ما يقوله المأموم إذا أطال الإمام التشهد الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا يقول المأموم إذا أطال الإمام في التشهد الأول، هل يكمل التشهد الثاني أم يعيد التشهد الأول أم يصمت إلى أن يقوم الإمام؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للإمام ولا للمنفرد أن يزيد في التشهد الأوسط على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك المأموم إذا كان موافقاً لإمامه أي كلاهما في التشهد الأول، ولكن له أن يدعو حتى يقوم إمامه لا أن يأتي بالصلاة على الآل وبقية الصلاة الإبراهيمية. أما إذا كان المأموم مسبوقا فالإمام في التشهد الثاني والمأموم في الأول مثلاً فإنه يستحب للمأموم أن يأتي بما يأتي به إمامه، ومنه الصلاة على الآل والدعاء متابعة لإمامه لأن القاعدة: أن للمأموم أن يأتي بما يسن للإمام أن يأتي به والإمام يسن له في هذه الحالة الإتيان بذلك بخلافه فيما إذا كان المأموم موافقاً في التشهد الأول كما مر.
قال البجيرمي رحمه الله وهو من فقهاء الشافعية في كتابه تحفة الحبيب: ولا تسن الصلاة على الآل في التشهد الأول لا من الإمام ولا من المأموم إذا كان موافقاً، والأشبه في المأموم الموافق أنه لو كان الإمام يطيل التشهد الأول إما لثقل لسانه أو غيره وأتمه المأموم سريعا استحب له الدعاء إلى أن يقوم إمامه فلا يأتي بالصلاة على الآل وما بعدها، وأما المسبوق إذا أدرك ركعتين من الرباعية فإنه يتشهد مع الإمام تشهده الأخير، وهو أولى للمأموم فيستحب له الدعاء فيه. ومنه الصلاة على الآل وهل بقية التشهد كذلك أو لا يأتي ببقية التشهد لأنه كنقل القولي.....؟ والذي اعتمده العلامة محمد الرملي الإتيان ببقيته، بل يستحب الإتيان بدعائه، ومنه الصلاة على الآل..... وذلك أن القاعدة أن للمأموم أن يأتي بما يسن للإمام أن يأتي به والإمام يسن له في هذه الحالة الإتيان بذلك بخلافه فيما إذا كان المأموم موافقاً في التشهد الأول اـ هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(11/10310)
حكم الصلاة وراء من يعتقد أن هناك أولياء يديرون الكون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة خلف من يتعامل مع الجان ويعتقد أن هناك أولياء يديرون الكون]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعامل مع الجن يختلف حكمه كما فصلناه في الفتوى رقم: 54462، وإن ثبت أن هذا الرجل يعتقد في الأولياء أنهم يديرون الكون وينفعون ويضرون مع الله أو من دونه فقد وقع في الشرك الأكبر المخرج من الملة، ولا تجوز الصلاة خلفه، ويجب على جماعة المسجد عزله وترتيب إمام آخر يجتمع عليه المصلون وتتوفر فيه شروط إمامة المصلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(11/10311)
إمامة التائب ودرجة حديث (بارك الله في الدابة السريعة..)
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل يجوز لرجل تائب أن يكون إمام مسجد وخطيبه أياً كانت الذنوب؟
2- هل هناك حديث نصه: بارك الله في الدابة السريعة والمرأة المطيعة؟
نرجوا الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تاب من ذنبه وإن كبر غفره الله له، وجاز تنصيبه إماماً وخطيباً وصحت القدوة به، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} .
بل تصح إمامة وخطبة الفاسق على القول الراجح وإن كان لا يجوز تنصيبه لذلك، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 16978.
وأما حديث: بارك الله في الدابة السريعة والمرأ المطيعة. فلم نقف عليه بهذا اللفظ ولكن ورد في السنة ما يدل على معناه، فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء. رواه أحمد وغيره.
وقد فسر المناوي رحمه الله (المركب الهنيء) بقوله: أي الدابة السريعة غير الجموع والنفور والخشنة المشي التي يخاف منها السقوط وانزعاج الأعضاء وتشويش البدن وفي إفهامه أن الجار السوء والمسكن الضيق والمركب الصعب من شقاوته.
وأما المرأة الصالحة فقد جاء تفسيرها في حديث آخر رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(11/10312)
حكم الصلاة خلف المتخلف عن الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ممكن نسأل على رجل يصلي بنا في الجامع من الجمعة للجمعة ويقول أصعب صلاة على المنافقين الفجر والعشاء وهو لا صلاة فجر ولا عشاء في الجامع هل تصح الصلاة وراءه في الجامع يوم الجمعة مع أنه يصلي بنا يوم الجمعة أو على المزاج ورجل ثان يصلي بنا ويقول اتقوا الله وهو يبيع في عباد الله ويحارب في الشباب الملتزمين بالصلاة في الجامع هل تجوز الصلاة وراءهم وآخر ينهى الناس عن السرقة وهو أكبر سارق وابنه سارق هل تجوز الصلاة وراءهم؟ لأنهم لو بقوا على هذا الحال فإننا نفكر في ترك الصلاة في الجامع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم أن يوافق قوله عمله خاصة من تصدى لإمامة المصلين والخطابة فيهم والقيام بوعظهم، ومن أهم ما يجب على المسلم الابتعاد عنه -كبائر الذنوب كالسرقة ونحوها، وأحرى إن كان داعية أو إماماً، وانظر الفتويين: 9329، 28171.
وإن كان التخلف المذكور عن صلاة الجماعة عشاء وفجراً وغيرهما لغير مسوغ شرعي، فالواجب على جماعة المسجد أن يقدموا النصيحة لهؤلاء الأئمة الذين يتخلفون لغير عذر أو يقومون بأعمال محرمة، وأن يخوفوهم بالله العظيم، وأن يحذروهم من عاقبة المعاصي، وينبغي عليهم أيضاً أن يسعوا بقدر المستطاع في إقامة إمام عدل لجماعة المسجد.
هذا، وقد اختلف العلماء في صحة الصلاة خلف الفاسق، فمنهم من قال: لا تصح الصلاة خلفه، ومنهم من قال تصح مع الكراهة، والذي ننصحكم به هو عدم ترك الصلاة في مسجد الجماعة خلف هؤلاء الفساق حتى تقيموا غيرهم من أهل الصلاح، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1636، 23182، 16978.
وأما الإمام الذي يبيع العباد ويحارب الشباب المستقيم المتسمك بالدين، فإن كنت تعني أنه يظاهر المشركين على المسلمين، ويتعاون مع أعداء الله على أولياء الله، فإن هذا الرجل قد ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام، ولا تصح الصلاة خلفه، وانظر الفتوى رقم: 8106.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1426(11/10313)
هل يقدم الأكثر حفظا أم الأحسن تلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه وبعد: إليكم نص السؤال ـ جماعة من المسلمين ليس بينهم إمام وقد هموا بالصلاة، فمن أحق بإمامتهم، هل الذي يحفظ القرآن وربما كله ولكن لا يحسن الفهم ولا التلاوة أم الذي يحفظ القليل ويحسن التلاوة وأقصد بالتلاوة أحكام التجويد التي لا تصح القراءة إلا بها.مع تحيات أخيكم أبو صلاح الدين من ألمانيا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى بالإمامة أكثر الجماعة حفظا للقرآن كما سبق في الفتوى رقم: 25305، لكن إذا كان لا يحسن القراءة بأن كان يخل بها، فإن كان يخل بالفاتحة خللا يحيل المعنى فلا تصح الصلاة خلفه، وإن كان يأتي بالفاتحة من غير إخلال بها فالصلاة خلفه صحيحة إلا أن الذي يجيد القراءة مقدم عليه فيما يظهر لأن من لم يحسن القراءة لا بد أن يلحن في القراءة ولو لحنا خفيا وهو نقص وإن كانت الصلاة تصح معه.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 64684 والفتوى رقم: 64891.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(11/10314)
الائتمام بالفاسق أم الصلاة منفردا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من عرب فلسطين (عرب48) .. في بلدتي مسجدان، المسجد الأول الإمام فيه شيخ حافظ لكتاب الله تعالى وملتزم بالسنة (ظاهراً على الأقل) من حيث الملبس والمظهر.. وأهل بيته ملتزمون وزوجته ملتزمة بالنقاب.. وهو حاصل على درجة الماجستير في الشريعة ... والمسجد الثاني الإمام فيه شيخ معين من طرف اليهود.. وهو يفتخر بذلك وأغلب أهل بيته لا يصلون (أبناؤه الكبار والصغار) وبناته متبرجات.. وقد سمعته شخصياً ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً ما قاله عليه الصلاة والسلام، والحديث المدعى هو: عندما سأله أحد المصلين عن اليهود فقال بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دارهم ما دمت في دارهم) ، كما ويدعي بعض الناس أنهم سمعوه يسب الذات الإلهية ولكن هذا غير مؤكد ولا دليل عليه.. لي أخ في الله تعالى حصل له خلاف كبير مع الشيخ الأول (بعد رفقة ما يقارب 8 سنوات) وهو متأكد أنه مظلوم من قبل الشيخ ومن معه من أبناء الدعوة الذين وقفوا في صف وطرف شيخهم، بناء على ما تقدم هل يجوز لهذا الأخ أن يصلي خلف الإمام الثاني (المعين من قبل اليهود) ، علماً بأنه إذا لم يصل خلفه فالحل الوحيد عنده أن يصلي في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننصح أخاك بأن يصطلح مع هذا الشيخ - الذي وصفته بصفات أهل الخير - وإن كان مظلوماً، وليتذكر أن الله سبحانه أعد للذين يكظمون الغيظ والذين يعفون عن الناس جنة عرضها السماوات والأرض، قال تعالى في سورة آل عمران: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:133-134} ، وقال في سورة الشورى: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43) ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.. إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تحث المسلم على الصفح والعفو، وإن كان مظلوماً، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 2059.
ثم إن مجرد المشاحنة مع هذا الرجل لا يؤثر في صحة الائتمام به، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 6359.
والذي ننصح به هو أن يصطلح مع جماعته الطيبة ويتواصل معهم، فإن لم يفعل فليصل معهم وليتجنب الصلاة مع هذا الرجل الذي ذكرت عنه ما لا يحمد، وليحذر من الانفراد عن الجماعة، فإن الصلاة في الجماعة واجبة على الرجل المستطيع، وإذا دار الأمر بين أن يصلي وحده أو يصلي مع الإمام الآخر فليصل معه إن كانت الشائعات الخطيرة غير صحيحة، والفاسق لا ينبغي أن يكون إماماً للمسلمين إلا أن الصلاة خلفه أولى من الانفراد، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(11/10315)
الصلاة خلف من يعمل في حراسة الفنادق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للعسكري الذي وظيفته حراسة الفنادق والأماكن المشبوهة أن يصلي إماماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل فاسقا فإن الصلاة تصح خلف الفاسق وإن كان غيره أولى بالإمامة منه، كما بينا في الفتوى رقم: 1636، وقد بينا حكم صلاة من أم قوما وهم له كارهون وفصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 6359.
ولمعرفة حكم العمل في الفنادق انظر الفتوى رقم: 29257.
والخلاصة أن حارس الفندق إن كان عمله مباحاً فلا إثم عليه في ذلك وتصح إمامته إذا توفرت فيه شروط الإمامة كما هي في الفتوى رقم: 9642.
وإن كان عمله غير مباح، فإنه يكون عاصياً وآثماً بعمله، ولكن تصح إمامته لأن إمامة العاصي صحيحة، وقد كان الصحابة يصلون خلف الحجاج بن يوسف الثقفي والمختار بن أبي عبيد مع فسقهما وظلمهما، وليس من شروط الإمامة وصحة الصلاة خلف الإمام أن يكون ملتزماً التزاماً كاملاً مع أنه يجب نصحه وبيان الحق له إن كان على معصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(11/10316)
الخوف من الإمامة مع عدم وجود من يحسن القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحفظ كثيرا من القرآن ولكن أخاف أن أتقدم للإمامة بالرغم أني أعلم أن الموجود لا يجيد القراءة فهل أتحمل الذنب لذلك مع العلم أني تقدمت مرات لعدم وجود من يؤم الناس وكنت أرتعد خوفا وأشعر أني لا أحفظ شيئا وجسمي كله يرتعش.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان في هؤلاء من يحفظ الفاتحة ويحسنها وتقدم للصلاة فإنك لا تأثم بتأخرك عن الإمامة ولو كنت تحسن القراءة أحسن منه، لأن إمامته صحيحة وسقط بها فرض الكفاية عن الآخرين وأنت من ضمنهم، وإن لم يكن فيهم من يحفظ الفاتحة أو كان فيهم من يحفظها لكنه يخل بها خللا يغير المعنى أو يبدل حرفا أو نحو ذلك فقد تعينت عليك الإمامة بهذه الجماعة فصل بهم ودع المخاوف وتعود على التقدم للصلاة، واشكر نعمة الله عليك حيث سهل عليك حفظ الكثير من القرآن. وإن كنت لا تستطيع أن تثبت أمام الناس بدرجة الإخلال بأركان الصلاة فلا تتقدم مادامت حالتك هذه ودع غيرك يتقدم، ولكن لا تستسلم لهذه المخاوف وحاول ما استطعت أن تقضي عليها. ومما يعين على التخلص منها استحضار عظمة الله تعالى عند القيام للصلاة فباستحضارها يذهب ما في النفس من الشعور بغيره، وكذلك تدبر القرآن وتفهمه.
وللفائدة راجع الفتاوى رقم: 24727، 9642، 36500.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(11/10317)
الصلاة خلف القبوري وهل تعاد
[السُّؤَالُ]
ـ[اضطررت -تجنبا للهرج- للصلاة خلف إمام قبوري من رواد الموالد، ولم تكن صلاتي بإخلاص، فكنت أقوم بحركاتها فقط لا غير؛ فقد نويت إعادتها بعد الفراغ من الجماعة.. ماذا أفعل تكفيراً عن هذا الإثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الصلاة خلف المبتدع وذكرنا أنها تصح خلفه ما لم تكن بدعته مكفرة، وأن أداءها خلفه أفضل من أدائها في البيت ويجب نصحه وإرشاده وبيان الحق له، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4159، 6742، 10128.
ولا إثم عليك في إعادتها لتقطع الشك باليقين وتبرئ ذمتك إن كنت تعتقد كفر من اقتديت به، ولكن لا ينبغي لك التسرع والمجازفة بالأحكام قبل الرجوع إلى أهل العلم، فليست كل البدع مكفرة ولا كل من يفعل فعلاً يعتقده، وقد بينا البدع المكفرة وغير المكفرة وحكم الصلاة خلف أصحابها فيما أحيل إليه من الفتاوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(11/10318)
الاقتداء بالإمام الذي يكثر خطؤه
[السُّؤَالُ]
ـ[نسكن بحي تكثر فيه المساجد إلا أن أقربها إلينا والمعتاد أن نقيم الصلاة فيه، يكثر خطأ من يِؤمنا فيه، فهل صلاتنا جائزة أم علينا تغيير المسجد علما وأننا شباب أشداء؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لم تبين لنا نوعية الخطأ المذكور هل هو في القراءة أو في غيرها، وإن كان في القراءة فهل هو في الفاتحة أو في غيرها، فإن كان في الفاتحة وهو خطأ فاحش يحيل المعنى، فإن من يخل بالفاتحة لا يصح الاقتداء به كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 7869، والفتوى رقم: 60725. هذا إن كان لا يحفظ الفاتحة أو يبدل حرفا منها أو يلحن فيها لحنا يخل بالمعنى، فإن لم يتصف بشيء من ذلك إلا أنه يتوقف في القراءة أو لا يتقن التجويد فإن الصلاة خلفه صحيحة مع أن الاقتداء بالأقرأ أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. رواه مسلم. وفي هذه الحالة يمكنكم أن تصلوا مع هذا الإمام، ويمكن أن تذهبوا إلى أقرب مسجد إن كان إمامه يتقن التجويد ولا يتوقف. وأما إن كان الخطأ في غير الفاتحة فالصلاة خلفه صحيحة إن لم يتعمد الخطأ، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 13127، وإن كان غيره لا يخطئ في القراءة فالأولى الصلاة معه بدليل الحديث المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(11/10319)
الصلاة خلف الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة وراء شخص رأيته في وضع وهو أن امرأة أجنبية تدلك جسمه بما في ذلك إمساك عضوه الذكري وإنني لم أعاتبه حتى لا يعلم أني عرفت، ومما يتبع ذلك من الإشكالات الأخرى، وفي حالة عدم جواز الصلاة وراءه فكيف يتسنى لي الانصراف من صلاة الجماعة وما يسببه انسحابي المفاجئ من الصلاة لأننا نصلي في مجمع وأحيانا هو الذي يؤم المصلين مما قد يثير الشكوك اتجاهه أوغير ذلك من الأمور، وقد يكون قد تاب من هذه الممارسة، فما حكم هذه الحالة التي لا يعلم بها إلا الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قام به هذا الشخص من النظر إلى المرأة وتمكينها من مس ذكره وبدنه محرم لقوله الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا {النور: 30-31} .
وروى أبو داود عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن أحدكم في رأسه بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له.
ومعلوم أن اللمس أشد تحريماً من النظر، والتدليك من امرأة أجنبية لرجل أشد تحريماً من اللمس، فلا يجوز لمسلم أن يفعل ذلك، ولا أن يمكن امرأة أن تفعل به ما حرم الله تعالى، وكان عليك أن تغير هذا المنكر الذي رأيته بحكمة ولطف.
وأما عن الصلاة خلفه، فإن كان قد أقلع عن ذلك وتاب وأناب فلا حرج في الصلاة خلفه، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فإن جهلت حاله هل تاب أم لا فحسن الظن بالمسلم يقتضي منك معاملته على أنه تاب، وإن علمت أنه أصر على فعله، فالأولى أن يؤم الناس غيره ممن هو أصلح وأتقى، فإن لم يحصل ذلك فالصلاة خلفه صحيحة كسائر الفساق، ولا تفوت الجماعة بسبب فسقه غير أن الأولى ترك الصلاة خلفه إن وجد من هو أحسن منه حالاً، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1426(11/10320)
ماذا يفعل الإمام إذا انتقض وضوؤه
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم نقض وضوء الإمام في صلاة الجماعة والمثنى والفرد وهل تبطل صلاة المصلين بنقض وضوء الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 53433، ما يفعله الإمام إذا انتقض وضوءه أثناء الصلاة وهو أنه يسن له أن يستخلف أحد المصلين ليكمل بهم الصلاة، وأما صلاته هو فقد بطلت بالحدث أثناء الصلاة وسواء كان إماما لجماعة أو شخص واحد، أما المنفرد فإذا حدث أثناء الصلاة بطلت صلاته مثل الإمام ويجب عليه القطع والوضوء مرة أخرى ليصلى من جديد، وكذلك الأمر بالنسبة للمأموم، هذا ولا تبطل صلاة المأمومين بحدث الإمام أثناء الصلاة إذا لم يقتدوا به بعد حدثه عالمين ببطلان صلاته كما سبق توضحيه في الفتوى رقم: 661.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1426(11/10321)
لهذه الصورة أربعة احتمالات
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيمت الصلاة وصلى بالناس طبيب متدين بسبب تأخر الإمام وقبل الركوع دخل الإمام وشق الصفوف حتى وصل للطبيب الذي يؤم الناس وأزاحه للخلف وصلى هو وأتم الصلاة فما حكم صلاة الطبيب وصلاة الإمام والمأمومين وماذا كان سيحدث لو دخل الإمام والطبيب كان في الركعة الثانية أو الثالثة وغيره وبم يجب أن يكون الجزاء على هذا الفعل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة هؤلاء الناس تحتمل أربعة احتمالات هي:
· أن يكون الإمام الثاني استأنف بالمصلين صلاة جديدة، واستأنفوا هم خلفه.
· أن يكون استأنف بهم صلاة جديدة، ولكنهم بنوا على ما فعلوه مع الإمام الأول.
· أن يكون بنى على صلاة سلفه، ولكنهم هم استأنفوا الصلاة خلفه.
· أن يكون بنى على صلاة سلفه، وبنى المصلون خلفه.
- ففي الاحتمال الأول تصح صلاة الجميع، مع حرمة قطعهم للصلاة بعد عقدها.
فقد نص أهل العلم على حرمة قطع الصلاة الواجبة إلا لعذر يبيح ذلك، كإنقاذ نفس أو تلف مال ونحو هذا؛ لقول الله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33} ، قال صاحب الروضة البهية: ويحرم قطع الصلاة الواجبة اختيارا للنهي عن إبطال العمل المقتضي له إلا ما أخرجه الدليل.
- وفي الاحتمال الثاني تصح صلاة الإمام وتبطل على المأمومين، لكونهم قد سبقوه بتكبيرة الإحرام. قال المرداوي في الإنصاف: فأما تكبيرة الإحرام: فإنه يشترط أن يأتي بها بعد إمامه فلو أتى بها معه لم يعتد بها, على الصحيح من المذهب مطلقا, وعنه يعتد بها إن كان سهوا ...
وقال الشافعي في الأم: وكل مأموم أحرم قبل إمامه فصلاته باطلة لقول النبي صلى الله عليه وسلم {فإذا كبر فكبروا} ...
- وفي الاحتمالين الثالث والرابع، تبطل على المأمومين وتصح صلاة الإمام إن بنى على الركعة الأولى أو الثالثة من رباعية، وتبطل إن بنى على غير ذلك. قال خليل: وإن جاء بعد العذر فكأجنبي، يعني أنه لا يصح استخلافه. وقال في شأن صلاته هو: فإن صلى لنفسه أو بنى بالأولى أو الثالثة: صحت, يعني صلاته هو دون من اقتدى به، وإلا فلا، أي وإلا يكن بنى بما ذكر، بل بالثانية أو الأخيرة بطلت صلاته.
وقال بعض أهل العلم إن صلاة الجميع تصح إذا بنوا على صلاة الإمام الأول. ففي مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى في معرض ذكر أن من نوى إمامة أو ائتماما في أثناء الصلاة لم يصح قال: إلا إذا أحرم مصل إماما لغيبة إمام الحي أي الإمام الراتب ثم حضر إمام الحي فأحرم وبنى صلاته على صلاة الإمام الأول الذي أحرم لغيبته فيصير هذا الإمام مأموما بالإمام الراتب..
فلعل الإمام يرى هذا القول فقام بفعله ذلك اقتداء بقائله وعليه، فلا يلام. ... ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1426(11/10322)
الائتمام بمسبوق لا يجهر بتكبيرات الانتقال
[السُّؤَالُ]
ـ[أتأخر عن صلاة الجماعة في بعض الأوقات فأقف خلف شخص يصلي ليكون إماما لي ولكنه يصلي بدون أن يجهر بالتكبير ونحن نتحرك مع حركتة بالإحساس فقط، فهل هذه الصلاة تكون صحيحة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص الذي تصلي خلفه مسبوقاً فقد تقدم في الفتوى رقم: 24184 اختلاف أهل العلم في صحة الاقتداء بالمسبوق، وخلصنا في تلك الفتوى إلى صحة الاقتداء به وإن كان الأولى عدم الائتمام به خروجاً من الخلاف، ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 8746.
هذا ولا تبطل الصلاة بعدم جهر الإمام بالتكبير مع أن الجهر بالتكبير بالنسبة للإمام يعتبر من سنن الصلاة، وليس واجباً كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 7726، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 62177 والفتويين المحال عليهما فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1426(11/10323)
حكم الصلاة وراء إمام به عاهة جسمية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة وراء إمام به عاهة جسمية، مثلا لا يستطيع التورك ولا الافتراش ويسجد على جنب؟ علما أنه يوجد من يؤم بدله وهو صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام المذكور يسجد على جبهته إلا أنه لا يستطيع هيئة السجود باعتدال بأن يميل على جنبه، فإن الصلاة خلفه صحيحة ما دام يسجد معتمداً على يديه، ويسجد على ركبتيه ورجليه، لأنه في هذه الحالة لم يترك واجباً مع أن الائتمام بغيره أولى.
ولأن الافتراش والتورك لا يشترطان لصحة الصلاة، قال النووي رحمه الله: قال أصحابنا: لا يتعين للجلوس في هذه المواضع هيئة للإجزاء بل كيف وجد أجزأه سواء تورك أو افترش أو مد رجليه أو نصب ركبتيه أو أحدهما أو غيرهما. انتهى
ولا سيما إذا كان تركهما للضرورة، وإن كان يسجد على جنب جبهته فالصلاة صحيحة أيضاً لأنه يجزئ في السجود عليها السجود على بعضها، قال النووي أيضاً: والأولى أن يسجد عليها كلها فإن اقتصر على ما يقع عليه الاسم منها أجزأه.
وخلاصة القول أن الصلاة تصح خلف من لا يستطيع الافتراش والتورك ويميل في سجوده أو يسجد على جنب جبهته مع أن الاقتداء بغيره أولى، وإن كان لا يأتي ببعض الأركان فراجع خلاف أهل العلم في جواز الائتمام بالعاجز عن الركن في الفتوى رقم: 7834.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(11/10324)
لا حرج في تأخر الإمام عن المحراب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الشرع في إمام في وقت الحرارة يترك محرابه والصفين 1و2 ليصلي بالناس جماعة. مع العلم أن أحد المصلين ممن لم يرقه هذا الوضع يفضل أن يصلي أمام الإمام في الصف الأول. من فضلكم اشرحوا لي أين الصواب والخطأْ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 32244، أنه لا حرج في تأخر الإمام عن المحراب هذا في غير الضرورة فكيف به إذا كان لضرورة، مثل الحر كما في السؤال، أما ما يفعله المأموم المذكور فلا ينبغي لأن فعله هذا تبطل به الصلاة عند بعض أهل العلم، ويكره عند البعض الآخر لغير ضرورة لأنه مخالف للسنة، ولبيان أقوال العلماء في حكم صلاة المأموم أمام الإمام راجع الفتوى رقم: 33993، وننبه إلى أن الصف الأول هو الصف الذي يلي الإمام سواء تأخر الإمام أو تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1426(11/10325)
إمامة مرتكب بعض الكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة خلف من تعرف أنه يفعل إحدى الكبائر وهل تقبل منه صلاة قيام ليل مع إصراره على الكبيرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصح إمامة من يرتكب بعض الكبائر لأن القاعدة المشهورة عند أهل العلم أن من صحت صلاته لنفسه صحت الصلاة خلفه، وراجع الفتوى رقم: 18067 مع أن الأفضل الاقتداء بغيره ممن هو سالم من الفسق وارتكاب المعاصي، وراجع الفتوى رقم: 7332.
وارتكاب بعض الكبائر لا يؤثر على قبول العمل باستثناء ما نص عليه الشارع كمن وقع في الشرك الأكبر بالله تعالى فإنه محبط، أو من كان مدمنا على شرب الخمر مصراً عليها، فلا تقبل منه طاعة ما دام كذلك.
وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 35296 والفتوى رقم: 28752 والطاعات التي يفعلها مرتكب المعاصي مقبولة قبولا ناقصا يختلف عن حالة المؤمن المستقيم على شرع الله تعالى، بشرط الاتصاف بالإيمان بالله تعالى.
ففي تفسير القرطبي عند تفسير قوله تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ {المائدة 27} قال ابن عطية: المراد بالتقوى هنا اتقاء الشرك بإجماع أهل السنة، فمن اتقاه وهو موحد فأعماله التي تصدق فيها نيته مقبولة، وأما المتقي للشرك والمعاصي فله الدرجة العليا من القبول والختم بالرحمة، عُلِم ذلك بإخبار الله تعالى لا أن ذلك يجب على الله تعالى عقلا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(11/10326)
يقدم للإمامة الأفضل قراءة فعلما ...
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال لو سمحت حول الإمامة في الصلاة, من الأحق بالإمامة، أخ من آسيا أي أعجمي فبعض الحروف لا يخرجها بشكل صحيح مثل هاء وغ وهو حافظ لكتاب الله ما شاء الله عليه، وآخر عربي مجاز في القراءة ويحفظ القليل والآخر مساعد خطيب لا أعرف كم يحفظ لكن لا يحب الإمامة، يقول الإمام ضامن وبعض الأحيان يقدم الخطيب الأعجمي وبعد الصلاة يعترض بعض المصلين، فمن هو الأحق بالإمامة بين هؤلاء الثلاثة، وما حكم تقديم الأعجمي في الإمامة وعدم رغبة الآخرين في التقدم بحجة المسؤولية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة أن يقدم للإمامة الأكثر اتصافاً بالصفات الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
والإمام الأعجمي الذي ذكرت إن كان يلحن في الفاتحة لحناً مغيراً للمعنى فلا يجزئ الاقتداء به إلا في حق من هو مثله، فإن كان قادراً على التعليم ولم يتعلم فصلاته باطلة، وراجع الفتوى رقم: 23898.
وإذا كان لحنه لا يغير المعنى أو كان في غير الفاتحة فالصلاة خلفه صحيحة ولو كان المصلي خلفه أتقن وأكثر حفظاً بغض النظر عن جنسيته أو أصله، لأن ميزان الفضل عند الله تعالى إنما يكون بالتقوى والعمل الصالح، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات:13} ، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 45154، والفتوى رقم: 49364.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(11/10327)
حكم إمامة من يلحن في قراءة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الاستفسار عن أمر يؤرقني وأخاف من تلبيس إبليس فيه، فأرجو منكم الجواب الكافي لكي يطمئن قلبي وفقكم الله، أنا أعيش في ألمانيا،التزمت الطريق الصحيح طريق أهل السنة والجماعه، وبدأت بحفظ القرآن الكريم منذ ما يزيد عن السنتين وأنا ماض إلى حفظه كاملا بعون الله, والمشكلة أني أحفظ القرآن في المسجد لعدم توفر الجو الهادئ في البيت وأنا أب لأربعة أطفال, والمسجد الذي أحفظ فيه كتاب الله تابع للجاليه التركية في ألمانيا ولهم من الهفوات والبدع الكثير والكثير ومنها السرعة في أداء الفرائض حيث لا يتسنى للمصلي أي خشوع وعدم رص الصفوف والتسبيح الجهري بعد انتهاء الصلاة والمبالغة فيها لدرجة عالية ناهيك عن أدعيتهم التي يتخللها الكثير من التوسل بحرمة النبي والقرآن والمداومة على قراءة نهايات البقرة جهرا بعد الصلاة المفروضة وقراءة سورة الفاتحة بعد أي حديث أو شيء.
كل تلك الهفوات من إخوننا المسلمين الأتراك ناجمة عن التقليد الأعمى والجهل وأنا أحاول جهدي لتبيين الأحكام الشرعية الصحيحة فيما يفعلون، ولكن بدون جدوى والمهم بدأ يوسوس لي الشيطان أن لا أصلي معهم خصوصا وأنهم يصلون صلاة الصبح قبل الشروق بأقل من نصف ساعة ولا يلتزمون بمواقيت الأذان ويؤخرون الأذان وأني بدأت أميز لحن الإمام في قراءة القرآن بعد ما تمكنت من الأحكام وهو لا ينطق الحروف بلفظها الصحيح (الظاء كالزاي والذال كالزاي) ، مع العلم بأنه يقرؤها صحيحة في أحيان أخرى أو تلحينه في الحركات، مع العلم لا يوجد في مدينتي مسجد عربي أو مسجد لأهل السنة والجماعة إلا في مدينة أخرى، فماذا أفعل انصحونا يرحمكم الله، راجيا منكم الأخذ في الاعتبار أن الفرد مع الجماعة قوي، مع العلم بأن المسلمين العرب الملتزمين في الصلاة في مدينتي هم أربع عوائل فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على الاهتمام بحفظ كتاب الله تعالى ومدارسته فإن ذلك من أفضل الطاعات والأعمال الصالحة التي تقرب إلى الله تعالى، ثم إنه من الضروري أن تقوم بنصح الجماعة المذكورة وتنبيههم على ما يقعون فيه من بدع ومخالفات شرعية مع مراعاة الحكمة في ذلك والرفق بهم فهذا من النصيحة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة ... رواه مسلم.
وما ذكرته من كونهم يتوسلون بالقرآن فهذا أمر مشروع كما سبق في الفتوى رقم: 45838.
ثم إن نطق الإمام للذال ممزوجاً بالزاي في سورة الفاتحة إذا لم يكن متعمداً لا يبطل الصلاة عند بعض أهل العلم كالمالكية على القول الصحيح عندهم، وبالتالي فلا يمنع ذلك الاقتداء به، قال الدسوقي المالكي في حاشيته: وحاصل المسألة أن اللاحن إن كان عامداً بطلت صلاته وصلاة من خلفه باتفاق وإن كان ساهيا صحت باتفاق وإن كان عاجزاً طبعاً لا يقبل التعليم فكذلك لأنه ألكن وإن كان جاهلاً يقبل التعليم فهو محل الخلاف سواء أمكنه التعليم أم لا؟ وسواء أمكنه الاقتداء بمن لا يلحن أم لا، وإن أرجح الأقوال فيه صحة صلاة من خلفه وأحرى صلاته هو لاتفاق اللخمي وابن رشد عليها. انتهى.
هذا إضافة إلى صحة الاقتداء أيضاً عند المتأخرين من الحنفية نظراً لعموم البلوى بذلك عند كثير من الناس حيث لا يقيمون الحروف إلا بمشقة، وراجع الفتوى رقم: 60642.
واللحن في غير الفاتحة غير مبطل للصلاة ولا مانع من الاقتداء، والظاء ليست من حروف الفاتحة، وعليه فإذا لم يكن هذا الإمام متعمداً اللحن بل يقع منه أحياناً غلطاً أو عجزاً فلا ينبغي أن يجعل من اللحن الذي يصدر من الإمام أو مما تمارسه الجماعة من البدع مبرر للتخلف عن الجماعة، وذلك لأن المصالح المترتبة على الجماعة أرجح بكثير من المفاسد المترتبة على الصلاة في هذا المسجد، إن لم يكن ثمة تعمد للحن، وكذلك القراءة فيه، مع نصحنا للسائل بالإرشاد إلى الصواب حسب استطاعته وتغيير ما يراه من منكرات ترتكب في ذلك المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(11/10328)
من كان يصلي صلاة جهرية منفردا واقتدى به غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا وأنا أصلي بمفردي يأتي شخص ليصلي خلفي وأنا أكون قد قرأت الفاتحة مع العلم بأن الصلاة جهرية بعد قراءتي للفاتحة أقرأ السورة التي تليها جهرا أم سرا أم أبدأ من الأول بقراءة الفاتحة جهرا ثم السورة التي تليها جهرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يسن للإمام والمنفرد أن يجهرا في قراءة الجهرية على مذهب مالك والشافعي كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 16561 وفيها أن مذهب أبي حنيفة والمعتمد من مذهب الإمام أحمد أن المنفرد مخير بين الجهر والإسرار.
وعليه.. فإذا كنت تجهر في قراءتك وائتم بك أحد فلا تطالب بتغيير شيء لأنك كنت تجهر وصرت إماما فتابع قراءتك كما بدأتها، وهذا واضح، أما إن كنت تسر واقتدى بك أحد فلا تطالب بإعادة شيء من القراءة واجهر فيما بقي لإسماع المأموم لاتفاق العلماء على طلب الجهر للإمام. قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: فالسنة الجهر في ركعتي الصبح والمغرب والعشاء وفي صلاة الجمعة، والإسرار في الظهر والعصر وثالثة المغرب والثالثة والرابعة من العشاء وهذا كله بإجماع المسلمين مع الأحاديث الصحيحة المتظاهرة على ذلك هذا حكم الإمام. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(11/10329)
التفصيل في الصلاة خلف أهل البدع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في بلد الغالبية منه على مذهب غير مذهبي وهم من أهل البدع فهل تصح صلاتي خلفهم؟ وهل يجوز أن أجهر بقول آمين بعد الفاتحة أم أسر بها مع أنهم لا يقولون آمين بعد الفاتحة في الصلاة أي أن الإمام لا يقول آمين وما الدليل؟
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 35398 أن الصلاة لا تصح خلف المبتدع الذي بدعته تصل إلى حد الكفر، وفيها أمثلة من هذا النوع من البدعة.
كما أوضحنا في الفتوى رقم: 9642 شروط الإمام الذي تصح الصلاة خلفه، وقد فصل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الصلاة خلف أهل البدع، وذكر أن الصلاة خلفهم أولى من الصلاة على انفراد فقال: والفاسق والمبتدع صلاته في نفسه صحيحة، فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته؛ لكن إنما كره من كره الصلاة خلفه لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، ومن ذلك أن من أظهر بدعة أو فجوراً لا يرتب إماماً للمسلمين، فإنه يستحق التعزير حتى يتوب، فإذا أمكن هجره حتى يتوب كان حسناً، وإذا كان بعض الناس إذا ترك الصلاة خلفه وصلى خلف غيره أثر ذلك حتى يتوب أو يعزل أو ينتهي الناس عن مثل ذنبه، فمثل هذا إذا ترك الصلاة خلفه كان في مصلحة ولم يفت المأموم جمعة ولا جماعة، وأما إذا كان ترك الصلاة يفوت المأموم الجمعة والجماعة فهنا لا يترك الصلاة خلفهم إلا مبتدع مخالف للصحابة رضي الله عنهم.
وكذلك إذا كان الإمام قد رتبه ولاة الأمور، ولم يكن في ترك الصلاة خلفه مصلحة فهنا ليس عليه ترك الصلاة خلفه، بل الصلاة خلف الإمام الأفضل أفضل، وهذا كله يكون فيمن ظهر منه فسق أو بدعة تظهر مخالفتها للكتاب والسنة. انتهى
والحاصل أنه لا يصلى خلف هؤلاء إن وجد غيرهم من أهل السنة والجماعة، وإن لم يوجد تجوز الصلاة خلفهم وتصح، بل إنها أولى من الانفراد بها كما أوضح شيخ الإسلام، وهذا كله ما لم يظهر من الإمام بدعة تؤدي إلى الكفر كما أوضحنا في الفتوى الأولى المحال عليها. .
ثم إن الجهر بالتأمين سنة وليس واجباً فلا تبطل الصلاة بعدم الجهر به، بل إن الإسرار به هو مذهب أبي حنيفة ورواية عن الإمام مالك، فمن جهر به فقد وافق السنة، ومن أسر به فقد وافق ما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك في رواية عنه، ولبيان الدليل على قول الإمام والمأموم آمين في الجهرية راجع الفتوى رقم: 12241.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(11/10330)
حكم اقتداء الأجود قراءة بإمام غير مجود
[السُّؤَالُ]
ـ[كثيرا ما يؤم الناس في المسجد رجال لا يجودون القرآن بل ويخطؤون في قراءته، هل عليّ ذنب إذا كنت أجود القرآن على الأقل أكثر منهم علما بأنهم أكبر مني سنا بكثير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصح إمامة من لا يحسن التجويد ويخطئ في القراءة إذا لم يكن الخطأ في الفاتحة، وترتب عليه تغيير المعنى، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 26582، والفتوى رقم: 23898.
ولا حرج عليك في الاقتداء بالإمام المذكور ولو كنت أجود قراءة منه وأكثر علماً، لإن إمامة المفضول جائزة مع وجود الفاضل، وراجع الفتوى رقم: 10176.
وعلى المسلم العناية بإتقان تلاوة كتاب الله تعالى وقراءته قراءة مجودة سالمة من الأخطاء، وراجع الفتوى رقم: 6682.
ومن السنة أن يقدم للإمامة من أهو أكثر اتصافا بالصفات الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانو في الهجرة سواء، فأقدمهم سلماً، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1426(11/10331)
حكم إمامة الموشوم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في الصلاة وراء إمام يضع وشما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام المذكور عاجزا عن إزالة الوشم، حيث يترتب على إزالته ضرر محقق كالضرر الذي يبيح التيمم، فإن صلاته صحيحة، وكذلك إمامته.
أما إذا كان قادراً على إزالته بدون ضرر معتبر شرعاً، فصلاته باطلة، وبالتالي فلا تصح إمامته.
ففي فتوحات الوهاب لسليمان الجمل الشافعي متحدثاً عن الوشم: فُعلم من ذلك أن من فعله برضاه حال تكليفه ولم يخف من إزالته ضرراً يبيح التيمم منع ارتفاع الحدث عن محله لتنجسه؛ وإلا عذر في بقائه وعفي عنه بالنسبة له ولغيره وصحت طهارته وإمامته. انتهى
واعلم أن الوشم محرم شرعاً لثبوت لعن المرأة التي تفعله، والتي يفعل بها، وإذا كان هذا في حق المرأة فهو في حق الرجل أقبح وأشنع لاشتماله على التشبه بالنساء، وهذا أيضاً فاعله ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجع الفتوى رقم: 62711.
وإمامة الفاسق والعاصي صحيحة، لأن الأصل أن من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته، كما في الفتوى رقم: 18067.
ومن السنة أن يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى إلى آخر الصفات الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1426(11/10332)
حكم صلاة المرأة منفردة بحضور جماعة النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا دخلت المسجد ووجدت جماعة من النساء يصلين جماعة، هل يجوز لي أن أصلي الفرض أو السنة بمفردي أثناء صلاتهم، أرجو الحكم مع الدليل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نقول للأخت السائلة: إن ذلك ينبني على خلاف العلماء في شأن صلاة النساء جماعة، فقد اختلف العلماء في شأن صلاة النساء جماعة فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يسن لهن الجماعة منفردات عن الرجال سواء أمهن رجل أو امرأة لفعل عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، وقد: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أم ورقة أن تجعل لها مؤذنا يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها. رواه أبو داود.
ولأنهن من أهل الفرض فأشبهن الرجال، كما قال ابن قدامة: وهو مذهب الظاهرية أيضاً لعموم الأحاديث، قالوا: ولا يجوز قصرها على الرجال فقط بدون دليل.
وعلى هذا القول فإن جماعة النساء تدخل في العمومات الواردة في فضل صلاة الجماعة وما يلزمها من أحكام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
وبناء عليه؛ فلا يجوز لك أن تنشئي صلاة نافلة للحديث، ولأن ما يفوتك مع الجماعة أفضل مما تأتين به لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. متفق عليه.
وكما لا يجوز لك أن تصلي صلاة فريضة بإزائهن منفردة عنهن لأنه يسن لك أن تصلي معهن جماعة إذا حضرت جماعتهن، وقطعاً لأسباب الخلاف والشحناء وما قد يقع في نفس من تؤمهن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي لم يصل مع الجماعة: ما أنت مسلم؟ قال الرجل: فقلت: بلى يا رسول الله، قال: فما منعك أن تصلي معنا؟ قلت: إني صليت في رحلي، قال: وإن كنت قد صليت في رحلك. أخرجه عبد الرزاق في مصنفه والطبراني في الكبير.
وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه ليس للنساء أن يصلين جماعة، وكره ذلك الحنفية للفتنة، كما في البدائع، ومنعه المالكية إذ لا تصح عندهم إمامة المرأة أصلاً لأن من شروط الإمامة عندهم كون الإمام ذكراً، كما في الشرح الصغير ومختصر خليل وغيره.
وعلى هذا القول فإنه يجوز للمرأة إذا وجدت جماعة من النساء يصلين أن تصلي منفردة عنهن في نافلة أو فريضة، ولعل الراجح هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول لعموم الأدلة الواردة في شأن الجماعة، ولما روى عن طاووس وغيره أن عائشة رضي الله عنها كانت تؤذن وتقيم وتصلي بالنساء، وكذلك حديث أم ورقة عند أبي داود وغيره، وإن كان الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها كما في الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1426(11/10333)
حكم تعمد الجهر بالقراءة في الظهر بقصد التعليم
[السُّؤَالُ]
ـ[نقيم ببريطانيا وبالقرب منا مجلس نقيم نحن النساء فيه الصلاة يوم الجمعة فهل ينبغي لإحدانا أن تؤمنا لصلاة الجمعة وهل تخطب بنا فنحن نصلي الظهر بمفردنا ثم تقوم امرأة من الحافظات فتصلي بنا صلاة تسابيح فأشرت عليها بالأمس لماذا لا تصلي بنا ظهر الجمعة جماعة مع العلم أني الوحيدة العربية بينهم ولكن أخاف المسؤولية لما عرضوا أن أصلي بهم ولا أزكى نفسى فأنا أحفظ بعض أجزاء من لقرآن ومنها البقرة وآل عمران ولم أذكر ذلك إلا لأضعكم في الصورة ولكن عند ما صلت بنا هذه الأخت وهي الحق لله تجيد القرآن (مع العلم بأنها ليست عربية) قرأت جهرا في الظهر وقالت لأنها تريد من الأخوات التعلم فهل يجوز ذلك. أفتوني بما يجب هل نصلي الجمعة أم فقط الظهر وهل يجوز لها الجهر من أجل مساعدة الباقين للتعلم جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لإحداكن أن تؤمكن في صلاة التسابيح؛ كما سبق في الفتوى رقم: 50888. وإمامة المرأة للنساء في الفريضة غير الجمعة محل خلاف بين أهل العلم والقول الراجح هو الجواز، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 5796. ولا تجزئ إمامة المرأة في صلاة الجمعة، وقد سبقت الفتوى بهذا مفصلة في الفتوى رقم: 60328.
ولا ينبغي تعمد الجهر بالقراءة في صلاة الظهر ولو كان ذلك بقصد التعليم لمخالفة ذلك لهديه صلى الله عليه وسلم. قال ابن قدامة في المغني: الجهر في مواضع الجهر والإسرار في مواضع الإسرار لا خلاف في استحبابه، والأصل فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف. فإن جهر في موضع الإسرار أو أسر في موضع الجهر ترك السنة وصحت صلاته. انتهى. وقال ابن القاسم من المالكية ببطلان الصلاة بسبب الجهر في غير محله عمدا، قال الباجي في المنتقى: وقد اختلف أصحابنا في الجهر والإسرار هل هما من واجبات الصلاة أو من هيآتها؟ فمذهب مالك رحمه الله وأكثر أصحابه يقتضي أنها من الهيآت، ومذهب ابن القاسم يقتضي أنها من الواجبات. فمن جهر فيما يسر فيه أو أسر فيما يجهر فيه قال مالك: يسجد لسهوه إلا أن يكون الشيء اليسير كقوله: الحمد الله رب العالمين. وقد روى أشهب عن مالك لا سجود عليه، ومن فعل ذلك عامدا قال ابن القاسم: يعيد الصلاة، وقال ابن نافع: لا يعيد وهو منبي على ما تقدم. انتهى.
وعليه؛ فيجوز لإحداكن أن تؤمكن في صلاة التسابيح وكذلك في صلاة الفريضة كالظهر على الراجح من كلام أهل العلم، والأولى أن تؤمكن من هي أكثر حفظا لكتاب الله تعالى سواء كانت من جنسية عربية أم لا. وراجعي الفتوى رقم: 28306. فمعيار الفضل عند الله تعالى بالتقوى والعمل الصالح فقط، قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات: 13} . ولا ينبغي لمن تؤمكن الجهر بالقراءة في صلاة الظهر ولو كان ذلك بغرض التعليم، فالأولى أن يكون ما تقوم به من تعليم للقراءة في حلقة خارج الصلاة، أما صلاة الجمعة فلا تجب عليكن أصلا ولكن إن صليتنها مع جماعة الرجال أجزأتكن عن صلاة الظهر، وأما إن صليتنها بمفردكن فإن ذلك لا يجوز ولا يجزئكن لأنه يشترط لصحتها حضور جمع من الرجال، كما أنه لا تجزئ أن تكون الإمامة فيها للمرأة، وبالتالي فلا تجزئكن صلاة الجمعة في هذه الحالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1426(11/10334)
حكم إمامة المعاق في رجله والأقطع
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ الكريم لدي سؤالان أرجو من فضيلتكم التكرم والإجابة عليهما يرحمني ويرحمك الله
1/ هل تجوز إمامة المعاق أي أحد رجليه معاقة لمجموعة ربما بنفس المستوى التعليمي؟
2/ السؤال الثانى: كان في القديم عبيد لأشخاص وقد مات هؤلاء الأشخاص دون عتقهم هل يؤموا الناس في الصلاة ولم يتم عتقهم وهل يحق للورثة عتقهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إمامة المعاق في رجله جائزة، سواء كان يضع رجله على الأرض أم لا، وسواء أمَّ مثله أم لا، وإن قال بعض المالكية بكراهة إمامته إن كان لا يضع الرجل على الأرض، لكن المعتمد عدم الكراهة، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير للدردير على مختصر خليل: قال المازري والباجي: جمهور أصحابنا على رواية ابن نافع عن مالك أنه لا بأس بإمامة الأقطع والأشل لمثلهما ولغير مثلهما، ولو في الجمعة والأعياد وسواء كانا يضعان العضو على الأرض أم لا. انتهى
وتكره إمامة الأعرج عند الحنفية قال في رد المحتار عند قول صاحب الدر المختار وهو يذكر من تكره إمامتهم: ومفلوج وأبرص شاع برصه. قال: وكذلك أعرج يقوم ببعض قدمه، فالاقتداء بغيره أولى. انتهى
مع أن الصلاة خلفه صحيحة، وأما الحنابلة فتكره إمامة الأقطع عندهم مع صحة الصلاة إن كان يستطيع القيام، وإلا فلا تصح إمامته إلا بمثله.
قال البهوتي في كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع: وتكره وتصح إمامة أقطع يدين أو إحداهما أو أقطع رجلين أو إحداهما، قال في شرح المنتهى: ولا يخفى أن محل الصحة إذا أمكن أقطع رجلين القيام بأن يتخذ له رجلين من خشب أو نحوه وأما إذا لم يمكنه القيام فلا تصح إمامته إلا بمثله. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 7834.
ولموضوع إمامة العبد فراجع فيه الفتوى رقم: 55883.
ومن المعلوم شرعاً أن الوارث يحل محل موروثه في المال، فيتصرف فيه كيف شاء، يعتق ويتصدق لأنه صار بمنزلة المالك الميت.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1426(11/10335)
إمامة من يخالف فتاوى كبار العلماء ومن يخطئ في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن هنا بفرنسا نبلغ لكم تحياتنا ونرجو منكم توضيح هذا الأمر فلدينا مسجد مسؤوله الأول حلل الربا لضرورات وهو يرفض فتاوى العلماء والشيوخ الكبار أمثال ابن تيمية وابن قيم الجوزية رحمهم الله وشيوخنا الأفاضل أمثال ابن عثيمين وابن باز والإمام لا حول له ولا قوة يتركهم يفعلون ما يريدون بل في أحد المرات قال لي إنه المسؤول لا حول ولا قوة إلا بالله والإمام كثير الأخطاء في قراءة القرآن والحفظ بل وإنه يخطئ في كل صلاة جهرية تقريبا ولا يأتي لصلاة الفجر وقد سألنا أحد الشيوخ عن هذا الأمر فقال لا تصلوا وراءه بل ولا تصلوا في ذلك المسجد فدلونا رحمكم الله فنحن بحاجة إلى من يوجهنا ويدلنا وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن الربا مما حرم الله ورسوله، وقد جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في التحذير من الربا والتعامل به من الوعيد الشديد ما لا مزيد عليه.
إلا أن العلماء نصوا على جوازه في حالة الضرورة الشديدة، وقد أوضحنا حد هذه الضرورة في الفتوى رقم: 29129 فليرجع إليها.
فإن كان الشخص المذكور يبيح هذا القدر من الضرورة فلا لوم عليه في ذلك، وإن كان يبيحه لضرورة غير معتبرة فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويقلع عن هذه الكبيرة، مع أن الصلاة في المسجد الذي تحت نظره جائزة إذا كان إماما، لكن الأولى الصلاة خلف غيره -إن أمكن- خروجا من خلاف العلماء في إمامة الفاسق.
هذا، ولا ينبغي لإمام المسجد أن يقف متفرجا على كل ما يجري من حوله، فعليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في حدود استطاعته، وأما عن أخطاء القراءة في الصلاة فإن كانت الأخطاء المذكورة في الحفظ في غير الفاتحة بحيث كان يأتي بالفاتحة كاملة فالصلاة صحيحة ولا يضر الخطأ في الحفظ في غيرها لأن التوقف في القراءة والخطأ فيها أمر عادي، ويمكن علاجه بإصلاح المأموم وبالمراجعة خارج الصلاة قبل أن يبدأ فيها، وإن كان الخطأ في القراءة لحنا يغير المعنى فإن كان في الفاتحة فلا تصح الصلاة خلفه كما أوضحنا في الفتوى رقم: 60725 وإن كان في غيرها ولم يتعمد صحت الصلاة خلفه، وإن كان متعمدا لم تصح صلاته ولا صلاة من خلفه.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 13127 مع أن الأفضل تقديم الأقرأ للقرآن، لقوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. أخرجه مسلم وغيره، وكذلك إن كان الإمام يتأخر عن صلاة الفجر لنوم فإنه معذور ولا يقدح ذلك في إمامته، وإن كان تهاونا فلا ينبغي تقديمه مع أن الصلاة خلفه صحيحة كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 18067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(11/10336)
إمامة من يشك في طهارته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مريض بالتهاب بالبروستاتا وكثيراً ما أشك بصحة وضوئي، علماً بأنه في بعض الأحيان يختارني الإخوة للإمامة فماذا أفعل، وهل يوجد علاج بالأعشاب أو بالطب النبوي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 3035 ما يفعله من كثر شكه في انتقاض وضوئه، ولا بأس بإمامتك من ليس عندهم مثل هذه الشكوك، لأن الشك في الطهارة ليس مثل السلس الذي اختلف العلماء في صحة اقتداء الصحيح بصاحبه، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 7507، وإن كنت مصابا بسلس فلا شك أن إمامة غيرك أولى وأحوط للخروج من الخلاف.
وأما بخصوص العلاج بالأعشاب فإن ذلك من اختصاص أطباء الأعشاب، ولا نعلم شيئاً من الحديث النبوي فيه ذكر دواء للمرض المذكور فللأخ أن يطلب الدواء عند أهل الاختصاص، فقد روى الترمذي في سننه عن أسامة بن شريك قال: قالت الأعراب يا رسول الله: ألا نتداوى، قال: نعم عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داءً واحداً، قالوا: يا رسول الله وما هو؟ قال: الهرم. وقد كان صلى الله عليه وسلم يتداوى وكذلك أصحابه، وللمزيد من الفائدة طالع الفتوى رقم: 32111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(11/10337)
محاذاة الإمام في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
سؤالي هو: عن معنى محاذاة الإمام في الصلاة، وكيف جزاكم الله خيرا أن ننصح ونقنع مجموعة من المصلين ينحنون إلى الركوع أو السجود قبل نطق الإمام بالتكبير لهما، ويكون هذا الفعل في بعض الأحيان عند سكوت الإمام من القراءة، أحيانا يسجدون معه، أرجو بيانا في الموضوع أثابكم الله؟ آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بمحاذاة الإمام في الصلاة -كما هو مشهور في المغرب- أن يكون المأموم غير واثق بدين الإمام ويخشى من عدم الصلاة معه مفسدة فيصف مع الناس خلفه ولا ينوي القدوة به ويجتهد في أن يتوافق معه في الصلاة، كما في الفتوى رقم: 36436.
وقد يقصد بالمحاذاة موافقة الإمام في أفعال الصلاة وهي مكروهة بل السنة أن يكون المأموم تابعاً للإمام لا مساويا له، ولا متقدما عليه، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: والمستحب أن يكون شروع المأموم في أفعال الصلاة من الرفع والوضع بعد فراغ الإمام منه ويكره فعله معه في قول أكثر أهل العلم. انتهى.
وقال النووي رحمه الله في المجموع: المتابعة أن يجري على أثر الإمام بحيث يكون ابتداؤه لكل فعل متأخراً عن ابتداء الإمام ومقدما على فراغه منه. انتهى.
وعليه فينبغي لكم نصح هؤلاء المصلين وبيان الحكم الشرعي لهم عسى الله أن ينفعهم بما ترشدونهم إليه، وقد يقصد بالمحاذاة وقوف المأموم الواحد عن يمين الإمام محاذياً له واستحب بعض الفقهاء أن يتاخر عنه قليلاً.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: السنة أن يقف المأموم الواحد عن يمين الإمام رجلا كان أو صبياً قال أصحابنا: ويستحب أن يتأخر عن مساواة الإمام قليلاً فإن خالف ووقف عن يساره أو خلفه استحب له أن يتحول إلى يمينه ويحترز عن أفعال تبطل الصلاة، فإن لم يتحول استحب للإمام أن يحوله لحديث ابن عباس، فإن استمر على اليسار أو خلفه كره وصحت صلاته عندنا بالاتفاق. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(11/10338)
الائتمام بالمبتدع في صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أدرس في الغرب والمسجد الذي أصلي فيه الجمعة مسجد صوفي ففي إحدى الخطب تكلم عن الولاية (ولكن بمعناها المعتقد عند الصوفية) وضرب أمثلة على أولياء الله ووجوب حبهم والتقرب منهم والتبرك بهم فمما ذكره أن الإمام مسلم قبل رجل الإمام البخاري تعظيما له وأن الإمام النسائي قبل أيضا رجل الإمام الترمذي تعظيما له فهل هذا صحيح؟
وأرجو أن تتكرموا علي وتخبروني ماذا يقول أهل السنة في الولاية وأولياء الله الصالحين وما الواجب اتجاههم؟
وجراكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حضور صلاة الجمعة مسألة ضرورية، ولا يسوغ تركها لغير مبرر شرعي، كما قدمنا في الفتوى رقم: 48497.
وقد قدمنا تفصيل القول في الائتمام بالمبتدع ما لم تكن بدعته مكفرة، وتقدم الكلام في الأولياء والتبرك بأهل الفضل وتقبيلهم في عدة فتاوى، فراجع منها الفتاوى التالية أرقامها: 1337، 8572، 13930، 24730، 14693، 35766، 25852، 4445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(11/10339)
من أحكام الاقتداء بالإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل صلاة العشاء قدم الإمام في المسجد درسا صغيرا يتحدث فيه عن تربية الأطفال , المشكلة أنه أثناء كلامه قال ما يشابه هذا: [من ذلك أن الطفل لا يدخل الدراسة إلاّ عند السنة السادسة\\\" قانونيا\\\"....] وهنا الحكم بغير ما أنزل الله، ما أردت معرفته هو أن هذا لا يدل على أنه يرضى بالقوانين؟ أي أنه تجوز الصلاة وراءه، وأنا لا أستطيع أن أسأله إن كان يرضى بها أو لا. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيصح اقتداؤك بالإمام المذكور، لأن ما صدر منه من عبارات لا يكون دليلا على رضاه بتطبيق القوانين الوضعية والحكم بغير ما أنزل الله، إضافة إلى أن تحديد السنة السادسة كحد أدنى لدخول الطفل لمدرسة الدولة قد لا يتعارض مع أحكام الشرع، فدخول مدرسة الدولة غير واجب لا قبل السادسة ولا بعدها، فتعليم الطفل حق واجب له على أبويه، فقد يحصل خارج تلك المدارس، ففي المجموع للإمام النووي: قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله: على الآباء والأمهات تعليم أولادهم الصغار ما سيتعين عليهم بعد البلوغ، فيعلمه الولي الطهارة والصلاة والصوم ونحوها، ويعرفه تحريم الزنى واللواط والسرقة وشرب المسكرات والكذب والغيبة وشبهها ويعرفه أنه بالبلوغ يدخل في التكليف ويعرفه ما يبلغ به، وقيل هذا التعليم مستحب والصحيح وجوبه، وهو ظاهر نصه، وكما يجب عليه النظر في ماله فهذا أولى، وإنما المستحب ما زاد على هذا من تعليم القرآن وفقه وأدب. انتهى.
والنظام الوضعي بعضه يقتضي تحكيمه الكفر، والبعض الآخر لا يقتضي تحكيمه ذلك، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 19490.
وعليه، فالصلاة صحيحة خلف الإمام المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(11/10340)
الفتح على الإمام بين الوجوب والجواز
[السُّؤَالُ]
ـ[يدعي إمام مسجد أنه إذا اختلطت عليه القراءة في الصلاة باستخدام لفظ مكان آخر وكان اللفظان قريبان في المعنى بأن ذلك لا يضر بالصلاة وأنه لا يتعين على المأموم رده أو الفتح عليه لدعواه سالفة الذكر، وأنه إذا رده مأموم فإن المأموم يعرض صلاته للبطلان مثال لدعواه \"وكانو لنا خاشعين\" أبدلها بـ \"كانوا لنا عابدين \" أفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفتح على الإمام إذا أخطأ واجب في الفاتحة لتوقف صحة الصلاة عليها، وكذلك الفتح في غيرها إن كان الخطأ مفسدا للمعنى، وإن لم يغير المعنى فهو جائز، كما سبق في الفتوى رقم: 59945.
ولم نقف على من قال ببطلان صلاة المأموم بسبب فتحه على إمامه سواء حصل تغيير في المعنى أم لا، بل هو مشروع عند أهل العلم عند توقف الإمام عن القراءة أو حصول خطأ فيها، ففي مطالب أولي النهى ممزوجاً بغاية المنتهى وهو حنبلي: ولمأموم فتح على إمامه إذا أرتج بالبناء للمفعول أي ألبس وأغلق عليه، تقول: أرتجت الباب إذا أغلقته، أو غلط في الفرض والنفل. انتهى.
وفي المنتقى للباجي وهو مالكي: والفتح على الإمام إنما يكون إذا أرتج عليه وإذا غير قراءته، فأما من الإرتاج عليه فهو إذا وقف ينتظر التلقين. رواه ابن حبيب عن مالك.
وأما إذا غير القراءة فلا يفتح إذا خرج من سورة إلى سورة أو من آية إلى أخرى؛ ما لم يخلط آية رحمة بآية عذاب، أو يغير تغييراً يقتضي كفراً فإنه ينبه على الصواب.
وقال أيضاً: فإن كانا في صلاة واحدة فلا خلاف أن الفتح عليه لا يبطل الصلاة، ولم ير مالك بأساً، وكرهه الكوفيون، والدليل على جواز ذلك أن الفتح على الإمام معونة على إتمام صلاته وإصابة القراءة، فكان ذلك بمنزلة الإنصات عند إصابة القراءة. انتهى.
وفي أسنى المطالب ممزوجا بروض الطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: وإن فتح على إمامه بالقرآن أو جهر بالتكبير أو التسميع بالإعلام أي مع قصده الإعلام بذلك لم تبطل صلاته. انتهى.
وفي كنز الدقائق على الفقه الحنفي: الحاصل أن الصحيح من المذهب أن الفتح على إمامه لا يوجب فساد صلاة أحد لا الفاتح ولا الآخذ مطلقا في كل حال. انتهى.
وعليه؛ فالفتح على الإمام واجب في سورة الفاتحة وكذا في غيرها إذا كان الخطأ يترتب عليه تغيير المعنى، وإن لم يكن مغيرا للمعنى فالفتح حينئذ جائز فقط، ومن أمثلته ما ذكرته في سؤالك من إبدال كلمة خاشعين بكلمة عابدين فلم يحصل تغيير في المعنى، لكن الفتح في هذه الحالة لا يبطل صلاة المأموم ولا صلاة الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/10341)
تخفيف الإمام على الناس مشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[صلّيت وراء إمام يسرع في التسبيح أثناء الرّكوع بحيث لا أتمكّن من إتمام ثلاث تسبيحات، وكما أن جلوسه بين السّجدتين قصير جدّا، وسمعته يقول ذات يوم طلب مني التمديد في الركوع والسجود والجلوس بين الرّكعتين إلا أنه يصلّي ورائي المسن والمريض ... ومن أراد أن يطيل سجوده وركوعه وجلوسه عليه أن يفعل ذلك في النوافل. ماهو حكم ذلك وفقكم الله لما فيه خير البلاد والعباد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإمام مطالب بالتخفيف على الناس لكن بشرط أن لا يخل بالطمأنينة، وهي استقرار الأعضاء على الأركان ولو زمنا قليلا، فإن أخل بها بطلت الصلاة، وإن أتى بالطمأنينة فإن الصلاة صحيحة، لكن الزيادة على الطمأنينة من سنة الصلاة. قال الشربيني في مغني المحتاج وهو من كتب الشافعية: وليخفف الإمام ندباً مع فعل الأبعاض والهيئات، أي السنن غير الأبعاض لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الكبير والصغير والضعيف وذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطل ما شاء. رواه الشيخان. قال في المجموع نقلاً عن الشافعي والأصحاب بأن يخفف القراءة والأذكار بحيث لا يقتصر على الأقل ولا يستوفي الأكمل. وقد بين رحمه الله في موضع آخر أن أدنى الكمال في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات، وأكمله إحدى عشرة. فلا ينبغي لمن صلى بالناس أن يسرع بحيث لا يأتي بزيادة على الطمأنينة، فإن أتى بالطمأنينة ولم يأت بهذا القدر فقد أخل بسنة من سنن الصلاة، وهي صحيحة له ولمن اقتدى به، وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 44443، والفتوى رقم: 51722.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1426(11/10342)
المرأة التي أمت رجلا
[السُّؤَالُ]
ـ[إمامة المرأة للرجل هل هي جائزة، وهناك من يقول أن عائشة رضي الله عنها أمت رجلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 60328 حكم إمامة المرأة للرجل، وأن الذي قيل عنها أنها أمت رجلا هي أم ورقة وليست عائشة رضي الله عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(11/10343)
من لا تجوز إمامتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[من هم الذين لا تجوز إمامتهم (بالتفصيل) ، أفتونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذين لا تجوز إمامتهم لغيرهم ولا تصح الصلاة خلفهم هم:
- الكافر.
- إمامة المرأة للرجال.
- من لا تصح صلاته لنفسه كأن يلحن في الفاتحة لحنا مخلا وهو قادر على التعلم.
- من يلحن في الفاتحة لحنا مخلا وهو غير قادر على التعلم، أو كان لا يستطيع نطق الحروف لعلة في لسانه ونحو ذلك، فهذا صلاته لنفسه صحيحة، ولكن لا يصح الاقتداء به إلا لمن كان مثله، ولو اقتدى به من يحسن ذلك فصلاته باطلة، ولمزيد من الفاائدة تراجع الفتوى رقم: 23898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1426(11/10344)
حكم الائتمام بالمسبوق
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بصلاة المسبوق.. فهل يجوز الائتمام به؟ - مثلا: إذا كان هنالك شخص ما مسبوقا في الصلاة وهو يتم في صلاته بعد سلام الإمام وقبل سلامه دخل إلى المسجد شخص آخر لم يصل بعد.... فهل يجوز لهذا الشخص الأخير أن يصلي خلف المسبوق, وبعد سلام المسبوق الأول يتم هو (الأخير) صلاته كمسبوق؟ وهل يتحقق له أجر الجماعة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 24184. أن الاقتداء بالمسبوق الذي أدرك ركعة فأكثر مختلف في صحته بين أهل العلم، وخلصنا في تلك الفتوى إلى أن الصلاة خلفه صحيحة وإذا كانت الصلاة خلفه صحيحة فإن فضل الجماعة حاصل بالصلاة خلفه إن شاء الله، لكن الأولى ترك الصلاة خلف المسبوق خروجاً من الخلاف ـ ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 8746.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1426(11/10345)
الصلاة خلف إمام يظهر رضاه بالعلمانية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل يجوز لي الصلاة خلف إمام المسجد (هذا الإمام هو معين ومفروض علينا) الذي يظهر ولاؤه ورضاه عن العلمانية بل ويناصرها علناً ويكون عريفاً لحفلها الانتخابي لانتخابات المجالس المحلية، ولا يكتفي بذلك بل يدعو الناس للتصويت لهذه القائمة العلمانية؟
أفيدونا بارك الله فيكم وبالسرعة الممكنة لما في ذلك من رفع الحرج عن المسلمين في الحي الذين أصبحوا بين نارين نار الصلاة خلف إمام علماني وبين الحفاظ على صلاة الجماعة في المسجد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة حكم العلمانية والعلمانيين، فلتراجع الفتوى رقم: 2453 فقد بينا فيها حقيقة العلمانية وأنها كفر، وكذا الدعوة إليها، إلا أن شخصا يدعي الإسلام وينتمي إلى العلمانية لا نستطيع الحكم عليه إلا بعد معرفة حاله وتوفر الشروط وانتفاء الموانع، فمن توفرت فيه حكم بكفره، وحرمت الصلاة خلفه ولم تصح، وإلا فلا.
وعليه، فلا نستطيع الحكم على الشخص المذكور، بل ينبغي لكم أن توجهوا السؤال إلى من له علم بحاله وحقيقة أمره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1426(11/10346)
شروط الإمام عند المالكية
[السُّؤَالُ]
ـ[اذكر لنا من فضلك شروط إمامة الصلاة الخمس في مذهب الإمام مالك؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشترط في الإمام على مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى:
1- أن يكون ذكراً فلا تصح إمامة المرأة عند المالكية ولو كانت تؤم النساء.
2- أن يكون مكلفاً، فخرج الصبي والمجنون.
3- القدرة على الاتيان بالأركان من قيام واعتدال وغير ذلك.
4- أن يعرف من أحكام الصلاة ما تصح به صلاته، فلا يصح الاقتداء بالأمي إن وجد غيره.
5- أن يكون مسلماً.
6- ألا يكون مأموماً في الحال أو في الأصل بأن كان مسبوقاً قام يقضي صلاته، فلا يصح الائتمام به إن كان قد أدرك ركعة فأكثر.
7- ألا يكون فاسقاً فسقاً يتعلق بالصلاة بأن كان من التهاون والجرأة على الفسق بحيث يترك ما ائتمن عليه من فروض الصلاة كالنية والطهارة، ففي التاج والإكليل: قال القباب من علماء المالكية أعدل المذاهب أنه لا يقدم الفاسق للشفاعة والإمامة، ومن صلى خلفه لا إعادة عليه إن كان يحتفظ على أمور الصلاة.
8- ألا يكون محدثا إن تعمد، فإن جهل حدثه وأكمل بالمأموم صحت صلاة المأموم إن لم يعلم بحدث الإمام، ويعيد الإمام أبدا لصلاته محدثاً، وإن علم المأموم بحدث الإمام بطلت صلاته أيضاً إن علم ذلك قبل الصلاة أو فيها لا بعدها.
9- ألا يكون مبتدعاً بدعة تكفره.
10- ألا يقرأ على قراءة تخالف المصحف الموجود اليوم وهو مصحف عثمان رضي الله عنه.
11- ألا يلحن في قراءته متعمداً.
ولبيان شروط جواز الاقتداء باللاحن غير المتعمد عند المالكية طالع الفتوى رقم: 13127.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(11/10347)
الاستخلاف أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في الصلاة خلف إمام سلم ثم قدم أحد المأموين بعد التسليم وذلك لشكه بأنه متوضئ أم لا وكان ذلك بعد انتهائه من سورة الحمد فواصل المأموم بسورة وركع بنا، هل هذه الصلاة صحيحة، علما بأن الإمام سلم وقدم المأموم بعد التسليم؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تبين للإمام في الصلاة أنه محدث فقد بطلت صلاته ولا يحتاج إلى سلام للخروج منها فسلامه عبث، وأما استخلافه فمشروع، ويستمر المستخلف في الصلاة على نظم صلاة الإمام ولا يلزمه إعادة الفاتحة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 53433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1426(11/10348)
سد الفرجة إذا انصرف مصل في الصف المقدم
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا نصلي العصر بالمسجد, فإذا بالشخص الذي كان أمامي غادر الصف تاركا الصلاة, أريد أن أعرف ماذا كان علي فعله في تلك اللحظة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن أحد المأمومين في الصف أمامك قد غادر الصف، فالأفضل في حقك أن تبادر إلى سد تلك الفرجة، وصلاتك صحيحة ولا يلزمك سجود سهو، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: ولا سجود في مشي المصلي الصفين والثلاثة لأجل سترة يستتر بها، أو لأجل فرجة يسدها، أو لأجل دفع مار بين يديه. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 42113.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1426(11/10349)
إمامة الأبكم الحافظ لكتاب الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأبكم أن يؤم أهل بيته في الصلاة؟ وفي حالة وجود أبكم حافظ للقرآن وآخر يتكلم ولكنه أقل منه حفظا لكتاب الله وأصغر سنا، فأيهما أولى بالإمامة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفقت المذاهب الأربعة على عدم صحة إمامة الأبكم لغيره من الناطقين، وعند المالكية والحنفية تجزئ إمامته لأبكم مثله خلافا للشافعية والحنابلة ففي مطالب أولى النهي للرحيباني وهو حنبلي: ولا تصح إمامة أخرس ولو بمثله نصا؛ لأنه يترك ركنا وهو القراءة والتحريمة وغيرهما، فلا يأتي به ولا ببدله. انتهى. وفي الموسوعة الفقهية: أما الأخرس فلا يجوز الاقتداء به لأنه يترك أركان الصلاة من التحريمة والقراءة حتى إن الشافعية والحنابلة صرحوا بعدم جواز الاقتداء بالأخرس ولو كان المقتدي مثله. انتهى. وفي حاشية الصاوى على الشرح الصغير المالكي متحدثا عن شروط الإمام: وشرطه قدرة على الأركان لا إن عجز عن ركن من أركانها فلا تصح الصلاة خلفه إلا أن يساويه المأموم في العجز في ذلك الركن فتصح صلاته خلفه، كأخرس صلى بمثله، وعاجز عن القيام صلى جالسا بمثله. انتهى. وفي الفتاوى الهندية على المذهب الحنفي: والأخرس إذا أم قوما خرسا فصلاة الكل جائزة. انتهى. وعليه فلا تجزئ إمامة الأخرس لغيره من الناطقين ولا لمثله عند بعض أهل العلم كالحنابلة والشافعية، وتجزئ لمثله عند المالكية والحنفية، وأولى الناس بإمامة الصلاة بينه صلى الله عليه وسلم بقوله: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(11/10350)
إمامة المرأة النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تصلي بالنساء وكيف ذلك هل تسبقهم للأمام أم تكون معهم في الصف وتصلي بهم؟
أفيدونا أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإمامة المرأة للنساء جائزة في الفريضة والنافلة وتكون وسط الصف الأول ولا تتقدم عليه كما هو الحال بالنسبة لإمامة الرجل، والتفصيل في هذه المسألة تقدم في الفتوى رقم: 5796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(11/10351)
إمامة المرأة وواجب المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الواجب إقامته على المرأة التي أمت بالمسلمين في أمريكا وهي في نفس الوقت تدعي الإسلام!! وعلى عاتق من يقع إيقاف هذه المرأة ومن وراءها ويؤيدها؟؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 60328 حكم إمامة المرأة للرجال في الصلاة، وأما واجب المسلمين حكاما ومحكومين تجاه هذه الهجمة لتشويه الإسلام فهو بيان حكم الإسلام وإظهار محاسنه ومنع ما يمكن منعها من تعدي حدود الله تعالى والتلاعب بأحكامه كل حسب قدرته وتخصصه، والله رقيب على الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(11/10352)
إمامة المرأة وواجب المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في مثل تلك المرأة التي أمت من ينتسبون للإسلام في أمريكا، وما دورنا لوقف هذه الهجمة على الإسلام والمسلمين، وما واجب الحكام لنصرة الإسلام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 60328، حكم إمامة المرأة للرجال في الصلاة.
وأما واجب المسلمين حكاما ومحكومين تجاه هذه الهجمة لتشويه الإسلام فهو بيان حكم الإسلام في هذه المسألة وغيرها من المسائل التي يثير حولها هؤلاء المغرضون الشبهات، وإظهار محاسنه كل حسب قدرته وتخصصه، والله رقيب على الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(11/10353)
إذا كبر المسبوق للسجود فقام الإمام فماذا يصنع
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الإمام في سجود وأنا كبرت تكبيرة الدخول في الصلاة ثم تكبيرة السجود وهممت بالسجود فأصبحت في نصف المسافه فإذا بالإمام يكبر للقيام ماذا عساي أن أفعل أصعد مع الإمام فأخاف أن أسبقه أم أكمل سجدتي ومن ثم أصعد، أفيدوني أفادكم الله، رجاء إخباري عن كتاب فيه أجوبة عن أحكام الصلاة والطهارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة أن يدخل المسبوق مع الإمام ولو كان في السجود، ويكبر تكبيرة الإحرام، ثم يهوي للسجود دون تكبير للهوي. ومن أهل العلم من يرى أنه يكبر للسجود أيضاً ثم يتابع إمامه فيما بعد ذلك، وإذا هوى المسبوق للسجود وإمامه كبر للرفع فإنه يتابعه حسب إمكانه ولا يسجد؛ لأن إمامه قد رفع منه وهو مطالب بمتابعته، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 60169.
هذا ويمكنك الرجوع إلى الكتب التالية:
1- فتاوى أركان الإسلام للشيخ العثيمين.
2- مختصر مخالفات الطهارة والصلاة للشيخ عبد العزيز السدحان.
3- القول المبين في أخطاء المصلين للشيخ مشهور حسن آل سلمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1426(11/10354)
مسائل حول الإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب لا يتجاوز من العمر 16 سنة يؤم المسلمين فى المسجد فى الصلوات المفروضة رغم وجود عدد لا بأس به لهم القدرة أن يتقدموا، أرجو إفادتنا يرحمكم الله عن صحة الصلاة أولا، ما رأي الشرع الحنيف (مذهب مالك) في مجموعة من المسلمين دخلوا إلى المسجد لغرض صلاة مفروضة فوجدوا الإمام الراتب قد فرغ من الصلاة فقاموا وقدموا أحدهم وصلوا صلاة مفروضة، هل يجوز تقديم معاق (أحد رجلية معاقة) ليصلي بالجماعة، علما بأنه لا يختلف عنهم كثيراً فى الفقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال الأول جوابه أن الشاب المذكور تصح إمامته لأنه يعتبر بالغا، فالراجح من كلام أهل العلم أن سن البلوغ هي خمس عشرة سنة، كما سبق في الفتوى رقم: 18947.
ومن القواعد المعروفة أن الأصل أن كل من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته لغيره، كما في الفتوى رقم: 32931.
لكن من الأفضل في حق جماعة المسجد تقديم من هو أولى بالإمامة حسبما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. رواه الإمام مسلم في صحيحه وأصحاب السنن.
وأما السؤال الثاني فجوابه: فما أقدمت عليه الجماعة المذكورة مكروه في مذهب الإمام مالك، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: يعني أنه يكره للجماعة أن يجمعوا في مسجد وما تنزل منزلته من كل مكان جرت العادة بالجمع فيه كسفينة أو دار له إمام راتب بعد صلاة إمامه ولو أذن في ذلك لأن للشرع غرضا في تكثير الجماعات ليصلي الشخص مع مغفور له فلذلك أمر بالجماعات وحض عليها فإذا علموا بأنها لا تجمع في المسجد مرتين تأهبوا أول مرة خوفا من فوات فضيلة الجماعة. انتهى.
وقال المواق في التاج والإكليل: من المدونة قال مالك: لا يجمع الصلاة في مسجد مرتين إلا أن يكون مسجداً ليس له إمام راتب فلكل من جاء أن يجمع فيه، ابن يونس إنما لم يجمع في مسجد مرتين لما يدخل في ذلك بين الأئمة من الشحناء ولئلا يتطرق أهل البدع فيجعلون من يؤم بهم. انتهى.
وقد وافق المالكية في هذه الكراهة كل من الشافعية والحنفية، وأما الحنابلة فلا تكره عندهم، وهذا هو الراجح إن شاء الله تعالى، وقد فصلنا هذه المسألة في الفتوى رقم: 16055.
وأما السؤال الثالث فجوابه أنه إمامة الشخص الذي به إعاقة برجله جائزة من غير كراهة على الراجح عند المالكية مع وجود من يقول بكراهة إمامته منهم، ففي شرح الدردير على مختصر خليل: وكره أقطع وأشل يدٍ أو رجل أي إمامتهما ولو لمثلهما حيث لا يضعان العضو على الأرض والمعتمد عدم الكراهة مطلقاً. انتهى، وتكره إمامته عند الحنفية، كما سبق في الفتوى رقم: 48935.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1426(11/10355)
إمامة المرأة للمصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[دار جدل كبير في الآونة الأخيرة حول المرأة التي أمت بالمصلين في أمريكا، ما حكم الشرع في إمامة المرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الإجابة عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 60328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/10356)
خروج المسبوق من الصلاة بسبب الرعاف
[السُّؤَالُ]
ـ[مسبوق أدرك الركعة الثانية مع الإمام في صلاة الظهر وبعد التشهد الأوسط رعف المسبوق وخرج من الصلاة ليغسل دمه، فماذا يفعل بعد غسل دمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أصابه رعاف في الصلاة ثم خرج فغسله فإنه يستأنف الصلاة ولا يبني على ما سبق، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 13923.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/10357)
الخطأ في الفتح على الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في أن يرد شخص ما الإمام في الصلاة ردا خاطئا ثم يتبعه الإمام في الرد الخطأ دون معرفة منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الخطأ المذكور في غير الفاتحة فالصلاة صحيحة للإمام والمأموم، ولا إثم عليهما إذا كان الخطأ نسيانا أو جهلا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الشيخ الألباني.
أما إذا كان الخطأ في الفاتحة وترتب عليه تغيير المعنى أو إسقاط بعض الحروف فالصلاة باطلة إذا لم يتم إصلاح الخطأ المذكور، وراجع الفتوى رقم: 4195 والفتوى رقم: 4865.
وعلى المأموم أن لا يفتح على إمامه إلا إذا كان حافظا حفظا صحيحا لما يريد أن يصحح به الخطأ مخافة التلبيس على الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/10358)
إمامة امرأة الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أظنه قد فاتكم خبر إمامة المرأة للرجال بالصلاة في أمريكا مؤخراً وكلنا يعلم حكم ذلك ولكن ماهي الآيات والأحاديث للرد على من يؤيدها؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 60328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/10359)
للرجل حقوق في الشرع تليق به وللمرأة كذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي لا تعليق لدي، إلييكم الموضوع، وما هو رأيكم في السبت19مارس2005 أمريكية تؤم المصلين
في نيويورك، راديو سوا:
أمت الدكتورة أمينة ودود الباحثة في الدراسات الإسلامية صلاة الجمعة في قاعة سوندرام تاغور غاليري في نيويورك وسط تضارب الآراء بين المنتقدين والمؤيدين. وتكون بذلك ودود الأمريكية أول امرأة تخطب بمصلين رجالا ونساء في صلاة يوم الجمعة. وتأتي هذه الخطوة التي تقوم بها ودود برعاية ودعم جماعات إسلامية أميركية تدعو إلى حرية المرأة المسلمة وتقوم بتنظيم مسيرات وفعاليات عديدة لتعزيز مكانة المرأة والمطالبة بحقوقها. تجدر الإشارة إلى أن أمينة ودود كانت قد ألفت كتابا بعنوان القرآن والمرأة تناولت فيه قراءة للنصوص القرآنية من خلال وجهة نظر نسائية تطرح فيها حق المرأة في إمامة المسلمين.
وترى ودود أن عدم إعطاء المرأة المسلمة هذا الحق هو أمر خاطئ متجذر داخل المجتمعات الإسلامية دون أن يقوم أحد بمحاولات جادة لتصويبه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 60328 كلام أهل العلم وأدلتهم في أنه لا يجوز للمرأة أن تؤم الرجال في الصلاة ولا أن تخطب وتصلي بهم الجمعة وأنه لم يكن ذلك معروفا في الأزمنة الماضية، فهذه المرأة هي أول امرأة ابتدعت هذه البدعة التي لم تقدم عليها أمهات المؤمنين ولا الصالحات من بعدهن، والواجب على المسلمين الرجوع في هذه القضية وأمثالها إلى علماء الإسلام وفقهائه الراسخين في العلم لا إلى أهل الأهواء والجهلة بدين الله تعالى.
وأما القول بأن منع المرأة من إمامة الرجال هضم لحقها فكذب ومغالطة لأن الشرع الحكيم جعل للمرأة حقوقا لائقة بها وجعل للرجل حقا لائقا به ولا يمكن أن تتساوى المرأة مع الرجل في كل شيء وقد قال الله تعالى: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى {آل عمران:36} . فالشارع الحكيم قد فرق بينهما، فالواجب التسليم له لأنه هو الذي خلق الذكر والأنثى وهو أعلم بما يصلح لكل منهما كما قال تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك:14} . وقال جل وعلا: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:36} . والذين يفقهون الكتاب والسنة هم الذين لهم الحق في الكلام في مثل هذه القضايا المهمة، وأما الجهلة فواجبهم الرجوع إليهم في ذلك كما قال تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {النحل:43} . ولأهل الذكر شروط وقيود لا بد من توفرها حتى يحق لهم النظر في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد تجاهلها هؤلاء. فينبغي أن نتجاهلهم كما تجاهلوا شرع الله تعالى وتجاهلوا حملته أهل الاختصاص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(11/10360)
المسبوق يقرأ التشهد متابعة للإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[قال أحد إنه عند دخول الصلاة في الجماعة في صلاة المغرب على سبيل المثال في الركعة الثانية لاتجوز قراءة نصف التحيات، يقول لأنها الأولى بالنسبة لك والثانية بالنسبة للجماعة هل هذا صحيح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوضحنا في الفتوى رقم: 9850، أن المسبوق يقرأ التشهد متابعة للإمام وإن كان غير محسوب له، ولذا فقد يأتي المأموم بأربع تشهدات في صلاة المغرب مثلا كما بينا في الفتوى رقم: 628، وقد اختلف العلماء هل يقرأ المأموم المسبوق في التشهد كاملا أي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء كما يفعله هو في تشهده الأخير أم يقتصر على التشهد فلا يتعدى ورسوله ـ الأول مذهب الشافعية والثاني للحنابلة وقد أوضحنا كلامهم في الفتوى رقم: 19856.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/10361)
استخلاف المسبوق
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام استخلف مسبوقا بثلاث ركعات فكيف يتم هذا المسبوق الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستخلاف المسبوق يجوزعند الجمهور وإن كان الأولى استخلاف غيره، وكنا قد أوضحنا كيفية إكمال الصلاة في حال استخلاف المسبوق من قبل الإمام في الفتوى رقم: 23719، وفيه ما يفعله المأمومون ـ فطالعه ففيه الكفاية، إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/10362)
الكلام بعد إقامة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[س: بعد إقامة الصلاة هل يجوز للإمام أن يتكلم بموضوع ما غير تسوية الصفوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلام بعد الإقامة جائز إذا عرضت حاجة راجحة للإمام أو المأموم؛ لحديث أنس بن مالك: أقيمت الصلاة والنبي يناجي رجلا في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم. متفق عليه. قال الإمام النووي: وفيه جواز الكلام بعد إقامة الصلاة لا سيما في الأمور المهمة ولكنه مكروه.ا. هـ. وقال الباجي في المنتقى:....دليل على جواز الكلام بعد إقامة الصلاة قبل الإحرام بها. وبهذا قال فقهاء الأمصار غير أهل الكوفة.ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/10363)
حكم إمامة المرأة في صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمامة المرأة في صلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تمت الإجابة على سؤالك سابقا فراجعه في الفتوى رقم: 60328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1426(11/10364)
صلاة المغرب خلف من يصلي أربعا
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد لصلاة المغرب بعد انتهاء صلاة الجماعة فوجدت شخصا يصلي صامتا فدخلت خلفه لصلاة المغرب جماعة ولكني فوجئت به يصلي أربع ركعات صلاة صامتة فصليت معه الأربع ركعات على نية المغرب وإنني أعدت في اليوم التالي الصلاة في وقت المغرب ثم صليت صلاة هذا اليوم. أفيدوني جزاكم الله كل خير ماذا يمكنني أن أفعل في تلك الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور يؤدي فريضة رباعية كالعشاء مثلا فيصح اقتداؤك به عند بعض أهل العلم كالشافعية وبعض الحنابلة، لكن كان عليك عند قيام الإمام إلى الركعة الرابعة أن تجلس ثم أنت بالخيار بين أن تفارقه وتسلم أو تنتظر سلامه كما سبق في الفتوى رقم: 10038. فإذا اتبعته في الركعة الرابعة سهوا أو جهلا فصلاتك صحيحة، وإذا تعمدت زيادة تلك الركعة فصلاتك باطلة، وراجع الفتوى رقم: 39252.
وإذا تبين أن الشخص المذكور يصلي نافلة فيصح الاقتداء به أيضا وفاقا للشافعية وبعض الحنابلة كما في الفتوى رقم: 49342.
وحكمك أيضا أن لا تتبعه في زيادة الركعة الرابعة، وتصح الصلاة في حال ما إذا كانت تلك الزيادة سهوا أو جهلا وتبطل في حالة العمد.
ولا حرج عليك في إعادة صلاة المغرب معتقدا بطلانها لأن هذا من باب الاحتياط في الدين والخروج من خلاف أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(11/10365)
إمامة المرأة الناس في الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إمامة المرأة في صلاة الجمعة للناس كافة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 60328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(11/10366)
أجر إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عدم إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام تنقص من أجر المأموم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام فضيلة عظيمة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 37775، ولذلك ينبغي للإنسان أن يحرص عليها، ومن لم يدركها فقد فاتته هذه الفضيلة وحصل على أجر الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(11/10367)
إمامة النساء وخطبتهن الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تؤم بالناس وتخطب في صلاة الجمعة رجالا ونساء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على ر سول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تمت الإجابة على سؤالك سابقا، فراجعه في الفتوى رقم: 60328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(11/10368)
إمامة المرأة وأذانها وكونها خطيبة للجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ هل يجوز للمرأة أن تؤم الناس في الصلاة؟ وما مدى صحة القول التالي: - (قضية الإمامة في الصلاة تنحصر في أن جمهور العلماء ذهب إلى تفضيل أن المرأة لا تؤم رجالاً في الصلاة، وفي مذهب الإمام أحمد رحمه الله قول قوي بأن تؤمهم في التراويح وفي النوافل إن كانت أعلم وأقرأ منهم بالقرآن، لكنها بالرغم من ذلك لا تتقدم على المأمومين، أي تصلي وراءهم، لأنها كامرأة قد تكون مثار فتنة، والقول الثاني أن تؤمهم حتى في صلاة الفريضة وهو قول في مذهب الإمام أحمد لكن لابد أن تكون (مسنة) أي كبيرة السن) . وهل في حديث أم ورقة رضي الله عنها حيث أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ مؤذنة وأن تؤم أهل دارها، رواه الإمام أحمد ورواه أبو داود. دلالة على جواز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز ولا يصح أن تؤم المرأة الرجال في الصلاة لما رواه البخاري عن أبي بكرة قال: لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة. وإمامة الصلاة ولاية وممن استدل بهذا الحديث على منع المرأة من إمامة الرجال الخطيب الشربيني رحمه الله. وأما حديث أم ورقة فمحتمل وعارضه ما هو أقوى منه من الأدلة كما سيأتي ولما في إمامتها بالأجانب في المساجد ونحوها من الفتنة ولذلك كانت صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد ومع أن الشرع رخص لها بالصلاة في المسجد إلا أنه جعل لذلك ضوابط تدفع الفتنة وذلك أنه حثها على الصلاة خلف الرجال والابتعاد منهم ونهاها عن رفع رأسها من السجود قبل أن يرفع الرجال وأرشد إلى انصرافها قبلهم وخروجها متسترة وغير متطيبة ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها. وفي الصحيحين عن سهل بن سعد قال: لقد رأيت الرجال عاقدي أزرهم في أعناقهم مثل الصبيان من ضيق الأزر خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال قائل يا معشر النساء لا ترفعن رءوسكن حتى يرفع الرجال. وفي صحيح البخاري عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ويمكث هو في مقامه يسيرا قبل أن يقوم قال نرى والله أعلم أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال. وفي الصحيحين عن عائشة أن نساء المؤمنات كن يصلين الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجعن متلفعات بمروطهن لا يعرفهن أحد. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة. فهذه الأحاديث تدل على مشروعية صلاة المرأة في المسجد لكن مع الحشمة والتزام الأدب والبعد عن أسباب الفتنة حتى لا تنقلب مواطن العبادة إلى مواطن إثارة للشهوات. وذهب بعض أهل العلم إلى جواز أن تؤم المرأة الرجال في النافلة وهي رواية عند الحنابلة ولها تفصيل وقيود ذكرها المرداوي في الانصاف، فقال: ولا تصح إمامة المرأة للرجال. هذا المذهب مطلقا قال في المستوعب: هذا الصحيح من المذهب ونصره المصنف واختاره أبو الخطاب، وابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الكافي، والمحرر، والوجيز، والمنور، والمنتخب، وتجريد العناية، والإفادات وقدمه في الفروع، والرعايتين، والحاويين، والنظم، ومجمع البحرين، والشرح، والفائق، وإدارك الغاية، وغيرهم، وهو ظاهر كلام الخرقي، وعنه تصح في النفل، وأطلقهما ابن تميم، وعنه تصح في التراويح نص عليه، وهو الأشهر عند المتقدمين قال أبو الخطاب، وقال أصحابنا: تصح في التروايح قال في مجمع البحرين اختاره أكثر الأصحاب قال الزركشي: منصوص أحمد واختيار عامة الأصحاب: يجوز أن تؤمهم في صلاة التراويح. انتهى. وهو الذي ذكره ابن هبيرة عن أحمد وجزم به في الفصول، والمذهب، والبلغة وقدمه في التخليص وغيره، وهو من المفردات. ويأتي كلامه في الفروع قال القاضي في المجرد: ولا يجوز في غير التراويح فعلى هذه الرواية، قيل: يصح إن كانت قارئة وهم أميون، جزم في المذهب، والفائق، وابن تميم، والحاويين قال الزركشي: وقدمه ناظم المفردات، والرعاية الكبرى. وقيل: إن كانت أقرأ من الرجال، وقيل: إن كانت أقرا وذا رحم وجزم به في المستوعب، وقيل: إن كانت ذا رحم أو عجوز واختار القاضي: يصح إن كانت عجوزا قال في الفروع: واختار الأكثر صحة إمامتها في الجملة، لخبر أم ورقة العام والخاص، والجواب عن الخاص: رواه المروذي بإسناد يمنع الصحة، وإن صح: فيتوجه حمله على النقل، جمعا بينه وبين النهي ويتوجه احتمال في الفرض والنهي: تصح مع الكراهة. انتهى. فائدة: حيث قلنا: تصح إمامتها بهم، فإنها تقف خلفهم. لأنه أستر، ويقتدون بها، هذا الصحيح قدمه في الفروع، والفائق، ومجمع البحرين، والزركشي والرعاية الكبرى وجزم به في المذهب والمستوعب قلت: فيعايى بها، وعنه تقتدي هي بهم في غير القراءة. فينوي الإمامة أحدهم اختاره القاضي في الخلاف فقال: إنما يجوز إمامتها في القراءة خاصة، دون بقية الصلاة. انتهى. وذهب أبو ثور والمزني وابن جرير الطبري إلى صحة صلاتها بالرجال مطلقا لما رواه أبو داود وأحمد وصححه ابن خزيمة عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصاري وكانت قد جمعت القرآن وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرها أن تؤم أهل دارها وكان لها مؤذن وكانت تؤم أهل دارها. قال الصنعاني في سبل السلام. والحديث دليل على صحة إمامة المرأة أهل دارها وإن كان فيهم الرجل فإنه كان لها مؤذن وكان شيخا كما في الرواية والظاهر أنها كانت تؤمه وغلامها وجاريتها وذهب إلى صحة ذلك أبو ثور والمزني والطبري وخالف في ذلك الجماهير. وأولوا الحديث على أنها تصلي بنساء أهل بيتها كما قاله الدارقطني وغيره من كبار الأئمة. وهذا كله بالنسبة لغير صلاة الجمعة وخطبتها أما هي فلا يصح أن تخطب وتؤم الرجال فيها امرأة لأن من شروط صحة الجمعة الخطبة ولم يصحح أحد من العلماء ـ فيما نعلم ـ خطبة المرأة وإمامتها للرجال فيها فالقول بجواز ذلك محدث لا عبرة به لكونه خارقا لإجماع من سبقه وهذه بعض نصوص الأئمة في ذلك. قال الحصكفي الحنفي في الدر المختار وهو يعد شروط صحة الجمعة: وـ الشرط ـ الثاني السلطان ولو متغلبا أو امرأة ـ أي أصبحت سلطانة بالغلبة ـ فيجوز أمرها بإقامتها لا إقامتها. أهـ. واشترط المالكية لصحة صلاة الجمعة أن يكون الإمام هو الخطيب فلو صلى غير من خطب لغير عذر فالجمعة باطلة كما اشترطوا لصحة الجمعة تحقق الذكورة. قال الدردير في الشرح الصغير (وشرطه) : أي الإمام: (تحقق ذكورة) فلا تصح خلف امرأة ولا خنثى مشكل ولو اقتدى بهما مثلهما. أهـ. وصرح الشافعية باشتراط الذكورة في سائر الخطب كما في فتوحات الوهاب لسليمان الجمل: وشرط الذكورية جار في سائر الخطب. اهـ. وقال البهوتي من الحنابلة في دقائق أولي النهي وهو يعدد شروط صحة الخطبة: وأن يصح أن يؤم فيها أي الجمعة فلا تصح خطبة من لا تجب عليه بنفسه كعبد ومسافر. ومثلهما المرأة لأن الجمعة لا تجب عليها باتفاقهم.أهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1426(11/10369)
هل يكبر للانتقال من أدرك الإمام قائما
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف أنه عندما يدرك المأموم الإمام وهو راكع أو ساجد يكبر تكبيرة الإحرام ثم يكبر تكبيرة الانتقال ويركع أو يسجد طبقاً لحال الإمام،،،، فإذا كان الإمام واقفاً يقرأ في الركعة الثانية أو في أي ركعة غير الركعة الأولى وأدركته على هذا الحال فهل أكبر تكبيرة الإحرام فقط أم أكبر تكبيرة الإحرام وتكبيرة الانتقال من السجود إلى الوقوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أدرك الإمام قائما فإنه يكبر تكبيرة الاحرام فقط ولا يكبر للانتقال ثم يتابعه فيما بعد ذلك، وقول الأخ السائل بأنه من المعروف أن من أدرك الإمام ساجداً يكبر تكبيرة الإحرام ثم يكبر للانتقال نقول ذلك محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يقول يكبر للانتقال إذا وجد الإمام ساجداً أو راكعاً ولا يكبر إن وجده جالساً ومنهم من يمنع التكبير في ذلك كله إلا الركوع، وهذا مذهب الشافعية، وقد فصل ذلك الخطيب الشربيني في مغني المحتاج فقال رحمه الله تعالى: (و) الأصح (أن من أدركه) أي الإمام (في السجدة) من سجدتي الصلاة أو جلوس بينهما أو تشهد أول أو ثان (لم يكبر للانتقال إليها) أي السجدة ولا إلى ما ذكر معها، لأن ذلك غير محسوب له ولا موافقته للإمام في الانتقال إليه، بخلاف الركوع فإنه محسوب له وبخلاف ما إذا انتقل بعد ذلك مع الإمام من السجود أو غيره فإنه يكبر موافقة للإمام في الانتقال إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(11/10370)
انتقاض وضوء المأموم أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل خروج ريح من المصلى في صلاة الجماعة يجعله يخرج من الصلاة ليعيد الوضوء مع احتمال أنه مثلا في الصف الأول ومن الممكن أن يعبر أمام مصلين آخرين مع ما في ذلك من الذنب, أم يكمل الجماعة بعد نقض الوضوء ثم يعيد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على من انتقض وضوءه أثناء الصلاة أن يقطع الصلاة ويتوضأ مرة أخرى ويصلي، ولأجل الستر على نفسه يخرج ممسكا أنفه على هيئة الراعف، ولا يجوز له أن يكمل الصلاة وهو محدث كما أوضحنا في الفتوى رقم: 17222 ولا إثم عليه في مروره أمام المأمومين لأن سترتهم سترة الإمام، ولأنه مضطر إلى الخروج والمرور بين أيديهم، ولو أمكنه أن يخرج من غير أن يمر بين يدي المصلي فعل ذلك، ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 41792.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1426(11/10371)
الصلاة في حجرة خارج المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في الحجر التي أبوابها على المصلى، وهناك من يكون عنده برد وغيره.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على السائل الكريم أن يعلم أنه لايجوز للرجل المستطيع أن يتخلف عن الصلاة في الجماعة لغير عذر كما أوضحنا في الفتوى رقم: 39243، ثم إن كان يعني هل يجوز للشخص أن يصلي في حجرة خارج المسجد حال كونه مقتديا بإمام المصلى أو المسجد فإن كان هذا مراده فالجواب أن العلماء اختلفوا في جواز الاقتداء إذا وجد حاجز بين الإمام والمأموم وقد سبق كلامهم في الفتوى رقم: 46394، لكنهم قرروا أن ذلك إن كان لحاجة جاز الاقتداء ـ ولجواز علو المأموم على الإمام طالع الفتوى رقم: 8566، وإن كان يعني غير ما ظهر لنا من السؤال فالرجاء توضيحه وإرساله مرة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1426(11/10372)
كيفية إتمام المسبوق صلاته بعد سلام الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد الأيام دخلت لصلاة العصر ولحقت بالركعة الأخيرة لكني لم أعلم أنها الركعة الأخيرة فقرأت الفاتحة مع سورة لكن الإمام سلم فهل أقطع الصلاة وأعيدها أم أكمل ما تبقى من ركعات.
جزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على المأموم المسبوق أن يقوم بعد سلام إمامه ليكمل صلاته ولا يجوز له أن يقطع الصلاة إلا لعذر، ولا يهمه عدم معرفة الركعة التي أدرك فيها الإمام فالمهم أنه دخل مع الإمام وصلى معه ركعة وبعد سلام الإمام يقوم المسبوق بإتمام صلاته، والباقي منها في مسألة السائل ثلاث ركعات، يتشهد عند الثانية وهكذا ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 6339. وننبه السائل إلى أن له أن يقرأ السورة في الركعة التي أدرك مع الإمام وإذا سلم الإمام فله أن يقرأ في الركعة الثانية بالنسبة له الفاتحة والسورة وفي الأخريين بالفاتحة فقط وله أن يقرأ في الثانية والثالثة الفاتحة والسورة وفي الأخيرة الفاتحة فقط وفي المسألة خلاف. قد ذكرنا سببه في الفتوى رقم: 6182، لكن ما فعله من قراءة السورة مع الإمام جائز قال النووي في المجموع: لوكان الإمام بطيء القراءة وأمكن المأموم المسبوق أن يقرأ السورة فيما أدرك فقرأها لم يعدها في الأخيرتين إذا قلنا تختص القراءة بالأولين. اهـ. ومحل الشاهد من النص أن قراءة السورة في هذه الحالة لا كراهة فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1426(11/10373)
إصلاح خطأ الإمام في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد لي سؤال عن تصحيح الآية في الصلاة , أخطأ الإمام فقلت سبحان الله وصححت الآية وحين إنهاء الصلاة قال الإمام عند الخطأ قل سبحان الله فقط, وأكد إن أخطأ الإمام فندعه يكمل القراءة, فأفدنا يرحمك الله, بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم إصلاح الخطأ للإمام في الفتويين التاليتين: 3280، 4195 ففيهما الكفاية إن شاء الله تعالى، وذكرنا أن الخطأ في سورة الفاتحة لا بد من إصلاحه لتوقف صحة الصلاة على إصلاحها، وإن كان الخطأ في غير الفاتحة فإن أخل بالمعنى وأفسد القرآن وجب الإصلاح، وإن لم يخل بالمعنى فيجوز للمأموم الإصلاح ولا يجب عليه، والفتح على الإمام إنما يكون بذكر الآية.
وننبه الإمام إلى أنه لا غضاضة عليه من إصلاح الخطأ، فكل أحد يخطئ حتى الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتوقفون في القراءة ويطلبون الإصلاح، فإن أخطأ وتوقف وأصلح له أحد المأمومين أو فتح عليه فليشكر له ذلك، إلا أننا نصح المأمومين بعدم التسارع في الإصلاح أو الفتح إذ قد ينتبه الإمام ويتابع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(11/10374)
لا تفسد صلاة الإمام إذا صار منفردا
[السُّؤَالُ]
ـ[في هذه الفترة من السنة يكون أذان العصر في نفس توقيت خروجي من العمل والذي يكون في منطقة صحراوية ولا نتمكن من صلاته في مكان العمل لأنه بالتالي سوف يفوت علينا الأتوبيسات التي تقلنا إلى المنزل في حوالي نصف ساعة فأضطر إلى صلاة العصر جماعة مع زوجتي في المنزل، وأنا عندي ابن عمره عامان ونصف وفي إحدى المرات ونحن نصلي جماعة تلفظ ابني بكلمات تعني أنه يريد الذهاب إلى الحمام فاضطرت زوجتي للخروج من الصلاة، والسؤال هل هذا سبب لخروج الأم من الصلاة، وهل يحسب لي ثواب الجماعة، مع العلم بأنني أكملت الصلاة كإمام بغض النظر عن خروج زوجتي من الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحصل لك ثواب صلاة الجماعة إذا أديتها إماماً بزوجتك لأن صلاة الجماعة يحصل فضلها بوجود اثنين فأكثر، كما سبق في الفتوى رقم: 57230.
وزوجتك قد بطلت صلاتها بالخروج لحمل الطفل إلى الحمام لأن هذا من الأفعال الكثيرة المنافية للصلاة، وراجع الفتوى رقم: 10780.
وإقدامها على قطع الصلاة هنا إذا كان تركه تترتب عليه مفسدة معتبرة شرعاً كحصول ضرر للطفل يعتبر مسوغا شرعياً لذلك الفعل، وراجع الفتوى رقم: 28442.
وعليك أن تتم صلاتك منفرداً وهي صحيحة، ففي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع وهو حنبلي: وإن أحرم إمام ثم صار منفرداً مثل أن سبق المأموم الحدث أو فسدت صلاته لعذر أو غيره فنوى الانفراد قلت أو لم ينوه صح ويتم صلاته منفرداً. انتهى.
وفي هذه الحالة يحصل لك ثواب صلاة الجماعة إن شاء الله تعالى ما دمت قد حرصت عليها ثم حصل ما يمنع ذلك، فقد صحت الأحاديث في أن من أحسن الوضوء ثم راح إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلاها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ونرجو أن تكون مثل هذا، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 54378.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(11/10375)
إمامة المفضول مع وجود الفاضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة بعد من يدعي الإمامة ويدعي بأنه وقع له كثير من العلماء ولم يوقع عليه أحد علما بأنه تعبان عقليا فهل يجوز الصلاة بعده علما بأنه هناك من هو أفهم منه وأنا كطالب علم لا أصلي بعده لأنه اختل شرط وهو العقل فهل علي شيء؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نفهم المراد بقول السائل (يدعي الإمامة) وفي الجملة الإمام إذا كان النقص في عقله لا يصل إلى مرحلة الجنون أو العته فإمامته صحيحة والصلاة خلفه جائزة، لأن الأصل أن من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته لغيره. هذا إضافة إلى أن وجود من هو أفضل منه وأفهم لايمنع من إمامته، فإن أهل العلم أجازوا إمامة المفضول مع وجود الفاضل بدليل صلاته صلى الله عليه وسلم خلف بعض أصحابه، وراجع الفتوى رقم: 10176. وينبغي لك تحسين الظن بالإمام المذكور، فإن الأصل في الإمام حمله على العدالة، وسوء الظن بمن يظهر صلاحه لا يجوز قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات: 12} . ولا مانع من أن تبحث عن إمام أفضل منه تصلي خلفه إن وجد، فإن لم يوجد فلا تترك صلاة الجماعة خلفه، وراجع الفتوى رقم: 35856، وراجع شروط الإمام في الفتوى رقم: 9642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1426(11/10376)
حكم إمامة صاحب السلس
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام مصاب بسلس البول يعني دائم البول مستمر نزوله ولكن المشكلة انه كبير في السن حوالي 90 سنة الله يختم لنا وله بخير، ولا ينزل تلك الملابس التي عليه وموجود عليها نجاسة البول فهل تجوز صلاته وصلاة من خلفه وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصاحب سلس البول صلاته صحيحة بشرط أن يكون قد بذل جهده في الاحتراس من النجاسة عن طريق غسل المحل جيدا وتعصيبه بخرقة ونحوها، وراجع الفتوى رقم: 3224.
وإمامة صاحب سلس البول ونحوه محل خلاف بين أهل العلم، فقال بعضهم: لا تجزئ إمامته إلا بمثله من أصحاب السلس، في حين أن بعضهم يجيز إمامته، والبعض الآخر يرى جواز إمامته مع الكراهة.
وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 7507.
ولا يخفى أن الاحتياط والورع عدم إمامته لغيره من الأصحاء خروجا من خلاف أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1426(11/10377)
الصلاة خلف السكران
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز إمامة السكران، وما حكم الصلاة خلفه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإمامة السكران في حال غياب عقله لا تصح فمن صلى خلفه فصلاته باطلة، قال الرحيباني في مطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى وهو حنبلي: ولا تصح إمامة سكران لأن صلاته لا تصح لنفسه فلا تصح لغيره. انتهى.
وقال الإمام الشافعي في الأم: وإن أم سكران لا يعقل فمثل المجنون. انتهى.
وقال الإمام مالك في المدونة: لا يؤم السكران، ومن صلى خلفه أعاد. انتهى.
وتصح إمامته إذا كان سليم العقل، قال الإمام الشافعي في الأم: وإن أم شارب يعقل أجزأته الصلاة، وأجزأت من صلى خلفه. انتهى، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 15191.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1426(11/10378)
الجمع بين فضيلة السترة والصف الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[في مسجد نا لا توجد مقدمة للإمام فيكون مكان الإمام الصف الأول فإذا صلى السابق إلى المسجد السنة القبلية إلى سترة فعند إقامة الصلاة يكون الناس من ورائه قد أكملوا الصف الأول فيضطر للتأخر
هل الأفضل أن يصلي السابق إلى المسجد السنة إلى سترة أو أن يصلي بعيدا عن السترة لكي يحافظ على مكانه في الصف الأول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبإمكانك الجمع بين فضيلة الصف الأول إضافة إلى اتخاذ السترة، فإن كانت المسافة بين الصف الأول وجدار المسجد مسافة ثلاثة أذرع مثلاً فصل في الصف الأول، ويكون جدار المسجد سترة لك.
فإن كانت المسافة فيهما تزيد على ثلاثة أذرع فاتخذ سترة تقيمها بين يديك مع محافظتك على الصف الأول، وقد سبق بيان حكم السترة وصفتها في الفتوى رقم: 29174.
ويكفي في السترة ما تقيمه بين يديك ولو كان خطا أو سجادة أو عصا.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وفي هذا الحديث الندب إلى السترة بين يدي المصلي وبيان أقل السترة مؤخرة الرحل وهي قدر عظم الذراع هو نحو ثلثي ذراع ويحصل بأي شيء أقامه بين يديه. انتهى
وقال المناوي في فيض القدير: فإن فقد ما ينصبه بسط مصلى كسجادة، فإن لم يجد خط خطا طولاً. انتهى
وقال المرداوي في الإنصاف: تكفي السترة، سواء كانت من جدار قريب أو سارية أو جماد غيره أو حربة أو شجرة نص عليه أو عصا أو إنسان أو حيوان بهيم طاهر غير وجهيهما. انتهى
وعليه، فبالإمكان الجمع بين فضيلة السترة والصف الأول الذي ثبت الترغيب في المحافظة عليه، كما في الفتوى رقم: 40745.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1426(11/10379)
الائتمام بالمنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيته يصلي منفردا، فأشرت إليه بأني أصلي خلفه لكي نكمل الصلاة جماعة. هل هذا العمل صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك صحيحة ويحصل لكل منكما ثواب فضل الجماعة، ولكن لا يشترط لأن يحصل لك ثواب الجماعة إعلام الإمام بأنك تصلى معه ما دمت قد دخلت الصلاة بنية الاقتداء به، وأما الإمام فقد سبق الكلام عن نيته في الفتوى رقم: 22773، فلتراجع. وراجع لمزيد فائدة الجوابين: 5287، 35075.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1426(11/10380)
رفع المأموم يديه وقوله سمع الله لمن حمده
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هناك من يقول إن عند الرفع من الركوع نقول سمع لمن حمده قبل أن نستوي واقفين، وبعد أن نستوي واقفين نقول ربنا ولك الحمد ثم نرفع أيدينا، سؤالي عن رفع الأيدي، هل يجب أن يكون بعد الاستواء واقفين أم أثناء الرفع من الركوع، وأيضاً هل سمع الله لمن حمد واجبة على المأموم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع اليدين عند التكبير للركوع وعند الرفع منه، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة وإذا كبر للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك.
وهذا الرفع غير واجب، قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: وأجمعوا على أنه لا يجب شيء من الرفع. انتهى، وفي محل هذا الرفع قولان لأهل العلم: الأول: أنه يرفع يديه مع رفع رأسه وهذا مذهب الشافعية ومعتمد مذهب الحنابلة. والقول الآخر: أنه يرفع يديه بعد اعتداله وهو إحدى الروايتين عن أحمد والأمر في ذلك كله واسع إن شاء الله.
ومن السنة أن يقول المأموم: ربنا ولك الحمد بعد أن يقول الإمام سمع الله من حمده، وبعض أهل العلم يرى أن المأموم يجمع بين سمع الله لمن حمده وربنا ولك الحمد كما هو الشأن بالنسبة للإمام، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 21115، والفتوى رقم: 32911.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1426(11/10381)
الإمامة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الله عزوجل أكرمني بحفظ كتابه. . وفي بلدتي يوجد ما يقارب سبعة إلى ثمانية مساجد وفي أكثر المساجد ربما لايوجد إلاّ شخص واحد يحفظ القرآن وعندما يعلم أني أستطيع مساعدته في صلاة التراويح لا يتردد لحظة واحدة في عرض ذلك علي ولكني أقابل ذلك بالرفض قائلا. . . افترض أنك لم تسمع بوجود من يستطيع مساعدتك خاصة وأن بعضهم قد اعتاد على ذلك سنوات. . . . فتجدني أتهرب دائما. . . ولكن في الظروف الحالكة. . . مثلا حالة مرض الإمام أو سفره أوغير ذلك لا أتردد ولو لحظة واحدة وهم يعرفون ذلك، وهم يرغبون ويلحون عليّ بحجة أن الصوت جميل أو. . . مثل هذه الأمور. . . . . . والسؤال: هل علي شيء؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنبارك لك هذه النعمة العظيمة التي حزتها وهي حفظ كتاب الله عز وجل، ونسأل الله عز وجل أن يثيبك على ذلك ويحفظه عليك من النسيان، ونوصيك بمراجعة القرآن وتعليمه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. متفق عليه.
وما دام الناس يحبون الصلاة خلفك والانتفاع بقراءتك فننصحك بالاستجابة لهم فرب دعوة واحد منهم لك تنفعك في دنياك وآخرتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(11/10382)
صلاة المسبوق الذي فاتته ثلاث ركعات
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أدخل إلى صلاة الجماعة متأخرا وعند انتهاء الإمام من الصلاة وقد فاتتني ثلاث ركعات فأقوم وأنسى أن أجلس للتشهد، فهل أجلس للتشهد فى الركعة الثانية أم أكمل الثلاث ركعات وأسجد سجدة سهو آخر الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من كلام أهل العلم أن المسبوق يعتبر ما أدركه مع إمامه أول صلاته، وعليه فالحكم الشرعي في حقك أن تقوم بعد سلام الإمام فتأتي بركعة تقرأ فيها بالفاتحة وسورة بعدها، ثم تجلس للتشهد الأول، ثم تأتي بركعتين بعد ذلك بالفاتحة فقط.
وإذا نسيت التشهد الأول في محله فأكمل صلاتك وعليك سجود السهو، إما وجوباً وإما استحباباً على خلاف بين أهل العلم في ذلك، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6339، 6182، 13516، 21975.
والأفضل أن تبادر إلى حضور الصلاة جماعة في المسجد لما في ذلك من المسارعة إلى الخير، أما التأخير فيترتب عليه فوات الخير الكثير، وراجع الفتوى رقم: 2366.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1426(11/10383)
حكم إمامة من يلعب الورق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة وراء إمام يلعب الورق (الكارطة) الميسر؟ وشاكرين لكم، الرجاء الرد السريع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وتصح الصلاة خلف الإمام المذكور على الراجح لأن كل من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره وإن كان الأولى الصلاة خلف غيره ممن هو سالم من ارتكاب مخالفة شرعية، وينبغي نصح الإمام المذكور مع بيان خطورة ما يمارسه من لعب الميسر، الذي قال الله تعالى فيه شأنه: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا {البقرة:219} ، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16978، 11155، 21471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1425(11/10384)
إمام المصلين ما له وما عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام عندنا ينص عقد استقدامه على جملة من الأعمال منها:
أداؤه الصلوات الخمس بالمسلمين، أداؤه صلاة التراويح في رمضان، فضلا عن بعض الأنشطة الأخرى مما يعهد للأئمة في بلاد الغرب القيام به وهو يخل بوظائفه، فلا يؤدي الصلوات الخمس في المسجد، ولا الأربع إذا أعذرناه في صلاة الصبح، ولا في التوقيت الشتوي إذا أعذرناه في الفترة الصيفية لتأخر صلاتي المغرب والعشاء فنحن نعيش في النرويج حيث يتأخر المغرب إلى حوالي 23.17 كما أنه لم يؤم الناس في صلاة التراويح وأناب عنه أحد الإخوة المتطوعين سنتين أو أكثر، فما حكم الأموال التي تسلمها كرواتب واستعمل بعضها في الحج، وبماذا تنصحونه خاصة وهو يتمسك بمنصبه كإمام ومجرد انتقاده في ذلك يحدث مشاكل خاصة، ومن قبل أهل بلده الذين ينتصرون له؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمنصب الإمامة منصب خطير لأن له ارتباطاً بالاقتداء، وسمي الإمام في اللغة إماماً لأنه قدوة، سواء أكان قدوة في الخير، أم كان قدوة في الشر، قال الله تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا {الأنبياء: 73} ، وقال تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ {القصص:41} ، وبما أن أداء الإمانة واجب فإن ذلك يتأكد في حق من انتصب لأن يكون قدوة في ثاني أركان الإسلام، فعلى هذا الرجل أن يؤدي الأمانة التي نيطت به وعين لها وأجري له رزق عليها من أجل تفرغه لأدائها، قال الله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا {الأحزاب:72} .
والأمانة أعم من ودائع الأموال، إذ هي كل حق للغير عندك، فعليه أن يحافظ على الصلوات الخمس في المسجد الذي رتب لإمامته -ما لم يعرض له أمر طارئ يمنعه من ذلك، إذ هو بشر يعرض له ما يعرض لغيره- وكذا عليه أن يكون قدوة صالحة في فضائل الأخلاق، وأن يتلطف مع الناس ويلين معهم حتى يستطيع أن يؤدي مهمته المنوطة به على الوجه الأكمل، ولا يستطيع القيام بذلك إلا إذا أحبه الناس وارتضوا أخلاقه، ولا يفرق في معاملة الناس، وليعلم أنه مكلف من قبل جماعة المسجد.
ونوصي هذا الإمام بتقوى الله ومراعاة مكانه بين الله تعالى وبين المصلين، وألا ينفر الناس من بيوت الله، وأن يكون مفتاح خير مغلاق شر، وليعلم أنه متى فرط في القيام بالأمانة التي أوكلت إليه فالأجر الذي يأخذه عليها حرام بقدر تفريطه وحجه به ينقص أجر ثوابه بقدر ما صرف من المال الحرام، فنسأل الله جل وعلا أن يهديه ويشرح صدره ويعينه على طاعته وأن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1425(11/10385)
إمامة الرجل لصبية عمرها عشر سنين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أصلي في الجماعة مع بنت عمرها 10 سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتنعقد الجماعة بائتمام المرأة البالغة بالرجل باتفاق الفقهاء، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 31207.
وتحوز به فضيلة الجماعة إن شاء الله، وراجع الفتوى رقم 29160
مع مراعاة عدم الاختلاء بها إن كنت أجنبياً عنها، قال الإمام النووي في المجموع: قال أصحابنا إذا أم الرجل بامرأته أو محرم له وخلا بها جاز بلا كراهة لأنه يباح له الخلوة بها في غير الصلاة، وإن أم أجنبية وخلا بها حرم ذلك عليه وعليها للأحاديث الصحيحة. انتهى.
أما إن كانت لم تبلغ فقد اختلف في ذلك العلماء، فذهب الحنفية والشافعية، وفي رواية عن أحمد إلى أنه تنعقد الجماعة بها ما دامت مميزة وتحصل فضيلة الجماعة، وذهب الإمام مالك وأحمد في الرواية الأخرى إلى أنه لا تحصل فضيلة الجماعة باقتداء الصبي في الفرض، والراجح الأول، قال الإمام النووي: إذا صلى الرجل في بيته برفيقه أو زوجته أو ولده حاز فضيلة الجماعة. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 37444.
مع مراعاة أيضاً عدم الاختلاء بها إن كنت أجنبياً عنها ما دامت مراهقة، قال السرخسي في المبسوط:..... والمراهقة في المنع من هذه الخلوة كالبالغة لأن المنع لخوف الفتنة. انتهى.
وعليه ففضيلة الجماعة تحصل لك بالصلاة مع هذه البنت سواء كانت بالغة أو غير بالغة مع مراعاة عدم الاختلاء بها إن كنت أجنبياً عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1425(11/10386)
الإمام المحدث إذا استحيا من الخروج من الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت بالناس إماما وبعد دخولي في الصلاة تذكرت أني على غير وضوء واستحييت أن أستخلف، حدثت معي مرتين فماذا أفعل؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستمرارك في الصلاة بالجماعة مع كونك محدثا معصية عظيمة وليس الحياء مبررا لما أقدمت عليه، وصلاتك باطلة بإجماع أهل العلم كما ذكر الإمام النووى في المجموع، وراجع الفتوى رقم: 14966، وكان الواجب عليك الخروج من الصلاة فوراً، ويسن لك أن تستخلف على الجماعة من يتم بها صلاتها. أما المأمومون فالراجح من كلام أهل العلم أن صلاتهم صحيحة كما في الفتوى رقم: 27368. ولا شك أن من الاحتياط والورع إعادتهم لتينك الصلاتين خروجا من خلاف أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(11/10387)
أحكام في إمامة المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل معلمة في مدرسة لتعليم اللغة العربية لأبنائنا في بلاد المهجر وأثناء الدوام يحين وقت صلاة الظهر وأصلي أنا والمعلمات والطلاب وهم من مختلف الأعمار والجنسيات وأعمارهم تتراوح ما بين الست سنوات والسادسة عشرة وهم بنون وبنات ونصلي خلف المديرة وهي تؤمنا وهي تجهر في صلاتها بكل حركة تقوم بها من قراءة الفاتحة والسورة الصغيرة إلى الركوع والسجود والتشهد وكل ذلك بصوت مرتفع بهدف تعليم الأولاد الصلاة وما يجب عليهم قوله أثناء الصلاة والأشياء الواجب فعلها ولاحظت أن الأطفال خاصة مبسوطين بما يقومون به ويرددون مع المعلمة الفاتحة والسور الصغيرة وسؤالي يافضيلة الشيخ هو هل صلاتي خلف المديرة صحيحة وما عليها شيء أم يجب علي إعادتها وكذلك هل إمامة المديرة صحيحة أم عليها غبار.
أفيدوني أثابكم الله وجزاكم عنا ألف خير والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم صلاة النساء جماعة، فذهب الشافعية إلى أنها تستحب، وتقف من تؤمهن وسطهن، وممن روي عنه أن المرأة تؤم النساء: عائشة وأم مسلمة ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة، وروي عن أحمد روايتان: رواية أن ذلك مستحب، وأخرى أن ذلك غير مستحب، وإن فعلن أجزأهن. وقال الحنفية: يكره تحريما جماعة النساء وحدهن بغير رجال ولو في التراويح، والراجح صحة إمامة المرأة للنساء لما رواه أبو داود وصححه من حديث أم ورقة بنت نوفل الأنصارية، رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يزورها ويسميها الشهيدة، وكانت قد جمعت القرآن، وكانت تؤم أهل دارها، وجعل لها مؤذنا يؤذن لها.
وأما بالنسبة للثواب فيرجى أن يحصل لهن ثواب الجماعة، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. رواه الشيخان. وفي رواية للبخاري عن أبي سعيد: بخمس وعشرين درجة. وأما صلاة المرأة بالرجال فلا تصح، سواء كانوا صغارا أو كبارا عند جماهير أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: وأما المرأة فلا يصح أن يأتم بها الرجل بحال في فرض ولا نافلة، وفي قول عامة الفقهاء. انتهى. وقال الشافعي في الأم: وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة، وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة، لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء، وقصرهن عن أن يكن أولياء وغير ذلك، ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبدا. انتهى.
وأما جهر هذه المعلمة بما لا يجهر به الإمام في الصلاة كالتشهد والذكر الذي في الركوع والسجود ونحو ذلك فخلاف السنة عند جماهير أهل العلم، ولكن من جهر صحت صلاته عندهم بلا إثم، ومنعه الحنفية لأنهم يرون وجوب الإسرار في موضع الإسرار ووجوب الجهر في موضع الجهر، وقد فصلنا مواطن الجهر والإسرار للإمام والمأموم والمنفرد في الفتوى رقم: 23768.
وعليه.. فينبغي أن يقدم رجل يصلي بالجميع، ويكون خلفه الرجال والصبيان ثم النساء خلفهم، أو يصلي الرجال وحدهم والنساء وحدهن، وينبغي أن يعلم الصبيان الصلاة بطريقة التلقين والتفهيم، وعلى كل حال فجزاكم الله تعالى أحسن الجزاء وزادكم حرصاً على الخير وعصمنا وإياكم من الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن، والله الله في أنفسكم وأولادكم في تلك البلاد الفاسدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(11/10388)
المسبوق يدخل مع الإمام على الحال التي هو عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إذا دخلت مع الجماعة وهم في الصلاة الإبراهيمية في صلاة الظهر مثلا ومن ثم أكملت أربع ركعات بعدهم أليس بذلك تصبح صلاتي زائدة صلاة إبراهيمية عن الصلاة المطلوبة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أدرك الإمام في التشهد الأخير فاختلف أهل العلم هل يعتبر قد أدرك فضيلة صلاة الجماعة أم لا؟ والصواب أنه لا يكون مدركا لها، وراجع الفتوى رقم: 11636.
وكونك زدت بالصلاة الإبراهيمية لا حرج عليك في ذلك، بل فيه أجر ومثوبة إن شاء الله، فالمستحب لمن أدرك الإمام في حال الدخول معه فيه. قال ابن قدامة في المغني: فالمستحب لمن أدرك الإمام في حال متابعته فيه وإن لم يعتد له به، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا، ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة. رواه أبو داود.
وروى الترمذي عن معاذ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتى أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام. والعمل على هذا عند أهل العلم. قالوا إذا جاء الرجل والإمام ساجد فليسجد ولا تجزئه تلك الركعة. وقال بعضهم: لعله أن لا يرفع رأسه من السجدة حتى يغفر له. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/10389)
حكم الصلاة خلف من يترك صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة وراء إمام تارك للجمعة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت فعلا أن الإمام المذكور يترك صلاة الجمعة فإن كان تركه لها بسبب عذر شرعي كمرض أو سفر مثلا فلا إثم عليه، ويجب عليه أداء صلاة الظهر بدلا عنها.
وإن كان يتركها عمدا ثلاثا تهاونا بها فإنه يطبع على قلبه بطابع النفاق. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 8572.
وتصح إمامة الشخص المذكور، لأن المعروف عند أهل العلم أن من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته لغيره، كما في الفتوى رقم: 18067.
ولكن ينبغي نصح الإمام المذكور وتحذيره من الوقوع في الوعيد الوارد في التخلف عن الجمعة من غير عذر.
ولا شك أن إمامة غيره ممن هو سالم من الفسق أفضل، وبالتالي، فالأفضل الاقتداء بغيره إن أمكن ذلك.
وراجع للمزيد عن هذا الموضوع الفتوى رقم: 16978 والفتوى رقم: 53428.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/10390)
حكم الصلاة خلف من اقترف الزنى
[السُّؤَالُ]
ـ[يؤمنا إمام في مسجد ما ويعلم البعض منا أنه قد زنا أعاذنا الله وإياكم وتوجه البعض منا لمعاتبته على ذلك فحلف على أنه قد تاب من هذا، فهل قد قبل الله توبته فعلاً أم لا، وما مصيرنا نحن في الصلاة خلفه وماذا نفعل، وهل يقبل الله توبة من زنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنى كبيرة من كبائر الذنوب وموضوعه خطير جداً، ولا يجوز الإقدام على رمي شخص به من غير بينة تثبت ذلك، ومن فعل ذلك فقد ترتب عليه العقوبة الواردة في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4} ، ومن ارتكب جريمة الزنى ثم حسنت توبته فإن الله تعالى يتقبلها، وراجع التفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1106، 21212، 22413.
والصلاة صحيحة خلف الإمام المذكور ولو على افتراض ارتكابه الزنى لأن الأصل هو أن من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته لغيره، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 16978، والفتوى رقم: 18067.
مع أن الأولى أن يؤم الناس أورعهم وأتقاهم لله تعالى، إذا توفر فيه باقي شروط الإمامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(11/10391)
حكم السكتة بعد الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام المسجد عندنا يصمت بعد قراءة الفاتحة قليلا كي نقرأ الفاتحة بعده، وبعد ذلك يقوم بقراءة ما تيسر له من القرآن فقال أحد المصلين إنه آثم ومخطئ وهذا حرام وأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يسكت فترة بل يصل القراءة بعد الفاتحة، وكان يقول للصحابة لماذا تنازعونني في القراءة فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسكوت الإمام بعد قراءة الفاتحة لإعطاء فرصة للمأمومين لقراءتها مسألة خلاف بين أهل العلم فهي مشروعة عند الحنابلة والشافعية، مكروهة عند المالكية والحنفية، وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية عدم مشروعية السكوت المذكور وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 22283. لكن لا ينبغي وصف الإمام المذكور بأنه آثم أوما فعله حرام، لأن هناك من أهل العلم من قال بمشروعية السكوت المذكور كما سبق. وما قاله صلى الله عليه وسلم للصحابة في شأن منازعته في القراءة قد ورد في حديث صحيح رواه أصحاب السنن الأربعة وغيرهم، وهو من رواية أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: هل قرأ معي أحد منكم آنفا، فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: إنى أقول ما لي أنازع القرآن، قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة من الصلوات. وليس في هذا دليل على عدم مشروعية السكوت، وإنما هو دليل على الأمر بإنصات المأموم لقراءة الإمام إذا كان يسمع قراءته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(11/10392)
هل يقطع النافلة للحاق بتكبيرة الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في بعض الأحيان أكون من أوائل من يدخل المسجد للصلاة حتى أنال الأجر الكافي لكن بعض الأحيان وأثناء صلاتي بالنافلة قبل الإقامة تقام الصلاة وأنا جالس للتشهد مثلا وهكذا تفوتني تكبيرة الإحرام مع أني قدمت باكرا للمسجد فهل هكذا أعتبر من الذين فاتهم خير اللحاق بتكبيرة الإحرام وفضلها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك على ما تقوم به من مبادرة إلى دخول المسجد، ففي ذلك ثواب عظيم. فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله رجل قلبه معلق بالمساجد، والحديث متفق عليه.
كما قال صلى الله عليه وسلم: وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة. متفق عليه.
ثم إذا أقيمت الصلاة وأنت في التشهد من النافلة فإن استطعت تكميلها قبل تكبيرة الإحرام فذلك المطلوب، وإلا، فينبغي لك قطع النافلة وإدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام، لأن الراجح من كلام أهل العلم أن من أقيمت عليه فريضة وهو في نافلة قطع النافلة، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 6184 كما يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 50054.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/10393)
حكم إمامة العبد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة وراء من نعتقدهم أنهم مملوكون ولكن بعد ثورة الفاتح أعتقهم ولي الأمر وليس الذي يملكهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلو ثبت يقينا أن الإمام في الصلاة عبد فلا حرج في ذلك، ففي المصنف لابن أبي شيبة عن عائشة: أنها كان يؤمها مدبر لها.
كما ذكر أيضاً عن الحسن وابن سيرين قالا: لا بأس أن يؤم العبد. وفي مطالب أولي النهى للرحيباني الحنبلي: ولا تكره إمامتهما: أي العبد والمبعض بحر إذا كان أحدهما إمام مسجد أو صاحب بيت، جزم به غير واحد، لأن ابن مسعود وحذيفة وأبا ذر صلوا خلف أبي سعيد مولى أبي أسيد وهو عبد. رواه صالح في مسائله. انتهى
وفي المجموع للنووي: لا تكره إمامة العبد للعبيد والأحرار، ولكن الحر أولى. هذا مذهبنا ومذهب الجمهور. وقال أبو مجلز التابعي: تكره إمامته مطلقاً، وهي رواية عن أبي حنيفة، وقال الضحاك: تكره إمامته للأحرار ولا تكره للعبيد. انتهى
هذا بالنسبة لغير الجمعة، أما الجمعة فلا تصح إمامة العبد فيها عند بعض أهل العلم كالحنابلة والمالكية. قال ابن قدامة في المغني بعد ذكره من لا تجب الجمعة عليهم كالعبد والمرأة والمسافر ونحوهم: ولا تنعقد الجمعة بأحد من هؤلاء ولا يصح أن يكون إماماً فيها، وقال أبو حنيفة والشافعي يجوز أن يكون العبد والمسافر إماماً فيها، ووافقهم مالك في المسافر إلى أن قال: ولنا أنهم من غير أهل الفرض فلا تنعقد الجمعة بهم، ولم يجز أن يؤموا فيها كالنساء والصبيان، ولأن الجمعة إنما تنعقد بهم تبعاً لمن انعقدت به، فلو انعقدت بهم أو كانوا أئمة صار التبع متبوعاً. انتهى
علماً بأن الأصل في الإنسان هو الحرية والرق أمر طارئ، ولا ينتقل عن الأصل إلا بدليل شرعي، وللتعرف على أسباب الرق راجع الفتوى رقم: 52878، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 12210، ورقم: 4341، 4492.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1425(11/10394)
تأخر المأموم عن إمامه وحكم تطويل الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التأخر عن الإمام في صلاة الجماعة على الرغم أن الإمام لا يسرع في صلاته وما حكم ذلك إن كان الإمام يسرع في صلاته كذلك، ما حكم التطويل في الصلاة سنة أو فرضا إذا كان هذا التطويل يعطل الآخرين؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم متابعة المأموم لإمامه في الفتوى رقم: 53974، فلتراجع، وإن كان التأخر المذكور بركن كامل مثل أن يركع الإمام ويرفع من الركوع والمأموم لم يشرع في الركوع بعد، فإن كان هذا لعذر كنعاس مثلا أو سرعة الإمام فالمأموم يفعل ما سبقه به الإمام ويدركه ولاشيء عليه، وإن كان التأخر المذكور عمدا فقد بطلت صلاة المأموم لتعمده ترك الاقتداء بإمامه. قال ابن قدامة في المغني أيضا: فإن سبق الإمام المأموم بركن كامل مثل أن ركع ورفع قبل ركوع المأموم لعذر من نعاس أوزحام أو عجلة الإمام فإنه يفعل ما سبق به ويدرك إمامه ولا شيء عليه نص عليه أحمد إلى أن قال: وإن فعل ذلك لغير عذر بطلت صلاته لأنه ترك الائتمام بإمامه عمدا.انتهى. والسنة في حق من يصلي بالناس عدم التطويل لما يترتب على ذلك من ضرر قد يحصل للمأمومين بذلك التطويل.
وراجع الفتوى رقم: 37449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(11/10395)
تجافي رجلي المرأة في الصف لا ينبغي لها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النساء في صلاة الجماعة يجافين أرجلهن أم عليهن ضمهن ولصق الكتفين فقط، ويلامسنها مع بعض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النساء مطالبات بإقامة صفوف الصلاة كما يطالب الرجال لعموم الحديث بالأمر بتسوية الصفوف في قوله صلى الله عليه وسلم: سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة. متفق عليه.
ولا يلزم من إلصاق الصف وتراصه تجافي الأرجل بل إن تراص الصف يحصل بإلصاق المناكب بعضها ببعض وإذا التصقت المناكب التصقت الأرجل من غير احتياج إلى تجافيها، مع أن المرأة لها حالات تختلف فيها عن الرجل في الصلاة، وهي حالات ذكرها الفقهاء، والعلة فيها هو احتياج المرأة إلى زيادة الستر والاحتشام، قال النووي في المجموع قال الشافعي: ولا فرق بين الرجال والنساء في عمل الصلاة إلا أن المرأة يستحب لها أن تضم بعضها إلى بعض وأن تلصق بطنها بفخذيها في السجود كأستر ما يكون وأحب ذلك في الركوع وفي جميع الصلاة. انتهى، وقال صحاب الكفاف المالكي الشنقيطي:
أما النساء فتنزوي في أمرها * جميعة زيادة في سترها
ومنه يعلم أن تجافي الرجلين بالنسبة للمرأة في الصف لا ينبغي لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1425(11/10396)
تسوية الصفوف والتراص فيها ليست واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى المسجد لإقامة صلاة الظهر وكان المسجد ذا طابقين وعند دخولي وجدت امرأتين فألقيت عليهما السلام وصعدت إلى الطابق العلوي وعندها وجدت امرأة، صليت ركعتي تحية المسجد ثم أقام الإمام الصلاة لكن بحكم وجودي في الطابق العلوي بقيت فيه وصليت جنبا لجنب مع المرأة التي وجدتها، وصلت الإمرأتان معا في الطابق السفلي، إني أشعر بالتقصير إذ كان من الواجب علي أن أقيم الصف مع النساء الثلاث إما في الطابق السفلي معا أو في الطابق العلوي معا، حتى لا تحصل الفرقة، فهل علي إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فلا إثم عليك إن شاء الله تعالى بسبب ما أقدمت عليه لأن تسوية الصفوف والتراص فيها سنة عند جمهور أهل العلم وليست بواجبة كما تقدم في الفتوى رقم 24029، خصوصاً إذا صدر ذلك الأمر منك خطأً أو نسياناً لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه رواه ابن ماجه وصححه الشيخ الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(11/10397)
حكم إمامة الرجل لمن هم له كارهون
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصلاة خلف إمام غير راض عنه نظرا لمخالفته للسنة في بعض آرائه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل أن يؤم من هم له كارهون، لما روى الترمذي وحسنه الألباني من حديث أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون. وراجع في هذا الفتوى رقم: 6359.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(11/10398)
حكم إمامة من لا يجيد الركوع لمرض فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصلاة خلف إمام لا يجيد الركوع أو الجلوس بين السجدتين أو للتشهد جراء مرض أو كبر في السن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالركوع والجلوس بين السجدتين أو للتشهد أركان من أركان الصلاة، ومن كان عاجزا عن الإتيان بها على الوجه الأكمل لسبب الشيخوخة أو المرض فإن إمامته مكروهة عند أهل العلم. قال الحطاب في منح الجليل: من كبر فانحنى ظهره حتى صار كالراكع أو قريبا منه، قال البرزلي: وقد وقعت فأجريناها على إمامة صاحب السلس. انتهى. والمشهور أن إمامته مكروهة.....ا. هـ.
وعليه؛ فالأحسن تنحية هذا الإمام عن الإمامة واتخاذ غيره ممن يأتي بالأركان على الوجه الصحيح مع أن الصلاة خلفه تصح إلا أن يكون عاجزا عن الإتيان بأصل هذه الأركان فإن الصلاة خلفه حينئذ لا تصح على القول الراجح. وراجع في هذا فتوانا رقم: 7923.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(11/10399)
اقتداء من يصلي العشاء بإمام التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت للمسجد لأداء صلاة العشاء أنا ومعي اثنان ووجدت المصلين يؤدون صلاة التراويح فأمرت الذين معي بالصلاة معهم وتكملة ما يتبقى فهل ذلك صحيح؟
وهل في ذلك شيء لو أقمنا جماعة لوحدنا وأدينا صلاة العشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فيصح اقتداء من يصلي العشاء بإمام يصلي التراويح، وتفصيل المسألة في الفتويين التاليتين 803، 41486 وعليه فيصح اقتداؤكم بالإمام المذكور، كما يجوز لكم أن تؤدوا صلاة العشاء جماعة وحدكم ثم تدخلوا مع الإمام في صلاة التراويح قال الدسوقي في شأن ابتداء صلاة في المسجد مع وجود الإمام الراتب في صلاة: فإن كانت صلاة الإمام نفلاً منع الشروع في النفل فقط، فإذا شرع الإمام في التراويح في المسجد فلك أن تصلي العشاء الحاضرة أو الفوائت.
ولو أردت أن تصلي الوتر فقيل لك ذلك وقيل لا وهو الظاهر، وأما لو أردت صلاة التراويح والحال أنه يصلي التراويح فإنه يحرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(11/10400)
العشاء خلف التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى صلاة العشاء متأخراً فوجدت الإمام قد أكمل صلاة العشاء وبدأ في صلاة التراويح (صلاة القيام) هل أصلي صلاة القيام مع الإمام أم أصلي التراويح مع الإمام ثم آتي بصلاة العشاء منفرداً، أفيدونا أفادكم الله، أرجو منكم سرعة الإجابة وفقكم الله إلى فعل الخيرات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اقتداء من يصلي العشاء بمن يصلي التراويح أو غيرها من النوافل محل اختلاف بين أهل العلم فمذهب الجمهور عدم صحة الاقتداء في هذه الحالة لاختلاف نية الإمام مع نية المأموم، وذهب الشافعية رحمهم الله تعالى إلى صحة صلاته وتحصيله لفضيلة الجماعة وهو الراجح لأن اختلاف النية غير مؤثر، لما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله: أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فتكون نافلة لمعاذ رضي الله عنه وفريضة لقومه ونيتهما مختلفة وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
قال الشمس الرملي رحمه الله تعالى في نهاية المحتاج: وتصح العشاء خلف التراويح كما لو اقتدى في الظهر بالصبح، فإذا سلم الإمام قام ليتم صلاته الأولى له إتمامها منفرداً، فإن اقتدى به ثانيا في ركعتين أخريين من التراويح جاز كمنفرد اقتدى في أثناء صلاته بغيره. وعلى هذا فمن فاتته صلاة العشاء ووجد الإمام في التراويح دخل معه بنية العشاء ليحصل له فضل الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(11/10401)
حكم الصلاة خلف من يذبح لغير الله
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو الإجابة على أسئلتنا، ما حكم صلاة المأموم وراء إمام يذبح لغير الله، وفي حالة عدم جواز ذلك ماذا على المأموم أن يفعل لكي يصحح الصلوات التي اقتدى فيها به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإمام المذكور إذا كان يذبح لغير الله قاصداً التعبد له من دون الله تعالى، فإنه يعتبر كافراً كفراً مخرجاً من الملة بشرط أن يكون غير معذور بجهل أو إكراه أو نسيان أو تأويل، إضافة إلى أن تقام عليه الحجة من طرف بعض أهل العلم، لقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: فليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة، ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة. انتهى، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 721.
وحيث ثبت كفره بطلت صلاة من اقتدى به ووجبت عليهم إعادة جميع ما صلوه خلفه من صلوات، قال النووي في المجموع: ولا تصح الصلاة خلف أحد من الكفار على اختلاف أنواعهم، وكذا المبتدع الذي يكفر ببدعته، فإن صلى خلفه جاهلاً بكفره، فإن كان متظاهرا بكفره كيهودي ونصراني ومجوسي ووثني وغيرهم لزمه إعادة الصلاة بلا خلاف وعندنا. وقال المزني: لا يلزمه، فإن كان مستتراً به كمرتد ودهري وزنديق ومكفر ببدعة يخفيها وغيرهم فوجهان مشهوران ذكر المصنف دليلهما الصحيح منهما عند الجمهور وقول عامة أصحابنا المتقدمين وجوب الإعادة. انتهى، وإن لم تتوفر الشروط السابقة أو بعضها فلا يحكم بكفره ولكن الأولى الاقتداء بغيره ممن هو سالم من البدع، وراجع الفتوى رقم: 45804.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(11/10402)
إذا استخلف الإمام مأموما مسبوقا فعليه مراعاة ترتيب الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[الإمام يصلي ثم خرجت منه ريح -أي نقض الوضوء- فقدم شخصا آخر دخل متأخراً -أي فاتته ركعتان- ما حكم الصلاة وهل تجوز أصلا وكيف يكملها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسبوق الذي استخلفه الإمام عليه مراعاة ترتيب صلاة الإمام الأول فيجلس في موضع جلوسه ويقوم في موضع قيامه فإذا تمت صلاة الإمام الأول قام المسبوق لقضاء ما فاته، وللمأمومين الخيار إن شاءوا سلموا لأنفسهم وصلاتهم صحيحة وإن شاءوا انتظروه جلوسا حتى يسلموا معه.
قال الإمام النووي في المجموع: قال أصحابنا وإذا استخلف مأموما مسبوقا لزمه مراعاة ترتيب الإمام فيقعد موضع قعوده، ويقوم موضع قيامه كما كان يفعل لو لم يخرج الإمام من الصلاة. إلى أن قال: وإذا تمت صلاة الإمام قام لتدارك ما عليه والمأمومون بالخيار إن شاءوا فارقوه وسلموا وتصح صلاتهم بلا خلاف للضرورة وإن شاءوا صبروا جلوسا ليسلموا معه. انتهى.
ويشترط عند المالكية أن يكون المأموم قد عقد ركوعا مع الإمام الذي استخلفه ففي الخرشي أثناء ذكره شروط صحة الاستخلاف: وصحته بإدراك ما قبل الركوع وإلا بطلت صلاته دونهم. انتهى، كما يشترط عندهم في صحة صلاة المأمومين انتظارهم للإمام المستخلف حتى يسلموا معه، وراجع الفتوى رقم: 52975.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1425(11/10403)
حكم فعل المأموم السنن التي تركها الإمام أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الخروج في صلاة الجماعة عن إمام مبتدع في بعض السنن، مثلا إذا لم يأت الإمام بجلسة الاستراحة هل يجوز للمصلي أن يأتي بها اقتداءا بنبينا عليه الصلاة والسلام؟ وجزاكم الله كل الخيرعن الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجب متابعة الإمام في ترك السنن التي يكون الإتيان بها مخلاً بالمتابعة، كسجود التلاوة والتشهد الأوسط، وأما السنن التي لا يقتضي فعلها الإخلال بالمتابعة فيشرع الإتيان بها كجسلة الاستراحة ورفع اليدين في المواضع الأربع وقبض اليمنى على اليسرى ودعاء الاستفتاح.. قال النووي: وإن ترك سنةـ يعني الإمام ـ فإن كان في اشتغال المأموم بها تخلف فاحش كسجود التلاوة والتشهد الأول لم يجز للمأموم الإتيان بها، فإن فعلها بطلت صلاته وله فراقة ليأتي بها، وإن ترك الإمام سجود السهو أو التسليمة الثانية أتى به المأموم لأنه يفعله بعد انقضاء القدوة، فإن لم يكن في اشتغال المأموم بها تخلف فاحش بأن ترك الإمام جلسة الاستراحة أتى بها المأموم. قال أصحابنا: لأن المخالفة فيها يسيرة. اهـ. واعلم رحمك الله أن ترك بعض سنن الصلاة لا يوجب تأثيم صاحبه فضلاً عن تبديعه فلا يجوز وصفك لهذا الإمام بالمبتدع لأجل ذلك، قال القاضي البيضاوي: المندوب ما يحمد فاعله ولا يذم تاركه ويسمى سنة ونافلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1425(11/10404)
إمامة من يظن أنه يطلب العون من أصحاب القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل حافظ لكتاب الله ويؤم الناس في الصلاة وهو مؤثر في الناس الذين يعيشون معه حيث أننا نعيش في مجتمع ريفي يتأثر برجال الدين، هذا الشيخ يذهب لقبور أولياء الله مثل السيدة زينب والسيد البدوي، وعندنا في القريه جماعة أهل السنة ترفض هذا الفعل وتطلب منه أن يتركه حتى لا يقلده الناس وهو يرفض كنوع من أنواع العناد ويقول إنه يزور فقط ولكن آراءه تدل على أنه يزور طالبا العون من أصحاب هذه القبور، وجماعة أنصار السنه هذه تقول: إنه شرك بالله لأنه يطلب العون من غير الله وأخذت تهاجمه بشدة ووصل الأمر إلى حد الفتنة وانقسم الناس إلى فئتين تحارب كل منهما الأخرى.
- السؤال الأول:- ما هو رأي الدين في هذا الشيخ حتى ولو كان يذهب إلى هذه القبور ليس طالبا للعون منها وإنما يريد الزيارة وقد أمرنا رسول الله أن نبتعد عن الشبهات؟
- السؤال الثاني:- ما هو رأي الدين في موقف أهل السنة من هذا الشيخ ومهاجمتهم الشديدة له وتوصيل الأمر إلى هذا الحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ثبت أن هذا الإمام يطلب العون من الموتى، ويعتقد أنهم ينفعون ويضرون، فقد وقع في الشرك الأكبر المخرج من الملة، ولا تجوز الصلاة خلفه، ويجب على جماعة المسجد عزله وترتيب إمام آخر يجتمع عليه المصلون، وتتوفر فيه شروط إمامة المصلين، وانظر الفتوى رقم: 9476، والفتوى رقم: 4973.
وأما إن لم يثبت عليه ذلك، فالواجب على طلاب العلم من جماعة المسجد نصحه بعدم الذهاب لهذه القبور، لما يقع عندها من الشرك بالله العظيم، وصرف العبادة لأصحابها من دون الله رب العالمين وهو ما ينفر منه القلب الحي، فكيف لمؤمن يرى سجود العبيد لعبيد أمثالهم مقبورين، أو يذبحون لهم، أو يطوفون بقبورهم كطواف المسلمين بالكعبة، أو يتقربون إليهم بأي نوع من القرب التي لا يتقرب بها إلا لله، ثم يلزم أماكنهم ويعتادها، والله تعالى يقول: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ {النساء: 140} .
فإن لم يستجب للنصح، فعلى أهل الحل والعقد من جماعة المسجد إن وُجدوا أن يستبدلوه بغيره من الأئمة الذين تجتمع عليهم قلوب المصلين، وانظر الفتوى رقم: 6742.
والواجب على من تصدى لنصحه أن يستخدم معه الأسلوب اللين والكلام الطيب، لأن الغرض ليس الانتصار للنفس، وإنما الانتصار للحق وإقامة الصلاة على الوجه الذي يرضي الله جل وتعالى، وانظر الفتوى رقم: 3716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(11/10405)
حكم الاقتداء في الجمعة بإمام متيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم صلاة يوم الجمعة وراء إمام متيمم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام في الجمعة متيمما بسبب مبيح للتيمم ككونه مريضا عاجزاً عن استعمال الماء مثلاً فتصح الصلاة خلفه مع كون الأفضل تقديم إمام متوضئ، ففي كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: ومتوضئ أولى من متيمم لأن الوضوء رافع للحدث بخلاف التيمم فإنه مبيح. انتهى.
وفي الموطأ للإمام مالك: سئل مالك عن رجل تيمم أيؤم أصحابه وهم على وضوء؟ فقال يؤمهم غيره أحب إلي ولو أمهم هو لم أر بذلك بأسا. انتهى.
وفي المجموع للنووي: كما تصح صلاة المتوضئ خلف المتيمم. انتهى.
وعليه فيصح الاقتداء في الجمعة بإمام متيمم إذا كان له عذر مبيح للتيمم كمرض مثلاً، وراجع الفتوى رقم: 28260.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(11/10406)
حكم عدم المتابعة الفورية للإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عدم اتباع الإمام فورا في الصلاة، مثلا عند انتقاله من الركوع إلى القيام ولكن ينتظر الفرد قليلا ولكنه يقوم قبل نزول الإمام للسجود، وما حكم تلك الحالة في التشهد، أي هل يجوز للفرد الانتظار مدة قبل السلام بعد سلام الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن متابعة المأموم للإمام في أفعال الصلاة أمر واجب لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوساً. رواه مسلم، قال النووي في شرح صحيح مسلم: قال البيضاوي وغيره الائتمام الاقتداء والاتباع أي جعل الإمام إماما ليقتدي به ويتبع، ومن شأن التابع أن لا يسبق متبوعه ولا يساويه ولا يتقدم عليه في موقفه بل يراقب أحواله ويأتي على أثره بنحو فعله. انتهى.
ومنه يعلم أن المأموم لا بد أن يأتي بالأفعال بعد الإمام فلا يسبقه ولا يساويه وقد بين الفقهاء كيفية متابعته له، قال ابن قدامة في المغني: والمستحب أن يكون شروع المأموم في أفعال الصلاة من الرفع والوضع بعد فراغ الإمام منه ويكره فعله معه في قول أكثر أهل العلم. انتهى.
وقال النووي في المجموع: المتابعة أن يجري على أثر الإمام بحيث يكون ابتداؤه لكل فعل متأخراً عن ابتداء الإمام ومقدما على فراغه منه. انتهى.
وقال الشيخ أحمد الدردير شارح مختصر خليل في الفقه المالكي بعد أن ذكر أن مساواة المأموم مع الإمام في أفعال الصلاة مكروهة في غير الإحرام والسلام قال: فالمندوب أن يفعل بعده ويدركه فيه. انتهى، قال الدسوقي: قال عياض: اختلف في المختار في اتباعه في غير الإحرام والسلام هل هو بإثر شروعه أو بإثر تمام فعله كاستوائه قائماً. انتهى، وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 27433.
وعليه فإنما وصفه السائل من إعطاء الإمام فرصة من غير أن يتأخر كثيراً فإن كان ذلك بقدر ما يستتم الإمام في الركن الموالي فذلك صواب ومواقف للسنه إن شاء الله تعالى، ففي صحيح مسلم عن البراء أنهم: كانوا يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا ركع ركعوا وإذا رفع رأسه من الركوع فقال سمع الله لمن حمده لم نزل قياماً حتى نراه قد وضع وجهه في الأرض نتبعه. أما التأخر بعد سلام الإمام فقد كرهه بعض العلماء بل قال بعدم جوازه بعضهم، قال في مواهب الجليل قال التلمساني: ولا يجوز اشتغال المأموم بعد سلام الإمام بدعاء ولا غيره. انتهى، لكن هذا لا يعني أن يسلم المأموم قبل إتمام التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بل عليه أن يكملهما ولو سلم الإمام نظرا للقول بوجوبهما.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(11/10407)
حكم استعمال الإمام مكبرات المسجدالخارجية أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإمام الذي يستعمل مكبرات الصوت الخارجة عن المسجد من فوق المنارات لتسمع الصلاة في الخارج من تكبير وقراءة وركوع وسجود الى آخر الصلاة في كل الصلوات فيسمع بذلك كل السكان في المدينة حتى النساء في البيوت، فهل الجهر بالقراءة خارج المسجد جائزة مع وجود السب والشتم خارج المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن نقل الصلاة عن طريق مكبرات الصوت الخارجية أمر ليس مطلوباً شرعاً، وقد يترتب عليه ضرر وتشويش على جيران المسجد فلربما كان هناك مريض أو من من لا تجب عليهم الصلاة في المسجد كالنساء ولربما كان هناك من يتلو القرآن في بيته وتشوش عليه صلاة الإمام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن. رواه الطبراني عن أبي هريرة وعائشة، ورواه أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهم أجمعين.
والقول بأن هناك مصلحة شرعية بنقل الصلاة عن طريق مكبر الصوت كايقاظ النائم غير دقيق، فإن من لم يوقظه الأذان ولا الإقامة لم توقظه تكبيرات الصلاة إلا في النادر ثم إن المفاسد في هذا الأمر أكثر من مصلحة إيقاظ النائم، وعليه فلا ينبغي للإمام أن يستعمل مكبرات الصوت عند الصلاة لما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1425(11/10408)
مسائل حول صلاة المسبوق
[السُّؤَالُ]
ـ[فى حالة صلاة الجماعة إذا ما كنت قد دخلتها متأخرا والناس يصلون هل أقول التشهد حتى قول (أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله) ثم أقوم فأكمل الباقى أثناء قولهم (السلام عليكم ورحمة الله) ، أم أقولها كاملة، واذا كنت صليت دون أن أعرف فهل أنا ملزم بإعادة تلك الصلاة؟
لماذا يقصر الإمام فى الفترة بين قراءته فاتحة الكتاب والأيات الأخرى أثناء الصلاة، أليس من المفترض أن ينتظرنا حتى نقرأ الفاتحة بخشوع فى سرنا أم أننا فى صلاة الجماعة نستمع إلى القرآن دون أن نقرأ شيئا سوى آمين؟
رأيت جماعة تصلى فدخلت للصلاة معهم فى جماعة فماذا أقرأ.. هل أقرأ الفاتحة فقط أم الفاتحة وسورة صغيرة.. وعندما أصلي الركعات التي فاتتني ماذا أقرأ فيها.. وعن التشهد هل يكون إلى (أشهد أن لا إله إلا الله) فقط أم ماذا؟ وجزاكم الله كل خير، وبارك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في بيان ما يقوله المسبوق في التشهد الأخير، فنحيل السائل إليها وهي برقم: 19856.
وإذا كنت قد اقتصرت على التشهد دون ذكر الصلاة الإبراهيمية فصلاتك صحيحة، ولا يلزمك الإعادة إلا أنه يلزمك أن تجلس مع الإمام حتى ينهي صلاته بالتسليم، فإذا سلم قمت لقضاء ما عليك، فإن قمت لقضاء ما عليك قبل سلام الإمام بطلت صلاتك لأنك تركت واجباً متعمداً وهو متابعة الإمام، ويلزمك إعادتها.
وأما سكوت الإمام بعد القراءة، فلا يلزم الإمام السكوت بعد قراءة الفاتحة لكي يقرأ المأمومون الفاتحة، وانظر الفتوى رقم: 22283.
وأما هل يقرأ المأموم شيئاً من القرآن خلف الإمام، فالجواب أن ذلك محل خلاف بين الأئمة، وانظر الفتوى رقم: 22500 والفتاوى المرتبطة بها، ففيها تفصيل ذلك وبيان الراجح في المسألة، وقول السائل: عندما أصلي الركعات التي فاتتني ماذا أقرأ فيها.
فإن ما أدركه المسبوق مع إمامه يعتبر أول صلاته، ويكمل الصلاة كما لو كان يصلي منفرداً، فإذا أدرك مع الإمام ركعتين، أكمل بقية الركعتين بقراءة الفاتحة فقط، لأنهما الثالثة والرابعة بالنسبة له، وهكذا ... وانظر الفتوى رقم: 6339.
وأما عن التشهد في الركعة الأخيرة عند الجلوس، فتقرأه كاملاً مع الصلاة الإبراهيمية، ولمعرفة صيغتها انظر الفتوى رقم: 5025.
ولمعرفة صفة الصلاة من التكبير إلى التسليم نحيلك للفتوى رقم: 6188.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(11/10409)
لا يلزم أن يكون من خلف الإمام لهم القدرة على الإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المأمومون الثلاثة الواقفون خلف الإمام يفترض أن يكونوا من لهم القدرة على الصلاة بالمأمومين، نأمل الإجابة بشيء مكتوب من الكتاب والسنة إذا كان هناك شيء مكتوب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب أن يكون الثلاثة الذين خلف الإمام قادرين على الصلاة بدله عند الحاجة، ولكن يطلب من ذوي الرجاحة في العقل، الذين يعرفون أحكام الصلاة ويجيدون تلاوة القرآن أن يكونوا هم الذين يلون الإمام، ولكن لو لم يحصل ذلك ووقف خلفه غيرهم فالصلاة صحيحة، وقد اتفق العلماء على أن الصبي المميز المتطهر لو صلى في الصف الأول أن صلاته صحيحة، وإنما الخلاف بينهم في مكانه المناسب من الصف، والراجح أنه لا يؤخر عن الصف الأول إذا سبق إليه وأما حديث (ليلني منكم أولو الأحلام ... ) فمراده صلى الله عليه وسلم به حث هؤلاء على التقدم والمبادرة وليس تأخير الصغار عن أماكنهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1425(11/10410)
حكم الصلاة خلف من يمارس التباتة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما درجة صحة الحديث إن كان حديثاً (صل وراء كل بر وفاجر) ، وما حكم التباتة وما حكم الصلاة خلف إمام يمارس التباتة، للتوضيح: فإن التباتة هي كما يلي (عند فقدان حاجة لشخص ما أو سرقتها يذهب إلى الشخص الذي يقوم بالتباتة ويعطيه مواصفات الحاجة ويطلب منه المساعدة في إيجادها فيقول له غدا أعطيك النتيجة وفي اليوم التالي يخبره بأن حاجتك غير مسروقة وإنما موجودة عند أهلك مثلا أو أنك ستجدها في المكان الفلاني أو أنها ستعاد لك بعد وقت) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى حول ضعف حديث: صلوا وراء كل بر وفاجر. وهي برقم: 1714 فنحيل السائل إليها.
وأما ما يقوم به هذا الإمام المسؤول عنه فالظاهر -والله تعالى أعلم- أنه من العرافة وهو عراف، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: العراف طرف من السحر، وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في حكم الصلاة خلف الساحر فنحيلك إليها وهي برقم: 15453، والفتوى رقم: 17776.
ولمعرفة حكم العرافة والذهاب إلى العرافين والكهنة، انظر الفتوى رقم: 17266، والفتوى رقم: 1815، والفتوى رقم: 15284.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1425(11/10411)
حكم الصلاة خلف سيء الخلق النمام
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام المسجد في حينا رجل يسعى بالنميمة والفتنة بين الناس وأنا لا أحبه ولا أتكلم معه لسوء خلقه فهو عالي الصوت سريع الشتيمة ولا أشعر بالاطمئنان معه في الصلاة فهل يجوز لي الصلاه في بيتي جماعة مع أهلي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا نجد لك رخصة في التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد لمجرد سوء خلق الإمام، فصلاة الجماعة واجبة على من سمع النداء إلا من عذر، كما في الفتوى رقم: 5153 وليس ما ذكر في السؤال عذرا شرعيا يبيح التخلف عنها.
لكن ينبغي على القائمين على هذا المسجد أن يغيروا هذا الإمام بإمام آخر إذا كان حاله كما ذكر في السؤال، لأمور:
الأول: أن النميمة كبيرة من كبائر الذنوب، وهي موجبة للفسق. والصلاة خلف الفاسق مكروهة عند الفقهاء، مع إجزائها، فينبغي استبداله بإمام عدل، وانظر الفتوى رقم: 11155.
الثاني: أنه ينبغي أن يكون الإمام قدوة صالحة في المجتمع، والنميمة منه أقبح وأشنع من غيره من عوام المسلمين، ومن كان كذلك فلا يستحق الإمامة التي هي أشرف المناصب.
الثالث: أن هذا الإمام متوعد بعدم قبول الصلاة إذا كان الناس يكرهونه بحق لسوء خلقه ومعاملته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون. رواه الترمذي وحسنه، ووافقه الألباني.
وانظر لمعرفة حكم النميمة وخطورتها الفتوى رقم: 6710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(11/10412)
حكم الصلاة خلف إمام لا يضع قدميه عند السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الأجلاء: ما رأيكم في من يخرج من المسجد من المصلين عند إقامة الصلاة بحجة أن ذلك الذي هم ليصلي بنا لا يضع أصابع قدميه عند السجود، وأنه قد نصحه، ولكنه لم يتب وأن العلماء أباحوا عدم الصلاة وراء هذا الإمام، وهل خروجه من المسجد مبرر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الواجب السجود على الأعضاء السبعة: الجبهة، والأنف، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة وأشار بيده إلى أنفه، واليدين والركبتين وأطراف القدمين. متفق عليه من حديث ابن عباس.
وقد اختلف أهل العلم في صحة صلاة من سجد على وجهه ونقص شيئاً من بقية أعضاء السجود من سجوده على قولين، فمنهم من قال ببطلان صلاته، ومنهم من قال بصحتها، كما في الفتوى رقم: 7884، والفتوى رقم: 35672.
ومع ذلك، فلا ينبغي للمأموم أن يخرج من المسجد إذا أقيمت الصلاة، وكان الإمام يترك السجود على بعض أعضاء السجود، ولو كان المأموم يرى بطلان الصلاة بذلك لأمور:
الأول: أن جمهور السلف على صحة صلاة المأموم إذا كان إمامه يفعل ما يعتقد هو -رأي المأموم– بطلان الصلاة به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم. رواه أحمد والبخاري وغيرهما، وهذا يدل على أن خطأ الإمام لا يتعدى إلى المأموم، وانظر الفتوى رقم: 51721 فإنها مهمة.
الثاني: أن في خروجه من المسجد إثارة للفتنة بين المصلين ولربما أدى ذلك إلى ما لا تحمد عقباه.
الثالث: أن خروج الزوج من المسجد منهي عنه بعد الأذان لقول أبي هريرة رضي الله عنه لما رأى رجلاً خرج من المسجد بعد الأذان: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم، فكيف بالخروج عند إقامة الصلاة؟! لاشك أنه أشد من الخروج بعد الأذان.
ويجب التنبيه إلى أنه ينبغي للقائمين على هذا المسجد أن يغيروا هذا الإمام إذا كان لا يحسن الصلاة ولا يقبل النصح، فإن الإمامة شأنها عظيم والتهاون فيها يؤدي إلى الفتن والمشاكل بين المصلين وخير شاهد على ذلك هذا السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(11/10413)
مسائل في الإمامة وتكبيرة الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نطق الإمام في الصلاة الجهرية صاد اهدنا الصراط المستقيم -سينا- فهل تبطل صلاة المأمومين كذلك الحال فيمن يلحنون في كاف تكبيرة الإحرام فلا تدري كيف نطقو بها، وكذلك الحال في إمامة الألدغ في الصلاة الجهرية، وهل هناك علاقه بين صحة صلاة الإمام وصحة صلاة المأمومين، حيث إني سمعت من يقول إن الإمام جعل ليؤتم به فقط ولا علاقه بين صحة صلاته وصحة صلاة المأمومين، أفتونا مأجورين مع ذكر الأدلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة الصاد سينا في قوله تعالى: اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {الفاتحة:6} ، قراءة صحيحة متواترة وليست خطأ، وقد قرأ بهذه القراءة قنبل عن ابن كثير، فهي من القراءات السبع المتواترة.
وأما اللحن في تكبيرة الإحرام، فقد يبطل الصلاة كأن يمد الألف في (الله) فيصير الكلام استفهاماً، أو يبدل همزة أكبر واواً، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى بطلان الصلاة بذلك. وقال آخرون: لا يضر اللحن في تكبيرة الإحرام مطلقاً.
جاء في حاشية قليوبي وعميرة من كتب الشافعية: ولا يضر اللحن فيها -أي تكبيرة الإحرام- ولا تشديد الراء ولا تكرارها، وما ورد من أن التكبير جزم فليس بحديث. انتهى.
وقال النفراوي في الفواكه الدواني من كتب المالكية: ومما لا ينبغي الشك فيه عدم بطلان صلاة من لحن فيه -أي التسليم- أو في تكبيرة الإحرام.... ولا التفات لمن قال غير ذلك. انتهى.
وأما الألثغ وهو من يبدل بعض الحروف؛ كمن يبدل الراء غيناً أو لاماً، أو يبدل السين ثاءً، فيجوز أن يكون إماماً لمثله، وأما إمامته لمن هو أفصح منه فمختلف فيها، فقد ذهب الحنابلة إلى عدم صحة إمامته، قال في الزاد: ولا تصح إمامة الأمي -وهو من لا يحسن الفاتحة- أو يدغم فيها ما لا يدغم أو يبدل حرفاً. قال في الشرح وهو الألثغ.
وذهب آخرون إلى صحة إمامته، قال الحطاب في مواهب الجليل: والألثغ الذي يلفظ بالراء خفيف الغين طبعا فتصح إمامته لأنه ليس في ذلك إحالة معنى، وإنما هو نقصان حروف. والقول بالمنع ابتداءً إذا وجد غيره أحسن.
وعلى كل، فإن شأن الإمامة في الصلاة عظيم، ولا ينبغي أن يتولاها من ليس أهلاً لها، وانظر الفتوى رقم: 23898، والفتوى رقم: 40159، والفتوى رقم: 13127.
وأما صفة صلاة المأموم وعلاقتها بصلاة الإمام، فإذا صحت صلاة الإمام صحت صلاة المأموم ما لم يأت بمبطل من مبطلات الصلاة، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم.
وإنما اختلفوا في صحة صلاة المأموم إذا بطلت صلاة الإمام، والصحيح أنها لا تبطل، وهذا أحد القولين في مذهب أحمد واختيار شيخ الإسلام، وفي المسألة أقوال وتفصيلات أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(11/10414)
أقوال أهل العلم في حكم إمامة المتيمم بالمتوضئ
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد: صليت اليوم الجمعة في مسجد قام إمامه فخطب فلما انتهى أخذ المؤذن يقيم الصلاة فجلس الإمام وتيمم ثم قام فصلى بالناس، فما حكم هذه الصلاة، مع العلم بأننا لم نرى للإمام عذراً واضحاً، فالماء موجود بكثرة والحمد لله رب العالمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس فقد الماء هو العذر الوحيد المبيح للتيمم، بل من خاف باستعمال الماء المرض أو تأخر الشفاء جاز له التيمم، كما قال الله تعالى: وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدً اطيباً {النساء:43} ، فلعل إمامكم كان مريضاً يخشى زيادة المرض أو تأخر الشفاء باستعمال الماء، فالصلاة صحيحة. وقد اختلف أهل العلم في حكم إمامة المتيمم بالمتوضئ. فذهب المالكية والحنابلة وأبو حنيفة وأبو يوسف إلى جواز اقتداء المتوضئ بالمتيمم، إلا أن المالكية قالوا بالكراهة، وصرح الحنابلة بأن إمامة المتوضئ أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(11/10415)
ما يفعل الإمام إذا انتقض وضوؤه حال السجود
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام فقد وضوءه أثناء السجود كيف يتصرف، أرجو الإجابة على السؤال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على هذا الإمام أن ينصرف من الصلاة فور بطلان وضوئه، ويسن له أن يستخلف أحد المصلين، وقد نص أهل العلم على أن الإمام إذا طرأ عليه عذر كتذكر حدث أو غلبته، أو تذكر أن ببدنه أو ثوبه نجاسة، أو طرأ عليه رعاف، أو خشي تلف مال أو نفس، أو طرأ عليه العجز عن أداء ركن يسن له أن يستخلف غيره من المصلين ليتم بهم الصلاة.
فقد استخلف عمر رضي الله عنه لعذر عندما طعن في صلاة الفجر، فقدم عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم صلاة خفيفة، كما في البخاري، وفي سنن سعيد بن منصور أن عليا رضي الله عنه رعف وهو في الصلاة فأخذ بيد رجل فقدمه ليتم بالناس ثم انصرف.
فالاستخلاف إذن سنة، ولا يجوز للإمام أن يتمادى في الصلاة وهو محدث أو متلبس بنجاسة، ويجب الاستخلاف إذا كانت الصلاة جمعة، لأنها لاتصح إلا جماعة.
والحاصل أن الشخص إذا تذكر الحدث أو طرأ عليه أو تذكر نجاسة أو رعف، فيجب عليه الانصراف سواء كان إماماً أو مأموماً، فإذا كان إماماً يستحب له الاستخلاف، فإذا رجع دخل مع الجماعة في الصلاة، وإذا لم يستخلف صلى الناس أفذاذ أو قدموا أحدهم ليتم بهم جماعة، ولا يجوز له الاستمرار في الصلاة وهو محدث، ولمزيد الفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 13189.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(11/10416)
مسائل في الإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الفاجر، المبتدع، المسبل إزاره، المبنطل، المدخن، الأجر بالقرآن، وما حكم الصلاة خلفهم، علماً بأن أئمة مساجد قريتي من هذه النوعية، وهل يجوز لي أن أعتزل الناس وأصلي في بيتي لقول الرسول إذا فسد الزمان فاتخذ من بيتك محراباً، واقتداء بالإمام مالك الذي اعتزل الناس وصلى في بيته، وما هي الشروط التي إذا توافرت في إمام تبطل الصلاة خلفه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة العاصي المصر على معصيته أو المبتدع صحيحة، ويكره الاقتداء به ما لم تكن معصيته أو بدعته مكفرة، فلا تصح صلاته، ولا الاقتداء به لمن هو عالم بحاله، إلا أنه لابد من بيان حكم الأمثلة التي ذكرتها في سؤالك وهي:
1- الإسبال: وفيه خلاف بين أهل العلم، وقد ذهب أكثرهم إلى أنه ليس بمحرم؛ إلا إذا كان على سبيل الخيلاء، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 21266.
وعليه، فإن كان الإمام يسبل إزاره لغير خيلاء اجتهاداً إن كان من أهل الاجتهاد، أو تقليداً للجمهور إن لم يكن من أهل الاجتهاد فلا حرج عليه، ولا حرج في الصلاة خلفه، وأما إذا كان يرى تحريمه ولو لغير خيلاء ويفعله فهو متجرئ على الدين ويعتبر بذلك عاصياً، والصلاة خلفه مكروهة كالصلاة خلف سائر العصاة عند جمهور أهل العلم، وذهب الحنابلة وهو قول في مذهب المالكية، إلى عدم جواز الصلاة خلفه.
2- لبس البنطال: وهو جائز إذا كان فضفاضاً ويستر لون البشرة. أما إن كان ضيقاً يحجم الأعضاء ولا يصف البشرة فيكره، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: قال أصحابنا: يجب الستر بما يحول بين الناظر ولون البشرة، فلا يكفي ثوب رقيق يشاهد من ورائه سواد البشرة أو بياضها، ولا يكفي أيضاً الغليظ المهلهل النسج الذي تظهر العورة من خلاله، فلو ستر اللون ووصف حجم البشرة كالركبة والألية ونحوهما صحت الصلاة فيه لوجود الستر. انتهى.
وقال الدسوقي المالكي في حاشيته: ومحل كراهة لبس المحدد للعورة ما لم يلبس فوق ذلك المحدد شيئاً كقباء؛ وإلا فلا كراهة. انتهى، وعليه، فلبس البنطال الضيق الذي يحجم الأعضاء، ولا يصف لون البشرة مكروه وليس بمحرم، والقدوة بلابسه جائزة، والأولى الصلاة خلف غيره إن وجد.
3- شرب الدخان: وهو محرم على الراجح من أقوال أهل العلم لاسيما المعاصرين، لأنه قد ظهر في العصر الحديث ضرره، فالصلاة خلف شاربه مكروهة لعصيانه بشربه.
4- وأما أخذ الأجرة على القرآن فهي تأتي على صور مختلفة، وعليه، فإن كنت تقصد أنه يأخذ الأجرة على تعليم القرآن، فالراجح أنه يجوز لما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيه لديغ أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق؟ إن في الماء رجلا لديغا أو سليما، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهو ذلك وقالوا: أخذت على الله أجراً، حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله. والحديث وإن كان سببه هو الرقية، إلا أن اللفظ هنا عام، وقد نص العلماء على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وإن كنت تقصد أنه يأخذ أجرة على قراءة القرآن للأموات على النحو المعهود في بعض البلاد من استئجار قارئ ليقرأ القرآن، فلا يجوز ذلك، لأن هذا بدعة وتكره الصلاة خلف من يعمله، وعليه، فلا تضيع الجماعة بسبب ما عند هؤلاء الأئمة من بدع أو معاص ليست كفرية، وأما الحديث الذي أشرت إليه وهو: إذا فسد الزمان فاتخذ من بيتك محراباً. فلم نقف عليه بلفظه، ولكن صح معناه في أحاديث أخرى صحيحة منها ما في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي الناس خير؟ قال: رجل جاهد بنفسه وماله، ورجل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره. ولكن هذا الحديث لا ينطبق على الحالة التي ذكرتها، ولذلك قال النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: ثم مؤمن في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره. فيه: دليل لمن قال بتفضيل العزلة على الاختلاط، وفي ذلك خلاف مشهور، فمذهب الشافعي وأكثر العلماء أن الاختلاط أفضل بشرط رجاء السلامة من الفتن، ومذهب طوائف: أن الاعتزال أفضل. وأجاب الجمهور عن هذا الحديث بأنه محمول على الاعتزال في زمن الفتن والحروب، أو هو فيمن لا يسلم الناس منه، ولا يصبر عليهم، أو نحو ذلك من الخصوص، وقد كانت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وجماهير الصحابة والتابعين والعلماء والزهاد مختلطين، فيحصلون منافع الاختلاط كشهود الجمعة والجماعة والجنائز وعيادة المرضى وحلق الذكر، وغير ذلك.
وأما ما نقل من تخلف مالك عن المسجد فلعلة ألمت به، وهي السلس، وقد بين ذلك عند موته. قال الحطاب في مواهب الجليل: فلما حضرته الوفاة سئل عن تخلفه عن المسجد؟ وكان تخلف عنه سبع سنين قبل موته، فقال: لولا أني في آخر يوم من الدنيا وأوله من الآخرة ما أخبرتكم، بي سلس بول فكرهت أن آتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكرهت أن أذكر علتي فأشكو ربي. وقيل: كان اعتراه فتق من الضرب الذي ضربه، فكانت الريح تخرج منه، فقال: إني أوذي المسجد والناس.
والحاصل أن الصلاة خلف العاصي والمبتدع جائزة مع الكراهة ما لم يتلبسا ببدعة أو معصية مكفرتين فلا تصح. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: والفاسق والمبتدع صلاته في نفسه صحيحة، فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته، لكن إنما كره الصلاة خلفه، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، ومن ذلك أن من أظهر بدعة أو فجوراً لا يرتب إماماً للمسلمين، فإنه يستحق التعزير حتى يتوب.
ولذا، فلا يصح أن يفوت الإنسان الصلاة في الجماعة خلفهم بسبب ما عندهم من بدع وعصيان، بل يصلي وراءهم ويناصحهم بالتي هي أحسن.
وأما متى لا يصح الاقتداء بإمام؟ فهو بصورة مجملة من لا تصح صلاته لنفسه في نظر المأموم، أو كان يلحن لحناً مخلاً بالمعنى في الفاتحة كضم التاء من قوله: أنعمت والمأموم لا يلحن أو لحنه أخف من لحن إمامه، ولمزيد الفائدة في هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 26508، والفتوى رقم: 9642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(11/10417)
حكم إمامة الرجل لمجموعة من النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله،،، وبعد:
سؤالي كالتالي: نحن مجموعة من النساء ذهبن لزيارة صديقة لنا في بيتها ودخل علينا وقت صلاة المغرب فأردنا الصلاة جماعة إلا أن زوج صديقتنا صاحبة البيت قال إنه يجب أن يصلي بنا هو، علماً بأنه هو الرجل الوحيد في البيت ونحن ليس معنا محارم فأبينا هذا، لكنه احتج علينا مدعياً أن هذا العمل من هدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم أفتونا في هذه بالأدلة من السنة نرجوكم إخوتي الكرام أن تقدموا لنا أدلة من سنة نبينا لتكون لنا حجة على كل من يفتي من تلقاء نفسه؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نصوص الشرع الدالة على مشروعية صلاة الجماعة تدل على جواز إمامة الرجل للنساء وحدهن كما تدل على إمامته للرجال أو للرجال والنساء معاً إلا ما استثني بدليل، ومن أنكر ذلك فهو المطالب بالدليل لأن مخالفه هو المتمسك بالأصل، وبناءً على هذا فما دامت الخلوة منتفية ويوجد بعض محارمه معكن، فلا حرج في صلاته بكن، بل هو الأولى لأنه صاحب الدار، ولكن قد نص أهل العلم على كراهية إمامة الرجل للنساء اللاتي كلهن أجنبيات عليه، ففي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: ويكره للرجل أن يؤم الأجنبيات وحدهن.
وقال النووي رحمه الله في المجموع: قال أصحابنا: إذا أم الرجل بامرأته أو محرم له، وخلا بها جاز بلا كراهة، لأنه يباح له الخلوة بها في غير الصلاة، وإن أم بأجنبيه وخلا بها حرم ذلك عليه وعليها، للأحاديث الصحيحة..... وإن أم بأجنبيات وخلا بهن فطريقان: قطع الجمهور بالجواز، ونقله الرافعي في كتاب العدد عن أصحابنا ... ولأن النساء المجتمعات لا يتمكن في الغالب الرجل من مفسدة ببعضهن في حضرتهن.
وقال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: وإن أم محارمه أو أجنبيات معهن رجل أو محرمة فلا كراهة، لأن النساء كن يشهدن مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(11/10418)
الصلاة خلف الرجل الفاسق مكروهة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الدين في الصلاة خلف رجل يكذب ويعترف بكذبه لمصلحة وقال أنا لو لم أكذب ما حصلت على هذا الشيء هذا جانب من السؤال.
الجانب الثاني: أنه مكلف من قبل جماعة قليلة بجوار المسجد ويزعمون أنهم هم أصحاب القرار في كل شيء أن يخطب بهم الجمعة على هواهم وعلى حسب ما يأمرونه يفعل دون تردد ودون أن يناقشهم بأن هذا خطأ أم صواب أي أنه مسلوب الإرادة أمامهم وهذا يغضب الكثير من الناس الذين يصلون خلفه مضطرين لعدم وجود مسجد آخر قريب يصلون فيه بدلا منه.
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكذب خصلة ذميمة، وعمل قبيح محرم، وهو من صفات المنافقين، وسبيل للفجور، كما قال صلى الله عليه وسلم: إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه، فلا يجوز للمسلم أن يقدم عليه إماما كان أو غيره، إلا أن صدوره من الذي يؤم الناس أقبح وأشنع، ولا يعذر فاعله إلا إذا صدر منه لمصلحة شرعية معتبرة، أو تعين ضرر سيلحقه ونحو ذلك مما فصلنا في الفتوى رقم: 39152.
وأما الجانب الثاني من السؤال فجوابه هو: أنه لا ينبغي لهذا الإمام أن يكون آلة في يد غيره يوجهه كيف شاء، سواء كان ذلك فيما يتعلق بالخطبة أو الصلاة أو غيرهما، وهذا في حالة ما إذا كان ما يأمره به هؤلاء الناس لا يترتب عليه ترك واجب أو فعل محرم؛ وإلا حرم عليه الاستجابة لهم.
وأما الصلاة خلفه، فإن كان غير معذور في كذبه واستجابته لهؤلاء الناس في مطالبهم، فإنه يكون بذلك فاسقاً، والصلاة خلف الرجل الفاسق مكروهة عند الفقهاء مع إجزائها، فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي خلف الحجاج، ومن كان من الصحابة في ولاية زياد وابنه كانوا يصلون خلفهما.
قال ابن قدامة: فصار هذا إجماعاً. لكن إذا وجد إمام غيره ولو أقل منه قراءة وعلماً فهو أولى بالصلاة خلفه من ذلك الفاسق. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن كان أحدهما فاجراً مثل أن يكون معروفاً بالكذب والخيانة، ونحو ذلك من أسباب الفسوق، والآخر مؤمناً من أهل التقوى، فهذا الثاني أولى بالإمامة إذا كان من أهلها، وإن كان الأول أقرأ وأعلم، فإن الصلاة خلف الفاسق منهي عنها نهي تحريم عند بعض العلماء، ونهي تنزيه عند بعضهم ... ولا يجوز تولية الفاسق مع إمكان تولية البر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1425(11/10419)
كيفية صلاة المأمومين إذا استخلف الإمام مسبوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوا منكم الإجابة عن هذا السؤال.
كنا في مسجد وأقيم لصلاة المغرب وكنا ثلاثة أشخاص وفي الركعة الثانية دخل معنا مصل رابع.
وفي هذه الركعة أصيب الإمام برعاف فاستخلف علينا هذا الرجل الرابع (المسبوق) . فكيف يكون إتمامنا للصلاة مع هذا المسبوق؟
وشكرا. وجازاكم الله عنا خير جزاء وجعله في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا استخلف الإمام مسبوقا فإنه يلزم هذا المسبوق مراعاة ترتيب الإمام فيقعد في موضع قعوده ويقوم موضع قيامه كما كان يفعل لو لم يخرج الإمام من الصلاة.
وإذا أتم المسبوق المُسْتَخْلَفُ بالمأمومين صلاة الإمام، قام هو لتدارك ما عليه، والمأمون بالخيار إن شاؤوا سلموا وفارقوه، وإن شاؤوا صبروا جلوساً ليسلموا معه، وهذا قول الشافعية، وقول المالكية مثل هذا إلا أنهم لا يجيزون المفارقة قبل السلام ويشترطون أن يكون المسبوق قد عقد ركوعاً مع الإمام الذي استخلفه.
وعليه ففي مثل حالتكم فإنه يلزم هذا المسبوق الذي استخلفه الإمام أن يجلس في الركعة الثانية للتشهد كما كان يفعل الإمام لو لم يخرج، ثم يقوم ويصلي بكم الركعة الثالثة ويجلس للتشهد كما كان يصنع الإمام لو لم يخرج، فإذا انتهى من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قام ليقضي ما عليه.
وأما أنتم فإن شئتم سلمتم وفارقتموه، وإن شئتم انتظرتم تسليمه وسلمتم معه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(11/10420)
سلطان المسلمين مقدم على الإمام الراتب والفقيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي سؤال فقهي مهم وهو إذا وجد في مسجد خليفة المسلمين ورجل فقيه يحفظ من القرآن أكثر من الخليفة فمن يؤم بالناس أثناء الصلوات الخمس. هل الفقيه أم الخليفة؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السلطان مقدم على غيره، فإن شاء تقدم وصلى، وإن شاء قدم من يراه أهلا لذلك، وإن كان هناك من هو أفقه منه، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: ولا يؤمن الرجل في سلطانه. قال النووي: معناه أن صاحب البيت والمجلس وإمام المسجد أحق من غيره وإن كان ذلك الغير أفقه وأقرأ وأورع وأفضل منه، وصاحب المكان أحق، فإن شاء تقدم وإن شاء قدم من يريده، وإن كان ذلك الذي يقدمه مفضولا بالنسبة إلى باقي الحاضرين، لأنه سلطان فيتصرف فيه كيف شاء. قال أصحابنا: فإن حضر السلطان أو نائبه قدم على صاحب البيت وإمام المسجد وغيرهما، لأن ولايته وسلطنته عامة. انتهى. وبه يتبين للسائل الكريم أن خليفة المسلمين مقدم إلا إذا قدم هو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1425(11/10421)
حكم إمامة الجالس للقائم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام إذا صلى في أهل بيته إماما؛ أن يجلس على الكرسي - في حالة السجود - وقد خضعت لعملية في الركبة اليسرى؛ في يناير الماضي أم لا يجوز الجلوس خاصة أن زوجتي لا تستطيع السجود على الأرض وذلك لنفس السبب في ركبتيها اليمنى واليسرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الصلاة جالسا بأهلك، سواء صلوا خلفك قياما أو جلوسا للعذر، وهذا مذهب الحنفية والشافعية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في آخر عمره بأصحابه جالسا وهم قيام، لما رواه البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال: مروا أبا بكر أن يصلي بالناس، فقلت: يا رسول الله: إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى ما يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، فقال: مروا أبا بكر يصلي بالناس، فقلت لحفصة: قولي له إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، قال: إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر أن يصلي بالناس، فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة فقام يهادى بين رجلين ورجلاه يخطان في الأرض حتى دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب أبو بكر يتأخر فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر فكان أبو بكر يصلي قائما، وكان رسول لله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدا، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس مقتدون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(11/10422)
مسألة حول اقتداء المقيمين بإمام مسافر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الإمام مسافراً، ويستعمل رخصة القصر في الصلاة، هل يجوز للمأمومين المقيمين أن يقدموا أحدهم للإمامة بعد أن يسلم الإمام الأول (المسافر) ؟ أم عليهم أن يتموا صلاتهم فرادى؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا داعي لتقديم هؤلاء القوم أحدا منهم ليكمل بهم، وإن كان ذلك جائزا على قول الحنابلة، قال في الفروع لابن مفلح في الفقه الحنبلي: وفي صحة إمامة مسبوق لاخر في قضاء ما فاتهما أو مقيم بمثله إذا سلم مسافر وجهان بناء على الا ستحلاف. انتهى. والصواب والله أعلم أنه لا ينبغي لهم ذلك لعدة أسباب، الأول أن القول بجواز ذلك إنما هو بالجواز وليس بالواجب ولا بالسنية مع أنه يقابله قول آخر بعدم الجواز، السبب الثاني أن هذا مبطل لصلاة لمأمومين عند المالكية لأن الاقتداء بالمأموم من مبطلات الصلاة عندهم، والشخص الذي يقدمونه انسحبت عليه المأمومية بصلاته مع الإمام المسافر، ومنها أنهم حصلوا فضل الجماعة بصلاتهم مع الإمام المسافر ولا داعي لتعريض صلاتهم للبطلان عند من يقول بذلك، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة ثمان عشرة ليلة يصلي بالناس ركعتين ركعتين إلا المغرب ثم يقول: يا أهل مكة قوموا فصلوا ركعتين أخريين فإنا قوم سفر. رواه أبو داود وغيره. ولم ينقل أنهم قدموا إماما آخر يكمل بهم، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 17638.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(11/10423)
حكم إمامة القاتل عمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إمامة القاتل عمدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القاتل عمداً فاسق فسقاً غليظاً إذا لم يتب مما فعل توبة نصوحاً، وقد كره بعض السلف الصالح الصلاة خلفه، ولا ينبغي ترتيبه إماماً للمسلمين، فقد اشترط بعض أهل العلم في الإمام الراتب عدم الفسق، ففي التاج والإكليل على مختصر خليل المالكي: قال ابن عرفة: من شرط الإمام عدم فسقه.
وأما إذا كان الفاسق إماماً متغلباً، فإن الصلاة خلفه صحيحة وعليه إثم فسقه، كما في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم.
ولهذا كان السلف الصالح يصلون خلف أئمة الجور كالحجاج وغيره من الأمراء الذين عُلِم فسقهم وسفكهم للدماء، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 23182.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1425(11/10424)
حكم الاقتداء بإمام لا يسجد على أنفه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف إمام يضع جبهته فقط على الأرض عند السجود ولا يضع أنفه مع العلم أنه سبق وأن تم تنبيهه بضرورة وضع الأنف على الأرض ولم يستجب ولا زال مصرا\" على رأيه وهو شيخ كبير في السن وثقافته وعلمه الديني محدود.ماذا يجب علينا عمله معه وكذلك ما الحكم في الصلوات السابقة معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى أنه يجزئ السجود على الجبهة دون الأنف خلافا لمعتمد الحنابلة القائلين بعدم إجزاء السجود على الجبهة دون الأنف مع القدرة على السجود عليهما.
قال البهوتي في كشاف القناع: (وَالسُّجُودُ بِالْمُصَلِّي عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ) السَّبْعَةِ: الْجَبْهَةِ , وَالْيَدَيْنِ , وَالرُّكْبَتَيْنِ , وَالْقَدَمَيْنِ (مَعَ الْأَنْفِ: رُكْنٌ مَعَ الْقُدْرَةِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ , عَلَى الْجَبْهَةِ , وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ , وَالرُّكْبَتَيْنِ , وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ,
وبهذا تبين أن في المسألة خلافا بين أهل العلم ولكن المشكلة تكمن في أمر آخر، وهو هل يجوز للشخص أن يقتدي بمن يراه يفعل ما يعتقد بطلان الصلاة به أم لا.
والجواب أن في هذه المسألة خلافا ذكره شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوي ورجح الجواز فقال رحمه الله (وبالجملة فهذه المسائل لها صورتان
إحداهما: أن لا يعرف المأموم أن إمامه فعل ما يبطل الصلاة فهنا يصلي المأموم خلفه باتفاق السلف والأئمة الأربعة وغيرهم وليس في هذا خلاف متقدم وانما خالف بعض المتعصبين من المتأخرين فزعم أن الصلاة خلف الحنفي لا تصح وإن أتى بالواجبات لأنه أداها وهو لا يعتقد وجوبها وقائل هذا القول إلى أن يستتاب كما يستتاب أهل البدع أحوج منه إلى أن يعتد بخلافه فانه ما زال المسلمون على عهد النبى وعهد خلفائه يصلى بعضهم ببعض وأكثر الأئمة لا يميزون بين المفروض والمسنون بل يصلون الصلاة الشرعية ولو كان العلم بهذا واجبا لبطلت صلوات أكثر المسلمين ولم يمكن الاحتياط فان كثيرا من ذلك فيه نزاع وأدلة ذلك خفية وأكثر ما يمكن المتدين أن يحتاط من الخلاف وهو لا يجزم بأحد القولين فان كان الجزم بأحدهما واجبا فأكثر الخلق لا يمكنهم الجزم بذلك وهذا القائل نفسه ليس معه إلا تقليد بعض الفقهاء ولو طولب بأدلة شرعية تدل على صحة قول إمامه دون غيره لعجز عن ذلك ولهذا لا يعتد بخلاف مثل هذا فإنه ليس من أهل الاجتهاد
الصورة الثانية: أن يتيقن المأموم أن الإمام فعل ما لا يسوغ عنده مثل أن يمس ذكره أو النساء لشهوة أو يحتجم أو يفتصد أو يتقيأ ثم يصلي بلا وضوء فهذه الصورة فيها نزاع مشهور
فأحد القولين: لا تصح صلاة المأموم لأنه يعتقد بطلان صلاة إمامه كما قال ذلك من قاله من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد
والقول الثانى: تصح صلاة المأموم وهو قول جمهور السلف وهو مذهب مالك وهو القول الآخر فى مذهب الشافعى وأحمد بل وأبى حنيفة وأكثر نصوص أحمد على هذا وهذا هو الصواب لما ثبت فى الصحيح وغيره عن النبى أنه قال يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وان أخطأوا فلكم وعليهم فقد بين أن خطأ الامام لا يتعدى إلى المأموم ولأن المأموم يعتقد أن ما فعله الإمام سائغ له وأنه لا إثم عليه فيما فعل فإنه مجتهد أو مقلد مجتهد وهو يعلم أن هذا قد غفر الله له خطأه فهو يعتقد صحة صلاته وأنه لا يأثم إذا لم يعدها بل لو حكم بمثل هذا لم يجز له نقض حكمه بل كان ينفذه وإذا كان الإمام قد فعل باجتهاده فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها والمأموم قد فعل ما وجب عليه كانت صلاة كل منهما صحيحة وكان كل منهما قد أدى ما يجب عليه وقد حصلت موافقة الإمام في الأفعال الظاهرة وقول القائل إن المأموم يعتقد بطلان صلاة الإمام خطأ منه فإن المأموم يعتقد أن الإمام فعل ما وجب عليه وأن الله قد غفر له ما أخطأ فيه وأنه لا تبطل صلاته لأجل ذلك ولو أخطأ الإمام والمأموم فسلم الإمام خطأ واعتقد المأموم جواز متابعته فسلم كما سلم المسلمون خلف النبي لما سلم من اثنتين سهوا مع علمهم بأنه إنما صلى ركعتين وكما لو صلى خمسا سهوا فصلوا خلفه خمسا كما صلى الصحابة خلف النبي لما صلى بهم خمسا فتابعوه مع علمهم بأنه صلى خمسا لاعتقادهم جواز ذلك فإنه تصح صلاة المأموم في هذه الحال فكيف إذا كان المخطىء هو الإمام وحده وقد اتفقوا كلهم على أن الإمام لو سلم خطأ لم تبطل صلاة المأموم إذا لم يتابعه ولو صلى خمسا لم تبطل صلاة المأموم إذا لم يتابعه فدل ذلك على أن ما فعله الإمام خطأ لا يلزم فيه بطلان صلاة المأموم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1425(11/10425)
هل يتابع الإمام إذا ترك بعض السنن
[السُّؤَالُ]
ـ[*-الإمام في مسجدنا يصلي مسبلا يديه ولا يجلس جلسة الاستراحة، فهل علي اتباعه كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أم أتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجلسة الاستراحة سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم يستحب فعلها، ولو تركها الإمام وفعلها المأموم لا يخل بمتابعة الإمام المأمور بها. ويراجع الجواب رقم: 22570.
كما أن وضع اليد اليمنى على اليسرى حال القيام في الصلاة سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها لا يؤثر على متابعة الإمام فتنبغي المواظبة عليها. وراجع الفتوى رقم: 37543.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(11/10426)
حكم فتح المرأة على الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة رد الإمام في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمشروعية الفتح على الإمام دالة على شمول ذلك للرجال والنساء.
قال الشوكاني في نيل الأوطار:
والأدلة قد دلت على مشروعية الفتح مطلقا، فعند نسيان الإمام الآية في القراءة الجهرية يكون الفتح عليه بتذكيره تلك الآية كما في حديث الباب، وعند نسيانه لغيرها من الأركان يكون الفتح بالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء. انتهى
وقد يجب الفتح على الإمام إذا ترتب عليه صحة صلاته كإخلاله ببعض سورة الفاتحة.
ففي مطالب أولي النهي وهو حنبلي:
ويجب فتحه على إمامه إذا ارتج عليه، أو غلط كنسيان إمامه سجدة فيلزمه تنبيه عليها لتوقف صحة صلاته عليها، فإن عجز عن إتمام الفاتحة فسدت صلاته. انتهى
وقال المواق في التاج والإكليل وهو مالكي:
من المدونة قال مالك: إذا وقف الإمام في قراءته فليفتح عليه من خلفه. انتهى
وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 4195
وعليه فلا حرج على المرأة في الفتح على الإمام، لكن إذا كان الإمام أجنبيا منها أو بحضور رجل أجنبي
فلا ينبغي أن تقدم على ذلك إلا في حال عدم من يقوم بذلك من الرجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1425(11/10427)
ما أدركه المسبوق مع إمامه يعتبر أول صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخلت صلاة الجماعة (الظهر مثلا) وقد فرغ الإمام من الركعة الأولى أو الثالثة، كيف تكون الصلاة صحيحة من حيث ما يلى:
1- قراءة الفاتحة وبعض الآيات.
2- كيفية ترتيب تكملة الركعات التي فاتتني؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن ما أدركه المسبوقُ مع إمامه يعتبر أول صلاته، وعليه فإذا فاتتك الركعة الأولى من صلاة الظهر، فبعد سلام الإمام تأتي بركعة واحدة بالفاتحة فقط ثم تسلم.
وفي حال ما إذا فاتتك ثلاث ركعات من صلاة الظهر أيضاً، فبعد سلام الإمام تأتي بركعة بالفاتحة وسورة أو ما تيسر معك من القرآن، ثم تجلس للتشهد الأول، ثم تأتي بعدها بركعتين كل منهما بالفاتحة فقط ثم تسلم، وراجع الفتويين التاليتين: 19967، 6182.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(11/10428)
قراءة الإمام من المصحف في التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الثالث: هل يجوز للإمام في التراويح أن يقرأ من المصحف بسبب قلة حفظه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 200، والفتوى رقم: 1781.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(11/10429)
حكم التبليغ خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رفع صوت المأموم من وراء الإمام جائز أم لا مع أن صوت الإمام مسموع بوضوح لكافة المصلين
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرفع أحد المأمومين صوته وراء الإمام بقصد تبليغ صوت الإمام مع عدم الحاجة إلى ذلك لا داعي له؛ بل قد كرهه بعض أهل العلم لما يترتب عليه من التشويش على المصلين
وراجع الفتويين التاليتين: 32278، 44830.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(11/10430)
حكم إمامة الجاهل بأحكام الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة خلف من يعذرون بالجهل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد إمامة الجاهل بالأحكام المتعلقة بالصلاة فإمامته صحيحة إذا كان على علم بالكيفية الصحيحة للصلاة مع كراهة إمامته عند بعض أهل العلم.
ففي الفروع لابن مفلح الحنبلي:
يقدم الأفقه الأقرأ جودة وقيل كثرة العارف واجب الصلاة وقيل وسجود السهو وقيل وجاهل يأتي بها عادة لصحة إما مته. انتهى
وفي درر الحكام شرح غرر الأحكام وهو حنفي:
لو قال وكره إمامة الجاهل لا ستغنى به عن العبد والأعرابي وولد الزنى. انتهى
وفي حاشية الدسوقي وهو مالكي عن موضوع إمامة الجاهل:
والحاصل أنه إذا أخذ صفتها عن عالم ولم يميز الفرض من غيره فصلاته صحيحة إذا سلمت من الخلل سواء علم أن فيها فرائض وسننا أو اعتقد فرضية جميعها على الإجمال. انتهى
وراجع الفتوى رقم: 50046 وعليه فإمامة الجاهل العارف بالهيئة الصحيحة للصلاة صحيحة مع الكراهة عند بعض أهل العلم وهي طبعا خلاف الأولى المأموربه كما في الحديث، إذا كان بين المأمومين من هو أعلم منه بأحكام الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(11/10431)
إذا عجز الإمام عن إكمال الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستخلاف إذا عجز الإمام عن إصلاح الصلاة مع ذكر الآراء في المذاهب الأربعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا طرأ على الإمام عذر كتذكر حدث أو غلبته، أو تذكر أن ببدنه أو ثوبه نجاسة، أو طرأ عليه رعاف، أو خشي تلف مال أو نفس، أو طرأ عليه العجز عن أداء ركن فيسن أن يستخلف غيره من المصلين ليتم بهم الصلاة، فقد استخلف عمر رضي الله عنه لعذر عندما طعن في صلاة الفجر، فقدم عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم صلاة خفيفة، كما في البخاري، وفي سنن سعيد بن منصور: أن عليا رضي الله عنه رعف وهو في الصلاة فأخذ بيد رجل فقدمه ليتم بالناس ثم انصرف.
وقال العلماء: يجب الاستخلاف إذا كانت الصلاة جمعة لأنها لا تصح إلا جماعة، وقد تقدمت لنا عدة فتاوى عن الاستخلاف في الصلاة، فراجع مثلا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18061 و 19170 و 13647.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/10432)
حكم قراءة الإمام بقراءة غير التي يعرفها المأمومون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز إمامة إمام يقرأ برواية ورش لمأمومين يعرفون رواية حفص فقط أو العكس , علما أن ذلك قد يؤدي إلى بعض سوء التفاهم وشيء من الشبهة والالتباس؟
وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الروايات للقرآن الكريم هي من رحمة الله سبحانه وتعالى بهذه الأمة وتيسيره ورفع للحرج والمشقة كما في الفتوى رقم: 19945.
فبأي رواية من الروايات المتواترة قرأ المصلي صحت صلاته وصلاة من خلفه؛ إلا أنه إذا كان ذلك يؤدي إلى مفسدة كوقوع خلاف مع المأمومين لعدم معرفتهم بهذه الرواية، فإن الأولى أن لا يصلي بهم بغير الرواية التي يعرفونها جمعاً للكلمة وحرصاً على التآلف والمودة، وربما أدى ذلك إلى وقوع شك في قلوب بعض المصلين في صفة تواتر القرآن الكريم لعدم معرفتهم بأوجه القراءات، وهذه مفسدة عظيمة، فالذي ينبغي على الإمام أن يراعي حال المأمومين ويسد باب الخلاف والشك.
وقد قال بن مسعود رضي الله عنه: الخلاف شر. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(11/10433)
حكم انتطار الإمام في الركوع إذا أحس بدخول بعض المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام في صلاة الجماعة أثناء الركوع أن ينتظر قليلاً إذا أحس بدخول أحد المصلين حتى يدرك الركعة مع الإمام، وإذا كان في التشهد الأخير إذا أحس بدخول أحد المصلين، هل يجوز أن ينتظر أيضاً قليلاً حتى يدرك صلاة الجماعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فانتظار الإمام حال الركوع لشخص يريد الاقتداء به في الصلاة محل خلاف بين أهل العلم فقد كرهه بعضهم إذا ترتبت عليه مشقة على المأمومين، قال ابن قدامة في المغني: إذا أحس بداخل وهو في الركوع يريد الصلاة معه وكانت الجماعة كثيرة كره انتظاره لأنه يبعد أن يكون فيهم من لا يشق عليه وإن كانت الجماعة يسيرة وكان انتظاره يشق عليهم كره أيضاً، لأن الذين معه أعظم حرمة من الداخل فلا يشق عليهم لنفعه وإن لم يشق لكونه يسيراً فقد قال أحمد ينتظره ما لم يشق على من خلفه وهذا مذهب أبي مجلز والشعبي والنخعي وعبد الرحمن بن أبي ليلى وإسحاق وأبي ثور وقال الأوزاعي والشافعي وأبو حنيفة لا ينتظره لأن انتظاره تشريك في العبادة فلا يشرع كالرياء.
ولنا أنه انتظار ينفع ولا يشق فشرع كتطويل الركعة وتخفيف الصلاة وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل الركعة الأولى حتى لا يسمع وقع قدم. انتهى.
وقد رجح الإمام النووي في المجموع استحباب الانتظار في الركوع بشروط حيث قال: والصحيح استحباب الانتظار مطلقا بشروط أن يكون المسبوق داخل المسجد حين الانتظار وألا يفحش طول الانتظار وأن يقصد به التقرب إلى الله تعالى لا التودد إلى الداخل وتمييزه وهذا معنى قولهم: لا يميز بين داخل وداخل. انتهى.
وعند المالكية يكره الانتظار في الركوع إلا إذا خشي الإمام ضرراً معتبراً يصل إليه من الشخص الداخل أو كان الداخل جاهلاً سيعتد بالركعة التي لم يدرك ركوعها، قال الدردير في شرحه لمختصر خليل: يكره للإمام أن يطيل الركوع لأجل داخل معه في الصلاة لإدراك ركعة إن لم يخش ضرر الداخل إذا لم يطل أو فساد صلاته لاعتداده بالركعة التي لم يدرك ركوعها معه. انتهى.
وانتظار الإمام الداخل حال التشهد الأخير صحح الإمام النووي استحبابه مع توفر الشروط الثلاثة السابقة المتعلقة بالانتظار في الركوع حيث قال: والصحيح استحباب الانتظار بالشروط السابقة لأنه يحصل به إدراك الجماعة كما يحصل بالركوع إدراك الركعة. انتهى، وكون فضل الجماعة يحصل بإدراك التشهد الأخير هو مذهب الشافعية والحنابلة، كما في الفتوى رقم: 1221، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 38739.
والله اعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1425(11/10434)
حكم الائتمام بمن لا يحسن قراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ نحن ساكنون في منطقة شعبية بتونس ولنا إمام لا يحسن قراءة القرآن وليس بفقيه وسيىء الخلق ولا يقبل النصيحة حتى أثناء الصلاة كلما أراد أحد المصلين إصلاحه فى آية من آيات القرآن الكريم ناداه بعد الصلاة وأخذ في التهديد والوعيد فهل تجوز الصلاة وراءه مع العلم سيدى أننا أبلغنا عنه السلطات المعنية بالأمر ولا جواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشرع للمأموم إذا أخطأ الإمام في القراءة أن يفتح عليه ولا ينبغي للإمام أن يتحرج من ذلك، فقد أخرج
أبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه فلما انصرف قال لأبي أصليت معنا، قال نعم، قال فما منعك.
وفي رواية لا بن حبان: فما منعك أن تفتح علي، وعن أنس رضي الله عنه قال: كنا نفتح على الأئمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه الحاكم،
وقال الحافظ: قد صح عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: قال علي: إذا استطعمك الإمام فأطعمه.
وإذا كان الخطأ في الفاتحة بإسقاط آية أو آيتين منها، فلا تصح الصلاة حتى يأتي المصلي بالجزء الساقط،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب ". متفق عليه من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، ومن لاتصح صلاته لنفسه لايصح الاقتداء به.
وأما إذا كان الإسقاط من غير الفاتحة، فالصلاة صحيحة، وكذا إذا كان الخطأ لحنا لا يغير المعنى في الفاتحة كفتح حرف الدال من لفظ الحمد، وأما إذا كان اللحن في الفاتحة وكان محيلا للمعنى كضم التاء من لفظ أنعمت فإن الصلاة تبطل به ولا تصح صلاة من اقتدى به، والواجب عليه أن يتعلم ما تصح به صلاته ومما ينبغي التنبيه إليه أنه لا ينبغي أن يقدم للإمامة إلا القارئ المتقن، ولا ينبغي أن يتقدم غيره عند وجوده ولكن ننصحكم بحسن التعامل مع هذا الإمام ونصحه برفق ولين حتى لا يزيد الأمر شدة دون فائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1425(11/10435)
موقف المأموم إذا علم أن الإمام قد زاد في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل المأموم إذا كان متأكدا من عدد ركعات الصلاة وأصر الإمام على زيادة عدد الركعات على أساس أنه متأكد من العدد الذي صلاه , فهل يقوم المأموم خلف الإمام أم يفارقه؟ يرجى الإفادة ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أخطأ الإمام وزاد ركعة وكان المأموم عالماً بهذه الزيادة، فلا يجوز له أن يقوم معه بل إذا قام معه في هذه الزيادة عالما عامدا بطلت صلاته.
والمأموم في هذه الحالة مخير، فإن شاء فارقه بالنية وسلم. وإن شاء انتظره حتى يسلم ثم يسلم معه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(11/10436)
زيادة الثقة المقبولة وغير المقبولة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ما الصواب من أقوال المحدثين في الحديث الذي اتحد مخرجه، ورواه جماعة من نفس الطريق، إلا أن أحد الرواة الثقات جاء بزيادة على أولئك، هل تكون هذه الزيادة من قبيل (زيادة الثقة) ، أو من قبيل (الشذوذ) ؟
2- إذا أدركت الإمام في ثانية من رباعية، فهل أرفع يدي عند القيام من التشهد أم عند القيام للثالثة بالنسبة لي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزيادة من الثقة التي ليس فيها خلاف لما روى الثقات مقبولة عند أهل العلم، وأما الشذوذ فهو مخالفة الثقة للثقات، كما نص عليه أهل المصطلح.
قال الناظم: وذو الشذوذ ما يخالف الثقة * فيه الملا والشافعي حققه
وأما من أدرك الإمام في الركعة الثانية فإنه يتابعه في جميع أعمال الصلاة، ومن ذلك متابعته في رفع اليدين عند القيام من الركعتين، فإنما جعل الإمام ليؤتم به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1425(11/10437)
المرجع في تحديد المسافة بين الصفوف
[السُّؤَالُ]
ـ[أجيبونا مشكورين عن آداب الصلاة خلف الإمام وكيفية التراص وعن المسافة بين الصف والصف الذي يليه، وهل إن المسافة إذا كانت شاسعة تبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أهم ما يتأكد على المأموم خلف إمامه هو نية اقتدائه بذلك الإمام إضافة إلى متابعته له في الصلاة بحيث لا يسبقه في ركن أو يساويه بل يفعله بعد اطمئنان إمامه فيه امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا. متفق عليه، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 11388.
وتسوية الصفوف تكون بإلصاق القدم بالقدم والمنكب بالمنكب والتراص في الصف بحيث لا تبقى فرجة ولو كانت قليلاً، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 18547، والفتوى رقم: 10847.
والمسافة بين الصف والذي يليه يرجع تحديدها إلى ما هو متعارف عليه عند الناس بحيث لا يكون بينهما بعد غير معتاد يمنع الاقتداء، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: يرجع في اتصال الصفوف إلى العرف على الصحيح من المذهب حيث قلنا باشتراطه جزم به في الكافي ونهاية أبي المعالي وابن منجا في شرحه وصاحب الفائق وقدمه في الفروع ومختصر ابن تميم، وقال في التلخيص والبلغة: اتصال الصفوف أن يكون بينهما ثلاثة أذرع وقيل متى كان بين الصفين ما يقوم فيه صف آخر فلا اتصال اختاره المجد وهو معنى كلام القاضي وغيره للحاجة للركوع والسجود حيث اعتبر اتصال الصفوف وفسر المصنف في المغني اتصال الصفوف ببعد غير معتاد لا يمنع الاقتداء وفسره الشارح ببعد غير معتاد بحيث يمنع إمكان الاقتداء لأنه لا نص فيه ولا إجماع فرجع إلى العرف، وعند الشافعية تبطل صلاة من في الصف إذا كان بينه وبين الذي أمامه أكثر من ثلاثمائة ذراع، قال النووي في المجموع: ولو وقف خلف الإمام شخصان أو صفان أحدهما وراء الآخر اعتبرت هذه المسافة بين الصف الأخير والصف الأول أو الشخص الأخير والأول حتى لو كثرت الصفوف وبلغ ما بين الإمام والصف الأخير أميالاً جاز بشرط أن لا يزيد ما بين كل صف أو شخص وبين من قدامه على ثلاثمائة ذراع. انتهى.
وعليه فالمسافة بين الصف والصف يرجع تحديدها إلى العرف وينبغي أن يكون ذلك قدر ما يحتاجه المصلي في ركوعه وسجوده، فإن زاد على ثلاثمائة ذراع أبطل الصلاة عند الشافعية كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(11/10438)
لا يبقى المأموم ساكتا إذا فرغ من السورة في الصلاة السرية
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان, وفي الصلاة السرية ومع الجماعة, أقرأ سورة قصيرة ويبقى وقت طويل حتى تكبير الإمام, فهل هناك شيء يقال في هذا الوقت؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى في حقك قراءة شيء من القرآن، سواء كان سورة أو غيرها، أو الاشتغال بالدعاء حتى لا يؤدي بك الفراغ إلى الوسوسة أو التفكر فيما لا ينبغي التفكر فيه.
قال الباجي في المنتقى متحدثا عن قراءة المأموم في حال السر: وإنما يستحب له القراءة ليشغل نفسه في الصلاة بالقراءة وذكر الله تعالى ولا يتفرغ للوسواس. انتهى.
وقال أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي في كتابه "معاني الآثار: عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقرأ بالسورتين والثلاث في ركعة. وعنه: كان ابن عمر يجمع بين السورتين في الركعة الواحدة من صلاة المغرب.
وقال مالك في الموطأ: لا بأس أن يقرأ سورتين وثلاث في ركعة واحدة، وسورة واحدة أحب إلينا.
هذا، وقد نص الحطاب في حاشيته على أن من كان في الحالة المسؤول عنها فإنه يقرأ سورة أخرى أو يدعو بما يراه، أما أن يبقى ساكتا فإن ذلك لا ينبغي، هذا معنى ما قاله الحطاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1425(11/10439)
لا تلزم متابعة الأمام في رفع اليدين والقبض
[السُّؤَالُ]
ـ[سائل من الشباب السلف وإن شاء الله سلفي، ولكن لا يتبع الإمام في الصلاة مثل الرفع والقبض، ومع العلم بأن متابعة الإمام واجبة، كما قال الشيخ الألباني رحمه الله ويذمون الشيخ الشعراوي يقولون إنه طاغى، وهل قال فيه العلماء هكذا حفظ الكراهة والحدق بين الشباب ورغم أنهم يختلفون في المستحبات فقط وليس في الفرائض وبما تنصحوني، أرسلوا لي ورقة أنشرها لأن الشباب في ضياع وهم لا يعلمون يتهمون كل من يخالف أي شيء مثل الرفع في التكبيرات والجلسة الخفيفة وغيره؟ وشكراً، وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن صلى خلف إمام يسدل يديه حال القيام، ولا يرفعهما في المواضع التي ثبت فيها الرفع، فلا تلزمه متابعة الإمام في ذلك، بل يستحب له أن يضع يديه على صدره عند القيام وأن يرفع يديه عند الركوع والرفع منه، وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى بذلك وهي برقم: 37543، والفتوى رقم: 5015 فنحيل السائل إليها.
وأما عن الشيخ الشعراوي رحمه الله، فانظر الفتوى رقم: 19442 فإنها جواب عن سؤالك.
وأما عن الحقد والتباغض بين الشباب، فإن الواجب على المسلمين جميعاً أن يكونوا إخوة متحابين في الله عز وجل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه. رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
وكما قال صلى الله عليه وسلم: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. رواه البخاري من حديث أنس بن مالك.
وإن هذا التباغض والتدابر بين شباب المسلمين مما يحزن له قلب كل مسلم غيور على دينه، وهو لا يخدم إلا أعداء الإسلام الذين يسوؤهم اجتماع كلمة المسلمين، فالواجب الحذر من ذلك، وبذل الجهد في جمع الكلمة على كلمة الحق مع الالتزام بالأخلاق والآداب الإسلامية الرفيعة، والابتعاد عن الأخلاق المنحطة كالغيبة والسب أو التشهير والكذب.
والأولى بكم أن توحدوا جهودكم لدعوة الناس إلى عقيدة التوحيد ونبذ الشرك بجميع صوره بدل أن تشتغلوا بتجريح بعضكم والكلام في أمور لا يفهمها عامة المسلمين هناك، كما ينبغي أيضاً ترتيب ما تدعون إليه بحسب منزلته من الدين فلا يتكلم في ترك مستحب مع من هو مضيع للفرائض أو مرتكب للكبائر، ولمزيد من الفائدة نحيل السائل إلى الفتاوى الآتية: 25757، 31966، 39522، 18514، 11967، 10893.
والله أعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(11/10440)
إمام إذا دخل المسجد يجلس بغير صلاة ويستقبل المأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ ما قولك في الإمام يدخل المسجد ويجلس مباشرة في المصلى ويستقبل المصلين حتى تقام الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليسن لمن دخل المسجد أن لا يجلس حتى يصلي ركعتين قبل جلوسه، لما روى أبو قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. متفق عليه.
ولما روى جابر قال: جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس، فقال: ياسليك، قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما. رواه مسلم.
فإذا دخل المسجد وصلى السنة الراتبة أجزأته عن تحية المسجد، لأن المقصود أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس، وينبغي للإمام أن يكون قدوة للآخرين وأن يحرص على السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها سنة تحية المسجد ولا مانع من أن يجلس مستقبل المصلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1425(11/10441)
وظيفة المسجد والإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في مسجدنا وفي سائر المساجد في الجزيرة مشكلة كبيرة تطل برأسها في كل عام وتؤدي إلى الانقسامات والعداوات بين أبناء المسجد الواحد ذلك بأن أهل المسجد وعماره يريدون إمارة بالمسجد اتباعا للسنة وجماعة من أهل الأهواء وأصحاب الأموال يريدون انتخابات وتكتلات وقوائم وفصل للشيخ عن اللجنة ولا يريدون منه أي تدخل بل يريدونه موظفا ينفذ الأوامر فقط بل بلغ الأمر بأنهم يحاسبون الشيخ حتى إذا دعا إلى الله عن طريق الراديو أو التلفاز يقولون له لماذا لم تشاورنا في الذي تقوله مع أن الشيخ يدعو إلى الله منذ اثني عشر عاما ومعروف بالجزيرة كلها بدفاعه عن الإسلام ودعوة الناس إليه. فأفيدونا أفادكم الله هل من دستور إسلامي يحكم علاقات الناس في المسجد؟ وهل هناك فصل بين الدين والدولة نرضى بالشيخ إماما لأخرانا ولا نرضاه لدنيانا؟ وهل يستطيع المسلم أن يقبل بما يطرحه أهل الأهواء؟ وهل يأثم إذا دعمهم على سن هذه السنة الجديدة في المساجد؟ أفيدونا أفادكم الله وإن كان هناك دستور او نظام فأعيثونا لعل الله أن يصلح بكم هذا الخلل ويطفئ بكم الفتنة. وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يوجد دستور بالمعنى المعروف للكلمة يحكم علاقات الناس في المسجد، والمعروف أن وظيفة المسجد هي الصلاة وذكر الله والتلاوة ونشر العلم والدعوة إلى الله وسائر العبادات، فقد كان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم هو مركز الدعوة وهو محل الشورى بين المسلمين، وهو منطلق الغزوات والسرايا، وهو محل تدبير كافة الأمور.
وأما أن يقيد الإمام ويكبت هذا الكبت فلا يسمح له بالدعوة إلى الله، فليس ذلك من الدين.
ووظائف المسجد جاءت منصوصة في السنة. روى الإمام مسلم من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن المساجد: إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن. قال في عون المعبود: بل بنيت لذكر الله والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير ونحوها.
وفصل الدين عن الحياة كما هو معروف عند الأنظمة الغربية لا يمكن في الإسلام، لأنه وحي الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو الدين الذي لا محاباة فيه، فالحاكم والمحكوم والغني والفقير والشريف والوضيع كلٌ سواء في الحقوق والواجبات، ولا يتفاوتون إلا فيما بينهم من القرب والبعد من الله، وهو الدين الذي يرعى مصالح الخلق ويحافظ عليها، فليس فيه تشريع يعارض مصحلة راجحة، وهو الدين الذي يحض على العلم وعلى الدعوة إلى الله.
ثم الإمامة منصب شريف لا يليق أن تكون مجالا للأهواء والانتخابات والتكتلات، والذي يعين إمام المسجد هو السلطان أو نائبه، فإن لم يوجد فالذي يرضاه أهل البلد، قال في "فتوحات الوهاب": وتحصل في الجامع والمسجد الكبير أو الذي في الشارع بتولية الإمام أو نائبه فقط، لأنها من الأمور العظام، فاختصت بنظره، فإن فقد فمن رضيه أهل البلد ...
ولا يجوز للمسلم أن يجاري أهل الأهواء فيما يقومون به مما لا يبيحه الشرع، ولا شك أن المعين لهم على ذلك آثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(11/10442)
التخفيف في الصلاة لا يكون حسب أهواء الناس وأمزجتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمصلين أن يعاتبوا الإمام لأنه قرأ في صلاة العشاء ما يقرب من (صفحة ونصف) من سورة يوسف، بدليل الحديث (من أم بالناس فليخفف) ، وكيف كانت صلاة الرسول في العشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروع لمن كان إماماً أن يخفف بالناس، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء. متفق عليه واللفظ للبخاري.
غير أن ضابط التخفيف ليس إلى أهواء الناس وأمزجتهم بل إلى ما قرره الفقهاء من هديه صلى الله عليه وسلم، قال النووي: معنى أحاديث الباب ظاهر، وهو: الأمر للإمام بتخفيف الصلاة بحيث لا يخل بسنتها ومقاصدها.
وكان غالب هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن، وكانت صلاته إذا صلى بالناس وسطا بين الطول والقصر، وغالبا ما يقرأ في صلاة الفجر بطوال المفصل، وكذلك الظهر، وكان يقرأ من وسط المفصل في العشاء، أما العصر والمغرب فكان يقرأ فيهما بقصار المفصل، وربما قرأ في المغرب من وسط المفصل.
وننبه إلى أن المفصل من القرآن على الصحيح يبدأ من سورة ق إلى آخر القرآن وينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: طوال المفصل، ويبدأ من الحجرات إلى عبس وتولى.
الثاني: أواسط المفصل، وتبدأ من عبس إلى سورة الضحى.
والثالث: قصاره، وتبدأ من الضحى إلى الناس، وعليه فالإمام الذي يقرأ صفحة ونصفا في صلاة العشاء وخصوصا إذا كان يقسم ذلك بين الركعتين لم يتجاوز المعتاد في التخفيف شرعاً لأن وسط المفصل الذي كان صلى الله عليه وسلم يقرأ به لا يبعد عن هذا القدر أي صفحة ونصف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1425(11/10443)
حكم إمامة الزوجة والأم إذا فاتته الجماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الدين في من يجامع زوجته وهي حائض، وما هي كفارته؟
لو فاتتني الجماعة في صلاة ما، ورجعت إلى بيتي وكانت زوجتي وأمي تصليان كيف أصلي معهم لألحق الجماعة وأكون إماماً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم إتيان الزوجة وهي حائض وكفارة من فعل ذلك في الفتوى رقم: 5463.
أما بخصوص إمامتك في الصلاة لأمك وزوجتك في البيت بعد فوات الجماعة في المسجد فلا مانع من ذلك ولك في ذلك أجر لا يصل إلى درجة صلاتها في المسجد مع الجماعة كما هو مبين في الفتوى رقم: 36825.
وذهب فقهاء الشافعية رحمهم الله إلى جواز الاقتداء أثناء الصلاة وعليه فإذا كبرت للصلاة جاز لهما الاقتداء بك ويتمان معك ما بقي من صلاتهماهذا إذا كانتا تصليان منفردتبن، أما إذا كانت إحداهما تؤم الأخرى فالظاهر أنهما لا تقطعان الصلاة ولا تلتحقان بك إذ لا داعي لفعل واحد من الأمرين بخلاف ما إذا كانتا تصليان منفردتين كما تقدم لأنهما في الحالة الأولى تريدان تحصيل فضل الجماعة بخلاف الحالة الثانية فقد حصلتاه بالفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(11/10444)
ينبغي للإمام أن لا يشق على المصلين بتأخير الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم تأخر الإمام عن وقت الصلاة وانتظار المصلين لوقت طويل وقدومه مسرعا ليكون إماما وعندما يتكلم أحد المصلين منتقدا ذلك يقو ل له المؤذن الصبر وكلموا الإمام مع أن فترة الانتظار قد تطول ل (40) دقيقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل هو أن الصلاة منوطة بإذن الإمام كما أن الأذان مفوض للمؤذن.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يقيم حتى يأذن له الإمام، فإن بلالا كان يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حديث زياد بن الحارث الصدائي، أنه قال: فجعلت أقول للنبي صلى الله عليه وسلم أقيم أقيم؟. وروى أبو حفص، بإسناده عن علي قال: المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة. أهـ
قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: وقت الأذان منوط بنظر المؤذن لا يحتاج فيه إلى مراجعة الإمام، ووقت الإقامة منوط بالإمام فلا يقيم المؤذن إلا بإشارته. أهـ
كما ينبغي للإمام أن لا يشق على المصلين بالتأخير في الخروج إليهم، وأن يبادر إلى الصلاة ويكون قدوة للآخرين، ويلتزم بآداب المشي إلى المسجد من السكينة والوقار، فقد روى مالك وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ثوب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة. وهذه رواية مسلم.
وهذا يشمل الإمام والمأموم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(11/10445)
فضيلة الإمامة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما فضل الإمام في الصلاة، هل له مثل أجر المصلين أم أكثر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإمامة الصلاة وظيفة شريفة وفضلها عظيم لكون الإمام ضامناً للمأمومين صلاتهم، وهي وظيفة أئمة الخير والصلاح، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة: وقد روي عن داود بن أبي هند قال: حدثت أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مرني بعمل أعمله، قال: كن إمام قومك، قال: فإن لم أقدر، قال: فكن مؤذنهم. رواه سعيد. إلى أن قال شيخ الإسلام: وأما إمامته صلى الله عليه وسلم وإمامة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم فمثل الإمارة والقضاء، وذلك أن الولايات وإن كانت خطرة لكن إذا أقيم فيها أمر الله لم يعدلها شيء من الأعمال، وإنما يهاب الدخول فيها أولاً خشية أن لا يقام أمر الله فيها لكثرة نوائبها وخشية أن يفتن القلب بالولاية لما فيها من العز والشرف، وقد روى عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة من كثبان المسك يوم القيامة: عبد أدى حق الله وحق مواليه، ورجل أمَّ قوما وهم به راضون، ورجل ينادي بالصلوات الخمس في كل يوم وليلة. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. انتهى.
وعليه؛ فالإمامة في الصلاة لها فضل عظيم، والإمام والمأموم مشتركان في الأجر لكون كل منهما كان سببا للآخر في حصول فضل الجماعة، كما ذكر ذلك الشيخ العز بن عبد السلام، راجع الفتوى رقم: 36264.
وعلى ما تقدم من فضل الإمامة والترغيب فيها كما جاء في الأحاديث السابقة يظهر لنا -والله أعلم- أن أجر الإمام الكامل الأهلية أكثر من أجر المأموم، ويستأنس لهذا بقول بعض الفقهاء إنه إذا تشاح من هم مستوون في الأهلية للإمامة من أجل الحصول على حيازة الثواب أقرع بينهم، قال خليل المالكي في مختصره: وإن تشاح متساوون لا لكبر بل لطلب الثواب ونحو ذلك من الأغراض الشرعية اقترعوا. اتنهى كلام خليل ممزوجاً بكلام بعض شراحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(11/10446)
كبف يتم المسبوق الذي أتى في الركعة الرابعة صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عند ما أتأخر عن الصلاة جماعة وأحضر فأجد المصلين في الركعة الرابعة فأصليها معهم من ثم عندما يجلسون للتشهد الأخير هل أتشهد معهم وأقرأ الصلاة الإبراهيمية وإذا فعلت ذلك من ثم أكمل صلاتي لوحدي في الركعة التي تليها تكون الثانية بالنسبة لي فهل أجلس التشهد الأوسط أم ماذا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أدرك مع الإمام الركعة الرابعة فإنه يلزمه الجلوس مع الإمام في تشهده الأخير لوجوب متابعة الإمام، وهل يكمل معه التشهد؟
قال في المنهاج: والأصح أنه يوافقه استحبابا أيضا في أذكار ما أدركه معه وإن لم يحسب له كالتحميد والدعاء في التشهد والتحيات، ويوافقه في إكمال التشهد أيضا، وظاهر كلامهم أنه يوافقه حتى في الصلاة على الآل في غير محل تشهده وهو ظاهر. اهـ.
وإذا قام بعد سلام الإمام وصلى الركعة الثانية فإنه يجلس للتشهد الأول وجوبا عند بعض أهل العلم، واستحبابا عند آخرين، ولمزيد من الفائدة حول كيفية إتمام المسبوق الصلاة نحيل السائل إلى الفتاوى رقم: 534، 6182، و 9850، و 8403، و 9042، و 17937.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(11/10447)
حكم إمامة الأعرج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح إمامة أعرج]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أمر الإمامة مبني على الفضيلة والكمال، فكل من كان أكمل فهو أفضل، وإن تقدم المفضول على الفاضل جاز وكره، وهذا متفق عليه بين الفقهاء.
وإمامة الأعرج صحيحة، إلا أنه ذهب جماعة من الفقهاء إلى كراهة إمامته. قال في "رد المحتار" عند ذكر من تكره إمامتهم: ومفلوج وأبرص شاع برصه، وكذلك أعرج يقوم ببعض قدمه فالاقتداء بغيره أولى. اهـ.
وللفائدة نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 7834 على الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(11/10448)
حكم قول الإمام للمأمومين من ضاع منه شيء فليتصل بفلان
[السُّؤَالُ]
ـ[وهل يجوز للإمام أيضاً أن يقول للناس في المسجد أن هناك شيئاً ما ضاع لصاحبه فمن وجده فليأت به، أو قد وجدت لقطة ما، من ضاعت له فليتصل بفلان إنها عنده، وهل وردت هذه الأعمال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 48418.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(11/10449)
حكم قول الإمام للمأمومين ادعوا لفلان في سجودكم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لإمام المسجد أن يقول للمأمومين قبيل أو بعد إقامة الصلاة إن أخاكم مريض مثلاً أو مصاب أو أراد قضاء حاجة ... إلخ فادعوا له في سجودكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 48415.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(11/10450)
حكم إمامة المبتدع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل تجوز الصلاة خلف إمام من الصوفية ويتعامل مع الأمن وكذلك يعمل على سب علماء السنة والجماعة وغالباً ما يعمل بالبدع بل ويشجع عليها في مسجده وهو في الأصل مؤذن ولكن لعدم وجود إمام تم وضعه من قبل الأوقاف ليصبح إماماً بعد ذلك وهو على النحو الذي ذكرت سؤالي هل تجوز الصلاة وراءه أم لا؟
بالرغم من وجود من هو حافظ لكتاب الله ومن هم أكفأ منه لوظيفة الإمامة؟ أفتونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كان في بلد تتوفر فيه المساجد التي فيها أئمة خيار بررة، فإنه يتخير أقرأهم وأفقههم وأعدلهم ويصلي خلفه.
وأما إذا كانت المساجد غير متوفرة وكان إمام المسجد الموجود في القرية ذا بدع فإن ذلك لا يعد مبررا للتخلف عن الجماعة ما لم تكن بدعته تخرجه من الإسلام إلى الكفر.
وبالتالي، فعليكم أن تصلوا معه، ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يصلون لكم فإن أصابوا فلكم وإن أخطأوا فلكم وعليهم. وفي رواية لأحمد بسند صحيح كما قال ابن حجر فإن أصابوا فلكم ولهم.
وفي البخاري أن الحسن البصري قال في إمامة المبتدع: صل وعليه بدعته.
وفي البخاري أن عبد الله بن عدي بن خيار دخل على عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو محصور فقال: إنك إمام عامة ونزل بك ما ترى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج، فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم.
هذا، وننبه إلى أنه يتعين على الجهات الرسمية أن تتخير الأفضلية في الأئمة.
ولمعرفة التفصيل في البدع المكفرة وغيرها راجع الفتوى رقم: 6742.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(11/10451)
حكم إمامة المقعد
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية أشكر إخواني في الشبكة الإسلامية على جهدهم وأسأل الله العلي القدير أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم إنه نعم المولى ونعم النصير
أما بعد فإن سؤالي الموجه إليكم هل يجوز أن يؤم الناس رجل لصلاة الفريضة وهو قاعد على كرسي ويشير السجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع أن يؤم المقعد أمثاله من العاجزين عن القيام، فهذا محل اتفاق عند جمهور أهل العلم.
وأما القادرون على القيام فلا تصح إمامته لهم على مذهب السادة المالكية.
وذهب الحنفية والشافعية إلى جواز إمامته.
وذهب الحنابلة إلى صحة الإمامة إذا كان الإمام راتبا وكان العجز طارئا.
ولعل هذا القول الأخير هو الراجح إن شاء الله تعالى.
ولتفاصيل أقوالهم وأدلتها نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 7834.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1425(11/10452)
أيهما يقدم إماما المفترض أم المتنفل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص فاتته الصلاة ويوجد شخص يريد أن يتصدق عليه بالصلاة معه، أيهم يسن له أن يكون الإمام؟ وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اقتداء المفترض بالمتنفل مسألة من المسائل الخلافية، ولا شك أن قول من قال بصحتها أرجح، وعليه فإذا استويا المفترض والمتنفل في توافر صفات الإمام أو كانت عند المفترض أكثر فلا شك أنه الأولى بالإمامة في هذه الحالة لأنه إما أن تكون الشروط متوفرة فيه أكثر فهو الأولى للحديث، أو يكون مساوياً فالخروج من الخلاف أولى وأحوط.
أما إذا كان المفترض دون المتنفل في صفات الإمام فلا حرج في صلاته مأموماً وذهب بعض الشافعية إلى أن الانفراد أولى خروجاً من الخلاف، ولمعرفة الأولى بالإمامة تراجع الفتوى رقم: 25305.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(11/10453)
نسي سجدة ولم يذكرها إلا بعد انتهاء الصلاة وتفرق المأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت مع الإمام ونسي الإمام السجدة الثانية لم يسجد إلا واحدة في إحدى الركعات علما بأنها صلاة الفجر ماذا على المأموم والإمام وتذكره كان بعد انتهاء الصلاة وتفرق الناس]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السجود ركن من أركان الصلاة التي لا تجبر بالسجود إذا تركت سهوا، وإذا تركت عمدا بطلت الصلاة بمجرد تحقق تركها، وعليه، فكان من واجب المأموم إذا ترك إمامه السجدة أن ينبهه فإن لم ينتبه سجد المأموم وصحت صلاته، فإن تابعه على تركها بطلت صلاته، أما الإمام فإنه إذا لم يتذكر أنه ترك السجدة إلا بعد الطول كتفرق الناس مثلا والخروج من المسجد، فإن صلاته باطلة، وتجب عليه إعادتها، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 14544،. والفتوى رقم: 10674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(11/10454)
حكم إمامة الألثغ ونحوه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة وراء شخص ألثغ مع العلم بحسن صوته وترتيله وجودة الأحكام عنده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إمامة الشخص الذي يبدل حرفا بحرف آخر لا تصح، إلا إذا صلى بمثله، هذا إذا كان الخطأ الذي يصدر منه في سورة الفاتحة، وإن كان في غيرها، فالصلاة خلفه صحيحة، إلا أن يتعمد، قال في المغني: ومن ترك حرفا من حروف الفاتحة لعجزه عنه أو إبداله بغيره كالألثغ الذي يجعل الراء غينا والأرتِّ الذي يدغم حرفا في حرف، أو يلحن لحنا يحيل المعنى كالذي يكسر الكاف من إياك أو يضم التاء من أنعمت، ولا يقدر على إصلاحه، فهو كالأمي، لا يصح أن يأتم به قارئ، ويجوز لكل واحد منهم أن يؤم مثله، لأنهما أميان.
ولمزيد من الفائدة، يرجى مراجعة الفتوى رقم: 23898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(11/10455)
حكم صلاة العشاء خلف من يوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي الشفع والوتر ثلاث ركعات متتالية بتشهد واحد فقط في الركعة الأخيرة ثم جاء أحد المصلين ليصلي خلفي صلاة العشاء وأنا قد نويت في أول الصلاة أن تكون ثلاث ركعات متتالية
هل أصلي بمن خلفي ركعتين فقط أم ماذا أفعل؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في صلاة المفترض خلف المتنفل على الراجح من أقوال أهل العلم، ومن ذلك صلاة العشاء خلف من يصلي الوتر، والإمام مخير في الوتر بين أن يصلي ركعتين ثم يسلم ثم يقوم للثالثة، أو يصلي ثلاثا بسلام واحد، فإذا صلى ركعتين وسلم فليقم الذي ائتم به عشاء لما بقي من صلاة العشاء، وكذا إذا صلى الإمام ثلاثا فإن المأموم يقوم لما بقي من العشاء، ولا يضر اختلاف نظم الصلاة للمتابعة، بل إذا قنت الإمام في الوتر فإن المأموم يقنت للمتابعة.
قال النووي في "المجموع": ولو صلى الظهر خلف المغرب جاز، باتفاق (أي عند الشافعية) ويتخير إذا جلس الإمام في التشهد الأخير بين مفارقته لإتمام ما عليه وبين الاستمرار معه حتى يسلم الإمام، ثم يقوم المأموم إلى ركعته. اهـ.
وقال الشبراملسي في حاشيته على النهاية: ومثل ذلك ما لو اقتدى مصلي العشاء بمصلي الوتر في النصف الثاني من رمضان، فيكون الأفضل متابعته في القنوت ... اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1425(11/10456)
حكم الصلاة خلف الساحر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الصلاة خلف الساحر؟ وماذ افعل لو دخلت المسجد
ورايت جماعة خلف الساحرفهل اصلىمعهم ام لا؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الصلاة خلف الساحر في الفتوى رقم: 15453، والفتوى رقم: 17776، وباطلاعك على الفتويين يبين لك ما عليك فعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(11/10457)
المرأة الواحدة تصف خلف الرجال بمفردها
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ عندي عدة أسئلة وهي: الآن لو فرض صلت المرأة في المسجد مع الرجال ولم يكن لها حجرة خاصة مصلى للنساء يعني، أين تصف هل خلف الرجل أو في صفهم أو في آخر الصف لوحدها على اليمين أو في الوسط وهل يطبق عليها عدم جواز صلاة المنفرد، وأيضاً ما هو دليل وضع المصلى منفصلاً عن النساء مع أن النبي قال شر صفوف النساء أولها وخير صفوفهن آخرها أو كما قال، وهذا دليل على تسوية الصف، فلماذا نضيق ونبني ما لم ينص عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وكما في حديث قرآته أن أم حبيبة وكذا أم سلمة رضي الله عنهما لما كانتا في الحبشة ورأتا كنيسة فقالتا للنبي ذلك، فقال: أولئك إذا مات ... ثم قال بنوا عليه المسجد، فلماذا سمى المسجد كنيسة مع أنهم لا يسجدون هل هناك جواب على ذلك، أخيراً هل يجوز أن يدفن الرجل الأجنبي مع المرأة الأجنبية للحاجة مثلاً وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة إذا صلت مع الرجال جماعة في مسجد لا يوجد فيه مكان مخصص للنساء أو في غير مسجد فإنها تصف خلفهم وحدها والدليل على ذلك ما رواه مسلم من حديث أنس: ... وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من خلفنا.
قال النووي: وفيه أن المرأة تقف خلف الرجال وأنها إذا لم يكن معها امرأة أخرى تقف وحدها متأخرة.
وليس في هذا تعارض مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها. رواه مسلم.
قال النووي: أما صفوف الرجال فهي على العموم فخيرها أولها أبدا.... وأما صفوف النساء فالمراد بالحديث اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها.
وتسوية الصف مطلوبة في الصلاة من الرجال والنساء كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين بقوله: سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة.
وليس المقصود أن يصف الرجال والنساء في صف واحد، وليس في هذا تضييق وإنما هو للمحافظة على الصلاة وإتمام خشوعها حتى لا يختلط الرجال بالنساء فيشوش ذلك عليهم ويقل خشوعهم، وكذلك بناء مصلى خاص بالنساء ليتميزن فيه ويبتعدن عن صفوف الرجال فإنه من هذا القبيل، فهو أدعى للخشوع وتفرغ القلب للصلاة من الطرفين، وأما حديث عائشة عن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهن فهو لتحذير المسلمين من أن يقعوا في الشرك والبدع التي وقع فيها من كان قبلهم فأفسدت عليهم دينهم.
وسميت الكنائس وقبور الأنبياء والصالحين مساجد لأنها أماكن عبادة، فكما أن المسجد مكان مخصص فكذلك هذه الأماكن، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك.
ثم إن اليهود والنصارى إذا لم يكونوا يسجدون اليوم في صلاتهم فإن ذلك لا يمنع أنهم كانوا يسجدون في تلك الفترة أو قبل ذلك، فلا شك أنهم بدلوا في دينهم وغيروا، ولازالوا يفعلون ذلك كما هو مشاهد ومعروف إلى اليوم، وأما دفن الرجل والمرأة أو امرأتين أو رجلين في قبر واحد فلا يجوز إلا لضرورة، أما إذا كانت هناك ضرورة تدعو لدفن أكثر من واحد في قبر واحد فلا مانع من ذلك شرعاً سواء كان المدفون رجلا وامرأة أجنبيين أو غير ذلك، فقد روى عبد الرزاق عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه: أنه كان يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد، فيقدم الرجل ويجعل المرأة وراءه. قال الحافظ في الفتح: إسناده حسن.. وكأنه كان يجعل بينهما حائلا من تراب ولا سيما إذا كانا أجنبيين، وللمزيد من الفائدة عن هذه المواضيع نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9605، 15440، 38928، 4527، 16944.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(11/10458)
حكم إمامة صاحب القدم الصناعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يؤم الناس في الصلاة أمام عاجز مبتورة إحدى قدميه وهو مرتد لقدم صناعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بالعاجز من عجز عن فعل أركان الصلاة على وجهها بأن يعجز عن القيام أو السجود على الأرض ونحو ذلك، فمثل هذا اختلف العلماء في حكم إمامته، على أقوال مذكورة مع الترجيح في الفتوى رقم: 7834.
فإن كان هذا الإمام يعجز عن الوفاء بأركان الصلاة فحكمه ما سبق في الفتوى المحال عليها.
وإن كان يوفي الأركان حقها ولا يمنعه ما فيه من نقص القدم من الركوع والقيام والسجود وغير ذلك فهو كغيره من الأصحاء، وإمامته صحيحة بلا ريب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(11/10459)
ما أدركه المأموم مع الإمام هو أول صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[صلأة المسبوق أريد كيف تكون من ناحية السر والجهر.. مثلاً في صلاة المغرب وأنا صليت مع الإمام الركعة الأخيرة هل الركعة الثانية والثالثة سر أو جهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة المسبوق من ناحية السر والجهر مبنية على مسألة هل ما أدركه المسبوق من الصلاة مع الإمام أول صلاته أم آخرها؟ وعلى القول الراجح وهو أن ما أدرك المسبوق أول صلاته فإن من أدرك ركعة من المغرب فهي الأولى بالنسبة له وتبقى ركعتان يجهر في الثانية ثم يجلس للتشهد الأوسط، ثم يأتي بالركعة الثالثة سراً ونحيلك على الفتوى رقم: 6182 لمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/10460)
لا يقطع المأموم الصلاة إذا خرج الإمام لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سؤألي بالتحديد هو: صلى شخصان أحدهما إمام والآخر مأموم الإمام حدث له عذر شرعي خرج من الصلاة قبل إكمالها فماذ يفعل المأموم هل يكمل الصلاة بمفرده أم يخرج من الصلاة؟
هذا سؤالى بالتحديد
بارك الله فيكم وجعلكم من واردي حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المأموم إكمال الصلاة منفرداً ولا يقطع الصلاة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، وخالف في ذلك أصبغ رحمه الله فقال عندما سئل عن رجلين أم أحدهما صاحبه ثم يحدث الإمام فيستخلف صاحبه قال أصبغ: لا يجوز له أن يبني على الصلاة، لأنه ليس معه آخر فيكون خليفة عن نفسه، لا يجوز له، ويقطع ويبتدئ، لأنه ابتدأ في جماعة فلم يجز له أن يبني استخلف أم لم يستخلف. انتهى.
قال الحطاب في مواهب الجليل: هذا قول أصبغ، وقال ابن القاسم إنها تصح، وهو الذي مشى عليه المؤلف. ا. هـ
وانظر الفتوى رقم: 29700، فقد بينا فيها حرمة قطع صلاة الفرض لغير عذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(11/10461)
كيف تكون إماما ناجحا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب أحفظ القرآن كاملاً والحمد لله، وأقرأ في الجامعة تخصص هندسة، مشكلتي هي أنني مسؤول ومطالب بأن أصلي إماماً لمسجد الجامعة لكنني كلما تقدمت للصلاة أشعر باضطراب ورعدة، وأخاف أن يكون هذا مرضاً أو رياء، أرجو النصيحة، علما بأنني بعد الركعة الأولى أهدأ وأطمئن؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تشعر به يكون راجعاً إلى وجود خجل من التقدم أمام الناس والخوف من مراقبتهم وما قد يلاحظوه من أشياء على إمامتك بهم، فإذا كان الأمر هكذا فننصح بما يلي:
1- كن على ثقة من مقدرتك على الإمامة وكفاءتك لها، وبالتالي يختفي عنك ما قد تجده من تخوف.
2- لا تنزعج مما قد يتوقع من ملاحظات من طرف المصلين فقد تصدر منك بعض الأخطاء سهواً أو غلطاً، ولا ضير في ذلك فالكمال لله تعالى وحده.
3- اجتهد على الخشوع في الصلاة وحضور القلب، وإذا كنت إماماً لهم في صلاة جهرية فقم بإتقان حفظ ما ستقرؤه من سور قرآنية، وإذا كان ما تشعر به راجعاً إلى الرياء، فراجع الفتوى رقم: 30366.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(11/10462)
حكم الصلاة خلف الإمام المبتدع
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: لدينا إمامان في الحي الذي نسكن فيه يصليان بالناس أولهما حافظ مجود له من الصوت أحلاه ويقرأ بسور طويلة بتأن، إلا أنه متهم ببدع وبإنكار بعض الأحاديث الصحيحة، الثاني وغيره لا يحفظون غير قصار المفصل، أصواتهم غير حسنة وصلاتهم ليست بخاشعة، فماذا أصنع؟ ومع من أصلي؟ أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام الذي وصفته بكونه حافظا مجودا لم يثبت ما ينسب إليه من بدع، وإنما كانت مجرد تهم، فإنه أحق بالإمامة من غيره، إذ الأصل في المسلم السلامة من ذلك، وإنما كان أحق بالإمامة لقوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سِلْما. وإذا ثبت كونه مبتدعا، فإن كانت بدعته يحكم على صاحبها بالكفر كمن يذبح لغير الله ونحو ذلك، فلا تصح الصلاة خلفه ولا يجوز جعله إماما للمسلمين.
وإن كانت بدعته غير مكفرة، فالواجب نصحه وتبيين خطأ ما هو مقيم عليه، لكن إن وجد غيره ممن هو سالم من البدعة، فالأصل ترك الصلاة خلف المبتدع.
وراجع الفتوى رقم: 1449 والفتوى رقم: 12270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(11/10463)
الأفضل الصلاة خلف الإمام المتبع للسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ـ سائل يقول المسجد القريب مني به إمام حليق ومسبل وهناك مسجد آخر بعيد مني به إمام ملتح ورافع لإزاره ويطبق السنن ولا نزكي على الله أحدا فأيهما أفضل أن أصلي خلف القريب أم البعيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
9- الأفضل أن تصلي مع الإمام الملتحي الرافع لإزاره الذي يطبق السنن، وراجع في هذا الفتوى رقم: 35942.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/10464)
حكم الصلاة خلف من دعا إلى شهادة زور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة وراء إمام يطلب من أحدهم أن يشهد بشهادة زور أمام هيئة المحكمة, وقصة ذلك أنه بعد أدائنا لصلاة الظهر, قام الإمام واقترب من شخص لا يبعد المكان الذي يجلس فيه عن المكان الذي أجلس فيه بأكثر من المتر والنصف وطلب منه بصوت مرتفع يسمعه كل من في المسجد (معلومة: الإمام ثقيل السمع) أن يذهب معه صبيحة الغد إلى المحكمة ليدلي بشهادة مرتبة من طرف الإمام ولما قال الشخص للإمام بأن الشيء المطلوب منه لا يوافق الواقع وأن لو وافقه سيكون قد شهد بشهادة زور قلل الإمام من شأن الأمر وقال له إما أن يقول الشيء الذي يمليه عليه أو أن لا يذهب معه.
وفقكم الله لم فيه خير دينكم ودنياكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تبين أن هذا الإمام طلب من غيره أن يشهد له زورا، فهذه معصية، والواجب عليه التوبة منها، وينبغي لكم نصحه وإرشاده برفق وحكمة لا بشدة وعنف، مما قد يحمله على رد الحق والإصرار على ما هو عليه، وأما الصلاة خلفه فصحيحة لا سيما إذا كان صدور هذا منه زلة والمعروف عنه الصلاح، ولمزيد الفائدة، تراجع الفتوى رقم: 15580، وما فيها من إحالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/10465)
حكم إمامة مرتكب عدة معاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الإخوة ينام عن صلاة الفجر كثيرا ومسبل إزاره وحليق اللحية ومن منظره لا يدل على أنه له ميل إلى السنة ِ قط، وزد على ذلك أنه لا يُجيد القراءة والكتابة جيدا ً، ومع هذا كله فهو خطيب لأحد المساجد، علما ً بأنني أنصحه كثيرا ً وأحيانا ً أقول له أنت ليس أهلا ً لها وعندما تتنحى أنت فسيأتي من هو خير ٌ منك، فهل أكون أثما ً عندما أنصحه بهذه الطريقة، وما هي نصيحتكم لي وله بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولاً ينبغي لك نصح الأخ المذكور بالكف عما هو عليه من المعاصي التي ذكرت، فبالنسبة للإسبال فهو معصية لكن صاحبها لا تبطل الصلاة خلفه وراجع الفتوى رقم: 13180، وكذلك حلق اللحية أيضاً فهو محرم عند جمهور أهل العلم، وراجع الحكم بالنسبة لإمامة حالق اللحية في الفتوى رقم: 37593.
وراجع حكم إمامة من يلحن في القراءة في الفتوى رقم: 13127.
وما قمت به من نصح للأخ المذكور عمل صالح تثاب عليه إن شاء الله، ومن الأفضل في حق هذا الأخ التنحي عن الإمامة في الصلاة إن وجد من هو أفقه منه أو أعلم بكتاب الله تعالى، لقوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً. رواه مسلم وغيره.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/10466)
اختلاف المأموم مع الأمام في أمر فرعي لا يمنع الصلاة خلفه
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أحب أن أقول جزاكم الله خيراً.
أنا شاب من أحد البلاد العربية أدرس في كندا وأتبع الرأي الذي يقول بالمسح على الجوربين لقد صادفت أخا من بنغلاديش يقول إنه إذا صلى خلفي فإن عليه إعادة الصلاة وفقاً لمفتي موقع www.ask-imam.com فهو لا يجيز المسح على الجوارب ألا ترون أن في هذا تفرقة للمسلمين، وكيف أتعامل مع إخوة من هذا النمط، هناك أيضاً إمام المسجد القريب من بيتي يقول ولا الظالين بدل ولا الضالين هل صلاتي خلفه غير صحيحة فأنا أعرف أنه لا صلاة بغير فاتحة الكتاب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مسألة المسح على الجوربين من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم والراجح لدينا هو جواز المسح عليهما إذا توافرت فيهما الشروط التي ذكرناها في الفتوى رقم: 5799.
وإذا كانت هذه المسألة من مسائل الخلاف بين العلماء، فلا يجوز أن تجعل سبباً للفرقة والنزاع بين الأمة، فإن الأئمة اختلفوا في ذلك ولم يتدابروا أو يتباغضوا، فليسعنا ما وسعهم، ولتراجع في ذلك الفتوى رقم: 25757.
وأما التعامل مع الأخ المذكور فإنه يكون بأمرين:
الأول: بالمناصحة وطرح المسألة طرحاً علمياً خالياً من التعصب والهوى، وبيان رجحان القول بجواز المسح على الجوربين، لما له من أدلة قوية.
الثاني: بيان أن أخذه بالقول الذي لا يجيز المسح على الجوربين لا يمنع من صلاته خلفك، فإن الصحابة والتابعين لهم بإحسان ومن بعدهم من الأئمة الأربعة كان يصلي بعضهم خلف بعض، مع تنازعهم في كثير من المسائل التي يعتقد فيها الإمام أن صلاته صحيحة والمأموم يعتقد خلاف ذلك، فقد كان منهم من يتوضأ من الحجامة والرعاف والقيء، ومنهم من لا يتوضأ من ذلك، ومنهم من يتوضأ من مس الذكر ومس النساء بشهوة ومنهم من لا يتوضأ من ذلك، ومنهم من يتوضأ من أكل لحم الإبل ومنهم من لا يتوضأ من ذلك، ومع هذا فكان بعضهم يصلي خلف بعض، ولشيخ الإسلام فتوى نفيسة في هذا الموضوع نوصي بالرجوع إليها في مجموع الفتاوى 23/375.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(11/10467)
ما يفعله المأمومون عند فساد صلاة إمامهم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا بطلت صلاة الإمام في أثناء الصلاة فهل بطلت صلاة المأموم أيضا أو أنهم يكملون صلاتهم فرادى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبطلان صلاة الإمام إذا كان بسبب لا يخفى على المأمومين وتابعوه على ذلك، يترتب عليه بطلان صلاة المأمومين، ومن صور ذلك: إذا ترك الإمام شرطا من شروط الصلاة كاستقبال القبلة وستر العورة، أو ترك ركنا من أركان الصلاة كتكبيرة الإحرام أو قراءة الفاتحة أو نحو ذلك، بشرط كون ترك شيء مما ذكر حصل عمدا من الإمام.
قال ابن قدامة في "المغني": إذا اختل غير ذلك من الشروط في حق الإمام كالستارة واستقبال القبلة لم يُعْف عنه في حق المأموم لأن ذلك لا يخفى غالبا، بخلاف الحدث أو النجاسة، وكذا إن فسدت صلاته لترك ركن فسدت صلاتهم، نص عليه أحمد فيمن ترك القراءة يعيد ويعيدون، وكذلك من ترك تكبيرة الإحرام.
وإن فسدت لفعل يبطل الصلاة، فإن كان عمدا أفسد صلاة الجميع، وإن كان عن غير عمد لم تفسد صلاة المأمومين. انتهى.
أما إذا بطلت صلاة الإمام بسبب عذر مانع من استمرارها كوقوع حدث أو تذكره أو نحو ذلك، فيشرع له استخلاف أحد المأمومين، فإن لم يستخلف أحدا فلهم تقديم أحدهم ليكمل بهم الصلاة، وإن شاؤوا صلوا فرادى في غير الجمعة التي تشترط فيها الجماعة.
وللمزيد من التفصيل عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 13647.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(11/10468)
مدى مسئولية كل من الإمام والمأموم عن صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صليت بجماعة في عده مرات وألح الجميع بأن أصلي بهم فهل أحاسب أنا على صلاتهم أم كل واحد يحاسب عن صلاته لوحده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمنفرد والمأموم كل واحد منهما مسؤول عن صلاته فقط، أما الإمام فإنه مسؤول عن صلاته وعن صلاة كل المأمومين، فقد روى أحمد وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين.
قال في "عون المعبود": (الإمام ضامن) أي متكفل لصلاة المؤتمين بالإتمام، فالضمان هنا ليس بمعنى الغرامة بل يرجع إلى الحفظ والرعاية) .
والمقصود أن الإمام لا بد أن يراعي أمورا كثيرة حتى تكون صلاته صحيحة، لأن بطلان صلاة الإمام قد يؤدي في بعض الحالات إلى بطلان صلاة المأمومين عند جماعة من أهل العلم والأمر ليس بالهين.
أما ما يفعله المأمومون من إخلال صلاتهم فإنه ليس على الإمام منه شيء، بل كل واحد منهم مسؤول عن إخلال نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(11/10469)
إمامة المسبوق جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت أصلي المسجد مع الجماعة وبعد الانتهاء وجدت نفسي
أصلي مع اثنين آخرين وأممت بهم..
ما حكم إعادة الصلاة لأجد نفسي أصلي بآخرين؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصد أنك أدركت الصلاة مع الجماعة، وقد فاتك بعضها، فلما قمت للإتيان بما فاتك فائتم بك اثنان دون أن تدري، فصلاتك صحيحة لا نعلم في ذلك خلافا، وصلاتهم صحيحة على الراجح، وليس عليك ولا عليهما إعادة الصلاة، وهل تنال ثواب الجماعة بذلك؟ في ذلك خلاف بين أهل العلم، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 22773.
وإن كنت تقصد شيئا آخر، فبينه لنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(11/10470)
حكم إنصات المأموم للإمام في مسجد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله ... وبعد: يا شيخ الآن لما أصلي في المسجد المغرب أو العشاء ففي الركعتين أو الركعة الأخيرة هناك مساجد أخرى قريبة نسمع قراءتهم وأيضا تأمينهم فماذا نفعل، هل نؤمن معهم وأيضا الآية تقول فاستمعوا له وانصتوا.. وهذا للقرآن الكريم فلم أستمع للقراءة الخارجة أو قراءتي أو قراءة إمامنا مع الدليل؟ وأيضا إيضاح اللبس في الآية، وهل يشرع لي أن أقول آمين معهم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب في حق المأموم في حال جهر الإمام بالقراءة الإنصات لقراءته لقول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204] .
واتفق العلماء على أن الإنصات واجب في هذا الموضع مع اختلافهم في قراءة الفاتحة للمأموم حال جهر إمامه، وإذا أسر الإمام فالواجب على المأموم أن ينشغل بصلاته وقراءته ولا ينصت لخارجي، فضلاً عن أن يؤمن على قراءته.
جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل أن الإنصات القليل لمخبر خارج الصلاة جائز وأن الكثير مبطل للصلاة، قال فيما يجوز في الصلاة:..... ولا لجائز كإنصات قل لمخبر، كإنصات أي استماع من مصل قلّ عرفاً لشخص مخبر له أو لغيره، فإن طال جداً بطلت ولو سهواً، وإن توسط سهواً سجد وعمداً بطلت. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(11/10471)
تصح إمامة من أدرك دون الركعة مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الإمامة بالمأموم؟ مع العلم بأن هذا المأموم
لم يدرك مع الإمام إلا جلسة التسليم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
... فلا خلاف بين أهل العلم في صحة إمامة من أدرك أقل من ركعة مع الإمام، وإنما الخلاف في من أدرك ركعة فما فوق، قال الدردير عند قول خليل ابن إسحاق عاطفاً على شروط الإمامة مبينا من لا تصح إمامته: أو مأموماً.
وليس منه من أدرك دون ركعة فتصح إمامته، وينوي الإمامة بعد أن كان نوى المأمومية لأن شرطه ألا يكون مأموماً. هـ ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 8746.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(11/10472)
حكم التبليغ خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في الجزائرعندما يقول الإمام سمع الله لمن حمده بعض الناس يقول ربنا ولك الحمد والشكر بصوت مرتفع، فهل هذه بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك أنك تقصد ما يسمى عند الفقهاء بالتبليغ، والأصل في الجهر بالتكبير ونحوه للإعلام بالدخول في الصلاة والانتقال فيها أنه من شأن الإمام، فإن كان صوته لا يبلغ من وراءه فينبغي التبليغ عنه من أحد المأمومين، قال ابن قدامة: يستحب للإمام أن يجهر بالتكبير، بحيث يسمع المأمومون ليكبروا، فإنهم لا يجوز لهم التكبير إلا بعد تكبيره، فإن لم يمكنه إسماعهم جهر بعض المأمومين ليسمعهم، أو ليسمع من لا يسمع الإمام لما روى جابر رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر خلفه، فإذا كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر أبو بكر ليسمعنا. انتهى، وهذا الحديث الذي استدل به رواه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه.
وإن كان صوت الإمام مسموعاً فلا ينبغي التبليغ لعدم الحاجة إليه، وأقل أحواله حينئذ الكراهة، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 5748.
وننبه إلى أن إضافة لفظ "والشكر" في الذكر الذي يقال بعد الرفع من الركوع لم نعثر لها على أصل فلا ينبغي فعلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(11/10473)
حكم إمامة المقعد
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تجيبوني على سؤالي وفي أقرب وقت ممكن لأن إجابته منتظرة من طرف جماعة من المسلمين,,, والسؤال هو كالتالي: نحن جمعية إسلامية ونقيم صلاة الجمعة في مسجدنا، وليس لنا إمام راتب بل تقام صلاة الجمعة بالتناوب بين ثلاث إخوة وذلك حسب فراغ أوقاتهم، ومن بين هؤلاء الإخوة أخ طيب وناشط في الجمعية وهو مقعد ويتحرك بواسطة كرسي (عربة) متحرك، فتساءل بعض الناس هل يجوز للأخ أن يصلي بنا الجمعة أم لا؟ وخاصة أن هذه العربة في اعتبارهم قد تمر فوق النجاسة فإذن ليست طاهرة حسب قولهم ,,, أرجوكم أن تفتونا في هذه المسألة وتوضحوا لنا حكم الشرع الحنيف فيها ,,
جزاكم الله عنا خير الجزاء
أخوكم محمد من فرنسا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإشكال في هذا الإمام ليس في احتمال مرور العربة التي يجلس عليها في الصلاة على النجاسة لأنه عند العلم بالنجاسة يمكن أن تغسل، أما عند مجرد الشك فلا يلزمه شيء، لكن الإشكال هو في صلاته بالناس إماماً وهو مقعد، فقد اختلف أهل العلم في جواز إمامة المقعد.
فذهب الحنفية والشافعية إلى جواز ذلك، وذهب المالكية إلى عدم جواز ذلك.
وذهب الحنابلة إلى جواز ذلك إذا كان القعود طارئاً، وكان إمام الحي، وعلى هذا القول الفتوى في الشبكة الإسلامية، وقد تقدم التفصيل في الفتوى رقم: 7834.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(11/10474)
ضابط التخفيف في الإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام يشتكي بعض الناس من تطويله للصلاة رغم أن ما يفعله ثابت في السنة، فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة بالنسبة لمن يصلي بالناس هي التخفيف بهم بحيث لا يؤدي ذلك التخفيف إلى الإخلال بأركان الصلاة، وما ينبغي فيها، ومما يدل لهذا قوله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: يا أيها الناس إن منكم منفرين! فأيكم أمَّ الناس فليوجز، فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة. متفق عليه. واللفظ لمسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1425(11/10475)
الأولى ترك الاقتداء بمن يلحن جاهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج أن يؤم زوجته وهي فصيحة حافظة للقرآن الكريم وهو أمي يلحن في قراءة الفاتحة والسورة القصيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اللاحن إذا كان متعمدا اللحن لا تجوز إمامته، إذا كان لحنه يغير المعنى، ومثله الجاهل الذي يستطيع التعلم ولم يتعلم، والأولى ترك الاقتداء به إن كان لحنه بسبب جهل، ولم يستطع التعلم، ولو اقتدى به المأموم فإن صلاته صحيحة، وإمامته جائزة، وعليك أن تحمدي الله على ما أعطاك من حفظ القرآن وأن تعلمي زوجك بالرفق، وتصححي له أخطاءه، ففي حديث البخاري: خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 18936 / 23898 / 40159.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/10476)
حكم الائتمام بمن يسدل يديه ولا يرفعهما في تكبيرة الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في الصلاة خلف إمام لا يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام وإسبال يديه في الصلاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أنه يسن للمصلي أن يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، لما روى الخمسة إلا ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدا. قال الشوكاني في "نيل الأوطار": والحديث يدل على مشروعية رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام. ثم نقل عن النووي قوله: أجمعت الأمة على ذلك عند تكبيرة الإحرام.
وبهذا تبين حكم رفع اليدين عند الإحرام، وأن الأفضل للمصلي أيا كان إماما أو مأموما أن يفعله، فإن لم يفعله خالف السنة وصحت صلاته، أما بخصوص إسبال اليدين في الصلاة، فلم يقل به إلا المالكية، قال خليل بن إسحاق المالكي عاطفا على مندوبات الصلاة: وسدل يديه. قال شارحه التاج والإكليل: وندب لكل مصل سدل أي إرسال يديه بجنبيه من حين تكبيرة الإحرام، وكره قبضهما بفرض بأي هيئة كان.
وذهب الجمهور إلى استحبابه في الصلاة وهو الصحيح، ودليلهم ما رواه مسلم في صحيحه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده اليمنى على اليسرى وهو قائم يصلي.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 2591، وعلى العموم، فإنه لا مانع من الصلاة مع هذا الإمام الذي يترك هذين المستحبين، لكن ينبغي أن ينبه إلى أن الأولى فعل ذلك اقتداء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/10477)
كيفية إتمام المسبوق صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف كيف أتمم الصلاة إذا وجدت الإمام سبقني بركعة أو أكثر للأأني في الحقيقة لا أعرف كيف، وقد اختلفت آراء الذين سألتهم وأرجو أن ألقى لديكم الصدر الرحب للشرح المفصل؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسبوق بركعة أو أكثر يواصل مع الإمام حتى يسلم ثم يتم بعد سلام إمامه صلاته، ويدل لذلك حديث الصحيحين: فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا.
فعليك أن تتصوري عند سلام الإمام إنك منفردة وإنك قد صليت ركعتين أو ثلاث ركعات فيجب عليك بعد ذلك الإتيان بما بقى، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية للمزيد من التفصيل في الموضوع: 6339، 6182، 534.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/10478)
سبق الإمام المأموم بركن لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في صلاة الظهر في الجامعة وأثناء الصلاة ركع الإمام ثم رفع من ركوعه، ولم أسمعه إلا وهو يقول سمع الله لمن حمده نظراٌ لوجودي خارج المصلى وكان صوت اٌلإمام منخفضاً, فركعت ورفعت وأكملت الصلاة مع الإمام. هل صلاتي صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد تمكنت من الإتيان بما سبقك به الإمام من الركوع فصلاتك صحيحة، قال ابن قدامة في المغني: فإن سبق الإمام المأموم بركن كامل، مثل أن ركع ورفع قبل ركوع المأموم لعذر من نعاس أو زحام أو عجلة إمام، فإنه يفعل ما سبق به، ويدرك إمامه ولا شيء عليه، نص عليه أحمد. وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 13460.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/10479)
الأولى بالإمامة إذا اجتمع مسافرون ومقيمون
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا اجتمع مسافر ومقيم في صلاة جماعة، فمن له الحق بالإمامة المقيم أم المسافر? وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا اجتمع مقيمون ومسافرون، فالأولى بالإمامة أولى المقيمين بها ككونه أقرأ أو أفقه، إلا إذا كان في المسافرين الوالي أو نائبه فهو أولى، وقد بين هذا الإمام الشافعي فقال: أحب للإمام أن يصلي مسافرا أو مقيما، ولا يوكل غيره، ويأمر من وراءه من المقيمين أن يتموا، إلا أن يكونوا قد فقهوا، فيكتفي بفقههم إن شاء الله تعالى، وإذا اجتمع مسافرون ومقيمون، فإن كان الوالي من أحد الفريقين صلى بهم مسافرا كان أو مقيما، وإن كان مقيما فأقام غيره فصلى بهم فأحب إلي إلى أن يأمر مقيما، ولا يولي الإمامة إلا من ليس له أن يقصر، فإن أمر مسافرا كرهت ذلك له إذا كان يصلي خلفه مقيم، ويبني المقيم على صلاة المسافر، ولا إعادة عليه، فإن لم يكن فيهم والٍ فأحب إلي أن يؤمهم المقيم، لتكون صلاتهم كلها بإمام، ويؤخَّر المسافرون عن الجماعة، وإكمال عدد الصلاة.
فإن قدموا مسافرا فأمهم، أجزأ عنهم، وبنى المقيمون على صلاة المسافر إذا قصر، وإن أتم أجزأتهم صلاتهم، وإن أم المسافر المقيمين، فأتم الصلاة أجزأته، وأجزأت من خلفه من المقيمين والمسافرين صلاتهم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1424(11/10480)
إمامة التائب من الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[غفلت عن الدين وزنيت وبعد ثلاث سنوات تاب الله علي وتبت وأممت زميلاتي في الصلاه فهل صلاتهم مقبولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في مبادرتك إلى التوبة من الزنا الذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أعظم أسباب سخط علام الغيوب، ونسأل الله تعالى أن يوفقك إلى الإحسان في مستقبل الزمان، وننصحك بأن تكثري من تلاوة كتاب الله وذكره في كل وقت وحين، ومصاحبة المؤمنات الصالحات.
وبخصوص إمامتك لبعض النساء في بعض الصلوات، فإن كان ذلك بعد التوبة من الزنا، فلا إشكال في صحة الصلاة، وإن كان قبل التوبة، فقد اختلف الفقهاء في حكم الصلاة خلف الفاسق، وقد سبق أن ذكرنا أقوالهم، وأن الراجح صحة الصلاة خلفه، وراجعي الفتاوى التالية: 16978، 24537، 1603.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(11/10481)
لا حرج على التائب من الفاحشة أن يؤم الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في صغري ما بين الثانية عشرة والتاسعة عشرة سنة شاذاً لوطيا يفعل بي وعندها هداني الله عز وجل وله الحمد والشكر على ذلك وحفظت القرآن الكريم كاملا وأقوم به الليل، فهل تجوز لي إمامة الناس في صلاة التراويح؟ علما بأن عمري الآن هو ستة وعشرون سنة.
أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتوبة تهدم ما كان قبلها من الذنوب، وفي الحديث: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. قال المنذري: رواه ابن ماجه والطبراني، كلاهما من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ولم يسمع منه، ورواة الطبراني رواة الصحيح.
وعليه، فلا حرج عليك في أن تؤم في التراويح وفي غيرها، ولا تطلع أحدا أبدا على ما صدر منك من ذنوب، بل استتر بستر الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(11/10482)
إذا استخلف الإمام فهل يلزم المأمومين تجديد النية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب نية الاقتداء بالمستخلف بكسر اللام وشكرا جزيلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا طرأ على الإمام ما يوجب استخلافه من حدث أو رعاف أو نحوهما، فيستحب على الراجح أن يستخلف أحداً من المأمومين، ممن يصلح للإمامة ليتم بهم الصلاة، فإن لم يفعل اختاروا هم من يؤمهم.
وفي حال تقدم الخليفة هل يجب على المأمومين تجديد نية الاقتداء، على اعتبار أنهم صاروا متفردين بمفارقة الإمام أو لا يجب، لأن الخليفة قائم مقام الإمام، وإلى هذا أشار النووي بقوله: "وفي اشتراط نية القدوة بالخليفة في الجمعة وغيرها وجهان، أصحهما وأشهرهما أنه لا يشترط، لأن الخليفة قائم مقام الإمام".
ومما قدمناه يتبين للسائل أن ما عناه هو بالمستخلف بفتح اللام لأنه هو المقتدى به، أما المستخلف بكسر اللام فهو الإمام المنصرف.
وراجع الجواب رقم: 13647.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(11/10483)
حكم الائتمام بإمام الحرم في قاعة خلف الحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة النساء في مكة في القاعة الموجودة في بناية أبراج مكة خلف إمام الحرم صلاة صحيحة، علما بأن القاعة موجودة في الطابق الخامس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح اقتداء المصلين رجالاً أو نساء في هذه القاعة بإمام الحرم إلا إذا اتصلت الصفوف، وذلك يمكن أن يكون عند ازدحام الحرم بالمصلين كما في موسم الحج ورمضان، أما إذا كان في الحرم سعة فلا تصح الصلاة في هذه المصليات لعدم اتصال الصفوف، وذلك على الراجح من أقوال الفقهاء.
وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 9605، والفتوى رقم: 9952، والفتوى رقم: 34335.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(11/10484)
ما يفعل من كان منفردا ثم أصبح إماما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صلى خلف إمام منفرد لكن بعد دخول الإمام في الصلاة وكانت جهرية ماذا يفعل الإمام أيبدأ بالفاتحة من جديد أو يكمل من أول السورة أو يتمم الركعة سرية وبعد ذلك يجهر في الركعة الثانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصيغة السؤال غير واضحة وعلى كل فإن كان المقصود أن من صلى لوحده منفرداً ثم التحق به شخص على اعتبار أنه مقتد به فماذا يشرع لهذا الإمام؟ فالجواب أن هذا الشخص المقتدى به يبقى على حاله من القراءة والجهر في محله والسر في محله، ولا تأثير لالتحاق المأموم به إلا في شيء واحد وهو أنه يستحب له أن ينوي الإمامة لتحصيل فضل الجماعة، قال النووي في المجموع: "ينبغي للإمام أن ينوي الإمامة فإن لم ينوها صحت صلاته وصلاة المأمومين".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1424(11/10485)
حكم تقدم المأمومين على إمام المسجد الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[نرى أن كثيراً من المصلين في المسجد الحرام يصلون في أماكن الطواف، أي أقرب للبيت الحرام من الإمام. ونجد أيضا نقص الصفوف، فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالراجح من أقوال العلماء أن صلاة المأموم متقدماً على إمامه باطلة بلا عذر، فإن كان ثم عذر فالصلاة صحيحة، وهذا في عموم المساجد، وقد بينا هذا في الفتويين رقم: 33993 ورقم: 29826 أما المسجد الحرام، فقد نص الفقهاء في كتبهم على أن التقدم على الإمام إذا كان في نفس الجهة التي هو فيها فالصلاة باطلة، أما إذا كان في غير جهته، فالصلاة صحيحة، قال الإمام النووي وهو شافعي: أما إذا صلوا في المسجد الحرام، فالمستحب أن يقف الإمام خلف المقام، ويقفوا مستديرين بالكعبة، بحيث يكون الإمام أقرب إلى الكعبة منهم، فإن كان بعضهم أقرب إليها منه وهو في جهة الإمام، ففي صحة صلاته القولان الجديد: بطلانها، والقديم صحتها، وإن كان في غير جهته فطريقان: المذهب: القطع بصحتها، وهو نصه في الأم، وبه قطع الجمهور. ا. هـ وقال ابن الهمام في فتح القدير وهو حنفي: وإذا صلى الإمام في المسجد الحرام، فتحلق الناس حول الكعبة، وصلوا بصلاة الإمام، فمن كان منهم أقرب إلى الكعبة من الإمام جازت صلاته إذا لم يكن في جانب الإمام، لأن التقدم والتأخر إنما يظهر عند اتحاد الجانب. ا. هـ وقال في كشاف القناع -وهو حنبلي-: إذا استدار الصف حولها -أي الكعبة- فلا بأس بتقدم المأموم إذا كان في الجهة المقابلة للإمام -يعني في غير جهة الإمام- لأنه لا يتحقق تقدمه عليه. ا. هـ وقال أيضاً: وقال في المبدع: فإن كان المأموم أقرب في جهته من الإمام في جهته جاز، فإن كان في جهة واحدة بطلت. ا. هـ وأما عدم إتمام الصفوف، فهو خلاف السنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: أتموا الصف الأول ثم الذي يليه. رواه الخمسة إلا الترمذي. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10486)
إمامة العزب للمتزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إمامة الغير متزوج بمتزوج؟ الرجاء التفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا مانع من إمامة العزب للمتزوج إن وجدت فيه أهلية الإمامة، وانظر الفتوى رقم: 9642 وأما حديث: شراركم عزابكم. فضعيف، وانظر الفتوى رقم: 27867 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10487)
تصيح الخطأ في القراءة لمن تؤم النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الجماعة عند النساء، كيف يتم تصحيح خطأ الإمامة في القراءة، وهي أصلا تقرأ سرا؟ وما حكم الصلاة في هذه الحال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمرأة إذا أمت النساء في الصلاة الجهرية تجهر دون جهر الرجال ما لم يكن ثم رجال أجانب، وبذا تمكن معرفة ما أخطأت فيه، وانظري الفتوى رقم: 32460 وتسر بحضرة الأجانب، وعند ذلك لا يُمكن لمن خلفها تصحيح أخطائها -كالصلاة السرية- على افتراض أنها أخطأت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1424(11/10488)
حكم صلاة المسابق للإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد بمسجدنا مصل يسجد قبل أن يقول الإمام الله أكبر. وللعلم بأن الإمام يقول الله أكبر عند وصوله إلى موقع السجود. ولقدنصحنا هذا المصلي بعدم مسابقة الإمام ولكنه لم يهتم، فالرجاء منكم النصيحة. وكذلك هل صلاته صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيسن للإمام أن يبتدئ الجهر بتكبيرة الانتقال عند ابتداء الانتقال، ولا يؤخر التكبيرة حتى يصل إلى السجود وهكذا بقية أذكار الانتقال من تكبير وتسميع، والإخلال بذلك من قبل الأئمة قد يبطل على الناس صلاتهم، فكم من المأمومين يدرك الصفوف حال الركوع فيركع معهم ظانا أنه أدرك الإمام راكعا فيعتد بتلك الركعة، ويكون الإمام قد رفع من ركوعه ولكنه أخر النطق حتى وصل إلى حال القيام، بل ذهب الحنابلة القائلون بوجوب تكبيرة الانتقال إلى أنه إن شرع فيه -أي التكبير- قبل الانتقال أو كمله بعده فوقع بعضه خارجا منه متعمدا بطلت صلاته فهو كتركه لأنه لم يكمله في محله، فأشبه من تعمد قراءته راكعا وأخذ في التشهد قبل قعوده.
قال المرداوي في "تصحيح الفروع": قدمه المجد في شرحه وقال هذا قياس المذهب وتبعه في "مجمع البحرين" والحاوي الكبير، وجزم به في المذهب، قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب، والقول الثاني يجزيه للمشقة لتكرره، قال المجد في شرحه ومن تبعه، ويحتمل أن يعفى عن ذلك لأن التحرز منه يعسر، والسهو به يكثر، ففي الإبطال به أو السجود له مشقة، ومال إليه) اهـ. وقال الرحباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى": لم يجزئه على الصحيح من المذهب. اهـ.
وعليه، فتعمد تأخير التكبير حتى يصل إلى السجود مبطل للصلاة على الصحيح من مذهب الحنابلة، وأما الجمهور، فتكبيرة الانتقال عندهم من السنن، فلا تبطل الصلاة بتركها أو وقوعها في غير محلها، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 21631، والفتوى رقم: 26670، والفتوى رقم: 36941.
وأما صلاة هذا المسابق للإمام، فصحيحة وهو آثم، وانظر الفتوى رقم: 32257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/10489)
تحريك اللسان والشفتين ينافي الإنصات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الإنصات للإمام في ما دون الفاتحة واجب؟ -أي أن الذي يقرأ معه آثم أم أن ذلك مستحب.
وهل الإنصات يقتضي عدم تحريك اللسان والشفتين أم لا؟ أي أن الذي يحركهما يعتبر مخالفا للأمر القرآني أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتحريك اللسان والشفتين فهو إما أن يكون مع قراءة سرية أو بدون قراءة فيكون عبثاً وكلاهما مناف للإنصات الذي أمر القرآن الكريم به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1424(11/10490)
حكم صلاة المرأة التراويح اقتداء بالتلفاز
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا يجوز اقتداء المرأة بصلاة التراويح مع أنها تنقل بموعد الصلاة على التلفاز؟ علما أنها تنقل من السعودية الى أمريكا بموعدها المحدد بتوقيت أمريكا.... ومع الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يمكن للمرأة ولا للرجل الائتمام بشاشة التلفاز، ولا بالمذياع، وذلك لفقدان شرط الاتصال المكاني وهو شرط قال به جمهور أهل العلم لصحة اقتداء المأموم بالإمام، فلا يصح أن يكون بين الإمام والمأموم فاصل كبير.
قال صاحب حاشية الجمل وهو شافعي: وثالثها اجتماعهما أي الإمام والمأموم بمكان ... فإن كان بمسجد صح الاقتداء وإن بعدت مسافة وحالت أبنية ... أو كانا بغيره أي بغير مسجد من فضاء أو بناء شرط في فضاء ولو محوطاً أو مسقفاً أن لا يزيد ما بينهما ولا ما بين كل صفين أو شخصين ممن ائتم بالإمام خلفه أو بجانبه على ثلاثمائة ذراع بذراع الآدمي تقريبا ... [1/549] وقال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي: ومنها اتحاد مكان الإمام والمأموم ولأن الاقتداء يقتضي التبعية في الصلاة والمكان من لوازم الصلاة فيقتضي التبعية في المكان ضرورة، وعند اختلاف المكان تنعدم التبعية في المكان فتنعدم التبعية في الصلاة لانعدام لازمها ... [1/145] وللحنابلة مثل ما للأحناف.
أما المالكية فتوسعوا في الموضوع أكثر من غيرهم فأباحوا الاقتداء بالمسمع ولو بعد، ومن المستبعد جداً أن يقصدوا بالمسمع ما كان على مسافة بعيدة جداً إذ الوسائل التي استحدثت لنقل الصوت إلى بعيد لم تكن تتصورها الأذهان قبل استحداثها، فلا يقصدون -إذاً- إلا نقل الصوت إلى أماكن تبعد قليلاً عن المسجد أو عن محل الصلاة، فتبين من جميع ذلك أن الاقتداء بالتلفاز من أمريكا بإمام المسجد الحرام لا يصح.
ولا فرق فيه بين صلاة الفرض وصلاة النفل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1424(11/10491)
إمامة المرأة بالنساء في الفرض والنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن تقوم المرأة بإمامة فتاتين إحداهما تلبس بنطلونا والأخرى كف قدمها غير مغطى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم جواز إمامة المرأة لمثيلاتها في الفرض والنفل على السواء، وانظر الفتوى رقم: 5796.
أما بخصوص صلاتها في البنطلون، فتراجع لها الفتوى رقم: 21983.
أما فيما يتعلق بصلاة المرأة غير ساترة لقدميها، فهو مبطل للصلاة على الراجح من أقوال أهل العلم، لأنهما من عورتها، وقيد بعض أهل العلم ذلك بالقدرة والذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(11/10492)
حكم الصلاة خلف إمام متصوف صاحب معتقدات باطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف رجل متصوف يدعي أن عذاب النار في الآخرة سيتحول إلى عذوبة وأن كل الأمم ستلقى جزاءها قبل الموت ثم تدخل الجنة وأن إبليس موحد لأنه لم يسجد لغير الله إلى غير ذلك من معتقدات الصوفية علما بأنه لا يحسن الصلاة ولا يستطيع الناس متابعته لشدة سرعته وحينما يردونه يدعي أن الإمام يتحمل عن المأموم، فما حكم الصلاة خلفه؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسائل التي يعتقدها الإمام المذكور هي من قبيل الخرافات، وبطلانها واضح في كتاب الله تعالى، وتوضيح ذلك كما يلي:
أولاً: تحول عذاب النار إلى عذوبة، فإن عذاب جهنم في منتهى الحرارة والألم، وغير منقطع بالنسبة لمن مات على الكفر، لقوله تعالى: نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة إنها عليهم موصدة في عمد ممددة (الهمزة:6-9) وقال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُور (فاطر:36) وقال تعالى: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ (النساء:56) .
ثانياً: جزاء الأمم كلها في الآخرة لقوله تعالى: وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ (آل عمران: 185) كما أن الناس يوم القيامة على قسمين سعداء ومصيرهم الجنة، وأشقياء ومصيرهم النار، قال تعالى: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ*فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ*خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ*وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (هود:105-108)
وعليه؛ فليس كل الأمم تدخل الجنة.
ثالثاً: بالنسبة لإبليس فإنه متصف بأشد أنواع الكفر، وهو كفر العناد والجحود، قال تعالى: وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (الاسراء: 27) ، كما إنه يدعو إلى الكفر كما قال تعالى: كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْك (الحشر: 16) وقال تعالى: إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (فاطر: 6) ، أما كون الإمام لا يحسن الصلاة ولا يقيم أركانها، فهذا مبطل لصلاته وصلاة من خلفه، بدليل حديث المسيء صلاته الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فصل فإنك لم تصل والحديث متفق عليه.
وكون الإمام يحمل عن المأموم جميع أركان الصلاة قول باطل، وإنما يتحمل سهو المأموم عن سنن الصلاة وقراءة الفاتحة فقط من الفرائض عند بعض أهل العلم، ففي رسالة ابن أبي زيد القيرواني: وكل سهو سهاه المأموم فالإمام يحمله عنه إلا ركعة أو سجدة أو تكبيرة الإحرام أو السلام أو اعتقاد نية الفريضة. انتهى.
وعليه؛ فإن الإمام المذكور لا تصح الصلاة خلفه إن كان حاله كا ذكرت.
وراجع الجوابين التاليين:
24012 / 4159
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(11/10493)
إمامة الصبي المميز صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يَؤم صبي 10 سنين أمه أو أخته فى الصلاة، والعكس؟ فى بعض البلاد العربية يؤخرون صلاة الظهر جماعة إلى ما قبل العصر بنصف ساعة مع صلاتها أيضا فى بداية الوقت؟ هل يجوز هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصبي الذي بلغ سن التمييز تصح إمامته لغيره، كما في الفتوى رقم: 62.
أما إمامة المرأة لذكر ولو غير بالغ، فالراجح عند أهل العلم أنها لا تجوز، قال الإمام النووي في المجموع: واتفق أصحابنا على أنه لا يجوز صلاة رجل بالغ ولا صبي خلف امرأة، حكاه عنهم القاضي أبو الطيب والعبدري.
إلى أن قال النووي: وسواء في منع إمامة المرأة للرجال صلاة الفرض والتراويح وسائر النوافل، هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف رحمهم الله تعالى، وحكاه البيهقي عن الفقهاء السبعة فقهاء المدينة التابعين، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وسفيان وأحمد وداود، وقال أبو ثور والمزني وابن جرير تصح صلاة الرجال وراءها، حكاه عنهم القاضي أبو الطيب العبدري، وقال الشيخ أبو حامد: مذهب الفقهاء كافة أنه لا تصح صلاة الرجال وراءها إلا أبا ثور. والله أعلم.
وعليه فإن إمامة الصبي هنا صحيحة ولا يجوز له أن يصلي مأموماً خلف أمه أو أخته.
أما ما تفعله هذه الجماعة فهو خلاف الأفضل، إذ يفوتهم أداء الصلاة في أول وقتها، وذلك مستحب لكونه من المسارعة إلى فعل الخير التي أمر الله تعالى بها، حيث قال تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات.
وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، قال: قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قال: قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/10494)
الإمام الراتب أحق بالإمامة من غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
وتقبّل الله صيامكم
ماهي حقوق الإمام على المصلين، وهل إذا تأخر الإمام قليلاً عن مواعيد الإقامة ينتظر أم يقدّم غيره للصلاة بالناس، وكم ينتظر، وما هو حكم صلاة الجماعة إذا أقاموا الصلاة دون انتظار الإمام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإمام الراتب هو الأحق بالإمامة، ومن حقه على المصلين ألا يتقدم عليه أحد إلا بإذنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولا تؤمن الرجل في أهله ولا في سلطانه، ولا تجلس على تكرمته في بيته إلا أن يأذن لك أو بإذنه. رواه مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أتى أرضاً له وعندها مسجد يصلي فيه مولى له، فسألوه أن يؤمهم فأبى، وقال: صاحب المسجد أحق.
جاء في المقنع: وإمام المسجد أحق بالإمامة.، وقال النووي: إن صاحب البيت والمجلس أحق، وإمام المسجد أحق من غيره.
ثم أن التقدم على الإمام في الإمامة بدون إذنه افتئات عليه وكسر لقلبه، وسبب في أسباب نشر الفوضى بين المصلين، وزرع العداوة والبغضاء.
فإذا تأخر الإمام عن موعد الإقامة يُنتظر ولا يقدم غيره، إلا إذا تجاوز الإمام ما تعارف عليه أهل المسجد من حاله في الإقامة، وقام عندهم اليقين على تغيبه، فتشرع لهم إقامة الصلاة وتقديم الأولى في الإمامة، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، وإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلماً. رواه مسلم.
وإذا أقاموا الصلاة دون انتظار للإمام فقد اعتدوا، وعلى المصلين الامتناع عن مشاركة مغتصب الإمامة، بل ومنعه من ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، وصلاتهم صحيحة على كل حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1424(11/10495)
اختلاف نية الإمام والمأموم جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي وراء إمام ينوي هو الركعتين التاسعة والعاشرة من صلاة التراويح (قيام رمضان) وأكون أنا ناوياً لركعتي الشفع في نفس الركعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اختلاف نية المأموم عن نية إمامه جائز مطلقاً، إلا أن تختلف الأفعال الظاهرة للصلاتين، وهذا مذهب الشافعي ومن وافقه، وقد سبق أن بينا أدلة هذا القول في الفتوى رقم: 3201.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1424(11/10496)
تصح إمامة من يلحن لحنا لا يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح إمامة هندي لا يجيد نطق بعض الحروف العربية للعرب إذا كان هو أحفظ منهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حكم اللحن في قراءة القرآن سواء كان في الفاتحة أو غيرها، قد جاء مفصلا في الفتوى رقم: 23898.
فإذا كان الإمام المذكور لديه لحن لا يبطل الصلاة، وكان أحسن الجماعة حفظا ومعرفة بكتاب الله تعالى وبأحكام الصلاة، فهو الأولى، لقوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. رواه مسلم
ولا ينبغي النظر إلى كون الإمام من جنسية معينة، فإن معيار التفاضل في الإسلام هو التقوى والعمل الصالح، بغض النظر عن اللون والجنس.
قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13] .
وراجع الفتوى رقم: 6682.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1424(11/10497)
أحكام في طروء الحدث على الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الصلاة عندما يُحدث الإمام وهو يقرأ التشهد الأخير هل يسلم؟ أم يأمر بإكمال الصلاة من المأموم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على هذا الإمام أن ينصرف من الصلاة فورا، فإن كانت الصلاة صلاة جمعة، وجب عليه أن يستخلف من يتم بالناس الصلاة ممن تنطبق عليه شروط الإمامة، وإن كانت غير صلاة الجمعة استحب له أن يستخلف أحد المأمومين، ويجوز أن يخرج بلا استخلاف، ويتم الناس صلاتهم فرادى.
ولمزيد من الفائدة، راجع الفتوى رقم: 13189، والفتوى رقم: 18061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(11/10498)
لا ينبغي للإمام أن يؤم الناس وهم له كارهون
[السُّؤَالُ]
ـ[الإمام يؤم الناس وهم له كارهون ... ما موقف الناس.هل يصلون وراءه؟ والى متي؟ وما مصير الصلاة التي يكثر الشرود فيها نتيجة عدم رضا المأمومين؟ أم لا نصلي خلف هذا الإمام؟ وما العمل في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا الإمام إماماً راتباً وكان كرهكم له لخلل في دينه، فلا بأس من رفع الأمر إلى المسؤول عن الأئمة للنظر فيه.
ولا ينبغي لهذا الإمام أن يؤم الناس وهم له كارهون، قال صاحب التاج والإكليل من فقهاء المالكية: قال ابن رشد وإن خاف كراهية بعضهم استأذنهم، وإن كرهه أكثر جماعته أو أفضلهم وجب تأخره، وأقلهم استحب. ا. هـ
أما إذا كانت كراهة المأمومين للإمام بغير حق، فقد قال البهوتي في كتابه كشاف القناع: أما إن كان الإمام ذا دين وسنة فلا كراهة في حقه أي في حق الإمام في الصلاة بهم، والكراهة على المأمومين.
وراجع الفتوى رقم:
6359
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(11/10499)
لا فرق بين كون الإمام داخل المحراب أو خارجه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن كيفية إقامة الصلاة في الجماعة، هل تقام حين يدخل الإمام المحراب، أو ليس فيه حرج إن أقيمت وهو خارج المحراب، وما حكم وجوبه؟ أفيدوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوقت الإقامة عند إرادة الدخول في الصلاة، بشرط أن لا يطول الفصل إلا بمندوب، كأمر الإمام بتسوية الصفوف.
ولا يقيم المؤذن الصلاة حتى يأذن له الإمام، فإن علم إذنه فلا بأس، وفي جامع الترمذي عن جابر بن سمرة قال: كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمهل فلا يقيم، حتى إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج -أي من حجرته- أقام الصلاة حين يراه. قال الترمذي حديث حسن صحيح.
ولا فرق بين أن يكون داخل المحراب أو خارجه، وانظر الفتوى رقم: 5431.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(11/10500)
الصلاة خلف أهل البدع.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما حكم من يصلي وراء إمام صاحب بدعة؟ بل ويحارب سنن رسول الله أشد محاربة، وهل واجب على السائل أن يسافر مسافة حوالي 200 كلم من أجل حضور صلاة الجمعة في منطقة أخرى؟ مع العلم بأن السفر فيه تعب ومشقة، وأن كل المساجد بمنطقته بهذا الشكل.
أفيدونا أفادكم الله والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن الصلاة خلف صاحب البدعة في الفتوى رقم: 1636 والفتوى رقم: 19506.
ولا يلزمك أن تسافر المسافة المذكورة لحضور الجمعة أو الجماعة قطعا، ولا يجوز لك أن تترك الجمعة بحجة أن الإمام مبتدع، بل يجب أن تصلي خلفه.
وقولك: إن كل المساجد بمنطقته بهذه الشكل، يجعلنا نشك في كون الإمام المسؤول عنه صاحب بدعة، فإنه يبعد أن تكون كل المساجد في بلد من بلاد المسلمين على البدعة، وعلى كل، فإذا كان الأمر كما ذكرت، فقد تقدم الكلام عن الصلاة خلف أهل البدعة في الفتوى المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(11/10501)
هل يجوز ترك الصلاة خلف الإمام الراتب لأجل قراءته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يأثم المرء إذا صلى خلف رجل وهو يعلم أنه يجيد قراءة القرآن وتلاوته أفضل من الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز ترك الصلاة خلف الإمام الراتب، ما دامت قراءته خالية مما يؤدي إلى بطلانها، كاللحن الجلي، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 26331.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(11/10502)
حكم وقوف الإمام مع المأمومين في صف واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أن يصلي مع المصلين في الصف الأول دون أن يتقدمهم بسبب ضيق المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن يتقدم الإمام ويصطف المأمون خلفه إن كانوا اثنين فأكثر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة تقدم وقام أصحابه خلفه، ولما روى مسلم في صحيحه: أن جابراً وجبارا وقف أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، فأخذ بأيديهما حتى أقامهما خلفه.
واستثنى العلماء إمام العراة فقالوا المستحب أن يصلي وسطهم، قال النووي في المجموع: فإن لم يكن فيهم مكتسٍ وأرادوا الجماعة، استحب أن يقف الإمام وسطهم ويكون المأمون صفا واحداً حتى لا ينظر بعضهم إلى عورة بعض، فإن لم يمكن إلا صفان صلوا وغضوا الأبصار.
وعلى هذا فإن كان هذا المسجد يتسع لإقامة أكثر من صف، فالسنة أن يتقدم الإمام والثاني خلفه، وإلا فلا حرج في أن يقف بينهم لأن تقدمه سنة وليس واجباً، ومصلحة الاجتماع إلى الصلاة أعظم من مصلحة تقدم الإمام على المأموم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(11/10503)
يقدم الأكثر تجويدا للقرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أحق بالإمامة في المساجد في الصلوات الجهرية الأكثر حفظا للقرآن أم الأعذب صوتا في القراءة (في حالة كونهما على نفس الدرجة في تجويد القرآن) وماهو الحل في حالة أن أحدهما أفضل من الآخر في التجويد؟ ....وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان في حفظ القرآن وجودة تلاوته سواء، فيقدم منهما الأعلم بالسنة لا أعذب صوتا، فإن كان أحدهما أفضل تجويدا للقرآن قدم، وانظر تفصيل ما ذكرنا في الفتاوى بالأرقام التالية: 29556، و 36316، و 31960.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(11/10504)
حكم إمامة المصاب بالتطير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذي يتشاءم من أيام الأسبوع يدخل في الشرك أم لا؟ وهل تجوز الصلاة خلفه إذا كان إماما لأحد المساجد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التشاؤم والتطير شرك وسوء ظن بالله تعالى، فمن اعتقد أن التشاؤم والطيرة تجلب له نفعاً أو تدفع عنه ضراً إذا عمل بمقتضاها، فقد أشرك بالله تعالى لاعتقاده أن شيئاً سوى الله تعالى ينفع أو يضر استقلالاً، ومن وجد في نفسه شيئاً من ذلك فليذهبه بالاعتماد على الله والتوكل عليه، وليقل: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك.
فعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الطيرة شرك، الطيرة شرك..ثلاثا وما منا إلا.. ولكن الله يذهبه بالتوكل " رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
فإذا كان هذا الإمام الذي يتشاءم بأيام الأسبوع يعتقد أن شيئاً سوى الله ينفع أو يضر، فيعمل بمقتضى تشاؤمه وترده طيرته عن حاجته أو تمضيه إليها، فهذا شرك جلي لا تجوز الصلاة خلف صاحبه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك" رواه أحمد. وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك" رواه أحمد.
أما إذا كان ذلك مجرد شيء يجده في نفسه أو خطرة تخطر بباله ولا يعمل بمقتضاها، فهذا قلَّ من يسلم منه وليس بشرك ولا يضر، وهو الذي قال عنه ابن مسعود رضي الله عنه: "وما منا إلا.. "قال الخطابي: (معناه إلا من تعتريه الطيرة ويسبق إلى قلبه الكراهة فيه.. ولكن الله يذهبه بالتوكل) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10505)
أقوال العلماء في حكم إمامة حالق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
فتوى رقم3591 غير واضحة، لأننا نعلم من هو أولى بالإمامة من الحديث المذكور، ولكن الذي نحتاج تفصيله هو أنه إذا كان غير الملتحي هو الأعلم وهم كثر هذه الأيام، فهل يقدم عليه الملتحي وهو أقل منه علما؟ هذا هو المشكل عند الناس، وقس على ذلك لبس البنطال والجرفتّه وغيرها أفيدونا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فذهب جمهور العلماء إلى أن الأعلم هو الأحق بالإمامة من الأقرأ، وذهب الحنابلة إلى أن الأقرأ هو الأولى.
لكن إذا كان الأعلم فاسقا، فالجمهور على كراهة الصلاة خلفه، وذهب الحنابلة وهو قول في مذهب المالكية، إلى عدم جواز الصلاة خلفه.
والفاسق هو: فاعل الكبيرة أو المداوم على الصغيرة، والسؤال هنا: هل حالق اللحية فاسق؟
والجواب: أن في حلق اللحية قولين: فالجمهور على التحريم، وأنه صغيرة، والشافعية على الكراهية، والمُفتَى به في الشبكة هو مذهب الجمهور، وعليه، فالمداوم على حلق اللحية فاسق تكره الصلاة خلفه على مذهب الجمهور، وتحرم على مذهب الحنابلة، وعليه، فغير الحالق (الذي تصح الصلاة خلفه) أولى بالإمامة من الحالق الأعلم.
أما لبس البنطال والكرافته، فليس بحرام، كما هو مبين في الفتوى رقم: 12438.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(11/10506)
لا يحق للموظف تعيين غيره للقيام بمهامه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا إمام في القرية مرسّم من قبل الأوقاف ويقوم باستئجار من ينوب عنه في الصلاة، وعندما كلمناه قال إن ذلك جائز، مع العلم بأن الذي ينوب عنه ليس كفئا للإمامة. أرجو الرد سريعا أثابكم الله. هل يجوز لي أن أصلي في المسجد المجاور له لهذا السبب؟ أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما يفعله هذا الإمام من التخلف يعد خيانة لتلك المسؤولية التي وكلت إليه، ولا يعفيه من هذه المسؤولية كونه عين شخصا للقيام بدلاً عنه خصوصا إذا كان هذا البديل غير كفء لتولي الإمامة وغير مأذون له من الجهة التي ترعى شؤون المسجد، وانظر الفتوى رقم: 25176.
أما بخصوص ما سألت عنه من ترك الصلاة في هذا المسجد الذي حال أمامه على النحو المشار إليه آنفا واستبداله بمسجد آخر، فالأصل أنه لا حرج في ذلك ما لم يترتب عليه تعطيل مسجد الحي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1424(11/10507)
هل يحق للمسبل أن يكون خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يكون بين المصلين في السترة خلف الإمام مسبل ثوبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا لم نفهم مرادك على وجه التحديد أيها الأخر السائل الكريم، وإذا كنت تريد حكم الإسبال فقد تقدم مفصلا في الفتاوى التالية: 5943، 12984، 26639، 21266، 14417، 32479.
وفيها حكم الصلاة في الثوب المسبل.
وإذا كان مقصود السائل بالسترة خلف الإمام هو المكان الذي يلي الإمام، فإنه لا ينبغي أن يكون خلف الإمام إلا أفضل القوم علما ودينا، قال الإمام النووي في شرحه على مسلم عند حديث: ليلني منكم أولو الأحلام والنهى. في هذا الحديث تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام، لأنه أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاجه الإمام إلى الاستخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيره، وليضبطوا صفة الصلاة، ويحفظوها وينقلوها ويعلموها للناس، وليقتدي بأفعالهم من وراءهم، ولا يختص هذا التقديم بالصلاة، بل السنة أن يقدم أهل الفضل في كل مجمع إلى الإمام وكبير المجلس، كمجالس العلم والقضاء والذكر والمشاورة.. انتهى المراد منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1424(11/10508)
حكم الصلاة خلف إمام يطوف حول القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل تجوز الصلاة وراء إمام صوفي يطوف على القبور؟ وهل تجوز أيضا وراء طلابه الصوفيين؟
أرجو منكم الإجابة على هذا السؤال الذي أرى أنه مهم جداً.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الطواف عبادة شرعها الله عز وجل في مكان مخصوص، فلا يجوز فعلها في غيره باتفاق المسلمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: فإن الطواف لا يشرع إلا بالبيت العتيق باتفاق المسلمين، ولهذا اتفقوا على تضليل من يطوف بغير ذلك، مثل من يطوف بالصخرة أو بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم، أو بالمساجد المبنية بعرفة أو منى، أو غير ذلك، أو بقبر بعض المشايخ أو بعض أهل البيت، كما يفعله كثير من جهال المسلمين، فإن الطواف بغير البيت العتيق لا يجوز باتفاق المسلمين، بل من اعتقد ذلك دينا وقربة، عُرِّف أن ذلك ليس بدين باتفاق المسلمين، وأن ذلك معلوم بالضرورة من دين الإسلام، فإن أصر على اتخاذه ديناً قتل.
ومراد شيخ الإسلام بقوله قتل: أنه يقيم عليه السلطان حد الردة، لأنه أنكر ما علم من الدين بالضرورة، ويجب التنبيه إلى أن الحد لا يقيمه إلا السلطان أو نائبه.
وبهذا يتضح أن من طاف بالقبر متقرباً بذلك إلى الله عز وجل، فإنه مبتدع ضال، يجب أن يُعرَّف أن هذا ليس من دين الإسلام باتفاق المسلمين.
أما من طاف بالقبر تذللاً وتعبداً لصاحب القبر، فإن هذا مشرك شركاً أكبر مخرجاً من الملة، لأنه صرف شيئاً من العبادة لغير الله.
وهذا الإمام المسؤول عنه إما أن يكون من الصنف الأول، وهذا صلاته صحيحة لنفسه، ولا ينبغي الاقتداء به، إلا إذا كان ترك الاقتداء به مؤدياً إلى ترك الجمعة والجماعة، فإنه يقتدى به في هذه الحال، وقد بينا حكم الصلاة خلف أهل البدع في الفتوى رقم: 24730 فلتراجع.
أما إن كان من الصنف الثاني، فلا تصح الصلاة خلفه بحال، والواحد من تلامذته إن كان يطوف بالقبر أيضاً يجري عليه التفصيل السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10509)
قاعدة نفيسة في باب الإمامة وأحكامها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إمام المسجد؟ ما هي شروط إمام المسجد؟ من يقدر أن يصير إماما للمسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على جماعة المسلمين أن يقيموا صلاة الجماعة في المساجد، وأن يتخذوا إمامًا لها. وقد بيَّنَّا ذلك في الفتوى رقم: 21135.
أما شروط الإمامة فقد سبق بيانها مع بيان بعض أحكامها في الفتاوى التالية: 9642، 26331، 11106، 26508.
هذا وقد ذكر العلماء كثيرًا من أحكام الإمامة، لكن يضيق المقام هنا عن حصرها، ومنها: إمامة الأمي للقارئ أو إمامة الأمي لمثله، وجماع ذلك كله قاعدة نفيسة تضبط هذا الباب وتلم شمله، وهي: من صحت صلاته في نفسه صحةً مغنيةً عن القضاء جاز الاقتداء به ذكرها بدر الدين الزركشي في "البحر المحيط"، والشبراملسي في حاشية "أسنى المطالب"، والصنعاني في "سبل السلام".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(11/10510)
حكم إمامة المضيف الجوي
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام مسجدنا على علم ودين وخلق ويقدم أحد طلبته للإمامة بالمسجد بنا وهذا الشخص يعمل مضيفا جويا بالطائرة فهل تجوز الصلاة خلفه؟ مع أننا لا نعرف إن كان يقدم الخمور أم لا.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن موضوع الإمامة من المواضيع التي اعتنى بها الدين الإسلامي. وقد اختلف أهل العلم في الأحق بها. فقال أبو حنيفة والثوري وأحمد: يؤم الناس أقرؤهم. لما روى الإمام مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يَؤُمّ الْقَوْمَ أقرؤُهُمْ لِكتَابِ الله، فإنْ كَانُوا فِي الْقرَاءةِ سواءً، فأعلمهُم بالسنّةِ ... الحديث.
وقال مالك والشافعي وأصحابهما: الأفقه مقدم على الأقرأ؛ لأن الذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط، والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط، وقد يعرض في الصلاة أمر لا يقدر على مراعاة الصواب فيه إلا كامل الفقه. قالوا: ولهذا قدم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر في الصلاة على الباقين، مع أنه نص على أن غيره أقرأ منه ... انظر شرح النووي على صحيح مسلم (5/173) .
وعلى كلا المذهبين، إذا أم الشخص المفضول مع وجود الفاضل صحت الصلاة، إلا أن العلماء كرهوا إمامة الفاسق، وليس يلزم أن يكون المضيف الجوي فاسقًا. وبناء على ذلك فإن صلاتكم خلفه صحيحة، وخاصة أن الذي يقدمه للإمامة قلت: إنكم تثقون في دينه وعلمه وخلقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/10511)
تولي الإمامة أفضل من تولي الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو ثواب الإمام على المصلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإمامة في الصلاة لها فضيلة في نفسها، فمن تقلدها وقام بحقها فقد حصل على أجر عظيم، وقد تولاها النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون من بعده، ولم يتولوا الأذان وهم لا يختارون إلا الأفضل؛ ولأن الإمامة يختار لها من هو أكمل حالاً وأفضل، ولذلك ذهب أكثر الفقهاء إلى أن تولي الإمامة أفضل من تولي الأذان. وأما الثواب بين الإمام والمأموم فمشترك، كما أشار إلى ذلك العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام، حيث قال: ومنهم من فضل الإمامة لتسبب فضل الإمامة إلى إفادة فضل الجماعة لنفسه وللحاضرين، وصلاة الجماعة تزيد على صلاة المنفرد بخمس وعشرين درجة أو سبع وعشرين درجة على ما جاءت به السنة، ولا يوجد مثل هذا في الأذان، فإن قيل: هل يؤجر المؤتم على إفادته الإمام فضل الجماعة؟ قلنا: نعم، لقوله عليه السلام: (من يتصدق على هذا؟) . اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/10512)
صاحب اللحية أولى بالإمامة أم الحليق الأجود تلاوة وعلما
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله. قرأت فتواكم جزاكم الله خيرا على تقديم صاحب المعصية الظاهرة في الإمامة وسؤالي إذا كان صاحب المعصية الظاهرة من حلق لحية أو شرب دخان قد ابتلي بها- نسأل الله أن يتوب على المسلمين- ومع ذلك عُرف عنه حب الله ورسوله وهو في قراءته أفضل بكثير ممن ليست عنده معصية ظاهرة، بل إنه قد يلحن في القراءة، فأيهما يتقدم للإمامة نسأل الله أن يدلنا وإياكم للصواب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ينظر في لحن هذا الرجل الملتحي، فإن كان لحنه لحنًا خفيفًا لا يغير المعنى، كأن يترك المدود والإدغام والإقلاب مثلاً، فلا شك أنه - والحالة هذه - يقدم على الرجل الحليق، وذلك لسببين:
أولهما: أن تقديم الحليق تشجيع له ولغيره على هذا المنكر، وخاصة أن هذا التقويم يقتضي تكريمًا للمقدم في أعظم ركن من أركان الإسلام، وينبغي أن يكون المتصدر له على قدر من التقى والورع.
ثانيهما: مراعاة لقول بعض العلماء بأن الفاسق لا تصح الصلاة خلفه ولم يفرق في ذلك بين من كان فسقه متعلقًا بالصلاة أو غيرها. قال خليل بن إسحاق المالكي، عاطفًا على من لا تصح إمامتهم: أو فاسقًا بجارحة.، قال الخرشي في شرحه لهذا النص: أي إن صلاة من اقتدى بفاسق بجارحة باطلة، وظاهره سواء كان فسقه بارتكاب كبيرة لم تكفر أو صغيرة. اهـ
أما إن كان هذا الرجل الملتحي يلحن لحنًا جليًّا فيه تغيير للمعنى فلا تصح إمامته. كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
23898.
فإذا لم يوجد من يصح تقديمه للصلاة إلا هذا الملتحي أو ذلك الحليق، فإنه يقدم عليه؛ وذلك لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم أن الفسق إذا لم يكن متعلقًا بالصلاة، فإنه يصح الاقتداء بصاحبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(11/10513)
الإمام المذكور ارتكب محذورين شرعيين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا إمام يسكن بالمسجد، قد وكل من يصلي عنه، ويعطيه مبلغا من المال، وبعض الأحيان لا نرى الإمام الراتب أسبوعا كاملا أو أكثر، وإذا سألنا أبناءه أخبرونا أنه بالمنزل، وقد نصحه أكثر من شيخ، ونصحه الناس، ونحن على هذه الحال قرابة سنتين، فهل نكون من المتسترين عليه إذا لم نبلغ الأوقاف، أو إذا منعنا الناس من إبلاغ الأوقاف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم في الفتاوى التالية أرقامها: 6424، 25167، 35050، أن الإمام الذي يأخذ على إمامته أجرًا أو عطاء لا يجوز له أن يوكل من يصلي بالناس مكانه بغير حاجة ولا ضرورة، إلا إذا أذنت له الجهة المسؤولة؛ وعليه فإذا كان الأمر كما ذكرتم من إهمال هذا الإمام لواجبه مع نصحكم له، فينبغي لكم أن تخبروا الجهة المسؤولة حتى يلزموه بالواجب، وسكوتكم عن الإبلاغ أو منعكم من يريد الإبلاغ قد يكون فيه إعانة على الإثم والعدوان. والله تعالى يقول: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
ونشير في الأخير إلى أن هذا الإمام قد ارتكب محذورين شرعيين:
الأول: ما سبق ذكره من إهماله الواجب الذي كُلِّفَ به.
والثاني: تركه صلاة الجماعة في المسجد مع القدرة عليها، ويزداد الأمر سوءًا عندما يكون جار المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(11/10514)
سوء الظن بمن ظاهره الصلاح محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما يكون شخص ما يصلي وراء إمام لم يطمئن نفسيا له لعدة مرات فهل عليه شيء؟ وماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تحسن الظن بالإمام؛ لأن الأصل في الإمام حمله على العدالة، ولا سيما إذا كان من أهل العلم والصلاح الظاهر، وإيَّاك أن يحرمك الشيطان من صلاة الجماعة بسبب عدم طمأنينتك نفسيًّا للإمام. واعلم بأن سوء الظن بمن ظاهره الصلاح محرم. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات:12] .
وقد فسر ابن كثير الظن المنهي عنه بالتهمة والتخون للأهل والناس في غير محله. وذكر قول عمر رضي الله عنه: لا تظننّ بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيرًا وأنت تجد لها في الخير محملاً.
وذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بِالْكَعِبَةِ وَيَقُولُ: مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ. مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بَيَدِهَ! لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ الله حُرْمَةً مِنْكِ. مَالِهِ وَدَمِهِ، وَأَنْ يظن بِهِ إلاَّ خَيْراً. رواه ابن ماجه.
واعلم بأنه لا مانع من التحري والبحث عن أفضل الأئمة للصلاة خلفه، فقد كان الصحابة يتجاوزون مساجد أحيائهم ليصلوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وفي مسجده. ولكن إذا لم يوجد إلا مسجد واحد فلا تترك الصلاة في الجماعة خلف ذلك الإمام، ولا مانع من مناصحته سرًّا وبيان ما يلاحظ عليه إن كنت متأكدًا منه.
وراجع في صحة الصلاة خلف العصاة والمبتدعة الذين لم تبلغ بدعتهم درجة الكفر، الفتوى رقم: 23182، والفتوى رقم: 7445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(11/10515)
أمثال المذكور ليسوا أهلا لإمامة المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا إمام مسجد حافظ لقدر كبير من القرآن الكريم ولكننا تفاجئنا بعد ذلك وذهلنا من أنه يعمل عمل قوم لوط ويكون دروه دور المفعول به وبعد ما قمنا بمواجهته كانت تبريراته للأمر واهية حتى أنه أرسل لي أنا شخصيا بعد المواجهة برسالة من الهاتف النقال وكانت رسالته نصها آية قرآنية (وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) قمنا بعد ذلك بمنعه من الإمامة ولكن هناك بعض الأصدقاء الملتزمين من خارج البلدة لا يعرفون عنه شيئاً ويذهب ليأتم بهم السؤال هل فعلنا بمنعه عن الإمامة جائز؟ وهل يجب علينا إبلاغ هؤلاء الأصدقاء عن أمره حتى لا يأتم بهم؟ ثم أننا قلنا لعله يتوب ولكن علمنا بعد فترة من هذه الحادثة بأنه لا يزال يفعل هذا الأمر ويغوي الشباب في هذا الأمر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أحسنتم في منع الشخص المذكور من الإمامة، لعل ذلك يكون رادعاً له، وزاجراً عن اقتراف هذا المنكر العظيم، ولا يجب عليكم إبلاغ أصدقائكم بأمره، لكن ينبغي نصحه ودعوته إلى التوبة، وتهديده بإبلاغ المسؤولين عنه في حال استمراره في الغواية، مع دعوته إلى ترك إمامة الناس مطلقاً، فإنه ليس أهلاً لهذا العمل الشريف، وإن ثبت بالبينة رجوعه إلى المنكر، فارفعوا أمره إلى القاضي الشرعي لينزل به ما يستحقه من العقوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(11/10516)
حكم تقليد الإمام أصوات القراء أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[- هل يجوز الإمام يصلي بالناس أن يقلد أصوات القراء في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع للإمام من تقليد أصوات القراء أثناء الصلاة، إذا كان الحامل على ذلك محاولة ترتيل القرآن وتحسين صوته؛ لأن ترتيل القرآن واجب في الصلاة وفي غيرها. قال تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [المزمل:4] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10517)
نصيحة للأئمة والمؤذنين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من نصيحة للأئمة والمؤذنين الذين يتغيبون عن مساجدهم بدون عذر شرعي؟ وخاصة صلاة الفجر، ويحتجون بأنهم أقاموا من يؤذن ويصلي عنهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجماعة واجبة على الأعيان، إلاَّ لعذر من الأعذار المعتبرة شرعًا، كالمرض والمطر ونحوهما، مما ذكره أهل العلم في مواطنه. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الجماعة في المسجد لأدلة، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلاَّ من عذر. رواه ابن ماجه.
هذا تذكير يذكر به عموم المصلين، وهو المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد وعدم التخلف عنها إلاَّ لعذر. أما الإمام الذي رتب ليكون إمامًا للمسلمين وأعطي عطاءً في مقابل ذلك، فالأمر في شأنه أشد، فيجب عليه حفظ الأمانة بقدر الطاقة، فإن الله عز وجل يقول: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] .
ولا يجوز له التخلف عن الجماعة لغير عذر، فإن حدث عذر اقتضى تغيبه عن المسجد، فلا بأس أن يولي من يصلح لإمامة الناس حتى يزول عذره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(11/10518)
الصلاة خلف من يقول بوحدة الوجود باطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما هو حكم الصلاة خلف من كانت عقيدته وحدة الوجود.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن وحدة الوجود في الفتوى رقم: 11542.
وعليه؛ فلا تجوز الصلاة خلف من يعتقد ذلك؛ لأنه كافر والصلاة خلف الكافر باطلة. ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 24730، والفتوى رقم: 4783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1424(11/10519)
ماذا يفعل الإمام لو طرأ عليه الحدث وهو راكع
[السُّؤَالُ]
ـ[لو أحدث الإمام وهو راكع، هل له أن يقوم من الركوع، وما هي الطريقة الصحيحة للاستخلاف
وماذا لو كان يؤم بواحد هل يخرج هذا الواحد من الصلاة مع الإمام المحدث أم يكمل المأموم صلاته وفي هذه الحالة هل يأخذ ثواب الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإمام إذا أحدث وهو راكع فلا يمكن أن يظل في ركوعه ذلك، بل يقوم منه، ولكن بدون تسميع لئلا يرفع المأمومون برفعه، مع أنهم لو رفعوا برفعه لم تبطل الصلاة عليهم. قال الدرديري: ويرفع رأسه بلا تسميع من الركوع، وبلا تكبير من السجود، لئلا يقتدوا به، وإنما يرفع بهم الخليفة، فيَدِبُّ كذلك ليرفع بهم، ولا تبطل صلاتهم إن رفعوا برفعه.
وقال الدسوقي: فيدب ذلك الخليفة راكعًا أو ساجدًا حتى يأتي محل الإمام، ثم يرفع بهم. (1/350) .
وهذا فيه جواب سؤالك عن الطريقة الصحيحة للاستخلاف.
وتصح صلاة المأمومين ولو أكملوها أفذاذًا. قال الخرشي: لا تبطل صلاتهم إذا أتموا وحدانًا لأنفسهم وتركوا خليفة الإمام، وأولى لو لم يستخلف عليهم. (2/52) .
وأولى من هؤلاء بصحة الصلاة المأموم الذي بقي وحده، إذ ليس له خيار آخر سوى أن يصلي فذًّا. ويحصل له فضل الجماعة إن كان حصَّل ركعة مع الإمام، لقوله صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعة في الصلاة فقد أدرك الصلاة. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(11/10520)
المرجع في اختيار أئمة مساجد الأوقاف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أستفسر جزاكم الله خيراً حول موضوع أنه منذ عام أجمعنا نحن جميعاً في الحي على توظيف أحد الأئمة غير السعوديين في مسجد الحي حيث أن هذا المسجد صغير وقد كان ولله الحمد على خلق ودين وأحبه الناس من حيث الخلق والصوت وبدأ ناس كثر يأتون إلى المسجد وكان حريصاً على تحفيظ القرآن للصبية الصغار والإمامة معاً وهذه الأيام علمنا بتعين إمام جديد من قبل الأوقاف وهو من رجالات الحي وحيث أن الأمام الجديد يعلم بمحبة الناس للإمام الأول أخبرنا بأنه سوف يتنازل عن الراتب له في مقابل الإمامة وتحفيظ القرآن فما يشغلنا هو هل يجوز هذا العمل؟ علماً بأن كل أهل الحي يودون بقاء الإمام الأول.
الرجاء الأسراع بالرد وذلك للأهمية وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز هذا العمل إلا بموافقة الجهة المسؤولة عن الإمامة؛ لأن أخذ الإمام راتبًا باسم إمام آخر يُعد نوعًا من الغش والكذب على الجهة المسؤولة. أما اختيار جماعة المسجد لإمام فإنما يُعتبر به في المساجد الأهلية، أما مساجد الأوقاف فيرجع اختيار أئمتها إليها.
وفي ذلك يقول الماوردي في الأحكام السلطانية: فأما الإمامة في الصلوات الخمس فنصب الإمام فيها معتبر بحال المساجد التي تقام فيها الصلوات، وهي ضربان: مساجد سلطانية - أي كالتابعة للأوقاف في عصرنا - ومساجد عامية - أي أهلية - فأما المساجد السلطانية ... فلا يجوز أن ينتدب للإمامة فيها إلا من ندبه السلطان لها، وقلّده الإمامة فيها ... فإذا قلّد السلطان فيها إمامًا كان أحق بالإمامة فيها من غيره، وإن كان أفضل منه وأعلم. وأما المساجد العامة التي يبنيها أهل الشوارع والقبائل في شوارعهم وقبائلهم فلا اعتراض للسلطان عليهم في أئمة مساجدهم، وتكون الإمامة فيها لمن اتفقوا على الرضا بإمامته.. ويكون أهل المسجد أحق بالاختيار. اهـ
والذي ننصح به أن يقوم من وصفه السائل بالخلق والدين بالاقتصار على تحفيظ الصبية، ويتكفل أهل المسجد بنفقةٍ له مقابل تفرغه لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(11/10521)
لا تصح إمامة المرأة بالرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
سؤالي: أنا مسلمة متزوجة بإنجليزي أسلم، هل يجوز لي أن أصلي به لفترة مؤقتة إلى أن يتعلم كيف يؤدي صلاته، مع العلم بأني أكون في الأمام وهو في الخلف؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيمكنك تعليم زوجك الصلاة من غير أن تصلي به لأن صلاة المرأة بالرجل وإمامتها إياه لا تصح في قول عامة أهل العلم، إلا من شذ، وراجعي الفتوى رقم: 25215 للتفصيل والأدلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1424(11/10522)
من الأمور التي لا بد أن يراعيها الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندنا في بلدتنا إمام مبتدع يقوم بما يلي:
لا يسوي الصفوف قبل الصلاة، يلفظ بنيته جهراً حيث يقول مثلا "صلاة المغرب حاضرة" ثم يكبر تكبيرة الإحرام، لا يقوم بسكتة دعاء الاستفتاح، يسرع في القراءة ولا يجود القرآن، يسرع في الرفع من الركوع حيث بمجرد أن نرفع نحن من الركوع نجده قد هوى للسجود، بعد الصلاة يقوم بأذكار جماعية حيث أن كل صلاة بأذكارها الخاصة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الابتداع في الدين لا خير فيه، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحذر في خطبه وأحاديثه من البدع والمحدثات، ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
وأما تسوية الصفوف فإنها من تمام الصلاة وسننها بل ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة.
وفي الصحيحين مرفوعاً: عباد الله لتسونّ صفوفكم أو ليخالفنّ الله بين وجوهكم.
وأما التلفظ بالنية فليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا كرهه أهل العلم ونهوا عنه، لأن النية محلها القلب والتلفظ بها من الغلو المنهي عنه.
وأما دعاء الاستفتاح فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين وغيرهما، واستحبه جمهور أهل العلم.
وأما الإسراع في القراءة فإن كان بالهذرمة التي ينتج عنها الإخلال بالمدود أو عدم إخراج الحروف من مخارجها وتغيير صفاتها، فإنه لا يجوز، وإن وقع شيء من ذلك في الفاتحة فإن الصلاة تبطل، فلا بد من تجويد القرآن وخاصة الفاتحة، فقد أمر الله -عز وجل- بترتيل القرآن الكريم، فقال تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [المزمل:4] .
وترتيل القرآن تجويد حروفه، والوقوف عند أماكن وقوفه، فهذا مما يعين على تدبر المعنى وزيادة الخشوع، ولهذا قال العلماء: الأخذ بالتجويد حتم لازم ...
وأما إذا كانت السرعة حدراً لا تخل بالحروف ومخارجها وأحكام التجويد فيها فإن ذلك جائز، وإن كان الأفضل الترتيل، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله.
وأما السرعة المخلة في الصلاة فإنها لا تجوز، فلا بد من الطمأنينة عند كل ركن من الركوع والسجود والرفع منهما..... وبدون الطمأنينة تبطل الصلاة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل المسيء صلاته: ارجع فصل فإنك لم تصل، ثم قال له: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ بما تيسر لك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً.... الحديث في الصحيحين.
وأما الأذكار الجماعية فلم تكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، بل هي من البدع المحدثة التي يجب على المسلم الحذر منها، وأن يقتصر على الأذكار الواردة في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وبناء على ما مضى فإن عليكم أن تنصحوا هذا الإمام بهدوء ورفق ولين وحكمة.... وتبينوا له سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور المذكورة ويكون البيان مصحوباً بالأدلة الصحيحة.
فقد يوفقكم الله تعالى ويصلح أمره على أيديكم فيهتدي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فتنالوا بذلك الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(11/10523)
مدى صحة إمامة العاق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
يقال إن هناك حديثاً بأن الابن العاق لوالديه لا تجوز إمامته ولكن بحثت عنه ولم أجده.. نأمل منكم إفادتنا هل هذا صحيح أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا لم نعثر على حديث يمنع إمامة الابن العاق لوالديه بخصوصه، إ لا في كونه من جملة الفسقة، روى أبو بكرة عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أكبر الكبا ئر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور وشهادة الزور ثلاثاً، أو قول الزور، فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه.
وفي سنن النسائي عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن على الخمر، والمنان بما أعطى.
وقد اختلف العلماء في إمامة الفاسق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:.... الأئمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق، لكن اختلفوا في صحتها، فقيل لا تصح كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما، وقيل بل تصح كقول أبي حنيفة والشافعي، والرواية الأخرى عنهما -أي عن مالك وأحمد- ولم يتنازعوا أنه لا ينبغي توليته. انظر الفتاوى الكبرى ج2ص310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(11/10524)
الصلاة خلف من يجالس النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة وراء إمام معروف عنه أنه يذهب إلى مجالسة النساء من غير محارمه ويقوم بنقلهن بسيارته إلى أماكن مثل: البستان والمدن القريبة و....إلخ؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمجالسة النساء ونقلهم بالسيارة أمر مجمل لا نستطيع أن نحكم على فاعله بالفسق، فقد تكون المجالسة من غير خلوة، والنقل بالسيارة قد يكو ن أيضاً من غير خلوة وسفر.
لكن إذا علم أن هذا الشخص يخلو بالنساء، أو ينبسط ف ي الحديث معهن لغير حاجة، أو يسافر بهن من غير محرم، فإن الصلاة خلفه تكون مكروهة، وينبغي البحث عن إمام غيره، وقد تقدمت التفاصل في الفتاوى التالية:
28711
24385
10332
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1424(11/10525)
من صحت صلاته صحت إمامته
[السُّؤَالُ]
ـ[أصحاب الفضيلة العلماء
جزاكم الله خيراً لخدمة المسلمين
السؤال: ما حكم من صلى الفجر مأموما مع إمام صلى صلاة الصبح سراً وعندما نبهه بقول سبحان الله لم يصلح الصلاة بعد التسليم سأله عن حكم الصلاة فقال إن في المسجد من يتلو القرآن وهو لا يريد أن يزعجه، تبين أن الإمام جاهل بأحكام الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإمام إذا ترك الجهر بالقراءة في موضع يطلب فيه ذلك فإن الحكم في ذلك مفصل في الفتوى رقم: 16561.
أما الحكم على هذا الإمام بأنه جاهل بأحكام الصلاة فلا ينبغي من خلال مسألة واحدة، لأن الأصل أن كل من صحت صلاته صحت إمامته. قال الصنعاني في سبل السلام: إن الأصل أن من صحت صلاته صحت إمامته، وأيد ذلك فعل الصحابة فإنه أخرج البخاري في التاريخ عن عبد الكريم أنه قال: أدركت عشرة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يصلون خلف أئمة الجور، ويؤيده أيضاً حديث مسلم: كيف أنت إذا كانت عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها؟! قال: قلت: فما تأمرني، قال: صلِّ الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصلِّ فإنها لك نافلة. فقد أذن بالصلاة خلفهم وجعلها نافلة لأنهم أخرجوها عن وقتها، وظاهره أنهم لو صلوها في وقتها لكان مأموراً بصلاتها خلفهم فريضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(11/10526)
المشاحنة بين الإمام والمأموم هل تمنع صحة الاقتداء
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء دخولي المسجد لأداء إحدى الصلوات المفروضة وجدت أن الإمام هو شخص حدثت بيني وبينه مشادة وأصبحنا لا نحدث بعضنا البعض فهل أصلي مع الجماعة التي هو إمامها أم أصلي منفردا؟
نرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن تدخل في الصلاة خلف هذا الإمام حتى تحصل على الثواب العظيم الذي يترتب على أداء الصلاة في جماعة، هذا الثواب الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. متفق عليه.
فكيف تُحرَم هذا الثواب العظيم بسبب مشاحنة قد تكون بسبب تافه!! مع أنك قد وقعتَ في خطأ عظيم إذا كنت حين هجرتَ أخاك المسلم فوق ثلاث، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيُعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام متفق عليه.
فعليك أن ترجع إلى مودة أخيك، وتترك ما أنت عليه من هجرانه، لأن ذلك من الشيطان، فإنه يسعى دائماً لإثارة العداوة بين المسلمين، وللغضب نصيب كبير في ذلك، فقد أخرج البخاري في صحيحه: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني، فقال: لا تغضب! فردد مراراً، قال: لا تغضب.
فينبغي ترك المشاحنة والجدال الذي قد يؤدي إلى الهجران وتمكن العداوة.
هذا وننبه السائل إلى أن الكراهة المعتبرة شرعاً هي التي كانت لله بأن يكره الإمام لفسقه أو بدعته أو نحو ذلك، أما كراهته لأمر دينوي فلا أثر لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1424(11/10527)
لا بأس بأن يؤم غيره مرة أخرى في غير أوقات النهي
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً أشهد الله أني أحبكم في الله، صليت الفجر بالناس إماما ثم جلست أذكر الله فدخل رجل وطلب مني أن أصلي الفجر به إماما حتى يأخذ ثواب الجماعة، والسؤال هو: هل للإمام أن يؤم مرة أخرى؟ هل أصلي به الفجر تطوعا فى وقت الكراهة هذا؟ هل لهذا الرجل أن يصلي رغيبتي الفجر أولا أم أن الفرض فى هذه الحالة مقدم على السنة، وماذا لو أن هناك متسعاً من الوقت؟ وجزاكم الله خيراً. ونعتذر عن الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقول للسائل أولاً أحبكم الله الذي أحببتمونا من أجله، ثم إنه لا مانع من إمامة الإمام لغيره مرة أخرى لمن فاتته الصلاة -على الراجح من أقوال أهل العلم- إذا كان في غير أوقات النهي.
وذلك لما في الصحيحين وغيرهما أن معاذاً رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم، وفي رواية أنها صلاة المغرب، وفي رواية هي له تطوع ولهم فريضة.
وأما أوقات النهي فلا يصلي فيها من كان قد أدى الفريضة لا إماماً ولا مأموماً ... وذلك لما جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس.
وتحصيل الجماعة لمن فاتته الصلاة -بالصلاة معه جماعة- صدقة ينال صاحبها الثواب عند الله تعالى كما جاء في مسند الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رجلاً دخل المسجد وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم من يتصدق على هذا فيصلي معه فقام رجل من القوم فصلى معه.
ولعل هذا -والله أعلم- كان في غير أوقات النهي، ولمزيد من الفائدة والتفصيل عن هذا الموضوع نحيلك إلى الفتوى رقم: 8033.
وبخصوص ركعتي الفجر وتقديمهما وتأخيرهما عن الفريضة فإذا كان الوقت ضيقاً بحيث لا يتسع لأدائهما معا، فإنه يقدم الفريضة ويؤخر السنة حتى ترتفع الشمس قدر رمح (بعد ربع ساعة من طلوعها تقريباً) فيصليها، وأما إذا كان في الوقت متسع فإنه يقدم السنة بالطبع، ولمزيد من التفصيل والفائدة يمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 5060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1424(11/10528)
كراهة الإمام لأمر دنيوي لا اثر لها
[السُّؤَالُ]
ـ[من هو الأحق بالإمامة رجل يحفظ القرآن كله جيداً ولكن صوته قبيح لا يعجب الناس أم رجل يحفظ من القرآن مثلا خمسة أوعشرة أجزاء ولكن صوته أجمل كما أنه أفضل فى أحكام التلاوة، وإذا كان الأحق بالإمامة هو الثاني هل يأثم إذا لم يخرج للإمامة مع العلم بأنا نكره فعلا الصلاة خلف الرجل قبيح الصوت، وأحيانا نفضل الذهاب لمسجد آخر كرها فى الصلاة خلفه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
29556 حكم من يقدم للإمامة في حال ما إذا اجتمع الأكثر حفظاً مع الأجود قراءة فليراجع.
وهذا فيما إذا كان الأكثر قرآنا أضعف قراءة لإخلاله ببعض أحكام التجويد، أما إذا كان يأتي بأحكام التجويد إلا أن صوته دون صوت الأقل حفظاً فإنه أي الأكثر حفظاً يقدم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وليؤمكم أكثركم قرآنا. رواه البخاري وغيره.
علما بأن كراهة الإمام المعتبرة هي التي تكون لله -بمعنى أن يكره الإمام لبدعته أو فسقه أو جهله- أما إن كانت بسبب أمر دنيوي فلا أثر لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(11/10529)
من فاتته صلاة هل له أن يصلي إماما بالناس
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم لقد سمعت مرة شخصا يقول إنه من لم يصل الصبح أي فاتته الصلاة حاضرة فلا يجوز أن يؤم بالناس في صلواتهم الباقية في هذا اليوم فهل من حديث يؤكد ذلك؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ترك صلاة عمداً حتى خرج وقتها، فقد باء بعظيمة من عظائم الذنوب، ولا يصلح مَنْ هذا حاله أن يكون إماماً للناس، لأنه فاسق ما لم يتب.
ومن فاتته لعذر كنوم ونسيان، فإنه لا إثم عليه ويصليها متى زال العذر، ومن هذا حاله لا حرج في أن يكون إماماً إذا كان أهلاً للإمامة بتوافر صفات الإمام الأخرى فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(11/10530)
لا حرج على المرأة أن تقتدي بالرجل في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان هناك رجل وامرأة هل يصليان جماعة وكيف يكون وضعهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على المرأة أن تقتدي بالرجل في الصلاة، ولو كان أجنبياً عنها ولم يكن معها نساء ما لم تترتب على ذلك خلوة، والدليل هو عموم مشروعية الجماعة والترغيب فيها من غير تفصيل روى مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال: فقمت إلى حصِر لنا قد أسود من طول ما لبس فنضحته بماء فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا ...
والسنة إذا صلى الرجل إماماً بالمرأة، ولو كانت واحدة أن تكون المرأة خلفه، كما في الحديث السابق، فإن وقفت بجانبه كان ذلك خلاف السنة، وتصح الصلاة في كل الأحوال -على الراجح- كما بيناه في الفتوى رقم: 29071، والفتوى رقم: 6290.
لكن يحرم أن يحصل ذلك بين رجل وامرأة أجنبيين حال الخلوة، لأن خلوة الرجال بالنساء والعكس لا تجوز في الصلاة، ولا في غيرها، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1424(11/10531)
لا يمنع الصبية المميزون من الصف الأول إذا سبقوا إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ...
ذهبت لصلاة العصر في المسجد وكان هناك أطفال لا يتعدون الثانية عشرة من العمر يقفون في الصف الأول، فأمرهم الإمام بأن يرجعوا إلى الصف الثاني لكي يتركوا أماكنهم للكبار، ما الحكم في هذا؟ بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأطفال إذا كانوا يعقلون ويؤدون الصلاة بانتظام فلا ينبغي للإمام ولا غيره أن يأمرهم بالانصراف عن مكان في المسجد سبقوا إليه، لما في ذلك من إحراجهم وأذيتهم نفسياً وتنفيرهم من المسجد ومن الدين عموماً.
وكان ينبغي للكبار أصحاب الأحلام والنُّهى أن يأتوا مبكرين ليكونوا في الصفوف الأمامية وخلف الإمام، ومن وصل إلى الثانية عشرة فلا ينبغي أن يصرف عن مكان سبق إليه، لأنه صار من المميزين بل قارب سن المراهقة.
أما إذا كانوا صغاراً يشوشون على المصلين ولا يعقلون القُربة، فإنهم يؤخرون إلى الصفوف الخلفية، ولمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 8648.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1424(11/10532)
يستخلف الإمام أحد المأمومين إذا تذكر أنه على غير طهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي الظهر وأنا إمام وفي الركعة الثالثة تذكرت أنني غير متوضئ ووددت الخروج ولكن خشيت على من ورائي لأنهم مجموعة من الهنود ولا أعرف ما مدى علمهم بأن يدخل أحد مكاني فأكملت الصلاة فما حكم ذلك وماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إكمالك للصلاة وأنت على غير طهارة لا يجوز، وعليك أن تستغفر الله تعالى من ذلك وتتوب إليه، وكان يجب عليك أن تخرج من الصلاة عندما تذكرت أنك محدث، ويستحب لك أن تخلف أحد المأمومين ليتم بالجماعة بقية الصلاة.
وإذا لم تخلف عليهم أحداً، فيجوز لهم أن يخلفوا هم أحداً منهم، أو يصلوا أفراداً (فرادى) ، وفي جميع الحالات صلاتهم صحيحة.
وأما أنت فصلاتك باطلة، وتجب عليك إعادتها أبداً، وننبهك إلى أن المسلم ينبغي له أن ينظر إلى إخوانه المسلمين جميعاً نظرة احترام بغض النظر عن جنسياتهم وألوانهم.... وخاصة رواد المساجد منهم، ومن يداومون على الصلاة، فقد قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] . وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1424(11/10533)
الأفضل أن يؤم القوم من لا يعرف بالمعاصي والذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي نحن مجموعة من الشباب نقيم في بلد أجنبي للعمل وعائلاتنا ليست معنا، أحد الشباب الذين معنا تقي جداً وقلبه مليء بالإيمان ويحفظ كثيراً من القرآن لذلك هو الذي يؤمنا في الصلاة، ولكن نحن نعلم أنه في بعض الأحيان يقوم بالنظر من خلال الإنترنت إلى المواقع الخليعة هداه الله، نتيجة الضغط النفسي الذي نعاني منه جميعا في هذا البلد الفاسق الكافر، فماذا نعمل؟ هل نبقى نصلي خلفه ونحن نعلم أن قلبه غير نقي 100% أم لا نصلي خلفه علما أنه لسانه دائم الذكر والاستغفار والجلوس معه كله حسنات من شدة ورعه وحسن خلقه وعلمه بالسنة والمواعظ التي كلها فائدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهديكم جميعاً لما فيه الخير والصلاح والسداد والرشاد،
ولتعلموا جميعاً أن عز العبد في طاعة ربه، وذله في معصيته، وأن المعاصي أعظم سبب للبلاء والمحن، وأن الطاعة باب شرح الصدور والعيش الهانئ السعيد في الدنيا والآخرة، وإن لكم عندنا نصائح عديدة:
أولها: ترك بلاد الكفر، والعودة إلى ديار الإسلام إذ لا يجوز لمسلم أن يقيم في بلاد الكفار إلا لضرورة لا يمكن تحصيلها في بلاد المسلمين، كعلم يحتاج المسلمون إليه أو الدعوة إلى الله تعالى، وقد بينا ذلك بأدلته في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
5045، 23168، 22641.
ثانيها: الإقلاع عن مشاهدة المواقع الإباحية، لما تشتمل عليه من صور خليعة محرمة، لأن العمر يمضي، والأيام لا تعود، وكل يوم يمر فهو يشهد عليكم يوم القيامة، فاغتنموا فيه الخيرات، وجانبوا المحرمات، قبل أن يفجأكم الموت على تلك الحال التي لا يرضاها الخالق سبحانه وتعالى، وراجعوا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22620، 27402، 21807.
ثالثها: أن الصلاة في جماعة في المساجد واجبة على الرجال الأحرار البالغين، ما لم يكن عذر يمنع من ذلك، كالخوف أو المرض، فيجب عليكم أداء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن لم يكن بجواركم مسجد للصلاة، فلتسعوا في بناء مسجد لإقامة شعائر الله في أرضه، وحتى تتمكنوا من ذلك فلا مانع من الصلاة خلف الشخص المذكور، وإن كان الأفضل أن يؤمكم غيره ممن لا يُعرف بالمعاصي والذنوب، وصلاتكم صحيحة على كل حال إن شاء الله، وإننا لننصح الأخ المذكور بتقوى الله، ومحاربة الهوى والشيطان، لاسيما أن الناس قد اتخذوه إماماً وقدوة، والقدوة كلما وقع في منكر وعلم الناس به، وقعوا هم في ما هو أشد منه، والله نسأل التوفيق للجميع، والخير العميم في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(11/10534)
إمامة المصاب بالسلس
[السُّؤَالُ]
ـ[كلما أتبول أجد قطرات البول على ذكري لمدة غير معلومة، وأحياناً أجد تلك القطرات طول النهار، فكيف أصلي؟ فهل أغير ملابسي لكل صلاة؟ وهل تجوز إمامة الناس في هذا الوضع أم تبطل صلاتهم؟ أكون غالب الوقت في العمل فكيف أصلي هناك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر أنك مبتلى بسلس البول، وصاحب السلس حكمه أنه يتوضأ لكل صلاة، ويضع ما يمنع تساقط البول حتى لا ينجس المحل، ثم يصلي على حاله ولا يضره ما نزل، أما بالنسبة لإمامته فقد اختلف أهل العلم في حكمها ما بين مجيز ومانع ومجوِّز لها مع الكراهة وقائل يجوز له أن يؤم من هو مثله دون غيره من الأصحاء.
لذا فالاحتياط ألا يؤم غيره خروجاً من الخلاف، أما بالنسبة لصلاتك في العمل فلا تختلف عن صلاتك في مسجد قومك أو غيره من المساجد فتفعل ما قدمناه من الوضوء لكل صلاة تصليها مع وضعك ما يمنع نزول البول ثم تصلي ولا يضرك ما نزل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10535)
حكم الصلاة وراء من يعتقد تدبير الأولياء للكون.
[السُّؤَالُ]
ـ[هنا في مدينتنا يوجد مسجدان، أحدهما من تحته قبور ولكن لا أثر لها والآخر إمامه صوفي يصلي سادلا يديه ومسبلا إزاره ويقر فكرة القبب التي تبنى للأولياء ويعتقد تدبيرهم للكون ويدعو إلى التوسل والتبرك بأبدانهم
1- هل نصلي في المسجد الأول؟
2- ما حكم الصلاة وراء ذلك الإمام؟
3- هل نحكم عليه بأنه مبتدع؟
4- بماذا تنصحوننا؟ وجزاكم الله خيراً وسدد خطاكم.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الإمام فعلاً يعتقد تصرف وتدبير الأولياء للكون فهو كافر ولا تجوز الصلاة خلفه بحال، وأما إذا كانت عنده بدع غير مكفرة ولم تجد مسجداً آخر فلا بأس بالصلاة خلفه كما سبق مفصلاً في الفتوى رقم:
24730.
وإن كان يعتقد جواز التوسل والتبرك بهم فقط ويسبل إزاره، ويرسل يديه في صلاته فلا بأس بالصلاة خلفه مع مناصحته وإرشاده لأن هذه المسائل محل خلاف بين أهل العلم رحمهم الله وإن كان المفتى به عندنا هو عدم جواز التبرك والتوسل بذوات الصالحين وحرمة الإسبال سواء كان لخيلاء أو لغيره.
وأن وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة هو السنة، ولمزيد من الفائدة في تفصيل حكم التبرك راجع الفتوى رقم: 25217، وعن التوسل راجع الفتوى رقم:
4416، وعن الإسبال راجع الفتوى رقم:
26639.
وعن وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة راجع الفتوى رقم:
2591.
ولحكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر تراجع الفتوى رقم:
16049.
والذي ننصحكم به هو السعي لبناء مسجد على السنة واتخاذ مؤذن وإمام من أهل السنة والصلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1423(11/10536)
لا يصح أذان وإمامة امرأة لرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أفتوني في هذه القضية جزاكم الله خيراً هل يمكن لي صلاة الجماعة أنا وزوجتي ومن يقيم الصلاة أنا أم هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تقصد بالصلاة صلاة الفرض، فإنه لا شك أن الصلاة جماعة في المسجد هي الأولى والأفضل، وبها يحصل المرء على أجر الجماعة والمشي إلى المسجد وفضيلة المكان وفضيلة كثرة المصلين والتقائه بإخوانه.. إلى غير ذلك من الفضائل والفوائد التي يحصلها المرء عند ذهابه إلى المسجد للصلاة، إلا أن من صلى الفريضة جماعة في غير المسجد فقد أدرك فضل الجماعة؛ كما هو مذهب جماهير العلماء، وقد بينا أدلتهم في الفتوى رقم:
22809 فراجعها.
وأما إن كنت تقصد صلاة التطوع فلا بأس أن تصليها جماعه مع أهلك, كما بينا ذلك في الفتوى رقم:
6712.
هذا؛ وليعلم الأخ السائل أن الإقامة والإمامة من شأنه هو فلا تصح إقامة ولا إمامة المرأة للرجل, قال الخطيب الشربيني: فلا يصح أذان امرأة ... لرجل كما لا تصح إمامتها لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(11/10537)
حكم الصلاة خلف شارب الدخان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التدخين ينقض الوضوء؟ وهل يصلي إماما بالناس من يدخن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتدخين ليس من نواقض الوضوء وقد بيناها في الفتوى رقم 1795
وإذا علم صحة صلاة المدخن فإنه يصح إماماً لغيره للقاعدة الفقهية، وهي أن من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته، وكون الإمام عاصياً بشربه للدخان لا يمنع من جواز الصلاة خلفه. وانظر الفتوى رقم 20663 ورقم
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(11/10538)
الراجح جواز إمامة الصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي صلاة الجماعة مع بناتي وأعمارهم 14 و9 سنوات لكي أحثهم على الصلاة في أول الوقت بدون تأخير وأعذار وأحيانا يصلي ابني وعمره 12 سنة إماما فينا فهو ولله الحمد حافظ جزأين من القرآن الكريم ويعرف أحكام صلاة الجماعة أريد أن أعرف الحكم في صلاة الجماعة مع البنات وهل نأخذ أجر الجماعة وهل الصلاة بمفردي أفضل؟؟ والسؤال الثاني ما حكم الصلاة مع ابني ويكون هو الإمام، وهل يجوز لأختي الصلاة معنا جماعة وهي تسكن معنا في نفس العمارة في شقة أخرى لحرصها على صلاة الجماعة، وأحيانا نكون في الحديقة ونجتمع للصلاة في المصلى الخاص بالنساء هل يجوز أن نصلي جماعة أم تصلي كل منا لوحدها؟ وما هو الأفضل؟؟ معذرة على كثرة الأسئلة لأني سمعت فتاوى كثيرة من النساء دون علم ودليل؟؟ "]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا حكم إمامة المرأة للنساء في الفتوى رقم:
26491.
أما بالنسبة لإمامة الصبي العاقل في الفريضة فهي محل اختلاف بين أهل العلم، فمنهم من ذهب إلى المنع، ومنهم من ذهب إلى الجواز ودليله حديث البخاري عن عمرو بن سلمة قال: أممت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام ابن سبع سنين.
ولمزيد من الفائدة راجعي تفصيل ذلك في الفتوى رقم:
18878، والفتوى رقم: 5632.
وبناء على أن الراجح من أقوال أهل العلم هو جواز إمامة الصبي فلا حرج عليك ولا على أختك أن تصلي معكم جماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(11/10539)
حكم الصلاة خلف من يحض على تهنئة الكفار بأعيادهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل تجوز الصلاة وراء إمام يحث على تهنئة النصارى بأعيادهم وقام بافتتاح كنيسة في شهر رمضان المبارك، وقام بالذهاب إلى المغطس في نهر الأردن في اليوم الذي يوافق ما يسمى بعيد الغطاس لدى النصارى أرجو إفادتنا لأهمية الموضوع؟ جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز الصلاة خلف هذا الإمام، ويجب الإنكار عليه وتحذير الناس منه وما فعله من المنكرات العظيمة التي لا تجوز في شريعة الإسلام.
وراجع حكم تهنئة النصارى بأعيادهم وحكم الذهاب إلى الكنيسة في الأجوبة التالية:
8327 -
26883 -
4586.
ولا شك أن ما أتى به هذا الإمام إذا كان عن رضاً منه به يعد من المخالفات المكفرة، وقد ذكر العلماء أنه لا تجوز الصلاة خلف أصحاب البدع المكفرة؛ كما بينا ذلك في الفتاوى التالية:
22809 -
4159 -
11073 -
24012.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/10540)
أولى من تختار لإمامة النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تكون إماما في صلاة الجماعة لمجموعة من النساء وما الشروط التي يتم على أساسها اختيارها كإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت لنا اجابة مفصلة عن حكم إمامة المرأة للنساء وأقوال أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم:
5796.
وإذاعلم أن الراجح جواز إمامة المرأة لمثيلاتها فإن أولاهن بالإمامة أكثر حفظاً لكتاب الله تعالى ودراية بأحكام الصلاة، لقول صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. رواه مسلم.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
25305.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(11/10541)
إمامة المتيمم لا مانع منها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز الصلاة بالجماعة بالتيمم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص العلماء على جواز إمامة المتيمم، واستدلوا لذلك بأن عمرو بن العاص رضي الله عنه، أمَّ أصحابه في غزوة ذات السلاسل وهو متيمم، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.
وننبه إلى أن المقصود هنا هو من كان حكمه التيمم، أما من كان حكمه أن يتوضأ فلا يجوز له التيمم -أصلاً- ولو تيمم وصلى فصلاته باطلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1423(11/10542)
حكم إمامة المتعصب تعصبا مذموما
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك تمييز طبقي في المجتمع الذي أعيش فيه وبالرغم من التطور إلا أنه لايزال يسيطر على كثير من الأفراد مثل أنت من القبيلة هذه أو أنا من الأسرة تلك والسؤال هل يجوز لي ترك الصلاة إذا تبين لي أن الإمام ممن ينتمي إلى قبيلة معينة أو بالأحرى له فكر عنصري؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتعصب بالباطل للعرق أو للجنس أو للوطن أو لشيء من العصبية المذمومة هو من دعوى الجاهلية، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: مَنْ ادّعَى دَعْوَى الْجَاهِلّيةِ، فَإِنّهُ مِنْ جُثَى جَهَنّمَ، فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولُ الله وَإِنْ صَلّى وَصَامَ؟ فَقَالَ وَإِنْ صَلّى وَصَامَ. فَادْعُوا بِدَعْوَى الله الّذِي سَمَاكُم المُسْلِمِينَ المُؤْمِنينَ عِبَادَ الله". رواه الترمذي.
وفي الصحيحين واللفظ لمسلم: عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: (اقْتَتَلَ غُلاَمَانِ. غُلاَمٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَغُلاَمٌ مِنَ الأَنْصَارِ. فَنَادَىَ الْمُهَاجِرُ أَوِ الْمُهَاجِرُونَ: يَالَ الْمُهَاجِرِينَ وَنَادَىَ الأَنْصَارِيّ: يَالَ الأَنْصَارِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَا هَذَا دَعْوَىَ أَهْلِ الْجَاهِلِيّةِ؟ ".
فرغم أن كلاً من مسمى المهاجرين ومسمى الأنصار مسمى شرعي فإن النبي صلى الله عليه وسلم عد ذلك -دعوى الجاهلية- لأنه دعوى إلى التعاضد والتناصر باعتبار هذا الانتماء لا باعتبار الحق والباطل.
أما إذا كان الانتساب للقبيلة أو الجماعة أو الوطن لمجرد التعارف والتعاون لا التفاخر والتشاجر فلا مانع من ذلك؛ بل هو مما خلق الله الناس عليه وله.
يقول شيخ الإسلام: (المحذور من ذلك إنما هو تعصب الرجل لطائفته مطلقاً فعلى أصل الجاهلية. فأما نصرها بالحق من غير عدوان فحسن واجب أو مستحب) . انتهى من اقتضاء الصراط المستقم.
والتعصب المذموم وإن كان محرماً فإن الصلاة لا تبطل خلف صاحبه لمجرد كونه متعصباً تعصباً مذموماً، وانظر الفتوى رقم:
21471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10543)
لا تجوز الصلاة خلف رجل يطوف حول الأضرحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف رجل يؤمن بزيارة الأضرحة ويطوف حولها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزيارة الأضرحة فيها تفصيل سبق بيانه في الفتوى رقم:
9943.
والطواف حول القبر شرك كما سبق في الفتوى رقم:
2679.
وعليه فإن الصلاة خلف هذا الشخص لا تجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1423(11/10544)
من شروط إمامة المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي صفات إمامة المرأة وهل يجوز أن تؤم أي سيدة موجودة حتى ولو كانت تلبس البنطلون وحين تصلي تلبس جلبابا أو من من يضعوا المكياج وهل يجوز الصلاة بالمكياج بعد الخروج به من المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإمامة المرأة للنساء مشروعة كما هو مبين في الفتوى رقم: 26491، وكما يطلب أن يكون إمام الرجال أقرأهم وأتقاهم وأحفظهم لحدود الله تعالى، فكذلك يطلب ذلك الشيء من إمامة النساء، فلا ينبغي للنساء المسلمات أن يقدمن للإمامة امرأة متبرجة أو غير محتشمة إذا وجد من النساء من هي أعدل منها، وإن كانت أقل منها حفظاً لكتاب الله، لكن إن صلين خلف المرأة التي تتبرج خارج الصلاة، فصلاتهن صحيحة لكن عليهن نصحها، وتذكيرها بالله، وبأحكام شرعه، ومن ذلك الحجاب الشرعي.
أما حكم صلاة المرأة وعلى وجهها مكياج فهي صحيحة، وننبه هنا إلى أن خروج المرأة من بيتها سافرة الوجه، وعليه المكياج من باب إظهار الزينة الممنوع إظهارها، فعلى المسلمة أن تتقي الله، وأن تخرج محتشمة متحجبة ملتزمة أمر الله القائل: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1423(11/10545)
حكم الصلاة خلف من قاتل مع المستعمر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل تجوز الصلاة وراء من حمل السلاح ضد شعبه المسلم إلى جانب جيش الاحتلال لما أعلن الكفاح المسلح ضد المستعمر الغاشم في الجزائر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هؤلاء قد وقعوا في هذا الفعل طائعين مختارين عالمين بالتحريم فقد فعلوا ما يوجب الكفر، قال الشوكاني في قوله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) أي فإنه من جملتهم، وفي عدادهم. وهو وعيد شديد،فإن المعصية الموجبة للكفر هي التي قد بلغت إلى غاية ليس وراءها غاية فعلى هذا فلا تجوز الصلاة خلفهم والحالة هذه، فإن تابوا وحسنت توبتهم جازت الصلاة خلفهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1423(11/10546)
الأولى أن لا ينفرد الإمام بمحض النساء الأجنبيات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أؤم نساء دون حضور محارمهن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس بإمامة الرجل للنساء دون حضور محارمهن إذا أمنت الفتنة، وذلك لصلاة النساء خلف الرجال في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الأولى أن لا ينفرد الرجل في الصلاة بمحض النساء الأجنبيات، بل يكون هناك جمع من الرجال أو محرم له بينهن، وذلك سداً لذريعة الفتنة.
وفي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1423(11/10547)
حكم إمامة من مسح على خفيه ناسيا وقد أدخلهما على غير طهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يجب على من مسح على الخفين ظنا منه أنه لبسهما على وضوء وصلى بالناس إماما ثم بعد أن فرغ من الصلاة تذكر أنه لبس الخفين على غير وضوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شروط المسح على الخفين أن يُلبسا على طهارة لحديث المغيرة بن شعبه رضي الله عنه، وكان قد أفرغ للنبي صلى الله عليه وسلم وضوءه، فلما هوى لنزع خفي النبي صلى الله عليه وسلم، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين. متفق عليه
فمن مسح على خفيه ناسياً أنه أدخلهما على غير طهارة فوضوؤه غير صحيح، وعليه فصلاته غير صحيحة لعدم صحة الوضوء.
فإن صلى منفرداً فتذكر ذلك أثناء صلاته خرج منها وتوضأ وأعاد صلاته، وإن تذكر بعد الصلاة وجب عليه إعادة الوضوء والصلاة أيضاً، وإن صلى إماماً ولم يتذكر إلا بعد الصلاة فصلاة المأمومين صحيحة على الراجح من أقوال أهل العلم، لما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطوا فلكم وعليهم.
وكذا لو تذكر أثناء الصلاة خرج من الصلاة واستخلف غيره وصلاتهم صحيحة على الراجح من أقوال أهل العلم أيضاً، وللفائدة راجع الفتوى رقم:
2825.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1423(11/10548)
حكم الصلاة خلف من لا يقول كلمة الحق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل تجوز صلاة الجمعة وراء إمام لا يعلن كلمة الحق مع العلم أن كل المساجد على هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجوز الصلاة خلف الإمام المسؤول عنه، والقاعدة أن من صحت صلاته لنفسه صحت صلاة الناس خلفه، وقد كان جماعة من أجلاء الصحابة يصلون خلف من سفك الدماء، واقترف الكبائر، فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، كان يصلي خلف الحجاج. أخرج ذلك البخاري. وصلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وراء عقبة بن أبي معيط وكان يشرب الخمر، صلى بهم يوماً الصبح أربعاً وجلده عثمان بن عفان على ذلك.
ولم ينقل عن أحد من هؤلاء أنه أعاد الصلاة أو تخلف عنها لذلك، ولم ينكر عليهم ما فعلوا، وانظر الفتوى رقم: 24385.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1423(11/10549)
حكم إمامة صاحب العذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتذر إليكم لانني أظن أنني وقعت في خطأ في السؤال رقم 55257 والصحيح هو أنه يتبع للسؤال رقم 54657 وكان يقول:
إذا كان يجب الوضوء لكل صلاة فهل يجب دخول وقت الصلاة حتى يصح وضوئي. وهل تصح إمامتي
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكرنا لك في الجواب على السؤال رقم: 3092 أن وضوء أهل الأعذار يكون بعد دخول وقت الصلاة، ولا يصح قبل دخول وقتها، لأنها طهارة عذر، وضرورة فتقيدت بالوقت كالتيمم.
وأما إمامة من قام به مثل عذرك، فصحيحة مع الكراهة عند جمع من العلماء، منهم المالكية في المشهور عندهم، والشافعية في الأصح -وهو الراجح- لأن صلاتهم صحيحة لأنفسهم بدون إعادة، ولأنه إذا عفي عن الأعذار في حق صاحبها عفي عن حق غيره، وقد نوهنا على ذلك في الجواب المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1423(11/10550)
حكم إمامة من لا يحسن أحكام التجويد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في الذي يصلي وهو لا يعرف أحكام التجويد؟ مع العلم أنه يصلي بالناس إماما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للمصلي أن يقرأ القرآن ويرتله أحسن ترتيل، قال الله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [المزمل:4] .
وذلك يكون بمعرفة أحكام التجويد والتلاوة، وتطبيقها عملياً خاصة من كان إماماً لغيره في الصلاة، فشأن الإمامة عظيم، ولذلك لا يتصدر لها إلا أقرأ القوم للقرآن، لما رواه مسلم من حديث أبي مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله..... وعند مسلم أيضاً من حديث أبي سعيد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: أحقهم بالإمامة أقرؤهم....
ولكن لو صلى بهم من لا يحسن أحكام التجويد صحت صلاته وإمامته مع الكراهة، ما دامت قراءته صحيحة وليس فيها ما يحيل المعنى.. كما نص على ذلك الإمام أحمد وغيره.
فإن أحال المعنى في الفاتحة بطلت صلاته كمن ضم تاء أنعمت أو كسر كاف إياك فتبطل صلاته وصلاة من خلفه، وانظر الفتوى رقم:
13127 - والفتوى رقم: 23898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(11/10551)
حكم الصلاة خلف من تبنى ولدا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة خلف إمام متبنٍ ولدا؟ جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتبني كان معروفاً في الجاهلية وبقي زمناً في أول الإسلام ثم أبطله الله تعالى بقوله: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ [الأحزاب:5] .
فصار التبني حراماً بعد ذلك بل هو من كبائر الذنوب، فقد ثبت في البخاري ومسند أحمد وغيرهما من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
والصلاة خلف من قام بالتبني صحيحة لأنه لا يكفر بفعله ذلك، إلا إن جحد حرمة التبني مع علمه بما ورد في ذلك من الكتاب والسنة فهو كافر خارج من ملة الإسلام لتكذيبه القرآن والسنة.
والمقصود بالتبني أن يستلحق الرجل من ليس بولدٍ له من حيث النسب ويجري عليه أحكام الولد من الميراث وغير ذلك.
وأما رعاية الأيتام وحضانتهم فذلك من أعظم القرب عند الله تعالى، ومع القول بصحة الصلاة خلف المسؤل عنه؛ إلا أنه ينبغي نصحه ودعوته إلى التخلص من هذا الإثم الكبير، فإن أصر على ذلك، فلتسعوا في تنحيته عن الإمامة، وإقامة الإمام العدل المرضي، ما لم يؤد ذلك إلى فتنة أو مفسدة أعظم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1423(11/10552)
أقوال العلماء في إمام قوم وهم له كارهون
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم صلاة الجماعة التي يؤمها إمام يقوم بالتمييز بين الناس في مجال العمل أو المعاملة؟ وجزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجماعة خلف هذا الرجل صحيحة إذا توفرت فيه شروط الإمامة بأن يكون عاقلاً مسلماً ذكراً. والأفضل إن يؤم الناس من هو أكمل حالاً، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سناً.
ولا يجوز للرجل أن يؤم قوما وهم له كارهون، لحديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم العبد: الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون. رواه الترمذي وقال الألباني: إسناده حسن.
قال أبو عيسى الترمذي بعد هذا الحديث: وقد كره قوم من أهل العلم أن يؤم الرجل قوماً وهم له كارهون، فإذا كان الإمام غير ظالم فإنما الإثم على من كرهه لغير سبب شرعي.
وقال أحمد وإسحاق في هذا: إذا كره واحد أو اثنان أو ثلاثة فلا بأس أن يصلي بهم حتى يكرهه أكثر القوم.
قال ابن العربي في عارضة الأحوذي: وأما الإمام للقوم وهم يكرهونه فقال قوم: هو الإمام الجائر وهو ملعون، ولايمتنع أن يكون إمام الصلاة مثله إذا كان فاجراً، فإن كان ذلك من ظلم الجماعة له وهو على طريقة حسنة لم يدخل في الذم. انتهى
قال هناد قال جرير قال منصور بن المعتمر السلمي: فسألنا عن أمر الإمام؟ فقيل لنا: إنما عنى بهذا أئمة ظلمة، فأما من أقام السنة فإنما الإثم على من كرهه.
والحاصل: أن الصلاة وراءه صحيحة، وأما فعله هذا فلا يؤثر في صحة الصلاة، وإثمه عليه إن ترتب على تمييزه بين الناس ظلم أو تولية من لا يستحق، والواجب النصح والأمر بالمعروف والتعاون على البر والتقوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1423(11/10553)
التداوي بالشعوذة وأثره في صحة الإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الصلاة خلف الإمام الذي يتداوى بالشعوذة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا لا نعلم حقيقة الشعوذة التي يتداوى بها هذا الإمام لذلك لا نستطيع أن نحكم على الصلاة خلفه بالصحة أو البطلان.
ولكن نقول: إن كانت الشعوذة التي يتداوى عند متعاطيها تتضمن أعمالاً شركية وهو مصدق لذلك، فالصلاة خلفه لا تجوز، ويجب على جماعة المسجد عزله عن الإمامة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من آتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
أما إن كان يستعمل وسائل أخرى لا تصل إلى الشرك أو غير مصدق فالأولى ترك الصلاة خلفه لأن من هذه حالهم لا يسلمون غالباً من أخطاء في العقيدة، ولكن ما لم يتحقق من الأعمال الشركية فالصلاة صحيحة، ولا فرق -فيما ذكرنا- بين من يداوي نفسه أو غيره أو يذهب إلى غيره لأجل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(11/10554)
الصلاة خلف من عرف بالفسق صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمامة الإمام الجائروالصلاة وراءه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجوز الصلاة خلف الإمام الفاسق، وإن كان الأولى أن يؤم الناس غيره ممن عرف بالعلم والصلاح والتقوى. ودليل الجواز ما روى البخاري في صحيحه أن ابن عمر وأنساً كانا يصليان خلف الحجاج، وما رواه مسلم من أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه صلى خلف مروان صلاة العيد.
وللفائدة راجع الفتوى رقم 23182
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(11/10555)
الإمام الراتب هل يقدم على غيره إن اختص غيره بفضيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي شروط الإمام وهل يجب تقديم الرجل الملتحي على حليق اللحية حتى ولو كان هذا الحليق أكثر حفظاً لكتاب الله وهل يجب تقديم العالم على الإمام الراتب للمسجد وهل هناك إثم على الإمام الراتب إذا لم يقدم رجلاً مأموماً وهو يعلم أنه أكثر حفظا لكتاب الله منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإمام الراتب هو: الذي رتبه السلطان أو نائبه أو جماعة المسلمين أو الواقف، وهو مقدم في إمامة الصلاة على غيره من الحاضرين، وإن اختص غيره بفضيلة، كأن يكون أعلم منه أو أقرأ منه، ما دامت قراءته خالية من اللحن الجلي الذي يبطل الصلاة.
وبناءً على هذا فلا يجب تقديم الأعلم على إمام المسجد الراتب، ولا شيء على الإمام الراتب إن لم يقدمه، ولو علم أنه أكثر منه حفظاً، ولمعرفة مزيد من التفاصيل عن الأمور التي ذكرناها راجع الفتوى رقم:
6682 - والفتوى رقم:
10176.
ولمعرفة حكم الصلاة خلف الإمام الحليق راجع الفتوى رقم: 1636، ولمعرفة شروط الإمامة راجع الفتوى رقم:
9642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1423(11/10556)
حكم الاقتداء بالإمام الأمي
[السُّؤَالُ]
ـ[أقرب مسجد يبعد عن بيتى حوالي350م ولا يوجد به إمام راتب في صلاة الفجر وهناك مجموعة من الأمييين يتنافسون على الإمامة بشدة وأحد هولاء الأميين يقدم نفسه وهو يلحن في الفاتحة ولايدرك من أحكام الصلاة وما يتعلق بها شيئا، إلا أن بيته ملاصق للمسجد فهل يجوز لي أن أصلي وراءه وأنا غير مرتاح وفي نفس الوقت أتحسر أنني لا أدرك الصلاة في المسجد أم أصلي في بيتي وأنال أجر المسجد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الإمام أمياً لا يحسن القراءة لكونه يلحن في الفاتحة لحناً جلياً يخل بالمعنى كأن يقول: أنعمتُ عليهم بدلاً من أنعمتَ عليهم فلا يصح الاقتداء به عند جمهور أهل العلم إلا أن يكون المأموم مثله، ولا يشترط في صحة الصلاة أن يكون الإمام مجوداً في أصح أقوال أهل العلم.
وبناء على ذلك فعليك أن تؤم هؤلاء إن كانت قراءتك صحيحة، فإن لم تتمكن من ذلك أو خشيت أن تنتج عنه بعض الفتنة، فلتذهب إلى مسجد آخر إن وجد وأمكن الوصول إليه بدون مشقة زائدة، وإلا فصل في بيتك والله سبحانه وتعالى سيجازيك لأنه الجواد الكريم المطلع على نيات الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1423(11/10557)
من هو الأحق بالإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[* من يحق له الأولوية في الإمامة في صلاة الجماعة بالمسجد؟ أكثرهم حفظاً للقرآن أم أقرؤهم للقرآن أم أعلمهم بالاحكام؟ أم أكثرهم مواظبة على صلاة الجماعة في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأولى بالإمامة هو الأكثر حفظاً العارف بما يلزم معرفته من الأحكام المتعلقة بالصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ... رواه مسلم وغيره.
ومعنى أقرؤهم. أكثرهم قراءة، لكن ذلك مشروط بما إذا كان يعرف ما يتعين معرفته من أحكام صلاته كما قدمنا، فإذا وجد فإنه يقدم على غيره بشرط سلامته من الفسق، أما إذا كان فاسقاً فإنه يقدم عليه غيره ممن دونه في القراءة إذا كان ورعاً محافظاً على أداء صلواته مع الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(11/10558)
إمامة الأعمى والأصم بين الجواز والكراهة والمنع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يصلي الشخص الأعمى والأصم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع من أن يكون كل من الأعمى والأصم إماماً في الجملة عند جمهور علماء المذاهب الأربعة وغيرهم، قال المرداوي في الإنصاف: (لو كان الأعمى أصم صحت إمامته على الصحيح من المذاهب) . انتهى
وإنما صحت إمامتهما لأن العمى والصمم لا يخلان بشيءٍ من أفعال الصلاة ولا شروطها، لكن الحنفية والحنابلة صرحوا بكراهة إمامة الأعمى، قال المرداوي في الإنصاف: (البصير أولى وهو المذهب) . انتهى.
وصرح المالكية بأفضلية إمامة غير الأصم، وكراهة اتخاذ الأصم إماماً راتباً، قال الحطاب في مواهب الجليل: (فإن الأصم ينبغي ألا يتخذ إماماً راتباً؛ لأنه قد يسهو فيسبح له فلا يسمع، فيكون ذلك سبباً لإفساد الصلاة) . انتهى
وذهب الشافعية إلى أن إمامة الأعمى والبصير سواء، لتعارض فضلهما؛ لأن الأعمى لا ينظر إلى ما يشغله فهو أخشع، والبصير ينظر الخبث فهو أقدر على تجنبه.
والراجح -والله أعلم- أن إمامة الأعمى كإمامة البصير، كما هو مذهب الشافعية والمحررين من المالكية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف عبد الله بن أم مكتوم على المدينة، وهو أعمى، كما رواه أحمد في مسنده عن أنس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف بن أم مكتوم على المدينة مرتين يصلي بهم وهو أعمى. وحسنه الأرناؤوط.
كما أن الراجح -والله أعلم- في إمامة الأصم هو مذهب المالكية؛ لأن الأصم لا يسمع تسبيح الرجال ولا تصفيق النساء إذا أخطأ في صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(11/10559)
حكم إمامة المرأة للرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تؤم المرأة أولادها الشباب في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح الذي عليه جماهير أهل العلم أن إمامة المرأة للرجال سواء كانوا كباراً أم صغاراً لا تصح، وأنها غير مجزئة لهم، ولم يخالف في ذلك إلا نفر يسير من أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: (وأما المرأة فلا يصح أن يأتم بها الرجل بحال في فرض ولا نافلة، في قول عامة الفقهاء) . انتهى
وقال الشافعي في الأم: (وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة، وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة؛ لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهنَّ عن أن يكن أولياء وغير ذلك، ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبداً) . انتهى
تنبيه: روى ابن ماجه والييهقي مرفوعاً: لا تؤمن امرأة رجلاً، ولا أعرابي مهاجراً، ولا فاجر مؤمناً، إلا أن يقهره بسلطان يخاف سوطه وسيفه. والحديث وإن كان ظاهره أنه حجة في المسألة إلا أن الحافظ ابن حجر قال عنه في بلوغ المرام: وإسناده واه وضعفه الألباني في إرواء الغليل وضعيف الجامع الصغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1423(11/10560)
إمامة الصبية للنساء أو الصبيات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن لي أن أؤم البنات وأنا لم أبلغ سن الرشد وأحفظ من القرآن 5 أجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم جواز إمامة الصبي في النفل والفرض، إذا كان أقرأ القوم، وكان ضابطاً لأحكام الصلاة، ومثل هذا يقال في إمامة الصبية للصبية أو الصبيات مثلاً، والمقصود بالصبية من لم تبلغ الحلم، لا الرشد.
وقد سبق ذلك مفصلاً في الفتاوى التالية أرقامها:
5632 -
18878.
وعلامات البلوغ قد سبق بيانها في الفتوى رقم:
10024.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(11/10561)
حكم إمامة مقترف العادة السرية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق لا يصلي وأعرف أنه كان يقوم بالعادة السرية ولا أعرف إن كان يتطهر أم لا، وذات مرة كنت ذاهبا للصلاة في المسجد فأتى معي وصلى هو إماما فهل الصلاة صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في أفعال المسلم الصحة، ما لم يدل الدليل على خلاف ذلك.
وعليه، فصلاة الرجل المذكور صحيحة، إذا قام بفرائض الصلاة الظاهرة، وصلاتك خلفه أيضاً صحيحة، وكان الأولى أن يتولى الإمامة الأورع والأتقى لله تعالى.
أما العادة السرية، فهي عادة قبيحة، قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره: (وقد استدل الإمام الشافعي ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية، color=green> (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم وما ملكت أيمانهم) قال فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين وقد قال تعالى (فمن ابتغى وراء ذلك فهم العادون)) انتهى كلامه.
قال الشافعي في الأم: (فلا يحل العمل بالذكر إلا في الزوجة أو في ملك اليمين ولا يحل الاستمناء) .
واستدل بعض أهل العلم بقوله تعالى: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا..
على أن الأمر بالعفاف يقتضي الصبر عما سواه، وراجع الفتوى رقم:
7170.
وينبغي لك أن تدعو هذا الأخ إلى المحافظة على الصلاة، وترك العادة السرية، وتبين له ضررها، ويمكنك الاستعانة ببعض الأشرطة والكتيبات أو بعض الصالحين الذين يستطيعون التأثير عليه، قال تعالى: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله ... ) . [فصلت:33]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1423(11/10562)
صاحب البيت أحق بالإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يكون الابن أحق بالإمامة في الصلاة من والده في بيت الوالد إذا كان الابن أقرأ من أبيه للقرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فثبت في الحديث الصحيح: أن النبي صلى الله عليه قال "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه" رواه مسلم.
قال النووي: قوله: " (ولا يؤمن الرجل.." معناه: ما ذكره أصحابنا وغيرهم أن صاحب البيت والمجلس وإمام المسجد أحق من غيره، وإن كان ذلك الغير أفقه وأقرأ وأورع.... قالوا: ويستحب لصاحب البيت أن يأذن لمن هو أفضل منه) .
وقال ابن قدامة في المغني: (مسألة: وصاحب البيت أحق بالإمامة إلا أن يكون بعضهم ذو سلطان. وجملته أن الجماعة إذا أقيمت في بيت فصاحبه أولى بالإمامة من غيره، وإن كان فيه من هو أقرأ منه وأفقه إذا كان ممن يمكنه إمامتهم وتصح صلاتهم وراءه) . 2/173.
فعلم مما سبق أن الأب أحق بالإمامة في بيته من الابن، إذا كان الأب صالحاً للإمامة ولو كان الابن أفقه منه وأقرأ، لكن لا بأس أن يؤم الرجل أباه في بيته إذا كان ذلك بإذنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1423(11/10563)
الصلاة خلف أصحاب الأهواء والبدع موضع تفصيل
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام وخطيب بمسجد حيناً يقوم بإحياء سنة مستحبة وكما يسميها بالذكر تتمثل في إنشاء حلقة يضرب فيها الدف ويتم استحضار الجن وتسمى بالوعدة لسيدي فلان هل يجوز الصلاة وراء هذا الإمام وما الحكم في هذه القضية؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاتخاذ ضرب الدف عبادة من البدع التي لم يفعلها سلف هذه الأمة، والشخص الذي يجمع الناس لسماع ذلك ساع في إفساد عقول الناس ودينهم، ولا ينبغي لمثله أن يكون إماماً وخطيباً للمسلمين، وليس ما يفعله من السنن الحسنة، بل هو من البدع المنكرة، ومن القول على الله بغير علم.
وأما حكم الصلاة خلفه، فإليك جواب شيخ الإسلام ابن تيمية في مثل هذه المسألة قال رحمه الله: (وأما الصلاة خلف المبتدع، فهذه المسألة فيها نزاع وتفصيل، فإذا لم تجد إماماً غيره كالجمعة التي لا تقام إلا بمكان واحد، وكالعيدين وكصلوات الحج خلف إمام الموسم، فهذه تفعل خلف كل بر وفاجر باتفاق أهل السنة والجماعة، وإنما تدع مثل هذه الصلوات خلف الأئمة أهل البدع ... ممن لا يرى الجمعة والجماعة إذا لم يكن في القرية إلا مسجد واحد، فصلاته في الجماعة خلف الفاجر خير من صلاته في بيته منفرداً، لئلا يفضي إلى ترك الجماعة مطلقاً.
وأما إذا أمكنه أن يصلي خلف غير المبتدع فهو أحسن وأفضل بلا ريب، لكن إن صلى خلفه ففي صلاته نزاع بين العلماء.
ومذهب الشافعي وأبي حنيفة تصح صلاته، وأما مالك وأحمد ففي مذهبهما نزاع وتفصيل.
وهذا إنما هو في البدعة التي يعلم أنها تخالف الكتاب والسنة، مثل بدع الرافضة والجهمية، ونحوهم.
فأما مسائل الدين التي يتنازع فيها كثير من الناس في هذه البلاد مثل مسألة الحرف، والصوت ونحوها، فقد يكون كل من المتنازعين مبتدعاً، وكلاهما جاهل متأول، فليس امتناع هذا من الصلاة خلف هذا بأولى من العكس، فأما إذا ظهرت السنة وعلمت فخالفها واحد، فهذا هو الذي فيه نزاع. انتهى كلامه
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1423(11/10564)
إمامة الصلاة بين أفضلية الفعل وأفضلية الترك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يأثم الرجل إذا كان هو أقرأ الحاضرين للصلاة ولم يقدم نفسه للإمامة آخذاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (فروا من الإمامة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإمامة فرض كفاية، وقد تصير في حق الشخص فرض عين إذا لم يوجد من يصلح للإمامة غيره.
وأما الحديث الوارد في السؤال فحديث لا أصل له، ويرده ما ثبت من حديث عثمان بن أبي العاص قال: يا رسول الله، اجعلني إمام قومي، فقال: "أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم" رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة وهو حديث صحيح، ففيه دليل على جواز طلب الإمامة.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الإمامة هل فعلها أفضل أم تركها؟ فأجاب: (بل يصلي بهم وله أجرٌ بذلك) .
وإنما كره بعض العلماء الإمامة لما فيها من المسؤولية، كما قال الشافعي رحمه الله: (وأكره الإمامة للضمان، وما على الإمام فيها) . ا. هـ من كتاب الأم.
وروي أن بعض الصحابة كانوا يتدافعون الإمامة، والصواب أنه إذا كان في القوم من يصلح لها فلا ينبغي المسارعة إليها. إما إذا لم يوجد من يصلح فلا معنى للترك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1423(11/10565)
إمامة التائب من الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
رجل زنا وتاب الآن من ذلك ولكنه كلما تذكر ذلك الأمر ندم وتحسر واستغفر الله هل يجوز له أن يكون إماما راتباً للناس في الصلاة بعد أن تاب؟ وما هي علامات قبول التوبة؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الإجابة على سؤالك راجع لزاماً الفتاوى التالية: 2969، 1095، 3184، 8065،
16907.
أما بالنسبة لإمامة من زنا ثم تاب، فإنه ليس فيها أي حرج، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وأما بالنسبة لعلامات قبول التوبة، فراجع لها الفتوى رقم: 5450.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(11/10566)
الصحيح من أقوال أهل العلم صحة الصلاة بالفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المأموم إذا كان المأموم يشك بأن الإمام لا يصلي بصفة مستمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ترك الصلاة أحياناً، فقد ارتكب إثماً كبيراً، ويعتبر بذلك فاسقاً، ولا يجوز للمسلمين أن يجعلوه إماماً لصلاتهم، بل يجب عليهم استبداله بغيره ما دام على حاله، فإن تعذر عليهم استبداله، فليصلوا خلفه ما لم يكن متهاوناً بأحكام الطهارة، لأن الصحيح من أقوال أهل العلم صحة الصلاة بالفاسق، كما سبق في الفتوى رقم: 23182.
هذا كله إذا تبين لهم أنه فعلاً يترك الصلاة أحياناً.
أما إذا كان مجرد الشك في ذلك فلا يجوز الظن السيء بمسلم بغير برهان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(11/10567)
من صحت صلاته لنفسه صحت صلاة الناس خلفه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة خلف الإمام وقد تم ضبطه وهو يسرق من أموال المسجد ويعيش على هذا الدخل هو وأبناؤه جميعهم المتزوج منهم والأعزب؟ وهل يجوز السماع له في خطبة الجمعة؟ وما حكم الشرع إذا فوجئنا به على المنبر دون تنبيه بأنه هو الخطيب فنقوم ونترك المسجد لنصلي في مسجد آخر خلف إمام آخر؟
أفيدونا بالجواب أفادكم الله بفضله وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلمين أن ينصبوا إماماً فاسقاً بشرب الخمر، أو السرقة، ونحو ذلك.
ومن صلى وراءه صحت صلاته، لأن القاعدة في هذا الباب أن من صحت صلاته لنفسه صحت صلاة الناس خلفه، وانظر الفتاوى بالأرقام التالية: 15580، 7445، 23182، 17894، 14675.
ومن حضر الجمعة لا ينبغي له الخروج منها إلا إذ كان إمام الجمعة ممن لا تصح الصلاة خلفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1423(11/10568)
حكم الصلاة خلف إمام فاسد العقيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام أحد المساجد يحمل عقيدة فاسدة، إذ أنه يعتقد أن غير الله يمكن أن يخلق أو أن يهب الذرية ويستدل على ذلك بروايات وخزعبلات بعض الصوفية فما حكم الصلاة خلف هذا الإمام؟ أرجو الإسهاب في الإجابة، والفصل في الحكم، مع ذكر اسم الشيخ المجيب، وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن الشرك الأكبر أن يدعو العبد غير الله، كمن يستغيث بالمخلوق وليًّا كان أو غيره، فيطلب منه ما يطلب من الله تعالى من دفع الضر وجلب النفع والذرية والرزق وغير ذلك من الأشياء التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى. فإن هذا من الشرك الذي حرَّمه الله ورسوله باتفاق المسلمين، قال تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يونس:107] .
ولا يقال إننا نجعل هؤلاء وسائط بيننا وبين الله تعالى، فإن قائل ذلك يضاهي المشركين الذين قال الله تعالى عنهم: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3] .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار، مثل أن يسألهم غفران الذنوب وهداية القلوب وتفريج الكروب وسد الفاقات فهو كافر بإجماع المسلمين) . مجموع الفتاوى 1/134.
فهذا الشخص الذي يعتقد هذه العقيدة لا يجوز أن يكون إمامًا للمسلمين، ولا تصح الصلاة خلفه بحال؛ لأن صلاته هو باطلة؛ لأن الله جل وعلا يقول: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65] .
. فالواجب على جماعة المسجد أن يستبدلوا هذا الإمام بإمام آخر، فإن عجزت عن ذلك، فاذهب إلى مسجد آخر، فإن لم يوجد مسجد أو وجدت ولكن شق عليك الذهاب إليه لبعده، فصلِّ في أهل بيتك، ولا تصلِّ أبدًا خلف من يشرك بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(11/10569)
حكم من صلى خلف إمام غير متوضيء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف إمام أنت متأكد من أن وضوءه غير صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا علم المأموم بأن إمامه على غير وضوء ثم اقتدى به، فإن صلاته باطلة، واختلف في بطلان صلاة غيره من المأمومين الذين لا يعلمون ما يعلم هو من حال الإمام، فمن أهل العلم من قال ببطلان صلاة الجميع، ومنهم من قصر البطلان على العالم بالحدث.
وهذا القول هو الصحيح وذلك لعذرهم بالجهل، وللقاعدة أن من فعل شيئاً على وجه صحيح بمقتضى الدليل الشرعي، فإنه لا يمكن إبطاله إلا بدليل شرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(11/10570)
حكم استخلاف المسبوق ...
[السُّؤَالُ]
ـ[لو تقدم إمام للصلاة ودخل شخص مسبوق ودخل خلف الإمام، وأثناء الصلاة انتقض وضوء الإمام فتقدم الشخص المسبوق، فكيف يكمل المسبوق بنا الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجماهير العلماء يقولون بجواز استخلاف الإمام لمأموم مسبوق، وهذا هو معتمد المذاهب الأربعة، وإن كان الأولى أن يستخلف غير مسبوق.
وعلى المسبوق المستخلف مراعاة صلاة الإمام الذي استخلفه، فيجلس إذا جاء وقت جلوس الإمام، ويسجد للسهو الذي وقع للإمام في موضع سجود السهو للإمام، فإذا أكمل صلاة الإمام الذي استخلف قام بعد ذلك لإكمال صلاته، وأما المأمومون، فإنهم بالخيار بين أن يسلموا أو ينتظروه حتى يتم صلاته، ويسلم ثم يسلموا. هذا مذهب الشافعية والحنابلة، وأما المالكية فقالوا: إذا أكمل صلاة الإمام أشار إليهم بالجلوس حتى يتم صلاته ثم يسلم ويسلمون معه.
وقال الأحناف: إذا أتم المسبوق المستخلف صلاة الإمام استخلف واحدًا ممن أدرك الصلاة كلها مع الإمام ليسلم بالناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(11/10571)
التفصيل في الصلاة خلف من يحضر الذبح لغير الله
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل بمثابة إمام وخطيب في بعض الأحيان يذهب لحضور الوعدة التي يذبح فيها للأوثان
هل تجوز الصلاة وراءه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذبح لغير الله تعبداً وتذللاً شرك أكبر مخرج من الملة، لأنه من عبادة غير الله، وقد دلت النصوص على أن التقرب بالذبح عبادة، فمن صرفها لغير الله فقد أشرك.
قال سبحانه:
(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر:2)
وقال سبحانه: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام:163- 162)
ومن حضر الذبح لغير الله فإما أن يكون كارهاً لذلك سواء أنكره أو لم ينكره، أو يكون جاهلاً بأنه شرك، أو أن يعلم بأنه شرك، ومع ذلك هو راضٍ به مقر له، ففي الحالتين الأوليين الحاضر ليس مشركاً بل هو محمود إن كان قد حضر للإنكار، وفي الثالثة مشرك لأن الرضى بالكفر كفر. قال الله سبحانه: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) (النساء:140) وهذا الإمام إن كان من هذا النوع فإن الصلاة لا تصح خلفه قطعاً، وإن كان من النوعين السابقين، فينبغي أن يعلم وينصح بهجر مجالس الشرك ما لم يكن قد حضر للإنكار.
وإن تمكن السائل وغيره من الصلاة خلف غيره فهو أولى وأفضل، وقد يكون هجره وتركه سبباً لرجوعه عن ذلك.
وإن كان هجره سيؤدي إلى فوات الجمعة والجماعة، فلا يجوز هجره بل الواجب الصلاة خلفه، وهذا عمل الصحابة، فإنهم صلوا خلف الفساق الظلمة كأمثال الحجاج بن يوسف الثقفي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1423(11/10572)
حكم الإمامة وقراءة القرآن لمن به سلس..
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصاب بسلس البول وكنت أصلي في المسجد منفرداً, وأتى أحدهم وانضم إلي وأنا في الركعة الثانية فأصبحت أنا الإمام. وإني قرأت من قبل أنه لا يمكن لصاحب عذر أن يكون الإمام في الصلاة. وأنا لم أدر ماذا أفعل. فهل صلاتي وأنا الإمام تجوز أم لا؟ وإن لم تكن تجوز فماذا أفعل لأكفر عن صلاتي وعن صلاتهم وهم أشخاص لا أعرفهم؟ وماذا يمكنني أن أفعل لأمنعهم من الانضمام لي وأنا أصلي منفرداً إذا كان لا يجوز أن أكون إماما؟ هل يمكنني أن أقرأ في المصحف وأنا مصاب بهذا المرض؟ ... وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم إمامة من به سلس بول لغيره من الأصحاء في الفتوى رقم:
7507.
وتبين منها أن في المسألة خلافاً بين الفقهاء، وصلاتك صحيحة لعدم وجود ما يبطلها وصلاة الرجلين اللذين صليا خلفك صحيحة كذلك إن شاء الله لسببين:
الأول: أنهما لا يعلمان بحالك.
الثاني: أن صلاتهما صحيحة مع الكراهة عند بعض الفقهاء وهم المالكية، وبدون كراهة عند الشافعية، قال النووي في روضة الطالبين: (يجوز اقتداء السليم بسلس البول، والطاهرة بالمستحاضة غير المتحيرة على الأصح) . انتهى
وبناءً على ذلك فلا يجب عليك كفارة لعدم ورود الشرع بها، ولا أن تبحث عنهما لإخبارهما لما ذكرنا من صحة صلاتهما عند فريق من الفقهاء.
ولتعلم أنه لم يكن من الواجب عليك منعهما من الصلاة خلفك، لأن ذلك قد يؤدي إلى عمل كثير منك من غير جنس الصلاة، وقد مضى بيان حكمه في في الفتوى رقم:
10780، إضافة إلى أن صلاتهما صحيحة عند البعض كما سبق ذكره.
2- (ثم إنه لا مانع من القراءة في المصحف لمن به سلس بول، بشرط أن لا يمسه بغير وضوء لأدلة ذكرناها في الفتوى رقم:
1635، والفتوى رقم:
2982.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(11/10573)
حكم إمامة من لا ينهى عن المنكر ولا يحترم الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نصلي وراء من لا يحترم الصغير ولا الكبير ولا يأمر بالمعروف ولا ينهي عن المنكر؟ وشكراَ..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قول السائل "لا يحترم الصغير...." فيه إجمال كبير، فلم يبين لنا ما هي الأعمال التي يعملها هذا الإمام، وهل هي مفسقة؟ أما ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالأمر فيه نسبي، وهو يختلف باختلاف قدرات الناس، ومع ذلك فهو من فروض الكفايات وليس من فروض الأعيان.
وعلى العموم فقد تقدم الكلام عن الصلاة خلف الفاسق أو المبتدع أو من يكرهه المأموم، وذلك في الفتاوى التالية أرقامها:
11155
1636
6359
4159.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(11/10574)
حكم إمامة الصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت إلى المسجد بعد انقضاء صلاة الجماعة ووجدت ثلاثة أطفال دون البلوغ يصلون جماعة فهل يجوز أن أدخل معهم في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم صحة إمامة الصبي المميز، لأدلة وردت في ذلك، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 62.
وعليه فلا حرج إن شاء الله في الصلاة معهم، وتكون الصلاة صحيحة ومجزئة بإذن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1423(11/10575)
يصلي في المسجد ثم يصلي بأهله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي في المسجد ثم يأتي إلى أهله ويصلي بهم؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على من صلى في المسجد ورجع إلى أهله أن يصلي بهم على الراجح من أقوال أهل العلم، لما في الصحيحين عن جابر بن عبد الله أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(11/10576)
الصلاة خلف القاتل ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل بلغ الأربعين من عمره قتل عمه ثم حكم عليه بالسجن ثمانية أعوام، تولى الآن منصب إمام الصلوات الخمس والخطبة، هل تجوز الصلاة وراءه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الفاسق صلاته صحيحة لنفسه وكذلك صلاة المأموم خلفه، ولكن كره بعض السلف الصلاة خلف الفاسق والمبتدع لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، ومن ذلك أن من أظهر فسقاً أو بدعة لا يُرَتَب إماماً للمسلمين فينبغي هجره حتى يتوب. هذا إذا لم يؤد هذا الهجر على فوات الجمعة أو الجماعة على المأموم، فإذا كان ترك الصلاة خلفه يفوت على المأموم الجمعة والجماعة فإنه لا يجوز ترك الصلاة خلفه، بل لا يترك الصلاة خلفه والحالة هذه إلا مبتدع مخالف للصحابة رضي الله عنهم كما صرح بذلك غير واحد من العلماء منهم: ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية، فإنه قد صح أن ابن عمر وأنساً رضي الله عنهما كانا يصليان خلف الحجاج وكان الحجاج فاسقاً ظالماً. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم.
وعلى هذا فلو كان هذا الرجل القاتل لم يتب فإنه فاسق يجري عليه هذا الكلام الذي قلناه، وأما إن كان قد تاب، وكان قد عفا عنه أولياء الدم، فإن الفسق مرتفع عنه إن شاء الله، ولا كراهة في الصلاة خلفه على كل تقدير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1423(11/10577)
فتاوى حول الاقتداء بالمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت إلى المسجد في وقت العشاء ولم ألحق صلاة الجماعة فدخلت مع من كان مأموماً هل تجوزصلاتي؟
ولكم جزيل الشكر 0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاتك صحيحة ولا شيء عليك وراجع الفتاوى التالية:
8746 18496 11822
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(11/10578)
الإمام قدوة في الخير للمصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[في مسجدنا إمام يأتي متأخرا عن وقت إقامة الصلاة المتفق عليه بحجة أنها سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم لدرجة أن المصلين متضايقون من تأخره الزائد ما رأيك يا شيخ في ذلك؟
جزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي أن يكون الإمام قدوة لغيره من المصلين، يحرص على أداء السنن ليرغبهم فيها، ويحضر قبل الصلاة بوقت ليتهيأ قلبه لها، وهذا من أسباب الخشوع التي يغفل عنها بعض الناس.
وقد يكون هذا الإمام يصلي السنن في بيته، كما هو السنة عن نبينا صلى الله عليه وسلم، لكن إذا بلغ الأمر إلى درجة تضايق المصلين من هذا التأخر، فلا ينبغي الإصرار على ذلك، فإن الحرص على وجود الألفة والمحبة بين المصلين وإمامهم أمر مطلوب شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(11/10579)
حكم الصلاة خلف من لا يحسن القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا يتغيب الإمام الراتب عن بعض الصلوات في المسجد فيقوم المؤذن بتقديم أحد المصلين للإمامة ولكن من يقدمهم يكونون جاهلين بأحكام القراءة لدرجة أن أحدهم لا نسمع له حرف الهاء في سورة الفاتحة بقوله (عليم) بدلا من عليهم فكأنه يدغم الهاء في الياء فلا تكون واضحة فهل الصلاة خلفه صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة الفاتحة في الصلاة من أركانها الأساسية التي لا تصح بدونها، قال صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) . متفق عليه.
ومن صلى خلف إمام لا يحسن قراءة الفاتحة أو يلحن فيها لحنا جلياً مثل ما ذكر السائل الكريم، فإن صلاته باطلة، ويجب عليه إعادتها إلا إذا كان المقتدي مثل إمامه لا يحسن القراءة فصلاتهما صحيحة، ويجب عليهما (الإمام والمأموم) أن يصححا قراءتهما في أقرب وقت ممكن.
وما فعله هذا المؤذن من تقديم من لا يحسن القراءة خطأ بين، فيجب عليه هو أن يتقدم إذا كان يحسن القراءة، أو يقدم غيره ممن يحسنها، ولا يجوز لمن لا يحسن القراءة أن يتقدم للصلاة بالناس في مسجد يوجد فيه غيره، ويجب عليك أنت أن تنبه المؤذن على ذلك.
والحاصل أن الفاتحة ركن لا تصح الصلاة بدونها. وأن من صلى خلف من يلحن فيها لحنا جلياً يحيل المعنى فصلاته باطلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/10580)
فسوق الإمام لا يسوغ ترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
هل تجوز الصلاة وراء متطوع وهو يرتكب كبيرة بعد نصحه ولم يقبل النصيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المسلمين أن يختاروا لهم إماماً من أهل الخير والصلاح، وأن لا يقدموا لهذه المهمة العظيمة إلا أكثرهم قراءة وعلما وورعاً، فإن قدر أنه تولى هذه المهمة من ليس أهلاً لها لقلة علمه أو ضعف دينه أو نحو ذلك فعليهم أن يعزلوه، ويقدموا غيره ممن توفرت فيه الشروط المطلوبة في الإمام، فإن تعذر عليهم تغيير هذا الإمام الفاسق، فعليهم بنصحه، وتذكيره بالله، وحثه على التوبة، فإن لم يستجب وجب عليهم ترك الصلاة خلفه، وعليهم الصلاة خلف إمام آخر في مسجد آخر إن وجد، فإن لم يوجد أو كان المسجد الآخر بعيداً، وتعذر تغيير هذا الإمام ولم يصلح حاله، فلا يجوز لكم ترك الجماعة لذلك، بل صلاتكم خلفه على الراجح من أقوال أهل العلم صحيحة، فقد كان بعض الصحابة يصلي خلف الحجاج رغم شهرة فجوره، وظلمه، وسفكه للدماء، وانظر الفتوى رقم:
1636 والفتوى رقم:
16978.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1423(11/10581)
حكم إمامة تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من يدخل المسجد وهو لا يصلي ويجعل نفسه إماما على المصلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتارك الصلاة على خطر عظيم، والمنقول عن الصحابة تكفيره، وإلى هذا ذهب جماعة من أهل العلم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
6061 والفتوى رقم:
15037.
فإن تاب إلى الله تعالى، وأدى الصلاة، فلا حرج عليه أن يؤم غيره.
وإن كنت تعني أنه أمَّ الناس مع استمراره على ترك الصلاة، فهذا لا يكون إلا على جهة السخرية والعبث، أو فعل ذلك حياء من الناس، فإن داوم على الصلاة بعد ذلك فصلاته تلك صحيحة، وإن رجع إلى ما كان عليه تبين أن صلاته المذكورة لم تكن منه على وجه التوبة والرجوع إلى الله تعالى، ولهذا كان على من علم حاله من المأمومين أن يعيد الصلاة التي صلاها خلفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1423(11/10582)
حكم الصلاة خلف إمام لا يصلي الفجر جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف إمام لا يصلي الفجر (قد يكون يصلي في بيته ولكن لا يصلي الفجر في المسجد الذي يبعد عن بيته 200 متر مع العلم أنه يتقاضى راتبا عن إمامة المصلين في هذا المسجد) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعلَّ هذا الإمام يكون معذوراً في التخلف عن صلاة الفجر في المسجد، ولو افترضنا أنه غير معذور، فإن الصلاة خلفه صحيحة، فكل من صحت صلاته في نفسه صحت صلاة من صلى خلفه.
وإذا كان ترك الصلاة خلفه يؤثر فيه حتى يتوب وينتهي عن فعله هذا جاز ذلك، بشرط ألا يفوت التارك الجماعة في مسجد آخر، ويكون ترك الصلاة خلفه إنكارا للمنكر وأمرا بالمعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(11/10583)
هل يكون مكان الإمام أرفع من مكان المأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة في الأسفل والإمام في أعلى سقف المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يكره للإمام أن يكون في مكان أعلى من المأمومين في الصلاة عند أكثر أهل العلم، لما روى أبو داود عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال لعمار رضي الله عنه: "ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أمّ الرجل القوم فلا يقم في مكان أرفع من مقامهم؟ " إسناده حسن. وإذا صلوا والحالة هذه صحت الصلاة كما ذكر ذلك النووي في المجموع.
إلا أنه يجوز ارتفاع الإمام عن المأمومين عند الحاجة كالتعليم ونحوه، لما ثبت في الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: (وقام عليه - يعني المنبر- رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عُمل، ووضع، فاستقبل القبلة وكبر.. الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(11/10584)
تجوز الصلاة خلف من صحت صلاته في نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة وراء أحد إمامين مختلفين إلى حد أنه إذا دخل أحدهما المسجد خرج منه الآخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإمام إذا صحت صلاته في نفسه، جازت الصلاة خلفه، لذلك فقد أجاز جمهور العلماء الصلاة خلف الإمام الفاسق؛ خصوصاً إذا لم يكن فسقه متعلقاً بالصلاة، وبالتالي فالاختلاف والتباغض الذي يحدث بين إمامين، لا يقدح في صحة الصلاة خلف أي منهما، إلا أن الواجب تقديم النصح لهما، إذ أن الذي ينبغي على الإمام هو أن يكون قدوة حسنة لغيره، فأقواله وأفعاله وتصرفاته محل نظر الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(11/10585)
قول الإمام: صلوا صلاة مودع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول الإمام للمأمومين عند الاصطفاف للصلاة: صلوا صلاة مودع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الإمام أحمد وابن ماجه عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، علمني وأوجز، قال: "إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع ... ".
وانطلاقاً من هذا الحديث يقول بعض الأئمة للمصلين: صلوا صلاة مودع. والمقصود استشعروا في صلاتكم أنها آخر صلاة تصلونها، فإذا استشعرتم ذلك حملكم هذا الشعور على إحسان صلاتكم وإتقانها وأدائها بتمام خشوعها وطمأنينتها، لأنكم قد لا تتمكنون من صلاة بعدها.
لكن هذا لا ينبغي أن يكون على الدوام، لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، بل الثابت عنه أنه كان يأمر بتسوية الصفوف فيقول: " استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ". رواه مسلم
ويقول: استووا وتراصوا رواه أحمد، فهذا هو الهدي الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
والحاصل أن قول الإمام (صلوا صلاة مودع) لا حرج فيه إذا قيل على سبيل الموعظة مرة أو مرتين ونحو ذلك، لا على سبيل الدوام والاستمرار.
والله أعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(11/10586)
هل تبطل الصلاة بموت الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا مات الإمام وأنا أصلي خلفه فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا حصل للإمام عذر يمنعه عن مواصلة الصلاة من مثل سبق حدث أو ذكر نجاسة أو موت أو غيره فإن صلاة المأمومين تبقى صحيحة عند الجمهور، وللمصلين أن يختاروا شخصاً من بينهم يتم بهم بقيتها.
وذهب المالكية إلى أن الاستخلاف في الجمعة واجب لأن من شروطها الجماعة، وأما في غيرها فهم مخيرون بين أن يتموا أفذاذاً أو جماعة أو بعضهم جماعة والآخر منهم فرادى، فالكل لا حرج فيه عندهم.
ودليل الجمهور في ذلك ما أورده البخاري من قصة مقتل عمر رضي الله عنه وهو إمام، واستخلافه عبد الرحمن بن عوف.
ومما تقدم يتضح للسائل أن الإمام إذا حصل له عذر من موت أو غيره فإن من كان وراءه يواصلون صلاتهم، ولا تبطل بموت الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(11/10587)
حكم الصلاة خلف من لا يتقن القراءة المرتلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصحّ الصّلاة وراء إمام ينقص من مدّ حرف الضّاد في كلمة الضّالين في سورة الفاتحة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف في صحة صلاة من يقصر المد اللازم في ألف "الضالين" في الفاتحة، لأن هذا لحن لا يحيل المعنى سواء كان إماماً أو منفرداً، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (أما اللحن في الفاتحة الذي لا يحيل المعنى فتصح صلاة صاحبه إماماً أو منفرداً، مثل أن يقول "رب العالمين" والضالين ونحو ذلك.
وأما ما قُرئ به مثل: الحمد لله ربَّ وربِّ وربُّ ومثل: الحمدُ لُله والحمِد لله بضم اللام أو بكسر الدال ومثل: عليهم وعليهم وعليهم وأمثال ذلك فهذا لا يعد لحناً.
وأما اللحن الذي يحيل المعنى إذا علم صاحبه معناه مثل أن يقول "صراط الذين أنعمتُ عليهم" وهو يعلم أن هذا ضمير المتكلم لا تصح صلاته وإن لم يعلم أنه يحيل المعنى واعتقد أن هذا ضمير المخاطب ففيه نزاع، والله أعلم.) انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1423(11/10588)
القول الراجح في إمامة الصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل إذا كان يجوز لابني البالغ من العمر ثماني سنوات أن يؤمني في الصلاة لأنه يرغب في ذلك ويرفض أن يصلي إلا إذا كان إماما وهل أصلي معه لأشجعه ثم أعيد الصلاة؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم صحة إمامة الصبي للبالغين -رجالاً كانوا أو نساء- ولا إعادة عليهم، بشرط أن يكون ممن يحسن الصلاة.
وقد لخص الإمام النووي -رحمه الله تعالى- مذاهب العلماء في هذه المسألة، ورجح القول الذي ذكرناه فقال: (فرع في مذاهب العلماء في صحة إمامة الصبي للبالغين.. قد ذكرنا أن مذهبنا صحتها، وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وإسحاق بن راهويه وأبي ثور قال: وكرهها عطاء والشعبي ومجاهد ومالك والثوري وأصحاب الرأي، وهو مروي عن ابن عباس. وقال الأوزاعي: لا يؤم في مكتوبة إلا أن لا يكون فيهم من يحفظ شيئاً من القرآن غيره، فيؤمهم المراهق. وقال الزهري: إن اضطروا إليه أمهم، قال ابن المنذر: بالجواز أقول. وقال العبدري: قال مالك وأبو حنيفة: تصح إمامة الصبي في النفل دون الفرض، وقال داود: لا تصح في فرض ولا نفل. وقال أحمد: لا تصح في الفرض، وفي النفل روايتان، وقال القاضي أبو الطيب: قال أبو حنيفة ومالك والثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق: لا يجوز أن يكون إماماً في مكتوبة، ويجوز في النفل. قال: وربما قال بعض الحنفية لا تنعقد صلاته واحتج بحديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق. رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح. وروياه أيضاً من رواية عائشة رضي الله عنها. وعن ابن عباس من قوله: لا يؤم غلام حتى يحتلم. ولأنه غير مكلف فأشبه المجنون.
واحتج أصحابنا بحديث عمرو بن سلمة الذي احتج به المصنف أنه قال: أممت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام ابن سبع سنين. وبقوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. رواه مسلم، ولأن من جازت إمامته في النفل جازت في الفرض كالبالغ. والجواب عن حديث "رفع القلم" أن المراد رفع التكليف والإيجاب، لا نفي صحة الصلاة. والدليل عليه حديث ابن عباس في الصحيحين أنه صلى مع النبي صلى الله عليه، وحديث أنس في الصحيحين أنه صلى هو واليتيم خلف النبي صلى الله عليه وسلم.. وغيرها من الأحديث الصحيحة. وأما المروي عن ابن عباس فإن صح فمعارض بالمروي عن عائشة من صحة إمامة الصبيان. وإذا اختلفت الصحابة لم يحتج ببعضهم. ويخالف المجنون فإنه لا تصح طهارته ولا يعقل الصلاة) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1423(11/10589)
مسبوق اتخذ مسبوقا إماما فما الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت العشاء خلف الإمام وقد أدركت معه الركعة الأخيرة كاملة وصلى بجانبي رجل وبعد تسليم الإمام قمت لإكمال الصلاة فجعلني ذلك الرجل إماما له ثم دخل شخص آخر فسحبه ورجع به إلى الخلف فأصبحت هنا إماماً للرجلين فما حكم صلاتي وصلاة ذلك الرجل الذي اتخذني إماما له بعد أن كنا مأمومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاتك صحيحة ولا أثر لائتمام المسبوق بك على صحة صلاتك. أما إمامتك له فتصح عند بعض أهل العلم. قال النووي في المجموع: (إذا سلم الإمام وفي المأمومين مسبوقون فقاموا لإتمام صلاتهم فقدموا من يتممها بهم واقتدوا به ففي جوازه وجهان..... أصحهما الجواز....)
لكن الذي يترجح عندنا هو عدم جواز ذلك كما هو مبين في الفتوى رقم:
5494.
أما الآخر غير المسبوق فيصح ائتمامه بك على قول بعض أهل العلم. كما هو مبين في الفتوى رقم:
8746.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(11/10590)
من صحت صلاته صحت إمامته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع الصلاة خلف زوجي الإمام وهو يصلي متقطعاً يعني ليس دائماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه إذا كان زوجك يصلي صلاة صحيحة كاملة الشروط والأركان، فصلاتك معه صحيحة، إذ القاعدة أن: من صحت صلاته لنفسه صحت الصلاة خلفه.
وترك الشخص لبعض الصلوات لا علاقة له بصحة ما يصلي منها، وإن كان بعض العلماء تكلم في إمامة الفاسق، الصنعاني في سبل السلام: (إن الأحاديث الدالة على صحة الصلاة خلف كل بَرو فاجر كلها ضعيفة، وقد عارضها حديث: لا يؤمنكم ذو جُرأة في دينه. وهو ضعيف أيضاً. قالوا: فلما ضعفت الأحاديث من الجانبين رجعنا إلى الأصل وهو أن: من صحت صلاة صحت إمامته) . انتهى بتصرف
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(11/10591)
الإمام غير القادر على القيام هل يجوز الائتمام به
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوج أقعدني مرض عارض هل يجوز لي أن أؤم زوجتي في الصلاة وأنا في وضع الجلوس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الشخص القادر على القيام خلف الإمام الذي لا يقدر عليه فيها خلاف بين العلماء، والراجح -والله أعلم- عدم جوازها، إلا إذا كان إمام الحي، وكان مرضه مما يُرجى برؤه.
وبناء على ذلك، فإن صلاة الزوجة خلفك وأنت قاعد لا تصح،
ولمعرفة المزيد عن المسألة راجع الفتوى رقم: 7834.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(11/10592)
الحالة المجيزة للاقتداء بمن يعتقد عدم رؤية الله يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماقولكم في صلاة من يصلي خلف إمام يعتقد بعدم رؤية الله يوم القيامة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فلا يجوز الصلاة خلف إمام يعتقد أن الله تعالى لا يُرى يوم القيامة لأنه مبتدع ضال، إلا إذا لم يوجد غيره فيصلى خلفه ولا تضيع الجمعة والجماعة لمجرد أن الإمام مبتدع أو فاسق. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 4159
والفتوى رقم: 1636
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1423(11/10593)
حكم الجمع بين الأذان والإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ... ... بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: سؤال في باب'الصلاة'
سيادة المفتي أتقدم لكم بسؤال طالما يطرح علي ولم أجد له أجابة والمتمثل في:
"هل يجوز للمؤذن أن يشغل مقام الإمام في صلاة جماعية "
وعسى أن أجد الجواب المقنع ولكم جزيل الشكر ووفقكم الله في نصح الأمة وإنارة طريقهم بنور الهادي ونور نبيه محمد "عليه الصلاة والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من الجمع بين الأذان والإمامة للمتأهل لهما، واستحب ذلك الشافعية وصححه الإمام النووي، وكره ذلك بعض العلماء، ولا دليل صحيحاً على الكراهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1422(11/10594)
الإمامة وظيفة شريفة لا يتقدم لها إلا الورع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أدرس في جامعة وأسكن (سكن داخلي في الجامعة) ومعي 50 شابا جميعنا نصلي والحمد لله ويوجد في السكن مصلى مخصص للصلاة وهنا يرغب البعض بالتقدم للإمامة علما أنه منا من يحفظ 5 أجزاء /8 أجزاء /10 أجزاء والبعض أكثر ...
ويوجد أيضا من لا يحفظ الكثير ولكن صوته جميل ويخشع له الأغلبية من الإخوة المصلين، ولكن نواجه مشكلة وهي أن هناك أخاً لنا مدخناً ولا يصلي معنا الفجر في وقته، ويتعمد في التقدم للإمامة علما أنه لا يحفظ إلا بعض السور القصيرة التي يقرؤها دائما، وصوته غير جميل وهو يعلم أن الشباب لايرغبون في الصلاة خلفه، لما ذكرت) أرجو أن تفيدوني بأسرع وقت.
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنبغي لكم أن تجتمعوا وتتفقوا على تعيين إمام لكم، ويكون هو الأقرأ لكتاب الله عز وجل، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وإن اخترتم إماماً هو أحسنكم صوتاً مما يجلب لكم بقراءته الخشوع والارتياح في الصلاة، ولا يلحن لحناً يخل بالقراءة، فلا حرج لأن صلاة الفاضل خلف المفضول لا حرج فيها - كما صرح بذلك أهل العلم - لا سيما إذا ترتب على ذلك ما ذكر آنفاً من جلب الخشوع في الصلاة، ولا يجوز أن يصلي بكم ذلك الشخص الذي لا يحافظ على صلاة الفجر، فلا يصليها في وقتها مع الجماعة علاوة على أنه يشرب الدخان، لأن الإمامة كرامة ووظيفة شريفة لا ينبغي أن يقدم لها، ولا أن يتقدم إلا الورع الملتزم، ولا سيما مع وجود الملتزمين.
ولكن عليكم بنصحه بالرفق والحكمة في ترك الدخان، وأمره بالمحافظة على الصلاة في وقتها مع الجماعة، وتنبيهه إلى أنه لا يجوز للرجل أن يصلي بقوم وهم له كارهون.
نسأل الله عز وجل أن يهديه إلى الحق.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 6359 و 10176.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1422(11/10595)
طروء عذر على الإمام ... ماذا يشرع في هذه الحالة
[السُّؤَالُ]
ـ[كبر الإمام وقرأ الفاتحة وسورة ثم انتفض وضوؤه فقدم إماما آخر فكبر الإمام الثاني من جديد وقرأ الفاتحة وسورة ومن المصلين من كبر معه ومنهم من لم يكبر واستمر على عقد النية الأول فما الحكم في ذلك بالتفصيل؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طرأ على الإمام أثناء الصلاة عذر يمنعه من الاستمرار فيها مثل: انتقاض الوضوء، أو سيلان الرعاف الكثير، أو تذكر أن بثوبه أو بدنه نجساً، فإنه يشرع له في هذه الحالة استخلاف أحد المأمومين الذين دخلوا الصلاة معه قبل طروء العذر عليه، وإذا لم يستخلف الإمام فيشرع للمأمومين أن يقدموا أحداً منهم يتم بهم الصلاة، وإذا لم يستخلف الإمام ولا المأمومين، فلا حرج أن يتقدم أحد، ولو بلا أمر من أحد ليتم بهم الصلاة، وهذا أولى من أن يتموا صلاتهم فرادى.
فقد استخلف عمر رضي الله عنه لما طعن - وهو في الصلاة - عبدَ الرحمن بن عوف فأكمل الصلاة بالناس، وقصته في البخاري.
ولكن إذا لم يتقدم أحد وصلى الناس -كلهم أو بعضهم - فرادى، فلا حرج، وبهذا يتبين لنا أن صلاة من صلى مع الإمام الثاني في - المسألة المطروحة - صحيحة، وكذلك صلاة من لم يدخل معه وأكمل صلاته منفرداً، لكن لابد من مفارقة الإمام الأول بالنية، لأن صلاته بطلت.
ولا يفوتنا أن ننبه على أنه كان على الإمام الثاني أن يقرأ من حيث انتهى الإمام الأول إن كان يعرف المكان الذي انتهى إليه، ولا داعي لإعادة قراءة ما قرأ الإمام الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/10596)
يستحب لصاحب البيت تقديم من هو أفضل منه
[السُّؤَالُ]
ـ[لو تعذر على الرجل الذهاب إلى المسجد للصلاة وكان يستضيف شخصا يحمل كتاب الله ومعروف بأنه كثير التقوى , فمن له الأولوية في إمامة الصلاة صاحب البيت أم الضيف؟ الرجاء تأكيد ذلك بشيء من الكتاب أو السنة. وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصاحب البيت أحق بالإمامة من غيره، وإن كان غيره أعلم وأفقه، لكن بشرط أهلية صاحب البيت للإمامة، واستحب جماعة من العلماء لصاحب المنزل أن يقدم من هو أفضل منه وأعلم. قال الإمام ابن العربي في عارضة الأحوذي: (إذا كان الرجل من أهل العلم والفضل، فالأفضل لصاحب المنزل أن يقدمه، وإن استويا فمن حسن الأدب أن يعرض عليه) انتهى.
ومن الأدلة على ما تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من زار قوماً فلا يؤمهم، وليؤمهم رجل منهم" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: (حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيره. قالوا: صاحب المنزل أحق بالإمامة من الزائر، وقال بعض أهل العلم: إذا أذن له فلا بأس أن يصلي به) وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه" رواه أبو داود بهذا اللفظ. قال في عون المعبود: "ولا يؤم الرجل في بيته" قال الخطابي: (معناه أن صاحب المنزل أولى بالإمامة في بيته إذا كان من القراءة والعلم بمحل يمكنه أن يقيم الصلاة) وقال النووي في شرح مسلم: (قال أصحابنا: ويستحب لصاحب البيت أن يأذن لمن هو أفضل منه)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(11/10597)
ما يجب على الإمام إذا تذكر أنه غير متوضئ أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من صلى إماما وهو غير متوضئ وتذكر أثناء الصلاة ذلك وما حكم من تذكر بعد انتهاء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن تذكر الحدث بعد الصلاة فعليه إعادة الصلاة، ومن تذكر الحدث أثناء الصلاة وجب عليه قطع الصلاة وعدم الاستمرار فيها، فإن كان إماماً استخلف غيره، قال صاحب الدر المختار من الحنفية: يأخذ الإمام بثوب رجل إلى المحراب، أو يشير إليه. ا. هـ
ويستخلف من يصلح للإمامة، ويشترط في المستخلَف أن يكون مقتدياً بالإمام قبل حدثه، ولو كان صبياً أو متنفلاً. ولمزيد الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية:
8333 9036 3019
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1422(11/10598)
يقدم غير المسبل في الإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ماحكم إسبال الثوب , وفي الإمامة من يقدم لها المسبل أم المقصر , وهل يجوزالإسبال دون نية الخيلاء؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم إسبال الثياب في الفتاوى التالية أرقامها 5943 1633 3900 5943
وإذا تساوى اثنان في اتصافهما بالأوصاف المطلوبة في الإمام، وكان أحدهما مسبلاً والآخر غير مسبل قدم غير المسبل، وإذا كان المسبل أقوى أسباباً فإنه يقدم أيضاً غير المسبل، لأن المسبل عاص بالإسبال، ولو كان لغير خيلاء، وإمامة مرتكب المعصية مع وجود غيره ممن هو صالح للإمامة لا تنبغي.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1422(11/10599)
حكم الصلاة خلف من يتهم الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، ماحكم إمام يريد إخراج مؤذن من عمله بتهمة تأبيده في السجن. هل يجوز الصلاة وراءه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى يقول في كتابه الكريم (يا أيها الذين اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) [التوبة: 119] ويقول سبحانه: (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) [غافر: 28] ورمي المسلم بتهمة هو منها برئ من كبائر الذنوب، كما قال الله تعالى: (ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرمي به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً) [النساء:112] فإذا تبين كذب هذا الإمام في رميه المؤذن بتلك التهمة فلا تجوز الصلاة خلفه حتى يتوب إلى الله عز وجل. ويجب على من علم ببراءة المؤذن أن ينصره ويدافع عنه ويطالب بمعاقبة هذا الإمام المفتري للكذب، وإن كان الإمام صادقاً فيما اتهم به هذا المؤذن فلا إثم عليه ويصلى خلفه، وإن كان الأولى له أن يستر عليه وأن ينصحه ويرشده، فإذا يئس من توبته دفعه للقضاء لتأديبه وإبعاده عن الأذان، لأنه يشترط في المؤذن أن يكون عدلاً أميناً. وينبغي أن يعلم أنه ليس في الشريعة شيء اسمه السجن المؤبد، فلا يسجن أحد سجناً مؤبداً مهما كان ذنبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1422(11/10600)
حكم تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وبعد:
ما حكم صلاة غير الإمام في غياب -أو تأخر- الإمام بالمصلين في المسجد؟ وما هي شروط قبولها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإمام إذا غاب أو تأخر وحانت الصلاة، ثم تقدم أحد الحاضرين فصلى بالناس فإن صلاتهم صحيحة، لما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم تأخر ذات يوم، فقدم الصحابة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فصلى بهم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأدرك معهم ركعة، ثم لما قضى صلاته أقبل عليهم ثم قال: "أحسنتم" أو قال: "قد أصبتم" رواه مسلم.
ومع هذا فلا مانع من انتظار الإمام قليلا إن كان في الوقت فسحة، فإن ضاق الوقت فلا يجوز انتظاره بحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1422(11/10601)
حكم الصلاة خلف الكذاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في الشخص الكذاب يصلي بالناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكذب خصلة ذميمة، وعمل قبيح محرم، وهو من صفات المنافقين، ولا يجوز للمسلم أن يقدم عليه إماماً كان أو غيره، وصدوره من الذي يؤم الناس أقبح وأشنع، وعليه فيلزم نصح هذا الإمام بترك الكذب، وتذكيره بالله، وحثه على التوبة، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 3089
والفتوى رقم: 9189.
والكذب موجب للفسوق، والصلاة خلف الرجل الفاسق مكروهة عند الفقهاء مع إجزائها، فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي خلف الحجاج، ومن كان من الصحابة في ولاية زياد وابنه كانوا يصلون خلفهما، قال ابن قدامة: (فصار هذا إجماعاً) لكن إذا وجد إمام غيره ولو أقل منه قراءة وعلماً فهو أولى بالصلاة خلفه من ذلك الفاسق. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإن كان أحدهما فاجراً مثل أن يكون معروفاً بالكذب والخيانة، ونحو ذلك من أسباب الفسوق، والآخر مؤمناً من أهل التقوى، فهذا الثاني أولى بالإمامة إذا كان من أهلها؛ وإن كان الأول أقرأ وأعلم، فإن الصلاة خلف الفاسق منهي عنها نهي تحريم عند بعض العلماء، ونهي تنزيه عند بعضهم… ولا يجوز تولية الفاسق مع إمكان تولية البر) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1422(11/10602)
إمامة ولد الزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إمامة ابن الزنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي إلى كراهة إمامة ولد الزنا، وهو قول مجاهد، وعمر بن عبد العزيز.
وذهب أحمد إلى أنه لا تكره إمامته إذا سلم دينه، وكان مرضياً، وبه قال عطاء، وسليمان بن موسى، والحسن، والنخعي، والزهري، وعمرو بن دينار، وإسحاق، وداود، وابن المنذر. وهو الراجح، فقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن ولد الزنا؟ فقالت: ليس عليه من وزر أبويه شيء. وقد قال الله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) .
والله سبحانه وتعالى يقول: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) .
والأدلة الشرعية التي حددت شروط الإمامة وحقوقها لم تفرق بين ولد الزنا وبين غيره، قال ابن المنذر: (يؤم إذا كان مرضياً، ولا تضره معصية غيره) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1422(11/10603)
حكم إمامة المفضول للفاضل
[السُّؤَالُ]
ـ[أذهب للصلاة في المسجد إلا أنه يطلب مني أن أكون إماما للمصلين رغم وجود من هو أفضل مني حفظا للقرآن وتلاوة، في بعض الأحيان أحاول الامتناع لكن في نهاية المطاف أقبل بأن أكون إماما لهم. هل في هذه الحالة تلحقني مسؤلية التقصير في شرط من الشروط الواجب توافرها في الإمام في حالة جهلي بها. أم هل علي الامتناع كليا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت تلاوتك للقرآن خالية من اللحن الجلي الذي يحيل المعنى، وكنت عالماً بما يلزمك من أحكام الطهارة والصلاة عاملا بمقتضى ذلك، فلا حرج عليك في قبول إمامة المصلين، ولو كان فيهم من هو أحسن منك مستوى، فإن أهل العلم أجازوا أن يكون المفضول إماماً للفاضل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى مرة الفجر خلف عبد الرحمن بن عوف، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الإصابة، وابن عبد البر في الاستيعاب، وقد صلى أجلاء الصحابة خلف الحجاج وأمثاله، ولم ينكر ذلك عليهم أحد، مع ما عرف عن الحجاج من ظلم وسفك للدماء.
وإن كان لديك تقصير في إتقان التجويد، أو عدم معرفة كاملة بأحكام الطهارة والصلاة، فعليك أن تجتهد في تعلم ما جهلت من ذلك، وتحسين مستواك فيما كنت تعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1422(11/10604)
شروط إمامة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أرجو منكم توضيح شروط الإمامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
فيشترط في إمام الصلاة أن يكون:
1-مسلماً: فلا تصح إمامة الكافر وهذا محل إجماع.
2-أن يكون سالماً من البدعة المكفرة.
3-أن يكون ذكراً: إن كان في المأمومين ذكور وهذا مذهب السلف والخلف، ومذهب الفقهاء السبعة والأئمة الأربعة وغيرهم.
4-أن يكون على طهارة: قال الإمام النووي في المجموع: أجمعت الأمة على تحريم الصلاة خلف المحدث.
5-أن يكون عاقلاً: فلا تصح الصلاة خلف مجنون.
6-أن يكون قادراً على الإتيان بأركان الصلاة من قيام وركوع وسجود.
7-أن يكون قادراً على تلاوة الفاتحة وما تصح به صلاته.
8-أن لا يكون مأموماً في الحال أو في الأصل كالمسبوق إذا قام لقضاء ما فاته.
وتحت كل شرط مما ذكرنا تفاريع وقيود وخلاف يطول المقام بذكره جداً، فليراجع في مظانه من كتب الفقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/10605)
حكم من صلى بالناس جنبا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نرجو من فضيلتكم إفتاءنا في هذه المسألة:
رجل استيقظ من نومه محتلما وصلى صلوات يومه الخمس مع الجهل بأنه على جنابة وقد صلى الظهر إماما بالناس ولم يعلم بجنابته إلا بعد صلاة العشاء
فما حكم صلواته؟ وما حكم صلاة من صلى خلفه؟ وماذا عليه وعليهم أن يفعلوا؟ نرجو التفصيل.
وجزاكم الله كل خير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن الذي عليه أكثر الفقهاء أن علم المقتدي - المأموم - بحدث الإمام بعد الصلاة مغتفر، أما الإمام فعليه إلاعادة اتفاقا، لأنه محدث.
وفصل الحنابلة فقالوا: لو جهل المأموم وحده بحدث الإمام، وعلمه الإمام فقط، فإنهم يعيدون كلهم، أما إذا جهله الإمام والمأمومون كلهم صحت صلاة المأموم وحده.
وبما أن الإمام هنا صلى بالقوم ناسيا لجنابته، فإن عليه الإعادة لجميع الصلوات اتفاقا، ولا إعادة بالنسبة للمقتدين به على المشهور، ويؤيد هذا ما أورده ابن قدامة في المغني من أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صلى الجنب بالقوم أعاد صلاته، وتمت للقوم صلاتهم" وقال أخرجه أبو سليمان محمد محمد بن الحسن الحراني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1422(11/10606)
حكم تعيين المدخن إماما
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
بعد التحية والسلام لهذا الركن العزيز
السؤال: ما حكم التدخين، وما حكم من يريد منع من يدخن من الإمامة في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم بيان حكم شرب الدخان تحت الفتوى رقم 1671 1671 وبين فيها تحريمه بدلالة الكتاب والسنة.
ولا يجوز تعيين من يدخن إماماً في الصلاة لأن المداومة على شرب الدخان فسق. ومن سعى في منعه من الإمامة فقد أصاب، لكن إن أمَّ شارب الدخان في صلاة صحت صلاته وصلاة من خلفه. والواجب نصح هذا المدخن، وإعلامه بتحريم شرب الدخان، وتحذيره من أضراره ومخاطره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1422(11/10607)
هل يسوغ أن يكون الإمام أعلى من المأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد عندنا في بلدة ميثلون- فلسطين- مسجد مكون من طابقين. هل يجوز وضع المنبر والمحراب في الطابق الثاني وهو الطابق الأكبر علما أن الطابق الأول يكون فيه مصلون يوم الجمعة وذلك لعدم اتساع الطابق الثاني. وبعبارة أخرى هل يجوز أن يكون الإمام فوق المصلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الأكمل والأولى هو أن يكون الإمام والمأمومون في مرتبة واحدة، إذ من مقاصد الاقتداء اجتماع الجمع في مكان واحد، ومع ذلك فقد نص الجمهور على كراهة أن يكون موقف الإمام عالياً عن موقف المأمومين، في الوقت الذي نصوا فيه على عدم كراهة العكس، وهو أن يكون المأمومون في الأعلى والإمام في الأسفل، ومما يعلل به لهذا التفصيل أن الإمامة مظنة الترفع، فإذا انضم إليها كون الإمام في مكان أرفع من مكان المأمومين ربما داخله شيء من الكبر.
ولم يفرق الشافعية بين الحالتين فقالوا: (يكره ارتفاع المأموم على إمامه حيث أمكن وقوفهما بمستوى واحد، وعكسه كذلك إلا لحاجة تتعلق بالصلاة، كتبليغ يتوقف عليه إسماع المأمومين وتعليمهم صفة الصلاة، فيستحب ارتفاعهما لذلك تقديما لمصلحة الصلاة) .
وما ذكره السائل من ضيق الدور الأرضي عن استيعاب المصلين يعد كافياً في العذر المبيح للتفاوت في المرتبة، ومع ذلك فالذي نراه - خروجاً من الخلاف المعتبر - هو أن يكون الإمام في الدور الأرضي، ويصلي من لم يجد مكاناً في هذا الدور في الدور الأعلى، ولا ينتقل الإمام إلى الدور الأعلى، ولو كان المصلون فيه أكثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1422(11/10608)
العلة في إقبال الإمام بوجهه على الناس بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يجلس الإمام بعد الانتهاء من الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يستحب للإمام إذا فرغ من الصلاة أن يقبل على الناس بوجهه يميناً أو شمالاً، لما روي عن سمرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه. أخرجه البخاري.
ويكره له المكث على هيئته مستقبل القبلة، لما روي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا فرغ من الصلاة لا يمكث في مكانه إلا مقدار أن يقول: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام". ولأن مكثه على تلك الهيئة يوهم الداخل أنه في الصلاة، فيقتدي به. والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1422(11/10609)
التسبيح ام التصفيق ... إذا كانت النساء وحدهن في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صلت امرأة بنساء، ثم غلطت، فهل يرددن عليها أم يصفقن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النساء إذا كنًّ يصلين وحدهن بعيداً عن الرجال الأجانب جاز لهن الفتح على من تؤمهن، وإصلاح خطئها إن أخطأت في القراءة، واستحب لهن أن يصفقن تنبيهاً لمن تؤمهن إذا عرض لها شيء في صلاتها سهواً عند جمهور العلماء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، لقوله صلى الله عليه وسلم: " مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من نابه شيء في صلاته، فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء" رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام المناوي في فيض القدير (وخص النساء بالتصفيق صوناً لهن عن سماع كلامهن لو سبحن) .
ومن هنا فلعله لو كنَّ وحدهن فلهن التسبيح لعدم وجود الرجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1422(11/10610)
حكم الصلاة خلف إمام لايحسن قراءة الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز الصلاة خلف إمام لايحسن القراءة حتى الفاتحة بحجة أنه مواطن وأن المؤذن غير مواطن رغم أن المؤذن يحفظ القرآن كاملاًً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإذا كان الإمام أميا لا يحسن قراءة الفاتحة والمأموم قارئ فلا يصح الاقتداء بهذا الإمام عند جمهور أهل العلم وتجب الإعادة. إلا أن يكون المأموم مثل إمامه فتصح إمامته بمثله. وكذلك إذا كان الإمام يخطئ في القراءة خطأ يحيل المعنى كأن يقول: "أنعمتُ عليهم " بدلاً من "أنعمتَ عليهم". فلا يصح الاقتداء به. أو أن يبدل حرفاً مكان حرف مثل أن يبدل الراء غيناً أو لاماً. وعلى من صلى خلفه أن يعيد الصلاة. ولا يشترط في صحة الصلاة أن يكون القارئ مجوداً في أصح أقوال أهل العلم.
... والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1422(11/10611)
أقوال العلماء في إمامة المقعد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح إمامة المقعد على كرسي متحرك أو على الأرض لغير المقعدين؟
إذا كانت الإجابة بلا فهل هذا ينطبق على إمامة المقعد لغير الناطقين باللغة العربية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي أن يعلم أن الفقهاء استحبوا للإمام إذا مرض وعجز عن القيام أن يستخلف غيره، للاختلاف في صحة إمامته، ولأن صلاة القائم أكمل من صلاة القاعد.
كما ينبغي التفريق بين حالة مرض الإمام وعجزه الطارئ عن القيام، وبين كونه مقعداً دائماً، فمن طرأ عليه المرض ورجي شفاؤه، وكان إماماً راتباً، جاز أن يؤم القادرين على القيام، ويلزمهم الجلوس حينئذ، على القول الراجح كما سيأتي.
وأما أن يعين للإمامة من هو مقعد، أو أن يستمر فيها من لا يرجى برؤه، فهذا غير جائز، لإفضائه إلى أن يترك المأمومون القيام على الدوام، ولا حاجة ولا ضرورة تدعو إلى ذلك.
وكون المأمومين لا ينطقون بالعربية لا يسوغ ذلك أيضا.
وقد اختلف الفقهاء في إمامة القاعد لمن يقدر على القيام على ثلاثة أقوال:
الأول: أنه لا تجوز إمامة القاعد لمن يقدر على القيام، وهذا مذهب المالكية.
الثاني: أنه لا تجوز إمامة القاعد إلا بشرطين: أن يكون إمام الحي، وأن يرجى زوال علته، وهذا هو مذهب الحنابلة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون" متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، وهو شاكٍ، فصلى جالساً، وصلى وراءه قوم قياماً، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما انصرف قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا ... وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون" متفق عليه.
وقد فعل ذلك أربعة من الصحابة: أسيد بن حضير وجابر، وقيس بن فهد، وأبو هريرة، ذكره ابن قدامة في المغني.
قال الحنابلة: فلو صلوا خلفه قياماً، ففي صحة صلاتهم وجهان، والمذهب أنها تصح، وأن الجلوس مندوب.
على أن القول بوجوب صلاتهم جالسين هو المستفاد من الأدلة السابقة، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
وأما إن ابتدأ بهم قائماً ثم اعتل فجلس، فيجب على المأمومين أن يصلوا قياماً، هذا مذهب الحنابلة، وهو الذي يدل عليه فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين ابتدأ بهم أبو بكر الصلاة قائماً، ثم ائتم أبو بكر والصحابة برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس، مع إكمالهم صلاتهم قياماً.
الثالث: جواز إمامة العاجز القاعد للقادرين على القيام، ويصلون خلفه قياماً، وهذا مذهب الحنفية والشافعية، واستدلوا بصلاة الصحابة قياما - كما في الحديث السابق- ورأوا أن هذا آخر الأمرين من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون ناسخاً للأمر بالجلوس خلف الإمام.
وأجيب عن هذا بأن النسخ لا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع، وقد أمكن الجمع بما ذكره الحنابلة.
وننبه إلى أن بعض أهل العلم المعاصرين رجح صحة إمامة القاعد ولو لم يكن إمام الحي، ولو لم يرج زوال علته، وأن المأمومين يصلون خلفه جلوساً، ولو أدى ذلك إلى تركهم القيام على الدوام.
والمختار هو ما ذكرناه أولاً: من التفريق بين الإمام الراتب الذي يعتل، ويرجى زوال علته، وبين من لا يرجى زوال علته، أو لم يكن إماماً راتباً، وأريد جعله راتباً.
كما ننبه إلى أن صلاة القاعد بمثله جائزة عند جمهور العلماء. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1422(11/10612)
إمامة من به سلس بول ونحوه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز إمامة من يتوضأ لكل صلاة بسبب خروج هواء من الشرج أو لمجرد الشك به مع العلم أنه لا تشم له رائحة كريهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في صحة اقتداء الصحيح بمن به سلس البول أو انفلات الريح ونحوه على قولين:
الأول: أنه لا تصح إمامته إلا بمثله
قال ابن قدامة في الكافي (والمستحاضة ومن به سلس البول وأشباههم تصح صلاتهم في أنفسهم، وبمن حاله كحالهم، ولا تصح لغيرهم، لأنهم أخلوا بفرض الصلاة. فأشبه المضجع يؤم القائم…) الكافي (1/184) وقال البهوتي: (ولا تصح الصلاة خلف من به سلس من بول ونحوه، كنجو، وريح، ورعاف لا يرقأ دمه، وجروح سيالة إلا بمثله. لأن في صلاته خللاً غير مجبور ببدل. لكونه يصلي مع خروج النجاسة التي يحصل بها الحدث من غير طهارة. أشبه ما لو ائتم بمحدث يعلم حدثه.
وإنما صحت صلاته في نفسه للضرورة) كشاف القناع (1/579) وانظر الشرح الكبير مع المغني (2/39) .
والقول الثاني: تصح: قال النووي (يجوز اقتداء السليم بسلس البول، والطاهرة بالمستحاضة غير المتحيرة على الأصح) روضة الطالبين (1/351) .
وأجاز المالكية اقتداء السليم بمن به سلس مع الكراهة (حاشية الدسوقي 1/330) .
وسواء قلنا بعدم جوازه إمامته أو جوازها، فالأولى أن لايؤم غيره من الأصحاء خروجاً من الخلاف، ورغبة في تقدم الأكمل طهارة.
وننبه إلى أن مجرد الشك في خروج الريح لا ينقض الوضوء، بل لا بد من تيقن ذلك، لحديث عبادة بن تميم قال: " شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد ريحاً، فقال: " لا ينصرف حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً" رواه البخاري ومسلم. وقوله لا ينصرف أي لا يخرج من الصلاة حتى يتيقن وجود الناقض بالصوت أو الرائحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1422(11/10613)
يؤم الناس أقرؤهم للقرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز قراءة القرآن الكريم في الصلاة جهرا بطريقة القراءة العادية بدون تجويد (كأنه يلقي خطبة)
مع العلم بأن القارئ إمام مسجد
مع الشكر الجزيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب العناية بقراءة القرآن، قال تعالى: (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً) [الإسراء: 106] .
وقال تعالى: (ورتل القرآن ترتيلا) [المزمل: 4] .
وقد ذهب المتقدمون من علماء القراءات والتجويد إلى أن الأخذ بجميع أصول التجويد واجب يأثم تاركه، سواء أكان متعلقاً بحفظ الحروف ـ مما يغير مبناها ويفسد معناها ـ أم كان متعلقاً بغير ذلك، مما أورده علماء القراءات في كتب التجويد كالإدغام والمدود والغنة، ونحو ذلك.
روى ابن الجزري رحمه الله في كتابه النشر عن نصر الشيرازي أنه قال: (حسن الأداء فرض في القراءة، ويجب على القارئ أن يتلو القرآن حق تلاوته) أ. هـ.
وقال: (ولا شك أن الأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده، كذلك هم متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة، والمتصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم) .
ولا شك أن ذلك مطلوب، لا سيما على من قدر عليه، ولم يمنعه عن ذلك مانع من عُجْمةٍ أو عيب في لسانه.
قال محمد بن الجزري فى الجزرية:
... ... ... ... والأخذ بالتجويد حتم لازم من لم يجود القرآن آثم
وقال أحمد بن محمد بن الجزري في شرح الطيبة ـ وهو ابن الناظم ـ: (وذلك واجب على من قدر عليه) أ. هـ.
وما كان من اللحن الجلي الذي يتعلق بمبنى الحرف ومعناه، فلا تجوز القراءة به، وأما اللحن الخفي فليس كل واحد يعرفه، أو يستطيع أن يقف عليه، ولذلك قال علي القارئ: (وينبغي أن تراعى جميع قواعدهم وجوباً فيما يتغير به المبنى ويفسد به المعنى، واستحباباً فيما يحسن به اللفظ أو يستحسن به النطق حال الأداء) .
وأما اللحن الخفي فقال: (لا يتصور أن يكون فرض عين يترتب العقاب على قارئه لما فيه من حرج عظيم) .
فإذا كان إمامكم يحسن إخراج الحروف ولا يغير مبناها ولا معناها، وإنما يترك ما يحسن القراءة أو يلحن بعض اللحون الخفية، فلا يأثم بذلك ولا يذم عليه، والأولى له أن يكون متقناً للقراءة، لأن التجويد حلية التلاوة وزينة القراءة، وليس بين التجويد وتركه إلا رياضة امرئ بفكه، ويكون ذلك بالتلقي من أفواه المتقنين، والتكرار والتمرين.
وإن كان يخل بالحروف مبنى ومعنى، فالأولى أن يتقدم غيره ممن يحسن التلاوة ويجيد القراءة، إن كان لا يؤدي إلى فتنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" رواه مسلم.
وكان أقرؤهم هو أحفظهم، وكانوا لا يحفظون إلا بإتقان التلاوة والعمل بالأحكام، فإن كان تَقَدم غيره يؤدي إلى فتنة ـ أو كان يصلي بمثله ـ فلا حرج في إمامته، وينصح بالسعي في سبل إتقان التلاوة.
وإن كان قصدك بسؤالك أنه لا يطرب أو لا يترنم ويتغنى، فلا أحد من أهل العلم أوجب ذلك فيما نعلم، بل إنهم اختلفوا في جوازه: فمنهم من منعه وزجر عنه، كسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، والحسن، وابن سيرين، ومالك وأحمد. وممن أجازه أبو حنيفة والشافعي وهو اختيار الطبري. وقد ذكر القرطبي أن الأصح هو القول الأول. ومع الأسف فقد وقع كثير من القراء المعاصرين في التكلف على وضع لو أن المجيزين رأوه لرجعوا عن القول بالجواز فيما نظن، فالتكلف مذموم على كل حال، وهو في هذا أحرى بالذم، فالله جل وعلا يقول: (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) [ص: 86] . وقد فسر العلماء التكلف بالتصنع. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1421(11/10614)
حكم من أم قوما وهم له كارهون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة خلف إمام بيني وبينه عداوة أو كره أو عدم ارتياح أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المسألة فيها تفاصيل كثيرة، حيث فرق الفقهاء بين العداوة التي تكون بين المأمومين والإمام بسبب الدنيا، والعداوة التي تكون بسبب نقص في ديانته، أو بسبب تمسكه بالدين والسنة، كما فرقوا بين أن يكرهه واحد أو أثنان، وبين أن يكرهه أكثر القوم. وقد وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بخصوص من أمّ قوماً وهم له كارهون، ومنها ما يصلح للاحتجاج ومنها ما لا يصلح له، ومما يحتج به منها ما رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أمّ قوماً وهم له كارهون.. الحديث" قال العراقي: إسناده حسن. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمامُ قومٍٍ وهم له كارهون" رواه الترمذي من حديث أبى أمامة وحسنه الألباني. قال الشوكاني: (وأحاديث الباب يقوي بعضها بعضاً فينتهض للاستدلال بها على تحريم أن يكون الرجل إماماً لقوم يكرهونه، ويدل على التحريم نفي قبول الصلاة وأنها لا تجاوز آذان المصلين ولعن الفاعل لذلك. وقد ذهب إلى التحريم قوم وإلى الكراهة آخرون) انتهى. وإليك أقوال بعض الفقهاء في ذهذه المسألة: قال في الدر المختار: (ولو أمّ قوماً وهم له كارهون، إن كانت الكراهة لفساد فيه، أو لأنهم أحق بالإمامة منه، كره له ذلك تحريماً ... وإن هو كان أحق منهم فلا كراهة. والكراهة عليهم) انتهى بتصرف. وعند المالكية أنه تكره إمامته إذا كرهه أقل القوم غير ذوي الفضل منهم، وأما إذا كرهه كل القوم أوجلهّم، أو ذوو الفضل منهم وإن قلّوا فيحرم. هذا هو التحقيق عندهم كما قال الدسوقي. ويتفق الشافعية والحنابلة على أنه يكره أن يؤم قوماً أكثرهم له كارهون. قال الإمام أحمد: إذا كرهه واحد أو أثنان أو ثلاثة فلا بأس حتى يكرهه أكثر القوم. المغني (2/57) .
ولعل الراجح هو: أنه إن كان الإمام ذا دين وسنة فكرهه القوم لذلك لم تكره إمامته، وكذلك إذا كرهوه لأجل مشاحنة بينه وإياهم في أمر من أمور الدنيا. والصلاة خلفه صحيحة في الحالتين. قال النووي: قال أصحابنا: وإنما تكره إمامته إذا كرهوه لمعنى مذموم شرعاً، كوالٍ ظالم، وكمن تغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها، أو لا يتصوّن من النجاسات، أو يمحق هيئات الصلاة، أو يتعاطى معيشة مذمومة أو يعاشر أهل الفسوق ونحوهم أو شبه ذلك. فإن لم يكن شيء من ذلك فلا كراهة، والعتب على من كره. (المجموع: 4/172) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1421(11/10615)
حكم إمامة المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[خلال دراستي الثانوية علمت بأن الإمامة لا تحق للمرأة. ومن خلال معرفتي ببعض الأصدقاء حاولوا إقناعي بالعكس أي أن المرأة بإمكانها الصلاة بمجموعة من النساء فهل هذا صحيح؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للمرأة أن تؤم النساء وتصلي بهن الفريضة والتراويح، ولا تتقدم على الصفوف كالرجال بل تتوسط الصف الأول، وإذا كانت المأمومة واحدة وقفت عن يمين من تؤمها، لما روي أن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، أمتا نساء فقامتا وسطهن قال الإمام النووي حديثا إمامة عائشة وأم سلمة رواهما الشافعي في مسنده، والبيهقي في سننه بإسناد حسن، المجموع للنووي (4/187) ، هذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم في إمامة المرأة للنساء.
على أن هذه المسألة اختلف فيها العلماء، فمنهم من منع ذلك، ومنهم من أجازه، قال الإمام ابن قدامة: اختلفت الرواية هل يستحب أن تصلي المرأة بالنساء جماعة، فروي أن ذلك مستحب، وممن روي عنه أن المرأة تؤم النساء: عائشة، وأم سلمة، وعطاء، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور. وروي عن أحمد رحمه الله - أن ذلك غير مستحب، وكرهه أصحاب الرأي وإن فعلت أجزأهن. قال الشعبي، والنخعي، وقتادة لهن ذلك في التطوع دون المكتوبة. وقال الحسن وسليمان بن يسار: لا تؤم في فريضة ولا نافلة، وقال مالك: لا ينبغي للمرأة أن تؤم أحداً. المغني لابن قدامة (2/35) ، وقال الإمام ابن رشد: (واختلفوا في إمامتها النساء، فأجاز ذلك الشافعي، ومنع ذلك مالك) . بداية المجتهد (1/280) . وبناء على ما تقدم نقول للسائلة الكريمة: إن بإمكان المرأة أن تؤم النساء في الصلاة لثبوت ذلك عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما.
عند الدارقطني، والبيهقي بإسنادين صححين. المجموع (4/95) .
أما أن تؤم المرأة الرجال فلايجوز لا من محارمها ولا من غير محارمها، وسواء أكان الرجال صغاراً أم كانوا كباراً قال الشافعي في الأم: (ولوصلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزية وصلاة الرجال والصبيان غير مجزية.)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1421(11/10616)
جواز إمامة الصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إمامة الصبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إمامة الصبي قد ذهب إلى صحتها الشافعي، وعن مالك فيها رويتان الإجزاء مع الكراهة في الجميع، والصحة في النفل دون الفرض، كرهها مالك، وفيها عند كل من أبي حنيفة وأحمد روايتان والمشهور عنهما الإجزاء في النوافل دون الفرائض. ودليل المجيزين حديث عمرو بن سلمة رضي الله عنه وفيه أنه أمَ قومه وهو ابن ست سنين أو سبع سنين. رواه البخاري. ولا يعترض على هذا بما رواه عبد الرزاق من حديث ابن عباس مرفوعاً: "ولا يؤم الغلام حتى يحتلم" فقد صرح ابن حجر في الفتح بأن إسناده ضعيف. وينبغي أن لا يقدم الصبي للإمامة عند من أجاز ذلك إلا إذا كان هو أكثر المصلين قرآنا، لحديث: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله " أخرجه مسلم وأصحاب السنن. وقد أجاب من قال إنها تجزئ في النافلة دون الفرض بأن عمرو بن سلمة يحتمل أنه كان يؤمهم في النافلة، لأن الفريضة لا تجب عليه أصلاً والجماعة لا تنعقد به. لكن نفس الحديث يرده لأن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآناً " وفيه: فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآناً مني لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيدهم. والحاصل أنه لا شك في أن الراجح جواز إمامة الصبي في الفرض والنفل إذا كان هو أقرأ القوم لكتاب الله لحديث عمرو هذا، ودعوى أنه كان يؤمهم في النفل غفل مدعيها عن نقاط في الحديث تردها من أصلها وهي: فإذا حضرت الصلاة، وذلك من وجهين لأن الصلاة حيث أطلقت انصرفت إلى الفريضة، وعلى فرض أنها لم تنصرف إليها فلا أقل من أن تكون داخلة في عموم الصلاة لأنها اسم جنس معرف بأل فهو يعم جميع أفراده وأن قوله "إذا حضرت" دال على أنها صلاة موقوتة وتلك من خواص الفرائض غالباً. "فليؤذن أحدكم" ومن المعلوم أن النوافل لا يؤذن لها. بل مجرد أمره لهم أن يصلوا جماعة دال على أن هذه الصلاة فرض لأنه لم يعهد منه –صلى الله عليه وسلم – أن يأمر بأن تصلى صلاة النافلة جماعة، وليست دعوى من قال بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلع على ما فعله هؤلاء من تقديم الصبي للصلاة بهم بأوفر حظاً من الصواب من التي قبلها لأن الصحابة ما كانوا ليقروا على فعل الخطأ والوحي ينزل، كما قال جابر وغيره في مسألة العزل: "كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والوحي ينزل" متفق عليه.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10617)
حكم الصلاة خلف الإمام المبتدع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة خلف أهل البدع مثل الصوفية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك بالبحث عن إمام غير مبتدع، فإذا لم تجد سوى المبتدع فعليك بنصحه وبيان الحق له عسى أن يتخلى عن بدعته، فإن لم يقبل وكانت بدعته مكفرة كمن يستغيث بغير الله أو يدعو غير الله، أو يذبح لغير الله، فلا تصل خلفه ولا يصح جعله إماما. وكذلك من كان ينسب إلى الصحابة ما نفاه عنهم القرآن، كمن يطعن في عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أو يعتقد أن القرآن الكريم ناقص وما أشبه ذلك، فمثل هذا لا تصح الصلاة خلفه، ولا تصح إمامته، أما من كانت بدعته غير مكفرة فالصلاة خلفه صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1422(11/10618)
الأولى بالإمامة من كان أعلم وألزم لكتاب الله وسنة نبيه.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يحوز لحالق اللحية أن يؤم الناس وفيهم الملتحون؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حلق لحيته فقد عصى ربه عزوجل، وخالف صريح أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالف هديه العملي، فقد ثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان كثيف اللحية وافرها وكان يقول: " خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب ووفروا اللحى". كما في الصحيحين، والصلاة خلف حالق اللحية صحيحة على الراجح من أقوال أهل العلم، إلاّ أن الأولى بالإمامة هو من كان أعلم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأشد التزاماً بهما، وأكثر استقامة على الخير لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سناً، ولا يؤمَّن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه". أخرجه مسلم وأحمد وأصحاب السنن. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10619)
إذا تذكر الإمام في صلاته أنه محدث ثم أتم الصلاة وجبت على الجميع الإعادة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت أنا وأخي. (على أنني على وضوء) وقبل أن تنتهي الصلاة، تذكرت أنني لم أتوضأ وأكملت الصلاة (أنا الإمام) ولما انتهيت ذهبت وتوضأت وصليت بمفردي ... ماهي صحة صلاة أخي وصلاتي؟ هل يجب أن يعيد صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فلقد ارتكبت ذنبا عظيماً حيث أكملت الصلاة وأنت على غير طهارة عالماً بذلك، وما دمت قد أعدت الصلاة متوضئا فقد برئت ذمتك منها، وعليك أن تكثر من التوبة والاستغفار، وأن لا يحملك الحياء على أن لا تتقي الله، فالله أولى أن يستحيا منه، وهو مطلع عليك عالم بكل ما أنت عليه من حال. وبالنسبة لصلاة أخيك فللعلماء فيها مذهبان، فمنهم: من لم يوجب عليه الإعادة، لأنه لا يعلم أنك لست على طهارة، ومنهم: من أوجب عليه الإعادة في مثل هذه العادة، ولا شك أن الأخذ بالقول الأخير أحوط، وعليه فينبغي لك أن تعلمه بحقيقة ما حصل، ليعيد صلاته.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10620)
من ترك الوتر فلا يحكم عليه بفسق ولا ابتداع والصلاة خلفه صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله عن إمام لا يصلي الوتر هل تجوز الصلاة خلفه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوتر من السنن المؤكدة التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم في سفره وحضره، وليس من الصلوات المفروضة التي يأثم تاركها، على قول الجمهور، والصلاة خلف تاركه صحيحة لا نعلم من أهل العلم من خالف في ذلك. ومما يؤيده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل الذي سأله عن الفرائض "أفلح إن صدق " مع أنه أقسم أنه لا يأتي من الصلوات إلا بما افترض عليه وهو الصلوات الخمس، وحديثه ثابت في الصحيح فقد رواه البخاري وغيره. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10621)
إذا أم المرء جماعة غير عالم بحدثه صحت صلاتهم ولا تلزمهم الإعادة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم:
استيقظت في صباح رمضان وعندي شك بأني على جنابة ولأني استيقظت متأخرا فلم أتمكن من التأكد، وذهبت إلى عملي وصليت الظهر، وفي صلاة العصر صليت إماما باثني عشر مصليا، ورجعت إلى بيتي وعند المغرب تأكدت من وجود الجنابة ولم أتطهر إلا بعد المغرب، وقمت بإعادة الصلاة لذلك اليوم، والسؤال: هل تصح صلاة من أممتهم في صلاة العصر، مع العلم بأني لا أعرفهم؟ وهل يقبل مني صوم هذا اليوم؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذين صلوا معك لا تلزمهم الإعادة في الراجح من أقوال أهل العلم، لأن صلاة المأموم لا تبطل ببطلان صلاة إمامه بالحدث الذي لم يعلم به المأموم بل إن الكثير من أهل العلم يرى أن صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة الإمام من حيث البطلان مطلقاً، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يصلون بكم فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطؤوا فلكم وعليهم" رواه أحمد وغيره. وعليك أنت أن تكثر من الاستغفار والتوبة إلى الله جل وعلا، وعليك أن تعلم أن العمل ليس عذرا في صلاتك وأنت جنب، بل ليس عذرا في عدم تأكدك مما أصابك هل هو جنابة أم لا؟ فالله جل وعلا يقول: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) [النساء: 43] والصلاة ركن من أركان الإسلام وفعلها بغير طهارة وعدم فعلها سواء، فحافظ عليها ولا تضيعها لأي سبب من الأسباب. وكونك أصبحت جنباً لا أثر له على صومك فصومك صحيح، لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصبح جنباً وهو صائم. رواه الشيخان من حديث أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10622)
إمامة المرأة للرجال غير جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تؤم الرجل وخاصة أحدا من محارمها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد:
فلا يجوز للمرأة أن تؤم الرجل لا من محارمها ولا من غير محارمها، وذلك للحديث الذي أخرجه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " وهذا عام في الصلاة وغيرها. ولأن المعروف أن المرأة في الصلاة تكون متأخرة لا متقدمة، فقد روى البخاري عن أنس أنه قال "صليت أنا واليتيم في بيتنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمي خلفنا. أم سليم" وصح عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "خير صفوف الرجال أولها وشر صفوف الرجال آخرها، وخير صفو ف النساء آخرها وشر صفوف النساء أولها". رواه مسلم وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" متفق عليه فكيف يتأتى الائتمام بمن الأفضل له أن يكون متأخرا.
... والله تعالى اعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10623)
لا تصح إمامة كافر، وتصح خلف إمام غير مجود
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤالان أريد أن أوجههما إلى فضيلتكم وآمل منكم الإجابة، وجزاكم الله خيراً. الأول: ما حكم الصلوات التي صلاها بعض المسلمين وراء إمام غير مسلم بسبب جهلهم بأنه غير مسلم؟ ماذا عليهم بعد علمهم بأن الإمام كان غير مسلم؟ الثاني: إذا صلّى شخص وراء إمام ولم يطمئن قلبه من هذه الصلاة لسبب ما، مثل وجود أخطاء في قراءة الإمام أو عدم تحسين الإمام القراءة، فماذا يفعل؟ وهل يجوز له أن يعيد الصلاة، وهل يحصل على أجر صلاة الجماعة؟ ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تصح إمامة الكافر بإجماع أهل العلم، ومن صلى خلف إمام ثم تبين له بعد الصلاة أنه كافر وجب عليه إعادة تلك الصلاة. وإذا كان الإمام أميا لا يحسن قراءة الفاتحة والمأموم قارئ فلا يصح الاقتداء بهذا الإمام عند جمهور أهل العلم وتجب الإعادة. إلا أن يكون المأموم مثل إمامه فتصح إمامته بمثله. وكذلك إذا كان الإمام يخطئ في القراءة خطأ يحيل المعنى كأن يبدل حركة مكان حركة مثل أن يجعل التاء من (أنعمت) مضمومة بدلاً من الفتح. وعلى من صلى خلف هؤلاء أن يعيد الصلاة إذا كان ذلك في الفاتحة، ولا يشترط في صحة الصلاة أن يكون القارئ مجوداً في أصح أقوال أهل العلم.
... والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1422(11/10624)
تصح الصلاة خلف الفاسق، والمتدين أولى بالإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في المسجد والإمام غير ملتح، مع العلم بأن معظم الأئمة إن لم يكن الكل في بلادنا غير ملتحين لظروف البلاد، وما الحكم إذا كان الإمام مبتدعاً، أو فاسقاً، فهل نذهب إلى المساجد البعيدة عن المنطقة في أوقات الصلوات الخمس، أم نصلي في البيت، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد: ...
فإذا كان الإمام حالق اللحية عالماً بأحكام الصلاة قارئاً لكتاب الله تعالى، فلك الصلاة خلفه إذا لم تجد إماماً غيره، لا سيما إذا كان إماما راتبا، وعليك نصحه بالحسنى، والتلطف معه في القول، وتبيين السنة له في ذلك، وإن كان هناك إمام مثله في القراءة، أو دونه، وهو ملتزم بالسنة، فهو أولى أن تصلي خلفه، وإن كان المسجد بعيداً. وأما الصلاة خلف المبتدعة والفسقة، فالصلاة خلفهم صحيحة في أصح قولي العلماء في ذلك، ما لم تكن البدعة مكفرة لصاحبها، كبدعة الجهمية ونحوهم، وعليكم السعي في نصحهم، فإن امتثلوا فالحمد لله، وإلا فاسعوا أن يكون الإمام صاحب سنة عدلاً، ما لم يؤد ذلك لمفسدة عظمى، وإن وجد غير هؤلاء ممن يلتزم السنة فلتصلوا معه، وإن كان المكان بعيداً، ولا تصلوا في البيت والحال هكذا.
... والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10625)
إذا أحدث الإمام وجب عليه أن يستخلف
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت بالناس إماماً، وأنا بالركعة الأولى خرج مني ريح، وأعلم أن في هذه الحالة يجب علي أن أتنحى عن الصف وأقدم شخصا غيري، ولكن لم أفعل هذا الفعل لأن الذين خلفي ليسوا بطلبة علم يعرفون هذا الحكم، فتابعت الصلاة حتى انتهيت ثم أعدت الصلاة لوحدي دون أن أخبر المأمومين. فما حكم هذه الصلاة وما حكم صلاة المأمومين وهل عليّ إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فمما لا شك فيه أنك أخطأت خطأعظيماً باستمرارك في الصلاة وأنت محدث، وكون المأمومين ليسوا طلبة علم ليس بعذر لك فيما فعلته، بل لو تأخرت إلى الوراء واستخلفت أحد المصلين ووضعته مكانك، لفهم هذا المستخلف أنه قد طرأ عليك الحدث. وحتى لو صلوا أفذاذاً بعد انصرافك فصلاتهم صحيحة، إذا لم يكونوا في الجمعة التي تشترط لها الجماعة، فعليك أن تستغفر الله جل وعلا مما فعلت وصلاتك باطلة بإجماع أهل العلم. وما دمت أعدتها بعد ذلك فقد أديت ما عليك بالنسبة لصلاتك. وأما صلاة المأمومين فالراجح أنها صحيحة، لأنهم لم يعلموا بما طرأ على الإمام من حدث أثناء الصلاة، وقد قال الله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) .
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10626)
إمامة الصبي العالم بأحكام الصلاة صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم امامة الصبي البالغ من العمر الحادية عشر والنصف اذا كان أقرأ الموجودين وهل الصلاة خلفة صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فإن كل صبي بلغ حدا يعقل به بحيث تصح صلاته فإن إمامته صحيحة، حتى في الجمعة على ما صححه المحققون. ودليل ذلك: ما ثبت في الصحيح أن عمرو بن سلمة قال: أممت على عهد رسول الله وأنا غلام ابن سبع سنين. على أن في هذه المسألة خلافاً لأهل العلم يبحث في الكتب المطولة في باب الإمامة. ومما يحتج به أيضا في صحة إمامة الصبي أنه إذا كان أقرأ القوم وأتقنهم لكتاب الله فإنه يقدم، لحديث: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله " رواه مسلم.
... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10627)
حكم الصلاة وراء الإمام المشار إليه بالسؤال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف إمام لا يرغب أن تصلي خلفه، ولا يرد السلام بسبب خلاف، ولا يوجد إلا مسجد واحد في المدينة، وأنا لا أستطيع الابتعاد عن المسجد. سبب الخلاف هو نحن نعيش في فرنسا والشباب لا يفهم اللغة العربية، وكذلك الأفارقة فطلبنا منه أن يكلف واحدا من الجماعة لترجمة ما يقول إلى اللغة المتداولة هنا أي الفرنسية، وهو لا يعرف الفرنسية فأبى، وهو لا يهمه إلا جمع الأموال.
ثانيا: في كل آخر صلاة يردد هذا الدعاء جماعة وبصوت مرتفع مع حاشيته بعد الاستغفار 3 مرات تم فاتحة للوالدين والمحبسين وكافة المسلمين أجمعين، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعوته إلى خفض الصوت حتى لا يشوش على من يأتي متأخرا إلى الصلاة فرفض وغضب، وأصبح لا يرغب فينا أن نصلي خلفه، وأحيطكم علما بأن كثيرا من المصلين لا يأتون إلا يوم الجمعة ورمضان لصلاة التراويح والعيدين، أما صلاة الفجر فالمسجد لا يفتح وكذلك العشاء في الصيف وفي العطلة الصيفية حينما يسافر إلى أهله. والمسجد أصبح كالمقهى للحديث عن أمور الدنيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة وراء الإمام المشار إليه صحيحة مجزئة إذا كان يأتي بأركانها وشروطها، ولا يجوز لك أن تتهمه بأنه لا هم له إلا جمع الأموال؛ لأن هذا اتهام بفساد النية، والنية محلها القلب، فكيف يتسنى الحكم عليها.
والأصل في المسلم أن يؤم الناس طلبا للأجر لا لجمع الأموال، وما ذكرته من مطالبتكم له بترجمة ما يقول.. فإن كنت تقصد خطبة الجمعة وتعني ترجمة فورية حال الخطبة فهذا غير مشروع في المفتى به عندنا، كما فصلناه في الفتوى رقم: 22008. والإمام محق في الامتناع عن ذلك، وإن كنت تعني بعد الانتهاء من الخطبة والصلاة، فلا نرى مانعا من ذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 97966. وكذا إذا كان المقصود ترجمة الدروس بعد الصلاة.
وأما الدعاء الجماعي ورفع الصوت بذلك وقراءة الفاتحة بعد كل صلاة فهذه أعمال غير مشروعة؛ لأنها لم ترد بها السنة، والمواظبة عليها تجعلها في حيز البدعة، ويتعين على المسلم أن يعبد الله تعالى على ما شرعه في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا أن يتعبد على وفق هواه ومراده، فننصح الإمام المشار إليه بترك ذلك الدعاء الجماعي. وانظر الفتوى رقم: 127293.
ولا ننسى أيضا أن نحثه على فتح المسجد في صلاة الفجر وصلاة العشاء فالمساجد بنيت لإقامة الصلاة وذكر الله تعالى، وإغلاقها مناف لما بنيت له، والتخلف عن صلاة الفجر وصلاة العشاء من صفات المنافقين.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إ ن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا. رواه مسلم.
وإذا كان عاجزا عن فتح المسجد وقت صلاة الفجر وصلاة العشاء فليوكل غيرها ممكن يمكنه فتح المسجد وكذا إذا سافر. وانظر الفتوى رقم: 23962.
ونوصيكم باللين والرفق في التناصح فيما بينكم فهذا مدعاة لقبول النصح من الناصح وزيادة المودة والإخاء بين المؤمنين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1430(11/10628)
ما العمل إذا أخطأ الإمام في القراءة والمأموم لا يعرف الصواب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أخطا الإمام وهو يقرأ في صلاة الجماعة في كلمة من آية، فأتى بكلمة أخرى مكانها، وأنا أعرف أنها خطأ، ولكني لا أتذكر الكلمة الصحيحة. فماذا أستطيع أن أفعل. فهل أنبهه بأن أقول: سبحان الله مثلا.. أو أسكت أفضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفتح على الإمام إذا أخطأ في القراءة في الصلاة مشروع، وليس بواجب إلا أن يكون اللحن في الفاتحة فيجب، وكذا إن لحن الإمام لحنا يحيل المعنى، وانظر الفتويين: 122476، 62629.
فإن أخطأ الإمام والمأموم لا يعرف الصواب فإنه يسكت لئلا يحدث تشويش، والصلاة صحيحة بكل حال، لكن إن علم المأموم أنه إن سبح بإمامه عاد فتدارك الخطأ من غير حدوث مفسدة فلا بأس من أن يسبح به لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: من نابه شيء في صلاته فليسبح. متفق عليه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه. قال في نهاية المحتاج: ويسن لمن نابه شيء في صلاته كتنبيه إمامه لنحو سهو ... أن يسبح الذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1430(11/10629)
حكم صلاة المأموم إذا كبر قبل الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي صلت مع أمي وانتقض وضوؤها علما بأنها هي الإمام وظلت أمي واقفة ولم تكمل صلاتها وذهبت أختي وتوضأت، واستشارتني فقلت لها توضئي وأكملي الصلاة مع أمي ثم اقضي ما فاتكِ لأني سمعت حديث فيما معناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالصحابة رضوان الله عليهم ثم انتقض وضوءه فتركهم وذهب وتوضأ وأكمل الصلاة بهم. والله أعلم؟ هل صلاة أمي وأختي جائزة أو مقبولة وهل عليهما إعادة الصلاة أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا فسدت صلاة الإمام لم تفسد صلاة المأموم على الراجح من كلام أهل العلم وهو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، ومن ثم فقد كان على أمك أن تكمل صلاتها حين أحدثت أختك، فإن توضأت أختك قبل فراغ أمك من الصلاة وأرادت أن تقتدي بها فلها ذلك، وأما ما أفتيتها به من أنها تتوضأ ثم تعود فتكمل الصلاة بأمك فالذي فهمناه أنك أمرتها بأن تستأنف صلاتها وتقتدي بها أمك فيما بقي من صلاتها، فإذا كان كذلك فهذا يصح على قول من صحح الصلاة إذا كبر المأموم قبل الإمام، واحتج على ذلك بما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم تذكر أنه جنب بعد ما كبر بأصحابه، فأشار إليهم أن امكثوا ثم دخل بيته فاغتسل ثم رجع فصلى بهم، ولعل هذا هو الحديث الذي أشرت إليه، إذ إننا لا نعلم لما ذكرته من كون النبي صلى الله عليه وسلم انتقض وضوؤه فذهب فتوضأ ثم عاد فأكمل الصلاة بأصحابه أصلا، وهذا الحديث -نعني خبر خروجه صلى الله عليه وسلم من المسجد حين تذكر أنه جنب ثم رجوعه بعد ما اغتسل وصلاته بأصحابه- ثابت في الصحيحين وغيرهما، وفيه أن خروجه من المسجد كان قبل أن يكبر للصلاة، ولفظه: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَقُمْنَا فَعَدَّلْنَا الصُّفُوفَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ، ذَكَرَ فَانْصَرَفَ، وَقَالَ لَنَا: مَكَانَكُمْ، فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا وَقَدْ اغْتَسَلَ، يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً، فَكَبَّرَ فَصَلَّى بِنَا. وهذا لفظ مسلم.
وأما الروايات التي فيها خروجه من الصلاة بعد ما كبر فهي في غير الصحيح ولا يخلو شيء منها من مقال.
قال شمس الحق في عون المعبود: ثم اعلم أن رواية أبي بكرة المتصلة وروايات محمد بن سيرين وعطاء بن يسار والربيع بن محمد المرسلة تدل على أنه صلى الله عليه وسلم انصرف بعد ما دخل في الصلاة وكبر، قال الحافظ: وصححه ابن حبان والبيهقي، واختلف في إرساله ووصله. انتهى.
وأما رواية أب ي هريرة التي أخرجها المؤلف والشيخان تدل بدلالة صريحة على أنه صلى الله عليه وسلم انصرف بعد ما قام في مصلاه وقبل أن يكبر فرواية أبي هريرة هذه معارضة للروايات المتقدمة.
قال الحافظ في فتح الباري: ويمكن الجمع بينهما بحمل قوله كبر ودخل في الصلاة أنه قام في مقامه للصلاة وتهيأ للإحرام بها وأراد أن يكبر، أو بأنهما واقعتان أبداه العياض والقرطبي احتمالا.
وقال النووي: إنه الأظهر، وجزم ابن حبان كعادته، فإن ثبت وإلا فما في الصحيح أصح. انتهى.
قال الزرقاني في شرحه على الموطأ: واحتج به الشافعي ومن وافقه على جواز تكبير المأموم قبل الإمام لأنهم لم يكبروا بعد تكبيره الواقع بعدما اغتسل بل اكتفوا بتكبيرهم أولا. انتهى.
وقال ابن رجب في فتح الباري معلقا على هذه الرواية على فرض ثبوتها: وليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى على ما مضى من تكبيرة الإحرام وهو ناس لجنابته، فلم يبق إلا أحد وجهين:
أحدهما: أن يكون صلى الله عليه وسلم لما رجع كبر للإحرام وكبر الناس معه.
والثاني: أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم استأنف تكبيرة الإحرام، وبنى الناس خلفه على تكبيرهم الماضي. وهذا هو الذي أشار إليه الشافعي.
وعليه؛ فإذا كانت أختك قد عملت بفتياك وعادت فأكملت الصلاة بأمك فصلاتهما صحيحة ولا إعادة عليهما على هذا المذهب، الذي استدل له بهذا الحديث، وإن كان الأولى ترك هذا فيما يستقبل خروجا من خلاف العلماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1430(11/10630)
متابعة الإمام في سجود السهو واجبة وإن لم يعلم سببه
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى بنا الإمام صلاة العصر، وقبل السلام سجد للسهو علما بأنه لم يخطئ في شيء، ولم ينس ولم يزد في أي شيء في الصلاة، وأنا متأكدة من ذلك، ولذلك لم أسجد معه للسهو أنا ومعظم النساء معي. سؤالي هو فهل ما فعلته صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب عليكن متابعة الإمام في سجود السهو، وكونه لم يزد شيئا فعليا، أو لم تعرفوا سبب سجوده لا يعني أنه مخطئ في سجوده، فقد يكون ترك واجبا من الواجبات القولية كتسبيح الركوع أو السجود مثلا، أو يكون أتى بقول مشروع في غير موضعه كقراءة قرآن في سجود أو تسبيح في القيام ونحو ذلك، وكل هذه الحالات يشرع فيها سجود السهو، إما وجوبا في ترك الواجب، أو استحبابا في الإتيان بقول مشروع في غير موضعه، وفي كل الأحوال يجب على المأموم متابعة إمامه، فإن لم يتابع المأموم إمامه في سجود السهو بطلت صلاته، وتلزمه إعادتها عند بعض أهل العلم.
قال النووي في المجموع: فإن ترك موافقته عمدا بطلت صلاته، وسواء عرف المأموم سهو الإمام أم لم يعرفه، فمتى سجد الإمام في آخر صلاته سجدتين لزم المأموم متابعته. اهـ. وانظري الفتويين: 117305، 117761.
فالاحتياط إذا أن تعيدي تلك الصلاة، وتأمري بإعادتها من تعرفينهم من النساء اللاتي تركن السجود مع الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1430(11/10631)
مذهب المالكية فيمن فاته الركوع مع الإمام من الركعة الأخيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لمن يتبعون مذهب مالك أو يرون أنهم يقتنعون بمذهب مالك فى أن المأموم إذا فاته ركوع الركعة الأخيرة فإنه لا تحسب له ركعة. هل نص مالك على أن لهم الحق في الانتظار وعدم الدخول مع الجماعة حتى ينتهي الإمام؟ ثم هذا الشخص الذي حضر متأخرا يسحب أحد الذين يتمون صلاتهم فيدخل معه أو ينشىء جماعة جديدة مع من يدخل متأخراً مثله أي هل رخص مالك له في عدم الدخول مع الجماعة ويفعل السابق ذكره حتى يظفر بأجر الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر المالكية على أن فضل الجماعة لا يحصل إلا بإدراك ركعة كاملة بسجدتيها، وبالتالي فمن فاته الركوع من الركعة الأخيرة فقد فاته فضل الجماعة خلافاً لابن رشد وابن يونس القائلين بأنه مدرك للفضل بأي جزء قبل السلام، وهو مأمور بالدخول مع الإمام فوراً ومثاب على ما أدركه مع إمامه، ولا يشرع له أن يسحب أحداً من المصلين أو ينتظر من يأتي لينشئ جماعة مستقلة، لكن إذا وجد جماعة بعد سلام إمامه استحب له إعادة تلك الصلاة في جماعة إذا كانت غير مغرب أو عشاء بعد وتر، أما صلاة المغرب أو العشاء بعد أداء الوتر فلا تشرع إعادتهما لفضل الجماعة عند المالكية. وإليك بعض كلام علماء المالكية في هذه المسألة.
ففي شرح الدردير ممزوجاً بمختصر خليل: (وإنما يحصل فضلها) الوارد به الخبر وهو (صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزءاً) وفي رواية (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) (بركعة) كاملة يدركها مع الإمام بأن يمكن يديه من ركبتيه أو مما قاربهما قبل رفع الإمام، وإن لم يطمئن إلا بعد رفعه فمدرك ما دون ركعة لا يحصل له فضل الجماعة وإن كان مأموراً بالدخول مع الإمام وأنه مأجور بلا نزاع ما لم يعد لفضل الجماعة وإلا فلا يؤمر بذلك فلا يؤجر. انتهى.
وقال المواق في التاج والإكليل: ابن رشد: لا يؤخر إحرامه من دخل المسجد، وإن أدرك ما لم يعتد. انتهى.
وقال أيضاً: ابن يونس وابن رشد: يدرك فضل الجماعة بجزء قبل سلام الإمام. انتهى.
وفي حاشية العدوي على الخرشي: ومن لم يدرك ركعة لا يحصل له حكمها فيعيد في جماعة ولا يسلم على إمامه ولا على من على يساره ويصح الاقتداء به، ولا يحصل له فضلها المذكور وإنما يحصل له ثواب ما أدركه من تشهد أو غيره مما هو دون الركعة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(11/10632)
صلى إماما وهو يعلم أنه جنب
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم ساعدوني يا شيوخي الكرام: في هذا اليوم ذهب قريبي إلى مكة وهو إمام لمسجد بعيد عن الحي الذي أسكن فيه وعندما غادر وهو في الطريق اتصل علي وقال لي: يا أبا عمر أريدك أن تصلي عوضا عني في صلاة الفجر إماماً وأنا وافقت، وعندما اقتربنا من صلاة الفجر لم تكن لدي سيارة فطلبت من صاحبي أن يقلني إلى المسجد الذي يبعد عني كثيراً ـ انتبهوا إلى هذه النقطة كثيراً بالنسبة للذهاب مشيا ـ فذهبت وعندما دخلت إلى المسجد أنا وزميلي الذي أوصلني تذكرت أنني على جنابة ولم أتطهر، فذهبت وتوضأت مرتين وقلت لعل الله يذهب عني الرجس، وبصراحة كنت أريد أن أن أصلي ولا أترك أحداً يصلي عوضاً عني إماماً. فأرجوكم إخواني المفتين أن تفتوني، فإني في خوف من أن تبطل صلاة تلك الصفوف كلها بسببي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أيها السائل أن تتقي الله تعالى وتتوب إليه مما فعلت من إمامتك للناس وأنت جنب فقد ارتكبت إثما عظيما, وما ذكرته من أن المسجد بعيد عنك ليس عذرا لما فعلت, وكذا الوضوء مرتين أو ألف مرة لا يرفع الحدث الأكبر, فالواجب عليك أن تتقي الله تعالى, ونرى أن إمام المسجد أخطأ أيضا حيث أوكل الإمامة إلى من ليس عنده من التقوى ما يردعه عن الإمامة بالناس وهو جنب, وماذا أفادك حرصك على التصدر والإمامة الآن وقد صليت بالناس وأنت جنب ولا حول ولا قوة إلا بالله, وانظر الفتوى رقم: 119805.
أما حكم صلاة المأمومين فقد اختلف الفقهاء في صحة صلاة من اقتدى بمحدث يعلم ذلك, فمنهم من قال لا تصح صلاة المأمومين لأنَّ صلاتَهم مبنيَّةٌ على صلاةِ إمامِهم، فإذا بَطلتْ صلاةُ الإِمامِ بَطلتْ صلاةُ المأمومِ, وهذا مذهب الحنابلة، قال صاحب الروض: ولا تصح خلف محدث حدثا أصغر أو أكبر ولا خلف متنجس نجاسة غير معفوعنها إذا كان يعلم ذلك لأنه لا صلاة له في نفسه. هـ.
قال النجدي في الحاشية: أشبه التلاعب فيعيد من خلفه. هـ.
واختار ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ أن صلاة المأمومين صحيحة ولو كان الإمام عالما بحدثه، فقال في الشرح الممتع: والصحيح في هذه المسألة: أنَّ صلاةَ المأمومينَ صحيحةٌ بكُلِّ حالٍ، إلا مَن عَلِمَ أنَّ الإِمامَ مُحدِثٌ، وذلك لأنهم كانوا جاهلين، فهم معذورون بالجهلِ، وليس بوسعِهم ولا بواجبٍ عليهم أن يسألوا إمامَهم: هل أنت على وُضُوءٍ أم لا؟ وهل عليك جنابةٌ أم لا؟ فإذا كان هذا لا يلزمُهم وصَلَّى بهم وهو يعلم أنه مُحدثٌ، فكيف تَبطلُ صلاتُهم. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1430(11/10633)
حكم المصلي لو كان إماما في بعض الصلاة ومأموما في بعضها
[السُّؤَالُ]
ـ[دخل رجل المسجد بعد الجماعة الأولى من صلاة العصر ووجد رجلا يصلي سنة العصر فصلى معه بنية الفرض وبعد أن سلم الذي يصلي السنة دخل رجل ثان وصلى إلى جانب الذي يصلي الفرض، ثم قام الذي يصلي سنة العصر بعد السلام فصلى الفرض خلف الذي كان مؤتما به وهو يصلي السنة، فما صحت صلاته؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجميع صحيحة ـ إن شاء الله ـ فإن الأول صلى فريضة خلف من يصلي النافلة، وهذا جائز على الصحيح من قولي العلماء، وانظر الفتوى رقم: 111010، وائتمام الداخل به لا حرج فيه بوجه، لأنهمامفترضان، وائتمام المتنفل الذي كان إماما به لا حرج فيه أيضا، فإن الراجح أن المصلي لو كان إماما في بعض الصلاة ومأموما في بعضها أن صلاته صحيحة، فإذا صار مأموما خلف من كان مؤتما به وهو يصلي صلاة أخرى كان أولى بالجواز.
قال ابن حجر في فوائد حديث سهل بن سعد في قصة رجوع أبي بكر إذ كان إماما وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم: وفيه جواز إحرام المأموم قبل الإمام، وأن المرء قد يكون في بعض صلاته إماما وفي بعضها مأموما. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1430(11/10634)
أحكام من اقتدى بإمام وقد سبقه ببعض الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أحضر فى بداية الصلاة وجئت فى الركعة الثانية، أو الثالثة، أو الرابعة، إن كانت صلاة الفجر، أو الظهر، أو المغرب، أو العشاء، فهل أنوي بداية الصلاة أم أصلي مع الجماعة كما يصلون؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروع للمصلي إذا دخل المسجد وقد سبق ببعض الصلاة أن يكبر للإحرام ثم يتابع الإمام على الحال التي هو عليها، ولا يعتد بالركعة التي لم يدرك ركوعها، وما أدركه مع الإمام هو أول صلاته على الراجح من قولي العلماء، فإذا فرغ الإمام من صلاته قام فأتم ما بقي منها، وإن أدرك الإمام بعد رفعه من ركوع الركعة الأخيرة فإنه يقضي جميع الصلاة بعد سلام الإمام، وهل يكون مدركا للجماعة أو لا؟ في ذلك قولان للعلماء، فمذهب الجمهور أنه يدرك الجماعة بإدراك تكبيرة الإحرام قبل سلام الإمام، وقد دل على ما ذكرنا من كون المسبوق يتابع الإمام على الحال التي هو عليها جملة من الأحاديث، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلا تَعُدُّوهَا شَيْئًا، وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ. رواه أبو داود وحسنه الألباني
وعن أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَتَيْتُمْ الصَّلاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ , فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا. رواه البخاري. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: استُدِل به على استحباب الدخول مع الإمام في أي حال وجد عليها. انتهى.
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الصَّلاةَ وَالإِمَامُ عَلَى حَالٍ فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الإِمَامُ. رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وبه تعلم أن الواجب عليك في الحال التي ذكرتها أن تنوي الفريضة وتعينها بداية الصلاة، فإن صلاتك لا تنعقد إلا إذا كبرت تكبيرة الإحرام مع نية الصلاة، ثم تصلي مع الجماعة متابعا للإمام على الحال التي هو عليها ثم تتم بعد سلام الإمام ما بقي من صلاتك وهذا لا يحتاج إلى نية تخصة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(11/10635)
صلاة بعض المأمومين في غرفة ملحقة بالمسجد مع عدم اتصال الصفوف
[السُّؤَالُ]
ـ[مسجد جمعة به فناء كبير، وبه حجرة كبيرة على يمين المسجد، بينها وبين بيت الصلاة عشرة أمتار تستعمل للمناسبات الاجتماعية، إذا امتلأ المسجد بأهله هل تجوز الصلاة بها؟ علما بأن الصفوف إليها غير متصلة.
حبذا لو تكرمتم بذكر بعض المصادر؟
نفع الله بكم وجزاكم عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في ما إذا كان بين الإمام والمأموم حائل يمنع رؤية الإمام ومن وراءه، وحاصل المذاهب أنه يصح اقتداء المأموم بالإمام إذا كان في المسجد مطلقا سواء رأى الإمام أو من وراءه أو لا، أو كان بينهما حائل أو لا إذا سمع التكبير، فإن كان المأموم خارج المسجد اشترط في صحة اقتدائه شرطان: الأول: سماع التكبير، والثاني: رؤية الإمام أو رؤية من وارءه من المأمومين ولو في بعض الصلاة، أو من شباك ولا يشترط اتصال الصفوف على الصحيح من المذاهب إلا أن يكون بينهما طريق فيشترط ذلك، أما إذا امتلأ المسجد بأهله فصلاة الجمعة والجماعة تصح في هذه الحجرة المذكورة في السؤال مادام المصلون يتمكنون من الاقتداء بإمامهم إما بسماع التكبير أو رؤية من يؤتم به على الراجح من أقوال العلماء وهذا مذهب المالكية والشافعية، واختاره ابن قدامة من الحنابلة. وقد سبق تفصيل ذلك بذكر المصادر وأقوال أهل العلم في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 9605، 38038، 60598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(11/10636)
حكم من جلس في التشهد في أولى المقضيات أو ثانية المقضيات
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الكرام: دخل مسبوقا في الصلاة وأدرك ركعة مع الإمام وقام إلى الثانية ولم يتشهد إلا في الركعة الثالثة والرابعة، فما حكم الشرع في هذه الحالة؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة تنبني على خلاف العلماء فيما يدركه المسبوق مع إمامه، هل هو أول صلاته أو آخرها؟ وقد بين النووي خلاف العلماء في هذه المسألة، فقال في شرح المهذب: قد ذكرنا أن مذهبنا أن ما أدركه المسبوق أول صلاته وما يتداركه آخرها، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء وعمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وإسحق حكاه عنهم ابن المنذر قال: وبه أقول، قال: وروي عن عمر وعلي وأبي الدرداء ولا يثبت عنهم، وهو رواية عن مالك وبه قال داود، وقال أبو حنيفة ومالك والثوري وأحمد: ما أدركه آخر صلاته وما يتداركه أول صلاته وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر ومجاهد وابن سيرين، واحتج لهم بقوله صلى الله عليه وسلم: ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا. رواه البخاري ومسلم.
واحتج أصحابنا بقوله صلى الله عليه وسلم: ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا. رواه البخاري ومسلم من طرق كثيرة.
قال البيهقي: الذين رووا فأتموا أكثر وأحفظ وألزم لأبي هريرة الذي هو راوي الحديث فهم أولى، قال الشيخ أبو حامد والماوردي: وإتمام الشيء لا يكون إلا بعد تقدم أوله وبقية آخره، وروى البيهقي مثل مذهبنا عن عمر بن الخطاب وعلي وأبى الدرداء وابن المسيب وحسن وعطاء وابن سيرين وأبى قلابة رضي الله عنهم.انتهى.
والراجح عندنا أن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته، وانظر الفتوى رقم: 120040، ومن ثم فقد كان المشروع لهذا المأموم أن يجلس في ثانية المفعولات التي هي أولى المقضيات، وقد بين المرداوي في الإنصاف عند كلامه على ثمرات الخلاف في هذه المسألة، وهل ما يدركه المسبوق هو أول صلاته أو آخرها؟ أن محل جلوس المسبوق للتشهد هو من ثمرات هذا الخلاف، قال رحمه الله: ومنها: محل التشهد الأول في حق من أدرك من المغرب أو من رباعية ركعة فالصحيح من المذهب أنه يتشهد عقب ركعة على كلا الروايتين وعليه الجمهور منهم الخلال وأبو بكر والقاضي قال الخلال: استقرت الروايات عليها وقدمه في الفروع والمحرر وقال في الأصح عنه: وعنه يتشهد عقب ركعة في المغرب فقط، وعنه يتشهد عقب ركعتين في الكل نقلها حرب وقدمه في الرعاية الكبرى وأطلقهما ابن تميم والشارح.
وقال المصنف والشارح: الكل جائز ورده ابن رجب.انتهى.
ورجح ابن قدامة في المغني جواز الأمرين كما أشار لذلك صاحب الإنصاف، فإن جلس في أولى المقضيات أو ثانية المقضيات فالأمر واسع، وهذه عبارته كما في المغني قال رحمه الله: فصل: واختلفت الرواية في موضع الجلسة والتشهد الأول في حق من أدرك ركعة من المغرب أو الرباعية إذا قضى، فروي عن أحمد أنه إذا قام استفتح فصلى ركعتين متواليتين يقرأ في كل واحدة بالحمد لله وسورة نص عليه في رواية حرب، وفعل ذلك جندب وذلك لأنهما أول صلاته فلم يتشهد بينهما كغير المسبوق ولأن القضاء على صفة الأداء والأداء لا جلوس فيه، ولأنهما ركعتان يقرأ في كل واحدة منهما بالحمد لله وسورة فلم يجلس بينهما كالمؤداتين، والرواية الثانية أنه يقوم فيأتي بركعة يقرأ فيها بالحمد لله وسورة ثم يجلس ثم يقوم فيأتي بأخرى بالحمد لله وسورة في المغرب أو بركعتين متواليتين في الرباعية يقرأ في أولاها بالحمد لله وسورة وفي الثانية بالحمد وحدها، نقلها صالح وأبو داود والأثرم، وفعل ذلك مسروق وقال عبد الله بن مسعود كما فعل مسروق يفعل وهو قول سعيد بن المسيب فإنه روي عنه أنه قال للزهري: ما صلاة يجلس في كل ركعة منها؟ قال سعيد: هي المغرب إذا أدركت منها ركعة، ولأن الثالثة آخر صلاته فعلا فيجب أن يجلس قبلها كغير المسبوق.
وقد روى الأثرم بإسناده عن إبراهيم قال: جاء جندب ومسروق إلى المسجد وقد صلوا ركعتين من المغرب فدخلا في الصف فقرأ جندب في الركعة التي أدرك مع الإمام ولم يقرأ مسروق، فلما سلم الإمام قاما في الركعة الثانية فقرأ جندب وقرأ مسروق وجلس مسروق في الركعة الثانية وقام جندب وقرأ مسروق في الركعة الثالثة ولم يقرأ جندب، فلما قضيا الصلاة أتيا عبد الله فسألاه عن ذلك وقصا عليه القصة فقال عبد الله: كما فعل مسروق يفعل وقال عبد الله: إذا أدركت ركعة من المغرب فاجلس فيهن كلهن، وأيا ما فعل من ذلك جاز إن شاء الله تعالى، ولذلك لم ينكر عبد الله على جندب فعله ولا أمره بإعادة صلاته.انتهى.
وعلى ما رجحه الموفق فلا حرج على هذا المسبوق فيما فعله وإن كان الأولى أن يتشهد في أولى المقضيات لأنه أرجح دليلا وأقوى تعليلا، ولقول ابن مسعود: كما فعل مسروق يفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(11/10637)
حكم تعمد ترك الصلاة مع الجماعة الأولى وإقامة جماعة ثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت في مسجد حوالي 15 رجلا (12سنة/60 سنة) جالسين ينتظرون الأذان، أذن المؤذن وعندما أقام الصلاة تقدم المصلون إلاّ تلك الجماعة.
عندما سلم الإمام قاموا وصلوا لوحدهم جماعة، وفي تلك اللحظة دخل أحد المصلين فانضم إليهم فأخرجه أحدهم من الصف.
1/ما حكم صلاتهم؟
2/هل هم من الشيعة؟
3/ما حكم الذي يخرج مصل من الصف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لمن دخل المسجد أن يتخلف عن أداء الصلاة مع الجماعة إذا أقيمت الصلاة، وحتى إذا كان قد صلى في بيته فإنه يستحب له إعادتها بل تجب في إحدى الروايات عن أحمد لما رواه أبو داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد الخيف قال: فلما قضى صلاته وانحرف إذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه فقال: علي بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا فقالا: يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في رحالنا. قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة.انتهى.
ومن دخل في صلاة الفريضة سواء كان منفردا أو مع الجماعة فإن لا يجوز له أن يخرج من الصلاة ويقطعها لغير عذر شرعي لقول الله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. {محمد:33} .
والجماعة المشار إليها عاصون بتخلفهم عن الصلاة مع الجماعة عند إقامتها، وصلاتهم الثانية صحيحة فيما نرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1430(11/10638)
كيف يفعل من تخلف عن الإمام بركن أو ركنين
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأ الإمام آية سجدة وكبّر وظن أحد المأمومين ـ ولم يكن يرى الإمام ـ أنّه سجد فسجد المأموم ولم يرفع حتى تنبه حين رفع الإمام من الركوع، فأتم صلاته مع الإمام، ولم يسلم معه وقام وأتى بركعة جديدة وسجد للسهو فما حكم صلاته؟.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان على هذا المأموم حين تنبه إلى خطئه أن يقوم فيأتي بالركوع الذي فاته ويرفع منه ويمضي في متابعة الإمام، فإنه إنما تخلف عنه لعذر، وهذا لا ضرر فيه، قال الشيخ العثيمين رحمه الله: والتَّخلُّفُ عن الإِمامِ نوعان:
1 ـ تخلُّفٌ لعذرٍ.
2 ـ وتخلُّفٌ لغير عذرٍ.
فالنوع الأول: أن يكون لعذرٍ، فإنَّه يأتي بما تخلَّفَ به، ويتابعُ الإمامَ ولا حَرَجَ عليه، حتى وإنْ كان رُكناً كاملاً أو رُكنين، فلو أن شخصاً سَها وغَفَلَ، أو لم يسمعْ إمامَه حتى سبقَه الإمامُ برُكنٍ أو رُكنين، فإنه يأتي بما تخلَّفَ به، ويتابعُ إمامَه. انتهى.
ولم يكن عليه سجود سهو فإن سجود السهو يحمله الإمام عن المأموم، كما بيّنا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 123811، وأما إذا لم يفعل ما ذكر بل قام من سجوده وتابع الإمام فيما بقي من صلاته فالواجب عليه أن يأتي بركعة مكان التي ترك بعض أركانها فإنها وقعت غير صحيحة، فإذا أتى بها فقد تمت صلاته ولم يلزمه سجود السهو لما تقدم، وصلاته صحيحة ـ إن شاء الله ـ فإن من زاد في الصلاة شيئا بتأويل أو جهل لم تبطل صلاته، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ فيما إذا تابع المأموم الإمام في الزيادة جهلا: الحال الثاني إن تابعوه جهلا بتحريم ذلك فإن صلاتهم صحيحة لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تابعوه في التسليم في حديث ذي اليدين وفي الخامسة في حديث ابن مسعود فلم تبطل صلاتهم. انتهى.
فدل ما ذكرناه على صحة صلاة هذا المأموم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أصحابه بالإعادة حين زادوا في الصلاة التسليم والقيام إلى الخامسة جهلا منهم وظنا لوجوب المتابعة.
ولمزيد الفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 43583، 12914، 25986.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1430(11/10639)
يجب متابعة الإمام في انتقالاته لمن علم بها وإن لم يسمع تكبيره
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنا في صلاة الجماعة وسجد الإمام بعد القيام من ركوعه بدون أن يكبر. فماذا علينا أن نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المأمومين متابعة الإمام متى علموا بانتقالاته برؤية أو سماع تكبيرة، وليس من شرط ائتمامهم به أن يسمعوا التكبير، بل مناط صحة الاقتداء ووجوب المتابعة هو حصول العلم بحركات الإمام.
قال النووي: يشترط لصحة الاقتداء علم المأموم بانتقالات الإمام، سواء صليا في المسجد أو في غيره، أو أحدهما فيه والآخر في غيره. وهذا مجمع عليه.
وبه تعلم أن الواجب عليكم إذا سجد الإمام ولم تسمعوا تكبيره أن تتابعوه في السجود إذا رأيتم انتقاله للسجود، وأما الإمام فإن كان كبر سرا فلا شيء عليه؛ لأن الجهر بالتكبير مستحب وليس بواجب.
قال النووي رحمه الله: يستحب للإمام أن يجهر بتكبيرة الإحرام وبتكبيرات الانتقال ليسمع المأمومين فيعلموا صلاته.
وأما إن كان ترك التكبير أصلا فلا شيء عليه كذلك عند الجمهور القائلين بأن تكبيرات الانتقال مستحبة لا واجبة، وأما عند الحنابلة القائلين بوجوب تكبيرات الانتقال فكان الواجب على الإمام إذا نسي تكبيرة من تكبيرات الانتقال أن يسجد سجدتي السهو، وأما إن كان ترك التكبيرة عمدا فإن الحنابلة يقولون ببطلان صلاته فإن الواجبات عندهم تبطل الصلاة بتركها عمدا وتجبر بسجود السهو إن تركت نسيانا أو جهلا بخلاف الأركان. وانظر لمعرفة تفصيل مذهبهم في ذلك الفتوى رقم: 12455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1430(11/10640)
كيفية صلاة المغرب مع جماعة تصلي العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ هل يجوز لي جمع صلاتين بصلاة واحدة؟ لأني بالكلية العسكرية وأذهب إليها قبل أذان المغرب ولا أصل إلا قبل العشاء بنصف ساعة، فأقف إلى صلاة العشاء للانتظار، وذلك غصب عني، ولا أستطيع الصلاة. فهل يجوز صلاة المغرب مع العشاء في صلاة واحدة بمثل صلاة العشاء، أصلي 3 ركعات وأجلس للتحيات وأسلم، ثم أكمل الركعة مع الإمام، وأقوم 3 ركعات متبقية، وأسلم. هل يجوز لي فعل هذا لأنه قيل لي يجوز. فهل يجوز لي أو لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجمع بين الصلاتين من غير عُذرٍ من الكبائر كما بينا في الفتوى رقم: 53951. وليس ما ذكرته عُذراً يبيح الجمع فيما يظهر، فإذا كنت تصل إلى الكلية قبل العشاء بنصف ساعة، فإنه يمكنك أن تخرج متوضئاً، وتصطحب معك سجادة أو نحوها فتصلي عليها في المكان الذي تقف فيه للانتظار، وإن صليت على الأرض فلا حرج لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهورا. متفقٌ عليه، وقد بينا الحالات المبيحة للجمع في الفتوى رقم: 6846، فإن لم يكن لك عُذرٌ يبيح الجمع، فإن الجمع غيرُ جائز لك كما تقدم.
وإن كنت ممن يجوزُ له الجمع، أو فاتتك المغرب لعذرٍ ثم أدركت صلاة العشاء، وأردت أن تصلي معهم المغرب وهم يصلون العشاء، فهذا جائزٌ لك عند الشافعية، وهو الراجح عندنا كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 121331، ثم الأفضل إذا صليت المغرب خلف من يصلي العشاء أن تجلس في الثالثة، وتنتظر الإمام حتى يسلم، وإن فارقته فتشهدت لنفسك وسلمت فلا حرج، قال النووي: ولو نوى الصبح خلف مصلي الظهر وتمت صلاة المأموم، فإن شاء انتظر في التشهد حتى يفرغ الإمام، ويسلم معه وهذا الأفضل، وإن شاء نوى مفارقته وسلَّم. انتهى.
ثم إن فارقت الإمام، وأردت أن تتابعه في صلاة العشاء فلا حرج في ذلك إن شاء الله، قال الشيخ ابن عثيمين: إذا دخلت المسجد وصلاة العشاء مقامة، ثم تذكرت أنك لم تصل المغرب فتدخل مع الجماعة بنية صلاة المغرب، وإذا قام الإمام إلى الركعة الرابعة، فتجلس أنت في الثالثة وتنتظر الإمام ثم تسلم معه، ولك أن تسلم ثم تدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، ولا يضر اختلاف النية بين الإمام والمأموم على الصحيح من أقوال أهل العلم. انتهى.
والأولى أن تصلي معهم بنية العشاء ثم تصلي المغرب، ويسقط الترتيب هنا للعذر، ولكن إن كنت ممن يُباح له الجمع، ونويت الجمع في وقت الأولى فلا بُد من مراعاة الترتيب، لأن الترتيب في الجمع بين الصلاتين شرط، فإما أن تصلي مع الإمام بنية المغرب ثم تصلي العشاء، وإن صليت معهم العشاء ثم صليت المغرب وجب عليك إعادة العشاء والحال هذه لما تقدم، قال الشيخ العثيمين: بقي الشرط الرابع وهو الترتيب، فيشترط الترتيب بأن يبدأ بالأولى ثم بالثانية؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: صلوا كما رأيتموني أصلي. ولأن الشرع جاء بترتيب الأوقات في الصلوات، فوجب أن تكون كل صلاة في المحل الذي رتبها الشارع فيه، ولكن لو نسي الإِنسان أو جهل أو حضر قوماً يصلّون العشاء وهو قد نوى جمع التأخير، ثم صلّى معهم العشاء ثم المغرب، فهل يسقط الترتيب في هذه الأحوال أو لا يسقط؟
المشهور عند فقهائنا رحمهم الله: أنه لا يسقط، وإن كانوا يسقطونه بالنسيان في قضاء الفوائت، لكنهم هنا لا يسقطونه، ويجعلون الفرق أن الجمع أداء، والقضاء قضاء، فالأول في وقته والثاني خارج وقته، وبناء على هذا لو أن الإِنسان قدم الثانية على الأولى سهواً أو جهلاً أو لإِدراك الجماعة أو لغير ذلك من الأسباب، فإن الجمع لا يصح فماذا يصنع في هذه الحال؟
الجواب: الصلاة التي صلاها أولاً، لم تصح فرضاً، ويلزمه إعادتها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1430(11/10641)
الصلاة خلف الإمام ولو في صف متأخر أفضل منها في الطابق العلوي ولو في صف متقدم
[السُّؤَالُ]
ـ[نسأل وفقكم الله: أي الأمرين أفضل الصلاة في المسجد في صفوف متأخرة أم الصلاة في الطابق العلوي في صفوف متقدمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإتمام الصف الأول ثم الذي يليه، فقال صلى الله عليه وسلم: أتموا الصف الأول ثم الذي يليه، وإن كان نقص فليكن في الصف المؤخر. رواه أحمد والنسائي.
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم خير صفوف الرجال أولها، وذلك لأجل قربهم من الإمام، فدل على أنه كلما كان أقرب من الإمام كان أكثر ثوابا.
قال في عون المعبود: (خير صفوف الرجال أولها) لقربهم من الإمام وبعدهم من النساء (وشرها آخرها) لقربهم من النساء وبعدهم من الإمام. انتهى.
ولا شك في أن من كان مع الإمام في الطابق الذي يصلي فيه أقرب إليه ممن كان يصلي في طابق آخر، وإن كان الذي يصلي مع الإمام في آخر صفوف ذلك الطابق، ومن ثمّ كانت الصلاة مع الإمام في الطابق الذي هو فيه وإن في آخره، أولى من الصلاة في طابق آخر وإن في أوله، وقد سئل الشيخ العثيمين رحمه الله: سمعنا أن الصلاة في الطابق السفلي من المسجد الحرام أفضل من الصلاة في الطابق العلوي، فهل هذا صحيح من حيث العلو على الإمام؟
فأجاب: الطابق السفلي قد يكون أفضل من حيث قربه من الإمام؛ لأنه بلا شك أقرب إلى الإمام، والصف الأول أفضل لأنه أقرب من الإمام.
وأما من حيث علو المأموم على الإمام فهذه المسألة فيها خلاف، مع أن كثيرا من أهل العلم يقيد هذه المسألة بما إذا صلى الإمام وحده بالأسفل وصلى بقية الجماعة كلهم فوقه فهذه هي التي تكره، وأما إذا كان مع الإمام أحد فإنه لا كراهة في علو المأموم على الإمام، والآن معروف في الحرم أن غالب المصلين يصلون في الأسفل، فعلى هذا فالذين يصلون فوق ليس في صلاتهم كراهة بل ذلك جائز ولكن كما قلت الأسفل أقرب إلى الإمام فيكون أولى. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(11/10642)
من أدرك الإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أدركت الجماعة فى الركعة الثانية من صلاة العصر، ولكن بعد الرفع من الركوع وسجدت معهم، فهل أقرأ التسبيحات والتشهد في الجلوس الأوسط؟ أم أكون صامتا وأبدأ بالقراءة والتسبيح في الركعتين التاليتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أتيت المسجد وكان الإمام قد رفع من الركوع أو كان في السجود، فإنك تكبر للإحرام ثم تتابع الإمام على الحال التي هو عليها، ولا تعتد بركعة لم تدرك ركوعها، ولا يُشرع لك السكوت إذاً، بل تأتي بالذكر المشروع في تلك الحال، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أَتَى أحدُكُم الصلاةَ والإمامُ على حالٍ فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الإِمامُ. رواه الترمذي. وقال: هذا حديث غريب، والعمل على هذا عند أهل العلم؛ قالوا: إذا جاء الرجل والإمام ساجدٌ فلْيَسْجُدْ. وصحَّحه الألبانيُّ في المشكاة.
ونص أهل العلم على نظير هذا، وأنه إذا أدرك الإمام ولو في التشهد الأخير، تابعه على حاله وتشهد معه، قال النووي في المجموع: إذا أدركه في التشهد الأخير كبر للإحرام قائما وقعد وتشهد معه. انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من دخل والإمام في التشهد الأخير فإنه يدخل معه فيما بقي لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام. رواه الترمذي، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته: إذا أتيتم الصلاة فأتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا، فإذا دخل مع الإمام وهو في تشهد فإنه يقرأ التشهد، فإذا سلم الإمام قام وقضى صلاته. انتهى.
وأما أن تصمت حتى تقوم للركعة الثانية فتشرع في القراءة، فهذا غير مشروع، قال الرملي: فإذا كان مأموما لا يسمع أو في صلاة سرية فالقياس أنه يشتغل بالذكر ولا يسكت لأن السكوت في الصلاة منهي عنه انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1430(11/10643)
حكم صلاة من ركع دون الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[أدركت يوما الإمام وهو راكع عند دخولي المسجد، فركعت عملا بالسنة، وعند قيامي من الركوع أردت إتمام الصف فوجد المسافة بعيدة-أكثر من 5 خطوات- لم أدر ما العمل فأدركت الصف وأعدت تكبيرة الإحرام. سؤالي هو: ماذا يجب فعله في هذا الموقف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك إنك ركعت دون الصف اتباعاً للسنة، هو قول بعض أهل العلم، وهو أن من أتى والإمام راكع شُرع له الركوع قبل أن يدخل في الصف، واستدل على ذلك بفعل بعض الصحابة، ولكن ظاهرُ حديث أبي بكرة الذي أخرجه البخاري يدلُ على أن السنة للمصلي ألا يركع حتى يقف في الصف.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: التكبير قبل الدخول إلى الصف ثم المشي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أبا بكرة الثقفي رضي الله عنه دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فأسرع وركع قبل أن يدخل في الصف، ثم دخل في الصف، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته سأل من الذي فعل ذلك؟ فقال أبو بكرة: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصاً، ولا تعد.
تَعُد. بضم العين، من العود، أي: لا تعد إلى ما فعلت.
والحاصل أن الذي يفعل ذلك ينهى عنه، ويقال له: امش وعليك السكينة حتى تصل إلى الصف، فما أدركت فصل، وما لم تدرك فأتمه. انتهى بتصرف.
وقال الحافظ في الفتح: وروى الطحاوي بإسناد حسن عن أبي هريرة مرفوعا: إذا أتى أحدكم الصلاة فلا يركع دون الصف حتى يأخذ مكانه من الصف. انتهى.
وقال في حاشية الروض: قال الحافظ: لا تعد إلى ما صنعت من السعي الشديد، ثم من الركوع دون الصف، ثم من المشي إلى الصف، وقد ورد ما يقتضي ذلك صريحا في طرق حديثه، وفعله زيد بن ثابت وابن مسعود وأخرجه مالك وغيره. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 28630.
وإذا كنت قد ركعت دون الصف عاملاً بقول من يرى استحباب هذا، أو جاهلاً بما هو السنة، فإنه يُقال لك: زادك الله حرصاً ولا تعد. وقد كان ينبغي لك إذا رفع إمامك ولم تزل دون الصف ألا تقطع صلاتك؛ لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. {محمد:33} . بل كان عليك أن تمشي إلى الصف، بشرط أن لا توالي بين الخطوات - كما سيأتي- ويُعتد لك بتلك الركعة في قول الجمهور من المالكية، والحنفية، والشافعية. الذين يرون صحة صلاة المنفرد خلف الصف، وهو المفتى به عندنا كما في الفتوى رقم: 14806. فإنهم استدلوا بقصة أبي بكرة على صحة صلاة المنفرد خلف الصف لأنه أتى ببعض الصلاة خلف الصف، إذ قد ركع دون الصف ثم مشى إليه ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة.
قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج بعدما ذكر حديث أبي بكرة: ويؤخذ من ذلك عدم لزوم الإعادة، وما رواه الترمذي وحسنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة. حملوه على الندب جمعا بين الدليلين، على أن الشافعي ضعفه وكان يقول في القديم: لو ثبت قلت به. وفي رواية لأبي داود بسند البخاري: فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف. ولم يأمره بالإعادة مع أنه أتى ببعض الصلاة منفردا خلف الصف. انتهى.
والراجح عند الحنابلة القائلين ببطلان صلاة المنفرد خلف الصف أن من كان عالماً بنهي النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة فرفع إمامه قبل أن يصل إلى الصف بطلت صلاته، وأما من كان جاهلاً بالنهي فصلاته صحيحة، وفي رواية عن أحمد أن صلاة كليهما صحيحة، ولا فرق في ذلك بين من كان عالماً بالنهي أو جاهلاً به، وهو مذهب الجمهور كما عرفت.
جاء في المغني: الحال الثالث: إذا رفع رأسه من الركوع ثم دخل في الصف، أو جاء آخر فوقف معه قبل إتمام الركعة، فهذه الحال التي يحمل عليها قول الخرقي ونص الإمام أحمد: فمتى كان جاهلا بتحريم ذلك صحت صلاته وإن علم لم تصح.
وروى أبو داود عن أحمد أنه يصح ولم يفرق، وهذا مذهب مالك، والشافعي وأصحاب الرأي، لأن أبا بكرة فعل ذلك وفعله من ذكرنا من الصحابة. انتهى.
وثم أمر مهم ننبهك عليه، وهو أنه كان ينبغي لك إذا رفع الإمام ولما تصل إلى الصف أن ترفع معه، ثم تدخل إلى الصف مع الحرص على عدم توالي الخطى، فإن المشي الكثير عادة في الصلاة يبطلها، وأما المشي اليسير لمصلحة الصلاة كالخطوة والخطوتين، فلا حرج فيه.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: إذا رأى المصلي فرجة أمامه فالأفضل أن يتقدم إليها ليسدها، سواء كان في فريضة أو نافلة؛ لأن هذا عمل يسير لحصول شيء مأمور به لمصلحة الصلاة، وقد ثبت أن ابن عباس رضي الله عنهما صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقف عن يساره فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه فجعله عن يمينه، وهذا عمل من الطرفين لمصلحة الصلاة، لكن إن حصل فرجة ثانية أمامك ثم ثالثة وهكذا فهنا قد يكون العمل كثيراً فلا تتقدم لكل الفرج التي أمامك؛ لأن العمل الكثير المتوالي يبطل الصلاة إلا إذا كان بين ظهور الفرجتين زمن يقطع الموالاة في المشي فلا بأس في التقدم. انتهى.
وأما إذا قطعت صلاتك، وكبرت تكبيرة أخرى للإحرام فقد بطلت تلك الركعة، ولا يُعتد لك بما أدركته مع الإمام منها، لأنك كبرت للإحرام بعد رفعه من الركوع فلزمك قضاءُ تلك الركعة بعد الصلاة، فإلم تكن قضيتها فعليك إعادة تلك الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1430(11/10644)
مسائل في الإمامة والاقتداء وبعض أخطاء المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث لي بعض الأحيان أن لا أدرك صلاة الجماعة مع الإمام الراتب لعذر شرعي، فأدخل للمسجد فأجد بعض الإخوة يصلون جماعة فأدخل معهم في الصلاة.
المشكل أن الشخص الذي قدم أو تقدم للإمامة لا يكون دائما في المستوى المطلوب، ويرتكب أخطاء في الصلاة وأقدم لكم بعض الأمثلة على ذلك:
عدم سماع صوت الإمام في الصلاة الجهرية أو صعوبة تتبع تلاوته خصوصا إذا كنت بعيدا عنه، وربما حتى لو صليت وراءه ربما لضعف صوته أو لخجله، والله أعلم.
الركوع بشكل غير صحيح كالانحناء اليسير أو المبالغة في الانحناء بعضهم يرفع من الركوع قائلا ربنا ولك الحمد، ولا يقول سمع الله لمن حمده.
بعضهم لا يسجد على رجليه فيضع ظاهر أصابعه على الأرض.
بعضهم يصلي بملابس تحدد العورة وتجسمها.
هناك من يلحن في الفاتحة فيقرأ الذال المعجمة دالا، والظاء ضادا.
بعضهم يسرع في الصلاة حيث تصبح متابعته غاية في الصعوبة، وربما تأخر عنه المأموم بركن علما بأن هذا الأمر يمكن أن يحدث حتى مع أئمة عدد كثير من المساجد.
أرجو منكم الإجابة على كل مثال على حدة، وما حكم صلاة من صلى خلف من يقع في خطأ من هذه الأخطاء، علما بأني أصبحت لا أصلي مع جماعة إذا علمت أن من يؤمهم يقع في مثل هذه الأخطاء، ويمكن أن لا أعرف الإمام فتكثر علي الوساوس والشكوك فأصلي وحدي أو أدخل معه ثم أعيد الصلاة خصوصا إذا كان يسرع أو تخلفت عنه بركن، وفي هذه الحال أرجو منكم التفضل بتقديم الحكم في حال التخلف عنه بركن لسرعته أو لسهو المأموم أستسمحكم على الإطالة. نفع الله بكم وجزاكم الله عن المسلمين خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أن الأصل هو صحة صلاة الإمام، ولا يسوغُ ترك الجماعة لأجل احتمال أن الإمام يخطئ في الصلاة لأن اليقين لا يُترك للشك.
وأما ما ذكرته من الأخطاء فنحنُ نجيب عليها ونبين ما فيها بإذن الله.
أولاً: ليس سماعُ تلاوة الإمام شرطاً في صحة متابعته والاقتداء به، فإن الإمام إذا أسر في الجهرية صحت صلاته، قال ابن قدامة في المغني: الجهر في مواضع الجهر، والإسرار في مواضع الإسرار، مجمع على استحبابه. والأصل فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف. فإن جهر في موضع الإسرار، أو أسر في موضع الجهر، ترك السنة، وصحت صلاته. انتهى.
فإذا جهر وكان المأموم بعيداً بحيثُ لا يسمعه، أو كان جهرُ الإمام بحيثُ لا يُسمع كل المأمومين، فالاقتداءُ صحيح بلا شك، ثم إن الراجح أن المأموم تشرع له القراءة للسورة بعد الفاتحة في هذه الحال لأن الأمر بالإنصات إنما يصحُ إذا سمع قراءة الإمام، قال ابن قدامة: فإن لم يسمعه لبعد قرأ نص عليه -أي الإمام أحمد- قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله رحمه الله: فيوم الجمعة؟ قال إذا لم يسمع قراءة الإمام ونغمته قرأ، فإذا سمع فلينصت. انتهى.
ثانياً: بالنسبة لخطأ الأئمة في صفة الركوع، فإن الركوع له صفتان، صفةٌ مُجزئة وهي أن ينحني بحيثُ تمس يده ركبته، وصفةٌ كاملة، وهي المبينة في الأحاديث من القبض على الركبتين بكلتا اليدين، ومد الظهر وجعل الرأس حياله. وانظر الفتوى رقم 7917، ورقم: 77103.
فإذا كان انحناءُ هذا الإمام المذكور يحصل به القدر المجزئ وإن كان دون الانحناء المسنون، وكذا إن بالغ فيه بحيثُ لا يزول عنه اسم الركوع فالاقتداءُ به صحيح، وأما إن أخل الإمام بالركوع المجزئ لم يصح الاقتداء به في هذه الحال.
ثالثاً: ما ذكرته من ترك بعض الأئمة قول سمع الله لمن حمده لا تبطل به الصلاة عند الجمهور، فإن التسميع سنةٌ عند الجمهور خلافاً لأحمد رحمه الله، وعند أحمد أنه واجبٌ يُجبر تركه بسجود السهو، إن كان تركه نسياناً أو جهلاً.
ومن ثم فالاقتداءُ بتارك التسميع صحيحٌ عند الجمهور، وينبغي تعليم الإمام الذي يترك التسميع ومناصحته ليخرج من خلاف أهل العلم، ثم إن كان تركه للتسميع نسياناً أو جهلاً، فإنه يسجد للسهو على مذهب أحمد رحمه الله، وانظر الفتوى رقم: 120059.
رابعاً: السنة للمصلي أن يستقبل ببطون أصابعه القبلة في السجود أي يجعلها مثنية إلى القبلة وبطونها إلى الأرض، ولكنه إن خالف، وسجد على ظهور قدميه صحت صلاته وأجزأه ذلك، لأنه سجد على قدميه، وإن كان مخالفا للسنة وانظر الفتوى رقم: 94613. وبه تعلم أن الاقتداء بمن يسجد على ظهور قدميه صحيح.
خامساً: الصلاة في الثياب الضيقة التي تصف حجم العظام صحيحةٌ مع الكراهة، إذا كان لا يبينُ لون الجلد من تحتها، وأما إذا كانت تصف لون الجلد لم تصح الصلاةُ فيها لانتفاء الستر.
قال الشافعي رحمه الله: وإن صلى في قميص يشف عنه لم تجزه الصلاة، فإن صلى في قميص واحد يصفه ولم يشف كرهت له، ولا يتبين أن عليه إعادة الصلاة. انتهى.
وقال ابن قدامة: فإن كان خفيفاً يُبَيِّن لون الجلد من ورائه -فيُعلم بياضه أو حمرته- لم تجز الصلاة فيه، لأن الستر لا يحصل بذلك. وإن كان يستر لونها ويصِف الخلقة، جازت الصلاة، لأن هذا لا يمكن التحرّز منه. انتهى.
وبه تعلم أن الائتمام بمن يلبس الثياب الضيقة التي تصفُ حجم العظام جائزٌ، والصلاة خلفه صحيحة.
سادساً: قد أشبعنا القول فيمن يبدل حرفاً بغيره في الفاتحة، وفي صحة الائتمام به في الفتوى رقم: 113626. فانظرها ففيها تفصيلُ حكم هذه المسألة.
سابعاً: إذا تخلف المأموم عن إمامه بركن لعذر فإنه يأتي بهذا الركن ثم يتابع إمامه فيما بقي من الصلاة، وإن تخلف عنه لغير عذر ففي صحة صلاته خلاف. وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 110789، ورقم: 113697.
وتخلف المأموم عن إمامه بركن سهواً عذر من الأعذار فيأتي بما سبقه به الإمام، ثم يتابعه فيما بقي من صلاته، وانظر الفتوى رقم: 13908.
وإذا كان الإمام يُسرع في صلاته جدا بحيثُ لا تمكن المأموم متابعته، فإنه يفارقه، ويكمل ما بقي من صلاته منفرداً، وقد بينا حكم هذه المسألة في الفتوى رقم: 121030.
ثامناً: عدمُ معرفتك بالإمام لا يقتضي أن تترك الصلاة خلفه، فإن الأصل صحة صلاة المسلمين، وعدم طروء ما يبطلها. وانظر الفتوى رقم: 115388.
فحذار حذار من الاستسلام للوساوس والشكوك، وعليك بما نبهناك عليه في أول الفتوى من أن الأصل صحة صلاة الأئمة، وقد عرفت أن معظم ما ذكرته من الأخطاء لا يمنعُ من صحة الاقتداء، فلا تفوت على نفسك فضيلة الجماعة بسبب هذه الوساوس والأوهام، ولا تترك الصلاة خلف إمام لتصلي منفردا إلا إذا كنت جازماً بأن صلاته غير صحيحة.
وأما إعادتك الصلاة من غير موجبٍ سوى هذه الوساوس والشكوك فهو مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد: نهى أن يصلي الرجل الصلاة في اليوم مرتين. أخرجه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(11/10645)
حكم التبليغ خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد جوابا شافيا لهذه المسألة: أحب أن ألي الإمام في الصلاة بدليل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى. ونظرا لقلة أهل العلم في مسجدنا حيث صار العامة والجهال هم الذين يقفون خلف الإمام، ولا يعرفون حتى إقامة الصلاة، ونحن نتخلف بحجة أن التبليغ خلف الإمام بدعة يجب الابتعاد حتى لا نشارك فيها. فما هو القول الفصل فيها؟ هل نستجيب للإمام ونبلغ خلفه رغم أنه يستعمل مكبر الصوت؟ أم نبقى بعيدين عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحكم به هو الحرص على الوقوف في الصف الأول، وترك الاستجابة لهذا الإمام الذي يأمرُ من خلفه بالتبليغ عنه لغير حاجة، ثم عليك أن تناصح الإمام، وتبين له أقوال العلماء في كراهة التبليغ لغير حاجة، وأنهم متفقون على ذلك، بل منهم من أبطل الصلاة بفعله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يشرع الجهر بالتكبير خلف الإمام لغير حاجة باتفاق الأئمة، فإن بلالا لم يكن يبلغ خلف النبي صلى الله عليه وسلم هو ولا غيره، ولم يكن يبلغ خلف الخلفاء الراشدين، لكن لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس مرة وصوته ضعيف، وكان أبو بكر يصلي إلى جنبه يسمع الناس التكبير، فاستدل العلماء بذلك على أنه يشرع التكبير عند الحاجة مثل ضعف صوته، فأما بدون ذلك فاتفقوا على أنه مكروه غير مشروع، وتنازعوا في بطلان صلاة من يفعله على قولين، والنزاع في الصحة معروف في مذهب مالك وأحمد وغيرهما. غير أنه مكروه باتفاق المذاهب كلها، والله أعلم. انتهى.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: فإذا احتيج إلى التبليغ لسعة المسجد وكثرة الجماعة أو لضعف صوت الإمام لمرض أو غيره، فإنه يقوم بعض الجماعة بالتبليغ، أما إذا كان الصوت واضحا للجميع ولا يخفى على أحد في الأطراف، بل علم أن الجميع يسمعه فليس هناك حاجة للتبليغ ولا يشرع. انتهى.
فإن تولى هذا التبليغ غيرك مع المناصحة فلا حرج عليك، ولا يدعوك هذا إلى ترك القيام في الصف الأول، فإنه لا يلزمُ من وقوفك في الصف الأول أن تتولى التبليغ عن الإمام.
فإن حال الإمامُ بينكم وبين الوقوف في الصف الأول إلا بشرط التبليغ عنه، وكان في مخالفته مفسدةٌ راجحة، فلا نرى لكم أن تُدخلوا أنفسكم في خلاف أهل العلم، فإن منهم من أبطل صلاة من يبلغ عن الإمام لغير حاجة كما تقدم في كلام شيخ الإسلام رحمه الله، فتركُ الوقوف في الصف الأول أيسرُ من الدخول في هذا الخلاف، وفعل ما اتفق على كراهته، ولو أمكنكم الصلاة في مسجد آخر لا توجد فيه هذه المخالفة فصلاتكم فيه أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(11/10646)
الواجب على من أدرك الإمام راكعا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا جئت إلى المسجد والامام راكع، فهل إذا كبرت تكبيرة الإحرام يجب علي أن أضع يدي على صدري ثم أكبر للركوع، أم يجوز لي أن أرفع يدي ولا أضعها على صدري؟
سامحوني على كثرة أسئلتي فمن لي غيركم بعد الله ليرشدنا إلى الحق وإلى الفقه الصحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجبُ على من أدركَ الإمام راكعاً أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو قائم ثم يهوي للركوعِ مباشرة، قال النووي في المجموع: إذا أدرك الإمام راكعا كبر للإحرام قائما ثم يكبر للركوع ويهوي إليه، فإن وقع بعض تكبيرة الإحرام في غير القيام لم تنعقد صلاته فرضا بلا خلاف. انتهى.
وقال العلامة العثيمين: ولكن هنا أمْرٌ يجبُ أن يُتفَطَّنُ له، وهو أنَّه لا بُدَّ أنْ يكبِّرَ للإحرامِ قائماً منتصباً قبل أنْ يهويَ؛ لأنَّه لو هَوى في حالِ التكبيرِ لكان قد أتى بتكبيرةِ الإحرامِ غير قائمٍ، وتكبيرةُ الإحرامِ لا بُدَّ أن يكونَ فيها قائماً. انتهى.
ولم يذكر أحدٌ من العلماء فيما نعلم أنه يُشرع له أن يضع يده على صدره بعد تكبيرة الإحرام، فضلا عن أن يكون ذلك واجباً، ووضع اليدين على الصدر في الصلاة سنة وليس بواجب، وانظر الفتوى رقم: 4749.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(11/10647)
محل وقوف المرأة في صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن على المرأة أن تصلي خلف الرجل، وأحرص على ذلك في البيت مع زوجي، ولكن أحيانا عندما أكون في صلاتي يقف بجانبي ويصلي. هل أقطع صلاتي في هذه الحالة وأرجع خلفه أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروع للمرأة في صلاة الجماعة أن تصلي خلف الرجل، فإن صلت بجانبه كُرِه ذلك عند الجمهور، وبطلت صلاة الرجل عند أبي حنيفة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقوف المرأة خلف صف الرجال سنة مأمور بها، ولو وقفت في صف الرجال لكان ذلك مكروهاً، وهل تبطل صلاة من يحاذيها؟ فيه قولان للعلماء في مذهب أحمد وغيره:
أحدهما: تبطل، كقول أبي حنيفة وهو اختيار أبي بكر وأبي حفص من أصحاب أحمد.
والثاني: لا تبطل، كقول مالك والشافعي، وهو قول ابن حامد والقاضي وغيرهما، مع تنازعهم في الرجل الواقف معها هل يكون فذاً أم لا؟ والمنصوص عن أحمد بطلان صلاة من يليها في الموقف. وأما إذا لم تشارك المرأة الرجل في الصلاة وصلى الرجل بجانبها، صحت صلاته وصلاتها عند الأئمة الأربعة.
قال النووي رحمه الله في المجموع: (فرع) إذا صلى الرجل وبجنبه امرأة لم تبطل صلاته ولا صلاتها سواء كان إماماً أو مأموماً، هذا مذهبنا وبه قال مالك والأكثرون، وقال أبو حنيفة: إن لم تكن المرأة في صلاة أو كانت في صلاة غير مشاركة له في صلاته صحت صلاته وصلاتها، فإن كانت في صلاة يشاركها فيها -ولا تكون مشاركة له عند أبي حنيفة إلا إذا نوى الإمام إمامة النساء- فإذا شاركته فإن وقفت بجنب رجل بطلت صلاة من إلى جنبيها، ولا تبطل صلاتها ولا صلاة من يلي الذي يليها، لأن بينه وبينها حاجزا.
وبه تعلمين أن المشروع لك إذا صليت مع زوجك جماعة أن تقفي خلفه، ولا ينبغي لك أن تقفي بجانبه، خروجاً من الخلاف، وإذا خالفت وصليت بجواره صحت الصلاة على الراجح. وأما إذا كنت تصلين فوقف زوجك بجوارك وشرع في صلاة مستقلة، فلا يلزمه التقدم ولا يلزمكِ التأخر، وصلاتكما صحيحة لما تقدم. ولمزيد الفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50731، 6467، 8723.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(11/10648)
المسبوق إذا أدرك الإمام بركوع زائد
[السُّؤَالُ]
ـ[أخطأ الإمام في صلاته فركع ثم وقف ثم ركع مرة أخرى (قبل أن يسجد) ، ثم وقف وسجد وأكمل الصلاة، وكان أحد المتأخرين قد أدرك الإمام في الركعة التي أخطأ فيها الإمام (عندما ركع مرتين قبل أن يسجد) .
فما على الإمام بعد أن سجد للسهو وسلم وما على المتأخر؟ هل على الإمام أن يبلغ أنه من أدركه في الركعة الخطأ أن يتم ركعة محلها؟ أم أن صلاة المأموم صحيحة ولا شيء عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإمام إذا زاد ركوعاً في الصلاة سهواً، فصلاته صحيحة، والمشروع له أن يسجد للسهو وجوباً عند الحنابلة واستحباباً عند الجمهور. ومحل أفضلية السجود في هذه الصورة بعد السلام، كما هو مذهب مالك واختيار شيخ الإسلام. وانظر الفتوى رقم: 99380.
وإذا أدرك مسبوقٌ الإمام في هذا الركوع الزائد صح اقتداؤه، ولم يعتد بتلك الركعة، وإنما يلزمه أن يأتي بركعة أخرى بعد سلام الإمام، فإن لم يفعل وطال الفصل أعاد الصلاة.
قال النووي في شرح المهذب: قال الشافعي والأصحاب –رحمهم الله- إذا نسي الإمام تسبيح الركوع فاعتدل ثم تذكره لم يجز له أن يعود إلى الركوع ليسبح، لأن التسبيح سنة، فلا يجوز أن يرجع من الاعتدال الواجب إليه، فإن عاد إليه عالماً بتحريمه، بطلت صلاته، ولا يصح اقتداء أحد به، وإن عاد إليه جاهلاً بتحريمه لم تبطل صلاته؛ لأنه معذور، ولكن هذا الرجوع لغوٌ غير محسوبٍ من صلاته، فإن اقتدى به مسبوق والحالة هذه وهو في الركوع الذي هو لغو، والمسبوق جاهل بالحال صح اقتداؤه. وهل تحسب له هذه الركعة بإدراك هذا الركوع؟ فيه وجهان: الصحيح باتفاق الأصحاب –وهو المنصوص في الأم- أنها لا تحسب لأن الركوع لغو في حق الإمام، وكذا في حق المأموم، ولأن الإمام ليس في الركوع وإنما هو في الاعتدال حكماً، والمدرك في الاعتدال لا تحسب له الركعة. انتهى.
وينبغي للإمام إذا غلب على ظنه أن أحداً أدركه في هذا الركوع الزائد أن ينبهه على عدم جواز اعتداده بذلك الركوع، حرصاً على صحة صلاة المأمومين وكمالها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1430(11/10649)
حكم الصلاة خلف مستور الحال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح الصلاة خلف إمام لا نعرف عنه شيئا؟ أتى به أصحاب مسجد مؤقتا حيث لاتوجد عندنا مساجد رسمية للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة من أهم شعائر الإسلام الظاهرة، وهي واجبة على الأعيان في أصح أقوال العلماء، فالواجب الحرص عليها، واعلم أن الصلاة خلف الفاسق المتحقق فسقه صحيحة؛ كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 16978، فكيف يُشك بعد هذا في جواز الصلاة خلف من لا يُعلم عنه فسق؟.
فالواجب عليكم أن تصلوا خلف هذا الإمام، إذا كان مستوراً لا يُعلم عنه فسق، وألا تثيروا الشكوك حول صحة الصلاة خلفه ما دام لم يظهر منه ما يُخل بصحة صلاته، أو الصلاة خلفه، قال شيخ الإسلام: يجوز للرجل أن يصلي الصلوات الخمس والجمعة وغير ذلك خلف من لم يعلم منه بدعة ولا فسقا باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة المسلمين، وليس من شرط الائتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه، ولا أن يمتحنه فيقول: ماذا تعتقد؟ بل يصلي خلف مستور الحال. انتهى من مجموع فتاواه.
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: هل تصح الصلاة خلف مستور الحال في المجتمع الذي أعيش فيه أم لا؟ فأجاب: نعم، إذا كان مستور الحال ولا تعرف عنه شيئا من الشرك، وهو مسلم يتظاهر بالإسلام تصح الصلاة خلفه والحمد لله، حتى تعلم ما يوجب منع ذلك من ظهور الكفر والشرك، أما ما دام مستوراً مع المسلمين لا يظهر منه ما يوجب ردته، فإنك تصلي خلفه والحمد لله. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1430(11/10650)
حكم الاقتداء بالمسبوق
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الجمهور أن المسبوق الذي فاتته ركعة فأكثر لا يصح أن يتخذ إماما لقوله: إنما جعل الإمام ليؤتم به.
السؤال على هذا القول: لو أن رجلا دخل المسجد بعد سلام الإمام واتخذ مسبوقا إماما له فدخل في الصلاة مقتديا به من السجود، هل تصح صلاة المأموم الجديد أم لا؟ مع رجاء ذكر كتب العلماء التي فصلت في هذه المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من منع الاقتداء بالمسبوق هو مذهب المالكية ووجه عند الشافعية والحنابلة. ومأخذ هذا القول أن المسبوق مأموم فلا يجوز الاقتداء به؛ لارتباط صلاته بصلاة إمامه، والمأموم لا يكون إماما. وعلى هذا القول فمن اقتدى بالمسبوق وائتم به فصلاته باطلة، وقد نص الفقهاء الذين تبنوا هذا المذهب على بطلان صلاة من ائتم بالمسبوق -كما في صورة السؤال-. ويمكنك أن تراجع كلامهم مفصلا في كتب الفروع الفقهية المنتشرة كشروح مختصر خليل. ونحن نسوق لك بعض ما يدل على هذا، فقد ذكر خليل في مختصره من تبطل الصلاة بالاقتداء بهم فقال: وبطلت باقتداءٍ بمن بان كافرا أو امرأةً أو خنثى مشكلاً أو مجنونا أو فاسقا بجارحة أو مأموما. اهـ
قال الدردير في شرحه لقوله "أو مأموما": بأن يظهر أنه مسبوق أدرك ركعة كاملة وقام يقضي، أو اقتدى بمن يظن أنه الإمام، فإذا هو مأموم، وليس منه من أدرك دون ركعة فتصح إمامته وينوي الإمامة بعد أن كان نوى المأمومية لأن شرطه ألا يكون مأموما. اهـ
هذا فيما يتعلق بجواب مسألتك. ونحب أن ننبهك إلى أن الصحيح عند الشافعية والحنابلة جواز الاقتداء بالمسبوق لأنه فيما يقضيه من صلاته في حكم المنفرد بدليل أنه لو سها فيما سُبِق به سجد للسهو ولم يحمله عنه إمامه. وهذا القول هو المفتى به عندنا ورجحه جمع من المحققين، قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: إذا دخل المسبوق المسجد وقد صلى الناس ووجد مسبوقاً يصلي شُرِعَ له أن يصلي معه ويكون عن يمين المسبوق حرصاً على فضل الجماعة، وينوي المسبوق الإمامة ولا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء، وهكذا لو وجد إنساناً يصلي وحده بعد ما سلم الإمام شُرِعَ له أن يصلي معه، ويكون عن يمينه تحصيلاً لفضل الجماعة، وإذا سلم المسبوق أو الذي يصلي وحده قام هذا الداخل فكمل ما عليه؛ لعموم الأدلة الدالة على فضل الجماعة، ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما رأى رجلاً دخل المسجد بعد انتهاء الصلاة قال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه. انتهى.
وأطال في تقريره الشيخ العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع بما تحسن مراجعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/10651)
ضابط ما يدرك به المأموم الركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أدركت الإمام في الصلاة وهو راكع، فكبرت تكبيرة الإحرام وهو ما زال راكعاً، ولكنه رفع من الركوع قبل أن أركع، فهل أأتي بالركوع بعده وتحسب لي ركعة، أم أنها لا تحسب، وماذا أفعل إذا تكرر الأمر في المرة القادمة؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق جمهور العلماء على أن من لم يدرك الركوع مع الإمام لم يعتد بتلك الركعة، وخالف زفر صاحب أبي حنيفة في ذلك، فإنه قال: إذا أدرك المأموم الإمام في الاعتدال اعتد بتلك الركعة كما نقله عنه النووي في شرح المهذب، والصواب بلا شك قول عامة العلماء، وضابط ما يدرك به المأموم الركعة أن يدرك الركوع المجزئ قبل رفع الإمام، فيضع يديه على ركبتيه قبل رفع إمامه، وزاد بعض العلماء اعتبار الطمأنينة وضبطها فقهاء الحنابلة بقدر تسبيحة، وما دام الإمام قد رفع من الركوع قبل أن تركع معه فقد فاتتك تلك الركعة بلا شك ولزمك قضاؤها بعد انتهاء الصلاة، ولا يشرع لك الركوع بعد رفع الإمام، بل المشروع أن تتابعه على الحال التي أدركته عليها وهي الاعتدال، وقد دلت الآثار الواردة عن الصحابة -رضي الله عنهم- على نحو ما ذكرناه من أن المعتبر إدراك الإمام قبل أن يرفع رأسه من الركوع، ودلت هذه الآثار كذلك على صحة قول الأئمة الأربعة من أن من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة، فمن هذه الآثار التي ساقها الألباني في الإرواء:
أولاً: ابن مسعود، فقد قال: من لم يدرك الإمام راكعاً لم يدرك تلك الركعة. وسنده صحيح.
ثانياً: عبد الله بن عمر، فقد قال: إذا جئت والإمام راكع، فوضعت يديك على ركبتيك قبل أن يرفع فقد أدركت. وإسناده صحيح.
ثالثاً: زيد بن ثابت كان يقول: من أدرك الركعة قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة. وإسناده جيد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/10652)
حكم الهرولة لإدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[في مسألة إدراك تكبيرة الإحرام أربعين يوما. ما حكم الجري والهرولة حتى ألحق بتكبيرة الإحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أراد الحرص على إدراك فضلية تكبيرة الإحرام، فلا ينبغي أن يحمله ذلك على بالوقوع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، بل عليه إذا كان حريصا على إدراك فضيلتها أن يبكر بالخروج إلى الصلاة، لكي يكون في المسجد قبل إقامة الصلاة، وأما الهرولة والسعي الشديد لإدراك تكبيرة الإحرام فمما صح النهي عنه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذ اأقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون، عليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا. متفق عليه. وانظر الفتوى رقم: 111765.
فالمصلي مأمور بإيتان الصلاة في خشوع لئلا يأتيها وقد حفزه النفس، فيذهب بعض خشوعه أثناء الصلاة، فعليه أن يأتي الصلاة في سكينة ووقار، ولو أدى ذلك إلى فوات ركعة منها أو أكثر فضلا عن فوات تكبيرة الإحرام فحسب، وبه تعلم أن هذا الفعل المسؤول عنه مما لا ينبغي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1430(11/10653)
الصلاة خلف المبتدع
[السُّؤَالُ]
ـ[سكني بجانب 3 مساجد الأول فيه قبر والثاني إمامه مبتدع والثالث بعيد وكذلك يمنعني أبي من الذهاب إليه، فهل أصلي في المسجد الأول أم الثاني أم أخالف أبي وأصلي في المسجد الثالث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في فتاوى سابقة جواز الصلاة خلف المبتدع ما لم تكن بدعته مكفرة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 12270.
وأما الصلاة في المسجد الذي فيه قبر فلا تجوز، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 16049.
ولا تجوز مخالفة الوالد في الذهاب إلى المسجد البعيد، مع إمكان الصلاة في جماعة في مسجد أقرب أو في البيت، كما تقدم في الفتوى رقم: 98606..
وبهذا يتبين لك أن المسجد الذي إمامه مبتدع هو المسجد الذي ينبغي أن تصلي فيه إذا كانت بدعته غير مكفرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1430(11/10654)
حكم الصلاة خلف من يجوز الاستعانة بغير الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح الصلاة خلف من يجوز الاستعانة بغير الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستعانة بغير الله على الغيب أو فيما لا يقدرُ عليه إلا الله شركٌ أكبر يُخرِجُ صاحبه من الملة بعد إقامة الحجة عليه؛ لقوله تعالى: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ {فاطر 13-14} .
وقوله عز وجل: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ {الأحقاف 5-6} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. أخرجه الترمذي بإسناد صحيح.
إذا علمتَ هذا فاعلم أن العلماء متفقون على عدم صحة الصلاة خلف الكافر لأن الإسلام من شروط صحة الصلاة، والكافر لا تصحُ منه العبادة ولا تُقبل، قال تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {المائدة: 5} .
وعليه؛ فإذا كان هذا الإمام يجوّزُ الاستعانة بغير الله على الغيب أو فيما لا يقدرُ عليه إلا الله، كالاستعانة بالمقبورين والملائكة والجن وطلب قضاء الحاجات منهم، فقد جوّز الكفر، فلا بُدَ من إقامة الحجة عليه، وأن تُذكر له النصوص التي تبين خطر هذه العقيدة، وأنها تمحقُ إيمان صاحبها، فإذا أصرَ على مذهبه الباطل بعد إقامة الحجة عليه فلا يجوزُ لكم أن تصلوا خلفه لأنه على خطرٍ عظيم، وانظر الفتوى رقم: 28035، وإن كنا نحذر من التسرع في تكفير المعين فإن ذلك من المزالق الخطيرة.
وأما إن كان يجوّز الاستعانة بغير الله على وجه لا يدخل في مسمى الشرك الأكبر فالصلاةُ خلفه جائزة، وانظر الفتوى رقم: 24537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(11/10655)
من لم يسجد مع الإمام لانقطاع صوته
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفيدونا مأجورين نحن جماعة كنا نصلي في مسجد بالمصلى العلوي ولا نرى الإمام، في الركعة الأولى بعد الذهاب للسجود لم نسمع صوت الإمام إلا في القيام للركعة الثانية فقمنا مع الإمام وأكملنا الصلاة مع الإمام ما حكم هذه الصلاة وكيف العمل في هذه الحالة؟ مع العلم أننا ما جلسنا الجلسة بين السجدتين ولا سجدنا السجدة الثانية؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا ما يفعله المأموم إذا انقطع صوت الإمام في الفتوى رقم: 36156، وقد كان الواجب عليكم حين قام الإمام إلى الركعة الثانية وعلمتم بقيامه أن تأتوا بما فاتكم من الأركان ثم تتابعوا الإمام في باقي الصلاة، فكان الواجبُ عليكم أن تجلسوا بين السجدتين ثم تسجدوا السجدة الثانية ثم تتابعوا الإمام بعد هذا وأنتم معذورون في التخلف عنه في هذه الحال، وانظر الفتوى رقم: 111619.
وإذ لم تفعلوا فقد كان الواجبُ عليكم أن تأتوا بركعة بعد سلام الإمام تقومُ مقام الركعة التي تركتم ركنين من أركانها، وإذ لم تفعلوا فالواجبُ عليكم إعادة هذه الصلاة لأن ذمتكم لا زالت مشغولةً بها، فلا تبرأ إلا بفعلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(11/10656)
الأفضل لمن فاتته صلاة، وأقيمت الصلاة لصلاة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[وصلت إلى المسجد وكان وقت صلاة العشاء ولم أصل ذلك اليوم لا ظهرا ولا عصرا ولا مغربا وأقيمت صلاة العشاء فهل أدخل في صلاة العشاء بنية الظهر أم أصلي العشاء وأعيد كل الصلوات بما فيها العشاء.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح جوازُ أن تصليَ الظهر خلف من يصلي العشاء، وقد رجحنا في الفتوى رقم: 24949، أنه يجوزُ الائتمام بمن يصلي فريضةً أخرى، فإذا فعلتَ هذا فإنكَ تصلي ما بقيَ لك من صلواتٍ بعد سلامك مع الإمام بلا إشكال.
والأولى والأفضل لمن فاتته صلاة، ودخل المسجد وهم يصلونَ صلاةً أخرى أن يُصلي معهم تلك الصلاة التي يصلونها وذلك مراعاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. رواه مسلم.، وفي روايةٍ في غير الصحيح: إلا التي أقيمت. وفيها مقال، وأيضاً ففي الصلاة معهم خروجٌ من خلاف من منع صلاة فريضة خلف من يُصلي أخرى من أهل العلم وهمُ الجمهور، وفعلُ المتفق عليه وترك المختلف فيه أولى.
وعليه؛ فإن الأولى لك أن تصلي معهم العشاء، فإذا قُضيت الصلاة صليت ما فاتك من صلوات وهي الظهر والعصر والمغرب، ثم هل تعيدُ العشاء مرةً أخرى؟، في هذا قولان معروفان للعلماء، فأوجب فريقٌ من العلماء إعادتها مراعاةً للترتيب، والصحيحُ أن إعادتها لا تلزم، لأن الترتيب بين الصلوات وإن كان واجبا فإنه يسقطُ بالعذرِ، وشهود الجماعة من الأعذار، وقد سئل شيخ الإسلام رحمه الله: عن رجل فاتته صلاة العصر: فجاء إلى المسجد فوجد المغرب قد أقيمت، فهل يصلي الفائتة قبل المغرب أم لا.؟
فأجابَ: بل يصلي المغرب مع الإمام، ثم يصلي العصر باتفاق الأئمة، ولكن هل يعيد المغرب؟ فيه قولان.
أحدهما: يعيد، وهو قول ابن عمر، ومالك، وأبي حنيفة، وأحمد في المشهور عنه.
والثاني: لا يعيد المغرب، وهو قول ابن عباس، وقول الشافعي، والقول الآخر في مذهب أحمد. والثاني أصح، فإن الله لم يوجب على العبد أن يصلي الصلاة مرتين، إذا اتقى الله ما استطاع. والله أعلم. انتهى من مجموع فتاواه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(11/10657)
الصلاة خلف صاحب البدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف أعمل في منطقة ليس فيها مساجد لأهل السنة، ودائماً أتحرج من الصلاة خلف أهل البدع، وإن كنت أصلي خلفهم من الصلاة لسوء معتقدهم، فما العمل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة خلف صاحب البدعة لا تجوز، ولكنها صحيحة مجزئة ما لم تكن بدعته بدعة مكفرة، كما ذكرناه في الفتوى رقم: 53394، والفتوى رقم: 64740.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1429(11/10658)
حكم الصلاة خلف الإمام الذي يسرع في القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة خلف إمام لا يسطيع في أغلب الأحيان قرءاة الفاتحة من شدة السرعة وعندما نصحناه قال إنني أحب عدم الإطالة ويقوم بأعمال غريبة مثل القراءة من المصحف في صلاة الظهر ويصلي السنة بعد صلاة العصر وعندما أنكرنا عليه ذلك قال أقوم بهذا لوجه الله.. مع العلم أنه مديرنا في العمل ومتسلط بشكل كبير والكل يتحاشى شره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في حكم صلاة المأموم خلف الإمام الذي يسرع في القراءة بحيث لا يتمكن من قراءة الفاتحة فنحيل السائل إليها وهي برقم: 46247، وكذا الفتوى برقم: 31636، والفتوى رقم: 78989، وقراءة الإمام من المصحف لا تبطل بها الصلاة على الصحيح من كلام أهل العلم. وانظر الفتوى رقم: 1781، وانظر الفتوى رقم: 45822، عن الركعتين بعد العصر وكذا الفتوى رقم: 59812.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(11/10659)
سلم مع الإمام وقد فاتته ركعة ثم قام وأتى بركعتين جاهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[في رمضان ذهبت إلى المسجد لأداء صلاة التراويح.. وقد فاتتني ركعة من صلاة العشاء.. وعندما سلم الإمام سلمت معه وصليت ركعتين بعد الصلاة لإتمام الركعة الفائتة وذلك لجهلي بكيفية قضاء الركعة الفائتة..ولم أدر إلا متاخرا..هل أقضي الصلاة؟؟ وأقضيها مع أي صلاة عشاء أصليها؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الواجبُ عليكِ أن تقضي هذه الركعة التي فاتتكِ دون أن تسلمي مع الإمام، وإذ قد سلمتِ معه جهلاً فإن ذلك لا يُبطلُ صلاتك، لأن الصحابة سلموا مع النبي صلى الله عليه وسلم حين سلم من نقصٍ في صلاة الظهر جاهلين بالحكم ولم يأمرهم بالإعادة.
وكذا الركعة التي زدتها جاهلةً بالحكم لا تُبطل صلاتك، ففي الصحيحِ من حديثِ ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الخامسة ناسيا تابعه أصحابه على ذلك عالمين أنها الخامسة، ولم يأمرهم بالإعادة وذلك لجهلهم بالحكم.
فالذي نرى أن إعادة هذه الصلاة لا تلزمك، إن كنت قمت لإكمال ما بقي من الصلاة من غير فصل طويل بعد السلام مع الإمام، وكان عليك أن تسجدي سجود السهو، وإن أعدتها احتياطاً فالأمر يسير وفيه خروجٌ من خلاف من أوجب الإعادة. أما إن كان الفصل قد طال فيجب عليك قضاؤها، ولا يلزم أن يكون قضاؤها مع صلاة عشاء أخرى بل ينبغي المسارعة بالقضاء إبراء للذمة.
والذي ننصحك به هو الحرص على تعلم العلم الشرعي من مظانه لكي تعرفي ما يجوزُ لكِ فعله وما لا يجوز فتصححي عبادتك، ولا تقعي في أمثال هذه المضايق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1429(11/10660)
حكم الائتمام بمن لا يحسن التجويد
[السُّؤَالُ]
ـ[تعلمت قواعد التجويد منذ مدة قليلة وقراءتي لا بأس بها وأنا أحيانا أصلي وراء أبي وهو لا يعرف هاته القواعد (كأنه يجعل آخر القراءة متحركا..) وأستحي أن أصلح له أخطاءه (في التجويد وليس في غير ذلك) وأخاف إن فعلت ذلك أن يظنني أتكبر عليه بما علمني ربي فهل تجوز صلاتي وراءه وهل علي إثم إن لم أعلمه التجويد ساعية إن شاء الله إلى طريقة أحكم من ذلك بطريقة غير مباشرة وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكرَ الله لكِ تأدبكِ مع أبيكِ وحرصكِ على سلامة صدره، ولكن لا ينبغي أن يكونَ هذا مانعاً لكِ من نصحه برفقٍ ولين، كأن تقولي له: قد سمعتُ شيخاً يقولُ كذا وكذا فلو سألتَ في هذه المسألة، وعليكِ أن تنصحيه بحضور الجماعات في المساجد فإن في ذلك خيراً كثيراً، قال تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ {التوبة 18} وأما فيما يتعلقُ بخطأ أبيك في التجويد، فإذا كان خطأ أبيكِ من اللحن الجلي كأن كان يحيلُ المعنى أو يبدلَ حرفاً بحرفٍ في الفاتحة فصلاته باطلة ومن ثمّ لا تجوزُ الصلاة خلفه، وأما إذا كان من اللحن الخفي أو تركِ التجويد المستحب كالمد والغنة فصلاته صحيحة، ومن ثمّ فالصلاة خلفه صحيحة. وقد ذكرنا هذا مفصلاً في الفتوى رقم: 73812.
وما ذكرتِه من وقوفه على الساكن بالحركة لا تبطل به الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1429(11/10661)
حكم متابعة المأموم لقراءة الإمام في المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[لو كنت أقرأ مع الإمام من المصحف في صلاة التراويح حتى لا يلعب بي الشيطان فأتلهى عن الصلاة هل ذلك حرام؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم متابعة المأموم قراءة الإمام من المصحف في الفتوى رقم: 26371، ورقم: 6077، وإذا ترتب على النظر في المصحف مزيد خشوع وتدبر كان ذلك أمرا حسنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1429(11/10662)
حكم قراءة المأموم في الصلاة السرية أكثر من سورة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال متعلق بالصلاة السرية: أحيانا أكمل قراءة السورتين قبل الإمام، فهل يجوز أن أبقى منتظرا حتى يركع أو أزيد بسورة ثالثة قصيرة؟ وهل أصلي وقد سبقت فى الصلاة بركعة أو ركعتين، فهل أكمل الركعتين بسورة الفاتحة وسورة أخرى؟ وهل أقرأ سراً أم جهراً في الصلاة الجهرية أم سورة الفاتحة فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمأموم في الصلاة السرية إذا أكمل السورة بعد الفاتحة قبل ركوع الإمام أن يزيد في القراءة فيقرأ سورة ثانية وثالثة حتى يركع الإمام، وهذا أفضل من وقوفه من غير ذكر.
جاء في فتاوى الرملي الشافعي: (وسئل) رضي الله عنه عن المأموم إذا كان بعيداً أو به صمم وقرأ سورة بعد الفاتحة ولم يركع إمامه هل له أن يقرأ سورة ثانية وثالثة وأكثر أو يسكت أو يقرأ شيئاً من أوراده وهل يكره له ذلك أو لا؟ (فأجاب) : بقوله بأن في المجموع يجوز أن يجمع بين سورتين فأكثر في ركعة واحدة وذكر الحديث الآتي وبه يعلم أن مراده الجواز الصادق بالندب ... انتهى.
وقال المواق المالكي في التاج والإكليل نقلاً عن ابن رشد: إذا قرأ مع الإمام في السر سورة فإن شاء قرأ أخرى، وإن شاء سكت، أو دعا، والأمر في ذلك واسع.... انتهى.
وأما من سبق بركعة أو ركعتين هل يقرأ السورة بعد الفاتحة عند قيامه لقضاء ما فاته، فجوابه أن هذا ينبني على خلاف الفقهاء فيما يدركه المأموم مع الإمام هل هو أول صلاته أو آخرها، والمفتى به عندنا والمرجح أنه أولها، كما في الفتوى رقم: 96203.
وعلى هذا القول فإن المأموم يقرأ فيما يقوم لقضائه كما يقرأ لو ابتدأ الصلاة بنفسه فإن فاتته ركعة من الرباعية مثلاً فإنه -إذا قام لقضاء تلك الركعة- يقرأ الفاتحة فقط ويسر بقراءتها لأن الركعة الرابعة يقرأ فيها بالفاتحة دون السورة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 79444.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1429(11/10663)
حكم تأخر المأموم عن الركوع مع إمامه ليقرأ الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[معلوم أنه اذا ترك المأموم متابعة الإمام في ركن من الصلاة عمدا تبطل صلاته. لكن اذا لم يركع المأموم مع الإمام وظل يقرأ الفاتحة لأن المأموم يعمل بالمذهب أن الإمام لا يتحمل الفاتحة وتجب على المأموم في الجهرية والسرية قراءتها, هل تبطل صلاة المأموم لأنه تعمد عدم متابعة الإمام حتى ينتهي (المأموم) من قراءة الفاتحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن قراءة الفاتحة واجبه في حقِ الإمام والمأموم والمنفرد في كلِ ركعةٍ من ركعات الصلاة سريةً كانت أو جهرية، وهو جديد قوليّ الشافعي ومذهبُ جماعةٌ من الصحابة وبه قال البخاري وأهل الظاهر واختاره العلامتان ابن بازٍ وابن عثيمين، وقد دل حديثُ أبي بكرةَ الثابت في الصحيح على أن الفاتحة إن كان قد أدرك من القيام قدرها تسقط عن المأموم إذا أدرك الإمام راكعاً ويعتد بتلك الركعة، واختلف العلماء القائلون بما ذكرناه فيما إذا أدرك الإمام قائما فركع الإمام قبل أن يتم قراءة الفاتحة، هل يركع معه؟ أو يتم القراءة وإن رفع إمامه من الركوع؟ ، فيه وجهان لأصحاب الشافعي.
قال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب: وإن أدركه في القيام وخشي أن تفوته القراءة ترك دعاء الاستفتاح واشتغل بالقراءة لأنها فرض فلا يشتغل عنه بالنفل، فإن قرأ بعض الفاتحة فركع الإمام ففيه وجهان: أحدهما: يركع ويترك القراءة لأن متابعة الإمام آكد؛ ولهذا لو أدركه راكعا سقط عنه فرض القراءة. الثاني: يلزمه أن يتم الفاتحة لأنه لزمه بعض القراءة فلزمه إتمامها. انتهى
ورجح العلامة العثيمين في الشرح الممتع أنه يركع مع إمامه إن خشي أن يركع قبل أن يتم الفاتحة لعموم الأمر بمتابعة الإمام (وإذا ركع فاركعوا) متفق عليه، ولأنها إذا سقط جميعها بإدراك الإمام راكعا فسقوط بعضها بركوعه أولي.
والذي يظهر لنا والله أعلم هو أنه يتم قراءة الفاتحة ولو رفع إمامه من الركوع، وذلك لأنه معذورٌ في التخلف عنه فالتحق بما إذا تخلف عن إمامه للعذر في صلاة الخوف، وإنما سقطت الفاتحة حين إدراك الإمام راكعا لفوات محلها وهو القيام، وأما إذا أدرك الإمام قائماً فعليه أن يتم الفاتحة فهذه الحال داخلةٌ في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. متفق عليه.
قال النووي في المجموع: فإن قلنا: عليه إتمام الفاتحة فتخلف ليقرأ كان متخلفا بعذر فيسعى خلف الإمام على نظم صلاة نفسه فيتم القراءة ثم يركع ثم يعتدل ثم يسجد حتى يلحق الإمام ويعذر في التخلف بثلاثة أركان مقصودة وتحسب له ركعته فإن زاد على ثلاثة ففيه خلاف. انتهى.
ومن هذا يتبين لك أن المأموم لا تبطل صلاته في الحالة المسؤل عنها، طالما أنه لم يتأخر عن إمامه بأكثر من ثلاثة أركان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(11/10664)
حكم الصلاة خلف من يلحن في قراءته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف إمام لا يحسن القراءة, يلحن في قراءته إلى حد أنك تظنه يغني فمثلا المد الطبيعي يمده حركتين أو ثلاث أو أربعة وحتى خمس حركات حسب نغمته في القراءة, لا يفرق بين المد المتصل والمد المنفصل ولا يعرف معنى إدغام متماثل وإدغام متجانس, ويقرأ الحاقة مثلا فيقول طاغيا عاتيا خاويا ماليا سلطانيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن اللحن في الصلاة إما أن يكون في الفاتحة أو يكون في غيرها، فإن كان في الفاتحة فله حالتان أيضاً، فإما أن يكون لحنا يحيل المعنى أو يبطله ككسر التاء في قوله: (أنعمت عليهم) فهذا لحن يبطل الصلاة ولا يصح الائتمام بصاحبه، وإما أن يكون لحنا لا يحيل المعنى ولا يبطله ككسر أو فتح الدال في قوله تعالى: (الحمد لله) فهذا لحن لا يبطل الصلاة ولكن تكره الصلاة وراء من يلحنه.. وينبغي استبدال الإمام بإمام آخر يحسن قراءة القرآن.
وأما اللحن في غير الفاتحة فهو لا يبطل الصلاة ولو كان يحيل المعنى إذا لم يتعمده؛ لأن قراءة السورة ليست ركنا في الصلاة فلو تركها ابتداء صحت صلاته، وعلى كل حال فإن شأن الصلاة عظيم ولا ينبغي أن يتولى الإمامة من عرف منه اللحن في القراءة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ... رواه مسلم وأبو داود.
وقد نص الفقهاء على كراهة إمامة من يلحن وإمامة من لا يفصح ببعض الحروف، كما قال صاحب الروض المربع: وتكره إمامة اللحان أي كثير اللحن الذي لا يحيل المعنى، فإن أحاله في غير الفاتحة لم يمنع صحة إمامته إلا أن يتعمده، ذكره في الشرح، وإن أحاله في غيرها سهواً، أو لآفة صحت صلاته ...
وانظر الفتوى رقم: 13127 حول اللحن في القراءة وأقوال الفقهاء في ذلك، وكذا الفتوى رقم: 49450 حول مدى مشروعية قراءة من لا يتقن أحكام التلاوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1429(11/10665)
حكم اقتداء مالكي بإمام شافعي مع تركه قراءة الفاتحة خلفه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مذهبي مالكي هل يجوز أن أصلي خلف أحد شافعي المذهب ولا أقرأ الفاتحة بعده في الصلاة الجهرية أم هذا يعد مخالفة للإمام أفيدوني في هذا السؤال؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان مالكي المذهب جاز له الاقتداء بإمام شافعي مع تركه لقراءة الفاتحة خلف إمامه هذا في الصلاة الجهرية ومخالفتُه لهذا الإمام لا تبطل صلاته مادام مقلدا لمن لا يرى استحباب قراءة الفاتحة في هذا الموطن فالخلاف في الفروع لا يمنع الاقتداء قال ابن قدامة في المغنى:
فأما المخالفون في الفروع كأصحاب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، فالصلاة خلفهم صحيحة غير مكروهة. نص عليه أحمد؛ لأن الصحابة والتابعين، ومن بعدهم لم يزل بعضهم يأتم ببعض، مع اختلافهم في الفروع، فكان ذلك إجماعا، ولأن المخالف إما أن يكون مصيبا في اجتهاده، فله أجران أجر لاجتهاده وأجر لإصابته، أو مخطئا فله أجر على اجتهاده، ولا إثم عليه في الخطأ، لأنه محطوط عنه. انتهى.
ولم نقف في كلام أهل العلم على أن المأموم ملزم بمخالفة مذهبه في القراءة ونحوها إذا اقتدى بإمام مخالف له في الفروع.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل:
وكذا يجوز الاقتداء بالمخالف في الفروع كصلاة المالكي خلف الشافعي أو غيره من المذاهب ولو رآه يفعل خلاف مذهب المقتدي على ما قاله ابن ناجي ومثله للقرافي في الفروق. انتهى.
وقال الشيخ الدردير: واقتداء بإمام مخالف في الفروع الظنية كشافعي وحنفي ولو أتى بمناف لصحة الصلاة كمسح بعض الرأس أو مس ذكره لأن ما كان شرطا في صحة الصلاة فالتعويل فيه على مذهب الإمام وما كان شرطا في صحة الاقتداء فالعبرة بمذهب المأمو م..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(11/10666)
حكم صلاة الجمعة والجماعات خلف الإمام المبتدع
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء إلى جامع الحي إمام جديد يقوم بالأعمال التالية الجديدة بالنسبة إلي , ما حكم الشرع بهذه الأعمال وهل تجوز الصلاة خلفه..
يقوم كل يوم بعد صلاة الفجر هو والمصلون معا بقراءة سورة يس مع تكرار سلام قولا من رب رحيم 3 مرات والواقعة وتبارك بصوت مرتفع ثم يقولون يا رحيم 30 مرة
يقوم كل يوم جمعة بعد صلاة الفجر هو والمصلون معا بقراءة سورة الكهف بصوت مرتفع، يقوم كل يوم بعد صلاة الفجر هو والمصلون معا بقراءة دعاء حزب البحر بصوت مرتفع ويزعم هذا الإمام أن هذا الدعاء سمعه أحد الأولياء في منامه من الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمر الرسول هذا الولي بإبلاغه للناس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاجتماع لتلاوة القرآن بصوت واحد مختلف في مشروعيته، ولكن تحديد وقت معين لتلاوة سورة معينة دون الاعتماد على دليل شرعي يعتبر من البدع الإضافية، فهذه السور المذكورة لا يثبت شيء في تخصيصها بهذه الكيفية، وقد ثبت الترغيب في قراءة الكهف يوم الجمعة ولكن لم يثبت تحديد ذلك بالصباح، وأما الحزب فهو من أوراد بعض الصوفية، والأوراد والعبادات لا تثبت بالمنامات، وبهذا يعلم أن مواظبة الإمام على هذه الأعمال تفيد انحرافه عن منهج أهل السنة وتعلقه ببعض البدع.
وأما سؤالك عن الصلاة خلفه؟ فإن أمكن لك أن تصلي خلف غيره فهو أحسن، وعلى هذا إذا كان في الحي مسجدان أحدهما إمامه على السنة والتقوى، والآخر على البدعة أو الفسق فإنه يصلى خلف الأول ولو كان الأبعد.
مع ملاحظة أنه ينبغي لك الاستمرار في مناصحة هذا الإمام وبيان السنة له بدليلها بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن عسى الله أن يهديه ويستجيب لك. وإذا لم يوجد إمام على السنة فلا تترك الجمعة والجماعات خلف هذا المبتدع لأن من عقيدة أهل السنة والجماعة الصلاة خلف كل بر وفاجر، وقد ثبت أن الصحابة رضي الله عنهم صلوا خلف الحجاج، وثبت أن الإمام أحمد رحمه الله صلى خلف الجهمية وهي فرقة من أشد الفرق ابتداعا في الدين.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 54397، 69803، 27933، 48361.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1429(11/10667)
مسائل فيمن أحرم مع الإمام ممن لا تلزمه الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالإشارة إلى السؤال الذي سألته سابقا لكم ورقمه 2182137 فالذي أريده حفظكم الله تفصيل الحالات التالية
1- هل تصلي النساء صلاة الجمعة أم صلاة الظهر؟
2- وعلى كلا الحالتين هل يصلين منفردات أم جماعة؟
3- إذا أدركن ركعة من الجمعة مع الإمام وانقطع الصوت هل يكملن جمعة أم ظهرا.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنساء إذا شهدن صلاة الجمعة في المسجد وأحرمن بها مع الإمام فإنهن يصلين جمعة لا ظهرا، ويحرم عليهن قطعها.
قال النووي في المجموع فيمن أحرم مع الإمام ممن لا تلزمه الجمعة كالعبد والمرأة: والصحيح يحرم عليهما قطعها لأنها انعقدت عن فرضها فتعين إتمامها.
وإذا فارقن الإمام كانقطاع الصوت مثلا أتممنها جمعة كالرجال إذا كن قد حصلن ركعة مع الإمام.
قال النووي في المجموع: إذا صلى مع الإمام ركعة من الجمعة ثم فارقه بعذر أو بغيره وقلنا لا تبطل صلاته بالمفارقة أتمها جمعة كما لو أحدث الإمام.
وقد سبق أن بينا في الفتوى التي أشار إليها السائل أن المأمومين ويدخل في هذا النساء مخيرون عند انفصالهم عن الإمام لعذر بين أن يقدموا أحدهم فيكمل بهم الصلاة جماعة أو ينوي كل واحد منهم الانفراد ويتم صلاته لوحده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(11/10668)
مسائل في التسليم قبل الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي وراء إمام فسلمت قبل أن يسلم، فقيل لي إن الامام يحمل كل شيء في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم صلاة من سلم قبل إمامه سهوا في الفتوى رقم: 24812.
وحكم صلاة من سلم قبل إمامه عمدا في الفتوى رقم: 25326.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 36757 حول تحمل الإمام سهو المأموم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(11/10669)
لحن الإمام في غير الفاتحة لا يؤثر على صلاة المأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الإمام لا يلفظ الهاء في (حمده) أثناء قوله (سمع الله لمن حمده) أحيانا وليس دائما، ما حكم ذلك؟ وماذا علي؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شيء على المأموم في عدم نطق الإمام الهاء من سمع لمن حمده؛ لأن لحن الإمام في غير الفاتحة لا يؤثر على صلاة المأموم، هذا مع أن الظاهر أن الإمام هنا ينطق بالهاء لكنها لا تظهر في بعض الأحيان أو يسر بها، وإن تحققت من أنه لا ينطق بالتسميع كاملا فلتبين له ذلك ليأتي به؛ لأن التسميع من واجبات الصلاة أو من سننها المؤكدات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1429(11/10670)
إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام ثوابه كبير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت أصلي وعندما أقوم بالصلاة آتي للصلاة بعد تكبيرة الإحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إذا كان معنى السؤال أن السائل إذا حضر صلاة الجماعة حضرها بعد تكبيرة الإحرام فالجواب أنه بذلك يفوت على نفسه أجرا عظيما يستطيع تحصيله بسهولة، وإذا فات عليه لم يدركه، فلا ينبغي له أن يتعمد التأخير عن تحصيل هذا الأجر العظيم، بل ينبغي أن يواظب على إدراك تكبيرة الإحرام بانتظام لينال الأجر المترتب على إدراكها.
ثم إن قوله (كنت أصلي) قد يفهم منه عدم الاهتمام بالصلاة في بعض الأحيان، وإذا كان الأمر كذلك فليعلم أن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله، فتجب المحافظة عليها في أوقاتها في الجماعة.
وللفائدة يراجع الفتاوى التالية أرقامها: 45325، 2366، 65077.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(11/10671)
حكم مفارقة المأموم لإمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمأموم أن ينسحب من صلاة الإمام ويكمل صلاته منفردا إذا أطال الإمام في صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من ذلك إذا تضرر المأموم بإطالة الإمام، وللمزيد من الفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 47529.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(11/10672)
عند طروء الحدث على الزوج تكمل الزوجة صلاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت أصلي مع زوجتي الفرض جماعة وإذا تذكرت في الصلاة بأنني لست على وضوء أو نقض الوضوء فهل أترك الصلاة، وفي هذه الحالة تستمر زوجي بالصلاة أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب في حال تذكر الحدث أو طروه أثناء الصلاة أن يقطع المصلي ويتوضأ ويصلي من جديد، ولا يجوز له الاستمرار في الصلاة بعد تذكر الحدث أو طروه، فإن كان إماما استحب له أن يستخلف من يتم بالمأمومين الصلاة جماعة، وإذا لم يستخلف صلى الناس أفذاذا أو قدموا أحدهم ليتم بهم جماعة، وأما في حالة الأخ السائل هنا تكمل زوجته صلاتها منفردة ولا شيء عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(11/10673)
الائتمام بالإمام خارج المسجد في حال وجود مكان داخله
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبه لصلاة الجمعة هل يجوز إغلاق أبواب المسجد وفصل الحرم الداخلي عن المصلين بالخارج مع وجود بعض الصفوف غير مكتمله داخل المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا نعلم السبب الداعي لهذا الأمر، أما في الحالة العادية فلا يشرع إغلاق المسجد قبل أن تكتمل الصفوف لأن في ذلك منعا للمصلين من دخول المسجد بغير حق شرعي، كما أنه مخالف لما ورد في السنة من إتمام الصفوف الأول فالأول، وتعتبر صلاة المصلين في الخارج صحيحة إذا كانوا يسمعون الإمام، أو من يسمع عنه، أو يرون الأمام أو من يصلي معه. وللفائدة تراجع الفتويين: 67665، 60598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(11/10674)
حكم اقتداء المفترض بالمتنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل دخل المسجد بعد صلاة العصر وشرع في الصلاة وأتى شخص آخر وصلى معه إلا أن الشخص الأول صلى ركعتين وسلم وقام وأصبح مؤموماً مع الشخص الآخر وبعد إتمام الصلاة قام الشخص الأول لإتمام الركعتين المتبقيتين، أرجو التوضيح إن كانت صلاته صحيحة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من دخل المسجد لصلاة العصر ثم اقتدى به شخص آخر، وبعد صلاة الإمام ركعتين قطع صلاته ثم اقتدى بالشخص الثاني في ركعتين، وكمل بعد سلام إمامه صحت صلاة الجميع على ما رجحه بعض أهل العلم من صحة اقتداء المفترض بالمتنفل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص الأول كان يصلي نافلة فيصح للثاني أن يقتدي به في صلاة الفريضة بناء على مذهب بعض أهل العلم القائل بجواز اقتداء المفترض بالمتنفل.
وفى هذه الحالة يجوز للشخص الأول بعد سلامه من ركعتي النافلة الاقتداء بالشخص الثاني في الركعتين اللتين أدركهما خلفه من الفريضة ثم يقوم لقضاء الركعتين اللتين سُبِق بهما، وراجع الفتوى رقم: 95205.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1429(11/10675)
ما يفعل المسبوق الذي قام ليتم صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاك الله خيراً يا شيخ على الرد على الفتوى رقم: 103019.. لي سؤال واحد فقط: في الركعة الثالثة للمأموم والتي هي الرابعة للإمام لو أتم قلتم يوجد تشهد حسب قول مالك، لكن هل المذاهب الأخرى توجب هذا التشهد أم مذهب مالك فقط، أنا لم أر أبداً من أتى بالتشهد في الركعة الثالثة والتي هي الرابعة للإمام لو أتم، فهل تصح صلاة من يترك هذا التشهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا قد ذكرنا للسائل المذهب الذي يذكر أهله هذه المسألة، وذكرنا له أنها رواية في المذهب كما حددنا له الموضع الذي هو مظنة ذكرها وبسط القول فيها في كتب ذلك المذهب فنرجو منه مرة أخرى إذا أراد الاطلاع والمزيد في موضوعها أن يرجع إلى مظانها التي حددناها له.
هذا وليعلم أن هذه المسألة ليست قولاً للإمام مالك وإنما هي مذهب تلميذه ابن القاسم كما ذكرنا سابقاً، وليعلم أيضاً أننا إنما ذكرناها للسائل نزولاً عند رغبته ومجاراة له في سؤاله، وذلك لا يقتضي أننا نرى أن هذا الحكم هو الحق، بل الذي نحن نفتي به هو أنما أدرك المأموم من صلاة إمامه يعتبر أولها كما في الفتوى رقم: 534، والفتوى رقم: 6339.
وعلى كل حال فهي من المسائل الاجتهادية التي يسوغ للعامي التقليد فيها لمن يراه من أهل العلم وتصح صلاته بناء على ذلك القول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1429(11/10676)
لا يتابع الإمام في الزيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى بنا إمامنا صلاة الظهر أربع ركعات ولما انتهى من الجلوس للتشهد الأخير قام للخامسة فسبحنا له ولكنه صلى الركعة الخامسة وجلست في التشهد ومعي بعض المأمومين لعلمنا أن المأموم إذا قام للخامسة متعمداً عالماً بطلت صلاته ولما انتهى الإمام من الصلاة وسجد للسهو قبل السلام، قال: أنا أعلم أنها خامسة ولكني تذكرت أني لم أقرأ الفاتحة في إحدى الركعات، السؤال: ما حكم صلاة المأمومين الذين جلسوا ولم يتابعوه للركعة الخامسة، علما بأن بعض المأمومين حينما سمع منه ذلك قام وأتى بركعة خامسة والبعض لم يأت بركعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإمام إذا قام لركعة زائدة فعلى المأمومين في هذه الحالة أن يسبحوا له ولا يتبعوه في الزيادة المتيقنة بالنسبة لهم، جاء في الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي: (وسئل) فسح الله في مدته عما إذا قام إمام لخامسة هل الأولى انتظاره أو فراقه؟ وفيما إذا كان مسبوقاً هل هو كغيره أو لا حتى تجوز مفارقته؟ (فأجاب) بقوله: الأولى انتظاره وسواء المسبوق وغيره. وعبارة شرحي للعباب: لو قام الإمام لزيادة كخامسة سهواً لم يجز له متابعته وإن كان شاكاً في فعل ركعة أو مسبوقاً علم ذلك أو ظنه، فإن تابعه بطلت صلاته إن علم وتعمد، ولا نظر إلى احتمال أنه ترك ركناً من ركعة ... انتهى.
فقد صرح الهيتمي -رحمه الله- أنه لا نظر إلى احتمال أنه ترك ركناً من ركعة.
وبناء على عدم الترابط بين صلاة الإمام والمأموم الذي هو عمدة مذهب الشافعية، فصلاة المأمومين الذين جلسوا ولم يتابعوا الإمام في الركعة الخامسة تعتبر صحيحة على هذا القول، لكنهم لو أعادوها لكان ذلك أبرأ لذممهم، لما في المسألة من خلاف بين أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(11/10677)
يشتغل المأموم في التشهد بالدعاء لحين تسليم الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة صلاة المأموم مع الإمام صلاة المغرب، والإمام في صلاة العشاء، فقد كانت فتواكم بأن المأموم يصلي المغرب ثم يسلم بعد الثالثة، أو ينتظر الإمام حتى يسلم بعد الرابعة، فسؤالي: بعد هذه الحالة، يطول انتظار المأموم وهو جالس إلى أن يصلي الإمام الرابعة ويجلس، فماذا يقول المأموم في حالة انتظاره الإمام هذا الانتظار الطويل..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن المأموم هنا يتنظر وهو في جلوس التشهد الأخير وهو من مواضع الدعاء في الصلاة، والدعاء ليس محدودا بقلة ولا كثرة، وعليه فإذا أتى بالتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فليشتغل بالدعاء لنفسه وللمؤمنين بالمغفرة، وبسؤال الله الجنة والاستعاذة من النار، وبغير ذلك من الدعاء بما يشرع حتى يعود الإمام ويسلم فيسلم معه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1428(11/10678)
مذاهب العلماء في متابعة المسبوق للإمام في سجود السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة العشاء من عدة أيام كنت أصلي في المسجد ولكن لا أرى الإمام وعند انتهاء الإمام من الصلاة قمت لأقضي ركعة متبقية من الصلاة وعندما قمت فوجئت أن الإمام يسجد للسهو بعد السلام مع العلم أنه تأخر في السجود. عندما وجدت الإمام يسجد نزلت مرة أخرى من القيام لأسجد معه سجود السهو مجتهدا أنه يجب اتباع الإمام في أي حالة وبعد نزولي للسجود مع الإمام قمت لأقضي الركعة ففوجئت مرة أخرى أنه يسلم مرة أخرى بعد السجود فلم أنزل مرة أخرى وقضيت الركعة أنا ثم سجدت للسهو مع نفسي مرة أخرى. سبب المشكلة أن الإمام يتباطأ جدا في حركاته وأنا لا أراه وأجهل أيضا أن سجود السهو بعد السلام يتطلب سلاما مرة أخرى. أود من فضيلتكم معرفة حكم صلاة العشاء هل هي صحيحة مع كل هذا؟ أرجو أن يكون السؤال واضحا وجزاكم الله خيرا شيوخي الأحباب ووفقكم الله للخير دائما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم متابعة المأموم المسبوق للإمام في سجود السهو إذا سجد الإمام بعد السلام، فذهب الحنفية والحنابلة إلى أن المأموم يتابع الإمام في سجود السهو قبل أن يقوم للقضاء؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا سجد فاسجدوا. أخرجه البخاري ومسلم، ولأن قضاء المأموم لما فاته إنما يكون بعد فراغ الإمام من صلاته، والإمام في هذه الحالة لم يفرغ بعد من صلاته فراغا تاما، وذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا يتابعه في سجود السهو إذا كان بعد السلام، وإنما يقوم للقضاء أولا فإذا أتم صلاته سجد للسهو، واحتجوا لذلك بأن اقتداء المأموم بالإمام ينقطع بسلام الإمام، فإذا انقطع الاقتداء انقطعت المتابعة، أما الحديث الذي استشهد به أهل المذهب الأول فهو في حق المتابعة في صلب الصلاة. قال ابن قدامة في المغني: إذا كان المأموم مسبوقا فسها الإمام فيما لم يدركه فيه فعليه متابعته في السجود سواء كان قبل السلام أو بعده، روي هذا عن عطاء والحسن والنخعي والشعبي وأبي ثور وأصحاب الرأي. وقال ابن سيرين وإسحاق: يقضي ثم يسجد. وقال مالك والأوزاعي والليث والشافعي في السجود قبل السلام كقولنا وبعده كقول ابن سيرين.....ولنا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا سجد فاسجدوا. وقوله في حديث ابن عمر: فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه، ولأن السجود من تمام الصلاة فيتابعه فيه كالذي قبل السلام وكغير المسبوق.....اهـ.، والمسألة من مسائل الاجتهاد، ونرجو أن تكون صلاة الأخ السائل صحيحة، وإن كان قد سجد للسهو مرتين فإنه يعذر لجهله.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(11/10679)
صلاة التراويح خلف الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة خلف إمام يعمل جاسوسا لصالح الأمن ويريد إيذاء المصلين عن طريق الأخبار الكاذبة المخالفة للقانون بصفة أوضح في رمضان يصلي الشباب خلفه صلاة العشاء ويخرجون من المسجد ولا يصلون خلفه صلاة التراويح لأنه يسرع ويلحن في قراءته للقرآن ففي إحدى الليالي قال سأبلغ عناصر الأمن عن هؤلاء الشباب وبالفعل قام بتدوين أسماء الشباب الذين يغادرون المسجد بعد صلاة العشاء مباشرة ومدها لعناصر الأمن وقال لهم إن هؤلاء الشباب يصلون جماعة في أحد المنازل وهو أمر يعاقب عليه القانون في بلادنا مع العلم أن هذا الإمام يكذب ولم ير أحدا يصلي جماعة وهي الحقيقة فما حكم الصلاة خلفه. وهل تجوز صلاة التراويح خلف إمام يسرع في قراءته للقرآن مع إخلاله بالمعنى وفي بعض الأحيان يسقط بعض الكلمات من شدة سرعة القراءة فهل أصلي خلفه ولا يلحقني إثم لأنه يلحن تلحينا واضحا أم أصلي وحدي في المنزل وهذا هو الحل الوحيد فلا يوجد مسجد آخر ونصحناه فلم يستجب حتى أنه عندما نفتح عليه في الصلاة يتجاهلنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام يؤذي المصلين ويقوم بالكذب إلى آخر ما ذكرته فالصلاة خلفه صحيحة ومجزئة عند بعض أهل العلم، وإن كان الأفضل الاقتداء بغيره ممن هو سالم من الصفات التي ذكرتها. وراجع مذاهب أهل العلم حول إمامة الفاسق وذلك في الفتوى رقم: 78429.
وكما يصح الاقتداء به في الفريضة يصح الاقتداء به في صلاة التراويح إذا كان خطؤه في غير الفاتحة، أو كان في الفاتحة غير مغيِّر للمعنى. وراجع الفتوى رقم: 100491
ولم نرَ من أهل العلم من فرق بين إمامة الفاسق في الفريضة وغيره؛ إلا أن الحنابلة قالوا: تجزئ إمامته في النفل، ولا تجزئ في الفرض، ففي الإنصاف للمرداوي الحنبلي: ولا تصح إمامة الفاسق، وهو المشهور وقدمه في الفروع والمستوعب وغيرهما. قال الشيخ تقي الدين: لا تصح خلف أهل الأهواء والبدع والفسقة مع القدرة. والرواية الثانية: تصح، وتكره، وعنه تصح في النفل جزم به جماعة. قال ابن تميم: ويصح النفل خلف الفاسق، رواية واحدة، قاله بعض أصحابنا. انتهى
وبناء عليه؛ فالذي يظهر لنا أن صلاة التراويح خلف الإمام المذكور في المسجد أفضل إذ جمهور أهل العلم يفضلون التراويح في جماعة المسجد على فعلها في البيت؛ كما هو مذهب الحنابلة والحنفية والصحيح عند الشافعية، أما المالكية ففعلها عندهم في البيت أفضل إن لم يؤد ذلك إلى تعطيل الصلاة في المسجد. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 100169.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1428(11/10680)
هل يجلس المأموم إذا عجز الإمام عن القيام أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام الجلوس إذا تعب أثناء الصلاة وهل يجب أن نقتدي به ونجلس كما جلس اقتداء به؟ وهل يجوز أن يسجد السجدة الموجودة في القرآن اذا أتت وهو يصلي ويتلو بآية معينة فيها سجدة، ثم يقوم ويكمل الآية ثم يركع ويكمل صلاته؟؟
أريد أن أسال عن قراءة الفاتحة في صلاة الجماعة في بعض الأوقات، الوقت الذي يصمت به الإمام قبل ما يبدأ بالآية القصيرة لا يكفي لتلاوة سورة الفاتحة كاملة فهل يجب أن نكمل الفاتحة وهو يتلو الآية القصيرة أم نصمت ونستمع له وهو يتلو الآية القصيرة مع أننا لم نكمل سورة الفاتحة؟
وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للإمام الذي ابتدأ صلاته قائما أن يجلس إذا عجز عن القيام أثناء الصلاة، ويلزم المأمومين أن يتموا خلفه قياما ولا يجلسوا، وهذا مذهب الحنابلة ومن وافقهم.
جاء في الروضع المربع: فإن ابتدأ بهم الإمام الصلاة قائما ثم اعتل أي حصلت له علة عجز معها عن القيام فجلس ائتموا خلفه قياما وجوبا لأنه صلى الله عليه وسلم صلى في مرض موته قاعدا، وصلى أبو بكر والناس خلفه قياما. متفق عليه. عن عائشة. وكان أبو بكر ابتدأ بهم قائما..
كما يجوز للإمام أن يسجد سجدة التلاوة إذا مر بآية فيها سجدة تلاوة أثناء القراءة، وينبغي للمأموم أن يتابع إمامه في سجود التلاوة، وانظري الفتوى رقم: 3056، حول سجود التلاوة وكذا الفتوى رقم: 38595، حول سجدة التلاوة في الصلاة.
وأما قراءة الفاتحة خلف الإمام وإكمالها إذا شرع في قراءة السورة قبل أن يتمها المأموم فقد سبق أن بينا أن العلماء اختلفوا هل يجب على المأموم قراءة الفاتحة خلف الإمام؟ وذكرنا أن الأحوط له أن يقرأها كما في الفتوى رقم: 1740، وعليه، فينبغي للمأموم أن يحرص على قراءة الفاتحة وأن يتمها ولو شرع الإمام في القراءة قبل أن يتمكن هو من إتمامها، وانظري الفتوى رقم: 2281.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1428(11/10681)
الاقتداء بالإمام من المنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله أتمنى منكم أن تجيبوني على سؤالي التالي: في رمضان المبارك دائما أصلي التراويح في المنزل ولكن عندما تأتي العادة الشهرية أقطع الصلاة كما هو معروف ولكني عندما استأنف الصلاة بعد مرور العدة أجد أن المصلين في المسجد قد فاتوني في السور وأضطر لزيادة عدد الآيات في الركعة الواحدة حتى ألحق بهم، فهل ما أفعله صحيح، أو أنه كان الأجدر بي أن أواصل معهم دون أن أقرأ السور التي فاتتني؟
والله يجزيكم كل خير.. ويبلغنا وإياكم الشهر الفضيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومن الأخت السائلة الصلاة والصيام وسائر الأعمال الصالحة، ثم إننا عرفنا من خلال السؤال أنها تصلي في المنزل لكنها لم توضح ما إذا كانت تقتدي بالإمام في صلاة التروايح أم لا، فإن كانت تقتدي به وهي في المنزل فقد اختلف في صحة الاقتداء من وراء حائل بحيث لا يرى المأموم إمامه، ولا يرى أحداً من المأمومين الذين يرون الإمام ويصلون بصلاته، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 46394.
وخلصنا في تلك الفتوى إلى أن ذلك جائز عند الحاجة أي إذا كان المأموم يسمع صوت الإمام، وفي المذهب المالكي لا بأس بالاقتداء مع وجود الحائل إذا سمع المأموم صوت الإمام أو صوت من يقتدي به، وفي حالة الاقتداء فإن المأموم لا يقرأ خلف إمامه إلا سورة الفاتحة ولا يقرأ غيرها لأنه مأمور بالإنصات لقراءة إمامه.
فإن اقتدت الأخت بالإمام فلتركع معه إذا أنهى القراءة ولا تتأخر بعده؛ لأن المأموم مرتبط بإمامه. أما إذا كانت تصلي وحدها فلا حرج في قراءتها المزيد من السور بحيث تلتحق بجماعة المسجد في الموضع الذي وصلوا إليه من القرآن ...
وننبه إلى أن لا علاقة لها بصلاة الإمام ما دامت تصلي وحدها، فلها أن تقرأ ما تشاء من السور، ولو كان أكثر مما يقرأ الإمام، ثم إن الإكثار من قراءة القرآن مستحب بصفة عامة، وفي رمضان خاصة، وختمة في التراويح مستحب كما ذكر الفقهاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1428(11/10682)
صلى الظهر مقتديا بمن يصلي العصر ثم اقتدى بمسبوق ليصلي العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل دخل المسجد أثناء صلاة العصر ولم يكن قد صلى الظهر فنوى صلاة الظهر خلف الإمام وعندما أتم الصلاة مع الإمام قام ليؤدي صلاة العصر فاختار أحد المصلين الذين أدوا معه نفس الصلاة ولكنهم بدأوا متأخرين بركعة أو أكثر وقاموا لتكملة صلاتهم ليكون إماما له في صلاة العصر التي لم يؤدها، فهل هذا العمل صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الرجل قد عمل مسألتين محل خلاف بين أهل العلم، الأولى منهما: أداؤه صلاة الظهر خلف من يصلي العصر وهو أمر جائز على الراجح؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 24949.
الثانية: اقتداؤه بمسبوق، وهو أمر لا ينبغي الإقدام عليه ابتداء، ولكن من فعله فلا نقول ببطلان صلاته لوجود الخلاف في ذلك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 24184.
وعليه فإن الصلاة صحيحة على الحالة المذكورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1428(11/10683)
هل يكمل المسبوق التشهد بعد سلام الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أدركت صلاة الجماعة في التشهد الأخير، هل يلزمني أن أقرأ التشهد كاملا بعد تسليم الإمام ثم أقوم لقضاء ما فاتني أم أقوم فور تسليم الإمام دون أن أتم قراءة التشهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب في هذه الحالة هو أن تقوم بعد سلام الإمام مباشرة لإتمام صلاتك سواء أكملت التشهد أم لا، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 93218.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1428(11/10684)
وجوب متابعة المأموم لإمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قيامه للركعة الثالثة يبطئ الإمام حتى يستوي واقفا. هل يجب علينا انتظاره حتى يقف أم يمكننا أن نسبقه؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
متابعة المأموم لإمامه واجبة فلا يسبقه في القيام من الركعة الثانية ولو كان قيام الإمام بطيئا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتباطؤ الإمام في قيامه للركعة الثالثة ليس بمبرر لسبقه؛ بل يجب على المأموم انتظاره حتى يكون قيامه بعد قيامه، نظرا للأمر بالمتابعة الثابت في الحديث الصحيح، وراجع الفتوى رقم: 11388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1428(11/10685)
حكم وجود مسافة بين الإمام وجماعة النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول مسجد يصلي فيه الإمام ومعه الرجال على السطح، أما النساء فيصلين على الأرض خلف الرجال مع وجود جدار السطح وبعد المسافة (10أمتار) فلا يرين الإمام ولا مأموميه فهن يتابعنه عبر مكبر الصوت فقط، فما حكم صلاة النساء، أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في صلاة النساء في المسجد المشار إليه واقتدائهن بالإمام وإن لم يرينه ولا من وراءه ما دمن يسمعن التكبير، وانظر الفتوى رقم: 9605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1428(11/10686)
مذاهب العلماء في إمام اقتدى به جماعة ثم اقتدى بإمام آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[مصلى ينقسم إلى جزأين أحدهما لم يكتمل إنجازه بعد ويبعد عن الأول 10 أمتار تقريبا في أحد الأيام انقطع التيار الكهربائي قبل صلاة المغرب فصلى الإمام الراتب بجماعة المصلين وصلى المؤذن بالبعض الآخر في المكان الثاني، في نفس الوقت وذلك لعدم سماع صوت الإمام الراتب عبر مكبرات الصوت، السؤال هو: ائتم المؤذن مع جماعته وعندما عاد التيار الكهربائي انضمت جماعة المؤذن إلى الإمام الراتب عن طريق مكبرات الصوت وكانوا قد صلوا ركعة تامة بينما كان الراتب في الركعة الأولى، جماعة المؤذن تكون قد صلت 4ركعات وهي صلاة المغرب، فما حكم صلاتهم وماذا يترتب عليهم؟ شكراً.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمؤذن المذكور له الانتقال للاقتداء بالإمام الراتب، وتبطل الجماعة خلفه إذا استمروا على الاقتداء به بعد ذلك ولو جهلاً، وتصح صلاتهم إذا نووا مفارقته واقتدوا بالإمام الراتب هذا هو مذهب الشافعية، وذهب المالكية إلى بطلان صلاة المؤذن وجماعته إذا فعلوا ذلك، وإذا تعمدوا زيادة ركعة بطلت صلاتهم عند الجميع، ولمزيد من التفصيل نقول:
في الفتاوى الكبرى لابن حجر الهيتمي الشافعي: (وسئل) رضي الله عنه عن إمام اقتدى به جماعة ثم اقتدى بإمام آخر هل له ذلك؟ فإن قلتم لا فكيف صح اقتداء أبي بكر رضي الله عنه بالنبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي لا يخفى على علمكم؟ فإن قلتم نوى المفارقة عن الجماعة ثم اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم كيف صح اقتداء الجماعة المذكورين به، أوضحوا لنا كيفية ذلك مفصلاً؟ (فأجاب) بقوله: للإمام أن يقتدي بإمام آخر سواء نوى مفارقة المأمومين أم لا، لأنه متبوع لا تابع؛ بخلاف المأموم ليس له الاقتداء بإمام آخر إلا إن نوى مفارقة إمامه الأول، وإلا لزم أن يكون مقتدياً باثنين في حالة واحدة وهو ممتنع، وإذا اقتدى الإمام بإمام آخر بطل اقتداء الأولين به، فإن علموا فوراً وجبت عليهم مفارقته في الحال؛ وإلا بطلت صلاتهم إن تابعوه في فعل من أفعال الصلاة أو في سلام بعد انتظار كثير، وكذا إن جهلوا واستمروا على متابعته. إلى أن قال رحمه الله: وإذا بطل اقتداء الأولين به فلهم أن يقتدوا بمن اقتدى إمامهم به، ولهم أن يتموا منفردين. وهذا -أعني جواز اقتداء الإمام بإمام آخر وبطلان الأولين به وجواز اقتدائهم بمن اقتدى إمامهم به- مأخوذ من قصة أبي بكر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء وتأخر له أبو بكر نوى الاقتداء به ونوى الناس مفارقة أبي بكر والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأما ما في الصحيحين من أن الناس اقتدوا بأبي بكر خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فمحمول على أنهم كانوا مقتدين به صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يسمعهم التكبير كما في الصحيحين أيضاً، فنتج من مجموع هذين الحديثين اللذين كلاهما في الصحيحين ما قلناه، وأما ما رواه البيهقي من أنه صلى الله عليه وسلم صلى في مرض موته خلف أبي بكر رضي الله عنه، فقال فيه النووي في مجموعه: إن صح هذا كان ذلك مرتين كما أجاب به الشافعي والأصحاب، وقد استدل أصحابنا على جواز نية المنفرد الاقتداء أثناء صلاته بقضية أبي بكر المذكورة وبينوا ذلك بأن الإمام في حكم المنفرد، وبما رواه أبو داود والدارقطني وغيرهما، وقال البيهقي رواته ثقات من أنه صلى الله عليه وسلم: أحرم فأحرم الناس خلفه ثم ذكر أنه جنب فأشار إليهم كما أنتم ثم خرج واغتسل ورجع ورأسه يقطر وتحرم بهم. ومعلوم أنهم أنشؤوا اقتداء جديداً لانفرادهم بعد خروجه، ولا ينافيه خبر الصحيحين: أنه ذكر أنه جنب قبل أن يحرم. لأنهما قضيتان. انتهى.
وقد قلنا أنه تبطل صلاة المؤذن وجماعته بتعمد زيادة الركعة الرابعة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 67625.
وإن كانت الزيادة سهواً فالصلاة صحيحة، ويتحمل السهو الإمام الراتب إن حصل السهو بعد الاقتداء به، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 36757، وأما المالكية فنية الاقتداء عندهم يشترط أن تكون في أول الصلاة لا في أثنائها، ففي منح الجليل ممزوجاً بمختصر خليل المالكي: (ولا ينتقل منفرد) بصلاة (لجماعة) بنية الاقتداء في أثنائها لفوات محلها، وهو أول الصلاة فهذا من فوائد قوله وشرط الاقتداء نيته فالأولى تفريعه عليه، كما فعل ابن الحاجب، وشبه في الامتناع الانتقال فقال (كالعكس) أي انتقال من في جماعة للانفراد، فإن انتقل منفرد لجماعة أو من فيها للانفراد بطلت. انتهى.
وعليه؛ فإذا كان المؤذن وجماعته قد حصل لهم سبب مبطل لصلاتهم وجب عليهم إعادتها، وإن لم يحصل إلا السبب المبطل عند المالكية وهو الاقتداء بالإمام الراتب أثناء الصلاة فمن الاحتياط في الدين إعادتها خروجاً من خلاف أهل العلم.
وإقامة جماعتين في مكان واحد تقدم بيان حكمه في الفتوى رقم: 56786.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1428(11/10687)
جواز الاقتداء بالمأموم المسبوق.
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي أربع ركعات السنة القبلية قبل العصر فدخل ورائي شخص لكي أكون إماما له فهل أغير نيتي وأجعلها صلاة العصر أم أستمر في نيتي وعندما أنتهي أدخل وراءه مأموما؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من اقتداء المفترض خلف المتنفل؛ كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 26752، ولكن على الأخ السائل أن يكمل صلاة النفل، ثم إن أراد بعد ذلك يقتدي بالشخص المذكور فلا حرج عليه، بناء على جواز الاقتداء بالمأموم المسبوق.
ولا يصح تغيير النية من النفل إلى الفرض أثناء الصلاة؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 93227، والفتوى الأولى المحال عليها فيها. وانظر الفتوى رقم: 8746.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1428(11/10688)
متى يكون المسبوق مدركا للركعة كاملة مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[1-متى تكون الركعة كاملة في صلاة الجماعة ومتى يجب إعادتها؟
2-إذا صليت خلف الإمام أثناء السجود الأخير هل تكون صلاتي جماعة أم منفردا؟
... وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأخ السائل يعني متى يكون المسبوق مدركا للركعة كاملة مع الإمام ... فالجواب أنه إذا أدرك الإمام راكعا بحيث يحرم ويركع ولو قليلا والإمام لم يرفع بعد فإنه يعتبر مدركا للركعة، فإن كانت الأولى بالنسبة للإمام فالمسبوق هنا أدرك جميع الصلاة، وإن كانت ثانية الإمام فبعد السلام يأتي المسبوق بركعة، وهكذا حسبما أدرك. وقد سبق بيان هذه المسألة في الفتوى رقم: 3781.
وعن السؤال الثاني.. فإن من لم يدرك ركعة مع الإمام بل أدرك دون ذلك كأن أدرك الإمام في التشهد الأخير فإنه يعتبر مدركا لفضل الجماعة بما أدرك مع الإمام عند بعض أهل العلم، كما سبق أن أوضحنا الفتوى رقم: 1221، فإذا سلم الإمام صار منفردا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1428(11/10689)
حكم الصلاة خلف من يعتقد أن الله موجود في كل مكان
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة خلف من يقول إن الله في كل مكان
أنا أقيم حاليا ببلد أوروبي.. وقد وفقني الله للانتقال إلى جوار مسجد أؤدي فيه الصلوات الخمس ولله الحمد والمنة، يؤم هذا المسجد إمامان تخرجا من المدارس الديوبندية حيث درسا العقائد الماتريدية لا سيما العقائد النسفية، والحق أنني كنت أصلي خلفهما دون سؤال عن عقائدهما على اعتبار أن ذلك هو من التنطع المنهي عنه.. وأن الصلاة جائزة خلف كل مسلم مستور الحال، لكن أعرف أحد طلبة العلم ممن كان يصلي معنا في المسجد ثم تغيب عن الحضور ولما سألته عن عدم صلاته قال إنه تبين له أن هذين الإمامين يقولان بأن الله في كل مكان -بذاته لا بعلمه- ولما ناقش أحدهما انبرى له بالقول أن هذا هو القول الصائب.. وذكر له بعضا ممن قال بذلك.. وأيضا هذا الذي درسه هو في المدرسة الديوبندية ... ولم يصلا إلى نتيجة، الحق أنني أصبحت في حرج كبير.. فترك الصلاة في هذا المسجد القريب من البيت لها كثير من المساوئ مثل عدم وجود مسجد آخر قريب أصلي فيه بالإضافة إلى إساءة الناس الظن بي حيث أعتبر من رواد المسجد المعروفين ويستحيل إخبارهم بسبب التغيب عن المسجد لأن ذلك سوف يسبب فتنة كبيرة بدون شك لا سيما أن المسجد يؤمه الكثير من الجنسيات المختلفة، وعلى الجانب الآخر فإن الصلاة خلف من يعتقد أن الله في كل مكان أرى فيها حرجا كبيرا.. والله أعلم، وأخيراً أحب أن أنبه إلى أن كلا الإمامين لا يعلمان أنني أعلم اعتقادهما في هذه المسألة ولست مستعدا لفتح نقاش معهما، لأن ذلك سوف يسبب مشاكل لي وللأخ طالب العلم، فما هو جوابكم وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به أولاً أن تتثبت جيداً من عقيدة هذين الإمامين في الله تعالى، هل يعتقدان بأنه بائن من خلقه أم مختلط بهم تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فإن ثبت لك ما ذكرته في السؤال فلا تصح الصلاة خلفهما؛ لأن اعتقاد أن الله في كل مكان أو يحل في مكان كفر أكبر مخرج من الملة.
ثانياً: ننصحك أنت والأخ الذي حاورهما أن تتخذا الأسلوب الأمثل في ربط علاقة معهما بقصد هدايتهما وبيان الحق لهما في هذه المسالة، ولإقامة الحجة عليهما، وإبراء الذمة عند الله.
ثالثاً: إن أصرا على ما هما عليه من العقيدة الباطلة فعليكما ببيان الحق في هذه المسألة للناس، وتحذيرهم من الوقوع فيها، وأن الإمامين المذكورين يعتقدان هذه العقيدة، وأيدا موقفكما بكلام الله ورسوله، وفهم كبار أهل العلم رحمهم الله تعالى. وينبغي الاستعانة بالقائمين على الدعوة الإسلامية في البلد الذي أنت فيه فقد تجد عندهم من الرأي ما يفيد في معالجة مثل هذه المشاكل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1428(11/10690)
هل تبطل صلاة المأمومين ببطلان صلاة الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت العشاء وراء إمام فقنت في الركعة الثانية قنوتا طويلا ثم سجد السجدتين وأتى بالتشهد ثم سلم ظانا أنها صلاة الفجر فسبح الناس منبهين له فقام فصلى ركعتين وسجد للسهو وانقسم الناس بين فريق يقول صلاته صحيحة وفريق يقول باطلة لأنه ربما نوى الفجر ثم غير نيته بعد تنبيه الناس ودليلهم قنوته الطويل فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام قد نوى صلاة الفجر ولم ينو العشاء فعليه إعادة صلاة العشاء لأنه لم ينوها.
وأما إذا كان قد نوى العشاء ثم سها فيها فظن أنه في الفجر فقنت، فلما نبه أتم صلاة العشاء التي نواها ثم سجد للسهو فصلاته صحيحة.
وأما المأمومون فصلاتهم صحيحة في الحالتين ولا إعادة عليهم، ولا يضرهم بطلان صلاة الإمام لو حكم ببطلانها؛ لأن نية الإمام مما تخفى معرفتها على المأمومين كالحدث، وقد نص جماعة من الفقهاء على أن من صلى بالناس ثم تبين لهم أنه محدث أنه لا تلزمهم إعادة الصلاة. كما هو مذهب الشافعية.
وأما متابعتهم له في القنوت فلا يضر على المختار في أن تطويل ركن الاعتدال لا يضر؛ لما في صحيح الْبُخَارِيِّ: كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مَا خَلَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ طَوِيلٌ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ هُوَ نَصٌّ فِيهِ، فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ لِدَلِيلٍ ضَعِيفٍ وَهُوَ قَوْلُهُمْ لَمْ يُسَنَّ فِيهِ تَكْرِيرُ التَّسْبِيحَاتِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَوَجْهُ ضَعْفِهِ أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَهُوَ فَاسِدٌ. انْتَهَى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1427(11/10691)
الحالات التي تباح فيها مفارقة الإمام قبل السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الحالا ت التي يصح للمأموم أن ينفصل عن الإمام فيها، وتكون صلاته صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل وجوب متابعة المأموم لإمامه في جميع الصلاة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري. لكن في بعض الأحيان تعرض أمور تبيح للمأموم مفارقة إمامه قبل سلامه ويكمل المأموم صلاته وحده وهذه الحالات ذكرنا أمثلة منها في الفتوى رقم: 47529، والفتوى رقم: 36975.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(11/10692)
هل يقرأ المأموم الذي لا يتمكن من سماع قراءة الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من ضعف في السمع وأحيانا كثيرة عندما أكون في المسجد لا أفهم أي آية تقرأ مما يصيبني بحيرة هل أقرأ بنفسي أم أنتظر حتى ينهي الإمام القراءة ثم أتابعه كالعادة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا. للأسف كانت صلاة التراويح عذابا لي أيضا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 33966، حكم قراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم الذي لا يسمع قراءة إمامه لبعده عنه أو لصممه، وذكرنا خلاف الفقهاء في ذلك مع بيان الأولى في حق هذا في الشخص الذي لا يسمع شيئا، والظاهر أنه لا فرق بينه وبين الذي لا يتمكن من سماع قراءة الإمام بحيث لا يفهم ما يُقرأ لضعف سمعه لأنه في الحقيقة لا يعتبر سامعا.
ونقول للأخ السائل: إن له أن يقرأ سرا أثناء قراءة الإمام، وله أن ينتظر الإمام حتى يفرغ من الفاتحة ثم يقرأ هو الفاتحة. وانظر الفتوى رقم: 27338.
كما ننبه على أنه لا ينبغي للمسلم أن يتسخط أقدار الله تعالى، بل عليه أن يرضى بقضائه، ويتسبب في العلاج، ويسأل الله الشفاء والعافية، وينظر إلى من هوأكثر منه بلاء مثل: العميان الصم، أو البكم الصم المقعدين، أو غير ذلك من أصحاب البلاء، فبذلك يستشعر نعم الله عليه حيث إنه يتكلم ويمشي ويسمع. نسأل الله لنا وله العافية والشفاء من كل داء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1427(11/10693)
إذا سلم الإمام سهوا بعد ركعتين من الصلاة الرباعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الواجب على المأموم إذا سلم الإمام في الصلاة الرباعية بعد التشهد الأوسط من ركعتين. هل يسلم مع الإمام ثم ينبهه أم هل يسبح له دون أن يسلم وراءه، وكيف يتابع المأموم صلاته في حال قام الإمام ليكمل صلاته وفي حال لم يقم؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا سلم الإمام سهوا بعد ركعتين من الصلاة الرباعية فلا يجوز للمأمومين أن يسلموا تبعا له, ولكن عليهم أن ينبهوه بالتسبيح, فإن لم يفهم كلموه بقدر الحاجة, كما وقع في حديث ذى اليدين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي تقدم ذكره في الفتوى رقم: 3016، فإن امتثل الإمام وكمل الصلاة اتبعوه في ذلك, فإن لم يمتثل فلا يتبعوه بل يكملوا صلاتهم, ومن سلم منهم عامدا بطلت صلاته، وراجع الفتوى رقم: 60426، والفتوى رقم: 60665.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1427(11/10694)
حكم الصلاة خلف من يتقاضى أجرته من مال محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في إمام مسجد يتقاضى أجرته من مخدرات؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الإمام المذكور يتقاضى أجرته من مال محرم كالمخدرات وهو يعلم بذلك فهو آثم ويعد بذلك فاسقاً، وأما الصلاة خلفه فصحيحة مع الكراهة إن وجد غيره، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 16978.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(11/10695)
كيف يتم من سبق بثلاث ركعات
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد فوجدت الإمام يصلي صلاة الظهر في الركعة الأخيرة أدركتها قبل الركوع ثم صليت الركعة الثانية ونسيت أن أجلس للتشهد الأوسط وتذكرت ذلك في الركعة الثالثة فجلست للتشهد الأوسط ثم صليت الركعة الأخيرة وسجدت سجود السهو. الآن هل صلاتي صحيحة؟ أفيدوني جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أن التشهد الأوسط سنة ويجبر تركه بسجود السهو، وأن على المسبوق بثلاث ركعات في الصلاة الرباعية أن يقوم فيأتي بركعة ويتشهد ثم يأتي بركعتين حفاظا على نظم الصلاة، قال البهوتي في كشاف القناع: لو أدرك من رباعية أو مغرب ركعة تشهد التشهد الأول عقب قضاء ركعة أخرى نصا ... وإنما قلنا: يتشهد من أدرك ركعة عقب أخرى لئلا يلزم تغيير هيئة الصلاة ; لأنه لو تشهد عقب ركعتين، لزم عليه قطع الرباعية على وتر والثلاثية شفعا، ومراعاة هيئة الصلاة ممكنة ولا ضرورة إلى تركها فلزم الإتيان بها.
وما ذهب إليه الجمهور هو ما ذهب إليه محمد بن الحسن من الحنفية، قال ابن عابدين في رد المحتار: وظاهر كلامهم اعتماد قول محمد. وذهب الحنفية غير محمد إلى أنه إذا سبق بثلاث صلى اثنتين ثم جلس ثم صلى الثالثة.
قال ابن عابدين في حاشيته على البحر الرائق: إذا سبق بثلاث ركعات فإنه إذا سلم الإمام يقوم فيصلي ركعة بالفاتحة وسورة، ثم يقوم من غير تشهد فيصلي أخرى بالفاتحة وسورة، ثم يقعد ويتشهد، ثم يقوم فيصلي أخرى بالفاتحة لا غير ويتشهد ويسلم. وهذا عندهما. وقال محمد: يقضي ركعة بالفاتحة وسورة ويقعد ويتشهد، ثم يقوم فيصلي ركعتين بالفاتحة خاصة ويتشهد ويسلم. ويحكى أن يحيى البكاء -وكان من أصحاب محمد بن الحسن رحمه الله- سأل محمدا عن المسبوق أنه يقضي أول صلاته أم آخرها؟ فقال محمد: في حكم القراءة والقنوت آخرها، وفي حق القعدة أولها. فقال يحيى على وجه السخرية: هذه صلاة معكوسة. فقال محمد: لا أفلحت، فكان كما قال أفلح جميع أصحابه ولم يفلح يحيى. اهـ.
وعليه.. فنرى أن الأحوط أن تعيد الصلاة لأنك زدت فيها جلوسا في غير محله على ما ذهب إليه الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1427(11/10696)
استخلاف المستخلف آخر ليتم الصلاة بالمأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[المرجو من سيادتكم بيان الكيفية التي تتم بها صلاة طرأ عليها ما يلي، أحدث إمام واستخلف إماما آخر وهذا الأخير استخلف آخر ليكمل الصلاة، السؤال هو كم مرة يستخلف لإتمام الصلاة، وإذا تكرر الاستخلاف هل يترتب عليه فعل شيء؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من استخلاف الإمام الذي أحدث لغيره وللمستخلف أن يستخلف ثالثاً إذا أحدث وهكذا، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: قال البغوي وغيره: فلو تقدم الخليفة فسبقه حدث ونحوه جاز لثالث أن يتقدم، فإن سبقه حدث ونحو فلرابع وأكثر، وعلى جميعهم ترتيب صلاة الإمام الأصلي. يعني أن المسبوق الذي استخلفه الإمام عليه مراعاة ترتيب صلاة الإمام الأول فيجلس في موضع جلوسه ويقوم في موضع قيامه، فإذا تمت صلاة الإمام الأول قام المسبوق لقضاء ما فاته، وللمأمومين الخيار إن شاءوا سلموا لأنفسهم وصلاتهم صحيحة، وإن شاءوا انتظروه جلوساً حتى يسلموا معه.
قال الإمام النووي في المجموع: قال أصحابنا وإذا استخلف مأموماً مسبوقاً لزمه مراعاة ترتيب الإمام فيقعد موضع قعوده، ويقوم موضع قيامه كما كان يفعل لو لم يخرج الإمام من الصلاة، إلى أن قال: وإذا تمت صلاة الإمام قام لتدارك ما عليه والمأمون بالخيار إن شاءوا فارقوه وسلموا وتصح صلاتهم بلا خلاف للضرورة وإن شاءوا صبروا جلوساً ليسلموا معه. انتهى.
تنبيه: قصد النووي هنا بقوله (بلا خلاف) هو نفي الخلاف داخل المذهب الشافعي وليس نفي الخلاف خارجه، فالخلاف في المسألة مشهور ومعلوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(11/10697)
مذهب مالك فيمن أدرك ركعة من العشاء مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت العشاء مع جماعة وأدركت الركعة الأخيرة فقط، فكيف أقضي بقية الركعات (أرجو أن تكون الفتوى على حسب مذهب الإمام مالك) ؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أدرك ركعة من العشاء مع الإمام فعلى مذهب الإمام مالك يقوم بعد سلام الإمام فيأتي بركعته الثانية بالفاتحة والسورة ويجلس فيها للتشهد، ثم يأتي بالثالثة بالفاتحة والسورة أيضاً ولا يجلس، ويجهر في هاتين الركعتين بحيث يسمع نفسه فقط لئلا يشوش على المصلين، ثم يأتي بالرابعة بالفاتحة فقط، ثم يجلس ويتشهد ويسلم. ويجري هذا فيمن أدرك مع الإمام ركعة من الظهر أو العصر إلا أنه يسر في قراءتهما.
وذلك لأن المسبوق عند المالكية يقضي القول ويبني في الفعل على ما أدرك من الصلاة، قال في التاج والإكليل عند قول خليل في مختصره: وقضى القول وبنى الفعل، من المدونة قال مالك: ما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته يريد في القيام والجلوس. قال: إلا أنه يقضي مثل الذي فاته، يريد من القراءة. قال: ومن أدرك ركعة من المغرب صارت صلاته جلوساً كلها. قال ابن المسيب: وكذلك من فاتته منها ركعة، وقال أبو محمد: كل فذ وإمام فبان، وكل مأموم فقاض في القراءة خاصة. ابن يونس: اختصاره أن كل مصل بان إلا المأموم في القراءة خاصة فإنه يقضي نحو ما فاتته. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1427(11/10698)
حكم المأموم إذا نسي فعل ركن أو واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[نقول إن إنسانا كان يصلي وهو مأموم وعندما كبر الإمام للسجود وسجد سقط من المأموم إزاره وفي الوقت الذي أعاد فيه إزاره فاتته السجدة الأولى وأدرك السجدة الثانية، ماذا عليه أن يفعل؟ نقول إن إنسانا آخر نسي ركنا أو واجبا وهو مأموم فماذا عليه أن يفعل؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسقوط الإزار المذكور إذا لم يترتب عليه انكشاف لبعض العورة كما إذا كان تحته ثوب ساتر للعورة فلا شيء فيه.
وإذا ترتب على سقوطه انكشاف بعض العورة فقد تقدم تفصيل حكم ذلك في الفتوى رقم: 58058، وهذه السجدة التي فاتته يسجدها ويلتحق بإمامه ولا شيء عليه، وراجع الفتوى رقم: 25986، فإن ترك تلك السجدة فيمكنه تداركها، وهذا التدارك عند الحنابلة إذا لم يشرع في القراءة من الركعة التي تليها، وعند المالكية يتداركها ما لم يعقد الركوع من الركعة التي تليها، فإن لم يتداركها ألغى ركعة النقص وحلت محلها الركعة التي بعدها وأتى بركعة بعد سلام إمامه، وراجع الفتوى رقم: 50974، وسبق في الفتوى رقم: 29444، التفصيل في حكم ما إذا ترك المأموم ركنا من الصلاة فراجعها.
والواجب عند المالكية مرادف للركن، وقد تقدم حكم تارك الركن، أما الحنابلة فالواجب عندهم من تركه سهواً لزمه سجود السهو، ففي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع وهو حنبلي: (و) الضرب الثاني من أفعال الصلاة وأقوالها، (واجباتها التي تبطل بتركها عمدا وتسقط سهوا أو جهلاً نصا) خرج به الشروط والأركان (ولا تبطل) الصلاة (به) أي بتركها سهوا أو جهلا (ويجبره) أي تركها لذلك (السجود) أي سجود السهو (ثمانية) انتهى
وسجود السهو المترتب على المأموم حال اقتدائه بالإمام يحمله عنه الإمام، وراجع الفتوى رقم: 28579، والفتوى رقم: 36757، وللتعرف على أركان الصلاة وواجباتها وسننها راجع الفتوى رقم: 12455، وعلى كل حال فالمأموم إذا نسي شيئا من صلاته غير ركن حال اقتدائه بالإمام فإن الإمام يحمل عنه ذلك السهو وصلاته صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1426(11/10699)
حكم الصلاة خلف إمام يختلي بخطيبته
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف عن إمام مسجدنا كل خير وصلاح والحمد لله , ولكنني أراه مؤخرا تظهر عليه بعض الصفات التي تعيب في الالتزام والصلاح ومنها: الخلوة مع امرأة أجنبية عنه بحجة أنها مخطوبة له وأهلها على علم بذلك! أفيدونا في ما إذا كانت تصح الصلاة خلفه أم لا؟ وكيف نرشده إلى الطريق الصحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمخطوبة قبل عقد الزواج تعتبر أجنبية عن الخاطب, ولا يجوز له الخلوة بها ولا الجلوس معها إلا مع وجود محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. رواه البخاري ومسلم. ويجب أن تكون متحشمة، وإذا كان الإمام المذكور يخلو بخطيبته فهو واقع في ذنب لا بد من نصحه وتذكيره بالله فيه، وأن هذا لا يليق بعامة الناس فكيف بمن يؤم الناس ويصلي بهم؟! فإن تاب إلى الله فهو المطلوب, وإلا فقد أديتم ما عليكم، وأما الصلاة خلفه فصحيحة ولا تترك الجماعة لمجرد كون الإمام واقعاً في معصية, ولو وجد مسجد آخر يؤم فيه من لم تعرف عنه المعاصي فهو الأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1426(11/10700)
صلاة المأموم وراء الإمام دون أن نية الاقتداء
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يصلي مع الجماعة ولكنه متخاصم مع الإمام، فإذا حضر الجماعة وصلى مأموما وراء هذا الإمام إلا أنه ينوي في قلبه صلاة منفرد، وليس مؤتما بهذا الإمام، فيكون حينها اختلفت نيته من مؤتم إلى منفرد، رغم صلاته شكليا مأموما وراء الإمام، فهل تبطل صلاته وما هو الحكم في ذلك..؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة أن الراجح عند كثير من أهل العلم وجوب صلاة الجماعة.. وعليه، فلا تترك صلاة الجماعة لعداوة المأموم للإمام بل يصلي خلفه وإن كان بينه وبينه عداوة دينية أو دنيوية، وإن كانت العداوة دينية وكان الإمام هو المسيء فإنه يتحمل سوء صنيعه، فقد روى ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا: رجل أم قوما وهم له كارهون.. الحديث" قال العراقي: إسناده حسن. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون. رواه الترمذي من حديث أبى أمامة.
قال النووي: قال أصحابنا: وإنما تكره إمامته إذا كرهوه لمعنى مذموم شرعا، كوال ظالم، وكمن تغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها، أو لا يتصون من النجاسات، أو يمحق هيئات الصلاة، أو يتعاطى معيشة مذمومة، أو يعاشر أهل الفسوق ونحوهم أو شبه ذلك. فإن لم يكن شيء من ذلك فلا كراهة، والعتب على من كره.
وأما إذا صلى المأموم وراء الإمام دون أن ينوي الاقتداء به فله حالتان.
الأولى: أن يتوافقا في أفعال الصلاة دون أن ينتظر المأموم إمامه ليتابعه فصلاة المأموم صحيحة.
الثانية: أن يتوافقا كذلك ولكنه ينتظره طويلا وهو غير ناو الاقتداء به فلا تصح صلاته لكونه ربط صلاته بصلاة من هو ليس قدوة له، وقد نص على هذا جماعة من العلماء ومنهم الخطيب ال شربيني في مغني المحتاج فقال (فلو ترك هذه النية وتابعه في) جنس (الأفعال ... فإن ركع معه أو سجد مثلا بعد انتظار كثير عرفا (بطلت صلاته على الصحيح ... لأنه وقف صلاته على صلاة غيره من غير رابط بينهما ... وخرج بقوله: تابعه ما لو وقعت المتابعة اتفاقا, وبقولنا بعد انتظار كثير عرفا ما لو كان الانتظار يسيرا عرفا, فإن ذلك لا يضر فإنه في الأول لا يسمى متابعة, وفي الثانية مغتفر لقلته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(11/10701)
حكم من صلى الجمعة خلف شافعي وأعادها الإمام ظهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو شرحا لهذه الفتوى: (مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ خَلْفَ شَافِعِيٍّ وَأَعَادَهَا الْإِمَامُ ظُهْرًا فَمَا حُكْمُ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ الْمَالِكِيِّ أَفِيدُوا الْجَوَابَ. فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ الْمَالِكِيِّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا ظُهْرًا لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ مُسَاوَاةَ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ صَلَاةَ إمَامِهِ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ وَصِفَتِهَا إلَّا النَّفَلَ خَلْفَ فَرْضٍ وَالْعِبْرَةُ فِي شَرْطِ الِاقْتِدَاءِ بِمَذْهَبِ الْمَأْمُومِ وَلَمَّا أَعَادَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ ظُهْرًا اُحْتُمِلَ أَنَّ الظُّهْرَ هِيَ فَرْضُ الْإِمَامِ وَالْجُمُعَةَ غَيْرُ فَرْضِهِ فَلَمْ تُسَاو صَلَاتُهُ بِصَلَاةِ الْمَأْمُومِ فِي تَعَيُّنِ الْفَرْضِيَّةِ وَلَزِمَ أَنَّهُ صَلَّى فَرْضًا يَقِينًا خَلْفَ مُحْتَمِلٍ لِلْفَرْضِيَّةِ وَالنَّفْلِيَّةِ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمجيب على السؤال المذكور هو الشيخ عليش رحمه الله تعالى وهو من أئمة المالكية المحققين، وبنى جوابه على ما هو معروف في مذهبهم من أنه لا يصح أن يقتدي المأموم في الجمعة وغيرها من الفرائض إلا بإمام يصلي نفس الفرض الذي يصليه المأموم، فإذا تبين له بعد ذلك أن إمامه الشافعي أعاد صلاة الجمعة ظهراً لزمه هو صلاة الظهر أيضاً لاحتمال أن صلاة إمامه المفروضة في ذلك اليوم كانت هي الظهر المعادة وليست الجمعة، وإنما قال من قال من الشافعية بإعادة الظهر بعد الجمعة لكون الجمعة قد تعددت لغير حاجة أو شك في سبق غيرها لها من الجمع التي تقام في البلد الواحد لأنه لا يجوز تعدد الجمعة في البلد الواحد لغير حاجة، هذا هو تقرير المسألة عندهم.
والحاصل أن هذا المفتي أفتى بأن المأموم يعيد الجمعة ظهراً في هذه الصورة لكونه صلى خلف من يحتمل اتفاقه هو وإياه في الفرض، واحتمال أن فرض إمامه الظهر وفرضه الجمعة فيكون هناك اختلاف بين نية الإمام ونية المأموم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(11/10702)
يرخص لمن اتسخت ثيابه أن يصلي في الصف وحده
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يعمل حرفياً مما يؤدي إلى اتساخ ملابسه ويرغب في الصلاة جماعة فهل يجوز له أن يصلي آخر المسجد بعيداً عن الصفوف لأن المصلين يتأففون من رائحته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الرجل الذي يعمل في حرفة تؤدي إلى اتساخ ثيابه مع طهارتها ينبغي له أن يتخذ ثوباً خاصاً بالصلاة تعظيماً لفرائض الله تعالى، قال تعالى: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ {الحج: 30} فإن لم يمكنه ذلك وكانت ثيابه تفوح منها رائحة كريهة تؤذي المصلين فحينئذ يرخص له في التخلف عن صلاة الجماعة لأنه بمنزلة من به رائحة الثوم الذي يُنهى عن حضور المسجد مخافة أذية غيره. ويرجى الرجوع إلى الفتوى رقم: 32113.
وإذا كانت ثيابه متسخة مع طهارتها ولم تكن بها رائحة تؤذي المصلين ولا وسخ يحصل لثياب من بجنبه في الصف فليصل في الصف مع المصلين ولا يتأخر وحده، وإن صلى وحده خلف الصف فصلاته صحيحة عند الجمهور مع الكراهة في حال عدم العذر. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 14806.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1426(11/10703)
المسبوق إذا قام لقضاء ما فاته قبل تسليم الإمام الثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سلم الإمام من الصلاة وكان علي ركعة أو أكثر فمتى أقوم؟ مع التسليمة الأولى أم بعدها؟ أم بعد التسليمتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أن الواجب في التسليم من الصلاة هو التسليمة الأولى، أما الثانية فهي سنة فقط، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 46595. وبناء على مذهب أكثر أهل العلم فإن المسبوق إذا قام لقضاء ما فاته من صلاة قبل تسليم الإمام التسليمة الثانية فإن صلاته صحيحة لأن اقتداءه بالإمام قد انقطع بمجرد التسليمة الأولى. قال الإمام النووي في المجموع وهو شافعي: إذا سلم الإمام التسليمة الأولى انقضت قدوة المأموم الموافق والمسبوق لخروجه من الصلاة. انتهى
وقال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: قال في الطراز: لو أحدث المصلي بعد فراغه من التسليمة الأولى لم تفسد صلاته وفاقا بين أرباب المذاهب، ولا يشترط أحد التسليمتين إلا ابن حنبل والحسن وهو باطل بالإجماع ممن تقدمهما ومن تأخر. انتهى
وهذا بخلاف مذهب الحنابلة القائلين بوجوب التسليمتين، وأن من يطالب بقضاء ركعة فأكثر من المأمومين إذا قام للقضاء قبل التسليمة الثانية فإن صلاته تنقلب نفلاً وتبطل فريضته إذا لم يرجع ليقوم بعد سلامها، ففي مطالب أولي النهي ممزوجاً بغاية المنتهى للرحيباني الحنبلي: وإن قام مسبوق لقضاء ما فاته قبل تسليمة ثاينة ولم يرجع ليقوم بعد سلامها، ويلزمه الرجوع؛ انقلبت صلاته نفلاً لتركه العود الواجب لمتابعة إمامه بلا عذر، فيخرج من الائتمام ويبطل فرضه. ويتجه أن صلاة المسبوق تنقلب نفلاً بمجرد قيامه قبل تسليمة إمامه الثانية إن لم يرجع، ولو كان المسبوق جاهلاً أن قيامه مضر في فرضه. ويتجه أيضاً أنه أي المسبوق له أن يقوم بإياس من تسليمة ثانية ممن لا يرى وجوبها من نحو شافعي كمالكي لأنه خرج من صلاته بالتسليمة الأولى. انتهى
وعليه؛ فلا تبطل صلاة المسبوق إذا قام للقضاء قبل تسليم إمامه التسليمة الثانية عند أكثر أهل العلم خلافاً للحنابلة؛ وإن كان الاحتياط أن لا يقوم إلا بعد التسليمة الثانية خروجاً من خلاف أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1426(11/10704)
مسائل حول اقتداء المأموم بإمام يتبع مذهبا غير مذهبه
[السُّؤَالُ]
ـ[مبارك عليكم الشهر، وتقبل الله طاعاتكم وطاعاتنا وأعاننا عليها.. أعيش أنا وزوجي في بريطانيا (في بلدة يكثر فيها المسلمون والحمد لله) وهذا أول رمضان نقضيه فيها، يذهب زوجي إلى الجامع لصلاة التراويح ولكنه لاحظ بعض الفروقات بيننا وبينهم، فأرجو توضيحها: عند الانتهاء من سورة الفاتحة لا أحد يؤمن مع الإمام جهرا، صلاة الشفع والوتر يقيمونها كصلاة المغرب مع التشهد بعد الركعة الثانية، وفي إحدى الركعات يكبر الإمام مرة ولا أحد يركع ثم يكبر مرة ثانية فيركعون (حتى أن زوجي صار يخرج بدون أن يصلي معهم الشفع والوتر) ، لا يدعون دعاء القنوت بل يدعون فقط بعد صلاة العشاء، لا أعلم إن كان هناك مساجد تصلي بطريقة أخرى، ولكن مع كثرة المسلمين (من الهند وباكستان) تكثر المذاهب ولا أعلم ما هو الصحيح منها وما هو المبتدع، فقد قال له أحد المصلين أنهم يتبعون الإمام أبي حنيفة، هل على زوجي مثلا أن يؤمن بعد الفاتحة ويخالف الجمع أم عليه اتباعهم، وفي أحد المرات أخطأ الإمام في عدد الركعات في التراويح ولم يعلمه أحد بل تبعوه وصلوا معه 3 بدلا من 2، فهل يسلم وينتظر أم يكمل معهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف فقهاء الإسلام في التأمين هل يجهر به في الصلاة الجهرية أو يسر، والراجح أنه يجهر به كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 12241 والأمر في ذلك سهل فللمأموم أن يؤمن جهراً خلف إمام يؤمن سراً إذا لم يترتب على ذلك مفسدة.
وأما صفة صلاة الوتر المذكورة فهي صفتها عند الحنفية رحمهم الله تعالى، وأما التكبير بعد القراءة دون ركوع فإنه يكون للقنوت، فإن مذهب الحنفية أن الإمام إذا أتم قراءته كبر ثم قنت ثم كبر للركوع، ولا حرج في متابعته في ذلك لأن مذهب الحنفية مذهب من المذاهب الإسلامية المعتبرة، ومطلوب من المأموم أن يتابع إمامه في مثل ذلك.
وأما قولك: (لا يدعون دعاء القنوت بل يدعون بعد صلاة العشاء) ، فإن كانوا يدعون في الصلاة صلاة العشاء فهذا لا يشرع إلا إن كان قنوت نازلة، وإن كانوا يدعون بعدها فالدعاء بعدها مشروع إلا أن السنة أن لا يكون جماعياً بل كل يدعو لنفسه.
وأما عدم دعائهم في الوتر فلا يمنع من الصلاة وراءهم لأن القنوت في الوتر سنة، فلا ينبغي لزوجك أن يفوت على نفسه القيام مع الإمام حتى ينصرف بحجة أنهم لا يقنتون في الوتر، فإن من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له أجر قيام ليلة كاملة.
وننبه هنا إلى أن المسائل الفرعية الخلافية بين المذاهب الإسلامية كثيرة، ولا يمنع من صلاة بعضهم خلف بعض لوجود تلك الخلافات.
وأما متابعة الإمام في ركعة ثالثة من التراويح عمداً فإنه لا يصح بل ينبه الإمام للرجوع، فإن لم يرجع فالمأموم إما أن يكون جازما أنه قام إلى ثالثة أو شاك، فإن كان جازما فلا تجوز له متابعته ولو تابعه في هذه الحالة بطلت صلاته، ولكن عليه أن يجلس للتشهد وينتظر إمامه حتى يسلم فيسلم معه، وله أن ينوي مفارقته ويتشهد ويسلم، وأما إن كان شاكا فإنه يقوم معه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(11/10705)
الصلاة أمام الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال يتعلق بمكان للصلاة. لدينا مكان للصلاة يحتوي على قسمين الأول للرجال ويقع في الناحية الخلفية والثاني نسعى لتخصيصه للنساء غير أنه مباشرة أمام المحراب وبينهما حائط يفصل القسمين عن بعضهما, ولا يمكن من خلاله سماع أصواتهن. غير أن هناك من رفض وأفتى بعدم جواز ذلك اعتماداً على الحديث الشريف خير الصفوف للرجال الأول وللنساءالصف الآخر أو كما قال صلى الله عليه وسلم. وللتوضيح أكثر فإن ثبت ذلك فقد يكون سببا في حرمانهن من أداء الصلاة في المسجد مع العلم أن أغلبهن لاسبيل لهن للخروج غير المسجد لأننا نتواجد في بلاد غير إسلامية كإيطاليا
فما حكم الشرع في هذا الأمر وجزاكم الله وأحسن إليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تعذر جعل مصلى النساء خلف الإمام ولم يمكن ذلك بحال فنرجو أنه لا حرج في صلاتهن في المصلى أمام الإمام كما في الفتاوى الكبرى. سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى هل تجزئ الصلاة قدام الإمام أو خلفه في المسجد وبينهما حائل أم لا؟
فأجاب بجواب طويل ذكر فيه أقوال أهل العلم حول الصلاة أمام الإمام ورجح أنها تصح مع العذر قال: وهذا قول طائفة من العلماء وهو قول في مذهب أحمد وغيره، وهو أعدل الأقوال وأرجحه اإـ هـ. وأجاز أيضاً الصلاة في مكان منفصل عن الإمام إذا دعت الحاجة لذلك حيث قال: ولا ريب أن ذلك جائز مع الحاجة مطلقاً مثل أن تكون أبواب المسجد مغلقة، أو تكون المقصورة التي فيها الإمام مغلقة أو نحو ذلك اـ هـ.
مع العلم أن من أهل العلم من منع من الصلاة قدام الإمام مطلقاً وأن الصلاة لا تصح بذلك. وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد في المشهور من مذهبيهما. ولا شك أن عدم صلاة النساء قدام الإمام هو الأحوط والأبرأ للذمة؛ لا سيما وأن الصلاة في المسجد غير واجبة عليهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(11/10706)
تأخر المأموم عن الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت خلف إمام فنسي التشهد الأوسط ولكني لم أره فجلست فعندما ركع الإمام قمت وعندما قال سمع الله لمن حمده عرفت أنه قام وأنا قائم فسجد فسجدنا ولم نركع فهل الصلاة صحيحة أم باطلة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه كان الواجب على الأخ السائل أن يركع ويدرك الإمام في السجود، فإن لم يفعل فقد فاتته تلك الركعة ويأتي بعد سلام الإمام بركعة بدلها، وحيث لم يركع مع الإمام ولم يأت بركعة بدل الركعة التي ترك منها الركن وحصل الطول، فقد بطلت صلاته، ويجب عليه قضاؤها، وهذا الذي ذكرناه هنا هو مذهب المالكية ومن وافقهم وهو الذي نرى رجحانه هنا، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 36153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(11/10707)
لا يؤثر انتقاد المأمومين للإمام على صحة صلاتهم خلفه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في صلاة جماعة تنتقد إمامها الراتب المعين من الأوقاف لتغيباته عن الصلاة ونيابة المؤذن عنه هل صلاتها صحيحة خلفه أو لا؟ ولماذا؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة هؤلاء صحيحة ولا كراهة في اقتدائهم بهذا الإمام ما داموا لا ينتقدونه لشيء يتعلق بدينه مما يتعلق بالصلاة أو غيرها كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 6359، ولكن لا يجوز لهم اغتياب هذا الرجل على كل حال، وكذلك عليهم أن يتفهموا حاله فقد يتغيب لأمر قاهر، وقد يكون عنده إذن من الجهة المعنية بالمساجد فيترك المؤذن يصلي بالناس، وبإمكانهم أن يتبينوا الأمر منه بحكمة، وإن تبين أن الأمر حاصل بسبب تقصير منه فلينصحوه برفق ولطف، ولا يجوز للإمام أن يضيع الوظيفة المسندة إليه، فيجب عليه ألا يتغيب إلا لعذر مقبول وإلا كان مقصراً في أمانته، وخلاصة القول أن الصلاة خلف هذا الإمام صحيحة ولو كان يتغيب في بعض الأوقات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1426(11/10708)
ماذا يفعل الإمام إذا انتقض وضوؤه
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم نقض وضوء الإمام في صلاة الجماعة والمثنى والفرد وهل تبطل صلاة المصلين بنقض وضوء الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 53433، ما يفعله الإمام إذا انتقض وضوءه أثناء الصلاة وهو أنه يسن له أن يستخلف أحد المصلين ليكمل بهم الصلاة، وأما صلاته هو فقد بطلت بالحدث أثناء الصلاة وسواء كان إماما لجماعة أو شخص واحد، أما المنفرد فإذا حدث أثناء الصلاة بطلت صلاته مثل الإمام ويجب عليه القطع والوضوء مرة أخرى ليصلى من جديد، وكذلك الأمر بالنسبة للمأموم، هذا ولا تبطل صلاة المأمومين بحدث الإمام أثناء الصلاة إذا لم يقتدوا به بعد حدثه عالمين ببطلان صلاته كما سبق توضحيه في الفتوى رقم: 661.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1426(11/10709)
علة عدم جواز الاقتداء بالإمام خلف المذياع
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا تصح متابعة الإمام عن طريق المذياع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز الصلاة خلف المذياع لأن المطلوب من الجماعة الاجتماع، ولا يتحقق هذا الاجتماع في الصلاة خلف المذياع، ويغتفر عند كثير من أهل العلم ما إذا كان التباعد بين الإمام والمأموم ثلاثمائة ذراع تقريبا لأنه يعد اجتماعا عرفا، وأما ما زاد على ذلك فلا. وأما المالكية فلا يشترط عندهم هذا الشرط بل يكفي العلم بتنقلات الإمام بسماع صوته أو صوت مبلغ عنه أو رؤيته أو رؤية من يراه من المأمومين ولو تباعد ما بينهما، قال الخرشي في شرح مختصر خليل: ومسمع واقتداء به أو برؤيته وإن بدار.. أي: وجازت صلاة مسمع والاقتداء به بصوت المسمع، والأفضل أن يرفع الإمام صوته ويستغني عن المسمع فإنه من وظائف الإمام، وكما يجوز الاقتداء بصوت المسمع وأولى صوت الإمام يجوز الاقتداء برؤية الإمام أو المأموم وإن كان المقتدي في الأربع بدار والإمام خارجها بمسجد أو غيره في غير الجمعة. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1426(11/10710)
أحكام تأمين الإمام والمأموم في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في نهاية الفاتحة يقول الإمام ولا الضالين فيرد المأمومون آمين قبل أن يقولها الإمام فهل يعتبر هذا سبقا للإمام وقد سمعت الإمام يقول إن سبق الإمام يبطل الصلاة ومساواته مكروهة
فما حكم ذلك وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتأمين بعد قراءة الفاتحة سنة للإمام والمأموم، وهو مذهب الجمهور، وقد تقدم تفصيل المسألة في الفتوى رقم: 12241،
ويستحب أن يكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه البخاري.
قال ابن قدامة في المغني: وإنما قصد به تعريفهم موضع تأمينهم وهو عقب قول الإمام ولا الضالين، لأنه موضع تأمين الإمام؛ ليكون تأمين الإمام والمأمومين في وقت واحد موافقا لتأمين الملائكة. اهـ.
وعليه؛ فإن كان المأمومون يسمعون تأمين الإمام استحب لهم مقارنته في التأمين، أما من لم يسمعه فالتأمين عند الفراغ من الفاتحة لأنه محل تأمين الإمام.
ومقارنة الإمام في التأمين بعد الفاتحة مستثناة من كراهة مقارنة الإمام لأنها مأمور بها كما مر.
وقال الحافظ العراقي في طرح التثريب قال: وجزم أصحاب الشافعي باستحباب مقارنة الإمام فيه. اهـ.
أما سبق المأموم للإمام بالتأمين فلا يضر، ويحصل به الثواب إن شاء الله تعالى، قال المرداوي في الإنصاف: فأما سبقه له في الأقوال فلا يضر سوى بتكبيرة الإحرام وبالسلام، فإنه يشترط أن يأتي بها بعد إمامه على المذهب، فلو أتى بها معه لم يعتد بها على الصحيح من المذهب مطلقا. اهـ.
وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32257، 53974، 41502.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(11/10711)
يتابع المسبوق الإمام في سجود السهو ثم يكمل ما فاته
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة المفتي جزاك الله خيراً عنا، أتوجه إلى شخصكم الكريم بالسؤال التالي وهو: أنا إنسان كنت أصلي صلاة العشاء جماعة مع الإمام وكان الإمام كان قد صلى ثلاث ركعات وقام بالسلام علما بأننا خلال الصلاة قام أحد المصلين بتنبيهه بقول سبحان الله ولكنه سلم وبعد ذلك قمنا بإخباره بأننا قد صلينا ثلاث ركعات فقام وجاء بالركعة الرابعة وسجد سجود السهو، أحد المصلين فاتته الركعة الأولى وبعد السلام للإمام من الركعة الثالثة قام هذا المصلي ليأتي بالركعتين الأخريين، فهل عليه أن يلتزم مع الإمام عندما قام ليأتي بالركعة الرابعة أم عليه أن يتم صلاته لوحده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على المصلي الذي فاتته ركعة أن يتابع الإمام في الركعة الرابعة بالنسبة للإمام والتي هي الثالثة بالنسبة للشخص المسبوق، فما دام الإمام قد انتبه وأتى بالركعة الرابعة فالواجب على جميع المأمومين المسبوق منهم وغير المسبوق أن يتابعوه ويكملوا معه، وذلك لوجوب متابعة الإمام، فإذا سلم الإمام من الرابعة قام المسبوق لقضاء ما فاته، وهو هنا في مسألة السائل ركعة واحدة، ثم يسجد سجدتي السهو من أجل سهو إمامه، ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 11388.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(11/10712)
حكم استخدام وسائل لتنبيه الصم بحركات الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكر لكم اهتمامكم
سؤالي نحن في نادي الصم نقيم الصلاة في جماعة والحمد لله وعندما لا يكون في الصفوف الخلفية من يسمع التكبير عند القيام من السجود يقوم الإمام بضرب الأرض ضربة خفيفة ليحس الصم هذه الضربة فبالتالي يقومون من السجود لكي لا تكون هنالك بلبلة في الصفوف لعدم تمكنهم من سماع التكبير هل يجوز فعل هذا الأمر؟ وهل يوجد دليل من الكتاب والسنة على هذا الأمر؟ وقد طرح لنا أحد الإخوة فكرة أن يقوم بوضع مصباح كهربائي خلف الإمام وأمام المأمومين ويضع زر الإطفاء والإنارة عند يدي الإمام فعندما يقوم من السجود يضغط على الزر الذي بجانب يديه ليضيء المصباح ويطفئ هل يمكن لنا أن نعمل بهذه الفكرة؟.
وفقكم الله في خدمة الإسلام والمسلمين.
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصم إذا صلى مأموماً، فإنه يقتدي بالإمام برؤيته أو رؤية المأمومين أو إحساسه بمن حوله من المأمومين، وإذا لم يتمكن من أداء الصلاة بهذا وحصل له ارتباك في الصلاة فلا حرج في اتخاذ وسيلة مباحة لإعلامه بانتقالات الإمام في الصلاة عند القيام من السجود كالضربة الخفيفة أو إشعال النور ونحو ذلك، والأولى أن يصلي في صفوف هؤلاء بعض الأشخاص الذين يسمعون -إن أمكن ذلك- ثم يقتدي الصم بحركات هؤلاء الذين يسمعون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(11/10713)
إذا لم يعلم المستخلف في أي ركعة كان
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أتى شخص إلى جماعة يصلون العصر مثلاً وفجأة تذكر الإمام أنه على غير وضوء فسحب هذا الشخص حتى يؤم مكانه وهذا الشخص لا يعرف في أي ركعة هم فماذا يفعل.. وشكراً لكم.. وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 54927 ما يجب على المستخلف أن يعمل إذا علم بصلاة الإمام، وأما إذا لم يعلم في أي ركعة كان فقد فصل ذلك ابن قدامة رحمه الله في المغني، حيث قال: وإذا استخلف من لا يدري كم صلى؟ احتمل أن يبني على اليقين، فإن وافق الحق وإلا، سبحوا به، فرجع إليهم، ويسجد للسهو.
وقال النخعي: ينظر ما يصنع من خلفه.
وقال الشافعي: يتصنع بهم، فإن سبحوا به جلس وعلم أنها الرابعة.
وقال الأوزاعي: يصلي بهم ركعة، لأنه تيقن بقاء ركعة، ثم يتأخر ويقدم رجلا يصلي بهم ما بقي من صلاتهم، فإذا سلم قام الرجل فأتم صلاته.
وقال مالك: يصلي لنفسه صلاة تامة، فإن فرغوا من صلاتهم قعدوا وانتظروه.
والأقوال الثلاثة الأولى متقاربة. ولنا على أنه لا يستخلف، أنه إن شك في عدد الركعات فلم يجز له الاستخلاف لذلك، كغير المستخلف.
ولنا على أنه يبني على اليقين أنه شك ممن لا ظن له، فوجب البناء على اليقين، كسائر المصلين. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1425(11/10714)
حكم الصلاة خلف من لا يرى انتقاض الوضوء بأكل لحم الجزور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة من صلى خلف إمام لا يرى أن أكل لحم الجزور يبطل الوضوء علماً أنه يعلم أنه أكله قبل الصلاة وأكل معه ونصحه بالوضوء لكنه لم يفعل.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في انتقاض الوضوء بأكل لحم الجزور، والراجح أنه ناقص للوضوء كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 2285.
أما صلاة المأموم خلف إمام لا يرى انتقاض الوضوء بأكل لحم الجزور فصحيحة في مذهب جماهير أهل العلم. وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن صلاة أهل المذاهب الأربعة بعضهم خلف بعض فأجاب: نعم تجوز صلاة بعضهم خلف بعض كما كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن بعدهم من الأئمة الأربعة يصلي بعضهم خلف بعض مع تنازعهم في هذه المسائل المذكورة وغيرها، ولم يقل أحد من السلف إنه لا يصلي بعضهم خلف بعض، ومن أنكر ذلك فهو مبتدع ضال مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها. وقد كان الصحابة والتابعون ومن بعدهم منهم من يقرأ البسملة ومنهم من لا يقرؤها.. ومنهم من يتوضأ من مس الذكر ومس النساء بشهوة ومنهم من لا يتوضأ من ذلك.. ومنهم من يتوضأ من أكل لحم الإبل ومنهم من لا يتوضأ من ذلك. ومع هذا فكان بعضهم يصلي خلف بعض، مثل ما كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وغيرهم يصلون خلف أئمة المدينة من المالكية وإن كانوا لا يقرؤون البسملة لا سراً ولا جهراً. وصلى أبو يوسف خلف الرشيد وقد احتجم وأفتاه مالك أنه لا يتوضأ فصلى خلفه أبو يوسف ولم يعد.. وكان أحمد يرى الوضوء من الحجامة والرعاف فقيل له: فإن كان الإمام قد خرج منه الدم ولم يتوضأ تصلي خلفه؟ فقال: كيف لا أصلي خلف سعيد بن المسيب ومالك. اهـ.
ومما سبق يتبين أن الصلاة خلف الإمام الذي لا يتوضأ من لحم الجزور صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1425(11/10715)
حكم متابعة الإمام مع عدم نية الاقتداء
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي التراويح في المسجد منذ الصغر ثم بدأت أتضايق من الصلاة بالمسجد بسبب النساء اللاتي يحضرن أطفالهن فنسمع الصياح واللعب بدلا من صوت الإمام وهو يقرأ القرآن وأصوات النساء وهن يختلفن على رفع التكييف فقررت أن أصلي في البيت بدلا من المسجد حتى أستطيع الخشوع وقد كنت آنذاك في الحادية عشر تقريبا فبدأت أصلي وحدي وأنا لا أجيد قراءة القرآن بشكل جيد إنما لا بأس به وكنت أحب صوت الأئمة في الحرم المكي فقررت أن أبتكر طريقة أستطيع بها أن أقرأ القرآن مع الإمام وأنا أصلي وحدي فبدأت أصلي وأنا أستمع للراديو وأتابع مع الإمام والحمد لله أصبحت أقرا بشكل ممتاز وبدأت أحفظ الكثير من الآيات وأحبت والدتي الفكرة إذ أننا لا نصلي بغرض الجماعة معه إنما فقط حتى نعرف كيف نقرأ بالطريقة الصحيحة وحتى لا نكسل في الصلاة فكنت بدلا من أن أصلي 6 أو 10 ركعات أصلي 20 كاملة أي 10 تسليمات ولم أكن أستطيع ذلك قبل أن أتبع الصلاة في الحرم المكي الشريف. سؤالي هو: هل علي أي خطأ مع العلم أني لا أقصد بها جماعة لأني أعلم أن الجماعة لا تجوز إلا في ساحة الحرم فقط، وأيضا إن والدتي لا تقرأ جيدا وأصبحت ولله الحمد تقرأ بشكل ممتاز حتى أن أبناء إخوتي أصبحوا يرددون خلف الإمام في الصلاة إذا ما سمعوه وحفظوا الكثير من الآيات.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الأفضل في حق المرأة أداء الصلاة في بيتها، تستوي في ذلك صلاة التراويح أو غيرها، لقوله صلى الله عليه وسلم: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
ثم إن صلاتك منفردة مع استماعك إلى صوت الإمام في الراديو يترتب عليه عدم الخشوع. إضافة إلى أن متابعته مع عدم نية الاقتداء مبطل للصلاة عند بعض أهل العلم نظرا للتلاعب والعبث. وراجعي كلام أهل العلم في هذه المسألة في الفتوى رقم: 20151، والفتوى رقم: 40897. وحاصل المسألة أن ما تقومين به خطأ مبطل للصلاة عند بعض أهل العلم، فعليك الابتعاد عنه، بل الأولى والأسلم صلاتك للتراويح وحدك وبدون استماع لتلاوة الإمام، ثم بعد ذلك تستمعين إلى تلاوة الإمام بغرض تعلم أحكام التجويد ومعرفة طريقة الأداء صحبة والدتك وكل من تمكنه الاستفادة من هذا حتى يعم النفع وتحصل الفائدة. فالاشتغال بتعلم كتاب الله تعالى وتدارسه من أفضل الأعمال، فقد قال صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. رواه البخاري وغيره. وقال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(11/10716)
هل يصح الاقتداء بمن يقصر الصلاة لأكثر من المدة المحددة شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن طلبة مسلمون ندرس بإحدى الدول الأوربيه ومدة الدراسة ثلات سنوات ولكن البعض منا أصر على أن يصلي قصرا طوال هذه الفترة وقالوا عندهم دليل قوى علي ذلك فهل تصح صلاتنا وراء أحدهم وهو إمام ويقصر ومن ثم نحن نكمل الصلاة أو يجب عليه هو أن يصلي وراء أحدنا صلاة كاملة؟ مع العلم أننا نضطر للصلاة أحيانا في الجامعة مما يسبب لنا بعض الإشكاليات في هذه المسألة.
أرجو الرد السريع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 27671 أن مذهب جمهور الفقهاء أن هناك مدة معينة إذا نوى المسافر إقامتها أنه يتم الصلاة، وبينا أن الراجح أن هذه المدة هي أربعة أيام فأكثر، فما بالك بإقامة ثلاث سنوات.
وعليه، فالأولى أن لا تصلوا خلف هؤلاء الذين يقصرون الصلاة في هذه المدة المذكورة، وننصحهم أن يتموا صلاتهم وإن كانوا يرون جواز القصر، لأن من يقول بجواز القصر لمن لم ينو إقامة دائمة في بلد غير بلده لا تبطل الصلاة عنده بإتمامها بخلاف من يقول بوجوب الإتمام بنية الإقامة، فإن الصلاة تبطل عندهم بقصرها في هذه المدة، والرجاء مطالعة الفتوى المشار إليها أعلاه والفتوى رقم: 7373.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1425(11/10717)
يجوز للمصلي الجلوس في الصف إذا عجز عن القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمصلي أن يستريح وسط الصف في الصلاة والناس تصلي، أليس قاطعا للصف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل يقصد بقوله: يستريح. أي يجلس، فيجوز للمصلي أن يجلس في الصلاة الفريضة إذا عجز عن القيام، لقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب. رواه البخاري وغيره.
ولا يعد جلوسه في الصف قطعاً له لأنه مصل، وكذا يجوز للمصلي الجلوس في صلاة التطوع ولو كان قادراً على القيام؛ إلا أنه ينقصه من الأجر بقدر ما فاته من القيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم. رواه أحمد وابن ماجه والنسائي وغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(11/10718)
حكم مخالفة الإمام في أوجه القراءة وسنن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن مخالفة الإمام في القراءة والحركات فمثلاً أنا أقول مالك يوم الدين وهو ملك وأنا أقبض وهو لا يقبض، ما حكم ذلك وتأثيره على الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شيء في مخالفة الإمام في القراءة المذكورة لأن كلا من القراءتين صحيحة من القراءات السبع المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك مسألة القبض والسدل فلا يضرك لو قبضت وهو يسدل لأن القبض سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه ليس بواجب، ومن لم يقبض لم تبطل صلاته، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 37543.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(11/10719)
حكم صلاة المأموم الذي لم يتشهد التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص مأموم في صلاة العصر سرح أثناء الجلوس للتشهد الأخير ولم يقل أي شيء حتى سلم الإمام فلم يدر ماذا يفعل فسلم، فهل صلاته صحيحة أم لا، وماذا كان يجب عليه أن يفعل في هذا الموقف؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المأموم لم يأت بالتشهد الأخير حتى سلم الإمام فسلم، ولم يتدارك التشهد، فإن صلاته غير صحيحة عند الحنابلة والشافعية، فيجب عليه أن يعيدها لأنه ترك ركناً من أركان الصلاة، وذلك لأن لفظ التشهد عندهم فرض من فرائض الصلاة، فمن نسيه حتى سلم فلابد أن يأتي به بالقرب، فإن لم يأت به أصلاً أو حصل الطول، فقد فات تداركه وبطلت الصلاة.
قال ابن قدامة في المغني عند كلامه على التشهد الأخير: وهذا التشهد والجلوس له من أركان الصلاة. انتهى، وقال النووي أيضاً في نفس الموضوع: وهذا الجلوس والتشهد فيه فرضان عندنا لا تصح الصلاة إلا بهما. انتهى.
ومعلوم أن الإمام لا يحمل عن المأموم سهو الفرائض، وكان على الأخ الذي جرت عليه هذه المسألة أن يتشهد عند تذكره قبل سلام الإمام ثم يسلم، ولا سجود سهو عليه. قال في الإنصاف في مذهب الإمام أحمد بن حنبل: وليس على المأموم سجود سهو ولو أتى بما تركه بعد سلام إمامه. انتهى.
وقال في مطالب أولي النهى: وليس على مأموم غير مسبوق سجود سهو سهاه المأموم دون إمامه، لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه. رواه الدارقطني. وظاهره ولو أتى بما محل سجوده بعد السلام. انتهى.
أما عند المالكية والأحناف، فكان عليه أن يتشهد قبل سلامه، فإن سلم مع إمامه فصلاته صحيحة، ولا سجود عليه لحمل الإمام عنه ذلك السهو، ومعلوم أن التشهد عند الأحناف والمالكية غير واجب، وإنما هو سنة. انتهى، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 4830، والفتوى رقم: 29444.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(11/10720)
الصلاة خلف المبتدع في ميزان الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة خلف إمام صوفي يزعم أنه قبل 8 سنوات قابل الخضر في الحرم النبوي وصافح الرسول صلى الله عليه وسلم يدا بيد وبعدها دخل الرسول إلى مكان القبر، ويدعي أن محمد أول الخلق أي أنه خلق قبل العالمين، ويقولون إن محمداً ليس أمياً ولا بشراً مثلنا، فما الحكم علما بأنه يصلي خلفه الكثيرون ولا يعرفون عن الصوفية وتلك البدعة ولن يقتنعوا بالكلام أو عدم الصلاة خلفه إلا إذا كانت من شيخ سني معروف، فأفيدوني أفادكم الله للضرورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الصلاة خلف الصوفي في الفتوى رقم: 6742.
وأما مقابلة الخضر فهي مبنية على القول بحياته وأنه لم يمت، وهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، وقد بيناها في الفتوى رقم: 26689، وما دامت محل خلاف فلا يبدع بها من اعتقدها وادعى أنه لقي الخضر، فقد ادعى ذلك جماعة من أهل العلم كالمناوي رحمه الله.
وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ومصافحته يقظة فهي غير ممكنة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 9991.
وأما القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أول خلق الله بمعنى أنه أول من خلق الله فقول باطل، مخالف للنقل والعقل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بشر من ذرية آدم عليه السلام، وقائلو هذا يستندون إلى حديث مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم وهو: أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر. ويمكن الاطلاع على أقوال أهل العلم في هذا الحديث الموضوع في الفتوى رقم: 7389.
وأما القول بأنه ليس أميا ولا بشرا فخلاف نص القرآن، قال الله تعالى: فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ {الأعراف:158} ، وقال تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ {فصلت:6} ، وعلى كل الأحوال فمعتقد هذه العقائد يعتبر مبتدعا، إن كان متأولا ينصح ويبين له بالرفق والحكمة عسى الله أن يوفقه للحق.
وأما الصلاة خلفه فإن وجد إمام من أهل السنة فلا يصلى خلفه، وإلا فإنه يصلى خلفه وقد فصل ذلك شيخ الإسلام فقال: وأما الصلاة خلف المبتدع، فهذه المسألة فيها نزاع وتفصيل، فإذا لم تجد إماما غيره كالجمعة التي لا تقام إلا بمكان واحد، وكالعيدين وكصلوات الحج خلف إمام الموسم، فهذه تفعل خلف كل بر وفاجر باتفاق أهل السنة والجماعة، وإنما تدع مثل هذه الصلوات خلف الأئمة أهل البدع.... ممن لا يرى الجمعة والجماعة إذا لم يكن في القرية إلا مسجد واحد، فصلاته في الجماعة خلف الفاجر خير من صلاته في بيته منفرداً، لئلا يفضي إلى ترك الجماعة مطلقاً، وأما إذا أمكنه أن يصلي خلف غير المبتدع فهو أحسن وأفضل بلا ريب، لكن إن صلى خلفه ففي صلاته نزاع بين العلماء.
ومذهب الشافعي وأبي حنيفة تصح صلاته، وأما مالك وأحمد ففي مذهبهما نزاع وتفصيل. وهذا إنما هو في البدعة التي يعلم أنها تخالف الكتاب والسنة، مثل بدع الرافضة والجهمية، ونحوهم.
فأما مسائل الدين التي يتنازع فيها كثير من الناس في هذه البلاد مثل مسألة الحرف، والصوت ونحوها، فقد يكون كل من المتنازعين مبتدعا، وكلاهما جاهل متأول، فليس امتناع هذا من الصلاة خلف هذا بأولى من العكس، فأما إذا ظهرت السنة وعلمت فخالفها واحد، فهذا هو الذي فيه نزاع. انتهى كلامه.
ويمكنك بيان هذا الأمر للناس باستضافة أحد المشايخ المعروف عند الناس لإلقاء محاضرة حول هذا الموضوع أو جلب أشرطة له ونحو ذلك، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(11/10721)
مذاهب الفقهاء في الاقتداء بالإمام من وراء حائط
[السُّؤَالُ]
ـ[أود سؤال سيادتكم في مسألة تحيرنا كثيرا، ذهبت إلى مكان عمل جديد فرأيت الموظفين إذا حان وقت الصلاة يصلي الإمام بالرجال في غرفة ما وباقي النساء تصلي كل منهن في غرفتها أي الإمام في غرفة وباقي النساء في غرفة أخرى مع غلق الباب أو مواربته فهل يجوز هذا أن يصلي الإمام في مكان والمأمومون في مكان آخر نرجو منكم الإفادة وجزاكم الله عنا خير الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاقتداء بصوت الإمام من وراء حائط ونحوه مختلف فيه بين أهل العلم، فمنهم من يرى جوازه، ومنهم من لا يرى ذلك، والقول بالجواز هو مذهب الإمام مالك في غير الجمعة، وأبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد.
والراجح عندنا -والله تعالى أعلم- جوازه لا سيما مع الحاجة، بدليل أنه ثبت أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا بصلاته وهو داخل إحدى حجراته وهم خارجها، وهذه الصلاة وإن كانت صلاة نفل، فإن الأصل عدم التفرقة بين الفرض والنفل كما هو مقرر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما صلاة المأموم خلف الإمام خارج المسجد أو في المسجد وبينهما حائل، فإن كانت صفوف متصلة جاز باتفاق الأئمة، وإن كان بينهما طريق أو نهر تجري فيه السفن، ففيه قولان معروفان هما روايتان عن أحمد:
أحدهما: المنع، كقول أبي حنيفة.
والثاني: الجواز: كقول الشافعي.
وأما إذا كان بينهما حائل يمنع الرؤية والاستطراق ففيهما عدة أقوال في مذهب أحمد وغيره. قيل: يجوز، وقيل: لا يجوز، وقيل: يجوز في المسجد دون غيره، وقيل: يجوز مع الحاجة، ولا يجوز بدون الحاجة، ولا ريب أن ذلك جائز مع الحاجة مطلقاً، مثل أن تكون أبواب المسجد مغلقة، أو تكون المقصورة التي فيها الإمام مغلقة أو نحو ذلك، فهنا لو كانت الرؤية واجبة لسقطت للحاجة. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1425(11/10722)
حكم إمامة المتخلف عن حضور الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم الصلاة وراء إمام معين لخطبة الجمعة لا يرى في المسجد إلا يوم الجمعة لإلقاء الخطبة ثم يتوقف حضوره إذ لم يعرف عنه أنه حضر صلاة واحدة من الصلوات الخمس وهو لا يتورع عن الحديث عن إنجازات الدولة و..و..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام مكلفا بخطبة الجمعة فقط، فإنه يمكن أن يكون يؤدي صلاة الجماعة في مسجد آخر، ولا يعتبر مواظبا على ترك الصلاة جماعة في المسجد، أما إذا كان إماما راتبا في ذلك المسجد ويتعمد التخلف عن صلاة الجماعة أو تصدر منه بعض الأفعال أو الأقوال المحرمة كالكذب -مثلا- أو مدح من لا يجوز مدحه فتكره الصلاة خلفه، ومن الأفضل الاقتداء بإمام آخر متصف بالعلم والورع. وراجع الفتويين التاليتين: 23182 و 6359.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/10723)
حالات صلاة الرجل خلف المرأة أو بجانبها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الرجل خلف امرأته ولم تكن هي إماما ولكن كل منهما يصلي لوحده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
صلاة الرجل خلف أو بجانب المرأة لها حالات: الحالة الأولى:
أن يكونا خلف إمام واحد فجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة أنها لا تفسد الصلاة، ولكنها تكره، وذهب أبو حنيفة إلى فساد صلاة من بجنبها ومن يحاذيها من ورائها.
الحالة الثانية: أن يكون كل واحد يصلي لحاله فالصلاة صحيحة في هذه الحالة، وعليه عامة أهل العلم من المذاهب الأربعة.
قال النووي رحمه الله في المجموع: (فرع) إذا صلى الرجل وبجنبه امرأة لم تبطل صلاته ولا صلاتها سواء كان إماماً أو مأموماً، هذا مذهبنا وبه قال مالك والأكثرون، وقال أبو حنيفة: إن لم تكن المرأة في صلاة أو كانت في صلاة غير مشاركة له في صلاته صحت صلاته وصلاتها، فإن كانت في صلاة يشاركها فيها -ولا تكون مشاركة له عند أبي حنيفة إلا إذا نوى الإمام إمامة النساء- فإذا شاركته فإن وقفت بجنب رجل بطلت صلاة من إلى جنبيها، ولا تبطل صلاتها ولا صلاة من يلي الذي يليها، لأن بينه وبينها حاجزاً، وإن كان في صف بين يديه بطلت صلاة من يحاذيها من ورائها، ولم تبطل صلاة من يحاذي محاذيها، لأن دونه حاجزاً، فإن صف نساء خلف الإمام وخلفهن صف رجال بطلت صلاة الصف الذي يليهن، قال: وكان القياس أن لا تبطل صلاة من وراء هذا الصف من الصفوف بسبب الحاجز، ولكن نقول تبطل صفوف الرجال وراءه، ولو كانت مائة صف استحساناً، فإن وقفت بجنب الإمام بطلت صلاة الإمام، لأنها إلى جنبه، ومذهبه أنها إذا بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأمومين أيضاً، وتبطل صلاتها أيضاً لأنها من جملة المأمومين، وهذا المذهب ضعيف الحجة ظاهر التحكم والتمسك بتفصيل لا أصل له، وعمدتنا أن الأصل أن الصلاة صحيحة حتى يرد دليل صحيح شرعي في البطلان، وليس لهم ذلك، وينضم إلى هذا حديث عائشة رضي الله عنها المذكور في المسألة الثالثة، فإن قالوا: نحن نقول به، لأنها لم تكن مصلية، قال أصحابنا نقول: إذا لم تبطل وهي في غير عبادة، ففي العبادة أولى. وقاس أصحابنا على وقوفها في صلاة الجنازة فإنها لا تبطل عندهم، والله أعلم بالصواب. انتهى كلامه. ويعني -رحمه الله- بحديث عائشة المذكور في المسألة الثالثة، ما في صحيح مسلم عن مسروق عن عائشة وذكر عندها: ما يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة، فقالت عائشة: قد شبهتمونا بالحمير والكلاب، والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني على السرير بينه وبين القبلة مضجعة فتبدو لي الحاجة، فأكره أن أجلس فأوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنسل من عند رجليه.
وعليه؛ فيجوز أن يصلي الرجل خلف امرأته والصلاة صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1425(11/10724)
نقول من العلماء حول اقتداء المفترض بالمتنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة المتنفل بالمفترض؟
سئل أحد العلماء الأفاضل: \" رجل جاء إلى الجماعة وهم يصلون التراويح وهو يعلم ذلك. هل يصلي معهم بنية العشاء أم يصلي منفردا؟
فأجاب: لا حرج أن يصلي معهم بنية العشاء في أصح قولي العلماء. وإذا سلم الإمام قام فأكمل صلاته، لما ثبت في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة. ولم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فدل على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه في بعض أنواع صلاة الخوف، صلى بطائفة ركعتين ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين. وكانت الأولى فرضه أما الثانية فكانت نفلا وهم مفترضون.اهـ
قلت: كل من أجاز صلاة المتنفل بالمفترض، استدل بهذين الحديثين. ولكن المتأمل في الحديثين يلاحظ فرقا بين صورة السؤال والصورة فيهما.
ففي حديث معاذ أنه كان يصلي بهم الصلاة التي صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي صلاة العشاء، وقد ورد ذلك صريحا في بعض الألفاظ، وذا يدل على أنه كان يدخل بنية إعادة الصلاة الفريضة وإن كانت في حقه نافلة، فهو قبل أن يكبّر للإحرام يقصد صلاة العشاء بقومه؛ أعني أنه يأتي بصلاة العشاء على هيئتها المفروضة ... وأما صورة السؤال فمختلفة، لأنها تتعلق بمن قصد النفل ولا ينوي غير النافلة ... فكيف تلحق هذه بتلك؟؟؟
وكذلك الحال بالنسبة لحديث صلاة الخوف، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصد الصلاة الفريضة بالطائفة الثانية، وليس في شيء من الأحاديث أنه كان ينوي النافلة.
وقد يكون واجبا في حق الإمام، في مثل تلك الحال، إقامة الصلاة مرتين. وهذا هو المتعيّن، إذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك.
هذا وقد ورد الحديث عن جابر رضي الله عنه في صحيح مسلم وليس فيه التسليم من الركعتين، وهذا نصه: \" ... ثم نودي بالصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، قال: فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان \"
فحمل بعض العلماء، ومنهم النووي رحمه الله، على التسليم من ركعتين. وذهب بعضهم، ومنهم ابن القيّم، على عدم التسليم.
ومهما يكن، فإنه ليس في حديثي معاذ وجابر في صلاة الخوف، دليل على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل على الإطلاق. والله تعالى أعلم
(أرجوا التعليق على هذا الكلام ومناقشته للاستفادة من علمكم الغزير, ولكم ألف شكر) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذ الموقع لا يهتم بالتعليق على فتاوى الآخرين أو مناقشتها والمسائل التي جرى فيها الخلاف بين علماء الأمة لأن قول أحد من المتأخرين لا يرفع ذلك الخلاف، والموقع كما هو ملحوظ في الفتاوى الصادرة عنه يختار المذهب الراجح فيما يظهر ويدعم ذلك بالأدلة.
وعليه، فما يهمنا التنبيه عليه أن المسألة محل خلاف بين أهل العلم وأن الذي أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية هو ما أفتى به العالم المذكور في السؤال، وهو مذهب الشافعية.
ففي الفتاوى الكبرى: فعلم أن موافقة الإمام في نية الفرض أو النفل ليست بواجبة، والإمام ضامن وإن كان متنفلا، ومن هذا الباب صلاة العشاء الآخرة خلف من يصلي قيام رمضان يصلي خلفه ركعتين ثم يقوم فيتم ركعتين، فأظهر الأقوال جواز هذا كله. انتهى.
وقال الإمام النووي في المجموع: وعن جابر قال: كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يطلع إلى قومه فيصليها لهم، هي له تطوع ولهم مكتوبة العشاء. حديث صحيح. رواه بهذا اللفظ الشافعي في الأم، ومسنده، ثم قال: هذا حديث ثابت لا أعلم حديثا يروى من طريق واحد أثبت من هذا ولا أوثق، يعني رجالا.
قال البيهقي في كتابه معرفة السنن والآثار: وكذلك رواه بهذه الزيادة أبو عاصم النبيل وعبد الرزاق عن ابن جريج كرواية شيخ الشافعي عن ابن جريج بهذه الزيادة، وزيادة الثقة مقبولة.
قال: والأصل أن ما كان موصولا بالحديث فهو منه لا سيما إذا رُوي من وجهين، إلا أن تقوم دلالة على التمييز، قال: والظاهر أن قوله هي له تطوع ولهم مكتوبة من قول جابر، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بالله وأخشى له من أن يقولوا مثل هذا إلا بعلم، وحين حكي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعل معاذ لم ينكر عليه إلا التطويل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(11/10725)
اقتداء المفترض بالمتنفل من المسائل الخلافية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أكون إماما لمن يصلي الفرض وأنا أصلي السنة البعدية لنفس الفرض؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اقتداء المفترض بالمتنفل من المسائل الخلافية، وقول من قال بصحتها وهم الشافعية أرجح، لما في الصحيحين عن جابر بن عبد الله أن معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيؤم قومه. وذهب بعض الشافعية إلى أن الانفراد أولى خروجا من الخلاف.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(11/10726)
حكم الصلاة خلف من يفتي بجواز التعامل مع البنوك الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: إمام مسجد السوق الذي أعمل فيه يفتي للناس بجواز التعامل مع البنوك الربوية إيداعا وادخارا واقتراضا وبالفوائد أخذا أو دفعا وأن ذلك ليس هو الربا المحرم في شريعتنا التي أنزلها الله جل جلاله0 وعندما أبلغت الجهة الرسمية التي يعمل بها نصحته بأن لا يعلن ذلك أمام الجموع في المسجد وبعدها اكتفى بإعلان تلك الفتوى في المجالس الخاصة أو على انفراد أو بالهاتف0 وله أيضا بعض الفتاوى المتفرقة مثل أن أكل حبة حلوى/ملبس/ أثناء الصلاة لا يبطلها وغيرها0 بناء على ذلك قررت عدم الصلاة خلفه لأنه يحادد الله ورسوله علنا ويدعو إلى منكر ويحلل ما حرم الله ولا يقبل النصيحة في ذلك0 فهل تصرفي هذا صحيحا وهل يصلى خلف مثل هذا الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفعله البنوك الربوية من الاقراض والاقتراض بفائدة هو عين الربا المحرم الذي نزل القرآن بتحريمه، ومن شكك في ذلك فكلامه باطل وقوله مدموغ بالأدلة الظاهرة الجلية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبهذا صدرت الفتاوى والقرارات من المجامع الفقهية ودور الإفتاء في العالم الإسلامي كله فلا مجال للتوقف في تحريم الفوائد البنكية فضلا عن القول بإباحتها.
وأما هذا الشخص المذكور فعليه أن يتقي الله عز وجل ويقف عند حدوده ويعلم أنه يتحمل وزر كل شخص عمل بقوله فتعامل مع هذه البنوك الربوية.
وفي الحديث: من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه. رواه أبو دود. وفي لفظ ابن ماجه: من أفتى بفتيا غير ثبت فإنما إثمه على من أفتاه.
وأما عن ترك الصلاة خلف هذا الإمام فإن كنت ستصلي خلف من هو خير منه فنعم، أما إن كان سيؤدي إلى ترك الجماعة فلا، وراجع الفتوى رقم: 7332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(11/10727)
مفارقة المأموم لإمامه جائزة لعذر معتبر شرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[قال خطيب ذات يوم إنه يجوز للمسافر إذا صلى في مسجد قريب من محطة القطار وظن أن القطار سيتركه يجوز له أن يترك الصلاة ويصلي بمفرده ويكون هذا بنية المفارقة
فهل توجد نية تسمى المفارقة وهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمفارقة المأموم لإمامه جائزة إذا كانت لعذر معتبر شرعا.
قال ابن قدامة في "المغني": وإن أحرم مأموما ثم نوى مفارقة الإمام وإتمامها منفردا لعذر جاز، لما روى جابر قال: كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم، فأخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء فصلى معه ثم رجع إلى قومه فقرأ سورة البقرة، فتأخر رجل فصلى وحده فقيل له: نافقت يا فلان، قال: ما نافقت، ولكن لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: أفتان أنت يا معاذ؟! أفتان أنت يا معاذ؟! مرتين، اقرأ سورة كذا وسورة كذا، وقال وسورة ذات البروج والليل إذا يغشى، والسماء والطارق، وهل أتاك حديث الغاشية. متفق عليه.
ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل بالإعادة ولا أنكر عليه فعله، والأعذار التي يخرج لأجلها مثل المشقة بتطويل الإمام، أو المرض، أو خشية غلبة النعاس، أو شيء يفسد صلاته، أو خوف فوات مال أو تلفه، أو فوات رفقة، أو من يخرج من الصف لا يجد من يقف معه، وأشباه هذا. اهـ.
وعليه، ففوات القطار يعتبر عذرا في مفارقة المأموم لإمامه إذا كانت تترتب على فواته مشقة معتبرة أو فوات رفقة يتضرر بمفارقتها، وبالتالي، فتصح صلاة المأموم في تلك الحالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(11/10728)
من سها عن القيام حتى ركع إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يصلي العشاء بعد الإمام وفي الركعة الرابعة قام الإمام لها ولكن هذا الرجل لم يقم بعد إمامه سهوا وجلس للتشهد فلم ينتبه حتى ركع الإمام والناس فنهض الرجل من جلوسه وأدرك الإمام راكعا فالآن ما يلزمه هل يعتبر مدركا لهذه الركعة أم عليه أن يقوم بركعة بعد السلام وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الذي سها عن القيام حتى ركع إمامه قد قام حتى انتصب قائماً ثم ركع دون أن يقرأ الفاتحة فصلاته صحيحة، ويحمل عنه الإمام الفاتحة، قال المليباري الشافعي في قرة العين: (إلا ركعة مسبوق) فلا تجب عليه فيها حيث لم يدرك زمناً يسع الفاتحة من قيام الإمام، ولو في كل ركعات لسبقه في الأولى وتخلف المأموم عنه بزحمة أو نسيان أو بطء حركة فلم يقم من السجود في كل مما بعدها إلا والإمام راكع فيتحمل الإمام المتطهر في غير الركعة الزائدة الفاتحة أو بقيتها. ا. هـ
أما إذا كان قد انتقل من الجلوس إلى الركوع مباشرة فلا يصح له أن يحتسب تلك الركعة بل يلغيها ويفعل أخرى مكانها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1425(11/10729)
قدوة المأموم تنقضي بتسليم الإمام التسليمة الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أؤم والدتي في صلاة الفجر ثم سلمت بعد التشهد سرا وخرجت أمي بعدي من الصلاة فهل تصح صلاتنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجهر بالسلام، بل الجهر كله ليس ركنا ولا شرطا من شروط الصلاة، واقتداء المأموم بالإمام ينتهي بتسليم الإمام سواء، كما نص على ذلك أهل العلم.
قال النووي رحمه الله: إذا سلم الإمام التسليمة الأولى انقضت قدوة المأموم الموافق والمسبوق لخروجه من الصلاة. اهـ.
وعليه، فصلاتكما صحيحة.
والله أعلم.
وتراجع الفتوى رقم: 46595.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1425(11/10730)
حكم موافقة الإمام في فعل الأركان دون نية الاقتداء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إجبار الطالبات على الصلاة جماعة في المدرسة وهن يتذمرن من ذلك ويقلن لا نريد أن نصلي جماعة لأنه لا نية لنا في الصلاة جماعة وصلاتنا بدون نيه باطلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة لا تجب عليها صلاة الجماعة، وصلاتها في بيتها أفضل لما روى أبو داود وغيره من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن.
ولكن الحالة التي أنتن فيها تقتضي أن لا تؤخرن الصلاة إلى البيوت لأن ذلك قد يؤدي إلى خروج الوقت مع ما فيه من مخالفة نظام المدرسة، وما يمكن أن يظن بكن من ترك الصلاة بالكلية، واعلمي أن من صلى محاذياً لشخص أو جماعة لا يريد الاقتداء بهم فصلاته ليست باطلة كما تصورت، إلا أن يكون ابتدأ صلاته منفرداً ثم انتفل بنيته إلى آخر فاقتدى به.
قال الحطاب: فإن من وجد إماماً يصلي أو شخصاً يصلي، فإن نوى أنه يقتدي به فهو مأموم وقد حصلت له نية الاقتداء، وإن نوى أن يصلي لنفسه ولم ينو أنه يقتدي بذلك الإمام فهو منفرد وصلاته صحيحة ... وإذا أحرم بالصلاة منفرداً ثم في أثناء الصلاة نوى أن يقتدي بشخص آخر فصلاته باطلة لأنه نوى أنه مأموم ولم ينو الاقتداء من أول الصلاة ... 2/122.
وبناء على هذا؛ فإذا كنتن لا تردن أن تقتدين بإمام المدرسة لأنكن تشككن في دينه أو نحو ذلك فلكنَّ أن تصلين معه محاذاةً بأن توافقنه في فعل الأركان دون أن يكون ثَمَّ نية اقتداء به، وإن لم يكن هناك مانع من الاقتداء به فالأولى أن تصلين معه، ولا بطلان لصلاتكن في كلا الحالتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(11/10731)
الفاصل الحائل بين الإمام والمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين.... أما بعد:
أنا شاب من سوريا وأعيش في ليبيا وقد كلفت من خطيب مسجد بني حديثاً بالسؤال عن الفتوى التالية: لقد بنينا مسجداً كبيراً وبدأ المصلون يتوافدون أكثر فأكثر حتى اضطررنا إلى بناء قسم آخر ملصق بالقسم الأول، وبعد عدة شهور طالبت الجمعية المسؤولة عن المسجد ببناء قسم للنساء، فقمنا ببناء قسم ثالث ولكنه مفصول عن المسجد أي بينهم وبين المسجد فاصل يتعدى الـ 9 أمتار فهل يجوز ذلك، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيمن صلى خارج المسجد وبينه وبين إمامه حائل بحيث لا يراه ولا يرى أحداً ممن يراه من المأمومين، والأحوط المنع إلا لحاجة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وأما صلاة المأموم خلف الإمام خارج المسجد أو في المسجد وبينهما حائل، فإن كانت صفوف متصلة جاز باتفاق الأئمة، وإن كان بينهما طريق أو نهر تجري فيه السفن، ففيه قولان معروفان هما روايتان عن أحمد:
أحدهما: المنع، كقول أبي حنيفة.
والثاني: الجواز: كقول الشافعي.
وأما إذا كان بينهما حائل يمنع الرؤية والاستطراق، ففيهما عدة أقوال في مذهب أحمد وغيره. قيل: يجوز، وقيل: لا يجوز، وقيل: يجوز في المسجد دون غيره، وقيل: يجوز مع الحاجة، ولا يجوز بدون الحاجة، ولا ريب أن ذلك جائز مع الحاجة مطلقاً مثل أن تكون أبواب المسجد مغلقة، أو تكون المقصورة التي فيها الإمام مغلقة أو نحو ذلك، فهنا لو كانت الرؤية واجبة لسقطت للحاجة) .
وعند المالكية يجوز الفصل بين الإمام والمأموم في جميع الحالات إلا إذا كان لا يسمع أقواله ولا يرى أفعاله ولا أقوال أو أفعال أحد من مأموميه، ففي مثل هذه الحالة فقط لا يجوز أن يقتدي به، قال الشيخ عليش في منح الجليل: وجاز فصل مأموم عن إمامه بنهر صغير أي غير مانع من سماع أقوال الإمام أو مأموميه أو رؤية أفعاله أو أفعال مأموميه ... أو طريق صغير كذلك، اللخمي: يجوز لأهل الأسواق أن يصلوا جماعة، وإن فرقت الطريق بينهم وبين إمامهم. 1/375.
لكن الذي ننصحكم به هو أن تسعوا لإصلاح المكان إن استطعتم بحيث تكون هناك رؤية من النساء للإمام، أو لمن يراه، وأما بالنسبة للحال الذي أنتم عليها الآن فالأولى أن تصلي النساء في بيوتهن فهي خير لهن، وبمثل هذا أفتى الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/10732)
المسبوق يصل الصف ولا يقف وحده
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت الصلاة في الصف الثاني، ووجدت الصف لا يستر الإمام، وإذا وقفت وراء الإمام سأترك بيني وبين الصف فراغاً، فهل انضم للصف ولا نستر الإمام أم أستر الإمام وأقف بعيداً عن الصف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تصل الصف الذي وجدته غير مكتمل سواء كان يستر، الإمام أو لا يستره ولا تقف وحدك خلف الإمام بينك وبين الصف فراغ، لأن من السنة إكمال الصفوف الأول فالأول، لما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أتموا الصفوف فإني أراكم خلف ظهري.
فعلى المصلي أن ينضم إلى الصف الناقص امتثالاً لأمره صلى الله عليه وسلم: أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر. أبو داود.
ولأنك لو صليت وحدك فقد تكون صلاتك غير صحيحة عند جماعة من العلماء، منهم الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق وابن أبي ليلى مستدلين بما رواه الإمام أحمد وابن حبان وأبو داود من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد، قال أبو داود قال سليمان بن حرب: (الصلاة) أي يعيد الصلاة واللفظ لأبي داود هذا مع أن الأولى للمأمومين أن يبدأوا الصف من الوسط خلف الإمام، قال ابن قدامة: ويستحب أن يقف الإمام في مقابلة وسط الصف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وسطوا الإمام وسدوا الخلل. رواه أبو داود عن أبي هريرة.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: ظاهر حديث أبي هريرة وسطوا الإمام أن يقف أهل الصف الناقص خلف الإمام عن يمينه وشماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(11/10733)
من صور عدم جواز متابعة المأموم الإمام فيما يعود على صلاته بالإبطال
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص صلى مع جماعة معتقدا المغرب فقام مع الإمام إلى الرابعة وسلم مع الإمام معتقدا أن الإمام قد أخطأ في إحدى الركعات ثم تبين أنهم يصلون العشاء جمعا وعند السؤال وما الحكم استغرق خمس دقائق
ولم يعرف الحكم هل يعيد الصلاة أو يسجد للسهو
ولو طالت المدة فما الحكم الصحيح في هذه الحالة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمأموم متابعة الإمام فيما يعود على صلاته بالإبطال، ولذلك صور:
منها: حالتك، حيث كان الإمام في ركعة معتبرة في حقه وهي رابعة العشاء، وهي في حقك ركعة زائدة على ركعات المغرب، فمتابعتك له في هذه الصورة مبطلة لصلاتك، وإن كنت تظن أنه يصلي المغرب، وأن الركعة التي قام إليها إنما هي بدل عن ركعة حدث فيها ترك ركن، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب": وإن قام الإمام إلى خامسة ناسيا لم يجز للمأموم متابعته حملا على أنه ترك ركنا من ركعة وإن كان مسبوقا.
ولذا، فالواجب عليك إعادة الصلاة، ونشير إلى صورة أخرى لم ترد في سؤالك ولكننا نذكرها للفائدة، وهي: إذا كان الإمام قد قام إلى ركعة زائدة كخامسة في الرباعية، أو رابعة في الثلاثية، أو ثالثة في الثنائية، فليس للمسبوق متابعة الإمام، وإن كانت هذه الركعة هي من تمام صلاة المأموم، لأنه تابع الإمام وهو –أي الإمام- في غير صلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(11/10734)
حكم تأخر المأموم في أفعال الصلاة عن إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[أمر مهم وهو ما حكم تأخر المصلي من الرفع كأن يقول الإمام سمع الله لمن حمده وأخونا المصلي لا زال راكعاً وبعد هذه اللحظة الإمام يسجد وهو هنا المصلي رفع رأسه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل للمأموم فعل الركن بعد الإمام وإدراك الإمام ما دام متلبساً بذلك الركن، أما فعله بعد فراغ الإمام منه فلا يجوز تعمد ذلك، قال الشيخ الدردير في شرحه لمختصر خليل المالكي: فالمندوب أن يفعله بعده ويدركه فيه، وأما ما فعله بعد الفراغ من الركوع أو السجود في غير الأولى (الركعة الأولى) فحرام كأن يسجد بعد رفعه، وكذا استمراره ساجداً في السجدة الأخيرة من الركعة الأخيرة حتى يسلم. انتهي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/10735)
معنى متابعة المأموم لإمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لا بد أن أتابع الإمام وما مقصود متابعة الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمتابعة المأموم لإمامه تعني تقليده في الصلاة بحيث لا ينفرد عنه بفعل أو قول أو يسابقه أو يتخلف عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/10736)
صلاة المأموم لا تبطل ببطلان صلاة أي من المأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صلى ثلاثة في صف جماعة وصلى بينهم واحد لا تصح صلاته، فما حكم صلاة من فرق عن أخويه الاثنين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قولك لا تصح صلاته يحتمل أحد أمرين:
الأول: أن يكون المصلي شخصاً بالغاً وحصل منه بعد الشروع في الصلاة ما يبطلها، كنقض الوضوء أو تذكر نجس في ثوب أو بدن أو نحوه، فهذا لا يجوز له البقاء في الصلاة بل عليه الخروج منها، فإذا خرج لذلك فإنه لا تأثير لخروجه على صحة صلاة من بقي من المأمومين، وكذلك لو بقي فإن صلاة المأمومين صحيحة، لأن تسوية الصفوف ومن ذلك سد الفرج سنة عند جماهير أهل العلم وليس بواجب.
الثاني: أن يكون المقصود به وجود طفل بين المصلين، فهذا إن كان مميزاً فإن صلاته صحيحة وإن كان دون التمييز فلا ينبغي أن يوقف في الصف حتى لا يقطع الصف، ولكن إن أقيم في الصف فإنه لا يؤثر على صحة الصلاة للباقين لما سبق ذكره.
وعلى العموم فصلاة المأموم لا تبطل ببطلان صلاة أي من المأمومين الآخرين وإن بطلت صلاتهم جميعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/10737)
هل تجب نية الاقتداء بالمستخلف؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب نية الاقتداء بالمستخلف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعن نية الاقتداء بالمستخلف فقد ذكر في المجموع في اشتراطها وجهين، وقال: حكاهما البغوي وآخرون، وأشهرهما لا يشترط، لأن الخليفة قائم مقام الأول، وقد سبقت نية الاقتداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/10738)
حكم الاقتداء بالإمام في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الدين في صلاتي في البيت مع الإمام في المسجد على صوت المكرفون (مكبرات الصوت) *]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسألة التي سألت عنها محل اختلاف بين أهل العلم، منهم من أباحها، ومنهم من منعها، والأحوط عدم الاقتداء تجنباً للخلاف، وانظري تفصيل هذا في الفتوى رقم: 9605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/10739)
حكم نية الاقتداء بالمستخلف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب نية الاقتداء بالمستخلف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى للمصلين إذا حدث للإمام عذر يمنع من الاستمرار في الصلاة، أن يستخلفوا أحد المأمومين ليتم بهم، إذا لم يكن الإمام عيَّن لهم خليفة، فهذا أولى من أن يتموا صلاتهم فرادى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 13647.
وأما وجوب نية الاقتداء بالمستخلف ففيه وجهان، قال النووي في المجموع: وفي اشتراط نية القدوة بالخليفة في الجمعة وغيرها وجهان: حكاهما البغوي وآخرون، أصحها وأشهرها: لا يشترط لأن الخليفة قائم مقام الأول، وقد سبقت نية الاقتداء، والثاني: يشترط، لأنهم بحدث الأول صاروا منفردين، ولهذا لحقهم سهو أنفسهم بين الحدث والاستخلاف....
وأما إذا لم يوجد خليفة يكمل بهم الصلاة، أو وجد وأراد البعض أن لا يقتدي به، فلا حرج في ذلك، قال خليل: ولو صلوا بإمامين أو بعض فذَّاً جاز.....، ولا ينوي حينئذ نية الاقتداء من يكمل صلاته منفرداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/10740)
الاتفاق على الكراهة والاختلاف في الصحة
[السُّؤَالُ]
ـ[-هل تجوز الصلاة من وراء الكذاب أو الفاسق أو الفاجر أو المدخن أو المبتدع وخصوصا إن كان على علم بفقه الإمامة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في صحة الصلاة خلف الفاسق.
قال شيخ الإسلام: الأئمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق لكن اختلفوا في صحتها، فقيل لا تصح كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما، وقيل بل تصح كقول أبي حنيفة والشافعي والرواية الأخرى عنهما أي -مالك وأحمد-، ولم يتنازعوا أنه لا ينبغي توليته. ا. هـ
والقول بصحة الصلاة خلفه هو الذي يدل عليه فعل الصحابة كابن عمر رضي الله عنهما، فإنه صلى خلف الحجاج بن يوسف الثقفي على ظلمه، قال الطحاوي رحمه الله: ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى من مات منهم. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10741)
هل يشرع للمأموم التأمين في غير الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل يجوز للمأموم قول "آمين " في الصلاة المفروضة عند تلاوة الإمام سورة بها دعاء مثل خواتيم سورة البقرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمطلوب في حق المأموم أن يستمع وينصت لقراءة إمامه ولا يشتغل بدعاء أو استغفار ونحو ذلك، لأنه مأمور بالإنصات في الصلاة.
قال تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا [الأعراف: 204] .
ومع هذا، فلو قال آمين عند دعاء غير الفاتحة لم تفسد صلاته بذلك.
جاء في "المبسوط": إذا مر المصلي بآية فيها ذكر الجنة فوقف عندها وسأل، أو بآية فيها ذكر النار فوقف عندها وتعوذ بالله منها، فهو حسن في التطوع إذا كان وحده.. فأما إذا كان إماما كرهت له ذلك.. ولكن لا تفسد صلاته ... وكذلك إن كان خلف الإمام فإنه يستمع وينصت.. اهـ.
وقال ابن مفلح في "الفروع" من كتب الحنابلة: وله (أي المصلي) السؤال عند آية رحمة والتعوذ عند آية عذاب، وعنه يستحب، وظاهره لكل مصل، وعنه يكره في فرض.. ونقل الفضل: لا بأس أن يقوله مأموم ويخفض صوته.
والحاصل أن المأموم ينصت ويستمع للقراءة، ولا يقول شيئا من تأمين أو تعوذ أو سؤال، فإن فعل، فصلاته صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/10742)
حكم من ابتدأ العشاء بمن يصلي التراويح وتابعها مقتديا
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت العشاء خلف إمام يصلي التراويح، وعندما سلم انتظرت حتى نهض من جديد، وقمت معه وأكملت أربعة ركعات، فهل صلاتي صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاتك صحيحة، وكان الأولى بك أن تتم منفرداً، قال النووي رحمه الله في المجموع: ولو صلى العشاء خلف التراويح جاز، فإذا سلم الإمام قام إلى ركعتيه الباقيتين، والأولى أن يتمها منفرداً، فلو قام الإمام إلى أخريين من التراويح فنوى الاقتداء به ثانياً في ركعتيه ففي جوازه القولان في من أحرم منفرداً ثم نوى الاقتداء، الأصح الصحة. انتهى، ولا فرق بين أن يطيل الانتظار أو لا، قال الإمام النووي في المجموع: ولو سلم الإمام فمكث المسبوق بعد سلامه جالساً وطال جلوسه، قال أصحابنا: إن كان موضع تشهد الأول جاز ولا تبطل صلاته، لأنه جلوس محسوب من صلاته، وقد انقطعت القدوة، وقد قدمنا أن التشهد الأول يجوز تطويله لكنه يكره، وإن لم يكن موضع تشهده لم يجز أن يجلس بعد تسليمه، لأن جلوسه كان للمتابعة وقد زالت، فإن جلس متعمداً عالماً بطلت صلاته، وإن كان ساهياً لم تبطل ويسجد للسهو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1424(11/10743)
الصلاة خلف آكل الحرام والكاذب وكاتب التمائم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إن لم يكن إمامنا الراتب حاضرا يؤمنا رجل يأكل الحرام ويكذب ويحلف كاذبا ويتعدى على أعراض الناس ويوقف الناس على العبادات المشروعة بأحاديث كاذبة ويكتب التمائم والجماعة كلهم يعرفون ذلك ولم يوقفوه يقولون بأنهم يستحيون منه أو يخافون من سحره لا أدري كثير من الناس يكرهون الصلاة خلفه ماذا نفعل؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالفاسق بالكذب وأكل الحرام والتعدي على الأعراض تصح الصلاة خلفه مع كراهة، ذلك إذا وجد غيره من أهل الصلاح والاستقامة، ولا ينبغي للناس أن يمكنوه من إمامتهم، وراجع في ذلك الفتاوى التالية: 14675 / 1636 / 11155
أما إن كان يكتب التمائم التي فيها شرك بالله، فلا تجوز الصلاة خلفه.
وراجع الفتوى رقم: 17776 والفتوى رقم: 15453
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(11/10744)
حكم الاقتداء بالإمام عبر التلفاز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي التراويح في بيتي منفردة، ولكن أعتمد على قراءة إمام المسجد الحرام عند نقلها بالتلفاز (أتابعه في الصلاة ولكن ليس على نية أنني أصلي جماعة وهو إمامي ولكن أسمع تلاوته من التلفاز دون أن أرى الصورة؟ مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تصح صلاتك على هذا الحال المذكور في السؤال، إذ أن قراءة هذا الإمام عبر التلفاز لا تقوم مقام قراءتك لنفسك، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. رواه البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنهما، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتويين التاليتين: 11981، 36104.
وإن كنت تستمعين إلى قراءة إمام الحرم ثم تقرئين لنفسك فهذا منافٍ لخشوعك وإقبالك على الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1424(11/10745)
اقتدى بالركعة الثانية من العشاء بنية المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أنا كنت مسافرا ولما وصلت وجدت الناس يصلون العشاء جماعة في المكان الذي وصلت له ولم أصل المغرب حتى ذلك الحين فدخلت في صلاتهم في الركعة الثانية وسلمت معهم على أنها صلاة المغرب وقمت فصليت العشاء ركعتين لأني مسافر؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس عليك فيما فعلته شيء وصلاتك صحيحة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24050، 16215، 30329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(11/10746)
حكم مخالفة الإمام في مسائل اجتهادية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
إمام يصلي بالسدل وشباب خلفه يصلون بالقبض لأنه آكد كما تعرفون فهل تجب عليهم متابعة الإمام وماذا يترتب على صلاتهم وراء إمام يسدل؟ وكذلك يقوم الشباب بالجلوس قبل القيام من السجود والإمام لا يفعل ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيسن لمن يصلي خلف إمام يسدل يديه أن يضع يديه على صدره، وكذا تسن له جلسة الاستراحة عند القائلين بها مطلقاً وهم الشافعية، كما صرح بذلك الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع، وذلك لأنهم استثنوا من وجوب متابعة الإمام في أفعال الصلاة جلسة الاستراحة لأنها جلسة يسيرة ولذا منعوا إطالتها.
وعليه فلا حرج على هؤلاء الشباب في مخالفتهم لإمامهم في هذه الأمور، وكلٌ يثاب على اجتهاده أو تقليده في مثل هذه المسائل الاجتهادية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1424(11/10747)
إمام الحي يطيل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدينا إمام مسجد في الحي أنا لا أحب الصلاة خلفه لأنه يطيل في الصلاة وهولا يجود قراءة القرآن بصوت حسن، أفتونا، مأجورين يجزيكم الله خير الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للإمام إذا صلى بالناس أن يخفف في صلاته وأن يراعي أحوالهم، ففي قصة تطويل معاذ بالصلاة وقول النبي صلى الله عليه وسلم له: أفتّان أنت يا معاذ. موعظة بليغة للأئمة.
وعلى الأخ السائل أن يبادر إلى نصح هذا الإمام بالحكمة واللين والقول الحسن، ويبين له ما ورد بخصوص التخفيف في صلاة الإمام بالناس، ثم إذا لم يستجب الإمام للنصح، فلا مانع من الذهاب للصلاة خلف إمام غيره.
مع التنبيه إلى أن حسن الصوت ليس شرطاً في الإمامة، وإن كان الأفضل تقديم الأحسن صوتاً، إذا تساوى مع غيره في الحفظ والإتقان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1424(11/10748)
موقف المرأة من الرجل في صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب مقبل على الزواج قريبا إن شاء الله، أود أن أسأل عن كيفية صلاة الجماعة مع الزوجة، هل تقف بجانبي أم خلفي؟ أيضا قد سمعت أن الصحابة كانوا يصلون الفرض في المسجد والسنة يصلونها جماعة مع زوجاتهم في البيت، فهل كانت صلاتهم جهرية أم لا؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا صلت المرأة خلف الرجل، فإنها تقف خلفه ولا تقف عن يمينه، لما رواه الشيخان عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، فأكل منه ثم قال: قوموا، فأصلي لكم، قال أنس بن مالك: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم انصرف.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث: وفيه: أن المرأة تقف خلف الرجال، وأنها إذا لم يكن معها امرأة أخرى تقف وحدها متأخرة. ا. هـ
والأفضل للرجل أن يصلي الراتبة والنوافل في منزله، لما في الصحيحين عن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ... فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المتكوبة.
والأصل أن يصليها منفرداً لا جماعة، ولا بأس بصلاتها جماعة أحياناً، وقد فصلنا هذا في الفتوى رقم: 9841، وتكون سراً إذا كانت من نافلة النهار، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 34896.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(11/10749)
من الأعذار المبيحة لانفصال المأموم عن إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ لدي سؤال بخصوص
هل يجوز التسليم في الصلاة قبل الإمام وذلك خوفاً من خروج ريح أو صوت وحيث أنه وجد قول يجيز الخروج قبل الإمام ولا ندري هذا القول معتبر عند أهل العلم أم لا؟
أفيدونا بارك الله فيكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المأموم مطالب باتباع إمامه في جميع أركان الصلاة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
ووجوب الائتمام تلزم منه متابعة الإمام وعدم مسابقته، قال خليل في المختصر ذاكراً شروط صحة اقتداء المأموم بالإمام: ومتابعة في إحرام وسلامٍ.
وعليه، فإن السلام قبل الإمام مبطل للصلاة إذا كان لغير عذر، أما إذا كان المأموم له عذر شرعي وتشق عليه مواصلة الاقتداء بالإمام، فيجوز له الانفصال عنه، ومن العذر الشرعي خوف خروج حدث تعسر معه متابعة الإمام، فيشرع لهذا الشخص أن ينفرد عن الإمام ويخفف في صلاته ويسلم.
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع ذاكراً بعض الأعذار التي تبيح انفصال المأموم عن الإمام: من الأعذار أيضاً أن يطرأ على الإنسان غازات يشق عليه أن يبقى مع إمامه فينفرد ويخفف وينصرف، ومن الأعذار أيضا أن يطرأ عليه احتباس البول فيحصر ببول أو غائط. انتهى
وإذا كان خروج الحدث المذكور بسبب سلس بأن تكرر خروجه كثراً، فيرجع في ذلك إلى الفتوى رقم: 8777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(11/10750)
إذا قام المأموم وحده من اثنتين واستقل فإنه يرجع
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم بعض المصلين في الجماعة يقوم في الركعة الثانية عن التشهد الأوسط، فهل يجلس تبعا للإمام أو ينتظر حتى يفرغ الإمام مع العلم بأنه أدرك ركن الوقوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المأموم متابعة إمامه في الركوع والسجود والجلوس ونحو ذلك من أفعال الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به.
قال النووي في المجموع: يجب على المأموم متابعة الإمام ويحرم عليه أن يتقدمه بشيء من الأفعال. انتهى.
وعلى هذا فلا يجوز لأحد تعمد فعل ذلك، وإن حصل عمداً أو سهواً وجب الرجوع للإمام وإلا بطلت الصلاة، قال الدسوقي -وهو مالكي- بعد أن تكلم عن أحوال قيام الإمام عن جلسة الوسطى، ثم أتبع ذلك بحكم المأموم فقال: وأما هو إذا قام وحده من اثنتين واستقل فإنه يرجع لمتابعة الإمام. إلى أن قال: فإن خالف إمامه ولم يتبعه بطلت للعامد والجاهل لا للساهي والمتأول. انتهى.
ومن أهل العلم من فرق بين من فعل ذلك سهواً فيجب عليه العود، وبين من فعله عمداً فلا يجوز له الرجوع، قال في المنهاج -وهو شافعي- ممزوجاً بشرح مغني المحتاج عليه: وللمأموم إذا انتصب ناسياً وجلس إمامه للتشهد الأول العود لمتابعة إمامه في الأصح لأن المتابعة فرض. إلى أن قال: أما إذا تعمد الترك فلا يلزمه العود، وإن كان ظاهر كلام المصنف وجوبه بل يسن، كما رجحه في التحقيق غيره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(11/10751)
كيف يقضي من فاتته ركعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[فاتتني الركعة الأخيرة من صلاة المغرب كيف أقضي صلاتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا فاتتك الركعة الأخيرة من المغرب أو أية صلاة أخرى، لسبب ما من مزاحمة أو رعاف أو نعاس أو سهو ونحو ذلك، فعليك أن تأتي بركعة بدلها بعد سلام الإمام، تقرأ فيها الفاتحة وحدها، لأنها الركعة الأخيرة، إلا إذا كانت صلاة صبح أو جمعة، فإنك تقرأ الفاتحة وسورة معها، ثم تسلم ولا تسجد سجود السهو، لأن الإمام يحمل عنك ذلك، والأصل في هذا حديث ذي اليدين: لما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من اثنتين قال: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: لم أَنْس ولم تقصر، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم.... الحديث أخرجه الجماعة.
وأما إذا كنت متعمداً تفويت الركعة، فصلاتك باطلة ويجب أن تعيدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1424(11/10752)
حكم صلاة المنفرد مع الإمام بنية الانفراد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الصلاة بنية المفارقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود السؤال عن حكم مفارقة المأموم لإمامه، فالجواب أن ذلك جائز في حالات، منها:
- ما إذا أطال الإمام القراءة طولاً تحصل معه المشقة الزائدة للمأموم؛ بدليل إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي صلى خلف معاذ فلما أطال القراءة قطع الصلاة وأتى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو له معاذًا. والحديث في الصحيحين.
- ومنها: ما إذا طرأ للإمام حدث فإنه يجب على المأموم أن يفارقه بالنية.
- ومنها: ما لو صلى صلاة الصبح مثلاً مع من يصلي الظهر أو العصر، فله أن يفارقه إذا أكمل هو صلاته على قول. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 16215.
وإذا كان المقصود حكم صلاة المنفرد مع الإمام بنية الانفراد لا بنية الاقتداء به مع متابعته له في أفعال الصلاة، كأنه مقتدٍ به، فهذه الصورة نص على جوازها بعض الفقهاء.
قال عبد الباقي في شرحه لمختصر خليل في معرض كلامه على حالات الاقتداء: منها: أن يتابعه في أفعاله ولا يتحمل الإمام عنه شيئًا من السهو، ويأتي في صلاته بما تتوقف صحتها عليه، فهو إنما يتابعه صورة لا حقيقة، وهذه لا يشترط فيها نية الاقتداء، وصلاته صحيحة بدونها. وإنما يلجأ لهذه الحالة غالبًا من يعلم من حال الإمام ما يقدح في صحة صلاته ويخشى ضررًا لو صلى منفردًا عنه. انتهى من عبد الباقي بتصرف قليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(11/10753)
حكم الصلاة خلف من تفوه بكلام قبيح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
ما حكم الصلاة خلف إمام قال وهو يخاطب المأمومين أثناء درس: لولا مهنتي هذه لما صليت بكم ولما أخرج للتقاعد ربما لا أصلي إطلاقا لما أتذكر بعض المصلين ثم إن شاء غفر لي وإن شاء لم يغفر لي". وأنا شاب من الحاضرين لم يعجبني الأمر فخرجت من المسجد ولم أصل العشاء خلفه بل في الدار وذلك لاعتقادي أن قوله هذا يجعله كافرا.
أجيبوني عاجلا وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أن هذا الإمام قال ما قال من الكلام غضبًا وتذمرًا لما يعانيه من سوء المعاملة.
فإن كان الأمر كذلك، فإنه لا يعد كافرًا بهذا القول، مع أنه قول قبيح لا يليق مثله بمسلم، فأحرى بإمام مسجد. فقد روى الشيخان والترمذي وابن ماجه وأحمد ومالك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب.
فعليه إذن أن يتوب إلى الله مما قال، ولا ينساق مع الشيطان في كل ما يحمله عليه، فإنه لا يدعو إلى خير أبدًا. وإِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6] .
وإن كان الحامل عليه حقيقة هو الاستهزاء بأمر الدين، فإن ذلك حينئذ يكون كفرًا مخرجًا من الملة. قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65، 66] .
ولكن هذا الاحتمال يبقى مرجوحًا-كما تقدم- ولا يمكن الحكم عليه به إلا من إقراره هو أو بقرينة تؤكده.
وعليه، فلا تجوز لك مقاطعة المسجد، لأن صلاة الجماعة واجبة على ما رجحه العلماء، وتاركها آثمٌ. انظر الفتوى رقم: 1798.
ثم هي: تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. كما في حديث الشيخين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/10754)
كيف يقضي المسبوق ما فاته على المذهب المالكي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أما سؤالي فهو عن كيفية إتمام الصلاة الجهرية علي المذهب المالكي مثلا: دخلت على جماعة يصلون العشاء وقد سبقوني بركعة جهرية هل أتمها بالفاتحة سراً أم بالفاتحة وسورة جهراً؟
أفيدونا جزاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي يلزمك حسب المذهب المالكي هو أن تقضي تلك الركعة التي فاتتك وتقرأ فيها بالفاتحة والسورة جهرًا، ففي التاج والإكليل ما يلي: من المدونة قال مالك: ما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته، يريد في القيام والجلوس. قال: لا أنه يقضي مثل الذي فاته، يريد من القراءة. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/10755)
ماذا يفعل المأموم عند انقطاع صوت الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المأموم عند انقطاع صوت الإمام وقد اختلف عليه في الركعة الأخيرة هل يتم الصلاة كمن فاتته ركعة أو أكثر أم يعيد صلاته أو صلاته صحيحة؟.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا انقطع صوت الإمام ولم يمكن الاقتداء به، أتم المأموم صلاته بنفسه، ولا تلزمه إعادة الصلاة.
قال في مغني المحتاج نقلا عن فتاوى البغوي: وفيها: ولو رد الريح الباب في أثناء الصلاة، فإن أمكنه فتحه حالا فتحه ودام على المتابعة، وإلا فارقه.
وبين أن صورة ذلك فيما إذا لم يعلم انتقالات الإمام بعد رد الباب.
وإن قدم المأمومون من يتم بهم الصلاة، صح ذلك، لأن الإمام الذي انقطع صوته ولم تمكن رؤيته ولا رؤية من خلفه يعتبر في حكم العاجز عن إكمال الصلاة، فلا حرج في تقديم غيره مكانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1424(11/10756)
ما يتحمله الإمام عن المأموم وما لا يتحمله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا حدث خطأ من المأموم أثناء صلاة الجماعة والإمام صلاته صحيحة فما حكم ذلك؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أخطاء المأموم التي تبطل الصلاة مثل ترك الركن أو الركعة لا يحملها الإمام عنه، بل عليه هو أن يتداركها قبل فوات محلها، كما سبق في الفتوى رقم: 25986، فإن لم يتداركها حتى سلم وطال الفصل بطلت الصلاة، أما أخطاؤه التي لا تبطل صلاته، كترك المستحبات والسنن ونحو ذلك، فيتحملها الإمام، ولا يطالب المأموم بالسجود لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1424(11/10757)
حكم اقتداء المأموم بإمام يصلي في غرفة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة المرأة في البيت فيما زوجها يصلي في غرفة أخرى بنفس البيت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تريدين صحة الاقتداء بزوجك الموجود في غرفة غير الغرفة التي أنت فيها فهو صحيح إذا كنت ترينه رؤية يمكنك معها الاقتداء به ومعرفة حركاته، وإن كنت تقصدين أمراً آخر فبينيه لنا.
هذا، وننبه هذا الرجل الذي يصلي في بيته على أهمية أداء الصلاة في الجماعة، وحكمها بالنسبة لمن لم يكن له عذر من الرجال، ونحيله في ذلك على الفتوى رقم: 1415، والفتوى رقم: 5153 فليرجع إليهما للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(11/10758)
حكم اقتداء المأمومين بحيث لا يعلمون بانتقالات الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في المسجد طابقان، ينقطع أحيانا الصوت عن الطابق السفلي ويعود بعد حين، فيكون المأمومون قد اختلفوا على الإمام. فما حكم صلاة المصلين في الطابق السفلي. أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الكلام عن الصلاة في مكان لا تمكن للمأموم فيه رؤية الإمام أو من يأتم به، وذلك في الفتويين التاليتين: 9605، 15440.
وإذا صلى البعض في مكان لا يرون منه الإمام أو من يأتم به إلا أنهم يعلمون بانتقالات الإمام - عبر الجهاز مثلاً - فانقطع الصوت، فإنهم بين خيارين: الأول وهو الأفضل أن يقدموا أحدهم ليصلي بهم إمامًا. وراجع الفتوى رقم: 4925 والثاني: أن ينووا الانفصال عن الإمام ويصلوا فرادى.
قال ابن قدامة في المغني: وإن أحرم مأمومًا ثم نوى مفارقة الإمام وإتمامهما منفردًا لعذر جاز؛ لما روى جابر قال: (كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم، فأخَّر النبي صلى الله عليه وسلم العشاء فصلى معه، ثم رجع إلى قومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده. فقيل له: نافقت يا فلان. قال: ما نافقت، ولكن لآتينَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُخْبره. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: أفتَّانٌ أنت يا معاذ؟ - مرتين - ثم اقرأ سورة كذا وسورة كذا ... ) متفق عليه. انتهى المراد من كلام ابن قدامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(11/10759)
الصلاة خلف أهل البدع بين الصحة والبطلان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
هل تجوز الصلاة خلف كافة الأئمة مهما كان مذهبهم، حتى ولو كانوا ممن يسبون الصحابة أو يدّعون ألوهية علي رضي الله عنه أو يزعمون أن القرآن الذي بين أيدينا محرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة خلف جميع الأئمة جائزة، ولو كانوا فاسقين، وكذا الصلاة خلف الإمام الذي يخالف المأموم في مذهبه، كصلاة الحنفي خلف الشافعي والعكس، وقد بينا ذلك بيانا شافيا في الفتوى رقم: 15360 والفتوى رقم: 17301.
أما الصلاة خلف أهل البدع الموصلة إلى الكفر، فلا تجوز بحال، وذلك مثل من يستغيث بالأموات، أو يدعو غير الله، أو يذبح له، أو يسب الصحابة رضي الله عنهم أو يدَّعي تحريف القرآن، أو أن جبريل عليه السلام أخطأ في الرسالة فنزل بها على محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الخطأ، أما من لم تكن بدعته مكفرة، فالصلاة خلفه جائزة، وإن كان من الأفضل البحث عن غيره، وراجع الفتوى رقم: 4159 والفتوى رقم: 9642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(11/10760)
حكم الصلاة في المنزل اقتداء بالإمام في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن أصلي صلاة جماعة في منزلي مع المسجد الذي بالقرب منا؟ علما بأنني أسمع الصلاة جيدا في المنزل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه تجوز لك الصلاة في المنزل جماعةً اقتداءً بالإمام في المسجد على الراجح كما هو مفصَّل في الفتوى رقم: 10314.
ويجوز لك أيضًا الخروج إلى المسجد للصلاة فيه، ولا يحق للزوج منعكِ من ذلك، وتكونين في حالة الخروج خالية من الزينة مع عدم الاختلاط بالرجال؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات. رواه أحمد في المسند وأبو داود في السنن.
ومعنى تفلات: خاليات من الزينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(11/10761)
بنت عشر سنين تعامل معاملة المرأة الكبيرة في الأحكام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم صلاة البنت ذات 10 سنوات في الصف الأول مع الرجال؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بنت عشر سنين لا يجوز أن تصفّ مع الرجال في الصف الأول، بل يجب أن تعامل معاملة المرأة الكبيرة، وذلك لأن بنت العشر ممن يشتهى غالبًا. وقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع، كما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين.
وعليه، فلا يجوز اصطفافها مع الرجال، لما يخشى من مسهم إياها.
وقد وضح بعض الفقهاء المستوى العمري الذي يحرم فيه نظر عورة البنت ومسها، فقال:
وبنت ست لا يجوز نظر ... عورتها واللمس من ذا أخطر
وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه في صلاته صلى الله عليه وسلم في بيت مليكة قال: فصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا.
قال ابن عبد البر في التمهيد: وإذا كان رجلان وامرأة قام الرجل عن يمين الإمام وقامت المرأة خلفهما، وهذا لا خلاف فيه، وبهذا احتج أحمد بن حنبل في أن المرأة سنتها أن تقوم خلف الرجال لا تقوم معهم في الصف.
هذا ويجدر التذكير هنا بحديث معقل بن يسار في خطورة مس الأجانب: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(11/10762)
حكم كون المريض المنفرد عن يسار الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان المريض لا يستطيع أن يتحرك من مكانه، فهل يجوز للإمام أن يقوم على يمين هذا المريض إماما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يندب أن يقف المأموم المنفرد عن يمين الإمام، كما في حديث ابن عباس. قال ابن عبد البر في التمهيد: إنه سنة مسنونة مجتمع عليها. أن الإمام إذا قام معه واحد لم يقم إلا عن يمينه.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 7010.
وإذا كان المأموم مريضًا لا يستطيع الحركة فينبغي للإمام أن يقف عن يسار المأموم حتى يحصل المراد، ويدل لذلك صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عن يسار أبي بكر كما رواه البخاري عن عائشة قالت: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَاعِدًا، يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فإن لم يجد الإمام مكانًا عن يسار المريض فلا حرج عليه في القيام عن يمينه؛ لأن الأمر لا يعدو درجة الندب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(11/10763)
حكم إمامة المشكوك في فسقه
[السُّؤَالُ]
ـ[في العمل نصلي جماعة وراء أكثر من إمام من زملائنا، فهل تجوز الصلاة وراء شخص مشكوك فيه من الناحية المالية أو الأخلاقية أو الإنسانية، فهل نتترك صلاة الجماعة أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أداء الصلاة مع الجماعة واجب على الراجح من أقوال أهل العلم، ولا يسوغ ترك هذا الواجب الشك في فسق الإمام، بل ولا تحقق فسقه إذا لم يوجد غيره.
وقد سبقت الإجابة على حكم الصلاة خلف الفاسق المحقَّق فسقه برقم: 16978 فليرجع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(11/10764)
ضوابط لإمامة الفاجر في الصلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة وراء إمام يدخن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الاقتداء بإمام مدخن، وذلك في الفتوى رقم: 17894 ونضيف هنا فنقول: إنه إذا أمكن عدم تقديمه في الإمامة فلا يجوز تقديمه.
قال ابن تيمية بشأن الصلاة خلف أهل الفجور في مجموع الفتاوى: لكن أوسط الأقوال في هؤلاء أن تقديم الواحد من هؤلاء في الإمامة لا يجوز مع القدرة على غيره، فإن من كان مُظهِرا للفجور أو البدع يجب الإنكار عليه، ونهيه عن ذلك، وأقل مراتب الإنكار، هجره لينتهي عن فجوره وبدعته. انتهى.
وإذا لم يمكن منعه إلا بمفسدة أعظم، لم يجز منعه، بل يصلى خلفه.
قال ابن تيمية في موضع آخر: فإذا لم يمكن منع المظهر للبدعة والفجور إلا بضرر زائد على ضرر إمامته، لم يجز ذلك، بل يصلي خلفه، ما لا يمكنه فعلها إلا خلفه كالجُمَع والأعياد والجماعة إذا لم يكن هناك إمام غيره. انتهى.
وهذا يعني أنه إذا أمكن الصلاة خلف الإمام البر فهو أولى.
قال ابن تيمية وأما إذا أمكن فعل الجمعة والجماعة خلف البر، فهو أولى من فعلها خلف الفاجر، وحينئذ فإذا صلى خلف الفاجر من غير عذر، فهو موضع اجتهاد العلماء. انتهى.
ثم حكى أقوالهم في إعادته الصلاة، وقال بعد ذلك: وأما إذا لم يمكنه الصلاة إلا خلفه كالجمعة فهنا لا تعاد الصلاة، وإعادتها من فعل أهل البدع. انتهى.
فهذه بعض الأمور التي لا بد من مراعاتها عند الكلام عن الصلاة خلف أهل البدع والفجور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(11/10765)
الأصل عدم الشك في طهارة ثوب الإمام وبدنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المأموم خلف من لا يستنزه من بوله؟ يوجد لدينا في العمل مبولة يستخدمها الجميع في التبول وأعتقد أنها تصيب الثوب بالنجاسة بسبب رذاذ البول مما جعلني لا أئتم بالجماعة عند الصلاة في العمل وأصلي منفرداً وإن صليت معهم أعيد الصلاة مرة أخرى فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطهارة ثوب المصلي وبدنه ومكانه شرط من شروط صحة صلاته، لكن لا يعني ذلك أن من شك في طهارة شخص ما أنه يحكم عليه بالنجاسة، فالمسلمون يحملون على الطهارة حتى يتحقق عدمها، وعليه فمجرد الشك المذكور لا يبيح لك التخلف عن صلاة الجماعة. ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 29831.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(11/10766)
حكم الركوع قبل الإمام سهوا أو عمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صلى خلف إمام فحدث منه سهو حيث إنه دخل شخص للصلاة وكبر فحسب المأموم الذي صلى في الخلف الإمام ركع فركع وجاء بذلك الخطأ حتى الصف الذي أمامه ولم ينهض حتى كبر الإمام للركوع وهو في وضع الركوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الركوع قبل الإمام يحرم تعمده، ولا شيء في فعله خطأ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر الغفاري: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه أخرجه ابن ماجه.
في كلتا الحالتين لا تبطل صلاة فاعله، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 32257.
وإذا علم بخطئه قبل ركوع الإمام، فعليه أن يرجع قائماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(11/10767)
حكم الصلاة خلف الجاهل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
أنا شاب مسلم من تونس أعيش في بلد كثرت فيه مظاهر الكفر (سب الدين سب الجلالة الاستهزاء بالرسول والصحابة ... ) حتى أصبحت هذه الظاهرة عادية عند كافة الناس التي تقضي بتكفيرهم وأغلبية أئمة المساجد مع الأسف يجهلون هذه المسألة لأن أغلبيتهم من عامة الناس فهل تجوز الصلاة خلفهم؟ وماذا أفعل لأحافظ على ديني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحفظ عليك دينك ويثبتك عليه حتى تلقاه، أما ما ذكرت فلا شك أنه من المنكرات العظام، نسأل الله العافية والسلامة، وعلى من ابتلي بالعيش في مثل هذه المجتمعات أن يسعى جاهدًا وبحكمة وعلم في إصلاح هذا الفساد العظيم والشرك المستبين، وغالب الظن أن هذه الظاهرة في المجتمع المسلم تنتج عن جهل بأحكام الشرع، وإلا فلا يتصور أن مسلمًا يسب الله ورسوله ويستهزئ بهما، وهو يقرأ قول الله عز وجل: وَلَئَنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُوَنَ إِنِّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ * لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65، 66] .
وعلى خطباء وأئمة المساجد قبل غيرهم يقع واجب تبصير الناس بأمور العقيدة، وإذا كان هؤلاء يجهلون هذه الأمور، فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما الصلاة خلفهم فصحيحة، وتنظر في بيان ذلك الفتوى رقم: 24730، والفتوى رقم: 18748 والفتوى رقم: 24504
والذي ننصحك به أن تعكف على تلاوة كتاب الله عز وجل والتفقه في السنة الصحيحة مع البحث عن أهل الخير والدين، ولن يعدموا، فإن حاجة المسلم في مثل هذه المجتمعات إلى صحبة خيرة دينة من الضروريات، نسأل الله تعالى لنا ولك الإعانة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(11/10768)
حكم اقتداء من يصلي العشاء بمن يصلي المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أسافر وقد أتنقل لمدة أسبوع فكيف أعمل في الصلاة أقصر أو أتم حيث أني بعض الأحيان أصلي المغرب في جماعة وأقوم لأداء صلاة العشاء وإذا ببعض المصلين يصلون في صلاة المغرب فهل أدخل معهم في صلاة المغرب بنية العشاء أم ماذا أفعل؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يسن للمسافر سفرًا لا يقل عن مسافة واحد وثمانين كيلومترًا أن يَقْصُر الصلاة الرباعية ركعتين، وهي: الظهر والعصر والعشاء. كما يشرع له الجمع بين صلاة الظهر والعصر، وبين صلاة المغرب والعشاء، جمع تقديم أو جمع تأخير. فمن زالت عليه الشمس وهو في حال النزول، فالأفضل في حقه أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم، إذا كان قد نوى أن لا ينزل بعد ذلك قبل اصفرار الشمس.
وإن كان قد زالت عليه الشمس وهو في أثناء السير، فالأفضل في حقه جمع الظهر والعصر جمع تأخير، ومن غربت عليه الشمس وهو نازل، فالأفضل في حقه تقديم العشاء مع المغرب، وأما من غربت عليه الشمس فله تأخير المغرب إلى العشاء.
روى البخاري في صحيحه عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم يجمع بينهما، وإذا زاغت صلى الظهر ثم ركب. وفي رواية عند الإسماعيلي: إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل. ولـ البخاري أيضًا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر صلاة المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء.
وأما ما ذكرت من صلاة العشاء مع من يصلي المغرب. فلك أن تدخل معهم بنية العشاء، فإذا سلم الإمام من الركعة الثالثة قمت وأتيت بركعة رابعة، على خلاف بين العلماء في ذلك، والصحيح جوازه إن شاء الله، وهو مذهب الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد وهو اختيار الشيخ الإسلام. وانظر المجموع للنووي والإنصاف للمرداوي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(11/10769)
أقوال العلماء في صلاة المأموم أمام الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
السلام عليكم ورحمة الله.
هل تجوز الصلاة أمام الإمام؟
التفصيل: جل المساجد عندنا بفرنسا كانت محلات تجارية حولت إلى مصليات، فهي ناقصة المرافق والترتيبات اللائقة مثل هذا المصلى الذي يقف الإمام في ركن من أركانه ويقف جل المصلين خلفه، وبعض المصلين وخاصة المصليات أمامه يفصل بينهن بستار لكن تسمع أصواتهن وكلامهن وإن خفي، فهل تجوز الصلاة في مثل هذه الحال؟ علما أن القضية ليست ضرورية، لأنه توجد مصليات بالقرب منه، وجازاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في صحة صلاة المأموم أمام الإمام على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها تصح مع الكراهة، إن كان ذلك بغير عذر، أما إن كان لعذر كضيق المسجد، جاز من غير كراهة، وهذا مذهب المالكية، جاء في الشرح الكبير: (و) كرهت للجماعة (صلاة بين الأساطين) أي الأعمدة (أو) صلاة (أمام) أي قدام (الإمام) أو بمحاذاته (بلا ضرورة) .
وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: قوله: أو أمام الإمام، أي ولو تقدم الجميع؛ لأن مخالفة الرتبة لا تفسد الصلاة كما لو وقف على يسار الإمام، فإن صلاة المأموم لا تبطل.
وعند المالكية لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة.
قال صاحب كفاية الطالب الرباني من المالكية: إلا أن المرأة إذا تقدمت إلى مرتبة الرجل أو أمام الإمام فكالرجل يتقدم، فيكره له ذلك من غير عذر، ولا تفسد صلاته ولا صلاة من معه.
الثاني: أنها لا تصح مطلقا، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد في المشهور من مذهبهما.
قال الإمام السرخسي من الحنفية: وإن تقدم المقتدي على الإمام لا يصح اقتداؤه به
وقال الإمام النووي من الشافعية: إذا تقدم المأموم على إمامه في الموضع، فقولان مشهوران: الجديد الأظهر، لا تنعقد.
وقال الإمام ابن قدامة: السنة أن يقف المأمومون خلف الإمام، فإن وقفوا قدامه لم تصح.
الثالث: أنها تصح مع العذر دون غيره مثل ما إذا كان زحمة فلم يمكنه أن يصلي الجمعة أو الجنازة إلا أمام الإمام، فتكون صلاته أمام الإمام خيرا من صلاته وحده، وهذا القول قول في مذهب الإمام أحمد، ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، واختاره، وهذا القول هو أرجح الأقوال.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وذلك لأن التقدم على الإمام غايته أن يكون واجبا من واجبات الصلاة في الجماعة، والواجبات كلها تسقط بالعذر.
وبهذا النقل تعلم أن صلاة المأموم أمام الإمام لا تصح إلا إذا كان ذلك لعذر، فإن كان يمكن الاستغناء عن المصليات التي يحدث فيها تقدم على الإمام بغيرها من المصليات، صحت فيها صلاة من تأخر خلفه ولم تصح صلاة من تقدم عليه، وإن كان لا يمكن الاستغناء عن الصلاة فيها بالصلاة في غيرها وكان المتقدم على الإمام معذورا لضيق المسجد ونحو ذلك صحت صلاة الجميع، ولا يضر في مثل هذا تقدم النساء على الإمام مع وجود الساتر إذا لم يمكن جعلهن خلف الرجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(11/10770)
من صلى إماما ثم تبين له أن وضوءه غير صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت قد صليت إماما بصديق لي صلاة الظهر ولكن بعد أن ذهبت بفترة تأكدت أن وضوئي غير صحيح أي صليت بلا وضوء، فقمت وأعدت الصلاة بالمنزل ولكن لم أخبر صديقي ماذا أفعل أأخبره ليعيد الصلاة ولو بعد يومين أم ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعلته من قضائك للصلاة التي صليتها بغير وضوء هو ما يجب فعله؛ لأن صلاتك الأولى لم تنعقد لفقد الطهارة من الحدث وهي شرط صحة الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة بغير طهور.
قال النووي: أجمعت الأمة على أنه من صلى محدثاً مع إمكان الوضوء فصلاته باطلة وتجب إعادتها بالإجماع سواء أتعمد ذلك أم نسيه أم جهله. انتهى.
وأما صديقك الذي ائتم بك فصلاته صحيحه، ولا يلزمك إخباره بذلك، وانظر في حكم هذه المسألة بتفصيل أكثر الفتوى رقم: 27368.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(11/10771)
محل جواز فتح المرأة على الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للمراة أن تفتح على زوجها إذا أخطأ وهو يصلي بها إماما، وهل لها أن تقول آمين بصوت مسموع في الصلاة إذا قال ولا الضالين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة إذا صلت وراء زوجها أن تفتح عليه إذا نسي آية، ولها أن تقول آمين بصوت مسموع في الجهرية عند الانتهاء من قراءته للفاتحة، وليُعلم أن المرأة كالرجل في أركان الصلاة وشروطها وأبعاضها، وكذلك هيئاتها المسنونة إلا في شيء يسير منها، ومن ذلك أنه يكره لها الجهر بحضور أجانب يسمعون صوتها، جاء في نهاية المحتاج: يكره جهرها في الصلاة أي بأن كانت بحضرة أجانب، فإن كانت بحضرة محرم أو خالية فلا كراهة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1424(11/10772)
تقدم المأموم على الإمام بركوع أو غيره من الأفعال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال هو: في إحدى صلواتي عندما كبر الإمام للركوع ركعت والشيء الذي فعلته هو أني وقفت قبل أن يرفع الإمام ثم أدركت أني في غلط ثم ركعت مرة أخرى هل أعيد الصلاة مرة أخرى أم ليس في صلاتي شيء؟
والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمتابعة المأموم لإمامه واجبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، ولا ترفعوا قبله. متفق عليه.
وورد في رفع المأموم رأسه قبل الإمام ترهيب شديد، وذلك في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار.
وما دمت أيها الأخ الكريم قد عرفت خطأك بسبق الإمام وأن ذلك محرم، فعليك التوبة، وصلاتك صحيحة -إن شاء الله- ولا تلزمك إعادتها لأن المخالفة للإمام يسيرة، ولا تَعُدْ لمثل هذا.
ونسوق ههنا نصاً للإمام النووي رحمه الله في كتابه "المجموع شرح المهذب" حول هذه المسألة، قال هناك: الحال الثالث: أن يتقدم المأموم على الإمام بركوع أو غيره من الأفعال، فقد ذكرنا أنه يحرم التقدم، ثم ينظر إن لم يسبق بركن كامل بأن ركع قبل الإمام فلم يرفع حتى ركع الإمام لم تبطل صلاته عمداً كان أو سهواً، لأنه مخالفة يسيرة، هذا هو المذهب وبه قطع المصنف والجمهور، وحكى أبو عليّ الطبري والقاضي أبو الطيب والرافعي وجهاً أنه إن تعمد بطلت صلاته، وهو شاذ ضعيف. وإذا قلنا: لا تبطل فهل يعود؟ فيه ثلاثة أوجه:
الصحيح الذي قطع به جماهير العراقيين وجماعات من غيرهم: يستحب أن يعود إلى القيام ويركع معه.. وحكى الوجهين الآخرين وهما: أنه يجب عليه العود، والثالث يحرم عليه العود.
والصحيح -إن شاء الله- هو العود حتى يوافق الإمام فيكون متبعاً للسنة عاملاً بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(11/10773)
الأولى ألا يسلم إلا بعد ما يسلم الإمام التسليمة الثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الأئمة يقومون بتسليمة واحدة ثم بعد ما يقوم المأمومون بسلام يسلمون التسليمة الثانية ومنهم من يسلم الثانية سراً فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم التسليمة الثانية، وقد ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 4161.
وقلنا إن من اقتصر على تسليمة واحدة صحت صلاته.
وعليه، فإذا قام المأموم أو سلم قبل أن يسلم الإمام التسليمة الثانية، فإن صلاته صحيحة. مع أن الأولى والأحوط للمأموم أن لا يسلم إلا بعد ما يسلم الإمام التسليمة الثانية خروجاً من خلاف من قال ببطلان صلاته حينئذ، وهو قول قوي له حظ كبير من النظر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1424(11/10774)
هل يكمل المأموم الآية إذا ركع الإمام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
في صلاة الجماعة، إذا ركع الإمام هل أركع مباشرة أم أكمل الآية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت الآية قصيرة وكان المأموم على يقين أنه سيدرك الركوع مع الإمام فلا يعد إكمالها تخلفاً عن الإمام، وإن كانت طويلة فينبغي له قطعها ومتابعة الإمام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا..... متفق عليه.
قال الإمام النووي في المجموع: ومن التخلف بلا عذر أن يركع الإمام فيشتغل المأموم بإتمام قراءة السورة، قالوا: وكذا لو اشتغل بإطالة تسبيح الركوع والسجود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(11/10775)
صل خلفه ولو كنت غير مطمئن ومنشرح للصلاة خلفه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالب أعيش في قبرص أحب الذهاب للصلاة في المسجد ولكن لا أعجب بالإمام حيث إنه يسابق الريح في صلاته إلى درجة أني لا أستطيع قراءة الفاتحة في الركعات الثالثة والرابعة بالإضافه إلى أنه يتغنى بالقرءان إلى شكل يزعجني فلا أستطيع الخشوع في صلاتي وكلي خوف من أن لا تقبل صلاتنا بالإضافة إلى أنه إذا أرشدته إلى أخطاء فإنه لا ينتصح فما العمل أنا أكره أن أصلي وراءه فهل تجوز صلاتي وراءه مع العلم أنه لا يوجد مسجد آخر في المنطقة لا تؤاخذوني لكتابتي فإني لا أملك لوحة مفاتيح عربيه وقد استغرقت مني كتابة هذا الاستفسار وقتاً طويلاً جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أمكنك أداء الصلاة خلف هذا الإمام على الوجه الصحيح، وكانت صلاته على وجه تصح به بأن توافرت فيها شروط الصحة واكتملت أركانها وواجباتها، فلا تسقط عنك الجماعة، بل تصليها معه، ولو كنت غير مطمئن ومنشرح للصلاة خلفه، وخصوصاً أنه لا يوجد غير مسجده.
وتنبغي لك مواصلة نصحه بالرفق والحكمة، واستعن عليه بغيرك من المصلين عسى الله تعالى أن يهديه ويسدده على يديك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1424(11/10776)
المسبوق يتبع إمامه في كل شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت في الصلاة وكنت متأخرا بركعة أو ركعتين، هل إذا قام الإمام للركعة الثالثة أكبر لها أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المأموم يتبع إمامه في كل شيء في التكبير وغيره، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا. رواه البخاري ومسلم.
والتكبير في القيام إلى الركعة مطلوب عند جماهير العلماء من المصلي إماماً أو مأموماً، ويدل له ما ثبت عن أبي هريرة أنه كان يصلي بهم فيكبر كلما خفض ورفع، فإذا انصرف قال: إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري ومسلم
وعن ابن مسعود قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
وراجع الفتوى رقم:
10202
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(11/10777)
مجرد الشك بطهارة الإمام لا يمنع من الاقتداء به
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أمَّ بالناس ومشكوك في صحة وضوئه فهل تقبل صلاته وما حكم صلاة المأموم بهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للشخص أن يصلي خلف الإمام ما لم يعلم بطلان طهارته. قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: لا يصح اقتداؤه بمن يعلم بطلان صلاته لعلمه بنحو حدثه.
وأما مجرد الشك فلا يمنع من الاقتداء به وصحة الصلاة خلفه، وأما إذا شك الشخص في انتقاض وضوئه فالأصل بقاء الطهارة ولا يلزمه الوضوء عند جماهير أهل العلم، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 23778.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1424(11/10778)
مدى صحة صلاة المأموم قدام إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد مسجد ملحق بمدرسة بعد انتهاء خطبة الجمعة الإمام يصلي داخل المسجد وقليل من المصلين وأغلبية المصلين في فناء المدرسة وتكون الصفوف أثناء الصلاة أمام الإمام بالخارج وسبق أن صليت في مسجد آخر.. الإمام بعد انتهاء الخطبة خرج إلى الشارع وصلى والجميع بمن في المسجد وخارجه خلف الإمام (الإمام متشبث برأيه ولا يقبل فتوى أحد) جزاكم الله خيراً أفتونا في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
9605، اختلاف العلماء في حكم اقتداء المأموم بالإمام بمجرد سماع صوته أو رؤيته فراجعه. أما بالنسبة لصلاة من تقدم على الإمام؟ فالراجح أنها صحيحة إذا كان ذلك لعذر كزحمة أو ضيق مكان ونحو ذلك. قال شيخ الإسلام بعدما ذكر أن في حكم صلاة المأموم قدام إمامه ثلاثة أقوال للعلماء هي: الصحة مطلقا، وعدم الصحة مطلقا، وصحتها مع العذر وعدم صحتها مع غيره، قال: وهذا قول طائفة من العلماء وهو قول في مذهب الإمام أحمد وغيره، وهو أعدل الأقوال وأصحها، وذلك لأن ترك التقدم على الإمام غايته أن يكون واجبا من واجبات الصلاة في الجماعة، والواجبات كلها تسقط بالعذر ... إلى آخر كلامه عليه رحمة الله.
أما صلاة الإمام خارج المسجد والمأمومون كلهم خلفه فلا نرى بها بأساً خاصة إذا كان ذلك لضيق المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1424(11/10779)
حكم صلاة المرأة بجنب الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[أسمع عن بطلان صلاة المرأة إذا رأها رجل أجنبي وهي تصلي بينما أرى يوميا عند نقل الصلاة مباشرة من مكة النساء يصلين وسط الرجال فما صحة ذلك؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يبطل صلاة المرأة رؤية الرجال لها، وقد سبق ذلك في الفتوى رقم:
23371.
وأما صلاتها بجنب الرجل ففي ذلك خلاف والصحيح صحة الصلاة، قال الإمام النووي رحمه الله 3/232: (إذا صلى الرجل وبجنبه امرأة لم تبطل صلاته ولا صلاتها سواء كان إماماً أو مأموماً، هذا مذهبنا وبه قال مالك والأكثرون، وقال أبو حنيفة: إن لم تكن المرأة في صلاة أو كانت في صلاة غير مشاركة له في صلاته صحت صلاته وصلاتها، فإن كانت في صلاة يشاركها فيها -ولا تكون مشاركة له عند أبي حنيفة إلا إذا نوى الإمام إمامة النساء- فإذا شاركته فإن وقفت بجنب رجل بطلت صلاة من إلى جنبها، ولا تبطل صلاتها ولا صلاة من يلي الذي يليها....إلخ) .
وقال الإمام النووي: (وهذا المذهب ضعيف الحجة ظاهر التحكم والتمسك بتفصيل لا أصل له، وعمدتنا أن الأصل أن الصلاة صحيحة حتى يرد دليل صحيح شرعي في البطلان، وليس لهم ذلك، وينضم إلى هذا حديث عائشة رضي الله عنها) . انتهى.
وحديث عائشة متفق عليه وفيه: "لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(11/10780)
الأحوط للمأموم أن يقرأ الفاتحة خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المصلي خلف الإمام أن يقرأ الفاتحة وسورة قصيرة؟ أم يكتفي بما يقرأه الإمام ويبقى صامتا طوال الوقت؟ أم يقرأ مع الإمام الفاتحة والسورة القصيرة التي يتلوها الإمام؟
وجزاكم الله خيراً على تعاونكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأحوط للمأموم أن يقرأ الفاتحة خلف الإمام، لاسيما في سكتاته للخروج من الخلاف، فإن لم يدع له الإمام فرصة، فالراجح من حيث الدليل أن قراءة الفاتحة تسقط عنه، ومع ذلك فإنه لو قرأها احتياطاً وخروجاً من الخلاف فلا بأس.
وللإفادة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 1637، 2281.
أما قراءة السورة التي يقرؤها الإمام، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن ذلك، ففي سنن أبي داود والنسائي وغيرهما من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: "إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم، قلنا: يارسول الله، إي والله، قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
فالواجب الإنصات لقراءة الإمام فيما سوى الفاتحة، وأما الفاتحة ففيها الخلاف المذكور في الفتاوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(11/10781)
ماهية الصلاة المقلوبة والحبلى وذات الجناحين.
[السُّؤَالُ]
ـ[- ماهي الصلاة المقلوبة والحبلى وذات الجناحين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا مصطلح يطلقه بعض فقهاء المالكية على المأموم المسبوق إذا أصيب برعاف ونحوه من نعاس أو زحام ثم يفوته الإمام بآخر الصلاة. وهذا عند من يرى تقديم البناء على القضاء في حال اجتماعهما، وهو قول ابن القاسم وخالفه بعض أصحابه كسحنون.
فعلى اعتبار قول ابن القاسم وهو المعول عليه في المذهب، فإنه يقع ما يعرف بالصلاة المقلوبة والحبلى وذات الجناحين.
وإليك بيان ذلك معتمدا فيه على شرح الدرديري على مختصر خليل:
1- الصلاة المقلوبة: هي الصلاة التي تتم فيها قراءة السورتين في الركعتين الأخيرتين منها، وصورتها أن يفوت المأموم الركعة الأولى والثانية، ويدرك الثالثة مع إمامه، وتفوته الرابعة بسبب رعاف ونحوه، فيأتي بالفاتحة فقط، ويجلس لأنها ثانيته، وآخرة إمامه ثم بركعة بأم القرآن وسورة، ولا يجلس لأنها ثالثته ثم بركعة بالفاتحة وسورة.
2- ذات الجناحين: هي التي تكون الفاتحة والسورة فيها من الركعة الأولى والأخيرة، وكيفيتها أن تفوت المأموم الركعة الأولى برعاف ونحوه ويدرك الثانية وتفوته الثالثة والرابعة، فيأتي بركعة بأم القرآن فقط ويجلس لأنها ثانيته وإن كانت ثالثة الإمام، ثم بركعة كذلك ويجلس لأنها رابعة الإمام، ثم بركعة بأم القرآن وسورة ويجلس.
3- الصلاة الحبلى: وهي على عكس ذات الجناحين، حيث إن الركعتين الوسطيين تكونان عامرتين بالفاتحة والسورة، وطرفاها عامران بالفاتحة فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1423(11/10782)
لا يضر كون مصلى النساء عن يسار المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[في مسجد الحي غرفة على يساره نحو المؤخرة بينهما جدار هل تجوز فيها صلاة النساء مع الجماعة ولا يعارض هذا ما ورد في السنة عن ترتيب الصفوف للرجال ثم الصبيان ثم النساء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز أن يتخذ في مؤخرة المسجد مصلى خاص للنساء، لئلا يختلطن بالرجال، ولئلا يفتتن بعضهم ببعض، فينشغلوا بذلك عن صلاتهم وعبادتهم، خاصة أننا في أزمنه استطارت فيها الفتن وقل فيها الخوف والورع.
وقد كانت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تذكر ما أحدثه النساء في زمانها حيث قالت- كما في الصحيحين: " لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل ".
وذلك أن بعض النساء كنّ يتطيبن عند خروجهن إلى المسجد، فإذا كان هذا في الصدر الأول، فما بالك بزماننا، فاتخاذ مصلى خاص بهن أولى وآكد.
ولكن لو صلين خلف الرجال والصبيان والتزمن الآداب الشرعية لهن في ذلك، فلا حرج فيه.
ولا يضر كون مصلى النساء عن يسار المصلين، أو عن يسار بعضهم، وإن أمكن جعله في المؤخرة، فهو أولى، كما لا يضر وجود الجدار المانع لهم من الرؤية، فإن من كان داخل بناء المسجد العام، اكتفى في اقتدائه بسماع التكبير، كما سبق بيانه مفصلاً في الفتوى رقم: 9605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/10783)
الصلاة في حجرة خارج المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
مسجدنا صغير جدا ويزدحم بالمصلين، فيحدث إشكال حول الصلاة بين الأعمدة، ما حكم المصلين بين الأعمدة، ما حكم المصلين خارج المسجد في حجرة مستقلة نستطيع سماع الإمام فيها ولا نستطيع رؤيته، وهناك مكان آخر مقابل باب المسجد ولكن يوجد حاجزعلوه إلى منتصف الرجل أى يمكن من فوقه رؤية المصلين خلف الإمام؟ أفيدونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في الصلاة بين السواري والأعمدة إذا ضاق المسجد بالمصلين كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
5286.
وأما الصلاة في حجرة مستقلة خارج المسجد مع سماع صوت الإمام دون رؤيته أو رؤية المصلين أو في مكان خارج المسجد مع رؤية الإمام أو المصلين فقد سبق تفصيل مذاهب العلماء فيها في الفتوى رقم:
9605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1423(11/10784)
أقوال الفقهاء فيمن صلى مأموما وإمامه محدث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المأموم إذا علم أن الإمام على غير طهارة بعد انتهاء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيمن صلى مأموماً ثم علم بعد انتهاء الصلاة أن إمامه كان محدثاً على أقوال:
فذهب الشافعية والحنابلة وهو مذهب طائفة من الصحابة والتابعين إلى أن صلاته صحيحة مطلقاً لحديث " يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم وإن أخطأوا فلكم وعليهم " رواه البخاري عن أبي هريرة.
وذهب أبو حنيفة إلى وجوب الإعادة على المأموم.
وذهب المالكية إلى وجوب الإعادة على المأموم إن صلى الإمام متعمداً مع علمه بالحدث، أما إذا لم يتعمد الإمام فإن المأموم لا يعيد، والراجح هو المذهب الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1423(11/10785)
اقتداء المفترض بالمنتفل جائز عند بعض أهل العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعي وفي الجامعة مسجد ولكن المحاضرة تنتهي بعد أن تفوت علي صلاة الجماعة وإنا لله وإنا إليه راجعون ومرة دخلت ولم أجد جماعة يصلون فقال لي أحد المصلين، هناك شخص يصلي السنة اذهب وصلِ بجانبه على أساس أنه الإمام وأنا المأموم وحين يسلم هو أقوم وأكمل باقي صلاتي، هل هذا جائز شرعا وما هو الدليل؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجاز الشافعية وبعض الحنابلة اقتداء المفترض بالمنتفل، لحديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، المخرج في الصحيحين وفيه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم وعلى هذا فلا حرج على السائل في فعل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(11/10786)
حكم الصلاة خلف مقترف أمور محرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
هل يجوز الصلاة خلف إمام يأكل مالاً لا حق له فيه كمال الدولة مثلا عن طريق الاختلاس أو النصب أو التحايل أو الإمام المتعامل بالربا؟ ولكم جزيل الشكر ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجماعة شعار الأمة وإقامتها واجب، وإذا تعذرت الصلاة وراء العدل التقي فلا بأس بالصلاة وراء مثل هذا الإمام.
إلا إذا كان في ترك الصلاة وراءه فتنة أو فساد وفرقة فتتأكد حينئذ الصلاة خلفه، كما كان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي خلف الحجاج مع فسقه وظلمه وطغيانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1423(11/10787)
حكم المتابعة بالمصحف للمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[بينما أنا أصلي التراويح في المسجد الحرام السنة الماضية فكنت ماسكة للقرآن وأتابع مع قراءة الإمام فرأتني امرأة فأخذت تعاتبني؟ فهل يجوز إمساك المصحف وأنا أصلي التراويح في المسجد الحرام أو غيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى عدم حمل المأموم للمصحف خلف الإمام ما لم يحتج الإمام إلى ذلك للفتح عليه، وذلك لانشغال الذهن عن الإنصات والتدبر بالمتابعة في المصحف وتقليب صفحاته.
هذا فضلاً عن أن الإنسان يفوت على نفسه السنة بوضع اليد اليمنى على اليسرى فوق الصدر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1423(11/10788)
حكم من تخلف عن الإمام بركن
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالى هو:
مصلي ساجد ولم يسمع الإمام في الرفع من السجود وبقي ساجدا حتى رجع الإمام إلى السجدة الثانية عندها سمع التكبير فرفع رأسه فوجد المأمومين ساجدين. هل تعتبر الركعة باطلة لفقدانها ركنا ويجب إعادة الركعة بعد انتهاء الصلاة. أم ماذا؟
أفيدونا يرحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تعتبر الركعة باطلة لأنه معذور غير متعمد للتخلف عن إمامه، فكل الذي عليه هو أن يرفع من سجوده هذا ويجلس الجلسة التي تكون بين السجدتين ثم يدرك الإمام في السجدة الثانية، فإذا لم يفعل تلغى الركعة ويأتي بركعة واحدة بعد سلام الإمام.
وهذا الذي ذكرناه هو المشهور عند الحنابلة والشافعية، قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: أما إذا تخلف بدون ركن كأن ركع الإمام دون المأموم ثم لحقه قبل أن يرفع رأسه من الركوع، أو تخلف بركن لعذر لم تبطل صلاته قطعاً.
وقال ابن مفلح في الفروع: (فصل: وإن تخلف عنه بركن بلا عذر فكالسبق به، ومع العذر يفعله ويلحقه، وفي اعتداده بتلك الركعة الروايتان، وإن تخلف بركنين بطلت، ولعذر كنوم وسهو وزحام إن أمن فوت الركعة الثانية أتى بما تركه وتبعه وصحت ركعته، وإلا تبعه ولغت ركعته، والتي تليها عوض) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(11/10789)
أحكام متعلقة في صلاة النساء في الطابق العلوي من المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في مسجد مصلى للنساء في الطابق العلوي إلا أنه في وسط المسجد حيث إن الرجال يصلون أسفل منه فيكون الرجال تحت وخلف النساء ما رأيكم في هذا؟
أفتونا رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في صلاة النساء على الصورة التي ذكرت في السؤال، وذلك لانفرادهنَّ عن صفوف الرجال وعدم حصول اختلاط بين الجميع، وهذه هي العلة في مشروعية تأخير النساء عن الرجال في الصف.
ومحل هذا الجواز إذا كان المصلى المذكور متأخرًا عن الإمام فإن تقدم بالكلية فصلاة المأمومين فيه باطلة لتقدمهم على الإمام وإلا فالصلاة باطلة على الصف المتقدم وحده. هذا مذهب جمهور أهل العلم الحنفية والشافعية والحنابلة وذهب مالك رحمه الله إلى صحة صلاة المأموم إن تقدم على الإمام، وهناك قول ثالث وهو أنها تصح مع العذر دون غيره مثل ما إذا كان زحمة فلم يمكنه أن يصلي الجمعة أو الجنازة إلا أمام الإمام فتكون صلاته أمام الإمام خيرا من صلاته وحده وهو قول في مذهب الإمام أحمد ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية واختاره، وهذا القول هو أرجح الأقوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(11/10790)
من أدرك الإمام قبل التسليم فلا يقطع الصلاة ليلحق بجماعة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: إذا جئت إلى صلاة فريضة، ولم أدرك سوى التشهد الأخير، وبعدما سلم الإمام وأردت أن أقضي، وجدت جماعة تصلي خلفي، فهل أقطع صلاتي وألتحق بالجماعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن فضل الجماعة على الصحيح يحصل بإدراك المسبوق الإمام قبل السلام الأول، وما دمت أدركته في التشهد فلا تقطع صلاتك لتلتحق بجماعة أخرى لما في ذلك من إبطال الأعمال، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33] .
مع أنه لا موجب لهذا القطع أصلاً، لأنك أدركت فضل الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1423(11/10791)
سلم قبل إمامه فما حكم صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في شخص سلم قبل الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سبق الإمام في الأركان - ومنها السلام - مبطل إذا كان عمداً، أما إذا كان سهوا فإنه لا يعتد به ويتابع إمامه، فإن لم يعد إليه حتى لحقه بطلت صلاته، كما قال مؤلف توضيح الأحكام من بلوغ المرام.
أما إذا سبقه في الإحرام، فإن الصلاة مع الإمام لم تنعقد أصلاً، وقال بعض الفقهاء: إن السبق عمداً يبطل في الإحرام دون غيره.
وعلى كلٍ، فالواجب على المأموم حسن المتابعة. فيقتفي الإمام؛ لأنه لا يدري هل سيمتد به العمر إلى الصلاة اللاحقة، ولأنه بين يدي الله تعالى، وعليه أن يستشعر عظمته، ويقبل عليه بقلبه وقالبه، فإن الحضور الجسمي فقط لا يأتي بالمطلوب؛ لأن الأعمال تتوقف على حضور القلب، الذي هو مركز التحكم في جوارح الإنسان وحركته وسكونه، فالساهي لا يدري مرة هل هو في مسجد أو في صلاة، فضلاً عن غير ذلك، والساهون المعتادون على السهو عن عمد لا يعدون من المصلين الذين أثنى الله عليهم كثيراً، ووصفهم بأوصاف البر ووعدهم بالأجر الكثير.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يؤدون ما فرض الله عليهم على النحو الذي يرضيه تعالى. إنه ولي ذلك والقادر عليه. آمين.
والحاصل فإن سلام المأموم عمداً قبل إمامه يبطل الصلاة لما فيه من الإخلال بالمتابعة، أما إذا كان سهواً وتداركه المأموم بأن رجع ولو بنيته إلى الصلاة حتى سلم الإمام فسلم هو فلا شيء عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(11/10792)
الاستخلاف يشمل كل صلوات الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي إن شاء الله حول موضوع الاستخلاف في الصلوات المفروضة، وهل حقاً لا يوجد استخلاف في صلاتي الجمعة والعيد؟
وياحبذا أن تكون الإجابة من الشيخ الألباني
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدمت لنا عدة فتاوى عن الاستخلاف في الصلاة، فراجع مثلاً الأرقام التالية:
18061 19170 13647
وهذا الاستخلاف يشمل كل الصلوات التي تصلى جماعة، ومنها الجمعة والعيد، أما قول السائل هل حقاً إنه لا يشرع الاستخلاف في الجمعة والعيد؟ فجوابه أن الأمر بخلاف ذلك، بل إن الاستخلاف في الجمعة واجب كما هو مبين في الفتاوى السابقة.
أما بالنسبة للشيخ الألباني رحمه الله فإنه يمكنك الرجوع إلى أقواله في موقعه وكتبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1424(11/10793)
لا حرج في اختلاف نية الإمام عن نية المأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأدلة من الكتاب والسنة على جواز صلاة شخصين جماعة إذا كان أحدهما يقضي صلاة فائتة والآخر
يؤمه؟ (مثال الزوجين) . وهل يجوز ذلك في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها؟ أرجو توضيح الأدلة وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لمن فاتته صلاة أن يصليها قضاء خلف إمام يصلي حاضرة فمن فاتته الظهر ووجد إماماً يصلي العصر صح له أن يصلي الظهر خلفه، وهذه المسألة معروفة عند الفقهاء بـ"اختلاف نية الإمام والمأموم" قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: تصح صلاة النفل خلف الفرض والفرض خلف النفل، وتصح صلاة فريضة خلف فريضة أخرى توافقها في العدد كظهر خلف عصر، وتصح فريضة خلف فريضة أقصر منها، وكل هذا جائز بلا خلاف عندنا.
وقال النووي أيضاً: فرع في مذاهب العلماء في اختلاف نية الإمام والمأموم قد ذكرنا أن مذهبنا جواز صلاة المتنفل والمفترض خلف متنفل ومفترض في فرض آخر، وحكاه ابن المنذر عن طاووس والأوزاعي وأحمد وأبي ثور وسليمان بن حرب وبه أقول وهو مذهب دواود.
وقالت طائفة: لا يجوز نفل خلف فرض ولا فرض خلف نفل ولا خلف فرض آخر، قاله الحسن البصري والزهري ويحي بن سعيد الأنصاري وربيعة وأبو قلابة وهو رواية عن مالك.
وقال الثوري وأبو حنيفة: لا يجوز الفرض خلف نفل آخر، ولا فرض آخر، ويجوز النفل خلف فرض، وروي عن مالك مثله.
والصحيح هو القول الأول لما في الصحيحين أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، وفي لفظ: "كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يطلع إلى قومه فيصليها لهم، هي له تطوع ولهم مكتوبة " حديث صحيح رواه بهذا اللفظ الشافعي في الأم ومسنده ثم قال: هذا حديث ثابت لا أعلم حديثاً يروى من طريق واحد أثبت من هذا ولا أوثق. -يعني رجالاً،-
واستدل الشافعي على جواز ذلك أيضاً بالقياس على صلاة المتم خلف القاصر، وأما حديث: " إنما جعل الإمام ليؤتم به " فالمراد منه هو أن يؤتم به في الأفعال لا في النية، كما قاله النووي وغيره، وعلى هذا فلا حرج في اختلاف نية الإمام عن نية المأموم.
وأما قول الأخ السائل: وهل يجوز ذلك في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها فالجواب أنه إن كان يقصد الفريضة فإنها تؤدى في وقت الكراهة بدون كراهة إذا كان تأخيرها لعذر كمن أخر العصر إلى الاصفرار فقام يصليها فاقتدى به من فاتته صلاة الظهر فلا حرج في ذلك، وإن قصد صلاة النافلة كمن دخل المسجد بعد العصر، وصلى ركعتي تحية المسجد واقتدى به آخر يصلي قضاء سنة الظهر التي فاتته فلا حرج في ذلك أيضاً لأن هذه صلاة ذات سبب، وقد صرح الشافعية بجواز قضاء النوافل وتحية المسجد في وقت الكراهة، إلا أنهم قالوا لا تشرع الجماعة في هذه النوافل، بمعنى لا تستحب، ولكن لو صلاها جماعة جاز، كما صرح بذلك الإمام النووي رحمه الله في المجموع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1423(11/10794)
الائتمام بهذه الكيفية صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت رجلاً يصلي السنة وراء رجل يصلي المغرب وصلى ركعتين وظل جالسا إلى أن انتهى الإمام من الركعة الثالثة ثم سلم معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم جواز اقتداء المفترض بالمتنفل والعكس، وهذا مذهب الشافعية، وعليه دلت الأحاديث الصحيحة، كحديث معاذ المخرج في الصحيحين وفيه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة فتكون له نافلة ولهم فريضة.
ومن اقتداء المتنفل بالمفترض ما رواه الترمذي وأحمد وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال جاء رجل وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال " أيكم يتجر على هذا " فقال رجل فصلى معه.
وما فعله هذا المؤتم صحيح على هذا القول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1423(11/10795)
حكم الصلاة في المسجد إذا كان الإمام مبتدعا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أسكن في هولندا في مدينة صغيرة أسسنا فيها مسجدا كلفته أكثر من 500000 اورو معظمها من الحرام (أكثر من 70 في المائة من المبلغ مكتسب من المخدرات والخمر والقمار وتزوير التعويضات الاجتماعية وغير ذلك من الأموال الحرام) . سؤالي: هل تجوز فيه الصلوات والجمعة؟ وهل تجوز لي الصلاة في بيتي بدلاً من هذا المسجد؟ مع العلم بأن أهله يحبون البدع ويكرهون السنة.
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمال الحرام الذي لا يُعرف مالكه، أو لا يمكن ردَّه عل مالكه لجهل عينه، كما في اليانصيب الذي يشارك فيه أعداد كثيرة من الناس، فهذا المال ونحوه يجوز أن تبنى به المساجد، وعليه يجوز الصلاة في هذه المساجد بلا كراهة.
يقول ابن رشد الجد المالكي: (وقد قيل: إن سبيل المال الحرام الذي لا يعلم أصله سبيل الفيء لا سبيل الصدقة على المساكين.
فعلى هذا القول تجوز الصلاة دون كراهة في المسجد المبني من المال المجهول أصله) . البيان والتحصيل 18/565.
وأما السؤال عن حكم الصلاة في المسجد إذا كان الإمام مبتدعاً، فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (فهذه المسألة فيها نزاع وتفصيل، فإذا لم تجد إماما غيره كالجمعة التي لا تقام إلا بمكان واحد، وكالعيدين وكصلوات الحج خلف إمام الموسم، فهذه تفعل خلف كل بر وفاجرٍ باتفاق أهل السنة والجماعة، وإنما تدع مثل هذه الصلوات خلف الأئمة أهل البدع كالرافضة ونحوهم ممن لا يرى الجمعة والجماعة إذا لم يكن في القرية إلا مسجد واحد، فصلاته في الجماعة خلف الفاجر خير من صلاته في بيته منفرداً، لئلا يفضي إلى ترك الجماعة مطلقاً.
وأما إذا أمكنه أن يصلي خلف غير المبتدع، فهو أحسن وأفضل بلا ريب لكن إن صلى خلفه ففي صلاته نزاع بين العلماء، ومذهب الشافعي وأبي حنيفة تصح صلاته، وأما مالك وأحمد ففي مذهبهما نزاع وتفصيل.
وهذا إنما هو في البدعة التي يعلم أنها تخالف الكتاب والسنة مثل: بدع الرافضة والجهمية، ونحوهم.
فأما مسائل الدين التي يتنازع فيها كثير من الناس في هذه البلاد مثل: مسألة الحرف والصوت ونحوها، فقد يكون كل من المتنازعين مبتدعاً وكلاهما جاهل متأول، فليس امتناع هذا من الصلاة خلف هذا بأولى من العكس، فأما إذا ظهرت السنة وعلمت فخالفها واحد، فهذا هو الذي فيه النزاع) . انتهى كلامه رحمه الله.
هذا ولا يعذر بترك الصلاة في المسجد إن كان به بدعة أو منكر، فيحضر وينكر حسب استطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10796)
ما يلزم من أدرك الإمام في التشهد الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرت إلى صلاة الظهر والإمام في التشهد الأخير ثم جلست معهم فكيف أقضي الباقي من الصلاة أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن دخل مع الإمام في الظهر أو غيرها وهو في التشهد الثاني، فإنه يقوم إذا سلم الإمام، ويأتي بالصلاة، كما لو لم يكن قد أدرك شيئاً، وكما لو كان يصلي وحده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1423(11/10797)
حكم اختلاف نية الإمام والمأموم، وحكم الترتيب بين مشتركتي الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى العمرة مع اثنين من أصحابي وفاتتنا صلاة المغرب وتهيأنا للصلاة إلا واحدا وتقدم أحد المسافرين ليؤمنا ونبهنا إلى أنه سيصلي العشاء وبعد تكبيرة الإحرام دخل صاحبنا الثالث وكبر وصلى وهو يعتقد أنها المغرب، بعد التسليم قلنا له إننا نريد أن نصلي لأننا صلينا العشاء وأشرنا عليه أن يصلي معنا ويسلم من الثانية فتكون له عشاء فما رأيكم فيما صار وما حكم سلامه بعد الركعة الثانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الترتيب بين مشتركتي الوقت الحاضرتين واجب شرطاً لصحة الأولى عند الذكر في الشروع في الثانية في الراجح من أقوال أهل العلم.
وعلى هذا، فإن قتداءك وزميك بالإمام بنية تقديم العشاء على المغرب غير صحيح، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري.
وإذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يصل الفوائت يوم الأحزاب إلا مرتبة، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري ومسلم، فمن باب أولى وجوب الترتيب بين المشتركتين في الوقت.
أما فيما يخص اختلاف نية الإمام والمأموم، فهذا مما اختلف فيه الفقهاء، فمذهب الشافعية والحنابلة جواز ذلك، قال النووي: ولو نوى الصبح خلف مصلى الظهر، وتمت صلاة المأموم، فإن شاء انتظر في التشهد حتى يفرغ الإمام ويسلم معه، وهذا الأفضل وإن شاء نوى مفارقته، ولا تبطل صلاته هنا بالمفارقة بلا خلاف، لتعذر المتابعة، وكذا فيما شابهها من الصور، ولا فرق في جميع ذلك بين أن ينوي المفارقة في صلاة فرض أو نفل.
وذهب المالكية إلى اشتراط التوافق بين نية الإمام والمأموم.
ومما تقدم يعلم السائل أنه وزميله مطالبان بإعادة صلاة العشاء نظراً لوجوب الترتيب بينها وبين المغرب.
أما زميك الثالث فيجب عليه إعادة صلاة العشاء لأنه لا يجوز له أن يقصر خلف من يصلي صلاة تامة، ولا حرج في مخالفته لنية الإمام في صلاته المغرب، تنبيه: إذا قال النووي: بلا خلاف..فليس المراد عنده نفي خلاف أهل العلم، بل المراد عنده بلا خلاف في المذهب الشافعي، ونبهنا على هذا لأن بعض طلبة العلم وقع بسببه في أوهام وأخطاء كبيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(11/10798)
مسافر صلى المغرب خلف مقيم يصلي العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت في سفر وقد نويت تأخير صلاة المغرب إلى وقت العشاء وعندما أردت أن اُصلي المغرب وجدت جماعة تصلي العشاء فدخلت معهم بنية المغرب وفي أثناء الصلاة تبين لي أنهم قد صلوا ركعة وبذلك تكون آخر صلاتي شفعاً وليست وتراً فهل صلاتي صحيحة؟ ولكم جزيل الشكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا وجد المسافر الذي لم يصل المغرب شخصاً مقيماً إماماً أو منفرداً يصلي العشاء، فإنه يجوز له أن يصلي خلفه بنية المغرب وإن كان الأولى أن يصلي المغرب منفرداً ثم يصلي معه ما أدرك من العشاء، فإن دخل معه ونوى المغرب فإنه لا يخلو حال هذا المقيم من أن يكون في أول صلاته أو قد صلى بعض ركعاتها، فإن كان في أول صلاته، فإن على المسافر أن يصلي معه ثلاث ركعات فقط، ثم هو بالخيار بعد الثالثة في أمرين: أولهما أن ينوي مفارقة إمامه ويتشهد ويسلم.
والثاني: أن لا ينوي المفارقة، ولكن يجلس ويتشهد، ويدعو، وينتظر إمامه حتى يسلم، فيسلم معه.
وإن كان المقيم قد صلى ركعة واحدة -كما هو الحال في السؤال- فإنه يصلي معه ويسلم معه، ولا يضره كون آخر صلاته شفعاً لأجل متابعة الإمام.
وإن كان المقيم قد صلى أكثر من ركعة، فإن المسافر يصلي ما أدركه معه، فإذا سلم قام فأتم ما فاته على قدر صلاة المغرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(11/10799)
الفتح على الإمام عبثا معصية خطيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الرد بالصلاة على الإمام مع العلم أن الإمام يقرأ قراءة صحيحة وإنما لعباً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من يرد على الإمام بالخطأ متعمداً ذلك، والإمام يقرأ قراءة صحيحة فإن صلاته باطلة.
قال لمرابط بن أحمد زيدان في كتابه النصيحة على مختصر خليل المالكي عند قوله "وذكر قصد التفهيم به" قال: فإن قصد التفهيم به لا لحاجة بل عبثا بطلت صلاته في الجميع.
هذا في الذكر الذي تفوه به الشخص أثناء الصلاة بقصد التفهيم من غير حاجة إلى ذلك، فما بالك بمن قصد به التشويش على الإمام أو اللعب في الصلاة!! فهذا صاحبه على خطر عظيم نسأل الله العافية.
فيجب عليه المبادرة إلى التوبة، وإعادة صلاته، وأما عن الفتح على الإمام وأحكامه فنحيلك إلى الفتوى رقم:
3280.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(11/10800)
إذا قرأ المأموم آية سجدة فهل يسجد للتلاوة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى سماحة الشيخ حفظه الله ورعاه0 إذا كنت أصلي مع الجماعه صلاة سريه مثل العصر، وقرأت سراً آية فيها سجود هل أسجد وأكمل مع الجماعة أو لا أسجد؟ وجزاك الله جنة الفردوس الأعلى ورزقك الله جهاداً وشهادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمأموم سجود التلاوة إلا تبعا لإمامه، فإن خالف وفعل، فصلاته باطلة لأنه فعل فعلاً لم يتابع فيه إمامه، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه" الحديث. رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ومن هذا يعلم السائل عدم صحة الصلاة التي يسجد فيها المأموم سجدة التلاوة استقلالاً عن إمامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/10801)
المقتدي يجوز له متابعة إمامه في أفعال دون أخر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز اتباع المأموم لإمامه في طريقة صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المأموم أن يتبع إمامه في أفعال الصلاة التي يقتضي عدم متابعته له فيها تقدماً أو تأخراً، كالركوع والسجود والرفع منهما، لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ... " متفق عليه.
وأما الأشياء التي لا يقتضي عدم المتابعة فيها تقدماً ولا تأخراً، فالمأموم يفعل فيها ما يراه صواباً كرفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه، والتورك، ووضع اليمين على اليسرى في القيام، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(11/10802)
وجوه اختلاف صلاة المأموم عن المنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما واجبات المأموم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فواجبات المأموم هي واجبات المنفرد، ويزيد عليه بواجب واحد وهو متابعة الإمام، ومما يتميز به المأموم عن المنفرد أمران:
الأول: هو هل تجب عليه القراءة خلف الإمام أم تكفيه قراءة الإمام؟ ويرى كثير من أهل العلم، أنه يجب عليه قراءة الفاتحة خلف الإمام سواء كانت الصلاة جهرية أم سرية ولا يقرأ غير الفاتحة وبهذا يجمع بين الأحاديث الواردة في هذه المسألة.
الثاني: أن سهو المأموم يتحمله عنه الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(11/10803)
مسائل في الاقتداء، وترتيب الفوائت
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت أحدهم يصلي صلاة العصر لوحده (بنية صلاة فردية) فهل الدخول معه في الصلاة (صلاة جماعة) جائز أم لا........ وهل نية المأموم حسب نية الإمام أو العكس؟
هل في قضاء الصلاة يتوجب الترتيب؟
دخلت في صلاة العشاء مع الجماعة وأنا لم أصل المغرب بعد فدخلت بنية المغرب فهل عندما تنتهي ثلاث ركعات أسلم وأبدأ معهم في العشاء أم أنتظر وأنا جالس حتى يسلم الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج في الاقتداء بمن أحرم منفرداً على الراجح من أقوال العلماء، وقد تقدمت التفاصيل عن ذلك في الفتاوى التالية:
5287
3201
12475
9763.
أما بالنسبة للترتيب في قضاء الفوائت فراجع له الفتاوى التالية:
10498
14795
7966.
وأما بالنسبة لمن لم يصل المغرب وأدرك القوم وهم يصلون العشاء، فقد تقدم الجواب عن ذلك في الفتاوى التالية:
16215
21209
10038
20631.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1423(11/10804)
يكره للمصلين الاصطفاف بجانب إمامهم إلا من عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الأفاضل
السؤال هو: ما هو حكم صلاة الجنازة داخل مقصورة والإمام داخلها على يسار المصلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن الإمام يتقدم على المؤتمين في صلاة الجنازة وفي غيرها من الصلوات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإن الإمام يسن في حقه التقدم على المصلين بالاتفاق، والمؤتمون يسن في حقهم الاصطفاف بالاتفاق) . انتهى
وعليه، فيكره للمصلين الاصطفاف بجانب إمامهم إلا إذا كان هناك عذر كضيق المكان، فإن صلاة الجماعة حينئذ تفعل حسب الإمكان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1423(11/10805)
كيف يبتدئ الصلاة من وجد الإمام راكعا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حضرت إلى صلاة العصر مثلاً في المسجد وفي الجماعه ورأيتهم راكعين، بعد ذلك أكبر وأركع معهم ... سؤالي: إذا كبرت تكبيرة الإحرام هل أقول دعاء الاستفتاح ثم أركع أو أكبر وأركع بدون قول الدعاء ... ورأيت بعض الناس يأتي ويركع على طول بدون مايكبر، هل هذا صحيح؟؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع علماء المسلمين على أن دعاء الاستفتاح ليس من أركان الصلاة ولا من واجباتها.
فإذا خفت فوات الركوع فليس عليك قراءة دعاء الاستفتاح، والواجب عليك أن تحرم بتكبيرة الإحرام قائماً، ثم تكبر للهوي للركوع بدون استفتاح ولا قراءة.
أما من ركع مع الإمام دون أن يكبر تكبيرة الإحرام فصلاته باطلة لأنها لم تنعقد أصلاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: "مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير، وتحليها التسليم". رواه أبو داود والترمذي وصححه الشيخ الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(11/10806)
أقل ما تدرك به الجماعة، وأقل عدد تنعقد به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحد الأدنى لصلاة الجماعة والدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان مقصود السائل أقل العدد الذي تنعقد به الجماعة؟ فإنها تنعقد باثنين.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: (لا نعلم فيه خلافاً) . ا. هـ
والسنة الصحيحة دالة على ذلك، فقد روى البخاري في صحيحه عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: انصرفت من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لنا أنا وصاحبٍ لي: "أذِّناً وأقيما وليؤمكما أكبركما".
وروى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الاثنان فما فوقهما جماعة" ولكن في إسناده ضعف.
وأما إن كان قصد السائل أقل ما تدرك به الجماعة؟ فهذا محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى أنها لا تدرك إلاَّ بإدراك ركعة من الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة" متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: "من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة".
وهذا مذهب المالكية -رحمهم الله- وذهب الجمهور وهم: الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن من كبر تكبيرة الإحرام قبل أن يسلم الإمام، فقد أدرك فضل الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(11/10807)
أقوال المذاهب الأربعة في وقوف المرأة بجانب الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تصلي المرأة بجانب زوجها؟؟ أرجو الإجابة حسب المذاهب الأربعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن تقف المرأة خلف الإمام، لا أن تقف بجنبه يميناً أو يساراً، وهذا محل اتفاق بين علماء المذاهب الأربعة، وقد سبق بيان ذلك بدليله في الفتوى رقم: 6290 والفتوى رقم: 6467
أما عن مذاهب العلماء فيما إذا خالفت ووقفت بجواره، فقد ذهب المالكية، والشافعية والحنابلة إلى كراهة ذلك. ولا يؤثر ذلك عندهم على صلاته ولا صلاتها.
قال صاحب الفواكه الدواني وهو -مالكي-: فلو وقفت بجنبه كالرجل، كره لها ذلك، وينبغي أن يُشير لها بالتأخير، ولا تبطل صلاة واحد منهما بالمحاذاة، إلا أن يحصل ما يُبطل الطهارة كما هو معلوم. اهـ
وقال النووي في المجموع وهو -شافعي-: إذا صلى الرجل وبجنبه امرأة لم تبطل صلاته ولا صلاتها، سواء كان إماماً أو مأموماً، هذا مذهبنا وبه قال مالك والأكثرون. اهـ
وقال البهوتي وهو -حنبلي- في كشاف القناع: فإن وقفت المرأة عن يمينه فتصح. اهـ
وذهب الحنفية إلى عدم جواز اصطفافها بجوار الإمام، وتبطل صلاته دونها، قال الزيلعي الحنفي، فإن حاذته امرأة مشتهاة في صلاة مطلقة وهي التي لها ركوع وسجود مشتركة بينهما تحريمة وأداء في مكان واحد بلا حائل ونوى الإمام إمامتها وقت الشروع بطلت صلاته دون صلاتها لحديث " أخروهن من حيث أخرهن الله " وهو المخاطب به دونها.
والراجح هو المذهب الأول، وهو مذهب الجمهور كما مر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1423(11/10808)
هل يمكن لمريد صلاة المغرب أن يقتدي بمن يصلي العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قدمت إلى المسجد في صلاة المغرب متأخرا قليلا والمصلون يصلون جمع تقديم فلم أعرف هل هم مازالوا في صلا ة المغرب أم هم في صلا العشاء فكيف التحق بالصلاة وأنا لا أعرف ما هي , فاذا نويتها مغربا فقد تكون عشاءً أو إذا نويتها عشاء فقد تكون مغربا.
أرجو أن توضحوا لي ماذا علي أن أفعل في هذه الحالة. بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن دخل المسجد وهو لم يصل المغرب، ووجد جماعة تصلي، فالأولى له أن يبدأ بصلاة المغرب منفرداً ثم إن أدرك معهم شيئاً من صلاة العشاء صلاها معهم وإلا صلاها منفرداً وله أن يدخل معهم بنية صلاة المغرب، ولا يجوز له الدخول بنية صلاة العشاء لوجوب تقديم المغرب عليها.
ثم إذا تبين أنهم هم يصلونها فالأمر واضح، وإن تبين أنهم يصلون العشاء فإذا أتم ركعته الثالثة جلس وتشهد ولا يقوم للرابعة وهو عندئذ بالخيار بين أن ينوي المفارقة ويسلم قبل الإمام أو ينتظر الإمام حتى يسلم بسلامه وهذا أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(11/10809)
كيف يقتدي المأموم بالإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[يرجى إفادتي كيف تصلى صلاة الجماعة فأنا لا أعرف هل علي فقط في صلاة الجماعه اتباع الإمام في حركاته فقط ولا أقرأ من القرآن ولا أسبح أو علي أيضا قراءة القرآن مثل أي صلاة أخرى؟ ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المأموم متابعة إمامه في جميع أفعال الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإن صلَّى قائمًا فصلوا قياماً) . رواه البخاري.
وأما قراءة المأموم خلف إمامه فإنه يفصَّل فيها: فإذا كانت الصلاة سرية قرأ الفاتحة وغيرها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن". رواه البخاري ومسلم.
وأما في الجهرية فلا يقرأ شيئا غير الفاتحة.
وأما فيما يتعلق بالتسبيح في الركوع والسجود وجميع التكبير وقراءة التشهد ونحو ذلك، فإنه يقول مثل ما يقوله لو كان منفرداً إلا في الرفع من الركوع، فإن المأموم يقول: ربنا ولك الحمد، لقوله صلى الله عليه وسلم: وإذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1423(11/10810)
كيف ينوي من أراد الصلاة بأهله جماعة ثم يريد صلاتها مع جماعة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي صلاة الفرض بأهلي ثم أذهب لأدائها مرة ثانية بالمسجد مع الجماعة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج عليك في أن تصلي بأهلك جماعة، ولتكن بالنسبة لك تطوعاً، وبالنسبة لهم فريضة.
واجعل صلاتك مع الجماعة في المسجد هي الفريضة، فإن فضيلة الجماعة في المسجد أعظم منها في البيت.
أما أن تصلي الفريضة مرتين في البيت بأهلك، ومرة في المسجد مع الجماعة، فهذا لا يجوز، لأنه من الإحداث في الدين.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 9763، والفتوى رقم: 19060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1423(11/10811)
الفتوى في صلاة المنفرد خلف الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمنفرد خلف الصف) السؤال ولكن إذا صلى الفرد خلف الصف ركعة ثم دخل بعد ذلك معه جماعة هل تصح صلاته أم تكون ركعته الأولى بمفرده لاغية ويأتي بغيرها أم تكون كل صلاته باطلة ويصلي غيرها والله يحفظكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة المنفرد خلف الصف صحيحة، في حق من لم يجد مكاناً في الصف، وقد سبق بيان ذلك وافياً في الفتوى رقم: 14806 والفتوى رقم: 4825 والفتوى رقم: 3806.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(11/10812)
حكم صلاة من نوى لنفسه بنية سماعه من الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة مع الإمام بمشاهدة التلفاز؟ علماً بأن النية ألا يكون مصليا جماعة ولكن لزيادة الترتيل والخشوع (مثل صلاه التراويح) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن الائتمام بالصلاة في التلفاز أو المذياع في الفتوى رقم: 4057، وتبين منه أنها لا تصح لعدم الاجتماع مع الإمام في الزمان والمكان.
قال الحصكفي في الدر المختار: (ربط صلاة المؤتم بالإمام بشروط عشرة: نية المؤتم، الاقتداء، واتحاد مكانهما وصلاتهما) .... ا. هـ
أما إذا كان الحال كما ذكرت، فصلاتك يتعلق بها حكمان:
الأول: الاستماع إلى قراءة من ليس بإمام لك، وقد صرح العلماء بأن ذلك ليس من أفعال الصلاة، وإن لم يقولوا ببطلانها به.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: (والسماع ليس من أفعال الصلاة) .
وقال ابن عابدين في رد المحتار: السماع ليس من أفعال الصلاة، فكان أجنبياً بخلاف التلاوة. ا. هـ
الثاني: متابعة إمام لم تنو الاقتداء به قاصداً ذلك، وهذا مما يبطل الصلاة على الراجح عندنا -والعلم عند الله-، وبهذا قال الشافعية في الصحيح من مذهبهم، كما نقله النووي في المنهاج فقال: فلو ترك هذه النية -يعني نية الاقتداء- وتابع في الأفعال، بطلت صلاته على الصحيح. ا. هـ
قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج شارحاً لهذه الجملة: لأنه متلاعب، فإن وقع ذلك منه اتفاقاً لا قصداً أو انتظره يسيراً، أو كثيراً بلا متابعة، لم تبطل جزماً. ا. هـ
وذهب المالكية إلى صحة صلاته ما لم يؤد ذلك إلى فوات ما يبطل الصلاة، كترك قراءة الفاتحة مثلاً، وهذا مفهوم قول صاحب الشرح الكبير: (فإن لم ينو الاقتداء به وتابعه متابعة المأموم بأن يترك الفاتحة مثلاً بطلت صلاته) . ا. هـ
وقال الحطاب في مواهب الجليل: (فإن نوى أن يصلي لنفسه، ولم ينو أنه مقتد بذلك الإمام، فهو منفرد، وصحت صلاته) . ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1423(11/10813)
كيفية إتمام المسبوق ما فاته من صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما نأتي متأخرين عن الصلاة كيف نتممها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المسألة يطلق عليها الفقهاء صلاة المسبوق، وقد اختلف أهل العلم كيف يتم المسبوق صلاته، فذهب جمهور العلماء إلى أن ما أدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته.
واستدلوا لذلك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أقيمت الصلاة، فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون عليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا. وفي رواية مسلم: واقضِ ما سبقك. قالوا: والقضاء يأتي بمعنى الأداء فتجتمع الروايتان.
وذهب بعض العلماء إلى أن ما أدركه مع الإمام هو آخر صلاته، ويقضي ما فاته، واستدلوا برواية "واقض ما سبقك" ورواية أحمد "وما فاتكم فاقضوا"، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(11/10814)
صلاة المرأة جماعة خلف الرجل لا بأس بها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي بعض الأقارب ونحن نسكن بجانب بعضنا البعض وحديقة المنزل تطل على حديقة المنزل الأخرى
سؤالي هو: هل يجوز للزوجة أن تصلي خلف أخي زوجها جماعة ويكون بعض الأوقات زوجها معها وبعض الأوقات لا وتكون معهم أخت زوجها أو أم زوجها.
وهل يجوز أن يصلوا في حديقة المنزل وكما شرحت لكم أن حديقة المنزل تطل على حدائق المنازل الأخرى. ومع العلم أن نساءهم يضعون الحجاب على الوجه ولكن عند الصلاه لا يضعن شيئاً على الوجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على هذه المرأة في الصلاة جماعة مع الرجل المذكور لورود الأدلة على أهمية الجماعة وفضلها، ولم يفرق في هذه الأدلة بين أن يكون الإمام محرماً أو أجنبياً ما لم تترتب علي إمامة الأجنبي خلوة، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة. رواه البخاري ومسلم.
أما بخصوص صلاة المرأة كاشفة الوجه فلا شيء فيها إذا لم تكن بحضرة رجال أجانب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1423(11/10815)
مذهب العلماء فيمن أدى فريضة ثم أم من لم يؤدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمن أدى صلاة الفريضة أن يؤم من لم يؤدها بعد حتى وإن كان قد صلى نفله وهذا في صلاة العصر والفجر وإن أمه في صلاة جهرية هل يجهر بالقراءة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لمن أدى الصلاة المفروضة أن يؤم من لم يؤدها، وإن كان قد صلى النافلة، وهذا جائز في كل صلاة من الصلوات، وإذا أم في صلاة جهرية فإنه يجهر بالقراءة.
روى الشيخان عن جابر رضي الله عنه قال: (كان معاذ رضي الله عنه يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم) . وهذا هو مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين.
وذهب أبوحنيفة ومالك إلى أن ذلك لا يجوز، وفي رواية عن أحمد أنه لا يجوز إلا للحاجة، كصلاة الخوف، وفي حالة عدم وجود من يصلح للإمامة غيره ونحو ذلك.
وينبغي ألا يفعل ذلك إلا للحاجة لأنه أحوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1423(11/10816)
كيف يتم المسبق ما فاته من ركعات
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أدرك الركعة الثالثة من الصلاة مع الجماعة في صلاة الظهر كيف أقضي ما فاتني من الركعات؟ أأجلس للتشهد الأول بين الركعتين أم لا؟ وكيف إذا كانت ثلاث ركعات فاتت؟ وهل تنطبق الكيفية في القضاء من الركعات على جميع الفروض (فجر- ظهر – عصر – مغرب – عشاء) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما أدركت من الصلاة مع الإمام هي أول صلاتك والركعات التي تصليها بعد مفارقة الإمام هي آخر صلاتك.
وعليه، فإذا أدركت الإمام في الثانية، فإنك تقوم بعد مفارقته إلى الركعة الثالثة بالنسبة لك، ولا تجلس إلا في الركعة الأخيرة، وجلوسك مع الإمام في التشهد الأخير يكفيك، عن التشهد الأوسط، وإذا فاتتك ثلاث ركعات في الصلاة الرباعية، فإنك تجلس للتشهد ثلاث مرات.
وهكذا في جميع صلواتك تجعل ما أدركت أول صلاتك، وما تصليه بعد مفارقة الإمام هو آخر صلاتك، هذا هو الراجح. وراجع الفتوى رقم: 6182.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1423(11/10817)
أقوال العلماء فيمن بينه وبين إمامه حائل
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل جزاك الله خيرا على ما تقدمه للإسلام والمسلمين.
عندنا في المدينة التي نقيم فيها مشكلة المسجد أي مشكلة المكان بالتحديد فمكان الصلاة عبارة عن منزل والمكان صغير وبمجهود بعض الإخوة حصلنا على قاعة للصلاة ولكن في رمضان ويوم الجمعة نستعمل القاعة للرجال والمكان الآخر عبارة عن منزل للنساء ويوجد بينهما طريق للسيارات ومكان النساء يصلين فيه صلاة التراويح والجمعة ونحن الرجال نصلي في المكان الآخر ونستعمل جهاز الصوت بين القاعتين لكن بعض الأئمة استنكروا ذلك وقالوا لنا لا يجوز للنساء أن يصلين معكم لأن القاعة ليست واحدة ويجب أن تكون مبنى واحداً مع العلم أن القاعتين صغيرتين ولا نستطيع أن نجمع الرجال والنساء فما رأيكم؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيمن صلى خارج المسجد وبينه وبين إمامه حائل بحيث لا يراه ولا يرى أحداً ممن يراه من المأمومين، والأحوط المنع إلا لحاجة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وأما صلاة المأموم خلف الإمام خارج المسجد أو في المسجد وبينهما حائل، فإن كانت صفوف متصلة جاز باتفاق الأئمة، وإن كان بينهما طريق أو نهر تجري فيه السفن، ففيه قولان معروفان هما روايتان عن أحمد:
أحدهما: المنع، كقول أبي حنيفة.
والثاني: الجواز: كقول الشافعي.
وأما إذا كان بينهما حائل يمنع الرؤية والاستطراق، ففيهما عدة أقوال في مذهب أحمد وغيره. قيل: يجوز، وقيل: لا يجوز، وقيل: يجوز في المسجد دون غيره، وقيل: يجوز مع الحاجة، ولا يجوز بدون الحاجة، ولا ريب أن ذلك جائز مع الحاجة مطلقاً مثل أن تكون أبواب المسجد مغلقة أو تكون المقصورة التي فيها الإمام مغلقة أو نحو ذلك، فهنا لو كانت الرؤية واجبة لسقطت للحاجة) . أ. هـ
والذي ننصحكم به هو أن تسعوا لإصلاح المكان إن استطعتم بحيث تكون هناك رؤية من النساء للإمام، أو لمن يراه، وأما بالنسبة للحال الذي أنتم عليها الآن فالأولى أن تصلي النساء في بيوتهن فهي خير لهن، وبمثل هذا أفتى الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(11/10818)
حكم من أدرك الإمام راكعا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم أدرك مع الإمام قراءة سورة الفاتحة ماهو الحكم في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أدرك إمامه راكعاً، فركع معه بقدر تتحقق معه الطمأنينة، اعتد بهذه الركعة، وفي المسألة خلاف بين العلماء، راجع في الفتوى رقم:
2640 والفتوى رقم:
13019.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(11/10819)
ما يفعل الإمام إذا تذكر الحدث أو طرأ عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل صلى بالناس وفي الركعة الأولى وقد شرع في القراءة تذكر أنه استنجى ولم يتوضأ فما الحكم وماذا عليه أن يفعل؟ جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على هذا الرجل أن ينصرف من الصلاة فور تذكره أنه على غير وضوء ويسن له أن يستخلف أحد المصلين، وقد نص أهل العلم على أن الإمام إذا طرأ عليه عذر كتذكر حدث أو غلبته، أو تذكر أن ببدنه أو ثوبه نجاسة، أو طرأ عليه رعاف، أو خشي تلف مال أو نفس، أو طرأ عليه العجز عن أداء ركن، أن يستخلف غيره من المصلين ليتم بهم الصلاة.
فقد استخلف عمر رضي الله عنه لعذر عندما طعن في صلاة الفجر، فقدم عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم صلاة خفيفة، كما في البخاري، وفي سنن سعيد بن منصور أن عليا رضي الله عنه رعف وهو في الصلاة فأخذ بيد رجل فقدمه ليتم بالناس ثم انصرف.
فالاستخلاف إذن سنة ولا يجوز للإمام أن يتمادى في الصلاة وهو محدث أو متلبس بنجاسة، وقال العلماء يجب الاستخلاف إذا كانت الصلاة جمعة لأنها لا تصح إلا جماعة.
والحاصل أن الشخص إذا تذكر الحدث أو طرأ عليه أو تذكر نجاسة أو رعف، فيجب عليه الانصراف سواء كان إماما أو مأموماً، فإذا كان إماما يستحب له الاستخلاف، فإذا رجع دخل مع الجماعة في الصلاة، وإذا لم يستخلف صلى الناس أفذاذا أو قدموا أحدهم ليتم بهم جماعة، ولا يجوز له الاستمرار في الصلاة وهو محدث ولمزيد الفائدة في الموضوع يراجع الفتوى رقم:
13189 ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(11/10820)
كيف يدخل المسبوق مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم بعض المصلين (المسبوقين) الذين يأتون للصلاة بعد انتهاء الإمام من الركوع بعدم البدء في الصلاة إلا بعد أن ينتهي الإمام من الركعة ويبدأ ركعة جديدة ما توجيه فضيلتكم في هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة للمسبوق في الصلاة أن يدخل مع الإمام، سواء أدركه راكعاً أو ساجداً أو جالساً بين السجدتين، لما رواه الترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام". قال أبو عيسى (أي الترمذي) : هذا حديث غريب لا نعلم أحداً أسنده إلا ما روى من هذا الوجه. والعمل على هذا عند أهل العلم، قالوا: إذا جاء الرجل والإمام ساجد فليسجد. ولا تجزئه تلك الركعة إذا فاته الركوع مع الإمام، واختار عبد الله بن المبارك أن يسجد مع الإمام، وذكر عن بعضهم فقال: لعله لا يرفع رأسه في تلك السجدة حتى يغفر له. ا. هـ
وفي تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي قال: قوله: "إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال" أي من قيام أو ركوع أو سجودا أو قعود "فليصنع كما يصنع الإمام" أي: فليوافق الإمام فيما هو فيه من القيام أو الركوع أو غير ذلك أي: فلا ينتظر الإمام إلى القيام كما يفعله العوام. ا. هـ
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: والحديث وإن كان فيه ضعف لكنه يشهد له ما عند أحمد وأبي داود من حديث ابن أبي ليلى عن معاذ قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، فذكر الحديث وفيه: فجاء معاذ فقال: لا أجده على حال أبداً إلا كنت عليها، ثم قضيت ما سبقني. قال: فجاء وقد سبقه النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها. قال: فقمت معه، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قام يقضي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد سن لكم معاذ، فهكذا فاصنعوا" وابن أبي ليلى وإن لم يسمع من معاذ فقد رواه أبو داود من وجه آخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.... فذكر الحديث وفيه: فقال معاذ: لا أراه على حال إلا كنت عليها ... الحديث.
ويشهد له أيضاً ما رواه ابن أبي شيبة عن رجل من الأنصار مرفوعاً: "من وجدني راكعاً أو قائماً أو ساجداً، فليكن معي على حالتي التي أنا عليها".
وما رواه سعيد بن منصور عن أناس من أهل المدينة مثل لفظ ابن أبي شيبة. والظاهر أنه يدخل معه في الحال التي أدركه عليها مكبراً معتداً بذلك التكبير، وإن لم يعتد بما أدركه من الركعة كمن يدرك الإمام في حال سجوده أو قعوده.
انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(11/10821)
حكم استخدام مكبر الصوت في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماحكم استخدام مكبر الصوت في الصلاة بالنسبة للإمام والمأموم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاستخدام مكبر الصوت في المسجد بالنسبة للأذان والإقامة والصلاة أمر جائز، بل قد يكون مطلوباً شرعاً لأنه وسيلة لتحقيق أمور مقصودة شرعاً، ومن ذلك رفع الصوت بالأذان، كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: إذا كنت في غنمك أو باديتك فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد رضي الله عنه: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
وكذلك تتحقق منه فائدة تذكير الناس بالصلاة والاستماع التام لتلاوة القرآن وصوت التكبير من الإمام، وغير ذلك من المصالح الشرعية ... ولكن يراعى في استعماله في الصلاة أن لا يؤدي إلى التشويش على المساجد الأخرى لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم " ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة في الصلاة " أخرجه الإمام أحمد.
وأما المأموم فلا يشرع له رفع الصوت بالقراءة أصلاً إلا إذا كان مُسَمِّعاً، وراجع الفتوى رقم:
7266.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(11/10822)
حكم الصلاة خلف شارب الدخان
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة خلف إمام مدخن هل هي حرام أم حلال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فشرب الدخان الذي يسميه الناس السيجارة حرام، لأنه مضر، وشريعة الإسلام قائمة على تحريم كل ما أضر، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار". رواه مالك في الموطأ.
فشرب الدخان بعد العلم بتحريمه فسق وفاعله فاسق، والصلاة خلف الفاسق صحيحة. والأولى الصلاة خلف غيره وهجره ليرتدع عن معصيته، إلا إذا كان ذلك مؤدياً لترك الجماعة فلا يجوز.
ويجب حضور الجماعة على من ليس معذوراً ولو خلف الفاسق، وقد صلى الصحابة رضي الله عنهم خلف الحجاج بن يوسف الثقفي وهو من هو في الفسق والظلم!! صلى خلفه أنس بن مالك وابن عمر وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(11/10823)
حكم إمامة الأقطع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة وراء من قطعت يده أو رجله مع العلم أن هناك من المأمومين من يحسن القراءة أكثر منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الإمام أقطع اليدين أو إحداهما، أو كان أقطع إحدى الرجلين، ولكنه يقف ويركع ويسجد ويجلس فصلاته صحيحة، وصلاة من خلفه صحيحة، فالقاعدة: أن من صحت صلاته صحت إمامته.
أما كون أحد المأمومين يحسن القراءة أكثر منه، فهذا الأمر ينسحب على الأقطع وعلى غيره، فالمقدم دائماً هو الأحسن قراءة وحفظاً، سواء كان أقطع أم غير ذلك.
أما إذا كان الأقطع تمنعه عاهته من الوقوف أو الركوع أو السجود فالسليم مقدم عليه قطعاً. ويجب التنبه إلى أن كون الأحسن قراءة -مثلا- مقدما على غيره، لا يعني حرمة الصلاة خلف غير الأحسن قراءة مع وجود الأحسن قراءة، وكذلك لا يعني أن يقدم الأحسن قراءة على الحسن، إذا كان الحسن إماماً راتباً لما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1423(11/10824)
حكم الصلاة خلف ممارس الشعوذة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف إمام يمارس الشعوذة أي فك خط الرمل واعترافه شخصيا بالكتابة على ثدي إحدى رواده؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا عنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا لا نعلم حقيقة الشعوذة التي يمارسها هذا الرجل، فلذلك لا نستطيع الحكم على الصلاة خلفه بالبطلان ولا بالصحة، لكنا نقول: إذا كان هذا الرجل يفك ما أسميته بخط الرمل بسحره مما يعني أنه هو ساحر، ويستعمل في عمله الأعمال الشركية ويتقرب إلى الجان والسحرة بأعمال شركية، فالصلاة خلفه لا تجوز، ويجب على السلطان المسلم عزله عن الإمامة، فإذا كنتم في بلد لا يوجد فيه سلطان مسلم فعلى جماعة المسجد أن تقوم بعزله ما لم يؤد ذلك إلى فتنة بينهم.
أما إذا كانت له وسيلة أخرى لا تصل إلى الشرك، فالأولى ترك الصلاة خلفه، لأن هذه الأعمال التي يمارسها مشبوهة، وغالب أهلها عقائدهم فاسدة، ولكن ما دام لم يتحقق ممارسته للأعمال الشركية فالصلاة خلفه صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(11/10825)
إمامة المسافر لغير المسافر جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسافر أن يصلي إماماً لجماعة لا يقصرون في صلاتهم لأنهم ليسوا على سفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أنه يجوز اقتداء المقيم بالمسافر مع الكراهة التنزيهية عند بعض المالكية لمخالفته نية إمامه، والأرجح عدم الكراهة للحديث الآتي فإذا صلى المسافر بالمقيمين ركعتين سلم ثم أتم المقيمون صلاتهم، ويستحب للمسافر إذا كان إماماً أن يقول عقب التسليمتين: أتموا صلاتكم فإني مسافر، لدفع توهم أنه سها، ولئلا يشتبه على الجاهل عدد ركعات الصلاة، فيظن أن الرباعية ركعتان.
ودليل الجواز ما رواه عمران بن حصين رضي الله عنه والذي أخرجه أبو داود وأحمد قال: ما سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم سفراً إلا قصر ركعتين حتى يرجع، وأنه أقام بمكة زمن الفتح ثمان عشرة ليلة يصلي بالناس ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم يقول: "يا أهل مكة قوموا فصلوا ركعتين أخريين، فإنا قوم سفر".
ومما ذكر يتبين للأخ السائل جواز إمامة المسافر لغير المسافر بلا كراهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(11/10826)
صلاة المأموم خلف إمام مخالف له في المذهب ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[إمامنا يتبع المذهب المالكي مثلاً في الصلاة وأنا أريد أن أتبع ما جاء في كتاب صفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم للشيخ الألباني وقد نهانا الإمام عن عدم اتباعه في الصلاة فما حكم ذلك؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج عليكم في الصلاة خلف أي إمام يصلي صلاة صحيحة أي: كاملة الشروط والأركان، سليمة من المبطلات، ولو كان ذلك على مذهب الإمام دون مذهب المأموم.
إذ لو اشترط أن يكون الإمام على مذهب المأموم لتفرق الناس، وصلى كل واحد منهم حسب مذهبه. منفرداً، ولما أقيمت جماعة، وهذا بلاشك مناف لأصل مشروعية الجماعة ومقاصد الشريعة منها.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن أهل المذاهب الأربعة هل تصح صلاة بعضهم خلف بعض؟ وعن ما إذا فعل الإمام ما يعتقد أن صلاته معه صحيحة والمأموم يعتقد خلاف ذلك؟ فكان الجواب: (بنعم، تجوز صلاة بعضهم خلف بعض، كما كان الصحابة والتابعون ومن بعدهم من الأئمة الأربعة يصلي بعضهم خلف بعض، مع تنازعهم في المسائل التي يأتي بها بعضهم مع اعتقاد البعض الآخر بأنها مبطلة ... إلى آخر كلامه) .
وهو كلام طويل، ولكن مقتضاه: (صحة صلاة من صلى خلف إمام مخالف له في المذهب، ولو أتى بما يبطل الصلاة على مذهب المأموم) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1423(11/10827)
ما يلزم من أدرك ركعة من المغرب مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد والإمام في الركعة الأخيرة في صلاه المغرب وأدركت الأخيرة معهم السؤال هوبعد سلام الإمام هل آتي بواحدة وأتشهد للأول ثم أقوم للأخيرة, أم آتي بالاثنتين الباقيتين متصلتين وتعتبر الركعة الأخيرة التي حضرتها مع الإمام والجلوس معه هي التشهد الأول لي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أدرك ركعة من المغرب مع الإمام فعليه أن يقوم بعد أن يسلم إمامه ليأتي بالركعتين الباقيتين كما لو كان يصلي وحده، بمعنى أنه يتشهد في الثانية وفي الثالثة، وراجع الفتوى رقم:
6182 534.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1423(11/10828)
أقوال الفقهاء في الصلاة خلف مقترف الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف من يعمل عمل قوم لوط بالتفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله جل وعلا لما كتب على المؤمنين الصلاة شرع أن تؤدى في جماعة، وأحق الناس بالإمامة أحفظهم لكتاب الله وأعلمهم بالسنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة".
وهذا ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وذهب الباقون إلى أن أولى منه الأفقه بأحكام الصلاة، لأن الأقرأ من الصحابة كان هو الأفقه ضرورة، بخلاف ما عليه الناس اليوم، ولأن حاجة الناس إلى الفقه في الإمامة أمس من الحاجة إلى القراءة.
وزيادة على ما تقدم، فإنه ينبغي أن يراعى في الإمام جانب العدالة والتقوى والورع والزهد في الدنيا وحسن الأخلاق، وخاصة إذا كان إماماً راتباً، ولكن إذا لم يوجد مَن هذه صفاته أو وجد وتقدم غيره -من مثل ما ذكرتم- فهل تصح الصلاة خلفه أم لا؟.
نقول: لا خلاف بين الفقهاء في كراهة الصلاة خلف الفاسق وصاحب البدعة، ولكنهم اختلفوا في صحتها على قولين:
أحدهما: البطلان مطلقاً، سواء كان فسقه متعلقاً بالصلاة، أو بجارحة كشرب الخمر والزنى.
الثاني: التفريق بين من كان فسقه متعلقاً بالصلاة كترك ركن أو شرط من شروطها فتبطل، وبين من كان فسقه متعلقاً بجارحة فلا تبطل، لأن كل من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره، وهذا هو الأرجح، لما روى البخاري: أن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج. وروى مسلم: أن أبا سعيد الخدري صلى خلف مروان بن الحكم صلاة العيد، وصلى ابن مسعود خلف الوليد وكان يشرب الخمر، وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف ابن عبيد وكان متهما بالإلحاد وداعياً إلى الضلال.
وملخص المسألة: إن الصلاة خلف الفاسق بجارحة صحيحة مع الكراهة للأدلة التي ذكرنا.
وراجع الفتوى رقم: 10332، والفتوى رقم: 14675، والفتوى رقم: 1869، والفتوى رقم: 1869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1423(11/10829)
أقوال الفقهاء في مفارقة المأموم لإمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد أثناء صلاة العشاء ولم أكن صليت المغرب فصليت مع الإمام بنية المغرب وسلمت بعد ثلاث ركعات وفارقت الإمام، وبعد أن سلمت نويت صلاة العشاء مع الإمام قبل أن يسلم فما حكم صلاتي وما هو الأفضل فعله في مثل هذه الحالة؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعلته صحيح وكان الأفضل أن تنتظر حتى يجلس الإمام في التشهد ثم يسلم فتسلم معه، قال الإمام النووي في المجموع:
4/106: (وإن تمت صلاة المأموم أولاً لم تجز له متابعة الإمام في الزيادة، بل إن شاء فارقه عند تمامها وتشهد وسلم، وتصح صلاته بلا خلاف، لأنه فارقه بعذر يتعلق بالصلاة، وإن شاء انتظره في التشهد وطول الدعاء حتى يلحقه الإمام ثم يسلم عقبه) . اهـ.
وقال في 4/145: ولو نوى الصبح خلف مصلي الظهر وتمت صلاة المأموم، فإن شاء انتظر في التشهد حتى يفرغ الإمام، ويسلم معه وهذا الأفضل، وإن شاء نوى مفارقته وسلم، ولا تبطل صلاته هنا بالمفارقة بلا خلاف لتعذر المتابعة وكذا فيما أشبهها من الصور، ولا فرق في جميع ذلك بين أن ينوي المفارقة في صلاة فرض أو نفل، ومذهب مالك وأبي حنيفة بطلان صلاة المفارق، وعن أحمد روايتان كالقولين. اهـ
وانظر الفتاويين التاليتين:
7065 376.
تنبيه: إذا قال النووي في المجموع:"بلا خلاف" فقد يكون مراده نفي الخلاف داخل المذهب الشافعي، لا نفي الخلاف مطلقاً فتنبه!!
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1423(11/10830)
حد الإسرار بالقراءة للمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رفع الصوت في وقت الصلاة في صلاة الجماعة من قبل المأموم؟ أي أن هناك من يرفع صوته بعض الشيء في قراءة القرآن (وهو مأموم) أو قراءة الصلاة الإبراهيمية مع أن ذلك يضايق المصلين الآخرين!! وما حكم ذلك؟
بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فرفع المأموم صوته بالقراءة مكروه في الصلاة الجهرية والسرية، وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "إن المصلَّي يناجي ربه، فلينظر بم يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن" رواه مالك، وابن أبي شيبة في المصنف، وصححه الألباني.
وفي صحيح مسلم وغيره عن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - قال "صلّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الظهر أو العصر، فقال: أيكم قرأ خلفي سبح اسم ربك الأعلى، فقال رجل: أنا، ولم أرد بها إلا الخير، قال: قد علمت أن بعضكم خالجنيها" ورواه أحمد ووالنسائي وغيرهما.
ويستحب للمأموم الإسرار بالقراءة في السرية والجهرية. والجمهور على أن حدَّ الإسرار أن يسمع نفسه فقط، دون أن يسمع غيره، ويتأكد ذلك عند علم المأموم بأن جهره يوذي من حوله من المصلين، وإذا كان الإسرار بقراءة المأموم للقرآن مطالبا به في هذه الحالة - مع أن الأصل في القرآن هو أن يجهر به - فما بالك بالإسرار بغيره كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإنها من جنس الذكر والدعاء، والأصل فيهما هو أن يسربهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1423(11/10831)
حجة القائلين بمنع اقتداء المفترض بالمتنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
بالرجوع إلى الفتوى رقم: 513 والمتعلقة باقتداء المفترض بالمتنفل فما حجة من قال بالمنع مع حديث معاذ, وأظن من قال بالمنع هم الأحناف والمالكية
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فمذهب الشافعية هو صحة صلاة المفترض خلف المتنفل والمتنفل خلف المفترض.
وقال الحسن البصري والزهري وهو رواية عن مالك: لا يجوز نفل خلف فرض ولا فرض خلف نفل ولا خلف فرض أخر.
وقال الثوري وأبو حنيفة:لا يجوز الفرض خلف نفل ولا فرض آخر، ويجوز النفل خلف فرض وروي عن مالك مثله.
وقد احتج المانعون بأدلة: منها ظاهر عموم النهي عن مخالفة الإمام في قوله صلى الله عليه وسلم: " إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ... إلى آخره" وهو متفق عليه، ولمعرفة حجج الفريقين انظر المجموع 4/170 وكشاف القناع 1/485 وبدائع الصنائع 1/145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1423(11/10832)
الصلاة خلف الساحر بين الصحة والبطلان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف الساحر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب بعض العلماء إلى كفر من تعلم السحر مطلقاً، ومنهم من ذهب إلى أنه لا يكفر إذا تعلمه ليتقيه ويتجنبه. وقال الشافعي: إذا تعلم السحر، قلنا له: صف لنا سحرك، فإن وصف ما يوجب الكفر، مثل ما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة وأنها تفعل ما يلتمس منها فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر فإن اعتقد إباحته فهو كافر. اهـ
هذا هو الحكم العام للساحر، وهناك تفصيل آخر في المسألة ذكره ابن حجر في فتح الباري قال: وقد أجاز بعض العلماء تعلم السحر، لأحد أمرين: إما تمييز ما فيه كفر عن غيره، وإما لإزالته عمن وقع فيه، فأما الأول: فلا محذور فيه إلا من جهة الاعتقاد، فإذا سلم الاعتقاد فمعرفة الشيء بمجرده لا تستلزم منعاً، كمن يعرف كيفية عبادة أهل الأوثان للأوثان، لأن كيفية ما يعمله الساحر إنما هي حكاية قول أو فعل، بخلاف تعاطيه والعمل به، وأما الثاني: فإن كان لا يتم كما زعم بعضهم إلا بنوع من أنواع الكفر أو الفسق فلا يحل أصلاً، وإلا جاز للمعنى المذكور. اهـ
فعلى هذا التفصيل السابق لا تجوز الصلاة خلف الساحر في الأحوال التي يكفر فيها بسحره، وتجوز في غيرها، لأن الكافر لا تصح صلاته لنفسه، فلا تصح لغيره، وإن كان الأولى ترك الصلاة خلفه في الحالة الثانية أيضاً لقيام الشبهة حوله، ولأن الصلاة خلفه مكروهة باتقاق أهل العلم،
ولمعرفة حكم تعلم السحر والحكم على متعلمه تراجع الفتوى رقم. 11104
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1423(11/10833)
الخلاف بين المذاهب لا يقتضي ترك الصلاة خلف بعضهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الاختلافات في المذاهب مثل اختلافهم في حد الجلوس الأخير فمنهم من قال "الحنفيه" إن حد القعود المفروض ما يكون بقدر قراءة التشهد
أما الشافعيه فقالوا: الجلوس الأخير بقدر التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتسليمة الأولى فرض
فكيف نصلي جماعة إذا كان شخص قد اتبع المذهب الحنفي وآخر الشافعي
وجزاكم الله خيرا وسدد خطاكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فصلاة المتمذهب بالمذهب الشافعي جائزة خلف الإمام المتمذهب بالمذهب الحنفي، وهكذا بقية المذاهب الأربعة لأن الخلاف الواقع بين المذاهب الأربعة خلاف في الفروع لا يقتضي التباعد بين المسلمين إلى درجة أن يترك بعضهم الصلاة خلف بعض. وعلماء المذاهب أنفسهم يجيزون الصلاة خلف أصحاب المذاهب التي تخالفهم، فلا ينبغي أن تؤدي الخلافات في الفروع إلى الفرقة والتشرذم لأن الخلاف الفقهي أمر حتمي، نظراً لاختلاف الأنظار في الأمور الاجتهادية.
وبناء على ما سبق فإنه يجوز للمأموم أن يصلي خلف الإمام الذي على غير مذهبه، مع محافظته على الأفعال والأقوال التي يراها أركاناً أو واجبات، ما لم يؤد ذلك إلى اختلال في المتابعة للإمام، ومن ذلك ما ذكرت من أمر التشهد، فإن المأموم إذا كان شافعياً، فلا يضره أن يجلس قليلاً للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم _ إذا سبقه الإمام بالتسليم ولمزيد من الفائدة يرجى الإطلاع على الفتوى رقم 17301.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(11/10834)
حكم الصلاة خلف مقترف العادة السرية
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب ملتزم ويحفظ القرآن ولكنة مبتلى بالعادة السرية وهذه العادة لايمارسها عن طريق اليد ولكن عندما ينام على بطنه. علما أنه يصلي بالناس فهل إمامته صحيحة وأرجوالتوضيح حول هذه المسألة وأن تساعدوه على التخلص من هذه العادة القبيحة؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله صحبه.... أما بعد:
فأما حكم الاستمناء فقد سبق بيانه في الفتاوى التالية:
2720 1968 7170 ويستوي في ذلك كل الطرق غير المشروعة لإخراج المني، سواء أكانت باليد أو كانت بالانبطاح على الأرض أو غير ذلك.
وأما الصلاة خلف من يفعل ذلك فصحيحة، وإن كان لا ينبغي لهذا أن يؤم الناس مع استمراره على فعل هذه العادة السيئة، إلا حيث لم يوجد إمام غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1423(11/10835)
حكم إمامة شارب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة أحاول أن أكون متدينة بقدر الإمكان وربنا يوفقنا جميعاً زوجي يبلغ من العمر 47 سنة هو الآن يصلي بانتظام ولكنه يشرب الخمر بين الحين والآخر هل يجوز لي أن أصلي خلفه جماعة أم لا؟ وأنا حقيقة أتضايق جداً عندما يشرب ولا أستطيع أن أقوم بإعطائه حقوقه الشرعية هل هناك حرمة عليّ؟ ماذا أفعل لكي أساعده وهو يرفض كلامي لأنه عنيد ولو قلت له لا تفعل سيفعله عناداً؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إمامة شارب الخمر حالة سكره لا تصح بحال، وأما إمامته في حالة صحوه فاختلف العلماء في حكمها: هل هي صحيحة مع الكراهة؟ أم غير صحيحة مطلقاً؟.
وذهب إلى القول الأول الجمهور، وذهب إلى الثاني الحنابلة، ولا شك أن الأولى عدم الصلاة خلفه إن أمكن ذلك، فإن كان عدم الصلاة خلفه سيؤدي إلى مفسدة أكبر، فصلي خلفه وصلاتك صحيحة إن شاء الله تعالى، ونسأله سبحانه أن يهدي لك زوجك، وأن تقرّ به عينك في الدنيا والآخرة.
وأما عن امتناعك من أداء حقوقه في الفراش، فلا نرى مصلحة في ذلك، بل عليك بالصبر وأداء النصح له مع الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يصلح أحواله، وقد سبق لنا جواب حول كيفية النصح وآدابه تحت رقم: 13288، فليراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(11/10836)
حكم الصلاة وراء إمام لا يجيد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح الصلاة وراء إمام لا يجيد قواعد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الإمام يخل بشرط من شروط الصلاة، أو ركن من أركانها، أو واجب من واجباتها فلا تصح الصلاة وراءه، وعليكم بيان الحكم الشرعي له، وتعليمه أحكام الصلاة.
أما إن كان يخل ببعض آداب وسنن الصلاة، فإن هذا لا يفسد صلاته، ولا يجوز ترك الصلاة خلفه لذلك، إلا إذا وجد إمام آخر أكثر محافظة على السنن والآداب، فيترك ذاك ويصلي خلف هذا الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(11/10837)
لا يتابع الإمام لو تمادى في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قام الإمام لركعة رابعة من صلاة المغرب فسبحنا له لكنه لم يعد فقمنا معه وأتممنا الركعة الزائدة ورقعنا معه بسجدتين بعد السلام فهل صلاتنا صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قام الإمام إلى ركعة زائدة، فإنه يُسبح له المأمومون، فإن رجع فذلك المطلوب، وإن تمادى كما هو فإنهم لا يتابعونه لأنهم يعلمون أن هذه زيادة في الصلاة، والزيادة في الصلاة مع العلم تبطلها.
أما بالنسبة لصلاتكم فنرجو أن تكون صحيحة، لأنكم كنتم معذورين بالجهل في حكم الشرع في ذلك، وليس عليكم إعادتها على الراجح، ومع ذلك فلو أعدتموها احتياطاً وخروجاً من خلاف قوي في المسألة، فإن ذلك أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(11/10838)
حكم ائتمام الزوجة بزوجها: هو بسنة الفجر وهي بالفرض
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي سنة الفجر في البيت وتصلي زوجتي خلفي بالفرض ثم أذهب للمسجد لأصلي الفرض بعد أن صليت السنة جماعة مع زوجتي (هي بنية الفرض وأنا بنية السنة) فهل هذا جائز؟ وإذا لم يكن جائزاً فما الذي تفعله زوجتي في الصلوات السابقة؟ علما بأن زوجتي تفعل ذلك امتثالا لحديث من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس كان له كأجر عمرة وحجة تامة تامة تامة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة زوجتك مؤتمة بك صحيحة، وهذا قول عطاء وطاووس وأبي رجاء والأوزاعي والشافعي وأبي ثور وابن المنذر، ودليله ما رواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن معاذاً كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يرجع فيصلي بقومه تلك الصلاة. وانظر الفتوى رقم:
9504
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1423(11/10839)
حكم صلاة المنفرد خلف الصف، وكيف يفعل لتجنب ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم صلاة الرجل منفردا خلف الصف؟ وهل له أن يسحب أحد المصلين في الصف الذي أمامه أم يصلي منفرداً.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة المنفرد خلف الصفوف دون عذر صحيحة مع الكراهة، وتنتفي الكراهة بوجود العذر، وهذا مذهب جمهور الفقهاء: الحنفية، والشافعية، واستدلوا على ذلك بما رواه البخاري عن أبي بكرة: أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "زادك الله حرصاً ولا تعد".
، وذهب المالكية إلى جواز الصلاة منفردا خلف الصف، وهذا نص خليل: ونقل المواق عن ابن رشد أن من صلى وترك فرجة بالصف أساء ا. هـ قال والمشهور أنه أساء ولا إعادة عليه. وذهب الحنابلة إلى أنه تبطل صلاة من صلى وحده ركعة كاملة خلف الصف منفرداً دون عذر، لحديث وابصة بن معبد: "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد" رواه الترمذي وقال: حديث حسن، ورواه ابن حبان في صحيحه.
قال الجمهور: يؤخذ من حديث أبي بكرة عدم لزوم الإعادة.
وعليه، فإن الأمر الذي ورد في حديث وابصة بن معبد بالإعادة إنما هو على سبيل الاستحباب، جمعاً بين الدليلين.
وأما بيان كيفية تصرف المأموم ليجتنب الصلاة منفرداً خلف الصف فهي كما يلي:
من دخل المسجد وقد أقيمت الجماعة، فإن وجد فرجة في الصف الأخير وقف فيها، وإن وجد الفرجة في صف متقدم فله أن يخترق الصفوف ليصل إليها لتقصير المصلين في تركها.
ومن لم يجد فرجة في أي صف فقد اختلف الفقهاء فيما ينبغي أن يفعله حينئذ:
فقال الحنفية: ينبغي أن ينتظر من يدخل المسجد ليصطف معه خلف الصف، فإن لم يجد أحداً وخاف فوات الركعة جذب من الصف إلى نفسه من يعرف منه علماً وخلقاً، فإن لم يجد وقف خلف الصف بحذاء الإمام ولا كراهة حينئذ، لأن الحال حال العذر، هكذا ذكر الكاساني في بدائع الصنائع.
وقال المالكية: من لم يمكنه الدخول في الصف، فإنه يصلي منفرداً عن المأمومين، ولا يجذب أحداً من الصف، وإن جذب أحداً فعلى المجذوب أن لا يطيعه.
والصحيح عند الشافعية: أن من لم يجد فرجة ولا سعة، فإنه يستحب أن يجر إليه شخصاً من الصف ليصطف معه، لكن مع مراعاة أن المجرور سيوافقه، وإلا فلا يجر أحداً منعاً للفتنة، وإذا جر أحداً فيندب للمجرور أن يساعده لينال فضل المعاونة على البر والتقوى.
وقال الحنابلة: من لم يجد موضعاً في الصف يقف فيه وقف عن يمين الإمام إن أمكنه ذلك، فإن لم يمكنه الوقوف عن يمين الإمام فله أن ينبه رجلاً من الصف ليقف معه، وينبهه بكلام أو بنحنحة أو إشارة، ويتبعه من ينبهه.
وظاهره وجوباً، لأنه من باب ما لم يتم الواجب إلا به، ويكره تنبيهه بجذبه - نصاً - واستقبحه الإمام أحمد وإسحاق لما فيه من التصرف فيه بغير إذنه.
وصحح ابن قدامة في المغني جواز الجذب بقوله: (لأن الحالة داعية إليه، فجاز كالسجود على ظهره أو قدمه حال الزحام، وليس هذا تصرفاً فيه، إنما هو تنبيهه ليخرج معه، فجرى مجرى مسألته أن يصلي معه) .
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لينوا بأيدي إخوانكم" فإن امتنع من الخروج معه لم يكرهه وصلى وحده.
والحديث المذكور: "لينوا بأيدي إخوَانكم ... إلخ" رواه أبو داود بإسناد صحيح، نص على ذلك النووي في المجموع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1423(11/10840)
الصلاة خلف إمام يقترف الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل تجوز الصلاة خلف إمام زان تثبث فيه الفعلة ثبوثاً بيناً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليكم أن تختاروا من يؤمكم غيره من أهل الصلاح والخير، مع السعي في إصلاحه وحثه على التوبة، فإن لم يتب فاتركوا الصلاة خلفه وصلوا، خلف إمام غيره في مسجد آخر إن وجد، فإن لم يوجد أو كان المسجد الآخر بعيداً فعليكم أن تصلوا خلفه، وصلاتكم صحيحة على الراجح من أقوال أهل العلم الذين يصححون الصلاة خلف المبتدعة والفساق، فقد كان بعض الصحابة يصلي خلف الحجاج رغم شهرة فجوره وظلمه وسفكه للدماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1423(11/10841)
حكم فتح المرأة على زوجها لو أخطأ في قراءة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي جماعة مع زوجتي فهل تستطيع أن تصلح قراءتي عندما أخطئ أو عندمايحصل مني سهو في الصلاة وكيفية فعل ذلك.
جازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان مقصود الأخ السائل بالصلاة التي يصليها مع زوجته الصلوات الخمس، فليعلم أنه لا يجوز له التخلف عن الجماعة في المسجد إلا لعذر من أعذار ترك الجماعة كالمرض والمطر، والأدلة على وجوب صلاة الجماعة حيث ينادى بها كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: "من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر" رواه ابن ماجه، وصحح إسناده الحافظ ابن حجر.
ومنها ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم" واللفظ للبخاري.
فإن حصل أن صلى الرجل مع زوجته لكونه معذوراً أو فاتته الجماعة في المسجد أو صلى نافلة، ونسي آية في قراءته فلا بأس أن تذكره بها زوجته.
وأما إن نسي عملاً آخر من الأعمال التي يشرع لها التنبيه، فالسنة أن تنبهه بالتصفيق، عملاً بعموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء" رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
ولو سبحت بدل التصفيق جاز، ولكنها خالفت السنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1423(11/10842)
حكم صلاة من التحق بالإمام في سجدة السهو
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل دخل المسجد لصلاة الظهر وكانت الجماعة في سجدة سهو قبل التسليم فكبر وسجد معهم وهو لا يدري أنها سجدة سهو وبعد تسليم الإمام سلم هو أيضا وترك تكملة الصلاة وذهب مع جماعة أخرى من البداية فهل هذا صحيح؟
أفيدونا جزاكم الله الخير الوفير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أدرك الإمام قبل السلام فقد أدرك الجماعة، فيما ذهب إليه أكثر أهل العلم، خلافاً للمالكية.
وعليه، فكان الأولى في حقك إتمام ما فاتك من الصلاة، دون قطعها والانتقال إلى جماعة أخرى.
وما فعلته من إعادة الصلاة مع جماعة أخرى مسقط للفرض عنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1422(11/10843)
ما يجب على المأموم إذا سبقه الإمام بركن
[السُّؤَالُ]
ـ[- إذا صلى شخص خلف الإمام فغفل أو سرح في صلاته فركع الإمام ولم يركع - لأنه سرحان - فتنبه وهم في السجود فماذا يفعل؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا سها المأموم فسبقه الإمام بركنين فعليين وجب عليه الإتيان بهما ومتابعة إمامه فإن سبقه بثلاثة أركان مقصودة وهي ما عداالقيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين فالأصح أنه يلتحق بإمامه فيما هو فيه ثم يقضي ركعة بعد سلام الإمام وعليه، فمن انتبه وهو في القيام وإمامه في السجود لزمه الأتيان بما فاته ومتابعة إمامه لأنه لم يسبقه بثلاثة أركان مقصودة إلا إذا رفع إمامه من السجود الثاني قبل إدراكه فيه فيترك التدارك ويلحق بإمامه ويقضي ركعة بعد السلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1422(11/10844)
ما يفعل من تأخر عن ركوع إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[1-رجل أدرك تكبيرة الإحرام ولكن عندركوع الإمام تأخر الرجل عن الركوع مع الإمام هل في هذه الحاله فاتته الركعة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا شرع الإمام في الانتقال إلى ركن من الأركان في الصلاة فالسنة أن لا يتابعه المأموم حتى يلابس الركن الذي انتقل إليه، فحينئذ يشرع في متابعته، لما رواه مسلم من حديث عمرو بن حريث قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم الفجر، فسمعته يقرأ: (فلا أقسم بالخنس* الجوار الكنس) وكان لا يحني أحد منا ظهره حتى يستتم ساجداً.
ولا يجوز له بعد ذلك أن يتخلف عن إمامه من غير عذر، فإن تخلف لعذر كنعاس، أو سهو، أو زحام، أو عجلة إمام أو نحوه، فإن كان التخلف في ركن كامل مثل أن يركع الإمام ويرفع قبل ركوع المأموم فيلزمه أن يفعله ويلحق ويتابع إمامه ولا شيء عليه.
وإن كان التخلف في ركن كأن يسجد، الإمام، والمأموم لم يركع، فإن أمن فوات الركعة الثانية أتى بما تركه وتابع إمامه وصحت ركعته ويتم عليها متابعاً للإمام، وإن خشي فوات الركعة الثانية -إن أتى بما تركه من الأولى- فيترك ما فاته محافظة على متابعة إمامه، وتلغى ركعته الأولى، فإذا سلم الإمام قام لأداء ركعة كالمسبوق، وإن كان تخلفه في ركعة كاملة فأكثر تابعه فيما بقي، وقضى ما تخلف به بعد سلام إمامه كالمسبوق أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10845)
حكم صلاة المرأة أمام الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ما حكم صلاة المرأة أمام الرجال؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود أن المرأة تصلي في الصفوف المتقدمة على صفوف الرجال فإن هذا لا يجوز، لأن محل النساء وراء محل الرجال.
وإن كان المقصود أنها تصلي والرجال يرونها حال الصلاة، فلا بأس بذلك بشرط التقيد بالحجاب الكامل إذا كان الرجال أجانب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1422(11/10846)
اختلاف نية المأموم عن نية إمامه جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حضرت صلاة الجماعة في العصر مثلاً ولم أكن صليت الظهر هل أصلي معهم العصر وبعد ذلك أصلي الظهر أم ماذا أفعل؟.
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من جاء ووجد الجماعة يصلون العصر، ولم يكن صلى الظهر جاز له أن يدخل معهم بنية الظهر، ثم بعد ذلك يصلي العصر، ولا يضره اختلاف نيته مع نية إمامه على الراجح من أقوال العلماء.
لما رواه جابر بن عبد الله - رضي الله عنه- أن معاذا - رضي الله عنه- كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يرجع فيصلي بقومه تلك الصلاة. متفق عليه، فكانت الثانية لمعاذ نفلاً، ولهم فرضاً، فإن دخل مع الجماعة بنية العصر أكملها معهم، ثم يصلي الظهر، ثم يعيد العصر أيضاً، لتحصيل الترتيب بين الصلاتين، لما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام، فليصل مع الإمام، فإذا فرغ من صلاته فليعد الصلاة التي صلاها مع الإمام". رواه الدارقطني والبيهقي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه مالك في الموطأ موقوفاً على ابن عمر. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(11/10847)
حكم ترك الاقتداء بالمبتدع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يرفض الصلاة وراء إمام بدعوى أنه إمام مبتدع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أظهر بدعة أو فجوراً لا ينبغي أن يرتب إماماً للمسلمين في صلاتهم، فالإمامة يقدم فيها الأفضل فالأفضل.
وإذا كان الإمام مبتدعاً بدعة غير مكفرة، فأمكن هجره حتى يتوب كان ذلك حسناً، بشرط: أن لا يترك هذا الهاجر جمعة ولا جماعة.
فإن كان ترك الصلاة خلفه يفوت على المأموم الجمعة أو الجماعة، فهنا لا يترك الصلاة خلفه، إلا المبتدع المخالف للصحابة رضي الله عنهم، هكذا قال ابن أبي العز - رحمه الله - في شرح العقيدة الطحاوية، واستدل على ذلك بآثار كثيرة ورد فيها صلاة الصحابة خلف الفساق، كصلاة ابن عمر وأنس خلف الحجاج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(11/10848)
الحكم تابع لنوع تصرفات الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل تجوز الصلاة وراء إمام لست راض عن تصرفاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي أن تبين لنا ما هي تصرفات هذا الإمام التي لا ترضيك لأن الحكم على جواز الاقتداء به تابع للعلم بتلك التصرفات.
وعلى الإجمال، فإذا كان عدم رضاك عنه لأمر من أمور الدنيا فإن ذلك لا يؤثر في جواز اقتدائك به، وإن كان لأمر في دينه، فعليك أن ترشده إلى الصواب، وقد بينا هذا الموضوع وأوضحناه في الفتوى رقم:
6359 فعليك أن تراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1422(11/10849)
حكم الاقتداء بالإمام من خلال المذياع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الترويح مع المذياع في المنزل حرام حيث إنني أصلي بنية ختم القران في هذا الشهر الكريم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يصح الائتمام بالمذياع أو شاشة التلفاز لا في التراويح ولا في غيرها من الصلوات، ومن أراد الجماعة فيمكنه إدراكها في المسجد، أو فعلها في البيت مع أهله وأولاده، أو مع ضيوفه.
والأفضل في النوافل أن تكون في البيت؛ ومنها التراويح، لقوله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولاتتخذوها قبوراً" رواه الشيخان.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" رواه البخاري.
وهذا إن أمن على نفسه عدم الكسل عن الصلاة إن صلى وحده، وإلا فالأفضل أن يصلي التراويح مع الجماعة، لينشط مع الجمع، وراجع الفتوى:
9952 والفتوى: 4057
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/10850)
حكم الصلاة وراء من يلاحق الفتيات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في إمام يداعب ويلاحق الفتيات الاتي تقل أعمارهن عن سن الثانية عشرة ويتعاهدون بالملاقاة داخل المسجد وبالضبط في بيت الخلاء أو خارج المسجد يلاحق الفتيات وما حكم الشرع في من علم بهذا وكتم السر؟
وهل يجوز الصلاة وراء هذا الإمام؟
وفقكم الله لما فيه خير هذه الأمة. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجواب يتضمن عدة مسائل:
الأولى: أن هذا الفعل لا يجوز، ويجب على هذا الرجل ترك ذلك، والتوبة إلى الله -سبحانه- من هذا الذي يخشى أن يجره إلى الوقوع في الفاحشة، وإفساد الفتيات؛ إن لم يكن قد وقع في الفاحشة وأفسدهن بالفعل.
المسألة الثانية: أن من علم بصنيع هذا الرجل فيلزمه نصحه، ونهيه عن هذا المنكر الشنيع، وتحذيره من عواقب ذلك، وتنبيهه إلى أن هذا الفعل مستنكر طبعاً وشرعاً من عوام الناس، بل من سفلتهم، فلا يليق -بحال من الأحوال-بمقام الإمام.
فإن استجاب وأقلع فذلك المطلوب، وإن أصر على فعله وجب التحذير منه وفضحه، ورفع أمره إلى من يستطيع كفه ومنعه عن ذلك، صيانة لأعراض المسلمات، ومراعاة لحرمة المسجد.
المسألة الثالثة: أن الصلاة خلفه مبنية على مدى استجابته من عدمها، فإن أقلع عن ذلك وتاب وأناب فلا حرج في الصلاة خلفه، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإن أصر على فعله فالواجب خلعه وتولية الأصلح والأتقى، وإن لم يمكن عزله فهو فاسق تجوز الصلاة خلفه، غير أن الأولى ترك الصلاة خلفه، والبحث عن العدل. وعلى أية حال فلا يجوز التهاون في هذا الأمر.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1422(11/10851)
حكم الاقتداء بالإمام من وراء حائط
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن بجوار المسجد بحيث أن جدار بيتي هو جدارالمسجد، ونسمع جيدا صلاة الإمام بحيث أن القراءة واضحة، والسؤال هو: هل يجوز لأهلي من النساء أن يصلين مع صلاة الإمام في البيت حتى يكون لهن أجر الجماعة ويسمعن القرآن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
-فإن الاقتداء بصوت الإمام من وراء حائط ونحوه مختلف فيه بين أهل العلم، فمنهم من يرى جوازه، ومنهم من لا يرى ذلك، والقول بالجواز هو مذهب الإمام مالك في غير الجمعة، وأبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد. إذا تقرر هذا فاعلم أن اقتداء أهلك بصوت الإمام من وراء الجدار فيه الخلاف -كما علمت- والراجح عندنا -والله تعالى أعلم- جوازه، بدليل أنه ثبت أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا بصلاته وهو داخل إحدى حجراته وهم خارجها، وهذه الصلاة وإن كانت صلاة نفل، فإن الأصل عدم التفرقة بين الفرض والنفل كما هو مقرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1422(11/10852)
هل يصح اقتداء من يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى صلاة المغرب لأصلي مع الجماعة ولكنني حضرت متأخرا بعض الوقت ورأيت مجموعة من الناس يصلون فظننتهم يصلوت المغرب ولكن فيما بعد تبين لي أنهم مسافرون ويصلون صلاة العشاء وذلك لأنهم صلوا أربع ركعات وليس ثلاث ركعات وقد ارتبكت حينما قام الإمام للركعة الرابعة فقد كنت أصلي المغرب وهي ثلاث ركعات والسؤال:
ماذا يفعل من كان في موقفي هل يكمل الصلاة مع الإمام أم يجلس ويقرأ التشهد والصلاة الابراهيمية ويسلم وينهي صلاة المغرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من صلى المغرب خلف إمام يصلي رباعية، فقام إمامه إلى الرابعة، فإنه لا يتابع إمامه، بل يجلس للتشهد بعد الثالثة ويسلم مفارقاً له أو ينتظره بعد فراغه من التشهد حتى يتم الركعة الرابعة ويسلم فيسلم معه، ولا يضر اختلاف عين الصلاة بينهما، أي كونه صلى مغرباً خلف من يصلي العشاء، بل يجوز ذلك كما هو مذهب الشافعية، ورواية عن أحمد، وهو قول طاووس وعطاء والأوزاعي وأبي ثور وسليمان بن حرب وابن المنذر والظاهرية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(11/10853)
اقتداء المفترض بالمتنفل جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. إني حريص على أداء صلاة الفرض وخاصة الفجر في المسجد. وفي الوقت نفسه، إني حريص على أداء أهل بيتي لصلاتهم، فكيف السبيل للتوفيق بين الحالتين؟ حاليا أنا أصلي الفجر مع أهلي جماعة صلاة ركعتين أكون أنا الإمام فيها وهي لي سنة أو نافلة وهي لهم صلاة فرض. وبعدها أنطلق إلى المسجد لأداء صلاة الفرض بالنسبة لي مع جماعة المسجد. فهل ما أقوم به صحيح أم تقترحون حلا أخر في ضوء الكتاب والسنة. أرشدونا أثابكم الله. علما أني حنفي المذهب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما تقوم به صحيح - إن شاء الله تعالى - وزادك الله حرصاً، وأعانك على هذا التوجه القيم.
ثم إن اقتداء أهلك بك مفترضين - وأنت متنفل - صحيح على أرجح أقوال أهل العلم، مع أن من العلماء من يقول بعدم صحته، لأنهم يعتبرون اختلاف نية المفترض مع المتنفل من الاختلاف المنهي عنه، ولكن القول الأول هو الأظهر، لما ثبت عن معاذ رضي الله عنه أنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه، فيصلي بهم تلك الصلاة. متفق عليه.
وننبه السائل إلى أنه ينبغي له أن يحرص على أن تكون نافلته تلك هي سنة الفجر، ولا تكون من النوافل المطلقة، لأن جمهور العلماء لا يرى النافلة المطلقة في ذلك الوقت. وله أن يصلي الفريضة أولاً في المسجد ثم إذا عاد إلى أهل بيته صلى بهم كما كان يفعل معاذ رضي الله تعالى عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1422(11/10854)
حكم اقتداء النساء بالإمام في غرف المساجد الخاصة بهن
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد في بعض المساجد غرف خاصة لصلاة النساء.. وقد سمعت أنه حتى تصلي جماعة مع الإمام.. لابد أن تتصل الصفوف.. ويرى كل صف الصف الذي أمامه..
فإذا دخلت المرأة هذه الغرفة في وقت الفريضة لتصلي مع المصلين مقتدية بالإمام..
1- فهل تصح صلاتها في هذه الغرفة المنفصلة؟
2- وهل يجوز لها أن تصلي مقتدية بالإمام (وهي منفردة ومن خلال متابعة الصوت في مكبر في الغرفة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تكلم الفقهاء رحمهم الله في مسألة ما إذا كان بين الإمام والمأموم حائل يمنع رؤية الإمام، ومن وراءه، فمنهم من قال: لا يصح الائتمام به في هذه الحالة، لعدم رؤيته، ولعدم اتصال الصفوف، فلا يكفي سماع صوته فقط.
ومنهم: من صحح الاقتداء به، ومنهم: من فرق بين ما إذا كانت غرفة معدة للصلاة خارج المسجد، فلم يجوزوا الصلاة فيها، بخلاف ما إذا كانت الغرفة داخل المسجد، ومن هنا فالمسألة خلافية بين العلماء، وإليك بعض نصوص الفقهاء:
قال في مختصر خليل: (ومسِّمع واقتداء به، أو برؤيته، وإن بدار) .
قال في مواهب الجليل: وقوله: (ومسمع واقتداء به، أو برؤيته، وإن بدار.
هو لما أفتى به مالك في المدونة، ونص ما فيها: وقال مالك: ولو أن دوراً محجوراً عليها، صلى قوم فيها بصلاة الإمام في غير جمعة، فصلاتهم تامة، إذا كانت لتلك الدور كوى ومقاصير يرون منها ما يصنع الناس أو الإمام، فيركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده، فذلك جائز، وكذلك إذا لم يكن لها كوى ولا مقاصير يرون ما يصنع الناس والإمام، إلا أنهم يسمعون الإمام، فيركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده) . ا. هـ.
وفي المدونة عن ابن وهب عن سعيد بن أيوب عن محمد بن عبد الرحمن: أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كنّ يصلين في بيوتهن بصلاة أهل المسجد.
وروى ابن وهب: أخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب، وأبي هريرة، وعمر بن عبد العزيز، وزيد بن أسلم، وربيعة مثله، إلا عمر بن الخطاب قال: ما لم تكن جمعة) . مواهب الجليل (1/269) لـ أحمد بن المختار الجكني.
وقال في المهذب: (وإن كان بينهما حائل نظرت: فإن كانت الصلاة في المسجد، بأن كان أحدهما في المسجد والآخر على سطحه، أو في بيت منه لم يضر، وإن كان في غير المسجد نظرت: فإن كان الحائل يمنع الاستطراق (أي: المرور والعبور) والمشاهدة لم تصح صلاته، لما روي عن عائشة رضي الله عنها: "أن نسوة كن يصلين في حجرتها بصلاة الإمام، فقالت: لا تصلين بصلاة الإمام، فإنكن دونه في حجاب".
وإن كان بينهما حائل يمنع الاستطراق دون المشاهدة كالشباك، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز، لأن بينهما حائلاً يمنع الاستطراق، فأشبه الحائط.
والثاني: يجوز، لأنه يشاهدهم، فهو كما لو كان معهم.
وإن كان بين الإمام والمأموم نهر، ففيه وجهان:
قال أبو سعيد الاصطخري: لا يجوز، لأن الماء يمنع الاستطراق، فهو كالحائط. والمذهب: أنه يجوز، لأن الماء لم يخلق للحائل، وإنما خلق للمنفعة، فلا يمنع الائتمام كالنار) . المجموع شرح المهذب للنووي (4/193) .
وقال النووي: (لو صلى في دار أو نحوها بصلاة الإمام في المسجد، وحال بينهما حائل لم يصح عندنا، وبه قال أحمد.
وقال مالك: تصح إلا في الجمعة. وقال أبو حنيفة: تصح مطلقاً.
وقال النووي أيضاً: يشترط لصحة الاقتداء علم المأموم بانتقالات الإمام، سواء صليا في المسجد، أو في غيره، أو أحدهما فيه، والآخر في غيره. وهذا مجمع عليه.
قال أصحابنا: ويحصل له العلم بذلك بسماع الإمام، أو من خلفه، أو مشاهدة فعله، أو فعله من خلفه، ونقلوا الإجماع في جواز اعتماد كل واحد من هذه الأمور، فلو كان المأموم أعمى اشترط أن يصلي بجنب كامل، ليعتمد موافقته مستدلا بها) . المجموع (4/200) .
وعند الحنابلة روايتان عن الإمام أحمد.
قال ابن قدامة: (فإن كان بين الإمام والمأموم حائل يمنع رؤية الإمام، أو من وراءه، فقال ابن حامد: فيه روايتان:
إحداهما: لا يصح الائتمام به. اختاره القاضي، لأن عائشة قالت لنساء كن يصلين في حجرتها: "لا تصلين بصلاة الإمام، فإنكن دونه في حجاب" ولأنه لا يمكنه الاقتداء في الغالب.
والثانية: يصح ... ولأنه أمكنه الاقتداء بالإمام، فصح اقتداؤه به من غير مشاهدة كالأعمى، ولأن المشاهدة تراد للعلم بحال الإمام، والعلم يحصل بسماع التكبير، فجرى مجرى الرؤية، ولا فرق بين أن يكون المأموم في المسجد، أو في غيره.
واختار القاضي أنه يصح إذا كانا في المسجد، ولا يصح في غيره ... (المغني 3/45) .
وحاصل المذاهب أنه يصح أقتداء المأموم بالإمام إذا كان في المسجد، مطلقاً، سواء رأى الإمام أو من وراءه، أولا، أو كان بينهما حائل أو لا، إذا سمع التكبير فإن كان المأموم خارج المسجد اشترط في صحة اقتدائه شرطان: الأول: سماع التكبير، والثاني: رؤية الإمام أو رؤية من وارءه من المأمومين، ولو في بعض الصلاة، أو من شباك، ولو كان بينهما أكثر من ثلاثمائة ذراع، ولا يشترط اتصال الصفوف على الصحيح من المذاهب، إلا أن يكون بينهما طريق فيشترط ذلك.
وبناء على ما تقدم، فإذا كانت الغرفة الخاصة المعدة لصلاة النساء في المسجد صح اقتداوهن بالإمام، إذا كن يسمعن التكبير، لا فرق في ذلك بين أن يكن جماعة من النساء أو امرأة بمفردها تقتدي بالإمام وإن كانت الغرفة خارج المسجد، لا يتمكن من فيها من رؤية الإمام أو المأمومين، فلا يصح الاقتداء حينئذ على مذهب الشافعية والحنابلة، ويصح على مذهب المالكية ومن وافقهم والأحوط اجتناب ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1422(11/10855)
من كان في نافلة واقتدى به مفترض فإنه يفعل ما يفعله الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت أصلي سنة العشاء البعدية في المسجد التحق بي من اليمين رجل أظنه ينوي أن يصلي فرض العشاء. ففي هذه الحالة هل أجهر في صلاتي كالإمام أم أخفت. أفيدوني يرحمكم الله علما بأني حنفي المذهب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القول الراجح - الذي تشهد له الأدلة الصريحة هو جواز اقتداء المفترض بالمتنفل وعليه فافعل كل ما يفعله الإمام من الجهر وغيره؛ إذ أنت قد أصبحت إماماً - مع العلم بأن الأحناف والمالكية والحنابلة على رواية عنهم، يرون أنه لا يصح اقتداء المفترض بالمتنفل - ولكن القول الراجح هو ما قدمناه، لما في البخاري ومسلم من أن معاذاً رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء فرضه، ثم يذهب فيصلي بجماعته فرضهم، فهي لهم فريضة، وهي له نافلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1422(11/10856)
المسبوق بركعة يتابع الإمام ولو فاته التشهد الأول في محله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي هل يجوز هدم ركن لأجل متابعة الإمام في الصلاة؟ مثال: إذا كان الإمام في الركعة الثانية والمأموم في الركعة الأولى فهل يجوز بعد تمام الركعة أن يترك التشهد الأول لكي يصلي مع الإمام أفيدونا علما بأن الدراسة التي درسناها تفيد بعدم جواز ذلك والله يحفظكم ويرعاكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على المأموم أن يدخل مع إمامه على الحالة التي وجده عليها، وفي الركعة التي هو فيها. لما أخرجه ابن أبي شيبة مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "من وجدني راكعاً أو قائماً أو ساجداً، فليكن معي على حالتي التي أنا عليها".
ولما رواه الترمذي أيضاً عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن معاذ رضي الله عنه: "إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال، فليصنع كما يصنع الإمام".
والحديث وإن كان فيه مقال، إلا أن العمل عليه عند أهل العلم.
وبهذا يعلم السائل أن كون الإمام في ركعة والمأموم في ركعة أخرى لا يتصور شرعاً، إلا في حالة ما إذا سها المأموم، أو زوحم، أو نحو ذلك حتى سبقه الإمام بركعة، لوجوب متابعة الإمام.
والحكم في هذه المسألة - أعني مسألة من منعه مانع من متابعة إمامه حتى فاته بركعة أو أكثر - أن يترك ما فاته، ويلحق بإمامه محافظة على المتابعة، ثم بعد سلام إمامه يقضي ما فاته.
أما إذا فاته بركنين، فإنه يأتي بهما ويلحق به، هذا إذا أمن فوات الركعة الموالية، وإن كان سبقه بركن فإنه يأتي به وجوباً لإمكان إدراكه بلا محذور.
انظر كشاف القناع على متن الإقناع كتاب الصلاة. ومن هذا يعلم أن الركن لا يترك، وكذلك الركنان من أجل متابعة الإمام، إلا إذا خيف فوات الركعة الموالية مع الإمام.
أما التشهد الأول فليس بركن وإنما هو من واجبات الصلاة، ولذلك فإن المسبوق بركعة يتابع الإمام، ولا يأتي به في الركعة الثالثة من الرباعية التي هي ثانية المأموم، والتي هي محل التشهد الأول لو صلى وحده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(11/10857)
القول الراجح في إمامة العاجز عن أداء بعض الأركان
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي عائلة، وحصل لي حادث سيارة فانكسر العمود الفقري فلا أستطيع الركوع والسجود فهل يجوز لي إمامة عائلتي وهم في حاجة إلى إمامتي لأني كنت أأمهم قبل الحادث.
جزكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز اقتداء من يقدر على ركن كالركوع والسجود بمن لا يقدر عليه، خصوصاً إذا كان العجز مستمراً - كما هو الحال في الصورة المسؤول عنها- وهذا هو الراجح من خلاف بين أهل العلم في المسألة.
وينبغي أن تنبه أفراد العائلة إلى أن الذكور البالغين منهم القادرين على الذهاب إلى المسجد لا يجوز لهم أن يتخلفوا عن الصلاة فيه أصلاً؛ ولو أمَّهم أحدهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1422(11/10858)
المأموم يلتزم الإسرار في أقواله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمصلي (المأموم) أن يسمع من حوله التسبيح والذكر الوارد عند صلاة الجماعة أم يجب عليه الإسرار وعدم إيذاء الآخرين. أفتونا جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المأمومين يسرون بكل الأقوال في الصلاة لئلا يشوش بعضهم على بعض، والإسرار هنا هو أن يسمع نفسه دون غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1422(11/10859)
لا يؤثر عدم جهر الإمام بالتكبيرات على صحة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم لو دخلت المسجد ووجدت رجلا يصلي منفرداً فاقتديت به في صلاة الفرض، لكن الرجل لم يجهر بالتكبيرات ولا بالقراءة في الصلاة الجهرية فهل أستمر معه أم أتركه وهل الجهر بالتكبيرات والقراءة واجب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فذهب جمهور الفقهاء إلى استحباب الإسرار بالتكبيرات كلها في حق المأموم والمنفرد، وقال المالكية بهذا إلا تكبيرة الإحرام فيندب عندهم الجهر بها. أما الإمام فجهره بالتكبير سنة عند الجميع ليتمكن المأموم من متابعته فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم: " فإذا كبر فكبروا" متفق عليه.
وأما الجهر بقراءة القرآن في الصلاة: فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن جهر الإمام بالقراءة في الصلاة الجهرية سنة. وقال الحنفية بأن جهر الإمام بالقراءة واجب؛ ولكن الراجح ما ذهب إليه الجمهور.
وأما المأموم فيسن له الإسرار بالقراءة عند كل القائلين بقراءة المأموم وراء الإمام، ويكره له الجهر، سواء أسمع قراءة الإمام أم لا، فقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، فجعل رجل يقرأ خلفه بـ " سبح اسم ربك الأعلى"، فلما انصرف قال: " أيكم قرأ" أو: "أيكم القارئ"؟ فقال رجل: أنا، فقال: "قد ظنت أن بعضكم خالجنيها" رواه مسلم. ومعنى خالجنيها: جادلنيها ونازعنيها.
وأما المنفرد: فعند الحنفية والحنابلة على المذهب، أنه يخير فيما يجهر به: إن شاء جهر، وإن شاء أسر. وقال المالكية والشافعية وهو رواية عن أحمد: يسن للمنفرد الجهر فيما يُجْهَر به.
ونحن نميل لقول الحنفية والحنابلة بتخيير المنفرد بين الجهر والإسرار، فقد قال الإمام أحمد تعليقاً على هذا: إنما الجهر للجماعة.
وبعد عرض أقوال الفقهاء في الجهر بالتكبيرات والقراءة في الصلاة نقول لك: لا تقطع صلاتك مع الإمام الذي لم يجهر بالتكبيرات والقراءة، لأن الجهر بهما ليس واجباً على الإمام كما تقرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1422(11/10860)
حكم الائتمام بمرتكب بدعة غير مكفرة وبمن يحلق لحيته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الفاضل سؤالي كالتالي:
نحن بعض الإخوة في بلاد إسلامية وقع بيننا جدال في مسألة الصلاة في دار القرآن وترك المسجد يقولون العلة في ذلك إن أئمة المساجد لاتتوفر فيهم شروط الإمامة وكمثال على ذلك حلق اللحية وارتكاب البدع الغير مكفرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجماعة في المسجد واجبة فإذا كان من الممكن الصلاة في مسجد ليس في إمامه بدعة أو فسق ظاهر فلا تصلي الصلاة خلف من ذكرت من الأئمة، وإذا لم يكن للصلاة خلف الإمام العدل لعدم وجوده أو عدم القدرة على تغيير الإمام الفاسق فحينئذ تجب الصلاة خلف هذا الفاسق لئلا يترتب على ذلك تضيع صلاة الجماعة في المسجد حيث لا يجوز تعطيل المسجد عن أهم ما بني له، ويكفي أن خير البقاع المساجد، وأن كثرة الخطا إليها تمحو الخطايا، وترفع الدرجات، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "خير البقاع المساجد، وشر البقاع الأسواق" رواه الطبراني في الكبير، والحاكم وصححه السيوطي.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط" رواه مسلم.
ومما يدل على عظم المساجد: أن من تعلق قلبه بها أظله الله في ظل عرشه يوم القيامة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد.."رواه البخاري ومسلم، وفي لفظ: "ورجل معلق قلبه بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه"، وفضائل المسجد كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.
وعلى هذا فإننا ننصح هؤلاء الإخوة بالاعتصام بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتعاون على البر والتقوى، ومن أهم هذه الأمور الصلاة والاجتماع عليها، ولذا كان الصحابة يصلون خلف الحجاج والمختار بن أبي عبيد مع فسقهما وظلمهما حفاظاً على صلاة الجماعة في المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1422(11/10861)
يقتدى بالإمام مالم تكن بدعته مكفرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في بلد أوروبي، في مدينة فيها مراكز كثيرة ومختلفة من العرب وغيرهم، منهم إخوان، والجماعات الأخرى التي لديها انحراف واضح في العقيدة. كان يزداد شعوري بالغربة عندما كنت أدخل تلك المراكز لصلاة الجمعة. ولكن الآن تركت الذهاب إلى المراكز تلك لدفع الشر الذي قد يقع بيني وبينهم بسبب تعصبهم الحزبي وخوفا من ألا تقبل الصلاة وراء أناس قد غلب عليهم العشق الحزبي وما زين لهم مما هو مخالف للعقيدة الصحيحة. فهل أنا آثم لعدم ذهابي لصلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك ترك صلاة الجمعة والجماعة خلف من ذكرت، إلا إذا أمكنك أن تصليها خلف من هم أحسن حالاً منهم، فإن أمكنك ذلك فهو الأولى، وإلا فإنه يلزمك الجمعة والجماعة معهم، ما لم تكن بدعتهم مكفرة، لأن أهل السنة والجماعة يصلون خلف كل بر وفاجر من المسلمين، ويراجع جواب الفتوى رقم 6742.
لكن يجب التريث والبحث في أحوال من ذكرت، هل هم فعلاً واقعون في بدعة أم لا؟ وهل معتقدهم صحيح أم فاسد؟ لأنه لا يجوز إصدار مثل هذه الأحكام بدون دليل وبرهان، واستيفاء لوسائل النصح والبلاغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1422(11/10862)
الائتمام بمن يصلي وحده صحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يصلي فذا صلاة فرض وجاء رجل آخر وائتم به هل يجوز له ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الفعل جائز ولا حرج فيه - إن شاء الله تعالى- وقد حصل لهما أجر الجماعة. وعلى هذا المؤتم أن يقف عن يمين الإمام إن كان وحده، وإن جاء معه مصل آخر فليقفا وراءه.
ففي صحيح مسلم من حديث عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الطويل، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي، فجاء جابر بن عبد الله فوقف عن يساره يصلي بصلاته، فأداره رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أوقفه عن يمينه، ثم جاء بعد ذلك جبار بن صخر فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديهما جميعاً فدفعهما حتى أقامهما خلفه. وهذا وإن كان في صلاة النافلة، إلا أن الأصل أن ما جاز في النافلة جاز في الفريضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1421(11/10863)
مكان وقوف المأموم المنفرد خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صلى اثنان جماعة هل يجب أن يقفا متحاذيين؟
وهل ورد في تقدم الإمام قليلا عن المأموم نص؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا صلى مع الإمام رجل، فيستحب أن يقف عن يمينه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقمت عن يساره، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه " متفق عليه.
وهل يقف محاذياً لإمامه لا يتقدم عنه ولا يتأخر، أو يتأخر عنه قليلا؟ فذهب جمهور أهل العلم إلى أنه يقوم عن يمين الإمام متأخراً عنه قليلاً، بحيث يقف عند عقبه.
قال في المبدع: ويندب تخلفه قليلا خوفاً من التقدم، وقال محمد صاحب أبي حنيفة ينبغي أن تكون أصابعه عند عقب الإمام. وقال ابن حجر في الفتح: وقد قال أصحابنا: يستحب أن يقف المأموم دونه قليلا.
ودليل هذا القول هو أن رتبة الإمام تقتضي تقدمه عن المأموم.
والصحيح أنه يقف عن يمينه مساوياً له، لا يتقدم عنه ولا يتأخر، ودليل ذلك ما رواه مالك في الموطأ والبيهقي في السنن عن عبد الله ابن عتبة بن مسعود قال: دخلت على عمر بن الخطاب بالهاجرة فوجدته يسبح (يتنفل) فقمت وراءه فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه، فلما جاء يرفأ تأخرت فصفننا وراءه.
وعن ابن جريح قال: قلت لعطاء: الرجل يصلي مع الرجل أين يكون منه؟ قال إلى شقه الأيمن، قلت أيحاذي به حتى يصف معه لا يفوت أحدهما الآخر؟ قال نعم. قلت أتحب أن يلصق به حتى لا يكون بينهما فرجه؟ قال: نعم" رواه عبد الرازق.
وقد بوب البخاري رحمه الله باباً فقال: باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواءً إذا كانا اثنين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1421(11/10864)
حكم الصلاة خلف من يقول:إن الله في كل مكان
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الصلاة خلف من يقول بأن الله في كل مكان؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا القائل يقصد بقوله هذا ما يعتقده الحلوليون من أن الله تعالى بذاته موجود في كل مكان، والعياذ بالله كان ذلك كفراً، وعلى ذلك فلا تجوز الصلاة خلفه، وإن كان يقصد بذلك ما يعتقده المؤمنون من أن علم الله تعالى محيط بكل مكان، فلا حرج في الصلاة خلفه من هذه الحيثية. وإن أردت تفصيل القول في هذه المسألة فراجع الفتوى رقم (6707) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1421(11/10865)
يقف المأموم المنفرد محاذيا لإمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد في صلاة الرجلين جماعة تقدم الإمام عن المأموم قليلاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تقدم الإمام عن المأموم قليلاً إذا كان المأموم واحداً لم يرد ما يدل عليه.
بل إن ظاهر ما ورد في ذلك هو أن يكون على يمينه محاذياً له، لا متقدماً عليه ولا متأخراً عنه، ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ برأسه من ورائه وجعله عن يمينه". ولم ينقل عنه أنه أخره قليلاً، ثم إن الإمام والمأموم يعتبران صفاً، ومن المعلوم أن الصف مأمور بتسويته، والتقدم أو التأخر ينافي كل منهما التسوية.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1421(11/10866)
حكم الصلاة خلف الإمام الصوفي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة خلف إمام صوفي وأكثر المأمومين صوفيون؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجواب عن هذا السؤال لابد فيه من تفصيل:
1- فمن كان مسلماً صحيح الاعتقاد ملتزما بالسنة، فلا ريب في جواز الصلاة خلفه، وقد يطلق الناس لقب "صوفي" على من هذا حاله، نظراً لصلاحه وزهده ونحو ذلك، وإن كان الأولى أن لا يسمى بذلك، إذ الإسلام متضمن للزهد والصلاح وغيره، والتصوف إما أن يكون هو الإسلام أو غيره، فإن كان هو الإسلام، فلا حاجة إلى إحداث هذا الاسم الذي لم يشرعه الله، ولم يشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم. وإن كان غيره فقد ظهر فساده، وأنه مردود على صاحبه.
2- ومن كان منتسباً إلى الإسلام مع تمسكه بشيء من العقائد الفاسدة التي توجب الخروج من الإسلام، كاعتقاد النفع والضر في الأموات، أو دعائهم والالتجاء إليهم، أو اعتقاد أن الله يَحِلُّ في مخلوقاته، أو أنه لا فرق بين الخالق والمخلوق، أو أن الأولياء يعلمون الغيب، أو أن الولي يصل إلى مرحلة يسقط عنه فيها التكليف، أو ادعاء العصمة لغير الأنبياء، أو تفضيل شيء من الأذكار والأوراد على القرآن، ونحو ذلك من موجبات الردة، فهذا لا تصح الصلاة خلفه، وتجب دعوته وتعليمه ونصحه، وإلا فأقل ما يعاقب به هو هجره وزجره، لا تعظيمه وتقديمه لإمامة الناس.
3- ومن كان متلبساً ببعض البدع التي لا تخرجه من الإسلام مظهراً لها فلا تجوز الصلاة خلفه لأن من هذا حاله، شأنه أن يهجر لا أن يقدم للإمامة على المسلمين إلا أن يتعذر تقديم غيره، أو الانتقال إلى مسجد آخر، فتجب الصلاة حينئذ خلفه لئلا يترتب على ذلك تضيع صلاة الجماعة في المسجد. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1421(11/10867)
الصلاة برجل يستغيث بغير الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أن يمنع رجلا من الصلاة خلفه إذا كان هذا الرجل يستغيث بغير الله ويدعوا غير الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الإمام أن ينصح هذا الرجل، وأن يرشده إلى طريق الصواب، ويبين له خطر ما هو عليه من الاستعانة بغير الله، ودعاء غير الله، ويكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة.
وليس له أن يمنعه من الصلاة خلفه، لأن ذلك قد يؤدى إلى فتنة. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم المنافقين الذين يبطنون الكفر، ويظهرون الإسلام، ويعرفهم بأسمائهم وأعيانهم ولم يمنعهم من الصلاة خلفه، بل لما قال عمر رضي الله عنه: (دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه" متفق عليه.
وما دام هذا الرجل يصلى خلفك ففيه خير، وقد يأتي اليوم الذي يشرح الله صدره لكلمة تقولها فيترك ما هو عليه من الضلال. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رمضان 1421(11/10868)
من قام إلى الخامسة جهلا بوجوب القعود وعدم متابعة الإمام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم متعابة الإمام إذا زاد في الصلاة ركعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن صلى خلف إمام فسها الإمام في صلاته بأن قام إلى خامسة والصلاة رباعية، أو ثالثة والصلاة ثنائية، فلا يجوز للمأموم متابعته، فمن تابعه متعمداً عالماً بحرمة ما أتى بطلت صلاته، لأنها متابعة في زيادة علم بطلانها فلم تجز، ثم للمأموم الخيار في أن ينتظر الإمام لينهي ركعته فيسلم بسلامه، أو ينوي الانفراد عن الإمام ويسلم لنفسه. أما من قام جهلا بوجوب القعود فله حالتان:
الأولى: إن علم بخطأ فعله والوقت قريب (لم يخرج وقت تلك الصلاة) فتلزمه الإعادة.
الثانية: أن يعلم بعد خروج الوقت فلا شيء عليه، والدليل على ذلك ما رواه أبو هريرة أن رجلاً دخل المسجد يصلي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية المسجد، فجاء فسلم عليه فقال له: "ارجع فصل فإنك لم تصل" فرجع فصلى ثم سلم، فقال: "وعليك، ارجع فصل فإنك لم تصل" قال في الثالثة فأعلمني، قال: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر واقرأ بما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تستوي وتطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها" متفق عليه. فأمره أن يعيد صلاة الوقت، ولم يأمره بإعادة صلاته كلها، مع أن الرجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "والله ما أحسن غير هذا" كما في رواية مسلم، فدل على أن هذا شأنه في صلاته كلها، ومع ذلك لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة كل صلاته، وإنما أمره بإعادة صلاة الوقت فقط، تخفيفا عنه وعن من كان في حكمه. ووجه مقارنتها بمسألتنا أن ذاك ترك ركناً، (وهو الطمأنينة) جهلاً، وهذا زاد ركنا بل أركاناً (الركعة الزائدة) جهلاً، والجامع بينهما فعل مبطل في الصلاة جهلاً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1421(11/10869)
مكان وقوف المرأة في صلاة الجماعة مع الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تصلي بجانب زوجها وهي مأمومة به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا صلت المرأة مع الرجل، أو مع الرجال، فليس لها أن تقف إلا خلف الجميع، للحديث المتفق عليه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه صلى هو ويتيم خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وصلت المرأة خلفهم.
ولا فرق بين الأجنبية وغيرها في هذا الحكم. والدليل على ذلك أن المرأة المتقدمة الذكر هي: أم سليم، وأنس ابنها، ومع ذلك لم تصف معه بل صفت خلفه، فدل هذا على أن المرأة ليس لها أن تقف بجانب الرجل في الصلاة، ولو كان من محارمها. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1421(11/10870)
لا تدرك الركعة مع الإمام إلا بإدراك ركوعها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخل المصلي للصلاة وقد بدأ الإمام بالصلاة ووصل المصلي والإمام قد انتهى من الركعة الثانية (أي أنه في السجود الثاني أو قبل الركعة الثالثة) فكيف يكمل المصلي الصلاة؟ هل يصلي مع الإمام وبعدها يعيد الركعات الأربع؟ أم أنه يصلي من البداية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أدرك المأموم ركعتين في صلاة الإمام ـ كما في السؤال ـ فإنه يتم ركعتين بعد سلام الإمام، إذا كانت الصلاة رباعية كالظهر، والعصر، والعشاء، ويتم ركعة في الصلاة الثلاثية وهي المغرب. ولا تدرك الركعة مع الإمام إلا بإدراك ركوعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/10871)
أين تقف النساء إذا صلى الرجل إماما في أهل بيته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوجة أن تصلي بجانب زوجها في البيت صلاة الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للزوج أن يؤم زوجته في الصلاة، فرضاً كانت أو نفلاً، لكن السنة أن تقف خلفه، لا أن تقف بجنبه يميناً أو يساراً، لما ثبت في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا" قال أنس: " فصلى لنا رسول الله ركعتين) .
قال في الشرح الكبير (وإن أمَّ امرأة وقفت خلفه) . (المغني مع الشرح (2/66) ولأن النساء حقهن التأخير، لما صح عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: (أخروهن من حيث أخرهن الله) . أما بخصوص صلاة الرجل جماعة بأهله في البيت فإننا نقول: صلاة الجماعة التي رغب الشرع فيها، وحث عليها هي التي تقام في المسجد، ومن هنا فلا يجوز للرجل أن يصلي الفريضة في بيته إلا لعذر معتبر شرعاً، كالمرض الشديد، أو المطر الغزير…. ونحو ذلك مما عده العلماء من الأعذار المبيحة لترك الجماعة في المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1421(11/10872)
حكم التبليغ خلف الإمام.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تبليغ المأ مو م بدعة كما قا ل الشيخ سيد سا بق أم جائز. مشكلة في مسجد ونريد الإجابة اليو م]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في الجهر بالنسبة للمأموم أنه غير مشروع، وقد نص الفقهاء على كراهته لما يسببه من التخليط والتشويش على المصلين.
فإن دعت حاجة إلى تسميع المأموم عن الإمام لمرضه، أو لترامي أطراف الجماعة، بحيث لا يتمكنون من سماع صوت الإمام، ففي هذه الحالة يسن لأحد المأمومين أن يسمع الناس بالتكبير والتحميد نيابة عن الإمام، لأن أبابكر رضي الله عنه سمع الناس لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم وصلى بالناس جالساً، كما في صحيح مسلم.
فأدنى أحواله الكراهة عند عدم الحاجة إليه، كما أسلفنا. وهذا كاف في تركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10873)
حكم متابعة الإمام الذي يترك بعض سنن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل علي أن أقلد الإمام عندما يصلي في كل شيء حتى وإن لم يكن يؤدي السنة أو صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك تقليد إمامك، أيْ متابعته في تركه للسنن التي لا يؤثر تركها على صحة الصلاة، إذا كان إتيانك بها يخل بالمتابعة المأمور بها في قوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا ... " إلى آخره.
فأي أمر يؤدي إلى الإخلال بالمتابعة بتقدم على الإمام أو تأخر عنه فإنه لا يجوز. أما السنن التي لا يقتضي فعلها خلف الإمام تقدما عليه ولا تأخراً عنه فلا بأس بالإتيان بها، ولو تركها الإمام. مثال ذلك: ما لو كان الإمام لا يرفع يديه عند التكبير للركوع أو الرفع منه، أو القيام من التشهد الأول، أو كان لا يضع يديه على صدره في القيام، لأنه لا يترتب على ذلك إخلال بالمتابعة.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10874)
إذا انقطع صوت الإمام وتقدم أحد المأمومين وأتم الصلاة بهم فالصلاة صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الجمعة انقطعت الكهرباء والذين خارج المسجد لايسمعون الإمام ولا يرونه فتقدم أحدهم وصلى بهم الجمعة والإمام يصلي جماعة أخرى داخل المسجد فما حكم الجماعة التي خارج المسجد؟ وجزاكم الله حيراُ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
من انقطع عنهم صوت الإمام أثناء الجمعة ولم يتمكنوا من رؤيته فقدموا أحدهم، أو تقدم وحده ليتم بهم جمعتهم فصلاتهم صحيحة، لأن إمام هؤلاء الذين صلوا خارج المسجد - أعني: الإمام الذي انقطع صوته ولم تمكن رؤيته ولا رؤية من خلفه- يعتبر في حكم العاجز عن إكمال الصلاة، فلا حرج في تقديم غيره مكانه، لما جاء في البخاري عن عمرو بن ميمون قال: إني لقائم ما بيني وبين عمر غداة أصيب إلا عبد الله بن عباس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب، حين طعنه وتناول عبد الرحمن بن عوف، فقدمه، فصلى بهم صلاة خفيفة.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10875)
حكم الصلاة خلف صاحب بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... هل تجوز الصلاة خلف أهل البدع مثل الصوفية وغيرهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك بالبحث عن إمام غير مبتدع، فإذا لم تجد سوى المبتدع فعليك بنصحه وبيان الحق له عسى أن يتخلى عن بدعته، فإن لم يقبل وكانت بدعته مكفرة كمن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره، أو يذبح لغير الله، فلا تصلي خلفه ولا يصح جعله إماما. وكذلك من كان ينسب إلى الصحابة ما نفاه عنهم القرآن، كمن يطعن في عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أو يعتقد أن القرآن الكريم ناقص وما أشبه ذلك، فمثل هذا لا تصح الصلاة خلفه، ولا تصح إمامته، أما من كانت بدعته غير مكفرة صحت الصلاة خلفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10876)
حكم من انقطع عنهم صوت الإمام فتقدم أحدهم وأكمل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الجمعة انقطعت الكهرباء والذين خارج المسجد لايسمعون الإمام ولا يرونه فتقدم أحدهم وصلى بهم الجمعة والإمام يصلي جماعة أخرى داخل المسجد فما حكم الجماعة التي خارج المسجد؟ وجزاكم الله خيراُ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن انقطع عنهم صوت الإمام أثناء الجمعة ولم يتمكنوا من رؤيته فقدموا أحدهم، أو تقدم وحده ليتم بهم جمعتهم فصلاتهم صحيحة، لأن إمام هؤلاء الذين صلوا خارج المسجد - أعني: الإمام الذي انقطع صوته ولم تمكن رؤيته ولا رؤية من خلفه- يعتبر في حكم العاجز عن إكمال الصلاة، فلا حرج في تقديم غيره مكانه، لما جاء في البخاري عن عمرو بن ميمون قال: إني لقائم ما بيني وبين عمر غداة أصيب إلا عبد الله بن عباس، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب، حين طعنه، وتناول عبد الرحمن بن عوف، فقدمه، فصلى بهم صلاة خفيفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10877)
لا يصح الاقتداء بالإمام عن طريق التلفاز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الممكن أن تصلي المرأة صلاة التراويح في بيتها مع صلاة تراويح التلفاز، علما بأنها تقيم في الأردن والصلاة تبث من مكة أو المدينة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فصلاة المرأة على الصورة المذكورة في السؤال لا تصح لأن الجماعة مشتقة من الاجتماع في الزمان، وهذا قد يختل باختلاف التوقيت في البلدان المتباعدة، وفي المكان وهو مختل هنا قطعاً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10878)
كيف يقف المأموم المنفرد خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخلت في صلاة مع إمام ومأموم واحد.. هل الصحيح أن يطلب من المأموم الرجوع للخلف ثم الدخول في الصلاة؟ .. أم العكس هو الأصح (أي الدخول في الصلاة ثم تنبيه المأموم للرجوع خلفا؟ أفادكم الله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن جاء فوجد إماماً ومأموماً وأراد الدخول معهما في الصلاة فإنه يُحرم عن يسار الإمام ثم يتقدم الإمام أو يتأخر المأموم، لما روى جابر رضي الله عنه قال: قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي وأدارني حتى أقامني عن يمينه، وجاء جابر بن صخر حتى قام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذنا بيديه جميعاً فدفعنا حتى أقامنا خلفه. رواه الحاكم. لأنه قبل أن يحرم الثاني لم يتغير موقف الأول فلا يزال عن موضعه. هذا إذا جاء المأموم الثاني في القيام فإن جاء في التشهد فلا تقدم ولا تأخر حتى يقوموا. وقد ذكر هذا التفصيل الإمام النووي رحمه الله في كتاب المجموع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1424(11/10879)
ما أدركه المسبوق مع الإمام يكون أول صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... بسم الله الرحمن الرحيم بعد التحية ماهي أصح طريقة لأداء صلاة المسبوق ... فالبعض يقول بالتمام أي أن يجعل ما أدركه أول صلاته ثم يتم بعد ذلك ... والبعض يقول بالقضاء ويجعل ما أدركه آخر صلاته ويقضي مافاته ... والبعض يقول بالقضاء في الأقوال والتمام في الأفعال والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فما أدركه المسبوق مع الإمام يعتبر أول صلاته وما يفعله بعد سلام إمامه يكون آخرها لقوله: "فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" متفق عليه. وإتمام الشيء لا يكون إلا بعد أوله وعلى ذلك إذا صلى مع الإمام الركعة الثالثة والرابعة من العشاء تكون هاتان الركعتان أول صلاته وما يأتي به بعد يعتبر آخر صلاته. وقال بعض العلماء بخلاف ذلك والأمر في ذلك واسع والخلاف فيه معتبر فلا ينبغي أن ينكر على المخالف في ذلك.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10880)
تصح صلاة المفترض خلف المتنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي صلاة نافلة، ووقف بجانبي مأموم وصلى فريضة، فما حكم صلاته، وهل ارتكبت ذنباً، علماً بأنني لم أخبره أني كنت أصلي صلاة نافلة.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
...
فإنه يجوز أن يقتدي المفترض بالمتنفل على الراجح من أقوال أهل العلم لحديث معاذ رضي الله عنه، أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيصلي بقومه تلك الصلاة. والحديث متفق عليه. فتكون هذه الصلاة التي يصليها معاذ بقومه فريضة لهم، ونافلة لمعاذ رضي الله عنه، وعليه فأنت لم ترتكب إثماً. وإنما كنت سبباً في حصوله على أجر صلاة الجماعة بدخوله معك ولو لم تخبره، كما في حديث معاذ المتقدم. والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10881)
وقوف المأمومين عن يمين الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة التراويح يصلي البعض في الصف الأول على اليمين ـ طبعا ـ والجامع ممتلئ، والسؤال: هل يجوز لهم أن يصلوا بالصف الأول كما ذكرت؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنك تريد السؤال عن وقوف المأمومين عن يمين الإمام عند شدة الزحام، فإن كان كذلك فاعلم أنه لا حرج في ذلك، قال العلامة العثيمين ـ رحمه الله: إذا ازدحم المصلون في المسجد، فلا بأس أن يصلوا عن يمين الإمام وعن يساره أوعن يمينه فقط، ولا يعتبر الذين إلى جانبه: الصف الأول، لأن الصف الأول: هو أول صف يلي الإمام من ورائه. انتهى.
وأما إن كان مرادك السؤال عن وقوف المصلين في الصف الأول فهو من أفضل الأعمال وميامن الصفوف خير من مياسرها، ومن يحرص على الخير ويرغب فيه رغم شدة الزحام، فإنه مشكور مأجورـ بإذن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(11/10882)
حكم صلاة العجزة في صف خاص قعودا خلف الصفوف
[السُّؤَالُ]
ـ[يعجز بعض المصلين عن الصلاة في الصفوف المعتادة لعذر، فأقاموا صفاً خلف المصلين يصلون فيها جلوساً على المقاعد. فما حكم هذه الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على من يصلي جالساً على كرسي في أن يصلي في الصف مع المصلين القائمين، وعليه أن يحرص على عدم إحداث فرجة في الصف وعدم أذية أحد بصلاته على الكرسي، وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 44053، 46080، 115950.
وإذا صلى جماعة قعوداً في صف خلف الصفوف فصلاتهم صحيحة ما داموا يأتمون بالإمام داخل المسجد وإن كان الأولى أن يقوموا في الصفوف إلا أن يخافوا أذية المصلين، فإن كان الجالس على الكرسي يصلي وحده خلف الصف فهو داخل في خلاف العلماء في حكم صلاة المنفرد خلف الصف، والجمهور على صحتها مع الكراهة، وذهب الحنابلة إلى بطلانها، وتوسط شيخ الإسلام فاختار صحتها للعذر، وبطلانها بدونه، وانظر الفتوى رقم: 65120.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1430(11/10883)
بادر إلى المسجد مبكرا بحيث تحصل فضيلة الصف الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[في رمضان يتسابق المسلمون للصلاة بعد العشاء، وخاصة التراويح، فإذا لم أحضر قبل الأذان بنصف ساعة فلن أجد الصف الأول، بل سأكون في الرابع أو الخامس، وأنا من المحبين للصلاة في الصف الأول، فماذا أفعل؟ وهل عليّ حرج لو صليت في صف متأخر؟ خاصة في رمضان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزادك الله حرصا على الخير ورغبة فيه، وأما بالنسبة لسؤالك، فاعلم أن الصلاة في الصف الأول لها فضل عظيم، ومن ثم فالمحافظة عليه من أشرف الوظائف، وانظر الفتوى رقم: 93742، ولكن القيام في الصف الأول ليس واجبا، فلا حرج ولا إثم على من ترك القيام في الصف الأول ـ سواء كان معذورا في التخلف عنه أو غير معذور ـ ومن ثم فالذي ننصحك به هو أن تبادر إلى المسجد مبكرا بحيث يتسنى لك الوقوف في الصف الأول ولا تفوت على نفسك هذه الفضيلة، فإن تخلفت ووقفت في غير الصف الأول فلا حرج عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1430(11/10884)
حكم صلاة بعض المأمومين في صحن المسجد بعيدا عن الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم جماعة المصلين الذين لسبب أو لآخر يفضلون الصلاة في صحن المسجد، ولا يدخلون المصلى لأداء صلاتهم مع الجماعة وراء الإمام؟
أفيدونا جزاكم الله كل خير، ووفقكم لما فيه خير أمة الإسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد أن هؤلاء المصلين يصلون في صحن المسجد قبل جماعة الإمام الراتب فلا شك في خطإ ما يفعلونه، بل إن صحة صلاتهم والحال هذه محل خلاف بين أهل العلم، وإن كان الراجح صحتها.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع: قوله: ويحرم أن يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب.
أي يحرم أن يكون إماما في مسجد له إمامٌ راتب.
أي: مولًّى مِن قِبَلِ المسؤولين، أو مولًّى مِن قِبَلِ أهلِ الحَيِّ جيران المسجد، فإنَّه أحقُّ الناس بإمامتِهِ، لقولِ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: لا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلطانه. ومعلومٌ أنَّ إمامَ المسجدِ سلطانُه، والنهيُ هنا للتحريمِ، فلا يجوزُ للإنسان أن يؤمَّ في مسجدٍ له إمامٌ راتبٌ إلا بإذن الإمام أو عُذره. إلى أن قال: مسألة: لو أنَّ أهلَ المسجدِ قدَّموا شخصاً يصلِّي بهم بدون إذن الإمامِ ولا عذره وصَلَّى بهم فهل تصحُّ الصلاةُ أو لا تصحُّ؟
فالجواب: في هذا لأهلِ العِلمِ قولان:
القول الأول: أنَّ الصَّلاة تصحُّ مع الإثم.
القول الثاني: أنهم آثمون، ولا تصحُّ صلاتُهم، ويجبُ عليهم أن يُعيدُوها.
والرَّاجح القول الأول: لأنَّ تحريمَ الصَّلاةِ بدون إذن الإمام أو عُذره ظاهرٌ من الحديثِ والتعليل، وأما صِحةُ
الصلاةِ؛ فالأصلُ الصحةُ حتى يقومَ دليلٌ على الفسادِ، وتحريمُ الإمامةِ في مسجدٍ له إمامٌ راتبٌ بلا إذنِهِ أو عذرِهِ لا يستلزمُ عدمَ صحةِ الصلاةِ؛ لأنَّ هذا التحريمَ يعودُ إلى معنًى خارجٍ عن الصلاة وهو الافتيات على الإمام، والتقدُّم على حَقِّهِ، فلا ينبغي أن تُبطل به الصلاةُ. انتهى.
وأما إن كان المراد أنهم يصلون مع الجماعة لكن في صحن المسجد، وهذا هو المتبادر فلا شك في خطإ ما يفعلونه أيضا، فإن السنة اتصال الصفوف وتقاربها، ولا يُصلى خارج المسجد إلا إذا امتلأ المسجد بالمصلين،
ثم إن كان هذا الصحن داخلا في بناء المسجد محوطاً بحائطه، فصلاة هؤلاء المصلين صحيحة، لأن الحائل بين الإمام والمأمومين لا يضر إذا كانوا في المسجد، وأما إذا كان هذا الصحنُ غير داخل في بناء المسجد، وبينهم وبين المصلين والإمام حائل يمنع الاستطراق، ففي صحة صلاتهم والحالُ هذه خلاف، وقد ذكرنا أقوال العلماء مستوفاة في الفتوى رقم: 9605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1430(11/10885)
بعد المسافة بين الصفوف في المسجد لا تبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في فتواكم الكريمة أن الصلاة بين الأسوار والأعمدة مختلف فيها، ولكن كان سؤالي إذا كان هنالك صف به أسوار وأعمدة تفصل الصف وكان خلفه صف آخر بنفس الحالة، ولكن الصف الثالث ليس به أسوار. فهل في هذه الحالة إن وقفت في الصف الثالث فإن المسافة الكبيرة تبطل الصلاة؟ وهل لو وقف شخص في صف به أسوار أقف عنده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبعد المسافة بين الصفوف في المسجد لا تبطل الصلاة، والاقتداء في المسجد يصح مع بعد المسافة، بل ومع عدم رؤية الإمام ومن خلفه إذا كان المأموم يسمع التكبير، قال في الروض المربع: صح اقتداء المأموم بالإمام إذا كانا في المسجد وإن لم يره، ولا من ورائه إذا سمع التكبير، لأنهم في موضع الجماعة، ويمكنهم الاقتداء به، بسماع التكبير أشبه المشاهدة.... انتهى.
ولا شك أن المقاربة بين الصفوف أولى من تباعدها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق. رواه أحمد وأبو دواد والنسائي. وبوب عليه بابا فقال: حث الإمام على رص الصفوف والمقاربة بينها.
وقد سبق أن بينا أن صلاة المأمومين بين السواري تكره إلا لحاجة كازدحام المسجد ونحو ذلك كما في الفتويين رقم: 15177، 64458.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(11/10886)
كيفية وضع الأقدام في صفوف الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في الصلاة نلصق أقدامنا بأقدام المصلين الآخرين -أعني إلصاقا حقيقيا- أم هو فقط قرب شديد في المسافة؟
وماذا أفعل مع الذي يلتصق بي في الصلاة بدرجة أخف ما أقول عنها إنها قاسية؟
إن ذلك لا يجعلني أشعر بالراحة في الصلاة فهل هذه هي السنة؟
والعكس: ماذا نفعل مع الذي كلما قربنا منه ابتعد؟
بل والبعض يترك مسافة بينك وبينه بحيث لا تستطيع أن تقرب قدمك من قدمه، لأنك ستكون تحت مستوى جسده، أي أنه واقف ومسافة ما بين منكبيه أكبر من مسافة ما بين قدميه؛ أرجو أن يكون الوضع مفهوما لأن ذلك دقيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتسوية الصف تكون بإلصاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم حقيقة وليس مجرد قرب مسافة من غير إلصاق، وقد ذكرنا أدلة ذلك في الفتوى رقم: 3331، والفتوى رقم: 47970، والفتوى رقم: 105008، ولكن ينبغي أن يكون الإلصاق برفق وبغير مبالغة بحيث لا يؤذي من بجواره فيشغله عن الخشوع في الصلاة، وما يفعله بعض الحريصين على السنة من الضغط بقوة عند إلصاق القدم نرى أنه ليس من السنة، كما أن ترك بعض المصلين فرجة بينه وبين من بحانبه ليس من السنة أيضا، والشريعة نهت عن الإفراط والمبالغة كما نهت عن التفريط.
وقد أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن مطرف قال: خير الأمور أوسطها. قال الألباني: وإسناده صحيح موقوف.
ورحم الله القحطاني حيث قال في قصيدته:
كن في أمورك كلها متوسطا عدلا بلا نقص ولا رجحان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1430(11/10887)
حكم وقوف الصبي غير المميز في الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد إجماع من الأئمة الأربعة على أن الطفل الذي هو دون سن سبع سنوات يقطع الصف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سن السبع سنين هي سن التمييز عند كثير من العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع رواه أبو داود وغيره.
ومن دون سبع أو بعبارة أدق، الصبي غير المميز لا تصح صلاته، ومن ثم فلا يشرع أن يقام في الصف ولا نعلم في هذا خلافا بين العلماء، بمن في ذلك الأئمة الأربعة.
قال ابن قدامة في المغني: ومن وقف معه كافر أو من لا تصح صلاته غير من ذكرنا لم تصح مصافته.
وانظر الفتوى رقم: 35652.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(11/10888)
صاحب الكرسي المتحرك والصف الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مريض وأتنقل بواسطة كرسي متحرك، نص السؤال: هل يجوز لي أن أدخل إلى المسجد بالكرسي المتحرك وأصلي في الصفوف الأولى.... علما بأن بعض الأشخاص من العوام يمنعونني من ذلك ويطلبون مني الصلاة في الخلف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك العافية، ثم اعلم أن دخولك المسجد بالكرسي جائز إذا كان ذلك لا يسبب أضراراً بالمسجد، وكذا صلاتك في الصف الأول جائزة لا حرج فيها لعموم الأدلة المرغبة في الصف الأول ولم تفرق بين القائم والقاعد، فالمسلمون جميعاً مأمورون بالمنافسة في الصف الأول، وليس لأحدٍ أن يمنع من أراد الخير من فعله، ولكن إذا كان قعودك في الصف يحدث فرجة أو خللاً فيه فتوقي ذلك أحسن، ويمكنك أن تصلي عن يمين الصف أو شماله بحيث لا تحدث فرجة في الصف، وإذا خشيت وقوع الفتنة بين المصلين من صلاتك في الصف الأول، فنرى لك أن تتأخر ولك الأجر التام إن شاء الله، فإن الخلاف شر كما قال ابن مسعود رضي الله عنه حين أتم خلف عثمان وهو يرى القصر، ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، واجتهد في تفهيمهم حكم الشرع، وللمزيد في ذلك راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22291، 44053، 46080.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(11/10889)
الكيفية الصحيحة لتسوية الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما نقف للصلاة يقوم الكثيرون بفتح المسافة بين رجليه كثيراً (فحج) بحيث يتعدى منكبيه والتضييق على باقي المصلين، وعند أول سجود والقيام للركعة الثانية يصبح هناك فواصل كثيرة بين المصلين هذه الفواصل تكفي لـ حوالي 3 مصلين آخرين!!! وما أفعل أنا في هذه الحالة؟ هل اقترب من المصلي الأقرب لي أم من الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتسوية الصفوف من الأمور المهمة التي لا ينبغي الإخلال بها، وقد أشبعنا القول في هذه المسألة في فتاوى متعددة وانظر الفتويين رقم: 3331، 77294، والمشروع للمصلي أن يقفَ معتدلاً، وأن يفرقَ بين رجليه تفريقاً يسيراً، وأما هذا الفحج غير المعتاد الذي يفعله بعض الناس فهو خلافُ السنة بلا ريب، وانظر الفتوى رقم: 39839، وهو وإن ظن أنه يسوي الصف بإلصاق رجله برجل أخيه فأين هو مما فوق الرجل؟! ، وكيف يتسنى له إلصاقه؟ بل الفرجة باقية بلا مرية، فالمشروعُ أن يتقارب المصلون وأن يتراصوا في الصف وأن يلصقوا الكعب بالكعب والمنكب بالمنكب، وألا يتركوا فُرجات للشيطان كما دلت على ذلك النصوص.
والواجبُ عليك أن تنصح إخوانك وأن تعلمهم بلينٍ ورفق الكيفية الصحيحة لتسوية الصف، وأن تطلعهم على كلام أهل العلم في ذلك، وأما إذا كنت داخل الصلاة فينبغي لك أن تستويَ مع من بجوارك، فإن امتنع أحد المصلين بجوارك عن تسوية الصف ولم يلن بيدك، فالتبعة عليه هو ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(11/10890)
الصف المستدير حول الكعبة الذي وراء الإمام هل هو صف أول
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يكون الإمام ملاصقاً للكعبة كيف يكون الصف الأول؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان الإمام ملاصقاً للكعبة فما يليه من الصفوف هو الصف الأول.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام ملاصقاً للكعبة فما يليه من الصفوف يسمى صفاً أول، ولو كان هذا الصف مستديراً وبعضه إلى غير جهة الإمام ويواجه الكعبة مباشرة، ففي فتاوى الرملي الشافعي: (سئُل) هل الصف المستدير حول الكعبة المتصل بما وراء الإمام هل يسمى صفاً أول، وكذلك من في غير جهته وهو أقرب إلى الكعبة منه؟ (فأجاب) : بأن الصف الأول صادق على من ذكر إذا لم يفصل بينه وبين الإمام صف، فقد قالوا إن الصف الأول هو الصف الذي يلي الإمام سواء حالت مقصورة وأعمدة أم لا، ومما عللت به أفضليته الخشوع لعدم اشتغاله بمن أمامه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(11/10891)
استحباب تسوية الصفوف
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد عرفت إماما من أئمة المساجد التي تجاورني بألمانيا يبالغ كثيرا في تطبيق سنة الوقوف أثناء الصلاة وذلك بوضع الكعب على الكعب بحيث يمرّ حوالي ربع ساعة كاملة في تطبيق ذلك بين المصلين لدرجة الإحراج.. فما حكم العلم والدين بذلك..؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
تسوية الصفوف سنة مستحبة عند جمهور أهل العلم، وتكون بإلصاق المنكب بالمنكب والكعب بالكعب، والاعتناء بها من الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي الإنكار على من يعتني بها؛ لكن لا تنبغي المبالغة فيها إذا ترتبت على ذلك خصومة بين المصلين أو إدخال الحرج عليهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتسوية الصفوف من الأمور المستحبة عند جمهور أهل العلم، وتكون بإلصاق المنكب بالمنكب والكعب بالكعب، واستواء القائمين في الصفوف وعدم تقدم بعضهم على بعض. فينبغي للإمام والمأموم الحرص على تطبيق هذا الأمر اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان لا يبتدئ الصلاة قبل تسوية الصفوف، ففي صحيح مسلم وغيره عن سماك بن حرب قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح، حتى رأى أنا قد عقلنا عنه، ثم خرج يوما فقام حتى كاد يكبر، فرأى رجلا باديا صدره من الصف، فقال: عباد الله؛ لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم. وغير هذا من الآثار المذكورة في هذا المجال والتي سبق بيانها في الفتوى رقم: 77294، والفتوى رقم: 10847.
وعليه، فما يقوم به الإمام المذكور هو من السنة الصحيحة، ولا ينبغي إنكاره؛ بل الذي ينبغي إنكاره تهاون كثير من الأئمة بهذه السنة الجليلة، لكن لا تنبغي المبالغة في هذا الأمر لدرجة حصول أذية لبعض المصلين أو خصومة بينهم، فينبغي البعد عن ذلك.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1429(11/10892)
حكم ترك نهاية الصف كممر للمصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا تركت ممرا صغيرا بيني وبين جدار المسجد لمرور المصلين لكي يكملوا الصفوف خلفي يعتبر ذلك الممر فرجة أم لا.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا المراد من السؤال تمام الإيضاح لكن نقول إن المصلي مأمور على وجه السنة والاستحباب بالحرص على الصلاة في الصف الأول ثم الأول، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تراص الصفوف وسد الفرج سواء كانت وسط الصف أو في طرفه، وكون الصف توجد فيه فرجة في طرفه فإن تلك الفرجة لا تنسب إلى من وقف في الصف لأن الشخص لا يستطيع أن يسد إلا مكانا واحدا وما يبقى بجانبه لا يستطيع سده وإنما يطالب بذلك غيره ممن يأتي بعده، وعليه فإن كل مكان يبقى فارغا وسط الصف أو في طرفه يعتبر فرجة يستحب سدها لمن يأتي من المصلين متأخرا، لكن إن كان المصلون يحتاجون إلى ممر يمرون به إلى آخر المسجد فليترك لهم ذلك ولا يكمل الصف إلى آخره، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 18547، والفتوى رقم: 3331.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1428(11/10893)
يندب تعاون المصلين في تسوية الصفوف
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم أن تدعو لي بالهداية وأن يشفيني من أمراضي القلبية والبدنية. فأنا في أمس الحاجة لدعائكم بارك الله فيكم
سؤالي لكم أحيانا أدخل المسجد ويكون الصف به اعوجاج عن الخط المرسوم ولا ألحظ ذلك إلا أثناء الصلاة فهل أقف حسب الخط المرسوم أم حسب من يقف عن يميني بغض النظر إذا كان مساويا للصف أم منحرفا عنه؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يمن عليك بالشفاء الروحي والبدني إنه سميع مجيب.
وأما تسوية الصفوف في الصلاة فمطلوبة كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 77294.
وعليه فإن يندب للمصلي أن يستوي مع غيره بلا تقدم ولا تأخر سواء وجد الخط أو لا.
وإذا وجد الخط فالمعروف أن أكثر الناس يتقيدون به، فمن تقدم عنه أو تأخر فإنه يشير إليه من بجواره أو يجره بلطف للتقدم إليه إن كان متأخرا، أو بالتأخر إليه إن كان متقدما، ويكون من تقدم أو تأخر هو المخطئ إن أصر على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1428(11/10894)
مسائل في فضيلة الصف الأول والمبادرة إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في الصف الأول، وهل يجب أن يصل بنا الأمر إلى حد التشاجر، وهل يكتب الثواب لمن صلى في الصف الأول أكثر رغم أنه أتى متأخراً عن الموجودين في الصفوف الموالية، وما تصنيف الأحاديث في هذا الموضوع؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاءت أحاديث كثيرة بفضيلة الصف الأول والمبادرة إليه، ومنها ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لا ستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العمتة والصبح لأتوهما ولو حبوا.
والمقصود بالصف الأول بينه الحافظ ابن حجر في الفتح بقوله: والمراد به ما يلي الإمام مطلقاً، وقيل: أول صف تام يلي الإمام؛ لا ما تخلله شيء كمقصورة، وقيل: المراد به من سبق إلى الصلاة ولو صلى آخر الصفوف، قال ابن عبد البر: واحتج بالاتفاق على أن من جاء أول الوقت ولم يدخل في الصف الأول فهو أفضل ممن جاء وزاحم إليه. ولا حجة له في ذلك كما لا يخفى. قال النووي: القول الأول هو الصحيح المختار وبه صرح المحققون، والقولان الآخران غلط صريح. انتهى.
وعليه.. فالمقصود بالصف الأول هو الصف الذي يلي الإمام مباشرة، فمن صلى فيه حصل بإذن الله تعالى تلك الفضيلة المترتبة على ذلك، ولكن من جاء إلى المسجد مبكراً فله أجر تبكيره ولو صلى في آخر الصفوف، وقولك (وهل يجب أن يصل الأمر بنا إلى حد التشاجر؟) فالجواب: أنه إذا تساوى اثنان في أحقية الدخول في الصف الأول ولم يسمح أحدهما للآخر به فإن الحديث قد دل على أنهما يقترعان، وتفصل بينهما القرعة، وهذا يدل على أن التنازع بهذه الصورة لا شيء فيه، ولكن لا يؤدي ذلك بهما إلى فساد النفوس، لأن الحفاظ على سلامة القلوب أعظم من الصلاة في الصف الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(11/10895)
عدم تسوية الصفوف من أسباب الفرقة بين المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[تلاصق المصلين في صفوف الصلاة ولمس الأقدام سبب للكثير من اختلاف الآراء، وسبب للعداوة والبغضاء بين المصلين في المسجد الواحد. ثم إنه سبب في هجران الكثير من المسلمين للمساجد خاصة وأنه لا يوجد دليل على وجوب عمل هذا الفعل، فلم يأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرجو إقناع الشباب بهذا الأمر وعدم التسبب في إيذاء المصلين؟
والله الموفق لما فيه خير الأمة الإسلامية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتسوية الصفوف مستحبة عند جماهير أهل العلم رحمهم الله، وهي استواء القائمين بالصف وانضمام بعضهم لبعض وعدم تقدم بعضهم على بعض، ومن ذلك إلزاق المنكب بالمنكب والكعب بالكعب حسب القدرة، ولا ينبغي أن يفعل هذا إذا كان يترتب على ذلك فتنة وخصام وشقاق، والأدلة على ما ذكرنا كثيرة فمنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقيموا الصف في الصلاة، فإن إقامة الصف من حسن الصلاة. ولمسلم من حديث أنس: فإن تسوية الصف من تمام الصلاة. وقال البخاري: من إقامة الصلاة. وفي رواية له: فكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه. قال العراقي في طرح التثريب: يدخل في إقامة الصف استواء القائمين به انضمام بعضهم لبعض، وهذا مذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وهو قول الأئمة الأربعة، وذهب ابن حزم الظاهري إلى وجوبه فقال: وفرض على المأمومين تعديل الصفوف والتراص فيها والمحاذاة بالمناكب والأرجل.
وذكر العلماء في معنى إقامة الصف أمورا:
(أحدها) حصول الاستقامة والاعتدال ظاهرا كما هو المطلوب باطنا.
(ثانيها) لئلا يتخللهم الشيطان فيفسد صلاتهم بالوسوسة؛ كما جاء في ذلك الحديث.
(ثالثها) ما في ذلك من حسن الهيئة.
(رابعها) أن في ذلك تمكنهم من صلاتهم مع كثرة جمعهم فإذا تراصوا وسع جميعهم المسجد وإذا لم يفعلوا ذلك ضاق عنهم.
(خامسها) أن لا يشغل بعضهم بعضا بالنظر إلى ما يشغله منه إذا كانوا مختلفين وإذا اصطفوا غابت وجوه بعضهم عن بعض وكثير من حركاتهم وإنما يلي بعضهم من بعض ظهورهم.
وقال الإمام البخاري في صحيحه: باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف، وقال النعمان بن بشير: رأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والمراد بذلك المبالغة في تعديل الصف وسد خلله. وقد ورد الأمر بسد خلل الصف والترغيب فيه في أحاديث كثيرة أجمعها حديث ابن عمر عند أبي داود وصححه ابن خزيمة والحاكم ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله. قوله ـ أي البخاري (وقال النعمان بن بشير) هذا طرف من حديث أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة من رواية أبي القاسم الجدلي..... واستدل بحديث النعمان هذا على أن المراد بالكعب في آية الوضوء العظم الناتئ في جانبي الرجل ـ وهو عند ملتقى الساق بالقدم ـ وهو الذي يمكن أن يلزق بالذي بجنبه، خلافا لمن ذهب أن المراد بالكعب مؤخر القدم وهو قول شاذ ينسب إلى بعض الحنفية ولم يثبته محققوهم وأثبته بعضهم في مسألة الحج لا الوضوء، وأنكر الأصمعي قول من زعم أن الكعب في ظهر القدم. اهـ.
ومن هذه النصوص الشرعية المرغبة في تسوية الصفوف وإلصاق أفراد الصف بعضهم ببعض يعلم السائل أن السنة هي التسوية للصفوف وإلصاق المنكب بالمنكب، والأمر بها والمحافظة على هذه السنة وتطبيقها من أسباب الألفة بين القلوب كما يفهم من حديثه صلى الله عليه وسلم: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1427(11/10896)
حكم وقوف الواحد عين يمين الإمام حال حضور معه غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[نلاحظ في صلاة الجمعة في بعض البلدان أن بعض المساجد يكون يمين الإمام في الصلاة شخص آخر أو أكثر، علماً بأن المسجد كبير ويستطيع الذي يصلي بجانب الإمام أن يصلي في الصف الذي خلفه، فما رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل ما رأيته من وجود شخص واحد أو أكثر عن يمين الإمام عائد إلى أن الواقف عن يمين الإمام لم يجد فرصة في الصف فلجأ إلى ذلك الفعل تفادياً لصلاته منفرداً خلف الصف، وهذا مشروع عند بعض أهل العلم كالحنابلة، ففي الإنصاف للمرداوي الحنبلي: الصحيح من المذهب: إذا لم يجد فرجة وكان الصف مرصوصاً أن له أن يخرق الصف، ويقف عن يمين الإمام إذا قدر، جزم به ابن تميم. انتهى.
وعند المالكية تكره هذه الحالة إلا لضرورة كضيق المكان ونحو ذلك، ففي شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: يريد أن الصلاة أمام إمامه أو محاذاته مكروهة لغير ضرورة كضيق ونحوه فقوله (بلا ضرورة) يرجع لهذه وما قبلها. انتهى.
ورجح الصنعاني في سبل السلام الجواز هنا ولو لغير عذر حيث قال معلقاً على الحديث المتفق عليه والمشتمل على صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالناس جالساً عن يسار أبي بكر، وأبو بكر يقتدي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه، قال الصنعاني: فيه دلالة على أنه يجوز وقوف الواحد عين يمين الإمام وإن حضر معه غيره، ويحتمل أنه صنع ذلك ليبلغ عنه أبو بكر، أو لكونه كان إماماً أول الصلاة، أو لكون الصف قد ضاق أو لغير ذلك من المحتملات. ومع عدم الدليل على أنه فعل لواحد منها فالظاهر الجواز على الإطلاق. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1427(11/10897)
مكان جلوس العاجز عن القيام في الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لشخص أن يصلي جالساً على الأرض في صلاة الفريضة في منتصف الصف الأول وخلف الإمام مباشرة، أو من الأفضل أن يصلي على طرف الصف؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولاً إلى أن القيام في الصلاة المفروضة ركن أساسي منها لا يجزئ العدول عنه إلى الجلوس إلا في حالة العجز عن القيام، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 68473.
ثم إن الأمر في مكان صلاة الجالس واسع فله أن يصلي وراء الإمام مباشرة أو في طرف الصف أو في أي جهة منه، فالأمر في ذلك واسع، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 44053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1427(11/10898)
هذه الجملة دعائية وليست جوابا للأمر
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام عند القيام للصلاة، يدعو المصلين إلى تسوية الصفوف بالعبارة التالية: استووا واعتدلوا رحمكم الله.
أليس الأصح أن يقول يرحمكم الله ع لى أساس أن الفعل (يرحم) واقع في جواب الأمر، أفيدوني
يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جملة يرحمك الله جملة دعائية وليست جوابا للأمر، والأولى أن تكون تلك الجملة بصيغة الماضي. قال في الوسيط: ويكبر الإمام بعد قوله استووا رحمكم الله، وكذا في حاشية إعانة الطالبين.
وكذلك لو كانت بلفظ المضارع فإنها تكون استئنافية دعائية وليست جوابا للأمر إذ لم يرد ترتيب حصول الرحمة على حصول تسوية الصفوف، فهذا من الغيب ولا يثبت إلا بدليل، وإنما يطلب الإمام من المأمومين أن يسووا صفوفهم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، ثم يسأل لهم الرحمة والمغفرة، ومن المعلوم أن الدعاء بصيغة الماضي جائز لغة وشرعا كما في دعائه صلى الله عليه وسلم لأسلم وغفار في قوله: أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها. متفق عليه.
ويجوز كذلك بصيغة المضارع كما في قوله تعالى على لسان يوسف لما قال لإخوته: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {يوسف: 92}
هذا مع التنبيه إلى أنه لو قال استووا يرحمكم الله فإنها تكون بالرفع على الاستئناف والدعاء ولا تكون بالجزم إذ لا يصح كونها جوابا للأمر لعدم الخبر من الشارع بترتب الرحمة والمغفرة على ذلك الفعل، والحكم به أمر توقيفي لا بد فيه من خبر كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1426(11/10899)
الصلاة خلف العمود لتكملة الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد مسجد فيه عدة أعمدة والخط الموضوع لتسوية الصفوف موجود خلف هذا العمود بقليل والناس يصلون على هذا الخط ولكن عندما يصل الصف إلى هذا العمود يتركوه ويصلون بعيدا عنه لأنه مكان ضيق للصلاة فهل يجوز الصلاة خلف العمود لتكملة الصف؟ مع العلم أنه عندما أسجد يجب أن أرجع قليلا إلى الوراء حتى أستطيع السجود بشكل صحيح وكامل.
أفيدونا وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر برص الصفوف وتسويتها في الصلاة، ورغب في وصلها، ونهى عن قطعها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الترمذي.
يعني الصلاة بين السواري، قال الترمذي بعد حيث أنس هذا: وقد كره قوم من أهل العلم أن يصف بين السواري وبه يقول أحمد وإسحاق، وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك. انتهى
وقد ذكر العلماء أن الصلاة بين السواري جائزة بلا كراهة إذا ضاق المسجد.
وعليه، فإن صلاتك في هذا المكان جائزة وإن كنت تتأخر لأجل السجود، لكن لو بقي هذا المكان خالياً بين المصلين فلا بأس بذلك أيضاً، لأنه قد لا يكون مريحاً للمصلي، والمصلي فيه لا يستطيع الانسجام مع الصف في حالتي السجود والجلوس، ويبقى المكان في حكم السارية التي تقطع الصف.
فإن كانت في المسجد سعة، فعلى أهله أن يراعوا هذا الأمر في الصفوف، فيتركوا الصف الذي فيه السواري، ويقتصروا على الصفوف المتصلة، وإلا وقعوا في كراهة تقطيع الصفوف من غير ضرورة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 15177، 40366، 3756.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1426(11/10900)
تسوية الصفوف سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[- نظراً لظروف العمل نؤدي صلاتي الظهر والعصر بالمكتب حيث إن المسجد غير قريب منا. ونظراً لضيق المكان فلا يمكننا الوقوف في صفوف وإنما نقف مثنى أو ثلاث وأحيانا يكون الصف غير مستقيم. فهل هذه الصلوات صحيحة. وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن تسوية الصفوف سنة وليست بواجبة.
فينبغي لكم الاجتهاد على تسوية الصفوف والتراص فيها بقدر المستطاع، وإن حصل تقطع في الصف بسبب ضيق المكان المذكور فلا حرج عليكم إن شاء الله تعالى، وصلاتكم صحيحة.
وراجع الفتوى رقم: 24029 والفتوى رقم: 5286.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(11/10901)
صحة صلاة المنفرد خلف الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء صلاتي في المسجد, كانت الصفوف كاملة, أتى رجل ولم يجد مكانا ليصطف مع المصلين, فصلى وحده بالصف، فكنت أعلم بأن الصلاة غير مقبولة بهذه الحالة, لاحظت بأنه وحيدا!! فرجعت إلى الوراء (بدون أن يطلب مني ذلك الرجل) لتقبل صلاته, هل فعلي صحيح! ؟ أم كان يجب علي تركه ليصلي وحده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 4825 صحة صلاة المنفرد خلف الصف إذا لم يجد من يقوم معه في الصف ولم يجد فرجة، وأنه ليس له سحب أحد من الصف يصلي معه، بل يصلي في مكانه وصلاته صحيحة، وإذا كان المنفرد بنفسه غير مطالب بسحب من يصلي معه من الصف، فمن باب أولى عدم مطالبة شخص آخر في الصف بالرجوع إليه، وإن كان فقهاء الحنابلة نصوا على أن المنفرد إذا لم يجد فرجة ولم يجد من يقوم معه فله أن ينبه أحد المصلين ليقوم معه، وأن ذلك الذي نبهه يتبعه.
قال في كشاف القناع للبهوتي ممزوجا بمتن الإقناع في المذهب الحنبلي: فإن لم يجد موضعا في الصف يقف فيه وقف عن يمين الإمام إن أمكن، فإن لم يمكنه الوقوف عن يمين الإمام فله أن ينبه بكلام أو بنحنحة أو إشارة من يقوم معه لما في ذلك من اجتناب الفَذِّيَّة ويتبعه من ينبهه وظاهره وجوبا لأنه من باب ما لا يتم الواجب إلا به، ويكره تنبيهه بجذبه نصا لما فيه من التصرف فيه بغير إذنه.
إلا أن هذا مبني على عدم صحة صلاة المنفرد وإن لم يجد أحدا يقوم معه ولم يجد فرجة كما هو المقرر عند الحنابلة، إلا أن الشيخ العثيمين ذكر في كتابه شرح الممتع اختيار شيخ الإسلام صحة صلاة المنفرد إذا لم يجد من يقوم معه ولم يجد فرجة فقال: القول الوسط هو أنه إذا كان لعذر صحت صلاته لأن نفي صحة صلاة المنفرد خلف الصف يدل على وجوب الدخول في الصف لأن نفي الصحة لا يكون إلا بفعل محرم أو ترك واجب، فهو دال على وجوب المصافة، والقاعدة الشرعية أنه لا واجب مع العجز؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن 16} وقوله: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقر: 286}
فإذا جاء المصلي ووجد الصف قد تم فإنه لا مكان له في الصف وحينئذ يكون انفراده لعذر فتصح صلاته وهذا القول وسط وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وهو الصواب، فإن قال قائل: لماذا لا تقولون بأن يجذب أحدا من الناس من الصف؟ الجواب أننا لا نقول بذلك، لأن هذا يستلزم محاذير، المحذور الأول: التشويش على الرجل المجذوب. الثاني: فتح فرجة في الصف، وهذا قطع للصف، ويخشى أن يكون هذا من باب قطع الصف الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من قطع صفا قطعه الله. الثالث: أن فيه جناية على المجذوب بنقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول. الرابع: أن فيه جناية على الصف لأن جميع الصف سيتحرك لانفتاح الفرجة من أجل سدها. انتهى.
ومن خلال هذا يتبين أن السائل الكريم كان عليه أن يستمر في الصف ولا يرجع، وما فعل لا يبطل صلاته لأن المشي خطوة أو خطوتين لا تبطل الصلاة به مع كراهة ذلك لغير حاجة كما نص عليه النووي وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(11/10902)
حكم الصلاة بين السواري لضيق المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[في حيٌنا مسجد مقسوم إلى جهتين, الجهة الكبرى هي التي يوجد بها المحراب والثانية وهي أصغر منها توجد على يسار الإمام يفصل بينهما حائط يتخلله ثلاث فتحات كبرى مثل الأبواب. السؤال هو هل يجب إتمام الصف الذي يبدأ وراء الإمام ما بعد الحائط؟ وهل هذا الصف يعتبر مقطوعا؟ وما هو مفهوم الصف المقطوع عامٌة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 382. أنه لا تمنع الصلاة في الصف الذي لم يكتمل، وإن كانت السنة هي إكمال الصفوف الأول فألاول، والظاهر أن هذا الجدار قاطع للصفوف لأنه بمثابة السواري. وقد قدمنا في الفتوى رقم: 15177. أن المأموم لا ينبغي له أن يصلي بين السواري لأنها تقطع الصفوف، وقد ورد عن السلف النهي عن الصلاة بينها،هذا إن كان في المسجد سعة، فإن لم تكن في المسجد سعة فلا كراهة في الصلاة بين السواري.
وعليه؛ فإن الأولى إتمام صفوف المسجد الذي فيه الإمام حفاظا على اتصال الصفوف ما أمكن ذلك، فإن امتلأ بدئ بالجزء المنفصل، ولو أن المصلين أكملوا الصف الأول اعتبارا لما وراء الحائط فالصلاة صحيحة، ومعنى انقطاع الصفوف واضح وهو تقطعها بالبناء مثل السواري وهذا الجدار المذكور، ومثل ذلك تقطعها بالفرج الموجودة غالبا بين أفراد الصف الواحد، وعليه فالسنة أن تتراص الصفوف وتعتدل ولا تترك بينها فرجة ويكمل الصف الأول فالأول، ولا ينبغي تقطيع الصفوف، فإن احتيج إلى ذلك بأن ضاق المسجد فلا كراهة في ذلك، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 34859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1426(11/10903)
فضيلة وصل الصفوف في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمامنا وبعد إقامة الصلاة يدعو إلى تسوية الصفوف, ثم يقول: إن الله وملائكته يصلون\"بضم الياء\" على الذين يصلون\"بفتح الياء وكسر الصاد\" الصفوف. فهل هذا يجوز؟ وعن أي مصدر اشتق هذا الدعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذ اللفظ قد ورد في حديث صحيح أخرجه الترمذي في سننه من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف، ومن سد فرجة رفعه الله بها درجة. كما أخرجه ابن ماجه والبيهقي وابن حبان، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(11/10904)
الحاجز بين الرجال والنساء.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من الطلبة في أمريكا الشمالية وقد قامت الجامعة بتخصيص مصلى يتسع لحدود مائة شخص ويوجد بابان منفصلان أحدهما للرجال والآخر للنساء ولكن توجد مجموعة من الطالبات لا يردن وضع حاجز بين الرجال والنساء ويصلين خلف الرجال، وأحيانا توجد مجموعة منهن يصلين بالبنطلون خلف الرجال، وتوجد مجموعة من الطلبة الذكور يريدون وضع الحاجز ولكن للأسف الطرف الآخر من النساء لا يردن ذلك بحجة عدم وجود دليل يدل على وجوب وضع الحاجز، وقد تم التهديد بمن يضع الحاجز بالشكوى لإدارة الجامعة بذلك بحجة التميز بين الجنسين أرجو التكرم بالإجابة المفصلة على ذلك بجواز أو عدم وضع الحاجز.
كذلك يوجد مجموعة من الأشخاص قاموا بشراء مبنى وحولوه إلى مسجد علما بأن ملكية المبنى باسم الأشخاص الذين قاموا بشراء المبنى ورفضوا تسجيل ملكيته كوقف تابع للجمعية الإسلامية التي تعنى بشؤون المسلمين في مدينتنا بحجة عدم مساهمة الجمعية بالفلوس ولا يريدون وضع الحاجز بين الرجال والنساء وقاموا بكتابة ذلك بعقد التأسيس (الدستور) مستفيدين من القوانين التي تساوي المرأة بالرجل هل يجوز اعتبار ذلك المبنى مسجدا وهل تجوز الصلاة فيه ولكم جزيل الشكر ووفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب وضع حاجز بين صفوف الرجال وصفوف النساء في المسجد، فقد كان النساء يصلين خلف الرجال في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده وبعده دون أن يكون بين صفوفهم حاجز. قال النووي رحمه الله: أما صفوف الرجال فهي على عمومها، فخيرها أولها أبدا، وشرها آخرها أبدا، أما صفوف النساء، فالمراد بالحديث وهو "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها" صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال، خير صفوفهن أولها وشرها آخرها، والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثوابا وفضلا، وأبعدها من مطلوب الشرع، وخيرها بعكسه، وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم، وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك. اهـ.
وعليه، فلا حرج في صلاتهن خلف الرجال بلا حاجز ما لم تترتب على ذلك مفسدة، فحينها لا بد من الحاجز دفعا لهذه الفتنة، ويراعى قبل وضعه الاتفاق عليه، بحيث لا يقع شقاق وتقدم شكوى لإدارة الجامعة بسبب وجود هذا الحاجز، وأنه تمييز بين الرجال والنساء مما يكون مبررا للإدارة في إغلاق هذا المكان وحرمان الجميع من الصلاة فيه، وينبغي للمصلحين في هذه الجماعة أن يقوموا بواجب النصح والدعوة إلى الله تعالى، وتبيين مفاسد الاختلاط المؤدي إلى الفتنة، وما ينشأ عن ذلك من آثار سيئة وعواقب مدمرة، إضافة إلى ترسيخ المعنى الحقيقي للإسلام الذي هو الاستسلام لأمر الله تعالى والانقياد لحكمه ظاهرا وباطنا، مع بيان محاسن الإسلام والحكمة البالغة لأحكامه والتي منها صيانة أعراض المسلمين وحفظ حرماتهم.
هذا مع التنبيه إلى أن يحذر المسلم من الانخداع والاغترار بما يثيره أعداء الإسلام من شبه ودعاوى لا تستند على أساس ولا تقوم على دليل.
وأما شراء بعض الأشخاص لمبنى وجعله مسجدا فإن ذلك خير، ولا يلزمهم تسجيله باسم الجمعية الإسلامية، بل لهم النظر عليه واختيار مؤذن له وإمام، ووضع نظام للحفاظ عليه، كتحديد وقت لفتحه وغلقه، وتنظيفه، وتوسيعه للحاجة، ولهم رفض وجود حاجز بين الرجال والنساء، لأنه ليس بلازم كما سبق، إلا في حالة الفتنة، ولا يعد رفضهم هذا محرما أو التزاما لنظام التسوية بين الرجال والنساء، وفي حالة ما إذا حاولوا أن يضعوا نظاما مخالفا للشريعة الإسلامية فإنه يجب نصحهم وإرشادهم بالتي هي أحسن، لا إثارة الفتنة والخلاف، فليس هذا أدب الإسلام.
وأما صلاة بعض الفتيات بالبنطلون، فمكروهة، إلا إذا كن مع الرجال الأجانب فلا يجوز، كما بيناه في الفتوى رقم: 36210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1425(11/10905)
جذب المصلي لتسوية الصف لا حرج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الدخول في الصلاة خرج مصل بجانبك عن الصف وهو لا يشعر سهوا، إذا أصبح الصف في الصلاة معوجا وهناك خلة في الصف، هل يجوز أن أمسك المصلي الذي قام بالخلل بجانبي وأعيده إلى الصف بهدوء لكي نسد الخلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في إمساك المصلي المذكور وإعادته إلى الصف لأن هذه حركة خفيفة لمصلحة لا ضرر فيها إن شاء الله تعالى، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 2197.
ومن الأدلة على أن هذا التصرف مغتفر في الصلاة تصريح بعض أهل العلم بجواز جذب المنفرد خلف الصف أحداً من المصلين لينتظم معه حتى يسلم من الانفراد خلف الصف وحده، وراجع الفتوى رقم: 31530.
وينبغي للمصلي الانقياد إلى تسوية الصف وسد الخلل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ولينوا بأيدي إخوانكم. رواه أبو داود، وفي عون المعبود شرح سنن أبي داود: ولينوا أي كونوا لينين هينين منقادين بأيدي إخوانكم أي إذا أخذوا بها ليقدموكم أو يؤخروكم حتى يستوي الصف لتنالوا فضل المعاونة على البر والتقوى. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/10906)
تسوية الصفوف مشروع عند الأحناف كغيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت في مسجد يتبعون مذهب الحنفية فتعجبت لأنهم لايسدون الخلل وكلما حاولت أن أسد الفرجة التي بيني وبين أحدهم فإنه يسحب قدمه حتى لايسد الفرجة! فما حكم سد الخلل أثناء صلاة الجماعة؟ وماالدليل؟
أود أن توضحوا لي عن مذهب الحنفية بصورة موجزة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحنفية كغيرهم من أهل العلم يطلب عندهم تسوية الصفوف والتراص فيها وسد الخلل في الصلاة، ففي تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للإمام الزيلعى الحنفي: وينبغي للقوم إذا قاموا إلى الصلاة أن يتراصوا ويسدوا الخلل ويسووا بين منا كبهم في الصفوف، ولا بأس أن يأمرهم الإمام بذلك، لقوله عليه الصلاة والسلام سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة. ولقوله عليه الصلاة والسلام: لتسوُنَّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم وهو راجع إلى اختلاف القلوب. انتهى. وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الأجوبة التالية أرقامها: 39839، 10847، 24029.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(11/10907)
أهمية تسوية الصفوف في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة كيف حالك فضلية الشيخ عبد الله الفقيه وجزاكم الله عنا ألف خير نريد من فضيلتكم بيان قول الرسول علية الصلاة والسلام في الصلاة بقوله: (حاذوا بين المناكب والاقدام) وماذا نفعل عندما نحاذي الأقدام مع بعض المصلين ويبتعدون عنا؟ وما العمل في مثل هذة الأمور؟ وما هي النصيحة التي نقدمها لمن لا يريد تطبيق هذا الأمر من الرسول علية الصلاة والسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة، وقد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة وبعبارات متنوعة، وكنا قد ذكرنا كيفية تسويتها في الفتوى رقم: 18547.
لكن اللفظ الذي ذكره السائل لم نجده بهذا النص، لكن روى أحمد في المسند: حاذوا بين المناكب وسدوا الخلل. وصححه الألباني في الصحيحة برقم:743. مع أن معناه صحيح كما تدل عليه الأحاديث، وقد بوب البخاري فقال لذلك: باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف، وقال النعمان بن بشير: رأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه. قال الحافظ ابن حجر: المراد المبالغة في تعديل الصف وتعديل خلله. انتهى
ومع أن تسوية الصف من السنة، فإن الصلاة لا تبطل بعدم تسويتها، وعلى السائل الكريم أن يبين لإخوانه برفق وحكمة أهمية تسوية الصف في الصلاة، وما ورد في ذلك في الفتوى المشار إليها، وإذا لم يفعلوا فقد أدى ما عليه.
ولا ينبغي لمسلم تبلغه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرغب عنها أو يتهاون فيها، وليحذر من أن تتناوله دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: ومن وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله. كما في الحديث، وما زال الخلفاء والأئمة يأمرون بتسويتها ويحافظون على تراصها واعتدالها حفاظاً على سنته صلى الله عليه وسلم، وللفائدة راجع الفتاوى التالية: 10847، 24029، 39839.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1425(11/10908)
كيف تتحقق تسوية الصفوف
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن تسوية الصفوف. هل يسوى الصف بالكعب أم بمقدمة القدم، أي أصابع الرجلين. وما مدى صحة ما سمعته أن عمر بن الخطاب كان يسوي الصف بالكعب.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتسوية الصفوف تكون بإلصاق المنكب بالمنكب والكعب بالكعب، ففي صحيح البخاري: باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف، وقال النعمان بن بشير: رأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: واستدل بحديث النعمان هذا على أن المراد بالكعب في آية الوضوء العظم الناتئ في جانبي الرِّجل، وهو عند ملتقى الساق والقدم، وهو الذي يمكن أن يلزق بالذي بجنبه، خلافاً لمن ذهب أن المراد بالكعب مؤخر القدم، وهو قول شاذ ينسب إلى بعض الحنفية ولم يثبته محققوهم، وأثبته بعضهم في مسألة الحج لا الوضوء. انتهى.
وعليه؛ فتسوية الصفُوف تكون بإلصاق المنكب بالمنكب والكعب بالكعب، وكون عمر كان يسوي الصفوف بهذه الطريقة لم نقف عليه بخصوصه، لكن عمر رضي الله عنه كان معروفاً بحرصه على اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وامتثال أمره، والبحث عن أفضل طرق الخير وأكملها.
فلا يستغرب في حقه تطبيق هذه الكيفية في تسوية الصفوف ما دام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلونها امتثالاً لأمره صلى الله عليه وسلم، وللتعرف على أهمية تسوية الصفوف راجع الفتوى رقم: 18547.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(11/10909)
الفاصل الحائل بين الإمام والمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين.... أما بعد:
أنا شاب من سوريا وأعيش في ليبيا وقد كلفت من خطيب مسجد بني حديثاً بالسؤال عن الفتوى التالية: لقد بنينا مسجداً كبيراً وبدأ المصلون يتوافدون أكثر فأكثر حتى اضطررنا إلى بناء قسم آخر ملصق بالقسم الأول، وبعد عدة شهور طالبت الجمعية المسؤولة عن المسجد ببناء قسم للنساء، فقمنا ببناء قسم ثالث ولكنه مفصول عن المسجد أي بينهم وبين المسجد فاصل يتعدى الـ 9 أمتار فهل يجوز ذلك، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيمن صلى خارج المسجد وبينه وبين إمامه حائل بحيث لا يراه ولا يرى أحداً ممن يراه من المأمومين، والأحوط المنع إلا لحاجة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وأما صلاة المأموم خلف الإمام خارج المسجد أو في المسجد وبينهما حائل، فإن كانت صفوف متصلة جاز باتفاق الأئمة، وإن كان بينهما طريق أو نهر تجري فيه السفن، ففيه قولان معروفان هما روايتان عن أحمد:
أحدهما: المنع، كقول أبي حنيفة.
والثاني: الجواز: كقول الشافعي.
وأما إذا كان بينهما حائل يمنع الرؤية والاستطراق، ففيهما عدة أقوال في مذهب أحمد وغيره. قيل: يجوز، وقيل: لا يجوز، وقيل: يجوز في المسجد دون غيره، وقيل: يجوز مع الحاجة، ولا يجوز بدون الحاجة، ولا ريب أن ذلك جائز مع الحاجة مطلقاً مثل أن تكون أبواب المسجد مغلقة، أو تكون المقصورة التي فيها الإمام مغلقة أو نحو ذلك، فهنا لو كانت الرؤية واجبة لسقطت للحاجة) .
وعند المالكية يجوز الفصل بين الإمام والمأموم في جميع الحالات إلا إذا كان لا يسمع أقواله ولا يرى أفعاله ولا أقوال أو أفعال أحد من مأموميه، ففي مثل هذه الحالة فقط لا يجوز أن يقتدي به، قال الشيخ عليش في منح الجليل: وجاز فصل مأموم عن إمامه بنهر صغير أي غير مانع من سماع أقوال الإمام أو مأموميه أو رؤية أفعاله أو أفعال مأموميه ... أو طريق صغير كذلك، اللخمي: يجوز لأهل الأسواق أن يصلوا جماعة، وإن فرقت الطريق بينهم وبين إمامهم. 1/375.
لكن الذي ننصحكم به هو أن تسعوا لإصلاح المكان إن استطعتم بحيث تكون هناك رؤية من النساء للإمام، أو لمن يراه، وأما بالنسبة للحال الذي أنتم عليها الآن فالأولى أن تصلي النساء في بيوتهن فهي خير لهن، وبمثل هذا أفتى الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/10910)
أين يصف الذي يصلي على كرسي
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ عندي مسألتان في الصلاة وهما كالتالي.. أولاً: المسجد الذي عندنا يتسع الصف الأول منه مثلاً إلى عشرين ولكن اليوم امتلأ إلى 10.. وبقي العشرة الآخر خالية وجاء رجل عجوز على كرسي جلس عليه في آخر الصف من اليمين وبعيداً عنا وليس معنا فما حكم صلاة من لم يصف معنا.. وأيضا المسألة الثانية أن الذي يصف بجواري رجل يجلي على الكرسي وهو بالتالي لا يسوي الصف لأن الكرسي له أربعة أرجل اثنتان أمام واثنتان بالخلف فإذا وضع الكرسي على خط رجلي ضيق للذي وراءه وإذا قدمه بعد عن تسوية الصف فما حكم هذا الكرسي وكيف يكون مساوياً للصف وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص الذي يصلي على كرسي عليه أن يسعى جهده حتى يتصل بالصف، ولا يصلي بعيداً عنه، لما في ذلك من تقطيع الصفوف، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله. رواه النسائي وأبو داود.
أما الرجل الذي يصلي بجانبك فعليه بذل ما يستطيع حتى يستقيم في الصف، وقال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا (البقرة: من الآية286) ، كما قال تعالى أيضاً: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (التغابن: من الآية16) .
وراجع الفتوى رقم: 44053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(11/10911)
حكم تأخر من يقوم بتسوية صفوف الصبيان
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ندرس طلاب تحفيظ، وفي صلاة العشاء نضطر إلى أن نجعلهم يصلون في مؤخرة المسجد ويبقى معهم أحد المدرسين بحيث إنه قد يضيع بعض الركعات من أجل ضبط الطلاب ما حكم الشرع في هذا؟؟؟؟؟؟
دوام المدرسة من المغرب حتى بعد العشاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تربية الصبيان وتعويدهم على الخير، وتوجيههم إلى الأمور الشرعية، من المقاصد الحسنة، وفيها من المصالح الشرعية ما فيها، ثم إن تسوية الصفوف أمر مرغب فيه شرعاً، وجمهور الفقهاء على استحبابه، بل ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبه، وقد رجحنا هذا القول الأخير لأدلة مذكورة في الفتوى رقم: 10847.
وعلى هذا فلا حرج إن شاء الله في تأخر من يقوم بتسوية صفوفهم لاسيما مع إدراكه جزء من صلاة الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/10912)
أي صفوف النساء أفضل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة المرأة في المسجد وأي صفوف النساء أفضل إذا كان لهن مصلى مفصول عن مسجد الرجال (في طابق آخر) وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تصلي في المسجد، بشرط أمن الفتنة على نفسها أو على غيرها، ودليل جواز الصلاة في المسجد قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. متفق عليه.
وأما أي صفوف النساء أفضل؟ فقد ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها. رواه مسلم.
وقد ذكر العلماء أن المراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال في مسجد واحد، كما كان الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون شرها أولها لقربهن من الرجال، وخيرها آخرها لبعدهن عنهم، وأما إذا كان النساء يصلين في مكان ليس فيه رجال أو مفصول عن مسجد الرجال -كما ذكر السائل- فصفوفهن كصفوف الرجال خيرها أولها وشرها آخرها، قال الإمام النووي: فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها، والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثواباً، وفضلاً، وأبعدها عن مطلوب الشرع، وخيرها بعكسه ... شرح النووي على مسلم. 4/159
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/10913)
حكم العبارات التي يذكرها الإمام بشأن تسوية الصفوف
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد السؤال عن ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بخصوص ابتداء الصلاة؟ فالبعض يقول: استووا, اعتدلوا، النية في السر، لا تسبقوا الإمام ولا تساووه، أكثروا من الدعاء في السجود، لا تجعل فرجة بينك وبين أخيك في الصف، وما إلى ذلك، فهل هذا من البدع أم هو مما ورد عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بتسوية الصفوف والحث على ذلك، ففي صحيح البخاري من حديث أنس قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري.، كما في مسند الإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: استووا وتراصوا.
وعليه؛ فقد ثبت الأمر بتسوية الصفوف عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما العبارات الأخرى فلا شك أنها تشتمل على فائدة كبيرة للمصلي؛ لكن لا ينبغي للإمام المداومة على الأمر بها لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام، بل الأفضل في حق الإمام توضيحها للمصلين بعد الصلاة -مثلاً- أو في درس خاص يبصرهم بأمور الصلاة التي هي من أعظم الفرائض، وراجع الفتوى رقم: 20594، والفتوى رقم: 18547.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1425(11/10914)
حكم من يترك فراغا كبيرا بينه وبين الصفوف التي أمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي أمام الإمام أو يصلي وهو متقدم عنه. والذين يتركون فراغا كبيرا أمامهم ويصلون في آخر المسجد؟ ويصلون بالطابق الأعلى مع وجود أماكن بالأسفل خلف الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد مضى بيان حكم تقدم المأموم على الإمام، مع ذكر أقوال العلماء في ذلك، وذلك في الفتوى رقم: 33993، كما بينا حكم الصلاة في الطابق العلوي مع وجود الإمام في الطابق السفلي، وذلك في الفتوى رقم: 10801.
أما عن الذين يتركون فراغا كبيرا بينهم وبين الصفوف التي أمامهم، فلذلك حالتان:
الأولى: أن يكون المصلي منفردا خلف الصفوف، وقد بينا حكم صلاة المنفرد خلف الصف في الفتوى رقم: 14806.
الثانية: أن لا يكون منفردا، وذلك بأن ينضم غيره إليه، فالصلاة تكون صحيحة، لكن من فعل ذلك فقد خالف السنة، وقد شدد بعض العلماء الحكم على من فعل ذلك متعمدا.
قال ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى": فمن جاء أول الناس وصف في غير الأول، فقد خالف الشريعة، وإذا ضم إلى ذلك إساءة الصلاة، أو فضول الكلام، أو مكروهه، أو محرمه، ونحو ذلك مما يصان المسجد عنه، فقد ترك تعظيم الشرائع، وخرج عن الحدود المشروعة من طاعة الله، وإن لم يعتقد نقص ما فعله، ويلتزم اتباع أمر الله استحق العقوبة البليغة، التي تحمله وأمثاله على أداء ما أمر الله به، وترك ما نهى الله عنه، والله أعلم. انتهى.
وقال النووي في "المجموع": واتفق أصحابنا وغيرهم على استحباب الصف الأول والحث عليه، وجاءت فيه أحاديث كثيرة في الصحيح، وعلى استحباب يمين الإمام وسد الفُرَج في الصفوف، وإتمام الصف الأول ثم الذي يليه ثم الذي يليه إلى آخرها، ولا يشرع في صف حتى يتم ما قبله. انتهى.
ويستوي في هذا من صف في الطابق الأرضي أو الطابق العلوي، لأن الجميع يصلون داخل المسجد.
وقد بينا أن من صلى منفصلا عن الصفوف خارج المسجد لغير عذر، فالصحيح عدم صحة صلاته، ولتراجع المسألة في الفتوى رقم: 9952.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/10915)
سترة الإمام سترة من خلفه.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أن سترة الإمام سترة المأمومين أنه يجوز قطع صفوف المأمومين وقت الصلاة وتخطيها أم المعنى خلاف ذلك؟ أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمرور إنسان بين يدي صفوف المصلين جماعة لا يضر وهو جائز، ولو كان الإمام يصلي إلى غير سترة، ولا يؤثر ذلك إلا إذا مر أمام الإمام، وليس بين يديه سترة أو مر بينه وبين سترته.
وليس على المأمومين اتخاذ سترة وتكفيهم سترة الإمام، وهذا قول أكثر أهل العلم كمالك والشافعي وأحمد.
والدليل على جواز المرور ولو كان الإمام يصلي إلى غير سترة حديث ابن عباس المتفق عليه قال: أقبلت راكباً على أتان والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت فأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف، فلم ينكر علي أحد.
وقال ابن حجر: عدم الإنكار عليه ولو بعد الصلاة يدل على صحة الإقرار، ولكن ينبغي أن لا يفعل الإنسان ذلك إلا لحاجة حتى لا يتخطى المصلين ويشوش عليهم، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 16685.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(11/10916)
أفضلية الصف الأول مطلقا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله:
أيهما أفضل الصلاة في الصف الأول يسار المسجد أم الصلاة في الصف الثاني يمين المسجد؟
وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك في أفضلية الصف الأول ولو كان على يسار الإمام لحديث: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا. رواه البخاري.
وحديث: ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف تصفّ الملائكة عند ربها، قال: يُتمون الصف الأول فالأول ... رواه البخاري أيضاً، فهذان الحديثان وغيرهما يدلان دلالة واضحة على أفضلية الصف الأول بإطلاق، وإذا اجتمع للمصلي الصف الأول مع يمين الإمام كان أحسن، لما ورد في أفضلية الصلاة عن يمين الإمام أو القرب منه في ما رواه النسائي عن البراء قال: كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم، أحببنا أن نكون عن يمينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(11/10917)
مكان وقوف النساء في صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة أختي الصغيرة (8 سنوات) بيني وبين أبي عند صلاتنا جماعة، هل هذا يجوز؟ وجزاكم الله الخير الكثير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد أنك تؤدي الصلاة جماعة مع أبيك وأختك في البيت من غير عذر، فهذا خطأ جسيم لتركك أنت ووالدك الصلاة جماعة، لما ثبت من الوعيد الشديد في التفريط في الصلاة في جماعة، من ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وَالّذي نَفْسي بيدَهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بحَطَبٍ فيحتطب ثُمَّ آمُرُ بالصَّلاةِ فَيُؤذنُ لهَا ثُمَّ آمُرُ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النّاسَ ثُمَّ أُخَالِفُ إلى رجَالٍ فأُحَرِّقُ عَلَيهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَالّذي نَفْسي بيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنّهُ يَجِدُ عَرْقاً سَمِيناً أَوْ مِرْمَامتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ.
وفي سنن ابن ماجه وغيره من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر.
فلا ينبغي للمسلم أن يفوته الأجر الجزيل الذي يترتب على السعي إلى الصلاة جماعة في المسجد، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ تَطَهّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمّ مَشَىَ إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله، لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ الله، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً.
أما موقف البنت الصحيح معكما فينبغي أن تكون خلفكما؛ لأن موقف النساء في الصلاة يكون وراء الرجال؛ ففي صحيح البخاري وغيره عن أنس رضي الله عنه، قال: صليت أنا ويتيم في بيتنا، خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأمي أم سليم خلفنا.
ومع ذلك فلو صلت كما ذكرت فالصلاة صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(11/10918)
هل الطفل يقطع الصف؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وقوف الأطفال في صفوف الجماعة -المحتمل عدم صحه وضوئهم أثناء الصلاة- تقطع الصفوف في صلاة الجماعة في المسجد؟ حيث عندنا إمام يخرج الأطفال من الصفوف لهذا السبب حيث يوحد أثناء الصلاة عدد قليل من الأطفال يخشى تشويشهم على المصلين إذا تركوا خلف الصفوف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن صفة اصطفاف الأطفال في الصلاة، وذلك في الفتاوى التالية: 8648، 11335، 16099.
والخلاصة أن الأفضل هو أن الأطفال يصفون خلف الرجال، ولكن إذا خُشي منهم إشغال المصلين أو لم يكتمل صف الرجال فليصفوا مع الرجال، وليس في ذلك قطع للصفوف إذا كانوا مميزين متطهرين، واحتمال كونهم غير متطهرين بعيد، وينبغي للإمام أن ينبه الأطفال إلى صفة الطهارة والصلاة والآداب التي تجب مراعاتها في المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(11/10919)
الصلاة في الصف الثاني دون تمام الأول خلاف السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في الصف الثاني؟ مع العلم بأن الصف الأول لم ينته بحجة صلاة اثنين من الرجال في الصف الثاني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من السنة إتمام الصف الأول ثم الذي يليه، وهكذا كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: أتموا الصف الأول ثم الذي يليه، وإن كان نقص فليكن في الصف المؤخر. رواه النسائي وأبو داود وغيرهما.
ولا ينبغي ترك فرجة في الصف مع القدرة على سدها؛ لأن ذلك من مداخل الشيطان، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفًا وصله الله، ومن قطع صفًا قطعه الله. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.
وعليه، فإن الصلاة في الصف الثاني مع عدم تمام الصف الأول مخالفة للسنة، وينبغي لمن فعلها عدم العودة إلى ذلك مع أن صلاته صحيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(11/10920)
هل يصلي بين السواري أم بمفرده خلف الصف؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إذا دخل المصلي المسجد ووجد صفا بين ساريتين، فهل ينضم إلى الصف وتحول السارية بينه وبين الصف أم يصلي خلف الصف مع شيء من التفصيل، وبارك الله فيكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن دخل المسجد ووجد المصلين قد صفوا بين السواري فإن وقوفه معهم في الصف أولى من أن يصلي بمفرده خلف الصف، وقد قال صلى الله عليه وسلم: أتموا الصف الأول ثم الذي يليه. رواه أحمد. وقال صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمنفرد خلف الصف. رواه أحمد أيضاً.
أما الصلاة بين السواري فهي مكروهة عند المالكية والحنابلة، وغير مكروهة عند الشافعية والحنفية.
ولتفصيل ما سبق راجع الفتاوى التالية أرقامها:
33815، 5286، 15177، 4825.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(11/10921)
يأمرهم الإمام بالصلاة بين السواري
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله يصر الإمام في مسجدنا على إقامة الصفوف بين السواري، وتجنبا للنزاع يستجيب له المصلون، فهل عليهم إثم في ذلك؟ وهل يحق لهم الرفض؟ جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة بين السواري إذا اتسع المسجد لجميع المصلين مكروهة عند المالكية والحنابلة، وغير مكروهة عند الحنفية والشافعية. وراجع الفتوى رقم:، 15177، والفتوى رقم: 5286،
وينبغي أن ينبه الإمام للحكم الشرعي في ذلك، فإن كان يأخذ بقول من أباحها، فالأمر في ذلك واسع. أما عن طاعة المأمومين له، فإن الأمر راجع لهم، لكن إذا كان عدم طاعته سيؤدي إلى شقاق ونزاع واختلاف فلا حرج في أن يطيعوه، بل هو الأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(11/10922)
حكم وقوف الصبية والشباب في الصف الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[كبار السن في المسجد يقومون بجذب الصبية والشباب إلي الصفوف الخلفية بالرغم من أن الصبية والشباب يأتون إلي المسجد مبكرًا وقبلهم ويجلسون في الصف الأول ويعلل الكبار فعلهم هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، فهل ذلك صحيح؟ وأين الصواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو مسعود البدري - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم "، أخرجه مسلم والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد، وقد اختلف العلماء في الصبي إذا سبق إلى أي مكان في المسجد، أيكون أولى به من غيره أم لا؟ وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم 16099
أما البالغ فإذا سبق إلى مكان فهو أحق به قولاً واحداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(11/10923)
يقف الإمام وسط الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقف الإمام وسط الصف.. أم فى أي جانب يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإمام يستحب له أن يقف وسط الصف، روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وسطوا الإمام وسدوا الخلل. أخرجه أبو داود.
وقال صاحب عون المعبود:.... أي اجعلوا إمامكم متوسطاً بأن تقفوا في الصفوف خلفه وعن يمينه وعن شماله. ج2ص264، وانظر الفتوى رقم:
2553
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1424(11/10924)
تخطي الرقاب بين الجواز والنهي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يحاول الوصول إلى الصف الأول، ويسأل الناس (التربيت على الكتف) أن يفسحوا له؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن دخل المسجد فوجد الناس يصلون، فرأي فرجة في الصف المقُدم فله أن يشق الصفوف ليصل إليها، وأصل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عامر بن عوف ليُصلح بينهم وحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال: أتصلي للناس، فأقيم. قال: نعم، فصلى أبو بكر فجاء النبي صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف في الصف ... " رواه البخاري.
وإذا كان هذا والناس يصلون، فمن باب أولى لو كانوا جلوساً قبل الصلاة أو يستعمون لدرس، وإذا احتاج إلى تنبيه الناس بالربت على أكتافهم جاز، وينبغي لهم أن يوسعوا له لحديث: "لينوا في أيدي إخوانكم" رواه أحمد وأبو دواد.
وإذا كان هذا في خطبة الجمعة فالظاهر عدم الجواز لما فيه من تخطي الرقاب وهو منهي عنه، ولأنه في معنى اللغو لأنه لا يقل تأثيرا عن تحريك الحصى وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ومن مس الحصى فقد لغا" رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1423(11/10925)
إذا ضاق المكان فلا بأس بأن يصف المأمومون على يمين الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في المدرسة لا يكفينا المصلى فنصلي على يمين الإمام.. فهل الصف الأول من كان على يمين الإمام أم خلفه مباشرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يكف المكان للصلاة إلا أن يصف بعضكم بجانب الإمام فلا حرج في ذلك، ويكون الصف الملاصق المحاذي للإمام هو الصف الأول، إذا ابتدأوا الصلاة مع الإمام على حالهم هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1423(11/10926)
التأخر قليلا عن الالتحاق بالجماعة لغرض تسوية الصف لا حرج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبارك الله فيكم
السؤال: يوجد عندنا في المسجد دورة تحفيظ قرآن للأشبال فعند إقامة الصلاة يتبرع مشرفان للإشراف على ترتيب تأخير صف الأشبال في صفوف خلفية مما يترتب عليه تأخيرهما عن الركعة الاولى فما هو حكم هذا التأخير؟ علما بأن مصلحة التأخير هي الحفاظ على الهدوء وخشوع المصلين في المسجد.
أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
فإن كان الأطفال يشوشون على أهل المسجد، فالواجب على المدرسين أو القائمين عليهم أن يرتبوا صفوفهم، ويعلموهم كيفية القيام في الصلاة.
وإذا أدى ذلك إلى تأخيرهم عن الركعة الأولى أو الثانية، فنرجو ألا يكون في ذلك حرج، وليتموا صلاتهم كمسبوقين، ويمكن أن يتلاقى هذا بأن يطلب من الإمام أن لا يحرم للشروع في الصلاة إلا بعد تسوية الصفوف بما فيها صفوف الأطفال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(11/10927)
مذاهب العلماء في تسوية الصفوف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل علي إثم إذا كان المصلي بجانبي يرفض إلصاق قدمه بقدمي وكلما قربت قدمي منه أبعد قدمه عني وتصبح بيننا فرجة كبيرة علماً بأن الأغلبية من الإخوة الأتراك الموجودين في المسجد لا يلاصقون أقدامهم وتكون الفرج كثيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في جملة من الأحاديث الصحاح الأمر بتسوية الصفوف، ومن تسويتها سد الفرج من تلك الأحاديث حديث النعمان بن بشير المتفق عليه، ولفظه كما في البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) .
وقد اختلف أهل العلم في حكم تسوية الصف، حيث ذهب بعضهم إلى أن تسويته واجبة يترتب على تاركها الإثم، مستدلا بما أخرجه البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه قدم المدينة فقيل له: ما أنكرت منا منذ عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: (ما أنكرت شيئاً إلا أنكم لا تقيمون الصفوف) .
وبالأمر في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سووا صفوفكم) . متفق عليه
ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) . رواه مسلم.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: (أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري) ، قال أنس -وهو الراوي للحديث- وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه. رواه البخاري.
إلا أن الجمهور ذهبوا إلى سنية تسوية الصفوف وتأكدها، ولا إثم عندهم على تاركها، وإن كان قد فاته خير كبير، وفضل عظيم.
والحاصل أن تسوية الصفوف سنة مؤكدة، وليست بواجبة عند جمهور العلماء، وعلى هذا فمن تركها لا يأثم، والذي يطلبها من الأخرين ولا يستجيبون له قد فعل ما عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(11/10928)
الأدلة على أفضلية ميمنة الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هنالك أفضلية للجهة اليمنى للإمام في الصف الأول عند صلاة الجماعة؟ وماهي النصوص والأدلة التي تثبث ذلك؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لميمنة الإمام مزية على ميسرته، ويدل على ذلك:
- حديث عائشة رضي الله عنها عند أبي داود، وابن ماجه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف) . قال الحافظ: إسناده حسن.
- وروى النسائي عن البراء رضي الله عنه قال: كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه. قال الحافظ: إسناده صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(11/10929)
السنة في بدء الصف خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[من أين تبدأ الصفوف خلف الإمام من الصف الأول والذي يليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصفوف تبدأ من خلف الإمام مباشرة ثم تمتد إلى الجانبين يميناً وشمالاً ويكون الإمام متوسطاً الصف فهذا هو السنة.
ولتفصيل ذلك نحيلك إلى الفتوى رقم:
2553.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(11/10930)
هل يقطع المنبر اتصال الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[إقامة المنابر التي تقطع صفوف المصلين ما حكم الشرع فيها؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا العمل مما لا ينبغي، وذلك للأمور التالية:
أولاً: أنه قد نُهي عن الصلاة بين السواري، والمنبر بمثابة السارية، فيتسبب هذا العمل في وقوع الناس في المنهي عنه.
وثانياً: أن المنبر يقطع الصف الأول، بل وأحياناً يقطع الثاني، وقطع الصفوف منهي عنه، والمطلوب هو التراص.
وثالثاً: أن هذا من زخرفة المساجد التي ذمها الشرع، وهو خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم في المنبر، حيث كان منبره ثلاث درجات.
ورابعاً: أن من العلماء من قال: إن الصف الأول الذي يقطعه المنبر لا تشمله الفضائل الواردة في الصف الأول، وإنما هي في الصف الذي يليه، فإذا احتيج إلى نصب المنبر في الصف فينبغي وضعه بحذاء الإمام حتى يكون الصف من وراءه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(11/10931)
حكم إلصاق الأقدام أثناء لصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الضروري إلصاق الأقدام أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لسؤالك احتمالين:
1- أن تقصد به إلصاق الرجل رجله برجل صاحبه في الصف، وهذا أمر مستحب لحديث النعمان بن بشير قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال: أقيموا صفوفكم -ثلاثاً- والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم. قال: فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وكعبه بكعبه. رواه البخاري ومسلم.
2- إلصاق المصلي رجله برجله الأخرى والحكم في هذا أنه مكروه والذي ينبغي فعله هو أن يجافي بينهما بحيث لا يدني بعضهما من بعض ولا يباعد بينهما، لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما نص على ذلك ابن قدامة في المغني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(11/10932)
الكيفية التي تتم بها تسوية الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك مسافة محددة بين قدم المصلي وقدم الذي بجواره في صلاة الجماعة أم أن الأقدام يجب أن تكون متلاصقة تماما لأن البعض يقول إننا يجب ألا ندع فرجة للشيطان وقيل إن المسافة بينهما تكون حدود 10 سنتيمتر كما أننا نسمع الإمام يقول ساووا بين المناكب والأقدام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة في صلاة الجماعة تسوية الصفوف، بحيث يكون القدم مع القدم، والمنكب مع المنكب، والتراص في الصف، ومن الأدلة التي وردت في ذلك:
- حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ("لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم) " متفق عليه.
- وفي الصحيحين أيضًا عن أنس بن مالك رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ("أقيموا صفوفكم، فإني أراكم من وراء ظهري".)
واللفظ للبخاري وزاد: " (وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه) ".
وقد ورد النهي عن ترك فرجة للشيطان في حديث أنس رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "راصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفس محمد بيده إني لأرى الشياطين تدخل من خلل الصف كأنها الحَذَف) " رواه أبو داود والنسائي. واللفظ للنسائي والحذف غنم صغارسود.
ومن هنا ندرك أن القول بترك حوالي عشر سنتيمرات بينهما قول مخالف لهذه الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(11/10933)
المراد الحث على التقدم وليس تأخير الصغار عن أماكنهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة على رسول الله
ماحكم صلاة الطفل المميز دون عشر سنوات في الصف الأول.
مع العلم أني سمعت فتوى للشيخ العثيمين ولكنها تعارضت عندي مع حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) "ليليني منكم أولو الأحلام والنهى"
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا خلاف بين أهل العلم أن الصبي المميز المتطهر لو صلى في الصف الأول أن صلاته صحيحة، وإنما الخلاف بينهم في مكانه المناسب من الصف، فبعض أهل العلم قال: يتأخر الصبيان عن الرجال وجعل هذا من تمام تسوية الصفوف وكمالها، واستدل بالحديث المذكور.
أما البعض الأخر فيرى أن الصبي إذا سبق إلى أي مكان في المسجد كان أولى به من غيره بما في ذلك الصف الأول، لعموم الأدلة القائلة بأن من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو أحق به، والمساجد بيوت الله يستوي فيها عباد الله كلهم، ولأنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يقيم الرجل أخاه من مكانه ثم يجلس فيه، وهو حديث متفق عليه. بالإضافة لما يترتب على تأخير الصبي عن مكانه الذي سبق إليه من محاذير ككراهيته للمسجد ولمن أخره عن مكانه، الأمر الذي يبعث في قلبه الحقد والكراهية لذلك الشخص.
وأما حديث (ليلني منكم أولو الأحلام ... ) فمراده صلى الله عليه وسلم به حث هؤلاء على التقدم والمبادرة وليس تأخير الصغار عن أماكنهم. وهذا أعني أحقية الصبي المميز بالمكان الذي سبق إليه هو رأي الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- تبعا لمجد الدين جد شيخ الإسلام ابن تيميه وصوبه المرداوي صاحب الإنصاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1423(11/10934)
الأحوال الجائزة والممنوعة للصلاة بين سواري المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصلاة بين السواري إذا كان في المسجد سعة؟
الرجاء الإجابة بشيء من التفصيل أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة بين السواري وأعمدة المسجد جائزة للإمام وللمنفرد، لما رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة صلى بين الساريتين.
وأما المأموم، فإن كان في المسجد سعة، فلا تنبغي له الصلاة بينها حتى لا تقطع الصفوف، فقد روى الحاكم عن أنس رضي الله عنه أنه قال: كنا ننهى عن الصلاة بين السواري ونطرد منها.
أما إذا ضاق المسجد بالمصلين، فلا مانع أن يصلي المأمومون بين السواري قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: لا بأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1423(11/10935)
الصبي المميز يقف في الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما موقع الصبية في الصف وبالأخص في الصف الأول والصبية دون السابعة؟
أفيدونا بارك الله فيكم
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الصبي مميزاً فلا بأس من أن يصفَّ مع المصلين، وأما أين يصف، وكيف يصف، فراجع لذلك الفتوى رقم: 8648
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1422(11/10936)
فضل تسوية الصفوف في الصلاة، والأمر بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من دليل على وجوب التسوية في الصفوف عند إقامة الصلاة وما رأي المذاهب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع العلماء على مشروعية تسوية الصفوف في الصلاة، واختلفوا في وجوبها، فالجمهور على الاستحباب فقط، وحُكي هذا إجماعاً، وذهب الظاهرية والإمام البخاري إلى الوجوب حيث قال في صحيحه (باب إثم من لم يتم الصف) وهو ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية كما قال ابن مفلح في الفروع، واستدلوا بالأدلة التالية:
1/ حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق" رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان.
2/ حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سووا صفوفكم، فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة" رواه البخاري.
3/ حديث النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لتسونَّ صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم" رواه البخاري ومسلم، ورواه أبو داود وأحمد بلفظ: "أو ليخالفن الله بين قلوبكم".
4/ حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتموا الصف الأول، ثم الذي يليه ... " رواه الخمسة إلا الترمذي.
وهذه الأحاديث تحث على الأمر بالتسوية، والأمر يقتضي الوجوب إلا أن يصرفه صارف، ولا صارف هنا، وهذا هو الراجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1422(11/10937)
حكم من صلى منفصلا عن الصفوف خارج المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي صلاة الجمعة مستمعاً للخطيب عبر أثير المذياع بعد أن منع من دخول المسجد الأقصى وتعذر عليه الصلاة فيه فصلى بباب المسجد، علماً أنه لم يسمع شيئا من صوت الخطيب؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من صلى خارج المسجد منفصلاً عن الصفوف فالصحيح أن صلاته لا تصح، قال الشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله: الصواب أنه لا بد من اتصال الصفوف، فإن لم تكن متصلة فإن الصلاة لا تصح، وهذا تستوي فيه الجمعة وغيرها.
مع أن في المسألة فيها خلافا بين العلماء ولكن ما رجحه الشيخ هو الأظهر عندنا، وخصوصاً في صلاة الجمعة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1422(11/10938)
أين يقف الصبي خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة الأطفال في الصفوف الأمامية أم يستحسن دفعهم إلى الخلف وهل هذا يؤثر على نفسيتهم وتقبلهم للصلاة خاصة وأن دفعهم للصفوف الخلفية يؤذي مشاعرهم ما رأي الشرع بذلك والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من مرغبات متابعة الصلاة تعويد الطفل على أدائها جماعة في المسجد لأن الصلاة مع الجماعة تربطه بمن حوله من المصلين، فقد كان صلى الله عليه وسلم يأتي المسجد وهو يحمل الحسن أو الحسين، وربما أطال صلاته بسبب صعودهما على ظهره الشريف.
وقد وصف أبو مالك الأشعري رضي الله عنه صفوف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ويجعل الرجال قدام الغلمان، والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان" رواه أحمد أي كان للأطفال مكان معروف في المسجد، ولعل في هذا تعويدهم على صلاة الجماعة، وقد أمر صلى الله عليه وسلم من يصلي معه جماعة أن يكون البالغون العقلاء منهم خلفه في الصف الأول ليعقلوا عنه صلاته، وليخلفوه في الإمامة، أو لينبهوه إذا سها ليرجع إلى قولهم، فقال، " ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم…." رواه مسلم وأحمد وغيرهما من حديث عبد الله بن مسعود
وانطلاقاً من هذا فإن ما يقوم به بعض الأئمة أو المصلين من دفع الصبيان عن الصف الأول ومن حول الإمام مطلقاً يتنافى مع حقوقهم في الجماعات، وقد يحدث تقصير من الطفل في أداء الصلوات المفروضة في الجماعات نتيجة لذلك، كما أنه يتنافى أيضاً مع ما جاءت به السنة في كيفية انتظام المصلين في صلاة الجماعة خلف الإمام، ولا مانع للصبيان إذا بلغوا سبعاً فأكثر أن يقفوا خلف الإمام كالبالغين، ويقف عن يمينه إذا كان واحداً، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في بيت أبي طلحة وجعل أنساً واليتيم خلفه، وأمَّ سليم خلفهما. وثبت عنه من رواية أخرى أنه صلى الله عليه وسلم صلى بابن عباس وجعله عن يمينه، وبما أن أمر الصبيان بالتأخير عن الصف الأمامي في بعض الأحيان إنما هو من باب الكمال والاستحسان، فينبغي أن يكون بأسلوب لا يجرح من مشاعرهم، أو يعرضهم إلى النفور من حضور الجماعات.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1422(11/10939)
تخطيط أرضية المسجد مشروعة.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز تخطيط أرضية المسجد لتسوية صفوف الصلاة؟.... وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله في تخطيط أرضية المسجد للاستعانة بذلك على تسوية الصفوف، فإن تسوية الصفوف مطلوبة شرعاً، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم عليها ورغب فيها وتوعد من لم يحافظوا على تسويتها. ففي الصحيحين عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " (سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة) ". وعن النعمان بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " (لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) " رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10940)
انقطاع الصف بسبب الأعمدة لا حرج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي فضيلتكم في الصف الذي ينقطع من خلال الأعمدة أو المنبر. (صف صلاة الجماعة) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على اتصال الصف في الصلاة، وإقامته وتسويته وسد الفرج وذلك في أحاديث كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: "سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة" متفق عليه. ومنها أنه كان يُقبِل بوجهه على الصحابة قبل أن يكبر ويقول: "تراصوا واعتدلوا" متفق عليه أيضاً.
وكان يقول لهم: "سووا صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم، ولينوا في أيدي إخوانكم، وسدوا الخلل فإن الشيطان يدخل بينكم بمنزلة الحذف" رواه أحمد.
ويقول لهم: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها، قلنا: كيف تصف الملائكة عند ربها؟ فقال يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف" رواه مسلم وغيره.
ويقول: "أتموا الصف الأول ثم الذي يليه، فإن كان نقص فليكن في الصف المؤخر" رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح، وقد روى الترمذي في جامعه عن عبد الحميد بن محمود قال (صلينا خلف أمير من الأمراء فاضطرنا الناس فصلينا بين الساريتين فلما صلينا قال أنس بن مالك كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال الترمذي بعده وقد كره قوم من أهل العلم أن يصف بين السواري، وبه يقول أحمد وإسحاق وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك) ا. هـ
ويقول: "لتسونَّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" متفق عليه. إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تدل جلياً على الأمر الأكيد بالمحافظة على اتصال الصف والتراص فيه، وتسويته قدر المستطاع، فإن حصلت صورة تفضي إلى انقطاع بعض الصفوف لوجود اسطوانات في المسجد، أو امتداد درج المنبر إلى الصف الأول والثاني كما يوجد في بعض البلاد، ولم يمكن تفادي انقطاع الصف بذلك لضيق المسجد عن المصلين، وعدم اتساعه لهم إلاّ بذلك فلا حرج فيه إن شاء الله، ولقول الله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن: 16] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1421(11/10941)
انقطاع الصف بسبب أسطوانات المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يرى فضيلتكم في الصف الذي ينقطع من خلال العرصاة أو المنبر. (صف صلاة الجماعة) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قد حث النبي صلى الله عليه وسلم على اتصال الصف في الصلاة وسد الفُرَج وإقامته وتسويته في أحاديث كثيرة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: "سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة" متفق عليه. ومنها: أنه كان يُقبِل بوجهه على الصحابة قبل أن يكبر ويقول: "تراصوا واعتدلوا" متفق عليه أيضاً. وكان يقول لهم: "سووا صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم، ولينوا في أيدي إخوانكم، وسدوا الخلل فإن الشيطان يدخل فيما بينكم" رواه أحمد. ويقول لهم: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها، قلنا: كيف تصف الملائكة عند ربها؟ فقال يتمون الأول ويتراصون في الصف" رواه مسلم وغيره. ويقول: "أتموا الصف الأول ثم الذي يليه، فإن كان نقص فليكن في الصف المؤخر" رواه أحمد وغيره. ويقول: "لتسونَّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" متفق عليه. إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تدل جلياً على الأمر الأكيد بالمحافظة على اتصال الصف والتراص فيه، وتسويته ما استطيع لذلك سبيلاً، فإن حصلت صورة تفضي إلى انقطاع بعض الصفوف لوجود اسطوانات في المسجد، أو امتداد درج المنبر إلى الصف الأول والثاني كما يوجد في بعض البلاد، ولم يمكن تفادي انقطاع الصف بذلك لضيق المسجد عن المصلين، وعدم اتساعه لهم إلاّ بذلك فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى، لمراعاة المصلحة في ذلك، ولقول الله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن: 16]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10942)
ما هي المسافة المسموح بها بين مصل وآخر في الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[في الصلاة الجماعية ما مدى المسافات المسموح بها بين مصل وآخر؟ وما مدى مسؤولية المصلي والإمام عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلعل قصدك بالمسافة: المسافة التي تكون بين مصل وآخر يصليان في صف واحد فالحق أنه لا ينبغي أن تكون بينهما مسافة أصلا بل السنة أن يلصق كل واحد منهما منكبه بمنكب الآخر قدر المستطاع وقد قال بوجوب ذلك بعض أهل العلم فقد روى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " (أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه) . وقد قال صلى الله عليه وسلم أيضاً (أتموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولا تذروا فرجات للشيطان ومن وصل صفاً وصله الله ومن قطع صفاً قطعه الله) رواه أبو داود وصححه الحاكم وابن خزيمة. ومع هذين الحديثين وما في معناهما من الأحاديث الصحيحة إلا أنك ترى أكثر المصلين اليوم إذا حاولت أن تقترب من واحد منهم امتثالا للسنة نفر منك، ويبدو أن هذا الداء قد دب في هذه الأمة من عهد بعيد فقد قال أحد السلف: (ولو فعلت ذلك بأحدهم اليوم نفر منك كأنه بغل شموس) . كما أن من المصلين من يخطئ فيبالغ في تطبيق هذه السنة فيشغل نفسه ومن إلى جواره بالمماسة والحركة. والحق وسط بين الغالي فيه والجافي عنه. ومن عاجل عقاب التهاون في تسوية الصفوف ما نراه اليوم من تنافر القلوب فقد روى الشيخان من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لَُتُسَوُّنَّ صفوفَكم أو لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بين وجوهكم".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10943)
لا حرج في وضع الخطوط في المسجد بقصد تسوية الصفوف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع الخطوط في المساجد، لتسهيل تسوية الصفوف، وخاصة في المساجد ذات الصفوف الطويلة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فوضع الخطوط في المسجد لتسوية الصفوف أمر لا حرج فيه إن شاء الله، لأن هذه الخطوط تعين على تسوية الصفوف وهذا أمر مطلوب في الشريعة، وجاءت أحاديث كثيرة فيه كحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة". [متفق عليه] . وورد النهي الشديد عن مخالفة الصفوف وعدم تسويتها، كما في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ". [وهو حديث متفق عليه] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10944)
ابتداء الصف في صلاة الجماعة.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صف الصلاة يبدأ من اليمين، أم من الوسط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمشروع في حق المأمومين أن يبدؤوا الصف من خلف الإمام، وقد جاء في ذلك حديث رواه أبو داود عن أبي هريرة مرفوعاً: "وسطوا الإمام وسدوا الخلل". قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (ويستحب أن يقف الإمام في مقابلة وسط الصف لقول النبي صلى الله عليه وسلم " وسطوا الإمام وسدوا الخلل " رواه ابو داود. ا. هـ كلامه رحمه الله والحديث وإن كان ضعيف السند إلا أنه قد يستدل لمعناه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليلني منكم أولو الأحلام والنهى" رواه مسلم.
ففيه ترغيب في وقوفهم خلف الإمام، وهو متضمن الحث على المسارعة والمبادرة إلى ذلك، فاقتضى مسارعتهم إلى الوقوف خلف الإمام، وهذا يؤيد كون الصف يبدأ من هذا المكان. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1422(11/10945)
يجوز للمصلي تنبيه من بجانبه إشارة بتسوية الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمصلي تنبيه من بجانبه أثناء الصلاة بمحاذاة الصف عن طريق الإشارة باليد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد: يجوز للمصلي تنبيه من بجانبه أثناء الصلاة بتسوية في الصف عن طريق الإشارة باليد لأن هذا التحرك لمصلحة الصلاة وهو تحرك لا يضر إن شاء الله. ودليل ذلك ما رواه أحمد بإسناد لا بأس به عن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سووا صفوفكم وحاذوا بين مناكبكم ولينوا في أيدي إخوانكم وسدوا الخلل فإن الشيطان يدخل فيما بينكم بمنزلة الحذف يعني أولاد الضأن الصغار) . والشاهد فيه: قوله لنيوا في أيدي إخوانكم: حيث ذكر بعض شراح الحديث أن معناه: إذا جاء المصلي ووضع يده على منكب المصلي فليلِن له بمنكبه وكذا إذا أمره من يسوّي الصفوف بالإشارة بيده أن يستوي في الصف أو وضع يده على منكبه فليستو وكذا إذا أراد أن يدخل في الصف فليوسع له) . والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(11/10946)
لا حرج في الصلاة في الصف الذي لم يكتمل
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ
ماحال صفوف المصلين غير المكتمله في كل من: الحرم المكي، والحرم والنبوي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فإذا كان الصف خلف الإمام، لم يكتمل من اليمين أو الشمال، فلا حرج في الصلاة فيه، وإن كانت السنة إكمال الصفوف الأول فالأول لما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (أتموا الصفوف فإني أراكم خلف ظهري) فينبغي للمصلي أن يتحرى قدر استطاعته الصلاة في الصفوف المتصلة، وهذا قد يعسر الآن في الحرمين، بسبب سعتهما، وجهل كثير من المصلين بفضيلة وصل الصفوف الأول فالأول، والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10947)
مديره يمنعه من صلاة الجماعة بالمسجد فماذا يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بمتجر ملابس وأقرب مسجد منه مسافة 4 دقائق مشيا، وقليلا ما يسمح لي مديري بشهود صلاة الجماعة فهل أنا آثم؟ مع العلم أنني حاولت الانتقال لفرع آخر ولم أستطع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أمكنك فعل الجماعة في غير المسجد فلا حرج عليك ـ إن شاء الله ـ فإن الجماعة تجوز في غير المسجد على الراجح من أقوال العلماء، وإن كان فعلها في المسجد أولى، وراجع الفتوى رقم: 128394، وأما إذا لم يمكنك فعل الجماعة في مكان عملك، فعليك أن تجتهد في مناصحة صاحب العمل وتبين له أهمية الجماعة وأنه يثاب المثوبة العظيمة ـ إن شاء الله ـ إن مكنك من شهود الجماعة، ولا ينبغي له أن يمنعك من ذلك إلا أن يكون له عذر في المنع كإن كان ذهابك للجماعة يؤدي إلى تعرض المال الذي استؤجرت لحفظه للضياع أو كان المسجد بعيدا أو كان الإمام يطيل مما يضر به، جاء في أسنى المطالب: قال الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهُ من الذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلْجَمَاعَةِ في غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَلَا شَكَّ فيه عِنْدَ بُعْدِهِ عنه، فَإِنْ كان بِقُرْبِهِ جِدًّا فَفِيهِ احْتِمَالٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامُهُ مِمَّنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ فَلَا، وَعَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يُخَفِّفَ الصَّلَاةَ مع إتْمَامِهَا، ثُمَّ مَحَلُّ تَمْكِينِهِ من الذَّهَابِ إلَى الْجُمُعَةِ إذَا لم يَخْشَ على عَمَلِهِ الْفَسَادَ وهو ظاهر. انتهى.
فإن أصر على منعك من شهود الجماعة فلا نرى حرجا من استمرارك في هذا العمل، لما مر بك من كلام الأذرعي، وإن وجدت عملا غيره تتمكن معه من المحافظة على الجماعة كان ذلك أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(11/10948)
هل يصلي منفردا لعجزه عن القيام في صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[مرضت مرضا شديدا فكنت أصلى نائما، ثم تحسنت حالتي قليلا فصرت أصلى جالسا، وكنت أصلي في كلتا الحالتين في البيت، ثم الحمد لله أستطيع الآن أن أصلي واقفا ولكن لا أستطيع الوقوف كثيرا (أقف مقدار الفاتحة والطارق.
فهل أصلي في المسجد واقفا قدر استطاعتي ثم أجلس إذا أطال الإمام أم أتم صلاتي في البيت واقفا بصلاة خفيفة.
مع العلم أن سني صغير فأكون محرجا جدا أن أصلي جالسا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقدر على الصلاة قائما منفردا ولو صليت في جماعة اضطررت للجلوس في بعض الصلاة فالأولى لك أن تصلي منفردا قائما، ولو صليت مع الجماعة صحت صلاتك، وهذا مذهب الشافعية.
قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: ولو أمكن المريض القيام منفردا بلا مشقة ولم يمكنه ذلك في جماعة إلا بأن يصلي بعضها قاعدا فالأفضل الانفراد وتصح مع الجماعة وإن قعد في بعضها كما في زيادة الروضة، ومذهب الحنابلة التخيير بين الأمرين واختار بعضهم القول بأفضلية الانفراد مع القيام لأن القيام ركن لا يسقط إلا بعذر ولا تصح الصلاة بدونه مع القدرة، وهذا القول أظهر إن شاء الله.
قال في مطالب أولي النهى: (ومن قدر) أن (يقوم) في الصلاة (منفردا و) قدر أن (يجلس في جماعة؛ خير) بين الصلاة قائما منفردا وبين الصلاة جالسا في جماعة على الصحيح من المذهب قطع به في الكافي والمجد في شرحه، ومجمع البحرين والرعاية الصغرى، والحاوي الصغير وغيرهم. قال في الشرح: لأنه يفعل في كل منهما واجبا ويترك واجبا. (واختار جمع) منهم أبو المعالي (يصلي منفردا قائما وصوبه في الإنصاف) وقال: لأن القيام ركن لا تصح الصلاة إلا به مع القدرة عليه وهذا قادر والجماعة واجبة تصح الصلاة بدونها وقعودهم خلف إمام الحي لدليل خاص. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1430(11/10949)
حكم تقديم بعض المساجد الصلاة على بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مسلمون هنا في مدينة وسط فرنسا مواقيت الصلاة تختلف من مسجد لآخر، خاصة وقتي الفجر والعشاء حيث قد يصل الفرق بين الصلاة الواحدة في مسجدين إلى ساعة، رغم أن المسجد لا يبعد عن الآخر إلا ثلاثة أو أربعة كيلوات، ويصر مسؤولوا كل مسجد على أنهم على حق, وقد حاول بعض الشباب تحري وقت غروب الشمس وشروقها وتبين على أن الجميع قد يكون مخطئا دون التأكد من ذلك، لعدم وجود ذوي الاختصاص والمسؤولين فماذا نفعل؟ ورمضان على الأبواب، مع أهمية كل دقيقة في تحديد أوقات الفطور والسحور.
أفتونا، جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت وجوب الإمساك في رمضان وجواز الإفطار لا يمكن أن يختلف في مسجدين لا يبعد أحدهما عن الآخر إلا ثلاث أو أربع كيلو، ولكن مسألة السائل ـ فيما يبدوـ في تقديم وتأخير أداء صلاتي الفجر والعشاء، فبعض أهل العلم يفضل تعجيل الصلاة بالنسبة للفجر والعشاء، وبعضهم يفضل تأخيرها، فالأحناف يفضلون التأخير وخالفهم الجمهور وبناء عليه، فلا حرج في تقديم بعض المساجد الصلاة على بعض، فالخلاف في ذلك سائغ.
وننصح المسلمين عموماً ـ والقائمين على المساجد خصوصاً ـ بالحرص على توخي الحق ولم الشمل والبعد عما يسبب تفرقة الجماعة وأن يحسن بعضهم الظن ببعض، وراجع للاطلاع على البسط في مسألة تحديد أوقات الصلاة وأوقات الإمساك والإفطار الفتاوى التالية أرقامها: 32380، 110567، 782، 28451، 67701، 68233، 46474، 55960، 63988، 93468، 122854، 124667.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(11/10950)
حكم صلاة الرجال خلف النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح صلاة الرجال خلف النساء في المسجد الحرام؟ ولماذا يتم ذلك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الرجال خلف صفوف النساء صحيحة في قول الجمهورمع الكراهة، والسنة أن يتقدم الرجال وتكون صفوف النساء متأخرة، ولكن لا تبطل صلاة الرجال إذا صفوا خلف النساء، لأنه لا دليل على بطلان الصلاة في هذه الحال والأصل صحتها، وانظر لذلك الفتويين رقم: 50731، ورقم: 120778.
والمسجد الحرام في هذا كغيره لعموم الأدلة، فإنها لم تفرق بينه وبين غيره، ولكن لكثرة الزحام في المسجد الحرام وصعوبة الاحتراز من هذا الأمر وخاصة عند ازدحام الناس في الطواف كثر وقوع هذا الأمر في المسجد الحرام، والمطلوب من كل مسلم أن يتقي الله ما استطاع فيحرص على أن لا يصف خلف النساء وتحرص النساء على أن لا تكون صفوفهن أمام الرجال، فإذا لم يكن بد من هذا فلا حرج والصلاة صحيحة ـ إن شاء الله تعالى ـ فإن المشقة تجلب التيسير كما هو مقرر عند أهل العلم، قال العلامة العثيمين ـ رحمه الله: إذا صلى الرجال خلف النساء فإن أهل العلم يقولون لا بأس، لكن هذا خلاف السنة، لأن السنة أن تكون النساء خلف الرجال، إلا أنكم كما تشاهدون في المسجد الحرام يكون هناك زحام وضيق، فتأتي النساء وتصف، ويأتي رجال بعدهن فيصفون وراءهن، ولكن ينبغي للإنسان أن يتحرز عن هذا بقدر ما يستطيع، لأنه ربما يحصل من ذلك فتنة للرجال، فليتجنب الإنسان الصلاة خلف النساء، وإن كان هذا جائزاً حسب ما قرره الفقهاء، لكننا نقول: ينبغي للإنسان أن يتجنب هذا بقدرالمستطاع، وينبغي للنساء أن لا يصلين في موطن يكون قريباً من الرجال. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1430(11/10951)
هل تهجر المساجد لكونها تابعة لأحزاب معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي في المساجد لدينا في غزة وكل مسجد تابع لحزب، وأحيانا ينادون في المسجد تدعوكم حركتكم أو حزبكم.......قبل أن يكملوا قلبي يتحرق لأن فيه آيه تقول: وأن المساجد لله فلاتدعوا مع الله أحدا. فقد مرت بي فترة أصبحت لا أدخل في المسجد لأنه ليس لله، وكنت أظن أن لذلك أثرا على الصلاة بحيث تكون صلاتي باطلة أو شيء....وبعد فترة أصبحت أتمنى أن أصلي بالمسجد جماعة، فذهبت للمسجد وصليت وفي رمضان أصلي الآن فيه. فماذا أفعل؟ هل لأن المسجد دعي فيه لغير الله فصلاتي فيه باطلة؟
ملاحظة: لا يوجد مسجد إلا وهو تابع لحماس أو فتح ولا يوجد مسجد لله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المساجد كلها لله كما قال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا. {الجن:18} .
وأما كون المساجد تابعة لمن بناها أو مسماة باسم بانيها وأهل الحي، فلا يخرجها ذلك عن كونها مساجد لله يصلى فيها المسلمون، وصلاة المصلي بها صحيحة لا إشكال بها، ويدل لجواز إضافة المسجد لبانيه أو لأهل الحي مافي حديث المسند: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام. ... ... وفي البخاري من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق.
وبناء عليه فيتعين عليك الحرص على الصلاة في المسجد وعدم التخلف ففي الحديث: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
ولا يجوز أن تترك الصلاة في المسجد بسبب ملاحظات تلاحظها على الناس، وراجع الفتوى رقم: 109307.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1430(11/10952)
كيف توفق بين صلاة المغرب والفطر في المنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[أهلي يحبون أن أفطر معهم ولا يحبون أن أفطر في المسجد، فكيف أوفق بين صلاة المغرب والفطر في المنزل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأمر يسير والتوفيق بين المصلحتين ممكن بيسر وسهولة ـ إن شاء الله ـ وذلك بأن تفطر مع أهلك، ثم تأتي مسجدا تؤخر فيه صلاة المغرب شيئا ما فتدرك الصلاة معهم، كما يمكن لأهلك أن ينتظروك حتى تصلي وترجع فتفطر معهم إذا كانوا يحبون ذلك، فإذا أفطرت في المسجد فلتفطر فطورا خفيفا على رطبات أو تمرات أو حسوات من ماء، كما هي السنة، ثم إذا رجعت إلى أهلك أفطرت معهم، فتكون جامعا بين المصلحتين ـ بإذن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1430(11/10953)
أجر الجماعة هل يتوقف على وجود إمام راتب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخوكم في الإسلام جمال من هولندا، نحن لدينا مسجد تقريبا منذ 15عاما ونحن نؤدي فيه الصلوات الخمس والجمعة، وليس لنا إمام راتب، فسمعنا من ليس له إمام راتب في المسجد لا تكتب له 25 درجة. هل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلا يدل على أن أجر الجماعة منوط بوجود إمام راتب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ... متفق عليه.
فلفظ الجماعة يشمل المصلين بإمام راتب أو بأحدهم، ونسأل الله تعالى أن يكتب لكم الأجر على صلاتكم في المسجد، وانظر الفتوى رقم: 114561.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(11/10954)
حكم إقامة جماعتين في وقت واحد إذا اختلفت الصلاتان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تصلي جماعتان في وقت واحد وفي مسجد واحد، لكن جماعة تصلي الظهر والعصر (جمعا وقصرا) والأخرى تصلي المغرب والعشاء (جمعا وقصرا) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أن إقامة جماعتين في مسجد واحد مكروهة، وأن الذي ينبغي هو الاجتماع على إمام واحد، كما في الفتوى رقم: 57407.
وذلك فيما إذا اتحدت الصلاة، وأما إذا اختلفت الصلاة كأن كانت جماعة تصلي الظهر، والأخرى تصلي العصر جمع تقديم مثلاً فلا نرى حرجاً في ذلك، فإن اجتماع الجماعتين على إمام واحد ممتنع عند القائلين باشتراط اتحاد نية الإمام والمأموم، وإن كان الراجح عندنا أن اختلاف نية الإمام والمأموم لا يؤثر. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 3201، والفتوى رقم: 104888.
ولكن مراعاة الخلاف من الأمور المستحسنة، وشرط الجواز ألا يحصل تشويش يشغل المصلين أو يمنعهم من تمام الاقتداء، قال في مواهب الجليل: وأما الذين يصلون في وقت واحد بإمامين ويتبع كل إمام طائفة وهما متقاربان فيشكل على كل طائفة هل يتبعون إمامهم أو غيره فيما يسمعون من التكبير وغيره فهذا لا يجوز وصلاة من صلى ممن صار في شك هل اتبع إمامه أو غيره فاسدة، ولو أيقن أنه اتبع إمامه إلا أنه في شغل عن مراعاة ذلك قد شغله التكلف فيه فهذا لا ينبغي. انتهى.
وأما أن توجد جماعة تصلي المغرب والعشاء جمعاً، في وقت تُصلي فيه أخرى الظهر والعصر جمعاً فهذا ممتنع، لأن فعل المغرب والعشاء قبل وقت المغرب لا يجوز، ولا تصح صلاة من صلى الصلاة قبل وقتها، وكذا تعمد تأخير الظهر والعصر إلى ما بعد المغرب لا يجوز، وتصير الصلاة به قضاء، ولا نتصور هذه المسألة إلا في هذه الحالة، وهي أن تكون جماعة يصلون الظهر والعصر قضاء في وقت تصلي فيه الأخرى المغرب والعشاء أداء، وقد تقدم حكم المسألة إذا فرض وقوعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(11/10955)
إتمام الصفوف الأول وسد الفرج
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان هناك فراغ في الصف الأول وكان وراءه مباشرة شخص لم يتقدم بعد لهذا المجال أو الفسحة فهل يجوز أن أتقدم لأخذ هذا المجال في الصف الأول. لقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: لو علمتم ما في الصف الأول لتقاتلتم عليه بالسيوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المذكور لم نجده مروياً بهذا اللفظ، وإنما لفظه كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا.
ثم اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإتمام الصف الأول فالأول.
فعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ. رواه مسلم.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّر. رواه أبو داود.
فإذا ترك الناسُ فُرجة في الصف المقدم، فقد قصروا في اتباع هذا الهدي النبوي، وينبغي لمن رأى تلك الفرجة أن يبادر بسدها، فإن تراخى الشخصُ الذي الفرجة أمامه في سدها فليسدها غيره، ولا حرج في ذلك، بل له بذلك الأجر والمثوبة لامتثاله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإتمام الصف المقدم، ويحصلُ له بذلك إن شاء الله أجرُ فضيلة الصف المقدم.
وقد نص كثيرٌ من الفقهاء على أن تخطي الرقاب يوم الجمعة لسد فُرجة في الصف جائز، لأجل أن من تركوا الفرجة همُ المفرطون بتركها فلا حق لهم، فهاهنا أولى.
وقال النووي في المجموع:
وإن رأى فرجة قدامهم, لا يصلها إلا بالتخطي، قال الأصحاب: لم يكره التخطي، لأن الجالسين وراءها مفرطون بتركها. انتهى.
وقال الحافظ في الفتح:
قال الشافعي: أكره التخطي إلا لمن لا يجد السبيل إلى المصلى إلا بذلك. اهـ.
وهذا يدخل فيه الإمام،ومن يريد وصل الصف المنقطع إن أبى السابق من ذلك، ومن يريد الرجوع إلى موضعه الذي قام منه لضرورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(11/10956)
إغلاق المحل لأداء الصلاة وهل يأثم إذا لم يصل العاملون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب إغلاق الكافتيريا أثناء وقت الصلاة مع العلم أنني أذهب إلى الصلاة هل علي ذنب في الآخرين?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم إغلاق المحل لأجل أداء الصلاة في المسجد في الفتوى رقم: 24612، والفتوى رقم: 67542.
وإذا أغلقت الكافتريا وذهبت إلى الصلاة فقد أديت الواجب، ولا تؤاخذ بتخلف غيرك عنها، لقول الله تعالى:
وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164} .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: النفوس إنما تجازى بأعمالها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وأنه لا يحمل من خطيئة أحد على أحد وهذا من عدله تعالى.... فلا يظلم بأن يحمل عليه سيئات غيره، ولا يهضم بأن ينقص من حسناته ... انتهى مختصرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(11/10957)
المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان بسيط جداً، وعندي تقصير في طاعتي، حيث إنني أصلى في البيت بعض الصلوات، ولا أداوم على صلاة الفجر، ولكنى بحمد الله لا أترك فرضا من الفروض المفروضة. قبل النوم لي وقت مع الله في التذكر والاستغفار والندم على ما فات من تقصيري، وأنشغل بالقرآن والدعاء والتوسل إلى الله أن يتوب علي من الذنوب والتقصير، وهذا يومياً ومنذ فترات طويلة على هذه الحال، ولم ينصلح حالي في التوبة من التدخين والتقصير الذي يجعلني حزينا على نفسي. ماذا أفعل حتى ينصلح حالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بما أعطاك الله من التوفيق للإتيان بالأذكار، ونفيدك أنه يتعين عليك حمل نفسك على الالتزام بالصلاة في الجماعة في جميع الأوقات إذا كنت تسمع الأذان، ويتأكد الأمر في صلاة الفجر، فإن من الفوارق بين المؤمنين والمنافقين الحضور لصلاة الفجر والعشاء مع الجماعة في المساجد.
ومن صلى الغداة في جمع كان في ذمة الله حتى يمسي كما في حديث ابن ماجه.
ويدل لوجوب الصلاة في المسجد ما في الحديث: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه والحاكم وصححه الألباني.
فاحرص على النوم المبكر، واستخدام المنبه حتى تستيقظ للفجر في وقتها، وتصليها مع الجماعة، فمن صلاها في الجماعة كان مثل قيام ليلة كما في حديث مسلم.
وعليك بمجاهدة نفسك وحملها على البعد عن المعاصي، واحذر أن تموت وأنت متلبس بمعصية الله، واستشعر مراقبته، وأنه يراك حيثما كنت، وأكثر من المطالعة في كتب الترغيب والترهيب، واحرص على مصاحبة أهل الخير والبعد عن رفقاء ومجالس السوء، فإن الرجل على دين خليله كما في حديث أبي داود.
وتذكر مضار التدخين على بدنك ومالك. واستعن بالإكثار من سؤالك الله الهداية والتوفيق والعون على الطاعة.
وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 63189، 50115، 76270، 96257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(11/10958)
بنى ملعبا للأولاد فأصبحوا يلعبون ويتركون صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل من جماعة المسجد سعى لإنشاء ملعب لكرة القدم مجاور للمسجد لا يفصل بينهما إلا الشارع، يلعب فيه الأولاد حتى في وقت الصلاة، وأحسنهم حالاً من يأتي وقد فاته كل أو جل الصلاة، مع أن الكثير من جماعة المسجد يناصحونهم وينكرون عليهم بالحسنى دون جدوى حتى ملوا منهم. فهل يأثم بفعله وهل نيته بتسلية أولاد الحارة بالرياضة تشفع له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبة على الرجال الأحرار العقلاء القادرين عليها دون حرج، على الصحيح من أقوال العلماء كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36549.
ولا تجب على النساء والعبيد والصبيان وذوي الأعذار. والأولاد غير البالغين لا تجب عليهم الصلاة فضلًا عن وجوب الجماعة في المسجد وإنما المستحب تعويدهم عليها، وأمرهم بها إذا بلغوا سبع سنين وضربهم عليها إذا بلغوا عشرا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أحمد وأبوداود وصححه الألباني.
والأمر الوارد للأولياء في الحديث السابق حمله الحنفية والشافعية والحنابلة على الوجوب، والمالكية على الندب كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 55875.
وكون هذا الرجل سعى في إنشاء ملعب لأولاد الحي فهذا مما يحمد عليه إن كان له مقصد حسن من حفظ الأولاد أمام أعين أوليائهم، وللترفيه عنهم بالمباحات بدلًا من انشغالهم بالمحرمات من الألعاب، وإن كان دور هذا الرجل قد انتهى بالسعي في إنشاء الملعب وليس بيده منع أحد من اللعب فيه وقت الصلاة فلا إثم عليه في ذلك؛ لأنه لا تلازم بين وجود ملعب ولو قريبا من المسجد وبين ترك المحافظة على الجماعة، بل إن قرب الملعب أحيانا من المسجد يسهل صلاة الجماعة على كثير ممن يلعبون لأنه يوفر لهم وقت الانتقال إن كان المسجد بعيدا، ويجعلهم يستحون من اللعب والمصلون في المسجد يقيمون الجماعة، وفي هذه الحال الأمر راجع إلى أولياء هؤلاء الأولاد بمنعهم من اللعب وقت الصلاة تعويدا لهم على الجماعة، وينصح أن يتم ذلك بالترغيب والرفق وعدم الملل وإن تكرر نصحهم؛ لأن هؤلاء الأولاد إن لم يكونوا بالغين فلا تجب عليهم صلاة الجماعة.
وأما إن كان بيد هذا الرجل منع هؤلاء الأولاد من اللعب وقت الصلاة بأن كان الملعب مما يمكن أن يغلق وقت الصلاة وبيده إغلاقه، أو كان مالكا له، وكان الأولاد بالغين ولم يمنعهم فهذا من التعاون على الإثم، ويأثم لمعاونته لهم على هذا؛ لقوله سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. {المائدة:2} . وإن لم يكن بيده منع ذلك ولم يكن الملعب ملكا له أو كان بيده منع ذلك ولكن هؤلاء الأولاد صغار لا تجب عليهم الجماعة فيكره هذا الفعل في حقه؛ لأنه بهذا يفتح ذريعة تعويد الأولاد على ترك الجماعة والانشغال باللعب عن الصلاة مما يخشى أن يكون له أثر نفسي سيئ على الأولاد في المستقبل، والنية الحسنة من حيث العموم لا تجعل العمل السييء حسنا، ولكن تجعلكم تترفقون في النصح وتتجنبوا الغلظة والشدة؛ لقول الله تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ. {آل عمران:159} .
ويحسن الإطلاع على الفتاوى التي بينا فيها أن صلاة الجماعة واجبة إلا لعذر كالفتويين رقم: 1798، 35578.
ولبيان حكم التخلف عن الجماعة بسبب ممارسة الرياضة، يرجى الاطلاع على الفتويين رقم: 60611، 61321.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(11/10959)
حكم ترك الجماعة بسبب الخلاف مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق تشاجر مع مدير له وأصبحوا لا يتكلمون، وهذا المدير يصلي بنا إماما أحيانا، فأصبح صديقي لايصلي طالما هذا المدير إمام للصلاة ويكتفي بالصلاة وحده ويترك صلاة الجماعة. ما حكم الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فههنا أمران مهمان لا بد من التنبيه عليهما:
أما الأول: فهو أن صلاة الجماعة فرض عينٍ في أصح أقوال العلماء ولا يجوز تركها إلا لعذر, وقد بينّا ذلك في فتاوى كثيرة وانظر الفتويين رقم: 38639، 100090.
وليس من الأعذار المبيحة لترك الجماعة كون المأموم على خلاف مع الإمام, وبهذا تعلم أن صديقك آثم فيما يفعله من تعمد ترك الجماعة بغير عذر, والاقتصار على الصلاة بمفرده, وعليه أن يتوب إلى الله عز وجل ويحرص على صلاة الجماعة.
ثانيا: لا يجوز لصديقك ولا للمدير أن يتهاجرا ويترك أحدهما تكليم الآخر, فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث, يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا, وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
. ووجود الشحناء والتباغض بين المسلمين من أعظم ما يفسد دينهم, فضلا عن تشويشه للقلب, وتكديره صفو الحياة, فعليهما أن يتوبا إلى الله ويتواصلا ولا يتقاطعا, ويكلم كلاً منهما صاحبه, وعليهما أن يتجاوزا ما بينهما من خلافات, طاعة لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وبخاصة إذا كان كلاهما محافظين على الصلاة, فأولى بهما ثم أولى أن يتركا التشاحن وأن يجعلا نظرهما وفكرهما فيما يرضي الله ويقرب إليه, وأما هذه الدنيا فلا تستحق أن تفرق بين اثنين من المسلمين, وعليكم أن تجتهدوا في الصلح بينهما.
فقد قال الله عز وجل: والصلح خير. {النساء:128} .
وقال تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس. {النساء, 114}
ولكم المثوبة العظيمة إن شاء الله إن سعيتم في ذلك, نسأل الله أن يهدينا وإخواننا سواء السبيل,
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(11/10960)
هل ينتقل إلى سكن آخر وإن كان ليس بقربه مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة بإحدى دول الخليج وأجد صعوبة فى الذهاب والإياب من العمل، حيث إني أسكن بعيدا عن مكان الشغل، والدوام دوامين من: 8 إلى 1، ومن 1 إلى 4 راحة، ومن 4 إلى 8 دوام،وأذهب 4 مرات،أجئ إلى الشغل وأذهب، وأيضا توجد زحمة بالطريق،لذلك أجد تعبا وإرهاق كبيرا في المواصلة على ذلك، فعرضت المشكلة على رئيسي وطلبت منه الانتقال إلى جوار الشغل فوافق وانتقلت إ لى مكان قريب يبعد 10 دقائق مشيا عن العمل، لكن هذا المكان لا يوجد به مسجد، وأقرب مسجد لهذا المكان على بعد 2 كيلو أو 3 كيلو والجو بطبيعته حار جدا، ومع رطوبة عالية، ولابد من سيارة،وأنا أريد أن أصلي الفجر جماعة، أو أيا من الصلوات فماذا افعل؟
هل تنصحني بالانتقال إلى السكن الجديد، علما بأن السكن القديم يوجد به كل وسائل الحياة وأهم شيء يوجد أكثر من مسجد مجاور، لكنى تعبت فيه من السفر كل يوم وضياع أكثر من 4 ساعات يوميا ما بين الدوامين، والاستيقاظ مبكرا لتفادى التاخير.
أريحوا بالى جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن قرب السكن من المسجد نعمة عظيمة، إذ يتمكن المسلم من أداء صلاته مع الجماعة وفي هذا أجر عظيم، ولكن لا حرج عليك شرعا في الانتقال إلى السكن الجديد المشار إليه ولو لم يكن بجواره مسجد،ولا يجب على الإنسان أن يسكن بجوار مسجد، كما لا يحرم عليه أن ينتقل من سكن بجواره مسجد، والمطلوب شرعا هو أن يصلي الإنسان في المسجد إذا دخل وقت الصلاة وكان بجوار مسجد، وإذا انتقلت وكان المسجد بعيدا كما ذكرت لم يجب عليك الذهاب إلى الصلاة في المسجد. وينبغي لأهل الحي الذي لا يوجد فيه مسجد أن يسعوا في إقامة مسجد قريب منهم يؤدون فيه الصلوات جماعة والجمعة، فصلاة الجماعة في المسجد فيها خير عظيم ومصالح دينية ودنيوية، ومن تعود ترك صلاة الجماعة في المسجد فإنه يخشى عليه أن يتكاسل عنها منفردا بعد ذلك.
وانظر الفتوى رقم: 30606، في بيان متي تجب الصلاة في المسجد، وضابط المسافة في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1430(11/10961)
هل يحبط عمل من لم يصل العصر في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[في هذا اليوم استيقظت على أذان صلاة العصر 3،31 فغلبني الشيطان بغفوة لإرهاق العمل حتى فاتتني صلاة العصر مع الجماعة -وأسأل الله الكريم أن يغفر لي ولجميع المسلمين- وقد صليتها 4،45 أي بعد أكثر من ساعة!!
هل أنا داخل ضمن حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم:من ترك صلاة العصر متعمداً فقد حبط عمله.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يزيدك حرصاً على الخير ورغبة فيه، وأن يغفر لنا ولك، ولست - إن شاء الله- داخلاً في حديث: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله، فإن المراد بترك الصلاة في الحديث تركها عمداً حتى يخرج وقتها بالكلية، وليس المراد ترك الجماعة وإن كانت الجماعة واجبة على الراجح من أقوال العلماء، جاء في شرح سنن أبي داود ل عبد المحسن العبادي: ... الذي يبدوأنها ليست الواجبة، وإنما المقصود منه الصلاة نفسها، يعني كون الإنسان بتركها أو يؤخرها حتى يخرج وقتها، فهذا هو المقصود، وأما الجماعة فلا شك أنها واجبة، ولكن عدم حضورها لا يبطل العمل، وإنما يفوت أجراً كبيراً.
فعليك أن تستغفر الله من تركك الجماعة إن كنت تعمدت تركها من غير عذر، وما دمت قد صليت العصر في وقتها فقد أجزأت عنك، وسقط بها الفرض ولم تصر -بحمد الله- تاركاً لها، ولا يلحقك الوعيد المذكور في الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(11/10962)
صلاة الجماعة في مصلى لا يصلى فيه الفجر والجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الجمع بالصلاة في مصلى لا تقوم به صلاة الفجر والجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مُرادك السؤال عن صلاة الجماعة في مصلى لا تُقام فيه صلاة الفجر والجمعة وهذا هو الظاهر، فإن الراجح أن صلاة الجماعة تصح في كل مكان طاهر لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: وجعلت لي الأرض مسجداً. متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام. أخرجه أهل السنن، وانظر الفتوى رقم: 55413، والفتوى رقم: 31443.
وعليه، فصلاة الجماعة في هذا المصلى جائزة لا حرج فيها، وكذا إن كان مرادك الجمع بين الصلاتين لعذر يبيح الجمع في هذا المصلى، فإن الحكم لا يختلف بين جمع الصلاتين أو تفريقهما إذا وجد سبب، فالجمعُ أيضاً جائز في هذا المصلى إذا وُجد سببه، وانظر الفتوى رقم: 30105.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1430(11/10963)
حكم اعتياد إقامة العشاء في المسجد بعد الأذان مباشرة
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيوخ الأفاضل:
في المسجد، ما حكم اتخاذ عادة الإقامة لصلاة العشاء مباشرة بعد الأذان، أي ليست هناك فترة زمنية بينهما، حيث لا يتسنى لنا أن نقول " اللهم رب هذه الدعوة التامة ... " ولو بسرعة.
ودمتم ذخرا للإسلام والمسلمين.
تلميذكم / أبو صالح / إندونيسيا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الفعل يشتمل على مخالفة للسنة من وجوه متعددة:
فمنها: أنه يحرم الكثيرين من المصلين من إدراك فضيلة تكبيرة الإحرام، وربما من إدراك صلاة الجماعة جملة لأن الأصل هو تأهب المسلمين للصلاة عند سماع الأذان، فإذا كانت الصلاة تقام متصلة بالأذان لم يكن هناك وقت كاف لإدراك الصلاة أو بعضها للكثير من المصلين.
ومنها: أنه يفوت على المصلين سنة فعل الركعتين بين الأذان والإقامة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: بين كل أذانين صلاة. متفق عليه.
ومنها: أنه يؤدي إلى ترك الإخلال بالأذكار التي تقال عقب الأذان، ولا يعطي المصلين فرصة للدعاء في هذا الوقت الذي هو من أوقات الإجابة.
ومنها: أنه مخالفة للأولى، فإن الأولى والأفضل تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها إذا لم يشق على المصلين كما دلت على ذلك نصوص السنة الصريحة.
فالذي ينبغي لكم مناصحة القائمين على هذا المسجد كي يجعلوا وقتا بين أذان العشاء وإقامتهم؛ ليتسنى فعل الركعتين بين الأذان والإقامة لمن أراد فعلهما، وليتيسر قول الأذكار التي تقال عقب الأذان ومنها الدعاء، ولكي لا يحرم بعض المصلين من فضيلة تكبيرة الإحرام ومن فضيلة الجماعة. وأما الصلاة فإنها صحيحة مادامت تقع في الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1430(11/10964)
ترك الجماعة لكون الإمام يخطئ في الفاتحة أو يسرع في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي في مسجد حارتنا لكن هذا الإمام لا يجيد الفاتحة أي أنه يقرأ الفاتحة بشكل خطأ، ثم ذهبت إلى مسجد ثاني أبعد منه، ولكن إمام هذا المسجد سريع في الصلاة ولا يمكنني إكمال التسبيحات ولا التشهد، ولا يمكنني الخشوع في الصلاة ولا يوجد مسجد آخر، لكني أصبحت الآن أصلي في المنزل فهل يجوز لي الصلاة مستنبطا من الأحاديث والأدلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليسَ كلُ خطأ في قراءة الفاتحة موجباً لبطلان الصلاة، بل اللحن في الفاتحة قسمان: خفيٌ لا تبطل به الصلاة كالإخلال ببعض أحكام التجويد، أو تغيير الضبط الذي لا يحيلُ المعنى، وأما إذا كان هذا الخطأ جليا كأن يبدل حرفا بحرف فهذا هو الذي تبطلُ به الصلاة إن كان الإمام ممن إذا عُلمَ تعلم. وانظر الفتوى رقم: 116534، 113626.
وليست كل سُرعةٍ في الصلاة مبطلةً لها، فإذا كان الإمام الآخر يأتي بالحد الأدنى للطمأنينة، وأقله تسبيحةٌ في الركوع والسجود، وقدر ما يقول الذكر الواجب في الاعتدال، وفي الجلوس بين السجدتين والتشهد وقدر قراءة الفاتحة في القيام فصلاته وصلاة من خلفه صحيحة. وانظر الفتوى رقم: 35181.
وعلى هذا، فلا فينبغي لك ترك الجماعة وأنت تسمع النداء، إلا إذا كان الإمام الأول يلحنُ في الفاتحة لحناً جلياً والثاني يخلُ بالطمأنينة الواجبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1430(11/10965)
حكم تعدد الجماعة في الحرمين وغيرهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إقامة صلاة جماعة ثانية في المسجد بعد انتهاء الصلاه الفريضة لمن فاته ذلك؟ وما الدليل على ذلك؟ وما حكمه في الحرمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بالصلاة جماعة مرة ثانية في مسجد قد صلي فيه، وسبق ذلك وأدلته في الفتوى رقم: 16939.
ولا فرق في ذلك بين الحرمين وغيرهما من المساجد، إن كان فوات الجماعة الأولى لعذر، أما إن كان تفويت الجماعة الأولى لغير عذر، فقد كره بعض أهل العلم إعادة الجماعة في مسجدي مكة والمدينة، وبهذا قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، قال الحجاوي الحنبلي في متن الإقناع: ولا تكره إعادة الجماعة في غير مسجدي مكة والمدينة فقط، وفيهما تكره إلا لعذر، وقال شارحه البهوتي: وعلله أحمد بأنه في توفيرالجماعة أي لئلا يتوانى الناس في حضور الجماعة مع الراتبة في المسجدين إذا أمكنهم الصلاة في جماعة أخرى. انتهى.
ويدل على ما ذكرنا من عدم الكراهة حديث الرجل الذي جاء إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صلوا، فلما هم بالصلاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يتصدق على هذا فيصلى معه؟ فقام رجل من القوم فصلى معه. وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذان جماعة. والحديث رواه أحمد وأبو داود من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقال ابن مفلح في المقنع: وإسناده جيد وحسنه الترمذي.
وجه الدلالة أن ذلك حصل في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثاني الحرمين الشريفين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1430(11/10966)
حكم صلاة الفجر خلف الزوج الذي يصلي الرغيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلى سنة الفجر فى البيت وتصلي زوجتي خلفي جماعة بنية فرض الفجر حتى تفوز بثواب الجماعة ثم أذهب أنا لصلاة الفجر جماعه بالمسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجحُ من قولي العلماء، جواز صلاة المفترض خلف المتنفل لأن معاذاً كان يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع فيصلي بقومه، وهي له نافلة ولهم فريضة، وهذا هو مذهب الشافعي وجماعة من المحققين وراجع الفتوى رقم: 108747.
وعلى هذا فالراجح جواز أن تصلي زوجتكَ خلفك فريضة الفجر وأنت تصلي رغيبتها، ولكن الأولى والأفضل ألا تفعلا، فإن أكثر العلماء يمنعون من صلاة المفترض خلف المتنفل، فلا داعي لأن تُدخلا نفسكما في خلاف العلماء، وزوجتكَ لا تلزمها الجماعة أصلا، وأيضاً فإن السلف من الصحابة فمن بعدهم كانوا يصلون الرغيبة في بيوتهم ثم يخرجون إلى المساجد، ولا نعلم عن أحدٍ منهم أنه كان يفعلُ هذا وهم أحرصُ الناس على الخير، والاقتداء بهم أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(11/10967)
من أحكام صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحكام الصلاة الجماعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعندنا على موقعنا المبارك في مركز الفتوى باب خاصٌ بأحكام صلاة الجماعة، فيمكنكَ الرجوع إليه إن شئت، عن طريق العرض الموضوعي ثم رابط العبادات ثم رابط الصلاة ولكننا نذكرُ لك طرفاً من أهم أحكام صلاة الجماعة مع الإشارة إلى الأدلة.
فقد اختلفَ العلماء في حكم صلاة الجماعة، والراجحُ أنها فرض عين على الرجال الأحرار البالغين، وإنما يعذرُ في تركها المريض والمعذور بالخوف وكذا يُعذرُ في تركها بالوحل والمطر، ومدافعة الأخبثين وحضور الطعام، ودليلُ وجوبها ما في الصحيحين من همِّ النبي صلى الله عليه وسلم من إحراق بيوت المتخلفين عنها، وإنما تجبُ على من يسمع النداء لقول النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى: أتسمع النداء، قال: نعم، فقال: فأجب فإني لا أجدُ لك رخصة. أخرجه مسلم.
وتنعقدُ الجماعة باثنين فصاعداً، وكلما كان العدد أكثر كان أكمل في الثواب، وتضعيف ثواب الجماعة على صلاة المنفرد خصه بعض أهل العلم بالجماعة في المسجد فينبغي فعلها فيه، وأوجبها فيه بعض أهل العلم.
ويجوزُ للنساء حضور المساجد وشهود الجماعات إذا كان بالضوابط الشرعية، وفعلها في البيوت أفضل لهن لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خيرٌ لهن.
وتدركُ الجماعة بإدراك ركعة مع الإمام، وقيلَ بل بتكبيرة الإحرام قبل سلام الإمام، وتدرك ُالركعة بإدراك الإمام راكعاً لما في البخاري من حديث أبي بكرة وأن النبي صلى الله عليه وسلم أقره على الاعتداد بالركعة التي أدرك ركوعها.
وينبغي المبادرة إلى الصف الأول، وفضيلته معلومة ثبتت فيها نصوص كثيرة، والأولى بالإمامة الأكثرُ حفظاً للقرآن إذا كان يُحسنُ فقه الصلاة، ثم الأعلم بالسنة، ثم الأقدمُ سناً، كما دل على ذلك الحديث، وتجوزُ إمامة المفضول مع وجود الفاضل، وتصحُ الصلاة خلف كل برٍ وفاجر إذا كان من أهل القبلة.
ويُشرع إتيان المساجد بالسكينة والوقار، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أتيتم الصلاة فأتوها وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا. متفقٌ عليه.
والمشروع أن يكون الإمام قدام المأمومين، وتقفُ إمامة النساء وسطهن لثبوت ذلك عن عائشة وأم سلمة، ويقفُ الواحد عن يمين الإمام لأن النبي صلى الله عليه وسلم أدار ابن عباسٍ فأقامه عن يمينه وكان وقفَ عن يساره. متفقٌ عليه.
ولا يصلي منفردٌ خلف الصف إلا إذا ضاق المسجد ولم يجد مكانا في الصف، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
وبالجملة فأحكام صلاة الجماعة كثيرةٌ متعددة، ولو راجعت مركز الفتوى لوجدتَ تفاصيل هذه المسائل، وغيرها الكثير الطيب مما فيه النفع إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1429(11/10968)
يريد ترك الجماعة لعدم وجود إمام راتب وتفشي الكره بين المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين هنا في مسجدنا الكبير في الراين لند فالس ألمانيا تفشى مرض الغيبة والحقد والبغضاء بين الجماعة، ثلاث سنوات والمسجد بدون إمام راتب ولا حتى غير ذلك، أما إذا سألت مسؤولي المسجد عن هذا الأمر قابلوك بالرفض لأنه يستعصي عليهم إيجاد إمام يليق بهذه الجماعة المتعددة الجنسيات، سؤالي فما حكم من تخلى عن هذه الجماعة حتى نجد إماما راتبا يملأ الفراغ بالدعوة إلى الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعدم وجود إمام راتب للمسجد، وكذا وجود من يغتاب من المصلين أو وجود بغضاء وحقد بينهم، كل ذلك ليس عذراً في التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد، والذي ننصح به أخانا السائل هو المحافظة على أداء الصلاة في المسجد مع بذل النصح لإخوانه المصلين، ونهيهم عن الغيبة والتباغض، وتذكيرهم بالله عملاً بقوله سبحانه وتعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {لقمان:17} ، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة..... قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.. رواه مسلم.
وكذا ينبغي له ولإخوانه المصلين السعي في تعيين إمام يصلح للإمامة، وليس من شروط الإمام أن يكون من جنسية يتفق عليها المصلون، والمهم أن تتوفر فيه الشروط الشرعية، وانظرها في الفتوى رقم: 9642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1429(11/10969)
هل التتابع شرط لمن صلى أربعين يوما يدرك تكبيرة الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[نويت أن أصلي أربعين يوما أدرك فيها تكبيرة الإحرام مع الإمام لأحصل على الأجر الوارد في الحديث أنه تكتب لي براءتان من الشرك ومن النفاق لكن تخلل ذلك بعض الأمور منها أني أخذني النوم مرتين ولكني صليت إماما بجماعة من المسلمين بعد انتهاء الجماعة الأم في المسجد ومرة أخرى كنت بعيداً عن المسجد فصليت مع جماعة من المسلمين جماعة ومرة نسيت وقت الصلاة ففاتتني ولكن أيضا صليت مأموما مع جماعة في المسجد بعد أن انفضت الجماعة الأم وفي يوم ظننت أن وقت الصلاة بقي له 10 دقائق وهو في الحقيقة بقي له 5 دقائق وعندما سمعت الأذان خرجت مسرعا إلى المسجد إلا أني فاتتني ركعة من الصلاة والتحقت بالجماعة ولا حول ولا قوة إلا بالله فهذه جملة من الخلل الذي تخلل هذا العمل، فهل أنا خرج حكمي عن هذا الحديث والآن علي أن أبدأ من جديد الحساب أربعين يوما أخرى أم ماذا، هذا مع العلم بأني بذلت كل وسعي لكي لا تفوتني تكبيرة الإحرام لكن حدث ما حدث والأمر ليس سهلا فما قولكم في هذه المسألة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق. رواه الترمذي في سننه وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة..
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قوله (من صلى لله) أي: خالصاً لله أربعين يوماً وليلة (في جماعة) متعلق بصلى. (يدرك التكبيرة الأولى) جملة حالية، وظاهرها التكبيرة التحريمية مع الإمام، ويحتمل أن تشمل التكبيرة التحريمية للمقتدي عند لحوق الركوع فيكون المراد إدراك الصلاة بكمالها مع الجماعة، وهو يتم بإدراك الركعة الأولى كذا قال القارئ في المرقاة. قلت هذا الاحتمال بعيد، والظاهر الراجح هو الأول. انتهى.
والظاهر أنه لا بد من توالي الأربعين يوماً، ويدل لذلك ما رواه البيهقي في الشعب عن أنس: من واظب على الصلوات المكتوبة أربعين ليلة لا تفوته ركعة كتب الله له بها براءتين، براءة من النار وبراءة من النفاق. ووجه الاستدلال أن المواظبة تقتضي توالي الصلوات فأحرى الأيام. وانظر للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 37775.
وبناء على ما سبق فالأجر المذكور في الحديث إنما هو لمن صلى أربعين يوماً يدرك التكبيرة الأولى كما في الحديث، ويرجى للمحافظ على تكبيرة الإحرام في أي جماعة أن ينال ذلك الأجر، ولا يدركه من نقص عن ذلك ولكن لا شك أنه يحصل له من الأجر بقدره، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.. ولعل الله أن يبلغه ما نواه إذ الأعمال بالنيات، وإن أراد تحصيل ذلك الثواب بخصوصه فعليه أن يستأنف من جديد إذ التتابع شرط كما سبق، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 99780.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1429(11/10970)
وجوب الجماعة على من يسمع النداء من الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[بيتي يبعد عن أقرب مسجد مسافة تساوي1300متر أي ما يقارب 20 دقيقة مشياً على الأقدام وليس لدي أي وسيلة نقل توصلني إلى المسجد، فهل تسقط عني صلاة الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم مناط وجوب الجماعة هو سماع النداء، فمن كان يسمع النداء في الأحوال العادية من غير اعتبار مكبر الصوت فإن الجماعة تلزمه، لقوله صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال الحافظ إنه على شرط مسلم..
فإذا كنت بهذه المثابة فحضور الجماعة واجب عليك في أصح أقوال العلماء، وإن لم تكن كذلك لم تجب عليك الجماعة وبقيت سنة في حقك تثاب الثواب العظيم إذا حرصت عليها، وانظر لذلك الفتوى رقم: 32882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(11/10971)
ينام يوميا قبل العصر فتفوته صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مكان يبعد عن البيت حوالي 100 كيلومتر وأرجع إلى البيت عند الساعة الرابعة قبل صلاة العصر بساعة، ومن شدة الإرهاق والتعب سواء كان من العمل أو من طول الطريق والحر الشديد عندها أخلد إلى النوم، الأمر الدي يجعلني أستيقظ بعد صلاة العصر وعدم الصلاة في جماعة، فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المحافظة على الصلاة في وقتها وأدائها في الجماعة أمر ضروري وهو من آكد الأوامر الشرعية، فإذا كنت تسافر وتأتي قبل دخول وقت العصر فإنه يجوز لك النوم قبل دخول الوقت مع العزم على الصلاة في وقتها مع الجماعة، وينبغي لك استعمال الوسائل المساعدة على التنبيه للصلاة مثل الساعة المنبهة أو توصي أحدا من أسرتك ليوقظك، ويدل لهذا نوم الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه قبل الفجر في سفرهم مع تركه بلال ليوقظهم عند دخول الوقت كما في حديث مسلم، وإذا لم تنتبه للصلاة في المسجد فيشرع أن تصلي جماعة مع عيالك في البيت.
كما يشرع لك أن تمشي للمسجد فتصلي فيه وبذلك تحصل على أجر من صلى في جماعة كما يدل له الحديث: من توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا. رواه أحمد والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وقال صاحب عون المعبود: وهذا إذا لم يكن التأخير ناشئا عن التقصير ولعله يعطى له بالنية أصل الثواب وبالتحسر ما فاته من المضاعفة.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 46996، 19820، 42114، 49904، 4034.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(11/10972)
حكم ترك الجماعة بسبب سوء تعامل مسؤولي المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم
أما بعد فاني أسكن في مدينة بلجيكية اسمها آلست بها مسجدان واحد أسسته مجموعة من الأتراك وهو شبه فارغ والثاني أسسته مجموعة من المغاربة أتردد عليه دائما أصلي فيه تقريبا كل صلوات الفريضة وخاصة الفجر وقررت أخيرا أن أتوقف عن هذا المسجد بسبب سوء تصرف المسؤولين غير المتعلمين والجاهلين بالدين وعدم تطبيقهم للشريعة فطلبت من الإمام أن يتدخل فقال ليس لي دخل إلا بالمصلى فبعد بابه ليس لي دخل بشيء فسبب ذلك في كثرة الفتن وهروب كثير من المصلين أذكر بعضا من مواقفهم -ممنوع على الذي لا يدفع شرط المسجد أن يبدي رأيه مهما كانت صفته -طرد الناس من المسجد رغم خلاف الإمام لهذا الموقف-سوء التعامل مع المتسولين وطردهم دون التثبت..........
فلهذا توقفت عن هذا المسجد تفاديا للفتن والآن أصلي في البيت فما حكم الشرع في هذا الموقف بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم لا يسوغ له أن يترك الصلاة في الجماعة بسبب سوء تعامل المسؤولين عن المسجد، فعليك أن تواظب على الصلاة في الجماعة، فإن أمكنك نصح الناس وتنبيههم على ما هم فيه من الأخطاء فهذا أفضل، وإن لم يمكن لك ذلك فلا تجعل هذا الأمر سببا لترك الصلاة في الجماعة، فقد ذكر أهل العلم أن الحق لا يترك لأجل وقوع الباطل من بعض الناس، وأنه لا بد من الصلاة في الجماعة واحتجوا لذلك بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من إتيانه للمسجد الحرام قبل الهجرة والصلاة عنده مع وجود الأصنام هناك، فقد قال العلامة محمد عالي بن عبد الودود:
لا يترك الحق لأجل باطل * من فاسق في دينه مماطل
فأت المساجد وزر لا تدع * لما ترى في ذي وذي من بدع
فالحق للباطل ليس يترك * وإن أردت مدركا فالمدرك
لذا مجيء سيد الأنام * للبيت مع ما ثم من أصنام
واعز لعز الدين والكفاف * في شرحه فيه لك الكفاف
وننبه إلى أنه ينبغي أن تحث المسلمين على عمارة المسجد الذي أسسه الإخوة الأتراك وعدم تركه مهجورا، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 26584، 32648، 34577، 70763.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1429(11/10973)
ما ورد في فضائل الصلاة هل هو مخصوص بالجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ترد بعض الأحاديث عن فضل الصلاة وثوابها، ومنها: من صلى الصبح فهو في ذمة الله، ومن صلى البَردين دَخل الجنة، ومن ترك صلاة العصر حبط عمله، فهل يراد بها الصلاة في جماعة في المسجد، أم الصلاة في البيت لأن الأحاديث لم تبين ذلك، حيث من الطبيعي أن المسلم يصلي، سواء في المسجد أو في البيت، وبالتالي لا يكون هناك مجال تمايز بين صلاة الجماعة في المسجد وصلاة البيت، أم أن المقصود هو صلاتها في المسجد مع الجماعة، لأن المحافظة عليها في المسجد هو مجال الصبر والمصابرة والابتلاء والتحمل، ويقتضي ذلك هذا الثواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأداء صلاة الصبح التى يترتب عليها كون الشخص فى ذمة الله تعالى مقيد بكونها فى جماعة، ففي فيض القدير للمناوي: من صلى الصبح) في رواية مسلم في جماعة وهي مقيدة للإطلاق (فهو في ذمة الله) بكسر الذال عهده أو أمانه أو ضمانه فلا تتعرضوا له بالأذى. انتهى.
وفى تحفة الأحوذي للمباركفوري: قوله (من صلى الصبح) في جماعة (فهو في ذمة الله) بكسر المعجمة عهده أو أمانه أو ضمانه فلا تتعرضوا له بالأذى وهذا غير الأمان الذي ثبت بكلمة التوحيد. انتهى.
وأما حديث: من صلى البردين دخل الجنة. فلم نقف على من قيَّد هذه الفضيلة بأدائها فى جماعة، وبالنسبة لحديث من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله فقد حمله بعض العلماء على عدم أدائها في جماعة، وفي المسألة عدة أقوال أخرى ذكرها العينى في عمدة القارى حيث قال: ثم اختلفوا في المراد بفوات العصر في هذا الحديث فقال ابن وهب وغيره هو فيمن لم يصلها في وقتها المختار، وقال الأصيلي وسحنون: هو أن تفوته بغروب الشمس، وقيل أن يفوتها إلى أن تصفر الشمس وقد ورد مفسرا في رواية الأوزاعي في هذا الحديث، قال وفواتها أن تدخل الشمس صفرة. وروى سالم عن أبيه أنه قال هذا فيمن فاتته ناسيا، وقال الداودي هذا في العامد وكأنه أظهر لما في البخاري: من ترك صلاة العصر حبط عمله. وهذا ظاهر في العمد، وقال المهلب هو فواتها في الجماعة لما يفوته من شهود الملائكة الليلية والنهارية ولو كان فواتها بغيبوبة أو اصفرار لبطل الاختصاص لأن ذهاب الوقت كله موجود في كل صلاة. انتهى.
وصلاة الشخص منفردا في البيت مع قدرته على الصلاة جماعة في المسجد مجزئة مع الإثم وقد فاته خير كثير، وإن كان أداؤها في البيت جماعة فقد حصل له ثوابها وفاته فضل الصلاة في المسجد وأجر الخطوات إليه وغير ذلك مما لا ينبغي للعاقل التفريط فيه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 108061
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1429(11/10974)
حكم صلاة العمال جماعة في المصنع
[السُّؤَالُ]
ـ[نعمل في مصنع للنسيج ولكن العمل لمدة اثنتي عشرة ساعة ونضطر للصلاة مثنى مثنى أو ثلاتا ثلاثا، فهل هذا يجوز وذلك لأن المكينات تعمل لمدة أربع وعشرين ساعة دون توقف وللعلم فإننا لا نصلي بالمسجد ولكن هناك مكان مخصص للصلاة فهل يعد هذا تركا لصلاة الجماعة والصلاة في المسجد، وهذا المصنع ليهودي بريطاني، فهل يجوز العمل عنده أم أترك العمل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليكم في الصلاة في مكان العمل وأنتم جماعة إذ حضور الصلاة في المسجد غير واجب في حق من يجد جماعة يصلي معها على رأى الجمهور، لكن ينبغي المداومة على حضور الجماعة في المسجد ما أمكن لما فيها من الفضائل، كما أنه لا حرج في صلاتكم جماعات لما ذكرت من أن الشغل عندكم لا يتوقف، وأفضل طريقة للحفاظ على الصلاة هو ما تقومون به، مع التنبيه على أنه كل ما كثر عدد المصلين في الجماعة كان الأجر أكثر.
ولا حرج في العمل في المصنع المذكور ولو كان مالكه غير مسلم لأن جمهور الفقهاء يرى جواز عمل المسلم أجيراً عند الذمي بشرط أن يكون العمل الذي يؤجر نفسه للقيام به مما يجوز له فعله، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31443، 31027، 70130.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1429(11/10975)
أخوه له عذر يمنعه من المسجد فصلى معه جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: إذا كنت أنا وأخ لي فى مكان قريب من المسجد في وقت الصلاة وهو لا يستطيع ترك المكان، فهل يكون علي حرج إن صليت معه جماعة في مكاننا أم أن الأولى أن أصلي الجماعة في المسجد وأتركه يصلي منفرداً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في فتاوى عديدة بيان أن وجوب الجماعة في المسجد محل خلاف بين العلماء، ورجح بعض أهل العلم القول بأن صلاة الفريضة يجب أداؤها جماعة في المسجد على الرجل المستطيع الذي يسمع النداء، ولا يجوز له فعلها في غير المسجد إلا من عذر، حيث دلت السنة الصحيحة على ذلك، وراجع الفتوى رقم: 5153، والفتوى رقم: 36549.
وعليه فليس عذراً لك عدم تمكن أخيك من الصلاة في المسجد، بل يسقط عنه هو الواجب لعذره ويبقى الحكم في حقك.
ثم إن كان من عادته الصلاة في المسجد لكن حيل بينه وبين ذلك مرة أو مرات لعذر فإن له أجر ما اعتاده إن شاء الله تعالى، فلا عليك أن يصلي منفرداً بسبب عذره، والدليل على ذلك ما رواه أحمد عن أبي موسى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد إذا مرض أو سافر كتب له من الأجر كما كان يعمل مقيماً صحيحاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(11/10976)
قضاء الفوائت وأداء الصلوات في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد هداني الله فبدأت أصلي وأقوم الليل فقال لي أبي خفف, وفي بعض الأحيان أنا لا أصلي في المسجد.
ما تفسيرك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يثبتك على طريق الحق وأن يرزقك الاستقامة عليه.
وإذا كنت قد تركت بعض الصلوات بعد البلوغ فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى مع قضاء جميع الصلوات المتروكة، وإن لم تضبط عددها فواصل القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة، وكيفية قضاء الفوائت تقدم بيانها في الفتوى رقم: 61320، والفتوى رقم: 31107.
وقيام الليل عبادة عظيمة الثواب فإذا كنت تقوم من الليل وقتا طويلا يشق عليك وكان نهي الوالد شفقة عليك فاقتصر على ما تستطيع، وإن كان يأمرك بترك هذه النافلة فقد اختلف أهل العلم هل تلزم طاعته أم لا؟
وقد بينا أنه لا يلزم الولد طاعة والده إذا كان أمره أو نهيه لمجرد الحمق، وراجع التفصيل في ذلك في الفتوى رقم: 69965.
وأداء الصلاة جماعة واجب في حق الرجل المستطيع، ومن أهل العلم من يرى وجوبها في المسجد على من يسمع النداء، وقد تقدم في الفتوى رقم: 38639، كلام أهل العلم في حكم صلاة الجماعة، وعليه فإذا كانت صلاة الجماعة ستفوتك إذا لم تصلها في المسجد فإنه لا يجوز لك التخلف عنها طاعة لأبيك. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3880.
أما إذا كنت تجد جماعة في غير المسجد فنرى أن تطيع والدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(11/10977)
خروج الطالب من المحاضرة لإدراك الجماعة الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب بكلية الطب وسؤالي عن صلاة الجماعة أثناء المحاضرة
تبدأ المحاضرة قبل صلاة العصر بنصف ساعة تقريبا، وتنتهي قبل صلاة المغرب بساعة تقريبا، والمحاضر لا يعطي وقتا لصلاة العصر أثناء المحاضرة، ولكنه يسمح لمن يريد أن يخرج ليصلي ويعود
هل يجب أن أخرج لصلاة العصر في الجماعة الأولى التي تقام أثناء المحاضرة عملاً بحديث (مَنْ سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر) ؟ أم يجوز أن نصليها جماعة ثانية بعد المحاضرة؟ خاصة وأن ما يشرح يكون مبنيا على ما سبقه، فإذا فات جزء ربما في كثير من الأحيان لا أفهم ما يليه
والمسجد الذي نصلي فيه هو مسجد داخل الكلية، ليس له إمام راتب، ولكن يؤذن فيه طالب من الكلية أو موظف، ويجمعون بعضهم ويصلون، ولا تقام فيه صلاة الجمعة ولا الفجر والعشاء لأن الكلية تكون قد أغلقت، فهل لهذا علاقة بالحكم بوجوب حضور صلاة الجماعة الأولى بهذا المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الذهاب إلى النداء إلى الصلاة مطلوب شرعا لكنه إذا كان يفوت عليك الفائدة من المحاضرة المذكورة التي هي في موضوع مهم أيضا فلا مانع من تأخير الصلاة عن الجماعة الأولى التي تنادي للصلاة لكن بشرطين أحدهما إلا يؤدي التأخير إلى خروج الوقت، الثاني: أن توجد جماعة أخرى تصلي معها وإلا فلا يجوز التفريط في صلاة الجماعة لغير عذر كتضرر في نفس أو مال أو معيشة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(11/10978)
المبادرة إلى الصلاة وأداؤها جماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا وقت الصلاة ونحن في حالة التعلم أو المشاورة المهمة, فأين نختار هل نصلي في أول الوقت جماعة أم نستمر في تعلمنا أو مشاورتنا ثم بعد ذلك نصلي جماعة، فأرجو الإجابة مع بيان الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فإن على الجماعة التي تشتغل بالتعليم أو غيره أن تذهب إلى المسجد للصلاة فيه وإن لم يكن بجوارها مسجد فإن الصلاة في أول الوقت أفضل بدليل الأحاديث الواردة في ذلك ولما ذكر الفقهاء من استحباب المبادرة إلى الصلاة بعد تحقق دخول وقتها بالنسبة للمنفرد والجماعة التي لا تنتظر الزيادة وليس هناك ما يدعو إلى التأخير عن أول الوقت مثل اشتداد الحر في صلاة الظهر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان بجواركم مسجد ولم يكن لكم عذر يمنع من الذهاب للصلاة فيه فلتذهبوا للصلاة فيه مع الجماعة فإن الصلاة في المسجد مطلوبة شرعاً ولو في حق من يجد جماعة في غيره، والجماعة كلما كثرت كان الأجر أعظم، وإن لم يكن بجواركم مسجد فالذي ينبغي هو أن توقفوا التعليم أو المشاورة ثم تصلوا في أول الوقت لما ذكر العلماء من استحباب المبادرة إلى الصلاة بعد تحقق دخول وقتها بالنسبة للمنفرد والجماعة التي لا تنتظر الزيادة.
واستدل على ذلك بأحاديث صحيحة منها حديث أم فروة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها. أخرجه أبو داود وصححه الألباني. ومنها ما في صحيح مسلم عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها، قال: قلت: فما تأمرني، قال: صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة. قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم عند الكلام على هذا الحديث: وفي هذا الحديث الحث على الصلاة أول الوقت وفيه أن الإمام إذا أخرها عن أول وقتها يستحب للمأموم أن يصليها في أول الوقت منفرداً ثم يصليها مع الإمام. انتهى.
هذا مع التنبيه على أن التأخير الذي يخرج الصلاة عن وقتها لا يجوز من غير عذر كالنسيان والنوم، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 99973، والفتوى رقم: 36825.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(11/10979)
حلق لحيته ويريد ترك صلاة الجماعة حتى لا يراه أحد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من أصحاب القلوب المريضة أسأل الله أن يتقبل توبتي. يعتبرني الناس ملتزما في نظرهم وبعضهم يتخذني قدوة له. ولكن بسب مرض قلبي حلقت لحيتي وبعد أن حلقتها صدمت وأحسست أن الأرض تنكرت لي وأحاول الآن التوبة إلى الله ولكن لا أريد أن أصلى بالمسجد وأصلي بالبيت خوفا أن يراني الشباب الذين يعتبروننى قدوة فافتنهم فهل يجوز أن أصلي في البيت في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أخي السائل أن تضيف معصية ترك الصلاة في المسجد إلى معصية حلق اللحية، وما ذكرته من أنك لا تريد أن يراك من يقتدي بك هذا ليس عذرا شرعيا يبيح لك ترك الصلاة في المسجد، ويمكنك أن تصلي في مسجد غير المسجد الذي أنت معروف فيه كما يمكنك أن تستخدم المعاريض إذا سئلت عن حلقك لحيتك، وبادر من الآن بإعفائها، واجتهد أخي السائل في إصلاح قلبك، فإنه لا ينفع يوم القيامة إلا من أتى الله بقلب سليم، واحذر أن يكون لك نصيب ممن عناهم الله بقوله: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ. {المائدة:41}
ولا شك أن عزمك على التوبة وشعورك بالذنب دليل إن شاء الله على صدق إيمانك. فنسأل الله أن يتوب علينا وعليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(11/10980)
صلاة الجماعة في المسجد الذي تمارس فيه البدع
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا إمام في الجامع القريب من منزلنا يأمر بأن تصلى سنة الجمعة القبلية والذي لا يصليها يصبح في عداد المشبوهين ونحن نخشى على أنفسنا منهم هل لنا أن نجاريهم علما أن المسجد الذي أتحدث عنه كل البدع التي حذر منها العلماء يقومون بها من الأذكار العلنية إلى استعمال الدف داخل المسجد إلى التصافح عقب الصلاة ويقول كل واحد للآخر تقبل الله ... إلخ هل لي أن أترك صلاة الجماعة في هذا المسجد واصلي بأهلي جماعة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الراجح أن صلاة الجمعة ليس لها راتبة قبلها، ومن دخل المسجد قبل الصلاة فليس له أن يجلس قبل أن يصلي تحية المسجد، وله أن يصلي ما شاء أو يشتغل بالذكر أو القراءة حتى تبدأ الخطبة.
ولا يحق لمن يقلد القائل من أهل العلم بأن للجمعة راتبة قبلية أن يجبر غيره على هذا الرأي، ومن كان في مسجد تمارس فيه بعض البدع فعليه أن ينكر إن استطاع، وإلا فهو معذور، لكن يتجنبها، ولا يتخلف عن الصلاة في الجماعة إلا إذا وجد جماعة في مسجد آخر لا تمارس فيه البدع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 55914 أن الراجح أن صلاة الجمعة ليس لها راتبة قبلها، لكن لا يعني ذلك أن من دخل المسجد قبل الصلاة يجلس ولا يصلي، بل يستحب له أن يصلي تحية المسجد ركعتين، وله أن يصلي ما شاء أو يشتغل بالذكر أو القراءة حتى تبدأ الخطبة، وليسر بذلك لئلا يخلط على المصلين. ثم إذا كان الإمام ممن يقلد بعض أهل العلم الذين يرون أن للجمعة راتبة قبلية فليس له أن يجبر غيره على هذا الرأي، فإن فعل ذلك فقد خالف سبيل السلف والخلف من الأئمة من عدم التعرض للمخالف في الفروع بمثل هذه الطريقة.
أما ما يتعلق بالبدع التي تمارس في المسجد مثل استعمال الدف وغيره فالواجب على المسلم إنكارها حسب استطاعته عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطيع فبلسانه، فإن لم يستطيع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
وإذا لم تجد جماعة تصلي معها غير هؤلاء فلا تتخلف عن صلاة الجماعة معهم، ولكن لا تحضر تلك المنكرات التي أشرت إليها. وللفائدة راجع الفتويين رقم: 57734، 8063.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1429(11/10981)
الصلاة جماعة في أماكن الاستراحات مع سماع النداء
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من الشباب (حلقة متوسط) مع مشرفي الحلقة نذهب نهاية كل أسبوع إلى استراحة للترويح والتنشيط, ويبلغ عددنا قرابة 20 نفس, إذا حلّ وقت الصلاة نصلي في الاستراحة مع أننا نسمع النداء, والدافع لأدائها داخل الاستراحة عدة أسباب:
1- كثرة عدد الطلاب الملفتة للانتباه والأنظار.
2-صعوبة السيطرة - نوعا ما - على انتظام الطلاب في الذهاب والعودة.
3-امتلاء المصلى بالطلاب مما يسبب حرجا أمام الناس.
4- أن النداء يكون من مصليات حسب ما نرى وليست مساجد, فهي ليست موقوفة على أنها مساجد وإنما مصليات مؤقتة ليس لها إمام راتب ولا مؤذن, ففي ظننا أن الصلاة فيها أو في الاستراحة سواء.
ومن ثم ما النداء المعتبر لوجوب صلاة الجماعة, فأحيانا يكون النداء من مسجد بعيد يصلنا صوته باللاقط (المايكرفون) فهل يوجب علينا الصلاة مع الجماعة؟؟
أم أن المعتبر هو تقدير النداء بلا لاقط؟؟
وجزاكم الله خيري الدنيا والآخرة..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج عليكم في الصلاة في مكان الاستراحة لاسيما إذا كان في ذهابكم إلى مكان النداء مشقة، وبذلك تحصلون على فضل الجماعة، فإن الذهاب إلى المسجد إنما يتعين على من لم يكن في جماعة، مع أن المصليات ليس لها حكم المساجد؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 67689.
أما النداء الذي يتعين به الذهاب لتحصيل فضل الجماعة فهو الأذان العادي الذي يسمع بدون مكبر صوت لأن الأذان في مكبر الصوت قد يسمع من مسافة بعيدة لا يكلف السامع بالسعي منها، وانظر الفتوى رقم: 24476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1429(11/10982)
صلاة الجماعة في المسجد والصلاة في البيت جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي أغلب الصلوات المفروضة في البيت، علما بأني أجمع أبنائي وزوجتي بصلاة جماعة في كثير من الأحيان، وقد قرأت رأيا للإمام الشافعي أجاز فيه صلاة الرجل في بيته بأهله جماعة متخلفا عن صلاة المسجد ما لم يخل وجوده بصلاة الجماعة في المسجد.
فأفتونا في هذا الموضوع مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتقبل من الأخ السائل صالح أعماله ويجزيه خيراً على حرصه على صلاته وصلاة أهل بيته، لكن ينبغي له ألا يفوت على نفسه فضل صلاة الجماعة في المسجد بسبب الصلاة مع أهل بيته، إذ بإمكانه أن يصلي بهم جماعة بعد عودته من المسجد، وبذلك يكون قد جمع بين الأجرين، أجر السعي إلى المسجد وأجر صلاة أهله في جماعة، فإن لم يستطع أن يصلي بهم جماعة إذا عاد من المسجد لكونه يجدهم قد صلوا فرادى ونحو ذلك، فالأفضل في حقه أن يصلي في جماعة المسجد، إلا إن كان في أهله من تلزمه الجماعة، وإذا لم يصل معه صلى منفرداً، ف الظاهر من كلام الحنابلة أن الأفضل أن يصلي معه تحصيلاً للواجب، وذهب الشافعية إلى أن الأفضل أن يصلي بهم في البيت ولا يذهب إلى المسجد، وإن كانت الجماعة غير واجبة عليهم، إلا إذا كان في عدم ذهابه إلى المسجد تعطيلاً لجماعة المسجد فإنه في هذه الحالة يقدم الذهاب إلى المسجد.
وانظر الفتوى رقم: 73966.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(11/10983)
حكم تأخير التاجر صلاته انتظارا لخروج الطلاب ليبيعهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي متجر قرب مدرسة ويتم خروج الطلاب من المدرسة في وقت صلاة الظهر ويستمرون في الخروج لمدة ساعة، فهل يجوز أن أصلي بعد خروج الطلاب أم يجب أن أصلي في وقتها، وأيضاً هل يجوز الصلاة في البيت لنفس الظرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة في الجماعة واجبة على الرجل المستطيع ولا يجوز له التخلف عنها إلا لعذر معتبر شرعاً وليس انتظار الزبائن في الأوقات التي يوجدون فيها عذراً يبيح التخلف عن الجماعة، لكن إذا كان الأخ السائل يجد جماعة يصلي معها في الوقت بعد اكتمال خروج الطلبة فالظاهر أن له أن ينتظرهم، لأن فضل الجماعة يحصل بالجماعة في غير المسجد، ولأن في وقت الظهر سعة ولأن حضور الصلاة في المسجد غير واجب في حق من يجد جماعة يصلي معها على رأي الجمهور، كما سبق أن أوضحنا في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 31443.
ثم إن ما ذكر ينطبق على حكم صلاته في البيت أو في المحل للغرض المذكور ومع هذا كله فلا شك أن الذهاب إلى المسجد وأداء الصلاة فيه جماعة أفضل من الصلاة في غير المسجد ولو في جماعة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 60743، والفتوى رقم: 36825.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1428(11/10984)
التفريط في صلاة الجماعة والجمع بين الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[يرجى توضيح صحة الأحكام الواردة في هذه المقالة المرفقة: " الجمع بين الصلاتين بقلم جمال البنا 10/10/2007 قال صاحبي «ألا ترى هؤلاء الذين يدعون أصدقاءهم إلى حفلة إفطار تعقد في الفنادق العامة أو حتى البواخر العائمة.. فيأتون قبيل المغرب، وما إن يتبينوا أنه قد حان (فليس هناك أذان أو مدفع) حتى ينهمكوا في إفطار دسم ويتسابقوا نحو «البوفيه» العامر، ويملأ كل واحد طبقه، ويبدأ الإفطار وهم يتبادلون الأحاديث والنكات، وبعد هذا الإفطار الحافل يبدأ دور «كلمات الترحيب» .. ولا ينتهي الأمر إلا بعد العشاء، وقد فات الجميع أن هناك صلاة المغرب قال عنها الرسول؟ «المغرب جوهرة فالتقطوها» ، فما العمل مع هؤلاء؟ أفلا يكونوا آثمين عندما ضحوا بصلاة المغرب وهم يحتفلون بإنهاء صيامهم؟ وفي الوقت نفسه، فإننا نكلف إدارة الفندق شططاً لو أننا طالبناها بتخصيص مكان للصلاة، وإعداد «دستة» قباقيب لمن يريد الوضوء.. الخ، هل يمكنك أن توافينا «بفتوي» تحل لنا هذا الإشكال. قلت «تعلم أني لا أقدم فتاوي، وقلت مرارًا وتكرارًا إنني أعزف عن المستفتي والمفتي، ولكني أقدم اجتهادًا يقوم علي القرآن والصحيح الثابت من السُنة ومن روح الإسلام ومقاصده يتجاوز آراء الفقهاء المقررة الذين أصدروها بحكم ثقافتهم وظروفهم التي انعكست علي فهمهم للنصوص وبالتالي إصدار الفتاوي. وفي هذه القضية فإننا نلجأ إلي مبدأ أساسي في الإسلام، هو «انتفاء الحرج» الذي تكرر ذكره في القرآن الكريم: * «مَا يرِيدُ اللَّهُ لِيجْعَلَ عَلَيكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يرِيدُ لِيطَهِّرَكُمْ وَلِيتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (المائدة: 6) . * «هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ» (الحج: 78) . وتعددت الآيات بالتيسير والتخفيف: * «يرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيسْرَ وَلا يرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ» (البقرة: 185) . * «يرِيدُ اللَّهُ أَنْ يخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً» (النساء: 28) . وأقر القرآن أن للضرورة والإكراه أحكامًا خاصة، ولم يقيد هذه الضرورة أو يحدها إلا بأن يكون المضطر «غير باغ ولا عاد» : * «وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ» (الأنعام: 119) . * «إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيكُمْ الْمَيتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيرِ اللَّهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (البقرة: 173) . وصرح القرآن أن التكليف علي قدر السعة، وأن الله تعالي لا يكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا، فقال: * «لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا» (البقرة 233) . * «لا يكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا» (البقرة: 286) . * «لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا» (الأنعام: 152) . * «لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا» (الأعراف: 42) . * «وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا» (المؤمنون: 62) . وجاءت السُنة المطهرة مؤيدة للكتاب فقال الرسول صلى الله عليه وسلم «إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا» . رواه مسلم من حديث طويل) ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث لفيفاً من أصحابه في بعض أمره قال «بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا» (متفق عليه) ، وفي حديث آخر «يسروا ولا تعسروا، وسكنوا ولا تنفروا» (متفق عليه) . وعن ابن أبي بردة قال بعث النبي؟ جده أبا موسي ومعاذاً إلي اليمن فقال]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدين يسر، وما كلف الله العباد إلا بما في وسعهم، ومن القواعد المعروفة المشقة تجلب التيسير، ولكنه يجب التنبه إلى أن المشقة لا تقدر بأهواء النفوس ولا بكسل الناس، وإنما تقدر بما يحصل من الضرر، وأما ما يشق من غير ضرر معتبر فقد رغب الشارع في تحمله ومثاله الوضوء على المكاره والصوم في الأيام الحارة والمجاهدة للنفس في حملها على طاعة الله.
وأما المسائل المذكورة في السؤال فقد بينا تفصيل القول فيها في عدة فتاوى سابقة، فتقديم الصائم إفطاره على صلاة المغرب مشروع كما يفيده الحديث: إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا في عشائكم. رواه البخاري.
ولا يعني هذا أن يفرط الناس في صلاة الجماعة بل يتعين عليهم أن يصلوا جماعة فإن لم يوجد مسجد قريب أو قاعة في الفندق تسعهم فلا مانع أن يصلوا جماعات، فقد ذكر أهل العلم أن الجماعة تشرع إقامتها في البيوت لمن لم يدرك جماعة المسجد، ويدل لذلك حديث مسلم عن أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينضح ثم يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقوم خلفه فيصلي بنا.
وأما الجمع بين الصلاتين فقد ثبتت الأحاديث فيه، وجوزه الحنابلة وأشهب من المالكية.
ولكن الذي جرى عليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب وجرى عليه عمل الخلفاء الراشدين هو الالتزام بصلاة كل فرض في وقته مع الجماعة، وفي الحديث: أنه سئل أي العمل أحب إلى الله تعالى قال: الصلاة على وقتها. متفق عليه. وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم التشنيع في تعمد تأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر كما في الحديث: تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا.
قال النووي: فيه تصريح بذم تأخير صلاة العصر بلا عذر.
وأما كلام الفقهاء الذي ذكر الشخص المذكور فهو كلام منقول من كفاية الأخيار شرح غاية الاختصار، وهو كناب معتبر في فقه الشافعية.
وما قاله المؤلف كلام صحيح لا مطعن فيه ومعناه موجود في فقه المذاهب الأخرى، ويدل له أن العبد مكلف بما يستطيع عملا بالحديث: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم. راه مسلم.
وفي الحديث: فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب. رواه البخاري
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 57831، 53951، 38620، 96139، 96356، 38620.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(11/10985)
التخلف عن صلاة الجماعة والتراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني جزاكم الله خيراً, تزوجت قبل رمضان بأيام قليلة, فهذا الشيء أثر علي من حيث تقصيري فأحيانا أضيع صلاة التراويح، ولكني أصليها جماعة مع زوجتي, وأيضا صلاة الجماعة, فبماذا تنصحوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
صلاة الجماعة في المسجد واجبة في حق الرجل المستطيع الذي يسمع النداء وليس الزواج بعذر للتخلف عنها، وصلاة التراويح سنة مؤكدة وفعلها في المسجد أفضل من البيت إلا إذا ترتب على أدائها في البيت تنشيط الأهل وفعلهم لها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبة على القول الراجح في حق الرجل المستطيع الذي يسمع النداء، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 38639، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها في المسجد، وعلى هذا ليس الزواج من الأعذار التي تبيح التخلف عن صلاة الجماعة كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 9798.
وصلاة التراويح ليست بواجبة بل هي سنة وأداؤها في المسجد أفضل من أدائها في البيت إلا إذا كان أداؤها في البيت يترتب عليه تنشيط أهل البيت وفعلهم لها، رواجع الفتوى رقم: 40359.
ونحن نوصي الأخ بالمحافظة على الجماعة في المسجد وأن لا تشغله الزوجة عنها وهي لا تأخذ من وقته الكثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1428(11/10986)
خروج المرأة لصلاة الجمعة والجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو جزاء المرأة التي تصلي بالمسجد مرة أو مرتين في الأسبوع وتصلي يوم الجمعة في البيت، فهل تكون قد أذنبت؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة لا تجب عليها الصلاة في الجماعة ولا الخروج إلى المسجد، كما أنه لا جمعة عليها، فلو لم تخرج إلى المسجد أصلاً لم تأثم بذلك، لكن يجوز لها الخروج إلى المسجد لحضور الجماعة والجمعة بشروط، ذكرناها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22245، 23815، 29099.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1428(11/10987)
ما يصنع من فاتته الجماعة بالمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الأفضل إذا لم تدرك الجماعة في المسجد، الصلاة جماعة مع الزوجة أو مع معذور بالبيت أم الصلاة في المسجد منفردا؟ ، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تدرك صلاة الجماعة في المسجد فلتصلها في البيت مع شخص واحد أو أكثر فذلك أفضل من أدائها في المسجد منفردا ففي أسنى المطالب ممزوجا بروض الطالب وهو شافعي:
فرع: ويحوز فضيلتها أي الجماعة بصلاته في بيته، أو نحوه بزوجة، أو ولد أو رقيق، أو غيرهم إذ أقلها اثنان وهي في البيت ونحوه أفضل من الانفراد بمسجد لخبر {صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله} رواه ابن حبان وغيره وصححوه ولما مر أن الفضيلة المتعلقة بنفس العبادة أفضل من الفضيلة المتعلقة بمكانها، أو زمانها، انتهى.
فإذا أمكنك أداء الصلاة مع الزوجة والشخص المعذور معا فهذا أفضل، وإن لم يمكن فأيهما صليت معه حصل لك ثواب صلاة الجماعة، إلا إذا دخل الشخص المسجد الحرام بمكة أو المسجد النبوي بالمدينة المنورة أو المسجد الأقصى فالأفضل له الصلاة منفردا ولو وجد جماعة في بيته.
ففي مواهب الجليل للحطاب المالكي:
وكذلك قال مالك أيضا فيمن أتى مسجدا فوجد أهله قد فرغوا من الصلاة فطمع أن يدركها في مسجد آخر أو في جماعة يجمعها معهم، فلا بأس أن يخرج إن أحب ويذهب إلى حيث يرجو إدراك الصلاة فيه مع الجماعة إلا أن يكون ذلك في أحد المساجد الثلاث المفضلة، فلا يخرج عنها وليصل وحده فيها فإن صلاته فيها فذّا خير من الجماعة في غيرها. انتهى
وفي الغرر البهية لزكريا الأنصاري الشافعي:
قال المتولي: والصلاة منفردا في المساجد الثلاثة أفضل من الجماعة في غيرها. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 47743. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 36549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(11/10988)
حكم صلاة الموظفين جماعة في محل عملهم
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في العمل نصلي الفريضة عندنا في نفس الطابق الذي نعمل فيه والمحل الذي نصلي فيه ليس محلا خاصا لأداء الصلاة فيه وإنما نضع الفرش إذا أردنا الصلاة ونصلي جماعة، مع العلم بأنه يوجد مصلى في الدور الأرضي مهيئ للصلاة فقط ويؤدون فيه الظهر يوميا، فهل صلاتنا في المكان الذي تقدمت صفته تعتبر فيه الصلاة جماعة ويسقط بذلك وجوب شهود الجماعة أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في وجوب صلاة الجماعة في المسجد؛ فمنهم من ذهب إلى وجوب حضور الجماعة في المسجد على الرجال إلا من عذر، وهذا قاله الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، ورجحه كثير من أهل العلم لقوله صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه.
والجمهور من العلماء يرون أنها لا تجب في المسجد، وإن كان فعلها فيه أولى لما فيه من الأجور الكثيرة بكثرة الجماعة، وفضيلة المكان، وكثرة الخطا إلى المساجد، قال النووي في المجموع: قال الشافعي في المختصر والأصحاب: فعل الجماعة للرجل في المسجد أفضل من فعلها في البيت والسوق وغيرهما، لما ذكرناه من الأحاديث في فضل المشي إلى المسجد، ولأنه أشرف، ولأن فيه إظهار شعار الجماعة، فإن كان هناك مساجد فذهابه إلى أكثرها جماعة أفضل للحديث المذكور. انتهى.
والحديث المذكور هو قوله صلى الله عليه وسلم: وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه أبو داود وحسنه الألباني. ورواه النسائي أيضاً، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 34242 والفتوى رقم: 55413.
ولذا، فإننا نقول لهؤلاء الإخوة الأفضل أن تحرصوا على أداء الصلاة في المصلى المعد للصلاة إن كان معداً لذلك، فإن كانت هناك حاجة تدعوكم إلى الصلاة في الطابق الذي أنتم فيه فلكم ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(11/10989)
صلاة المرأة في بيتها أعظم من صلاتها في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل هل يمكنني أن أنال جزاء من صلى أربعين يوما في جماعة لا تفوته تكبيرة الإحرام وأنال البراءتين، وأنا في البيت أم ينبغي لي الذهاب إلى المسجد، علماً بأن هذا لا يسبب لي مشكلة لأنه يعتبر تحت منزلي، وماذا أفعل أيام الدورة الشهرية، فأرجو الرد لأني أصدق النية في نيل هذا الجزاء؟ ولكم جزيل الشكر.. وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها الأخت السائلة أن المرأة تدرك بصلاتها في بيتها أجراً أفضل وأعظم مما لو صلت في مسجد حيها، بل أفضل من الأجر الذي تناله بصلاتها في مسجد المدينة، وانظري لذلك الفتوى رقم: 10306.
فالزمي بيتك، وصلي فيه فإنه بإذن الله تعالى أعظم لأجرك، ونرجو أن تدركي بذلك فضل البراءة من النفاق، والبراءة من النار، وزيادة بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1428(11/10990)
كسر العزلة وحضور صلاة الجماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب محافظ على صلاتي، ولكن أعاني من مشكلة حيث إنني لا أصلي إلا في البيت ماعدا صلاة الجمعة، أنهض باكرا قبل الفجر، لكن المشكلة المطروحة لماذا رغم وجود الوقت الكافي لذلك، لدي مشكلة العزلة فقط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول للأخ السائل لقد أحسنت في المحافظة على صلاتك، وينبغي أن تكثر من حمد الله تعالى على توفيقه لك لذلك، ويجب أن تحافظ على الجماعة لأن الصلاة في الجماعة فرض على الرجل المستطيع، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5153، والتخلف عن الجماعة من صفات المنافقين إلا في حالة العذر الذي يبيح التخلف عن الجماعة وليست العزلة من ذلك، وانظر الفتوى رقم: 60743.
واعلم أن من حكم مقاصد الشرع في حضور الجماعة تكثير المسلمين، وتعاهد اللقاء معهم، وتحصيل فضل الجماعة معهم، لأنه كلما كانت الجماعة أكثر كان الأجر أعظم، ولذلك يحرص الشيطان على تثبيط المسلم وإبعاده عن هذا الفضل لينفرد به، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من ثلاثة في بدو ولا حضر لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية. رواه أبو داود في سننه وحسنه الألباني. فعليك أن تكسر هذه العزلة وتفكها بمزاحمة الرجال على الصف الأول، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الاول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1428(11/10991)
المتيمم من جنابة هل هو مطالب بصلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يتيمم الجنب هل يستطيع الصلاة جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص الجنب إذا كان التيمم في حقه مشروعاً فهو مطالب بالصلاة في الجماعة مثل غيره، وليس التيمم بمانع له من الصلاة جماعة بدليل قصة عمرو بن العاص رضي الله عنه حين أصبح جنباً وخشي على نفسه من الاغتسال بالماء لشدة البرد فتيمم وصلى إماماً بأصحابه وهو جنب، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح، وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على فعله فدل ذلك على مشروعيته.
لكن إجزاء تيمم الجنب مشروطاً بأن يكون عاجزاً عن تسخين الماء مثلاً، وتحقق من كون اغتساله بالماء سيترتب عليه مرض أو زيادته أو تأخر شفاء. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 80834، 7418، 80968.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1428(11/10992)
هل يترك الصلاة في جماعة لكي لا يتأخر عن العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي صلاة الفجر في المنزل حيث إن صلاة الجماعة في المسجد تنتهي بعد موعد الحافلة التي تقلنى إلى عملي أم الأفضل أن أصلي الجماعة وأتأخر عن عملي لمدة ساعة. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة في المسجد واجبة على الراجح في حق الرجل المستطيع الذي يسمع النداء كما تقدم في الفتوى رقم: 1798،
وبالتالي فعليك أداء صلاة الجماعة في المسجد إذا لم يترتب على تأخرك عن العمل ضرر معتبر شرعا، وإن كان تأخرك عن العمل سيترتب عليه ضرر معتبر شرعا كالفصل من الوظيفة مع الحاجة إليها أو خصم جزء من الراتب تتضرر بفقده، فلك التخلف عن الجماعة والصلاة في بيتك، وراجع الفتوى رقم: 9495، وفي هذه الحالة إذا كان معك أحد في البيت كالزوجة مثلا، فبالإمكان الصلاة معها جماعة حيث يحصل لكم فضل الجماعة لأن فضلها يحصل باثنين فأكثر، وراجع الفتوى رقم: 57230
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1427(11/10993)
حكم ترك الجماعة والكذب بشأن الصلاة خوفا على النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين. أما بعد
أنا شاب ولدت في عائلة مسلمة والحمد لله.فبطبيعة الحال كنت مسلما عن فطرتي إلى أن هداني الله في شهر رمضان الكريم فأسلمت عن قناعة والحمد لله ويعود ذلك إلى أني عرفت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من خلال الاستماع إلى السيرة النبوية ومعاني أسماء الله الحسنى و….المهم علمت من خلال كتاب صحيح البخاري أن صلاة الجماعة واجبة والحمد لله أن الجامع قريب جدا من منزلي وأحب نيل مرضات الله سبحانه وتعالى لذلك أفعل ما يأمرني به، ومشكلتي أني أعيش في بلد تجد في دستوره أنه بلد عربي لغته العربية ودينه الإسلام والأغرب من ذلك أنه لا يمثل حتى رائحة الإسلام فتجد نساءنا يحرمون عليهم الحجاب وإذا رأوا متحجبة حملوها إلى مركز الشرطة وجردوها من حجابها وألزموها بعدم ارتدائه، وللأسف يخشون الحكومة ولا يخشون الله سبحانه وتعالى فتطيعهم نسوتنا وكذلك بالنسبة لرجالنا فينتظرونهم أمام المساجد ويحملونهم إلى مراكز الشرطة. 1- وبالتالي هل أذهب إلى المسجد أم ماذا؟ 2- هل كل من يشهد الشهادتين مسلم ونجد ذلك في صغار عائلاتنا واستنادا لما هو في بلدي؟ 3- استنادا لأهل بلدي هل عندما أسأل هل أصلي أو"لا" وأجيب ب "لا" هل يعني ذلك أني كفرت؟ أفيدوني وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يزيدك حرصا على الخير، ولعلك قد تبين لك أهمية العلم والبصيرة في طريق السير إلى الله تعالى، فنوصيك بالحرص على العلم النافع والعمل الصالح وسلوك كل سبيل مشروع يعينك على الثبات، ومن ذلك مرافقة الأخيار.
وأما صلاة الجماعة فهي واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد نص العلماء على بعض الأعذار المبيحة للتخلف عنها، ومن ذلك الخوف. قال ابن قدامة في المغني: ويعذر في تركها خائف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العذر خوف أو مرض، والخوف ثلاث أنواع: خوف على النفس.. فالأول أن يخاف على نفسه سلطانا يأخذه أو عدوا.. اهـ المقصود. فإذا غلب على ظنك أنك قد تؤذى فلا حرج عليك إن شاء الله في التخلف عن الجماعة في المسجد، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 12124.
وأما قولك: هل كل من يشهد الشهادة مسلم؟ فجوابه نعم ما لم يأت بناقض من نواقض الإسلام فيحكم بكفره وفقا لضوابط ذكرناها بالفتوى رقم: 35564، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 12284، وبخصوص الصغير فمحكوم بإسلامه تبعا لأبويه إن كانا مسلمين.
وأما قولك هل تكفر إذا سئلت فقلت: (لا) خوفا من أذاهم فالجواب إنك لا تكفر بذلك مادمت قلتها اضطرارا، وراجع الفتوى رقم: 12633.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1427(11/10994)
حكم القيام قبل الإقامة لإدراك الصف الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله في أوقاتكم
ما حكم الوقوف للصف قبل الإقامة لإدراك الصف الأول على سبيل المثال؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 20796، بيان مذاهب أهل العلم حول الوقت المستحب للقيام للصلاة سواء كان الإمام موجودا في المسجد أم لا؟
وبالنسبة للحالة التي ذكر السائل فلم نقف على دليل شرعي يمنعها خصوصا إذا كانت لغرض الحصول على فضيلة الصف الأول، والذي ذكرنا بعض فضائله في الفتوى رقم: 40745، ولم يكن القيام فيها لأجل الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1427(11/10995)
جواب شبهة حول وجوب صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في فتاوى لكم أن صلاة الجماعة واجبة ويأثم تاركها واستدللتم بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيراً طيبا مباركا فيه: هممت أن آمر بحطب ... وإلى آخره. لكن لو كان ترك الجماعة معصية لما سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه هم أن يفعل، ولكن لم يفعل.. فمن المستحيل أن يسكت عليه الصلاة والسلام عن منكر، فالرجاء إخباري بالمسألة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرق البيوت خشية إهلاك من فيها ممن لا تجب عليهم الجماعة من النساء والصبيان، واعلم أن هم النبي صلى الله عليه وسلم بأمر يفيد مشروعيته، كما تستفاد مشروعيته من قوله وفعله وتقريره، فقد قال السيوطي في الكوكب الساطع مبينا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم: قول النبي صلى الله عليه وسلم والفعل والتقرير سنته وهمه المذكور. وراجع للمزيد في المسألة وأدلتها وكلام أهل العلم فيها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38639، 26584، 34577، 36549، 28664، 40330، 32648، 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(11/10996)
أدركت فضل وثواب صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صلى الإنسان دون طهارة وهو ناس في المسجد وبعد أن رجع إلى البيت تذكر فأعاد الصلاة، فهل يكتب له أجر صلاة الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد ذهبت إلى الصلاة معتبراً أنك على طهارة وصليت ثم تبين فيما بعد أنك لم تكن كذلك، فقد أدركت فضل الجماعة، فقد روى النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج عامداً إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا كتب الله له مثل أجر من حضرها، ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً. وصححه الألباني.
قال السندي في شرحه للحديث: ظاهره أن إدراك فضل الجماعة يتوقف على أن يسعى لها بوجهه ولا يقصر في ذلك سواء أدركها أم لا. انتهى.
والمؤمن يثاب على مجرد النية إذا حبسه عن العمل عذر قاهر، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 29336، لكن ينبغي لمن حصل معه هذا الأمر أن يبحث عن جماعة أخرى يصلي معها، فإن لم يجدها صلى وحده، فهو مأجور إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(11/10997)
حكم ترك المصلي الصلاة خلف من يختلف معه في الدنيا أو الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص (س) يدخل للمسجد فيجد (ص) هو الإمام فيخرج ولا يصلي مع الجماعة بدعوى أنه على خلاف معه (ديني أو دنيوي) فهل يجوز ذلك؟؟؟
وما حكم صلاة الجماعة في المسجد وراء شخص يعتقد أنه فاجر أو عاص؟؟؟؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخلاف في أمور الدنيا لا يسوغ ترك الصلاة في الجماعة، ولا يقدح في الإمامة، فإن كان الخلاف فيما يتعلق بالدين، فإن كان الإمام من أهل البدع فقد سبق التفصيل في حكم الصلاة خلف المبتدع في الفتوى رقم: 53394، والفتوى رقم: 12270، وإن لم يكن من أهل البدع لكنه فاسق فقد اختلف العلماء قديما في صحة الاقتداء بالفاسق مع اتفاقهم على كراهة تقديمه لإمامة الناس إن وجد غيره، والذي يترجح من خلافهم هو أنه إذا كان فسقه فيما لا يتعلق بالصلاة صح الاقتداء به مع الكراهة.
قال الشافعي في الأم: وكذلك أكره إمامة الفاسق والمظهر البدع، ومن صلى خلف واحد منهم أجزأته صلاته ولم تكن عليه إعادة إذا أقام الصلاة انتهى. وفي التاج والإكليل في الفقه المالكي عند كلامه على الخلاف في إمامة الفاسق: وقال القباب: أعدل المذاهب أنه لا يقدم الفاسق للشفاعة والإمامة، ومن صلى خلفه لا إعادة عليه إن كان يتحفظ على أمور الصلاة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الأئمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق، لكن اختلفوا في صحتها فقيل لا تصح كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما، وقيل بل تصح كقول أبي حنيفة والشافعي والرواية الأخرى عنهما، ولم يتنازعوا أنه لا ينبغي توليته. انتهى. وللفائدة في هذا المعنى انظر الفتوى رقم: 34935، وخلاصة القول أن رجوع الشخص المذكور عن صلاة الجماعة لا يجوز إن كان خلافه مع الإمام دنيويا وكذلك إن كان دينيا والإمام ممن تصح الصلاة خلفه على نحو ما قدمنا، اللهم إلا إذا كان سيجد جماعة آخرين يصلي معهم لأنه غير ملزم بالصلاة في مسجد معين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(11/10998)
هل يعيد من صلى منفردا الصلاة في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
تحية طيبة أما بعد:
سؤالي هو إذا صليت منفردا وعندما انتهيت من الصلاة جاء شخص لم يصل فهل لزاما علي أن أصلي معه جماعة
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك إعادة الصلاة مع الشخص المذكور، لكن الأفضل في حقك إعادة الصلاة معه حتى يحصل كل منكما على ثواب الصلاة في جماعة لأنه يحصل باثنين فأكثر كما تقدم في الفتوى رقم: 33509.
وحتى لو صليت في جماعة ثم رأيت شخصا يريد أداء تلك الصلاة التي أديتها فالمستحب إعادتها معه عند بعض أهل العلم كالحنابلة والشافعية، وإن أعدتها معه مأموما صحت بلا خلاف، وإن كنت إماما فذلك من باب اقتداء
المفترض بالمتنفل وهو جائز عند بعض أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 63576
وإن كانت تلك الصلاة صلاة المغرب فإعادتها محل خلاف بين أهل العلم كما سبق في الفتوى رقم: 57296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1427(11/10999)
لا حرج على المسبوق في إتمام صلاته بدون اكتمال الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[اخترق أحد المصلين الصف في الركعة الثانية بيني وبين المصلي الذي بجانبي وبعد انتهاء الصلاة أتم هو الركعة الأخيرة دون الصف بكامله، فما صحة ذلك من السنة النبوية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما قام به الرجل المذكور موافق للسنة حيث وجد مكانا في الصف يمكن أن يقف فيه ففعل ذلك، ثم إنه لا شيء عليه في إتمام صلاته مع عدم اكتمال الصف؛ إذ لا يشترط في الصف أن يكون كاملاً، والمعروف أن المسبوق يبقى بعد سلام الناس يكمل صلاته، بل لو قد جاء شخص ولم يجد مكاناً في الصفوف فإنه يقف وحده منفرداً وراء الصف وصلاته صحيحة كما أسلفنا ذلك في الفتوى رقم: 4825.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1427(11/11000)
الصف الأول إذا قطعه المنبر
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة المشايخ إني أحبكم في الله وأدعو الله أن يجزي عنكم وينفع بكم وبعلمكم سائر المسلمين عامة ونفسي خاصة أما بعد: فلدي بعض الأسئلة أرجو أن أجد جوابها عندكم بقليل من التفصيل والإسناد بالآيات الكريمة والأحاديث القوية من السنة الصحيحة
السؤال الثاني:- حكم الصلاة في الصف الثالث مع العلم أن الصف الأول مقطوع بالمنبر والثاني بعرصات المسجد فما الأولوية في الصلاة عند الشرع أفي الصفين الأولين مع العلم أنهما مقطوعان أم الصلاة في الصف الثالث وهل يجوز الصلاة في الصف المقطوع في حالات الازدحام كالأعياد مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم رغب في الصلاة في الصف الأول أشد ترغيب وحث على ذلك فقال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا. رواه البخاري، وقوله: ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربها، قال: يٌتمون الصف الأول فالأول. رواه البخاري، وقد ذكر أهل العلم أن المنبر لا يقطع الصف، وعليه فإن الصف الذي يتخلله المنبر مثل الصف المتصل فقد سئل الرملي وهو شافعي: هل يعد المنبر فاصلا حتى يمنع اتصال الصف أو لا فتحصل فضيلة الصف كفضيلة الجماعة؟ (فأجاب) بأنه لا يعد المنبر فاصلا بين المصلي ورفقته نظرا للعرف فإنه يعده صفا واحدا كما لو لم يكن منبر ولم يقف في قدر مكانه أحد فتحصل معه فضيلة الصف كفضيلة الجماعة فقد أطلقوا أن الصف الأول هو الذي يلي الإمام. انتهى.
وقال في الإنصاف في الفقه الحنبلي الصف الأول: هو ما يقطعه المنبر على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب. انتهى.
وإن كان المراد بعرصات المسجد السواري التي توجد في المساجد فقد نص العلماء على عدم كراهة الصلاة بينها إذا ضاق المسجد واحتيج إلى الصلاة بينها كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 15177، والفتوى رقم: 40366، وعليه فلا داعي للتأخر عن الصف الذي تتخلله السواري إن دعت الضرورة إلى الصلاة بينها ويعلم مما في الفتويين المشار إليهما جواز الصلاة في الصف المقطوع في حال الضرورة سواء في ذلك الأعياد وغيرها إضافة إلى ما في الفتوى رقم: 5286، وخلاصة القول أن الصلاة في الصف الثاني مع عدم تمام الأول أو في الثالث مع عدم تمام الثاني خلاف السنة، وإذا لم تدع الضرورة إلى الصلاة بين السواري بأن كان في المسجد متسع للصفوف من غير تقطيع فنيبغي لأهل المسجد أن يتجنبوا الاصطفاف بين السواري ويجعلوا الصف الثاني خلف السواري ... الأسطوانات, وإلا وقعوا في الكراهة ففي صحيحي ابن حبان وابن خزيمة عن معاوية بن قرة عن أبيه قرة قال: كنا ننهى عن الصلاة بين السواري ونطرد عنها طردا. قال الألباني: إسناده حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1427(11/11001)
محافظة الرجل على الصلاة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ خمس سنوات ولدي بنت واحدة عمرها سنتان ونصف ومشكلتي تكمن في زوجي الذي لا يصلي في المسجد وأحاول جاهدة على نصحه بذلك، هو مواظب على الصلاة, ولكن في البيت ويتعبني في إيقاظه لصلاة الفجر، وأتمنى لو لمرة بأن يبادر هو في إيقاظي، فأرجو إعطائي النصيحة لتحبيب زوجي للصلاة في المسجد وصلاة الفجر بخاصة وأنا أحس بتأنيب الضمير لعدم استطاعتي في مساعدته لحل هذه المشكلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن الجماعة واجبة على الرجال الذين لا عذر لهم، والأصل أن تؤدى الجماعة في المساجد, وقد أحسنت أيما إحسان في نصحك لزوجك بأداء هذه الشعيرة في المسجد مع جماعة المسلمين وإيقاظه للصلاة, فنعم الزوجة أنت له, واحتسبي ثوابك عند الله تعالى.
وأما زوجك فنسأل الله تعالى أن يهديه لما فيه صلاح دينه ودنياه, ونذكره بأن الصلاة في الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة وهي فريضة، قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في شرحه على البخاري: قال ابن المنذر: وممن كان يرى أن حضور الجماعات فرض: عطاء بن أبي رباح، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور.... وقال إسحاق بن راهوية: صلاة الجماعة فريضة، وقال الإمام أحمد في صلاة الجماعة: هي فريضة ... وممن ذهب إلى أن الجماعة للصلاة مع عدم العذر واجبة: الأوزاعي والثوري والفضيل بن عياض وإسحاق وداود، وعامة فقهاء الحديث منهم: ابن خزيمة وابن المنذر. انتهى.
وما دام يصلي منفرداً فهو على خير, ولكن يخشى أن يجره ذلك إلى التفريط وإخراج الصلاة عن وقتها ونوصيك بتذكيره بما رواه مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من سره أن يلقى الله تعالى غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن - أي في المسجد جماعة - فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى, ولو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. نسأل الله جل وعلا أن يعينك ويوفق زوجك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(11/11002)
حكم صلاة النساء في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[في العمل أحرص على صلاة الظهر في وقتها كما أحرص أن أصليها جماعة مع زميلة لي قدر المستطاع. لكن مؤخراً أصبحت لا أصليها جماعة معها لعدة أسباب: أولا في كثير من الأحيان تضع عملها في المقام الأول قبل الصلاة والتي تفوتها في كثير من الأحيان. والسبب الآخر في كل مرة نذهب فيها إلى الصلاة تخوض في الغيبة والنميمة عن زملاء لنا في العمل وتخوض في المقارنة بيني وبن هؤلاء الزملاء [إني أعمل بجهد أكثر منهم لكن راتبي أقل منهم. بالرغم من أنها تستغفر في كل مرة تخوض في ذلك وهي إنسانة ملتزمة حافظة للقرآن.
وكل ما أصلي لوحدي يؤنبني ضميري أني لم أصل معها، لكني لا أريد أن أخوض معها في الغيبة والنميمة ولا أريد أن أربط نفسي بها عندما تتأخر عن الصلاة. فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك سعيك ووفقك وأعانك وثبتك على الهدى، وإننا أولا نبين لك حكم صلاة النساء جماعة واختلاف أهل العلم في ذلك، ونذكر لك ما نراه راجحا، فنقول: قد اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم صلاة النساء جماعة بإمامة إحداهن، فذهب الشافعية والحنابلة في المعتمد إلى أنها تستحب، وتقف من تؤمهن وسطهن، وممن روي عنه أن المرأة تؤم النساء: عائشة وأم سلمة لما رواه أبو داود وصححه من حديث أم ورقة بنت نوفل الأنصارية، - رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يزورها ويسميها الشهيدة -وكانت قد جمعت القرآن- وكانت تؤم أهل دارها، وجعل لها مؤذنا يؤذن ل ها، وصح عن عائشة أنها كانت تؤم النساء وتقف وسطهن.
وذهب الحنفية إلى حرمة جماعة النساء وحدهن بغير رجال مع صحة الصلاة لو وقعت، قال ابن نجيم رحمه الله في البحر الرائق: وكره جماعة النساء ; لأنها لا تخلو عن ارتكاب محرم وهو قيام الإمام وسط الصف فيكره كالعراة كذا في الهداية وهو يدل على أنها كراهة تحريم ; لأن التقدم واجب على الإمام للمواظبة من النبي صلى الله عليه وسلم عليه وترك الواجب موجب لكراهة التحريم المقتضية للإثم، ويدل على كراهة التحريم في جماعة العراة بالأولى، واستثنى الشارحون جماعتهن في صلاة الجنازة فإنها لا تكره ; لأنها فريضة وترك التقدم مكروه، فدار الأمر بين فعل المكروه لفعل الفرض أو ترك الفرض لتركه فوجب الأول بخلاف جماعتهن في غيرها.
وأما المالكية فذهبوا إلى بطلان صلاة النساء خلف امرأة، قال العلامة الخرشي رحمه الله: لا تصح إمامة المرأة سواء أمت رجالا أو نساء في فريضة أو نافلة.
والراجح استحباب صلاة المرأة بالنساء لما سبق من الأدلة، وننصحك بالاتفاق مع زميلتك على أداء الصلاة جماعة والابتعاد عن الغيبة وغيرها من المحرمات، ولا تجعلا للشيطان سبيلا في حرمانكما من الخير بسبب خشية الوقوع في الحرام، وينبغي لك نصحها في الاشتغال بالحديث في غير الغيبة عند اللقاء بها للصلاة، فإن كنت تنجرين معها في الحديث عن الآخرين واغتيابهم فالواجب على كل واحدة منكما أن تبتعد عن الأخرى ولو أدى ذلك إلى صلاتها لوحدها لأن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1427(11/11003)
تعليم الجاهل وصلاة الجماعة لا يتعارضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد موظفي الشركة معنا يجتهد في تعليم أحد زملائنا الجدد القادمين من الولايات المتحدة الصلاة، زميلنا الجديد لا يعرف شيئاً عن الإسلام ونحاول جميعاً مساعدته، السؤال هو: هل يجوز ترك صلاة الجماعة في سبيل تعليم زميلنا الصلاة، وجهة نظر زميلنا أنه لا يتكلم العربية وأنه يعلمه رويداً رويداً، ما حكمها؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة مطلوبة وتعليم الجاهل مطلوب ولا تعارض بينهما بل يعلمه في غير وقت الصلاة، فإذا جاء وقت الصلاة ذهب وصلى وإياه مع الجماعة، ولا ينبغي أن نجعل بينهما تعارضا، ولكن لو قدر أنهما تعارضا في بعض الأحيان فإن كان ما يعلمه إياه فرضاً من فروض الصلاة كالفاتحة ولا يوجد من يعلمه غيره فإنه يقدم تعليمه على صلاة الجماعة مع الناس ويصليها وإياه فإنها تتحقق باثنين فأكثر، وإلا قدم صلاة الجماعة ثم عاد إلى تعليمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1427(11/11004)
السكن بعيدا عن المسجد إذا ترتب عليه ترك الصلاة في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ، أرجو الإجابة على سؤالي مع الأدلة لكي تثلج قلبي، سؤالي أنا أدرس في دولة أسيوية وتعلمون أن المساجد بها ليست متوفرة ورغم ذلك والحمد لله قد امتن الله علي أن أسكن بالقرب من المسجد وبعد مرور عام دراسي شاء الله أن أبتلى بمرض (تشنج) جعلني أمتنع عن قيادة الدراجة النارية، وذلك مما نصحني به الدكتور، وما زلت حتى العام الثالث أسكن بالقرب من المسجد طوال هذه السنوات أسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتي أعاني من ذهابي إلى الكلية التي تبعد 2 كلم، ومن تناول الطعام حيث لا يوجد مطعم بالقرب مني وتبقى لي سنتان فاستخرت الله ثم بقي لي أن أستشيركم في أن أغير مسكني بالقرب من الكلية مما يجعلني أضرب عصفورين بحجر، الكلية والأكل، ولكن الصلاة تكون في البيت، مما يجعلني لا أشعر فيها بالطمأنينة، إنما لا بد أن أشير إليه هو أنني كنت أسكن بالقرب من الكلية ثم تحولت وبعدها أصبت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الانتقال إلى سكن بقرب الكلية، وأما الصلاة فإنك تصلي جماعة مع بعض زملائك في السكن الجديد إن أمكن، وإلا فلا تجب عليك لعدم وجود مكان بقربك تقام فيه صلاة الجماعة، وقد نص الفقهاء على أن الذي لا يسمع النداء للصلاة بالصوت المعتدل دون المكبرات معذور، بل لو سمع الأذان وشق عليه الذهاب مشقة شديدة لمرض ونحوه فهو معذور أيضاً، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك أجر الجماعة.
وأما الخشوع في الصلاة فحاول أن تخشع وتتدبر ما تقرأ في صلاتك، وأسأل الله تعالى أن يمن عليك بذلك فبيده الخير كله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1427(11/11005)
تحويل الفرض إلى نفل لإدراك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تغيير نيتي في الصلاة من الفرض إلى السنة أو العكس، خاصة أني كنت أصلي في المسجد لوحدي ثم دخل اثنان وكونا جماعة فأردت أن أكمل ركعتين وأعتبرها سنة لكي أدخل معهم في جماعة وأخذ ثواب الجماعة ولكني لم أفعل لأني كنت لست متأكدا هل ذلك يجوز أم لا. وهل دخول الاثنين خلفي في جماعة حتي نأخذ ثواب الجماعة نحن الثلاثة أفضل أم تكوينهم لجماعة أفضل خاصة أنهام خافا أن أكون في الركعة الأخيرة وأخبراني أنهام فضلا أن يصليا جماعة الأربع ركعات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأفضل للرجلين المذكورين في هذه الحالة أن يقيما جماعة ولا يأتما بالشخص الذي وجداه يصلي قبلهما إذا كان قد سبقهما بركعة أو أكثر لأنه إذا سلم عنهما قام كل واحد منهما يكمل صلاته على انفراد بخلاف ما لو أقاما جماعة بنفسيهما فإنهما يحصلان فضل الجماعة من أول صلاتهما إلى آخرها، وقد نص أهل العلم على أن الجماعة في جميع الصلاة أفضل من صلاة بعضها جماعة وبعضها منفردا. قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب ممزوجا بنص روض الطالب في الفقه الشافعي قال الروياني: ولو سبق شخص في الجماعة ببعض الصلاة ورجا جماعة ولو بمسجد آخر أخر ندبا ليدرك الكل أي كل الصلاة مع الجماعة الأخرى وهذا من زيادته ويعلم منه أنه لو حضر جماعة والإمام في التشهد الأخير ندب لهم أن يؤخروا ليصلوا جماعة. انتهى. وإذا كان هذا مستحبا في حق من أدرك بعض صلاة جماعة ورجا جماعة أخرى فاستحباب ذلك في حق من أدرك بعض صلاة فردا من باب أولى.
أماإذا لم يكن قد سبقهما بركعة فالأولى والأفضل بالنسبة لهما أن يحرما معه ليحصلوا فضل الجماعة جميعا وليكثر عدد أفراد الجماعة حسب الإمكان، أما ما فعله الأخ السائل من إتمام صلاته وحده فلا شيء عليه فيه وصلاته صحيحة، لكن لو أراد أن ينتقل إليهما ليحصل على فضل الجماعة فهذا مشروع أيضا كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 26388، بل قد نص الشافعية على استحباب تحويل نية الفرض هنا إلى نفل مطلق لغرض الحصول على فضل الجماعة فيسلم من اثنتين ويدخل مع الجماعة بشرط عدة أمور سنذكرها إن شاء الله تعالى، قال الخطيب الشربيني وهو شافعي: ولو قلب فرضا نفلا مطلقا ليدرك جماعة مشروعة وهو منفرد فيسلم من ركعتين ليدركها صح ذلك، أما لو قلبها نفلا معينا كركعتي الضحى فلا تصح لافتقاره إلى التعيين. انتهى.
وقال سليمان بن محمد البجيرمي في حاشيته على الخطيب: والحاصل أن قلب الفرض نفلا مطلقا مندوب بخمسة شروط: الأول: أن يكون الإمام ممن لا يكره الاقتداء به لنحو بدعة.
الثاني: أن يتحقق إتمامها في الوقت لو استأنفها وإلا حرم القلب في هذين.
الثالث: أن تكون الصلاة ثلاثية أو رباعية.
الرابع أن لا يقوم للركعة الثالثة أي لا يشرع فيها وإلا لم يندب القلب في هذين وإن جاز.
الخامس أن تكون الجماعة مطلوبة في تلك الصلاة فلو كان يصلي فائتة لم يجز قلبها نفلا ليصليها في جماعة حاضرة أو فائتة غيرها. انتهى. ولبيان حكم تحويل نية النفل إلى فرض انظر الفتوى رقم: 19102.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1427(11/11006)
المشي في الظلام لصلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أني أصلي الفجر حاضراً والحمد لله، ولكن أصليه في بيتي جماعة مع زوجتي، فهل أعتبر مقصراً ومن الذين لا يمشون في الظلام إلى المساجد، وهل أحرم من نور الله يوم القيامة؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الأخ السائل وفقنا الله وإياه أن يذهب إلى المسجد ليصلي في الجماعة إن كان قريباً منه بحيث يسمع النداء، ولا يجوز له أن يتخلف عنها من غير عذر؛ لأن الصلاة جماعة في المسجد واجبة على الرجل المستطيع على الراجح ولا تجب على المرأة، بل إن صلاتها في بيتها أفضل فإن لم يفعل ذلك واستمر يصلي في بيته من غير عذر فإنه يعتبر مقصراً.
وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة بقوله: بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنوم التام يوم القيامة. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، كما يخشى عليه إذا استمر في ترك صلاة الفجر جماعة في المسجد أن يكون نوره ضعيفاً يوم القيامة أو ينطفئ نوره كما هو حال المنافقين يومئذ، وقد ذكر المفسرون أن نور المؤمن يومئذ على قدر عمله.
قال ابن كثير في تفسير أول سورة البقرة: قال ابن أبي حاتم أيضاً حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي حدثنا أبو يحيى الحماني حدثنا عتبه بن اليقظان عن عكرمة عن ابن عباس قال: ليس أحد من أهل التوحيد إلا يعطى نوراً يوم القيامة، فأما المنافق فيطفأ نوره فالمؤمن مشفق مما يرى من إطفاء نور المنافقين، فهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا. انتهى.
قال الشوكاني في فتح القدير عند تفسير قوله تعالى في سورة الحديد: يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم ... إلى آخر الآية، وقد أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود يسعى نورهم بين أيديهم قال: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم يمرون على الصراط، منهم من نوره مثل الجبل ومنهم من نوره مثل النخلة، وأدناهم نوراً من نوره على إبهامه يطفأ مرة ويوقد أخرى. انتهى، ولبيان الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة انظر الفتوى رقم: 60743، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 56563، والفتوى رقم: 66675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1427(11/11007)
تأخير العصر عن أول وقتها لانتظار الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة أرمكو، سؤالي هو: موعد إقامة صلاة العصر في الشرقية الساعة 2:50 ونحن نصلي العصر ساعة 3:20 فما حكم هذا التأخير، علما بأن هذا الموعد موحد من قبل الإمام وجماعة المصلين (موظفين) ، في يوم من الأيام دخلت مصلى العمل (صلاة العصر) ، وجدت الإمام واقفا مع جماعة لا يصلون وجماعه يصلون فسألت عن سبب وقوفهم (أجابوا أنهم يصلون قبل الموعد الموحد 3:20) ، علما بأن موعد صلاتهم، صحيح فما حكم واقفهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب عن سؤالك الأول أن تأخير الصلاة عن أول وقتها لانتظار الجماعة لا حرج فيه ما لم ينته مختارها، وصلاة العصر ينتهي الوقت المختار فيها بصيرورة ظل كل شيء مثليه، وقد فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 25877، والفتوى رقم: 12957.
وأما حكم وقوف جماعة المسجد وإمامهم إزاء المصلين قبل الوقت المحدد لإقام الصلاة بذلك المصلى فلا حرج عليهم فيه، لأنهم هم جماعة المسجد لوجود الإمام معهم ولأنهم ينتظرون بقية الجماعة، وإذا كان المصلون قبل جماعة المسجد قد أذن لهم الإمام في إنشاء جماعة بالمسجد فلا حرج عليهم ويكره لهم ذلك دون إذنه، قال في تحفة المحتاج: تكره إقامة جماعة بمسجد غير مطروق له إمام راتب بغير إذنه قبله أو معه أو بعده. وانظر الفتوى رقم: 58458.
وبناء عليه فصلاة الجميع صحيحة ولا إثم عليهم، والأولى أن يصلوا جميعاً جماعة واحدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1426(11/11008)
صلاة الجماعة في مصليات الشركات
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في شركة موقعها منطقة مستودعات وتجاورنا كذلك شركات أخرى وفي كل شركة مكان مخصص لأداء الصلاة يختلف في شكله وديكوره وهيئته ليتمكن الموظفون من أداء الفروض وخاصة الظهر والعصر والمغرب وما يخصنا نحن بالشركة أقل ترتيباً من جيراننا ولكن نحن جماعة وهم جماعة، السؤال هل هنالك تفضيل لهذه الأماكن على المكان الذى نصلي فيه وهل تعتبر هذه مساجد وليست مصليات وما الفرق بين المصلى والمسجد علماً بأنها جميعاً داخل مباني الشركات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة في المصليات المذكورة سواء من حيث الثواب، وإنما يفضل ثواب الصلاة فيها بكثرة الجماعة فيها، فما كانت جماعته أكثر فالصلاة فيه أفضل، والمسجد هو ما وقفت أرضه مسجدا سواء بني أو لا، وأما إذا بني مكان وهيئ للصلاة ولكنه لم توقف أرضه كما هو الغالب في المصنعات المعروفة في الشركات ونحوها فلا تكون مساجد ولا تعطى حكمه بل هي كأي بقعة من الأرض هيئت للصلاة دون وقف، قال الإمام النووي رحمه الله: المصلى المتخذ للعيد وغيره، الذي ليس بمسجد لا يحرم المكث فيه على الجنب والحائض على المذهب. وبه قطع الجمهور. وذكر الدارمي فيه وجهين وأجراهما في منع الكافر من دخوله بغير إذن ذكره في باب صلاة العيد وقد يحتج له بحديث أم عطية في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحيض أن يحضرن يوم العيد ويعتزلن المصلى ويجاب عنه بأنهن أمرن باعتزاله ليتسع على غيرهن وليتميزن والله أعلم
وقال الشمس الرملي في النهاية بعد بيان استحباب تحية المسجد لداخله: وخرج بالمسجد الرباط ومصلى العيد وما بني في أرض مستأجرة على صورة المسجد، وأذن بانيه في الصلاة فيه انتهى
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(11/11009)
هل يترك العمل لمنعه من أداء الصلاة في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مدرسة نظامها غير عربي، ولكن اتفقنا منذ زمن طويل على أن نقيم صلاة الظهر مع الطلبة خلال فترة الصلاة، بعد فترة بدأت مديرة المدرسة تضيق الخناق على أمر الصلاة، فتارة تدمج الأوقات، وتارة تؤخر وقتها، وتارة تتحجج بأنها تريد المنطقة التي يؤدي فيها الطلبة الصلاة، المهم أن الأمور بدأت أخيرا تتفاقم حيث إنها تفكر في طريقة لإلغاء صلاة الجماعة وستطلب من الطلبة تأدية الصلاة فرادى. أنا المدرس الذي يؤم الطلبة كل يوم، وهي تطلب مني التواجد في مكان أخرأثناء وقت الصلاة، حتى يتسنى لها إلغاء صلاة الجماعة بحجة أن الطلبة لا يستطيعون إمامة أنفسهم بأنفسهم. عموما أريد أن أعرف ماهورأي الدين في ذلك، هل علي أن أقدم استقالتي احتجاجا على مشاعر المديرة المعادية للإسلام. وأنا بالمناسبة لا أبالي في ذلك رغم أنني متزوج وزوجتي حامل وليس لدي مصدر رزق آخر ـ أم هل علي الامتثال لأوامر الإدارة والصلاة بشكل فردي سواء المعلمون أو الطلبة. يجب أن ينفذ القرار ابتداء من يوم الخميس، أرجوكم أن تردوا بأسرع وقت ممكن، فأنا بحاجة لمعرفة رأيكم الكريم. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم هو وجوب صلاة الجماعة ولا تسقط عن المكلف إلا بعذر معتبر شرعا يبيح له التخلف عنها.
فإذا أجبرت على ترك الصلاة في جماعة ولم يكن لك مصدر رزق آخر، فإن لك أن تصليها منفردا
وانظر الفتويين 2252، 54326.
والذي ننصحك به عدم ترك التدريس في هذه المدرسة حتى لا تتمحض للمعادين للإسلام الكارهين له وغير ذوي الغيرة من المسلمين.
وننصحك بأن تطرح قضية صلاة الظهر في جماعة في الإجتماعات مع الإدارة وأن لا تمل من ذلك، واجعلها قضية عامة لا قضية خاصة بك وحدك، وأشرك من عنده بقية من غيرة على الدين من زملائك المدرسين وراسل أولياء أمور الطلاب وهاتفهم وأشركهم، فإن لهم تأثيرا على الإدارة.
واحتسب جهدك في سبيل الله، واسأله سبحانه الإعانة والثبات، ونبشرك بثواب الغرباء المتمسكين بدينهم في آخر الزمان عند فساد الناس، وانظر الفتوى رقم: 58011.
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(11/11010)
الجماعة في النوافل والصلاة المكتوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[قال عليه الصلاة والسلام: خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. وقال أيضا: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. السؤال: كيف يمكن الجمع بين هذين الحديثين بالنسبة لصلاة الجماعة سواء كانت سنة أم فرضا، أي هل الحديث الأول يعني الصلاة الفردية في السنة أفضل، وفي الحديث الثاني فضل صلاة الجماعة يشمل السنة أم لا، أي سبعة وعشرين في الواجبة فقط، وهل يتضمن ذلك سنة التراويح أيضا في الجماعة وفضلها على المنفرد أم لا، أرجو الشرح مع الدليل وبالذات إن كانت الإجابة فضل الجماعة في الواجبة فقط!!؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قوله صلى الله عليه وسلم: خير صلاة المرء في بيته. متفق عليه، المراد به صلاة النافلة ولذلك قال في تمام الحديث: إلا الصلاة المكتوبة. أي المفروضة كما قال ابن حجر في الفتح، وانظر الفتوى رقم: 15945.
وقوله صلى الله عليه وسلم: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. متفق عليه، واللفظ للبخاري. فالمقصود به صلاة الفريضة، وانظر الفتوى رقم: 36825.
لا خلاف في ذلك بين العلماء، وأما صلاة التراويح فقد اختلف العلماء فيها هل الأفضل فعلها في جماعة أم على انفراد، وقد بينا ذلك كله في الفتوى رقم: 25991.
وما عداها من النوافل يجوز فعله جماعة، ويجوز على انفراد، فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في جماعة وصلى منفرداً، كما بينا في الفتوى رقم: 6712.
وبعض النوافل تستحب له الجماعة مثل صلاة الكسوف وصلاة الخسوف والاستسقاء والعيدين، وكره بعض العلماء الإتيان بالنوافل جمعاً ما عدا هذه، وخلاصة القول هنا أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ في الصلوات المكتوبة بل إنها واجبة على الراجح، كما بينا في الفتوى رقم: 1798.
وهي أفضل أيضاً في صلاة الكسوف والخسوف والاستسقاء والعيدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(11/11011)