء مجرب، كما أن في الصلاة في المسجد استجابة حقيقية لنداء المؤذن (حي على الصلاة، حي على الفلاح) فإن من سمع النداء وجب عليه إجابة المنادي. كما أن من صلى جماعة في المسجد كان في ذمة الله، فمن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح، ومن صلى الفجر في جماعة كان في ذمة الله حتى يمسي، كما صح بذلك الحديث. وفوائد الصلاة جماعة في المسجد كثيرة.
أما بالنسبة للفرق بين الصلاة في المسجد الصغير والمسجد الكبير، فلا شك أن الصلاة في المسجد الأكثر جماعة أكثر أجراً من الصلاة في غيره، لما رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى". والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11737)
المنع من إقامة الجمعة في مسجدكم ظلم.
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام منع صلاة يوم الجمعة فى مسجد صغير وهدد بإقفاله وذلك لأنه مدير لمركز إسلامي ويريد أن يصلي الناس يوم الجمعة في مسجده رغما عنهم مع أن البعد بين المسجدين 50 كيلومترا فما قول الشرع في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن منع الناس من صلاة الجمعة في المسجد الذي كانوا يصلون فيه بقصد إجبارهم على الصلاة في مسجد يبعد عنهم خمسين كليو مترا أو حتى أقرب من ذلك هو منتهى الظلم لقوله تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) [البقرة:114] ومنع الصلاة في المساجد هو أعظم صور السعي في خرابها، وعلى هذا الإمام الذي هدد بإغلاق المسجد أن يرجع عن تهديده وعدم تنفيذه ويعود إلى جادة الصواب، والتوبة إلى الله من هذا الذنب العظيم. ثم إن نقل الجمعة من مسجد كانت تقام فيه إلى مسجد آخر ينبغي أن يكون بموافقة الجماعة وأهل البلد المجاورين للمسجد. ولا يخفى ما في إقامة الجمعة في المسجد البعيد الذي يريد صاحبه نقل الجمعة إليه من الصعوبة والمشقة بالنسبة لأكثر أهل المسجد الأول.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11738)
حكم المتخلف عن صلاة الجمعة لغير عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم المسلم الذي تفوته صلاة الجمعة لأكثر من ثلاثة أسابيع عمدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسلم الذي يتخلف عن صلاة الجمعة لغير عذر شرعي عاص لله تعالى بتخلفه ولو مرة واحدة. وقد عرَّض نفسه للوعيد الوارد في حديث ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما المخرج في صحيح مسلم، من أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين". ويتضاعف الوعيد ويشتد إذا تخلف عن ثلاث جمع فأكثر، لما رواه أصحاب السنن وأحمد من حديث أبي الجعد الضمري من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع على قلبه"
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1422(11/11739)
لا يثبت العذر في ترك الجمعة إلا بعد بذل الحيلة والاستطاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب أعمل في أحد المستشفيات الأمريكية (مغترب للدراسة) وأضطر في بعض الأحيان أن لا أصلي صلاة الجمعة في المسجد بسبب ظروف العمل، حيث لا أتمكن من الخروج أثناء ساعات الدوام حتى لو اضطررت للجوء إلى الاعتذار من رؤساء القسم لا أستطيع تكرار الأمر كثيرا...... فهل أكون بذلك مقصرا؟؟ أم معذورا، مع العلم أني سأحاول بإذن الله عدم تركها قدر الإمكان.. جزاك الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمجرد التخوف من عدم سماحهم لك بالخروج لأداء الصلاة، لا يقاوم وجوب حضور صلاة الجمعة في المسجد، وأكثر الذين صدقوا في محاولاتهم نجحوا في التوفيق بين أعمالهم وبين حضور الجمعة، وهذا أمر يدركه الأمريكان في الجملة، فأنت غير معذور حتى يثبت لديك أنهم غير موافقين لتكرار ذلك لغرض العبادة، فإذا رفضوا ذلك، كنت معذوراً فيما تركت من صلاة الجمعة في المسجد، فاتق الله ما استطعت، وسيجعل الله لك فرجاً ومخرجاً، وإذا تخلفت لعذر فصلها ظهراً أربع ركعات.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11740)
الجمعة ليست واجبة على المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تصلي الجمعة في نفس الوقت الذي يصلي فيه الرجل؟ وهل يفضل أن تصليها في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلتعلم- أيها السائل- أن المرأة لا تجب عليها الجمعة ولا تلزم بفعلها، ولكن إذا حضرت إلى المسجد الذي تقام فيه الجمعة وصلتها، فإن هذه الصلاة تجزئها عن صلاة الظهر.
ولكن إذا صلت في البيت فيجب عليها أن تصلي صلاة الظهر أربع ركعات، ولا يصح أن تصلي الجمعة في بيتها ركعتين، لا عن طريق الاقتداء بالإمام ولا بمفردها، فإذا أرادت أن تصلي الظهر فإنها تصليها بمجرد دخول الوقت (وقت الظهر) .
ولا يلزمها أن تنتظر حتى ينتهي الخطيب من خطبته، أو ينتهي المصلون من صلاتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11741)
لا طاعة لمخلوق في ترك واجب شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أحب أن أذهب إلى صلاة الجمعة مبكرا لأنال أجر صلاة الجمعة العظيم، ولكن سبيلي الوحيد للذهاب هو مع أخي وأخي لا يصلي إلا صلاة الجمعة، ويتعمد أن يخرج في آخر صلاة الجمعة وأحيانا لا نلحق الصلاة، وأهلي يمنعونني من الذهاب إلى المسجد وحدي خوفا عليّ، وكم حاولت معهم ولكن دون جدوى. فهل أعصي أمر أهلي وأذهب إلى المسجد أم أبقى على هذه الحال. (أنا عمري 15 سنة) فما الحل يا إخواني. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فأولاً: ننصحك بالاستمرار في نصح أخيك وتذكيره بأهمية التبكير إلى الجمعة والحذر من التهاون فيها. ثانياً: اعلم أن طاعة الوالدين واجبة إذا كانت في المعروف. وليس للمرء أن يطيع أبويه في ترك واجب أو في فعل محرم. وقد أوجب الله تعالى السعي إلى الجمعة بقوله: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) [الجمعة: 9] . والنداء المقصود هنا هو الأذان الذي يفعل بعد صعود الإمام على المنبر. فيجب على كل من سمع هذا النداء ممن تلزمه الجمعة أن يسارع إلى حضور الخطبة والصلاة، ولا يجوز الإنشغال عنها بشيء آخر، ومن كان منزله بعيداً وجب عليه أن يسعى لها قبل النداء ليدرك الخطبة والصلاة. وإذا كان ذهابك مع أخيك يفوت عليك هذا الواجب، وجب عليك الذهاب بنفسك، مع بيان هذا الحكم الشرعي لأهلك وإقناعهم به. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11742)
إذا كان العيد يوم الجمعة صارت صلاة الجمعة رخصة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صادف العيد يوم الجمعة فهل نصلي العيد والجمعة في يوم واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا صادف العيد يوم الجمعة فإن صلاة الجمعة يرخص في التخلف عنها لمن صلى العيد، إن شاء فعلها وإن شاء تركها وصلى ظهرا. والدليل على ذلك حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه حيث قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم العيد ثم رخص في الجمعة ثم قال: "من شاء أن يصلي فليصل" رواه أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11743)
حكم إقامة جمعة ثانية لاشتمال المسجد الجامع على بدع كثيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أربعة أشخاص مقيمون في مدينة ما في الصين، يوجد جامع واحد فقط تقام فيه صلاة الجمعة، ولكن الجامع بعيد، وفيه الكثير من البدع مثل الصلاة 30 ركعة، والخطبة ركيكة، بالإضافة إلى أن المكان غير صحي جدا.
هل يجوز أن نقيم نحن الأربعة فقط صلاة جمعة وتتخللها خطبة؟ أفيدونا أفادكم الله لأننا لا نستطيع أن نواصل مع مسجد مليء بالبدع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الجمعة تقام في البلد الذي أنتم فيه فإنه يلزمكم شهودها، ولا يجوز لكم التخلف عنها، فإن العلماء متفقون على لزوم الجمعة لأهل المصر، وإن لم يسمعوا النداء، وإن بعدت منازلهم عن المسجد ما لم يكن لأحدهم عذر من الأعذار المبيحة للتخلف عنها.
قال النووي رحمه الله في شرح المهذب: قال الشافعي والأصحاب إذا كان في البلد أربعون فصاعدا من أهل الكمال وجبت الجمعة علي كل من فيه، وإن اتسعت خطة البلد فراسخ، وسواء سمع النداء أم لا، وهذا مجمع عليه. انتهى.
وجاء في المغني: قال: -أي الخرقي،- وتجب الجمعة على من بينه وبين الجامع فرسخ هذا في حق غير أهل المصر، أما أهل المصر فيلزمهم كلهم الجمعة بعدوا أو قربوا قال أحمد: أما أهل المصر فلا بد لهم من شهودها سمعوا النداء أو لم يسمعوا. انتهى.
ولا يجوز لكم إحداث جمعة ثانية في البلد ما دام هذا المسجد يتسع لكم ولا يضيق بمن فيه، فإن تعدد الجمعة في البلد الواحد لغير حاجة لا يجوز، قال ابن قدامة في المغني: فأما مع عدم الحاجة فلا يجوز –أي إقامة الجمعة- في أكثر من واحد وإن حصل الغنى باثنين لم تجز الثالثة وكذلك ما زاد لا نعلم في هذا مخالفا إلا أن عطاء قيل له إن أهل البصرة لا يسعهم المسجد الأكبر قال: لكل قوم مسجد يجمعون فيه ويجزى ذلك من التجميع في المسجد الأكبر وما عليه الجمهور أولى إذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه أنهم جمعوا أكثر من جمعة إذ لم تدع الحاجة إلى ذلك، ولا يجوز إثبات الأحكام بالتحكم بغير دليل. انتهى.
وأما ما ذكرته من بدعتهم فإن البدعة لا تضر إلا أهلها، ولو ساغ ترك الجمعة لبدعة الإمام أو فسقه لتعطلت الجمعة، ولهذا نص العلماء الذين لا يصححون الصلاة خلف الفاسق على أن الجمعة مستثناة من هذا الحكم، قال ابن قدامة في المغني: وأما الجمع والأعياد فإنها تصلى خلف كل بر وفاجر، وقد كان أحمد يشهدها مع المعتزلة، وكذلك العلماء الذين في عصره. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُمْ تَرْكُ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا لِأَجْلِ فِسْقِ الْإِمَامِ، بَلْ عَلَيْهِمْ فِعْلُ ذَلِكَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا، وَإِنْ عَطَّلُوهَا لِأَجْلِ فِسْقِ الْإِمَامِ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا. وَإِنَّمَا تَنَازَعُ الْعُلَمَاءُ فِي الْإِمَامِ إذَا كَانَ فَاسِقًا، أَوْ مُبْتَدِعًا، وَأَمْكَنَ أَنْ يُصَلِّي خَلْفَ عَدْلٍ. فَقِيلَ: تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأَبِي حَنِيفَةَ. انتهى.
وليس علاج مشكلة البدع القائمة في المسجد بأن تدعوا الصلاة فيه، بل عليكم بمناصحة القائمين عليه بالتي هي أحسن، وأن تبينوا لهم خطأ ما يفعلونه، وتذكروا لهم كلام العلماء في المسائل التي تنكرونها عليهم، وأما كون مكان المسجد غير صحي، فإن كان يغلب على الظن إصابة من يصلي فيه بمرض، فإن خوف حصول المرض من الأعذار المبيحة لترك الجمعة والجماعة، وإلا فلا يجوز لكم ترك الجمعة بحال، فضلا عن أن مذهب جمهور أهل العلم أن الجمعة لا تنعقد بأربعة وهو مذهب الشافعية والحنابلة الذين يرون أن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين، ومذهب المالكية الذين يرون أن الجمعة تنعقد باثني عشر فصاعدا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(11/11744)
كيف تصلي الجمعة إذا دخل وقت العصر أثناء الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
بادئ بدء أقول لكافة العاملين على هذا الموقع، موقع الشبكة الإسلامية وخاصة مركز الفتوى: أني أشهد الله جل جلاله، وكفى به شهيدا، أني أحبكم في الله، وأسأله بمنه وكرمه أن يجمعنا تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، وأن يسكننا جوار نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الفردوس الأعلى من الجنة. وجزاكم الله كل خير على ما تقدمونه للمسلمين من توعية وعلم.
مسلم شاب عزب طبيب أقطن تونس، واختصارا لقد فشى الجهل بين العامة والخاصة، خاصة بين أئمة المساجد وخطباء الجمعة، وهذا أمر يثير الاستغراب، ولكنه مشهور هنا في تونس فخطباء الجمعة هم من العامة الذين يفتقرون لأي تكوين علمي في مجال الشريعة وهم معدون لما يسمى بالإسلام لايت أي الإسلام الخفيف!!! نسأل الله السلامة والعافية والهداية للجميع. الكلام يطول عن تردي الوضع في تونس ولا أقول هلك الناس فرحمة الله واسعة وبوادر الصحوة الإسلامية المستوردة من الخليج ومن مصر عبر الفضائيات والشبكة العنكبوتية بدأت تقوى ولله الحمد في صفوف الشباب، الذكور منهم خاصة، رغم كيد الأعداء المتربصين. لن أطيل عليكم فبيت القصيد هو أن يوم الجمعة في تونس ليس يوم راحة - يوم الراحة هو يوم الأحد على نمط النصارى- وقد أحدثت الحكومة صلاة جمعة قبيل صلاة العصر في كثير من المساجد على غرار صلاة الجمعة في أول وقتها في مساجد أخرى بتعلة عدم تعطيل الحياة المهنية للمجتمع، ولكم فتوى في ذلك تحت رقم 31114 ولكن المصيبة في هذا الأمر هو أن كثيرا من خطباء المساجد التي تقام فيها الجمعة الثانية كما تسمى هنا، يظلون على المنابر يخطبون حتى يتموا قراءة الورقة المكتوب فيها نص الخطبة فيدخل وقت صلاة العصر ويسمع أذانه في المساجد التي أقامت صلاة الجمعة في وقتها الأول والخطيب مازال على المنبر، فيتم خطبته ثم يصلي بالناس صلاة الجمعة بعد دخول وقت العصر، وأحيانا يسمع أذان صلاة العصر بعد تكبيرة الإحرام لصلاة الجمعة وقبل إيقاع الركوع الأول وهذا أمر يحصل بكثرة في تونس، وإني أعي وأعني ما أقول، وكنت من الشاهدين على هذا الأمر في مرات لا أحصيها قبل أن يمن الله علي بسبيل التفقه في دينه. والمصيبة الأعظم هو تعنت بعض هؤلاء الخطباء في أمرهم رغم أني كنت أحد الناصحين. فمن أزرى البلايا أن تلاقي جاهلا يجهل أنه جاهل بل ويدعي في العلم فلسفة. فرجائي أن تمدوني بفتوى حول ما يقوم به هؤلاء الخطباء لأفحمهم بها لعلهم يرجعون عن غيهم وأن تبينوا لهم مدى فداحة جرمهم في حق الله جل جلاله وفي حق المسلمين وتضييعهم للأمانة؟
ورجائي أيضا أن تجيبوني عن:
حكم الصلوات التي صليت وراءهم وقد دخل وقت العصر وقبل إدراك ركعة من صلاة الجمعة؟
وعن حكم من صلى وراءهم، هل يكتب له أجر الجمعة من صلاة ودعاء و.... وحتى التبكير؟ وهل يحمل هؤلاء الخطباء وزر المصلين الذين صلوا خلفهم كاملا أم هم فيه شركاء مع تفصيل في هذه الحالات:
- في حالة ما إذا كان المصلي قد اضطر لحضور الجمعة في وقتها الثاني لأمر قاهر؟
- وفي حالة ما إذا لم يكن له عذر في ترك الجمعة في وقتها الأول سوى الجهل بالحكم والظن بأن الأمر فيه فسحة؟
- وفي حالة تقصيره في حضور الجمعة في وقتها الأول مع العلم بالحكم؟
سأقوم بإذن الله بطبع هذه الفتوى وتوزيعها حتى يستفيق هؤلاء الخطباء من ضلالتهم. فجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم وكل من ساهم في رفع الجهل عن هذه الأمة. ختاما أناشد علماء المسلمين بأن يولوا الشعب التونسي اهتماما أكثر وأكثر، وأن يعملوا على نشر العلم الشرعي في هذا البلد، وأن يكثروا النصيحة والإرشاد فالأمر خطير والخطب جلل والخرق في السفينة قد يأتي من هنا، من تونس، فإن تتركوهم وما أرادوا يهلك الجميع وإن تأخذوا على أيديهم تنجوا وننجوا جميعا.
لا تنسونا من صالح دعائكم وأن يفرج الله عن هذا البلد، تونس، وأن يرفع عنا ما نعيشه من كرب وغم وجهل. أفتونا جزاكم الله كل خيرا وآسف على الإطالة، وأكرر حبي لكم في الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه لنا ولكم ولسائر المسلمين الثبات على الدين والنجاة من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وأما عن استفسارك عن وقت صلاة الجمعة فنقول: ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن آخر وقت الجمعة هو دخول وقت العصر، فبمجرد دخوله تسقط الجمعة وتصلى ظهرا على خلاف بينهم، فيمن دخلت عليه صلاة العصر وهو يصلي الجمعة.
وقد أجمل ابن عبد البر المالكي هذا الخلاف في الاستذكار فقال: قال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما والحسن بن حي: وقت الجمعة وقت الظهر فإن فات وقت الظهر بدخول وقت العصر لم تصل الجمعة، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن دخل وقت العصر وقد بقي من الجمعة سجدة أو قعدة فسدت الجمعة ويستقبل، وقال الشافعي: إذا خرج الوقت قبل أن يسلم أتمها ظهرا. انتهى.
وخالف في ذلك المالكية فجعلوها مثل الظهر، وعلى ذلك فإن وقتها الاختياري عندهم ينتهي بدخول وقت العصر ووقتها الضروري لأصحاب الأعذار يمتد لغروب الشمس على خلاف في ذلك في المذهب.
جاء في التاج والإكليل: قال ابن القاسم: إن أخر الإمام صلاة الجمعة حتى دخل وقت العصر فليصل الجمعة بهم ما لم تغب الشمس وإن كان لا يدرك بعض العصر إلا بعد الغروب. انتهى.
جاء في التاج والإكليل: اختلف في آخر وقت الجمعة فقيل ما بقي للعصر ركعة إلى الغروب وهو ظاهر المدونة وسمعه عيسى وقيل ما لم تغرب الشمس. انتهى.
وعلى كل فإنه لا يجوز تأخير الجمعة حتى يدخل وقت العصر مطلقا، وعلى الأئمة والمأمومين أن يراعوا ذلك فيحرص المأمومون على صلاة الجمعة في المساجد التي تصليها أولا، ويحرص الأئمة - في المساجد التي تؤخر الجمعة - على الانتهاء من الصلاة قبل دخول وقت العصر.
فإن وجد بعض الناس الذين لهم أعذار معتبرة ولا يقدرون على صلاة الجمعة في أول وقتها فهؤلاء لا حرج عليهم حينئذ في الصلاة في المساجد التي تؤخر الجمعة ولو دخل وقت العصر اتباعا لمذهب المالكية المتبع في بلادكم.
وأما من لم يكن له عذر وأخرها متعمدا حتى دخل عليه وقت العصر، فإنها تجزئه أيضا على مذهب المالكية، لكنه إن كان عالما بعدم جواز التأخير فإنه يأثم إثما عظيما بسبب تضييع الوقتـ،، أما إن كان جاهلا فنرجو ألا يكون عليه من ذلك حرج إن شاء الله، وعليه أن ينتهي عن ذلك بمجرد علمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(11/11745)
حكم صلاة الجمعة في مكان يشاهد فيه التلفاز
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي هل صلاة الجمعة يصح أداؤها داخل مكان يستعمل في الليل ل لتفرج على الإذاعة المرئية (تلفزيون) أي يستعمل مكانا للتفرج على الإذاعات المرئية ليلا ويوم الجمعة تقام فيه صلاة الجمعة. مع العلم أنه يوجد مكان للصلاة في الأيام العادية، وهو عبارة عن مسجد صغير لا يتسع لصلاة الجمعة؟ أرجو أن تفيدونا حول هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هذا المسجد الصغير لا يسع المصلين في صلاة الجمعة، فلا حرج عليكم في أن تصلوها في غيره من الأماكن، فإن الراجح أن المسجد ليس شرطاً في صحة الجمعة.
قال النووي في المجموع: قال أصحابنا ولا يشترط إقامتها في مسجد، ولكن تجوز في ساحة مكشوفة بشرط أن تكون داخلة في القرية أو البلدة معدودة من خطتها. انتهى.
وقال الشوكاني: وقال أبو حنيفة والشافعي والمؤيد بالله وسائر العلماء: إنه غير شرط قالوا: إذ لم يفصِّل دليلها. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 13870.
وكون هذا المكان الذي تُصلى فيه الجمعة، يُشاهد فيه التلفاز بالليل ليس مانعاً من صحة إقامتها فيه، لكن ينبغي أن تنصحوا المسؤولين عن هذا المكان في ألا يسمحوا لأحد بمشاهدة ما يُغضب الله تعالى من المنكرات، امتثالاً لقوله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1430(11/11746)
يعمل عملا يضطره إلى ترك صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في استراحة طرقية للمسافرين وعملي فيها بشكل يومي من الصباح حتى المساء بدون أي يوم للإجازة مما يضطرني لعدم حضور الجمعة فما حكم عملي وماذا يتوجب علي أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الاستراحة التي تعمل بها ليست في قرية ولا يوجد بالقرب منها قرية تقام فيها صلاة الجمعة، ولم تكن في مكان يستوطنه الناس فإنه لا تجب عليك صلاة الجمعة، لأن من شروط وجوب الجمعة أن تكون في قرية. فالواجب عليك في هذه الحال أن تصلي الظهر، وأما إذا كانت استراحتكم في قرية تقام فيها الجمعة أو قريبا منها بحيث تسمعون النداء فإنه يجب عليك السعي إلى الجمعة ويحرم عليك تركها لأجل العمل.
قال ابن قدامة في المغني: الجمعة إنما تجب بسبعة شرائط: إحداها أن تكون في قرية لكن إن كانوا مقيمين بموضع يسمعون النداء لزمهم السعي إليها كأهل القرية الصغيرة إلى جانب المصر. انتهى.
وإن ترتب على خروجك من العمل إلى أداء الجمعة طردك من العمل ولا يمكنك أن تجد بسهولة عملا بديلا فلا حرج عليك في التخلف عن الجمعة وتصلي الظهر مع الحرص التام على بذل الجهد في البحث عن عمل آخر لا يتعارض مع أداء الصلاة التي أوجبها الله عليك.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 42507 والفتوى رقم: 77170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1429(11/11747)
حكم صلاة الجمعة والتراويح والعيد في مصلى صغير
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من المقيمين في المركز إعطاءنا النصح حول هذا الموضوع أقرب جامع لنا 4 ساعات ونحن حوالي 12 من المسلمين عملنا مصلى صغيرا فما حكم صلاة الجمعة والتراويح والعيد وهل يجوز أن يؤم واحد منا في هذه الفروض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلتموه من إقامة هذا المصلى أمرٌ حسن تثابون عليه إن شاء الله، لأنه لا يمكنكم إتيان المسجد لبعده عنكم، وإقامتكم الجماعات في هذا المسجد مشروعة بل الجماعة في الفروض الخمسة واجبةٌ على الأعيان على الصحيح من أقوال العلماء، وصلاة التراويح في هذا المصلى مشروعةٌ كذلك وهي أمر حسن، وكذا صلاة العيد فيه، وكذا الجمعة على الراجح يجوزُ لكم فعلها في هذا المصلى، إذ المسجد ليس شرطاً في صحة الجمعة على الصحيح، وأبو حنيفة يرى انعقاد الجمعة بأربعة، ويرى شيخ الإسلام انعقادها بثلاثة، ومذهبُ مالك أنها تنعقد باثني عشر رجلا مع إمامهم، ويدلُ له ما ثبت في الصحيح من انفضاض الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائمٌ يخطب ولم يبق حوله إلا اثني عشر رجلا فيهم أبو بكرٍ وعمر رضي الله عنهما، وعلى مذهب الشافعية والحنابلة وهو أن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين فلا تنعقد بكم الجمعة، والصحيح عدم اشتراطِ هذا العدد، وانظر الفتوى رقم: 3476.
وبناء على ما سبق فالصحيح أن لكم أن تقيموها، وأن يؤمكم واحدٌ منكم، وينبغي أن يكون أقرأكم وأفقهكم في الدين، وإن كان الأولى أن تأتوا المسجد يوم الجمعة إن استطعتم لتخرجوا من خلاف العلماء فالجمعة لا تتكرر كتكرر الفرائض فيسهلُ عليكم إتيان المسجد لفعلها إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1429(11/11748)
إقامة جمعة ثانية في غير المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[نصلي أحيانا في البلد التي نعيش فيها (نيوزلندا) صلاة الجمعة في مكان أساسا ليس مسجدا بل يفرغه صاحبه فقط جزاه لله خيرا لصلاة الجمعة فقط وهو بالأساس مكاتب، مع العلم أنه يوجد مسجد في نفس المدينة ولكن يأخذ فترة زمنية للوصول إليه قد تستغرق ما يقارب النصف ساعة، وأحيانا يكون للشخص مشاغل بعد صلاة الجمعة يصبح من الصعب عليه الذهاب إلى المسجد فأصبحنا نذهب في أغلب الأحيان إلى المصلى القريب لأداء صلاة الجمعة فما الحكم هنا؟ وأدعو الله أنه يجعلها في ميزان حسناتكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من الحِكَم التي من أجلها شُرعت الجمعة توحيدُ كلمة المسلمين وتحقيقُ الألفة بينهم، ولذا كادت كلمة العلماء أن تتفق على أنه إذا كان في البلد مسجدٌ تقام فيه الجمعة لم يجُز إحداثُ جمعةٍ أخرى إلا لضرورة.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: إذا كان في المدينة التي تسكنون مسجد تقام فيه صلاة الجمعة، وجب عليكم الصلاة معهم، ولا يجوز لكم إحداث جمعة أخرى. وانظر الفتوى رقم: 23537.
وما دمتم ببلدٍ أجنبي فأنتم أحوجُ إلى أن تجتمعوا بإخوانكم من المسلمين وتتواصلوا معهم ليكونَ ذلك قوةً لكم وزيادةً في إيمانكم، فالنصيحة لكم أن تحرصوا على الصلاةِ في المسجد الكبير الذي يجتمع فيه عموم المسلمين في بلدكم، وفي هذا أيضاً خروجٌ من خلاف من شرط المسجد لصحة الجمعة وإن كان قولاً مرجوحا، فلا تتهاونوا في هذا الأمر فإن لإقامة الجمعة في المساجد الجامعة فضلاً عظيما حتى وإن بَعُدت مسافة ما بينكم وبين المسجد فإن أجركم على قدرِ نصبكم.
فإن كنتم عاجزين عن إتيان المسجد جاز لكم إقامة الجمعة في هذا المكان الذي تسألون عنه بشرط توفر شروط الجمعة الأخرى المبينة في الفتوى رقم: 7637 ...
ومن شروط انعقاد الجمعة حضور العدد الذي تنعقد به الجمعة من المستوطنين في بلد الجمعة وليسوا من المقيمين، والمستوطنون هم الذي اتخذوا هذا المكان للإقامة لا يرحلون عنه صيفا ولا شتاء إلا لحاجة ثم يعودون إليه، أما من أقام ببلد العمل ونيته مفارقته بعد ذلك والعود إلى وطنه أو غيره فليس مستوطنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(11/11749)
لا يوجد من تصح منه خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الظهر جماعة بدلاً من صلاة الجمعة في عدم وجود إمام، مع العلم أنه لا يوجد جامع آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا اكتملت شروط الجمعة في جماعة من المسلمين وفيهم من يستطيع القيام بالخطبة وجب عليهم أن يقدموا أحدهم يخطب ويصلي بهم إماماً، ولو لم يكن قبل ذلك معيناً للإمامة، ولا يشترط أن يكون ماهراً في الخطابة، بل يكفي الإتيان بحمد الله تعالى وآية من القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والأمر بتقوى الله تعالى واجتناب ما نهى عنه، ويمكن أن يخطب من كتاب، ولذا يصعب في الحقيقة تصور ألا يوجد واحد من المصلين لا يصلح لأداء ما تصح به الخطبة.
ولكن على كل حال إذا فرض أنه ليس في بلدهم غير هذا المسجد ولم يوجد من تصح منه خطبة الجمعة، ووجد مسجد آخر في بلدة مجاورة وجب عليهم أن يذهبوا إليه ما لم تزد المسافة عن فرسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، وهي بالمقاييس المعاصرة تقدر بنحو ثمانية كيلو مترات، فإن كانت المسافة تزيد على ذلك ولم يوجد من يصلي بهم صلوها ظهراً، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 7637، والفتوى رقم: 18804.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1429(11/11750)
صلاة الجمعة خلف مدخن يمنع المحجبات من الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة -صلاة الجمعة- وراء إمام يدخن وكذلك هو يعمل قيما في إحدى المعاهد الثانوية يمنع الفتيات اللاتي يرتدين الحجاب من الدخول إلى المعهد بل إذا دخلت فتاة المعهد وهي ترتدي الحجاب سارع إليها لينزعه عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن التدخين مضر بالصحة وما كان كذلك لا يجوز استعماله، والشخص الذي يعلم حرمة التدخين ثم يدخن وهو مصر عليه فإنه يعتبر فاسقا، لكنه إذا كان ملتزما فيما يتعلق بالصلاة فالراجح أن الصلاة خلفه صحيحة لأن الأصل أن من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره، ومع هذا فإن الصلاة مع غيره ممن هو أحسن حالا أولى لكراهة الصلاة خلف الفاسق عموما.
وما ذكر عن هذا الشخص من كونه يطرد الفتيات المحجبات عن المدرسة بسبب حجابهن ويقوم بنزعه عنهن غاية في التفسق والتنكر لدين الله تعالى وما أمر به المسلمات من الحشمة والستر، ومن العجب أن يكون الإمام الذي يفترض أن يكون آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر هو من يتولى هذه المهمة، نسأل الله السلامة والعافية، إلا أن هذه الأعمال وحدها لا تمنع صحة الصلاة خلف من يرتكبها إذا كان ملتزما فيما يتعلق بالصلاة كما تقدم.
ويجب على هذا الرجل أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره من ممارسة هذه الأعمال المحرمة ويبحث عن عمل لا يلزم فيه بمثل هذه الأمور إذا كان ملزما بذلك بصفته قيما على المدرسة، ولتنظر الفتوى رقم: 77308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(11/11751)
حكم أداء الجمعة في البلد الواحد في أكثر من مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لكم أيها السادة الكرام هو عن قرية في اليمن يوجد فيها جامع كبير وقديم جداً فتم ترميمه من فاعل خير فقال الخطيب رحمه الله بأن يتجه المصلون إلى مسجد قريب منه بحيث إن المسافه تقدر بـ500 متر تقريبا وأقل وبعدها بسنة تم بحمد الله الانتهاء من ترميم الجامع الكبير وتوسعته فطلب خطيب الجامع الكبير من الناس العودة إلى الصلاة فيه، إلا أن بعض المصلين رفضوا العودة إلى الجامع الأول مما إدى إلى تفرقة الجماعة بحيث أن الجامع الكبير صار يأتي إليه ما يقارب 250 فردا بينما المسجد الصغير أكثر من ذلك فأفتونا في ذلك جزاكم الله ألف خير بينما الناس في تلك القرية يقول بعضهم إن الصلاة مع المسجد الصغير لا تصح فيه صلاة الجمعه الخلاف علماءنا هنا هو على صلاة الجمعة فقط؟ وشكراً وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعروف أن الجمعة لم تصل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من مسجد واحد في المصر الواحد، ولا في عهد الخلفاء الراشدين من بعده رضي الله عنهم، ولهذا فإن أكثر الفقهاء يرى أنه لا يجوز أن تقام الجمعة في البلد الواحد في أكثر من مسجد إلا لحاجة، جاء في الروض المربع: وتحرم إقامتها أي الجمعة.. في أكثر من موضع واحد إلا لحاجة كسعة البلد، وتباعد أقطاره، أو بعد الجامع أو ضيقه أو خوف فتنة فيجوز التعدد بحسبها فقط ... فإن فعلوا أي صلوها في موضعين أو أكثر بلا حاجة، فالصحيحة ما باشرها الإمام أو أذن فيها ولو تأخرت ... فإن استويا في إذن أو عدمه فالثانية باطلة لأن الاستغناء حصل بالأولى، فأنيط الحكم بها، ويعتبر السبق بالإحرام، وإن وقعتا معاً ولا مزية لإحداهما بطلتا، لأنه لا يمكن تصحيحهما ولا تصحيح إحداهما فإن أمكن إعادتها جمعة فعلوا وإلا صلوها ظهراً ... أو جهلت الأولى منهما بطلتا ويصلون ظهراً لاحتمال سبق إحداهما.. انتهى مختصراً..
والذي ننصحك به هو رفع الأمر إلى وزارة الأوقاف عندكم فإن عينت أحد المسجدين لصلاة الجمعة دون الآخر أو عينت كلاهما فذاك، ويكون الحكم على ما تقدم تفصيله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(11/11752)
مذاهب العلماء في العدد المتعين لإقامة صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن في منطقة كثافتها السكانية قليلة، يوجد بها مصلى تصلى فيه صلاة العيدين والأوقات فقط، أما صلاة الجمعة فتصلى بمسجد لا يبعد عنه بأكثر من 800 متر، وقد حول المصلى إلى مسجد تقام فيه صلاة الجمعة على الرغم من أن المسجد الأول لا زال يتسع لعدد أكبر من المصلين، وهذا ما أدى إلى تفرقة المصلين والشيء المؤسف هو تقديم بعض الأموال إلى اللجنة المسؤولة عن فتح المساجد *رشوة* بحجة تعاون وتقديم تسهيلات، كما قدمت معلومات خاطئة عن عدد المصلين الذين يدخلون هذا المسجد والمقدر عددههم بـ 300 مصل و30 مسناً وهي في الحقيقة لا يتجاوز عدد الكل 40 مصليا و3 مسنين، وشرّع بعض الأئمة جواز صلاة الجمعة فيه بحجة توفر أكثر من 15 مصليا، لذى نرجو من سيادتكم المحترمة إفادتنا بشرح واف لهذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجهة التي تقوم على المساجد هي التي تنظر في مدى احتياج الحي إلى أكثر من مسجد من عدم ذلك، أما من حيث فقه المسألة فإنه لا مانع من أن يكون في المنطقة الواحدة أكثر من مسجد تقام فيه الجمعة إذا دعت لذلك حاجة مثل ضيق المسجد الأول أو بعده عن بعض المصلين بعداً يشق عليهم الذهاب معه إليه، وليس هذا من التفرقة، بل هو من التيسير على الناس ورفع الحرج عنهم. ولا ينبغي أن يحمل على أنه تفرقة.
ومن أهل العلم من يرى جواز تعدد الجمعة في الأمصار مطلقاً كما هو مذهب الحنفية، وقد اختلف العلماء في العدد المتعين لإقامة صلاة الجمعة، فبعضهم يشترط لإقامة الجمعة أربعين رجلاً وهو مذهب الشافعية والحنابلة، ومنهم من يشترط ثلاثة رجال سوى الإمام وهو مذهب أبي حنيفة في الأصح عنه، ومنهم من يشترط اثني عشر رجلاً مقيمين غير الإمام، وهو مذهب المالكية في المشهور عنهم، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن الجمعة تنعقد بثلاثة رجال إمام ومستمعين، ومن هذا يعلم الأخ السائل أن في الأمر سعة والحمد لله، وليراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 106538، 3476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(11/11753)
حكم أداء الجمعة في مكان العمل المنفصل عن المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد مسجد في العمل بالدور الأرضي ولايمكن أن أترك المكان وقت صلاة الجمعة فهل ممكن أن أصلي معهم وأنا بالطابق الأعلى في مكاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
لا تجزئ الجمعة في مكان العمل المنفصل عن المسجد، ويكون الشخص معذورا في التخلف عنها إذا كان عمله متزامنا مع وقتها ولم يؤذن له في حضورها ولم يجد من ينوب عنه وقت أدائها مع شدة الحاجة إلى البقاء في وظيفته تلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجزئك أداء صلاة الجمعة في مكان عملك المنفصل عن المسجد، فالجمعة لا تجزئ إلا داخل المسجد أو خارجه إذا كانت الصفوف متصلة فتجزئ بالطرقات؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 34335.
وعليه؛ فابذل جهدك في حضور صلاة الجمعة عن طريق إقناع المسؤول عن العمل خصوصا أن المسجد قريب منك يسهل النزول إليه وقت الصلاة فقط ثم مواصلة العمل، فإن لم تجد إذنا من صاحب العمل واحتجت إلى وظيفتك حاجة شديدة فأنت معذور في التخلف عن الجمعة إلى حين وجود فرصة ممكنة لأدائها، وكذلك إذا كان بقاؤك ضروريا لحفظ نفس أو مال، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 47940.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1429(11/11754)
تعدد الجمعة إذا شق الوصول إلى المسجد الجامع
[السُّؤَالُ]
ـ[في حينا مسجد صغير يسع 200 شخص ليس فيه صلاة جمعة لأن الجيران يعترضون على بائعي الخضروات فما هو الحل لكي يصبح لدينا صلاة جمعة، علما بأن الجامع الكبير بعيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولاً لم نفهم مراد السائل من قوله (لأن الجيران يعترضون على بائعي الخضروات) ، ولكننا نقول على سبيل العموم إن مذهب جمهور أهل العلم عدم جواز تعدد صلاة الجمعة في البلد الواحد إلا عند الحاجة إلى ذلك كضيق المسجد القديم أو كونه بعيداً بحيث يشق على بعض الناس الوصول إليه أو لخوف فتنة إلى آخر الضوابط المبيحة لتعدد الجمعة في البلد الواحد، والتي تقدم بيانها في الفتوى رقم: 5597، والفتوى رقم: 27832.
وعليه، فإذا كان الجامع الذي ذكرت يبعد عن حيِّكم مسافة يشق معها الوصول إليه فلكم أداء صلاة الجمعة في مسجدكم، وأقوال أهل العلم حول العدد الذي تنعقد به الجمعة قد تقدمت مفصلة في الفتوى رقم: 3476، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 23537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1429(11/11755)
حكم ترك إقامة صلاة الجمعة إذا لم يتجاوز العدد أربعين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال: وجدت قوما لم يصلوا صلاة الجمعة لأنهم قالوا إن الناس لم يتجاوزوا أربعين شخصا اتباعا للإمام الشافعي، ويقولون أيضا ولو تجاوزوا الأربعين شخصا لم يصلوا أيضا لأن في تلك القرية غالب الناس لم يدرسوا ويقولون إذا يصلون معهم صلاة الجمعة لا تصح صلاة الجمعة، فكيف يكون ذلك يا إخوتي، من فضلكم أريد الجواب منكم؟ شكراً جزيلا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذهب إليه هؤلاء من ترك صلاة الجمعة بناء على عدم حضور النصاب المشترط فيها في المذهب الشافعي لا مانع منه شرعاً، علماً بأن هذا العدد مشترط أيضاً في المذهب الحنبلي لوجوب الجمعة وصحتها.
أما ما قيل من أن غالبية القرية لا يدرسون فإنه لا ينفي وجوب الجمعة على هؤلاء إذا توفرت الشروط الأخرى، لأنه لا يشترط لوجوب الجمعة أن يكون كل من يحضرها متعلماً، بل يكفي وجود من يحسن فروض الصلاة والخطبة فيؤديهما إماماً ويقتدي به الآخرون، وللمزيد من الفائدة والتفصيل فيما يتعلق بالجمعة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1428(11/11756)
من أدرك الركعة الثانية من الجمعة مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في من أدرك الإمام وهو في الركعة الثانية، هل يصليها كصلاة الظهر، أرجو البيان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السؤال عن صلاة الجمعة فإذا كان الأمر كذلك.. فمن أدرك الركعة الثانية منها مع الإمام فليضف إليها ركعة أخرى بعد سلام الإمام ويكون قد أدرك الجمعة.
ومن فاتته الركعة الأولى من صلاة الظهر فليتم ما بقي بعد سلام الإمام.
وراجع الفتوى رقم: 4059، والفتوى رقم: 65789.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1428(11/11757)
هل تجب الجمعة على الدارسين في بلد أجنبي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب صلاة الجمعة على البالغين غير المقيمين وذلك للدراسة في البلد الأجنبي وعددهم أقل من 40 فردا، فأفتونا في أقرب وقت للأهمية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإقامة التي تشترط لوجوب الجمعة هي نية إقامة أربعة أيام فأكثر، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 95186.
سواء كان الشخص يقيم في ذلك البلد الإقامة المتعارف عليها في هذا العصر أم لا، وعلى هذا فما دام هؤلاء يدرسون في هذا البلد فإنهم مقيمون فيه وتجب عليهم الجمعة إذا وجدوا من المسلمين المستوطنين من تنعقد بهم الجمعة وهم من يبلغ عددهم أربعين عند الشافعية والحنابلة، وقد أوضحنا أقوال العلماء في هذه المسألة في الفتوى رقم: 3476 فراجعها، وللفائدة يراجى الاطلاع على الفتوى رقم: 38257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1428(11/11758)
الأصل أداء الجمعة في مسجد واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو نحن في المنطقة عندنا مجموعة مساجد تقام بها الصلوات الخمسة ولكن أعداد المصلين قليلة لا تتجاوز الخمسين فهل من الممكن أن نقوم بجمع المصلين في صلاة الجمعة في مسجد واحد وإغلاق المساجد الأخرى في وقت صلاة الجمعة حتى نجتمع جميعا في مسجد واحد كبير، أرجو دعم الإجابة بالأدلة الشرعية
وشكرا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 31016، والفتوى رقم: 27832، أن الأصل في الجمعة أن تكون في مسجد واحد، ولا يجوز تعدد الجمعة لغير حاجة، ومذهب الشافعي وأحمد والمشهور من مذهب مالك هو منع التعدد في البلدة الواحدة كبيرة أو صغيرة إلا لحاجة، وهذا مذهب أبي حنيفة أيضا كما في الموسوعة الفقهية.
فإذا كان يمكن جمع المصلين للجمعة في مسجد واحد فهذا هو المتعين بشرط أن لا يترتب على ذلك مفسدة كبيرة كالتنازع والشقاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1428(11/11759)
حكم صلاة الجمعة على أهل القرى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب صلاة الجمعة على أهل قرية يقيمون فيها خمسة عشر عاماً، ثم يرتحلون إلى جهة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 7637 بيان شروط وجوب الجمعة بالتفصيل، وقد ذكرنا أن الراجح أن الجمعة تصح في كل مكان حصل فيه اجتماع الناس.
وعليه؛ فأهل القرية المذكورة تجب عليهم الجمعة إذا توفرت شروط وجوبها، وكونهم ينوون الارتحال بعد خمسة عشر عاماً لا يسقط ذلك وجوبها عنهم. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 25314.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1428(11/11760)
حكم إخراج المنبر وإقامة الخطبة خارج المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لخطيب الجمعة إخراج المنبر إلى خارج الجامع؟
في الحي الصناعي الذي أعمل فيه لا يوجد سوى مسجد صغير لا تتعدى مساحته 120 مترا مربعا، يوجد على الطريق ويؤمه آلاف من المصلين. الخطيب يطيل الخطبة والصلاة فطلبت منه التخفيف فتمنع، ثم اقترحت عليه إخراج المنبر ليعيش ظروف المصلين حيث لا ظل ولا ملاذ من الحر ولا من الشتاء فقال لي إن هذا الأمر لا يجوز.
أفتوني في هذا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصود السائل أن الإمام يخرج المنبر ويخطب خارج المسجد فلا نرى جواز ذلك لأمرين:
الأول: أن من العلماء من اشترط لصحة الجمعة أن تكون في مسجد وهو قول المالكية، فإذا خطب الإمام وصلى خارج المسجد فقدت الجمعة شرطا من شروط صحتها، قال ابن رشد: لا يصح أن تقام الجمعة في غير مسجد.. كما في التاج والإكليل.
ثانيا: أن إخراج المنبر خارج المسجد مناف للغرض الذي أوقف المنبر من أجله وهو أن يخطب عليه في المسجد.
والذي ننصح به الإمام المشار إليه أن يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم فيقصر الخطبة قصرا لا يخل بالمقصود منها، وانظر الفتوى رقم: 11765.
كما أننا ننصح الأخ السائل وإخوانه المصلين بالتلطف مع الإمام وتقديم النصيحة له بالحكمة واللين والرفق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1427(11/11761)
مستند من يصلون الظهر بعد أدائهم الجمعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[جماعة يصلون الجمعة مع الجماعة ثم يعيدون الصلاة ظهراً محتجين في ذلك بأن الإمام قد لا يكون أهلاً للإمامة وأشياء من هذا القبيل، فهل يوجد مبرر شرعي لمثل هذا الفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان إمام الجمعة صالحاً للإمامة سالماً من البدع، فلا ينبغي التشكيك في كفاءته بحجة أنه غير مؤهل، بل إن ذلك يعتبر طعناً في دينه بغير حق وهو أمر محرم، وإن كان من أهل البدع، فقد سبق التفصيل في حكم الاقتداء بالبدعي في الفتوى رقم: 12270، والفتوى رقم: 53394، والفتوى رقم: 48361، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 11073 ولا تشرع إعادة الصلاة ظهراً لمن صلى الجمعة خلف من تصح منه الجمعة، إلا أنه قد ذكر بعض فقهاء المالكية أنه إذا كان إمام الجمعة متساهلاً في ارتكاب ما علم تحريمه من الدين بالضرورة أو كان مطعوناً في دينه فإنه يشرع لمن اقتدى به أن يصلي الظهر بعد أن يصلي الجمعة مع الجماعة من باب الاحتياط، لئلا تكون صلاة الجمعة خلفه باطلة، وهذا ما نظمه محمد حبيب الله بن مايابى رحمه الله تعالى بقوله:
تشرع خوف أن تكون باطلة * خلف الأئمة الصلاة الفاضلة
صلاتنا الظهر وذا الحكم انسحب * على من ائتم بمن ليس يحب
لقبح دينه كمن تساهلا * بحكم ما من الدين ضرورة جلا
إلى آخر الأبيات، ولعل هذا هو مستند الجماعة المذكورة في صلاتهم الظهر بعد أدائهم الجمعة في المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(11/11762)
تصح الجمعة في ما قارب البنيان
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن كما تعلمون يا إخوتنا في بيت المقدس نحرم من دخول المسجد الأقصى لصلاة الجمعة فنصلي على أقرب حاجز منه ونقوم بأداء خطبه جمعة وصلاة كاملة ولكن خرج علينا شيخ وحرم هذه الصلاة بحجة أن صلاة الجمعة لاتؤدى إلا في المساجد لا في الطرقات فأرجو منكم الجواب الشافي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الجمعة تصح في الصحراء القريبة من البناء والطرقات كما نص على ذلك الحنابلة وغيرهم، قال في كشاف القناع: وتصح الجمعة في ما قارب البنيان من الصحراء ولو بلا عذر، فلا يشترط لها البنيان ... إلى أن قال: ولا تصح الجمعة في ما بعد عن البنيان. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 31086.
وعليه؛ فإن صلاة الجمعة بالنسبة لكم صحيحة لا سيما وأنتم تمنعون من الصلاة في المسجد، هذا إذا كنتم لا تتمكنون من الاقتداء بإمام المسجد، فإن تمكنتم من ذلك بسماع صوته أو رؤيته أو رؤية المأمومين معه فعليكم أن تقتدوا به ولو كانت تفصلكم عنه طريق؛ لأن أداءكم الجمعة استقلالا مع إمكانية أدائها تبعا للمسجد يؤدي إلى تعدد الجمعة من غير ضرورة. وانظر الفتوى رقم: 27832، والفتوى رقم: 38038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1427(11/11763)
مسوغات إقامة الجمعة في مكان واحد مرتين
[السُّؤَالُ]
ـ[في مسجد المهاجرين في بون -ألمانيا الاتحادية- لقد أدى تزايد عدد المصلين في مسجدنا يوم الجمعة إلى اضطرار المصلين إلى السجود على ظهور بعضهم بعضاً بسبب ضيق المساحة في المسجد وبالتالي إلى تهديدنا من قبل بلدية المدينة بإغلاق المسجد لمخالفة الشروط الفنية، إذا لم نحدد عدد المصلين بمائة مصلٍ فقط، ومع ذلك نحن مضطرون أمام هذا التهديد إلى إقامة صلاتي جمعة في نفس المسجد بإمامين وخطبتين في وقتين مختلفين، نرجو إفادتنا ما إذا كان هناك ما يمنع من ذلك؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن تقام في البلد جمعة واحدة، كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كانت هناك عدة مساجد في المدينة يصلون فيها الصلوات الخمس. فإذا ما كان يوم الجمعة اجتمعوا للصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لو كبرت البلد وعسر الحضور إلى مكان واحد، أو لم يوجد مكان واحد يسعهم، فيجوز حينئذ أن تقام جمعة أخرى في مكان آخر، أو مكانين حسب الحاجة.
وأما إقامتها في مكان واحد مرتين لضيق المكان الذي تقام فيه الجمعة وعدم وجود مكان آخر لإقامتها، فلم نقف على كلام العلماء في هذه الصورة ولا وقوعها منهم عملا، والذي يظهر لنا أنه لا فرق بين إقامتها في مكان آخر أو في نفس المكان، ما دامت الحاجة للتعدد قائمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1427(11/11764)
من شروط صحة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عمال في شركة بترولية في صحراء الجزائر في حقل يبعد عن المدينة السكنية الأولى بـ 310 كم، ننتقل إلى مكان العمل، مع العلم بأننا نعقد النية للذهاب للعمل لمدة أربعة أسابيع ثم نعود إلى أهلنا المتواجدين عبر التراب الوطني في عطلة لنفس المدة، علماً بأننا عمال دائمون وكل منا لا يوجد في نيته ترك العمل، وذلك لصعوبة إيجاد العمل في الجزائر، كذلك في ما يخص الشركة لا توجد لها نية في التخلي عن العمال، أن كل واحد منا يفكر في ما بعد التقاعد (أي عمر 60 عاماً) ، كما نحيطكم علماً بأن ظروف الإقامة طبيعية توفر فيها كل متطلبات العيش يوجد حوالي 110 عامل حاضرون وعدد المصلين الدائمين حوالي 30 مصل في مسجد يقع داخل قاعدة الحياة ويسمح للأشخاص من خارج القاعدة لأداء صلاة الجمعة في المسجد بدون حرج، إننا نقيم الصلوات الخمس فيه مع إمام من بين العمال فإن ذهب إلى العطلة أناب أحدنا، ملاحظة ... من بيننا إخوة لا يؤدون صلاة الجماعة بذريعة السفر من مدنهم إلى مكان العمل للمدة المشار إليها أعلاه، ثم العودة إلى ذويهم، كما يعتقدون أن صلاة الجمعة غير جائزة لكون المنطقة غير مسكونة ومنهم من يقيمون الصلوات الخمس لكن صلاة الجمعة لا يؤدونها يتعذرون بحجج ليس لها من الشرع أصل، مثال على ذلك: أن يكون العدد 12 وأن يكون الإمام راتبا وأن يكون المسجد مبنيا بالأسمنت أو الحجارة وألا يكون من البناء المجهز، شيخنا الفاضل: أعلم أنه إن لم نؤد صلاة الجماعة وصلاة الجمعة والأعياد معنى ذلك أننا نحرم من هذا الأجر والثواب العظيم لمدة 6 أشهر في السنة أو نصف ما تبقى من أعمارنا.
وأخيراً.... وليس آخراً فضيلة الشيخ الموقر نرجو من الله ثم منكم أن التأصيل والتفصيل تفصيلاً في هذه المسألة الحساسة، وتقبلوا منا أسمى آيات الشكر والتقدير من جميع إخوانكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنية الإقامة لعدة أسابيع في مكان عملكم في الشركة تعتبر قاطعة للسفر في أرجح أقوال أهل العلم، وعليه فليس لكم بعد وصولكم إلى مقر عملكم أن تترخصوا برخص السفر، وأما حكم الجماعة في المكان المذكور فكسائر أماكن الإقامة، وهي محل خلاف بين أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 65545.
وأما صلاة الجمعة فإن كانت الشركة التي تعملون بها ليست قريبة من مكان تقام فيه الجمعة، ولم يكن بها مستوطنون تجب عليهم الجمعة، فليس عليكم صلاة الجمعة وإنما عليكم صلاة الظهر، وأما إن كانت الشركة قريبة من مكان تقام فيه الجمعة بحيث تسمعون الأذان، أو كان معكم مستوطنون بها ممن تجب عليهم الجمعة، فتجب عليكم صلاة الجمعة بالتبع للمستوطين بالبلدة أو الشركة؛ لأن من شروط صحة الجمعة أن تقام في البلد المستوطن وبأربعين عند طائفة من أهل العلم، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: قال أصحابنا: يشترط لصحة الجمعة أن تقام في أبنية مجتمعة يستوطنها شتاء أو صيفا من تنعقد بهم الجمعة، قال الشافعي والأصحاب: سواء كان البناء من أحجار أو أخشاب أو طين أو قصب أو سعف أو غيرها، وسواء في البلاد الكبار ذوات الأسواق، والقرى الصغار، والأسراب المتخذة وطناً، فإن كانت الأبنية متفرقة لم تصح الجمعة فيها بلا خلاف، لأنها لا تعد قرية، ويرجع في الاجتماع والتفرق إلى العرف. انتهى.
ومن أهل العلم من اشترط في العدد الذي تجب به الجمعة أن يكون اثني عشر رجلاً مستوطنين, ومنهم من شرط ثلاثة فقط, ومنهم من لم يشترط عدداً معيناً، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1427(11/11765)
حكم من وجد في بلد لا تقام فيه الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الجمعة وخاصة أنني أعيش في دولة غربية ليس بها جوامع فهل أكتفي بصلاة الظهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت البلد التي تعيش فيها لا يوجد فيها جامع تقام فيه الجمعة فيجب عليك أن تصلي الظهر في وقتها ولا إثم عليك، وهذا متفق عليه بين أهل العلم، لأن الجمعة لا تصح إلا بشروط معينة بيناها في الفتوى رقم: 7637، وإذا وجد معك غيرك بحيث تتحقق شروط الجمعة فيكم فيجب عليكم إقامتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1427(11/11766)
هل تصح الجمعة في المكان النائي
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جماعة نعمل في مكان بعيد عن منازلنا وأهلينا، وفي مكان خالٍ من السكان والمرافق والمساجد , والمدة التي نقضيها في العمل تساوي المدة التي نقضيها في بيوتنا , أي أننا نعمل 28 يوماً مقابل 28 يوماً كعطلة، ويتم هذا طوال السنة، كما أننا نعمل 12 ساعة يوميّاً. ماذا عن إقامة صلاة الجمعة في هذا المكان مع العلم أننا نقيمها؟ وإن كانت لا تصح منا فما العمل فيما مضى هل نعيدها ظهرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شروط الجمعة عند الجمهور وجود قرية مبنية بما جرت العادة بالبناء به من حجر أو طين أو لبن أو قصب أو نحوه، وبشرط الإقامة فيها أكثر السنة بأن كانوا يقيمون فيها صيفاً وشتاء، وما دام المكان الذي تذهبون إليه لأجل الشغل ليس قرية مستوطنة، وليس قريباً من مكان تقام فيه الجمعة فلا يجوز لكم أن تصلوا الجمعة بل فرضكم هو الظهر كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 42507، والفتوى رقم: 54456، ويجب عليكم إعادة الجمعة فيما مضى ظهراً لعدم توفر شروط صحة الجمعة في هذا المكان على مذهب الجمهور، ويرى بعض أهل العلم عدم اشتراط القرية في الجمعة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7637، وعلى القول الأخير فلا إعادة عليكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1426(11/11767)
إقامة الجمعة في السجن.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو عرض المسألة التالية على أهل العلم في موقعكم المبارك لبيان الحكم الشرعي فيها:
كما تعلمون فإن كثيراً من أبناء الشعب الفلسطيني المسلم يزجون في سجون الاحتلال وكنت واحداً منهم
وقد واجهتني معضلة شرعية ألا وهي تعدد صلاة الجمعة وكذا صلاة العيد في السجن الواحد فقد كنت مسجوناً في معتقل (عوفر) بالقرب من مدينة رام الله وهذا المعتقل قدرتُ مساحته بحوالي كيلومتر مربع وهو مقسم إلى عشرة أقسام متجاورة ويفصل بين القسم والآخر أسلاك شائكة متعددة عرضها أربعة أمتار تقريباً ويوجد حوالي ألف معتقل في هذا المعتقل يعني حوالي مئة معتقل في كل قسم منها وتقام صلاة الجمعة في كل قسم على انفراد وكذا صلاة العيد أي عشر جمع وعشر صلوات عيد.
وهنا مجموعة ملحوظات:
- لا يمكن من الناحية العملية إقامة جمعة واحدة لأن قوات الاحتلال لا تسمح بذلك.
- لا يمكن من الناحية العملية إقامة جمعتين لقسمين متجاورين لأن طبيعة أقسام السجن لا تسمح بجلوس المعتقلين من القسمين المتجاورين على جانبي الشبك الشائك.
- يرى المعتقلون وخاصة المشايخ منهم أنه لا بد من إقامة صلاة الجمعة وكذا صلاة العيد وإن تعددتا لما للصلوات من آثار نفسية كبيرة في نفوس المعتقلين ولا يخفى عليكم ما لصلاة الجمعة من دور في حياة المسلم وخاصة المعتقل.
- هذه الحالة تتكرر في جميع السجون والمعتقلات الصهيونية التي تضم أكثر من عشرة آلاف معتقل.
- ليس هنالك إلا خياران إما تعدد الجمعة أو القول بأن لا جمعة في السجون.
- كنت أميل إلى أنه لا جمعة على السجين حتى دخلت السجن ولمست بنفسي الأثر العظيم الذي تتركه صلاة الجمعة في نفوس المعتقلين وكذلك صلاة العيد وما يصحبها من التكبير الذي يرفع معنويات المعتقلين ... إلخ
أرجو التكرم بالجواب المفصل في هذه الواقعة حيث إن إخوانكم المعتقلين ينتظرون الجواب.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في إقامة الجمعة في السجن إذا توفرت شروط الجمعة في المسجونين وأمكنهم أداؤها، فذهبت طائفة إلى صحة ذلك وهو ما نص عليه طائفة من الشافعية وهو ظاهر كلام الحنفية وابن حزم الظاهري، وقالوا: يقيمها لهم من يصلح لها منهم أو من أهل البلد، ويتجه وجوب نصبه على الحاكم، وروي عن ابن سيرين أنه كان يقول بالجمعة على أهل السجون، وخالفه إبراهيم النخعي فقال: ليس على أهل السجون جمعة.
وقد سئل العلامة ابن حجر الهيتمي في فتاويه الفقهية الكبرى: هل يلزم المحبوسين إقامة الجمعة في الحبس؟
فأجاب بقوله: القياس أنه يلزمهم ذلك إذا وجدت شروط وجوب الجمعة وشروط صحتها ولم يُخشَ من إقامتها في الحبس فتنة؛ لكن أفتى غير واحد بأنها لا تلزمهم مطلقاً، وقد بالغ السبكي فقال: لا يجوز لهم إقامتها وإن جاز تعددها. وهو بعيد جداً وإن أطال الكلام فيه في فتاويه والاستدلال لعدم الوجوب بأن الحبوس لم تزل مشحونة من العلماء من السلف والخلف ولم ينقل أن أحداً منهم أقامها في الحبس يمكن الخدش فيه بأنه لا يتم إلا إن ثبت أنه وجد في حبس أربعون شافعياً ممن يعتد بفعلهم ولم يقيموها مع توفر ما ذكرناه من الشروط وعدم خوف الفتنة، فمن أثبت هذا اتضح له عدم الوجوب، ومن لم يثبته يلزمه أن يقول بالوجوب، فإن الذي يصرح به كلام أصحابنا.
ولقد كان البويطي وهو في قيوده في الحبس يغتسل ويلبس نظيف ثيابه ويأتي إلى باب السجن فيشاور السجان في صلاة الجمعة فيمنعه فيرجع ويقول: الآن سقطت الجمعة عني. فتأمل محافظة هذا الإمام - الذي هو أجَلُّ أصحاب الشافعي رضي الله عنه، ولذا استخلفه في حلقته وأخبره بهذه المحنة التي وقعت له بقوله له: ستموت في قيودك - على صلاة الجمعة، مع ما هو عليه تجده كالصريح في أنه لو أمكنه إقامتها في الحبس لفعلها فيه. فإن قلت: إن أقاموها قبل جمعة البلد أفسدوها على أهلها أو بعدها لم تنعقد لهم، قلت: ممنوع فيهما؛ بل عذر الحبس لا يبعد أنه يجوز التعدد فيفعلونها متى شاءوا قبل أو بعد ولا حرج عليهم حينئذ.
وفي العناية شرح الهداية من كتب الحنفية: ويكره أن يصلي المعذورون الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر، وكذا أهل السجن. لما فيه من الإخلال بالجمعة إذ هي جامعة للجماعات، والمعذور قد يقتدي به غيره بخلاف أهل السواد لأنه لا جمعة عليهم (ولو صلى قوم أجزأهم) لاستجماع شرائطه.
وذهب آخرون إلى المنع ومن أحسنهم تقريراً لذلك الشيخ تقي الدين السبكي فقد سئل عن المسجونين بسجن الشرع وهم أكثر من أربعين هل يجوز لهم أن يقيموا من بينهم إماماً يخطب بهم ويصلي بهم الجمعة والأعياد؟ (أجاب) رحمه الله تعالى: لا يجوز لهم إقامة الجمعة في السجن بل يصلون ظهراً لأنه لم يبلغنا أن أحداً من السلف فعل ذلك مع أنه كان في السجون أقوام من العلماء المتورعين، والغالب أنه يجتمع معهم أربعون وأكثر موصوفون بصفات من تنعقد به الجمعة فلو كان ذلك جائزاً لفعلوه والسر في عدم جوازه أن المقصود من الجمعة إقامة الشعار ولذلك اختصت بمكان واحد من البلد إذا وسع الناس اتفاقاً، وكأنها من هذا الوجه تشبه فروض الكفايات، ومن جهة أنه يجب على كل مكلف بها إتيانها فهي فرض عين.
وقد نُقِل عن الشافعي رحمه الله قول إنها فرض كفاية وغلَّطوا قائله لما اشتهر أنها فرض عين، وعندي يمكن حمل ذلك النقل على ما أشرت إليه بأن فيها الأمرين جميعاً: (أحدهما) قصد إظهار الشعار وإقامتها في البلد الذي فيه أربعون وهذا فرض كفاية على كل مكلف في تلك البلد وعلى كل من حولها ممن يسمع النداء منها إذا كانوا دون الأربعين. (والثاني) وجوب حضورها وهو كل من كان من أهل الكمال من أهل ذلك البلد وممن حولها ممن يسمع النداء إذا لم يمكنه إقامة الجمعة في محله، وإذا عرفت أن المقصود بها ذلك والسجن ليس محل ظهور الشعار فلا تشرع إقامتها فيه ولعل ذلك لم يقمها النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة، وأقامها أبو أمامة أسعد بن زرارة بالبقيع بقيع الحصمات من ظاهر المدينة، والظاهر أن ذلك كان بأمره صلى الله عليه وسلم، وإنما يأمر بها ولا يفعلها لما قلنا من المعنى. والسجن ليس محلاً لإقامتها لأمرين: (أحدهما) عدم ظهور الشعار (والثاني) أنه تعطيل إقامتها في بقية البلد إذا كانت لا تحتمل جمعتين، وما عطل فرض الكفاية نمنع منه فعدم الجواز إذا كانت البلدة صغيرة لهاتين العلتين، وكل علة منهما كافية لهذا الحكم ولو أن أربعين اجتمعوا في بيت لا يظهر فيه الشعار وعجلوا بالخطبة وصلاة الجمعة قبل الجمعة التي تقام في البلد في الشعار الظاهر لم أر ذلك جائزاً لهم لما ذكرته من العلتين.
وإذا كانت البلدة كبيرة والجامع الذي لها لا يسع الناس وكانت بحيث تجوز إقامة جمعة أخرى فيها على ما ذكر الروياني وغيره من المتأخرين فأقام أهل السجن الجمعة أو أهل بيت لا يظهر فيه الشعار فأقول: إن ذلك لا يجوز أيضاً لإحدى العلتين وهي أنه ليس محل إقامة جمعة فهي غير شرعية، والإقدام على عبادة غير مشروعة لا يجوز، وقد ظهر أنه لا يجوز إقامة الجمعة في السجن سواء أضاق البلد أم أتسع، سواء أجوزنا جمعتين في بلد إذا ضاق أم لم نجوز، ولذلك لم نسمع بذلك عن أحد من السلف.
إذا عرف هذا فأهل السجن يصلون ظهرا، وهل يستحب لهم الجماعة؟ وجهان: أصحهما نعم، وعلى هذا يستحب لهم إخفاؤها وجهان: أصحهما لا والنص أنه يستحب الإخفاء لأن الجماعة في هذا اليوم من شعار الجمعة وإن كان لا تهمه على هؤلاء، أما المعذورون الذين نخشى عليهم من التهم فيستحب لهم الإخفاء قطعاً وإنما يصلون الظهر بعد فراغ جمعة البلد. وأما العيد فيستحب لهم صلاته وأما خطبته ففي استحبابها نظر لما أشرت إليه من الشعار ولم أنظر فيه فيحتاج إلى كشف وتأمل، والله أعلم. كتب في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاين.
ومما لحظناه من معنى فرض الكفاية يظهر تحريم السفر على أحد القولين قبل الزوال المفوت للجمعة وإن كان وقتها لم يدخل بخلاف بقية الصلوات، وقد كنت أستشكل ذلك ولا أصغي لمن يقول: إن الجمعة متعلقة باليوم، وأقول كيف تجب الوسيلة قبل وجوب المقصد؟ حتى ظهر لي هذا المعنى وذلك أن إقامة شعار هذا اليوم بهذه الصلاة متعلق باليوم وإنما يتوقف على الزوال وجوب الصلاة وصحتها، ولهذا يستحب التبكير لها، ومسائل أخرى تتخرج على هذا. انتهى
والحاصل أن المسألة من مسائل الخلاف بين العلماء ولا يقطع فيها برأي واحد، ومن عمل بأحد الرأيين فهو على خير. فاختلاف العلماء رحمة واسعة واتفاقهم حجة قاطعة كما نص على ذلك ابن قدامة رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه القيم المغني، وإذا أخذتم بقول من يرى أن عليكم أن تصلوا الجمعة فلا حرج أن تصلي كل مجموعة لوحدها إذ لا يمكنكم أن تجتمعوا في مكان لما ذكرت.
نسأل الله تعالى أن يفك أسرى المسلمين جميعاً وأن يفرج هموم المحبوسين من المسلمين، وأن ينصر عباده الموحدين إنه القادر على ذلك. ولمعرفة حكم تعدد الجمعة تراجع الفتوى رقم: 23537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1426(11/11768)
حكم من صلى الجمعة خلف شافعي وأعادها الإمام ظهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو شرحا لهذه الفتوى: (مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ خَلْفَ شَافِعِيٍّ وَأَعَادَهَا الْإِمَامُ ظُهْرًا فَمَا حُكْمُ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ الْمَالِكِيِّ أَفِيدُوا الْجَوَابَ. فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ الْمَالِكِيِّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا ظُهْرًا لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ مُسَاوَاةَ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ صَلَاةَ إمَامِهِ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ وَصِفَتِهَا إلَّا النَّفَلَ خَلْفَ فَرْضٍ وَالْعِبْرَةُ فِي شَرْطِ الِاقْتِدَاءِ بِمَذْهَبِ الْمَأْمُومِ وَلَمَّا أَعَادَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ ظُهْرًا اُحْتُمِلَ أَنَّ الظُّهْرَ هِيَ فَرْضُ الْإِمَامِ وَالْجُمُعَةَ غَيْرُ فَرْضِهِ فَلَمْ تُسَاو صَلَاتُهُ بِصَلَاةِ الْمَأْمُومِ فِي تَعَيُّنِ الْفَرْضِيَّةِ وَلَزِمَ أَنَّهُ صَلَّى فَرْضًا يَقِينًا خَلْفَ مُحْتَمِلٍ لِلْفَرْضِيَّةِ وَالنَّفْلِيَّةِ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمجيب على السؤال المذكور هو الشيخ عليش رحمه الله تعالى وهو من أئمة المالكية المحققين، وبنى جوابه على ما هو معروف في مذهبهم من أنه لا يصح أن يقتدي المأموم في الجمعة وغيرها من الفرائض إلا بإمام يصلي نفس الفرض الذي يصليه المأموم، فإذا تبين له بعد ذلك أن إمامه الشافعي أعاد صلاة الجمعة ظهراً لزمه هو صلاة الظهر أيضاً لاحتمال أن صلاة إمامه المفروضة في ذلك اليوم كانت هي الظهر المعادة وليست الجمعة، وإنما قال من قال من الشافعية بإعادة الظهر بعد الجمعة لكون الجمعة قد تعددت لغير حاجة أو شك في سبق غيرها لها من الجمع التي تقام في البلد الواحد لأنه لا يجوز تعدد الجمعة في البلد الواحد لغير حاجة، هذا هو تقرير المسألة عندهم.
والحاصل أن هذا المفتي أفتى بأن المأموم يعيد الجمعة ظهراً في هذه الصورة لكونه صلى خلف من يحتمل اتفاقه هو وإياه في الفرض، واحتمال أن فرض إمامه الظهر وفرضه الجمعة فيكون هناك اختلاف بين نية الإمام ونية المأموم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(11/11769)
حكم إقامة صلاة الجمعة في السفينة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله نحن شباب مسلمون ونعمل في حقل نفطي في البحر ونقيم على ظهر سفينة ثابتة في البحر لاتتحرك أي لا تبحر بل هي ثابتة في نفس المكان وكنا نقيم صلاة الجمعة ولكن جاء من قال إن صلاة الجمعة لاتصح إقامتها عليكم فتوقفنا عن إقامتها ولكن نود منكم أن تفتونا وتوضحوا لنا الحكم الشرعي في إقامة الجمعة فهل يجب علينا أن نقيم صلاة الجمعة أم لا نقيمها.
علما بأننا نعمل بالتناوب حيث يقيم الشخص منا ما بين أسبوع إلى ستة أسابيع ثم يعود إلى بيته في إجازة من أسبوعين إلى ستة أسابيع وهكذا بعد انتهاء الإجازة يعود إلى العمل.
أرجو إيضاح الأمر؟
وبارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا عنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح إقامة صلاة الجمعة في السفينة ولو كانت لا تبحر لأنها ليست وطناً، ومن شروط صحة الجمعة إقامتها في مصر أو قرية أو مكان تابع لها؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 54757، وفي حال سقوط الجمعة يجب على راكبي السفينة أن يصلوا ظهرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1426(11/11770)
حكم صلاة الجمعة في الطرق المتصلة بالمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم صلاة الجمعة في الطرقات المؤدية إلى المسجد والطرق القريبة منه حسب المذهب المالكي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الجمعة جائزة في الطرق المتصلة بالمسجد في المذهب المالكي إن دعت لذلك ضرورة مثل ضيق المسجد عن المصلين، أو اتصال الصفوف أمام المصلي فلا يجد مكاناً يمر منه إلى داخل المسجد، قال الشيخ أحمد الدردير ممزوجاً بنص مختصر خليل في الفقه المالكي: وصحت برحبته وطرق متصلة به من غير حائل من بيوت أو حوانيت، ومثلها دور وحوانيت غير محجورة، وكذا مدرسة فيما يظهر.. ومحل الصحة بهما إن ضاق الجامع أو اتصلت الصفوف ولم يقف لمنع التخطي بعد جلوس الخطيب على المنبر لا انتفيا أي الضيق والاتصال فلا تصح، والمعتمد الصحة مطلقاً لكنه عند انتفائهما قد أساء. انتهى.
وخلاصة القول أن الجمعة تصح في الطرق والأبنية غير المحجورة مثل المدارس المجاورة للمسجد، ويشترط لجواز الصلاة في الطرق ورحاب المسجد وما في معناهما أن يضيق المسجد أو تتصل الصفوف أمام المصلي فلا يقدر على الدخول في المسجد لاتصال الصفوف فتصح منه خارجه في هذه الحالة ولو كان في داخل المسجد مكان، لعدم إمكان الوصول إليه.
فإن لم يضق المسجد ولم تتصل الصفوف وصلى خارج المسجد صحت جمعته مع حرمة ما فعل أو كراهته على قولين، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 60598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(11/11771)
معنى الإقامة التي تشترط في خطيب الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحبابي في الله, هل من شروط صحة صلاة الجمعة أن يكون خطيب وإمام الجمعة مقيماً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإقامة التي تشترط في خطيب الجمعة وغيره ممن تلزمهم الجمعة هي الإقامة التي تقطع حكم السفر، وهي على الراجح من أقوال أهل العلم نية إقامة أربعة أيام فأكثر أو وجود زوجة بذلك المكان، وراجع الفتوى رقم: 46123.
أما الإقامة المعروفة اليوم والتي هي إذن الدولة التي يوجد فيها الشخص رسمياً بالإقامة على أراضيها فلا تشترط لوجوب الجمعة، وبالتالي فلا مانع من أن يكون خطيب الجمعة غير حاصل على هذه الإقامة ما دام يقيم الإقامة بالمعنى الشرعي.
وعلى كل حال فليس من شروط صحة الجمعة الإقامة على التأبيد، وقد سبق ذكر شروط الجمعة في الفتوى رقم: 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(11/11772)
لا تدرك الجمعة إلا بإدراك ركعة منها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي بعض الاسئلة وأرجو منكم التكرم بالإجابة عليها مأجورين: 1-ما حكم من أدرك من صلاة الجمعة التشهد هل يتم ركعتين أم يتم كصلاة الظهر؟ 2-إذا سها الإمام في صلاة المغرب فبدلا من السلام بعد التشهد الأخير سها فقام للركعة الرابعة فهل يجوز تنبيهه من قبل المأمومين بعد اعتداله قائما؟ وما حكم من أدرك ركعتين من هذه الصلاة والركعة التي سهى بها الإمام فصلى مع الإمام ثلاث ركعات إحداهن التي سهى بها الامام هل يتم ركعة ولاتحتسب الركعة التي سهى بها الإمام أم يسلم مع الإمام لأنه صلى 3 ركعات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي عليه أكثر العلماء هو أن الجمعة لاتدرك إلا بإدراك ركعة منها، ومعنى ذلك أن من أدرك الإمام وهو في ركوع الثانية من ركعتي الجمعة وركع معه عليه أن يقوم إذا سلم الإمام ويأتي بركعة ثانية وتمت جمعته ومن أدركه بعد ركوع الثانية فقد فاتته الجمعة يصلي الظهر أربعاً بعد سلام الإمام. ويرى أبو حنيفة أن من أدرك التشهد مع الإمام فقد أدرك الجمعة فيصلي بعد سلام الإمام ركعتين، قال النووي رحمه الله: ذكرنا أن مذهبنا أنه إن أدرك ركوع الركعة الثانية أدركها وإلا فلا، وبه قال أكثر العلماء حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عمر وأنس وسعيد بن المسيب والزهري ومالك والأوزاعي والثوري وأبي يوسف وأحمد وأبي ثور. إلى أن قال: وقال الحكم وحماد وأبو حنيفة من أدرك التشهد مع الإمام أدرك الجمعة فيصلي بعد سلام الإمام ركعتين وتمت الجمعة. انتهى بحذف يسير. وقد استدل النووي للقول الأول بما في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة، قال وبهذا الحديث استدل مالك في الموطإ والشافعي في الأم.
ومن هذا يعلم الأخ السائل أن الأكثر من العلماء على أن الجمعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة، وأن من لم يدرك ركعة بإدراك الركوع مع الإمام يصلي أربعا إذا سلم الإمام بنية الظهر. وأما بالنسبة للسؤال الثاني فقد تقدم في الفتوى رقم: 14987، أن المأموم لايتابع الإمام في الزيادة المحققة ويجب عليه تنبيهه ولوا عتدل قائما فإن لم يرجع لم يتابعه بل عليه أن ينتظره حتى يرجع ويجلس للسلام فيسلم بسلامه، ولا يعتد المأموم بالركعة التي صلاها مع الإمام وهي زائدة على صلاة الإمام كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 46019.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(11/11773)
لا تشترط في الجمعة الإقامة على وجه التأبيد
[السُّؤَالُ]
ـ[أطرح عليكم هذا السؤال من انغولا البلد الذي لا يسمع للإسلام فيه صوت، لولا التجار الوافدون لغرض تحصيل المال فقد بني مسجد وأجرت منازل وحولت إلى مساجد تقام فيها الصلاة والإشكال الذي أريد إزالته هل تجزئ صلاة الجمعة إذا كان جميع المصلين أجانب البعض منهم يحمل تأشيرة والبعض عنده إقامة أم لا تجزئ الجمعة ولا تجب إلا بالتبعية؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقيمون في تلك الدولة التي ذكرت تجب عليهم الجمعة ولو كانوا مقيمين إقامة مؤقتة ما دامت إقامتهم تقطع حكم السفر، إذ لا تشترط في الجمعة الإقامة على وجه التأبيد، كما تقدم في الفتوى رقم: 25314.
وللتعرف على تفاصيل شروط الجمعة ومذاهب أهل العلم حولها راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7637، 46124، 3476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1426(11/11774)
ضوابط مشروعية تعدد الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد انتقلت إلى بلد جديد منذ زمن قصير
أولا لقد لاحظت أن خطبة الجمعة تنتهي في أحد المساجد وتبدأ بآخر ففي أيهما أصلي وماذا أفعل إذا كنت قد بدأت الصلاة والمسجد الآخر قد أذن خلال الصلاة مع العلم أن الخطبة وأذان الجمعة قد رفعا في مسجد آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من تعدد الجمعة في المدينة الواحدة إذا دعت ضرورة إلى ذلك كضيق المسجد العتيق أو خوف فتنة، وراجع الفتوى رقم: 10858 الفتوى رقم: 31016.
وعليه، فإذا كان البلد الذي تقيم فيه تتعدد فيه الجمعة لسبب مشروع فيجوز لك أن تصلي في أي المسجدين شئت، لكن الأفضل أن تختار المسجد الأكثر جماعة خصوصا إذا انضم إلى ذلك كون إمامه متقنا للقرآن سليم العقيدة يستفيد السامعون من خطبه لاشتمالها على المواعظ التي ترقق القلوب وتزرع فيها الخوف والخشية من الله تعالى، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 51577.
وإذا دخلت في الصلاة وسمعت الأذان أو الخطبة في مسجد آخر فالواجب عليك مواصلة الصلاة ولا يجوز لك قطعها لعدم سبب مشروع لذلك، إضافة إلى كونه من إبطال العمل الذي نهي الله عنه في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد 33} وراجع الفتوى رقم: 32896.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1426(11/11775)
أسباب عدم صحة أداء الجمعة في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم صلاة الجمعة
سؤالي عن حكم صلاة الجمعة من دون المسجد فأنا أعيش حاليا في بريطانيا ويوجد بجانب منزلي مساجد لكن الخطبة فيها باللغة الإنجليزية أحيانا ومرات عديدة باللغة الباكستانية ويوجد شباب عرب يسكنون معي في نفس المنزل وهم طلاب علم سلفيون ولهم من العلم اجتهدوا ووصلوا إلى نتيجة بعد العودة إلى أشرطة الشيخ الألباني رحمه الله في الشريط رقم213 الدقيقة51 إلى جواز الصلاة أقصد صلاة الجمعة في المنزل لكي يتسنى لنا سماع الخطبة باللغة العربية فهل هذا صحيح أم توجد فتوى في هذه الحالة وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجزئكم إقامة صلاة الجمعة في المنزل المذكور لعدة أمور:
الأول: أن الأصل أن الجمعة لا تقام إلا في المسجد الذي يرفع فيه النداء لها. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة: 9}
الثاني: أن عدم فهم الخطبة ليس بعذر للتخلف عن الجمعة. ففي الغرر البهية ممزوجا بالبهجة الوردية وهو شافعي: وأجاب القاضي عن سؤال ما فائدة الخطبة بالعربية إذا لم يعرفها القوم؟ بأن فائدتها العلم بالوعظ من حيث الجملة، ويوافقه ما في الروضة كأصلها فيما لو سمعوا الخطبة ولم يفهموا معناها أنها تصح. انتهى. وراجع الفتوى رقم: 12857.
الثالث: أن تعدد الجمعة في البلد الواحد لا يشرع إلا لسبب يبيح ذلك؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 10858.
هذا إضافة إلى أن المالكية يشترطون لصحة الجمعة إقامتها في مسجد جامع مبني بناء معتادا لأهل البلد؛ كما سبق في الفتوى رقم: 36650
وللتفصيل حول شروط صحة الجمعة راجع الفتوى رقم: 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1426(11/11776)
من صلى الجمعة خلف الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من سكان فلسطين.. حدث وأن صليت الجمعة ذات مرة خلف إمام يخدم في جيش الدفاع الإسرائيلي ويتعاون مع المخابرات.. ما هو موقف الشرع من ذلك، وهل صلاتي جائزة أم أن علي إعادتها، أرجو منكم شرحا مفصلا في هذا الموضوع خاصة وأني سمعت أن الصلاة تجوز خلف الفاسق, كما صلى سعيد بن جبير خلف الحجاج..؟ وأشكركم سلفا، وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام المذكور يفعل ما ذكرت لحظ دنيوي فإنه فاسق، وصلاة الجمعة تصح خلف الفاسق. ومن أهل العلم من يقول بإعادتها، ففي الفروع لابن مفلح وهو حنبلي أثناء كلامه على إمامة الفاسق: ويصلي خلفه الجمعة على الأصح، وعنه: ويعيد، واحتج في رواية المروذي بقوله عليه السلام: يكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها. ونقل ابن الحكم أنه كان يصلي الجمعة ثم يصلي الظهر أربعاً، فإن كانت الصلاة فرضا فلا تضر صلاتي، وإن لم يكن كانت تلك الصلاة ظهراً أربعاً. انتهى.
وفي بريقه محمودية للخادمي وهو حنفي: وتجوز الصلاة خلف كل بر وفاجر- بفتح الباء- أي صالح، فإن السلف كانوا يقتدون بالحجاج في الجمعة وغيرها، لكن أصل الجواز لا ينافي كراهة إمامة الفاسق. انتهى.
وعليه؛ فصلاتك للجمعة صحيحة إن شاء الله تعالى، وإن أعدتها ظهراً فذلك أبرأ لذمتك وأقرب إلى الورع والاحتياط في الدين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي وغيره.
والأولى في حقك أن تصلي الجمعة خلف إمام سالم من الفسق إن استطعت إلى ذلك سبيلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(11/11777)
حكم تعدد الجمعة لدرء فتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[وقعت حادثة قتل مؤسفة في قرية مسلمة أدت إلى امتناع أهل القاتل من دخول المسجد والصلاة فيه الجماعة والجمعة , وبعد فترة قام أهل القاتل بالتبرع بقطعة أرض وجمعوا المال لبناء مسجد في القرية المشار إليها وقد تم.
بعض أهل القرية اعتبر أن هذا المسجد بني في وقت أضر بالمسلمين وبوحدة كلمتهم فلم يصلوا فيه خشية أن يكون مثله مثل مسجد الضرار , الآن وبعد مرور سنتين على الحادثة فقد تم الصلح بين الفريقين.
السؤال:
- ما حكم من صلى فيه في الفترة السابقة للصلح مع يقين البعض وشك البعض الآخر أن يكون المسجد بني للضرار؟
- وما حكم الصلاة فيه بعد أن تم الصلح؟
- وما حكم إقامة الجمعة فيه مع كفاية المسجد الأول في القرية لإقامة الجمعة وزوال المبرر لإقامة الجمعة في المسجد الثاني وهو الخلاف بين أهل القرية بسبب حادثة القتل.
بارك الله فيكم وبجهودكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز تعدد الجمعة دفعا للفتنة، ولا حرج على من صلى في المسجد الذي أقيمت فيه، وإذا انتهت الفتنة لزم الرجوع إلى الصلاة في المسجد الأول، وقد سئل الشيخ عليش المالكي رحمه الله تعالى كما في فتح العلي المالك عن هذه المسألة: ما قولكم في بلدة حدثت فيها عداوة ظاهرة وليس عندهم غير جامع واحد وزاوية وأهل الزاوية يخافون إن ذهبوا للجامع فهل يسوغ لهم إحداث خطبة في تلك الزاوية؟ أفيدونا الجواب. فأجاب بما نصه: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، نعم يسوغ لهم إحداث خطبة في تلك الزاوية إن خافوا بذهابهم للجامع القتال ولم يكن هناك حاكم يمنعهم منه وإلا فلا، ولا بد أيضا أن يكونوا اثني عشر فأكثر مستوفين لشروط وجوبها وإلا فهي ساقطة عنهم ولا يسوغ لهم الإحداث. قال في ضوء الشموع: واعلم أن خشية الفتنة بين القوم إن اجتمعو في مسجد تبيح التعدد كالضيق، وأما خوف شخص واحد فهو من الأعذار الآتية، ولا يحدث له مسجد أو يأخذ معه جماعة. اهـ. والظاهر أن مثل الواحد أحد عشر فأقل. والله أعلم.
وسئل أبو محمد الأمير عن أهل بلد بنو مسجدا غير العتيق لعداوة حدثت بينهم وقلتم بصحة الجمعة فيه هل تستمر الصحة ولو زالت العداوة أو كيف الحال؟ أفيدوا الجواب. فأجاب بما نصه: الحمد لله، إذا زالت العداوة لم يجز تعدد الجمعة لأن الحكم يدور مع العلة.
والله أعلم.
ونقل ابن حجر الهيتمي في التحفة جواز تعدد الجمعة للحاجة ومنها القتال. ولمزيد الفائدة عن تعدد الجمعة تراجع الفتوى رقم: 23537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(11/11778)
حكم أداء صلاة الجمعة خارج المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الجمعة في الخلاء (الخطبة والصلاة بدون منبر) تفاديأ لعدم وقوف المصلين أمام الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أداء صلاة الجمعة خارج المسجد ولو لغير أي سبب عند من لم يشترط إقامتها في المسجد وهم الحنابلة والشافعية والحنفية، أما المالكية فيشترطون لصحة الخطبة والصلاة كونهما داخل المسجد المبني بناء معتادا لأهل القرية. وراجع الأجوبة التالية أرقامها: 13870، 31086، 7637.
وتقدم المأمومين على الإمام إن كان لعذر كضيق المسجد -مثلاً- لا ضرر فيه. وراجع التفصيل في الفتوى رقم 33993.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1425(11/11779)
يجوز ترك المسجد القريب والذهاب إلى البعيد لصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسألكم ما شروط الإمامة في صلاة الجمعة؟ وهل يجوز لنا أن لا نصلي في هذا المسجد القريب من مساكننا والابتعاد عنه وأداء الصلاة في مسجد بعيد عن مساكننا علما أن هذا المسجد يقع في نفس البلدة.
أفيدونا حفظكم الله قبل أن تزيد المشكلة تفاقما.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شروط الإمامة في الجمعة هي نفس شروط الإمام في الجماعة التي هي مفصلة في كتب الفقه في الفتوى رقم: 9642 إلا أن الجمعة لا يجوز أن يؤم الناس فيها مسافر، إلا أن يكون سلطاناً أو نائباً له يمر أحدهما بقرية أو بمدينة تقام فيها الجمعة فيصلي بهم إماماً مع أنه مسافر، ويشترط في إمام الجمعة الحرية أيضاً هذا على مذهب الإمام أحمد بن حنبل والإمام مالك بن أنس رحمهما الله تعالى، وقال الشافعي وأبو حنيفة يجوز أن يكون كل من المسافر والعبد إماماً في الجمعة، قال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر ما رواه طارق بن شهاب من أنه صلى الله عليه وسلم قال: الجمعة حق واجب على كل مسلم إلا اربعة: عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض. رواه أبو داود.
وذكر ما رواه الدارقطني عن جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا مريضاً أو مسافراً أو امرأة أو صبياً أو مملوكاً.
قال ابن قدامة: ولا تنعقد الجمعة بأحد من هؤلاء، ولا يصح أن يكون إماماً فيها، وقال أبو حنيفة والشافعي: يجوز أن يكون العبد والمسافر إماما فيها. انتهى
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين التاليتين: 26508، 7637.
وأما الصلاة في المسجد البعيد فلا بأس بها، لكن ينبغي أن يكون ذلك لغرض صحيح مثل كثرة الجماعة ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1425(11/11780)
هل على البدو الرحل صلاة جمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله العلي العظيم أن يجزي القائمين على الشبكة الاسلامية خير الجزاء إنه على كل شيء ٍقدير
السؤال
هل على البدو الرحل صلاة جمعة علماً بأنهم أكثر من عشرين رجلا ويقيمون في مكان واحد في أيام الصيف
لمدة أربعة أشهر وفي أيام الربيع يرحلون للبحث عن المراعي الخصبة من مكان إلى مكان
أفيدوني جزاكم الله ألف خير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فإن من شروط الجمعة عند الجمهور وجود قرية مبنية بما جرت العادة بالبناء به من حجر أو طين أو لبن أو قصب أو نحوه، وبشرط الإقامة فيها أكثر السنة بأن كانوا يقيمون فيها صيفاً وشتاء، قال ابن قدامة في المغني فأما أهل الخيام وبيوت الشعر والحركات فلا جمعة عليهم ولا تصح منهم لأن ذلك لا ينصب للاستيطان غالباً، وكذلك كانت قبائل العرب حول المدينة فلم يقيموا جمعة ولا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان ذلك لم يخف، ولم يترك نقله، مع كثرته وعموم البلوى به، لكن إذا كانوا مقيمين بموضع يسمعون النداء لزمهم السعي إليها كأهل القرية الصغيرة إلى جانب مصر. انتهى.
وبه تعلم أن أهل البدو لا جمعة عليهم في قول جمهور الفقهاء إلا إذا كانوا تبعاً لقرية أو مصر بحيث يسمعون النداء؛ وقد رأى بعض أهل العلم أنها تصح من أهل البدو- وكنا قد ذكرنا شروط الجمعة ودليل القول بصحتها من أهل البدو في الفتوى رقم 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1425(11/11781)
هل تصح الجمعة بإمام ومأموم فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[لو قلنا إن الراجح أن الجمعة تصح مع الاثنين فما فوقه فلو صلى الامام والمأموم ثم وهو في القراءة بطل وضوء المأموم أو الإمام فهل تبطل الجمعة لأنه خرج وأصبح الإمام لوحده أو العكس أرجو التوضيح وجزاك الله المغفره والثبات والعلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يقول بأن الجمعة تنعقد باثنين هو ابن حزم، ولم نقف له على نص في هذه المسألة، غاية ما وقفنا عليه من كلامه قوله رحمه الله في المحلى (فإن ابتدأها إنسان ولا أحد معه ثم أتاه آخر أو أكثر، فسواء أتوه إثر تكبيره فما بين ذلك إلى أن يركع من الركعة الأولى: يجعلها جمعة ويصليها ركعتين، لأنها قد صارت صلاة جمعة، فحقها أن تكون ركعتين، وهو قادر على أن يجعلها ركعتين بنية الجمعة، وهي ظهر يومه، فإن جاءه بعد أن ركع فما بين ذلك إلى أن يسلم: فيقطع الصلاة ويبتدئها صلاة جمعة، لا بد من ذلك، لأنه قد لزمته الجمعة ركعتين، ولا سبيل له إلى أداء ما لزمه من ذلك إلا بقطع صلاته التي قد بطل حكمها) انتهى. ويظهر منه أنه لا بد من أداء الركعتين جماعة، لا سيما وله قول آخر يقول فيه (والجمعة إذا صلاها اثنان فصاعدا ركعتان يجهر فيهما بالقراءة. ومن صلاهما وحده صلاهما أربع ركعات يسر فيها كلها، لأنها الظهر، وقد ذكرنا في باب وجوب قصر الصلاة من كتابنا حديث عمر " صلاة الجمعة ركعتان، وصلاة المسافر ركعتان، تمام غير قصر، على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم "، قال أبو محمد: وذهب بعض الناس إلى أنها ركعتان للفذ وللجماعة بهذا الخبر، قال علي: وهذا خطأ، لأن الجمعة: اسم إسلامي لليوم، لم يكن في الجاهلية، إنما كان يوم الجمعة يسمى في الجاهلية " العروبة" فسمي في الإسلام" الجمعة"، لأنه يجتمع فيه للصلاة اسما مأخوذا من الجمع، فلا تكون صلاة الجمعة إلا في جماعة وإلا فليست صلاة جمعة، إنما هما ظهر، والظهر أربع كما قدمنا. أهـ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1425(11/11782)
أقوال العلماء في صلاة الجمعة في الصحراء
[السُّؤَالُ]
ـ[كان بعضهم في رحلة فأدركتهم صلاة الجمعة, فأمهم أحدهم وصلوا الجمعة, علما بأن هناك قرية قريبة من مكان الرحلة ويسمع صوت النداء فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجماعة المذكورة إن كانوا مسافرين سفراً تقصر فيه الصلاة لا تجب عليهم الجمعة، قال ابن قدامة في المغني: فأما من لا تجب عليه الجمعة كالمسافر والعبد والمرأة والمريض وسائر المعذورين، فله أن يصلي الظهر قبل صلاة الإمام في قول أكثر أهل العلم. انتهى.
وما داموا لا تجب عليهم الجمعة فلا تجزئهم عن الظهر، إلا إذا صلوها تبعاً لغيرهم ممن تنعقد بهم الجمعة، أما إذا كانوا في رحلة لم يقطعوا خلالها مسافة قصر، وصلوا الجمعة في الصحراء فاختلف أهل العلم في صحتها.
فالحنفية يشترطون لصحة إقامتها أن تقام في القرية أو ضواحيها، كما أن الشافعية لا بد من إقامتها عندهم في محيط الأبنية سواء كانت بلدة أو قرية.
والمالكية يشترطون أن تقام في جامع مبني بناء معتاداً بالنظر إلى بناء البلد.
أما الحنابلة فلا يشترطون ما ذكر؛ بل تصح عندهم إقامتها في الصحراء القريب من البنيان، قال في كشاف القناع: وتصح الجمعة في ما قارب البنيان من الصحراء، ولو بلا عذر، فلا يشترط لها البنيان ... إلى أن قال: ولا تصح الجمعة في ما بعد عن البنيان. ا. هـ
وراجع الفتوى رقم: 7637.
وإقامتهم للجمعة هنا مع وجود قرية قريبة هو من باب تعدد الجمعة، وهو مباح إذا دعت الضرورة إليه. وراجع الفتوى رقم: 5597.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(11/11783)
مدى صحة إمامة المسافر بصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص غير مقيم ولاسلطان , طلب من إمام وخطيب المسجد أن يتركه ليؤم المصلين لصلاة الجمعة ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور مسافراً لا ينوي إقامة أربعة أيام، فقد اختلف أهل العلم في صحة إمامته للجمعة لكونها لا تجب عليه، قال ابن قدامة في المغني: ولا تنعقد الجمعة بأحد من هؤلاء (يقصد من لا تجب عليهم كالمسافر والعبد) ، ولا يصح أن يكون إماماً فيها، وقال أبو حنيفة والشافعي: يجوز أن يكون العبد والمسافر إماماً فيها، ووافقهم مالك في المسافر، إلى أن قال: ولنا أنهم من غير أهل فرض الجمعة فلم تنعقد الجمعة بهم، ولم يجزئ أن يؤموا فيها. انتهى.
أما إذا كان مقيماً إقامة تقطع حكم السفر فلا حرج في إمامته، لكن الإمام الراتب أولى بالإمامة، ولا ينبغي أن يتقدم غيره إلا بإذنه.
وراجع الفتوى رقم: 40074.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(11/11784)
حكم إقامة الجمعة في مسجد لا تقام فيه الصلوات الخمس
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية والتقدير لما تقدمونه من أعمال جليلة
السؤال هل تصح صلاة الجمعة في مسجد لا تقام فيه الصلوات الخمس]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في إقامة الجمعة في مسجد لا تقام فيه الصلوات الخمس، لأنه إذا كان الراجح من أقوال أهل العلم جواز إقامتها في أماكن المياه، فمن باب أولى إقامتها في مسجد مهجور، وانظر في هذا الفتوى رقم: 31086، والفتوى رقم: 35412.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(11/11785)
هل يجب الذهاب لبلد آخر لأداء الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[في قريتنا يوجد مسجد جامع وحيد، تصلى الجمعة فيه قريبا من وقت العصر، بحجة التيسير على الناس الذين لا يستطيعون الصلاة في الوقت الأصلي لها، وذلك لنظام العمل والدراسة الغربي المعمول به في بلدناالإسلامية. فهل يجوز أن أسافر قدر 15 أو 30 كيلومتر باستعمال وسائل النقل حتى أصلي في المدينة أو القرية التي فيها الخياران أي الجمعة الأولى والثانية حتى أصلي في الأولى أي الأصلية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان أهل بلدك يصلون الجمعة في وقتها المحدد لها شرعا وهو وقت الظهر، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 31114، فيجب عليك انتظار صلاتها معهم.
أما إن كانوا يؤخرونها عن وقتها، فلا يلزمك الذهاب إلى الأماكن الأخرى التي ذكرت، وإنما يلزمك أن تصلي بدلها ظهرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(11/11786)
لا يشترط لصحة الجمعة والعيدين وجود أربعين شخصا
[السُّؤَالُ]
ـ[كل عام وأنت بألف خير والأمة الإسلامية جميعاً
سؤالي هو: نحن موظفون في شركة أرامكو وعملنا في البحر ويستغرق عملنا 14 يوما متواصلة. وعددنا نحن المسلمين حوالي 35 شخصا فهل تصح صلاة الجمعة والأعياد؟ أو أننا لم نبلغ النصاب وهو 40 شخصا
علما بأننا نصلي والحمدلله الجمع والأعياد
افيدونا اثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيصح منكم أداء صلاة العيدين وأداء صلاة الجمعة، وذلك لأن صلاة العيدين لا يشترط لها عدد، بل تصح من المرء ولو صلاها وحده في بيته، وأما صلاة الجمعة فالراجح أنها يشترط لها وجود ما يسمى جماعة عرفاً من غير تعيين عدد معين، وقد اختلف الفقهاء في بعض شروط الجمعة، وتمكن مراجعتها في الفتوى رقم:
7637
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1424(11/11787)
صاحب العمل يمنعهم من إقامة الجمعة إلا في الورشة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده هل يجوز لجماعة من العمال يعملون بورشةـ بفرنسا ـ أن يصلوا الجمعة بإحدى غرف الورشة, علما بأنهم يعملون بعيدا عن المسجد كما أن صاحب المصنع لا يسمح لهم بترك العمل من أجل حضور صلاة الجمعة بالمسجد البعيد؟ نحيطكم علما أن من بين الجماعة من هو كفء للإمامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فتجوز لكم صلاة الجمعة في الغرفة المذكورة إذا منعتم من أدائها مع الجماعة في المسجد الجامع، أو كان المسجد بعيداً منكم بعداً لا يمكن حضور الجمعة فيه إلا بمشقة، لقول الله تعالى: لا يكلف الله نفساً إلا وسعها [البقرة: 286] ، ولقوله أيضاً فاتقوا الله ما استطعتم [التغابن: 16] . ولأن الراجح عند أهل العلم أن الجمعة تصح إقامتها في كل مكان، وبكل ما يسمى جماعة. وراجع الجوابين التاليين: 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/11788)
لا تصح الجمعة بالصورة المذكورة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما رأي الشرع في صلاة الجمعة بدون خطبتين، فقط قراءة سورة "ق" وصلاة ركعتين جهراً في مكان لا توجد فيه جماعة (في الخارج مثلاً) ؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب أحمد والشافعي ومالك أنه يشترط لصحة خطبة الجمعة أن تكون خطبتين يفصل بينهما، وذهب الأحناف إلى أنه تجزيه خطبة واحدة مع الكراهة، والراجح الأول لمداومة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولأن الخطبتين أقيمتا مكان الركعتين عند بعض العلماء، فكل خطبة مكان ركعة، فالإخلال بإحداهما إخلال بإحدى الركعتين.
ومن شروط صحة الخطبة أيضاً أن تشتمل على حمد الله تعالى، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبهذا يُعلم أنه لا يكفي لصحة الخطبة قراءة القرآن وحده، بل لا بد أن ينضم إليه ما ذكرنا، علماً بأنه يصح أداء الجمعة في أي مكان إن لم يوجد مسجد، وبناء على ذلك فلا تصح الجمعة بالصورة المذكورة في السؤال، كما أنها لا تصح إلا بعدد معين أقل ما قيل فيه ثلاثة سوى الإمام، وأكثر ما قيل فيه أربعون، والراجح أنه لا يشترط للجمعة عدد معين، وإنما المشترط حصول ما يُسمى جماعة عرفاً، وقد سبق بيان شروط الجمعة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7637، 18804، 31086، 35412.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(11/11789)
لا تقام جمعة جديدة إلا لضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أقمنا مصلى لـ30 شخصا ونحن في بلدة صغيرة في شمال أسبانيا ... وما أن نصل ليوم الجمعة حتى ترى المصلين القليلين في هذا المسجد يذهبون إلى مسجد آخر على بعد 18 كلم ليصلوا هناك بحجة أنه هناك مصلين أكثر ويتركوا مسجدهم وأنا إمامهم أصلي لوحدي، والبعض الآخر ... لم تطأ أقدامهم هذا المصلى وهم يسمعون الأذان من ديارهم ... وحجتهم أنهم يصلون في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز تعدد الجمعة في بلد واحد إلا لحاجة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 10858.
وعليه؛ فإذا لم تك حاجة أو ضرورة لإقامة جمعة جديدة، فلا يجوز لك أن تقيمها في هذا المصلى، بل يجب على الجميع بمن فيهم أنت الحضور إلى الجامع الأول وإقامة الجمعة مع أهله، وأما بشأن أولئك الذين يتركون الجماعة ويصلون في بيوتهم، فانظر الفتوى رقم: 16948، والفتوى رقم: 14471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(11/11790)
حكم صلاة الجمعة في حجرة العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الجمعة في حجرة العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تسأل عن صلاة الجمعة في حجرة العمل لمن يقتدون بإمام ليس معهم في نفس الحجرة، فإنها لا تصح، قال صاحب التاج والإكليل: وأما الحوانيت والدور التي حول المسجد ولا تُدخل إلا بإذن، فلا يجزئ أن تصلى فيها الجمعة، وإن أذن أهلها. (2/523) . وانظر في ذلك الفتوى رقم: 9952.
وإن كنت تسأل عما إذا كانت صلاة الجمعة تصح في حجرة العمل استقلالا، أي بأن يكون الإمام والجماعة جميعهم في حجرة العمل، فالجواب أنها تصح إذا توفرت لها شروط الصحة الأخرى، إذ المسجد لم يشترطه لها غير مالك فيما نعلم.
قال خليل: وبجامع مبني متحد. وانظر شروط صلاة الجمعة في الفتوى رقم: 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1424(11/11791)
هل من شروط وجوب الجمعة أن تقام في بلد إسلامي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هو صحيح أنه لا تجب علي صلاة الجمعة إذا لم أكن في دولة إسلامية أو أنا ساكن في المملكة المتحدة؟
هل صحيح أن صلاة الجمعة مرة في ثلاثة أسابيع يكفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس من شروط وجوب إقامة الجمعة أن تقام في بلدٍ إسلامي أو في ظل خلافة إسلامية، بل تجب إقامتها في أي بلدٍ يقيم به العدد المطلوب لإقامتها، وهو ثلاثة رجال فأكثر.
وأما القول بأن صلاة جمعة كل ثلاثة أسابيع كافية، فباطل باتفاق أهل العلم، وقد روى أحمد والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونا بها، طبع الله على قلبه.، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَيَنْتَهِيَنّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ. أَوْ لَيَخْتِمَنّ الله عَلَىَ قُلُوبِهِمْ. ثُمّ لَيَكُونُنّ مِنَ الْغَافِلِينَ.
فالواجب على من وقع في ذلك التوبة منه والمحافظة على فريضة الجمعة كل جمعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(11/11792)
إذا توفرت شروط الجمعة صليت في أي مكان داخل القرية
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة منع التجول من قبل الاحتلال في يوم الجمعة، هل تجوز إقامة صلاة الجمعة في الحي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تعذرت على أهل الحي إقامة الجمعة في المسجد جازت لهم الصلاة في أي مكان آخر، ذلك لأن الراجح من أقوال أهل العلم أنه إذا توفرت شروط وجوبها صليت في أي مكان داخل القرية. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 13870 والفتوى رقم: 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(11/11793)
صلاة الظهر في حال تعدد الجمعة غير مطلوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب علينا أن نصلي الظهر بعد صلاة الجمعة إذا تعددت في البلد الواحد؟ وهل كل المذاهب متفقون على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجمعة ثبت وجوبها وفرضيتها بالقرآن والسنة والإجماع. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9] . وقال صلى الله عليه وسلم: رواح الجمعة واجب على كل محتلم. رواه النسائي وأبو داود وصححه الألباني.
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوعيد الشديد في تركها، ففي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات. أو ليختمن الله على قلوبهم. ثم ليكونن من الغافلين.
فيجب أداء صلاة الجمعة إذا توفرت شروطها، ومن تلك الشروط المسجد، والذي عليه المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة أنه يجوز أن يكون متعددا إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
وعليه.. فإن صلاة الظهر في حال تعدد الجمعة غير مطلوبة، ولا دليل عليها، وإنما قال بها بعض الحنفية على وجه الاحتياط لا على سبيل الوجوب مستدلاً بقوله صلى الله عليه وسلم: ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. متفق عليه.
وهذا القول ذكره ابن عابدين في رد المحتار، كما يرى هذا الرأي بعض الشافعية مخافة عدم توفر شروط التعدد.
ولمعرفة الحكم في المسألة يرجع إلى الفتويين التاليتين:
14017، 23537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1424(11/11794)
صلاة المرأة الجمعة داخل منزلها المجاور للمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[منزلي يقع بجوار أحد المساجد، فهل يجوز لي أن أصلي الجمعة خلف إمام المسجد ومتتبعة إياه وأنا داخل منزلي خلف باب المنزل الذي يجاور المسجد تماما؟ وشكرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من شروط صحة الجمعة وقوعها بالمسجد، إلا إذا ضاق واتصلت الصفوف فإنه يجوز أداؤها حينئذ خارجه بالطرقات. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: إذا امتلأ المسجد بالصفوف، صفُّوا خارج المسجد، فإذا اتصلت الصفوف بالطرق والأسواق صحت صلاتهم. ومما يمنع اتصال الصفوف وجود حائل، قال شيخ الإسلام: وإن كان بينهم بين الصفوف حائط بحيث لا يرون الصفوف، ولكن يسمعون التكبير من غير حاجة، فإنه لا تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء. اهـ
وعلى هذا.. فلا يجوز للسائلة صلاة الجمعة في بيتها وإن كان قريبًا من المسجد.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
9952.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/11795)
القرية السياحية وصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ/ نحن مجموعة من 6 أشخاص سنذهب مع زوجاتنا أثناء العطلة الصيفية إلى قرية سياحية ونبقى هناك 15 يوماً، القرية تبعد من مدينتنا حولي 60 كلومتراً، في هذه القرية لا يوجد مسجد، والقرية والناس لا يصلون هناك، سمعنا من فضيلة الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية أن الشخص إذا جلس في مكان أكثر من 5 أيام لا يعتبر مسافراً، كيف نصلي الجمعة؟ إذا ذهبنا جمعياً إلى قرية ثانية نخاف على زوجاتنا، هل صحيح أن نصلي الجمعة نحن الستة وزوجاتنا في البيت نحن سنسكن فيه؟ وجزاكم لله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجب عليكم الجمعة ما دامت هذه القرية ليس بها مسجد، ولا تقام بها الجمعة، فيلزمكم حينئذ أداء الظهر بدلاً عنها، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم ثم لتصلوا جماعة، ولا يجوز لكم قصر الصلاة لأن هذه المسافة دون مسافة القصر، ومسافة القصر هي أربعة برد فأكثر وهي تعادل حوالي ثلاثة وثمانين كيلو متراً.
ثم إننا ننبهكم إلى أنه يغلب على الأماكن السياحية اشتمالها على المنكرات، فالواجب الحذر من الذهاب إلى مثل هذه الأماكن، وعلى المسلم الحرص على المكان الذي يسلم فيه دينه، ويحفظ فيه نفسه من الوقوع في الفتن، والنظر إلى المحرمات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(11/11796)
حكم صلاة جمعة ثانية في الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدنا تونس عندنا ما يسمى الجمعة الثانية وهي تصلى في آخر وقت الظهر بحجة أن نظام الدراسة والعمل لا يسمح لبعض المصلين بالالتحاق بالجمعة في الوقت الأصلي وهذا صحيح فهل هذا جائز؟ وإن كان كذلك فهل هي رخصة؟ بحيث لا أستطيع تعمد الصلاة في هذا الوقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن أول وقت الجمعة هو أول وقت الظهر، وهو من زوال الشمس، ويمتد وقتها إلى آخر وقت الظهر، قال ابن قدامة في المغني: كان علماء الأمة اتفقوا على أن ما بعد الزوال وقت للجمعة.
وقال الباجي في المنتقى: وأول وقت الجمعة زوال الشمس، وآخر وقتها عند ابن القاسم وأشهب ومطرف آخر وقت الظهر على حسب انقسامه في الضرورة والاختيار.
وبناء على ما تقدم فلا مانع من تأخير الجمعة إلى ما بعد الدوام المذكور، ما لم يؤد ذلك إلى خروج وقتها وهو وقت الظهر، ولا شك أن الأفضل إقامتها في أول وقتها لما في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل فقال: الصلاة لوقتها.
بقي أن ننبه على أمرين:
الأول: أنه ما كان ينبغي للسلطات المعنية أن تلجئكم لهذا وأنتم في بلد مسلم، فكان الواجب عليها أن تسهل إقامة هذه الشعيرة في وقت واحد، فالجمعة مشتقة من الاجتماع، وكلما كان المجتمعون أكثر كان الغرض أتم حصولاً، وراجع في هذا الفتوى رقم: 30037.
الثاني: هو أنه يحرم البيع والشراء والإجارة عند حصول الأذان الثاني لأول جمعة تقام في المدينة، وهذا التحريم شديد ودليله قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] .
ويقول خليل بن إسحاق وهو من علماء المالكية، وأنتم في بلد أهله مالكيون: وفسخ بيع وإجارة وتولية وشركة وإقالة وشفعة بأذان ثان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(11/11797)
لا يشترط أن تصلي الجمعة في مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إقامة الجمعة في المكتب أو في مكان مستأجر وبالتالي هل له حكم المسجد في تحية المسجد وغيرها؟
أرجو التكرم بالإجابة مدعما بالأدلة حيث حدث في مدينتنا في جنوب الهند اختلاف في هذا الموضوع بسبب عدم وجود مسجد شرعي.
شاكرين إجابتكم في أقرب وقت ممكن.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس من شروط الجمعة أن تقام في المسجد على الراجح، بل يجوز أن تقام في الفلاة والمكان المستأجر والمتبرَّع به، وغير ذلك.
ولا تشرع تحية المسجد إلا للمسجد، ولكن لا بد لإقامة الجمعة في مثل هذه الأماكن من توافر شروط الجمعة الأخرى المذكورة في الفتوى رقم: 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(11/11798)
من حالات جواز تعدد الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبعث إليكم سؤالي هذا من نيوزيلاندا من مدينة أوكلاند، أنا طالب في جامعة أوكلاند وبالتحديد رئيس اتحاد الطلبة المسلمين فيها، نحن نقيم صلاة الجمعة ولله الحمد أسبوعيا في الجامعة، إلا أن جامعة أخرى مجاورة (خمس دقائق مشيا) لنا تقيم صلاة جمعة أخرى.
السؤال هو:
1) هل يحل لنا أن نقيم صلاتي جمعة في نفس الوقت في كلتا الجامعتين (مكانين مختلفين ومتجاورين) ؟
2) هل يحل لنا أن نقيم صلاتي جمعة في وقتين مختلفين في نفس المكان (إحدى الجامعتين) ، علما بأننا طلاب وأن أوقاتنا ليست ملكا لنا، حيث أن بعضنا لديه محاضرات في وقت والبعض الآخر في وقت آخر، ولا توجد فرصة لتعويض المحاضرة إن لم نحضرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن يجتمع المسلمون في جامع واحد لإقامة صلاة الجمعة، هذا ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن من مقاصد إقامة الجمعة اجتماع المؤمنين كلهم وتكثير سوادهم، وإظهار شعار الإسلام وجمع كلمة المسلمين وتحصيل الألفة بينهم.... ليحصل التراحم والتوادد ... المطلوب شرعاً.
ولهذا قال جمهور العلماء لا يجوز تعدد الجمعة إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك، ومثلوا لذلك بالبعد وبضيق المسجد وخشية الفتنة.
وعلى ذلك.. فإذا كانت هناك ضرورة تدعو لإقامة جمعة أخرى في الجامعة المذكورة فلا مانع من ذلك، أما إذا لم تكن ضرورة لإقامتها فيجب على الجميع الحضور إلى الجامع الأول وإقامة الجمعة مع أهله، هذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم.
وأما وقت الجمعة عند جمهور أهل العلم، فإنه يبدأ من زوال الشمس إلى آخر وقت الظهر، وعليه.. فإذا كانت الجماعة لها ظروف تدعو إلى تأخيرها عن وقت الزوال الذي هو مستحب لها فلا مانع من ذلك شرعاً، ما لم يخش دخول وقت العصر قبل الانتهاء من صلاة الجمعة، وإن كان الأفضل التهجير بها لمن كانوا سالمين من الأعذار.
كما ننبه إلى أن بعض أهل العلم يرى أن دخول وقت الجمعة يبدأ من وقت حِلِّ النافلة عندما ترتفع الشمس قيد رمح يوم الجمعة، وعلى كل حال فوقت الجمعة واسع ولكن أفضله وقت الزوال، ولمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 5597.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(11/11799)
شروط الجمعة - بيان وتفصيل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد:
ماهي الشروط التي عندما تتوافر تصح الجمعة؟ أما إذا لم تتوافر فتصبح صلاة الجمعة لا تغني عن صلاة
الظهر؟ وجزاكم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم جعلنا الله وإياك من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أن شروط الجمعة تنقسم إلى شروط وجوب وصحة معاً، وشروط وجوب فقط، وشروط صحة فقط، وانظر تفصيل كل ذلك في الفتوى رقم: 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1424(11/11800)
العدد المشترط لصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد عدد معين لتتم خطبة وصلاة الجمعة، هل تجوز لاثنين مثلاً إذا كنا على سفر؟
كيف نرد على من يبتدع مثلا تقبل الله بعد الصلاة أو قول ربنا ولك الحمد والشكر هكذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في العدد الذي تقام به صلاة الجمعة على عدة أقوال قد سبق ذكرها في الفتوى رقم: 3476، وبذلك يتبين أنه لا تصح إقامة الجمعة من اثنين في الحضر فضلاً عن السفر.
هذا فيما يتعلق بالسؤال الأول.
أما السؤال الثاني فقد سبق الجواب عنه بالرقمين 10514.
: 34622..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(11/11801)
الجمعة المعتبرة ما كانت في المسجد العتيق دون المحدث
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
من لا يصلي الجمعة في العتيق ويصليها في مسجد آخر ما حكمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز تعدد الجُمَعٍ في البلد الواحد إلا إذا دعت إلى ذلك حاجة، كبعد المسافة أو ضيق المسجد، ونحو ذلك مما يسوّغ للمصلين إقامة جمعتين أو أكثر، قال في المنتقى شرح الموطأ: (وقد قال يحيى بن عمر، ومحمد بن عبد الحكم، لا بأس أن تُقام الجمعة في موضعين في الأمصار العظام كبغداد ومصر.) انتهى.
فإن وجد مسجدان أحدهما عتيق والآخر حديث والعتيق لم يضق بأهله، فالصلاة المعتبرة ما كانت في العتيق دون المحدث.
قال الموّاق في التاج والإكليل: (وقال أبو محمد: إن كان في البلد جامعان فالجمعة لمن صلى في الأقدم، صلى فيه الإمام أو في الأحدث، وإن تأخر أداء.) انتهى.
وقال السبكي -وهو شافعي-: (وأما تخيل أن ذلك يجوز في كل المساجد عند عدم الحاجة، فهذا من المنكرات بالضرورة في دين الإسلام.) انتهى.
وبناء على هذا، فإذا كان المسجد العتيق ليس بعيداً عنك، مع اتساعه لك، فلا تجوز لك الصلاة في الحديث، أما إذا كان بعيداً عنك بعداً يشق معه الوصول إليه، أو كان قريباً لكنه لا يتسع للمصلين، فلا مانع حينئذ من الصلاة في مسجد آخر، كما دلت على ذلك النصوص السابقة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
10858، 5597
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/11802)
تعدد الجمعة في المصر الواحد
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلادنا وقتان لأداء صلاة الجمعة: الأولى بداية من الواحدة بعد الزوال والثانية بداية من الثانية ونصف بعد الزوال، هل يجوز ذلك؟ أي وقت أصح لقيام صلاة الجمعة؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل هو عدم جواز تعدد الجمعة في المصر الواحد إلا لحاجة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
5597.
وبخصوص وقت الجمعة فإنه يبدأ عند زوال الشمس، وهو وقت ابتداء صلاة الظهر، وينتهي وقتها بانتهاء وقت العصر. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 23774.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(11/11803)
متى يجوز تعدد الجمعة في البلد الواحد
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نسكن في قرية ونبعد عن مسجد القرية مسافة نصف ساعة ويوجد عندنا مسجد صغير نقيم فيه صلاة الجمعة هل صلاتنا صحيحة أم باطله؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز تعدد الجمعة في البلد الواحد إلا إذا كان البلد كبيراً، ويشق على أهله الاجتماع في مسجد واحد.. إما لبعد أو لضيق المسجد بالمصلين، أو لغير ذلك من الأعذار كخوف فتنة بين المصلين، فإذا حصل المقصود بجامع واحد لم يجز أن تقام الجمعة في آخر، وإذا حصل باثنين لم يجز الثالث، وهكذا.
فعلم مما تقدم أنه إذا لم يكن لكم عذر من الأعذار المتقدمة، فلا يجوز لكم إقامة جمعة في مسجدكم هذا، بل تصلون مع أهل القرية في مسجدهم الجامع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1423(11/11804)
الجمعة واجبة على من قام ببلاد الكفر إذا توفرت شرائطها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم صلاة الجمعة في ديار الكفر؟ وهل يأثم من لم يصلها في ديار الكفر سواء كانت ديار كفر أصلية أو غير أصلية؟ أرجو أن توافونا كما تعودتم بالأدله من كتاب الله وسنة رسوله؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجمعة إذا توفرت شرائطها وجب أداؤها، لأن فرضية صلاة الجمعة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، وهذه الفرضية لا تعلق لها بدار دون دار، فهي فرض في دار الكفر كما أنها فرض في دار الإسلام.
وسبق بيان أدلة وجوب الجمعة في الفتوى رقم:
8688
ولم تقيد هذه الأدلة الواجب بمن كان في دار الإسلام دون غيره، فمن تركها في دار الكفر من غير عذر فهو آثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1423(11/11805)
شروط وجوب الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أريد أن أستفسر عن صلاة الجمعة ماهي الركعات التي يجب أن أصليها في هذه الصلاة التي قبل وبعد الخطبة والتي مع الإمام والتي لوحدي (كم عدد الركعات هل هي فرض أم هي سنة) وهل توجد بصلاة الجمعة ركعات سنة أم لا وبماذا أنا مجبر في هذه الصلاة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجمعة ركعتان لا مزيد عليهما، وهذا محل إجماع بين أهل العلم.
والجمعة واجبة على كل مسلم حر عاقل بالغ مقيم غير معذور، وذلك لقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله [الجمعة:9]
ومن هذا الأمر يعلم السائل الكريم لماذا فرضت عليه صلاة الجمعة.. إذا توفرت فيه الشروط المقتضية لذلك.
أما بالنسبة للنافلة قبل وبعد صلاة الجمعة فقد تقدم لنا فيه جواب برقم: 2755
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1423(11/11806)
الجمعة لا تنعقد باثنين عند أكثر العلماء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الجمعة أذا صلاها اثنان أحدهما إمام والأخر مأموم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجمعة لا تنعقد باثنين عند أكثر أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم:
3476 فإذا لم يجدا جماعة يصليان معها فيلزمهما أداؤها ظهراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1423(11/11807)
مذاهب العلماء في وقت صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الجمعة قبل الزوال وما الدليل وما وقتها الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن الجمعة لا تصح قبل الزوال، ولهم على ذلك أدلة منها ما رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس.
وعن سلمة بن الأكوع قال: كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء. رواه مسلم، ولأنه المعروف من فعل السلف والخلف.
قال النووي في المجموع شرح المهذب: قال الشافعي -رحمه الله-: صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان والأئمة بعدهم كل جمعة بعد الزوال.
وذهب الحنابلة إلى أن أول وقت صلاة الجمعة هو أول وقت صلاة العيد.
وقال الخرقي: منهم (يجوِّز فعلها في الساعة السادسة، وهو رواية عن أحمد - أي الساعة التي تكون قبل الزوال-.)
واختار ابن أبي موسى -من الحنابلة- أنه يجوز فعلها في الساعة الخامسة، ولكن معتمد مذهب الحنابلة هو ما قدمناه أن أول وقتها أول وقت صلاة العيد.
واحتجوا بحديث جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس. رواه مسلم.
وعن سلمة بن الأكوع قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل فيه. رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري. .
قال النووي -رحمه الله- في المجموع شرح المهذب: (والجواب عن احتجاجهم بحديث جابر وما بعده أنها كلها محمولة على شدة المبالغة في تعجيلها بعد الزوال.) انتهى
والراجح هو مذهب الجمهور وهو أن وقت الجمعة وقت الظهر يبدأ بزوال الشمس عن كبد السماء ويخرج بخروج وقت الظهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(11/11808)
وقت بداية ونهاية صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح صلاة الجمعة بعد أذان العصر من يوم الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوقت الجمعة يبدأ بدخول وقت الظهر عند جمهور العلماء، وأما انتهاء وقت الجمعة، فالمذاهب الأربعة على أن وقت الجمعة ينتهي بانتهاء وقت الظهر،
ولكن الخلاف بينهم: هل يتداخل وقت الظهر مع وقت العصر؟ فالجمهور يقولون لا يتداخل، فإذا انتهى وقت الظهر، ودخل وقت العصر، فقد انتهى وقت الجمعة.
وقال المالكية: شرط صحة الجمعة وقوعها كلها مع الخطبة وقت الظهر إلى الغروب.
وعلى مذهب المالكية: يجوز أن تصلى الجمعة بعد مصير ظل كل شيء مثله وهو أول وقت العصر.
وعلى مذهب الجمهور: لا يجوز.
بل إن فاتتهم الجمعة حتى دخل وقت العصر، فعليهم أن يصلوا ظهرًا، وهذا هو الراجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(11/11809)
حكم تعدد الجمعة في مسجد واحد ...
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في إقامة صلاة الجمعة مرتين بإمامين مختلفين مع العلم أنه يوجد الكثير من الأماكن التي تقام فيها صلاة الجمعة فهل ضيق المكان أو غيره من الأسباب مسوغا لإعادة الجمعة في نفس المسجد مع العلم بوجود الخلاف بين الفقهاء رضي الله عنهم في مسألة تعدد الجمعة في البلد الواحد
أرجو الإجابة المتأنية المدعمة بالأدلة وأقوال الفقهاء رضي الله عنهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الشروع في جواب السؤال نشير إلى مسألة تعدد الجمع في البلد الواحد لأنها كالأصل لهذه المسألة فنقول وبالله التوفيق:
إحداث جمعتين في بلد واحد أمر غير معروف في زمن الصحابة رضي الله عنهم، وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه يأتي الجمعة من ذي الحليفة ماشياً، وكان سعد على رأس سبعة أميال أو ثمانية وكان أحياناً يأتيها وأحياناً لا يأتيها، وشهد أنس الجمعة من منزل وبينه وبين مكان إقامة الجمعة ميلان، وقال عطاء تؤتى الجمعة من سبعة أميال، وقال أبو هريرة تؤتى الجمعة من فرسخين أي ستة أميال، روى جميع هذه الآثار ابن أبي شيبة في مصنفه، وفيه وفي مصنف عبد الرزاق جملة من ذلك، تركنا ذكرها خشية الإطالة.
وقال تقي الدين السبكي في فتاويه: والمقصود بالجمعة اجتماع المؤمنين كلهم، وموعظتهم، وأكمل وجوه ذلك أن يكون في مكان واحد لتجتمع كلمتهم، وتحصل الألفة بينهم، وقال: وفي الجمعة ثلاثة مقاصد: أحدها: ظهور الشعار، والثاني: الموعظة، والثالث: تأليف بعض المؤمنين ببعض لتراحمهم وتوادهم، ولما كانت هذه المقاصد الثلاثة من أحسن المقاصد، واستمر العمل عليها، وكان الاقتصار على جمعة واحدة أدعى إليها استمر العمل عليه، وعلم ذلك من دين الإسلام بالضرورة، وإن لم يأت في ذلك نص من الشارع بأمر ولا نهي، ولكن قوله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ [الحشر:7] .
وقد أتانا فعله صلى الله عليه وسلم، وسنته، وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، ومن محاسن الإسلام اجتماع المؤمنين كل طائفة في مسجدهم في الصلوات الخمس، ثم اجتماع جميع أهل البلد في الجمعة، ثم اجتماع أهل البلد وما قرب منها من العوالي في العيدين لتحصل الألفة بينهم.
ثم قال: وانقرض عصر الصحابة رضوان الله عليهم على ذلك، وجاء التابعون فلم أعلم أحداً منهم تكلم في هذه المسِألة أيضاً، ولا قال بجواز جمعتين في بلد إلا رواية عبد الرازق عن ابن جريج قال: قلت: لعطاء: أرأيت أهل البصرة لا يسعهم المسجد الأكبر كيف يصنعون؟ قال: لكل قوم مسجد يجمعون فيه ثم يجزئ ذلك عنهم قال ابن جريج: وأنكر الناس أن يجمعوا إلا في المسجد الأكبر هذا لفظ عبد الرزاق في مصنفه، ثم قال الإمام تقي الدين السبكي: فالرجوع إلى قول سائر الناس مع الصحابة جميعهم أولى، ويصير مذهب عطاء في ذلك من المذاهب الشاذة التي لم يعلم بها الناس.
وأما مذاهب العلماء في المسألة:
فقال بعض الحنفية كما في بدائع الصنائع 1/ 262: الجمعة تجوز في موضعين في ظاهر الرواية وعليه الاعتماد، أنه تجوز في موضعين ولا تجوز في أكثر من ذلك فإنه روي عن علي رضي الله عنه، أنه كان يخرج إلى الجبانة في العيد ويستخلف في المصر من يصلي بضعفة الناس، وذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم، ولما جاز هذا في صلاة العيد فكذا في صلاة الجمعة، لأنهما في اختصاصهما بالمصر سيان، ولأن الحرج يندفع، عند كثرة الزحام بموضعين غالباً، فلا يجوز أكثر من ذلك، وما روى عن محمد من الإطلاق في ثلاثة مواضع محمول على موضع الحاجة والضرورة. انتهى
ولكن معتمد مذهب الحنفية هو ما ذكره ابن عابدين رحمه الله في رد المحتار 2 / 146 حيث قال: وتؤدى في مصر واحد بمواضع كثيرة مطلقاً على المذهب وعليه الفتوى. انتهى
وبين رحمه الله أن ما في البدائع قول مرجوح في المذهب، وإن كان غير ضعيف فقال: جواز التعدد، وإن كان أرجح وأقوى دليلاً لكن فيه شبهة قوية، لأن خلافه مروي عن أبي حنيفة أيضاً، واختاره الطحاوي والتمرتاشي وصاحب المختار، وجعله العتابي الأظهر، وهو مذهب الشافعي، والمشهور عن مالك، وإحدى الروايتين عن أحمد كما ذكره المقدسي في رسالته "نور الشمعة في ظهر الجمعة". انتهى
ثم قال: فهو حينئذ قول معتمد في المذهب لا قول ضعيف.
وبين ابن عابدين رحمه الله أن إعادة الظهر عند تعدد الجمع هي الأولى، احتياطاً للخروج من عهدة التكليف بيقين، ونسب ذلك إلى أكثر شراح الهداية وأكثر مشايخ بخارى.
وقال المالكية كما في الشرح الكبير للدرديري 1/ 375: والجمعة للعتيق أي ما أقيمت فيه أولاً ولو تأخر بناؤه، وإن تأخر العتيق أداء بأن أقيمت فيهما، وفرغوا من صلاتها في الجديد قبل جماعة العتيق فيه في الجديد باطلة، ومحل بطلانها في الجديد ما لم يهجر العتيق، وما لم يحكم حاكم بصحتها في الجديد تبعاً لحكمه بصحة عتق عبد معين مثلاً علق على صحة الجمعة فيه، وما لم يحتاجوا للجديد لضيق العتيق، وعدم إمكان توسعته.
ثم بين الدسوقي رحمه الله أن المقصود بضيق العتيق، الضيق الذي لا تمكن معه توسعته، وإلا فليس بضيق حقيقة، فقال في حاشيته 1/376: وحاصله أنه لا يتأتي الاحتياج للجديد لضيق العتيق، لأن العتيق إذا ضاق يوسع، ولو بالطريق والمقبرة، ويجبر الجار على البيع لتوسعته ولو وقفاً، ويمكن الجواب أن الكلام يفرض فيما لو كان العتيق بجوار بحر أو جبل فلا يمكن توسعته. انتهى
وقال الشافعية كما في المجموع 4/454: والصحيح هو الوجه الأول وهو الجواز في موضعين وأكثر بحسب الحاجة وعسر الاجتماع قال إمام الحرمين: طرق الأصحاب متفقة على جواز الزيادة على جمعة ببغداد، واختلفوا في تعليله....... ثم قال النووي رحمه الله: وهذا الوجه هو الصحيح وبه قال أبو العباس بن سريج وأبو إسحاق المروزى قال الرافعي: واختاره أكثر أصحابنا تصريحاً وتعريضاً، وممن رجحه ابن كج والحناطي والقاضي أبو الطيب في كتابه المجرد، والروماني والغزالي، وآخرون، قال الماوردي: وهو اختيار المزني، ودليله قول تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] . انتهى
وعند تعدد الجمع يطلب الظهر وجوباً إن لم يجز التعدد.
وقال الحنابلة كما في الإنصاف 2/401: لا يجوز إقامتها في أكثر من موضع واحد إذا لم يكن حاجة وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في كشاف القناع 2/26: ولا يكره لمن فاتته الجمعة صلاة ظهر جماعة، وكذا لو تعددت الجمعة. انتهى
وبالجملة فمذهب المالكية والشافعية والحنابلة والرواية الراجحة عند الحنفية عدم جواز إقامة أكثر من جمعة لغير حاجة، وعلى ما ذكرت دلت نصوص الفقهاء من أتباع المذاهب الأربعة، وعليه فإن اندفعت الحاجة بمسجدين أو ثلاثة أو أربعة حرم الزيادة على ذلك، وبطلت صلاة المتأخرين في إقامة الجمعة على مذهب الجمهور، وعليهم أن يعيدوا بدلاً عنها الظهر، وقال المالكية كما في حاشية الدسوقي1/375: بوجوب إعادتها للشك في السبق جمعة إن كان وقتها باقياً، وإلا ظهراً، والمتتبع لما نقل عن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين، وكلام الأئمة يجد اتفاقهم على أن للجمعة شأنا ليس لبقية الصلوات من حيث العدد، ومن حيث التعدد في إقامتها، وإن اختلفوا في بعض القيود، ولذا قال السبكي رحمه الله في فتوى له بعنوان "الاعتصام بالواحد الأحد من إقامة جمعتين في بلد" وهي فتوى أطال فيها النفس جاء فيها: وأما تخيل أن ذلك يجوز في كل المساجد عند عدم الحاجة، فهذا من المنكرات بالضرورة في دين الإسلام.
وبذا يعلم أن ما عليه الحال في أكثر البلاد الإسلامية من تعدد الجمع بشكل مذهل بلا حاجة أمر غير سوي.
وإذا كان كلام أهل العلم في منع إقامة جمعتين في بلد بلا حاجة، فكيف بإقامة جمعتين في مسجد واحد فهو أشد منعاً، ولا يعرف له أصل في الإسلام، ولذا فقد أفتت اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية بعدم جواز ذلك، وجاء في الفتوى رقم:
2369،262/8 ما يلي: إنشاء جمعتين في مسجد واحد غير جائز شرعاً، ولا نعلم له أصلاً في دين الله، والأصل أن تقام جمعة واحدة في البلد الواحد، ولا تتعدد الجمع إلا لعذر شرعي كبعد مسافة على بعض من تجب عليهم أو يضيق المسجد الأول الذي تقام فيه عن استيعاب جميع المصلين أو نحو ذلك مما يصلح مسوغاً لإقامة الجمعة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(11/11810)
لا ارتباط بين وجوب حضور الجمعة والغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل صحيح أن من لم يغتسل يوم الجمعة يصليها ظهراً وإن كان على طهارة؟ وبارك الله فيكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاغتسال يوم الجمعة سنة وليس بواجب عند جماهير أهل العلم، وليس له ارتباط بالصلاة من حيث الصحة أو الفساد، فمن فعله يوم الجمعة فهو أفضل، ومن تركه فلا شيء عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من توضأ فبها ونعمت، ومن تغسل فالغسل أفضل. رواه أهل السنن وهو حديث حسن.
وعلى كل حال.. فمن توفرت فيه شروط وجوب الجمعة وجب عليه أن يحضرها ولا تجزئه عنها الظهر، وراجع الفتوى رقم: 11802.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1423(11/11811)
من صلى الجمعة سقطت عنه صلاة الظهر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الجمعة تلغي صلاة الظهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجمعة إذا وقعت صحيحة بكامل شروطها وأركانها، فإنها تجزئ عن صلاة الظهر، لأنها ظهر ذلك اليوم أو بدلً عنه على خلاف في ذلك. المهم أن من صلى الجمعة سقطت عنه صلاة الظهر ولو لم يكن ممن تجب عليه الجمعة كالمرأة والمسافر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(11/11812)
حكم قوم صلوا الظهر بدل الجمعة لعدم حضور الخطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد لصلاة الجمعة فلم يحضر الإمام وقام المؤذن فصلى صلاة الظهر مع أنه موجود أخ (سوداني) طلب من المؤذن أن يخطب بهم لكن المؤذن رفض فما حكم صلاتنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا اكتملت شروط الجمعة في جماعة من المسلمين، وفيهم من يستطيع القيام بالخطبة وجب عليهم أن يصلوها، فإن لم يفعلوا وصلوها ظهراً لم تصح.
قال في مطالب أولي النُّهى: (فلو صلى الظهر أهل بلد تلزمهم الجمعة، وإن كانوا أربعين فأكثر مع بقاء وقتها، لم تصح ظهرهم، لأنهم صلوا ما لم يخاطبوا به، وتركوا ما خوطبوا به، كما لو صلوا العصر مكان الظهر) . ا. هـ.
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى: ولو تركها أهل البلد وصلوا الظهر لم يصح، ما لم يضق الوقت عن خطبتين وركعتين. ا. هـ
ولمعرفة شروط الجمعة راجع الفتوى رقم: 7637.
فكان يجب على جماعة مسجدكم أن يصلوا الجمعة في مسجدهم بالخطيب الموجود الذي يستطيع أن يأتي بأركان الخطبة، وإن لم يجدوا من يقوم بالخطبة وجب عليهم أن يتوجهوا إلى أي مسجد آخر من مساجد الحي أو القرية أو المدينة، أما أهل المصر فيلزمهم كلهم الجمعة، بعدوا أو قربوا.
قال أحمد: (أما أهل المصر، فلا بد لهم من شهودها سمعوا النداء أم لم يسمعوا، وذلك لأن البلد الواحد بُني للجمعة، فلا فرق بين القريب والبعيد) . أ. هـ
وإن لم يكن في بلدهم غير هذا المسجد، ولم يوجد من يخطب بهم الجمعة، ووجد مسجد آخر في بلدة مجاورة وجب عليهم أن يذهبوا إليه ما لم تزد المسافة عن فرسخ والفرسخ ثلاثة أميال، وهي بالمقاييس المعاصرة تقدر بنحو ثمانية كيلومترات، كما ذكرها صاحب القاموس الفقهي سعدي أبو جيب، فإذا زادت المسافة عن ذلك ولم يوجد من يصلي بهم جاز لهم أن يصلوها ظهراً.
والواجب الآن على من لم يصل الجمعة منهم في هذا اليوم أو صلى مكانها ظهراً، أن يقضي صلاة الجمعة ظهراً لخروج وقتها دون أن يصليها، ولأن الظهر الذي صلاه مع تمكنه من أداء الجمعة باطل، ويحرم على المؤذن أن يمنع الناس من صلاة الجمعة، إن وجد من يقوم بها، كما يحرم على المصلين مطاوعة المؤذن على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(11/11813)
لا تشرع صلاة الظهر بعد الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عندنا في سورية بعد صلاة الجمعة يصلي الإمام صلاة الظهر أربع ركعات هل يجوز ذلك مأجورين
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يفعله هذا الإمام لا دليل عليه، ولا ينبغي العمل به؛ وإن كان هو مذهب الشافعية -رحمهم الله- وذلك أنهم يقولون في حالة تعدد الجمعة في المصر الواحد على خلاف شرط التعدد -وهو الضرورة أو الحاجة- يجب على المتأخر صلاة الظهر، وإذا شك في تعيين الأسبق وجب الإعادة على الجميع، وإذا علم اتفاقهم في تكبيرة الإحرام فالواجب إعادة الجمعة على الجميع إذا بقي وقت يسع للإعادة، ومن سبق بالإعادة صحت جمعته ووجب على الآخرين الظهر.
ولا شك أن كل هذا لم يقم عليه دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(11/11814)
هل يحرم الكلام حين نزول الخطيب من المنبر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز جمعة من أقام الصلاة وتكلم بعدها وذلك طبقا للحديث الذي يقول: "إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت".]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم الكلام على المصلين يوم الجمعة والإمام يخطب. أما من حين نزوله من المنبر إلى أن يدخل في الصلاة، فلا يحرم الكلام فيما ذهب إليه الجماهير من السلف والخلف، وهو الراجح.
فقد روى ابن أبي شيبة عن ميسرة قال: كلمني طاووس بعدما نزل سليمان من المنبر، وروى أيضاً عن هشام بن عروة بن الزبير أنه قال: أدركت أبي، ومن مضى ممن يرضاه، ويؤخذ عنهم، لا يرون بأساً بالكلام حين ينزل الإمام من المنبر إلى أن يدخل في الصلاة. انتهى.
وعلى كل حال، فصلاة من تكلم ولو كان كلامه في أثناء خطبة الجمعة صحيحة، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال صهٍ فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له" الحديث في مسند الإمام أحمد وغيره.
قال ابن حجر في الكلام على معنى هذا الحديث: (قال العلماء: لا جمعة له كاملة، للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1422(11/11815)
شروط المسجد الذي تقام فيه الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز فعل الجمعة في غير المسجد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح هو أن الجمعة إذا وجدت شروط وجوبها صليت في أي مكان داخل القرية، أو قريباً منها، وليست هناك مواصفات معينة يجب توفرها في المسجد الذي تقام فيه الجمعة، ومن العلماء من اشترط لصحة الجمعة أن تكون بجامع مبني، وهذا هو مذهب المالكية، فلا تصح عندهم في مكان غير مبني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1422(11/11816)
الخطيب يدعو إلى الله بما يعلمه
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أنا أجيد القراءة والكتابة مستواي الدراسي الباكلوريا آداب عصرية، أدرس الآن الدين واللغة العربية في أحد المساجد بالكراسي العلمية، من مواليد 1972 أي ما يقرب من ثلاثين سنة، متزوج، نص السؤال: طلب مني سكان الحي الذي أسكنه بأن أكون خطيبا لصلاة الجمعة مع أني أحفظ القليل من كتاب الله عز وجل، وبعض الأحاديث النبوية الشريفة، فهل تصح إمامتي بهم كوني كما ذكرت لكم أني لا أحفظ من القرآن إلا القليل منه، وجزاكم الله عنا خير الجزاء، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان شروط الإمامة في الصلاة في جواب رقم: والأخ السائل ممن تنطبق عليه الشروط -إن شاء الله- وأما خطبة الجمعة فقد بحث العلماء شروط صحتها في كتب الفقه، وننصح الأخ السائل بمطالعة ذلك من كتب الفقه الميسرة، مثل فقه السنة لسيد سابق، ولا يشترط في خطيب الجمعة أن يكون عالماً، فإذا تحققت شروط الخطبة وأركانها صحت الخطبة، وعلى من تصدر لدعوة الناس إلى دين الله أن يحذر كل الحذر أن يقول على الله ما لا يعلم، فالواجب أن يكون على بصيرة فيما يدعو إليه، فإن كان قليل العلم دعا الناس إلى ما يعلمه، وسكت عما لا يعلمه، فمن فعل ذلك فقد أحسن وأجره على الله، والله عز وجل يقول: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين) [فصلت:33]
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1422(11/11817)
تصلى الجمعة ظهرا إذا فاتت
[السُّؤَالُ]
ـ[مجموعة من الناس ناموا بعد صلاة الفجر واستيقظو بعدصلاة الجمعة مباشرة هل يجوز لهم أن يصلوا
الجمعة في المسجد مع العلم أن عددهم يزيد على15فرداً ومعهم من يستطيع الخطابة والصلاة بهم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن فاتتهم صلاة الجمعة فعليهم أن يصلوها ظهراً، لأن الجمعة لا تتكرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1422(11/11818)
شروط تغيير الوقت المتعارف عليه لصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في إيطاليا نصلي الجمعة اعتيادا على الساعة الواحدة والنصف مع أن وقت الظهر يبدأ على الثانية عشرة والنصف، الإخوة هنا يريدون الصلاة على الواحدة هل يجوز أن يغيروا ما تعارف عليه الجميع واعتادوه مع أن هناك مبررا لهذا التقديم بسبب ظروف العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فذهب الجمهور من الصحابة والتابعين، والأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك والشافعي، إلى أن وقت الجمعة هو وقت الظهر، فيبدأ بزوال الشمس وينتهي بدخول وقت العصر، لما رواه البخاري وغيره عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يصلي الجمعة إذا مالت الشمس" وعند الإمام مسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: " كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتتبع الفيئ" والفيئ: هو الظل.
قال البخاري في صحيحه: (باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس، وكذلك يروى عن عمر، وعن علي، والنعمان بن بشير، وعمرو بن حريث رضي الله عنهم) .
وقال الشافعي: صلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، والأئمة بعدهم كل جمعة بعد الزوال…)
وبناء على ما تقدم: فإن الجمعة تشرع بدخول وقتها، وهو وقت أذان الظهر فيجوز الإتيان بها بعد الأذان مباشرة أو بعده بنصف ساعة، وإذا وجدت مصلحة في تغيير الوقت المتعارف عليه فلا حرج شرعاً في ذلك؛ لكن بشرط أن لا يلزم من ذلك فعل الصلاة خارج الوقت المحدد لها من الشارع، وبشرط أن لا يترتب على ذلك
مفسدة توجب تفريق جمع المسلمين وكلمتهم، وحصول النزاع والشقاق بينهم، خاصة وأنكم في بلد غير مسلم، وظهوركم مظهر المتفرقين يعود عليكم وعلى الدعوة بآثار ضارة جداً، فلا بد من مراعاة المصالح والمفاسد المترتبة على الفعل قبل الإقدام عليه. نسأل الله لكم التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1422(11/11819)
الحكمة من جعل صلاة الجمعة ركعتين
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا صلاة الجمعة التي تقام بالمسجد تكون ركعتين فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقرر أن العبادة مبناها على التوقيف، وأن الشرع ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد أمر سبحانه وتعالى بالصلاة في الكتاب العزيز من غير بيان لمواقيتها، وأركانها، وعدد ركعاتها، فبينت السنة ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري من رواية مالك بن الحويرث.
وقد نص العلماء على أن الصلاة من الأحكام الشرعية التي لا يظهر للعباد في تشريعها حكمة غير مجرّد التعبد، وأن حكمة تشريع التعبديات استدعاء الامتثال، واختبار مدى الطاعة والعبودية.
ولهذا فإن السؤال عن نصب أسباب الصلاة، كزوال الشمس وغروبها، وتقدير أعداد الركعات إن كان على وجه الاعتراض فليس من الأدب مع الشارع جل وعلا، فحسبنا امتثال أوامر الله سبحانه وتعالى واجتناب نواهيه، سواء ظهرت لنا حكمة ما شرعه أم لا، ومع كل هذا فلو قيل إن من الحكمة في كون صلاة الجمعة ركعتين بدل أربع: هو أن الجمعة قد انضمت إليها خطبتان تستغرقان - عادة - وقتاً أطول مما تستغرقه الركعتان اللتان أسقطتا، لما كان ذلك ببعيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1422(11/11820)
شروط صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي شروط صلاة الجمعة والمكان الذي تصح فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
تنقسم شروط صلاة الجمعة إلى ثلاثة أنواع:
1- شرط وجوب وصحة معاً.
2- شرط وجوب فقط
3- شرط صحة فقط.
أما الأول وهو: شرط الوجوب والصحة معاً، فالمتفق عليه منه هو دخول الوقت فلا تجب الجمعة ولا تصح إذا فعلت في غير وقتها.
ووقتها عند الجمهور هو وقت صلاة الظهر، وخالف الحنابلة في مبدئه فقالوا: إنه يبدأ من بعد طلوع الشمس، والأفضل عندهم أداؤها بعد الزوال.
وأما المختلف فيه فشيئان:
أ - المكان الذي تقام فيه، فالحنفية يشترطون للوجوب والصحة معاً المصر والمراد بالمصر عندهم البلدة التي فيها سلطان أو نائبه لإقامة الحدود وتنفيذ الأحكام.
ويلحق بالمصر عندهم ضواحيه وأفنيته والقرى المنتشرة حوله.
ولم يشترط الفقهاء الآخرون هذا الشرط بهذه الهيئة، فالشافعية يكتفون باشتراط إقامتها في خطة أبنية، سواء كانت من بلدة أو قرية. والمالكية ينحون منحاً قريباً من هذا، فيشترطون أن تقام في مكان صالح للاستيطان، فتصح إقامتها عندهم في المكان الذي فيه الأبنية والأخصاص (أي البيوت المبنية من الخشب أو سعف النخيل) لاتخاذها عادة للاستيطان فيها مدة طويلة، وصلاحيتها لذلك ولا تصح في المكان الذي كل مبانيه خيم لعدم اتخاذها للاستيطان عادة وعدم صلاحيتها لذلك.
وأما الحنابلة فلا يشترطون شيئاً من هذا، فتصح عندهم في الصحاري وبين مضارب الخيام
والراجح في هذه المسألة هو أن الجمعة تصح في كل مكان حصل فيه اجتماع الناس- واسمها مشتق من ذلك- ولا يشترط المصر بل تصح في المدن والقرى وقد بوب البخاري بما يقتضي ذلك فقال: (باب الجمعة في القرى والمدن) وذكر حديث ابن عباس أنه قال إن أول جمعة جمعت بعد جمعة جمعت في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين) . وجواثي أولها جيم بعده واو ممدودة ثم ثاء مثلثة قرية من قرى البحرين قال الحافظ في الفتح ووجه الدلالة منه أن الظاهر أن عبد القيس لم يجمعوا إلا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لما عرف من عادة الصحابة من عدم الاستبداد بالأمور الشرعية في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه لو كان ذلك لا يجوز لنزل فيه القرآن…." وعن أبي هريرة أنهم كتبوا إلى عمر رضي الله عنهما يسألونه عن الجمعة فكتب إليهم جمعوا حيث كنتم" أخرجه بن أبي شيبة وصححه ابن خزيمة كما قال الحافظ وهذا يشمل المدن والقرى.
وروى البيهقي في سننه عن الوليد ابن مسلم قال سألت الليث ابن سعيد كل مدينة أو قرية بها جماعة وعليه أمير أمروا بالجمعة فليجمع بهم فإن أهل الإسكندرية ومدائن مصر ومدائن سواحلها كانوا يجمعون الجمعة على عهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما بأمرهما وفيها رجالٌ من الصحابة.
ثم قال البيهقي بعد أن نقل جملة من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم في هذا المعنى قال: "والأشبه بأقاويل السلف وأفعالهم إقامة الجمعة في القرى التي أهلها أهل قرار وليسوا بأهل عمود ينقلون…)
بل أن بعض أهل العلم صححها من أهل البادية مستدلين بما روى عبد الرزاق بإسناد صحيح -كما قال الحافظ - عن ابن عمر أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون فلا يعيب عليهم"
ب - إذن السلطان في إقامتها، وهذا الشرط عند الحنفية فقط، ولم يشترطه غيرهم غير أن المالكية يرون أنه يندب استئذانه أولاً فإن منع وأمن شره لم يلتفت إلى منعه وأقيمت وجوباً. ولا دليل من الكتاب أو السنة على اعتبار هذا الشرط.
النوع الثاني من شروط الجمعة وهو: شرط الوجوب فقط، ويتلخص في خمسة أمور:
1- الإقامة في المكان الذي تقام فيه الجمعة سواء كانت الإقامة دائمة أو مؤقتة تقطع حكم السفر.
2- الذكورة، فلا تجب على النساء
3- الحرية، فلا تجب على العبد لانشغاله بخدمة سيده.
4- صحة البدن وخلوه مما يشق معه -عادة- الخروج لشهود الجمعة في المسجد، كمرض وألم شديدين، ودليل ما تقدم ما أخرجه أبو داود عن طارق ابن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض."
وأما سقوطها عن المسافر فلما أخرجه البهقي والدارقطني وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة إلا مريضاً أو مسافراً أو امرأة أو صبياً أو مملوكاً". وللحديث شواهد كثر.
وألحقوا بالمريض ممرضه الذي يقوم بأمره، ولا يجد من ينوب عنه ممن لا تجب عليه.
5- السلامة من العاهات المقعِدة، كالشيخوخة الشديدة والعمى، فإن وجد الأعمى قائداً متبرعاً أو بأجرة معتدلة وجبت عليه عند الجمهور.
هذا بالإضافة إلى العقل والبلوغ والإسلام، كما هي مشترطة في باقي العبادات.
النوع الثالث من شروط الجمعة هو شرط الصحة فقط، ويتلخص في أربعة أمور:
أ - خطبة متقدمة على الصلاة مما يطلق عليه اسم خطبة مشتملة على حمد وذكر وتذكير.
ب - الجماعة، ولا خلاف في أصل هذا الشرط، وإنما الخلاف بين الفقهاء فيما يتحقق به؟ على ثلاثة مذاهب مشهورة:
الأول: للشافعية والحنابلة: يجب أن لا يقل المجمعون عن أربعين رجلاً ممن تجب عليهم الجمعة. الثاني: للمالكية: يجب أن لا يقل المجمعون عن اثنى عشر رجلاً ممن تجب عليهم أيضاً.
الثالث: للحنفية: أنها تنعقد بالإمام وثلاثة معه.
وهنالك أقوال أخرى لبعض أهل العلم مذكورة في المطولات، وقد عد الحافظ ابن حجر خمسة عشرة قولاً وليس لشيء منها مستند تقوم به الحجة على اشتراطه بعينه وإنما المشترط حصول ما يسمى جماعة عرفاً من غير تعيين عدد معين لعدم تعيينه من الشارع فيما ثبت كما نص على ذلك جمع من الأئمة.
ج - أن لا تتعدد الجمعة في المكان الواحد لغير حاجة أو ضرورة، وهذا مذهب الجمهور، وهو الراجح لأن الجمعة شرعت لاجتماع الناس عليها حسب الإمكان فلو صلت كل طائفة في مسجدها مع إمكان اجتماعهم في مسجد واحد لم يحصل المقصود منها.
د - اشترط الحنفية أن يكون المكان الذي تقام فيه مأذوناً فيه إذناً عاماً، بحيث يكون مفتوحاً للجميع.
فهذه هي مجمل شروط الجمعة التي يذكرها الفقهاء، وفي بعضها خلاف. ومنهم من زاد غيرها.
والحق أنه لا عبرة به منها إلا ما قام دليل من كتاب أو سنة أو إجماع عليه، وما سوى ذلك فالجمعة فيه مثل غيرها من الصلوات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1422(11/11821)
العدد الذي تصح به الجمعة عند الفقهاء.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهو العدد اللازم لإقامة صلاة الجمعة؟ حيث إننا لا نستطيع الذهاب إلى المسجد الكبير نظراً لضيق الوقت حيث نشتغل يوم الجمعة، وماهو معنى قول الرسول صلي الله عليه وسلم: "ما فوق الاثنين فهم جماعة". وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اشتراط عدد معين لإقامة صلاة الجمعة مما اختلفت فيه أنظار فقهاء هذه الأمة، فبعض الفقهاء يشترط لإقامة الجمعة أربعين رجلاً، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، ومنهم من يشترط ثلاثة رجال سوى الإمام ولو كانوا مسافرين أو مرضى، وهو مذهب أبي حنيفة في الأصح عنه، ومنهم من يشترط اثني عشر غير الإمام، ويشرط فيهم أن لا يكونوا مسافرين وهو مذهب المالكية في المشهور عنهم، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن الجمعة تنعقد بثلاثة رجال إمام ومستمعين، وهذا الذي اختاره شيخ الإسلام مال إليه بعض العلماء.
ومن العلماء من يجيز إقامة الجمعة برجلين فقط إمام ومستمع، ومنهم الإمام الشوكاني كما في نيل الأوطار، وعلى كل حال فليس هناك نص صريح في اشتراط عدد معين لإقامة الجمعة.
أما الجماعة فهي شرط في الجمعة بالاتفاق.
ويظهر أن الجمعة تتطلب الاجتماع، فمتى تحققت الجماعة الكثيرة عرفاً وجبت الجمعة وصحت.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11822)
تصح الجمعة إذا أقيمت في بلد المصلين المستوطنين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الجمعة في بلاد لاتطبق فيها الشريعة الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى الله وصحبه أما بعد: ...
فإن كان المسلمون من أهل البلد نفسه ساكنين فيه، فالجمعة صحيحة، سواءً كان أهله يطبقون أحكام الشرع أم لا! . فيشترط للجمعة أن تقام في بلد المصلين المستوطنين من أهل الجمعة، ولا يشترط في البلد أن تسود فيها أحكام الإسلام، ولم يشترط إذن السلطان إلا أبوحنيفة رحمه الله، وأما الجمهور فلم يشترطوا ذلك، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11823)
أركان خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث أن يتخلف إمام الجمعة عن الحضور. فما هي الكيفية التي يمكن بها أن يخطب أحدنا بسورة من القرآن؟ وهل نعمل خطبتين بسورتين مستقلتين؟ وهل يلزم ذكر الحمد والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أرجو التفصيل الكامل فنحن نجهل هذه الكيفية في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة لمعرفة أدق التفاصيل جزيتم خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر بحمد الله يسير، وليس فيه كبير عناء، وإنما يلزم من أراد خطبة الجمعة أن يحمد الله ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يعظ الناس ويذكرهم، واللازم من ذلك الوصية ولو بالأمر بتقوى الله فحسب، ويقرأ شيئا من القرآن ولو آية في إحدى الخطبتين ثم يجلس، ثم يقوم فيفعل مثل ما فعل في الخطبة الأولى ويدعو للمؤمنين في آخر الخطبة الثانية، وبهذا يكون قد استوفى أركان الخطبة فلم يخل بشيء منها، ولتفصيل ما ذكرناه والاطلاع على كلام أهل العلم ومعرفة طرف من خلافهم في بعض ما أشرنا إليه راجع الفتوى رقم: 115949
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1430(11/11824)
هل تصح صلاة الجمعة سرا
[السُّؤَالُ]
ـ[متى تصلى صلاة الجمعة صلاة صامتة؟ وهل فعلاً توجد هناك حالات تصلى بها صلاة الجعة صلاة صامتة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجهر بالقراءة في صلاة الجمعة سنة بالاتفاق، قال النووي ـ رحمه الله: فأجمعت الأمة على أن الجمعة ركعتان وعلى أنه يسن الجهر فيهما. انتهى.
فصلاتها سراً إذن خلاف السنة، هذا إن كان مرادك بقولك صامتة أي سرية، وأما إن كان مرادك بصامتة أي بدون تلفظ أصلاً فهذا مبطل للصلاة إذ من شرط صحة الصلاة التلفظ بالأذكار الواجبة فيها، وإنما اختلف العلماء في الحد الواجب في ذلك، وهل يجب إسماع النفس أو يكتفي بإخراج الحروف من مخارجها، كما هو مبين في الفتوى رقم: 119377.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1430(11/11825)
جواز كلام المصلين مع الخطيب أثناء الخطبة للحاجة والمصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لخطيب الجمعة صياغة خطبة الجمعة بطريقة تجعله يسأل المصلين وهم يجيبون؟ أم هذه طريقة مشروعة لجذب انتباه المصلين للخطبة ولا تعتبر في هذه الحالة إجابة المصلين لغواً؟
جزاكم الله خيراً على الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلامُ المأمومين مع الإمام إذا دعت إليه الحاجة ليس من اللغو المنهي عنه، وقد تكلم النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض أصحابه في الخطبة وأجابوه، وقد رد ابن قدامة احتجاج من احتج بأمثال هذه الوقائع على جواز الكلام حال الخطبة، بأن ذلك خاصٌ بتكليم الإمام.
قال رحمه الله: وما احتجوا به فيحتمل أنه مختص بمن كلم الإمام أو كلمه الإمام، لأنه لا يشغل بذلك عن سماع خطبته، ولذلك سأل النبي صلى الله عليه وسلم هل صلى؟ فأجابه، وسأل عمر عثمان حين دخل وهو يخطب فأجابه، فتعين حمل أخبارهم على هذا جمعا بين الأخبار وتوفيقا بينها، ولا يصح قياس غيره عليه لأن كلام الإمام لا يكون في حال الخطبة خلاف غيره. انتهى.
وليس هذا هو الأصل، بل الأصل أن يُلقي الخطيب الخطبة على وجهها المعتاد المعلوم شرعاً، والذي جرى عليه عمل المسلمين عبر العصور، فإذا دعت حاجةٌ إلى أن يكلم الخطيب المأمومين ويجيبوه، فلا بأس بذلك، كأن يرى غفلتهم، أو يشعر بعدم استجابتهم له، فيطرح عليهم سؤالا ينبههم به، فلا بأس بذلك إذا دعت إليه الحاجة كما ذكرنا، وأما أن يُتخذ ذلك عادة في الخطب، وديدناً لازما للخطيب مع المأمومين، فلا شك في أن هذا خلاف السنة.
جاء في زاد المستقنع: وَلاَ يَجُوزُ الكَلاَمُ وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ إِلاَّ لَهُ، أَوْ لِمَنْ يُكَلِّمُهُ لِمَصْلَحَةٍ. انتهى.
قال الشيخ العثيمين في شرحه: وقوله: إلا له أي: للإمام. وقوله: أو لمن يكلمه، أي: لمن يكلم الإمام أو يكلمه الإمام.
قوله: لمصلحة قيد للمسألتين جميعاً، وهما من يكلم الإمام أو يكلمه الإمام، فلا يجوز للإمام أن يتكلم كلاماً بلا مصلحة، فلا بد أن يكون لمصلحة تتعلق بالصلاة، أو بغيرها مما يحسن الكلام فيه، وأما لو تكلم الإمام لغير مصلحة، فإنه لا يجوز.
وإذا كان لحاجة فإنه يجوز من باب أولى، فمن الحاجة أن يخفى على المستمعين معنى جملة في الخطبة فيسأل أحدهم عنه، ومن الحاجة أيضاً أن يخطئ الخطيب في آية خطأ يحيل المعنى، مثل: أن يسقط جملة من الآية، أو يلحن فيها لحناً يحيل المعنى.
والمصلحة دون الحاجة، فمن المصلحة مثلاً إذا اختل صوت مكبر الصوت فللإمام أن يتكلم، ويقول للمهندس: انظر إلى مكبر الصوت ما الذي أخله؟ وكذلك من يكلم الإمام للمصلحة والحاجة يجوز له ذلك. ودليل هذا: أن رجلاً دخل المسجد والنبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا. فرفع النبي صلّى الله عليه وسلّم يديه، وقال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 115659.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1430(11/11826)
مذاهب العلماء في شروط الإمامة في الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي شروط إمام الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإمامة في الجمعة مثل الإمامة في الصلاة يشترط أن يكون الإمام فيها مسلماً، عاقلاً، ذكراً، باتفاق، عدلاً عند من منع الصلاة خلف الفاسق كالحنابلة، لكنهم صححوها إن تعذرت خلف غيره، قال البهوتي في الروض المربع: (ولا تصح) الصلاة (خلف فاسق) سواء كان فسقه من جهة الأفعال أو الاعتقاد؛ إلا في جمعة وعيد تعذراً خلف غيره. انتهى.
وأن يكون بالغاً عند من منع إمامة المميز، وانظر للمزيد من الفائدة حول شروط الإمامة في الصلاة الفتوى رقم: 9642، وقد رجحنا في الفتوى رقم: 112355 أن من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره.
وقد اشترط بعض العلماء في إمام الجمعة شروطاً زائدة على ما تقدم، ومنها ما اشترطه الحنابلة من أن يكون ممن تجب عليه الجمعة، فلا تصح عندهم الجمعة خلف عبد ولا مسافر، جاء في الروض المربع: (ولا) تجب الجمعة على (عبد) ومبعض وامرأة لما تقدم ولا خنثى، لأنه لا يعلم كونه رجلاً (ومن حضرها منهم أجزأته) لأن إسقاطها عنهم تخفيف (ولم تنعقد به) لأنه ليس من أهل الوجوب، وإنما صحت منه تبعاً، (ولم يصح أن يؤم فيها) لئلا يصير التابع متبوعاً. انتهى.
وصحح جمع من محققي الحنابلة عدم اشتراط أن يكون الإمام فيها ممن تجب عليه، جاء في حاشية الروض: أما إمامة المرأة والخنثى فلا نزاع فيه، وأما المسافر والعبد فيجوز وفاقاً، إلا مالكاً في العبد، وجمهور العلماء على خلافه، ونقل أبو حامد إجماع المسلمين على صحتها خلف المسافر. انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة في شأن إمامة غير المستوطن: الصحيح: أن صلاته بكم الجمعة صحيحة، ولو كانت المسافة بين بيته والمسجد 13 كيلو متراً كما ذكرتم أو أكثر، ولو كان لا يحضر عندهم إلا لصلاة الجمعة، وليس عند من يقول ببطلان صلاته الجمعة بكم دليل على اشتراط كون إمام الجمعة مستوطناً ببلد مسجد الجمعة أو مقيماً بها. انتهى.
واشترط كثير من الحنفية أو أكثرهم في إمام الجمعة أن يكون السلطان أو من أنابه السلطان في إقامتها، حتى إن كثيراً منهم ذهب إلى أنه لا يجوز للنائب عن السلطان أن يستخلف غيره في إقامتها، جاء في حاشية ابن عابدين: (قوله فقيل لا مطلقاً) قائله صاحب الدرر حيث قال: إن الاستخلاف لا يجوز للخطبة أصلاً ولا للصلاة ابتداء بل بعدما أحدث الإمام إلا إذا كان مأذوناً من السلطان بالاستخلاف. انتهى.
والصحيح مذهب الجمهور، وأن إذن الإمام ليس شرطاً فيها، قال في حاشية الروض المربع: يشترط لصحتها أي صحة الجمعة أربعة (شروط ليس منها إذن الإمام) قال في الحاشية: وفاقاً لمالك والشافعي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(11/11827)
حكم السرحان والغفلة أثناء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل السرحان وقت خطبة الجمعة يعتبر من اللغو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإنصات للخطيب يوم الجمعة واجب، وكل شيء ينافي الإنصات فإنه لا يجوز تعمده.
قال العدوي في حاشيته على كفاية الطالب الرباني وهو مالكي: والحاصل أنه يحرم كل ما ينافي وجوب الإنصات. انتهى.
ولاشك أن السرحان والغفلة والذهول أثناء الخطبة يعد منافيا للإنصات، فلا يجوز تعمد ذلك.
قال في بريقة محمودية وهو من كتب من الحنفية: (رجل سلم على رجل والإمام يخطب رد عليه) سلامه (في نفسه وكذا إذا عطس حمد الله تعالى في نفسه لأن رد السلام واجب) .. (ويمكن إقامة هذا الواجب على وجه لا يخل بالاستماع) بأن يسر به (هكذا قال أبو يوسف والأصوب) أي الأولى (أن لا يجيب) أصلا مطلقا لا جهرا ولا في نفسه (لأنه يخل بالإنصات) المأمور به إما لشمول الإنصات لما في القلب أو أن المقصود من الإنصات الإصغاء لما ذكره الخطيب والاتعاظ به وشغل القلب بغيره مانع إذ الاستماع بلا تأمل وتفكر بل بلهو وذهول وغفلة ليس بجائز. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1430(11/11828)
هل يشترط الترتيب بين أركان الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النص على أن رسول الله يقول أركان الخطبة في الجمعة بعد النصيحة موجود؟ وأيهما أفضل قول أركان الخطبة قبل النصيحة أم قولها بعد النصيحة؟ مع الدليل والتوضيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أركان خطبة الجمعة وذكرنا دلائل ذلك بما تحسنُ مراجعته في الفتوى رقم: 115949.
ولا يُشترط الترتيب بين هذه الأركان على ما صححه كثير من أهل العلم، ولكنه مستحب. قال النووي رحمه الله في شرح المهذب: الترتيب بين أركان الخطبة مأمور به، وهل هو واجب أو مستحب؟ فيه وجهان:
أحدهما: ليس هو بشرط، والثاني: أنه شرط.
والصحيح الأول لأن المقصود الوعظ وهو حاصل، ولم يرد نص في اشتراط الترتيب. انتهى بحذف يسير.
وعلى هذا؛ فلو بدأ بالموعظة ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الحمد صح لإتيانه بالأركان، ولكنه يكونُ مخالفاً للسنة، فإن ظاهر السنة أن الخطبةَ إنما تُفتتحُ بالحمد والثناء على الله عز وجل لأنه كالمقدمة بين يدي مقصود الخطبة الذي هو الوعظ، ولا يليقُ أن تتأخر المقدمةُ عن ما سيقت له، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتحُ خطبه بذلك، فعن جابر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبُ الناس، يحمدُ الله، ويثني عليه بما هو أهله، ثم يقول: من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هاديَ له أخرجه مسلم.
وقد أنكرَ ابن القيم وغيره من أهل العلم على من قال إن خطبة العيد تُفتتحُ بالتكبير مبينين أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يفتتحُ خطبه بالحمد، ولسنا نحنُ بأولى منه.
وعلى هذا؛ فالذي ينبغي للخطيب أن يبدأ بالثناء على الله عز وجل، ومن أحسن ذلك أن يفتتح بخطبة الحاجة: إن الحمد لله نحمده..إلخ، ويقرأ الآيات الثلاث المشتملة على الأمر بالتقوى، ثم يدلفُ بعد ذلك إلى مقصود الخطبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(11/11829)
حكم إرضاع المرأة لطفلها أثناء حضورها خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إرضاع الأم لطفلها أثناء حضور خطبة الجمعة بالمسجد وهل صلاتها الجمعة مقبولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهرُ أنه لا مانعَ من إرضاع المرأة طفلها أثناء حضورها خطبة الجمعة وإن كان فيه نوع انشغال عن الخطبة إذ هو خيرٌ من أن تتركَ الصبي يبكي فيشوشُ عليها وعلى المصلين، لكن عليها أن تجتنبَ ملاعبته بما فيه كلامٌ أو معناه للأدلةِ الدالة على منع الكلام أثناء الخطبة، وينبغي أن تستترَ عن أعين النساء، فكثيرٌ من أهل العلم يرونَ أن المرأة لا تُظهرُ عند المرأة إلا ما يظهرُ غالبا كالرأسِ والعنق، وانظري الفتوى رقم: 115965.
وعليها كذلك أن تحرصَ على أن تكون ثياب طفلها طاهرة لئلا تتنجس ثيابها التي ستصلي فيها، وعليها كذلك أن تجتنبَ الحركة الكثيرة التي قد تُلحَق باللغو، وأن تعتنيَ مع ذلك بالاستماع والإنصاتِ للخطيب، وإنما قلنا بجوازِ ذلك مع أنه قد يستلزم كشف ما لا يجوز كشفه في الصلاة، ويستلزم حمل الطفل الذي لا يخلو عادةً عن التلبس بالنجاسة وإن كان يلبسُ الحفاظ الذي يمنعُ وصول النجاسة إلى ثياب حامله، ولكن حمله على هذه الصفة ممنوعٌ في الصلاة لأن خطبة الجمعة لا يُشترطُ فيها اجتناب النجاسة ولا سترُ العورة، ولا الطهارة.
وخيرٌ من هذا كله أن تصلي المرأة في بيتها فإن صلاتها في بيتها خيرٌ لها. رواه أبو داود.
والجمعةُ لا تلزمها بالإجماع، وفي صلاتها الظهر في بيتها والحالُ هذه تلافٍ للإشكالات التي قد تحصل من بعض النساء اللاتي يستشكلن هذا الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1430(11/11830)
مثالب إطالة خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي العزيز أرجو جوابا واضحا في موضوع اختلفنا عليه وهو إطالة خطبة الجمعة والتي تفوق الساعة والربع ساعة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن الخطيب البليغ هو الذي يستطيع أن يجمع المعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة، وقد حاز النبي صلى الله عليه وسلم قصب السبق في ذلك، فقد أوتي جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصاراً، وقد استحب العلماء تقصير الخطبة وكون ألفاظها جامعة، فلا يحصل إخلال بالوعظ والتذكير، ولا إطالة تُملُّ الحضور، فعن عمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة، وإن من البيان لسحراً. رواه مسلم. والمئنة: العلامة.
وفي إطالة الخطبة إطالة مفرطة مثالبُ كثيرة، فمنها مخالفة السنة، ومنها المشقة على ذوي الحاجات من المصلين مما يحمل كثيراً منهم على ترك التبكير إلى الجمعة والإتيان في آخر الخطبة، ومنها فوات المقصود من الانتفاع غالباً لأن آخر الكلام يُنسي أوله، وقد أحسن من قال (خير الكلام ما قل ودل، ولم يطل فيمل) ، فينبغي أن يكون الأصل الذي يعتمده الخطيب هو تقصير الخطبة، وهذا التقصير أمر نسبي، والمعتبر في ذلك عدم المشقة على الناس وإملالهم.
ولا شك في أن كون الخطبة ساعة وربعاً مثلاً تطويل زائد عن الحد، ولا ينفي هذا أن توجد أحوال يحتاج فيها إلى التطويل شيئاً ما لبيان أمر مهم، أو ذكر حكم مسألة عارضة فيغتفر مثل هذا للمصلحة، ما دام الأصل هو مراعاة التخفيف، وتقصير الخطبة ما أمكن، ولا بد أيضاً أن تكون الخطبة مع قصرها وافية بالمقصود مستوعبة للغرض الذي سيقت له من غير إخلال بمضمونه، والسعيد من وفقه الله للقصد، ومراعاة أوساط الأمور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1430(11/11831)
أركان خطبة الجمعة في مذهبي الشافعي وأحمد رحمهما الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أركان الخطبة في المذهب الشافعي؟ وما هي أركان الخطبة في المذهب الحنبلي؟ وما الأدلة على تلكم الأركان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأركان خطبة الجمعة عند الشافعية والحنابلة كما حررها محققوا المذهبين تكاد تتفق إلا قليلا، ونحن نذكرها مع بيان أدلتها وما نرى رجحانه مع بيان الخلاف بين المذهبين معتمدين في أكثر ما ننقله على كلام أبي زكريا النووي محقق المذهب الشافعي وأبي محمد بن قدامة محقق المذهب الحنبلي.
فأول أركان الخطبة: حمد الله تعالى وهذا متفق عليه بين الشافعية والحنابلة واستدل له بحديث: كل كلام لا يُبدَأ فيه بالحمد لله فهو أجذم رواه أبو داود وهو ضعيف.
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه: كانت خطبته صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله, وقال أحمد: لم يزل الناس يخطبون بالثناء على الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم.
الركن الثاني من أركانها: هو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ووجهه عندهم أن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى افتقرت إلى ذكر رسوله -صلى الله عليه وسلم- كالأذان. وفيه نظر, ولكن يقويه كلام الإمام أحمد المتقدم وفيه نقل عمل الناس على هذا.
الركن الثالث من أركان الخطبة: الوصية بتقوى الله تبارك وتعالى: ودليله أن مقصود الخطبة هو الوعظ وأتم ما يحصل به المقصود هو الأمر بالتقوى, قال النووي: وهل يتعين لفظ الوصية؟ فيه وجهان: الصحيح الذي نص عليه الشافعي وقطع به الأصحاب والجمهور لا يتعين بل يقوم مقامه أي وعظ كان, والثاني حكاه القاضي حسين والبغوي وغيرهما من الخراسانيين أنه يتعين كلفظ الحمد والصلاة, وهذا ضعيف أو باطل, لأن لفظ الحمد والصلاة تعبدنا به في مواضع, وأما لفظ الوصية فلم يرد نص بالأمر به ولا بتعيينه. انتهى.
وأما ركنها الرابع: فهو قراءة آية من القرآن بشرط أن تكون مفهمة معنى فلا يجزئ "ثم نظر" ودليله حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه عند مسلم: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ آيآت من القرآن ويذكر الناس. واستدل به ابن قدامة.
وفي صحيح مسلم أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ (ق) على المنبر يوم الجمعة , ونقل النووي أربعة أوجه للشافعية في حكم قراءة الآية في الخطبة, والصحيح في المذهب وعليه نص الشافعي في الأم وجوب قراءة آية في إحدى الخطبتين.
الركن الخامس: هو الدعاء للمؤمنين وفيه قولان للشافعية فقال كثير منهم بالاستحباب وقال جماعة بالوجوب وصححه النووي ودليلهم جريان العمل به منذ عصر السلف, وذكر النووي أن مذهب أحمد ركنية هذه الخمسة في الخطبة, وفيما قاله نظر فقد نص الموفق في المغني وغيره من الحنابلة على أن الدعاء للمؤمنين في الخطبة مستحب.
بل قال في حاشية الروض: ولا نزاع في ذلك. والأظهر استحباب الدعاء لا ركنيته كما هو مذهب الجماهير لأنه لا ينهض دليل على إثبات الركنية. وزاد فقهاء الجنابلة الجهر بالخطبة بحيث يسمع العدد المعتبر وموالاتها مع الصلاة وهذان معتبران عند الشافعية كذلك ولكن يعبر عنهما بالشروط.
ونشير هنا إلى أنه قد ذكر العلامة ابن قاسم في حاشية الروض أن شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم يختاران وجوب الشهادتين في الخطبة, ويدل له ما رواه أبو داود في سننه أنه صلى الله عليه وسلم قال: كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء, قال ابن قاسم: قال في المبدع: ويتعين أن يشهد أنه عبد الله ورسوله, وهو قول للمجد وغيره , وأوجب شيخ الإسلام وتلميذه وغيرهما الشهادتين في الخطبة, وهما مشروعتان في الخطاب والثناء, قالوا: وكيف لا يجب التشهد الذي هو عقد الإسلام في الخطبة, وهو أفضل كلماتها, فتأكد هنا ذكر الشهادة له -صلى الله عليه وسلم- لدلالته عليه ولأنه إيمان به, والصلاة عليه دعاء له ومشروعيتها أمر معروف عند الصحابة رضي الله عنهم.
وقال ابن القيم: خصائص الجمعة الخطبة التي يقصد بها الثناء على الله وتمجيده والشهادة له بالوحدانية, ولرسوله بالرسالة, وتذكير العباد بأيامه وتحذيرهم من بأسه ونقمته, ووصيتهم بما يقربهم إليه وإلى جناته, ونهيهم عما يقربهم من سخطه وناره, فهذا هو مقصود الخطبة والاجتماع لها"".
قال شيخ الإسلام وغيره: لا يكفي في الخطبة ذم الدنيا, وذكر الموت, لأنه لا بد من اسم الخطبة عرفاً بما يحرك القلوب ويبعث بها إلى الخير. وذم الدنيا والتحذير منها مما تواصى به منكروا الشرائع, بل لا بد من الحث على الطاعة والزجر عن المعصية والدعوة إلى الله والتذكير بآلائه, وقال: ولا تحصل الخطبة باختصار يفوت به المقصود, وقد طال العهد وخفي نور النبوة على الكثير, فرصّعوا الخطب بالتسجيع والفِقَر وعلم البديع فعدم حظ القلوب منها وفات المقصود بها, وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم.
وذكر ابن القيم وغيره أن خطبه صلى الله عليه وسلم إنما كانت تقريراً لأصول الإيمان من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه, وذكر الجنة والنار, وما أعد الله لأوليائه وأهل طاعته, وما أعد لأعدائه وأهل معصيته, ودعوة إلى الله وتذكير بآلائه التي تحببه إلى خلقه, وأيامه التي تخوفهم من بأسه, وأمراً بذكره وشكره الذي يحببهم إليه, فيملأ القلوب من خطبته إيماناً وتوحيدا, ومعرفة بالله وآياته وآلائه وأيامه ومحبة لذكره وشكره, فينصرف السامعون وقد أحبوا الله وأحبهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(11/11832)
لا يشترط حضور العدد المحدد من أول الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح صلاة الجمعة في مسجد عندما يصعد الإمام على المنبر لا يكون في المسجد سوى ثلاثة مصلين ثم في خلال الخطبة يمتلئ المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في اشتراط عدد معين لخطبة الجمعة، فبعض الفقهاء يشترط أربعين رجلاً، ومنهم من يشترط ثلاثة رجال سوى الإمام، ومنهم من يشترط اثني عشر غير الإمام، وليس هناك نص صريح في اشتراط عدد معين لإقامة الجمعة، وسبق تفصيل هذه الأقوال والراجح منها في الفتوى رقم: 3476.
وعلى كل حال فما دام المسجد يمتلئ أثناء الخطبة، فتصح الجمعة حينئذ، لأنه لا يشترط حضور العدد من أول الخطبة، وإنما يكفي سماع القدر الواجب من الخطبة وهو حمد الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقراءة آية والوصية بتقوى الله عز وجل.
قال في كشاف القناع عن متن الإقناع: (و) من شرط الخطبتين (حضور العدد) المعتبر للجمعة, وهو أربعون فأكثر لسماع القدر الواجب لأنه ذكر اشترط للصلاة, فاشترط له العدد كتكبيرة الإحرام ... وهذه الشروط إنما تعتبر (للقدر الواجب من الخطبتين) وهو حمد الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقراءة الآية والوصية بتقوى الله دون ما سواه. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: فعلى هذا إن انفضوا في أثناء الخطبة , ثم عادوا فحضروا القدر الواجب, أجزأهم, وإلا لم يجزئهم, إلا أن يحضروا القدر الواجب , ثم ينفضوا ويعودوا قبل شروعه في الصلاة , من غير طول الفصل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(11/11833)
مدى مشروعية قول خطيب الجمعة: صلوا على النبي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يقول الإمام في خطبة الجمعة صلوا على النبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد انتشرَ في الآونة الأخيرة عند كثيرٍ من الخطباء مخاطبة المأمومين بعباراتٍ منها: اذكروا الله، صلوا على النبي، وحدوا الله، ولم يكن هذا معروفاً في الصدر الأول فيما نعلم، ولكن إذا وجد مقتضٍ لمثل هذا الأمر كأن شعر الخطيبُ بتقصير المصلينَ في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر، أو أرادَ لفت انتباههم لأمرٍ مهم، أو أحسَ منهم بالغفلة فأراد تنبيههم بمثل هذه الكلمات، فالذي يظهر أنه لا بأس بذلك، لأن الأمر بهذا أمرٌ بمعروف، وفيه مصلحةٌ راجحة، وقد دلت الأدلة على جواز أن يخاطب الخطيب بعض المأمومين كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم سُليكاً أثناء الخطبة بفعل تحية المسجد وغيرِ ذلك.
فخطابُ المصلين بمثل هذا لا حرج فيه إن شاء الله إن كان لمسوغ، وأما الإكثارُ من فعله بلا مسوغ أو اتخاذه عادة مستمرة فالظاهرُ أنه خلاف السنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1429(11/11834)
بداية وقت خطبة وصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح صلاة الجمعة قبل دخول الوقت في دولة غير إسلامية لأننا لا نستطيع أن نصلي الصلاة حين يدخل الوقت. جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن بداية وقت الجمعة مثل بداية وقت الظهر وهي زوال الشمس عن وسط السماء إلى جهة الغروب، وقال الحنابلة: وقتها كوقت صلاة العيد يبدأ من طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح.
إلا أن الصواب عندنا هو مذهب الجمهور، وبالتالي فعليكم بذل الجهد في أداء الجمعة في وقتها ولا تتخلفوا عنها، فمن كان حضوره لها ستترتب عليه مفسدة معتبرة كعقوبة يشق تحملها أو الفصل من وظيفة تشتد الحاجة إليها أو نحو ذلك من الأعذار فعليه أن يصلي ظهرا، هذا على ما رأينا صوابه في هذه المسألة، لكن إذا أخذ جماعة بمذهب الحنابلة فصلوا قبل الزوال فصلاتهم صحيحة كما بينا في الفتوى رقم: 38734.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 43591.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1429(11/11835)
حكم تأخير خطبة الجمعة وإلقاؤها باللغتين العربية والفرنسية
[السُّؤَالُ]
ـ[حفظكم الله أود أن أسأل عن مسألة تخص المسلمين بمسجدنا الواقع بفرنسا وهذا نص السؤال: لدينا إمام متطوع لصلاة الجمعة يأتي للصلاة بنا مباشرة من عمله ويلقي الخطبة بالعربية ثم بالفرنسية وذلك لوجود مصلين لا يفهمون العربية المشكلة التي سوف تواجهنا ابتداءا من الجمعة القادمة هي الانتقال إلى التوقيت الشتوي أي تقدم أوقات الصلاة بساعة. وقت الظهر عندنا بالتوقيت الصيفي هو13.30 والخطبة تقام من 14.30 إلى الساعة 15.00 وصلاة العصر على 17.00
أما مع التوقيت الشتوي فوقت الظهر يصير على 12.30 والعصر يصل إلى 14.45.
والسؤال هو: هل لمصلحة إلقاء الخطبة بالفرنسية وما في ذلك من مصالح يمكننا إقامة الخطبة من الساعة 14.00 إلى 14.30 أي بحوالي عشر د قبل أذان العصر ما يضطرنا لصلاة العصر مباشرة بعد الجمعة والسبب الدافع إلى ذلك هو تعذر مجئ الإمام قبل الساعة 14.00 , (أم نكلف الإمام الثاني بأدائها على الساعة 13.30 لكن فقط بالعربية؟
ملاحظة: لدينا إمام للصلوات الخمس يمكنه أداء الخطبة بالعربية فقط نرجو منكم الجواب عاجلا أحسن الله إليكم وحفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنةُ في الجمعة إقامتها بعد الزوال مباشرة، فعن سلمة بن الأكوع: كنا نجمع مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء. متفق عليه، وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس. أخرجه البخاري، وانظر الفتوى رقم: 79596.
وإذا كان تأخير الجمعة عن أول الوقت خلاف السنة، فالأولى بكم أن تحرصوا على موافقة السنة ما أمكن، فكلما بادرتم بفعلها كان أولى، ولكن إن أخرتموها فالصلاةُ صحيحة ولا حرج عليكم ما لم يخرج وقتها، ووقتها يخرجُ بدخول وقت العصر.
والذي ننصحكم به هو أن تقدموا من يحسن الخطبة بالعربية، فيخطب ويصلي بالناس ولا تنتظروا الإمام الذي يحسن اللغتين وذلك لأمور:
أولها: الخروج من محذور فصل الخطبة عن الصلاة إذ يخشى أن تكون الترجمة فصلا بين الخطبة بالعربية والصلاة. والجمهور على اشتراط الموالاة بينهما.
ثانيها: أن وجود من يخطب باللغتين يؤدي إلى تراخي كثير من الأعاجم المسلمين عن تعلم العربية، مما يحرمهم خيراً عظيما وبركة كثيرة.
ثالثها: أن الخطبة بالعربية فحسب هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء من بعده.
رابعها: أنه كما قدمنا أقربُ إلى السنة من جهة مراعاة فضيلة أول الوقت.
خامسا: أنه يمكنُ الاستعاضة عن إعادة الخطبة بالفرنسية بأن يقوم أحدُ من يحسن اللغتين - وهم عندكم كثرٌ بلا شك – بعد الصلاة فيترجمُ مقاصد الخطبة لمن لا يحسنُ العربية، وفي هذا أيضاً فائدة أخرى، وهي عدم التطويل على المأمومين الذين يحسنون العربية بإعادة نفس الخطبة التي سمعوها بلغةٍ أخرى، فيمكنهم إذا انقضت الصلاة، وقام من يترجمُ مقاصد الخطبة بالفرنسية أن ينصرفوا إلى أشغالهم، ويبقى من شاء أن يستمع إلى هذا المترجم.
ونسأل الله أن يزيدكم حرصاً على الخير ومزيداً من الرغبة في اتباع السنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1429(11/11836)
حكم الفصل الطويل بين خطبتي الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مسلمون في بلاد غربة، وفي مسجدنا تقام صلاة الجمعة غالبًا على الشكل التالي: يخطب الخطبة -مضطرّا بسبب رفض أغلب الإخوة الآخرين وهم قادرون على الخطبة- أخٌ باللغة العربيّة ثم يجلس جلسة الاستراحة؛ يقوم بعدها أخ مسلمٌ من أهل البلد الأصليّين ليخطب الخطبة مترجمة باللغة المحليّة؛ ثم يعود الخطيب بالعربيّة بعد انتهاء الخطبة بالأعجميّة ليتمّ خطبته وليدعو (ولعلّه لم يخطب هو بذاته الخطبة بالأعجميّة حرصًا منه أو من لجنة المسجد على أن تكون الخطبة على أعلى مستوى من إفهام المستمعين.. أو لأسباب أخرى، الله أعلم بها) .
السؤال هو: هل يجوز فعلنا هذا بقيام أكثر من خطيب لخطبة الجمعة لعلّة اللغة في ظلّ وجود إخوة يتقنون اللغتين: هل هم آثمون لعدم إسهامهم بخطبة الجمعة رغم قدرتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته يتضمن أموراً مخالفةً للسنة، لعل من أهمها ترك الموالاة بين الخطبة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوالي في خطبته، ولا يفصل بعضها عن بعض إلا بجلسةٍ خفيفةٍ بين الخطبتين لا تقطع الموالاة، وقد ذهب جماعةٌ من أهل العلم إلى بطلان الخطبة بترك موالاتها.
قال ابن قدامة في المغني: والموالاة شرط في صحة الخطبة فإن فصل بعضها من بعض, بكلام طويل, أو سكوت طويل, أو شيء غير ذلك يقطع الموالاة, استأنفها، والمرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة.انتهى.
ويمكن أن يُستغنى عن ذلك بأن تترجم مقاصد الخطبة لمن لا يحسنون العربية بعد انقضاء الصلاة، وقد بينّا حكم الخطبة بغير العربية في الفتوى رقم: 12857، فلتراجع، وعليكم أن تجتهدوا في تعليم العربية لمن لا يحسنونها فإنها لغة القرآن ومن لا يحسنها فقد فاته خيرٌ كثير وانظر الفتوي رقم: 22008، والفتوى رقم: 97966.
وأما كون من يحسن اللغتين آثماً لعدم تقدمه للخطبة فالظاهر أنه لا يأثم إذا كان من يقوم بالخطبة ممن يحسن أركانها وشرائطها، وأما أن الخطبة وقعت من خطيبين فالخطبة من خطيبٍ واحد والآخر مترجمٌ لكلامه ومعبرٌ عنه، نعم الخلل بترك الموالاة أمرٌ يجبُ تلافيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(11/11837)
مذاهب العلماء في وقت الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[شكرا لكم على المجهود وبإذن الله تعالى في ميزان حسناتكم ... وسؤالي لفضيلة الشيخ....
بشأن صلاة الجمعة يؤذن مرتين ... هل الأولى أذان الظهر والثانية أذان خطبة الجمعة أم العكس؟ ... ومتى وقت صلاة الجمعة قبل أذان الظهر أم ليس لها وقت؟ ... نحن طلاب بأمريكا بمنطقة لا يوجد بها سوى مسجدين ففي إحدى المساجد الإخوان يصلون صلاة الجمعة مرتين ... الأولى تبدأ من الساعة 12.00 ظهرا وحتى 01.00 ظهرا ... والثانية تبدأ من الساعة 01.30 ظهرا وحتى 02.00 ظهرا ... مع العلم بأن أذان الظهر يؤذن الساعة 1.45م ... فهل يجوز أداء صلاة الجمعة قبل أذان الظهر؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي كان يُفعل زمن النبي صلى الله عليه وسلم هو أذانٌ واحدٌ للجمعة يكون بين يدي الخطيب حين يرقى المنبر، واستمر الحال كذلك حتى زمن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، فلما رأى الناس قد كثروا وتباعدت بُيوتهم عن المسجد أحدث الأذان الأول للجمعة تنبيهاً للناس على قرب وقتها ليتأهبوا للمجيء إليها، واستمر عمل المسلمين على هذا، فالأذن الأول إذاً ليس هو أذان الظهر ولا الجمعة بل هو أذانٌ للتنبيه على قرب وقت الجمعة ليتأهب لها من لم يكن تأهب، وأما أذان الجمعة فهو الذي يكون بين يدي الخطيب حين يرقى المنبر.
وأما عن وقت الجمعة فقد اختلف العلماء في وقت الجمعة، فمذهب الجمهور أن وقتها هو وقت الظهر، ومذهبُ الإمام أحمد جواز فعلها قبل الزوال أي قبل دخولِ وقت الظهر، وقد أشبع النووي القول في المسألة وأبدع في إيراد الحجج وذكر وجوه الاستدلال، ونحنُ نذكرُ كلامه بطوله لجودته ومتانته.
قال رحمه الله في المجموع: فرع: فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ. قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا: أَنَّ وَقْتَهَا وَقْتُ الظُّهْرِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَقَالَ أَحْمَدُ: تَجُوزُ قَبْلَ الزَّوَالِ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ، وَقَالَ أَصْحَابُهُ: يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي تُفْعَلُ فِيهِ صَلَاةُ الْعِيدِ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ، قَالَ الْعَبْدَرِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً: لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ إلَّا أَحْمَدَ، وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَقَوْلِ أَحْمَدَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَطَاءٍ وَإِسْحَاقَ قَالَ: وَرُوِيَ ذَلِكَ بِإِسْنَادٍ لَا يَثْبُتُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمُعَاوِيَةَ. وَاحْتُجَّ لِأَحْمَدَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَذْهَبُ إلَى جِمَالِنَا فَنُرِيحُهَا حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ بِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: نَجْمَعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ.
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَذَّى إلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِيلَانَ قَالَ: شَهِدْتُ الْجُمُعَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه فَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَخُطْبَتُهُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ، ثُمَّ شَهِدْتُهَا مَعَ عُمَرَ رضي الله عنه فَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَخُطْبَتُهُ إلَى أَنْ أَقُولَ انْتَصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ شَهِدْتُهَا مَعَ عُثْمَانَ رضي الله عنه فَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَخُطْبَتُهُ إلَى أَنْ أَقُولَ زَالَ النَّهَارُ، وَلَا رَأَيْتُ أَحَدًا عَابَ ذَلِكَ، وَلَا أَنْكَرَهُ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُمَا.
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا وَالْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: كُنَّا نَجْمَعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ فِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُمْ كُلَّ جُمُعَةٍ بَعْدَ الزَّوَالِ.
والجواب: عَنْ احْتِجَاجِهِمْ بِحَدِيثِ جَابِرٍ وَمَا بَعْدَهُ أَنَّهَا كُلَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى شِدَّةِ الْمُبَالَغَةِ فِي تَعْجِيلِهَا بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ غَيْرِ إيرَادٍ وَلَا غَيْرِهِ، هَذَا مُخْتَصَرُ الْجَوَابِ عَنْ الْجَمِيعِ، وَحَمَلْنَا عَلَيْهِ الْجَمِيعَ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَعَمَلُ الْمُسْلِمِينَ قَاطِبَةً أَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَهَا إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ. اهـ
إذا علمت هذا فغايةُ ما يمكن أن تدل عليه أدلة الحنابلة جواز فعل الجمعة قبل الزوال بشيء يسير أي في الساعة السادسة - من ساعات النهار- وهو قول الخرقي وترجيح العلامة العثيمين، ثم الأحوط مع هذا كله العمل بمذهب الجمهور وهو عمل المسلمين عبر العصور، فالذي ننصحكم به هو الخروج من هذا الخلاف والاحتياط لأمر الدين فلا تصلوا الجمعة إلا بعد دخول وقت الظهر، وأما أن تصلى الجمعة في مسجدٍ واحد مرتين فهذا من البدع المحدثة التي لم تكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(11/11838)
ترك الخطيب الوقوف على المنبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ترك وقوف الخطيب على المنبر لخطبة الجمعة مع وجود منبر في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهاهنا أمران: أولهما القيامُ في الخُطبة. وثانيهما: كونه على المنبر، فأما القيامُ في الخطبة فالراجح وجوبه وهو قول الشافعي ومالك ورواية عن أحمد، وقد بين الموفق في المغني أدلة القولين -الوجوب والاستحباب- والقائلين بكلٍ من القولين بياناً حسناً شافياً، فقال: وقوله أي الخرقي: خطبهم قائما. يحتمل أنه أراد اشتراط القيام في الخطبة، وأنه متى خطب قاعدا لغير عذر، لم تصح. ويحتمله كلام أحمد رحمه الله.
قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يُسأل عن الخطبة قاعدا، أو يقعد في إحدى الخطبتين؟ فلم يعجبه، وقال: قال الله تعالى: وَتَرَكُوكَ قَائِمًا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما. فقال له الهيثم بن خارجة: كان عمر بن عبد العزيز يجلس في خطبته، فظهر منه إنكار.
وهذا مذهب الشافعي. وقال القاضي: يجزئه الخطبة قاعدا. وقد نص عليه أحمد وهو مذهب أبي حنيفة ; لأنه ذكر ليس من شرطه الاستقبال، فلم يجب له القيام كالأذان. ووجه الأول ما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين وهو قائم، يفصل بينهما بجلوس. متفق عليه. وقال جابر بن سمرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائما، فمن نبأك أنه يخطب جالسا فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة. أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
فأما إن قعد لعذر، من مرض، أو عجز عن القيام، فلا بأس، فإن الصلاة تصح من القاعد العاجز عن القيام، فالخطبة أولى.اهـ.
إذا علمت هذا وظهر لكَ رُجحان القول بوجوب القيام في الخطبة لأنه فعله المستمر صلى الله عليه وسلم، وقد قال: صلوا كما رأيتموني أصلي رواه البخاري، فاعلم أنه لا يُشترط أن يكون القيام على المنبر، ولا نعلمُ أحداً من العلماء يقولُ باشتراط المنبر للقيام عليه في خُطبة الجمعة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على الجذع قبل اتخاذ المنبر؛ كما ثبت في الصحيح، لكن ينبغي أن يُناصح هذا الإمام ويُبين له أن الأولى الوقوف على المنبر لما فيه من المصالح كالبروز للمأمومين ودفع الفتنة والخلافِ بين المصلين، وقبل ذلك لما فيه من اتباع سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(11/11839)
فائدة خطبتي الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما فائدة خطبتي الجمعة؟ وماهو مضمونهما المطلوب؟ وشكرا.
... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففائدة خطبة الجمعة والمقصود منها هو الوعظ وتذكير الناس كما قال ابن قدامة في المغني: والخطبة مقصودها التذكير والموعظة. . اهـ وكذا قال النووي في المجموع: ومقصود الخطبة الوعظ. ولا شك أن الناس يحتاجون في حياتهم إلى شيء من التذكير بحق الله عليهم وبما خلقوا من أجله وهو عبادة الله تعالى حتى لا يذوبوا في أشغالهم وحياتهم وينسوا مهمتهم الأساس التي خلقوا لها. وأما مضمونها فهو الموعظة.
وقد قال ابن القيم في بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته: وكان مدار خطبه على حمد الله والثناء عليه بآلائه وأوصاف كماله ومحامده، وتعليم قواعد الإسلام، وذكر الجنة والنار والمعاد، والأمر بتقوى الله، وتبيين موارد غضبه ومواقع رضاه، فعلى هذا كان مدار خطبه.... . اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(11/11840)
مسائل في خطبة الجمعة والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[شاكرين إجابتكم على سؤالي السابق برقم 2182211 ولكن لم أكن أقصد مصلى النساء بل رجال يصرون على الصلاة في هذا المكان المنفصل عن المصلى الأصلي في صلاة الجمعة حتى ولو كان المصلى الأصلي غير ممتلئ بالمصلين وبينهم وبين المصلين والإمام حائل، وإذا كانت صلاتهم واستماعهم للخطبة صحيحة فماذا عليهم إذا انقطع الصوت من المكبرات الصوتية أثناء الخطبة أو الصلاة وهم لا يرون ولا يسمعون ولا يتواصلون مع الصفوف.... أفيدونا أفادكم الله ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المصلى المذكور يعتبر جزءا من المسجد فتجزئ الصلاة فيه مع سماع صوت الإمام أو رؤيته أو رؤية من معه، وإذا انقطع صوت الإمام أثناء الفريضة غير الجمعة مع عدم إمكان رؤيته أو رؤية من معه فليقدم أولئك الجماعة أحدهم ليكمل بهم الصلاة، ولهم أن يصلوا فرادى.
وبالنسبة للجمعة فإذا نقطع صوت الخطيب بعد سماع ما يجزئ في الخطبة ولا يرون الإمام ولا بعض من معه فلهم تقديم أحدهم ليصلي بهم ركعتي الجمعة لأن إمامة الخطيب مستحبة فقط عند جمهور أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 56125، وما يجزئ في خطبة الجمعة تقدم بيانه في الفتوى رقم: 63122.
وإن كان انقطاع الصوت قبل سماع ما يجزئ في الخطبة وكانوا يرون الإمام أو بعض من معه فيقتدون به في الصلاة، والجمعة صحيحة لأن سماع الخطبة ليس بشرط في صحة الجمعة، وإن كانوا لا يرون الإمام ولا بعض من معه انتقلوا إلى داخل المصلى الذي يوجد فيه الإمام ولو ترتب على ذلك حصول زحام بحيث يمكن للمصلي السجود ولو على ظهر بعض المصلين أو رجله عند العجز عن غير ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: ومتى قدر المزحوم على السجود على ظهر إنسان، أو قدمه، لزمه ذلك، وأجزأه. قال أحمد، في رواية أحمد بن هاشم: يسجد على ظهر الرجل والقدم، ويمكن الجبهة والأنف، في العيدين والجمعة. وبهذا قال الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر، وقال عطاء، والزهري، ومالك: لا يفعل. قال مالك: وتبطل الصلاة إن فعل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومكن جبهتك من الأرض. ولنا ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إذا اشتد الزحام فليسجد على ظهر أخيه. رواه سعيد في سننه. وهذا قاله بمحضر من الصحابة وغيرهم في يوم جمعة ولم يظهر له مخالف، فكان إجماعا. ولأنه أتى بما يمكنه حال العجز، فصح، كالمريض يسجد على المرفقة، والخبر لم يتناول العاجز ; لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يأمر العاجز عن الشيء بفعله. انتهى.
وإن تعذر عليهم الصلاة في مكان وجود الإمام انتقلوا إلى مكان يمكنهم فيه الاقتداء بالإمام في الصلاة برؤيته أو رؤية من معه إن أمكن؛ وإلا فليبحثوا عن مسجد آخر يصلون فيه الجمعة، فإن تعذر عليهم ذلك صلوا ظهرا بدل الجمعة.
جاء في المصنف لابن أبي شيبة: عن أفلح قال: أذن مؤذن ونحن بالروحاء في يوم جمعة فجئنا وقد صلوا فصلى القاسم ولم يجمع.
عن القاسم بن الوليد قال: قال: علي لا جماعة يوم جمعة إلا مع الإمام.
حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثنا جميل بن عبيد الطائي قال: رأيت إياس بن معاوية وهو يومئذ قاضي البصرة جاء إلى الجمعة وفاتته فتقدم فصلى بنا الظهر أربع ركعات.
عن الحسن بن عبيد الله قال: أتيت المسجد أنا وزِرٌّ يوم الجمعة فوجدناهم قد صلوا فصلينا جميعا. انتهى.
ولا يجوز لمن فاتته الجمعة صلاة جمعة أخرى في جامع آخر بعد صلاتها فيه كما أفتت بذلك اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية، وكما تقدم في الفتوى رقم: 23537.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18169، 9605، 4728.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1429(11/11841)
جواز مخاطبة الإمام أثناء الخطبة للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مخاطبة الإمام أثناء خطبة الجمعة بتقصير زمن الخطبة لسخونة الجو مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في مخاطبة الإمام لتنبيهه على شدة الحر وعدم الإطالة في الخطبة على أن يكون ذلك برفق وأدب واحترام، وقد دلت السنة على جواز مخاطبة الإمام أثناء الخطبة إذا دعت الحاجة.
لذلك فقد روي مسلم في صحيحة من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلا دخل المسجد يوم جمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم، ثم قال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا.
وقد سأل النبي صلى الله علية وسلم وهو يخطب على المنبر سليكا الغطفاني، وأجابه سليك. فقال له النبي صلى الله علية وسلم: أصليت شيئا. قال: لا. قال: صل ركعتين وتجوز فيهما.. والحديث في سنن أبي داود.
وقد جاء في الروض المربع: ولا يجوز الكلام والإمام يخطب إذا كان منه بحيث يسمعه.. إلا له أي الإمام فلا يحرم عليه الكلام، أو لمن يكلمه لمصلحة لأنه صلى الله علية وسلم كلم سائلا وكلمه هو. انتهى مختصرا
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(11/11842)
خروج المصلي للوضوء يوم الجمعة وعودته إلى مكانه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت يوم الجمعة في الصف الأول وحدث ما يوجب خروجي فهل يحق لي العودة إلى مكاني ولو تخطيت الصفوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا خرجت من مكانك لحاجة كالوضوء ونحوه فلك أن ترجع إليه، وأنت أحق به من غيرك، ولا يكره تخطي الرقاب في هذه الحالة كما لو كان بين يديك فرجة.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: فإذا قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به. وحكمه في التخطي إلى موضعه حكم من رأى بين يديه فرجة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1429(11/11843)
صلاة ركعتي تحية المسجد ممن دخل والإمام يخطب
[السُّؤَالُ]
ـ[تعلمون فضيلة الشيخ بأن تحية المسجد والإمام يخطب يوجد بها خلاف بين المذاهب وهذا الخلاف وكما يقول بعض الشيوخ بأنه رحمة للمؤمن وفهمت من فتوى لكم في هذا الموضوع والتي ذكرتم فيها الخلاف، وكل له أدلته في فتواه، أن الإمام مالكا حرم تحية المسجد والإمام يخطب بيما ذهب آخرون إلى أنها سنة ويثاب فاعلها، فهمت بأني مخير في اختيار الفتوى التي تناسبني فقد أخذت بفتوي الإمام مالك وامتنعت عن أدائها إذا تأخرت عن خطبة الجمعة وذلك تخوفا من كون الإمام مالك هو المصيب وأكون قد فعلت محرما إذا أديتها، فما رأي فضيلتكم في هذا؟ وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته من اقتدائك بالإمام مالك لا حرج فيه لكن ليس هذا هو القول الراجح في هذه المسألة في نظرنا، بل الصواب أن تصلي ركعتين خفيفتين تتجوز فيهما ثم تستمع للخطبة، فهذا هو الموافق لسنته صلى الله عليه وسلم لما ثبت في الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال له: يا سليك! قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما. ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما. انتهى.
وما قاله المالكية (كما في الفواكه الدواني وغيره) من احتمال النسخ بحديث أبي داود والنسائي: أن رجلاً تخطى رقاب الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له: أجلس فقد آذيت. فأمره بالجلوس دون الركوع، والأمر بالشيء نهي عن ضده فليس بقوي لأن النسخ لا يثبت بمجرد الاحتمال ... وحديث جابر نص قاطع في المسألة فضلاً عن كونه في الصحيحين، ولذا فإننا نفتي بالقول الراجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1429(11/11844)
حكم الأكل والشرب أثناء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الأكل أو الشرب أثناء خطبة الجمعة داخل المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تعددت أقوال الفقهاء في حكم الشرب حال الخطبة بين القول بالكراهة والقول بالتحريم. وأما الأكل فقد نصوا على تحريمه ولم نجد من نص على كراهته وهذه بعض النقول في ذلك:
نص فقهاء الحنفية والمالكية على حرمة الأكل والشرب وقت خطبة الجمعة. جاء في شرح فتح القدير - من كتب الحنفية - (يحرم في الخطبة الكلام وإن كان أمرا بمعروف أو تسبيحا والأكل والشرب ... ) اهـ
وجاء في حاشية العدوي - من كتب المالكية - (يحرم كل ما ينافي وجوب الإنصات ولو غير السامع من أكل وشرب وتحريك شيء يحصل منه تصويت كورق أو ثوب أو فتح باب أو سبحة أو مطالعة في كراس..) .
وذهب الشافعية والحنابلة إلى كراهة الشرب حال الخطبة إذا لم يشتد العطش وإلا جاز.
جاء في المجموع للنووي (.. يكره لهم شرب الماء للتلذذ، ولا بأس بشربه للعطش للقوم والخطيب، هذا مذهبنا. قال ابن المنذر: رخص في الشرب طاوس ومجاهد والشافعي، ونهى عنه مالك والأوزاعي وأحمد. وقال الأوزاعي: تبطل الجمعة إذا شرب والإمام يخطب ... ) اهـ
وجاء في المبدع من كتب الحنابلة ( ... يكره العبث والشرب حال الخطبة إن سمعها وإلا جاز، نص عليه قيل لا بأس بالشراب إذا اشتد عطشه ... ) اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(11/11845)
وجوب السعي للجمعة عند أول نداء لها في المدينة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي شراكة مع أخ في الله في دكان في تونس, فهل يجوز أن أصلي الجمعة الأولى وهو يصلي الجمعة الثانية أم يجب علينا أن نصلي معا في الوقت الأول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الأخ السائل هو وشريكه أن يذهبا إلى الجمعة الأولى؛ لأن الظاهر أن الغرض من بقاء أحدهما في المحل هو البيع ونحوه وذلك محرم على من لزمته الجمعة عند النداء الأخير لأول جمعة ينادى لها في المدينة، قال العلامة البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: فإن كان في البلد جامعان فأكثر تصح الجمعة فيهما لسعة البلد ونحوها فسبق نداء أحدهما لم يجز البيع قبل نداء الجامع الآخر؛ لعموم الآية. انتهى بتصرف يسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(11/11846)
حكم خطبة الجمعة قبل الزوال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الآن في الولايات المتحدة وأصلي الجمعة في مسجد قريب من المكان الذي أسكن فيه ولكنهم يصلون الجمعه عند الساعه 12:15 مع أن أذان الظهر عند 13:05 ولكن بحجة أن الأمريكان راحة عملهم من الساعه 12:00 الي13:00 فهم بذلك يقدمون صلاة الجمعة فما رأيكم بهذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجمهور يقولون باشتراط كون خطبة الجمعة بعد الزوال.
وذهب الإمام أحمد إلى جوازها قبل الزوال، والأولى والأحوط هو عدم تقديم الخطبة على زوال الشمس.
وأميركا هذه الأيام كثير من بلدانها يدخل وقت الظهر فيها قبل الوقت الذي ذكرت، وبعضها يدخل وقت الظهر فيه بعده كما في تقويم الاتحاد الإسلامي بأميركا لمواقيت الصلاة، ويمكن أن تدخل على الإنترنت لتتعرف على وقت دخول صلاة الظهر بالمنطقة التي أنت فيها حتى تتأكد من دخول الوقت.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 23917، 7637، 16167، 40413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1429(11/11847)
الانشغال بقراءة القرآن لعدم فهم لغة الخطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم عربي أعمل حاليا بدولة الصين وأقرب مسجد يبعد عن مكان إقامتي وعملي بحوالى 30 دقيقة بالسيارة فهل ينبغي أن أذهب للصلاة في المسجد أم يصح لي الصلاة في العمل أو المنزل؟
عندما أذهب لصلاة الجمعة يقوم الخطيب بإلقاء الخطبة باللغة الصينية التي لا أفهمها وأقوم أنا بإمساك المصحف الشريف وأقرأ ما تيسر من القرآن حتى يفرغ من خطبته فهل ينبغي علي الإنصات إليه أم يصح لي ما أفعله؟ أفادكم الله وجزاكم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بعدك عن المسجد هذه المسافة يعد عذرا لك في التخلف عن الجماعة. وراجع الفتوى رقم: 29370، وحينئذ فعليك أداء الصلاة جماعة في المكان الذي يتيسر لذلك في العمل أو المنزل، وإن حضرتها فلك إن شاء الله تعالى الأجر.
وأما حضورك الخطبة وانشغالك بقراءة القرآن لعدم فهم لغة الخطيب مع عدم وجود مترجم فالأولى تركه، بل الظاهر أنه لا يجوز لقوله تعالى، وَإِذَا قُرِئَ القُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا {الأعراف:204} قال أكثر المفسرين: نزلت في الخطبة، وسميت الخطبة قرآنا لاشتمالها على القرآن الذي يتلى فيها، ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت. واللغو الإثم.
قال الصنعاني في سبل السلام: والمراد بالإنصات قيل: من مكالمة الناس فيجوز على هذا الذكر وقراءة القرآن، والأظهر أن النهي شامل للجميع، ومن فرق فعليه دليل فمثل جواب التحية والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره عند من يقول بوجوبها قد تعارض فيه عموم النهي هنا وعموم الوجوب فيهما، وتخصيص أحدهما لعموم الآخر تحكم من دون مرجح. اهـ
وقال الكمال بن الهمام: يحرم في الخطبة كلام، وإن كان أمرا بمعروف أو تسبيحا، والأكل والشرب والكتابة، ويكره تشميت العاطس والسلام. وعن أبي يوسف لا يكره الرد لأنه فرض. اهـ
هذا، وقد اختلف الفقهاء في حكم الكلام للحاضر لخطبة الجمعة إذا لم يسمعها لبعد أو غيره، ومثل ذلك إذا سمعها ولم يفهم لغة الخطيب على قولين:
القول الأول: يحرم عليه الكلام، وبهذا قال بعض الحنفية، وبه قال المالكية، وهو قول للشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة وعليه أكثرهم، وبه قال ابن حزم.
القول الثاني: يجوز له الكلام، وبهذا قال بعض الحنفية وهو القول الصحيح عند الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد.
ومما استدل به أصحاب هذا القول أن الإنصات ليس مقصودا لذاته بل ليتوصل به إلى الاستماع، فإذا سقط عنه فرض الاستماع سقط عنه الإنصات أيضا.
لكن يمكن مناقشة هذا الدليل بأن الإنصات ليس للاستماع فقط، بل له ولعدم التشويش على غيره من الحاضرين ليستمعوا، فإذا سقط الاستماع لتعذره للبعد أو لعدم فهم لغة الخطيب بقي التشويش على الحاضرين ممن يمكنهم الاستماع لقربهم من الخطيب أو لعلمهم بلغته، وتراجع الفتوى رقم: 12857.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1429(11/11848)
التكاسل عن حضور خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ترك الاستماع إلى خطبة الجمعة أو تكاسل عنها هل تصح صلاته إذا صلى مع الجماعة بعد الخطبة، متى يستحب للمرء أن يأتي إلى صلاة الجمعة قبل نصف ساعة مثلا أم ساعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المتكاسل عن حضور خطبة الجمعة آثم عند كثير من أهل العلم، وصلاته صحيحة، وقد فاته خير كثير، وكان الأجدر به المبادرة بالسعي إليها، فكلما حضر إليها مبكراً كان ذلك أعظم لأجره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تعمد عدم حضور خطبتي الجمعة فهو آثم بناء على ما صححه بعض أهل العلم من وجوب حضور هاتين الخطبتين، فقد قال الإمام القرطبي مفسراً قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ} قوله تعالى: إلى ذكر الله أي الصلاة. وقيل: الخطبة والمواعظ، قاله سعيد بن جبير. ابن العربي: والصحيح أنه واجب في الجميع، وأوله الخطبة، وبه قال علماؤنا، إلا عبد الملك بن الماجشون فإنه رآها سنة. والدليل على وجوبها أنها تحرم البيع ولولا وجوبها ما حرمته، لأن المستحب لا يحرم المباح. انتهى. لكن الصلاة في هذه الحالة مجزئة، وإن كان الشخص المذكور قد فاته خير كثير، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 102224.
ومن المستحب المبادرة بالسعي إلى الجمعة فكلما حضر الإنسان إليها مبكراً كان ذلك أعظم لأجره، ففي شرح صحيح مسلم للإمام النووي: ومذهب الشافعي وجماهير أصحابه وابن حبيب المالكي وجماهير العلماء استحباب التبكير إليها أول النهار، والساعات عندهم من أول النهار، والرواح يكون أول النهار وآخره. انتهى. وراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 28950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(11/11849)
هل يصلي الجمعة مع الجمعة الثانية أم يصلي الظهر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل موظفا حكوميا ونحن نعمل يوم الجمعة حتى وقت صلاة الجمعة. وقد أفتى بعض علماء السلطان بجواز صلاة الجمعة الثانية وتأخير صلاة الجمعة حتى وقت صلاة العصر. وقد بحثت في الموضوع فتبين لي بطلان هذا القول.
فماذا أفعل هل أصلي الجمعة الثانية أم أصلي الظهر؟ علما بأنني لا أقدر مغادرة مركز العمل وقت الصلاة ولا يوجد بمقر العمل لا مسجد ولا جامع ولا حتى بيت للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من كان عمله يفرض عليه عدم الخروج لأداء الجمعة في أول وقتها فله تأخيرها حتى يصليها جمعة في آخر وقتها الذي ينتهي بنهاية وقت الظهر عند الجمهور.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان عملك مستمرا في وقت الجمعة، ويتعذر عليك الخروج لأدائها فلا مانع من تأخيرها لوقت الجمعة الثانية التي ذكرت وجودها بشرط ألا يؤدي ذلك إلى خروج وقتها الذي ينتهي بنهاية وقت العصر عند جمهور أهل العلم، كما تقدم في الفتويين التاليتين: 31114، 23774.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1429(11/11850)
حكم جمع التبرعات أثناء صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم جمع التبرعات للمسجد أثناء خطبة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإنصات للخطيب يوم الجمعة واجب لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت. رواه الجماعة إلا ابن ماجه.
وقال: إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ. رواه أحمد وغيره.
وقال: من قال صه فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له. رواه أحمد وأبو داود.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ومن مس الحصى فقد لغا. رواه مسلم.
فإذا كان مجرد قولك: صه أو أنصت أثناء الخطبة يعتبر لغواً منهياً عنه مع ما فيه من النهي عن المنكر، ومجرد تحريك الحصى يعتبر لغواً كذلك، فإنه يكون من باب أولى أن لا يجوز جمع التبرعات أثناء خطبة الجمعة، لما يستوجبه من الحركة وعدم الإنصات والتشويش على الناس.
هذا ومما يجدر التنبيه له أنه لا حرج في حض الإمام الناس على التبرع بالخير أثناء الخطبة على أن تجمع هذه التبرعات بعد الانتهاء من الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1428(11/11851)
الذهاب إلى المسجد بعد مضي قدر من الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم إن عندي ألما في ظهري لا أستطيع الجلوس كثيرا والإمام يطيل خطبة الجمعة فهل يجوز الذهاب إلى المسجد في نصف الخطبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحضور خطبتي الجمعة ليس بشرط في صحتها بدليل أن من أدرك منها ركعة بسجدتيها أضاف إليها ركعة أخرى، وبذلك يكون قد أدركها، وإن كان الأفضل والأكثر ثوابا التبكير إليها وحضور الخطبتين للاستفادة مما قد تشتملان عليه من علم ووعظ. وعليه، فلا حرج عليك في التأخر عن بعض الخطبة التي يشق عليك حضور جميعها نظرا لطولها، فالله تعالي يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. {سورة التغابن16} . والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: وماأمرتكم به فأتو به ما استطعتم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1428(11/11852)
رفع الخطيب صوته مع وجود مكبر الصوت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو: لماذا خطبة الجمعة يرفع فيها الخطيب صوته إلى درجة عالية مع وجود المكبر للصوت، وما هو الغرض من رفع الصوت الآن لأنه كان لكي يسمع كل المصلين ما يقوله الخطيب، لكن مع وجود مكبر الصوت يستطيع كل المصلين سماع الخطيب وهو يخطب بصوت هادئ، أنا شخصيا أستوعب الخطبة عندما تكون هادئة أستمع جيداً لكن عندما يخطب الإمام بصوت مرتفع مع مكبر الصوت فتصبح الخطبة ضجيجا بالنسبة إلي إلى درجة الانزعاج، فما رأيكم في هذا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يستحب للخطيب رفع صوته بالخطبة، لكن لا ينبغي أن يبالغ في ذلك بحيث يختلط الصوت فلا يفهم لا سيما إذا كان مع مكبر الصوت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رفع الخطيب صوته في الخطبة مشروع عند الحاجة لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: كان إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته. رواه مسلم.
وقد نص العلماء على استحباب أن يرفع الخطيب صوته بالخطبة ليسمع الناس ويحصل لفت انتباههم إلى ما يقول، لكن هذا لا يعني أن يرفع الصوت بحيث يصل إلى حد الإيذاء، بل المطلوب هو الوسط والحاجة في ذلك، وعلى هذا فلا ينبغي للخطيب أن يبالغ في رفع الصوت في حال وجود مكبر الصوت بدرجة تؤدي إلى غير المقصود، وعليه أن يراعي المناسب في ذلك.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 45420، والفتوى رقم: 74000.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(11/11853)
حكمة القراءة في الجمعة والعيدين بالأعلى والغاشية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو توضيح سبب قراءة سورتي الأعلى والغاشية بصلاة الجمعة بالتحديد؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
سبب قراءة الأعلى والغاشية في صلاة الجمعة هو تذكير المصلين في تلك الصلاة الجامعة بما تضمنته السورتان من أحوال الآخرة والوعد والوعيد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر المباركفوري في شرح حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية ... ذكر في حكمة الصلاة بهما في العيدين أن في سورة سبح الحث على الصلاة وزكاة الفطر على قول من فسر: قد أفلح من تزكى بزكاة الفطر، وأما الغاشية فللموالاة بينها وبين سبح.
وذكر صاحب عون المعبود في شرح الحديث سبب قراءتهما في صلاة الجمعة فذكر أن فيهما من التذكير بأحوال الآخرة والوعد والوعيد ما يناسب قراءتهما في تلك الصلاة الجامعة.
هذا.. وننبه إلى أنه ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة سورتي الجمعة والمنافقين؛ كما في صحيح مسلم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1428(11/11854)
دعاء الخطيب بعد نزوله من على المنبر وقبل الشروع في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم شيخ المسجد في صلاة الجمعة وبعد انتهاء الخطبة ونزوله من على المنبر واستعداده للصلاة بالدعاء مثل اللهم اهدنا فيمن.... وهكذا ويؤمن الناس وراءه ثم يشرع في أداء صلاة الجمعة فنصحه الناس بعدم جواز ذلك وأنه إذا أراد الدعاء فيكون في الركعة الثانية من صلاة الجمعة عقب الركوع، فهل يجوز ما فعله هذا الشيخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء في خطبة الجمعة مشروع بل عده بعض الفقهاء من أركان الخطبة كما في المذهب الشافعي، ومنهم من اعتبره سنة ومنهم من اعتبره مستحبا، لكن هذا الدعاء يكون في آخر الخطبة الثانية، أما دعاء الخطيب بعد نزوله من المنبر وتأمين الناس عليه فليس واردا، وكذلك الحال في الركعة الثانية من صلاة الجمعة، وعليه فإن على الخطيب المذكور أن يقتصر على الدعاء في آخر الخطبة الثانية ولا يحدث دعاء آخر جهرا بحيث يدعو ويؤمن الناس، لأنه لم يرد في السنة دعاء وتأمين يوم الجمعة في هذين الموضعين أي بعد نزول الخطيب من المنبر وبعد الرفع من ركوع الركعة الثانية يوم الجمعة، اللهم إلا إن كان من قبيل الدعاء عند النوازل، فقد قيل إنه يشرع في كل مكتوبة وقيل إلا في الجمعة، وإليك كلام أهل العلم في هذا الموضوع، فقد قال الشافعي في كتاب الأم: حَكَى عَدَدٌ صَلَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْجُمُعَةَ فَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْهُمْ حَكَى أَنَّهُ قَنَتَ فِيهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ دَخَلَتْ فِي جُمْلَةِ قُنُوتِهِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهِنَّ حِينَ قَنَتَ عَلَى قَتَلَةِ أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ. انتهى.
وقد نص فقهاء الحنابلة على أن الدعاء الذي يشرع عند حدوث النوازل في الصلوات المكتوبة لا يشرع في الجمعة للاستغناء عنه بدعاء الخطبة: قال في الإقناع في الفقه الحنبلي: فَإِنْ نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ سن لإمام الوقت خاصة ونائبه القنوت بما يناسب تلك النازلة إلَّا الْجُمُعَةَ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالدُّعَاءِ فِي خُطْبَتِهَا، وَإِنْ قَنَتَ فِي النَّازِلَةِ كُلُّ إمَامٍ جَمَاعَةً أَوْ كُلُّ مُصَلٍّ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ. انتهى بحذف قليل.
وقد ذكر أهل العلم أن دعاء خطبة الجمعة يكون في الخطبة الثانية، قال في أسنى المطالب ممزوجا بمتن روض الطالب في الفقه الشافعي، وهو يذكر أركان الخطبة: الرَّابِعُ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِأُخْرَوِيٍّ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ، وَالْخَلَفِ ; وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلِيقُ بِالْخَوَاتِمِ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ وَبِهِمَا عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ، وَفِي التَّنْزِيلِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ، وَإِنْ خَصَّ بِالدُّعَاءِ السَّامِعِينَ فَقَالَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ أَوْ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ كَفَى، فَيَكْفِي فِيهِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الدُّعَاءِ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1428(11/11855)
لا حرج في التصرف بمعنى الخطبة أثناء ترجمتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لست من العوام، لكنني كذلك لست من علماء الأمة، فالرجاء أن تفتونا في هذا الأمر التالي، عسى الله أن يهدينا سواء السبيل!! أنا أعيش في الغرب منذ سنوات، وبفضل الله تعالى أقوم بترجمة خطب الجمعة والمحاضرات من اللغة العربية إلى لغة القوم الذين نعيش بينهم، كللغة رابطة لكل المتحدثين بغير العربية! هنا يقوم الخطيب بإلقاء الخطبة الأولى باللغة العربية -في الغالب الأعم يكون هذا الخطيب ليس من أهل العلم! في بداية الخطبة الثانية يقوم الأخ المترجم- بناءً على نقاط تم كتابتها أثناء الخطبة، بمحاولة تلخيص ما تم إلقاؤه في الخطبة الأولى في اللغة الرسمية للبلد الغربي، مع بعض الإضافات أو الحذف وذلك للعلل التالية، إذا كانت الخطبة العربية واضحة وموجزة ومناسبة للمستمع غير العربي، فهنا نادراً ما يحدث إضافة أو حذفا! إذا كثر الشعر في الخطبة، وهو في غالبه يفقد معناه إذا ما تم نقله إلى اللغة الغربية في الترجمة الفورية (أو شبه الفورية) مثل هذه، لا بد لي أن أستبدل ذلك ببعض المواضع من القرآن الكريم أو السنة المشرفة، حتى أعطي للمستمع غير العربي "مضموناً" يمكن أن يخرج به من الخطبة! غالباً ما يقوم الإخوة خطباء الجمعة "بتنزيل" خطب من "الإنترنت"، خطباً عربية محضة مليئة بالبلاغة العربية ومحاسنها الخاصة بها، والإطناب، والتورية وما إلى ذلك، وهو في غالبه لا يصل إلى العقل الغربي أو العقل المقيم في الغرب من غير ذواقي اللغة العربية، بمعنى آخر: لغة رفيعة، حتى لو حاولت بجهد كبير أن أنقل هذه المحاسن البديعية اللغوية إلى اللغة الغربية في هذا الوقت القصير، فلن أجد حتماً بين المستمعين غير العرب، من هو على المستوى اللغوي الغربي، ولا حتى الغربي المسلم نفسه، لكي يدرك "رفيع اللغة الغربية" المنقول عن "رفيع اللغة العربية" من حيث المؤهلات العلمية وتذوقه للغته الأصلية وما شابه! الخطب العربية المنسوخة بهذا الشكل تراعي في "ضرب الأمثال" البيئة العربية، وهذا أمر طبيعي في ترجمتي أقوم بضرب أمثال (إضافة إلى أمثال القرآن والسنة) تناسب المستمعين، بالطبع في إطار الخطبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه جمهور أهل العلم اشتراط كون خطبة الجمعة باللغة العربية لأن ذلك أمر تعبدي؛ خلافاً للأحناف القائلين بجواز إلقائها بأي لغة وهو ما أفتى به مجمع الفقه الإسلامي، وإن كانت هناك حاجة للترجمة فلتكن بعد الصلاة حتى تحصل موالاة بين الخطبتين وبين الخطبتين والصلاة لأن الموالاة مشترطة عند بعض أهل العلم، وهو الذي نفتي به، ولا حرج عليك أثناء ترجمة الخطبة أن تقوم بالتصرف فيها لتأتي بما يفيد المستمعين ويتناسب مع مستواهم، ولمزيد من التفصيل حول ما ذكرنا راجع الفتوى رقم: 60532، والفتوى رقم: 78834، والفتوى رقم: 59359.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1428(11/11856)
حكم نعي الخطيب لشخص والدعاء له
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لخطيب الجمعة أن ينعى شخصا توفي على المنبر في أثناء الخطبة ويطلب من المصلين الدعاء له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه لا مانع شرعاً من نعي الخطيب أثناء الخطبة شخصاً قد مات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تكلم أثناء الخطبة وأمر ونهى، ففي طرح التثريب للحافظ العراقي عند كلامه على ما روي عن بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: صدق الله ورسوله؛ إنما أموالكم وأولادكم فتنة. نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي فرفعتهما. رواه أصحاب السنن وابن حبان وقال الترمذي حسن، قال: فيه جواز كلام الخطيب في أثناء الخطبة بما ليس منها. انتهى.
وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال: جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له: أصليت شيئاً قال: لا، قال: صل ركعتين تجوز فيهما. قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود عند كلامه على هذا الحديث وما في معناه من الأحاديث نقلاً عن النووي: وفي هذه الأحاديث أيضاً: جواز الكلام في الخطبة لحاجة، وفيها: جوازه للخطيب وغيره، وفيها: الأمر بالمعروف والإرشاد إلى المصالح في كل حال وموطن. انتهى.
وفي مصنف عبد الرزاق: حدثنا غندر عن شعبة عن إياس بن معاوية قال: جلست إلى سعيد بن المسيب فقال لي: ممن أنت؟ قلت: من مزينة، قال: إني لأذكر يوم نعي عمر بن الخطاب النعمان على المنبر. انتهى.
أما الدعاء للشخص المذكور، فإن كان المراد أن الخطيب عندما نعاه طلب من المأمومين الدعاء له فيما بعد، فالظاهر أن ذلك جائز لأنه مجرد وصية، أما دعاؤهم له أثناء الخطبة فإنه غير مشروع لأنهم مأمورون بالإنصات أو التأمين على دعاء الإمام، وأما دعاء الخطيب له أثناء الخطبة فإنه من الدعاء للمعين في الخطبة وهو محل خلاف بين الفقهاء، فمنهم من يرى جوازه وهم الحنابلة، ففي كتاب الإنصاف في الفقه الحنبلي: (ويدعو للمسلمين) يعني عموما (يعني الخطيب) ، وهذا بلا نزاع، ويجوز لمعين مطلقاً، على الصحيح من المذهب، وقيل: يستحب للسلطان، وما هو ببعيد، والدعاء له مستحب في الجملة. انتهى بتصرف يسير.
ومنهم من يرى أنه لا يستحب؛ كما صرح بذلك صاحب المهذب في الفقه الشافعي، فقال: وأما الدعاء للسلطان فلا يستحب، لما روي أنه سئل عطاء عن ذلك فقال: إنه محدث، وإنما كانت الخطبة تذكيراً. انتهى.
وفي مواهب الجليل في الفقه المالكي: قال سند: وأما الدعاء للسلاطين فلا يستحب؛ لما روي عن عطاء أنه سئل عن ذلك فقال: هو محدث. انتهى، ولبيان النعي المشروع والنعي المحرم تراجع الفتوى رقم: 23113.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(11/11857)
ما يجب على الخطيب إذا انفض الناس أثناء الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام جمعة أثناء الخطبة سمع المصلون صفارة إنذار فخرج الجميع ولم يبق معه أحد، فما الحكم هل يتم خطبته وصلاته أم يقطع، فنرجو التفصيل؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإمام هنا غير مطالب بالاستمرار في الخطبة ما دام قد بقي وحده، لأن الغرض من الخطبة إسماع الناس، فإذا انفض من في المسجد كلهم فلا داعي للاستمرار فيها، وعليه أن ينتظر حتى ترجع إليه الجماعة أو يرجع إليه منها العدد المشترط لصلاة الجمعة أو تأتيه جماعة أخرى الجمعة تصح بهم، وتحديد العدد المشترط للجمعة مختلف فيه بين الفقهاء، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 3476.
فإن رجعوا في وقت صلاة الجمعة بعد طول الفصل استأنف الخطبة من جديد، وإن رجعوا عن قرب بنى على ما مضى من خطبته إن رجع الأولون، إما إن جاء غيرهم استأنف الخطبة، وإن لم يرجعوا ولم تأت جماعة أخرى وضاق الوقت صلى الظهر، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: لو حضر العدد ثم انفضوا قبل افتتاح الخطبة لم يجز افتتاحها حتى يجتمع لها أربعون كاملون، وإن انفضوا في أثناء الخطبة لم يعتد بالركن المفعول في غيبتهم بلا خلاف، بخلاف الانفضاض في الصلاة، فإن فيه الأقوال الخمسة، وفرق الأصحاب بأن كل واحد يصلي لنفسه فسومح بنقص العدد على قول، والخطيب لا يخطب لنفسه، إنما الغرض إسماعهم، فما جرى ولا مستمع لم يحصل فيه الغرض فلم تصح، ثم إن عادوا قبل طول الفصل بنى على خطبته، وإن عادوا بعده فقولان مشهوران في كتب الخراسانيين، قال: ويعبر عنهما بأن الموالاة في الخطبة واجبة أم لا؟ الأصح أنها واجبة فيجب الاستئناف. والثاني: غير واجبة فيبني ... إلى أن قال: ولو لم يعد الأولون وجاء غيرهم وجب استئناف الخطبتين قصر الفصل أم طال بلا خلاف، أما إذا انفضوا بعد فراغ الخطبة -فإن عادوا قبل طول الفصل- صلى الجمعة بتلك الخطبة بلا خلاف، وقد ذكره المصنف بعد هذا بقليل، وإن عادوا بعد طول الفصل ففيه خلاف مبني على اشتراط الموالاة بين الخطبة والصلاة، وفيه قولان مشهوران (أصحهما) : وهو الجديد الاشتراط، فعلى هذا لا تجوز صلاة الجمعة بتلك الخطبة (والثاني) : لا يشترط فعلى هذا يُصلي بها. انتهى.
ولبيان تحديد بداية وقت الجمعة ونهايتها تراجع الفتوى رقم: 23774، والفتوى رقم: 63212.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(11/11858)
حكم تأخر صعود الخطيب على المنبر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأخير صعود الإمام على المنبر بعد الميعاد المحدد للأذان. رغم أن الإمام مقيم بالمسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 28950، بيان تحديد الوقت الذي يستحب فيه خروج الإمام وصعوده المنبر يوم الجمعة، لكن وقت الجمعة هو نفس وقت الظهر بداية ونهاية على الراجح، كما تقدم في الفتوى رقم: 23917.
وعليه.. فلا حرج على الإمام في تأخير الصعود على المنبر عن وقت الأذان؛ لأن الوقت موسع هنا، وإن كان الأولى والأفضل هو المبادرة إلى الخطبة والصلاة بعد دخول الوقت، لاسيما إذا كان الإمام موجودا وليس له عذر.
ومما يجدر التنبيه عليه هو أنه لا ينبغي للإمام أن يفعل ما قد يؤدي إلى الخلاف والنزاع بينه وبين أهل المسجد، وإن كان أمرا جائزا، وكذلك لا ينبغي للجماعة أن ينتقدوا الإمام إذا تأخر تخيرا عاديا جائزا في الشرع، وعليهم أن يحسنوا به الظن، فإن ذلك من واجب المسلم تجاه أخيه المسلم. وانظر الفتوى رقم: 9280.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1428(11/11859)
حكم تخطي الرقاب يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي شرعاً أن أقوم إلى الصف قبل الإقامة للحاق بالصف الأول، مثلاً كانت الصلاة صلاة جمعة أو غيرها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقيام قبل الإقامة للحوق بالصف الأول سبقت الإجابة عليه في الفتوى رقم: 79232.
وبخصوص الجمعة فإذا كان القيام المذكور أثناء الخطبة فهو فعل كثير ومشغل عن الإنصات لها وهو أبلغ من مس الحصا الذي يعتبر لغواً؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: من مس الحصا فقد لغا. رواه مسلم.
خصوصاً إذا ترتب على ذلك أيضاً تخطي الرقاب، فقد قال بعض أهل العلم بتحريمه، ففي نيل الأوطار للشوكاني: وقد اختلف أهل العلم في حكم التخطي يوم الجمعة، فقال الترمذي حاكياً عن أهل العلم: إنهم كرهوا تخطي الرقاب يوم الجمعة وشددوا في ذلك. وحكى أبو حامد في تعليقه عن الشافعي التصريح بالتحريم، وقال النووي في زوائد الروضة: إن المختار تحريمه للأحاديث الصحيحة. واقتصر أصحاب أحمد على الكراهة فقط. انتهى.
وإن كان القيام المذكور بعد نهاية الخطبة وقبل الصلاة فلا حرج فيه لجواز تخطي الرقاب ونحوه حينئذ، ففي منح الجليل ممزوجاً بمختصر خليل المالكي: (وجاز) لداخل المسجد (تخط) للصفوف لفرجة، وكره لغيرها (قبل جلوس الخطيب) على المنبر الجلسة الأولى، ومفهوم قبل عدم جوازه بعده، وهو كذلك ولو لفرجة، ويجوز بعد الخطبة، وقبل الصلاة ولو لغير فرجة ففي المفهوم تفصيل، ومفهوم تخط جواز المشي بين الصفوف، وهو كذلك ولو حال الخطبة. انتهى، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 72144.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1428(11/11860)
حضور الجمعة مع عدم فهم الخطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في ألمانيا-وسؤالي هو أننا لا نقدر على صلاة الجمعة إلا في مساجد الأتراك-وطبعا لا نفهم الخطبة إلى جانب أن صلاتهم سريعة جدا-ولكن افتتاحية الخطبة الحمد لله باللغة العربية-وذلك لأن العمل يوم الجمعة ينتهي في الساعة السادسة مساء، وبقية صلوات اليوم نقضيها في أثناء العمل ولكن ليس في جماعة،
الرجاء إفادتنا بالجواب أكرمكم وأكرمنا المولى عز وجل في الدنيا والآخرة.
أخوكم في الإسلام: ابراهيم توفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 12857، صحة الخطبة بغير العربية عند أكثر العلماء في حال العجز عن العربية وأن حضورها واجب ولو مع عدم الفهم إذا لم يوجد غيرها، ثم إن السرعة في الصلاة إذا كانت لا تخل بالأركان لا تؤثر في صحة الصلاة وهذا هو الظن بالجماعة المذكورة، مع أنه ينبغي التوسط في أداء الصلاة بين الإطالة والإسراع أي الإسراع غير المخل بالأركان، فقد كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصدا بين التطويل والتقصير، أما ما يخل بأركان الصلاة فإ ن صاحبه مسيء في صلاته ولا تجزئه، وانظر الفتوى رقم: 13210.
ثم إن على الأخ السائل ورفقائه إذا لم يتمكنوا من الصلاة في المسجد أن يصلوا جماعة أثناء العمل إن كان ذلك بالإمكان فبذلك يحصلون على فضل الجماعة، وانظر الفتوى رقم: 63632.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1427(11/11861)
حكم تأخير الجمعة عن وقتها المستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في مدينة بريطانية وأعاني من مشكلة في أداء صلاة الجمعة.. حيث إن المسجد الذي بداخل الجامعة يبدأ خطبة الجمعة قبل دخول وقت العصر بعشرين دقيقة وعلما بأن جدولي الدراسي يتناسب لأداء الصلاة في وقتها لكن لا توجد جماعة حاولت أن أبحث عن مسجد قريب فلم أهتد إليه.. سؤالي هل يجوز لي أن أؤخر صلاة الجمعة إلى قبل العصر مع الجماعة (حيث لا يوجد لي عذر في التأخير غير أنه لا يوجد جماعة للجمعة) ؟ أم أصلي الظهر صلاة عادية في وقته؟
جزاكم الله خيرا ووفقكم إلى الخير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت الجمعة عند جمهور العلماء يبدأ بدخول وقت الظهر وينتهي بانتهائه، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 23774، ولكن يستحب في الجمعة أن تصلى عند بداية وقت الظهر. قال ابن قدامة في المغني: والمستحب إقامة الجمعة بعد الزوال لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. قال سلمة بن الأكوع: كنا نجمع مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء. متفق عليه، وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس. أخرجه البخاري.. إلى أن قال: ولا فرق في استحباب إقامتها عقيب الزوال بين شدة الحر وبين غيره فإن الجمعة يجتمع لها الناس، فلو انتظروا الإبراد شق عليهم، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها إذا زالت الشمس في الشتاء والصيف على ميقات واحد.انتهى.
وعليه، فلا ينبغي للجماعة المذكورة أن يؤخروا الجمعة عن الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها فيه إلا لضرورة. أما بالنسبة للسائل فيجب عليه أن يصليها مع الجماعة، فإن وجد جماعة يصلونها في أول الوقت صلى معهم، وإن لم يجد إلا هؤلاء فليصل معهم لأن وقتها ما زال باقيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1427(11/11862)
صلاة الجمعة خلف من يخطب خطبة واحدة باللغة الصينية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس في الصين, ويوجد في المنطقة التي أدرس فيها مسجد والحمد لله, ولكن هنا الخطيب يوم الجمعة يخطب خطبة واحدة وباللغة الصينية, ولكن الآيات والأحاديث أثناء الخطبة يتلوها بالعربية, فهل صلاتي تعتبر صحيحة أم لا؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشترط لصحة الجمعة أن يتقدمها خطبتان عند جمهور الفقهاء من بينهم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد وتجزئ عند الأحناف خطبة واحدة، ولعل أهل المسجد الذي تصلي فيه يقلدونهم في ذلك، وعلى كل حال فإن صلاتك صحيحة على مذهب الأحناف، وقد نص الفقهاء على جواز الاقتداء بالمخالف في الفروع، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: فرع في مذاهب العلماء في الخطبة قد ذكرنا أن مذهبنا أن تقدم خطبتين شرط لصحة الجمعة وأن من شرطها العدد الذي تنعقد به الجمعة وبهذه الجملة قال مالك وأحمد والجمهور، وقال أبو حنيفة: الخطبة شرط ولكن تجزئ خطبة واحدة ولا يشترط العدد لسماعها كالآذان، وحكى ابن المنذر عن الحسن البصري أن الجمعة تصح بلا خطبة، وبه قال داود وعبد الملك من أصحاب مالك، قال القاضي عياض: وروي عن مالك دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي. وثبتت صلاته صلى الله عليه وسلم بعد خطبتين. انتهى.
ولبيان حكم الخطبة بغير العربية طالع الفتوى رقم: 12857.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1427(11/11863)
حكم الشهادة بالرسالة في خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ينقل عن بعض العلماء كالشيخ ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية رحمهما الله أنه لا يصح لأحد خطبة ولا تشهد ولا أذان حتي يشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة أي يلفظ بالشهادة فيقول أشهد أن محمداً عبده ورسوله بعد شهادة أن لا إله إلا الله، فالكلام ليس على التشهد ولا على الأذان ولكن على الخطبة، فإذا لم يتلفظ بها الخطيب يوم الجمعة، فهل تصح الخطبة، فهل تصح الصلاة، صلاة الجمعة ركعتان وإذا لم تصح صلاة الجمعة، فما حكم الجمع التي سلفت على هذا الشكل، وتجدر الإشارة إلى أن إماما ببلدتنا يقول أثناء الخطبة يوم الجمعه في أغلب الأحيان أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وأشهد أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم، فهل تصح الخطبة بهد اللفظ أم لا؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشهادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة ليست من أركان خطبة الجمعة عند أصحاب المذاهب الأربعة قال النووي في المجموع بعد ذكره أركان خطبة الجمعة عند الشافعية: (فرع) في مذاهب العلماء في أقل ما يجزئ في الخطبة قد ذكرنا أن أركانها عندنا خمسة، وبه قال أحمد. وقال الأوزاعي وإسحاق وأبو ثور وابن القاسم المالكي وأبو يوسف ومحمد وداود: الواجب ما يقع عليه اسم الخطبة. وقال أبو حنيفة: يكفيه أن يقول: سبحان الله أو بسم الله أو الله أكبر أو نحو ذلك من الأذكار، وقال ابن عبد الحكم المالكي: إن هلل أو سبح أجزأه.
وأركان الخطبة عند الشافعية خمسة هي - حمد الله تعالى، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسل، الوصية بتقوى الله تعالى، قراءة شيء من القرآن، الدعاء للمؤمنين والمؤمنات- وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 63122.
وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة في خطبة الجمعة حيث قال في مجموع الفتاوى: ولهذا كان مبتدأ الدخول في الإسلام: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بخلاف حال العبادة المحضة فإنه يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله الله أكبر. فإن الشهادة بها يصير مسلماً وهو الأصل والأساس ولهذا جعلت ركنا في الخطب: في خطب الصلاة وهي التشهد يختم بقوله: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وفي الخطب خارج الصلاة: كخطبة الحاجة. خطبة ابن مسعود والخطب المشروعة خطبة الجمعة وغيرها. وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء. والذين أوجبوا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة كأصحاب الشافعي وأحمد قال كثير منهم: يجب مع الحمد الصلاة عليه وقال بعضهم: يجب ذكره إما بالصلاة وإما بالتشهد. وهو اختيار جدي أبي البركات. والصواب: أن ذكره بالتشهد هو الواجب لدلالة هذا الحديث، ولأن الشهادة إيمان به والصلاة عليه دعاء له وأين هذا من هذا، والتشهد في الصلاة لا بد فيه من الشهادة له في الأول والآخر، وأما الصلاة عليه فشرعت مع الدعاء، وأما التشهد فهو مشروع في الخطب والثناء فتشهد الصلاة ثناء على الحق شرع فيه التشهد والخطبة خطاب مع الناس شرع فيها التشهد والأذان ذكر الله يقصد به الإعلام بوقت العبادة وفعلها فشرع فيه التشهد. انتهى.
وبناء على ما تقدم فإن الجمهور على عدم اشتراط ذكر الشهادة بالرسالة في خطبة الجمعة، وعلى ذلك فمن تركها فخطبته وجمعته صحيحتان، مع أن الأولى الإتيان بذلك لثبوته في السنة وللخروج من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1427(11/11864)
رفع اليدين للمستمع عند دعاء خطيب الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رفع اليد عند دعاء خطيب الجمعة في آخر خطبته بدعة؟ وما هو الصحيح كذلك هل يجب علي أن أقول آمين خلفه؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبعض أهل العلم يقول بعدم مشروعية رفع اليدين للمستمع عند دعاء خطيب الجمعة، ومنهم من يقول بمشروعية رفعهما لبقائه على الأصل، والأمر في ذلك واسع. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 76668، والتأمين على دعاء الخطيب عند سماعه مستحب عند جمهور أهل العلم، كما تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 26612.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1427(11/11865)
رفع الإمام والمأموم اليدين في الدعاء يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد أن ينهي الخطيب الخطبة يوم الجمعة يشرع بالدعاء ويبدأ المصلون بالتأمين، ومنهم من يرفع أكفه ومنهم من لا يرفعها قائلا إنها بدعة، وإن كانت كذلك فما تقولون في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله ببطون أكفكم، وهل هو عام أم مقيد؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكره للخطيب أن يرفع يديه في الدعاء في الخطبة لغير الاستسقاء لما رواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن حصين بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال: كنت إلى جنب عمارة بن رؤيبة وبشر بن مروان يخطبنا، فلما دعا رفع يديه، فقال عمارة: قبح الله هاتين اليدين، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يخطب إذا دعا يقول هكذا فرفع السبابة وحدها.
وقال البهوتي في كشاف القناع: ويكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة، قال المجد: هو بدعة وفاقا للمالكية والشافعية وغيرهما. ولا بأس أن يشير بأصبعه فيه، أي دعائه في الخطبة، لما روى أحمد ومسلم أن عمارة بن رويبة رأى بشر بن مروان رفع يديه في الخطبة فقال: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما يزيد أن يقول بيده هكذا وأشار بأصبعه المسبحة. اهـ.
أما عند الاستسقاء في الخطبة فيرفع لما في الصحيحين عن أنس بن مالك: أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما فقال يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا ... اهـ
وأما المأموم فلم يرد فيه نص، ولذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن حكمه باق على الأصل وهو استحباب رفع اليدين له، فعن سلمان رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم: إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه.
وذهب آخرون إلى إلحاقه بالإمام، والأمر في ذلك واسع.
وأما الحديث الذي ذكرته فقد رواه أبو داود عن مالك بن يسار السكوني ثم العوفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها. قال أبو داود: وقال سليمان بن عبد الحميد له عندنا صحبة يعني مالك بن يسار.
وهذا الحديث مقيد بما رواه مسلم عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء.
قال النووي في شرح مسلم: قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ: السُّنَّة فِي كُلّ دُعَاء لِرَفْعِ بَلَاء كَالْقَحْطِ وَنَحْوه أَنْ يَرْفَع يَدَيْهِ وَيَجْعَل ظَهْر كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاء , وَإِذَا دَعَا لِسُؤَالِ شَيْء وَتَحْصِيله جَعَلَ بَطْن كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاء، اِحْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيث. اهـ
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(11/11866)
جمع التبرعات قبل الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذات جمعة صعد الإمام إلى المنبر ليلقي على المصلين خطبة الجمعة، فقبل أن يشرع في إلقاء الخطبة قال بأن هناك شخصا قد أجريت له عملية جراحية وقد بترت رجله، ولديه وصفة طبية تحتوي على أدوية يجب أن يقتنيها، وهو لا يستطيع شراءها فطلب منا أن نساعده بتبرعاتنا، فطلب من بعض الأشخاص أن يجمعوا التبرعات وهو واقف فوق المنبر وتم ذلك وكنت أنا أحد المتبرعين.
وسؤالي هو: هل يجوز التبرع بالمال أو الصدقة والإمام على المنبر؟ (بحيث هو الذي طلب منا ذلك) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الأمر قد حصل قبل البدء بالخطبة فإنه لا بأس به بل إنه من فعل الخير والتعاون على البر والتقوى، فقد روى مسلم في صحيحه، عن المنذر بن جرير عن أبيه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار، قال فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب، فقال يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا، والآية التي في الحشر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ، تصدق رجل من ديناره، من درهمه من ثوبه من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال ولو بشق تمرة، قال فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت، قال ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء.
لكن كان ينبغي تأخير جمع التبرعات إلى ما بعد الصلاة ليسلم الذين يجمعونها من تخطي الرقاب المنهي عنه بعد جلوس الخطيب على المنبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1427(11/11867)
حكم ترك الخطيب للشهادتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ترك الشهادتين يوم الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فترك الشهادتين يوم الجمعة إن كان من الخطيب في خطبة الجمعة فإنه لا ينبغي، فينبغي للخطيب أن يبدأ خطبته بحمد الله تعالى والثناء عليه ويشهد لله بالوحدانية ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالرسالة.... ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين في الخطبة، وإذا ترك الخطيب الشهادتين فإن خطبته صحيحة، وقد سبق بيان ما ينبغي أن تشتمل عليه خطبة الجمعة في الفتوى رقم: 64109 نرجو الاطلاع عليه وعلى ما أحيل عليه فيه.
وأما إن كان ترك الشهادتين في موعظة أو درس علمي.... فلا شيء في ذلك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1427(11/11868)
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الشرع في إمام خطيب يستعمل الأسلوب الساخر والمضحك في الانتقاد والموعظة في خطبة الجمعة مما يؤدي إلى ضحك البعض وابتسام البعض الآخر. وهل يعد ذلك لغوا من المصلين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخطبة شرعت للموعظة والتذكير ومعالجة الأخطاء التي يقع فيها الناس بجد لا بهزل, وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشتد في خطبته, ولذلك فلا ينبغي للخطيب أن يقلب خطبته إلى سخرية وإضحاك للناس ونحو ذلك.. ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم. ... قال الإمام النووي في شرح مسلم قوله: إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش، يستدل به على أنه يستحب للخطيب أن يفخم أمر الخطبة، ويرفع صوته، ويجزل كلامه، ويكون مطابقا للفصل الذي يتكلم فيه من ترغيب أو ترهيب. ولعل اشتداد غضبه كان عند إنذاره أمرا عظيما، وتحديده خطبا جسيما.
وقال في المجموع 4/400 الثامنة: يستحب كون الخطبة فصيحة بليغة مرتبة مبنية من غير تمطيط ولا تقعير، ولا تكون ألفاظا مبتذلة ملفقة، فإنها لا تقع في النفوس موقعا كاملا، ولا تكون وحشية، لأنه لا يحصل مقصودها، بل يختار ألفاظا جزلة مفهمة. انتهى.
وقال الرملي في نهاية المحتاج 2/326: ويسن أن تكون الخطبة بليغة أي فصيحة جزلة، لأنه أوقع في القلوب من المبتذل الركيك لعدم تأثيره في القلوب، مفهومة لا غريبة وحشية إذ لا ينتفع أكثر الناس بها، وقال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله.
ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه: يكون كلامه مسترسلا مبينا معربا من غير تغن ولا تمطيط.
وأما الضحك في الخطبة فلا ينبغي لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكلام, وعن مس الحصى حال الخطبة, ومثله كل ما من شأنه الاشتغال عن الخطبة والانتفاع بها, فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.... ومن مس الحصى فقد لغا. رواه مسلم. وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغيت. قال أبو الزناد: هي لغة أبي هريرة وإنما هو: فقد لغوت. قوله صلى الله عليه وسلم: ومن مس الحصى لغا. فيه النهي عن مس الحصى وغيره من أنواع العبث في حالة الخطبة، وفيه إشارة إلى إقبال القلب والجوارح على الخطبة، والمراد باللغو هنا: الباطل المذموم المردود. وقال الخادمي في بريقة محمودية: وكذا يكره الضحك في حال الخطبة. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1427(11/11869)
الدعاء بين الخطبتين وتأمين المأموم على دعاء الخطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة بما هو آت: في صلاة الجمعة وعندما ينتهي الخطيب من الخطبة الأولى يقول (.... يا أيها الذين آمنوا استغفروا الله..) ثم يجلس ما يقارب الدقيقة، السؤال هو: ماذا يجب على المصلي أن يفعل، هل يسكت منتظرا أن يبدأ الإمام بالخطبة الثانية أم يذكر الله، وماذا يفعل؟
السؤال الثاني: عندما ينهي الخطيب الخطبة الثانية يبدأ بالدعاء، فما هو الواجب بالنسبة للمستمع، هل يؤمن جهراً خلف الإمام رافعاً يديه أم يؤمن جهراً دون الرفع، أم هل يؤمن في سره أم لا يؤمن؟ وجزاكم الله خيراً.
ملاحظة: أرجو الإجابة مباشرة على سؤالي وعدم إحالتي إلى فتاوى سابقة.... وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل للمستمع عند جلوس الخطيب بين الخطبتين الاشتغال بالدعاء لعله يوافق ساعة الجمعة التي لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه، ومن أهل العلم من يقول إن هذه الساعة هي ما بين الخطبتين، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 61029، والفتوى رقم: 16786.
لكن الراجح من كلام أهل العلم أن هذه الساعة هي آخر ساعة من يوم الجمعة قبل الغروب، كما تقدم في الفتوى رقم: 4205.
ويسن للمستمع التأمين عند دعاء الخطيب، لكن هل يكون هذا التأمين سراً أم جهراً، قد سبق ذلك في الفتوى رقم: 26612 بيان الحكم عند أصحاب المذاهب الأربعة، ولا يشرع للإمام ولا للمأمومين رفع اليدين عند الدعاء في هذه الحالة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 4095.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1427(11/11870)
حكم ترك الخطيب السلام عند صعوده على المنبر
[السُّؤَالُ]
ـ[صعد الإمام المنبر ولم يلق السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 20361، بيان مذاهب أهل العلم حول سلام الخطيب بعد صعوده المنبر لخطبة الجمعة، وقد ذكرنا أن الراجح في ذلك هو استحباب التسليم المذكور وهذا هو مذهب الحنابلة والشافعية، وبالتالي، فيكون ذلك الإمام قد ترك أمرا مستحبا وذلك لا يؤثر على صحة صلاته ولا على صلاة المقتدين به، وراجع أيضا الفتوى رقم: 51141.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1427(11/11871)
حكم من صدر منه صياح بدون إرادة أثناء الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا تصدر أصوات صيحة أو صرخة تفزع المصلين في المسجد من بعض الإخوان الصوفية في صلاة الجمعة عند كلمة معينة؟ مثال أن يقول الشيخ استهزأو برسولنا ... أو داسو مصحفنا ... فيصرخون ويقولون إن هذه الصرخة تخرج دون إرادتهم ما حكم هذه الصرخة وهل يعتبر أنه لغا أرجو الإجابة المفصلة؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب الإنصات وقت خطبة الجمعة والبعد عن الكلام أثناءها، وإذا كان ما يصدر من هؤلاء من الصياح يصدر عن غير اختيار منهم ولا إرادة -كما ذكر السائل- فنرجو الله أن لا يكون في ذلك إثم عليهم، ويتعين تنبيههم على البعد عن التشويش على المصلين أثناء الخطبة، وليكن تنبيههم قبل الخطبة ولا ينهون أثناء الخطبة لما في الحديث من النهي عن ذلك، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 59827، 58939.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1427(11/11872)
خطبة الإمام الجمعة جالسا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أن يجلس على المنبر وهو يخطب يوم الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم القيام في خطبة الجمعة على قولين:
الاول: مستحب وهو مذهب الجمهور، فتصح خطبته جالسا مع القدرة على القيام.
الثاني: أنه شرط مع القدرة فلا تصح إلا عند العجز وهو مذهب الشافعية. قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: قال الشافعي والأصحاب: يشترط لصحة الخطبتين القيام فيهما مع القدرة, والجلوس بينهما مع القدرة، فإن عجز عن القيام استحب له أن يستخلف, فإن خطب قاعدا أو مضطجعا للعجز جاز بلا خلاف كالصلاة، وقال: ذكرنا أن مذهبنا وجوب القيام في الخطبتين والجلوس بينهما ولا تصح إلا بهما. وقال مالك وابو حنيفة وأحمد: تصح قاعدا مع القدرة. قالوا: والقيام سنة وكذا الجلوس بينهما سنة عندهم وبه قال جمهور العلماء حتى إن الطحاوي قال: لم يقل أحد غير الشافعي باشتراط الجلوس بينهما. قال القاضي عياض: وعن مالك رواية أن الجلوس بينهما شرط وكذا القيام, ودليلنا أنه صلى الله عليه وسلم قال: صلوا كما رأيتموني أصلي. مع الاحاديث الصحيحة المشهورة أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين قائما يجلس بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1427(11/11873)
يحرم كل ما ينافي وجوب الإنصات للخطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[بينما كنت جالساً في الصفوف الأولى في صلاة الجمعة جاء شخص من الخلف متخطياً الرقاب وعندما وصل بجانبي طلب مني ومن الذي بجانبي أن نفسح له ليجلس بجانبنا، ولم يكن له حيز كاف، فنهرته بالإشارة ورفضت طلبه ودعوته بالإشارة أن يعود للخلف حيث يوجد متسع، فهل في ذلك الفعل مني خطأ، وهل الإيماء بالاشارة يعتبر من اللغو في الجمعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشرع للشخص أن يتخطى رقاب الناس بعد جلوس الإمام على المنبر؛ لما رواه أبو داود وابن ماجه عن عبد الله بن بسر: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اجلس فقد آذيت. قال الشيخ الألباني: صحيح.
والظاهر أن الذي قمت به من اللغو المنهي عنه لأنه فعل كثير ومشغل عن الإنصات للخطيب، فلا شك أنه أبلغ من مس الحصا الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: من مس الحصا فقد لغا. رواه مسلم.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم شارحا لهذا الحديث: الحديث فيه النهي عن مس الحصا وغيره من أنواع العبث في حالة الخطبة، وفيه إشارة إلى إقبال القلب والجوارح على الخطبة. انتهى.
وقال العدوي في حاشيته على كفاية الطالب الرباني وهو مالكي: والحاصل أنه يحرم كل ما ينافي وجوب الإنصات ولو غير السامع من أكل وشرب وتحريك شيء يحصل منه تصويت كورق أو ثوب أو فتح باب أو سبحة أو مطالعة في كراس. انتهى.
وعليه؛ فاستغفر الله تعالى مما أقدمت عليه ولا تعد إلى مثله، وصلاتك مجزئة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1427(11/11874)
لحن الخطيب في خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرت خطبة لم يكن فيها الخطيب متمكناً من العربية البتة، وقد بقيت في الخطبة إلى أن كان من الخطأ ما يصل لدرجة الكفر والعياذ بالله، حيث سرد الخطيب دعاء رحلة الطائف بأخطاء جمة وحين وصل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم عسى أن يخرج الله من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله تلفظ بها الرجل بصيغة المبني للمعلوم (يخرج) وأعاد الخطأ أكثر من مرة.... واحترت في أمري بين أن أترك الخطبة وبين النصح بعد الخطبة، الذي ما أظنه يلقى القبول ... وبين التصحيح أثناء الخطبة ... هل لي أن أترك الصلاة أم لا، وهل من قاعدة تضبط تعامل المتلقي في خطب صلوات الجماعة مع الخطيب، المسجد المذكور موجود في بلد أجنبي ونضطر للحضور به لقلة ما لدينا من المساجد؟ مع خالص الود.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته ليس بمبرر للتخلف عن صلاة الجمعة لأن اللحن من الخطيب في خطبة الجمعة لا يبطلها، قال الشيخ محمد عليش في فتح العلي المالك وهو مالكي: اللحن في الخطبة ليس من مبطلات الصلاة ولا موجبا لعزل الخطيب، كيف والراجح صحة الصلاة مع اللحن في نفس الفاتحة، واقتصر عليه في المجموع حيث قال وصح بلا لحن. اهـ. ولم أر من نص على أن السلامة من اللحن في الخطبة من مندوباتها فضلاً عن كونها من سننها وعن كونها من واجباتها. اهـ
وهذا في غير القرآن والحديث، وأما إذا لحن الخطيب في القرآن أو الحديث وكان اللحن فاحشاً مغيراً للمعنى فالضابط أن على المستمع إصلاح ذلك الخطأ إن كان الخطيب سيتمكن من سماعه ويصلح الخطأ، وإلا انتظره حتى تنتهي الصلاة ثم ينصحه بعد ذلك ويبين له الخطأ بأدب وحكمة، وللأهمية راجع في ذلك الفتوى رقم: 13035.
وكون الخطيب قد فتح الياء من فعل يخرج فهذا لحن لا يوقع في الكفر، وفعل يُخْرِج مبني للمعلوم لكن الياء منه مضمومة لأن الماضي منها رباعي وهو أخرج، وعلى افتراض أن الخطيب قد صدرت منه عبارة توقع في الكفر فذلك لم يكن عن عمد بل عن جهل أو غلط أو نسيان وهذه أمور تمنع من إطلاق الكفر عليه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 66547.
وانطلاقاً مما سبق فإنه لا يجوز لك التخلف عن الجمعة لما ثبت من الوعيد المترتب على ذلك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 65201.
وإن أمكنك صلاة الجمعة في جامع له خطيب لا يلحن في خطبته فلك ذلك، وإن لم تجد إلا المسجد المذكور فلا تترك الصلاة فيه، وإذا لحن الخطيب المذكور لحنا في القرآن أو الحديث يغير المعنى فأصلح له الخطأ إن أمكنك ذلك، وإلا انتظر حتى تلقاه بعد الصلاة بمفرده فتنصحه بضرورة الاهتمام بما يلقيه من خطبة خصوصاً ما يتعلق بالآيات والأحاديث التي يستدل بها، وهذا من النصيحة التي لها مكانة عظيمة في الإسلام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة.. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(11/11875)
حكم قراءة سورة العصر بعد انتهاء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الخطباء بعد انتهاء خطبة الجمعة يقوم بقراءة سور العصر، نرجو التوضيح؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن سورة العصر من أعظم سور القرآن، حتى قال الشافعي رحمه الله تعالى: لو ما أنزل الله على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم. وقد روى الطبراني في الأوسط من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أبي مدينة الدرامي وكانت له صحبة قال: كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر: والعصر إن الإنسان لفي خسر، ثم يسلم أحدهما على الآخر. انتهى، وصححه الألباني في الصحيحة.
إلا أننا لا نعلم دليلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرؤها كل جمعة وعند نهاية الخطبة, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1426(11/11876)
سؤال الخطيب وهو يخطب
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال فضيلة الشيخ: هل يجوز إذا صعد الإمام إلى المنبر أن تسأله وإن أذن لك ما هو قولك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في سؤال الإمام بعد صعوده على المنبر بل ولو كان في أثناء الخطبة، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل وهو في أثناء الخطبة ولم ينكر على من سأله، فقد صح أنه جاءه رجل وهو يخطب يوم الجمعة فقال: يا رسول الله هلك الكراع وهلك النساء فادع الله أن يسقينا ... إلى آخر القصة وهي في الصحيحين.
وجاءه رجل آخر وهو يخطب يوم الجمعة فقال: يا رسول الله متى الساعة ... . والحديث في مسند الإمام أحمد. ولم ينكر عليهما، وقال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر الحالات التي يجوز فيها الكلام أثناء الخطبة: وكذلك من كلم الإمام لحاجة، أو سأله عن مسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1426(11/11877)
حكم كتابة الخطبة أثناء إلقاء الخطيب لها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز كتابة خطبة الجمعة خلف الإمام وهو يخطب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على من حضر خطبة الجمعة أن يستمع لها، ولا يجوز له أن يفعل ما يعتبر به لاغيا أو معرضا عن الخطيب، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مس الحصى فقد لغا. رواه مسلم.
وقال النووي عند شرح حديث: ومن مس الحصى.. الحديث. فيه النهي عن مس الحصى وغيره من أنواع العبث في حالة الخطبة، وفيه إشارة إلى إقبال القلب والجوارح على الخطبة. انتهى.
وقد نص الفقهاء على حرمة الكتابة أثناء الخطبة قال ابن الهمام في فتح القدير: يحرم في الخطبة الكلام وإن كان أمراً بمعروف أو تسبيحاً والأكل والشرب والكتابة. انتهى.
ولم يفرقوا بين كتابة الخطبة وكتابة غيرها، لكن تعليلهم منع ذلك كله، إما لأنه عبث، أو أنه إعراض عن الخطيب، فقد يقال إن هاتين العلتين غير موجودتين في كتابة الخطبة أثناء إلقاء الخطيب لها، لأن كتابتها ليست عبثاً وليس في ذلك إعراض عن الخطبة والخطيب، فلا يكون في ذلك بأس، وقد يقال بأن في الكتابة انشغال القلب عن التأثر بما يقوله الخطيب وانصراف الهم إلى متابعة حروفه لإثباتها، ولذلك فالأولى ترك كتابة الخطبة والإقبال بالقلب على سماع ما يقوله الخطيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1426(11/11878)
تعدد الأذان يوم الجمعة والخطبة بغير العربية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله والآل والصحب أجمعين أما بعد
أنا طالب ماجستير في روسيا اللعينة وفي منطقتي لا يوجد إلا مسجد واحد لأداء فريضة الجمعة، وفي هذا المسجد رأيت العجب العجاب إذ أن القائمين على المسجد والخطباء هم من الروس الجنوبيين وما أدراك ما جنوبيون الصلاة عبارة عن 5 مرات يرفع الأذان وبين كل مرة يقومون ويصلون ماذا يصلون الله أعلم، ويتوسط الخطبة أذانان، والخطبة باللغة القريبة من التركية ونحن العرب لا نفهم والحمد لله ولا شيء يذكر وعند الإمامة وما أحلاه من إمام عند قراءة القرآن الكريم والله قلبي يحزن إذ أنه لا يخرج ولا حرف من مخرجه الصحيح والآيات التي يقرؤها في الآيات نفسها، مع العلم أنه يوجد شباب عربي ما شاء الله، ولكن لا يسمحون لهم بالقيام بالخطبة والصلاة، والله أدخل المسجد وأخرج وأنا لا أعرف ماذا أخذت من صلاتي ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأعدك على أنه على الإطلاق وأكاد أجزم وبلا مبالغة أنه لا يوجد أحد يستمع للخطبة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العليم، أحبتي في الله هل يجوز لي أن أصلي وراءهم أم أصلي في البيت؟
افتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشرع تعدد الأذان في يوم الجمعة أكثر من مرتين، ولم نقف على من قال بأنه يؤذن يوم الجمعة خمس مرات ويصلى بين كل أذانين، وأنه يؤذن أذانين في الخطبة، ولكن هذا لا يعني أنك لا تحضر معهم الجمعة إذا لم تجد مسجداً آخر يلتزم السنة.
وأما الخطبة فلا تصح إلا بالعربية إذا وجد من يمكن أن يخطب بها، وأما إذا لم يوجد فلا حرج أن يخطبهم غير عربي ولا يسقط ذلك الجمعة عنك.
وأما بالنسبة لقراءة الإمام في الصلاة فإن كان يلحن لحنا يغير المعنى فلا تصح الصلاة وراءه، وإن كان لحنه لا يغير المعنى فتصح الصلاة وراءه، ويحكم على ذلك شخص يعرف القراءة الصحيحة وما يخل بالمعنى وما لا يخل به.
والحاصل أن عليك أن تصلي الجمعة معهم ما لم يكن هناك مبطل للصلاة، فلا يصح أن تصلي معهم ويجب إقامتها بشروطها مع جماعة تتوفر فيهم شروط الجمعة، فإن لم يكن ذلك فإنك تصليها ظهراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(11/11879)
الخطيب إذا انتقض وضوؤه وهو يخطب
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوة الإسلام, إذا انتقض وضوء الإمام أثناء خطبة الجمعة, ما الذي عليه أن يفعله في هذه الحالة؟ وجزاكم الله عن الإسلام خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا انتقض وضوء الخطيب يوم الجمعة وهو يخطب فلا حرج عليه أن يستمر في الخطبة، ولا يشترط لخطبة الجمعة الطهارة. قال صاحب الزاد: ولا يشترط لهما -أي خطبتي الجمعة- الطهارة. انتهى.
فإذا أتم الخطبة فهو مخير بأن ينيب أحدا عنه ليصلي بالناس، فلا يشترط أن يتولى الصلاة من تولى الخطبة، قال صاحب الزاد في تتمة الكلام السابق: ولا أن يتولاها -أي الخطبتين- من يتولى الصلاة. انتهى.
أو يتوضأ بعد الخطبة ثم يصلي بالناس ولا يضره ذلك ما لم يطل الفصل، قال ابن قدامة في المغني: وكذلك يشترط الموالاة بين الخطبة والصلاة، وإن احتاج إلى الطهارة تطهر وبنى على خطبته ما لم يطل الفصل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(11/11880)
الجمعة لا تقام إلا في المساجد التي ينادى لها فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[العلماء الأفاضل نحن نسكن في مدينة ولا يوجد هنالك مسجد مخصوص لأهل السنة مع العلم أن هنالك مسجداً صغيرا خارج المدينة للأفغانين يخطب فيه باللغة الفارسية إلا قليلا من آخرها بالعربية ويؤمهم رجل منهم ويبعد عنا مسافة نصف ساعة بالسيارة فهل يجوز أن نستمع إلى خطبة الحرم عبر الستاليت مباشرة ونصلي الجمعة في بيوتنا أفتونا في ذلك مع العلم أننا نجريها لمدة شهرين؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستماع للخطبة من المذياع أو التلفاز أو مكبر الصوت دون الحضور إلى المسجد وشهود الصلاة مع الجماعة لا يجزئ لأن الأصل في الجمعة أن لا تقام إلا في المسجد الذي ينادى لها فيه، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ {الجمعة: 9} .
والجمعة داخل البيوت لا تجزئ حتى ولو سمع المؤتم خطبة الخطيب، قال في التاج والأكليل: وأما الحوانيت والدور التي حول المسجد ولا تدخل إلا بإذن فلا يجزئ أن تصلى فيها الجمعة وإن أذن أهلها. وانظر الفتوى رقم: 9952.
وليس المقصود من الجمعة مجرد سماع الخطبة وإنما شهود جماعة المسلمين وإمامهم، فيأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وغير ذلك من الحكم التي شرعت لها الجمعة، ولا تتحقق سماع الخطبة من المذياع أو التلفاز أو حتى من مكبر الصوت دون الحضور مع الجماعة.
وإذا كان المسجد لا يبعد عنكم غير نصف ساعة فينبغي أن تذهبوا إليه وتصلوا فيه مع جماعة المسلمين وأنتم مأجورون على ذلك، وإن كان ذلك غير واجب لأنه إنما يجب الذهاب إليه على من سمع نداؤه، وقد حدد العلماء ذلك بثلاثة فراسخ، والأصل أن سير نصف ساعة بالسيارة أكثر من ثلاثة فراسخ بكثير فلا يجب عليكم الذهاب إليه، ولكن إن ذهبتم إليه فهو خير وأكثر أجراً.
وأما الصلاة خلف المبتدع، فقد بينا حكمها في الفتوى رقم: 35398.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(11/11881)
حكم الكلام بين الخطبتين
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في ألله
لقد سمعت من أحد الشيوخ بأن الكلام يجوز أثناء استراحة الإمام في خطبتي الجمعة دون أن يذكر هذا الشيخ أي دليل شرعي حول هذه المسألة, هل صحيح أن الإنسان بإمكانه أن يتكلم أثناء استراحة الإمام في خطبتي الجمعة؟
جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام بين الخطبتين محل خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى، والراجح جوازه، لأن الإمام غير خاطب ولا متكلم، فأشبه ما قبلها وما بعدها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت. فقوله: والإمام يخطب أي يتكلم. قال الخطيب الشربيني: لا يكره الكلام قبل الخطبة ولا بعدها، ولا بين الخطبتين.
وقال المرداوي في الإنصاف: ظاهر قوله والإمام يخطب أن الكلام يجوز بين الخطبتين إذا سكت، والصحيح أن الكلام بينهما يباح وهو أحد الوجوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(11/11882)
من لم يدرك الخطبة فقد فاته خير كثير
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم توجية الكلمة والنصيحة لفتى في الثانية عشر من عمره لا يخرج لصلاة الجمعة إلا بعد بدء الخطبة أو على وشك انتهائها وحكم صلاته. .
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الفتى لم يتصف بصفات البلوغ المذكورة في الفتوى رقم: 10024 فإنه غير بالغ ولا تجب عليه الجمعة، لأن من شروط وجوب الجمعة البلوغ.
قال ابن قدامة في المغني: وأما البلوغ فهو شرط أيضاً لوجوب الجمعة وانعقادها في الصحيح في المذهب وقول أكثر أهل العلم لأنه من شرائط التكليف، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ. انتهى
وهذا الغلام قد صار مميزاً قريباً من البلوغ، وتصح منه الجمعة، والجمعة تبدأ من الخطبة، فلا ينبغي له أن يتهاون في حضور الخطبة وسماعها لأجل أن يأتي بجمعة كاملة غير ناقصة الأجر، لأنه إذا لم يدرك الخطبة، فقد فاته خير كثير من الموعظة والأحكام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من المواضيع المهمة، وأيضاً قد يتعود على هذا التكاسل والتباطؤ عن حضور الجمعة حتى يصير ديدنا له بعد البلوغ مع أنه إذا فاتته الخطبة وإدرك الصلاة ولو ركعة منها، فقد صحت صلاته، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 24839.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1426(11/11883)
كلام أهل العلم في ما تشتمل عليه خطبتي الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: خطيب المسجد بالمدينة التي نسكن بها بإحدى الدول العربية يخطب الجمعة من خطبة أولى فقط ويجلس للاستراحة ومباشرة بعد الوقوف من الاستراحة يدعو فقط ولا يتحدث أو يخطب شيئا بالخطبة الثانية مع أننا نجلس بمسجد مكيف وهو لا يطيل أصلا في الخطبة ولا توجد مشقة للناس. أفيدونا رحمكم الله هل هذا صحيح. أم خطبته ناقصة ولا تفي بالسنة. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل الخطيب المذكور متبع لبعض أهل العلم كالحنفية الذين يرون أن خطبة الجمعة الثانية يقتصر فيها على الدعاء ولا يوعظ الناس فيها.
ففي البحر الرائق شرح كنز الحقائق لابن نجيم الحنفي: كما روي عن أبي حنيفة أنه قال: ينبغي أن يخطب خطبة خفيفة يفتتح بحمد الله تعالى ويثني عليه ويتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويعظ ويذكر ويقرأ سورة ثم يجلس جلسة خفيفة ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى يحمد الله تعالى ويثني عليه ويتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمؤمنين والمؤمنات كما في البدائع.
وقد علم من هذا أنه لا يعظ في الثانية، ولهذا قال في التجنيس: إن الثانية كالأولى، إلا أنه يدعو للمسلمين مكان الوعظ. انتهى.
أما غير الحنفية من أهل العلم فلا بد أن تكون الخطبتان مشتملتين على ما تطلق عليه الخطبة شرعا من حمد الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم وقراءة بعض القرآن إضافة إلى الوعظ فيها.
وللتعرف على ما يجزئ في الخطبتين راجع الفتوى رقم: 63122 والفتوى رقم: 63194.
وعليه، فصلاة الجمعة في هذه الحالة صحيحة عند بعض أهل العلم كالحنفية الذين يجزئ عندهم الاقتصار على الدعاء في الخطبة الثانية، علما أن هناك من أهل العلم من لا يشترط الخطبة الثانية كما في الفتوى رقم: 57887.
ومن السنة تقصير خطبة الجمعة كما سبق في الفتوى رقم: 11765.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1426(11/11884)
كتابة المرأة الخطبة وقراءة الرجل لها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال وهو: نحن مسلمون نعيش في الغرب وفي صلاة الجمعة كتبت إحدى السيدات الخطبة
وسلمتها إلى الشخص الذي ألقاها، ما هو حكم الشرع، هل يجوز كتابة خطبة الجمعة من قبل النساء وأن يلقيها رجل، وماذا عن القوامة عند الرجال، كان قسم كبير معارض والبعض موافق، فهل هذا باب فتنة أم لا؟ شكراً لوقتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أن تكتب خطبة الجمعة أو غيرها امرأة ويلقيها رجل ولم يمنع من ذلك أحد من أهل العلم فيما نعلم، وإنما الممنوع هو مباشرة المرأة للخطبة، كما بيناه في الفتوى رقم: 60328.
وأما القوامة فهي بيد الرجل كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 16826، ولا ينافي القوامة كون المرأة كتبت خطبة الجمعة ثم قرأها الرجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(11/11885)
الفصل اليسير بين أجزاء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[انقطعت الخطبة عندنا بسبب مجنون دخل المسجد وشوش على الإمام وكان في الصف الأول وبعدها توقفت الخطبة مرتين لثواني وفي الثالثة توقفت ثم أقيمت الصلاة مباشرة فما حكم الصلاة والخطبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفصل اليسير بين أجزاء الخطبة أو بين الخطبتين أو بين الخطبتين والصلاة لا يضر.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: والموالاة شرط في صحة الخطبة، فإن فصل بعضها من بعض بكلام طويل، أو سكوت طويل، أو شيء غير ذلك يقطع الموالاة استأنفها والمرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة، وكذلك يشترط الموالاة بين الخطبة والصلاة، وإن احتاج إلى الطهارة تطهر، وبنى على خطبته، ما لم يطل الفصل. اهـ
وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: اشتراط الموالاة بين الخطبة والصلاة، وفيه قولان مشهوران (أصحهما) : وهو الجديد الاشتراط، فعلى هذا لا تجوز صلاة الجمعة بتلك الخطبة (والثاني) : لا يشترط. اهـ
وعليه، فلا يضر انقطاع الخطبة ما دام يسيرا، وكذلك لا يضر اختصارها وترك بعض ما كان الخطيب يريد أن يقوله إذا كانت قد تمت بشروطها وأركانها، وراجع الفتوى رقم: 51765.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(11/11886)
الخطيب غير المؤهل وجعل الخطبة للمصلحة الشخصية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يصعد المنبر للخطابة شخص لم يتعلم على أيدي علماء الدين وتكون خطبه لمصلحته الشخصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلم بالتعلم، والتعلم الصحيح هو ما كان من أفواه الرجال لا من بطون الكتب فقط، أي من مشافهة العلماء حتى يفهم المتعلم ما يشكل عليه مما في الكتب، لأنهم قد تلقوا ذلك عن مثلهم وهكذا.
أما مسألة الخطابة، فالضابط فيها الكفاءة، فمن كان له أهلية جاز له أن يمارسها، لكن لا ينبغي أن يخوض فيما لا يعلم، وإن كان الموضوع موضوع خطبة الجمعة، فإن الفقهاء قد ذكروا لها شروطاً وأركاناً لابد أن يؤتى بها فيها، ومن هذه الأركان عند أكثر أهل العلم: حمد الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءة آية فأكثر من كتاب الله وشيء من الوعظ، والقيام والقعود بين الخطبتين وتقديمهما على الصلاة، ورفع الصوت بحيث يسمع العدد المعتبر، ويشترط لهما أن تكونا بعد دخول الوقت على خلاف بينهم في تفاصيل ذلك، والأصل أن تكون الخطبة لمصلحة المسلمين السامعين أو لعامة المسلمين.
أما تخصيص الخطيب الخطبة لمصلحته الشخصية، فإن كان في غير الجمعة فلا مانع من ذلك ما لم يأت بما يخالف الشرع من قول غير الحقيقة أو تزكية نفس لا داعي لها، وأولى في الجواز إن كان يدفع عن نفسه شبهة أو يتظلم ويطلب رفع الظلم عنه، وكذلك خطبة الجمعة فبعد أن يأتي بالواجب فيها فلا مانع من أن يتكلم عما يتعلق به هو في حدود ما ذكرنا من دفع شبهة عنه أو تظلم إن دعت لذلك ضرورة، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن بعض الناس ما يكره خطب ورفع اللبس وربما يشكو من أناس آذوه في أهله أو أصحابه.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 16515، 13155.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(11/11887)
إمامة غير الخطيب في صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[في مسجدنا يخطب أحد الناس الجمعة ثم يقوم شخص بعد نهاية الخطبة يقيم الصلاة والذي يقيم الصلاة نفسه يؤمنا في الصلاة، يعني الخطيب لا يصلي بنا بل يصلي أي شخص يختاره الخطيب، فهل الخطيب يستحسن أن يصلي بالناس أو يجب، وهل مقيم الصلاة يعني الذي يقيم الصلاة هل يصلي بالناس بعد إقامته الصلاة، مع العلم بأن هناك من يقيم، ولكنها اختيارات الخطيب، وللعلم فإن هذا الخطيب ليس له أي درجة في الفقه ويلحن كثيرا حتى في القرآن ولا يحفظ من كتاب الله شيئا ولم يعينه أحدا خطيبا للمسجد بل هو الذي يؤم الناس لأننا في في مدينة ليس فيها مسلمون كثير، ولكن هناك من يفضله بشكل كبير جدا من الحفظة لكتاب الله ويفضلونه في اللغة العربية، فما هي النصيحة التي توجهونها له، مع العلم بأن هذه النصيحة سوف تعرض عليه، لذلك أرجو كتابة اسم الشيخ الناصح له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة أن يتولى إمامة الصلاة من تولى خطبة الجمعة، وجمهور أهل العلم أن ذلك مستحب إلا أن المالكية قالوا لا يجزئ ذلك إلا لعذر يمنع الخطيب من إمامة الصلاة، وراجع الفتوى رقم: 56125.
ولا مانع من أن يجمع الإمام بين الإقامة والإمامة، ولكن من السنة أن يتولى الإقامة من تولى الأذان، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 58777، والفتوى رقم: 43666.
ويشترط في الخطبة أن تكون مما يطلق عليه خطبة عرفا، ولا يشترط فيها قراءة شيء من القرآن عند جمهور أهل العلم، قال الشوكاني في فتح القدير: واستدل به على مشروعية القراءة والوعظ في الخطبة وذهب الشافعي إلى وجوب الوعظ وقراءة آية وإلى ذلك ذهب الإمام يحيى ولكنه قال: تجب قراءة سورة وذهب الجمهور إلى عدم الوجوب وهو الحق. انتهى.
قال الدردير المالكي في شرحه لمختصر خليل متحدثاً عن شروط خطبة الجمعة: مما تسميه العرب خطبة بأن يكون كاملاً مسجعاً يشتمل على وعظ فإن هلل أو كبر لم يجزئ وندب ثناء على الله وصلاة على نبيه وأمر بتقوى ودعاء بمغفرة وقراءة شيء من القرآن. انتهى.
وفي حاشية الدسوقي على شرح الدردير: وقول ابن العربي أقل الخطبة حمد الله والصلاة والسلام على نبيه صلى الله عليه وسلم وتحذير وتبشير وقرآن. مقابل للمشهور كما في ابن الحاجب وعلى المشهور فكل من الحمد والصلاة على النبي والقرآن مستحب. انتهى.
وقد ذكر الإمام النووي شروط خطبة الجمعة قائلاً: شروط الجمعة سبعة: وقت الظهر وتقديمها على الصلاة والقيام والقعود بينهما وطهارة الحدث والنجس وستر العورة على الأصح في الخطبتين وقد سبق بيان هذه الشروط والسابع رفع الصوت بحيث يسمعه أربعون من أهل الكمال. انتهى.
وعليه فإذا كان الخطيب المذكور يأتي بما يجزئ في الخطبة فهي صحيحة مجزئه ولو لم يكن معيناً من طرف أي حهة ولو مع وجود من هو أكثر منه فقهاً أو قراءة فإن المفضول تصح إمامته مع وجود الفاضل، كما سبق في الفتوى رقم: 10176.
ومن القواعد المعروفة عند أهل العلم أن من صحت صلاته في نفسه صحت إمامته لغيره، كما سبق في الفتوى رقم: 36500.
ولكن الأفضل في حق الشخص المذكور التنحي عن تولي خطبة الجمعة ليتيح الفرصة لمن هو على مستوى من الكفاءة حتى يستفيد السامعون من خطبة الجمعة، وليحذر أن يؤم قوماً وهم له كارهون كرهاً له ما يبرره شرعاً، وانظر الفتوى رقم: 6359، والفتوى رقم: 26508.
ومن السنة أن يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله إلى آخر الصفات الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(11/11888)
المعتبر كفاءة من يتصدى لخطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبني أهل المسجد الذي أصلي فيه أن أخطب بهم الجمعة وأثنوا علي خيراً، ولكني أرى نفسي لست أهلا لذلك، وأخاف أن أتزبب وأنا ما زلت حصرما وفي نفس الوقت أخشى أن يستبدلني الله بدلا من أن يستخدمني وأن أكون قد قصرت فى الواجب، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت ترى أنك تستطيع أن تتولى هذه المسؤولية وقد رضي بك أهل المسجد فيجوز لك أن تتولاها؛ بل قد يجب عليك ذلك إذا لم يوجد غيرك ممن يستطيع القيام بها، ونوصيك أن لا تقول إلا ما تعلمه، وإن كنت لا تستطيع فلا ينبغي لك أن تتولاها ولا سيما إذا كان يوجد من هو أهل لها، فالمسألة من باب الكفاءة وليست من باب الكبر أو الصغر ما دام الشخص بالغاً، ولك أن تُعرِض عنها وأنت مستطيع إن كان يوجد غيرك، ولا شيء في ذلك، وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 9642، والفتوى رقم: 30374.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/11889)
نقض الوضوء أثناء صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم إذا نقض وضوئي في صلاة الجمعة وأنا في التشهد الأخير وقبل أن يسلم الإمام نقض وضوئي هل أسلم مع الإمام أم لا؟ وهل علي أن أصلي فرض الظهر 4 ركعات باعتبار نقض وضوئي قبل أن أسلم؟ وما الحل إذا نقض وضوئي وأنا في الصلاة ولا أستطيع أن اخرج من بين الصفوف للوضوء مرة أخرى هل أكمل الصلاة دفعا للحرج أم ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا انتقض وضوؤك أثناء صلاة الجمعة قبل سلام الإمام فقد بطلت صلاتك وعليك قطعها والخروج من المسجد، ويمكن أن تخرج ممسكا أنفك كالراعف للستر على نفسك، ولا يجوز لك أن تكمل الصلاة وأنت محدث، ولتستحضر أن وقوفك أمام الله وأنت محدث أشد حرجا من خروجك من الصف أمام المصلين، ويجوز لك المرور أمام المصلين أثناء خروجك لأن سترة الإمام تعتبر سترة لهم.
فإذا لم يمكنك الخروج لشدة الزحام بقيت جالسا حتى تستطيع الخروج، ثم تتوضأ وتدرك صلاة الجمعة في جامع آخر إن أمكن ذلك، وإلا، فصل الظهر أربع ركعات، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 60111 والفتوى رقم: 17222.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(11/11890)
خطبة الجمعة إذا ألقاها الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في بلاد الغرب الكافرة وقد يأتينا في بعض الأحيان في صلاة الجمعة كفار أصليون، فهل يصح ويجوز أن يخطب الكافر فقط وإذا كان الجواب لا.. فكيف نرد على من يقول إنها صحيحة تكون الخطبة لأن الخطيب لا يشترط فيه أن يكون مسلما وكل ما يفعله أنه يحث الناس على الخير ولا يخرج من كلامه شيء مخالف للشريعة، يرجى من فضيلتكم إرشادنا، وإذا كان الإمام يشرب الخمر وأنا أعلم ذلك فهل أخبر عنه المصلين حتى لا يصلوا وراءه أم ماذا أفعل؟ شكراً، والحمد لله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة الخطبة أن يكون الخطيب مسلما، ولا تصح من كافر أصلي ولا مرتد لأنها فرض كفاية، وقد وضع فقهاء الإسلام لصحتها شروطا اتفقوا على بعضها واختلفوا في البعض الآخر, ولو نزلنا الشروط التي اشترطها كل إمام على الكافر لا بد أن يختل شرط منها، ومتى اختل شرط لم تصح الخطبة عنده، ولم ينص كثير منهم على هذا الشرط بعينه لبداهته وكونه معلوما للجميع، وصرح به آخرون زيادة في التفهيم ولا يعلم أن أحدا من فقهاء الإسلام قال بصحة خطبة الكافر للجمعة، والقائل بجواز ذلك مطالب بالإثبات وأنى له ذلك، وممن صرح بهذا الشرط العلامة ابن الوردي في منظومته المسماة البهجة الوردية حيث قال وهو يعدد شروط الجمعة: جماعة بأربعين مؤمنا.... أي في الصلاة والخطبة.
واعترض عليه الشيخ زكريا الأنصاري في الغرر البهية لتنصيصه على هذا الشرط لكونه مشروطا في كل الصلوات فرد عليه العلامة ابن القاسم قائلاً: وكلام المصنف -ابن الوردي- يفيد اشتراطه في الخطبة أيضا فهو محتاج إليه. انتهى.
إذن فشرط إسلام الخطيب مسلم به عند فقهاء الإسلام فلا يصح ولا يقبل أن يأتي أناس في دبر الزمان لا علم لهم ولا فقه فيتكلمون في تقرير الأحكام الشرعية، ولا تجد أحداً منهم يجرؤ على الكلام في القضايا الطبية ونحوها إلا إذا كان قد أفنى عمره في دراستها، وما ذلك إلا لهوان الشريعة عندهم حتى صارت حمى مستباحا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما عن الإمام فإذا كان مستتراً بذنبه غير مجاهر به فإنه ليس لك أن تذكره بهذا عند الناس، أما إن جاهر فنعم، والصلاة خلف الفاسق صحيحة على ما رجحه أكثر أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1426(11/11891)
الطواف أثناء خطبة الجمعة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[نرى أثناء خطبة الجمعة في الحرم المكي أناسا يطوفون أثناء الخطبة فما الأولى: الخطبة أم أداء مناسك العمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإنصات للخطبة يوم الجمعة واجب سواء في مكة وغيرها، إلا أن بعض العلماء نص على عدم حرمة الطواف أثناء خطبة الجمعة، قال: لأنه أي الطواف لا يتنافى مع الاستماع للخطيب، وممن نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية قال- وقد سئل: هل تحرم الصلاة والإمام على المنبر في مكة؟ وهل الطواف وسجدة التلاوة كالصلاة؟ فقال رحمه الله تعالى: تحرم الصلاة والإمام على المنبر في مكة كما هو واضح، ولا يصح قياس هذا على الصلاة في الأوقات المكروهة لورود النص ثَمَّ، ولأن العلة التي حرمت الصلاة لأجلها هنا من إشعار الصلاة بالإعراض عن الخطيب موجودة في مكة وغيرها، وعلة النهي إما غير معقولة المعنى فلا يصح القياس، أو معقولته فلا يصح أيضا لأنها ليست موجودة هنا، والعلة المذكورة هنا غير موجودة ثَمَّ، فبطل القياس. والظاهر أن الطواف ليس كالصلاة، وعليه ترك العلة المذكورة لأن الكلام والاستماع لا ينافيه بخلاف الصلاة فالإشعار فيها أقوى. انتهى.
لكن استماع الخطبة أولى من الطواف لأن الطواف يمكن تحصيله في كل وقت، وسماع الخطبة بصفة كاملة لا يمكن إلا في هذا الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1426(11/11892)
الحالات التي يمنع فيها الخطيب من صعود المنبر
[السُّؤَالُ]
ـ[إنزال الإمام من على المنبر (حالاته وشروطه) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود هو السؤال عن الحالات التي ينبغي أن يمنع الإمام فيها من صعود المنبر فالجواب أن للخطيب شروطا لا بد من توفرها فيه، وللخطبة شروطا وأركانا لابد من قيامه بها، ومتى أخل بشيء من ذلك فلا تصح خطبته، وفي هذه الحالة يمنعه الحاكم أو نائبه أو جماعة المسجد من الخطبة وينزلوه من المنبر إذا صعد للخطبة لأنه يفسد على الناس جمعتهم وهي فرض عليهم.
ومن شروط صحة الجمعة صحة خطبتها، وصحتها تتوقف على توفر الشروط فيها، وقد بينها أهل العلم في كتاب صلاة الجمعة من كتب الفقه وكذا شروح الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1426(11/11893)
هل يوجد ذكر مخصوص في الجلسة بين الخطبتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يسن أن يقال في استراحة ما بين خطبتي الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام فيما اطلعنا عليه ذكر مخصوص في الجلسة بين الخطبتين، والذي وقفنا عليه مما ثبت هو أن وقت هذه الاستراحة هو المراد بساعة الجمعة التي يستجاب فيها الدعاء. فعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال لي ابن عمر: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله في شأن ساعة الجمعة؟ قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة. أخرجه مسلم. وللاستزادة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 49531 والفتوى رقم: 4205.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1426(11/11894)
المصافحة باليد أثناء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أثناء خطبة الجمعة يدخل أحد الأصدقاء أو الأقارب ويمد يده للسلام علي فأضطر إلى السلام باليد دون أي كلام فهل يضيع ثواب الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمصافحة باليد أثناء الخطبة لا تعتبر من اللغو الذي ينقص ثوابها، لأن رد السلام بالإشارة جائز أثناء الخطبة، فالمصافحة مثل الإشارة حيث إنه لا يترتب عليها تشويش ولا انشغال عن الاستماع للخطبة، بل إن بعض العلم كالشافعية أوجبوا رد السلام بالكلام وأباحه الحنابلة، كما في الفتوى رقم: 9211.
ولكن ينبغي لك نصح الشخص المذكور بعد ما تنتهي الصلاة مبينا له عدم مشروعية الابتداء بالسلام أثناء خطبة الجمعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/11895)
المشي أثناء خطبة الجمعة لإصلاح مكبر الصوت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمصلين أثناء خطبة الجمعة أن يقوموا لتشغيل مكبر الصوت الموجود داخل غرفة ملتصقة بالمسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ما دام الإمام يخطب فلا يجوز لأحد من المستمعين أن يقوم يمشي لما في ذلك من الإعراض عن الموعظة والانشغال عنها إضافة إلى تخطي الرقاب إن كان أمامه أحد الحاضرين، ولمعرفة حكم المشي أثناء الخطبة ولو لفرجة طالع الفتوى رقم: 54737.
اللهم إلا إذا أمر الخطيب شخصاً يصلح المكبر فيجوز ذهابه حينئذ لإصلاح المكبر للحاجة إلى ذلك، قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الشرح الممتع عند قول المؤلف: ولا يجوز الكلام والإمام يخطب إلا له أو لمن يكلمه لمصلحة، قال وإذا كان لحاجة يجوز من باب أولى. إلى ان قال: فمن المصلحة مثلاً إذا اختل صوت المكبر فللإمام أن يتكلم ويقول للمهندس انظر إلى مكبر الصوت ما الذي أخله. انتهى.
ولا شك أنه إذا أمره فإنه سيقوم ويمشي، فدل كلامه على أن المشي لحاجة إصلاح مكبر الصوت جائز بقدر الحاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/11896)
حكم افتتاح خطبة الجمعة بالبسملة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا خطيب جمعة وأريد أن أسأل هل يجوز لي افتتاح خطبة الجمعة بالبسملة ثم حمد الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة افتتاح خطبة الجمعة بالحمد لله كما بين ذلك جماعة من أهل العلم. قال ابن القيم: ولم تأت رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه افتتح الخطبة بغير التحميد ولكن يجوز افتتاحها بالبسملة.
ولم نقف على قول لأحد من أهل العلم منع من ذلك أو أوجب البدء بالحمدلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/11897)
خطبة المرأة الجمعة وإمامتها الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... أما بعد:
لقد سمعت في إحدى القنوات الإذاعية أن إحدى النساء المسلمات قامت بإلقاء خطبة الجمعة والصلاة بالمسلمين، فما رأي الشرع في ذلك؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 60328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1426(11/11898)
خطبة الجمعة بغير العربية
[السُّؤَالُ]
ـ[بعثت إليكم بسؤال ورددتم علي في الفتوى 12857 وقد أحلتموني إلى فتاوى سابقة ولكني لم أجد جوابا عن السؤال: هل يجوز أن يؤدي خطبة الجمعة إمامان أحدهما يلقي الجزء الأول بالعربية والثاني يلقي الجزء الثاني بلغة أهل البلد (إسبانيا) ... علمنا أنه يجوز أن يكون هناك خطبتان ولكن هل يجوز أن يكون هناك إمامان في صلاة الجمعة ... يبدأ أحدهم الخطبة بالعربية مثلا وعندما يفرغ يصعد الآخر ليلقي نفس الخطبة أو أخرى بلغة أهل البلد (إسبانيا) وهي والله التي يفهمها أغلب الحاضرين ثم يؤدي أحدهما الصلاة بالناس.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى اشتراط كون الخطبة بالعربية ولو كان المصلون كلهم عجما لا يعرفون العربية، وذلك لأن قراءتها على ذلك النحو أمر تعبدي. قال النووي في المجموع: فرع: هل يشترط كون الخطبة بالعربية؟ فيه طريقان: أصحهما وبه قطع الجمهور يشترط لأنه ذكر مفروض فشرط فيه العربية كالتشهد وتكبيرة الإحرام، مع قوله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي. وكان يخطب بالعربية. والثاني: مستحب ولا يشترط لأن المقصود الوعظ وهو حاصل بكل اللغات.ا. هـ.
وذهب الأحناف إلى عدم اشتراط الخطبة بالعربية، وبمذهبهم قال مجمع الفقه الإسلامي حيث قالوا: إن الرأي الأعدل الذي نختاره هو أن اللغة في أداء خطبة الجمعة والعيدين في غير البلاد الناطقة بالعربية ليست شرطا لصحتها، ولكن الأحسن أداء مقدمات الخطبة وما تتضمنه من آيات قرآنية باللغة العربية لتعويد غير العرب على سماع العربية والقرآن؛ مما يسهل عليهم تعلمها وقراءة القرآن باللغة التي أنزل بها، ثم يتابع الخطيب ما يعظهم وينورهم به بلغتهم التي يفهمونها.ا. هـ.
فعلى قول جمهور الفقهاء لا يصح أن تلقى الخطبة أو بعضها بغير العربية؛ لكن يجوز ترجمتها ولو من غير الخطيب، والأولى أن تكون الترجمة بعد الصلاة خروجا من خلاف العلماء في اشتراط الموالاة بين الخطبة والصلاة، هذا مذهب الجمهور وهو الأولى. أما على قول أبي حنيفة فيصح أن يخطب بغير العربية فيخطب الخطيب الخطبتين بغير العربية ثم يصلون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1426(11/11899)
اعتلاء المرأة المنبر لخطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما موقف الشرع من قيام امرأة بخطبة الناس وإمامتهم في صلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تمت الإجابة على هذا السؤال سابقا، فراجعه في الفتوى رقم: 60328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(11/11900)
الجلوس في الصف الأول والاستماع للخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في صلاة الجمعة أحضر باكرا للمسجد والحمد لله وتكون الصفوف الأولى غير ممتلئة لكني لا أجلس فيها بل أجلس في صف متأخر وذلك لأن منبر المسجد مرتفع جدا وإذا جلست بالصفوف الأولى لا يمكن أن أرى الإمام وبالتالي تصبح الخطبة بالنسبة لي مجرد سمع دون نظر وبالتالي أخاف على نفسي من السرحان أو عدم الانتباه إذا لم انظر مباشرة للخطيب والمشكلة ني أحب أن أجلس بالصفوف الأولى وأحب أن أنال أجرها لكن كما أسلفت أحب أن أنظر إلى الإمام لكي أنصت فهل ينالني أجر الصف الأول حسب النية في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنك تجلس في الصف الأول وتستمع للخطبة وتكون بذلك قد حزت أجر الصف الأول وأجر الإنصات والاستفادة من الخطبة، وننصحك بعدم الالتفات إلى مجرد التوهم بأنك قد لا تنتبه للخطبة، فقد يكون مجرد وهم من الشيطان ليحرمك أجر التقدم إلى الصف الأول، ولكن لو ثبت فعلا أنك لا تستفيد من الخطبة إذا جلست في الصف الأول فلا حرج عليك أن تجلس في صف متأخر وتستفيد من الخطبة، ونرجو الله تعالى أن يكتب لك أجر الصف الأول إذا جئت مبكرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1426(11/11901)
الكلام والإشارة قبل وبعد وأثناء الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الجمعة إذا أشرت لمن خلفي أن يأتي ويكمل الصف بجانبي أو قلت لمن بجانبي أن يلصق بي قليلا حتى يسد الفرجة هل هذا يعتبر من اللغو بصلاة الجمعة حيث الحديث: من مس الحصى فقد لغا. وماذا يتوجب عليه فعله في مثل هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل يعني الإشارة والكلام أثناء الصلاة فالصحيح أنه لا بأس بالإشارة أثناء الصلاة، قال ابن قدامة في المغني: ولا بأس بالإشارة في الصلاة باليد والعين؛ لأن معمرا روى عن الزهري عن أنس عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة، وقال في المدونة: وقد كان مالك لا يرى بأسا أن يرد الرجل إلى الرجل جوابا بالإشارة. انتهى - يعني أثناء الصلاة، ويشترط أن تكون الإشارة خفيفة أي غير كثيرة، وأن تكون قد دعت إليها الحاجة.
وأما الكلام في الصلاة فإنه مبطل لها وهو في هذه المسألة مبطل حتى عند القائلين بجواز الكلام لإصلاحها؛ لأن تسوية الصفوف وسد الفرج لا يبيحان الكلام أثناء الصلاة، ولمعرفة حكم الكلام في الصلاة راجع الفتوى رقم: 49385.
وإن كان يعني قبل الدخول في الصلاة، فلا يخلو الأمر من أن تكون الإشارة أو الكلام قبل الخطبة أو أثناءها أو بعدها قبل الدخول في الصلاة -فإن كانا قبلها أو بعدها أي بعد انتهائها لغاية الإحرام في الصلاة، فلا بأس بالكلام ومن باب أولى فلا بأس بالإشارة. قال النووي في المجموع: ولا بأس بالكلام بعد خروج الإمام وجلوسه على المنبر ما لم يشرع في الخطبة، وبهذا قال جمهور العلماء.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا يكره الكلام قبل شروعه في الخطبة وبعد فراغه منها، وبهذا قال مالك والشافعي.. . انتهى بتصرف قليل.
وأما الكلام أثناء الخطبة فإنه لا يجوز لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه، قال في المغني: وإذا سمع الإنسان متكلما لم ينهه بالكلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت. ولكن يشير إليه، نص عليه أحمد، فيضع أصبعه على فيه. انتهى.
وأما الإشارة أثناء الخطبة فلا بأس بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1426(11/11902)
حكم جمع التبرعات بين الخطبتين وبعدهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الفصل بين الخطبتين في الجمعة والركعتين قبل الإقامة من أجل جمع تبرعات لبناء مسجد؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بالفصل بين خطبتي الجمعة أو بينهما وبين الصلاة هو وعظ الخطيب للناس وحثهم على التبرع لمشروع خيري كبناء مسجد ونحو ذلك فهذا لا يضر، أما إذا كان المقصود بالفصل هو سكوت الخطيب وقيام بعض المصلين بجمع التبرعات فهذا يضر إذا طال الفصل في عرف الناس بأن عدوا هذا الفاصل طويلاً.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: والموالاة شرط في صحة الخطبة، فإن فصل بعضها من بعض بكلام طويل، أو سكوت طويل، أو شيء غير ذلك يقطع الموالاة استأنفها، والمرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة، وكذلك يشترط الموالاة بين الخطبة والصلاة، وإن احتاج إلى الطهارة تطهر، وبنى على خطبته، ما لم يطل الفصل. اهـ
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: والسابع -أي من شروط صحة الخطبة- الموالاة بين أركانها وبين الخطبتين وبينهما وبين الصلاة للاتباع. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1426(11/11903)
قراءة القرآن قبل الأذان الأول يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو تاريخ ظهور قراءة القرآن يوم الجمعة في المسجد بصوت عال جدا قبل الأذان الأول وما حكمها مع ذكر الأدلة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أو القرآن الكريم أو كلام للعلماء الأوائل إذا كانت موجودة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في قراءة القرآن والذكر قبل الأذان في صلاة الفجر والجمعة وغيرهما، فذهب بعضهم إلى استحبابه، وذهب بعضهم إلى أنه محدث، ويترتب عليه مفاسد كالتشويش على من يصلي أو يقرأ في المسجد أو إيذاء مريض ونحوه من جيران المسجد، ولذلك ينبغي للحاكم منع من يقوم به وتأديبه إن أصر عليه، وقد بينا رأينا في هذه المسألة في فتاوى سابقة فلتراجع الفتويين: 49188، 16072.
أما تاريخ ظهور القراءة يوم الجمعة في المسجد بصوت عال فلم نطلع على من ذكره، ولكننا وجدنا من ذكر تاريخ إحداث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الصلوات بعد الأذان أو قبله.
جاء في مواهب الجليل عازيا للسخاوي في القول البديع: وكان ابتداء حدوثه يعني الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه الذي قدمنا في أيام الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وبأمره.. وقد ولد الملك الناصر سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، كما في سير أعلام النبلاء، ولا ندري في أي وقت بالتحديد من أيامه حدث ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1426(11/11904)
رفع اليدين عند الدعاء في خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي في الله سؤالي: هل يجوز رفع اليدين بين خطبتي الجمعة وعند إكمالها وبعد إتمام الصلاة مباشرة وما هي سنن صلاة الجمعة؟ وجزاكم الله عنا ألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على كراهة رفع الإمام يديه للدعاء في الخطبة. قال البهوتي في "كشاف القناع": ويكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة، قال المجد: هو بدعة وفاقا للمالكية والشافعية وغيرها. ولا بأس أن يشير بأصبعه فيه، أي دعائه في الخطبة، لما روى أحمد ومسلم أن عمارة بن رويبة رأى بشر بن مروان رفع يديه في الخطبة فقال: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما يزيد أن يقول بيده هكذا وأشار بأصبعه المسبحة. اهـ.
وأما المأموم فلم يرد فيه نص، ولذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن حكمه باق على الأصل وهو استحباب رفع اليدين له، وذهب آخرون إلى إلحاقه بالإمام، وراجع الفتوى رقم: 4095.
ويجوز الدعاء ورفع اليدين فيه بعد السلام من الصلاة، كما في الفتوى رقم: 5340.
وأما سنن صلاة الجمعة فإن كنت تقصد رواتبها فقد بيناها في الفتوى رقم: 11006 وإن كنت تقصد بسننها ما يسن فعله فيها فهي نفس ما يفعل في بقية الصلوات وقد بيناها في الفتوى رقم: 50998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(11/11905)
هديه صلى الله عليه وسلم في الأمر والنهي أثناء الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[اللغو في صلاة الجمعة يبطل الجمعة لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام, فما حكم الإمام الذي يعتلي المنبر وأثناء خطبته يقول للمصلين مثلا وحدوا الله أوصلوا على النبي عليه الصلاة والسلام فهل على الحاضرين أن يمتثلوا لهذا أم يعتبر من اللغو الذي نهى عنه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللغو أثناء خطبة الجمعة لا يبطل الجمعة بل يكون سببا لنقصان ثوابها كما في الفتوى رقم: 56549. وقد سبق في الفتوى رقم: 13011. حكم امتثال أمر الإمام عندما يأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الخطبة. كما تقدم في الفتوى رقم: 15842. الحكم في حال أمر الإمام أيضا بتوحيد الله تعالى، وقد ثبت من هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يأمر ولا ينهى أثناء الخطبة إلا عند وجود سبب يقتضي ذلك. ففي زاد المعاد للإمام ابن القيم متحدثا عن هديه صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة: وكان يعلم أصحابه في خطبته قواعد الإسلام وشرائعه، ويأمرهم وينهاهم في خطبته إذا عرض له أمر أو نهي كما أمر الداخل وهو يخطب أن يصلي ركعتين، ونهى المتخطي رقاب الناس عن ذلك وأمره بالجلوس. انتهى.
وعليه.. فالأولى في حق خطيب الجمعة ترك الأمر بمثل ما ذكرت لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الحكم في امتثال أمر الإمام إذا أمر بذلك محل خلاف بين العلماء كما سبق في الفتاوى المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(11/11906)
نسيان الخطبة الثانية هل تبطل به الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في خطبة الجمعة نسى الإمام الخطبة الثانية ونزل من على المنبر وأقيمت الصلاة. فما الذي ترتب على ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في اشتراط الخطبتين للجمعة، قال ابن قدامة في المغني: يشترط للجمعة خطبتان، وهذا من مذهب الشافعي، وقال مالك والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي: تجزيه خطبة واحدة، وقد روي عن أحمد ما يدل عليه فإنه قال: لا تكون الخطبة إلا كما خطب النبي أو خطبة تامة. ووجه الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين كما روينا من حديث ابن عمر وجابر بن سمرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي، ولأن الخطبتين أقيمتا مقام الركعتين فكل خطبة مكان ركعة فالإخلال بإحداهما كالإخلال بإحدى الركعتين. اهـ. وقد ألمح ابن دقيق العيد في (إحكام الأحكام) إلى تضعيف هذا الاستدلال. قال ابن دقيق العيد: الخطبتان واجبتان عند الجمهور فإن استدل بفعل الرسول لهما مع قوله وصلوا كما رأيتموني أصلي. ففي ذلك نظر يتوقف على أن يكون إقامة الخطبتين داخلا تحت كيفة الصلاة، فإنه إن لم يكن كان استدلالا بمجرد الفعل. اهـ. وعلى القول بعدم إيجاب الخطبة الثانية للجمعة فلا شيء على من تركها ناسياً، قال في حاشية العدوي: (اثنتين على المشهور) مقابلة قول مالك في الواضحة، قال: من السنة أن يخطب خطبتين، فإن نسي الثانية أو تركها أجزأهم قاله الشيخ بهرام. اهـ. وقال الباجي في المنتقى شرح الموطأ: لا خلاف أن من سنة الخطبة أن تفصل على خطبتين، فإن ترك الإمام الثانية لانحصار أو نسيان أو حدث وصلى غيره أجز أهم، وكذلك لو لم يتم الأولى وأتى منها بما له بال، ورواه مطرف عن مالك. وروى ابن حبيب عن ابن القاسم: إن لم يخطب من الثانية ماله بال لم تجزه وأعاد. اهـ. والذين يقولون باشتراط الخطبتين لا تصح الجمعة عندهم إلا بعد الإتيان بالخطبتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(11/11907)
سماع الخطبة ليس شرطا في صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرت الجمعة ولم أسمع منها إلا في آخرها لعطب فني في البوق هل صلاتي صحيحة، هل التدخين ينقض الوضوء، أود أن أحضر معكم دروسا مباشرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حضور خطبة الجمعة والإنصات لها واجبان، وقد تقدم الحديث عن ذلك في الفتوى رقم: 24839 فراجعها.
ولكن المصلي إذا لم يجد مكاناً يمكنه من الاستماع إلى الخطبة لزحمة أو لانقطاع مكبر الصوت ونحو ذلك، فلا حرج عليه في عدم سماعها، قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} .
وروى الشيخان والنسائي وابن ماجه وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم.
وسماع الخطبة ليس شرطاً لصحة الصلاة، ولذلك تدرك الجمعة بإدراك ركعة منها، لما رواه النسائي وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أدرك من صلاة الجمعة ركعة، فقد أدرك الصلاة.
وأما التدخين فلا ينقض الوضوء، ولا يعلم في ذلك خلاف، وقد ذكرنا في فتوى برقم: 1795 نواقض الوضوء المتفق عليها والمختلف فيها، فلتراجع.
وأما سماع دروس مباشرة عبر الشبكة الإسلامية، فيمكنك ذلك في الموسم الثقافي، وتجد عنه إعلاناً في حينه في الصفحة الرئيسية، ويمكنك سماع بعض المحاضرات والدروس عبر قسم التسجيلات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(11/11908)
حكم إمامة غير الخطيب في صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[صعد الخطيب إلى المنبر يوم الجمعة للخطبة وبعد أن انتهى منها قام أحد المصلين بالإمامة بالناس بدلا منه هل هذايجوز أم لا، ولو جاز ما أدلته من القرآن والسنة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخطب بالناس ويصلي بهم وكذلك فعل الخلفاء الراشدون من بعده، وذهب جمهور العلماء إلى استحباب أن يتولى الصلاة من يتولى الخطبة وليس ذلك بواجب وذهب المالكية إلى أنه لا يجوز أن يتولى الصلاة غير الخطيب إلا لعذر.
قال في الموسوعة الفقهية: يستحب أن لا يؤم القوم إلا من خطب فيهم لأن الصلاة والخطبة كشيء واحد ... قال في البدائع: ولو أحدث الإمام بعد الخطبة قبل الشروع في الصلاة فقم رجلا يصلي بالناس إن كان ممن شهد الخطبة أو شيئاً منها جاز، وإن لم يشهد شيئاً منها لم يجز ويصلي بهم الظهر وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء. وخالف في ذلك المالكية فذهبوا إلى وجوب كون الخطيب والإمام واحداً إلا لعذر كمرض، وكأن لا يقدر الإمام على الخطبة أولا يحسنها. انتهى.
وعليه فلا حرج من تقديم أحد المصلين للإمامة عند الجمهور ما دام شهد الخطبة مع الإمام، وهو الراجح إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(11/11909)
الوقت الذي قدمت فيه خطبة الجمعة على الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[متى تم تغيير خطبة الجمعة من بعد الصلاة إلى قبل الصلاة؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين، حتى كان يوم جمعة والنبي صلى الله عليه وسلم خطب وقد صلى الجمعة فدخل رجل فقال: إن دحية بن خليفة قدم بتجارة، وكان دحية إذا قدم تلقاه أهله بالدفاف، فخرج الناس فلم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الخطبة شيء، فأنزل الله عز وجل: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا. فقدم النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة وأخر الصلاة. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1425(11/11910)
مشروعية الدعاء في الخطبة الثانية يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كان رسول لله صلى لله عليه وسلم يداوم على الدعاء في خطبة الجمعة وخاصة تخصيص النصف الثاني من الخطبة بالدعاء؟ قام بنا الإمام في صلاة التراويح فذكر قبل التكبير أن هناك موضعا في سورة الأنعام يستجاب فيه الدعاء فلما وصل إلى قوله سبحانه وتعالى الآية 123 تلا \"وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله ... \" فسكت ودعا سرا ودعا من خلفه من المأمومين ثم واصل تلاوة الآية إلى أخر السورة. أفتونا جزاكم الله كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء في الخطبة الثانية بالمغفرة وغيرها للمسلمين والمسلمات مشروع، فعن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات كل جمعة. رواه البزار بإسناد لين كما قال الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" ورواه الطبراني في الكبير، إلا أنه بزيادة: والمسلمين والمسلمات. قال الصنعاني في سبل السلام: فيه دليل على مشروعية ذلك للخطيب، لأنها موضع الدعاء، وقد ذهب إلى وجوب دعاء الخطيب لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات أبو طالب والإمام يحيى وكأنهم يقولون إن مواظبته صلى الله عليه وسلم دليل الوجوب كما يفيده: كان يستغفر، وقال غيرهم: يندب ولا يجب لعدم الدليل على الوجوب. قال الشارح: والأول أظهر.
وقال ابن عابدين في حاشيته: والثانية أي الخطبة الثانية كالأولى، إلا أنه يدعو للمسلمين في مكان الوعظ.
وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: وكذا يندب فيها –الخطبة- الترضي على الصحابة والدعاء لجميع المسلمين.
وقال الخطيب الشربيني رحمه الله في "مغني المحتاج".
والخامس أي من أركان خطبة الجمعة: ما يقع عليه اسم دعاء للمؤمنين بأخروي لنقل الخلف له عن السلف، ويكون في الخطبة الثانية، لأن الدعاء يليق بالخواتم.
وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى في "المغني": وإن دعا لسلطان المسلمين بالصلاح فحسن، وقد روى ضبة بن محصن أن أبا موسى كان إذا خطب فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لعمر وأبي بكر، وأنكر عليه ضبة البداية بعمر قبل الدعاء لأبي بكر، ورفع ذلك إلى عمر، فقال لضبة: أنت أوثق منه وأرشد.
وأما كون الدعاء مستجابا في الموطن الذي دعا فيه الإمام فلم نقف لذلك على مستند من كتاب أو سنة، فينبغي لكم أن تسألوا إمامكم عن مستنده فيما فعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1425(11/11911)
حكمر إقامة درس فبل صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في درس الجمعة وما هي الفتوى المعاصرة في درس الجمعة من كان سلفيا على المنبر وهل للشيخ حسان العباد قول في هذا أفتونا؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم الدرس الذي يكون قبل صلاة الجمعة فيه تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 42620 فراجعها، ولم نقف على فتوى للشيخ الذي سميته في سؤالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1425(11/11912)
حكم سباحة المرأة واستماعها لخطبة الجمعة في آن واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسألكم عن حال امرأة تستمع إلى خطبة الجمعة وتسبح في نفس الوقت فهل هذا جائز؟ وهل الآية \"ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه\" تخص الرجال فقط خاصة أني علمت من إحدى أصديقائي أن البحوث العلمية توصلت إلى أن المرأة تستطيع أن تقوم بعملين في نفس الوقت. الرجاء التوضيح وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإنصات لخطبة الجمعة واجب، ويحرم الانشغال عنها ولو بمستحب كالذكر والتسبيح على الراجح من أقوال أهل العلم رحمهم الله، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة كما صرح به العدوي في حاشيته على كفاية الطالب الرباني لرسالة ابن أبي زيد القيرواني وهذه نبذة من كلام أهل العلم في المسألة، قال الحصكفي رحمه الله في الدر المختار: فيحرم أكل وشرب وكلام ولو تسبيحا أو رد سلام أو أمرا بمعروف بل يجب عليه أن يستمع ويسكت. وقال الدردير في الشرح الصغير: (و) جاز (ذكر) كتسبيح وتهليل (قل سرا) حال الخطبة ومنع الكثير جهرا لأنه يؤدي إلى ترك واجب وهو الاستماع، والظاهر أن الجهر باليسير مكروه. وقوله جل وعلا: مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِه {الأحزاب: 4} شامل للرجل والمرأة، وعليه فلا تستطيع المرأة أن تقرأ أو تسبح وتعي ما يقوله غيرها في نفس الوقت وهذا واقع مشاهد، وهو أكبر شاهد على أن الآية عامة في الرجال والنساء، وأما ما حكاه لك صاحبك فالذي يظهر أنه ليس في خصوص هذه المسألة فيحتاج إلى تثبت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1425(11/11913)
حكم الاقتصار على قراءة الفاتحة في خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عربي مقيم في الصين إمام المسجد الصيني في خطبة الجمعة لا يقول أي شيء سوى الفاتحة، ما هو الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الخطيب المذكور لم يزد على ما ذكرت في الخطبة لم تصح لأن مذهب أكثر الفقهاء أنه يشترط لصحة خطبة الجمعة أن تكون خطبتين منفصلتين قبل الصلاة، مشتملتين على حمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر بتقوى الله تعالى، وقد سبق وأن أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 39205.
وإن كنت تعني أنه لم يخطب باللغة العربية وإنما قرأ بها الفاتحة فقط أثناء الخطبة بلغته، فإن كان عاجزاً عن العربية فإن الراجح عند أكثر العلماء أنها تجزئه وتصح مع العجز، وهذا ما قرره مجمع الفقه الإسلامي، وإليك نص قراره: إن الرأي الأعدل الذي نختاره هو أن اللغة العربية في أداء خطبة الجمعة والعيدين في غير البلاد الناطقة باللغة العربية ليست شرطاً لصحتها ولكن الأحسن أداء مقدمات الخطبة وما تضمنته من آيات قرآنية باللغة العربية لتعويد غير العرب على سماع العربية والقرآن مما يسهل عليهم تعلمها وقراءة القرآن باللغة التي أنزل بها ثم يتابع الخطيب ما يعظهم وينورهم به بلغتهم التي يفهمونها. انتهى، وعليك أن تنصح الإمام المذكور وتخبره بأنه لا بد من الخطبتين ولو بلغته عند العجز عن العربية كما بينا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1425(11/11914)
حكم إكمال الخطيب حديثه بعد صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يخطب أو يستكمل الإمام موضوع الخطبة بعد صلاة الجمعة مع ذكر الدليل. ... ... ... ... وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود كون الإمام بعد نهاية الصلاة يقوم بتكميل موضوع تناوله في خطبته بحيث يترتب على ذلك تفقيه المصلين في أمور دينهم، فلا مانع من ذلك بل هو مطلوب لأنه داخل في عموم النصوص الشرعية التي تحث على تبليغ دين الله تعالى ومن هذه النصوص:
قوله صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية. رواه البخاري
وقوله صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة: " وليبلغ الشاهد الغائب. متفق عليه
وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 6664.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1425(11/11915)
هديه صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر
[السُّؤَالُ]
ـ[في الخطبة أو الكتابة، هل يسن لنا أن نبدأ ببسم الله أولاً ثم السلام، أو السلام أولاً ثم بسم الله، أرجو الإجابة من فضيلتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد بالخطبة خطبة الجمعة فالثابت من هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه فقال: السلام عليكم.
ففي المصنف لابن أبي شيبة عن الشعبي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه فقال السلام عليكم ويحمد الله ويثني عليه ويقرأ سورة ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب ثم ينزل وكان أبو بكر وعمر يفعلانه. ومثله أيضاً في مصنف عبد الرزاق وسنن البيهقي.
والكتابة وغيرها من كل أمرمهم يستحب أن يبدأ فيه بالبسملة، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يجعلها في صدور رسائله المبعوثة إلى الملوك وغيرهم، وراجع الفتوى رقم: 39924.
وفي تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي: قال النووي: فيه استحباب التسمية في ابتداء الطعام والشراب وهذا مجمع عليه، وكذا يستحب حمدا لله تعالى في آخره، كما سبق في موضعه، وكذا تستحب في أول الشراب؛ بل في أول كل أمر ذي بال. انتهى.
وقال الدردير المالكي: والابتداء بها مندوب كالحمد له والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(11/11916)
الحد الذي به تدرك الجمعة عند الشافعية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت بجانب أحد الإخوة في صلاة الجمعة ودخل معنا في الركعة الثانية قبل الركوع وبعد التسليم قام وصلى ثلاث ركعات أخرى، أي صلى أربع ركعات، فسألت الأخ لماذا صلى أربعة فقال إنه أكمل الظهر فقلت، لكن أدركت الركعة الثانية فعليك ركعة واحدة، فقال حسب الإمام الشافعي أنني لم أحضر الخطبة وبما أن الخطبة تقوم مقام ركعتين فلذلك صليت الظهر، فما صحة قوله إنني لم أسمع بهذا، ولكن سمعت أن الخطبة تقوم مقام ركعتين ولكن لم أسمع ما عمله هو، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علاقة بين مسألة (بم تدرك الجمعة) ومسألة (لم كانت الجمعة ركعتين) .
أما المسألة الأولى وهي بم تدرك الجمعة فقد نص الشافعي في الأم على أنها تدرك بركعة، فقال رحمه الله تعالى: ومن أدرك ركعة من الجمعة بنى عليها ركعة أخرى، وأجزأته الجمعة.
وعلى ذلك أصحابه من بعده قال الإمام النووي رحمه الله في المنهاج: من أدرك ركوع الثانية أدرك الجمعة فيصلي بعد سلام الإمام ركعة.
وأما المسألة الثانية وهي لم كانت الجمعة ركعتين وهي قائمة مقام صلاة الظهر وهي أربع ركعات فقد نص أئمة الشافعية على أن الخطبة قائمة مقام ركعتين قال الخطيب الشربيني رحمه الله في مغني المحتاج: الخطبة وإن كانت فرض كفاية ألحقت بفرض العين، إذ قيل إنها قائمة مقام ركعتين.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1425(11/11917)
حكم تولي المرأة خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قول الشرع إذا قامت المرأة بخطبة يوم الجمعة على المنبر؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمعة ليست فرضا على المرأة، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، وكلما كانت المرأة أشد تسترا وأخفى عن أما كن الريبة كان ذلك أفضل لها. فقد أخرج الإمام أحمد والطبراني من حديث أم حميد الساعدية أنها جاءت إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت:" يا رسول الله أنى أحب الصلاة معك. قال "علمت، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في داراك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجد الجماعة " وأخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:" خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ".
فهل يتصور عاقل مع كل هذا، ومع ما أكد على المرأة من التستر وعدم إبراز أى شىء من محاسنها أمام الرجال أن يسمح لها بصعود المنبر والخطبة يوم الجمعة أمام الجمهور. لا يجوز ذلك بحال من الأحوال وهو منكر من المناكر. ولو افترضنا أن المصليات نساء كلهن ولا يوجد معهن أى رجل لما ساغ هذا الفعل أيضاً لأنه بدعة في الدين، ولأنه من أكبر دواعي الفتنة، ولأن الاقتداء في الجمعة بمن لا تجب عليه يجعلها باطلة، إلى غير ذلك مما يدل على أن الموضوع منكر ولا يجوز.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(11/11918)
الدعاء للمؤمنين والمؤمنات سنة في خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الإمام عندنا يترك الدعاء في آخر الخطبة في يوم الجمعة ولا يدعو ويجعل الدعاء في الصلاة بعد الرفع من الركوع في الركعة الثانية فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء للمؤمنين والمؤمنات في خطبة الجمعة سنة عند جماهير الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة وقول عند الشافعية، ومعتمد مذهب الشافعية أن الدعاء للمؤمنين في الخطبة ركن من أركانها لا تصح الخطبة إلا به.
وأما تخصيص الجمعة بالقنوت في النوازل أو في غير النوازل فغير مشروع، قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم: حكى عدد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة، فما علمت أحداً منهم حكى أنه قنت فيها، إلا أن تكون دخلت في جملة قنوته في الصلوات كلهن حين قنت على قتلة أهل بئر معونة، ولا قنوت في شيء من الصلوات إلا الصبح إلا أن تنزل نازلة فيقنت في الصلوات كلهن إن شاء الإمام. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 46028.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/11919)
لا يجوز جعل صلاة الجمعة أكثر من ركعتين أو أقل
[السُّؤَالُ]
ـ[شاهدت في إحدى القنوات الفضائية صلاة الجمعة أربع ركعات جهرية، سؤالي: من هم هؤلاء، فهل هذا يجوز في الإسلام، وما هو حكم الإسلام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجمعة ركعتان يجهر الإمام فيهما بالقراءة ويجب أن تتقدمهما خطبتان، ولا نعلم أحداً من المسلمين يرى أن الجمعة أربع ركعات، ولا يجوز جعل صلاة الجمعة أكثر من ركعتين أو أقل، ومن فعل ذلك متعمداً فصلاته باطلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(11/11920)
يقنت في صلاة الجمعة دون الدعاء في الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيب الجمعة يترك الدعاء في آخر الخطبة على المنبر ويجعل الدعاء في صلاة الفرض (فرض الجمعة) في الركعة الثانية بعد الرفع من الركوع، فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء في خطبة الجمعة سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الفتوى رقم: 3624.
أما الدعاء بعد الرفع من الركوع في الركعة الثانية، فإن كان دعاء قنوت النوازل، فهو مشروع مع وجود سببه، كوقوع كارثة بالمسلمين من قتل أو قحط أو نحو ذلك.
وللتفصيل في هذا الموضوع أيضا راجع الفتوى رقم: 3038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(11/11921)
خطبة الجمعة تجزئ من ورقة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز إلقاء خطبة الجمعة وقراءتها من ورقة، وما هو الدليل؟ وفقكم الله لما يحب ويرضى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في خطبة الجمعة أن تؤدى ارتجالاً، ولكن إذا حصلت بشروطها من حمد لله تعالى والثناء عليه إضافة إلى اشتمالها على وعظ، فإنها تكون مجزئة ولو كانت مكتوبة في صحيفة، ولم نر من أهل العلم من اشترط كونها لا تجزئ إلا ارتجالاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(11/11922)
التدريس قبل أذان الجمعة جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرح صلاة الجمعة قبل الأذان؟
هنا في بلجيكا أكثر الناس برابرة، كبير رابطة العلماء في المغرب الشمالي طنجة يقول لا
تجوز خطبتان في الجمعة لقد أهان الإمام أمام الناس رغم أنه صلى معنا جمعتين اثنين بنفسه؟ نتساءل لماذا
لم يمنعه في المرة الأولى والثانية؟
وجزاكم الله علينا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التدريس قبل أذان الجمعة جائز سواء ترجمت فيه الخطبة أو قدم فيه تدريس أمر آخر، ويدل لذلك ما رواه عاصم بن محمد عن أبيه قال: رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يخرج يوم الجمعة فيقبض على رمانتي المنبر قائماً ويقول: حدثنا أبو القاسم رسول الله الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فلا يزال يحدث حتى إذا سمع فتح باب المقصورة لخروج الإمام للصلاة جلس. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
فهذا التعليم قبل الصلاة عمله أبو هريرة في عصر السلف الأول ولم ينكر عليه، فدل على أنه لا حرج فيه، ومحل هذا إذا كان الدرس أو الترجمة موحدين والناس جالسون في صفوفهم مستعدون للجمعة، أما إذا كانت هناك عدة حلقات للترجمة أو التدريس، فالظاهر كراهتها قبل الجمعة، لما في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحلق يوم الجمعة قبل الصلاة، وقد علل الشوكاني النهي بأن التحليق يؤدي لتقطيع الصفوف.
هذا وليعلم أن التناصح بين المسلمين مطلوب، ولكن ينبغي عليهم احترام بعضهم بعضاً وأن يكون بالحكمة، ولذا فإن الأولى أن ينصح كبير الرابطة الإمام على انفراد، ويتناقشان في الموضوع بهدوء حتى يتبين الحق والصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/11923)
بين الصلاة والخطبة فروق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر خطبة الجمعة بدل الركعتين للظهر؟
وما يكون الحكم إذا قلنا؟
وما هي الآراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح أن الخطبة ليست بدلا عن ركعتي الظهر، يدل على ذلك ما أخرجه مسلم وابن خزيمة في صحيحيهما عن جابر بن عبد الله قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس، فقال له: يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما، ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب، فليركع كعتين وليتجوز فيهما. فلو كانت الخطبتان بدلا عن الركعتين، لأغنت من دخل عن التحية.
وقد تكلم عن هذه المسألة الإمام العراقي في "طرح التثريب" وأطال وذكر الحجج، فليراجع.
ومما قاله رحمه الله: والخطبة صلاة مردود من أوجه:
(أحدها) أنه إذا دخل والإمام في الصلاة أجزأه ذلك عن التحية، لأن المقصود شغل البقعة بالصلاة وقد حصل، صرح به أصحابنا.
(الثاني) ما بين الصلاة والخطبة من الفرق، وقد فرق بينهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. وأمر الداخل والإمام يخطب، بصلاة التحية، فلا يجمع بين ما فرق بينهما صاحب الشرع، وليست الخطبة بصلاة حقيقة إجماعا، ونهاية ما قيل إن الخطبتين بدل عن الركعتين على قول.
(والثالث) أنه لا يحرم فيها ما يحرم في الصلاة من الكلام والعمل كما زعم، فإنه يجوز أن يتكلم الخطيب في أثنائها بأمر أجنبي عنها وينزل عن المنبر ويمشي، ويشرب ويأكل اليسير الذي لا يحصل به التفريق، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي رفاعة قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقال يا رسول الله: رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، فأقبل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك الخطبة حتى انتهى، فأتي بكرسي خلت قوائمه حديدا، فقعد عليه وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها.
فإن قال: فلعل ما علمه للأعرابي مما يصلح أن يؤتى به من الخطبة، قلنا: نعم يجوز، لكن لا تجوز المخاطبة بالتعليم في الصلاة، ولا النزول والمشي والصعود على كرسي آخر مع توالي ذلك، فهو فعل كثير، وجوز كثير من العلماء الخطبة محدثا، ولا كذلك الصلاة إجماعا، بل جوز أحمد أن يخطب جنبا ثم يغتسل ويصلي بهم، والصلاة يشترط فيها استقبال القبلة، والخطبة يشترط فيها استدبارها، فكيف يستويان؟!
وذهب الحنابلة في الصحيح عندهم إلى أن الخطبتين بدل عن الركعتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(11/11924)
عدد ركعتات صلاة الجمعة وسنتها القبلية والبعدية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أتمنى من حضرتكم أن تشرحوا لي صلاة الجمعة ونيتها وما هي الركعتان اللتان قبلها؟ والركعتان اللتان بعدها وما الواجب قراءته من السور في هذه الركعات وكذلك النية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجمعة ركعتان يجهر الإمام فيهما بالقراءة، ويجب أن يتقدمهما خطبتان، كما يجب أن تؤدى جماعة وأن يتوفر فيها الشروط الشرعية التي بيناها في الفتوى رقم: 7637.
وقد بينا ما يسن لها من صلاة في الفتوى رقم: 11006.
كما بينا السنة في قراءة صلاة الجمعة في الفتوى رقم: 27368.
والنية في صلاة الجمعة كالنية في سائر الصلوات، فعلى المصلي أن ينوي بقلبه ما عزم على فعله من الصلاة سواء كان إماماً أو مأموماً، وراجع الفتوى رقم: 29236.
وتشترط نية الإمامة على الإمام، ونية الائتمام على المأموم لأن كلاً من الإمامة والائتمام عمل يفتقر إلى نية، فهو داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرىء ما نوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1424(11/11925)
حكم ترجمة الخطبة قبل صعود الإمام على المنبر
[السُّؤَالُ]
ـ[01 _ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل نستطيع أن نترجم خطبة الجمعة قبل صعود الإمام إلى المنبر؟ لأن هناك من يقول إن الدروس قبل الجمعة بدعة، والكثير ممن يحضر الجمعة لا يفهم العربية، فبم تنصحوننا؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو داود والترمذي وغيرهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة.
قال صاحب عون المعبود: قال الخطابي إنما كره الاجتماع قبل الصلاة للعلم والمذاكرة، وأمر أن يشتغل بالصلاة وينصت للخطبة والذكر، فإذا فرغ منها كان الاجتماع والتحلق.
ولعل المانعين من ترجمة الخطبة قبل صعود الإمام المنبر استندوا إلى هذا الحديث.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن النهي عن التحلق قبل الصلاة فيما إذا عم المسجد وغلبه، فيكون حينئذ مكروها، وفي غير ذلك لا بأس، وهذا عزاه صاحب عون المعبود إلى الطحاوي، والخلاصة أن التحلق قبل صلاة الجمعة منهي عنه، لما فيه من قطع الصفوف، كما نبه إلى هذه العلة كثير من أهل العلم، ولما فيه من الاشتغال عن الصلاة والخطبة، وربما شوش على الآخرين في المسجد الذين يريدون الاشتغال بالصلاة والذكر.
وعليه، فينبغي للسائل ومن معه أن يؤخروا ترجمة الخطبة إلى أن تنقضي الصلاة، كما قال الخطابي رحمه الله: فإذا فرغ منها كان الاجتماع والتحلق. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1424(11/11926)
حكم الكلام أثناءالخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كلام الخطيب يبطل الصلاة فى غير الخطبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كلام الخطيب في غير الخطبة لا يبطل الصلاة، سواء تكلم قبل الخطبة أم تكلم بعدها، وكذلك لا حرج على المأموم في الكلام قبل الخطبة أو بعدها، لأن الإنصات إنما يطلب أثناء الخطبة، لما في حديث الصحيحين: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت.
وقد بوب البخاري عليه باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، وقد قال ابن حجر في الفتح عند شرح الحديث السابق: والإمام يخطب جملة حالية، يخرج ما قبل الخطبة وما بعدها.
وعلى كل حال، فالكلام أثناء الخطبة لا يؤثر على صحة الصلاة وإن كان غير مشروع، قال في فتح الباري: ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: ومن تكلم فلا جمعة له. معناه لا جمعة له كاملة، للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(11/11927)
حكم قراءة القرآن أثناء الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تلاوة القرآن أثناء خطبة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل أن ينشغل المرء بسماع الخطبة، ولا ينصرف عنها لقراءة القرآن أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 13011، والفتوى رقم: 15842.
أما إذا كان المأموم بعيداً عن الإمام بحيث لا يسمع شيئاً من كلامه أو لا يفهم منه شيئاً، ففي هذه الحالة يجوز له الانشغال بطاعة من الطاعات كقراءة قرآن أو ذكر ونحو ذلك، قال الكاساني في بدائع الصنائع -وهو حنفي-: الاستماع والإنصات إنما وجب عند القرب ليشتركوا في ثمرات الخطبة بالتأمل والتفكر فيها، وهذا لا يتحقق من البعيد عن الإمام، فليحرز لنفسه ثواب قراءة القرآن ودراسة كتب العلم، ولأن الإنصات لم يكن مقصوداً، بل ليتوصل به إلى الاستماع، فإذا سقط عنه فرض الاستماع، سقط عنه الإنصات. والله أعلم. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 22008.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1424(11/11928)
لا حرج في ترجمة الخطبة قبل الصلاة أو بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله. عندنا كما يلي: بعد الأذان الأول من الجمعة يلقي الخطيب الخطبتين بالعربية ويشرحهما بالقبائلية (الأمازيغية) لأننا في منطقة غير ناطقة بالعربية ومعظم الناس أميون (خاصة الكبار) وذلك لأسباب استعمارية. وبعد الأذان الثاني يقف على المنبر ويقوم بما هو معروف. فهل ما ذكر جائز ومن السنة؟ فإن لم يكن كذلك فما السنة في الجمعة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى اشتراط كون الخطبة بالعربية مادام يوجد من يستطيع ذلك، ولو كان المصلون كلهم عجمًا لا يعرفون العربية، وذلك لأن قراءتها على ذلك النحو أمر تعبدي. قال النووي في المجموع: فرع: هل يشترط كون الخطبة بالعربية؟ فيه طريقان أصحهما وبه قطع الجمهور يشترط لأنه ذكر مفروض، فشرط فيه العربية كالتشهد وتكبيرة الإحرام، مع قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) ، وكان يخطب بالعربية. والثاني مستحب ولا يشترط لأن المقصود الوعظ وهو حاصل بكل اللغات. اهـ
هذا؛ وذهب الأحناف إلى عدم اشتراط الخطبة بالعربية، وبمذهبهم قال مجمع الفقه الإسلامي كما مضى ذلك في الفتوى رقم: 12857.
وعلى كلٍّ.. فإن ما يقوم به أهل بلدة السائل من الإتيان بالخطبة بالعربية على الوجه المشروع لها هو الأحوط والأسلم، ولا حرج عليهم بعد ذلك في ترجمتها قبل الصلاة كما ذكر السائل أو بعدها، وذلك لأن في ترجمتها على نحو ما قلنا فائدة عظيمة، حيث يكون للمصلين اطلاع على مضمون الخطبة وما تحويه من مواعظ وأحكام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1424(11/11929)
هل يسقط وجوب الاستماع للخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله.
بسبب الاكتظاظ في المسجد أجبر على الجلوس في مكان لا يمكنني فيه سماع الخطبة بشكل واضح، فهل علي إثم؟
جازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حضور خطبة الجمعة والإنصات لها واجبان، وقد تقدم الحديث عن ذلك في الفتوى رقم: 24839 فراجعها.
ولكن المصلي إذا لم يجد -بسبب الاكتظاظ- مكانا يمكنه من الاستماع إلى الخطبة، جاز له أن يجلس في المكان الممكن ولا إثم في ذلك.
قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] .
وروى الشيخان والنسائي وابن ماجه وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(11/11930)
إذا لغا الخطيب لم يجب الإنصات له
[السُّؤَالُ]
ـ[اذا ذم الإمام ما لا يجوز ذمه أو مدح ما لا يجوز مدحه فهل يسقط فرض الاستماع للخطبة أم لا
وأسال الله أن ينفع بعلمك الجميع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإنصات للخطبة واجب واستدل له ابن قدامة في المغني بحديث الصحيحن: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت.
ولكن محل وجوب الإنصات إلى الخطيب ما لم يلغ في خطبته ويتكلم بما لا فائدة فيه.
قال ابن حبيب وهو من فقهاء المالكية: إذا لغا الإمام في خطبته وتكلم بما لا يعني الناس لم يكن على الناس، الإنصات عند ذلك، ولا التحول إليه، وقد فعل ذلك ابن المسيب. انتهى من التاج والإكليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(11/11931)
صلاة الجمعة تبدأ بالخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الأفاضل تثار مشاكل حول توقيت صلاة الجمعة في بلاد الغرب، فالبعض يقول بجواز الخطبة قبل الزوال والصلاة بعد الزوال، والبعض الآخر يقول بوجوب الخطبة والصلاة بعد الزوال حيث إن بداية الجمعة من الخطبة، ولي سؤالان مهمان يدور عليهما الخلاف ونأمل في رد تفصيلي من علمائنا
1- هل صلاة الجمعة تبدأ بالخطبة أم بالصلاة؟ بمعنى أن توقيت صلاة الجمعة يعم الخطبة والصلاة أم الصلاة فقط؟
2. ما آراء العلماء في تقديم أو تأخير صلاة الجمعة؟ أرجو التوضيح بشيء من التفصيل نظراً للاختلاف القائم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجمعة تبدأ بالخطبة وتوقيت الجمعة يعم الخطبة والصلاة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] .
وقد فسر جماعة من السلف ذكر الله الوارد في هذه الآية بالخطبة، منهم سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير وغيرهم، فالخطبة جزء من الصلاة وهي واجبة وجوب الصلاة للأمر بها وفعله صلى الله عليه وسلم، روى ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وكان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن، ثم يقوم فيخطب، ثم يجلس فلا يتكلم ثم يقوم فيخطب. أخرجه الخمسة واللفظ لأبي داود.
وأما عن السؤال الثاني: فإن العلماء اختلفوا في وقت الجمعة، فجمهورهم على أنها لا تصح قبل الزوال، وذهب الحنابلة إلى أن وقتها يبدأ قبل الزوال، وانظر الموضوع في كل من الفتوى رقم: 7637، والفتوى رقم: 23917.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1424(11/11932)
كانت خطبته عليه الصلاة والسلام قصدا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل خطبة الجمعة محددة المدة؟ فهناك من يستغرق ساعة أو أكثر وآخر نصف ساعة أو أقل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم في الشرع تحديد قدر معين لخطبة الجمعة؛ إلا أن السنة أن تقصر، كما سبق بدليله في الفتوى رقم:
11765.
وقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم الاعتدال في خطبته بين التطويل المُمِلِّ والتقصير المُخِلِّ، فقد روى مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: قوله: "فكانت قصداً، وخطبته قصداً" أي بين الطول الظاهر، والتخفيف الماحق. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/11933)
حكم إقامة صلاة جمعة بخطبتين أو خطبتين بصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم فضيلة الشيخ د/ عبد الله الفقيه لدينا هنا في بلد أوروبي من اللاجئين الشيشان من يحضر معنا صلاة الجمعة يشكلون نصف الحاضرين للصلاة لهم نصيب من الترجمة بعد الخطبتين وترجمة أخرى لأصحاب البلد الأصلي فهل هناك مانع شرعي أن تقام خطبتان منفصلتان في صلاتين منفصلتين ونجتمع على الصلاة فيما بعد اختصارا للوقت ومنعا للإحرج من الإطالة؟
وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خطبة الجمعة عبادة من العبادات تتلقى أحكامها من الشرع الحكيم، وقد عُلِم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن الجمعة تشتمل على خطبة وصلاة. وإقامة صلاة جمعة بخطبتين أو خطبتين بصلاة واحدة لم يفعله أحد من السلف رغم كثرة الفتوحات الإسلامية التي دخل بسببها كثير من الأعاجم في الإسلام، وتوفرت الدواعي على فعل ما هو وارد في هذا السؤال وانتفت الموانع من فعله، فترك السلف لذلك دليل على عدم جوازه، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، وكل خير في اتباع من سلف، فليسعنا ما وسعهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/11934)
السنة في قراءة صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في معظم صلوات الجمعة بسورتي الأعلى والغاشية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الإمام مسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية....
وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قرأ في الجمعة بالجمعة والمنافقون.
فدل على أن المراد بقول النعمان بن بشير رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هو في غالب الحال ومعظمه، لا كله.
وإذا داوم الإنسان في قراءة صلاة الجمعة على سورة الغاشية وسبح، وكان يقرأ أحياناً بالجمعة والمنافقون فقد أصاب السنة، والأولى له أن يترك ذلك أحياناً حتى لا يعتقد الناس لزومها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1423(11/11935)
حكم رد السلام والإمام يخطب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الكلام أثناء الخطبة في صلاة الجمعة حتى للسؤال عن القبلة لمن يريد الصلاة لتحية المسجد أو رد السلام حتى وإن وجه السلام لي وإن كان لا يجوز الكلام فنرجو ذكر الأحاديث أو الأسانيد التي تدل على ذلك ولكم جزيل الشكر على هذه الخدمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإنصات للخطيب يوم الجمعة واجب عند جمهور أهل العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت. رواه الجماعة إلا ابن ماجه. وقال: إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ. رواه أحمد وغيره وقال: من قال صَهْ فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له. رواه أحمد وأبو داود وقال الحافظ: لا بأس بإسناده.
فإذا جعل قوله "أنصت" مع كونه أمراً بمعروف لغواً فغيره من الكلام أولى أن يسمى لغوا؛ إلا إن كان هناك ضرورة أو حاجة لذلك، كالفتح على الخطيب، أو تنبيه شخص من مضرة أو هلكة ونحو ذلك.
وأما السؤال عن القبلة يوم الجمعة والخطيب يخطب فإن مثل هذا لا يحتاج إلى سؤال، لأن الخطيب عادة ما يكون في جهة القبلة.
وأما رد السلام فالراجح عدم الرد لعموم أحاديث وجوب الإنصات، وهو مذهب الحنفية والمالكية، وهو رواية عن الشافعي وأحمد.
وقال النووي -رحمه الله- في تشميت العاطس والخطيب يخطب إن فيه ثلاثة أوجه الصحيح تحريمه كرد السلام، وذهب بعض أهل العلم إلى الرد عليه بالإشارة كما لو سلم عليك وأنت في صلاة فترد عليه بالإشارة، كما صح ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، ولعل هذا الأقرب للصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1423(11/11936)
حكم من أدرك بعضا من صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ من لم يلحق خطبة الجمعة ولكن لحق الصلاة فقط، هل تصح له الجمعة؟ أم يصلي الظهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أدرك ركعة من صلاة الجمعة فقد أدرك الجمعة، وذلك لما رواه النسائي وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك الصلاة.
فإن أتى والإمام قد رفع من ركوع الركعة الثانية فيدخل معه بنية الظهر ويكملها أربعاً.
وننبه على أن الخطبة يجب حضورها ويحرم الاشتغال عنها ببيع أو شراء، أو فعل مستحبات ونحو ذلك، وللإفادة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 24839.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1423(11/11937)
التوفيق بين أداء الجمعة..ممكن
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جماعة من الطلاب المسلمين ندرس في جمهورية الصين الشعبية.. وسؤالنا ما يتعلق بصلاة الجمعة حيث أن الصلاة تقام الساعة الثانية ظهراً...... لكن من الساعة الواحدة حتى الخامسة مساء لدينا دروس عملية...... في هذه الحالة نرجع من الصلاة والدكتور قد انتهى من الشرح وبدؤا في التطبيق في هذه الحالة لا نفهم شيئا ونحن محتارون هل نذهب للصلاة أم نذهب للدرس؟ أفيدونا في أقرب وقت ممكن..جزاكم الله عنا ألف خير.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليكم أن تبذلوا وسعكم في الجمع بين صلاة الجمعة وحضور الدروس، كأن تصلوا في مسجد تنقضي فيه الصلاة في وقت يمكنكم فيه إدراك الدرس، أو تصلوا في مسجد قريب من الجامعة ولكم أن تقيموا أنتم الجمعة بمفردكم ولو قبل الزوال، فإنه يجوز صلاة الجمعة قبل الزوال على المعتمد من مذهب الحنابلة، كما هو مبين في الفتوى رقم:
23917.
وبهذا تجمعون بين أداء صلاة الجمعة والدراسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1423(11/11938)
وقت صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تقديم صلاة الجمعة أي عن وقتها بدقائق حتى يتسنى لكل المسلمين تأديتها مجتمعين. وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن وقت صلاة الجمعة كوقت الظهر، يبدأ من زوال الشمس عن كبد السماء، وذهب أحمد وإسحاق إلى صحة صلاة الجمعة قبل الزوال،.
ودليل الحنابلة حديث عبد الله بن سيدان السلمي قال: شهدت مع أبي بكر الجمعة فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول زال النهار، فما رأيت أحداً عاب ذلك ولا أنكره. رواه أحمد والدارقطني.
وعليه؛ فنقول للسائل الأولى والأحوط هو تحري زوال الشمس، ولكن إذا دعت حاجة إلى تقديم الصلاة على ذلك بقليل فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1423(11/11939)
يستحب أن يتولى صلاة الجمعة الخطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
هل يجوز بعد أن يخطب إمام الجمعة أن يقدم للصلاة أحداً غيره لأنه أستاذه الذي تعلم على يده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور العلماء على استحباب أن يتولى الصلاة من يتولى الخطبة، وليس ذلك بواجب.
وذهب المالكية إلى أنه لا يجوز أن يتولى الصلاة غير الخطيب إلا لعذر، وعلى هذا فلا حرج على من قدم أستاذه لصلاة الجمعة عند جمهور العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1423(11/11940)
أقوال العلماء في التأمين ورفع اليدين عند دعاء الخطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي السنه للمستمع يوم الجمعة والخطيب يدعو في آخر الخطبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يسن لمن يستمع لدعاء الخطيب يوم الجمعة التأمين على دعائه، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة، جاء في التاج والإكليل لمختصر خليل نقلاً عن الباجي أنه قال: لا خلاف في التأمين عند دعاء الخطيب، لأنه كان يستدعي التأمين منهم، وإنما الخلاف في السر والجهر به.
وقد ذهب المالكية والحنابلة إلى أن التأمين يكون سراً، وعند الشافعية بلا رفع الصوت، وعند الحنفية لا تأمين باللسان، بل يؤمن في نفسه، لكن لا يرفع المأموم يديه أثناء التأمين، لعدم ثبوت ذلك، مع كثرة الجمع التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه، ولو ثبت رفعهم لأيديهم أثناء دعائه لنقل إلينا، وكذلك الخطيب فلا يرفع يديه أثناء الدعاء كما هو مبين في الفتوى رقم:
3624.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(11/11941)
خطبة الجمعة يجب حضورها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عدم حضور خطبة الجمعة (الخطبة فقط) وذلك لأداء أي عمل تطوعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحضور خطبة الجمعة، والإنصات لها واجبان، ويحرم الانشغال عنها ببيع أو شراء أو فعل مستحبات، ونحو ذلك.
يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ... ) [الجمعة:9] .
وقد فسر جماعة من السلف (ذِكْرِ اللَّهِ) الوارد في هذه الآية بالخطبة منهم: سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وغيرهم.
ويدل على وجوب حضورها أيضاً ما ذكره ابن العربي قائلاً: (والدليل على وجوبها أنها تحرم البيع ولولا وجوبها ما حرمته، لأن المستحب لا يحرم المباح، وكل ما يشغل عنها فهو كالبيع، وعلى هذا جماهير أهل العلم رحمهم الله) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1423(11/11942)
الخطبة بالعامية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
عندي سؤال الرجاء من فضيلة الشيخ الإجابة عليه في أقرب وقت.....
السؤال هو: هل يجوز أن أخطب خطبة الجمعة باللغة العامية إذا كان الموجودون سيفهمونها أكثر من العربية - ماعدا الأحاديث والآيات فهي تقرأ كما هي بنصها-؟
ولكم فائق الاحترام وجزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي أن تكون الخطبة فصيحة بليغة، خالية من الألفاظ المبتذلة والعامية.
قال النووي رحمه الله في المجموع: (يستحب كون الخطبة فصيحة بليغة مرتبة مبينة من غير تمطيط ولا تقعير، ولا تكون ألفاظاً مبتذلة ملفقة، فإنها لا تقع في النفوس موقعاً كاملاً، ولا تكون وحشية، لأنه لا يحصل مقصودها، بل يختار ألفاظاً جزلة مفهمة) .
ولذا فعلى الخطيب أن يُعْرِض عن الألفاظ العامية ما استطاع، سعياً في الارتقاء بالناس إلى فهم فصاحة القرآن وبلاغته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(11/11943)
كره العلماء التغني بالخطبة وتمطيطها
[السُّؤَالُ]
ـ[في بريطانيا بعض خطباء المساجد يرتلون الخطبة كما يرتل القرآن مما يخلط على حديثي العهد بالإسلام أهذا قرآن أم خطبة فما حكم ذلك؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكره السائل، فإنه لا ينبغي للخطيب أن يفعل ذلك، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة الحديث، كما رواه مسلم.
قال العلماء: كان ذلك في أول الإسلام، لئلا يختلط الحديث بالقرآن، فلما أصبح الناس يميزون بين القرآن والحديث أذن بكتابته.
فإذا كان حديثو العهد بالإسلام يختلط لديهم القرآن بالخطبة بسبب هذا الترتيل، فإن على الخطيب اجتناب ذلك، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كره العلماء التغني بالخطبة وتمطيطها.
قال الشافعي -رحمه الله-: (وأحب أن يرفع صوته حتى يسمع أقصى من حضره إن قدر على ذلك، وأحب أن يكون كلامه كلاماً مترسلاً مبيناً بغير الإعراب الذي يشبه العي، وغير التمطيط وتقطيع الكلام ومده وما يستنكر منه، ولا العجلة فيه عن الإفهام، ولا ترك الإفصاح بالقصد، وأحب أن يكون كلامه قصداً بليغاً جامعاً.) انتهى من الأم (1/230) .
وقال النووي في المجموع (4/400 الثامنة) : (يستحب كون الخطبة فصيحة بليغة مرتبة مبينة من غير تمطيط ولا تقعير، ولا تكون ألفاظاً مبتذلة ملفقة، فإنها لا تقع في النفوس موقعاً كاملاً، ولا تكون وحشية، لأنه لا يحصل مقصودها، بل يختار ألفاظاً جزلة مفهمة) . انتهى
وقال الرملي في (نهاية المحتاج 2/326) : (ويسن أن تكون الخطبة بليغة أي: فصيحة جزلة، لأنه أوقع في القلوب من المبتذل الركيك لعدم تأثيره في القلوب، مفهومة لا غريبة وحشية إذ لا ينتفع أكثر الناس بها، وقال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله.
ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه: يكون كلامه مسترسلاً مبيناً معرباً من غير تغن ولا تمطيطٍ) . انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1423(11/11944)
حكم الترجمة الفورية لخطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنامسلم بفرنسا. أحسن الترجمة الفورية من العربية إلى الفرنسية ويجبرني المسؤولون في المسجد على ترجمة خطبة الجمعة لأبناء العرب غير الناطقين بالعربية في غرفة مجاورة ومع الإمام في نفس الوقت وأعلم أن من لغا لا جمعة له. هل ينطبق الحديث علي لأن الخطبة بالعربية ومن باب آخر أحس أنني أساهم بعملي هذا في العزوف عن تعلم اللغة العربية ما دامت هناك ترجمة. فهل هذا العمل جائز؟ جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل وجوب الإنصات لسماع الخطبة يوم الجمعة، وأن من تكلم والإمام يخطب قد ارتكب إثماً، وأسقط أجره، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغيت".
ولا شك أن ما ذكر في السؤال مخالف للأمر بالإنصات الوارد في هذا الحديث، ولا نرى ضرورة لذلك لإمكانية الترجمة بعد الصلاة، فيبقى الأمر على الأصل، وهو وجوب الإنصات، وقد فتح الصحابة والتابعون المدن والأمصار، وأقاموا خطبهم بالعربية، رغم عجمة أكثر أهل هذه البلدان المفتوحة، ولم يرد عنهم استعمال مترجم يترجم أثناء الخطبة، مع وجود المقتضي لذلك، وعدم المانع منه، فدل على أن هذا عمل محدث، وهو مؤد إلى تراخي الناس في تعلم العربية كما ذكرت.
وإننا لنحض الإخوة القائمين على هذه المراكز على الاجتهاد في تعليم أبناء المسلمين عامة اللغة العربية، وأبناء العرب على وجه الخصوص، لأنها لغتهم الأصلية، وهي لغة القرآن، وبها يفهم مراد الشرع من النصوص والأحكام، فإنهم إذا قاموا بذلك أراحوا أنفسهم من مثل أمر الترجمة الوارد في هذا السؤال، وكان ذلك حلاً جذرياً للمشكلة، وسوف يجنون ثماره خيراً وبركة على أبناء المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1423(11/11945)
من معاني افتتاحيية خطبة النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة في افتتاح خطبة النبي صلىالله عليه وسلم بالثناء والتحميد وثلاث آيات من القرآن تتعلق بالتقوى؟ وذكر البدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي عبيدة عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبة الحاجة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.. ثم يقرأ ثلاث آيات (يا أيها الذين آمنوا أتقو الله حق تقاته ... ) و (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة....) و (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ... ) ثم يذكر حاجته.
والمسلم عليه أن يسمع ويطيع ويسلم للأمر، ويؤمن ويصدق بالخبر، سواء علم الحكمة أو لم يعلمها، ولكن العلم بالحكمة يزيد الطمأنينة في القلب.
ولا نستطيع هنا أن نجزم بحكمة معينة، ولكن نقول: إن معنى هذه المقدمات واضح..
أما حمد الله والثناء عليه في أول الخطبة فهو تذكير بنعم الله الكثيرة التي لا تحصى ولا تعد وتعظيم الله سبحانه فهو أهل الحمد والثناء، ولأن كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع كما أخرج ذلك ابن حبان في صحيحه وحسن الحديث الإمام النووي، وأما الاستعانة بالله فهي طلب من الخطيب أن يوفقه الله ويعينه في خطبته وفي كل أموره.
وأما الاستغفار فكأن الخطيب يتذكر ذنوبه وهو يعظ الناس فيستغفر الله منها.
وأما التعوذ بالله من شر النفس فلأن النفس أمارة بالسوء، فقد يدخل في الإنسان حال الخطبة -العجب والكبر والرياء و....- ومثله التعوذ بالله من سيئات الأعمال.
أما قوله: من يهده الله فلا مضل له ... فكأن الخطيب يقول: إن خطبتي هذه لا تكون هداية لأحد إلا بإذن الله، كما قال الله تعالى: إنك لا تهدي من أحببت ومن أراد الله إضلاله فإن هذه المواعظ لا تنفعه.
وأما الشهادتان: فهما إقرار لله بالربوبية والألوهية، ولرسوله بالصدق والتبليغ.
وأما قراءة الآيات التي فيها الحث على التقوى، فلأن التقوى هي جماع الأمر فهي امتثال أمر الله واجتناب نهيه، فكأن الخطيب يقول: إن خطبتي كلها تصب في هذا المعنى فكأن هذه براعة استهلال.
وأما النهي عن البدع والمحدثات فلأنها هي أعظم أسباب فساد الدين ولأنه قد يتأثر البعض بالموعظة فيقوم بالتقرب إلى الله بما لم يشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(11/11946)
هل يترك حضور الخطبة لأنها لا تتعرض لمآسي المسمين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أصبحت خطب الجمعة في بعض ديار المسلمين لا تمس حال المسلمين فثلاثة أسابيع قاسية مؤخرا بفلسطين ولا يذكر اسم فلسطين أو لعن اليهود في المنابر ألبتة، فهل يجوز الاقتصار على حضور فريضة الجمعة فقط دون حضور الخطبة؟ حيث إن مواضيع الجمعة تناقش بها أمور راكدة كخطورة السرعة بالسيارة ومشاركة الزوجة بتصريف المال وأمور أخرى يعيها الشاب دون سن المراهقة وحال المسلمين تقتيل وتشريد، حيث إني أحس بضيق شديد لدرجة أني كدت أصرخ في وجه خطيب الجمعة الماضية ولا أحتمل أكثر من ذلك فهل لي حضور وقت الصلاة فقط ـ ركعتي الفرض ـ؟
وجزاكم الله خيراً ونفع بكم البلاد والعباد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يشرع ترك حضور خطبة الجمعة من أجل ما ذكر، لأن الله تعالى أمر بالسعي إليها، فقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة:9] .
قيل: إن المراد بذكر الله فيه: هو الخطبة، وقيل: صلاة الجمعة.
قال الإمام الكاساني في (بدائع الصنائع 1/57) : (وكل ذلك حجة، لأن السعي إلى الخطبة إنما يجب لأجل الصلاة، بدليل أن من سقطت عنه الصلاة لا يجب عليه السعي إلى الخطبة، فكان فرض السعي إلى الخطبة فرضاً للصلاة، ولأن ذكر الله يتناول الصلاة، ويتناول الخطبة من حيث إن كل واحد منهما ذكر الله تعالى) .
ثم إنه لا يعدم الحاضر للجمعة خيراً، فقد يستمع إلى آية أو حديث أو فائدة أو حكم شرعي أو موعظة ترغبه في خير أو ترهبه من شر فيستفيد في دينه ودنياه، ولا ينبغي للمستمع أن يجلس جلسة الناقد فيرى المعايب ويتغاضى عن المحاسن، بل عليه أن يجلس في بيت الله متواضعاً متأدباً يلتقط الحكم والفوائد، ويتغاضى عن كل عيب وسقط، وما ينبغي لإمام أن يتجاهل ما يجري في فلسطين ولا غيرها من بلاد المسلمين، بل عليه أن يسعى إلى شحذ الهمم، وحض الناس على الإنفاق في سبيل الله، وبذل كل ما في وسعهم من أجل إيقاف نزيف دماء إخوانهم في فلسطين، وأن يسعوا في سبيل ذلك بكل ما أوتوا من وسائل أذن الشارع الحكيم في اتخاذها.
وعلى أئمة المساجد أن يحيوا سنة قنوت النوازل، فيسألوا الله جل وعلا إهلاك الأعداء، وإنقاذ المستضعفين، وأن ينصر الإسلام وأهله، وأن يخذل الكفر وأهله.
ومع هذا فإنه ينبغي لنا ألا نعنف من لم يفعل ذلك منهم، ولننبهه برفق على أنه ما كان ينبغي له السكوت عما يتم من تنكيل وتشريد وتقتيل وإذلال لإخوانه في فلسطين وفي غيرها، فإن هو استجاب لذلك فذلك المطلوب، وإن لم يستجب فلكم أن تسعوا في استبداله بغيره إذا لم يؤد ذلك إلى تفرق جماعة المسجد، فإن أدى إلى تفرقها فمصلحة الاجتماع مقدمة، واسعوا أنتم في المجالس وحلقات العلم إلى تدارس ما يمكن فعله من أجل التخفيف من محنة إخوانكم في فلسطين وفي غيرها، وينبغي التنبه إلى أن هذا الإمام قد يكون من الذين يرون أن إصلاح أخلاق الناس وأحوالهم هو السبب الرئيسي والعلاج الفعال لتحقيق وعد الله بنصر هذه الأمة، وهذا ليس محل خلاف، لكن كان عليه أن يضم إلى هذا التذكير بحال الأمة وما تمر به من أزمات ووضع الحلول الشرعية لذلك، وعلينا أن نقر بأن جهاد النفس قد رسب فيه كثير من المسلمين في زماننا، فكثير منهم يحسن النقد للأوضاع بإتقان واقتدار، ثم لا يفكر أن يجاهد نفسه فيلزمها طريق الاستقامة، فالعلاج لأحوالنا وتحقيق النصر لأمتنا يبدأ من هنا ... من إصلاح النفس والأسرة والمجتمع وربط القلوب بربها، ولكن كثيراً من الناس يطربه أن يستمع إلى الخطب الحماسية ثم لا يمنعه ذلك أن يشاهد فيلماً خليعاً أو أن يستمع إلى أغنية ماجنة، لذا فننصح السائل بأن لا يكون من الذين ينتقدون ويأخذون على الأئمة أكثر مما يأخذون على أنفسهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1423(11/11947)
يستحب للخطيب أن يعتمد على عصأ
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم العصا الطويلة التي يستند عليها الإمام؟ وهل تجوز الخطبة بدونها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو داود عن الحاكم بن حزن قال: شهدنا الجمعة معه -أي الرسول صلى الله عليه وسلم- فقام متوكِّئاً على عصاً أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه.
قال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن، وبهذا الحديث استدل أهل العلم على استحباب أن يعتمد الخطيب على عصاً ونحوها، كأعواد المنبر، وليس ذلك بواجب ولا تبطل الخطبة بتركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1423(11/11948)
حكم التسبيح أو التهليل في وقت خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجوز التسبيح أو التهليل في وقت خطبة الجمعة علما أن بعض الخطباء يقولون وحدوا الله أو ما شابه ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....
أما بعد:
فقد ذهب بعض العلماء إلى جواز الذكر أثناء الخطبة عند وجود أسبابه، وذهب بعضهم إلى جواز ذلك ولو بدون سبب، والأولى ترك ذلك لأن الإنصات إلى الخطبة هو الأصل، ولمعرفة المزيد عن هذا الأمر راجع الفتوى رقم:
13011.
ثم إنه ينبغي تنبيه هؤلاء الخطباء أن ما يقومون به خارج عن السنة، فالمعلوم من هديه في الخطبة وهدي أصحابه والتابعين لهم بإحسان - أقول -: المعلوم من هدي الكل وهو أنهم لم يكونوا يصدرون هذا النوع من الأوامر أثناء الخطبة، والخير كل الخير في الاتباع، والشر كل الشر في الابتداع. وراجع الجواب رقم: 631
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(11/11949)
خطبة الجمعة بغير العربية....رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أسكن في منطقة معظم سكانها من المسلمين غير العرب،وحيث إن خطيب الجمعة في مسجد المنطقة الوحيد يلقي خطبته بغير اللغة العربية ولمدة طويلة (ساعة تقريبا) فهل يفرض علي حضور الخطبة أم لا؟،أم هل أنا مضطر للسفر لمنطقة أخرى لحضور الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجواب على هذا السؤال يمر من خلال الإجابة على نقطتين:
الأولى: هل يصح أن تكون الخطبة بغير العربية إذا كان المستمعون كلهم أو أكثرهم عجماً؟
الثانية: هل يلزم حضور الخطبة إن كانت عجمية؟
وللجواب عن الأولى نقول: اختلف العلماء في خطبة الجمعة هل تصح بغير العربية أم لا، وأكثر العلماء على أنها تصح عند العجز، وهذا ما قرره مجمع الفقه الإسلامي، وإليك نص قراره: (إن الرأي الأعدل الذي نختاره هو أن اللغة في أداء خطبة الجمعة والعيدين في غير البلاد الناطقة بالعربية ليست شرطاً لصحتها، ولكن الأحسن أداء مقدمات الخطبة وما تتضمنه من آيات قرآنية باللغة العربية، لتعويد غير العرب على سماع العربية والقرآن، مما يسهل عليهم تعلمها وقراءة القرآن باللغة التي أنزل بها، ثم يتابع الخطيب ما يعظهم وينورهم به بلغتهم التي يفهمونها)
أما عن النقطة الثانية: فالظاهر هو وجوب الحضور، سواء أفهمت اللغة التي تلقى بها الخطبة أو لم تفهمها، فإن قلت: ما الفائدة من الحضور مع عدم الفهم؟ قلنا: لا تخلو الخطبة من آية تسمعها، أو حديث تنصت إليه فتستفيد من ذلك إن شاء الله تعالى.
ثم إن لك أجر الحضور والاستماع ويكفيك في ذلك ما رواه أحمد والترمذي وغيرهما من حديث أوس الثقفي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من غسل واغتسل ثم غدا فابتكر وجلس من الإمام قريباً فاستمع وأنصت كان بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها" هذا وننبهك إلى أنه لا يجب عليك السفر لمنطقة أخرى لحضور الجمعة لأن من شروط وجوب الجمعة الإقامة، فلا تجب على المسافر، فكيف يجب السفر من أجلها؟
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(11/11950)
قصر الخطبة سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الدين في الإمام الذي يطيل خطبة صلاة الجمعة وكذلك قراءة السور الطويلة أثناء
الصلاة رغم طلب المصلين له بالتخفيف
أفيدونا أثابكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من السنة في الجمعة أن تقصر الخطبة، وتطال الصلاة، فقد روى مسلم عن عمار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة على فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة"
وهذا خلاف ما عليه كثير من الخطباء اليوم، فينبغي لهم مراعاة السنة قدر المستطاع، والله المستعان.
وأما سائر الصلوات فإن لكل صلاة قراءة تخصها، والتخفيف فيها مطلوب شرعاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن فيهم الصغير، والكبير، والضعيف…" متفق عليه، عن أبي هريرة رضي الله عنه. ويتأكد التخفيف تأكداً شديداً إذا طلبه المصلون، أو ظهر من حالهم أو حال بعضهم أنهم يتضررون من التطويل، فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا، فما رأيت رسول الله في موعظة أشد غضباً منه يومئذ؛ ثم قال: "إن منكم منفرين، فأيكم صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة"
ولمعرفة ما يقرأ في كل صلاة يمكن الرجوع إلى كتب الفقه، كتاب الصلاة: أبواب صفة الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(11/11951)
الخطبة ليست مجالا للسؤال والجواب ومكان ذلك الدرس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدرس بعد صلاة الجمعة ومدة الخطبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون) [الجمعة: 10] .
فالأصل هو: الانتشار في الأرض بعد الانتهاء من الصلاة.
لكن إن رأى الإمام الجلوس لتعليم الناس أو الإجابة على أسئلتهم، وكان للمأمومين رغبة في ذلك وإقبال، فلا حرج. والله أعلم.
أما الدرس مدة الخطبة، فلعلك تعني به أن بعض الخطباء يحول الخطبة إلى درس، ويتحاور مع الناس ويسألهم ويجيبون، كما بلغنا ذلك عن بعض الخطباء، فهذا لا أصل له في الشرع، ولا ينبغي فعله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان إذا خطب احمر وجهه وعلا صوته كأنه منذر جيش. والدرس يمكن إقامته في أوقات عدة خلال الأسبوع، أو بعد صلاة الجمعة كما سبق، ويبقى للخطبة مكانتها ومنزلتها وصفتها المشروعة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1421(11/11952)
من فاتته ركعة من الجمعة فإنه يقضي ركعة فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[من فاتته ركعة من صلاة الجمعة هل يقضي ما فاته ركعة واحده أم ركعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
من فاتته ركعة من صلاة الجمعة وأدرك الإمام في الركعة الثانية أثناء ركوعه أو قبله فإنه يقضي ركعة واحدة فقط، هي مافاته. ودليل ذلك ما رواه النسائي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك الصلاة". وأما من أدرك الإمام بعد الركوع من الركعة الثانية فهذا يدخل بنية الظهر ويصلي أربع ركعات. لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك يوم الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى ومن أدرك دونها صلاها أربعا" أخرجه الدارقطني.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1421(11/11953)
دعاء الخطيب وتأمين المستمعين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ماحكم دعاء الإمام عقب خطبة الجمعة والمصلون يؤمنون على دعائه بقول آمين، مع العلم بأن الدعاء عبارة عن استغفار، وطلب الشفاء، وطلب الرحمة من الله، وما الى ذلك من دعاء فيه صالح للمسلمين.... علماً بأن فى بلدنا نتبع مذهب الإمام مالك....... جزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
ثم إنه من السنة أن تشتمل خطبة الإمام على دعاء للمسلمين بما فيه خير الدنيا والآخرة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكان أئمة المسلمين بعده يفعلون ذلك، ففي المسند وصحيح مسلم عن حصين بن عبد الرحمن السلمي قال: كنت إلى جنب عمارة بن رويبة السلمي وبشر يخطب، فلما دعا رفع يديه، فقال عمارة: يعني قبح الله هاتين اليدين رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب إذا دعا يقول هكذا ورفع السبابة وحدها.
فعمارة أثبت الدعاء وأقره، وأنكر رفع اليدين فيه أثناء الخطبة، ويستحب للمأمومين أن يؤمنوا على دعائه ويكون ذلك سراً لئلا يحصل تشويش إذا رفعوا أصواتهم بالتأمين، هذا مذهب المالكية وغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1422(11/11954)
من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت الجمعة في الصف الأول وبعد تلاوة الإمام للفاتحة تفاجأت بمرور ثعبان من أمامي فتوقفت عن الصلاة وبدأت أطارده حتى قضيت عليه وذلك في محيط ضيق لايتجاوز صفي الذي أنا فيه وفاتتني الركعة الأولى والركوع في الركعة الثانية وبعد ماقتلته عدت إلى صلاتي مع الإمام وكأن شيئا لم يكن ولم أعد ما فاتني فهل صلاتي صحيحة أم عليّّ قضاؤها أفيدونا جزاكم الله خيرا وأثابكم ونفع بعلمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من فاته الركوع مع الإمام في ثانية الجمعة، فقد فاتته الجمعة ولزمه صلاة الظهر أربعاً. وحيث كان هذا العمل منك للعذر المذكور فلا إثم عليك، وعليك إعادة الصلاة ظهراً لذلك اليوم، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/11955)
لا تختلف كيفية صلاة الجمعة يوم العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الجمعة يوم العيد كيفيتها؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا فرق بين كيفية صلاة الجمعة يوم العيد وغيره من الأيام، وأما عن حكم صلاة الجمعة يوم العيد فانظر في ذلك الفتوى رقم:
15442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(11/11956)
الأمور المستحبة قبل الذهاب لأداء الجمعة حتى الفراغ من الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي السنن الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بخصوص صلاة الجمعة أقصد ماذا أفعل منذ دخولي للمسجد قبل الأذان بفترة وحتى إتمام صلاة الظهر وإن أمكن بالتفصيل؟ مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ينبغي للمسلم العناية بأمر الجمعة وإنزالها المنزلة اللائقة بها من التأهب والاستعداد لها، فإذا اغتسل وتطيب ولبس من أحسن ثيابه أخذ في طريقه إلى المسجد في أناة ووقار وسكينة، وحرص على التبكير ما أمكنه تحصيلاً للثواب الموعود به من بكر للجمعة، فإذا دخل المسجد فأول ما يبدأ به أن يصلي ركعتين، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. رواه مسلم.
ثم يحرص على الدنو من الإمام والكون في الصف المقدم دون أن يتخطى الرقاب أو يؤذي أحداً من المسلمين. فقد حكى الترمذي عن أهل العلم أنهم كرهوا تخطي الرقاب يوم الجمعة وشددوا في ذلك، فعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجلس فقد آذيت وآنيت. رواه أبو داود.
ثم يشتغل بعد ذلك بما شاء من أنواع الطاعة من صلاة أو قراءة وذكر ونحو ذلك حتى يصعد الإمام المنبر.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: المشروع لمن جاء إلى المسجد أن يصلي إلى حضور الإمام، وقد ثبت في السنة الحث على التبكير إلى صلاة الجمعة وأن من جاء في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن جاء في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن جاء في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن جاء في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن جاء في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة. وهؤلاء الذين يأتون إلى الجمعة ينبغي لهم أن يشتغلوا بالصلاة، والذكر، وقراءة القرآن، وغير ذلك مما يقرب إلى الله عز وجل. انتهى.
فإذا صعد الإمام المنبر فرغ قلبه وذهنه للاستماع والانتفاع بالموعظة، وترك الكلام وسائر اللغو ولو بأن يقول لصاحبه أنصت، فإذا فرغ الخطيب وأقيمت الصلاة قام فصلى مع الناس في خشوع وطمأنينة سائلاً الله قبول عمله، وهو بهذا على رجاء المثوبة العظيمة من الله تعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اغتسل يوم الجمعة ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام. رواه مسلم.
فإذا قضيت الصلاة أتى بالأذكار المشروعة دبر الصلاة ثم انصرف إلى بيته أو عمله، كما قال الله تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ ... {الجمعة:10} . وعليه أن يحرص على أداء السنة البعدية للجمعة وهي ركعتان أو أربع، فإن كثيراً من الناس يفرط فيها.
وننبه الأخ السائل إلى أن هذه الصلاة ليست ظهراً بل هي صلاة أخرى مستقلة هي صلاة الجمعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(11/11957)
يخير في الرجوع من الجمعة بين المشي والركوب
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب. ودنا من الامام فاستمع ولم يلغ. كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها. فما معنى الحديث عند كلمة ومشى ولم يركب؟ هل المشي عند الذهاب فقط أم عند الذهاب والعودة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المذكور حديث صحيح رواه الإمام أحمد في المسند، وأبو داود في سننه وغيرهما وصححه الألباني.
وقد سبق شرح الحديث وبيان فضل الإتيان مشيا إلى كل عبادة بالنسبة للقادر على المشي، وذلك في الفتوى رقم: 51633. وأما الرجوع فقال العلماء: يخير فيه بين الركوب والمشي كما سبق بيانه في الفتوى المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(11/11958)
القول الفصل في وقت مجيء الخطيب للجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها الشيوخ الأفاضل أريد أن أسأل:
خطيبنا في الخطبة يبكر الجمعة, وقد نقلنا إليه إجابة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-فيما يتعلق بتبكير الإمام إلى الجمعة, ورفض الإمام إجابة العثيمين وقال لنا: ورد ذكر بكور الإمام أحمد إلى الجمعة ثم كان أول الناس انصرافا في كتاب الخلال في جامعه, انظر فتح الباري لابن رجب 8-340
أما الإمام أبو حنيفة فانظر كتاب أخبار أبي حنيفة للصيمرى ص 50.
أما الأوزاعي في كتاب سير أعلام النبلاء تكلم عن سنة تبكير الإمام الجمعة.
سؤالنا أيها الشيوخ الكرام:
كيف نرد على هذا الإمام بالدليل من الكتاب والسنة وما هي صحة هذه الكتب وأقوال العلماء التي ذكرها الإمام وهل الخطيب عليه أن يبكر للجمعة أم لا كما قال العثيمين، أفيدونا أفادكم الله, ونطلب منكم مشكورين أن نحصل الإجابة بأسرع وقت ممكن وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدراسة الفقه ومعرفة اختلاف العلماء من أعظم الأشياء إعانة على تحصيل سعة الصدر واحتمال المخالف في مسائل الاجتهاد، فمثلُ هذه المسائل الخلافية لا ينبغي أن تزيل المودة والألفة بين المسلمين، وإذا كان هذا الإمام وفقه الله قد تمسك بعمومات الأدلة القاضية باستحباب التبكير للجمعة ففعل ما يراه سنة لم يجز الإنكار عليه إلا في حدود المناقشة العلمية الهادئة، وما ذهب إليه من استحباب التبكير للإمام يميلُ إليه بعض العلماء كالحافظ ابن حجر فقد قال في الفتح عند كلامه على قوله صلى الله عليه وسلم: فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر: استنبط منه الماوردي أن التبكير لا يستحب للإمام. وما قاله غير ظاهر لإمكان أن يجمع بين الأمرين بأن يبكر ولا يخرج من المكان المُعدّ له في الجامع إلا إذا حضر الوقت. انتهى.
لكن مع ما تقدم فلا بُد من الحرصِ على السنة والاجتهاد في تطبيقها، والذي يظهرُ لنا هو ما أفتى به العلامة العثيمين من أن الإمام لا يُستحب له التبكير للجمعة.
ونحن نهمس في أذن هذا الخطيب الفاضل قائلين له ما استدللت به ليس فيه دليل فكون أحمد وأبي حنيفة يبكرون للجمعة هو المظنون بهم وهم الأئمة الأعلام، ولم يكونوا هم أئمة في الجمعة حتى يُستدل بفعلهم على أن مذهبهم مشروعية التبكير للإمام، فإن إمام الجمعة في هذا الزمن كان ولي الأمر أو عامله على البلد، ولم يكن هؤلاء الأئمة من ولاة الأمر ولا ممن يؤمون الناس في الجمعة، وما أوهمه من أن مذهب الأوزاعي مشروعية التبكير للإمام ليس بشيء.
فما جاء في السير للذهبي: قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: مَنْ أَدْرَكتَ مِنَ التَّابِعِيْنَ كَانَ يُبَكِّرُ إِلَى الجُمُعَةِ؟
قَالَ: مَا رَأَيْتَ أَبَا عَمْرٍو؟
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ كَفَا مَنْ قَبْلَهُ، فَاقْتَدِ بِهِ، فَلَنِعْمَ المُقْتَدَى. انتهى.
فهذا في تبكير المأموم وليس هو محل النزاع، وما استنبطه الماوردي من قوله صلى الله عليه وسلم: فإذا خرج الإمام جلست الملائكة يستمعون الذكر، ظاهرٌ كل الظهور وإن لم يستظهره الحافظ، وعمل الأئمة المتتابع عبر العصور هو عدم التبكير للجمعة.
قال النووي في شرح المهذب: ومعلومٌ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى الجمعة متصلاً بالزوال، وكذلك جميع الأئمة في جميع الأمصار وذلك بعد انقضاء الساعة السادسة. انتهى.
وقال ابن القيم في الهدي: وكان صلى الله عليه وسلم يمهل يوم الجمعة حتى يجتمع الناس، فإذا اجتمعوا خرج إليهم، فإذا دخل المسجد سلم عليهم، فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه وسلم عليهم. . انتهى
فإذا كان هذا هو هديه صلى الله عليه وسلم وهدي الأئمة من بعده فالراجحُ إذاً هو القولُ بأن التبكير لا يُشرعُ للإمام، وأن أدلة التبكير إنما هي في حق المأموم، وانظر الفتوى رقم: 114445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1429(11/11959)
الاستحمام العادي يقوم مقام غسل الجمعة بالنية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستغناء عن غسل الجمعة بالاستحمام العادي بالماء والصابون وبدون الترتيب الموجود في الغسل الأصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستحمام العادي يجوز أن يقوم مقام غسل الجمعة إذا حصل مع نية غسل الجمعة تعميم الماء على جميع الجسد، وكان بالماء الطهور غير المختلط بالصابون، ولا يشترط في ذلك ترتيب؛ ولكن الأفضل الإتيان بصفة الغسل الكامل التي تقدم بيانها في الفتوى رقم: 52178.
وأكثر أهل العلم على أن غسل الجمعة سنة مؤكدة وليس بواجب كما تقدم في الفتوى رقم: 39976.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1429(11/11960)
دخول المرأة في الفضل المرتب على الغسل للجمعة والذهاب إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[ارجو التكرم بافادتي عن حديث من غسل واغتسل يوم الجمعة الخ هل يشمل الأجر الوارد في الحديث المرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالترغيب المذكور في هذا الحديث شامل للمرأة والرجل لأن كلمة [مَن] من صيغ العموم، وقد نص العلماء على دخول المرأة في الفضل المرتب على الغسل للجمعة والذهاب إليها. قال العيني في عمدة القاري في شرح صحيح البخاري: عند شرحه لقوله صلى الله عليه: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ... الحديث قال: «من اغتسل» يدخل فيه بعمومه كل من يصح منه التقرب سواء كان ذكرا أو أنثى حرا أو عبدا. قوله «غسل الجنابة» بنصب اللام على أنه صفة لمصدر محذوف أي غسلا كغسل الجنابة، ويشهد بذلك رواية ابن جريج عن سمي عن عبد الرزاق «فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة» ووقع في رواية ابن ماهان «من اغتسل غسل الجمعة» واختلفوا في معنى غسل الجنابة فقال قوم إنه حقيقة حتى يستحب أن يواقع زوجته ليكون أغض لبصره وأسكن لنفسه. قالوا: ويشهد لذلك حديث أوس الثقفي قال «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها» رواه أبو داود وغيره. وقال الترمذي: حديث أوس حديث حسن. وقال معنى قوله «غسل» وطىء امرأته قبل الخروج إلى الصلاة، يقال غسل الرجل امرأته وغسلها مشددا ومخففا إذا جامعها. وفحل غسلة إذا كان كثير الضراب. انتهى
وقد نص العلماء على استحباب الغسل للجمعة للمرأة إن حضرتها، قال النووي في المجموع: الصحيح أنه -أي غسل الجمعة- يستحب لكل من حضر الجمعة سواء الرجل أو المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1429(11/11961)
استحباب تحية المسجد لمن دخل أثناء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية المسجد خلال الخطبتين هل تجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تستحب تحية المسجد لمن دخل المسجد أثناء خطبة الجمعة بدليل الحديث الصحيح الصريح في المطالبة بذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه تجوز تحية المسجد أثناء الخطبتين بل تستحب بدليل ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس، فقال له: يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما، ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما.
وخالف المالكية في هذه المسألة فذهبوا إلى عدم جواز استئناف التنفل بعد جلوس الخطيب على المنبر يوم الجمعة، ولبيان ما استدلوا به على ذلك راجع الفتوى رقم: 34204، والفتوى رقم: 45800.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1428(11/11962)
المراد بطي الملائكة الصحف بعد صعود الخطيب المنبر
[السُّؤَالُ]
ـ[قال الخطيب في إحدى خطب الجمعة إن من لم يدخل المسجد قبل أن يصعد الخطيب على المنبر فقد ضاع عليه أجر الجمعة بالكامل لأن الملائكة التي تقعد على أبواب المساجد تطوي الصحف حينئذ فلا تكتب لأحد أجر الجمعة بعدها، فهل هذا صحيح أم يضيع أجر الجمعة على من لغا فيها فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يستحب التبكير إلى الجمعة والمبادرة إلى المسجد قبل دخول الخطيب، لكن عدم التبكير لا يضيع أجر حضور الخطبة والصلاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التبكير إلى الجمعة مستحب كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة، وقد ثبت أن الملائكة تقعد على أبواب المسجد تكتب من جاء إلى المسجد حتى يخرج الإمام، فإذا خرج طوت الصحف التي تكتب فيها، لكن هذا لا يدل على أن من جاء بعد صعود الخطيب يضيع عليه أجر الجمعة كلها؛ بل الذي يفوته هو أجر المبادرة والتبكير إلى الجمعة والمسابقة إلى الخيرات، وهذا ما تكتبه الملائكة الذين يقفون عند أبواب المسجد.
أما أجر سماع الخطبة والصلاة والذكر والدعاء والخشوع ونحو ذلك فهذا يكتبه الملكان الحافظان الموكلان بكتابة الخير؛ كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري؛ إذ قال رحمه الله: المراد بطي الصحف طي صحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة إلى الجمعة دون غيرها من سماع الخطبة وإدراك الصلاة والذكر والدعاء والخشوع ونحو ذلك فإنه يكتبه الحافظان قطعاً. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 28950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(11/11963)
لا بأس بالنافلة فيما بين أذان الجمعة الأول والثاني عند المالكية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة النافلة أثناء إلقاء الدرس في صلاة الجمعة. وبين الأذان الأول والثاني في صلاة الجمعة.
هل يجوز قضاء أوقات الصلاة قبل أذان الظهر. مع العلم أننا على المذهب المالكي في الجزائر
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففقهاء المذهب المالكي لا يجوز عندهم ابتداء النافلة أثناء خطبة الجمعة، سواء في ذلك من كان حاضرا وقت ابتداء الخطبة ومن دخل المسجد أثناءها، ولكن رجح غيرهم استحباب التنفل لمن دخل المسجد أثناء الخطبة بدليل الحديث الصحيح الوارد في ذلك؛ كما سبق ن أوضحنا في الفتوى رقم: 52424.
ولا بأس بالنافلة فيما بين أذان الجمعة الأول والثاني في المذهب المالكي أيضا، سواء كان هنالك درس يلقى في ذلك الوقت أم لا، وقد أوضحنا خلاف أهل العلم في هذه الأوقات بالتفصيل مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 7392، أما قضاء الفوائت فإنه جائز كل وقت ولو وقت نهي، وانظر الفتوى رقم: 19997.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(11/11964)
استحباب سنة الجمعة بعدها والحث عليها وعدد ركعاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم الجمعة فيصل بعدها أربعة ولكن في منزله لا في المسجد؟
أفيدوني أثابكم الله,,,,,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: وفي رواية: أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعدها ركعتين، في هذه الأحاديث استحباب سنة الجمعة بعدها والحث عليها وأن أقلها ركعتان وأكملها أربعة، فنبه صلى الله عليه وسلم بقوله: إذا صلى أحدكم بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا.
وليس فيه تقييد الأربع بالبيت وإنما ورد في حديث آخر في الصحيحين عن عبد الله بن عمر أنه وصف تطوع صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته.
قال ابن القيم: وكان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة دخل منزله فصلى ركعتين، وأمر من صلاها أن يصلي بعدها أربعا. قال شيخنا ابن تيمية: إن صلى في المسجد صلى أربعا وإن صلى في بيته صلى ركعتين.
قلت: وعلى هذا تدل الأحاديث. وقد ذكر أبو داود عن ابن عمر أنه إذا صلى في المسجد صلى أربعا، وإذا صلى في بيته صلى ركعتين.
وفي الصحيحين عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(11/11965)
الصدقة في ليلة الجمعة ويومها أعظم ثوابا
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ، كما هو معلوم أنَّ تخصيص يوم الجمعة للصيام وليلته للقيام قد نُهينا عنه، ولكن يوجد بعض الناس في بلدنا أنهم يخصّون ليلة الجمعة بالصدقة، ويأتون مثلاً بالطعام إلى المسجد ليأكل الناس بعد صلاة المغرب من ليلة الجمعة وربما الذّين يأكلون هذا الطعام أكثرهم من الأغنياء، ولا يفعلون ذلك إلا في هذه الليلة، ما رأى فضيلتكم بذلك؟ وقد نبهتهم أنا يا فضيلة الشيخ أنّ تخصيص يوم للصدقة وإطعام الطعام لا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم عند ما نهانا أن نخص يوم الجمعة بصيام وليلته بقيام، يدخل في ذلك كل عبادة يُخص بها هذا اليوم، إلاّ ما ورد فيه دليل كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم، ما رأي فضيلتكم في ذلك، هل أنا على صواب أم على خطأ؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة في ليلة الجمعة ويومها يكون ثوابها أعظم نظرا لفضيلة ذلك الزمان.
قال ابن القيم في زاد المعاد متحدثا عن خصائص يوم الجمعة:
الخامسة والعشرون: أن للصدقة فيه مزية عليها في سائر الأيام، والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر أيام الأسبوع، كالصدقة في شهر رمضان بالنسبة إلى سائر الشهور. وشاهدت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه، إذا خرج إلى الجمعة يأخذ ما وجد في البيت من خبز أو غيره، فيتصدق به في طريقه سرا، وسمعته يقول: إذا كان الله قد أمرنا بالصدقة بين يدي مناجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصدقة بين يدي مناجاته تعالى أفضل وأولى بالفضيلة. انتهى
وفي تحفة الحبيب على شرح الخطيب وهو شافعي متحدثا عن الجمعة:
ويسن كثرة الصدقة وفعل الخير في يومها وليلتها، ويكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومها وليلتها لخبر: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي. انتهى.
وفي فتح العلي المالك للشيخ محمد عليش المالكي:
(ما قولكم) في رجل يصنع ذكرا في ليلة الجمعة أو ليلة الاثنين أو نحوهما من الليالي الفاضلة، ويدعو أهل الذكر فهل إذا توجه غيرهم معهم في تلك الليلة بلا دعوة، وأكل مما يجعل لهم فيها كالعك يحرم عليه أفيدوا الجواب؟ فأجبت بما نصه: الحمد لله، والصلاة، والسلام على سيدنا محمد رسول الله: الطعام المجعول للفقراء الذاكرين خارج مخرج الصدقة على غير معين بحيث يقصد به مخرجه كل حاضر، فيجوز لكل من يحضر معهم تناوله، والله أعلم. انتهى
فتخصيص ليلة الجمعة بإطعام بعض الناس لا بأس به؛ بل هو طاعة يثاب عليها فاعلها.
وكون من يطعمهم من الأغنياء لا حرج فيه لأن صدقة التطوع تباح للغني؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 51694.
وعليه؛ فما شاهدته من إطعام الطعام ليلة الجمعة ليس مثل تخصيصها بالقيام الذي ثبت النهي عنه في الحديث الصحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1427(11/11966)
ساعة الإجابة يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت بأن هناك ساعة استجابة في يوم الجمعة ونحن نصلي ساجدين وسمعت أيضا أن هذه الساعة ربما تكون قبل أذان المغرب بساعة لكن لا يوجد صلاة في هذا الوقت فهل أؤجل صلاة العصر أم أصلي صلاة الحاجة أرشدوني كيف أستغل هذا الوقت المبارك.
أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة واللفظ للبخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلى يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه إياه وأشار بيده يقللها. والراجح من كلام أهل العلم أن هذه الساعة هي آخر ساعة قبل الغروب كما في الفتوى رقم: 4205. وللتعرف على المعنى الصحيح لقوله صلى الله عليه وسلم: وهو قائم يصلى راجع الفتوى رقم: 48397. وللتعرف على أداء صلاة الحاجة في وقت الكراهة راجع الفتوى رقم: 34089. كما أن صلاة العصر لا يجوز تأخيرها لاصفرار الشمس إلا لضرورة وراجع أيضا الفتوى رقم: 18185. ومن الأفضل تعمير ذلك الوقت المبارك بمختلف أنواع الطاعة من ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن والدعاء مع الطهارة والجلوس في المسجد والاتصاف بالخشوع والرغبة إلى الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1425(11/11967)
عدد ركعات سنة الجمعة وهل تصلى قبلها أم بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل هل سنة الجمعة قبل صلاة الجمعة أم بعد صلاة الجمعة، وإن كانت بعد صلاة الجمعة فما حكم من يصليها قبل صلاة الجمعة خصوصا أن الغالب الأعم في جمهورية مصر يصليها قبل الجمعة ويكون غريبا من ينتظر إلى بعد صلاة الجمعة، وهل هي ركعتان أم أربع ركعات، أفيدونا أفادكم الله؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لصلاة الجمعة سنة قبلية، وإنما سنتها بعدية، وانظر الفتوى رقم: 4301 ولعل الذين رأيتهم يصلون قبل الجمعة لا يريدون بها سنة قبلية وإنما يريدون النفل المطلق، فإنه يشرع يوم الجمعة أن يصلي المسلم قبل الجمعة من النوافل ما شاء، وانظر الفتوى المشار إليها آنفاً.
وأما عن عدد ركعات السنة البعدية فأقلها ركعتان وأكملها أربع، وانظر لذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17270، 16887، 49921.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(11/11968)
لا ينبغي للخطيب أن ينهى أحدا عن صلاة ركعتي تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل المصلي حينما يدخل المسجد لصلاة الجمعة والإمام يخطب هل يصلي أم يجلس. السؤال الثاني: هل يجوز أن يصرخ الإمام وهو في الخطبة ويقول للمصلي اجلس ولا تصل ألا تراني أخطب.
... ... ... ... وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يستحب لمن دخل يوم الجمعة والإمام يخطب أن يصلي ركعتين خفيفتين كما بينا في الفتوى رقم: 7546 والحديث في ذلك ثابت في الصحيحين، ولفظه عند مسلم عن جابر بن عبد الله، قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس، فقال له: ياسليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما، ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما. قال النووي رحمه الله تعالى عند كلامه على هذا الحديث وقد ذكر روايات بهذا المعنى، قال: هذه الأحاديث كلها صريحة في الدلالة لمذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وفقهاء الحديث أنه إذا دخل الجامع يوم الجمعة والإمام يخطب استحب له أن يصلي ركعتين تحية المسجد، ويكره الجلوس قبل أن يصليهما، وأنه يستحب أن يتجوز فيهما ليسمع بعدهما الخطبة، إلى أن قال بعد أن رد على القائلين بأن الداخل أثناء الخطبة يجلس ولا يركع، قال: وهذا نص لا يتطرق إليه تأويل، ولا أظن عالما يبلغه هذا اللفظ صحيحا فيخالفه، وفي هذه الأحاديث جواز الكلام في الخطبة لحاجة، وفيها جوازه للخطيب وغيره. انتهى.
فإذا علمت هذا.. فإذا كان الإمام منصفا واطلع على كلام النووي هذا، فإنه لا ينبغي له أن ينهى أحدا عن صلاة ركعتين قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصلاتهما في هذا الوقت بالنص، أما كلام الخطيب لحاجة فهو جائز كما ذكر العلماء أخذا من هذا الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1425(11/11969)
حكم الدعاء بعد الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن الدعاء يوم الجمعة بعد الانتهاء من الخطبة هل يجوز أن يرفع الإنسان يديه ويدع الله أم أنه غير جائز!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصود السائل بقوله "بعد الانتهاء من الخطبة" أي عند دعاء الإمام على المنبر قبل نزوله فقد تقدمت الإجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 4095، فيمكنك الاطلاع عليها.
وأما إن كان المقصود بـ "بعد الانتهاء من الخطبة" أي بعد الخطبة والصلاة، فلا حرج في رفع اليديدن عند الدعاء، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يده أن يردهما صفرا خائبتين. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه وصححه الحاكم.
وانظر الفتوى رقم: 583، و 5340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1425(11/11970)
استحباب جماع الزوجة صبيحة الجمعة محل خلاف بين أهل العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الجماع بعد الفجر ومن ثم يغتسل، سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، أم مجرد استحباب وعدم الكسل لصلاة الفجر، والذي أقصده في يوم الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى استحباب إتيان الزوجة صباح الجمعة مستدلين بالحديث الثابت عن أوس بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غسل واغتسل وغدا وابتكر ودنا من الإمام ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة صيامها وقيامها.، قال الإمام النووي في المجموع: هذا الحديث حسن رواه أحمد بن حنبل وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم بأسانيد حسنة.
وقال رحمه الله تعالى: وروي غسل بتخفيف السين، وغسل بتشديدها، روايتان مشهورتان، والأرجح عند المحققين بالتخفيف، فعلى رواية التشديد في معناه ثلاثة أوجه (أحدها) : غسل زوجته بأن جامعها فألجأها إلى الغسل، واغتسل هو قالوا: ويستحب له الجماع في هذا اليوم ليأمن أن يرى في طريقه ما يشغل قلبه.
(الثاني) : أن المراد غسل أعضائه في الوضوء ثلاثاً ثلاثاً ثم اغتسل للجمعة.
والثالث: غسل ثيابه ورأسه ثم اغتسل للجمعة.
وعلى رواية التخفيف في معناه هذه الأوجه الثلاثة (أحدها) : الجماع قاله الأزهري، قال ويقال: غسل امرأته إذا جامعها.
(الثاني) : غسل رأسه وثيابه.
(الثالث) : توضأ.
وذكر بعض الفقهاء عسل بالعين المهملة وتشديد السين أي جامع، شبه لذة الجماع بالعسل، وهذا غلط غير معروف في روايات الحديث وإنما هو تصحيف.
والمختار ما اختاره البيهقي وغيره من المحققين أنه بالتخفيف وأن معناه غسل رأسه، ويؤيده رواية لأبي داود في هذا الحديث من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل، وروى أبو داود في سننه، والبيهقي هذا التفسير عن مكحول وسعيد بن عبد العزيز، قال البيهقي: وهو بين في رواية أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما أفرد الرأس بالذكر لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمي ونحوهما، وكانوا يغسلونه أولاً ثم يغتسلون. والله أعلم.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح: وفي رواية ابن جريج عن سمي عند عبد الرزاق فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة، وظاهره أن التشبيه للكيفية لا للحكم وهو قول الأكثر، وقيل فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة، والحكمة فيه أن تسكن نفسه في الرواح إلى الصلاة ولا تمتد عينه إلى شيء يراه، وفيه حمل المرأة أيضاً على الاغتسال ذلك اليوم، وعليه حمل قائل ذلك حديث من غسل واغتسل المخرج في السنن على رواية من روى غسل بالتشديد، قال النووي: ذهب بعض أصحابنا إلى هذا وهو ضعيف أو باطل والصواب الأول. انتهى، وقد حكاه ابن قدامة عن الإمام أحمد، وثبت أيضاً عن جماعة من التابعين، وقال القرطبي: إنه أنسب الأقوال فلا وجه لادعاء بطلانه وإن كان الأول أرجح، ولعله عنى أنه باطل في المذهب. انتهى.
وقال السيوطي في تنوير الحوالك: ويؤيده حديث: أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل يوم جمعة، فإن له أجرين اثنين: أجر غسله، وأجر غسل امرأته. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة.
ويتلخص مما ذكر أن استحباب جماع الزوجة صبيحة الجمعة محل خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تع الى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(11/11971)
غسل الجمعة لا يجزئ قبل الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم إذا انتهى يوم الخميس وكانت ليلة الجمعة، فهل يجوز لي أن أغتسل ليلة الجمعة غسل الجمعة وأيضا قراءة سورة الكهف؟ أرجو التفصيل؟ أعانكم الله على هذا الجهد النافع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن غسل الجمعة سنة مؤكدة وليس بواجب، لما روى سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل. رواه الترمذي والنسائي. وأما وقته فمن بعد طلوع الفجر، قال ابن قدامة في المغني: وقت غسل الجمعة بعد طلوع الفجر، فمن اغتسل بعد ذلك أجزأه وإن اغتسل قبله لم يجزئه، وهذا قول مجاهد والحسن والنخعي والثوري والشافعي وإسحاق. انتهى. واشترط المالكية لصحة الغسل أن يكون متصلاً بالرواح، قال في التاج والإكليل وهو مالكي: والمشهور شرط وصله برواحها، ويسير الفصل عفو. انتهى. ومن هذا يتضح للسائل أن غسل الجمعة لا يكون إلا بعد الفجر من يومها. أما بخصوص قراءة سورة الكهف، فراجع الفتوى رقم: 6849. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1424(11/11972)
تحية المسجد والإمام يخطب ... أقوال الفقهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد الصادق الأمين..... أما بعد:
في البداية حياكم الله على كل ما تقومون به من عمل دؤوب المراد فيه مرضاة الله وأشكركم جزيل الشكر.
السؤال هو: ما حكم من دخل المسجد في يوم الجمعة ووجد الخطيب قد بدأ في خطبته (خطبة يوم الجمعة) هل يجلس ويستمع أم يصلي ركعتي تحية المسجد، وما رأي الفقهاء في ذلك؟ وبارك الله فيكم وابقاكم ذخراً للإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيسن لمن دخل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب أن يصلي ركعتين خفيفتين ثم يجلس لاستماع الخطبة، كما سبق بيان ذلك بدليله في الفتوى رقم:
7546.
وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن ذلك سنة، وهو قول الشافعية والحنابلة.
القول الثاني: أنه محرم، وهو مشهور مذهب مالك.
القول الثالث: أنه مكروه، وهو مذهب الأحناف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/11973)
صيغة سلام الخطيب من على المنبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في سلام الخطيب على المصلين فإنه قد ورد في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: السلام عليكم والسؤال هل تجوز الزيادة على هذا الحد أخذاً بروايات أخرى فيها إطلاق أنه كان يسلم دون بيان صيغة السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في سلام الخطيب على المصلين إذا صعد على المنبر، والراجح من أقوالهم إن شاء الله تعالى أنها سنة؛ كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن ابن ماجه والبيهقي وصححه الألباني.
ولتفصيل ذلك نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 20361.
وأما كيفية سلامه صلى الله عليه وسلم، فقد وردت مجملة كما في حديث ابن عمر وجابر رضي الله عنهم أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صعد على المنبر سلم.
وجاء في مصنف ابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق عن الشعبي وعن عطاء مرسلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صعد على المنبر أقبل بوجهه على الناس فقال: السلام عليكم.
فإذا صحت هذه الرواية فتكون مبينة لكيفية سلامه الذي ورد مجملاً في الرواية الصحيحة، فيقتصر على ما جاء فيها.
وإذا لم تصح هذه الرواية، فيبقى السلام مجملاً، فيجوز بكل صيغة واردة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(11/11974)
ليس للصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة صيغة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة على النبي التي حثنا عليها رسول الله والمحببة يوم الجمعة لأن الله يرد الروح عليه ليرد علينا هي قولنا " اللهم صلي على محمد" أم قولنا"اللهم صلي على محمد إلى..... كما باركت على إبراهيم....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار المشروعة التي يترتب عليها الثواب الكثير، لذلك ينبغي للمسلم الإكثار منها وخاصة في يوم الجمعة، كما أمر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه، خُلق آدم وفيه قُبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليَّ، قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أَرِمْتَ يعني قد بليت، قال: إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
فالمطلوب يوم الجمعة الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لم يثبت التقيد بصيغة معينة في يوم الجمعة خاصة، بل تنبغي الصلاة عليه بكل صيغة ثبتت عنه صلى الله عليه وسلم وخاصة الصيغ التي اتفق عليها الشيخان مثل قوله: قولوا "اللهم صلىِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد".
وللتفاصيل في الموضوع أكثر يمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 5025، والفتوى رقم: 2953.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1424(11/11975)
الوقت المستحب لحضور الإمام للمسجد يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماهو وقت دخول الإمام إلى المسجد يوم الجمعة وهل هناك حديث يتكلم عن طي المصحف وقت دخوله؟
وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوقت المستحب لدخول الإمام للمسجد يوم الجمعة هو بعد الزوال وقت الهاجرة عندما يجتمع الناس، فهذا هو السنة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل.
قال ابن القيم في الزاد: وكان صلى الله عليه وسلم يمهل يوم الجمعة حتى يجتمع الناس، فإذا اجتمعوا خرج إليهم، فإذا دخل المسجد سلم عليهم، فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه وسلم عليهم.
وفي الصحيحين وغيرهما واللفظ لـ البخاري عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس.
ولا مانع من دخول الإمام المسجد قبل هذا الوقت والجلوس فيه كغيره من المسلمين للأحاديث الواردة في الترغيب في التبكير يوم الجمعة لعامة المسلمين، ولعدم ورود الاستثناء للإمام أو غيره، ومجرد فعله صلى الله عليه وسلم لا يقتضي العموم ولا التخصيص للأحاديث العامة.
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر.
فهذا الحديث وما أشبهه يدل بعموم على أن الإمام كغيره ينبغي له أن يبادر بالحضور إن أمكنه ذلك. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: استنبط منه الماوردي أن التبكير لا يستحب للإمام. واعترض عليه الحافظ بقوله: وما قاله غير ظاهر لإمكان أن يجمع بين الأمرين بأن يبكر ولا يخرج من المكان المُعدّ له في الجامع إلا إذا حضر الوقت. انتهى
وقد نص أهل العلم على أن الإمام إذا جاء قبل الوقت أو قبل اجتماع المصلين أنه يصلي تحية المسجد ويجلس كغيره حتى يحين وقت الصلاة ويجتمع الناس، ولم يذكروا في ذلك كراهة.
قال الدسوقي المالكي عند قول خليل: وكره تنفل إمام قبلها، قال: حيث دخل ليرقى المنبر، فإن دخل قبل وقته أو لانتظار الجماعة ندبت له التحية.
وقال النفراوي: ... وليرقَ المنبر كما يدخل. أي ساعة دخوله. وأما لو دخل المسجد قبل الزوال أو بعده وقبل حضور الجماعة فإنه يطالب بتحية المسجد.
ومعناه أن للإمام المجيء قبل دخول الوقت وقبل حضور المصلين، وليس في ذلك كراهة إن شاء الله تعالى.
ولا شك أن خروج الإمام وقت الخطبة وصعوده على المنبر مباشرة أقرب إلى السنة لفعله صلى الله عليه وسلم، ولكن لا مانع ولا كراهة في التبكير للإمام للأحاديث الواردة في فضل ذلك.
وأما طي الصحف فقد ورد في أحاديث منها ما رواه أحمد والنسائي وغيرهما، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد فكتبوا من جاء إلى الجمعة، فإذا خرج الإمام طوت الملائكة الصحف ودخلت تستمع الذكر. وأصل هذا الحديث في البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(11/11976)
الغسل يوم الجمعة مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو فضل الاغتسال يوم الجمعة وقص الأظافر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشارع أمر بالغسل يوم الجمعة وأكده، ليكون المسلمون في اجتماعهم على أحسن حال من النظافة والتطهير، فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " غسل الجمعة واجب على كل محتلم " رواه البخاري ومسلم.
والمراد بالوجوب تأكيد استحبابه، بدليل ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه "أن عمر بن الخطاب بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة، إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -وهو عثمان - فناداه عمر: أية ساعة هذه؟ قال: إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد أن توضأت، فقال: والوضوء أيضاً! وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل".. قال الشافعي رحمه الله: فلما لم يترك عثمان الصلاة للغسل ولم يأمره عمر بالخروج دل ذلك على أنهما قد علما أن الأمر بالغسل للاختيار.
أما قص الأظافر فهو من سنن الفطرة ولا يختص بيوم الجمعة؛ بل يفعل في أي يوم من أيام الأسبوع متى ما دعت الحاجة إليه، وانظر الفتوى رقم: 2047
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1423(11/11977)
ما بال رجال يتأخرون بعد النداء يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الوصول إلى صلاة الجمعة بعد صعود الخطيب للمنبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يستحب للمسلم أن يبادر بالذهاب إلى المسجد يوم الجمعة مبكراً لما في ذلك من الأجر العظيم والثواب الجزيل، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر." خرج مسلم.
وعن أوس بن أبي أوس الثقفي، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، فدنا من الإمام فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها." قال شعيب الأرناؤوط إسناده صحيح، ورجاله ثقات، رجال الصحيح.
وقد أنكر عمر رضي الله تعالى عنه على عثمان رضي الله عنه حين تأخر بعد النداء، أخرج ذلك مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب الناس يوم الجمعة إذ دخل عثمان بن عفان رضي الله عنه، فعَرَّض به عمر فقال: ما بال رجال يتأخرون بعد النداء؟ فقال عثمان: يا أمير المؤمنين ما زدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم أقبلت. فقال عمر: والوضوء أيضاً؟ ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل."
فمن وصل إلى المسجد بعد صعود الخطيب فقد فاته أجر عظيم، وينبغي للمسلم أن يحرص على الخير، وأن يبادر إليه لقوله تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين) وقال تعالى: (فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً) [المائدة:48]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(11/11978)
السورة التي تسن قراءتها يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي السور المسنونة التي يجب قراءتها في يوم الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليست هنالك سور تسن قراءتها في يوم الجمعة خصوصاً غير سورة الكهف.
ولمعرفة فضل قراءة الكهف يوم الجمعة راجع الفتوى رقم: 10977.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1423(11/11979)
الوقت المفضل لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيسن للمسلم أن يقرأ سورة الكهف في أي وقت من يوم الجمعة، ولا مزية لوقت على آخر لعدم ورود الدليل بذلك، وذهب بعض أهل العلم كخالد بن معدان إلى استحباب قراءتها قبل أن يخرج الإمام على الناس ليبدأ خطبة الجمعة، ولمعرفة ما ورد في قراءة سورة الكهف يوم الجمعة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم 15871 والفتوى رقم 27666 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(11/11980)
عدم الاغتسال يوم الجمعة ليس مسوغا لتركها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم هل صحيح أن من لم يغتسل يوم الجمعة يصلي صلاته ظهرا وإن كان على طهارة؟ ... وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الكلام غير واضح، فغسل الجمعة مستحب في قول الجماهير كما تقدم في الفتوى رقم 11802
فمن لم يغتسل يوم الجمعة فليس عليه شيء، ويصلي الجمعة كما يصليها بقية الناس، ولا يجوز له أن يصليها ظهراً إلا إذا فاتته الجمعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1423(11/11981)
الترغيب في التنفل قبل الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك حديث وارد في صلاة ست ركعات قبل صلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في تحديد عدد معين من صلاة النافلة قبل الجمعة، كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم. إلا أنه قد ورد الترغيب في التنفل قبل الجمعة عموماً، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنِ اغْتَسَلَ، ثُمّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَصَلّىَ مَا قُدّرَ لَهُ. ثُمّ أَنْصَتَ حَتّىَ يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ. ثُمّ يُصَلّيَ مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَىَ، وَفَضْلُ ثَلاَثَةِ أَيّامٍ" وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن إبراهيم النخعي قال: (كانوا يصلون قبلها أربعاً) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1423(11/11982)
هل يكتفى بالوضوء للجمعة عن الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الغسل يوم الجمعة واجب وهل بعد الغسل أتوضأ إذا كان واجبا وأنا لا أجد وقتاً هل أتوضأ أفيدونا جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم غسل الجمعة، فذهب الجمهور إلى استحبابه، وذهبت طائفة من السلف إلى وجوبه، والذي يترجح عندنا هو القول بالسنة وعليه المذاهب الأربعة ودليله قوله صلى الله عليه وسلم " من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة ... "الحديث رواه مسلم وقوله صلى الله عليه وسلم " من توضأ فبها ونعمت ومن اغتسل فذلك أفضل رواه أحمد والنسائي وغيرهما قال ابن قدامة في المغني (وليس ذلك بواجب في قول أكثر أهل العلم قال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم وهو قول الأوزعي والثوري ومالك والشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي وقيل إن هذا إجماع قال ابن عبد البر: أجمع علماء المسلمين قديماً وحديثاً على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب وحكى عن أحمد رواية أخرى أنه واجب ... ) اهـ وانظر الفتوى رقم 11803.
هذا فيما يتعلق بحكم غسل الجمعة، وأما مسألة إجزاء الغسل عن الوضوء ففيها تفصيل قد سبق في الفتوى رقم: 7615.
وأما عن ضيق الوقت، فإن كان الغسل يؤدي إلى فوات الخطبة فينبغي الاكتفاء بالوضوء، إذ أن الغسل سنة وليس واجباً ولا شرطاً لصحة الصلاة، روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: بينما عمر قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فناداه عمر: أية ساعة هذه؟ قال: إني شغلت، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد أن توضأت، فقال: والوضوء أيضاً؟! وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1423(11/11983)
اشغل وقتك قبل الجمعة وبعدها بالصلاة والذكر....
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الجمعة فرض أو سنة مؤكدة؟ وماذا علي أن أفعل عند دخولي إلى المسجد يوم الجمعة قبل الأذان الأول وبعد الأذان الأول وبعد الصلاة؟ وهل يجوز رفع اليدين للدعاء بعد التسليم؟ وما حكم تشبيك الأصابع أثناء الخطبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم صلاة الجمعة في الفتوى رقم:
332.
أما التشبيك أثناء الخطبة فإنه مكروه وراجع الفتوى رقم:
7080.
أما عن ما تشغل به وقتك قبل الأذان الأول، وبين الأذانين، وبعد الصلاة فإنه يستحب لك الاشتغال بالصلاة والذكر، والدعاء، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءة القرآن، وغير ذلك من الطاعات، وراجع الفتوى رقم:
4301، وهذا طبعاً بعد تحية المسجد.
أما بالنسبة لرفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة فراجع له الفتوى رقم:
5340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1423(11/11984)
أقوال العلماء في سلام الإمام إذا صعد المنبر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ
هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم إذا صعد المنبر للخطبة في يوم الجمعة، نرجوكم إفادتنا بالتفصيل؟
أخوكم في الإسلام
صالح
... ... ...
... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا صعد المنبر استقبل الحاضرين وسلم عليهم.
ففي سنن ابن ماجه عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا صعد المنبر سلم. إسناده حسن.
وقد عقد البيهقي باباً: الإمام يسلم على الناس إذا صعد المنبر قبل أن يجلس، وأورد فيه حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دنا من منبره يوم الجمعة سلم على من عنده من الجلوس، فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه ثم سلم. ذكره في السنن الكبرى.
وإلى استحباب سلام الإمام إذا صعد على المنبر ذهب الشافعي وأحمد، ويكره ذلك عند أبي حنيفة ومالك رحمهم الله جميعاً. والقول الأول أرجح لأن الأدلة نص في المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(11/11985)
متى يدعو المأموم أثناء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- هل الدعاء أثناء خطبة الجمعة من ساعات الإجابة بحيث أدعو ولا أنصت للخطبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم كلام العلماء في ساعة الجمعة في الفتوى رقم: 16786، والفتوى رقم: 4205.
فعلى قول من يرى أنها من وقت جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة، فإن الدعاء في هذا الوقت مجاب بإذن الله، ولكن لا يدعو المأموم إلا بين الخطبتين، أو أثناء جلوس الإمام قبل الخطبة، أو بعد انقضاء الخطبة وقبل الصلاة، أو أثناء الصلاة، ولا يجوز له الدعاء حال خطبة الإمام، لأنه مأمور بالإنصات.
أما الإمام فإنه يدعو أثناء الخطبة ويؤمن المأمومون، والمؤمِّن داع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(11/11986)
الأدلة على مشروعية الأذان الأول في الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الأذان الأول في صلاة الجمعة الذي استقر في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه بعض المساجد لا تؤديه رجوعا إلى الأصل الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده أبي بكر وعمر وشطرا من خلافة عثمان رضي الله عنهم ويقولون إن العلة التي من أجلها أذن على الزوراء لم تعد موجودة وهى إعلام الناس بقرب دخول وقت الجمعة فوسائل الإعلام أصبحت منتشرة في الإذاعات ومكبرات الصوت وإن الحكم يدور مع العلة وجوداً أو عدماً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأذان الأول في الجمعة من السنن المشروعة، ويدل على ذلك أمران:
الأول: أنه من سنة الخلفاء الراشدين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ. رواه الترمذي وغيره.
الثاني: الإجماع الحاصل من الصحابة في زمن عثمان ثم علي ثم إجماع كل الأمة على مر العصور إلى زماننا هذا من غير نكير، ولا يزال العمل قائماً بها إلى الآن في كل أنحاء العالم.
أما ما ذكره السائل عن بعض المساجد من تركهم له بحجة أن العلة التي سن من أجلها عثمان الأذان الأول قد انتهت!! ففيه نظر.. حيث إن ما ذكره السائل من وسائل كان هناك ما يشبهها في الأزمنة الماضية حيث كانوا يعرفون الوقت بالشمس، وكانوا يؤذنون على المنارات مما يجعل الصوت يصل إلى المسافات البعيدة.
وعلى العموم فإن العلة ما زالت موجودة وهي تنبيه الناس بقرب وقت الجمعة حتى يتركوا ما بأيديهم ويستعدوا للصلاة، إضافة إلى كون ذلك من سنن الراشدين، ومما أجمعت عليه الأمة على مر العصور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(11/11987)
الهدي النبوي في صلاة سنة الجمعة البعدية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل سنة صلاة الجمعة بعد الجمعة تصلى بالمسجد أم بالمنزل؟ وهل هى سنة مؤكدة أم لا؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن راتبة الجمعة البعدية سنة مؤكدة، والأفضل أن تصلى في البيت لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 11006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1423(11/11988)
يندب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، وكذا ليلتها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا طهرت المرأة في يوم الجمعة بعد الساعة 12:30 هل تستطيع أن تقرأ سورة الكهف وتنال من فضل قراءتها في ذلك اليوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين" رواه الحاكم والبيهقي وصححه السيوطي والألباني
واليوم يشمل النهار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، قال المناوي في (فيض القدير) : (فيندب قراءتها يوم الجمعة، وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي رضي الله عنه) . اهـ
وعليه، فيجوز للمرأة قراءتها في الوقت المذكور في السؤال وبعده إلى غروب الشمس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1423(11/11989)
المقصود بالساعة الأولى يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثواب الذهاب في الساعة الأولى من صلاة الجمعة.
ماهي تحديدا هذه الساعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في الساعة المذكورة ما المراد بها؟ ولعل أوضح ماقيل فيها هو ما قالته المالكية:
من أن الساعات المذكورة خمس لحظات لطيفة أولها زوال الشمس وأخرها قعود الخطيب على المنبر. قال الشوكاني في نيل الأوطار: ما ذكرته المالكية أقرب إلى الصواب لأن الساعة في لسان الشارع وأهل اللغة جزء من أجزاء الزمان، كما في كتب أهل اللغة.
ويؤيد ذلك أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه ذهب إلى الجمعة قبل طلوع الشمس أو عند انبساطها، ولو كانت الساعة هي المعروفة عند أهل الفلك لما ترك الصحابة الذين هم خير القرون وأسرع الناس إلى موجبات الأجور الذهاب إلى الجمعة في الساعة الأولى من أول النهار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1423(11/11990)
الحالات التي يجوز فيها تخطي الرقاب يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تخطي الرقاب أثناء خطبة الجمعة عندما لا تبقى أماكن في الخلف
أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتخطي رقاب الناس يوم الجمعة مكروه، إلا في حالات فيجوز بدون كراهة:
الأولى: الخطيب إذا لم يجد طريقاً إلى المنبر.
الثانية: من قام من مكانه لحاجة ثم رجع إليه.
الثالثة: التقدم لسد فرجة.
الرابعة: إذا لم يجد مكاناً للجلوس -كما هو الحال في السؤال-.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1423(11/11991)
هل يجوز الفتح على الخطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مقاطعة الإمام الخطيب يوم الجمعة إذا أخطأ في قراءة القرآن؟
جزاكم الله كل خير والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد شرع الإنصات للخطيب يوم الجمعة، حتى لا ينشغل الحاضرون عن الخطبة بشيء.
لكن يجوز الكلام للمستمع للحاجة، مثل أن يسأله الخطيب فيجيبه، أو يسأل الخطيب حاجة عامة للمسلمين، ونحو ذلك من الحالات التي يجوز فيها الكلام للمستمع، ومن ذلك إذا احتاج الخطيب إلى أن يُفتح عليه في آية أو حديث، أو لحن في أحدهما لحناً فاحشاً غيَّر المعنى، فإنه يشرع لمن يعرف الصواب، ويغلب على ظنه أن الخطيب يسمعه أن يفتح عليه، ويبين له الخطأ.
فإن مضى الخطيب في كلامه، فلا ينبغي الإلحاح عليه في التصحيح، وبعد الصلاة يبين له خطأه بأدب النصيحة المعروف.
أما إذا كان اللحن خفياً، فلا ينبغي التصحيح للخطيب، لما يجلبه ذلك من تشويش على المستمعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1422(11/11992)
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الخطبة ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لفضيلتكم هو عن الكلام أثناء خطبة الإمام فى يوم الجمعة فإذا كان الكلام من اللغو فهل تعتبر الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء الخطبة من جنس اللغو المنهي عنه؟ خاصة وأن الإمام يأمرنا بالصلاة على رسول الله ويذكرنا بالآية الكريمة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) .
أرجو من فضيلتكم بيان ذلك تفصيلا وأن تكون إجابتكم مدعمة بالأدلة الشرعية.
بارك الله فيكم وزادكم علماً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء الخطبة، نظراً لتعارض عموم الأمر بها في كل وقت دون استثناء، ولا سيما عند ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم مع الأحاديث التي فيها الأمر بالإنصات أثناء الخطبة.
فقال أبو حنيفة: إن سماع الخطبة أفضل من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه يمكن إحراز فضيلة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في غير وقت الجمعة، ولا يمكن إحراز فضيلة سماع خطبة الجمعة في غير وقتها.
وذهب أبو يوسف (من الحنفية) : إلى أنه يُصلي في نفسه دون أن يجهر، فإن ذلك لا يشغله عن سماع الخطبة، وليجمع بين الفضيلتين.
وقال المالكية: إن من أقبل على الذكر وكان ذلك يسيراً، وفي نفسه دون جهر، فلا بأس، وترك ذلك أحسن.
وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهي جائزة عندهم بلا خلاف إذا ذكر الإمام سبب ذلك، وكذلك التأمين عند دعاء الإمام، لكن بصوت منخفض.
قال في الفواكه الدواني: كما يجوز كل من التسبيح، والتهليل، والاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر أسبابها، قاله ابن عرفة.
وقال الشافعية: يسن الإنصات للخطيب، ولا يجب، بل ذكر بعضهم جواز الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بصوت مرتفع، فقد قال في أسنى المطالب: وللمستمع للخطيب أن يرفع صوته بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الحنابلة: وتباح الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذُكر، فيصلي عليه سراً، كالدعاء اتفاقاً، قاله الشيخ. انظر كشاف القناع.
والقول الراجح هو: أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند وجود سببها مشروعة، وأن الأحسن أن يكون ذلك سراً، وإنما رجحنا هذا لما فيه من الجمع بين امتثال الأمر بالإنصات، والأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسمه مع عدم التشويش على المصلين.
أما الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مع عدم ذكره من الخطيب، فالأفضل تركها، والانشغال بالخطبة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1422(11/11993)
حكم التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التحلق يوم الجمعة؟ أي عقد حلقات في المسجد قبل أداء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كره أهل العلم التحلق في المسجد يوم الجمعة قبل الصلاة لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة، وعن الشراء والبيع في المسجد" رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
وقال صاحب عون المعبود (قال الخطابي: إنما كره الاجتماع قبل الصلاة للعلم والمذاكرة، وأمر أن يشتغل بالصلاة، وينصت للخطبة والذكر، فإذا فرغ منها كان الاجتماع والتحلق بعد ذلك، وقال الطحاوي: (النهي عن التحلق إذا عم المسجد وغلبه فهو مكروه وغير ذلك فلا بأس به، وقال العراقي حمله أصحابنا والجمهور على بابه لأنه ربما قطع الصفوف مع كونهم مأمورين يوم الجمعة بالتبكير والتراص في الصفوف الأول فالأول) . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(11/11994)
حكم غسل يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اغتسال يوم الجمعه واجب أم سنة؟
نرجو بسط الأدله في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد لخص الإمام النووي رحمه الله الخلاف في وجوب غسل الجمعة في شرح مسلم 133/6فقال: واختلف العلماء في غسل الجمعة، فحكي وجوبه عن طائفة من السلف، حكوه عن بعض الصحابة، وبه قال أهل الظاهر، وحكاه ابن المنذر عن مالك، وحكاه الخطابي عن الحسن البصري ومالك، وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه سنة مستحبة ليس بواجب، قال القاضي: وهو المعروف من مذهب مالك وأصحابه، واحتج من أوجبه بظواهر هذه الأحاديث، واحتج الجمهور بأحاديث صحيحة منها: حديث الرجل الذي دخل وعمر بن الخطاب يخطب، وقد ترك الغسل، وقد ذكره مسلم، وهذا الرجل هو عثمان بن عفان، جاء مبيناً في الرواية الأخرى، ووجه الدلالة أن عثمان فعله وأقره عمر وحاضرو الجمعة، وهم أهل الحل والعقد، ولو كان واجباً لما تركه ولألزموه.
ومنها:
قوله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ، فبها ونعمت، ومن تغسل فالغسل أفضل" حديث حسن في السنن المشهورة، وفيه دليل على أنه ليس بواجب.
ومنها:
قوله صلى الله عليه وسلم: "لو اغتسلتم يوم الجمعة" وهذا اللفظ يقتضي أنه ليس بواجب، لأن تقديره لكان أفضل وأكمل، ونحو هذا من العبادات
وأجابوا عن الأحاديث الواردة في الأمر به بأنها محمولة على الندب جمعاً بين الأحاديث) وقد أجاب قبل ذلك عن ظواهر الأحاديث التي تفيد الوجوب كقوله صلى الله عليه وسلم عن غسل الجمعة: "واجب على كل محتلم" أي: متأكد في حقه، كما يقول الرجل لصاحبه: حقك واجب عليّ، أي: متأكد، لا أن المراد الواجب المحتم المعاقب عليه.
وقد سار ابن حزم في عكس الاتجاه الذي سار فيه النووي في الترجيح، فرجح الوجوب وحشر على ذلك من الأدلة ما وسعه حشره حيث قال: وغسل الجمعة فرض لازم لكل بالغ من الرجال والنساء ... إلخ كلامه في كتابه: المحلى (1/255) كتاب الطهارة.
وما ذهب إليه ابن حزم هو الذي مال إليه ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام حيث قال: ذهب الأكثرون إلى استحباب غسل الجمعة، وهم محتاجون إلى الاعتذار عن مخالفة هذا الظاهر. "غسل يوم الجمعة واجب"، وقد أولوا صيغة الأمر على الندب، وصيغة الوجوب على التأكيد، كما يقال: إكرامك عليّ واجب، وهو تأويل ضعيف، إنما يصار إليه إذا كان المعارض راجحاً على الظاهر، وأقوى ما عارضوا به هذا الظاهر حديث: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل" ولا يعارض سنده سند هذه الأحاديث. انتهى.
والحاصل أن المذاهب الأربعة على استحباب غسل الجمعة وأنه ليس بواجب وهو الراجح إلا أنه ينبغي المحافظة على فعله قدر الإمكان لما ورد من الترغيب فيه ولما في فعله من الخروج من الخلاف المعتبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(11/11995)
حكم غسل يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اغتسال يوم الجمعه واجب أم سنة؟
نرجو بسط الأدله في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد لخص الإمام النووي رحمه الله الخلاف في وجوب غسل الجمعة في شرح مسلم 133/6فقال: واختلف العلماء في غسل الجمعة، فحكي وجوبه عن طائفة من السلف، حكوه عن بعض الصحابة، وبه قال أهل الظاهر، وحكاه ابن المنذر عن مالك، وحكاه الخطابي عن الحسن البصري ومالك، وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه سنة مستحبة ليس بواجب، قال القاضي: وهو المعروف من مذهب مالك وأصحابه، واحتج من أوجبه بظواهر هذه الأحاديث، واحتج الجمهور بأحاديث صحيحة منها: حديث الرجل الذي دخل وعمر بن الخطاب يخطب، وقد ترك الغسل، وقد ذكره مسلم، وهذا الرجل هو عثمان بن عفان، جاء مبيناً في الرواية الأخرى، ووجه الدلالة أن عثمان فعله وأقره عمر وحاضرو الجمعة، وهم أهل الحل والعقد، ولو كان واجباً لما تركه ولألزموه.
ومنها:
قوله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ، فبها ونعمت، ومن تغسل فالغسل أفضل" حديث حسن في السنن المشهورة، وفيه دليل على أنه ليس بواجب.
ومنها:
قوله صلى الله عليه وسلم: "لو اغتسلتم يوم الجمعة" وهذا اللفظ يقتضي أنه ليس بواجب، لأن تقديره لكان أفضل وأكمل، ونحو هذا من العبادات
وأجابوا عن الأحاديث الواردة في الأمر به بأنها محمولة على الندب جمعاً بين الأحاديث) وقد أجاب قبل ذلك عن ظواهر الأحاديث التي تفيد الوجوب كقوله صلى الله عليه وسلم عن غسل الجمعة: "واجب على كل محتلم" أي: متأكد في حقه، كما يقول الرجل لصاحبه: حقك واجب عليّ، أي: متأكد، لا أن المراد الواجب المحتم المعاقب عليه.
وقد سار ابن حزم في عكس الاتجاه الذي سار فيه النووي في الترجيح، فرجح الوجوب وحشر على ذلك من الأدلة ما وسعه حشره حيث قال: وغسل الجمعة فرض لازم لكل بالغ من الرجال والنساء ... إلخ كلامه في كتابه: المحلى (1/255) كتاب الطهارة.
وما ذهب إليه ابن حزم هو الذي مال إليه ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام حيث قال: ذهب الأكثرون إلى استحباب غسل الجمعة، وهم محتاجون إلى الاعتذار عن مخالفة هذا الظاهر. "غسل يوم الجمعة واجب"، وقد أولوا صيغة الأمر على الندب، وصيغة الوجوب على التأكيد، كما يقال: إكرامك عليّ واجب، وهو تأويل ضعيف، إنما يصار إليه إذا كان المعارض راجحاً على الظاهر، وأقوى ما عارضوا به هذا الظاهر حديث: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل" ولا يعارض سنده سند هذه الأحاديث. انتهى.
والحاصل أن المذاهب الأربعة على استحباب غسل الجمعة وأنه ليس بواجب وهو الراجح إلا أنه ينبغي المحافظة على فعله قدر الإمكان لما ورد من الترغيب فيه ولما في فعله من الخروج من الخلاف المعتبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(11/11996)
سنة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف سنة الصلوات الخمس مع سنة صلاة الجمعة
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يتعلق بسنن الصلوات الخمس فقد سبق بيانه في فتوى رقم: 2116
أما الجمعة فيسن عند الحنفية والشافعية الصلاة قبلها قال النووي (تسن قبلها وبعدها صلاة وأقلها ركعتان قبلها وركعتان بعدها والأكمل أربع قبلها وأربع بعدها) وقد ذكر الإمام النووي دليل ذلك في المجموع فيراجع وأما الحنابلة فقالوا ليس لها سنة محددة قبلها، بل يصلي الإنسان ما شاء، فقد روى البخاري عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر، ثم ادهن أو مس من طيب، ثم راح إلى المسجد فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب له، ثم إذا خرج الإمام أنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى".
وأما بعدها فقيل أقلها ركعتان وأكملها أربع، لما روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً" وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي يوم الجمعة ركعتين في بيته".
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: (في هذه الأحاديث استحباب سنة الجمعة بعدها والحث عليها، وأن أقلها ركعتان وأكملها أربع) وذهب الإمام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما إلى أنه إن صلى في المسجد صلى أربعاً، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، فهذا هو الراجح. قال ابن القيم (وعلى هذا تدل الأحاديث) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1422(11/11997)
هل يرد على السلام أثناء خطبة الجمعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الامام يخطب يوم الجمعة وجلس بقربي شخص يعرفني وسلم علي هل أرد عليه التحية أم ماذا أفعل جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الابتداء بالسلام في حال الخطبة غير مشروع، وأما رد السلام بالكلام على من سلم فذهب الشافعية إلى وجوبه والحنابلة إلى جوازه على الصحيح من مذهبهما وأما الحنفية فنص صاحب البدائع على كراهته وابن عابدين على حرمته، وهو مذهب المالكية وعلل المانعون ذلك بأن المسلم أثناء الخطبة إما مقصر في تعلم ما يلزمه شرعاً من أحكام دينه، وإما عالم بالحكم، فهو قادم على سلام يعرف أنه محرم، فلا حق له في رد السلام، وإما أن يكون قد سلم سهواً، فسلامه لغو لا يستحق رداً أصلاً. ومذهب المانعين هو الراجح إن شاء الله تعالى لأن الإنصات يوم الجمعة وقت الخطبة للاستماع للخطيب واجب، وفي الاشتغال بالرد تفويت لذلك الواجب، وتشويش على من حوله، فالكلام ممنوع، ولو كان أمراً بمعروف أو نهياً عن منكر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت" رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
فالذي ينبغي لمن سلم عليه أحد في أثناء خطبة الجمعة، أن يرد عليه بالإشارة فقط، فإن تكلم عالماً بالوعيد المذكور كان آثماً مخطئاً، لأن الاستماع لما يلقيه الإمام - حينئذ - هو المتعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1422(11/11998)
تشميت العاطس أثناء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تشميت العاطس أثناء خطبتي الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم تشميت العاطس أثناء خطبتي الجمعة، فذهب الحنفية إلى كراهة ذلك.
وذهب الشافعي في القديم وأحمد في رواية إلى التحريم، لوجوب الإنصات على المأمومين حال الخطبة.
وذهب الحنابلة في الصحيح من مذهبهم والشافعية في الجديد إلى جواز ذلك، وعند أحمد رواية أخرى، قال: إذا سمعت الخطبة فاستمع وأنصت ولا تقرأ ولا تشمت، وإذا لم تسمع الخطبة، فاقرأ وشمت، ورد السلام.
ودليل الجواز إطلاق الأمر من الشارع بالتشميت، كما في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عطس أحدكم فحمد الله، فحق على كل مسلم سمعه أن يقول: يرحمك الله" وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس" متفق عليه.
وممن رخص في تشميت العاطس أثناء الخطبة الحسن والشعبي والنخعي والحكم وقتادة والثوري وإسحاق. نقل ذلك ابن قدامة في المغني (3/199) .
وعلى كل، فالخلاف في المسألة خلاف قديم، ولا ينبغي أن يتخذ وسيلة إلى الشقاق، فمن فعله فله سلف في الفعل، ومن تركه فله سلف في الترك، والخطب فيه أيسر من أن يجر إلى ما لا يجوز بحال، وهو إثارة العدوات والخصومات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1422(11/11999)
يستحب صلاة ركعتين لمن جاء أثناء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخل شخص المسجد أثناء خطبة الجمعة هل تسقط عنه ركعتا تحية المسجد أم يصلي ركعتين خفيفتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا دخلت المسجد أثناء خطبة الجمعة فصل ركعتين خفيفتين تحية المسجد واجلس، لما ثبت في صحيح مسلم وغيره عن جابر بن عبد الله قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس. فقال له: " ياسليك! قم فاركع ركعتين. وتجوز فيهما" ثم قال: " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1422(11/12000)
حكم الدرس بعد صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدرس بعد صلاة الجمعة ومدة الخطبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون) [الجمعة: 10] .
فأباح الله الانتشار في الأرض بعد الانتهاء من الصلاة، قال الضحاك: هذا إذن من الله من شاء خرج ومن شاء جلس، ذكر ذلك عن الطبري في تفسيره.
فإن رأى الإمام أو غيره الجلوس لتعليم الناس أو الإجابة على أسئلتهم، وكان للمأمومين رغبة في ذلك وإقبال، فلا حرج. والله أعلم.
أما الدرس مدة الخطبة، فلعلك تعني به أن بعض الخطباء يحول الخطبة إلى درس، ويتحاور مع الناس ويسألهم ويجيبون، كما بلغنا ذلك عن بعض الخطباء، فهذا لا أصل له في الشرع، ولا ينبغي فعله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان إذا خطب احمر وجهه وعلا صوته كأنه منذر جيش. والدرس يمكن إقامته في أوقات عدة خلال الأسبوع، أو بعد صلاة الجمعة كما سبق، ويبقى للخطبة مكانتها ومنزلتها وصفتها المشروعة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1421(11/12001)
صلاة ركعتين سنة الجمعة بعد الأذان غير مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة السنة قبل صلاة الجمعة، حيث يقول المؤذن صلوا سنة الجمعة يرحمني ويرحمكم الله، وهل هذا سنة أم بدعة؟ وهل يجوز العمل به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي قبل الجمعة بعد الأذان شيئاً، وكذلك أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: (أما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يكن يصلي قبل الجمعة بعد الأذان شيئاً، ولا نقل هذا عنه أحد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يؤذَّن على عهده إلا إذا قعد على المنبر، ويؤذن بلال، ثم يخطب النبي صلى الله عليه وسلم الخطبتين، ثم يقيم بلال فيصلي النبي صلى الله عليه وسلم بالناس، فما كان يمكن أن يصلي بعد الأذان، لا هو ولا أحد من المسلمين الذين يصلون معه صلى الله عليه وسلم…) إلخ. وقال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: (ومن ظن أنهم كانوا إذا فرغ بلال ـ رضي الله عنه ـ من الأذان، قاموا كلهم، فركعوا ركعتين، فهو أجهل الناس بالسنة، وهذا الذي ذكرناه من أنه لا سنة قبلها، هو مذهب مالك، وأحمد في المشهور عنه، وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي ... ) إلخ.
وبناءً على ما تقدم فلا تسن صلاة ركعتين بعد أذان الجمعة (سنة الجمعة كما يقولون) . وأما قول المؤذن (صلوا سنة الجمعة يرحمني ويرحمكم الله) فهو بدعة محدثة ما أنزل الله بها من سلطان، لكن يحسن الترفق معه ومع أمثاله، وتعليمهم ودعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة حتى لا تحدث فرقة بسبب ذلك، ولكون ذلك بدعة، فلا يجوز اتباعه في ذلك.
هذا إن كان المقصود الأذان الذي يتلوه الخطبة، أما إن كان المقصود الأذان الأول الذي سنه عثمان رضي الله عنه وأرضاه، فقد ذهب الحنفية والشافعية إلى أنه تسن الصلاة قبل الجمعة على خلاف بينهم في عدد ركعاتها، وذهب المالكية إلى كراهة التنفل عند الأذان الأول لا قبله لجالس في المسجد لا داخل يقتدى به ومذهب الحنابلة أنه لا سنة راتبة قبل الجمعة وأما التنفل فحسن جائز قال في مطالب أولى النهى (ولا راتبة لها قبلها نصاً بل يسن صلاة أربع ركعات لما روى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركع من قبل الجمعة أربعاً) وقد ألف ابن رجب الحنبلي رسالة بعنوان (نفي البدعة عن الصلاة قبل الجمعة) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12002)
خلاف العلماء في رفع اليدين يوم الجمعة عند دعاء الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أرفع يدي يوم الجمعة ... عندما أسمع الخطيب يدعو أم ماذا أفعل أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن رفع اليدين يوم الجمعة: لا ينبغي للإمام ولا للمأموم.
أما الإمام فلما رواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن حصين بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال: كنت إلى جنب عمارة بن رؤيبة وبشر بن مروان يخطبنا فلما دعا رفع يديه فقال عمارة قبح الله هاتين اليدين رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يخطب إذا دعا يقول هكذا فرفع السبابة وحدها. فدل الحديث على كراهية رفع اليدين على المنبر حال الدعاء وأنه بدعة وأما بالنسبة لمن يؤمن خلف دعاء الخطيب فقد اختلف فيه: هل يرفع يديه أم لا؟ فمنهم من منعه وحجتهم في ذلك أنه لم يثبت الرفع ولو ثبت لنقل إلينا.
ومنهم من أجازه لعموم الأدلة الواردة في أن من آداب الدعاء رفع اليدين. فعن سلمان رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين " رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1422(11/12003)
قراءة سورة الكهف يوم الجمعة مستحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[عند سماع سورة الكهف يوم الجمعة هل يجوز للمستمع أن يقرأ مع القارئ، وهل تعتبر قراءة المستمع قراءة لسورة الكهف يوم الجمعة تطبيقاً للحديث الشريف لفضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة أم أن الاستماع أوجب؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فمن جمع بين القراءة والخشوع والتدبر أفضل ممن استمع وخشع وتدبر، لأن القارئ مستمع وزيادة، وانظر الفتوى رقم:
31271 ولا يلزم من حضر المسجد الإنصات لغيره، وانظر الفتوى رقم:
26218
ومن استمع لسورة الكهف أو غيرها من السور فله مثل أجر من قرأ، ولا يعتبر قارئاً حقيقة، وانظر الفتاوى التالية ففيها مزيد فائدة وتجدها تحت الأرقام التالية:
2003 9438 11503 17165
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(11/12004)
هل يجوز لمن أدى الجمعة أن يبيع إذا كان المسجد الآخر لم يفرغ منها
[السُّؤَالُ]
ـ[في مدينتنا مسجدان، تقام صلاة الجمعة في كليهما، وذات يوم تأخر مسجد عن مسجد، فالمسجد الأول أتم صلاته على الساعة الثانية، والمسجد الثاني أتم صلاته الساعة الثانية والنصف. فهل يجوز البيع في هذه النصف ساعة الفارقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أحد المسجدين قد فرغ من الصلاة قبل الآخر فالبيع والشراء جائز لمن صلى فيه، لأنهم قد أدوا ما أوجبه الله عليهم من الصلاة وبرئت ذمتهم من الفريضة. وقد قال الله تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. {الجمعة: 10} .
فإذا قضى المصلون الصلاة في أحد المسجدين قبل الآخر جاز لهم أن ينتشروا في الأرض ويبتغوا من فضل الله بالبيع وغيره، ولا نعلم أحدا من أهل العلم يمنع من فرغ من صلاة الجمعة من البيع والشراء لكون الجمعة لا زالت تصلى في مسجد آخر، وأما من لم يكن صلى الجمعة ممّن تلزمه الجمعة فلا ينفعه فراغ أحد المسجدين من الصلاة بل لا زال البيع محرما عليه حتى يؤدي الجمعة. لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. {الجمعة: 9} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(11/12005)
جمع التبرعات أثناء وبعد الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية جزاكم الله عنا كل خير، سؤالي هو:
إمام المسجد في وقت صلاه الجمعة أي بعد الخطبة الثانية، وفي نهاية الخطبة يطلب من المصلين التبرع للمسجد لإصلاح أشياء به كإصلاح حمامات، أو دهان بداخل المسجد، أوما شابة ذلك. ونحن نعرف أنه علي خلق وأنه رجل تقي، وقد حدث هذا أكثر من أربع أو خمس جمع أو يزيد. وبعد فترة جاء شيخ ثان ليلقي محاضرة بعد صلاة العشاء وقال إن ما يعمله هذا الشيخ في خطبة الجمعة حرام، وقال بأن الذي يجمع التبرعات بين الصفوف صلاته باطلة، وأن من يعد الفلوس بالمسجد للتبرع فصلاته باطلة، واستدل على ذلك بأن من يقول لصاحبه في وقت صلاة الجمعة أنصت فقد لغا، واستدل أيضا بأن رجلا لغا في صلاتة بسبب عد الحصى. فأرجو منكم الإفادة لما ذكره هذا الشيخ هل هو فعلا حرام؟ وما يفعله إمام المسجد من جمع التبرعات بعد الانتهاء من الخطبة الثانية هل هذا حرام؟ وجزاكم الله عنا كل خير، تقبلوا تحياتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجوابُ عن هذه المسألة ينقسم إلى شقين: أحدهما يتعلق بما يفعله هذا الإمام، وثانيهما بما قاله هذا الشيخ.
أولاً: لا شك في أن التبرع لعمارة المساجد أمرٌ حسن، وهو من خير ما تُنفق فيه الأموال، ولكن ينبغي أن ينضبط هذا بالضوابط الشرعية، ومن ذلك ألا يكون التبرعُ لصالح المسجد في أثناء خطبة الجمعة، ولا بين الخطبة والصلاة، فإن التبرع في أثناء الخطبة منافٍ للإنصات المأمور به المصلون، وداخلٌ في عموم اللغو المنهي عنه في الخطبة، وانظر الفتوى رقم: 46465.
وأما جمعُ التبرعات بعد الخطبة وقبل الصلاة ففيه مشقةٌ على الناس، وقد تفوت به الموالاة بين الصلاة والخطبة، والتي هي شرطٌ لصحة صلاة الجمعة عند كثير من العلماء، وانظر الفتوى رقم: 50501. والذي ننصح به هذا الإمام الفاضل، أن يجعل جمع التبرعات للمسجد بعد انتهاء الصلاة خروجاً من هذه المحاذير، ولا بأس من أن يحث الناس على الصدقة والتبرع في أثناء الخطبة، لما في ذلك من الأمر بالمعروف، ونحنُ لا نشكُ في أنه سيحرصُ فيما يُستقبل على فعل ما نصحناه به إن شاء الله.
ثانياً: وأما ما ذكره هذا الشيخ من كون هذا الفعل حراماً، فلا شك في أن جمع التبرعات في أثناء الخطبة مما يستلزم الكلام وتخطي الرقاب داخلٌ في عموم اللغو المنهي عنه، والذي دلت على منعه أحاديثُ كثيرة، وكذلك إن كان جمعُ هذه التبرعات يقعُ بعد الخطبة فتفوت به الموالاة، فهو مما يجبُ النهي عنه لما تقدم، وربما كان هذا هو سبب جزم الشيخ المذكور ببطلان صلاةِ من يجمعُ التبرعات أو يعد الأموال في المسجد. أما إن كان يبطل الصلاة لمجرد حصول الجمع مع حصول الموالاة فهذا غلطٌ منه غفر الله له، فإن هذا وإن كان منهياً عنه لكنه ليس من مبطلات الصلاة، بل الصلاة صحيحة مُسقطة للفرض يحصلُ بها الإجزاء، وإن فات صاحبها كمال الثواب وتمام الأجر.
قال الحافظ ابن حجر في شرح حديث: إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت: قوله: فقد لغوت، قال الأخفش: اللغو الكلام الذي لا أصل له من الباطل وشبهه، وقال ابن عرفة: اللغو السقط من القول، وقيل الميل عن الصواب، وقيل اللغو الإثم كقوله تعالى: وإذا مروا باللغو مروا كراما. وقال الزين بن المنير: اتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو ما لا يحسن من الكلام، وأغرب أبو عبيد الهروي في الغريب فقال: معنى لغا تكلم كذا أطلق، والصواب التقييد. وقال النضر بن شميل: معنى لغوت خبت من الأجر، وقيل: بطلت فضيلة جمعتك، وقيل: صارت جمعتك ظهرا. قلت أقوال أهل اللغة متقاربة المعنى ويشهد للقول الأخير ما رواه أبو داود وابن خزيمة من حديث عبد الله بن عمر مرفوعا: ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا. قال ابن وهب أحد رواته معناه: أجزأت عنه الصلاة وحرم فضيلة الجمعة، ولأحمد من حديث علي مرفوعا: من قال صه فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له. ولأبي داود نحوه. ولأحمد والبزار من حديث ابن عباس مرفوعا: من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا، والذي يقول له أنصت ليست له جمعة. وله شاهد قوي في جامع حماد بن سلمة عن ابن عمر موقوفا. قال العلماء معناه: لا جمعة له كاملة للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه. انتهى.
وقال بدر الدين العيني رحمه الله: قوله: كانت له ظهراً. أي: كانت جمعته له ظهراً، بمعنى: أن الفضيلة التي كانت تحصل له من الجمعة لم تحصل له، لفوات شروط هذه الفضيلة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(11/12006)
حكم النوم أثناء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النوم أثناء الخطبة يوم الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز تعمد النوم أثناء خطبة الجمعة لأن الإنصات لها واجب، أما من غلبه النوم في هذا الوقت فعليه أن يدفع ذلك ما استطاع، ولا يأثم بما كان غلبة، فإن نام نوما ثقيلا بحيث تغيب حواسه عن الشعور بما حوله فليتوضأ للصلاة لأن النوم الثقيل من نواقض الوضوء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز تعمد النوم أثناء الجمعة لأن الإنصات لها واجب، ولذلك قال بعض العلماء: إن علة النهي عن الاحتباء يوم الجمعة هي خشية أن ينام الشخص فينتقض الوضوء ولا يستمع للخطبة.
قال النووي في المجموع بعد أن أورد ما روى أبو داود والترمذي عن سهل بن معاذ عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب. وهوحديث حسن كما ذكر الألباني، قال في تحفة الأحوذي عند شرح هذا الحديث: قال الخطابي: نهى عنها لأنها تجلب النوم فتعرض طهارته للنقض، ويمنع من استماع الخطبة. انتهى بتصرف يسير.
أما من غلبه النوم في هذا الوقت فعليه أن يدافع ذلك ما استطاع، ولا يأثم بما كان غلبه النوم، فإن نام نوما ثقيلا فليتوضأ للصلاة لأن النوم الثقيل من نواقض الوضوء، ومن الفقهاء من لم يفرق في نقض الوضوء بالنوم بينما إذا كان النائم جالسا ممكنا مقعدته من الأرض أم لا.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية:
1795، 50502، 1579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(11/12007)
من ألح على إعطاء الطيب لشخص والإمام يخطب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يعطيك المسك والإمام يخطب خطبة الجمعة؟ فهل تمسكه أو لا تعطيه اهتماما، وماذا تفعل إذا أصر المصلي بأن تمسكه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي لمن قدم إليه طيب ونحوه وقت الخطبة أن يأخذه لما في ذلك من الانشغال عن الخطبة المأمور باستماعها، ولكن إذا كان أخذ الطيب لا يترتب عليه صوت ولا انشغال عن الخطبة أو إشغال المصلين ولفت انبتاههم وكان الشخص الذي قدم الطيب يجهل الحكم وربما أصر على فعله فلا نرى مانعا من أخذه منه، على أن يبين له بعد الخطبة أن استماع الخطبة واجب، وأن السنة جاءت بالمنع من كل ما من شأنه الإلهاء عن استماع الخطبة، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 72144.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1428(11/12008)
حكم الابتداء بالسلام في حال الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخل الرجل المسجد يوم الجمعة وقال السلام عليكم تحية للجماعة، فهل تبطل صلاته، أو إذا صافح أحد الناس الموجودين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الابتداء بالسلام في حال الخطبة غير مشروع، ومن دخل يوم الجمعة والإمام يخطب كره له إلقاء السلام، قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإن سلم رجل والإمام يخطب كرهته ... ولكن لا تبطل صلاته بذلك، وكذا لا تبطل بمصافحته لأحد المصلين ولا نعلم أحداً من أهل العلم أبطل صلاته، وقال بوجوب إعادتها، ولكن قد ينقص أجره لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت. رواه البخاري، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 27158، والفتوى رقم: 9211.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(11/12009)
حكم البيع في البلد الذي يتعدد فيه نداء الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدنا تصلى الجمعة على عدة أوقات من دخول وقتها إلى مشارف صلاة العصر، وحيث إننا نمارس التجارة ويوم الجمعة ليس يوم عطلة رسمية، فإننا نستفتي فضيلتكم عن وقت حرمة البيع، وأيضا مسألة الحرفاء الذين يحرم البيع لهم حيث يصعب التمييز بين من سيصلي في أول الوقت ومن سيصلي آخره، وأخيرا هل يجوز لنا في المتجر أن نتناوب على الصلاة كأن يتوجه فريق ليصلي الجمعة أول الوقت فيما يبقى فريق ثان بالمحل ليصلي آخر الوقت.
وجزاكم الله عن المسلمين كل خير، ولا تنسونا من صالح دعائكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 23917 تفصيل مذاهب أهل العلم حول وقت الجمعة، وننصح الجماعة العاملين في ذلك المحل بإغلاقه وأداء صلاة الجمعة في أول وقتها لما يترتب على ذلك من المسارعة إلى الخير، وهذا مأمور به شرعا، قال تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ {البقرة:148} إضافة إلى كون أداء الصلاة في أول وقتها من أفضل الأعمال الصالحة؛ كما ثبت في الحديث الصحيح، وراجع الفتوى رقم: 35946، إلا أنه يجوز لهم التناوب في السعي إلى الجمعة مادام المتأخرون منهم سيؤدونها في وقتها. وبالتالي فإذا خرج بعض هؤلاء الجماعة لصلاة الجمعة وبقي بعضهم فالباقون يجوز لهم البيع والشراء في ذلك المحل إلى وقت الشروع في النداء الثاني في الجامع الذي يريدون أداء صلاة الجمعة فيه، ففي مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى وهو حنبلي: (وإن تعدد نداء كجامعين) في البلد فأكثر، تصح الجمعة فيهما، لسعة البلد ونحوها، (امتنع بيع) بنداء في جامع (أول) قبل نداء الجامع الآخر صححه في " الفروع" وفي نسخة في " الفصول ". (ويتجه هذا) أي: امتناع صحة البيع بنداء أول الجامعين (في حق من يريد الصلاة مع إمامه) أي: إمام الجامع الذي سبق نداؤه، وأما إذا أراد الصلاة مع من في الجامع المتأخر نداؤه، فتستمر صحة عقوده إلى الشروع في نداء الجامع الآخر، كما يصح الشروع في النافلة بعد إقامة صلاة لمن لا يريد الدخول فيها مع إمامه. وهو متجه. انتهى
وحرمة البيع والشراء إذا حان وقتهما مخصوصة بكون البائع والمشتري تجب الجمعة عليهما معا أو على أحدهما، ولا يحرمان إذا كان البائع والمشتري لا تجب عليهما الجمعة، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 24492 والفتوى رقم: 67542 نسأل الله تعالى لكم التوفيق لما يحب ويرضى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1427(11/12010)
حكم فتح المحلات وقت صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي محل للانترنت وعند صلاة الجمعة أترك زوجتي في المحل وأذهب للصلاة. هل يحب علي الإقفال وكم هي مدة الإقفال قبل وبعد الصلاة وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتاوى التالية أرقامها شروط جواز فتح مقاهي الإنترنت: 6075، 16843، 18897.
أما عن إغلاق المحل فإن الذي يحرم على من يلزمه الذهاب إلى الجمعة هو البيع عند الأذان الذي يعقب جلوس الخطيب على المنبر ويستمر ذلك المنع إلى أن تنتهي الصلاة، أما إغلاق المحل فلا يجب عليه ويستحب للسلطان أن يقيم أهل السوق منه في وقت الجمعة من تلزمه ومن لا تلزمه.
قال الدسوقي في حاشيته عند قول خليل: وإقامة أهل السوق مطلقا بوقتها، وإنما ندبت إقامة من لا تلزمه وإن كان كافرا لئلا يشتغل بال من تلزمه لاختصاص من لا تلزمه بالأرباح فيدخل الضرر على من تلزمه فأقيم من لا تلزمه لأجل إصلاح العامة. انتهى.
وعليه فإن بقاء زوجتك في المحل جائز إذا لم تحصل الخلوة بينها وبين الأجانب أعني غير المحارم من الرجال، ولا يجوز لها أن تتعامل في هذا الوقت مع من تجب عليهم الجمعة وهم الرجال المقيمون إقامة تقطع حكم السفر إضافة إلى شروط أخرى ذكرناها في الفتوى رقم: 24492.
وقد ذكر المالكية بيع النساء والمسافرين وغيرهم ممن لا تلزمهم الجمعة في الأسواق، أما إن كانوا في غير الأسواق فيجوز لهم أن يتبايعوا فيما بينهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1426(11/12011)
قراءة القرآن أو إلقاء موعظة قبل صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد مسجدان أحدهما يقرأ القرآن قبل صلاة الجمعة والآخر يقرأ في كتاب رياض الصالحين قبل صلاة الجمعة بأي مسجد تنصحوننا أن نصلي صلاة الجمعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة القرآن بصوت عال قبل صلاة الجمعة لا ينبغي فعلها لعدم ورود ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من صحابته، ولما قد يترتب عليه من مفاسد. وقد سبق بيان ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 59025، والفتاوى المربوطة بها، وكذلك الفتوى رقم: 53293، ولكن وجود ذلك لا يمنع من الصلاة في ذلك المسجد، وتقدم في الفتوى رقم: 63512، أن إلقاء كلمة وعظية أو تدريس قبل خطبة الجمعة لا حرج فيه، ولكن لا ينبغي المداومة عليه في كل جمعة، وتعدد الجمعة في القرية الواحدة جائز إذا دعت ضرروة إلى ذلك كضيق المسجد أو خوف حدوث فتنة بين الناس. وبناءً على ما تقدم فإذا كانت قريتكم يشرع فيها تعدد الجمعة فلا مانع من أن تصلي في أي المسجدين أو المساجد شئت. ولكن الأفضل أن تختار المسجد الأكثر جماعة لأن الثواب يعظم كلما كثرت جماعة المصلين. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 64716، والفتوى رقم: 51577.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(11/12012)
حكم البيع في المسجد وقت الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كالتالي: لقد تم في أحد المساجد في صلاة الجمعة بين الدرس والخطبتين بيع قطعة ذهبية من طرف الإمام بالمزاد العلني لإكمال بناء المسجد بحيث إن هذه القطعة الذهبية تم التبرع بها من أحد المصلين فما حكم الشرع في هذه الحالة.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نفهم مقصود السائل بالدرس، وأما عن حكم البيع فإن كان وقع عند الأذان الثاني وصعود الإمام المنبر فهو حرام كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 11965، وفيها أنه يفسخ إن وقع في ذلك الوقت عند المالكية ومن وافقهم، قال في التاج والإكليل في الفقه المالكي قال مالك: فإذا قعد الإمام على المنبر فأذن المؤذن منع من البيع، فإذا تبايع حينئذ اثنان تلزمهما الجمعة أو تلزم أحدهما فسخ البيع، فإن كان لا تجب على واحد منهما لم يفسخ (وقال) ابن يونس: إن فاتت السلعة ففيها القيمة وقت قبضها قاله ابن القاسم. انتهى. قال النووي: إذا تبايعا بيعا محرما بعد النداء مذهبنا صحته، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وقال أحمد وداود في رواية عنه لا يصح. انتهى.
وإن كان البيع قد حصل قبل ظهور الخطيب والأذان وبعد الزوال، فقد نص على كراهته صاحب المهذب في الفقه الشافعي قال: وأما البيع فينظر فيه.. فإن كان قبل الزوال لم يكره، وإن كان بعده وقبل ظهور الإمام كره، فإن ظهر الإمام وأذن المؤذن حرم لقوله تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّه ِ {الجمعة: 9} .
هذا حكم البيع يوم الجمعة بالنسبة لمن يجب عليه السعي إلى الجمعة مع أن البيع في المسجد يكره في كل وقت، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 23300. وقد نص الدسوقي في حاشيته على مختصر خليل في الفقه المالكي على منع البيع والشراء في المسجد إن كان بسمسرة فقال معلقا على قول الدردير: وكره فيه بيع وشراء بغير سمسرة وإلا منع، أي وإلا بأن كان البيع والشراء بسمسرة أي مناداة على السلعة حرم لجعل المسجد سوقا. انتهى. قال النووي في المجموع: تكره الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه وكذا البيع والشراء والإجارة ونحوه من العقود هذا هو الصحيح المشهور. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(11/12013)
استئجار مركوب في وقت وجوب السعي للجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخبرني أحد المشايخ أنه لا يصح أخذ سيارة أجرة إلى المسجد إذا جلس الإمام على المنبر وأن من اكتراها فإن فعلته تعتبر حراما، فهل ما قاله صحيحا وماذا لو ذهبت سيرا إلى المسجد وفاتتني الصلاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن البيع والإجارة وغيرهما من العقود التي تكون سببا في الشغل عن السعي لا تجوز في هذا الوقت، هذا مذهب مالك والشافعي، وهو مذهب الحنابلة في البيع والشراء دون سائر العقود، وإن وقع البيع وما ألحق به في هذا الوقت فإنه يفسخ عند المالكية والحنابلة، ولا يفسخ عند الشافعية، أما الحنفية فذهبوا إلى كراهة البيع في هذا الوقت.
ومسألة السائل هنا وإن كانت إجارة في وقت وجوب السعي إلا أن الذي يظهر من كلام الفقهاء أنها غير داخلة في النهي عن الإجارة في هذا الوقت لتوقف حضور الجمعة عليها، وتكون حينئذ أمرا متعينا.
فقد نص الشافعية على أن البيع في الطريق لا يحرم ولكن يكره. قال النووي في المجموع- وهو من محققي الشافعية- وحيث حرمنا البيع حرمت عليه العقود والصنائع وكل ما فيه تشاغل عن السعي إلى الجمعة، وهذا متفق عليه ... إلى أن قال أيضا: وحيث حرمنا البيع فهو في حق من جلس له في غير المسجد، أما إذا سمع النداء فقام في الحال قاصدا الجمعة فتبايع في طريقه وهو يمشي ولم يقف أو قعد في الجامع فباع فلا يحرم لكنه يكره. انتهى. قال: لأن المقصود أن لا يتأخر عن الجمعة.
وذكر فقهاء المالكية عند قول خليل بن إسحاق في مختصره: وفسخ بيع وإجارة وتولية وشركة وإقالة وشفعة بأذان ثان.
قال الدسوقي في حاشيته عند هذا النص: واعلم أن محل حرمة البيع إذا حصل ممن تلزمه مع غيره ما لم ينتقض وضوءه واحتاج لشراء ماء الوضوء؛ وإلا جاز له الشراء. قالوا: لأن المنع من الشراء والبيع إنما هو لأجل الصلاة، وبيع الماء وشراؤه حيئنذ إنما هو ليتوصل به إلى الصلاة، فلذا جاز. انتهى.
وكذلك أيضا أجرة السيارة في هذا الوقت إنما جازت ليتوصل بها إلى الصلاة.
وقد نص الحنابلة على جواز شراء المركوب للعاجز عن المشي إلى الجمعة، أي جواز شرائها وقت النداء. قال البهوتي: في دقائق أولي النهى ممزوجا بنص المنتهى: ولا يصح البيع في وقت لزوم السعي إلى الجمعة، إلى أن قال: إلا من حاجة كشراء مركوب لعاجز عن مشي إلى الجمعة. انتهى. مع أن الإجارة عند الحنابلة غير داخلة فيما يمنع في هذا الوقت. قال في دقائق أولي النهى أيضا: ويصح إمضاء بيع خيار وبقية العقود من إجارة وصلح وقرض ورهن وغيرها بعد نداء الجمعة لأن النهي عن البيع وغيره لا يساويه في التشاغل المؤدي لفواتها. انتهى.
والواجب على من تلزمه الجمعة أن يذهب إليها في وقت يمكنه معه حضور الجمعة والصلاة.
ولبيان فضل الذهاب إلى الجمعة ماشيا طالع الفتوى رقم: 51633.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1426(11/12014)
حكم جمع الأموال في المساجد عند صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم جمع الأموال في المساجد عند صلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 28802 كراهة السؤال في المسجد بل قد ذكر بعض العلماء تحريمه وأن من سأل لا يعطى، لكن لا يكره التصدق على المسكين في المسجد ولا على من سأل له الخطيب.
قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم في باب النهي عن المسألة: واتفق العلماء عليه (أي النهي عن المسألة) إذا لم تكن ضرورة واختلف أصحابنا في مسألة القادر على الكسب على وجهين أصحهما أنها حرام لظاهر الأحاديث، والثاني حلال مع الكراهة بثلاثة شروط: ألا يذل نفسه، ولا يلح في السؤال، ولا يؤذي المسؤول؛ فإن فقد أحد هذه الشروط فهي حرام بالاتفاق. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1425(11/12015)
حكم جمع التبرعات بعد انتهاء الخطبة وقبل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الحبيب السلام عليكم
نحن في مسجد إيجار ولا نستطيع جمع مصاريفه إلا بعد إنهاء الخطبة وقبل إقامة الصلاة، علما بأن وضع الجالية صعب وفي بعض الأوقات يحاسب البنك عنا ثمن الكهرباء والماء والإيجار فهل هذه ضرورة والجمع بعد أن يقف المصلون للصلاه فهل هذا لغو]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي لكم أن تجمعوا التبرعات بعد انتهاء الخطبة وقبل الصلاة لأمور:
أولا: لأن الموالاة بين الخطبة والصلاة شرط في صحة الخطبة عند كثير من الفقهاء، فلو طال الفصل استأنف الخطيب الخطبة من جديد، قال ابن قدامة في المغني: وكذلك يشترط الموالاة بين الخطبة والصلاة، وإن احتاج إلى طهارة تطهر وبنى على خطبته ما لم يطل الفصل. ا. هـ. ولا شك أن جمع التبرعات بعد انتهاء الخطبة وقبل الصلاة سيقطع الموالاة.
ثانيا: جمع التبرعات بين الخطبة والصلاة فيه نوع مشقة على المصلين، ويتأكد ذلك إذا كان المسجد كبيرا وعدد المصلين كثيرا مما يضطرهم إلى الوقوف والانتظار طويلا ريثما تنتهون من جمع التبرعات، وهذا فيه من الحرج على المصلين ولربما أدى ذلك إلى تغيب بعضهم عن صلاة الجمعة، وبإمكانكم أن تجمعوا التبرعات بعد انتهاء الصلاة عند خروج المصلين من المسجد وهذا أمر ميسور -إن شاء الله- فلا ندري ما وجه عدم استطاعتكم، ولكن إن تعذر ذلك فعلا، وترتب على عدم جمعكم للتبرعات قبل الصلاة وبعد الخطبة إغلاق المسجد -مثلا- فلا نرى مانعا من جمع التبرعات ما لم يطل الفصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1425(11/12016)
النهي عن الانشغال والعبث حال الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الاستفار عن أمر يقع كثيرا في المساجد هذه الأيام وخاصة في صلاة الجمعة وهو:
ما هو حكم صلاة الجمعة عندما أمرر قارورة المسك وهذا أثناء الخطبتين
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكره الانشغال بهذا الفعل وغيره أثناء الخطبة قياسا على الانشغال بالحصى الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مسه أثناء الخطبة فقال: ومن مس الحصى فقد لغا. رواه مسلم.
قال الإمام النووي: فيه النهي عن مس الحصى وغيره من أنواع العبث في حال الخطبة.
وقال البهوتي في كشاف القناع: ويكره العبث أثناء الخطبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن مس الحصى فقد لغا. قال الترمذي حديث صحيح. ولأن العبث يمنع الخشوع، وكذا الشرب يكره حال الخطبة إذا كان يُسْمَع؛ لأنه فعلٌ به أشبه مس الحصى ما لم يشتد عطشه فلا يكره شربه لأنه يذهب الخشوع، وجزم أبو المعالي بأنه إِذَنْ أولى.
ومع هذا فالصلاة صحيحة، وإن كانت ناقصة الثواب، فقوله صلى الله عليه وسلم: ومن لغا فلا جمعة له معناه لا جمعة له كاملة، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند الكلام على معنى هذا الحديث: قال العلماء: معناه لا جمعة له كاملة للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(11/12017)
حكم صلاة من تكلم والإمام يخطب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: كنت في الجامع في صلاة الجمعة وأعلم أنه لا يجوز التكلم وإذ بي أرى أمي تدخل ولم أر نفسي إلا أذهب وأقبلها حيث أنني لم أرها منذ عدة شهور وهناك خلافات بينها وبين زوجي مما جعلنا لا نزور بعضا بناء على طلب زوجي من كثر المشاكل التي يسببها لنا زوجها (عمي زوج أمي) والسؤال هو: هل صلاتي قبلت في المسجد؟ وهل علي إعادتها؟ حيث أنني تكلمت معها وقلت لها نتحدث بعد الصلاة.
ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما قَبُولُ الصلاة فلا يعلمه أحدٌ إلا الله عز وجل، قال تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (المائدة: 27) .
والصواب أن تقولي هل صلاتي صحيحة أي مُجْزِئةٌ؟.
والصلاة صحيحة مجزئة، ولا يلزمك إعادتها إلا أنه فاتك أجر الجمعة لكلامك حال خطبة الإمام.
روى ابن حبان وأبو يعلى وغيرهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
دخل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس إلى جنب أبي بن كعب رضي الله عنه فسأله عن شيء فلم يرد عليه أبي، فظن ابن مسعود أنها موجدة، فلما انفتل النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال ابن مسعود: يا أبي ما منعك أن ترد عليَّ؟ قال: إنك لم تحضر معنا الجمعة وفي رواية: إنك لم تُجَمّعْ. قال: لِمَ؟ قال: تكلمت والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقام ابن مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: صدق أبي. صدق أبي. أطع أبياً.
ووردت هذه القصة عن أبي ذر مع أبي بن كعب وقال له أبي: مالك من جمعتك إلا ما لغوت.
قال ابن عبد البر: هذا محمول عندنا على أنه ليس له ثواب من صلى الجمعة وأنصت، لا أنه أفسد الكلام صلاته وأبطلها. أ. هـ
ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بإعادة الصلاة.
وعليه، فلا إعادة عليك، إلا أنه كان ينبغي عليك أن تنتظري حتى يقضي الإمام الخطبة والصلاة، وبعد ذلك تقومي وتسلمي على أمك.
وللفائدة انظري الفتاوى التالية: 7260، 20947، 20950، 23257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(11/12018)
استئجار مواقف المطار بعد نداء الجمعة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في استخدام مواقف مطار الدوحة الدولي أثناء صلاة الجمعة بعد أن أصبحت برسوم تؤخذ عند الخروج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] ، فأوجب الله تعالى إتيان الجمعة على من تلزمه، وحرم عليه البيع بعد الأذان، قال ابن العربي في أحكام القرآن: قوله تعالى: وَذَرُوا الْبَيْعَ وهذا مجمع على العمل به ولا خلاف في تحريم البيع. انتهى.
والإجارة تحرم بعد الأذان الثاني كالبيع، وهل تفسخ؟ محل خلاف عند العلماء، جاء في التاج والإكليل: وفسخ بيع وإجارة وتولية وشركة وشفعة بأذان ثان، قال الجلاب: والإجارة كالبيع.
وقال ابن العربي المالكي: فكل أمر يشغل عن الجمعة من العقود كلها فهو حرام شرعاً مفسوخ ردعاً.
وفي مطالب أولي النهى: ويصح إمضاء بيع خيار وبقية العقود كنكاح وإجارة وقرض.... لأن النهي عن البيع ... انتهى.
فإذا تقرر ذلك.. فإن محل تحريم البيع والإجارة بعد النداء الثاني للجمعة إذا لم تكن ضرورة أو حاجة، قال في كشاف القناع: ومحله أي محل تحريم البيع والشراء إذن إن لم تكن ضرورة أو حاجة فإن كانت لم تحرم، ثم ذكر أمثله منها: شراء مركوب لعاجز، وكذا ضرير لا يجد قائداً ونحوه -أي نحو ما ذكر من كل ما دعت إليه ضرورة أو حاجة- ووجد ذلك يباع بعد النداء فله شراؤه دفعاً لضرورته وحاجته. انتهى.
وجاء في التاج والإكليل: استثنوا من هذا (تحريم البيع بعد النداء) من احتاج لشراء ماء لوضوئه، نص الشيخ أبو محمد على جوازه وأنه لا يفسخ شراؤه. انتهى.
وفي مسألتنا المعروضة في السؤال فإن الشخص يحتاج أن يستأجر موقفاً لسيارته في هذا المكان ليصلي الجمعة فهو أشبه ما يكون بمن يستأجر مركوباً ليذهب إلى الجمعة أو قائداً يقوده إليها.
وثمت مسألة أخرى يبنى عليها الحكم بجواز هذا العمل، وهي: هل تحريم البيع بعد النداء مطلقاً سواء انشغل به عن الجمعة بأن قعد أو وقف له أم لم ينشغل به؟ قال في المجموع: وحيث حرمنا البيع فهو في حق من جلس له في غير المسجد، أما إذا سمع النداء فقام في الحال قاصداً الجمعة فبايع في طريقه وهو يمشي ولم يقف، أو قعد في الجامع فباع فلا يحرم لكنه يكره. صرح به المتولي وغيره وهو ظاهر لأن المقصود أن لا يتأخر عن السعي إلى الجمعة. انتهى.
ومعلوم أن الداخل إلى مواقف السيارات لا يقف عند الدخول أو يقف للحظات ليعطى ورقة مسجل عليها وقت دخوله، فهو يستأجر بينما هو ذاهب إلى الجمعة.
وخلاصة الجواب أننا لا نرى على ضوء ما تقدم مانعاً من استئجار من تلزمه الجمعة لهذه المواقف بعد النداء الثاني، للحاجة إلى ذلك ولعدم اشتغاله بها عن الصلاة، ومع هذا فإننا نلتمس من القائمين على المطار أن يستثنوا وقت الجمعة وهو وقت قصير يبدأ من الأذان الثاني وينتهي بالسلام فيجعلوا الوقوف هناك مجاناً في هذا الوقت رفعاً للحرج وخروجاً من الخلاف، وبعداً عن الشبهة، كما أننا ننصح من لم تدعه الضرورة إلى هذه المواقف ألا يتوقف فيها فيما بين الأذان الثاني وسلام الإمام، ولو أداه ذلك إلى البحث عن مسجد آخر لا تؤجر مواقفه ما لم يخش فوات شيء من الجمعة ولو كان الخطبة أو جزء منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(11/12019)
جمع التبرعات أثناء خطبة الجمعة من اللغو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم جمع التبرعات أثناء خطبة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمع التبرعات أثناء خطبة الجمعة لا شك أنه من اللغو الذي يتعين اجتنابه، وإذا كان صلى الله عليه وسلم قال: ومن مس الحصا فقد لغا. رواه مسلم.
فمن باب أولى دخول هذا في اللغو، إضافة إلى ما يترتب عليه من أذية للمصلين بسبب تخطي الرقاب، وفي سنن أبي داود وابن ماجه وغيرهما: أن رجلاً جاء يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم أثناء الخطبة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجلس فقد آذيت.، وراجع الفتوى رقم: 28297.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1425(11/12020)
حكم السفر صباح الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السفر صباح يوم الجمعة هل هو مسموح به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم السفر في يوم الجمعة، مع ذكر المذاهب فيه في الفتوى رقم: 26271، والفتوى رقم: 21376.
وقد ورد في ذلك حديث ذكره صاحب كنز العمال وعزاه لابن النجار عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سافر من دار إقامة يوم الجمعة دعت عليه الملائكة ألا يُصحب في سفره ولا يُعان على حاجته. وهذا الحديث ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة برقم 385.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/12021)
تأجيل السفر أولى وإلا جاز الترخص
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو أني أريد السفر يوم الجمعة وموعد الإقلاع هو الساعة 1:15 ظهرا وكما تعلمون يجب التواجد في المطار قبل ساعة أو نصف ساعة على الأقل فكيف أصلي الجمعة؟ هل أصليها قبل سفري 4 ركعات أم بعد أن أصل؟ علما بأن مدة الرحلة حوالي ساعتين.
أفيدوني بسرعة جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان بإمكانك تأجيل السفر إلى وقت لا يترتب عليك فيه فوات شعيرة الجمعة، فإن التأجيل أولى وأحوط وأبرأ للذمة، إذ أن السفر بعد الزوال لا يجوز، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 22124.
فإن لم يكن التأجيل ممكناً جاز لك أداء صلاة الظهر بدلاً عنها، ويجوز لك حينئذ القصر والجمع إن كان المطار خارجاً عن عمران المدينة، وأداؤها أربع ركعات بدون جمع إن كان المطار داخل عمران المدينة، وإن كان يغلب على ظنك الوصول إلى البلدة المقصودة قبل خروج وقت العصر جاز لك تأخيرها والجمع بينها وبين العصر، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 26271.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(11/12022)
لا يرفع المأموم يديه أثناء التأمين على دعاء الخطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يرفع المصلي يديه ويؤمن في دعاء الإمام في خطبة الجمعة وكذلك في دعاء ما بين الأذانين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل هو سنية رفع اليدين في الدعاء إلا ما خصه الدليل كالحالات التي لم يرفع النبي صلى الله عليه وسلم فيها يديه، كدعاء الخطيب وتأمين المأموم يوم الجمعة، فإذا تقرر هذا فلا يرفع المأموم يديه أثناء التأمين على دعاء الخطيب لعدم ثبوته مع كثرة الجُمَع التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما رفع اليدين في الدعاء بين الأذانين فسنة، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين. رواه أحمد.
وراجع للأهمية الفتوى رقم: 4095.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(11/12023)
حكم التسوك أثناء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التسوك أثناء خطبة الجمعة وهل يقاس هذا على مس الحصى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيكره الانشغال بالسواك وغيره أثناء الخطبة قياسا على الانشغال بالحصى الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مسه أثناء الخطبة فقال: "ومن مس الحصى فقد لغا". رواه مسلم.
قال الإمام النووي: (فيه النهي عن مس الحصى وغيره من أنواع العبث في حال الخطبة) .
وقال البهوتي في كشاف القناع: (ويكره العبث أثناء الخطبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ومن مس الحصى فقد لغا". قال الترمذي حديث صحيح. ولأن العبث يمنع الخشوع، وكذا الشرب يكره حال الخطبة إذا كان يسمع لأنه فعل به أشبه مس الحصى ما لم يشتد عطشه فلا يكره شربه لأنه يذهب الخشوع، وجزم أبو المعالي بأنه إذن أولى) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(11/12024)
من أدى الجمعة ووجد آخرين يؤدونها هل له أن يمارس عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا يكون عملي يوم الجمعة، وإذا حانت صلاة الجمعة ذهبت مبكرا إلى المسجد، وإمام المسجد الذي أصلي فيه لا يطيل الخطبة، فأعود إلى العمل بعد أداء صلاة الجمعة وبجانب مقر العمل مسجد لا يزال خطيبه يلقي الخطبة. فهل علي شيء في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا صليت الجمعة ثم وجدت قوماً يصلون الجمعة في مكان آخر فلا يلزمك أن تصلي معهم مرة ثانية، فإن الفرض يسقط عن العبد إذا فعله مرة واحدة على الوجه المشروع، ولا حرج عليك في ممارسة عملك بعد فراغك من الصلاة، ولو كانت بعض المساجد الأخرى لم تفرغ بعد من الصلاة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(11/12025)
بيع وشراء من لا تجب عليهم الجمعة بعد النداء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل جائز أن أترك زوجتي تبيع في محلي أثناء ذهابي إلى صلاة الجمعة؟ ونحن نعيش في أستراليا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفقت المذاهب الأربعة على جواز التبايع بين من لا تجب عليهم الجمعة بعد النداء الثاني.
ففي الموسوعة الفقهية: (فلا يحرم البيع على المرأة والمريض والصغير، بل نص الحنفية على أن هذا النهي قد خص منه من لا جمعة عليه) . ا. هـ
وفي حاشية الدسوقي ومنح الجليل: (فإن تبايع اثنان تلزمهما الجمعة أو أحدهما فسخ البيع، وإن كانا ممن لا تجب الجمعة على واحد منهما لم يفسخ) . ا. هـ
وفي شرح الخرشي على خليل: وكره بيع العبد ومن هو مثله في سقوط الجمعة عنه، كالصبي والمرأة في وقت الخطبة والصلاة بالسوق مع مثله ... هذا إذا تبايعوا في الأسواق، وأما غير الأسواق فجائز للعبيد والنساء والمسافرين أن يتبايعوا فيما بينهم. ا. هـ
وفي المجموع شرح المهذب: (قال الشافعي في الأم والأصحاب: إذا تبايع رجلان ليسا من أهل فرض الجمعة لم يحرم بحال ولم يكره) . ا. هـ
وفي المغني لابن قدامة: (وتحريم البيع ووجوب السعي يختص بالمخاطبين بالجمعة، فأما غيرهم من النساء والصبيان والمسافرين فلا يثبت في حقه ذلك، وذكر ابن أبي موسى في غير المخاطبين روايتين، والصحيح ما ذكرنا.
فإن الله تعالى إنما نهى عن البيع من أمره بالسعي، فغير المخاطب بالسعي لا يتناوله النهي، ولأن تحريم البيع معلل بما يحصل به من الاشتغال عن الجمعة، وهذا معدوم في حقهم، فإن كان المسافر في غير مصر، أو كان إنساناً مقيماً بقرية لا جمعة على أهلها لم يحرم البيع قولاً واحداً ولم يكره) . ا. هـ
أما إذا كان أحد المتبايعين من أهل الجمعة والآخر ليس من أهلها، فقد اتفقوا على النهي عن ذلك، وحرمته على من تجب عليه، ولكن اختلفوا في فسخ العقد وفي حرمته على من لا تجب عليه، فقال بعضهم: يفسخ العقد ويحرم على من لا تجب عليه، وقال آخرون: لا يفسخ ويكره فقط.
وعليه، فإنه لا بأس في أن تبقى زوجتك في محلك للبيع، ولكن يشترط لذلك شروط:
الأول: ألا تبيع حراماً كالخمر والخنزير ونحوه، وألا تتعامل بالحرام.
الثاني: أن تلتزم بالشروط الشرعية للحجاب، ومنها تغطية جميع البدن.
الثالث: ألا تبيع لمن علمت أو غلب على ظنها أو شكت في أنه ممن تجب عليه الجمعة.
والرابع: أن تلتزم بالضوابط الشرعية في التعامل مع الرجال من عدم الخضوع بالقول، وترك الكلام فيما ليس له حاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1423(11/12026)
البيع بعد النداء لصلاة الجمعة منهي عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تشغيل محلات بيع (self service) أثناء صلاة الجمعة بينما يؤدي صاحب المحل فريضته، هذا وقد يتسبب بذلك في إلهاء الزبائن عن الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففتح المحل بعد جلوس الإمام على المنبر وشروع المؤذن في الأذان حرام لا يجوز، سواء كان من يَرِدُ على هذا المحل هو من أهل الفرض أم لا، لأنه داخل في معنى البيع، وقد نص العلماء على ذلك، ودليله قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الجمعة:9) ، وانظر الفتوى رقم 8613
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(11/12027)
السوق والمحلات تغلق وقت الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب مقهى إنترنت وأشتغل دائماً 24 ساعة ولكن يوم الجمعة نغلق قبل صلاة الجمعة بساعة
ويوجد نصرانيون لا يخرجون يقولون لي نحن عاوزين أن نقعد فهل نغلق المحل ونمشي أو نخرجهم إلى ما بعد صلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] .
فعليك -أخي الكريم- أن تغلق المحل وقت الجمعة، ولو كان من يبقى فيه من غير أهل الجمعة من الأطفال والنساء، وغير المسلمين، فقد نص الفقهاء على أن السوق والمحلات تغلق وقت الجمعة احتراماً لوقتها، ولئلا ينشغل الناس عنها، قال محمد بن عرفة الدسوقي المالكي في حاشيته على مختصر خليل: (وإقامة أهل السوق منها مطلقا من تلزمه ومن لا تلزمه بوقتها) .....
واحتراماً لدينك ينبغي لك أن تعلن لرواد محلك أن المحل يغلق أبوابه وقت الجمعة حتى يكونوا على علم بذلك، وقناعة تامة إذا حان وقت الجمعة بالخروج دون حرج ...
وقد ذكرت أنك تشتغل دائماً أربعة وعشرين ساعة فننبهك على أن عليك أن تؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجمعة، فلا بارك الله في عمل يشغل عن الصلاة، ولعلك تفعل ذلك دائماً، ولكن هذا من باب الذكرى التي تنفع المؤمنين.
كما ننبهك إلى خطورة مقاهي الإنترنت -وأنت أدرى بها- فهي سلاح ذو حدين يمكن أن تستخدم في الخير، فتنفع الناس في دينهم ودنياهم، وفي هذه الحالة فإن صاحبها رابح إن شاء الله تعالى، فهو من الدالين على الخير والمتعاونين على البر والتقوى.....
وإن كانت الأخرى -لا قدر الله- وكان الزبائن يستخدمونه في زيارة المواقع المحرمة، ويشاهدون الصور الإباحية، فهذا لا يجوز، ولا يجوز للمسلم أن يساعد عليه، ويجب أن يشترط على المتعاملين معه عدم الدخول إلى الأماكن المحرمة..... وإلا كان مساعدا لهم، ومتعاوناً معهم على الإثم والعدوان، قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] . وعلى القائم على المقهى أن يقوم بما يستطيع من كف الناس عن الدخول على المواقع ومن ذلك وضع المراقبين وحجب المواقع التي تنشر المحرمات ونحو ذلك
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(11/12028)
رفع الأيدي كالتكبير للصلاة بدل تحية المسجد يوم الجمعة محدث
[السُّؤَالُ]
ـ[في مساجد قريتنا ألاحظ أن كثيرا من الناس عند دخولهم المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب يرفعون أيديهم كأنهم يكبرون للصلاة ثم يجلسون بلا صلاة وقد بحثت كثيراً في هذا الأمر فلم أصل لشيء فهل له أصل في الدين؟ أم أن الأمر بدعة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم أن سليكاً الغطفاني جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس فقال: " يا سليك قم فاركع ركعتين، وتجوزَّ فيهما".
وأصله في البخاري دون ذكر سليك.
وعليه، فإن استبدال رفع اليدين على هيئة تكبير الإحرام بركعتي التحية لا أصل له، وهو محدث ومخالف للسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(11/12029)
أقوال الفقهاء في عقد النكاح أثناء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا عقد عقد الزواج أثناء خطبة الجمعة فإن العقد باطل لكن إذا دخل الرجل بزوجته أثناء الخطبة هل يعتبر زنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكرته من بطلان عقد النكاح بعد نداء الجمعة وأثناء الخطبة غير صحيح، فقد اتفق الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة على صحة عقد النكاح بعد النداء وأثناء الخطبة، واختلفوا بعد ذلك في جوازه أو حرمته أو كراهته.
ومن دخل بزوجته بعد النداء فهو آثم لتشاغله عن إجابة منادي الجمعة ولا يعد ذلك زنا قطعاً، ولعل السائل التبس عليه أمر البيع بأمر النكاح، فالبيع هو الذي يمنع من بداية النداء الثاني، ولا يصح إن وقع على الراجح من أقوال أهل العلم، ودليل ذلك قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) [الجمعة:9] ، وهذا نهي عن البيع، والنهي يقتضي الفساد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12030)
حكم الدخول بالزوجة بعد نداء الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا عقد عقد الزواج أثناء خطبة الجمعة فإن العقد باطل لكن إذا دخل الرجل بزوجته أثناء الخطبة هل يعتبر زنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكرته من بطلان عقد النكاح بعد نداء الجمعة وأثناء الخطبة غير صحيح، فقد اتفق الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة على صحة عقد النكاح بعد النداء وأثناء الخطبة، واختلفوا بعد ذلك في جوازه أو حرمته أو كراهته.
ومن دخل بزوجته بعد النداء فهو آثم لتشاغله عن إجابة منادي الجمعة ولا يعد ذلك زنا قطعاً، ولعل السائل التبس عليه أمر البيع بأمر النكاح، فالبيع هو الذي يمنع من بداية النداء الثاني، ولا يصح إن وقع على الراجح من أقوال أهل العلم، ودليل ذلك قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) [الجمعة:9] ، وهذا نهي عن البيع، والنهي يقتضي الفساد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1423(11/12031)
بيان مذاهب أهل العلم فيمن فاتته صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[نعرف أنه إذا حضر المأموم في الركعة الأخيرة من صلاة الجمعة بعد رفع الإمام من ركوع الثانية يتم أربعا، لكن لماذا إذا حضر شخص بعد انتهاء الجمعة لا يصليها جمعة ركعتين لأن فريضة الجمعة لغت الظهر أصلا أي لا يوجد فريضة الظهر يوم الجمعة والوقت هو وقت جمعة؟
هل هناك من قال ذلك من الفقهاء أم أنهم كلهم وبلا استثناء أجمعوا على أنه ظهر لمن جاء بعد انتهاء صلاة الجمعة مع الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فاتته صلاة الجمعة صلى الظهر أربعا ولا يجزئه صلاة الجمعة ركعتين لأن الجماعة شرط في الجمعة بالإجماع. وإليك بيان مذاهب أهل العلم في المسألة:
قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: فأما إذا فاتته الجمعة فإنه يصير إلى الظهر ; لأن الجمعة لا يمكن قضاؤها ; لأنها لا تصح إلا بشروطها, ولا يوجد ذلك في قضائها , فتعين المصير إلى الظهر عند عدمها, وهذا حال البدل. انتهى.
وقال ابن عبد البر المالكي فى الكافي: وكل من فاتته الجمعة بعذر أو بغير عذر صلى الظهر أربعا. انتهى.
وقال النووي الشافعي في المجموع: وإن أدركه بعد ركوعها لم يدرك الجمعة بلا خلاف عندنا, فيقوم بعد سلام الإمام إلى أربع للظهر. انتهى.
وفي تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي الحنفي: ولهذا لو فاتته الجمعة صلى الظهر في الوقت، وبعد خروج الوقت يقضي بنية الظهر, وهذا آية الفرضية إلا أنه مأمور بإسقاطه بالجمعة فيكون بتركه مسيئا فيكره, وهذا الخلاف راجع إلى أن فرض الوقت هو الظهر عندهم وعند زفر الجمعة. انتهى.
وعلة عدم إجزاء ركعتين في حق من فاتته الجمعة هي أن الجمعة لها أركان وشروط إذا توفرت أجزأت وإن لم تتوفر وجب الظهر بدلا عنها، وتفصيل شروط الجمعة وأركانها قد تقدم في الفتوى رقم: 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1430(11/12032)
كيف يصلي من أتى إلى الجمعة متأخرا
[السُّؤَالُ]
ـ[إن لم أدرك صلاة الجمعة من أولها ـ سواء فاتتني الخطبة، أو الركعة الأولى، أو الركعتان معا ـ وأدركت التشهد، أريد الإجابة بالتفصيل عن كيفية قضاء ما فاتني.
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن الواجب على من سمع نداء الجمعة وهو من أهل الوجوب أن يبادر بالذهاب إلى الجمعة، لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة: 9} .
وأما إذا فاتتك الخطبة أو بعضها أو فاتك بعض الصلاة، فإنك تصلي جمعة إلا أن يكون ما أدركته مع الإمام أقل من ركعة فحينئذ تتمها ظهرا، فإذا أدركت الإمام في الركعة الأولى فإنك تصلي معه وتحسب لك جمعة، وإذا أدركته في الركعة الثانية فإنك تأتي بركعة بعد سلام الإمام وتكون مدركا للجمعة، وإذا أدركته بعد ما رفع من ركوع الركعة الثانية لم تكن مدركا للجمعة وأتممها ظهرا، هذا هو قول الجمهور، وهو الموافق للدليل، وذهب بعض التابعين إلى أن من فاتته الخطبة صلى أربعا، وذهب الحنفية إلى أن الجمعة تدرك بإدراك الإمام قبل أن يسلم، قال النووي ـ رحمه الله: فرع في مذاهب العلماء فيما يدرك به المسبوق الجمعة، قد ذكرنا أن مذهبنا أنه إن أدرك ركوع الركعة الثانية أدركها وإلا فلا وبه قال أكثر العلماء حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عمر وأنس بن مالك وسعيد بن المسيب والأسود وعلقمة والحسن البصري وعروة بن الزبير والنخعي والزهري ومالك والأوزاعي والثوري وأبي يوسف وأحمد واسحق وأبي ثور، قال: وبه أقول، وقال عطاء وطاوس ومجاهد ومكحول من لم يدرك الخطبة صلى أربعا، وحكى أصحابنا مثله عن عمر بن الخطاب، وقال الحكم وحماد وأبو حنيفة من أدرك التشهد مع الإمام أدرك الجمعة فيصلى بعد سلام الإمام ركعتين وتمت جمعته، دليلنا الحديث الذي ذكرته عن رواية البخاري ومسلم. انتهى.
وأراد بهذا الحديث حديث أبي هريرة المتفق عليه، من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة.
واستدل العلماء بحديث آخر وهو حديث أبي هريرة عند ابن ماجه وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى. وصححه الحاكم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(11/12033)
لا تجب الجمعة على المسافر
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاثة سافرنا إلى بلد أوربي للعمل، ونسكن حالياً في قرية لا يوجد بها مساجد ولا مسلمون، ونعمل في مدينة تبعد عنها ثلاثة وأربعين كيلاً وبها مسجد, ويعد أهل المنطقة الانتقال بين هاتين النقطتين سفراً ويستغرق منا الانتقال من السكن إلى العمل خمسة وأربعين دقيقة أو ساعة وفيها بعض المشقة, ويدخل علينا وقت الظهر ونحن في مقر العمل ونصل إلى منازلنا مع نهاية وقت العصر, ومن المخطط أن نقيم هنا أربعة أشهر ثم ننتقل إلى بلد آخر. فهل يجوز لنا قصر الصلاة؟ وهل يجوز لنا جمع الظهر والعصر في أيام الدوام؟ وماذا عن جمع المغرب والعشاء والتي تكون حينما نكون في منازلنا غالباً ومثلها الظهر والعصر حين الإجازات؟ وماذا عن صلاة الجمعة هل تجب علينا حيث إنه تقام جمعة في مدينة عملنا ويمكننا حضورها؟ وماذا لو لم نكن في هذه المنطقة هل نسافر لها وماذا لو شق علينا حضورها؟ وماذا عن الجماعة علماً بأن صاحبيّ يصران على جمع الصلوات وقصرها استناداً لما يقولون أنها فتوى للشيخ ابن عثيمين والتي يقولون أنها تجيز الجمع والقصر مهما طالت مدة السفر ولم أطلع على الفتوى وهي غير موجودة لديهم. أرجو التفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب الجمهور أن المسافر إذا أقام فى بلد أقل من أربعة أيام جاز له الترخص برخص السفر، ومن زاد عليها فهو مقيم لا يجوز له أن يترخص لا بالجمع ولا بالقصر, وانظر الفتوى رقم: 115280.
ومذهب الجمهور أن المسافة المبيحة للقصر هي أربعة برد وهى ما يساوى 83 كيلو مترا تقريبا، فمن سافر دون هذه المسافة لم يبح له الترخص برخص السفر, وانظر الفتوى رقم: 6215.
وذهب بعض أهل العلم كذلك إلى أن السفر الذى يباح الترخص فيه هو ما يسمى فى عرف الناس سفرا, ولا يتقيد ذلك بمسافة, وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية , وهوقول له حظ من النظر، ومذهب الجمهور هو ما قدمناه.
ومن ظهر له قوة دليل فى مسألة، أو قلد من يثق به من أهل العلم ممن يجوز تقليده فلا جناح عليه وهو مأجور إن شاء الله.
وعلى المفتى به عندنا وهو ما بيناه لك آنفا يتضح لك حكم ما سألت عنه, فإنكم إذا أقمتم ببلد أربعة أيام فصاعدا لم تترخصوا برخص السفر من القصر والجمع, وإن خرجتم منها إلى بلد غيرها وليس بينهما مسافة القصر, لم يجز لكم الترخص برخص السفر كذلك, ولا يجوز لكم الترخص إلا على الوجه الذى ذكرنا من إقامة مدة يباح فيها القصر أو السفر إلى بلد بينكم وبينه مسافة تبيح القصر.
فإذا علمت حكم قصر الصلاة مما تقدم فاعلم أن الجمع يجوز حيث يجوز القصر، وهناك حالات أخرى تبيح الجمع بين الصلاتبين سوى السفر وقد بيناها مفصلة فى الفتوى رقم: 6846.
فإذا وجد سبب يبيح لكم الجمع جاز الجمع وإلا فلا, وأما عن صلاة الجمعة, فإذا كان اسم السفر يصدق عليكم فليس عليكم جمعة؛ إذ الجمعه لا تجب على مسافر.
قال النووي رحمه الله: لا تجب الجمعة على المسافر، هذا مذهبنا لا خلاف فيه عندنا وحكاه ابن المنذر وغيره عن أكثر العلماء، وقال الزهري والنخعي إذا سمع نداء لزمته، قال أصحابنا: ويستحب له الجمعة للخروج من الخلاف ولأنها أكمل، هذا إذا أمكنه. انتهى.
وكذا إذا لم يكن اسم السفر يصدق عليكم ولم تكن الجمعة تقام فى البلد الذى تسكنونه ولا يمكنكم إقامة الجمعة لعدم توفر شروطها فلا تلزمكم الجمعه وإنما يكفيكم أن تصلوا ظهرا، ولا يجب عليكم أن تذهبوا إلى البلد الذى تقام فيه الجمعة , وانظر الفتويين: 13026 , 41747.
وأما الجماعة فالذى ينبغى لكم أن تحرصوا عليها سواء صدق عليكم اسم السفر أو لا فإن كثيرا من أهل العلم يرون وجوب الجماعة على المسافر, وانظر الفتوى رقم: 48348. وما ذكرته عن الشيخ العثيمين هو صحيح عنه , فقد رجح هذا القول وانتصر له فى الشرح الممتع وغيره, ولكن الراجح عندنا هو ما ذكرناه لكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1430(11/12034)
يترك الجمعة وصلاة الظهر لبعد المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعمل في الخليج في شركة إعلانات على الانترنت، وانتقلت منذ فترة للعمل في لبنان في شركة غير مسلمة وفي منطقة غير مسلمة في نفس المجال، ولدي أيضا عمل في جامعة بدوام جزئي غير ثابت. الرجاء الإجابة على أسئلتي التالية: 1- أنا لا أستطيع الذهاب لصلاة الجمعة لأن أقرب مسجد يبعد حوالي 45 دقيقة بالسيارة.
2- إني لا أصلي صلاة الظهر لعدم قربي من المسجد ولعدم وجود غرفة فارغة في الشركة ولعدم راحتي في الصلاة بالقرب من غير المسلمين.
3- بعض من زبائن الشركة الذين نعلن لهم هم شركات خمر وقمار وتأمين والبعض الآخر شركات تبيع مواد حلال. الرجاء التعليق على النقاط الثلاث السابقة وتوضيح إذا كان عملي وراتبي من هذه الشركة حلالا، علما أن عملي الجزئي الثاني هو غير ثابت ولا يعيلني أنا وزوجتي وولدي. أيضا يوجد صعوبة كبيرة بالحصول على عمل آخر هنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن صلاة الجمعة فإن كان المسجد المشار إليه يقع ضمن حدود مدينتك فالواجب عليك السعي إلى الجمعة بعد دخول وقتها، ولا عبرة ببعد المسافة لأن الجمعة تجب على من كان داخل المصر ولو كانت المسافة بين المسجد وبين مكان إقامته بعيدة كما بيناه في الفتوى رقم: 116733.
ولا يجوز أيضا ترك صلاة الظهر لعدم وجود مسجد أو لعدم وجود مكان معد للصلاة في العمل. والواجب عليك أيها السائل التوبة إلى الله تعالى، فإن ترك فريضة من فرائض الصلاة يعتبر كبيرة من كبائر الذنوب، والصلاة عبادة عظيمة لا ينبغي للمسلم أن يستحي من أدائها ولو في مكان يراه الكفار، بل لعل ذلك يكون سببا في إسلامهم، وقد سمعنا كثيرا عن كفار أسلموا بعدما رأوا مسلمين يصلون، فتأثروا بهيئة الصلاة وأسلموا، وينبغي للمسلم أن يعتز بدينه لأنه دين الحق.
وأما الدعاية لشركات الخمر والقمار ونحوها فهذا لا يجوز أيضا لكونه من التعاون على المعصية. وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ولا شك أن الدعاية لأمر محرم هو من التعاون على نشره وفعله فلا يجوز لك أخي السائل عمل تلك الدعايات المحرمة، ولا يحل لك المال الذي تأخذه مقابل عملها، والواجب عليك المباردة إلى التوبة، وقد قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2،3} وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}
فاتق الله تعالى وسوف يرزقك كما وعد، وكن بوعد الله أوثق مما في يديك. وانظر الفتوى رقم: 63048، والفتوى رقم: 72464.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(11/12035)
ذهبوا لزيارة ففاتتهم الجمعة فصلوها ظهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبنا إلى قريب لنا مسافة 15 كيلو وقت صلاة الجمعة، وفاتتنا الصلاة، وعندما وصلنا صلينا الظهر ماذاعلينا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلتموه من الذهاب لزيارة قريبكم بعد دخول وقت الجمعة ذنب عظيم يستوجب التوبة إلى الله عز وجل، فقد نص الفقهاء على أن السفر بعد دخول وقت الجمعة لا يجوز، ونقل الاتفاق على ذلك.
جاء في الموسوعة الفقهية: اتّفق الفقهاء على حرمة السّفر في يوم الجمعة بعد الزّوال لمن تلزمه الجمعة، لأنّ وجوبها تعلّق به بمجرّد دخول الوقت، فلا يجوز له تفويته.
قال في المغني: ولأن الجمعة قد وجبت عليه فلم يجز له الاشتغال بما يمنع منها كما لو تركها لتجارة.
وإن كانت المسألة ليست إجماعاً، ولكنه قول عامة العلماء وهو الصواب.
قال العراقي: قد ادعى بعضهم الاتفاق على عدم جوازه وليس كذلك، فقد ذهب أبو حنيفة والأوزاعي إلى جوازه كسائر الصلوات وخالفهم في ذلك عامة العلماء.
وإذا كان هذا كلام العلماء في السفر بعد دخول يوم الجمعة، ومعلوم أن المسافر لا تجب عليه الجمعة، فلا شك أن الانتقال من مكانٍ إلى آخر بعد دخول وقت الجمعة إذا كان سيؤدي إلى فوات الجمعة أولى بالتحريم، إذا كان لا يسمى سفراً، كما وقع لكم في زيارتكم تلك، وقد أمر الله بالسعي إلى الجمعة، ونص على تحريم الاشتغال بالتجارة بعد الأذان الثاني وفي معناها كل ما يشغل عن الجمعة، قال الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع. {الجمعة:9} .
وعلى هذا، فالواجب عليكم أن تتوبوا إلى الله عز وجل من هذا التفريط والتساهل الذي أدى بكم إلى أن فاتتكم الجمعة، وما فعلتموه من صلاة الظهر صحيح، وهو الواجب عليكم، لأن من فاتته الجمعة ففرضه أن يصلي الظهر، وانظر الفتوى رقم: 11679.
ولا يجب عليكم شيء زائد على صلاة الظهر سوى ما ذكرنا من التوبة والندم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(11/12036)
فاتته الجمعة في أول الوقت فهل يصلي مع من يصلونها في آخره
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في تونس يوجد وقتان لصلاة الظهر، حيث تجد داخل المدينة الواحدة مسجدا يصلون فيه عند دخول وقت الظهر، وفي مسجد آخر يصلون في آخر وقتها. وهذا الحال معمول به أيضا في صلاة الجمعة. لكن مؤخرا تخلفت عن صلاة الجمعة في وقتها الأول نظرا لبعدي عن المسجد (10 كلم) وغياب وسيلة نقل. لكن بعد مدة زمنية توفرت لي وسيلة نقل فهل أتوجه للمسجد لقضاء صلاة الجمعة الثانية أم أصلي في المنزل صلاة الظهر. وهل هذه الجمعة بدعة أم لا؟ جزاكم الله خيرا، وباركنا لنا فيكم وفي علمكم، وأسكنكم فسيح الجنان بدون حساب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن وقت الجمعةِ يمتد من زوال الشمس إلى دخول وقت العصر، وانظر الفتوى رقم: 38734.
وبينا أن المستحبَ هو فعل الجمعة في أول وقتها، أي بعد الزوال مباشرة، وذلك في الفتوى رقم: 114520.
فمن فاتته الجمعة في أول الوقت لعذرٍ أو لغير عذر، ووجد جمعة أخرى تقام قبل انقضاء وقت الصلاة، فالواجب عليه أن يصلي الجمعة معهم، لأنها واجب في ذمته ولا يبرأ إلا بفعلها. فمن كان من أهل الوجوب، وكانت الجمعة تقام في أي جزء من أجزاء الوقت، وجب عليه إتيانها لقوله صلى الله عليه وسلم: الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: مملوك وامرأة وصبى ومريض. رواه أبو داود.
وبه تعلم أن الواجب عليك إذا تخلفت عن الجمعة الأولى لعذر أو لغير عذر أن تصلي مع من يصلون الجمعة الثانية. وانظر الفتوى رقم: 105145.
وأما المواظبة على فعل الجمعة في آخر الوقت فلا شك في أنه خلاف السنة، إذ السنة التبكير بالجمعة، والمبادرة بفعلها في أول الوقت، كما بينا ذلك في الفتوى المحال عليها برقم: 114520.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1430(11/12037)
أول جمعة صليت في المدينة
[السُّؤَالُ]
ـ[متى أقيمت أول جمعة في المدينة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأول جمعة في المدينة هي التي جمعها أسعد بن زرارة في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له نقيع الخضمات.. فعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وكان قائد أبيه بعد ما ذهب بصره عن أبيه كعب بن مالك أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة؟ قال: لأنه أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له نقيع الخضمات. قلت: كم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون. رواه أبو داود وابن ماجه، وحسنه الألباني. وكان ذلك قبل الهجرة.
وأما أول جمعة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة بعد الهجرة، فذكر ابن إسحاق في (السيرة) : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بقباء في بني عمرو بن عوف يوم الإثنين -يعني لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول- ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس، وأسس مسجده، ثم أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة، فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي وادي رانوناء، فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة. انتهى. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 69600.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/12038)
حكم تعدد الجمعة في القرية الواحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: قمنا ببناء مسجد والحمد لله وقمنا بالصلاة فيه الفروض الخمسة والحمد لله وأردنا صلاة الجمعة فيه والخطبة، وقال لنا بعض طلبة العلم إنه لا تجوز صلاة الجمعة فيه والخطبة لأنه يوجد مسجدان في قريتنا لا يمتلئان بالمصلين، مع العلم أن هناك والحمد لله 7 مساجد في قريتنا تمتلئ بالمصلين ما عدا هذين المسجدين لأنه تقام بهما بعض البدع مثل قراءة القرآن الكريم بمكبرات الصوت والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد الأذان في مكبرات الصوت وبعض البدع الأخرى.
فهل يجوز لنا صلاة الجمعة في مسجدنا مع العلم أن هذين المسجدين لا يمتلئان بالمصلين وذلك لما يقام فيهما من البدع ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل عدم جواز تعدد الجمعة في البلد الواحد إلا إذا ضاق المسجد بالمصلين أو تعذر الوصول إليه لبعده أو خيف حدوث فتنة ونحو ذلك.. فتقام الجمعة حينئذ في غيره من المساجد، وراجع الفتوى رقم: 27832.
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ثبت أنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مسجد تقام فيه صلاة الجمعة بالمدينة إلا مسجد واحد هو المسجد النبوي، وكان المسلمون يأتون إليه لصلاة الجمعة به من أطراف المدينة وضواحيها كالعوالي واستمر الحال على ذلك في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، وذلك دليل عملي منه صلى الله عليه وسلم على القصد إلى جمع المسلمين في صلاة الجمعة في البلد الواحد على إمام واحد إشعارا بوحدة القيادة وجمعا للقلوب وتأليفا للنفوس وزيادة في التعارف وتأكيدا لمعاني الأخوة ولو كان تعدد الجمع في البلد الواحد من غير مبرر شرعي مباحا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم أن يصلي كل منهم الجمعة في مسجده بأطراف المدينة لأنه صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وفي ذلك تيسير على أمته وتخفيف عنها وعمل بعموم قوله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة: 185} وعموم قوله: يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا {النساء: 28} فلما لم يأمرهم بالتعدد ولم يأذن لهم فيه دل ذلك على قصده عليه الصلاة والسلام إلى توحيد الجمعة في البلد الواحد، وجمعهم على إمام واحد فيها لما تقدم بيانه من الحكمة في ذلك. انتهى.
وما دام في قريتكم مسجدان لا يمتلئان بالمصلين وليسا بعيدين منكم بعدا يشق عليكم به أداء الصلاة فيهما ولم تخشوا حدوث فتنة.. فلا يجوز لكم أن تقيموا الجمعة في هذا المسجد لما في ذلك من تفريق المسلمين ومخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم ... وكون هذين المسجدين مما يوجد فيه بعض البدع لا يسوغ لكم إحداث مخالفة أخرى بإقامة الجمعة في هذا المسجد بل عليكم أن تناصحوا القائمين على هذين المسجدين وتبينوا لهم بلين ورفق مخالفة ما يفعلونه لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فإن استجابوا فبها ونعمت، وإن لم يستجبوا فإن شر بدعتهم يعود عليهم ولا يضركم أنتم شيئا، وقد بينا جواز صلاة الجمعة خلف من يتشبث ببدعة في فتاوى كثيرة وانظر الفتوى رقم: 105430، والفتوى رقم: 24537.
وهذا وننبه إلى أنه لا يحكم على شيء أنه بدعة إلا إذا علم ذلك من أهل العلم لأنه ربما يظن العامي أن أمرا ما بدعة وهو ليس كذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1430(11/12039)
صلاة الجمعة في الغرب في غير المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أخ لي يسأل إن كان يجوز له الذهاب إلى مدينة هنا بكندا لإجراء تربص، حيث إنه لن يستطيع تأدية صلاة الجمعة لمدة أربعة أشهر بسبب عدم وجود مسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على أخيك ترك الإقامة في بلاد الكفار، وأن يرجع إلى بلاد الإسلام ويقيم فيها، إلا إن وجدت ضرورة أو مصلحة راجحة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 714، وقد بينا في الفتوى رقم: 71603 أن البلد الذي لاتقام فيه الجمعة يجب على من أقام فيه من المسلمين أن يصلي الظهر، ثم إن المسجد ليس شرطاً في صحة الجمعة على الراجح كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 31086.
وعليه فيجب على هذا الأخ أن يقيم الجمعة مع المسلمين الموجودين بها -إن استطاع ذلك- ولو لم يوجد مسجد، فإن لم يكن معه جمع من المسلمين فليصل الظهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1430(11/12040)
الخروج عن البلدة يوم الجمعة للعمل إذا أدى للتخلف عن الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس عندنا يذهبون لقطف الزيتون في موسمه -والزيتون يبعد عن القرية حوالي كيلو متر واحد فقط-ولا يأتون للجمعة بحجة أنهم خارج البلد، علما بأنهم ذهبوا لقطفه صباح الجمعة، ما هو رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخروج عن القرية بالمقدار المذكورلا يسقط عن صاحبه فرض الجمعة، ولا ينبغي لهؤلاء أن يخرجوا يوم الجمعة لعمل أو سفر، إذا كان خروجهم يؤدي إلى تضييع هذه الشعيرة العظيمة، فقد نص أهل العلم على كراهة ذلك إذا كان بعد الفجر وقبل الزوال، وذهب بعضهم إلى حرمته، مع اتفاقهم على حرمة الخروج بعد الزوال إلا بعد أداء الصلاة. وقد بينا ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتويين رقم: 26271، 31522. ولتمام الفائدة نرجو أن تطلع عليهما.
وعلى ذلك، فإن على من خرج من أهل القرية يوم الجمعة لحاجة أن يرجع لأداء صلاة الجمعة مع الجماعة، وإذا كان في الرجوع مشقة فلا يخرج إلا بعد أداء الصلاة، أو يؤجل الخروج يوم الجمعة إذا لم يترتب على ذلك مفسدة، فقد ورد الوعيد الشديد في التخلف عن الجمعة بغير عذر، وعلى المسلم أن يحذر من التخلف عنها كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 25643، 43167.
ويمكنك أن تراجع في المسافة التي يجب منها السعي إلى الجمعة فتوانا رقم: 70699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(11/12041)
صلى بهم الخطيب الاستسقاء قبل الجمعة فاختلفوا
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيب جمعة بعد خطبته نزل عن المنبر وأقيمت الصلاة، وقال للناس إنه سيصلي بهم أولا صلاة الاستسقاء وفعل، ثم صلى الجمعة بدون إقامة، مما أحدث ضجة في المسجد، بعض الناس صلى معه الاستسقاء والجمعة وهم الأكثر، وبعضهم صلى الاستسقاء بنية الجمعة وخرج، والبعض صلى الاستسقاء دون نية الجمعة وخرج، ماذا يلزم هؤلاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ارتكبَ هذا الخطيبُ جملةً من المخالفات:
الأولى: إحداثه صلاةً بين خطبة الجمعة والصلاة، وهذا أمرٌ محدث لم يُنقل فعله عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحدٍ من أصحابه، وقد ثبت في الصحيحين: من أحدثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
الثانية: تركه الموالاة بين الخطبة والصلاة والذي هو شرطٌ في صحة الجمعة عند كثيرٍ من أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: والموالاة شرط في صحة الخطبة، فإن فصل بعضها من بعض، بكلام طويل، أو سكوت طويل، أو شيء غير ذلك يقطع الموالاة، استأنفها. والمرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة. وكذلك يشترط الموالاة بين الخطبة والصلاة. وإن احتاج إلى الطهارة تطهر، وبنى على خطبته، ما لم يطل الفصل. انتهى.
الثالثة: تسببه في إحداث الفوضى بين الناس والتشويش عليهم ونشوب الخلاف بينهم، ومثل هذا لو كان ينشأ عن أمرٍ يسوغ فعله لكان تركه أولى، إذ الخلاف شرٌ كما قال ابن مسعود رضي الله عنهما، فكيف إذا كان بهذا الأمر المحدث المبتدع.
وأما عن حكم المسألة، فصلاةُ الإمام وصلاة من صلوا معه الجمعة، سواءٌ صلوا معه قبلها أم لم يصلوا صحيحةٌ على القول بعدم وجوب الموالاة بين الخطبة والصلاة، وأما على قول الجمهور الذين يرون وجوب الموالاة بين الخطبة والصلاة فيجب عليهم أن يعيدوا الصلاة ظهرا، لأن ذمتهم لم تبرأ منها، والأخذ بهذا القول أولى لموافقتها للسنة، فأما من صلى بنية الاستسقاء فلا شك في وجوب الظهر عليه، فإن كانوا صلوها في هذا اليوم فبها، وإلا فالواجبُ عليهم قضاؤها.
وأما من صلى معه الاستسقاء بنية الجمعة، فهذا ينبني على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل، فالجمهورُ لا يرون صحتها، ويرى الشافعية صحتها. وهو الراجح، وانظر الفتوى رقم: 49290.
ثم إن الشافعيةَ مختلفون في صحة صلاة الجمعة خلف المتنفل، وقد صحح النووي الصحة، وقد نقل الشيرازي وجه الجواز والمنع فقال في المهذب: ولا يجوز أن يصلي الجمعة خلف من يصلي الظهر؛ لأن الإمام شرط في الجمعة، والإمام ليس معهم في الجمعة فتصير كالجمعة بغير إمام. ومن أصحابنا من قال: تجوز كما يجوز أن يصلي الظهر خلف من يصلي العصر، وفي فعلها خلف المتنفل قولان أحدهما: يجوز؛ لأنهما متفقتان في الأفعال الظاهرة والثاني: لا يجوز؛ لأن من شرط الجمعة الإمام، والإمام ليس معهم في الجمعة.
وقال النووي في المجموع: والصحيح صحة الجمعة خلف الظهر، وخلف المتنفل والصبي والعبد والمسافر. انتهى.
والأحوط على كل حال أن يعيدوها ظهرا خروجاً من الخلاف.
والذي ننصح به هذا الإمام وغيره ألا يأتوا شيئاً إلا على بصيرةٍ وتثبتٍ من كونه من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، نسأل الله أن يرزقنا الفقه في الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(11/12042)
هل يعطى ثواب التبكير إذا أدرك الإمام وهو يصعد على المنبر
[السُّؤَالُ]
ـ[نزلت من المنزل للحاق بالصلاة قبل أن يصعد المنبر فتعطلت بسبب شخص مريض كان يسأل عن والدي الدكتور ثم هرعت للحاق بالصلاة فدخلت المسجد فوجدت الإمام يصعد سلالم المنبر فهل أدركت ثواب الجمعة أم لا ومتى يضيع هذا الثواب؟
وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك حرصك على الخير ورغبتك فيه، وقبل الجواب على ما سألت عنه نريد أن ننبهك إلى أن الجري إلى الصلاة ليس من السنة، وإنما الصواب أن يأتيها المرء مشيا.
ففي الحديث الشريف: إذا ثوب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا.. الحديث رواه مسلم.
واعلم أنك قد أدركت ثواب الجمعة بحمد الله باتفاق العلماء، فإن من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة لعموم حديث أبي هريرة في الصحيحين: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة.
وروى النسائي عنه أيضا: من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى.
وذهب أبو حنيفة إلى أن من أدرك الإمام قبل أن يسلم فقد أدرك الجمعة، ومذهب الجمهور هو الصحيح، وعلى كل فقد أدركت الجمعة وحصل لك ثوابها إن شاء الله، ولكن الذي فاتك هو ثواب التبكير لها والذي دلت عليه نصوص السنة وبيناها في الفتوى رقم: 26573، ولكنك مأجور بنيتك إن شاء الله، ونرجو أن تكون قد حصلت شيئا منه بإدراكك الإمام قبل أن يصعد المنبر بل أثناء صعوده فإن الملائكة لا تطوي الصحف إلا إذا صعد الإمام المنبر,
واعلم أن السعي للجمعة له وقت مستحب ووقت واجب، فالمستحب من أول النهار للأحاديث الثابتة في فضل التبكير ولكن لا يجب السعي إلا بسماع نداء الجمعة، لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ {الجمعة: 9} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(11/12043)
ترك المرء صلاة الجمعة بحجة أنه أفضل من الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للفقيه أن لا يصلي الجمعة بدعوى أنه هو أفضل من الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا من أعظم الخذلان، وأبين الضلال, وهذا الذي سميته فقيهاً أبعد ما يكون من الفقه، فأي فقهٍ هذا الذي يحملُ صاحبه على ارتكابِ كبيرةٍ هي من أكبر الكبائر وأعظم الموبقات، وهي ترك الجمعة, ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم على أعواد منبره: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين. رواه مسلم.
وقد بين شيخ الإسلام أن الجمعة والجماعات تُصلى خلف الإمام الفاجر فضلاً عن المفضول، وانظر الفتوى رقم: 25056، وانظر لبيان خطر ترك الجمعة الفتوى رقم: 65201.
ودعوى هذا الرجل أنه أفضل من الإمام مع تضمنها للعُجب والكبر, ودلالتها على مرض القلب، إن كانت مسلمة فلا تُجوّز له ترك الجمعة بحال, فأين هو من ابن عمر وقد صلى مع علمه وورعه خلف الحجاج الذي هو من أفسق هذه الأمة, فليكن له أُسوة في ابن عمر وسائر الصحابة والأئمة من بعدهم وهم أهل الفضل والفقه, فعليه أن يتوب إلى الله وأن يُقلع عن هذا الذنب وإلا فهو على خطرٍ عظيم , نسأل الله السلامة والعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1430(11/12044)
أحكام السفر يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين بدء السفر قبل صلاة الصبح وبعدها بالنسبة للمسافر يوم الجمعة؟ هل صلاة الجمعة واجبة عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلماء متفقون على جواز السفر قبل طلوع فجر يوم الجمعة، ومتفقون كذلك على عدم جواز السفر بعد الزوال لوجوب حضور الجمعة في حقه، واختلفوا في السفر ما بين طلوع الفجر وزوال الشمس، والأحوط تركه خروجاً من الخلاف، والراجح جوازه وهو قول الجمهور.
قال العراقي: وهو قول أكثر العلماء. فمن الصحابة عمر بن الخطاب والزبير بن العوام وأبو عبيدة بن الجراح وابن عمر. ومن التابعين الحسن وابن سيرين والزهري. ومن الأئمة أبو حنيفة ومالك في الرواية المشهورة عنه والأوزاعي وأحمد بن حنبل في الرواية المشهورة عنه وهو القول القديم للشافعي.
قال ابن قدامة مرجحا هذا القول: والأولى الجواز مطلقاً لأن ذمته بريئة من الجمعة فلم يمنعه إمكان وجوبها عليه كما قبل يومها. انتهى.
وأما وجوب الجمعة على المسافر فإنها لا تجبُ عليه في قول عامة أهل العلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه صلى الجمعة قط في سفره، واختار شيخ الإسلام أن من كان نازلاً في مكانٍ تقام فيه الجمعة فإنها تلزمه وإن كان مسافرا والعمل بهذا القول أحوط.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(11/12045)
التبكير إلى الجمعة والتنفل المطلق قبل الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك مسجد يشترط إمامه أن تصلي سنة الجمعة القبلية والذي لا يصلي فيه هذه الصلاة يخشى على نفسه من سطوة السلطان الجائر إلا أنني أتاخر عن الذهاب إلى المسجد حتى يؤذن علما أني جالس في البيت وليس لدي عمل لأتأخر عن الصلاة وأدخل المسجد لأصلي تحية المسجد فلا يعلمون ماذا صليت أفتونا هل تأخري عن الذهاب إلى صلاة الجمعة لترك البدعة أؤجر عليه أم أحاسب عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أنه ليس للجمعة سنة قبلية في الفتوى رقم: 4301،والفتوى رقم: 5293، وإن كان في المسألة خلاف لبعض أهل العلم كما أشرنا إليه في الفتوى المحال عليها، وإذا كنتَ تتعمد التأخر إلى ما بعد الأذان الثاني وصعود الخطيب المنبر فهذا خطأ بلا شك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الإمام إذا صعد المنبر طوى الملائكة الصحف وجلسوا يستمعون الذكر، فأنت بهذا تفوت على نفسك فضلاً عظيماً.
وأما إذا كنت تتأخر إلى ما بعد الأذان الأول لتدخل المسجد فتصلي بنية تحية المسجد، والناس يصلون ما يسمونه السنة القبلية، فأنت لم تصنع شيئا لمشاركتك الناس في صورة ما يفعلونه، ونحنُ ننصحك بما هو خيرٌ لك من هذا كله، فإن التبكير للجمعة مشروع فلا تفوت فضيلة التبكير لأجل ما أحدثه الناس من مخالفة، فإن الحق لا يُترك للباطل، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم ندبَ إلى التنفل المطلق قبل صعود الإمام المنبر، كما في حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى. رواه البخاري.
وعليه، فالذي ننصحكَ به أن تبكر إلى الجمعة، ثم تصلي ما كتبه الله لك حتى يصعد الإمام المنبر، وأنت بهذا على خير، ولا يضرك ما يفعله الناس من قيامهم لما يسمونه السنة القبلية.
ويمكنك أن تبحثَ عن مسجدٍ آخر لا تُرتكبُ فيه هذه المخالفة وهذا أحسن، وعليكَ بمناصحة هذا الإمام بلينٍ ورفق ببيان أقوال أهل العلم وذكرها له، فلعله أن يرجع عن قوله.
وينبغي أن يعلم أن هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء كما أشرنا من قبل، فمنهم من يرى استحباب الصلاة قبل الجمعة ويستدلون بحديث وإن كان لا يصح. فبيان هذا النوع من المسائل ينبغي أن يكون بذكر الحجج العلمية للمخالف، ولا ينبغي إحداث النزاع والشقاق بسبب هذا النوع من الخلاف في مسائل العلم، وإن خشيت ضرراً من هذا البيان فلا شيء عليك في تركه فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(11/12046)
موقف الأولاد من الأب المتهاون في ترك الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يضيع الجمعات (صلاة الجمعة) مراراً وتكراراً من دون عذر شرعي، نصحناه من غير ما مرة لكنه لا يتقبل ذلك، أسئلتي هي كالتالي: ما حكم ترك الجمعات عمداً (الدليل إن ورد) ، كيف يجب أن يكون تعاملنا معه من حيث الأكل والكلام والمجالسة، وفي الختام بماذا تنصحوننا؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فترك الجمعة لغير عذر كبيرة من كبائر الذنوب، وتفويت ثلاث جمعات ورد فيه وعيد شديد حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاوناً بها طبع الله على قلبه. رواه الترمذي. قال ابن العربي: معنى الطبع على قلبه أي ختم على قلبه بمنع إيصال الخير إليه.
وفي الحديث الآخر عند مسلم وغيره يقول النبي صلى الله عليه وسلم محذراً من ترك الجمعة دون عذر: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين. رواه مسلم. فهو إذاً على خطر عظيم يستوجب التوبة إلى الله والإنابة إليه بالإقبال على الطاعات والإكثار من الاستغفار والمحافظة على صلاة الجمعة وغيرها من الصلوات، فعليكم مناصحته بذلك وبيان خطورة ذلك الفعل، ويمكن تسليط بعض الدعاة عليه ومن لهم وجاهة عنده ليتولوا نصحه وموعظته.
ولا حرج في مجالسته والحديث معه، بل لا يجوز هجره ولا الإساءة إليه، لكن ينصح بحكمة وقول هين لين دون تعنيف أو رفع صوت أو جدال، وهذا هو ما ننصحكم به، فأحسنوا إليه، وصاحبوه بالمعروف، واجتهدوا في نصحه وتذكيره بالتي هي أحسن، وادعو الله له بالهداية والتوفيق، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25790، 8572، 16404، 5143.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1429(11/12047)
حكم صلاة الجمعة في المنصات البحرية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الجمعة فى المنصات البحرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح إقامة صلاة الجمعة في المنصة البحرية لأنها ليست وطنا، فمن شروط صحة الجمعة إقامتها في مصر أو قرية أو مكان تابع لها كما بيناه في الفتوى رقم: 54757، ومن لم يصل الجمعة لأي سبب كان وجب عليه أن يصلي ظهرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1429(11/12048)
الصلاة الإبراهيمية بعد التشهد في صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[التشهد (التحيات) في صلاة الجمعة هل يؤتى بعده بالصلاة الإبراهيمية؟
جزاکم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجمعة صلاة ثنائية بمعنى أنها ركعتان فقط، وعليه فالتشهد فيها تشرع فيه الصلاة الإبراهيمية مثل غيرها من كل صلاة ثنائية، وقد بينا حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ومنه التشهد في صلاة الجمعة في فتاوى سابقة راجع منها الفتوى رقم: 52582.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(11/12049)
حكم وضوء المعذور بالسلس قبل الزوال بوقت يسير ليدرك الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[رقم الفتوى: 111546
عنوان الفتوى: مذاهب العلماء في وقت الجمعة
تاريخ الفتوى: 15 شعبان 1429 / 18-08-2008
قلتم في الفتوى أنه يجوز صلاة الجمعة قبل وقتها بالشيء اليسير الساعة السادسة أو الخامسة ممكن يا شيخ تقول لي تقريبا بالدقائق المقدار قبل الزوال أي مثلا هل ممكن قبل الزوال بربع ساعة 15 دقيقة أو قبل الزوال بنصف ساعة 30 دقيقة. لأني أريد أن أستخدم قول الإمام أحمد في الوضوء قبل الزوال لأني من أصحاب السلس أتوضأ بعد الزوال يوم الجمعة في المنزل خوفا من عدم وجود ماء في المسجد أو ازدحام مكان الوضوء فتقام الصلاة وقد تنتهي قبل الوضوء لذلك عندما أتوضأ قبل الزوال وأذهب للمسجد أجد الإمام في نصف الخطبة تقريبا وبالتالي لا تكتب الملائكة أني حضرت الجمعة كما تعرف فإذا كان مثلا يمكن الوضوء قبلها بثلث ساعة20 دقيقة حسب قول الإمام أحمد سوف أدخل المسجد قبل صعود الإمام المنبر وبالتالي أكتب مع الذين حضروا الجمعة هل يصح ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمختارُ في حسابِ ساعات النهار كما رجحه الحافظ في الفتح أن تقسّم أجزاء النهار على اثني عشرَ جزءاً مهما تفاوت النهار طولاً أو قصراً، فمن أول النهار إلى زوال الشمس ست ساعات، ومعنى قول من قال من العلماء إنه يجوزُ أن تُصلَى الجمعة في الساعة السادسة هو بهذا الاعتبار، وهذه الساعة تَقصُرُ شيئاً يسيراً في الشتاء عن الساعة المعروفة التي هي ستون دقيقة، وتزيدُ عنها في الصيف، وثلثُ الساعة المعروفة ونصفها قبل الزوال داخلٌ في الساعة السادسة بلا شك، وعلى هذا فيجوزُ فعل الجمعة في مثلِ هذا الوقت عند من يُجوّزها فيه، وإن كنا نميل إلى قولِ الجمهور وهو أن الجمعة لا تُصلى إلا بعد الزوال لقوة دليله، ولأنه أحوط كما بيناه في الفتوى التي أشرت إليها، ولا نرى لكَ حرجاً إذا كنت معذوراً بالسلس في أن تعملَ بهذا المذهب، فتتوضأ قبل الزوال بوقتٍ يسير ثمّ تأتي المسجد لتدركَ أول الخطبة، وذلك لأن هذا المذهب له حظٌ من النظر، وقد قال به جماعةٌ من كبار العلماء، وشريعةُ الله مبنيةٌ على اليسر.
قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78}
والله عز وجل لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لا سيما إذا دار الأمرُ بين أن تفوتكَ الجمعة أو أن تتأخر عن حضورها تأخراً يحرمك الانتفاع بالخطبة، وبين العمل بمذهب أحمد في هذه المسألة، فلكَ رخصة في العمل بهذا المذهب اتباعا لمن قال به من الأئمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1429(11/12050)
حكم صلاة الجمعة خلف إمام يتوسل توسلا بدعيا
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء إلى جامعنا خطيب جديد بعد القديم الذي تم تنحيته بسبب قوله إنه لا يوجد سنة قبل صلاة الجمعة أما الخطيب الجديد فإنه يرتكب أخطاء كثيرة مثل الدعاء بجاه الرسول والصالحين والتائبين وكل من له جاه ويقول إن الخوارج هم مؤمنون فماذا الحل؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الجمعة ليست لها راتبة قبلها على الراجح، وإن كان من أهل العلم من يرى ذلك، كما هو مذهب الشافعية، لكن لا يعني ذلك أن من دخل المسجد قبل الصلاة يجلس ولا يصلي، بل يستحب له أن يصلي تحية المسجد ركعتين، وله أن يصلي ما شاء أو يشتغل بالذكر أو القراءة حتى تبدأ الخطبة، أما عن التوسل فإن التوسل المشروع هو أن يتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أو يتوسل إلى الله بالعمل الصالح، كما في قصة أصحاب الغار، الذين آواهم المبيت إلى غار في جبل، فانحدرت صخرة فسدت عليهم الغار فتوسل كل واحد منهم إلى الله بعمل صالح عمله، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون، كما ثبت ذلك في الحديث الطويل المتفق عليه، أو يتوسل بدعاء من صالح حي. وعلى هذا فيجب إقناع الإمام المذكور بالاقتصار على التوسل المشروع إن أمكن ذلك، لكن ينبغي أن يكون بأسلوب النصح والإرشاد وبيان الأدلة وكلام المحققين من أهل العلم، وإذا استمر الإمام فيما ذكر، فإن وجد غيره ممن لا يتوسل توسلا غير مشروع فهو أولى، وإن لم يوجد فلا يشرع التخلف عن الجماعة لهذا السبب. وللفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 55914، 57734،
أما الخوارج فقد اختلف أهل العلم في تكفيرهم من عدمه، ونحن نرى عدم كفرهم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 25436.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1429(11/12051)
هل تلزمه الجمعة مع بعد المسجد واحتمال حرمانه من الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن مع أهلي في فرنسا وأدرس في مكان ما يعني للتكوين وقد أضطر إلى التكوين في مكان آخر أو بلد آخر ولا أعرف فيه مسجداً لأصلي الجمعة لأن الأذان في فرنسا لا يسمع خارج المسجد والمكان الذي أعرف فيه مسجداً قد يبعد عنا تقريبا ساعة أو ساعة ونصف بالقطار أو السيارة، وأحيانا يمنعونني ولكني لا أبالي، وسؤالي هو: هل أصلي الجمعة ظهراً أم يجب علي أن أذهب إلى ذلك المكان الذي أعرف فيه مسجداً وإن كان يلحقني الضرر كترك التكوين ونحوه، علما بأن التكوين قد يستغرق سنة أو سنتين أو ستة أشهر، فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى قال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} ، وقال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، والمشقة تجلب التيسير، وبناء عليه فلا يجب عليك الذهاب إلى المسجد البعيد، وعليك أن تصلي الظهر أربعاً، وإن استطعت أن تجد جماعة تصلي معهم فذلك الأولى، وإن لم تجدهم فصل وحدك، وتراجع الفتوى رقم: 9917.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(11/12052)
صلاة المأمومين إذا شك الإمام في وضوئه بعد صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيب جمعة وبعد خطبة الجمعة نزل من المحراب عاديا، أقيمت الصلاة عاديا وصلى عاديا، ولكنه عندما سلم أمرنا نحن المصلين بأن نعيد الصلاة في بيوتنا وصلاة أربع ركعات عوض اثنتين قائلا بأنه ربما ليس بالمتوضئ أو ما شابه ذلك.... هناك بعض الناس العاميين الذين سمعوا أو لم يسمعوا هذا لم يعيدوا الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام المشار إليه قد شك في طهارته بعد انتهاء الصلاة ولم يجزم (كما يدل عليه قول السائل ربما ليس بالمتوضئ) ، وكان قد توضأ قبل الصلاة، فالصلاة صحيحة ولا يلزم المأمومين ولا الإمام إعادة الصلاة، لأن الأصل أنه على وضوء، وهذا الأصل لا يزول بمجرد الشك كما هو مقرر عند كثير من أهل العلم.
وإن جزم الإمام بأنه محدث ولم يعلم بذلك إلا بعد انتهاء الصلاة فيلزمه إعادة الصلاة، وصلاة المأمومين صحيحة على الراجح من أقوال أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني:.... الإمام إذا صلى بالجماعة محدثاً أو جنباً غير عالم بحدثه فلم يعلم هو ولا المأمومون حتى فرغوا من الصلاة فصلاتهم صحيحة وصلاة الإمام باطلة، روي ذلك عن عمر وعثمان وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال الحسن وسعيد بن جبير ومالك والأوزاعي والشافعي ... انتهى.
وأما إن علم أثناء الصلاة أنه محدث وأتم الصلاة بالجماعة ففي صحة صلاة المأمومين خلاف بين الفقهاء، ذكرناه في الفتوى رقم: 3019، والمفتى به عندنا هو إعادة الصلاة احتياطاً، ويعيدون الجمعة ظهراً إذا خرج وقت الجمعة، وإن لم يخرج وقتها فينبغي للإمام أن يتوضأ أو ينيب غيره من المصلين ويصلون الجمعة ركعتين، ولا يضر الفصل اليسير بين الخطبة والصلاة, وانظر الفتوى رقم: 63212.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1429(11/12053)
طافوا للوداع قبل الجمعة فهل يلزمهم الانتظار حتى يصلوها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنهينا طواف الوداع والإفاضة يوم الجمعة الساعة 11 صباحا وبقي على الآذان لصلاة الجمعة ساعة
فهل علينا أن ننتظر صلاة الجمعة أم يجب أن نغادر مكة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فرغ من طواف الوداع قبل دخول وقت الجمعة لم يجب عليه أن ينتظر صلاة الجمعة، ولا يجب عليه أيضاً أن يغادر مكة قبل دخول وقت الجمعة، وهو بالخيار إن شاء سافر قبل دخول وقت الجمعة، وإن شاء صلى الجمعة ثم سافر، إلا أنه إن طال الفصل بين طواف الوداع الذي طافه وبين أدائه للجمعة فينبغي له إعادة الطواف، وما ذكر في السؤال لا يعتبر فصلاً طويلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1429(11/12054)
حكم صلاة الجمعة خلف إمام يعامل الناس بسوء وغلظة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص مقيم في أمريكا في مدينة صغيرة. ولايوجد سوى مسجد واحد في هذه المدينة ولا يفتح سوى مرة واحدة في الأسبوع ولا تقام فيه سوى صلاة الجمعة.. عندما فتح هذا كانت مجموعة من الناس تتردد على المسجد وأصبحت لا أراهم لمشكل يقع بينهم وبين الخطيب وهو صاحب المسجد كقذف الخليفة مروان بن الحكم بالفاسق أو تغيير بعض الحقائق التي جاءت في السيرة أو االتشهير بالناس والإشارة لهم بالإصبع أثناءالخطبة ونصح الناس أمام الملأ. وفي يوم تأخر الخطيب عن وقت الصلاة فقام أحد الإخوة مقامه بعد اختيار طبعا ولما عاد الخطيب بعد الانتهاء من الصلاة كان جد غاضبا لما وقع للأمانة هذا شيء لم أعاينه بل نقل إلي من طرف شخص آخر وعندما قام يومئذ بغلط في كيفية موت أحد الصحا بة في إحدى الغزوات قام رفيق لي وبعد بحث في موضوع الغزوة قام بالحديث مع الخطيب وشكره ولكن لم يصحح للناس ما قاله في موضوع الغزوة كما أنه يطيل جدا في الخطبة ويجيز جدا في الصلاة مع أن مخارج حروفه بالعربية ليست جيدة وسريع القراءة في الصلاة.. سؤالي هو هل تجوز الصلاة في هذاالمسجد ووراء هذا الإمام بهذه الموصفات؟ وما حكم الشرع في هذا الإمام غفرالله لنا وله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة في المسجد المشار إليه وخلف الإمام المذكور جائزة، وكون الإمام فظا غليظا في تعامله مع الناس لا يبطل الصلاة خلفه، ولا يبيح التخلف عن صلاة الجماعة لأجل سوء معاملته، وكذا كونه صاحب بدعة لا يبطل الصلاة خلفه، فإن من عقيدة أهل السنة والجماعة صحة الصلاة خلف كل إمام بر أو فاجر.
إلا أن تكون بدعته مكفرة تخرج صاحبها من الملة والعياذ بالله، فلا تصح الصلاة خلفه حينئذ، وقد صلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما خلف الحجاج بن يوسف الثقفي مع ما فيه من ظلم للعباد. وانظر الفتوى رقم: 93796.
وعلى هذا المشار إليه أن يتقي الله تعالى ويلين الجانب مع الناس فإن هذا من حسن الخلق، وقد قال سبحانه تعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً. {البقرة83}
وليشتغل بإصلاح نفسه عن الطعن في الماضين كمروان بن الحكم وغيره، فهذا خير له، وقد قال الله تعالى: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ. {البقرة134}
ومروان له سيئات وحسنات، والله غفور رحيم، يقبل الحسنات ويثيب عليها، ويعفو عن السيئات ويتجاوز عنها، وقد قال الإمام أحمد عن مروان: مروان بن الحكم كان عنده قضاء، وكان يتبع قضاء ابن عمر.
وكثير من قصص التاريخ لا تثبت من ناحية السند، وقد أحسن القحطاني في قصيدته حيث قال:
لا تكتبن من التوارخ كلما جمع الرواة وخط كل بنان
وانظر الفتوى رقم: 42637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1429(11/12055)
حكم ترك الجمعة بسبب الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا كنت أعيش في رومانيا وكنت أذهب إلى صلاة الجمعة كل جمعة، ولكن عندما بدأت بالدراسة، وفي المدرسة العراقية لم أستطع الذهاب إلى المسجد وذلك لأن يوم الجمعة لدي دوام ويصادف الدوام مع وقت صلاة الجمعة بحيث طلبت من مدير المدرسه أن يجعلني أخرج ولم يقبل وبعدها انتقلت إلى السويد وذهبنا إلى منطقه شبه معزولة ولا يوجد فيها مسجد نهائيا لا بعيد ولا قريب ونحن مجبورون للبقاء في هذه المنطقة حوالي سنة كاملة وأنا كل جمعة أعمل لها ألف حساب هل سأحاسب وهل أنا خرجت من الملة، فأرجوكم أريحوني لأنني سوف أجن بسبب التفكير؟ وشكراً وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أن الدراسة ليست عذراً في ترك صلاة الجمعة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 35578، والفتوى رقم: 52153.
وقد كان الواجب عليك أن تعصي مدرسك أو مديرك وتخرج إلى أداء الجمعة، وتبحث عن مدرسة أخرى لا تمنعك مما أوجبه الله عليك، وبإمكان الأخ السائل أن يتدارك ما فرط منه وذلك بالتوبة إلى الله تعالى، فإذا ندم على تفريطه وعزم مستقبلاً على المحافظة على أداء الجمعة فإن الله تعالى يقبل توبته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الندم توبة. رواه أحمد وابن ماجه. وقال أيضاً: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
واعلم أن ترك الجمعة تهاوناً وإن كان كبيرة من كبائر الذنوب إلا أنه لا يعتبر كفراً مخرجاً من الملة، وأما البلدة التي أنت فيها فإن كان معك من المسلمين جماعة مقيمون فيلزمكم إقامة الجمعة فيخطب أحدكم وتصلون الجمعة، ولا يلزم لإقامة الجمعة أن تكون في مسجد جامع وهذا على الراجح من أقوال أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 71603، والفتوى المرتبطة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1428(11/12056)
الغسل مستحب لمن يحضر الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي خاص بالصلاة يوم الجمعة: أحب أن أصلي الظهر يوم الجمعة بعد الاغتسال ولا يكفيني الوقت لأن يوم الجمعة يغتسل أبي وإخوتي ولا يتبقى لي وقت إلا حين يقترب الأذان فأغتسل ويكون قد مضى وقت الصلاة بساعة أو نصف ساعة فأيهما أحسن الصلاة بعد الاغتسال وتأخيرها ساعة أم الصلاة في وقتها وتأخير الاغتسال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغسل يوم الجمعة مستحب في حق من يحضر الجمعة سواء كان ممن تجب عليه أم لا، أما من لم يحضرها فلا يطالب بالغسل لصلاة الظهر إلا إذا كان لسبب آخر، وإذا علم أن الغسل يوم الجمعة لا يستحب إلا لمن سيحضر الجمعة وأن من لم يحضرها لا يطالب بالغسل لأجل يوم الجمعة، فالأولى بالنسبة للأخت السائلة أن تتوضأ وتصلي عندما تتحقق من أن وقت الصلاة قد دخل، ولا تؤخر الصلاة عن وقتها لأجل غسل لا تطالب به شرعاً، ولتنظر الفتوى رقم: 11802، والفتوى رقم: 60649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1428(11/12057)
كيفية صلاة المرأة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[غالباً ما أصلي صلاة الجمعة في المنزل 4 ركعات، لكن مؤخراً علمت أنها تصلي ركعتين بشرط الاستماع لخطبة الجمعة على التلفاز مثلاً وإن لم أوفق فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة لا تجب عليها الجمعة، ولو صلتها بعيدة عن الإمام بحيث تتابعه في التلفاز لم يشرع لها ذلك لعدم الاجتماع معه، وإن لم يتيسر الاجتماع مع الإمام فالواجب على المرأة هو أن تصلي الظهر أربع ركعات.
وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 56349، 40897، 15440، 55249، 61709.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1428(11/12058)
لا حرج على المسافر في أداء الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمع مسافر على الطريق أذان الجمعة فتوقف عن السير وصلى الجمعة، فهل يجوز له ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج فيما فعل الشخص المذكور لأن للمسافر أن يصلي الجمعة، وتجزئه عن الظهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1428(11/12059)
حكم ترجمة خطبة الجمعة أثناء إلقائها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نقيم في السويد ولدينا مسجد ويحضر الجمعة عندنا مسلمون سويديون وبوسنيون وألبان وغيرهم إضافة للعرب وأبنائهم وتكون الخطبة كما اقتضت أحكام الشريعة باللغة العربية وعندنا غرفة خاصة بالترجمة لأولئك الذي لا يعرفون اللغة العربية لضرورة حاجتهم لمعرفة الأحكام الشرعية والهدي الإسلامي ويقوم الإخوة المترجمون بترجمة الخطبة مباشرة حرفا بحرف وكلمة بكلمة فهل يجوز ترجمة الخطبة في أثناء إلقائها علما أن الحديث الشريف ينص على أنه إذا قلت لصاحب والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت ومن لغا فلا جمعة له.. وفي حال عدم جواز الترجمة المباشرة فما هو الحل الأمثل بنظركم مع الأخذ بعين الاعتبار مسألتين هامتين.
أولا.. أن الإمام يرفض الخطابة باللغة السويدية نظرا لضعف لغته السويدية ويقول بأن الإسلام شيء عظيم وعندما تريد أن تتحدث به فعليك أن تتحدث فيه مع الناس بلغة سليمة مائة بالمائة حتى يكون وقعه على النفوس عظيما بعظمة قيمته فركاكة اللغة تؤدي إلى ركاكة القيمة في النفوس.
ثانيا.. أنه لا تتوفر لدينا الإمكانيات المادية لتوفير كتب متخصصة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الترجمة أثناء الخطبة خلاف الإنصات المأمور به في الحديث، والخطبة يشترط فيها عند الجمهور أن تكون باللغة العربية، ولذلك فالحل الأمثل في نظرنا أن تترجم الخطبة لهؤلاء الناس بعد الصلاة، ولمزيد من التفصيل نقول: إن الأصل وجوب الإنصات لسماع الخطبة يوم الجمعة، ولا شك أن ما ذكر في السؤال مخالف للأمر بالإنصات الوارد في الحديث، ففي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت. والذي عليه جمهور أهل العلم أنه يشترط كون خطبة الجمعة باللغة العربية لأن ذلك أمر تعبدي؛ خلافاً للأحناف القائلين بجواز إلقائها بأي لغة وهو ما أفتى به مجمع الفقه الإسلامي، إذا دعت الحاجة إليه، ثم إن الفقرة الأخيرة من الحديث وهي ومن لغا فلا جمعة له ليست من الحديث الذي أشار إليه السائل، ولكنها بعض حديث جاء في مصنف عبد الرزاق في آخر حديث ولفظه: ومن قال صه والإمام يخطب فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له. ورواه الإمام أحمد عن علي مرفوعا في آخر حديث أيضا بلفظ: ومن قال صه فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له. وقال عنه الإمام الهيثمي: فيه رجل لم يسم.
وقد ذكر الألباني حديث الإمام أحمد هنا في ضعيف الترغيب والترهيب، وعليه، فإن هذا اللفظ ضعيف ومعنى قوله قوله فلا جمعة له: أي فلا جمعة له كاملة، مع أنها تجزئه كما ذكر أهل العلم، قال في تحفة الأحوذي: قال العلماء معناه لا جمعة له كاملة للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه. انتهى
والحل الأمثل لذلك هو الترجمة بعد الصلاة، لا بين الخطبتين أو بين الخطبتين والصلاة وذلك لاشتراط الموالاة بين الخطبتين وبين الخطبتين والصلاة عند بعض أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1428(11/12060)
هل تجب الجمعة على من خرج في رحلة خارج المدينة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبنا يوم جمعة في رحلة خارج المدينة، وعند حضور وقت الصلاة بقي بعضنا وصلى ظهراً بحجة أن المسجد الذي ذهبنا إليه يقع على الطريق ولا يستوفي شروط صلاة الجمعة، فما قولكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم صلاة الجمعة هنا بالنسبة لكم تابع لحكم سفركم هذا، فإن كان سفراً تقصر فيه الصلاة لم تجب عليكم الجمعة لكنها تجزئكم عن الظهر، وإن لم يكن سفر قصر وأدركتم صلاة الجمعة في مكان ما، وجبت عليكم سواء كان المسجد الذي أدركتم فيه الجمعة واقعاً على الطريق أم لا، وهذا إذا توفرت الشروط الأخرى، ولبيان شروط الجمعة تراجع الفتوى رقم: 7637، والفتوى رقم: 70703.
هذا كله إذا كان المسجد المذكور لا يبعد عنكم أكثر من ثلاثة أميال، وهي بالمقاييس المعاصرة تقدر بنحو ثمانية كيلو مترات، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 18804، فإن كان يبعد منكم أكثر من ذلك لم يجب عليكم السعي إلى الجمعة، ولبيان تحديد المسافة التي يشرع فيها قصر الصلاة راجع الفتوى رقم: 53068.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(11/12061)
حكم صلاة المنشغل بغير الاستماع للخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أعضاء لجنة مسجد في بلدتنا نقوم أيام الجمعة بتنظيم المصلين داخل المسجد نظرا لضيقه وهذا أثناء الخطبة , بحيث أحيانا نتكلم لكن للضرورة القصوى. ما الحكم في هذا لأنه كثر الكلام بيننا في صحة صلاتنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لصحة صلاتكم.. فالجواب أن صلاة المنشغل بغير الاستماع للخطبة صحيحة، وكذا المتكلم خلالها، ولكنها ناقصة الثواب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن مس الحصى فقد لغا. رواه مسلم.
قال الإمام النووي رحمه الله: فيه النهي عن مس الحصى وغيره من أنواع العبث في حال الخطبة.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند الكلام على معنى هذا الحديث: قال العلماء: معناه لا جمعة له كاملة للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه. وأما بالنسبة لهذا العمل فقد سبقت الإجابة على حكمه في الفتوى رقم: 94927.
وعليه فننصحكم بالقيام بتعليم الناس أمر التقدم في الصفوف والتوسيع لإخوانهم بعد صلاة الجمعة حتى يفقهوا هذا الأمر ويرتبوا أنفسهم بأنفسهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/12062)
حكم تنظيم المصلين في المسجد يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أعضاء لجنة مسجد في بلدتنا, وفى أيام الجمعة نقوم أو نتولى تنظيم المصلين، وهذا نظرا لضيق مساحة المسجد ويكون هذا والإمام فوق المنبر.ما حكم هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أعضاء لجنة المسجد كغيرهم من المصلين يجب عليهم الإنصات للخطبة، ويحرم عليهم اللغو وكلما يشوش على المصلين أو يشغل عن السماع، وعليه، فما تقومون به من تنظيم المصلين إن كان يحصل بعد قيام الإمام للخطبة فهو فعل كثير ومشغل عن سماعها، وهو أبلغ من مس الحصا الذي هو منهي عنه ويعتبر لغوا حيث قال صلى الله عليه وسلم: ومن مس الحصا فقد لغا. رواه مسلم.
ويكون الأمر أشد خطورة إذا انضم إلى ذلك أذية المصلين بتخطي رقابهم، فقد نص على تحريم ذلك بعض أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 93153، على أن هذه المهمة يمكن أن يقوم بها الإمام فيأمر الناس بالتراخي وملء الفراغات وسد الخلل، وينهاهم عن التخطي وما إلى ذلك.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 46465، والفتوى رقم: 54737، والفتوى رقم: 59827، والفتوى رقم: 58939.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(11/12063)
حكم من نوى الظهر مع إمام الجمعة وأكمل بعده أربع ركعات
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد الأيام تأخرت عن صلاة الجمعة ولم أسمع الخطبة وقد أقاموا الصلاة فدخلت الصلاة بنية صلاة الظهر وأكملت بعد المصلين الأربع ركعات هذا حسب ما قرأت، ولكني لاحظت أن كثير جداً من الناس أتوا متأخرين ولم يسمعوا الخطبة وصلوا ركعتين فقط، فمن الخطأ أنا أم هم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أدرك مع الإمام ركعة من صلاة الجمعة فقد أدرك الجمعة فيضيف إليها أخرى ولا يصلي أربعاً، لأن من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ولو لم يحضر الخطبة، فحضور الخطبة ليس شرطاً لصحة صلاة المأموم، وقد بينا ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 27099، والفتوى رقم: 47707، والفتوى رقم: 56707.
وعليه.. فإذا كان الأخ السائل صلى أربعاً بنية الظهر ولم يصل ركعتين مع الإمام بنية الجمعة فإن الأحوط له أن يعيد صلاة الظهر، لأن العلماء اختلفوا في صحة صلاة من صلى الظهر قبل فوات الجمعة، فمنهم من قال لا تصح صلاة الظهر قبل فوات الجمعة، وهذا مذهب الحنابلة والجديد عند الشافعية، والأصح عند المالكية، وأنت صليت ركعتين من الظهر قبل فوات الجمعة، فالأحوط لك إعادتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1427(11/12064)
صلاة الجمعة خلف من يلحن في الفاتحة لحنا جليا
[السُّؤَالُ]
ـ[خطب بنا الإمام خطبة أقل من المتوسط في المستوى وأخطأ في القواعداللغوية أخطاء لاحصر لها حتى أنه لا يكاد يقول جملة صحيحة واحدة، ثم نزل وصلى بنا الجمعة فكانت الطامة الكبرى أنه أخطأ في الفاتحة ولحن فيها لحنا جليا فبطلت الصلاة بالطبع، والسؤال هنا: هل نحن المأمومون نصلي الظهر أربع ركعات أم نصلي ركعتي الجمعة فقط، مع العلم أن كلا منا سوف يصلي منفردا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 71380، أنه لا يصح الاقتداء بمن يلحن في قراءة الفاتحة لحنا يحيل المعنى، وأنه تلزم إعادة الصلاة، فإذا كان واقع الحال ما ذكره السائل عن الإمام الذي صلى بهم الجمعة وأن الصلاة باطلة فإنهم يلزمهم أن يعيدوا الصلاة جمعة إذا كان في الوقت متسع لأنهم مطالبون بصلاة الجمعة أداء وهم لم يأتوا بها، فإذا بقي من الوقت ما يتسع لأداء الجمعة وجب عليهم إعادتها، وأما إذا لم يتسع الوقت أو خرج الوقت فإنهم يصلون ظهرا، قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية: من أفسد صلاته في الوقت ولو تعديا أعادها أداء لا قضاء.
ونص العدوي المالكي على أن الجماعة إن صلوا الجمعة بغير الخطبة أعادوا الجمعة في الوقت، فإن لم يعيدوها حتى خرج وقتها فإنهم يعيدونها ظهرا لأن الخطبة شرط في صحة الصلاة، وكذلك الفاتحة ركن في الصلاة لا تصح بدونها، فإذا بطلت الصلاة أعادوها جمعة ما دام في الوقت متسع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1427(11/12065)
صلاة جمعتين يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي صلاة جمعتين يوم الجمعة (العادية وما يسمى الجمعة الثانية) ، طلباً للعلم وتوسيعاً للمعرفة بالدين، خاصة وأن إمام الجمعة الثانية نادر وجوده في بلدي، فأفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا ندري ماذا يقصد السائل بالجمعة العادية والجمعة الثانية، ولكننا نقول له إن الواجب على من تلزمه الجمعة أن يصلي جمعة واحدة، ولا تشرع له صلاة الجمعة مرة أخرى في نفس اليوم، لأن الفرض لا يطلب فعله إلا مرة واحدة، ولا يعاد إلا لسبب، فإن أعيد لغير سبب، كان ذلك زيادة، والزيادة في العبادة غير مشروعة، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 15650.
وعليه فإذا كان السائل يفضل الصلاة مع الخطيب الذي يستفيد منه أكثر فليصل معه وليقتصر على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1427(11/12066)
هل تجب الجمعة على العاملين في الحقول النفطية
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى فضيلة الشيخ: من إخوة لكم في الله، من حقل نفطي في ليبيا:
يرحمكم الله ويسدد خطاكم، نحن جماعة من الذين يشتغلون في الحقول النفطية، وبرنامج عملنا خمسة أسابيع عمل وأربعة إجازة، ونقيم في الحقل من غير عائلاتنا ونؤدي الصلوات الخمس والجمعة في مسجد أقامته لنا الشركة، ولقد سألنا بعض أهل العلم يرحمهم ويرحمكم ويرحمنا الله عن وجوب صلاة الجمعة على من كان فى مثل حالنا، فأجاب بأنها غير واجبة علينا، وأنها لا تغني عن صلاة الظهر، بل يجب إعادتها ظهرا إذا صليناها. فلا أكتمكم خبرا يا شيخ فإن البعض منا إرتاح واطمأن لهذا الكلام، والبعض الأخر لم تطمئن نفسه وخاف بأن يكون ذلك شبهة من الشيطان حتى يتسبب في حرماننا من ثواب الجمعة فتقسى قلوبنا بذلك، نعوذ بالله وإياكم من ذلك. فيرحمكم الله يا شيخ هل صلاة الجمعة على من كان في مثل حالنا واجبة؟ وإن لم تكن واجبة فهل إذا صليناها تكون صحيحة وتحسب لنا جمعة ولا نعيد الظهر بعدها؟ أم أنها تكون لنا نافلة ونعيد الظهر بعدها؟ وإن كان يلزمنا إعادة الظهر بعدها فهل لا نصليها ونكتفى بصلاة الظهر؟ وماذا نفعل في الجمع التى صليناها من قبل؟ هل نقضيها ظهرا، أفيدونا يرحمكم الله وأوغلوا لتتم الفائدة غفر الله لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي يظهر من خلال الأدلة أنكم مطالبون بإقامة الجمعة في المكان المذكور كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 25314، ولستم مطالبين بإعادتها ظهرا لأنها هي فرضكم وقد صليتموها، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1427(11/12067)
السلام بلفظ تحياتي وحكم ترك المراهق صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإنسان استخدام كلمة تحياتي؟
هل الإنسان الذي لا يحضر أكثر من 3 صلوات من الجمع يطبع على قلبه كما في الحديث مع العلم أن هذا الشخص مراهق ولا يملك سيارة تقله إلى مسجد الحي الذي تقام فيها الجمعة وهو مسجد يختلف عن الذي تقام فيه الصلوات الباقية وهل صلاة الظهر تجزئ له؟ وجزاكم الله الفردوس الأعلى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبعض الناس يطلق لفظ: تحياتي. عند انصرافه عن الجماعة الذين كان معهم ويقصد به سلامي؛ لأن من معاني التحية السلام, وهذا لا شيء فيه, لكن السنة أن يتلفظ بالسلام فيقول السلام عليكم لما رواه أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإن بدا له خير أن يجلس فليجلس، ثم إن قام والقوم جلوس فليسلم، فليست الأولى بأحق من الأخرة. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 50263.
وأما التخلف عن الجمعة ثلاث مرات فأكثر فسبب لطبع الله على قلب المتخلف وجعله في عداد الغافلين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين. رواه مسلم. ولما رواه أصحاب السنن وأحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه. وقد عد العلماء التخلف عن الجمعة من غير عذر من الكبائر والعياذ بالله. قال ابن القيم في إعلام الموقعين: ومنها ترك الجمعة وفي صحيح مسلم لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات. اهـ ولكن هذا في حق البالغ الذي يقدر على الذهاب إلى المسجد ولو بعد، مادام يعيش داخل البلد, وأما إذا كان يعيش خارجها فلا تجب إلا على من سمع النداء عند جماهير العلماء، وأما المراهق غير البالغ فهو لا يزال غير مكلف فلا يجب عليه الذهاب ولا يشمله الوعيد المذكور, ومن لم يجب عليه السعي الجمعة أجزأه أن يصلي الظهر أربعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1427(11/12068)
الأذانان وقراءة القرآن يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الطاهر الأمين وعلى آله الطيبين أجمعين
هل يجوز قراءة القرآن قبل صلاة الجمعة جهرا وما هي سنة الرسول صلى الله علية وسلم أو الصحابة في أوقات رفع النداء الرجاء توضيح النداء الأول والثاني وسنة الجمعة القبلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة أن يؤذن للجمعة أذانين وكلاهما يكون بعد دخول الوقت وهو وقت صلاة الظهر عند جمهور العلماء. وذهب الحنابلة إلى أن وقت الجمعة يبدأ من بعد ارتفاع الشمس قدر رمح وهو وقت دخول صلاة العيد. والراجح مذهب الجمهور.
وأما رفع الصوت بالتذكير وقراءة القرآن فمُحدَث ينبغي تركه والتقيد بالسنة كما ذكر ذلك في الفتوى رقم: 49188.
وأما سنة الجمعة القبلية فقيل كالظهر, وقيل ليس لها سنة راتبة, وهو ما رجحناه في الفتوى رقم: 4301.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1427(11/12069)
حكم من صلى الظهر جاهلا وجود مسجد قريب تؤدى فيه الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[في زيارة قمت بها للمغرب ذهبت لزيارة أحد المراكز التي تحتوي على عين ماء معدنية يقولون إنها تصلح للكبد وتفتت الحجر الموجود في الكلى وكان يوم جمعة وهناك سوق وفيه ناس كثيرون ويوجد هناك مسجد فعندما حان وقت الصلاة اجتمع كثير من المصلين وعلمنا بعدها أن هذا المسجد لا تقام فيه صلاة الجمعة وكان هناك أكثر من ثلاثين مصل فأخبرتهم بذلك وقمت فأذنت وطلبت من أحدهم أن يصلي بنا صلاة الظهر السؤال كيف كانت صلاتنا وما هو الإثم الذي ارتكبناه لأننا لم نصل الجمعة في مسجد يبعد كيلو مترا عن المسجد الأول لكن بدون علم مسبق وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هناك مسجد تقام فيه الجمعة لا يبعد عنكم إلا المسافة التي ذكرتها فالواجب السعي إليه في حق من تجب عليه الجمعة؛ لأن السعي إلى الجمعة يجب من مسافة ثلاثة أميال، وتقدر بثمانية كيلومترات تقريبا كما تقدم في الفتوى رقم: 18804.
لكن مع هذا فصلاة الجميع صحيحة ولا إثم على من لم يكن على علم بقرب الجامع المذكور لأن الإثم إنما يترتب على ارتكاب المعصية عن علم وعمد لا عن جهل وخطأ ونسيان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه في سننه وصححه الشيخ الألباني.
وإذا كنت مسافرا لم تنو إقامة أربعة أيام ولم تكن لك هناك زوجة دخلت بها فلا تجب عليك الجمعة، وراجع الفتوى رقم: 33591.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1426(11/12070)
صلاة الجمعة خارج المسجد إذا لم يضق بالمصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أذهب إلى الجمعة أرى أناسا يصلون خارج المسجد ويجلسون انتظارا للخطبة مع العلم أن الطابق الثاني والثالث مازالا لم يمتلئا ويفعلون هذا تجنبا لزحام الدرج وللانصراف السريع جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يضق المسجد فإن على المصلين أن يصلوا داخله سواء في ذلك الطوابق العلوية للمسجد وغيرها، لأن جواز صلاة الجمعة خارج المسجد مقيد بضيق المسجد أو اتصال الصفوف أمام المصلي بحيث لم يجد مكانا يمر منه إلى داخل المسجد، والزحام ليس عذرا لأنه أمر عادي غالبا، لكن إذا صلوا في هذا المكان فإن صلاتهم صحيحة ولو كان يوجد في داخل المسجد مكان فارغ، قال في التاج والإكليل شرح مختصر خليل في الفقه المالكي: قال مالك: تصلى الجمعة في أفنية المسجد ورحابه وأفنية ما يليه من الحوانيت والدور التي تدخل بغير إذن وإن لم تتصل الصفوف بتلك الأبنية وكانت بينهم طريق فصلاة من صلى فيها تامة إذا ضاق المسجد ولا أحب ذلك في غير ضيقه، ابن رشد ظاهر المدونة وسماع ابن القاسم أن من صلى الجمعة في مصاطب الحوانيت التي لا تأخذه الغلق من غير ضرورة ولا ضيق مسجد أنه قد أساء وصلاته جائزة ووجهه أن الصلاة لما كانت في هذه المواضع جائزة لمن ضاق عنه المسجد وجب أن تجوز صلاة من صلى فيها وإن لم يضق المسجد عنه أصل ذلك من صلى في الصف الثاني وهو يجد مكانا في الصف الأول. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 60598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(11/12071)
رفع الصوت بالقرآن قبل الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[في المسجد يوم الجمعة وقبل أن يبدأ الإمام في الخطبة، هل يجوز سماع بعض الأشرطة من تلاوة القرآن الكريم، مثلا سورة الكهف أو أية سورة، وبعض الإخوة جالسين وكل واحد يقرأ لوحده ما يشاء وهذا يسبب التشويش على المقرئين، وبعض الأصدقاء يجلس ولا يقرأ ولا يسمع القرآن، ولكن يتحدث مع الآخر في أمور الدنيا، أفيدونا؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 53293 أنه لا ينبغي رفع الصوت بالقرآن قبل الجمعة لما في ذلك من المحاذير، ولكن لو قدر أنه وجد فإن الحاضر من المصلين يشتغل بقراءة القرآن أو الذكر أو يستمع للقرآن ولا يضيع وقته بالكلام في المسجد مع غيره في أمور الدنيا وفيما لا فائدة منه.
وينبغي أن تقوموا بنصح هؤلاء الذين يقومون برفع الصوت بالقرآن سواء كان ذلك مباشراً أو عبر شريط مسجل عسى الله أن يوفقهم لترك ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/12072)
حكم إعادة صلاة الجمعة لمن صلاها
[السُّؤَالُ]
ـ[أخبرنا إمام الجمعة ببلدنا أنه إذا صلى أحد الجمعة في الوقت الأول (في بلدنا الجمعة تقام في عدّة أوقات، من أول الوقت حتى قبل العصر بدقائق، كل مسجد والوقت الذي يحدده لأنّ يوم الجمعة هو ليس راحة أسبوعية ليجتمع كل المصلين) فلا يجوز له أن يصلي مع جماعة أخرى في مسجد آخر صلاة الجمعة ولو بنية التطوع، إذا دخل لصلاة العصر مثلا ووجدهم لم يقيموا لصلاة الجمعة بعد، فقد قال الإمام إنّه يجوز له الاستماع للخطبة للاستفادة لكن لا يصلي معهم فإذا وجد مكانا صلى منفردا وإن لم يجد انتظر حتى يفرغوا، فهل هذا صحيح أم في الأمر خلاف لأنّه قول لم يقتنع به قلبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الشروط المتفق عليها أن صلاة الجمعة لا تصح إلا جماعة، أما إعادتها لمن صلاها فمحل خلاف بين العلماء؛ فمنهم من ذهب إلى جواز إعادتها وهو مذهب الشافعية، فتصح إعادتها عندهم لمن صلاها في مكان ثم ذهب إلى مكان آخر فوجدهم يصلونها وينويها فرضاً، ولكنها تقع له نفلا كالصبي غير البالغ فإنه ينوي الفريضة في الصلوات المفروضة وتقع له نفلاً.
قال الشرواني رحمه الله تعالى: الظهر قد تكون معادة، أي: وكذا الجمعة فيما لو صلاها بمكان ثم أدرك جماعة أخرى يصلونها فصلاها معهم. وذهب بعض أهل العلم كالمالكية إلى أن من صلى الصلاة في جماعة فإنه يكره له أن يعيدها سواء كانت جمعة أو غيرها، وهو مذهب ابن عمر رضي الله عنهما، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 53608.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(11/12073)
صلاة الجمعة في معسكرات الجيش الحدودية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الجمعة في معسكرات الجيش الحدودية؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة إقامة الجمعة أن تكون في قرية مبنية أو مدينة، ولا تصح فيما سوى ذلك من أماكن اجتماع الناس في البادية. وعليه، فإذا كانت معسكرات الجيش بنيت وصارت محل إقامة فلا حرج في إقامتها، أما إذا كنت مبنية بحيث يأتي الناس إليها للعمل ثم يرجعون إلى مدنهم وقراهم فلا، وقد تقدم لنا في فتوى سابقة نقل كلام أهل العلم حول هذا الشرط وهو المكان الذي تقام فيه وهذا نصه:..فالحنفية يشترطون للوجوب والصحة معا المصر، والمراد بالمصر عندهم البلدة التي فيها سلطان أو نائبه لإقامة الحدود وتنفيذ الأحكام. ويلحق بالمصر عندهم ضواحيه وأفنيته والقرى المنتشرة حوله. ولم يشترط الفقهاء الآخرون هذا الشرط بهذه الهيئة، فالشافعية يكتفون باشتراط إقامتها في خطة أبنية، سواء كانت من بلدة أو قرية. والمالكية ينحون منحى قريبا من هذا، فيشترطون أن تقام في مكان صالح للاستيطان، فتصح إقامتها عندهم في المكان الذي فيه الأبنية والأخصاص (أي البيوت المبنية من الخشب أو سعف النخيل) لاتخاذها عادة للاستيطان فيها مدة طويلة، وصلاحيتها لذلك ولا تصح في المكان الذي كل مبانيه خيم لعدم اتخاذها للاستيطان عادة وعدم صلاحيتها لذلك. وأما الحنابلة فلا يشترطون شيئا من هذا، فتصح عندهم في الصحاري وبين مضارب الخيام. والراجح في هذه المسألة هو أن الجمعة تصح في كل مكان حصل فيه اجتماع الناس ـ واسمها مشتق من ذلك ـ ولا يشترط المصر بل تصح في المدن والقرى، وقد بوب البخاري بما يقتضي ذلك فقال: (باب الجمعة في القرى والمدن) وذكر حديث ابن عباس أنه قال: إن أول جمعة جمعت بعد جمعة جمعت في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين. وجواثى أولها جيم بعده واو ممدودة ثم ثاء مثلثة قرية من قرى البحرين. قال الحافظ في الفتح: ووجه الدلالة منه أن الظاهر أن عبد القيس لم يجمعوا إلا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لما عرف من عادة الصحابة من عدم الاستبداد بالأمور الشرعية في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولأنه لو كان ذلك لا يجوز لنزل فيه القرآن ... " وعن أبي هريرة أنهم كتبوا إلى عمر رضي الله عنهما يسألونه عن الجمعة فكتب إليهم: جمعوا حيث كنتم. أخرجه ابن أبي شيبة وصححه ابن خزيمة كما قال الحافظ وهذا يشمل المدن والقرى. وروى البيهقي في سننه عن الوليد بن مسلم قال: سألت الليث بن سعد فقال: كل مدينة أو قرية بها جماعة وعليه أمير أمروا بالجمعة فليجمع بهم فإن أهل الإسكندرية ومدائن مصر ومدائن سواحلها كانوا يجمعون الجمعة على عهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما بأمرهما وفيها رجال من الصحابة. ثم قال البيهقي بعد أن نقل جملة من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم في هذا المعنى قال: والأشبه بأقاويل السلف وأفعالهم إقامة الجمعة في القرى التي أهلها أهل قرار وليسوا بأهل عمود ينقلون.... .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1426(11/12074)
إقامة الجمعة في مصلى الجامعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس في السويد لدينا غرفة للصلاة واتفقنا على إقامة صلاة الجمعة في هذه الغرفة يوجد مسجد قريب من الجامعة لكن نضطر لإضاعة بعض المحاضرات إذا ذهبنا والبعض يركب المواصلات بطربقة يتهرب بها من دفع تذكرة القطار لأنها مكلفة فما حكم إقامة الجمعة في المصلى عندنا في الجامعة حيث يوجد أكثر من خمسة عشر طالبا وأداء الصلاة يوفرلنا وقت الذهاب ونتمكن من حضور الدروس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان حضوركم لصلاة الجمعة في المسجد القريب الذي ذكرت لا تترتب عليه مفسدة عظيمة حيث يكون تغيبكم عن بعض المحاضرات لا يؤثر على دراستكم فالواجب عليكم أداء الصلاة في ذلك الجامع الذي ذكرت لأن صلاة الجمعة في أكثر من مسجد واحد لا تجزئ إلا في حال وجود ضرورة لذلك، كما سبق في الفتوى رقم: 10858. أما إذا كان تخلفكم عن بعض المحاضرات تترتب عليه مفسدة معتبرة شرعا كأن تخسروا دراسة تلك السنة ونحو ذلك فتجزئكم إقامة صلاة الجمعة في تلك الغرفة كما في الفتوى رقم: 40970. ولا يجوز التحايل لتفادي دفع أجرة القطار المذكور لأن هذا من أكل أموال الناس بالباطل كما سبق في الفتوى رقم: 50618.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1426(11/12075)
الجلوس المستحب أثناء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الجلوس أثناء الاستماع إلى خطيب الجمعة، أجلس وظهري مستندا إلى الجدار ووجهي إلى غير القبلة والخطيب على الجهة اليسرى أو الجهة اليمنى، قال لي أحدهم إن هذا غير جائز ولا بد لي من مواجهة القبلة أثناء الخطبة، حيث إن الخطبة تقوم مقام ركعتين، هل جلوسي الموصوف أعلاه صحيح وجائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجلوس الشخص مستدبر القبلة ومستقبلا للناس والخطيب عن يمينه أو يساره لا ينبغي ولا يليق ولكن ليس بمحرم عند جمهور أهل العلم، وذهب بعضهم إلى حرمته وهو قول عند المالكية، كما في الشرح الصغير للدردير، وعلق عليه الصاوي بقوله: وهو ما عليه الأكثر -أي من المالكية-.... ولكن المعتمد السنية.
ودليل الاستحباب ما رواه ابن ماجه عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم. قال الإمام النووي في المجموع: يستحب للقوم أن يقبلوا على الخطيب مستمعين ولا يشتغلوا بغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1426(11/12076)
السنة في وضع المنبر وصفته
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن وضعية المنبر بالنسبة للمحراب, هل هو بالجهة اليمنى أو اليسرى للمحراب. مع العلم أن منبر مسجد الحي الذي أسكن فيه على الجهة اليسرى للمحراب فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة في وضع المنبر وصفته أن يكون على يمين المحراب، وأن يكون ثلاث درجات، كما كان منبر النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في كتب السنة والفقه في صفة منبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان من الخشب.
وعلى ذلك، فإن عليكم أن تغيروا منبر مسجدكم إلى جهة اليمين إن أمكن ذلك.
هذا مع التنبيه إلى أن وضع المنبر لا علاقة له بصحة الصلاة أو بطلانها، ويمكن أن تقام الصلوات والجمع في مسجد بدون منبر أصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1425(11/12077)
عرض المنبر وطوله وعدد درجاته
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أفيدونا جزاكم الله كل الشكر عن المقياس المدقق لمنبر خطب الجمعة طوله عرضه وعلوه.
وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمستحب عند أهل العلم اتخاذ المنبر لخطبة الجمعة، لكونه أبلغ في مشاهدة الخطيب واستماع كلامه. ففي الصحيحين واللفظ للبخاري، عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فلانة امرأة من الأنصار قد سماها سعد: مري غلامك النجار أن يعمل لي أعوادا أجلس عليهن إذا كلمت الناس، فأمرته فعملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بها فوضعت هاهنا، ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليها.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ولم يزل المنبر على حاله ثلاث درجات حتى زاده مروان في خلافة معاوية ست درجات من أسفله، إلى أن قال: وفيه استحباب اتخاذ المنبر لكونه أبلغ في مشاهدة الخطيب والسماع منه. انتهى.
وعليه، فاتخاذ المنبر لخطبة الجمعة مستحب، والأفضل كونه ثلاث درجات كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا مانع من الزيادة عليها إذا دعت الحاجة إلى ذلك، لأن الحكمة من اتخاذه هو تمكين المستمعين للخطبة من مشاهدة الخطيب وسماع ما يقول.
وبخصوص عرضه وطوله، فلم نقف على دليل شرعي يفصل ذلك أو يحدد المطلوب فيه. وفي ذلك فسحة، فيفعل فيه ما تدعو الحاجة إليه.
وراجع المزيد عن هذا الموضوع في الفتوى رقم: 46184 والفتوى رقم: 45690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(11/12078)
وقت السعي إلى صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بإحدى الشركات بهولندا والجمعة يوم عمل بأوروبا!! يوم الجمعة طلبت من الشركة ساعة لوقت صلاة الجمعة ولا أحضر الخطبة من أولها وأحضر ما تبقى منها جزء كبير ... والصلاة.... فهل يلحقني بذلك إثم وهل تقبل مني، رغم أن هذه الساعة ليست مجاناً بل أعمل مقابلها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أذن المؤذن للجمعة بعد جلوس الإمام على المنبر حرم التشاغل عن السعي إلى الجمعة ببيع وغيره من العقود والصنائع، وراجع الفتوى رقم: 24839، والفتوى رقم: 33459.
وعليه فيجب عليك السعي إلى الجمعة إذا سمعت النداء إليها إن كان ذلك في مقدورك، فإن لم توافق الشركة على ذلك فأنت معذور وعليك أن تدرك من الجمعة ما تستطيعه، فإن الأجير لمستأجر معين معذور في التخلف عن الجمعة إذا لم يأذن له المستأجر.
قال العلامة قليوبي وهو شافعي أثناء تعداده للأعذار في التخلف عن الجمعة قال: ومنه إجارة العين لمن لم يأذن له المستأجر أو لزم فساد عمله. انتهى، وعليك أن تبحث عن عمل تستطيع معه أداء ما أوجب الله عليك، ورأس مال المرء دينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(11/12079)
حكم تكرار صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف هل يجوز للمصلي حضور صلاة الجمعة بجامع أول ثم بجامع ثان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإعادة الصلاة -جمعة كانت أو غير جمعة- من غير سبب يقتضي ذلك مكروه عند بعض أهل العلم. قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: وأنه يكره للرجل أن يقصد إعادة الصلاة من غير سبب يقتضي الإعادة, إذ لو كان مشروعا للصلاة الشرعية عدد معين, كان يمكن الإنسان أن يصلي الظهر مرات, والعصر مرات, ونحو ذلك, ومثل هذا لا ريب في كراهته.ا. هـ.
وتسن الإعادة عند بعض الشافعية، ففي فتوحات الوهاب لسليمان الجمل: دخل في المكتوبة الجمعة فتسن إعادتها عند جواز تعددها، أو سفره لبلد أخرى رآهم يصلونها خلافا لمن منع ذلك كالأذرعي.ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(11/12080)
كيف تصلي المرأة الجمعة في البيت وهل عليها غسل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة التي لا تصلي الجمعة في المسجد أن تغتسل لصلاة الجمعة التي ستصليها في المنزل
وهل عندما تصليها تنوي صلاة الجمعة أم صلاة الظهر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 34335، والفتوى رقم: 9952، أن صلاة الجمعة لا تصح إلا مع اتصال الصفوف، ثم إن المرأة لا تجب عليها صلاة الجمعة، ولكن إذا حضرت المسجد الذي تقام فيه الجمعة وصلتها فإن هذه الصلاة تجزئها عن صلاة الظهر، وعليها الاغتسال للجمعة.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 21887، وإذا علمت أن الجمعة لا تجب على المرأة إلا إذا حضرت المسجد وصلت مع الجماعة وأن ذلك يجزئها عن صلاة الظهر فاعلم أنها إذا صلت في منزلها فإنما يجب عليها أن تصلي صلاة الظهر، وصلاة الظهر لا يستحب لها الغسل، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 24516.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/12081)
حكم الشرب أثناء خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الشرب أثناء خطبة الجمعة وإذا لم يكن بجانبه ماء فهل يستطيع أن يقوم من مكانه ليجلب ماء؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشرب أثناء الخطبة كرهه بعض أهل العلم إذا ترتب عليه صوت لأنه فعل يشبه مس الحصا الذي يعتبر من اللغو، وقال بعض أهل العلم لا بأس به إذا اشتد العطش لحصول عدم الخشوع حينئذ، وراجعي الفتوى رقم: 50299. وهذا إذا كان الشراب بجانب الشخص، أما الخروج لطلبه أثناء الخطبة فالأمر فيه أشد لما فيه من الانشغال عن سماع الخطبة خصوصا إذا انضاف إلى ذلك قطع الصفوف وتخطى رقاب الناس، ولا يخفى ما في ذلك من الأذية لهم. ففي سنن أبي داود والنسائي من حديث عبد الله بن بسر قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اجلس فقد آذيت. وعليه فلا ينبغي أثناء الخطبة الخروج بحثا عن شراب ذلك إن لم تكن هناك ضرورة لذلك لما فيه من تشويش ويحرم عند المالكية إذا ترتب عليه تخطى رقاب الجالسين. ففي الخرشي المالكي: يعني أنه يجوز للداخل يوم الجمعة إلى الجامع تخطى رقاب الجالسين قبل جلوس الخطيب على المنبر لفرجة ويكره لغيرها وأما بعده فيحرم ولو لفرجة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(11/12082)
حكم الاستغفار في نهاية خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الجمعة يتوقف الإمام بنهاية الخطبة تقريباً ويقول استغفروا الله ويعطي تقريبا دقيقتين للناس للاستغفار فيقوم الناس بالاستغفار وذلك برفع كل يده والاستغفار كما أن الدعاء من كل أحد على حدة وبسره فهل هذا متواتر من أيام الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بقول السائل (بنهاية الخطبة) أي نهاية الخطبة الثانية فلا نعلم لهذا العمل أصلاً والمشروع أن الإمام إذا انتهى من الخطبة الثانية تقام الصلاة لا أن يشتغلوا بالاستغفار لمدة دقيقتين.
وأما إن كان المقصود (بنهاية الخطبة) أي الخطبة الأولى بعد جلوس الإمام يقوم الناس بالاستغفار، فلا نعلم مانعاً من ذلك لا سيما وقد ورد أن ساعة الإجابة يوم الجمعة هي ما بين أن يجلس الإمام على المنبر حتى تقضى الصلاة.
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي بردة بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال لي ابن عمر: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة الجمعة؟ قلت: نعم سمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة.
فإذا جلس الإمام بين الخطبتين، فلا مانع أن يستغفر المأمومون كُلٌ على حدة سراً.
وأما رفع اليدين، فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى بَيَّنَّا فيها عدم مشروعية رفعهما، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3624، 46628.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(11/12083)
من أدركة من الجمعة ركعة فكيف يتم صلاته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من أدرك ركعة يوم الجمعة وجب عليه إتمام الركعة الأخرى ثم يصلي الظهر, وأفتونا في من لم يدرك الصلاة يوم الجمعة مع الامام فماذ يفعل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على سؤالك في الفتوى رقم: 4059، ورقم: 358، ورقم: 27099.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(11/12084)
الكلام يوم الجمعة وقت الأذان لا إثم فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أود معرفة هل يجوز الكلام يوم الجمعة أثناء الآذان، طبعا الإمام لم يبدأ الخطبة بعد، وهل تصح جمعته؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام يوم الجمعة إنما ينهى عنه حال الخطبة لا قبلها أو بعدها، قال في مواهب الجليل: والكلام عندنا محرم بكلام الإمام لا قبل ذلك، كما في الموطأ: خروج الإمام يقطع الصلاة، وكلامه يقطع الكلام ... وإذا قام الإمام يخطب فحينئذ يجب قطع الكلام واستقباله والإنصات إليه لا قبل ذلك. انتهى. 2/178.
وبناء عليه فالكلام يوم الجمعة وقت الأذان لا إثم فيه، وإن كان الأولى بفاعله أن يشتغل بحكاية الأذان بدل التكلم بشيء آخر، لما روى الجماعة من حديث أبي هريرة وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/12085)
حكم الكلام أثناء الأذان يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الكلام يوم الجمعة أثناء رفع الأذان والإمام قد صعد المنبر، طبعا لم يبدأ الخطبة بعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكلام يحرم وقت الخطبة لينصت الناس للإمام وقت الخطبة، وأما في جلوسه أثناء الأذان قبل الخطبة فلا يحرم الكلام، نص على ذلك الدردير في شرح مختصر خليل.
وقد ذكر المواق في التاج والإكليل أن ابن القاسم قال: رأيت مالكاً يتحدث مع أصحابه يوم الجمعة والإمام على المنبر حتى يخلو الأذان، فإذا قام الإمام يخطب استقبل هو وأصحابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(11/12086)
بيع المرأة وشراؤها وقت النداء يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعيش في بريطانيا وأعلم أن البيع والشراء محرم في وقت صلاة الجمعة ولكن هل كوني امرأة وكوني أعيش في بلد غير إسلامي يجيز لي التسوق في وقت صلاة الجمعة مع العلم بأنني لا أرغب في ذلك إلا اضطرارا؟ إذا كان لا يجوز فهل يتغير الوضع إن كنت حائضا؟ أفيدونا؟ نوِرالله بصائركم وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن مثل سؤالك في الفتوى رقم: 24492 فراجعيها للأهمية، وكونك تبيعين أو تشترين في وقت صلاة الجمعة وأنت حائض، أو كونك في بلد غير إسلامي لا أثر له في تغيير الحكم، إذ الأصل جواز بيع وشراء من لا تجب عليهم الجمعة في وقتها ومنهم المرأة حائضا كانت او غ ير حائض، مع النصيحة لك بالهجرة إلى بلاد المسلمين إن لم تكن هنالك ضرورة أو حاجة ش ديدة تجعلك تقيمين هناك، فقد روى أبو داود وغيره بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أن ابريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين لا تراءى ناراهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(11/12087)
حكم ترك الجمعة خوفا من الإصابة بمرض السارس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحد الطلبة الليبيين الدارسين في بكين حيث ينتشر مرض السارس، ففي هذه الأيام تعلن الحكومة الصينية منع التجمعات حتى في المساجد بحجة عدم انتشار العدوى بين المصلين، فهل يجوز ترك صلاة الجمعة نظراً لهذا السبب، مع وجود مساجد داخل السفارات الإسلامية لا تطبق هذا الحظر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجمعة واجبة والتخلف عنها بغير عذر شرعي كبيرة من الكبائر، وفيه وعيد شديد، ففي الترمذي من حديث أبي الجعد الضمري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ترك ثلاث جمع تهاوناً طبع الله على قلبه. وفي مسلم: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونُنّ من الغافلين.
والأعذار الشرعية التي تبيح ترك الجمعة هي نفسها أعذار ترك صلاة الجماعة، وقد سبقت في الفتوى رقم:
15085.
وذُكر هناك الخوف من ضرر يصيب النفس، ويشترط في الضرر أن يكون أكيداً أو يغلب على الظن، أما مجرد الاحتمال فلا يُعد عذراً، وعليه فإذا غلب على ظنك الإصابة بهذا المرض عند حضور الجمعة فيجوز لك التخلف عنها، فإن منعتك السلطات وأمكنتك الصلاة في مساجد السفارات الإسلامية لزمك الذهاب إليها إن كانت هذه المساجد داخل البلدة التي أنت فيها، أما إن كانت خارج البلدة فلا يجب عليك الذهاب إليها إلا إذا كنت بمسافة تسمع منها النداء للجمعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1424(11/12088)
لا حرج في الانصراف أثناء الخطبة ما لم تكن خطبة جمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الخروج بعد انتهاء الخطبة الأولى دون انتظار انتهاء الإمام من الخطبتين وبدون أي عذر شرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحضور خطبتي الجمعة واجب ولا يجوز للشخص أن ينصرف أثناء الخطبة سواء كان انصرافه في الأولى أو الثانية، ويشتد الأمر ويعظم الإثم إذا كان انصرافه هذا يضيع عليه صلاة الجمعة، ولا عذر له في الإنصراف، أما مع وجود العذر القاهر فلا حرج عليه في الإنصراف ويصلي بدل الجمعة ظهراً.
وأما سائر الخطب غير الجمعة كخطبة العيدين فلا يجب حضورها، ويجوز الانصراف عنها.
وفي سنن أبي داود عن عبد الله بن السائب قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
16515 - والفتوى رقم:
24839.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/12089)
توضيح أثر ابن مسعود في حضور الجمعة للنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
حضور النساء المسجد الجامع يوم الجمعة لسماع الخطبة مع وجود أثر عن ابن مسعود رضي الله يفيد بأنه كان يطرد النساء يوم الجمعة من المسجد مع العلم بأن مدخل النساء في بعض هذه المساجد قبالة الرجال أو في مرأى الرجال.
نرجو من سيادتكم إفتائنا بأسرع وقت ممكن للأهمية ولكم جزيل الشكر والاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حكى ابن المنذر رحمه الله إجماع أهل العلم على أن لا جمعة على النساء، وأن النساء إذا حضرن الجمعة فصلينها أجزأهن ذلك واستحبوا لهن الصلاة في البيوت، وهذا مروي عن غير واحد من السلف.
وابن مسعود رضي الله عنه ممن روي عنه هذا.. ففي مصنف ابن أبي شيبة عن أبي عمرو الشيباني قال: رأيت ابن مسعود يحصب النساء يخرجهن من المسجد يوم الجمعة.
كما روي عنه ما قد يخالف هذا ففي مصنف ابن أبي شيبة أيضاً عن عبد الله بن معدان عن جدته قالت: قال لنا عبد الله بن مسعود إذا صليتن يوم الجمعة مع الإمام فصلين بصلاته، وإذا صليتن في بيوتكن فصلين أربعاً.
والصواب أنه لا تعارض ين النقلين فالأول: محمول على الكراهة، وهو مذهب الجماهير من العلماء منهم المذاهب الأربعة، فقد كرهوا خروج الشابة إلى المسجد، ومنهم من يخصص ذلك بالحسناء كما هو مذهب الحنابلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1423(11/12090)
قضاء التكبيرات في صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد بدأت في صلاة عيد الأضحى بعد أن كبر عدة تكبيرات وذلك بسبب التدافع الشديد-كبرت 6 مرات بالاضافة إلى تكبيرة الإحرام. هل صلاتي صحيحة؟. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاتك صحيحة إن شاء الله تعالى، وتكبيرك في هذا الوقت كان صوابا أيضا قال ابن قدامة في المغني: فَأَمَّا الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُكَبِّرُ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مَحَلَّهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُكَبِّرَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِنْصَاتِ إلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ أَنْصَتَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا كَبَّر. انتهى.
وقال خليل في مختصره في الفقه المالكي في باب صلاة العيد: ومدرك القراءة يكبر. انتهى. قال شارحه الدردير هنا: ومدرك القراءة مع الإمام يكبر وأولى مدرك بعض التكبير فيتابعه فيما أدركه منه ثم يأتي بما فاته انتهى. وانظر الفتوى رقم: 39009.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1427(11/12091)
صلاة العيد في مقر الجامعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس مع مجموعة من الشباب المسلم في مدينة فيها مسجد واحد يبعد عن مكان إقامتنا ساعة بالباص تقريبا. وسؤالي بالنسبة لصلاة العيد: هل لنا أن نصليها في الجامعة حتى لا تفوتنا المحاضرات (علما أن يوم العيد ليس بعطلة) , وبهذا يمكن أن نضمن حضور أكبر عدد من الطلبة المسلمين للصلاة. أم أنه الأولى أن نصليها في المسجد. علما أننا نشاهد الكثير من البدع في المسجد قبل الصلاة. أضف إلى ذلك أنه يتعذر علينا فهم الخطيب لأنه يصعب عليه القراءة باللغة العربية؟
جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لكم أن تصلوا صلاة العيد في أي مكان تفضلونه سواء كان في الجامعة أو غيرها إذ لا يشترط فيها المسجد، وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 44037، 29328، 21793.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1427(11/12092)
شروط وجوب صلاة العيدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي شروط وجوب صلاة العيدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء ابتداء في حكم صلاة العيدين وقد بينا أقوالهم مع أدلتها في الفتوى رقم: 29358، وأن الراجح هو القول بأنها سنة مؤكدة وهو قول الشافعية والمالكية، وعلى القول بوجوبها على الأعيان كما هو قول الحنفية فيشترط لوجوبهاعندهم ما يشترط لوجوب الجمعة فيشترطون:
1. الإمام أي حضور الإمام أو نائبه.
2. المصر.
3. الجماعة.
4. الوقت.
5. الذكورة.
6. الحرية.
7. صحة البدن.
8. الإقامة.
والخطبة عندهم سنة بعد الصلاة.
وأما الحنابلة القائلون بأنها فرض كفاية فقد اشترطوا الاستيطان والعدد المشترط للجمعة، وخالفوا الحنفية في بعض الشروط كإذن الإمام، ويفعلها المسافر والعبد والمرأة والمنفرد تبعا لأهل وجوبها.
ومن أراد التفصيل في ذلك فليرجع إلى باب صلاة العيدين في كتب الفقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1426(11/12093)
صلاة العيد باللغة العربية ولغة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إقامة صلاة العيد، ثم خطبة العيد بلغة غير عربية وبمسجد تم الصلاة وإلقاء خطبة العيد بالعربية قبله بوقت غير طويل، وذلك لاختلاف اللغتين؟ والتقاليد والعادات، وعدم سعة المكان))
علما بأن الصلاة للعرب تقام بوقت الأولى ثم تقوم الجالية السريلانكية صلاة العيد الساعة 8 صباحا لإتاحة الفرصة لحضور المصلين من جميع مناطق الكويت، حيث يحضر آلاف من المقيمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 56554.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(11/12094)
اختلاف اللغة ليس مبررا لتكرار صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إقامة صلاة العيد، ثم خطبة العيد بلغة غير عربية وبمسجد ثم الصلاة وإلقاء خطبة العيد بالعربية قبله بوقت غير طويل، وذلك لاختلاف اللغتين، والتقاليد والعادات، وعدم سعة المكان، علما بأن الصلاة للعرب تقام بوقت الأولى ثم تقوم الجالية السريلانكية صلاة العيد الساعة 8 صباحاً لإتاحة الفرصة لحضور المصلين من جميع مناطق الكويت، حيث يحضر آلاف من المقيمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب المالكية كما في مواهب الجليل والحنابلة كما في مطالب أولي النهى إلى عدم جواز تعدد صلاة العيد لغير حاجة، وذهب الحنفية إلى جواز إقامتها في موضعين، وذهب محمد بن الحسن منهم إلى جوازها في ثلاثة مواضع، وذهب الشافعية إلى جواز تعددها في أكثر من ذلك، والأفضل عند الجميع إقامتها في مكان واحد إذا أمكن، لما في ذلك من الشعور بالوحدة والأخوة ونحو ذلك من المعاني الطيبة، ولما في تكرارها لغير حاجة معتبرة من دعوة للتفرق والنفرة ونحو ذلك.
وعليه، فاختلاف العادات واللغة ونحو ذلك ليس مبرراً للتكرار، بل ينبغي للمسلمين في البلد الواحد أن يقيموا صلاة عيد واحدة في مكان واحد يسعهم جميعاً، لأن في الاجتماع ألفة ومودة، وفي التفرق نفرة وشقاق، وتصح خطبة العيد بغير العربية، كما ذكر ذلك السيوطي في الأشباه والنظائر، وهو الذي استوجهه ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(11/12095)
فاتته التكبيرات الزوائد في صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[وصلت متأخرا عن صلاة العيد ووجدت الإمام بدأ في سورة الفاتحة فكبرت تكبيرة الإحرام وأتممت بقية الصلاة معه، فهل صلاتي صحيحة وليس علي شيء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فاتته التكبيرات الزوائد مع الإمام في صلاة العيدين وأدركه في القراءة فإنه يكبر للإحرام ويأتي بالزوائد، وهو مذهب الحنفية والمالكية، ومذهب الشافعي في القديم، راجع "المجموع" للنووي.
وعند الشافعية في الجديد والحنابلة إن حضر المأموم وقد سبقه الإمام بالتكبيرات أو ببعضها لم يتدارك شيئا مما فاته، لأنه ذكر مسنون فات محله.
والراجح القول الأول وهو استحباب تدارك التكبيرات الفائتة.
وصلاتك صحيحة -إن شاء الله- لأن ترك التكبير نسيانا أو عمدا لا يبطل الصلاة. قال ابن قدامة: والتكبيرات والذكر بينها سنة وليس بواجب، ولا تبطل الصلاة بتركه عمدا ولا سهوا، ولا أعلم فيه خلافا. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(11/12096)
لا يجزئ عن صلاة العيد شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[خاص بصلاة العيد: هل صلاة العيد تغني عن صلاة الفجر، وكذلك هل صلاة الفجر تغني عن صلاة العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة العيد سنة مؤكدة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليها هو وخلفاؤه الراشدون من بعده، فلا تجزئ عنها صلاة الفجر سواء كنت تعني الفريضة أو ركعتي الفجر، كما لا تغني أيضاً صلاة العيد عن كل منهما، لأن كل واحدة من الثلاث مطلوبة لذاتها في وقته فصلاة الفجر فريضة في كل يوم ولا يقوم مقامها شيء، كما أن صلاة العيد سنة في يومين أي يوم عيد الأضحى ويوم عيد الفطر ولا يجزء عنها شيء، وإذا كنت تعني صلاة العيد وصلاة الجمعة إذا اجتمعا في يوم واحد فجمهور الفقهاء على أنه لا تجزء صلاة العيد عن صلاة الجمعة، وعند الحنابلة أن الجمعة والعيد إذا كانا في يوم واحد سقطت الجمعة عمن صلى العيد، ويجب أن يصلي ظهراً وهذا في غير الإمام، واستدلوا بما رواه أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قد اجتمع في يومكم عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(11/12097)
مسائل في صلاة العيد للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: هل لا بأس من أن تؤدي المرأة صلاة العيد في البيت لانشغالها بأمور المنزل؟ وهل عليها شيء إن هي تركتها سواء في البيت أو المصلى؟ وهل طريقة أداء الصلاة مثل أداء الإمام في المصلى أي 7 تكبيرات في الركعة الأولى و5 في الركعة الثانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخروج المرأة لأداء صلاة العيد مستحب بشرط ألا تُخشى منها فتنة، وعليها تجنب استعمال الطيب والزينة، وإذا لم تخرج فلا حرج عليها في صلاة العيد في المنزل، وراجعي في ذلك الفتوى رقم 70334.
وصلاة العيد سنة عند المالكية والشافعية، وفرض عين عند الحنفية، وفرض كفاية عند الحنابلة، وعليه فلا ينبغي لك تركها مراعاة للقول بكونها فرض عين، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 29328.
وإذا صليتها منفردة فكبِّري في الركعة الأولى سبع تكبيرات ثم اقرئي الفاتحة وسورة بعدها ثم كبِّري في الركعة الثانية خمسة تكبيرات بعد تكبيرة القيام، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 44037، والفتوى رقم: 99784.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(11/12098)
خروج المرأة إلى صلاة العيدين بين الاستحباب والكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن نقول إن صلاة المرأة لصلاة عيد الفطر في المسجد سنة واجبة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخروج المرأة لصلاة العيد مستحب بشرط كونها لا تخشى منها الفتنة مع البعد عن الطيب والزينة، قال النووي في المجموع: قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله: يستحب للنساء غير ذوات الهيئات حضور صلاة العيد، وأما ذوات الهيئات وهن اللواتي يُشتَهين لجمالهن فيكره حضورهن، هذا هو المذهب والمنصوص، وبه قطع الجمهور، وحكى الرافعي وجهاً أنه لا يستحب لهن الخروج بحال، والصواب الأول. وإذا خرجن استحب خروجهن في ثياب بذلة ولا يلبسن ما يشهرهن، ويستحب أن يتنظفن بالماء، ويكره لهن التطيب لما ذكرناه في باب صلاة الجماعة. هذا كله حكم العجائز اللواتي لا يشتهين ونحوهن. فأما الشابة وذات الجمال، ومن تشتهى فيكره لهن الحضور، لما في ذلك من خوف الفتنة عليهن وبهن (فإن قيل) هذا مخالف حديث أم عطية المذكور (قلنا) ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل، ولأن الفتن وأسباب الشر في هذه الأعصار كثيرة بخلاف العصر الأول. والله أعلم.
قال الشافعي في الأم: أحب شهود النساء العجائز وغير ذوات الهيئات الصلاة والأعياد، وأنا لشهودهن الأعياد أشد استحباباً مني لشهودهن غيرها من الصلوات المكتوبات. انتهى
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: يعني أنه يجوز ويندب للمتجالة المسنة التي لا أرب للرجال فيها أن تخرج إلى صلاة العيد والاستسقاء وأحرى للفرض، أما متجالة لم ينقطع أرب الرجال منها بالجملة فهذه تخرج للمسجد ولا تكثر التردد؛ كما في الرواية. انتهى
وقال ابن قدامة في المغني: لا بأس بخروج النساء يوم العيد إلى المصلى، وقال ابن حامد: يستحب ذلك، وقد روي عن أبي بكر وعلي رضي الله عنهما، أنهما قالا: حق على كل ذات نطاق أن تخرج إلى العيدين، وكان ابن عمر يُخرِج من استطاع من أهله في العيدين، وروت أم عطية قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق، وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: لتلبسها أختها من جلبابها. متفق عليه، وهذا لفظ رواية مسلم، ولفظ رواية البخاري، قالت: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد، حتى تخرج البكر من خدرها، وحتى يخرج الحيض فيكن خلف الناس، فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته. ... إلى أن قال: وإنما يستحب لهن الخروج غير متطيبات ولا يلبسن ثوب شهرة ولا زينة ويخرجن في ثياب البذلة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: وليخرجن تفلات. ولا يخالطن الرجال، بل يكن ناحية منهم. انتهى
وعليه.. فخروج المرأة لصلاة عيد الفطر أو الأضحى مستحب بشرط ألا تُخشَى منها الفتنة مع بُعدها عن استعمال الطيب والزينة، وحكم صلاة العيد عند أصحاب المذاهب الأربعة تقدم بيانه في الفتوى رقم: 29328.
ومن السنة أن تؤدى صلاة العيد في المصلى وليس في المسجد إلا لعذر وهذا في غير مكة. قال ابن قدامة في المغني: السنة أن يُصلَى العيد في المصلى، أمر بذلك علي رضي الله عنه، واستحسنه الأوزاعي، وأصحاب الرأي، وهو قول ابن المنذر، وحكي عن الشافعي: إن كان مسجد البلد واسعاً، فالصلاة فيه أولى، لأنه خير البقاع وأطهرها، ولذلك يصلي أهل مكة في المسجد الحرام. ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى المصلى ويدع مسجده، وكذلك الخلفاء من بعده، ولا يترك النبي صلى الله عليه وسلم الأفضل مع قربه ويتكلف فعل الناقص مع بُعدِه، ولا يشرع لأمته ترك الفضائل، ولأننا قد أمرنا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، ولا يجوز أن يكون المأمور به هو الناقص، والمنهي عنه هو الكامل، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد بمسجده إلا من عذر، ولأن هذا إجماع المسلمين، فإن الناس في كل عصر ومصر يخرجون إلى المصلى، فيصلون العيد في المصلى، مع سعة المسجد وضيقه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في المصلى مع شرف مسجده. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1426(11/12099)
يسن قضاء صلاة العيد بخلاف الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في أحد الأعياد (عيد الفطر)
أدينا صلاة العيد وخطب الإمام وأثناء الخطبة حضر عدد من المصلين متأخرين. بعد نهاية الخطبة أفتاهم الإمام لهم بأن يعملوا خطبة أخرى ويصلوا هل يجوز ذلك
أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيسن لمن فاتته صلاة العيد مع الإمام قضاؤها على صفتها، وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى بينا فيها أقوال العلماء في حكم من فاتته صلاة العيد، وهي برقم: 40983.
وأما خطبة العيد فإنها سنة لا يجب حضورها ولا استماعها ولا إعادتها لمن لم يحضرها، لحديث عبد الله بن السائب قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب. رواه الحاكم وصححه، وأبو داود والدارقطني.
وللفائدة نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 1425، والفتوى رقم: 14091، والفتوى رقم: 44037.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(11/12100)
حكم قطع صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[جماعة شباب انسحبوا من صلاة عيد الأضحى، ربما لعدم اتفاقهم مع الإمام، فهذا يسبب حاليا إساءة للمسلمين وخاصة بهذا البلد، ما موقف الإسلام نحو هذه المعاملات؟ وجزاكم الله عني خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق بيان حكم صلاة العيد في الفتوى رقم: 29328.
وأنه يجوز فعلها في جماعة وفي غير جماعة، وعلى القول بوجوب صلاة العيد فلا يجوز قطعها بعد الشروع فيها، وعلى القول بأن صلاة العيد سنة -وهو الراجح وإليه ذهب الجمهور- فلا يجوز قطعها أيضاً عند المالكية والحنفية، وانظر في حكم قطع الصلاة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11131، 32254، 32896.
وإن كان المقصود بالانصراف الانصراف قبل الصلاة ولم يكن لهم عذر شرعي معتبر فقد أساءوا، وفرقوا الكلمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1425(11/12101)
حكم من فاتته صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم من تعذر عليه أداء صلاة عيد الفطر؟
وشكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوقت صلاة العيد يبتدئ من طلوع الشمس وينتهي بالزوال، فمن فاتته صلاة العيد مع الإمام، فإنه يصليها في هذا الوقت أداء، لكن إذا خرج وقتها فهل يشرع قضاؤها؟ فيه خلاف، قال النووي في "المجموع": فرع في مذاهب العلماء إذا فاتت صلاة العيد: قد ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أنها يستحب قضاؤها أبدا، وحكاه ابن المنذر عن مالك وأبي ثور، وحكى العبدري رأي مالك وأبي حنيفة والمنذري وداود أنها لا تقضى، وقال أبو يوسف ومحمد: تقضى في اليوم الثاني، والأضحى في الثاني والثالث، وقال أصحاب أبي حنيفة: مذهبه كمذهبهما، وإذا صلاها من فاتته مع الإمام في وقتها أو بعده، صلاها ركعتين كصلاة الإمام ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/12102)
حكم صلاة العيد في اليوم الثاني
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا وزوجي عيدنا يوم الإثنين مع العراق والمسلمون الموجودون في النرويج عيدوا يوم الثلاثاء وعليه، فصلاة العيد كانت يوم الثلاثاء أي ثاني أيام العيد بالنسبة لنا, ولقد ذهبنا إلى المسجد يوم الثلاثاء وصلينا صلاة العيد مع بقية إخواننا فهل تقبل صلاتنا ثاني يوم العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في اعتبار اختلاف المطالع، والراجح اعتبارها، كما بينا في الفتوى رقم: 6636، وعليه، فكان الواجب عليكما عدم الأخذ برؤية أهل العراق لاختلاف المطلع بين البلدين، ولكن إن كنتما مقلدين للقائلين بعدم اعتبار اختلاف المطالع، فلا شيء عليكما في الفطر أخذا برؤية أهل العراق.
وأما صلاة العيد، فكان ينبغي لكما فعلها في اليوم الذي أفطرتما فيه، لأنه هو يوم العيد عندكما.
وأما صلاتها في اليوم الثاني مع عموم المسلمين في البلد، فتعتبر قضاء، وهي صحيحة ومجزئة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1424(11/12103)
مذاهب العلماء في حكم صلاة العيدين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أخطأ الإمام في صلاة السنة (العيد) فهل يجب عليه سجود السهو؟ وما هو الحل لو لم يفعل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبداية ننبه الأخ السائل ـ وفقه الله ـ إلى أمرين:
الأمر الأول: أن صلاة العيد ولو كانت سنة فلها حكم سائر الصلوات المشروعة؛ فيجب فيها كل ما يجب في الصلوات الأخرى في الجملة.
الأمر الثاني: أن قوله إن صلاة العيد سنة، ليس محل اتفاق بين العلماء، فقد اختلف العلماء في حكم صلاة العيد على ثلاثة أقوال:
أولاً: أن صلاة العيد واجبة على الأعيان، وهذا هو الصحيح عند الحنفية، قال الكاساني: (والصحيح أنها واجبة، وهو قول أصحابنا.) واستدلوا على ذلك بمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها من دون تركها ولو مرة، وأنه لا يصلى التطوع بجماعة - ما خلا قيام رمضان وكسوف الشمس وصلاة العيدين، فإنها تؤدى بجماعة - فلو كانت سنة ولم تكن واجبة لاستثناها الشارع كما استثنى التراويح وصلاة الخسوف.
الثاني: أن صلاة العيد سنة مؤكدة، وإلى هذا ذهب الشافعية والمالكية، قال الشيرازي: (صلاة العيد سنة.) وقال في التاج والإكليل: (صلاة العيد سنة مؤكدة.) ودليلهم على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح للأعرابي - وكان قد ذكر له الرسول صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس - فقال له: هل عليَّ غيرهنَّ؟ قال: لا، إلا أن تطوع. متفق عليه.
الثالث: أن صلاة العيد فرض كفاية، وإليه ذهب الحنابلة، قال ابن قدامة في المغني: (وصلاة العيد فرض على الكفاية في ظاهر المذهب.) ودليلهم على ذلك عموم قول الله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] ، ولمداومة الرسول صلى الله عليه وسلم على فعلها، ولأنها من أعلام الدين الظاهرة.
والراجح هو مذهب الجمهور وهو القول الثاني.:
أما في جواب سؤالك فنقول إن خطأ الإمام في صلاة العيد كخطئه في غيرها من الصلوات، وراجع الفتويين التاليتين:
10674،: 12121.
أما ما هو الحل إذا لم يسجد للسهو، فعلى السائل الكريم أن يبين نوع الخطأ الذي أخطأه حتى يمكننا جوابه بالتفصيل.
وعلى كل حال فجمهور العلماء على أنه لا يشرع له الآن سجود للسهو أو قضاء لصلاة العيد، وعليه أن يتوب إلى الله من ترك سجود السهو إن كان فعل ذلك متعمداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(11/12104)
وقت صلاة العيدين
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يصلي المسلم صلاة العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم صلاة العيدين في الفتوى رقم:
1452.
وأما بالنسبة لوقتها فإنه بعد طلوع الشمس إلى زوالها.. أي من وقت ارتفاع الشمس قدر رمح بحسب رؤية العين المجردة إلى ابتداء الزوال.
ويستحب عدم تأخير صلاة عيد الأضحى عن أول الوقت لكي يتفرغ المسلمون بعدها لذبح أضاحيهم، ويستحب تأخيرها قليلاً عن أول الوقت في عيد الفطر ليتمكن الناس من إخراج صدقة الفطر قبلها وانتظاراً لمن انشغل في إخراج صدقته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1423(11/12105)
الأحوال التي يرخص فيها بصلاة العيد في اليوم الثاني
[السُّؤَالُ]
ـ[- هل يجوز لي أن أصلي صلاة العيد في اليوم الثاني من أيام العيد؟
وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا بأس بصلاة العيد في اليوم الثاني، وذلك في حالتين:
الأولى: فيما إذا فاتت الشخص صلاة العيد بسبب نسيان، أو تلبسه بعذر منعه من أدائها وذكرها، أو زال العذر بعد الغروب أو قبله بوقت لم تتيسر الصلاة فيه.
الثانية: فيما إذا شهد عدل أو عدول برؤية الهلال بعد الغروب أو قبله بوقت لم تتيسر الصلاة فيه، لما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا: أغمي علينا هلال شوال فأصبحنا صياماً، فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا، وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(11/12106)
خروج المرأة لأداء صلاة العيد سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن تؤدى صلاة العيد بالنسبة للمرأة في المسجد؟ وإن لم تستطع المرأة الذهاب للمسجد صباح العيد هل تقبل صلاتها للعيد في المنزل؟ أفيدوني في ذلك جزاكم الله ألف خير عني وعن جميع المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن السنة أن يخرج النساء إلى المصلى في يوم العيد لما في الصحيحين وغيرهما أن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: "أُمرنا – وفي رواية أَمرنا - تعني رسول الله صلي الله عليه وسلم-:أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور. وأمر الحيض أن تعتزل مصلى المسلمين". وبناء على ذلك فإنه من السنن المؤكدة خروج النساء لصلاة العيدين، ولكن بشرط أن يكن متسترات غير متبرجات ولا متطيبات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات" يعني غير متطيبات رواه أبو داود. وإذا لم تستطع المرأة الخروج إلى صلاة العيد فإنها تصلي في بيتها ركعتين، وقيل تصلي أربع ركعات بتسليمة أو تسليمتين، وذلك لما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: من فاتته العيد فليصل أربعا، ومن فاتته الجمعة فليصل أربعا. وروي عن على رضي الله عنه أنه قال: إن أمرت رجلا يصلي بضعفة الناس أمرته أن يصلي أربعا. رواهما سعيد بن منصور، هذا والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12107)
صلاة العيدين سنة مؤكدة للرجال والنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم صلاة العيدين؟ بالنسبة للذكر والأنثى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فصلاة العيدين سنة مؤكدة للرجال والنساء، ويجوز فعلها في جماعة وبغير جماعة، والأولى أن يحضر الإنسان جماعة المسلمين في إحدى الأماكن المخصصة لهذه الصلاة كالمصلى مثلا، فهو أفضل، ومن فاتته صلاة العيد بالمصلى فله أن يصليها في بيته.
... والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12108)
حكم الصلاة مع من يخطئون في بعض أحكامها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقيم في بلد غربي أي بلد غير إسلامي، الإسلام في هذه البلاد ضعيف جدا لدرجة أن بعض الإخوان المسلمين يرتكبون بعض الأخطاء جهلاً منهم، فمثلا صلاة العيد ينقصون عدد تكبيراتها من خمس إلى ثلاث تكبيرات، فما حكم ذلك، وهل يمكن أن أصلي معهم بهذه الطريقة علما بأنهم يخطئون في أشياء كثيرة في الإسلام، وصلاة العيد هي إحدى أخطائهم، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي عليه جمهور أهل العلم أن عدد تكبيرات العيد في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس دون تكبيرة القيام، هذا ما عليه أئمة المذاهب الثلاثة مالك والشافعي والإمام أحمد والكثير من الصحابة وفقهاء التابعين، ويرى أبو حنيفة والثوري أن عدد تكبيرات العيد ثلاث في الأولى والثانية، وعليه فإن على الأخ السائل أن يبين لهؤلاء كيفية صلاة العيد وعدد تكبيراتها على قول أكثر أهل العلم، ويستمر في الصلاة معهم على كل حال، فلعلهم يتبعون في ذلك المذهب الحنفي فيكبرون للعيد ثلاثاً ثلاثاً.
قال ابن قدامة في المغني: قال أبو عبد الله: يكبر في الأولى سبعاً مع تكبيرة الإحرام، ولا يعتد بتكبيرة الركوع، لأن بينهما قراءة، ويكبر في الركعة الثانية خمس تكبيرات، ولا يعتد بتكبيرة النهوض، ثم يقرأ في الثانية، ثم يكبر ويركع، وروي ذلك عن فقهاء المدينة السبعة، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ومالك والمزني وروي عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وابن عباس وابن عمر ويحيى الأنصاري، قالوا: يكبر في الأولى سبعاً وفي الثانية خمساً. وبه قال الأوزاعي والشافعي وإسحاق إلا أنهم قالوا: يكبر سبعاً في الأولى سوى تكبيرة الافتتاح، لقول عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين اثنتي عشرة تكبيرة سوى تكبيرة الافتتاح. وقال أبو حنيفة والثوري: في الأولى والثانية ثلاثا ثلاثا. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 76884، والفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(11/12109)
كيف يصلي الفذ العيد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في كندا ويتعذر علي الذهاب إلى المسجد لصلاة العيد هل يمكن أداؤها في البيت لوحدي؟ وكيف ذلك؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة العيد سنة مؤكدة للرجال والنساء، ويجوز فعلها في جماعة وبغير جماعة، والأولى أداؤها في الجماعة، ومن فاتته فله أن يصليها في بيته، قال الرملي في نهاية المحتاج: والمراد أنه يستحب الجماعة فيها وأنها لا تجب اتفاقاً ... (2/286) .
وبناء عليه فلك أن تؤدي صلاة العيد في بيتك وحدك، وأما كيفية ذلك فإنها ركعتان، تفتتح الأولى منهما بسبع تكبيرات دون تكبيرة الإحرام، وفي الثانية تكبر خمساً دون تكبيرة القيام، وتقرأ فيهما جهراً بالفاتحة وسورة معها في كل ركعة، ولا خطبة إلا إذا كانت معك جماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/12110)
متابعة الإمام في التكبير لصلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم عندما يشرع الإمام في صلاة العيد فيكبر هل المأموم يلزمه التكبير خلف الإمام؟ وكيف يكون هذا التكبير سراً او جهراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المأموم متابعة إمامه في الصلاة، فرضا كانت أو نفلا، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإن صلى قائما فصلوا قياما. رواه البخاري، فإذا كبر الإمام في صلاة العيد أو غيرها للإحرام، وجب على المأموم أن يتابعه في التكبير، وإن لم يكبر لم تنعقد صلاته، وتكبير المأموم يكون سرا لا جهرا، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 14541 والفتوى رقم: 23768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(11/12111)
تكبيرات صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الأول: نحن نعرف أن عدد تكبيرات العيدين الفطر والأضحى في الركعة الأولى سبع، وفي الركعة الثانية خمس، والسؤال هو: هل تكبيرة الإحرام هي من ضمن التكبيرات السبع أم لا؟ الرجاء التوضيح في هذا السؤال، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الركعة الأولى من صلاة العيد يجوز أن يكون التكبير فيها سبعاً دون تكبيرة الإحرام وهو مذهب الشافعي، ويجوز أن يكون سبعاً بتكبيرة الإحرام أيضاً كما هو مذهب ابن عباس وعمر بن عبد العزيز، كما ذكره ابن أبي شيبة في المصنف، وهو مذهب مالك وأحمد.
والمسألة محل خلاف بين أهل العلم والأمر فيها واسع.
وراجع الفتوى رقم:
4058
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(11/12112)
متى تصلى صلاة تحية المسجد في العيدين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصلى تحية المسجد عند دخول المسجد في صلاة العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة أن تُصلى صلاة العيد في المصلى، ولا تصلى في المسجد إلاّ إذا كانت هنالك حاجة لذلك، كالمطر وشدّة الحر والريح.
ثم إن صليت في المسجد، فعلى الداخل قبل وصول الإمام أن لا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية للمسجد.
أما إن صليت في المصلى، فليس على من جاء قبل أن يأتي الإمام أن يصلي تحية المسجد، إذ ليس للمصلى حكم المسجد في ذلك.
وروى الطبراني في الكبير عن عبد الملك بن كعب بن عجرة قال: خرجت مع كعب بن عجرة يوم العيد إلى المصلى، فجلس قبل أن يأتي الإمام ولم يصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1422(11/12113)
صفة خطبة العيدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للعيد خطبة واحدة أم خطبتان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي عليه الجمهور أن العيد يخطب له خطبتان، كخطبتي الجمعة كماً ومضموناً، إلا أنهما بعد الصلاة، ولكن الأحاديث الواردة في صفة خطبه عليه السلام في الأعياد، لا تدل على أنهما خطبتان، ولا أنه صلى الله عليه وسلم كان يجلس بينهما.
قال صاحب سبل السلام: ولعله لم يثبت ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم، وإنما صنعه الناس قياساً على الجمعة.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1421(11/12114)
كيفية صلاة العيدين
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تصلى صلاة العيد؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
صلاة العيد ركعتان، ويدخل وقتها بعد ارتفاع الشمس قدر رمح، وحدده العلماء بزوال حمرتها، وينتهي وقتها بزوال الشمس.
وأما هيئتها فيكبر في الركعة الأولى سبعاً من غير تكبيرة الإحرام، ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة الأعلى أو سورة ق. وفي الركعة الثانية يكبر خمساً ويقرأ بسورة الغاشية أو بسورة القمر، وبعد الصلاة يخطب الإمام خطبة يذكر فيها الناس ويعظهم. والدليل على ذلك: ما روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، وأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، وإن كان يريد أن يقطع بعثاً أو يأمر بشيء أمر به ثم ينصرف".
... والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12115)
السنن المستحبة قبل أداء صلاة العيد وبعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي السنن الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بخصوص صلاة العيد. أقصد ماذا أفعل منذ دخولي للمسجد قبل صلاة الفجر وحتى إتمام صلاة العيد وإن أمكن بالتفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنن المستحبة في العيد:
أولا: التكبير من غروب شمس آخر يوم من رمضان إلى خروج الإمام للصلاة. قال تعالى:.... وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. {البقرة: 185} . وصفة التكبير: الله اكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر , الله أكبر ولله الحمد. عن الزهري قال: كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتون المصلى وحتى يخرج الامام، فإذا خرج الامام سكتوا فإذا كبر كبروا0 رو اهـ ابن أبي شيبة
قال ابن قدامة في المغني: وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلنَّاسِ إظْهَارُ التَّكْبِيرِ فِي لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ فِي مَسَاجِدِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ وَطُرُقِهِمْ، مُسَافِرِينَ كَانُوا أَوْ مُقِيمِينَ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ , قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَفْسِيرِهَا: لِتُكْمِلُوا عِدَّةَ رَمَضَانَ، وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عِنْدَ إكْمَالِهِ عَلَى مَا هَدَاكُمْ, وَمَعْنَى إظْهَارِ التَّكْبِيرِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهِ، وَاسْتُحِبَّ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَتَذْكِيرِ الْغَيْرِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى، يَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ، وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا, قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا، وَيُعْجِبُنَا ذَلِكَ.اهـ.
ثانيا: يشرع الاغتسال قبل الذهاب إلى المصلى, فقد ثبت عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أنه كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى. رواه مالك في الموطأ.
قال ابن قدامة في المغني: وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَطَهَّرَ بِالْغُسْلِ لِلْعِيدِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ... اهـ
قال النووي: قال الشافعيّ وأصحابه: يستحب الغسل في العيدين، وهذا لا خلاف فيه، والمعتمد فيه أثر ابن عمر، والقياس على الجمعة. اهـ.
ثالثا: يستحب التزين في العيدين في اللباس, فعن عبد الله بن عمر قال: أخذ عمر جبةً من إستبرق تباع في السوق، فأخذها، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ابتع هذه، تجمل بها للعيد والوفود. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّما هذه لباس من لا خلاق له.. متفق عليه.
قال ابن قدامة: وهذا يدل على أنّ التجمل عندهم في هذه المواضع – يعني العيد، واستقبال الوفود – كان مشهورًا. اهـ.
رابعا: الأكل قبل الخروج إلى المصلى في عيد الفطر, فقد روى البخاري من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ.... وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا.
قال الحافظ في الفتح: الْحِكْمَةُ فِي الْأَكْلِ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَنْ لَا يَظُنَّ ظَانٌّ لُزُومَ الصَّوْمِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِيدَ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ سَدَّ هَذِهِ الذَّرِيعَةِ. ... واُسْتُحِبَّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ مُبَادَرَةً إِلَى اِمْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ مختصرا.
خامسا: الذهاب إلى الصلاة من طريق والعودة من طريق آخر؛ لما رواه البخاري في صحيحه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ.
سادسا: يستحب أن يذهب إلى مصلى العيد ماشيا لا راكبا فإن ذهب راكبا فلا حرج , فقد روى ابن ماجه وحسنه الألباني عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى العيد ماشيا ويرجع ماشيا. وعن علي رضي الله عنه قال: إن من السنة أن تأتي العيد ماشيا. رواه وحسنه الترمذي. وقال: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا. اهـ.
سابعا: إذا كانت صلاة العيد في المسجد فإنه إذا دخل المسجد صلى ركعتين؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ. متفق عليه.
ثامنا: يستحب حضور خطبة العيد بعد الانتهاء من الصلاة وإن كان المصلي مخيرا في الأصل بين الاستماع والانصراف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم بعد ما صلى العيد: إنَّا نَخْطُبُ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ ... رواه أبو داوود. لكن حضوره أفضل.
قال ابن قدامة: ... وَالِاسْتِمَاعُ لَهَا أَفْضَلُ. اهـ. وقال ابن عثيمين: ... لكن الأفضل أن يبقى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(11/12116)
هل من السنة السحور يوم عيد الفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من السنة السحور يوم عيد الفطر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من السنة السحور في ليلة العيد، وإنما السنة يوم عيد الفطر أن يأكل قبل خروجه للصلاة، لما رواه البخاري عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترا.
قال الحافظ في الفتح: قال المهلب: الحكمة في الأكل قبل الصلاة أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد فكأنه أراد سد هذه الذريعة. وقال غيره: لما وقع وجوب الفطرعقب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله سبحانه. أشار إلى ذلك ابن أبي حمزة. وقال ابن قدامة: لا نعلم في استحباب تعجيل الأكل يوم الفطر اختلافا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1430(11/12117)
غسل العيد هل هو عبادة أم عادة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الغسل للعيدين من العبادات التي يؤجر عليها المسلم أم أنها عادة يفعلها الناس مع العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نقل النووي الاتفاق على أن غسل العيد سنة، قال في شرح المهذب: ومن الغسل المسنون غسل العيدين وهو سنة لكل أحد بالاتفاق. اهـ
والسنة في الاصطلاح هي ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، ولا تطلق إلا على ما هو عبادة. وبه تعلم أن غسل العيد لا شك في كونه عبادة يتقرب بها إلى الله عز وجل ويثاب فاعلها، وشرط استحقاق الأجر عليها أن تقع مصحوبة بنية القربة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1430(11/12118)
التكبير في العيدين.. أنواعه.. وصيغه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الصيغة المسنونة في تكبيرات العيدين التي نكبرها بعد الصلوات في يومي العيدين والأيام الثلاثة بعد عيد الأضحى؟ وما هي الزيادات على هذه التكبيرات؟ وهل من السنة أن نلحقها بالتكبيرات؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فصيغة التكبير في العيدين الأمر فيها واسع، ومن الصيغ المستحبة أن يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يسن التكبير في ليلتي العيد: عيد الفطر وعيد الأضحى، وصيغته: الله أكبر الله أكبر، وهذا التكبير غير مقيد بالصلوات بل هو مستحب في المساجد والمنازل والطرقات والأسواق، ويبدأ التكبير في عيد الفطر من غروب الشمس ليلة العيد، وينتهي بخروج الإمام إلى مصلى العيد للصلاة.
قال ابن قدامة في المغني: ويظهرون التكبير في ليالي العيدين وهو في الفطر آكد؛ لقول الله تعالى: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، وجملته أنه يستحب للناس إظهار التكبير في ليلتي العيد في مساجدهم ومنازلهم وطرقهم مسافرين أو مقيمين لظاهر الآية المذكورة.
قال الشافعي رحمه الله: يكبر الناس في الفطر حين تغيب الشمس ليلة الفظر فرادى وجماعة في كل حال، حتى يخرج الإمام لصلاة العيد، ثم يقطعون التكبير. اهـ
وأما التكبير الذي يقال بعد الصلوات وهو التكبير المقيد فإنه خاص بعيد الأضحى، ويبدأ من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق.
أما التكبير المطلق فيه فيبدأ من رؤية هلال ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق، قال ابن قدامة: التكبير في الأضحى مطلق ومقيد، فالمقيد عقيب الصلوات. والمطلق في كل حال في الأسواق، وفي كل زمان. وأما الفطر فمسنونه مطلق غير مقيد، على ظاهر كلام أحمد. وهو ظاهر كلام الخرقي. وقال أبو الخطاب: يكبر من غروب الشمس من ليلة الفطر إلى خروج الإمام إلى الصلاة. انتهى.
وأما صيغة التكبير فمن أهل العلم من يرى أنه يكبر ثلاثا تباعا فيقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
قال ال نووي رحمه الله في المجموع: صيغة التكبير المستحبة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر. هذا هو المشهور من نصوص الشافعي.
وقال في منهاج الطالبين: وصيغته المحبوبة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. ثم قال رحمه الله في المجموع: قال الشافعي في المختصر: وما زاد من ذكر الله فحسن.
وقال في الأم: أحب أن تكون زيادته الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا،لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله والله أكبر. واحتجوا له بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله على الصفا، وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخصر من هذا اللفظ. انتهى.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الأفضل التكبير مرتين، قال ابن قدامة في المغني: وصفة التكبير: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1428(11/12119)
ما يسن فعله وما يجتنب في الأعياد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أهم الأعمال المسنونة يوم الأضحى؟ وما المنهي عنه؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الأشياء المسنونة في يوم العيد ما يلي:
1ـ الأضحية فإنها سنة عند جمهور أهل العلم؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 6216.
2ـ بالنسبة لمن يريد الأضحية يسن له الابتعاد عن الأكل حتى يأكل من أضحيته؛ كما تقدم في الفتوى: 13910.
3ـ لبس الجديد من الثياب لمن استطاع ذلك؛ كما سبق في الفتوى رقم: 20398.
4ـ صلاة العيد فإنها سنة مؤكدة عند المالكية والشافعية خلافا لغيرهم القائل بوجوبها؛ كما في الفتوى رقم: 29328
وبالنسبة للمنهيات فلا نعلم أمورا يختص النهي عنها بهذا اليوم سوى الصيام، فقد ذكر كثير من أهل العلم الإجماع على تحريم صيامه، ويجب على المسلم الحذر من بعض الأمور المحرمة التي قد تكثر في يوم العيد كالإسراف في المأكل أو المشرب أو الملبس أو الاستماع إلى ما يحرم الاستماع إليه كالأغاني أو الوقوع في الاختلاط بين الرجال والنساء، وهذه أمور محرمة دائما. وللفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 1930، 5555، 3539.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1427(11/12120)
كان النبي لا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي.
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت أن صيام العشر الأوائل من ذي الحجة سنة عن رسول الله، والسؤال سمعت أن من صام من فجر أول أيام العيد إلى بعد صلاة العيد يحسب يوما، فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد استحب أهل العلم صيام التسعة أيام الأول من ذي الحجة، لحديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله من العشر، فقالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء. رواه أحمد والترمذي والبخاري مختصرا. ولمزيد فائدة، راجع الفتويين: 3482، 43810.
ولما في مسند أحمد وسنن النسائي عن حفصة رضي الله عنها قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتان قبل الصلاة.
أما صيام يوم العيد فإنه حرام بإجماع المسلمين، نقل الإجماع ابن عبد البر في الاستذكار وغيره، فلا تنعقد النية بصيامه، وأيضا الصيام المشروع إنما هو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. ولذا، فلا يسمى ما ذكرته صياما، ولكن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي. رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني. قال ابن حزم: وإن أكل يوم الأضحى قبل غدوه إلى المصلى فلا بأس، وإن لم يأكل حتى يأكل من أضحيته فحسن، ولا يحل صيامهما أصلا. اهـ.
وقال ابن قدامة: قال أحمد: والأضحى لا يأكل فيه حتى يرجع إذا كان له ذبح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من ذبيحته، وإذا لم يكن له ذبح لم يبال أن يأكل. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(11/12121)
صيغة التكبير في العيدين
[السُّؤَالُ]
ـ[نجد أنهم عند التكبير للعيد يقولون (الله أكبر) ثلاث مرات وليس مرتين ثم (لا إله إلا الله, الله أكبر) ، وهنا أيضا بدون واو بينهم مكان الفصلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التكبير ثلاثاً ثابت عن السلف كما ثبتت عنهم تثنيته، وكذلك زيادة الواو بين لا إله إلا الله والله أكبر ثابتة، فقد روى ذلك البيهقي في السنن وابن أبي شيبة في المصنف والدارقطني في سننه وعبد الرزاق في المصنف.
وقال ابن حجر في الفتح: وأما صيغة التكبير فأصح ما ورد فيه ما إخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان قال كبروا الله الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيراً، وقيل يكبر ثلاثاً ويزيد لا إله إلا الله وحده لا شريك له.... إلخ، وقيل يكبر ثنئين بعدهما لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، جاء ذلك عن عمر وعن ابن مسعود نحوه، وقد ذكر القرطبي عن أحمد ومالك أن أمره واسع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1424(11/12122)
التزاور في العيد مسنون
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل من السنة زيارة الأقارب والأصدقاء وذلك لغرض المعايدة، وهل يعتبر ذلك تخصيصاً، لأننا سمعنا أن أحد العلماء يقول زيارة الأحياء في العيد كزيارة الأموات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزيارة الأقارب والأصدقاء والجيران في العيد مشروعة، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: التزاور مشروع في الإسلام، وقد ورد ما يدل على مشروعية الزيارة في العيد، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر..... إلى آخر الحديث.، وموضع الشاهد فيه، وزاد في رواية هشام: يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وهذا عيدناً.، قال في الفتح: قوله وجاء أبو بكر: وفي رواية هشام بن عروة "دخل علي أبو بكر " وكأنه جاء زائراً لها بعد أن دخل النبي صلى الله عليه وسلم بيته. انتهى.
ولا شك أن التزاور في العيد مما يقوي الصلة، ويزيل الشحناء ويقطع التدابر، ولذلك فهو عمل مسنون كان عليه السلف من الصحابة ومن بعدهم، وهو عمل المسلمين إلى يومنا هذا، ولا نعلم أن أحداً من العلماء شبه زيارة الأحياء بزيارة الأموات، ولم نفهم المراد من قولك (وهل يعتبر ذلك خصيصاً) وفي ما مضى كفاية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(11/12123)
عدد أيام العيدين، والأحاديث الدالة على إظهار السرور فيهما
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت بسؤال يختص بعيد الفطر إلا أنني لم أتلق الرد وأتمنى أن أتحصل منكم على جواب شاف.
السؤال هو: كم عدد أيام عيد الفطر هل صحيح أنه يوم واحد فقط؟ وإذا كان أكثر فهل صحيح أن الدف بالعيد فقط في اليوم الأول؟ مع ذكر الدليل إذا تسنى لكم حتى أستطيع أن أناقشه مع الآخرين؟ أما أيام عيد الأضحى هل هي 3أيام أم 4؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الترمذي وأبو داود عن أنس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: قد أبدلكم الله سبحانه وتعالى بهما خيراً منهما يوم الفطر والأضحى.
ففي هذا الحديث دليل على أن العيد يومان يوم للفطر ويوم للأضحى، ويلحق بالأضحى أيام التشريق لحديث: يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام. رواه الترمذي وصححه.
قال الشوكاني: فيه دليل على أن بقية أيام التشريق التي بعد يوم النحر أيام عيد. ا. هـ
وأيام التشريق هي ثلاثة أيام بعد الأضحى (النحر) جاء في المنتقى شرح الموطأ: وأما أيام التشريق فهي الأيام الثلاثة التي تلي يوم النحر.
هذا وقد جاءت الأحاديث الدالة على أن إظهار السرور والفرح مندوب في أيام العيد كلها، من هذه الأحاديث حديث عائشة في شأن الجاريتين اللتين كانتا تغنيان وتضربان بالدف في يوم العيد، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا. رواه البخاري ومسلم.
هذا.. ولا يختص يوم العيد بجواز الضرب على الدف بل يجوز في العرس بل يندب فيه، وكذا يباح الضرب به في كل سرور كالولادة وشفاء مريض وقدوم عزيز ونحو ذلك.
جاء في مغني المحتاج: ويجوز دف لعُرس وختان وكذا غيرهما في الأصح ... قال البغوي في شرح السنة يستحب في العرس والوليمة ووقت العقد والزفاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/12124)
لا تصلى التراويح ليلة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[س1. هل يجوزأداء صلاة التراويح ليلة العيد؟ وما الدليل على ذلك؟.
س2. من صام أيام شوال لكن ناقصة العدد هل يحصل له أجر؟.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن صلاة التراويح تنتهي بنهاية شهر رمضان، وأنها لا تصلى ليلة العيد جماعة، لأنها ليلة الأول من شهر شوال، راجع في ذلك الفتوى رقم: 2763.
وبخصوص صيام الست من شوال، فإن الفضل الذي ورد في الحديث إنما يحصل لمن صام هذه الأيام الست كلها، ولا يكون ذلك لمن صام جزءا منها إلا إذا حال دون صيامه لها كاملة عذر معتبر شرعا، فيكتب له الأجر كاملا بإذن الله، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا مرض العبد أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما. رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1424(11/12125)
السنة والعام اسمان مترادفان معناهما واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم بخير وجزاكم الله عنا وعن الأمة الإسلامية كل خير الرجاء التكرم من سيادتكم بموافاتنا بالفرق بين أن يقول المسلم للمسلم كل سنة وأنت طيب وأن يقول له كل عام وأنت بخير وأيهما أفضل من القرآن والسنة ورداً شاملاً أفادكم الله وجزاكم الله عنا كل خير حيث ذكر (تزرعون سبع سنين دأباً) ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى مشروعية التهنئة بالعيد، لأنها مشاركة من المسلم أخيه المسلم في ما يسره ويرضيه، ولما فيها من التوادد والتراحم والتعاطف بين المسلمين.
قال صاحب الدر المختار: إن التهنئة بالعيد بلفظ يتقبل الله منا ومنكم لا ينكر.
وقال صاحب حاشية قليوبي: التهنئة بالأعياد والشهور والأعوام قال ابن حجر مندوبة ويستأنس لها بطلب سجود الشكر عند النعمة وبقصة كعب وصاحبيه وتهنئة أبي طلحة له.
ونقل في الموسوعة عن ابن أمير حاج قوله: الأشبه أنها -يعني التهنئة بالعيد- جائزة مستحبة في الجملة ثم ساق آثاراً عن الصحابة ... إلى أن قال: والمتعامل في البلاد الشامية والمصرية عيد مبارك عليك ونحوه، وقال: يمكن أن يلحق بذلك في المشروعية والاستحباب لما بينهما من التلازم.
وعلى هذا، فلا مانع من التهنئة عند سببها بما يدل على المراد بأي لفظ من الألفاظ الواردة في السؤال وغيرها من الألفاظ المشابهة، سواء قيل كل سنة وأنت بخير، أو كل عام وأنت طيب، لا فرق بين هذين اللفظين، والسنة والعام اسمان مترادفان معناهما واحد يفسر كل واحد منهما بالآخر، والتعبير في الآية التي أشار إليها السائل بالسنين مرة وبالعام مرة أخرى لا علاقة له بالموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(11/12126)
صيغ التكبير متعددة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول التكبيرات عقب كل صلاة مفروضة في أيام التشريق الثلاثة حيث يتم التكبير بعد كل صلاة مفروضة بشكل جماعي في المسجد (الله أكبر ثلاث مرات، لا إله إلا الله، الله اكبر مرتين، ولله الحمد) يتم التكبير بهذا الشكل ثلاث مرات بعد كل صلاة مفروضة من أيام عيد الأضحى المبارك هل هي مأخوذة عن السنة المحمديه الشريفة وماهو الإسناد فيها؟ وجزاكم الله ألف خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتكبير في أيام التشريق مما ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم بأسانيد صحيحة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 7335.
وليعلم الأخ السائل أن صيغ التكبير المروية عن الصحابة متعددة والأمر فيه سعة، وللفائدة أكثر أنظر الفتوى رقم: 18435.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(11/12127)
حكم صلاة ركعتين قبل صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة والسلام على المصطفى خير مخلوقات الله أما بعد أرجو أن تتفضلوا بالرد على
هل يجوز صلاة ركعتين في المسجد قبل صلاة العيد؟
دمتم في حفظ الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما حكم صلاة ركعتين في المسجد قبل صلاة العيد؟ فإنه لا تشرع نافلة قبلها إلا إذا صليت صلاة العيد في المسجد، فعلى الداخل قبل وصول الإمام أن لا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية للمسجد لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد، فليركع ركعتين قبل أن يجلس. وفي رواية أخرى: فلا يجلس حتى يركع ركعتين. رواه مسلم.
وأما إن صليت صلاة العيد في خارج المسجد فلا تصلى تحية المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12128)
حكم التكبير في صباح العيد بأشرطة مسجلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة القرآن من دون وضوء؟ وما حكم التكبير في صباح العيد بأشرطة مسجلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما حكم قراءة القرآن لغير المتوضئ فمبين في الفتوى رقم: 12540.
وأما التكبير في العيدين فإنه عبادة مشروعة كما هو مبين في الفتوى رقم: 6594، والفتوى رقم: 18435.
وهذه العبادة من الذكر المشروع الذي لا بد من التلفظ به، ولا يغني قيام شخص آخر به فضلاً عن الاكتفاء بسماعه من الأشرطة المسجلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1423(11/12129)
اللباس المسنون أيام العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يسن في لبس ثياب العيد وإذا كنت أستطيع شراء الجديد في كل عيد فما هو المسنون في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيسن في ثياب العيد أن تكون جديدة، فمن لم يجد ثوباً جديداً لبس أفضل ما عنده من الثياب إعلاناً للفرح والسرور، وإظهاراً لنعمة الله عليه، وإغاظة لأعداء الله، لما روى البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: " أخذ عمر جبة من إستبرق تباع في السوق، فأخذها فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود".
وقد رفضها النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها من الحرير، ولم ينكر على عمر قوله"تجمل بها للعيد".
قال في منح الجليل: وجميل العيد الجديد ولو غير أبيض) ا. هـ وقال ابن القيم -رحمه الله-: (وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه، فكان له حلة يلبسها للعيدين والجمعة، ومرة كان يلبس بردين أخضرين، ومرة برداً أحمر) . انتهى من زاد المعاد
وينبغي للمسلم أن يكون متوسطاً في لباسه، سواء كان في العيد أو في غيره، لأن المبالغة تبذير وإسراف، والتهاون تقتير وإجحاف، وكلاهما منهي عنه، وخير الأمور أوساطها.
قال ابن عابدين في رد المحتار: (اعْلَمْ أَنَّ الْكِسْوَةَ مِنْهَا:
فَرْض: ٌ وَهُوَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَيَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ مِنْ الْقُطْنِ أَوْ الْكَتَّانِ أَوْ الصُّوفِ عَلَى وِفَاقِ السُّنَّةِ بِأَنْ يَكُونَ ذَيْلُهُ لِنِصْفِ سَاقِهِ وَكُمُّهُ لِرُءُوسِ أَصَابِعِهِ وَفَمُهُ قَدْرَ شِبْرٍ كَمَا فِي النُّتَف بَيْنَ النَّفِيسِ وَالْخَسِيسِ إذْ خَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا، وَلِلنَّهْيِ عَنْ الشُّهْرَتَيْن: ِ وَهُوَ مَا كَانَ فِي نِهَايَةِ النَّفَاسَةِ أَوْ الْخَسَاسَةِ.>
وَمُسْتَحَبٌّ: وَهُوَ الزَّائِدُ لِأَخْذِ الزِّينَةِ وَإِظْهَارِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ عليه الصلاة والسلام " إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ. ">
وَمُبَاح: ٌ وَهُوَ الثَّوْبُ الْجَمِيلُ لِلتَّزَيُّنِ فِي الْأَعْيَادِ وَالْجُمَعِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ، لَا فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّهُ صَلَفٌ وَخُيَلَاءُ، وَرُبَّمَا يَغِيظُ الْمُحْتَاجِينَ فَالتَّحَرُّزُ عَنْهُ أَوْلَى.
وَمَكْرُوهٌ: وَهُوَ اللُّبْسُ لِلتَّكَبُّرِ) . انتهى
وقد سبق بيان ضوابط اللباس الشرعي في الفتوى رقم:
14805 والفتوى رقم: 16909.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(11/12130)
تهاني ودعوات وعبارات تقول في مناسبات
[السُّؤَالُ]
ـ[تعارفنا على قول (تقبل الله) والرّد بقول (تقبل الله منّا ومنكم صالح الأعمال) أو (حرماً) والرّد بقول (جمعاً) بعد نهاية كل صّلاة، وكذلك قول (كل عام وأنتم بخير) و (مبارك عيدكم) وغيرها عند التهاني للأعياد، وكذلك قول (عظّم الله أجركم) والرّد بقول (شكر الله سعيكم) عند العزاء، وكذلك قول (زمزم) والرّد بقول (أجمعين) بعد الوضوء..... ماهو الهدي النبوي في العزاء والأعياد والدعاء للمصلّي والمتوضّي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة في العزاء والأعياد وغيرهما هي على النحو التالي:
1- ففي العزاء يقول المعزي: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، لما في الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: (أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه أن ابنا لي قبض فأتنا فأرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى) .
وعلى المعزي أن يؤمِّن على ما عزى به ويقول: للمعزي آجرك الله..وإن حصل مع ذلك مصافحة فلا حرج.
2- وفي التهنئة بالعيد يقول: تقبل منا ومنك. وذلك لما ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح بإسناد حسن عن جبير بن نفير قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل منا ومنك) .
ولم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء لأصحابه بعد الصلاة ولا بعد الوضوء، ولم يؤثر عنه شيء من ذلك، لا "حرماً" ولا "زمزم" وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها. ولا شك أن التزام هذه العبارت على وجه التعبد من الأمور المحدثة المذموم، المردودة على صاحبه، لقوله صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة) . رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) . متفق عليه، أما قول ذلك مرة من غير التزام فلعله والله تعالى أعلم مما لا حرج فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(11/12131)
يكبر الناس في العيد فرادى وجماعات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذكر الجماعي في المسجد يومي العيدين أي هناك واحد يقول جملا ويكررها وراءه المصلون حفاظا منه على ألا يزوغوا عن المتن الثابت في السنة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلو ذكر لنا الأخ السائل نص الذكر الذي يردده هذا الإمام مع المصلين في يومي العيد لكان حسناً، لأنه لم يرد دليل صحيح في السنة -فيما نعلم- يدل على مشروعية ذكر معين في يومي العيد، ولعل السائل بقصد بالذكر الذي يرددونه التكبير، فإن كان كذلك فلا حرج عليهم.
قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم: (وأحب إظهار التكبير جماعة وفرادى في ليلة الفطر وليلة النحر مقيمين وسفراً في منازلهم ومساجدهم وأسواقهم) ..
وقال ابن قدامة في المغني: ويظهرون التكبير في ليالي العيدين وهو في الفطر آكد، لقول الله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:185] . وجملته أنه يستحب للناس إظهار التكبير في ليلتي العيد في مساجدهم ومنازلهم وطرقهم مسافرين أو مقيمين، لظاهر الآية المذكورة) . ا. هـ
ويبدأ التكبير في عيد الفطر من غروب ليلة العيد، وينتهي بخروج الإمام للصلاة.
قال الشافعي رحمه الله: (يكبر الناس في الفطر حين تغيب الشمس ليلة الفطر فرادى وجماعة في كل حال، حتى يخرج الإمام لصلاة العيد، ثم يقطعون التكبير) . ا. هـ
وأما التكبير في عيد الأضحى فيبدأ من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق. هذا بالنسبة للتكبير المقيد الذي يقال بعد الصلوات أما التكبير المطلق فيبدأ من رؤية هلال ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق
قال النووي في المنهاج (صيغته المحبوبة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، ويستحب أن يزيد: كبيراً والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً) . ا. هـ
وهناك صيغ أخرى وردت عن بعض الصحابة وأخذ بها بعض الأئمة، والأمر فيه سعة ولله الحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(11/12132)
أول عيد فطر في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[متى احتفل المسلمون بعيد الفطر لأول مرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أول يوم عيد فطر احتفل به المسلمون كان في السنة الثانية للهجرة، حيث فرض رمضان في تلك السنة، واحتفل المسلمون بالعيد، وشرعت صلاة العيد وزكاة الفطر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1423(11/12133)
السنة في عيد الأضحى أن يأكل بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإمساك في أول أيام عيد الأضحى المبارك من الفجر إلى أن تنتهي صلاة العيد؟
وإذا كان هذا الشيء سنة فهل هو في عيد الفطر أم الأضحى؟
مشكورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن لا يأكل الشخص شيئاً يوم الأضحى حتى يصلي صلاة العيد. وأن يأكل شيئاً يوم الفطر قبل خروجه للصلاة، والأفضل أن يكون تمرات.
روى الترمذي في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي.
وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1422(11/12134)
وقت ابتداء التكبير في عيدي الفطر والأضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت بأن التكبير يكون ليلة عيد الفطر حتى انقضاء صلاة العيد بينما التكبير في عيد الأضحى يكون خلال الأيام الأربعة.
السؤال مدى صحة هذا الكلام؟
مع أملي بأن تدعم الإجابة بالأدلة الواضحة.
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتكبير في العيدين سنة وهو آكد في الفطر لقوله تعالى (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) [البقرة:185] ووقته في الفطر يبتدئ من رؤية هلال شوال أي بغروب شمس آخر يوم من رمضان قال ابن عباس: (حق على المسلمين إذا رأوا هلال شوال أن يكبروا) وينتهي التكبير في الفطر بخروج الإمام إلى الصلاة. قال ابن قدامة: قال أبوالخطاب:
(يكبر من غروب الشمس ليلة الفطر إلى خروج الإمام إلى الصلاة في إحدى الروايتين، وهو قول الشافعي، وفي الأخرى إلى فراغ الإمام من الصلاة) انتهى. وقال مالك "يكبر عند الغدوِّ إلى الصلاة ولا يكبر بعد ذلك" والراجح هو القول الأول وهو مذهب الجمهور. ويكون التكبير في الفطر مطلقاً غير مقيد، فيكبر في السوق وفي الطريق وفي البيوت والمساجد ونحو ذلك، وأما الأضحى فالتكبير فيه مطلق ومقيد، فالمقيد يكون دبر الصلوات، من صلاة الصبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، والمطلق في جميع الأوقات ولا يخص بمكان، فيكبر في السوق وفي الطريق ونحو ذلك، وزمنه من أول هلال ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق، لقوله تعالى: (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) [الحج:28] والأيام المعلومات هي أيام العشر، والمعدودات هي أيام التشريق، وأيام التشريق هي ثلاثة أيام بعد يوم الأضحى، وقال القرطبي: (وقد روي عن ابن عباس أن المعلومات العشر، والمعدودات أيام التشريق، وهو قول الجمهور) . والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1421(11/12135)
هل يصلي العيد مع الذين يعملون بالحساب بعدما صلاها قبل حسب الرؤية
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها الشيخ العزيز، قد قرب شهر رمضان، وكما مر في السنوات الماضية في إندونيسيا، دائما تعيين بداية شهر رمضان وآخره، فيه خلاف بين المسلمين، بعض يعتمد على الحساب ولا يعتمد على الرؤية، وبعض يعتمد على الرؤية وهم نسبة قليلة من المسلمين.
فإذا ثبت الهلال في السماء بأن الغد شوال، لكن عموم المسلمين الذين يعتمدون على الحساب لم يزالوا صائمين ويفطرون بعد الغد، هل يجوز لي أن أصلي بهم إماما لعيد الفطر بعد الغد وليس الغد؟ وكيف إذا كان بعض المسلمين الذين يعتمدون على الرؤية يصلون العيد غدا -وأنا أرى ذلك- لكن أكون إماما في العيد مع هؤلاء الذين يرون الحساب، فما موقفي في هذا؟ هل أصلي مع أصحاب الرؤية ولا أصلي إماما مع أصحاب الحساب؟ أم يجوز لي أن أصلي العيد في كلا اليومين، علما أن العيد في إندونيسيا قد يكون في ثلاثة أيام متتالية، اليوم في مدينة كذا، وغدا في مدينة كذا، وبعد غد في مدينة كذا، حسب الطائفة التي ترى اجتهادها، أرجو منكم أن توضحوا وتفصلوا الأمر في هذا، علما أن هذا يتكرر في إندونيسيا كل سنة؟ وهل يجوز مثلا لو صلى شخص إماما وخطب العيد في اليومين، بمعنى اليوم هو يصلي إماما ويخطب مع أصحاب الرؤية، ثم غدا يصلي إماما مرة أخرى مع أصحاب الحساب؟ لأن هذا حاصل عندنا في بعض الدعاة، ارجو منكم البيان الشافي والكافي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجبُ عليكم أولاً أن تحرصوا على وحدة الكلمة، واجتماع الصف، وأن تحرصوا على أن تكون هذه الوحدة على وفق ما تقتضيه أدلة الشرع امتثالاً لقوله عز وجل: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ. {آل عمران:103} .
فعليكم أن تبينوا للناس أن المعتبر في ثبوت الهلال هو الرؤية الشرعية، وأن ثبوت دخول الشهور وخروجها يكونُ بشهادة الشهود العدول، ولا مدخل في ذلك لحساب الحاسبين، وقد بينا دلائل هذه المسألة، وأقوال أهل العلم فيها، وأنه إجماع السلف في الفتوى رقم: 114671.
ثم إذا ثبت عندك بالرؤية أن الشهر قد خرج وأن اليوم عيد، فالواجبُ عليك العمل بما دلت عليه الرؤيا، فتصلي العيد مع من يصلون في ذلك اليوم، وأما صلاتك من الغد مع الذين يعملون بالحساب فلا نرى لك هذا، لما فيه من إقرارهم على العمل بالحساب وهو باطلٌ شرعاً، ولكن إن ترتب على تركك الصلاة معهم مفسدة راجحة جاز لك أن تصلي معهم، وتكون صلاتك هذه نافلة وزيادة خير كما نص على ذلك الشافعي فيمن رأى الهلال وحده، أو رأوا الهلال فلم تُقبل شهادتهم، فإنه يستسر بالفطر ويصلي العيد وحده، ثم يخرج من الغد فيصلي العيد مع الناس. قال رحمه الله: وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أو أَكْثَرُ فلم يُعْرَفُوا بِعَدْلٍ أو جُرِحُوا، فَلَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، وَأَحَبُّ لهم أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ لِأَنْفُسِهِمْ جَمَاعَةً وفرادى مُسْتَتِرِينَ، وَنَهَيْتهمْ أَنْ يُصَلُّوهَا ظَاهِرِينَ وَإِنَّمَا أَمَرْتهمْ أَنْ يُصَلُّوا مُسْتَتِرِينَ وَنَهَيْتهمْ أَنْ يصلوها-يصلوا- ظَاهِرِينَ لِئَلَّا يُنْكَرَ عليهم وَيَطْمَعَ أَهْلُ الْفُرْقَةِ في فِرَاقِ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ. قال: وَهَكَذَا لو شَهِدَ وَاحِدٌ فلم يَعْدِلْ لم يَسَعْهُ إلَّا الْفِطْرُ ويخفي فِطْرَهُ لِئَلَّا يُسِيءَ أَحَدٌ الظَّنَّ بِهِ، ويصلي الْعِيدَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَشْهَدُ بَعْدُ إنْ شَاءَ الْعِيدَ مع الْجَمَاعَةِ فَيَكُونُ نَافِلَةً خَيْرًا له. انتهى.
ولكن متى لم توجد هذه المفسدة -وهذا هو الظاهر- فإنكم تصلون العيد في يوم ثبوته بالرؤية، ولا تلتفتون إلى قول من يخالف ذلك فيعمل بالحساب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1430(11/12136)
كيف يصلي المسبوق العيد إذأ أدرك ركعة فأقل
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت صلاة العيد فوجدت الإمام في التشهد، فجلست وأتممت التشهد ثم قمت وأتممتها على شكل صلاة الصبح وأعرف أنني أخطأت فعندما سلمت سجدت سجدتين ولا أعرف أنني على صواب بذلك لكن كيف يمكنني إكمال الصلاة بعد ذلك؟ وكيف يمكن إكمالها أيضا إذا أدركت الركعة الثانية من الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلفَ العلماء فيما تُدرك به الجماعة، فعلى القول بأنها تُدرك بإدراك تكبيرة الإحرام قبل سلام الإمام وهو مذهب الجمهور فقد أدركت صلاة العيد في جماعة. وكان ينبغي لكَ حين سلم إمامك أن تأتي بركعتي العيد اللتين فاتتاك على صفتهما مع الإتيان بالتكبيرات الزوائد سبعاً في الأولى وخمساً في الثانية.
وعلى القول بأن الجماعة لا تُدرك إلا بإدراك ركعةٍ قبل السلام وهو اختيار شيخ الإسلام وجماعةٍ من المحققين لعموم ما ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أدركَ ركعةً من الصلاة فقد أدرك الصلاة. فإن صلاة العيد قد فاتتك في جماعة.
والذي يُشرع لك أن تصليها أيضاً على هيئتها مع الإتيان بالتكبيرات الزوائد كما بينا حكم صلاة العيد للمنفرد في الفتوى رقم: 44037.
ثم اعلم أن التكبيرات الزوائد في صلاة العيد سنة، فلو تركتها عمداً أو سهواً لم يكن عليك شيء، قال العلامة العثيمين رحمه الله: لو نسي التكبير في صلاة العيد، حتى قرأ سقط؛ لأنه سنة فات محلها، كما لو نسي الاستفتاح حتى قرأ فإنه يسقط. انتهى، وانظر أيضاً الفتوى رقم: 76884.
وأما كيفية قضاء الركعة إن أدركت ركعةً من صلاة العيد فقد بيناها في الفتوى رقم: 14883.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1430(11/12137)
إمام قريتهم يؤخر صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن في قرية إمامها يتأخر في صلاة العيد حتى الساعة 11، فهل يجوز الصلاة مع إمام آخر بقرية أخرى ثم النحر دون انتظار انتهاء الصلاة بقريتنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة هذا الإمام صحيحة إذا كانت تقع قبل الزوال، ولكن ينبغي لكم مناصحته في أن يعجلها قبل ذلك لا سيما صلاة عيد الأضحى فإنها السنة، وحكمة ذلك أن يتفرغ الناس لذبح الأضاحي، وانظر لذلك الفتوى رقم: 21793.
وأما ذبحكم للأضحية فإذا كنتم ذبحتم بعد مضي وقت يسع فعل الصلاة والخطبة أجزأكم ذلك عند الشافعية، وإن خرجت إلى قرية أخرى فصليت مع إمامها وذبحت بعد فراغه من الصلاة فهو فعل حسن ولا نرى به بأساً، وأولى من هذا كله أن تنتظر حتى يُصلي إمامك في قريتك ما دام يصلي في الوقت، ثم تذبح بعد فراغه من الصلاة، فإن وقت الذبح متسع وهو يمتد إلى آخر أيام التشريق، فلا نرى ما يدعو إلى أن تترك صلاة العيد في قريتك مما قد ينشأ عنه فتنة أو يتسبب في أن يسيء الناس الظن بك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1430(11/12138)
لكل بلد رؤيته
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن الآن في الهند لغرض الدراسة اليوم هو التاسع من ذي الحجة والوقوف بعرفة كان ثمانية من ذي الحجة بتاريخ الهند فالبعض يقول إن العيد هو اليوم وهو التاسع من ذي الحجة والبعض يقول غدا وهو العاشر من ذي الحجة إذن في أي يوم العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن عيد الأضحى يكون اليوم العاشر من ذي الحجة، وليس اليوم التاسع، وقد سبق لنا أن بينا في عدة فتاوى أن اختلاف المطالع معتبر، وأن لكل بلد رؤيته، كما ذكرناه في الفتوى رقم: 2536، والفتوى رقم: 6636. فإذا كان المسلمون في الهند يتحرون الهلال ويتمون الشهر عند عدم رؤيته، فعيدكم هو اليوم العاشر بالنسبة لكم، ولو خالفكم أهل البلدان الأخرى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: صومكم يوم تصومون، وأضحاكم يوم تضحون. رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي وصححه الألباني وانظر الفتوى رقم: 13765.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1430(11/12139)
ما يقال بين التكبيرات في صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على هذا الموقع وهذه الخدمة وأريد أن أستفسر عن صلاة العيد ماذا يقول المصلي بعد كل تكبيرة؟ وشكراً لكم وجزاكم الله خيراً.. ودمتم بود وصحة وعافية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر معين بين تكبيرات العيد، ولكن جاء الذكر بين التكبيرات عن بعض السلف، وبناء على هذا اختلفت كلمة العلماء في المسألة، فذهب أبو حنيفة ومالك والأوزاعي إلى أنه يكبر متوالياً ولا يقول شيئاً بين التكبيرات ولأنه ذكر من جنس مسنون فكان متوالياً، كالتسبيح في الركوع والسجود، وذهب الشافعي وأحمد إلى مشروعية الذكر بين كل تكبيرتين، قال ابن قدامة مقرراً حجتهم ومجيباً عن حجة الفريق الأول: ولنا ما روى علقمة أن عبد الله بن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة قبل العيد يوماً فقال لهم: إن هذا العيد قد دنا، فكيف التكبير فيه؟ فقال عبد الله: تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة، وتحمد ربك، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تدعو وتكبر، وتفعل مثل ذلك، ثم تقرأ ثم تكبر وتركع، ثم تقوم فتقرأ وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تركع، فقال حذيفة وأبو موسى: صدق أبو عبد الرحمن. رواه الأثرم في سننه.
ولأنها تكبيرات حال القيام فاستحب أن يتخللها ذكر كتكبيرات الجنازة وتفارق التسبيح لأنه ذكر يخفى ولا يظهر بخلاف التكبير، وقياسهم منتقض بتكبيرات الجنازة. انتهى.
وهذا الأثر الذي ذكره ابن قدامة رواه البيهقي بإسناد صحيح عن علقمة وقال عقب إخراجه له: وهذا من قول ابن مسعود رضي الله عنه موقوف عليه فنتابعه في الوقوف بين كل تكبيرتين للذكر إذ لم يُرو خلافه عن غيره، ونخالفه في عدد التكبيرات وتقديمهن على القراءة في الركعتين جميعاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فعل أهل الحرمين وعمل المسلمين إلى يومنا هذا. انتهى.
إذا علمت هذا فاعلم أن الأمر في هذا واسع فمن سكت بين التكبيرتين فلا حرج، ومن ذكر الله فلا حرج، والذكر أولى لثبوته عن ابن مسعود ولم يخالفه غيره من الصحابة، وأما ما هو الذكر الذي يقوله، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أما التكبيرات فإنه يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو بما شاء. هكذا روى نحو هذا العلماء عن عبد الله بن مسعود، وإن قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، واللهم صلي على محمد وعلى آل محمد اللهم اغفر لي وارحمني كان حسناً، وكذلك إن قال: الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً. ونحو ذلك، وليس في ذلك شيء مؤقت عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والله أعلم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1429(11/12140)
التكبير قبل صلاة العيد أم قراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم بإفادتي عما يلي: فهل يجوز لمن كان في انتظار صلاة العيد في المسجد أو المصلى أن يقرأ القرآن أم أنه لا يشرع له في هذه الحالة القراءة ويكتفي بالتهليل والتكبير؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قراءة القرآن في هذه الحالة جائزة، لكن التكبير في هذا الوقت قد يكون أولى لأنه في هذه الموطن سنة, ولذلك يقول العلماء أن قراءة القرآن أفضل الذكر إلا في المواطن التي يشرع فيها غيرها فيكون الذكر أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1429(11/12141)
حكم قضاء صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الكرام إني أتيت إلى هذا الموقع لكي أعرف ماذا سأفعل في هذه المسألة أعني أنني في فرنسا وهنا عيد الأضحي يوم الأربعاء وفي المغرب يوم السبت وأنا إن شاء الله سأعيد في المغرب وعندي تأشيرة الطائرة ليوم الخميس المقبل هذا يعني أنني سأحضر عيد فرنسا والعيد في المغرب ولكن المشكلة أنني كيف أفعل لصلاة العيد هل أصلي صلاة العيد في فرنسا يوم الأربعاء وصلاة العيد في المغرب يوم الجمعة أم هذا لا يجوز، أو أن لا أصلي صلاة العيد في فرنسا وأدعها حتى أصل إلى المغرب وأصليها معهم يوم الجمعة إن شاء الله، من فضلكم إن استطعتم أن تجيبوني قبل يوم الأربعاء لكي أعرف ما هو الأفضل أن أفعل وأشكركم كثيراً على هذا الموقع الذي أحبه وإني أزوره كل يوم لأنه رائع ويحمل صورة جيد وجميلة الصورة الحقيقية لدين الإسلام وأتمنى أن أكون في المستقبل إن شاء الله رجلا يفتخر به الإسلام واشكركم ثانية وأتمنى لكم عيدا مباركا وكل عام وأنتم بأفضل حال.. مع السلامة أترككم في أمان الله وأطلب منه أن يحفظكم ويوفقكم في عملكم الصالح وأن يدخلكم جنات الفردوس أمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أدركك العيد في فرنسا قبل أن تسافر فلا تؤخر صلاة العيد عن اليوم الأول صلها مع الناس في البلد الذي تقيم فيه، فإذا قدمت البلد الذي أنت مسافر إليه، فلا تطالب بصلاة العيد مرة أخرى، وإذا لم تصل صلاة العيد في اليوم الأول قبل السفر فلتصلها مع الناس في المغرب إن أدركتها وإن كان ذلك هو اليوم الثالث بالنسبة للبلد الذي أدركت فيه العيد، لأن من العلماء من يرى جواز قضاء صلاة عيد الأضحى في اليوم الثاني والثالث من ارتفاع الشمس في السماء إلى أول الزوال، سواء كان ذلك لعذر أو لغير عذر، ولكن تلحقه الإساءة إن كان التأخير لغير عذر، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 80340. علماً بأن عيد الأضحى في المغرب هذه السنة هو يوم الجمعة وليس يوم السبت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1429(11/12142)
التكبير الجماعي عقب الصلاة في أيام التشريق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التكبير أيام التشريق بعد صلاة الجماعة بصوت واحد وما هو الأولى في هذا الموضع التسبيحات المعهودة بعد الصلاة أم التكبير؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
التكبير الجماعي بصوت واحد في أيام التشريق جائز، والأولى الجمع بين التكبير والتسبيح وأن يكون التكبير قبل التسبيح.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتكبير الجماعي بصوت واحد في أيام التشريق لا حرج فيه كما بينا في الفتوى رقم: 71451.
وأما سؤالك عن الأولوية بين التكبير وبين التسبيح إن كنت تعني به أن يفعل أحدهما ويترك الآخر فالأولى الجمع بينهما وهو ممكن، وإن كنت تعني الأولى بالتقديم منهما فقد ذكر الخرشي في شرحه على مختصر خليل عند قول خليل: وتكبيره إثر خمس عشرة فريضة. ما نصه: قوله إثر بكسر الهمزة أي عقب يقتضي أنه يكبر قبل التسبيح وقبل قراءة آية الكرسي وهو كذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1428(11/12143)
زيادة بعض الأذكار في التكبير للعيد وتكبير الإمام مع المأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلادنا وفي معظم مساجدنا عند صلاة العيدين قبلهما بنحو ساعة أو ساعة ونصف يبدأ المصلون يكبرون داخل المسجد بصوت مرتفع يرددون الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، يرددون هذه الكلمات حتى يأتي الإمام ويردد معهم لبعض الوقت ثم يقومون للصلاة ثم يخطب عليهم ثم ينصرف الجميع، فهل هذا الفعل من السنة، وهل هو مقبول في شريعتنا أم مذموم، أفيدونا؟ جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يستحب إظهار التكبير في ليلتي العيدين في المساجد والمنازل والأسواق فرادى وجماعات ولا بأس بإضافة بعض الأذكار زيادة على التكبير والسنة للإمام أن يشرع في الصلاة مباشرة بعد حضوره للمصلى ولا يردد التكبير مع الحاضرين قبل الصلاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الأمور المستحبة إظهار التكبير في ليلتي العيد في المساجد والطرق والمنازل ونحو ذلك فرادى وجماعات والصيغة المفضلة للتكبير، قد سبق بيانها في الفتوى رقم: 18435.
ولا بأس بزيادة بعض الأذكار كالتسبيح والتهليل والحوقلة كما صرح بذلك الإمام الشافعي، وعليه فلا بأس بما يفعل من أذكار في المساجد في بلدكم باستثناء قيام الإمام بترديد التكبير ونحوه ساعة مع الناس فلم نقف على من قال بمشروعية قيام الإمام بما ذكرت، وبالتالي فالمواظبة عليه قد تدخل في ضابط البدعة الإضافية، وراجع في هذا الفتوى رقم: 101030، والفتوى رقم: 631.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(11/12144)
حكم تعدد صلاة العيد في القرية الواحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تقام صلاتين لعيد اللأضحى في العراء في قرية واحدة وعلى مسافة لا تصل إلى خمسمائة متر بحجة أن صيغة التكبير هذه (الصيغة الطويلة) لم يقلها النبي صلى الله عليه وسلم , وماالواجب فعله نحو القائمين على هذا العمل؟ وماحكم الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة التي اتفق عليها أهل العلم هي عدم تعدد صلاة العيد إلا عند الحاجة وبحسبها، واختلفوا في تعددها لغير حاجة فأجازها بعضهم ومنعها الآخرون، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 56554، والذي يظهر صحة الصلاة مع التعدد لعدم الدليل الصريح على المنع من ذلك.
وأما صيغة تكبير العيد فلم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم صيغة محددة، وقد اشتهر تكبير الصحابيين علي وابن مسعود رضي الله عنهما، ففي مصنف ابن أبي شيبة عن شريك قال: قلت لأبي إسحاق: كيف كان يكبر علي وعبد الله؟ قال: كانا يقولان: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وعن ابن عباس أنه كان يقول: الله أكبر كبيرا الله أكبر كبيرا الله أكبر وأجل الله أكبر ولله الحمد. ونقل عن غيرهم غير ذلك، ومن ثم قال الإمام الشافعي رحمه الله: وما زاد من ذكر الله فحسن. واستحسن في الأم أن تكون زيادته: الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله والله أكبر.
وعليه، فنقول لو كان في الاقتصار على التكبير الوارد عن علي وابن مسعود جمع للكلمة وتوحيد للصلاة فينبغي للقائمين على إقامة صلاة العيد أن يقتصروا عليه، كما ينبغي للآخرين أن يدركوا أن الزيادة من مسائل الاجتهاد التي لا ينكر فيها على المخالف ولا يبدع ولا تفرق جماعة المسلمين بسببها، فهذا الإمام الشافعي وغيره من أئمة السنة والاتباع يرون حسن هذه الزيادة لأنها ذكر لله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1428(11/12145)
صلاة العيد.. وقتها.. وصور قضائها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في بلد غير عربي به الكثير من الثلوج والتي كانت كثيرة لدرجة تمنع الخروج من البيت لصلاة العيد يوم السبت، وحيث إنها مدينة صغيرة رأى المسجد الوحيد الصغير بالمدينة تأجيل صلاة العيد إلى يوم الاثنين.
لقد حاولت البحث عن فتوى أو مذهب ديني يجيز التأجيل والمسجد اتخذ القرار لتخفيف المشقة على الناس.
فهل هناك مرجع ديني لذلك وهل تعتبر الأضحية قبل الصلاة شاة لحم في هذه الحالة.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة في صلاة العيد أن تؤدى يوم العيد، ويبتدئ وقتها عند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة من حين ارتفاع الشمس قدر رمح بحسب رؤية العين المجردة - وهو الوقت الذي تحل فيه النافلة - ويمتد إلى ابتداء الزوال.
وقال الشافعية: إن وقتها ما بين طلوع الشمس وزوالها، ودليلهم على أن وقتها يبدأ بطلوع الشمس أنها صلاة ذات سبب فلا تراعى فيها الأوقات التي لا تجوز فيها الصلاة. أما الوقت المفضل لها، فهو عند ارتفاع الشمس قدر رمح، وإذا لم تفعل في هذا الوقت فيستحب أن تقضى.
وقد قسم أصحاب الموسوعة الفقهية صور قضائها إلى ثلاث نذكرها زيادة للفائدة فقالوا:
الصورة الأولى: أن تؤدى صلاة العيد جماعة في وقتها من اليوم الأول ولكنها فاتت بعض الأفراد، وحكمها في هذه الصورة أنها فاتت إلى غير قضاء، فلا تقضى مهما كان العذر؛ لأنها صلاة خاصة لم تشرع إلا في وقت معين وبقيود خاصة، فلا بد من تكاملها جميعا، ومنها الوقت. وهذا عند الحنفية والمالكية. وأما الشافعية: فقد أطلقوا القول بمشروعية قضائها - على القول الصحيح في المذهب - في أي وقت شاء وكيفما كان: منفردا أو جماعة، وذلك بناء على أصلهم المعتمد، وهو أن نوافل الصلاة كلها يشرع قضاؤها. وأما الحنابلة: فقالوا: لا تقضى صلاة العيد، فإن أحب قضاءها فهو مخير إن شاء صلاها أربعا، إما بسلام واحد، وإما بسلامين.
الصورة الثانية: أن لا تكون صلاة العيد قد أديت جماعة في وقتها من اليوم الأول، وذلك إما بسبب عذر: كأن غم عليهم الهلال وشهد شهود عند الإمام برؤية الهلال بعد الزوال، وإما بدون عذر. ففي حالة العذر يجوز تأخيرها إلى اليوم الثاني سواء كان العيد عيد فطر أو أضحى؛ لأنه قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن قوما شهدوا برؤية الهلال في آخر يوم من أيام رمضان، فأمر عليه الصلاة والسلام بالخروج إلى المصلى من الغد. وهذا عند الحنفية والشافعية والحنابلة فيشرع قضاء صلاة العيد في اليوم الثاني عند تأخر الشهادة برؤية الهلال، أما المالكية: فقد أطلقوا القول بعدم قضائها في مثل هذه الحال. إلا أن الشافعية لا يعتبرون صلاتها في اليوم الثاني قضاء إذا تأخرت الشهادة في اليوم الذي قبله إلى ما بعد غروب الشمس. بل لا تقبل الشهادة حينئذ، ويعتبر اليوم الثاني أول أيام العيد، فتكون الصلاة قد أديت في وقتها.
الصورة الثالثة: أن تؤخر صلاة العيد عن وقتها بدون العذر الذي ذكرنا في الصورة الثانية. فينظر حينئذ: إن كان العيد عيد فطر سقطت أصلا ولم تقض. وإن كان عيد أضحى جاز تأخيرها إلى ثالث أيام النحر، أي يصح قضاؤها في اليوم الثاني، وإلا ففي اليوم الثالث من ارتفاع الشمس في السماء إلى أول الزوال، سواء كان ذلك لعذر أو لغير عذر؛ ولكن تلحقه الإساءة إن كان غير معذور بذلك.
وأما عن بدء وقت الأضحية فقد بيناه في فتاوى سابقة راجع منها الفتوى رقم: 58951، وما أحيل عليه فيها، فمن ذبح قبل الوقت فإنما هو لحم قدمه لأهله؛ كما ورد بذلك الحديث النبوي..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1428(11/12146)
من نسي التكبيرات الزوائد في صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيمت في أحد المساجد صلاة العيد، والمعروف عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، كما في رواية الإمام الشافعي (رحمه الله تعالى) أن صلاة العيد في الركعة الأولى تبدأ بسبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام ومن ثم قراءة سورة الفاتحة وآية بعدها وفي الركعة الثانية تبدأ بخمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام ومن ثم قراءة سورة الفاتحة وآية بعدها، ففي أثناء الصلاة وبالتحديد في الركعة الثانية كبَّر الإمام تكبيرة القيام ثم باشر بقراءة الفاتحة فلما تبين له ذلك عاد إلى التكبيرات الخمس في الركعة الثانية من صلاة العيد ومن ثم قرأ بعدها سورة الفاتحة وآية بعدها، فما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة، وهل تعد هذه الصلاة صحيحة أم لا، وما الدليل من السنة في ذلك، وهل يحق للإمام أن يسجد للسهو في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصح أن من نسي تكبيرات العيد وتذكرها بعد الشروع في الفاتحة أنه لا يعيدها لأنها سنة فات محلها، وقيل يوقف قراءة الفاتحة ثم يأتي بها ثم يستأنف الفاتحة ويسجد للسهو، وقد فصل ذلك الإمام النووي رحمه الله في المجموع فقال: إذا نسي التكبيرات الزوائد في صلاة العيد فينظر إن تذكرها في الركوع أو بعده لم يعدها بلا خلاف لفوات محلها، فإن كبرها في ركوعه وما بعده كره ولم تبطل صلاته، لأن الأذكار لا تبطل الصلاة وإن كانت في غير موضعها.
وإن رجع إلى القيام ليكبرها بطلت صلاته إن كان عامداً عالماً بتحريمه، وإلا فلا تبطل ويسجد للسهو، وإن تذكرها بعد القراءة وقبل الركوع ... فيها القولان:
الجديد: أنه لا يكبر لفوات محله، فإن محله عقب تكبيرة الإحرام.
والقديم: أنه يكبر لبقاء القيام، والأصح عند الأصحاب هو الجديد، ولو تذكرها في أثناء الفاتحة لم يعدها في الجديد لفوات المحل، وفي القديم يعيدها ثم تستأنف الفاتحة، وإذا تدارك التكبيرات بعد فراغ الفاتحة استحب استئنافها، وفي وجه يجب إعادة الفاتحة، والصحيح الاستحباب. انتهى.
ومن هذا يعلم السائل أن الصلاة المسؤول عنها صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1427(11/12147)
صلاة العيد في مصلى يفصله عن المقابر حاجز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين. أود أن أسأل فضيلتكم عن أمر في قريتنا قد كثر عليه الجدال والنقاش وهو أن أهل القرية اتخذوا مكانا يصلون فيه صلاة العيدين الفطر والأضحى وصلاة الجنائز. وهذا المكان محاط بسور هو والمقبرة ويفصل بينهما جدار علوه متر1تقريبا وله باب ويوجد هذا المكان وسط القرية محاط بالمنازل والسوق والمدرسة من جهة. كما نعلم أنه يوجد الكثير من الأماكن لإقامة هذا المصلى خارج القرية. وهناك بعض الناس في قريتنا يفتون بعقولهم البعض يقول إن الصلاة جائزة فيه والبعض يقول العكس وقال أحد أئمة مساجد قريتنا إنا وجدنا آباءنا وأجدادنا يصلون فيه كذلك نحن سنصلي فيه.
وأقول أيضا إن هذا المكان لم يبق فيه متسع لأهل القرية.
المرجو منكم أن تبينوا لنا ما حكم الصلاة فيه مقترنا ببعض الأدلة.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجوز صلاة العيد في المصلي المذكور مادام هناك حاجز يفصله عن تلك المقبرة وراجع الفتوى رقم: 46780، لكن من السنة أداء صلاة العيد في الصحراء خارج القرية، ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع وهوحنبلي:
(وتسن) صلاة العيدين (في صحراء قريبة عرفا) نقل حنبل: الخروج إلى المصلى أفضل, إلا ضعيفا أو مريضا لقول أبي سعيد {كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى} متفق عليه وكذلك الخلفاء بعده ولأنه أوقع لهيبة الإسلام وأظهر لشعائر الدين ولا مشقة في ذلك, لعدم تكررها بخلاف الجمعة قال النووي: والعمل على هذا في معظم الأمصار. انتهى.
وعليه فتجوز صلاة العيد في المصلي المذكور، وإن كان الأفضل أداؤها في الصحراء خارج القرية.
وللفائدة راجع الفتوي رقم: 69396، والفتوي رقم 1525
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1426(11/12148)
مغزى ودلالات العيدين في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا شرع الفطر والأضحى في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأعياد في الإسلام قد حددتها الشريعة الإسلامية على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد روى أبو داود في سننه عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ولهم يومان يلعبون في هما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب في هما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر. وروى الترمذي وأبو داود عن أنس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون في هما، فقال: قد أبدلكم الله سبحانه وتعالى بهما خيراً منهما: يوم الفطر والأضحى.
ففي هذا الحديث دليل على أن العيد يومان يوم للفطر ويوم للأضحى، ويلحق بالأضحى أيام التشريق؛ لحديث: يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام. رواه الترمذي وصححه.
قال الشوكاني: في هـ دليل على أن بقية أيام التشريق التي بعد يوم النحر أيام عيد. اهـ
وأيام التشريق هي ثلاثة أيام بعد يوم (النحر) جاء في المنتقى شرح الموطأ: وأما أيام التشريق فهي الأيام الثلاثة التي تلي يوم النحر.
هذا وقد جاءت الأحاديث الدالة على أن إظهار السرور والفرح مندوب. وللعيد مغزى ودلالات في الإسلام منها: أنه ارتبط بالمواسم الدينية، فعيد الفطر مرتبط بانتهاء صيام رمضان، وعيد الأضحى مرتبط بموسم الحج، ويأتي عقب يوم عرفة.
فعيد الفطر ارتبط بانتهاء صيام رمضان، ورمضان هو الذي أُنزِل فيه القرآن، والقرآن هو المنهج الإلهي الذي حدَّد اللهُ فيه معالمَ الطريق السوي لقيام هذه الأمة، فناسب أن ي ُ تخ َ ذ اليوم ُ الذي يلي ذلك الشهر يوم عيد، تعبيراً عن الشكر له سبحانه على ما أنعم به علينا من إنزال القرآن الكريم في ذلك الشهر، وشكراً له سبحانه على توفيقه لنا أنْ التزمنا بأوامره واجتنبنا نواهيه، وتزكية لنفوسنا وتذكيراً لها بنعم الله عليها.
وكذلك الحال في عيد الأضحى؛ فإنه يُذكّرنا بيوم إكمال الن ّ عمة وإتمام ها؛ لأنه يجيء بعد اليوم الذي أَنزل الله فيه على نبيه صلى الله عليه وسلّم الإعلان بإكمال الدين، وإتمام النعمة، وارتضاء الإسلام لنا ديناً، حينما أنزل على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلّم في يوم عرفة من السنة العاشرة للهجرة، وهو يقود موكب الحج الأعظم قوله سبحانه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً. {المائدة: 3} .
وحُقَّ لنا أن نحتفل كل عام بيوم الابتداء ويوم الانتهاء باتخاذهما عيدين: الأول عيد الفطر، والآخر عيد الأضحى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1426(11/12149)
تحديد يوم عيد الأضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل خير على هذا الموقع الأكثر من رائع، متى يصادف عيد الأضحى المبارك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعيد الأضحى يكون في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، وأما ما يوافقه بالتاريخ الميلادي كما فهم من السؤال فهذا لا يمكن معرفته على التحقيق لأن تحديد بداية الشهر الهجري يعتمد على رؤية الهلال.
وأما تحديده على التقريب في هذا العام، نعني عام 1426هـ فإنه سيوافق اليوم العاشر من شهر يناير، وانظر للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 37610، والفتوى رقم: 43609 والفتاوى المرتبطة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1426(11/12150)
السنة في صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا للأسف في يوم عيد الفطر افترقت جاليتنا في فرنسا بمرسيليا على فرقتين وذلك أن بعض الأئمة لجؤوا لكراء قاعة مغطاة من عندالحكومة الفرنسية بثمن 30.000أورو عدا الصوائر الأخرى والغرض من هذا إحياء السنة النبوية لصلاة العيد وجمع أكثر عدد المسلمين والمسلمات في هذا اليوم. أما الفرقة الثانية فقالت إن هذا من البدع بحيث إننا سنخرج المصلين من المساجد للذهاب بهم إلى قاعة مغطاة وهذا ليس من السنة في شيء زيادة على تبذير أموال المسلمين الذين هم في أمس الحاجة له فبدل الفرح كان جدالا وشتما في الجرائد والإذاعةالمحلية المسلمة وغير المسلمة وحيرة المصلين إلى أي جهة ينتمون أفيدونا جزاكم الله خيرامع العلم أن مثل هذا المشكل قد وقع في عيد الأضحى الماضي فأصبحنا خائفين أن تتكرر المسألة كل مناسبة عيد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نلفت انتباهكم إلى الحرص على احترام بعضكم بعضا وتوقيرهم وحسن الظن والتعاون على البر والتقوى والبعد عن التنازع قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2} ... ...
وقال تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ {الشوى: 13}
ثم إنه يتعين عند حصول الخلاف في أمر ديني أن يحرص الأئمة على الحوار والتناصح في الموضوع فيما بينهم بعيداً عن العوام ووسائل الإعلام، فإن لم يتفاهموا فليحرصوا على سؤال الله الهدى للحق وليرجعوا للمراجع أو لمن هو أعلم بالموضوع منهم وليقطعوا الطريق على الشيطان وأعوانه بالتواصل والتحابب والتهادي، فقد وعد الله بالمحبة فاعلي ذلك كما في الحديث القدسي: قال الله تعالى: حقت محبتي للمتحابين فيَّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيَّ، وحقت محبتي للمتناصحين فيَّ. رواه الحارث في مسنده، وابن حبان، وصححه الألباني.
وقال معاذ رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: وجبت محبتي للمتحابين في َّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ.
قال النووي في الرياض: حديث صحيح رواه مالك في الموطأ بإسناده الصحيح.
وفي الصحيحين عن عبد الله بن حنين أن عبد الله بن العباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه، فأرسلني عبد الله بن العباس إلى أبي أيوب الأنصاري فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يستتر بثوب فسلمت عليه فقال: من هذا فقلت: أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك عبد الله بن العباس أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم، فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال لإنسان يصب عليه اصبب فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر وقال هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل.
وعليكم بالدعاء في استفتاح القيام بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح به دائماً كما في حديث عائشة أنه كان إذا قام من الليل افتتح صلاته " اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم " أخرجه مسلم
وأما صلاة العيد في المصلى فقد ذهب جماهير العلماء إلى أن من السنة أن يخرج الناس إلى المصلى في يوم العيد والدليل على ذلك: ما روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى ــ أو في فطر ــ إلى المصلى فمر على النساء فقال: يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار. الحديث
ولما في الصحيحين وغيرهما أن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور. وأمر الحيض أن تعتزل مصلى المسلمين.
ولما روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، وأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، وإن كان يريد أن يقطع بعثاً أو يأمر بشيء أمر به ثم ينصرف.
قال ابن حجر في الفتح: وفيه الخروج إلى المصلى في العيد، وأن صلاتها في المسجد لا تكون إلا عن ضرورة، وقال العيني في شرح البخاري: وفيه البروز إلى المصلى والخروج إليه ولا يصلي في المسجد إلا عن ضرورة.
وروى ابن زياد عن مالك قال: السنة الخروج إلى الجبانة إلا لأهل مكة ففي المسجد، وقال الشافعي في (الأم) بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين إلى المصلى بالمدينة وكذا من بعده إلا من عذر مطر ونحوه وكذا عامة أهل البلدان إلا مكة شرفها الله تعالى. وللشافعية قول بأن الأولى صلاتها في المسجد إلا لعذر كضيق المسجد قال الغمراوي في شرح المنهاج: وفعلها أي صلاة العيد بالمسجد أفضل إن وسع وقيل بالصحراء أفضل إلا لعذر فالمسجد أفضل.
وقال ابن قدامة في المغني: السنة أن يصلي العيد في المصلى أمر بذلك علي رضي الله عنه واستحسنه الأوازاعي وأصحاب الرأي وهو قول ابن المنذر وحكي عن الشافعي إن كان مسجد البلد واسعاً فالصلاة فيه أولى لأنه خير البقاع وأطهرها ولذلك يصلي أهل مكة في المسجد الحرام.
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى المصلى ويدع مسجده وكذلك الخلفاء بعده ولا يترك النبي صلى الله عليه وسلم الأفضل مع قربه ويتكلف فعل الناقص مع بعده ولا يشرع لأمته ترك الفضائل ولأننا قد أمرنا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به ولا يجوز أن يكون المأمور به هو الناقص والمنهي عنه هو الكامل، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد بمسجده إلا من عذر ولأن هذا إجماع المسلمين فإن الناس في كل عصر ومصر يخرجون إلى المصلى فيصلون العيد في المصلى مع سعة المسجد وضيقه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في المصلى مع شرف مسجده وصلاة النفل في البيت أفضل منها في المسجد مع شرفه، وروينا عن علي رضي الله عنه أنه قيل له قد اجتمع في المسجد ضعفاء الناس وعميانهم فلو صليت بهم في المسجد فقال: أخالف السنة إذا ولكن نخرج إلى المصلى واستخلف من يصلي بهم في المسجد أربعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1426(11/12151)
مذاهب العلماء في النافلة عند صلاة العيد وأثناء الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي النافلة والإمام يخطب يوم الجمعة وفي صلاة العيدين هل هي حرام أم مكروهة؟ هل الصلاة تكره أم تحرم عند الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن دخل المسجد والإمام يخطب الجمعة فيستحب له أداء تحية المسجد على الراجح من كلام أهل العلم كما سبق في الفتوى رقم: 52424.
والنافلة عند صلاة العيد محل خلاف بين أهل العلم؛ فعند الشافعية لا بأس بالتنفل قبل صلاة العيد وبعدها في المسجد أو غيره بالنسبة لغير الإمام، ففي الأم للإمام الشافعي: ولا أرى بأسا أن يتنفل المأموم قبل صلاة العيد وبعدها في بيته وفي المسجد وطريقه والمصلى وحيث أمكنه التنفل إذا حلت صلاة النافلة بأن تبرز الشمس. انتهى.
وعند الحنابلة تكره النافلة قبل الصلاة وبعدها في المسجد وغيره. ففي المغني لابن قدامة: وجملته أنه يكره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها للإمام والمأموم في موضع الصلاة، سواء كان في المصلى أو في المسجد. انتهى.
والأصح عند الحنفية كراهة التنفل قبلها في المصلى وغيره. ففي درر الحكام لابن فرموزا: وقال في شرح المجمع: ويكره التنفل قبلها، قيد بقوله قبلها لأن التنفل بعدها غير مكروه اتفاقا، قيل: يكره في المصلى خاصة، والأصح أنه مكروه فيه وفي غيره، كذا في الخانية. انتهى.
وعند المالكية تكره النافلة في المصلى قبل الصلاة وبعدها بخلاف المسجد. ففي التاج والاكليل للمواق: من المدونة قال مالك: إذا صلوا جماعة صلاة العيد في مسجد لعلة أو صلوها جماعة في مسجد ساحل من السواحل فلا بأس بالتنفل فيه قبلها وبعدها، قال: وإنما كره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها في المصلى. انتهى.
وإذا دخل شخص والإمام يخطب خطبة العيد فإذا كان في مسجد فعند الشافعية الأفضل له أن يصلي صلاة العيد فتجزئه عن تحية المسجد، ويجوز له أن يبدأ بالتحية. قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المنهاج: ومن دخل والإمام يخطب فإن كان في مسجد بدأ بالتحية، ثم بعد فراغ الخطبة يصلي فيه صلاة العيد، فلو صلى فيه بدل التحية العيد وهو أولى حصلا. انتهى.
وعند المالكية والحنفية يجلس من غير صلاة. قال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: قال سند: وإن جاء والإمام يخطب فإنه يجلس ولا يصلي، وسواء كان في المصلى أو في المسجد، وهو ظاهر، وأيضا فإن الكلام وإن لم يحرم في خطبة غير الجمعة فالإنصات مستحب. انتهى. وقال الزيلعي في تبيين الحقائق وهو حنفي: نهي عن التنفل وقت الخطبة، أطلق الخطبة ليدخل فيها جميع الخطب كخطبة العيدين والجمعة والخطب التي في الحج وغيرها. انتهى.
والأفضل لمن سمع الأذان في غير الأذان الثاني للجمعة وأراد التنفل أن ينتظر حتى يفرغ المؤذن من الأذان حتى يتمكن من حكاية الأذان والدعاء بعده، ولا يحرم عليه أن يصلي النافلة أثناء الأذان، وراجع الفتوى رقم: 15466، والفتوى رقم: 45216.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1426(11/12152)
تكبير الإمام أيام التشريق مستقبلا القبلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أن يفعل التكبير في أيام التشريق عقب الصلوات وهو مستقبل القبلة بعد السلام مباشرة أم يتركه حتى يدور ويستقبل الناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر في هذا واسع , فللإمام أن يكبر في أيام التشريق عقب الصلوات مستقبل القبلة أو مستقبل الناس , إلا أن بعض أهل العلم قد نص على أن الأفضل ان يكبر الإمام وهو مستقبل القبلة , قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: (ويكبر مستقبل القبلة: حكاه أحمد عن إبراهيم , وقال أبوبكر: وعليه العمل. وذلك لأنه ذكر مختص بالصلاة أشبه الأذان والإقامة , ويحتمل ان يكبر كيفما شاء) اهـ. وأثر إبراهيم المشار اليه قد رواه ابن ابي شيبة قال حدثنا جرير عن منصور عن ابراهيم قال: (كانوا يكبرون يوم عرفة وأحدهم مستقبل القبلة في دبر الصلاة , الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد) .
وما نقلناه عن ابن قدامة ذكر مثله ابن مفلح في الفروع حيث قال: (ويكبر إمام إلى القبلة في ظاهر نقل ابن القاسم , اختاره الشيخ كغيره , والأشهر يستقبل الناس , وقيل يخير) اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1426(11/12153)
الاختلاف في يوم عرفة والأضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وكل عام وأنتم بخير، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال بهذه المناسبة السعيدة وهي عيد الأضحى المبارك أعاده الله على الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات، وأن تصبح في حال أحسن من حالها هذا في عامها هذا خاصة في العراق وفلسطين، وجزاكم الله خيراً على ما تقدمون من فتاوى للحائرين تصبح لهم منارات يستدلون بها الطريق القويم في هذا الزمن الذي انقلبت فيه المعايير وأصبح الحق باطلا والباطل حقا وألزمنا الله وإياكم طريق الحق المبين، وبعد:
فان سوالي يتعلق بتحديد يوم عرفة أو تحديدا أول أيام شهر ذي الحجة، هل يجوز فيه الاختلاف؟ وهل كل بلد يمكنه أن يتحرى هلال ذي الحجة كما هو الحال بالنسبة لهلال شوال!؟ لأن هذا يقود إلى سؤال آخر وهو: هل أول أيام العيد مرتبط بالزمان أو بمناسك الحج التي يؤديها الحاج بالأراضي المقدسة في المملكة العربية السعودية؟ الشاهد في الأمر هو أنني الآن مقيم في إحدى الدول الأوربية بغرض الدراسة، وهذا البلد توجد به بعض القوميات المسلمة التي لها القليل من المساجد بعاصمة هذا البلد، وحدث أنه أعلن في صلاة الجمعة الفائتة في أحد هذه المساجد أن أول أيام عيد الأضحي المبارك لهذا العام 1425هـ هو يوم الخميس الموافق 20 يناير2005! في حين أنه وحتى هذا الوقت لم يكن مجلس القضاء في السعودية قد قام بإصدار بيانه الذي أعلن فيه أن العيد سيكون يوم الخميس بدلاً عن الجمعة.
أرجو من فضليتكم تبيين ما هو واجب عمله في مثل هذه الحالات فمثلا إذا استمر الحال علي ماهو عليه لكان عندنا العيد يوم الخميس وفي السعودية يوم الجمعة أي سيكون عندنا يوم لعرفة قبل وقوف الحجاج بعرفة!! وإذا صمنا نحن يوم عرفة على السعودية نكون هنا صائمين في يوم العيد بهذا البلد والصيام في أيام التشريق لا يجوز! علما بأن الفرق الزمني في الوقت ليس كبيراً أي (لا يتعدي الساعتين) وإن الدولتين تشتركان بمعظم وقت الليل..
أفيدونا وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه المحققون من أهل العلم أن الاختلاف في المطالع معتبر، ويكون ذلك في كل الشهور، ومن المعلوم أن بين المطالع تفاوتاً ملحوظاً، ومما يشهد لهذا الاعتبار ما رواه مسلم في صحيحه من حديث كريب مولى ابن عباس أن أم الفضل بنت الحارث بعثته في حاجة إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه يوم الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: فلا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ووجه الشاهد من الحديث يتضح في النقاط التالية:
1- أن المسلمين في ذلك الوقت دولة واحدة ومعاوية خليفتهم، وابن عباس ممن يقرون ذلك، فلو لم يكن اختلاف المطالع معتبرا لما وسعهم خلافه.
2- أن كريباً أخبر ابن عباس بأنه رأى الشهر ورآه الناس معه فصام وصاموا ولم يأخذ ابن عباس برؤيته، وكريب تابعي جليل من أفضل من روى عن ابن عباس وغيره من الصحابة، وقد خرجت له أحاديث كثيرة في البخاري ومسلم وغيرهما.
3- أن ابن عباس قال هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسب الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عليم بمدلول اللفظ وبخطورة نسبة شيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل به نصاً أو مضموناً.
4- اختلاف زمن غروب الشمس بين أهل الشام وأهل المدينة طويلاً، كما هو معروف.
وعليه، فلا لوم على المسلمين في أن يختلفوا في بداية الصوم ونهايته، وفي تحديد يوم عرفة ويوم العيد ما دامت مطالعهم مختلفة، لأن العبرة في دخول الشهر بالرؤية أو بإتمام الشهر ثلاثين يوماً، ويكون يوم عرفة ويوم العيد بالنسبة لمن بمكة غير يوم عرفة ويوم العيد بالنسبة لغيرهم ممن يختلف مطلعهم عنهم كالشام أو غيرها، وإذا تأخرت رؤيتهم للهلال عن رؤية أهل مكة مثلاً فلا يقال إنهم صاموا يوم عرفة في يوم العيد وصومه ممنوع، لأنه لم يكن قد دخل يوم العيد عندهم حتى يقال عنهم إنهم صاموا يوم العيد، وأما أهل البلد الواحد المتحد المطلع فيلزمهم أن يتحدوا في الصوم والعيد إذا رأوا الهلال أو أتموا الشهر فيصوموا أو يضحوا في يوم واحد باعتبار ثبوت الهلال لديهم، أو إكمال عدة الشهر، ولا يصح أن يوافقوا أهل البلد الآخر، ولا يصح أن يختلفوا ويتفرقوا في هذه الحالة، لما ثبت في سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون.
وأما إذا لم يتم الشهر عندهم، ولم يروا الهلال، وأعلن غيرهم عن دخول الشهر أو خروجه ممن يخالفونهم في المطلع، وأخذ بعض الناس برؤيتهم أخذاً بمذهب أكثر الفقهاء القائل بعدم اعتبار اختلاف المطالع، فقدم صومه أو فطره معهم قبل أهل بلده فلا ينكر عليه، لأنه آخذ بقول معتبر لأهل العلم.
والحاصل أن الأمر فيه سعة ولله الحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1425(11/12154)
خطبة العيد هل تفتتح بالحمد أم بالتكبير
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أسأل عن خطبة صلاة العيد هل تبدأ بالتكبير أو بالحمد (الخطبة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر ابن القيم في الزاد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله، ولم يحفظ عنه في حديث واحد، أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير، وإنما روى ابن ماجه في سننه عن سعد القرظ مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر التكبير بين أضعاف الخطبة، ويكثر التكبير في خطبتي العيدين، وهذا لا يدل على أنه كان يفتتحها به، وقد اختلف الناس في افتتاح خطبة العيدين والاستسقاء، فقيل: يفتتحان بالتكبير وقيل: تفتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار، وقيل: يفتتحان بالحمد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو الصواب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله، فهو أجذم. وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/12155)
حكم صلاة العيد للمسافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للمسافر أن يصلي صلاة العيد، أم ليس له أن يصليها، وهل له أن يصلي الأضحى ولا يصلي صلاة عيد الفطر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 29328 مذاهب العلماء في حكم صلاة العيدين، وأن الصحيح أنها سنة مؤكدة للرجال المقيمين، أما غيرهم كالمسافر فإنها مستحبة في حقه يصليها مع الجماعة المقيمين أو يصليها وحده أو مع جماعة مسافرين، قال النووي في المجموع: فهل تشرع صلاة العيد للعبد والمسافر والمنفرد في بيته أو في غيره فيه طريقان: أصحهما واشهرهما: القطع بأنها تشرع لهم.. إلى أن قال: وقال الشافعي وإن ترك صلاة العيدين من فاتته أو تركها من لا تجب عليه الجمعة كرهت ذلك له. انتهى.
وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير للدردير على مختصر خليل بن إسحاق المالكي عند قوله وندب إقامة من لم يؤمر بها أو فاتته: حاصله أن من أمر بالجمعة وجوبا يؤمر بالعيد استنانا ومن لم يؤمر بها وجوبا وهم النساء والصبيان ... والمسافرون وأهل القرى الصغار أمر بالعيد استحباباً. انتهى، وخلاصة القول أن المسافر يستحب له أن يصلي صلاة العيد فطراً كان أو أضحى ولو تركها فإنه غير آثم ولا تنوب عنها صلاة الضحى.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(11/12156)
إحياء ليلة عيد الأضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أقوم بإحياء ليلة عيد الأضحى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإحياء ليلة العيد عند من يقول به يشمل فعل جميع الطاعات من ذكر ودعاء وتلاوة لكتاب الله تعالى وصدقة وصلة للرحم وغيرها، قال صاحب مواهب الجليل وهو مالكي: استحب إحياء ليلة العيد بذكر الله تعالى والصلاة وغيرها من الطاعات للحديث: من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب. وروي مرفوعاً وموقوفاً وكلاهما ضعيف، لكن أحاديث الفضائل يسامح فيها. ا. هـ
وقال في مغني المحتاج وهو شافعي: ويسن إحياء ليلتي العيد بالعبادة من صلاة وغيرها من العبادات.
ومن العلماء من قال إن الإحياء يحصل بصلاة العشاء جماعة، والعزم على صلاة الصبح جماعة.
واشترط ابن الحاج في المدخل: أن لا يكون إحياء ليلتي العيد في المساجد، ولا في المواضع المشهورة، كما يفعل في رمضان، بل كل إنسان في بيته لنفسه، ولا بأس أن يأتم به بعض أهله وولده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(11/12157)
تحديد يوم النحر يتوقف على تحديد اليوم الأول من شهر ذي الحجة
[السُّؤَالُ]
ـ[التاريخ الميلادي لعيد الأضحى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك أنك تعني ما يقابل يوم عيد الأضحى وهو العاشر من شهر ذي الحجة، بالتاريخ الميلادي، وتحديده يتوقف على تحديد اليوم الأول من شهر ذي الحجة، فإن كان يوم الخميس هو الأول من شهر ذي الحجة، فإن عيد الأضحى سيكون في يوم السبت الحادي والثلاثين من شهر يناير.
وننبهك إلى الأصل عند المسلمين العمل بالتاريخ الهجري، وهو الذي جرى عليه عمل الناس منذ القرون الخيرة، لأن هذا هو التاريخ الذي ترتبط به كثير من العبادات والأحكام، وراجع لمزيد من الفائدة الفتويين: 32818 / 36623.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/12158)
المرجع في تحديد الأعياد
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تحدد أيام العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل الكريم يسأل عن كيفية تحديد الأعياد عند المسلمين، فإن كان الأمر كذلك، فإن الأعياد في الإسلام حددتها الشريعة الإسلامية على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد روى أبو داود في سننه عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر.
ولم يرد في الشرع عيد غير هذين العيدين، ومن هنا نعلم خطأ أولئك الذين يقلدون الكفار ويحتفلون بأعيادهم، أو ينشئون أعياداً جديدة كأعياد الأم والطفل والشجرة.... إلى آخر القائمة الطويلة.
والحاصل أن الأعياد عند المسلمين تحددها الشريعة فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(11/12159)
صلاة النبي صلى الله عليه وسلم خسوف القمر
[السُّؤَالُ]
ـ[كم مرة صلى الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة خسوف القمر، فأرجو إرسال الجواب لبريدي؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على تحديد عدد المرات التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة خسوف القمر، والظاهر من كلام بعض أهل العلم تكرر الخسوف في زمنه صلى الله عليه وسلم من غير ذكر عدد معين، قال ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري: وحجة مالك ومن وافقه أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في كسوف الشمس ولم يجمع في كسوف القمر، فعلم أن معنى قوله (فافزعوا إلى الصلاة) ، في كسوف القمر: فرادى، وفي كسوف الشمس جماعة.
قال ابن القصار: وأهل المدينة بأسرهم على هذا، والمعهود أن كسوف القمر يقع أبداً ولا يكاد يخلو منه عام، وكسوف الشمس نادر، ومحال أن يكون كسوف القمر مألوفاً، والنبي صلى الله عليه وسلم يجمع له مدة حياته فيهم، ثم يخفى عليهم ذلك جملة، وبقول مالك: لم يبلغنا ولا أهل بلدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع لكسوف القمر، ولا نُقل عن أحد من الأئمة بعد النبي أنه جمع فيه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(11/12160)
عدد المرات التي صلى فيها الرسول صلاة الكسوف
[السُّؤَالُ]
ـ[كم مرة صلى الرسول الخسوف في حياته صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في السنة أن الشمس كسفت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يوم وفاة ابنه إبراهيم، فقد جاء في الصحيحين عن المغيرة بن شعبة قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم فصلوا وادعوا الله.
ولم نقف على كسوف للشمس في حياته صلى الله عليه وسلم غير هذا الكسوف، وإن كان بعض أهل العلم يرى بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى الكسوف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(11/12161)
هل يثاب المصلون ولو خفف الإمام في صلاة الكسوف
[السُّؤَالُ]
ـ[س/ صليت بالناس صلاة الكسوف ولكن لم أطل بهم في الركعات ولا القراءة فهل ثوابها واقع ولله العلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الكسوف سنة مؤكدة عند جمهور أهل العلم كما سبق في الفتوى رقم: 35368، وسبق بيان صفتها المفضلة في الفتوى رقم: 138، وما فعلته مجزئ إن شاء الله تعالى لأداء هذه السنة. قال المرداوي في الإنصاف وهو حنبلي: والوجه الثاني: يجوز فعلها بكل صفة وردت فمنه حديث كعب خمس ركوعات في كل ركعة رواه أبو داود وهذه المذهب قدمه في الفروع وابن تميم واختاره الشارح وجزم به الزركشي، وتجريد العناية ومنه: أنه يأتي بها كالنافلة وقد ورد ذلك في السنن وهذا المذهب أيضا وعليه جماهير الأصحاب، لأن الثاني سنة وقدمه في الفروع لكن الأفضل ركوعان في كل ركعة كما تقدم.
ويحصل لكم إن شاء الله تعالى ثواب الصلاة التي أديتم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(11/12162)
الأولى بالتقديم.. صلاة الوقت أم صلاة الكسوف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الظهر وقت الكسوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من صلاة الظهر وقت الكسوف؛ بل يجب أن تقدم على صلاة الكسوف إذا كان القيام بصلاة الكسوف يخرجها عن وقتها، أما إذا كان لا يخرجها عن وقتها فتقديم الكسوف على الظهر أولى، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: إذا اجتمع صلاتان في وقت واحد قدم ما يخاف فوته، ثم الأوكد، فإذا اجتمع عيد وكسوف، أو جمعة وكسوف وخيف فوت العيد أو الجمعة لضيق الوقت قدم العيد والجمعة، لأنهما أوكد من الكسوف، وإن لم يخف فوتهما فطريقان أصحهما وبه قطع المصنف -الشيرازي- والأكثرون يقدم الكسوف لأنه يخاف فوته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1427(11/12163)
صلاةالخسوف ركعتين وسجدتين صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صليت صلاة الخسوف ركعتين وسجدتين لجهلي بأنها أربع أربع، فهل صلاتي صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك للخسوف صحيحة، فقد قال ابن قدامة في الشرح الكبير: فأما خسوف القمر فأكثر أهل العلم على أنها مشروعة له، فعلها ابن عباس، وبه قال عطاء والحسن والنخعي والشافعي وإسحاق.. إلى أن قال: وقال مالك: ليس لكسوف القمر سنة، وحكى عنه ابن عبد البر وعن أبي حنيفة أنهما قالا: يصلي الناس لخسوف القمر وحدانا ركعتين ركعتين ولا يصلون جماعة، لأن في خروجهم إليها مشقة، إلى أن قال أيضا: وعن ابن عباس أنه صلى بأهل البصرة في خسوف القمر ركعتين وقال: إنما صليت لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(11/12164)
يصلى إن حدث زلزال أو ريح أو عاصفة أو مطر شديد ونحوها
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم أن هناك صلاة للكسوف فهل هناك صلوات لظواهر طبيعية أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
... فالصحيح من مذهب الحنابلة أنه يصلى للزلزلة الدائمة، كصلاة الكسوف. واختار جماعة من أهل العلم أن يصلى أيضا للريح العاصف، وكثرة المطر، وسائر الآيات التي يخوف الله بها عباده، يصلى لها ركعتان أو أكثر كسائر الصلوات.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12165)
قدر القراءة في صلاة الكسوف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي صلاة الكسوف بآيات قصيرة؟.أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الكسوف سنة مؤكدة عند جمهور أهل العلم ليست بواجبة كما سبق فى الفتوى رقم: 35368.
وصفتها المستحبة تقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 138.
وإذا قرأ الشخص فيها آيات من القرآن الكريم أجزأه ذلك، ففي المصنف لابن أبي شيبة: عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم: صلى في كسوف ركعتين، فقرأ في إحداهما بالنجم.
وفيه أيضا: عن الماجشون قال: سمعت أبان بن عثمان قرأ في كسوف (سأل سائل) (الآية) . انتهى.
وفى كتاب الأم للشافعي بعد ذكره للصفة المستحبة لهذه الصلاة: وإن جاوز هذا في بعض وقصر عنه في بعض, أو جاوزه في كل أو قصر عنه في كل إذا قرأ أم القرآن في مبتدأ الركعة , وعند رفعه رأسه من الركعة قبل الركعة الثانية في كل ركعة أجزأه. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1427(11/12166)
حكم أداء صلاة الكسوف والخسوف في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصلى صلاة الخسوف والكسوف في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن الجماعة سنة في صلاة الكسوف، وأنها تصح فرادى في البيوت وفي غيرها، وسوَّى الشافعية والحنابلة بين الكسوف والخسوف في سنية الجماعة فيهما، أما الحنفية والمالكية في المشهور فلا يرون صلاة الجماعة في صلاة الخسوف. قال: الكاساني في بدائع الصنائع: وأما خسوف القمر فالصلاة فيها حسنة؛ لما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا رأيتم من هذه الأفزاع شيئا فافزعوا إلى الصلاة. وهي لا تصلى بجماعة عندنا، وعند الشافعي تصلى بجماعة وقال النفراوي في الفواكه الدواني: وليس في صلاة خسوف القمر جماعة، وليصل الناس عند ذلك أفذاذا لأنها مستحبة على المعتمد، ففعلها في البيوت أفضل. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1425(11/12167)
صلاة الكسوف.. حكمها.. ومدى مشروعية قضائها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم هل صلاة الكسوف واجبة. وهل تقضى إذا لم تصل في وقتها. والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فحكم صلاة كسوف الشمس أنها سنة مؤكدة عند جميع الفقهاء، إلا في قول للحنفية أنها واجبة، والصحيح الأول. والصارف عن الوجوب حديث الأعرابي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عمَّا افترض الله عليه من الصلوات؟ فقال له: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئًا. متفق عليه. وفي لفظ: خمس صلوات في اليوم والليلة. فقال: هل عليَّ غيرهنَّ؟ قال: لا، إلا أن تطوّع. والدليل على كونها سنة مؤكدة قوله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الشيخان: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا، وصلوا حتى ينجلي.، ولفعله لها كما في الصحيحين وغيرهما. أما قضاؤها إذا خرج وقتها فلا يشرع، قال الموفق ابن قدامة رحمه الله في المغني: فصل: وصلاة الكسوف سنة مؤكدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وأمر بها، ووقتها من حين الكسوف إلى حين التجلي، فإن فاتت لم تقضَ؛ لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة حتى تنجلي. فجعل الانجلاء غاية للصلاة، ولأن الصلاة إنما سنت رغبة إلى الله في ردها، فإن حصل ذلك حصل مقصود الصلاة، وإن انجلت وهو في الصلاة خففها وأتمها. اهـ والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(11/12168)
حكم من ترك قراءة الفاتحة بعد الركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مسألتان حول صلاة الخسوف: 1) إمام مسجد صلى الركعة الأولى وفي القيام الأول وبعد الاعتدال من الركوع لم يقرأ الفاتحة وإنما شرع في تتمة القراءة فما الحكم وما الأصل والصحيح. 2) إمام مسجد صلى صلاة الخسوف وفي الركعة الأولى وحين الاعتدال من الركوع لم يقل سمع الله لمن حمده وإنما قال (الله أكبر) ثم شرع في قراءة الفاتحة وبعد ذلك ما تيسر ثم ركع وقال حين الرفع سمع الله لمن حمده، فهل فعله صحيح وما الصحيح وهل على الجماعة في المسألتين أي شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكر السائل فالصلاة صحيحة، ويسن للإمام أن يسجد للسهو، لأن القراءة بعد الركوع الأول من كل ركعة سنة، والقراءة بعد الركوع تشمل: الفاتحة والسورة بعدها، وقول (سمع الله لمن حمده) عند الرفع من الركوع واجب، وقيل سنة، وإذا لم يسجد الإمام للسهو فلا شيء على المأمومين.
والأصل في صلاة الكسوف ما ذكره ابن قدامة وغيره أن يصلي ركعتين يحرم بالأولى، ويستفتح ويستعيذ ويقرأ الفاتحة وسورة البقرة، أو قدرها في الطول، ثم يركع فيسبح الله تعالى قدر مائة، ثم يرفع فيقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم يقرأ الفاتحة وآل عمران أو قدرها في الطول، ثم يركع بقدر ثلثي ركوعه الأول، ثم يرفع فَيُسَمِّع ويُحَمِّد، ثم يسجد فيطيل السجود فيهما، ثم يقوم إلى الركعة الثانية فيقرأ سورة النساء، ثم يركع فيسبح بقدر ثلثي تسبيحه في الثانية، ثم يرفع فيقرأ الفاتحة والمائدة، ثم يركع فيطيل دون الذي سبقه، ثم يرفع فيسمع ويحمد، ثم يسجد فيطيل. فيكون الجميع ركعتين: في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان وسجودان، ولو صلى صلاة الخسوف ركعتين كصلاة التطوع صح، ولو صلاها بست ركوعات في كل ركعة ثلاث ركوعات صح، فكل ذلك قد وردت به السنة.
والدليل على هذه الصفة ما رواه البخاري ومسلم واللفظ له عن عائشة رضي الله عنها: قالت: "خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فأطال القيام جدا ثم ركع فأطال الركوع جدا ثم رفع رأسه فأطال القيام جدا وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع جدا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم رفع رأسه فقام فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الشمس والقمر من آيات الله وإنهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فكبروا وادعوا الله وصلوا وتصدقوا يا أمة محمد إن من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا ألا هل بلغت". والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1421(11/12169)
دليل قراءة الفاتحة في كل ركعة من صلاة الكسوف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الدليل على قراءة الفاتحة مرة أخرى بعد الرفع من الركوع الأول في صلاة الكسوف؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان كيفية صلاة الكسوف في الفتوى رقم 6959 فراجعها ففيها تجد دليل القراءة بعد الرفع من الركوع الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12170)
إذا اجتمعت صلاة الجمعة والكسوف قدمت صلاة الكسوف ما لم يضق الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الجمعة وصلاة الكسوف؟ أفيدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إذا كان المقصود سؤالك عن حكم صلاة الجمعة منفردة وكذا الكسوف، فإن صلاة الجمعة فرض عين على كل مكلف ذكر حر مستوطن مقيم في بلده، وليس عنده عذر يمنعه من حضورها كمرض أو مطر شديد أو غير ذلك. وبالنسبة لصلاة الكسوف فهي سنة مؤكدة. وإن كان السؤال عما إذا اجتمع الكسوف مع الجمعة، فالجواب: أنه إذا ضاق الوقت وخيف فوات وقت الجمعة فإنها تقدم على الكسوف، وإذا لم يخش فوات وقت الجمعة قدم الكسوف.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12171)
صفة صلاة الكسوف
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تكون صلاة الكسوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صفة صلاة الكسوف هي ما ذكره ابن قدامة وغيره أن يصلي المرء ركعتين يحرم بالأولى، ويستفتح ويستعيذ ويقرأ الفاتحة وسورة البقرة، أو قدرها في الطول، ثم يركع فيسبح الله تعالى قدر مائة، ثم يرفع فيقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم يقرأ الفاتحة وآل عمران أو قدرها في الطول، ثم يركع بقدر ثلثي ركوعه الأول، ثم يرفع فَيُسَمِّع ويُحَمِّد، ثم يسجد فيطيل السجود فيهما، ثم يقوم إلى الركعة الثانية فيقرأ سورة النساء، ثم يركع فيسبح بقدر ثلثي تسبيحه في الثانية، ثم يرفع فيقرأ الفاتحة والمائدة، ثم يركع فيطيل دون الذي سبقه، ثم يرفع فيسمع ويحمد، ثم يسجد فيطيل. فيكون الجميع ركعتين: في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان وسجودان، ولو صلى صلاة الخسوف ركعتين كصلاة التطوع صح، ولو صلاها بست ركوعات في كل ركعة ثلاث ركوعات صح، فكل ذلك قد وردت به السنة.
والدليل على هذه الصفة ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: خسفت الشمس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إلى المسجد فصف الناس وراءه فكبر فاقترأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة طويلة ثم كبر فركع ركوعا طويلا ثم قال سمع الله لمن حمده فقام ولم يسجد وقرأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى ثم كبر وركع ركوعا طويلا وهو أدنى من الركوع الأول ثم قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم سجد ثم قال في الركعة الآخرة مثل ذلك فاستكمل أربع ركعات في أربع سجدات وانجلت الشمس قبل أن ينصرف ثم قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال هما آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1422(11/12172)
مذاهب العلماء فيمن فاتته ركعة واحدة من صلاة الخسوف
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فاتني ركعة واحدة من صلاة الخسوف ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشخص إذا أدرك الإمام بعد رفعه من الركوع الأول فقد فاتته الركعة الأولى ويقضيها على صفتها بعد سلام إمامه على القول الصحيح عند الشافعية ورواية عن الحنابلة، أما المالكية فالواجب عندهم هو الركوع الثاني ومن أدركه فقد أدرك الركعة ولا شيء عليه لأن الإمام يحمل عنه ما فاته، وإليك بعض كلام أهل العلم في المسألة:
قال النووي في المجموع وهو شافعي: ولو أدركه في الركوع الثاني من إحدى الركعتين فالمذهب الصحيح الذي نص عليه الشافعي في البويطي واتفق الأصحاب على تصحيحه وقطع به كثيرون منهم أو أكثرهم أنه لا يكون مدركاً لشيء من الركعة، كما لو أدرك الاعتدال في سائر الصلوات. انتهى.
وفي الفروع لابن مفلح الحنبلي: والركوع الثاني سنة وتدرك به الركعة في أحد الوجهين. انتهى.. وقال النووي في المجموع أيضاً: وإن أدركه في الركوع الأول من الركعة الثانية فقد أدرك الركعة، فإذا سلم الإمام قام فصلى ركعة أخرى بركوعين وقيامين كما يأتي بها الإمام، وهذا لا خلاف فيه. انتهى.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: وتدرك الركعة من كل من ركعتيها بالركوع الثاني من الركوعين، لأنه الواجب بدليل أنه يؤتى به في محله فيصل أوله بالقراءة والرفع منه بالسجود بخلاف الركوع الأول، لأنه في أثناء القراءة وهي محمولة عن المسبوق فوجب أن يكون محمولاً عنه. انتهى ...
وعليه؛ فمن أدرك الركوع الثاني من الركعة في صلاة الخسوف قد اختلف أهل العلم هل يكون مدركاً لتلك الركعة أم لا، والأقرب إلى الاحتياط مذهب الشافعية ومن معهم، وأما الحنفية فهذه الصلاة عندهم تصلى بركوع واحد في كل ركعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1429(11/12173)
حكم صلاة الكسوف في البيت وقراءة قصار السور فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على هذا الجهد المبارك، سؤالي هو: ما صفة صلاة الخسوف والكسوف، وهل تجوز في البيت والقراءة فيها من قصار السور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الكسوف تقدمت صفتها في الفتوى رقم: 138، كما سبقت صفة صلاة الكسوف في الفتوى رقم: 48559، ويجوز فعلهما في البيوت، كما تقدم في الفتوى رقم: 48658.
كما تجوز القراءة فيهما ببعض قصار السور، وراجع الفتوى رقم: 73156.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1428(11/12174)
الوقت الذي تشرع فيه صلاة الكسوف
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ بارك الله فيكم:
يوم الأربعاء الماضي حدث كسوف كلي للشمس كما هو معلوم، وكانت أوضح نقطة لرؤية الكسوف هي منطقة السلوم في مصر على القرب من الحدود المصرية الليبية، وكان قد أعلن عن ذلك علماء الفلك منذ شهور وسؤالي هو نحن هنا في مدينة القاهرة لم نشاهد الكسوف وكان ضوء الشمس ظاهرا لنا وإن قل قليلاً عن المعتاد في مثل هذا الوقت وهو وقت الظهيرة، المساجد هنا بعد صلاة الظهر شرعت في صلاة الكسوف بناء على كلام أهل الحساب والفلك، ولم نر الكسوف فهل الصلاة في هذه الحالة تشرع أم أن الحكم متعلق برؤية الكسوف بالعين المجردة كما كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ إنه لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه مثلاً سوف يحدث كسوف للشمس يوم كذا ثم جاء ذلك اليوم فصلوا، ولكن حدث ذلك فجأةً فخرج النبى صلى الله عليه وسلم مسرعاً يخشى أن تكون الساعة، وليس كما كان الحال عليه يوم الأربعاء الماضي فكان المصلون وكأنهم سوف يصلون صلاة العيد، وأنا لم أصل وتركت المسجد لأني لم أر السبب الذي شرعت من أجله الصلاة، ألا وهو رؤية الكسوف فهل ما فعلته صحيح؟ وهل ما فعله الناس صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الكسوف لا تشرع إلا عند رؤية ذهاب ضوء الشمس كله أو بعضه، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله يريهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة. متفق عليه وهذا اللفظ للبخاري.
ولا يلتفت إلى قول المنجمين في حصول الكسوف قبل رؤيته. قال النووي في المجموع: قال الدارمي وغيره: ولا يعمل في الكسوف بقول المنجمين. انتهى.
وفي الفروع لابن مفلح الحنبلي أثناء كلامه على الكسوف: ولا عبرة بقول المنجمين ولا يعمل به. انتهى.
وتشرع صلاة الكسوف عند ذهاب بعض ضوء الشمس، ففي دقائق أولي النهى ممزوجا بمنتهى الإرادات وهو حنبلي: باب صلاة الكسوف (وهو ذهاب ضوء أحد النيرين) أي الشمس والقمر (أو) ذهاب (بعضه) أي الضوء (سنة) مؤكدة. انتهى.
ووافقهم المالكية في ذلك إلا أن يكون النقص قليلا بحيث لايدركه إلا العارفون بعلم الفلك، ففي منح الجليل لمحمد عليش المالكي: سن (لكسوف الشمس) أي ذهاب ضيائها كلا أو بعضا ما لم يقل جدا حتى لا يعرفه إلا أهل الهيئة والحساب. انتهى
وعليه؛ فصلاة الكسوف لا تشرع إلا عند رؤية ذهاب ضوء الشمس كله أو بعضه، وقال المالكية: إلا أن يكون النقص قليلا جدا، وهذه الصلاة سنة مؤكدة عند جمهور أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 35368، وينبغي للمسلمين إذا حصل هذا الحدث لهم أن يفزعوا إلى التوبة والاستغفار كما أمرهم نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي أن يتعاملوا معه كحدث عادي.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1427(11/12175)
من سلم من صلاة الكسوف ووجد الكسوف باقيا
[السُّؤَالُ]
ـ[صلينا الكسوف وبعد السلام وجدنا الكسوف لم ينته فصلينا مرة ثانية، فما الحكم؟ هل عملنا هذا صحيح، أرجو التوضيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصحيح أن من سلم من صلاة الكسوف ووجد الكسوف باقياً، فإنه لا يستفتح صلاة أخرى، قال الإمام النووي في المجموع: ولو سلم من صلاة الكسوف -والكسوف باق- فهل له استفتاح صلاة الكسوف مرة أخرى؟ فيه وجهان خرجهما الأصحاب على جواز زيادة الركوع، والصحيح المنع من الزيادة والنقص ومن استفتاح الصلاة ثانياً. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(11/12176)
الحكمة من ظاهرة الكسوف والخسوف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو نص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، بخصوص عدم اتباع الكوكب بالنظر في حالتي الكسوف والخسوف، أعدت الرسالة لعدم كتابتي الإيميل صحيحاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أننا لم نطلع على خبر عن الله ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم في شأن النظر إلى الشمس حال كسوفها، ولكن إن ثبت ضرر ذلك طبياً فيحرم، كما في الفتوى رقم: 1192.
وأما ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في شأن انكساف الشمس أو القمر فهو ما رواه الشيخان في صحيحيهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا، وصلوا حتى ينجلي. وفي رواية لمسلم: ... آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده. فهذا ما قاله وأمر به صلى الله عليه وسلم رداً على قول بعض الناس -لما كسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم- قالوا: إنها كسفت لموته. فبين أن حكمة ذلك تخويف العباد كما يخوفهم تعالى بسائر الآيات كالريح الشديدة والزلازل والبراكين ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1427(11/12177)
جواز صلاة الخسوف بعد الفجر وقبل طلوع الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة خسوف القمر بعد طلوع الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى كراهة التنفل بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح إلا سنة الفجر، وأجاز المالكية صلاة الوتر لمن عادته أن يصلي بالليل فلم يصله حتى طلع الفجر، واستدلوا بحديث عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليبلغ شاهدكم غائبكم لا تصلوا بعد الفجر إلا ركعتين. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.
فالأولى بعد صلاة السنة صلاة الفريضة وعدم الانشغال بغيرها، أما بعد صلاة الفجر فاتفق الفقهاء على كراهة التنفل المطلق -كما في الموسوعة الفقهية- وهو ما لا سبب له بعد صلاة الصبح، لما روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس.
وذهب الشافعية إلى جواز صلاة الخسوف في ذلك الوقت وهو وجه عند الحنابلة كما في الفروع لابن مفلح، قال الإمام النووي: ولو طلع الفجر وهو خاسف -يعني القمر- أو خسف بعد الفجر قبل طلوع الشمس، فقولان، الصحيح الجديد يصلي، والقديم لا يصلي. انتهى.
والراجح جواز الصلاة لأن قول النبي: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فافزعوا إلى الصلاة. متفق عليه، عام محفوظ لا خصوص فيه يشمل جميع الأوقات ومنها أوقات الكراهة، أما أحاديث النهي فكلها مخصوصة، فوجب تقديم العام الذي لا خصوص فيه فإنه حجة باتفاق السلف والجمهور القائلين بالعموم بخلاف الثاني، وتقدم صلاة الخسوف على صلاة الفرض ما لم يخش خروج وقت الفريضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/12178)
تعليل خوف النبي صلى الله عليه وسلم عند حدوث الكسوف
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نوفق بين كون الكسوف والخسوف من آيات الله التي يخوف بها عباده، وأنها غضب من الله توجب علينا الفزع للصلاة والذكر والدعاء، وبين علمنا المسبق بها قبل حدوثها بوقت طويل، ولو كان ذلك حاصل على وقت النبي صلى الله عليه وسلم هل كان فزعه سيكون بهذه الدرجة فيخرج إلى المسجد بدون رداء حتى يلحقونه بردائه.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكسوف والخسوف من آيات الله التي يخوف بها عباده، ولا يدري المؤمن ما يصاحب ذلك من عذاب أو نقمة، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم: يفزع إذا رأى السحاب أو الريح. وكون الإنسان يتوقع عن طريق السنن الكونية والأسباب والمقدمات حدوث الآية لا يعني ذهاب خوفه وفزعه. ومما يوضح ذلك أن الإنسان يتوقع نزول المطر برؤية السحاب وغير ذلك من العلامات، لكنه لا يدري ما نوع هذا المطر وما لبثه في الأرض. ولا يعلم نفعه وضره، ولا ما يصاحبه من عذاب وهذا ما يوجب الخوف. وهذا عكس حال أهل الغفلة كما قال الله عن المشركين الذين رأوا السحاب فانتظروا المطر، وإذا فيه هلاكهم وعذابهم. قال الله تعالى: (فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم) [الأحقاف: 24] . ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بربه وأشدهم خوفا منه، كان منه هذا الفزع. روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة في السماء أقبل وأدبر ودخل وخرج وتغير وجهه، فإذا أمطرت السماء سري عنه، فعرفته عائشة ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أدري لعله كما قال قوم: (فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم....) [الأحقاف: 24] . روى مسلم: "إذا كان يوم الريح والغيم عرف ذلك في وجهه وأقبل وأدبر" الحديث. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12179)
إن ثبت أن النظر للشمس وقت الكسوف ضار فإنه يحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أفتى علماء في مصر بأن النظر الى كسوف الشمس حرام فهل هذا صحيح؟ ا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإننا لم نجد نصا في الشرع يصرح بحرمته، فهذا شيء يتصل بإخبار الأطباء والخبراء فإذا وصل أخبارهم من التأكد والصحة إلى حد الضرورة في تسبب الضرر والإصابة به فيكون حراما كبقية المحرمات التي تثبت بالقياس، لأن كل شيء يضر الإنسان استعماله أكلا أو نظراً، أو شما أو لبسا أو لمسا أو غير ذلك وليس منه فائدة عامة، أو خاصة، فلا يمكن استعماله، وهنا إن ثبت طبيا أن النظر إلى الكسوف يضر بالبصر فيكون حراما، وهذه مسألة مؤقتة لا توجد في كل وقت، فالاحتياط فيها أولى. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12180)
حكم أداء صلاة الاستسقاء في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[س: ما حكم صلاة الاستسقاء في المساجد؟
أرجو إجابة شافية لأني إمام مسجد وليس عندي العلم الكافي لأحكم في المسالة وأجزم فيها.
وجزاكم الله خيراً، أرجو الرد سريعاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل في صلاة الاستسقاء أداؤها في الصحراء، وتجوز في المسجد. قال النووي في المجموع متحدثا عن الاستسقاء: السنة أن يصلي في الصحراء بلا خلاف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في الصحراء، ولأنه يحضرها غالب الناس والصبيان والحيض والبهائم وغيرهم، فالصحراء أوسع لهم وأرفق بهم. انتهى
وقال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: أطلق أصحابنا الخروج إلى الصحراء لصلاة الاستسقاء ولم يقيدوا ذلك بغير مكة كما في صلاة العيد، والظاهر أنه لا فرق، وأن أهل مكة يصلون الاستسقاء بالمسجد الحرام كما في صلاة العيد. انتهى
وفي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وكذلك أنواع الاستسقاء فإنه استسقى مرة في مسجده بلا صلاة الاستسقاء، ومرة خرج إلى الصحراء فصلى بهم ركعتين، وكانوا يستسقون بالدعاء بلا صلاة، كما فعل ذلك خلفاؤه، فكل ذلك حسن جائز. انتهى
وقال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن يستسقوا عقيب صلواتهم، ويوم الجمعة يدعو الإمام على المنبر، ويؤمن الناس، قال القاضي: الاستسقاء ثلاثة أضرب، أكملها الخروج والصلاة على ما وصفنا، ويليه استسقاء الإمام يوم الجمعة على المنبر..... إلى أن قال: والثالث: أن يدعو الله تعالى عقيب صلواتهم، وفي خلواتهم. انتهى
وعليه؛ فيجوز صلاة الاستسقاء في المسجد؛ وإن كان الأفضل الخروج إلى الصحراء لأدائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1427(11/12181)
صلاة الاستسقاء.. كيفيتها.. ووقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية صلاة الاستسقاء ومتى يكون وقتها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الاستسقاء سنة مؤكدة عند حصول موجبها وهو حاجة الناس إلى المطر لجدب الأرض والخوف على المزارع ونحو ذلك، وإن عين الإمام يوما لصلاتها فحسن، ليستعدوا بالصيام والصدقة والتوبة، فيخرج الرجال والصبيان والنساء العجائز فقط، دون الشواب، فإن اجتمعوا صلى بهم ركعتين من غير أذان ولا إقامة، يقرأ في الأولى بعد تكبيرة الإحرام: الفاتحة وسورة الأعلى، وفي الثانية: الفاتحة وسورة الغاشية، يجهر فيهما بالقراءة، قال ابن قدامة في "المغني": واختلفت الرواية في صفتها، فروي أنه يكبر فيهما كتكبير العيد سبعا في الأولى، وخمسا في الثانية، وهو قول سعيد بن المسيب، والشافعي، إلى أن قال: والرواية الثانية: أنه يصلي ركعتين كصلاة التطوع، وهو مذهب مالك والأوزاعي وأبي ثور وإسحاق، لأن عبد الله بن زيد قال: استسقى النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين وقلب رداءه. متفق عليه، وروى أبو هريرة نحوه، ولم يذكر التكبيرة، وظاهره أنه لم يكبر، أما وقت صلاة الاستسقاء فواسع، والأولى أن تكون وقت الضحى كالعيدين، قال ابن قدامة: وليس لوقت الاستسقاء وقت معين، إلا أنها لا تفعل في وقت النهي بغير خلاف، لأن وقتها متسع، وبعد الصلاة يقوم الإمام خطيبا مضمنا خطبته وعظا وإرشادا للناس، وسؤالا للخالق سبحانه بنزول المطر.
وللفائدة، تراجع الفتوى رقم: 917.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(11/12182)
أرجح القولين في صفة صلاة الاستسقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[القول الراجح في التكبيرات في صلاة الاستسقاء في الركعة الأولى والثانية؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر ابن قدامة في المغني اختلاف العلماء في صفة صلاة الاستسقاء، فقال رحمه الله: (واختلفت الرواية في صفتها، فروي أنه يكبر فيها كتكبير العيد سبعاً في الأولى وخمساً في الثانية. وهو قول سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وداود والشافعي، وحكي عن ابن عباس، وذلك لقول ابن عباس في حديثه: وصلَّى ركعتين كما كان يصلي في العيد. .
وروى جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر: كانوا يصلُّون صلاة الاستسقاء يكبرون فيها سبعًا وخمسًا والرواية الثانية أنه يصلي ركعتين كصلاة التطوع، وهو مذهب مالك والأوزاعي وأبي ثور وإسحاق، لأن عبد الله بن زيد قال: استسقى النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين وقلب رداءه. متفق عليه. وروى أبو هريرة نحوه، ولم يذكر التكبير، وظاهره أنه لم يكبر. انتهى
إذا تبين لك هذا فاعلم أن أرجح القولين هو الأول لعموم قول ابن عباس رضي الله عنهما في بيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء: وصلَّى ركعتين كما كان يصلي في العيد. وهو أثر حسن رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وحسنه الألباني.
ولا وجه لاستثناء التكبيرات فيه كما أجاب من قال بالقول الثاني، لكن من صلاها بغير تكبيرات فصلاته صحيحة ولا شيء عليه، كما قال ابن قدامة في المغني بعد ذكر القولين قال: وكيفما فعل كان جائزًا حسناً) .
وقال النووي في المجموع: (قال صاحب الحاوي وغيره: لو حذف التكبيرات أو زاد فيهنَّ أو نقص منهنَّ صحت صلاته ولا يسجد للسهو) . انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(11/12183)
منع القطر من السماء ... بلاء له دواء
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن مدينة تسمى عين التوتة بولاية باتنة في الجزائر تنعدم فيها الأمطار.. في حين كانت منذ زمن غير بعيد كثيرة التساقط وبمختلف أنواعه ثلوج أمطار ... فما السبب في ذلك يا ترى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نزول الأمطار وامتناعها بأمر الله -عز وجل- كما قال تعالى: أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل:63] .
وقال تعالى: فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ [النور:43] .
والمطر نعمة من الله تعالى، ورزق يمن به على عباده، ونعم الله لا ترتفع إلا بذنب، ولا تعود إلا بتوبة وطاعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
وقال تعالى: فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ [التوبة:74] .
وفي سنن ابن ماجه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء؛ ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم. وحسنه الألباني.
ولتعلم أيها الأخ السائل أن التوبة والاستغفار خير ما يجلب النعم ويدفع البلايا والنقم، قال عز وجل: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً [نوح:] .
وقد شرع لنا نبيناً صلى الله عليه وسلم ما نفعله عند القحط وتأخر المطر، وذلك صلاة الاستسقاء، التي فيها إظهار الذلة والمسكنة والحاجة إلى الله تعالى، وقد مضى بيانها في الفتوى رقم:
3760
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1423(11/12184)
حكم خروج المرأة إلى صلاة الاستسقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح للمرأة ان تصلي مع الرجال صلاة الاستسقاء؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد استحب أهل العلم من أهل المذاهب الأربعة خروج الشيوخ والضعفة والصبيان والعجزة وغير ذات الهيئة من النساء إلى صلاة الاستسقاء، أما ذات الهيئة وهي التي تخرج متجملة متزينة فإنها تمنع من الخروج، وذلك لسببين: الأول: منافاة هذه الحالة لما يفترض أن يكون عليه الخارج إلى هذه الصلاة من خشوع وظهور بمظهر المحتاج الذليل، والثاني: أن هذا النوع من الخروج لا يجوز لا للصلاة ولا لغيرها فقد روى الإمام أحمد والنسائي وغيرهما عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية"، وهو حديث حسن.
وروى أبو داود من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12185)
صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة تؤدى كصلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم صلاة الاستسقاء؟ وما هي كيفية أدائها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
الاستسقاء طلب السقيا من الله تعالى عند حدوث الجدب والقحط أو عند تأخر نزول المطر. وصلاة الاستسقاء سنة مؤكدة. وتؤدى كما تؤدى صلاة العيد لما أخرجه الترمذي وصححه وأبو عوانه وابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال "خرج النبي صلى الله عليه وسلم متواضعاً متبذلاً متخشعاً مترسلاً متضرعاً فصلى ركعتين كما يصلي في العيد". كما يستحب للإمام أن يحول رداءه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل تفاؤلا بتغير الحال إلى الأحسن، وتفاؤلاً بأن يرفع الله عنهم الجدب والقحط ويسقيهم بفضله ورحمته، ويستحب للإمام كذلك الإكثار من الاستغفار والابتهال إلى الله بالدعاء ويرفع يديه به، وانظر للمزيد الفتوى رقم 28510
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(11/12186)
حكم أداء النساء منفردات صلاة الاستسقاء جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لجماعة من النساء تأدية صلاة الاستسقاء منفردات في جماعة دون صلاة الجماعة للرجال، واقتصار الصلاة على الصلاة دون الخطبة وذلك لما هو معروف من عدم جواز الخطبة للمرأة. كالنساء العاملات في المدارس وغيرها من أماكن العمل الخاصة للنساء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم صلاة النساء جماعة، فذهب الشافعية إلى أنها تستحب، وروي عن أحمد روايتان: رواية أن ذلك مستحب، وأخرى أن ذلك غير مستحب، وإن فعلن أجزأهن. وقال الحنفية يكره تحريما جماعة النساء وحدهن بغير رجال.
وعلى القول الأول وهو المرجح عندنا كما في الفتوى رقم: 26491، فصلاة النساء جماعة منفردات عن جماعة الرجال جائزة، سواء في ذلك الفرض أو النافلة، إلا ما اشترط له خطبة كصلاة الجمعة، فلا تشرع لهن بغير جماعة الرجال.
قال في مطالب أولي النهى من الحنابلة: وتسن الجماعة لمقضية وكسوف واستسقاء وتروايح لعموم الأخبار، وتسن لعبيد وصبيان وخناثى تحصيلا للفضيلة، وتسن أيضا لنساء منفردات عن رجال في دورهن، لفعل عائشة وأم سلمة ذكره الدارقطني، وأمر صلى الله عليه وسلم أم ورقة بأن تجعل لها مؤذنا يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها. رواه أبو داود والدارقطني. وسواء كان منهن إمامهن أو لا، لأنهن من أهل الفرض أشبهن الرجال. انتهى.
وقد نص الفقهاء على أن صلا ة الاستسقاء سنة لكل أحد أي بما في ذلك الأنثى، وعليه فلهن صلاتها جماعة أو منفردات من غير خطبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1430(11/12187)
حكم الذكر بعد الصلاة إذا فعله المأمومون جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا الأمر من السنة؟ وهو: بعد الانتهاء من كل صلاة مفروضة , يجهر المؤذن أو الإمام ويرفع صوته ويقول أستغفر الله 3مرات اللهم أنت السلام ومنك السلام.....ثم يقول الله لا إله إلا هو الحي القيوم..ليقول الجميع مع بعض آية الكرسي , ثم يقول قل هو الله أحد ... إلخ ... ثم يقول سبحان الله.ليقول جميع الحاضرين مع بعضهم سبحان الله 33مرة وهكذا , هل كان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك بعد كل صلاة؟ السؤال بصيغة أخرى: هل من سنّة النبي صلى الله عليه وسلم , الجهر بالأذكار والتسابيح الواردة بعد الصلاة؟ أم الإسرار بها؟ علماً بأن المسجد لا يخلو من مصلٍ يصلي حين يرفع المؤذن صوته بالأذكار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهاهنا مسألتان لا بُد من التفريق بينهما لئلا يحصل الخلطُ، ويقع اللبس أولاً:
رفع الصوت بالذكر بعد الانصراف من الصلاة وهو مختلفٌ في مشروعيته بين أهل العلم، فاستحبه طائفةٌ من العلماء، وذهب الجمهور إلى أن المشروع الإسرار بالذكر، ولا يُستحب رفع الصوت به بعد الصلاة، وهو المفتى به عندنا، وانظر للتفصيل الفتوى رقم: 7444،والفتوى رقم: 30402.
وأما الجهرُ بأذكار الصلاة أحياناً بقصد التعليم فلا حرج فيه، وعليه حمل الشافعي رحمه الله الآثار الدالة على مشروعية الجهر بالذكر، ومن رجح الجهر مطلقا، فعنده أن الجهر يُشرعُ بما لا يؤذي المصلين، ويشوش عليهم، قال الشيخ العثيمين رحمه الله:
وإن كان فيهم – أي في المصلين - مسبوق يقضي، فإن كان قريبا منك بحيث تشوش عليه فلا تجهر الجهر الذي يشوش عليه لئلا تلبس عليه صلاته. انتهى.
ثانياً: كون هذا الذكر جماعياً بأن يردده المصلون في صوت واحد، أو يقوم بعضهم كالمؤذن أو الإمام، بتلاوة بعض الأذكار ثم يأمرهم بترديد بعضها فيفعلون فإذا أمرهم بالتسبيح سبحوا، أو بالتحميد حمدوا وهكذا، وكل ذلك مما لا أصل له في سنة النبي صلى الله عليه وسلم،ولم يفعله لا مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم ولا ثبت من فعل أحد من أصحابه، ولو كان خيراً لسبقونا إليه إذ هم أحرص الناس على الخير.
وما أحسن قول الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره عند كلامه على قول المشركين لو كان خيرا ما سبقونا إليه قال رحمه الله: وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة رضي الله عنهم هو بدعة، لأنه لو كان خيراً لسبقونا إليه؛ لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليه. انتهى.
وقال العلامة ابن باز رحمه الله بعدما رجح سنية الجهر بالذكر بعد الصلاة:
أما كونه جماعيّاً بحيث يتحرى كل واحد نطق الآخر من أوله إلى آخره وتقليده في ذلك فهذا لا أصل له، بل هو بدعة، وإنما المشروع أن يذكروا الله جميعا بغير قصد لتلاقي الأصوات بدءاً ونهاية انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1430(11/12188)
حكم تخصيص ليلتين كل أسبوع بقيام الليل في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قيام الناس جماعة يوم الأحد والأربعاء مع صيام الإثنين والخميس لأن الإمام أمرهم وقال لنا إن ذلك سنة وقد أتى بأدلة لا أساس لها من الصحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في مشروعية صيام الإثنين والخميس لما ثبت من حرص النبي صلى الله عليه وسلم على صيامها، وانظر الفتوى رقم: 45119.
وأما قيام تينك الليلتين في جماعة فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في فضل قيامهما بخصوصهما لا جماعة ولا فرادى، ولكن لقيامهما الفضل الثابت لقيام الليل في الجملة، وأما تخصيصهما بالقيام في جماعة فقد بينا في الفتوى رقم: 34084.. أنه غير مشروع وهو داخل في حد البدعة الإضافية كما بينا في فتاوى كثيرة، ويمكن مراجعة الفتوى رقم: 631 في ضابط البدعة.
علماً بأن القيام جماعة من غير تخصيص أحياناً مما وردت به السنة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 21699 ...
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: (الشفع، والوتر، والتهجد) تجوز فيه الجماعة أحياناً لا دائماً، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى جماعة ببعض أصحابه، فمرة صلى معه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ومرة صلى معه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ومرة صلى معه حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
لكن هذا ليس راتباً أي لا يفعله كل ليلة ولكن أحياناً وهذا في غير رمضان، أما في رمضان فإنه تسن فيه الجماعة من أوله إلى آخره من التراويح ومنها الوتر.. ولا فرق فيما ذكرنا من الأحكام من مشروعية القيام جماعة أحياناً من غير تخصيص ليلة بعينها بين أن يكون ذلك في البيت أو في المسجد لكن صلاة التطوع في البيت أولى كما هو معلوم.
وانظر لذلك الفتوى رقم: 15945.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1430(11/12189)
حكم السجود للشكر بعد كل صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[وصلني هذا بالإيميل فهل هو صحيح؟
إن العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر فتح الرب تعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة
فيقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي أدى فريضتي وأتم عهدي ثم سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه
يا ملائكتي ماذا له؟ فتقول الملائكة: يا ربنا رحمتك، ثم يقول الرب تعالى:ثم ماذا له؟ فتقول الملائكة: يا ربنا جنتك فيقول الرب تعالى:ثم ماذا؟ فتقول الملائكة:يا ربنا كفاه ما همه فيقول الرب تعالى:ثم ماذا؟ فلا يبقى شيء من الخير إلا قالته الملائكة فيقول الله تعالى: ياملائكتي ثم ماذا؟ فتقول الملائكة يا ربنا لا علم لنا فيقول الله تعالى: لأشكرنه كما شكرني وأقبل إليه بفضلي وأريه رحمتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسجدة الشكر إنما تشرع عند تجدد نعمة ظاهرة أو اندفاع نقمة ظاهرة كذلك، ولا تشرع بعد كل صلاة، بل يعتبر ذلك بدعة محدثة. وراجع الفتويين التاليتين: 103772، 66896.
ولم نقف على وجود دليل على ما ذكرته من كون سجدة الشكر بعد كل صلاة تترتب عليها الأجور التي ذكرتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1429(11/12190)
المصافحة بين المصلين بعد الصلاة وهل يصافح من مد له يده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المصافحة بين المصلين إثر الصلاة والابتداء بالإمام، وما العمل إذا مد أحدهم يده ليصافحني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن حكم المصافحة بعد السلام في الفتوى رقم: 29487، والفتوى رقم: 8063.
ومن مد يده للمصافحة فنرى أنه لا يرد بل يصافح، ولكن يبين له بالحكمة أن هذا ليس من السنة، وأن كثيراً من البدع دخلت من هذا الباب، فيبدأ الناس بها غير معتقدين مشروعيتها، ثم ما تلبث حتى يعتقد الجهال مشروعيتها وأنها سنة سيد المرسلين، ثم يتفاقم الأمر وينكر على من قال إنها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو حال كثير من البدع المعاصرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1429(11/12191)
حكم صلاة بر الوالدين وصلاة قضاء الفوائت
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الصلوات التالية:
1/صلاة بر الوالدين، صلاة لقضاء الفوائت: من صلي ركعتين بعد صلاة المغرب يقرأ في كل ركعه الفاتحة مرة وآية الكرسي مرة والإخلاص ثلاث مرات" يقضى الله عنه صلاة أربعين سنة. مامدى صحه ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يسمى بصلاة بر الوالدين وهي صلاة يصليها بعض الناس جماعة بعد صلاة المغرب وعلى هيئتها – تعتبر صلاة مبتدعة لم يرد بها الشرع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: بلغني أنه كان بعض أهل القرى يصلون بعد المغرب صلاة مثل المغرب في جماعة يسمونها صلاة بر الوالدين وكما بعض الناس يصلي كل ليلة في جماعة صلاة الجنازة على من مات من المسلمين في جميع الأرض ونحو ذلك من الصلوات الجماعية التي لم تشرع.
وما سأل عنه السائل من أن من صلى ركعتين إلى آخره لا وجود له في كتب السنة ودواوينها باللفظ المذكور، وإن كان المقصود أن الركعتين بعد المغرب تقضي عنه الفريضة فهذا غير صحيح ومن المعلوم أن صلاة النافلة لا تجزئ عن صلاة الفريضة الفائتة وقد ورد حديث بلفظ: من صلى ركعتين بعد المغرب قرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد خمس عشرة مرة جاء يوم القيامة فيقال له هذا من الصديقين فيجوزهم فيقال هذا من الشهداء فيجوزهم فيقال هذا من الملائكة فيجوزهم ولا يحجب حتى ينتهي إلى عرش الرحمن فهذا الحديث قال عنه الحافظ ابن حجر في المطالب العالية موضوع أي مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(11/12192)
صلاة الهدية بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدليل الذي دل على صلاة الهدية موجود. وإن وجد فهو ضعيف أم موضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة المعروفة بصلاة الهدية لدى بعض الطوئف المبتدعة وهي أن يصلي ركعتين بصفة خاصة يهديها للميت ليلة الدفن، فهذه الصلاة صلاة بدعية لم يرد فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح أو ضعيف، وعليه، فإنه لا يشرع التعبد بها، وقد قال صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(11/12193)
حكم قراءة سورة العصر جماعة بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد أن الصحابة ما كانوا يفترقون إلا بعد أن يقرؤوا سورة العصر فهل هذا صحيح وهل هو سنة؟ واستناداً إلى هذا هل هناك مانع شرعي من أن أن يقوم المصلون مثلاً بعد انتهائهم من صلاة الفجر والأذكار فيسلموا على بعضهم ويتصافحون ويقرؤون هذه السورة ثم يفترقون؟ هل هذا الفعل يعد بدعة أم هو أمر حسن؟ فالمصافحة تزيد المودة والمحبة بين المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأثر الذي أشار إليه السائل صحيح الإسناد كما يقول الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة وعزاه للطبراني في الأوسط، ولفظه: كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، ثم يسلم أحدهما على الآخر.
لكنه لا يدل على مشروعية قراءة السورة المذكورة بصفة جماعية بعد الصلاة، ولوكان ذلك من السنة لنقل إلينا كما نقلت الأذكار بعد الصلاة وغيرها، كما أنه لا يدل على مشروعية المصافحة بعد السلام من الصلاة أيضا، ولك أن تراجع فتوانا رقم: 56180، والفتوى رقم: 42926، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 53515.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1429(11/12194)
هل المداومة على نوافل معينة تعدل عبادة سبعين سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة النافلة بعد صلاة الفرض بعد الصبح ركعتان، بعد الظهر ركعتان، بعد المغرب ثلاث ركعات، بعد العشاء ركعتان.
هل هذه النوافل عندما تداوم عليها تعادل صلاة 70 سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ماذكر في السؤال باطل شرعا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كون نافلة ما تعادل عبادة كذا وكذا لا يثبت إلا بنص شرعي.
ولا نعلم نصا يفيد هذا، كما أن التنفل بثلاث بعد المغرب وبركعتين بعد الصبح ممنوع شرعا، ثم إن المداومة على عدد معين من الصلوات التطوعية التي لم يرد عن الشارع الأمر بالمداومة عليها يخشى على من فعله أن يكون قد وقع في البدعة الإضافية.
وننصحكم بمطالعة رياض الصالحين وبلوغ المرام والمتجر الرابح وكتب الفقه فخذوا من هذه الكتب الأحاديث النبوية التي تحث على النوافل في اليوم والليلة، واعملوا بها، ففيما ثبت غنية عما لم يثبت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1429(11/12195)
حكم الذكر الجماعي بعد الصلاة المفروضة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في المغرب، ومباشرة بعد كل صلاة يصلي الإمام ومعه المأمومون جهرا وبشكل جماعي على الرسول صلى الله عليه وسلم: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، أفتونا جزاكم الله خيرا، هل ورد في هذا حديث، خصوصا أن بعض الناس يذكرون الله بعد الصلاة، فيرتبكون وهم يسمعون اسم الرسول، أيقطعون ذكرهم ويصلون على الرسول، أم يصلون جهرا مثل الناس، نفس الشيء بالنسبة لقارئ القرآن (آية الكرسي) ، هل يقطع تلاوته للصلاة على الرسول، عند سماع اسمه.
ولي سؤال ثان: ما حكم الاستغفار الجماعي وبالجهر بعد الصلاة: استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه 3 مرات، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد فيما نعلم في هذا حديث صحيح.. بل قال أهل العلم إن هدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته كان على خلاف ذلك، وموطن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو في التشهد في الصلاة ذاتها.
يقول ابن تيمية: والأحاديث المعروفة في الصحاح والسنن والمسانيد تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في دبر صلاته قبل الخروج منها وكان يأمر أصحابه بذلك ويعلمهم ذلك، ولم ينقل أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى بالناس يدعو بعد الخروج من الصلاة هو والمأمون جميعا لا في الفجر ولا في العصر ولا في غيرهما من الصلوات. انتهى.
وعليه فإن الذكر في هذه الصورة الجماعية معدود من البدع ونص على ذلك غير واحد من أهل العلم ويشمل ذلك الاستغفار الجماعي وبهذا اللفظ المذكور فهذا من قبيل البدع الإضافية كما يقول الإمام الشاطبي، فقد قال في كتاب الاعتصام: إذا ندب الشرع إلى ذكر الله فالتزم قوم الاجتماع عليه على لسان واحد وصوت واحد لم يكن في ندب الشرع ما يدل على هذا التخصيص الملتزم لأن التزام الأمور غير اللازمة يفهم على أنه تشريع وخصوصا مع من يقتدى به في مجامع الناس كالمساجد، فإذا أظهرت هذا الإظهار ووضعت في المساجد كسائر الشعائر كالأذان وصلاة العيدين والكسوف فهم منها بلا شك أنها سنة إن لم تفهم منها الفرضية فلم يتناولها الدليل المستدل به فصارت من هذه الجهة بدعة محدثة. انتهى.
وأما قطع القراءة أو الذكر لأجل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلا حرج فيه، ولك أن تؤخر ذلك بعد الفراغ من قراءة آية الكرسي، كما أن لك أن تجتزئ بمرة واحدة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ويمكن للمزيد من الفائدة مراجعة الفتوى رقم: 1000، والفتوى رقم: 13011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(11/12196)
حكم التسبيح عند القيام للتراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
س/ ما حكم من يقول (سبحان الله، والحمد لله، ولا اله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) عند القيام إلى التراويح، بعض الناس يعتقد إنها بمقام إقامة لصلاة التراويح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذكر المذكور في السؤال من أعظم الذكر كما دلت على ذلك السنة، ولكن ذكره عند القيام للتراويح والتزام ذلك أو اعتقاد استحبابه عند القيام للتراويح أو أنها تعدل صلاة التراويح كل هذا يعتبر بدعة في الدين لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء من ذلك فيما نعلم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه البخاري.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 49189، والفتوى رقم: 99061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1428(11/12197)
حكم دعاء الإمام وتأمين المأمومين بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: في مساجدنا يقوم الإمام بعد إتمام الصلاة بالدعاء ويقوم المصلون خلفه بالدعاء أحيانا سراً ومنهم من يدعوا جهراً ويؤمن المصلون خلفه، ويقوم عدد من الشباب الملتزم بالخروج عند بدء الدعاء وحجتهم بأنه بدعة ولا يجوز البقاء ولا يكملون الأذكار عقب الصلاة، فهل الخروج هو الصحيح أم بقاء المصلي ويكمل الأذكار ولا يهمه ما يفعلون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء الإمام وتأمين المأمومين بعد الصلاة غير وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 54717.
ولا شك أن الاستمرار عليه داخل في ضابط البدعة المذكورة في الفتوى رقم: 631، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 13352.
ومع أن ذلك ليس من السنة، فلا ينبغي أن يكون مانعاً للآخرين من إتمام أذكار الصلاة، وعليهم أن يحاولوا إقناع المواظبين على هذا الأمر بالأسلوب الطيب والحوار المفيد المستمر، فإن أفاد ذلك المطلوب وإلا فلا داعي للجدال والمشاحنة لما يترتب على ذلك من الخلاف والقطيعة بين جماعة المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(11/12198)
بعض البدع التي أحدثت في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي البدع التي تحدث في الصلاة، وخصوصاً صلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعداد البدع التي أحدثها الناس في الصلاة يطول، وحصر تلك البدع أمر متعسر، والمهم أن يعلم المسلم ضابط البدعة وتعريفها، وحينئذ يمكنه تمييز البدعة من غيرها، وقد سبق لنا أن بيناها في الفتوى رقم: 631 ضابط البدعة, وكذلك الفتوى رقم: 31344 في بيان بعض البدع التي أحدثت في الصلاة، وإذا كان عند الأخ السائل بعض الأعمال التي يريد أن يعرف هل هي من البدع أم لا، فيمكنه مراسلتنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(11/12199)
حكم صلاة ثلاث ركعات بعد الفريضة شكرا لله
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال هو أنه وراء كل صلاة بعد قضاء الصلاة أصلي ثلاث ركعات لله شكرا لوجهه الكريم هل يجوز أم هي بدعة أنا من نفسي أحب أن أصلي وراء كل صلاة ثلاث ركعات شكرا له هل يجوز أم لا يجوز؟ الرجاء الرد على سؤالي هذا لكي يطمئن قلبي؟
ولكم كل الخير والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة أنه لا يوجد في الشريعة صلاة شكر، إنما المشروع هو سجود الشكر إذا وجد سببه فراجعي الفتوى رقم: 70061، والفتوى رقم: 36355، والفتوى رقم: 62653.
ثم ينبغي للأخت السائلة إذا أرادت التنفل أن تصلي ركعتين ركعتين ولا ينبغي لها التنفل بثلاث، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن صلاة الليل مثنى مثنى أي صلاة النفل اثنتان اثنتان لا ثلاث، ولتنظر الفتوى رقم: 10623، وفي سنن أبي داود وغيره عن ابن عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. والحديث صحيح كما ذكر الألباني.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: والحديث يدل على أن المستحب في صلاة تطوع الليل والنهار أن يكون مثنى مثنى إلا ما خص من ذلك، إما من جانب الزيادة كحديث عائشة صلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم صلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، وإما في جانب النقصان كأحاديث الإيتار بركعة. انتهى.
وقد بوب البخاري لهذا المعنى فقال: باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى ويذكر ذلك عن عمار وأبي ذر وأنس وجابر بن زيد وعكرمة والزهري رضي الله عنهم، وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: ما أدركت فقهاء أرضنا إلا يسلمون في كل اثنتين من النهار. انتهى.
وفي الموطأ عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر: كان يقول صلاة الليل والنهار مثنى مثنى يسلم من كل ركعتين، قال مالك وهو الأمر عندنا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1428(11/12200)
لا توجد صلاة تسمى (صلاة الخمسين)
[السُّؤَالُ]
ـ[وبعد أيها الفضلاء ما صحة قول أحد المصلين أن من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة الخمسين وهي خمسون ركعة بعد العشاء بين الحين والآخر ما صحة هذا القول؟ وإن كان صحيحا كيف تصلى؟ وجزاكم الله ألف ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا نعلم صلاة يقال لها صلاة الخمسين، والقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها غير صحيح، بدليل ما ثبت من أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد في صلاة الليل على إحدى عشرة ركعة, وقيل ثلاث عشرة كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 54790، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 53992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1427(11/12201)
قراءة سورة الجمعة في صلاة العشاء كل جمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[قراءة سورة الجمعة في صلاة العشاء من ليلة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن للمسلم أن يقرأ في صلاته ما تيسر من القرآن، وليس له أن يلتزم قراءة سورة معينة في وقت معين، ما دام ذلك غير وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يواظب على قراءة هذه السورة في هذا الوقت، وعليه فلا بأس بقراءتها أحياناً ومن التزم قراءتها معتقداً سنية ذلك فقد اعتقد ما لا دليل عليه، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 41458.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1427(11/12202)
هل يصلي صلاة الغائب على أموات المسلمين يوميا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنوي إن شاء الله تعالى إقامة صلاة الغائب على المسلمين الذين يموتون وذلك بعد صلاة العشاء من كل يوم، فهل هذا جائز، وهل تنفعهم هذه الصلاة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 30687 تفصيل مذاهب أهل العلم حول الصلاة على الميت الغائب، وما تنوي فعله غير منقول عن السلف الصالح، وبالتالي فهو بدعة يتعين تركها، ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يصلى كل يوم على غائب لأنه لم ينقل يؤيده قول الإمام أحمد إذا مات رجل صالح صلي عليه واحتج بقصة النجاشي وما يفعله بعض الناس من أنه كل ليلة يصلي على جميع من مات من المسلمين في ذلك اليوم لا ريب أنه بدعة. انتهى.
والذي ننصحك به هو الكف عما تنوي فعله لأنه بدعة محدثة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(11/12203)
رفع الأيدي عندما يقرأ الإمام محمد رسول الله
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت أحد المصلين يمرر يده على صدره عندما قرأ الإمام محمد رسول الله ... ما حكم الشرع في ذلك، وإذا لم يكن لهذا الفعل أصل في الدين فنرجو توجيهاً في الموضوع؟ وجزاكم الله الثواب والأجر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد يكون فعل ذلك عن غير قصد واتفق فعله مع تلاوة الإمام لتلك الآية، وعلى فرض أنه فعل ذلك عن قصد فكان ينبغي لك أن تسأله لم فعله؟ فإن كان يعتقد فضلاً أو يطلب أجراً واتخذه عادة كلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فعله فذلك غير جائز لأنه لم يرد شرعاً، وهذا الباب توقيفي. وإن كان فعل ذلك دون قصد الأجر فهي حركة في الصلاة فتكره لغير حاجة، وإن كان للدعاء أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلا يشرع ذلك في الفريضة ويجوز في النافلة دون رفع الأيدي، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 13389.
وننبهك أيها السائل الكريم إلى أن المرء إذا كان في صلاته ينبغي أن يكون خاشعاً حاضراً لا يلتفت يمنة ولا يسرة لأنه يناجي ربه، فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج عن عطاء قال سمعت أبا هريرة يقول: إذا صلى أحدكم فلا يلتفت إنه يناجي ربه إن ربه أمامه وإنه يناجيه، قال: وبلغنا أن الرب تبارك وتعالى يقول: يا بن آدم إلى من تلتفت أنا خير لك ممن تلتفت إليه. نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1427(11/12204)
قراءة الفاتحة والدعاء بعد صلاة الجماعة وصلاة الفذ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب قراءة الفاتحة والدعاء بعد كل صلاة مع الجماعة أو يكون منفردا في المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 11959، بيان أن الدعاء بعد الفريضة بشكل انفرادي مشروع وليس بواجب، وفعله بشكل جماعي لاينبغي بل هو بدعة كما تقدم في الفتوى رقم: 13351، والفتوى رقم: 33390.
وكذلك التزام قراءة الفاتحة بعد الفريضة سواء كان بشكل جماعي أو انفرادي في منزل أوغيره فإنه داخل فى ضابط البدعة لاشتماله على تخصيص عبادة معينة في وقت مخصوص من غير دليل شرعي يدل على ذلك
وراجع الفتوى رقم: 631
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(11/12205)
هل يصلي ليلة الجمعة ركعتين يقرأ في كل ركعة الزلزلة 15مرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى ليلة الجمعة ركعتين يقرأ في كل ركعة الفاتحة والزلزلة 15 مرة وكذلك باقي ليالي الأسبوع مع اختلاف في الركعات والآيات ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على قيام الليل، وتقدمت صفة صلاته من الليل في الفتوى رقم: 28836، والفتوى رقم: 53992.
وكونه يصلي ركعتين أو أكثر في ليلة الجمعة أو في غيرها من ليالي الأسبوع على الصفة التي ذكرت فلم نقف على ما يدل على ثبوته، وعليه ففعل تلك الركعات في وقت معين على صفة خاصة بدون دليل شرعي يعتبر من البدع الإضافية وقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه، وراجع الفتوى رقم: 631.
فعلى المسلم الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مجالات حياته لقوله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ {الأحزاب 21} وقوله تعالى أيضا: وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا {الحشر: 7} وللفائدة راجع الفتوى رقم: 24406، والفتوى رقم: 51690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(11/12206)
حكم رفع الراية السوداء ثم تنكيسها قبل أذان الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي جزاكم الله خيرا هو.. ألاحظ في بعض المناطق يوم الجمعة أن الناس ينصبون راية (علما) سوداء في أعلى المأذنة في الصباح وعند اقتراب آذان الجمعة ينكسونها ويضعون مكانها راية بيضاء، فهل ذلك من السنة أم بدعة.. أحسن الله إليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوضع راية سوداء على المأذنة صباح الجمعة إلى قرب أذان الجمعة ثم تنكس، وتبدل براية بيضاء لا أصل له في السنة، ولا ندري على ماذا بناه هؤلاء ولا ماذا يريدون به، ولا شك أن التعبد بذلك بدعة قبيحة يجب الحذر منها والابتعاد عنها والتحذير منها، وقد شرع الله في يوم الجمعة ما هو أفضل وأنفع وهو الأذان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(11/12207)
صور من صلوات مبتدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت عن صلوات لكن أشك أنها مبتدعة والعلم عند الله وأريد التأكد:
1-صلاة التسابيح.
2-صلاة الضائع والآبق.
3-صلاة الحاجة (وتحديد قراءة سورة الإخلاص أول ركعة 10 مرات وفي الثانية 20 وفي الركعة الثالثة 30 وفي الركعة الرابعة 40 مرة) .
4-صلاة جلال وسلام جمال.
5- صلاة الاستغاثة.
6-صلاة التفريجية.
7- صلاة المنجية.
إذا كان الشخص في ضيق يصلي صلاة عادية وبعدها يدعو الله ويستغفر أم هناك صلاة واردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الصلوات منها ما هو مشروع مثل صلاة الحاجة وصلاة التسابيح، وقد بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2501، 3749، 6898، 15007.
مع التنبيه إلى أن الصورة المذكورة في السؤال لصلاة الحاجة غير واردة، والوارد في هيئاتها هو ما ذكرناه مع أحيل إليه من الفتاوى.
وصلاة الضائع والآبق والمنجية وصلاة جلال وسلام جمال والتفريجية لم نقف عليها فيما اطعلنا عليه من دواوين السنة وكتب أهل العلم، ولا ندري عن كيفيتها. وعدم وجودها في دواوين السنة وكتب أهل العلم دليل على أنها ليس لها أصل في الشرع، وقد يكون المقصود بها صلاة الحاجة وسميت بتلك الأسماء، وقد تكون صلوات مبتدعة.
وما أكثر البدع في هذا الزمان، وذلك لبعد الناس عن الكتاب والسنة وتعلقهم بالأوهام، فالحذر الحذر من الوقوع فيما لم يشرع.
وإذا كان الشخص في ضيق وصلى ركعتين ودعا بعدهما بما ذكرناه في الفتوى رقم: 1390 فسيفرج الله همه بإذنه، ويقضي حاجته، وتلك هي ما يسميها أهل العلم بصلاة الحاجة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى؛ كما عند أبي داود من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
ومما يفرج الهم ويكشف الغم كثرة الاستغفار، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أصحاب السنن.
وكذلك جميع أنواع الذكر لقوله تعالى: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(11/12208)
صلاة الليل أول العام الهجري وليالى عشر ذي الحجة جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد صلاة العشاء في أول أيام السنة الهجرية وجدت صديقا يطلب من المصلين الانتظار بعد الصلاة لصلاة ركعتين بمناسبة هذه المناسبة..وقبلها أيام العشر الأوائل من ذي الحجة كان نفس الفعل كل يوم أي صلاة ركعتين بمناسبة العشاء.. ورغم اعتراض البعض إلا أن أحداً لم يأبه لكلامنا.... فما الحكم الشرعي لذلك وأيضاً هل ذلك بدعة أم سنة حسنة.. وما حكم من فعل ذلك رغم التحذير وخاصة لو كانوا أئمة مساجد وعلماء أفاضل؟ أرجو الإجابة بوضوح لكي يتسنى توصيل الإجابة لهم لعدم تكرار ذلك إن شاء الله ...
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتخصيص هذه الليلة بصلاة الركعتين لمذكورتين من البدع التي لا ينبغي الوقوع فيها لأنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن أحد من العلماء والأئمة المتبعين تخصيص تلك الليلة بشيء. وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وراجع الفتويين: 59497.
إما إحياء ليالي العشر من ذي الحجة فقد استحبه الكثير من أهل العلم، واحتجوا بما رواه البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام. وبقوله تعالى: وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ {الفجر:1-2} . . روى الطبري عن ابن عباس وقتادة ومجاهد ومسروق وعكرمة أنها ليالي العشر الأول من ذي الحجة، ولكن إحياؤها جماعة لا أصل له في الشرع، فهو من جملة البدع والمحدثات؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 2719.
وعليه؛ فالواجب عليكم عدم مشاركته في إحياء تلك الليالي مع إسداء النصح له وللمصلين، وبيان عدم مشروعيتها، وأنه لا بد أن يتمسكوا بالسنة.
ويمكنك الاستعانة بكتاب الإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ، والاعتصام للشاطبي. وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 631، 35637، 54397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(11/12209)
ما العمل عندما يؤخر المسؤولون الصلاة عن وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد سألتكم عن حكم تأخير صلاة الجماعة في الظهر في بلادنا إلى أن يقترب وقت العصر وجعل ذلك عادة حتى أنه لدينا مساجد متخصّصة بعضها بالظهر الأوّل وأخرى بهذا الذي أتحدث عنه، وذلك بحجة إعطاء فرصة لمن لا يستطيع الحضور في الجماعة الاُولى لنظام العمل أو الدراسة الذي هو حسب النظام الغربي فقلتم بجواز ذلك أي التأخير ولو بدون عذر، ولكن عرض لي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنّ أَناسًا يأتون من بعده يأخّرون الصلاة حتى يخنقونها فسأله أحد الصحابة ماذا يفعل لو أدركهم فقال له تٌصلّي أوّل الوقت ثم تعيد معهم. فهل ينطبق هذا الحديث على حالتنا هذه، وما هو قولكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي سألت عنه رواه الإمام مسلم موقوفا على ابن مسعود، ولفظه: إنه سيكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها ويخنقونها إلى شرق الموتى، فإذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك فصلوا الصلاة لميقاتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة. كما رواه مسلم أيضاً موصولاً من حديث أبي ذر في رواية أخرى، قال النووي في شرح صحيح مسلم: معناه يؤخرونها عن وقتها المختار وهو أول وقتها لا عن جميعها، وقوله يخنقونها بضم النون معناه يضيقون وقتها ويؤخرون أداءها يقال هم في خناق من كذا أي في ضيق والمختنق المضيق، وشرق الموتى بفتح الشين والراء قال ابن الأعرابي: فيه معنيان: أحدهما: أن الشمس في ذلك الوقت وهو آخر النهار إنما تبقى ساعة ثم تغيب، والثاني: أنه من قولهم شرق الميت بريقه إذا لم يبق بعده إلا يسير ثم يموت.
قوله: فصلوا الصلاة لميقاتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة، السبحة بضم السين وإسكان الباء هي النافلة، ومعناه صلوا في أول الوقت يسقط عنكم الفرض ثم صلوا معهم متى صلوا لتحرزوا فضيلة أول الوقت وفضيلة الجماعة ولئلا تقع فتنة بسبب التخلف عن الصلاة مع الإمام وتختلف كلمة المسلمين، وفيه دليل على أن من صلى فريضة مرتين تكون الثانية سنة والفرض سقط بالأولى، وهذا هو الصحيح عند أصحابنا. انتهى.
وورد هذا الحديث موصولاً في سنن أبي داود وابن ماجه والنسائي من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها، قلت: فما تأمرني يا رسول الله، قال: صل الصلاة لميقاتها واجعل صلاتك معهم سبحة. وهذا لفظ أبي داود.
وفي عون المعبود شرح سنن أبي داود: وفي الحديث من الفقه أن تعجيل الصلوات في أوائل أوقاتها أفضل، وأن تأخيرها بسبب الجماعة غير جائز.... إلى أن قال: وفيه أنه قد أمر بالصلاة مع أئمة الجور حذرا من وقوع الفرقة وشق عصى الأمة. انتهى.
ويتضح من الحديث السابق أنه وارد في بعض ولاة الجور الذين يؤخرون الصلاة عن أول وقتها ولا تقوم جماعة في أول الوقت فطولب الناس بتعجيل الصلاة في أول وقتها، حفاظاً على فضيلة أول الوقت ثم يعيدون الصلاة مع أولئك الأمراء لتحصيل فضيلة الجماعة ومراعاة للمصلحة العامة وهي تجنب وقوع الفرقة بين المسلمين والحفاظ على وحدتهم.
وعليه فهذه الحالة لا تنطبق على الحالة التي ذكرت لأنه بإمكان أحدكم أداء الصلاة في أحد المساجد التي تؤدى فيها الصلاة أول وقتها ولا يترتب على ذلك أي ضرر، ولأن تأخير الصلاة في بعض المساجد فيه مصلحة كما ذكرت، وننبه على أن أداء الصلاة في أول وقتها من أفضل الأعمال، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه، فعلى المسلم المواظبة على ذلك حتى يفوز بالثواب الجزيل المترتب على ذلك، وراجع الفتوى رقم: 53395.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1425(11/12210)
التلفظ بالنية للصلاة غير مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[4- هل السنه القبلية قبل صلاة الجمعة بدعة؟ وهل إذا نويت مثلاً بأن أقول نويت لله تعالى بأنها إذا كانت سنة فهي سنة وإذا غير ذلك فهى لله تعالى تطوع؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن سنة الجمعة القبلية في الفتوى رقم: 5293.
وعليه، فإما أن تأخذ بقول من يرى المشروعية فتنويها راتبة قبلية، وإما أن تأخذ بقول من يرى عدم المشروعية وتنوي النفل المطلق، أما أن تُعلّق النية على الوجه الذي ذكرته فلا ينبغي ذلك، وراجع للتلفظ بالنية الفتوى رقم: 11235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1425(11/12211)
من الأذكار الغير مشروعة بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المصافحة وقراءة الفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة هي من البدعة، وكيف نتعامل مع أصحاب البدع، وماذا يقول الألباني في هذا الأمر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ينبغي للمسلم أن يتقيد بالسنة في جميع عباداته وذلك أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت السنة ببيان الأذكار المشروعة بعد الصلاة، وانظرها في الفتوى رقم: 4817.
وليس من الأذكار المشروعة بعد الصلاة قراءة الفاتحة وقد أفتت اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية أن هذا من البدع.
وأما المصافحة فإن لم يكن قد سلم على صاحبه وصافحه قبل الصلاة فلا بأس أن يصافحه بعدها، وأما المواظبة على المصافحة بعد الصلاة بين المأمومين بعضهم مع بعض أو مع الإمام فلا نعلم له دليلاً من السنة، وانظر الفتوى رقم: 2168.
وقول السائل كيف نتعامل مع أصحاب البدع، فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في ذلك فنحيل السائل إليها وهي برقم: 24369.
وقوله "ماذا يقول الألباني -رحمه الله- في هذا الأمر" لا ندري ما يقصد بقوله "هذا الأمر" هل يقصد المصافحة وقراءة الفاتحة بعد الصلاة أم يقصد معاملة أهل البدع، فالأمر يحتاج إلى إيضاح، ولعل فيما سبق من الفتوى كفاية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1424(11/12212)
حكم صلاة النجاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أبواي يرغبان في العمل بما يسمى "دردد النجاة" (صلاة النجاة) وطريقتها أنهما يدعوان الإمام والأقرباء، وكلهم يتابعون الإمام في أفعاله، فمثلا إذا صلى الإمام على النبي صلى الله عليه وسلم يصلون معه، وإذا سبح يسبحون معه، فإذا أنشد شعرا في مدح النبي صلى الله عليه وسلم أنشدوا معه، وفي وسط البيت يضعون التمور والماء وعندما ينتهون منه كل واحد منهم يمس التمور، وبعد ذلك يجتمعون على أكل الطعام، هل يجوز مثل هذا الاجتماع؟ وإذا كان عقد هذا الاجتماع صحيحا هل يحصلون على النجاة بهذا الفعل؟
آمل إجابة لأني مشوش جدا.
والله أعلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الصلاة المسماة بصلاة النجاة، وكذلك الاجتماع على النحو المذكور من البدع المحدثة التي يجب على المسلم تركها.
ومعنى كون ذلك من البدع المحدثة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولم يرشد إليه، وليس له أصل شرعي يرجع إليه.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم التحذير من البدع والأمر باجتنابها، فقال صلى الله عليه وسلم: إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. رواه أحمد وأبو داود وعند النسائي وكل ضلالة في النار.
وإذا كانت البدع -والتي منها الصلاة والاجتماع على النحو المذكور- بهذه المثابة من الخطورة، علم أنها لا تؤدي إلى النجاة، بل تؤدي إلى الهلاك والعياذ بالله، والذي ننصحك به أن تحاول إقناع والديك بأن هذه الصلاة والاجتماع بدعة منكرة يجب عليهما تركها، وأن النجاة تكون باتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف: 158] ، واستعن على ذلك بالله، ثم ببعض أهل العلم ليوضحوا ذلك لهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/12213)
لا يشرع الدعاء عند التسليمتين
[السُّؤَالُ]
ـ[علمتني والدتي عند السلام في نهاية الصلاة أن أدعو فأقول في السلام الأول: "السلام عليكم ورحمة الله، اللهم إني أسألك الجنة" وفي السلام الثاني: "السلام عليكم ورحمة الله اللهم إني أعوذ بك من النار" هل هذا صحيح أم لا؟ جزاكم الله خيراً على هذا الموقع المفيد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي وردت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الانصراف من الصلاة هو السلام فقط.
فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم.
وما ذكرت السائلة من الدعاء بسؤال الجنة عند التسليمة الأولى والاستعاذة من النار عند التسليمة الثانية لا يشرع فعله لعدم الدليل عليه، فالواجب اجتنابه لئلا يفضي إلى الوقوع في الابتداع.
وقد ثبت بالدليل الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحث على الدعاء عقب التشهد وقبل السلام بما شاء الداعي من خير الدنيا والآخرة.
فنرجو مراجعته في الفتوى رقم:
7861
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/12214)
الصلاة على الرسول جهر بصورة جماعية أعقاب الصلوات بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة على الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعد الصلاة الجماعية جهراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بصورة جماعية وبصوت مرتفع بعد الصلوات بدعة محدثة مردودة على صاحبها، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه مسلم.
وهذا الفعل ليس من أمر النبي صلى الله عليه وسلم في شيء ولم يُعهد فعله من الصحابة أو التابعين لهم بإحسان، فضلاً عن أنه يشوش على المصلي المسبوق، وهو يتم صلاته، كما يشوش على من يريد الالتزام بالأذكار المسنونة التي تُقال بعد الصلاة، وللفائدة راجع الفتويين التاليتين: 20250، 7444.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1424(11/12215)
حكم صلاة الليل جماعة في ليلة بعينها من كل شهر
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الإخوة يجتمعون في يوم معين من كل شهر في المسجد لقيام الليل واختيار يوم معين هو فقط لتعذر إبلاغ الجميع دائما بالمواعيد فتم الاتفاق على يوم ثابت مسبقاً كآخر سبت من كل شهر مثلا وقد دعيت إلى مشاركتهم فهل في الأمر ابتداع، أقصد في تخصيص يوم أو في عبادة قيام الليل الجماعية علما بإني في بلد أوروبي وكثير من الإخوة هم من الذين اعتنقوا الإسلام حيث تكون فرصة لهم للاجتماع ببعضهم وبالإخوة الذين يتقنون العربية وعندهم بعض العلم الشرعي للاستفادة منهم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في ذلك ما لم يتحول تحديد هذه الليلة من كونه وسيلة للاجتماع والتعبد إلى كونه أمراً مقصوداً لذاته يعتقد أن فيه فضلا ومزية على غيره، فيكون ذلك التحديد حينئذ بدعة ممنوعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه البخاري، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 21699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(11/12216)
كل محدث في الصلاة بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ماهي أنواع البدع؟ والخاصة في الصلاة والعامة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن البدع قسمها بعضهم إلى بدعة مستحسنة وبدع مستقبحة، والتحقيق أن هذا التقسيم تقسيم لغوي، أما في الشرع فإن كل بدعة ضلالة كما في الحديث: كل بدعة ضلالة.... روه مسلم، وراجع الفتوى رقم:
2741، وراجع في ضابط البدعة الممنوعة وبعض أنواعها الفتوى رقم: 631.
واعلم أن كل محَدث في الصلاة بدعة، ومن أمثلة ذلك ما ذكره العلماء من تلفظ البعض بالنية قبل الإحرام، وقراءة القرآن في الرفع من الركوع، والمداومة على سورة معينة في صلاة معينة، والمواظبة على دعاء معين قبل الصلاة، والمصافحة بعد العصر والفجر، والذكر الجماعي بعد الصلاة بلفظ واحد إلى غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(11/12217)
لا حرج في هذه الألفاظ لكن لا تتخذ سنة وعادة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما نصلي الفجر في المساجد يتم الدعاء فيقول المصلون ألفاظ مثل (نشهد) (حقا) (ياالله) ما حكم الدين في هذا؟ وهل يعتبر بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر أنه لا حرج إن شاء الله في ذكر هذه الألفاظ عند ورود الثناء على الله تعالى في الدعاء، لأن ذلك نوع من المشاركة للإمام في هذا الثناء، فلا تعتبر بدعة، لكن لا ينبغي أن تتخذ سنة وعادة، بل قد يكون السكوت والتدبر حينئذ أولى، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتويين: 13918، 17858.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(11/12218)
هل تشرع صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه يتوجب على المصلي يوم الجمعة أن يصلي الظهر أم أن صلاة الجمعة هي الظهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله لم يفترض على عباده في كل يوم وليلة إلا خمس صلوات، وفي الصحيحين أن الأعرابي لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل علي غيرها؟، قال: إلا أن تطوع شيئاً.
وقد أجمع المسلمون على أن الواجبَ في يوم الجمعة على الرجال الأحرار المقيمين هو صلاةَ الجمعة، وأنها تقومُ مقام الظهر في ذلك اليوم، ولكن ذهبَ بعضُ متأخري الشافعية إلى وجوب إعادة الظهرِ بعد الجمعة، ومستندهم في ذلك الاحتياط، إذ ربما اختل شرطٌ من شروط الجمعة، أو تعددت الجمعة في المصر لغير حاجة، فكان تعددها مبطلاً لها، ولا تصح إلا الجمعة السابقة، وإن كان التعدد لحاجة، فإعادة الظهر بعد الجمعة مستحبةٌ لا واجبة عند هؤلاء الفقهاء، وقد ألف الشيخ مصطفي الغلاييني رسالةً سماها:رسالة البدعة في صلاة الظهر بعد الجمعة، فند فيها هذا القول، وبين ضعف مستنده بما تحسن مراجعته في الرسالة المذكورة، وقد تكلم العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز على هذه المسألة فأجاد وأفاد، ونحنُ نذكر كلامه بحروفه لتعم الفائدة ويظهر وجه الحق في المسألة، قال رحمه الله رحمةَ واسعة: قد علم من الدين بالضرورة وبالأدلة الشرعية أن الله سبحانه لم يشرع يوم الجمعة في وقت الظهر إلا فريضة واحدة في حق الرجال المقيمين المستوطنين الأحرار المكلفين وهي صلاة الجمعة، فإذا فعل المسلمون ذلك فليس عليهم فريضة أخرى لا الظهر ولا غيرها بل صلاة الجمعة هي فرض الوقت، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم والسلف الصالح بعدهم لا يصلون بعد الجمعة فريضة أخرى، وإنما حدث هذا الفعل الذي أشرتم إليه بعدهم بقرون كثيرة ولا شك أنه من البدع المحدثة التي قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام: إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. رواه أبو داود.
وقال عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه البخاري ومسلم، ولا شك أن صلاة الظهر بعد الجمعة أمر محدث ليس عليه أمره صلى الله عليه وسلم فيكون مردوداً ويدخل في البدع والضلالات التي حذر منها المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد نبه أهل العلم على ذلك وممن نبه عليه الشيخ جمال الدين القاسمي في كتابه: إصلاح المساجد من البدع والعوائد، والشيخ العلامة محمد أحمد عبد السلام في كتابه: السنن والمبتدعات، فإن قال قائل: إنما نفعل ذلك احتياطاً وخوفاً من عدم صحة الجمعة، فالجواب: أن يقال لهذا القائل: إن الأصل هو صحة الجمعة وسلامتها وعدم وجوب الظهر، بل وعدم جوازها في وقت الجمعة لمن عليه فرض الجمعة، والاحتياط إنما يشرع عند خفاء السنة ووجود الشك والريب، أما في مثل هذا فليس المقام مقام شك بل نعلم بالأدلة أن الواجب هو صلاة الجمعة فقط فلا يجوز غيرها بدلاً منها ولا مضموماً إليها على أنه عمل يقصد منه الاحتياط لصحتها، وإيجاد شرع جديد لم يأذن به الله، وصلاة الظهر في هذا الوقت مخالف للأدلة الشرعية المعلومة من الدين بالضرورة فوجب أن يترك ويحذر، وليس لفعله وجه يعتمد عليه، بل ذلك من وساوس الشيطان التي يمليها على الناس حتى يصدهم بها عن الهدى، ويشرع لهم ديناً لم يأذن به الله كما زين لبعضهم الاحتياط في الوضوء حتى عذبه في الطهارة وجعله لا يستطيع الفراغ منها كلما كاد أن يفرغ منها وسوس له أنها لم تصح وأنه لم يفعل كذا ولم يفعل كذا، وهكذا فعل ببعضهم في الصلاة إذا كبر للصلاة وسوس إليه أنه لم يكبر فلا يزال يوسوس له أنه لم يكبر، ولا يزال الرجل يكبر التكبيرة بعد التكبيرة حتى تفوت الركعة الأولى أو القراءة فيها أو غالبها، وهذا من كيد الشيطان ومكره، وحرصه على إبطال عمل المسلم وتلبيس دينه عليه، نسأل الله السلامة لنا ولسائر المسلمين والعافية من مكائده ووساوسه إنه سميع قريب.
والخلاصة: أن صلاة الظهر بعد الجمعة بدعة وضلالة وإيجاد شرع لم يأذن به الله فالواجب تركه والحذر منه وتحذير الناس منه والاكتفاء بصلاة الجمعة، كما درج على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعده والتابعون بإحسان إلى يومنا هذا وهو الحق الذي لا ريب فيه، وقد قال الإمام مالك بن أنس رحمة الله عليه: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها. وهكذا قال الأئمة بعده وقبله. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1430(11/12219)
صلاة البراءة.. لا أصل لها في الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما هي صحة ورود صلاة في يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك تشبه صلاة التسابيح تصلى بعد انتهاء صلاة الجمعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الصلاة بدعة منكرة، والحديث الوارد فيها موضوع. وقد قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: (وأما صلاة البراءة.. فإن أريد بها ما ينقل عن كثير من أهل اليمن من صلاة المكتوبات الخمس بعد آخر جمعة في رمضان معتقدين أنها تُكفر ما وقع في جملة السنة من التهاون في صلاتها! فهي محرمة شديدة التحريم يجب منعهم منها لأمور منها:
-أنه تحرم إعادة الصلاة بعد خروج وقتها ولو في جماعة، وكذا في وقتها بلا جماعة ولا سبب يقتضي ذلك. -ومنها: أن ذلك صار سبباً لتهاون العامة في أداء الفرائض لاعتقادهم أن فعلها على تلك الكيفية يكفر عنهم ذلك. والله سبحانه وتعالى أعلم) .
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم 6550
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1423(11/12220)
صلاة الرغائب ووقتها وحكمها....
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بجمعة الرغائب؟ وما هي فوائدها؟ متى تبدأ في شهر رجب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بين الإمام النووي بطلان صلاة الرغائب في أول جمعة في رجب، فقال رحمه الله: (الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب وهي: ثنتا عشرة ركعة تصلى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة في رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، وهاتان الصلاتان بدعتان، ومنكران قبيحتان ولا يغتر بذكرهما في كتاب قوت القلوب وإحياء علوم الدين ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة، فصنف ورقات في استحبابهما، فإنه غالط في ذلك، وقد صنف الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتاباً نفيساً في إبطالهما، فأحسن فيه وأجاد رحمه الله) . انتهى من المجموع
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(11/12221)
صلاة ركعتين لأجل رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز القيام بصلاة معينة بغية رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم فى المنام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز إحداث أي عبادة لم يرد الشرع بها سواء أكانت صلاة أم كانت غيرها، يقول الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) [المائدة: 3] قال الإمام مالك: (ما لم يكن يومئذ ديناً فلن يكون اليوم ديناً) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري ومسلم.
ولم يرد دليل - فيما نعلم- بصلاة معينة بغية رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام أوإذا أراد المرء أن يرى الرؤيا الطيبة في المنام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1422(11/12222)
حكم صلاة النوافل جماعة بصفة دائمة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. منذ فترة ليست بالقصيرة أصلي مع زوجتي صلاة جماعة نافلة بعد وقت العشاء وقبل النوم. وعادة ما نختم الصلاة بثلاث ركعات صلاة وتر جهرية بتسليمة واحدة على مذهب السادة الحنفية. سؤالي هل يجوز أن نستمر على هذه الهيئة من النوافل والوتر؟ أرشدونا يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: صلاة التطوع في جماعة نوعان: أحدهما: ما تسن له الجماعة الراتبة، كالكسوف والاستسقاء وقيام رمضان، فهذا يفضل في جماعة دائماً، كما مضت به السنة.
الثاني: ما لا تسن له الجماعة الراتبة، كقيام الليل والسنن الرواتب وصلاة الضحى وتحية المسجد ونحو ذلك، فهذا إذا فعل جماعة أحياناً جاز.
وأما الجماعة الراتبة في ذلك فغير مشروعة، بل بدعة مكروهة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين لم يكونوا يعتادون الاجتماع للرواتب على ما دون هذا، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما تطوع في ذلك في جماعة قليلةٍ أحياناً، فإنه كان يقوم الليل وحده، لكن لما بات ابن عباس عنده صلى معه، وليلة أخرى صلى معه حذيفة، وليلة أخرى صلى معه ابن مسعود، وكذلك صلى عند عتبان بن مالك الأنصاري في مكان يتخذه مصلى صلى معه، وكذلك صلى بأنس وأمه واليتيم.
وعامة تطوعاته إنما كان يصليها منفرداً، أهـ كلام شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى.
وعليه فلا يجوز لكما الاستمرار على هذه الهيئة من الصلاة جماعة- أعني المداومة على صلاة قيام الليل جماعة- ولا بأس أن تجتمعا بين الفينة والأخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1422(11/12223)
كراهة المصافحة بعد الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بإمامة المصلين في قريتنا أحيانا ولكن كبار السن لهم عادة يصرون على عدم تركها وهي السلام باليد بعد الصلاة وأنا أجد نفسي محرجا إن لم أسلم عليهم من باب الأدب الاجتماعي عندنا فما قولكم؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 8063، والفتوى رقم: 29487 كراهة المصافحة بعد الصلوات، ونص شيخ الإسلام ابن تيمية على أنها من البدع، وعليه فينبغي أن تبين لهؤلاء برفق أن المصافحة سنة إذا التقى المسلمان، أما إذا كانا جالسين في مكان فلا معنى للمصافحة هنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(11/12224)
ضرب الخطيب المنبر بالعصا
[السُّؤَالُ]
ـ[خطباء الجمعة في بلادنا إذا صعدوا المنبر يضربون المنبر بالعصا ثلاث مرات وفي أثناء الخطبة أيضا فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 15927 أنه يستحب للخطيب أن يعتمد أثناء الخطبة على عصا ونحوها، قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل بن إسحاق المالكي: ومنها (أي مستحبات الجمعة) أن يتوكأ الخطيب في خطبته على عصا أو قوس غير عود المنبر ولو خطب بالأرض، ويكون في يمينه، وهو من الأمر القديم وفعله النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده. انتهى.
أما ضرب المنبر بالعصا فإنه غير وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه؛ فلا ينبغي فعله والخير كله في الاتباع، والشر كله في الابتداع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1426(11/12225)
القراءة في الصلاة بهذه الكيفية بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة أربع ركعات يُقرأ فيها بمائتي مرة (قل هو الله أحد) . هل يوجد دليل شرعي على فعلها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة بهذه الكيفية لم يرد بها دليل شرعي، والمقرر عند أهل العلم أن العبادات مبناها على التوقيف، فلا يعبد الله إلا بما شرعه في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وكل عبادة لم يرد بها نص من الشرع ففعلها والتقرب بها بدعة مردودة، لقوله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه عن عائشة. وفي رواية عند مسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
فعلى المسلم أن يعلم أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يحرص أن تكون أعماله خالصة لوجه الله تعالى موافقة لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي السنن التي شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم كفاية عن مثل هذا، ولم يستحب أحد من فقهاء المسلمين من أهل السنة صلاة بهذه الكيفية؛ وإن استحبها بعض أهل البدع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(11/12226)
التلفظ بالنية في الصلاة من بدعها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا شيخ أحببت أن أسأل بعض الأسئلة:
1- إذا أردت أن أصلي العصر ما أقول عندما أنوي، هل أقول نويت أن أصلي صلاة العصر أربع ركعات تقريباً لله؟
2- عندما يعمل الإنسان الشهوة بيده في الحمام هل هذا حرام؟
3- وهل يجوز عندما يقرأ الإنسان أي آية أن أردد وراءه من دون حدوث أي صوت، أي بتحريك الشفتين فقط؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النية محلها القلب ولا دخل للسان بها، وعليه فإذا أردت أن تصلي العصر أو غيرها من الصلوات الخمس، فما عليك إلا أن تستحضر ذلك بقلبك، وليس لك التصريح بذلك ولا بعدد الركعات، لأن ذلك من البدع التي يجب الحذر منها، وانظر الفتوى رقم: 22773.
أما بخصوص استخراج الشهوة بهذه الصورة التي أشرت إليها فهو من المحرمات، وراجع الفتوى رقم: 2179.
أما بشأن متابعة من يقرأ الآية، فإن كان المقصود هو الإمام فإن متابعة الإمام في القراءة في الصلاة الجهرية منهي عنها، لما روى أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا.، وانظر الفتوى رقم: 2281.
هذا إن كان قصدك بتحريك الشفاه ما ذكرنا، أما متابعة غير الإمام فلا حرج فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(11/12227)
لا يشرع تقبيل الأرض حال السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عندي سؤال شخصي فأرجو أن أجد الجواب الشافي:
سؤالي هو: في أثناء صلاتي أستشعر أني أصلى أمام رب العالمين، وأني أسجد تحت العرش فيخالجني شعور جميل جداً بقرب الله مني، فأقبل الأرض كأني أقبل تحت العرش وأنا في قمة السعادة، فهل فعلي هذا يجوز أم لا، أفتوني؟ وبارك الله فيكم وتقبل صيامكم وقيامكم.
والسلام عليكم ورحمه الله
أختكم في الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخشوع في الصلاة هو ثمرتها وفائدتها، لذلك وصف الله تعالى به عباده المتقين حيث قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] .
وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة.
وفي سنن ابن ماجه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله علمني وأوجز، قال: إذا قمت في صلاتك فصلِّ صلاة مودِّع، ولا تكلم بكلام تعتذر منه، وأجمع اليأس عما في أيدي الناس.، والحديث رواه الطبراني في المعجم الكبير، وحسنه الشيخ الألباني.
والذي يصلي صلاة مودِّع معتقداً أن صلاته تلك ربما تكون آخر صلاة يؤديها، يكون هذا مدعاة لإتقانها بالخشوع فيها وإتمام أركانها وشروطها.
وإذا كنت تقصدين بالشعور المذكور أنك في مناجاة الله تعالى، وأنه مطلع عليك مجيب لدعائك ومثيب لك على طاعته، وأنك قريبة من فضل الله ورحمته فهذا شعور طيب، وهو معنى القرب الذي وصف الله به نفسه، قال الشيخ ابن عثيمين في شرح العقيدة الواسطية: واعلم أن من العلماء من قسم قرب الله تعالى إلى قسمين كالمعية، وقال القرب الذي مقتضاه الإحاطة قرب عام، والقرب الذي مقتضاه الإجابة والإثابة قرب خاص، ومنهم من يقول: إن القرب خاص فقط مقتضٍ لإجابة الداعي وإثابة العابد لا ينقسم، ويستدل هؤلاء بقوله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [البقرة:186] ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. رواه مسلم، وأنه لا يمكن أن يكون الله تعالى قريباً من الفجرة الكفرة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى. انتهى.
وفي سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، وفيه: وإن الله أمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا، فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت.
وفي الصحيحين: إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قِبَلَ وجهه، فإن الله قِبَلَ وجهه إذا صلى.
والمسلم يعتقد أن الله تعالى مستو على عرشه، وعرشه فوق السموات العلى، كما أخبر عن نفسه سبحانه.
وأما تقبيل الأرض فلا يشرع، لعدم ثبوته، والعبادة مبناها على التوقيف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/12228)
حكم فتح مكبرات الصوت بالمسجد بعد أذان الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أيها السادة ركن الفتوي وبركاته
السؤال: ما حكم قراءة القرآن جهراً داخل المسجد، وبشكل فيه تشويش على الغير من القارئين والمصلين، وما حكم فتح جهاز التسجيل بمكبرات الصوت في المسجد بعد آذان الفجر للإعلام بالصلاة، وأن الصلاة لم تقم بعد طالما القرآن لازال يتلى في مكبرات الصوت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الجهر بالقرآن في المسجد يؤدي إلى التشويش على المصلين أو القارئين، فلا يجوز فعله لما فيه من أذيتهم، ومنع قلوبهم من الحضور والتدبر أثناء القراءة أو الصلاة، وقد روى أحمد ومالك عن البيّاضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: "إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر ما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن".
قال الباجي في شرح الموطأ: (ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن لأن في ذلك إيذاء بعضهم لبعض، ومنعاً من الإقبال على الصلاة، وتفريغ السر لها، وتأمل ما يناجي به ربه من القرآن، وإذا كان رفع الصوت بقراءة القرآن ممنوعاً حينئذ لإذاية المصلين، فإن منع رفع الصوت بالحديث وغيره أولى وأحرى لما ذكرناه، ولأن في ذلك استخفافاً بالمساجد، واطراحاً لتوقيرها وتنزيهها الواجب، وإفرادها لما بنيت له من ذكر الله تعالى) . انتهى.
وأما فتح جهاز التسجيل بمكبرات الصوت في المسجد بعد أذان الفجر للإعلام بالصلاة، أو بالوقت الذي تقام فيه، فالظاهر أنه لا ينبغي فعله، إذ الأذان والإقامة هما الإعلام الشرعي لوقت الصلاة وبدئها، وإضافة غير ذلك إليهما لا يستبعد أن يكون من البدع التي كان السلف ينهون عنها، فقد روى الترمذي عن مجاهد قال: (دخلت مع عبد الله بن عمر مسجداً وقد أذن فيه، ونحن نريد أن نصلي فيه، فثوب المؤذن، فخرج عبد الله بن عمر من المسجد، وقال: اخرج بنا من عند هذا المبتدع، ولم يصل فيه. قال: وإنما كره عبد الله التثويب الذي أحدثه الناس بعد) . انتهى.
والتثويب الذي أنكره ابن عمر هو شيء أحدثه الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن فاستبطأ القوم، قال بين الأذان والإقامة: قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح. كما ذكر الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1422(11/12229)
قراءة القرآن بعد الرفع من الركوع بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: قرأت في خزائن الأسرار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من ركع بعد صلاة الوتر
ركعة واحدة وقال فيها سبوح قدوس خمس مرات ثم رفع رأسه وقرأ آية الكرسي وقال خمس مرات
سبوح قدوس كان له من الأجر العظيم أفيدوني هل هذا صحيح أم بدعة؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي قرأته غير صحيح، وهو مخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "لا وتران في ليلة" رواه أحمد وأصحاب السنن، إلا ابن ماجه عن طلق، ولم يُعلم من هدي النبي صلى الله عليه وسلم قراءة القرآن بعد الرفع من الركوع، وعليه فإن قراءته في هذه الحالة بدعة محدثة.
وننصحك بالإعراض عن هذا الكتاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1422(11/12230)
أقوال العلماء في الصلاة على السجاد وما شابهه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة على ما نسمّيها في المغرب المصلية أو الزربية التي هي خاصة للصلاة.
أعتقد أن ابن تيمية قال في هذه المسألة شيئاً؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أكثر الفقهاء جوّزوا الصلاة والسجود على البسط والزرابي، وما يُعرف اليوم بالسجاد، ومن الذين جوزوا ذلك الشافعي وأبو حنيفة وأحمد وغيرهم.
مستدلين بما رواه البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهي معترضة فيما بينه وبين القبلة، على فراش أهله، اعتراض الجنازة.
وروى أحمد وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على بساط.
وروى أحمد وأبو داود عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قوله: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير، وعلى الفروة المدبوغة.
كما روى الشيخان وأبو داود والنسائي وأحمد من حديث ميمونة رضي الله عنها قولها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة. وروى مثله مسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها.
والخمرة: كالحصير الصغير، تعمل من سعف النخل، وتنسج بالسيور والخيوط.
لكنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مسجده، وصحابته رضوان الله عليهم معه، ومن بعده، وتابعيهم رحمهم الله تعالى، كانوا يصلون ويسجدون على الأرض، لا يتخذ أحدهم سجادة أو زربية أو بساطاً يختص بالصلاة عليها، ولم يحرص أحدهم على الصلاة على أمثالها، بل كانوا يتحرون الصلاة والسجود على الأرض، وقد روي ذلك عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وقد روي أنه لما قدم عبد الرحمن بن مهدي المدينة بسط سجادة، فأمر الإمام مالك بحبسه، فقيل له: إنه عبد الرحمن بن مهدي، فقال: أما علمت أن بسط السجادة في مسجدنا بدعة.
وقد روى البخاري ومسلم وأحمد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر الطين على جبهته.
ونحن نميل إلى القول: بأن المصلي إذا وجد مكاناً مفروشاً كالمسجد في أيامنا هذه وكثير من البيوت، فإنه يصلي على الفراش، أو البساط دون حرج، وإذا احتاج لفرش سجادة أو زربية يصلي عليها اتقاء حر أو برد أو أذى على الأرض، فله أن يفرشها ويصلي عليها، لكن أن يتحرى فرش سجادة أو زربية بعينها يصلي عليها، أو أن يفرش سجادة على بساط مفروش أصلاً، أو أن يخصص الإمام دون المأمومين بها، فهذا كله ومثله مكروه، لا ينبغي فعله.
وإن الصلاة على الأرض أولى وأفضل، وأقرب للخضوع لله تعالى، وللخشوع، وكما ذكرت، فإن ابن تيمية رحمه الله تعالى ذكر هذه المسألة بتفصيل في مجموع فتاواه في الجزء الثاني من كتاب الفقه، المجلد 22. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1422(11/12231)
حكم المصافحة بعد الصلاة داخل المسجد وخارجه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم كثرة المصافحة باليد بعد الصلوات الخمس في المسجد أو خارجه؟ مع الدليل إذا وجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمصافحة سنة مشروعة عند اللقاء، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: "تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا، وتذهب الشحناء" رواه مالك، وحسنه أبو عمر بن عبد البر، وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا" رواه الترمذي، وحسنه من حديث البراء مرفوعاً.
أما المصافحة بعد الصلوات فكرهها بعض أهل العلم منهم: الإمام عزالدين بن عبد السلام، وقال: (إنما شرعت المصافحة عند اللقاء. أما من هو جالس مع الإنسان فلا) ، ولقوله هذا حظ كبير من النظر، لأن العبادة مبناها على التوقيف، وكون المصافحة بعد الصلاة دائماً يجعل بعض العوام ينظر إليها على أنها سنة فيدخل في العبادة ما ليس منها.
وأما المصافحة بعد الخروج من المسجد فالأظهر خروجها من خلاف من خالف في المصافحة بعد السلام من الصلاة، إذ هي نوع من اللقاء الداخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمين يلتقيان ... ". والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1422(11/12232)
لاحرج في الصلاة في مكان مظلم، لكن ليس للصلاة فيه مزية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوزالصلاة في الظلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أداء الصلاة في المكان المظلم لا حرج فيه وهو أمر جائز. لكننا ننبه الأخ الكريم إلى أن اعتقاد أن الصلاة في مكانٍ مظلمٍ فيه مزية أو زيادة أجر بحيث لا يصلي الشخص إلا في الأماكن المظلمة ولا يصلي في غيرها، أن هذا أمر محدث لا أصل له. وقد انتشر عند بعض الناس في هذه الأزمنة المتأخرة، وما يفعله بعض الناس في صلاة القيام في رمضان، أنهم يقومون بإقفال الإضاءة بالكلية، إن كانوا يرون أن ذلك يجعل المصلي أكثر خشوعاً وأبعد عن الشواغل فهذا أمر لا إشكال فيه. ولكن الذي يخشى أن يظن أو يعتقد بعض الناس أن هذه الصلاة لا تتم إلا بهذه الكيفية وعلى هذه الهيئة، فتدخل هذه العبادة في باب البدع على هذه الهيئة. وإن مما تقرر عند المحققين من أهل العلم، أن العمل قد يكون في أصله مشروعاً لكنه قد يدخله وصف ليس له أي تعلقٍ به، ومع مرور الزمن يصبح هذا الوصف كاللازم لهذا العمل. كالصورة المذكورة أنفاً، فلا شك أن هذا العمل وإن كان مشروعاً في أصله، لكن بدخول هذا الوصف فيه أصبح من البدع. فالضابط في مثل ذلك هو قصد الفاعل ونيته، فلو صلى رجل منفرداً في بيته صلاة نافلة كقيام ليل مثلاً وأقفل الإضاءة حتى يكون أجمع لقلبه دون اعتقاد مزية الصلاة في مكانٍ مظلم عن غيره فهذا لا حرج فيه، بل هو أفضل له حتى لا ينشغل ذهنه ونظره في مثل هذا الوقت المبارك.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/12233)
هل المال المدفوع في تجهيز الميت يعد دينا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ترك زوجى مالا ليس بالكثير، والدولة هنا تعطينا مصاريف الجنازة، وعندما توفي زوجي أخذنا هذه المصاريف، وكانت أخواته قد دفعن مصاريف الغسل والدفن، وعند موته لم يكن معنا شيء من ماله.
والآن استلمنا مساعدة جهة عمله، وأصبح له مال يسمى بمصاريف الجنازة من جهة العمل، وعرضنا على أخواته المال فقالوا: إنهن يردن أن يدفعن، لكنا نحن نرى أن نرد ما تم دفعه، وهن يقلن سوف نرد لكم المال لإخوتكم الصغار، حيث إن لنا 5 أولاد منهم 3 ما زالو قصرا.
فما هو الحكم الشرعي، نخشى أن يكون دين عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام أخوات زوجك -رحمه الله- قد دفعن تكاليف الغسل والدفن عن طيب نفس، وأبين أخذها منك بعد ما عرضت عليهن أخذها، فلا حرج عليك في قبولها، ولا يلزمك ردها ولا تكون ديناً عليك، وما دمن قد تبرعن بهذا المال لأولاد أخيهن المتوفى رحمه الله، فالذي نرى ألا تلحي عليهن في أخذها ولا تحرميهن ثواب صلة الرحم، وقد أتاكم هذا المال عن غير استشراف نفس فلا غضاضة عليكم في أخذه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1430(11/12234)
الموت يوم الجمعة من علامات حسن الخاتمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو فضل من ماتت يوم الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في تصحيح أو تضعيف الحديث الوارد في فضل من مات يوم الجمعة أو ليلتها، فمنهم من ضعفه كالحافظ بن حجر، والمنذري والشيخ شعيب الأرناؤوط وغيرهم، ومنهم من حسنه كالشيخ الألباني.
واعلم -وفقك الله- أن ظهور شيء من علامات حسن الخاتمة لا يلزم منه الجزم بأن صاحبها من أهل الجنة، ولكن يستبشر له بذلك، كما أن عدم وقوع شيء منها للميت لا يلزم منه أنه غير صالح فهذا كله من الغيب، ونسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(11/12235)
الموت والجنائز تذكرة للغافلين المغترين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من يمشي مع الجنازة وهو لا يصلي أصلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فترك الصلاة تكاسلاً جريمة كبيرة وإثم عظيم، بل عد بعض أهل العلم ذلك كفراً مخرجاً من ملة الإسلام، أما تركها جحوداً بفرضيتها فكفر بإجماع علماء المسلمين.
وانظر الفتوى رقم:
6061.
وحيث إن الرجل يمشي في جنازة فليتذكر مصيره الذي ينتظره، وأنه سيأتي اليوم الذي يُشيع فيه إلى قبره كما شيع هو غيره، فعليه أن يبادر إلى التوبة إلى ربه والمحافظة على فرائضه، ومنها الصلاة، فإن الإنسان لا يدري متى يأتيه الموت فقد يأتيه، ولم يتمكن من التوبة فيندم ولات حين مندم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(11/12236)
يرجى أن يكون أخوكم المتوفى ممن ختم له بخاتمة السعادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسال الله أن ينفع بكم، سؤالي عن أخي الصغير توفي بداية الإجازة عن عمر 15 ونصف, بعد أن أصيب بحادث وتعرض لضربة في الرأس وشاهده أخي الكبير وهو يصرخ من شده الألم, وبعدها لم يعد يشعر بشيء وجلس في غيبوبة 12 يوما ثم توفي رحمه الله, وعند تغسيله رأى إخوتي يده وهو رافع السبابة حتى أن المغسل فردها 3 مرات وسبحان الله عادت إلى وضعها أي السبابة مرفوعة (كان طيب القلب ولا يحمل على أحد حقدا أبدا) فهل يعتبر هذا من حسن الخاتمة وأن ما حدث له بإذن الله تكفير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعظم أجركم ويغفر لميتكم ونرجو أن يكون قد مات على خاتمة حسنة ...
أما رفع السبابة عند غسل الميت فلا نعرف له دلالة وقد يكون إشارة إلى كلمة التوحيد، فإن قالها وتلفظ بها ولو مخافة عند الاحتضار فهو حينئذ ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. رواه أبو داود وغيره، لاسيما وأنه صغير السن لم تمض على بلوغه سنوات طويلة فهو مظنة قلة الذنوب إضافة إلى سعة رحمة الله تعالى التي هي خير للعبد من عمله الصالح.
وانظر الفتوى رقم: 15027، في الموت بحادث السيارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(11/12237)
وسوسة الشيطان للمحتضر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يكون الشيطان حاضراَ أثناء احتضار الإنسان؟
وما معنى الدعاء القائل "أعوذ بالله أن يتخبطني الشيطان عند الموت".]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشيطان لا يزال يسعى في إغواء بني آدم حتى يموتوا، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه يوسوس للمحتضر ويأتيه بصورة أبويه ويحرضه على الموت على اليهودية والنصرانية. وراجعي معنى الحديث في الفتوى رقم: 53761.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(11/12238)
اسوداد وجه الميت وانتفاخ بطنه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت سيدة وأثناء غسلها لون وجهها اسود في دقائق قليلة، مع العلم بأننا أسرعنا في الغسل، كما أن بطنها انتفخ كثيراً، فهل هذا اللون وهذا الانتفاخ شيء عادي وعلى ماذا يدل، هل هذه السيدة محسنة أم مسيئة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاسوداد وجه الميت وانتفاخ بدنه قد يكون لسبب من مرض كان به فظهر أثره بسبب موته، وقد يكون لتأخير غسله ونحو ذلك وقد يكون لغير ذلك، والمطلوب هو حسن الظن بالمسلم وستر ما ظهر من عيوبه عند غسله وعدم تحديث الناس بذلك، ما لم يكن الميت معروفاً بالفجور والمجون معلنا بذلك، فلا بأس بإظهار ذلك زجراً لمن يصنع مثل صنيعه من الناس لعلهم يهتدون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1427(11/12239)
الحي أحق بماله الذي ينتفع به
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تنزع من المحتضر والميت الأساور والخواتم والحلقان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الشخص حياً فهو أحق بماله الذي ينتفع به من لباس وغيره، فإذا مات نزع ما عليه من خواتم وأساور ونحو ذلك لأن في تركها ضياعا لمال قد أصبح حقاً للورثة بالموت، ولا أذية ولا إهانة للميت في نزعه، بخلاف ما إذا كانت له أنف من ذهب بدل أنفه وكذا أسنان فلا ينزع شيء من ذلك لما فيه من الاعتداء عليه.
قال المرداوي رحمه الله في الإنصاف: قال في الفصول: وكذا لو رآه محتاجا إلى ربط أسنانه بذهب، فأعطاه خيطاً من ذهب، أو أنفا من ذهب، فأعطاه فربطه به ومات، لم يجب قلعه ورده لأن فيه مثلة. انتهى.
وقال العلامة ابن قدامة رحمه الله في المغني: وإن جبر عظمه بعظم فجبر، ثم مات لم ينزع، إن كان طاهراً. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1427(11/12240)
الموت أثناء النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد
هل الموت عند النوم رحمة من الله (أي لا يحس بسكرات الموت) أو نقمة من الله (لا ينطق المرء بالشهادة) .
وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجميع الأموات يجدون سكرة الموت، سواء أكان ذلك في النوم أم في اليقظة، ولكن يتفاوتون في ذلك قوة وضعفاً كما بينا في الفتوى رقم: 54685.
وليس كل من مات في النوم حرم الشهادة لأن المسلم إذا ذكر عند نومه أذكار النوم كان في كلاءة الله وحفظه، وإن مات مات على الفطرة، فعن البراء بن عازب رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل: اللهم إني أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت واجعلهن من آخر كلامك، فإن مت من ليلتك مت وأنت على الفطرة. رواه مسلم وغيره من أذكار النوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(11/12241)
حكم من مات جنبا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم موت الرجل وهو جنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فموت الشخص جنبا أو المرأة حائضاً لا شيء عليه فيه، واستشهد حنظلة بن أبي عامر الأنصاري رضي الله تعالى عنه يوم أحد وهو جنب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني رأيت الملائكة تغسله. فسمي غسيل الملائكة ويروى مثل هذا عن حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، ويغسل من مات جنباً كسائر الأموات، كما بيناه في الفتوى رقم: 51675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(11/12242)
المبتدع قد يختم له بخاتمة السعادة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للمبتدع خاتمة حسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمبتدع والعاصي قد يختم لهما بخاتمة حسنة، بل حتى الكافر قد يمن الله تعالى عليه بالتوبة قبل الغرغرة ويختم له بالإسلام، ومعلوم أن الإسلام يهدم ما كان قبله، كما في صحيح مسلم وقصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين رجلاً ثم كمل بالراهب المائة، ثم سأل العالم فأفتاه بالتوبة، وقبض بعد ذلك وهو في طريقه إلى البلدة الصالحة قبل أن يعمل خيراً قط، ومع ذلك قبضته ملائكة الرحمة وصار من أهل الجنة، وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال: أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار. فإذا كان هذا في الكافر ففي المبتدع والعاصي أولى، ففضل الله عظيم ورحمته وسعت كل شيء، فليس بغريب أن يمن على المبتدع والعاصي بالتوبة والموت على الطاعة والسنة ولكن هذا ليس لكل أحد فكم من عصاة ومبتدعة ماتوا على عصيانهم أو بدعتهم، وذلك بعدل الله فيهم وليس ظلماً لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1424(11/12243)
ماتت موت فجاة يوم الجمعة وهي صائمة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي كانت صائمة من أول رجب وكانت مصلية وفي يوم الجمعة الموافق 20/7 /2007 ماتت في الحمام وهي تتوضأ نتيجة ماس كهربائي في مواسير المياه فماتت في الحال.
هل تحتسب عند الله شهيدة وهل من يموت في يوم الجمعة يعتقه الله من النار.
أرجو الإفادة، وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لوالداتك الرحمة والمغفرة، وموتها صائمة دليل على خير كثير، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا. متفق عليه.
كما أن موتها بسبب مس الكهرباء يعتبر من موت الفجأة وهو راحة للمؤمن كما تقدم في الفتوى رقم: 3397، ولم نقف على ما يدل على كون الموت يوم الجمعة سببا في العتق من النار، لكن ورد في حديث حسنه بعض أهل العلم أن الميت فيه ينجو من عذاب القبر كما تقدم في الفتوى رقم: 97384.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1428(11/12244)
مدى دلالة كيفية الموت على حسن الخاتمة أو سوئها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من مات وكان جهة رأسه اليسار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طريقة الموت التي تحصل بها أو الكيفية التي يموت عليها الشخص ليس لها حكم شرعي، ولا تدل على حسن خاتمة أو سوئها؛ إلا ما دل عليه دليل كالموت على طاعة الله أو النطق بكلمة التوحيد عند الموت فإن ذلك وما أشبهه يدل على حسن الخاتمة، كما أن الموت على المعصية حال وقوعها يدل على سوء الخاتمة نسأل الله العافية.
ولذلك فليس لهذه الحالة حكم شرعي خاص بها فيما نعلم. وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 45114، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(11/12245)
قبض الروح حال التخلي ليس من علامات سوء الخاتمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قبض الروح عند قضاء الحاجة في بيت الخلاء يعتبر من سوء الخاتمة، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قبض روح العبد حال قضاء حاجته ليس دليلاً على سوء خاتمته، إذ أن لسوء الخاتمة علامات معروفة، منها: الموت على معصية، كما أن لحسن الخاتمة علامات أيضاً، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 1958، والفتوى رقم: 34370.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(11/12246)
بعض من لقنه النبي صلى الله عليه وسلم عند الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوا إفادتي عن من هو أول مسلم لقنه الرسول عند وفاته.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تلقين الميت عند الاحتضار سنة فعله النبي- صلى الله عليه وسلم- وأمر به، ففي الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم لقن عمه أبا طالب بمكة وهو على شركه، كما لقن بعض المسلمين بالمدينة، ففي مسند الإمام أحمد: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من بني النجار يعوده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خال قل: لا إله إلا الله، فقال: أو خال أنا أو عم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا بل خال، فقال له: قول لا إله إلا الله هو خير لي؟ قال: نعم.
ولم نقف على نص يعين أول من لقنه النبي- صلى الله عليه وسلم- من المسلمين.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد عن التلقين في الفتويين: 33657، 34922.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1428(11/12247)
استحباب تلقين الميت عند الاحتضار
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو أن يتسع صدركم إلى سؤالى هذا فسوف أقص عليكم ما حدث معي وأرجو من الله أن تفيدوني حتى يطمئن قلبي فأنا أشعر بذنب كبير منذ عام أصيب أحد أقاربي وكان مقرباً جداً إلى قلبي بنزيف حاد في المخ فصار في غيبوبة تامة لا حركة ولا كلام غير التنفس (ما يعرف بين الأطباء موت جذع المخ) تم نقله إلى مستشفى بالقاهرة وسافرت أنا وأخوه معه وهناك أوضح لنا الأطباء أن الحالة صعبة جداً وما هي إلا أيام قليلة وربما ساعات ولكنا لم نيأس وبقينا فى المستشفى على أمل الشفاء وفي آخر ليله كنت أنا سأبيت معه في المستشفى ظهر عليه ضيق في التنفس شديد وكحة شديدة أسرعت في استدعاء الطبيب ورجعت إليه كانت الحالة تزداد سوءاً وأخذ النفس في التأخر لدرجة انني رأيت أخر نفس يخرج منه في هذه اللحظات كانت حالتي صعبة جدا فكنت منهاراً من البكاء ولم أتمالك أعصابى وحضر الطبيب والمساعد وأخرجوني من الغرفة وكنت أكاد أيقن أنه قد توفي وبعد أن خرج الطبيب أخبرني أنه قد توفى وسمح لي بالدخول عليه لكني لم أستطع
بعد فترة حضر أخوه وسألني هل ألقيت عليه الشهادة أثناء الاحتضار فتذكرت أنه كان يجب عليّ أن ألقنه الشهادة فدخل عليه وألقى عليه الشهادة بعد فترة من الوفاة فهل أعتبر أنا مذنبا في هذه الحالة (حيث كنت متواجدا أثناء الاحتضار ولم ألق عليه الشهادة) وهل لهذا المتوفى حق علي وكيف أكفر عن ذنبي هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تلقين الميت عند الاحتضار قد وردت به السنة الصحيحة، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله. وذكر بعض أهل العلم أن التلقين له وقت آخر أيضاً، وهو بعد ما يتم الدفن، لأن الميت في ذلك يسأل فيحسن أن يذكر بما كان عليه من الاعتقاد.
روى أبو داود في سننه من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل. وراجع في هذا فتوانا رقم: 34922.
والغاية من التلقين عند الاحتضار هو أن يكون آخر كلام الإنسان قبل الخروج من الدنيا هو: لا إله إلا الله، فإن في الحديث: أن من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. رواه الحاكم بسند صحيح.
وعليه، فما فاتك من تلقين قريبك لايعد خطأ لأنه في حالة غيبوبة ولا يدرك ما يقال له، ولو افترضنا أنه صاحٍ ويدرك، فإن التلقين حينئذ مستحب وليس بواجب، وتارك المستحب ليس آثماً، فلا شيء عليك إذا.
وما فعله أخوه من تلقينه قبل الدفن ليس معروفاً، لأن التقلين إما أن يكون وقت الاحتضار، وإما أن يكون بعد الدفن كما بينا، ومع ذلك فلا شيء عليه هو أيضاً فيما فعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(11/12248)
هل تشرع قراءة سورة الأنعام عند المحتضر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.... أريد أن أسأل عن فضل سورة الأنعام عند قراءتها عند المتوفى حال الاحتضار؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نقف على حديث يدل على مشروعية قراءة سورة الأنعام عند المحتضر، والوارد إنما هو قراءة سورة يس، كما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وصححه ابن حبان عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: اقرأوا يس على موتاكم.
وفي سنده ضعف، ولكن يعضده ما ورد عن بعض التابعين ومنهم صفوان بن عمرو، وصالح بن شريح الكوفي. وبه أخذ جمهور أهل العلم، فاستحبوا قراءة سورة يس عند المحتضر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1424(11/12249)
يلقن عند احتضاره كلمتي التوحيد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقال عند تلقين الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الميت يلقن عند احتضاره كلمتي التوحيد، ويدل لذلك حديث: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله. رواه مسلم وأبو داود والترمذي. فيقال له: قل: لا إله إلا الله، لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب عند موته: يا عم قل: لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله. رواه البخاري ومسلم. وقد روى أحمد وأبو يعلى عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من بني النجار يعوده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خال قل: لا إله إلا الله. صححه الأرناؤوط وحسين أسد. وقد ذكر ابن حجر في الفتح أن المراد بقول لا إله إلا الله في هذا الحديث -يعني حديث "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله"- وفي غيره كلمتا الشهادة. قال ابن المنير: قول لا إله إلا الله لقب جرى على النطق بالشهادتين شرعا. وكلام ابن حجر هذا يدل على تلقينه كلمتي الشهادة، وقد نص عليه كذلك المباركفوري في تحفة الأحوذي. وراجع في التلقين بعد الدفن الفتوى رقم: 33657. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1424(11/12250)
هل تحضر الحائض الميت عند احتضاره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للحائض حضور أمها وقت الاحتضار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الميت يجنب في حال احتضاره الحائض، والنفساء، وآلة اللهو، ونحو ذلك مما تكرهه الملائكة.
قال ابن قدامة في المغني: يكره للحائض والجنب تغميضه -يعني الميت- وأن تقرباه، وكره ذلك علقمة، وروي نحوه عن الشافعي، وكره الحسن وابن سيرين وعطاء أن يغسل الحائض والجنب الميت، وبه قالك مالك.
وقال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة: ويستحب ألا يقربه حائض ولا جنب.
ومحل هذا إن كان مع المحتضر من يلقنه ويغمضه ويجهزه، فإن لم يوجد غير الحائض فلا حرج عليها في الحضور حينئذ، لوجود الحاجة إلى ذلك.
ومن هذا يتبين للسائلة أن الأولى عدم حضورها لأمها وقت الاحتضار إن وجد غيرها، وإلا فلا مانع من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1423(11/12251)
ما يستحب فعله إذا احتضر الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك من يمنع دخولهم على الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بعض أهل العلم استحب إذا احتضر الميت أن يكون عليه ثياب طاهرة، وأن تزال من حوله الروائح الكريهة، وأن يكون من حوله من أهله طاهراً، وألا يدخل عليه في ذلك الوقت جنب ولا حائض ولا نفساء، ولا من به روائح كريهة، ويلحق بذلك الدخان.
وذلك استعداداً لدخول ملائكة الرحمة عليه، وفي تفسير القرطبي لهذه الآية: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت:30] قال: تنزل عليهم الملائكة عند الاحتضار تثبتهم وتبشرهم بالجنة.
وفي سنن أبي داود والنسائي: إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه جنب.
وفي المصنف لابن أبي شيبة قال: كانوا إذا حضروا الرجل يموت أخرجوا الحيض.
ولهذا قال صاحب نظم الرسالة فيما يستحب أن يفعل بالمحتضر:
... ... ... وأن يطهر وألا يقربا حوائضاً أو نفسا أو جنباً
ويلحق بهؤلاء المدخن، لأن الملائكة تتأذى بالروائح الكريهة، وكذلك التصاوير والكلاب.
وهذا على جهة الاستحباب، بل قد روي عن بعض السلف كالإمام مالك وغيره أنهم قالوا في شأن المحتضر: لا بأس أن تغمضه الحائض والجنب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1423(11/12252)
أحكام تتعلق بالميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي أحكام الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للميت أحكاماً كثيرة مذكورة في كتب الفقه نوجز لك أهمها فيما يلي:
1/ من عاد محتضراً، فعليه أن يأمره بالصبر، وحسن الظن بالله تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يموتن أحدكم وإلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل" أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر.
2/ توجيه المحتضر إلى القبلة، لما في المستدرك أن البراء بن مسعود أوصى أن يوجه إلى القبلة لما احتضر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصاب الفطرة ... ".
3/ تلقينه الشهادة، لما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله".
قال الإمام النووي معناه: من حضره الموت.
4/ تغميض عينيه بعد مفارقة الروح للجسد، لما في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أبي سلمة - وقد شق بصره - فأغمضه، ثم قال: "إن الروح إذا قبض تبعه البصر"، وفي المسند والحاكم وابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا".
وكذلك يستحب شد لحييه بعد مفارقة الروح، لئلا يبقى فمه مفتوحاً، وكذلك تليين مفاصله، وتمديد أعضائه، ليسهل تغسيله وتجهيزه.
5/ تعجيل تجهيزه، لما روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأهل طلحة بن البراء لما جاءه يعوده: "إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت، فآذنوني به، وعجلوا، إنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله".
وفي المسند أنه قال لعلي رضي الله تعالى عنه: "ثلاثة يا علي لا تؤخرهن: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤاً".
6/ الإسراع بقضاء دينه، لما في المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه".
7/ تغسيله، وتكفينه، وتقدمت كيفية ذلك في الفتوى رقم: 6672
8/ الصلاة عليه، وقد تقدمت أيضا كيفيتها في الفتوى رقم: 1999
9/ دفنه، وكيفية ذلك أن يحفر له في مقابر المسلمين ما يواريه من شق، أو لحد، واللحد أفضل، ثم يدفن موجها إلى القبلة، ويسنم القبر قليلاً، ويرش بالماء، ليثبت ما دفن به من رمل أو حصى، ولا يجصص القبر، ولا يبنى عليه، لما في المسند وصحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه.
10/ الدعاء له بعد دفنه، لما روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: "استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل"
11/ إنفاذ وصيته من ثلث ماله.
12/ تعزية أهله، وحثهم على الصبر، والتسليم لقضاء الله تعالى وقدره، ويبين لهم المعزي ما أعده الله تعالى للصابرين من المثوبة، وينهاهم عن النياحة، والتسخط على ما قدر الله تعالى.
13/ أن يُصنع لأهل الميت طعامٌ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فإنه قد أتاهم أمر شغلهم"، كما في المسند والحاكم وأبي داود.
14/ لا تجوز إقامة المآتم، ولا عمل الولائم، لما في ذلك من عدم إظهار الرضا بالقضاء، ولما فيه من مخالفة السنة.
15/ الكف عن ذكر مساوئ الميت، وعن سبه، لما في المسند وصحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا".
ولا بأس بذكر بعض صفاته الحميدة، وخاصة صفاته الدينية التي يحبها الله تعالى.
ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وجبت"، ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شراً فقال: "وجبت"، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت؟ قال: "هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شراً، فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض".
وفي صحيح البخاري عن أبي الأسود قال: قدمت المدينة، وقد وقع بها مرض، فجلست إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فمرت بهم جنازة، فأثني على صاحبها خيراً، فقال عمر رضي الله عنه: وجبت، ثم مر بأخرى، فأثني على صاحبها خيراً، فقال عمر رضي الله عنه: وجبت، ثم مر بالثالثة، فأثنى على صاحبها شراً، فقال: وجبت، فقال أبو الأسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، فقلنا: وثلاثة. قال: وثلاثة، فقلنا: واثنان. قال: واثنان"، ثم لم نسأله عن الواحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1422(11/12253)
ماتت وعليها دين ووصت بالحج عنها وبكل ذهبها
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
-للميت ورثة من الرجال: (أب) ، (أخ شقيق) العدد 3، (ابن أخ شقيق) العدد 1، عم (شقيق للأب) العدد 2، (ابن عم شقيق) العدد 4
-للميت ورثة من النساء: (أم) ، (أخت شقيقة) العدد 4
- وصية تركها الميت تتعلق يتركته هي:
المتوفاة قد أوصت بأن يقوم شخص من أفراد العائلة أو غيرها بالحج نيابة عنها من مالها الذي تركته، كما أنها أوصت بمنح كل ذهبها لابنة أختها.
- معلومات عن ديون على الميت: لم يحج مع استطاعته مادياً ولم يحج عنه أحد.
(ديون)
- إضافات أخرى: المتوفاة لم تتزوج قط وماتت في 45 من عمرها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر فإن الذي يرث منهم الأب والأم فقط, والبقية محجوبون حجب حرمان بالأب, فيكون للأم السدس لوجود جمع من الإخوة كما قال تعالى: ... فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ... {النساء: 11} وما بقي فللأب تعصيبا لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ ... متفق عليه من حديث ابن عباس. فتقسم التركة على ستة أسهم, سهم للأم, وخمسة أسهم للأب.
; MARGIN: 0cm 0cm 0pt; mso-layout-grid-align: none" dir=rtl class=MsoNormal> وأما عن الديون والوصية, فيجب قبل قسمة التركة أن يخرج منها الدين لأن سداد الدين مقدم على حق الورثة في المال كما بيناه في الفتوى رقم: 6159 , وكذا يجب أن يخرج تكلفة الحج وتدفع لمن يحج بها عنها, والحج يخرج من رأس مال التركة وليس من ثلث الوصية في مذهب الحنابلة والشافعية.
; MARGIN: 0cm 0cm 0pt; mso-layout-grid-align: none" dir=rtl class=MsoNormal> قال صاحب الروض: وإن مات من لزماه -أي الحج والعمرة- أُخرجا من تركته من رأس المال أوصى به أو لا ... .اهـ
; MARGIN: 0cm 0cm 0pt; mso-layout-grid-align: none" dir=rtl class=MsoNormal> قال النجدي في حاشيته: ... لا من الثلث، وهو مذهب الشافعي، قال الشيخ: ومن وجب عليه، وخلف مالا، يحج عنه، في أظهر قولي العلماء. اهـ.
; MARGIN: 0cm 0cm 0pt; mso-layout-grid-align: none" dir=rtl class=MsoNormal> وأما الوصية بالذهب فإن كان الذهب لا يزيد عن ثلث التركة فيجب تنفيذ وصيتها فيدفع الذهب إلى ابنة أختها لكونها وصية بما لا يزيد عن الثلث ولغير وارث, وأما إن كان الذهب يزيد عن ثلث تركتها فإنه لا ينفذ من الوصية إلا بمقدار الثلث, فيؤخذ من الذهب مقدار ثلث تركتها ويعطى للموصى لها وما زاد عن الثلث لا يعطى لها إلا برضا الورثة, وإن لم يف المال بالحج والوصية قدم الحج عن الوصية لأنه دين, والدين مقدم على الوصية.
; MARGIN: 0cm 0cm 0pt" dir=rtl class=MsoNormal> والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(11/12254)
خروج شيء من الميت عقب الموت ليس بمستغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد التفسير العلمي والديني لمتوفى فوجئنا به يخرج منه البراز عافاكم الله بعد خروج روحه بقليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خروج بعض الفضلات من الميت بعد خروج روحه ليس فيه ما يستغرب ولا يحتاج لتفسير، فقد عد الفقهاء من المستحبات في تجهيز الميت أن يعصر بطنه برفق قبل وضعه في الكفن، وعللوا ذلك بالخوف من خروج شيء منه بعد التكفين فيتلوث الكفن، وراجع في ذلك مختصر خليل المالكي وشروحه.
هذا وينبغي لمن رأى هذا أن يستره ولا يخبر أحداً به، لأن حرمة المسلم ميتاً مثل حرمته حياً، كما قال الباجي في المنتقى، وفي الحديث: لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة. رواه مسلم. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 119122، والفتوى رقم: 53850.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1430(11/12255)
حكم وضع الحناء في يد المرأة المتوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: عن وضع الحنة في يد الميتة ويتم غلق اليد وتدفن هكذا، حيث انتشرهذا الأمر في مجموعة من النساء ويقلن إن هذا من السنة، فهل يوجد دليل على ذلك؟.
أرجو الإفادة، ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لا يوجد دليل في السنة يدل على العمل المذكور، واعتقاد أن هذا العمل سنة يتقرب بها إلى الله دون وجود دليل يرجع إليه هو من المحدثات، ولا يجوز فعله، وقد سئُل عن هذا الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ فقال: إنه لا أصل له، وإليك نص السؤال والجواب ومصدره: ما حكم وضع الحناء في يد المرأة المتوفاة؟ أو التي تحتضر؟. الجواب: لا أعلم لهذا أصلاً يرجع إليه. المصدر مجموع فتاوى ومقالات متنوعة.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية: هل وضع الحناء مع الميت في القبر ـ هل ذلك ـ من الإسلام؟ وإذا كان من الإسلام، فما فائدتها؟.
ج: الذي دلت عليه السنة أن الميت يغسل بماء وسدر، ويوضع في كفنه حنوط ـ وهو نوع من الطيب ـ أما وضع الحناء مع الميت في القبر فلا نعلم له أصلاً في الشرع المطهر، بل الواجب تركه. فتاوى اللجنة الدائمة. وللفائدة راجعي في ذلك الفتوى رقم: 14964، ففيها ما يشرع فعله عند الوفاة وبعدها، وما لا يشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(11/12256)
إعفاء الميت من قروضه العقارية والزراعية مشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ سؤالي عن مشروعية إعفاء المتوفين من الدين الذي عليهم من القروض العقارية أو الزراعية أو بنك التسليف التي أخذوها من الدولة- بيت المال- سوى الممتنعين عن التسديد في حياتهم أو ورثتهم، وكذلك الذين يقومون بالتسديد حسب الأقساط السنوية إلى حين وفاتهم؟
وسؤالي عن مشروعية الحصول على نسبة من الإعفاء من القرض لصندوق التنمية العقارية عند التسديد حسب الموعد السنوي أو التسديد قبل موعد السداد- أي الإعفاء من 20 % أو30%- من قيمة القرض الإجمالية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي السؤال غموض، لكن إن كان المقصود هو هل يجوز إعفاء أولئك من دينهم بعد موتهم وهل يقبل الله ذلك فيسقط عنهم الإثم؟ فالجواب: أنه لاحرج في إعفاء من مات من أولئك من دينه وإبرائه منه لكن لا بد أن يكون ذلك ممن هو مخول بالإعفاء وله الإذن فيه من ولي الأمر، ويسقط الدين بذلك الإبراء عن الميت إن كان صادرا ممن له الحق في ذلك التصرف.
وإعفاء الميت من دينه من الإحسان المرغب فيه شرعا لأن الميت لا يخلص من ورطة الدين حتى يقضى عنه أو يبرئه منه صاحبه لما روى أحمد في المسند عن جابر قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه؟ فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملها أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منها الميت، قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران، فقال: إنما مات أمس قال: فعاد إليه في الغد، فقال: لقد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلدته.
وأما طلب المدين من غريمه أن يعفيه من بعض دينه مقابل تعجيل السداد، فإن كان المدين حيا فلا يجوز ذلك وهو المعروف بقاعدة: ضع وتعجل. عند أهل العلم.
قال أصحاب الموسوعة الفقهية الكويتية: يرى جمهور الفقهاء أنه إذا كان لرجل على آخر دين مؤجل فقال المدين لغريمه: ضع عني بعضه وأعجل لك بقيته، فإن ذلك لا يجوز عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وكرهه زيد بن ثابت وابن عمر والمقداد وسعيد بن المسيب وسالم والحسن وحماد والحكم والثوري وهيثم وابن علية وإسحاق، فقد روي أن رجلاً سأل ابن عمر فنهاه عن ذلك، ثم سأله فقال: إن هذا يريد أن أطعمه الربا. وروي عن زيد بن ثابت أيضاً النهي عن ذلك، وروي أن المقداد قال لرجلين فعلا ذلك: كلاكما قد أذن بحرب من الله ورسوله. اهـ.
وأما إن جاء المدين لتسديد الدين كاملاً في موعد السداد أو قبله فقال له الدائن: قد أسقطت منه كذا فهات الباقي، فهذا لا بأس به ما لم يكن عن تواطؤ مسبق.
وللفائدة انظر الفتويين: 40412، 111134.
وأما إن كان المدين قد مات فإن الدين يحل بموته على الراجح ولو كان الدين مؤجلا.
قال خليل: وحل به- يعني الفلس- أو بالموت ما أجل.
وقال السرخسي في المبسوط: لأن موت المديون سبب لحلول الأجل وتوجه المطالبة بقضاء الدين.
وعلى ذلك فلا وجه للوضع منه مقابل تعجيله لأنه قد حل بالموت ولزم تعجيله، لكن لو رضيت الجهة المانحة له بتخفيفه وإسقاط بعضه فلاحرج في ذلك، وتبرأ ذمة المتوفى مما أبرئ منه وأسقط عنه من الدين.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(11/12257)
ما يمكن للعبد فعله بعد موت أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مع الوالد ـ يرحمه الله ـ الذى توفى يوم الجمعة الموافق: 17/7/2009 الساعة 5مساء قبل المغرب وكنا فى رحلة علاج له من تاريخ: 6/3/2009 إلى تاريخ: 9/7/2009 وخلال هذه الفترة لم يكن معنا أحد ـ أنا وهو فقط ـ وكان مريضا بداء الكبد وكان يحتاج إلى متبرع ولكن لم نجد متبرعا له وتم الرجوع إلى الإمارات بذلك التاريخ وخلال الرحلة هذه كنت معه وكان في بعض الأوقات يعاتبنى ويغضب علي ولكن كنت أرضيه وكان يفرح حين يرانى موجودا عنده وكنت أخدمه بشكل متقطع وكنت أغسله وأحلق له شعره وكان يدعو لي: الله يخليلك لعيالك ويفيدونك يوم تكبر، فكنت أبكى من غير أن يحس بشيء، ولكن في بعض الأوقات كنت أهمله قليلا ولكن لم يكن يقول لي أي شيء سوى اجلس معي أكثر، وللمعلومة أكثر ياشيخ كان الوالد فى شبابه وقبل مرضه يشرب الخمر بكثرة وكنت أكره ماكان يفعله وكنت أتمنى موته بسرعة، ولكن إرادة الله كانت أقوى من هذا وكنت أعرف عنه أنه كان يساعد فى أعمال الخير ـ كان يركب فى بعض المساجد السماعات وأجهزة الميكروفون ـ وكان طيب القلب ولكنه شديد العصبية وكان لا يصلي كثيرا كانت صلاته متقطعة وفي بعض الأحيان ـ بضع شهور فقط ـ ومرض بعد هذا بداء الكبد وتوفي من هذا المرض، لكن عندما رأيته وهو متوفى كان أبيض الوجه ووجه متجه إلى جهة اليمين ومن خلال بعض الشهود فى مغسلة الموتى كان أبيض وخفيف الوزن وكنت أبكى بكثرة فى المغسلة، ماذا فعل أبي حتى يموت يوم الجمعة؟ وهل هو راض عني أم لا؟ الذى أعلمه أنه كان يقول لى لم ينفعني من أبنائي إلا أنت وكانت دمعتي تنزل من غير أن يحس وكنت أكذب عليه عندما كان يسألني عن أمه ـ جدتي ـ وهى أيضا توفيت يوم الجمعه عصرا وكان يقول لى ماحال جدتك فكنت أقول له بخير وتسلم عليك ـ كانت كذبة ـ خوفا عليه من ازدياد المرض عليه وهو مريض، وقبل هبوط الطائرة فى مطار دبي الدولي قال لي أريد أن أرى أمي ـ أى جدتي ـ وكنت أقول له ترتاح أولا ثم أذهب بك لرؤية جدتى ولم أفعل هذا وأحس بذنب كبير أيضا بما صنعت له؟ هل هو راض عني أم لا؟ ياشيخ أكتب لك هذه الرساله وأنا أبكى من أجل أبى المرحوم ـ الله يرحمه ـ ولا أدري، هل كنت مقصرا في حقه أم لا؟ وماذا أفعل له وهو فى القبر؟ لقد تكلمت مع أخي الأكبر بأني لا أريد أى شيء من الميراث وأن يتبرع به من أجل أبى المرحوم وكنت أحس بذنب كبير خلال رحلتي معه تاركا زوجتى وأبنائي من أجله ولكن هاهو قد مات ولم أفعل له شيئا وعندي إحساس بأننى قصرت معه في أشياء كثيرة، ولا أدرى ماذا أفعل له الآن؟ وماهى الأعمال التى لا تنقطع عنه فى قبره؟ وأنا ضعيف الإيمان أصلى أحيانا وأترك الصلاة أحيانا أخري وقد نويت في هذه السنة عمرة وحجة لعلى الله يصلح حالي، أرجوك ياشيخ أرشدني، ماذا أفعل؟ وماذا أصنع؟ وماهى نصيحتك لى؟ وهل كنت مقصرا في حق أبى؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحسن الله عزاءك في أبيك، ونسأل الله أن يغفر له ويعفو عنه، وأن يتقبّل منك برّك به وقيامك برعايته حال مرضه، وأول ما ننصحك به هو المحافظة على الصلاة، فلا شكّ أن الصلاة أعظم أمور الدين بعد الإيمان، ولا حظَّ في الإسلام لمن تركها، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، ولمعرفة ما يعينك على المحافظة عليها راجع الفتوى رقم: 3830.
وننبّهك إلى أنّ كذبك على أبيك حين سألك عن جدتك غير جائز، فقد كان يمكنك استعمال المعاريض والتورية دون الكذب الصريح، وانظر في بيان ذلك الفتوى رقم: 68919.
واعلم أنّ الإنسان إذا كان حريصاً على برّ والديه مجتهداً في طلب مرضاتهما ابتغاء وجه الله، فإنّه بعد ذلك إذا بدر منه شيء من التقصير في حقّهما، فإنّ ذلك مظنّة العفو من الله. قال تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء:25} .
قال القرطبي: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين، أي صادقين في نية البر بالوالدين، فإن الله يغفر البادرة وقوله: فإنه كان للأوابين غفورا: وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة. الجامع لأحكام القرآن -10 / 246.
وأمّا ما يمكنك أن تفعله لأبيك بعد موته، فقضاء ديونه إن كان عليه ديون ـ سواء كان دين آدمي أو دينا لله تعالى ـ كما لو كان عليه صيام واجب لم يصمه، أو زكاة وجبت عليه ولم يدفعها، أو كان مستطيعا للحج ولم يحج، فما عليه من ديون أو كفارات تقضى من تركته قبل تقسيمها، وكذا يحج عنه إن كان قدر على الحج ولم يحج.
وأمّا ما ينفعه في قبره ولا ينقطع عنه فهو الدعاء له والصدقة الجارية عنه، وممّا يمكنك فعله من برّه بعد موته صلة الرحم من جهته وإكرام أصدقائه، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 18806.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1430(11/12258)
إبراء الميت من ديونه فيه أجر ومثوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اشترى سلعة قيمتها 70د ج ودفع للتاجر200 د ج لكن ليس للتاجر فكة ب200 د ج فقال إنه سيرجع مرة لأخذ الباقي، فطالت المدة ولم يرجع ومات الرجل أي توفي. فما العمل؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الميت هو الذي بقي عليه الدين، فإنه يكون في تركته، ولصاحب الحق أن يبرئه أو يطالب ورثته بدفع ما بقي له في ذمة الميت، وإذا لم تكن له بينة على ذلك، فربما لا يصدقه الورثة ويمتنعوا من دفع حقه إليه.
ولذا ينبغي أن يبرئ الميت منها إذا لم يدفعها الورثة إليه من تركته وله في ذلك الأجر والمثوبة عند الله.
وأما إن كان الميت صاحب الدين فعلى المدين (التاجر) أن يدفع الدين إلى ورثة الميت، وبذلك تبرأ ذمته، فإن لم يجد أحدا من ورثته، ولم يستطع الوصول إليهم، فليتصدق به عنهم، فإن وجدهم أخبرهم بما كان، فإن أمضوا صدقته فلهم أجرها، وإلا دفع إليهم حقهم، وكان أجر الصدقة له هو.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 46016.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1430(11/12259)
الإسراع بتجهيز الميت وحكم خروج المعتدة لقضاء حاجتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم الرد في أسرع أجل أعانكم الله.
توفى والدي منذ شهر- رحمه الله صبيحة- يوم الإثنين على الساعة الثامنة والنصف صباحا، وكان دفنه بنفس اليوم بعد صلاة العصر من نفس اليوم, وقد طلب بعض الأهل عدم الدفن في ذات اليوم وتبييت الجثمان ليلة أخرى بالمنزل، فأيهما أصح؟ وهل يجوز للأرملة الخروج خارج المنزل لقضاء بعض الشؤون خلال الأربعة أشهر والعشر -أي العدة- ولو كان ذلك برفقة أولادها؟ ماذا يجب الكتابة على مشهد القبر وهل يجوز كتابة آيات قرآنية؟ هل صحيح أن روح المتوفّى تعود لزيارة المنزل؟ وضع والدي المرحوم أرضًا يملكها للبيع وكان ينوي استثمار ثمنها في إكمال وتأثيث منازل مجمّعة على ملكنا، كما أوصى عشية وفاته بالإسراع ببيع الأرض وتنفيذ مطلبه وهو في كامل صحّته غير عالم بالمنية في فجر تلك الليلة، فهل يجوز لأحد الأبناء عدم الامتثال لهذه الوصية لسببٍ أو لآخر؟
جزاكم الله خيراً وسدّد خطاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدك، واعلم أن المشروع هو الإسراع بتجهيز الميت، وبالتالي فما طلبه بعض الأهل من تأخير دفن الميت من غير سبب وجيه غير مشروع، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 66120.
ويجوز للمعتدة من وفاة الخروج لقضاء حاجتها ولو منفردة، لكن لا تبيت إلا في بيتها، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 9037.
والكتابة على قبر الميت غير واجبة بل هي مكروهة، وتحرم كتابة آيات قرآنية لما يترتب على ذلك من امتهانها، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 25107، 97500.
ولم نقف على دليل يفيد رجوع روح الميت إلى منزل أهله، ولا يجب على ورثة ذلك الميت تنفيذ وصيته ببيع الأرض لانقطاع الملك بمجرد موته وانتقال المال إلى الورثة ليوزع بينهم كل بحسب نصيبه، وراجع للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 36762.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(11/12260)
استحباب طلب الإحالة لإبراء ذمة الميت من الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى أبي وفي ذمته دين، وترك أرضا زراعية لا نقدر على خدمتها نظراً لحجم المشروع الفلاحي المقام بها وقلة إمكانياتنا المادية، عزمنا على بيع الأرض لسداد دين ميتنا، فاقترح البعض أسعار بخسة لشراء الأرض, فهل يجوز لنا رفضها حتى يأتي المشتري الذي يقبل الشراء بالسعر المعمول به، علما بأن أرضنا الزراعية شبه مهملة نظراً لعدم تمكننا من القيام بها،وأن هذا النوع من المبيعات يتطلب غالباً وقتا طويلاً، ولو قبلنا السعر البخس لتمكنا من سداد دين ميتنا، فأفتونا بارك الله فيكم ولا تنسونا من صالح دعائكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الورثة المسارعة إلى قضاء ديون مورثهم مما ترك من المال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه الترمذي وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
فإن كان الميت لم يترك مالاً من جنس ما استدانه فالأولى أن تطلبوا من أصحاب الديون أن تحيلوهم بهذا الدين من ذمة المتوفى إلى ذمتكم، وتطلبوا إمهالكم لفترة يمكنكم فيها بيع الأرض بسعر مثلها.
قال النووي في المجموع: يسارع إلى قضاء دينه -يعني الميت- والتوصل إلى إبرائه منه. هكذا نص عليه الشافعي والأصحاب، وقال الشيخ أبو حامد: وإن كان للميت دراهم أو دنانير قضي الدين منها, وإن كان عقارا أو غيره مما يباع سأل غرماءه أن يحتالوا عليه ليصير الدين في ذمة وليه وتبرأ ذمة الميت. وقال الشافعي في الأم في آخر باب القول عند الدفن: إن كان الدين يستأخر سأل غرماءه أن يحللوه ويحتالوا به عليه، وإرضاؤهم منه بأي وجه كان, وفيه إشكال، لأن ظاهره أنه بمجرد تراضيهم على مصيره في ذمة الولي يبرأ الميت، ومعلوم أن الحوالة لا تصح إلا برضاء المحيل والمحتال, وإن كان ضمانا فكيف يبرأ المضمون عنه ثم يطالب الضامن ... , وفي حديث أبي قتادة لما ضمن الدين عن الميت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الآن بردت جلدته. حين وفاه لا حين ضمنه, ويحتمل أن الشافعي والأصحاب رأوا هذه الحوالة جائزة مبرئة للميت في الحال للحاجة والمصلحة. والله أعلم. انتهى.
ففي هذه الحالة يلزم أصحاب الديون قبول الحوالة، مع أن الأصل في الحوالة أنه يشترط فيها قبول المحتال وهذا على سبيل الاستثناء للحاجة والمصلحة كما قرره النووي، واعتمد هذا غير واحد من متأخري الشافعية كما ذكر الهيتمي في الفتاوى الكبرى. وقال الهيتمي في تحفة المحتاج: (يبادر) بفتح الدال ندبا (بقضاء دين الميت) عقب موته إن أمكن، مسارعة لفك نفسه عن حبسها بدينها عن مقامها الكريم، فإن لم يكن بالتركة جنس الدين أي أو كان ولم يسهل القضاء منه فورا فيما يظهر، سأل ندبا الولي غرماءه أن يحتالوا به عليه، وحينئذ فتبرأ ذمته بمجرد رضاهم بمصيره في ذمة الولي، وإن لم يحللوه كما يصرح به كلام الشافعي والأصحاب بل صرح به كثير منهم وذلك للحاجة والمصلحة، وإن كان ذلك ليس على قاعدة الحوالة ولا الضمان قاله في المجموع ... قال الزركشي: ... وينبغي لمن فعل ذلك أن يسأل الدائن تحليل الميت تحليلا صحيحا ليبرأ بيقين، وليخرج من خلاف من زعم أن المشهور أن ذلك التحمل والضمان لا يصح، قال جمع: وصورة ما قاله الشافعي والأصحاب من الحوالة أن يقول للدائن: أسقط حقك عنه أو أبرئه وعلي عوضه، فإذا فعل ذلك برئ الميت ولزم الملتزم ما التزمه لأنه استدعاء مال لغرض صحيح. اهـ.. وقولهم أن يقول إلى آخره مجرد تصوير لما مر عن المجموع أن مجرد تراضيهما بمصير الدين في ذمة الولي يبرئ الميت فيلزمه وفاؤه من ماله وإن تلفت التركة. انتهى.
نسأل الله تعالى أن ييسر لكم أمركم وأن يرحم أباكم ويدخله جنات النعيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1430(11/12261)
ما يحصل من فواتير على العداد بعد موت المرء
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي ويملك عدادا باسمه، والآن زاد المبلغ ولم نستطع سداده, فهل سيحاسب بأنه دين عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تم من فواتير على العداد بعد موت الرجل ليس عليه، بل هو على الورثة، لأن ملكه ينقطع بموته ويدخل في ملك الورثة، فلا يكون دينا عليه، وإنما يحاسب على ما كان في حياته ما لم يقض عنه من تركته، أو من غيرها،وللفائدة انظر الفتويين: 6159، 18573.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1430(11/12262)
من كان لها دين على زوجها المتوفى وعليه ديون لغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعلم حقوق الزوجة في مال زوجها المتوفى. سمعت أن لها مؤخر الصداق، فهل لها نفقه عدة ال4 شهور و10، وإذا كان لها دين عند زوجها، فهل هذا الدين قبل الغريب أم الغريب يسدد أولا؟ وكيف تحسب نفقة العدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمؤخر الصداق دين في ذمة الزوج لزوجته، فإذا مات قبل أدائه استحقته الزوجة من تركته ـ إن وجدت ـ قبل قسمها، وإذا كان لها دين آخر على زوجها وعليه ديون أخرى لغيرها، فإن الزوجة تكون كفرد من أصحاب الديون، وتحاصص بقدر دينها، ولا يقدم عليها غيرها من الغرماء. ففي الدردير ممزوجا بمختصر خليل: وحاصت الزوجة بما أنفقت على نفسها حال يسر زوجها لا حال عسره، لقوله في النفقة وسقطت بالعسر (وبصداقها) كله أو باقيه ولو فلس قبل البناء، لأنه دين في ذمته حل بالفلس (كالموت) أي كما تحاصص بنفقتها وصداقها في الموت ولو مات قبل الدخول. انتهى.
أما نفقتها زمن عدة الوفاة فساقطة عن زوجها الميت بمجرد موته لانقطاع عصمتها بالموت. وراجعي الفتوى رقم: 113863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1430(11/12263)
خلوص الميت من ورطة الدين بسداده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والدي توفي، وكان عنده مؤسسة للبيع والشراء، وهذه المؤسسة عليها ديون مثل أي مؤسسة للبيع والشراء. فهل تعتبر من ديون أبي؟ هل نبادر بسدادها أو نتركها على نظام المؤسسة؟ مع العلم أنه ليست لأبي ديون شخصية.
وهل إذا تم الاتفاق مع أصحاب الديون على سداده بالقسط وتكون على اسم شخص آخر يكون علي أبي شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الورثة سداد دين الميت قبل قسمة التركة، وينبغي المبادرة إلى ذلك لأن نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه، ولا فرق في الديون بين ما كان منها باسم الميت أو باسم مؤسسته، وجميع الديون تحل بموت الغريم.
قال خليل: وحل به (يعني الفلس) أو بالموت ما أجل. وقال السرخسي في المبسوط: لأن موت المديون سبب لحلول الأجل وتوجه المطالبة بقضاء الدين. اهـ
وإذا تحمل شخص ما تلك الديون لأصحابها أو اتفق الورثة على سدادها مقسطة ونحوه، فإن ذلك لا يخلص الميت من ورطة الدين حتى يتم السداد، لما روى أحمد في المسند عن جابر قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه، ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه. فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحق الغريم، وبرئ منهما الميت؟ قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران، فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد فقال: قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلدته. وصححه الأرنؤوط.
قال الشوكاني: فيه دليل على أن خلوص الميت من ورطة الدين وبراءة ذمته على الحقيقة ورفع العذاب عنه إنما يكون بالقضاء عنه، لا بمجرد التحمل بالدين بلفظ الضمانة. اهـ
وما دام للميت مال، فليزم السداد عنه من ماله قبل قسمته على الورثة، ولا حاجة إلى تحمل الغير عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(11/12264)
كيفية التصرف في الأجنة التي تم تشريحها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مختبر فحص الأنسجة المرضية، وترد إلى هذا المختبر أحيانا أجنة ناتجة عن إجهاض بسبب أمراض معينة، لغرض الفحص والتشريح، لمعرفة سبب الإجهاض، وبعد الانتهاء من الفحص تبقى هذه الأجنة في المختبر في مادة حافظة تمنعها من التعفن والتحلل، مع العلم أننا اتصلنا بذوي هذه الأجنة ولم يأت أحد لاستلامها ودفنها، وبقيت محفوظة لدينا في أوعية لمدة طويلة تتجاوز أحيانا الخمس سنوات لبعضها، مع العلم أنه إذا تم دفنها فإنها لن تتحلل بفعل المادة الموضوعة عليها.
هل يجوز حرق هذه الأجنة لعدم إمكانية تحللها أو دفنها في عمق كبير خوفا من الكلاب الضالة أن تقوم بنبش هذه الحفر؟
وما الحكم الشرعي الواجب اتخاذه في هذه الحالة عند الدفن؟
وهل تجب الصلاة عليها عند الدفن، أو غسلها كما يفعل مع الأطفال المتوفين؟
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجنين المحكوم بإسلامه إذا أتى عليه في بطن أمه أربعة أشهر ثم نزل ميتاً، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه، على الراجح من أقوال أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتويين: 7135، 11272،. وعليه فالواجب أن تدفن هذه الأجنة ولا تحرق، فإن حرمة الإنسان ميتا كحرمته حيا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كسر عظم الميت ككسره حيا. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
قال المناوي في التيسير: لأنه محترم بعد موته كاحترامه حال حياته، وأفاد أن حرمة المؤمن بعد موته باقية. اهـ.
وجاء في عون المعبود: يعني في الإثم، كما في رواية. قال الطيبي: إشارة إلى أنه لا يهان ميتا كما لا يهان حيا. قال ابن الملك: وإلى أن الميت يتألم. قال ابن حجر: ومن لازمه أنه يستلذ بما يستلذ به الحي انتهى.
وقد أخرج بن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: أذى المؤمن في موته كأذاه في حياته. قاله في المرقاة. اهـ.
وقال ابن عباس في جنازة أم المؤمنين ميمونة: إذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوها ولا تزلزلوها وارفقوا. متفق عليه.
قال ابن حجر في الفتح: ويستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته. اهـ.
وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45300، 3095، 53850.
وأما مسألة نبش الكلاب لهذه الأجنة، فعلاج ذلك بإعماق الحفر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: احفروا وأعمقوا وأحسنوا. رواه النسائي وأبو داود وأحمد، وصححه الألباني. ولا يضر بعد ذلك كونها تحللت أو لم تتحلل.
والجنين الذي تم له في بطن أمه أربعة أشهر ثم نزل ميتاً ولم يُصَلَّ عليه، فصلوا أنتم عليه قبل دفنه بعد أن تغسلوه، فإن صلاة الجنازة فرض على الكفاية عند جمهور العلماء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 17132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1430(11/12265)
هل يلزم الورثة قضاء دين الميت الذي لم يترك وفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي وليس لديه تركة وعليه دين وله أبناء رجال ونساء ويريدون تسديد الدين. فكيف يتم تقسيم الدين بينهم؟ وهل واجب على البنات المشاركة في سداد الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن توفي وعليه دين فإن دينه يقضى من التركة، وقضاء دينه مقدم على حق الورثة؛ لقول الله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11} .
فإن لم يكن له تركة يقضى منها الدين لم يلزم الورثة أن يقضوا عنه دينه. قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: فإن لم يخلف تركة، لم يلزم الوارث بشيء، لأنه لا يلزمه أداء دينه إذا كان حيا مفلسا، كذلك إذا كان ميتا. انتهى.
وبهذا يعلم السائل أنه لا يلزم البنات ولا البنين ولا غيرهم من الورثة أن يقضوا دين الميت، ويستحب لهم قضاؤه، ويقسمون الدين بينهم على ما يتراضون به بينهم، لأنه ليس بلازم لأحدهم في الأصل.
ولا شك أنه يستحب استحابا أكيدا لأبناء الميت وبناته أن يبادروا بتسديد دين والدهم لأن هذا من أعظم البر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال نفس ابن آدم معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه الترمذي وأحمد واللفظ له، والمعنى كما قال السيوطي: أي محبوسة عن مقامها الكريم. وقال العراقي: أي أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1430(11/12266)
هل يجب إعلام أهل الميت بالمسامحة بالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[فيما يخص الدين شخص مات ولي عليه دين وأنا في قرارة نفسي قد سامحته ولم أبلغ أهله بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ورثة الميت يعلمون بهذا الدين فلتعلمهم بهذا الإبراء حتى يتمكنوا من قسمة تركة الميت دون أن يحتسبوا هذا الدين، وإن لم يكن عندهم علم بالدين فلا داعي لإعلامهم. وأما ذمة الميت فتبرأ بمجرد مسامحتك له، علم الورثة أو لم يعلموا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1429(11/12267)
من مات وفي ماله شيء من حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هو أن أمي رحمها الله تركت لي وأبي وإخوتي الثلاثة وجدتي أملاكا وأموالا هي تحت إمرتي لكن ما تركته والدتي رحمها الله فيه المال الحرام، فماذا أفعل هل أتصدق بما تركت مع العلم أن فينا من يحتاج لهذا الإرث، أو أبقيه وأعطيه للورثة، وما دام تحت إمرتي كما أراد إخوتي فهل أخرج زكاته؟ أفيدونا رحمكم الله حتى أبر أمي رحمها الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكرَ الله لكَ حرصك على برِ أمك، والواجب عليكم أنت وباقي الورثة أن تحسبوا قدرَ الحرامِ في هذا المال ثم تتصدقوا به رجاء أن تخففوا عن أمكم وتهونوا عليها بعض ما تجده رحمها الله، فإن عرفتم صاحب هذا المال الذي اكتسبته أمك بطريقٍ غير مباح وجب رده إليه، إن كان قد أخذ منه بغير رضاه كأن يكون سرق منه أو اغتصب أو نحو ذلك، وإن لم يُعلم أو علم لكن كان قد أخذ منه مقابل استيفاء منفعة محرمة فالواجب التخلص منه بإنفاقه في مصالح المسلمين أو دفعه للفقراء والمحتاجين، ولا يجوز لكم الانتفاع به، وراجع الفتوى رقم: 97941.
وإن كان إخوتًكَ مضطرين إلى الانتفاع بهذا المال المحرم فالظاهرُ أنه يجوزُ لهم الانتفاع به إن كان المال من النوع الثاني الذي ذكرنا لأنهم والحالُ هذه من مصارفه الشرعية، وإن تعففوا عنه كان خيراً لهم.
وأما باقي المال والذي هو القدر الحلال منه فهو إرثٌ يقسم حسب الأنصبة الشرعية، وكلُ من بلغت حصته نصاباً فإنه يلزمه أن يؤدي زكاة هذا المال من حينِ دخل في ملكه وهو يوم وفاة الأم، ومن كان منهم بالغا فهو المخاطب بإخراج الزكاة فإن أذن لك بالإخراج فلك أن تخرج الزكاة نيابة عنه، ومن كان صغيرا فالمخاطب بإخراج الزكاة وليه، وهو هنا الأب فإن أذن لك فلك ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1429(11/12268)
حكم من مات ولم يسدد ضريبة للدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[مات أحد وترك ضريبة للدولة، هل هي دين عليه أم على الورثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا لم يترك الميت ما يسدد عنه به ديون الدولة أو غيرها فليس على ورثته قضاؤها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الضريبة التي نشأ منها الدين غير مشروعة؛ فليس على الميت ولا على ورثته قضاؤها، إذا لم يترتب على ذلك ضرر عليهم، وسبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى: 24662، وما أحيل عليه فيها.
أما إذا كانت مشروعة؛ فإنها تقضى من تركته قبل قسمها -إن كان ترك شيئا- وإن لم يتركه فلا يلزم ورثته قضاءها عنه وجوبا، ولكن يستحب لهم ذلك كما جاء في الموسوعة الفقهية:.. إنْ تَعَذَّرَ الْوَفَاءُ اُسْتُحِبَّ لِوَارِثِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يَتَكَفَّلَ عَنْهُ، وَالْكَفَالَةُ بِدَيْنِ الْمَيِّتِ قَالَ بِصِحَّتِهَا أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ.
وذهب بعضهم إلى أن على ولي أمر المسلمين أن يقضي عن الميت المعسر دينه من بيت مال المسلمين؛ وذلك لما جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته. ولمارواه الطبراني وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: الدين دينان، فمن مات وهو ينوي قضاءه فأنا وليه، ومن مات وهو لا ينوي قضاءه، فذاك الذي يؤخذ من حسناته، ليس يومئذ دينار ولا درهم. صححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1429(11/12269)
دين الابن ومهر الزوجة يستوفى من التركة قبل قسمتها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان على الوالد دين لأحد أبنائه وتوفي الوالد فهل يأخذ الابن دينه من تركة أبيه؟
أم يدخل تحت الحديث الشريف (أنت ومالك لأبيك)
وكذلك الزوجة هل تأخذ مؤخر صداقها (أي ما بقي لها من المهر) من تركة زوجها؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من حق الابن والزوجة أن يأخذ كل منهما ما له من الدين على الميت، ومن جملة الديون مؤخر صداق الزوجة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأب إذا مات وترك مالا فإنه لا يحق لأحد من الورثة أخذ شيء منه إلا بعد قضاء ديونه؛ فقضاء الدين مما ترك الميت مقدم على حق الورثة، قال الله تعالى في آيات المواريث: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12} .
ورغم ثبوت الحق للأب في مال ابنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. كما في سنن ابن ماجه عن جابر، فإن دين الابن يعتبر دينا ثابتا في ذمة الأب، وله أن يستوفيه من التركة قبل قسمتها.
وإذا تقرر هذا في دين الابن على الأب، فمن باب أولى أن يكون للزوجة الحق في أن تستوفي مؤخر صداقها من التركة قبل القسمة؛ لأنه دين كسائر الديون ثابت لها في ذلك المال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(11/12270)
المساعدة في تجهيز الميت وحضور الدفن والصلاة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك داعية على علم وفقه وهو يعالج بالقران الكريم ولقد توفي طفل صغير وذهبنا إليه وطرقنا الباب وقال لى انتظر وحينما أتى الشيخ قال أين الطفل الذى أقرأ عليه فقلت إنه متوفى ونريد أن تغسله وتكفنه فرد بأنه عليه مشوار سيذهب إليه فما رأى فضيلتكم نحو هدي النبى صل الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان هنالك من يستطيع القيام بتجهيز هذا الطفل غير هذا الرجل فلا يجب عليه هو أن يقوم بذلك ولكن كان ينبغي له أن يساعد أهل الميت ويشيع معهم الجنازة لما يترب على ذلك من الأجر عند الله والشكر عند الناس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تغسيل الميت وتكفينه ودفنه فرض كفاية على المسلمين إذا قام به بعضهم سقط الوجوب والإثم عن الباقين.
وأولى من يقوم بذلك الأبوان ومن يليهما من الأقارب وسبق بيان كيفية تغسيل الميت ودفنه وما يتعلق بذلك في الفتويين: 6672، 93923. وما أحيل عليه فيهما.
وينبغي للمسلم أن يساعد في تجهيز الميت بما يستطيع – ولو لم يتعين عليه- ويحضر الصلاة عليه ودفنه لما في ذلك من الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى ففي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد..
ولهذا فقد كان ينبغي لهذا الداعية أن يساعد أهل هذا الميت بما يستطيع وأن يشيع معهم الجنازة ويحضر الصلاة والدفن.
كما ينبغي لأهل الميت أن يحملوا تخلفه عنهم على أحسن المخارج وأن يعذروا من كان عنده عذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(11/12271)
لا تبرأ ذمة الميت قبل القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي والدي -أبي - توفي منذ سنوات رحمه الله لديه دين لا أعلم ثمنه قال لي عمي أنا أسد الدين عليه، ولكن منذ مدة لم يسدد الدين، فهل يعذب والدي بعد طول الزمن، فأفيدوني أرجوكم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الظاهر أن أباكم لم تبرأ ذمته من الدين، وعليكم أن تبادروا بقضائه عنه إذا لم يبادر عمكم بقضائه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن أباكم لم تبرأ ذمته بمجرد تحمل عمكم تسديد ما عليه من الدين إلا إذا أتم قضاءه بالفعل، فهذا ما رجحه بعض أهل العلم من قوليهم في هذه المسألة، إذا اعتبرنا أن ما قاله عمكم ضمان وتحمل، وذلك لما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. صححه الألباني وغيره.
وعن جابر قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه فخطا ثم قال: أعليه دين، قلنا: ديناران فانصرف فتحملهما أبو قتادة فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحق الغريم وبرئ منهما الميت؟ قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران، فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد، فقال: قد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلده.
قال المرداوي في الإنصاف وهو حنبلي المذهب: (ويصح ضمان دين الميت المفلس وغيره) أي غير المفلس. يصح ضمان دين الميت المفلس بلا نزاع، ويصح ضمان دين الميت غير المفلس، على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب، وعنه لا يصح. قوله (ولا تبرأ ذمته قبل القضاء في أصح الروايتين) . وعلى ذلك فإن عليكم أن تبادروا بقضاء الدين عن أبيكم إذا لم يقضه عمكم أو يسامح به أصحاب الحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(11/12272)
إبراء ذمة الميت وقضاء ديونه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي فجأة من 15 يوما والحمد لله على قضاء ربنا وأمر الله لكن سؤالي الآن هل كان من المفروض أن نعمل إعلان إبراء ذمة له وهل انقضت الفترة لذلك أرجو إفادتي حتى لا يتعذب أبي رحمة الله عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فقد نص بعض الفقهاء على أن الميت إن كان معروفا بالاستدانة أنه يلزم التأني وعدم التعجل إلى قسمة تركته حتى يغلب على الظن عدم وجود غريم أو وارث آخر لم يكن معلوما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحسن الله عزاءكم في والدكم، ونسأل الله أن يغفر له وأن يرحمه، وبخصوص سؤالك فقد نص بعض الفقهاء على أن الميت إن كان معروفا بالاستدانة أنه يلزم التأني وعدم التعجل إلى قسمة تركته حتى يغلب على الظن عدم وجود غريم أو وارث آخر لم يكن معلوما. قال الدسوقي في حاشيته: قوله: واستؤني به أي وجوبا وحاصله أن الميت إذا كان معروفا بالدين فإن الحاكم لا يعجل بقسم ماله بين الغرماء بل يستأنى به وجوبا بقدر ما يراه لاحتمال طرو غريم آخر فتجمع الغرماء. اهـ ويتضح من هذا أن فترة الانتظار يرجع تحديدها إلى الاجتهاد بحيث يغلب على الظن عدم وجود غريم بعد هذه الفترة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(11/12273)
سدد دين أبيه ولم يقم سرادق عزاء كما أوصى فهل أخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي سؤال وأتمنى أن تفيدوني بالإجابة، أنا والدي توفي منذ وقت قصير وكان موصيا أن نسوي له سرادق عزاء، ولكن كان عليه دين في جماعة من أقربائنا نصحوا بأن نقضي الدين أولا، كان الدين كبيرا، وأن هذا السرادق ليس لا بد منه، وأهم شيء الدين ولم نعمل السرادق، لكن أنا أتألم من هذا الشيء، هل أنا أكون مقصرا في حقه، أود أن أستريح من هذا الشيء.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب تقديم الدين على الوصية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أول ما تبدأ بإخراجه من تركة أبيك بعد مؤن تجهيزه هو قضاء ما عليه من الديون كما نص على ذلك أهل العلم، وقال صلى الله عليه وسلم: ليس من ميت يموت وعليه دين إلا وهو مرتهن بدينه، فمن فك رهان ميت فك الله رهانه يوم القيامة. رواه البيهقي والدارقطني.
وعليه، فما نصحك به أقرباؤك هو الصواب ولا داعي للقلق، فلم تقصر في حق والدك مادمت متبعا لأوامر الشرع.
وأما نصب الخيام وصرف المال في العزاء فلا داعي له لأن العزاء يمكن أن يحصل في أي مكان خاص أو عام ولا يجوز لكم صرف المال عليه إذا كان من التركة ولم يأذن الورثة فيه أو كان من بينهم قصر.
وللمزيد انظر الفتويين: 58460، 36020. .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(11/12274)
الصبر والدعاء للميت لا يعد من عدم المبالاة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت جدتى وسألنى أحد الأشخاص هل تحزن عليها فقلت كلنا سوف نموت مع أني أستغفر لها وأدعو لها بالرحمة هل ماقلت يعد جحودا وعدم مبالاة بالموت أم أنه استسلام لأمر الله الذى هو واقع لامحالة لكل الناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الموت مصير كل نفس، وعلى المؤمن أن يستسلم له ويصبر، ويترحم على قريبه الميت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
من المعلوم أنه ما من نفس منفوسة إلا وكتب الله عليها الموت والفناء في الدنيا. قال عز وجل: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ. {آل عمران: 185} . وقال تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ. [الرحمن: 26-27] .
والذي على المسلم أن يفعله إذا توفي أحد قرابته هو أن يصبر على المصيبة، ويدعو لقريبه بالرحمة ويستغفر له. وليس في شيء من هذا تعارض مع الحزن، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحزن عند المصائب كما حزن على عمه حمزة وحزن على ولده إبراهيم وقال: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون. متفق عليه.
وعليه، فما قلته لذلك الذي سألك هو استسلام لأمر الله، وليس فيه ما يدل على عدم المبالاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(11/12275)
حكم استخراج مسامير البلاتين من جسد الميت والانتفاع بها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في رجل توفي وبجسمه مسامير بلاتين غالية الثمن هل يجوز أخذ هذه المسامير من جسمه بعد وفاته أم لا وما حكم الدين في الرجل الذي يأخذ هذه المسامير من قبره عند دفن شخص آخر هل يجوز ردها لأهله أو التصدق بها؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر الفقهاء مسألة ما إذا ابتلع الميت مالا له ثم مات هل يشق بطنه أم لا؟ ، وهذه المسألة شبيهة بما نحن فيه، وقد اختلف العلماء فيها على قولين:
القول الأول: أنه لا يشق بطنه، وهو المذهب عند الحنابلة ووجه عند الشافعية. قال ابن قدامة في المغني: فصل: وإن بلع الميت مالا، لم يخل من أن يكون له أو لغيره، فإن كان له لم يشق بطنه، لأنه استهلكه في حياته.اهـ.
القول الثاني: أنه يشق بطنه وهو وجه آخر عند الشافعية وقال به المالكية وقيدوه بالمال الكثير قال خليل في مختصره: وبقر عن مال كثر اهـ. وهذا ما يفهم من كلام الشافعية إذ مثلوا لذلك بابتلاع الجوهرة، ويفهم من كلام ابن قدامة أنه يميل إلى التفريق بين ما له قيمة وما ليس له قيمة، فقد قال في تمام كلام السابق: ويحتمل أنه إن كان يسيرا ترك، وإن كثرت قيمته، شق بطنه وأخرج، لأن فيه حفظ المال عن الضياع، ونفع الورثة الذين تعلق حقهم بماله بمرضه. اهـ. ولعل هذا القول أقرب للصواب إن شاء الله. وعليه فلا حرج في أخذ هذه المسامير من البلاتين إن كانت فعلا ذات قيمة.
ومن هذا يتضح جواب الشق الثاني من السؤال وهو أنه يجب على هذا الرجل أن يرد هذا المال لورثة هذا الميت إن كانت من مال الميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(11/12276)
حكم كشف المرأة الأجنبية وجه الميت لتوديعه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة الأجنبية كشف وجه الرجل الميت وهو ما زال في ثلاجة الموتى وذلك بغرض السلام عليه وتوديعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه لا يجوز للمرأة أن تكشف عن وجه الرجل الأجنبي إن أدى ذلك إلى مسه لأنه لا يجوز المس بين الأجانب لغير ضرورة معتبرة شرعاً.
أما مجرد نظرها إلى وجهه من غير مس فلا مانع منه شرعاً مع أنه لا داعي لهذا الأمر.
وقد اختلف في حكم كشف وجه الميت والصحيح أنه جائز كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 25675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1428(11/12277)
سداد دين الميت لا يحتاج لإذن الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي ولم تترك شيئا مما يسمى أملاكا, لكن مكان عملها قد قام بصرف مستحقات لها بمبلغ 13000 ألف جنيه وفى أثناء السير فى الإجراءات الصرف اتضح لي وأنا ابنتها الكبرى وقد توفي أبي وعمري 5 سنوات وأختي 3 سنوات أنها يرحمها الله كانت تأخذ معاش والدي منذ وفاته واستمرت بعد أن تزوجنا وذلك من سبع سنوات تقريبا وكان علينا أن نسد ذلك المبلغ لإدارة المعاشات بشكل ودي بدلا من المقاضاة وافتضاح الأمر وبكرم الله المبلع الذي يحق السداد 11500جنيه وقد استلمت أنا اليوم شيكات صرف المستحق لأمي من عملها لحامله أي يمكن أن أصرف أنا كل الشيكات دون الرجوع إلى الورثة وهم (زوج أمي وأب وأم ووالد واحد وثلاث بنات) ، السؤال هو: هل يجوز لي سداد دين أمي دون الاستئذان من الورثة وذلك للخوف من بعضهم الامتناع عن السداد عند الحصول على شيكه بيده وباقي المبلغ يتم تقسيمه بعد سداد الدين، وإذا كان جائزا ذلك فهل يجب على إخبارهم بما تم أم الامتناع عن الإخبار بوجود مستحقات أصلاً وخصوصا أنها لا تجدي وقد تحدث مشاكل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب سداد دين المتوفى قبل قسمة التركة، ولا يحتاج السداد إلى إذن الورثة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السؤال عن المبلغ الذي أخذته والدتك خلال سبع سنوات من بعد زواجكما، وتطالب به الآن إدارة المعاشات فهذا دين على أمك يجب سداده قبل قسمة تركتها على ورثتها، ولا يحتاج سداده إلى إذن من الورثة، وإذا كان إخبارهم بحقيقة الأمر يؤدي إلى مشاكل فلا تخبريهم وسددي ما على أمك من دين، فإن الميت معلق بدينه، كما في الحديث الذي رواه أهل السنن: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضي عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1428(11/12278)
العفو عن دين الميت مطلقا، أو يتحمله أحد الأحياء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقرضت شخصا مبلغا من المال ثم توفي الشخص الذي أقرضته وله دين عند شخص آخر فسامحته بشرط إذا استرد أهله دينه فيعطوني المال الذي أقرضته فهل علي إثم وما الواجب علي فعله.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يبرأ الميت من الدين الذي عليه إلا إذا عفا عنه الدائن أو سدد الدين عنه، أما إذا عفا عنه على أن يسدد من دين له على آخر فهذا ليس بعفو؛ بل لا يزال الميت مرهونا بدينه، وتأمل هذا الحديث عن جابر: قال: توفي رجل فغسلناه وكفناه وحنطناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلت: ديناران. فانصرف فتحملهما أبو قتادة فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منها الميت؟. قال: نعم. فصلى عليه ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران؟. قلت: إنما مات أمس! قال: فعاد إليه من الغد فقال: قد قضيتهما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلدته. فانظر إلى عظيم خطر الدين.
وعليه؛ فمن الإحسان إليه أن تعفو عنه مطلقا إذا أمكن لتخلص نفسه من ربقة هذا الدين، أو يتحمله أحد الأحياء ليستريح الميت من دينه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال نفس ابن آدم معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الأرناؤوط.
ولكن لو لم تعف عنه فلا إثم عليك، وعلى ورثته أن يقوموا بسداد دينه من تركته، أو من القرض الذي له على الناس متى ما تمكنوا من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1428(11/12279)
حكم مصافحة الميت ومشاهدته
[السُّؤَالُ]
ـ[مشاهدة الميت والسلام عليه باليد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النظر في وجه الميت بعد انقطاع روحه ومصافحته أو تقبيله من باب التوديع له لا حرج فيه، ويدل له أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كشف عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ثم أكب عليه فقبله؛ كما في حديث البخاري، وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل عثمان بن مظعون وهو ميت وهو يبكي. رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وإن كان المقصود رؤية الميت بعد موته ودفنه والسلام عليه باليد في المنام.. فلا نعلم ما يمنع من هذا، فقد ذكر ابن القيم في كتاب الروح أنه رئي كثير من الموتى في منامهم وحدثوا من رآهم ببعض الأشيا. ء
وأما مصافحة الميت بعد دفنه فلا يشرع نبشه ليصافح لمنع نبش القبر بعد الدفن إلا لضرورة معتبرة شرعاً، وإنما تشرع زيارته للسلام عليه والدعاء له، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35746، 31903، 45421، 20280، 21883، 13853، 55046، 24738، 23015، 58976.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1428(11/12280)
قضاء دين الميت وهل تعتد للوفاة من هجرها زوجها سنين طوالا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعتذر عن الإزعاج.. ولكن لدي تعديل على السؤال 2146626 حيث إن هذه المرأة تقول "هجرني زوجي منذ أربعة عشر عاما وترك لدي أربعة أطفال ولم ينفق علينا ولم يأبه لحالنا كنت أعمل بدخل قليل لا يكفي خلال الشهر لإطعام العيال، وقد اشترى زوجي سوبر ماركت بالدين ولم ننتفع منه بشيء فقد كانت الأرباح عائدة على أهل زوجي وكان يشرب الخمر ويتعاطى المخدرات والعياذ بالله ولقد توفي هذا الزوج وعليه هذه الديون الطائلة.. سؤالي يا فضيلة الشيخ هو: من الملزم بهذه الديون، أنا وأولادي الذين ما زالو يتعلمون، أم أهل زوجي الذين انتفعوا من السوبر ماركت، وهل أنا مازلت على ذمته رغم هذه الظروف.. أي هل علي عدة أعتدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته تلك المرأة من أن زوجها قد هجرها، ولم يكن ينفق عليها ولا على أولاده طيلة الفترة التي بينتها.. وأنه كان يشرب الخمر ويتعاطى المخدرات ... هي -في الحقيقة- أخطاء كبيرة، والعياذ بالله، ولكنه قد أفضى إلى ما قدمه، وبالتالي فالصواب أن نكف عنه في غير ما لا تدعو إليه الحاجة من خبره.
ثم ما أنفقته الزوجة على نفسها وأولادها فيه تفصيل، فإن كانت قد أنفقته متطوعة به، فإنها بذلك تكون قد قامت بصلة وصدقة لها فيها الأجر عند الله إن شاء الله تعالى، وليس لها أن ترجع بها على الزوج، وكذا الحال إن كان إنفاقها قد وقع حال إعسار الزوج، لأنه لا يجب عليه الإنفاق في حالة الإعسار، وإن لم تكن متطوعة بالإنفاق، وكان هو موسراً زمن إنفاقها، فإن من حقها أن ترجع على تركته بما أنفقت، لأنها قامت عنه بواجب.
وأما الديون التي ذكرتها، فالواجب أن تقضى من متروكه إن كان قد ترك شيئاً، وإذا كانت الديون أكثر من تركته فإن الغرماء يتحاصون في الموجود من المال، كل بحسب دينه، وللزوجة أن تشاركهم في المحاصة بما أنفقته، وليس على أحد من الورثة أن يقضي عنه شيئاً من تلك الديون إلا أن يكون متطوعاً بذلك، ثم إذا لم يكن الزوج قد طلق تلك المرأة فإنها إذاً ما زالت تعتبر زوجة له، ويجب أن تعتد بعد موته عدة وفاة، ولها الحق في الإرث من تركته هي وأولاده إن كان سيفضل إرث بعد الديون.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(11/12281)
امتناع المرأة عن الأكل والشرب والتزين لموت أخيها
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى الشيخ الفاضل / الشبكة الإسلامية:
توفي أخو زوجتي منذ حوالي 3 أشهر وقد ناحت وبكت عليه زوجتي كثيرا واعترضت على قضاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وامتنعت عن الأكل والشرب لمدة 5 أيام حتى أغمي عليها ونقلت إلى المستشفى وهي لا تزال حزينة على أخيها وترفض الذهاب إلى أي مناسبة اجتماعية ودائمة البكاء وترفض التزين ووضع العطر وإزالة الشعر وتقول إنها ستستمر على هذا الحال إلى اكتمال عدة زوجة أخيها المتوفى ثم تنظر بعد ذلك ماذا تفعل وأنا بدوري كزوج اعترضت على كل ذلك ونصحتها بأن ذلك مخالف للشرع وبينت لها ذلك إلا أنها ترفض السماع لي وتتحجج بأن الميت أخوها وليس أخي وأن وضع الزينة أو العطر فضيحة أمام أهلها ولقد هجرتها في الفراش وأعلمتها بأنني لن أقربها حتى تتخلى عن هذا الحزن علما أنها ترتاح لذلك فما الحكم في ذلك؟ وماذا علي أن أفعل حياله شرعا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذي ذكرته عن زوجتك من إظهار الحزن الشديد، والامتناع عن الأكل والشرب، ورفض التزين ووضع العطر والاستحداد، هو من النياحة التي حرمها الإسلام، واعتبرها الرسول صلى الله عليه وسلم من أمر الجاهلية، وتوعد صاحبتها بالعقاب الشديد، كما في في الصحيحين وغيرهما. فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة. وقال عليه الصلاة والسلام: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب. رواه مسلم.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية " متفق عليه.
وكان صلى الله عليه وسلم يبايع النساء وينهاهن عن النياحة، كما في الصحيحين عن أم عطية رضي الله عنها.
ثم قولها إنها ستستمر على هذا الحال إلى اكتمال عدة زوجة أخيها المتوفي ثم تنظر بعد ذلك ماذا تفعل هو مخالف تماما لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تحد المرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(11/12282)
هل تجب الطهارة إذا مست المرأة ولدها المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد توفي زوج عمتي "الله يرحمه" وقبل أخذه للدفن.. تم أخذه لبيته، لأنه توفي في المستشفي وأمه أرادت أن تودعه وتترحم عليه وتطلب له المغفرة حيث إنها امرأة كبيرة في السن، وقامت بلمسه وحضنه..... فهل الطهارة واجبة ... يرجى التكرم بإفادتنا بذلك؟ شاكرين على تعاونكم معنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو: هل يجب على والدة الرجل المذكور الطهارة بأن تتوضأ أو تغتسل أو تغسل المواضع التي لامست الميت من جسدها؟ والجواب: أنه لا يجب شيء من ذلك، والسنة لمن غسل ميتاً أن يغتسل، ومن حمله أن يتوضأ. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 8512.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(11/12283)
حكم كشف النعش وإهالة التراب على الميت بعد دفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[كشف غطاء النعش عند المشي بالجنازه ووضع الرمال على الجثة بعد دفنها، ما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي كشف النعش ولا سيما في جنازة المرأة لأن ستر جنازتها مستحب، وانظر الفتوى رقم: 43860،
أما عن الشق الثاني من السؤال فإن كان المراد إهالة التراب على الميت بعد دفنه، فإن السنة في دفن الميت اللحد، وهو أن يحفر في القبر مما يلي القبلة، ثم يوضع الميت في اللحد ثم يسد اللحد باللبن أو غيره، ثم يهال التراب في القبر، فإذا لم يمكن اللحد لرخاوة الأرض فالشق، وصفته أن يحفر في القبر شقا يتسع لجسم الميت ثم يوضع فيه ويسقف عليه ثم يهال التراب، قال ابن قدامة في المغني: والسنة أن يلحد قبر الميت كما صنع بقبر النبي صلى الله عليه وسلم، قال سعد بن أبي وقاص الحدوا لي لحدا، وانصبوا عليَّ نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم. ومعنى اللحد أنه إذا بلغ أرض القبر حفر فيه مما يلي القبلة مكانا يوضع الميت فيه، فإن كانت الأرض رخوة جعل له من الحجارة شبه اللحد، قال أحمد ولا أحب الشق، لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللحد لنا والشق لغيرنا. رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: هذا حديث غريب، فإن لم يمكن اللحد شق له في الأرض، ومعنى الشق أن يحفر في أرض القبر شقا يضع فيه الميت ويسقفه عليه بشيء، ويضع الميت في اللحد على جنبه الأيمن مستقبل القبلة بوجهه، ويضع تحت رأسه لبنة أو حجرا أو شيئا مرتفعا كما يصنع الحي، وقد روي عن عمر رضي الله عنه قال: إذا جعلتموني في اللحد فأفضوا بخدي إلى الأرض، ويدنى من الحائط لئلا ينكب على وجهه. ويسند من ورائه بتراب لئلا ينقلب. انتهى.
وقد صرح فقهاء الشافعية بعدم جواز إهالة التراب على جسد الميت مباشرة من غير لحد ولا شق، وكذلك عدم سد اللحد أو الشق مما يؤدي إلى صب التراب على جسده مباشرة لما في ذلك من الإزراء به وهتك حرمته، ففي تحفة المحتاج إلى شرح المنهاج في الفقه الشافعي عند قول المؤلف: ويسد فتح اللحد بلبن. وظاهر صنيع المتن أن أصل سد اللحد مندوب كسابقه ولا حقه، فتجوز إهالة التراب عليه من غير سد وبه صرح غير واحد، لكن بحث غير واحد وجوب السد كما عليه الإجماع الفعلي من زمنه صلى الله عليه وسلم إلى الآن فتحرم تلك الإهالة لما فيها من الإزراء وهتك الحرمة، وإذا حرموا ما دون ذلك ككبه على وجهه وحمله على هيئة مزرية فهذا أولى، ويجري ما ذكر في تسقيف الشق. انتهى.
وقال في حاشية تحفة المحتاج: لو وضع الميت في القبر في غير لحد ولا شق وأهيل التراب على جثته، فالوجه تحريم ذلك ثم رأيت م ر أفتى بحرمة ذلك. انتهى.
وقال الخطيب الشربيني: ويكره دفنه في تابوت بالإجماع لأنه بدعة (إلا في أرض ندية أو رخوة) وهي ضد الشديدة فلا يكره للمصلحة. انتهى.
وذهب المالكية إلى أن سن التراب على الميت إذا تعذر اللحد والشق أولى من الدفن في التابوت، قال خليل في مختصره في الفقه المالكي بعد أن ذكر تفضيل اللحد ثم الشق: وسن التراب أولى من التابوت. انتهى.
ولبيان صفة القبور على وفق السنة راجع الفتوى رقم: 504، وإن كان الأخ السائل يعني غير ما ذكرنا فليبينه لنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1427(11/12284)
الأصل أن لا تقسم التركة قبل سداد ديون الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي قريب لي وهو كان يعمل في شركة مرموقة وكان ينظم جمعيات ادخارية بالقرعة وقبل وفاته أخبرني أن عليه دينا من أموال الجمعية حيث إنه كان إذا مر بضائقة اقترض من الجمعية وسدد فيما بعد ولكن عندما داهمه المرض لم يلحق أن يسدد هذا الدين وهو لم يبلغني تفاصيله ولكن بعد وفاته أخبرني بعض زملائه أنه بذلك يكون قد خان الأمانة وعلى ورثته سداد ما عليه.
والسؤال: هو ترك مستحقات لدي شركته تكفي لسداد الدين ويفيض منها الكثير فهل من المفروض أن يتحمل كل الورثة هذا الدين لأن والدتهم تجبر القادرين من أولادها فقط على سداد هذا الدين وترك بقية التركة لإخوانهم فهل هذا يجوز أم لا؟ وما حكم الشرع في خيانة الأمانة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تقسيم تركة هذا المتوفى قبل سداد ما عليه من دين لهذه الجمعية وغيرها، وإنفاذ وصاياه في حدود ثلث الباقي من التركة بعد سداد الديون، وإذا كان تقسيم التركة قد تم قبل ذلك فإن كل وارث يتحمل من هذا الدين بقدر حصته من التركة، سواء في ذلك الأغنياء منهم والفقراء، ولكن إذا طابت نفوس الأولاد الأغنياء بتحمل هذا الدين دون الفقراء منهم فهذا أفضل لما فيه من البر بأمهم وإخوانهم.
أما حكم خيانة الأمانة فهو التحريم فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال: 27} وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له.
وأما نسبة الميت إلى خيانة الأمانة.. فإذا كان المتوفى قد اقترض من أموال الجمعية بعلم أعضائها أو من له حق الإذن في ذلك ولم يفرط في سداد قرضه وأوصى بقضائه فلا يجوز نسبته إلى خيانة الأمانة؛ بل نسبته إلى خيانة الأمانة في هذه الحالة محض بهتان.
وإذا كان قد اقترض بدون علم أعضاء الجمعية أو علم من يحق له الإذن في ذلك فلا شك أن ذلك من خيانة الأمانة، ولكن ينبغي السكوت عن وصفه بذلك، فقد روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1427(11/12285)
صنع أهل الميت التلبينة لأنفسهم وأكلهم منها
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد حديث عن عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم قالت (أنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع لذلك النساء ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت ثم صنع ثريد فصبت التلبينة عليها ثم قالت كلن منها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن) . في هذا الحديث أنه أهل الميت طبخوا وأكلوا، ولكني قرأت في حديث آخر أنه لا يجوز خلال ثلاثة أيام، السؤال شرح وبيان هذا الحديث، وهل يجوز الطبخ في ثلاثة أيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحديث عائشة الوارد في السؤال متفق عليه ولفظه: أنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع لذلك النساء ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت ثم صنع ثريد فصبت التلبينة عليها ثم قالت: كلن منها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن. وهذا الحديث فيه دليل على مشروعية صنع أهل البيت طعاما لأنفسهم وخاصتهم وليس للأجانب المجتمعين عندهم, فقد ورد النهي عن الاجتماع في بيت الميت وتناول الطعام لما في ذلك من الإثقال على أهل الميت وزيادة تعبهم, بل ورد الحث على صنع الطعام لهم فيما رواه أبو داود وغيره عن عبد الله بن جعفر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم أمر شغلهم. أي موت جعفر رضي الله عنه, قال في عون المعبود: فيه مشروعية القيام بمؤنة أهل البيت مما يحتاجون إليه من الطعام لاشتغالهم عن أنفسهم بما دهمهم من المصيبة عن طبخ الطعام لأنفسهم. وعند ابن ماجة: قد أتاهم ما يشغلهم أو أمر يشغلهم. وفي رواية له: إن آل جعفر قد شغلوا بشأن ميتهم فاصنعوا لهم طعاما. انتهى.
وذهب أكثر أهل العلم إلى استحباب صنع الطعام لهم ثلاثة أيام, قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: (ويسن أن يصنع لأهل الميت طعاما يبعث به إليهم ثلاثا) أي: ثلاثة أيام، لقوله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم. رواه الشافعي وأحمد والترمذي وحسنه قال الزبير: فعمدت سلمى مولاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى شعير فطحنته وأدمته بزيت جعل عليه وبعثت به إليهم. ويروى عن عبد الله بن أبي بكر أنه قال: فما زالت السنة فينا حتى تركها من تركها. وسواء كان الميت حاضرا أو غائبا وأتاهم نعيه وينوي فعل ذلك لأهل الميت (لا لمن يجتمع عندهم فيكره) لأنه معونة على مكروه وهو اجتماع الناس عند أهل الميت نقل المروذي عن أحمد هو من أفعال الجاهلية وأنكر شديدا, ولأحمد وغيره عن جرير وإسناده ثقات قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة. (ويكره فعلهم) أي: فعل أهل الميت (ذلك) أي: الطعام (للناس) الذين يجتمعون عندهم لما تقدم (قال الموفق وغيره) كالشارح (إلا من حاجة) تدعو إلى فعلهم الطعام للناس (كأن يجيئهم من يحضر منهم من أهل القرى البعيدة ويبيت عندهم فلا يمكنهم) عادة (إلا أن يطعموه) فيصنعون ما يطعمونه له (ويكره الأكل من طعامهم قاله في النظم وإن كان من التركة وفي الورثة محجور عليه) أو من لم يأذن (حرم فعله، و) حرم (الأكل منه) لأنه تصرف في مال المحجور عليه أو مال الغير بغير إذنه)
وذهب الشافعية إلى أن المستحب هو صنع طعام لهم ليومهم وليلتهم قال النووي رحمه الله: (واتفقت نصوص الشافعي في الأم والمختصر والأصحاب على أنه يستحب لأقرباء الميت وجيرانه أن يعملوا طعاما لأهل الميت ويكون بحيث يشبعهم في يومهم وليلتهم قال الشافعي في المختصر: وأحب لقرابة الميت وجيرانه أن يعملوا لأهل الميت في يومهم وليلتهم طعاما يشبعهم فإنه سنة وفعل أهل الخير) وإن لم يصنع لهم جيرانهم طعاما فلا خلاص لهم إلا أن يصنعوا لأنفسهم، وعليه يحمل ما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1427(11/12286)
هل يلزم الورثة سداد فوائد التأخير على دين الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[فجزاكم الله خيراً على ما تقدمونه للمسلمين من نفع،،، وبعد:
توفي والدي وعليه أقساط واجب عليه دفعها لثمن جهاز معين،،، وقد بقي منها 12 قسطا، توقف الورثة عن سداد الأقساط، وبعد مرور 8 أشهر ذهب الورثة لسداد الأقساط فوجدوا أن الجهة طلبت منهم سداد أكثر من المبلغ الذي كان دينا على الوالد يرحمه الله بكثير،،، فدفعه الورثة حتى يرفعوا الدين عن الوالد ولكن بقي أربعة أقساط لم يتم سدادها، فقال الأخ الكبير لقد قمنا بسداد أكثر من المبلغ الأصلي الذي كان على الوالد ولن نسدد الأربعة أقساط الباقيه لأننا سنعتبر أننا دفعناهم من فوائد وغرامات التأخير التي أخدتها منا هذه الجهة؟
فهل هذا الكلام صحيح أرجو الإفادة، وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقضاء دين الميت واجب على ورثته إن كان له مال، لأنه حق لأصحاب الدين في مال المتوفى، ولا يبرأ إلا بأدائه، وقد بين تعالى أن التركة لا توزع على الورثة إلا بعد تنفيذ وصية الميت، وقضاء ديونه المستحقة عليه. قال تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء: 11] .
وجاء في السنة الشريفة ما يؤكد المبادرة بقضاء دين الميت، ففي المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه حسنه الترمذي، وصححه السيوطي.
وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بجنازة ليصلي عليها فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أُتي بجنازة أخرى فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: نعم. قال: صلوا على صاحبكم. قال أبو قتادة علي دينه يا رسول الله، فصلى عليه.
ولكن الذي يجب قضاؤه من الدين هو ما استقر في ذمة المدين، وأما ما زاد على ذلك من الفوائد بسبب التأخير في التسديد فهو من الربا المحرم، وهو إحدى الصور التي كان يتعامل بها أهل الجاهلية، فكان المدين إذا أعسر عن السداد، قال له الدائن: إما أن تقضي وإما أن تربي.
وعليه، فما أعلنه الأخ الأكبر من الامتناع عن تسديد الأقساط المتبقية هو الصحيح، لأنها ربا ولا يجوز تسديدها في حال الاختيار. بل كان عليكم أن لا تسددوا أكثر مما كان قد تقرر في ذمة الميت إلا أن تجبروا على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(11/12287)
التعلق بصورة الميت ومخاطبة الصورة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي منذ 4 شهور وكان مريضا بسرطان في المرارة رحمه الله وأنا متعلقة به جداً وخاصة في الفترة الأخيرة من عمره فكنت ملازمة له في مرضه فزاد تعلقي به، والآن أحيانا أمسك صورته وأظل أنظر إليها وأتحدث معه أقول له أخباري، أقول له صباح الخير مثلا أطلب منه أن يخبرني عن أخباره أطلب منه أن يأتيني فى منامي لكي أطمئن عليه وكذلك إذا ذهبت لزيارته في المقابر، ربما يقل هذا الشعور مع مرور الوقت لا أدري، وسؤالي الآن هل ما أفعله حرام هل يعني هذا أني غير مؤمنة بالقضاء والقدر، هل يعني ذلك أني لم أصبر، أنا أجد راحة نفسية في الحديث معه أنا لا أفعل ذلك كثيراً، ولكني مستعدة أن أتوقف عن ذلك إذا كان حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نعزي الأخت في مصابها، ونذكرها بفضل الصبر على المقدور، وأن ما قدر الله خير، وأن الله سيعوضها بسبب صبرها خيراً من الوالد، فقد روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه إن ابنا لي قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى. فلتصبر ولتحتسب.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها، قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة، أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إني قلتها فأخلف الله لي خيراً منه رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: ما لعبدي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة.
ثم إنا ننصحك بالبعد عن الاشتغال بالصور، والبعد عما لا ينفع من الكلام مع صورة لا تسمع ولا تعقل ولا تجيب علماً بأن الاشتغال بالصور قد يؤدي للتعلق بها والغلو إضافة إلى أن الأصل في تعليقها التحريم على الراجح، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى حرمة تعليق الصور الكاملة الرأس، واحتجوا لذلك بعدة أدلة منها حديث: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة. رواه البخاري ومسلم. وحديث علي أنه صلى الله عليه وسلم قال له: لا تدع صورة إلا طمستها. رواه مسلم. وحديث جابر: نهى عن الصورة في البيت. رواه الترمذي وصححه، وحديث عائشة: أنها نصبت ستراً فيه تصاوير فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعه. رواه البخاري ومسلم.
ومنها أنه قد يؤدي إلى الغلو والتعظيم كما حصل لقوم نوح، فقد ذكر ابن عباس: أن وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن أنصبوا إلى مجالسهم التي يجلسون إليها أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت. رواه البخاري وذكره الطبري وابن كثير في تفسيريهما.
وذهب المالكية إلى كراهية تعليق الصور التي لا ظل لها، وقد رجح النووي وابن حجر والشوكاني والمباركفوري في تحفة الأحوذي مذهب الجمهور، وقد أفتى بتحريم تعليق الصور كثير من العلماء المعاصرين منهم الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين، وعللوا ذلك بأنه قد يؤدي للتعظيم والغلو.
وعليك بالاستعانة بالدعاء والصلاة، وكثرة المطالعة في الترغيب والترهيب، وصحبة أهل الخير ومجالستهم وملء وقتك بما ينفع من علم وعبادة ونشاط نافع وخدمة المسلمين، وعليك بالحرص على الاستفادة من الإنترنت فيما ينفع من البحوث المفيدة ومتابعة الدروس العلمية التي تلقى في أطراف العالم، وتنقل عبر المواقع الإسلامية، وحاولي أن تبرمجي برنامجاً يشمل برامج تربوية تعليمية وبرامج ترفيهية مباحة حتى تتسلي بها عن التعلق بالوالد رحمه الله تعالى وتستفيدي فوائد علمية وتربوية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1427(11/12288)
مبيت الميت في ثلاجة الموتى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مبيت الميت في ثلاجة الموتى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإسراع بالجنازة، وقرر شراح الحديث أن الإسراع هنا يشمل الإسراع بالتجهيز والإسراع بالمشي بها معا كما سبق في الفتوى رقم: 10135، لكن إذا لم تكن أمور الدفن جاهزة بالليل فلا مانع من مبيت الجنازة في ثلاجة الموتى، بل قد يكون مبيتها فيها متعينا لأجل حفظها من التغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1427(11/12289)
حكم نزع الرباط عن لحيي الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[دخل صديق لي على جده المتوفى بعد الغسل فوجد المغسل قد ربط فم جده كما هو متبع ولكن جهلاً من صديقي قام بنزع هذه الرابطة وهو يتسائل الآن هل عليه من إثم أو ضرر واقع على جده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المستحب شد لحيي الميت بعد مفارقة الروح لئلا يبقى فمه مفتوحا, وكنا قد بينا ذلك من قبل, فلك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 14964 وفتوانا رقم: 8208. وضابط المستحب هو ما أمر به الشارع أمرا غير جازم، أو هو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
ومن ذلك يتبين لك أن ما فعله صديقك لا يترتب عليه فيه إثم؛ لأنه لا يعدو كونه إخلالا بأمر مستحب, وخاصة أنه أيضا معذور بجهله. ونوصي صديقك بتعلم أحكام دينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1427(11/12290)
هل يأثم من أبى تشريح طفله للتأكد من سبب وفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[قد سبق أن أرسلت إليكم سؤالا وتمت الإجابة عليه من سيادتكم تحت فتوى بعنوان قتل الخطأ بين وجوب الكفارة والدية وعدمها ورقم الفتوي هو (72806) إلا أني أريد أن أستفسر منكم حول جزء في هذه الفتوي وهو رفض الأب لتشريح ابنه المتوفى لمعرفة سبب الوفاة حيث الأطباء كانوا في حالة شك حول سبب الوفاة فكان رأي الأطباء أن هذه الحالة ترجع لسقوط شيء عليه وتحدث للمواليد مابين سن ثلاثة أيام وخمسة عشر يوماً
وخاصة أن الطفل المتوفى كان يبلغ من العمر ستة عشر يوماً. ونظراً لهذا العمر ولمشاعر الأب اتجاه ابنه رفض تشريح الطفل.
فهل هذا الأمر يوقع إثماً على الأب أو لا؟ وفي حالة وقوع الإثم ماذا عليه أن يفعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جسم الميت محترم فلا يجوز تشريحه ولا نبش قبره إلا لمصلحة محققة أو راجحة, أو دفع ضرروة مؤكدة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تجلسوا على القبور.. الحديث. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: كسر عظم الميت ككسره حيا. رواه أحمد وأبو داود، ولذلك فإن رفض الأب لتشريح جثة هذا الطفل هو الصواب فلا مصلحة محققة أو ضرورة تدعو لذلك، فالأصل براءة الأم وعدم تسببها في الوفاة وكذلك الحال بالنسبة لأخيه الذي كان ينام بعيدا منه, ومجرد تحركه من مكانه في نومه لا يجعله هو السبب في الوفاة.
والاحتمالات التي ذكرها الأطباء لسبب الوفاة التي تحدث للأبناء عادة في هذه السن لا تدعو لهذا الأمر البشع وهو تشريح الجثة فهذه مصيبة نزلت بكم فلتقولوا ما أرشد القرآن الكريم عند نزول المصيبة: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة: 155-157}
ولذلك فإن عليك أن تتركي هذا الأمر لله تعالى, وتعلمي أنه قضاء وقدر من الله عز وجل، ولا إثم على الأب في رفض التشريح, وليس عليك إثم فيما يتعلق بهذا الموضوع, ولو استطعت أن تكثري من أعمال الخير والنوافل والصدقات فلا شك أن ذلك أفضل لك.
ونرجو أن تطلعي على المزيد من الفائدة عن هذا الموضوع في الفتويين: 56064، 66343، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1427(11/12291)
إغماض عيني الميت وشد لحييه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يعني إذا مات أحد وعيناه وفمه مفتوح؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا لا يدل على شيء فمن الطبيعي أن من مات يبقى مفتوح العينين والفم، ولذلك استحب أهل العلم إغماض عيني الميت بعد خروج الروح، وشد لحييه لئلا يبقى فمه مفتوحا، قال صاحب الكفاف:
أول ما يفعل بعد الحين * تغميضه والشد للحيين
وقد استدلوا لذلك بما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أبي سلمة، وقد شق بصره، فأغمضه ثم قال: إن الروح إذا قبض تبعه البصر، وقد أمر صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر. رواه ابن ماجة وحسنه الألباني.
وقال ابن قدامة في المغني: ويستحب شد لحييه بعصابة عريضة يربطها من فوق رأسه لأن الميت إذا كان مفتوح العينين والفم فلم يغمض حتى يبرد بقي مفتوحا فيقبح منظره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1427(11/12292)
قضاء الدين عن الأم المتوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي سؤالان
- ما تفسير الكفن عندما يجدونه ناقصا؟
- لي صديقة توفيت أمها وتم تسديد ديونها حسب ما عرفت لكنها تخشى وجود ديون لم يعرف أصحابها فبما تنصحوننا؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
السؤال الأول لم يتضح لنا المراد منه فنرجو التوضيح حتى يتسنى لنا الجواب.
وأما بالنسبة للسؤال الثاني فنقول إنه يجب على الورثة قضاء دين مورثهم إن ترك مالاً، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 39185، والفتوى رقم: 6159.
هذا والدين يستحق إما بإقرار من المدين أو ببينه من الدائن، وعليه فإذا كانت بنت المتوفاة تخشى أن يكون على أمها دين لا تعلمه فسبيل معرفة ذلك أن تعلن للناس الذين تظن أن والدتها قد تكون استدانت منهم حال حياتها أن من كان له دين منهم على والدتها فعليه أن يتقدم ببينة ذلك وعليها سداده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1426(11/12293)
تبرأ ذمة الميت بوفاء الدين عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي جدي وترك قطعة أرضية وترك زوجة وثلاثة أبناء بالإضافة إلى ست بنات من الزوجة الأولى وكان عليه دين قدره 3000 درهم، فأراد الورثة بيع الأرض وأداء الدين فقامت أمي بأدائه لصاحبه من راتبي الشخصي بموافقتي ورضاي هل هذا جائز شرعا وهل برئت ذمة جدي من هذا الدين وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ذمة جدك المتوفى تبرأ بوفاء الدين عنه ولو لم يكن الوفاء من تركته، ولمن قام بالوفاء عنه أجر كبير، وقد روى البخاري في صحيحه عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بجنازة ليصلي عليها، فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أُتي بجنازة أخرى فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: نعم، قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: عليً دينه يا رسول الله، فصلى عليه، وفي رواية عند أحمد في المسند، أن أبا قتادة لما قضاهما (الديناران) أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال له: الآن بردت عليه جلده. وحسنة الأرنا ؤوط. وراجع الفتوى رقم: 18573، ومادام الوفاء قد حصل من مال من رضي بالوفاء منه فلا مانع من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(11/12294)
حدود عورة المتوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حد عورة المتوفاة أثناء الغسل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا تختلف عورة المتوفاة عن عورة المرأة الحية، إلا أنه قد نص أهل العلم على أنه إذا غسلها زوجها يسترها، واختلفوا في ذلك هل هو مستحب أم واجب، وذهب بعضهم لجواز نظره إليها كما في الحياة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30471، 37328، 43849، 17370.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1426(11/12295)
مؤن تجهيز الميت مقدمة من تركته على غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت زوجتي تركها زوجها وابنتها وابنها منذ أكثر من عشر سنوات في منزل والدتها دون أي مصاريف لها وكانت رحمة الله عليها والدتها تقوم بمعيشتها وتوفت والدتها منذ 7 شهور واستمرت أخت زوجتي مع أخت لها لم تتزوج حتى الآن حتى توفيت وكانت أمها رحمها الله قد اشترت لها خاتما وحلقا ولها قيراطان في المنزل وقام أخوها بمصاريف الدفن كاملة فمن يرثها في الخاتم والحلق والقيراطين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تركت المرأة المذكورة يرثه ابنها وبنتها تعصيبا، للذكر ضعف نصيب الأنثى، كما قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}
وإذا لم يكن أخوها متبرعا بمصاريف الدفن فإنه يأخذها مما تركت، فإن بقي شيء قسم بين أبنائها على النحو الذي ذكرنا، لأن مؤن تجهيز الميت مقدمة من تركته على غيرها من الدين والوصية وحق الورثة.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(11/12296)
قضاء دين الميت بالتقسيط
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى أخي وترك تركة تكفي لسداد معظم ديونه ولكنها عبارة عن دراجة بخارية وبعض الأشياء الصغيرة وعندما عرضناها للبيع بخس التجار أثمانها فلم نبعها وفي نفس الوقت شرعنا في سداد جزء من ديونه واستأذنا أصحاب الديون في أن نسدد الباقي على أقساط وقد قبلوا وسمحوا لنا السداد حين ميسرة
في نفس الوقت نذرت أمام الله أن اخرج مبلغا كصدقة جارية من مالي الخاص على روح أخي
السؤال هو هل نبيع أشياء أخي بثمن بخس لنسدد الدين أم ما نفعله يغني عن هذا
وأيضا هل يقبل النذر الذي نذرته أم أجعله في سداد الدين أفضل وهل علي كفارة إذا لم أف بالنذر أجيبوني بالله عليكم ولكم الثواب بإذن الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على أولياء الميت أن يبادروا بقضاء دينه فإن حقوق الناس أمرها عظيم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم، ولذلك فإن عليكم أن تبادروا بقضاء دين أخيكم في أقرب وقت ممكن بالطريقة التي ترونها مناسبة، وما دمتم قد بدأتم في القضاء ورضي أصحاب الدين بالتقسيط فلا بأس إن شاء الله تعالى، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الأمر لا يصلي على ميت عليه دين إلا إذا كان ترك ما يفي بالدين أو تحمل أحد الصحابة ما عليه من الدين فيصلي عليه. جاء ذلك في الصحيحين وغيرهما، ولهذا فلا بأس على أخيكم إن شاء الله تعالى ما دمتم تحملتم دينه، وكلما كان القضاء أسرع فلا شك أن ذلك أفضل.
وأما النذر الذي نذرت فالواجب عليك الوفاء به لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه.. الحديث رواه البخاري إلا إذا عجزت عنه فعليك كفارة يمين.
وقد سبقت الإجابة على ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 56907 نرجو الاطلاع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1426(11/12297)
قضاء الدين مقدم على تقسيم الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال حيرني وأرجو من الله أن ألقى له إجابة عندكم ولكم جزيل الشكر سلفاً.
أنا والدي توفي قبل ثلاث سنوات تقريبا رحمه الله وكانت ولا زالت عليه ديون تعتبر كثيرة ووالدي والحمد الله ترك لنا أملاكا نستطيع بيع جزء منها وتسديد هذه الديون فقمت أنا الأخ الأكبر في العائلة بطرح بيع عقار من عقاراته وتسديد ديونه على الوالدة والإخوة والأخوات ولكن تسبب هذا الموضوع في خلاف كبير بيننا مع العلم أني أنا الأخ الأكبر ولي سنتان وابتدأت في الثالثة ولم أجد عملا إلى الآن مع أني تخرجت من الجامعة في تخصص ممتاز حيث إن كل زملائي قد عملوا لم يبق إلا أنا فأخبرني أحدهم أن الله لن يوفقني بعمل أو بشيء آخر إلا عندما تقضى ديون والدي فأنا والله محتار جدا وكثيرا لا أعرف ماذا أفعل فإني أدعو الله دائما أن يعينني على قضاء دين والدي فأرجو من فضيلتكم وسماحتكم أن تفتوني في أمري وجزاكم الله عنا خيرا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يحق للورثة شيء من تركة مورثهم إلا بعد قضاء ديونه وتنفيذ وصيته من الثلث إن كانت له وصية، لقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 11} .
والواجب عليكم أن تبادروا بقضاء دين أبيكم ما دامت له أملاك تستطيعون سداد الدين منها، فقال قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال نفس ابن آدم معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الأرناؤوط.
ولذلك فلا يحق لوالدتك ولا إخوتك الاعتراض على بيع بعض ممتلكات أبيك أو كلها إذا كان ذلك لقضاء ديونه، لأنها مقدمة على حقهم في التركة؛ كما مر في الآية الكريمة.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين: 27429، 38260.
وفيما يخص تعطلك عن العمل، فيمكن أن يكون سببه المخالفة الشرعية التي وقعتم فيها من أخذ مال أبيكم والانتفاع به وترك ديونه، وخاصة أنك الابن الأكبر، فينبغي أن تكون المسؤول الأول، ولا شك أن للذنوب والمخالفات الشرعية أثرا كبيراً فيما يصيب العبد من نكبات وعراقيل في هذه الحياة، كما قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى: 30} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن العبد يحرم الرزق بذنب يصيبه. رواه الإمام أحمد وحسنه الأرناؤوط.
والحاصل أن عليكم أن تبادروا بقضاء ديون أبيكم ما دام له من المال ما يكفي لقضائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1426(11/12298)
تشريح جثة الميت لمعرفة سبب الوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ألا يعتبر تشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة اعتداء على حرمة الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جسم الإنسان محترم بعد موته كاحترامه قبل موته. روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا قالت: كسر عظم الميت ككسره حيا. وفي صحيح مسلم عن مرثد بن أبي مرثد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا عليها. فهذه النصوص تدل بوضوح على احترام جثة الميت وأنه لا يجوز الاعتداء عليها. ومع هذا فقواعد الشريعة تقتضي جلب المصالح وزيادتها، ودرء المفاسد وتقليلها، وقد أجاز العلماء شق بطن الحامل الميتة لا ستخراج جنينها، وأجازوا تقطيع الجنين لإنقاذ أمه، ومنهم من أجاز أكل الميت للمضطر. وأباح العلماء المحدثون تشريح جثة الميت للأغراض التعليمية. وبناء على هذا فإذا توقفت معرفة سبب الوفاة على تشريح جثة الميت فلا مانع من التشريح إذا تعلقت بذلك مصلحة راجحة نحو اكتشاف القاتل أو الاستفادة في علاج مرض معين أو غير ذلك، لأن المصلحة في هذا أرجح من المصلحة في الإبقاء على الجثة غير مشرحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1425(11/12299)
لا يعلم حقيقة الروح وتصرفاتها إلا الله
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت جدتي منذ مدة رحمها الله وغفر لها ولجميع المؤمنين والمؤمنات، لقد تأثرنا كثيرا لوفاتها وخاصة أبي فقد كان يعتني بها ويقوم بشؤونها ولا يريد لأحد أن يعتني بها غيره، جزاه الله خيرا لكن الأمر الذي يقلقني هو أنه بعد وفاة جدتي يداوم أبي كل يوم على تبخير بيتها وقراءة القرآن لها، حتى أنه كان في الليل يهيئ لها سريرها ووسادتها ويضع كأس ماء عند رأسها ويضع مصحفا صغيرا تحت وسادتها، يفعل مثلما كانت على قيد الحياة ثم يغلق حجرتها، ويقول لنا إنها ترانا وتأتي تزورنا لكن لا نراها، لقد أنكرت عمل أبي وأشعر أنه غير جائز دينيا وأخاف أن يكون أبي مخطئا، أرجو منكم أن توضحوا لي الأمر فإن كان عمل أبي غير جائز ماذا تنصحوني بأن أقول له؟ وهل يعتبر ما قلته في ما يفعل أبي غيبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللروح تصرفات حال الحياة وبعد الموت، ولا يعلم كنه هذه التصرفات إلا الله تعالى، وقد ذكر الله لنا بعضاً منها في كتابه وعلى لسان رسوله، فلا يجوز للمرء أن يدعي علم شيء من تصرفات الروح إلا بشيء دلت عليه النصوص الشرعية، وادعاء أبيك حضور روح جدتك إلى الغرفة زعم بلا دليل، لأنه لا يعلم مستقر روحها، ولا يعرف شيئاً عن تصرفاتها، وما يفعله من تجهيز سريرها، وإعداد الماء لها بدعة لا تستند على أثارة من علم، لأن الميت لن يصل إليه شيء من هذا، وراجعي الفتوى رقم: 24019، والفتوى رقم: 13853.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 23015، والفتوى رقم: 11722.
وذكر ما حصل من أبيك لأجل الاستفتاء لا شيء فيه، فقد أباح العلماء الغيبة في أحوال منها الاستفتاء، وقد ذكرناها كاملة في الفتوى رقم: 6082، والواجب عليك هو أن تنصحي أباك بترك هذه العادة، واستبدالها بالدعاء لجدتك والتصدق عنها، ونحو ذلك مما يصل نفعه إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(11/12300)
حكم تأخير دفع قيمة كفن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا مات الإنسان وكفن ودفن لكن ثمن كفنه لم يسدد إلا بعد أسبوع، ما الحكم في ذلك؟ أفتونا ولكم الأجر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 53332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1425(11/12301)
حكم النظر إلى وجه المرأة الميتة
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا بارك الله فيكم في مسألة نظر الإمام إلى الجنازة، مع العلم بأن الميت امرأة، فهل يجوز له كشف الستار عن وجهها والنظر إليها، مع العلم بأنها مستقبلة للقبلة، أفيدونا؟ سدد الله خطاكم ووفقكم لما يحب ويرضى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل أن ينظر إلى وجه المرأة الأجنبية وكفيها لغير حاجة في حياتها وبعد موتها على الراجح من أقوال أهل العلم، وإنما يجوز للرجل الكشف عن وجه الميت قبل دفنه وتقبيله إذا كان رجلاً مثله أو امرأة من محارمه؛ لما في صحيح البخاري أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما علم بموت النبي صلى الله عليه وسلم جاء فكشف الثوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله وقال: بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتاً.
وجاء فيه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل وجه عثمان بن مظعون ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1425(11/12302)
من سدد دينا عن ميت ثم تبين أن له مال
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا مأجورين بشأن ما لو قام بعض الورثة بسداد دين على الميت من مالهم الخاص، ثم ظهر للميت مال، فهل لهم أن يرجعوا بما سددوا فيما ظهر له من مال، مع العلم بأنهم لم يكونوا يعلمون بأن لديه مالاً، فسددوا عنه يقصد إبراء ذمته، أرجو الإفادة مع الدليل، والتعليل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاكم الله خيراً على سداد هذه الديون، وأخلف عليكم أضعاف ما أنفقتم، واعلموا بأنه لا يحق لكم الرجوع على ما ظهر من مال الميت بعد أن لم يكن، لأن تحملكم للديون والقيام بسدادها معروف وتبرع.
قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: وإذا تحمل عن الميت المعسر عالماً بعسره فأدى عنه، فإنه لا يرجع في مال يطرأ بعد ذلك، لأن تحمله معروف وتبرع منه، وأما إن علم أنه له مالاً أو ظنه أو شك فيه، ثم ظهر له مال، فإنه يرجع بما يدفعه عنه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1425(11/12303)
ما يؤذي الحي يؤذي الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
تسأل إحدى الأخوات عما يجب عليها تجاه عمل قامت به، وهي تظن أنها إنما تفعل خيرا. ً
فقد توفيت أمها ولم يكن غيرها معها (تقريباً) ، وأرادت أن تستر أمها قبل أن يُبدأ بتغسيلها، فنزعت عنها ثيابها بشيء من القوة لتنظف جسمها من شعر الإبطين والعانة، وتنظفيها من جميع الأوساخ التي قد تكون أصابتها ... وهي كانت تقصد ستر عورة أمها حتى لا يطلع عليها أحد؟
وكان أن نبهتها بعض الأخوات على خطأ فعلها ذاك، مما جعلها تشعر بالذنب تجاه والدتها، فماذا عليها أن تفعل الآن؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت البنت نتفت شعر أمها بالقوة، فإن كان ذلك مما يعد مؤلما للأحياء، فإنه يحرم أن يفعل مثله بالأموات.
فقد قرر أهل العلم أن ما يؤذي الحي يؤذي الميت، فنصوا على أنه لا يغسل بماء بارد جدا. قال صاحب نظم العوائد الفاسدة عند ذكر العوائد الفاسدة في التعامل مع الموتى:
وكل ما يؤذيه وهو حي ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... يؤذيه ميتا فذاك غي
ثم إنه قد اختلف أهل العلم في إزالة شعر الإبط والعانة عن الميت، فمنعه الجمهور في العانة، واختلفوا في الإبط.
فإذا تقرر هذا؛ فإن كانت هذه البنت قد فعلت بأمها ما لا يجوز، فإن عليها أن تتوب إلى الله، وتكثر من الأعمال الصالحة، وأن تكثر من الدعاء لأمها والاستغفار لها. وراجعي فيما ينبغي فعله للوالد بعد وفاته الفتوى رقم: 10602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(11/12304)
باع ملك أخيه المتوفى ولم يسدد ديونه فما حكمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال آمل منكم أن تجيبوني عليه وهو الآتي:
أنا امرأة توفي زوجي منذ خمسة شهور تقريبا (ادعو له بالمغفرة والرحمة) وعلى زوجي بعض الديون لبعض الناس ولكن المشكلة تكمن في أن أخا زوجي والذي هو ابن عمتي بدأ يتصرف في ممتلكات زوجي المرحوم بعد وفاته بشهرين وكأنها له وكان لزوجي بيت في مدينة أخرى غير التي أسكنها الآن فذهب وباعه وأخذ المال فكلمته وقلت له إن هناك مستحقات على أخيك المرحوم ويجب أن تدفع حتى لا يعذب بها في قبره فقال إنه سيدفعها ومضى على هذا الكلام شهور ولم يدفع شيئا وأنا والله العظيم بعد وفاة زوجي لا أكترث لا بمال ولا غيره ولكن كل ما أريده أن يستريح زوجي في قبره من هذه الديون فهل أعتبر نفسي قد أخليت مسؤليتي من هذا الأمر ويقع الإثم على أخيه في حالة لم يسدد هذا الدين
أم أن الأمر لا يزال في عنقي على الرغم من أن شيئاً من مال زوجي لم يوزع شرعيا وأهل زوجي (أمه وأبوه) لا يزالون أحياء أفيدوني في هذه المسألة لأنها تقض مضجعي وتؤرقني كثيرا ولكم مني جزيل الشكر. أختكم في الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس عليك في ذلك إثم، إنما الإثم على من يمنع توفية ديون زوجك من تركته ويتصرف في ما لا يملك.
والذي ننصح به أن ترفعي الأمر إلى المحكمة لتقوم بتوفية ديون زوجك وتقسيم تركته على مستحقيها والأخذ على يد أخيه، علماً بأن أخاه ليس له من ميراث أخيه شيء، لأنه محجوب بأبنائك الذكور إن كان لك أبناء ذكور، فإن لم يكن لك أبناء ذكور فهو محجوب بأبيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(11/12305)
حكم الاحتفاظ بشعر الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل: هل يجوز الاحتفاظ ببعض شعيرات من شخص توفي أم يجب دفنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أن حلق شعر الميت أو قصه مكروه، قال خليل بن إسحاق المالكي: وكره حلق شعره وقلم ظفره وهو بدعة.
وذهب بعض العلماء إلى أن ذلك حرام، قال صاحب كنز الدقائق وهو حنفي: ولا يسرح شعره ولحيته ولا يقص ظفره ولا شعره، قال شارحه ابن نجيم: والظاهر أن هذا الصنيع لا يجوز. انتهى.
وعلى كل فإن ما سقط من الميت يدفن معه إن كان لا يزال موجوداً وإلا دفن لوحده، قال صاحب مجمع الأنهر: وفي؟؟؟ لو قطع ظفره أو شعره أدرج معه في الكفن. انتهى.
واستبقاء ذلك على سبل التبرك مخالف للشرع، قال ابن جديح في كتابه التبرك ما ملخصه: التبرك بالصالحين ممكن عن طريق الانتفاع بعلمهم ودعائهم في حال حياتهم، وبعد موتهم عن طريق الانتفاع بما وثقوه من العلم النافع، وما عدا هذا من طرق التبرك بهم فليس بمشروع بل هو ممنوع، ومنه التبرك بما أنفصل منهم كالشعر والريق والعرق. انتهى.
وبما سبق يتضح أن الحكم في شعر الميت أنه يدفن ولا يجوز الاحتفاظ به للتبرك ولا لغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/12306)
حكم قضاء الدين عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قضاء الدين عن الميت وهل يطلب التعجيل في قضاء الدين؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات وعليه دين لا يخلو حاله من أمرين:
1- أن يترك مالاً فهذا يجب قضاء دينه قبل قسم التركة فوراً.
2- ألا يترك مالاً فإنه غير مؤاخذ بذلك إن كان يريد أداءها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذ يريد أتلافها اتلفه الله. رواه البخاري.
وليس يجب على أحد من الورثة أن يتولى قضاء الدين عن الميت الذي لم يترك ما يقضى به دينه ومن فعل منهم ذلك نال الأجر على فعله، وانظري الفتوى رقم: 30274.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(11/12307)
لا يقسم الميراث إلا بعد قضاء الديون
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي توفي في حادثة في شهر رمضان الماضي، وأحب أن أعرف هل يجوز أن أقوم له بعمل الآتي: الصلاة، الزكاة، الصدقة الجارية، قراءة القرآن، الدعاء، العمرة، وهل هو يعرف من الذي يبعث إليه هذه الأشياء، وهل إذا كان عليه دين ولم أعرف ما هو فهل أوفي له هذا الدين بطريقة أو بأخرى، وهل هو يعلم من يأتي له بالزيارة إلى قبره؟ وشكرا جزيلا على الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن الحسن التفصيل في ما سألت عنه لكون الحكم فيه مختلفاً، فأما الدعاء والصدقة فلا خلاف في صحة فعلهما عن الميت ووصول ثوابهما إليه، وقد تقدم لنا ذلك في فتاوى تمكنك مراجعة بعض منها في الفتوى رقم: 9998.
وأما قضاء الدين ومنه زكاة المال، فإن كان ترك مالاً فلا يجوز أن يقسم إلا بعد قضاء ما عليه من الديون، قال الله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11] .
فلتجتهد في البحث عن أهل هذه الديون وفي معرفة قدرها، وإن لم يكن ترك مالاً، فيكفيه أن تقضيه عنه أنت تطوعاً، ولك في ذلك أجر.
وأما العمرة عنه، وإهداؤه ثواب قراءة القرآن، فهي من الإحسان إليه والبر به، ومن الجميل فعلها عنه، وتقييد ذلك بالضوابط الشرعية، وقد تقدمت لنا فتاوى في ذلك، فراجع منها الفتوى رقم: 35828، والفتوى رقم: 20708.
وأما الصلاة ففي فعلها عن الميت خلاف، مذهب الجمهور عدم الفعل، وقال بعض العلماء بصحة ذلك، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 18276.
وعما إذا كان الميت يعرف من يهديه الثواب، فقد ذكر الإمام ابن القيم أنه يعرف من يهديه ثواب الطاعات، وأورد لذلك أمثلة تمكنك مراجعتها في كتابه "الروح".
وبالنسبة لمعرفة من يزوره، فيمكنك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 7410.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/12308)
دفنوا الجنين من غير غسل ولا كفن ولا صلاة ماذا عليهم الآن؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال: والدتي وضعت منذ مدة جنينا في الشهر الخامس ميتا، ولكن ذلك الجنين لم يدفن في مقابر المسلمين ولم يغسل أو يكفن ولم يصل عليه، بل مباشرة بعد ولادته وضع في حفرة وأهيل عليه التراب، بعد مدة حوالي 20 سنة علمنا أن ذلك لا يصح وتترتب عنه كفارة، رجاء أرشدونا إلى رأي الشرع في هذه المسألة؟ ولكم منا خالص الشكر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن في هذا العمل عدة محاذير:
الأول: دفن السقط في مقابر غير المسلمين.
الثاني: عدم تغسيله.
الثالث: عدم تكفينه.
الرابع: عدم الصلاة عليه.
وعليه فالواجب على من فعل ذلك هو التوبة من ذلك، ولا يلزم النبش لتدارك ما فات، لأن الزمن المذكور في السؤال "عشرون عاماً" قد حصل به التحلل قطعاً، قال ابن قدامة في المغني: وإذا دفن من غير غسل أو إلى غير القبلة نبش وغسل ووُجِّه، إلا أن يخاف عليه أن يتفسخ فيترك، وهذا قول مالك والشافعي وأبي ثور، وقال أبو حنيفة: لا ينبش.... انتهى.
ولا تجب كفارة على من فعل ذلك إلا التوبة، إلا أن الحسنات يذهبن السيئات ومن الحسنات الصدقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(11/12309)
تبرأ ذمة الميت من الدين بتكفل آخر من الأحياء به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توفي والدي قبل عام وقد كان عليه ديون، ويوجد له أراض وهناك صعوبة في بيع هذه الأراضي، وذلك لتداخلها مع أراضي أعمامي، فإذا قام أحد أعمامي بشراء أرض والدي وتعهد للدائنين بالتسديد كلما توفر له مبلغ من المال؟
كذلك فهو يريد أن ينقل الدين عليه، فهل تبرأ ذمة والدي منذ تعهد عمي بالتسديد للمدينين، أم يشترط أن يتم الوفاء فعلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على ورثة الميت قضاء دينه فوراً، قبل تنفيذ وصيته وقبل تقسيم التركة بينهم، لما رواه الترمذي وحسنه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه.
قال السيوطي: أي محبوسة عن مقامها الكريم.
وقال العراقي: أي أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا. انتهى.
وتبرأ ذمة الميت من الدين إذا رضي أصحاب الدين بانتقال دينهم من ذمة الميت إلى ذمة آخر من الأحياء، كأخيه إذا رضي بانتقال الدين إلى ذمته، لأن المقصود رد الحقوق إلى أهلها أو تنازلهم عنها، وقد حصل ذلك هنا، ولأصحاب الدين الاتفاق مع من انتقل حقهم إليه على زمن السداد حسب التراضي ولا يلزم التعجيل، أما إذا لم يرض أصحاب الدين بانتقال مالهم إلى ذمة أحد، فالواجب بيع ما خلفه الميت ورد حقوقهم لهم في أقرب وقت ممكن، فقد روى أحمد في مسنده عن جابر قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه، فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملها أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منها الميت، قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران، فقال: إنما مات أمس قال: فعاد إليه في الغد، فقال: لقد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلدته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1424(11/12310)
لا يتحمل الورثة دين الميت إلا على سبيل التبرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي توفي قبل 15 سنة وله منزل عليه قرض من صندوق التنمية العقارية، ولم يسدد سوى أربعة أقساط والورثة هم: زوجة ووالدة وولدان وبنت، وليست لديهم القدرة على السداد الكامل، حيث إن نظام السداد أقساط سنوية، والوالدة دائما تطالبنا نحن إخوانه بأن نسدد كامل المبلغ لكي يرتاح الميت ويحاسب بدل ما يعلق حسابه في القبر، فهل الورثة يتحملون السداد ويسقط عن المتوفى وليس عليه شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن تقضى ديون الميت من تركته بعد مؤن تجهيزه ثم يقسم الباقي على الورثة.
وإذا تحمل الورثة أو بعض المتبرعين من الأقارب أو غيرهم الدين ورضي بذلك صاحبه، على أن يدفع له أقساطاً أو بأي كيفية أخرى، فقد برئت ذمة الميت، ولو تأخر سداد الدين عن وقته فهذا لا يعنيه لأن ذمته قد برئت منه أصلاً.
وعليه فدين الميت هو الذي يتحمله في الأصل ويكون في ماله، ولا يتحمله غيره من الورثة أو غيرهم إلا إذا تبرعوا بذلك، فقد عملوا خيراً يؤجرون عليه ويشكرون، لأن الله تعالى يقول: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] .
فإذا كنتم تحملتم دين أخيكم أو تحمله غيركم ورضي بذلك أصحاب الدين، فإن ذمته قد برئت منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(11/12311)
لا حرج في تطييب المتوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو حكم تعطير المرأة المتوفاة قبل تكفينها؟ حيث علمنا إنه حرام لأنها تحمل من قبل الرجال على النعش فهل حكم تعطيرها مثل حكم تعطير المرأة التي على قيد الحياة.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيندب عند الشروع في غسل الميت -ذكراً كان أو أنثى- إيقاد المحجرة بالبخور وتطييبه بالكافور ونحوه في الثوب والبدن، إلا المحرم بحج أو عمرة لأنه يبعث يوم القيامة ملبياً كما في صحيح البخاري، وكذا المعتدة عن وفاة عند جماعة من أهل العلم من الشافعية والحنابلة، قالوا: لأنها ماتت والطيب يحرم عليها فلم يسقط تحريمه بالموت كالمحرم، والصحيح جواز تطييبها لأنه حرم عليها في العدة حتى لا يدعو ذلك إلى نكاحها وقد زال هذا المعنى بالموت، وهذا هو المعتمد عند الشافعية كما في المجموع وعند الحنابلة كما في الإنصاف.
وهل يندب تبخير الميت وتطييبه قبل الغسل أم لا؟ والجواب: نعم يندب ذلك لأن من المقاصد لتطييب الميت عند الغسل ستر الرائحة التي تنبعث منه، وذلك متوقع وحاصل من البعض قبل ذلك، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: ويستحب أن يكون عنده مجمرة فيها بخور تتوقد من حيث يشرع في الغسل إلى آخره.
قال صاحب البيان: قال بعض أصحابنا -الشافعية- ويستحب أن يبخر عند الميت من حين يموت لأنه ربما ظهر منه شيء فيغلبه رائحة البخور.
وهذا شامل للذكر والأنثى، وقد ثبت جواز تطييب المرأة المتوفاة في الصحيحين عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال: اغسلنها ثلاثاً أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور، فاذا فرغتن فآذنني.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قيل: الحكمة في الكافور - مع كونه يطيب رائحة الموضع لأجل من يحضر من الملائكة وغيرهم - أن فيه تجفيفاً وتبريداً وقوة نفوذ، وخاصية في تصليب بدن الميت، وطرد الهوامّ عنه وردع ما يتحلل من الفضلات، ومنع إسراع الفساد إليه، وهو أقوى الأراييح الطيبة في ذلك ...
وبهذا تبين أنه لا حرج في تطييب المتوفاة، ولو كان الرجال سيحملون جنازتهم لانتفاء الفتنة في ذلك بذلك بخلاف الحية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(11/12312)
تقبيل الزوج زوجته بعد الوفاة جائز بضوابطه.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للزوج وداع زوجته بأن يقبلها في حالة الوفاة؟ أرجو إفادتي على البريد ولكم منى الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أصل تقبيل الميت ثابت بالسنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سبق أن بينا في لفتوى رقم: 8512، وهذا التقبيل جائز في حق من كان مباحا له حال حياة الميت.
قال البهوتي في كشاف القناع: ولا بأس بتقبيله والنظر إليه ممن يباح له ذلك في حال حياته. انتهى.
وجمهور الفقهاء على أنه يجوز للرجل أن يغسل زوجته التي توفيت وهي في عصمته، مستدلين بحديث عائشة الذي ذكر في الفتوى المشار إليها آنفا، فإذا جاز الغسل، جاز التقبيل من باب أولى.
وعلى هذا، فلا حرج إن شاء الله على السائل في تقبيل زوجته حال وفاتها، إن لم يحدث ما يوجب الفرقة بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(11/12313)
تنصر ومات.. كيف يتصرف أولاده المسلمون
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يكون تعامل الابن المسلم مع وفاة أبيه الذي اعتنق النصرانية؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسلم إذا اعتنق أبوه النصرانية أو أي دين آخر غير الإسلام، ومات على ذلك- والعياذ بالله - فإنه لا يغسله، ولا يفعل به ما يفعل بموتى المسلمين من الكفن والدفن، إلا أن يخاف عليه أن يضيع فيواريه.
روى النسائي وأبو داود وأحمد من حديث علي رضي الله عنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن عمك الشيخ الضال مات، فمن يواريه؟ قال: اذهب فوار أباك، ولا تحدث حدثًا حتى تأتيني، فواريته، ثم جئت فأمرني فاغتسلت ودعا لي. وقال خليل: ولا يغسل مسلم أباً كافرًا ولا يدخله قبره إلا أن يضيع فليواره.
ثم إنه لا يرثه وماله يكون فيئًا. روى الشيخان والترمذي وأبو داود وابن ماجه والدارمي ومالك وأحمد عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.
وقال ابن قدامة في المغني: ... وجملته أن المرتد إذا قتل أو مات على ردته، فإنه يبدأ بقضاء دينه وأرش جنايته ونفقة زوجته وقريبه ... وما بقي من ماله فهو فيء يجعل في بيت المال. (9/19) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(11/12314)
الخير فيما قضاه الله للعبد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.... أما بعد:
فان والدي قد توفاه الله تعالى يوم الجمعة الماضية في الولايات المتحدة الأمريكية، ولقد كان هناك في رحلة علاج، وكان قبل ذلك بستة أشهر مريضاً حيث إنه كان يتنقل بين أكثر من بلد في المستشفيات، وللعلم فإنه كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، ولكن عرفت عنه كثرة زيارته للمساجد رحمه الله وصلته للرحم وحب القريب والبعيد له وإكرامه للضيف ولا أزكي أحدا على الله تعالى، سؤالي هو:
1- بماذا يدل طول المرض قبل الموت؟
2- ماذا تدل ميتة يوم الجمعة؟
3- نحن أولاده كيف نبره وماذا نستطيع فعله؟
4- بماذا توصونا عند الدفن؟
هذا وجزاكم الله خيراً ونفع الله بنا وبكم الإسلام،
والحمدلله الذي لا يحمدُ على مكروه سواه وصلى الله على محمد وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأحسن الله عزاءكم ونسأل الله تعالى أن يغفر لوالدكم وأن يرحمه وأن يدخله جنته، وبخصوص ما أوردت من أسئلة، فقد سبقت أجوبتها في فتاوى سابقة نحيلك عليها، وهي على النحو التالي:
الأولى: لا يقضي الله للمؤمن أمراً إلا كان خيراً له في الفتوى رقم: 16940.
الثانية: الموت يوم الجمعة من علامات حسن الخاتمة في الفتوى رقم: 30723.
الثالثة: بر الوالدين لا ينقطع ولو بعد موتهما في الفتوى رقم: 7893.
الرابعة: ما ينبغي فعله للوالدين بعد وفاتهما في الفتوى رقم: 10602.
الخامسة: ما يشرع فعله عند الوفاة وبعدها وما لا يشرع في الفتوى رقم: 14964.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1424(11/12315)
إخراج ديون الميت تقدم على قسمة التركة بين الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجل مات وعليه ديون وترك وراءه ممتلكات ولكن أولاده لا يريدون دفع الديون لأنهم يريدون أن يعملوا بها في التجارة ويسددوها، في هذه الحالة ماذا عن الميت وبمادا تنصحون الأبناء، أسدوا لنا النصيحة؟
السؤال الثاني: هل تجوز وصية الميت في الأمور البدعية مثلا أن يتصدقوا له في أمور معينة أو أشهر مخصصة أو في يوم الأربعين، نرجو الإجابة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأول ما يجب على ورثة الميت هذا المسارعة إلى تسديد ديونه وإبراء ذمته قبل قسمة ماله، قال تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11] .
فنص الله تعالى على تقديم إخراج ديون الميت على قسمة التركة بين الورثة، وفي الحديث: نفس المؤمن معلقه بدينه حتى يقضى عنه. رواه الترمذي.
ولو أن دينه استغرق كل ما ترك، فكل ما ترك للغرماء؛ لأن الله تعالى لم يجعل الميراث إلا في ما يبقيه المرء بعد دينه، وعليه فإذا أخر الورثة قضاء دين مورثهم فإنهم يبوءون بالإثم والوزر.
أما الميت فإن لم يكن فرط في سداد الدين حال حياته وعجز عن قضائه ثم أوصى بقضاءه فلا إثم عليه في تأخيره والإثم على الورثة، قال الله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:181] .
وأما حكم الوصية بمحرم أو بدعة فغير جائزة ولا يجوز تنفيذها، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وتنفيذها من التعاون على الإثم الذي نهى الله عنه في قوله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(11/12316)
للمرأة أن تقبل زوجها الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المتوفى زوجها أن تودعه أو تقبله بعد تكفينه، وما هو الحل إن حدث ذلك؟ مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس في أن تودع المرأة زوجها الميت وتقبله بعد تكفينه أو قبله، لأنه يجوز لها أن تغسله، فالتوديع والتقبيل له من باب أولى، وراجعي الفتوى رقم: 21890، والفتوى رقم: 2120.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1424(11/12317)
من توفي من المسلمين فترك دينا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن روح المؤمن تبقى معلقة عند وفاته وذلك بسبب الديون، ولكن ما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الميت إذا ترك مالاً وجب قضاء دينه منه أولاً قبل الوصية وقبل تقسيم التركة على الورثة، فإذا لم يكن له مال وتبرع أحد أقاربه أو غيرهم بسداد الدين عنه فقد برئت ذمته، ولمن تبرع عنه بقضاء الدين الأجر والثواب من الله تعالى.
وعلى ولي أمر المسلمين أن يقضي الدين عمن توفي منهم ولم يترك ما تسدد به ديونه، ويكون ذلك من بيت مال المسلمين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من توفي من المسلمين فترك ديناً فعلي قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته. رواه البخاري ومسلم.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 18573، والفتوى رقم: 4062.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(11/12318)
قضاء دين الوالد المتوفى أم الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا شاب أدرس في بلاد الكفر، أمضيت 5 سنوات من الدراسة والآن أتيح لي الزواج، يبقى لي 3 سنوات دراسة، والدي توفي (رحمة الله عليه) قبل 5 سنوات وكان عليه قرض للبنك العقاري، فما الواجب علي؟؟ وما هو الأولى؟؟؟ الزواج أم سداد الدين؟؟ أفتوني جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أمكنك الجمع بين الأمرين فهو أولى، وإن لم تتمكن من ذلك فلا يجب عليك تسديد دين والدك من مالك إلا من باب الإحسان، ولا حرج عليك في أن تتزوج وتحصن نفسك بل قد يجب عليك ذلك إن كان تأخير الزواج ضررا على دينك وعفتك، أما إن لم تخش العنت إذا أخرت الزواج وأردت أن تسدد دين أبيك براً به فهو الأولى بك، وأنت مأجور على ذلك.
وننبه السائل الكريم إلى أنه إذا كان الدين المذكور قد أضيفت إليه فوائد ربوية فلا يلزمك قضاؤها عن والدك، بل لا يجوز أداؤها عنه إن تمكنت من ذلك لأنها غير مشروعة، وإنما يقضى عنه أصل الدين أو ما تبقى منه.
هذا إذا ما كان الولد يريد تسديد دين أبيه من ماله الخاص.
أما إن كان مما تركه أبوه بعد موته فلا يجوز له أن يتزوج منه ولا أن يأخذ منه هو ولا غيره من الورثة حتى يقضى دين الميت أولاً، لأن قضاء دين الميت مقدم على تقسيم المال على الوارثين.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1423(11/12319)
ما يشرع فعله عند الوفاة وبعدها، وما لا يشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الوصية الشرعية وما نعمله عند وفاة شخص ما؟ وما هي العادات الخاطئة التي يجب ألا نفعلها والتي تتعارض مع الإسلام؟ شكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق تعريف الوصية في الفتوى رقم: 12382 وأما ما يشرع فعله عند وفاة الشخص فهو كالتالي:
وأما ما يشرع فعله عند وفاة الشخص فهو كالتالي:
1-أن يذكره بالصبر على البلاء، وعدم تمني الموت بسبب ما هو فيه من الشدة، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيراً لي " رواه البخاري.
2-أن يذكره بحسن الظن بالله تعالى وهو الطمع في رحمته تعالى، وإن كثرت ذنوبه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاث: " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى " رواه مسلم.
3-إذا حصل من المريض أنين فيه معنى الضجر وعدم الرضا بقضاء الله تعالى، ذكره بأن ذلك مما ينبغي تركه، لما فيه من شكوى الله تعالى إلى عباده، وقد كره ذلك بعض أهل العلم.
4-مساعدة المريض على أداء الصلاة مهما كانت حاله، وتعليمه كيفية التيمم، وصورة الجمع بين الصلوات إذا شق عليه المرض، وأصبح معذوراً غير قادر على الإتيان بالصلاة في وقتها.
5-أن ينفس له في الأجل ولا ييأسه من الشفاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل فإن ذلك لا يرد شيئاً، وهو يطيب المريض " رواه الترمذي وقال: غريب، والحديث فيه ضعف، إلا أنه صحيح المعنى.
6-أن يقرأ عند رأسه سورة (يس) فقد ورد ذلك بسند فيه ضعف، لكن يعضده ما ورد عن بعض التابعين، ومنهم: صفوان بن عمرو وصالح بن شريح الكوفي وعبس بن المعتمد فيما رواه أحمد في مسنده بسند صحيح.
7-ينبغي على الحاضرين توجيه المحتضر جهة القبلة فإن ذلك مستحب، لقوله صلى الله عليه سلم: " قبلتكم أحياء وأمواتاً ". يعني الكعبة. رواه أبو داود والنسائي وهو حديث حسن، وتوجيهه إلى القبلة يتم بجعل رجليه اتجاهها وهو مستلق على ظهره ويرفع صدره للقبلة.
8-أن يلقنوا المحتضر: (لا إله إلا الله) لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإن من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوماً من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه " رواه ابن حبان وهو صحيح. وكيفية ذلك أن يذكر عنده (لا إله إلا الله) حتى ينطق بها. وقد استحب العلماء أن لا يكررها أكثر من ثلاث مرات فإن نطق بها سكت عنه، وإلا انتظر قليلاً ثم يعيد عليه، وذلك لئلا يضجر المحتضر فينطق بكلام سيئ، فإن نطق بها ثم تكلم بكلام بعدها فينبغي تلقينها له مرة أخرى لتكون آخر كلامه من الدنيا، لما ورد عن عبد الله بن المبارك أنهم لقنوه فأكثروا عليه، فقال لهم: (إذا قلت مرة فأنا على ذلك ما لم أتكلم بكلام) أورده الحافظ في الفتح.
والأفضل أن يلقنها له من يحبه.
9-إذا تيقن الحاضرون موت المحتضر، تولى أرفق أهله به إغماض عينيه، لقول أم سلمة رضي الله عنها: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال: إن الروح إذا قبض تبعه البصر. رواه مسلم.
وذكر العلماء أنه يكره أن تغمضه الحائض والنفساء والجنب، ويقول مغمضه: (باسم الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم يسر عليه أمره، وسهل عليه ما بعده، وأسعده بلقائك، واجعل ما خرج إليه خيراً مما خرج منه) .
10-أن يشد لحييه بعصابة عريضة من أسفل الذقن وتربط من أعلى الرأس، لأنه لو ترك مفتوح العينين والفم متى يبرد بقي مفتوحهما فيقبح منظره، ولا يؤمن دخول الهوام فيه والماء في وقت غسله.
11-استحب الفقهاء أن يتولى بعض أهله تليين مفاصله، ورد ذراعيه إلى عضديه ثم يمدهما، ويرد أصابع يديه إلى كفيه، ثم يمدهما، ويرد فخذيه إلى بطنه، وساقيه إلى فخذيه ثم يمدهما.
12-أن يدعو له بخير، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون، ثم قال: اللهم اغفر &لأبي سلمة وارفع درجته في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره ونور له فيه " رواه مسلم.
13-أن يغطوه ويضعوا بجواره شيئاً طيب الرائحة ليخفي ما عساه أن يخرج منه من روائح كريهة.
14-ويجوز للحاضرين وغيرهم كشف وجه الميت وتقبيله، والبكاء عليه ثلاثة أيام بكاء خالياً من الصراخ والنواح، فعن جابر رضي الله عنه قال: (أصيب أبي يوم أحد فجعلت أبكي، فجعلوا ينهوني ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينهاني، فجعلت عمتي فاطمة تبكي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " تبكين أو لا تبكين ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه " متفق عليه.
15-أن يعجلوا بتجهيزه ودفنه لورود السنة بذلك.
16-ويستحب إعلام جيران الميت وأصدقائه حتى يؤدوا حقه بالصلاة عليه والدعاء له، روى سعيد بن منصور عن النخعي أنه قال: لا بأس إذا مات الرجل أن يؤذن صديقه وأصحابه.
17-الجلوس عند قبره: قال الإمام الطحطاوي: إذا فرغوا من دفن الميت يستحب الجلوس عند قبره بقدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: (إذا دفنتموني فشنوا علي التراب شناً، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وانظر ماذا أراجع به رسل ربي) رواه مسلم.
18-التلقين بعد الدفن: ظاهر الرواية عند الحنفية يقتضي النهي عنه، وبه قالت المالكية، فقد ذهبوا إلى أن التلقين بعد الدفن مكروه، وإنما يندب حال الاحتضار فقط، واستحبه الشافعية والحنابلة بعد الدفن.
19-استحباب التعزية: ويستحب التعزية للرجال والنساء اللاتي لا يفتن، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من عزى أخاه في مصيبة كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة " رواه ابن ماجه.
20- صنع الطعام لأهل الميت، وكراهته منهم للناس. فعن عبد الله بن جعفر قال: (لما نعي جعفر حين قتل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم " رواه الخمسة إلا النسائي.
وأما العادات السيئة التي يجب أن يتجنبها أهل الميت والمشيعون فهي كثيرة، ومنها: النياحة على الميت بذكر مفاخره وأمواله ونسبه وغير ذلك من أمور الجاهلية، ومنها: إقامة السرادقات التي انتشرت في بعض البلاد، ومنها: أن يصنع أهل الميت طعاماً يسمى عشاء الميت أو نحو ذلك يدعى إليه الناس، ومنها: أن يتبع النساء الجنازة، ومنها: رفع الصوت عند حمل الجنازة. وقد سبق الإشارة إلى شيء من ذلك أثناء الحديث عن ما يسن للحاضرين فعله عند موت المحتضر، ومن الكتب النافعة في بيان بدع الجنائز كتاب أحكام الجنائز للألباني يرحمه الله.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(11/12320)
كيف يوجه المحتضر والميت في قبره وعند الصلاة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[1- كيف يوجه المتوفى أثناء الاحتضار والتغسيل وصلاة الجنازة والدفن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب الحنفية والمالكية والصحيح من مذهب الشافعية والحنابلة أن الميت يستحب توجيهه عند احتضاره إلى القبلة على شقه الأيمن، فإن لم يمكن ذلك فعلى ظهره ورجلاه إلى القبلة.
ولم يصح حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، كما قال الشيخ الألباني في أحكام الجنائز.
لكن جاءت آثار عن بعض الصحابة والتابعين في ذلك، منها ما رواه ابن أبي شيبة أن عمر قال لابنه حين حضرته الوفاة: إذا حضرت الوفاة فاصرفني.
وما رواه أيضاً عن إبراهيم النخعي أنه قال: كانوا يستحبون أن يوجه الميت القبلة إذا حضر. وأما عند تغسيله فلا يستحب توجيهه إلى القبلة، وإنما يوجه بالكيفية التي تسهل غسله وتنظيفه.
وأما في اللحد فمذهب الأئمة الأربعة وغيرهم أنه يوضع على شقه الأيمن، ووجهه إلى القبلة، كتوجيهه عند الاحتضار، وأما عند الصلاة عليه فإن الإمام يقف عند رأس الرجل، ووسط المرأة، والأفضل أن يكون على شقه الأيمن موجها إلى القبلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1422(11/12321)
حكم تقبيل الميت من زوجته وأقربائه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تقبيل الميت قبل دفنه من قبل زوجته من باب توديعه. فالبعض يقول حرام لأنها أصبحت
غير محلة له في حالة وفاته. وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز لزوجة الميت وأهله وأقربائه وأصدقائه من الرجال تقبيل وجهه، وكذلك محارمه من النساء، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل عثمان بن مظعون وهو ميت وهو يبكي، أو قال: عيناه تذرفان" رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وعنها أيضاً قالت: أقبل أبو بكر فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله، ثم بكى فقال: بأبي أنت يا رسول الله، لا يجمع الله عليك موتتين. رواه البخاري.
وعنها أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها - وقد اشتكت من صداع ألم بها-.
" ما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك.." رواه ابن ماجه.
وإذا جاز التغسيل والتكفين - ومن المعلوم ما يتطلبانه من مباشرة واطلاع - فلأن يجوز تقبيل الوداع أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1422(11/12322)
قضاء الدين عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز سداد الدين عن الميت من أحد أقاربه حتى لا تظل روحه معلقة لأن أولاده يريدون السداد بطريق التقسيط أي على مراحل -----وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقضاء دين الميت واجب على ورثته إن كان له مال، لأنه حق لأصحاب الدين في مال المتوفى، ولا يبرأ إلا بأدائه، وقد بين تعالى أن التركة لا توزع على الورثة إلا بعد تنفيذ وصية الميت، وقضاء ديونه المستحقة عليه. قال تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين) [النساء: 11] .
وبينت السنة المطهرة أن قضاء دين الميت مقدم على تنفيذ وصيته. فترجم البخاري بابا في كتاب الوصايا فقال: باب تأويل قوله تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين) [النساء: 11] .
ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية.. وفي الترمذي عن علي رضي الله عنه قال:.. قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية. فإن لم يترك الميت ما يكفي لقضاء دينه فتطوع أحد أقربائه أو غيرهم بقضائه أجزأه ذلك، وصح عنه، وأجر فاعله عليه. ويدل على ذلك ما رواه البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة ليصلي عليها فقال: "هل عليه من دين؟ قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أتي بجنازة أخرى فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: نعم. قال: صلوا علىصاحبكم. قال أبو قتادة علي دينه يا رسول الله، فصلى عليه".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(11/12323)
هل يغسل الجنين إذا مات في بطن أمه ويكفن ويصلى عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي طفلي في بطني وعمره أربعة أشهر ومنذ ذلك الحين حتى الآن لم ينزل من بطني ولكن في الأيام الأربعة الماضية بدأ ينزل قليل من الدم مصحوبا بدم أسود (أعزكم الله) ، فهل علي صلاة ومتى تبدأ فترة النفاس مع العلم بأني لا أعلم متى سينزل، ولكن قيل لي إنه قد يستغرق عدة أيام إلى أسبوع فماذا علي أن أفعل، وبعد أن ينزل هل أقوم بغسل الجنين وتكفينه ودفنه علما بأنه قد دق قلبه قبل أن يموت؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فما دام الجنين في البطن فإن المرأة تعتبر حاملاً ولو مات، وما ترى الحامل من الدم لا يعتبر حيضاً إلا إذا نزل الدم قبل الوضع بيوم أو يومين فإنه يعتبر نفاساً عند الحنابلة وبه تبدأ فترة النفاس على هذا القول.. وعند غير الحنابلة لا تبدأ فترة النفاس إلا مع الوضع ولو نزل دم قبل ذلك لا يعتبر نفاساً، وإذا نزل السقط الذي مضت عليه هذه المدة وعلمت حياته فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه عند بعض أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الجنين لم يسقط فإن حكم الحمل باق ولو كان الحمل ميتاً، وما ترى الحامل من الدم لا يعتبر حيضاً على الراجح من أقوال أهل العلم، بل هو دم فساد وعلة لا تترك له الصلاة ولا الصوم ولا غيرهما مما تتركه الحائض إلا إذا نزل الدم قبل الوضع بيوم أو يومين، فإنه يعتبر نفاساً في المذهب الحنبلي.
قال ابن قدامة في المغني: مسألة: قال والحامل لا تحيض، إلا أن تراه قبل ولادتها بيومين أو ثلاثة فيكون دم نفاس مذهب أبي عبد الله رحمه الله أن الحامل لا تحيض، وما تراه من الدم فهو دم فساد وهو قول جمهور التابعين.. وقال مالك والشافعي، والليث: ما تراه من الدم حيض إذا أمكن، وأما إن رأت الدم من غير علامة على قرب الوضع، لم تترك له العبادة، لأن الظاهر أنه دم فساد فإن تبين كونه قريباً من الوضع، كوضعه بعده بيوم أو يومين أعادت الصوم المفروض إن صامته فيه، وإن رأته عند علامة على الوضع تركت العبادة، فإن تبين بُعْدُه عنها أعادت ما تركته من العبادات الواجبة، لأنها تركتها من غير حيض ولا نفاس. انتهى بحذف.
ثم إن فترة النفاس تبدأ مع وضع الجنين إن وجد الدم وإلا فإنها في حكم الطاهر لأن العبرة بوجود الدم، وقد تبدأ فترة النفاس من بداية نزول الدم إذا نزل قبل الوضع بيوم أو يومين، لأنه حينئذ بسبب النفاس على مذهب الحنابلة كما تقدم، وانظري الفتوى رقم: 28868.
وإذا نزل السقط الذي مضت عليه هذه المدة وعلمت حياته فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 56936، مع أن في المسألة خلافاً تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 46387.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1428(11/12324)
تغسيل الصبي أباه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم تغسيل الصبي لوالده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بتغسيل الصبي أباه بعد موته فلا حرج فيه، وهو أولى من يتولى ذلك إن كان لا يترتب عليه ضرر به لصغره، وكان يعلم كيفية الغسل، قال ابن قدامة في المغني: فأما الصبي إذا غسل الميت، فإن كان عاقلاً صح غسله صغيراً كان أو كبيراً، لأنه يصح طهارته، فصح أن يطهر غيره كالكبير.
وإن كان المقصود تغسيله إياه في حياته ومساعدته له في ذلك فلا حرج فيه أيضاً، ولكن يجتنب العورة فلا يراها ولا يلمسها إلا للضرورة، كما بينا في الفتوى رقم: 35457، والفتوى رقم: 11377.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1427(11/12325)
جعل شعر المتوفاة ثلاث ضفائر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحكمة من تجديل شعر المرأة ثلاث جدلات عند الوفاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة مشط رأس المتوفاة وجعل رأسها ثلاث ضفائر، وعليه جمهور أهل العلم. وذهب الحنفية إلى أنه لا يضفر، وحملوا الحديث الذي في الصحيحين ـ عن أم عطية قالت: اغسلنها وترا ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً، قال: قالت أم عطية: مشطناها ثلاثة قرون. ـ أنه استحسان منها، والصواب أنه قد ورد ما يدل على أن ذلك بعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى سعيد بن منصور بلفظ الأمر من رواية هشام عن حفصة عن أم عطية قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلنها وترا، واجعلن شعرها ضفائر.
وقال ابن حبان في صحيحه: ذكر البيان بأن أم عطية إنما مشطت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم بأمره لا من تلقاء نفسها، ثم أخرج من طريق حماد عن أيوب قال: قالت حفصة عن أم عطية: اغسلنها ثلاثة أو خمسا أو سبعاً، واجعلن لها ثلاثة قرون.
ولم نقف على الحكمة من جعل شعرها ثلاثة قرون، والمسلم يسلم لما ورد في السنة ولو لم يعلم حكمته لقول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ..... {الأحزاب:36} ، ولا حرج في البحث عن الحكمة إذا أمكن الوقوف عليها بلا تكلف فإن ذلك مما يؤكد التسليم لحكم الله ويقويه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(11/12326)
غسل الزوجة زوجها المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل على الزوج المتوفى تغسيل من قبل الزوجة قبل دخول المغسلين عليه لغرض الغسل، بمعنى آخر هل الزوجة تغسل زوجها الغسل الأول، وهل هو سنة أو فرض أو بدعة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم إذا مات وجب على الحاضرين غسله وتجهيزه. وصفة غسل الميت أن يغسل أولاً بالماء الخالص وجوباً غسلة تستوعب كل ظاهر البدن، ثم يغسل ثانياً بماء مخلوط بالسدر، ثم يغسل ثالثاً بماء مخلوط بالكافور أو بأي شيء من الطيب ندبا، هذا هو غسل الميت فإذا غسلته زوجته غسلته هكذا، وإذا تولى غسله غيرها غسله هكذا، ولا يجب عليها غسله إذا وجدت من يتولاه عنها، بل إن ذلك حق لها فيمكن أن تغسله، ويمكن أن تتنازل عنه ويغسله غيرها، ولا يعلم للميت غسل غير ما ذكرنا، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 21890، 44331، 8745.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1426(11/12327)
من شروط تغسيل السقط
[السُّؤَالُ]
ـ[جنين توفي في بطن أمه وكان عمره خمسة أشهر كيف نغسله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسقط الذي مضت عليه خمسة أشهر إذا عرفت حياته، فإنه يغسل غسل الميت، ويصلى عليه على الراجح من كلام أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 7135.
وللتعرف على كيفية تغسيل الميت راجع الفتوى رقم: 6672.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(11/12328)
أجر من غسل ميتا وكفنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو ثواب غسل الميت؟ وما ثواب من يحضر غسل الميت؟ وما ثواب من يقف ليساعد القائم بالغسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يغسل الميت له أجر عظيم إذا كتم ما يراه من العيوب في الميت، والذي يصب له الماء ونحوه يعتبر مشاركا له في تغسيل الميت، فله بذلك الأجر والثواب، وقد روى الطبراني في معجمه الكبير عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة، قال الحافظ ابن حجر في كتابه "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" إسناده قوي.
وعن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعون مرة، ومن كفن ميتا كساه الله من سندس وإستبرق الجنة، ومن حفر لميت قبرا وأجنه فيه أجري له من الأجر كأجر مسكن إلى يوم القيامة. رواه الحاكم. وقال: هذا حدث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وأقره على ذلك الذهبي في التلخيص، وصححه أيضا الألباني، وأما مجرد حضور تغسيل الميت فلا نعلم ما يدل على حصول الثواب به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(11/12329)
حكم ستر نعش النساء والرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد شيء في تغطية الميت الذكر - النعش - وعدم تغطية الأنثى عند السير فى الجنازة.. جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب ستر نعش كل من الرجال والنساء، وذلك في النساء آكد، قال ابن مفلح في الفروع وهو حنبلي: ويستحب ستر نعش المرأة، ذكره جماعة وأول من اتخذ ذلك زينب أم المؤمنين، قال صاحب مواهب الجليل وهو مالكي عند قول خليل: "ويسترها بقبة" ولا بأس بستر النعش للرجل، إلى أن قال: قال أشهب: وما أكره أن يستر القبر في دفن الرجال وأما المرأة فهو الذي ينبغي، وذلك واسع في الرجال. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/12330)
غسل الميت هل يكفر أربعين كبيرة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هو صحيح أن غسل وتكفين الميت يكفر أربعين كبيرة، وإن لم يكن ذلك صحيحا فما هو ثوابه، وأخيراً ما هى مكفرات الكبائر؟ وجزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الطبراني في معجمه الكبير عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتاً فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة.، قال الحافظ ابن حجر في كتابه الدراية في تخريج أحاديث الهداية: إسناده قوي، وضعف هذه الرواية الشيخ الألباني.
وروى الحاكم في المستدرك عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتاً فكتم عليه غفر له أربعين مرة، ومن كفن ميتا كساه الله من سندس وإستبرق الجنة، ومن حفر لميت قبراً وأجنّه فيه أجري له من الأجر كأجر مسكن إلى يوم القيامة. هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره على ذلك الذهبي في التلخيص، وصححه أيضاً الألباني، (هكذا بلفظ أربعين في نسخة المستدرك المطبوعة، والمصادر الحديثية التي عزت إليه) .
وبهذا يتبين أنه قد ورد ما يدل على أن تغسيل الميت يكفر أربعين كبيرة -ولكن بشرط الستر والكتم عليه- وذلك في الرواية التي رواها الطبراني وقواها الحافظ في الدراية، وضعفها الألباني، وفي رواية الحاكم التي في المستدرك: غفر له أربعين مرة. وليس أربعين كبيرة، وقد صححها الذهبي والألباني كما تقدم.
أما تكفينه فقد ورد في فضله ما جاء في رواية الحاكم من أن الله يكسوه من سندس وإستبرق الجنة، وأما ما هي مكفرات الكبائر، فقد تقدم جواب ذلك في الفتوى رقم: 3000.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/12331)
حكم خروج الدم بعد الغسل والتكفين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توفيت سيدة أثناء عملية جراحية، وبعد تغسيلها وتكفينها وجدت دماء بالكفن، فهل تجب إعادة غسلها وتكفينها بكفن آخر؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خرج شيء يسير بعد تغسيل الميت وتكفينه فلا تجب إعادة الغسل ولا التكفين، بل يحمل بحاله، قال ابن قدامة -رحمه الله-: لا نعلم بين أهل العلم في هذا خلافاً، والوجه في ذلك، أن إعادة الغسل فيها مشقة شديدة، لأنه يحتاج إلى إخراجه وإعادة غسله وغسل أكفانه وتجفيفها أو إبدالها، ثم لا يؤمن مثل هذا في المرة الثانية والثالثة، فسقط ذلك، ولا يحتاج أيضاً إلى إعادة وضوئه ولا غسل موضع النجاسة دفعا لهذه المشقة ويحمل بحاله، ويروى عن الشعبي: أن ابنته لما لفت أكفانها، بدا منها شيء، فقال: ارفعوا.
فأما إن كان الخارج كثيراً فاحشاً فمفهوم كلام الخرقي (شيء يسير) أنه يعاد غسله إن كان قبل تمام السبعة، لأن الكثير يتفاحش ويؤمن مثله في المرة الثانية لتحفظهم بالشد والتلجم ونحوه، ورواه إسحاق بن منصور عن أحمد وخالفه أصحاب أبي عبد الله كلهم رووا عنه: لا يعاد إلى الغسل بحال. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(11/12332)
تريد أن تكفن في إزار زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إني حائرة في موضوع الكفن أنا أحب زوجي رحمه الله حبا جماً وأريد عند موتي وتكفيني أن يلبسوني أو يكفنوني بإزاره هل يجوز هذا؟
أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأجدى والأنفع لك ولزوجك أن تكثري من الدعاء له بالرحمة والمغفرة.
ولا فائدة ترجى من الكفن في ثياب الزوج خاصة، أو غيره من الأقارب، والأفضل في الكفن هو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يقول: "البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم" رواه أحمد وأصحاب السنن.
والكفن يكون من مال الميت خاصة، وبما أن إزار زوجك ليس ملكاً لك دون الورثة، فهو تركة لا يجوز لك استعماله.
ولا مانع شرعاً من إعداد الكفن قبل وقت الحاجة إليه، ولكن ذلك يكون من مالك الخاص.
والأفضل أن يكون الكفن بثلاثة أثواب بيض جدد، كما كُفّن رسول الله صلى الله عليه وسلم.. هذا بالنسبة للرجال.
وأما النساء، فالأفضل في حقهن خمسة أثواب، لأنه أبلغ في الستر.
وعلى هذا، فلاا داعي للكفن في إزار الزوج، لما ذكرنا، ولأنه لا تتوفر فيه المواصفات التي أشرنا إلى بعضها في الكفن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1423(11/12333)
ييمم الميت عند عدم وجود الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[اذا لم يكن هناك ماء كيف نغسل المتوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا عدم الماء أومات رجل بين نسوة أجانب ولم يوجد من الرجال من يغسله، أو امرأة بين رجال أجانب ولم يوجد بين النساء من يغسلها، أو تعذر غسل الميت لحريق أو مرض معد أو غير ذلك من الأعذار، فإنه ييمم كما يتيمم الحي، وانظر الفتوى رقم 7504 والفتوى رقم 6672
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1423(11/12334)
عورة المرأة الميتة بالنسبة للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي حدود عورة المرأة الميتة عند غسلها من امرأة أخرى؟ هل هي من السرة إلى الركبة؟ أو كل الجسم؟. أرجو الرد بسرعة، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعورة المرأة حية أو ميتة بالنسبة للمرأة هي ما بين السرة والركبة، وهذا مذهب الجمهور، فيجب على المرأة إذا غسلت المرأة أن تستر ما بين سرتها وركبتها، ولا يجب ستر ما عدا ذلك، قال العلامة ابن جبرين ـ رحمه الله: لا يجوز النظر إلى عورة المسلم الميت، ولا يجوز تجريده من ملابسه بعد موته إلا عند التغسيل، فيجرد وتستر العورة من السرة إلى الركبة، ويتولى الرجال تغسيل الرجال، وعند تغسيله يسترون عورته بإزار أو سترة، وهكذا المرأة يتولى تغسيلها النساء، ويسترن عورتها من السرة إلى الركبة. انتهى.
وفي استحباب ستر جميع الميت خلاف، فاستحبه الشافعية وهو رواية عن أحمد، ولم يستحبه مالك وأبو حنيفة، قال ابن قدامة في المغني: وجملته أن المستحب تجريد الميت عند غسله ويسترعورته بمئزر، هذا ظاهر قول الخرقي، ورواه الأثرم عن أحمد فقال: يغطي ما بين سرته وركبتيه، وهذا اختيار أبي الخطاب وهو مذهب ابن سيرين ومالك وأبي حنيفة، وروى المروذي عن أحمد أنه قال: يعجبني أن يغسل الميت وعليه ثوب يدخل يده من تحت الثوب قال: وكان أبو قلابة إذا غسل ميتا جلله بثوب، قال القاضي: السنة أن يغسل في قميص رقيق ينزل الماء فيه ولا يمنع أن يصل بدنه ويدخل يده في كمه فيمرها على بدنه والماء يصب، وهذا مذهب الشافعي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم غسل في قميصه، وقال سعد: اصنعوا بي كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أحمد: غسل النبي صلى الله عليه وسلم في قميصه وقد أرادوا خلعه فنودوا أن لا تخلعوه واستروا نبيكم، إلى أن قال ـ رحمه الله: وأما ستر ما بين السرة والركبة فلا نعلم فيه خلافا، فإن ذلك عورة وستر العورة مأمور به، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(11/12335)
الحكمة من غسل الميت وتكفينه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من غسل الميت وتكفينه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فغسل الميت أمر تعبدي غير معلوم الحكمة، وقيل: الحكمة معلومة وهي إكرامه بتنظيفه، قال في منح الجليل شرح مختصر خليل: حال كون غسله (تعبدا) أي متعبدا به أي مأمورا به من غير علة أي حكمة أصلا.. وكونه تعبدا. قول الإمام مالك وأشهب وسحنون رضي الله تعالى عنهم. وقال: ابن شعبان معلل بالنظافة.
أما التكفين فالحكمة منه ستر الميت قال ابن قدامة في المغني: ويجب كفن الميت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، ولأن سترته واجبة في الحياة، فكذلك بعد الموت. انتهى.
وقال في التجريد لنفع العبيد: قوله: (بخلاف نظيره من الكفن) أي: فإنا لم نتعبد به؛ بل وجب لمصلحة الميت وهو ستره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(11/12336)
هل من أدعية معينة تقال عند غسل الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأدعية التي تقال عند غسل الميت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 6672 كيفية غسل الميت وتكفينه والشروط المطلوبة في المغسل، وذكرنا فيها أن من الآداب التسمية عند الغسل، ولم نقف على دعاء مخصوص يقال عند الغسل؛ لكن لا حرج في الدعاء والاستغفار للميت أثناء الغسل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(11/12337)
تغسيل الميت بهذه الكيفية حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز في تغسيل الميت أن نملأ بطنه بالماء لتنظيفه من الداخل باستخدام خرطوم ماء عن طريق فتحة الشرج.؟؟
رأيت ذلك واستنكرته فهل هذا يعتبر من إهانة الميت.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب في غسل الميت هو غسل ظاهر جسده مثل غسل الجنابة , وقد تقدم في الفتوى رقم: 6672 والفتوى رقم: 61089، بيان كيفية غسل الميت.
أما ما ذكره السائل من إدخال الماء في بطن الميت وتنظيفه إلى آخره؛ فإنه حرام وتنطع في الدين وفيه إهانة للميت وانتهاك لحرمته إذ أن حرمته ميتا كحرمته حيا.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1426(11/12338)
لا يجوز دفن الميت بدون غسل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال حول حكم شخص مات فى دولة اخرى وعند نقل الجثمان فى تابوت محكم الإغلاق إلى دولته طلبت منهم الجهات المسؤلة عدم فتح الصندوق فهل يصح دفنه ولايعلم هل غسل أو لا علماً أنه مات فى حادث سيارة وماهو الصحيح فى مثل هذه الحالة نريد تفصيلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن غسل الميت واجب مثل تكفينه ودفنه، وقد ذكر العلماء أن الميت إن دفن بدون غسل أو تكفين أنه ينبش ليغسل ويكفن إلا أن يعلم أنه تغير فيترك. وعليه فإذا لم يعلم أن الميت المذكور قد غسل وكفن فإنه لا يجوز دفنه بدون غسل ولو منع من ذلك الجهة المسؤولة لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إلا إذا دفنوه جبراً أو أجبروا على دفنه على تلك الحالة فيسقط الإثم عن الآخرين.
فإن علم أنه غسل في البلد الذي توفي فيه دفن ولا يعاد غسله ولو كان الذي غسله هناك غير مسلم. قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب في الفقه الشافعي عند قول المؤلف (في باب غسل الميت ولو بلا نية) لأن القصد من غسله النظافة وهي لا تتوقف على نية، ولأنها إنما تشترط في سائر الأغسال على المغتسل لا الغاسل، والميت ليس من أهلها، ولو كان الغسل من كافر بناء على الأصح من عدم اشترط النية. انتهى
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 42887، والفتوى رقم: 14380، والفتوى رقم: 4003.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1426(11/12339)
كيف يفعل بشعر الميتة بعد غسلها، وعدد المباشرين للغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تتم عملية تغسيل الميت وتكفينه ? وكم عدد الذين يباشرون عملية الغسل؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا كيفية غسل الميت وتكفينه في الفتوى رقم: 6672، ونضيف هنا مسألة اختلف فيها أهل العلم وهي حول ما يفعل بشعر المرأة بعد الغسل في حال الموت هل يضفر أم يلف ولا يضفر؟ قال الباجي في المنتقى عند كلامه على قول مالك في الموطأ: وليس لغسل الميت عندنا شيء موصوف، ولا لذلك صفة معلومة؛ ولكن يغسل فيطهرـ قال -أي الباجي-: وإن كان المغسول امرأة فقد قال ابن حبيب: لا بأس أن يضفر شعرها، وقال ابن القاسم: يعمل في شعر المرأة بما شاءوا من لفه، وأما الضفر فلا أعرفه، قال الباجي: والصواب أنه يستحب لقول أم عطية في غسل بنت النبي صلى الله عليه وسلم فضفرنا شعرها ثلاثة قرون فألقينها خلفها، ولعل ابن القاسم تعلق في ذلك بأن هذا أمر يمكن أن يخفى على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يطلع عليه، والأول أظهر. انتهى.
وأما عدد الذين يباشرون الغسل فلا يتعين في ذلك عدد بل إنما يشرع حضور الغاسل ومن يعينه بحسب الحاجة، ويكره حضور غير معين، قال خليل بن إسحاق المالكي: (وندب) عدم حضور غير معين، قال شارحه الدردير: أي وندب عدم حضور غير معين للغاسل؛ بل يكره حضوره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(11/12340)
كيفية غسل الميت الجنب
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم غسل الميت إذا مات وهو على جنابة من الجماع.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مذهب جمهور الفقهاء أن الميت إذا مات وهو جنب إنما يغسل غسلا واحدا وهو الغسل لأجل الموت، ولا يغسل غسلا آخر للجنابة التي كانت عليه، وذلك لأنه خرج عن أحكام التكليف بموته وسقطت عنه الواجبات.
قال ابن قدامة في المغني: فصل: والحائض والجنب إذا ماتا كغيرهما في الغسل. قال ابن المنذر: هذا قول من نحفظ عنه من علماء الأمصار ... إلى أن قال (أي ابن قدامة) وعن الحسن البصري أنه يغسل الجنب للجنابة والحائض للحيض ثم يغسلان للموت، والأول أولى لأنهما خرجا من أحكام التكليف ولم يبق عليهما عبادة واجبة، وإنما الغسل للميت تعبد وليكون في حال خروجه من الدنيا على أكمل حال من النظافة والنضارة، وهذا يحصل بغسل واحد، ولأن الغسل الواحد يجزئ من وجد في حقه موجبان له كما لو اجتمع الحيض والجنابة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(11/12341)
الحكمة من غسل الميت بالسدر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة من غسل الميت بالسدر؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكمة من غسل الميت بالسدر والماء هي أنه أبلغ في النظافة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(11/12342)
المرأة الميتة كالرجل في الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صفة غسل الميت بالنسبة للمرأة؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 6672 بيان كيفية غسل وتكفين الميت. والمرأة كالرجل في الغسل، وأولى الناس بغسل الميتة وصيتها ثم القربى فالقربي من نسائها، ولكل من الزوجين غسل الآخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(11/12343)
كيفية غسل الميت بالكافور
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله.. وبعد:
يا شيخنا الكريم.. الآن لما نغسل الميت مثلاً بماء وسدر ونجعل شيئاً من الكافور بالآخر.. السؤال هنا: هل نغسل بالماء والسدر ثم نجعل الكافور بالآخر بدون الماء فقط كافور، أم نجعل آخر غسلنا بعد الماء والسدر كافوراً ثم نصب عليه الماء.. وذلك لأن الكافور لو وضع على الميت بدون ماء فهو طاهر غير مطهر للميت، لأن الكافور سلب وصف الماء، هل هذا صحيح؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي الصحيحين من حديث أم عطية الأنصارية قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته، قال: اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، وأجعلن في الأخيرة كافوراً أو شيئاً من كافور ... الحديث، فهذا صريح في كون أول الغسل يكون فيه السدر، وفي الغسلة الأخيرة يجعل الكافور، وراجع الفتوى رقم: 6672.
ثم إن جمهور أهل العلم يرون سلب طهورية الماء بمخالطة السدر أو الكافور، فلا بد عندهم من الغسل بماء قراح، قال الرملي وهو شافعي: ويستحب (أن يستعان في الأولى بسدر أو خطمي) ... (ثم يصب ماء قراح) ..... فلا تحسب غسلة السدر ولا ما أزيل به من الثلاث لتغير الماء به التغير السالب للطهورية، وإنما المحسوب منها غسلة الماء القراح، فتكون الأولى من الثلاث به، وهي المسقطة للواجب، ولا تختص الأولى بالسدر، بل الوجه كما قال السبكي التكرير به إلى حصول الإنقاء.....
وقال الخرشي وهو مالكي: ... وتكون الغسلة الأولى -عند الجمهور- بالماء القراح للتطهير، والثانية بالماء والسدر للتنظيف، والثالثة بالماء والكافور للتطييب.
وعند الأحناف وبعض الحنابلة أن إضافة السدر أو الكافور إلى الماء لا تسلب طهوريته، وراجع فيه الفتوى رقم: 21668.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1424(11/12344)
الحكمة من الاغتسال من غسل الميت والوضوء من حمله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحكمة من أن أكل لحم الإبل ينقض الوضوء ومن قام بغسل ميت يستحم ثم يتوضأ ومن تبع الجنازة يعيد الوضوء؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله عز وجل لا يشرع لعباده إلا ما فيه مصلحتهم ومنفعتهم كما قال تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (المائدة: من الآية6) ، وكما قال تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج [الحج:78] وقال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (النساء:26) ، فهو سبحانه وتعالى يشرع لعباده عن علم وحكمة، وهذه الحكمة قد يعلمها الناس وقد تخفى عليهم، والواجب على المسلم أن يُسلِّمَ لأمر الله عز وجل وحكمه، ولأمر رسوله صلى الله عليه وسلم وحكمه على كل حال، علم الحكمة من ذلك أو لم يعلم.
قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (الأحزاب:36) ، مع العلم بأنه لا حرج على المسلم أن يحاول التماس الحكمة من الأحكام الشرعية، لكن الحرج كل الحرج أن يرد هذه الأحكام إذا لم يعلم الحكمة منها.
وقد حاول بعض العلماء التماس الحكمة من الأمر بالوضوء من أكل لحم الإبل، وانظر ذلك في الفتوى رقم:
10974
وأما عن الغُسل من غَسْل الميت فإنه مستحب وليس بواجب، لقول ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل. رواه الخطيب وصححه الحافظ بن حجر.
وأما الحكمة من ذلك فلعلها ما جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب وهو من كتب الشافعية قال: وأصل طلبه -أي الغسل من غسل الميت- إزالة ضَعْفِ بدن الغاسل بمخالطة جسد خالٍ عن الروح. ا. هـ
وأما الوضوء من حمل الجنازة فهو كذلك مستحب ولا يجب، قال الطحاوي رحمه الله تعالى: قيل الحكمة في ذلك أن مباشر الميت يحصل له فتور، والوضوء والغسل ينشطه. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(11/12345)
غسل البكر الميتة كغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هي كيفية غسل الميت؟ وهل تختلف كيفية غسل المرأة البكر عن كيفية غسل المرأة المتزوجة؟
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت كيفية غسل الميت وأدابه في الفتوى رقم: 6672، ولا يختلف غسل المرأة البكر عن غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(11/12346)
ينقطع الاستمتاع بالزوجة بموتها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل صحيح ما يقال إن الزوجة تحرم على الرجل في حال وفاتها؟ أي لا يحق له لمسها أو تقبيلها لحظة وداعها؟ وهل يحق له أن يغسلها؟ أفيدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 17370 جواز غسل الرجل لزوجته المتوفاة وجواز النظر إليها بغير شهوة.
أما الاستمتاع بها بعد الموت، كالوطء والتقبيل ونحوها فلا يجوز لانقطاع الاستمتاع بالموت، كما نص على ذلك ابن قدامة في المغني وكذلك النووي في المجموع حيث قال رحمه الله: قال الشيخ أبو حامد في تعليقه: مذهبنا أن المرأة إذا ماتت كان حكم نظر الزوج إليها بغير شهوة باقيا، وزال حكم نظره بشهوة وإذا كان النظر بشهوة حراما، فما كان أشد منه كالتقبيل فهو حرام من باب أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(11/12347)
حلق شعر إبط الميت وعانته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب عند غسل الميت وتنظيفه حلق شعر إبطه وعانته، أم يكتفى بالوضوء والغسل فقط؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
6672 بيان آداب غسل الميت مفصلاً.
وأما أخذ شعر إبطه وعانته، فمما اختلف الفقهاء في حكمه، ففي مذهب الشافعية قولان:
قال النووي رحمه الله: وفي تقليم أظفاره وحف شاربه وحلق عانته قولان: أحدهما: يفعل ذلك لأنه تنظيف، فشرع في حقه كإزالة الوسخ.
الثاني: يكره وهو قول المزني لأنه قطع جزء منه فهو كالختان.
ثم ذكر النووي أن المختار عندهم ترك ذلك ونقل قول الشافعي: من أصحابنا من رأى حلق الشعر وتقليم الأظفار ومنهم من لم يره، وقال الشافعي وتركه أعجب إلي..... إلى أن قال: فحصل أن المذهب أو الصواب ترك هذه الشعور والأظفار، لأن أجزاء الميت محرمة فلا تنتهك بهذا، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في هذا شيء فكره فعله. انتهى.
وذهب الأحناف والمالكية إلى كراهة فعل ذلك بالميت، جاء في المدونة قال ابن القاسم قال مالك: أكره أن يتبع الميت بمجمرة أو تقلم أظفاره أو تحلق عانته ولكن يترك على حاله، قال وأرى ذلك بدعة ممن فعله. انتهى.
وقال الكمال بن الهمام الحنفي: ولا يسرح شعر الميت ولا لحيته ولا يقص ظفره ولا شعره.
فالراجح من أقوال أهل العلم أن ذلك مكروه، وهو قول الجمهور كما نسبه لهم النووي في المجموع ونقله العبدري عنهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/12348)
الميت إذا خيف تقطعه بالماء يمم ولم يغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد، فوالدي طريح الفراش منذ أشهر،مما أدى إلى بثور وفتحات كثيرة في بدنه واهتراء لحمه، فهل إذا مات أُغَسِّلُهُ رغم تلك الفتحات الكثيرة في جسمه أو ماذا أفعل؟
أريد جوابا عاجلا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا مات والدك فلتغسله إن كان ذلك ممكناً، وإن لم يكن الغسل ممكناً فصب عليه الماء، وإن خفت تقطعه بالماء تركت ذلك ويممته.
يقول ابن قدامة: والمجدور والمحترق والغريق إذا أمكن غسله غسل، وإن خيف تقطعه بالغسل صب عليه الماء صباً ولم يمس، فإن خيف تقطعه بالماء لم يغسل ويمم إن أمكن كالحي الذي يؤذيه الماء، وإن تعذر غسل الميت لعدم الماء يمم، وإن تعذر غسل بعضه دون بعض غسل ما أمكن غسله ويمم الباقي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1424(11/12349)
حكم غسل الزوج لزوجته الميتة والعكس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يغسل الزوج زوجته إذا ماتت أو العكس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة غسل زوجها إذا مات بلا خلاف عند العلماء، ونقل ابن المنذر الإجماع على جواز ذلك.
وأما غسل الرجل زوجته إذا ماتت فجائز عند جمهور العلماء أحمد ومالك والشافعي وإسحاق وعطاء وداود وغيرهم قياساً على غسلها له، ولما رَوَى ابن المنذر أن علياً غسل فاطمة رضي الله عنها، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكروه، فكان إجماعاً.
ولما روى ابن ماجه وأحمد والدارمي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "لو مُتِّ قبلي لغسلتك وكفنتك" وقد تكلم العلماء على هذا الحديث وضعفوه، والعمدة من جواز غسله لها هو القياس كما مرّ.
ويراجع الجواب رقم: 17370.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(11/12350)
الأدلة على جواز تغسيل الزوجة زوجها الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز نظر الزوج إلى زوجته بعد الموت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز أن ينظر أحد الزوجين إلى الآخر بعد وفاته وأن يغسله ويكفنه، وهذا مذهب جماهير أهل العلم، لأدلة منها ما رواه أحمد وابن ماجه والدارمي وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها قالت: رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعاً في رأسي، وأقول: وارأساه. فقال: بل أنا وارأساه. ماضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك!.، وعنها أنها كانت تقول: لو استقبلت من الأمر ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وروى الدارقطني عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها أن فاطمة رضي الله عنها أوصت أن يغسلها علي رضي الله عنه، وروى البيهقي أن أبا بكر أوصى امرأته أسماء بنت عميس أن تغسله، فضعفت فاستعانت بعبد الرحمن بن عوف، وروى مالك في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر أن أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق غسلت أبا بكر حين توفي، ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت: إن هذا يوم شديد البرد وأنا صائمة فهل علي من غسل قالوا: لا، ولم يقع من الصحابة إنكار على علي حينما غسل فاطمة، ولا على أسماء حينما غسلت أبا بكر فكان إجماعاً. كما قال الشوكاني في نيل الأوطار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1423(11/12351)