حكم الانصراف من المسجد للصلاة في مسجد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما ذهبت إلى المسجد لصلاة الفجر دخلت وصليت ركعتين ثم نظرت في من في المسجد فلم أجد سوى أناس قلة وأنا الوحيد فيهم الملتحي ووقت الإقامة قرب وأنا أعلم أنهم إذا أقاموا الصلاة سوف يقدموني للإمامة فخرجت وذهبت إلى مسجد آخر وأنا إنسان خجول ولو أنني أممت بهم لبكيت من شدة الخجل فهل أنا آثم على خروجي؟ وهل يعتبر من الشرك الأصغر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالانصراف من المسجد للصلاة في مسجد آخر لا حرج فيه إن شاء الله ما لم تتعطل الجماعة في المسجد الأول. وينبغي أن تعلم أن الحياء المذموم هو الذي يمنع من القيام بالأعمال الصالحة، وعلى من يجد ذلك في نفسه أن لا يستسلم له، فهو في الحقيقة خور وضعف، بل عليه أن يجاهده ويحمل نفسه على القيام بمخالفته، وليعلم أن الشيطان هو الذي يوسوس له ويثبطه ويضعفه عن عمل الخير، أما الحياء الذي يبعث صاحبه على اجتناب القبائح ويمنعه من التقصير في الطاعات، فهو ممدوح، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من شُعَب الإيمان، كما في حديث مسلم، ولا يعتبر ما فعلته شركا، بل هو خجل مذموم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/9667)
ليس لصاحب الشركة منع الموظفين من صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستطيع صاحب الشركة أن يجبر الموظفين على تأخير صلاة الفريضة لما بعد أوقات عمل الشركة ونفس السؤال بالنسبة لصلاة السنة؟
أفيدونا مأجورين مع الدليل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما بخصوص صاحب الشركة، فإنه لا يجوز له منع الموظفين عنده من أداء الصلاة في جماعة، وأبلغ من ذلك وأشنع منه إجبارهم على تأخيرها حتى يخرج وقتها، وهو بذلك متعرض للعقوبة الربانية، ويصدق عليه قول الله عز وجل: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى (العلق:9-10) .
أما بالنسبة لتأخير صلاة السنة، فالأمر فيها واسع، فإذا كانت صلاتهم للسنن تتسبب في تأخير العمل تأخيرا يتأثر به العمل –وهذا بعيد- فلا بأس أن يطلب منهم الاقتصار على الفريضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/9668)
حكم صلاة الجماعة في الشركة دون المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الفريضة جماعة في الشركة لها نفس ثواب صلاة الجماعة في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وكذلك انظر في جواب السؤال الثاني الفتوى رقم: 22957.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/9669)
التصدق على من فاتته الجماعة بالصلاة معه أمر حسن
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إذا صليت المغرب في جماعة في المصلى ثم دخل أخ لم يحضر الصلاة يريد أن يصلي المغرب فردا فأردت أن أتصدق عليه وأصلي معه مقتديا به حتى تكون لي نافلة.
هل علي أن أسلم مع الإمام أم أزيد ركعة حتى لا تكون صلاتي تلك وترا.
أفتونا بتفصيل أحسن الله إليكم وجزاكم الخير كله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التصدق على من فاته فضل الجماعة بالصلاة معه أمر حسن، وقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم كما روى الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رجلاً دخل المسجد وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يتصدق على هذا فيصلي معه؟ فقام رجل من القوم فصلى معه.
ثم إذا صليت معه فسلم بسلامه، ولا مانع من كون صلاتك وتراً فإن معاذا رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم، وفي رواية أنها المغرب، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 32434.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(11/9670)
المرأة كالرجل في صف الأقدام في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله، هل التصاق الأقدام فى الصلاة الجماعية من السنة فى شيئ؟ واذا كانت للرجال فما حكم النساء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق الجواب عن سؤالك في الفتوى رقم: 3331، والفتوى رقم: 10847، والفتوى رقم: 18547، وحكم المرأة في ذلك حكم الرجل إذ لم نجد من يفرق بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/9671)
المكان هذا لا يصلح لجماعة الرجال والنساء معا
[السُّؤَالُ]
ـ[رأى أخ كريم, عضو في مجلس الشورى المشرف على المصلى, أن أضيف معلومتين للسؤال رقم 227975، المصلى صغير جداً, يمكنه أن يحوي حوالي 12 إلى 15 شخصاً يمكنهم أن يصفّوا في صفين اثنين، صغر حجم المصلى يقتضي في بعض الأحيان أن ينتظر بعض الأشخاص فراغ المصلين للصلاة، ليس في المصلى إلا باب واحد، وأخيراً, أسأل الله أن يبارك فيكم وأن تتجاوزوا عن أخطائنا؟
السؤال رقم 227975: عندنا في الجامعة مصلى ليس له إمام أو مؤذن راتب وفيه مكتبة، معظم المصلين ذكور ونريد تشجيع الطالبات على الصلاة في المصلى، هناك اقتراحان (1) تخصيص أوقات معينة لحجز المصلى للنساء فقط لمدة 20 إلى 30 دقيقة بعد صلاة الظهر, العصر، والمغرب.
(2) عدم تخصيص أوقات معينة لحجز المصلى للنساء فقط وتشجيعهن على حضور الصلاة مع الجماعة وحثهن على الصلاة في المصلى لأن الاقتراح الأول لا يسلم من البدعة، أفتونا بتفصيل بارك الله فيكم؟ وجزاكم الله خيراً، ورزقكم حسن العاقبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكن للطالبات الصلاة في منازلهن إذا كن سيدركن وقت الصلاة في المنازل أو يصلين في مكان يعد لذلك، أما المكان المذكور فغير صالح لاجتماع الجميع فيه لضيقه وما قد ينجر عن ذلك من أمور محذورة، ولا حاجة إلى أن تشددوا على أنفسكم، فإذا لم يوجد مكان تصلي فيه النساء الصلاة للوقت، فليعمل بالاقتراح المذكور في الجواب السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1425(11/9672)
وجود جماعة أخرى لا يسوغ قطع الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت في صلاة الجماعة متأخراً وعندما انتهى الإمام من الصلاة وقمت لأكمل الصلاة سمعت جماعة من المتأخرين يقيمون الصلاة، فهل يجوز أن أترك صلاتي وأذهب للصلاة معهم، حيث إني سأصلي معهم صلاة كاملة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على عدم جواز قطع العبادة الواجبة بعد التلبس فيها بلا مسوغ شرعي، لورود النهي عن إفساد العبادة، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33] ، ووجود جماعة أخرى ليس بمسوغ لقطع الصلاة، وقد نص الفقهاء على مسوغات قطع الصلاة، وسبق أن ذكرنا بعضها في الفتوى رقم: 11131، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 10391.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1424(11/9673)
حكم البعيد عن المسجد الذي لا يسمع النداء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في بلد أوروبي وقد يتعذر علي أن أصلي جماعة في المسجد لبعد المسجد علي وخاصة الفجر حيث لا يوجد أي نوع من المواصلات....السؤال هل يجوز لي أن أصلي بالبيت؟ أو جماعة أنا وزوجتي؟ وجزاكم الله عنا وعن الإسلام خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان بعيداً عن المسجد لا يسمع النداء فإنه معذور في تركه للجماعة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 32882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/9674)
صلاة الجماعة تتفاضل
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم يدرك الفرد صلاة الجماعة الأساسية، وصلى جماعة بالمسجد مع آخرين بعد الجماعة الأساسية، فهل تحتسب له كأجر الجماعة الأساسية، أرجو الإجابة؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن لصلاة الجماعة الأولى مزية وفضل، ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.، وروى أبو داود والنسائي عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى. فهذا دليل على أن صلاة الجماعة تتفاضل، وأنه كلما كان الجمع أكثر كانت الصلاة أكثر أجراً، ولكن الصلاة مع الإمام الراتب أفضل لما يلي:
أولاً: أن الأصل أن لا تقام في المسجد إلا جماعة واحدة، بل قد كره أكثر أهل العلم إقامة جماعة ثانية بعد الجماعة الأولى.
ثانياً: ولأن حضور الجماعة الأولى -التي هي الأصل وإمامها هو الإمام الراتب- فيه مبادرة إلى الصلاة وإجابة النداء، وتراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 16055، والفتوى رقم: 35946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1424(11/9675)
أجر الجماعة يحصل بصلاة الرجل مع آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدرس في الجامعة ويوجد فيها مسجد صغير ليس له إمام راتب، وعندما يحين وقت الصلاة نصلي فيه إلى أن يمتلئ، وعندما نكمل الصلاة نخرج ويصلى فيه آخرون، فهل ثواب الصلاة في هذا المسجد يساوي ثواب الصلاة في مسجد آخر له إمام راتب؟ مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أحسنتم في حرصكم على أداء الصلاة في جماعة، ونسأل الله تعالى أن يكتب لكم أجرها، إذ أن أجر الجماعة يحصل بصلاة الرجل مع آخر، وإنما يقع التفاوت لاعتبارات أخرى، ومنها كثرة المصلين بالمسجد، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 39164.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1424(11/9676)
حكم إعادة صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[اليوم حصل لي موقف إذ صليت صلاة جماعة وصلى معي شخص آخر وعند انتهاء الصلاة أتى مصلون آخرون وصلوا صلاة الجماعة وقام هذا الشخص وصلى معهم مرة أخرى (ليس عليه قضاء) فاستنكرت هذا الفعل فهل هو جائز؟ أو ما الحكم؟ أو تعتبر صلاة تطوع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن صلى المكتوبة في جماعة ثم وجد جماعة أخرى، فقد ذهب الشافعية في الأصح والحنابلة إلى استحباب إعادة الصلاة مرة أخرى في الجماعة الثانية: لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح، فرأى رجلين لم يصليا معه فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: صلينا في رحالنا، فقال: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة.
فقوله صلى الله عليه وسلم: صليتما. يصدق بالانفراد والجماعة، وروى الأثرم عن الإمام أحمد قال: سألت أبا عبد الله عمن صلى في جماعة ثم دخل المسجد -وهم يصلون- أيصلي معهم؟ قال: نعم، وقد روى أنس قال: صلى بنا أبو موسى الغداة في المربد، فانتهينا إلى المسجد الجامع، فأقيمت الصلاة، فصلينا مع المغيرة بن شعبة، وعن صلة عن حذيفة أنه أعاد الظهر والعصر والمغرب وكان قد صلاهن في جماعة، وسواء في ذلك أن تكون الجماعة التي تعاد معها الصلاة هي جماعة المسجد الأول أم لا قال النووي في المجموع: الرابع - أي من الأوجه -:
إن كان في الجماعة الثانية زيادة فضيلة لكون الإمام أعلم أو أورع أو الجمع أكثر أو المكان أشرف استحب الإعادة وإلا فلا، والمذهب استحباب الإعادة مطلقاً.... انتهى.
وذهب المالكية، وهو مقابل الأصح عند الشافعية إلى أن من صلى في جماعة فلا يعيدها في جماعة أخرى، لأنه حصل فضيلة الجماعة فلا معنى للإعادة بخلاف المنفرد، واستثنى المالكية المسجد الحرام، ومسجد المدينة وبيت المقدس، قالوا: يجوز لمن صلى جماعة في غير هذه المساجد أن يعيد فيها جماعة، لفضل تلك البقاع. وراجع أيضاً الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9038، 15650، 16396، 29318، 8033.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/9677)
حكم قطع المرأة صفوف الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[قطع الصفوف أثناء الزحمة في الصلاة الجماعية والفردية في الحرم هل يجوز؟ وقد تكون النساء ممن يقطعن الصفوف في الحرم أثناء الصلاة الفردية والجماعية، فهل تبطل الصلاة؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقَطْع الصفوف إذا كان لمصلحة شرعية كمن يشق الصفوف لسد فرجة في الصف المتقدم أو لغرض الطواف أو السعي، فهذا لا حرج فيه بل هو مطلوب، وتراجع الفتوى رقم: 27990.
هذا بالنسبة لرجل يشق صفوف الرجال، أما المرأة، فلا يجوز لها قطع صفوف الرجال ولا المشي بينها، لحرمة لمس المرأة للرجل الأجنبي منها، لأن الله تعالى أمر بغض البصر بالنسبة لكل منهما تجاه الآخر، فتكون المماسة بينهما أولى بالتحريم من النظر، ومس المرأة الرجال الأجانب في الصلاة غير مبطل لصلاتهم إلا إذا ترتب على المس خروج مذي أو مني، فالصلاة باطلة، لفقد شرط من شروطها وهي طهارة الحدث، وانظر الفتوى رقم: 2248.
إلا أن المرأة يباح لها قطع صفوف الرجال إذا احتاجت إلى ذلك حاجة ملحة، كخوفها الهلاك أو الأذى الشديد بسبب الزحمة، فيكون الأمر حينئذ من باب الضرورة، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16] .
وقال أيضا: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/9678)
صلاة المرأة في بيتها أفضل لها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يصلي معي الفجر في البيت حتى لا يضيع مني فضل الجماعة، فهل هذا جائز؟ علما بأني ذهبت مرة إلى المسجد وقت الفجر وكان مصلى النساء مغلقا، وعلما بأنه ليس عندي أولاد، فلا شيء يمنعني من الذهاب، وهو يقول لي: انظري لا أحد من النساء يأتي المسجد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل لزوجك والأحوط أن يصلي مع الجماعة في المسجد، والأفضل لك هو أن تصلي في بيتك، ولا بأس في أن يصلي زوجك في المسجد، فإذا رجع من المسجد صلى بك حتى تتحصلي على أجر الجماعة، أو يصلي قبل صلاة الصبح صلاة الراتبة في البيت وتأتمين أنت به، وتنوين الفريضة، وراجعي التفاصيل في الفتاوى التالية: 34466، 14727، 26165، 31578.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(11/9679)
هل تحصل فضيلة الجماعة بين الزوج وزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي مع زوجي العشاء، والفجر جماعة أنا وهو فقط، فهل ينطبق علينا الحديث: "من صلى العشاء والفجر في جماعة ... " وما الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجماعة تنعقد باثنين فأكثر، بدليل السنة الصحيحة، ففي صحيح البخاري عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: انصرفت من عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال لنا أنا وصاحب لي: أذِّنا وأقيما وليؤمَّكما أكبركما.
وروى ابن ماجه في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الاثنان فما فوقهما جماعة. ولكن في إسناده ضعف.
وقال ابن قدامة رحمه الله: لا نعلم فيه خلافا. انتهى.
وعليه، فيحصل لك أنت وزوجك ثواب صلاة العشاء والفجر في جماعة الوارد في صحيح مسلم وغيره، حيث قال صلى الله عليه وسلم: من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله.
ولكن لا يحق لزوجك التخلف عن الصلاة جماعة في المسجد إذا أمكنه ذلك، خصوصا إذا كان يسمع النداء بالأذان، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه.
وفي صحيح مسلم وغيره قال عبد الله (يعني ابن مسعود:) لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق قد علم نفاقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(11/9680)
كلما كثر عدد المصلين كان ثواب الجماعة أعظم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعرف أن في صلاة الجماعة بالمسجد يحسب للمصلي أجر جميع المصلين الذين معه بالمسجد وهذه بصلاة الفرض والسؤال أنه هل ينطبق هذا الموضوع مع صلوات التراويح والقيام؟
جزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمت الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحسب للمصلي مثل أجر جميع المصلين معه إلا إذا كان سبباً في صلاتهم جماعة، لأن من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص من أجورهم شيئاً، كما جاء في الحديث الصحيح، فإذا لم يكن سبباً في صلاتهم جماعة فلا يكتب له أجر كل من صلى معه لكن كلما كثر عدد المصلين كان الثواب المترتب على صلاة الجماعة أعظم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه أبو داود والنسائي.
وهذا الحديث بعمومه يشمل صلاة الجماعة للفريضة وغيرها من النوافل التي شرعت لها الجماعة، كصلاة التراويح والقيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1424(11/9681)
حكم ذهاب الموظف للمسجد أثناء الدوام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذهاب إلى المسجد لأداء الصلاه أثناء الدوام؟ مع العلم بأنه لا يؤثر في سير العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم وتؤيده ظواهر الأحاديث: أن صلاة الرجل في المسجد واجبة ما لم يكن لديه عذر شرعي، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 1415.
وعلى هذا، فمن كان من العمال لا يخشى ضررا يلحق بالعمل من حضور الصلاة جماعة في المسجد، فالواجب عليه فعل ذلك، كما هو الحال في هذا السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(11/9682)
حكم تعدد الجماعة في مسجد واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي هو: كم ركعة تصلى التراويح؟ هل هي ثمان ركعات أو اثنتا عشرة ركعة أو عشرون ركعة؟
السؤال الثاني: هل يجوز بأن يصلي الإمام آخر صلاة التراويح في المسجد والإمام الأول لم ينته من صلاة الوتر؟ هل يجوز بأن يصلي الإمام سنة بعد صلاة العصر وهو سبق أن صلى بالجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما عدد ركعات التراويح فقد سبق الجواب عليه في الفتوى رقم: 2497.
وأما تعدد الجماعة في مسجد واحد فينظر في المسجد، فإن كان من مساجد الأحياء التي لها جماعة معلومة وإمام راتب، فقد كره جمهور العلماء تكرار الجماعة فيه بغير إذن الإمام، وقالوا إن ذلك يفضي إلى اختلاف القلوب وإلى العداوة، فإذا أذن الإمام فلا بأس.
جاء في "تحفة المحتاج": تكره إقامة جماعة بمسجد غير مطروق له إمام راتب بغير إذنه قبله أو معه أو بعده، وأما إن كان المسجد من المساجد الجامعة والمطروقة كمساجد الأسواق ونحوها، فلا يكره تكرار الجماعة ومثله المسجد الذي ليس له إمام.
وذهب الحنابلة إلى عدم كراهة إعادة الجماعة في المسجد ولو كان مسجد الحي وله إمام راتب، وقالوا إذا صلى إمام الحي وحضرت جماعة أخرى استحب لهم أن يصلوا جماعة، وهو قول ابن مسعود وعطاء والحسن والنخعي.. لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة.
والذي نقوله هنا لمن دخلوا والإمام يصلي التراويح أن يصلوا مع الإمام فإن كان يصلي ركعة الوتر انتظروا حتى ينتهي من صلاته وصلوا جماعة، ومحل ذلك إذا كان تأخرهم عن الجماعة الأولى لعذر، أما إن كان لاختلاف وعداوة مع الإمام الراتب وجماعته، فيكره لهم إقامة جماعة ثانية، وأولى لهم أن يصلوا فرادى ولا سيما في صلاة التراويح، فإن الجماعة في التراويح سنة، والسعي لوحدة المسلمين وتوادهم واجب وأما جواب السؤال الثالث، فانظره في الفتوى رقم: 26831.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(11/9683)
حكم جماعة النساء في مسجد خاص بهن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز إمامة النساء للنساء في المسجد المكون من طابقين منفصلين، ولا توجد مكبرات صوت ليصل صوت الإمام إليهن ولا يسمعن الصوت نهائيا، فهل تجوز إمامة إحداهن بعد انتهاء صلاة الرجال؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إمامة المرأة للنساء مشروعة على ما رجحه أهل العلم، وكما يطلب أن يكون إمام الرجال أتقاهم وأقرأهم وأحفظهم لحدود الله، فكذلك في إمامة النساء يطلب أن تكون المتولية للإمامة هي الأولى بها من حيث تلك المواصفات، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 28306.
هذا من حيث المشروعية لإمامة النساء، إذا اتفق أن اجتمعن لغرض معين غير الصلاة ثم حضرت الصلاة.
وأما أن يجتمعن لإقامة صلاة الجماعة في مسجد خاص بهن أو في أحد طابقي مسجد مكون من طابقين، أو في غير ذلك من الأماكن، فإن ذلك غير مشروع، وليس من هدي السلف الصالح، وانظري الفتوى رقم: 318.
ولا فرق في ذلك بين أن تكون صلاتهن في نفس الوقت الذي يصلي فيه الرجال وبين أن تكون بعد انتهاء صلاة الرجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(11/9684)
الصف بين السواري مكروه للجماعة عند السعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة فى الصف المقطوع فى حال الزحام وغيره من الحالات العادية، ورأي كبار أهل العلم فى ذلك (الرجاء ذكر الدليل والمصدر) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود بالصف المقطوع الصف الذي تتخلله السواري، فقد كره الصلاة فيه بعض أهل العلم، ويرى البعض الآخر عدم الكراهة في حالة الضرورة كالزحام مثلاً، قال الشوكاني في نيل الأوطار: قال الترمذي: وقد كره قوم من أهل العلم أن يُصُفَّ بين السواري، وبه قال أحمد وإسحاق وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك. انتهى.
وبالكراهة قال النخعي وروى سعيد بن منصور في سننه النهي عن ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وحذيفة، قال ابن سيد الناس ولا يعرف لهم مخالف في الصحابة.
ورخص فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن المنذر قياساً على الإمام والمنفرد، قالوا: وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة بين ساريتين، قال ابن رسلان وأجازه الحسن وابن سيرين، وكان سعيد بن جبير وإبراهيم التيمي وسوير بن غفلة يؤمون قومهم بين الأساطين، وهو قول الكوفيين، قال ابن العربي: ولا خلاف في جوازه عند الضيق، وأما عند السعة فهو مكروه للجماعة، فأما الواحد فلا بأس به، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة بين سواريها. انتهى.
وقال المواق في التاج والإكليل: من المدونة قال مالك: لا بأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد، ابن يونس لا بأس أن تكون الصفوف متصلة بالَمَد، وليس ذلك من تقطع الصفوف الذي نهي عنه، وكره ابن مسعود الصلاة بين السواري، يريد إذا كان المسجد متسعاً، وقال في المبسوط: لا تكره. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 15177.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/9685)
لا يقرأ المأموم في الجهرية إلا بفاتحة الكتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء إبان قراءة الإمام فأنا أجد نفسي أحيانا أدعو والإمام يقرأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على المأموم أن ينصت إذا قرأ الإمام في الجهرية، وأن لا يشتغل بدعاء أو ذكر أو قراءة إلا بفاتحة الكتاب، لحديث: لعلكم تقرأون خلف إمامكم؟ قالوا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. رواه أبو داود وأحمد.
وأما ما عدا فاتحة الكتاب فليس للمأموم أن يقرأ شيئاً غيرها، أو أن يتلفظ بدعاء وذكر ونحو ذلك حال قراءة الإمام جهراً، لقول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (لأعراف:204)
قال الإمام أحمد: أجمع الناس على هذه في الصلاة، وفي الحديث: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(11/9686)
صلاة المرأة مع الرجال مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام وأنتم بخير، وأتمنى في هذا الشهر الكريم أن يغفر الله لنا كل خطايانا ما علمنا منها وما لم نعلم
أود أن أسأل عن جواز صلاة المرأة مع الرجل في حجرة واحدة بلا فاصل سواء كان محرماً لها أم لم يكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة الخلوة برجل إلا مع ذي محرم، لما في ذلك من مفاسد كبيرة، فهو سبيل سهل للوقوع في المعصية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلونّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن دخول الحمو، قال: الحمو الموت.
والحمو قريب الزوج كأخيه وابن عمه.
وأما صلاة المرأة مع الرجال فإنها مشروعة، لأن النساء كنّ يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة: ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن، ما يعرفن من الغلس. متفق عليه.
وموقع المرأة في صلاة الجماعة خلف صفوف الرجال، فقد خصص النبي صلى الله عليه وسلم بابا للنساء، كما في الحديث الذي رواه أبو داود.
وكان صلى الله عليه وسلم يمكث في مكانه يسيراً قبل أن يقوم كي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال، كما في الحديث الذي رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1424(11/9687)
الأفضل الصلاة في المسجد الأكثر جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منزلي يقع على نفس المسافة من مسجدين، ولكن بالقرب من أحد هذين المسجدين يقع منزل الفتاة التي أريدها زوجة لي، وإخوتها أصدقائي وأحب رؤيتهم، فهل ذهابي لهذا المسجد دون الآخر فيه شيء علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل للمرء أن يصلي في المسجد الأكثر جماعة، لكون المسجد الأكثر جماعة يزيد أجر الصلاة فيه على الذي هو أقل منه جماعة، ما لم يكن ثمت أمور أخرى ترجح الذهاب إليه أو عنه.
أخرج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر، فهو أحب إلى الله.
وبناء على ذلك، فالصواب أن تصلي في المسجد الذي هو أكثر جماعة، مع أن صلاتك في غيره من المساجد جائزة صحيحة وليس فيها أي شيء.
ومما تنبغي الإشارة إليه أن الخطيبة ليست زوجة ولا مثل الزوجة، فلا تجوز رؤيتها ولا الحديث معها لغير ضرورة ولا الخلوة بها، والذي أباحه الشرع منها لخاطبها هو النظر مرة أو مرتين لمعرفة ما إذا كانت تصلح له زوجة أم لا؟ ولا بأس أن يتحدث معها لنفس الغرض أو لغيره من غير خلوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1424(11/9688)
الإجماع على استحباب تسوية الصفوف لا ينفي وجوبه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
وردت أحاديث كثيرة فيها الأمر بسد الخلل وتسوية الصفوف في الصلاة, فلماذا يقول البعض باستحباب ذلك فقط؟ هل هناك إجماع على الاستحباب كما ادعى البعض؟
ولو قلنا بالوجوب، فهل يجوز لي أن أفتح رجلي للوصول إلى رجل من بجانبي لتحقيق هذه السنة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة هو وجوب تسوية الصفوف، كما هو مفصل في الفتوى رقم: 10847.
وقد حُكِي الإجماع على استحبابه، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: قلت: ومن ذكر الإجماع على استحبابه، فمراده ثبوت استحبابه لا نَفْيُ وجوبه، والله أعلم. انتهى.
أما بالنسبة للرجلين أثناء القيام، فينبغي التفريق بينهما مسافة شبر.
ففي كتاب حاشيتي قليوبي وعميرة: وفي الروضة يستحب التفريق بين القدمين شبرا، ويقاس به التفريق بين الركبتين. انتهى.
وإذا فعلت المطلوب وهو التفريج قدر الشبر ثم بقيت مسافة بينك وبين من يجاورك لم تسد، فعليك الإمساك بيد من بجنبك أو الإشارة إليه حتى يقترب أكثر ويسد الخلل، وقد جاء الأمر بهذا في الحديث الذي رواه أبو داود في سننه حيث قال صلى الله عليه وسلم: أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله"، وفي "عون المعبود" شرح سنن أبي داود: ولينوا أي كونوا ليِّنين هيِّنين منقادين بأيدي إخوانكم، أي إذا أخذوا بها ليقدموكم أو يؤخروكم حتى يستوفي الصف لتنالوا فضل المعاونة على البر والتقوى. انتهى.
وعليه، فإنه لا يطلب التفريق بين الرجلين زيادة على المطلوب شرعا، لما في ذلك من الإخلال بهيئة الصلاة، قال الشيخ محمد عليش في "منح الجليل" على شرح مختصر خليل: تفريقهما خلاف المعتاد قلةُ وقار، كإقرانهما وإلصاقهما زيادة تنطع. انتهى.
وراجع الجوابين التاليين: 3331، 18547.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1424(11/9689)
يبدأ الصف من خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة حضور صلاة الجماعة في بداية الركعة التانية وكان الصف الأول ممتلئاً والصف التاني ممتلئاً من ناحية اليمين وخلف الإمام في نفس الصف فارغاً السؤال الأولى الوقوف خلف الإمام أو تكملة الجهة اليمنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأولى والأفضل الوقوف خلف الإمام وجعل الإمام في وسط الصف، حتى يتساوى طرفا الصف عن يمين الإمام، عن يساره، وكان الأولى أن يبدأ الصف من خلف الإمام.
وقد سبق لنا فتوى في ذلك وهي برقم:
2553 فنحيل السائل عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(11/9690)
يسمعون النداء ويصلون في محلهم ولا يأتون المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في المحل الواقع قرب المسجد؟ علما بأننا نصلي جماعة تقريبا خمسة أشخاص. وجماعة المسجد تبعد عنا تقريبا خمس دقائق. أفيدونا جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة مع الجماعة واجبة على من سمع النداء، ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يُجِبْه، فلا صلاة له، إلا من عذر.، رواه الدارقطني وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما.
فالواجب عليكم تلبية النداء وعدم التخلف عن المسجد.
ولمزيد من الفائدة، راجع الفتوى رقم: 24612.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1424(11/9691)
هل ثواب الجماعة في المسجد الصغير كالكبير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الصلاة في المسجد وفي الزاوية من ناحية الثواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المصلي يحصل على أجر الجماعة سواء أداها في مسجد كبير أو في مسجد صغير-وهو المسمى بالزاوية- إلا أن الصلاة في المسجد الذي يكثر عدده أولى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه أبو داود، وصححه ابن حبان وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1424(11/9692)
صفوف النساء في المسجد الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في زيارة لبيت الله الحرام وأود أن أسأل.. في صفوف النساء أيهما أفضل وأكثر أجرا، الصلاة في الصفوف الأمامية أم الخلفية.. علما بأنه في المسجد الحرام هناك أماكن خاصة للنساء خلف صفوف الرجال ولكن بينها حاجز كما تعلمون]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها. رواه مسلم وقد ذكر العلماء أن المراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال في مسجد واحد، كما كان الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون شرها أولها لقربهن من الرجال، وخيرها آخرها لبعدهن عنهم، وأما إذا كان النساء يصلين في مكان ليس فيه رجال أو بينهن وبينهم حاجز كما ذكرت السائلة في المسجد الحرام، فصفوفهن كصفوف الرجال خيرها أوله وشرها آخرها، قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: أما صفوف الرجال فهي على عمومها فخيرها أولها أبداً وشرها آخرها أبداً، أما صفوف النساء، فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها، والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثواباً وفضلاً وأبعدها من مطلوب الشرع، وخيرها بعكسه، وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم، وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك. ا. هـ والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(11/9693)
ما ينويه المصلي مرة ثانية مع الجماعة بعد صلاته منفردا
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت منفردا ثم صليت مع جماعة بنية الصلاة المكتوبة وصلاتي منفردا نويتها نفلا، فهل في ذلك شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أهل العلم اختلفوا في ما ينويه المصلي مرة ثانية مع الجماعة بعد صلاته منفرداً، فقد ذكر خليل وشراحه والنووي في المجموع فيه عدة أقوال:
الأول: أنه ينوي بالثانية النفل.
الثاني: أنه ينوي به الفرض.
الثالث: أنه ينوي بها إكمال الأولى.
الرابع: أنه يفوض لله تعالى في قبول أيهما شاء.
وقد رجح النووي في المجموع والشوكاني في نيل الأوطار أنه ينوي النفل، واحتجا له بالأحاديث المذكورة في الفتوى رقم: 9038
وأما الصلاة الأولى فقد نويت بها الفرض وانتهيت منها، فلا مجال لتحويلها من فرض إلى نفل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(11/9694)
حكم انتظار الداخل ليدرك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو:
كنت إماما في الصلاة، وفي الركعة الأخيرة أردت السلام الأخير للصلاة، فجاء شخص فأخرت السلام إلى أن دخل في الصلاة، فهل هذا جائز؟ وهل هناك رأي على عدم الجواز؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه.
وقال الإمام الخطابي في المعالم: فيه دليل على أن الإمام وهو راكع إذا أحس برجل يريد الصلاة معه، كان له أن ينتظره راكعا ليدرك فضيلة الركعة في جماعة، لأنه إذا كان له أن يحذف من طول الصلاة لحاجة النساء في بعض أمور الدنيا، كان له أن يزيد فيها لعبادة الله تعالى، بل هو أحق بذلك وأولى.
وقال في فيض القدير: وفيه أن الإمام إذا أحس بداخل وهو في ركوعه أو تشهده الأخير، له انتظار لحوقه راكعا ليدرك الركعة، أو قاعدا ليدرك الجماعة. اهـ.
وقال الإمام الشوكاني في النيل: وقد حكى استحباب ذلك (انتظار الداخل ليدرك الجماعة) ابن المنذر والشعبي والنخعي ونقل الاستحباب أبو الطيب الطبري عن الشافعي في الجديد.
وذهب أبو حنيفة ومالك والأوزاعي إلى كراهة الانتظار، واستحسنه ابن المنذر وشدد في ذلك بعضهم وقال: أخاف أن يكون شركا، وهو قول محمد بن الحسن..
وقال أحمد وإسحاق فيما حكاه عنهما ابن بطال إن كان الانتظار لا يضر بالمأمومين، جاز، وإن كان مما يضر، ففيه الخلاف.. وما قالاه هو أعدل المذاهب في المسألة، وبمثله قال أبو ثور. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(11/9695)
لا تقام صلاة جماعة قبل جماعة الإمام الراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة فى الفترة بين الأذان والأقامة قبل الجماعة ولكن مع صديق فى جماعة اخرى صحيح ام هذا يخالف العقيدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا حضرت إلى المسجد بعد الأذان وقبل الإقامة، فإنه لا يحل لك أن تقيم جماعة قبل حضور الإمام الراتب، بل عليك أن تنتظر حتى يخرج الإمام وتقام صلاة الجماعة.
قال صاحب الزاد: ويحرم أن يُؤَم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه.
ولأن ذلك افتيات على حق الإمام، ومدعاة إلى الفوضى وعدم التقييد بالجماعة في المسجد، إذا كان كل من دخل وأراد أن يصلي جماعة مع شخص آخر صلى، وهذا فيه ما لا يخفى من المخالفة الشرعية والمنافاة للحكمة من الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(11/9696)
السبيل الأقوم إلى الفوز بالبراءتين
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف شرح العلماء لحديث فضل تكبيرة الإحرام أربعين يوما هل يجب أن تكون الأربعون يوماً متوالية أم يجوز أن تكون متفرقة؟ أيضا ما المقصود ب: يدرك تكبيرة الإحرام؟ هل إذا أدرك الإمام قبل الركوع ولكن بعد قراءة الفاتحة يحصل له إدراك تكبيرة الإحرام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد روى الترمذي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان، براءة من النار وبراءة من النفاق، وقد حسن الألباني الحديث. وقد شرحه المباركفوري في تحفة الأحوذي فقال: قوله: (من صلى لله) أي: خالصاً لله أربعين يوماً وليلة في جماعة متعلق يصلي. (يدرك التكبيرة الأولى) جملة حالية، وظاهرها التكبيرة التحريمية مع الإمام، ويحتمل أن تشمل التكبيرة التحريمية للمقتدي عند لحوق الركوع فيكون المراد إدراك الصلاة بكمالها مع الجماعة، وهو يتم بإدراك الركعة الأولى كذا قال القارئ في المرقاة. قلت هذا الاحتمال بعيد، والظاهر الراجح هو الأول كما يدل عليه رواية أبي الدرداء مرفوعاً: لكل شيء أنف وإن أنف الصلاة التكبيرة الأولى فحافظوا عليها أخرجه بن أبي شيبة. (براءة من النار) أي خلاص ونجاة منها. يقال: برأ من الدين والعيب خلص، (وبراءة من النفاق) قال الطيبي أي يؤمنه في الدنيا أن يعمل عمل المنافق، ويوفقه لعمل أهل الإخلاص، وفي الآخرة يؤمنه مما يعذبه المنافق، ويشهد له بأنه غير منافق، يعني بأن المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى وحال هذا بخلافهم، كذا في المرقاة. انتهى كلام المباركفوري. والظاهر أنه لابد من توالي الأربعين يوماً، ويدل لذلك ما رواه البيهقي في الشعب عن أنس: من واظب على الصلوات المكتوبة أربعين ليلة لا تفوته ركعة كتب الله له بها براءتين، براءة من النار وبراءة من النفاق، ووجه الاستدال أن المواظبة تقتضي توالي الصلوات فأحرى الأيام. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1424(11/9697)
إذا انضم مصلون إلى رجل يصلي فذا
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض المسلمين إذا رأوا شخصا يصلي الفريضة في المسجد بمفرده، قاموا وانضموا إليه، وبالتالي أصبحوا يصلون جماعة، فهل جائز هذا الفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز ذلك الفعل، ويحصل به فضل الجماعة للجميع، وقد تقدم التفصيل لذلك في الفتوى رقم: 35075، والفتوى رقم: 3567.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1424(11/9698)
يقوم الليل إلى الفجر ثم ينام فتفوته الظهر في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في من يسهر لكي يقوم الليل إلى صلاة الفجر، ثم يبقى نائما حتى يفوت صلاة الظهر جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المسلم أن يحافظ على أداء الصلاة المفروضة في أوقاتها المحددة، كما قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
ولا يجوز له أن يتسبب في تضييعها بطول السهر أو غير ذلك ولو كان ذلك لعبادة، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. رواه البخاري.
وقيام الليل كله إلى صلاة الفجر خلاف السنة، وغلو يؤدي بصاحبه إلى تضييع الفرائض.
فقد روى مسلم وأصحاب السنن واللفظ للنسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت: لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة، ولا قام ليلة حتى الصباح، ولا صام شهراً قط كاملاً غير رمضان.
وعلى هذا فلا ينبغي للمسلم أن يسهر الليل كله بقصد القيام، ولا يجوز ذلك إن كان يؤدي إلى تضييع الفرائض، والخير كله في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل وينام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(11/9699)
المتأخر عن بعض الصلاة فاته خير كبير
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن اسأل عن حكم التأخر عن ركعة أو اثنتين بشكل دائم بدون قصد؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المتأخر عن بعض الصلاة تفوته فضيلة تكبيرة الإحرام، ويحرم نفسه من خير كبير، وأما فضيلة الجماعة، فتدرك بإتمام تكبيرة الإحرام قبل سلام الإمام، ولذا، فعلى المسلم أن يبادر إلى الخيرات.
ومما ورد في فضيلة إدراك تكبيرة الإحرام ما أخرجه الترمذي والطبراني في معجمه الكبير وعبد الرزاق في مصنفه وغيرهم من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى، كتبت له براءتان، براءة من النار وبراءة من النفاق.
وانظر الفتوى رقم: 21306، والفتوى رقم: 26583، والفتوى رقم: 2366.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(11/9700)
صلاة الجماعة لرجال المطاقئ وعمال الإنقاذ
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تؤدي الصلاة لمن يعمل في المطافي وفرق الإنقاذ في أوقات عملهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبة على الرجال، إذا سمعوا النداء في أصح قولي العلماء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5153.
ومن كان من عمال الإطفاء والإنقاذ، مداوما في عمله وقد أذن للصلاة، فلا حرج عليهم في إقامة صلاة الجماعة في محل عملهم، خشية أن يخرجوا للمسجد ثم يدعوا للإنقاذ، ولو قُدر حدوث حادث أثناء صلاتهم، وكان في إتمام الصلاة تفويت لواجب الإنقاذ فلا حرج عليهم في قطع الصلاة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
21723، والفتوى رقم: 30965، والفتوى رقم: 34549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(11/9701)
المسبوق يتم ما فاته
[السُّؤَالُ]
ـ[لحق الإمام في آخر ركعة فكيف يكمل صلاته الرباعية؟ علما بأنه قال لي شيخ إنه يكون في كل ركعة جلوس تشهد؟ والله أعلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من كلام أهل العلم في هذه المسألة أن تجعل ما أدركت مع الإمام أول صلاتك، فتأتي بعد سلام الإمام بركعة تقرأ فيها بالفاتحة والسورة ثم تجلس للتشهد الأول، ثم تأتي بركعتين تقرأ فيهما بالفاتحة فقط ولا جلوس بينهما، وللتعرف على كلام أهل العلم في المسألة المذكورة راجع الفتوى رقم: 6182.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(11/9702)
لا يمنع الولد ابنه من الصلاة في المسجد في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن أمنع ولدي من الذهاب إلى الصلاة فى المسجد مع أنه قريب، والسبب أنه إذا راح يصلي العصر ما يرجع إلا بعد صلاة العشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم:
4135، والفتوى رقم: 3880 أن الوالد لا يجوز له أن يمنع ابنه من صلاة الجماعة، لأنها واجبة وتركها معصية ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وما ذكره السائل ليس عذراً يبيح المنع، حيث يمكن أن يأذن لولده في الصلاة ويمنعه من التأخر إذا أدى الصلاة.
ونحن بدورنا ننصح هذا الابن بأن يطيع أباه في الرجوع إلى البيت بعد انقضاء الصلاة لأن طاعة الوالد في هذا واجبة، ما لم يكن هناك واجب آخر آكد يقوم به بعد الصلاة، كأن يكون يقوم بتعلم فرض عين مثلاً، وعليه أن يكون قدوة حسنة في البر بالوالدين، وأن يعكس صورة حسنة عن المحافظين على صلاة الجماعة.
وننصح الوالد أيضاً بعدم الاعتراض على تأخر الابن إذا كان لأجل درس أو محاضرة أو نحو ذلك، نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1424(11/9703)
المشي إلى المسجد أفضل من الركوب وأكثر أجرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل الذهاب إلى المسجد ماشياً أم راكبا بالسيارة إن وجدت وهل له الأجر في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت أحاديث كثيرة تحث على المشي إلى المساجد، وكان الصحابة رضي الله عنهم حريصين على المشي إليها دون الركوب مما يدل على أنه أفضل، فمن ذلك ما رواه أبي بن كعب رضي الله عنه، قال: كان رجل من الأنصار لا أعلم أحداً أبعد من المسجد منه، وكانت لا تخطئه صلاة، فقيل له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، فقال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله. رواه مسلم وغيره، ورواه ابن ماجه بغير هذا الوجه.
وروى البخاري والترمذي والنسائي وأحمد عن عبد الرحمن بن جبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار. وانظر الفتوى رقم:
35266.
ثم إن السيارة إذا استخدمت في سبيل الله، فكل ما ينفق في وقودها وغيره مما تحتاجه للمشي سيجزى به صاحبه، قال الله تعالى: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ [الأنفال:60] .
وقال: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [البقرة:273] .
وقال: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [آل عمران:92] .
وصفوة القول أن الذهاب إلى المساجد فيه أجور كثيرة عند الله تعالى، سواء كان مشياً أو على السيارة، ولكن المشي أفضل من الركوب وأكثر أجراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(11/9704)
الجماعة في المسجد أفضل منها في غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أجر صلاة الجماعة يعتمد على المكان (أقصد المسجد) ؟ أم على الجماعة أي إذا جرت صلاة الجماعه في مكان غير المسجد فالأجر واحد؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ...
قال الحافظ ابن حجر في الفتح، في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: في بيته وصلاته في سوقه: مقتضاه أن الصلاة في المسجد جماعة تزيد على الصلاة في البيت والسوق جماعة وفرادى، قاله ابن دقيق العيد قال: والذي يظهر أن المراد بمقابل الجماعة في المسجد الصلاة في غيره منفرداً لكنه خرج مخرج الغالب في أن من لم يحضر الجماعة في المسجد صلى منفرداً. قال: وبهذا يرتفع الإشكال عمن استشكل تسوية الصلاة في البيت والسوق انتهى كلام ابن دقيق العيد.
قال الحافظ: ولا يلزم من حمل الحديث على ظاهره التسوية، إذ لا يلزم من استوائهما في المفضولية عن المسجد كون أحدهما أفضل من الآخر، وكذا لا يلزم كون الصلاة جماعة في بيت أو سوق لا فضل فيها على الصلاة منفرداً، بل الظاهر أن التضعيف المذكور يختص بالجماعة في مسجد، والصلاة بالبيت مطلقاً أولى منها بالسوق؛ لأن الأسواق محل الشياطين، والصلاة جماعة في البيت وفي السوق أولى من الانفراد. وقد جاء عن بعض الصحابة قصر التضعيف إلى خمس وعشرين على التجميع، وفي المسجد العام مع تقرير الفضل في غيره. انتهى
فالخلاصة أن صلاة الجماعة في المسجد أفضل منها في غيره، والجماعة في غيره أفضل من الانفراد.
وراجع لحكم صلاة الجماعة في المسجد الفتاوى التالية: 31578، 6276، 677.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(11/9705)
انتظار الفتاة والدها للصلاة جماعة أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة والحمد لله أحاول في المداومة على صلاة الجماعة مع أبي ولكن بعض الأحيان يتأخر في عمله فهل أصلي لوحدي بعد الأذان مباشرة أو أنتظره لأصلي معه جماعة؟ علما بأنه لم يخرج وقت الصلاة فأيهما أفضل؟ الصلاة في وقتها أم صلاتها جماعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنهنئك على المواظبة على أداء الصلاة جماعة والاهتمام بذلك. ثم نقول: إن كان أداؤك للصلاة جماعة مع أبيك لا يؤدي إلى خروج وقت الصلاة، فمن الأحسن انتظار الصلاة معه لما يترتب على ذلك من مضاعفة أجر الصلاة بسبع وعشرين درجة، كما في الحديث الصحيح.
مع التنبيه إلى أن أداء الصلاة في وقتها من أفضل الأعمال، ففي الحديث المتفق عليه، أن أحد الصحابة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَيّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصّلاَةُ لِوَقْتِهَا. قَالَ: ثُمّ أَيّ؟ قَالَ: بِرّ الْوَالِدَيْنِ. قَالَ: ثُمّ أَيّ؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله. رواه مسلم.
ومن المؤكد أن تذكري أباك بضرورة أداء الصلاة مع جماعة المسلمين، لما في ذلك من الثواب العظيم، وخاصة إذا كان يسمع النداء، ولا عذر له في التخلف عنها؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته، فلا صلاة له، إلا من عذر. رواه ابن ماجه وغيره.
وللتعرف على أهمية صلاة الجماعة وخطورة التخلف عنها تراجع الفتوى رقم: 5153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1424(11/9706)
حكم تأخير الصلاة لإتمام درس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم تأخير الصلاة من قبل الإمام وذلك لإتمام درس.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى للجماعة أن تؤخر الصلاة بقدر ما يجتمع المصلون، وبشرط أن لا يخرج الوقت. وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤخر الصلاة إذا أبطأ الصحابة، ويعجل بها إذا اجتمعوا. روى الشيخان والنسائي وأبو داود والدارمي وأحمد، من حديث جابر رضي الله عنه، قال:..والعشاء أحيانًا وأحيانًا، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطأوا أخر..
وكان يؤخر الظهر لشدة الحر. روى الجماعة عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم.
وبناء على ذلك فلا مانع من أن يؤخر الإمام الصلاة لإتمام درس، بشرط ألا يخرج الوقت الاختياري، وأن لا يتضرر المصلون بالتأخير، فإن الإضرار بالناس غير جائز. روى ابن ماجه وأحمد، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن لا ضرر ولا ضرار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1424(11/9707)
هل تصح الصلاة بدون أذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح صلاة الجماعة بدون أذان؟؟
والله يعطيكم العافية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم الأذان بين السنية والوجوب، وعلى كلا القولين، فإن الصلاة تصح للفذ والجماعة دون أذان. قال ابن قدامة في المغني: وإن صلى مصلٍّ بغير أذان ولا إقامة فالصلاة صحيحة على القولين - أي القول بالوجوب والقول بالسنية - لما روى عن علقمة والأسود أنهما قالا: دخلنا على عبد الله فصلى بنا بلا أذان ولا إقامة. رواه الأثرم، ولا أعلم أحدًا خالف في ذلك إلا عطاء.. (1/250) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(11/9708)
الفرق بين الجماعة الأولى والجماعة الثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الجماعة الأولى التي تقام في المسجد والجماعة الثانية من المتأخرين؟ وهل يفرق القبول أوأي شيء آخر بفرق العدد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المبادرة إلى الصلاة من أفضل الأعمال، كما قال صلى الله عليه وسلم حينما سئل: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها. قال: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله رواه البخاري.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط رواه مسلم.
من جهة أخرى، فإن الأصل أن المسجد لا تقام فيه إلا جماعة واحدة حرصاً على وحدة المسلمين، ولأنه الثابت عن السلف الصالح، لكن لو حضرت جماعة بعد نهاية الصلاة، فلهم أن يصلوا جماعة، كما هو مفصل في الجوابين التاليين: 16055، 16939.
والأفضل في حق المسلم أن يكون مبادراً إلى النداء، ويصلي مع الجماعة التي تصلي أولاً، لما في ذلك من المبادرة إلى الخير، وقطع الطريق على الشيطان الذي يدعو إلى التكاسل عنها، بالإضافة إلى أن حصول الجماعة الأخرى غير محقق، فقد لا يحضر أحد بعد أداء الصلاة جماعة.
وعليه، فلا ينبغي للمسلم التأخير والتكاسل اعتماداً على أنه سيدرك الصلاة مع الجماعة الثانية، وأن يعوّد نفسه الحرص على الخير والمسارعة إليه.
هذا مع العلم أن صلاة جماعة ثانية في المسجد قيل بكراهتها. وعلى كل حال فلن تصل إلى درجة الجماعة الأصلية التي صلى بها الإمام الراتب وبادرت إلى حضور الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(11/9709)
الأفضل إدراك تكبيرة الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الأفضل صلاة ركعتي الفجر في البيت أم اللحاق بتكبيرة الإحرام في المسجد؟ مع العلم بأني إذا صليت السنة في البيت تفوتني تكبيرة الإحرام في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من الأفضل -إن شاء الله- المحافظة على أداء تكبيرة الإحرام في جماعة، بدليل ما رود من الترغيب في ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من صلَّى لله أربعين يومًا في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءتان: براءة من النار وبراءة من النفاق. رواه الترمذي وغيره وحسنه الألباني.
ولأن ركعتي الفجر بالإمكان أداؤهما بعد طلوع الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم: من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس. رواه الترمذي.
وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقضيهما من الضحى، كما ذكر ذلك ابن قدامة في المغني، وذكره غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(11/9710)
تستحب جماعة النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في بيتنا كل فرد من أفراد الأسرة يصلي كل صلاة لوحده مثلا إذا صليت العصر والدتي تنتظرني حتى أفرغ من صلاتي كي تصلي هل نحن آثمون على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب لنساء أهل البيت الواحد، وغيرهنَّ إذا اجتمعنَ؛ اثنتين أو أكثر أن يصلين جماعة. قال المرداوي في "الإنصاف": يستحب للنساء صلاة الجماعة على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور.
فإذا صلّت كل واحدةٍ بمفردها، صحّت صلاتهنَّ ولا شيء عليهنَّ.
أما الرجال فلا يجوز لهم التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد بغير عذر، ومن صلى في بيته بلا عذر صحّت صلاته مع الإثم على الصحيح، كما مرَّ بيانه في الفتوى رقم: 5153، والفتوى رقم: 28664.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(11/9711)
حكم الصلاة في غير مسجد الحي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو من فضيلتكم أن تبينوا بالدليل حكم تغيير المسجد للصلاة خلف القارئ الجيد، وهل أنهم لم يقعوا في النهي الشرعي الوارد في الحديث: "لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد المسجد الأقصى والمسجد الحرام ومسجدي هذا"
وإذا كان الحكم بالجواز، فهل يسري هذا الحكم على صلاة الجمعة؟ أي تغيير المسجد لصلاة الجمعة، وما هي الحكمة من الجمعة.
شكرا وجزاكم الله خيرا والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من الذهاب إلى المسجد الذي تخشع لقراءة إمامه نظرًا لجودة صوته، وحسن ترتيله، ما لم يؤد ذلك إلى هجر المسجد القريب منك بسبب انصرافك أنت وغيرك من المصلين، لا سيما أن بعض الفقهاء قد نصوا على أن الصلاة في مسجد الحي أفضل من الصلاة في غيره، ولو كان غيره أكثر جماعة. قال ابن عابدين في رد المحتار: ومسجد حيه - وإن قلَّ جمعه - أفضل من الجامع، وإن كثر جمعه. اهـ
ولأن ترك المرء للصلاة في مسجد حيه سبب في اتهامه بعدم حضور الصلاة في جماعة، وإثارة للناس على الإمام، حيث يكثر السؤال عن سبب عدم الصلاة خلفه مما يؤدي إلى وقوع الناس في فتنة، مع ما فيه من التأثير على نفس الإمام وإدخال الحزن عليه، وكذلك صلاة الجمعة بشروط بيناها في الفتوى رقم: 30037.
علمًا بأن النهي عن شد الرحال المذكور في الحديث كناية عن السفر. قال ابن جرير في فتح الباري: كنى بشد الرحال عن السفر لأنه لازمه، وخرج ذكرها مخرج الغالب في ركوب المسافر، وإلا فلا فرق بين ركوب الرواحل والخيل والبغال والحمير، والمشي في المعنى المذكور، ويدل عليه قوله في بعض طرقه: إنما يسافر. اهـ
فالمقصود إذًا النهي عن السفر إلى غير المساجد الثلاثة، فلو ركب المرء للصلاة في مسجد دون أن يكون الذهاب لهذا المسجد في معنى السفر، فليس ذلك من شدِّ الرحال؛ لأن شدَّ الرحال هو السفر ولو كان ماشيًا، ولذلك لما قال أبي بن كعب لأحد الصحابة: لو اشتريت حمارًا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء ... -يعني حينما تأتي المسجد- لم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 28643، والفتوى رقم: 25905.
أما عن الحِكَم من صلاة الجمعة فكثيرة، ومنها:
1- اتباع أمر الشارع سبحانه وتعالى، حيث قال: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9] .
2- يوم الجمعة يجتمع فيه المسلمون فيكون ذلك أدعى للتآلف بين قلوبهم والشعور بأخوة الإيمان، مع ما فيه من إظهارٍ لشعائر الإسلام، وإغاظة لقلوب أعداء الدين.
3- أنها يوم عيدٍ للمسلمين في الأرض، قال صلى الله عليه وسلم: إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر ... رواه ابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيق "زاد المعاد": إسناده حسن كما قال البوصيري في الزوائد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(11/9712)
مصلحة الجماعة الثانية أم مصلحة إلقاء الدرس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إلقاء درس في المسجد عقب صلاة العصر مباشرة في مكبر الصوت مع وجود جماعة أخرى تصلي ألا يعد ذلك تشويشا على المصلين وفيه تقديم لشيء مستحب على فرض؟ أفيدوني مع تعميم ذلك على كل من يعمل بالإمامة.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما الفرض فقد انقضى بصلاة الإمام، وهل تكره صلاة جماعة ثانية بعد انقضاء جماعة الإمام الراتب أم لا؟ فيها قولان للعلماء، ذهب الجمهور الحنفية والمالكية والشافعية إلى كراهة الجماعة الثانية، وأجازها الحنابلة بلا كراهة.
قال الإمام النووي في المجموع شرح المهذب: فرع: في مذاهب العلماء في إقامة الجماعة في مسجد أقيمت فيه جماعة قبلها، أما إذا لم يكن له إمام راتب فلا كراهة في الجماعة الثانية والثالثة وأكثر بالإجماع، وأما إذا كان له إمام راتب وليس المسجد مطروقًا فمذهبنا كراهة الجماعة الثانية بغير إذنه، وبه قال عثمان البتي والأوزاعي ومالك والليث والثوري وأبو حنيفة، وقال أحمد وإسحاق وداود وابن المنذر: لا يكره. اهـ
وعلى القول بالجواز مطلقًا فهاهنا مصلحتان تعارضتا، مصلحة صلاة الجماعة الثانية، ومصلحة إلقاء الدرس أو التنبيه على شيء من مهمات الدين، فأيهما تقدم حيث تعذر الجمع بينهما؟ لا شك أن مصلحة الدرس أعم وأنفع غالبًا، وبإمكان المتأخرين الصلاة خارج المسجد أو تأخير الصلاة لحين الفراغ من الدرس ما لم يتضايق وقت الفريضة، ولو أمكن الجمع بين الأمرين كان أفضل، كأن تتأخر الجماعة الثانية أو ينتظر المدرس أو الواعظ حتى يفرغوا، ولكن لما كان الغالب أن الناس لا يصبرون بل يخرجون سراعًا من المسجد، وأن الجماعات قد تكثر بعد الصلاة الأولى كان إلقاء الدرس أولى.
هذا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحيانًا يعظ الناس بعد الفراغ مباشرة من الصلاة، وقد يوجد المسبوق الذي يقوم لإكمال صلاته ونحوه، ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينتظرهم حتى يفرغوا.
روى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه فقال: أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالانصراف، فإني أراكم أمامي ومن خلفي. ثم قال: والذي نفس محمد بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا. قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: رأيت الجنة والنار.
والأحاديث التي تدل على وعظه وتدريسه عقب الصلاة مباشرة كثيرة والحمد لله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(11/9713)
أفضلية المسجد لمن لا يجد جماعة في المسجد ولا خارجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدرس في كندا وفيها مسجد واحد يبعد 3 كيلو والمسلمون فيهم البركة وليسوا قليلين غير أن الحاصل أنه لا يصلى في المسجد إلا الفجر والمغرب والعشاء وأنا أنتهي من الجامعة العصر تقريباً ولا أعرف ما إذا صليت في المسجد أو البيت سيكون نفس الشيء مع أني أعلم أن صلاة العصر لا يأتي أحد إلى المسجد بل أصلي بنفسي
فهل هو نفس الأجر أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت على يقين من أنك لن تجد من يصلي معك العصر في المسجد، ويمكنك تحصيل جماعة خارج المسجد، فالأفضل أن تصلي في الجماعة، لما أخرجه النسائي وأبو داود وأحمد من حديث أُبَيِّ بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كانوا أكثر فهو أحب إلى الله عز وجل.
وأما إذا كنت لا تجد جماعة في المسجد ولا خارج المسجد، فالأفضل أن تصلي في المسجد، لما ورد من الترغيب في عمارة المسجد، قال تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ [التوبة:18] .
وروى الشيخان وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح.
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تطهر في بيته ثم مضى على بيتٍ من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطواته إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة. أخرجه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9714)
هل ترفض الزوجة الجماعة مع زوجها لتخلفه عن جماعة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يطلب مني دائماً الصلاة معه والأولاد جماعة بالمنزل علماً بأن المسجد مواجه للبيت فهل يجوز لي الرفض والصلاة بمفردي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن تنصحي زوجك وتبيني له خطأ ما هو عليه من تركه أداء الصلاة جماعة في المسجد، بالإضافة إلى عدم تعويد الأبناء على حضورها، فمن العلماء من يرى أن صلاة الجماعة واجبة، والصلاة مع القدرة عليها باطلة، ولهم أدلتهم في ذلك، وتمكن مراجعتها في الفتويين التاليتين:
5153، 1415.
وإضافة إلى ذلك فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر رواه ابن ماجه وابن حبان، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع.
ويترتب على هذا التخلف أيضًا فوات الأجر الجزيل المترتب على حضورها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة متفق عليه.
وأخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة.
فإذا أصر على عدم حضور صلاة الجماعة، فإنه عاصٍ وصلاته صحيحة على الراجح، ومعلوم عند أهل العلم أن من صحت صلاته يصح الاقتداء به، فتجوز لك الصلاة معه جماعة مع المواظبة على نصحه دائمًا.
ويجوز لك الذهاب إلى الصلاة في المسجد جماعة إذا كان هناك مصلى خاص بالنساء، إذا أمنت الفتنة، وتخرجين غير متزينة، ولا يحق لزوجك منعك من الخروج، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تَفِلاَتٍ أخرجه الإمام أحمد في المسند وابن حبان وأبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1424(11/9715)
هل تتعين المساجد للجماعة أم لا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: هل هناك أي اختلاف في وجوب الصلاة في المسجد بالنسبة للرجال؟ وإذا كان فما هو الاختلاف؟ وما الراجح؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع المسلمون على صحة الصلاة خارج المسجد للرجال والنساء، إلا ما ذهب إليه الظاهرية من أنها لا تصح من الرجال خارج المسجد إلا لعذر، فمن صلى خارج المسجد عندهم من غير عذر بطلت صلاته. وحجة الجمهور قول النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل. رواه البخاري وغيره.
وحجة الظاهرية قوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد. فقيل له: ومن جار المسجد؟ قال: من أسمعه النداء. هذا الحديث رواه الدارقطني عن أبي هريرة رضي الله عنه. ورواه البيهقي عن علي رضي الله عنه مرفوعاً. وقد ضعفه أهل الحديث، ومنهم من رأى له تفسيرات أخرى هي: أن المقصود بالمسجد الجماعة، لا حقيقة المسجد لصحتها خارجه، ومنهم من رأى أن المقصود: كمال الصلاة وفضيلتها. قال ابن قدامة: ... لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، لا نعرفه إلا من قول علي نفسه، كذلك رواه سعيد في سننه، والظاهر أنه إنما أراد الجماعة، وعبر بالمسجد عن الجماعة لأنه محلها، ومعناه: لا صلاة لجار المسجد إلا مع الجماعة. وقيل: أراد به الكمال والفضيلة، فإن الأخبار الصحيحة دالة على أن الصلاة في غير المسجد صحيحة جائزة. (المغني، 2/4) .
وينبغي أن يُعلم أن صلاة الجماعة واجبة وجوبًا عينيًّا على من يسمع النداء من الرجال القادرين، في أصح أقوال العلماء. وقد اختلف القائلون بالوجوب هل تتعين المساجد للجماعة أو لا؟ قال ابن القيم رحمه الله في كتابه "الصلاة وحكم تاركها": وهل له فعلها - أي الجماعة - في بيته أم يتعين المسجد؟ فهذه المسألة فيها قولان للعلماء، وهما روايتان عن الإمام أحمد، أحدهما: له فعلها في بيته، وبذلك قالت الحنفية والمالكية، وهو أحد الوجهين للشافعية. والثاني: ليس له فعلها في البيت إلا من عذر. وفي المسألة قول ثالث: فعلها في المسجد فرض كفاية، وهو الوجه الثاني لأصحاب الشافعي. إلى أن قال: ووجه الرواية الثانية ما تقدم من الأحاديث الدالة على وجوب الجماعة فإنها صريحة في إتيان المساجد، وفي مسند الإمام أحمد عن ابن أم مكتوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المسجد فرأى في القوم رقة، فقال: إني لأهم أن أجعل للناس إمامًا ثم أخرج فلا أقدر على إنسان يتخلف عن الصلاة في بيته إلا أحرقته عليه. وفي لفظ لأبي داود ثم آتي قومًا يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرق عليهم بيوتهم. وقال له ابن مكتوم، وهو رجل أعمى: هل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: لا أجد لك رخصة. وقال ابن مسعود: لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم.
ثم قال: ومن تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة. فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر، وبهذا تتفق جميع الأحاديث والآثار. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(11/9716)
حكم الصلاة في المسجد القريب إذا كان عدد المصلين قليلا
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد جوار بيتنا مسجد صغيرأصلي فيه منفرداً، هل يجوز لي أن اتركه وأذهب للصلاة في مسجد آخر جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجماعة واجبة على من ليس له عذر من الرجال -على أرجح أقوال أهل العلم-.
وعليه، فإذا كان المسجد الذي بجواربيتكم مهجورا لا يصلي فيه أحد، فإن عليك أن تصلي في مسجد آخر مع الجماعة.
أما إذا لم يكن مهجورا وكنت صليت فيه في وقت لم يأت إليه أحد، أو كنت الإمام الراتب فصليت وحدك، فلك أجر الجماعة -إن شاء الله تعالى- وعليك أن تحث جيران المسجد لإعماره وإحيائه بالعبادة وصلاة الجماعة، ولا يتفرقوا أو يصلوا في بيوتهم ويتركوا المسجد القريب منهم ميتا مهجورا.
فإذا لم تجد من يصلي معك فعليك أن تذهب إلى مسجد آخر تحصل فيه على فضل الجماعة وتكتسب الأجر بكثرة الخطا إلى المسجد المعمور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(11/9717)
الصلوات التي تصلى في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
ما هي الصلوات التي تصلى في جماعة سرية والتي تصلى جهرية؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلوات التي تصلى في جماعة بلا خلاف بين الفقهاء هي: الصلوات الخمس والجمعة والتراويح والكسوف والاستسقاء والعيدان، وتجوز الجماعة في صلاة التطوع والأولى الانفراد بها، قال ابن قدامة في المغني: يجوز التطوع جماعة وفرادى لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين كليهما، وكان أكثر تطوعه منفرداً، وصلى بحذيفة مرة وبابن عباس مرة وبأنس وأمه واليتيم مرة، وأَمَّ أصحابه في بيت عثمان مرة. (1/ 442) .
وأما عن معرفة الذي يجهر فيه من ذلك أو يسر فانظر الفتوى رقم 4442
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(11/9718)
حكم صلاة المنفرد خلف الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وجزاكم الله خيراً
هل يجوز عمل صف جديد خلف الجماعة لكون الصف الذي أمامه لم يكتمل ولكن يصلون بين السواري، فإن صلى منفرداً نتيجة ذلك فهل تبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الصف الأول لم يكتمل فلا ينبغي إنشاء صف جديد حتى يكتمل الصف الأول، لما رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتموا الصف الأول ثم الذي يليه، فإن كان نقص فليكن في الصف المؤخر.
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ فقلنا يا رسول الله: كيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمون الصف الأول ويتراصون في الصف. رواه الجماعة إلا البخاري.
وأما الصلاة بين السواري فتكره لما رواه ابن ماجه عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: كنا نُنهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الخمسة إلا ابن ماجه.
فإذا كان المتقدم مقطوعاً بالسواري فلا حرج -إن شاء الله- في إنشاء صف جديد، ولكن لا يصلي خلف الصف وحده فإن فعل فعليه أن يعيد الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمنفرد خلف الصف. رواه أحمد وابن ماجه.
هذا إذا كان يجد فرجة في الصف، وقد سبق تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم:
4825، ولمزيد فائدة في الموضوع كله تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15177، 5286، 33139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1424(11/9719)
الشروط اللازمة لصحة صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي شروط صلاة الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتشترط لصحة الصلاة على العموم عدة شروط قد بيناها في الفتوى رقم: 1742.
أما صلاة الجماعة فتشترط لها زيادة على ذلك عدة شروط أخرى:
- أن يحضرها اثنان فأكثر، باتفاق أهل العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث: إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما ثم ليؤمكما أكبركما. متفق عليه.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي فاتته الجماعة: من يتصدق على هذا، فيصلي معه. رواه أحمد
وبما روى ابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اثنان فما فوقهما جماعة.
- أن يكون الإمام ذكراً إذا كان المقتدي به ذكراً، فلا تصح إمامة المرأة للرجال ولا للصبيان المميزين، لا في فرض ولا في نفل، قال صاحب مغني المحتاج وهو شافعي: ولا تصح قدوة ذكر رجل أو صبي مميز وخنثى بأنثى أو صبية مميزة.
وقد سبق بيان طرف من ذلك في الفتوى رقم: 25215.
أما إذا كان المأموم امرأة أو نساء ليس فيهن رجل ولا صبي مميز فلا تشترط الذكورة في إمامهن، فتصح إمامة المرأة للنساء على الراجح من أقوال أهل العلم، لما رواه ابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تؤم النساء، تقوم معهن في الصف، وروي نحوه أيضاً عن أم سلمة رضي الله عنها، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 5796.
- أن يحسن الإمام قراءة ما لا تصح الصلاة إلا به وأن يقوم بالأركان، فلا تصح إمامة من لا يحسن الفاتحة، كأن يبدل فيها حرفاً بغيره، إلا الضاد بالظاء فإنه معفو عنه على الراجح، وهذا القول هو مذهب الحنابلة لخفاء الفرق بينهما، أو أن يلحن فيها لحناً يحيل المعنى، مثل أن يقول: "صراط الذين أنعمتُ عليهم"، بضم التاء، فإن كان الإمام قادراً على قراءة الفاتحة قراءة صحيحة فلم يفعل، لم تصح صلاته لا لنفسه ولا لغيره، وإن كان عاجزاً صحت صلاته لنفسه ولمن هو مثله لأنه معذور بعجزه، وقد قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] .
وقال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .
ولا تصح الصلاة أيضاً خلف عاجز عن الركوع أو السجود أو القعود أو نحو ذلك من الأركان إلا بمثله إلا إمام الحي، وهو الإمام الراتب في المسجد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الإمام: وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً. متفق عليه، وقد حمله الحنابلة على إمام الحي الذي يرجى زوال مرضه.
- أن ينوي المؤتم الاقتداء بالإمام، لأن متابعة الإمام عمل يفتقر إلى نية، ويشترط أن تكون النية مقارنة للتحريمة (تكبيرة الإحرام) أو متقدمة عليها، بشرط ألا يفصل بينها وبين التحريمة فاصل أجنبي، وهذا عند جمهور الفقهاء، وذهب الشافعية والحنابلة في رواية إلى أنه يجوز للذي أحرم منفرداً أن يجعل نفسه مأموماً، بأن تحضر جماعة فينوي الدخول معهم بقلبه في صلاتهم سواء أكان في أول الصلاة، أم قد صلى ركعة فأكثر، قال صاحب المغني من الحنابلة: وإن أحرم منفرداً، ثم نوى جعل نفسه مأموماً، بأن يحضر جماعة فينوي الدخول معهم صلاتهم، ففيه روايتان، إحدهما: هو جائز، وقال الإمام النووي في المنهاج: ولو أحرم منفرداً ثم نوى القدوة في خلال صلاته جاز في الأظهر.
ويشترط إذا كان الإمام والمأموم في مسجد واحد أن يسمع المأموم تكبير الإمام أو يراه أو يرى من وراه، أما إذا كان المأموم خارج المسجد فيشترط لذلك شرطان على الراجح:
الشرط الأول: أن يسمع التكبير.
الشرط الثاني: ان تتصل الصفوف.
وهذا لأن الواجب في الجماعة أن تكون مجتمعة في الأفعال، وهي متابعة المأموم للإمام، والمكان، وهناك شروط أخرى هي محل اختلاف بين الفقهاء تطلب في مظانها من كتب الفقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1424(11/9720)
يحصل أجر الجماعة لمن صلى في مكان معد للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الشركة التي أعمل بها تمنعني من الصلاة في الجامع القريب من موقع الشركة، بحجة أن لديها مصلى، وأنني أضيع وقت الشركة عند الذهاب إلى الجامع، خاصة وأنهم ينبهون على إمام المصلى بأن يتعجل بالصلاة. وأنا لا أستطيع الخشوع في المصلى لأنه مكشوف والحركة والأصوات حوله كثيرة. ووصلتني تلميحات بأنهم سيخصمون من مرتبي بقدر الوقت الذي أقضيه خارج الشركة وقت الصلاة وقد يكون هذا المبلغ كبيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه للصلاة أفضل من الصلاة في المصلى، لحديث ابن مسعود موقوفا: من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على الصلوات حيث ينادى بهن. رواه مسلم ومع هذه الأفضلية للصلاة في المسجد، فإنه يجوز لكم الصلاة جماعة في المكان المعد في الشركة للصلاة (المصلى) وتحصلون على أجر صلاة الجماعة، وهذا بشرط أن يكون الإمام ممن يأتون بالطمأنينة الواجبة.
وبهذا تعلم أنه لا موجب لأن تعرض نفسك للضرر ما دام الأمر فيه سعة.
وراجع الجواب:
13210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1424(11/9721)
حول تحديد مواعيد الصلاة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لجماعة من الناس التحكم في المسجد، كأن يقوموا بتحديد مواعيد الصلاة وتأخيرها حسب ظروفهم دون الالتزام بالمواعيد المحددة، ودون الرجوع إلى باقي أهالي المنطقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المساجد ليست لأحد دون أحد فهي لعامة الناس ولا يحق لأحد أن يتحكم فيها بحيث يحدد وقتاً للصلاة يناسبه وحده دون النظر إلى باقي الجماعة.
والنظر في ذلك يرجع فيه إلى جماعة المسجد المواظبين على الصلاة فيه، فلهم أن يحددوا وقتا يتفقون عليه يتناسب مع ظروفهم يصلون عنده، فإن اختلفوا فالذي يقطع النزاع هو الجهة المسؤولة عن المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1424(11/9722)
مذهب الأحناف في القراءة خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الدليل عند أبي حنيفة على عدم جواز قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة؟ وهل هو جائز عدم قراءة الفاتحة حتى في الصلاة السرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب الأحناف أن المأموم لا يقرأ خلف الإمام، سرية كانت الصلاة أو جهرية، جاء في فتح القدير وهو من كتب الأحناف: قال محمد: لا قراءة خلف الإمام فيما جهر وفيما لم يجهر فيه، بذلك جاءت عامة الأخبار، وهو قول أبي حنيفة. اهـ.
وجاء في مجمع الأنهر وهو من كتبهم أيضا: ولا يقرأ المؤتم خلف الإمام في السرية والجهرية، بل يستمع وينصت، من الإنصات بمعنى السكوت، خلافا للشافعي.
ثم استدل على ذلك فقال: ولنا قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا [الأعراف:204] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة.
وردُّوا الاستدلال بحديث: ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن. فقالوا: يحمل على غير حال الاقتداء جمعا بين الأدلة، بل يقال القراءة ثابتة من المقتدي شرعا، فإن قراءة الإمام له قراءة، فلو قرأ لكان له قراءتان في صلاة واحدة وهو غير مشروع. اهـ من فتح القدير.
فهذه بعض أدلة الأحناف في هذه المسألة، ويطول عرض ردود الآخرين عليهم.
والراجح أن المأموم يقرأ في السرية، ولا يقرأ في الجهرية، وهو مبين في الفتوى رقم:
4826، والفتوى رقم: 1637، والفتوى رقم: 1740. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(11/9723)
تسوية الصفوف واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في جماعة والصف ليس على خط مستقيم، هل يوجد حديث صحيح ينهي عن صلاة الرجل منفرداً في صلاة أو ما معناه صلاة المنفرد بالصف؟ وماذا يفعل إذا اضطر للصلاة منفرداً في صلاة الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فتسوية الصفوف واجبة كما هو مذهب طائ فة من أهل العلم، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك من أحاديث كقوله صلى الله عليه وسلم: لَتُسَوُّنّ صفوفكم أو ليخالفن ّ الله بين وجوهكم.، وق وله: سوُّوا صفوفكم فإن تس وية الصفوف من تمام الصلاة. متفق عليهما. وإلى ذ لك ذهب البخاريفي صحيحه حيث قال: باب إثم من لم يتم الصف. وهذا مذهب ابن حزم واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 10847 فإذا تهاون المسلمون بتسوية الصفوف، فاتهم خير عظيم وأثموا بذلك وصحت صلاتهم، لأن تسوية الصفوف أمر خارج عن هيئة الصلاة وحقيقتها. قال الشيخ ابن العثيمين -رحمه الله- في الشرح الممتع على زاد المستقنع -بعد أن ق رر وجوب تسوية الصفوف وأن الجماعة إن لم يسووا الصف فهم آثمون-: لكن إذا خالفوا فلم يسووا الصف، فهل تبطل صلاتهم لأنهم تركوا أم را واجبا؟ الجو اب فيه احتمال، قد يقال: إنها تبطل، لأنهم تركوا الواجب، ولكن احتمال عدم البطلان مع الإثم أقوى، لأن التسوية واجبة للصلاة لا واجبة فيها، يعني أنها خارجة عن هيئتها، والواجب للصلاة يأثم الإنسان بتركه، ولا تبطل الصلاة بتركه. انتهى. هذا ما يتعلق بالشق الأول من السؤال، أما ما يتعلق بالشق الثاني، فقد صح عن وابصة بن مع بد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: رأى رجلا صلى وحده خلف الصف، فأمره أن يعيد صلاته. رواه أحمد وأبو داود وصححه الشيخ شعيب الأرناؤوط وال شيخ الألباني. وأما ما يتعلق بالشق الثالث وهو: ماذا يفعل من اضطر للصلاة منفردا في صلاة الجماعة؟ فقد تقدم الجواب عنه في الفتوى رقم: 4825 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(11/9724)
للمرأة أن تؤم النساء في الصلاة السرية والجهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إمامة المرأة للنساء في الصلاة الجهرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تؤم النساء في الصلاة السرية والجهرية وتجهر بالقراءة في الجهرية دون جهر الرجل، أي تخفض صوتها بالقراءة والذكر، فإن كانت بحضرة أجانب أسرّت، وانظر الفتوى رقم: 10518، والفتوى رقم: 5796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(11/9725)
من قصد الصلاة جماعة ومنعه العذر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي مع أخي فقط جماعة ثم انتقض وضوؤه فخرج من الصلاة وبقيت أصلي منفردا، هل يحتسب أجر صلاة الجماعة؟ أم ما هو حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحتسب -إن شاء الله-لك ولأخيك أجر صلاة الجماعة، لأنكما قصدتما أن تصليا جماعة ولكن حال العذر دون الإتمام، وقد نص أهل العلم على أن من نوى عملاً وبذل ما يقدر عليه ثم حال بينه وبين إتمامه عذر أن له ثواب العمل كاملاً، واستدلوا على ذلك بما ورد من أحاديث، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في غزوة تبوك: إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، قالوا: وهم بالمدينة؟!! قال: وهم بالمدينة حبسهم العذر.
فهؤلاء الرجال كانوا قاصدين للجهاد في سبيل الله، راغبين فيه، لكن عجزوا فصاروا بمنزلة المجاهد.
ومما يدل على ذلك أيضاً، قوله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً. متفق عليه.
فالمسلم إذا كان يعمل عملاً صالحاً لم يتركه إلا لمرض أو سفر حال بينه وبين إتيانه بهذا العمل، يكتب له من الثواب ما كان يكتب له في حال الصحة والإقامة، لأجل نيته له وعجزه عنه بالعذر، قال شيخ الإسلام: وهذه قاعدة الشريعة أن من كان عازماً على الفعل عزماً جازماً وفعل ما يقدر عليه منه كان بمنزلة الفاعل، كما جاء في السنن في من تطهر في بيته ثم ذهب إلى المسجد فوجد الصلاة قد فاتت أنه يكتب له أجر صلاة الجماعة.
واعلم -وفقك الله- أنه لا يجوز للمسلم القادر أن يدع صلاة الجماعة في المسجد، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(11/9726)
حكم صلاة الجماعة قبل جماعة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة جماعة قبل أن تقام الجماعة الكبرى وذلك لتعارض الصلاة مع المحاضرة في الجامعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم على أن صلاة الجماعة في المسجد سنة وليست فرضاً على الأعيان، بل هي فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، لكن فعلها جماعة في المسجد أفضل من فعلها جماعة في غير المسجد، قال النسفي في حاشيته على البحر الرائق: اختلف العلماء في إقامتها في البيت.. والأصح أنها كإقامتها في المسجد إلا في الفضيلة، وهو ظاهر مذهب الشافعي. انتهى.
وقال ابن المقري في روض الطالب -وهو شافعي-: هي فرض كفاية في أداء مكتوبات المقيمين. انتهى.
وقال زكريا الأنصاري في شرح روض الطالب: وليست فرض عين. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف -وهو حنبلي-: الصحيح من المذهب أن فعلها في المسجد سنة. انتهى. وذهب الإمام أحمد في رواية إلى أنها واجبة في المسجد إذا كان المسجد قريباً.
كما أن العلماء اختلفوا في حكم صلاة الجماعة، من حيث هي جماعة سواء كانت في المسجد أو غيره، فذهب المالكية والشافعية إلى أنها سنة مؤكدة، قال المواق العبدي في التاج والإكليل: أكثر الشيوخ: سنة مؤكدة. انتهى.
وقال النووي في المنهاج: هي -أي الجماعة- في الفرائض غير الجمعة سنة مؤكدة. انتهى.
وذهب الأحناف والحنابلة إلى أن صلاة الجماعة واجبة، قال المرداوي في الإنصاف: هذا المذهب بلا ريب، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه، وهو من مفردات المذهب.
وقال ابن عابدين في رد المحتار: وفي النهر عن المفيد: الجماعة واجبة وسنة لوجوبها بالسنة. انتهى.
وقال: وفي شرح المنية: والأحكام تدل على الوجوب، من أن تاركها بلا عذر يعزر، وترد شهادته، ويأثم الجيران بالسكوت عنه. انتهى.
وقال الخوارزمي في الكفاية على الهداية: وحاصل الخلاف في المسألة أنها فرض عين إلا من عذر، وهو قول أحمد وداود وعطاء وأبي ثور. انتهى.
وأما قول المرداوي في الإنصاف: وهو من مفردات المذهب. فلا ينفي قول الأحناف بالوجوب، لاحتمال أخذه القول بالسنية من ظاهر قول الأحناف "سنة مؤكدة" وقد بينا معنى قولهم "سنة" هنا، والمذهب يؤخذ من أهله، والراجح هو وجوب صلاة الجماعة إلا من عذر، سواء كانت في المسجد أو غيره؛ وإن كان فعلها في المسجد أفضل.
وبناء على ما سبق فإن صلاتكم جماعة قبل جماعة المسجد صحيحة ولكم فيها ثواب الجماعة، ولأنكم فعلتم الواجب -على الراجح- وهو فعلها في جماعة، ولعدم وجوب الجماعة في المسجد كما قدمنا، وإن كنا نرى أن المحافظة عليها في المسجد عند الاستطاعة أفضل إظهاراً لشعائر الدين، وغيظاً لأعدائه، وتكثيراً لسواد المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(11/9727)
صلاة الجماعة في العمل لمصلحة معتبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة الجماعة بالعمل أم يجب أن تكون بالمسجد.
مع العلم بأنه إذا قمت بالصلاة في المسجد قد لايصلي بعض الموظفين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن الصلاة تؤدى حيث ينادى لها أي في المساجد، لما ثبت في صحيح مسلم عن ابن مسعود أنه قال: من أحب أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بهن. ومن أهل العلم من أوجب الذهاب إلى المسجد ولو كان المصلي في السوق أو في بيته قد يصلي في جماعة، محتجين بحديث الأعمى وهو استدلال قوي وجيه، ومنهم من قال: لو صلى الشخص جماعة في عمله أو سوقه جاز وحصل على أجر الجماعة، ويفوته أجر الخطا إلى المساجد، وأجر انتظار الصلاة، وكثرة الجماعة، وغير ذلك مما يختص به المسجد، والراجح هو القول الأول.
ومع هذا فإننا نقول: إذا ترتب على صلاتك جماعة في العمل مصالح معتبرة، كهذه المصلحة التي أشرت إليها في سؤالك، فصلَّ في عملك جماعة تغليباً لهذه المصلحة، ونرجو من الله أن يكتب لك زيادة على أجر الجماعة أجر الدعاة الدالين على الخير، والمعينين عليه.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(11/9728)
من سمع النداء فيجب عليه أن يلبي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي المسافة الواجب أن يلبي فيها المسلم النداء والصلاة في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم -وفقك الله- أنه كلما كان بيت المسلم بعيداً عن المسجد زاد أجره وعظم ثوابه في إتيان صلاة الجماعة في المسجد فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى.
ولذا ينبغي للمسلم أن يحافظ على صلاة الجماعة ما استطاع إلى ذلك سبيلا وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة الجماعة تجب على من كان على مسافة يسمع فيها الأذان دون من لم يكن يسمعه، فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال: هل تسمع النداء بالصلاة، قال: نعم، قال: فأجب.
وروى ابن ماجه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر.
والمراد بسماع النداء سماع الأذان بالصوت المعتاد بدون مكبر مع رفع المؤذن صوته وسكون الرياح والضوضاء ونحو ذلك مما يؤثر على السماع، فمن كان على مسافة من المسجد يتمكن فيها من سماع الأذان على هذا النحو وجبت عليه صلاة الجماعة وإلا لم تجب، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 5367 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(11/9729)
حكم البيع في وقت صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم البيع وقت الصلاة؟ وهل هناك فرق بين البيع وقت صلاة الجمعة وبين الصلوات الأخرى؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبة على الرجال الأحرار في الراجح من قولي أهل العلم ما لم يمنع من ذلك مانع كالخوف أو المطر ونحوهما، وبناء على ذلك فلا يجوز الانشغال عنها بالبيع ولا غيره، إلا إذا دعت الضرورة لذلك، والضرورة تقدر بقدرها، وقد سبق بيان حكم صلاة الجماعة في الفتاوى رقم:
1798 -
5153 -
23358.
فإذا تم البيع وقت صلاة الجماعة، ولم يكن البائع أو المشتري من المعذورين، أو كان إتمام البيع في ذلك الوقت ليس ضروريّاً فالبيع صحيح مع الإثم بسبب التفريط الحاصل في أمر واجب.
أما البيع وقت النداء للجمعة فهو محرم وباطل، وقد سبق بيان ذلك مستوفى في الفتوى رقم:
11965 - والفتوى رقم: 24492.
وبهذا يتبين أن البيع وقت صلاة الجمعة لا يستوي مع البيع في أوقات بقية الصلوات، من حيث بطلان البيع وعدمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9730)
تلتحق بالإمام على أية حال كان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ماذا أفعل إذا دخلت المسجد ووجدت المصلين قد بدأوا في الصلاة مع تحديد جميع الحالات (عدد الركعات الفائتة)
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا دخلت المسجد ووجدت الناس في الصلاة فإنك تدخل معهم على كل حال سواءً أكانوا في الركعة الأولى أو كانوا في الثانية أو غيرها، وسواءً كانوا في الركوع أو في السجود أو في التشهد؛ إلا أنك تقوم بعد سلام الإمام بقضاء ما فاتك من الصلاة وهذا أمر واضح جلي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا. متفق عليه، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 6339.
وننبهك إلى أن من أدرك الركوع مع الإمام فقد أدرك الركعة على القول الراجح من أقوال العلماء، كما هو مبين في الفتوى رقم: 2640.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(11/9731)
هل يشرع تأدية الصلاة جماعة مرة ثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما هو حكم من يصلي الفرض جماعة، ثم يقوم ليجد قوماً آخرين فيصلي معهم الفرض مرة ثانية وخاصة عندما يكون هذا الإنسان قد فاته الكثير من صلوات الفرض؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشرع تأدية الصلاة المفروضة إلا مرة واحدة؛ إلا إذا كان ذلك لموجب يقتضي ذلك، مثل ما ذكر في الفتوى رقم: 16396.
أما بالنسبة لمن كان مضيعاً للصلوات ويريد قضاء ما ضيع منها فلا حرج عليه في أن يصلي مع الجماعة الثانية بنية ما قد فاته من الصلوات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1423(11/9732)
المعتبر إدراك الإمام راكعا
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يفعل من جاء والإمام راكع فلما كبر تكبيرة الإحرام وركع وقال سبحان ربي العظيم مرة واحدة أو لم يقل فإذا الإمام يرفع من الركوع هل يعتبر لحق على الركوع أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حصل الإمام في الركوع وركع معه فإنه يعتد بتلك الركعة ولو لم يقل سبحان ربي العظيم، المهم أن يدركه راكعاً ولو كانت المدة قليلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1423(11/9733)
ما يفعل من دخل المسجد والإمام راكع وخشي فوات الركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول لله
إذا دخل المرء المسجد والإمام راكع، هل يركع دون الصف، أم حتى يصل إلى الصف، ثم يركع أفتونا؟ جزاكم الله خيراً.. والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيمن دخل المسجد والإمام راكع وخشي فوات الركعة هل يكبر تكبيرة الإحرام ويركع قبل الدخول في الصف أم ينتظر حتى يدخل في الصف ولو فاتته الركعة؟ على ثلاثة أقوال:
الأول: الكراهة وهذا مذهب الحنفية والشافعية.
والثاني: الجواز وهو مذهب المالكية، وصرح بعضهم بالندب وهو المذهب عند الحنابلة كما في الإنصاف للمرداوي.
الثالث: التحريم وهو قول عن أحمد ومذهب إسحاق وبعض محدثي الشافعية كابن خزيمة كما قاله الحافظ ابن حجر.
والقول الأول هو الأقوى دليلاً فعن أبي بكرة رضي الله عنه، أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (زادك الله حرصاً ولا تعد.) رواه البخاري.
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: لا تعد. أي لما صنعت من السعي الشديد ثم الركوع دون الصف ثم المشي إلى الصف قائماً أو راكعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/9734)
من وصل المسجد ووجد الإمام قد سلم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تأخر أحد لصلاة الفجر ووصل المسجد وقد انتهت الصلاة بوقتها ولم يلحق السجود هل يصلي لوحده أم ماذا. وهل يحسب له أجر صلاة جماعة أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من وصل المسجد ووجد الإمام قد سلم فله أن ينتظر قليلاً لعله يجد جماعة أخرى وإلا صلى منفرداً.
وأما أجر صلاة الجماعة فهو له - إن شاء الله تعالى - إن كان غير مفرط لقول النبي صلى الله عليه وسلم من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج عامداً إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا كتب الله له مثل أجر من حضرها ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً. أخرجه الإمام أحمد والحاكم والنسائي واللفظ له. وكذلك تكتب له خطواته إلى المسجد لما أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة.
وننبه إلى أن الصلاة في المسجد مع الإمام الراتب من أفضل الأعمال التي ينبغي للمسلم الحرص عليها، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل، فقال: الصلاة لوقتها وبر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(11/9735)
الصلاة جماعة في مكتب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في إحدى الشركات وتأتي علينا صلاة الظهر والعصر ونحن بالعمل، ويقوم مجموعة من العاملين بالشركة بالصلاة في أحد المكاتب بعد فرض مشايات بها، هل تعتبر هذه من صلاة الجماعة؟
مع العلم أن هناك مسجدا صغيراً تم إنشاؤه في الجراج أسفل البرج الذي به الشركة ولا توجد مساجد قريبة بجوارنا غيره
وجزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المسجد المذكور يتسع لجميع المصلين فلا شك أنه يجب عليك أداء الصلاة فيه جماعة، وذلك لتضافر الأدلة بالأمر بالصلاة في المسجد، كما هو مبين في الفتوى رقم:
5153 أما إذا لم يكن يتسع للجميع ولم يوجد مسجد آخر قريب فلا حرج في الصلاة جماعة في المكان الذي ذكرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1423(11/9736)
أداء الصلاة أول الوقت منفردا.. أم مع الإمام الذي يؤخرها
[السُّؤَالُ]
ـ[في الصلاة، أحياناً أتأخر عن صلاة الجماعة ولا أدرك منها إلا التشهد الأخير فهل إذا دخلت مع الإمام أكون قد استحققت أجر صلاة الجماعة، أم أن الأفضل الانتظار لحين الدخول في جماعة ثانية؟
وهل أداء الصلاة في الوقت المختار للصلاة مثل أجر الصلاة مع الإمام في أول الوقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجزء الأول من سؤالك تقدم جوابه في الفتوى رقم: 24228 والفتوى رقم: 16582
أما الجزء الثاني منه فلم تتضح لنا حقيقة المراد منه، لكننا نبين لك النقاط التالية عسى أن يكون في ضمنها جواب ما أشكل عليك:
1-إن الصلاة في أول وقتها من أفضل الأعمال عند الله تعالى، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال؟ فقال: الصلاة لوقتها ... . رواه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنهما. وأخرج الإمام أحمد وغيره عن أم فروة أنه قال: الصلاة لأول وقتها.
2- إن أداء الصلاة المفروضة في الجماعة واجب على الرجال على الراجح من أقوال أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 1798 والفتوى رقم:
5153
وعلى ذلك فلا خيار للرجل في التخلف عنها إلا لعذر شرعي، أما إذا كان هنالك عذر شرعي فإنه يجوز له التخلف عن الجماعة، والله سبحانه وتعالى لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وراجع الفتوى رقم: 9495
3- إذا كان الإمام يداوم على تأخير الصلاة لغاية آخر وقتها، ولم تكن هنالك سبيل لإلزامه بتعجيلها لكونه هو الوالي أو مسلطاً من طرف الوالي، ففي هذه الحالة على الشخص أن يصلي الصلاة في أول وقتها، فإن حضر صلاة الإمام أعاد معه تلك الصلاة، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله تعالى عنه: كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ . قال أبو ذر: فما تأمرني؟ قال: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة. رواه مسلم.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: والمراد بتأخيرها عن وقتها أي عن وقتها المختار، لا عن جميع وقتها، فإن المنقول عن الأمراء المتقدمين والمتأخرين إنما هو تأخيرها عن وقتها المختار، ولم يؤخرها أحد منهم عن جميع وقتها، فوجب حمل هذه الأخبار على ما هو الواقع.
وفي الحديث الحث على الصلاة أول الوقت، وفيه أن الإمام إذا أخرها عن أول وقتها يستحب للمأموم أن يصليها في أول الوقت منفرداً، ثم يصليها مع الإمام فيجمع فضيلتي أول الوقت والجماعة.. إلى آخر كلامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1423(11/9737)
صلاة معاذ بقومه، وحكم الجماعة الثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الجماعة الثانية في المسجد الواحد وذلك بعد انتهاء الجماعة الأولى؟ وما قصة الصحابي معاذ بن جبل عندما أمَّ في المسجد وقرأ سورة الصافات في الصلاة وكانت جماعة ثانية؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إقامة الجماعة في مسجد أقيمت فيه جماعة قبلها يختلف حكمها باختلاف حال المسجد، فإن لم يكن للمسجد إمام راتب فلا يكره إقامة الجماعة الثانية فيه، وقد نقل النووي في المجموع الإجماع على ذلك.
وأما إذا كان له إمام راتب وليس مطروقاً أي في طريق يمر عليه الناس، فمذهب الجمهور كراهة الجماعة الثانية فيه، وذهب أحمد وإسحاق وداود إلى عدم الكراهة، والراجح هو القول الثاني.
وقد سبق بيان هذه المسألة في الفتوى رقم: 8222، والفتوى رقم: 16055.
أما قصة معاذ رضي الله عنه، فإن المشهور منها ما رواه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه قال: كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي قومه فيصلي بهم.
فإن كانت هذه القصة هي المقصودة في هذا السؤال، فإنها لا علاقة لها بمسألة الجماعة الثانية في المسجد الواحد، وإنما تتعلق بمسألة إعادة الصلاة الواحدة مرتين، كما أن معاذاً رضي الله عنه لم يقرأ في تلك الصلاة بالصافات وإنما قرأ سورة البقرة، كما في الصحيحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1423(11/9738)
جلس للتشهد الأوسط مرتين ولم يستجب لتسبيح المأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[سها الامام في صلاة الظهر فجلس مرة أخرى في الركعة الثالثة للتشهد الأول يحسبها الركعة الثانية ثم أتى بعدها بركعتين ثم سلم فسجد سجود السهو. فأولا.. ما الذي كان يجب على المصلين عمله عندما جلس الإمام للتشهد الأول في الركعة الثالثة علما بأنهم قد تلفظوا (بسبحان الله) دون جدوى. وثانيا.. بالنسبة لمن تأخر في الصلاة ولحق بالإمام في الركعة الثالثة فهل يعتد بالركعة الزائدة ويقوم بركعة واحدة بعد تسليم الإمام ليكمل بها صلاته أم يعتبر أن الركعة الزائدة التي قام بها مع الإمام لا تعد فيقوم ويكمل ركعتين بعد تسليم الإمام جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على المأمومين في الحالة التي ذكرت أن ينتظروا إمامهم قياماً لأنهم يعلمون أن جلوسه زائد، والزيادة في الصلاة مع العلم تبطلها وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم 14987
أما مسألة اعتداد المسبوق بالركعة التي زادها الإمام فقد تقدم الجواب عليها تحت الرقم 3714
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1423(11/9739)
حضور النساء الجماعة ومنها التراويح جائز بشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة التراويح في المساجد للنساء أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للنساء حضور التراويح في المساجد إذا أمنت الفتنة، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. متفق عليه
ولأنه من عمل السلف رضوان الله عليهم. وصلاة المرأة في بيتها أفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وبيوتهن خير لهن. رواه أبو داود.
ومن جاءت منهن إلى المسجد وجب أن تأتي متسترة متحجبة غير متبرجة ولا متطيبة ولا رافعة لصوت ولا مبدية لزينة.
والسنة للنساء أن يتأخرن عن الرجال ويبعدن عنهم ويبدأن بالصف المؤخر، لما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها.
وينصرفن عن المسجد فور تسليم الإمام ولا يتأخرن إلا لعذر، لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم حين يقوم من تسليمه يمكث في مقامه يسيراً قبل أن يقوم، قالت: نرى -والله أعلم- أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1423(11/9740)
موقف الشرع من ترك صلاة الجماعة لمجرد غضب الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على حبيبنا وحبيب الله..
إنني أبيع في مكتبة لعائلتنا، وفي بعض الأحيان، لا أجد من يعوضني في المكتبة لأصلي في المسجد، ولا أستطيع أن أغلق المحل لأنه يتطلب جهدًا كبيراً وأكثر من عشر دقائق لإدخال المبيعات ويغضب علي والدي لإغلاقه.. فماذا أفعل؟ أرجو الإفادة وبارك الله فيكم وأسكنكم فراديس جنانه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه والدارقطني وابن حبان والحاكم بسند صحيح، وقد استدل بهذا الحديث وغيره على وجوب صلاة الجماعة، وهو الصحيح من أقوال أهل العلم، بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية إنه قول أكثر السلف، وعليه فلا يجوز ترك الجماعة لمجرد غضب الوالد، بل ينبغي أن يبين له بألطف عبارة وأحسن أسلوب حكم صلاة الجماعة وفضلها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد همَّ بتحريق بيوت من يتخلف عن الجماعة، كما ثبت ذلك في الصحيحين.
وأن من يتق الله ويحافظ على صلاته يبارك الله له في أهله وماله، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:3] .
والأفضل أن يقوم بتوجيه النصيحة شخص يتأثر به والدك ويستمع له.
وزادك الله حرصاً على الجماعة ووفقك الله ووالديك لما فيه خير الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1423(11/9741)
حكم صلاة من سلم ساهيا قبل الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
في صلاة الجماعة ساهيا سلمت قبل تسليم الإمام، ما حكم صلاتي هل هي صحيحة أم يجب أن أعيدها؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السلام سهواً خلف الإمام إذا رجع صاحبه إلى إمامه وتابعه حتى سلم بسلامه لا شيء فيه، كما في توضيح الأحكام من بلوغ المرام وغيره، وأما إذا لم يرجع إلى إمامه فإنها تبطل لوجوب متابعة الإمام.
وبالله تعالى التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1423(11/9742)
ما أدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد والإمام قد انتهى من الركعة الثالثة في صلاة العشاء ماذا يجب علي أن افعل لأكمل الصلاة؟ أعني ماذا أقرأ في الراكعة الرابعة والركعتين الأولى والثانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من قولي العلماء -والله أعلم- أن الركعة الرابعة التي أدركتها مع الإمام هي أول ركعات صلاتك تقرأ فيها ما يقرأ في الركعة الأولى، وهو الفاتحة وسورة، وما تتمه بعد سلام الإمام هو آخر صلاتك، فتقرأ الفاتحة وسورة في أول ركعة بعد سلام الإمام، وهي الثانية بالنسبة لك، وفي الركعتين الباقيتين تقرأ الفاتحة فقط، لأنهما الثالثة والرابعة بالنسبة لك، وقد مضى بيان ذلك مفصلاً مع ذكر الخلاف فيه، وذلك في الفتاوى التالية: 6182 6339 19967 534
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1423(11/9743)
هل يقطع المنفرد صلاته ليلتحق بالجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
إذا جئت إلى فريضة ولم أدرك منها شيئا، فصليت منفردا، وبينما أنا في الركعة الأولى وجدت جماعة تصلي خلفي، فهل أقطع صلاتي وألتحق بالجماعة؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في المنفرد إذا شرع في الفرض ثم حضرت جماعة.. فمنهم من قال: يتمادى في صلاته فيؤديها فرضاً، ومنهم من قال: يكمل ركعتين ثم يدخل مع الجماعة، وهذا القول هو الراجح إن شاء الله، لأن الانتقال من الفرض إلى النفل مستحب لتحصيل الجماعة.
فإن خاف أن تفوته الجماعة وهو في الركعة الأولى فالأفضل كما قال العلامة محمد الصالح العثيمين في الشرح الممتع: أن يقطعها من أجل أن يدرك الجماعة، واحتج بأن قطع الفرض هنا ليس ممنوعاً لأنه قطع إلى ما هو أجدى وأنفع. وهو احتجاج قوي واستدلال قويم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1423(11/9744)
أقوال العلماء فيمن صلى إماما بصبي فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي ومعي ابني عمره 8 سنوات، هل تعتبر صلاة جماعة، وهل يجب علي رفع صوتي بالتكبير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حصول فضل الجماعة لمن صلى مع صبي مختلف فيه بين أهل العلم، فمنهم من يقول به.
قال النووي: إذا صلى الرجل في بيته برفيقه أو زوجته أو ولده حاز فضيلة الجماعة.
ومنهم من يقول بأن الصبي لا يحصل فضل الجماعة، وأن من صلى معه يستحب له أن يعيد الصلاة مع جماعة كالمنفرد.
وهذا هو مذهب المالكية، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد.
وعليه، فمن صلى مع الصبي جماعة كأنه صلى منفرداً، فيستحب له إعادة الصلاة مع الجماعة على هذا الرأي.
ولكن لا خلاف بين أهل العلم أن صلاة الرجل في المسجد أفضل من صلاته في بيته، لذا فعليك أخي الكريم بكثرة الخطا إلى المساجد، ونبذ الكسل والخمول.
أما بالنسبة لرفع الصوت بالتكبير للإمام فهو من المستحبات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1423(11/9745)
لا مانع من صلاة المرأة في المسجد لدى تحقق الشروط الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[فتوى عن صلاة التراويح للنساء في المساجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة المرأة في المسجد مع الجماعة لا حرج فيها، سواء كانت الصلاة فرضاً أو نفلاً، بشرط الالتزام بالآداب الشرعية عند الخروج من البيت، كعدم التطيب أو التزين أو الاختلاط بالرجال في الدخول والخروج من المسجد، ومع هذا فصلاة المرأة في بيتها أفضل، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم: 23731
ولمعرفة شروط مصلى النساء راجع الجواب رقم: 18169
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(11/9746)
حكم الصلاة في المسجد البعيد عن البيت مع وجود أقرب منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يذهب إلى مسجد بعيد من منزله بقليل، رغم وجود المنزل بجانب المسجد، ولكن المسجد القريب في صلاة التراويح، صلاته قصيرة والنساء اللواتي في المسجد يحضرن أطفالهم ولا يتيحون للنساء بالخشوع، وقلة النساء ولا يرصون الصفوف، وهذ هو السبب بالانتقال إلى المسجد البعيد مع العلم أن صوته يسمع من منزلنا وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على الإنسان إذا صلى في مسجد قريب من داره أو صلى في مسجد بعيد عنه، فالمساجد كلها بيوت الله وكونك تريد الذهاب إلى المسجد الأبعد لكون إمامه يطيل القراءة في صلاة التراويح ولكونك تأمن هناك من جلبة الأطفال الصغار وتشويشهم على المصلين، كل ذلك لا حرج فيه؛ بل هو من المقاصد الحسنة والتي ينضاف إليها زيادة الأجر لكثرة الخطا إلى المسجد الأبعد، ومن المعلوم أن العبد يكتب له ممشاه إلى المسجد ورجوعه منه، فعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه، وكان لا تخطئه صلاة، قال: فقيل له أو قلت له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء؟ قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قد جمع الله لك ذلك كله " رواه مسلم، قال النووي في شرح صحيح مسلم: فيه إثبات الثواب في الخطا في الرجوع من الصلاة كما يثبت في الذهاب والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1423(11/9747)
إذا أقيمت الجماعة الثانية دون علم بالجماعة الأولى.... فلا بأس؟
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلنا المسجد لصلاة المغرب جماعة ولم نشعر بوجود جماعة تصلي وعليه أقمنا الصلاة وبعد تكبيرة الإحرام والشروع في الصلاة سمعت شخصا يقول إن هناك جماعة أخرى تصلي فلم ألتفت إليه وبدأنا في صلاتنا وأكملناها فهل هذا يجوز أم علينا إعاده للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبما أنكم قد دخلتم في صلاة الجماعة من غير علم منكم بالجماعة الأولى فإنه ليس عليكم شيء إن شاء الله، وراجع الفتوى رقم:
20394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1423(11/9748)
الصلاة باهل البيت بعد أدائها مع جماعة المسجد بين الجواز وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... ... ... ...
هل يجوز لي أن أصلي بنساء البيت بعد عودتي من الصلاة في المسجد في كل الصلوات وتعتبر نافلة لي، وإذا كان يجوز في الصلاة الرباعية مثلا أصلي الأربع ركعات متتالية دون تسليم بين كل ركعتين، وأقوم بكل ما يقوم به الإمام في صلاة الفرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في إن تعيد الصلاة التي صليتها مع الجماعة لتؤم فيها من ذكرت من النساء أو غيرهن، وبهذا قال طائفة كبيرة من أهل العلم منهم الشافعي والثوري والأوزاعي وابن المنذر وغيرهم. ودليلهم حديث جابر المتفق عليه: إن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيصلي بقومه تلك الصلاة.
وذهب آخرون إلى عدم جواز هذا منهم المالكية، ودليلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه. رواه البخاري ومسلم.
إلا أن القول الأول أظهر لحديث معاذ المتقدم لأنه نص في المسألة.
وننبه السائل إلى أنه إذا أراد ذلك أن يعيد الصلاة كاملة كما هي فلا حرج عليه حينئذ في أن يكون متنفلاً بأربعة أو ثلاثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(11/9749)
من أدرك الجماعة في التشهد الأخير هل يدخلون معهم أم يصلون جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا: إذا ذهبت إلى صلاة الظهر مثلا ورأيت أشخاصاً يتوضؤون للصلاة ((وهم عمال أجانب)) ، وعندما دخلت إلى المسجد رأيت المصلين في التشهد الأخير، ماهو الأفضل:
أصلي مع الجماعة الأصلية وهم في التشهد الأخير، أم أنتظر حتى تنتهي الصلاة وأعمل جماعة جديده مع الأشخاص الذين يتوضئون حتى نأخذ أجرالجماعة كاملاً مع تكبيرة الإحرام؟؟؟ علما بأن الأجانب إذا انتهت الصلاة لا يعملون جماعة، بل يصلون فرادى إذا انتهت الجماعة، أما إذا رأوا جماعة فيصلون معهم، ونفس الموضوع لكن اذا دخلت المسجد والمصلين في التشهد الأخير، وأنا معي اثنان من أصدقائي، هل نصلي معهم وهم في التشهد الأخير، أم نعمل جماعة جديدة، حتى نأخذ أجر الجماعة مع التكبير؟؟؟؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمحافظة على الجماعة في المسجد من الواجبات الشرعية، وهي من أفضل الأعمال التي ينبغي للمسلم ألا يفوته فضلها، وأما من فاتته الجماعة من أولها وأدرك آخرها، فهل الأفضل له الالتحاق بالجماعة الأولى أو ينتظر الجماعة الأخرى؟
اختلف أهل العلم في ذلك، والراجح أنه إذا أدرك أقل من ركعة وهناك جماعة أخرى سيدركها من أولها، فالأفضل له أن يصلي في الجماعة الثانية، وممن رجح هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى إذ سئل عن ذلك، فأجاب مبينا سبب الخلاف في المسألة أصلاً فقال:
فهذا مبني على أنه هل يكون مدركاً للجماعة بأقل من ركعة أم لابد من إدراك ركعة؟
فمذهب أبي حنيفة أنه يكون مدركاً، وطرد قياسه في ذلك حتى قال في الجمعة يكون مدركاً لها بإدراك القعدة فيتمها جمعة.
ومذهب مالك: أنه لا يكون مدركاً إلا بإدراك ركعة، وطرد المسألة في ذلك حتى فيمن أدرك من آخر الوقت ...
وأما مذهب الشافعي وأحمد فقالا في الجمعة بقول مالك، لاتفاق الصحابة على ذلك، فإنهم قالوا فيمن أدرك من الجمعة ركعة يصلي إليها أخرى، ومن أدركهم في التشهد صلى أربعاً ... وأما سائر المسائل ففيها نزاع في مذهب الشافعي وأحمد وهما قولان للشافعي وأحمد وكثير من أصحابهما يرجح مذهب أبي حنيفة.
والأظهر هو مذهب مالك وذلك أنه قد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة.
فهذا نص عام في جميع صور إدراك ركعة من جماعة أو إدراك الوقت.
وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ... إلى أن قال: فعلى هذا إذا كان المدرك أقل من ركعة وكان بعدها جماعة أخرى فصلى معهم في جماعة صلاة تامة فهذا أفضل لأن هذا يكون مصلياً جماعة بخلاف الأولى ... إلى آخر كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1423(11/9750)
لا أدلة صريحة حول جواز انتقال المأموم إماما
[السُّؤَالُ]
ـ[جماعة مكونة من (محمد وأحمد ومحمود) في صلاة العصر، والإمام في الركعة الأخيرة لحق بهم (عبد الله) وعندماانتهى الإمام من الصلاة وسلم التسليمتين قام (عبد الله) ليتم الركعات الثلاثة الباقية له وأثناء قيامه للركعة الأخيرة لحق به (عبد الرحمن) فأصبح (عبد الله) الذي كان مأموما أصبح اماما فهل يجوز أن يصبح المأموم إماما؟ وما الأدلة من الكتاب والسنة الدالة على هذا؟ وجزاكم الله كل الخير وأثابكم على حسن اجتهادكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في صحة الصلاة خلف المسبوق. فذهب بعض أهل العلم إلى أنها لا تصح.
وذهب آخرون إلى صحتها، واستدلوا بجواز انتقال المأموم إماماً في حالة الاستخلاف، وبانتقال الإمام مأموماً في قصة أبي بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما.
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في شرح زاد المستقنع بعد أن ذكر الخلاف في المذهب الحنبلي قال: (ولا نقول بمشروعية ذلك وندب الناس إليه.. ولكن لو فعلوا ذلك لا نقول لهم: إن صلاتكم باطلة، وهذا القول أصح أي أنه جائز، ولكن لا ينبغي لأن ذلك لم يكن معروفاً عند السلف، فإن الأفضل تركه لأننا نعلم أنهم أسبق منا إلى الخير، ولو كان خيراً لسبقونا إليه.)
وعلى هذا؛ فالصلاة خلف المسبوق صحيحة، وإن كان الأولى ترك ذلك لعدم وروده عن السلف كما قال الشيخ.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم 8746
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1423(11/9751)
هل يشترط لصلاة الجماعة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعمل في أحد الأماكن ويأمرنا كفيلنا بأن نصلي في داخل المبنى مع أنه بيننا وبين المسجد حوالي 100 متر ومن يصلي سيقوم بخصم جزء من راتبه؟ فما هو الحل....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجماعة واجبة على الصحيح من أقوال أهل العلم، ولكن لا يشترط لها المسجد عند أكثر أهل العلم، بل تتحقق بإقامتها في البيت مع الأهل والأولاد أو في مكان العمل ونحو ذلك، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
22809.
وعليه، فلا بأس أن تصلوا جماعة في مكان عملكم، وينبغي أن تحاولوا إقناع كفيلكم بالسماح لكم بالذهاب إلى المسجد لأداء الصلاة جماعة فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/9752)
صلاة المرأة منفردة خلف صفوف الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخلت المسجد للصلاة في قسم النساء، وكنت منفردة في المصلى النسائي، وأقام المؤذن الصلاة فهل يجوز أن أصلي جماعة، رغم أني وحيدة في المصلى النسائي، ولا أكون صفاً بمفردي؟ أو أني يجب أن أصلي لوحدي وليس مع الجماعة؟ جزاكم الله كل خير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمرأة إذا حضرت صلاة الجماعة في المسجد، فإنها تصلي خلف الإمام لوحدها، وتكون صفًا بنفسها إذا لم تكن هناك نسوة معها، لما روى البخاري عن أنس قال: صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأمي -أم سليم- خلفنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1423(11/9753)
صلاة المرأة مع جماعة المسجد خير أم في بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[يتردد لدينا بعض ِالأحاديث التي لا ندري مدى صحتها، ومن تلك الأحاديث التي نصادفها هي تلك المتعلقة بصلاة المرأة في بيتها أفضل من المسجد أم العكس، بينما نجد في بعض القصص والروايات أن بعض الصحابيات في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) كن يصلين الصلاة جماعة في المسجد منذ عهد الرسول، هذا وأفيدونا بمدى صحة هذه الأحاديث......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة الخروج إلى المسجد للصلاة فيه إذا أمنت الفتنة، والتزمت بالضوابط الشرعية عند خروجها من بيتها كالحجاب، وتجنب العطر والبخور، ونحوهما من الروائح الزكية، لا سيما إذا ترتب على صلاتها في المسجد فائدة كسماع درسٍ أو موعظةٍ ونحو ذلك.
وصلاتها في بيتها خير لها، وأفضل بنص قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهنَّ خير لهنَّ. رواه أبو داود.
ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى قم:
10306.
وننبه إلى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن تكتب كما كتبت في السؤال. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم:
7334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(11/9754)
صلاة المرأة بمفردها مع جماعة المسجد لا مانع منها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز صلاة المرأة جماعة في المسجد، مع العلم أنها واحدة، فهل تصح أن تصلي جماعة مع الرجال أو أنها تصلى منفردة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة المرأة في المسجد مع الجماعة لا حرج فيها ولو كانت منفردة، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا. رواه مسلم
وعند مسلم أيضًا عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة أصابت بخورًا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة.
ففي هذين الحديثين وما في معناهما - وهو كثير - دليل على جواز صلاة المرأة مع الجماعة في المسجد، ولو كانت منفردة.
وتقف المرأة في هذه الحالة وحدها خلف الرجال، لما في البخاري عن أنس -رضي الله عنه- قال: صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمي - أم سليم - خلفنا.
ومع هذا كله فالأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن) أخرجه الإمام أحمد وغيره وأصله في الصحيحين. ولحديث أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أني أحب الصلاة معك قال قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي قال فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل.) أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه وابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(11/9755)
لا ما نع من أداء الصلاة جماعة في غير المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة موظفين نعمل في عمل إسلامي خيري أي جمع تبرعات ويحيط بنا مجموعة من المساجد ومصلى، ولاحظنا أنه وفي أحيان كثيرة عندما يعود بعضنا من المصلى يجد بعض المتبرعين واقفين على الباب ينتظرون موظفي استقبال التبرعات وحيث إن هؤلاء الموظفين يذهبون للصلاة في المساجد فيأتون بعد صلاة الفرض والنافلة ويكون هؤلاء المتبرعون قد ملوا الانتظار، فرأينا إقامة الصلاة جماعة في المكتب حتى يتسنى لنا فتح الباب مباشرة بعد الصلاة، هذا جانب ومن جانب آخر فإننا علمنا من بعض الموظفين أنهم عندما كانوا يذهبون إلى المساجد كان بعضهم يذهب بعد الصلاة إلى المتجر ليتسوق أثناء الدوام وقد انتهى هذا الأمر بلزومهم الصلاة جماعة في المكتب.
أفتونا مأجورين عن حكم الصلاة جماعة في المكتب وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز فعل الصلاة في غير المسجد، وهذا قول جماهير العلماء، ودليله قول النبي صلى الله عليه وسلم:
" إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهما فإنها لكما نافلة " رواه الترمذي وغيره.
وقد قاله النبي صلى الله عليه وسلم لرجلين بعد أن انصرف من الصلاة فرآهما جالسين في آخر الناس لم يصليا معهم، فسألهما عن ذلك فقالا: إنا كنا قد صلينا في رحالنا.
فأقرهما النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة في الرحال، ولكن أمرهما إذا أتيا مسجد جماعة وأقيمت الصلاة أن يصليا معهم، وهذا الأمر للندب لا للوجوب.
والأفضل المحافظة على الجماعة في المسجد ليحوز المصلي أجر الجماعة وفضيلة المكان، وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال:
" من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بهن ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1423(11/9756)
الصلاة خلف إمام مسجد مبتدع.. أم جماعة البيت ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الصلاة خلف إمام ترك التأمين بعد الفاتحة ورفع اليدين عند التكبير ولا يضع يده اليمنى على اليسرى حال القيام ويكتفي بتسليمة واحدة.
وهل أصلي خلف إمام مبتدع، وهل يصح أن تقام الجماعة في غير المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكرت من تركهم التأمين بعد الفاتحة، وكذا رفع اليدين عند التكبير، وعدم وضع اليدين على الصدر أثناء القيام، وتركهم التسليمة الثانية.. كل ذلك من السنن التي يثاب فاعلها ولا إثم على تاركها، وصلاة من فرط فيها صحيحة مجزئة.
وصلاتك مع الإمام المرتكب لبدعة لا يكفر بها صحيحة، وهي أولى من صلاتك منفرداً في البيت ونحوه، وهذا مذهب الحنفية والشافعية.
ومذهب المالكية أنه إن صلى خلف مبتدع أعاد في الوقت، قال الدسوقي: قوله وأعاد بوقت في كحروري، هذا بيان للحكم بعد الوقوع. وأما الاقتداء به؟ فقيل: ممنوع، وقيل، مكروه. والأول هو المعتمد.
وذهب الحنابلة إلى أن من صلى خلف من يعلن ببدعته أو يسكر أعاد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى 2/ 309: والفاسق والمبتدع صلاته في نفسه صحيحة، فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته، لكن إنما كره من كره الصلاة خلفه لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، ومن ذلك أن من أظهر بدعة أو فجوراً لا يرتب إماماً للمسلمين، فإنه يستحق التعزير حتى يتوب....... انتهى
واعلم أن فضل الجماعة يدرك بصلاة اثنين فصاعداً في بيت أو صحراء أو غير ذلك من المواطن، وهذا مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة مع اتفاق الجميع على أن الصلاة في المسجد أولى من فعلها في البيت والصحراء، قال ابن قدامة رحمه الله 2/ 5 ويجوز فعلها في البيت والصحراء، وقيل: فيه رواية أخرى: أن حضور المسجد واجب إذا كان قريباً منه، لأنه عن يروى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: جعلت لي الأرض طيبة وطهوراً ومسجداً، فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان. متفق عليه، وقالت عائشة رضي الله عنها: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيته وهو جالس، وصلى وراءه قوم قياماً، فأشار إليهم أن اجلسوا. رواه البخاري.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجلين: إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الجماعة فصليا معهم تكن لكما نافلة. وقوله: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد. لا نعرفه إلا من قول علي نفسه.. كذلك رواه سعيد في سننه، والظاهر أنه إنما أراد الجماعة، وعبر بالمسجد عن الجماعة لأنه محلها، ومعناه لا صلاة لجار المسجد إلا مع الجماعة، وقيل أراد به الكمال والفضيلة، فإن الأخبار الصحيحة دالة على أن الصلاة في غير المسجد صحيحة جائزة. انتهى
وفي منحة الخالق على البحر الرائق لابن عابدين قوله: اختلف العلماء في إقامتها في البيت، والأصح أنها كإقامتها في المسجد، إلا في الفضيلة.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: ويحوز فضيلتها -أي الجماعة- بصلاته في بيته ونحوه بزوجته أو ولد أو رقيق أو غيرهما، إذ أقلها اثنان. وهي في البيت ونحوه أفضل من الانفراد بمسجد لخبر صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله. رواه ابن حبان وغيره وصححوه. انتهى
وإنما أطلنا هنا لنخلص إلى أن من كان إمامه مبتدعا وتيسرت له الجماعة خلف إمام سني أو في بيته فهو أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(11/9757)
لو وجدت جماعتان في المسجد بأيهما يقتدي المأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة الدخول في المسجد وملاحظة أن هناك جماعتين في نفس الوقت ففي أي جماعة يمكن أن يلتحق المصلي؟ خاصة أن الجماعتين في نفس المسجد ولكن ليستا في نفس القاعة بينهما جدار فقط؟ أفيدونا بارك الله فيكم ومع خالص الشكر والتقدير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي أن تقام جماعتان في المسجد في وقت واحد، لما في ذلك من تفريق المسلمين، وتشويش بعضهم على بعض، فإن حصل ذلك دون قصد ككون المسجد به قاعتان للصلاة، ولم تعلم الجماعة الثانية بوجود الجماعة الأولى كان عليك أن تلتحق بأفضل الجماعتين إماماً، كأن يكون الإمام في إحداهما قارئاً، وفي الأخرى أميا أو مختلفاً في إمامته لكونه مبتدعاً أو فاسقاً، فإن تساويا في الفضل، أو جهلت حالهما، فالتحق بأكثر الجماعتين عدداً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه أبو داود والنسائي بسند حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(11/9758)
حكم التأخر عمدا لآخر ركعة لأن الإمام صلاته سريعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أذهب إلى المسجد متأخرا متعمدا نظرا لأن المساجد جميعها في قريتي حيث الصلاة سريعة جدا ولذا أدرك آخر ركعة عمدا وأتم باقي الصلاة وحدي فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا ينبغي تعمد التأخر باستمرار عن الحضور إلى الصلاة، إذا كانت هذه السرعة التي ذكرت عن صلاة مساجد القرية لا تؤثر في صحة الصلاة، بحيث تكون الطمأنينة متحققة، فقد ورد في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخراً، فقال: (تقدموا وائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، فإنه لا يزال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله تعالى. أخرجه مسلم في الصحيح
وأما إذا كانت السرعة مؤثرة على صحة الصلاة بفقدان ركن الطمأنينة فإنه لا تجوز الصلاة أصلاً خلف هذا الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(11/9759)
أقوال العلماء في إقامة أكثر من جماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الإسلام في إقامة جماعتين للصلاة في مسجد واحد؟ مع العلم بأنه يفصل بينهما جدار وأن هناك جماعة أقيمت قبل أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس بالصلاة جماعة مرة ثانية في مسجد قد صلي فيه، ودليل ذلك حديث الرجل الذي جاء إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صلوا، فلما همَّ بالصلاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يتصدق على هذا فيصلي معه؟ فقام رجل من القوم فصلى معه. وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذان جماعة والحديث رواه أحمد وأبو داود من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وقال: ابن مفلح في المقنع: وإسناده جيد، وحسنه الترمذي. ويشهد لذلك الأثر الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه تعليقاً حيث قال:"وجاء أنس بن مالك رضي الله عنه في نفر من أصحابه إلى مسجد قد صلي فيه، فأذن وأقام وصلى جماعة". وعن حماد بن سلمة عن عثمان البتي قال: دخلت مع الحسن البصري وثابت البناني مسجداً قد صلى فيه أهله، فأذن ثابت وأقام، وتقدم الحسن فصلى بنا، فقلت: يا أبا سعيد، أما يكره هذا؟ قال: وما بأسه؟! وهذا هو مذهب أحمد رحمه الله، وبه قال ابن مسعود. رضي الله عنه
والأفضل إذا جاءت جماعة متأخرة أن يفعلوا مثلما فعل أنس بن مالك رضي الله عنه وأصحابه، وكما فعل الحسن وصاحباه من الأذان والإقامة، فإن اكتفوا بأذان أهل المسجد وإقامتهم فلا بأس. قال الإمام أحمد رحمه الله: الأذان والإقامة لكل من صلى تلك الصلاة في ذلك المسجد ممن شهدها وممن جاء بعدها" انتهى.
ولكن ينبغي أن يقيد جواز صلاة الجماعتين في المسجد الواحد بما إذا كانت الجماعة الثانية تخلفت عن الصلاة الأولى لعذر معتبر شرعاً. وإلا فإن فتح هذا الباب يؤدي إلى إبطال الحكمة من الجماعة، وتشويش صورة الجماعة، بالإضافة إلى أنه قد يبرر به بعض الكسلاء التخلف عن صلاة الجماعة، إلى غير ذلك مما لا يهدف إليه الشرع ولا يقره.
هذا بالنسبة لصلاة جماعتين في مسجد واحد، أما صلاة جماعتين في مسجدين فلا حرج فيه إذا كان ذلك لكثرة المصلين أولتباعد المساجد، أولمصلحة أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1423(11/9760)
هل يلتحق بالجماعة إذا كانوا في الركعة الأخيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكنني أن أكمل الصلاة مع الجماعة في الركعة الأخيرة أم أنتظر الى نهايتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد السؤال عماذا تفعل إذا وجدت الجماعة في الركعة الأخيرة، هل تدخل الصلاة معهم أم تنتظر حتى يسلموا فتستأنف صلاتك؟
فالجواب: أنه إن كان ذلك قبل أن يرفعوا من ركوع الركعة الأخيرة فإنه يجب عليك الدخول معهم فتصلي معهم تلك الركعة، فإذا سلم الإمام قضيت ما فاتك به من الصلاة.
وأما إن كان ذلك بعد الرفع من ركوع الركعة الأخيرة، فإن كنت لا ترجو وجود جماعة أخرى تصلي معهم فادخل الصلاة مع الجماعة الموجودة، فإذا سلم إمامهم فقم لاتمام صلاتك، وإن كنت ترجو جماعة تصلي معهم فلك أن تنتظر. وراجع الفتوى رقم:
1221
وإن كنت تقصد السؤال عن غير ما ذكرناه فبين لنا مرادك حتى تتسنى لنا الإجابة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(11/9761)
الحالات التي تعاد فيها الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز إعادة الصلاة أكثر من مرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز إعادة الصلاة المفروضة إلا لسبب مشروع لما ثبت في سنن النسائي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تعاد الصلاة في اليوم مرتين) أما إن كان هناك سبب فتجوز إعادتها كتحصيل أجر الجماعة بعد صلاة الشخص لها منفرداً، وكوقوع الفرض غير صحيح لعدم توفر أحد شروط صحته، وكالشك في وقوع الفعل، كمن نسي صلاة من الصلوات الخمس ولا يدري ما هي، فإنه يُعيد الصلوات الخمس احتياطاً، وكإعادة الصلاة بوضوء لمن أداها بتيمم إذا كان في وقتها عند الحنابلة، ومن أراد الإكثار من الصلاة، فعليه بالنوافل، فإن فيها مندوحة عن تكرار الصلاة المفروضة بصورة غير مشروعة مع تحصيل الأجر المطلوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1423(11/9762)
ما ورد في تكرارالجماعة في مسجد قد صلي فيه مرة.
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا انتهت الجماعة الأولى في المسجد. أيهما أفضل صلاة جماعة ثانية في المسجد؟ أو الصلاة منفردا في المسجد؟ أو الصلاة منفردا في البيت؟ أرجو الإجابة على السؤال في أسرع وقت ممكن وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله في هذه المسألة على قولين مشهورين:
الأول: يكره تكرار الجماعة في المسجد الذي له إمام راتب وجماعة معلومون، لما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أقبل من نواحي المدينة يريد الصلاة، فوجد الناس قد صلوا، فمال إلى منزله فجمع أهله فصلى بهم" قال الهيثمي في المجمع 2/45: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات.
ولو لم يكره تكرار الجماعة في المسجد لما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع علمه بفضل الجماعة في المسجد، خصوصاً مسجده، فالصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه؛ إلا المسجد الحرام، كما جاء في الحديث المتفق عليه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه.
ولأن التكرار يؤدي إلى تقليل الجماعة لأن الناس إذا علموا أنهم إن تأخروا فقد تفوتهم الجماعة فإنهم يستعجلون، فتكثر الجماعة، وإذا علموا أنها لا تفوتهم فإنهم سيتأخرون، فتقل الجماعة، وتقليل الجماعة مكروه وهذا هو قول جمهور الفقهاء - الحنفية، والمالكية، والشافعية في الجملة، وهناك بعض القيود مع شيء من التفصيل لكل مذهب.
وذهب الحنابلة إلى عدم كراهة إعادة الجماعة في المسجد الذي له إمام راتب، أحرى الذي لا راتب له، محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة" وفي رواية (بسبع وعشرين درجة) رواهما البخاري ومسلم.
وإذا لم تصل في المسجد فقد لا يتأتى التجميع، "وجاء رجل وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيكم يتجر على هذا؟ فقام رجل فصلى معه" رواه الترمذي من حديث أبي سعيد وقال عنه: حديث أبي سعيد حديث حسن، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من التابعين، قالوا: لا بأس أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صلي فيه جماعة، وبه يقول أحمد وإسحاق. وقال آخرون من أهل العلم يصلون فرادى، وبه يقول سفيان ووابن المبارك ومالك والشافعي.
وقال في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:
وهذا القول أي قول الإمام أحمد هو الحق ودليله حديث الباب- أي حديث أبي سعيد المتقدم.
وننبه إلى أن الصلاة في المسجد جماعة مع الإمام الراتب من أفضل الأعمال التي ينبغي للمسلم ألا يفوته فضلها "وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ فقال الصلاة لوقتها وبر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله" رواه البخاري، ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1423(11/9763)
حضور الجماعة وطلب العلم النافع والأمر بالمعروف من خصال الخير
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1-أنا يوميا أتعرض خلال الدراسة لرؤية الفتيات الغير محجبات. فماذا أفعل؟
2-خلال الحصص الدراسية أسمع المؤذن ولا أستطيع الإجابة. فماذا أفعل؟
3-أنا أرغب أن أنضم إلى إحدى الطرق الصوفية أو في التزهد والتفرغ لطلب العلم عملا بقول الرسول"يوشك أن يكون خير مال المسلم ... " وقوله للصحابة"سيأتي علىالناس زمان العلم فيه خير من العمل" ولكن أبي يرفض. فبما تنصحني؟
4-أبي يمنعني من الذهاب إلى المسجد خوفا من الحكومة. فهل يحق له ذلك.
5-أنا لاأملك زادا يمكنني من إقامة الحجة على القائمين بمنكرات الأعمال فهل يجوز لي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علما أني فقدت العديد من الأصدقاء لعدم إطاعتهم لي.
جزاكم الله خيرا. وأرجو الإسراع بالرد علي لأني بحاجة إلى ردكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما الفقرة الأولى من سؤالك فراجع لها الفتوى رقم:
2523
وإذا كان المسلم في دراسة أو وظيفة أو أي مكان كان وسمع النداء فإنه يجب عليه أن يستجيب للنداء ويذهب لأداء الصلاة في وقتها، وفي المسجد حيث ينادى لها، وهذا كله إذا لم يكن من أصحاب الأعذار الشرعية التي تسقط وجوب الجماعة. وهي ثمانية ذكرها ابن قدامة في كتابه الكافي وهي: المرض والخوف والمطر والوحل والريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة وأن يحضر الطعام ونفسه تتوق إليه، وأن يدافع الأخبثين أو أحدهما، وأن يكون له قريب يخاف أن يموت ولا يحضره فيحضره. وهذه الثمانية لها تفريعات ذكرها ابن قدامة رحمه الله. وإذا وجبت الجماعة على المسلم فليس لأبيه أن يمنعه منها، لأنه ليس لأبيه أن يمنعه مما هو واجب عليه بالشرع. ولكن إذا منع الوالد ابنه من الذهاب إلى المسجد لأداء الجماعة خوفاً عليه من ضرر متحقق أو غالب، وجبت طاعة الأب لأن الجماعة لا تكون واجبة عليه ساعتئذ لأن الخوف عذر، فقد روى أبو داود من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له، إلا من عذر " قالوا: يا رسول الله وما العذر؟ قال: "خوف أو مرض". قال ابن قدامة رحمه الله: وسواء خاف على نفسه من سلطان أو لص أو سبع أو غريم يلزمه ولا شيء معه أو على ماله من تلف أو ضياعه أو سرقته… إلى آخر ما ذكر.
والخلاصة أن مجرد حضور الحصة الدراسية ليس من الأعذار المبيحة لترك الجماعة. أما الخوف من ضرر محقق أو غالب على النفس أو المال فهو من الأعذار التي تسوغ التخلف عن الجماعة.
وأما التفرغ لطلب العلم النافع والعمل به فهو من أعظم القربات عند الله تعالى ولا سيما في هذا الزمن الذي كثر فيه الجهل وعم فيه الفساد. ويكفي في فضل طلب العلم قوله تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) [المجادلة: 11] وقوله عز وجل: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط) [آل عمران: 18] وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في سنن ابن ماجه " طلب العلم فريضة على كل مسلم " وترجم البخاري فقال: باب الخروج في طلب العلم، ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد.
وعلى هذا، فإنا ننصح الأخ السائل -وفقنا الله وإياه- بالاشتغال بطلب العلم النافع والعمل به مع نية نفع المسلمين به ونشر الدعوة الإسلامية. أما الالتحاق بإحدى الطرق الصوفية فلا.
وراجع إجابتنا عن الصوفية الموجودة اليوم في الجواب رقم:
8500 322
وأما القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمن أعظم واجبات الأمة، وهو واجب على كل واحد بحسبه، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان " وهذا رواه مسلم وأصحاب السنن من حديث أبي سعيد الخدري. ولكن ينبغي أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مضبوطاً بالكتاب والسنة حتى يحصل المقصود منهما. ومع هذا فإنه لا يشترط العلم بتفاصيل الكتاب والسنة حتى يقوم المسلم بهذا الواجب، فإن هناك أنواعاً من المحرمات لا تخفى على أحد، كشرب الخمر والزنا والعقوق والكذب. كما أن هناك أنواعاً من الواجبات لا تخفى على أحد، كوجوب الصلاة والصوم والحج وما إلى ذلك. فهذه لا يُظن بمسلم في الجملة أنه يناقش فيها.
وهناك أنواع من المحرمات والواجبات لا يعلمها كثير من الناس بل قد تكون محل خلاف بين أهل العلم، فمثل هذا النوع لا بد فيه من التزود بالعلم الصحيح الذي تقوم به الحجة أو الرجوع إلى أهل العلم الثقات. وسؤالهم، قال تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) [النحل:43] وإلا فات المقصود. وإذا قام الإنسان بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالشكل الصحيح فقد فعل ما عليه سواء رضي الناس عنه أو لا، بل فالمطلوب رضى الله عز وجل، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يرضي المسلم جميع الناس خصوصاً إذا قام بهذا الواجب، بين هذا قول الله جل وعلا: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) [يوسف:103] وقوله تعالى: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) [الأنعام:116]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1423(11/9764)
أقوال العلماء فيمن أدرك الإمام راكعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف رأي الأئمة في الموضوع التالي:
في صلاة الجماعة هل إذا لحق المصلي الإمام في الركوع تحسب الركعة؟ أم يجب عليه إعادتها؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جماهير العلماء بمن فيهم الأئمة الأربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم يقولون: بأن من أدرك الإمام وهو راكع فركع قبل أن يرفع الإمام فقد أدرك الركعة، لحديث: "من أدرك من الصلاة ركعة، فقد أدرك الصلاة" رواه الترمذي وغيره.
ولحديث أبي بكرة أنه جاء والقوم ركوع فركع، ثم مشى إلى الصف، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: "أيكم الذي ركع، ثم جاء إلى الصف"؟ فقال أبو بكرة: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زادك الله حرصاً ولا تَعُدْ" رواه البخاري والنسائي وغيرهما.
إلا أن الحنابلة يخالفون هذا في صورة واحدة وهي: ما إذا أدرك الركعة خلف الصف منفرداً، ولم يدخل في الصف حتى ركع الإمام، فإنهم لا يعتدون بهذه الركعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمنفردٍ خلف الصف" رواه ابن حبان وابن خزيمة.
والصحيح قول الجمهور وهو: إدراك الركعة بإدراك الركوع قبل أن يرفع الإمام، سواء ركع في الصف، أو خارج الصف.
إذا علمت مذهب الأئمة الأربعة في هذه المسألة، فاعلم أنه إنما خالفهم في ذلك أهل الظاهر، فقالوا: بعدم إدراك الركعة بإدراك الركوع، واستدلوا بحديث: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" رواه الشيخان وأصحاب السنن.
ولكنه مخصوص بحديث أبي بكرة السابق.
واعلم أن المصلي يحصل من فضل الجماعة بقدر ما يدرك من الصلاة مع الإمام، وقد جاءت نصوص تحث على الحرص على إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام، كقوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق" رواه الترمذي. وابن ماجه وصححه الألباني.
فليحرص المصلي على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1422(11/9765)
كيف يتم من أدرك الركعة الثانية مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حديث العهد في الصلاة، وأرجو منكم أن تساعدوني في الإجابة على ما يلي:
دخلت المسجد في صلاة العصر وأدركت الركعة الثانية مع الإمام، كيف أتم صلاتي؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المؤتم الذي فاتته الركعة الأولى مع الإمام وأدرك معه الركعة الثانية وانسحب عليه حكم الائتمام فيها، فحكمه أن يتمم ما أدرك من الصلاة مع الإمام، ثم بعد سلام الإمام يقوم المسبوق للإتيان بالركعة التي فاتته، واختلف فيما أدركه مع الإمام، هل هو أول صلاته أو آخرها؟ والراجح أنه أولها.
وعليه، فإن هذا السائل الذي فاتته ركعة واحدة من صلاة العصر مع الإمام يقوم بعد سلام الإمام، ويأتي بركعة بالفاتحة فقط، ثم يسلم.
ونحيله على الفتوى رقم للفائدة:
6182
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1422(11/9766)
يجهر المسبوق بالقراءة ما لم يخش التشويش
[السُّؤَالُ]
ـ[1-إذا جاء المصلي مسبوقا في صلاة المغرب بركعتين هل يصليهما سراً أم جهراً
جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يسن للمسبوق في الحالة المسؤول عنها أن يجهر في إحدى ركعتي القضاء لأنها الثانية بالنسبة له، وأن يسر في الأخرى، وراجع الجواب رقم:
6182
وعلى السائل أن يتنبه إلى أن محل مطالبة المسبوق بالجهر فيما يجهر فيه هو ما إذا لم يخش أن يشوش بجهره على مصل آخر مسبوقاً أو متنفلاً، فإن خشي التشويش على غيره وجب عليه أن يسر.
والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1422(11/9767)
حكم من التحق بالإمام بالقعود الأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[من دخل المسجد وصلاة الجماعة في التشهد الأخير.. هل له أجر الجماعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أدرك التشهد الأخير فقد اختلف العلماء في إدراكه لفضيلة الجماعة، فقال بعضهم تحصل له فضيلة الجماعة، لكن دون فضيلة من أدركها من أولها.
قال النووي رحمه الله في شرح المهذب 4/117: هذا هو المذهب الصحيح. ا.هـ.
وقال آخرون لا يكون مدركاً للجماعة، إلا إذا أدرك ركوع الركعة الأخيرة، ولعل هذا هو الصواب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة" متفق عليه.
ودلالة المفهوم تقتضي أن من لم يدرك ركعة لم يدرك الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9768)
من أدرك الإمام وهو راكع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أدرك الإمام وهو راكع هل تحتسب له ركعة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أدرك الإمام وهو راكع فركع معه، فقد أدرك تلك الركعة فتحسب له، وراجع الجواب رقم: 3781، والجواب رقم: 3030.
فإن فيهما مزيد فائدة في هذا الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1422(11/9769)
لا يجوز للمسبوق أن يقطع صلاته ليلتحق بجماعة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت في الصلاة بعد رفع الإمام من الركوع في الركعة الأخيرة، فهل يجوز بعد تسليم الإمام أن أخرج من الصلاة لألحق بجماعة ثانية سمعتها قد أقيمت في المسجد؟ وهل الأمر يختلف إذا كانت الصلاة التي دخلت فيها أولاً هي صلاة الجماعة الأولى؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وصحبه أما بعد:
فإذا دخلت في الصلاة مع الإمام ولو كان في التشهد الأخير، فلا يجوز لك قطع الصلاة بعدما يسلم لكي تلتحق بجماعة أخرى أقيمت بعد تسليم إمامك، لأن خروجك من الصلاة إبطال لها، والله يقول في كتابه الكريم: (ولا تبطلوا أعمالكم) [محمد: 33] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" رواه البخاري وسلم.
وهذا عام لكل مدرَك قل أو كثر، كما أن هذا الحكم لا يختلف باختلاف حال الإمام سواء كان راتباً أم لا، وإذا كان تأخرك لعذر فإنه سيكتب لك أجر الجماعة، لما روى أبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من توضأ فأحسن الوضوء، ثم راح فوجد الناس قد صلوا، أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً". والحديث صحيح كما يقول الشيخ الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1422(11/9770)
ما يدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حضرت الركعة الأخيرة من صلاة الظهر، مع الإمام، هل تعتبر الركعة التالية هي الركعة الثانية، ويجب أن اقرأ التشهد مرة ثانية، وفي الركعة الرابعة أقرأ التشهد مرة أخرى، وبذلك سيكون قد قرأت التشهد ثلاث مرات في الصلاة أم ماذا علي أن أعمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الركعة التي صليت مع الإمام هي أول صلاتك، والركعات التي تصليها بعد مفارقة الإمام هي آخر صلاتك، وعليه؛ فإن جلوسك في الركعة الأولى من صلاتك لازم لوجوب متابعة الإمام،والإمام يجلس فيها لإنهاء آخر صلاته، وجلوسك في الركعة الثانية من واجبات الصلاة، كما هو معلوم.
أما جلوسك الثالث والأخير في الركعة الأخيرة فهو من فروض الصلاة، فتبين من هذا أن من أدرك الركعة الأخيرة من الصلاة الرباعية يجلس ويتشهد ثلاث مرات على نحو ما سبق.
ولبيان مزيد من التفصيل تراجع الفتوى رقم
9367
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(11/9771)
أدرك الركعة الرابعة فقط مع الإمام ... كيف يتم الصلاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد لصلاة الظهر وقد أقيمت الصلاة وفاتني ثلاث ركعات ولم أدرك إلا الركعة الرابعة وعندما سلم الإمام هل أقضي الركعتين أولا، أم أقضي الركعة الثالثة أولا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالركعة الرابعة التي أدركت مع الإمام اجعلها هي الركعة الأولى من صلاتك، ثم ائت بالركعات الثلاث بعد سلام الإمام وكأنهن آخر الصلاة، فتقرأ في الأولى من الثلاثة الفاتحة والسورة، وتجلس للتشهد، ثم تقرأ في الثانية والثالثة الفاتحة فقط، ولا تجلس عند الثانية من الثلاث. وراجع الجواب رقم 6339
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1422(11/9772)
فاتته ركعة لأجل قتل عقرب ... كيف يقضيها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل صلى صلاة الظهر في جماعة وبينما هو في الركعة الثالثة مرت بجنب قدميه عقرب فترك الصلاة لكي يقتل العقرب وعندما قتلها أراد أن يلحق بالجماعة ولكنه وجد الإمام في بداية الركعة الرابعة فصلى معه وعندما سلم الإمام قام الرجل فاستدرك للركعة الثالثة فقط ما حكم صلاته وما هو الصواب؟ جزاكم الله خيرا ونفع بكم العباد وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما فعله الرجل من قتل العقرب في الصلاة مشروع، لقوله صلى الله عليه وسلم: "اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب" رواه الإمام أحمد وأبو داود، ثم إن قضاءه للركعة الثالثة التي فاتته بسبب قتل العقرب هو الصواب، إذا لم يخرج من الصلاة بالنية أو بمناف آخر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا فما أدركتم، فصلوا، وما فاتكم، فأتموا" متفق عليه. واللفظ للبخاري، ولا فرق في وجوب القضاء بين الفائت في أثناء الصلاة - كالصورة المذكورة في السؤال - وبين الفائت قبل الدخول في الصلاة.
أما إن كان قد خرج من الصلاة بالنية أو بحدوث مبطل فإنه يجب عليه استئناف الصلاة ولا يجوز له البناء على ما صلى منها قبل القطع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1422(11/9773)
صلى الفريضة منفردا.. ووجد جماعة.. ماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت الظهر مفرداً، ثم دخل ثلاثة شبان فقمت لأصلي معهم جماعة، فقال أحدهم لايجوز، لأنك صليت وحدك بنية الفرض ... فما رأيكم؟.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإنه يندب لك أن تعيد صلاتك - التي صليتها منفردا - مع الرجال الثلاثة، لأنهم جماعة بالاتفاق.
ولا خلاف أن من أدّى الصلاة المكتوبة منفردا، استحبّ له أن يدخل مع الجماعة لتحصيل الفضل، لما في الموطأ عن بسر بن محجن عن أبيه محجن أنه كان في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذّن بالصلاة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى، ثم رجع، ومحجن في مجلسه لم يصل معه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئت فصل مع الناس، وإن كنت قد صليت".
وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم قال: "كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، أو يميتون الصلاة عن وقتها، قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصلًّ، فإنها لك نافلة".
واستثنى أكثر الفقهاء من استحباب الإعادة صلاة المغرب، لأن التنفل بالثلاث بعد المغرب مكروه، ولا نظير له في الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1422(11/9774)
متى يصح الاقتداء بالمأموم ومتى لا يصح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز اتخاذ المأموم إماما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز اتخاذ المؤموم إماماً في حال ائتمامه بإمامه، وذلك لامتناع أن يكون الشخص تابعاً ومتبوعاً في آنٍ واحدٍ، وذكر الهيتمي في شرح المنهاج أن هذا محل إجماع، أما إذا كان المأموم مسبوقاً، وقام لقضاء ما فاته من الصلاة، فإنه يجوز لغيره أن يقتدي به، ويجعله إماماً عند طائفة من أهل العلم، لأنه لم يعد مأموماً في الحال.
ومنع ذلك آخرون استصحاباً لما كان متصفاً به من المأمومية.
وهذا إذا كان قد أدرك مع الإمام ركعة فأكثر، وأما إن لم يدرك معه ركعة، فإنه يجوز الاقتداء به، وجعله إماماً من غير خلاف نعلمه.
وكذلك يجوز أن يصير المأموم إماماً، وذلك فيما إذا طرأ على الإمام عذر مانع من الاستمرار في الصلاة، فإنه يستخلف أحد المأمومين، فيصير إماماً بعد ما كان مأموماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1422(11/9775)
هل يستأذن إمام المسجد لإقامة جماعة ثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله
وبركاته..
هل يلزم استئذان الإمام قبل أداء الصلاة بالنسبة إلى الجماعة الثانية
أم يصلي الناس دون استئذان الإمام؟.
سواء كان الإمام يلقي درساً بعد انتهاء الجماعة الأولى أم لا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراحج والذي عليه أكثر أهل العلم هو: جواز الجماعة في المسجد مرتين، لحديث أبي سعيد الخدري أنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الظهر، فدخل رجل من أصحابه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما حبسك يا فلان عن الصلاة؟ " قال: فذكر شيئاً اعتل به. قال: فقام يصلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا رجل يتصدق على هذا يصلي معه". قال: فقام رجل من القوم، فصلى معه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
ففي الحديث دلالة على جواز أن يصلي القوم في مسجد قد صلي فيه مرة.
قال الترمذي: وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،
وغيرهم من التابعين، قالوا: لا بأس أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صُلي فيه، وبه يقول أحمد وإسحاق.
واختار الشافعي وآخرون الصلاة فرادى، وحيث قلنا بجواز الجماعة في المسجد الذي قد صُلي فيه يكون استئذان الإمام غير لازم، لعدم حقه في المنع، سواء كان يلقي درساً بعد الصلاة في المسجد أم لا.
وإن استأذنت الجماعة الثانية الإمام الراتب كان ذلك أولى لأن من حجج الذين منعوا إقامة جماعة ثانية في المسجد أن ذلك قد يفعله بعض الناس قدحاً في الإمام الراتب فيكون في استأذانه تطيب لخاطره وإبعاد ذلك القصد الذي قد يتوهمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1422(11/9776)
إعادة الفريضة جماعة تصدقا على غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: إذا صليت الفجر وزوجي لم يستقظ إلا بعد الصلاة بربع ساعة فصليت أنا وزوجي. هوصلى الفرض وأنا صليت نافلة معه. فهل هذا جائز، وفيه حديث: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معناه: "من يتصدق على هذا". وزادكم الله علما وتقى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قيامك بإعادة الصلاة مع زوجك مرة أخرى لإدارك ثواب الجماعة أمر حسن إن شاء الله. لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رجلاً دخل المسجد وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يتصدق على هذا فيصلي معه؟ " فقام رجل من القوم فصلى معه.
وروى أبو داود وغيره عن يزيد بن الأسود أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شاب، فلما صلى إذا رجلان لم يصليا في ناحية المسجد، فدعا بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: " ما منعكما أن تصليا معنا؟ " قالا: قد صلينا في رحالنا، فقال " لا تفعلوا، إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام لم يصل فليصل معه، فإنها نافلة".
والأولى أن لا تصلي بمفردك أولاً، وأن تصليا معاً إذا لم يتمكن الزوج من الذهاب إلى المسجد لعذر معتبر شرعاً، فإن تمكن من الذهاب ولم يذهب فإنه آثم على الراجح من أقوال أهل العلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن في التخلف عن صلاة الجماعة بغير عذر، بل لم يعتبر ما يظنه بعض الناس عذراً ولذا لما جاءه الأعمى وقال له أتأذن لي أن أصلي في بيتي فقال الرسول صلى الله عليه وسلم" أتسمع النداء؟ قال نعم. قال: فأجب. لا أجد لك رخصة" رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: " لقد هممت أن آمر بحطب ليحتطب، ثم آمر بالصلاة فتقام، ثم أخالف إلى أقوام لا يشهدون الجماعة فأحرق عليهم بيوتهم" رواه البخاري ومسلم،
وفي مسند أحمد زيادة " لولا ما في البيوت من النساء والذرية" فَهَمُّ الرسول صلى الله عليه وسلم بإحراق البيت على المتخلف عن الصلاة دليل على أن الرجل يجب عليه حضور الجماعة وجوباً مؤكداً، فقد نص العلماء على أن الفعل إن أدى تركه إلى التعزير من الشارع فإن ذلك كاف في الدلالة على كونه واجباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1422(11/9777)
ما يتمه المسبوق بعد سلام إمامه يعتبر آخر صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن الصلاة وهو: نفرض أن الوقت صلاة العشاء، ولحقت على الركعة الأخيرة أي الرابعة، وبعد التسليم، أريد قضاء الفائت فكيف يكون القضاء، وماذا أقرأ في الركعات الثلاث الفائتة، ونفس الشي في المغرب والفجر؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" الحديث متفق عليه. فالمسبوق يدخل مع الإمام في الصلاة كيفما وجده، فإذا انتهت صلاة الإمام يقوم المسبوق لإتمام صلاته. ولفظ الحديث: "فأتموا" ـ دليل على أن ما صلاه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته. وأن ما يقوم بقضائه بعد سلام الإمام هو آخر صلاته، فإذا أدرك من صلاة العشاء ركعتين مع الإمام أتى بركعتين يقرأ فيهما بالفاتحة فقط، ومثلها الظهر والعصر، وإذا أدرك من المغرب ركعة واحدة مع الإمام أتى بركعتين يقرأ في أولاهما الفاتحة وسورة ويجلس بعدها، ويقرأ في الثانية الفاتحة فقط، ومن أدرك ركعة واحدة من العشاء أو الظهر أو العصر مع الإمام قضى ثلاث ركعات يقرأ في أولاها بالفاتحة وسورة ويجلس بعدها ويقرأ في الثانية والثالثة بالفاتحة فقط ولا يجلس بينهما، مع أن في المسألة أقوالاً أخرى، ولكن ما ذكرناه أظهر، ورواية الحديث هذه شاهد له.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1421(11/9778)
هل يقضي المسبوق ما فاته جهرا أم سرا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماكيفية إتمام المسبوق لصلاة العشاء إذا فاتته الركعتان الأوليان، هل يكمل باقي الركعات جهرا أم سراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيما أدركه المأموم (المسبوق) من صلاة الإمام، هل هو أول صلاته أو آخرها على ثلاثة أقوال، وسبب اختلافهم في ذلك أنه ورد في بعض روايات الحديث المشهور" فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" رواه البخاري ومسلم. والإتمام يقتضي أن يكون ما أدرك هو أول صلاته. وفي بعض رواياته: " فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا" رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه ابن حبان. والقضاء يوجب أن ما أدرك هو آخر صلاته. انظر بداية المجتهد (1/361) لابن رشد. وقد أخذ الإمام أبو حنيفة، والإمام أحمد في المشهور من المذهب برواية "فاقضوا" وأخذ الإمام الشافعي وجماعة برواية (فأتموا) وعمل الإمام مالك بكليهما، فحمل رواية فأتموا على الأفعال ورواية "فاقضوا" على الأقوال، ويمكن تطبيق ذلك على المأموم الذي أدرك ركعة من المغرب مع إمامه فإنه يأتي بركعتين بالفاتحة وسورة فيهما، ويجلس بينهما، فيجمع في حال قضاء ما فاته بين القضاء في الأقوال، والبناء في الأفعال. هذا هو مذهب مالك، وقد ضعفه ابن رشد لأنه يترتب عليه أن يكون بعض الصلاة أداءً وبعضها قضاءً. انظر بدائع الصنائع للكاساني (1/247) ، والمغني لابن قدامة مع الشرح الكبير (2/10) وحاشية الدسوقي (1/346) ، والتمهيد لابن عبد البر (20/234) والمجموع للنووي (4/118) وبناء على ما سبق فإنه من أدرك مع الإمام ركعتين من صلاة العشاء، فإنه يتم صلاته سراً، ويكون ما أدركه مع الإمام أول صلاته. هذا هو الراجح لأمرين: أحدهما: أن رواة "فأتموا" أكثر وأحفظ من رواة "فاقضوا" والثاني: أن القضاء محمول على الفعل لا القضاء المعروف في الاصطلاح، لأن هذا اصطلاح متأخري الفقهاء، والعرب تطلق القضاء وتريد به الفعل. قال تعالى: (فإذا قضيتم مناسككم) [سورة البقرة:200] وفي قوله صلى الله عليه وسلم " وما فاتكم" دليل أيضاً لأن المعنى: ما فاتكم من صلاتكم أنتم لا من صلاة الإمام، والذي فات المأموم من صلاة نفسه إنما هو آخرها.
غير أننا نقول: من أخذ بالقول الآخر لا ينكر عليه صنيعه لأن الخلاف في هذه المسألة معتبر ولكل وجهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9779)
حكم مؤاكلة تارك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يؤدي الصلاة في المنزل ولا يشهد صلاة الجماعه في المسجد. وماحكم الأكل والشرب والجلوس معه من قبل من يأمره وينهاه بهذا الخصوص بالتفصيل. وجزاكم الله خير الجزاء آمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي الجلوس معه ولا الأكل ولا الشراب معه لأن الله تعالى: يقول: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) [هود: 113] والجلوس معه مع عدم الإنكار إقرار له على فعله، ومن رضي فهو كمن فعل، إلا إذا كان الجالس معه يريد أن ينصحه ويرشده عما هو فيه فلا بأس بالجلوس معه، بل إن ذلك مطلوب شرعاً لمن يقدر على ذلك. وإذا كان الأكل والشراب معه ترجى منه نتائج إيجابية كتألفه على الخير، ولعله أن يجامل جليسه فيصلي معه أو يسمع منه كلاماً طيباً أو نحو ذلك فلا بأس به، لأنه داخل في عموم دعوته.
والداعية يطلب منه أن يكون مؤالفاً للناس ليتمكن من خلال ذلك من التأثير عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9780)
كيف يتصرف المسبوق إذا عاد الإمام ليجبر نقصا.
[السُّؤَالُ]
ـ[أتيت إلى صلاة العصر متأخرا, وبعد الانتهاء من الصلاة وخروج بعض المصلين من المسجد, قال البعض إننا صلينا ثلاث ركعات فقط ,فدعا الإمام المصلين لإكمال الصلاة, وكنت عندها أنهيت ركعة من الركعتين , فآثرت الدخول بالجماعة مرة أخرى وإكمال الركعة الأخيرة مع الإمام, فقال البعض إن الصلاة هكذا باطلة , فما رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا سلم الإمام قبل تمام صلاته ثم عاد لإكمالها فعلى المسبوقين أن يتابعوا الإمام ويأتموا به، ثم يكملوا ما بقي من صلاتهم.
وحيث إنك كنت قد نويت الانفراد وصليت ركعة قبل رجوعك إلى الائتمام بالإمام مرة أخرى، ثم رجعت وائتمت به ثانية، فإن هذه الركعة لاغية لأنها ركعة وقعت في حقيقة الأمر أثناء صلاة الإمام، وكان الواجب عليك أن تأتي بها مرة أخرى بعد سلام الإمام وسجوده للسهو وبناء على ذلك فعليك أن تعيد الصلاة حيث لم تصل إلا ثلاث ركعات لبطلان الركعة التي صليتها وحدك. والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9781)
حكم اقتداء مسبوق بمسبوق مثله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسبوق، هل يجوز لي أن أكمل صلاتي مع من بجانبي من المسبوقيين أيضا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرأً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا سلم الإمام من الصلاة، وأراد أحد المسبوقين أن يأتم بمثله بعد السلام، فيما بقي من صلاتهما ففي هذه المسألة وجهان لأهل العلم، وأكثر الفقهاء على المنع من ذلك، فالأولى لكل واحد من المسبوقين أن يتم صلاته بعد سلام الإمام، دون ائتمام أي منهم بالآخر، لأن كلا منهما قد حصل فضل الجماعة بإدركه ركعة فأكثر. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9782)
حكم الائتمام بمنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة الصلاة هذه؟ لقد دخلت المسجد وقد قضيت الصلاة المكتوبة، وكان في المسجد رجل لم يلحق الصلاة، وقد صلى صلاته وهو في الركعة الثانية، وقالوا لي صل مع هذا الرجل لأنه يصلي الصلاة المكتوبة، وقد دخلت معه في الصلاة وفي نيتي الصلاة المكتوبة، ثم دخل أناس وصلوا معنا ولما سلم الإمام أكملت الركعة الفائتة؟ الرجاء بيان الحكم مع الدليل وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان مرادك أنك دخلت المسجد، ووجدت الصلاة قد قضيت، ووجدت من فاتته الصلاة كما فاتتك أنت، ولكنه بدأ صلاته منفرداً ثم لحقت به أنت وغيرك، وقد فاتكم بعض صلاته، فصليتم معه ما أدركتم من صلاته، ثم قضى كل واحد منكم ما فاته من الصلاة على حدة. أقول: إذا كان هذا هو مرادك فإن صلاتكم صحيحة لا غبار عليها، ومن أدرك منكم معه ركعة فما فوقها فقد حصل فضل الجماعة، لكن ينبغي التنبه لنقطتين تتعلقان بمثل هذه الحالة وقد تكلم عليهما أهل العلم:
الأولى: أن تكوين جماعة في مسجد يصلي فيه إمام راتب، محل خلاف بين أهل العلم، وممن كرهه من أئمة الصحابة ابن مسعود، وممن كرهه من الأئمة من بعدهم مالك وأهل مذهبه، محتجين بأن ذلك لم يكن من هدي السلف الأول وربما كان ذريعة إلى تفريق الجماعة، وتفويت الغرض الأصلي من الصلاة في المسجد، وهو أن يصلي الكل جماعة واحدة، وعلى هذا فالأفضل لمن فاتتهم صلاة الجماعة في المسجد، وأرادوا أن يصلوا مجتمعين أن يذهبوا إلى بيت أحدهم فيصلوا فيه جماعة، كما ثبت ذلك عن ابن مسعود حين فاتته الصلاة هو وبعض التابعين، فرجع الكل إلى بيت ابن مسعود وصلوا فيه، وقد قيد أصحاب هذا القول أفضلية الخروج عن المسجد، والتجميع في البيت بما إذا لم يكن المسجد واحدا من المساجد الثلاثة: بيت الله الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، والمسجد الأقصى، قالوا: فيصلون بالثلاثة أفذاذاً إن دخلوا، لأن صلاة الفذ فيها أعظم أجراً من صلاة الجماعة خارجها.
أما الذين لم يكره عندهم التجميع بعد الإمام الراتب، فقد يستشهد لهم بحديث أبي سعيد الخدري، الذي رواه أحمد وأبو داود والدارمي، وفيه أن رجلا دخل المسجد وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يتصدق على هذا فيصلي معه"، وظاهر سياق القصة أنهما صليا في المسجد، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد اطلع عليهما وهما يصليان فيه، وأقرهما على ذلك ولم ينكره.
ولعل الراجح في المسألة أن تجميع من فاتتهم صلاة في المسجد جائز، ولو كان الإمام راتباً ما لم يتخذ ذلك كالعادة، فإنه يمنع، أو يكره، لتفويته للمقصد الأساسي، وهو صلاة الكل جماعة واحدة.
النقطة الثانية: تتعلق بالرجل الذي صلى بكم هل يتم له فضل الجماعة أم لا؟
والجواب عن ذلك أن هذا - أيضاً - محل خلاف، فمن أهل العلم من قال: لا يتم فضل الجماعة إلا لمن دخل الصلاة بنية الجماعة ابتداء، فمن دخلها بنية الانفراد ولحق به غيره تم الفضل لذلك الغير، ولم يتم له هو، ومنهم من قال: يتم له هو أيضاً ما دام قد تم للآخر، واحتج هؤلاء بما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: بت عند خالتي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي عندها في تلك الليلة، فقام يصلي فقمت عن يساره، فجذبني وجعلني عن يمينه.
وكون هذه الحادثة في صلاة النفل لا يجعلها غير صالحة للدليل في الفرض، لأن الأصل عدم التفريق بين النفل والفرض في الأحكام جملة.
ولعل القول الأخير هو الصواب.
وقد تظهر ثمرة الخلاف فيما إذا وجد هذا الإمام من يريد أن يصلي الفرض نفسه، فإذا قلنا: إن فضل الجماعة قد تم، لم تشرع له الإعادة، وإذا قلنا: إنه لم يتم، شرعت له.
... ... ... ... والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9783)
إحرام المسبوق بالصلاة قبل دخوله في الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز تكبيرة الإحرام قبل الدخول في الصف مع الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأولى للمصلي أن يأتي للمسجد في هدوء وسكينة ووقار، ولا يدخل في الصلاة حتى يأخذ مكانه من الصف، ثم يكبر تكبيرة الإحرام.
فإن كبر تكبيرة الإحرام قبل أن يدخل في الصف ويأخذ مكانه منه، والتحق بالصف فوراً، فصلاته صحيحة وقد خالف الأولى، كما في المسند وصحيح البخاري من أن أبا بكرة رضي الله عنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: (زادك الله حرصاً ولا تَعُدْ) .
... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9784)
كيف يتصرف من أراد أن يلتحق بالجماعة ووجد إماما ومأموما فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخلت في صلاة مع إمام ومأموم واحد.. هل الصحيح أن يطلب من المأموم الرجوع للخلف ثم الدخول في الصلاة؟ .. أم العكس هو الأصح (أي الدخول في الصلاة ثم تنبيه المأموم للرجوع إلى الخلف؟ أفادكم الله.. وجزى الله القائمين على هذا الموقع خير الجزاء. والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن وجد إماماً ومأموماً وأراد الدخول معهما فإنه يحرم خلف الإمام ثم يسحب المأموم إليه هذا هو الصواب إن شاء الله، ومن الدليل على ذلك حديث جابر رضي الله عنه عند مسلم قال: قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتّىَ أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ. ثُمّ جَاءَ جَبّارُ بْنُ صَخْرٍ فَتَوَضّأَ. ثُمّ جَاءَ فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيْنَا جَمِيعاً. فَدَفَعَنَا حَتّىَ أَقَامَنَا خَلْفَهُ".
ومن رأى أن الترتيب الصحيح هو أن يحرم أولاً عن يسار الإمام ثم ينسحب هو والمأموم إلى خلف الإمام فقد جانب ـ والله أعلم ـ ما هو الأشبه بالصواب كما جانبه من أمر الإمام بالتقدم إذا كانت أمامه فسحة، وإنما قلنا بمجانبة كل منهما لما هو الأشبه بالصواب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقر الأول على فعله، بل بادر بدفعه إلى الخلف، بمجرد أن شعر بإحرامه بجنبه، ولم يتقدم هو صلى الله عليه وسلم إلى الأمام، والحجة إنما تكون في قوله أو فعله، أو إقراره صلى الله عليه وسلم، وقد فهم الصحابة من فعله بجابر وجبار ما أشرنا إلى أنه هو الصواب في مثل الحالة المسؤول عنها،
روى الإمام مالك رحمه الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: جئت بالهاجرة إلى عمر رضي الله عنه فوجدته يصلي، فقمت عن ماله فجعلني عن يمينه، ثم جاء يرفأ، فتأخرت فصليت أنا وهو خلفه. ومما يجدر التنبه له أن الخلاف إنما هو في الأولى والأكمل، والصلاة صحيحة والحمد لله، نص على ذلك أهل العلم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9785)
تصح صلاة المنفرد خلف الصف إذا لم يجد من يصف معه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم فيمن أتى صلاة الجماعة، ولم يجد مكاناً بآخر صف، ولم يجد من يصف معه، ثم قام بسحب أحد المصلين من آخر صف لكي يصف معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن لم يجد مكاناً في الصف، ولم يجد من يصف معه فليصل خلف الصف، وصلاته صحيحة على الراجح، لأنه بذل وسعه، والله سبحانه وتعالى يقول: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة:286] ويقول: (فاتقوا الله ما استطعتم) . [التغابن:16] وأما ما في المسند وغيره من أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الذي صلى وحده خلف الصف أن يعيد صلاته، محمول على أنه تعمد الصلاة خلف الصف. والراجح أيضاً أنه لا يسحب أحداً من الصف الذي أمامه، لأنه إن سحبه فستبقى فرجة في الصف، وترك الفرج منهي عنه. لما رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولا تذروا فرجات للشيطان ومن وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله" ولأنه ينقل هذا الشخص من المكان الفاضل إلى المكان المفضول، كما أنه يحدث إرباكاً للمصلين. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9786)
إذا لم تجد مكانا في الصف وصليت منفردا فصلاتك صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت أصلي مع الجماعة ووجدتهم في التشهد الأخير ولايوجد مكان في الصف الأخير فجلست بمفردي في صف بعده فهل صلاتي صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاتك صحيحة إذا كنت بذلت جهدك في البحث عن مكان في الصف فلم تجده، لقول الله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) [البقرة: 286] أما الحديث الذي في المسند وسنن ابن ماجه من أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الذي صلى وحده خلف الصف أن يعيد صلاته، محمول على الراجح - إن شاء الله تعالى - على أنه في حق من تعمد الصلاة خلف الصف منفردا، وقصر في تحصيل مكان في الصف، أو في إيجاد مصل آخر يصف معه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9787)
يحتسب المسبوق الركعة إن أدرك الركوع مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء دخولي المسجد لأداء فريضة من الفرائض، وجدت الإمام قد سبقني بركوع فقط، فهل أكمل الركعة بعد ذلك كاملة، أم أكتفي بتأدية ما فاتني؟ أفيدوني أفادكم الله وأصلح الناس على أيديكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن المأموم يتبع الإمام على الحالة التي يجده عليها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود، فاسجدوا ولا تعدّوها شيئاً، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة" رواه أبو داود، وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم في المستدرك وقال صحيح.
وعن علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام " رواه الترمذي، والحديث حسن لشواهده.
ولا يكون المأموم مدركاً للركعة كاملة، إلا إذا أدرك مع الإمام الركوع، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة" رواه أبو داود، ومن فاته الركوع وجب عليه قضاء ركعة كاملة، لأنه لا يعتد بما بعد الركوع من أعمال الركعة الفائتة، وإنما يفعله مع الإمام لوجوب متابعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9788)
إذا زاد الإمام ركعة هل يعتد المسبوق بها أم لا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من دخل في صلاة الجماعة بعد الركعة الأولى، وقد سها الإمام وصلى ركعة زائدة، هل بعد سجدتي السهو أكمل الركعة التي فاتتني أم أكتفي بالركعة الزائدة التي صلاها الإمام؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في هذه المسألة، فمنهم من قال: إن المسبوق يجتزئ بالركعة الزائدة، ومنهم من قال: لا يجتزئ بها، والصواب أنه لا يجتزئ بها لأن القضاء يكون بعد السلام، فعليه إذا سلم الإمام أن يقوم فيأتي بما فاته، وليس له متابعة الإمام في الزيادة، بل يجلس حتى يسلم، فإذا سلم الإمام قام فقضى ما عليه.
أما سجود إمامه للسهو فإن كان محصلاً ركعة مع الإمام، فيسجد إذا سجد إمامه: فما كان منه قبل السلام فيسجد مع الإمام، وما كان منه بعد السلام فيسجده إذا سلم هو، وأما إذا لم يحصل ركعة فلا يسجد إلا فيما سها هو فيه، دون ما سها فيه إمامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9789)
خلاف العلماء في جواز إنشاء جماعة بعد جماعة الإمام الراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الجماعة الثانية في المسجد لمن جاؤوا متأخرين عن الصلاة الرجاء التفصيل في الجواب وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن جاء إلى المسجد وقد فاتته صلاة الجماعة مع الإمام الراتب فهل يجوز له أن ينشئ جماعة أخرى في نفس المسجد؟ هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على قولين فذهب الأحناف والمالكية والشافعية إلى كراهة الجماعة الثانية في المسجد الذي ليس بمطروق وله إمام راتب. وسبب الكراهة عندهم خشية الفرقة، وتوليد الأحقاد، وأن يتخذ أهل الأهواء من ذلك ذريعة إلى التأخير عن الجماعة ليصلوا جماعة أخرى خلف إمام يوافقهم على نحلتهم وبدعتهم، فسداً لباب الفرقة وقضاء على مقاصد أهل الهواء السيئة قالوا: لا تصلى فريضة جماعة في مسجد بعد أن صليت فيه جماعة بإمام راتب. وذهب أحمد وإسحاق وابن المنذر وقال الترمذي: هو قول غير واحد من الصحابة والتابعين إلى أنه لا بأس أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صليت فيه جماعة، ودليلهم في ذلك الحديث الذي رواه أحمد في مسنده وأبو داود في سننه والترمذي وحسنه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلا دخل المسجد وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يتصدق على ذا فيصلي معه فقام رجل من القوم - أبو بكر رضي الله عنه فصلى معه- وهذا القول هو الصواب إن شاء الله والله تعالى يقول: (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن: 16] وأما إذا كان المسجد لا إمام راتب له فلا تكره إجماعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9790)
إذا أدرك المأموم الإمام راكعا فليكبر للإحرام ثم يكبر للركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخلت في الصلاة مع الإمام وهو راكع، أو ساجد. فهل أكبر تكبيرة الإحرام، ثم أركع أو أسجد؟ أم أكبر تكبيرة الإحرام، ثم أتبعها بأخرى وأدخل بعد ذلك في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة، ويشترط أن يأتي بها المصلي وهو معتدل، فإذا لم يأت بها على هذه الهيئة فصلاته باطلة. فإذا أدرك المأموم الإمام راكعاً فليأت أولاً بتكبيرة الإحرام على الهيئة المذكورة، ثم بعد ذلك يكبر تكبيرة ثانية للركوع، أو للسجود، ومن أهل العلم من قال: يكتفى بتكبيرة الإحرام فقط. أما إذا وجده جالساً للتشهد أو بين السجدتين، فقد اختلف أهل العلم فيها على قولين: منهم من قال: إنه يكبر للجلوس، ومنهم من قال لا يكبر، لأن التكبير إنما يكون من خفض أو رفع، وليس في هذه الصورة خفض ولا رفع، وعلى كلا القولين يكون هذا بعد تكبيرة الإحرام.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9791)
إذا لم يبق من صلاة الجماعة إلا التشهد الأخير فالأولى أن تنتظر الجماعة الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم ـ أدامكم الله على طاعته ـ أن من فاته ركوع ركعةٍ فاتته الركعة، ومن فاته ركوع الركعة الأخيرة فاتته الجماعة، والحال هذه هل يجوز لي انتظار الإمام الراتب إلى أن يفرغ من التسليمتين للدخول في جماعة ثانية من المتأخرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيمن أدرك مع الإمام أقل من ركعة، هل يكون مدركاً لفضيلة الجماعة أم لا. فالمشهور من مذهب الإمام الشافعي، أنه يدركها ما لم يسلم الإمام، ونص الحنابلة كذلك أن من كبر تكبيرة الإحرام قبل تسليمة الإمام الأولى، فقد أدرك الجماعة ولو لم يجلس، لأنه أدرك جزءا من صلاة الإمام فأشبه ما لو أدرك ركعة، ومستند هذا المذهب عموم قوله صلى الله عليه وسلم: ".. فما أدركتم فصلوا ومافاتكم فأتموا". رواه أبو داود وأصله في الصحيح. لكن إن كانت هناك جماعة أخرى حاضرة تنتظر تسليم الإمام، ورأيت أن تدخل معهم، فإن بعض أهل العلم رجحوا الانتظار والدخول معهم، ولعل هذا أولى، لأن إدراك الجماعة الثانية محقق وإدراك الأولى مختلف فيه، ولأن إدراك الصلاة في جماعة من أولها أفضل من إدراك جزء منها. ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1421(11/9792)
من أدرك شيئا من الصلاة مع الإمام.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمأموم أن يقطع صلاته ويلتحق بالجماعة الأخرى إن كان لم يدرك مع الأولى إلا التشهد الأخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيم تدرك به فضيلة الجماعة ويحصل به الثواب، فذهب الجمهور من الحنفية والحنابلة وهو الصحيح عند الشافعية إلى أن فضيلة الجماعة تدرك ما لم يسلم الإمام وإن لم يقعد المأموم معه. فقالوا: من كبر قبل سلام الإمام التسليمة الأولى فقد أدرك الجماعة ولو لم يجلس. (الأقناع: 1/161) . وهذا قول ابن يونس وابن رشد.
وذهب أكثر المالكية إلى أن فضل الجماعة لا يحصل إلا بإدراك ركعة كاملة مع الإمام، ولا يكون ذلك إلا بإدراك الركوع معه، ومن أدرك أقل من ركعة. فلا يحصل له فضل الجماعة. وإن كان مأموراً بالدخول مع الإمام على اية حال. لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجودٌ فاسجدوا، ولا تعدوها شيئاً، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة". رواه أبو داود.
وينبني على الخلاف المتقدم في القدر الذي يدرك به فضل الجماعة الحكم في قطع مدرك التشهد فقط من أجل تحصيل فضل الجماعة مع جماعة أخرى، فمن حكم بأن فضل الجماعة حاصل بإدراك أي جزء من الصلاة قبل السلام منع عنده القطع حينئذ، ومن لم يحكم بحصول الجماعة بأقل من ركعة فالمتجه على مذهبه جواز القطع، ولا شك أن قول الجمهور أقرب إلى الصواب. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9793)
الركض لإدراك الجماعة أو الركوع لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الركض لإدراك الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي الركض لإدراك إحدى الصلوات، لمنافاته السكينة والوقار، فقد روى مالك وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ثُوِّبَ للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة". وهذه رواية مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1421(11/9794)
صلاة الرجل مع زوجته جماعة إذا فاتته الجماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فاتتني صلاة الجماعة في المسجد، وأردت أن أصلي هذا الفرض في المنزل، فهل من الأفضل أن اصلي مع زوجتي؟ أم يصلي كل منا منفردا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأفضل لك أن تعود إلى بيتك فتصلي مع زوجتك لكي يحصل لكل واحد منكما فضل الجماعة، وهو بضع وعشرون درجة، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكن إذا وجدت جماعة أخرى في المسجد فالأولى أن تصلي مع الجماعة الثانية في المسجد لأن الأصل في صلاة الرجل أن تكون في المسجد مع جماعة المسلمين، والمرأة صلاتها في بيتها خيرٌ لها. وأجر صلاتها كامل بنص النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1421(11/9795)
ما يفعل من أدرك ركعة من المغرب مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من صلى مع الإمام الركعة الأخيرة من المغرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فإن كان مقصود السائل أنه أدرك الركوع فيكون قد أدرك ركعة وبقي عليه ركعتان. وإن كان قد أدرك الإمام بعد الركوع الثالث، كأن أدركه في سجوده أو في التشهد الأخير، فهذا عليه أن يتم مع الإمام ما أدركه معه، ثم إذا سلم الإمام صلى ثلاث ركعات، ولا يضر اختلاف كيفية قضاء ما فات من الصلاة عن كيفيتها أداءً، مثل وجود ثلاث أو أربع تشهدات فيمن فاتته ركعتان وأدرك التشهد الأول، أو ثلاث وأدرك التشهد الأخير. ويكون قد أدرك أجر الجماعة إن شاء الله، وأجره دون أجر من أدرك الجماعة من أولها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9796)
هل يترك المأمومون الجمعة والجماعة بسبب كراهتهم للإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[كثير من الإخوة في المسجد يكرهون الإمام, بسبب إطالة الخطبة وسبه للناس, وقوله دائما أنا أعلم الناس في هذا المسجد, هل نصلي وراءه؟ أم نذهب إلى مسجد الأتراك؟ أم نصلي في بيوتنا؟ أو أماكن عملنا؟ وليس هناك أي مسجد ثالث غير هذين المسجدين.
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يفعله هذا الإمام من سب الناس من الأمور المنكرة التي لا تليق بآحاد المسلمين فضلا عمن يتصدر لإمامتهم في الصلاة.
وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.
وأما ما يفعله من ادعاء أنه أعلم أهل المسجد فشيء لا يليق كذلك، إذ أن ما في القلوب من العلم لا يطلع عليه إلا الله تعالى، ولو فرض صحة ما يدعيه، فإن الأولى بالعالم أن يتواضع ويخفض جناحه للمسلمين.
وقد قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه: ليس العلم عن كثرة الرواية، إنما العلم الخشية.
وكذا ما يفعله من إطالة الخطبة هو أمر مخالف للسنة، وفي حديث عمار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ الثابت في الصحيح: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه.
فناصحوه بلين ورفق وبينوا له خطأ ما يأتي به من الأفعال، واذكروا له كلام أهل العلم في ذلك لعله يراجع الصواب، ولا حرج عليكم إن صليتم في المسجد الآخر إن كان إمامه يحسن الصلاة ويأتي بأركانها وواجباتها على وجهها، وكذا لا حرج عليكم إن صليتم الجماعة في بيوتكم أو أماكن عملكم، لأن الجماعة في المسجد ليست واجبة على الراجح وإن كان الفضل العظيم والثواب الجزيل يفوتكم إن فعلتم ذلك.
وانظر الفتوى رقم: 128394.
وأما الجمعة فلا بد من شهودها في المسجد حيث ينادى بها، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة:9} .
وأهم ما يعتبر في المسجد الذي تختاره للصلاة فيه هو ما يحصل به الخشوع ويكمل بالصلاة فيه مقصود الصلاة من الإقبال على الله والحضور في الصلاة، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 124518.
وهذا الإمام الذي يصلي بمن يكرهونه لسبب شرعي قد يكون معرضا نفسه للإثم وصلاته للحبوط، وقد دلت على ذلك جملة من الأحاديث.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: وأحاديث الباب يقوي بعضها بعضا فينتهض للاستدلال بها على تحريم أن يكون الرجل إماما لقوم يكرهونه، ويدل على التحريم نفي قبول الصلاة وأنها لا تجاوز آذان المصلين ولعن الفاعل لذلك.
وقد ذهب إلى التحريم قوم، وإلى الكراهة آخرون، وقد روى العراقي ذلك عن علي بن أبي طالب والأسود بن هلال وعبد الله بن الحارث البصري.
وقد قيد ذلك جماعة من أهل العلم بالكراهة الدينية لسبب شرعي، فأما الكراهة لغير الدين فلا عبرة بها وقيدوه أيضا بأن يكون الكارهون أكثر المأمومين ولا اعتبار بكراهة الواحد والاثنين والثلاثة إذا كان المؤتمون جمعا كثيرا. انتهى.
وعليه، فنحن ننصح هذا الإمام بالحذر من الوقوع في هذا الخطر وأن يبادر بإصلاح هذه الأخطاء التي لأجلها كرهه من كرهه من المصلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(11/9797)
التخلف عن الجماعة لخوف الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[عملي على فترتين ولا أتمكن بينهما من أداء صلاة العصر في جماعة، لأنني أكون بحاجة لقسط من الراحة وإن لم أنم قليلاً أشعر بصداع بقية اليوم وعدم تركيز في عملي، فهل لي أن أصلي العصر في البيت بعد أن أستيقظ؟ علماً بأن وقتها لم يكن قد خرج بعد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الجماعة في المساجد من أفضل الأعمال وأجل القربات، فمهما أمكنك الحفاظ على الجماعة في المسجد فهو أولى ولو صحب ذلك شيء من المشقة، فإن فضل ذلك عظيم، وليست الجماعة في المسجد واجبة على الراجح من أقوال العلماء، وعليه.. فإن شق عليك حضور الجماعة في المسجد فاحرص على أدائها جماعة ولو مع بعض أهلك في البيت وتكون بذلك آتيا بما وجب عليك، قال ابن قدامة في المغني: ويجوز فعلها -أي الجماعة - في البيت والصحراء، وقيل: فيه رواية أخرى أن حضور المسجد واجب إذا كان قريباً منه، لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد.
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: جعلت لي الأرض طيبة وطهوراً ومسجداً، فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان. متفق عليه.
وقالت عائشة: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياماً فأشار إليهم أن اجلسوا. رواه البخاري.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجلين: إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الجماعة فصليا معهم تكن لكما نافلة. انتهى.
وإذا لم يمكنك شيء من ذلك فالذي يظهر أنك معذور بترك الجماعة ـ إن شاء الله ـ فإن العلماء رخصوا في ترك الجماعة لمن يخاف حدوث المرض ولمن يخاف حصول ضرر في معيشته، كما هو الواقع المفهوم من السؤال. قال في مطالب أولي النهى في الأعذار المبيحة لترك الجماعة: ويعذر بذلك -أي بعدم حضور الجمعة والجماعة - خائف حدوث مرض إلى أن قال: ويعذر بتركهما خائف ضرر بمعيشته. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(11/9798)
هل يصلي في المنزل إذا كان يخرج منه ريح بسبب المرض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقبل الصلاة في المنزل إذا كان المؤمن يعاني من إسهال أو وجع في بطنه يجبره على إصدار رائحة ـ الله يعزكم؟ وأتأسف على مثل هذا السؤال، ولكنني أعاني أحيانا من هذه الحالة.
أثابكم الله، وكل عام وأنتم بخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الرائحة التي تصدر عن المصاب بهذا المرض رائحة كريهة يتأذى بها المصلون كبخر الفم أو ريح يخرج من الدبر، فإنه يمنع من حضور المسجد، لئلا يؤذي المصلين، فمراعاة مصلحة الجماعة ـ بعدم أذيتهم ـ أولى من مراعاة مصلحة الفرد الواحد، وقد روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أكل ثوماً أو بصلا فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته.
وفي رواية لمسلم: من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
وروى مسلم عن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: إنكم ـ أيها الناس ـ تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين: هذا البصل والثوم، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع، فمن أكلهما فليمتهما طبخاً.
فهذا يدل على وجوب تنزيه المساجد عن الروائح الكريهة، ومنع صاحبها من حضورها أوالبقاء فيها، قال في كشاف القناع: وعلى قياسه أي الثوم والبصل ونحوهما: إخراج الريح من دبره في المسجد، لأن فيه إيذاء بالرائحة فيسن أن يصان المسجد من ذلك ويُخرج منه لأجله. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: إذا كان فيه بخر: أي رائحة منتنة في الفم، أوفي الأنف أوغيرهما تؤذي المصلين فإنه لا يحضر دفعاً لأذيته. انتهى.
فإذا كانت هذه الرائحة الكريهة تصدر منك وكانت تؤذي المصلين فإنك تجتنب حضورالمسجد، وصلاتك في البيت مقبولة ـ إن شاء الله ـ وعليك أن تحرص على الصلاة في جماعة مع بعض أهل البيت تحصيلاً لثواب الجماعة واعلم أنه إذا كانت عادتك حضور الجماعة في المسجد ثم امتنعت لهذا العذر فأنت مثاب ويكتب لك أجر شهود الجماعة ـ إن شاء الله ـ قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: المعذور يكتب له أجر الجماعة كاملاً إذا كان من عادته أن يصلي مع الجماعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أوسافر كتب له مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً. انتهى.
ثم إذا كان هذا المرض الذي يصيبك ينشأ عنه إصابتك بسلس الريح فالواجب عليك: هوالوضوء لكل صلاة بعد دخول وقتها وتصلي بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل، على ما بيناه في فتاوى كثيرة، وانظر منها الفتوى رقم: 26572.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1430(11/9799)
وجوب حضور صلاة الجماعة في المسجد المذكور ساقط عنك
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن في الدور السادس والعشرين في برج شاهق ولا أسمع الأذان بسبب الارتفاع والرياح، وأقرب مسجد لي على بعد 5 دقائق بالسيارة، فهل أنا في حكم المعذور بعدم سماع النداء؟ أم علي الذهاب للمسجد القريب؟ وهل تكفيني الصلاة في المصلى الأرضي بالبرج؟ مع العلم بأنه لا يؤذن فيه للصلاة، وربما لا يصلي فيه إلا فرد أو اثنان، وقد يكون خاليا تماما في بعض الصلوات، وهل صلاتي في البيت مع زوجتي مثل صلاتي مع فرد واحد في المصلى؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن من كان من المسجد على مسافة لا يسمع معها النداء بالصوت المعتاد بدون مكبر صوت فلا حرج عليه أن يصلي مع جيرانه ـ إن كان له جيران ـ أو مع أهل بيته، وانظر الفتوى رقم: 5367، كما بينا أنه كلما كان مكان المسلم أبعد من المسجد كان أجره في الذهاب إليه أعظم، وذلك في الفتوى رقم: 30606 وبناء على ذلك، فالظاهر من معطيات سؤالك أن وجوب حضور صلاة الجماعة في المسجد المذكور ساقط عنك وإن كان فضل الحضور باقيا ما لم تترتب عليه مشقة زائدة عن المعتاد، وإذا قلنا بسقوط الصلاة في المسجد فإنك تحصل على فضل الجماعة بصلاتك في المصلى مع الشخص أو الشخصين، أو مع زوجتك وعيالك.
وننبه السائل الكريم إلى أن الأفضل له أن يتفق مع إخوانه وجيرانه من سكان البرج وغيرهم على تحديد وقت للاجتماع لأداء الصلوات في المصلى المذكور ويرفعوا فيه الأذان، بدلا من الصلاة في بيوتهم أو صلاة الواحد والاثنين في أوقات مختلفة.
نسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على طاعته وحسن عبادته، وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين رقم: 9917، ورقم: 26165.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(11/9800)
كراهة الصلاة بحضرة الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة في حضرة طعام. ما درجة صحة هذا الحديث؟ وهل يعني أنه اذا نودي للصلاة والرجل جالس يتغذى أو يتعشى فلا يتوقف عن الأكل ويصلي بعد الانتهاء منه، حتى وإن تأخر؟ أرجو تفسير هذا الحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان. رواه مسلم وغيره. الأخبثان: البول والغائط.
وقال عليه الصلاة والسلام: إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ولا يعجل حتى يفرغ منه. متفق عليه.
ففي هذين الحديثين الصحيحين دليل على كراهة صلاة الإنسان بحضرة طعام تتوق نفسه إليه؛ لما يسببه من فوات الخشوع في الصلاة، الذي هو من أهم مقاصد الصلاة، بل يستحب له أن يبدأ يالأكل، ويأكل حاجته من الطعام بكمالها، حتى وإن نودي للصلاة وفاتته الجماعة.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: في هذه الأحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله لما فيه من اشتغال القلب به وذهاب كمال الخشوع، وكراهتها مع مدافعة الأخبثين وهما البول والغائط، ويلحق بهذا ما كان في معناه مما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع.
وهذه الكراهة عند جمهور أصحابنا وغيرهم إذا صلى كذلك وفي الوقت سعة، فإذا ضاق بحيث لو أكل أو تطهر خرج وقت الصلاة صلى على حاله محافظة على حرمة الوقت ولا يجوز تأخيرها. وحكى أبو سعد المتولي من أصحابنا وجها لبعض أصحابنا أنه لا يصلي بحاله بل يأكل ويتوضأ وإن خرج الوقت لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا يفوته، وإذا صلى على حاله وفي الوقت سعة فقد ارتكب المكروه وصلاته صحيحة عندنا وعند الجمهور لكن يستحب إعادتها ولا يجب. ونقل القاضي عياض عن أهل الظاهر أنها باطلة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ولا يعجلن حتى يفرغ منه. دليل على أنه يأكل حاجته من الأكل بكماله. وهذا هو الصواب. وأما ما تأوله بعض أصحابنا على أنه يأكل لقما يكسر بها شدة الجوع فليس بصحيح، وهذا الحديث صريح في إبطاله. انتهى بتصرف.
وقال المناوي في فيض القدير: وفيه تقديم فضيلة حضور القلب على فضيلة أول الوقت.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرحه للحديث: يعني إذا قدم الطعام للإنسان وهو يشتهيه فإنه لا يصلي حتى يقضي حاجته منه، حتى ولو سمع الناس يصلون في المسجد فله أن يبقى ويأكل حتى يشبع، فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يسمع قراءة الإمام يصلي وهو يتعشى ولا يقوم حتى يفرغ، وذلك لأن الإنسان إذا دخل في الصلاة وهو مشغول القلب فإنه لا يطمئن في صلاته ولا يخشع فيها، يكون قلبه عند طعامه، والإنسان ينبغي له أن يصلي وقد فرغ من كل شيء: فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب. ولكنه لا ينبغي أن يجعل ذلك عادة له بحيث لا يقدم عشاءه أو غداءه إلا عند إقامة الصلاة. شرح رياض الصالحين.
وانظر الفتوى رقم: 56446.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1430(11/9801)
حكم التخلف عن الجمعة بسبب الدوام في الجامعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تلميذ تونسي نجحت هذه السنة في امتحان الباكلوريا -2008/2009- وتم توجيهي إلى إحدى جامعات الهندسة بالبلاد، لكن سمعت أخبارا عن هذه الجامعة من عدد من معارفي الذين سبق لهم أن درسوا فيها تفيد أن هذه الجامعة لا تحترم وقت صلاة الجمعة، حيث حيث تقيم أحيانا اختبارات تطبيقية في وقت صلات الجمعة. وأحيانا أخرى تكون هناك حصص دراسة رسمية إن تغيبت عن عدد منها تعرضت لعدة عقوبات مجحفة قد تحرمني من النجاح في الدراسة. وأحيانا أخرى ربما يجد الفرد وقتا شاغرا يستطيع فيه أن يصلي الجمعة. فماذا أفعل إن واجهتني عراقيل من هذا النوع؟ علما بأن هذه الجامعة تنتهج منهاجا دراسيا صارما جدا وهي إحدى أقوى جامعات البلد ويدرس بها العديد من الأساتذة القادمين من الغرب- فرنسا/ألمانيا /إيطاليا.....- الذين لا يعرفون ديننا. أفتوني رحمكم الله وأسكنكم فسيح جناته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدراسة ليست عذرا لترك صلاة الجمعة كما بينا ذلك في الفتويين: 35578، 52153.
وعليك وعلى غيرك من الدارسين في تلك الجامعة مناقشة إدارتها في تنظيم الوقت الدراسي بما لا يتعارض مع أداء الجمعة. وإذا لم تستجب الإدارة، وكان يترتب على أدائك لصلاة الجمعة ضرر كبير مثل الفصل من الجامعة وكنت تتضرر بذلك في معيشتك، أو ذهاب شيء من مالك كفوات السنة الدراسية التي أنفقت فيها مالا أو غرامة باهظة، فحينئذ يجوز لك التخلف عن الجمعة. وانظر الفتوى رقم: 60991.
وإذا أمكن أن تنتقل إلى جامعة أخرى لا يترتب على الدراسة فيها هذا المحظور فانتقل إليها؛ فإن المحافظة على الدين وأداء الفرائض أسمى وأغلى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(11/9802)
حكم عدم حضور صلاة الجمعة بسبب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[عزيزي الشيخ: أحيانا أحصل على عمل أيام الجمع في بلد أجنبي يؤدي إلى ضياع صلاة الجمعة، ما حكم عملي هذا؟ علما بأنني أحصل على فرصة لدعوة أناس مختلفين في كل مرة للإسلام في تلك الجمع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلم في أن يؤجر نفسه يوم الجمعة، ما دام عقد الإجارة يتم قبل دخول وقت الصلاة، لكن لا يجوز أن يتخلف عن شهود الجمعة لمجرد الإجازة.
قال ابن قدامة ـ رحمه الله: قال أحمد: أجير المشاهرة يشهد الأعياد والجمعة ولا يشترط ذلك، قيل له: فيتطوع بالركعتين؟ قال: ما لم يضر بصاحبه إنما أباح له ذلك، لأن أوقات الصلاة مستثناة من الخدمة، ولهذا وقعت مستثناة في حق المعتكف بترك معتكفه لها. وقال ابن المبارك: لا بأس أن يصلي الأجير ركعات السنة، وقال أبو ثور وابن المنذر: ليس له منعه منها. انتهى.
ثم إنه قد يرخص للأجير في ترك الجمعة إذا استؤجرعلى حفظ مال خشي من ضياعه أو على عمل خشي فساده إذا شهد الجمعة، قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: زَمَنُ الطَّهَارَةِ والصلاة الْمَكْتُوبَةِ وَلَوْ جُمُعَةً وَالرَّاتِبَةِ مُسْتَثْنًى في الْإِجَارَةِ لِعَمَلِ مُدَّةٍ فَلَا تَنْقُصُ من الْأُجْرَةِ شَيئا، قال الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهُ من الذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلْجَمَاعَةِ في غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَلَا شَكَّ فيه عِنْدَ بُعْدِهِ عنه فَإِنْ كان بِقُرْبِهِ جِدًّا فَفِيهِ احْتِمَالٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامُهُ مِمَّنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ فَلَا، وَعَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يُخَفِّفَ الصَّلَاةَ مع إتْمَامِهَا، ثُمَّ مَحَلُّ تَمْكِينِهِ من الذَّهَابِ إلَى الْجُمُعَةِ إذَا لم يَخْشَ على عَمَلِهِ الْفَسَادَ وهو ظاهر. انتهى.
وإذا منعك المستأجر من حضور الجمعة ولم تستطع الذهاب، فإن هذا عذر في تركها عند كثير من أهل العلم، كما صرح به فقهاء الشافعية، لكن لا يجوز أن تتعاقد معه يوم الجمعة إن علمت منه ذلك إلا إن كنت محتاجا، وعليه فليس لك عذر في ترك الجمعة لمجرد الاشتغال بالعمل إلا إذا كان لك عذر يبيح تركها، كما أنه لا مانع من التعاقد على هذا العمل على الوجه الذي ذكرنا، واعلم أن الجمعة شأنها عظيم، وقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم الوعيد على من يتخلف عنها من غيرعذر، فقال على أعواد منبره كما ثبت في الصحيح: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين.
وقد أثنى الله على الصالحين من عباده بأنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، فاحرص على أن تكون منهم.
وأما ما ذكرته من دعوتك ناسا إلى الإسلام فليس بعذر يبيح لك ترك الجمعة، فإن يوم الجمعة ليس متعينا لدعوتهم، بل يمكنك فعل هذا في أي يوم آخر، ثم إن تقديم ما افترضه الله عليك من الصلوات أولى بلا شك، والتزامك بتعاليم الدين من أكثر ما تحصل لك به المصداقية عند المدعوين فيسهل دخولهم في الدين بإذن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(11/9803)
ليس كل مرض يكون عذرا لترك الجمعة والجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصاب ـ بالثعلبة ـ وشعري تساقط بنسبة 100% حتى الرموش والحواجب، وأجد صعوبة عظيمة في الذهاب لصلاة الجمعة لما ألاقيه من الإحراج الذي يبعث في نفسي الهم الكبير جدا، فهل يجوز لي أن لا أذهب إلى صلاة الجمعة؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك العافية، ولا نرى أن هذا المرض يسوغ لك التخلف عن الجمعة، لأنه ليس من الأمراض المعدية حسبما نعلم، ولايشق المشي إلى المسجد بسببه، وأما ما تلقاه من الحرج فننصحك بلبس عمامة ونظارات، وحاول الذهاب للمسجد مبكرا، واجلس في الصف الأول مشتغلا بتلاوة القرآن والذكر والدعاء حتى يأتي وقت الجمعة، ثم تأخر قليلا في مصلاك حتى ينصرف أغلب الناس، وبهذا يرجى ألا يراك الناس، وألا يحصل لك إحراج من نظرهم إليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1430(11/9804)
من أعذار ترك شهود الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن عمل زوجي: فنحن نعيش في فرنسا، وزوجي يشتغل في مصنع ولا يوجد عمل آخر غيره، حيث هنا أزمة العمل وأيضا صعوبة وجود عمل حيث إنه ملتح. فسؤالي هنا عن الصلاة بحيث إنه لا يصلي جماعة في المسجد ولكنه يصليها في العمل في أوقات راحته، بحيث إنه لا يجمع بين الصلاتين. فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان واقع الحال ما ذكر فلا حرج على زوجك في أداء الصلاة في مكان العمل مع المحافظة على أدائها في وقتها المحدد لها شرعا.
وصلاة الجماعة في المسجد القريب، وإن كانت واجبة لمن يسمع النداء كما بيناه في الفتوى رقم: 30606 إلا أنه يجوز للمصلي التخلف عنها لبعض الأعذار، وقد ذكرناها في الفتاوى الآتية أرقامها: 60743، 19552، 103218.
وإننا بهذه المناسبة ننبه الأخت السائلة إلى خطورة الإقامة في بلاد الكفر على الدين والأولاد، لا سيما البلاد التي تسعى جاهدة لمنع الحجاب وإخراج المسلمات كاشفات متبرجات، فاتقوا الله تعالى، واعلموا أن الدين هو رأس مال المسلم، فالتفريط فيه تفريط في أعز ما يملكه، وانظري الفتوى رقم: 45909.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1430(11/9805)
انشراح الصدر لأمر ما ليس دليلا على مشروعيته
[السُّؤَالُ]
ـ[تصدر مني روائح كريهة عبر الفرج، وأنا رجل يعني سلس الريح، وقد قرأت فتاوى عن حرمة دخول من به سلس ريح مستمر المسجد، ولكن أنا دخلت المسجد وأنا مصاب بسلس الريح، وأعلم أني قد تخرج مني الريح بلا علم، لكن خرجت من المسجد وأنا أشعر بطمأنينة وسكينة، وأن صلاتي قبلت بإذن الله.هل هذا يدل أنه جائز لي الصلاة في المسجد؟ لأني والله بحثت عن علاج فلم أجد وأن الصلاة في البيت تشق علي كثيرا، وهي تكون سبب أنني أترك الصلاة كثيرا. فماذا أفعل أرجوكم في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة صاحب السلس في المسجد لا تجوز إن كان أهل المسجد يتأذون منه، كما قدمنا في الفتوى رقم: 112689. وإذا صليت في بيتك بسبب العذر فإنك تجد أجر الجماعة كما قال الشيخ ابن عثيمين. وانشراح الصدر ليس دليلا كافيا للجواز، فاحرص على أن توصي أهلك ليذكروك بالصلاة، وإذا سمعت النداء للصلاة فتوضأ وصل في بيتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1430(11/9806)
كيفية نصح الوالد تارك صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب لدى والد يقطع الصلاة، ولا يذهب للصلاة في المسجد إلا صلاة الجمعة، وتكلمت معه ذات يوم أريد أن أنصحه ولكنه رد علي بغضب، وأخبرني أنه لا يريد أن يذهب إلى الجامع لأنه على اختلاف مع الكثيرين من الذين يترددون إلى المسجد، وأنه شخص عصبي ويعانى من المصران العصبي والضغط والسكري، وأنه كما يقول إذا ذهب ربما يعرض نفسه للشجار معهم؛ لأنه تبدر منهم تصرفات وتنظيرات داخل المسجد وهو لا يستطيع تحملها. فماذا أفعل هل أتركه أم أحاول أن أناقشه وأعرض نفسي لغضبه مني، وربما يظن أنني أريد أن أتفلسف عليه كما يقول دائما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: لا شك أن الصلاة في المسجد مع الجماعة واجبة في المفتى به عندنا، كما بيناه في الفتوى رقم: 42038. وما ذكره والدك من أن تصرفات بعض الناس تثير غضبه، هذا ليس عذرا شرعيا يبيح التخلف عن الجماعة، والذي نراه هو أن تستمر في نصحه برفق وحكمة، وتتخير الأوقات المناسبة لذلك من غير أن تضجره أو تغضبه، ولا يلزم أن يكون النصح بالكلام المباشر والنقاش، ويمكنك أن تنصحه عن طريق الأشرطة والكتب، والاستعانة بمن له تأثير عليه من الأهل أو الأقارب أو الجيران والأصدقاء، ولن تعدم وسيلة نصح نافعة إن شاء الله تعالى، مع الاجتهاد بالدعاء له والحرص التام على بره والإحسان إليه كما أمرك ربك، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 79858.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1430(11/9807)
لا يجوز للزوجة أن تطلب من زوجها ترك صلاة الجماعة لغير سبب شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تأثم الزوجة إذا طلبت من زوجها أن يصلي العشاء في المنزل؟ مع العلم أننا نعيش في بلد غير مسلم ويعمل زوجي في 3 أيام من الساعة التاسعة صباحا وحتى التاسعة مساء، ولديه أيام أخرى ينتهي فيها من عمله مبكرا، ولا أمانع أن يذهب فيها إلى المسجد لصلاة العشاء، خاصة وأن صلاة العشاء الآن في هذا البلد تبدأ في الساعة العاشرة ويعود زوجي إلى المنزل في الحادية عشر فلا أجد الوقت الكافي لأجلس فيه مع زوجي، وأيضا علي أن أبقي علي طفلي مستيقظا مما يجعله لا يستطيع النوم حتى وقت متأخر، لأن زوجي يحب أن يراه عند العودة إلى المنزل. سألت شيخ المسجد هنا وقال إنني آثم على قولي لزوجي أن يصلي في البيت في أيام معينة على الرغم أن هذا الشيخ نفسه يترك إمامة صلاة العشاء أحيانا لتلبية دعوة أحد الإخوة على العشاء ويصلي بالمنزل، حتى وإن كان جمع من المصلين ينتظرونه في المسجد لإلقاء درس بعد صلاة العشاء كالمعتاد ودون الاعتذار، وفتواه أنه يدخل السرور على قلب مسلم عند تلبية دعوة العشاء، فهو في هذه الحالة لا يأثم على ترك صلاة الجماعة في المسجد. فهل يجوز له ذلك، ولا يجوز لزوجي أن يدخل البهجة والسرور على أهل بيته، وخاصة أني أمر بيوم شاق من أعمال في المنزل وطبخ وتلبية احتياجات طفلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجل المستطيع الذي يسمع النداء، ولا يجوز له أن يصلي في البيت إلا لعذر، فالله تعالى لم يرخص في تركها وقت نشوب الحرب، ولم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى في التخلف عنها إذا كان يسمع النداء.
والمراد بسماع النداء سماع الأذان بالصوت المعتاد بدون مكبر مع رفع المؤذن صوته وسكون الرياح والضوضاء ونحو ذلك مما يؤثر على السماع، فمن كان على مسافة من المسجد يتمكن فيها من سماع الأذان على هذا النحو وجبت عليه صلاة الجماعة وإلا لم تجب، ويجب التنبه إلى أن توفر وسائل النقل وسهولة الطرق جعل شهود الصلاة أمرا ميسورا، وفي حضور الجماعة من المنافع الدينية والدنيوية ما يجعل شهودها فضيلة، وإن لم يكن واجبا لبعد المسافة ونحوها. وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 1798، 5367، 45721.
كما سبق بيان الأعذار التي تبيح التخلف عن صلاة الجماعة في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 49024، 9495، 19552.
وليس ما ذكرته السائلة الكريمة من هذه الأعذار، وعليه فإن كان المسجد منكم بحيث تسمعون الأذان على الوضع السابق فلا يجوز لها أن تطلب من زوجها أن يصلي العشاء في البيت، فإن هذا يكون من الأمر بالمنكر والصد عن الخير والتعاون على الإثم.
وأما ما ذُكر عن إمام المسجد وتخلفه عن صلاة الجماعة لتلبية دعوة عشاء عند أحد الإخوة، فإن كان يعني أنه لا يحرم عليه إذا حضر طعام العشاء أن يأكل حتى وإن أقيمت الصلاة، فهذا صحيح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء. متفق عليه. وقد روى ابن عمر نحو هذا الحديث: فكان يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ وإنه ليسمع قراءة الإمام. رواه البخاري.
فما دام هناك في المسجد من يقوم بشعائر الصلاة من الأذان والإمامة، فلا بأس على الإمام إذا حضر الطعام أن يبدأ به. وإما إن كان يعني أن مجرد تلبية الدعوة لإدخال السرور على قلب الداعي عذر لترك الجماعة فليس بصحيح.
ثم ننبه على أن الزوج إن تخلف عن صلاة الجماعة في المسجد لعذر شرعي، فإنه إن صلى في بيته بزوجته حاز فضيلة الجماعة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 57230.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1430(11/9808)
حكم العمل الذي تفوت به الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقوم بإيصال معلمات إلى المدرسة، ويكون خروجهن في وقت صلاة الظهر. ما حكم تأخير الصلاة إلى أن أصل إلى البيت؟ وما هو الأفضل في هذه الحالة؟ والله يحفظكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبةٌ على الأعيان في أرجح أقوال أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 80800.
والذي ننصحك به هو أن تحرص على توصيل هؤلاء المعلمات في وقت لا تفوتك فيه الجماعة، كأن تُعجل توصيلهن شيئا، أو تؤخره شيئا، فإذا لم يمكنك ذلك فاحرص على تحري مسجد تؤخَر فيه صلاة الجماعة لئلا تفوتك فضيلتها، فإن لم يمكنك ذلك، فاحرص على صلاة الجماعة، ولو في بيتك مع بعض أهلك، فإن الفرض يتأدى بذلك عند جمهور الموجبين للجماعة، وانظر الفتوى رقم: 101908.
فإذا كان تأخيرك للصلاة، لا تفوتك به الجماعة، فلا حرج عليك فيه إن شاء الله، وإن كان الأولى والأفضل أن تحرص ما أمكنك على فعل الصلاة في أول وقتها في جماعة في المسجد ما وجدت السبيل إلى ذلك.
وأما إذا كانت الجماعةُ تفوتك بالكلية بسبب توصيل هؤلاء المعلمات، فإن كنت بحاجة إلى هذا العمل، ولا تستطيع تركه، فلا حرج عليك في الاستمرار فيه ما دمت تؤدي الصلاة في الوقت، وقد اختلف فقهاء الحنابلة الموجبون للجماعة، في حكم إنشاء العقد الذي تفوت به الجماعة إذا لم يتضيق الوقت، قال في الإنصاف: السادس: ظاهر تقييده بالجمعة صحة البيع بعد نداء غيرها من الصلوات من غير تحريم فشمل صورتين إحداهما: إذا لم يتضيق الوقت فالصحيح من المذهب أن لا يحرم وعليه الأصحاب، وقيل يحرم وهو احتمال لابن عقيل. قلت: ويحتمل أن يحرم إذا فاتته الجماعة بذلك وتعذر عليه جماعة أخرى حيث قلنا بوجوبها.انتهى.
وهذا في العقد بعد دخول الوقت فكيف إذا كان قبل دخول الوقت، وعلى هذا فالأحوطُ والأولى إذا لم تكن بك حاجة إلى هذا العمل، ولا تتضرر بتركه، وكانت الجماعة تفوتك فيه بالكلية أن تبحث عن عمل غيره، وإن بقيت فيه، فالأمر واسع، ويُرجى ألا يكون عليك بأسٌ إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(11/9809)
حكم التغيب عن الجمعة بسبب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أسكن في إسرائيل من مواطني 48، وأعمل في مصنع، والعطلة عندنا يوم السبت ولا يسمح لي بالعطلة يوم الجمعة للصلاة، ولكني أكذب عليهم في كل مرة، أحيانا أقول ابني مريض، وأحيانا زوجتي، وأذهب للصلاة، مع العلم أنه من الصعب جدا إذا تركت هذا العمل أن أجد عملا بديلا. فماذا أفعل ساعدوني أرجوكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجعل لك ولإخوانك من هم كل فرجا ومن كل ضيق مخرجا.
وبخصوص سؤالك فإنه لا يجوز للمسلم التخلف عن صلاة الجمعة إلا لعذر قاهر كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 47940.
ولذلك فإذا أمكن وجود عمل يسد ضرورياتك أو حاجتك غير هذا العمل الذي يمنع من صلاة الجمعة فإن عليك الانتقال إليه، وإذا لم يوجد فلا حرج عليك -إن شاء الله تعالى- في التغيب عن الجمعة بسبب العمل الضروري الذي لا تجد غيره كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 43591. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(11/9810)
حكم ترك صلاة الجماعة بسبب انعدام الأمن
[السُّؤَالُ]
ـ[أداوم على أداء صلاة العشاء في المسجد لما فيها من الخير الكثير، لكني أسمع أذان الفجر وأصليها في البيت وأعجز عن الذهاب للمسجد لأصلي صلاة الفجر في جماعة وذلك للأوضاع الأمنية المتردية في العراق بسبب الاحتلال. فهل يكتب لي أجر صلاة الفجر في الجماعة؟ بحسب القولة: إنما الاعمال بالنيات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن: إنما الأعمال بالنيات. ليست مجرد مقولة وإنما هي حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما.
وفي خصوص موضوع سؤالك فلا حرج عليك في التخلف عن صلاة الفجر لما ذكرته من عدم وجود الأمن، وقد نص الفقهاء على أن الخوف على النفس سبب يبيح لصاحبه التخلف عن صلاة الجماعة.
قال صاحب الروض في الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة والجماعة: أو كان يخاف على نفسه من ضرر كسبع أو من سلطان يأخذه. انتهى. ويعني سلطانا ظالما.
ونرجو من الله تعالى أن يكتب لك أجر الجماعة، وقد دلت السنة على أن الإنسان يؤجر على ما اعتاده من الخير إذا عجز عن فعله كما في قوله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا. رواه البخاري وأحمد.
قال الحافظ في الفتح عند شرحه لهذا الحديث: وقال السبكي الكبير في الحلبيات: من كانت عادته أن يصلي جماعة فتعذر فانفرد كتب له ثواب الجماعة. انتهى.
هذا إن تعذر إقامة الجماعة في البيت، أما إن أمكنك ذلك فاحرص عليه فالجماعة واجبة ولو في غير المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(11/9811)
موظفو الحقول النفطية هل يصلون الجمعة والعيدين
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيله الشيخ، نحن موظفون في شركة نفط ونعمل في الصحراء، أقرب منطقه مأهولة بالسكان تبعد عنا 150كم وإذا علمتم أننا نعمل لمدة أسبوعين أو ثلاثة أو أربعة، ونذهب بالطائرة إلى مساكننا التي تبعد عنا المئات من الكيلو مترات ونستريح هناك لمدة أسبوع، أو عشرة أيام، أو أسبوعين علي الترتيب، وليس هناك أناس مقيمون بعائلاتهم في حقل النفط هذا، وهناك بعض العمال من يبقى حتى ثلاثة أشهر دون انقطاع في الحقل، ولكن كل الموظفين أتوا للعمل بمفردهم أي بدون عائلات. فهل من الواجب علينا صلاة الجمعة والعيدين في الحقل حيث إن عندنا مسجدا كبيرا، وإذا علمتم أن السواد الأعظم من الناس غير مقتنعين بالفتاوى القائلة بعدم جواز الجمعة وهم يصلونها ونحن لا نملك أن نغير من ذلك شيئا. هل تنصحنا أن نصلي الجمعة؟ إن لم يكن الأمر كذلك كيف لنا أن نفرط في الجماعة إذا علمتم أننا نخاف أن نصلي جماعة في مكان آخر؟ وأننا لا نستطيع أن نجاهر بعدم جواز الجمعة فما بالك بالصلاة جماعة في مكان غير المسجد فأفيدونا؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن صلاة الجمعة إنما تجب في الأمصار -وكذا في القرى على الصحيح من قول الفقهاء وهو قول الجمهور- ولا تجب على المسافرين ولا على أهل البادية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل الجمعة في السفر، ولم يأمر أهل البادية بإقامة الجمعة، والحقول النفطية التي في الصحراء لا تخلوا من حالين فيما نرى:
الأولى: أن تكون مساكن عمالها مبنية بناء حديثاً، ويسكن فيها الجم الغفير من العمال وفيها مسجد، فهذه فيما نرى تأخذ حكم القرى من حيث وجوب صلاة الجمعة، ولا يأخذون حكم أهل البادية الذين يسكنون الخيام وينتقلون، لأنها يصدق عليها اسم القرية، وقد ذهب مالك رحمه الله تعالى إلى أن كل قرية فيها مسجد أو سوق فالجمعة واجبة على أهلها، ولا تجب على أهل العمود وإن كثروا، لأنهم في حكم المسافرين. وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في حكم صلاة الجمعة في الحقول النفطية من هذا النوع وهي برقم: 25314.
الثانية: أن تكون المساكن مبنية بناء مؤقتاً ولا يسكنها الجم الغفير من الناس، فهذه لا يصدق عليها وصف القرية ولها حكم أهل البادية، لا تقام فيها الجمعة، ولا تصح لو أقاموها بل يصلون ظهراً، وانظر لذلك الفتوى رقم: 7637.
وصلاة العيد سنة مؤكدة وليست واجبة في قول جمهور أهل العلم وهو المرجح في موقعنا كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 51579.
وحتى على القول بوجوبها فإنها تقام في المكان الذي تقام فيه الجمعة، قال صاحب الروض:
... فلا تقام إلا حيث تقام الجمعة.. انتهى. وذلك أنها صلاة لها خطبة راتبة، أشبهتها، وعلى هذا القول فإن صلاة العيد بالنسبة لكم يجري فيها التفصيل الذي ذكرناه في الفتوى المحال إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(11/9812)
مجرد بطء القراءة ليس عذرا يبيح ترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معاق إثر حادث ولا أستطيع متابعة الإمام بسبب ثقل في لساني، فالإمام يركع وأنا لم أتم الفاتحة، فهل أترك صلاة الجماعة وأصلي منفردا في بيتي أم أركع مع الإمام وأنا لم أتم قراءة الفاتحة التي هي ركن من أركان الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبةٌ على الأعيان، على الراجح من أقوال أهل العلم، ولا يجوز التخلف عن الجماعة إلا لعذر يبيح التخلف عنها، كما بينا ذلك في الفتويين رقم: 42038، 40912.
وكونك بطيئ القراءة ليس عذرا يبيح لك ترك الجماعة، بل الواجبُ عليك أن تشهد الجماعة، وتجتهدَ في الإسراع في القراءة ما أمكن لئلا تتخلف عن الإمام، فإن سبقك الإمام بالركوع، وأنت لم تتم الفاتحة، فالصحيحُ أنك تمضي في قراءتها حتى تتمها وإن رفع الإمام، لأنك مشتغلٌ بركن من أركان الصلاة، وهذا عذرٌ يبيح التخلف عن الإمام، وانظر الفتوى رقم: 52233.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(11/9813)
حضور الجماعة في المسجد ولو مع مشقة المرض دأب الصالحين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 35 عاما، أعاني من حالة صحية تمنعني من الصلاة في المسجد إذ أنني عندما أقف منتصبا دون حراك أشعر بدوار شديد، ولا يذهب الدوار إلا إذا تحركت، وعند مراجعة الأطباء أفادوا بوجود مشكلة في مركز التوازن في الأذن وبعضهم إلى الدسك في الرقبة، ولم أستفد من علاجهم رغم طول المدة وتعدد الأنواع، وكما أسلفت هذه الحالة لا أشعر بها إلا عند الوقوف دون حراك أو في طابور يتطلب عدم الحركة، فسلمت أمري إلى الله، ولولا أن هذه الحالة تحرمني من صلاة الجماعة لما حفلت بها، فلا يوجد ما يتطلب ثباتي في الوقوف إلا الصلاة.
وقد اقترح علي أحد الإخوة أن آتي بكرسي وأجلس عليه للصلاة، إلا أنني أجد في ذلك حرجا شديدا.
فهل صلاتي في بيتي صحيحة، مع أني أقف خلالها مع بعض الحركة لأحافظ على توازني؟
وما الذي تنصحونني به في مثل حالتي؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولا نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعجل لك بالشفاء.
والذي نراه هو أنك إن استطعت أن تصلي قائما ولو مع بعض التمايل أحيانا يمينا وشمالا إذا كان ذلك يذهب عنك الدوار فصل قائما، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا أمرتكم بامر فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه. وإن كنت لا تستطيع ذلك فصل جالسا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا ... رواه البخاري.
وحياؤك من الناس أن تصلي جالسا هو من الشيطان، فإن قدرت على الصلاة جماعة قائما وجب عليك ذلك، وإن لم تقدر على ذلك فأنت مخير بين الصلاة جماعة جالسا أو الصلاة قائما منفردا، فاحرص على الجماعة بقدر استطاعتك، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يحرصون على حضور الجماعة في المسجد ولو مع وجود مشقة المرض؛ كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. رواه مسلم. قال النووي رحمه الله: وفي هذا كله تأكيد أمر الجماعة وتحمل المشقة في حضورها وأنه إذا أمكن المريض ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها.. انتهى.
هذا ما ننصحك به، ولو صليت في بيتك فصلاتك صحيحة، ولكنك إذا كنت قادرا على الصلاة مع الجماعة قائما تكون قد فرطت في أمر واجب، وانظر الفتوى رقم: 49346. حول الأعذار المبيحة لترك الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1430(11/9814)
تمنعه أمه من صلاة الفجر جماعة خوفا من اللصوص
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن حكم التخلف عن صلاة الصبح بنهي من الولدة تحت ذريعة الخوف من اللصوص، علما أني ذهبت مرة إلى الصلاة كما أن رجال الحي يذهبون ويعودون، فهل أصلي في المنزل أو المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي النظر فيما تعتذر به أمك عن منعك من صلاة الفجر في المسجد أعني ما تذكر من خوفها عليك من اللصوص، فإن كان الغالب على بلدكم هو الأمن أو ندرة وجود اللصوص فلا يجوز لها أن تمنعك من صلاة الجماعة، ولا يجوز لك أن تطيعها في ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وصلاة الجماعة في المسجد واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم كما سبق بيانه في الفتويين: 28664، 677.
جاء في المغني لابن قدامة في معرض كلامه على ما لا تجب طاعة الوالد فيه: وكذلك كل ما وجب مثل الحج والصلاة في الجماعة والجمع..
أما إذا غلب وجود اللصوص في بلدكم وغلب على الظن عدم السلامة منهم فإن هذا عذر يجوز التخلف بسببه عن صلاة الجماعة في المسجد ولو لم تأمرك أمك بذلك.
فقد روى أبو داود من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له، إلا من عذر. قالوا: يا رسول الله وما العذر؟ قال: خوف أو مرض.
قال ابن قدامة رحمه الله: وسواء خاف على نفسه من سلطان أو لص أو سبع أو غريم يلزمه ولا شيء معه أو على ماله من تلف أو ضياعه أو سرقته … إلى آخر ما ذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(11/9815)
السفر للدراسة في بلد لا يستطيع فيها صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السفر للغرب من أجل الدراسة، مع العلم أنه لا يوجد طب في البلاد التي أنا فيها، مع أنني لن يكون بمقدوري صلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان تخصصه الدراسي لا يوجد مثله في بلاد المسلمين، وكان يأمن على نفسه الفتنة، وعنده القدرة على إقامة شعائر الدين، فلا بأس بسفره للغرب حينئذ. وراجع الفتويين رقم: 31862، 98026.
ولا شك أن صلاة الجمعة من أظهر شعائر الدين، فإن كان سفرك سيحول بينك وبينها، وكنت ستقيم في بلد فيه الجمعة، وكنت على مسافة منها بحيث تسمع النداء لو رفع الصوت بدون مكبر، ولكنك تمنع من الذهاب، فلا يجوز لك المقام في هذا البلد للدراسة أو غيرها إلا إذا كنت مضطرا لذلك. فإن الدراسة ليست عذرا مبيحا للتخلف عن صلاة الجمعة، كما سبق تفصيله في الفتو يين رقم: 52153، 102648.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(11/9816)
حكم ترك الجمعة بسبب الشك في ما يقوله الخطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب مبتعث إلى بريطانيا، وفي صلاة الجمعة، أخشى تلقي معلومات خاطئة في بعض الخطب في صلاة الجمعة، فهل يجوز لي أن أصلي صلاة الظهر بدلا منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشهود الجمعة فرض عين على كل مسلم سمع النداء متى توفرت شروط الجمعة، لقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع. {الجمعة:9} .
وقوال النبي صلى الله عليه وسلم: الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: مملوك، وامرأة، وصبي، ومريض. رواه أبو داود.
ولا يجوز لمن وجبت عليه الجمعة أن يتخلف عنها بحال بل تخلفه عنها من الكبائر، فقد قال صلى الله عليه وسلم على أعواد منبره: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين. أخرجه مسلم. وانظر الفتوى رقم: 65201
وبهذا تعلم أن حضور الجمعة واجب عليك، وأن تخلفك عنها لا يجوز، وما ذكرته ليس عذرا يبيح لك ترك شهود الجمعة، إذ الأصل في الأئمة العدالة، وصحة ما يقولونه من العلم، ولو فرضنا وجود الجهل أو الانحراف والبدعة في بعضهم، فذلك لا يجوز ترك الصلاة خلفهم ما داموا يقيمون الجمعة على وجهها، وراجع الفتوى رقم: 115949.
وإن شككت في شيء مما يقال فليس علاج ذلك أن تترك الجمعة، ولكن علاجه أن تسأل أهل العلم الراسخين فيه عما أشكل عليك، وإذا تبين لك خطأ ما قيل، ناصحتَ قائله وبينت له وجه الخطأ. فحذار حذار أيها الأخ الكريم من تلبيس الشيطان، وإظهاره الباطل في صورة الحق، وحذار حذار من التهاون في أحكام الدين والتساهل في أداء الجمعة، فإن عاقبة ذلك وخيمة، هدانا الله وإياك سواء السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(11/9817)
هل يعذر في ترك الجماعة من يخاف الضرر في المعيشة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشتغل في ميدان الأسماك وأذهب لشراء الأسماك في الليل، ويكون بيعها في بلادنا عن طريق المزاد، وفي هذا الوقت يكون وقت المزاد ملائما لصلاة الفجر في المسجد، وعند خروجنا لأداء الصلاة تنتهي كل السلع وعندها لا نتمكن من شراء شيء.
فهل نترك صلاة الجماعة في المسجد لنتمكن من شراء السمك، مع العلم أننا عندما نترك صلاة الجماعة في المسجد نؤديها في السوق جماعة بعد وقت إقامتها في المسجد بقليل، مع العلم أن هذا المكان فيه كثير من الفسق وقول الكفر والفجور، ولا يوجد به مكان خاص للصلاة.
فما هو الحل؟
هل نصلي جماعة في المسجد وتذهب عنا الأسماك؟ أو نصلي في مكان بيع الأسماك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب هو حضور صلاة الفجر وغيرها من الصلوات المفروضة في المسجد، ما لم يخف المصلي حذرا يلحقه في معيشة يحتاجها، فإذا وجد هذا جاز له الصلاة في مكانه وترك الجماعة.
جاء في الإنصاف: ومما يعذر به في ترك الجمعة والجماعة خوف الضرر في معيشة يحتاجها.
وإذا كنت ستصلي جماعة في السوق فالأمر فيه سعه، ولا يؤثر في صحة الصلاة الصخب، والفجور في القول، والحلف، وغير ذلك مما يحصل في الأسواق، المهم أن يكون المكان طاهرا. وحبذا لو كان بعيدا عن الصخب والضجيج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1430(11/9818)
اجتهدوا في البحث عن مسجد لأداء الجمعة ولم يتمكنوا من ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[سافرت أنا وزميلي إلى سويسرا للدراسة، ونحن نعتزم البقاء لمدة 4 أشهر وقد أدركتنا صلاة الجمعة وكنا ننتظر أحد المسلمين لكي يدلنا على مسجد فلم نلتق به إلا ليلة الجمعة وقلل من أهمية الموضوع وقال إنه في مدينتكم مسجد للبوسنيين لا أعرف أين هو وأقرب مسجد في مدينة مجاورة على بعد 40 كم وبإمكانكم أن تصلوها مثل الظهر فما هو الصواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمتم قد نويتم الإقامة في هذا البلد أكثر من أربعة أيام، فقد صرتم مقيمين ووجبت عليكم الجمعة إذا توفرت شروطها، وإذا كان هذا البلد تقام فيه الجمعة، فكان الواجب عليكم الاجتهاد في البحث عن المسجد الذي تقام فيه الجمعة لتؤدوا ما افترضه الله عليكم، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ {الجمعة:9} .
فإن اجتهدتم في البحث ولم تتمكنوا من الوصول إلى المسجد فقد سقطت عنكم الجمعة؛ لأنكم اتقيتم الله ما استطعتم، ووجب عليكم أن تصلوا الظهر، ولا يلزمكم الخروج للصلاة في البلد الآخر البعيد عنكم.
وللمزيد من الفائدة راجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27188، 96178، 71603.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1430(11/9819)
يتخلف عن الجماعة لكونه يستحيي أن يراه المصلون يصلي جالسا
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي وأنا جالس، تركت التدخين منذ تقريبا أربعة أشهر بفضل الله، ولكن للأسف وزني زاد جداً بعدما لجأت للأكل بديلاً للسيجارة، الآن وصل وزني 104 كيلو، والنتيجة ألم شديد في أرجلي، وبالتحديد في ركبي، حاولت أعمل رياضة ولكن ركبي لا تساعدني في ذلك، ذهبت لدكتور حمية غذائية وهو مركز كبير ومتخصص وعالمي، وأسير على نظام معين في الأكل، ولكن غير قادر على الاستمرار في هذا النظام، أصلي وأنا جالس، لا أذهب للمسجد، أصلي في المنزل لأني لا أحب أن يشاهدني أحد وأنا أصلي جالسا في المسجد مع كبار السن والعجزة بعدما كنت رياضيا.
ماذا أفعل هل أعود للتدخين مرة ثانية، وخصوصا أنني متأكد من أن رجوعي للتدخين سيساعدني في تطبيق نظام الحمية الغذائية؟ برجاء الإجابة على سؤالي وشكراً لكم، ووفقكم الله لما فيه الخير ملحوظة عمري 46 عاما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أنك أحسنت صنعاً بترك التدخين، ولا يجوز لك أن تعود إليه، وليس ما ذكرته من زيادة في الوزن عذراً في العودة إلى ذلك السم القاتل، ويجب عليك أن تشكر الله تعالى أن وفقك لتركه وأعانك على التوبة منه، وإن من شروط التوبة أن يعزم التائب على عدم العودة إلى الذنب في المستقبل، وما ذكرته من أنك تركت الصلاة في المسجد لأجل أنك تصلي جالساً، فالصلاة جالساً للعاجز عن القيام أمر جائز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً.. رواه البخاري.
فإذا عجزت عن القيام في صلاة الفريضة، أو كان القيام يشق عليك مشقة غير محتملة، فلك أن تصلي جالساً، ولكن لا يجوز التخلف عن صلاة الجماعة لأجل ذلك، وإذا كنت لا تحب أن يشاهدك الناس تصلي وأنت جالس، فينبغي لك أيضاً أن لا تحب أن يراك الله وأنت تتخلف عن الصلاة في المسجد من غير عذر، وقد قال تعالى: وَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ {التوبة:13} .
والذي نوصيك به أيها السائل الكريم هو أن تعلم أنك في امتحان واختبار، فاصبر على طاعة الله في ترك الدخان وأداء الصلاة في المسجد، وعليك بالإكثار من الصيام فإن فيه رضا الرحمن وصحة الأبدان، واستمر في الحمية الطبية، وستجد الفرج عن قريب إن شاء الله تعالى، وما هي إلا أيام معدودة وتجني فيها ثمار البعد عن الدخان والمحافظة على الصلاة، راحة واطمئناناً في الدنيا، وسعادة وثواباً في الآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(11/9820)
حكم ترك شهود الجماعة بسبب تواجد زبون يستعمل الهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[لي محل هاتف عمومي، وبجواره المسجد، والحمد لله إذا نودي للصلاة أغلق المحل وأذهب إلى المسجد والحمد لله، لكن في بعض أوقات الصلاة أجد نفسي مضطرا لعدم الذهاب للصلاة بسبب تواجد زبون يستعمل الهاتف فأجد نفسي مضطرا لقضائها فيما بعد.
فهل هذا جائز أم أني يجب أن أطلب منه الرحيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأرجح أقوال أهل العلم أن صلاة الجماعة فرض عين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى: أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب، فإني لا أجد لك رخصة. أخرجه مسلم.
وما دمت تسمع النداء فالجماعة واجبة عليك، ولا تسقط عنك الجماعة إلا لعذر، ولا نرى ما ذكرته عذراً يبيح ترك الجماعة، إذ يمكنك أن تضع لافتة على باب المحل، تكتب فيها إن المحل يغلق قبل إقامة الصلاة بخمس دقائق مثلا، وحينها فلن يأتيك أحد في مثل هذا الوقت. كما ينبغي لك أن تنصح من أتى ليتكلم في هذا الوقت بشهود الجماعة أولاً ثم يجري مكالمته بعد ذلك.
إلا إن كانت هذه المكالمة لأمر ضروري يبيح مثله ترك الجماعة، فحينئذ يجوز لك ترك شهود الجماعة، وقد بينا بعض الأعذار المبيحة لترك الجماعة في الفتوى رقم: 60743.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(11/9821)
مسائل في تأخير الصلاة والتخلف عن الجماعة لأجل الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التأمين الاجتماعي إذا فرض على المسلم؟
ما حكم فتح حساب في بنك ربوي من أجل تلقي المنحة الدراسية أو الحوالات بواسطته؟
ما حكم التخلف عن الصلاة في الجامعة أو الجماعة. إذا كانت المؤسسة التي أدرس بها تطرد من الدراسة من تغيب أكثر من 4 مرات عن الدروس؟
ما حكم تأخير الصلاة أو جمع المشتركتين بسبب ظروف الامتحان؟
ما حكم خطاب الكافر بصيغة الجمع وتحيته بغير تحية الإسلام؟
ما حكم إيداع مبلغ من المال في بنك ربوي للحصول على تأشيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قدمنا بعض الفتاوى السابقة أن أي علم يستفيد منه المجتمع المسلم يعتبر من العبادة والفروض الكفائية إذا قصد بذلك خدمة الإسلام والمسلمين.
وذكرنا أن من عنده أهلية للقيام بذلك عليه أن يتعلمه بنية القيام بفرض الكفاية عن الأمة، ثم إنه يتعين مع ذلك أن يحرص المسلم على الاستقامة على الطاعة والبعد عن المعاصي فلا يسافر لبلاد الكفر إلا إذا لم يوجد التخصص المطلوب في بلاد الإسلام.
وعليه مع ذلك أن يبتعد عن مخاطر الفتنة الموجودة في التعليم المختلط فيحمل نفسه على غض البصر عن المناظر المحرمة وعن مجالسة ومحادثة ومس النساء.
ويستعين على النجاح في ذلك بالزواج إن استطاع، وإلا فليكثر الصوم، ويخفف من المأكولات التي تقوي الشهوة، ويملأ فراغه بالأنشطة الثقافية والرياضية الهادفة المشروعة، وأن يبرمج لنفسه برنامجا يقوي به إيمانه وتمسكه بالدين.
وراجع في هذا الفتاوى التالية أرقامها: 49739، 54742 93857، 31768، 66616.
وراجع في التأمين إذا فرض على المسلم الفتاوى التالية أرقامها: 29335، 32345، 29228.
وراجع في فتح الحساب بالبنك والإيداع به إذا احتيج إليه الفتاوى التالية أرقامها: 54017، 67974، 114436، 33366.
واعلم إن الحفاظ على الصلاة في الجماعة من آكد الأمور التعبدية، فاحرص على ذلك في المسجد الذي يؤذن به عملا بما في الصحيحين عن ابن مسعود قال: من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإذا كان انسجامك مع النظام المدرسي يمنعك من الصلاة في المسجد، فيتعين أن تنظر في وسيلة تمكنك من الصلاة جماعة، فحرض الطلبة المسلمين الموجودين في المؤسسة على أن تصلوا جماعة بعد انتهاء الدرس، وحاولوا أن تجدوا مكانا أو ساحة تصلون بها.
وأما تأخير بعض الصلوات عن وقتها الاختياري أيام الامتحانات.. فإنه يجوز عند بعض أهل العلم ومنهم الحنابلة وبعض المالكية تأخير الظهر لتجمع مع العصر جمع تأخير، كما تجوز الصلاة في آخر المختار.
فانظر في أمرك فإن أمكن أن تصلي الظهر مثلا بعد دخول وقتها مباشرة فذلك أولى من تأخيرها، وإن لم يمكن ذلك، وأمكنك صلاتها آخر مختارها فهو مشروع أيضا بالاتفاق، فإن لم يمكن فعل ذلك إلا بعد خروج مختارها فيمكن تأخيرها لتجمع مع العصر.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 71477، 37226، 5153، 9812، 16490، 47825، 63605.
وأما خطاب الكافر بصيغة الجمع فلا حرج فيه.
كما تجوز تحيته بما هو معروف في المجتمع من التحية إن لم يكن في ذلك ما يخالف العقيدة، ولا يجوز ابتداؤه بالسلام لما في حديث مسلم: لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام..
وراجع الفتويين رقم: 32758، 100849.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1430(11/9822)
تخلف العمال عن الجمعة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت الفتوى الآتية للشيخ العلامة ابن عثيمين بخصوص حضور صلاة الجمعة: بعض العمال الذين لا يأذن لهم كفلاؤهم بصلاة الجمعة بحجة أنهم حراس في المزرعة. فأجاب: إذا كان هؤلاء العمال بعيدين عن المسجد بحيث لا يسمعون النداء لولا مكبر الصوت، وهم خارج البلد فإن الجمعة لا تلزمهم، ويطمئن العمال بأنه لا إثم عليهم في البقاء في المزرعة، ويصلون ظهراًَ، ويشار على كفيلهم أن يأذن لهم لأن ذلك خيرٌ له وخيرٌ لهم. اهـ فإذا كانت هذه الفتوى صحيحة فمعظم الناس في أوروبا وحتى في بلادنا لا تجب عليهم الجمعة لبعدهم عن المسجد، فهل توافقون الشيخ في هذه الفتوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلام الشيخ رحمه الله صحيح، ولكن فهمك له غير مطابق، فإن الشيخ إنما أراد عمال المزارع التي تكون خارج البلد، أما من كان داخل البلد فلا رخصة له في ترك الجمعة، وكيف غفلت عن قوله في الفتوى. (وهم خارج البلد) .
قال الخرقي: وتجب الجمعة على من بينه وبين الجامع فرسخ. انتهى. قال شارحه الموفق: هذا في حق غير أهل المصر، أما أهل المصر فيلزمهم كلهم الجمعة، بعدوا أو قربوا، قال أحمد: أما أهل المصر فلا بد لهم من شهودها، سمعوا النداء أو لم يسمعوا، وذلك لأن البلد الواحد بني للجمعة، فلا فرق بين القريب والبعيد، ولأن المصر لا يكاد يكون أكثر من فرسخ، فهو في مظنة القرب، فاعتبر ذلك. وهذا قول أصحاب الرأي، ونحوه قول الشافعي. انتهى.
وإنما قيد الحنابلة الوجوب بالفرسخ لأنه المسافة التي يصل فيها صوت المؤذن الصيت فوق المكان العالي مع عدم وجود العوارض، وقيد العلماء الوجوب على من كان خارج المصر بسماع النداء وهو ما اختاره الشيخ في الفتوى التي ذكرتها، ونسبه ابن قدامة إلى الشافعي، وعلى كلٍ فالأمر قريب، وأما أهل المصر فإن الجمعة لازمه لهم مهما تباعدت المسافة بين طرفيه.
قال العلامة العثيمين في الشرح الممتع بعد أن أشار إلى قول من قال إن الجمعة لا تلزمُ أهل المصر إذا فصلت بين أحيائه المزارع: ولكن الصحيح أنه ما دام يشمله اسم واحد فهو بلد واحد، ولو فرض أن هذا البلد اتسع وصار بين أطرافه أميال أو فراسخ فهو وطن واحد تلزم الجمعة من بأقصاه الشرقي كما تلزم من بأقصاه الغربي، وهكذا الشمال والجنوب، لأنه بلد واحد. قوله "ليس بينه وبين المسجد أكثر من فرسخ" هذا الشرط السادس أي: ليس بين الإنسان وبين المسجد أكثر من فرسخ، والفرسخ سبق لنا: أنه ثلاثة أميال، والميل: اثنا عشر ألف ذراع، فعلى هذا لا يلزم الشخص الذي يكون بينه وبين البلد أكثر من فرسخ جمعة، هذا إذا كان خارج البلد، أما إذا كان البلد واحداً فإنه يلزمه، ولو كان بينه وبين المسجد فراسخ. انتهى.
وبهذا الذي ذكرناه ظهر لك كل الظهور أن ما استنتجته من كلام الشيخ غير صحيح البتة ولا يدلُ عليه كلامه بوجه، وأما نحن فنوافقه على ما ذهب إليه رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1430(11/9823)
حكم ترك الجمعة للانشغال بتطبيب المرضى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب أدرس بأوربا وعندما أجريت مقابلة مع الدكتور المختص لقبولي للعمل أعلمته برغبتي أن أترك العمل عند الساعة 12 ظهرا كل يوم جمعة للصلاة, وقد أبدى قبوله بذلك لكنه قال إنه أحيانا يمكن أن يكون الكثير من المرضى ينتظرون وعندها لا يمكنك المغادرة بأي حال ... والمعنى الذي فهمته منة أنني لا يمكنني حضور كل الجمع..وأنا حقيقة في حيرة من أمري حيث لم يخطر في بالي مثل هذا الأمر من قبل. أرجو المساعدة والرد بسرعة لأنني يجب أن أرد عليه بالموافقة أو الرفض قريبا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت جهة العمل المذكور الذي هو التطبيب كما يتضح من كلام الدكتور المختص لا تمانع من حضور الجمعة لمن ليس له عذر يبيح له التخلف عن صلاة الجمعة أو الجماعة كالتمريض مثلا الذي هو عمله فلا حرج في الموافقة على هذا العمل والدخول فيه، إذ لا فرق في هذه الحالة بين العمل مع هذه الجهة وبين السفر المباح الذي يفضي إلى ترك الجمعة أو الجماعة أو الصلاة بالتيمم فيه، ولا نعلم أحدا من أهل العلم قال بحرمة السفر قبل يوم الجمعة، وإنما الخلاف بينهم فيه بعد الفجر وقبل الزوال وأكثرهم على الجواز، بل إن بعضهم قال بجوازه ولو بعد دخول وقتها ولكنه قول مرجوح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1430(11/9824)
يدرس في بلد يسب فيه الصحابة ولا يتمكن من أداء الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من أهل السنة والجماعة والحمد لله، ما هو حکم دراستي في دولة غير سنية علما أنني لا أستطيع أن أصلي صلاة الجمعة. أرجوکم أن لا تدعوني أراجع فتاوي أخرى علما أنني أدرس الطب البشري في تلك البلاد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يبين لنا السائل الكريم السبب الذي يمنعه من صلاة الجمعة حتى نعلم هل هو سبب معتبر شرعا أو غير معتبر، ونقول على سبيل الإجمال الدراسة في البلاد المشار إليها جائزة في الأصل، وينبغي الحذر من مخالطة أهل البدع والأهواء في الجامعة وغيرها، لا سيما أصحاب البدع المكفرة، وأداء صلاة الجمعة عند توافر شروطها واجبة في الأصل، ولا يجوز التخلف عنها لمجرد الدراسة، وإذا كانت المدينة التي أنت فيها لا توجد بها مساجد لأهل السنة والسلطات مثلا تمنعهم من إقامة الجمعة في المساجد، وكان أهل البدع التي فيها ممن لا تصح الصلاة خلفهم ولم تتمكنوا من إقامتها في أي مكان فإنكم تكونون في هذه الحال معذورين ولا إثم عليكم في ترك الجمعة، وتصلونها ظهرا، ولا شك أن الأولى بالمسلم أن لا يقيم بأرض يسب فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل لقد أفتى الإمام مالك رحمه الله بالهجرة من البلد التي يسب فيها السلف رضي الله عنهم، كما نقله القرطبي في تفسيره عن ابن القاسم سمعت مالكا يقول: لا يحل لأحد أن يقيم بأرض يسب فيها السلف. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(11/9825)
هل يعذر من ترك الجماعة خشية النظر للمتبرجات
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: عن رجل يعيش في بلد أجنبي ويصلي مع أصحاب له في عمله مسلمين في مكان يبعد عن عمله إلى حد ما لكنه يمر في الطريق على بنات يرتدين ملابس فاضحة هل يجوز له أن يصلي منفردا في مكانه خوف الفتنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاةُ الجماعة واجبةٌ على الأعيان في أرجح أقوال أهل العلم، لا يجوزُ تركها إلا لعذرٍ شرعي، وما ذكرته ليس بعذرٍ لترك الجماعة فيما يظهر، وذلك لإمكان تلافي هذا المنكر بامتثال ما أمر الله به من غض البصر: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30} ، وقد سأل سعيدُ بن أبي الحسن أخاه الحسن فقال: إن نساء العجم يكشفن رؤوسهن وصدورهن فقال: اغضض بصرك.
فعلى هذا الأخ الكريم أن يتقيَ الله عز وجل، وأن يحرص على صلاة الجماعة مع إخوانه، وأن يجتهد في غض بصره عما حرم الله، وإذا كان يخشى على نفسه الفتنة من الإقامة في بلاد الكفر، فالهجرةُ واجبةٌ عليه إن قدر على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(11/9826)
هل يأثم المتدرب على السفينة لتركه الجمعة والجماعات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في كلية بحرية وعملي يكون على متن إحدى البواخر.. مدة العمل تمتد من أربعة إلى ستة أشهر خلال هذه الفترة من الواضح أنني لن أكون قادرا على الصلاة في المسجد في جماعة ولن أكون قادرا على حضور صلاة الجمعة ... هل أنا آثم على عدم صلاتي في المسجد وبالتالي لن أتحصل على أجر صلاة الجماعة..مع العلم أنه يمكن الصلاة على متن السفينة منفردا فقط وليس هناك أي مشكلة في تحديد القبلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الصلاة على متن هذه الباخرة، وليس عليك إثم في عدم الصلاة في المسجد حيث لم يكن قريبا منك، وكذلك الحال بالنسبة لصلاة الجمعة، إن كنتم في حال سفر بأن قصدتم الذهاب إلى موضع يبعد مسافة القصر وسارت بكم السفينة، فإذا حصل فأنتم مسافرون تسقط عنكم الجمعة، ولكم قصر الصلاة الرباعية ما لم تنووا الإقامة بموضع أربعة أيام فصاعدا، أما إذا لم تكونوا مسافرين أي لم تبتعد بكم السفينة عن البلد بحيث يبلغكم الأذان لو أذن من طرف البلد فإنه يلزمكم السعي للجمعة ما لم يكن هناك عذر آخر من الأعذار التي بيناها في الفتوى رقم: 77170.
مع التنبيه إلى أن الجمعة لا تصلى إلا جماعة، ولا تصلى على السفينة، ومن لم يصل الجمعة لعذر أو غير عذر فعليه أن يصليها ظهرا، ولا إثم عليك لعدم حضور الجمعة والجماعات في حال العذر، ويرجى لك تحصيل ثواب الجماعة بنيتك الصادقة إذ الأعمال بالنيات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(11/9827)
حكم التخلف عن الجماعة لحراسة البضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لنا ونحن مجموعة من الأفراد أن نخلف أحدا منا ليحرس لنا بضاعتنا وبشكل دوري ويذهب الآخرون للصلاة. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنتم تخافون على هذه البضاعة من التلف أو السرقة فلا جُناح عليكم في أن تتركوا أحدكم لحراستها، ويذهب الباقون لصلاة الجماعة، وهذا الذي يتخلف عن الجماعة معذور في تخلفه، فقد نص العلماء على أن الخوف على ضياع المال من الأعذار المبيحة لترك الجماعة، قال في كشاف القناع في ضمن بيان من يُباحُ ترك الجمعة والجماعة:
أو خائف من ضياع ماله، كغلة في بيادرها، ودواب وأنعام لا حافظ لها غيره ونحوه، أو خائف من تلفه كخبز في تنور، وطبيخ على نار ونحوه. انتهى.
وإذا خشيَ هذا الذي تخلف عن الجماعة ألا يجد من يصلي معه في جماعة، فيمكنُ لأحد إخوانه الذين صلوا أن يتصدق عليه بالصلاة معه ليدرك ثواب الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1429(11/9828)
التخلف عن الجمعة بسبب الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعي في كندا ... ولدي محاضرة أثناء صلاة الجمعة لجميع أسابيع هذا الفصل الدراسي, فما حكم إقامة صلاة الجمعة مع الخطبة إذا اجتمعنا أنا وثلاثة من رفاقي، للعلم فإن هذه المحاضرة تبدأ الثانية عشرة ظهراً وتنتهي في الثالثة عصراً، فهل نصلي ظهراً أم نصلي جمعة، وهل يقوم أحدنا بإلقاء خطبة الجمعة إذا كان عدد المصلين ثلاثة، وهل نصلي قبل دخول الظهر"قبل الثانية عشرة" أم قبل دخول العصر "الثالثة عصراً"؟ جزيتم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه يجب عليكم شهود الجمعة في المسجد مع المسلمين، فليست الدراسة بعذر شرعي يبيح التخلف عنها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 60991.
وعلى هذا فالواجب عليكم بذل الجهد في حضور الجمعة مع المسلمين، ومناقشة إدارة الجامعة في أمر تغيير هذا الوقت، فإن لم تستجب الإدارة وخشيتم أن يلحقكم ضرر كبير بالتخلف عن الدراسة جاز لكم أن تصلوها ظهراً، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 40970.
وننبه إلى أنه إذا أمكن أحدكم أن يجد جامعة أخرى لا يترتب على الدراسة فيها هذا المحظور فلينتقل إليها، فالمحافظة على الدين وأداء الفرائض أسمى وأغلى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(11/9829)
صاحب سلس الريح هل يتخلف عن صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إني قد أرسلت سؤالا لم يتم الإجابة عليه بل أحالوني إلى مجموعه من الفتاوى طبعا هذا لا يعد جوابا صريحا لذا فأرجوا منكم الإجابة على السؤال ورقم السؤال:2191538.
والسؤال هو: أني أصبت بسلس الريح أكرمك الله أتاني فجأة المهم وصرت ما أنزل الشارع أبدا ولا أروح المسجد وأصلي بالبيت ولذلك مكثت حوالي سنة كاملة أصلي بالبيت ولا أروح المسجد لأن السلس عندي مستمر ولو رحت المسجد لتضرر المسلمون هناك وجاءتني حالة نفسية عقدتني فسرت أتعقد من المستشفى المهم وأنا الآن في البيت ما عندي أحد يعني يوديني المستشفى المهم الظروف صعبة لا أقدر أروح المسجد ولا المستشفى السؤال هل تجوز صلاتي وهل مقبولة بإذن الله وإن كانت مقبولة إلى متى تصير مقبولة
وفي رؤيا رأيتها أرجو أن يكون ما فيها حرج في تفسيرها وهي أني رأيت نفسي أتوضأ وضوئي لصلاة وفي الختام لا يسعني إلا أن أحمد الله ثم أشكركم على إصغائكم لي. أرجو الدعاء لي ولجميع المسلمين بالشفاء وحسن الخاتمة وبالفرج.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسألُ الله لكَ الشفاء والعافية وقرب الفرج والمخرج، ونوصيكَ بالصبرِ علي البلاء فإنه ما أُعطيَ أحدًٌ عطاءً خيراً ولا أوسع من الصبر، وعليكَ أن تبحثَ عن أسباب العلاج حتى يُمكنك حضور الجماعة مع المسلمين، وحتى يمنّ الله عليكَ بالعافية، فإن صلاتكَ في البيت صحيحة ونرجو أن تكون مقبولة، وأنت معذورٌ في ترك الجماعة.
وقد روى البخاري ومسلم عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ، وفي رواية لمسلم: مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ.
وروى مسلم عن عمر رضي الله عنه قال: إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَأْكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لَا أَرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ هَذَا الْبَصَلَ وَالثُّومَ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنْ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ، فَمَنْ أَكَلَهُمَا فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا، فهذا يدل على وجوب تنزيه المساجد عن الروائح الكريهة، ومنع صاحبها من حضورها أو البقاء فيها.
قال في كشاف القناع: وعلى قياسه أي الثوم والبصل ونحوهما: إخراج الريح من دبره فيه في المسجد؛ لأن فيه إيذاء بالرائحة، فيسنّ أن يصان المسجد من ذلك ويُخرج منه لأجله. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: إذا كان فيه بَخَرٌ: أي: رائحةٌ منتنةٌ في الفَمِ، أو في الأنفِ أو غيرهما تؤذي المصلِّين، فإنَّه لا يحضرُ دفعاً لأذيَّتِه. انتهى.
واعلم أنكَ تُثاب ويكتبُ لكَ أجر حضور الجماعة، إذا علم الله منك الصدق والحرص علي حضورها، وأنه لم يمنعك من ذلك إلا كراهة أذية المسلمين.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: المعذورَ يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ كاملاً إذا كان مِن عادتِه أن يصلِّي مع الجماعةِ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مَرِضَ العبدُ أو سافرَ كُتِبَ له مثلُ ما كان يعملُ صحيحاً مقيما. انتهى.
واعلم أيضاً أنه يجبُ عليكَ الوضوء لكل صلاة بعد دخول الوقت، وتصلي بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فمن لم يمكنه حفظ الطهارة مقدار الصلاة فإنه يتوضأ ويصلي ولا يضره ما خرج منه في الصلاة، ولا ينتقض وضوؤه بذلك باتفاق الأئمة، وأكثر ما عليه أن يتوضأ لكل صلاة. انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: الأصل أن خروج الريح ينقض الوضوء، لكن إذا كان يخرج من شخص باستمرار وجب عليه أن يتوضأ لكل صلاة عند إرادة الصلاة، ثم إذا خرج منه وهو في الصلاة لا يبطلها وعليه أن يستمر في صلاته حتى يتمها، تيسيراً من الله تعالى لعباده ورفعاً للحرج عنهم، كما قال تعالى: يريد الله بكم اليسر. وقال: ما جعل عليكم في الدين من حرج. انتهى.
وأما عن الرؤيا التي رأيت فخيراً رأيت وخيراً يكون إن شاء الله، ونوصيك بالاجتهادِ في الدعاء والإقبالِ علي الله عز وجل عسى أن يكون من عنده فرجٌ قريب، نسأل الله أن يعجل لكَ بالشفاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(11/9830)
حكم الصلاة في البيت خوفا من الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة في المسجد فرض؟ وإذا كان فرضا فأنا أمي لا تتركني أذهب إليه في العشاء والفجر وهنا في السويد الفجر تقريبا الساعة 02:00 وأمي تخاف علي من المجرمين إلخ وعمري 13 سنة مع العلم أني بالغ فما هو المطلوب مني أن أفعل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة سنة مؤكدة، وذهب الحنابلة إلى وجوبها وجوب عين، وهو الذي تشهد له النصوص. ولكنها على القول بوجوبها لا تجب في المسجد عند جماهير العلماء، بل تجزئ في غير المسجد وإن كانت دونها في الفضيلة، فإذا نهتك أمك عن الذهاب إلى المسجد خوفا من الضرر وجب عليك أن تطيعها، وعليك أن تصلي جماعة في البيت إن وجدت من يصلي معك، فإن لم تجد صل منفردا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1429(11/9831)
التخلف عن الجماعة للخوف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عراقي من بغداد هجرنا بسبب الميليشيات من منطقة نصفها سنة ونصفها شيعة والآن أسكن في منطقة سنية تقام فيها الصلاة لكن الأجور اليومية فيها قليلة ونسكن انا وإخوتي في بيت صغير لا أخفي عليكم فإنها تسد مصروفي اليومي لكنني في الوقت نفسه مطلوب بأموال كبيرة لا استطيع أن أسددها من هذه الأجور في وقت قصير والآن بدأت الأمور الأمنية في منطقتنا المهجر منها تستقر نوعا ما لكن لا يرفع فيها الأذان سوى مسجد واحد بعيد المسافة عن بيتنا وبدأ القليل من السنة الرجوع إليها سؤالي هو هل يحق لي الرجوع إليها لان الأجور اليومية فيها عالية والأوضاع بدأت تستقر فيها لكن المساجد فيها مغلقة سوى هذا المسجد المفتوح منذ فترة قصيرة بعد الهدوء النسبي علما أن هذا المسجد محاط ببيوت أهل السنة فقط وأطلب منكم يامشايخنا الافاضل أن ترفعوا أيديكم الى الله تعالى أن يكشف عنا ما نحن فيه فو الله أكتب إليكم والعيون تدمع حيث ذهب عنا الأمن والأمان والنعم بسرطان الاحتلال الأمريكي وعانينا الأمرين. وبارك الله فيكم وحفظكم أنتم وبلاد المسلمين كافة وأبعد عنكم ما نحن فيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك أخي السائل في الرجوع إلى مسكنك، ولو أدى ذلك إلى التخلف عن صلاة الجماعة لبعد المسجد أو لقلة الأمن، ولا نعلم دليلا من الكتاب أو السنة يوجب على المرء الانتقال عن مسكنه أو البقاء بعيدا عنه لكي يؤدي الصلاة في المسجد، فلست مطالبا شرعا بالبعد عن مسكنك أو الانتقال عنه أو البقاء بعيدا عنه لتؤدي الصلاة في المسجد، وإنما تطالب بأداء الصلاة في لمسجد إذا كنت تسمع النداء من مسكنك وأمكنك الذهاب للمسجد بأمان.
ونسال الله تعالى أن يفرج عنكم ما أنتم فيه من الغم والكرب، وأن يبدل خوفكم أمنا وينصركم على عدوه وعدوكم، وأن يجعل ما أصابكم كفارة لسيئاتكم، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل.... رواه أبو داوود وصححه الألباني.
وانظر الفتوى رقم 60743 في بيان الأعذار التي يعذر بها في التخلف عن الجماعة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(11/9832)
حكم من يأتي المسجد متأخرا عن تكبيرة الإحرام كي لا يقدموه للإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن آتي المسجد متأخرا بسبب أني لا أريد أن يقدموني لأصلي بهم, أي لا أحب أن أؤم، أتمنى منكم إفادتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. رواه مسلم، فإذا كنتَ أقرأ أهل المسجد للقرآن فينبغي ألا تتأخر عن إمامتهم إذا قدموك لأنك أولى الناس بذلك، وإذا كنت تخافُ الرياء فجاهد نفسك لتتخلص منه فليس علاج الرياء بترك العمل بل هذا استسلامٌ لكيد الشيطان.
وقد قال الفضيل رحمه الله: تركُ العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيكَ الله منهما.
وإذا كان في أهل المسجد من هو أقرأ منك فأشر عليهم بتقديمه ولا تتأخر عن إتيان الصلاةِ في أول الجماعة لكي لا تفوتك فضيلةُ تكبيرة الإحرام مع الإمام: فقد قال صلي الله عليه وسلم: من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى مع الإمام كتب له براءتان، براءةٌ من النفاق وبراءةٌ من النار. حسنه الألباني في صحيح الترمذي.
والخلاصة أنه لا ينبغي لك أن تتأخر عن إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام للعذر المذكور، فإن شئت صليت إماما وإلا اعتذرت. نسأل الله أن يرزقنا وإياكَ إخلاصاً وصدقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1429(11/9833)
هل يصلي مع أهل مسجد يؤخرون الظهر دوما إلى قبيل العصر أم يصلي منفردا في أول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن بقرب مسجد تؤخر صلاة الظهر فيه إلى قبيل صلاة العصر بربع ساعة وذلك كامل السنة بدون عذر.
فهل أنتظر الصلاة معهم أم أصلي في البيت في أول الوقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجماعة فرضُ عينٍ علي كل مسلم وهو قول عامة السلف ويدل له ما في الحديث: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه الحاكم وصححه الألباني.
وعليه فلا يجوز ترك الجماعة بحال حتى وإن أخر إمام المسجد الصلاة إلي قريب من آخر الوقت لأنه طالما فعلها في وقتها فقد وقعت صحيحةً مجزئة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وقت صلاة الظهر إذا زالتِ الشمس وكان ظلُ الرجل كطوله ما لم يحضر وقتُ العصر. أخرجه مسلم.
فعليك أخي أن تحافظ علي الجماعة وإن خالف أهل المسجد الفضيلةَ بتأخير الصلاة عن أول الوقت، وعليكَ أن تناصحهم، وأن تبين لهم أن الأفضل في صلاة الظهر أن تصلي في أول الوقت إلا إذا اشتد الحر لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم متفق عليه.
وإذا وجدت مسجداً آخر يتحرى السنة فالأولى أن تحرص على الصلاة فيه، وكذا إن وجدت جماعة تصلي أول الوقت في غير المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1429(11/9834)
كراهة حضور الجماعة لمن به رائحة تؤذي المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ترك صلاة الجماعة بعذر انبعاث رائحة الإبط مع العلم أنها رائحة مؤذية ولا يستطيع الاغتسال كل وقت صلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من كانت به رائحة يتأذى بها المصلون يكره له حضور الصلاة في المسجد وهو معذور بذلك عن الصلاة جماعة في المسجد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه الرائحة قوية بحيث يتأذى بها المصلون ولم تمكن إزالتها بغسل أو باستعمال بعض مزيلات الرائحة فإن صاحبها معذور فيشرع له التخلف عن الجماعة؛ بل يكره له حضور الصلاة في المسجد لأنه قد يؤذي المصلين، فقد نص أهل العلم على كراهة حضور الجماعة في حق من به رائحة تؤذي المصلين دفعا لأذيته، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: من أكل من هذه البقلة فلا يقربن مساجدنا حتى يذهب ريحها يعني الثوم. رواه مسلم.
وفي رواية لمسلم: فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: هذا تصريح ينهى من أكل الثوم ونحوه عن دخول كل مسجد، وهذا مذهب العلماء كافة إلا ما حكاه القاضي عياض عن بعض العلماء: أن النهي خاص في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في بعض روايات مسلم: فلا يقربن مسجدنا. وحجة الجمهور: فلا يقربن المساجد، ثم إن هذا النهي إنما هو عن حضور المسجد، لا عن أكل الثوم والبصل ونحوهما، فهذه البقول حلال بإجماع من يعتد به، وحكى القاضي عياض عن أهل الظاهر تحريمها؛ لأنها تمنع عن حضور الجماعة وهي عندهم فرض عين، وحجة الجمهور: قوله صلى الله عليه وسلم في أحاديث الباب: (كل، فإني أناجي من لا تناجي) . وقوله صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله لي) قال العلماء: ويلحق بالثوم والبصل والكراث كل ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها. قال القاضي: ويلحق به من أكل فجلا وكان يتجشى، قال: وقال ابن المرابط: ويلحق به من به بخر في فيه أو به جرح له رائحة. قال القاضي: وقاس العلماء على هذا مجامع الصلاة غير المسجد، كمصلى العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات، وكذا مجامع العلم والذكر والولائم ونحوها، ولا يلتحق بها الأسواق ونحوها.
وراجع الفتوى رقم: 11189، والفتوى رقم: 14060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(11/9835)
التخلف عن الجماعة بسبب البقاء في الحراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[وضعي في العمل يجعلني أصلي في مكان عملي ولا أقدر أن أسير إلى المسجد إلا في صلاة الجمعة والمغرب والعشاء فما الحكم في ذلك رغم أني أعمل في وظيفة أمن في أبوظبى الإمارات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت ظروف العمل تستدعي بقاءك في الحراسة فلا حرج عليك في عدم الذهاب إلى المسجد، ولتصل في مكان عملك، فقد نص الفقهاء على أن مما يعذر به في التخلف عن الجماعة خوف الضرر في معيشة يحتاجها أو مال استؤجر على حفظه، ولتحاول الحصول على من تصلي معه جماعة ولو شخصا واحدا.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 60743.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(11/9836)
نهي من أكل ثوما عن الجماعة لا يصلح دليلا على عدم وجوبها
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في فتوى على موقعكم وخاصة بأكل الثوم ومما فهمت من هذه الفتوى أن حضور صلاة الجماعة ليس واجبا، واستدللتم على ذلك بان أكل الثوم ليس محرما، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى من يأكل من هذه الشجرة من دخول المسجد (مما يعني أن صلاة الجماعة - عدا الجمعة - ليست واجبة) كما فهمت أنا من الفتوى.
فهل حضور صلاة الجماعة واجب على المسلم وهل يأثم من يترك صلاة الجماعة بدون عذر، جزاكم الله خيرا نريد إذا سمحتم تفصيلا بهذا الموضوع المهم جدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح المفتى به عندنا في موقعنا هو وجوب صلاة الجماعة كما في الفتوى رقم: 42038، والفتوى رقم: 78504. والفتاوى المرتبطة بها، وما ذكره الأخ السائل من عدم وجوب حضور الجماعة بدليل جواز تخلف من أكل الثوم عنها هذا ذكرناه في الفتوى رقم: 106989 في معرض ذكر كلام الإمام ابن عبد البر رحمه الله، ولم نذكره من باب الترجيح، ونهي من أكل ثوما أو بصلا عن حضور الجماعة لا يصلح دليلا على عدم وجوبها في نظرنا لأن من فعل ذاك متعمدا للتخلف عن الجماعة قد يأثم لقصده إسقاط الواجب وليس لأكل الثوم والبصل، والأمور بمقاصدها.
وقد جاء في الموسوعة الفقهية: واعتبر الفقهاء أن وجود الرائحة الكريهة عذر في التخلف عن الجمعة والجماعة إذا لم يفعل ذلك قصدا لإسقاط الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(11/9837)
يكره حضور صلاة الجمعة والجماعة لمن به مرض يتأذى به
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الشخص مريضا بمرض معدي في الجلد ولا يستطيع الاغتسال بالماء ولا يستطيع الذهاب للمسجد لكي لا يؤذي الآخرين فهل يجوز له التيمم والصلاة في المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عجز عن استعمال الماء في الغسل أو الوضوء لكونه مريضا وكان استعمال الماء يزيد المرض أو يؤخر البرء جاز له التيمم بدل الغسل والوضوء، وأما الصلاة في المنزل فيجوز للمريض الذي يشق عليه الإتيان إلى المسجد أن يتخلف عن الجماعة ويصلي في المسجد ولا خلاف في هذا الجواز بين العلماء، وكذا يجوز له أن يتخلف إن كان لا يشق عليه الذهاب وكان مرضه يتأذى به الناس.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب المالكية إلى إباحة ترك صلاة الجمعة والجماعة للأبرص إذا كان برصه شديدا إذا لم يوجد للبرص موضع يتميزون فيه بحيث لا يلحق ضررهم بالناس على الوجه المبين في موطنه، وعند الحنابلة يكره حضور المسجد لصلاة الجمعة والجماعة لمن به برص يتأذى به، ورخص الشافعية في ترك الجماعة لمريض ببرض للتأذي. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 24831، والفتوى رقم: 97333.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(11/9838)
هل يعذر في التخلف عن الجماعة لمن يشعر بالاكتئاب فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة وهي أنني في صلاة الجماعة أشعر بحالة اكتئاب شديدة وهذه الحالة لا توجد عندي عندما أصلي بمفردي، فهل يجوز لي الصلاة بمفردي؟ أو ماذا علي أن أفعل فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبة في حق الرجل المستطيع، وهي واجبة في المسجد عند كثير من أهل العلم على من يسمع النداء، كما تقدم في الفتوى رقم: 34242، والفتوى رقم: 36549.
وعليه، فليس الاكتئاب الذي تشعر به بمبيح للتخلف عن صلاة الجماعة، فقد يكون ذلك من مكايد الشيطان ليثبطك عن السعي إليها ويحرمك من الثواب العظيم المترتب على ذلك. فاجتهد في الدعاء والابتهال إلى الله تعالى ليصرف عنك كل مكروه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1429(11/9839)
أكل الثوم والبصل.. رؤية شرعية أدبية
[السُّؤَالُ]
ـ[من كان يأكل قبل الصلاة مثلا المغرب أو العشاء وكان أمامه بصل أو ثوم
هل يأكل وهو يعرف أن ذلك سيمنعه من الصلاة في المسجد أم لا يجوز أكله؟
وهناك للأسف من أهل الضلال من يرخص للناس لمن لا يريد أن يذهب لصلاة الجمعة، أن يأكل قبلها بصلا حتى يمنع نفسه من المسجد.
فما الحكم الشرعي في الحالتين، وما الفرق بينهما؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
أكل الثوم ونحوه مباح مع الكراهة والأولى الابتعاد عن أكله قبل الصلاة، ومن أكله قبلها فلا إثم عليه ولو ترتب على ذلك التخلف عن حضور صلاة الجماعة في المسجد، أما صلاة الجمعة فلا يجوز تعمد أكله بعد النداء لها لحرمة التخلف عنها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكل الثوم والبصل جائز مع الكراهة سواء أراد الشخص دخول المسجد أم لا؛ لكن الأولى في حق من يحضره وقت الصلاة ألا يتناول ثوما ولا بصلا لهما رائحة مؤذية، وإن فعل ذلك فلا إثم عليه ولوترتب عليه التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد.
قال ابن عبد البر في التمهيد معلقا على الحديث الوارد في هذا المعنى: وفي هذا الحديث من الفقه أيضا أن حضور الجماعة ليس بفرض لأنه لو كان فرضا ما كان أحد ليباح له ما يحبسه عن الفرض، وقد أباحت السنة لآكل الثوم التأخر عن شهود الجماعة، وقد بينا أن أكله مباح فدل ذلك على ما وصفنا وبالله عصمتنا، ألا ترى أن الجمعة إذا نودي لها حرم على المسلمين كل ما يحبس عنها من بيع وقعود ورقاد وصلاة وكل ما يشتغل به المرء عنها، وكذلك من كان (من أهل المصر) حاضرا فيه لا عذر له في التخلف عن الجمعة أنه لا يحل له أن يدخل على نفسه ما يحبسه عنها، فلو كانت الجماعة فرضا لكان أكل الثوم في حين وقت الصلاة حراما، وقد ثبتت إباحته فدل ذلك على أن حضور الجماعة ليس بفرض -والله أعلم- وإنما حضورها سنة وفضيلة وعمل بر. انتهى
وقال ابن قدامة في المغني: ويكره أكل البصل والثوم والكراث والفجل وكل ذي رائحة كريهة من أجل رائحته , سواء أراد دخول المسجد أو لم يرد ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال {: إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس} رواه ابن ماجه. وإن أكله لم يقرب من المسجد ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم {: من أكل من هاتين الشجرتين , فلا يقربن مصلانا} . وفي رواية: {فلا يقربنا في مساجدنا} . رواه الترمذي , وقال: حديث حسن صحيح. وليس أكلها محرما ; لما روى أبو أيوب {أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليه بطعام لم يأكل منه النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فيه الثوم. فقال: يا رسول الله , أحرام هو؟ قال: لا , ولكنني أكرهه من أجل ريحه} . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي {كل الثوم , فلولا أن الملك يأتيني لأكلته} . وإنما منع أكلها لئلا يؤذي الناس برائحته ; ولذلك نهي عن قربان المساجد , فإن أتى المساجد كره له ذلك , ولم يحرم عليه ; لما روى المغيرة بن شعبة قال: {أكلت ثوما , وأتيت مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سبقت بركعة , فلما دخلت المسجد , وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريح الثوم , فلما قضى صلاته , قال: من أكل من هذه الشجرة , فلا يقربنا حتى يذهب ريحها. فجئت , فقلت: يا رسول الله: لتعطني يدك. قال: فأدخلت يده في كم قميصي إلى صدري , فإذا أنا معصوب الصدر , فقال: إن لك عذرا} . رواه أبو داود. وقد روي عن أحمد , أنه يأثم ; لأن ظاهر النهي التحريم , ولأن أذى المسلمين حرام، وهذا فيه أذاهم.انتهى
وبالنسبة للجمعة فلا يجوز بعد النداء لها تعمد عذر يحبس عنها، وبالتالي فلا يجوز تعمد أكل الثوم ونحوه لأجل التخلف عنها كما ذكر ابن عبد البر فى كلامه السابق
وقال الدردير في شرحه لمختصر خليل: وحرم أكله -أي الثوم ونحوه- يوم الجمعة على من تلزمه.
وقال ابن قاسم الشافعي في حاشيته على تحفة المحتاج في شرح المنهاج: من أكله -يعني الثوم ونحوه- بقصد الإسقاط كره له هنا يعني في الجماعة، وحرم عليه في الجمعة ولم تسقط. انتهى
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: يكره حضور المسجد لمن أكل ثوما أو بصلا أو فجلا حتى يذهب ريحه على الصحيح من المذهب. والمراد حضور الجماعة ولو لم تكن بمسجد. انتهى بتصرف يسير.
وراجع الفتوى رقم: 6600، والفتوى رقم: 58260.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1429(11/9840)
حكم التخلف عن الجمعة والجماعة خشية الإضرار بالمصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ولله الحمد أعتقد أنني مصاب بمس حيث إنه يصدر مني أصوات وحركات غير إرادية ويصدر مني كلام بغير إرادتي من سب وشتم وتعد على الله وكنت أتأثر عند استماعي وقراءتي للقرآن ولقد ذهبت لأكثر من قارئ وإن شاء الله أطيب.. فسؤالي هل أصلي جميع الصلوات بما فيها صلاة الجمعة في المسجد لأنني الآن أصلى في البيت خشية أن يتأذى المصلون حيث إنني كنت أصلي في المسجد، وهل أذهب لبيت الله الحرام أم لا، فأرجو الرد عاجلاً إن أمكن؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يؤاخذ السائل بما يصدر منه من غير إرادة، وإن كان يتمتع بعقله في أوقات الصلاة فليذهب إلى المسجد لأداء الجمعة والجماعة، ولا يجوز له الإضرار بالمصلين لأنه ليس معذوراً في حال الإفاقة، وينبغي أن يذهب إلى المسجد الحرام إن استطاع لينال أجر الصلاة فيه، ولعل الله يسوق له الشفاء في تلك البلاد المباركة، وإن كان يفقد عقله في بعض الأحيان وصادف ذلك وقت صلاة فلا يطالب بالذهاب إلى المسجد لسقوط التكليف عنه حينئذ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يمن على السائل بالشفاء العاجل ثم إنه لا شيء عليه فيما يصدر منه من غير إرادة لارتفاع التكليف عنه حينئذ، ففي سنن أبي داود عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. صححه الألباني.
وإن كان يتمتع بعقله في أوقات الصلاة فلا يجوز له التخلف عن الجمعة والجماعة، ولا الإضرار بالمصلين لأنه ليس معذوراً في حال الإفاقة، وينبغي له أن يذهب إلى المسجد الحرام إن استطاع لينال أجر الصلاة فيه، ولعل الله يسوق له الشفاء في تلك البلاد المباركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(11/9841)
التخلف عن صلاة الجماعة بأمر الطبيب
[السُّؤَالُ]
ـ[مرضت (عافانا الله وإياكم) فأخبرني الطبيب أن علي أن أن أرتاح في المنزل ثلاثة أيام وإذا كنت لا أستطيع أن أحضر صلاة الجمعة فلا أفعل (لكني حضرتها بحمد الله) والسؤال هو: ما هي حدود المرض الذي يرخص لي التخلف عن صلاة الجماعة علما أن:
1- المسجد يبعد عن منزلي حوالي ربع ساعة مشيا على الأقدام (عندما أكون صحيح البدن) .
2- لا توجد مركبة تقلني إلى المسجد.
3- من خلال تجاربي السابقة مع نفس المرض عندما كانت حالتي تتحسن بين صلاتين فإنها تعود للانتكاس حالما أذهب ثم أعود من المسجد.
أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج على من يشق عليه الذهاب إلى المسجد ماشيا بسبب المرض ولا يستطيع الركوب في التخلف عن الجماعة، ولاسيما إذا نصحه الطبيب بعدم المشي أو جرب أن المشي يضر به ويطيل مرضه، فقد ذكر الفقهاء أن المرض الذي يعذر به في ترك حضور الجمعة والجماعة هو الذي يشق معه الذهاب، وإن لم يكن شديدا، فإن شق عليه المشي واستطاع الركوب بأجرة ونحوها سقط عذره، وإن لم يستطع ذلك كله فهو معذور.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل يشق عليه الذهاب إلى المسجد للصلاة في الجماعة ماشيا بسبب المرض ولا يستطيع الركوب إليها فلا حرج عليه في التخلف عنها، لاسيما وقد نصحه الطبيب بأن يرتاح في المنزل ثلاثة أيام إضافة إلى أنه جرب أن مشي هذه المسافة يضر به ويطيل مرضه، فقد ذكر الفقهاء أن المرض الذي يعذر به في ترك حضور الجمعة والجماعة هو الذي يشق معه الذهاب إليها، وإن لم يكن شديدا، فإن شق عليه المشي واستطاع الركوب بأجرة ونحوها سقط عذره، وإن لم يستطع ذلك كله فهو معذور. ففي مختصر خليل بن إسحاق في الفقه المالكي وهو يذكر الأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة: (وعذر تركها والجماعة شدة وحل ومطر، أو جذام ومرض وتمريض) . انتهى. قال في منح الجليل على مختصر خليل عند قول: (ومرض) يشق معه حضور الجمعة والجماعة ماشيا وراكبا وإن لم يشتد، ومنه كبر السن الذي يشق الإتيان معه ماشيا وراكبا. فإن شق عليه ماشيا لا راكبا وجبت عليه الجمعة إن كانت له دابة أو لم تجحف به الأجرة وإلا فلا. اهـ ثم إنه يستطيع تحصيل فضل الجماعة في بيته بأن يجمع أهل بيته فيصلي بهم في غير الجمعة.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 31468.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1429(11/9842)
التخلف عن الجمعة بسبب الدروس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب سعودي بالولايات المتحدة الأمريكية. يوجد عندنا مصلى في المدينة التي أدرس فيها حاليا. والشباب أثابهم الله يجتهدون ويصلون صلاة الجمعة. المشكلة أن الشباب جزاهم الله خيرا لم يحددوا وقتا ثابتا للصلاة وقد أخبرتهم بذلك. وأنا عندي حصص دراسية أثناء وقت الصلاة. وقد تناقشت معهم بأنه يجب عليهم تحديد وقت معين للصلاة لأني كنت أنوي أن أخبر الأستاذ بأني أريد أن أصلي الجمعة لكنهم لم يلقوا لكلامي أي اهتمام. بعض المرات تنتهي الصلاة الواحدة ظهرا وبعض المرات تنتهي الثانية عشر وأربعين دقيقه والسبب أنه لا يوجد وقت معين للصلاة مما سوف يوقعني في موقف محرج مع أستاذي. فهل يجب علي أن أصلي صلاة الجمعة؟ مع العلم بأني أصليها ظهرا بعد الخروج من الصف مباشرة وأن المكان الذي يصلي فيه الشباب هو مصلى (أي لا تقام فيه جميع الصلوات الخمس) فالمسجد تقام فيه جميع الصلوات. أرجو منكم أن تفيدونا مأجورين لأنه هناك أكثر من شاب يعاني نفس المشكلة جزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الأخ السائل أن يحاول الاتفاق مع الإخوة القائمين على المسجد على تحديد وقت مناسب للجميع لا يتنافى مع وقت الجمعة لأجل أن يؤدي كل واحد فرضه دون أن يخسر دروسه، وليتعاونوا على البر والتقوى، وإذا لم يمكن ذلك فلا يجوز له أن يتخلف عن الجمعة بسبب الدروس، وليترخص من أستاذه لأداء الجمعة لأنها فريضة على كل ذكر بالغ عاقل حر مسلم مقيم غير معذور، وهي واجبة بالكتاب والسنة والإجماع.
ولا يشترط لوجوبها أن يكون المسجد مما تقام فيه الصلوات الخمس، بل لا يشترط لها المسجد عند بعض أهل العلم، فإن لم يقبل منه الاستئذان وترتب على ذهابه إليها ضرر في المال أو النفس أو المعيشة، فإنه يجوز التخلف عن الجمعة لذلك الضرر، وإن لم يخش شيئا من ذلك فحضور الجمعة واجب.
ولمزيد من التفصيل راجع الفتوى رقم: 60991.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(11/9843)
هل يفوت الجماعة لأجل تمام الاستبراء من البول
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت من فضليتكم أن تفتوني في سؤالي وهو أني بعد أن أقضي حاجتي من البول أستنجي وأستجمر.. وأعلم أن الاستنجاء وحده يكفي لكن أستجمر من أجل أن يجف مخرج البول.. وبعد مرور فترة بسيطة لا تتجاوز الدقيقة أجد مخرج البول متبللا.. بللا يسير لا يصل إلى قطرة.. وأعيد الاستنجاء والاستجمار.. ويحصل معي نفس ما حصل لي من بلل لمخرج البول.. تستمر معي هذه الحالة حوالي ربع ساعة.. وهذه الفترة كافية بأن يفوتني الفرض في المسجد مع الجماعة.. وأنا خلال تصفحي لموقعكم هذا.. وجدت بعض الفتاوى المشابهة لما يحصل لي.. ولكن أريد من فضيلتكم أن تخبروني ما هو الحكم في صلاتي وأنا على هذه الحالة، فهل انتظر ربع ساعة حتى يتوقف خروج البول اليسير.. وما حكم ربطي لمخرج البول بعصبه من منديل تقي الثوب من النجاسة، علما بأني أصلي وأنا على هذه الحال أكثر من ثلاثة شهور ... وأيضا اعتمرت وأنا على هذه الحال.. وأنا رابط على الذكر عصبة من منديل..
فما حكم العمرة هل هي مقبوله أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يكفي في الاستنجاء أن يمسح المخرج بمنديل ونحوه مما يصح به الاستنجاء ولو اقتصر على الغسل فقط صح ذلك وأجزأ بل هو أفضل من الاكتفاء بالمسح، وأفضل من ذلك كله أن يجمع بين المسح والغسل بالماء بعده، هذا كله بعد أن يتحقق أو يظن انقطاع البول وأنه لم يبق منه شيء متهيئ للخروج، ولا يطالب بالمسح بعد الغسل بالماء مع أنه جائز.
ثم إذا كان الأخ السائل ليس من أهل الوسوسة فعليه أن يتحرى حتى يتحقق من انقطاع بلل البول الذي يجده بعد الاستنجاء ولو استغرق ذلك ربع ساعة أو أدى إلى فوات الصلاة في الجماعة لأن انقطاع البول شرط لصحة الوضوء الذي هو من شروط صحة الصلاة، وذلك لأن أحوال الناس تختلف في البطء وعدمه في الاستبراء، لكن لا ينبغي أن يبالغ الشخص في الاستبراء بحيث يصير موسوساً. وللمزيد من الفائدة في هذا المعنى تراجع الفتوى رقم: 60499، والفتوى رقم: 30720.
أما فيما يتعلق بربط المحل بمنديل فالأصل أن ذلك مطلوب للوقاية من النجس في حالة عدم التحكم في الحدث. لكن ما دام البول ينقطع ولو بعد وقت ويمكن التحكم فيه فإن الحالة هنا لا تصل إلى حد السلس، وبالتالي فلا يطالب بالتعصيب، وإنما الواجب الاستنجاء وإن وضع منديلاً على المحل وأصيب بالبول فلا بد من نزعه عند الصلاة والطواف لاشتراط الطهارة لهما هذا فيما يتعلق بالمستقبل.
أما فيما مضى من الصلاة والطواف وهو واضع منديلاً فإن لم يصب بنجس فلا شيء في الأمر، وإن كان يصلي به وهو مصاب بالبول فلا يطالب بإعادة الصلاة لأن الظاهر أن ذلك كان جهلاً، ومن صلى بالنجاسة ناسياً أو جاهلاً فلا إعادة عليه على ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 101000.
والطواف مثل الصلاة في هذا الحكم، كما أن لف المحل بالمنديل لا يوجب فدية إذا لم يتم تثبيته بعقد أو خياطة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 98818.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(11/9844)
أداء الجماعة في العمل بوجود مسجد قريب
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة وبين المسجد ومكتبي 150مترا، فأنا أصلي في مكتبي فى جماعة لأن رئيسي في العمل لا يحب أن أصلي في المسجد باستمرار وأحيانا وقت العمل يسمح بالصلاة في المسجد وأخرى لا يسمح فأصلي مع زملائي في المكتب.
فأفتوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لهذا المسؤول أن يمنع الموظفين من الذهاب إلى مسجد الجماعات لأداء الصلاة المفروضة مع جماعة المسلمين في المسجد، لأن صلاة الجماعة في المسجد واجبة.
فأن أصر على منع الموظفين من الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة الجماعة.. فمن كان محتاجاً إلى هذا العمل مع وجود هذا المنع فإنه معذور في تخلفه عن جماعة المسجد، ويسعه أن يصلي جماعة في مكتبه.
وقد ذكر الفقهاء أن من الأعذار المبيحة لترك الجماعة الخوف على معيشة يحتاج إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(11/9845)
التخلف عن الجمعة للتخصص الدراسي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب 29 سنة أكملت دراسة الطب العام ولله الحمد وحاليا سنة أولى تخصص جراحة عامة. مشكلتي أن رئيس القسم يفرض على الأطباء جميعا حضور اجتماع أسبوعي يوم الجمعة على الساعة 12,30 ويمتد إلى حوالي الساعة 15 على أقل تقدير. يقوم فيه رئيس القسم بمناقشة الملفات الطبية للمرضى مع الأطباء المتخصصين أما نحن الأطباء المتربصين فعلينا تقديم هذه الملفات ثم المتابعة والاستفادة من النقاش وليست لدينا أية مسؤولية أخرى أما مرضى القسم والحالات الاستعجالية فتهتم بها فرقة أخرى من الأطباء.
سؤالي هو هل يسقط علي فرض الجمعة وهي تقام في بلدي تونس في وقتين: الأولى على الساعة 13 وفي بعض المساجد الأخرى على الساعة 14,30 وتسمى بالجمعة الثانية {ولا حول ولا قوة إلا بالله} .
لقد مرت علي الآن حوالي سنة وأنا متعب نفسانيا إذ لم أستطع أداء صلاة الجمعة إلا في حالات قليلة وفي الوقت الثاني.
مع العلم أنه بإمكاني تبديل التخصص أو المحافظة على نفس التخصص لكن العمل في مستشفى ثاني في نفس المدينة لكن أقل درجة من حيث التكوين. ويتم ذلك مع انتهاء السنة الأولى أي في أواخر ديسمبر.
بارك الله فيكم ونفع بكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ذهابك إلى الجمعة في الأوقات المذكورة لا يترتب عليه ضرر في نفسك ولا في معيشة تحتاجها فليس لك عذر يبيح التخلف عن الجمعة. وعلى هذا فعليك أن تتوب إلى الله تعالى مما مضى وتلتزم حضور الجمعة في وقتها الموافق للسنة وهو أول وقت الظهر إن أمكن ذلك؛ وإلا فإن حضور الجمعة الثانية يجزئك.
وأما إذا لم يكن يسمح لك بحضور الجمعة لا الأولى ولا الثانية وكان يمكن تفادي هذا التخلف عن الجمعة بتبديل التخصص أو الذهاب إلى مستشفى آخر فإنه يجب عليك أن تعمل ما تتمكن معه من أداء الفرض إذا لم يترتب عليه ضرر في نفسك أو في معيشة تحتاجها، ولو أدى ذلك إلى درجة أقل، فإن الله سبحانه وتعالى سيعوضك عن ذلك؛ لأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. ولبيان الأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 60743، 77170، 52153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1428(11/9846)
مدى وجوب الجماعة على الساكن في بناية مرتفعة وليس بها مصعد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ساكن في الدور السابع وليس عندي أسانسير (مصعد) في العمارة وتحت العمارة مسجد وأسمع الأذان ولكن لم أنزل للصلاة، مع العلم بأنني أذهب لعملي كل يوم صباحا وأنا 45 سنة، فهل هذا يسمح لي بالصلاة معظم الفروض في المنزل، مع العلم بأنني أسمع النداء أحيانا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الأخ السائل يسكن قريباً من المسجد ويسمع الأذان فإننا لا نجد له رخصة في التخلف عن الصلاة في المسجد مع الجماعة، ويلزمه أن يلبي النداء ويصلي في المسجد، إلا إذا ترتب على صلاته في المسجد مشقة عظيمة لا يمكن تحملها من كثرة الصعود والنزول على الدرج فلا يكلف الله تعالى نفساً إلا وسعها، وليصل حينئذ في المسجد بقدر استطاعته، فإن عجز صلى في بيته.
وانظر الفتوى رقم: 5153، والفتوى رقم: 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(11/9847)
حكم من فاتته الجمعة بغير قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[سألني أحد الزملاء يقول كنت ذاهبا لصلاة الجمعة في الساعة 11 صباحاً فوجدت المسجد الذي أصلي به دائماً يرمم وكانت المساجد القريبة مني تبعد حوالي 3 كلم وليس لدي وسيلة نقل ودخل الوقت علي وانتهت الصلاة وأنا ذاهب إلى أحد المساجد ولم أجد من ينقلني إليه حيث أعمل في نجران والمساجد التي تقام فيها الجمع قليلة فصليت ظهراً، فأرجو الإفادة أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكر فإنه لا شيء على هذا السائل؛ لأن الجمعة فاتت عليه من غير قصد، وليس في وسعه إلا ما عمل، وصلاته الظهر كانت صواباً لأن الجمعة إذا فاتت ولم يمكن تداركها تصلى ظهراً، لكن عليه أن ينتبه في المستقبل للاحتياط في الوقت اللازم لإدراك الجمعة حيث إن المسافة بينه وبين المساجد المذكورة لا تصل إلى حد المسافة التي يسقط معها السعي إلى الجمعة، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 18804، والفتوى رقم: 21985.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1428(11/9848)
حكم ترك حراس المسجد الجمعة وكلامهم أثناء الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[حراس في أحد المساجد يسألون هل تجب عليهم الجمعة، وهل إذا تكلموا أو ردوا السلام يعد ذلك من اللغو في الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كانت حراسة المسجد تعني أنه لا بد لحفظه من بقاء أحد يحرسه ويراقبه أثناء الجمعة فلا حرج على من تخلف عن الجمعة من أجل ذلك -إن شاء الله تعالى- لأنه معذور ولا حرج في الكلام ورد السلام على من تخلف لأجل حراسة المسجد.
أما إذا لم يخش على المسجد ضرر يلحقه أو يلحق المصلين إذا اشتغل حراسه بالصلاة فلا يجوز لهم التخلف عن الجمعة لأجل الحراسة ما دامت غير ضرورية وقت الصلاة، ثم إذا حضر هؤلاء الجمعة لأدائها مع الناس سواء كانوا معذورين بتركها أم لا فإن عليهم أن ينصتوا كسائر المصلين لأن الإنصات حال الخطبة واجب على الراجح، لكن تجوز الإشارة باليد لرد السلام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان حراس المسجد يخافون عليه ضرراً يلحقه أو يلحق المصلين إذا هم اشتغلوا بالصلاة مع الناس فالظاهر أنهم معذورون فلا تجب عليهم الجمعة، وعليهم أن يصلوا الظهر بدلها، فقد نص الفقهاء على أن من الأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة الخوف على مال استؤجر عليه والمعيشة التي يحتاجها.
ففي منتهى الإرادات في الفقه الحنبلي ما نصه: ويعذر بترك جمعة وجماعة محبوس ومن يدافع أحد الأخبثين أو بحضرة طعام وهو محتاج إليه وله الشبع أو له ضايع يرجوه، قال المجد والأفضل ترك ما يرجو وجوده ويصلي الجمع والجماعة، أو يخاف ضياع ماله أو قوته أو ضرراً فيه أو (ضررا) في معيشة يحتاجها (أو) (يخاف ضرراً) في مال استؤجر لحفظه ولو نظارة بستان. انتهى بتصرف.
ثم إن حصلت الكفاية بأحد الحراس وجب على الباقين أن يصلوا الجمعة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 14106.
هذا ما يتعلق بالعذر المبيح لترك الجمعة، أما فيما يتعلق بالكلام ورد السلام أثناء الخطبة فإذا لم يصلوا الجمعة للعذر فلا حرج عليهم في الكلام ورد السلام لسقوط الجمعة عنهم في هذه الحالة، أما إذا صلوا الجمعة مع الناس فيجب عليهم الإنصات كسائر المصلين على الراجح من كلام أهل العلم من وجوب الإنصات بما في ذلك رد السلام بالكلام ولا بأس برده بالإشارة.
أما على القول بأن الإنصات غير واجب والكلام غير حرام كما هو الأصح في المذهب الشافعي، فيجوز رد السلام، ثم إن تحريم الكلام حال استماع الخطبة محله إذا لم يكن الكلام لغرض مهم وحاجة ضرورية، فإن كان لذلك كمن رأى شخصاً سيقع في مهلكة مثلاً فتكلم لذلك فلا شيء عليه ولا يعتبر لاغياً سواء في ذلك الإمام وغيره.
قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: وهل يجب الإنصات ويحرم الكلام؟ فيه قولان مشهوران، وقد ذكرهما المصنف بتفريعهما في باب هيئة الجمعة (أصحهما) وهو المشهور في الجديد: يستحب الإنصات ولا يجب، ولا يحرم الكلام، قال أصحابنا: وهذا الخلاف في حق القوم والإمام في كلام لا يتعلق به غرض مهم ناجز، فلو رأى أعمى يقع في بئر أو عقرباً ونحوها تدب إلى إنسان غافل ونحوه فأنذره أو علم إنساناً خيراً أو نهاه عن منكر فهذا ليس بحرام بلا خلاف نص عليه الشافعي، واتفق عليه الأصحاب على التصريح به، لكن قالوا: يستحب أن يقتصر على الإشارة إن حصل بها المقصود، هذا كله في الكلام في حال الخطبة أما قبل الشروع فيها وبعد فراغها فيجوز الكلام بلا خلاف لعدم الحاجة إلى الاستماع، قال الشافعي في مختصر المزني والأصحاب: يكره للداخل في حال الخطبة أن يسلم على الحاضرين، سواء قلنا: الإنصات واجب أم لا، فإن خالف وسلم قال أصحابنا: إن قلنا بتحريم الكلام حرمت إجابته باللفظ، ويستحب بالإشارة كما لو سلم في الصلاة ... وإذا قلنا: لا يحرم الكلام جاز رد السلام والتشميت بلا خلاف. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 8456.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1428(11/9849)
لا يجوز الإقدام على وظيفة يترتب عليها فوات صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب حصلت على الإجازة الجامعية مند سنتين وفرص العمل قليلة، فهل يجوز لي العمل في الوقاية المدنية خصوصا أنني غير متأكد أنهم سيسمحون لي بأداء صلاة الجمعة في المسجد إذا طلبت منهم ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز الإقدام على وظيفة يترتب عليها فوات صلاة الجمعة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت تلك الوظيفة مباحة فلا مانع من دخولها إذا كنت ستتمكن من أداء صلاة الجمعة، أما إن كانت وظيفتك يترتب عليها ترك صلاة الجمعة فلا يجوز لك الإقدام عليها، وابحث عن غيرها، فما عند الله تعالى لا ينال بسخطه، وراجع الفتوى رقم: 25800، والفتوى رقم: 10393
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(11/9850)
يعذر من به مرض معد عن حضور الجمعة والجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يصلي في المسجد مع الجماعة شخص لديه مرض معد كالانفلونزا أو السعال أو ما شابه ذلك ويعطس ويسعل وينقل العدوى للمصلين.
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد السعال العادي لا يعتبر مرضا يتضرر به الآخرون ولا خطورة فيه غالبا؛ لأنه مما يكثر بين الناس ولاسيما في أوقات البرد، وبالتالي فليس من أعذار التخلف عن الجماعة، لكن إذا علم أن شخصا ما لديه مرض معد له خطورة سواء كان سعالا أو غيره فإنه يعذر عن حضور المساجد لصلاة الجماعة، بل يمنع من ذلك لأن الناس يتأذون ويتضررون بحضوره.
ولمزيد من التفصيل نقول: قد نص الفقهاء على منع حضور المجذوم والأبرص ومن به رائحة كريهة إلى المساجد، واستندوا في ذلك على ما روى البخاري وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: من أكل هذه الشجرة -يعني الثوم- فلا يقربن مسجدنا. فمنع آكل الثوم من الحضور لأنه يؤذي غيره، وفي حضور المصاب بمرض معدٍ أذية أكبر من أذية رائحة الثوم ونحوه كما هو معلوم.
وفي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع وهو يذكر الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة والجماعة: وكذا من به برص وجذام يتأذى به، قياسا على أكل الثوم ونحوه، بجامع الأذى، ويأتي في التغرير منع الجذمى من مخالطة الأصحاء. .
هذا إضافة إلى النصوص العامة الصريحة في منع إلحاق الضرر بالآخرين مثل قوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطإ وابن ماجه وصححه الألباني.
فهذه نصوص صريحة في سقوط الجماعات عن المجذوم والأبرص ونحوهما من كل من لديه مرض معد أو شيء يؤذي، كما تدل على منع هؤلاء من الصلاة مع الجماعة ما داموا متلبسين بهذه الأمراض وما يؤذي الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1428(11/9851)
ليس كل عمل يبيح التخلف عن صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسبب ظروف عملي لا أستطيع أن أصلي أغلب الأوقات في المسجد، وإذا صليت بغير المسجد دائماً أنسى عدد الركعات؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس كل عمل يبيح التخلف عن الجماعة، فالعمل إذا كان لا يترتب على تركه مفسدة محققة أو مظنونة ظناً قوياً -والمفسدة مثل التلف أو السرقة ونحو ذلك- لا يجوز التخلف عن الجماعة بسبب الاشتغال به إذ لا يجوز للرجل المسلم المستطيع أن يتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد بدون عذر شرعي من مرض ومطر ونحوهما من الأعذار المعتبرة، على ما رجحه بعض أهل العلم، وإليك التفصيل والحكم.
فالواجب على الأخ السائل إن كان يسمع النداء للصلاة أن يذهب إلى المسجد في أوقات الصلوات المكتوبة، لا سيما وهو إذا صلى وحده نسي عدد الركعات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص للأعمى في التخلف عن صلاة الجماعة رغم أنه كان بعيد الدار عن المسجد، ولم يكن له قائد يقوده إليه، بل قال له صلى الله عليه وسلم: أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب، لا أجد لك رخصة. رواه مسلم.
وإذا كان هذا في حق أعمى لا يجد قائداً فكيف بمن من الله عليه بنعمة البصر وغيرها، وإن كانت طبيعة عمله لا تسمح بتركه عمله على نحو ما تقدم فليبحث عمن يصلي معه جماعة، فإن لم يجد صلى وحده، وإذا حصل له تردد أو نسيان لعدد ركعات الصلاة فليبن على الأقل مثال ذلك شك في الرباعية هل صلى أربعا أو ثلاثاً فليعتبر نفسه صلى ثلاثاً وليكمل الرابعة وليسجد سجود السهو، ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 60743، والفتوى رقم: 1191.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1428(11/9852)
من أعذار ترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أستطيع الصلاة أقصد في المسجد حيث عند وقوفي في الصف للصلاة انتابتني حالة من الهستيريا والآلام ولم تنقطع إلا حين خرجت من المسجد وفي النهاية أحسست بضربة قوية على ظهري. أرجو منكم المساعدة بقدرة الله تعالى.
هل لشجرة السدر فائدة للعلاج من المس أو السحر أو ما شابه.
ماهي الطريقة المثلى للعلاج من المس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تشكوه ثم إذا كانت الآلام شديدة لا يمكن تحملها ولا تنقطع حتى تخرج من المسجد، فهي مبيحة للتخلف عن الصلاة فيه فلتصل في بيتك مادمت تجد تلك الآلام.
ومن العلاج للسحر أخذ سبع ورقات من السدر ثم تدق ثم تضرب بالماء مع قراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين فيشرب منه الشخص المسحور ثم يغتسل بالباقي، وراجع الفتوى رقم: 60743 لمعرفة الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة، ولمعرفة علاج السحر والمس راجع الفتاوى التالية أرقامها: 40911، 45739، 502، 4310، 5433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1428(11/9853)
المرأة لا تجب عليها الصلاة جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وزوجي نصلي منفردين أي لا أقتدي به في صلاتي لأنني لا أثق بصحة وضوئه، وهو لا يتقنه وأيضا لا يتقن الصلاة فهو يسهو أو يخطئ في الآيات أو يصلي بسرعة كبيرة وقد نبهته مرارا ولم يرد فهل آثم أنا بذلك، كيف أرده إذا أخطأ في قراءته أثناء الصلاة أو كيف أنبهه إلى أنه أخطأ في حالة كنت مقتدية به وفي حال كنت لا أصلي معه وسمعته، فأرجو التوضيح في كلا الحالتين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخطأ في الوضوء إن كان لا يترتب عليه إخلال ببعض الفرائض لا يبطل الوضوء ولا الصلاة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 47203، والفتوى رقم: 30445، والاقتداء بالإمام الذي يخطئ في قراءته تقدم بيان حكمه في الفتوى رقم: 26270، كما سبق في الفتوى رقم: 58217 حكم الاقتداء بالجاهل مع حصول خلل في صلاته، والسرعة في الصلاة إن كانت مخلة بالطمأنية فهي مبطلة للصلاة وإن كانت غير مخلة بها فالصلاة صحيحة، وراجعي ذلك في الفتوى رقم: 13210.
وعليه؛ فإذا كانت صلاته مشتملة على ما يبطلها من فقد شرط أو إخلال بركن فلا يجزئك الاقتداء به، وإذا قمت بنصحه وتنبيهه فلا إثم عليك بعد ذلك، وتصح صلاتك منفردة ولا إثم عليك ولو كانت الصلاة خلفه صحيحة وتعمدت ترك الاقتداء به لأن صلاة الجماعة ليست بشرط في صحة الصلاة، والمرأة لا تجب عليها الجماعة.. وإن كان الأولى أن تصلي معه جماعة إن كانت صلاته صحيحة، وإذا كانت الصلاة صحيحة خلفه وأخطأ في قراءته فإن كان الخطأ في الفاتحة وجب إصلاحه ولا يجب في غيرها وإن كان مشروعاً، وراجعي الفتوى رقم: 76820.
وكونك امرأة لا يمنعك ذلك من إصلاح الخطأ له أو لغيره سواء كنت مقتدية به أم كنت خارج الصلاة، وراجعي الفتوى رقم: 51520، والفتوى رقم: 57799، مع التنبيه على أن الصلاة في المسجد جماعة واجبة على الرجل المستطيع الذي يسمع النداء على القول الراجح، وراجعي الفتوى رقم: 5153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1428(11/9854)
التوفيق بين الرخصة للأعمى في التخلف عن الجماعة وعدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي ... كيف يتم التوفيق بين الحديث الذي أتى فيه الرجل الأعمى إلى النبي صلى الله عليه وسلم كي يأذن له بالصلاة في البيت فقال له النبي أتسمع النداء قال نعم قال لبي....وبين الحديث الذي أتى فيه الرجل الأعمى إلى النبي يشتكي ظلمة وطلب من النبي أن يصلي له في مكان في بيته يتخذه مصلى ففعل النبي صلى الله عليه وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض بين الحديثين، وكيفية الجمع بينهما أنهما يفيدان أن الأعمى إذا لم يجد قائدا معذور في التخلف عن صلاة الجماعة، فعتبان بن مالك رضي الله عنه كان ضرير البصر فرخص له النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة في بيته. والحديث في الصحيحين.
وحديث ابن أم مكتوم الأعمى رضي الله عنه الذي رواه مسلم في صحيحه محمول على أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم الترخيص له في التخلف عن صلاة الجماعة مع حصول فضلها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا أجد لك رخصة، كما ورد في رواية ابن ماجه وصححها الشيخ الألباني، وفي سنن أبي داود أيضا، وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
وفي عون المعبود شرح سنن أبي داود: هل تسمع النداء أي الإعلام والتأذين بالصلاة، لا أجد لك رخصة، قال علي القارئ معناه: لا أجد لك رخصة تحصل لك فضيلة الجماعة من غير حضورها، لا الإيجاب على الأعمى، فإنه عليه السلام رخص لعتبان بن مالك في تركها، ويؤيد ما قلنا: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له؛ إلا من عذر. انتهى
وفي نيل الأوطار للشوكاني: قوله: فرخص له، إلى قوله: قال: فأجب، قيل: إن الترخيص في أول الأمر اجتهاد منه صلى الله عليه وسلم، والأمر بالإجابة بوحي من الله تعالى، وقيل: الترخيص مطلق مقيد بعدم سماع النداء، وقيل: إن الترخيص باعتبار العذر والأمر للندب، فكأنه قال: الأفضل لك والأعظم لأجرك أن تجيب وتحضر فأجب ... إلى أن قال: وأجاب الجمهور عن ذلك بأنه سأل هل له رخصة في أن يصلي في بيته وتحصل له فضيلة الجماعة لسبب عذره؟ فقيل: لا، ويؤيد هذا أن حضور الجماعة يسقط بالعذر بإجماع المسلمين، ومن جملة العذر العمى إذا لم يجد قائدا كما في حديث عتبان بن مالك وهو في الصحيح وسيأتي. ويدل على ذلك حديث ابن عباس عند ابن ماجه والدارقطني وابن حبان والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سمع النداء فلم يأت الصلاة فلا صلاة له؛ إلا من عذر. قال الحافظ: وإسناده على شرط مسلم، لكن رجح بعضهم وقفه. انتهى
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1428(11/9855)
لم يجد ماء للاغتسال من الجنابة حتى فاتت الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأعذار في التخلف عن صلاة الجمعة حيث إني لم يسعفني الوقت للذهاب إلى صلاة الجمعة بسبب عدم توفر الماء اللازم لغسل الجنابة ولم أتمكن من إتمام الغسل إلا بعد الصلاة فهل علي ذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان عليك أن تجتهد في تحصيل الماء للغسل من الجنابة بحيث تغتسل ويبقى وقت يكفي للوصول إلى المسجد عند الأذان الثاني الذي تليه الخطبة ويجب عنده السعي إلى الجمعة، قال ابن قدامة في المغني: وأما قوله: (هذا الأذان الذي يمنع البيع ويلزم السعي فلأن الله تعالى أمر بالسعي، ونهى عن البيع بعد النداء، بقوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. والنداء الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو النداء عقيب جلوس الإمام على المنبر، فتعلق الحكم به دون غيره ... إلى أن قال: فأما من كان منزله بعيداً لا يدرك الجمعة بالسعي وقت النداء، فعليه السعي في الوقت الذي يكون به مدركاً للجمعة، لأن الجمعة واجبة، والسعي قبل النداء من ضرورة إدراكها، وما لا يتم الواجب إلا به واجب، كاستقاء الماء من البئر للوضوء إذا لم يقدر على غيره، وإمساك جزء من الليل مع النهار في الصوم، ونحوهما. انتهى.
وبالنسبة للحالة التي ذكرت فإذا كان الماء قريباً منك أو تقدر على تحصيله، وإذا اشتغلت بالغسل فاتك الجمعة فيجب عليك تقديم غسل الجنابة، ثم إذا وجدت مسجداً تمكنك فيه صلاة الجمعة وجب عليك السعي لها، وإن لم تمكنك الجمعة فصل الظهر أربع ركعات، وإن كنت فاقداً للماء وستصلي الظهر بالتيمم فلتتيمم للجمعة وهذا بناء على المشهور عند المالكية، ففي حاشية الدسوقي على شرح الدردير لمختصر خليل: قال ابن (البنانى) والذي يدل عليه نقل المواق وحَ (الحطاب) وغيرهما أن محل الخلاف إذا خشي باستعمال الماء فوات الجمعة مع وجود الماء فالمشهور أنه يتركها ويصلي الظهر بوضوء وقيل يتيمم ويدركها، وأما لو كان فرضه التيمم لفقد الماء وكان بحيث إذا ترك الجمعة صلى الظهر بالتيمم فإنه يصلي الجمعة بالتيمم ولا يدعها وهو ظاهر نقل ح (الحطاب) عن ابن يونس. انتهى.
وعليه فإذا كان تأخيرك للغسل عن وقته المطلوب جهلاً أو نسياناً أو كنت ستدرك صلاة الجمعة بعد الاغتسال ولم تفعل ذلك من غير تعمد فلا إثم عليك، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الشيخ الألباني. والأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة سبق بيانها في الفتوى رقم: 60743.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1428(11/9856)
هل يعذر مريض الرهاب الاجتماعي في التخلف عن الجمعة والجماعات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لا يصلي الجمعة في المسجد بسبب مرض نفسي كالرهاب الاجتماعي , أي أنه يعاني من أعراض نفسيه تحدث له عند اختلاطه بالناس من ارتباك أو قلق شديد، وأعراض أخرى وهو يخاف من ظهور هذه الأعراض أمام الناس كي لايروا عليه شيئا، علما بأنه حاول أكثر من مرة الصلاة في المسجد, فهو يصلي مرة في المسجد ومرة في البيت, وهو لم يكمل دراسته بسبب هذا المرض ويتناول الآن أدوية نفسيه تخفف من هذه الحالة. هل يعذر هذا الشخص إذا لم بصل الجمعة في المسجد أم لا؟ أرجو منكم الإجابة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن مجرد الرهاب الاجتماعي العادي ليس من الأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة، لكن من خلال اطلاعنا على ما كتبه أهل الخبرة عن هذا المرض تبين أنه في بعض الحالات تنشأ عنه أعراض فيها الكثير من المشقة والأذى، وذلك مثل حدوث القيء وشبه الإسهال ونحو ذلك، وعليه فإذا كان ما يجده الأخ المذكور يصل إلى هذه الدرجة من المشقة والأذى إذا حضر الجمعة والجماعة فالظاهر أن له أن يتخلف عنهما لأنه معذور بالمرض، وعليه أن يتابع علاجه حتى يشفى بإذن الله تعالى، وإن لم يكن يجد مشقة في حضور الجمعة والجماعة ولا يحصل له أذى إذا حضرهما، وإنما يكره مخالطة الناس ويحب الانعزال عنهم بسبب الرهاب، فإن هذا ليس من الأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة، وقد يكون من علاجه مخالطة الناس شيئا فشيئا حتى تنكسر تلك العزلة وتزول تلك الحالة، وفي هذه الحالة عليه أن يحافظ على حضور الجمعة والصلاة في الجماعة فإن الله قد فرض على الرجال السعي إلى الجمعة، ولا يستثنى من ذلك إلا من له عذر معتبر، كما أن الصلاة في الجماعة فرض على الرجل المستطيع، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5153، والتخلف عن الجماعة من صفات المنافقين إلا في حالة العذر الذي يبيح التخلف عن الجماعة، وانظر الفتوى رقم: 60743.
واعلم أن من حكم مقاصد الشرع في حضور الجماعة تكثير المسلمين، وتعاهد اللقاء معهم، وتحصيل فضل الجماعة معهم، لأنه كلما كانت الجماعة أكثر كان الأجر أعظم، ولذلك يحرص الشيطان على تثبيط المسلم وإبعاده عن هذا الفضل لينفرد به، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من ثلاثة في بدو ولا حضر لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية. رواه أبو داود في سننه وحسنه الألباني. فعلى هذا الأخ أن يتقي الله تعالى ويعصي الشيطان ويزاحم الرجال على مقدم الصفوف، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1428(11/9857)
حكم التوظف في وظيفة تؤدي للتخلف عن صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهاجر بفرنسا, أشتغل حاليا في عمل غير شرعي في نظر القانون الفرنسي ولكنه يسمح لي بأداء صلاة الجمعة, وبما أنه غير شرعي فإنه غير قار، الآن أتيحت لي فرصة العمل بوظيفة قارة وشرعية حسب القانون الفرنسي, ولكن من الممكن أن تحرمني من صلاة الجمعة، فهل يجوز لي ترك العمل الأول لأعمل في الثاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك الانتقال من العمل الأول إلى العمل الثاني بشرط أن لا تدخله على أساس أنك تتخلف عن صلاة الجمعة، فإن التخلف عن صلاة الجمعة لمجرد البقاء في العمل لا يجوز، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 47940.
فإذا علمت أن العمل الجديد لا يمكن معه أداء صلاة الجمعة فابق في عملك الأول ولو كان مخالفاً للقانون ما دام العمل مباحاً في ذاته، فإن مفسدة مخالفة القانون أقل من مفسدة ترك صلاة الجمعة. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1428(11/9858)
هل يعذر سائق التاكسي في التخلف عن الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أشكر إخوانى على هذا المجهود، وأسأل الله أن يجعله فى موازيين حسناتكم، ولي سؤال جزاكم الله خيراً ... أنا أعمل سائقا وفي غالب الأحيان أكون سائقا ومعي ناس وتفوتني صلاة الجماعة وعندما أذهب للبيت أصلي، ولكني أكون حزينا لأن صلاة الجماعة تفوتني، فهل في شغلي هذا أكون في حكم المسافر أم أترك هذا العمل، أفيدوني يرحمكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة في المسجد واجبة على الراجح في حق الرجل المستطيع، كما تقدم في الفتوى رقم: 34242، والفتوى رقم: 56563. وبناء عليه فإذا حان وقت الصلاة فأدها في أقرب مسجد؛ إلا إذا ترتب على ذلك ضرر في معيشتك فتكون معذوراً في التخلف عنها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 9495.
ولا تعتبر مسافراً إذا لم تقطع مسافة القصر التي هي: 83 كيلو مترا فأكثر من طرف بلدك أو مكان إقامتك، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 46633.
ولا حرج عليك في البقاء في عملك، لكن يجب عليك أن تؤدي صلاة الجماعة في المسجد ما لم يترتب على حضورها ضرر معتبر شرعاً يسوغ لك التخلف عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(11/9859)
حكم التخلف عن الجماعة لأجل الرائحة الكريهة
[السُّؤَالُ]
ـ[بجوارنا مسجد وأقطن في منطقة تجارية بها كافة الخدمات من مطاعم ومخابز.. ويأتي العمال عند الصلاة وتنبعث من ثيابهم رائحة الأكل وقد تكون هذه الرائحة نتاج ثلاثة أسام بنفس اللبس.. وهذا يؤذيني كثيرا ولا أستطيع التركيز.. أيضا هناك من يصلي بصوت عال في صلاة السر، وفي ذلك أيضاً مضايقة وعدم تركيز، وصوت جاري في الصلاة عال.. فآثرت الصلاة منفردا بالبيت وأجد فيها خشوعا أكثر.. فما حكم ذلك؟ وجزاك الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى ترجيحنا لقول من قال بوجوب صلاة الجماعة في المسجد، ولم نجد أحدا ممن قال بوجوبها في المسجد رخص في التخلف عنها لأجل الضجيج في المسجد أو لأجل أن بعض المصلين له رائحة كريهة، بل نص أهل العلم على منع من له رائحة كريهة من الدخول إلى المسجد حتى لا يتأذى به المصلون، لا أن يتخلف المصلون لأجل من له رائحة كريهة.
قال ابن حزم في المحلى: ويمنع آكلوها -أي الثوم والبصل- من حضور المسجد ويؤمر بإخراجهم منه.
وقال الخطاب في مواهب الجليل: وإذا كانت العلة في إخراج آكل الثوم من المسجد أنه يتأذى به، ففي القياس أن كل من يتأذى به جيرانه في المسجد بأن يكون ذرب اللسان سفيها مستطيلا أو كان ذا رائحة ... وأرادوا إخراجه عن المسجد وإبعاده عنهم كان ذلك لهم. اهـ مختصرا.
وقد روى مسلم في صحيحه عن عمر رضي الله عنه قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحها من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع.
وعليه.. فلا نرى رخصة للأخ السائل في التخلف عن صلاة الجماعة، وليسع في نصح هؤلاء برفق ولين وحكمة، فيأمرهم بالتنظف والسواك واجتناب أكل هذه المأكولات التي لها روائح كريهة وخاصة عند خروجهم إلى المسجد، فإن لم ينفع ذلك فليسع في منع من له رائحة كريهة من الدخول في المسجد حتى يزيل تلك الرائحة، وليراع في ذلك أيضا الحكمة وليرفع الأمر إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1428(11/9860)
صاحب المحل التجاري.. وصلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب محل وأصلي ما شاء الله في المسجد مع الجماعة، ولكن في بعض الأحيان لا أستطيع الصلاة مع الجماعة لصعوبة إغلاق المحل أو تركه خوفاً عليه من السرقة، ولكن إذا كان معي شخص ثاني أذهب إلى المسجد، فهل علي ذنب أم يجوز لي الصلاة في المحل في حالة عدم وجود غيري في المحل، علماً بأني من العراق، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حضور صلاة الجماعة في المسجد واجب على الرجل المستطيع الذي يسمع النداء، ولا يجوز له التخلف عنها إلا لعذر شرعي معتبر على ما رجحه بعض أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر رجلا فيؤذن، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء. رواه البخاري ومسلم.
وعلى هذا.. فإن عليك أن تحضر الصلاة في المسجد مع جماعة المسلمين، فإن كان ذلك لا يمكن إلا بإغلاق المحل فالواجب عليك أن تغلقه، فإن ما لا يتم الواجب إلا به يعتبر واجباً، اللهم إلا إذا كان في إغلاق المحل مشقة غير عادية فلا حرج عليك في التخلف عن الجماعة، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 14106.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(11/9861)
هل يتخلف عن صلاة الجمعة بسبب الحر والرائحة الكريهة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حصلت على إعارة في إحدى الدول الأفريقية وقد واجهتني صعوبة في صلاة الجمعة من حيث إن الخطبة ليست باللغة العربية ولا أفهم لغتهم وكذلك الرائحة الكريهة التي تنبعث من المكان والمصلين وكثرة الناموس الناقل للأمراض والحرارة الشديدة، كل هذه العوامل تحدث هناك وأريد فتوى، فهل يجوز لي أن أصلي صلاة الظهر في المنزل أم يجب علي أن أصلي صلاة الجمعة في المسجد مع الظروف التي ذكرتها سابقا، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 12857 صحة خطبة الجمعة بغير العربية في حال العجز عنها، وأن حضورها واجب على الجميع، ولهذا فلا يجوز للأخ السائل أن يتخلف عن الجمعة لهذا السبب، أما الروائح الكريهة والباعوض فليست من أعذار التخلف عن الجمعة ما دام تحملها في حدود الاستطاعة ولا يخشى على النفس منها، وبالإمكان التحرز منها أو من بعضها مثل أن يكون في آخر الصفوف ليسلم من الرائحة الكريهة ونحو ذلك.
أما الحر فإن كان حراً عادياً لا تحصل منه الأذية الشديدة فليس عذراً للتخلف عن الجمعة والجماعة، لأن من المعلوم أن وقت الجمعة يتفق مع الهاجرة وهو وقت لا يخلو غالباً من الحر في الكثير من البلاد، أما إذا كان الحر شديداً بحيث يتأذى منه، فقد نص فقهاء المذهب الشافعي على أن شدة الحر تبيح التخلف عن الجماعة إن حصل بها التأذي والمشقة وكذلك البرد، قال في تحفة الحبيب على شرح الخطيب معلقاً على ما في شرح الخطيب على متن أبي شجاع من أن شدة الحر والبرد من أعذار التخلف عن الجماعة: ولا فرق بين أن يكونا أي الحر والبرد مألوفين في ذلك المحل أو لا خلافاً للأذرعي، إذ المدار على ما يحصل به التأذي والمشقة. انتهى.
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا هو أن العبادة لا تخلو من مشقة، وعلى المسلم أن يتحمل ذلك ابتغاء مرضاة الله تعالى وامتثال أمره، فإن وصل به الحال إلى الخوف على النفس أو حصول المشقة الشديدة جاز له أن يتخلف عن الجمعة ويصلي الظهر بدلها، وانظر الفتوى رقم: 36118 لبيان أعذار التخلف عن الجمعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(11/9862)
حضور الدروس الخصوصية هل يعد عذرا للتخلف عن الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقطن في تونس وفي تونس يوم الجمعة ليس يوم عطلة. وفي وقت صلاة الجمعة أدرس (دروس خصوصية) فماذا أفعل هل أذهب إلى الصلاة أم أدرس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحضورك للدروس الخصوصية ليس بعذر شرعي للتخلف عن صلاة الجمعة، فبإمكانك البحث عن وقت لتلك الدروس لا يتزامن مع صلاة الجمعة، فالاشتغال بالدراسة ليس بعذر للتخلف عن الجمعة كما سبق في الفتاوى التالية أرقامها: 69390، 52153، 35578.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1428(11/9863)
حكم ترك صلاة الجماعة خوفا من السجن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عدم الذهاب للمسجد أو الصلاة في مكان عام (أي تأخيرها) إذا حضر وقت الصلاة خوفاً من الحبس وأذى الحكام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن الخوف من الحبس يبيح التخلف عن الجمعة والجماعة، قال خليل في مختصره في الفقه المالكي وهو يعدد الأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة: وخوف على مال أو حبس أو ضرب.
وقال في دقائق أولي النهى ممزوجاً بنص المنتهى في الفقه الحنبلي وهو يذكر أعذار التخلف عن الجمعة والجماعة أيضاً: (أو) يخاف (على نفسه من ضرر) نحو (لص، أو) يخاف على نفسه من (سلطان) يأخذه (أو) من (ملازمة غريم) له (ولا شيء معه) لأن حبس المعسر ظلم. انتهى.
هذا بخصوص الذهاب إلى المسجد إذا خاف على نفسه من السجن أو الأذى، أما تأخير الصلاة عن وقتها فإنه إن لم يتمكن من أدائها في الوقت لخوفه على نفسه أو ماله فجائز أن يجمع بين مشتركتي الوقت فيؤخر الظهر ليصليها مع العصر في وقت العصر ويؤخر المغرب ليصليها مع العشاء في وقت العشاء، ولا يجوز تأخير أكثر من ذلك، قال البهوتي الحنبلي رحمه الله وهو يعدد أسباب الجمع بين الصلاتين: والحال السابعة والثامنة لمن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة كخوف على نفسه أو حرمته أو ماله أو تضرر في معيشة يحتاجها بترك الجمع ونحوه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(11/9864)
أعذار تبيح التخلف عن الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في قناة إسلامية، ولكن في بعض الوقت لا أتمكن من صلاة الجمعة لأن وجودي لا غنى عنه، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل لو حضر الجمعة وترك عمله في هذا الوقت لحقه بسبب ذلك ضرر في معيشته أو ماله أو فيما أؤتمن عليه، فإنه غير آثم في تخلفه عنها وليصل الظهر في مكانه، فقد ذكر الفقهاء أن من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة خوف ضياع مال له بال، وخوف الضرر في المعيشة التي يحتاجها، قال في مختصر خليل وهو مالكي: وهو يذكر الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة والجماعة: وخوف على مال. قال في التاج والإكليل: أي مال له بال ولو لغيره. انتهى.
وقال في المهذب وهو شافعي المذهب: ومنها -أي الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة- أن يخاف ضرراً في نفسه أو ماله. انتهى.
وقال سليمان بن أحمد المرداوي في الإنصاف وهو حنبلي: ومما يعذر به في ترك الجمعة والجماعة خوف الضرر في معيشة يحتاجها، أو مال استؤجر على حفظه كنظارة بستان ونحوه، أو تطويل الإمام. انتهى.
وأما إذا لم يترتب على حضوره الجمعة ضرر لا في معيشته ولا ماله ولا فيما أؤتمن عليه، فلا يجوز له أن يتخلف عن الجمعة، لأن حضورها فرض على كل رجل مسلم حر غير معذور، والتخلف عنها من صفات المنافقين. ولينظر في ذلك الفتوى رقم: 47940.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(11/9865)
حكم تعطيل الجمعة لأسباب أمنية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تعطيل الجمعة في بعض المساجد بإرادة المصلين لأسباب أمنية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعطيل الجمعة لأسباب أمنية قد أذن فيه الشرع، لأن من شروط وجوب الجمعة الأمن على النفس والمال، فقد جاء في الموسوعة الفقهية ما يلي: ذهب الفقهاء إلى اعتبار الخوف من الظالم عذراً من الأعذار المبيحة لترك صلاة الجمعة والجماعة، لأن الأمن من الظالم شرط فيهما، فكل من خاف على نفسه أو عرضه أو ماله أو مال غيره ممن يلزمه الذب عنه، أو خاف على دينه كخوفه إلزام قتل رجل أو ضربه أو أن يحبس بحق لا وفاء له عنده -لأن حبس المعسر ظلم- فكل من كان هذا حاله يعذر في تخلفه عن الجمعة والجماعة.
ونسأل الله العلي القدير أن يصرف عن المسلمين في سائر البلاد ما هم فيه من الذل والهوان، وأن يعيد لهم الكرة على عدوهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1427(11/9866)
العذر المبيح لترك الحج والجمعة والجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مريض بالربو الشديد وقد ذهبت للطبيب وبعد الفحوصات أكد أن عندي حساسية من القطط، وجميع اللقاح والنباتات والجو على طوال العام فهو يحوي إما أتربه أو رطوبة وأحيانا اختنق بدون سبب وأعاني أيضا من حساسية في الأنف على طوال 8 شهور فهل يجب علي الحج - صلاة الجمعة- صلة الرحم- وصلاة الجماعة -وهل هذا عذر عن الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول للسائل الكريم بأن هذا المرض الذي يعاني منه يصيب الكثير من الناس ومع ذلك يحجون ويحضرون الجمع والجماعة ويصلون ويتحركون لصلة أرحامهم وغير ذلك، وعليه، فإنه لا يعتبر في الغالب عذرا للتخلف عن الجمعة والجماعة ولا يسقط فريضة الحج ولا صلة الرحم سواء كانت صلة هدية وصدقة أو صلة قدوم وسلام لمن يجب ذلك لهم من الأرحام، اللهم إلا إذا وصل به المرض إلى درجة عدم الاستطاعة فإن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، والحج إنما يجب مع الاستطاعة، وحضور الجمعة والجماعة يسقط بالمرض الذي يشق معه الذهاب إلى الجمعة والجماعة كما بينا في الفتوى رقم: 60743، وليس هذا المرض مانعا من الزواج شرعا، ونقترح عليه أن يرجع إلى الطبيب في هذا الأمر ليرى رأيه فيه بما في ذلك سفره للحج وغيره مما قد يعرضه للخطر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1427(11/9867)
هل تجب الجمعة على العاملين في الحقول النفطية
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى فضيلة الشيخ: من إخوة لكم في الله، من حقل نفطي في ليبيا:
يرحمكم الله ويسدد خطاكم، نحن جماعة من الذين يشتغلون في الحقول النفطية، وبرنامج عملنا خمسة أسابيع عمل وأربعة إجازة، ونقيم في الحقل من غير عائلاتنا ونؤدي الصلوات الخمس والجمعة في مسجد أقامته لنا الشركة، ولقد سألنا بعض أهل العلم يرحمهم ويرحمكم ويرحمنا الله عن وجوب صلاة الجمعة على من كان فى مثل حالنا، فأجاب بأنها غير واجبة علينا، وأنها لا تغني عن صلاة الظهر، بل يجب إعادتها ظهرا إذا صليناها. فلا أكتمكم خبرا يا شيخ فإن البعض منا إرتاح واطمأن لهذا الكلام، والبعض الأخر لم تطمئن نفسه وخاف بأن يكون ذلك شبهة من الشيطان حتى يتسبب في حرماننا من ثواب الجمعة فتقسى قلوبنا بذلك، نعوذ بالله وإياكم من ذلك. فيرحمكم الله يا شيخ هل صلاة الجمعة على من كان في مثل حالنا واجبة؟ وإن لم تكن واجبة فهل إذا صليناها تكون صحيحة وتحسب لنا جمعة ولا نعيد الظهر بعدها؟ أم أنها تكون لنا نافلة ونعيد الظهر بعدها؟ وإن كان يلزمنا إعادة الظهر بعدها فهل لا نصليها ونكتفى بصلاة الظهر؟ وماذا نفعل في الجمع التى صليناها من قبل؟ هل نقضيها ظهرا، أفيدونا يرحمكم الله وأوغلوا لتتم الفائدة غفر الله لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي يظهر من خلال الأدلة أنكم مطالبون بإقامة الجمعة في المكان المذكور كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 25314، ولستم مطالبين بإعادتها ظهرا لأنها هي فرضكم وقد صليتموها، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1427(11/9868)
حكم ترك الجمعة لتغسيل الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم ترك صلاة الجمعة لأجل تغسيل الميت حتى يصلي عليه بعد صلاة الجمعة أجيبوني آجركم الله وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حضور الجمعة فرض على الرجال القادرين على حضورها, ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر شرعي, وقد سبق أن ذكرنا أعذار التخلف عن الجمعة في الفتوى رقم: 35578، ثم إن الميت المذكور لا يخلو من أن يكون قريبا أو غير قريب, فإن لم يكن قريبا فلا يجوز التخلف عن الجمعة لأجل غسله إلا إذا لم يكن عنده من يقوم بتجهيزه وخيف عليه الضياع إذا لم يسارع في غسله وتجهيزه, وأما إن كان قريبا فقد ذكر أهل العلم أنه يجوز لإخوان الميت التخلف عن الجمعة لأجل النظر في تجهيزه ومنه غسله ففي حاشية الدسوقي عن ابن القاسم عن مالك: ويجوز التخلف لأجل النظر في أمر الميت من إخوانه من مؤن تجهيزه. قال ابن رشد: إن خاف عليه الضيعة أو التغير والمعتمد ما في المدخل من جواز التخلف للنظر في شأنه مطلقا ولو لم يخف ضيعه ولا تغيرا كما قال شيخنا العدوي انتهى. وفي حاشية العدوي على الخرشي في الفقه المالكي أيضا قال علي الأجهوري: ولقريب المريض أن يخرج من المسجد والإمام يخطب إذا بلغه ما يخشى منه الموت وقد استصرخ عمر على سعيد بن زيد بعد تأهبه للجمعة فتركها وذهب إليه بالعقيق اهـ قلت وفي المدخل ما نصه: وقد وردت السنة أن من إكرام الميت تعجيل الصلاة عليه ودفنه فقد كان بعض العلماء رحمه الله تعالى ممن كان يحافظ على السنة إذا جاءوا بالميت إلى المسجد صلى عليه قبل الخطبة ويأمر أهله أن يخرجوا إلى دفنه ويعلمهم أن الجمعة ساقطة عنهم إن لم يدركوها بعد دفنه, فجزاه الله خيرا عن نفسه على محافظته على السنة والتنبيه على البدعة ... اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1427(11/9869)
هل يباح التخلف عن الجماعة لحصول المشقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت لاستخراج جواز سفر الساعة العاشرة وكنت واقفا في طابور طويل جداً حتى أتت الساعة الثانية عشر ونصف وأذن أذان الظهر وفي ذلك الوقت قد كنت في الصفوف الأولى من الطابور الطويل فترددت هل أذهب للصلاة حتى أصليها كجماعة أولى وأترك مكاني القريب جداً، أم هل أنتظر حتى تنتهي الإجراءات ثم أصلي الظهر كجماعة أخرى غير الجماعة الأولى حتى لا يضيع مكاني في الطابور.. بعد تفكير قليل انتظرت حتى تنتهي الإجراءات وصليت في جماعة أخرى غير الجماعة الأولى (قبل العصر طبعاً) ، السؤال هو: هل الذي فعلته يعتبر صحيحاً أم خطأ، وإذا كان خطأ هل أعتبر نفسي آثما؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ترك المكان المذكور لا يترتب عليه ضرر كبير أو كان بإمكانه أن يوصي شخصا غيره ليحفظ له مكانه حتى يرجع، فالأولى أن يبادر إلى الصلاة مع الجماعة الأولى حيث أذن للصلاة، وإن كان يترتب على تركه ضياع مال أو حصول مشقة فلا حرج في التأخير المذكور ما دام الوقت لم يخرج، لا سيما وهو يأمل أن يجد جماعة أخرى يصلي معهم، وفضل الجماعة يحصل مع كل جماعة؛ وإن كان الأفضل هو المبادرة للصلاة مع الجماعة الأولى، وقد ذكر العلماء أن من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة الخوف على المال الذي له بال أي خوف ضياعه أو تلفه أو طلب ضائع، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 60743، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 33461.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1427(11/9870)
التخلف عن الجماعة بسبب نزول الودي
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من خروج الودي بعد كل تبول فأصلي في البيت لأني أخشى عند ذهابي للمسجد أن تخرج قطرات ودي (بسبب المشي والحركه) فأصلي في البيت. وصار لي عدة أشهر لم أصل في المسجد، وتوجد فتوى لابن عثيمين في احدى حالات سلس البول: الثانية: إذا كان يتوقف بعد بوله ولو بعد عشر دقائق أو ربع ساعة: فهذا ينتظر حتى يتوقف ثم يتوضأ ويصلِّي، ولو فاتته صلاة الجماعة)
سؤالي: هل أذهب وأصلي في المسجد أم أنتظر وقتا وأصلي فيه أرجو الإجابة؟ جزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تشكوه.
ثم إذا تحققت من كون مشيك إلى المسجد سيترتب عليه نزول بعض الودي وبالتالي بانتقاض الوضوء فأنت معذور في عدم حضور الجماعة حينئذ للمحافظة على طهارتك، أما إن كان الأمر مجرد شك وتوهم فلا تلتفت إليه, ولا تتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد, فقد يكون ما تتخيله مكيدة من مكائد الشيطان ليحرمك من الثواب العظيم المترتب على أداء الصلاة جماعة في المسجد، وراجع الفتوى رقم: 28664، وللفائدة راجع الفتويين التاليتين: 10830، 23079.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1427(11/9871)
العاجز عن حضور الجماعة لا يلام على تخلفه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معاق وسمين أتعب من الجلوس على الأرض ويتعبني المشي، فإن صليت في البيت وأنا أسمع الأذان أتعذب لعدم مقدرتي على الذهاب إلى المسجد خوفاً من السقوط على الأرض لأني أعاني من انعدام التوازن أحياناً، فماذا علي أن أفعل، علماً بأني أشعر بالحرج من الله عز وجل ومن الأهل والجيران؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة مطلوبة من القادر عليها، وأما العاجز عنها لمرض ونحوه فهو معذور ولا يلام على تخلفه عن الجماعة، ولو استعنت بغيرك على الحضور إلى الجماعة فقد أحسنت تأسياً بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن ابن مسعود أنه قال: من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. وهذا منهم حرص على صلاة الجماعة وشهود الخير مع إخوانهم.
فنسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك ويفرج همك ويثيبك ويجزيك أحسن الجزاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1427(11/9872)
تلبية طلب الأم أم أداء الصلاة جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أكون في بعض الأوقات أريد الذهاب إلى المسجد، وعند الذهاب تطلب منى أمي أن أعمل عملا ما؛ أقول لها: \"بعد الصلاة\" ما الذي يتطلب منى في هذه الحالة؛ أن أذهب إلى المسجد، أم أسمع إلى أمي؟ أرجو إفادتي،، جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أمك تنمعك عن صلاة الجماعة في المسجد لغير أمر ضروري لا يمكن تأجيله إلى ما بعد الصلاة فلا تطعها، فإن صلاة الجماعة واجبة. قال صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته، فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه. وقال الألباني: صحيح. وانظر الفتاوى رقم: 1798، 3880، 41045، 15587. وانظر تفاصيل أخرى في الفتاوى: 23297، 33564، 47055.
أما إذا ما كان السبب الذي تدعوك والدتك إلى التخلف عن الجماعة لأجله أمرا ضروريا لا يمكن تأجيله إلى ما بعد الصلاة؛ فيجوز لك في هذه الحالة أن تتخلف عن الجماعة في المسجد على أن تؤدي الصلاة جماعة إن استطعت ذلك حسبما يتيسر لك.
واعلم أن الجنة حفت بالمكاره، وأن مهرها غالٍ، ولأجلها بذل الصحابة وتابعوهم دماءهم، فاصبر؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للصحابة: إن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم. رواه الترمذي وغيره، وقال: حسن غريب، وصححه الألباني
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1426(11/9873)
لا يجوز تعطيل إقامة الجماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو المساعدة وفض هذه المشكلة التي عصفت بمسجدنا الصغير واختلف بسببه الإخوة في المسجد , أسرعوا بالرد فالإخوة قد تركوا الصلاة في المسجد وراحوا يخطئون بعضهم بعضا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لدينا مسجد صغير نصلي به الصلوات الخمس وصلاة الجمعة, وبالإضافة إلى ذلك نجتمع نحن الأخوات يوما واحدا في الأسبوع نتدارس القرآن ونعلم الأطفال والبنات الصغار والكبار, وبما أن المكان صغير وليس لنا مكان آخر غير المسجد, ولكن عند وقت صلاة الظهر والعصر عندما الرجال يأتون كان يحصل اختلاط وكانت بعض البنات يقفن عند باب المسجد وأكثرهن في عمر المراهقة, لذلك قرر الإخوة في إدارة المسجد ومن ضمنهم الإمام والمؤذن بأن لا يأتي الرجال لصلاة الظهر والعصر يوما واحدا فقط لكي نستطيع نحن النساء أن نكون في المسجد وبدون أن يحصل الاختلاط المذموم فهل هذا كثير علينا ونحن نجاهد بالالتزام بديننا الحنيف في بلاد الكفر في السويد! وإن كان الحبيب صلى الله عليه وسلم ماذا كان ليقول؟ وبعض الإخوة يعارضون أفتونا وأطفءوا هذه الفتنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إقامة الصلاة جماعة أمر واجب على الرجال المستطيعين؛ كما أن تعطيل المساجد عن إقامة الصلاة فيها لا يجوز، وعمارة المسجد تكون بأداء الصلوات، وفتح أبوابه لمن أراد ذلك دائماً، ومن عمارته إقامة الدروس وتعليم الناس ما ينفعهم في دينهم وفي دنياهم، فالمسجد أهم مؤسسة عند المسلمين، وأول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم بعد قدومه إلى المدينة المنورة هو تشييد المسجد، فكان مسجده صلى الله عليه وسلم مكانا للصلاة والعبادة، وكان مدرسة يتعلم فيها المسلمون ما يحتاجونه من أمور دينهم ودنياهم، لذا فإننا نقول لهؤلاء الإخوة هدانا الله وإياهم وألف بين قلوبنا وقلوبهم: لا داعي للاختلاف في هذا الأمر، ولا يجوز لهم أن يعطلوا المسجد عن الصلاة فيه جماعة لهذا السبب، وإن فعلوا ذلك فقد عصوا الله تعالى وخالفوا أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بإقامة الصلاة وتعمير المساجد، قال الله تبارك وتعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا {البقرة: 114} والسعي في الخراب لا يقتصر على التخريب المادي، وإنما يشمل كل أنواع التعطيل المؤدي في النهاية إلى تعطيل العبادة فيه.
ثم إن الله تعالى أمر المسلمين بالإعتصام بحبله ونهاهم عن التفرق والتنازع فقال: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا {آل عمران: 103} وقال سبحانه: وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ {الأنفال: 46} ونهى رسوله صلى الله عليه وسلم عن التقاطع والتدابر والتباغض بين المسلمين فقال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً، ولايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. أخرجه البخاري ومسلم
إذا تقرر هذا.. فإنا نطلب من إخواننا أن يراجعوا رشدهم ويقيموا الصلاة في مسجدهم ويقدموا طاعة الله على اتباع الهوى، فإن الأمر سهل يمكن حله بإتاحة الفرصة للأخوات يتعلمن في المسجد في غير أوقات الصلاة كفترة ما بين صلاة الفجر إلى أذان الظهر، أو ما بين العصر والمغرب، ويترك لهن المسجد في هذا الوقت وبهذا تحصل السلامة من الاختلاط أو تعطيل صلاة الجماعة في المسجد، ويتاح للأخوات وقت يتعلمن فيه ويتدارسن القرآن ويعلمن الصغار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1426(11/9874)
حكم التخلف عن صلاة الجماعة لوجود شيء من البدع
[السُّؤَالُ]
ـ[متى لا تجوز الصلاة في المساجد؟ وهل البدع من أسباب ذلك؟ وعندما لا تجوز الصلاة فيها هل يجوز أن أصلي فيها إذا لم أجد مكانا؟ ً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم مطالب في الأصل بأداء الصلوات الخمس في المسجد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر. رواه الحاكم وابن حبان وصححه الألباني.
ومن العذر أن يوجد في المسجد مانع يمنع صحة الصلاة فيه، كأن يكون في المسجد قبر، أو يكون في الإمام بدعة مكفرة تمنع صحة الصلاة خلفه، وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان صحة الصلاة خلف المبتدع؛ إلا أن تكون بدعته مكفرة، فانظر على سبيل المثال: الفتوى رقم: 1636، 4159، وكذلك انظر الفتوى رقم: 4527، والفتوى رقم: 16049 حول حكم الصلاة في المساجد المبنية على القبور.
وأما إذا وجد في المسجد شيء من البدع التي لا تؤثر على الصلاة ولم يجد مسجداً خالياً من البدع فإنه لا يجوز التخلف عن صلاة الجماعة لذلك، وعليه أن يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح بحكمة ولطف، وينبغي للقائمين على مساجد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يتقوا الله سبحانه وتعالى، وأن يطهروا مساجدهم من كل ما لا يرضاه الله تعالى، وأن يولوا إمامة المصلين أفضل من يجدون علماً وتقوى فإنهم مسؤولون أمام الله تعالى. وقد قال الله تعالى: وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {النحل: 93}
وأخيراً ننبه السائل إلى أنه إذا لم تصح الصلاة في المسجد على ضوء ما تقدم فإنه لا تجوز الصلاة فيه وإن لم تجد غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1426(11/9875)
الأعمى.. وصلاة الجمعة والجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على الأعمى حرج في عدم الصلاة ولا يوجد أحد ليوصله للمسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأعمى الذي لايجد من يقوده إلى المسجد ولايستطيع الوصول إليه بوسيلة أخرى فإنه يعتبر معذورا يباح له التخلف عن الجمعة والجماعة، ويصلي في بيته، ولاتسقط عنه الصلاة.
ففي الإنصاف للمرداوي وهوحنبلي:
لَا يُعْذَرُ أَيْضًا بِالْعَمَى إذَا وَجَدَ مَنْ يَقُودُهُ , وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: الْإِسْقَاطُ بِهِ هُوَ مُقْتَضَى النَّصِّ , وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: الْمَرَضُ وَالْعَمَى مَعَ عَدَمِ الْقَائِدِ لَا يَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّ الْمُجَاوِرِ فِي الْجَامِعِ , وَلِلْمُجَاوِرِ لِلْجَامِعِ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ , وَتَقَدَّمَ هَلْ يَلْزَمُهُ إذَا تَبَرَّعَ لَهُ مَنْ يَقُودُهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ. قَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ , وَغَيْرِهِ: وَيَلْزَمُهُ إنْ وَجَدَ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْقَائِدِ , كَمَدِّ الْحَبْلِ إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ.انتهى
وقال المواق في التاج والإكليل وهو مالكي:
تَقَدَّمَ نَصُّ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْأَعْمَى الَّذِي لَا يَجِدُ قَائِدًا وَلَا يَهْتَدِي لِلْوُصُولِ بِانْفِرَادِهِ يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ. انتهى
وقال النووي في المجموع وهو شافعي متحدثا عن المسائل التي يختلف فيها الأعمى عن غيره من حيث الحكم الشرعي: لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَجِدْ قَائِدًا. انتهى.
والحديث الوارد في صحيح مسلم في شأن عبد الله بن أم مكتوم حمله جمهور أهل العلم على أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم الرخصة للصلاة في بيته مع حصول فضل الجماعة له. قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: هَذَا الْأَعْمَى هُوَ ابْن أُمّ مَكْتُوم , جَاءَ مُفَسَّرًا فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ وَغَيْره , وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلَالَة لِمَنْ قَالَ: الْجَمَاعَة فَرْض عَيْن. وَأَجَابَ الْجُمْهُور عَنْهُ بِأَنَّهُ سَأَلَ هَلْ لَهُ رُخْصَة أَنْ يُصَلِّي فِي بَيْته وَتَحْصُل لَهُ فَضِيلَة الْجَمَاعَة بِسَبَبِ عُذْره؟ فَقِيلَ: لَا. وَيُؤَيِّد هَذَا أَنَّ حُضُور الْجَمَاعَة يَسْقُط بِالْعُذْرِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ , وَدَلِيله مِنْ السُّنَّة حَدِيث عِتْبَانَ بْن مَالِك الْمَذْكُور بَعْد هَذَا. وَأَمَّا تَرْخِيص النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَدُّهُ , وَقَوْله: فَأَجِبْ , فَيَحْتَمِل أَنَّهُ بِوَحْيٍ نَزَلَ فِي الْحَال , وَيَحْتَمِل أَنَّهُ تَغَيَّرَ اِجْتِهَاده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ وَقَوْل الْأَكْثَرِينَ إِنَّهُ يَجُوز لَهُ الِاجْتِهَاد , وَيَحْتَمِل أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُ أَوَّلًا وَأَرَادَ أَنَّهُ لَا يَجِب عَلَيْك الْحُضُور إِمَّا لِعُذْرٍ وَإِمَّا لِأَنَّ فَرْض الْكِفَايَة حَاصِل بِحُضُورِ غَيْره , وَإِمَّا الْأَمْرَيْنِ , ثُمَّ نَدَبَهُ إِلَى الْأَفْضَل فَقَالَ: الْأَفْضَل لَك وَالْأَعْظَم لِأَجْرِك أَنْ تُجِيب وَتَحْضُر فَأَجِبْ. وَاللَّهُ أَعْلَم. انتهى
وعليه.. فالأعمى إذالم يستطع الوصول إلى المسجد بقائد أو بوسيلة أخرى كحبل يشده يمده من بيته إلى المسجد سقط عنه السعي إلى المسجد لصلاة الجمعة والجماعة ويصلي في بيته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1426(11/9876)
الضرر المحقق يبيح التخلف عن الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[تعودت ولمدة طويلة أداء صلاة الفجر في المسجد لكن شاءت الظروف أن أنتقل للعمل بإحدى الدول وللأسف إسلامية وإذا لاحظت السلطات هناك أنك تواظب على الصلاة بالمسجد لاسيما الفجرخاصة إذا كنت أجنبيا فتعتقل وتتعرض لصنوف من التعذيب والأهوال فماذا أفعل وأنا أعول أسرة كبيرة وتعتمد من بعد الله تعالى عليَّ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 11306، بيان فضل صلاة الجماعة في المسجد وأنها واجبة على الصحيح من أقوال أهل العلم، ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر. ومن كان حضوره إليها سيترتب عليه ضرر محقق وعقوبة شديدة يشق تحملها فإنه يجوز له التخلف عن المسجد والصلاة في بيته لأنه معذور شرعاً، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 41845، والفتوى رقم: 1798.
وننبه إلى أنه من الخطأ الفادح قولك (شاءت الظروف) وإنما الواجب أن تقول: شاء الله، أو قدر الله. وراجع الفتوى رقم: 45290.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1426(11/9877)
لا حرج في ترك صلاة الجماعة بعذر الخوف
[السُّؤَالُ]
ـ[قضيتي هو أن والدي يمنعني للخروج لأداء صلاة الفجر وحدها مع الجماعة في المسجد بدعوى أن حينا غير آمن وقد يدخلون علينا المنزل ويقتلون الكبير والصغير لأنه لدينا حساد كما يقول وهذا الأمر يشغلني كثيرا ولا أعرف هل صلاتي مقبولة أو لا في البيت مع العلم أنه صحيح بعض ما قال أنه تكثر عمليات الاعتداء في حينا وحتى القتل وقد حدث هذا يوما قربنا وفي وضح النهار. فهل هذا عذر شرعي لعدم حضور الجماعة أم ماذا أفعل فهو لا يقبل النقاش.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في وجوب صلاة الجماعة، فذهب الحنابلة وهو وجه عند الشافعية إلى وجوبها على الأعيان وهو الراجح دليلا، واتفق الجميع على صحة صلاة المنفرد في البيت عند العذر كخوف الضرر على النفس أو المال أو العرض أو المرض، ويحصل أجر الجماعة لمن منعه ذلك عن حضورها بنيته الحسنة.
وعليه.. فصلاتك في البيت صحيحة عند الجميع للعذر المذكور، فننصحك إذاً بطاعة والدك واحرص على أن تصلوا في بيتكم جماعة فإن ذلك يسقط به فرض صلاة الجماعة عند كثير من أهل العلم حتى ولو كان الشخص غير معذور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1426(11/9878)
حكم التخلف عن الجمعة بسبب الدروس المدرسية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن طلاب في إحدى المدارس هنا في النرويج ويوم الجمعة ننتهي من المدرسة الساعة 2 وصلاه الجمعة الساعة الواحدة في المسجد. فطلبنا من المدير أن ننتهي يوم الجمعة الساعة 12.45 لكي نذهب إلى المسجد للصلاة وشرحنا له عن أن الصلاة مهمة لنا في هذا اليوم فقال أنا لا أستطيع أن اقرر لوحدي فسوف أعمل اجتماعا للمعلمين غدا وأطرح هذا الموضوع
قلنا له طيب.في اليوم الثاني قال أنتم عددكم 45 طالبا مسلما ولا نستطيع أن نغير البرنامج المدرسي من أجل ذهابكم إلى المسجد.
فياشيخ هل يجوز لنا أن نذهب جمعة إلى المسجد وفي الجمعة الثاني لا ... يعني جمعة وجمعة لا؟ وما نصيحتكم لنا لكي نعمل من أجل الصلاة؟ وما حكم الشرع في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجمعة فريضة على كل رجل أي بالغ عاقل حر مسلم مقيم غير معذور، وهي واجبة بالكتاب والسنة والإجماع. وعليه، فلا يجوز لهؤلاء الطلاب أن يتخلفوا عن الجمعة بسبب الدروس، نعم للجمعة أعذار تبيح التخلف عنها كما سبق في الفتوى رقم: 35578 ولكن ليس منها حضور الدروس. والواجب على هؤلاء الطلاب هو أن يترخصوا نصف ساعة مثلا ويحضروا الجمعة، فإن لم يقبل منهم ذلك ولم يترتب على ذهابهم إليها ضرر لزمهم الذهاب إليها؛ لأن أمر الله فوق كل أمر، وقد أمر بالسعي إلى الجمعة في وقتها. فإن كان يترتب على ذهابهم إليها أثناء الدروس ضرر في المال أو نحوه فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 60991 أنه يجوز التخلف عن الجمعة لخوف الضرر في المال أو النفس أو المعيشة، فالرجاء مراجعتها. وفي حالة عدم وجود خوف على نحو ما ذكرنا فلا يجوز التخلف ولا عن جمعة واحدة، وننبه إلى أنه يجوز إقامة الجمعة في غير مسجد عند بعض أهل العلم منهم الشافعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1426(11/9879)
الأناشيد المصحوبة بالدف وصلاة الجماعة لمن بفمه بخر
[السُّؤَالُ]
ـ[هما سؤالان بارك الله فيكم وأرجو منكم الإجابة:
1- ما حكم الأناشيد الدينية سواء تلك التي بالدف أو من دونه؟
2- لو أن إنسانا كان مصابا ببخر الفم ولا يجد حلا لمشكلته، هل هذا عذر له للتخلف عن صلاة الجماعة لأنه يؤذي برائحة فمه من كان بجواره؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في سماع الأناشيد الدينية المصحوبة بالدف فقط أو بدونه، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 43309.
وأما من بفمه بخر يؤذي المصلين فإنه يمنع من الصلاة في المسجد مع الجماعة، وهو كمن أكل ثوماً أو بصلاً، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 14060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(11/9880)
هل تجب الجمعة على العاجز عن الركوع والسجود
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لا يصلي الجمعة بالمسجد من الرجال وذلك لظروف إجراء جراحة بالركبة منذ 10 سنوات ولا يسطيع السجود أو الركوع على ركبتيه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجمعة فرض على الرجال القادرين على حضورها لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ {الجمعة: 9} ولا يمنع من وجوبها عدم القدرة على الركوع والسجود بل يكفيه أن يومئ إيماء بهما ولا تسقط عنه الجمعة.
وعليه، فالواجب على هذا الرجل إذا كان يستطيع الذهاب إلى المسجد أن يؤدي صلاة الجمعة مع الناس ويتوب إلى الله قبل أن يفجأه الموت وهو على هذا الذنب العظيم، وعليه قضاء صلاة الجمعة ظهرا إذا كان لم يصلها في حينها ظهرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(11/9881)
مذاهب العلماء في التخلف عن الجمعة بسبب المطر
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله, عندي سؤال آمل الإجابة عليه، هل يجوز التغيب عن صلاة الجمعة بسبب المطر، أرجو أن تكون الإجابة مرفقة بالدليل ومذاهب العلماء في هذا الباب, والقول الراجح فيها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز التخلف عن الجمعة بسبب المطر الذي يتأذى منه، بدليل ما في الصحيحين عن ابن عباس: أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت أشهد أن محمداً رسول الله فلا تقل حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم، قال: فكأن الناس استنكروا ذلك، فقال: أتعجبون من ذا؟ فقد فعل ذا من هو خير مني -يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم-.
وإليك بعض أقوال أهل المذاهب الأربعة في هذه المسألة، قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: ولا تجب الجمعة على من في طريقه إليها مطر يبل الثياب، أو وحل يشق المشي إليها فيه. انتهى.
وعند المالكية أن المطر الذي يحمل على تغطية الرؤوس من أعذار التخلف عن الجمعة والجماعة، قال الدردير في الشرح الكبير ممزوجاً بنص خليل: وعذر تركها (يعني الجمعة) والجماعة شدة وحَل ... وهو ما يحمل أواسط الناس على ترك المداس، وشدة مطر يحملهم على تغطية رؤوسهم. انتهى.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في الغرر البهية شرح البهجة الوردية وهو شافعي: وعذر تركها أي الجماعة وترك الجمعة حقن، ولكن حيث كان في الوقت سعة (ومطر) يشق بحيث يبل الثياب ليلاً أو نهاراً. انتهى.
وقال ابن نجيم في البحر الرائق وهو حنفي: وفي فتح القدير: والمطر الشديد والاختفاء من السلطان الظالم مسقط. انتهى، يعني أنه مسقط لوجوب الذهاب إلى الجمعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(11/9882)
المناوب.. وصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن صلاة الجمعة مع علمي الكبير بقدرها فأنا أعمل بنظام الدوريات وأحيانا يكون صباح الجمعة نهاية دوام ليلي فلا أستطيع الصلاة جماعة ولكن من الممكن أن نستقل سيارة ونذهب إلى أقرب مسجد لكن الإرهاق الشديد يمنعنا ولو استيقظنا من النوم مع العلم أن السكن في نفس مكان العمل هل من الممكن صلاتها صلاة ظهر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المكان الذي تناوب فيه خارج بلد الجمعة ويبعد عنها أكثر من ثلاثة أميال، فإنها لا تجب عليك سواء كنت في وقتها مشغولا أو في إجازة، والواجب صلاة الظهر، وإن كانت المسافة بينك والمسجد أقل من المسافة المذكورة بأن كان المسجد يبعد ثلاثة أميال فأقل، فإن الجمعة فرض على كل حر مسلم مقيم، ولا يجوز التخلف عنها إلا في حالة وجود عذر يبيح التخلف عنها، ومن هذه الأعذار الحراسة التي لا يمكن التخلص منها في وقت الجمعة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8688 وللفائدة راجع الفتوى رقم: 44018، والفتوى رقم: 60743.
وفي حال ما إذا كان المكان الذي أنت تسكن فيه ضمن المسافة التي يجب منها السعي إلى الجمعة وصادف وقت الجمعة نهاية الشغل بالنسبة لك، فلا يجوز لك التخلف عن الجمعة بسبب الإرهاق والتعب، وإن تخلفت عنها فقد ارتكبت معصية عظيمة، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 1579.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(11/9883)
فوات صلاة الجماعة بسبب الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أخرج من المدرسة مع السادسة مساء يعني لا أدرك صلاة العصر مع الجماعة فهل أصلي ركعتي توبة.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في وجوب صلاة الجماعة والراجح أنها واجبة وهو مذهب السادة الحنابلة، فمن تعمد تركها وهو يعتقد وجوبها فهو آثم ويستحب له أن يصلي صلاة التوبة عن هذا الذنب الذي ارتكبه.
وأما إن فاتته الجماعة لعذر كنوم أو سهو أو دراسة يحتاجها ولا يستطيع معها أداء الصلاة في جماعة ولكن أداها في الوقت فلا إثم عليه ولا تشرع له صلاة التوبة بخصوص هذا العمل لأنه لم يرتكب ذنبا
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(11/9884)
لا يجوز التخلف عن صلاة الجمعة بغير عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ترك صلاة الجمعة بغير عذر إلا بطيب نفسه ثم صلى صلاة ظهر،هل صلاته صحيحة أم لا؟
شكرا جزاكم الله خيرا بجاه محمد صلى الله عليه وسلم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز التخلف عن صلاة الجمعة بغير عذر شرعي، ومن فعل ذلك فقد عصى الله تعالى وعرض نفسه للوعيد الشديد الوارد في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين. رواه مسلم. ويتضاعف الوعيد ويشتد إذا تخلف عن ثلاث جمع فأكثر لما رواه أصحاب السنن وأحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع على قلبه. وقد عد العلماء التخلف عن الجمعة من غير عذر من الكبائر والعياذ بالله، قال ابن القيم في إعلام الموقعين: ومنها: ترك الجمعة وفي صحيح مسلم لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات ... الحديث،
هذا حكم التخلف عن الجمعة لغير عذر، أما ما يفعله إذا وقع في ذلك فعليه أن يصلي صلاة الظهر بنية الظهر لا بنية الجمعة سواء فاتته بعذر أو بغير عذر، إلا أن الإثم في تخلفه عنها لغير عذر فقط وصلاته الظهر صحيحة، هذا إذا كان قد صلى صلاة الظهر بعد صلاة الإمام الجمعة، فإن كان صلى الظهر قبل صلاة الإمام الجمعة لم تصح منه وعليه إعادتها ظهرا كما ذكر ابن قدامة قال: وقال أبو حنيفة والشافعي في القديم: تصح ظهره قبل صلاة الإمام.
ثم عليه أن يتوب إلى الله تعالى من هذه المعصية وليحذر من التفريط في فرائض الله التي فرض عليه، وليتنبه لنعم الله التي أنعم بها عليه حيث جعله مسلما وأعطاه القدرة على السعي إلى الجمعة وإلى غيرها من أموره العامة فلا يعطل هذه النعمة عن أداء ما افترض الله عليه، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 11669، والفتوى رقم: 17593.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1426(11/9885)
الدفن لا يبيح التخلف عن الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سألني صديق قال لي: إنه كان مع مجموعة من أصدقائه على ضفة سد أي نهر وبينما هم ينوون أن يصطادوا السمك إذ بهم عند مقبرة وقد كان النهر قد غطاها في زمن مضى والآن قد زاح عنها الماء وكل الموتى المدفونون بها قد أخرجوا على سطح الأرض قرابة 60 هيكلا عظميا بشريا وقد استفسروا لدى السلطات فلم يبالوا بالأمر (الدرك الوطني) ، فسألوا أحد الأئمة فأفتاهم بوجوب دفن هذه الهياكل، وقد ذهبوا ثلاثتهم إلى مكان المقبرة القديمة في يوم جمعة وقد أضاعوا صلاة الجمعة، فسؤالي كالآتي: هل ما فعلوه هو الصواب أي بدفنهم الهياكل، وهل هم آثمون لتركهم صلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من وجد ميتاً غير مدفون أو بعضاً من ميت أن يغسله ويكفنه ويصلي عليه، إذا لم يكن ذلك فعل به من قبل ثم يدفنه، قال البهوتي في كشاف القناع: (وإن وجد بعض ميت تحقيقاً) أي: يقينا أنه من ميت (غير شعر وظفر، وسن غسل وكفن، وصلي عليه، ودفن وجوبا) لأن أبا أيوب صلى على رجل. قاله أحمد. وصلى عمر على عظام بالشام..... ومحل وجوب الصلاة على ذلك البعض إن لم يكن صلي على جملته ...
وهذا كله إذا كان الميت مسلماً، وأما لو كان كافراً فإنه يترك لأهل ملته، فإن لم يوجد من الكفار من يفعل له ذلك واراه المسلمون في التراب بعد أن يلفوه في شيء، ففي المدونة قال مالك: لا يغسل المسلم أباه الكافر ولا يتبعه ولا يدخله قبره إلا أن يخاف عليه أن يضيع فليواره. قال مالك: وكذلك إذا مات كافر بين مسلمين ولا كافر معهم لفوه في شيء وواروه.
وعليه؛ فما فعله أولئك النفر من دفن تلك الهياكل هو الصواب، وأما تركهم صلاة الجمعة فهو خطأ كبير، فصلاة الجمعة أمرها عظيم، وفضلها كبير، والتخلف عنها لغير عذر شرعي جرم جسيم، ويترتب عليه إثم كبير، فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول وهو على أعواد منبره: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين.
وفي المسند والسنن أنه صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاوناً من غير عذر طبع الله تبارك وتعالى على قلبه.
ولا يمكن القول بأن موضوع الدفن عذر يبيح التخلف عن الجمعة، لأنه كان في الإمكان الجمع بين الدفن وصلاة الجمعة، فعلى أولئك النفر أن يتوبوا مما حصل، ولا يعودوا لمثله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(11/9886)
أداء الصلاة جماعة.. أم الامتحان
[السُّؤَالُ]
ـ[كان عندي امتحان تتوافق بدايته تقريبا مع بداية صلاة العصر ويمتد ساعة فذهبت لصلاة العصر في الجامع قرب مقر الامتحان وعند وصولي إلى مقر الامتحان رفض المشرف دخولي بعلة التأخر والغياب عن المادة يعني رسوبي في القانون فهل ما فعلته صحيح أم أسأت الترجيح بين المصالح والمفاسد ذلك أن الوالد يتكفل بمصاريف باهظة لدراستي وفي صورة أنني محق هل يجوز أن أدعو الله أن يخطئهم في النتائج ويضعونني في قائمة الناجحين علما أنني كنت مستعدا للامتحان كما ينبغي وإن جاز الدعاء فأطلب منكم طلب أخ لكم أن تتذكروني بالدعاء في أوقات الاستجابة بالنجاح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك قد أصبت إذ أديت الصلاة جماعة وقدمتها على ما سواها ولن يضيعك الله ما دمت تحافظ على الصلاة جماعة، وسيحالفك التوفيق إن شاء الله تعالى مع أنه كان يجوز لك في هذه الحالة أن تتخلف عن المسجد وتصلي في مقر الامتحان مع من معك، وذلك بسبب ما قد يضيع عليك من الجهد والمال إن تأخرت أو تغيبت كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 60991. ولمزيد الفائدة في هذا المعنى راجع الفتوى رقم: 63605 والفتاوى المحال عليها فيها.
وبعد أن حصل ما حصل، فعليك أن تحتسب الأجر عند الله، ولا إثم عليك فيما فعلت، بل إنك مأجور على تقديم الصلاة على كل حال ولا كلام على ذلك، وعليك أن تستعد للامتحان في المستقبل.
أما دعاؤك بأن يضعوك في قائمة الناجحين، فالظاهر أنه من الاعتداء في الدعاء، ولبيان ماهية الاعتداء في الدعاء يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 23425.
وينبغي أن تسأل الله التوفيق في عامة أمورك، وتشتغل بالدعاء فيما ينفعك، ونسأل الله تعالى لنا ولك ولجميع المسلمين السداد في الأمور، والعافية من كل بلية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(11/9887)
مهنة الصيدلة.. وصلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بصيدلية وتحدث لي مشكلة وهي الصلاة في المسجد فى جماعة، حيث يقول لي صاحب العمل أن الوقت لا يسمح بالذهاب للمسجد وحجته فى ذلك أن الصيدلية خدمة إنسانية، حيث من الممكن أن يأتي شخص مريض ويحتاج لعلاج فوري، ويقول لي إن الصلاة فى الصيدلية جائزة ما دام العمل لا يسمح بالصلاة في المسجد، ولكني غير مقتنع، أرجو منكم إفادتي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من كلام أهل العلم هو أن الصلاة في الجماعة واجبة على كل رجل مسلم مكلف غير معذور، وقد ذكر العلماء في أعذار التخلف عن الجماعة الخوف على المال الذي له بال، ويستوي في ذلك ماله ومال غيره، وكذلك المريض، قال الشيخ أحمد الدردير عند قول خليل في مختصره في الفقه المالكي وهو يذكر أعذار التخلف عن الجمعة والجماعة: وعذر تركها والجماعة شدة وحل ومطر أو جذم ومرض وتمريض، لأجنبي ليس له من يقوم به وخشي بتركه وحده الضيعة.. وقال خليل أيضاً ممزوجاً بشرح الدردير: وخوف على مال له بال ولو لغيره. انتهى، إضافة إلى الأعذار المبينة في الفتوى رقم: 9495
فهذه الأعذار المبيحة للتخلف مبنية على الخوف على المال أو النفس أو مال الغير أو نفسه، وقد ذكر العلماء أنه إذا دار الأمر بين فوات وقت الصلاة أو هلاك نفس فإن إنقاذها يقدم على الصلاة، قال عز الدين بن عبد السلام في قواعد الأحكام: المثال الثامن: تقديم إنقاذ الغرقى المعصومين على أداء الصلوات لأن إنقاذ الغرقى المعصومين عند الله أفضل من أداء الصلاة، والجمع بين المصلحتين ممكن بأن ينقذ الغريق ثم يقضي الصلاة، ومعلوم أن ما فاته من أداء الصلاة لا يقارب إنقاذ نفس مسلمة من الهلاك. انتهى.
وعليه؛ فإن كان الغالب أن يأتي المرضى في حالة حرجة إلى هذه الصيدلية في أغلب الأوقات أو كنتم تتوقعون إتيانهم إليها، فالظاهر أن هذا عذر من أعذار التخلف وخصوصاً إذا لم يوجد في المنطقة غير هذه الصيدلية.
أما إذا كان ذلك نادراً أو كان يوجد غيرها فهنا يكون الاحتمال ضعيفاً ولا يعتبر عذراً، وهذا وننبه إلى أنه يمكن للموظف أن يصلي في الصيدلية مع رجل أو رجلين فيحصل فضل الجماعة مع القيام بالعمل، فقد تقدم في الفتوى رقم: 23225 أنه لا مانع من أداء الصلاة جماعة في غير المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1426(11/9888)
حضور صلاة الجماعة.. أم إكمال المعاشرة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف عندما يجامع الرجل زوجته أو أن يكون في مرحلة مقدمات الجماع, ويبدأ المذي بالنزول أحيانا على الملابس الداخلية وأحيانا أخرى لم ينزل شيء بعد ويدخل وقت الصلاة ويؤذن المؤذن وهما على هذا الحال ويسمعان النداء , ما الواجب عليهما (حال) ذلك الوقت؟ هل يتركها دون أن يكملا ? وهل لابد أن يتوقف وقت الأذان مثلما يتوقف الشخص عن سماع الأغاني وقت الأذان ودخول الصلاة؟؟ ما الفرق بين الحالات وما الحكم والواجب في ذلك الوقت؟؟ وماذا افعل بما نزل على الملابس من مني أو مذي؟؟ سؤالي يحتاج الإجابة عليه بعناية وتفصيل لكل جزئية بالتفصيل والأدلة وعدم إحالتي على إجابة أخرى.. وجزاكم الله خير الجزاء ومشكورين مقدما]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الجماعة واجبة على الرجل إلا لعذر، ومن أهل العلم من أوجبها في المسجد، فلا يجوز للمسلم إذا حضرت الصلاة أن يشتغل بما يكون سببا في تخلفه عن الجماعة، فإن كان في الوقت متسع بحيث يمكنه الفراغ من الجماع والاغتسال وحضور الصلاة فلا بأس حينئذ، وكذلك إن تاقت نفسه إلى الجماع وتعلق القلب به فله أن يقدمه على الصلاة في الجماعة قياسا على الطعام إذا حضر وقت الصلاة وكانت النفوس تتوق إليه فيقدم الطعام على الصلاة؛ لما في الصحيحين إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء منه، وكان ابن عمر يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ، وإنه ليسمع قراءة الإمام.
قال النووي في شرح مسلم: ويلحق بهذا ما كان في معناه مما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع. انتهى.
وعلى كل حال، فإذا أذن المؤذن والشخص في هذه الحالة التي وصف السائل فإنه غير مطالب بالتوقف، وإذا كان في حالة جماع لا يطالب بحكاية الأذان ولا التوقف لأن التوقف قد يضر به، ولأن العلماء قد نصوا على أن المجامع والذي هو في حال قضاء الحاجة لا يطالبان بحكاية الأذان، ومثلهما في ذلك الملبي والمقيم للصلاة، وآخرون قد ذكرهم أهل الفقه.
قال النووي في المجموع بعد أن ذكر استحباب حكاية الأذان لكل سامع قال: ويستثنى من هذا المصلي، ومن هو على الخلاء والجماع، فإذا فرغ من الخلاء والجماع تابعه. انتهى.
وخلاصة الأمر أن من كان في أثناء الجماع وسمع النداء لا يطالب بقطع الجماع ولا التوقف عنه ولا بحكاية الأذان، فإذا فرغ وأمكنه التطهر وحضور الجماعة فبها ونعمت، وإلا فيصلي مع أهله، وإذا وصل الشخص إلى حالة خروج المذي من غير إيلاج وأراد أن يقدم الصلاة غسل عنه المذي وتوضأ، وهذا لا إشكال فيه، أما إذا حصل إيلاج أو خرج المني وهو الماء الغليظ الذي يخرج دفقا ويعقبه فتور فالواجب حينئذ الغسل، وكذلك غسل الملابس التي يصلي فيها أي غسلها من المذي اتفاقا بين العلماء، ويغسل المني أيضا خروجا من الخلاف.
ثم إنه لا مقارنة بين الاشتغال بأمر مباح والاشتغال بأمر محرم، فالاشتغال بالأغاني محرم ويجب الابتعاد عنه، وسواء في أوقات الصلاة أو في غيرها، إلا أنه إن اشتغل به عن الصلاة يكون أمره أعظم،أعني الأغاني المصحوبة بآلات العزف والموسيقى أو المشتملة على الفحش والفجور، والدليل على ذلك قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ {لقمان: 6} قال ابن جرير الطبري في تفسيره: وأما لهو الحديث فإن أهل التأويل اختلفوا فيه فقال بعضهم: هو الغناء والاستماع له، وساق ابن جرير سندا إلى أبي الصهباء أنه سأل ابن مسعود عن قول الله عز وجل وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ قال: الغناء، وبإسناده إلى جابر رضي الله عنه قال: لهو الحديث الغناء والاستماع له. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1426(11/9889)
ترك الجماعة خوفا من الجن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين فيمن يكون صاحياً ولا يذهب إلى المسجد لصلاة الفجر خوفا من العفاريت؟ علماً بأن هناك أحدا قتل بجواره هل تطلع العفاريت؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما ذكرته تخيلاً أو توهماً، فإنه ليس بعذر مبيح للتخلف عن صلاة الصبح في جماعة، بل هو من مكايد الشيطان لكي يحرمك من الأجور العظيمة المترتبة على السعي إلى المسجد، حيث تكون خطواتك إليه إحداها تخط خطيئة والأخرى ترفع درجة مع مضاعفة الثواب إلى سبع وعشرين درجة زيادة على صلاة المنفرد، هذا إضافة إلى أن المحافظة على صلاة الصبح سبب لحفظ الإنسان من كل ما يكره، لأنه حينئذ يكون في أمان الله.
ففي صحيح مسلم من حديث جندب بن عبد الله قال صلى الله عليه وسلم: من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم.
وقال المناوي في فيض القدير: وأما صلاة الغداة، فإن من شهد الصبح في جماعة فهو في ذمة الله، لأنه وقع في شهوده وقربه، فإذا وقف عبدا لشهود في يومه كان في ستره وذمته والستر المغفرة والذمة الجوار فرغب المصطفى صلى الله عليه وسلم في تلك الصلاة بما كشف له من الغطاء. انتهى
وأداء الصلاة جماعة في المسجد واجبة على الرجل المستطيع إلا لعذر على الراجح من كلام أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 5153.
والأعذار التي تبيح التخلف عن الجماعة مذكورة في كتب أهل العلم، وقد ذكروا من بينها الخوف على النفس أو المال، لكن لابد أن يكون الخوف المذكور محققاً لا مجرد وهم أو تخيل، كما هو الشأن في حالتك فيما يبدو.
وهذه الأعذار مفصلة في الفتوى رقم: 49024.
وعليه، فما ذكرته لا يبيح التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد، ومع ذلك فحافظ على تحصين نفسك من الشياطين عن طريق أذكار الصباح والمساء إلى آخر ما هو مذكور في الفتوى رقم: 58076، والفتوى رقم: 16669.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1426(11/9890)
التخلف عن صلاة الجماعة لأجل الرياضة
[السُّؤَالُ]
ـ[عن الفتوى رقم 60611، هل يبقى الحكم بنفسه إن كانت النية الإعداد، ولا سبيل إليه إلا في الوقت المذكور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلماء قد ذكروا أعذارا تبيح التخلف عن الجماعة وهي مبينة في الفتوى رقم: 35578.
وليست ممارسة الرياضة من تلك الأعذار سواء كانت بنية الإعداد أو غيره، فإذا تخلفت عن صلاة الجماعة للغرض المذكور فقد فرطت في الواجب، ولكن صلاتك صحيحة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 12706، والفتوى رقم: 36825.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(11/9891)
التخلف عن الجمعة بسبب الامتحان
[السُّؤَالُ]
ـ[. عقدت كليات سانوي (Sunway) بماليزيا امتحانات أثناء الجمعة في ثلاث جمعات متتالية بدعوى وحدة الوقت في العالم في جميع كليات سانوي شرقا وغربا. السؤال كيف صلاتهم للجمعة , هل يتحنبل أو يتحنف الطلاب الشافعيون مع هؤلاء أو ماذا يفعلون؟ جزاكم الله عنا وعن الإسلام خيرا,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجمعة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع على كل رجل مسلم مكلف مقيم، ولا يجوز التخلف عنها لغير عذر من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة، وهي مبينة في الفتوى رقم: 35578 وعليه، فلا يجوز لهؤلاء الطلاب التخلف عن الجمعة بسبب الامتحان، هذا إذا لم يترتب على تغيبهم عن الامتحان ضرر كبير، مثل فصلهم عن الجامعة أو غرامة شاقة أو ضياع جهدهم سنة مثلا، فإن ترتب على غيابهم مثل هذا الضرر مما هو متعلق بضياع المال فلهم أن يتخلفوا ويصلوا الظهر بدلا من الجمعة، وذلك لأن الفقهاء ذكروا من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة خوف ضياع مال له بال، وخوف الضرر في المعيشة التي يحتاجها. قال في مختصر خليل وهو مالكي: وهو يذكر الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة والجماعة: وخوف على مال. قال في التاج والإكليل: أي مال له بال ولو لغيره. انتهى. وقال في المهذب وهو شافعي المذهب: ومنها أي الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة أن يخاف ضررا في نفسه أو ماله. انتهى.
وقال سليمان بن أحمد المرداوي في الإنصاف وهو حنبلي: ومما يعذر به في ترك الجمعة والجماعة خوف الضرر في معيشة يحتاجها. انتهى.
ولا شك أن ضرر ذهاب بعض المال أخف من الأمور التي افترضنا ترتبها على المتغيب عن الامتحانات، فإن لم يترتب على غيابهم عن الامتحانات ضرر معتبر فالأصل أن حضور الجمعة واجب كما ذكرنا.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1426(11/9892)
التخلف عن الجماعة لمراقبة ماكينة لا يمكن تركها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يراقب ماكينة بدقة ولا يسمح له بالتخلي عنها ولو دقيقة فإذا وصل وقت الصلاة لم يقدرعلى الصلاة حتى يأتي من يراقب في مكانه فماذا عليه أن يفعل وهل عليه أن يغير عمله لأنه يضيع صلاة الجماعة في عمله هذا. أفيدوني من فضلكم مع الأدلة من الكتاب والسنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أداء الصلاة في الجماعة واجب على الرجل المستطيع، والتخلف عنها من صفات المنافقين، وقد ذكر العلماء أعذارا تبيح التخلف عن الجماعة، من هذه الاعذار الخوف على المال يستوي في ذلك مال نفسه ومال غيره، قال في المهذب وهو شافعي: ومنها أي أعذار التخلف عن الجماعة، أن يخاف ضررا في نفسه أو ماله أو يكون معه مرض يشق معه القصد والدليل ما روي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر قالوا يا رسول الله وما العذر قال: خوف أو مرض. انتهى. والحديث في سنن أبي داود. وقال في منح الجليل شرح مختصر خليل عند قوله وهو يذكر الأعذار التي تبيح التخلف ع ن الجمعة والجماعة وعذر تركها والجماعة شدة وحل ومطر وجذام ومرض وتمريض وإشراف قريب ونحوه وخوف على مال ـ له بال ولو لغيره. انتهى. وقال في التاج والإكليل قال ابن بشير: وكذلك خوف على مال غيره. انتهى. وقال سليمان بن أحمد المرداوي في الإنصاف وهو حنبلي: ومما يعذر به في ترك الجمعة والجماعة خوف الضرر في معيشة يحتاجها أو مال استؤجر على حفظه كنظارة بستان ونحوه أو تطويل الإمام. انتهى. وقال في منتهى الإرادات وهو حنبلي أيضا: ويعذر بترك جمعة وجماعة من يدافع أحد الأخبثين أو بحضرة طعام وهو محتاج إليه وله الشبع أو له ضايع يرجوه: قال المجد والأفضل ترك ما ير جو وجوده ويصلي الجمعة والجماعة، أو يخاف ضياع ماله أو قواته أو ضررا فيه أو (ضررا) في معيشة يحتاجها أو) (يخاف ضررا) في مال استؤجر لحفظه ولو نظارة بستان. انتهى. هذه نصوص الفقهاء في جواز التخلف عن الجماعة بسبب عذر من هذه الأعذار ومنها الخوف على مال استؤجر عليه والمعيشة التي يحتاجها ـ وبه يعلم الأخ السائل أنه غير آثم في تخلفه عن الجماعة لمراقبة الماكينة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 14106، وننبهه إلى أنه لا يجوز الانشغال عن الصلاة بالكلية حتى يخرج وقتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(11/9893)
الجمعة والجماعة لحامل حاوية الغائط
[السُّؤَالُ]
ـ[أجريت عملية جراحية مؤخرا لم تعد الأوساخ تخرج من الدبر بل من ثقب أحدثه الجراح ثم تتجمع في حاوية من البلاستيك يقع تغييرها كلما امتلأت علما أن خروجها يقع بصفة لا إرادية ويحدث أصواتا مع تسرب روائح كريهة. الرجاء من سيادتكم إجابتي على الأسئلة التالية:1) هل أنا مطالب بأداء الصلاة المفروضة.2) هل خروج الأوساخ وإطلاق الريح إلى الحاوية ينقض الوضوء.
3) هل بإمكاني حضور صلاة الجماعة وخاصة الجمعة.
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخارج من الثقب المذكور يحتاج إلى تفصيل، فإذا خرج منه بول أو غائط مع عدم انسداد المخرجين فهذا غير ناقض للوضوء عند المالكية والمشهور عند الشافعية خلافا للحنفية، وإن انسد المخرجان وكان الثقب أسفل المعدة فالخارج منه ناقض للوضوء، وإن كان الثقب فوق المعدة فالظاهر من كلام جمهور أهل العلم عدم النقض حينئذ، قال الحطاب في مواهب الجليل: إن لم ينسد المخرجان فلا وضوء لأنه خارج من غير المخرج المعتاد خلافا لأبي حنيفة، واختلف أصحاب الشافعي على قولين والمشهور منهما عدم النقض. إلى أن قال: وإن كان المخرج المعتاد منسدا وكان الفتح في المعي الأسفل ودون المعدة فهذا ينقض، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي. وإن كان الفتح فوق المعدة فاختلف هاهنا أصحاب الشافعي فقال المزني: لا وضوء فيه وقال بعضهم: فيه الوضوء والأول أظهر فإن ما يخرج من فوق المعدة لا يكون على نعت ما يكون من أسفلها. انتهى. والصلاة لها أهمية عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، ولا تسقط عن المسلم ما دام له وعي وعقل، وراجع الفتوى رقم: 26842، وحكم الصلاة بتلك الحاوية سبق تفصيله في الفتوى رقم: 15358. والفتوى رقم: 23608. وعليك الحضور لصلاة الجمعة أو الجماعة إن كنت قادراً ما لم يترتب على حضورك تلويث المسجد بالنجاسة أو أذية المصلين. وراجع الفتوى رقم: 31302، والفتوى رقم: 10830.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(11/9894)
مصير وعقوبة المتخلف عن الجمعة بدون عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه من امتنع عن صلاة الجمعة جماعة 3 أسابيع متتالية يخرج من الملة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ورد في السنة أن الذي يترك الجمعة ثلاثاً من غير عذر يكتب من المنافقين، فعن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين. رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني، وورد أن من تركها ثلاثاً تهاوناً بها طبع على قلبه.
فعن أبي الجعد الضمري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه. أخرجه أبو داود والنسائي، وصححه الحاكم ووافقه الألباني، والمراد بـ (طبع الله على قلبه) أي: ختم عليه وغشاه ومنعه ألطافه، ولمعرفة المزيد عن حكم المتخلف عن صلاة الجمعة لغير عذر راجع الفتويين: 5143، 31548.
ولمعرفة أعذار ترك الجمعة راجع الفتوى رقم: 52153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(11/9895)
حكم التخلف عن الجماعة لأجل العمل في المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أشتغل مع أخي في المحل، عندما يأتي الأذان أنا أذهب إلى المسجد عند الظهر والعصر والمغرب وهو يفتقدني، أنا أغلق باب المحل، يقول لي أنا أذهب إلى المسجد وأنت تبقى في المحل، وإنما نيتي أن أذهب إلى المسجد، وهو أكبر مني هل أعصيه أم أطيعه، ما حكم الشرع؟ أرجو منكم الإجابة جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصد السائل الكريم أنه يتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد بسبب منع أخيه الأكبر له بحجة أنه يبقى في المحل، فإنه لا يجوز له طاعته في التخلف عن صلاة الجماعة إذا كان يسمع النداء، لأن حضور صلاة الجماعة حينئذ واجب عليه على الراجح من أقوال أهل العلم، ولا يحل التخلف عنها إلا بعذر شرعي.
وعليه، فليس لأخيه الحق أن يأمره بالتخلف، ولا يجوز له طاعته في ذلك، لأن الطاعة في المعروف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه الإمام أحمد.
وإذا لم تستطيعوا حضور الجماعة إلا بإغلاق المحل، فالواجب عليكم حينئذ إغلاقه لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5153، 12706، 38812.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1425(11/9896)
الممرض.. والتخلف عن الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الغياب عن صلاة الجمعة وذلك في ظل ظروف خارجة عن الإرادة مع العلم أنني أعمل في قسم التمريض وأشعر بالذنب حيال ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الجمعة والتخلف عنها في الفتويين: 12816، 8688. وكذلك سبق بيان أن من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة المرض والتمريض لشخص يحتاج إلى ملازمة الممرض. وراجع الفتاوى: 13099، 49708، 41517.
قال في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء في الجملة على سقوط وجوب الجمعة وجواز التخلف عن الجماعة لمن يقوم بالتمريض لقريب أو غيره. اهـ. ومن عذر عن حضور صلاة الجمعة فإنه يصلى الظهر باتفاق أهل العلم.
ومما سبق يتبين أنه يجوز لك التخلف عن صلاة الجمعة بسبب عملك في التمريض إذا كان المرضى بحاجة إلى ذلك، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78} . ولا ذنب عليك إن شاء الله في ذلك، ويجب عليك أن تصلي الظهر بدلا من الجمعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1425(11/9897)
التخلف عن صلاة الجماعة لتمريض الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محافظ على صلاة الجماعة بالمسجد ولكن بسبب أعذار اضطرارية أصلي منفرداً بالمنزل أو أقيم جماعة مع زوجتي ولكن في حالات معينة وهي: 1- ذات مرة كنا عند الطبيب وكانت زوجتي مريضة جداً وأذن لصلاة المغرب ونحن في صالة الانتظار وبعدها بخمس دقائق جاء موعد دخولنا ,, وبعد الانتهاء من الكشف كان وقت الجماعة في أي مسجد قد انتهى ,,,, فهل هذا عذرفي عدم ذهابي للمسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على المحافظة على صلاة الجماعة، وهذه نعمة عظيمة من الله تعالى، ولحكم الصلاة في الجماعة تراجع الفتوى رقم: 1798. وللتعرف على الأعذار المبيحة للتخلف عن صلاة الجماعة راجع الفتوى رقم: 49024. وتخلفك عن صلاة المغرب لتمريض زوجتك والدخول معها على الطبيب يعتبر عذرا مبيحا للتخلف عن صلاة الجماعة، وراجع الفتوى رقم: 45877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1425(11/9898)
بيان خطورة ترك صلاة الجمعة من غير عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي لا يصلي الجمعة وهو يثور إذا قال له أحد لماذا تفعل ذلك فماذا أفعل معه كي أجعله يصلي الجمعة ولا يتركها وهو يصلي باقي الفروض ولكن غير منتظم مع العلم أن باقي أهل البيت يصلون بانتظام والحمد لله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تحسن صحبة أبيك وتواظب على نصحه مع بيان خطورة ترك صلاة الجمعة من غير عذر، والطريقة المثلى للنصح في مثل هذا المجال سبق بيانها في الفتوى رقم: 21794.
وللتعرف على الوعيد المترتب على ترك صلاة الجمعة من غير عذر راجع الفتوى رقم: 18105، والفتوى رقم: 25790، والفتوى رقم: 1145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1425(11/9899)
عدم سماع النداء من أعذار التخلف عن الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب محل تجاري لبيع قطع الغيار ولدي عاملان يعملان في هذا المحل والمسجد يبعد عن المحل بقدر 18 دقيقة مشيا على الأقدام فأحيانا يسمعون الاذان وأحيانا لا وهم بذهابهم إلى الصلاة يستغرق الوقت من 45 إلى 50 دقيقة وخاصة أن المحل يغلق في هذه الفترة, فالزبائن عندما يأتون ويجدون المحل مغلقا ينصرفون، فأمرتهم بأن لا يغلقوا المحل أثناء الصلاة وليذهب أحدهما إلى المسجد والآخر يبقى في المحل وينتظر الآخر حتى يعود ويصلي معه حتى يأخذ أجر الجماعة, فأخبروني أنه لا بد من غلق المحل والذهاب إلى المسجد لنحضر الصلاة مع الإمام، فهل أعد بمنعهم أنني قد خالفت الشرع وأنني آثم وما هو الحل إن كان هذا سيفوت علي البيع للزبائن خاصة أنهم أخبروني أنهم سيتوقفون عن العمل إن أنا منعتهم من ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 31443 حكم صلاة الجماعة وحكم إقامتها في المسجد فلتراجع.
وننبه إلى أن الشخص يعذر في التخلف عن الجماعة لأعذار ومنها: أن يكون من المسجد على مسافة لا يسمع معها النداء بالصوت المعتاد بدون مكبر صوت، لأن النداء عبر المكبر يسمع من مسافة بعيدة وتشق معها إجابة المؤذن مشقة لا تقل عن الأعذار المسوغة للتخلف عن الجماعة، دفعا للحرج عن المسلمين لما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب. وإذا كان لا يسمع النداء فيجزئه أن يصلي مع جماعة في محله إن وجدت، لا سيما إذا كان أجيراً وفي ذهابه إضرار بالعمل.
ولا حرج على المستأجر في هذه الحالة أن يمنعه من الذهاب ويبين له أنه غير مطالب بالجماعة في المسجد، وأن له الصلاة في مكان عمله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(11/9900)
حضور الطعام عذر مبيح للتخلف عن الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد راجعت فتاويكم بشأن صلاة الجماعة والأعذار المبيحة لتركها، وما علمته من بعض كتب السنة أنه إذا وجد طعاماً يشتهيه، فله أن يأكل أولاً ثم يصلي بعد ذلك، ولم أجد ذلك لديكم من الأعذار المبيحة لترك صلاة الجماعة، فما حقيقة هذا الأمر، أفتوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة أنه إذا حضر الطعام أن يبدأ به قبل الصلاة، قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أنه إذا حضر العشاء في وقت الصلاة فالمستحب أن يبدأ بالعشاء قبل الصلاة ليكون أفرغ لقلبه وأحضر لباله، ولا يستحب أن يعجل عن عشائه أو غدائه، فإن أنسا روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا قرب العشاء وحضرت الصلاة فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم.
وعن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان. رواهما مسلم وغيره.
ولا فرق بين أن يحضر صلاة الجماعة ويخاف فوتها في الجماعة أو لا يخاف ذلك.... إلى أن قال: وتعشى ابن عمر وهو يسمع قراءة الإمام، وقال أيضاً: وقال ابن عباس: لا نقوم إلى الصلاة وفي أنفسنا شيء. انتهى.
وبناء على هذا فتوقان النفس إلى الطعام الذي قد أعد وأحضر عذر مبيح للتخلف عن الجماعة.
أما كوننا لم نذكره في الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة أو لم تجده أنت في موقعنا، فالجواب عنه أن الجواب يكون دائماً مطابقاً للسؤال، والأهم عند المفتي هو أن يبين الحكم الشرعي الذي سئل عنه، فإذا كان السؤال مثلا عن حكم من به عاهة هل يجوز له التخلف عن الجماعة أم لا؟ فالمجيب يجيب عن هذه الجزئية، ولا يلزمه أن يذكر الأعذار المبيحة للتخلف كلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1425(11/9901)
تخلف أصحاب الأمراض المعدية عن صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحرم على المصاب بأحد الأمراض المعدية الذهاب إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن به مرض معد أو مؤذ فإنه يعذر عن حضور المساجد لصلاة الجماعة، بل يمنع من ذلك لأن الناس يتأذون ويتضررون بحضوره، وقد نص الفقهاء على منع حضور المجذوم والأبرص ومن به رائحة كريهة إلى المساجد، واستندوا في ذلك إلى ما جاء في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وفر من المجذوم كما تفر من الأسد. وقال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه وحسنه السيوطي وغيره، وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري وغيره: من أكل هذه الشجرة -يعني الثوم- فلا يقربن مسجدنا. فمنع آكل الثوم عن الحضور لأنه يؤذي غيره، وفي حضور المصاب بمرض معدٍ أذية كبيرة للغير كما هو معروف ولذلك قال الحطاب في التاج والإكليل: وعذر تركها -الجمعة- والجماعة شدة وحل فمطر ... أو جذام. ابن حبيب: على الجذماء الجمعة ولا يمنعون من دخول المسجد فيها خاصة وللسلطان منعهم من غيرها من الصلوات وقاله مطرف وقال سحنون: لا جمعة عليهم، وإن كثروا ولهم أن يجمعوا ظهراً بغير أذان في موضعهم ولا يصلون الجمعة مع الناس، ابن يونس: لأن في حضورهم الجمعة إضراراً بالناس وأوجب -عليه السلام- غسل الجمعة على الناس، لأنهم كانوا يأتون إليها من أعمالهم فيؤذي بعضهم بعضا بنتن أعراقهم، فالجذام أشد، ومنعهم يوم الجمعة أولى لاجتماع الناس، وكما جاز أن يفرق بينه وبين زوجته إذا تجذم كان أحرى أن يفرق بينه وبين الناس في الجمعة.
ونقل شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب عن الأسنوي أنه: توقف في الجذام والبرص، قال الزركشي: والمتجه أنه يعذر بهما لأن التأذي بهما أشد منه بأكل الثوم، قال وقد نقل القاضي عياض عن العلماء أن المجذوم والأبرص يمنعان من المسجد ومن صلاة الجمعة ومن اختلاطهما بالناس ... قال الأسنوي: وإنما يتجه جعل هذه الأمور أعذاراً لمن لا تتأتى له إقامة الجماعة في بيته وإلا لم يسقط عنه طلبها لكراهة الانفراد للرجل وإن قلنا إنها سنة، قال في المجموع: ومعنى كونها أعذاراً سقوط الإثم على قول الفرض والكراهة على قول السنة لا حصول فضلها ويوافقه جواب الجمهور عن خبر مسلم (سأل أعمى النبي صلى الله عليه وسلم أن يرخص له في الصلاة ببيته لكونه لا قائد له فرخص له فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء فقال: نعم، قال: فأجب) بأنه سأل هل له رخصة في الصلاة ببيته منفردا تلحقه بفضيلة من صلى جماعة فقيل: لا.
وقال البهوتي رحمه الله في كشاف القناع: وكذا من به برص وجذام يتأذى به، قياسا على أكل الثوم ونحوه، بجامع الأذى، ويأتي في التغرير منع الجذمى من مخالطة الأصحاء. فهذه نصوص صريحة في سقوط الجماعات عن المجذوم والأبرص ومثلهما غيرهما، ومنع الصلاة مع الجماعة عليهما ما داما يؤذيان أو يعديان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(11/9902)
صلاة الجماعة للخباز والعجان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مخبز، ويأتي وقت الصلاة أثناء العمل، فهل أترك العمل وأذهب إلى المسجد للصلاة، مع العلم بأنه إذا ترك العجين أو الخبز في الفرن قد يفسد، ومعي آخرون يعملون معي، فهل نصلي جماعة في المخبز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنكم تصلون في المسجد جماعة، ويمكنكم الجمع بين الصلاة وبين الحفاظ على عدم فساد الخبز، وذلك بأن لا تضعوا شيئاً منه قبيل إقامة الصلاة وإذا قدر أنكم وضعتم شيئاً وخشيتم فساده إذا ذهبتم لصلاة الجماعة في المسجد، فإنكم تصلون جماعة في مكانكم، وتكونون قد حصلتم أجر الجماعة، لأنه لا يشترط في تحقق الجماعة المسجد عند جماهير أهل العلم، ومنهم أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة وبإمكانكم كذلك أن تبقوا من يصلح الخبز ويذهب البقية، وهو معذور لأن من الأعذار المبيحة للتخلف عن صلاة الجماعة عند طائفة من أهل العلم خشية الضرر في المعيشة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(11/9903)
أمور لا تمنع من حضور الجماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بالأمس بإرسال سؤال إلى حضراتكم حول المسجد التركي وما أجده منهم في الصلاة ولكني قد نسيت أن أخبر حضراتكم أيضا عن شيء آخر وهو أنهم آثناء الصلاة لا يساوون الصفوف وعند الانتهاء يبدأون بالتسبيح الجماعي ويقوم أحدهم بذلك وهذا أيضا يحرمني من أن أقوم ببعض الأدعيه مثل الاستغفار، واللهم أعنا على ذكرك وحسن عبادتك، واللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا راد لما قضيت ولا ينفع ذا الجد منك الجد. وهكذا والآن أرجو من حضراتكم ضم هذه الرسالة إلى السابقة وإعطائي حلا لما أنا فيه. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الإجابة عن سؤالك الأول أنه لايجب عليك الذهاب إلى المسجد المذكور لأسباب ذكرناها في تلك الاجابة، ولكن إذا أردت أن تذهب إلى المسجد المذكور فلا يعتبر ما ذكرت من عدم تسوية الصفوف والتسبيح الجماعي برفع صوت أو غيره مانعا من حضور الجماعة معهم ما داموا يصلون الصلاة بأركانها وواجباتها. لأن الأذكار التي ذكرت أنهم يشوشون عليك عند قراءتها مستحبة وليست واجبة، وبإمكانك أن تخرج من المسجد بعد الصلاة وتكمل أذكارك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(11/9904)
هل على البدو الرحل صلاة جمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله العلي العظيم أن يجزي القائمين على الشبكة الاسلامية خير الجزاء إنه على كل شيء ٍقدير
السؤال
هل على البدو الرحل صلاة جمعة علماً بأنهم أكثر من عشرين رجلا ويقيمون في مكان واحد في أيام الصيف
لمدة أربعة أشهر وفي أيام الربيع يرحلون للبحث عن المراعي الخصبة من مكان إلى مكان
أفيدوني جزاكم الله ألف خير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فإن من شروط الجمعة عند الجمهور وجود قرية مبنية بما جرت العادة بالبناء به من حجر أو طين أو لبن أو قصب أو نحوه، وبشرط الإقامة فيها أكثر السنة بأن كانوا يقيمون فيها صيفاً وشتاء، قال ابن قدامة في المغني فأما أهل الخيام وبيوت الشعر والحركات فلا جمعة عليهم ولا تصح منهم لأن ذلك لا ينصب للاستيطان غالباً، وكذلك كانت قبائل العرب حول المدينة فلم يقيموا جمعة ولا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان ذلك لم يخف، ولم يترك نقله، مع كثرته وعموم البلوى به، لكن إذا كانوا مقيمين بموضع يسمعون النداء لزمهم السعي إليها كأهل القرية الصغيرة إلى جانب مصر. انتهى.
وبه تعلم أن أهل البدو لا جمعة عليهم في قول جمهور الفقهاء إلا إذا كانوا تبعاً لقرية أو مصر بحيث يسمعون النداء؛ وقد رأى بعض أهل العلم أنها تصح من أهل البدو- وكنا قد ذكرنا شروط الجمعة ودليل القول بصحتها من أهل البدو في الفتوى رقم 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1425(11/9905)
الجمعة في المكان غير المستوطن
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من المستخدمين بشركة نفطية نشتغل في حقل نفطي وبه مسجد كامل المواصفات وعدد الموجودين بالحقل أو بالأحرى عدد المصلين يفوق الثلاثين مصليا، علما بأن هذه منطقة نفطية ممنوعة على عامة الناس ونقوم فيها مدة تتراوح ما بين 15 يوما إلى 25 يوما والإجازة لمدة من 7 أيام 20 يوماً علما بأن الإقامة بدون عائلات أي لا توجد بها عائلات، نرجو منكم إعلامنا. وجزاكم الله عن كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمتم تقيمون في محل العمل أربعة أيام بغير يومي الدخول والخروج فأكثر فلكم حكم المقيمين فلا يجوز لكم الجمع ولا القصر، وأما صلاة الجمعة فإن كانت الشركة التي تعملون بها ليست قريبة من مكان تقام فيه الجمعة، ولم يكن بها مستوطنون تجب عليهم الجمعة، فليس عليكم صلاة الجمعة وإنما عليكم صلاة الظهر، وأما إن كانت الشركة قريبة من مكان تقام فيه الجمعة بحيث تسمعون الأذان، أو كان معكم مستوطنون بها ممن تجب عليهم الجمعة، فتجب عليكم صلاة الجمعة بالتبع للمستوطنين بالبلدة أو الشركة لأن من شروط صحة الجمعة أن تقام في البلد المستوطن وبأربعين عند طائفة من أهل العلم، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: قال أصحابنا: يشترط لصحة الجمعة أن تقام في أبنية مجتمعة يستوطنها شتاء أو صيفا من تنعقد بهم الجمعة، قال الشافعي والأصحاب: سواء كان البناء من أحجار أو أخشاب أو طين أو قصب أو سعف أو غيرها، وسواء في البلاد الكبار ذوات الأسواق، والقرى الصغار، والأسراب المتخذة وطنا، فإن كانت الأبنية متفرقة لم تصح الجمعة فيها بلا خلاف، لأنها لا تعد قرية، ويرجع في الاجتماع والتفرق إلى العرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(11/9906)
هل يعذرالعاجزعن النزول إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أقطن في الدور السادس ويؤذن للصلاة وأنا لا أستطيع أن أنزل وأصعدعشر مرات يوميا لكبر سني، فهل يعد هذا عذرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت عاجزاً عن النزول للصلاة مع الجماعة ثم الصعود إلى مسكنك، ولا توجد مصاعد كهربائية ونحوها تستعين بها فلا حرج عليك في الصلاة في بيتك، وأجمع أهل بيتك الذين لا يجب عليهم الذهاب إلى المسجد فصل بهم وسيحصل لك بإذن الله فضل صلاة الجماعة.
وإن كنت تستطيع النزول لبعض الصلوات دون بعض فافعل ما في وسعك، لأن الميسور لا يسقط بالمعسور، وأنت أدرى بنفسك فاتق الله ما استطعت، فقد قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1425(11/9907)
التخلف عن الجماعة بسبب بكاء الصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي ابن يبلغ من العمر سنتين عندما أريد الذهاب إلى المسجد لصلاة الجماعة يمسك بي ويريد الخروج معي وهو يبكي ويصرخ إن لم أخرجه معي، فلا أستطيع الذهاب إلى المسجد بسبب ذلك، مع العلم بأني لا أستطيع أخذه معي إلى المسجد خوفاً من تسببه في أذى للمصلين، فما الحكم في تركي لصلاة الجماعة، علماً بأن ذلك ليس في كل الأوقات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبة إلا من عذر، وما ذكر في السؤال فليس بعذر يبيح ترك الجماعة، لأنه يمكنك أن تجعل أمه أو غيرها ممن في البيت يلهيه بشيء ثم تخرج إلى الصلاة؛ إلا إذا تضرر بالبكاء تضرراً معتبراً حقيقة، وليس مجرد بكاءٍ وصراخ طبيعيين، فلا حرج عليك في الصلاة في البيت والسعي إلى حيلة بها تتخلص منه، وسيترك ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(11/9908)
ليست الدراسة عذرا شرعيا يسوغ التخلف عن الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أكمل دراستي للحصول على لقب أول وأتعلم في جامعة عبرية لأني من عرب 48 وملتزم بنظامهم وهكذا برنامجهم ويعملون في يوم الجمعة وأنا ملتزم بالصلوات، ولكن بسبب تعليمي انشغلت عن صلاة يوم الجمعة أغلب الأحيان هل هذا يجوز أو أترك تعليمي ولا يوجد مكان آخر أفضل، وأرجو إجابتي في هذه النقطة بالذات وليس بشكل عام؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أخي السائل التخلف عن صلاة الجمعة لأجل الدراسة، وذلك أن صلاة الجمعة واجبة على الرجال المقيمين القادرين على حضورها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة:9} .
والتخلف عنها من غير عذر شرعي كبيرة من كبائر الذنوب، ففي صحيح مسلم من حديث ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين.
وروى النسائي وأبو داود وغيرهما عن أبي الجعد الضمري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه. وصححه الألباني.
فالواجب الحذر من التخلف عن الجمعة والجماعات في الصلوات من غير عذر شرعي، وعلى من وقع في ذلك التوبة إلى الله عز وجل، قال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:31} .
والأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة وصلاة الجماعة هي ما ذكره صاحب الزاد بقوله: ويعذر بترك جمعة وجماعة مريض، ومدافع أحد الأخبثين ومن بحضرة طعام محتاج إليه، وخائف من ضياع ماله أو فواته أو ضرر فيه أو موت قريبه، أو على نفسه من ضرر أو سلطان أو ملازمة غريم ولا شيء معه، أو من فوات رفقته أو غلبة نعاس أو أذى بمطر ووحل بريح باردة شديد في ليلة مظلمة. انتهى.
وهذه الاعذار المذكورة لها دلائلها في السنة، وأما الدراسة فليست عذراً في ترك الجمعة مع ما للدراسة من أهمية، ولكننا لم نقف على من عدها من الأعذار في ترك الجمعة، ويمكنك أن تدرس في إحدى الجامعات التي لا يتعارض وقتها مع وقت عبادتك التي هي رأس مالك، وسر وجودك، ومصدر سعادتك في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(11/9909)
التلبية واجبة على سامع النداء
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛
أصلي في اليوم صلاتين فقط بالمسجد، لأن الصلوات الباقية أكون وقتها موجودا في العمل، وأدعو ربي دائما أن يرزقني جميع الصلوات في جماعة. فهل هناك دعاء وارد لمثل حالتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أداء الصلوات الخمس مع الجماعة واجب على الرجال الذين لا عذر لهم من مرض وغيره من الأعذار الشرعية، والأدلة على ذلك كثيرة.
منها: ما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استأذنه أعمى لا قائد له أن يرخص له أن يصلي في بيته، قال: هل تسمع النداء؟ فقال: نعم. قال: فأجب. فهذا الحديث ظاهر الدلالة على وجوب إجابة المنادي لمن يسمع النداء، ولو كان موظفا في مكان عمله، إلا أن يترتب على حضوره الجماعة وتركه عمله ضياع العمل الذي وكل بحفظه، فيكون حينئذ من أهل الأعذار المأذون لهم في التخلف عن صلاة الجماعة، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: وما العذر يا رسول الله؟ قال: خوف أو مرض، لم يقبل الله منه الصلاة التي صلى. رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي ,وصححه الألباني.
والخوف الذي هو من أعذار التخلف عن صلاة الجماعة لا فرق فيه بين الخوف على النفس والخوف على المال.
ومما يجدر التنبيه له أنه لا ينبغي للمسلم أن يبقى في عمل يؤدي إلى فوات صلاة الجماعة أو الجمعة بصفة دائمة ما لم يكن مضطرا له، بل الواجب عليه هو البحث عن عمل بديل لا يؤدي إلى ذلك.
ولا نعلم دعاء معينا في الشرع يقال لتيسير ذلك الأمر، ولكن يدعو الإنسان بأي لفظ يحقق المقصود، كقوله مثلا: اللهم يسر لي عملا أستطيع معه الصلاة في الجماعة. ونسأل الله لنا ولك التوفيق وأن لا يحرمك أجر ما تمنيت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1425(11/9910)
حكم التخلف عن الجمعة بسبب الحر أو عدم توفر آلة النقل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعذر في ترك الجمعة من استصعب الذهاب لها في حر الشمس حيث إنه لم تتوفر آلة نقل في ذلك اليوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق العلماء على أن السعي إلى صلاة الجمعة فرض عين عندما تتوفر شروط وجوبها، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [سورة الجمعة: 9] .
ولا يجوز للمسلم أن يتخلف عن صلاة الجمعة إلا لعذر شرعي، من سفر أو مرض أو مطر، ومن تخلف عنها من غير عذر فهو آثم، وقد عرض نفسه للوعيد، ومن الأدلة على ذلك حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن قوم يتخلفون عن الجمعة: لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم. رواه مسلم وأحمد.
وحديث أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين. رواه مسلم، وأحمد، والنسائي. ومعنى: (ودعهم) : تركهم، ومعنى: (يختم على قلوبهم) أي: يطبع على قلوبهم، ويحول بينهم وبين الهدى والخير.
وفصل العلماء في بيان من تجب عليه الجمعة ومن لا تجب؟ وقالوا: تجب صلاة الجمعة على المسلم الحر العاقل البالغ المقيم القادر على السعي إليها، فإذا كانت هذه الأوصاف متحققة فيك، فلا تعذرفي ترك السعي إلى الجمعة لمجرد توقي حر الشمس، أو عدم توفر آلة نقل إلا إذا كان المشي في الحر من غير ركوب فيه مشقة كبيرة غير معتادة، أو يخشى منه حدوث ضرر محقق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1425(11/9911)
هل يعذر من يعمل في البحر في التخلف عن حضور الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب يطيع الله ويطلب من حضرتكم فتوى: أنا أعمل كربان صيد في المراكب.
عملي الآن في شركة للملاحة، تدوم الرحلة في البحر على الباخرة حوالي 30 يوما أي شهرا، أي أنني لا أستطيع حضور صلاة الجمعة في المسجد ثلاث أو أربع مرات على التوالي.
فأنني أرجو من حضراتكم نصحي أو إمدادي بفتوى، هل يجوز لي العمل في الباخرة بهذه الصفة أم لا.
والله المستعان وولي التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يعينك على شكره وحسن عبادته وأن يثبتك عليها
وأما جواب سؤالك فإنه لا مانع من العمل في هذه الوظيفة ولست مخاطباً بحضور الجمعة مادمت مسافراً على متن الباخرة، فإذا رجعت إلى بلدك ولم تكن مريضاً ولا معذوراً شملك الخطاب القرآني القائل: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ] (الجمعة: 9)
وانظر في أحكام المسافر على السفينة الفتوى رقم: 12196، والفتوى رقم: 17450، والفتوى رقم: 697.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1425(11/9912)
ماهية الإرهاق الذي يبيح التخلف عن الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع أن أصلي الفجر في المنزل عندما أكون متعباً خاصة عندما أكون قد سهرت في الليل على المذاكرة ويصيبني بعض التعب، فهل أستطيع أن أصلي في المنزل الفجر في وقته قبل أن يقيم المؤذن للصلاة أي قبل أن تقام الصلاة في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن المسلم مطالب بالصلاة في المسجد مع الجماعة، وانظر الفتوى رقم: 12659.
وقد روى ابن ماجه بسند صحيح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر.
ومن كان له عذر، فإنه لا حرج عليه أن يصلي مع أهل بيته جماعة ليحصل له أجر الجماعة، فإن كان لا يوجد من يصلي معه صلى منفرداً بعد دخول وقت الصلاة.
والأصل أن الإرهاق ليس عذراً في ترك الجماعة في المسجد، إلا إذا بلغ بالشخص مبلغاً عظيماً بحيث قد يتعثر في طريقه ونحو ذلك، فإنه لا حرج عليه والحالة هذه أن يصلي في بيته، إلا أننا ننبه هنا إلى أنه لا ينبغي للشخص أن يرهق نفسه بالسهر ثم يتخلف عن الجماعة، ويتخذ ذلك عادة له ومن فعل ذلك فقد حرم نفسه خيراً عظيماً، فقد روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة أحدكم في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعاً وعشرين درجة، وذلك بأنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لا ينهزه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع بها درجة أو حطت عنه بها خطيئة، والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه: اللهم صل عليه اللهم ارحمه، ما لم يحدث فيه، ما لم يؤذ فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1425(11/9913)
من الأعذار في ترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[مند مدة ليست بالوجيزة وأنا أشعر بحساسية في جسدي وذلك إذا ما مسني أي شخص ,أي تلامس جسدي بجسده أيا ما كان جنسه أو سنه, وأنا لا أعرف السبب، ابتدأ الأمر من حوالي شهرين عندما كنت أصلي جماعة في المسجد ,أولا في رجلي ليتسرب إلى سائر جسدي, وهذا ما ضايقني كثيرا وهواستشعاري بإحساس من يصلي بجانبي باهتزازات في رجلي , ظنت في الأول أنه مجرد وسواس ولكن مع استمرار حدوث هذا وجدتني بدأت أتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد إلا يوم الجمعة فأنا أتحمل عبئي وأذهب للصلاة , طبعا ليس الأمر سهلا، فمع الوقت بدأت أؤخر الصلاة عن وقتها وخصوصا صلاة الفجر, فما العمل! أحب الصلاة في المسجد (والله أعلم) هذه الصلاة التي هي فرض على كل من ليس له عذر , وهل هذا عذر لي؟ أتمنى أن أجد عندكم جوابا لسؤالي والله ولي التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أداء الصلوات الخمس مع الجماعة واجب على الأعيان القادرين، على الراجح من أقوال أهل العلم، والأدلة على ذلك كثيرة، منها ما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استأذنه أعمى لا قائد له أن يرخص له أن يصلي في بيته، قال: "هل تسمع النداء؟ " فقال: نعم، قال " فأجب" فالحديث ظاهر الدلالة على وجوب إجابة المنادي لمن يسمع النداء،
إلا إذا كان من أهل الأعذار المأذون لهم في التخلف عن صلاة الجماعة كالمريض لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر" قالوا: وما العذر يا رسول الله؟ قال: " خوف أو مرض، لم يقبل الله منه الصلاة التي صلى " رواه الإمام أحمد والحاكم.
وقال النووي في المجموع: قال أصحابنا: ومن الأعذار في ترك الجماعة أن يكون به مرض يشق معه القصد, وإن كان يمكن لأن عليه ضررا في ذلك وحرجا، وقد قال الله تعالى: [وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ] (الحج: 78) فإن كان مرض يسير لا يشق معه القصد كوجع ضرس, وصداع يسير, وحمى خفيفة, فليس بعذر، وضبطوه: بأن تلحقه مشقة كمشقة المشي في المطر. أ. هـ
ولا شك أن مجرد إحساس قشعريرة تحدث بسبب الاصطفاف مع المصلين أخف من الصداع ووجع الضرس، لذلك ننصح الأخ بالحرص والمواظبة على صلاة الجماعة، وما ذكره من تأخير الصلاة عن وقتها الطارئ عليه هو نتيجة حتمية للتكاسل عن الصلاة في الجماعة، فالشيطان عدو الإنسان الذي لا ينفك في تثبيطه وصده عن ذكر الله تعالى وعما ينفعه في دينه ودنياه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية، وإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة والعامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(11/9914)
التخلف عن الجماعة لعاهة مستديمة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سؤالي هو أني أعاني من عاهة مستديمة وغريبة فعند ذهابي للمسجد في أوقات الصلاة أتعرض لأسئلة من بعض المصلين عن سببها وبعض المصلين يشخص نظره فيَّ لفترات طويلة والبعض ينظر إلي بضحك وبعض الأولاد الصغار يسبوني بذكر مكان العاهة وهذه العاهة سببت لي عقدة نفسية من الناس فصرت أصلي في وقت الصلاة في البيت لكي لا يحدث إحراج لأن هذا يسبب لي حالة ضعف وأحس أني ناقص عن بقية الناس فهل صلاتي في البيت جائزة ولا آثم على ذلك، أفيدوني على إيميل جزاكم الله كل خيرـ وقال لي شيخ يشك أن هذه العاهة بسبب عين أو حسد ولم أجد من يرقيني فكيف أرقي نفسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أداء الصلوات الخمس مع الجماعة واجب على الأعيان القادرين، والأدلة على ذلك كثيرة منها -على سبيل المثال- ما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استأذنه أعمى لا قائد له أن يرخص له أن يصلي في بيته قال: "هل تسمع النداء؟ " فقال: نعم، قال " فأجب " فالحديث ظاهر الدلالة على وجوب إجابة المنادي لمن يسمع النداء، إلا إذا كان من أهل الأعذار المأذون لهم في التخلف عن صلاة الجماعة كالمريض لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر " قالوا: وما العذر يا رسول الله؟ قال: " خوف أو مرض، لم يقبل الله منه الصلاة التي صلى " رواه الإمام أحمد والحاكم.
قال ابن قدامة في المغني: (ويعذر في تركهما- يعني الجمعة والجماعة- المريض في قول عامة أهل العلم. قال ابن المنذر: لا أعلم خلافا بين أهل العلم أن للمريض أن يتخلف عن الجماعات من أجل المرض , وقد روى ابن عباس , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر. قالوا: وما العذر يا رسول الله؟ قال: خوف أو مرض. لم تقبل منه الصلاة التي صلى} . رواه أبو داود. وقد {كان بلال يؤذن بالصلاة ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مريض فيقول: مروا أبا بكر فليصل بالناس} . أهـ
وقال النووي في المجموع قال أصحابنا: ومن الأعذار في ترك الجماعة أن يكون به مرض يشق معه القصد , وإن كان يمكن لأن عليه ضررا في ذلك وحرجا، وقد قال الله تعالى -: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} فإن كان مرض يسير لا يشق معه القصد كوجع ضرس , وصداع يسير , وحمى خفيفة , فليس بعذر وضبطوه: بأن تلحقه مشقة كمشقة المشي في المطر , أ. هـ
قال السيوطي في الأشباه والنظائر (الأعذار المرخصة في ترك الجماعة نحو أربعين، المطر مطلقا، والثلج إن بل الثوب، والريح العاصف بالليل وإن لم يظلم، والوحل الشديد، والزلزلة والسموم وشدة الحر في الظهر، وشدة البرد ليلا أو نهارا، وشدة الظلمة ذكرها المحب الطبري هذه عامة، والباقية خاصة المرض والخوف على نفس أو مال ... إلى أن قال: أو في طريقه من يؤذيه بلا حق ولو بشتم ولم يمكن دفعه، نقله الأذرعي.) أ. هـ
وعليه؛ فلا حرج أن تصلي في بيتك إن كان هذا المرض يسبب لك حرجا شديدا.
وننصحك بأمرين:
الأول: أن تحرص على أن تصلي جماعة في بيتك ولو مع واحد من أفراد أسرتك. قال في أسنى المطالب: (قال الإسنوي: وإنما يتجه جعل هذه الأمور أعذارا لمن لا تتأتى له إقامة الجماعة في بيته وإلا لم يسقط عنه طلبها لكراهة الانفراد للرجل، وإن قلنا إنها سنة، قال في المجموع: ومعنى كونها أعذارا سقوط الإثم على قول الفرض، والكراهة على قول السنة؛ لا حصول فضلها)
الثاني: حضورك للصلاة في المسجد وصبرك واحتسابك ما يصلك من الأذى في سبيل الله خير لك، ولعل الناس يعتادون على رؤيتك ويصير ذلك أمرا طبيعيا، فمن خلال الواقع نشاهد أن كثيرا ممن ابتلاهم الله عز وجل بأنواع من العاهات والتشوهات الخلقية عندما خالطوا الناس ولم يعبأوا بكلام الناس ولا بنظرهم إليهم صار الأمر عاديا واندمجوا في المجتمع، وربما صار هذا التشوه الخلقي فيهم سببا في حب الناس لهم واحترامهم على صبرهم وجلدهم، فلا ننصحك أخي بالعزلة عن الناس والمجتمع بل كن شجاعا صابرا متحملا ما يصلك من الأذى بنفس واثقة وصدر رحب واستعن بالله ولا تعجز، واعلم أنما هو ابتلاء من الله ليرفع به درجاتك ويعظم به حسناتك، واطلب الدواء إن تيسر عند أهل الطب إن كان مرضا عضويا، وإن كان عينا أوحسدا فاذهب إلى من يرقيك، فإن لم تجد فارق نفسك والرقية الشرعية يمكنك الاطلاع عليها في الفتوى رقم: 13277
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(11/9915)
حكم التخلف عن الجماعة لوجود أناس يتحاكمون إلى الطاغوت
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الإسلام في صلاة الجماعة بالمسجد في وقتنا هذا وفي دولة تحكم بغير شرع الله ومن المحتمل تواجد بعض الأشخاص (في الصلاة) من المحتمل أن يكونوا تحاكموا للطاغوت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة في المسجد مطلوبة من المؤمنين في كل زمان وفي كل مكان، وقد ذكر العلماء الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة ولم يذكروا منها احتمال وجود بعض الأشخاص الذين يتحاكمون إلى الطاغوت، ويدل لعدم كون ذلك عذرا أن الصحابة كانوا يحافظون على الصلاة في المسجد النبوي مع وجود المنافقين في المسجد، ومن المعلوم أن المنافقين وصمهم القرآن بالتحاكم إلى الطاغوت، وفيهم نزل قول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (النساء: 60-61) .
ولم يذكروا أيضا من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة كون الإنسان في دولة تحكم بغير شرع الله، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 34577.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1425(11/9916)
مريض الحساسية.. وحضور الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من حساسية جلدية لا أعرف مسبباتها تنتابني في بعض الأحيان في أوقات متفرقة مسببة لي حكة شديدة مزعجة في كافة أنحاء الجسم فأظل أحك بشكل متواصل ولا أستطيع التركيز، مع أني ذهبت للطبيب ووصف لي أدوية ولكنها لم تجد، وقد تصادف نوبة الحساسية، وقت الصلاة، فهل هناك حرج إن صليت في البيت، حيث إني لا أستطيع الاستقرار على حالة خشوع وتركيز تام بسبب الهرش.
أفيدوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك أن تصلي في البيت في الأوقات التي تنتابك هذه الحساسية والحكة التي وصفتها إذا كانت تشوش على المصلين أو يشق عليك حضور الجماعة معها، ونسأل الله أن يشفيك حيث إن المرض من الأعذار المبيحة لترك صلاة الجماعة.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 19552.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(11/9917)
يتعين على المسلم السالم من العذر حضور الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب علم نادر التخصص.. وحساس للمسلمين..لمدة سنة.. أنا وزوجتي وطفلي الصغير..عندنا مساجد كثيرة.. ولكن ظروف الأخبار والأمن.. تستوجب عدم الاختلاط بكثير من المسلمين.. وعدم توفر سيارة لي للذهاب للمسجد.. والمشي فجرا وليلا صعب أيضا.. هل أنا في حكم السفر؟ هل أنا مسافر؟؟ أجمع صلاتي وأصليها وأهلي في البيت حماعة؟ وما حكم الجمعة أيضا؟ هل علي جمعه إن كنت مسافرا؟؟ أفيدونا ولكم منا الدعاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التخلف عن صلاة الجماعة لمن يسمع النداء إلا من عذر كالمرض أو الخوف على النفس أو المال، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده؛ لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده؛ لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء.
فصلاة الجماعة واجبة يتعين على المسلم السالم من العذر حضورها على الراجح من أقوال أهل العلم، وأما التخلف عن صلاة الجمعة فهو أشد خطرا وأعظم إثما، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين. رواه مسلم.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 9495، 32811، 36118.
وأما من نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر في بلد فلا يأخذ حكم المسافر، وعليه أن يتم الصلاة ويصليها في وقتها بدون جمع، وكذلك يمنع له الفطر في رمضان، هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتاوى التالية: 14668، 4785، 6215.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(11/9918)
الموظف.. وصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل موظفاً بإحدى شركات الغاز ومن متطلبات عملي العمل بنظام الورديات، حيث أكون المسؤول الوحيد بالشركة الذي يتلقى شكاوى المواطنين وبلاغات طوارئ الغاز، وتتصادف مواعيد عملي مع صلاة الجمعة، ولظروف العمل ولطبيعته لا أستطيع أن أصلي الجمعة ويتكرر ذلك مرتين في الشهر، قل لي بالله عليك ماذا أفعل في هذه الحالة، وهل أعتبر تاركاً لصلاة الجمعة عن عمد مع الأخذ في الاعتبار استحالة ترك مكاني والذهاب للصلاة في الجماعة، وهل علي وزر وماذا يجب علي لكي أكفر عن ذلك الوزر؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم التخلف عن صلاة الجمعة بسبب العمل، في الفتاوى ذات الأرقام التالية فنرجو الاطلاع عليها: 8688، 44018.
ومنه يتبين للسائل أنه إن كانت الحاجة الداعية لبقائه في العمل وقت الجمعة لدفع خطر عن الناس أو لحفظ الأموال فلا حرج عليه في ترك الجمعة لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1425(11/9919)
حكم التخلف عن الجمعة لأجل العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ... ... ... ... بسم الله الرحمن الرحيم
أما عن سؤالي: فأناموظف في قطاع الدولة وأداوم على نظام الورديات وتمر علي أيام الجمع وأنا في حالة دوام وأنا أمام عدة خيارات
1-إما أن أتغيب وأتحمل مسؤلية غيابي
2-وإما أن أحصل على إجازة مسبقة وهذا غير متوفر في أغلب الأيام
3-وإما أن أهرب بطريقة معينة وأنا في حالة الدوام
علما بأنني طبقت هذه الطرق كلها ولكنني غير منشرح
ما الحكم وما الحل.......أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم على من تلزمه الجمعة التخلف عنها إلا لعذر معتبر كمرض أو سفر ونحوهما، أما التخلف عنها من أجل العمل فلا يجوز إلا إذا كان العمل يستدعي بقاء بعض الأفراد ضرورة كالطوارئ في المستشفى أو الحراسة ونحو ذلك.
فلا حرج في أن يتخلف من تسد به الحاجة حسب النظام المتبع في العمل، ولا حرج على من وقع عليه الاختيار في التخلف.
أما إذا كان العمل لا يستدعي بقاء أحد فالواجب على العامل في هذا القطاع أن يعلم مسؤوليه بأنه سيذهب لصلاة الجمعة، فإما أن يمنحوه إجازة أو يحسب عليه غياب ويخصم من أجره، وإما أن يفصل من العمل، وفي حالة الفصل من العمل ينبغي له أن يبحث عن عمل آخر، ويتوكل على الله ويوقن بأن من اتقى الله رزقه الله من حيث لا يحتسب، وأن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(11/9920)
هل يسوغ ترك الجماعة لمتخوف من الإمامة لدى تغيب الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا جار للمسجد وبعض الأحيان لا يأتي الإمام وحتى المؤذن إلى الصلاة ويبقى المسجد مقفلا وأنا أخجل أن أؤم بالمصلين لأن صوتي عند قراءة القرآن فيه تأتأة وأرتبك فهل علي إثم أفيدوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي لك التأخر عن المسجد خوفا من أن تؤم المصلين في حال عدم حضور الإمام أو المؤذن، لأنك جار المسجد، وحضورك يشجع آخرين، فعليك أن تحضر ولا تتغيب، فإذا جاء المؤذن أو الإمام فقد كفيت الأمر، وإن لم يأت أحد منهما، فأذن وصل بالناس ولا تستسلم للخجل، فإنه من الحياء المذموم الذي يمنع صاحبه من القيام بالأعمال الصالحة، وتوكل على الله وأخلص لله، فإنك توفق في قراءتك إن شاء الله تعالى، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ما من ثلاثة في بدو ولا حضر لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية. رواه أبو داود في سننه، وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(11/9921)
حكم التخلف عن الجماعة لخدمة الأم المريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي مريضة بجلطة في رجلها ولا تستطيع الحركة من السرير إلا لدخول الخلاء فقط بناء على أمر الطبيب وبسبب آلامها وأنا مواظب على صلاة الجماعة تقريبا فهل أذهب للصلاة في المسجد أم أصلي في البيت علما بأنني القائم على خدمتها وحدي أفتوني في أسرع وقت جزاكم الله خير الجزاء عني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت والدتك تحتاج دائماً إلى قربك منها لخدمتها ورعاية شؤونها فأنت معذور -إن شاء الله تعالى- في التخلف عن صلاة الجماعة، كما نص على ذلك أهل العلم، قال الشيخ الخرشي في شرحه لمختصر خليل أثناء ذكره الأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة: ومنها: التمريض لمن يخاف عليه الموت، ويخشى عليه الضيعة، لكن تمريض القريب الخاص وإن لم يخف عليه الموت ولم يترتب على ترك تمريضه ضياع. انتهى.
أما إذا كانت تقدر على أن تستقل بأمورها أثناء غيبتك عنها فعليك الحضور إلى صلاة الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(11/9922)
مسجد لا إمام ولا مؤذن له.. هل تجب الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[يبعد المسجد عن منزلي حوالي 1300 متر، علماً بأن المسجد ليس رسمياً وإنما متبرع به شخص والأرض متبرع بها شخص آخر، والمسجد عبارة عن بيت جاهز والإمام ليس رسمياً ولا يوجد به مؤذن رسمي، وعندما أذهب للصلاة لا أجد أحداً وغالباً في صلاة الفجر، فهل تلزمني الصلاة في هذا المصلى أو أصلي جماعة مع أهل بيتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الفريضة يجب أداؤها جماعة في أي مسجد على الرجل المستطيع الذي يسمع النداء، ولا يجوز له أن يصلي في البيت إلا لعذر على الصحيح من أقوال أهل العلم، فالله لم يرخص في تركها وقت الخوف ونشوب الحرب، ولم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى في التخلف عنها إذا كان يسمع النداء حين سأله الترخيص، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28664.
ولا اعتبار لكون المسجد ليس رسمياً ولا لعدم وجود إمام راتب أو مؤذن فيه، وإنما المعتبر المسافة التي يشق معها حضور الجماعة، والمشقة تختلف باختلاف الناس، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 30606، والفتوى رقم: 5367.
وبناء على هذا.. فإن كنت تستطيع الصلاة في المسجد المذكور بلا مشقة شديدة فعليك أن لا تنقطع عنه، وأن تؤذن فيه في الأوقات التي لا يوجد فيها مؤذن، ثم إذا عرفت أنه في بعض الأوقات كالصبح مثلاً لا يحضر أي أحد يحصل به فضل الجماعة، فلا مانع حينئذ من تحصيل جماعة في البيت، وكذا الحال إذا حصلت بالذهاب إليه مشقة شديدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(11/9923)
هل يترك الجمعة لأجل الامتحان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الكرام، أنا طالب ثانوية عامة وسوف أقدم امتحان لغة إنجليزية توفل في شهر مارس إن شاء الله، هذا الامتحان عالمي ويصادف يوم الامتحان يوم الجمعة ووقت الامتحان يكون من الساعة 9 صباحاً إلى 1 ظهراً، هذا يعني أنني لن أصلي صلاة الجمعة، فما حكم هذا، أتمنى الرد منكم على السؤال، وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن صلاة الجمعة فريضة واجبة بالكتاب والسنة، وقد ثبت الوعيد الشديد المترتب على تركها والتهاون بها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لينتهينّ أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين. رواه مسلم وغيره.
ولما رواه أصحاب السنن وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه. وأعذار التخلف عن الجمعة مذكورة في الفتوى رقم: 35578.
ثم ننبهك إلى أهمية بذل الجهد من أجل الجمع بين الأمرين حضور الامتحان وأداء الصلاة، وذلك عن طريق استغلال الوقت استغلالاً جيداً وتكييف الإجابة معه، فما دام الامتحان يبدأ التاسعة صباحاً وصلاة الجمعة تبدأ الساعة الثانية عشرة إلا قليلاً ففي هذا الوقت كفاية إن شاء الله تعالى.
وإن لم يمكن هذا وأصبحت بين خيارين: التغيب عن الامتحان أو ترك أداء صلاة الجمعة فالواجب المحافظة على صلاة الجمعة، وسيعوضك الله خيراً مما فاتك من امتحان، ومن اتقى الله تعالى جعل له من كل ضيق فرجا ومن كل هم مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب، وراجع الفتوى رقم: 36118.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/9924)
لا عذر في تفويت الجماعة لغير حاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أعمل في إنترنت كافية وأصبح 95% من المستخدمين شباب يلعب الـ games ويقوم بمضيعة الوقت وهذا عمل إضافي لي وهو يستهلك وقتي طوال الليل وأضطر أن أصلي المغرب منفردا بالمكان وأؤخر صلاة العشاء عند المغادرة فما حكم الشرع في هذا العمل ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أنه يجوز فتح مقهى للإنترنت وفقاً لضوابط معينة، تراجع في الفتوى رقم: 6075، وبما أن عملك في هذا المقهى المذكور بالسؤال يترتب عليه تفويت صلاة الجماعة، وهي واجبة على الرجال على الراجح من أقوال أهل العلم، فلا يجوز لك العمل فيه، لأن تفويتك الجماعة بلا حاجة، بالإضافة إلى أن هنالك محاذير أخرى، إذ قد تحدث لك فتنة في دينك بمخالطة هؤلاء الشباب الذين يرتادون مثل هذه الأماكن، والذين قلما يراعون ديناً أو خلقا. فدع هذا العمل، لاسيما وأنه عمل إضافي، واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (الطلاق: 2-3) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(11/9925)
يعذر من حضور الجماعة من به شيء يؤذي المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذي يحدث أصواتاً دائما من الفم نتيجة اضطرابات في المعدة يصلي في جماعة أم منفرداً مع العلم بأن الذي بجواره يتأذى من هذه الشوشرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي لمن به شيء يؤذي المصلين أن يحضر صلاة الجماعة في المسجد، سواء كان ذلك رائحة أو جشاء أو غير ذلك، ويصلي في بيته، ونسأل الله جل وعلا أن يكتب له أجر الجماعة مادام لم يتركها عمداً وإنما تركها لعذر، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 29697.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/9926)
رائحة الفم الكريهة.. ودخول المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مشكله تتمثل في أن رائحة فمي كريهة، وعندما أذهب للصلاة في المسجد أشعر بالحرج الشديد لأني أحس أني أضايق الآخرين، أرجو أن تدلوني على الحل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت رائحة فمك كريهة تؤذي من يقترب منك، فلا يجوز لك دخول المسجد حتى تزول تلك الرائحة، علما بأنه إذا كان يمكنك إزالتها وجب ذلك، لأن صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجال، على الصحيح من أقوال أهل العلم.
وراجع للأهمية الفتوى رقم: 6600.
وننصحك بالكتابة إلى قسم الاستشارات بالشبكة الإسلامية، وستجد عندهم إن شاء الله ما تنتفع به.
والله أعلم. ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(11/9927)
لا إثم على تخلف الإمام بعذر المرض
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مصاب بحساسية شديدة في الأنف ولا يستطيع أن يشهد صلاة الفجر لأنه في وقت الفجر بالذات تشتد به الحساسية فهل يصلي في البيت؟ علما بأنه إمام أفتونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحضور الرجل صلاة الجماعة في المسجد واجب على الراجح من أقوال أهل العلم يأثم تاركه، ويشتد الإثم إذا كان هذا الرجل إماماً يأخذ راتباً على إمامته ويستثنى من هذا من كان به عذر يبيح التخلف من خوف أو مرض، على ما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 9495، والفتوى رقم: 19552.
وعلى هذا فإن كان خروج هذا الإمام في الوقت المذكور يؤدي إلى وجود هذه الحساسية ولا وسيلة تجنبه إياها إلا عدم الخروج فإنه والحالة هذه يعتبر معذورا شرعاً في التخلف عن صلاة الصبح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(11/9928)
يجب الذهاب إلى الجمعة ولو منعه المسؤول
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم
فتوى في صلاة الجمعة
أنا أعمل في مؤسسة حكومية ويوم الجمعة أستأذن من المسؤول المباشر لي في العمل فيأذن لي بالذهاب، ولكن السؤال هو أن الشركة ليست على ملك المسؤول
فما هو الحكم في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجمعة واجبة على المكلف المخاطب بها، والتخلف عنها بلا عذر شرعي كالسفر أو المرض أو المطر من الكبائر، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 12816.
ومن كانت الجمعة في حقه فرضا فيجب عليه الذهاب إليها ولو منعه المسؤول عنه مباشراً كان هذا المسؤول أو غير مباشر، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما في الحديث: لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1425(11/9929)
حكم التخلف عن صلاة الجمعة بسبب العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل عند اليهود في مجال البناء وطلب مني أن أعمل يوم الجمعة ماذا أفعل، مع العلم بأن العمل في هذا اليوم إلى الساعة 12 وتكون الصلاة قد انتهت ولا توجد بلدة عربية قريبة لأداء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أن تتخلف عن حضور الجمعة للقيام بالعمل إلا في حال الضرورة، بحيث لا تجد قوتك وقوت من تعول في ذلك اليوم إلا بقيامك بالعمل وتخلفك عن الجمعة، وانظر الفتوى رقم: 13821، والفتوى رقم: 25643، والفتوى رقم: 4590.
وكلامنا هذا فيما إذا كانت الجمعة تلزمك، أما إن كنت مقيماً بمقر عملك ولا جمعة تقام وكنت لا تسمع النداء من القرية المجاورة، فلا تلزمك الجمعة وعليك أن تصلي الظهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(11/9930)
حكم ترك الجماعة حياء من ضيفه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم التأخر عن صلاة الجماعة في حالة حضور أحد الضيوف أو الزوار للبيت، مع عدم استطاعة تركهم لعدم وجود أحد من الرجال يجلس معهم ولا أستطيع أن آمرهم بالصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الصحيح من أقوال أهل العلم إلا لعذر شرعي، كما في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28664، 1798، 1415.
وهؤلاء الضيوف إن كانوا مقيمين في البلد فإنه تجب عليهم الصلاة في المسجد أيضاً، وكونهم ضيوفاً لا يسقط عنهم وجوب الصلاة في المسجد إذا سمعوا النداء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه من حديث ابن عباس وكذلك الحاكم وابن حبان وصححه الألباني.
وإذا علمت منهم التهاون في الصلاة أو في أدائها جماعة وجب عليك نصحهم، بالحكمة والقول اللين، والحياء في مثل هذا الموطن مذموم، ولا ينبغي أن تستحي من نصحهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، والله تعالى أحق أن يستحى منه، والصلاة أعظم أركان الدين بعد الشهادتين فلم لا تستطيع أن تأمرهم بالصلاة؟!!
وأما إن كانوا مسافرين فإن الأمر أهون، وذلك أن السنة في حق المسافر أن يقصر الصلاة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب القصر في الصلاة.
فإذا أرادوا أن يصلوا في البيت قصراً فنرجوا أنه لا حرج عليك في التخلف عن الصلاة في المسجد لأجل العذر، وذهب بعض العلماء إلى أن المسافر إذا سمع النداء وجب عليه أيضاً أن يأتيه، وانظر الفتوى رقم: 13317.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(11/9931)
حكم صلاة الجمعة في محل العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا مُدَرِّس بمدرسة الشيخ زايد الدولية بإسلام آباد في عاصمة باكستان، ومعروف أن يوم الجمعة في هذا البلد هو يوم دوام رسمي ماعدا وقت صلاة الجمعة، فان كل الدوائر الرسمية والمؤسسات المحلية والأجنية والسفارات تسمح لمنسوبيها بالصلاة في مسجد جامع تقام فيه الصلاة (صلاة الجمعة) خارج المؤسسة، وكذلك جميع المدارس تعطل وقت الصلاة وتسمح لمنسوبيها بأداء الصلاة خارج المدرسة، إلا أن مدرستنا لاتسمح لنا بذلك، مما جعلنا بداية الامر نصليها ظهرا داخل المدرسة رغم وجود مسجد يبعد عن المدرسة مسافة دقيقتين بالسيارة فقط، ثم أصبحنا تصليها جمعة (أي بخطبة + ركعتين) داخل المدرسة، وللمصلين العاملين بالمدرسة فقط وفي زاوية من المكتبة، لأنه لا يوجد بمدرستنا مصلى خاص ولا مسجد مخصص للصلاة لأنها جديدة وتتبع المنهج البريطاني في التدريس،،
فهل تصح صلاتنا هذه؟ أم أنه تجب علينا الصلاة في المسجد وخارج المدرسة؟ أفيدونا أفادكم الله..
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التخلف عن صلاة الجمعة لأجل الدراسة والعمل، كما هو مبين في الفتاوى التالية: 35578 / 36118 / 39796 / 31502.
ولا يحق لكم أن تصلوا الجمعة في المدرسة لأن تعدد الجمعة في البلد الواحد لغير حاجة لا يجوز، وما أنتم فيه ليس بحاجة لإمكان ترك العمل والدراسة في هذه المدرسة والتحول إلى مدرسة أخرى، كما يمكن أن ترفعوا الأمر إلى السلطات المعنية، ليلزموا أصحاب هذه المدرسة بالسماح للمدرسين والطلاب بصلاة الجمعة في وقتها في المسجد أسوة بغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1424(11/9932)
هل تجب صلاة الجمعة على معوق يتنقل بعكازين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب معوق حركيا أتنقل وحدي بواسطة عكازين هل تجب علي صلاة الجماعة والجمعة؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن الأعذار التي تبيح التخلف عن صلاة الجمعة المرض الشديد الذي يتعذر معه الذهاب للصلاة أو يشق مشقة زائدة، والذي يظهر من حالتك أنك تستطيع الحركة بواسطة هذين العكازين، فإن كان ذلك لا يشق عليك مشقة زائدة في نفس الحركة، أو لبعد المسجد، فلا يجوز لك أن تتخلف عن صلاة الجمعة، وإلا فأنت معذور يباح لك التخلف.
ولو اجتهدت في الحضور للمسجد محتسباً الأجر عند الله كان ذلك أفضل.
وراجع الفتاوى: 12816 / 7637 / 13099 / 25085
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1424(11/9933)
حكم صلاة الجمعة لمن يعمل بالصحراء
[السُّؤَالُ]
ـ[-ما حكم الجمعة إن كنا مسافرين (أي نعمل شهراً في الصحراء ثم نأخذ عطلة) فهل هي واجبة أم مستحبة في الفترة التي نقيم فيها في الصحراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت الصحراء التي تعملون بها ليست قريبة من مكان تقام فيه الجمعة، ولم يكن بها مستوطنون تجب عليهم الجمعة، فليس عليكم صلاة الجمعة وإنما عليكم صلاة الظهر.
وأما إن كانت الصحراء قريبة من مكان تقام فيه الجمعة بحيث تسمعون الأذان، أو كان معكم مستوطنون بها ممن تجب عليهم الجمعة، فتجب عليكم صلاة الجمعة بالتبع للمستوطنين بالبلدة أو الشركة، وبهذا أفتت اللجنة الدائمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/9934)
حكم التخلف عن صلاة الجماعة خوف الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي لا تسمح لي بالإزار وصلاة الفجر بحجة أن هذا يجلب الشبهة ويسبب مضايقة الدولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
إذا كان المقصود أن تقصير الإزار وحضور صلاة الجماعة في صلاة الفجر سيترتب عليهما حدوث ضرر معتبر شرعاً، كخوف على النفس -مثلاً- أو السجن المشتمل على مشقة فادحة، فيجوز ترك هذين الأمرين نظراً للضرورة، بشرط أن يكون الخوف مستنداً إلى سبب حقيقي وليس مجرد وهم، ونحيلك إلى مراجعة الفتوى رقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/9935)
هل يسوغ ترك الجماعة خوف الكلاب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم من يمنعه خوفه من الكلاب الضالة من أداء صلاة الصبح في المسجد، فيقوم بأدائها في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي أنه إذا كان هذا الخوف الذي ذكرت خوفاً حقيقياً، بحيث تخشى على نفسك ضرراً من هذه الكلاب، ولا تملك وسيلة لدفعها، فلا حرج عليك -إن شاء الله تعالى- في التخلف عن صلاة الجماعة في الأوقات التي يوجد فيها ذلك.
أما إن كان هذا الخوف مجرد هاجس نفسي لا يخشى منه ضرر، فليس ذلك عذراً كافياً للتخلف عن حضور الجماعة في المسجد، لأن الراجح من أقوال أهل العلم وجوب الصلاة جماعة في المسجد، وانظر الفتوى رقم: 26775، والفتوى رقم: 11306.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1424(11/9936)
صلاة الطبيب إذا اضطرللخروج من الجمعة ثم العودة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب ويحصل أن أكون مداوماً في المستشفى، وفي يوم الجمعة أحضر خطبة الجمعة في مسجد المستشفى، وحدث أكثر من مرة أن أخرجوني من المسجد لمعاينة حالة طارئة، هل يجوز أن أترك الخطبة، وإذا حدث أن أكملت الصلاة قبل عودتي هل أصلي ركعتين، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجمعة إنما تدرك بإدراك ركعة منها، وعلى هذا فإذا خرجت ثم عدت ولم تدرك منها ركعة، فالواجب عليك أن تصلي ظهراً، وراجع لمزيد من الفائدة عن التخلف عن صلاة الجمعة الفتوى رقم: 27099، والفتوى رقم: 18591.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(11/9937)
لا تجب الجمعة على المسافر
[السُّؤَالُ]
ـ[سافر رجل من دولة إلى آخرى بسيارته يوم الجمعة، وقد وافته صلاة الجمعة في مدينة بينهما فلم يصلها، بل صلى الظهر والعصر جمع تقديم، فما حكم صلاته صحيحة، لأن صلاة الجمعة غير واجبة على المسافر؟ 2- بما أن صلاة الجمعة فرض عين، وأنها قد وافته في مدينه بها مساجد، فيجب أن يصلي فيها؟ 3- بما أنه جمع الظهر والعصر في نفس المدينة، فمن الأوجب أن يصلي الجمعة فيها مع المصلين، أي الإجابات صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الرجل المذكور إن كان مسافراً مسافة قصر فلا تجب عليه الجمعة، قال ابن قدامة في المغني: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسافر فلا يصلي الجمعة في سفره، وكان في حجة الوداع بعرفة يوم جمعة فصلى الظهر والعصر وجمع بينهما ولم يصل جمعة. انتهى. وكذلك المسافر يجوز له الجمع بين الصلاتين المشتركتين في الوقت، بدليل ما رواه أبو داود والترمذي في سننيهما عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعاً، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء, وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب. وعليه فإن الرجل المذكور لا تجب عليه الجمعة لكونه مسافراً، كما يجوز له الجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم أو تأخير، لكن يبقى حكم سفره يوم الجمعة، وقد سبق ذكر ذلك في الفتوى رقم: 26271. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(11/9938)
من أعذار ترك الجماعة ملازمة الغريم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم،
كنت قد تقدمت بالسؤال رقم 596107، فأحلتموني على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9495، 12706، 14106 و 21009، ولكني لم أجد في هذه الفتاوى الجواب الشافي، فأنا أريد أن أعرف هل العمل ساعات إضافية زيادة على عملي الأصلي حتى أعجل بقضاء ديني يبيح لي ترك الجماعات خلال مدة العمل، لأني لا أستطيع الذهاب إلى المسجد في فترة العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينظر في هذا الدين، إن كان حالاً (حلَّ زمن سداده) فلك تحصيل المال لسداده، ولو أدى ذلك إلى تركك للجماعة.
قال الإمام الهيتمي في تحفة المحتاج: ويظهر في تحصيل تملك مال أنه عذر (في ترك الجماعة) إن احتاج إليه حالاً، وإلا فلا. انتهى.
أو خشيت أن تتضرر ببقائه في ذمتك، كأن تخاف أن يلزمك الدائن بسداده أو يشهر بك، أو لا تتمكن من سداده ما لم تعمل هذا العمل الإضافي، فلك في هذه الحال أن تعمل لسداده ولو أدى إلى ترك الجماعة.
فقد ذكر العلماء أن من أعذار ترك الجماعة الخوف من حبس أو ملازمة الغريم، وكذلك خوف الضرر من معيشة يحتاجها، فهذا الضرر مثله أو قريب منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1424(11/9939)
لا يجوز التخلف عن صلاة الجمعة بسبب الامتحان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا أدرس هنا فى كندا، ويأتي الامتحان وقت صلاة الجمعة، وإذا كانت هناك اختبارات فغالبا يوم الجمعة، هل أترك الامتحان أم أترك الصلاة، مع الأستناذ للدليل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا أنه لا يجوز التخلف عن صلاة الجمعة بسبب الدراسة، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31548، 35578، 36118.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(11/9940)
حكم التخلف عن الجماعة لتناول الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت صائما هل يجوز لي تأخير صلاة المغرب إلى ما بعد الانتهاء من الإفطار؟ مع العلم بأنه إذا أخرتها سأصليها منفرداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أمكن الجمع بين الصلاة في جماعة وتناول طعام الإفطار، فهذا هو المتعين فعله، وما لم يمكن وتاقت نفس الصائم للطعام، فله أن يأكل ولو فاتته الجماعة، لحديث: إذا وضع الطعام وحضرت الصلاة فابدأوا بالطعام. متفق عليه.
وحديث: لا صلاة بحضرة الطعام. رواه مسلم.
فالمعنى: أنه إذا وضع الطعام مع توقان النفس إليه، جاز ترك الجماعة، لا أن ينتظر الشخص تهيئة الطعام فتفوته الصلاة.
وما تقدم في فوات الصلاة في جماعة لا في فوات وقتها، فإذا ضاق وقت الصلاة، بحيث لم يبق دون خروجه إلا القدر الذي تؤدى فيه، فلا يجوز الاشتغال بشيء سوى الصلاة.
وراجع في وقت المغرب الفتوى رقم: 12092.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(11/9941)
تواجدك في مكان الدراسة ليس عذرا في ترك الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أردت استشارتكم جزاكم الله خيراً في أمر صلاة الجمعة، فأنا أعيش في الغربة، وبيني وبين المسجد مسافة 30 إلى 50 دقيقة باختلاف الزحام وطرق المواصلات، فهل يجب علي أن أذهب إلى المسجد لصلاة الجمعة مع العلم بأنه بالإضافة للمسافة فإنه غالبا ما يكون علي أيضا أن أتواجد في مكان البحوث الذي أدرس فيه هنا.
وجزاكم الله خيراً إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجمعة إذا توافرت شرائطها وجب أداؤها سواء في دار الإسلام أو الكفر، وقد سبق بيان أدلة وجوب الجمعة في الفتوى رقم: 8688 ولم تقيد هذه الأدلة الوجوب بدار دون دار.
وعليه؛ فما دمت تسكن داخل البلد فإن صلاة الجمعة واجبة عليك، ولو بعد عنك المسجد، كما هو مبين في الفتوى رقم: 13026
وأما تواجدك في مكان الدراسة فليس عذراً في ترك حضور الجمعة، وراجع الفتوى رقم: 35578 والفتوى رقم:
36118
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1424(11/9942)
النوم ليس عذرا لترك الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أقوم من النوم لأصلي صلاة الجمعة وأنا أعمل بنظام الورديات من الساعة7م إلى الساعة7ص لمراقبة الإنتاج أثناء الصلاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك التخلف عن صلاة الجمعة عمدا لأجل النوم، ويجب عليك القيام لأداء الجمعة مع جماعة المسلمين، ثم معاودة النوم إن شئت، فإن فاتتك الجمعة، فعليك أن تصليها ظهرا، وراجع لزاما الفتاوى التالية: 8688، 12816، 13821.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1424(11/9943)
ماهية الخوف المبيح لترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الدين في التقليل من الحضور إلى صلاة الجماعة خصوصاً صلاة الفجر لأن هؤلاء الناس يراقبون كل من يدخل ويخرج من المساجد ويكتبون فيهم التقريرات ومن ثم تأتي الاعتقالات وما إلى ذلك من أنواع الظلم؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجال الأحرار على الصحيح من أقوال أهل العلم، ويأثم المرء بتركها بدون عذر، فإن كان له عذر فلا إثم عليه، ومن الأعذار التي يجوز لها ترك الجماعة الخوف المظنون ظناً قوياً أو المحقق مما ذكرت في سؤالك لا الخوف المتوهم، قال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .
وقال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185] .
إلى غير ذلك من النصوص القرآنية والآثار النبوية الدالة على يُسر الشريعة ورفع الحرج فيها، ومن القواعد الفقهية المقررة عند الفقهاء "المشقة تجلب التيسير" و"لا ضرر ولا ضرار"، لكن يجب على الأخ السائل الالتزام بالجماعة عند انتفاء حالة الضرورة المذكورة، وأن يواظب على ما يستطيع المواظبة عليه من الصلوات في جماعة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11306، 1798، 34242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(11/9944)
هل حضور الدروس من أعذار ترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحضر دروسا تشرح علماً دنيوياً مباحاً ولا أستطيع الخروج لتأدية الصلاة في الجماعة فهل هذا يعتبر عذرا لترك الجماعة أم أنا آثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم وجوب صلاة الجماعة، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 677.
فعليك أن تجتهد في إقناع القائمين على هذه المؤسسة التي تدرس بها بإعطائكم فرصة لأداء الصلاة في جماعة، فإن وافقوا فالحمد لله، وإن لم يوافقوا على ذلك، فإن أمكنك الالتحاق بمؤسسة أخرى يسمح لك فيها بذلك فافعل.
فإن الواجب عليك أداء الصلاة في جماعة، ما لم يترتب على ذلك ضرر، فإن كان فلا حرج عليك في ترك صلاة الجماعة، وأداء الصلاة بعد نهاية هذا الدرس، وهذا فيما إذا لم يترب على ذلك خروج الصلاة عن وقتها، فإن ترتب عليه خروج الصلاة عن وقتها، فلا حرج إن شاء الله في الجمع فيما يجوز جمعه من الصلوات، وراجع في هذا الفتوى رقم: 11231.
ولا يجوز لك تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها بحال من الأحوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1424(11/9945)
الجماعة.. أم الطرد من البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب أبلغ من العمر 16سنة في ثانوية زراعية أكرمني الله سبحانه بأنني مؤذن للخير أبي وأمي يمنعاني من الذهاب إلى المسجد بحجج كثيرة ومنها الجنون وهددت من قبل أهلي بالطرد من المنزل ولا يوجد لدي بيت غير البيت الذي أسكن فيه فهل أطيع الأبوين وجزاكم الله ألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزى الله الأخ السائل خيرًا على حرصه على أداء الصلاة جماعة، فالجماعة واجبة إلا لعذر، وقد بينا ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 1798، فلتراجع.
كما بيَّنَّا أيضًا حكم منع الأب ابنه من الخروج لصلاة الجماعة، وأن ذلك لا يجوز ولا تجوز الطاعة في غير المعروف، فلتراجع الفتوى رقم: 4135.
ونقول للأخ السائل: حاول ما استطعت أن تتلطف بأبويك وتقنعهما بوجوب صلاة الجماعة، وأن في هذا خيرًا لك ولهما، فإن أذنا لك فبها ونعمت، وإن لم يأذنا وغلب على ظنك أنهما سيخرجانك من البيت ولن تجد سكنًا تأوي إليه، فصلِّ في البيت، وحاول أن تدعو غيرك ليصلي معك في البيت، فتكون جماعة، وهذا ما تستطيعه في مثل هذا الحال، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1424(11/9946)
طلب العلم هل من أعذار التخلف عن الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس في كندا ولا أستطيع أن أصلى صلاة الجمعة لأجل الدراسة، وإذا تركت الدروس لأجل الجمعة سيؤثر سلبا على نجاحي، فهل أصلي الظهر بدل الجمعة؟ علما بأني سأقيم هنا لمدة عشرة أشهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن صلاة الجمعة واجبة على الرجال القادرين على حضورها. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] . والتخلف عن الجمعة من غير عذر شرعي كبيرة من كبائر الذنوب؛ ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لَيَنْتَهِيَنّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنّ الله عَلَىَ قُلُوبِهِمْ، ثُمّ لَيَكُونُنّ مِنَ الْغَافِلِينَ. وفي سنن الترمذي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ تَرَكَ ثَلاَثَ جُمَعٍ تَهَاوُناً بِهَا طَبَعَ الله عَلَى قَلْبِهِ. وللجمعة أعذار تبيح تركها والتخلف عنها؛ ففي سنن أبي داود والدارقطني والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتّبَاعِهِ عُذْرٌ. قَالُوا: وَمَا الْعذرُ يا رسول الله؟ قال: خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ. لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصّلاَةُ الّتي صَلاَّهَا. وعلى هذا فالأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة والجماعة هي: الخوف، سواء كان ذلك على النفس أو الأهل أو المال. وفي مختصر الشيخ خليل المالكي: وعذر تركها-يعني الجمعة- والجماعة شدة وحل، ومطر، وجذام، ومرض، وتمريض، وإشراف قريب ونحوه، وخوف على مالٍ، أو حبسٍ أو ضربٍ.. ورغم أهمية الدراسة وطلب العلم ومكانته العظيمة في هذا الدين، فلم نقف على من قال من أهل العلم بأن الدراسة وطلب العلم من الأسباب أو الأعذار الموجبة للتخلف عن الجمعة. وعليه فإنا ننصحك بحضور صلاة الجمعة وعدم التخلف عنها، ولن يكون ذلك سببًا إن شاء الله في عدم نجاحك؛ فالله عز وجل يقول: تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً [الطلاق:2] ، ويقول: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [البقرة:282] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1424(11/9947)
صلاة الجمعة.. وإطفاء الحريق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..وجزاكم الله خيرا
أعمل بالدفاع المدني (الإطفاء) ونكون دائما في حالة طوارئ، وكثيرا ما نكون أثناء أداء فريضة الصلاة حالة حريق أو إنقاذ، فنهب على الفور لعملنا، ونخرج من الصلاة دون إكمالها، فماذا يجب علينا عندما نعود؟ هل نكمل عدد الركعات المتبقية؟ أم نعيد الصلاة بأكملها؟؟ وإن كانت خطبة الجمعة هل يكمل الأخ الذي يخطب فينا الجمعة بإكمال الخطبة بعد العودة؟ أم ماذا علينا؟؟؟ أفيدونا أحسن الله إليكم وزادكم من فضله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إطفاء الحرائق من الأعمال الصالحة التي تقطع لها الصلاة وجوبًا، ولكنه مع ذلك مبطل لها، وعليه فالواجب عليكم أن تستأنفوا الصلاة من أولها. وانظر الفتوى رقم: 9919.
وأما الجمعة فإذا أدركتم منها بعد الإطفاء ركعة واحدة فقد أدركتموها، واقضوا الركعة التي فاتتكم. وإذا لم تدركوا منها شيئًا فصلوا لأنفسكم إن كانت تتوفر لكم شروط صحتها، وإلا فصلوا الظهر بدلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(11/9948)
السلس.. وحضور الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[- رجل لا يحضر صلاة الجماعة لأنه دائماً يخرج منه سائل وهو يغتسل منه دائما فهل هو معذور في ترك صلاة الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان في إمكان هذا الرجل أن لا يلطخ المسجد ولا يؤذي المصلين، فليس معذورًا في ترك الجماعة. وإن كان لا يستطيع الاحتراز من بعض ذلك فهو من أهل الأعذار، بل لا يجوز له دخول المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع آكل الثوم من دخول المسجد. روى الشيخان وأبو داود وابن ماجه والدارمي وأحمد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أكل من هذه البقلة فلا يقربنَّ مساجدنا حتى يذهب ريحها.
ولا شك أنها أخف ضررًا من السائل الذي ذكرت أنه يخرج من الرجل.
وعليه، فإذا وجد جماعة خارج المسجد فليصلِّ معها، وإن لم يجدها كان معذورًا بتركها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9949)
الدراسة ليست عذرا في ترك الجمعة وتأخير الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدرس في معهد لا يسمح لي بالخروج منه وبالتالي لا أستطيع أن أصلي الصلوات الخمس ولا صلاة الجمعة أيضا مع العلم أنني مجبر على عدم الخروج ولا أستطيع ذلك حتى لصلاة الجمعة فقط وذلك لامتداد الدروس على كامل اليوم.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ترك صلاة الجمعة دون عذر يبيح ذلك من الآثام الشنيعة. روى مسلم والنسائي وابن ماجه والدارمي وأحمد من حديث ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمنَّ الله على قلوبهم، ثم ليكوننّ من الغافلين.
وروى أصحاب السنن وأحمد من حديث أبي الجعد الضمري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونًا بها طبع الله على قلبه.
والأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة هي: شدة الوحل، والمطر، والمرض، والتمريض، وإشراف القريب على الموت، والخوف على المال، أو الخوف من الحبس والضرب، والعري، وأكل ما يؤذي المصلين كالثوم ونحوه.
ومثل ترك الجمعة في التحريم تأخير الصلاة عن وقتها. قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4، 5] .
ثم إذا لم يجز تأخير الصلاة عن وقتها أثناء المطاعنة والالتحام في الحرب فحري بها أن لا يسمح بتأخيرها في السلم. قال تعالى: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [النساء:102] . وقال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً [البقرة:239] .
وبناء على كل ما تقدم فإن الدراسة في هذا المعهد مادامت تمنع من صلاة الجمعة أو تحمل على تأخير الصلاة عن وقتها، لا تجوز، فعليك أن تتركه وتتوب إلى الله مما مضى، وعسى أن تُبدل خيرًا منه. قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2، 3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1424(11/9950)
أفضلية صلاة المرأة في بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[- هل يجوز أن يصلي الرجل أو المرأة منفرداً؟ علما بأنه لا يسطيع الذهاب إلى الجامع وهل تجور إمامة المرأة على المرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة المرأة في بيتها منفردة جائزة، بل هي أفضل لما في حديث أم حميد أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أحب الصلاة معك. قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي. رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط والألباني.
وراجعي في حكم من عجز من الرجال لعذر شرعي عن الذهاب إلى الجامع الفتوى رقم: 16186.
وراجعي في بيان رجحان جواز إمامة المرأة لمثلها الفتوى رقم: 5796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9951)
أمور لا تبيح التخلف عن صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل تجب علي صلاة الجمعة، عندما أكون دارسا بالخارج ومسافة المسجد بعيدة عني، والخطبة بهذا المسجد ليست بالعربية، خاصة أنهم مبتعدون في كثير من الأمور، حيث إنهم ينشدون بالدعاء قبل الخطبة، وأثناء الدعاء آخر الخطبة يضعون أيديهم على ركبهم، وعند ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام يقبلون أيدهم، وصلاتهم فيها بدع ظاهرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن الجمعة تجب على الحر الذكر الصحيح المقيم، سواء كانت الإقامة دائمة أو مؤقتة تقطع السفر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي أو مريض. رواه أبو داود وغيره.
وعلى هذا فالواجب عليك حضور الجمعة، وما ذكرت من بدع وبُعْدٍ في المسافة مادمت تسمع النداء أو كانت البيوت متصلة، أمور كلها لا تبيح التخلف عن صلاة الجمعة.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 22250 والفتوى رقم: 12857.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(11/9952)
عدم تطبيق الدولة للشرع لا يبيح التخلف عن صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أعيش في دولة لا تطبق شرع الله، فهل لي أن أصلي في مسجد في هذه الدولة؟ أرجو الإجابة بالتفصيل شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسلم يتعين عليه أن يحافظ على الصلاة في المسجد، ولا يجوز له التخلف عن حضور صلاة الجماعة في المسجد إذا سمع النداء، ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: من سره أن يلقى الله تعالى غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهنَّ.
وقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه أتى النبي رجلٌ أعمى فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولَّى دعاه، فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب.
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذرٍ. رواه الحاكم وابن حبان وابن ماجه وصححه الألباني.
وقد عد العلماء الأعذار المبيحة للتخلف عن صلاة الجماعة ولم يذكروا فيها عدم تطبيق الدولة للشرع.
هذا وننبه إلى تأكيد تطبيق شرع الله على عباد الله في بلاد الله، وننبه إلى أن مجمع الفقه الإسلامي طالب جميع الحكومات بالعمل على تطبيق الشريعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(11/9953)
حكم الصلاة في مسجد بعض رواده يسبون الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[إني اصلي في مسجد قريب من بيتي، ومن الجائز أن يكون بعض المصلين ممن يسب الدين، أو يعتقد في القبور، فهل تجوز الصلاة مع هؤلاء الناس؟ وما حكم الصلاة معهم؟ ملحوظة: أنا لا أعرف هؤلاء الناس شخصيا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان إمام الصلاة ليس من الذين يسبون الدين أو يعتقدون في القبور ما لا يجوز اعتقاده فلا مانع من الصلاة في هذا المسجد، بل الصلاة معه واجبة إذا لم يكن هناك مسجد آخر، وكون بعض جماعة المسجد يسبون الدين أو لديهم معتقدات فاسدة ليس من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة.
وإن كان الإمام من الذين يفعلون ذلك، فإن من يسب الدين كافر والعياذ بالله، ولا تصح الصلاة خلف الكافر. قال في المجموع شرح المهذب: ولا تصح إمامة الكافر لأنه ليس من أهل الصلاة، فلا يجوز أن يعلق صلاته على صلاته. اهـ (4/142) . وقال خليل: وبطلت باقتداء بمن بان كافرًا.
ودليل كفر من يسب الدين قوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65، 66] .
وإن كان ممن يعتقد في القبور ما لا يجوز فهو فاسق مبتدع. وانظر حكم الصلاة خلفه في الفتوى رقم:
24537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(11/9954)
صلاة الجماعة للأطباء المشرفين على المرضى
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن موظفون في قسم للعمليات الجراحية لمستشفى حكومي ومشكلتنا أننا نسمع الأذان للصلاة ولكن لا نستطيع الإجابة وذلك للمسؤولية ولكن مع توافر العدد الكافي بعضنا يذهب للصلاة والآخر يصلي مع بعض ما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حضور الصلاة مع الجماعة أمر واجب على الأعيان القادرين، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 1415، والفتوى رقم: 5153.
وعلى هذا، فإن كان بإمكان هؤلاء الأطباء أداء الصلاة جميعًا في المسجد كان ذلك واجبًا عليهم، وإن تعذر ذلك لوجود حاجة المرضى إلى من يكون معهم وأمكن الاكتفاء ببقاء بعضهم أقرعوا بينهم، فمن خرجت القرعة عليه خرج وبقي الآخرون، وإن احتيج إلى بقائهم جميعًا كان ذلك عذرًا كافيًّا للتخلف عن الصلاة في المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(11/9955)
طاعة الوالدين لا تجوز فيما ينافي طاعة الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتى عمري 17 سنة، أحب الذهاب للمسجد يوميا وأحب أن أبقى فيه أكثر ما يمكن لأحفظ بعض القرآن، لكن أمي أوصتني منذ مدة بعدم الذهاب لأن هناك الكثير من العيون التي تعمل لحساب الشرطة والحكومة هنا في تونس وخاصة الشباب وتمدهم بأسمائنا خاصة من يذهبون إلى صلاة الصبح، كما أن أبي سيغضب إن علم بأمري، وقد سبق أن غضب بعد أن أخبرته بأني أحفظ القرآن لأنه يظن أنني سأصبح بذلك من المتعصبين، ولكن كلاهما يفعلان ذلك خوفا علي، فكيف أوفق بين رضا والدي والعبادة، خاصة أنني الآن أذهب خفية عنهما إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حق أبويك عليك عظيم وبرهما من آكد الواجبات، ولكن طاعتهما لا تجوز في ما ينافي طاعة الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. وقوله صلى الله عليه وسلم: السمع والطاعة على المرء المسلم في ما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة. متفق عليهما.
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي والألباني.
وأما إذا كنت تخاف عيونا تتابع المصلين في المساجد وتعطي أسماءهم للشرطة لتعاقبهم وتؤذيهم، فإن الخوف هو أحد الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 15085.
لكن يجب التنبه إلى أن الخوف المعتبر عذراً عن التخلف هو الخوف الذي يستند إلى أسباب موجودة وليس مجرد أوهام أو شائعات، وراجع في هذا الباب الفتوى رقم:
3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(11/9956)
ماهية الخوف المبيح للتخلف عن الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل أرجو الإفادة في هذه المسألة إنني أصلي في مسجد ونحن في بلد يمنعوننا من الذهاب إلى المسجد خوفا من الجماعات الإرهابية وأمي تمنعني من الذهاب خوفا علي، فهل أطيعها مع العلم بأن الله يأمرنا بطاعة الوالدين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \"إنما الطاعة في المعروف\" هل إن أطعتها يكتب لي الأجر أم لا، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه يجب على الرجل المستطيع أداء الفريضة في المسجد مع الجماعة إلا من كان له عذر، وذلك لما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة، قال: نعم، قال: فأجب. وعلى هذا.. فالواجب عليك الخروج إلى المسجد والصلاة فيه مع الجماعة ولا تلتفت إلى قول أمك في هذا لأنه كما ذكرت في الحديث المتفق عليه: لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف. لكن إذا تيقنت أو ظننت وجود ضرر يلحقك في بدنك أو مالك فإنه والحالة هذه يجوز لك التخلف عن الصلاة في المسجد، قال النووي في المجموع في ذكره للأعذار المبيحة للتخلف: ومنها: أن يخاف ضرراً في نفسه أو ماله أو يكون به مرض يشق مع القصد. والدليل عليه ما روي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر، قالوا: يا رسول الله وما العذر قال خوف أو مرض. انتهى. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(11/9957)
البعيد عن المسجد.. والصلاة جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل، حياكم الله.... أما بعد:
أنا مسلم مقيم في الولايات المتحدة ... ولكن المسجد بعيد عن بيتنا وتفوتني صلاة الجماعة مرات ومرات فما هو الحل أرجوكم ... هل صلاة البيت تساوي صلاة الجماعة إذا كان المسجد في منطقة شاسعة من بيتنا؟؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالبعد عن المسجد بحيث لا يُسمع النداء يعد من الأعذار المبيحة لترك الجماعة، ومن كان عنده عذر يمنعه من الجماعة فإنه يصلي جماعة بمن معه في مكانه، فإن تعذر ذلك فإنه يصلي مفرداً ولا إثم عليه، وراجع الفتوى رقم: 29370، والفتوى رقم: 13025.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1424(11/9958)
يكره لآكل البصل النيء حضور الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أكل مسلم بصلا وأراد أن يصلي ماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيكره أكل البصل النيئ لمن أرد الذهاب إلى المسجد، ويكره له دخول المسجد، وأكل الثوم والبصل من الأعذار التي ترخص في ترك حضور الجماعة، وانظر الفتاوى التالية: 14060 - 29697 - 6600.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(11/9959)
حكم تأخير الصلاة بسبب النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل حارس أمن من الساعة 8 مساء إلى 8 صباحاً المشكلة أنني حينما أعود أنام فلا أستطيع القيام لصلاة الظهرأفتونا مأجورين.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة أمرها عظيم وفرضها أكيد فهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وقد حدد الله تعالى لها أوقاتاً معينة يجب على المسلم أداؤها فيها، قال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
فلا يجوز ولا يجزئ تقديمها عن الوقت المحدد، كما لا يجوز تأخيرها عنه تحت أي ظرف من الظروف، ولا يجوز للمسلم التفريط فيها ولا التهاون في أدائها، ولا الإقدام على ما من شأنه أن يؤدي إلى تأخيرها مثل النوم المؤدي لذلك بعد دخول الوقت، بل ولو كان قبل دخوله على قول بعض أهل العلم.
لذا، فيجب على من علم من نفسه أن نومه يؤدي إلى خروج وقت الصلاة أن يتخذ الأسباب اللازمة لإيقاظه أثناء الوقت، فإن لم تفده وكان نومه قبل دخول الوقت فلا إثم عليه حينئذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(11/9960)
حكم التخلف عن جماعة المسجد لأجل الصلاة بالوالد المريض جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا عندي أبي كبير في السن ولا يستطيع الخروج من المنزل لأداء صلاة الجماعة بسبب ارتباطه بجهاز يصعب حمله فهل يجوز لي أن أصلي معه أنا وإخوتي في المنزل من أجل أن نكون جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه إذا كان هذا الأب الكبير لا يستطيع الخروج لأداء الصلاة جماعة فهو معذور، وله أجر حاضر الجماعة إذا كان ممن كانوا يحضرونها قبل التلبس بالعذر، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً. رواه البخاري من حديث أبي بردة.
أما أنتم فمطالبون بحضور الصلاة في الجماعة لأنكم غير معذورين، وخاصة إذا كنتم تسمعون النداء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه والبيهقي في السنن والترمذي.
وقد أخرج مسلم والبيهقي والنسائي أن رجلاً أعمى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ فقال: نعم، قال: فأجب.
وأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم.
وكونكم تصلون جماعة في البيت لا يسقط عنكم إجابة النداء، لأن المطلوب أن يكون المسجد هو مكان الجماعة، فلو صلت كل جماعة في بيتهم لتعطلت المساجد، وهذا خلاف مراد الشرع.
وراجع الفتوى رقم:
30606
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(11/9961)
الأهمية البالغة لصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب أعيش حالياً في كندا وأدرس في معهد للغة ودوامي يكون من الساعة 9 صباحاً وحتى 3 ظهراً ومن المعلوم أن يوم الجمعة هو يوم دوام عادي وبالتالي لا أستطيع الذهاب إلى صلاة الجمعة فماذا عليّ أن أفعل إذا كان من الصعب علي الذهاب إلى الصلاة خلال الدوام؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لينتهينّ أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونُنّ من الغافلين. أخرجه مسلم.
وقال: من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه. أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه المنذري والألباني.
وقال في حديث آخر: من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين. رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني.
وقد ذكر ابن عبد البر في الاستذكار أن العلماء أجمعوا على أن من تركها ثلاث مرات من غير عذر فاسق ساقط الشهادة.
وبناء على ما سبق.. فلا يجوز لمن تلزمه الجمعة أن يتخلف عنها تحت أي مبرر ما دام قادراً على حضورها لا يمنعه منها أمر قاهر، فاحرص أخي أتم الحرص على حضور الجمعة، واعلم أن الصلاة عون على قضاء الحوائج. قال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45] .
واعلم أن ركعتين في النافلة أفضل من الدنيا كلها فأحرى الجمعة، فقد أخرج الطبراني بسند حسن كما قال المنذري ووافقه الألباني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر، فقال: من صاحب هذا القبر؟ فقالوا: فلان، فقال: ركعتان أحب إلى هذا من بقية دنياكم.
ثم إن تخلف حصة واحدة في الأسبوع لا يؤثر على الدراسة، لاسيما إذا علمنا أن تعلم اللغات تتوافر له عدة وسائل في الإنترنت وغيرها.
هذا؛ ولتعلم أنه ثبت لنا أن كثيراً من المسلمين اشترطوا على المؤسسات الغربية مراعاة أمورهم الدينية، فكانوا يوفرون لهم وقت الصلاة ووجبات الإفطار في الصوم ووجبات سالمة من الخنزير والخمر، فتوكل أخي على الله، واحرص على شعائر دينك، وستفلح في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9962)
حكم تخلف من لا يمكنه إمساك الريح عن الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أعاني من مشكلة هي أنني لا أستطيع إمساك وضوئي لفترة طويلة بسبب الريح أو الصوت -أجلكم الله- وأحيانا لا أستطيع أبدا وذلك يمنعني من الذهاب لصلاة الجمعة أو غيرها في المسجد علماً أنني أستطيع إمساكه في أحيان أخرى إذ يعتمد ذلك على حرارة ماء الوضوء وبرودة الجو وغيرها فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصح الأخ الكريم بأن يطلب علاجاً لمرضه هذا، ونسأل الله تعالى له الشفاء.
وأما حكم وضوئه، فإذا كان خروج الريح منه يحدث باستمرار بحيث لا يمر عليه وقت يتمكن فيه من الوضوء وأداء الصلاة قبل خروج وقتها، فحكمه حكم من به سلس البول، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 8777، والفتوى رقم: 3224 فلتراجعهما.
وأما حكم ذهابه إلى المسجد، فينصح بالذهاب قبل إقامة الصلاة بقليل حتى يتمكن من الصلاة مع إمساكه للريح.
وإذا كان لا يستطيع إمساك الريح، ويتأذى منه المصلون، فلا يلزمه الذهاب إلى المسجد.
والفقهاء يقولون: من كان به مرض يتأذى به من حوله جاز له التخلف عن الجمعة والجماعة، واستدلوا بالأحاديث التي جاء النهي فيها لمن أكل ثوماً أو بصلاً عن أن يقرب المسجد، فإذا كان هذا في من أكل ثوماً أو نحوه، وله فيه اختيار، فمن باب أولى أن يُعفى من حضور الجماعة من لا اختيار له، كالمريض ونحوه.
جاء في بريقه محمودية: قال الفقهاء: كل من وجد فيه رائحة كريهة ولو سماوية كالبَخَر يجب إخراجه من المسجد. انتهى.
والمراد بالسماوية الأمر السماوي أي الذي ليس له فيه اختيار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(11/9963)
من أعذار ترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا شاب أبلغ من العمر 23 عاما، وأعيش في مدينة نيويورك الأمريكية، أريد أن أسأل إذا كان واجبا علي أن أحضر صلاة الجماعة في المسجد، علما بأن المسجد على بعد 40 دقيقه من منزلي، والجو هنا بارد جدا، ولا أسمع النداء (كما سمعت منكم بأن من يسمع النداء فقد وجبت عليه صلاة الجماعة) ، مع العلم أيضا أنني أصلي مع أخي في المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الواقع ما ذكرت من كون المسجد بعيداً عن المنزل على هذا النحو، وأنك لا تسمع أذاناً والجو شديد البرودة، فهذه أعذار لك في ترك صلاة الجماعة في المسجد، وما تصفه من صلاتك مع أخيك جماعة واجب عند جماعة من أهل العلم، ويؤيده عموم قوله صلى الله عليه وسلم لـ مالك بن الحويرث: فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكبركم. رواه البخاري.
والتقديم في الإمامة بكبر السن حيث تساوى المصلون في باقي الخصال التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: يَؤُمّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله. فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً. فَأَعْلَمُهُمْ بِالسّنّةِ. فَإِنْ كَانُوا فِي السّنّةِ سَوَاءً. فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً. فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْماً. وَلاَ يَؤُمّنّ الرّجُلُ الرّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ. وَلاَ يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلاّ بِإِذْنِهِ. وفِي رِوَايَةٍ (مَكَانَ سِلْماً) سِنّاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(11/9964)
هل ينال أجر الجماعة من حبس عنها لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
إذا وجدت عملا يصعب تأدية صلاة االظهر والعصر خلاله فهل أصليهما جمع تقديم وهل يمكنني أن أصلي المغرب والعشاء جمع تأخير وهل لي أجر الصلاة كما في أداء صلاة الجماعة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما حكم الجمع لعذر فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 2160 فراجعه.
وأما هل يكون لك أجر الجماعة لو صليت وحدك لعذر؟ فالظاهر أن لك أجرها مادام أنه حبسك عذر قاهر عنها، ولولاه لكنت مع المصلين في جماعة.
والدليل على ذلك الحديث الذي رواه أحمد عن أبي موسى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد إذا مرض أو سافر كتب له من الأجر كما كان يعمل مقيماً صحيحاً. قال محمد بن يزيد: كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(11/9965)
ماهية الضرر المبيح للتخلف عن الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالب في إحدى الدول الأوربية أصلي صلاة الجمعة في أحد المساجد في مدينتي وتنتهي الصلاة قبل موعد الدرس بخمس دقائق وليس عندي أي مشكله ولكن من الشهر القادم سوف تقام الصلاة قبل الدرس بخمس دقائق ولن يتسنى لي أن أكمل الدرس وإن تخلفت عنه أحاسب كوني مبعوث من الدولة أفيدوني يرحمكم الله وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن التخلف عن الصلاة الجمعة لغير عذر شرعي إثم عظيم، وفاعله متوعد بالعذاب الشديد، فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لينتهينَّ أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمنَّ الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين.
فالواجب على كل من تلزمه الجمعة المحافظة عليها، والحرص على حضورها، وليس في تخوفك من المحاسبة ما يبيح لك التخلف عن الجمعة، وكذلك ليس في تأخرك قليلاً عن الدرس ضرر يبيح لك ترك الجمعة، وإنما يباح ترك الجمعة لمن خشي ضررًا محققاً في نفسه أو أهله أو ماله.
وانظر للمزيد الفائدة الفتوى رقم:
4590، والفتوى رقم: 13422.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1423(11/9966)
حكم التخلف عن الجمعة والجماعة بسبب الزكام
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة المرض، مثل الرشح أو غيره، أفضل عدم الذهاب إلى المسجد حتى لا أوذي إخواني المصلين، ولكن أذهب إلى الجمعة. فما هو الصحيح بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجمعة واجبة عيناً على الرجل الحر القادر على الذهاب إليها والسالم من بقية الأعذار وهذا باتفاق الفقهاء، وكذا الجماعة على الصحيح من أقوال أهل العلم فلا يجوز التخلف عن واحدة منهما إلا لعذر.
والذي يظهر أن ما ورد في هذا السؤال ليس من الأعذار التي تبيح التخلف عن أيٍّ منهما، لأن التأذي بهذا النوع من الأمراض ليس بكبير، ولقد اشترط بعض الفقهاء في الجذام ليكون مبيحاً للتخلف شدته وتضرر الناس به.
ففي منح الجليل: وشدة جذام، فالجذام اليسير ليس من أعذارها، ونص التوضيح: واختلف في الجذام، فقال سحنون: مسقط. وقال ابن حبيب: لا يسقط، والتحقيق الفرق بين ما تضر رائحته وما لا تضر. انتهى
ولا ريب أن الجذام أشد من هذه الأمراض التي وردت في السؤال ونحوها من الأمراض، فلا يجوز اعتبارها عذراً والتخلف عن الجمعة أو الجماعة بسببها، إلا إذا تضرر المريض بها فلم يصبح قادرًا على الذهاب إلى المسجد فيجوز له حينئذ التخلف.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
9495 - والفتوى رقم: 13422.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(11/9967)
الحذر من تفويت صلاة الجمعة من غيرعذر قاهر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم ترك صلاة الجمعة لعقد تطوع عام لإصلاح قنوات المياه في الجبل الذي يبعد علينا 4 كلم
بحجة أنه يستحيل عقد مثل هذا التطوع في الأيام الأخرى علما أننا نعاني مشكلة المياه وأننا مضطرون لإصلاحها قبل نزول المطر الذي يعيق علينا العمل؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجمعة واجبة على الرجال المقيمين، ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر كمرضٍ وسفرٍ ونحوه؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] . ولقوله صلى الله عليه وسلم: لينتهينَّ أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمنَّ الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين. رواه مسلم.
وأخرج أحمد في المسند أنه صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونًا من غير عذرٍ طبع الله تعالى على قلبه.
فالحذر الحذر من تفويت صلاة الجمعة والتهاون بها من غير ما عذر قاهر يمنع الشخص من حضورها، وكونكم مضطرين لإصلاح المياه لا يجعل هذا التطوع مستحيلاً في غير أيام الجمعة، فمن العجيب أن تجعلوا السبيل على حساب حقوق الله تعالى ولا تجعلوه على حساب حقوقكم فتتركون الجمعة لمصالحكم ولا تتركون أعمالكم في غير الجمعة لأجل مصالحكم.
ومع هذا؛ فإنه إن كانت هناك مشقة في ذهابكم إلى المسجد ورجوعكم إلى العمل فإنه لا بأس بذلك؛ لأن المشقة تجلب التسير، وإن لم تكن هناك مشقة في ذلك فإنه يجب عليكم أن تشهدوا الجمعة مع الناس، وانظروا الفتوى رقم:
8688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/9968)
خشية الضرر من أعذار ترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره.. والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد: أنا طالب في المرحلة الجامعية والحمد لله فأنا محافظ على الصلوات الخمس مع الجماعة ولكن واجهتني مشكلة فهناك تعارض بين وقت المحاضرات ووقت الصلاة فهل يجوز تأخير وقت الصلاة وسوف يترتب على ذلك تضييع الجماعة أم يجب أن أترك المحاضرة وأذهب إلى الصلاة فهناك مسجد قريب من الجامعة..أفيدوني أفادكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبارك الله فيك وهداك وثبتك على الخير وزادك حرصاً عليه، واعلم أن صلاة الجماعة واجبة- على الراجح من أقوال أهل العلم- لا تسقط عن المسلم إلاّ لعذر معتبرٍ شرعاً مبيح للتخلف عنها.
وعليه.. فإن أمكنك أن تجمع بين حضور الصلاة مع الجماعة، وحضور الدرس، فذلك متعين عليك شرعاً.
وإن لم يمكنك ذلك فاحضر الدرس، ثم بعد انتهائه اجمع من استطعت أن تجمعه من زملائك، ثم صلّوا جماعة، إما داخل الجامعة، ولو في مكان غير معد أصلاً للصلاة، وإما خارجها في المسجد.
فإن لم يتوفر لك ذلك وتضررت فعلاً بحضورك الجماعة وتفويت المحاضرة فلا مانع من أن تصلي بمفردك بعد انتهائك من الدرس إذا كان ذلك في وقت الصلاة، فإن خشية الضرر من الأعذار المبيحة لترك الجماعة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(11/9969)
هل الخوف من مقابلة الناس يبيح ترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخاف من مقابلة الناس ولذلك أصلي في البيت فهل على إثم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الفريضة يجب أداؤها في المسجد على الرجل المستطيع الذي يسمع النداء، ولا يجوز فعلها في البيت على الصحيح من أقوال أهل العلم، وقد دلت السنة الصحيحة على ذلك، كما هو مبين في الفتوى رقم: 5153.
وما ذكره السائل لا يعد عذراً مبيحاً للتخلف عن شهود الجماعة، إلا أن يخاف من ظالم على نفسه أو ماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1423(11/9970)
مديره يمنعه من الصلاة في الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بإختصار
أنا أعمل بشركة بها موظفون كثر وعندنا مصلى داخل الشركة وهو مجهز، في الصيف أدرك الظهر والعصر في الشركة وفي الشتاء أدرك المغرب أيضا، أواجه مشكلة من مديري المباشر، حيث إنه منعني أن أذهب للصلاة في المسجد وهوالآن يؤنبني قبل وبعد الصلاة بحجة أن الصلاة تأخذ مني وقتا كثيراً، وأنا الآن لا أستطيع أن أصلي مع الجماعة في الشركة بسبب مديري علما بأن الموظفين يصلون جماعة.
أسئلتي هي:
* هل المدير آثم بعمله هذا؟
* وهل أستطيع أن أصلي وحدي منعا للإشكال وما حكم صلاتي وأجرها؟ أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحق للمدير منعك من الصلاة في جماعة وهو آثم إذا منعك ولا يلزمك طاعته في هذه الأمر إلا إذا خشيت أن تتضرر في معيشتك ووظيفتك، ففي هذه الحالة يجوز لك التخلف عن الجماعة والصلاة منفرداً مع البحث عن عمل آخر تتمكن فيه من فعل ما أوجب الله عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(11/9971)
هل يجوز التخلف عن الجمعة لأجل المطر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عدم الذهاب إلى المسجد يوم الجمعة إذا كان الجو ممطرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المطر الذي تبتل به الثياب يعد عذراً من أعذار ترك الجمعة والجماعة، وقد روى البخاري ومسلم واللفظ له عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله فلا تقل حي على الصلاة: قل صلوا في بيوتكم. قال: فكأن الناس استنكروا ذاك، فقال: اتعجبون من ذا، قد فعل ذا من هو خير مني، إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أخرجكم فتمشون في الطين والدحض) .
وهذا ما عليه المذاهب الأربعة؛ إلا ما روي عن الإمام مالك من أن المطر ليس عذراً في التخلف عن صلاة الجمعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1423(11/9972)
الضرر المبيح لترك جماعة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في بلد نظامه يحارب الإسلام وينشر الفساد بين المسلمين، يقوم بين الفينة والأخرى بمداهمة المساجد في شتى أنحاء البلاد ويضرب ويعتقل المصلين بدون أدنى سبب سوى إقبال الشباب على التدين، لا يؤمن بالسنة الشريفة ويعترف بالقرآن فقط ولا يطبق أحكامه، وقد شنق مجموعة من المؤمنين في شهر رمضان سنة 1984. لقد خاف الشباب من الصلاة في المساجد ولذا فقد نقص عدد المصلين وأغلبهم من المسنين. هل يجوز لي الصلاة في البيت إماماً لأفراد أسرتي؟ أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تحقق لدى المسلم أن محافظته على الصلاة في الجماعة في المسجد ستلحق به ضرراً في نفسه أو في ماله، فإن هذا عذر يمنع من أداء الصلاة في المسجد، فيجوز له في هذه الحالة أن يصلي في البيت إماماً لأفراد أسرته، فإذا زال الخوف فإنه يجب على المسلمين أن يقيموا شعائر دينهم، وإذا حصل بعض الضرر المتوقع فإنه ينبغي عليهم أن يتحملوا ذلك في سبيل الله تعالى، وأن يتذكروا حال النبي صلى الله عليه وسلم في مقاساته وتحمله إيذاء قريش له لما أن كان بمكة مستضعفاً هو ومن معه من المؤمنين رضي الله عنهم، حتى أذن الله تعالى بالفرج من عنده فكان النصر بعد ذلك للإسلام والمسلمين: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً [آل عمران:120] .
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(11/9973)
ثلاث عقوبات لتارك الجمعة دون عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بنظام المناوبة ويوم الجمعة أداوم من الساعه6 صباحاً وحتى 6 مساءاً مما أضيع معه صلاة الجمعة فهل هذا يجوز علما أني يمكن أن أتنازل عن عمل الجمعة لأنه أجر إضافي وهل إذا رفضت الأجر الإضافي أكون رفضت نعمة الله؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك ترك الجمعة لأجل هذا العمل مع إمكانية تركه بلا ضرر يعود عليك.
واعلم أن صلاة الجمعة أمرها عظيم، والتخلف عنها لغير عذر شرعي جرم جسيم، ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين.
وفي المسند والسنن أنه صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاوناً من غير عذر طبع الله تبارك وتعالى على قلبه.
واعلم أن الله تعالى أمر المؤمنين بترك البيع والشراء والتكسب عند سماع النداء لصلاة الجمعة، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] .
فتركهم للبيع الحلال في تلك الساعة واجب عليهم، وليس رفضاً لنعمة الله كما توهمت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1423(11/9974)
الجماعة وإن كانت واجبة لكن الصلاة في وقتها أوجب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نحن في بلد الصين وأهله كفار ونضطر لتأخير صلاة الجماعة إلى ما بعد الوقت بساعة داخل مصلى مع العلم أنه يوجد شخص أو اثنان في الوقت الأصلي للصلاة والباقون معهم حصص فهل يجوز التأخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة لا يجوز تأخيرها عن وقتها، فإن الله تعالى يقول في محكم كتابه: فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم، أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. رواه البخاري.
وعلى هذا؛ فلا يجوز لكم أن تؤخروا الصلاة عن وقتها، ولكن ينبغي أن تعلم أن وقت الصلاة المحدد لها شرعاً هو الذي لا يجوز تأخيرها عنه، ويأثم من فعل ذلك من غير عذر، أما الوقت الذي تحدده الجماعة أو يعينه الإمام فلا يأثم من أخر الصلاة عنه ما لم يخرج الوقت الشرعي أو يترك الجماعة لغير عذر.
فالوقت الشرعي واسع ويمكن للمسلم أن يصلي في أي جزء من أجزائه، وإن كان الأفضل له أن يبادر إلى الصلاة في أول وقتها.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم، أوقات الصلاة بقوله: وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس. رواه مسلم.
وإذا اجتمع اثنان فأكثر أقاموا الصلاة جماعة وحصل لهم بذلك فضل الجماعة, وإذا لم يمكن إقامة الصلاة جماعة إلا بتأخيرها عن وقتها المحدد شرعاً فعليكم أن تصلوا في الوقت بدلا من تأخيرها من أجل الجماعة، والجماعة وإن كانت واجبة لكن الصلاة في وقتها أوجب وأوكد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1423(11/9975)
لا يباح ترك الجمعة إلا بعذر شرعي معتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تاجر تونسي أمارس تجارتي متجوّلا بين الأسواق حيث أنّني أقطن في مدينة منزل تميم وأعرض منتوجاتي في أسواق ولاية تونس وأنا شريك مع إخوتي أمّا بعد:
الموضوع:
في يوم الجمعة لا أستطيع الوصول إلى منزل تميم مبكراً بعد العمل وبذلك في بعض الأحيان ألحق صلاة الجمعة وأحيانا لا. كما أنّني أثناء العمل في ولاية تونس أسمع نداء الجامع لأداء صلاة الجمعة بيد أن اخوتي لا يتركونني أذهب لأداء الصّلاة بحجّة تعرّض البضاعة إلى السرقة أثناء غيابي
السّؤال:
هل أبقى أعمل وألتحق بصلاة الجمعة متأخّرا هذا إن استطعت الالتحاق أم أنّي أترك عملي في هذا اليوم بالذّات غير مبال بما يقوله لي إخوتي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا وصلت إلى بلدك فسمعت النداء للجمعة فيجب عليك السعي إليها وحرم عنئذ البيع والشراء، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] .
ولا يباح لك ترك الجمعة إلا بعذر شرعي معتبر كخوف ضرر يصيبك في نفسك أو أهلك أو مالك، ونحو ذلك من الأعذار المرخصة في ترك الجمعة والجماعة، وأي عمل يلزمك أهله بترك الجمعة دائماً أو غالباً -مع وجوبها عليك- فإنه يجب عليك تركه، وابحث عن عمل آخر لا يفوت عليك الجمعة.
واعلم أن الصلاة في جماعة واجبة هي الأخرى على الراجح من أقوال أهل العلم.
هذا؛ ولتعلم أنه إذا وجب عليك السعي للجمعة فيجب عليك أن تسعى لها بوقت يكفي لإدراك الخطبة والصلاة، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ومن فاتته صلاة الجمعة قضاها ظهراً أربع ركعات فإن كان معذوراً فلا إثم عليه، وإن كان غير معذور أثم لتفريطه، وفي الحديث: من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه. رواه الترمذي وهو حديث صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1423(11/9976)
عدم العطلة هل يبرر ترك الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعيش في إحدى الدول الأوروبية، ولا أصلي صلاة الجمعة إلا نادرا ذلك لأنه كما تعرفون يوم الجمعة ليس عطلة وأنا مشغول بعملي فما هو جوابكم بارك الله فيكم علما أنني مسلم ملتزم ولله الحمد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أداء صلاة الجمعة؛ ويحرم عليك التخلف عنها بسبب العمل والبيع والشراء ونحو ذلك، لقول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [الجمعة:9 - 11] .
وإذا كان عملك يمنعك من صلاة الجمعة فالواجب عليك تركه واستبداله بعمل آخر، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4] .
وييسر له الخير والرزق من حيث لا يحتسب، ولا يحل لمسلم طلب الرزق بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال بمعصيته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1423(11/9977)
كفارة من ترك صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما كفارة من لم يصل جمعتين أو ثلاث جمع متتاليات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجمعة فريضة لا يستقيم أمر دين المأمور بها إلا بأدائها والمحافظة عليها كسائر الصلوات المفروضة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] .
وقال صلى الله عليه وسلم: رواح الجمعة واجب على كل مسلم. رواه النسائي من حديث ابن عباس، وفي أبي داود مثله وهو صحيح، وفي المسند وسنن النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونًا بها طبع الله على قلبه. وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لينتهينَّ أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمنَّ الله على قلوبهم وليكوننَّ من الغافلين.
أما كفارة هذا الذنب فهي التوبة النصوح إلى الله تعالى، وملازمة قراءة القرآن والذكر والاستغفار، وتأدية الفرض في بيت الله مع الجماعة، والتزود بخير الزاد. قال الله تعالى: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ [البقرة:197] .
وقال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم [البقرة:282] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1423(11/9978)
يكتب للمرء أجر ما كان يعمله وهو صحيح مقيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان مقعد على كرسي متحرك بسبب حادث سير، ولا أذهب إلى المسجد بسبب عذر شرعي، وأنا أصلي جميع الصلوات في المنزل، والسؤال هو: هل أنا أؤجر بمثل الناس الذين يصلون في المساجد أي لكل فريضة 27 درجه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت عاجزًا عن الحضور إلى الجماعة ولم تتمكن من الجماعة في بيتك، وكنت حال صحتك محافظًا على الجماعة فنرجو الله لك أن تؤجر بمثل ما كنت تعمل حال صحتك، ففي البخاري ومسند أحمد وسنن البيهقي وغيرهم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا.
قال الحافظ في الفتح في شرح هذا الحديث: (وهو في حق من كان يعمل طاعة فمنع منها وكانت نيته لولا المانع أن يدوم عليها، كما ورد ذلك صريحًا عند أبي داود.) انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(11/9979)
صلاة الجماعة واجبة على الرجال حضرا وسفرا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أسافر في نهاية الأسبوع إلى مدينة ثانية تبلغ المسافة 120 كم عن المدينة التي أسكن فيها وأبقى فيها مدة ثلاثة أيام وبعض الأحيان يومين لأنه يوجد عندي محل أكون متواجداً فيه في هذه الفترة ويوجد بقرب المحل جامع والحمد لله، ... سؤالي هل أصلي قصرا أو أصلي مع الجماعة في الجامع..أفيدوني أفادكم الله ورعاكم ماذا أفعل وهل فضل القصر أفضل من الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبة على الرجال حضراً وسفراً، على الراجح من أقوال العلماء، لقوله تعالى: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ. الآية [النساء:102] .
فأوجب عليهم صلاة الجماعة في الخوف والسفر، ولهذا يلزمك أن تصلي مع الجماعة، سواء حكمنا بأنك مسافر أو حكمنا بأنك مقيم، ما لم تجد من يصلي معك قصراً.
ومن سافر إلى بلد ونوى الإقامة أقل من أربعة أيام فحكمه حكم المسافر وله قصر الصلاة، إلا أن يكون البلد وطناً ثانياً له، له فيه زوجة أو أملاك وأقارب، فيتم الصلاة بمجرد وصوله إلى هذا البلد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(11/9980)
معاق.. هل يلزمه حضور الجماعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعاني من إعاقه وأستعمل الكرسي المتحرك ولا أستطيع الذهاب إلى المسجد ولا أدري هل صلاة الجماعة في المسجد واجبة علي وهل صلاتي في البيت صحيحة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من أقوال العلماء أن صلاة الجماعة واجبة إلا لعذر،
ومن أعذار ترك الجماعة: المرض، فإذا كانت إعاقتك تمنعك من الذهاب إلى المسجد أو تصيبك مشقة عند الذهاب، أو كنت لا تجد من يدفع بك العجلة إلا بمشقة، فإنه لا يجب عليك أن تصلي في المسجد، فصلِّ في البيت أنت وأهلك، ولك الأجر بالنية إن شاء الله.
نسأل الله أن يمنَّ عليك بالشفاء، وأن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين أجمعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1423(11/9981)
تفويت الجمعة أعظم فسادا من الاقتداء بإمام فاجر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله، أسأل الله أن تفيدوني جزاكم الله في هذه المسألة البالغة الخطورة. في بلدنا أصبحت صلاة الجمعة لا فائدة منها, فهذا الإمام يدعو للتصوف والآخر لغلق المساجد بين الصلوات والآخر لخفض أقصى ما يمكن من مضخمات الصوت عند الأذان كي لا نزعج الآخرين، وأصبحت الخطب تأتي جاهزة من إدارة الشعائر الدينية وما على الإمام إلا تلاوتها وكثرة الأخطاء الفقهية والعقائدية وتسيست بعض المساجد من طرف الحزب الحاكم والنتيجة أنه أصبح الواحد منّا حيران في أمره، هل يصلي معهم صلاة الجمعة ويسكت على النفاق الظاهر والأكاذيب المفتعلة أو يسقط عنه صلاة الجمعة لعدم الفائدة منها بل العكس تضعف الإيمان وتفرغ الفؤاد، أفيدونا جزاكم الله خيراً وأثابكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمكِّن لدينه وعباده الصالحين.
واعلم -أخي- أنه لا يجوز لك التخلف عن الجمعة ولو كان الحال كما ذكرت.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 23/342: (فإذا لم يمكن منع المظهر للبدعة والفجور إلا بضرر زائد على ضرر إمامته لم يجز ذلك، بل يصلي خلفه ما لا يمكنه فعلها إلا خلفه كالجمع والأعياد والجماعة، إذا لم يكن هناك إمام غيره، ولهذا كان الصحابة يصلون خلف الحجاج والمختار بن أبي عبيد الثقفي وغيرهما الجمعة والجماعة، فإن تفويت الجمعة والجماعة أعظم فسادًا من الاقتداء فيهما بإمام فاجر، لا سيما إذا كان التخلف عنهما لا يدفع فجوره، فيبقى ترك المصلحة الشرعية بدون دفع تلك المفسدة، ولهذا كان التاركون للجمعة والجماعات خلف أئمة الجور مطلقًا معدودين عند السلف والأئمة من أهل البدع) . ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1423(11/9982)
هل يرخص ترك جماعة المسجد لمن به رائحة مؤذية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يعمل في مصنع سلاطات ويستخدمون البصل والثوم ويأتي للصلاة وبه رائحة ثوم وبصل والمصلون يتكلمون عنه ولكن لايستجيب مع العلم أنه يفهم بالدين جيداً أرشدونا يا إخوة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كانت تشم منه رائحة الثوم أو البصل أو نحوهما من الروائح الكريهة فإنه يكره له حضور الصلاة في المسجد لأنه قد يؤذي المصلين، ويرخص له في ترك الصلاة في الجماعة إن تعذر عليه ترك استعمال أو ملامسة ما فيه الرائحة المكروهة، ويراجع في ذلك الفتوى رقم 14060
وعليكم بنصحه برفق وتبين الحق له بلطف. ويمكنكم عرض هذه الفتوى عليه لعل الله سبحانه وتعالى يلهمه للصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1423(11/9983)
هل يجب إغلاق المحل لحضور صلاة الجماعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب نادي إنترنت فهل من واجبي أن أغلقه خمس مرات في اليوم لأداء الصلاة.
وشكرا سلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حضوره صلاة الجماعة في المسجد واجب على الرجل المستطيع الذي يسمع النداء، ولا يجوز له التخلف عنها إلا لعذر شرعي معتبر على الصحيح من أقوال أهل العلم.
لقوله صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر رجلاً فيؤذن، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء " رواه البخاري ومسلم.
وعلى هذا فإن عليك أن تحضر الصلاة في المسجد مع جماعة المسلمين، فإن كان ذلك لا يمكن إلا بإغلاق المحل فالواجب عليك أن تغلقه، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1423(11/9984)
تقصير الإمام في الصلاة جماعة لا يبيح التخلف عن صلاة الجمعة خلفه
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام يصلي بالناس الجمعة فقط ولا يصلي إطلاقا الصلوات الخمس في المسجد دون عذر ما حكم صلاة الجمعة وراءه؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم هو أن أداء الصلاة المفروضة في جماعة المسلمين واجب علىالرجال، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 5153.
وكون هذا الشخص مفرطاً في ذلك الواجب، أو مقصراً فيه لا يبيح التخلف عن صلاة الجمعة التي هو إمامها، ولكن عليكم أن تنصحوه وتبينوا له أنه محل قدوة الناس، فلا يليق به أن يكون مضيعاً للواجبات مفرطاً فيها، بل لا ينبغي أن يكون مفرطاً في السنن والمستحبات، فإن استجاب لنصحكم، فذلك المطلوب وإلا فاسعوا لعزله عن الإمامة ليؤمكم من هو أحرص على الواجب، وألزم للسنة وأتقى لله رب العالمين.
فإن عجزتم عن عزله أو كان سعيكم في ذلك سيؤدي إلى مفسدة أعظم، فارتكبوا أخف الضررين وصلوا خلفه، ومن استطاع منكم أن يصلي في مسجد آخر إمامه أورع وأتقى فليفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1423(11/9985)
الخوف على النفس من مبيحات التخلف عن الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
بسبب ظروف إطلاق النار شبه المتواصل وخصوصا في ساعات الليل في الحي الذي أقيم فيه في فلسطين من قبل الاحتلال فإنني أخشى على نفسي من الخروج لصلاة الفجر وأصليها في البيت. هناك القليل من يذهب للمسجد لصلاة الفجر برغم هذه الظروف الخطرة، هل معي رخصة الخوف، أم أنني مقصر؟ أفتوني مشكورين....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخوف على النفس من مبيحات التخلف عن الصلاة في الجماعة، وقد سبق لنا فتوى في هذا الموضوع برقم: 16360 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(11/9986)
التعب والتخلف عن صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً - سؤالي: إذا كان معي في السيارة شخص مقصر في الصلاة وانا أنصحه كثيراً بالمحافظة على الصلاة، وأذن أذان المغرب وقال لي أرجعني إلى البيت وبعد ذلك اذهب إلى الصلاة، وهو يقول لي بأنه تعبان، سؤالي هو: هل إذا أرجعته إلى بيته أكون آثماً؟؟ وفي اعتقادي إذا أخذته إلى المسجد بالقوة سوف تكون صلاته ليس فيها خشوع والله أعلم؟؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجماعة واجبة على الراجح من أقوال العلماء. وبناء على ذلك فلا يجوز للمسلم المستطيع التخلف عنها إلا من عذر شرعي يبيح له التخلف عن الجماعة، وإذا لم يكن بادياً على هذا الشخص المرض والتعب حقاً فكان الواجب عليك أيها السائل الكريم اصطحابه إلى المسجد، وحثه على صلاة الجماعة، وإرشاده إلى فضلها وعظيم أجرها، أما قولك "إذا أخذته إلى المسجد بالقوة سوف تكون صلاته ليس فيها خشوع...." فنقول: إن أمر الخشوع وقبول الصلاة عند الله من الأمور الغيبية التي لا يحق لنا الخوض فيها، والمطلوب إحسان الظن بالمسلمين، ورجاء التوفيق لهم، وما يدريك لعله يحب الصلاة، ويتعلق قلبه بالمساجد، ويصلح الله شأنه.
وأخيراً ننصحك بدعوة هذا الرجل برفق إلى المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والاهتمام بشأن الصلاة فإن استجاب فهو المطلوب، وإن لم يستجب فلا خير لك في صحبته، واحرص على حضور مجالس العلم، ومرافقة الصالحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(11/9987)
العذر العارض يبيح ترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في محاضرة في الجامعة فأذن الظهر فلم ألب النداء وقمت بالصلاة بعد المحاضرة.... فهل علي ذنب؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المسلم الذكر أداء الصلاة جماعة إلا لعذر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه.
والواجب أيضاً أداء الصلاة في وقتها إلا لعذر، لقول الله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] .
فعلى المسلم أن يتقي الله عز وجل في القيام بهذين الواجبين بقدر الاستطاعة، فإن عرض له عذر يبيح ترك الجماعة أو الجمع بين الصلاتين جاز له ذلك بلا إثم، لكن إن كان الجمع تأخيراً فعليه أن ينوي في وقت الأولى تأخيرها إلى وقت الثانية.
وقد سبق أن بينا في فتوى سابقة برقم:
6846، ألأعذار التي تبيح الجمع بين الصلاتين فلتراجع، وبينا فيها أن من الأعذار عند بعض أهل العلم إذا خشي الضرر في معيشته لو ترك الجمع.
وعليه: نقول للأخ السائل: إن كنت لا تستطيع الخروج من المحاضرة أو تأخير المحاضرة عن وقت الصلاة وكنت لا تستطيع الاستغناء عن المحاضرة لضرر يلحقك في معيشتك، فإن هذا عذر يبيح لك ترك الجماعة فتصلي الصلاة في الوقت ولو منفرداً، فإن لم تتمكن من ذلك جاز لك الجمع بين الصلاتين حتى يزول عنك العذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(11/9988)
الضعف والتقدم في السن هل يمنعان شهود الجمعة والجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي من مواليد 1920 أو1919 لا نأخذه للمسجد، حتى في يوم الجمعة كذلك لصلاة فرض الجمعة
حاجاته وطلباته كثيرة أهمها: خطواته بطيئة إذا أراد الذهاب لقضاء حاجته أثناء الخطبة قد يبول على نفسه أثناء هذه الخطوات يحتاج إلى كرسي فهو لا يستطيع الجلوس للتشهد هل نحن أولاده علينا ذنوب لذلك؟ وما الحل والمشورة؟ شكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التخلف عن الجمعة والجماعة لا يجوز إلا لعذر شرعي، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم.
وبهذا تعلم أهمية شهود الجمعة والجماعة لمن ليس له عذر، وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ولقد كان الرجل يؤتي به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف.
الأمر الذي يدل على أن الضعف والتقدم في السن لا يمنعان من شهود الصلاة في المساجد ما دام الشخص يتمتع بعقله، ويستطيع الذهاب إلى المسجد والمجيء منه.
لذا فإنا نرى أن من بر هذا الرجل أن يعان على حضور جماعة المسلمين ما لم يترتب على حضوره أذى للمسلمين أو تلويث المسجد، وإننا لننصح السائل ببر والده، والسعي في مرضاته، فإن طاعة الوالدين شأنها عظيم، وبرهما أكيد، ويزداد ذلك تأكيداً عند بلوغهما أو أحدهما الكبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(11/9989)
حكم أداء المحاصرين الجمعة مقتدين بإمام المسجد الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا من فلسطين وأسكن مدينة رام الله ... كما تعلمون نعيش في هذه الأيام حالة منع تجول دائم وخصوصا يوم الجمعة الذي يرفض الصهاينة نهائياً السماح لنا بأداء صلاة الجمعة.
سؤالي ... هل يجوز أن أصلي مقتديا بإمام المسجد الحرام في مكة المكرمة الذي يكون ببث مباشر على التلفاز؟؟؟
وإن كنا جماعة ولم يكن من هو مؤهل للخطبه فما العمل؟؟ جزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج عنكم الهم، ويكشف عنكم الغم، ويجعل لكم من أمركم يسراً، ويكتب لكم بكل ما تعانون من هم وغم ونصب عظيم الأجر وجزيل الثواب، أما بالنسبة لأداء صلاة الجمعة بالصورة المذكورة فهي غير مجزئة لانتفاء بعض شروط الاقتداء بالإمام، مثل عدم اتحاد مكان الإمام والمأموم، وراجع في هذا الفتوى رقم:
15440 والفتوى رقم:
20151 والفتوى رقم:
11981.
وبما أنه لا يوجد من بينكم من يستطيع القيام بخطبة الجمعة، مع عدم تمكنكم من الخروج لأدائها في المساجد الموجودة ببلدكم، فلا حرج عليكم أن تصلوها ظهراً، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
18804.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(11/9990)
الذين تسقط عنهم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[عن من تسقط صلاة الجمعة وتصلى ظهراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجمعة فرض على كل مسلم عاقل بالغ حر ذكر مقيم قادر.
فخرج بقولنا (مسلم) : الكافر.
وخرج بقولنا (عاقل) : المجنون.
وخرج بقولنا (بالغ) : الصبي.
وخرج بقولنا (حر) : العبد.
وخرج بقولنا (ذكر) : المرأة.
وخرج بقولنا (مقيم) : المسافر.
وخرج بقولنا (قادر) : غير المستطيع كالمريض، والشيخ الفاني، والأعمى الذي لا يجد قائداً، والخائف من عدو أو سباع، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1423(11/9991)
من فاتته الجمعة يصلي الظهر بدلا عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تخلف عن صلاة الجمعة أن يصلي الظهر بدلاً عنها؟ أم أن صلاة الجمعة هي الصلاة التي ينبغي أن يصليها من تخلف لعذر أو بغير عذر. وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن تخلف عن الجمعة لعذر أو لغير عذر ولم يمكنه إدراكها في مسجد آخر لزمه أن يصلي الظهر بدلاً عن الجمعة اتفاقاً. واستحب جمع من أهل العلم أن يصليها في جماعة، فإن كان لهم عذر ظاهر فلا بأس من إظهار الجماعة، وإن خفي عذرهم أخفوها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1423(11/9992)
كيف يؤدي موظفو الطوارئ الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل إطفاء إذا كنت على رأس العمل وحان وقت الصلاة نصلي في العمل جماعة وفي أثناء الصلاة استلم المستقبل للمكالمات بأن هناك حالة حريق ماذا نعمل؟. ... جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لابأس عليكم في قطع الصلاة إذا كان الأمر لا يمكن تأخيره حتى يتم الانتهاء من الصلاة، فإذا أنهيتم مهمتكم قبل خروج الوقت فصلوا الصلاة أداء، وإذا خفتم من خروج وقتها فلا حرج عليكم في أدائها وأنتم أثناء العمل على الكيفية التي أمكنتكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1423(11/9993)
صلاة الجماعة أم الحفاظ على الوظيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[ياشيخ أنا أشتغل في مصنع حكومي وأريد أن أصلي صلاة الظهر في المسجد؛
القريب من المصنع وإدرة المصنع تمنعني من الذهاب إلى المسجد
ويطلبون مني أن أصلي في مكان عملي وإذا ذهبت إلى المسجد طردوني من الشغل فماذا أصنع يا شيخ وهل أصلي في مكان عملي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة في الجماعة واجبة عليك، ولا يجوز تركها إلا من عذر، فإذا كنت مضطراً لهذا العمل ولا تجد بديلاً عنه، فلا حرج عليك في الصلاة في المصنع، وعليك أن تبحث عن من يصلي معك جماعة داخل المصنع، فإن لم تجد صليت بمفردك، واعمل على البحث عن عمل بديل لا تفرط فيه في صلاة الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1423(11/9994)
خروج المرأة لصلاة الفجر في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة الخروج لصلاة الفجر مع العلم أن الشوارع خاوية إلا من الشباب الضائع وجزاكم
الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة الخروج لصلاة الفجر في المسجد، إذا كانت تأمن على نفسها، لما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد، فقيل لها: لم تخرجين؟ وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار! قالت: وما يمنعه أن ينهاني، قال: يمنعه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. والحديث أصله في الصحيحين.
أما مع خوف أمن الفتنة فإنه لا يجوز الخروج، لما فيه من التعرض للفساد والوقوع فيما لا يرضي الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1423(11/9995)
هل للرجل أن يمنع زوجته من الذهاب إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للزوج أن يمنع زوجته من الذهاب إلى المسجد؟ وهل يكون للمرأة نفس الأجر فى خطواتها للمسجد؟
شكرا........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحق للرجل أن يمنع امرأته من الخروج إلى المسجد إذا استأذنته في ذلك ولم تكن هناك ريبة ولا خشية فتنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد إذا استأذنوكم. رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم، ومعنى هذا الحديث قال عنه النووي في شرح مسلم: (وهذا وشبهه من أحاديث الباب ظاهر في أنها لا تمنع المسجد لكن بشروط ذكرها العلماء مأخوذة من الأحاديث وهي أن لا تكون مطيبة ولا متزينة، ولا ذات خلاخل يسمع صوتها ولا ثياب فاخرة، ولا مختلطة بالرجال، ولا شابة ونحوها ممن يفتتن بها، وأن لا يكون في الطريق مايخاف به مفسدة ونحوها.
وهذا النهي عن منعهن من الخروج محمول على التنزيه إذا كانت المرأة ذات زوج أو سيد ووجدت الشروط المذكورة، فإن لم يكن لها زوج ولا سيد حرم المنع إذا وجدت الشروط.) انتهى كلامه
وقال الحافظ في الفتح (: قال ابن دقيق العيد: هذا الحديث عام في النساء، إلا أن الفقهاء خصوه بشروط منها: أن لا تطيب وهو في بعض الروايات: "وليخرجن تفلات" أي غير متطيبات، ولمسلم من حديث زينب امرأة ابن مسعود: إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس الطيب. قال: ويلحق بالطيب ما في معناه لأن سبب المنع منه ما فيه من تحريك داعية الشهوة، كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال) . انتهى
وإذا منع الزوج امرأته أداء الصلاة في المسجد وكانت متوفرة فيها الشروط التي ذكرناها فيرجى لها أن تحصل على أجر الذهاب إلى الصلاة وتكتب لها أجر خطواتها، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيما صحيحاً. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1423(11/9996)
المقعد ... وصلاة الجمعة والجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان مقعد وعلى كرسي متحرك بسبب حادث سير هل أنا ملزم بالذهاب إلى المسجد لأداء الصلوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فذهبت طائفة من العلماء إلى أن المقعد وهو من لا يقدر على القيام، لا تجب عليه الجمعة، ولا الجماعة، وإن وجد حمالاً، لأن القادر بغيره لا يعد قادراً.
ومن الذين نصوّا على ذلك الأحناف، كما في كتاب أحكام المرضى لأحمد بن إبراهيم الحنفي قال: وليس على المقعد الجمعة، ولا الحج، ولا حضور الجماعات عند أصحابنا، وإن وجد حمالا. .هـ ص94.
بينما ذهب الشافعية: إلى أن الزَّمِن (المقعد) تلزمه الجمعة دون الجماعة إذا وجد مركوباً لا يشق ركوبه، فقال في أسنى المطالب: وتلزم الجمعة زمِناً وشيخاً هرماً إن وجد مركوباً ولو آدمياً لا يشق ركوبه بملك أو إجارة أو إعارة، كأعمى وجد قائداً ولو متبوعاً أو بأجرة لانتفاء الضرر، فإن لم يجده، فأطلق الأكثرون أنها لا تلزمه.
والحنابلة يتفقون مع الشافعية في هذا، قال البهوتي في كشاف القناع: فإن لم يتضرر المريض باتباعه (أي المسجد) راكباً أو محمولاً أو تبرع أحد به أي بأن يركبه أو يحمله أو يقود أعمى، لزمته الجمعة لعدم تكرارها دون الجماعة.
ونخلص إلى أن المقعد لا يجب عليه الذهاب إلى المسجد لصلاة الجماعة.
أما الجمعة، فإن أمكنه الذهاب إليها بلا مشقة أو ضرر لزمته، كما هو مذهب الشافعية والحنابلة، فإن وجد ضرراً أو مشقة لم تلزمه باتفاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(11/9997)
يترك الجماعة خجلا من سؤال الجيران عن أبيه المتخلف عن الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ولد عمري 15 لكنني لا أصلي في المسجد لأن أبي لا يذهب معي فأخجل أمام الجيران حينما يسألونني أين الوالد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أداء صلاة الفريضة في جماعة واجب على الذكر البالغ من المسلمين إلا من كان له عذر في التخلف عنها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة، فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً، فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال، فأحرق عليهم بيوتهم" رواه البخاري ومسلم.
وليعلم أن الله تعالى أمر المؤمنين بالصلاة في جماعة في حالة الخوف والسفر، كما قال الله تعالى: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) [النساء:102] .
فإذا كان هذا في حالة الخوف والفزع، فكيف بحالة الأمن والإقامة؟
هذا.. وليس في سؤال الناس لك عن أبيك المتخلف عن الصلاة عذر يبيح لك ترك الصلاة في جماعة، فيجب عليك أن تصلي مع المسلمين في مساجدهم، وتنصح أباك في رفق ولين حتى يذهب للصلاة معك في المسجد.
وفقك الله وثبتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(11/9998)
الخوف من عدو يمنع وجوب الصلاة جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم:
أنا من فلسطين والحمد لله أريد أن أسأل سماحتكم عن حكم الجمع في الصلاة (صلاة الخوف) على أننا بسبب الأوضاع الحالية لا نستطيع التأخر لصلاة العشاء بسبب وجود القوات الإسرائيلية. والتي قد تطلق النار على المصلين. هل يجوز لنا جمع المغرب مع العشاء؟
سؤال آخر.. يفرض علينا نظام منع التجول لفترات طويلة قد تصل لشهر أو أكثر ولا نستطيع الذهاب للمسجد للصلاة، لكن قد نستطيع أن نجمع أنفسنا بعض الاحيان في بيت من بيوتنا والصلاة فيه. ماحكم الشرع في ذلك؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
1- سبق برقم:
16360.
2- فإن الخوف من عدو يعد من الأعذار المبيحة لترك صلاة الجماعة، وراجع الفتوى رقم:
9788 والفتوى رقم:
12124.
وعليه فلا حرج عليك في ترك صلاة الجماعة في المسجد لأجل ما ذكر، وإذا كان من الممكن أن تصلوها جماعة في غير المسجد كما ذكرتم فافعلوا، فإن تعسر ذلك فلا حرج في أن تصلوها فرادى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(11/9999)
ترك الجمعة والجماعة لأن الإمام لا يتحدث في الموضوعات المهمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ترك صلاة الجماعة أو الجمعة بحجة أن الإمام ليس في المستوى أو أنه يتناول موضوعات لا علاقة لها بالواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع المسلمون على وجوب صلاة الجمعة وأنها فرض عين على كل مكلف ذكر حر بالغ عاقل مستوطن في قرية.
وجاء الوعيد الشديد لمن تركها بدون عذر كما في حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: لقد همت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أُحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم. رواه مسلم.
وقال: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين. رواه مسلم.
وأما صلاة الجماعة فذهب طائفة من العلماء إلى أنها فرض عين، وهذا هو الراجح، وذهب قوم إلى أنها فرض كفاية، وذهب آخرون إلى أنها سنة مؤكدة، وكلهم متفقون على أن من ترك الجماعة بغير عذر وصلى منفرداً فهو محروم.
(فإن صلاة يكون أجرها سبعاً وعشرين صلاة، لا يعدل عنها إلى صلاة ثوابها ثواب جزء من سبعة وعشرين جزءاً إلا مغبون، ولو رضي لنفسه في المعاملات الدنيوية بمثل هذا لكان مستحقاً للحجر عليه في التصرف في ماله لبلوغه من السفة إلى هذه الغاية) . انتهى من كلام الشوكاني.
أما التخلف عن الجماعة لأجل ما ذكر في السؤال فهو كلام باطل لا دليل عليه من كتاب أو سنة أو قياس صحيح وهو مردود على قائله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1423(11/10000)
المعذورون عن حضور صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما هي الأعذار الشرعية التي توجب على المصلي تأخير صلاته وأن لا يصليها مع الجماعة.. وخاصة عند أدائه لعمل في قطاع الدولة لا يسمح له بالصلاة في وقتها؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان السائل يقصد بسؤاله تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها، فإن هذا لا يجوز ولا يعذر فيه أحد؛ إلا النائم أو الساهي أو ناوي الجمع لسفر أو مرض أو نحوهما.
وإن كان يقصد تأخير الصلاة عن أول وقتها مع أدائها في وقتها المحدد، فالأفضل الصلاة في أول الوقت، ولو صلى في وسطه أو آخره فلا شيء عليه.
أما الجماعة فلا تترك إلا لعذر من مرض أو خوف على النفس أو المال أو الأهل، فإذا كانت جهة العمل لا تسمح للمسلم أن يصلي في جماعة لسبب يقتضي ذلك كحراسة أو مراقبة ما لو ترك بدون مراقبة لضاع فإنه يصلي منفرداً في الوقت، ولا حرج عليه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(11/10001)
الخوف الذي يسوغ التخلف عن الصلاة جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي الفجر في البيت لأن المسجد بعيد عن المنزل والسبب هو أننا اثنان في البيت المعني أنا والزوجة وعندما أتركها لوحدها تخاف؟
وأشكركم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجماعة في المسجد واجبة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1798، والفتوى رقم: 11306.
وينبغي لك أن تبعث في نفس زوجتك الشجاعة واليقين والتوكل على الله تعالى والاستعانة به، وألا تخاف إلا من الله، لأنه يقول: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [التوبة:51] .
وقال تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران:175] .
وهذا كله إذا كان البلد آمناً، إما إذا كان غير آمن وخشيت زوجتك على نفسها ومنزلها من اعتداء اللصوص أو المفسدين، فعليك أن تصلي معها في البيت دفعاً للضرر، ولكن يجب أن يكون الخوف مستنداً إلى سبب متوقع توقعاً غالباً على الظن.
أما إذا كان مجرد أوهام ووساوس فلا يسوغ لك التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1423(11/10002)
موظفو الطوارئ ... وصلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[في يوم الجمعة نكون في العمل والمسجد بجوار مبنى العمل ولا نستطيع الذهاب للمسجد ونحن نعمل بنظام مناوبة (طوارئ) الإطفاء وعددنا 15 شخص ونصلي بمقر عملنا ونستمع إلى الخطيب بمكبرات الصوت هل نصلي الظهر والإمام يخطب؟ أم ننتظر ونستمع للخطبة وبعد الانتهاء نصلي الظهر؟ أم نصلي الظهر بوقته؟ حيث أننا نواجهه حوادث تعيقنا عن الصلاة بوقتها.
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الجمعة والتخلف عنها في فتوى برقم: 8688 فليراجع.
وبينا كذلك الأعذار التي تبيح التخلف عن الجمعة في الفتوى رقم: 13099.
فإن كانت هذه المهمة المذكورة في السؤال تحتاج إلى هذا العدد كله، فإنهم معذورون إن شاء الله تعالى، وإلا فلا يعذر إلا القدر المحتاج إليه منهم.
ومن عذر عن حضور صلاة الجمعة، فإنه يصلي الظهر، وهو بالخيار إن شاء صلى أول الوقت، وإن شاء صلى في وسط الوقت أو في آخره، ولكن بعض أهل العلم يستحبون لمن عذر عن الجمعة بعذر يرجى زواله أن لا يصلي الظهر حتى يتيقن فوات الجمعة، وذلك بأن يرفع الإمام رأسه من الركوع في الركعة الثانية، إذ ربما زال العذر فأدرك الجمعة، وهذا على جهة الاستحباب فقط.
ولكن إذا كان التأخير قد يؤدي إلى فوات الظهر بالجملة بالانشغال عنها، فالأولى التقديم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1423(11/10003)
مصير من ترك ثلاث جمعات تهاونا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن من يترك صلاة الجمعة مرتين يكون كافرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي وَرَدَ في السنة عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من ترك ثلاث جمعاتٍ من غير عذرٍ كتب من المنافقين" صحيح الجامع (6144) .
وعن أبي الجعد الضمري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك ثلاث جمعٍ تهاوناً بها طبع الله على قلبه" رواه الترمذي وابن ماجه وأبو داود بإسناد حسن صحيح.
فالمراد بالتهاون: التركُ من غير عذرٍ.
والمراد بالطبع: أنه يصير قلبه قلب منافقٍ.
فمن ترك الجمعة ثلاثاً، وكان ذلك عن تكاسل وعدم جدٍ في أدائها طبع على قلبه، وكتب من المنافقين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1423(11/10004)
يجب قطع الصلاة لإنقاذ آدمي
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي صلاة الجمعة وفي الركعة الأولى من الصلاة وأثناء قراءة الإمام الفاتحة كان يقف صبي بجواري فسقط الصبي على وجهه مغشياً عليه وكان الجو حاراً اضطررت للتسليم وقطع الصلاة وحملت الصبي للخارج وظللت أفيقه حتى انتهت الصلاة وبعد أن فاق الصبي قمت بصلاة الظهر بدلا من الجمعة
فهل في ذلك ذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
لقد أصبت في فعلك هذا كله، لأن أن قطع الصلاة في هذه الحالة واجب على من كان موالياً لهذا الصبي لأجل إنقاذ حياته، كما أن صلاة الجمعة إذا فاتت الإنسان فإنه يصلي ظهراً بدلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1423(11/10005)
لا إثم في التأخر عن صلاة الجماعة للعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الأنتهاء من الاغتسال يخرج مني (المذي) ولذلك لا اغتسل مباشرة حتى أتأكد من خروجه ولكن ماذا أفعل في حالة دخول وقت الصلاة والخوف من عدم الصلاة مع الجماعة هل في التأخر أو عدم الصلاة مع الجماعة إثم عليّ؟
أفتوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الذي يحول بينك وبين صلاة الجماعة هو نزول المذي فأنت معذور إن شاء الله تعالى، وعليك أن تنتظر حتى تستبرئ من المذي ولو فاتتك الجماعة ما لم تخش خروج الوقت.
ثم اعلم أن خروج المذي بعد الغسل يوجب غسل الذكر فقط، بالإضافة إلى نقضه للوضوء.
وانظر الفتاوى التالية: 3861، 9322، 8777، 8444.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1423(11/10006)
ما يفعل من فاتته الجمعة لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم أستطع أداء صلاة الجمعة في المسجد هل أصلي الظهر 4 ركعات أم أصلي ركعتين فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن لم يستطع أداء صلاة الجمعة لعذر معتبر شرعاً، كمرض أو سفر أو مطر، فيجب عليه أن يصلي بدلاً منها الظهر أربع ركعات، وهذا محل إجماع عند أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(11/10007)
ولي أمره يمنعه من صلاة الجماعة لأسباب سياسية
[السُّؤَالُ]
ـ[ولي أمري (أخي) يمنعني من الصلاة في المسجد لأسباب سياسية هل هذا عذر الخوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 3880 حكم ما إذا منع الأب ابنه من حضور الجماعة وأداء الصلاة فيها، وذكرنا هنالك أنه لا يطاع في هذه المسألة وما شابهها، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ونضيف هنا أنه إذا كان الأب يمنع ابنه من حضور صلاة الجماعة لخوفه عليه من ضرر محقق، أو مظنون ظناً قوياً يلحقه في نفسه أو ماله من ظالم، فله أن يستجيب له، لأن الخوف على النفس أو المال من مبيحات ترك الجماعة والتخلف عنها، ولا فرق في هذا الأمر بين الأب وغيره من وصي ونحوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1423(11/10008)
أقوال العلماء في سقوط الجمعة لمن شهد صلاة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت مؤخراً أنه في حالة إذا اجتمع العيد ويوم الجمعة يرخص لأهل القرى الذين بلغهم النداء وشهدوا صلاة العيد ألا يشهدوا صلاة الجمعة.. استشهاداً بحديث لسيدنا عثمان بن عفان ولمذهب الإمام أحمد بن حنبل أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة وقال ابن تيمية ثلاثة آراء: أن الجمعة على من صلى العيد ومن لم يصل، أن الجمعة تسقط عن أهل البر، أن من صلى العيد سقطت عنه الجمعة
برجاء الإفادة عن الرأي الصحيح وهل تسقط صلاة الجمعة حقاً عمن صلى العيد أم هذا الرأي قاصر على أهل القرى.. وهل يؤخذ برأي سقوط صلاة الجمعة في عصرنا هذا لمن شهد صلاة العيد حيث أنه حدث في هذه السنة اجتماع العيد والجمعة واختلفت الآراء ومن الناس من صلى الجمعة ومنهم من امتنع
وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....
أما بعد:
فمذهب الحنفية والمالكية أنه إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة فإن إحدى الصلاتين لا تجزئ عن الأخرى.
وهذا هو مذهب الشافعي غير أنه يرخص لأهل القرى الذين بلغهم النداء وشهدوا صلاة العيد ألا يشهدوا صلاة الجمعة، وجاء في المغني لابن قدامه: " مذهب الإمام أحمد: أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة إلا الإمام لا تسقط عنه إلا ألا يجتمع معه من يصلي به الجمعة، وقيل في وجوبها على الإمام روايتان، وروي عنه أيضاً أنه إذا صليت الجمعة في وقت العيد أجزأت صلاة الجمعة عن صلاة العيد وذلك مبني على رأيه في جواز تقديم الجمعة قبل الزوال.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى: عن ذلك فأجاب: (الحمد لله، إذا اجتمع الجمعة والعيد في يوم واحد فللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه تجب الجمعة على من شهد العيد، كما تجب سائر الجمع للعمومات الدالة على وجوب الجمعة.
الثاني: تسقط عن أهل البر، مثل أهل العوالي والشواذ، لأن عثمان بن عفان أرخص لهم في ترك الجمعة لما صلى بهم العيد.
والقول الثالث: وهو الصحيح: أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة، لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها، ومن لم يشهد العيد، وهذا هو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: كعمر، وعثمان، وابن مسعود، وابن عباس، وابن الزبير وغيرهم.
ولا يعرف عن الصحابة في ذلك خلاف، وأصحاب القولين المتقدمين لم يبلغهم ما في ذلك من السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم لما اجتمع في يومه عيدان صلى العيد ثم رخص في الجمعة، وفي لفظ أنه قال: " أيها الناس إنكم قد أصبتم خيرا، فمن شاء أن يشهد الجمعة فليشهد، فإنا مجمعون "، وأيضاً فإنه إذا شهد العيد حصل مقصود الاجتماع، ثم إنه يصلي الظهر إذا لم يشهد الجمعة، فتكون الظهر في وقتها، والعيد يحصل مقصود الجمعة.
وفي إيجابها على الناس تضييق عليهم، وتكدير لمقصود عيدهم، وما سن لهم من السرور فيه، والانبساط، فإذا حبسوا عن ذلك عاد العيد على مقصوده بالإبطال، ولأن يوم الجمعة عيد، ويوم الفطر والنحر عيد، ومن شأن الشارع إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد أدخل إحداهما في الأخرى، كما يدخل الوضوء في الغسل، وأحد الغسلين في الآخر. والله أعلم) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: (وإذا وافق العيد يوم الجمعة جاز لمن حضر العيد أن يصلى جمعة وأن يصلي ظهراً، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في هذا، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رخص في الجمعة لمن حضر العيد وقال: " اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شهد العيد فلا جمعة عليه " ولكن لا يدع صلاة الظهر، والأفضل أن يصلي مع الناس جمعة، فإن لم يصل الجمعة صلىَّ ظهراً، أما الإمام فيصلي بمن حضر الجمعة إذا كانوا ثلاثة فأكثر منهم الإمام، فإن لم يحضر معه إلا واحد صليا ظهراً) وما رجحه شيخ الإسلام وما تضمنته فتوى الشيخ ابن باز رحم الله الجميع هو الراجح - إن شاء الله تعالى. للأدلة التي ذكراها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(11/10009)
أقم الصلاة في مكان عملك ريثما تحصل على عمل آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا موظف في بنك - أمين صندوق – ونوع عملي يفرض علي البقاء في موقعي من الساعة الثامنة صباحا وحتى الساعة الثانية والنصف ظهرا ولا يسمح لي بمغادرته إلا للضرورة القصوى.
كما أن المكان – داخل البنك – غير طاهر. ولا يسمح وجود من حولي ولا يساعد على طهارته.
لذا أجدني استطيع صلاة الفجر والمغرب والعشاء. ولا يمكن صلاة الظهر والعصر على وقتها. كما أن صلاة الجمعة بالنسبة لي – الآن – مستحيلة.
أحاول البحث عن عمل آخر خارج القطاع المصرفي, ولكن لبنان هو لبنان.
سؤالي هو: كيف لي أن أصلي الفرائض الخمس وعلى أي شكل وما هو وضع ما هو متأخر علي وما هو وضع صلاة سنة النبي صلى الله عليه وسلم؟
جازاكم الله عني كل خير, والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم العمل في البنوك في الفتاوى:
1820 10200 11406
فراجعها، نسأل الله أن يوفقنا للعمل بما علمنا. وتقدم حكم العمل الذي يؤدي إلى التهاون بالصلاة، وتأخيرها عن وقتها، أو يؤدي إلى ترك الجمعة والجماعة، وهو في هذه الفتاوى: 10767 9495 10393 فراجعها أيضاً.
وعليه، فيجب عليك ترك العمل في هذا البنك، والبحث عن عمل آخر، وإذا اضطررت لمواصلة العمل في هذا البنك إلى حين العثور على عمل آخر، فيجب عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، وإذا كان المكان غير طاهر لزمك الإتيان بسجادة طاهرة ونحوها للصلاة عليها.
أما بالنسبة للصلوات التي فاتتك، فإنه يجب عليك قضاؤها، ويجب عليك أيضاً التوبة، والندم والاستغفار من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1422(11/10010)
طبيعة العمل هل تجيز التخلف عن صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي محل بابه أمام باب المسجد تماماً، وطبيعة العمل لا تتيح لنا التوقف أثناء اقامة الجماعة في المسجد. لهذا، أضطر إلى أن أبقي أحد الموظفين بينما أشارك أنا في الجماعة أو أن يذهب كافة العاملين في المحل للجماعة وأظل أنا في المحل. في كل الأحوال، قد لا يسعد الحظ من لم يشارك منا في الجماعة الأولى ولا يجد جماعة ثانية للصلاة معهم. أرجو رأيكم في كيفية التصرف وجزاكم الله عنا وعن أمة محمد عليه الصلاة والسلام خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أداء الصلاة مع جماعة المسلمين واجب من الواجبات التي يأثم تاركها، هذا هو ما تشهد له الأدلة الصريحة، وأقوال أهل العلم من الصحابة وغيرهم.
والتخلف عن صلاة الجماعة من صفات المنافقين، ولكن العلماء عند ذكر الأعذار التي تبيح للمسلم التخلف عن الجماعة ذكروا من ضمنها الخوف على المال من الضياع.
وعليه، فإذا كان هذا العمل المذكور يستلزم حفظه بقاء أحد يحرسه ويراقبه ويتعذر إغلاق المحل، فلا حرج على من تخلف عن الجماعة من أجل ذلك -إن شاء الله تعالى- لأنه معذور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1422(11/10011)
حضور من تنبعث منه رائحة كريهة غير مسوغ لغيره أن يتخلف عن الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ترك صلاة الجماعه إذا انبعثت روائح كربهة من رجل من المصلين
وأرجو منك أن تبعث حديثاً أو أي شيء يخص هذا الموضوع لأكتبه على باب المصلى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز التخلف عن الجماعة بحجة حضور من تنبعث منه روائح كريهة أما من تنبعث منه تلك الروائح بسبب أكل شيئاً له رائحة كريهة كالثوم أو البصل أونحوهما فيكره له دخول المسجد، ويرخص له في ترك الجماعة إن تعذر عليه إزالة ريحها، للأحاديث الصحيحة في ذلك، منها حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل من هذه الشجرة -يعني الثوم- فلا يقربن مسجدنا" رواه البخاري ومسلم، وفي رواية مسلم "مساجدنا" وعن أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا، أو لا يصلين معنا" رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: "من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم" وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب يوم جمعة فقال في خطبته: (ثم إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين، هذا البصل والثوم، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع، فمن أكلهما فليمتهما طبخاً) رواه مسلم.
وألحق العلماء بذلك من به صنان أو بخر أو رائحة منتنة لأن العلة الأذى. واستحب الحنابلة إخراج من به ذلك، فمن تنبعث منه رائحة كريهة تؤذي من يكون إلى جنبه، فليحرص على إزالتها بالمطهرات، أو الإكثار من الطيب قبل أن يذهب إلى المسجد حتى لا يؤذي المسلمين والملائكة، وإلا فإن ترك الجماعة في المسجد مرخص له فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1422(11/10012)
صلاة الجماعة لم تسقط أثناء القتال فكيف في غيره؟!!!
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أولا أن أشكركم على مجهودكم العظيم وجزاكم الله خيرا. وسؤالي هو هل يجب أن أصلي الخمس صلوات في المسجد؟. وإذا كانت الإجابة بنعم فهل يجوز لي في أيام الامتحانات أن أصليها في البيت أو بعضها؟. وشكرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلمعرفة حكم صلاة الجماعة في المسجد راجع الفتوى رقم:
1798
فإنه لا يجوز لك أداء الصلوات في البيت ولو كان في أيام الامتحان، لأن ذلك لا يُعد عذراً شرعياً لترك صلاة الجماعة، لأنه يمكنك الجمع بين المذاكرة وأداء الصلاة في جماعة دون ضرر يلحق بك، بل إن إقامة الصلاة في جماعة قد تكون سبباً في أن يشرح الله صدرك للعلم والتعلم، ولْتعلم أن صلاة الجماعة لم تسقط عن المسلمين وهم في حال مباشرة القتال، فقد شرع الله لهم صلاة الخوف، وهي تصلى جماعة كما بينها لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم، وكذلك لم يسقطها رسولنا صلى الله عليه وسلم عن رجل أعمى كما رواه مسلم في صحيحه، وراجع الفتوى رقم: 2252
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1422(11/10013)
العذر المبيح للتخلف عن صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يجوز عدم الذهاب إلى صلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الرجل المسلم الحر المقيم (وهذا الذي تجب عليه صلاة الجمعة) له عذر معتبر شرعاً، فإنه يجوز له التخلف عن صلاة الجمعة ما دام متصفاً بذلك العذر، ومن الأعذار المعتبرة شرعاً المرض والتمريض لشخص يحتاج إلى ملازمة الممرض، وكذلك الخوف المحقق على النفس، أو ضياع المال أو تلفه، أو نحو ذلك.
وراجع الأجوبة التالية أرقامها: 5143، 12816، 7637.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1422(11/10014)
الخوف من المضايقات ... وصلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من دولة عربية والحمد لله محافظ على صلاتي ولكن لدي مشكلة وهي أني في صلاة الفجر أجد أن والدي يطلب أو بالأحرى يمنعني من الذهاب لكي أصلي الفجر في الجامع وذلك لأن في بلادنا ضغوطات ومضايقات من السلطات لمصلي صلاة الفجر أو بالأ حرى للمصلين للصلوات في الجامع والغرض من منع والدي لي هوالخوف علي فماذا ترون يا أهل الخير؟ مع العلم أن الجامع قريب جدا من منزلي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي -حفظك الله- أن صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الصحيح من أقوال العلماء، لأدلة كثيرة منها: ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أعمى أتى النبي صلى عليه وسلم فقال له: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل تجد لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أتسمع النداء؟ " قال: نعم، قال: "فأجب، لا أجد لك من رخصة". وقد كان منزله في آخر المدينة، وكان أعمى، وكانت المدينة كثيرة الهوام، ولم يعذره النبي صلى الله عليه وسلم، فدل على وجوب صلاة الجماعة.
ولما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الجماعة فأحرق عليهم بيوتهم".
فهم الرسول صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة دليل على وجوبها، لكن منعه من ذلك وجود النساء والذرية.
وإذا علم هذا فلا يجوز التخلف عن صلاة الجماعة إلا لعذر شرعي كالمرض، والمطر، والخوف المحقق، أو المظنون غالباً، فإذا كان حضورك صلاة الجماعة في المسجد سيؤدي إلى لحوق ضرر محقق بك، أو غالب على ظنك، فعندئذ لا يجب عليك الذهاب إلى المسجد. ويبقى الأمر متوقفاً على زوال الضرر، لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها. أما إذا كان ما يقوله أبوك إنما بناه على مجرد توهم، لا يستند لسبب ظاهر، فلا يحق لك طاعته في التخلف عن الجماعة، لأن التخلف عنها لغير عذر معصية، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الطاعة في المعروف" رواه البخاري، ويقول صلى الله عليه وسلم أيضاً: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق." رواه أحمد وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1422(11/10015)
رائحة الجسد الكريهة تمنع حضور الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل انبعاث ريح كريهة من الجسد سبب في ترك صلاة الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من به رائحة كريهة تهب من جسده تؤذي المصلين يكره له حضور الجماعة دفعاً لأذيته، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- " من أكل من هذه البقلة فلا يقربن مساجدنا حتى يذهب ريحها يعني الثوم " أخرجه البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم " فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم"
وإذا لم يكن هو الذي تسبب في هذه الرائحة، ولم يكن مقصرا في إزالتها، فهو من المعذورين، وقد يحصل له أجر حضور الجماعة لأنه تخلف بغير اختياره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1422(11/10016)
هل يلزم إيقاظ المرأة لزوجها لأداء الصلاة جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة إيقاظ زوجها للصلاة في المسجد جماعة؟
وإذا كان الزوج متعبا حيث يرجع من عمله متأخرا وينام قبل صلاة العصر وعنده عمل في المساء..هل يعذر إذا ترك الصلاة في المسجد جماعة وصلى في بيته بعد أن يستيقظ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الصحيح من أقوال أهل العلم. وقد تقدمت الفتوى بذلك برقم 5153 وعليه فيلزمك إيقاظ زوجك لها، وما ذكرته من تأخره في عمله ونومه قبل العصر وعمله في المساء لا يبيح له ترك صلاة الجماعة، ولا يبيح لك إعانته على ذلك بعدم إيقاظه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1422(11/10017)
ترك العمل الذي يمنع صاحبه من صلاة الجمعة والجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمته وبركاته أنا مسلم والحمد لله وأعيش في دولة أوربية ولأنني لا أعمل وأدرس اللغة الإنجليزية تعطيني الدولة راتبا كل أسبوعين أنا والأسرة وفي بعض الأوقات أعمل يوما أو يومين (كاش) من غير علم الدولة وأحيانا لا أعمل لأن الراتب لا يكفي لأن المعيشة هنا غالية وإذا تركت الدراسة وعملت لا أستطيع أن أصلي الصلوات في أوقاتها ولا أستطيع أن أصلي الجمعة لأنهم لا يعطلون الجمعة وأنا لا أعمل يوم الجمعة فماذا أفعل بالله عليك لأنني لا أريد أن تأكل أسرتي من حرام أم هذا حلال أرجو الرد وجزاك الله خيرا والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على المسلم أن يفي بما التزم به من العقود، ولو كانت مع غير المسلمين، فإن كان نظام الدولة التي أنت فيها يمنع العمل للدارسين، وتعطي الدارسين مقابل دراستهم راتباً، فلا يجوز العمل بدون إذنهم إلا عند الضرورة، مثل أن يكون ما يعطى لا يكفي للمعيشة.
ولا ينبغي للمسلم أن يلتحق بعمل غير مضطر إليه يحول بينه وبين صلاة الجماعة، أو الجمعة، بل الواجب عليه هو البحث عن عمل بديل، لا يؤدي إلى ذلك، لأن إجابة المنادي لمن يسمع النداء واجبة، ولو كان موظفا في عمله، لما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم استأذنه أعمى لا قائد له أن يرخص له أن يصلي في بيته قال: " هل تسمع النداء؟ " فقال: نعم. قال:"فأجب".
ومما يجدر التنبه إليه أن الإقامة الدائمة في بلاد غير المسلمين لا تجوز إلا في حالات معينة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
2007
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1422(11/10018)
إتمام معاشرة الزوجة ... أم حضور صلاة الجماعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سمع الرجل نداء الصلاة - الأذان - أثناء الجماع فهل عليه الانسحاب فورا والاغتسال ومن ثم الوضوء والذهاب إلى المسجد فورا؟
أم يجوز له الصلاة بعد الانتهاء من الجماع؟
وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا سمع الرجل النداء للصلاة أثناء الجماع لا يلزمه قطع الجماع بل الأولى أن يستمر حتى يفرغ ثم يغتسل فإن أدرك الجماعة فبها ونعمت وإلا صلى مع زوجته في بيته وذلك لأن في قطعه للجماع ضررا بزوجته، وانشغال نفسه أثناء الصلاة عن الخشوع، وتعلق نفسه بما كان عليه من المتعة، وقد جاء في الحديث المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة، فابدؤا بالعشاء، ولا يعجل حتى يفرغ منه" وصبر النفس عن شهوة الطعام أهون من صبرها عن شهوة الجماع، ولكن عليه أن لا يتعمد فعل ذلك قبل الصلاة قاصداً التخلف عن صلاة الجماعة، فإن قصد ذلك فهو آثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1422(11/10019)
البناء بالزوجة ... والتخلف عن صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه يجوز للمتزوج حديثا أن يبقى مع زوجته ويصليا معا لمدة 3 أيام بعد دخوله أو بعد ليلة الدخلة كما يسمونها حيث لا يذهب إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لأحد ممن تجب عليه صلاة الجماعة في المسجد أن يتخلف عنها إلا لعذر مشروع.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، فلا صلاة له" قالوا: وما العذر؟ قال: "خوف أو مرض" رواه أبو داود والحاكم، واللفظ له.
وليس دخول المرء بزوجته من الأعذار التي تبيح له التخلف عن صلاة الجماعة على الصحيح من أقوال أهل العلم.
قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ: (روى في العتبية ابن القاسم عن مالك: لا يتخلف (أي العريس) عنها (يعني الجماعة) ورخص بعض أهل العلم في عدم الخروج إلى الجماعة إذا كان يخشى على زوجته، وخصه آخرون بصلاة الليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1422(11/10020)
ماهية العذر المبيح للتخلف عن الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف ولا أستطيع ترك مكان العمل والأذان يكبر للصلاة فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أداء الصلوات الخمس مع الجماعة واجب على الأعيان القادرين، والأدلة على ذلك كثيرة منها -على سبيل المثال- ما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استأذنه أعمى لا قائد له أن يرخص له أن يصلي في بيته قال: "هل تسمع النداء؟ " فقال: نعم قال "فأجب" فالحديث ظاهر الدلالة على وجوب إجابة المنادي لمن يسمع النداء، ولو كان موظفاً في مكان عمله، اللهم إلا أن يترتب على حضوره الجماعة وتركه عمله ضياع العمل الذي وكل بحفظه، فيكون حينئذ من أهل الأعذار المأذون لهم في التخلف عن صلاة الجماعة، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر" قالوا: وما العذر يا رسول الله؟ قال: "خوف أو مرض، لم يقبل الله منه الصلاة التي صلى" رواه الإمام أحمد والحاكم، والخوف الذي هو من أعذار التخلف عن صلاة الجماعة لا فرق فيه بين الخوف على النفس، والخوف على المال.
ومما يجدر التنبه له أنه لا ينبغي للمسلم أن يبقى في عمل يؤدي إلى فوت صلاة الجماعة أو الجمعة ما لم يكن مضطراً، بل الواجب عليه هو البحث عن عمل بديل لا يؤدي إلى ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1422(11/10021)
الذي ينتابه المرض أثناء الجماعة يرخص له في الصلاة في بيته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب تصيبه أحيانا حالات عصبية في أثناء الصلاة فيهوي إلى الأرض، فهل يعذر مثله ليصلي أحيانا في بيته وأحيانا أخرى بالمسجد.. وشكر الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أحس الشخص بأن تلك الحالة ستعتريه وقت الصلاة، أو أن المشي إلى المسجد يزيد من احتمال حدوثها فلا حرج عليه أن يصلي في بيته، لقول الله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج: 78] ولقوله سبحانه وتعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن:16] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1422(11/10022)
لا يستطيع القراءة خلف الإمام سرا فهل يتخلف عن الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لايسطيع قراءة الفاتحة خلف الإمام سرا"علما" أنه يوجد إمكانية لقراءتها جهرا ولكن يشوش على المصلين.
هل تسقط عنه صلاة الجماعة أم لا وإن لم تسقط الجماعة فهل صلاته صحيحة
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيلزم المأموم قراءة الفاتحة في ركعات الصلاة السرية، أما الجهرية: فإنه إذا قرأ الإمام لزمه الإنصات والاستماع لقراءته، لقوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) [الأعراف: 204] .
لكن إذا وجد فرصة لقراءة الفاتحة في الجهرية عند سكتات الإمام لزمه ذلك ووجب عليه، فإن لم يجد إلا حال قراءة الإمام، سقطت عنه القراءة وصلاته صحيحة.
قال ابن المنذر في الأوسط: ولا أرى أن يقرأ وهو يسمع قراءة الإمام، والذي يجب علينا إذا جاءنا خبران يمكن استعمالهما جميعاً أن نقول بهما ونستعملهما، وذلك أن نقول لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب إلا صلاة أمر النبي صلى الله عليه وسلم المأموم إذا جهر الإمام بقراءته أن يستمع لقراءته، فيكون فاعل ذلك مستعملاً للحديثين جميعاً، ولا يعدل عن هذا القول أحد إلا عطل أحد الحديثين. والله أعلم) انتهى.
وقراءة المأموم في السرية والجهرية تكون سراً في نفسه، ولا يجوز له الجهر بالقراءة إذا كان ذلك يشوش على الإمام والمصلين.
ولا تسقط صلاة الجماعة -عن السائل- للعذر المذكور، ثم إنه لا يتصور العجز عن القراءة سراً مع القدرة على القراءة، لكن الشيطان قد يلبس على الإنسان في كثير من الأحيان، وربما كان هذا التصور من تلبيسه، فيجب السعي إلى نبذه والتخلص منه، ومن أفضل الوسائل في هذا الباب الاستعاذة قبل القراءة، قال تعالى: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) [النحل: 98] .
قال العلماء معنى (إذا قرأت) : إذا أردت القراءة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1422(11/10023)
العذر الشرعي يبيح ترك صلاة الجماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي بعض الصلوات بالمسجد جماعة وبعضها بالمنزل ولعدة أسباب منها انشغاله في بعض الأمور الحياتية وعدم تمكنه من الذهاب للصلاة في وقتها ولبعد المسجد عنه وتواجده في الأسواق والسيارة وقت الأذان مما يضطره إلى الصلاة في أقرب مسجد أوأقرب مكان يتواجد فيه، ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجب الصلاة المفروضة في جماعة في المسجد على الرجال، ولا فرق بين المسجد المجاور للبيت، أو مسجد السوق، والمسجد المجاور للعمل من حيث وجوب أدائها جماعة في المسجد، فالحكم واحد.
ولا يجوز للمسلم أن يصلي المفروضة في بيته أو محل عمله إلا لعذر، ومن صلاها في غير المسجد بغير عذر فقد ترك واجباً يأثم بتركه. وانظر فتوى رقم 1798 وفتوى رقم 5153
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/10024)
المدين المعسر الخائف من غرمائه يجوز له التخلف عن الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل عندى ديون لا أستطيع تسديدها لذا وعندما أذهب لمنطقتي قريبا من الرياض لمدة يومين لاأصلي لأن بها من يريدون حقوقهم فما الحكم وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبة على الأحرار البالغين من الذكور، في الراجح من قولي العلماء، فلا يجوز لأحدٍ أن يتخلف عنها إلا لعذر شرعي يبيح له ذلك، ومن جملة الأعذار التي ذكرها العلماء لإباحة التخلف عن الجماعة: الخوف من الغرماء، بسجن أو ملازمة وما في معناهما من الإيذاء، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة في الجملة.
قال في المغني -حنبلي-: وفي معنى ذلك، أن يخاف غريماً له يلازمه ولا شيء معه يوفيه، فإن حبسه بدين هو معسر به ظلم له، فإن كان قادراً على أداء الدين لم يكن عذراً له، لأنه يجب إيفاؤه انتهى.
وقال في أسنى المطالب -شافعي-: (و) بالخوف (من) حبس أو ملازمة (غريم وبه) ، أي بالخائف (إعسار يعسر) عليه (إثباته) ، بخلاف الموسر بما يفي بما عليه، والمعسر القادر على الإثبات ببينة أو حَلِف. انتهى.
وقال في البحر الرائق -حنفي-: أو كان إذا خرج يخاف أن يحبسه غريمه في الدين. انتهى.
وقال في التاج والإكليل -مالكي-: (والأظهر والأصح أو حبس معسر) ، سمع ابن القاسم: لا أحب لأحد أن يترك الجمعة من دين عليه يخاف غرماءه، ابن رشد: إن كان عديماً وخاف أن يسجنه غرماؤه فقال سحنون: لا عذر له في التخلف، وفي ذلك نظر، لأنه يعلم من باطن أمره ما لو تحقق لم يجب عليه سجن، فهو مظلوم في الباطن محكوم عليه بحق في الظاهر، ونحو هذا للخمي. انتهى.
فمن هذه النصوص الفقهية لعلماء المذاهب الأربعة يتبين لنا جواز التخلف عن الجماعة والجمعة لمدين يخشى من غرمائه، وذلك بشرطين:
الأول: أن يكون معسراً حقيقة وإن لم يستطع إثبات إعساره للقاضي في الظاهر، لأن غرماءه إذا لازموه أو حبسوه في هذه الحالة كان ذلك ظلماً، ومخالفة لما أمر الله به من إنظار المعسر، قال الله تعالى: وإِنْ كان ذُو عُسْرةٍ فنظِرةٌ إِلى ميْسرةٍ [البقرة:280] .
أما إذا كان المدين موسراً، فلا يجوز له التخلف، ولو استطاع التحايل حتى يثبت إعساره في الظاهر، بل الواجب عليه إن كان مستطيعاً أن يوفي غرماءه ولا يماطلهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم ... متفق عليه.
الثاني: أن يكون الإيذاء الواقع على المدين المعسر من غرمائه حبس أو ملازمة، وما في معناهما، أما إذا كان مجرد المطالبة، أو الإلحاح فيها، فلا يجوز له التخلف أيضاً، لانتفاء الضرر في حقه.
والأصل في جعل ذلك من الأعذار قول النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى. رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما، وصححه الألباني.
والخوف من الغريم داخل في عموم الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1421(11/10025)
من دخل مكة معتمرا فأقيمت الصلاة صلى ثم اعتمر
[السُّؤَالُ]
ـ[نوينا العمرة وعندما وصلنا مكة أدركتنا الصلاة، فهل نصلي أم نعتمر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أقيمت الصلاة وأنتم لم تباشروا أعمال العمرة، فادخلوا في الصلاة مع الناس، فإذا تمت الصلاة فابدؤوا العمرة، وكذلك إذا جئتم إلى المسجد ووجدتم الناس قد أنهوا الصلاة، فابدؤوا بالصلاة قبل خروج وقتها، لأن الله جل وعلا يقول (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) . [النساء: 103] . أما إذا بدأتم أعمال العمرة قبل إقامة الصلاة، ثم أقيمت الصلاة فإن كان ذلك في أثناء الطواف فليقف كل منكم في مكانه الذي أقيمت عليه الصلاة وهو فيه، وليصل مع الناس، فإذا تمت الصلاة أكمل الطواف من حيث توقف قبلها، بمعنى أنه يبني على ما فعله ولو كان في أثناء الشوط، وإن لم يكن الموضع الذي أقيمت عليه الصلاة - وهو فيه - صالحاً لأن يصلي فيه، فلينتقل إلى مكان آخر، فإذا أتم الصلاة عاد إلى المكان الذي انتهى عنده ثم بدأ منه طوافه. وكذا إذا قطعتم السعي للصلاة أو لعارض بنيتم من حيث توقفتم، قال صاحب المغني: وإن أقيمت الصلاة أو عرض عارض قطع السعي فإذا فرغ بنى ـ يعني على ما مضى ـ لما روي أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يطوف بين الصفا والمروة فأعجله البول فتنحى، ودعا بماء فتوضأ، ثم قام فأتم على ما مضى.
قال النووي: هذا مذهبنا وبه قال جمهور أهل العلم. وقال ابن المنذر هو قول أكثر العلماء.
والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10026)
لا يثبت العذر إلا بعد بذل الحيلة والاستطاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام0عليكم ; فضيلة الشيخ لو تكرمت افدنا في هذا الأمر.. أنا طبيب أعمل في أحد المستشفيات الأمريكية // مغترب للدراسة// أضطر في بعض الأحيان أن لا أصلي صلاة الجمعة في المسجد بسبب ظروف العمل حيث لا أتمكن من الخروج اثناء ساعات الدوام وحتى لو اضطررت للجوء إلى الاعتذار من رؤساء القسم لا أستطيع تكرار الأمر كثيرا...... فهل أكون بذلك مقصرا ??أم معذورا ,, مع العلم اني سأحاول بإذن الله عدم تركها قدر الامكان.. //جزاك الله خيرا//]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمجرد التخوف من عدم سماحهم لك بالخروج لأداء الصلاة لا يقاوم وجوب حضور صلاة الجمعة في المسجد، وأكثر الذين صدقوا في محاولاتهم نجحوا في التوفيق بين أعمالهم وبين حضور الجمعة، وهذا أمر يدركه الأمريكان في الجملة، فأنت غير معذور حتى يثبت لديك أنهم غير موافقين لتكرار ذلك لغرض العبادة، فإذا رفضوا ذلك، ولم يمكنك الحصول على عمل آخر، كنت معذوراً فيما تركت من صلاة الجمعة في المسجد، وينبغي أن تنظر في حكم إقامتك في تلك البلاد، فإنه لا تجوز الإقامة في بلاد الكفر إلا لمن يستطيع إظهار دينه، ولا يخشى على نفسه الفتنة، وينبغي أن تكون إقامته لمصلحة كتجارة أو علاج أو دراسة يحتاج إليها المسلمون ولا تتوفر في بلادهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين) رواه أبو داود.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/10027)
حضور مجالس العلم ليس عذرا لترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[وبعد. يسعدني أن أسألكم: إنني أتابع بانتظام برنامج الشريعة والحياة الذي تبثه قناة الجزيرة وأثناء بث البرنامج أسمع أذان صلاة المغرب فيصعب علي أداء هذه الصلاة جماعة دون أن أقطع متابعة البرنامج ولكنني أؤديها فردا أثناء إذاعة الفاصل المخصص للأخبار بدون أن يخرج الوقت المحدد لها شرعا فهل يجب أن أقطع البرنامج الذي أعتبره أنه حلقة العلم لأداء الصلاة جماعة أم أعتبر أنني في حلقة من حلقات العلم فيجوز أداؤها منفردا ولا يخفى عليكم أن وقت إعادة البرنامج يكون في منتصف الليل مما يصعب متابعته ولكم الشكر سلفا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أداء صلاة الفريضة مع الجماعة واجب على الرجل المستطيع الذي يسمع النداء، ولا يجوز له فعلها في البيت إلا لعذر، كالمرض والخوف على ضياع المال، أو نحو ذلك، بل إن من العلماء من ذهب إلى أن الصلاة مع الجماعة شرط لصحة الصلاة كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، وعليه فإن من تخلف عن الجماعة وصلى منفرداً فأقل أحواله أن يكون آثماً وعاصياً بذلك إن سلمنا أن صلاته تجزئه، ثم إن الاستماع إلى البرامج الدينية، أو الدروس أو المحاضرات العلمية ليس من الأعذار المبيحة للتخلف عن حضور الجماعة، فإن أحسن أحولها أن تكون مما يندب إليه. والمقارنة بين شهود صلاة الفريضة مع الجماعة التي هم النبي صلى الله عليه بتحريق المتخلفين عنها وبين الانقطاع لاستماع البرامج الدينية تهوين من شأن الصلاة، إذ كيف يستبدل من وفقه الله وهداه الذي هو أدنى بالذي هو خير؟، هذا بالإضافة إلى أن الغرض من حضور الدروس والمحاضرات هو أن يعرف المرء ما أمره الله به فيمتثله وما نهاه عنه فيجتنبه، ومن أهم ما أمره الله به إقامة الصلاة والمحافظة عليها فكيف يكون حضور الدروس الدينية والمحاضرات ذريعة إلى الإخلال بذلك الواجب؟.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10028)
حكم الجماع إذا أخر عن صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. السؤال: هل يجوز الجماع بين الأذان والإقامة؟ مع بيان الدليل من القرآن والسنة إن وجد....وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للرجل أن يجامع أهله بين الأذان والإقامة، إذا كان في الوقت متسع بحيث يدرك صلاة الجماعة. لأن الأصل الجواز، ولم يرد دليل يمنع من ذلك.
والأمر مقيد بحضور الجماعة لكونها واجبة على الرجال في المسجد في أصح أقوال أهل العلم، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ويستثنى من ذلك ما لو ضاق الوقت وانشغل قلب الرجل بالجماع وتاقت نفسه له، بحيث يغلب على الظن انتفاء خشوعه في صلاته، وتشويش ذهنه بذلك، فلا يبعد أن يقاس على من حضره الطعام، أو دافعه الأخبثان، فيباح له الجماع، ويقدم على الصلاة ولو أدى إلى تفويت الجماعة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان" رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء" متفق عليه، وفي لفظ البخاري: "إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء، ولا يعجل حتى يفرغ منه" وكان ابن عمر يوضع له الطعام وتقام الصلاة، فلا يأتيها حتى يفرغ، وإنه ليسمع قراءة الإمام.
وللبخاري أيضا: "إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه وإن أقيمت الصلاة".
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: (ويلحق بهذا ما كان في معناه مما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع) أهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10029)
لا طاعة لأبيك إذا منعك من الخروج لصلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم منع الأب ابنه من الخروج إلى صلاة الجماعة؟ وكيف يمكن للابن هداية الأب؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فلا يجوز لأبيك أن يمنعك من الخروج إلى صلاة الجماعة حيث إن صلاة الجماعة واجبة ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الطاعة في المعروف". ولقوله "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة" متفق عليهما، ولقوله أيضاً: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" [رواه أحمد وصححه السيوطي والألباني] وعليك أن تبر أباك في غير ما يأمرك به من معصية وكُن به رفيقاً مطيعاً له في غير هذا الأمر. وينبغي أن تنصح أباك أو تعطيه كتابا يقرأ فيه أو شريطاً صوتياً يسمعه وحبذاً لو أهديت لأبيك هدية مع هذا ليكون أبلغ في القبول، والله نسأل أن يوفقك لمرضاته ويرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10030)
إذا تعارض وقت الدرس ووقت الصلاة فما هو الحل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
أدرس في ثانوية وفي بعض الأيام يؤذن لصلاة العصر، وأنا أثناء الدرس، وعند إنتهائه أذهب إلى المسجد للصلاة، وتكون صلاة الجماعة قد فاتتني فأصليها منفردا. ماذا ترون في ذلك. علما أنه لا يوجد مصلى في الثانوية، ولايسمح بالخروج من حلقة الدرس. أفيدوني بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبارك الله فيك أنت أيضاً، وهداك وثبتك على الخير وزادك حرصاً عليه، واعلم أن صلاة الجماعة واجبة- على الراجح من أقوال أهل العلم- لا تسقط عن المسلم إلاّ لعذر معتبرٍ شرعاً مبيح للتخلف عنها.
وعليه فإن أمكنك أن تجمع بين حضور الصلاة مع الجماعة، وحضور الدرس، فذلك متعين عليك شرعاً.
وإن لم يمكنك ذلك فاحضر الدرس، ثم بعد انتهائه اجمع من استطعت أن تجمعه من أساتذة الثانوية وطلابها، ثم صلّوا جماعة، إما داخل المدرسة، ولو في مكان غير معد أصلاً للصلاة، وإما خارجها في المسجد.
وعليك أن تكون داعية إلى الله تعالى في كل مكان، وخاصة في المدرسة التي أنت فيها، وكن نواة إصلاح فيها وتوجيه إلى الخير، فحثهم على الخير عموماً، وعلى الصلاة خصوصاً، وعلى أدائها بشروطها وإتمام أركانها في جماعة، فلعل الله تعالى أن يصلح أحوالهم بسببك وتظفر بفضيلة الجماعة.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/10031)
حكم ارتفاع الإمام عن المأمومين قدر شبر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رفع مستوى أرضية محراب المسجد الذي يصلي فيه الإمام عن باقي المسجد مقدار شبر لكي يشاهده المصلون هل في ذلك حرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن ثم حاجة لتعلية مكان الإمام فإنه يكره تعليته لأنه يكره للإمام أن يصلي في مكان مرتفع عن المأمومين لما رواه أبو داود عن عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أنه كان بِالْمَدَائِنِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَتَقَدَّمَ عَمَّارٌ وَقَامَ عَلَى دُكَّانٍ يُصَلِّي وَالنَّاسُ أَسْفَلَ مِنْهُ فَتَقَدَّمَ حُذَيْفَةُ فَأَخَذَ عَلَى يَدَيْهِ فَاتَّبَعَهُ عَمَّارٌ حَتَّى أَنْزَلَهُ حُذَيْفَةُ، فَلَمَّا فَرَغَ عَمَّارٌ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُمْ فِي مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَقَامِهِمْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ عَمَّارٌ لِذَلِكَ اتَّبَعْتُكَ حِينَ أَخَذْتَ عَلَى يَدَيَّ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ويكره أن يكون موقف الإمام عالياً عن موقف المقتدين اتّفاقاً، إلاّ إذا أراد الإمام تعليم المأمومين ... اهـ
وقد اختلف العلماء في قدر الارتفاع المكروه فذهب بعضهم إلى الكراهة فيما إذا زاد الارتفاع عن ذراع وأما أقل من ذلك فلا كراهة.
قال صاحب الروض: ويكره علو الإمام عن المأموم إذا كان العلو ذراعا فأكثر لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مكانهم فإن كان العلو يسيرًا، دون ذراع لم يكره. اهـ.
وفي الدسوقي من كتب المالكية مستثنيبا من الكراهة: قوله إلا بكشبر أي إلا أن يكون علو الإمام على المأموم يسيرا بأن كان ذلك العلو قدر شبر أو ذراع....
وذهب بعض أهل العلم إلى أن المكروه أن يجاوز الارتفاع القامة.
ففي المبسوط من كتب الحنفية:.... وذكر الطحاوي أنه ما لم يجاوز القامة لا يكره: لأن القليل من الارتفاع عفو في الأرض ففي الأرض هبوط وهو الكثير ليس بعفو فجعلنا الحد الفاصل أن يجاوز القامة ... .
ومن هذا يتبين لك أنه لا حرج في رفع مستوى أرضية محراب المسجد إلى القدر الذي ذكرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(11/10032)
حكم إمامة من به إعاقة تمنعه من بعض هيئات الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع: نريد فتوى عن صحة صلاة هذا الإمام.
نتقدم إليكم برسالتنا هذه عن جماعة المصلين في المسجد بخصوص الإمام القائم والراتب في هذا المسجد، وذلك لما لدينا من ملاحظات على صحة صلاته بنا كإمام ووضع الصلاة في الكيفية التي يكون عليها هذا الإمام.
أولا: إن الإمام يعاني من إعاقة في رجله اليمنى مما لا يمكنه من الجلوس بين السجدتين بالطريقة الصحيحة حيث إنه لا يجلس بين السجدتين، بل يستند على كفيه وركبتيه.
أما في جلسات التشهد فلديه صعوبة أن يجلسها حتى يفتر بجسمه ويدور إلى غير القبلة، لكي يمد رجله المعاقة على الأرض ثم يرجع إلى القبلة بشكل عادي.
ثانيا: علما بأنه يوجد من الأشخاص المتعلمين والمتعافين من يستطيع الصلاة بالناس ولديهم الترتيل والتجويد الكافي.
وأما الصلاة المنفردة فيقضيها بالجلوس على كرسي.
نرجو من سماحة العلماء أن يفتونا في صحة إمامته بالناس، وهل هو الأولى بالإمامة، مع أن الناس يكرهون ذلك منه، ولكن الحياء يمنعهم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان دوران الإمام عند تهيئه للجلوس لا يخرجه عن جهة القبلة ـ وليس عينها ـ فصلاته صحيحة، لما رواه الترمذي وقواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا بَيْنَ اَلْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ. هـ.
فإذا كانت قبلتكم مثلا لجهة الشمال، وكان إمامكم أثناء دورانه لا يلتفت إلى جهة الشرق أو الغرب، وإنما يبقى في حيز المسافة بينهما فهذا لا يعد خروجا عن القبلة ما دام متجها إلى جهتها، قال ابن عثيمين: فكل ما بين المشرق والمغرب فهو في حقهم قبلة، كذلك مثلاً نقول للذين يصلون إلى الغرب نقول ما بين الجنوب والشمال قبلة. انتهى.
وقال أيضا: الأمر واسع، فلو رأينا شخصاً يُصلِّي منحرفاً يسيراً عن مُسامَتَةِ القِبْلة، فإن ذلك لا يضرُّ، لأنَّه متَّجه إلى الجهة وهذا فرضه. انتهى.
وأما إذا كان يخرج بدورانه عن اتجاه الشمال إلى الشرق أو الغرب فلا يجوز الاقتداء به على تلك الحال، لكونه عاجزا عن شرط وهو استقبال القبلة. وقد اختلف الفقهاء في صحة الاقتداء بعاجز عن شرط أو ركن، قال المرداوي في الإنصاف: وَمَنْ عَجَزَ عن رُكْنٍ أو شَرْطٍ لم تَصِحَّ إمَامَتُهُ بِقَادِرٍ عليه، وَقِيلَ تَصِحُّ. انتهى.
وقال في منار السبيل: ولا تصح إمامة العاجز عن شرط أو ركن إلا بمثله، لإخلاله بفرض الصلاة إلا الإمام الراتب بمسجد المرجو زوال علته. انتهى.
وأما استناده على ركبتيه وكفيه أثناء الجلوس بين السجدتين فهذا لا تبطل به الصلاة ـ والله لا يكلف نفسا إلا وسعها ـ ما دام لا يقدر على غيره. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ. رواه البخاري.
ولا شك أن إمامة غيره ممن هو قادر على أداء الصلاة على الوجه الصحيح أولى وأفضل، وإذا كان أكثر الناس يكرهون إمامته ـ لما ذكر ـ فالأفضل له أن يتنحى عنها، والذي ننصحكم به هو رفع الأمر إلى وزارة الأوقاف عندكم وإخبارهم بالأمر حتى يتم استبدال الإمام بغيره ممن ترضونه وهو أولى بالإمامة من غيره جمعا للكلمة وإقامة للسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(11/10033)
حكم الاقتداء بمن يشك أنه يلحن في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند ذهابي للصلاة قد أجد الإمام الذي يؤم الناس في الصلاة ممن يلحن في الفاتحة ممن لا تجوز إمامته إلا لمن هو مثله، فيا ترى هل أصلي وراءه؟ أم أخرج من المسجد وأذهب إلى مسجد آخر؟ أم أتحرى قبل أن أدخل المسجد؟ أم أصلى معه ثم أعيد صلاتي؟ وما الحكم أيضا إذا كنت شاكا في أنه يجيد قراءة الفاتحه قراءة ليس معها لحن يغير المعنى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بد من التفريق بين مسألتين، فإن من لا تصح إمامته إلا بمثله عند الجمهور هو من يخل بحرف من الفاتحة كأن يبدل حرفاً بحرف مع عدم القدرة على الإتيان بها على وجهها، وهذا هو الذي نص الفقهاء على أنه لا تصح إمامته إلا بمثله كالألثغ ونحوه، جاء في حاشية الروض: قال الشيخ فلا يصلي خلف الألثغ، يعني إلا من هو مثله. وقال النووي في المنهاج: ولا -أي لا يصح اقتداء- قارئٍ بأمي في الجديد، وهو من يخل بحرف أو تشديده من الفاتحة، ومنه أرت يدغم في غير موضعه، وألثغ يبدل حرفاً بحرف، وتصح بمثله. انتهى.
وذهب المالكية إلى صحة الاقتداء به إذا كان بحيث إذا علم لم يتعلم لأن صلاته لنفسه صحيحة فصح الاقتداء بل قال الدردير في الشرح الكبير: وجاز بمرجوحية اقتداء بأعمى ... (و) اقتداء سالم بإمام (ألكن) وهو من لا يستطيع إخراج بعض الحروف من مخارجها لعجمة أو غيرها سواء كان لا ينطق بالحروف البتة أو ينطق به مغيراً كأن يجعل اللام ثاء مثلثة أو تاء مثناة أو يجعل الراء لاما أو غير ذلك. انتهى.
وهذا المذهب له قوة، وإن كان الأحوط هو قول الجمهور، وأما من يلحن في الفاتحة فيبدل حرفاً بحرف أو يلحن لحنا يحيل المعنى مع كونه إذا علم تعلم فصلاته لنفسه غير صحيحة، ومن ثم فلا شك في عدم صحة الاقتداء به، قال النووي في المنهاج: فإن غير معنى كأنعمت بضم أو كسر أبطل صلاة من أمكنه التعلم فإن عجز لسانه أو لم يمض زمن إمكان تعلمه فإن كان في الفاتحة فكأمي وإلا فتصح صلاته والقدوة به. انتهى.. وقد أشبعنا القول في هذه المسألة في الفتوى رقم: 113626، وفيها بينا أن بعض أهل العلم سهل في الحروف المتقاربة المخارج كالضاد والظاء ونحو ذلك فانظرها للفائدة.
وبعد هذا البيان نحب أن ننبهك إلى أن الأصل هو صحة صلاة الإمام وسلامة قراءته من اللحن، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 123064، فلا نرى لك أن تستسلم للوساوس التي تعرض لك في قراءة الأئمة، ولا يسوغ لك ترك الاقتداء بإمام مجرد شكك في كونه يلحن في الفاتحة، فالواجب عليك أن تصلي جماعة غير ملتفت لهذه الوساوس، فإذا ظهرت لك بالقطع كون الإمام ممن يلحن في الفاتحة لحنا يحيل المعنى على الوجه المتقدم، فاترك الاقتداء به وصل خلف غيره ممن يقيم القراءة على وجهها، فإذا دخلت المسجد ووجدت الإمام ممن يلحن لحنا يحيل المعنى فإن أمكنك الانصراف إلى مسجد آخر دون إحداث فتنة فافعل، ثم عليك بمناصحة من تراه من الأئمة يلحن في الفاتحة على وجه يبطل صلاته وصلاة من خلفه وأن تبين له كلام أهل العلم في المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(11/10034)
حكم كون المرء في بعض صلاته إماما وفي بعضها مأموما
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت وصديق لي أداء صلاة الظهر وكنت على وضوء، فذهب الصديق ليتوضأ، وعندما عاد وجدني أقوم في الركعة الثانية من صلاة نويتها نفلاً، فكبر الصديق وائتم بي (اتخذني إماما) ظانا أنني أصلي الظهر، وعند تسليمي قام الصديق ليتم الركعات التي ظن إنها فاتته، السؤال: هل يجوز لي أن أقف يمينه وأئتم به في صلاة الظهر؟ أم أتركه يكمل صلاته وأصلي الظهر منفرداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فائتمام صديقك بك جائز، وصلاته صحيحة على الراجح من أقوال العلماء؛ لأن اختلاف نية الإمام والمأموم لا يؤثر في صحة الصلاة ولا يمنع الاقتداء، وهذا مذهب الشافعي وترجيح كثير من المحققين، كالعلامتين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 3201.
فإذا فرغت أنت من صلاة النافلة وقام هو لإتمام ما عليه من صلاة الظهر، فإنك تأتم به بل يجب إذا لم يكن هناك من تصلي معه؛ لأن الجماعة واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم، ولا يمنع من ذلك كونه كان مؤتماً بك لأنه كان مؤتماً بك في صلاة أخرى، وإذا جاز أن يتحول الإمام مأموماً في صلاة واحدة ففي صلاتين أولى، فقد ثبت في الصحيح من حديث سهل بن سعد قصة صلاة أبي بكر بالناس ثم رجوعه حين حضر النبي صلى الله عليه وسلم، فكان في بعض صلاته إماماً وبعضها مأموماً، قال الحافظ في سياقه لفوائد الحديث: فالصحيح المشهور عند الشافعية الجواز وعن ابن القاسم في الإمام يحدث فيستخلف ثم يرجع فيخرج المستخلف ويتم الأول أن الصلاة صحيحة، وفيه أن المرء قد يكون في بعض صلاته إماماً وفي بعضها مأموماً. انتهى بتصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1430(11/10035)
حكم الائتمام بمن لا يحسن الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[بالله عليكم بينوا لي الحكم الفقهي في هاتين المسألتين.المسألة الأولى وهي كثيرا ما بعثت لكم بها ولكن الإجابة عليها غالبا ما كانت تأتي عامة من طرفكم وأنا الآن أريد إجابة مفصلة وواضحة من فضيلتكم فقد انقطعت عن صلاة الجماعة وأريد حلا لهذه المشكلة، فالإمام الذي يصلي بنا لا يحسن الوضوء أي لا يأتي بفرائض الوضوء صحيحة كأن لا يغسل كامل وجهه ... الخ.فمن المعلوم هنا أن من رآه يتوضأ فإنه لا تجوز صلاته معه وهكذا كانت إجابتكم لي في المرات السابقة. التي بعثت فيه إليكم بهذه المسالة وهاهو رقم فتواكم126440. ولكن المشكلة تكمن هنا ولم تجيبوني عليها بدقة وتفصيل عميق هي هل صلاتي صحيحة مع هذا الإمام في حالة عدم مشاهدته وهو يتوضأ على الرغم من علمي بحالته مسبقا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجبناك عن سؤالك هذا في الفتوى المشار إلى رقمها جوابا واضحا لا غموض فيه وذكرنا لك ما عبارته: أما إن تيقنت بمخالفته فيحرم اقتداؤك به، وكذلك إذا كان التقصير شأنه في عامة وضوئه.
وهذا يدلك بوضوح على أنك إذا كنت متيقنا من أنه لا يستوفي غسل أعضاء الوضوء على وجهها فلا يجوز لك أن تأتم به، وعليك بمناصحته وأن تبين له بلين ورفق ما يقع فيه من الأخطاء، ولا يسوغ لك هذا ترك الجماعة بالكلية إذ يمكنك الصلاة في مسجد آخر لا يتلبس إمامه بهذه المخالفات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1430(11/10036)
حكم الصلاة خلف الساحر
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الجليل المحترم: أحبك في الله، وأحب من يحبك ويحب الله ورسوله: وضح لنا وأفتنا فيما نحن مختلفون فيه جزاك الله خير الجزاء. أنا من الجزائر وبالضبط من مدينة صغيرة اسمها سيدي سعادة تابعة لولاية غليزان، ومن مواليد 28 نوفمبر1950، والآن أبدأ بسرد الموضوع: ففي هذه المدينة الصغيرة يوجد مسجد وفي هذا المسجد يوجد إمام وقيم على المسجد، والإمام يتغيب كثيراً إلا يوم الجمعة، أما باقي الأيام فيقوم القيم بالصلاة فيها، إلا أن القيم فيه شبهات مما أدى إلى وجود تفرقة داخل المسجد، والشبهات هي: القيم يقوم بالشعوذة أي أنه ساحر، ولكن ـ شيخنا ـ ذهبنا لإمام بمسجد آخر وقال لنا صلوا أياما قليلة مع إعادة الصلاة حتى آتيكم وأرى وأستفسر عن ذلك، ولكن عندما جاء طلب من إمام المسجد أن يصلي الأوقات الخمسة في المسجد عوضا عن القيم، ولكن ـ للأسف الشديد ـ الإمام يتغيب والقيم يقوم بالصلاة مما جعلني أصلي بالبيت مدة سنة أنا وكثير من إخوتي، أفتنا ـ شيخنا ـ ووضح لنا.
وشكراً وننتظر الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الساحر واختلاف العلماء فيه، وذلك في الفتوى رقم: 15453، ومذهب الشافعي ـ رحمه الله ـ أن الساحر يقال له صف لنا سحرك، فإن وصف كفراً كفر وإلا لم يكفر، وبناء على هذا التفصيل يكون حكم صلاتكم خلف هذا الإمام، فإن كان سحره من النوع الذي لا يكفر به فحكم الصلاة خلفه هو حكم الصلاة خلف الفساق، وقد اتفق الأئمة على كراهة إمامة الفاسق، والصحيح الذي عليه الجمهور أن الصلاة خلفه صحيحة، كما أوضحنا ذلك مراراً، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 122226، وما أحيل عليه فيها.
وأما إن كان هذا الرجل يأتي في سحره ما هو كفر كأن يتقرب للشياطين بكتابة القرآن بالنجاسات ونحو ذلك من الأفعال الكفرية المنكرة، فإن الصلاة خلفه لا تصح، لأن صلاته لنفسه غير صحيحة فلم تكن صحيحة لغيره، قال العلامة العثيمين ـ رحمه الله: الكافر لا تصح الصلاة خلفه مطلقاً، سواء كان كفره بالاعتقاد، أو بالقول، أو بالفعل، أو بالترك. انتهى.
فإن كان هذا الإمام الذي يتغيب عن حضور المسجد إماماً راتباً فاجتهدوا في مناصحته لعله يتقي الله تعالى ويقوم بما وجب عليه، وإلا فارفعوا أمره إلى الجهات المسؤولة ليقيموا غيره ممن يلتزم بواجبه، وإلى حين تحقق هذا الأمر فاحرصوا على الصلاة في مسجد آخر ـ إن أمكنكم ذلك ـ وإلا فليحرص كل منكم على صلاة الجماعة ولو في غير المسجد، لأن الجماعة واجبة على الرجال الأحرار البالغين مع القدرة، على الراجح من أقوال أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(11/10037)
حكم الائتمام بمن يسقط حرفا من سورة الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يؤم الناس أحيانا ولكن عنده خطأ في آية في سورة الفاتحة في قوله تعالى: صراط الذين أنعمت عليهم. فيدغم النون في الذين مع النون في أنعمت وتذهب الهمزة دون ذكر كالتالي: الذينّعمت. فما هو حكم صلاته ومن يصلي خلفه رغم أن بعض الناس علموه إلا أنه لم يغير شيئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة التي لا تصح إلا بها, وقد نص أهل العلم على أن من ترك حرفا من الفاتحة لم يعتد بقراءته.
قال في كشاف القناع: أو ترك حرفا منها أي الفاتحة لم يعتد بها لأنه لم يقرأها وإنما قرأ بعضها.. اهـ.
وذكر ابن قدامة أنه لا يصح أن يؤم إلا بمثله فقال: ... ومن ترك حرفا من حروف الفاتحة لعجزه عنه أو أبدله بغيره ... والأرت الذي يدغم حرفا في حرف ... فهو كالأمي لا يصح أن يأتم به قارئ.. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْجَدِيدِ وَأَكْثَرُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ بِأَلْكَنَ يَتْرُكُ حَرْفًا مِنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ أَوْ يُبْدِلُهُ بِغَيْرِهِ، وَبِهَذَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ إِلاَّ أَنَّهُمْ لاَ يَحْصُرُونَ الْحُكْمَ فِي الإِْخْلاَل بِحَرْفٍ مِنَ الْفَاتِحَةِ أَوْ إِبْدَالِهِ بِغَيْرِهِ، بَل يَقُولُونَ بِعَدِمِ جِوَازِ إِمَامَةِ مَنْ لاَ يَتَكَلَّمُ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَيَرَى هَؤُلاَءِ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الأَْلْكَنَ إِنْ تَمَكَّنَ مِنْ إِصْلاَحِ لِسَانِهِ وَتَرَكَ الإِْصْلاَحَ وَالتَّصْحِيحَ فَصَلاَتُهُ فِي نَفْسِهِ بَاطِلَةٌ، فَلاَ يَجُوزُ الاِقْتِدَاءُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الإِْصْلاَحِ وَالتَّصْحِيحِ: بِأَنْ كَانَ لِسَانُهُ لاَ يُطَاوِعُهُ، أَوْ كَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا وَلَمْ يَتَمَكَّنْ قَبْل ذَلِكَ فَصَلاَتُهُ فِي نَفْسِهِ صَحِيحَةٌ، فَإِنِ اقْتَدَى بِهِ مَنْ هُوَ فِي مِثْل حَالِهِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ لأَِنَّهُ مِثْلُهُ فَصَلاَتُهُ صَحِيحَةٌ ... اهـ.
وبناء عليه فلا يصح الاقتداء بالشخص المشار إليه, ومن اقتدى به ممن هو قادر على قراءة الفاتحة كاملة فإنه تلزمه إعادة صلاته.
وأما صلاته هو لنفسه فهي صحيحة إن كان لسانه لا يطاوعه على التصحيح وإلا فلا كما تقدم في الموسوعة الفقهية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1430(11/10038)
ما يفعل المأموم إذا تأخرعن الإمام بركن أو أكثر لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة العشاء والإمام في السجدة الثانية للركعة الثانية حدث انقطاع للكهرباء وعم ظلام دامس المسجد وصار المأمومون لا يرون الإمام.
وسها الإمام عن الجلوس الأوسط وكبر واقفا، وبينما المأمومون حسبوه كبر لجلوس الوسط وظلوا جالسين وعندما كبر الإمام راكعا قاموا واقفين، وبعد قليل فوجئوا بالإمام يقول سمع الله لمن حمده. فحدثت ربكة، بعضهم حاول اللحاق بالإمام والبعض الأخر أكمل صلاته من دون متابعة الإمام. فسؤالي: ما هي الطريقة الصحيحة لمعالجة هذه الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان على هؤلاء المأمومين حين علموا بتخلفهم عن إمامهم أن يأتوا بما سبقهم به ثم يتابعونه فيما بقي من صلاته، وهم معذورون في تخلفهم ذك وصلاتهم صحيحة إذا فعلوا ما ذكرناه.
قال العلامة العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع: والتَّخلُّفُ عن الإِمامِ نوعان: 1 تخلُّفٌ لعذرٍ. 2 وتخلُّفٌ لغير عذرٍ. فالنوع الأول: أن يكون لعذرٍ، فإنَّه يأتي بما تخلَّفَ به، ويتابعُ الإمامَ ولا حَرَجَ عليه، حتى وإنْ كان رُكناً كاملاً أو رُكنين، فلو أن شخصاً سَها وغَفَلَ، أو لم يسمعْ إمامَه حتى سبقَه الإمامُ برُكنٍ أو رُكنين، فإنه يأتي بما تخلَّفَ به، ويتابعُ إمامَه، إلا أن يصلَ الإمامُ إلى المكان الذي هو فيه؛ فإنَّه لا يأتي به ويبقى مع الإِمامِ، وتصحُّ له ركعةٌ واحدةٌ ملفَّقةٌ مِن ركعتي إمامهِ، فإن عَلِمَ بتخلُّفِهِ قبلَ أن يصلَ الإِمامُ إلى مكانِهِ فإنَّه يقضيه ويتابعُ إمامَه، مثاله: رَجُلٌ قائمٌ مع الإِمامِ فرَكَعَ الإِمامُ وهو لم يسمعْ الرُّكوعَ، فلما قال الإِمامُ: سَمِعَ اللهُ لمَن حمِدَه. سَمِعَ التسميعَ، فنقول له: اركعْ وارفعْ، وتابعْ إمامَك، وتكون مدركاً للركعةِ؛ لأن التخلُّفَ هنا لعُذرٍ. انتهى.
وأما من مضى مع الإمام في صلاته من غير تدارك لما سبقه به الإمام فكان الواجب عليه أن يأتي بركعة بعد سلام الإمام لأنه ترك بعض أركان تلك الركعة التي سبقه الإمام فيها، فإن لم يأت بتلك الركعة لزمه إعادة تلك الصلا، ة ومن نوى مفارقة الإمام وأتم صلاته لنفسه فصلاته صحيحة وإن لم يكن مأمورا بذلك، وقد بينا هذه المسألة بشيء من التفصيل في الفتوى رقم: 113697 فانظرها للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1430(11/10039)
بالالتزام بالسنة وترك الأهواء تجتمع الكلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا جامع في البلدة، ولكن فيه خلافات وشحناء بين المصلين، والسبب في ذلك: عدم وجود إمام ومؤذن دائمين من قبل وزارة الأوقاف، مما أدى إلى شجار بين المصلين، فأصبحنا نرى في كل خمس صلوات، خمسة مؤذنين وخمسة أئمة، ولا يريدون أن يتفقوا على حل، رغم تدخل وجهاء من البلدة ومن خارجها، فهل في هذه الحالة يجوز للمصلين ترك الجامع والصلاة في المنازل حتى إيجاد حل جذري لهذه المشكلة؟.
انصحونا، جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يؤلف بين قلوبكم، وأن يصلح أحوالكم، ولو التزم الناس باتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وتقديمه على أهواء أنفسهم لاجتمعت كلمتهم على الحق، قال عليه الصلاة والسلام: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً. رواه مسلم.
وقد سبق بيان شروط الإمامة في الفتوى رقم: 9642.
واعلم أن صلاة الجماعة واجبة في أرجح أقوال أهل العلم، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1798، وما ذكرته ليس عذراً في ترك الجماعة في المسجد، وننصحكم بمواصلة السعي في إصلاح النفوس وتأليف القلوب، ووعظ المصلين بفضل الاجتماع والتآلف، ومغبة الفرقة والتنافر، والسعي في توفير إمام راتب لهذا المسجد وانظر في ذلك الفتويين رقم: 114561، 78429.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1430(11/10040)
خطورة تفريط إمام المسجد بواجب الإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام مسجد القرية التي أسكن فيها بالجزائر أهمل صلاة الجماعة، خاصة الظهر والعصر والمغرب، لأنه ينشغل بالرقية في محل تجاري وقد أحدث فتنة بين سكان القرية فانقسموا: فمنهم من هجر المسجد، ومنهم من يصلي وحده في المسجد، وبسبب دخول بعض الإخوة إلى المحراب للصلاة بالناس تحدث مناوشات سألنا بعض مشايخ المنطقة عن الوضعية فأجابوا أن لا أحد يدخل ليؤم الناس.
أريد توضيحا وفتوى في الموضوع، وجزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الإمام إماما راتبا يأخذ على الإمامة رزقا فعليكم أولا أن تناصحوه ـ هداه الله ـ عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. أخرجه مسلم. فتبينوا له خطورة ما يفعله من تضييع واجبه الذي أنيط به والذي يتقاضى عليه رزقا من بيت مال المسلمين، وأن عليه أن يقوم بواجبه أولا ثم يشتغل بعد ذلك بما شاء من رقية وغيرها، وأنه بهذا قد تسبب في فتنة وشر يحمل تبعتها بين يدي الله عز وجل، وبينوا له أنه أسوة للناس ومثل فينبغي أن يكون من أشد الناس حرصا على الجماعة ـ لا لأجل الوظيفة فحسب ـ ولكن، لأجل كونه قدوة يتأسى به الناس في سلوكه وأخلاقه فاشرحوا له هذه المعاني برفق ولين عسى أن ينتصح ويستجيب فيندفع الشر ـ بإذن الله ـ فإن لم يتنصح فعليكم أن ترفعوا أمره للمسؤولين ليلزموه بالقيام بواجبه أو يقيموا غيره ممن يؤدي واجب الإمامة على وجهه، ولحين يتحقق أحد الأمرين فعليكم أن تبينوا للناس أن الأولى بالإمامة هو الأقرأ لكتاب الله، فإذا تغيب هذا الإمام ولم يستخلف من يصلي بالناس نيابة عنه فقدموا أقرأكم لكتاب الله، ثم إن حصل تساو في القراء فيتقدم الأعلم بالسنة ثم الأكبر سنا، على ما بين النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه في صحيح مسلم وغيره، وإن خيف حصول فتنة من تقدم شخص معين فليتأخر وإن كان أولى من غيره دفعا للخلاف وسدا لباب الفتنة، فإن الخلاف شر، كما ثبت عن ابن مسعود ـ رضي الله ـ عنه، وأما أن تعطلوا صلاة الجماعة في المسجد فلا ينبغي هذا البتة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(11/10041)
عرضت عليه الإمامة بدولة ألمانيا فهل يقبل
[السُّؤَالُ]
ـ[عرضت علي إمامة في ألمانيا، فما رأيكم في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت ممن يصلح للإمامة، وكنت تأمن على نفسك من الوقوع في الشهوات والشبهات التي تعج بها تلك البلدان، وآنست من نفسك ذلك، فنرى أن توافق، ولعل الله تعالى أن ينفع بك الإسلام والمسلمين.
ولتحرص على الإخلاص لله تعالى، والقيام بالدعوة إلى الله تعالى بسمتك وهديك وحسن خلقك.. وكذا بالدعوة بالكلمة الطيبة، وإعطاء الدروس والمحاضرات إن كنت مؤهلاً لذلك.
وإن لم تكن تصلح للإمامة، أو خفت أن تتأثر بالشهوات والشبهات، فلا تخاطر بدينك بالذهاب إلى تلك البلاد، ولا تقحم نفسك فيما لا تحسنه، لا سيما إذا كان عملاً عظيماً كإمامة المسلمين في الصلاة. وانظر لذلك الفتوى رقم: 9642 بعنوان شروط إمامة الصلاة، والفتوى رقم: 94457.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1430(11/10042)
حكم إمامة المستنكح بالشك
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص مستنكح بالشك ويصل شكه إلى النية وتكبيرة الإحرام، وكان يصلي في بعض الأحيان بالناس بناء على طلبهم دون علمهم بأنه مستنكح بالشك، وحين شاهد الفتوى الموجودة بموقعكم التي تفيد بعدم صحة إمامته امتنع عن الصلاة بهم إلا أنهم كانوا يصرون على تقديمه للصلاة وكان يتقدم بناء على ذلك وصلى بهم صلوات قليلة بعد علمه بالحكم، والسبب هو أنه أفضل من يجيد قراءة القرآن بالنسبة لهم، إلا أنه امتنع بعد ذلك نهائياً.
يسأل عن حكم الصلاة التي صلاها إماما بالنسبة له هو ومن صلى خلفه دون أن يعلم أنه مستنكح بالشك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصحيح عندنا أن كل من صحت صلاته لنفسه صحت صلاته لغيره، فكل من صحت صلاته لنفسه جازت إمامته وصح الاقتداء به، وانظر الفتويين: 114041، 18067. وهذا المستنكح بالشك مأمور بالإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إليها وأن يصلي مهما كثرت شكوكه ووساوسه لأنه لا يقدر على غير هذا والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وإذا حكمنا بصحة صلاته والحال ما ذكر جاز له أن يصلي إماما ولا حرج عليه في ذلك ولا على من اقتدى به، وعليه فلا يلزم هذا الرجل إعادة شيء من الصلوات، وكذا من صلى خلفه لا يلزمهم شيء، وإن كان الأولى له والأفضل في حقه ترك الإمامة خروجا من خلاف العلماء.
قال في كشاف القناع في من تكره إمامته: ومن اختلف في صحة إمامته قاله في الفروع، فقد يؤخذ منه كراهة إمامة الموسوس وهو متجه لئلا يقتدي به عامي، وظاهر كلامهم لا يكره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1430(11/10043)
هل تصح الصلاة إذا كان المأموم لا يرى الإمام ولا المأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت أنا وعائلتي في مسجد للنساء جماعة وكان هذا المسجد غرفة لا نرى الإمام ولا المأمومين. فهل هذه الصلاة صحيحة أو نعيدها علما بأن هذا حصل من فترة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الغرفة داخل المسجد كما هو الظاهر فإن ائتمامكم بالإمام يصح وإن لم تكونوا تشاهدونه ولا من خلفه مادام اقتداؤكم به ممكنا، وذلك بسماع تكبيره، وقد نقل الإجماع على أن ائتمام المأموم صحيح إذا كان داخل المسجد ولا تشترط المشاهدة ولا اتصال الصفوف.
جاء في الروض المربع ممزوجا بحاشيته لابن قاسم: يصح اقتداء المأموم بالإمام إذا كانا في المسجد وإن لم يره ولا من وراءه إذا سمع التكبير لأنهم في موضع الجماعة ويمكنهم الاقتداء به بسماع التكبير أشبه المشاهدة نقل غير واحد إجماع المسلمين فيه ولو لم تتصل الصفوف عرفا لأن المسجد بني للجماعة فلا يشترط اتصالها فيه بلا خلاف في المذهب، وحكاه أبو البركات إجماعا لأنه في حكم البقعة الواحدة، فكل من حصل فيه حصل في محل الجماعة بخلاف خارج المسجد فإنه ليس معدا للاجتماع فيه فلذلك اشترط الاتصال فيه، فإذا اتصلت صحت إجماعا، وحكى الإجماع على أنه لا يضر بعد المؤتم في المسجد ولا الحائل ولو كان فوق القامة مهما علم حال الإمام. انتهى.
وإذا كانت هذه الغرفة خارج المسجد وغير داخلة في مسماه فالصحيح أيضا أن اقتداءكم بالإمام صحيح إذا أمكنكم العلم بحاله ولو بسماع تكبيراته ولا تشترط المشاهدة بل مهما أمكن العلم بانتقالاته صح الاقتداء. وانظري التفصيل في الفتوى رقم: 46394. وإن لم يكن اقتداؤكم به ممكنا فعليكم إعادة تلك الصلاة لعدم صحة الائتمام.
قال في حاشية الروض: وإن لم يره ولا بعض من وراءه لم تصح صلاة المأموم لعدم إمكان الاقتداء بإمامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1430(11/10044)
من شروط من يتقدم للإمامة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو رأي الشرع في رجل شبه أمي ينشط في البناء والتجهيز وغير ذلك في مصلى من المصليات ولكنه لا يحضر صلاتي الفجر والعشاء إلا نادراً وعند حضوره النادر في صلوات الظهر والعصر ونادراً المغرب يتقدم ليؤم المصلين دون أن يطلب منه ذلك، ظانا حسبما يبدو أنه الأولى بالإمامة حتى أنه في بعض الأحيان يطلب ممن يحفظ عدة أجزاء من القرآن وأحيانا ممن يحفظ القرآن كاملا بإقامة الصلاة ويقوم هو بالإمامة بالإضافة أنه يكثر من التنكيس في قراءة القرآن؟ تقبلوا خالص تحياتنا. وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصح إمامة هذا الرجل للصلاة إذا كان غير مخلٍ بشيء مما يشترط لها وكان عارفاً بالهيئة الصحيحة لها، وانظر لذلك الفتويين: 9642، 50951.
وتصح إمامته وإن وجد من هو أفضل منه، وانظر لذلك الفتوى رقم: 10176 ... ولكن إن كان للمسجد إمام راتب، فإنه أولى الناس بإمامة المصلين، وإن لم يكن له إمام راتب فإن أولى الناس بالإمامة هو أفقههم، وقيل أقرؤهم للقرآن، وانظر الفتوى رقم: 100522.
والذي نوصيكم به أن يقوم أحد كبار أهل المسجد سناً ومقاماً بنصيحة ذلك الرجل برفق ولين ويبين له خطر الإمامة وعظم تبعتها، وأن لا يتقدم إليها إلا إذا قدموه هم، حتى لا يقع في وعيد من أم قوماً وهم له كارهون، ولينتفع الأخ الناصح بما في الفتويين: 6359، 13867.
وأما ما أشرت إليه في سؤالك من تنكيس ذلك الرجل في صلاته، فإنه وإن كرهه بعض السلف إلا أنه لا تأثير له في صحة الصلاة، وانظر الفتوى رقم: 23144.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(11/10045)
حكم الائتمام بمن لا يأتي بالوضوء المجزئ
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
أما بعد: فإن الإمام الذي يصلي بنا لا يحسن الوضوء أقصد أنه لا يأتي بالفرائض على أكمل وجه، فعلى سبيل المثال عندما يمسح رأسه فإنه لا يأتي بالمسح إلى نهاية منابت الشعر في مؤخرة الرأس، ونفس الأمر ينطبق على غسل اليدين إلى المرفقين فإنه لا يغسل بطن المرفق. وعليه هل أستطيع أن أصلي وراء هذا الإمام وأنا أعلم أنه لا يحسن الوضوء أم إن عدم جواز الصلاة وراءه تتعلق فقط بمشاهدته مباشرة كل مرة وهو يتوضأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من لم يأتِ بالوضوء المجزئ فإن صلاته باطلة، وانظر الفتويين: 58925، 25551. وكذا لا تصح صلاة من يأتم به عالمًا بحاله، أما من لم يكن عالمًا بحاله أو علم بعد انتهاء الصلاة فإن صلاته صحيحة على الراجح من أقوال العلماء، وانظر الفتوى رقم: 27368.
وإذا لم تتيقن أن هذا الإمام لم يستوف غسل ما يجب غسله من أعضاء الوضوء فإن لك أن تصلي خلفه، أما إن تيقنت بمخالفته فيحرم اقتداؤك به، وكذلك إذا كان التقصير شأنه في عامة وضوئه.
ولا شك أن المرفق ظاهره وباطنه مما يجب غسله في الوضوء، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ.
ومن الفوائد التي استخرجها الشيخ ابن سعدي رحمه لهذه الآية في تفسيره، قال: الثامن: الأمر بغسل اليدين، وأن حَدَّهما إلى المرفقين و"إلى" كما قال جمهور المفسرين بمعنى "مع" كقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ. ولأن الواجب لا يتم إلا بغسل جميع المرفق. اهـ.
وقد اختلف العلماء في القدر الواجب المجزئ في مسح الرأس على أقوال، ومنها الاكتفاء بمسح بعض الرأس، ولو شعرة من محيط الرأس، وهو قول من تبرأ الذمة بتقليدهم كالشافعي رحمه الله ومن وافقه ولا شك أن مسح الرأس كله أحوط، وانظر الفتوى رقم: 50469.
هذا، ويجب أن ينصح هذا الإمام وترشده إلى وجوب استيعاب المرفقين بالغسل ظاهرًا وباطنًا، وليكن نُصحك له بأدب وإشفاق وبعيدًا عن الناس ليقع من ذلك الإمام الموقع المرجو.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1430(11/10046)
لا حرج في الجمع بين الأذان والإمامة للمتأهل لذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم إمام المسجد بالأذان وإقامة الصلاة ويصلي بالناس، فهل هذا جائز أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا في عدة فتاوى بيان أنه لا مانع من الجمع بين الأذان والإمامة للمتأهل لهما، واستحب ذلك الشافعية وصححه الإمام النووي، وكره ذلك بعض العلماء، ولا دليل صحيحا على الكراهة، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 14134، 58777، 67526، 76524، وراجع للفائدة الفتويين رقم: 43666، ورقم: 34433.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1430(11/10047)
اللحن المذكور لا تبطل به الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف من يخطئ في بعض الأحيان في قراءة القرآن؟ فمثلا: عند كلمة التكاثر يفخم الكاف أوعند كلمة فحدِّث يقول فحدَّث.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ينبغي هو مناصحة هذا الإمام حتى يأتي بالقراءة على وجهها، وأما صلاته والصلاة خلفه فصحيحة إذا كان لا يلحن في الفاتحة لحنا يحيل المعنى ولم يتعمد اللحن الذي يحيل المعنى في غير الفاتحة، وهذا اللحن المذكور ليس ممّا يحيل المعنى ولا تبطل به الصلاة، وقد بينا في الفتوى رقم: 113626، حكم الائتمام بمن يلحن في الفاتحة لحنا يحيل المعنى، وأما اللحن في غيرها فقد نص الفقهاء على أن الصلاة لا تبطل به وإن أحال المعنى إلا إذا تعمده.
وانظر الفتوى رقم: 111445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(11/10048)
صلى الإمام بالجماعة محدثا أو جنبا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في بعض الأحيان أقوم بإمامة الناس في المسجد عند غياب الإمام الراتب، وفي أحد الأيام غاب الإمام فتقدمت إلى المحراب وصليت بالناس وأنا على يقين من أنني متوضئ، وعندما عدت إلى البيت أردت أن أستحم وعندما خلعت ملابسي وجدت عليها أثرا للنجاسة وكأنني قد احتلمت دون أن أشعر، علما أنني بعد أن استيقظت توضأت مباشرة وذهبت إلى المسجد، كما أن النجاسة التي وجدتها كانت جافة وأظنكم فهمتم سؤالي، ما حكمي هنا؟ وأنا قد صليت على الأقل بمائتي رجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا صليت بالناس إماما ثم وجدت في ثوبك منيا وكان لا ينام في هذا الثوب غيرك فالواجب عليك أن تغتسل وتعيد الصلوات التي صليتها بعد آخر نومة، لأنك صليتها جنبا فوقعت باطلة، وانظر الفتوى رقم: 120979، وأما من صليت بهم فصلاتهم صحيحة على الراجح.
قال ابن قدامة رحمه الله: إذا صلى الإمام بالجماعة محدثا أو جنبا غيرعالم بحدثه فلم يعلم هو ولا المأمومون حتى فرغوا من الصلاة فصلاتهم صحيحة وصلاة الإمام باطلة، روي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال مالك والشافعي، روي أن عمر رضي الله عنه صلى بالناس الصبح ثم وجد في ثوبه احتلاما فأعاد ولم يعيدوا، وصلى عثمان رضي الله عنه بالناس صلاة الفجر فلما أصبح وارتفع النهار فإذا هو بأثر الجنابة فأعاد الصلاة ولم يأمرهم أن يعيدوا، وعن علي رضي الله عنه أنه قال: إذا صلى الجنب بالقوم فأتم بهم الصلاة آمره أن يغتسل ويعيد ولا آمرهم أن يعيدوا، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى بهم الغداة ثم ذكر أنه صلى بغير وضوء فأعاد ولم يعيدوا، رواه كله الأثرم. انتهى بتصرف.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: عن رجل صلى إماما صلاتي الظهر والعصر وهو جنب وكان لا يعلم بجنابته فأجابت يجب عليك إعادة صلاتي الظهر والعصر بعد أن تغتسل غسل الجنابة ولايجب عليهم إعادتها، فإن عمر رضي الله عنه صلى بالناس صلاة الفجر وهو جنب وقد كان ناسيا فأعاد الفجر ولم يأمر من صلى وراءه تلك الصلاة أن يعيدها، ولأنهم معذورون لكونهم لا يعلمون حدثك. انتهى.
واعلم أن العلماء اختلفوا في نجاسة المني على قولين والراجح عندنا طهارته، وانظر الفتوى رقم: 63403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1430(11/10049)
لا بأس بإمامة الناس في بعض الصلوات دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الإمامة بالناس في صلاتي الفجر والعشاء؟ وما هي الشروط التي تشترط على الخطيب في الجمعة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الفجر وصلاة االعشاء كغيرهما من الصلوات تشرع صلاتهما في جماعة، بل صلاتهما في جماعة فرض عين على الرجال الأحرار البالغين من غير ذوي الأعذار على أرجح أقوال أهل العلم، ومن ثم فالإمامة فيهما ممّا لا شك في مشروعيته، ولا بأس بأن يؤم الشخص الناس في بعض الصلوات دون بعض، وأما ما يشترط في من يخطب الجمعة فقد سبق أن بيّنا مذاهب العلماء في شروط الإمام في الجمعة مستوفاة في الفتوى رقم: 122329، وبيّنا كذلك أركان خطبة الجمعة وما يجب على الخطيب أن يأتي به فيها في الفتوى رقم: 115949.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1430(11/10050)
المقاصد الشريفه التي ينويها الإمام في إمامته
[السُّؤَالُ]
ـ[يقدمني الناس للصلاة فى المسجد-الإمامة- وتكرر ذلك الأمر كثيرا، وقد اعتدت من قبل أن أصلي في هذا المسجد. فبماذا أنوى وأنا أقيم الصلاة كي لا يشوبها رياء وسمعة ومحمدة من الخلق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإمامة منصب شريف ووظيفة عظيمة، وحسبك أنها وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده، وقد بيّنّا بعض ما للإمامة من فضل في الفتوى رقم: 123067.
والذي ينبغي لك -وقد شرفك الله بهذا المنصب- أن تحرص على إقامة الصلاة على وجهها محافظا على أركانها وواجباتها وسننها.
وأن تأتم بأضعف القوم فلا تشق عليهم إذاصليت لهم، بل تقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما كان يأمر به من التخفيف الذي لا يخل بهيئة الصلاة.
ومن المقاصد الشريفه التي يمكن أن تنويها عند الإمامة أن تنوى التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وإتباع سنته فيما أمر به من أن يؤم القوم أقرؤهم, وهذا إذا كنت أقرأ الجماعة، وتنوي كذلك نفع نفسك والمسلمين بإمامتهم لما في ذلك من إقامة شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام هي صلاة الجماعة.
ثم عليك أن تحرص على الإخلاص لله تعالى وحده فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا وابتغي به وجهه: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا. {الكهف:110} .
وممّا يعينك على تحصيل الإخلاص أن تستحضر عظمة ربك تعالى إذا وقفت بين يديه، وأن تعلم أن الناس لا ينفعك مدحهم ولا يضرك ذمهم، فالله وحده هو الذي مدحه زين وذمه شين، واعلم أن الله هو الذي أكرمك بهذه النعمة فلو قصدت بها غيره أو طلبت غير مرضاته كنت معرضا هذه النعمة للسلب، وممّا يعينك على تحصيل الإخلاص كذلك أن تستحضر عقوبة المرائي وأن الله يمقته وأنه يفتضح بعمله على رؤوس الأشهاد يوم القيامة. فإذا استحضرت ما ذكرنا من المعاني سهل عليك بإذن الله تحصيل الإخلاص، فإذا وقفت بين يدي ربك عز وجل فاستشعر أنك كأحد المصلين ولا فضل لك عليهم بل جميعكم مفتقر إلى فضل الله ومنته وأن يتقبل عبادته، ثم اشرع في الصلاة على هذا الحال من الذل والافتقار والانكسار بين يدي الله تعالى، وانو الصلاة بقلبك دون تلفظ باللسان فإنه لا يشرع، ولا ترد بصلاتك إلا ثواب الله تعالى والتقرب إليه وحده فإنك إن حرصت على ما ذكرنا رجي لصلاتك أن تكون متقبلة، وأن تنتفع بها في دنياك وآخرتك. نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك الإخلاص والصدق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1430(11/10051)
مناصحة المؤهلين للإمامة ولا يتقدمون لها
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ في مسجدنا هناك شيوخ يستحقون الصلاة بالجماعة فماذا نفعل اتجاههم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نفهم مرادك بقولك "يستحقون الصلاة بالجماعة" فإن كان مرادك أنهم أهل للإمامة، ولكنهم يتأخرون عنها فناصحوهم، وبينوا لهم أن الأولى بالإمامة ينبغي له أن يتقدم لها حرصاً على اتباع السنة، وعملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. أخرجه مسلم وانظر الفتوى رقم: 123067. وإن كان مُرادك أنهم يجترئون على الإمامة، ويتصدرون للصلاة بالناس، وليسوا أهلاً لذلك فعليكم أن تناصحوهم، وتبينوا لهم خطورة ما يفعلونه من طلب الرئاسة وحب الظهور، وبخاصة وهم غير متأهلين، وفي ذلك مخالفة واضحة للسنة إذا كانوا يفتاتون على من هم أقرأ منهم، ثم إن العبد قد يجره حرصه على التصدر، والشرف وعلو المنزلة إلى أن يفسد دينه كما قال صلى الله عليه وسلم: ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه. أخرجه الترمذي وصححه الألباني. فعليكم أن تبينوا لهم ما ذكرنا، وتسعوا في تقديم الأفضل، فإن لم يمكنكم ذلك، فالصلاة خلفهم صحيحة، وإن كان في الجماعة من هو أفضل منهم إذا كانوا يؤدون الصلاة على وجهها وانظر الفتوى رقم: 10176. وإن كان مرادك أنهم يتركونها مع قدرتهم على فعلها فينبغي أن تنصحوهم وتبينوا لهم أن الراجح من أقوال العلماء أن الجماعة واجبة على الأعيان فلا يجوز تركها من غير عذر، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل للأعمى رخصة في تركها وهم بتحريق بيوت المتخلفين عنها من غير عذر فلا يليق بمسلم بعد هذا أن يتعمد تركها، ثم قد ثبت للجماعة من الفضل ما يجعل الحريص على الثواب يجتهد في الحفاظ عليها ما أمكنه وحسبك ما في الصحيحين من كونها تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، فعليكم أن تذكروهم بهذه النصوص وتلك الفضائل علهم أن ينتصحوا، وإن كان مُرادك غير ما ذكر فبينه بعبارة واضحة، لنتمكن من إفادتك. ... ... ... ... ... ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1430(11/10052)
حكم صلاة الصبح خلف من يصلي الظهر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لشخص فاته الفجر أن يأتم بشخص يصلي الظهر؟
وماذا عليه أن يفعل في هذه الحالة هل يتم مع الإمام أم يفارق الإمام بعد قيامه للركعة الثالثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى لمن فاتته صلاة الصبح ألا يصليها خلف من يصلي الظهر خروجاً من خلاف من منع ذلك من أهل العلم وهم الجمهور، وإن كان الراجحُ عندنا في هذه المسألة، هو مذهب الشافعية، وهو أنه لو صلى فريضة خلف من يصلي فريضة أخرى صح ذلك وأجزأه سواءٌ كانت الفريضة الأخرى أكثر في عدد الركعات أو أقل، فإذا صلى شخصٌ الصبح خلف من يصلي الظهر فقام الإمام للثالثة، فلا يجوزُ له أن يقوم معه لأنه بذلك يزيدُ في صلاته ما ليس منها، بل هو مخيرٌ بين أن يفارقه ويسلم من ركعتين، وبين أن ينتظره حتى يسلم بسلامه، قال النووي رحمه الله: فمذهبنا: أنه تصح صلاة النفل خلف الفرض، والفرض خلف النفل، وتصح صلاة فريضة خلف فريضة أخرى توافقها في العدد كظهر خلف عصر، وتصح فريضة خلف فريضة أقصر منها، وكل هذا جائز بلا خلاف عندنا. انتهى.
وأما إذا صلى صلاة خلف أطول منها، كالصبح خلف الظهر، ففيه خلاف عند الشافعية، والصحيح عندهم صحتها.
قال النووي: وَإِنْ كَانَ عَدَدُ رَكَعَاتِ الْمَأْمُومِ أَقَلَّ كَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ خَلْفَ الْمَغْرِبِ أَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ رُبَاعِيَّةٍ فَفِيهِ طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا الْخُرَاسَانِيُّونَ أصحهما وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ جَوَازَهُ كَعَكْسِهِ.
والثاني: حَكَاهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ فِيهِ قَوْلَانِ أصحهما هَذَا (والثانى)
بطلانه لانه يدخل في الصلاة بنية مفارقة الامام فإذا قلنا بالمذهب وهو صحة الاقتداء ففرغت صلاة المأموم وقام الامام الي ما بقى عليه فالمأموم بالخيار إن شاء فارقه وسلم وإن شاء انتظره ليسلم معه والأفضل انتظاره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1430(11/10053)
لا ينبغي للأقرأ لكتاب الله التخلف عن الإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضل الله علي أن من الله علي بالقرآن، فعند ما ندخل المسجد للصلاة أحاول أن أهرب من الإمامة ليتقدم آخر وربما كان أقل في الحفظ وأحكام التلاوة، فيعتب علي بعض الإخوة الذين يعرفون تلاوتي ويقولون نريدك للإمامة ولا نريد غيرك، وأنا أخاف المسؤولية وأتأخر في نواحي المسجد حتى يكبر من يؤم. فهل أنا مخالف للسنة كما يقولون لي أم هو فعل الأئمة تأخرهم عن الإمامة؟
أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي لك أن تتخلف عن الإمامة، وتتأخر عنها إذا كنت أقرأ الجماعة، فإن في هذا جملة من المفاسد، فمنها مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أمر بأن يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. رواه مسلم.
ومنها تصدر غير المؤهل، ومن قد يكونُ في قراءته أو صلاته خلل، ومنها أنك تفوت على نفسك هذا الفضل العظيم، والأجر الجسيم المترتب على توليك إمامة المسلمين في الصلاة، وحسبك أن الإمامة هي وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء من بعده، وانظر الفتوى رقم: 121226.
قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله: الإمامة منصبٌ شريف ومقام عزيز مُنيف، لا ينبغي لكل أحدٍ أن يتصدّر له، ولا ينبغي لكل أحدٍ أن يكون فيه إلا إذا كان أهلاً لهذا المقام، فحينئذٍ يجوز له أن يتقدم على الناس، وأن يتشرف بهذا المكان الذي يكون فيه مؤتمناً على صلاتهم، وإقامة هذه الشعيرة لهم، والناس تقتدي بالأئمة، فكلما كان الإمام على صلاح وتقوى لله عز وجل، وعلمٍ بالشريعة، وفقه في الدين، ومعرفةٍ بهدي النبي صلى الله عليه وسلم كلّما كان ذلك أدعى لحبِّه وحب الصلاة وراءه، والتأثر بقراءته ومواعظه وخطبه، الأمر الذي يكون له أحمدُ العواقب، وأحسنُ الثمرات، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأمة أن تهيئ لهذا المقام من توفرت فيه شروط الأهلية، فقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي مسعود في الصحيح: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله.
فأمرنا عليه الصلاة والسلام أن نقدم الأقرأ لكتاب الله عز وجل، والسبب في ذلك أنّ الغالب في الإنسان إذا شرّفه الله وكمّله وفضّله بحفظ كتابه فالأصل فيه أن يكون من أهل كتاب الله العالمين به، العاملين بما فيه، ومثل هؤلاء أئمة يُقتدى بهم إذا كان القرآن إماماً لهم في القول والعمل والاعتقاد، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. انتهى.
ولو أن كل متأهلٍ لمنصب شريف تركه خوفاً من تحمل المسؤولية لصار الأمر فوضى وضيعت الأمانة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قيل: وكيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة. أخرجه البخاري.
فالذي ينبغي لك أيها الأخ الكريم ألا تتخلف عن الإمامة إذا كنت أولى بها، ولكننا ننصحك بأن تُجاهد نفسك في تحقيق الإخلاص، ونفي الرياء، وعدم الالتفات إلى ثناء الناس ومدحهم، بل اجعل عملك خالصاً لوجه الله تعالى، لا تبتغي به إلا مرضاته وحده، وانظر الفتوى رقم: 120024.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(11/10054)
لا يريد الإمامة مع كون الإمام لا يحسن الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا إمام لا يجيد قراءه الفاتحة، وأنا أجيد قراءتها. فهل علي إثم إن تركت الصلاة في هذا المسجد وصليت في مسجد آخر خوفا من الإمامة؟ مع العلم أنني لو تركت الصلاة في هذا المسجد فهو الذي سيقف إماما، علما بأن أحد أسباب تركي للإمامه هو خوفي من الرياء، فإنني أثناء الإمامة أشعر وكأن حركاتي، وقراءتي للناس فأخفف من صلاتي لكي لا يقال لي لماذا تطول؟ ودائما وأنا أصلى إماما أشعر بعدم جامعية قلبي على الله، حيث إن الناس ورائي. فهل أترك الإمامة في مثل هذه الحالات لأجل هذا أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا حرج في الذهاب إلى المسجد البعيد لا سيما إذا كان إمام المسجد القريب لا يحسن القراءة، كما بيناه في الفتوى رقم: 106036.
ولكن لا ينبغي لك-أخي السائل- أن تترك الإمامة إذا علمت أنه سيتولاها في غيابك من لا يحسن قراءة الفاتحة، بل قد يتعين عليك أن تؤم الناس إذا لم يوجد غيرك ممن يحسنها، وعلمت أن من يخلفك في الإمامة يلحن في الفاتحة لحنا يبطل الصلاة، وما ذكرته من الخوف من الرياء هو أمر محمود وهو من علامات الإخلاص إن شاء الله، ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك حائلا بين فعل ما تعين عليك، وعدم تطويل الصلاة مراعاة لحال الناس أمر مطلوب لا حرج فيه بشرط أن يتم الإتيان بأركان الصلاة وواجباتها، ومن أهم ذلك الطمأنينة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل في الصلاة يريد أن يطيلها فيسمع بكاء الصبي فيتجوز في صلاته لما يعلم من وجد أمه عليه، وانظر الفتوى رقم: 66667.حول الخوف من الإمامة مع عدم وجود من يحسن القراءة، والفتوى رقم: 30366. عن ترك العمل من أجل الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(11/10055)
حكم إمامة من يشاهد أفلاما جنسية
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي العزيز، هل يجوز أن يلقي علينا رجل درسا، أو خطبة، أو يؤذن، أو يأم بنا، وهو يشاهد الأفلام الجنسية، وليس صادقا مع أصدقائه بالعمل؟ ونحن كنا لا نعلم والآن علمنا ذلك بطريقة غير صحيحة. فهل يجوز وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب هو نصيحة هذا الرجل سرا بلا تشهير به لعله يتوب إلى الله إن كنتم علمتم هذا بطريق موثوق فيه، وإن كان هذا مجرد شك بلا قرائن فلا يجوز سوء الظن بالمسلم، وكذلك لا يجوز التجسس لمعرفة بواطن الشخص فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ. {الحجرات:12} .
ثم إذا تأكدتم من وقوعة في المعصية فلا تجوز غيبته، وهذه الأمور الثلاثة: الظن، والتجسس، والغيبة تكون في الغالب مرتبطة بعضها ببعض. ولهذا -والله أعلم- جمع الله النهي عنها في الآية السابقة بهذا الترتيب.
ثم إن كان هذا الشخص مبتلى بهذه الأمور فلا يحسن تلقيكم العلم على يديه، ولا أن يولى الإمامة أو الأذان إلا إن تاب من ذلك، وعليكم أن تبحثوا عن شخص صالح يقوم بإمامتكم أو الأذان لكم وكذا إلقاء الدروس عليكم، فالأصل فيمن يتصدى لتعليم الناس أمور دينهم، ومن يؤمهم، أو يؤذن لهم أن يكون قدوة حسنة، فمنصب التعليم، والإمامة، والأذان منصب شريف معظم في الشرع لا ينبغي أن يتولاه إلا الثقات المأمونون. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ اللَّهُمَّ أَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ. رواه أحمد وأبوداود والترمذي وصححه الألباني.
قال في عون المعبود: الْإِمَام ضَامِن: أَيْ مُتَكَفِّل لِصَلَاةِ الْمُؤْتَمِّينَ بِالْإِتْمَامِ وَالْمُؤَذِّن مُؤْتَمَن: قَالَ اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة: مُؤْتَمَن الْقَوْم الَّذِي يَثِقُونَ إِلَيْهِ وَيَتَّخِذُونَهُ أَمِينًا حَافِظًا، يُقَال: الْمُؤْتَمَن الرَّجُل فَهُوَ مُؤْتَمَن، يَعْنِي أَنَّ الْمُؤَذِّن أَمِين النَّاس عَلَى صَلَاتهمْ وَصِيَامهمْ. انْتَهَى.
وينبغي مراعاة الحكمة في الإنكار عليه، والنظر في عاقبة ما يترتب على ذلك.
وقد بينا حكم مشاهدة الأفلام الجنسية في الفتوى رقم: 3605.
وننصحكم بمراجعة الفتاوى التالية أرقامها قبل نصحه: 11196، 118790، 9329، 18468. ونسأل الله أن يتوب عليه والله الموفق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(11/10056)
كراهة اللحن في القراءة، ومشروعية الفتح على الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت فتاوى فضيلتكم وعلماء آخرين حول الفتح على الإمام، ولكن لدينا هنا إمام جديد في مسجدنا صاحب صوت جميل، ولكنه لا يجيد تماماً أحكام التلاوة، ولكن المشكلة الأكبر أنه يكرر دائماً نفس الآيات في الأسبوع ويخطئ في بعض الكلمات دائماً، مما يدل على أنه حفظها خطأ وليس خطأ عابراً، وهذه أمثلة ففي سورة البقرة يقول "عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" بضم الملائكة والناس وفي سورة مريم دائماً يقول"ألا تخافي ولا تخزني" بدلاً من "ألا تحزني"، ويقول "قال أنا عبد الله" بدلاً من "إني عبد الله" ويقول"وأن الله ربي وربكم" بدلاً من "وإن الله" وفي سورة الملك "فمن يأتكم" بدلاً من "فمن يأتيكم بماء معين" وهكذا، وفي خطبة الجمعة أخطأ في الدعاء فقال"اللهم اجعل الدنيا أكبر همنا" هذا غير نسيان أو سقوط آيات في التلاوة وكنت ذات مرة قد قمت بنصحه سراً لإصلاح بعض الأخطاء لكنه بعد ذلك غضب واتهمني بأنني أتتبع عوراته! فهل نتركه بدون أن نفتح عليه رغم تكرار الخطأ وعدم التغيير في المعنى، أم نرده لتكرار الخطأ ولعل الناس تحفظ عنه، علماً بأن الكثير من الناس يلاحظ عليه الخطأ في الحفظ ولست وحدي، كما أنه من الصعب تغييره لأن إدارة المسجد هي من جاءت به وهم لا علم لهم بأمور القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهكَ أولاً إلى أن الفتح على الإمام لا يكونُ إلا إذا لحن في القراءة، وأما إذا قرأ بقراءةٍ متواترة، فلا يُفتح عليه، ولو كان هذا الحرف الذي قرأ به خلاف الحرف الفاشي، قال النووي رحمه الله: قال أصحابنا وغيرهم: تجوز القراءة في الصلاة وغيرها بكل واحدة من القراءات السبع. انتهى.
ومن ذلك ما ذكرته ممثلاً للحن الواقع من هذا الإمام فقراءته (وأن الله ربي وربكم) بفتح الهمزة لا يُشرع الفتح عليه فيها، لأنها قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو من السبعة.
وأما سائر ما ذكرته فهو من اللحن بلا شك، وهو وإن كان لا يُحيل المعنى، لكن الفتح عليه فيه مشروع.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا أخطأ الإمام في القراءة على وجه يخل بالمعنى فالواجب أن يرد عليه سواء في الفاتحة أو غيرها، وإذا كان لا يخل بالمعنى فإن الأفضل أن يرد عليه، ولا يجب. انتهى
فلا نرى لكم أن تتركوا الفتح عليه مهما كثر منه ذلك اتباعاً للسنة، ولعله أن ينتبه لهذه الأخطاء، ثم لا يعودُ إلى تكرارها.
وإذا كان هذا الإمام كثير اللحن، فإن أمكنكم تقديمُ غيره فهو أولى، لأن إمامته مكروهة، وإن لم يُمكنم ذلك فلا حرج عليكم، لأن الصلاة خلفه صحيحة.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: تُكْرَهُ إمَامَةُ اللَّحَّان، الَّذِي لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ بِمَنْ لَا يَلْحَنُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِفَرْضِ الْقِرَاءَةِ، فَإِنْ أَحَالَ الْمَعْنَى فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، لَمْ يُمْنَعْ صِحَّةُ الصَّلَاةِ، وَلَا الِائْتِمَامِ بِهِ، إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَهُ، فَتَبْطُلَ صَلَاتُهُمَا. انتهى.
وأما زجره لك حين نصحته، فلعل طريقتك في النصح لم تكن متصفة باللين والرفق والأدب المطلوب، ويمكنكم أن تكلفوا أحد كبار السن، أو ذوي الوجاهة والهيبة ممن إذا ناصح هذا الإمام قبل منه فيناصحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1430(11/10057)
الصلاة خلف المرجئة في منظار الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة خلف المرجئة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرجئة من الفرق المبتدعة المخالفة لأهل السنة والجماعة في الاعتقاد، وفيهم الغلاة الذين ذهبوا إلى أن الإيمان هو مجرد معرفة القلب وقد كفر كثير من السلف من قال بهذه المقولة كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وفيهم من قال الإيمان تصديق القلب ونطق اللسان، وهؤلاء لا نزاع بين العلماء في عدم تكفيرهم، ومنهم من توسط بين هذين فقصر الإيمان على تصديق القلب، وقد سبق بيان أشهر معتقداتهم في الفتوى رقم: 10346.
وأما الصلاة وراءهم فحكمها كحكم الصلاة وراء غيرهم من أهل البدع. وهو أنها تصح على الراجح مع الكراهة؛ لأن المنتسب إلى الإرجاء إما أن يكون منتسبا إلى مقولة غير مكفرة، وإما أن ينتسب إلى مقولة كفرية، لكنه لا يكفر بعينه حتى تقام عليه الحجة، وعلى ذلك فإن أمكنت الصلاة وراء غيرهم من أهل الاعتقاد الصحيح فهو أفضل، وإلا فلا حرج في الصلاة وراءهم. وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى أرقام 93591، 42670، 64740.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1430(11/10058)
كراهة الصلاة خلف الإمام الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة وراء إمام ظاهر فسقه -يسبح في الأماكن المكتضة بالسائحات وهن شبه عاريات- والعياذ بالله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الصلاة خلف هذا الإمام فالراجحُ صحتها وهو قول جمهور العلماء خلافاً للمشهور من مذهب أحمد من عدم صحة إمامة الفاسق، وقد رجحنا أن الصلاة تصح خلف كل بر وفاجر، وانظر لذلك الفتويين رقم: 115770، 101196.
ثم إن الواجب مناصحة هذا الإمام وأن يبين له خطورة ما يفعله، وأنه بذلك يُعرض نفسه لسخط الله، وعقوبته، وأن هذا الفعل إذا كان قبيحاً من آحاد الناس، فهو ممن يتولى إمامة المصلين أشد قبحا، فإن لم ينتصح، فالأولى بالجماعة أن تبحث عن إمامٍ عدلٍ تُصلي خلفه، فإن الصلاة خلف الفاسق مكروهةٌ باتفاق الأئمة كما نقل ذلك شيخُ الإسلام ابن تيمية، وخروجاً من خلاف من أبطل الصلاة خلفه من أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن الأئمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق، لكن اختلفوا في صحتها: فقيل: لا تصح. كقول مالك، وأحمد في إحدى الروايتين عنهما. وقيل: بل تصح. كقول أبي حنيفة، والشافعي، والرواية الأخرى عنهما، ولم يتنازعوا أنه لا ينبغي توليته. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(11/10059)
حكم صلاة من صلى الفريضة جماعة مع من لم يصلها
[السُّؤَالُ]
ـ[لو أن إنسانا صلى صلاة الفريضة- الظهر مثلاً- ثم أراد شخص آخر أن يصلي الظهر وسأل الشخص الأول أن يصلي معه جماعة فكيف يصلي الشخص الأول معه؟ وهل يكون إماما أم مأموما؟ ومن المعلوم أن الصلاة بالنسبة للشخص الأول فى هذه الحالة ستكون نافلة فهل هناك شيء إذا جلس للتشهد الأوسط معه؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس من أن يُصلي الإنسان مع غيره في جماعة بعد أن صلى الفريضة في جماعة ينوي بذلك الصدقة عليه، فعن أبي سعيد رضي الله عنه: أن جلاً جاء وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه؟ . أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي. ولفظ أبي داود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر رجلاً يصلي وحده فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه؟ .
ويجوز أن يكون المتصدق على أخيه بالصلاة معه مأموماً كما يدل عليه حديث أبي سعيد المتقدم، ويجوز أن يكون إماماً فإن معاذاً كان يصلي العشاء خلف النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيصلي بقومه. متفق عليه. وهو دليل الشافعية ومن وافقهم من أهل العلم على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل وهو الراجح عندنا، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 9763.
وإن كان الأولى والأفضل أن يتقدم للإمامة المفترض خروجاً من الخلاف، قال الشوكاني:
قال ابن الرفعة: وقد اتفق الكل على أن من رأى شخصاً يصلي منفرداً لم يلحق الجماعة فيستحب له أن يصلي معه وإن كان قد صلى في جماعة. انتهى.
ثم إنه إذا صلى المفترض إماماً وائتم به المتنفل فإنه يتابعه في جميع أفعال الصلاة، ويجلس معه في التشهد الأول، وكذا إذا صلى المتنفل إماماً، فإنه يصلي الصلاة على صفتها التي شرعها الله عليها، ويجلس للتشهد الأول، فإن معاذاً كان يصلي العشاء بقومه بعدما يصليها خلف النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقل أنه كان يترك الجلوس للتشهد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(11/10060)
الصلاة خلف إمام يرتكب بعض المخالفات الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[فإني أتوجه لكم بهذه الرسالة آملاً في أن تفتوني فيها حيث إن الإمام الذي يصلي بنا في المسجد يقوم بالعديد من الأعمال غير الأخلاقية، في مقدمتها أنه يقوم بسرقة أغراض تابعة للمسجد، وأكثر من ذلك فهو لا يحسن الوضوء البتة، ليس عن جهل ولكن عن علم، أي أنه يتعمد عدم الوضوء الصحيح، ونحن نشاهده يوميا بأم أعيننا، كما أنه لا يحترم أوقات الصلاة، وكل من يقدم على نصحه يقوم بالصراخ في وجهه، حتى أنه يقدم على الأذان بدون وضوء، وهلم جرا من الأفعال الأخرى التي تجعل من الصلاة خلفه محل شك، فجزاكم الله خيرا، هل الصلاة تجوز خلفه ونحن نعلم بفعله هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤالك جُملة من الأمور، ونحن نتكلم عليها واحداً واحداً، ليتبين لكَ حكم الصلاة خلف هذا الإمام، أولاً: رميكَ للإمام بأنه يسرق من أغراض المسجد أمر لا يجوزُ لكَ الإقدام عليه بغير بينة قاطعة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه. أخرجه مسلم.. فإذا تحقق كون الإمام يسرق، فلا ريب في فسقه وسقوط عدالته، وهذا الفسقُ لا يمنعُ من صحة الصلاة خلفه في أصح قولي العلماء، وإن كانت الصلاة خلف الفاسق مكروهة باتفاق الأئمة، كما ذكر ذلك شيخُ الإسلام ابن تيمية، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 16978.
ثانياً: قولك إن هذا الإمام لا يحسن الوضوء، فإنك لم تذكر ما يُخل به الإمام في وضوئه مما ترونه بأعينكم، فإن كان يترك شيئاً من سنن الوضوء كالتثليث والتيامن، وغسل الكفين في أول الوضوء، أو يترك شيئا مما اختلف فيه والراجح سنيته، كالتسمية والمضمضة والاستنشاق، أو يتركُ شيئا مما اختلف فيه من واجبات الوضوء، وكان هو يرى سنيته كالترتيب، فالصلاة خلفه صحيحة، لأن صلاته صحيحةٌ لنفسه، وترك سنة من سنن الوضوء لا يُنافي صحة الوضوء، وجواز الصلاة به.
وأما إن كان يتركُ شيئا من واجبات الوضوء، كأن كان يتركُ غسل الوجه، أو بعضه أو نحو ذلك، فإن حدثه لا يرتفع، ومن ثم لا تجوز الصلاة خلفه لمن علم بحاله، ومن صلى خلفه لم تصح صلاته، قال النووي رحمه الله: أجمعت الأمة على تحريم الصلاة خلف المحدث لمن علم حدثه. انتهى. وقال أيضاً: فإن صلى خلف المحدث بجنابة أو بول وغيره، والمأموم عالم بحدث الإمام أثم بذلك، وصلاته باطلة بالإجماع. انتهى.
ثالثاً: قولك إنه لا يحترمُ أوقات الصلاة، غير واضحٍ تماماً، فإن كان مُرادك أنه يتأخر في إقامة الصلاة، ولا يحترم الوقت المتفق عليه لإقامة الصلاة، فهذا لا يمنع من صحة الصلاة خلفه، وأما إن كان يُخرج الصلاة عن وقتها، فإنه لا يُصلى خلفه بحال، بل الواجب البحث عن إمام غيره يُصلى خلفه.
رابعاً: قولُكَ إنه يؤذن من غير وضوء، هذا إنكارٌ منك لما ليس بمنكر، فإن الوضوء ليس شرطاً في صحة الأذان، وإن كان مُستحباً فيه، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: المستحب للمؤذن أن يكون متطهرا من الحدث الأصغر والجنابة جميعا؛ لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤذن إلا متوضئ. رواه الترمذي وروي موقوفاً على أبي هريرة، وهو أصح من المرفوع. فإن أذن محدثا جاز. انتهى.
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يجوز الأذان على غير وضوء وما حكم أذان الجنب؟
فأجابوا: يصح أذان المحدث حدثا أصغر أو أكبر، لكن الأفضل أن يكون متطهرا من الحدثين جميعاً. انتهى.
خامساً: قولك: إنه إذا نُصح صرخ في وجه الناصح، ليس مانعاً من صحة الصلاة خلفه، وإن كان عدم الاستجابة للنصح أمراً مذموماً.. والذي ننصحكم به هو أن تلينوا له وترفقوا به، وتناصحوه بلطفٍ، وتركٍ للشدة والعنف، فإن الرفق ما كان في شيءٍ إلا زانه، وما نُزع من شيءٍ إلا شانه، والله المسؤول أن يستجيب لنصحكم.
سادساً: إذا لم ينتصح الإمام، وكان ممن لا تصح الصلاة خلفه، أو ثبت بالبينة كونه يسرق من أغراض المسجد، فالواجبُ عليكم أن ترفعوا الأمر إلى المسؤولين، ليبدلوه بغيره، إنكاراً للمنكر، وقياماً بالنصح للمسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1430(11/10061)
حكم إمامة المبتدع ومن لا يحب أهل السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: لدينا إمام بالمسجد من أهل البدع ولا يحب أهل السنة والسلفية، ورغم كثرة النصائح له إلا أنه لم يتراجع فهل يجوز دفع الرشوة من أجل تغييره إلى مكان آخر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الابتداع وكراهة أهل السنة من أخطر الصفات الخبيثة، وهما متلازمتان في الغالب.
ومن أظهر الابتداع وبغض أهل السنة لا يسوغ جعله إماما للمسلمين في المساجد، بل يتعين على ولي الأمر أن لا يعين في إمامة المساجد إلا من تؤكد من صحة اعتقادهم واتباعهم للسنة واستقامتهم، ولا حرج على المصلين أن يسعوا في عزله وتبديله بغيره.
وأما الرشوة فالأصل فيها التحريم لما في حديث السنن: لعن الله الراشي والمرتشي. وقد ذكر أهل العلم أنها تجوز أحيانا إن لم يمكن للراشي دفع الضرر عنه إلا بها.
ولكن الأولى أن تبتعدوا عن ذلك لأن السلف الصالح كانوا يسعون في عزل الولاة عنهم، ولم يؤثر عنهم أنهم استخدموا الرشوة في ذلك.
وننصحكم بالجدية في تعليم العلم الشرعي حتى يتوفر أكفاء يكونون أئمة، وعليكم بمحاورة هذا الإمام باللطف، وتعريفه بمنهج السلف ورجالاته، فكم من إمام رجع عما هو عليه بعد أن فهمه المصلون.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 66092، 12270، 24730، 5408، 1713، 77988.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(11/10062)
حكم طلب المأموم من الإمام أن يقرأ بقصار السور
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن حكم أن يطلب المأموم من الإمام الإسراع في الصلاة, كأن يقول له مثلا اقرا بقصار السور.
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الإمام يطيل الصلاة طولاً مُفرطاً بحيثُ يضر بالمأمومين ويشقُ عليهم، فأمره بالتخفيف والحالُ هذه مشروع، لأن هذا الذي يفعله مُخالفٌ للسنة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم مُعاذاً حين طول الصلاة بأصحابه أن يُخفف إذا أمَّ الناس، وأن يُراعي حال الضعيف والمريض والكبير، وعين له سوراً من أواسط المفصل يقرأ بها، فعن جابر قال: كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم، فأخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، فصلى معه، ثم رجع إلى قومه فقرأ سورة البقرة، فتأخر رجل فصلى وحده، فقيل له: نافقت يا فلان. قال: ما نافقت، ولكن لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: أفتان أنت يا معاذ؟ أفتان أنت يا معاذ؟ مرتين اقرأ سورة كذا وسورة كذا، قال: وسورة ذات البروج، والليل إذا يغشى، والسماء والطارق، وهل أتاك حديث الغاشية. أخرجه أحمد والنسائي وأبو داود وأصله في الصحيحين.
وأما إذا كان هذا الإمام يُصلي الصلاة المأمور بها شرعاً، بحيثُ لا يُضر بالمأمومين ولا يشق عليهم، وإنما يراعي السنة في صلاته، ويقرأ بنحو ما أمر مُعاذ أن يقرأ به فأمره بتخفيف زائد على هذا مخالفٌ للسنة، بل الواجب على المأمومين في هذه الحال ألا يستثقلوا الصلاة، ولا يتبرموا بها، فإنه خيرُ موضوع، وفيها يُناجي العبد ربه، ويُزكي نفسه ويُطهر قلبه، وانظر الفتوى رقم: 9286.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(11/10063)
حكم الصلاة خلف من يزيد في الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف هل يجوز الصلاة وراء إمام يقول بعد الفراغ من أذان الفجر "أصبح ولله الحمد، أصبح ولله الحمد، أصبح والحمد لله رب العالمين"، إضافة إلى أنه يؤذن مرتين في الظهر كل يوم وثلاث مرات يوم الجمعة، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن ما يفعله هذا الإمام من الزيادة على ألفاظ الأذان المشروعة مخالف للسنة، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 58849، وكذا الأذان للظهر مرتين لا شك في كونه أمراً محدثاً لم يعمل به النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه، بل صح أن السلف أنكروا ما هو دون ذلك، فقد صح أن ابن عمر: دخل مسجداً يصلي فيه فسمع رجلاً يثوب في أذان الظهر فخرج وقال: أخرجتني البدعة. رواه أبو داود والبيهقي، وقال الألباني: حسن ...
فلا يشرع التأذين مرتين في صلاة من الصلوات إلا في الصبح كما دلت على ذلك السنة.
وأيضاً فإن الجمعة يشرع لها أذانان كما كان عليه الحال في زمن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه واستمر عليه عمل المسلمين بلا نكير، فالأذان الأول للجمعة سنة الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم وعثمان رضي الله عنه منهم، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 18313.
وأما الزيادة على أذانين يوم الجمعة فلا قائل بها من العلماء فيما نعلم، وعليه فما يفعله هذا الإمام محدث مخالف للسنة والواجب عليكم مناصحته، وأن تبينوا له كلام أهل العلم حتى يرجع عن فعله هذا، فإن لم يرجع فالأولى أن تصلوا خلف غيره من المتمسكين بالسنة، ولكن الصلاة خلفه صحيحة، إذا كان لا يخل بشيء من شروط الصلاة وأركانها، فإن من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره وإن كان فاسقاً أو مبتدعاً، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 35398.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(11/10064)
حكم إطالة المأموم السجود بعد رفع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إطالة السجود خلف الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المشروع للمأموم متابعة الإمام، وأن يأتي بأفعال الصلاة عقب إتيان الإمام بها مباشرة لما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما جُعِل الإمام ليؤتم به، فإذا كبّر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده، فقولوا ربنا ولك الحمد. وإذا سجد فاسجدوا. الحديث.
قال النووي رحمه الله: وفيه وجوب متابعة المأموم لإمامه في التكبير والقيام والقعود والركوع والسجود وأنه يفعلها بعد الإمام. اهـ
والتخلف عن الإمام وإطالة السجود بعد رفعه منه خلاف السنة الواضحة بلا شك، بل قد يؤدي ذلك إلى بطلان الصلاة عند بعض العلماء الذين يرون أن المأموم إن تخلف عن الإمام لغير عذر حتى سبقه بالركن بطلت صلاته وهو ترجيح الشيخ العيثيمين.
وقد بين العلامة العثيمين أنواع التخلف عن الإمام وحكم كل منها ثم قال بعدما تكلم عن التخلف للعذر: النوع الثاني: التخلف لغير عذر، إما أن يكون تخلفا في الركن أو تخلفا بركن فالتخلف في الركن معناه أن تتأخر عن المتابعة لكن تدرك الإمام في الركن الذي انتقل إليه مثل أن يركع الإمام وقد بقي عليك آية أو آيتان من السورة وبقيت قائما تكمل ما بقي عليك لكنك ركعت وأدركت الإمام في الركوع فالركعة هنا صحيحة لكن الفعل مخالف للسنة لأن المشروع أن تشرع في الركوع من حين أن يصل إمامك إلى الركوع ولا تتخلف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا ركع فاركعوا. والتخلف بالركن معناه أن الإمام يسبقك بركن أي: أن يركع ويرفع قبل أن تركع، فالفقهاء رحمهم الله يقولون: إن التخلف كالسبق فإذا تخلفت بالركوع فصلاتك باطلة كما لو سبقته به وإن تخلفت بالسجود فصلاتك على ما قال الفقهاء صحيحة، لأنه تخلف بركن غير الركوع ولكن القول الراجح حسبما رجحنا في السبق أنه إذا تخلف عنه بركن لغير عذر فصلاته باطلة سواء كان الركن ركوعا أم غير ركوع. انتهى من الشرح الممتع.
ومنه يتبين لك أن إطالة السجود خلف الإمام إما أن يكون مبطلا للصلاة أو أنه مخالف للسنة، وبالتالي، والواجب تجنبه على كلا القولين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(11/10065)
حكم صلاة المغرب خلف من يصلي العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في الطريق وركبت مواصلات عامة وأذن لصلاة المغرب وعندما نزلت من المواصلات أذن لصلاة العشاء وعندما دخلت المسجد كانت قد أقيمت الصلاة وأدركت الركعة الثالثة ودخلت الصلاة بنية المغرب وعندما سلم الإمام كملت الركعة الثالثة لي ثم سلمت، ووقفت بجوار أخ كان يكمل صلاة العشاء وصليت معه صلاة العشاء أرجو من سادتكم الرد علي هل الذي عملته صحيح أم خطأ؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجبُ عليكَ أولاً التوبة النصوح إلى الله عز وجل من التراخي في أداء صلاة المغرب في وقتها، فإن تأخير الصلاة عن وقتها لا يجوز لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103} .
وقد كان الواجبُ عليك أن تبادر بفعل الصلاة، وإن وُجد سببٌ يبيحُ لك الجمع، كالسفر أو الحاجة التي يشقُ معها فعل الصلاة في وقتها عند بعض العلماء جاز لكَ أن تجمعَ بين الصلاتين جمع تأخير بشرط نية الجمع في وقت الأولى.
وأما بالنسبة لسؤالك، فقد كان الأولى بك حين دخلت المسجد وهو يُصلون العشاء أن تُصلي المغرب منفردا ثم تصلي معهم ما أدركت من صلاة العشاء خروجاً من خلاف من أبطل الصلاة بمخالفة نية الإمام، وإن كان الراجح من قولي العلماء أن اختلاف نية الإمام والمأموم لا يضر وإن اختلفت صورة الصلاتين، فإن صلى صلاةً خلف من يصلي أقصر منها أو أطول فصلاته صحيحة، وهذا مذهبُ الشافعية، ورجحه بعض المحققين من المعاصرين كالعلامتين ابن باز وابن عثيمين.
قال النووي رحمه الله: فمذهبنا: أنه تصح صلاة النفل خلف الفرض، والفرض خلف النفل، وتصح صلاة فريضة خلف فريضة أخرى توافقها في العدد كظهر خلف عصر، وتصح فريضة خلف فريضة أقصر منها، وكل هذا جائز بلا خلاف عندنا. انتهى.
وأما إذا صلى صلاة خلف أطول منها، كالمغرب خلف العشاء، ففيه خلاف عند الشافعية، والصحيح عندهم صحتها.
قال النووي: وَإِنْ كَانَ عَدَدُ رَكَعَاتِ الْمَأْمُومِ أَقَلَّ كَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ خَلْفَ الْمَغْرِبِ أَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ رُبَاعِيَّةٍ فَفِيهِ طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا الْخُرَاسَانِيُّونَ أصحهما وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ جَوَازَهُ كَعَكْسِهِ.
والثاني: حَكَاهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ فِيهِ قَوْلَانِ أصحهما هَذَا والثاني: بُطْلَانُهُ. انتهى.
وقال العلامة ابن باز رحمه الله: إذا دخلت المسجد وصلاة العشاء مقامة، ثم تذكرت أنك لم تصل المغرب، فادخل مع الجماعة بنية صلاة المغرب، وإذا قام الإمام إلى الركعة الرابعة فاجلس أنت في الثالثة واقرأ التشهد الأخير - أعني التحيات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم - والدعاء بعدها وانتظر الإمام حتى يسلم ثم تسلم معه، ولا يضر اختلاف النية بين الإمام والمأموم على الصحيح من أقوال أهل العلم. انتهى.
وعليه فصلاتُكَ للمغرب خلف الإمام الذي يُصلي العشاءَ صحيحةٌ إن شاء الله.
وأما صلاتُكَ خلف أخيك الذي كان يُكمل صلاة العشاء فجائزةٌ عند كثيرٌ من أهل العلم وهو الراجح عندنا، وقد فصلنا القول في حكم الائتمام بالمسبوق في الفتوى رقم: 119955.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(11/10066)
الإمامة والخطابة وظيفة الأنبياء والمرسلين
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا إمام مسجد الحي منذ 3 سنوات أي منذ انتقالي لهذا الحي وهو لا يقرأ في الصلاة إلا ببعض الآيات نفسها في كل صلاة، ولك أن تتخيل ذلك ناهيك عن أنه لا يحسن التلاوة، أما خطب الجمعة فحدث ولا حرج لا لغة ولا فصاحة، ولا يتكلم إلا في العموميات، لا أخفي عليكم صرت أنتقل إلى مسجد آخر يبعد مسافة 20 دقيقة للصلاة وللجمعة. فأرجوكم أن تبعثوا لي برسالة تنصحونه فيها أن الإمامة مسؤولية كبيرة، أو على الأقل يجتهد في الحفظ وطلب العلم؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الإمامة والخطابة شأنهما عظيم إذ هما من وظيفة الأنبياء والمرسلين، وينبغي أن يتولاهما من هو أهل لهما، فالإمامة والخطابة ليستا وظيفة لأجل الراتب، وقد جاءت السنة بأنه: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سناً ... رواه مسلم.
وهذا هو الميزان الشرعي لصفات الأولى بالإمامة، وتكرار الإمام لنفس السور وإن كان جائزاً في الأصل كما دلت على ذلك السنة، إلا أنه إن كان بسبب قلة ما يحفظه الإمام، وكان هناك من هو أقرأ وأحفظ منه بين المصلين فينبغي أن يقدم الأقرأ والأحفظ موافقة للسنة، كما أن القراءة مع مراعاة أحكام التجويد أمر مطلوب شرعاً، فإذا كان الإمام لا يراعيها فغيره أولى منه، لا سيما وأن الإخلال بأحكام التجويد قد يترتب عليه لحن جلي، وإذا وقع اللحن الجلي في الفاتحة بطلت الصلاة.
وخطبة الجمعة أيضاً ينبغي أن يتولاها من يصلح لها، لأن الغرض منها الوعظ والتذكير بالله تعالى واليوم الآخر، وبالمعاني التي تحيا بها القلوب، والدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. فإذا لم يحصل المقصود منها فليتم استبدال الإمام بغيره ممن يحسن الخطابة.
والخلاصة أنه ينبغي أن يتقدم للإمامة والخطابة من فيه الأهلية لهما، وإذا كان إمامكم يرفض ذلك، أو لم يكن أهلاً فارفعوا الأمر إلى زوارة الأوقاف لتستبدله بغيره، وانظر لذلك الفتوى رقم: 9642 حول شروط الإمامة في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1430(11/10067)
هل تبطل الصلاة بالوقوف بجوار الصبي غير المميز
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت أصلي في مسجد بالقرب منا وهناك رجل يقول إنه إمام المسجد فدخلت أصلي ولكن كنت متأخرا عن تكبيرة الإحرام ولما دخلت وجدت طفلا بجوار أبيه ووقفت بجوار الطفل ووقف بجانبي إمام المسجد وبعد الصلاة تكلم معي بصوت عال أنني سبب في بطلان صلاته وصلاتي لأن بجواري طفلا صغيرا والطفل الصغير يبطل صلاة من بجانبه، فقلت له إني ذهبت بعد تكبيرة الإحرام ووجدت الطفل بجوار أبيه فخفت أن أبعد الطفل عن أبيه حتي لا يحصل له مكروه بالخارج، فقال لي أنت من المنافقين واستدل بآية: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا.. فأرجو منكم الإفادة وأرجو منكم الرد على سؤالي وعدم وضع روابط لفتاوى أخرى مماثلة؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الصبي مميزاً، فإن وقوفه في الصف مشروع عند كثير من أهل العلم، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 8648.
وأما إن كان هذا الصبي غير مميز كما هو الظاهر، فلا يُشرع أن يقام في الصف، ومن صف معه بمفرده كان منفرداً خلف الصف، وانظر لذلك الفتوى رقم: 117696.
ولكن وقوفه في الصف لا يبطل الصلاة ولا نعلم أحداً من العلماء أبطل الصلاة بوقوف الصبي غير المميز في الصف، وهل يقطع الصبي المميز الصف؟ قال العلامة العثيمين رحمه الله: فلا يعتبر وقوف هذا الطفل قاطعاً للصف، لأن مسافته قصيرة فلا يكون قاطعاً للصف، لكن ينبغي لأولياء الأمور ألا يأتوا بمثل هذا الطفل الصغير لأنه يشغل المصلين، فإما أن يعبث حال وجوده في الصف فيشغل من حوله، وإما ألا يعبث ولكن يشغل ولي أمره.
نعم، إن دعت الضرورة إلى ذلك ألا يكون في البيت أحد مع هذا الطفل الصغير أو ليس معه إلا أطفال لا يعتمد الإنسان على حفظهم له ويخشى وليه أن يعبث هذا الطفل بنار أو غيرها فهذه ضرورة لا بأس أن يحضره ولكن عليه أن يكف أذاه عن المصلين. انتهى.
وبما ذكرناه يتبين لك أن ما قاله هذا الإمام من بطلان صلاتك أنت وأولى صلاته هو بسبب الاصطفاف مع الصبي خطأ ظاهر، وقد أخطأ مرتين:
الأولى: بإنكاره عليك ما ليس بمنكر، وزعمه بطلان الصلاة بلا موجب لبطلانها.
الثانية: سبه لك ورميه لك بالنفاق وهذا أمر شديد، يجب أن يتنزه منه عوام المسلمين، فضلاً عن من ينتسبون إلى العلم وإمامة الناس، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه، وقال الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58} ، وانظر لذلك الفتوى رقم: 116698.
فالواجب على هذا الإمام التوبة إلى الله عز وجل مما اقترفه من الإثم، وننصحك أن تعفو عنه، وتتغاضى عن إساءته، فقد قال الله عز وجل: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43} ، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1430(11/10068)
حكم مفارقة الإمام لكونه لا يطمئن في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[في حال صليت خلف الإمام ولم أطمئن في صلاتي بسبب سرعته، فهل يجوز لي مفارقته في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم مفارقة الإمام وأنها جائزة للعذر، وانظر لذلك الفتوى رقم: 47529، والفتوى رقم: 80006.
وبينا أن الطمأنينة ركن في الصلاة تبطل الصلاة بتركها، وذلك في الفتوى رقم: 13210، فإذا كان الإمام يسرع في الصلاة بحيث يخل بأركانها فلا يتمكن المأموم من متابعته فيها، فإن المأموم يفارقه في هذه الحال، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: من دخل مع الإمام في أول الصلاة وعرف من الإمام أنه لا يتأنى في صلاته وأنه لا يمكنه متابعة الإمام، إلا بالإخلال بأركان الصلاة ففي هذه الحال يجب عليه أن يفارق الإمام، وأن يكمل الصلاة وحده، لأن المتابعة هنا متعذرة إلا بترك الأركان، وترك الأركان مبطل للصلاة. انتهى.
وأما إذا كان إسراع الإمام في الصلاة لا يؤدي إلى إخلاله بأركانها ولا يمنع المأموم من تمام المتابعة والاقتداء فلا تجوز له مفارقته في هذه الحال، فإن مفارقة الإمام لا تجوز إلا لعذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1430(11/10069)
حكم إنابة الإمام غيره مقابل راتب دون علم الأوقاف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لإمام المسجد أن يعطي أحد الأشخاص جزءا من راتبه ليصلى بدلا منه بعض الصلوات بحجة انشغاله وبعد منزله، وكذلك يفعل المؤذن، علما أن منزل كليهما لايبعد أكثر من 10 دقائق عن المسجد ولدى كليهما أكثر من سيارة فخمة، ويؤجران المنزلين المخصصين لهما من الدولة لتسهيل عمليهما كسكن للعزاب بإيجار سنوى قيمته ثمانون ألف ريال تقريبا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإمام المعين للإمامة في المسجد براتب لا يجوز أن ينيب غيره إن لم يضطر لذلك، إلا إذا أذنت له الجهة التي وظفته وكان النائب كفؤا وأهلا للإمامة.
وقد بسطنا الكلام على هذا في الفتاوى التالية أرقامها: 6424، 25176، 35050.
وما يقال في هذا عن الإمام يقال عن المؤذن، وراجع في تأجير بيت الوقف الفتوى رقم: 31208.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(11/10070)
حكم لبس المرأة الثياب الضيقة في الصلاة، والإمامة بها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تؤم النساء وهي ترتدي تونيك طوله فوق الركبة وبنطلون فهل هذا جائز؟ وهل تصح صلاة من خلفها؟ ولقد نبهتها لذلك فغضبت مني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم إمامة المرأة للنساء وأنها مشروعة في الفتوى رقم: 26491.
وأما صلاة هذه المرأة في السراويل الضيقة فهي مكروهة كراهة شديدة، وقد تصل إلى حد التحريم، ولكنها صحيحة إذا كانت هذا السراويل تستر لون البشرة.
قال ابن قدامة: فإن كان خفيفاً يُبَيِّن لون الجلد من ورائه -فيُعلم بياضه أو حمرته- لم تجز الصلاة فيه، لأن الستر لا يحصل بذلك. وإن كان يستر لونها ويصِف الخلقة، جازت الصلاة، لأن هذا لا يمكن التحرّز منه، وإن كان الساتر صفيقاً. انتهى.
وقد نص الشافعي على كراهة الصلاة في الثياب الضيقة، ونص على أن الكراهة في حق المرأة أشد، قال رحمه الله: وإن صلى في قميص يشف عنه لم تجزه الصلاة، فإن صلى في قميص واحد يصفه ولم يشف كرهت له، ولا يتبين أن عليه إعادة الصلاة والمرأة أشد حالاً من الرجل إذا صلت في درع وخمار يصفها، وأحب إليّ أن لا تصلي إلا في جلباب فوق ذلك وتجافيه عنها لئلا يصفها الدرع. انتهى.
فالذي ينبغي للمرأة في الصلاة أن تصلي في ثياب تستر جميع البدن، خلا الوجه والكفين، وشرطها أن تكون فضفاضة، لا تصف حجم البدن؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت الرسول صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ فقال: إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها. رواه أبو داود بإسناد جيد كما قال النووي، ولكن صوب الدارقطني وقفه على أم سلمة، ومثله لا يُقال بالرأي.
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: كساني رسول الله قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي فكسوتها امرأتي، فقال: ما لك لم تلبس القبطية؟ قلت: كسوتها امرأتي. فقال: مرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخاف أن تصف حجم عظامها. رواه أحمد وحسنه الألباني.
وبه يظهرُ أن المرأة ليس لها أن تلبس من الثياب ما كان ضيقاً يصفُ حجم العظام في الصلاة، فإن الله أحق أن يُستحيا منه من الناس، وقد أمر تعالى بأخذ الزينة في الصلاة فقال: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد. {الأعراف:31} .
وجاء عن كثير من السلف والأئمة التشديد في أمر لبس المرأة الثياب الضيقة في الصلاة، قال مكحول: سألت عائشة: فبكم تصلي المرأة؟ فقالت: ائت علياً فاسأله ثم ارجع إلي. فقال: في درع سابغ وخمار. فرجع إليها فأخبرها فقالت: صدق. رواه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة.
وقد سئل الإمام أحمد المرأة في كم ثوب تصلي؟ قال: أقله درع وخمار، وتغطي رجليها، ويكون درعاً سابغاً يغطي رجلها. انتهى
وقال الإمام أحمد أيضاً: قد اتفق عامتهم على الدرع والخمار وما زاد فهو خير وأستر؛ ولأنه إذا كان عليها جلباب فإنها تجافيه راكعة وساجدة لئلا تصفها ثيابها فتبين عجيزتها ومواضع عورتها.انتهى.
وقال ابن عبد البر: والذي عليه فقهاء الأمصار بالحجاز والعراق أن على المرأة الحرة أن تغطي جسمها كله بدرع صفيقٍ سابغٍ، وتخمر رأسها فإنها كلها عورة إلا وجهها وكفيها، وأن عليها ستر ما عدا وجهها وكفيها. انتهى.
وبهذا كله يظهر ما قدمناه من كراهة صلاة المرأة في الثياب الضيقة وأنها في ذلك أشد حالا من الرجل.
وأما الصلاة خلفها فصحيحة، ولكن الأولى أن تتقدم للإمامة غيرها ممن تتزيا بالزي الشرعي، أو الاستمرار في مناصحتها حتى تترك هذا الأمر، وليس عليكِ ضيرٌ إذا غضبت منكِ لأجل نصحها لأنك تأمرينها بالمعروف، فعليكِ أن تستمري في مناصحتها لعل الله أن يوفقها للاستجابة للنصح.
ثم اعلمي أن خروج المرأة وبروزها في المحافل بهذه الثياب الضيقة بحيث يراها الرجال الأجانب مما يكون مثاراً للفتنة من المنكرات التي يخشى على فاعلتها أن تكون داخلة تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا. أخرجه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(11/10071)
نصيحة هادية للإمام والمأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من الشباب المسلم، نسعى ونبذل قصارى جهودنا في سبيل الالتزام بالسنة النبوية الشريفة في جميع مناحي حياتنا لقناعتنا الراسخة أن خير الهدي هدي رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولكن مع الاسف الشديد نقطن ببلدة لازال الجهل متفشيا فيها، وكثرت فيها البدع فيما يخص العبادات وعلى رأسها الصلاة، والتي نبذل جهودنا من أجل القيام بها على أتم وجه وفقا لما كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يفعل، الا أنه توجد عراقيل تحول دون وصولنا لهذا المبتغى بسبب وجود مسجد وحيد بهذه البلدة الآمنة وعلى رأسه إمام يا شيوخنا الأفاضل إمام حسب نظرنا المتواضع لا يفقه حديثا بكون صلاته مليئة بالبدع والعياذ بالله. نتمنى أن تتسع صدوركم لرسالتنا الطويلة لأن الأمر يؤرقنا كشباب غيور على سنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم. ومن هنا سنقدم لكم وصفا دقيقا ومحايدا لما يقوم به إمامنا هذا سامحه الله، كمايلي.
* أولا الإمام يقص اللحية ولا يقص الشارب ولا يضع اليمنى على اليسرى. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
*الإمام لا ينصح ولا يتدخل ولو لمرة واحدة في توجيه المأمومين فيما يختص بتسوية الصفوف لكونه خجولا يستحي من قول الحق، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى عندما تقل الصفوف إلى صفين فإن المأمومين المتواجدين بالصف الثاني فئة منهم تبدأ الصف من اليمين والاخرى من اليسار بحيث يبقى وسط الصف فارغا والإمام لا يحرك ساكنا، مما دفع أحد منا للتدخل لإرشاد هؤلاء المأمومين إلا أنهم لا يتقبلون ويقولون إن الإمام هو الموجه في هذه المواقف، وعليه قمنا بالاستفسار منه وقال يجب أن يبدأ الصف الثاني من الوسط في اتجاه اليمين واليسار غير أنه عندما نكون داخل المسجد لا يتدخل.
*عندما تقام الصلاة يشرع مباشرة في قراءة الفاتحة بحيث لا يترك لنا الفرصة للإتيان بدعاء الاستفتاح والاستعاذة والبسملة التي هي عوامل تساعد في الخشوع والطمأنينة في الصلاة. وفي السجود والركوع لا يسمح لنا أن نأتي ببعض الاذكار الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بسب التسرع، وبالتالي غياب الطمأنينة والخشوع.
*كما أنه يواظب على سور بعينها بعد سورة الفاتحة وهي كالآتي: التين, الزلزلة, الإخلاص, المعوذتان, الضحى, الطارق, البلد, الشرح, العصر. كأن السور والآيات الأخرى ليست من القرآن. لماذا لا يقرأ بعض الآيات من السور الأخرى؟
*بعد التسليم من الصلاة مباشرة يأتي هذا الإمام وبعض المأمومين جهرا بالاستغفار والأذكار وبالدعاء وبما يسمى الصلاة الفاتحية التي ليست مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هي بدعة وافتراء على السنة. وهذا ما يترتب عنه فوضى وتشويش للمسبوقين أو الذين يتنفلون أو يأتون بالأذكار المشروعة دبر الصلاة سرا وبصفة فردية. هذا ما نستنكره بعلمنا أن هذه المحدثات غير مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وكمحاولة منا لتصحيح هذه الاوضاع بالنقاش بالتي هي أحسن قمنا باستفسار الإمام الذي هو المسؤول الرئيس عن كل هذه الأمور حيث قال بالحرف الواحد إنه ليس الوحيد الذي يصلي بهذه الكيفية، وأن هناك عددا لا يحصى من الأئمة يصلي بالكيفية نفسها، وقلنا له بكل وضوح إننا كشباب ملتزم بالسنة النبوية لا تهمنا كثرة من يقوم بهذه البدع وأن المهم والأساس عندنا هو الالتزام بالسنة.
إلا أنه رغم كل هذه الاستفسارات مع هذا الإمام بغية تغيير الاوضاع، لازال يغض الطرف ويتجاهل ما ناقشنا معه كأننا لم نقل له شيئا. نرجو أن توجهوا له خطابا غليظا فيما يخص النقط المذكورة أعلاه وأن تبينوا له بالحجة والبرهان والأدلة أن ما يقوم به لا يمت للسنة بصلة، وأنه مسؤول أمام الله تعالى عن هذه الرعية والقرية الجاهلة. علما أنه ليس لنا بديل إلا هذا المسجد الوحيد الدي تحول إلى مكان لممارسة البدع وأننا لا نفضل الصلاة فرادى في بيوتنا بأي حال من الأحوال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يزيدكم حرصا على السنة وتمسكا بها، ونحب أن نوجه إليكم النصح قبل توجيهه إلى هذا الإمام الفاضل هدانا الله وإياه، وذلك أن الحرص على السنة والتحمس في نصرتها أمر حسن، ولكن يجب أن ينضبط هذا الحماس بالعلم الشرعي الذي يعصم من التهور والاندفاع، وإنكار ما ليس بمنكر، كما يجب أن ينضبط هذا التحمس بمزيد من الرفق واللين والرغبة الصادقة في هداية الخلق، فيكون الواحد منكم حريصا على إخوانه ناصحا لهم ساعيا فيما فيه مصلحتهم، لا أن ينصب بينه وبينهم العداء بزعم كونهم من أهل البدع، ولو تحليتم بالرفق واللين والنصيحة الهادئة المهذبة، فلا نشك إن شاء الله في أنكم ستفلحون في تغيير كثير من الأوضاع التي تنكرونها، وننصحكم ألّا تعجلوا بالإنكار حتى تتثبتوا من المسألة التي تنكرونها، فمثلا إنكاركم قراءة الإمام للسور -التي سميتموها- غلط منكم، فأي حرج على المسلم في أن يقرأ من كتاب الله ما يتقنه، وربما يكون يقرأ هذه السور لكونه لا يحفظ غيرها حفظا جيدا، ثم إن هذه السور هي التي سمى النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بعضها ونظائرها ليقرأ بها بالناس إذا صلى بهم، كما هو معلوم والحديث في الصحيحين. وإذا كان هذا الإمام يأتي بالقدر الواجب من الطمأنينة في القيام والركوع والسجود، وإنما لا يطيل الإطالة التي تمكنكم من الإتيان بما زاد على القدر الواجب من الأذكار فلا حرج في هذا أيضا، وليس هذا ممّا ينكر، فإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء، ولعله يفعل ذلك تخفيفا على المصلين لكون بعضهم كبيرا أو مريضا أو نحو ذلك فيكون في فعله هذا متبعا للسنة.
وأما ما يفعله من المخالفات كقص اللحية وإطالة الشارب والتزامه بالأذكار البدعية فناصحوه فيها برفق ولين، وسيستجيب إن شاء الله، فإن لم يستجب فضرر مخالفته عليه، وليس عليكم من ذلك شيء،
وما يتركه من السنن كترك القبض وترك دعاء الاستفتاح والتعوذ والبسملة عند من يقول إنها ليست من الفاتحة، فلعله يتبع مذهبا من مذاهب أهل السنة في هذه الأمور، وبالتالي فذلك لا يبطل الصلاة، ولا يستأهل منكم المبالغة في الإنكار والذم، ولكن فقط يستدعي منكم البيان بالتي هي أحسن، وأن المذهب الذي يتبعه في هذه الأمور مرجوح، ودليل غيره فيها أرجح من دليله، فلعله يستجيب فيتحقق المقصود بإذن الله، والظاهر أن هذا الإمام فيه خير بدليل أنكم لما سألتموه عن مسألة تسوية الصفوف أجاب فيها بالصواب، فعليكم أن تستغلوا هذا الجانب من الخير فيه، ولا تتخذوه عدوا، بل اقتربوا منه، وحاولوا تأليفه على السنة. وفقكم الله لما فيه الخير.
وإلى هذا الإمام نقول: أنت على ثغر فلا تضيعه، وأنت القدوة للناس في بلدك، والأمانة كبيرة، والمسؤولية عظيمة، والتبعة بين يدي الله ثقيلة، فكن على قدر المسؤولية، واجعل همك أن يرضى عنك الله، إذا قمت بتبليغ دينه على الوجه الذي يرضاه، فلا تخش في الله لومة لائم، وأرض الله ولو سخط الناس، فالله أحق أن يستحيى منه من الناس. واعلم أن الله سيرضيهم عنك، ويعصمك من السوء. وعظم سنة النبي صلى الله عليه وسلم وجانب البدع والمحدثات، فإن كل أمر لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو رد، وأحسن الهدي هديه صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم. فقراءة الأذكار في جماعة، وما يسمى بالصلاة الفاتحية، كل هذا من البدع والمخالفات، فلا يليق بك أن لا تغيرها وأنت قادر على هذا، فتكون قد أحييت سنة وأمتت بدعة، وأنعم بهذا من فضل، جعلك الله من أنصار السنة.
واعلم أن الحق لا يضره قلة أتباعه، بل ذلك منقبة لأهل الحق أن يتمسكوا به في زمن إعراض الناس عنه.
قال الفضيل رحمه الله: اسلك سبيل الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين. وفقنا الله وإياكم لما فيه الرشاد.
ملحوظة: نرجو من الإخوان أن يطلعوا الإمام على الفتوى كاملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1430(11/10072)
حكم ترك الفتح على الإمام إذا أسقط آية أو لحن في غير الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على الماموم إثم إذا أسقط الإمام آية من غير الفاتحة، أو غير لفظا لا يغير المعنى أو يغيره، فلم يصحح له خوفا من التشويش على المصلين، خاصة وأن أكثرهم عامة، وقد يكره العامة الإمام وهو ذو صوت ندى وقراءة متقنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفتح على الإمام له حالان، فتارةً يكونُ واجباً، وتارةً يكون مستحبا، فيجبُ إذا لحنَ الإمام لحناً جلياً في الفاتحة، أو لحن لحناً يحيلُ المعنى في غير الفاتحة، ويستحبُ إذا لحنَ الإمام لحناً لا يحيلُ المعنى.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا أخطأ الإمام في القراءة على وجه يخل بالمعنى فالواجب أن يرد عليه سواء في الفاتحة أو غيرها, وإذا كان لا يخل بالمعنى فإن الأفضل أن يرد عليه, ولا يجب. انتهى.
وقد ذكرنا أحوال الفتح على الإمام، وكثيراً من المسائل المتعلقة به في فتاوى كثيرة سابقة، وانظر منها الفتويين رقم: 62679، 62629.
وبهذا تعلم، أنه متى كان الفتحُ على الإمام واجباً كان تركه حراماً، وأثم المأموم إذا تركه، ومتى كان الفتح على الإمام مستحباً لم يأثم المأموم بتركه، وإن كان الأولى أن يفعله.
وأما ما ذُكرَ من التشويش على المصلين، وأن أكثرهم عامة، فعلاجه بتعليمهم أحكام الشرع، وبيان الأدلةِ الشرعية من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر كلام أهل العلم لهم في المسألة، مع الحرص على الرفق واللين في ذلك كله، وعامة المسلمين بفضل الله، إذا بُينت لهم السنة رجعوا إليها.
وأما خوف كراهتهم للإمام إذا أخطأ وفتح عليه، فلا مُسوغَ له أصلاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من هو في الفضل والعلم بكتاب الله، قد ارتج عليه في بعض الصلوات، فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبي أصليت معنا؟ قال: نعم، قال فمنا منعك؟ رواه أبو دواد.
وروى مسور بن يزيد المالكي قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك آية من القرآن فقيل يا رسول الله صلى الله عليه ولم آية كذا وكذا تركتها، قال: فهلا ذكرتنيها. رواه أبو داود.
فليسَ على الإمام غضاضة ولا منقصة إذا أخطأ في القراءة وفتح عليه المأموم، ولكن إذا كان الإمام كثير الخطأ، ويُخشى أن تسقط منزلته عند الناس، فليس علاج تلك المشكلة بترك سنة الفتح على الإمام، ولكن علاجها بأن يقرأ الإمام مما يتثبت من حفظه جيداً، ويراجع ما يريدُ القراءة به قبل الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(11/10073)
ترك الإمامة لإصرار المصلين على أن يدعو جهرا بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شخص كان يصلي بالناس، وكان يدعو بالمصلين بعد انتهاء الصلاة وهم يؤمنون على دعائه، فلما بين لهم أن ذلك الفعل لم يرد عن الرسول صلي الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، قالوا له: لا تصلي بنا إلا إذا كنت ستدعو لنا وإلا فلا تصل، فامتنع من الصلاة بهم. فهل يأثم على تركه الصلاة بالناس جماعة، علماً بأن الإمام الراتب لا يجيد مخارج الحروف ولا أحكام التجويد، ولكن الشخص الذي كان يصلي بهم أفضل منه، فأفيدونا جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الدعاء الجماعي بعد انتهاء الصلاة، وأن المداومة عليه من المحدثات.. وانظر لذلك الفتوى رقم: 101904، والفتوى رقم: 33390.
وإذا علمت هذا فقد أحسن هذا الشخص حين بين للناس السنة، وأعلمهم بمخالفة ما يفعلونه لها، وقد أساءوا حين منعوه من الصلاة بهم، وليس عليه في ذلك إثم، بل هو مأجور على تبيينه للحق إن شاء الله تعالى، وإنما الإثم على من خالف السنة وأبى اتباعها، وعليه أن يستمر معهم بالنصح والتذكير، ومحاولة استمالتهم لاتباع السنة بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يذكر لهم كلام أهل العلم في هذه المسألة، لعلهم أن يستجيبوا وينتصحوا.
وأما هذا الإمام الذي يصلي بهم، فإن كان يلحنُ في الفاتحة لحناً جلياً يحيل المعنى، فإن الصلاة خلفه لا تصح، وأما إن كان يقيم قراءة الفاتحة ولا يلحنُ فيها لحناً جلياً، فالصلاة خلفه صحيحة، ولكن الأولى أن يكون الإمام هو الأقرأ لكتاب الله، كما وردت بذلك السنة الصحيحة.
وعليه، فإذا كان الأمر أما أن يصلي بهم من يلحن في صلاته أو الآخر المتقن مع دعائه عقب الصلاة بصورة جماعية، فيصلي بهم المتقن، ويسعى في تعليمهم السنة برفق ولين. وانظر لذلك الفتوى رقم: 23898، والفتوى رقم: 102660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(11/10074)
حكم الصلاة خلف الإمام الذي يتقاضى راتبا من الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف إمام أجير للدولة أي يأخذ راتبا لكي يؤم المصلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد رجحنا أن أخذ الأجرة على الإمامة لا يجوز، وانظر لذلك الفتوى رقم: 6565.
وأما أخذ الرزق من بيت المال على الإمامة ونحوها من الوظائف فليس من الأجرة الممنوع أخذها، وقد نص على ذلك كثير من أهل العلم، وفرقوا بين الأجرة والرزق الحاصل من بيت المال، قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل: ومحل الكراهة إذا كانت الأجرة تؤخذ من المصلين، وأما إذا أخذت من بيت المال أو من وقف المسجد فلا كراهة، لأنه من باب الإعانة لا من باب الأجارة كما قال ابن عرفة. انتهى.
وجاء في الاختيارات العلمية لشيخ الإسلام: وأما ما يؤخذ من بيت المال فليس عوضاً وأجرة، بل رزق للإعانة على الطاعة، فمن عمل منهم لله أثيب، وما يأخذه فهو رزق للمعونة على الطاعة، وكذلك المال الموقوف على أعمال البر والموصى به كذلك، والمنذور كذلك ليس كالأجرة. انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة: يجوز لك طلب الإمامة للمسجد الذي بنيته، إذا توفرت فيك شروط الإمامة، ولك أن تأخذ عليها أجرة من بيت المال ولا ينقص ذلك من أجرك. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: وأما أخذ الرزق من بيت المال على الإمامة، فإن هذا لا بأس به، لأن بيت المال يصرف في مصالح المسلمين ومن مصالح المسلمين إمامتهم في مساجدهم، فإذا أعطي الإمام شيئاً من بيت المال فلا حرج عليه في قبوله، وليس هذا بأجرة. انتهى.
وبهذا تعلم أن أخذ الرزق من بيت المال جائز، والصلاة خلف الإمام الذي يتقاضى راتباً من الدولة لأجل قيامه بهذه الوظيفة التي فيها رعاية مصلحة المسلمين جائزة لا حرج فيها، ولا كراهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1430(11/10075)
حكم وقوف الاثنين عن يمين الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أبدأ في صلاة جماعة مع الإمام ونكون اثنين فقط في الصلاة ويأتي ثالث فيقوم بتنبيهي للرجوع إلي الخلف لنكون صفا خلف الإمام، فهل يجوز أو من الممكن أن يقف الثالث بجانبي في الصف مع الإمام حيث أشعر بأنني أتحرك كثيراً حين أغير مكاني للوقوف في الصف الأول خلف الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمأموم الواحد مع الإمام أن يتأخر قليلاً إذا دخل معه في الصلاة مأموم آخر كما دلت على ذلك السنة، وهذه حركة يسيرة لا تبطل بها الصلاة، وقد ثبت في صحيح مسلم: أن جابر بن عبد الله صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم قال: قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء، فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعاً فدفعنا حتى أقامنا خلفه.
وإذا وقف المأموم الثاني يمين المأموم الأول فلا حرج، كما قال صاحب الزاد: يقف المأمومون خلف الإمام ويصح معه عن يمينه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1430(11/10076)
يشعر بضيق في التفس إذا أم الناس فهل يمتنع عن الإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني كثيرا من الأحيان بضيق التنفس أثناء إمامة المصلين، ومع حفظي اليقين للآيات التي سأقرؤها وتكرارها قبل الصلاة فإني أجد صعوبة في إكمالها في الصلاة - هل أمتنع عن الإمامة وأصلي مع المصلين، علماً بأن معظم المصلين هنود وباكستانيون لا يجيدون العربية، وبعض العرب ممن لا يعرف ضوابط التشكيل للأحرف؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نظنه أن ما تشعر به من ضيق التنفس أمر ناشئ عن عوامل نفسية لا غير، ومنشؤ ذلك فيما يظهر هو ضعف الثقة بالنفس والخوف من الخطأ، وقبح الصورة أمام المصلين، وهذا ما يعاني منه كثير ممّن يتصدرون للإمامة، وعلاج ذلك يكون بالتوكل على الله عز وجل والاستعانة به، فهو الذي ييسر كل عسير، وعليك أن تتعوذ بالله من الشيطان ووسوسته، فإنه يريد الحيلولة بينك وبين الخير. وعليك بالإخلاص، وأن لا تفكر فيما يقوله عنك المصلون، بل اجعل نظرك وفكرك في موقفك بين يدي ربك تعالى، واجعل همك مرضاته وحده، واعلم أنك على خير عظيم حين تتصدى للإمامة، إذا كنت أقرأ الجماعة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. أخرجه مسلم. فإذا كنت أقرأ القوم كما يظهر من سؤالك فنصيحتنا لك أن تجاهد نفسك مستعينا بالله عز وجل على طاعته مخلصا له، ولن يخيب سعيك، فقد قال عز وجل: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69} .
واعلم أن من لا يقيم القراءة لعجمته، وإن كان معذورا فتصح صلاته لنفسه، لكن الجمهور على أنه لا يكون إماما إلا بمثله. فاحرص على إخراج نفسك والمصلين من هذا الخلاف.
وأما من يخطئ في التشكيل إذا كان لا يحيل المعنى في الفاتحة فصلاته صحيحة، وأما اللحن في غير الفاتحة، فلا تبطل به الصلاة، وقد ذكرنا هذه الأحكام مفصلة في فتاوى كثيرة. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 78091، ورقم: 105126، وننصحك أن تراجع قسم الاستشارات بموقعنا فستجد عندهم من الإرشادات ما يعينك على التخلص ممّا تجده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(11/10077)
ما يلزم الإمام إذا أراد التخلف عن بعض الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام مسجد يسألكم: بأنه يتغيب عن أربع صلوات ظهر أسبوعيا لأنه يعمل أيضا في مدرسة خاصة، علما بأنه في يوم إجازته يصلي الأربع صلوات في المسجد ويتغيب عن الظهر، فكيف يصفي راتبه من الحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجبُ على هذا الإمام أن يحرص على أداء وظيفته على وجهها، وأن يحرص على التواجد في المسجد في الصلوات المطلوب تواجده فيها، فإن استطاع أن يستأذن من المدرسة لمباشرة عمله بصلاة الظهر فحسن، وإلا فعليه أن يوكل كفئاً يكون نظيره أو خيراً منه ليصلي الظهر بالناس.
ومن شرط ذلك أيضاً أن يخبر الجهات المسئولة، ويستأذن مدير الأوقاف في بلده، وأن يرضى أهل المسجد بهذا النائب الذي يقيمه مقامه، وفي هذا المعنى يقول العلامة العثيمين رحمه الله: فلا يحل للإمام أن يتخلف فرضاً واحداً إلا بما جرت به العادة، كفرض أو فرضين في الأسبوع، أو إذا كان موظفاً ولا بد أن يغيب في صلاة الظهر فيخبر مدير الأوقاف ويرضى بذلك الجماعة، فلا بأس.
يعني لا بد من ثلاثة أمور, إذا كان يتخلف تخلفاً معتاداً كصلاة الظهر للموظف لا بد أن يستأذن من مدير الأوقاف، ولا بد أن يستأذن من أهل الحي - الجماعة -. ولا بد أن يقيم من تكون به الكفاية سواء المؤذن, أو غير المؤذن, لأنه ربما يتقدم من ليس أهلاً للإمامة فهذا إضاعة للأمانة. انتهى.
وأما ما مضى من الصلوات فعلى هذا الإمام أن يستغفر الله، وعليه أن يخبر المسؤلين بما وقع منه كتخلف وغياب فإن أحلوه وسامحوه فالمال حق له، وإن لم يحلوه دفع إليهم مقدار هذا المال يضعونه في مصالح الجهة التي يعمل بها، فإن تعذر إعلام الجهة المسؤلة تصدق به على المستحقين من الفقراء، وبرئت ذمته بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1430(11/10078)
حكم الصلاة خلف من يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قال إن الرسول صلى الله عليه وسلم حي، وهل تجوز الصلاة وراءه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقائل ذلك إن كان يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة برزخية أعظم وأكمل من حياة الشهداء الذين قال الله فيهم: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ {آل عمران:169} ، فهذا القول حق ولا بأس بالصلاة وراء قائله، وقد قال الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد عبد الوهاب كما في الدرر السنية: والذي نعتقده أن رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعلى مراتب المخلوقين على الإطلاق، وأنه حي في قبره حياة برزخية أبلغ من حياة الشهداء المنصوص عليها في التنزيل، إذ هو أفضل منهم. انتهى.
وإن كان يعني بذلك ما يقوله بعض المبتدعة من أنه لم يمت وأنه حي كحياة الدنيا، يسمع ويرى ويغيث، فهذا قول مخالف للشرع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم مات، وقد قال الله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ {الزمر:30}
وقال أبو بكر رضي الله عنه: ألا من كان يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا قد مات.رواه البخاري.
وهذا القول بدعة، والصلاة وراء قائله صحيحة، ولكن ينبغي أن ينصح، ويبين له وجه الحق في تلك المقولة، فإن تاب فبها، وإلا فينبغي استبداله بمن هو أولى منه، وانظر الفتوى رقم: 110927، حول حكم الصلاة خلف أهل البدع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(11/10079)
موقف المأمومين من الإمام الذي يجمع الصلوات بغير عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الخروج من المسجد إذا جمع الإمام بغير عذر شرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجمع بين الصلاتين بغير عذر منكر عظيم، بل هو من الكبائر، كما روي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، وانظر لذلك الفتوى رقم: 115937.
وعلى هذا، فالواجب نصيحة الإمام الذي يجمع بغير عذر، وأن يبين له كلام أهل العلم في أن ما يفعله مخالفة واضحة لنصوص الشرع، وقد قال تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} ، ولا يجوز لأحد من المأمومين متابعته في هذا الجمع، بل إذا لم ينتصح هذا الإمام وأصر على ما يفعله فإن المأمومين يصلون معه الصلاة الأولى، ثم يخرجون من المسجد، ولا ينبغي لهم أن يبقوا فيه إنكاراً للمنكر، وإن أمكنهم استبدال هذا الإمام بغيره فينبغي لهم ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(11/10080)
متى يعتبر المرء مدركا تكبيرة الإحرام مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[بدأت ولله الحمد بالمحافظة على تكبيرة الإحرام خلف الإمام لأتم الأربعين وتكتب لي البراءتان، لكن عندي عدة مواقف لا أدري هل تدرك بها التكبيرة المشار إليها في الحديث أم لا:
1. دخلت المسجد ولم أصل الصف بعد، فكبر الإمام.
2. كنت أصلى تحية المسجد فظننت أني سأنهي قبل أن يكبر الإمام لكني أخطأت وفاتتني التكبيرة.
3. كنت في الصف وكبر الإمام ثم تذكرت قبل أن أكبر أني غير متوضئ.
4. كبر الإمام وأثناء تكبيري تذكرت أني غير متوضئ.
5. كبر الإمام وكبرت، وفي أثناء الصلاة تذكرت أني غير متوضئ.
6. صليت مع الإمام مدركا تكبيرة الإحرام وبعد فراغ الصلاة تذكرت أني لم أكن على وضوء.
وسؤال آخر، هل يجوز لي ارتكاب المنهيات التالية في حال الضرورة لأدرك فضل المحافظة على تكبيرة الإحرام مدة أربعين يوما:
1. أن أسرع إلى المسجد إذا سمعت الإقامة.
2. أن أصلي وأنا أدافع الأخبثين إذا تيقنت أني سأضيع تكبيرة الإحرام في حال ذهبت للحمام وتوضأت.
3. إن فرضت أنه لإدراك تكبيرة الإحرام علي أن أكبر قبل أن يشرع الإمام بقراءة الفاتحة، هل يجوز أن أكبر قبل وصولي الصف ثم أمشي حتى أصله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الفقهاء تعددت أقوالهم في الضابط الذي تدرك به تكبيرة الإحرام، فقيل تدرك بالاشتغال بالتحريم عقب إحرام إمامه مع حضوره تكبيرة إحرامه، فإن لم يحضره أو تراخى عنه فاتته. وقيل تحصل بإدراك بعض القيام لأنه محل التحرم. وقيل بإدراك أول ركوع أي بالركوع الأول كما في تحفة المحتاج للرملي الشافعي. وذهب بعض العلماء إلى أنها تدرك بالتكبير قبل أن يشرع الإمام في الفاتحة.
قال الشنقيطي في شرح الزاد: وأما الضابط في إدراك تكبيرة الإحرام فالصحيح أن الضابط هو أن يدركها قبل أن يبدأ بقراءة الفاتحة فإذا كبر الإمام وأدركت التكبيرة قبل أن يبدأ الإمام بقراءة الفاتحة فأنت مدرك لفضل هذه التكبيرة، فإذا كانت الصلاة سرية كصلاة الظهر والعصر فإنهم قالوا يقدر الزمان فإن قدر زمنا يقرأ فيه الإمام بدعاء الاستفتاح فإنه حينئذ إذا وقع تكبيرة في ذلك الزمان أدرك وإلا فلا. انتهى.
وعلى هذا فما أدرك فيه الأخ السائل التكبير مع الإمام قبل أن يشرع في القراءة فقد أدرك تلك الفضيلة، وإلا فقد فاتته. والحالات التي تذكر أنه على غير وضوء قد فاتته فيها فضيلة إدراك تكبيرة الإحرام، وليحرص على إدراكها مستقبلا والله تعالى قال: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}
ولا ينبغي أن تصلي حاقنا أو تسرع في المشي لأجل إدراك تكبيرة الإحرام.
قال في تحفة المحتاج: ولو خاف فوت التكبيرة لو لم يسرع لم يسن له الإسراع، بل يمشي بسكينة كما لو أمن فوتها لخبر: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون، وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا. انتهى.
وانظر في الفتوى رقم: 117817، وأما التكبير دون الصف لأجل إدراك فضيلة التكبير مع الإمام فإننا لم نجد فيه كلاما للفقهاء إلا ما ذكروه من أن من خشي فوات ركعة إن هو مشى إلى الصف فإنه يكبر ثم يدب راكعا إلى الصف كما هو قول المالكية، ومفهوم هذا أنه لا يكبر دون الصف إذا لم يخش فوات الركعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(11/10081)
جواب شبهة حول إمامة المتنفل للمفترض
[السُّؤَالُ]
ـ[إمامة المتنفل بالمفترض، أنتم تستشهدون بحادثة جابر، وجابر كان ينوي الفرض عندما يصلي بالمسلمين فلا تعتبر له فرضا؛ لأنه صلى الفرض مع الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنما نافلة، فهو نوى فرضا وليس نافلة.
والله اعلم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولا على أن الذي كان يصلي بأصحابه بعد ما يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم هو معاذ لا جابر رضي الله عنهما.
ونحب أن نبين لك أيضا أننا لسنا الذين نستدل بهذه القصة على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل، وإنما استدل بها جهابذة من العلماء المحققين الذين ذهبوا هذا المذهب كشيخ الإسلام وغيره، وقد أجبنا عن هذه الشبهة، وذكرنا أقوال العلماء في الفتوى رقم: 49342، وانظر الفتوى رقم: 70656.
وأما قولك إنه كان يصلي فرضا فغلط، فقد صح نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يصلي الرجل الصلاة في يوم مرتين. أخرجه أبو داود. وأمر صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة خلف الأمراء الذين يؤخرونها عن وقتها وقال: فإنها لك نافلة. ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: كيف أنت إذا كان عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت: فماذا تأمرني؟ قال: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة. فدل بوضوح على أن صلاة معاذ بأصحابه كانت نافلة. وعلى كل، فالمسألة من مسائل الاجتهاد، والخلاف فيها سائغ، فإن لم يظهر لك رجحان ما اخترناه، فالأمر يسير إن شاء الله، ولا عليك إذا اتبعت ما تراه راجحا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(11/10082)
ضوابط كراهة الصلاة خلف إمام ما
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ لا أدري هل نحن محقون في كراهة الصلاة خلف إمامنا أو لا وهل لنا المطالبة بتغييره؟
وهذه أوصاف الإمام باختصار، أرجو منكم رجاء خاص أن تجيبوني بالحكم أو تنقلوا لي فتوى بالنص عن أحد العلماء في وضع إمامنا بالخصوص.
الإمام لا يحفظ إلا جزأين تقريبا، ويكرر علينا في الفجر وغيرها السور كل أسبوع تقريبا.
وأما تجويده فلا يطبق أحكام التجويدـ النون والميم الساكنة والمدودـ وغيرها وإنما يقرأ قراءة سريعة لا تخشع فيها.
كما أنه لا يحسن أن يصلي بنا في التراويح ونبحث عن إمام كل سنة فإن لم نجد صلى وقرأ قراءة تكثر فيها الأخطاء في التجويد والحركات وأحيانا تغيير الكلمات.
كما أنه لا دور له في المسجد غير الصلاة، فلا توجيه ولا تودد للجماعة غير (السلام عليكم) فلا تعاون مع الجماعة على التوجيه ولا النظر في حلقات المسجد ولا.....
وقد كره الكثير الصلاة خلفه بعد المناصحة والمحاولات في تحسين وضعه والقرب منه.
فهل هذه كراهة بحق؟ وهل من فتوى ننقلها إليه اطلعتم عليها، علما أن الراغبين في إمام غيره أكثر من عشرين رجلا منهم الأساتذه في الجامعة والمعلمون والقائم على المسجد والمؤذن.....
زادكم الله توفيقا..... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان واقع الحال ما ذكر عن الإمام من أنه يلحن في قراءته ويبدل الكلمات والحركات ويسرع في القراءة وغير ذلك فلا شك أنكم محقون في كراهة إمامته لكم لأن هذه الكراهة منكم لسبب شرعي وليست عن هوى، فقد يترتب على صلاته بكم بطلان الصلاة إذا لحن في الفاتحة لحنا يحيل المعنى، ومن المعلوم أن الإمامة شأنها عظيم، وينبغي أن يتولاها من هو أهل لها، وليست هي وظيفة لتحصيل الراتب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. . رواه مسلم، وفي لفظ له: وأحقهم بالإمامة أقرؤهم..
وقد نص الفقهاء على أنه يكره للإمام أن يؤم قوما وهم له كارهون بحق. أي محقون في كراهتهم لإمامته، بل جاء وعيد شديد في ذلك، فقد روى الترمذي بسند حسنه الألباني من حديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم. وذكر منهم: وإمام قوم وهم له كارهون..
وروى الترمذي أيضا بسند صححه الألباني عن عمرو بن الحارث بن المصطلق وهو صحابي وأخو جويرية أم المؤمنين رضي الله عنهما قال: كان يقال: أشد الناس عذابا يوم القيامة اثنان: امرأة عصت زوجها، وإمام قوم وهم له كارهون.. .
فينبغي الحذر من ذلك، والذي ننصحكم به هو أن ترفعوا الأمر إلى الجهة المسؤولة عن أمر المساجد وتبينوا لها حال الإمام حتى يتم استبداله بغيره ممن تتوفر فيه شروط الإمامة، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 26508.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(11/10083)
الائتمام بمن يلحن لحنا جليا في السورة بعد الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام يقرأ "كان" في الآية "إن الله كان غفوراً رحيماً" "كانا" فهل هذا من اللحن المحرم؟ وما حكم الصلاة خلفه؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن هذا اللحن قبيح جداً، وأن تعمده محرم، بل إن من تعمد مثل هذا اللحن يخرج من الملة والعياذ بالله، إن كان يقصد إيهام الشريك لله عز وجل.. ونحن لا نشك في أن هذا الإمام جاهل يحتاج إلى تعليم وأنه غير متعمد لذلك.
فعليكم أن تناصحوه برفق ولين، وأما الصلاة خلفه فصحيحة لأن اللحن الجلي الذي تبطل به الصلاة هو ما كان في الفاتحة؛ لأن قراءتها ركن في كل ركعة من ركعات الصلاة، كما هو مذهب الجمهور. وأما السورة بعد الفاتحة فقراءتها سنة لا تبطل الصلاة بتركها، فبالخطأ فيها أولى ألا تبطل، وقد فصلنا القول في حكم هذه المسألة وذكرنا أقوال أهل العلم فيها، فانظر ذلك في الفتوى رقم: 23898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1430(11/10084)
حكم صلاة الرجل بأجنبية على مذهب السادة المالكية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلّيَ بزوجة أخي فقط؟ يطلب السائل إجابة على مذهب السادة المالكيّة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما صلاة الرجل بالأجنبية فمكروه عند المالكية فقد قال الحطاب في شرح خليل: قال الشبيبي في شرح الرسالة في مراتب المأموم مع الإمام: الثالثة أن يكون معه امرأة أو نساء فيقفن وراءه إلا أنه يكره له إن كان أجنبيا من النسوة أن يؤمهن للخلوة بهن، وهو مع الواحدة أشد كراهة، وقال ابن نافع عن مالك لا بأس أن يؤم الرجل النساء لا رجال معهن إذا كان صالحا. انتهى.
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 35079، 38171، 97147، 116673، 10001.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(11/10085)
حكم الائتمام بمن يخطئ في قراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[في مسجدنا أحيانا يغيب الإمام فيؤم رجل في السبعين تقريبا ولديه أخطاء في قراءة القرآن كأن يقول في الفاتحة الرحمن الرحيم بالضم ما حكم صلاته، وما حكم صلاة من خلفه وهم لا يردونه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان من بين المصلين من هو أفضل قراءة من هذا الرجل المسن فهو الأحق بالإمامة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. رواه مسلم.
أما إن كنتم في القراءة سواء فهو أحق بالإمامة لكبر سنه، وأما بالنسبة لحكم الصلاة خلفه مع كونه يخطئ في القراءة.. فإن كان الخطأ في الفاتحة وكان يغير المعنى فلا تصح الصلاة خلفه، وأما إن كان لا يغير المعنى مثل ضم النون من الرحمن فتصح الصلاة خلفه.
قال النووي: إذا لحن في القراءة كرهت إمامته مطلقاً، فإن كان لحناً لا يغير المعنى كرفع الهاء من (الحمد لله) كانت كراهة تنزيه، وصحت صلاته وصلاة من اقتدى به، وإن كان لحناً يغير المعنى كضم التاء من (أنعمت) أو كسرها، أو يبطله بأن يقول (الصراط المستقين) فإن كان لسانه يطاوعه وأمكنه التعلم فهو مرتكب للحرام ويلزمه المبادرة بالتعلم، فإن قصر وضاق الوقت لزمه أن يصلي ويقضي ولا يصح الاقتداء به. انتهى..
وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69854، 102660، 6359.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1430(11/10086)
حكم إصدار المأموم ضجيجا حال دعاء القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنه هذه الأيام ولله الحمد نقنت في صلاة الصبح لكن عندما يكون الإمام يدعو فان شخصا يؤمن ويهلل بعد الإمام بصوت مرتفع، الشيء الذي يذهب عنا الخشوع فما هو العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم القنوت في الصبح في الفتوى رقم: 22151، فإذا كنتم تريدون مشروعية القنوت في الصبح أو كنتم تقنتون في الصبح لأجل النازلة التي حلت ببعض بلاد المسلمين -نسأل الله أن يرفع الكرب عن المكروبين- فاعلم أن الأصل أن يكون الدعاء بضراعة وخشوع وابتهال ومسكنة من غير إحداث الصخب والضجيج الذي يحدث في بعض المساجد بسبب الجهل وهو مخالفة صريحة لما أمر الله به في قوله: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {لأعراف:55} .
ثم إن الزيادة على التأمين لا تشرع في حق المأموم، فالذي ينبغي هو الاقتصار على ما ورد، وما يفعله هذا الرجل من الخطأ الواضح فينبغي لكم أن تناصحوه وتبينوا له كلام أهل العلم وتذكروا له في رفق ولين ما ينبغي فعله، والمظنون به أنه سينتصح إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1430(11/10087)
صلاة الظهر خلف من يصلي العصر جمع تقديم
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة تأخر المصلي عن صلاة الجماعة، هل يجوز له صلاة الظهر منفردا بالرغم من وجود جماعة تقوم بأداء صلاة العصر جمع تقديم، علما بأنه يتم جمع صلاة العصر بالمسجد مع صلاة الظهر بصفة شبه يومية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذي يفعله أهل هذا المسجد من مداومة الجمع بين الظهر والعصر إذا كان لغير مسوغ شرعي فهو جمع تقديم منكر ظاهر ومخالفة واضحة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته القولية والفعلية، وقد قال الله عز وجل: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} ، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه مواقيت الصلاة وقال: صلوا كما رأيتموني أصلى. رواه البخاري.
واتفق العلماء على أن مداومة الجمع بين الصلاتين من غير حاجة تسوغ الجمع لا تجوز، بل روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: الجمع بين الصلاتين لغير عذر من الكبائر.
إذا علمت هذا، وعلمت أن ما يفعله أهل هذا المسجد من صلاة العصر بعد الظهر جمع تقديم غير جائز فلا يجوز لك أن تأتم بهم، ولو كنت تصلى الظهر، بل عليك أن تصلي منفردا لأن صلاتهم غير مجزئة عن العصر فلا يصح متابعتهم فيها. وانظر الفتوى رقم: 7696،
وعليك مناصحتهم وأن تبين لهم وجوب مراعاة أوقات الصلوات، وأن تحذرهم من عاقبة صنيعهم وتذكر لهم كلام أهل العلم في عدم جواز الجمع بغير عذر. ونسأل الله أن يوفقهم للرجوع إلى الحق.
وأما مسألة مخالفة نية المأموم للإمام وإتمام من يصل الظهر بمن يصلي العصر فمسألة أخرى صورتها إذا ما فاتته الظهر وأدركهم وهم يصلون العصر أو إذا كانوا يجمعون العصر مع الظهر جمعا مأذونا فيه فتابعهم في العصر بنية الظهر فالراجح عندنا هو جواز هذا. وانظر الفتوى رقم: 10188.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(11/10088)
الصلاة خلف من لا يحسن القراءة ويجهر بالاستغفار عقب الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة وراء إمام لا يجيد قراءة القرآن بشكل صحيح وعندما أصلي خلفه أشعر طول وقت الصلاة بالغضب منه لأنه أخذ إمامة المسجد وراثة من أبيه عن جده وأنه قبل أن يمرض أبوه لم يكن يصلي معنا في المسجد وعلما أنه من أصحاب البدع مثل الاستغفار دبر كل صلاة بصوت مرتفع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن فصلنا القول في عدة فتاوى في حكم الصلاة خلف من لا يحسن القراءة بما يغني عن الإعادة هنا فانظر الفتوى رقم: 112175، والفتوى رقم: 111445، وكذا الفتوى رقم: 110373، حول حكم صلاة الجمعة والجماعات خلف الإمام المبتدع.
واعلم أخي السائل أن الجهر بالاستغفار والذكر عقب السلام من الصلاة لا يصح أن يقال إنه من البدع لأنه أمر دلت عليه السنة وقال به كثير من الفقهاء، فقد روى البخاري ومسلم وأبو داوود عن ابن عباس قال: إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته..
وقد بينا أقوال الفقهاء حول هذا الأمر في الفتوى رقم: 7444، فلا يصح أن يقال إن هذا الأمر بدعة ما دامت الأدلة تحتمله، وإنما البدعة أن يفعل ذلك بصوت جماعي لأن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1430(11/10089)
ينبغي للإمام مراعاة حال الناس في تحديد وقت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء التحدث عن حقوق الإمام، فهل من حق إمام مسجد يوجد بدولة غير مسلمة الانفراد بتحديد وقت إقامة الصلاة، وهل هو بمثابة ولي أمر المسلمين الذي أمر الله سبحانه وتعالى بطاعته، مع العلم بأن المسجد له لجنة تديره، إذا كان الجواب بأنه ليس من حق الإمام فماذا تنصحون بالتعامل مع إمام يعتقد أنه كولي الأمر الذي يجب طاعته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليست إمامة المسلمين في الصلاة من باب الإمامة العظمى في شيء، لأنها إمامةٌ وولايةٌ خاصة في أمرٍ مخصوص، وليس لإمام المسجد الحق الذي جعله الشارع لولي الأمر من السمع والطاعة وغير ذلك مما بينه العلماء، فعلى هذا الإمام أن يتقيَ الله، وأن يترك ادعاء حق ليس له، بل عليه أن يرفق بالمسلمين ويتواضع لهم.
وينبغي للإمام أن يراعي بعد دخول الوقت حال الناس في تحديد وقت الصلاة، وأن يتجنب اتخاذ قرارات فردية تتناسب مع مصلحته هو دون مراعاة مصلحة المسلمين، وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجل العشاء أحياناً، وأحياناً يؤخرها، إن رآهم اجتمعوا عجل، وإن رآهم أبطؤوا أخر، وما دامت هناك لجنة تقومُ على شؤون المسجد وتنظيم أموره، فعليهم أن ينظروا في مصلحة المصلين، ولا بأس من أن يحددوا وقتاً معيناً بين الأذان والإقامة يتناسب مع مصلحة أكثر الناس، وذلك دفعاً للخلاف وسداً لأسباب الشقاق بين المصلين.
وعليهم أن يقوموا بمناصحة هذا الإمام في تغيير بعض السلوكيات التي تؤذي إخوانه من المصلين.. وما دمتم في بلدٍ أجنبي فعليكم أن تحرصوا على توحيد الكلمة وتأليف ذات البين فأنتم أحوج إلى هذا من غيركم، وإذا كان هذا الإمام أقرأكم للقرآن -كما هي السنة- فمن حقه عليكم أن تقدموه وتبجلوه وتتأدبوا معه لما فضل عليكم به من العلم وحفظ كتاب الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(11/10090)
الصلاة خلف إمام قاطع لرحمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة وراء إمام قاطع لصلة رحمه؟ وإن كان الجواز فهل تنصحون بأفضلية تغيير المسجد؟
بارك الله فيكم وفي علمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقطيعة الرحم كبيرةٌ من الكبائر ويكفي في هذا أن الله لعن فاعله، قال عز وجل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد 22- 23} ؛ وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن ربه عز وجل بأنه قال للرحم: من وصلك وصلته ومن قطعكِ قطعته.
فقاطع الرحم فاسق بلا شك، وحكم الصلاة خلفه هو حكم الصلاة خلف الفاسق، ومذهب عامة أهل العلم جوازها وصحتها، وقد صلى ابن عمر خلف الحجاج وناهيكَ به فسقا.
قال في بدائع الصنائع: وأما بيان من يصلح للإمامة في الجملة فهو كل عاقل مسلم، حتى تجوز إمامة العبد، والأعرابي، والأعمى، وولد الزنا والفاسق، وهذا قول العامة. انتهى.
ومع هذا فقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية اتفاق العلماء على كراهة الصلاة خلف الفاسق، وعليه فالأفضل أن تبحثوا عن غيره لتقدموه للإمامة إلا أن تناصحوه فيتوب ويرجع إلى الحق، فإن عجزتم عن تقديم غيره فالأولى الصلاة خلف غيره من العدول في مسجد آخر، وإن صليتم خلفه جاز مع الكراهة وصح كما تقدم.
وانظر الفتوى رقم: 33108..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(11/10091)
دور الإمام والمأموم والقيم على المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض مساجدنا تكثر المشاكل من بعض المأمومين ,إقفال للتكييف بدون إذن القيم أو فتح المراوح أو فتح النوافذ أو عدم انتظار الإمام الراتب , وتشويش مستمر عند انتظار وقت الصلاة.فما هي واجبات وحقوق كل من الإمام والمأموم والقيم؟ جزاكم الله خيرا..........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمساجد بيوت الله تعالى: قال الله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (الجن، 18) ، وتعظيمها من تعظيم الله عز وجل، وإنما بنيت لذكر الله عز وجل والصلاة فيجب تعظيمها وحفظ حرمتها وصونها عن اللغط والجدال والتشويش ونحو ذلك.
وعلى المسلم أن يتقي الله عز وجل في التزام الأدب مع بيوت الله، ومن ذلك عدم التعدي على ما هو من اختصاص الإمام أو المؤذن كموعد الإقامة والتصرف بأجزاء المسجد كأدوات التكييف ونحوها، فما رآه من ذلك غير صالح أو مناسب فليناقشه معهم، وعلى الإمام أن يراعي أحوال المأمومين فلا يشق عليهم بتأخير الصلاة أو إطالتها بما يخالف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من التخفيف لمن كان إماما.
وانظر الفتوى رقم: 40074 في أن الإمام الراتب أحق بالإمامة من غيره والفتوى رقم: 5699، عن الإمام وواجباته في مسجده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1429(11/10092)
اقتداء المسلم بمن يجهل هل يحسن قراءته أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دخلت مسجدا لم أصل ِ فيه من قبل لأصلي جماعة - سواء كانت الجماعة الأولى أو الجماعات اللاتي تتلوها- فكيف أتأكد من أن الإمام يعرف كيفية الصلاة ويقرأ القرآن بطريقة صحيحة - خاصة الفاتحة- (من إخراج الحروف من مخارجها الصحيحة - فالبعض يخطئ في ذلك- وغير ذلك) ؟ حيث إن الذي يقدم للصلاة قد لا يحسن القراءة وحتى في الجماعة الأولى قد يقدم شخص كهذا. فماذا أعمل؟ هل أصلي منفردا بعد أن يصلوا الجماعة الأولى في تلك المساجد التي لا أعلم حال إمامها أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل صحة صلاة المسلمين وعدم طروء ما يبطلها، وعليه فالذي ننصحك به أن تصلي خلف من وجدته يصلى عملا بهذا الأصل وسدا لباب الوسوسة، إلا إذا علمت أو غلب على ظنك أنه يخل بشرط من شروط الصلاة أو ركن من أركانها فحينئذ لا يجوز لك الاقتداء به، وصلاتك منفردا أولى بك إن لم تستطع الصلاة في جماعة أخرى.
أما عند عدم العلم أو غلبة الظن فالأصل صحة صلاة المسلم كما قدمنا، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 113456، 32931، 9642، 21577.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(11/10093)
التبكير للجمعة والعيد خاص بالمأمومين دون الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم دخلت في نقاش أنا وأحد أعمامي عن الحكمة في أنه من السنة أن يكون الإمام آخر الواصلين إلى المسجد سواء في صلاة العيد أو الجمعة..وأنه هناك تعارض بين ذلك وبين سنة التبكير إلى المساجد أرجو التوضيح بالتفصيل ... وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم 28950، أن المستحبَ للإمام ألا يبكر للجمعة، قال ابن القيم رحمه الله في الهدي: وكان صلى الله عليه وسلم يمهل يوم الجمعة حتى يجتمع الناس، فإذا اجتمعوا خرج إليهم، فإذا دخل المسجد سلم عليهم، فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه وسلم عليهم. انتهى
والعيد مثل الجمعة، فالمستحبُ للإمام أن يأتيَ حين الصلاة، قال في دقائق أولي النهى:
ويسن تأخر إمام إلى دخول وقت الصلاة لحديث أبي سعيد مرفوعا كان يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة. رواه مسلم ولأن الإمام ينتظر ولا ينتظر. انتهى، ونص عليه الشيرازي في المهذب.
ولا تعارض بين هذا وبين النصوص الدالة على استحباب التبكير للجمعة والعيد، لأن هذه النصوص عامة وهذا الحكم خاص، والمقررُ في علم الأصول أن العام يُبنى على الخاص مطلقا. ومعناه أن يُقال السنة التبكيرُ للجمعةِ والعيد لكلِ أحد إلا الإمام، وبهذا يُجمعُ بين النصوص كما هو واضح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1429(11/10094)
إمامة من له مخرج صناعي.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز إمامة من أبدله الأطباء مخرجا اصطناعيا للفضلات مع العلم وأن كثيرا من المأمومين يؤكدون أنهم كلما صلوا وراءه وكانوا قريبين منه يشمون رائحة كريهة تخرج من الإمام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجوابُ على هذه المسألة ينبني على معرفة حكم المخرج الصناعي، وهل هو كالمخرج الطبيعي في انتقاض الوضوء بخروج الفضلات منه، والذي رجحه العلامة العثيمين رحمه الله أن هذا المخرج إن كان فوق المعدة فحكم الفضلات الخارجة منه حكم القيء، وإن كان تحت المعدة فحكمه حكم البول والغائط، وهذا تفصيلٌ حسن، وعليه، فإن هذا المخرج الصناعي إن كان فوق المعدة وقلنا الخارجُ منه قيء فليس صاحب هذا المخرج في معنى صاحب الحدث الدائم، لأن خروجَ القيءِ لا ينقضُ الوضوء على الراجح من قولي العلماء، ومن ثمَّ فإمامته والصلاة خلفه صحيحة.
وأما إذا كان هذا المخرجُ أسفل المعدة، أو كان فوقها وقلنا هو في معنى ما إذا كان في أسفلها أو قلنا بانتقاض الوضوء بالقيء فصاحبُ هذا المخرج في معنى المصاب بالسلس ونحوه لأنه لا يستطيع التحكم في إخراجِ هذه الفضلات بل هي تخرجُ بطريقةٍ لا إرادية، فلا يتوضأ إلا بعد دخول الوقت، ويصلي بهذا الوضوء الفرض وما شاء من النوافل، ولا تصحُ صلاته إلا بمن هو مثله عند بعض أهل العلم، ومنهم من صحح ذلك، ومنهم من رأى صحة إمامته مع الكراهة لغيره، والقول بأن من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره هو الأقوى في الدليل، وانظر الفتوى رقم: 26875، لكن الأحوط أن يقدم غيره خروجاً من الخلاف.
هذا بخصوص إمامة من له مخرجٌ صناعي.
وأما بشأن الرائحة الكريهة التي يشمها منه بعضُ المصلين، فقد بينا حكم دخول صاحب الرائحة الكريهة المسجد في الفتوى رقم: 94365.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: إذا كان فيه بَخَرٌ: أي: رائحةٌ منتنةٌ في الفَمِ، أو في الأنفِ أو غيرهما تؤذي المصلِّين، فإنَّه لا يحضرُ دفعاً لأذيَّتِه. انتهى من "الشرح الممتع "
قال في "كشاف القناع": ويسن أن يصان كل مسجد عن كل وسخ وقذر وقذاةِ عيْنٍ ومخاط وتقليم أظفار وقص شارب وحلق رأس ونتف إبط ; لأن المساجد لم تبن لذلك. ويسن أيضا أن يصان عن رائحة كريهة من بصل وثوم وكراث ونحوهم كفجل، وإن لم يكن فيه أحد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس. رواه ابن ماجه، وقال: (من أكل من هاتين الشجرتين فلا يقربن مصلانا) . وفي رواية: (فلا يقربن مساجدنا) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
فإن دخل المسجدَ آكلُ ذلك أي: ما له رائحة كريهة من ثوم وبصل ونحوهما قويَ استحباب إخراجه إزالة للأذى.
وعلى قياسه: إخراج الريح من دبره في المسجد؛ لأن فيه إيذاء بالرائحة، فيسنّ أن يصان المسجد من ذلك ويُخرج منه لأجله. انتهى بتصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1429(11/10095)
المسبوق هل يكبر للإحرام مرة أم مرتين
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الأستاذ الكريم وكل الساهرين للرقي بالأمة الإسلامية.. جزاكم الله عنا خيراً، وثقل الله موازين حسناتكم على هذا المجهود المعتبر الذي تعطرون به صحائفكم.. آمين..
إذا دخل الإنسان المسجد ليصلي سواء صلاة رباعية أو ثلاثية ولم يدرك الصلاة في وقتها فوجد الإمام واقفا في الركعة التي عليها يسجد فيتشهد ولم يعرف هل هذه الركعة هي الثانية أو الأخيرة، فدخل مباشرة في الصلاة فكبر تكبيرة الإحرام لمواكبة الركعة معهم فتشهد مثلهم لكن السؤال هو: هل يكبر مرة أخرى عند قيامه ليتم صلاته أم يكتفي بتكبيرة الإحرام الأولى، إ ذا دخل يصلي ووجد الإمام ساجداً هل يكتفي بتكبيرة الإحرام ويسجد معهم ثم يتم صلاته أم يكبر مرة أخرى لتتمة الصلاة، إذا دخل الإنسان ليصلي صلاة رباعية فأدرك الإمام واقفا في الركعة الأخيرة دخل معه في الصلاة بتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة فقط فتابع صلاته وحده.. فهل يكبر مرة أخرى أو يكتفي بتكبيرة الإحرام عندما يقوم للركعة الموالية، وهل يقرأ الفاتحة فقط ثم يتابع الصلاة أو الفاتحة والسورة، فأ رجوكم أفيدونا بالطريقة الصحيحة لترقيع الصلاة في جميع الحالات؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من أتى والإمام على حالٍ أن يتابعه في الصلاة وهو على تلك الحال، ولا يعتد بركعةٍ لا يدرك ركوعها فيكبر تكبيرة الإحرام ثم يمضي مع الإمام في صلاته، فإذا سلم الإمام قام فقضى ما عليه وكبر أثناء قيامه للانتقال ولا يعيد تكبيرة الإحرام لأنها صلاة واحدة فلا يحرم بها مرتين، دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا. متفق عليه.
فإذا دخل والإمام ساجد فالواجب عليه أن يكبر للإحرام قائماً، ثم يخر ساجداً بلا تكبير عند الجمهور، قال الشيرازي رحمه الله تعالى: وإن أدركه ساجداً كبر للإحرام ثم يسجد من غير تكبير، ومن أصحابنا من قال: يكبر كما يكبر للركوع، والمذهب الأول لأنه لم يدرك محل التكبير من السجود ويخالف ما إذا أدركه راكعاً فإن هذا موضع ركوعه، ألا ترى أنه يجزئه عن فرضه فصار كالمنفرد.
قال النووي معلقاً: قال أصحابنا: إذا أدركه ساجداً أو في التشهد كبر للإحرام قائماً ويجب أن يكمل حروف تكبيرة الإحرام قائماً كما سبق بيانه قريباً في صفة الصلاة فإذا كبر للإحرام لزمه أن ينتقل إلى الركن الذي فيه الإمام، وهل يكبر للانتقال؟ فيه الوجهان اللذان ذكرهما المصنف أصحهما باتفاق الأصحاب: لا يكبر، لما ذكره المصنف، ثم يكبر بعد ذلك إذا انتقل مع الإمام من السجود أو غيره موافقة للإمام وإن لم يكن محسوباً لهذا المسبوق.
وإذا أدرك الإمام في الركعة الأخيرة فهل يكبر تكبيرة الانتقال إذا قام لقضاء ما عليه أو لا؟ فيه ثلاثة أوجه للشافعية حكاها النووي في المجموع وعبارته: وإذا قام المسبوق بعد سلام الإمام إلى تدارك ما عليه فإن كان الجلوس الذي قام منه موضع جلوس هذا المسبوق بأن أدركه في ثالثة رباعية، أو ثانية المغرب قام مكبراً وإن لم يكن موضع جلوسه بأن أدركه في الأخيرة أو ثانية رباعية ففيه ثلاثة أوجه (الصحيح) المشهور المنصوص أنه يقوم بلا تكبيرة لأنه ليس موضع تكبير له وقد كبر في ارتفاعه عن السجود مع الإمام وهو الانتقال في حقه وليس هو الآن متابعاً للإمام فلا يكبر. والثاني: يكبر، لأنه انتقال. انتهى.
والذي نرى أن هذا الوجه الثاني أقوى لأن تكبير المأموم إنما كان للجلوس للتشهد متابعة للإمام فبقي عليه تكبير القيام إلى الركعة الثانية، ثم ذكر النووي الوجه الثالث وضعفه.
وإذا أدرك المأموم والإمام في الركعة الأخيرة من الثلاثية أو الرباعية فإنه إذا قام لقضاء ما عليه يشرع له قراءة السورة في أولى المقضيات التي هي ثانية المؤديات بلا خلاف، وأما ما عداها ففيه خلاف فأما من قال: إن ما يدركه المأموم مع إمامه هو آخر صلاته مستدلاً برواية وما فاتكم فاقضوا فلا إشكال عنده في أنه يقضي القراءة بعد السورة، وأما من قال: إن ما يدركه المأموم مع إمامه هو أول صلاته فيرى كثير منهم أن القراءة بعد الفاتحة تقضى وعللوا ذلك بأنه حتى لا تخلو صلاته من السورة، وحكى الإجماع عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، لكن ذكر غيره في المسألة خلافاً، ومال الحافظ إلى أن القراءة لا تقضى وقال إنه القياس، ونحن نذكر كلام الحافظ بطوله في بيان أدلة الفريقين وذكر أقوال العلماء في هذه المسألة لنفاسته.
قال رحمه الله: قوله (وما فاتكم فأتموا) أي أكملوا وقد اختلف في هذه اللفظة في حديث أبي قتادة فرواية الجمهور (فأتموا) ورواية معاوية بن هشام عن شيبان (فاقضوا) كذا ذكره ابن أبي شيبة عنه. ومثله روى أبو داود وكذلك وقع الخلاف في حديث أبي هريرة كما ذكر المصنف.
قال الحافظ: والحاصل أن أكثر الروايات ورد بلفظ (فأتموا) وأقلها بلفظ (فاقضوا) وإنما يظهر فائدة ذلك إذا جعلنا بين التمام والقضاء مغايرة، لكن إذا كان مخرج الحديث واحداً واختلف في لفظه منه وأمكن رد الاختلاف إلى معنى واحد كان أولى وهذا كذلك لأن القضاء وإن كان يطلق على الفائتة غالباً، لكنه يطلق على الأداء أيضاً ويرد بمعنى الفراغ، كقوله تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا. ويرد لمعان آخر فيحمل قوله هنا فاقضوا على معنى الأداء والفراغ فلا يغاير قوله (فأتموا) فلا حجة لمن تمسك برواية فاقضوا على أن ما أدركه مع الإمام هو آخر صلاته حتى يستحب له الجهر في الركعتين الآخرتين وقراءة السورة وترك القنوت بل هو أولها وإن كان آخر صلاة إمامه لأن الآخر لا يكون إلا عن شيء تقدمه.
وأوضح دليل على ذلك أنه يجب عليه أن يتشهد في آخر صلاته على كل حال فلو كان ما يدركه مع الإمام آخراً له لما احتاج إلى إعادة التشهد وقول ابن بطال أنه ما تشهد إلا لأجل السلام لأن السلام يحتاج إلى سبق تشهد ليس بالجواب الناهض على دفع الإيراد المذكور.. واستدل ابن المنذر لذلك أيضاً أنهم أجمعوا على أن تكبيرة الافتتاح لا تكون إلا في الركعة الأولى وقد عمل بمقتضى اللفظين الجمهور فإنهم قالوا إن ما أدرك مع الإمام هو أول صلاته إلا أنه يقضي مثل الذي فاته من قراءة السورة مع أم القرآن في الرباعية، لكن لم يستحبوا له إعادة الجهر في الركعتين الباقيتين وكان الحجة فيه قول علي عليه السلام: ما أدركت مع الإمام فهو أول صلاتك واقض ما سبقك به من القرآن. أخرجه البيهقي. وعن إسحاق والمزني أنه لا يقرأ إلا أم القرآن فقط قال الحافظ: وهو القياس. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1429(11/10096)
المأموم إذا تخلف عن الإمام بركنين ولم يتدارك ما فاته
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة العصر في المسجد وقع اختلاف، الإمام سها في الجلوس الأول وفيه بعض الصفوف جلسوا والبعض الآخر قاموا عندما كبر الإمام للركوع قام الآخرون للركوع وعندما وجدوا الإمام سجدوا هووا للسجود وتركوا الركوع فما حكم هذه الجماعة التي تركت الركوع وأتموا الصلاة مع الإمام وأتى بسجدتين في الأخر، فما حكم الجماعة التي لم تأت بالركعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأن المأموم إذا تخلف عن الإمام بركنين لعذر فإنه يأتي بما فاته ويتابع الإمام إن أمكنه، وإلا لغت تلك الركعة وقامت الأخرى مقامها، وهذه المسألة من هذا الباب فكان الواجب على هؤلاء المأمومين حين عرفوا أن الإمام سبقهم بركنين أن يأتوا بهما ثم يتابعوه، وإذ لم يفعلوا وسجدوا معه فقد ألغيت تلك الركعة وكان عليهم أن يأتوا بركعة بعد سلام الإمام.
جاء في الموسوعة الفقهية: وق ال الجمهور: المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إن تخلّف عن الإمام بركعةٍ فأكثر بعذرٍ من نومٍ أو غفلةٍ، تابع إمامه فيما بقي من صلاته، ويقضي ما سبقه الإمام به بعد سلام الإمام كالمسبوق، وإن تخلّف بركنين بغير عذرٍ بطلت صلاته عندهم. وكذلك لو تخلّف بركنٍ واحدٍ عمداً عند المالكيّة، وهو رواية عند الشّافعيّة، ولا تبطل في الأصحّ عندهم، وإن تخلّف بركنٍ أو ركنين لعذرٍ فإنّ المأموم يفعل ما سبقه به إمامه ويدركه إن أمكن، فإن أدركه فلا شيء عليه، وإلاّ تبطل هذه الرّكعة فيتداركها بعد سلام الإمام. انتهى.
وعلى هذا فالواجبُ على من انصرفَ من صلاته، ولم يأت بتلك الركعة حتى طال الفصل أو خرج من المسجد أن يعيد تلك الصلاة، لأن ذمته لم تزل مشغولة بها.
وانظر الفتوى رقم: 113697.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(11/10097)
صلاة المسبوق إذا نقص الإمام ركعة وانصرف
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الظهر دخلت والإمام في سجود الركعة الأولى وفي الركعة الثانية لم يجلس الإمام للتشهد وقيل له سبحان الله ولكنه لم يسمع وصلى الإمام 3 ركعات بتشهد واحد وسلم وانصرف قبل أن ينبهه أحد علما بأن الشخص الذي قال له سبحان الله دخل في نفس الوقت الذي دخلت فيه. وأنا أتممت ركعتين بعد أن سلم الإمام فما حكم صلاتي وحكم صلاة الإمام والمأمومين الذين أدركوا معه تكبيرة الإحرام أو الركعة الأولى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن هذا الإمام صلى الظهرَ ثلاثاً وعليه فقد بقيت عليه ركعة لم يأتِ بها، وإذا طالَ الفصلُ بعد انصرافه من الصلاة، فالواجبُ عليه وعلى كل من سلم معه من ثلاث إعادةُ تلك الصلاة.
قال ابن قدامة في المغني في شرح مسألة من سلمَ قبل تمام صلاته: فصل: فإن طال الفصل , أو انتقض وضوؤه استأنف الصلاة. وكذلك قال الشافعي إن ذكرقريبا مثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين , ونحوه قال مالك. انتهى.
وأما من كان مسبوقاً ثم أتم صلاته بعد انصراف الإمام وسلم من أربع ركعات، فالذي يظهر صحة صلاته، لأن بطلان صلاة الإمام لا يؤثرُ في بطلان صلاة المأمومين، ولما طُعنَ معاوية رضي الله عنه صلى الناس خلفه وحدانا، وهم قد فعلوا ما اُمروا به كما أُمروا ولا يمكنهم إبطال الصلاة لقوله تعالى: ولا تُبطلوا أعمالكم {محمد: 33} .
وقد قال تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم {التغابن:16} .
فإذا فعل هذا المسبوقُ ما يقدرُ عليه فأتم صلاته فقد اتقَى الله ما استطاع وصلاته صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(11/10098)
متابعة الإمام من المصحف في صلاة التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم إمساك المصحف والقراءة منه خلف الإمام عند أداء صلاة التراويح، وهل ينقص ذلك من الأجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجوز متابعة الإمام من المصحف عند أداء التراويح أو غيرها، ولم يدل دليل على كراهة ذلك أو النهي عنه، وقد أطلق أبو يوسف ومحمد الجواز مع الكراهة، وكذا الشافعي بلا كراهة كما في بدائع الصنائع، وسواء في ذلك الإمام أو المأموم، وقال الإمام العيني: وكان أنس يصلي وغلام خلفه يمسك له المصحف وإذا تعايا في آية فتح له المصحف وأجازه مالك في قيام رمضان. ثم نقل الجواز عن الشافعي وأحمد، والمنع عن أبي حنيفة لأنه عمل كثير، والذي نختاره الجواز لعدم الدليل المانع منه، مع التحرز عن القراءة مع الإمام بحيث يشوش على من بجانبه أو على الإمام لورود النهي عن ذلك، بل يكتفي بالمتابعة بدون تحريك للسانه.
وأما ما ذهب إليه ابن حزم في المحلى من بطلان الصلاة بأخذ المصحف لأنه عمل في الصلاة فمردود بعمل ذكوان بين يدي عائشة الذي رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح وكان غلام أنس خلفه ولم ينكر ذلك عليه، وحمل المصحف ليس أكثر من حمل أمامة التي حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي صغيرة (بنت بنته) في الصلاة فكان إذا ركع وضعها وإذا رفع حملها وهو في البخاري ...
فالحاصل الذي نفتي به الجواز مع أن تجنبه أفضل خروجاً من الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1429(11/10099)
تخلف المأموم عن الإمام بركن فأكثر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا في صلاة العصر في جماعة مع الإمام، الإمام سها في الركعة الثانية قام ولم يجلس بعض الجماعة لم يقوموا معه عندما ركع الإمام قاموا وعندما سجد الإمام تيقنوا وهو مباشرة إلى السجود وتركوا الركوع وعندما انتهى أتى بسجدتين بعد السلام، فما حكم الجماعة التي لم تأت بالركعة وقد خرجوا من المسجد فما هو الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب مالك رحمه الله وهو قول الجمهور أيضاً أن المأموم إذا تخلف عن الإمام بركنين لعذر فإنه يأتي بما فاته ويتابع الإمام إن أمكنه، وإلا ألغيت تلك الركعة وقامت الأخرى مقامها، وهذه المسألة من هذا الباب، فكان الواجب على هؤلاء المأمومين حين عرفوا أن الإمام سبقهم بركنين أن يأتوا بهما ثم يتابعوه، وإذ لم يفعلوا وسجدوا معه فقد ألغيت تلك الركعة وكان عليهم أن يأتوا بركعة بعد سلام الإمام.
جاء في الموسوعة الفقهية: وقال الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) إن تخلف عن الإمام بركعة فأكثر بعذر، من نوم أو غفلة تابع إمامه فيما بقي من صلاته، ويقضي ما سبقه الإمام به بعد سلام الإمام كالمسبوق وإن تخلف بركنين بغير عذر بطلت صلاته عندهم، وكذلك لو تخلف بركن واحد عمداً عند المالكية، وهو رواية عند الشافعية ولا تبطل في الأصح عندهم.. وإن تخلف بركن أو ركنين لعذر فإن المأموم يفعل ما سبقه به إمامه ويدركه إن أمكن، فإن أدركه فلا شيء عليه وإلا تبطل هذه الركعة فيتداركها بعد سلام الإمام. انتهى.
وعلى هذا فالواجب على من انصرف من صلاته ولم يأت بتلك الركعة حتى طال الفصل أو خرج من المسجد أن يعيد تلك الصلاة، لأن ذمته لم تزل مشغولة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(11/10100)
حكم الصلاة خلف إمام يبدل حرفا بغيره من الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعثت إليكم بسؤال بأنني لا أستطيع الصلاة فى المساجد لأن معظم الأئمة ينطقون فى الفاتحة كلمة، "المستقيم"، "المصطقم" وأحلتمونى إلى سؤال يقول صاحبه إن أقرب مسجد له يبعد حوالي 350 متر وهم يلحنون، لحنا جليا، وأجبتموه أن يصلي في البيت وله الثواب غير أن حالي مختلف فأنا أقول إن معظم المساجد والأئمة يلحنون هذا اللحن الجلي في مصر وخارج مصر، وسؤالي: هل يجوز لي الصلاة في المساجد مرة أخرى بسبب عموم البلوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب جمهور العلماء أن الفاتحة ركن في كل ركعة من ركعات الصلاة، لا تصح الصلاة بدونها، فمن أخل بها بها أو بشيء منها لم تصح صلاته، بل نصوا على أن في الفاتحة إحدى عشرة شدة سوى ثلاث في البسملة إن قلنا هي آية منها، فمن ترك تشديدة منها لم تصح صلاته، ومن لحن فيها لحناً يحيل المعنى، كأن ضم التاء من أنعمت فقد بطلت صلاته، وكذا من أبدل حرفاً بحرف مع القدرة على النطق بالحرف الصحيح، كأن أبدل السين صاداً، أو الدال تاء، أو الذال زاياً، فصلاته كذلك باطلة لأنه لم يقرأ الفاتحة.
ولكن سهل بعض أهل العلم في الحروف المتقاربة المخرج كالضاد والظاء، ويرى شيخ الإسلام أن من أبدل الضاد ظاء فصلاته صحيحة لقرب المخرج ومشقة الاحتراز، قال رحمه الله: والوجه الثاني: تصح وهذا أقرب لأن الحرفين في السمع شيء واحد، وحس أحدهما من جنس حس الآخر لتشابه المخرجين، والقارئ إنما يقصد الضلال المخالف للهدى وهو الذي يفهمه المستمع، فأما المعنى المأخوذ من ظل فلا يخطر ببال أحد وهذا بخلاف الحرفين المختلفين صوتاً ومخرجاً وسمعا. انتهى.
ولكن أكثر العلماء على خلاف ذلك قال النووي رحمه الله في شرح المهذب: تجب قراءة الفاتحة في الصلاة بجميع حروفها وتشديداتها، وهن أربع عشرة تشديدة في البسملة منهن ثلاث فلو أسقط حرفاً منها أو خفف مشدداً أو أبدل حرفاً بحرف مع صحة لسانه لم تصح قراءته ولو أبدل الضاد بالظاء ففي صحة قراءته وصلاته وجهان للشيخ أبي محمد الجويني قال إمام الحرمين والغزالي في البسيط والرافعي وغيرهم (أصحهما) لا تصح وبه قطع القاضي أبو الطيب قال الشيخ أبو حامد كما لو أبدل غيره (والثاني) تصح لعسر إدراك مخرجهما على العوام وشبههم.
وعلى قياس ذلك ما عمت به البلوى من إبدال الذال زاياً والتاء طاء، فقد قال بعض متأخري الحنفية وبعض متأخري الشافعية بأن الصلاة مع هذا تصح لمشقة الاحتراز وعموم البلوى، ولأن الأمر إذا ضاق اتسع، ومنهم من فرق بين صلاة العوام فصححها مع هذا الإبدال وصلاة الفقهاء، فقال ببطلانها لإمكان التحرز في حقهم.
قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله. في المنح الفكرية شرح المقدمة الجزرية: وخلاصة المرام ما ذكره ابن الهمام من أن الفصل إن كان بلا مشقة كالطاء مع الصاد فقرأ الطالحات مكان الصالحات تفسد، وإن كان بمشقة كالظاء مع الضاد والصاد مع السين، والطاء مع التاء قيل تفسد، وأكثرهم لا تفسد، وذكر صاحب المنية أنه إذا قرأ الظاء مكان الضاد المعجمتين أو على القلب فتفسد صلاته وعليه أكثر الأئمة، وروي عن محمد بن سلمة لا تفسد لأن العجم لا يميزون بين هذه الأحرف، وكان القاضي الإمام الشهيد يقول الأحسن فيه أن يُقال إن جرى على لسانه ولم يكن مميزاً وكان في زعمه أنه أدى الكلمة على وجهها لا تفسد صلاته، وكذا روي عن محمد بن مقاتل وعن الشيخ الإمام إسماعيل الزاهد، قال الشارح وهذا معنى ما ذكر في فتاوى الحجة أنه يُفتي في حق الفقهاء بإعادة الصلاة، وفي حق العوام بالجواز، أقول هذا تفصيل حسن في هذا الباب والله أعلم بالصواب. انتهى كلامه رحمه الله بحروفه ... والجمهور يأبون هذا كما رأيته في كلام النووي السابق.
إذا علمت هذا فمن المقطوع به أنه لا يصح الاقتداء بمن لا تصح صلاته لنفسه، وعليه فمذهب الجمهور أن صلاة من يلحن لحناً جلياً في الفاتحة باطلة، وسهل بعض متأخري الشافعية والحنفية في الحروف متقاربة المخرج التي يعسر على العوام التمييز بينها، والذي نراه أنه لا ينبغي بحال أن يعرض المسلم صلاته للبطلان، وأن الصلاة منفرداً خير من الصلاة خلف إمام يلحن لحناً جلياً في الفاتحة، فإذا كان الإمام بحيث إذا علم لم يتعلم فصلاته صحيحة لنفسه ولمن كان مثله دون سواهم.
وأما إذا كان بحيث إذا علم تعلم، فعليك أن تناصحه وتبين له خطأه وعلى كل حال اترك الصلاة خلفه، واحرص على الصلاة خلف إمام يتقن القراءة ويخرج الحروف من مخارجها الصحيحة، ومع انتشار الخير وفشو العلم في الناس فقد كثر هؤلاء الأئمة ولله الحمد، والمساجد التي تقيم السنة ويحسن أئمتها القراءة كثيرة بحمد الله في مصر وغيرها، فلن يعسر عليك مع التحري أن تجد الإمام المتقن الذي تصلي خلفه، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها، فإن لم تجد فحكم المسألة هو ما علمت على الخلاف المشار إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(11/10101)
الاقتداء بإمام لا يعلم حال قراءته
[السُّؤَالُ]
ـ[في الشركة التي أعمل فيها يصلي بنا أعجمي أعرف أنه لا يتكلم العربية ولكني لا أعرف أنه لا يحسن قراءة القرآن ولكني أرجح ذلك. المشكلة هي أنه مدير المصنع فمن الصعب أن أطلب منه التنحي عن الإمامة. فهل أصلي وراءه أم أنتظر حتى يكمل وأعقد جماعة ثانية وبذلك يفوتني أجر الجماعة الأكثر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاقتداء بالإمام المذكور هو من باب الاقتداء بمجهول الحال بالنسبة للقراءة وقد نص السادة الشافعية على صحة الاقتداء به إذا لم يسر بالقراءة في الصلاة الجهرية.
ففي الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي الشافعي: وقولهم تصح القدوة بمجهول الحال بالنسبة للقراءة ما لم يسر في جهرية فلا يصح حينئذ اقتداؤه به، فإن اقتدى به أعاد اتفاقا كما في المجموع، إذ الظاهر لو كان قارئا لجهر مع أن الأصل أنه لا يحسنها فلا نظر لاحتمال نسيانه. انتهى.
وعليه، فإذا كان الإمام المذكور يصلي صلاة سرية فإمامته صحيحة وبالتالي فلا تلجأ إلى إنشاء جماعة ثانية جمعا لقلوب الناس وتفاديا لما قد يحدث مشاحنات وأحقاد، وراجع الفتوى رقم: 56786.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1429(11/10102)
المأموم إذا اقتصر على الفاتحة في الركعتين الأوليين
[السُّؤَالُ]
ـ[في الصلاة السرية جماعة الظهر والعصر إذا أدرك المصلي الصلاة في الركعة الأولى أو الثانية وظن قبل الصلاة أنها الركعة الثالثة أو الرابعة بسبب تأخره فقرأ الفاتحة فقط فماذا عليه أن يقرأ عندما يقوم الإمام إلى الركعة الثالثة علماً أنه قرأ الفاتحة في الركعتين الأولى والثانية، هل يقرأ الفاتحة وسورة أم يقرأ الفاتحة فقط وصلاته صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المأموم يسن له أن يقرأ السورة في الركعتين الأوليين عملا بحديث أبي داود: ثم اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت، فإن لم يقرأ شيئا بعد الفاتحة نظرا لركوع الإمام أو لسبب آخر فإنه لا يلزمه شيء لما في الحديث: الأمام ضامن. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وأما في الركعتين الأخيرتين فإن أتم الفاتحة ولم يركع الإمام فإن له أن يقرأ ما تيسر بعد إكمال الفاتحة ولا ينبغي أن يبقى فارغا، ويدل لمشروعية القراءة بعد الفاتحة في الركعتين الأخيرتين ما في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية.
وأما إذا ركع الإمام بسرعة فإنه ليس عليه قراءة بعد الفاتحة بل يركع مع الإمام، وبهذا يعلم أن الصلاة المذكورة صحيحة ولا شيء على المأموم في الحال المسؤول عنها سواء اقتصر على الفاتحة أو زاد شيئا بعدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1429(11/10103)
حكم تنبيه المأمومين إذا لم يسجدوا للتلاوة مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الأصح للمرأة بالنسبة لصلاة التراويح هل هو المنزل أم المسجد، البارحة صلينا في المسجد صلاة التراويح وكان لدينا سجود لكن لم يقله لنا الإمام وعندما وصل وقت السجود الكل ركع إلا أنا وصفي الذي كنت فيه وعندما كملنا الركعة قالت لي فتاة لماذا لم تقوليها لنا جهراً بأن هناك سجودا، وسؤالي فضيلة الشيخ هل أثمت كوني لم أقلها لهم وهل ما فعلته صحيح حيث لم أقل شيئا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن. رواه أبو داود وسكت عنه وصححه الألباني. وهذا يشملُ الفرائض والنوافل، وعليه فصلاة التراويح للمرأة في البيت خير منها في المسجد.
لكن إذا كانت المرأة إذا بقيت في بيتها لم تصل أو صلت صلاة خفيفة جداً، وإذا خرجت إلى المسجد طولت الصلاة مع الناس وحصل لها بذلك خشوع القلب، فخروجها إلى المسجد والحال هذه حسن، بشرط أن يكون مضبوطاً بضوابطه الشرعية.
وأما بالنسبة لعدم تنبيهك النساء لسجدة التلاوة فلا إثم عيك في ذلك وما فعلته هو الصحيح، فإن الكلام في الصلاة يبطلها، فما فعلته من عدم تنبيههن هو الصحيح، ولكن كان يمكنك أن ترفعي صوتك بقول (سجد وجهي لله خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته..) حتى يتنبهن إلى أنها سجدة تلاوة، وعلى كل فلا إثم عليك..
وأما صلاتهن فصحيحة لأنهن لم يتعمدن الزيادة في الصلاة بل ركعن ظانات متابعة الإمام، وليس عليهن سجود سهو لأن سهو المأموم يحمله الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(11/10104)
يجلس في الصف ولا يشرع في الصلاة إلا بعد ركوع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي التراويح بالمسجد خلف الإمام ولكن يبقى جالساً بالصف خلال الركعة الأولى ولا يكبر مع الإمام إلا عند ركوع الإمام ويٌكمل صلاته؟ وهل صلاته صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يفعله هذا الرجل يتضمن جملةً من الأمور المخالفة للسنة، منها قطعه الصف بجلوسه فيه دون أن يشتغل بالصلاةِ مع الناس، ومنها تفويته على نفسه فضيلةَ تكبيرة الإحرام وثواب استماع قراءة الإمام في الصلاة، فإن استماع القراءة وهو ليس في صلاة ليس في المثوبة كاستماعها في الصلاة، ومنها ما يُشعرُ به فعله هذا من استثقاله الصلاة وتبرمه بها، فيخشى ألا يكون ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان، إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه. متفقٌ عليه.
ومنها تعمده الدخول في خلافِ العلماء في مسألة الاعتدادِ بالركوع في إدراك الركعة، فإن البخاري وأهل الظاهر وجماعةً من العلماء يرون أن من أدرك الركوعَ لا يكون مدركاً للركعة، ولا يدركها حتي يدرك القيام مع الإمام ويقرأ الفاتحة، وهذا القول وإن كان مرجوحاً والراجح قول الجمهور وهو أن الركعة تُدرك بالركوع، ولكن لا ينبغي لأحدٍ أن يتعمد أن يدخل نفسه في خلاف الفقهاء، ففي الحديث الحسن في وصية النبي صلي الله عليه وسلم لابن بنته الحسن: دع ما يريبك إلا مالا يريبك.، وهذا الرجل وإن حكمنا بصحة صلاته لكنها تشتملُ على هذه المخالفات التي ذكرناها.
فانصحوه بتركِ هذا الفعل، وإن كان يتعب من طول القيام فله أن يجلس ويحرم جالسا. فإن الجلوس في النافلة جائز حتى مع القدرة، لكنه إن قعد في النافلة مع القدرة على القيام فله نصف أجر القائم كما صح به الحديث، وأما إذا كان عاجزاً عن القيام فإنه يؤجرُ أجراً تاما إذا قعد في الصلاة لما في صحيح البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إذا مرض العبدُ أو سافر كتب الله ما كان يعملُ صحيحاً مقيماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(11/10105)
حكم قطع الإمام التلاوة لذكر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً علماءنا ومشائخنا الكرام على هذا الموقع الممتاز والذي فيه من النفع الكبير الذي يعود على المسلمين أينما كانوا في العالم ويجيب على تساؤلاتهم بل وأيضا يكون نفقاً إسلامياً به من القصص والفوائد والتجارب ما يفرج الهم ويهدئ النفس.. وأريد جزاكم الله خيراً الإجابة على سؤال عن شيء حدث أمامي ولم أجد في نفسي جواباً له وهو: أننا كنا في صلاة العشاء ومع بداية الصلاة وفي الركعة الأولى عندما كان الإمام يقرأ القرآن وإذا بصبيان صغار يقلبون خشبة يوضع عليها القرآن فتحدث صوتا مزعجا قطع خشوع الإمام بالقراءة فحينها قطع الإمام القراءة وقال لا حول ولا قوة إلا بالله حسبنا الله ونعم الوكيل وبعد نهاية الصلاة سأله بعض المصلين لم فعلت هذا على أساس أنه لا يجوز في اعتقادنا، فرد قائلا سمعت أحد أئمة الحرم وهو الشريم قالها أثناء قراءته للقرآن وفهمنا من رده أنه لا مشكلة في ذلك ما دام أن أحد أئمة الحرم قد فعلها لا سيما أنه من علماء الأمة الذين يقتدى بهم، والآن أحببت أن أقطع الشك باليقين بعدما تفتوني في ذلك؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن هذا الكلام الصادر عن هذا الإمام مما لا تبطل به الصلاة، لأنه ليس من كلام الناس، وإنما يبطلُ الصلاة كلام الناس، وهذا ذكر لله عز وجل فلا يبطلها، يبقى النظر في مدى مشروعية هذا الذكر، فالجمهور على أنه لا يشرع أن يذكر الله بخلاف الأذكار المشروعة في الصلاة، فلا يشرع عندهم حمد الله لنعمة تحدث، ولا التعوذ عند سماع نهيق الحمار ونحو ذلك، واستدلوا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إن في الصلاة لشغلا. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
ويرى شيخُ الإسلام رحمه الله: أن كل ذكر حضر سببه في الصلاة فإنه يأتي به، واستدل بما في صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد حين حمد أبو بكر الله إذ أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يثبت في مكانه، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر العاطس على حمده الله في الصلاة وغير ذلك مما في معناه. وعلى كلٍ فصلاة الإمام والمأمومين صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(11/10106)
حكم تخلف المأموم عن الإمام بقدر تسبيحتين أو ثلاث
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الأعزاء هل من مبطلات الصلاة التأخر عن الإمام بقدر تسبيحتين أو ثلاث إذا كان الإمام يسرع في الصلاة؟ وهل من المبطلات أن المأموم يرفع يديه للتكبير قبل سكوت الإمام من القراءة لأنه يحفظ القرآن ويعلم آخر الربع أو الثمن الذي يقرأ الإمام منه؟ وما هي المدة التي إن تأخر بها المأموم عن إمامه بطلت صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتخلف المأموم عن إمامه بقدر تسبيحتين أو ثلاث لسرعة الإمام لا تبطل صلاته بذلك، وكذا لو كان التخلف لعذر شرعي كأن يسرع الإمام في الصلاة بحيث لا يستطيع المأموم الإتيان بالركن مع متابعته وترتب على ذلك تخلفه عن إمامه بركن كامل، والمقصود بهذا التخلف عدم إدراكه فى ذلك الركن كأن يرفع الإمام من السجود والمأموم لماَّ يسجد بعدُ فإن الصلاة لا تبطل كذلك.
فضابط ما تبطل فيه صلاة المأموم حال تأخره عن إمامه هو أنه إذا تخلف عنه بركنين فأكثر أو تخلف عنه بركن واحد كامل لغير عذر عند الحنابلة خلافا للقول الصحيح عند الشافعية.
قال النووي فى المجموع: الحال الثاني: أن يتخلف عن الإمام, فإن تخلف بغير عذر نظرت فإن تخلف بركن واحد لم تبطل صلاته على الصحيح المشهور, وفيه وجه للخراسانيين أنها تبطل, وإن تخلف بركنين بطلت بالاتفاق لمنافاته للمتابعة، قال أصحابنا: ومن التخلف بلا عذر أن يركع الإمام فيشتغل المأموم بإتمام قراءة السورة، قالوا: وكذا لو اشتغل بإطالة تسبيح الركوع والسجود, وأما بيان صورة التخلف بركن فيحتاج إلى معرفة الركن الطويل والقصير, فالقصير الاعتدال عن الركوع, وكذا الجلوس بين السجدتين على أصح الوجهين والطويل ما عداهما، قال أصحابنا: والطويل مقصود في نفسه. وفي القصير وجهان للخراسانيين: أصحهما وبه قال الأكثرون، ومال إمام الحرمين إلى الجزم به: أنه مقصود في نفسه. والثاني: لا بل تابع لغيره, وبه قطع البغوي. فإذا ركع الإمام فركع المأموم وأدركه في ركوعه فليس متخلفا بركن فلا تبطل صلاته قطعا. فلو اعتدل الإمام والمأموم بعد في القيام ففي بطلان صلاته وجهان: أصحهما: لا تبطل. إلى أن قال: والتخلف بركن أن يتم الإمام الركن الذي سبق إليه, والمأموم بعد فيما قبله. انتهى.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 55824.
ولا تبطل صلاة المأموم برفع يديه للتكبير قبل سكوت الإمام، وإن كان الأولى عدم سبقه للإمام فى ذلك، وراجع الفتوى رقم: 97385.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1429(11/10107)
إمامة المرأة أختها وكيفية اقتدائها بها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نصلي أنا وأختي صلاة الجماعة وماذا على المأموم، أرجو بالتفصيل أي من التكبير إلى التسليم ومع سجود سهو؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإمامة المرأة لمثلها مجزئة على القول الراجح، بل من أهل العلم من قال باستحباب صلاة الجماعة في حق النساء وحدهن، وعليه فصلاتك جماعة مع أختك تكون بإمامة إحداكما للأخرى، ولتكن المتقدمة للإمامة أكثركما حفظاً للقرآن وفقها في الدين، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 5796 وفيها بينا أين تقف المرأة إن كانت إماماً، وراجعي كذلك الفتوى رقم: 56951.
وقد سبق بيان كيفية الصلاة وأحكام سجود السهو في فتاوى سابقة، فراجعي منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6188، 36، 1398.
وعلى المأموم متابعة الإمام ومن ذلك متابعته في سجود السهو، ومن الواجب عليكما تعلم أحكام الصلاة وما تترتب عليه صحتها وغير ذلك من فروض العين، فكلما كان المسلم أكثر فقها في الدين كان أقرب لمرضاة الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(11/10108)
حكم الصلاة خلف إمام بنى بيتا بقرض ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[مارأي فضيلتكم في الصلاة خلف إمام بنى بيتا من قرض ربوي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شكَّ في أن التعامل بالربا من أكبر المنكرات، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة 278-279} .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه. رواه مسلم.
فالواجبُ عليكم نصيحةُ هذا الإمام بالتوبةِ إلى الله عز وجل، فمن تاب تاب الله عليه، فإذا تابَ هذا الإمام فإنه لا خلافَ في صحة الصلاة خلف من ارتكبَ ذنباً ثم تاب منه، وأما إذا لم يتب فهو فاسقٌ بارتكابه لهذه الكبيرة، وقد اختلف أهل العلم في حكم الصلاة خلف الفساق، والصحيح أن الصلاة تصح خلفهم وهو مذهبُ الجماهير فقد صلى ابن عمر خلف الحجاج، وقال عثمان رضي الله عنه: إن الصلاة من أحسن ما يعمل الناس فإن أحسن الناس فأحسن معهم وإن أساءوا فاجتنب إساءتهم. أخرجه البخاري.
وقال أبو جعفر الطحاوي في عقيدته: ونرى الصلاة خلف كل برٍ وفاجر من أهل القبلة.
ولكن مع هذا فقد نقل شيخ الإسلام اتفاق الأئمة على كراهة الصلاة خلف الفساق، ولذا فالصلاةُ خلفه صحيحة، والصلاة خلف غيره من العدولِ أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1429(11/10109)
مسائل حول تسوية الصفوف في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[من بجانبي في الصف في صلاة الجماعة لا يسوون صفوفهم معي، فلا أعرف ماذا أفعل.. أمثلة: أجئ وأبتدئ الصف من وراء الإمام يفعل الناس صفا على يميني وصفا على شمالي ولا أعرف ماذا أفعل، عندما أقف في الصف يأتي مثلاً رجل يقف بعيدا عني قليلا ويجعلني مضطرا إلى أن أوسع رجلي ولا أستطيع ملاصقة الكتف مع من بجانبي، يكون في فرجة في الصف وعندما أقف فيها أجد مثلاً على يميني الصف متقدم إلى الأمام قليلاً والآخر العكس فلا أعرف ماذا أفعل، فهل أقف مع صف الإمام أم الصف على يميني، فأرجو أن يكون سؤالي واضحا ويجاب عليه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلاجُ هذه المشكلة إنما يكون بتعليم الناس وتنبيههم، فمتى حصلت لهم البصيرة في دين الله التزموا بهذه السنن، فعليك أخي لكي تعالج هذه المشكلة علاجاً جذرياً أن تبين للناس من أهل مسجدك النصوص الدالة على فضيلة تسوية الصفوف، وتعلمهم أن تسوية الصفوف سبب لحصول الألفة والمودة، وعدم تسويتها سبب لحصول النفرة والتباغض، كما في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم. وقد بينا حكم تسوية الصفوف في الفتوى رقم: 24029.. وبينا كذلك أن الصفوف تسوى من خلف الإمام في الفتوى رقم: 2553.
فإذا فعلت هذا وبينت لأهل مسجدك هذه الأحكام فاعلم أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، فالذي عليك أن تستوي مع من بجانبك، فإذا انحرف أحدُ ممن بجانبك عن الصف كأن تقدم أو تأخر أو تباعد عن الصف فاجذبه برفق ولين حتى يستوي بالصف، فإن أبى فالتبعة عليه هو وليست عليك، وإن اختلف الناس في الصف بحيث كان شطر الصف متقدماً على الآخر فينبغي أن تشير إليهم بالتسوية، فإن امتنعوا فالذي نراه موافقة من كان على يمين الإمام، وإذا تباعدوا يميناً أو شمالاً فيمكنك أن تشير إليهم ليتقاربوا، ومن امتنع فالتبعة عليه كما قلنا.
وعلى كل فينبغي لك أن تفعل ما تقدر عليه ليكون الصف مستوياً على الوجه الشرعي، وأن تنبه الإمام على الحرص على تسوية الصفوف قبل الشروع في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(11/10110)
صلاة المأموم المغرب خلف إمام يصلي العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت في جماعة لأصلي المغرب والعشاء جمع تقصير، وتبين بأنهم يصلون العشاء بينما كان دخولي في الصلاة بنية صلاة المغرب؟ فما حكم ذلك؟ وماذا علي أن أفعل أكمل معهم العشاء أم أسلم بعد الركعة الثالثة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح والمفتى به عندنا جواز الاقتداء مع اختلاف نية الإمام والمأموم، فيجوز لمن يصلي المغرب أن يقتدي بمن يصلي العشاء، فإذا قام الإمام للركعة الرابعة من العشاء فإن المأموم الذي يصلي المغرب يجلس للتشهد ثم هو مخير بين أن يسلم ثم يقوم ويكبر للعشاء ويدرك ركعة مع الإمام- وهذا أفضل كما يقول الشيخ ابن عثيمين - وبين أن يجلس بعد تشهده فلا يسلم بل ينتظر الإمام حتى يسلم معه، وانظر الفتوى رقم: 10038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(11/10111)
التوظف في الإمامة بين رغبة أهل الحي ومعارضة الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع.........
السؤال:
منذ ثلاثة أشهر تم افتتاح مسجد في حارتنا، ويوجد هناك مشكلة أنه لا إمام لهذا المسجد يعني أناس متطوعون للإمامة ومعظمهم لا يجيدون الأحكام ولا الحفظ لكتاب الله، والناس في هذا المسجد ترغب في إمامتي لأنهم والله هم قالوا لي نحن لا نريد أن يؤم بنا غيرك، وعند دخولي المسجد يلاقيني بعض الناس ويقولون أمَّ أنت بنا، والحمد لله أنا متم لأحكام التلاوة، وأنا في مشوار الحفظ لكتاب الله، لكن المشكلة أني أخطئ في القراءة أثناء الصلاة، فأصبحت أتغيب وأذهب لمسجد آخر لأني لا أرغب في الإمامة، وعدا ذلك أنا تخرجت منذ فترة بدبلوم تمري، والذي بنى المسجد على نفقته الخاصة كرر السؤال علي لأكثر من مرة لكي أتوظف في هذا المسجد وحدثت أبي ورفض وأنا لا وظيفة لي حتى الآن وعمري 23 سنة، فأنا في حيرة من أمري ماذا أفعل أجيبوني لو تفضلتم، وجزاكم الله خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن علاماتِ الخير أن يضع الله القبول في الأرضِ لعبده، فاحمد الله أن أحبك أهل مسجدك وظنوا بكَ الخير، واحرص على الصلاة معهم ونفعهم بأن تكون إماماً لهم وبخاصة إذا كان من يصلي لهم من غيرِ المتقنين وانظر الفتوى رقم: 24727.
وأما مشكلة الخطأ في القراءة فعلاجها يسير بأن تقرأ ما أنت متثبتٌ من حفظه جيداً، أو بأن تراجع الآيات التي ستصلي بها مراجعةً جيدة.
وأما بخصوصِ التوظف في المسجد فلا نرى لكَ هذا إذا كانَ أبوك يرفضه، خاصةً والخلافُ واقعٌ بين أهل العلم في جواز أخذ الأجرة على الإمامة، وأكثرهم على المنع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ومن يستعفف يعفه الله. متفق عليه.
وأما العمل فمع الاجتهادِ في البحث والإخلاصِ في الدعاء فإن الله تعالى ييسره لك، نسأل الله لنا ولكَ صلاحَ الحال والمآل ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(11/10112)
حكم الاقتداء بمن يخرج جميع كلامه من أنفه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة وراء إمام يخرج جميع كلامه من أنفه أم تكره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجبُ على كل مصلٍ أن يخرج الحروف من مخارجها الصحيحة، وأن يعطيها حقها ومستحقها، بحيثُ لا يخرجها عن كيفيتها العربية المعروفة، ولا تجوزُ الصلاةُ خلف من يلحنُ في الفاتحةِ لحناً جلياً بحيثُ يحيلُ المعنى أو يبدلُ حرفاً بحرف، وصلاته لا تصحُ لنفسه إن أمكنه التعلم، لكن اختلف العلماء في الحروفِ المتقاربة المخرج كالضاد والظاء، فسهّلَ فيها بعضهم ورأى صحة الصلاة مع إبدالها لمشقة الاحتراز، وهذا اختيارُ شيخ الإسلام، ورجحَ النووي في المجموع عدم الصحة، لكن إذا كان الإمامُ عاجزاً عن غيرِ هذا النطق، كأن كان ألثغ مثلاً ومثلهُ من كان يُخرجُ الحروف من أنفه على حد قولك، إذا كان ينشأ عن ذلك تبديل حرف بحرف وهو لا يستطيعُ غير هذا بحيثُ نحكم بصحة صلاته لنفسه، فمذهبُ الجمهور أنه لا تصحُ صلاته إلا بمن هو مثله، وذهب المالكية إلى أن إمامته تصح مع الكراهة، ومذهبُ المالكية فيه قوة، لأن من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره ولا ينهضُ دليلٌ على خلاف هذا، لكنّ الأحوط تقديم من تصحُ الصلاةُ خلفه باتفاق حرصاً على سلامة العبادة وخروجاً من خلاف العلماء، وأما إذ كان هذا الإمام لا يبدل حرفا بحرف ولكن يبالغ في تمطيطها بحيث تَخال أنها خارجة من أنفه فالصلاة خلفه صحيحة، لكن ينبغي أن ينصح ويعلم كيفية القراءة الصحيحة ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(11/10113)
الإمامة شأنها عظيم وليست للكسب المادي
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو الإجابة السريعة لأن الفتنة تعصف بقريتنا:
نحن مجموعة من المصلين نقطن في قرية الزعاترة بولاية بومرداس الجزائرية (عدد سكانها حوالي 4000 نسمة) نسأل فضيلتكم عن التوجيه العلمي لأهل القرية: لدينا مسجد جامع في القرية ولكن تعصف به الفتنة من جراء الإمام، فإمام مسجدنا لا يفتح المسجد في صلاة الفجر للمصلين في العديد من المرات قد تصل إلى 03 مرات في الأسبوع على الرغم من أنه يسكن داخل المسجد ولا يفصله عن مكان الصلاة إلا حائط واحد فقط، فيرجع المصلون إلا بيوتهم دون أداء صلاة الجماعة.
كما أنه في الصلوات الأخرى غائب تماماً حيث يبقى المصلون ينتظرون أكثر من50 دقيقة ثم يرجعون إلى بيوتهم، أو يصلي بهم أناس لا يجيدون حتى قراءة الفاتحة، وفي كل صلاة يعاد المشهد من خروج المصلين دون صلاة أو النظرات المترقبة الجالبة للفتنة داخل المسجد، وقد ازداد الأمر سوءًا بعد أن حذر أعوان الأمن الناس من التصدي للإمامة بدون رخصة نظراً لتردي الأحوال الأمنية في منطقتنا.
وعلى الرغم من ذلك فإن الإمام لم يلتزم بوظيفته بل عندما طالبه أحد المصلين بذلك صاح بأعلى صوته أمام جميع المصلين بأنه لن يصلي بنا.
وإدعى بأنه يملك وثائق تشير إلى كونه ملزم بخطبة الجمعة فقط، وعندما أخذنا نسخة من الوثيقة إلى مديرية الشؤون الدينية أخبرونا بأنه ملزم بجميع الصلوات الخمس والجنائز والعقود الشرعية للزواج.. وغيرها من وظائف الإمام الراتب.
والحقيقة يا سيدي هو أن الإمام المذكور يمارس الرقية، فقد كان يمارس الرقية داخل المسجد (على الرغم أن وزارة الشؤون الدينية بعثت مرسوم إلى الأئمة تمنعهم فيه من ممارسة الرقية كمهنة) وبعد المظاهر المشينة التي حدثت داخل وخارج المسجد. انتقل هذا الإمام إلى كراء محل للرقية في عاصمة الولاية (بومرداس التي تبعد حوالي 20كلم عن القرية) وبالتالي أصبح يخرج في 06 صباحًا ولا يعود إلا في صلاة العشاء. وبعد أن نصحناه بشتى الوسائل قال لأحد الإخوة بأننا نحسده على الأموال الطائلة التي يجنيها من جراء الرقية, من سيارات ورفاهية شديدة، وبعدها أصبح يهددنا بأنه لديه من الأمن يستطيع أن يلفق لنا تهمةً عندهم.
إخواني نرجو من فضيلتكم التوجيه العلمي لنا ولأهل قريتنا خاصة من الذين لم يهتموا بغلق المسجد أثناء وقت الصلاة والحيلولة دون الصلاة المفروضة، فنرجو لنا ولهم النصح والتذكير فقد عانت منطقتنا سنة 2003 من زلزال مدمر ولا نريد عقاباً آخر من الله. وجزاكم الله عنا كل خير
إخوانكم من قرية الزعاترة بلدية زموري ولاية بومرداس الجزائر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحكم به بعد تقوى الله سبحانه وتعالى هو رفع الأمر ثانية إلى الوزارة المختصة وإخبارها بمخالفة الإمام وأنه لا يقوم بواجبه، ونرجو أنه إذا ثبت عندها ذلك بإخبار الجمع من المصلين، نرجو أن تستبدله بإمام آخر، وإن لم يفعلوا فابحثوا عن شخص متقن للقراءة يؤمكم عند تخلف الإمام، وأخبروا الجهات الأمنية التي حذرتكم من الإمامة بدون ترخيص أن الإمام لا يأتي إلى المسجد ولا يمكن أن تبقوا بدون أن يؤمكم أحد، وعليكم بالحكمة والرفق، فإن الرفق ما دخل في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، كما صح بذلك الحديث، كما أننا ننصح الإمام المشار إليه بتقوى الله تعالى والخوف من عقابه، وأنه يجب عليه القيام بما أوكل إليه من إمامة المصلين، وإن كان عاجزا عن ذلك لكثرة أشغاله فليفسح المجال لغيره فيخبر وزارة الشؤون الدينية بذلك حتى يرتبوا إماما آخر، فإن الإمامة شأنها عظيم وليست للكسب المادي، وليكن رحمة لأهل المنطقة لا نقمة، وليحذر أن تكون تصرفاته سببا للفتنة وإغلاق المسجد فيكون له نصيب من قول الله تعالى، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {البقرة:114} .
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين ويولي عليهم خيارهم وينزع شرارهم، وعليكم بالإكثار من الاستغفار فإن الله تعالى قال: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشُّورى:30} وانظر الفتوى رقم: 48530.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1429(11/10114)
حكم الاقتداء بمن يلحن في قراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في جماعة خلف إمام ينطق القرآن بشكل خطأ مع علمه وقدرته على نطقه الصحيح ولكنه يصر على هذا النطق الخطأ مع العلم أن هذا الإمام باكستاني وكل المصلين تقريبا باكستان وهنود وهم مرتضون به ويرفضون أي شخص يحل محله، مع العلم أن أقرب مسجد آخر يبعد مسافة 60 كيلو عن هذا المكان وليس لدي الأمكانية المادية للوصول إليه كل صلاة، فهل من المستحب الاعتكاف في المنزل والصلاة بمفردي أم الاستمرار على الصلاة خلفه رغم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام المشار إليه لا يلحن في الفاتحة لحنا يحيل معنى الآية فإن الصلاة خلفه صحيحة مجزئة، وإن كان يلحن فيها لحنا يحيل المعنى كأن يكسر التاء في قوله "أنعمت" أو يضمها فهذا لحن يحيل المعنى ويبطل الاقتداء به، وفي هذه الحال يجب على أهل المسجد استبداله بإمام يحسن القراءة حتى تصح صلاتهم، فإن لم يفعلوا فاترك الصلاة في ذلك المسجد وصل في بيتك، ولا يلزمك الذهاب إلى المسجد الآخر المشار إليه لبعد المسافة، ووصف السائل للإمام بأنه يلحن متعمدا مع قدرته نخشى أن يكون هذا تحاملا منه على الإمام، لأنه لا يتصور من مسلم فضلا عن إمام يؤم الناس أن يلحن ويخطئ عمدا مع قدرته على القراءة الصحيحة، لاسيما من الجنسية التي اشار إليها، وقد علم منهم تعظيم القرآن وحملته، وعلى العموم فقد نص الفقهاء على أن تعمد اللحن يبطل الصلاة ولو في غير الفاتحة، وانظر مزيدا من التفصيل حول الاقتداء بالإمام إذا كان لا يحسن القراءة في الفتوى رقم: 111445، والفتوى رقم: 23898، والفتوى رقم: 64818، والفتوى رقم: 73812، والفتوى رقم: 13127.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(11/10115)
حكم الصلاة خلف من يلبس ربطة العنق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يؤم الناس وهو يضع ربطة عنق؟ مع العلم أنه يؤم دائما في صلاة الظهر في مكان العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في الاقتداء بصلاة من يلبس ربطة العنق إذا كان تتوافر فيه شروط الإمامة المذكورة في الفتوى رقم: 9642.
وربطه العنق يجوز لبسها في المفتى به عندنا كما بيناه في الفتوى رقم: 98294.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1429(11/10116)
إمامة الشيخ المسن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز إمامة الشيخ المسن الذي لا يتمكن من القيام والقعود لشيخوخته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشيخ المسن العاجز عن القعود والقيام يجوز أن يكون إماما لمن كان عاجزا مثله، ولا تجزئ إمامته لغير العاجز عند جمهور أهل العلم، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 75024.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(11/10117)
حكم الصلاة خلف من يتصف بصفات النفاق العملي
[السُّؤَالُ]
ـ[آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا وعد أخلف، سؤالي هو إذا تحقق الحديث في رجل ما فهل تجوز الصلاة معه في نفس المسجد والجماعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرجل الذي اتصف بصفات النفاق العملي التي ذكرت تجوز صلاة الجماعة معه في مسجد واحد، وليس وجوده بعذر شرعي للتخلف عنها، وإن كان المقصود السؤال عن صحة إمامته فالصلاة خلفه مجزئة إن كان متصفا بشروط الإمامة وإن كان الاقتداء بغيره ـ ممن هو سالم من تلك الصفات ـ أفضل.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11155، 9642، 1854.
وينبغي نصح الرجل المذكور ويكون ذلك بحكمة ورفق ويكون على انفراد ليس بحضرة أحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(11/10118)
حكم إمامة تارك الزكاة والحج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن يؤم الناس جماعة من يترك ركنا من أركان الإسلام وهو الحج؟ علما بأن هذاالرجل يعرف بأخلاقه وتواضعه ومن الناس الجيدين في هذه القرية الغافلة التي لا تعلم أن هذا الرجل عليه زكاة حوالي عشر سنوات متتالية، نحن أبناء هذه القرية قمنا بسؤاله هل هذا صحيح؟ فقال: نعم لكن أنا الآن أدفع الزكاة من الآن, وأما بالنسبة للسنوات السابقة، فأنا أعترف للمالية بالمديرية بأنه عندي مبلغ، ولكن أنا أسدد مع كل زكاة حالية جزءا من الزكاة السابقة، فهل ما يقوله يصح أم علينا إعلان مقاطعته؟ لأنه إنسان خان ركنا من أركان الإسلام، وهل صلاتنا مقبولة طوال تلك الفترة التي كان يؤم في المسجد بنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تارك الزكاة المقر بوجوبها قد أتى معصية عظيمة يفسق بها، لأن الزكاة يجب إخراجها فوراً بعد وجوبها، فإن لم يخرجها أخذها السلطان منه قهراً كما نص عليه أهل العلم، ومن ذلك تعلم أن ما يقوله بشأن الزكاة غير صحيح إذا لم يكن له عذر في التأخير، أما تأخير الحج بعد القدرة عليه وتوفر الوسائل فلا يجوز على الراجح عند أهل العلم لوجوب الفورية فيه، وهناك قول آخر لأهل العلم بوجوبه على التراخي، ولذا لا يحكم على هذا الرجل بالفسق لتأخيره للحج لأن تعجيله مختلف فيه.
وما سبق من صلاتكم خلفه فهي صحيحة على الراجح -ولو فرض فسقه- لحديث البخاري: يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم.
ولما في صحيح مسلم وغيره من صلاة الصحابة خلف الأئمة الفساق، وفي صحيح البخاري عن الحسن البصري أنه قال في المبتدع: صل وعليه بدعته.
وأما تنصيبه إماماً للصلاة فينظر فيه فإذا ظهرت توبته من منع الزكاة وكان له عذر في تقسيط ما وجب عليه منها فلا حرج في ذلك، وأما إذا لم تظهر توبته ولم يكن له عذر في تقسيط الزكاة، فالأصل منعه إلا إذا لم يوجد من هو أحسن حالاً منه؛ لأن الصلاة خلف الفاسق مكروهة عند أهل العلم، فإن لم يوجد غيره أو كان مسيطراً على المسجد فلا يسوغ أن تترك الجماعة بسببه، فحاولوا مناصحته حتى يستقيم على الحق ويؤدي أركان الإسلام، فإن لم يفعل وكانت المساجد متوفرة فاحرصوا على الصلاة خلف الأئمة العدول، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية للاطلاع على البسط فيما ذكرنا: 107500، 39968، 77308، 52239، 23182، 51647.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1429(11/10119)
حكم إمامة (صاحبة السلس) في الصلاة بأمها التي لا تعرف أحكام التجويد
[السُّؤَالُ]
ـ[أمّي كبيرة في السنّ ولا تعرف أحكام التجويد، وأنا أعرف هذه الأحكام ولكنّي أعاني من سلس البول، فهل الأولى أن تِؤمّني أو أؤمّها في الصلاة؟
بارك الله فيكم ولا تنسوني من صالح دعائكم بالشفاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإمامة صاحب السلس للصحيح محل خلاف بين أهل العلم، فهي صحيحة عند البعض غير مجزئة عند البعض الآخر كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 7507.
وبناء على ذلك فلا مانع من إمامتك لأمك عند بعض أهل العلم وإن كان الأفضل ترك ذلك خروجا من خلاف أهل العلم بل الأولى أن تقدمي أمك للإمامة إذا كانت متقنة للفاتحة غير مخطئة فيها خطأ مغيرا للمعنى، وعدم إتقانها التجويد في هذه الحالة لا يمنع صحة إمامتها، وراجعي الفتوى رقم: 26582.
وصلاة النساء جماعة وحدهن مستحبة عند بعض أهل العلم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 5796، والفتوى رقم: 26491.
وأخيرا نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يمن عليك بالشفاء العاجل وأن يجنبك كل مكروه ويرزقك السعادة في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1429(11/10120)
إمامة المفرط في جنب الله
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أنا والحمد لله أحفظ القرآن وأرتله جيدا وأنا المسلم الوحيد في منطقتنا كاملة الذي يحفظ القرآن ولذلك في الثلاث سنوات الأخيرة صليت بهم التراويح في رمضان ... المهم ... أردت أن أقول بأنني مقصر جدا جدا جدا في حق الله عز وجل (غالبا ما أفرط في صلاة الفجر..قليلا جدا ما أقرأ القرآن..قليلا ما أذكر الله.. كثير الغضب والصياح..مشاكل وشجار في العائلة.... ومصيبة المصائب هي أني فاحش بأتم معنى الكلمة فأنا غالبا ما أمارس العادة السرية وأتفرج أحيانا على الفحش والعري في الانترنت..)
طبعا أنا لا تعجبني حالي ودائما أستغفر وأتوب وأبكي على حالي وإيماني الذي ضاع وقيامي وقرآني وأذكاري ... أبكي على أيام متعني فيها الله بقربه.... ولكن دائما أنكث التوبة وتغويني الشهوات ... (الحمد لله أني لم أزن بعد وإن شاء الله لن أزني) ...
سؤالي يا شيخ أنا أفكر أن لا أصلي بالناس هذا العام لأني لا أستحق هذا الشرف ولا أستحق ثناء الناس علي وأقسم بالله لولا أني أخاف الفضيحة لأخبرتهم بذنوبي حتى لا يثنوا علي..والله أحزن جدا عندما يشكرني أحدهم ...
ما رأيك يا فضيلة الشيخ........]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ننصحك بتقوى الله تعالى ومجاهدة النفس.. وصحبة الصالحين.. وألا تترك الصلاة بالناس إذ لا حرج عليك في إمامة الناس أو إقرائهم وأنت على ما أنت عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الهداية وصلاح الحال، واعلم أن من أعظم نعم الله على العبد بعد الإيمان: حفظ كتاب الله تعالى.
فقد روى الحاكم وغيره عن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه.
وروى أبو نعيم في حلية الأولياء عن ابن مسعود - رضي الله عنه- قال: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون‘ وبنهاره إذا الناس يفطرون‘ وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخلطون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وينبغي لحامل القرآن أن يكون باكيا محزونا حكيما حليما عليما سكيتا، وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون جافيا ولا غافلا ولا صخابا ولا صياحا ولا حديدا.
وروي عن الفضيل بن عياض قوله: حامل القرآن حامل راية الاسلام لا ينبغي له أن يلغو مع من يلغو، ولا أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له إلى الخلق حاجة، وأن تكون حوايج الخلق إليه..
هكذا ينبغي أن تكون كحامل القرآن الذي شرفه الله وكرمه بهذه النعمة التي حرم منها كثير.
وما دمت قد عرفت الداء فإن عليك أن تبادر بعلاجه، فتكثر من تلاوة القرآن واستماعه ودعاء الله تعالى والتضرع له.. ومما يعينك على ذلك صحبة الصالحين والمحافظة على الصلاة في المسجد مع الجماعة والصبر في مجالس العلم والذكر..
وأما ما تفكر به من ترك الصلاة بالناس فلا تفعله أبدا؛ لأن ذلك من وساوس الشيطان ليبعدك بها عن المصلين وأهل الخير وجو العبادة.. حتى ينفرد بك فتتمادى في تلك الأعمال القبيحة..
وللمزيد من الفائدة عن صحة صلاتك وما يتصل بذلك نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 76144، 9642، 64902، 77308، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم..
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1429(11/10121)
ما يلزم المأموم إذا لم يكمل الفاتحة حتى ركع إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم فى المواقف التالية: من دخل في الصلاة السرية والإمام واقف ثم ركع بسرعة، فهل الأولى للمأموم أن يركع ولا يقرأ الفاتحة، أم يركع مع الإمام- المأموم لم يقرأ الفاتحة ثم ركع الإمام والمأموم يرى أنه لن يدرك الركعة فخرج من الصلاة ثم دخل ثانية والإمام راكع- المأموم لم يقرأ الفاتحة والإمام واقف فى الركعة الأولى وقرأها في باقي الركعات، فهل صلاته باطلة أم يأتي بالركعة الأولى التي لم يقرأ بها الفاتحة كمسبوق بعد الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أحرم خلف إمام في صلاة سرية وركع الإمام بسرعة فليتابع إمامه في الركوع ولا ينتظر قراءة الفاتحة وصلاته صحيحة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 31636.
وإذا أحرم خلف الإمام وركع إمامه ثم قطع صلاته ظاناً عدم إدراك الركعة وأحرم ثانية وأدرك إمامه راكعاً فقد أدرك تلك الركعة وصلاته صحيحة ولو لم يقرأ الفاتحة لكن خروجه من الصلاة في هذه الحالة غير مشروع ولا إثم عليه إذا لم يتعمد ذلك، وراجع الفتوى رقم: 32896.
والمأموم الذي لم يتمكن من قراءة الفاتحة في الركعة الأولى لا يشرع له أن يأتي بركعة بدل تلك الركعة كما لا يشرع أن يقرأ بالفاتحة التي فاتته في باقي الركعات، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 62659، وللفائدة في هذا راجع الفتوى رقم: 1740.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1429(11/10122)
تناوب الطلبة على الأذان والإمامة في مسجد الجامعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قيام مجموعة من الطلبة بإدارة مسجد تابع للإقامة الجامعية، صلوات وأذان بالتناوب على مدار الأسبوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد السؤال عن قيام مجموعة من طلبة الجامعة برعاية مسجد الجامعة والتناوب على الإمامة فيه والأذان، فالجواب أنه لا مانع من ذلك إذا لم يكن له إمام راتب، بل إن ذلك من التعاون على البر والتقوى، لكن عليهم أن يراعوا شروط الإمامة في الصلاة، كما يستحب مراعاة الأولوية في الإمامة أيضاً، وللفائدة والتفصيل في ذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 9642، والفتوى رقم: 25305.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(11/10123)
يسن للإمام عدم التطويل في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أن إمامنا يطيل كثيراً في الركوع والسجود، علما بأنه بين المصلين شيوخ متقدمون في السن وهناك من هو مريض أو به آلام لا يستطيع أن يتحمل أكثر ما يفعله الإمام في إطالة الركوع والسجود رغم أن هذا الإمام قد أرسلت إليه إشارات في هذا الموضوع ومازال على حاله، فماذا نفعل مع هذا الإمام رحمكم الله ولكم كل الشكر. كما نخبركم أنه يعني هذا الإمام يقرأ الدعاء في آخر كل الصلاة بقراءة جداً منخفضة حتى أن الناس لا يسمعونه ولا يفهمون ما يقوله، فهل هناك علة في هذا الأمر؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة عدم التطويل في حق من يصلي إماماً بالناس رفقاً بالضعفاء وذوي الحاجات منهم بشرط عدم الإخلال بأركان الصلاة وما ينبغي فيها، ومما يدل لهذا قوله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم للناس فليخفف. فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء. متفق عليه.. وهذا لفظ البخاري.
وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: يا أيها الناس إن منكم منفرين! فأيكم أمَّ الناس فليوجز، فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة. متفق عليه.. واللفظ لمسلم.
وعليه؛ فينبغي نصح الإمام المذكور بالتخفيف والبعد عن التطويل الذي يشق على المصلين خلفه وبيان الحكم الشرعي في ذلك، فإن استجاب فالحمد لله؛ وإلا فلكم أن ترفعوا أمره إلى المسؤولين ليلزموه بالتخفيف.
وإذا كان الدعاء الذي يقوم به بعد التشهد الأخير فهو على صواب في إخفائه والإسرار به لأن هذا هو المشروع، لكن لا ينبغي تطويله بما تترتب عليه مشقة وضرر بالمأمومين خلفه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7861.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(11/10124)
أولى الناس بالإمامة وحكم إمامة غير المواطن
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا نريد صلاة الظهر في أحد الأيام، لكن الإمام تأخر، فقام شخص أردني وأقام الصلاة ورفع يديه للتكبير، فإذا بصوت سعودي قد ارتفع، لا تصل بنا، فرجع ذلك الشخص وتقدم السعودي فصلي بنا، مع العلم أن الشخص الأردني هذا مشهود له بالمحافظة على الصلوات الخمس في المسجد ويؤم الناس عادة في حالة غياب الإمام
فما حكم إمامة الأجنبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولى الناس بالإمامة من كان أكثر اتصافا بالصفات الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
وبناء على ذلك فإذا كان الشخص الذي أقام الصلاة وتقدم للإمامة أكثر الحاضرين اتصافا بتلك الصفات فهو أولى بالإمامة من غيره خصوصا أنك ذكرت مواظبته على الصلوات الخمس وإمامته للناس في حال غياب الإمام، وفي هذه الحالة كان الأولى للشخص الآخر ألا يصيح عليه ولا ينهاه عن التقدم للإمامة بعد رفع يديه للتكبير لما في ذلك من إدخال الحزن إلى قلبه وإيقاعه في الحرج، ومع ذلك فالصلاة صحيحة خلف هذا الشخص الثاني إذا كان متصفا بشروط الإمامة التي تقدم بيانها في الفتوى رقم: 9642.
ولا يشترط في الإمام كونه مواطنا أصليا في الدولة التي يسكنها، وبالتالي فتجزئ إمامة المقيم في دولة وليس من مواطنيها الحاملين لجنسيتها، فالمعيار الوحيد للتفاضل عند الله تعالى هو الاتصاف بالتقوى والعمل الصالح فقط، قال الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات:13} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(11/10125)
إمامة صاحب السلس وترك الجماعة لخروج رائحة كريهة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص من الأردن أصبت بمرض السرطان والحمد لله تم إجراء عملية استئصال المستقيم وإلغاء فتحة
الشرج كليا وعمل فتحة جانبيه للإخراج وضع لي كيس على الجنب لحفظ المخرج وهو محكم الإغلاق، والمخرج دائم النزول ولا ينقطع، وهناك بعض الروائح تصدر مني في بعض الاحيان حتى وأنا في الصلاة، أريد من الشيخ أن يتسع صدره في الإجابة على بعض الاسئلة جزاه الله خيرا....
ا_ ماذا يترتب علي بالنسبة إلى الصلاة والوضؤء هل أتوضأ لكل صلاه والأهم من ذلك هل أذهب إلى الخلاء مع كل صلاة لتنظيف الكيس المركب لي على الجنب أم أكتفي بالوضؤء فقط؟
2- هل تجوز إمامتي للصلاة أم لا وكما سمعت أنه لا تجوز إمامتي وقد صليت إماما عند وفاة شقيقتي وكنت قبلها لا أعرف ذلك..
3_ هل يحق لي الصلاة في المسجد علما أنه في بعض الأوقات تخرج مني بعض الروائح التي قد تؤذي الآخرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تعتبر حالة الأخ السائل هنا حالة سلس فيتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، وبعد أن ينظف المحل وينظف الكيس الذي تتجمع فيه النجاسة، فإن شق تنظيف الكيس لتعذر نزعه أو كان في نزعه ضرر فالضرورة تبيح المحظور، وله أن يصلي على حالته، لأنه من أهل الأعذار.
وقد اختلف العلماء هل يجوز لذي السلس ونحوه أن يؤم غيره من الأصحاء، فمنهم من يرى عدم جواز إمامته، ومنهم من يرى عكس ذلك، ومنهم من يرى جوازها مع الكراهة، ولاشك أن الأولى أن لايؤم غيره من الأصحاء خروجاً من الخلاف، وما دامت تخرج روائح تؤذي الآخرين فلا يذهب إلى المسجد لئلا يؤذي الآخرين وهو معذور، فقد نص أهل العلم على كراهة حضور الجماعة في حق من به رائحة تؤذي المصلين دفعاً لأذيته لهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعافي الأخ السائل ويضاعف له الأجر على صبره ورضاه بقدر الله تعالى وحمده لله تعالى على كل حال، ثم إنه بسبب ما ذكر من استمرار خروج الأذى يعتبر صاحب سلس فليتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها بعد أن ينظف المحل وينظف الكيس الذي تتجمع فيه النجاسة لأنه إذا لم ينظفه فإنه سيصلي حامل نجاسة يستطيع إزالتها وهذا من مبطلات الصلاة.
قال ابن قدامه في المغني: ولو حمل قارورة فيها نجاسة مسدودة لم تصح صلاته. انتهى.
فإن كان تنظيف الكيس شاقا لتعذر نزعه أو كان في نزعه ضرر فالضرورة تبيح المحظور، ولك أن تصلي على حالتك، لأنك من أهل الأعذار، والله تعالى يقول: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة: 286} ، ويقول: فاتقوا الله ما استطعتم {سورة التغابن:16} ، ولأنه يعفى عما يعسر التحرز منه من النجاسات.
أما عن الشق الثاني من السؤال فقد اختلف العلماء في جواز إمامة ذي السلس ونحوه لغيره من الأصحاء فمنهم من يرى عدم جوازها ومنهم من يرى عكس ذلك، ومنهم من يرى جوازها مع الكراهة، وسواء قلنا بعدم جوازه إمامته أو بجوازها، فلاشك أن الأولى أن لايؤم غيره من الأصحاء خروجاً من الخلاف، ورغبة في تقدم الأكمل طهارة.
وعن الشق الثالث من السؤال فما دامت تخرج منك روائح تؤذي الآخرين فلا تذهب إلى المسجد لئلا تؤذي الآخرين وأنت معذور، فقد نص أهل العلم على كراهة حضور الجماعة في حق من به رائحة تؤذي المصلين دفعاً لأذيته بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: من أكل من هذه البقلة فلا يقربن مساجدنا حتى يذهب ريحها يعني الثوم رواه مسلم. وفي رواية لمسلم: فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: هذا تصريح بنهي من أكل الثوم ونحوه عن دخول كل مسجد وهذا مذهب العلماء كافة إلا ما حكاه القاضي عياض عن بعض العلماء أن النهي خاص في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم في بعض روايات مسلم فلا يقربن مسجدنا، وحجة الجمهور فلا يقربن المساجد إلى أن قال قال العلماء ويلحق بالثوم والبصل والكراث كل ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها، قال القاضي ويلحق به من أكل فجلا وكان يتجشى، قال وقال ابن المرابط ويلحق به من به بخر في فيه أو به جرح له رائحة، قال القاضي وقاس العلماء على هذا مجامع الصلاة غير المسجد كمصلى العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات، وكذا مجامع العلم والذكر والولائم ونحوها ولا يلتحق بها الأسواق ونحوها. انتهى.
ولا شك أن حالك أشد من حال من ذكر في النص أو من ألحق به، وأنت معذور في ذلك، وقد ورد في الحديث: أن العبد إذا مرض أو سافر كتب له ما كان يعمله صحيحا مقيما.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 15358، والفتوى رقم: 7507.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1429(11/10126)
حكم إمامة المصلين بدون إذن الإمام الراتب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يؤم الناس بالقوة مع العلم أنه يوجد إمام راتب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإمام الراتب أولى بالإمامة من غيره، وبالتالى فمع حضوره يمنع أن يؤم الناس غيره بغيرإذنه، وعليه فإذا كان الشخص المذكور يؤم الناس مع وجود الإمام الراتب وبغير رضاه فقد أقدم على محرم.
ففى كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع الحنبلي: (ويحرم أن يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه) ; لأنه بمنزلة صاحب البيت وهو أحق بها لقوله صلى الله عليه وسلم {لا يؤمن الرجل الرجل في بيته إلا بإذنه} ولأنه يؤدي إلى التنفير عنه وتبطل فائدة اختصاصه بالتقدم. انتهى.
وفى الإنصاف للمرداوي الحنبلي أيضا: (ولا يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه) يعني يحرم ذلك صرح به في الفروع , وأبو الخطاب , والسامري وغيرهم قال الإمام أحمد: ليس لهم ذلك.انتهى.
وفى تبصرة الحكام لابن فرحون المالكي: إذا كان للمسجد إمام راتب في بعض الصلاة, فلا تجوز الجماعة لغيره في تلك الصلاة, قال ابن بشير ولا خلاف في منع ذلك. انتهى.
فإن تقدم غيرالإمام الراتب مع وجوده وبغير إذنه بطلت الصلاة عند كثير من الحنابلة.
ففى كشف القناع أيضا: فإن فعل) أي أم في المسجد قبل إمامه الراتب بلا إذنه (لم تصح في ظاهر كلامهم) قاله في الفروع والمبدع ومعناه في التنقيح وقطع به في المنتهى وقدم في الرعاية: تصح مع الكراهة. ومقتضى كلام ابن عبد القوي: الصحة كما يأتي في نقل كلامه في صلاة الجنازة. انتهى.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 93018.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1429(11/10127)
الأولى بالإمامة من فاتته الجماعة أم المتصدق عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[عند التصدق على من فاتته صلاة الجماعة من يكون الإمام وهل لي مثلا أن أصلي ركعتين سنة الظهر (مثلا) إماما وأسلم ويكمل الصلاة المُتصدق عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أراد إعادة فريضة الصلاة صدقة على غيره ممن لم يؤدها، فالأولى إمامة المتصدَّق عليه وهو من لم يؤد تلك الفريضة خروجا من خلاف أهل العلم في اقتداء المفترض بالمتنفل، ففي نيل الأوطار:
قوله: أن رجلا دخل المسجد لفظ أبي داود " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر رجلا يصلي وحده ": قوله: من يتصدق لفظ أبي داود " ألا رجل يتصدق " ولفظ الترمذي: " أيكم يتجر على هذا؟ " قوله: فقام رجل من القوم فصلى معه هو أبو بكر الصديق كما بين ذلك ابن أبي شيبة. والحديث يدل على مشروعية الدخول مع من دخل في الصلاة منفردا، وإن كان الداخل معه قد صلى في جماعة. قال ابن الرفعة: وقد اتفق الكل على أن من رأى شخصا يصلي منفردا لم يلحق الجماعة فيستحب له أن يصلي معه وإن كان قد صلى في جماعة. انتهى.
كما تجوز إمامة من سبق له أداء الفريضة بناء على مذهب بعض أهل العلم القائلين بإجزاء صلاة المفترض خلف المتنفل.
وبناء على هذا المذهب فلا مانع من أن تصلي ركعتين سنة الظهر إماما لمن يصلى فريضة الظهر ثم بعد سلامك يقوم المأموم ليكمل صلاته، ولكن الاحتياط كون الإمام هو من يؤدى الفريضة خروجا من خلاف أهل العلم القائلين بعدم إجزاء الفريضة خلف من يصلى نافلة كما أسلفنا.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 63576، والفتوى رقم: 15581.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1429(11/10128)
فتح المأموم على الإمام وحكم تأخره عنه بركنين
[السُّؤَالُ]
ـ[أخطأ الإمام في صلاته في القرآن خطأ فاحشاً، وصحح له مأموم فصحح الإمام خطأه وأكمل صلاته، هل صلاتهم صحيحة أم على الجميع أن يبدأ صلاة جديدة؟ وإذا لم يكن الخطأ فاحشاً ولم يغير المعنى فهل يجب على المأموم أن يصحح للإمام؟ أم يدعه يكمل صلاته؟
ما حكم صلاة من تأحر عن الامام بركنين فأكثر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. أخرجه مسلم.
فمن النصيحة للأئمة الفتح عليهم في الصلاة، وما دام إمامكم قد صحح خطأه وأكمل صلاته فصلاته صحيحة، وصلاة المأمومين أيضا صحيحة، وليس عليهم أن يعيدوا صلاتهم من جديد.
وإذا لم يكن الخطأ فاحشا ولم يتغير المعنى فلا داعي أن يصحح للإمام في هذه الحالة لأن الخطأ مغتفر يعفى عنه.
وإذا أدرك المأموم الإمام راكعا وركع معه فقد أدرك تلك الركعة ويحكم له بأنه قد أدرك فضل الجماعة لقوله صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا ولا تعد. رواه البخاري.
وأما المأموم الذي تأخر عن متابعة الإمام بركنين فأكثر لعذر فإن أمكنه أن يلحق بإمامه قبل أن يركع الركعة التالية فعل ولحق بالإمام، وإلا يلغي تلك الركعة ويلتحق بالإمام ويقضيها بعد سلام الإمام، وليس عليه سجود السهو لأنه مأموم وصلاته صحيحة.
وتراجع الفتوى رقم: 25986.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1429(11/10129)
حكم تعمد الإمام الإسرار في الصلاة الجهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص مصاب بمرض "الزاهيمر"، قراءته للقرآن في الصلاة فيها كثيرٌ من نسيان آية أو جزء من آية، إضافة إلى التأتأة المُعيقة له عن الاسترسال في القراءة، علمًا بأن القراءة بتأنٍّ تجعله ينسى فلا يدري أين وصل، فيتوقف عن القراءة حائرًا، لذا فهو يسرع في القراءة خشية النسيان، فيُجهَدُ وتتقطع أنفاسه، فهل يسقط عنه الجهر في الصلاة، وهل يستطيع قراءة ما تيسَّرَ له من الفاتحة أو من السور سرًّا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجهر في محله من سنن الصلاة عند جمهور أهل العلم ومن تركه سهواً فعليه سجود سهو عند المالكية والحنابلة وتاركه عمداً لا سجود عليه وصلاته صحيحة، وعليه فالصلاة صحيحة، إذا أسر الشخص بالفاتحة كلها أو السورة كلها أو أسر بهما أو ببعضهما عمداً، وإذا كان هذا الشخص المسؤول عنه لا يستطيع قراءة الفاتحة لو جهر بها للنسيان فإن عليه أن يقرأها سراً لأن الصلاة لا تصح إلا بها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 22470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1429(11/10130)
الصلاة خلف إمام يسمع عنه ما يخالف الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة خلف إمام نسمع عنه كلاما مخلا بالحياء........مع عدم تأكدنا من ذلك إلا من خلال ما نسمعه من البعض كأن يقال بأن له علاقة مع فتاة أو ما شابه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من الصلاة خلف الإمام الذي يسمع عنه ما يخالف الشرع إذا كان ملتزما فيما يتعلق بالصلاة، هذا مع التنبيه على أن الأصل براءة المسلم مما ينسب إليه حتى يتم التحقق، لذلك يجب الحذر من الخوض في أعراض الناس ورميهم بالمنكرات، ولا يجوز التخلف عن الجماعة بسبب ما يسمع عن الإمام بل لو ثبت ذلك فانه ليس عذرا مبيحا للتخلف عن الجماعة.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 35856، والفتوى رقم: 95066.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(11/10131)
إقامة الصلاة قبل حضور الإمام الراتب وعند تأخره
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان في صلاة الجماعة يبدأ المؤذن بإقامة الصلاة قبل أن يتقدم الإمام الصفوف وأحيانا" لا يوجد إمام فمجرد اصطفاف المصلين يبدأ بإقامة الصلاة ويحدث أحيانا جدل فيمن يتقدم كل واحد يريد أن يتقدم الآخر وربما استغرق بعض الوقت في النقاش فهل تجوز إقامة الصلاة قبل أن يتقدم إمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسجد إذا كان له إمام راتب فإنه لا يجوز الافتئات عليه وإقامة الصلاة قبل حضوره ليؤم الناس غيره، فإن تأخر عن وقته المعتاد بعث إليه رسول إن قرب، وإن كان بعيدا وغلب على الظن عدم حضوره صلوا، وكذا إذا ظُن حضوره وعُلم أنه لا يجد حرجا في إمامة غيره فليٌقدم غيره للإمامة.
قال المرداوى في الإنصاف: إذا تأخر الإمام عن وقته المعتاد، روسل إن كان قريبا ولم يكن مشقة، وإن كان بعيدا، ولم يغلب على الظن حضوره صلوا، وكذا لو ظن حضوره ولكن لا ينكر ذلك ولا يكرهه. انتهى
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 93379
وإن تعذر حضور الإمام الراتب أو لم يوجد أصلا فليقدم غيره، ولم نقف على دليل يمنع الإقامة قبل وجود إمام معين، وبالتالى فإذا أقيمت الصلاة فليتقدم للإمامة من هو أكثر حفظا وإتقانا لكتاب الله تعالى إلى آخرالترتيب فى الحديث الصحيح المذكور في الفتوى رقم: 64684.
ووجود نقاش بعد الإقامة في شأن من يقدم للإمامة لا ضرر فيه ما لم يترتب على ذلك حصول طول عرفا بين الإقامة والصلاة، فالفصل بينهما بهذا النوع من الفصل مكروه عند كثير من أهل العلم، ومنهم من يرى اشتراطا عدم الفصل بذلك لصحة الإقامة.
ففى التجريد للبجيرمى الشافعى: ويشترط أن لا يطول الفصل عرفا بين الإقامة والصلاة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1429(11/10132)
ما يلزم الإمام إذا لحن في الفاتحة لحنا يحيل المعنى
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت فتوى لفضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله بخصوص الخطأ في قراءة سورة الفاتحة في الصلاة وقال رحمه الله إذا كان الخطأ يغير المعنى فالواجب الإتيان بسجود السهو ولكن إذا أخطأ المسلم بما يغير المعنى ولكنه تداركه فورا أثناء القراءة وأعاد الآية بصورة فهل إذا تدارك الخطأ وأصلحه أثناء القراءة أو قبل الركوع يجب عليه سجود السهو. أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا أخطأ المصلي في الفاتحة خطأ يغير المعنى وجب عليه إصلاحه فورا، فإذا تدارك الخطأ وأصلحه فلا شيء عليه، وفي هذه الحالة يشرع له سجود السهو عند بعض أهل العلم، وإذا لم يتم إصلاح الخطإ الذي يحيل المعنى فتجب إعادة تلك الركعة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نطلع على هذه الفتوى وينبغي للأخ السائل أن يتثبت منها فإن الخطأ في الفاتحة إذا غير المعنى لا يجبر بالسجود، بل يجب إصلاحه فورا، فإذا تدارك الخطأ وأصلحه فلا شيء عليه ولا يطالب بسجود سهو، وإذا لم يتم إصلاح الخطإ الذي يحيل المعنى فتجب إعادة تلك الركعة، هذا إذا لم يتعمد ذلك الخطأ يغير المعنى وإلا بطلت الصلاة.
، قال النووي في المجموع: إذا لحن في الفاتحة لحنا يخل المعنى بأن ضم تاء أنعمت أو كسرها، أو كسر كاف إياك نعبد، أو قال: إياء بهمزتين لم تصح قراءته وصلاته إن تعمد، وتجب إعادة القراءة إن لم يتعمد، وإن لم يخل المعنى كفتح دال نعبد ونون نستعين وصاد صراط ونحو ذلك لم تبطل صلاته ولا قراءته، ولكنه مكروه ويحرم تعمده. ولو تعمده لم تبطل قراءته ولا صلاته. هذا هو الصحيح، وبه قطع الجمهور. انتهى.
وفي حال وقوعه في اللحن المغير للمعنى سهوا أو جهلا ثم أصلحه فإنه يشرع له سجود، كما صرح به فقهاء الشافعية إذ سجود السهو مشروع في سهو ما يبطل عمده الصلاة.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 47427، 16592.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1429(11/10133)
الصلاة خلف إمام يبدل بعض الحروف في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا إمام يقرأ "مالك يوم الدّين" في الفاتحة " ... الدذين" بأن يجعل إحدى الدالين -فالحرف المشدد عبارة عن حرفين كما تعلمون- ذالاً، وأيضاً يقرأ "ولا الضالين" بهذه الطريقة "ولا الضظالين" بجعل أحد الضادين ظاءً ينطق السين ثاءً أحيانا، فما حكم الصلاة خلفه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عن حكم الاقتداء بمن يلحن في الفاتحة، ننبه على أن النطق الصحيح بهذه الكلمات أسهل بكثير من اللحن المذكور في السؤال، وعليه فينبغي التأكد من كون هذا الإمام ينطق هذه الكلمات كما في السؤال، وإذا تأكد ذلك فلا يصح الاقتداء به، لأنه يلحن في الفاتحة لحنا يغير المعنى، ويجب عليه أن يصحح قراءة الفاتحة بالتعلم على المشايخ العارفين بصفات الحروف ومخارجها، فإن أمكنه التعلم وفرط في ذلك لم تصح صلاته، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 60642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1429(11/10134)
حكم زيادة المأموم سجدتين للسهو جهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عامي، صلى مأموما وراء إمام وجلس الإمام جلسة استراحة، ولما سلم الإمام سجد هذا المأموم العامي للسهو، ظنا منه أن الإمام سهى في الصلاة وأن الإمام في جلوسه للاستراحة سها ولم يسجد للسهو، ولما فرغ المأموم من سجود السهو، قام معترضا على الإمام لعدم سجوده للسهو، فهل فعل هذا العامي بزيادة سجدتي السهو مبطل لصلاته، أم يعذر بجهله؟ ولكم أجمل الشكر وأتمه.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الظاهر أن صلاة الرجل الذي سجد للسهو جهلاً لا تبطل بذلك لأنه معذور.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن صلاة الرجل الذي سجد للسهو جهلاً لا تبطل بذلك لأنه معذور، قال في تحفة المحتاج ممزوجاً بمتن المنهاج في الفقه الشافعي: (ولو فعل في صلاته غيرها) أي غير أفعالها (وإن كان) المفعول (من جنسها) أي جنس أفعالها التي هي ركن فيها كزيادة ركوع أو سجود (بطلت إلا أن ينسى) أو يجهل. انتهى بحذف.
وإن فعل ذلك عالماً بتحريم الزيادة في الصلاة، وبأن ما فعل يعتبر زيادة بطلت صلاته، وللفائدة يراجع في ذلك الفتوى رقم: 64627 ... هذا كله إذا كان السجود قد حصل من المأموم قبل سلامه، أما إذا كان حصل بعد سلامه فصلاته صحيحة بكل حالٍ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1429(11/10135)
أمر الإمام المصلين بالاعتدال وتنبيههم على إغلاق الهواتف
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام مسجد قبل كل صلاة يأمر المصلين بما يلي: استووا اعتدلوا ومن نسي منكم إغلاق هاتفه (أي النقال) فليغلقه قبل الصلاة, فهل هذا الأمر حسن؟ ثم إن هذا الإمام لا يقول دعاء اللهم رب هذه الدعوة التامة.......قبل الصلاة وبعد الإقامة فهل هو مصيب بتركه لهذا الدعاء والأفضل لنا أن ننصحه حتى يقول هذا الدعاء؟ أم هناك خلاف بين العلماء بالنسبة لهذا الدعاء بعد الإقامة؟ وما هو دليل القائلين بعدم قول هذا الدعاء بعد الإقامة وهل أدلتهم قوية صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تنبيه المصلين على إغلاق الهواتف يعتبر من الأمر بالمعروف والدلالة على الخير، وهذا من وظائف الإمام، وذلك لما عمت به البلوى من اصطحاب هذه الأجهزة التي يكثر تشويشها على المصلين كما هو مشاهد، وكذلك الأمر بتسوية الصفوف واعتدالها فإنه وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما فيما يتعلق بالإتيان بالدعاء المذكور فهو مستحب بعد الأذان كما هو ظاهر الحديث وبعد الإقامة أيضا كما صرح بذلك الكثير من الفقهاء، ولم نجد من ذكر أنه لا يستحب بعد الإقامة، وإذا علم أن الإتيان بهذا الدعاء مستحب وليس واجبا فإنه لا بأس بتذكير الإمام به لكن لا يشنع عليه في عدم الإتيان به لأن الأمر لا يتعلق بالصلاة ولا يأثم بتركه.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 62324، والفتوى رقم: 9391.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(11/10136)
حكم إمامة من يلبس الزي العسكري
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إمامة من لبس البدلة العسكرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبدلة العسكرية إن كانت فضفاصة غير واصفة لأعضاء الجسم فلا كراهة في لبسها، وإمامة لابسها مجزئة إن كان محققا لشروط الإمامة.
وإن كانت ساترة للعورة إلا أنها محددة لحجم الأعضاء فيكره لبسها وتصح الصلاة خلف لابسها إن كان ممن يصلح للإمامة وإن كان الأولى الاقتداء بغيره إن وجد، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 32227، والفتوى رقم: 79673.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(11/10137)
صلاة المرأة الفرض خلف زوجها المتنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الكريم، أنعم الله علي بزوجة كريمة مباركة صالحة بفضل منه ومنه وكرمه وأعمل جاهداً على أن تنال أكبر قدر ممكن من الأعمال الصالحة وأن أكون سببا في أن تكون عند الله من الفالحين وأريد أن أسأل عن بعض المسائل فى الصلاة فلو أردت أن تنال ثواب الجماعة علي أن أصلي في المسجد وأرجع فأصلي بها على الوجوه الآتية: فأرجو منكم أن توضحوا صوابها من عدمه لكل حالة على حده وكلها تتعلق بصلاة الفرض خلف النفل، بالنسبة للفجر لو صليت بها ركعتي الفجر في البيت فهل تصح الصلاة لها ولي، بالنسبة للظهر والعصر والعشاء لو صليت بها أربع ركعات كصلاة الظهر على أنها لي السنة البعدية أو القبلية فهل تصح ولو صليت بها ركعتين فقط فأسلم وتكمل هي صلاتها، فهل تصح الصلاة ولو كان هناك هيئة أخرى، فأعينوني بها للفائدة، فأرجو الإجابة على كل النقاط بشكل واف كما تعود الجميع منكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبناء على مذهب الشافعية ومن معهم يجوز لزوجتك أن تؤدي صلاة الفجر مقتدية بك وأنت تصلي ركعتي الفجر، كما يجوز لها أن تصلي خلفك صلاة الظهر أو العصر أو العشاء وأنت تصلي السنة القبلية، أربع قبل الفريضة أو بعدها، كما يجوز أيضاً أن تصلي خلفك فريضة رباعية وأنت تصلي ركعتين من النافلة، ثم بعد سلامك تكمل هي صلاتها، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25557، 9763، 108299.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1429(11/10138)
الصلاة خلف إمام يلحن في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد الأيام تقدمنا للصلاة رجل لا يجيد قراءة سورة الفاتحة وبعد الانتهاء من الصلاة بدأ بعض المصلين بإعادة صلاتهم منفردين بحجة أن صلاتهم خلف هذا الإمام باطلة لعدم إجادته سورة الفاتحة، فهل صحيح ما قاموا به، فأفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام المذكور يلحن في الفاتحة لحناً مغيراً للمعنى مع قدرته على التعلم فصلاته لنفسه باطلة وكذلك صلاة من اقتدى به، وإن عجز عن التعلم أو ضاق الوقت فتصح صلاته لنفسه وصلاة من اقتدى به وكان عاجزاً مثله فقط وتبطل صلاة الباقين، وعليه فمن أعاد صلاته من المأمومين على صواب، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 60725، والفتوى رقم: 21577.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1429(11/10139)
اللحن في غير الفاتحة هل يؤثر على صلاة الإمام والمأموم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال آخر بخصوص الفتوى رقم 107377، وهو ماذا على الإمام والمنفرد إذا كان قد لحن هذا اللحن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مثل هذا اللحن لا يبطل الصلاة سواء في ذلك الإمام والمأموم والمنفرد، لأنه لحن في غير الفاتحة، ولكن يجب على القادر إصلاح هذا الخطأ إذ التسميع من واجبات الصلاة عند بعض أهل العلم وإن كان قد ذهب آخرون إلى أنه من سنتها المؤكدات
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 102660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(11/10140)
استحباب إقبال الإمام بوجهه على المأمومين بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت فى كتاب لمذهب الإمام مالك فى باب الصلاة أن الإمام عند الانتهاء من الصلاة يقوم على طول ولا يعطي وجهه للمصلين كما هو سائد عندنا في المساجد، أريد توضيحا لمذهب الإمام عند الانتهاء من الصلاة لأن من المعلوم عندنا أننا نجلس حتى نختم الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يستحب للإمام أن يقبل على المأمومين بوجهه إذا سلم من الصلاة، ولا يستحب له القيام قبل الإتيان بالأذكار المستحبة بعد الصلاة، بل إن قيامه قبل ذلك يفوت عليه الكثير من الأجر، هذا هو الراجح في المذهب المالكي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يستحب للإمام أن يقبل على المأمومين بوجهه إذا سلم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، ولا يستحب للإمام القيام قبل الإتيان بأذكار الصلاة، بل إن قيامه قبل ذلك يفوت عليه الكثير من الأجر، هذا هو الراجح في المذهب المالكي في هذه المسألة، ففي شرح الخرشي على مختصر خليل في الفقه المالكي ما نصه: وكره تنفل الإمام بمحراب المسجد، وكذا جلوسه فيه بعد سلامه على هيئته الأولى إما خوف الإلباس على الداخل فيظنه في الفرض فيتقدي به أو خوف الرياء أو أنه لا يستحق ذلك المكان إلا في وقت الإمامة، ويخرج من الكراهة بتغيير هيئته لخبر {كان عليه الصلاة والسلام إذا صلى صلاة أقبل على الناس بوجهه} ، قال الثعالبي: وهذا هو السنة ونحوه لابن أبي جمرة وصاحب المدخل. لا ما يراه بعض أهل التشديد في الدين من قيامه بمجرد فراغه كأنما ضرب بشيء يؤلمه، ويفوته بذلك خير استغفار الملائكة له ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث يقولون: اللهم اغفر له اللهم ارحمه. انتهى.
وما ذكره الخرشي هنا سلمه العدوي في حاشيته على الخرشي ونقله النفراوي في شرح الرسالة وذكره الحطاب في مواهب الجليل وزاد عن ابن أبي جمرة قوله: وعلى هذا أدركت بالأندلس كل من لقيت من الأئمة المقتدى بهم في غالب الأمر يقبلون بوجوههم على الجماعة من غير قيام، قال الشيخ عبد الرحمن: وهذا الذي قاله هو الصواب الذي لا محيد عنه، وعليه أدركنا الأئمة في الجوامع المعظمة. انتهى. وللفائدة يراجع في ذلك الفتوى رقم: 96553.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1429(11/10141)
قراءة الإمام (المستقيم) بكسر الميم
[السُّؤَالُ]
ـ[الإمام يقرأ "المستقيم" بكسر الميم الأولى في سورة الفاتحة فهل يعتبر هذا لحنا محيلا للمعنى يبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يعتبر كسر الميم من المستقيم في سورة الفاتحة لحنا جليا فلا يجوز تعمده، لكن لا تبطل الصلاة به لأنه من اللحن الذي لا يغير المعنى، ويكره الاقتداء بمن يلحن هذا اللحن، كما قال النووي وغيره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كسر الميم في المثال المذكور من اللحن، فلا يجوز تعمده، لكن لا تبطل الصلاة به لأنه من اللحن الذي لا يغير المعنى، ويكره الاقتداء بمن يلحن هذا اللحن.
قال النووي: إذا لحن في القراءة كرهت إمامته مطلقا فإن كان لحنا لا يغير المعنى كرفع الهاء من (الحمد لله) كانت كراهة تنزيه وصحت صلاته وصلاة من اقتدى به، وإن كان لحنا يغير المعنى كضم التاء من (أنعمت) أو كسرها أو يبطله بأن يقول (الصراط المستقين) فإن كان لسانه يطاوعه وأمكنه التعلم فهو مرتكب للحرام ويلزمه المبادرة بالتعلم فإن قصر وضاق الوقت لزمه أن يصلي ويقضي، ولا يصح الاقتداء به.
والظاهر أن كسر الميم من المستقيم يشبه ضم الهاء من اسم الجلالة الذي مثل به النووي من حيث كونهما من اللحن الجلي من غير إحالة المعنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1429(11/10142)
تكبير الإمام وحكم سبق المأموم له في تكبيرات الانتقال
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الإمام في القيام للركعة الثالثة لا يكبر إلا بعد الاستواء قائما (كما هو معروف لدى المالكية) ، ما حكم ذلك وماذا علي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يستحب للمصلي أن يشرع في تكبيرة الانتقال من ابتداء شروعه في الانتقال سواء كان إماماً أو غيره، ولا فرق في ذلك بين القيام من التشهد الأول وغيره عند الجمهور خلافاً للمالكية، فيستحب عندهم تأخير تكبيرة الانتقال عند القيام من التشهد الأول، ومذهب الجمهور هو الذي يؤيده ظاهر الحديث لكن لا مانع من تقليد المذهب المالكي في ذلك لأنه خلاف معتبر، فإذا عمل الإمام بهذا المذهب فلا حرج في سبق المأموم بالتكبير إذا كان يرى مذهب الجمهور.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي عليه الجمهور أنه يستحب للمصلي أن يشرع في تكبير الانتقال من ابتداء شروعه في الانتقال سواء كان إماماً أو غيره إلا أن المأموم يتابع الإمام، ولا فرق في ذلك بين القيام من التشهد الأول وغيره بخلاف المالكية فإنهم يرون استحباب تأخير تكبير الانتقال عند القيام من التشهد الأول، ومذهب الجمهور يؤيده ظاهر الحديث، ومن عمل بمقتضى مذهب مالك في ذلك فلا حرج عليه، فإن كان إماماً لم يمنع المأموم من التكبير قبله، لأن هذا ليس من الأمور التي يمنع فيها سبق الإمام.
ففي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع ثم يقول وهو قائم ربنا ولك الحمد ثم يكبر حين يهوي ساجداً ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يفعل مثل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها ويكبر حين يقوم من المثنى بعد الجلوس ثم يقول أبو هريرة إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال النووي في شرح صحيح مسلم بعد أن ذكر هذا الحديث: ويشرع في التكبير للقيام من التشهد الأول حين يشرع في الانتقال ويمده حتى ينتصب قائماً هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وبه قال مالك أنه لا يكبر للقيام من الركعتين حتى يستوي قائماً ودليل الجمهور ظاهر الحديث. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: يستحب أن يكون ابتداء تكبيره مع ابتداء رفع رأسه من السجود، واتنهاؤه عند اعتداله قائماً، ليكون مستوعباً بالتكبير جميع الركن المشروع فيه، وعلى هذا بقية التكبيرات، إلا من جلس جلسة الاستراحة، فإنه ينتهي تكبيره عند انتهاء جلوسه، ثم ينهض للقيام بغير تكبير. انتهى.
وفي نهاية المحتاج ممزوجاً بمتن المنهاج في الفقه الشافعي: (تجب) متابعة الإمام في أفعال الصلاة) دون أقوالها لخبر {إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا} . إلى أن قال: واحترز بالأفعال عن الأقوال كالقراءة والتشهد فيجوز تقدمها وتأخره بها إلا تكبيرة الإحرام كما يعلم مما يأتي وإلا في السلام فيبطل تقدمه إلا أن ينوي المفارقة.
وفي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: (ولا يكره) للمأموم (سبقه) أي الإمام (ولا موافقته) أي الإمام (بقول غيرهما) أي غير الإحرام والسلام) . انتهى.
وفي التاج والإكليل على مختصر خليل في الفقه المالكي قال: الباجي: غير الإحرام والسلام يكره للمأموم أن يتقدم فيهما ولا يفسد ذلك صلاته. انتهى. ويعني بهذا الأقوال دون الأفعال..
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 27729، والفتوى رقم: 10502.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1429(11/10143)
الصلاة خلف من يفتح باء المغضوب في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الإمام الذى يقرأ غير المغضوب بفتح الباء نسمعها كذلك كما نسمع منه أيضا إخراج متوسط اللسان في الضاد [في المغضوب والضالين] مع العلم بأن لسانه ليس به عيب؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما ذكرت يعتبر من اللحن الجلي الذي لا يجوز الإبقاء عليه، ويجب على هذا الإمام أن يصحح قراءته، وإن كانت الصلاة لا تبطل به لأنه لا يحيل المعنى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكرت يعتبر من اللحن الجلي الذي لا يجوز تعمده ولا الاستمرار عليه لمن يستطيع التعليم، ويتأكد الأمر في الفاتحة ولكنه لا يبطل الصلاة لأن المعنى لم يتغير، وتكره الصلاة خلفه مع وجود غيره.
قال الإمام النووي رحمه الله: إذا لحن في القراءة كرهت إمامته مطلقا، فإن كان لحنا لا يغير المعنى كرفع الهاء من (الحمد لله) كانت كراهة تنزيه، وصحت صلاته وصلاة من اقتدى به، وإن كان لحنا يغير المعنى كضم التاء من (أنعمت) أو كسرها، أو يبطله- أي يبطل معنى اللفظ- بأن يقول (الصراط المستقين) فإن كان لسانه يطاوعه وأمكنه التعلم فهو مرتكب للحرام ويلزمه المبادرة بالتعلم، فإن قصر وضاق الوقت لزمه أن يصلي ويقضي، ولا يصح الاقتداء به.
وانظر للمزيد من الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 78648، 76406، 23898.
وأما إبدال الضاد بالظاء فلا يجوز، ولكنه لا تبطل به الصلاة- على الصحيح من أقوال أهل العلم- لصعوبة التفرقة بينهما عند كثير من العامة، إلا إن تعمد أن ينطق الضاد ظاء مع قدرته على النطق الصحيح فيأثم وتبطل صلاته وصلاة مأمومه، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 33509، والفتوى رقم: 31641، والفتوى رقم: 34506.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1429(11/10144)
حكم الصلاة خلف إمام يغتاب الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدينا مسجد عدد المصلين فيه لا يتجاوز 6 أشخاص، ويقوم فيه المؤذن والإمام بالادعاء على الناس ويغتابونهم ويظلمونهم وأكثر الأوقات يؤخرون الصلاة وكل وقتهم قبل إقامة الصلاة يغتابون الناس فيه، السؤال هو: هل يجوز الصلاة في هذا المسجد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم أن يغتاب أخاه المسلم أو يظلمه أو يدعو عليه ظلماً فقد نهى الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه عن ذلك ونهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وفعل ذلك في المسجد أقبح، لكن ممارسة الإمام لذلك لا تبيح التخلف عن صلاة الجماعة، وبالإمكان تجنب الأوقات التي تحصل فيها تلك الأمور، فإذا أقيمت الصلاة دخل مع الجماعة، فإن وجد جماعة أخرى يصلي معها خارج المسجد أو في مسجد آخر، فقد أدى الواجب عند أكثر أهل العلم، ثم إن من المستغرب أن يكون الإمام والمؤذن هما اللذين يقومان بما ذكر إذ من المفترض أن يكونا على قدر المسؤولية المنوطة بهما من حيث الأمانة والصدق وتقوى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وإذا كان تأخير الصلاة عن وقتها يعني تأخيرها عن أول وقتها فقط ولا يصل إلى درجة خروج وقت الصلاة المحدد لها شرعاً، فالواجب انتظار صلاة الجماعة، ومن أهل العلم من يختار في هذه الحالة فعل الصلاة مرتين مرة في أول الوقت منفرداً لتحصيل فضيلة أول الوقت ومرة في آخره مع الجماعة لتحصيل فضلها، أما إذا كان التأخير يصل إلى حد خروج الوقت كله فلا يجوز انتظار ذلك، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23055، 95862، 6710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1429(11/10145)
وقوف الإمام بين مأمومين لضيق المكان
[السُّؤَالُ]
ـ[وقف الإمام ومأموم واحد على يمينه، والمكان ضيق، جاء مأموم آخر ووقف على يسار الإمام، أصبح الآن الإمام في النصف ومأموم واحد عن يمينه ومأموم واحد عن يساره فقط.
هل يجوز وقوف المأموم الثاني عن يسار الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة أن يقف الواحد عن يمين الإمام فإذا جاء آخر وقفا جميعا خلف الإمام، ويدل لهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم بابن عباس حيث أقامه عن يمينه، وفعله بأنس واليتيم حيث صفهما خلفه، وكذا فعله بجابر وجبار، فإن كان المكان ضيقا فلا بأس أن يقف المأموم الذي جاء متأخرا عن يسار الإمام.
ففي سنن أبي داود أن ابن مسعود صلى برجلين وقام بينهما، وقد نقل ابن حجر أنه أجاب عنه ابن سيرين بأن ذلك كان لضيق المكان.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 21634، 7010، 38472، 7269، 69106، 73517.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(11/10146)
أم ثلاثة وهو غير متوضئ فأعاد وصلى نيابة عنهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم إجابة هذا السؤال لأني أصبحت في حيرة من أمري وأخشى أن ألقي بنفسي إلى التهلكة دون أن أعلم.... حصل وكنت في العمل ذات يوم وقد حان وقت صلاة المغرب وقمت لأصلي, وأثناء الصلاة التحق بي ثلاثة أشخاص وصلوا خلفي، وعندما انتهيت من الصلاة وانفضوا من حولي تذكرت أني لم أكن متوضئا فتوضأت وأعدت صلاتي ومن ثم نويت أن أصلي ثلاث صلوات أخرى بدل صلاة المصلين خلفي، فهذا والله أعلم فأفيدوني أفادكم الله؟ ولكم الأجر والثواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فقد أحسنت في إعادة الصلاة التي أديتها بدون وضوء نسياناً، أما الثلاثة الذين كانوا مأمومين خلفك فصلاتهم صحيحة عند جمهور أهل العلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 27368.
والصلاة من العبادات التي لا تشرع فيها النيابة عن الغير، وراجع فيها الفتوى رقم: 9656.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(11/10147)
حكم الصلاة إذا أعاد الإمام تكبيرة الإحرام سرا لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت بجماعة في المسجد وبعد إقامة الصلاة كانت نيتي هي الوقت الحاضر. وعندما كبرت تكبيرة الإحرام وقبل دعاء الاستفتاح جاء في تصوري الصلاة التي قبلها الشيء الذي جعلني أعيد تكبيرة الإحرام.علما أن الصلاة كانت سرية. ولم يسمع أحد من المصلين التكبير. وفي نفس اللحظة نويت بالنية الأولى ظننت أن هذا من تلبيس الشيطان. وأتممت الصلاة ولم أقل للمصلين شيئا. وبعد خروجي من الصلاة أحسست أن في الأمر شيئا. ولهذ اأكتب إليكم لتبينوا لي ما يجب فعله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب عليك أن تستمر في صلاتك ما دمت قد نويت الصلاة الحاضرة قبل التكبير، ولا عبرة بما توهمته بعد التكبير من نية صلاة غير الحاضرة، وتكبيرك لصلاة ثانية أبطل صلاتك الأولى التي اقتدى بك فيها المأمومون لأنه وإن كان اقتداء المأموم لا يصح إلا بعد تكبيرة الإمام، فقد نص بعض الفقهاء على استثناء صورتين يصح فيهما إحرام المأموم قبل الإمام.
قال البجيرمي الشافعي في حاشيته على الخطيب في تكبير المأموم الإحرام قبل الإمام: لا تنعقد صلاته إلا في صورتين فيجوز فيهما تقدم تحرم المأموم على الإمام ما لو أحرم منفردا وأدخل نفسه في الجماعة، الثانية لو أحرم الإمام وأحرم القوم خلفه ثم شك في نيته هو أعاد التكبيرة مع النية بحيث يسمع نفسه ويستمر على الإمامة. اهـ.
وقد يدل على عدم بطلان صلاة المأموم إذا أحرم قبل الإمام لعذر ما رواه أحمد وأبو داود عن أبي بكرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل في صلاة الفجر فأومأ بيده أن مكانكم ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم ... الحديث، ولم يذكر أنهم أعادوا التكبير. وقد استدل به الفقهاء على صحة اقتداء المأموم بالإمام المحدث إذا جهل المأموم حدث الإمام، ولكن ليحذر الأخ السائل من تكرار ذلك لأن من العلماء من يبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام مطلقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(11/10148)
الصلاة خلف من لا يحرك لسانه في القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة خلف إمام لا يحرك شفتيه ولا لسانه في الصلاة السرية والركعات السرية في الصلاة الجهرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا تجوز الصلاة خلف من علم أنه لا يحرك لسانه بالقراءة للفاتحة لأن حركة اللسان لا تصح الصلاة بدونها كما نص عليه فقهاء المالكية ومنهم خليل في المختصر، وبعض العلماء أوجب أن يسمع القارئ نفسه ومنهم الشافعية، ومن لم تصح صلاته لنفسه لا يجوز لمن علم ذلك أن يصلي خلفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1429(11/10149)
المستحب فعله للإمام إذا سكت بعد الفاتحة قدر قراءة المأموم لها
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني أرجو إفادتي للإمام فى المصلين كلنا نعرف أنه إذا بدأت الصلاة يبدأ الإمام بالصلاة وقراءة الفاتحة ويقول المصلون آمين فى نهاية الفاتحة ويسكت ليتمكن المصلون من قراءة الفاتحة ويبدأ الإمام بقراءة ما تيسر من القرآن ... السؤال: إخواني ماذا يقول الإمام بين الفاتحة والسورة فى صلاة الجماعة عندما يسكت، هل هناك دعاء معين أم يسكت قليلا فقط أم ماذا ... وبارك الله فيكم وجعل أعمالكم فى ميزان حسناتكم إن شاء الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
سكوت الإمام في الصلاة الجهرية بعد قراءة الفاتحة مشروع عند بعض أهل العلم ليتمكن المأمومون خلفه من قراءتها، وينبغي للإمام الاشتغال حينئذ بما شاء من دعاء الاستفتاح المأثور بعد الإحرام وقبل القراءة، أو الاشتغال بذكر لله تعالى، أو قراءة، أو دعاء فالأمر في ذلك واسع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسكوت الإمام في الصلاة الجهرية بعد قراءة الفاتحة مشروع عند بعض أهل العلم ليتمكن المأمومون خلفه من قراءتها، كما سبق ذلك في الفتوى رقم: 22283.
وأثناء هذه السكتة يشتغل الإمام بما شاء من ذكر لله تعالى أو دعاء أو قراءة، وقال بعض أهل العلم يقول دعاء الاستفتاح المأثور بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة، فالأمر في ذلك واسع، قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: ويستحب للإمام على هذا القول أن يسكت بعد الفاتحة قدر قراءة المأموم لها، قال السرخسي في الأمالي: ويستحب أن يدعو في هذه السكتة بما ذكرناه في حديث أبي هريرة في دعاء الاستفتاح: اللهم باعد بيني وبين خطاياي.. إلى آخره. (قلت) ومختار الذكر والدعاء والقراءة سراً، ويستدل له بأن الصلاة ليس فيها سكوت حقيقي في حق الإمام وبالقياس على قراءته في انتظاره في صلاة الخوف، ولا تمنع تسميته سكوتاً مع الذكر فيه كما في السكتة بعد تكبيرة الإحرام، ولأنه سكوت بالنسبة إلى الجهر قبله وبعده. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(11/10150)
السكتات المشروعة في الصلاة الجهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[البداية إلى النهاية؟ وجزاكم الله خيرا.عندنا إمام يصلي بنا في مسجد جامع.ويحاول أن يجتهد ويؤدي الصلاة على أحسن ما يرام إلا أنه يسكت عند القيام للركعة الثانية من كل صلاة جهرية بحوالي نصف دقيفة أو أكثر في بعض الأحيان.الشئ الذي جعلني أكتب إليكم لأعلم الحكم الشرعي في هذا الأمر ونتناصح إن كان ما يستحق النصح.وبهذه المناسبة أرجو من سيادتكم بيان سكتات الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
لا يشرع السكوت قبل افتتاح القراءة في الركعة الثانية بل يشرع في الركعة الأولى لقراءة دعاء الاستفتاح المأثور، ومن السكتات المشروعة في الصلاة الجهرية عند بعض أهل العلم: سكوت الإمام بعد قراءة الفاتحة ليتمكن المأمومون من قراءتها، وسكوته بعد القراءة وقبل التكبير للركوع ليرجع إليه نفَسه قبل أن يركع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسكوت الإمام قبل القراءة في الركعة الثانية لم نقف على قول لأهل العلم بمشروعيته؛ بل الثابت مشروعية السكوت بعد تكبيرة الإحرام في الركعة الأولى لقراءة دعاء الاستفتاح المأثور، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 74440، والفتوى رقم: 11227.
وهناك بعض السكتات المشروعة في الصلاة الجهرية عند بعض أهل العلم وهي:
1ـ سكوت الإمام بعد قراءة الفاتحة ليتمكن المأمومون من قراءتها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 22283.
2ـ سكوت الإمام بعد القراءة وقبل التكبير للركوع حتى يرجع إليه نفَسه قبل أن يركع، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 100463.
وعليه؛ فإذا كان ذلك الإمام مواظبا على السكتة المذكورة فينبغي نصحه بحكمة ورفق بعد الانفراد به، وليس بحضرة الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1429(11/10151)
تقديم الحافظ المجود على حسن الصوت
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الكريم لو كان هناك رجل حافظ لكتاب الله ويعلم أحكام التجويد كلها لكن صوته عادي ليس فيه شيء مميز ورجل آخر يحفظ جزءاً واحداً فقط لكن صوته جميل خاشع أيهما نقدم الأول أم الثاني، أما سؤالي فهو إذا أنا لم أكن أحفظ الناس قرآنا لكنهم قدموني للإمامة مع أنني قد قلت لهم يجب تقدم الأحفظ لكنهم أصروا فتقدمت فهل صلاتي وصلاتهم جائزة؟ وجزاك الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من كان حافظاً لكتاب الله تعالى عالماً بأحكام التجويد فهو أولى بالإمامة ممن يحفظ جزءاً واحداً مع حسن صوته، وتجزئ إمامة المفضول مع وجود الفاضل وبالتالي فإمامة الأقل حفظاً للقرآن مجزئة مع وجود الأكثر حفظاً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أحد الرجلين المذكورين حافظاً لكتاب الله تعالى عالماً بأحكام التجويد فهو أحق بالإمامة ممن يحفظ جزءاً واحداً مع اتصافه بحسن الصوت بدليل ما ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي مسعود قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. وراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 79673.
وإذا صليت إماماً بالناس مع وجود من هو أكثر حفظاً للقرآن منك فصلاة الجميع مجزئة لصحة إمامة المفضول مع وجود الفاضل، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 10176.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(11/10152)
الائتمام بمن أخطأ في الفاتحة وبمن يصلي النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تبطل صلاة المأموم إذا أخطأ الإمام في قراءة الفاتحة؟
هل يجوز لمن جمع صلاة المغرب والعشاء وعاد يريد أن يصلي العشاء أن يؤم الناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصح الصلاة خلف من أخطأ في الفاتحة إن لم يكن متعمدا أو كان الخطأ بسبب اللحن وهو عنده قابلية التعليم، وعلى المأموم أن يصلح للإمام على كل، وأما المتعمد وذو اللحن الجلي المغير المعنى فتبطل صلاة من خلفهما.
وأما إمامة من سبق له أن أدى الفرض فهي جائزة على الراجح لفعل معاذ ذلك في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأقره عليه، كما في حديث الصحيحين.
وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 69854، 60642، 71380، 40159، 70656، 49342، 32434، 6846.
والله أعلم.
... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1429(11/10153)
الصف الأول إذا كان الإمام ملاصقا للكعبة
[السُّؤَالُ]
ـ[الصف الاول عندما يكون الإمام ملاصقا للكعبة في المواسم وفي صلاة العصر مثلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان الإمام ملاصقا للكعبة فما يليه من الصفوف هو الصف الأول.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما عن الصف الأول إذا كان الإمام ملاصقا للكعبة فإن ما يليه من الصفوف يسمى صفا أول، ولو كان هذا الصف مستديرا وبعضه إلى غير جهة الإمام ويواجه الكعبة مباشرة، وإن كان من في غير جهة الإمام أقرب إلى الكعبة من الإمام فإنه الصف الأول ففي فتاوى الرملي الشافعي:
سئل) هل الصف المستدير حول الكعبة المتصل بما وراء الإمام هل يسمى صفا أول وكذلك من في غير جهته وهو أقرب إلى الكعبة منه؟ (فأجاب) بأن الصف الأول صادق على من ذكر إذا لم يفصل بينه وبين الإمام صف فقد قالوا إن الصف الأول هو الصف الذي يلي الإمام سواء حالت مقصورة وأعمدة أم لا ومما عللت به أفضليته - أي على تفضيل الصف الأول - الخشوع لعدم اشتغاله بمن أمامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(11/10154)
قطع صلاة التراويح بسبب تطويل الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أطال الإمام في صلاة التراويح فقطعت صلاتي وخرجت من المسجد فهل علي ذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا إثم في قطع صلاة التراويح بسبب تطويل الإمام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إثم عليك في قطع صلاة التراويح ومفارقة الإمام لاسيما إن كان ذلك لمشقة وقد سبق أن بينا حكم قطع النافلة وأقوال العلماء فيه في الفتوى رقم: 96382.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(11/10155)
اشتغل بدعاء الاستفتاح عن الفاتحة حتى ركع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[وصلت متأخرا في صلاة الظهر وكانوا ساجدين في الركعة الثالثة فكبرت ولم أقل دعاء الاستفتاح وسجدت معهم ثم عند القيام في الركعة الرابعة قلت دعاء الاستفتاح ولم أستطع أن أقرأ الفاتحة وركع الإمام فركعت دون الفاتحة هل هذه الركعة مقبولة أم أتم أربع ركعات؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يشرع للمسبوق دعاء الاستفتاح إلا إذا وجد الإمام قائماً، وعلم أنه يتمكن من قراءة الفاتحة بعد الاستفتاح قبل أن يركع الإمام؛ وإلا فلا يأتي به بل يقدم الفاتحة لأنها واجبة على المأموم في قول كثير من أهل العلم وهو الراجح، وحيث إنه اشتغل بدعاء الاستفتاح عن قراءة الفاتحة حتى ركع الإمام وركع معه لم تحسب له هذه الركعة لنقص الفاتحة، وكان عليه أن يأتي بركعة بدل الركعة التي لم يقرأ فيها الفاتحة، فإن لم يفعل ذلك أعاد الصلاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يشرع للمسبوق أن يأتي بدعاء الاستفتاح إلا إذا وجد الإمام قائماً، وعلم أنه يتمكن من قراءة الفاتحة بعد الاستفتاح قبل أن يركع الإمام؛ وإلا فلا يأتي بدعاء الاستفتاح بل يقدم الفاتحة لأن دعاء الاستفتاح مستحب وقراءة الفاتحة واجبة، أما إذا وجد الإمام في الركوع أو بعد الرفع منه أو في السجود، فلا يقرأ دعاء الاستفتاح لأن هذه الأماكن لها أذكارها الخاصة بها، ودعاء الاستفتاح محله القيام قبل الفاتحة وبعد تكبيرة الإحرام وقد فات، قال النووي في المجموع: المسبوق إذا أدرك الإمام في غير القيام لا يأتي بدعاء الاستفتاح ,...... وإن أدركه في القيام وعلم أنه يمكنه دعاء الاستفتاح والتعوذ والفاتحة أتى به ... .وإن علم أنه لا يمكنه الجمع أو شك لم يأت بدعاء الاستفتاح. انتهى.
وحيث إن السائل هنا اشتغل بدعاء الاستفتاح عن قراءة الفاتحة حتى ركع الإمام وركع معه لم تصح صلاته لتقصيره في قراءة الفاتحة، وكان عليه أن يأتي بركعة بدل الركعة التي لم يقرأ فيها الفاتحة، فإن لم يفعل ذلك وجب عليه أن يعيد الصلاة، بناء على القول بوجوب قراءة الفاتحة على المأموم في كل ركعة، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، وهو قول كثير من العلماء وهو الراجح. أما على القول القائل بأن الفاتحة لا تجب على المأموم ولو في السرية فلا تبطل صلاته أصلا كما أنه لا شيء عليه في الإتيان بدعاء الاستفتاح في غير محله لأنه ذكر مشروع في الصلاة أصلا وتعمد الإتيان به لا يبطل الصلاة. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 29810، والفتوى رقم: 47427.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(11/10156)
اقتداء المرأة بجماعة تحت العمارة التي تقيم فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي وحدي بالمكتب وزميلتي غير محجبة وتقول إنها تصلي بالبيت وهناك مسجد صغير تحت العمارة التي بها المكتب وليس به مكان للسيدات لأنه صغير جداً، فهل يصح أن أصلي خلف هذه الجماعة من المكتب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تتمكني من سماع التكبير ورؤية الإمام أو المأمومين فلا يصح اقتداؤك بهذه الجماعة في هذه الحالة؛ لأن الكثير من أهل العلم يشترط لجواز الاقتداء من خارج المسجد سماع التكبير، ورؤية الإمام أو رؤية من وراءه من المأمومين، ومن أهل العلم من يرى جواز الاقتداء بمجرد سماع الإمام أو من وراءه، لكن القول الأول هو الأحوط، ولا يؤثر على صلاتك وجود تلك الزميلة معك في الغرفة، ولكن عليك أن تخبريها أنه لا يجوز لها تأخير الصلاة عن وقتها ولو كانت تريد الصلاة في البيت؛ لأن الصلاة لها وقت محدد لا يجوز تقديمها عنه ولا تأخيرها إلا في حالات معينة. والله سبحانه وتعالى قد جعل الأرض للمسلم مسجداً وطهوراً، فحيثما أدركته الصلاة صلى، فعسى الله أن يهدي زميلتك هذه فتصلي معك جماعة. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 9605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1429(11/10157)
الصلاة خلف من يخطئ في القراءة وحكم إمامة الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[لنا مسجد قريب من محل السكنى لكن الإمام مبتدئ أي جديد على الإمامة ومازالت تنقصه الخبرة ويرتبك كثيرا ويخطيء أحيانا كثيرة أيضا؟ فهل الذهاب لمسجد أبعد مفيد في هذه الحالة؟ وهل تجوز الصلاة خلف إمام متهم بالفسوق ولكن غير ثابت؟ شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في الذهاب إلى المسجد البعيد إذا كان إمام المسجد الذي بجوارك لا يحسن القراءة، لاسيما إذا كانت أخطاؤه قد يترتب عليها بطلان الصلاة، كالخطأ المحيل للمعنى في الفاتحة، فيتعين حينئذ استبداله بإمام آخر متقن، فإن لم يمكن لم تصح الصلاة خلفه إلا لمن هو في مثل حاله من العاجزين عن الإتيان بالقراءة في الفاتحة على الوجه الصحيح. وأما إذا كانت أخطاؤه في غير الفاتحة أو من قبيل ضعف الحفظ مع إتقانه للقراءة ذاتها فإن الصلاة خلفه صحيحة. والصلاة خلف الفاسق صحيحة مع الكراهة على الراجح من أقوال الفقهاء. وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 105126، والفتوى رقم: 1636، والفتوى رقم: 7869، وكذا الفتوى رقم: 25905، حول حكم الصلاة في المسجد البعيد عن البيت مع وجود أقرب منه، وكذا الفتوى رقم: 49324.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1429(11/10158)
حمل الإمام مكبر الصوت أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أن يمسك بالمايك في يديه أثناء الصلاة ليسمع المأمومين القراءة والتكبير والتسليم حيث إن صوته لا يصل إليهم إلا ضعيفا، والمايك الدبوس يشوش يجعل ماكينة الصوت تصفر مما يفسد على المصلين صلاتهم، فأرجو الإجابة سريعاً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز للإمام أثناء صلاته حمل آلة التسميع لأن ذلك من الأفعال الخفيفة خصوصاً إذا ترتب على ذلك إسماع صوته للمصلين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للإمام أثناء الصلاة أن يحمل آلة التسميع لأن هذا من الأفعال الخفيفة التي لا تؤثر على صحة الصلاة، خصوصاً إذا ترتبت على ذلك مصلحة كسماع صوته، ففي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع الحنبلي: (و) له (لبس ثوب وعمامه ولفها، وحمل شيء ووضعه) لما روى وائل بن حجر: أن النبي صلى الله عليه وسلم التحف بإزاره وهو في الصلاة. وتقدم حمله صلى الله عليه وسلم أمامة، وكذا إن سقط رداؤه فله رفعه ولأنه عمل يسير. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(11/10159)
الصلاة خلف إمام يبدل القاف بحرف آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإمام الذي يلحن في الفاتحة فينطق القاف بالعامية، فقد تحدثنا وهو لا يقتنع وهو الإمام الراتب.. فهل يصح أن أترك الجماعة طالما هو يصلي وأصلي في البيت، مع أن هذا يحز في نفسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تجزئ الصلاة خلف إمام يلحن في الفاتحة لحنا مغيراً للمعنى كإبدال القاف بحرف آخر، فإن كان عاجزاً عن تعلم النطق الصحيح فصلاته صحيحة لنفسه ولمن كان مثله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام المذكور يبدل القاف بحرف آخر فلا تجزئ الصلاة خلفه، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 102842.
وبناء عليه فيتعين تنبيه جماعة المسجد على عدم إجزاء الصلاة خلفه، لأن هذا من باب النصيحة، كما لا تجزئك أنت الصلاة خلفه فلتصل في مسجد آخر إن وجدته وإلا فصل في بيتك جماعة مع من في البيت إن وُجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(11/10160)
حكم اقتداء الرجل بالمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متزوج يشكو من مرض القلب، ومن آلام الركبتين..مما يجعله يؤدي صلاته جالسا ... وهو يعني بسبب هذا المرض وبسبب صلاته في وضعية الجلوس من السهو بشكل دائم، حيث انه لا يتذكر عدد الركعات والسجدات التي قام بها.
سؤالي هو:
هل يحق لهذا الرجل أن يصلي مأموما خلف زوجته كي يقتدي بها في صلاته ليكف بذلك عن السهو والنسيان.
أرجو منكم الإرشاد للطريقة المثلى لكيفية الصلاة الواجبة على هذا الرجل كي تكون صلاته صحيحة.
ادعوا له بالشفاء ولجميع المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز اقتداء الرجل بالمرأة في الصلاة، ولا يجزئه ذلك عند عامة الفقهاء، سواء كان مريضا أو صحيحا. ومن ابتلي بكثرة السهو في الصلاة فليأت بما على ما يغلب على ظنه أنه عدد ركعاتها ولا يلتفت للشك، إذ لا طائل من ورائه، ولا يلزمه سجود سهو. ومن العلماء من يرى أنه يستحب له ملازمة سجود السهو بعد السلام في هذه الحالة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصحيح الذي عليه عامة الفقهاء عدم صحة اقتداء الرجل بالمرأة، سواء كان مريضا أو صحيحا، ففي كتاب الأم للشافعي: وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة، وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة؛ لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء، وقصرهنَّ عن أن يكن أولياء وغير ذلك، ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبداً. انتهى
وفي بدائع الصنائع في الفقه الحنفي: ولا يجوز الاقتداء بالكافر، ولا اقتداء الرجل بالمرأة؛ لأن الكافر ليس من أهل الصلاة، والمرأة ليست من أهل إمامة الرجال فكانت صلاتها عدما في حق الرجل. انتهى
وفي مختصر خليل في الفقه المالكي: وبطلت باقتداء بمن بان كافرا أو امرأة أو مجنونا. انتهى
وقال ابن قدامة في المغني: وأما المرأة فلا يصح أن يأتم بها الرجل بحال في فرض ولا نافلة، في قول عامة الفقهاء.انتهى
هذا ما يتعلق بحكم اقتداء الرجل بالمرأة.
أما فيما يتعلق بكثرة سهو الرجل المذكور وملازمته له في الصلاة فليأت بما على ما يغلب على ظنه أنه عدد الصلاة ولا يلتفت للشك، إذ لا طائل من وراء ذلك، ولا يلزمه سجود سهو، لأن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها. وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 22408.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(11/10161)
خطأ المأموم في التشهد الأول ونسيانه الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ليلة الأمس وبينما كنت في المسجد وأثناء القعود الأول وبينما نقول فيه التحيات لله والصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي العربي وأشهد أن لا إله إلا الله لم أقف بل سهوت وتابعت الصلوات الإبراهيمية كلها ولكن سرعان ما اكتشفت خطئي ولكن عند الوقوف الثالث نسيت قراءة الفاتحة علما بأن الصلاة كانت جماعة في المسجد والسؤال ما هو حكم صلاتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
التشهد الأول سنة عند أكثر أهل العلم، وتركه أو الخطأ فيه لا يبطل الصلاة، والإمام يحمله عن المأموم. وزيادة الصلاة الإبراهمية فيه لا حرج فيها.
ونسيان المأموم الفاتحة خلف إمامه لا يبطل الصلاة عند بعض أهل العلم، وإن كان الأولى إعادتها احتياطا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتشهد له صيغ مأثورة وبعض هذه الصيغ سبق بيانه في الفتوى رقم: 8103.
وإن كان خطؤك في قراءة التشهد هو لتركك السلام على عباد الله الصالحين، وكذا تركك شهادة أن محمد ارسول الله. فهذا الخطأ لا يبطل الصلاة فالتشهد الأول سنة عند أكثر أهل العلم، وبالتالي فالخطأ فيه أو تركه أو بعضه لا يبطل الصلاة والإمام يحمله عن المأموم. وراجع الفتوى رقم: 59826.
ويكون الاقتصار في هذا التشهد على لفظه دون الصلاة الإبراهيمية أو غيرها من صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 10357.
وإن قرأ الصلاة الإبراهيمية فلا حرج. كما أن المأموم إذا نسي قراءة الفاتحة خلف إمامه فصلاته صحيحة عند بعض أهل العلم. وإن أعاد الصلاة احتياطا فذلك أفضل. وراجع الفتوى رقم: 80980.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(11/10162)
هل الأولى بالتقديم للإمامة المفترض أم المتنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل لمن فاتته صلاة المغرب مع الجماعة أن يؤمه واحد يكون قد صلى مع الجماعة أم أن يؤم هو أحد المصلين الذين صلوا المغرب في جماعة؟
وفي حالة ما إذا أم هو أحد المصلين الذين صلوا الجماعة هل يجب على الأخير أن يصلي معه ثلاث ركعات أم أنه يبقى جالسا بعد التشهد الأول وينتظر الإمام حتى يصل إلى التشهد الثاني؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى في هذه الحالة والله أعلم هو أن يكون الشخص الذي فاتته الجماعة إماما إن كان يصلح لذلك، لأن من أهل العلم من يرى عدم صحة اقتداء المفترض بالمتنفل، والشخص الذي قد أدى الصلاة جماعة تعتبر صلاته مرة أخرى نفلا وصدقة على المنفرد، وإذا صلى الذي فاتته الصلاة إماما فلم نجد من ذكر أن المقتدي به يسلم من ركعتين. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 32434، والفتوى رقم: 40780.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1429(11/10163)
الصلاة في الصف الأول إذا ترتب عليها فوات صلاة الجنازة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنه في يوم الجمعة في المسجد الأقصى (خاصة) إذا أردت أن أصلي في الصفوف الأولى فإنني لا ألحق صلاة الجنازة إن كان هنالك جنازة حيث إنهم يصلون ولا يستطيعون انتظار كل المصلين، فأيهما أفضل الصفوف الأولى أم صلاة الجنازة؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تقدم فضيلة الصف الأول ولو ترتب على الصلاة فيه فوات صلاة الجنازة لإمكان حضور الدفن الذي يعادل ثوابه ثواب الصلاة على الجنازة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت الترغيب في أداء الصلاة في الصف الأول وهو الذي يلي الإمام، ففي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ولو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا. وللمزيد راجع في ذلك الفتوى رقم: 93742، والفتوى رقم: 40745.
كما ثبت أيضاً الترغيب في حضور الصلاة على الجنازة ودفنها، ففي الصحيحين وغيرهما أيضاً من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان. قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين. وبناء على الحالة التي ذكرت فالأفضل في حقك الحرص على فضيلة الصف الأول لعدة أمور:
1- قد لا توجد جنازة بعد الصلاة.
2- قد تدرك الصلاة عليها فتحرز الفضيلتين.
3- في حال فوات الصلاة على الجنازة قد تدرك حضور الدفن وثوابه يعادل حضور الصلاة عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1429(11/10164)
ما يفعل المأموم إذا فرغ من الفاتحة قبل الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الجماعة في الركعات التي تقرأ فيها الفاتحة، لو انتهيت من قراءة الفاتحة قبل الإمام ماذا أفعل هل أقرأ الفاتحة مرة أخرى أم أدعو بما شئت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للمأموم أن يبقى ساكتاً إذا فرغ من القراءة قبل الإمام في حالة السر، ولا يشرع له إعادة الفاتحة بل يشتغل بقراءة المزيد من القرآن أو الدعاء كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 50246، والفتوى رقم: 51539.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1429(11/10165)
أحوال الاقتداء بالإمام الذي يلحن في الفاتحة وغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[شكرا على الموقع المفيد، أدام الله فضلكم، أرجو الإجابة على السؤال التالي، دخلت زاوية معدة للصلاة لأصلي صلاة (لا يتم الجهر فيها بقراءة الفاتحة) (الظهر أو العصر) فسارع رجل (غير عربي) للإمامة للصلاة، وفي هذه الحالة لا ندري هل يحسن قراءة الفاتحة أم لا، غير أن هؤلاء عندما يقومون من (الركوع) أحيانا يقولون (سمأ الله لمن همده) بدلا من (سمع الله لمن حمده) وأحيانا ينطقونها صحيحة في ركعة وبالخطأ في الثانية. فما الحل جزاكم الله خيرا؟ ، هل نأتم بهم؟ أم نصلي فرادى؟ وإذا ائتممنا بهم وظهر خطأ نطقهم هل ننوي المفارقة في الصلاة ونصلي بحركات مشابهة كما سمعت فيما مضى من بعض طلاب العلم الأفاضل؟، وما على المرء إذا كانت بعض هذه الصلوات غير صحيحة؟ هل يعيد ما لا يحصيه من هذه الصلوات؟ ، أم يعتمد على زيادة النوافل من الصلوات؟ ، علما بأنني أميل للرأي القائل بأنه لقضاء الفوائت من الصلوات فإنه يزيد المرء من النوافل والله أعلم، أعذرونا على جهلنا! ، وفي حال الصلاة التي يتم (الجهر فيها بقراءة الفاتحة) وظهر خطأ الإمام في بعض الحروف في الفاتحة علما بأن هذا مما عمت به البلوى (أقول لك أن هناك من الأئمة المعتمدين في المساجد الصغيرة من يخطئ في الحروف فيقولون مثلا إهدنا الصراط المسطقيم بدلا من المستقيم وغيرها كثير وأنتم لا شك تعلمون ذلك) فما بالكم بالإمام عندما يكون من العامة من العرب كحالتي؟ أو وغيرهم من الجنسية الهندية أو الباكستانية...... إلخ؟ شاكرين لكم جهودكم الرائعة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يطالب المأموم بالبحث عن قراءة الإمام في السر لأن ذلك مما يعسر، بل له أن يصلي مع جماعة المسلمين حيثما وجدها، فإن تبين له أن الإمام يلحن في الفاتحة لحنا يخل بالمعنى نوى مفارقته وأتم صلاته، ولا يجوز له الاقتداء به بعد أن علم حاله، فإن اقتدى به بطلت صلاته وعليه إعادتها سواء كانت صلاة واحدة أو أكثر، فإن لم يعلم عدد تلك الصلوات التي صلاها على هذه الحالة أعاد من الصلوات ما يغلب على ظنه أنه عدد ما عليه من فوائت الصلاة، هذا كله إذا كان المأموم يحسن قراءة الفاتحة، فإن كان مثل الإمام في اللحن صحت صلاته، ويجب عليهما التعلم وإصلاح ما تصح به صلاتهما إن أمكن ذلك، أما اللحن في غير الفاتحة مثل إبدال الحاء عينا من التسميع فلا يبطل الصلاة ولا يبيح مفارقته لأنه لحن في غير الفاتحة، ويرى المالكية أن اللحن إذا كان غير متعمد لا تفسد به الصلاة ولو كان في الفاتحة سواء في ذلك الإمام والمأموم، وعلى هذا القول لا يشرع للمأموم مفارقة الإمام الذي يلحن في الفاتحة إذا لم يتعمد اللحن، لكن يكره الاقتداء به إن وجد من هو أحسن منه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تعلم أن الشخص الذي اقتديت به يلحن في الفاتحة لحنا يخل بالمعنى فصلاتك صحيحة لأن المسلم له أن يصلي مع المسلمين حيثما كانوا، ولا يطالب بالبحث عن قراءة الإمام في السر، لأن ذلك مما يعسر.
قال ابن قدامة في المغني: إن صلى القارئ خلف من لا يعلم حاله في صلاة الإسرار صحت صلاته ; لأن الظاهر أنه لا يتقدم إلا من يحسن القراءة، ولم يتخرم الظاهر. انتهى.
فإن سمع قراءته وعلم أنه يلحن في الفاتحة لحنا يخل بالمعنى مثل من يبدل حرفا بحرف نوى مفارقته وأتم صلاته، ولا يجوز له الاقتداء به بعد أن علم حاله، فإن اقتدى به بطلت صلاته وعليه إعادتها، سواء كانت صلاة واحدة أو أكثر، فإن لم يعلم عدد تلك الصلوات التي صلاها على هذه الحالة أعاد من الصلوات ما يغلب على ظنه أنه عدد ما عليه من فوائت الصلاة، هذا كله إذا كان المأموم يحسن قراءة الفاتحة، فإن كان مثل الإمام في اللحن صحت صلاته، ويجب عليهما التعلم وإصلاح ما تصح به صلاتهما إن أمكن ذلك، أما اللحن في غير الفاتحة مثل إبدال العين همزة من التسميع فلا يبطل الصلاة ولا يبيح مفارقته.
قال ابن قدامة في المغني: ومن ترك حرفا من حروف الفاتحة; لعجزه عنه، أو أبدله بغيره، كالألثغ الذي يجعل الراء غينا، والأرت الذي يدغم حرفا في حرف، أو يلحن لحنا يحيل المعنى، كالذي يكسر الكاف من إياك، أو يضم التاء من أنعمت، ولا يقدر على إصلاحه، فهو كالأمي، لا يصح أن يأتم به قارئ. ويجوز لكل واحد منهم أن يؤم مثله ; لأنهما أميان، فجاز لأحدهما الائتمام بالآخر، كاللذين لا يحسنان شيئا. وإن كان يقدر على إصلاح شيء من ذلك فلم يفعل، لم تصح صلاته، ولا صلاة من يأتم به.
إلى أن قال: تكره إمامة اللحان، الذي لا يحيل المعنى، نص عليه أحمد. وتصح صلاته بمن لا يلحن ; لأنه أتى بفرض القراءة، فإن أحال المعنى في غير الفاتحة، لم يمنع صحة الصلاة، ولا الائتمام به، إلا أن يتعمده، فتبطل صلاتهما. انتهى.
ويرى المالكية أن اللحن إذا كان غير متعمد لا تفسد به الصلاة ولو كان في الفاتحة سواء في ذلك الإمام والمأموم. وعلى هذا القول لا يشرع للمأموم مفارقة الإمام الذي يلحن في الفاتحة إذا لم يتعمد اللحن، لكن يكره الاقتداء به إن وجد من هو أحسن منه.
قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير في الفقه المالكي: وحاصل المسألة أن اللاحن إن كان عامداً بطلت صلاته وصلاة من خلفه باتفاق، وإن كان ساهيا صحت باتفاق، وإن كان عاجزاً طبعاً لا يقبل التعليم فكذلك لأنه ألكن، وإن كان جاهلاً يقبل التعليم فهو محل الخلاف سواء أمكنه التعليم أم لا؟ وسواء أمكنه الاقتداء بمن لا يلحن أم لا، وإن أرجح الأقوال فيه صحة صلاة من خلفه وأحرى صلاته هو لاتفاق اللخمي وابن رشد عليها. انتهى.
هذا إضافة إلى أن المتأخرين من الحنفية يرون صحة الاقتداء بمن يبدل حرفا من الفاتحة نظراً لعموم البلوى بذلك عند كثير من الناس حيث لا يقيمون الحروف إلا بمشقة.
وراجع الفتوى رقم: 60642.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1429(11/10166)
موقف الزوجة والأولاد الذكور والإناث إذا صلوا جماعة بالبيت
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أراد أن يصلي الزوج إماما بزوجته, فكيف يقفان في الصلاة (جنبا إلى جنب, أم تتراجع الزوجة لتشكل صفا بمفردها) ، وكيف يكون الحال لو أراد الرجل أن يصلي إماما بزوجته وأولاده الذكور والإناث، فهل يشكل الذكور صفا والإناث صفا, أم أنه لا مانع من وقوفهم جنبا إلى جنب، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا صلى الرجل إماماً بزوجته فالسنة وقوفها خلفه، وإن كان إماماً لأولاده الذكور والإناث جعل الذكور صفاً خلفه والإناث صفاً خلف الجميع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا صلى الرجل إماماً بزوجته فالسنة وقوفها خلفه ولا تقف يمينه ولا يساره، وإن صلى بأولاده الذكور والإناث فيكون الذكور صفاً خلفه والإناث -ومن ضمنهم زوجته إن وُجدت- صفاً خلف الجميع، وراجع الفتوى رقم: 6290، والفتوى رقم: 8648.
مع التنبيه على أن صلاة الجماعة في المسجد واجبة على ما رجحه بعض أهل العلم في حق الرجل المستطيع الذي يسمع النداء، كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 34242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1429(11/10167)
حكم صلاة المأموم المغرب خلف من يصلي العصر قضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد انتهاء صلاة المغرب تذكرت أنه فاتتني صلاة العصر فقمت لأصليها وفي الركعة الأولى أتى شخص من خلفي وقدمني لإمامته، مع العلم أنني نويت صلاة العصر "قضاء" وهو يريد أن يصلى المغرب.
... ... ... 1) هل يمكنني إمامته؟
... ... ... 2) إذا كان نعم فهل أجهر بها أم أكملها سرية؟
... ... ... 3) وإذا أكملتها سرية فما موقف المأمومين الذين يصلون المغرب وهي"جهرية"؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تجزئ صلاة المغرب أداء خلف إمام يصلي العصر قضاء، ولا يجهر الإمام بالقراءة في هذه الحالة، ولا تأثير لذلك على صلاة المأموم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجوز صلاة المغرب خلف من يصلي صلاة العصر قضاء كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 24949، فبعد صلاة الإمام هنا ثلاث ركعات يجلس المأموم ولا يتبعه في الرابعة، ثم الأفضل أن ينتظره ليسلم معه، وإن شاء فارقه وسلم، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 7065.
ولا يجهر الإمام بقراءته أثناء صلاة العصر هذه، ولا تأثير لذلك على صلاة المأموم الذي يصلي المغرب، فالسر في محله مستحب ولا تبطل الصلاة بتركه، ويحمله الإمام عن المأموم.
وراجع الفتوى رقم: 33234.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1429(11/10168)
عدم سماع لفظ التكبير كاملا هل يؤثر على صلاة المأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام المسجد الذي نصلي به لا يحضر أحيانا يصلي بنا المؤذن والمؤذن عند كل حركات الصلاة لا ينطق الله أكبر كاملة بل الله ولا نسمع (أكبر) كذلك سمع الله لمن حمده لا تظهر في النطق كلمة (لمن حمده) وبعد الاستفسار منه قال بأنه ينطقها ولكن لا تظهر. علماً بأنه عند الأذان صحيح النطق لـ الله اكبر وكذلك عند تكبيرة الإحرام في بعض المرات نسمع اللفظ كاملاً نرجو الإفادة عن حكم الصلاة معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام المؤذن أو الإمام يأتي بالتكبير والتسميع فلا يؤثر عدم سماعهما بالكامل على صحة الصلاة، ولا مانع من الصلاة معه مع التنبيه على أن الجهر بالتكبير والتسميع في حق الإمام سنة، وليس واجبا. وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 55922.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(11/10169)
ما يفعله المأمومون إذا مات الإمام أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يجب على المصلين فعله بعد وفاة الإمام أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 19170 بيان ما يفعله المأمون لو مات الإمام أثناء الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1429(11/10170)
الأولى بسد الفرجة في الصف المقدم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم
شيخنا الفاضل وفقك الله وسدد خطاك
لي سؤال لم أجد له إجابة حول الصف الأول في صلاة الجماعة، فكما هو معلوم من فضل الصف الأول فالذي يليه إلى الأخير إذا حدثت فجوة في الصف الأول, هل هناك ترتيب في الأحقية بالتقدم لسد الثغرة
أقصد هل أول من حضر في الصف الذي يليه أولى بذلك المكان أم لكل منا حق في التقدم طبعا دون إحداث خصومات؟
بارك الله فيكم وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله عز وجل. رواه أحمد، وأبو داود والنسائي، واللفظ له، ولم يرد في السنة فيما نعلم تعيين من هو الأولى بإتمام الفرجة إذا حدثت في الصف، والإطلاق في النصوص الواردة في وصل الصف وسد الفرجات يفيد الترغيب لكل مصل في المبادرة والمسارعة إلى سدها، وقد يقال إن من كان بمحاذاة الفرجة من الصف الذي يليها أولى ممن كان بعيدا عنها لأن من كان بمحاذاتها لم يحتج إلى حركة كثيرة ومشي كثير لسدها بخلاف البعيد عنها، ومع هذا، فإذا لم يتقدم لها من هو قريب منها فلا شك أن على غيره أن يتقدم لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1429(11/10171)
مسائل حول الفتح على الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكركم على الفتوى رقم 4195 ونريد أن نسألكم كالتالي:
1_ إذا قفز الإمام عن آية أو جزء منها واستكمل بقية السورة فهل يرده المأموم مباشرة أو يدع الإمام يكمل قراءته؟
2_ ماذا عن إذا قرأ الإمام سورة ووقف في القراءة لأنه نسي هل على المأموم أن يرده مباشرة ومن أول مرة أو يدع الإمام ينتظر وهو يُعيِد في الآية التي نسيها والتي يمكن أن يتذكرها أو لا يتذكرها نهائياً؟
3_ ماذا يفعل المأموم في حال إذا قرأ الإمام آية وبينما هو يقرأ هذه الآية قال كلمة هي ليست موجودة في الآية نهائياً أو قال كلمة أخرى مكان الكلمة الصحيحة؟
مثال على السؤال الثالث:
الخطأ:
{إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن له بمؤمنين}
الصحيح:
{إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين} .
سورة المؤمنون آية {37} ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إذا أخطأ الإمام في غير الفاتحة خطأ يخل بالمعنى وجب على المأموم أن يصلح إن كان يستطيع الإصلاح، وإن كان خطأ لا يخل بالمعنى مثل ترك آية جاز للمأموم أن يصلح له ولا يجب ذلك عليه هذا عن السؤال الأول.
أما عن السؤال الثاني: إذا توقف الإمام في القراءة شرع للمأموم أن يفتح عليه بعد أن يتريث ويعلم أن الإمام متوقف حقيقة.
وعن السؤال الثالث تقدم أنه لا يجب على المأموم الفتح على الإمام في غير الفاتحة إلا إذا أخل بالمعنى، والظاهر أن المثال المذكور لم يكن من قبيل الإخلال بالمعنى الذي يجب إصلاحه، وعليه فلا تبطل الصلاة بإصلاحه له أو بترك إصلاحه لأنه لم يغير المعنى وليس في الفاتحة. ولبيان كلام أهل العلم في هذه المسألة يراجع الفتوى: 62629، والفتوى رقم: 62679.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(11/10172)
صلاة الرجل بأخت زوجته دون من سواها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلّي بأخت زوجتي دون سواها، وهل يجوز أن أصلّي بزوجتي وأختها معا، فأرجو أن تفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل أن يختلي بامرأة أجنبية ولو في الصلاة، وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم. رواه البخاري.
فإذا انتفت الخلوة جاز ذلك، قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: وإن أم بأجنبية وخلا بها حرم ذلك عليه وعليها للأحاديث الصحيحة التي سأذكرها إن شاء الله تعالى، وإن أم بأجنبيات وخلا بهن فطريقان: قطع الجمهور بالجواز، ونقله الرافعي في كتاب العدد عن أصحابنا، ودليله الحديث الذي سأذكره إن شاء الله تعالى، ولأن النساء المجتمعات لا يتمكن في الغالب الرجل من مفسدة ببعضهن في حضرتهن. انتهى.
ويمكن مراجعة الفتوى رقم: 19583 للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(11/10173)
جواب شبهة حول الصلاة خلف الأئمة بالمساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يقول إن الصلاة في المسجد غير جائزة بحجة أن الأئمة لا يقولون الحق وبهذا يعتبرون أئمة بلاط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى حكم الصلاة خلف الإمام المتلبس ببدعة أو فسق، وأن الصلاة خلفه صحيحة مع الكراهة كما في الفتوى رقم: 42670، والفتوى رقم: 7332.
ونصيحتنا للرجل المشار إليه – إن لم يكن من العلماء أهل الفتوى- أن يكف عن إصدار الفتاوى فهذا خير له وأسلم لدينه، لا سيما وأن كثيرا ممن ينقصهم العلم والحلم ينتقصون العلماء وطلاب العلم لأنهم لا يشاركون دهماء الناس في إثارة الفتن وسفك الدماء والتهييج الذي لم تجن الأمة منه سوى الفتن والبلابل، فيتهمونهم بأنهم لا يقولون الحق وأنهم علماء سلطان ونحو ذلك من ألقاب السوء التي نسمعها ويرمى بها أهل العلم والصلاح.
وانظر للأهمية الفتوى رقم: 18514، والفتوى رقم: 29139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1429(11/10174)
تركا الجماعة مع صديقهما حتى لا يفوتا تكبيرة الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في رحله مع صديقين. وأردنا أن نصلي الظهر والعصر قصرا. وكان صديقنا الثالث مازال يتوضأ وعندما رأيناه انتهى من وضوئه ودخل المسجد بدأ صديقى يقيم الصلاة وبعد أن أقام الصلاة وبدأت أنا في تلاوة الفاتحة. فوجئت أن صديقنا الثالث سحب صديقنا الثاني (الذي أقام الصلاة) (والذى لم يكن قد بدأ تكبيرة الإحرام) من جانبي. وتركاني أصلي بمفردي بعد أن كنت إمام صديقي الثاني. وقاما هما بالصلاة مع بعضهما جماعة. وبعد أن انتهينا من الصلاه فوجئت بصديقنا الثالث مقتنعا تماما بما فعل متصورا أن هذا أفضل له حتى يضمن إدراك تكبيرة الإحرام التي لم يلحقها إذا انضم للجماعة ورائي.
أفيدونى بالله عليكم ماحكم الشرع في هذا التصرف من كلا الصديقين وهل هذا جائز أم لا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ما فعله صديقاك من التخلف عن أداء الجماعة معك لأجل فوات الإحرام يدل على قلة علمهما، وقد كان ينبغي لهما أن يدخلا معك في الصلاة لتكثير الجماعة وهذا أعظم للأجر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه أحمد وأبو داوود والنسائي.
ولاشك أن إدراك تكبيرة الإحرام له فضل، ولكن تكثير الجماعة أوكد فيما نرى لصحة الأحاديث فيها، ولا سيما وأن الأحاديث الواردة في فضل تكبيرة الإحرام على الخصوص لا تخلوا أسانيدها من ضعف كحديث: من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان من النار وبراءة من النفاق، فقد قال الحافظ في التلخيص: الترمذي من حديث أنس وضعفه ورواه البزار واستغربه..إلخ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(11/10175)
تجنب الإمام الغلظة وحرصه على الرفق بالمصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وأفضل الصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد:
كنت مسافراً من دبي إلى العين والمسافة حوالي 160 كم وحانت صلاة الظهر ونحن في الطريق ودخلنا إحدى محطات البترول للصلاة ومن المعلوم أن هذه المحطات يوجد فيها مساجد صغيرة للصلاة ومن النادر أن يكون هناك إمام لهذه المساجد، ودخلت وصليت ركعتين سنة وجلست أنتظر والناس ينتظرون الإقامة ودخل الوقت بعد الآذان ولم يقم أحد، ونظراً لسفري كثيراً بين الامارات كان يقوم أحد المسافرين بالإقامة والإمامة في أغلب الأحيان، وفي هذا اليوم قمت أنا وأقمت الصلاة وكان في المقدمة رجل يصلي وكانت صلاته طويلة لدرجة أني من وقت دخولي المسجد وأديت ركعتي السنة وجلست أنتظر ودخل الوقت (الوقت بعد الآذان يكون 20 دقيقة) وهو يصلي طبعا أنا انتظرته إلى أن دخل في التشهد الأخير فقمت وأقمت الصلاة، وأنا أقيم الصلاة أصبح يؤشر لنا بيده اليسرى بالانتظار وأطال التشهد (أي أقمت الصلاة ووقفنا طويلا ننتظره وكأنه تعمد الإطالة بالتشهد والله أعلم) وعندما انتهى وقف وقال لا يجوز هذا الأمر ألا تعرفون أنه يوجد إمام، فقلت له يا شيخ إن وقت الصلاة قد فات وهذا طريق سفر فرد علي لا يجوز ويجب الالتزام والتقيد.. وأقام الصلاة مرة أخرى، وكانت نبرة كلامه فيها غلظة وحدة ... فسؤالي هو: أريد أن أعرف هل أنا أخطأت، وهل يجوز له أن يطيل صلاته بعد سماع إقامة الصلاة أو يجب عليه الاختصار بها للحاق بصلاة الجماعة حتى ولو كان هو الإمام، مع العلم بأنه كان في التشهد الأخير، وهل من حقه أن يتصرف بهذه الطريقة ويقيم الصلاة مرة أخرى، مع العلم أنني أقمت الصلاة ولم أتقدم للإمامة بالناس بعد أن اشار لنا بيده، هذا اليوم كان أول أيام عيد الأضحى المبارك، فأفيدونا أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان واقع الحال ما ذكر من أن تلك المساجد يندر أن يوجد فيها إمام راتب لأنها في طريق سفر، وأن الوقت المحدد لانتظار الصلاة قد مضى وكان في التأخير مشقة على المصلين ومنهم المسافرون، فنرجوا أنه لا حرج على الأخ السائل في إقامته للصلاة من غير إذن الإمام الراتب الذي لم يعلم بوجوده، ولا ينبغي للإمام أن يؤخر إقامة الصلاة بحيث يشق على الناس، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به. رواه مسلم.
كما أنه ينبغي للإمام أيضاً أن يكون رفيقاً بالناس في أمره ونهيه، فقد قال الله تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ {آل عمران:159} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ... رواه البخاري.
وأما إعادة الإقامة فالأصل أن إقامة الصلاة لا تكون إلا بإذن الإمام، فلو أقيمت الصلاة بغير إذنه ففي الاعتداد بها خلاف بين الفقهاء، والراجح أنه يعتد بها كما ذكرناه في الفتوى رقم: 48992، وعليه فقد كان الأولى بالإمام المشار إليه أن يعتد بالإقامة الأولى ولا يحتاج الأمر إلى إقامة جديدة، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 40074.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(11/10176)
إقامة الصفوف وتسويتها على مذهب الإمام مالك
[السُّؤَالُ]
ـ[في مساجد تونس عادة سيئة تتمثل في المزاحمة الشديدة في صفوف المصلين فنرى كثيرا من المصلين يلتصق بعضهم ببعض جريا إلى الصف الأول حتى يضطر البعض في بعض الأحيان إلى إخراج عضد أو عضدين من الصف فيكون أسفل الإبط ملتصقا بالمصلي المحاذي مع الضغط. ومن جهة الأقدام فالبعض يباعد بين قدميه حتى الالتصاق بقدم من يحاذيه من المصلين إلى حد الإذاية أحيانا. ويدعي هؤلاء أن ذلك من فعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين. ولكن الله تعالى رفيق ويحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على سواه من الطاعات. ونحن مالكيو المذهب في تونس، ولم أجد تفصيلا في هذه المسألة في شرح الرسالة (الفواكه الدواني) ولا في شرح متن ابن عاشر للشيخ ميّارة. فهلا تفضلتم بتوضيح هذه المسألة على المذهب المالكي وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا شك أن المباردة إلى الصف الأول تعتبر عادة حسنة، ودليلا على حرص المسلم على الخير وقوة إيمانه وتصديقه بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الترغيب فيه من التسابق إلى الصف المقدم والحث على المزاحمة في سبيل ذلك، كما أن إقامة الصف وتسويته وتراص المصلين فيها بحيث لا تبقى فرجة بينهم من سنن الصلاة عند جمهور العلماء ومنهم المالكية، لكن لا ينبغي أن يبالغ في التراص والمزاحمة بحيث يختل الصف، ويصير بعض المصلى خارجا عن الصف، فإن هذا مناف لظاهر الأحاديث الدالة على الأمر بانتظام الصف وإقامته وتسويته والمحاذاة بين الأعناق والمناكب، ولا سيما إن كان ذلك لغير ضرورة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المباردة إلى الصف الأول، والحرص على تحصيل مكان فيه تعتبر عادة حسنة، ودليلا على حرص المسلم على الخير، وقوة إيمانه بما ثبت عن رسول الله صلى في الترغيب في المبادرة عليه، والحرص عليه، وهذا الترغيب ثابت في الأحاديث الصحاح التي رواها مالك وغيره، من ذلك ما في الموطأ عن مالك بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لا ستهمو، اولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا.
كما أن إقامة الصف وتسويته والتراص؛ بحيث لا تبقى بين المصلين فرجة من سنن الصلاة عند جمهور العلماء ومنهم المالكية، لكن لا ينبغي أن يبالغ في التراص والمزاحمة بحيث يختل الصف ويصير بعض المصلى خارجا عن الصف فإن هذا مناف لظاهر الأحاديث الدالة على الأمر بانتظام الصف وإقامته وتسويته والمحاذاة بين الأعناق والمناكب، ولا سيما إن كان ذلك لغير ضرورة،
ففي المنتقى على شرح الموطأ للباجي بعد أن ذكر الأحاديث الواردة في الأمر بتسوية الصفوف: ومعنى ذلك أن تسوية الصفوف من هيئات الصلاة وهو يتصل بمقام المأمومين من الإمام،، فإذا كانوا عددا لزم فيهم إقامة الصفوف وهو تقويمها ونماؤها والتراص فيها إلى أن قال: قال ابن حبيب وانضمام الصفوف من التراص والأصل في ذلك ما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالمناكب وبالأعناق فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنه الحذف. .انتهى بحذف قليل.
وفي سنن أبي داود: عن قتادة عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحذف. صححه الألباني:قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود وهو يشرح هذا الحديث: (ر صوا صفوفكم) معناه ضموا بعضها إلى بعض ومنه رص البناء، قال الله تعالى: كأنهم بنيان مرصوص (وقاربوا بينها) أي بين الصفوف بحيث لا يسع بين الصفين صف اخر قاله في المرقاة (وحاذوا بالأعناق) أي اجعلوا بعضها في محاذاة بعض أي مقابلته. انتهى بحذف يسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1429(11/10177)
ثواب الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل فعلاً الإمام له مثل أجر المأمومين في الصلاة، إ ذا كان ذلك صحيحا فهل أحرص على أن أكون الإمام في مصلى العمل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 49364، الجواب على هذا السؤال، وبالرجوع إلى تلك الفتوى يتبين لك أن أجر الإمام الكامل الأهلية أكثر من أجر المأموم حسبما يظهر.
وعليه؛ فالحرص على الإمامة من أجل الحصول على المزيد من الأجر يدل على الرغبة في الخير والحرص على الأجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1428(11/10178)
حكم استدعاء إمام ليؤم في غير مسجده
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام معين في مسجد لإقامة الشعائر - هل يمكن أن نستدعيه لمسجد آخر لإقامة صلاة العشاء بأجر خاص على حساب بعض المصلين وهل في ذلك وزر على من تم الاتفاق معه من هذا المسجد وذلك من دون أخذ إذن من المسؤولين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الإمام معينا من قبل جهة ما للإمامة في هذا المسجد فلا يجوز له ترك مسجده والصلاة في مسجد آخر إلا بإذن من قبل الجهة التي عينته، وإذا ترك مسجده بدون إذن حقيقي أو عرفي فإنه يأثم وكذلك من أعانه على ترك ما هو واجب عليه من أهل المسجد الآخر الذين استدعوه.
وننبه السائل إلى أن الإجارة على الإمامة وهو ما يطلبه أصحاب المسجد الثاني من المسائل التي اختلف عليها أهل العلم وجمهورهم على أن ذلك لا يجوز، ومن أجازها من أهل العلم عللوا ذلك بالضرورة، وقالوا إذا لم يأخذ القائمون على الإمامة أجرا أوشك الناس أن لا يجدوا من يصلي بهم.
جاء في رد المحتار: ويكره أي الصلاة خلف من أم بأجرة بأن استؤجر ليصلي إماما سنة أو شهرا بكذا. انتهى.
وجاء في مطالب أولي النهى: قال أبو داود: سمعت أحمد يسأل عن إمام قال: أصلي بكم رمضان بكذا وكذا. قال: أسأل الله العافية، من يصلي خلف هذا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1428(11/10179)
صلاة المفترض خلف المتنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي أمس المغرب وبعد صلاة المغرب قمت أصلي السنة فلقيت واحدا وقف بجانبي على أساس أنه يلحق صلاة المغرب جماعة وأنا كنت أصلي السنة، فهل تجوز الصلاة أم أقوم بإعادة الصلاة ...
وهل يجوز أن أضع شمعة بداخل الحمام عندما ينقطع النور؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك أخي السائل صحيحة وصلاة من ائتم بك صحيحة أيضاً، وقد دلت السنة على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل كما في صلاة معاذ بن جبل رضي الله عنه بقومه العشاء بعد صلاته العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر الفتوى رقم: 513.
كما دلت السنة أيضاً على جواز الائتمام بمن أحرم أولاً منفرداً كما في ائتمام ابن عباس بالنبي صلى الله عليه وسلم بعدما أحرم منفرداً في قيام الليل، وكذا اقتداء جابر وجبار بالنبي صلى الله عليه وسلم بعدما أحرم منفرداً. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ولو أحرم منفرداً ثم نوى الإمامة صحت صلاته فرضاً ونفلاً، وهو رواية عن أحمد اختارها أبو محمد المقدسي وغيره ... انتهى.
ويجوز لك أن تضع شمعة لإنارة الحمام ولا حرج عليك في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1428(11/10180)
ترك الاقتداء بمن يمارس الكهانة والعرافة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب السؤال رقم 2161779.. سؤالي ليس عن حكم الصلاة خلف من يتخلف عن بعض الصلوات بل إن هذا الإمام لا تجوز الصلاة خلفه لأنه يمارس الكهانة والعرافة كادعاء علم الغيب فهو يصلي بنا صلاة الظهر والعصر فقط، ولا يوجد مسجد آخر نصلي فيه ولا نستطيع نصحه ولا عزله فالحل الوحيد هو الصلاة خلفه أو الصلاة في المنزل، فهل أستطيع أن أصلي الفرض في المنزل ثم أصلي وراءه نافلة أو أصلي خلفه نافلة بنية عدم الاقتداء به أم لا يصح الاقتداء به حتى في النافلة أو حتى الوقوف خلفه في الصف لأني لا أريد أن أحرم من أجر الذهاب إلى المسجد والصلاة فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الاقتداء بالشخص الذي يمارس الكهانة والعرافة؛ لما في ذلك من ادعاء علم الغيب الذي هو مخرج عن الملة والعياذ بالله تعالى، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 57010 والفتاوى المحال عليها فيها.
وعلى هذا، فإذا كان الأمر كما ذكر في السؤال أي أنه لا مناص من الصلاة خلف هذا الرجل أو الصلاة في المنزل في هذين الوقتين، فليصل الأخ السائل في المنزل، وليحاول أن يجد من يصلي معه ليحصل على فضل الجماعة، لكن عليه أن يتثبت فيما يقول ويكتب، وليحذر من أن ينسب إلى مسلم ما يقتضي إخراجه عن الملة، إلا إذا كان على يقين من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1428(11/10181)
حكم إمامة من ينطق حرف القاف في الفاتحة باللهجة العامية
[السُّؤَالُ]
ـ[الإمام الراتب للمسجد المجاور عندي لا يجيد القراءة.. فحرف القاف في الفاتحة يقرؤه بالعامية ويجعل مداً عندما يقول سمع الله لمن حمده فيجعلها سامع الله لمن حمده، فما حكم الصلاة خلفه، وهل تبطل الصلاة بهذه الأخطاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يصح الاقتداء بإمام يبدل القاف في الفاتحة بحرف آخر إلا في حق من هو مثله في ذلك الخطأ، أما اللحن في سمع الله لمن حمده فلا يبطل الصلاة لكن يجب إصلاحه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قراءة حرف القاف بالعامية يعتبر إبدالا له بحرف آخر، وقد نص الفقهاء على عدم صحة الاقتداء بمن يبدل حرفاً من الفاتحة أو يلحن فيها لحنا يغير المعنى إلا في حق من هو مثل الإمام في ذلك، كما سبق بيانه في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 97782، والفتوى رقم: 73812.
ولمزيد التوضيح فسنذكر هنا بعض كلام أهل العلم في هذه المسألة.
قال النووي في المجموع: تجب قراءة الفاتحة في الصلاة بجميع حروفها وتشديداتها، فلو أسقط حرفاً منها أو خفف مشدداً أو أبدل حرفاً بحرف مع صحة لسانه لم تصح قراءته.. إلى أن قال: الأمي من لا يحسن الفاتحة بكمالها سواء كان لا يحفظها، أو يحفظها كلها إلا حرفاً، أو يخفف مشدداً لرخاوة في لسانه أو غير ذلك، وسواء كان ذلك لخرس أو غيره فهذا الأمي والأرت والألثغ إن كان تمكن من التعلم فصلاته في نفسه باطلة، فلا يجوز الاقتداء به بلا خلاف، وإن لم يتمكن بأن كان لسانه لا يطاوعه أو كان الوقت ضيقاً، ولم يتمكن قبل ذلك فصلاته في نفسه صحيحة، فإن اقتدى به من هو في مثل حاله صح اقتداؤه بالاتفاق، لأنه مثله فصلاته صحيحة. انتهى.
أما إشباع الحركة من سمع الله لمن حمده، فالظاهر أنه لا يبطل للصلاة لكنه لحن يجب إصلاحه، ثم إن على المصلين أن ينبهوا هذا الإمام على هذه الأخطاء إذ لعله يقوم بها من غير شعور، فإذا نبه على ذلك أصلحها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1428(11/10182)
مسائل في لحن الإمام بالقراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[والله إنني لمحتار بين سؤال أم شكوى ولكن اسمعوني وقرروا أنتم.
الحمدلله الذي أنعم علي بنعمة القرآن وحفظ أجزاء كثيرة منه ومجود ومرتل ترتيلا جميلا جدا ولله الحمد وبنطق صحيح حتى الحروف تخرج من مواضعها ولله الحمد والمنة حيث تعلمت هذا من فضيلة شيخ في الأردن جزاه الله كل خير..
المهم /عندما أقف خلف إمام لا يقرأ القراءة الصحيحة أتضايق وأشعر بأن صلاتي غير جائزة من كثرة التفكير ... وللأسف الشديد عندنا أئمة والله العلي العظيم لو سمعتم قراءتهم لاشمأزت قلوبكم من كثرة الأخطاء التي يخطئونها في كلام الله فكيف للإنسان أن يصلي وراء هذا الإمام ...
مع أني أعلم أن وزارة الأوقاف تختبر الإمام قبل أن يصبح إماما وإلا فالتفسير واضح أنه يصلي من أجل راتب فقط وحصل على الإمامة بالواسطة وللأسف هذا تقصير من وزارة الأوقاف.
فالسؤال: ما حكم الصلاة خلف هذا الإمام؟ وهل تصح الصلاة في البيت جماعة في هذه الحالة أم ماذا؟
مع العلم أنني تحدثت مع بعض الأئمة الذين يخطئون وللأسف عبس في وجهي لأني أنصحه وقال لي أنا على علم بالأحكام كلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان لحن الإمام لحنا يحيل المعنى، وكان اللحن في الفاتحة لم تصح الصلاة خلفه، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 18936، والفتوى رقم: 21577، والفتوى رقم: 38554، والفتوى رقم: 66393. وأما إذا كان لحنه في الفاتحة لا يحيل المعنى فالصلاة خلفه صحيحة، ولا يجوز للمأموم أن يتخلف عن صلاة الجماعة في هذه الحال.
والذي ننصح به الأخ السائل هو أن ينصح هؤلاء الأئمة بحكمة، وأن يسعى في تعليمهم إذا كانت أخطاؤهم محتملة ولا يترتب عليها بطلان الصلاة، وإن كانت أخطاؤهم كبيرة ويترتب عليها بطلان الصلاة ولم يجد بدا من إخبار وزارة الأوقاف فليخبرهم عن حال إمامهم حتى يتم التأكد من صلاحيته للإمامة أو استبداله بغيره إن تبين أنه لا يصلح لها. وانظر الفتوى رقم: 9642. في شروط الإمامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1428(11/10183)
الاقتداء بالإمام الموجود بالطابق العلوي
[السُّؤَالُ]
ـ[الدراسة القرآنية توجد في الطابق السفلي للمسجد، فهل يجوز لمعلم القرآن وتلاميذه البالغين 50 تلميذاً أن يصلوا مع الإمام دون الصعود إلى المسجد، مع العلم بأننا نسمع الإمام عن طريق مكبر الصوت وباستطاعتنا أن نسمعه بدون مكبر للصوت لأنه توجد نافذة صغيرة في السقف والسبب في كل هذا حتى لا تحدث فوضى أثناء الصعود والنزول واقتصادا للوقت؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز لمن كان داخل المسجد في الطابق السفلي الاقتداء بالإمام الموجود في الطابق العلوي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الحال كما ذكرت من كونكم في المسجد نفسه وتسمعون تكبير الإمام بواسطة مكبر الصوت أو بدونه فتجوز لكم الصلاة في الطابق السفلي مقتدين بالإمام في الطابق العلوي.
وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 9605.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(11/10184)
هل يقدم للإمامة من ولد مسلما أم من أسلم حديثا
[السُّؤَالُ]
ـ[من الأحق بالإمامة هل هو المسلم بالفطرة أو المسلم الأجنبي مثل أسترالي مع توافق شروط الإمامة في الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا لم يكن في الجماعة سلطان ولا رب منزل يصلحان لإمامة الصلاة فإنه يؤم أقرأ القوم لكتاب الله تعالى، فإن استووا في ذلك قدم أعلمهم بالسنة والفقه، فإن استووا في ذلك قدم أكبرهم سنا في الإسلام، سواء كان لأبوين مسلمين أم لا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يوجد في الإسلام مسلم أجنبي ولا مسلم غير أجنبي، فبمجرد أن يدخل الشخص في الإسلام فقد صار كغيره من المسلمين مهما كان جنسه أو بلده، أما من حيث التقديم في إمامة الصلاة فإن من السنة أن يقدم للإمامة من هو أكثر اتصافا بالصفات الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما، ولا يؤمن الرجل على سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. رواه مسلم في صحيحه.
وإذا توفرت شروط الإمامة في المسلم الذي ولد لأبوين مسلمين والمسلم الذي ولد لأبوين غير مسلمين من حيث القراءة والفقه وغير ذلك فينظر في سنهما فيقدم أكبرهما سنا في الإسلام، ولا يحسب للمسلم الجديد ما مضى من عمره قبل أن يسلم.
قال النووي في المجموع: وأما السن فالمعتبر سن مضى في الإسلام فلا يقدم شيخ أسلم قريبا على شاب نشأ في الإسلام أو أسلم قبله وهذا متفق عليه عند أصحابنا، وحجته رواية مسلم في صحيحه في حديث أبي مسعود فأقدمهم إسلاما. انتهى.
وللفقهاء عدة اعتبارات أخرى يقدم لها الشخص في حال توفر ما ذكر من الصفات في الجماعة منها الزيادة في الاتصاف بمكارم الأخلاق وحسن اللباس ونحو ذلك، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 79673.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(11/10185)
حكم ركوع الإمام قبل أن يكمل الآية التي يتلوها
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام صلى ولم يكمل الآية فركع، ما حكم قراءة نصف الآية سواء اكتمل المعنى أم لا، ثم ركع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد من السؤال أن الإمام أتى بالفاتحة وآية معها أو أكثر لكنه ختم بقراءة بعض آية فإن هذا لا يؤثر على صحة صلاته وقد أتى بما تحصل به السنة من قراءة ما زاد على الفاتحة.
وإن كان المراد أنه لم يقرأ بعد الفاتحة إلا بعض آية ثم ركع فإن كان لما أتى به معنى تام فقد حصلت السنة عند بعض الفقهاء، وإن لم يكن له معنى فلم يأت بالسنة، مع أن صلاته صحيحة، لكن لا يجوز تعمد هذا الأمر، وانظر الفتوى رقم: 31950، لبيان ما تحصل به السنة من قراءة ما زاد على الفاتحة.
هذا فيما يتعلق بالصلاة، أما من ناحية آداب القراءة فإن الوقف على كلام لم يتم معناه يعتبر من الوقف القبيح الذي لا يجوز تعمده كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 68659.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1428(11/10186)
الاقتداء بالإمام في المسجد عبر مكبر الصوت
[السُّؤَالُ]
ـ[نصلي نحن معشر النساء في مسجد من طابقين الطابق الأرضي لا صلة له بالطابق العلوي سوى كابل المايكريفون ونحن في الصلاة نشعر وكأننا نصلي خلف المذياع حتى إن الإمام عندما يسجد للسهو لا نعلم به فتختلط علينا صلاتنا، كذلك الحال لما يسجد الإمام للتلاوة فإننا نركع بناء على ذلك، فما الفرق بين صلاتنا والصلاة خلف المذياع التي لم يجزها أهل العلم.
ملاحظة هامة نرجو أن تكون إجابتكم واضحة حيث إننا سنعتمدها لصلاة الجماعة في هذا المسجد،أضف إلى ذلك أن الرجال أحيانا وعند الزحام يطردوننا من المسجد للصلاة في هذا الطابق أيضا..............
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يصح اقتداء المأموم بالإمام إذا كان في المسجد مطلقاً، سواء رأى الإمام أو من وراءه، أم لم يرهما وسواء كان بينهما حائل أم لا إذا سمع التكبير.
ولمزيد البسط في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 9605.
وعلى هذا فإن اقتداء هؤلاء النسوة بالإمام عن طريق سماع صوته عبر المايكريفون صحيح لأنهن في بناء المسجد، أما الاقتداء عبر المذياع فليس من هذا القبيل لأن الإمام في أرض والمأموم في أرض أخرى، ولا يصدق عليه معنى الجماعة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 61709.
أما فيما يتعلق باحتجاز الرجال الطابق العلوي وإقصاء النساء عنه عند الحاجة فلعل تبريرهم لذلك هو أن الرجال مطالبون بالصلاة في الجماعة على وجه الوجوب أو السنية المؤكدة بخلاف النساء فإن صلاتهن في المسجد من المباح فقط إذا توفرت شروط الجواز لذلك، وصلاتهن في بيوتهن أفضل.
ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 26957، والفتوى رقم: 65125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1428(11/10187)
إمامة الرجل لنساء أجنبيات عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مسموح لطالب أن يصلي بطالبات مع العلم أن الطالبات يصلين من خلفه مباشرة بدون ستار, يقولون من أجل الربح بصلاة الجماعة, هذا ما يقع عندنا في إحدى المدارس العليا في المغرب المرجو الإجابة في أقرب وقت وبأدلة قرآنية والسيرة النبوية (مع العلم بأن الطالبات لا يرتدين الخمار ولا النقاب بل حجاب عادي إذا نظرت في وجه الطالبة ستفتن) وأنا أتعجب لهذا الإمام الذي يصلي بهن وعند الانتهاء يلتفت إليهن ويرافقهن في الطريق، ذهبت إليهم لكي أنصحهم قالت لي إحدى الطالبات أعطني أدلة على ما تقول الصراحة ليس لي أجوبة كافية على الرد عليها أتمنى أن ترسلوا لي بأجوبة مقنعة؟ ولكم جزيل الشكر (إن الشيطان يزين لهم سوء أعمالهم) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الرجل بأجنبيات جوزها كثير من أهل العلم، وقال بعضهم بكراهتها، هذا ويتعين حرص الطلاب غير المحارم على عدم الاختلاط نظراً لما يسببه الاختلاط من المخاطر، وينبغي أن يتخذ الرجال مكاناً في الجامعة يصلون فيه بأذان وإقامة لما في الصحيحين عن ابن مسعود من الحث على الصلاة في المكان الذي ينادي فيه للصلاة.
وإذا كان هناك مسجد فلا بأس باقتداء النساء بالإمام إن أمنت الريبة، وصلاتهن في مصلى خاص بالنساء أفضل لهن، والراجح أنه يشرع لهن أن يقدمن إحداهن لتصلي بهن فقد يكون هذا أولى بهن من اقتدائهن بالأجنبي.
وأما ستر وجوه النساء فهو محل خلاف بين أهل العلم، وأوجبه المحققون عندما يخاف حصول الفتنة وهذا هو الحق، وخوف الفتنة واقع الآن. وراجع للبسط وبيان الأدلة وهدي السلف في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26491، 73653، 48092، 79158، 50794، 32195، 59641، 65099، 53242، 32935.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1428(11/10188)
تخلف الإمام عن بعض الصلوات هل يمنع الاقتداء به
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان إمام مسجدنا لا تجوز الصلاة خلفه فهو يصلي بنا صلاة الظهر والعصر فقط ولايوجد مسجد آخر نصلي فيه ولانستطيع نصحه ولاعزله فالحل الوحيد هو الصلاة خلفه أو الصلاة في المنزل فهل أستطيع أن أصلي الفرض في المنزل ثم أصلي وراءه نافلة أو أصلي خلفه نافلة بنية عدم الإقتداء به أم لا يصح الاقتداء به حتى في النافلة أو حتى الوقوف خلفه في الصف لأني لا أريد أن أحرم من أجر الذهاب إلى المسجد والصلاة فيه.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
فصلاة الجماعة واجبة على الراجح في حق الرجل المستطيع، وكون الإمام يتخلف عن الحضور في بعض الصلوات فذلك لا يمنع الاقتداء به ولا يجعل الصلاة خلفه محرمة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبة على الراجح في حق الرجل كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 36549.
وبناءً عليه فلا يجوز التخلف عن صلاة الجماعة، وصل الفريضة خلف الإمام المذكور لاسيما إذا كنت لا تجد غيره، وصلاتُك صحيحة، ولاتصل خلفه بنية عدم الاقتداء، ولاتصل الفريضة في بيتك. وراجع الفتوى رقم: 50920.
وقولك [إذا كان إمام مسجدنا لا تجوز الصلاة خلفه] فإن كان الذي تنكرون منه هو حضوره لصلاة الظهر والعصر فقط وتخلفه عن غيرهما من الصلوات فهذا السبب لا يمنع الاقتداء به، ولا يجعل الصلاة خلفه محرمة، وإن كنت مستندا في كلامك لسبب آخر لم تذكره فالرجاء توضيح ذلك. وراجع الفتوى رقم: 93796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1428(11/10189)
الصلاة خلف من يواظب على قراءة البردة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة وراء من يواظب على قراءة البردة دون أن يعتقد بمضمون ما جاء فيها من أبيات كفرية كقول:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... ... سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ... ... فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ... ومن علومك علم اللوح والقلم
وأكرر دون أن يعتقد بمضمونها.
وأرجوا ألا تحيلوني على أجوبة سابقة لأنني لم أجد فيها ما يدل على هذه الحالة أي التعود على القراءة دون الاعتقاد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر على ما تقول من أن هذا الرجل يواظب قراءة تلك القصيدة دون أن يعتقد ما تتضمنه بعض أبياتها من معنى فاسد فلا حرج في الصلاة خلفه إن شاء الله.
ولمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 5211.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1428(11/10190)
تكميل صف الرجال الناقص بالصبيان
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان في الصف الأول نقص في المسجد, فهل من السنّة وهل الأفضل أن يكمّله الصبيان، أم نترك الصف ناقصاً ويقف الصبيان في الصف الثاني أي ذلك أفضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص كثير من الفقهاء رحمهم الله تعالى على أنه لو بقي في صف الرجال متسع فإنه يكمل بالصبيان، قال زكريا الأنصاري في شرح البهجة: فإن لم يكمل صف الرجال كمل بالصبية ... انتهى.
وقال ابن حجر الهيثمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: ولو لم يضق صف الرجال كمل بالصبيان. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 24060، والفتوى رقم: 16099، والفتوى رقم: 8648 وكلها حول أقوال الفقهاء في موقف الصبيان في الصف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(11/10191)
حكم قراءة الإمام من المصحف في الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[إن إمامنا جزاه الله خيرا دائما أو غالبا يفتح مصحفا صغيرا بيده اليمنى، وعندما واجهته أنكر وقال لي أستغفر الله أنا حافظ للقرآن هل تريد أن تختبرني بالحفظ قال إنه مستعد والمهم أنه يفتح وغيري أيضا رآه وسألني كيف رأيتموني وكأنه يستغرب لأنه يحتاط جدا بالشماغ ولا يراه إلا القادم لتكملة الصف الأول بعد شروعه بالقراءة، المهم مسألة فتح المصحف هذه مفروغ منها ولكن السؤال لماذا كذب أو ورى من التورية عندما قال استغفر الله.
وهل يجوز فتح مصحف وما يترتب عليه من حركات زائدة بالفروض وليس الرواتب، وللعلم أن القراءة من المصحف لها أخطاء غريبة منها الوقف ولا يدري متى يختم أحيانا يتلخبط وتجد الركعة الثانية أطول من الأولى لأنه يبحث عن وقف ولا يجد، وفيه أخطاء بالكلمات لفظا مثلا يقرأ (وما تعملون يقرأها وما تعلمون وقس عليها كثيرا؟ بارك الله فيك وأنا والله قصدت أن لا تنتشر هذه الظاهرة بين الأئمة ويقل الحفاظ لكتاب الله.
والله من وراء القصد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أنه لا بأس بحمل المصحف في الصلاة المفروضة والنافلة للقراءة منه على الراجح من أقوال أهل العلم، وأن فتح المصحف وتقليب أوراقه لا مانع منه أيضا لاسيما إن لم يتشاغل بذلك عن الخشوع والتدبر فيما يقرأ، والأولى أن يضعه أمامه كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 37618، والفتوى رقم: 30209.
وأما عن أخطاء الإمام في القراءة في الصلاة فإن كان الخطأ في الفاتحة وكان لحنا يغير المعنى فلا تصح الصلاة خلفه، وإن كان في غيرها ولم يتعمد الخطأ صحت الصلاة خلفه وإن كان متعمدا لم تصح صلاته، ولا صلاة من خلفه، وانظر تفصيل أقوال الفقهاء حول اللحن في القراءة في الفتوى رقم: 13127.
ولا شك أن الأولى أن يتقدم للإمامة من هو أتقن للقراءة حفظا وتجويدا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. أخرجه مسلم وغيره، وتقديم الأقرأ للإمامة فيه أيضا نزع لفتيل الفتنة التي قد تقع في المسجد بين المصلين بسبب أخطاء الإمام، واختلافهم في بطلان الصلاة من صحتها ونحو ذلك.
وأما ما ذكرت من كذب الإمام أو توريته من أنه لا يحمل المصحف في الصلاة فلعله يكون صادقا في قوله لاسيما أن كونه إماما يقتضي حسن الظن به، ولتكن لك أسوة بعيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رأى عيسى بن مريم رجلا يسرق فقال له أسرقت؟ قال كلا والله الذي لا إله إلا هو، فقال عيسى: آمنت بالله وكذبت عيني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(11/10192)
قيام إمام التراويح للثالثة سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على الرسول الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
رمضانكم مبارك وعيد مقبل سعيد.. السؤال: صلى الإمام ركعتي التراويح ثم قام مخطئا، فهل يجوز له الرجوع إذا أراد المأمومون إرجاعه أم يكمل الركعة ثم يسجد للسهو، فالرجاء أن تجيبوني في القريب العاجل؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الإمام قد نوى في ابتداء صلاته التسليم من ركعتين ثم سها في صلاة التراويح وقام إلى ركعة ثالثة فإن المشروع في حق المأمومين أن يسبحوا له حتى يرجع ثم يسجد للسهو.
وانظر للأهمية الفتوى رقم: 49390، والفتوى رقم: 50729 وهذه حول حكم تغيير عدد ركعات النافلة أثناء الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(11/10193)
هل يجهر في راتبة العشاء إذا ائتم به غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على من يصلي سنة العشاء الجهر بها إذا أتى خلفه من يصلي العشاء ليأخذ ثواب الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يطلب ممن يصلي راتبة العشاء أن يجهر لمجرد كونه ائتم به من يصلي العشاء، وقد سبق لنا أن بينا حكم الجهر والإسرار في السنن والنوافل في الفتوى رقم: 57313، وكذا حكم الجهر والإسرار في الفريضة في الفتوى رقم: 34896.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(11/10194)
شرح قول الشافعية (يحرم الركن الفعلي)
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقرأ عن أحكام مخالفة الإمام في الصلاة، ولم أفهم قول الشافعية: وكذا تبطل الصلاة إن تقدم المأموم على إمامه أو تأخر بركنين فعليين بلا عذر أي أنه يشترط تيقن تأخر جميع تكبيرته للإحرام عن جميع تكبيرة إمامه، وألا يتقدم أو يتأخر عن إمامه بركنين فعليين لغير عذر وألا يتقدم سلامه عن سلام الإمام، وعلى هذا لا تبطل الصلاة إن قارنه في غير التحرم، أو تقدم عليه بركن فعلي، أو تأخر عنه به، في الأصح، لكن المقارنة في السلام مكروهة فقط، والسلام قبل الإمام مبطل للصلاة، وإن سبق الإمام بركنين فعليين بلا عذر كأن سجد والإمام في القراءة، بطلت الصلاة، ولا يضر السبق بركنين غير فعليين كتشهد وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يكره بلا عذر، ولا يضر السبق بركنين أحدهما قولي والآخر فعلي كقراءة الفاتحة والركوع، ولكن يحرم الركن الفعلي، هل يعني (يحرم الركن الفعلي) أنه يجب إعادتة، أم يجب إعادة الركعة بعد تسليم الإمام، إم أنه صحيح ولا شيء على المأموم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معنى قولهم يحرم الركن الفعلي أي يحرم على المأموم أن يسبق إمامه بركن فعلي مثل الركوع أو السجود ويأثم بذلك مع صحة الصلاة، قالوا ويستحب أن يرجع إليه ليأتي بالركن خلفه إن سبقه عمداً وله أن ينتظره حتى يلحقه، فإن سبقه سهواً خير بين الرجوع إليه والانتظار حتى يلحقه.
قال في المنهاج في الفقه الشافعي: ولو تقدم بفعل كركوع وسجود إن كان بركنين بطلت، وإلا فلا، وقيل: تبطل بركن. انتهى.
قال الشربيني في مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج: وإلا بأن كان التقدم بأقل من ركنين سواء أكان بركن أم بأقل أم بأكثر (فلا) تبطل صلاته لقلة المخالفة ولو تعمد السبق به لأنه يسير كعكسه، وله انتظاره فيما سبقه به كأن ركع قبله، والرجوع إليه مستحب ليركع معه إن تعمد السبق جبراً لما فاته، فإن سها به تخير بين الانتظار والعود، والسبق بركن عمداً -كأن ركع ورفع والإمام قائم- حرام لخبر مسلم: لا تبادروا الإمام: إذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا. وفي رواية صحيحة رواها الشيخان: أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل رأس الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(11/10195)
يصلي العشاء جماعة ثم يؤم امرأته بنية القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أصلي العشاء فى المسجد دائما، ولكن عندما أرجع إلى البيت فإني أصلي بزوجتى إماما لصلاة العشاء مرة أخرى بنية القضاء، فهل هذا جائز، وهل هناك نية أخرى أنوي بها دون نية القضاء ... جزاكم الله خيراً، أم أتوقف عن الإمامة فى تلك الصلاة، مع العلم بأن زوجتي تحب أن تسمع القرآن فى الصلاة الجهرية وهي من تطلب مني ذلك، فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج عليك فيما تفعل، ولكن عليك أن تنوي التنفل إذا صليت بزوجتك ولا تنوي الفرض.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نقول ابتداء إن القضاء هو فعل الصلاة بعد خروج وقتها، وفعل الصلاة في وقتها لا يسمى قضاء، ولا ينبغي لمن أدى صلاة مفروضة أن يعيدها بنية الفريضة من غير سبب شرعي لأنه لا يشرع تأدية الصلاة المفروضة إلا مرة واحدة، إلا إذا كان ذلك لموجب يقتضيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تعاد الصلاة في يوم مرتين. رواه النسائي وصححه الألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى (2/282) في إعادة الصلاة المفروضة من غير سبب: ... ولا ريب أن هذا منهي عنه، وأنه يكره للرجل أن يقصد إعادة الصلاة من غير سبب يقتضي الإعادة، إذ لو كان مشروعاً للصلاة الشرعية عدد معين، كان يمكن الإنسان أن يصلي الظهر مرات، والعصر مرات ونحو ذلك، ومثل هذا لا ريب في كراهته ... انتهى.
ولكن إن أعادها بنية النفل فهذا جائز وقد كان معاذ بن جبل رضي الله عنه يصلي العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يعود إلى قومه فيصلي بهم العشاء إماماً، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجلين الذين صليا في رحالهما ثم حضرا إلى المسجد وأمرهما بالإعادة: ... فإنها لكما نافلة.. رواه أحمد والترمذي والنسائي. وعليه، فلا حرج على الأخ السائل أن يصلي بزوجته العشاء وينوي بها النفل لا قضاء الفرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(11/10196)
الأولى بالتقديم في الإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أولى بالإمامة؟
طالب علم حافظ للقرآن بقراءة مصره فقط أم حافظ للقرآن بالقراءات العشر ولكنه ليس طالب علم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
من كان له علم بالسنة والفقه ولديه من القراءة ما يقيم به صلاته مقدم في إمامة الصلاة على القارئ بالقراءات بالعشر من غير فقه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان طالب العلم له علم بالسنة والفقه وله من القراءة ما يقيم به صلاته فهو أولى بالإمامة من القارئ بالقراءات العشر فقط من غير فقه ولا علم، هذا مذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنفية.
قال ابن قدامة في المغنى: ويؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى لا خلاف في التقديم بالقراءة والفقه على غيرهما. واختلف في أيهما يقدم على صاحبه؟ فمذهب أحمد، رحمه الله، تقديم القارئ. وبهذا قال ابن سيرين، والثوري، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال عطاء، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور: يؤمهم أفقههم إذا كان يقرأ ما يكفي في الصلاة ; لأنه قد ينوبه في الصلاة ما لا يدري ما يفعل فيه إلا بالفقه، فيكون أولى، كالإمامة الكبرى والحكم. ولنا ما روى أوس بن ضمرة، عن أبي مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا. أو قال: " سلما ". وروى أبو سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا اجتمع ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم. رواهما مسلم.
وفي المهذب للشيرازي الشافعي: وإن زاد أحدهما في الفقه وزاد الآخر في القراءة فالأفقه أولى ; لأنه ربما حدث في الصلاة حادثة يحتاج إلى الاجتهاد. انتهى
وفي المنتقى للباجي: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ أَحَقَّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَفْضَلُهُمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُهُمْ فَقَالَ مَالِكٌ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أفقههم إِذَا كَانَتْ لَهُ حَالٌ حَسَنَةٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يَكُونُ عَالِمًا حَتَّى يَكُونَ قَارِئًا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ وَقَالَ أَصْحَابُ الظَّاهِرِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَكْبَرُهُمْ وَمَعْنَى الْخِلَافِ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ فَقِيهًا عَالِمًا وَيَقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا يُقِيمُ بِهِ صَلَاتَهُ وَلَا يَقْرَؤُهُ كُلَّهُ وَيَكُونُ الْآخَرُ قَارِئًا لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ حَسَنَ التِّلَاوَةِ وَيَعْلَمُ إقَامَةَ الصَّلَاةِ عَلَى وَجْهِهَاإِلَّا أَنَّهُ لَا يَفْقَهُ فِي أَحْكَامِهَا وَلَا يَعْلَمُ دَقَائِقَ أَحْكَامِ السَّهْوِ فِيهَا فَيَكُونُ أَحَقُّهُمَا الْفَقِيهَ إِذَا كَانَتْ لَهُ حَالٌ حَسَنَةٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ تَقْدِيمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ لَمَّا كَانَ أَعْلَمَ الصَّحَابَةِ وَأَفْضَلَهُمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَقْرَأُ مِنْهُ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ أُبَيُّ أَقْرَؤُنَا وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي تَفْتَقِرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَدْ اسْتَوَيَا فِيهِ وَالصَّلَاةُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَطْرَأَ فِيهَا عَلَى الْإِمَامِ مَا لَا يَعْلَمُ حُكْمَهُ الْقَارِئُ فَيُفْسِدُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَنْفَرِدُ بِهِ الْفَقِيهُ. انتهى
وفي المبسوط للسرخسي الحنفي: والأصح أن الأعلم بالسنة إذا كان يعلم من القرآن مقدار ما تجوز به الصلاة فهو أولى ; لأن القراءة يحتاج إليها في ركن واحد والعلم يحتاج إليه في جميع الصلاة والخطأ المفسد للصلاة في القراءة لا يعرف إلا بالعلم، وإنما قدم الأقرأ في الحديث ; لأنهم كانوا في ذلك الوقت يتعلمون القرآن بأحكامه على ما روي أن عمر رضي الله تعالى عنه حفظ سورة البقرة في ثنتي عشرة سنة، فالأقرأ منهم يكون أعلم، فأما في زماننا فقد يكون الرجل ماهرا في القرآن ولا حظ له في العلم فالأعلم بالسنة أولى إلا أن يكون ممن يطعن عليه في دينه فحينئذ لا يقدم ; لأن الناس لا يرغبون في الاقتداء به. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(11/10197)
صلاة التراويح خلف من يلحن في غير الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة إلى سؤالي رقم 2159568 الذي هو يسأل أخ لنا أن إمامهم يصلي بهم العشاء في المسجد وبعدها يجعل رجلا آخر يؤم بهم التراويح ولكن هذا الرجل غير متقن لقراءة القرآن وكثيرا ما يخطئ بالقراءة فضلاً على أنه في بعض الأحيان يبدل الكلمات في الآية أي يخطئ في ترتيب الكلمات في الآية هل يجوز ذلك وماذا يتوجب على المصلين في هذه الحالة وكيف يتم التعامل مع الإمام وكيفية نصحه وهل يجوز الصلاة وما الدلائل من القرآن والسنة التي يجب طرحها على الإمام والرجل حتى ينتهي عن ذلك أفيدونا جزاكم الله خيرا
تم تحويلي إلى فتوى بخصوص خطأ الإمام بسورة الفاتحة وتبين لي أن الفتوى تخص الفاتحة لأنها تبطل الصلاة بدونها
وأنا في سؤال أوضح لكم أن من أم يجيد الفاتحة ولكن يخطئ في السور الأخرى فهل ما ينطبق على الفاتحة ينطبق على باقي القراءة في الصلاة وأضيف أيضاً إلى السؤال إن كان يحسن القراءة كقراءة لغة عربية ولا يحست ترتيل القرآن ولا تجويده فما الجواب في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
تصح الصلاة خلف الإمام الذي لا يحسن أحكام التجويد أو يخطئ في غير الفاتحة ولو كان الخطأ يغير المعنى مادام لم يتعمده أو كان يخطئ في قراءة الفاتحة خطأ غير مغير للمعنى، ولا ينبغى لإمام مسجد متقن للقراءة أن يقدم لإمامة صلاة التراويح من لا يحسن التجويد أو يخطئ في القراءة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان إمام المسجد متقنا للقراءة حفظا وتجويدا فهو الأولى بالإمامة في صلاة التراويح، ولا ينبغي له تقديم من يخطئ في القراءة ولا يحسن أحكام التجويد، ولكن الشخص الذي قدمه الإمام لصلاة التراويح تصح الصلاة خلفه ولو كان خطؤه في غير الفاتحة مغيرا للمعنى.
كما يصح الاقتداء بالإمام الذي لا يتقن أحكام التجويد أو ترتيل القراءة، وإن كان الأولى تقديم من يحسن ذلك. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26582، 66393، 23898.
وعلى جماعة المسجد نصح الإمام وحثه على أن يؤمهم بنفسه في صلاة التراويح إن كان متقنا للقراءة حفظا وتجويدا ولا يقدم غيره ممن يخطئ في القراءة أو لا يحسن أحكام التجويد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(11/10198)
حكم سكوت الإمام بعد القراءة قبل ركوعه
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي إمامًا بالناس في المسجد, وقد أنكر عليَّ بالأمس أحد المصلين السكتة التي أسكتها قبل الركوع (وهي تقدر بحوالي ثانيتين أو ثلاثة)
وسألني عن الدليل , فقلت له إني لا أسكتها ظناً مني أنها سنة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم , ولكني تعودت على ذلك في الصلاة فقال لي إنها إن لم تكن سنة فقد تدخل في شبهة البدعة فبحثت على الإنترنت فوجدت أن هناك حديثا عن سمرة بن جندب يروي هذه السكتة عن النبي صلى الله عليه وسلم, ولكن هذا الحديث مختلف في صحته , فمنهم من يقول بضعفه واضطرابه ومنهم من يقول بصحته, والشيخ الألباني ضعفه
فما الحكم في هذه السكتة؟ هل هي سنة أم بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذه السكتة اختلف أهل العلم في مشروعيتها وعدم مشروعيتها بناء على اختلافهم في قبول الحديث المذكور وعدم قبوله، والذي نراه أن الأمر فيها واسع فمن فعلها فحسن ما فعل، ومن تركها فلا حرج عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تعددت أقوال الفقهاء رحمهم الله تعالى في سكتات الإمام في الصلاة الجهرية والتي منها السكتة قبل الركوع بين من يرى استحبابها ومن يرى كراهتها، فذهب الحنابلة والشافعية وابن حزم من الظاهرية إلى استحبابها على اختلاف بينهم في عددها مستدلين بحديث الحسن عن سمرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له سكتتان سكتة حين يفتتح الصلاة وسكتة إذا فرغ من السورة الثانية قبل أن يركع.. والحديث رواه أحمد واللفظ له وأبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي والدارقطني وابن أبي شيبة والحاكم في المستدرك وقال عنه الذهبي: على شرطهما.
قال ابن قدامة في المغني: السكتة قبل الركوع: فصل إذا فرغ من القراءة قال أحمد رحمه الله يثبت قائما ويسكت حتى يرجع إليه نفسه قبل أن يركع ولا يصل قراءته بتكبيرة الركوع. جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان له سكتتان سكتة عند افتتاح الصلاة وسكتة إذا فرغ من القراءة وهذا هو حديث سمرة كذلك رواه أبو داود وغيره.
وذهب إلى عدم مشروعية السكتات بما فيها التي قبل الركوع المالكية والحنفية لعدم ثبوت الأحاديث عندهم في ذلك.
والذي نراه صوابا أن السكتة التي بعد تكبيرة الإحرام ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأحاديث الصحيحة كما بينا في الفتوى رقم: 11227، وأما السكتة بعد الفاتحة ليتمكن المأموم من قراءتها فقد رجحنا في الفتوى رقم: 22283، كراهتها وأنها غير مشروعة، وأما السكتة قبل الركوع فإن القائلين بمشروعيتها ينصون على أنها خفيفة جدا بحيث يتراد إليه النفس كما مضى في قول ابن قدامة وكما قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: سكتة لطيفة جدا ليفصل بها بين القراءة وتكبيرة الركوع. والأمر فيها سهل فمن عمل بها اعتمادا على من قال بمشروعيتها فحسن ومن تركها فلا بأس عليه والأمر فيها واسع ولا يمكن القول ببدعيتها لاسيما وأن حديث سمرة قد صححه وحسنه كثير من العلماء الكبار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1428(11/10199)
تأخر في تكبيرة الإحرام حتى ركع إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل في صلاة التراويح لم يدرك الفاتحة مع الإمام متعمداً (أي أنه جلس يرتاح ثم قام فكبٌر ودخل في الصلاة قُبيل ركوع الإمام بقليل) ، فهل تُعتبر صلاة هذا الرجل باطلة لتعمده عدم إدراك الفاتحة خلف الإمام، حيث إن هناك من قال لي إن جواز عدم إدراك الفاتحة خلف الإمام للمسبوق هو رخصة لغير المتعمد ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من أدرك الركوع مع الإمام فقد أدرك الركعة ولو قصر في إدراكه للفاتحة مع الإمام، وعليه فصلاة الرجل صحيحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة لا تبطل بما ذكر، وهذا الرجل يعتبر مدركاً للركعة مع الإمام ولو قصر في الإحرام معه حتى فاتته القراءة ما دام قد أدرك الركوع.
قال في تحفة المحتاج شرح المنهاج في الفقه الشافعي: (وإن أدركه) أي المأموم الإمام (راكعاً أدرك الركعة) أي ما فاته من قيامها وقراءتها، وإن قصر بتأخير تحرمه لا لعذر حتى ركع للخبر الصحيح بذلك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1428(11/10200)
حكم إمامة الخاطب لخطيبته في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة جماعة آمّا خطيبتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
لا تجوز الخلوة بالخطيبة قبل العقد الشرعي، سواء كانت الخلوة لأجل الصلاة أم لغيرها، فإذا انتفت الخلوة والتزم الحجاب فلا مانع من اقتداء المرأة بمن خطبها، وإن كانت الخطيبة قد تم عليها العقد الشرعي فهي في حكم الزوجة تجوز الخلوة بها، وأن يكون زوجها إماما لها في الصلاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بالخطيبة قبل العقد عليها فهي أجنبية منك كغيرها، ولا تجوز لك الخلوة بها، سواء كان ذلك لأجل الصلاة أم غيرها، وإن انتفت الخلوة جاز. وراجع الفتوى رقم: 53242.
وإن كان المقصود بالخطيبة التي تم عليها العقد الشرعي فهي في حكم الزوجة تجوز الخلوة بها، وبالتالي فلا مانع من أن تصلي إماما بها منفردين، ويحصل لكما فضل صلاة الجماعة كما تقدم في الفتوى رقم: 41612.
مع التنبيه على أن الصلاة جماعة في المسجد واجبة على القول الراجح في حق الرجل المستطيع الذي يسمع النداء. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 36549. والفتوى رقم: 5153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1428(11/10201)
حكم تسليم المأموم مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو الرد على من يقول بأنه يجب على المأموم أن يسلم في نفس الوقت مع الإمام ودليلهم في ذلك الحديث النبوي: صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فسلمنا حين سلم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الحديث المذكور صحيح لكنه لا يدل على وجوب تسليم المأموم مقارنة مع تسليم الإمام، ولم نجد من ذكر أن ذلك واجب، والذي عليه جمهور الفقهاء هو وجوب تسليم المأموم عقب سلام إمامه، فإن سلم مقارناً له بطلت الصلاة في المذهب المالكي وعند الشافعية والحنابلة على قول، ويرى أبو حنيفة أن تسليم المأموم مقارناً لإمامه سنة وخالفه صاحباه أبو يوسف ومحمد فقالاً: المقتدي يسلم عقب سلام الإمام مثل قول باقي الأئمة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأثر المذكور صحيح فقد روى البخاري عن محمود بن الربيع عن عتبان قال: صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم فسلمنا حين سلم. لكنه لا يدل على وجوب تسليم المأموم مقارنة مع تسليم الإمام بل إن دل على المقارنة فغاية ما يدل عليه أن ذلك جائز أو مستحب ولم نجد من ذكر وجوب ذلك، وقد روي عن أبي حنيفة أن تسليم المأموم مقارناً لإمامه سنة وخالفه صاحباه أبو يوسف ومحمد فقالا: المقتدي يسلم عقب سلام الإمام وبهذا قال الإئمة الثلاثة مالك والشافعي والإمام أحمد. بل إن المقارنة في السلام من مبطلات الصلاة على قول عند الشافعية والحنابلة وفي المذهب المالكي قولاً واحداً إن ابتدأ معه وأحرى إن سبقه، وإليك كلام الفقهاء في هذا الأمر.
قال في بدائع الصنائع في الفقه الحنفي وهو يذكر سنن التسليم: ومنها أن يسلم مقارناً لتسليم الإمام إن كان مقتدياً في رواية عن أبي حنيفة كما في التكبير، وفي رواية يسلم بعد تسليمه وهو قول أبي يوسف ومحمد كما قالا في التكبير وقد مر الفرق لأبي حنيفة على إحدى الروايتين.
وقال في الإنصاف في الفقه الحنبلي: يستحب أن يشرع المأموم في أفعال الصلاة بعد فراغ الإمام مما كان فيه. فإن وافقه في غير تكبيرة الإحرام كره، ولم تبطل صلاته، على الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، وقال في المبهج: تبطل، وقيل: تبطل بالركوع فقط، وقيل: تبطل بسلامه مع إمامه واختاره في الرعاية إن سلم عمداً. انتهى.
وقال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: فينبغي للمأموم أن يسلم بعد سلام الإمام، قال البغوي يستحب أن لا يبتدئ السلام حتى يفرغ الإمام من التسليمتين، وقال المتولي يستحب أن يسلم بعد فراغ الإمام من التسليمة الأولى وهو ظاهر نص الشافعي، واتفقوا على أنه يجوز أن يسلم بعد فراغ الإمام من الأولى وإنما الخلاف في الأفضل ولو قارنه في السلام فوجهان: (أحدهما) تبطل صلاته إن لم ينو مفارقته كما لو قارنه في تكبيرة الإحرام وأصحهما لا تبطل كما لو قارنه في باقي الأركان بخلاف تكبيرة الإحرام، ولو سلم قبل شروع الإمام في السلام بطلت صلاته إن لم ينو مفارقته، فإن نواها ففيه الخلاف فيمن نوى المفارقة، ولا يكون مسلماً بعده إلا أن يبتدئ بعد فراغ الإمام من الميم من قوله: السلام عليكم. انتهى.
ويرى المالكية أن المتابعة في السلام مثل المتابعة في الإحرام وهي فيهما شرط لصحة الاقتداء، قال في منح الجليل على مختصر خليل في الفقه المالكي: فإن سبقه في أحدهما ولو بحرف أو ساواه في الابتداء بطلت، ولو ختم بعده ... وإن تأخر عنه ولو بحرف صحت إن ختم بعده أو معه فهاتان صورتان، وإن ختم قبله بطلت فالصور تسع الصلاة باطلة في سبع منها وصحيحة في اثنتين وسواء كان المأموم عامداً أو ساهياً إلا من سلم ساهياً قبل إمامه فيسلم بعده ولا شيء عليه، فإن لم يسلم بعده وطال أو خرج من المسجد بطلت. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1428(11/10202)
الصلاة خلف المفضول غير المحبب للناس
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد مرشحان لإمامة (خطيب) مسجد، أحدهما يتمتع بأسلوب خطابة راق جداً ومحبوب من قبل المصلين وعليه إقبال كثير، أما الآخر فأستطيع أن أقول إنه (قومه له كارهون) ، ويتم اختيار الإمام من قبل سلطة عليا (أمر من فوق) , ففي حالة اختيار المرشح الثاني ماذا على المصلين أن يفعلوا، وهل تجوز الصلاة خلفه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تجوز الصلاة خلف الإمام الذي يوجد من هو أفضل منه إذا توفرت فيه شروط إمامة الصلاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تم اختيار الخطيب الذي ذكرت أنه غير محبب وتم ذلك من قبل السلطة فإن على المصلين أن يقبلوا ذلك ويصلوا خلفه، ولو كانوا لا يحبونه وذلك لأجل الحفاظ على الوحدة واجتماع الكلمة وتفادي الخلاف وما يجر إليه لا سيما وأن المفاضلة بين الخطيبين إنما هي من قبيل الجاذبية والتفوق في أسلوب الخطابة حسبما يظهر من السؤال، حيث لم يتطرق إلى الدين بل لو افترضنا أن الخطيب المحبب أفضل فيما يتعلق بالدين فإن الصلاة خلف الآخر صحيحة إذا توفرت فيه شروط الإمامة، لأن إمامة المفضول جائزة مع وجود الفاضل بدليل صلاته صلى الله عليه وسلم خلف بعض أصحابه، ثم إن كراهة الاقتداء بمن يكره لا تتعلق بالمأمومين وإنما تتعلق بالإمام.
قال الإمام النووي في المجموع: وإنما تكره إمامته إذا كرهوه لمعنى مذموم شرعاً كوال ظالم، وكمن تغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها، أو لا يتصون من النجاسات أو يمحق هيئات الصلاة، أو يتعاطى معيشة مذمومة، أو يعاشر أهل الفسوق ونحوهم أو شبه ذلك، فإن لم يكن شيء من ذلك فلا كراهة والعتب على من كرهه، هكذا صرح به الخطابي والقاضي حسين والبغوي وغيرهم ... إلى أن قال: وحيث قلنا بالكراهة فهي مختصة بالإمام، أما المأمومون الذين يكرهونه فلا يكره لهم الصلاة وراءه. هكذا جزم به الشيخ أبو حامد في تعليقه ونقله عن نص الشافعي. انتهى.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل فيما يتعلق بهذه المسألة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9642، 6359، 77308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(11/10203)
لا يطالب المؤتم بالبحث عن معرفة الإمام بأحكام التلاوة والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على من دخل مسجداً ليصلي فيه جماعة أن يتأكد أن الإمام عالم بأحكام التلاوة والصلاة أم لا يجب عليه ذلك؟ وشكراً جزيلا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجب على المصلي أن يبحث عن معرفة الإمام بأحكام التجويد أو الصلاة، فإن ظهر له خلاف ذلك عمل بمقتضاه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يصلي مع المسلمين في المساجد حيثما كانوا ولا يطالب بالبحث عن معرفة الإمام بأحكام التلاوة والصلاة وغير ذلك، فإن الشخص الذي تقدمه الجماعة غالباً يكون صالحاً للإمامة، لكن إن ظهر له إخلال الإمام بالقراءة في الفاتحة عمل بمقتضاه، ولمعرفة ذلك راجع الفتوى رقم: 21577، والفتوى رقم: 26270.
ولبيان شرط الإمام في الصلاة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 9642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1428(11/10204)
حكم الصلاة خلف الغاصب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هل تجوز الصلاة خلف إمام غاصب؟ أي هل نستطيع أن نصلي خلف إمام غصب منزلا أو قطعة أرض سواء كانت الصلاة عادية أو جمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تصح الصلاة خلف الغاصب إذا توفرت فيه شروط الإمامة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة خلف الغاصب تعتبر من قبيل الاقتداء بالفاسق، وقد اختلف العلماء في صحة الاقتداء به مع اتفاقهم على كراهة تقديمه لإمامة الناس إن وجد غيره، والذي يترجح من خلافهم هو أنه إذا صحت صلاته صح الاقتداء به مع الكراهة.
قال الشافعي في الأم: وكذلك أكره إمامة الفاسق والمظهر البدع، ومن صلى خلف واحد منهم أجزأته صلاته ولم تكن عليه إعادة إذا أقام الصلاة انتهى.
وفي التاج والإكليل في الفقه المالكي عند كلامه على الخلاف في إمامة الفاسق: قال ابن بشير: الخلاف في إمامة الفاسق خلاف في حال؛ فإن كان من التهاون والجرأة بأن يترك ما اؤتمن عليه من فروض الصلاة كالنية والطهارة فلا تصح إمامته، وإن كان مما اضطره هوى غالب إلى ارتكاب كبيرة مع براءته من التهاون والجرأة صحت إمامته وهذا يعلم بقرينة الحال. وقال اللخمي: أرى أن تجزئ الصلاة إذا كان فسقه بما لا تعلق له بالصلاة كالزنا والغضب,. وقال القباب: أعدل المذاهب أنه لا يقدم الفاسق للشفاعة والإمامة، ومن صلى خلفه لا إعادة عليه إن كان يتحفظ على أمور الصلاة. قال: وهذا هو مرتضى التونسي واللخمي وابن يونس. انتهى بحذف قليل ولبيان شروط إمامة الصلاة يراجع الفتوى رقم: 9642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1428(11/10205)
مجرد التفكير في قطع الصلاة مع مغالبته لا يبطلها
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ لي سؤال بارك الله فيكم: كثيرا عندما أصلي في البيت لظروف مرضي فعندما يطرق طارق على الباب أي ضيف أو أي أحد أو يرن الهاتف العادي المنزلي تأتيني خاطرة بقطع الصلاة لأرد على ذلك الطارق أو المتصل فأجاهد نفسي لأكمل صلاتي دون قطعها لأني لا اقدر على إعادة الصلاة نظرا لمرضي، وأحيانا كانت تصلى أمي خلفي لنحصل ثواب صلاة الجماعة مع العلم أني مصاب بالواسوس القهري فهل له سبب فيما يحدث لي كثيرا من تلك الخواطر أم لا، وما حكم صلاتي ومن يصلي خلفي؟
أرجو تبيان حكم صلاتي أهي صحيحة أم لا؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز قطع الصلاة لأجل الرد على الهاتف ولا فتح الباب لطارق أو ضيف أو نحو ذلك لأن للصلاة حرمة، ولا يجوز قطعها فيما لا يترتب عليه إنقاذ نفس أو مال من التلف والهلاك ونحو ذلك.
ثم إن مجرد هذه الخطرات لا يبطل الصلاة ما دام الشخص يدافعها ويتغلب عليها، وإذا علمت أن قطع الصلاة في هذه الحالات غير جائز ومع ذلك يراودك التفكير في قطعها فإن هذا من كيد الشيطان ليفسد عليك عبادتك، ويجب الإعراض عن كيده ووساوسه في هذا الأمر وغيره من جميع الوساوس، وإذا صحت صلاتك صحت صلاة من يصلي خلفك. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 45587، والفتوى رقم: 11131.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(11/10206)
لاتبطل الصلاة عند تقطع قراءة الإمام ما لم يخل بالفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من بيت المقدس تعلمت التجويد وقمت بحفظ سورة البقرة ويس والكهف وأيضا أصبحت مؤذنا لوجه الله عز وجل وفي يوم من الأيام وفي صلاة المغرب كان الإمام غير موجود وكان الذين في المسجد يصلحون أن يؤموا، ولكن لا أحد تقدم حتى سرت أسحب بهم وهم يصلحون، ولكن رفضوا فقمت أنا بدافع الغيرة على ديني ولكن سبحان الله العزيز الحكيم كنت خائفا جداً لأنها أول مرة فى حياتي وكنت أرتجف وكنت أقرأ وأنا مرتجف كثيراً كانت قراءتي متقطعة من الخوف فهل أثمت، وبعدها بأيام أصبح الذين في المسجد يعلقون علي بأنهم أعادوا الصلاة وبعضهم يقول بأني لا أصلح أن أكون إماما، فأنا حزين جداً حتى أصبحت لا أذهب إلى المسجد وأذهب إلى مسجد آخر، ولكن المسجد الأول تربيت فيه وأحبه كثيراً، ولكن فى المسجد لا حديث إلا عني وحتى خارج المسجد، فما هي الجريمة التي قمت بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحفظ الإنسان ما يستطيع من كتاب الله تعالى وأداؤه للأذان محتسباً كل منهما عبادة عظيمة الثواب، وما قمت به من إمامة الناس بعد أن تعينت عليك لا إثم فيه، بل كنت فيه محسناً، وتقطع القراءة إذا لم يترتب عليه الإخلال بالفاتحة لا يبطل الصلاة، وفي هذه الحالة لا تشرع إعادة تلك الصلاة، وحصول مثل هذا الخوف والارتجاف عند التقدم للإمامة أول مرة أمر طبيعي قد يحدث لأي إنسان، وليس مبرراً لجعله حديث الناس داخل المسجد وخارجه وتناولهم لعرضك، وهذا من الغيبة المحرمة شرعاً، فخفف على نفسك من الشعور بالحزن والتضايق من مثل هذا الأمر، فلم ترتكب جريمة ولا مخالفة إن شاء الله تعالى، ولا حرج عليك في ترك الصلاة في ذلك المسجد -ولو كان الأقرب إلى بيتك- والسعي إلى غيره، فالمساجد كلها بيوت الله تعالى، وللمزيد من التفصيل راجع الفتوى رقم: 44519، والفتوى رقم: 25905.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1428(11/10207)
حكم الصلاة خلف إمام يقرأ الكف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم إمام جامع يقرأ الكف وهل تجوز الصلاة وراءه أم لا. ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القراءة في الكف والفنجان من الأمور المحرمة التي يعملها العرافون الذين يدّعون الاطلاع على الغيب بواسطة تلك القراءة، فلا يجوز للإمام القيام بالعرافة لأنها من الكفر لما فيها من ادعاء الاطلاع على الغيب، وكذلك إتيانه وتصديقه فيما يقوله من المكفرات، لما في الحديث: من أتى كاهنا أو عرافا فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه أحمد والترمذي، فالذي يقوم بتلك الأحوال أقل أحواله الفسق.
وقد سبق في الفتوى رقم: 17776، والفتوى رقم: 15453، حكم الصلاة خلف الساحر والمشعوذ.
ولمزيد من الفائدة حول العرافة تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 15284، 20497، 50097، 55364، 68274، 39659، 57098، 55364، 42011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1428(11/10208)
حكم الإمامة وثوابها
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك مسجد قريب من بيتي أحيانا أصلي فيه، وقد تركه إمامه الراتب, وقد طلب مني القائمون على شؤون المسجد أن أصلي بهم المغرب والعشاء إماما دائما، وأنا أبلغ من العمر 25 عاما, وكنت في الماضي أحفظ القرآن الكريم كاملا والآن أجاهد في مراجعته، ولا أحبذ أن أصلي إماما بالناس فما نصيحتكم لي, وما هو ثواب الإمام في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بأن تكون إماماً للناس في المسجد المذكور إذا لم يكن عليك حرج في ذلك، لأن الإمامة وإن كانت من الأمور الخطيرة إلا أنها إذا قام بها الشخص حق القيام كان ثوابها عظيماً إذ يترتب عليها حصول فضل الجماعة للمأمومين، ولأن فعلها أفضل من تركها بل قد تصير فرض عين على الشخص إذا لم يوجد من يصلح لها غيره، ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام جيد في هذا المجال راجعه في الفتوى رقم: 49364. وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 24727، والفتوى رقم: 36264.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1428(11/10209)
هل يقدم للإمامة من ينام عن الفجر بشكل دائم
[السُّؤَالُ]
ـ[في مصلانا لدينا شيخان يحفظان القرآن وتلاوة كل منهما جيدة إلا أن أفضلهما تلاوة منهما هو الأقل محافظة على الصلاة في وقتها وهو ينام عن صلاة الصبح بشكل دائم، فهل يجوز لهذا الشيخ أن يؤمنا، أم أنه يجب أن يؤمنا الشيخ الآخر الملتزم بالصلاة في المصلى معنا في كل وقت إلا أنه أقل مهارة في التجويد من الآخر، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأجودة قراءة أولى بالإمامة من غيره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
والشيخ الذي ينام عن صلاة الصبح دائماً إن كان يتخذ الأسباب المعينة على الاستيقاظ ولم يستيقظ فهو معذور وبالتالي فلا يسقط حقه في التقديم على غيره، وإن كان لا يتخذ تلك الأسباب فهو مضيع لصلاة الفجر وبالتالي فغيره أولى منه بالإمامة وإن كانت الصلاة خلفه صحيحة، مع ضرورة نصحه بحكمة ورفق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 4034، والفتوى رقم: 79673.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1428(11/10210)
قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة الفاتحة وراء الإمام في الصلاة الجهرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 2281 أن قراءة المأموم للفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية محل خلاف بين أهل العلم، وذكرنا أن الراجح وجوب القراءة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1428(11/10211)
ما أدركه المسبوق هل هو أول صلاته أم آخرها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت إذا تأخرت عن بعض ركعات الصلاة أقوم بتكملتها خطأ فى الترتيب بمعنى إذا حضرت الركعة الثالثة والرابعة أكمل الأولى والثانية لكن شخص ما قال هذا خطأ لا بد أن تكون الثالثة الأولى لك والرابعة الثانية لك وهكذا حتى تنهى الصلاة، فهل يجب علي إعادة هذه الصلوات التي أخطأت الترتيب فيها لأني لم أكن أعلم ذلك أم عفا الله عما سلف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيما أدركه المأموم (المسبوق) من صلاة الإمام، هل هو أول صلاته أو آخرها على قولين مشهورين:
الأول: وهو الأقوى أنه أول صلاته.
الثاني: أنه آخر صلاته.
فمن أخذ بأحد القولين لا ينكر عليه صنيعه، لأن الخلاف في هذه المسألة معتبر ولكل وجهة، وعليه فصلاتك صحيحة، وننصحك مستقبلاً بالعمل بالقول الأول، ولمزيد الفائدة نقول: إن سبب اختلافهم في ذلك أنه ورد في بعض روايات الحديث المشهور: فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا. رواه البخاري ومسلم. والإتمام يقتضي أن يكون ما أدرك هو أول صلاته، وفي بعض رواياته: فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا. رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه ابن حبان.
والقضاء يوجب أن ما أدرك هو آخر صلاته، وقد أخذ الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد في المشهور من المذهب برواية (فاقضوا) وأخذ الإمام الشافعي وجماعة برواية (فأتموا) وعمل الإمام مالك بكليهما، فحمل رواية فأتموا على الأفعال ورواية (فاقضوا) على الأقوال، ويمكن تطبيق ذلك على المأموم الذي أدرك ركعة من المغرب مع إمامه فإنه يأتي بركعتين بالفاتحة وسورة فيهما، ويجلس بينهما، فيجمع في حال قضاء ما فاته بين القضاء في الأقوال، والبناء في الأفعال، هذا هو مذهب مالك.
وبناء على ما سبق فإن من أدرك مع الإمام ركعتين من الصلاة الرباعية كالعشاء فإن ما يتمه هو آخر صلاته فيصلي سراً في الجهرية، ويكون ما أدركه مع الإمام أول صلاته، وهذا هو الراجح لأمرين:
أحدهما: أن رواة (فأتموا) أكثر وأحفظ من رواة (فاقضوا) .
والثاني: أن القضاء محمول على الفعل لا القضاء المعروف في الاصطلاح، لأن هذا اصطلاح متأخري الفقهاء، والعرب تطلق القضاء وتريد به الفعل. قال الله تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ {البقرة:200} ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: وما فاتكم. دليل أيضاً لأن المعنى: ما فاتكم من صلاتكم أنتم لا من صلاة الإمام، والذي فات المأموم من صلاة نفسه إنما هو آخرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(11/10212)
التخلف عن الجماعة لكون المأموم يكره الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف ما حكم الصلاة خلف منافق أعرفه جيدا، علما بأني أمقت الصلاة خلفه ولا أجد سبيلا للصلاة في جماعة غير جماعته، فهل يجوز أن أصلي بالمنزل فلست مقتنعا بالصلاة خلف إمام أمقته بل وأثق في بطلان صلاته، أريد منكم نصوصا قاطعة في هذا الشأن، وهل الصلاة في الجماعة فرض حتى وإن كان الإمام يأتي بأفعال تخرج من الملة، ولو كان ذلك جائزا فلا حرج أن أصلي خلف يهودي أو مشرك!! ولما وضعت شروط حاسمة للإمامة ومعايير تختار الإمام لصلاحه وتقواه وعلمه وعمله بعلمه.. عذرا فالأمر يؤرقني.. أنتظر ردكم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا أحد يقول بجواز الاقتداء بالكافر والعياذ بالله تعالى، لكن كيف يحكم على شخص مسلم تقدمه جماعة من المسلمين للصلاة بهم بالنفاق أو الخروج عن الملة؟! إن تكفير المسلم أو رميه بالنفاق أمر خطير، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال لأخيه المسلم يا منافق ونحوها أنه يعزر. أي يعاقب عقاباً يردعه عن أن يتجرأ على مثل هذا الكلام، قال في كشاف القناع، في الفقه الحنبلي: ويعزر بقوله يا كافر يا منافق يا سارق يا أعور يا أقطع يا أعمى يا مقعد يا ابن الزمن الأعمى الأعرج يا نمام. انتهى.
وحيث إن السائل لم يذكر الأعمال التي يرى أن الإمام المذكور يمارسها ويعتقد هو أنها من النفاق أو أنها قد تخرج عن الملة فإننا لا نحكم عليه إلا بجواز الاقتداء به وأهليته للإمامة كما يدل على ذلك تقديمه من قبل جماعته، ولو كرهه بعض المأمومين فإن ذلك لا يمنع تقدمه؛ إلا إذا كرهه أكثرهم لأمر يتعلق بدينه فعند ذلك يحرم تقدمه عليهم مع أن الصلاة خلفه صحيحة، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 26508.
فإن كرهه الأقل من الجماعة أو كرهه أكثرهم لشيء لا يتعلق بدينه لم يحرم تقدمه، ثم إن منع التقدم للإمامة في الحالة التي يمنع فيها إنما يتعلق بالإمام، أما المأموم فلا يكره اقتداؤه بالإمام المكروه، قال النووي في المجموع: بعد أن ذكر ما روى الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عنها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون. وما في سنن أبي داود وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة وذكر منهم، من تقدم قوماً وهم له كارهون. قال الشافعي وأصحابنا رحمهم الله: يكره أن يؤم قوماً وأكثرهم له كارهون، ولا يكره إذا كرهه الأقل، وكذا إذا كرهه نصفهم لا يكره.. إلى أن قال: وإنما تكره إمامته إذا كرهوه لمعنى مذموم شرعاً كوال ظالم، وكمن تغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها، أو لا يتصون من النجاسات، أو يمحق هيئات الصلاة، أو يتعاطى معيشة مذمومة، أو يعاشر أهل الفسوق ونحوهم أو شبه ذلك، فإن لم يكن شيء من ذلك فلا كراهة والعتب على من كرهه، هكذا صرح به الخطابي والقاضي حسين والبغوي وغيرهم.... إلى أن قال: وحيث قلنا بالكراهة فهي مختصة بالإمام، أما المأمومون الذين يكرهونه فلا يكره لهم الصلاة وراءه. هكذا جزم به الشيخ أبو حامد في تعليقه ونقله عن نص الشافعي. انتهى.
واعلم أن المعايير التي يقدم لأجلها الشخص للإمامة على غيره لا تعني أن كل من لم يتصف بها لا يصح الاقتداء به، بل إنها مذكورة من باب الأولوية، فمثلاً: يقدم في الإمامة الأقرأ؛ لكن يصح أن يصلي غيره إماماً إذا توفرت فيه شروط الإمامة الأخرى من كونه مسلماً ذكراً غير أمي أي يحسن قراءة الفاتحة إلى غير ذلك وهكذا.
وخلاصة القول أن الصلاة في الجماعة فرض على الرجل المستطيع، وكون المأموم لا يحب الإمام لا يسوغ له التخلف عن الجماعة، اللهم إلا إذا تحقق من إمامه ما يقتضي خروجه عن الملة، فعند ذلك لا يجوز له الاقتداء به، وحينئذ يصلي في جماعة أخرى في بيته أو غيره، لكن لا يجوز التسرع في الحكم على المسلم بما يقتضي الكفر إذ قد يكون الأمر غير مكفر في الحقيقة ويظنه بعض من لا رسوخ لهم في العلم مكفراً، ولذلك يجب الرجوع في مثل هذا إلى العلماء.
ولبيان النفاق المخرج عن الملة والنفاق الذي يعتبر فسقاً فقط يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 94258، كما يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 9642، لمعرفة الشروط التي يجب توافرها في إمامة الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(11/10213)
حكم الإمام إذا أحدث وتمادى في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذات مرة صليت إماما بمجموعة وتذكرت أنني لست على وضوء وصراحة خجلت أن أقدم أحدا من الذين خلفي خاصة أني مسافر وما أعرف من الذي ورائي. أعرف أن ماعملته خطا وأنا أتحمل وزر من صلى ورائي. سؤالي هو: ما هي كفارة ما عملت؟؟ شاكرا لكم سلفا على ما تقدمونه من إجابات شافية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم أن يستسلم للخجل في مثل هذه الأمور، فإن الاستمرار في الصلاة في هذه الحالة غير جائز كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 53433، والو اجب على من أحدث أو تذكر الحدث أثناء الصلاة أن يقطع ليتطهر، ويستحب له أن يستخلف إن كان إماما، وحيث إن الأخ السائل علم أنه ارتكب خطئا فعليه أن يتوب إلى الله تعالى، ويعيد تلك الصلاة إذا كان لم يعدها، ولا يعود لمثل هذا الأمر، ولا كفارة غير هذا، ولا تبطل صلاة المأمومين بحدث الإمام إذا لم يقتدوا به عالمين ببطلان صلاته، كما سبق توضحيه في الفتوى رقم: 661.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(11/10214)
تقدم المسبوق نحو السترة بعد سلام الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المسبوق أن يتقدم قليلا نحو سترته التي يصلي إليها إذا قام لقضاء الركعة الفائتة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على المسبوق إذا قام لقضاء ما فاته أن يتقدم إلى السترة، وإن تقدم فلا بأس وقد صرح بعض الفقهاء باستحباب مشي المسبوق إلى سترة إذا سلم الإمام وقام المسبوق لقضاء ما فاته وخاف أن يمر بين يديه أحد.
جاء في منح الجليل:" أو كمشي صفين..... من مسبوق قام للقضاء وخاف مرور بين يديه فيندب مشيه لسترة يستتر بها " أ. هـ مختصراً.
وصرح بعض فقهاء الحنفية أن سترة الإمام تعتبر سترة للمأموم حتى المسبوق وعلى كل فلا يجب أن يتقدم المسبوق لتحصيل السترة وإن تقدم قليلاً فنرجو أنه لا حرج في ذلك. ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(11/10215)
الأحسن قراءة أولى بالإمامة ولو صغيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان أحد الموجودين في المسجد في حال غياب الإمام الراتب هو أقرأهم وأحفظهم وأعلمهم بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهل الأفضل له أن يترك الإمامة لاَخر هو أهل لها وهو أكبر منه سنا حتى لا يكون في نفسه شيء وحيث إن بعض المصلين لا يحب إمامة الأول لصغر سنه (لكنه بالغ) ، ولكن أكثر المصلين يحبون إمامته لجمال صوته؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص الأصغر هو الأقرأ لكتاب الله تعالى والأعلم بالسنة النبوية فهو أحق بالإمامة من غيره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلماً، ولا يَؤمَّن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. رواه مسلم في صحيحه.
وعليه، فإذا كان الشخص الأصغر هو الأولى بالإمامة، ويحب أكثر الجماعة إمامته لحسن صوته، وما يترتب على ذلك من خشوع وتأثر بكتاب الله تعالى فليصل إماماً بهم؛ لأن الحصول على ثواب الإمامة أفضل من تركها، إضافة إلى جواز طلبها، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 24727، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 49364، والفتوى رقم: 36264.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1428(11/10216)
الاقتداء بالمسبوق وتعدد الجماعة في المسجد الواحد
[السُّؤَالُ]
ـ[أخى الفاضل، دخلت المسجد متأخراً بعد انتهاء الجماعة الأولى فوجدت شخصا يصلي ليتم صلاته فصليت خلفه
فجاء أحدهم ليأمرنا بالخروج من الصلاة حيث إن هناك جماعة أخرى تصلي فى طرف المسجد فلم أسمع له واتممت الصلاة، فهل هذا خطأ والصلاة غير صحيحة، وكان الواجب الخروج من الصلاة لاتباع الجماعة الأخرى أم أني فعلت الصواب بعدم الخروج من الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ظهر لنا من سؤالك أنك صليت خلف من كان مسبوقاً في الجماعة الأولى بعد أن سلم إمام الجماعة الأولى وقام هو ليكمل صلاته، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 24184، صحة الاقتداء بالمسبوق، وعليه فما فعلته صحيح، ولا يشرع لكما قطع الصلاة للالتحاق بجماعة أخرى كما بيناه في الفتوى رقم: 44347.
ولعل الأخ الذي دعاكما إلى قطع الصلاة ممن يرى أو يقلد من يقول بعدم صحة الاقتداء بالمسبوق، ولكن هذه المسألة من مسائل الخلاف بين العلماء الذي اختلفت فيه أنظار المجتهدين فلا إنكار على أحد القولين.
هذا وقد يكون الأخ المذكور إنما أمركما بالخروج من الصلاة لوجود جماعة اخرى في المسجد ظنا منه بأن إضافة جماعة جديدة يجعل صلاة الثانية باطلة فإن كان هذا هو قصده فاعلم أنه لا ينبغي أن تقام أكثر من جماعة في المسجد الواحد في وقت واحد، ومع ذلك فإن حدث هذا فإن الصلاة لا تبطل في مواهب الجليل ل لحطاب قال: لو صلى جماعتان بإمامين في مسجد واحد أساءوا وصحت صلاتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(11/10217)
حكم اشتغال المأموم بالدعاء بعد سلام الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة المشايخ العلماء
تحية طيبة وبعد:
لو أن المأموم سلم بعد الإمام بالتشهد الأخير بفاصل وقت أي ليس مباشرة بعده لأسباب مثل عدم الانتهاء من الدعاء المأثور قبل التسليم مثل اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال أو وجدت وقتا إضافيا وأثناء الشروع بدعاء مثل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولايغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم هل لي أن أكمل الدعاء أو أقطع الدعاء وأسلم مع الإمام.هل يوجد هناك أي حرج إذا تأخر المأموم بالتسليم أو إنه يجب أو يستحب له أن يسلم مع الإمام حيث إن بعض المصلين يستنكرون ذلك؟
يرجى الإفادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء بعد التشهد الأخير مستحب عموما، ويسن الدعاء الأول المذكور في السؤال خصوصا، أما إذا سلم الإمام والمأموم لم يأت بالدعاء أو سلم أثناء دعاء المأموم فإن من الفقهاء من يرى أنه لا بأس باشتغال المأموم بالدعاء بعد سلام الإمام.
قال الشيخ زكريا الأنصاري في الغرر البهية ممزوجا بمتن البهجة الوردية في الفقه الشافعي، وَجَازَ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَشْتَغِلَا إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ بِالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ بِقَدْرِ مَا شَاءَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ أَطَالَ فِيهِ. انتهى
ويرى المالكية كراهة اشتغال المأموم بالدعاء بعد سلام الإمام وعدوا هذه الحالة من الحالات التي يكره فيها الدعاء في الصلاة قال خليل في مختصره في الفقه المالكي مشبها على الكراهة: كَدُعَاءٍ قَبْلَ قِرَاءَةٍ وَبَعْدَ فَاتِحَةٍ وَأَثْنَاءَهَا وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ وَرُكُوعٍ وَقَبْلَ تَشَهُّدٍ وَبَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ وَتَشَهُّدٍ أَوَّلٍ. انتهى.
وإذا تبين أن في المسألة خلافا بين الفقهاء فإنه لا حرج على المأموم أن يدعو بعد سلام الإمام، ولو سلم بعد إمامه مباشرة وترك الدعاء تغليبا لمتابعة الإمام كان ذلك أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(11/10218)
الصلاة خلف من يسخر ممن يرفع يديه في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدتنا يؤمنا إمام وهو خطيب ليوم الجمعة يرفض الصلاة معنا جماعة بعلّة أنّه يصلي بأهله جماعة مع العلم أنّ المسجد يبعد عن منزله قرابة 350 متر.
كما أنّ له عدّة أخطاء في العقيدة والأحاديث, ويتطاول على المصلّين الملتزمين يالسخرية كقوله مثلا أنّ رفع اليدين أثناء الصلاة غير موجود ولقد شبّهها بطريقة نشّ الذباب خاصة أنّنا نعلم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلّي بالرفع (رواه البخاري 735 ومسلم 390) .
نرجو من سماحتكم أن تبينوا لنا ما حكمكم في هذا الإمام, وهل تجوز الصلاة وراءه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 73966، حكم التخلف عن الصلاة في المسجد بحجة أدائها بالأهل في البيت فنرجو من السائل مراجعتها، فقد ذكرنا كلام أهل العلم فيها بالتفصيل، أما الأخطاء العقدية التي يرتكبها ذلك الشخص فلم يبينها السائل حتى يتسنى لنا الحكم على مرتكبها، وذلك لأن الأخطاء العقدية منها ما هو مكفر لا تصح الصلاة خلف معتقده ومنها غير ذلك.
وأما سخريته بالملتزمين بالسنة فإن كان يستهزئ بهم لتمسكهم بالسنة مع علمه بأن ما يعملونه سنة فيخشى عليه من الكفر والعياذ بالله.
وإن كان عن جهل أو عدم تسليمه بأن ما يعملونه هو السنة فعليه أن يحسن التعامل مع الآخرين ويتعلم حقيقة المسألة وكلام أهل العلم فيها قبل أن يقدم على هذه التصرفات التي لا تليق بمسلم فضلا عن من يتقدم ويؤم الناس ويخطبهم الجمعة، والذي نوصيكم به أن ترفقوا في التعامل معه وتنصحوه بالتي هي أحسن، وتبينوا له الدليل على مشروعية ما سخر منه كرفع اليدين في الصلاة، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يرفع يديه حذو منكبيه، إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا، وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد.
قال ابن القيم رحمه الله: وروى رفع اليدين عنه في هذه المواطن الثلاثة نحو من ثلاثين نفسا، واتفق على روايتها العشرة ولم يثبت عنه خلاف ذلك البتة بل كان ذلك هديه دائما إلى أن فارق الدنيا.
وفي حالة إصراره على ما هو عليه فالصلاة وراءه مكروهة، وينبغي استبداله بغيره إذا أمكن، وتراجع الفتوى رقم: 53428، فإن لم يمكن فيصلى خلفه ولا تفوت الجمعة والجماعة بسبب مخالفته الشرعية، وقد نص أهل السنة والجماعة على ذلك، قال ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية،: فإنه قد صح أن ابن عمر وأنسا رضي الله عنهما كانا يصليان خلف الحجاج وكان الحجاج فاسقا ظالما.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1428(11/10219)
حكم إمامة المصر على المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام مسجدنا يرقي النساء بدون محرم يعني هو وهي وحدهم في المكتب والباب مقفول وكل الناس منتبهون وساكتون وفي هذه الأيام كثر الكلام أنه يعتدي على النساء في المكتب وتلك النساء ساكتات خوفا على سمعتهن.سؤالي هل تجوز الصلاة وراءه كثير من الناس هجروا المسجد بسببه وكيف التصرف في هذه الحالة نشتكي للإدارة أو نطلب له الهداية أو ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للطبيب ولا للمعالج بالرقى الشرعية أن يخلو بالمرأة الأجنبية، ومن ثم فما يقوم به هذا الشخص حرام، ولا يجوز لأهل البلد أن يسكتوا على ذلك، ولا أن يأتوا إليه للرقية بهذه الصورة، وإنما إلى من عرف صلاحه وصدقة.
وأما القول بأنه يعتدي على النساء فهذا لا بد فيه من التثبت والتأكد، والأصل براءته من ذلك وحسن الظن به، وينبغي أن ينصح بترك الخلوة بالنساء، فهذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأما الصلاة خلف العاصي المصر على معصيته أو المبتدع فصحيحة مع الكراهة، ما لم تكن معصيته أو بدعته مكفرة، فلا تصح صلاته، ولا القدوة به لمن هو عالم بحاله مع وجود غيره، ولا تفوت الجماعة بسبب معصيته.
قال ابن أبي العز رحمه الله في شرح العقيدة الطحاوية: فإنه قد صح أن ابن عمر وأنسا رضي الله عنهما كانا يصليان خلف الحجاج وكان الحجاج فاسقا ظالما.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم.
وإذا كان الناس قد هجروا المسجد بسببه، فينبغي رفع أمره إلى ناظر المسجد ليرتب إماما محله ممن يرضاه المصلون حتى لا تتفرق جماعة المسلمين في هذه البقعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/10220)
تقديم حامل القرآن غير المتصف بالفسق على غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[من الأحق بالإمامة فى الصلاة؟
1- رجل متزوج وحامل للقرآن ولايحافظ على العمل به.
2- رجل متزوج وحامل بعض أجزاء من القرآن ومشغول بعمله.
3- رجل غير متزوج (أعزب) وحامل لبعض أجزاء من القرآن ويعمل بها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الرجل الذي يحفظ القرءان كله غير متصف بفسق فإنه يقدم على من يحفظ أجزاء فقط، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 25305.
أما كونه لا يحافظ على العمل بالقرآن فإننا لا ندري ماذا يقصد بذلك السائل، وقد كان ينبغي أن يذكر أمثلة على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/10221)
الصلاة خلف من يقر بالمنكر ويرضى به
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
عندنا مسجد في حينا المبارك ويؤمنا شيخ فاضل ويؤذن فيه رجل آخر ما شاء الله عليه ويؤمنا في بعض المرات عندما لا يكون الإمام الرسمي لصلوات الخمس ويتناوبان في صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك. لكن لهذا المؤذن الذي يصلي بنا في بعض المرات ولد جاءت عنده نصرانية كتابية إلى المنزل بواسطة الشات فقال لي إنني أتكلم معها في الدين لكي تسلم وتعتنق الإسلام لكن أنا إلى حد الآن لا أدري هل اعتنقت الإسلام أم لا، السؤال هل تجوز الصلاة لنا وراء هذا المؤذن الذي جاءت عندهم هاته الكتابية?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النصرانية إذا كانت تسكن عند ولد هذا المؤذن وكان قد تزوجها زواجا شرعيا بإذن وليها وبحضرة الشهود فلا حرج في سكنها عنده وتتعين إعانته في هدايتها ودخولها في الإسلام.
وأما إذا كانت لا تزال أجنبية لم يتزوجها الولد فإنه لا يجوز للمؤذن أن يقر سكنها عندهم ولا خلوتها بولده، بل يتعين عليه السعي في تزويجه بها إن كانت عفيفة أو طردها من بيتهم ومنع ولده من الاتصال بها.
ومهما يكن من أمر فإنه لا يسوغ ترك الصلاة في الجماعة من أجل هذا الأمر ولاسيما إن لم يوجد في حيكم سوى هذا المسجد.
وللفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 26416، 31229، 34935، 70855.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/10222)
الصلاة خلف رجل مخالف لمذهب أهل السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح إمامة رجل على مذهب مخالف لمذهب أهل السنة، وإذا لم تصح فهل علينا إعادة الصلاة، ومنا من كان لا يعرف أنه هو الإمام، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لهذا السؤال فقد أوضحنا حكم الصلاة خلف الإمام المبتدع في الفتوى رقم: 64740 والفتاوى المحال عليها فيها، ومن خلال مراجعتها سيتبين أنه لا يصلى خلف مثل هؤلاء مع وجود غيرهم، إلا أن كلام شيخ الإسلام يدل على أن الصلاة خلفهم صحيحة، سواء في ذلك من يعلم الإمام ومن لا يعلمه.
وقد كان على الجماعة المذكورة أن يقدموا شخصاً يصلح للإمامة من أهل السنة، ولا يتركوا مجالاً للغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(11/10223)
حكم تعيين الإمام غيره ليؤم المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب فلسطيني من مدينة أم الفحم قضاء نابلس وحاليا قضاء حيفا، والدي إمام مسجد في بلدتنا وقد مر بعملية استئصال معدة بعد إصابته بالسرطان عافنا الله وعافاكم منه، وقد أدى ذلك إلى انقطاعه عن المسجد في صلوات اليوم والليلة إلا الظهر، وكان أبي قد أوكل أمر الإمامة إلى شاب يعد من المقرئين المتمكنين جدا لكن هذا الشاب صار يأتي في أوقات متباعدة فقط وقد أوكل الأمر بدوره إلى شاب آخر يأتي في صلوات المغرب والعشاء ولكن بشكل متقطع وغير منتظم، وفي خضم هذه الأحداث المتعاقبة شاء الله أن أتزوج في بيت هو الأقرب إلى المسجد مما جعلني ألتزم بشكل دائم في جميع الصلوات إلا في الحالات الاضطرارية منها وهي نادرة، وقد تكلمت إلى والدي في أمر الإمامة في المسجد فصار الحديث إلى أنني أستطيع استلام الإمامة بشكل ثابت في كل الأوقات الخمس إلا الظهر لوجود الإمام، وبرغم ذلك بقيت لا أتقدم إلا عندما يغيب أحد الشابين اللذين تحدثت عنهما وسؤالي هو.
هل أستطيع أن أستلم الإمامة بشكل ثابت حتى وإن كره بعض المصلين ذلك فلا أكون أحد ثلاثة رجل تقدم والناس له كارهون مع العلم أن البعض طلب مني أن ألتزم الحضور في المسجد؟
2 هل يمكنني التجاوز شرعا عن الشاب المقرئ الذي تحدثت عنه إن حضر في وقت من الأوقات المتباعدة التي يكون فيها موجودا برغم رغبة المصلين في تقدمه لما يحظى به من صوت وتمكن ولو أنه يداوم على الحضور لما حاولت التقدم أساسا ولكن غيابه المستمر أدى إلى تقدم من يتلعثم ويخطئ في التلاوة في بعض الأوقات.
أخيرا، عن نفسي أقول إنني متمكن في القراءة ومخارج الحروف إلا أنني غير متقن للأحكام كلها وقد شرعت في تعلم ما ينقصني منها وهذا لا يعني أنني لا أجيد الأكثرية منها والحمد لله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإمامة المسجد الراتبة تُستَحقُّ بالتعيين من طرف واقف المسجد أو ناظره أو السلطان أو نائبه أو جماعة المسلمين، ففي فتح العلي المالك للشيخ محمد عليش المالكي مجيبا على السؤال التالي: ما قولكم في إمام راتب في مسجد انتقل بمحل آخر وترك المسجد لولده صغيرا فأم فيه ابن عمه مدة ثم توفي عن أخ فتنازع مع ابن الإمام الأول فأراد ابن الأول منع أخي الثاني من الإمامة في المسجد فهل له ذلك؟ أم كيف الحال أفيدوا الجواب. فأجبت بما نصه: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله: الترتب لإمامة المسجد لا يستحق بالوراثة من أب أو أخ ولا بالتقديم من الراتب؛ إنما يستحقه من رتبه الواقف أو الناظر أو السلطان أو نائبه أو جماعة المسلمين، وحينئذ فلا كلام لهذين المتنازعين، والواقف يقدم من شاء منهما أو من غيرهما، فإن لم يوجد فالناظر، فإن لم يوجد فالسلطان، فإن لم يوجد فنائبه، فإن لم يوجد فجماعة المسلمين. قال العلامة الأجهوري رحمه الله تعالى: الراتب من نصبه من له ولاية ذلك من واقف أو سلطان أو نائبه على وجه يجوز أو يكره؛ لأن الواقف إذا شرط المكروه مضى وكذا السلطان أو نائبه لأن كلا إذا أمر بمكروه تجب طاعته على أحد القولين، والإذن يتضمن الأمر اهـ. وتبعه عبد الباقي والشبرخيتي زاد وقال في الحاشية: هو الذي أقامه السلطان أو اتفق عليه أهل المحلة وسواء كان راتبا في جميع الأوقات أو بعضها. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: الإمام الراتب - وهو الذي رتبه السلطان، أو نائبه، أو الواقف، أو جماعة من المسلمين - يقدم في إمامة الصلاة على غيره من الحاضرين وإن اختص غيره بفضيلة كأن يكون أعلم منه أو أقرأ منه، روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أتى أرضا له وعندها مسجد يصلي فيه مولى لابن عمر فصلى معهم، فسألوه أن يصلي بهم فأبى وقال: صاحب المسجد أحق. أما إن كان معه الإمام الأعظم أو نائبه أو القاضي أو أمثالهم من ذوي السلطان والولاية، فيقدمون على الإمام الراتب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه. ولأن {النبي صلى الله عليه وسلم: أم عتبان بن مالك وأنسا في بيوتهما} . ولأن تقدم غير صاحب السلطان بحضرته بدون إذنه لا يليق ببذل الطاعة. وهذا محل اتفاق بين الفقهاء، إلا أن الشافعية يرون أن محل تقديم الوالي على الإمام الراتب إذا لم يكن الإمام مرتبا من السلطان أو نائبه، أما إذا كان الإمام ممن رتبه السلطان أو نائبه فإنه مقدم على والي البلد وقاضيه. انتهى
وعليه فإنك لا تكون إماما راتبا شرعا باستخلاف والدك لك بعد عجزه، وإنما تستحقها بإحدى الأمور السابقة.
كما أن الرجلين الذين ذكرتهما لا يعتبران إمامين راتبين. وإذا لم يوجد واقف للمسجد ولا ناظر له ولا سلطان ولا نائبه ورتبتك جماعة المسجد أو أكثرهم فتكون بذلك إماما راتبا إذا كنت متصفا بشروط الإمامة، ولم تتصف بما يقدح فيها ولوكره البعض إمامتك في هذه الحالة. وراجع الفتوى رقم: 9642، والفتوى رقم: 26508.
والإمام الراتب لا يجب عليه تقديم غيره ولو كان أجود منه قراءة أو أكثر علما. فإمامة المفضول صحيحة مع وجود الفاضل. وراجع الفتوى رقم: 26331، والفتوى رقم 59535.
واحرص على إتقان أحكام التجويد كلها، وإذا كنت متمكنا من أحكام القراءة ومخارج الحروف كما ذكرت فإمامتك صحيحة. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 26582.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(11/10224)
من أعاد تكبيرة الإحرام فهل يفوته فضل إدراكها مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ. فال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق. سؤالي فضيلة الشيخ هو إذا أدركت التكبيرة الأولى مع الإمام ولكني قلت كلمة استغفر الله بدون أن أشعر مما دفعني إلى إعادة التكبير فهل ما أقدمت عليه يبقيني في إطار الحديت الشريف أم أنني فوت التكبيرة الأولى مع الإمام، وجزاكم الله عني خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك أستغفر الله سهوا لا يبطل الصلاة وليس بمبرر لإعادة تكبيرة الإحرام، وراجع الفتوى رقم: 46593.
وعليه فإذا كنت قد أعدت تكبيرة الإحرام من غير رفض لنية الصلاة فإحرامك الأول صحيح وقد أدركت تكبيرة الإحرام مع الإمام، وإذا كنت قد رفضت نية الصلاة معتقدا بطلان صلاتك ثم أحرمت بناء على ذلك فتكون قد أحرمت بعد إمامك وفاتتك تكبيرة الإحرام معه، وراجع الفتوى رقم: 54203، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 27110، والفتوى رقم: 37775، والفتوى رقم: 50054.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1428(11/10225)
حكم الصلاة خلف الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الممكن أن يصلي إمام بالمصلين ولكنهم ليسوا راضين عنه. لا يستطيع أحد أن يغيره اتقاء لشره. هل تجوز الصلاة خلفه؟ ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 6359، والفتوى رقم: 26508، بيان مذاهب أهل العلم حول إمامة من يكرهه المصلون: وفيها أن الصلاة صحيحة خلف الإمام المذكور حتى ولو فرضنا أن الجماعة تكرهه لفسقه، فالصلاة خلف الفاسق صحيحة، وإن كان الأفضل الاقتداء بغيره ممن هو سالم من الفسق إن وُجِد وراجع الفتوى رقم: 78429.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1428(11/10226)
فتاوى في شروط الإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في مكتب هندسي وعندنا مصلى صغير ولكن الذي يقوم على الإمامة هو واحد من المديرين وإن تأخر المدير دخل من تحته في الإدارة وهم ليسوا على علم، مع العلم بأنه من بين المصلين من هو أعلم منهم، فأرجو توضيح شروط الإمامة وأن تجعلو الرد كموضوع لأني أريد أن أطبع الرد وأوزعه على المصلين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشروط الإمامة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 9642.
وتصح الصلاة خلف الجاهل بتفاصيل أحكام الصلاة إذا عرف صفتها وسلمت من الخلل مع كراهة إمامته ابتداء، كما سبق في الفتوى رقم: 50951.
كما تجزئ إمامة المفضول مع وجود الفاضل، كما في الفتوى رقم: 59535، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 6682.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(11/10227)
حكم الائتمام بمن يواظب على الصلاة المسماة الكاملة بعد الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا إمام راتب يقوم بدعاء عقب صلاة الصبح يتضمن نص الصلاة الكاملة وفي حال لم تعرفوها فهي كالآتي:
اللهم صل صلاة كاملة وسلم سلاما تاما على سيدنا محمد نبي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتم ويستسقى الغمام بوجهه الكريم.
وأريد أن أسأل عن حكمه وحكم الصلاة خلفه. ولي نفس السؤال حول من يقول: اللهم صل على سيدنا محمد نور الأبصار وضيائها وطب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ... إلخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمواظبة على الدعاء الجماعي بعد الفريضة بدعة محدثة، كما تقدم في الفتوى رقم: 54717.
كما أن صيغة الصلاة المسماة بالكاملة أو النارية لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتشتمل على معان باطلة كما في الفتوى رقم: 3784.
ولكن الصلاة خلف الإمام الذي يرددها صحيحة ما لم يكن يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يتصف بصفات الربوبية المذكورة في الصيغة وتراجع الفتوى رقم: 68003.
والصيغة الأخيرة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تشمل على بعض المعاني التي توهم الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي إطلاق تلك المعاني ولا الصلاة بتلك الصيغة، فالاقتصار على الصيغ المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل وأحوط، وراجع الفتوى رقم: 38193.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1428(11/10228)
ما يلزم المأموم إذا لم يتشهد التشهد الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم يُكبر الإمام حتى يرفع المأموم لقراءة التشهد وبالتالي لم يرفع المأموم من السجدة حتى انتهى الإمام من قراءة التشهد فماذا يفعل المأموم، هل يسجد سجود سهو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المأموم هنا غير مطالب بسجود السهو، لأن ما حصل له حصل وهو في حالة اقتداء، فإن حصل هذا في التشهد الأخير أتى به وسلم، وإن حصل في التشهد الأول نهض قائماً تبعاً للإمام ولا يشتغل بالتشهد عن متابعة الإمام، قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي في معرض كلامه على حكم التشهد: قد يسقط الطلب به في حق المأموم في بعض الأحوال كنسيانه حتى قام الإمام من الركعة الثانية فليقم ولا يتشهد، وما إن نسي التشهد الأخير حتى سلم الإمام فإنه يتشهد ولا يدعو ويسلم وسواء تذكر ترك التشهد قبل انصراف الإمام عن محله أو بعد انصرافه عن محله كما ذكره ح في سجود السهو نقلا عن النوادر عن ابن القاسم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(11/10229)
الاقتداء بالإمام وحكم السلام عمدا قبل إتمام الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد بعد العشاء فوجدت صلاة جماعة قائمة فصليت معهم فقرأ الإمام في الركعة الأولى والثانية ثم سلم بعد الثالثة فظننت أنه نسي الرابعة وسلمت خلفه وبعد الانتهاء من الصلاة وبسؤاله قال إنه كان يصلي المغرب فقمت وأتيت بركعة ثم سلمت فهل صلاتي صحيحة أم علي أن أعيدها؟؟.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح هو جواز الاقتداء وصحة الصلاة مع اختلاف نية الإمام والمأموم في الصلاة كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 24949، قال النووي في المجموع: ولو صلى الظهر خلف المغرب جاز باتفاق، ويتخير إذا جلس الإمام في التشهد الأخير بين مفارقته لإتمام ما عليه وبين الاستمرار معه حتى يسلم الإمام ثم يقوم المأموم إلى ركعته كما قلنا في القنوت والاستمرار أفضل. انتهى.
ولا فرق في الحكم بين اقتداء من يصلي الظهر بمن يصلي المغرب وبين من يصلي العشاء خلف من يصلي المغرب كما هو الحال في هذه المسألة كما لا يؤثر على صحة صلاة المأموم هنا ظنه أن الإمام في العشاء وهو في نفس الأمر يصلي المغرب ما دام المأموم ينوي صلاة معينة وهي العشاء، لكن الذي قد يؤثر على صلاته هو سلامه من ثلاث وهو يعلم أن صلاته لم تنته فإن الفقهاء ذكروا أن من سلم قبل انتهاء صلاته وهو يعلم ذلك بطلت صلاته. قال في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني: وأما لو سلم عالما عدم إتمامها أو شاكا في إتمامها ولم يكن مستنكحا فإن صلاته تبطل. قال خليل مشبها في البطلان كمسلم شك في الإتمام ثم ظهر الكمال على الأظهر وأولى لو تبين عدم الكمال أو لم يظهر شيء. انتهى. ومن هذا يتبين أن الاخ السائل هنا عليه إعادة صلاته لأنها بطلت بمجرد سلامه قبل انتهائها من غير سهو ولا نسيان ولا جهل يعذر به، ولا ينفعه تدارك الركعة الرابعة هنا لأنه سلم وهو يعلم أن صلاته لم تتم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(11/10230)
حكم قراءة الإمام القرآن من الهاتف النقال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أن يؤم الناس ويقرأ بمساعدة الجوال بدلاً من المصحف، وهل له أن يستمع للجوال ويردد من بعده إن لم يكن حافظاً؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجماعة في الصلاة ينبغي أن يقدموا للإمامة أقرأهم لكتاب الله تعالى، وهم إن فعلوا ذلك استغنى الإمام عن الحركة في حمل المصحف وفتحه ونحو ذلك، ولكن لا مانع من الاستعانة بالمصحف أو الجوال في القراءة في الصلاة بل يجب ذلك في الفاتحة سواء كانت الاستعانة عن طريق القراءة أو الاستماع إلى القراءة من الجوال ثم يردد معه أو بعده، قال النووي في المجموع: لو قرأ القرآن من المصحف لم تبطل صلاته سواء كان يحفظه أم لا بل يجب عليه ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة كما سبق، ولو قلب أوراقه أحياناً في صلاته لم تبطل، ولو نظر في مكتوب غير القرآن وردد ما فيه في نفسه لم تبطل صلاته وإن طال، لكن يكره، نص عليه الشافعي في الإملاء وأطبق عليه الأصحاب.. إلى أن قال: وهذا الذي ذكرناه من أن القراءة في المصحف لا تبطل الصلاة مذهبنا ومذهب مالك وأبي يوسف ومحمد وأحمد، وقال أبو حنيفة: تبطل. قال أبو بكر الرازي: أراد إذا لم يحفظ القرآن وقرأ كثيراً في المصحف، فأما إن كان يحفظه أو لا يحفظه وقرأ يسيراً كالآية ونحوها فلا تبطل، واحتج له بأنه يحتاج في ذلك إلى فكر ونظر، وذلك عمل كثير، وكما لو تلقن من غيره في الصلاة واحتج أصحابنا بأنه أتى بالقراءة، وأما الفكر والنظر فلا تبطل الصلاة بالاتفاق إذا كان في غير المصحف، ففيه أولى، وأما التلقين في الصلاة فلا يبطلها عندنا بلا خلاف. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(11/10231)
الجمع والجماعة تصح خلف كل بر وفاجر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فلسطيني أدرس في تركيا أريد أن أسأل عن شيء رأيته في بعض الشباب التركي، هؤلاء الشباب حسب فتوى لا أعرف مصدرها لا يصلون خلف الأئمة المعينين من قبل الدولة فيقولون إنهم لا يستحقون أن يكونوا في هذا المقام فهم كمن يفتح دكانا ويغلقه بعد الصلاة، كما أنهم لا يصلون الجمعة ويستشهدون بأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان في مكة مستضعفا لم يكن يصلي الجمعة، فهل ما يقومون به جائز، وما هي الحالات التي لا يصلى بها خلف الإمام، ولو ثقلنا عليكم ممكن رقم تليفون لأن هناك أشياء طارئة تحدث معنا ولا نجد الوقت الكافي للسؤال، وكذلك أحيانا تطول مدة الإجابة وكله في ميزان حسناتكم إن شاء الله، فنحن في غربة ونحتاج إليكم؟ وفقنا الله وإياكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في خطأ أولئك الشباب المشار إليهم في ترك الجمعة والجماعات، ومن المعلوم أن من عقيدة أهل السنة والجماعة صحة الصلاة خلف كل بر وفاجر، والأصل في المسلم السلامة، والأئمة المعينون من قبل الدولة الأصل فيهم السلامة، ومن كان منهم فاسقاً وثبت فسقه فإن الصلاة خلفه صحيحة مجزئة، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يصلون خلف الحجاج بن يوسف الثقفي مع ما فيه من الفسق وسفك الدماء، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 21471، والفتوى رقم: 25056.
وأما استدلالهم على ترك الجمعة بحال النبي صلى الله عليه وسلم في مكة فهذا استدلال مع الفارق ويدل على جهل قائله، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يستطيع إقامة الجمعة في مكة لأجل الاضطهاد الذي لاقاه المسلمون من المشركين، وأما هؤلاء الشباب فإنهم يعيشون في بلد إسلامي والمساجد في كل مكان وتقام فيها الصلاة ويرفع فيها الأذان، فأين هذا من ذاك، ولكنه الجهل بالشرع ونخشى أن يكون الشباب المشار إليهم ممن يحملون أقوالاً فاسدة في مسائل التكفير، وانظر فيها الفتوى رقم: 24860.
وأما طلب السائل أرقام هواتف فإن الفريق العامل في قسم الفتوى يجيب عن الأسئلة من خلال الموقع وليس عندنا أرقام هواتف خاصة بإجابة السائلين، ولذا فإننا نعتذر، وبإمكان الأخ السائل إرسال أسئلته عن طريق الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(11/10232)
حكم قراءة المأموم برواية غير التي يقرأ بها الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[يقرؤون في المغرب برواية ورش وأنا تعلمت السور برواية حفص عن عاصم في بلجيكا. فبماذا أقرأ وراء الإمام في الصلاة, وإذا قرأت برواية عاصم هل الصلاة جائزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المأموم أن يقرأ برواية أخرى غير التي يقرأ بها الإمام، فإذا كان الإمام يقرأ برواية ورش عن نافع أو غيرها فلا حرج على المأموم أن يقرأ برواية حفص عن عاصم مثلا، ولا يلزم متابعة الإمام في نفس الرواية. وانظر لذلك الفتوى رقم: 50855، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 23320.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1428(11/10233)
انتظار الإمام الذي يؤخر إقامة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إمامنا يؤخر وقت الصلاة، حيث لا يلتزم بالتوقيت المحدد من طرف الوزارة فمثلا الصلاة بعد 10د بعد أذان العاصمة إلا أن إمامنا يؤخرها بعد 20د وأحيانا يأمر المؤذن قبل أذان العاصمة وأقول لماذا العاصمة لأننا كلما اتجهنا غربا الحزمة الساعية تزداد -منطقتنا تقع غرب العاصمة-. وخاصة في شهر رمضان عند الإفطار فهو لا يلتزم البتة بالتوقيت وأحيانا يكون مذبذبا في التوقيت.
السؤال: هل يجوز لنا أن نصلي دون انتظاره؟
جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الوقت المأمور به من قبل الوزارة يتوافق مع الواقع فليس للإمام أن يأمر المؤذن بالأذان قبل الوقت، وأما إذا تبين له أن أذان الوزارة يتأخر أو يتقدم بسبب اختلاف البلدين فلا مانع من التقدم عليه أو التأخر ولا ينكر عليه.
وأما تأخيره للصلاة عن أول الوقت فلا ينبغي له ذلك، وقد فصل الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع أحكام انتظار الإمام ونقله عن الشَّافِعِيُّ وَْأَصْحَابُه فقال: إذَا حَضَرَتْ الْجَمَاعَةُ، وَلَمْ يَحْضُرْ إمَامٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ إمَامٌ رَاتِبٌ قَدَّمُوا وَاحِدًا وَصَلَّى بِهِمْ، وَإِنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ، فَانٍ كَانَ قَرِيبًا بَعَثُوا إلَيْهِ مَنْ سَيَعْلَمُ خَبَرَهُ لِيَحْضُرَ أَوْ يَأْذَنَ لِمَنْ يُصَلِّي بِهِمْ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا أَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي مَوْضِعِهِ فَإِنْ عَرَفُوا مِنْ حُسْنِ خُلُقِهِ أَنْ لَا يَتَأَذَّى بِتَقَدُّمِ غَيْرِهِ، وَلَا يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ فِتْنَةٌ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَحَدُهُمْ وَيُصَلِّي بِهِمْ، لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَلِحِفْظِ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْلَاهُمْ بِالْإِمَامَةِ وَأَحْبُهُمْ إلَى الْإِمَامِ، وَإِنْ خَافُوا أَذَاهُ أَوْ فِتْنَةً انْتَظَرُوهُ، فَإِنْ طَالَ الِانْتِظَارُ وَخَافُوا فَوَاتَ الْوَقْتِ كُلِّهِ صَلُّوا جَمَاعَةً، هَكَذَا ذَكَرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ) .
وتأخير ربع ساعة أو قريبا منها يعتبر قليلا فينبغي انتظار الإمام حتى يحضر.
وننصحكم بمحاورته والاتفاق معه على الوقت الذي يرضي الجميع أو المعظم من المصلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1428(11/10234)
حكم تأخر المأموم عن الإمام لعدم سماع صوته
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لمصلى النساء في المساجد المنفصلة عن الرجال، فما نفعل إذا كان الميكرفون غير واضح، وتعذر علينا اتباع الإمام؟
وقد واجهنا حالة خاصة، حيث إننا صلينا العصر مع الإمام، وبسبب سوء الميكروفون لم نستطع متابعة الإمام، وأسقطنا الركعة الثالثة، ظنا منا أن الإمام ما زال واقفاً ...
ومرة أخرى في صلاة الظهر، حيث إننا جلسنا للتشهد الأخير بعد الركعة الثالثة، ظنا منا أننا أتممنا الرابعة، ولما سمعنا تكبيرة الإمام للركوع (وليس السلام) ، قمنا وركعنا، فسجد بعضنا سجود السهو قبل السلام، والبعض أنهى صلاته مع الإمام دون سجود سهو، فما الحكم في ذلك؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا الشروط التي يجب توفرها في مصليات النساء المجاورة للمسجد في الفتوى رقم: 15440، مع بيان خلاف العلماء فيما يشترط لذلك وفي الفتوى رقم: 36156،ماذا يفعل المأموم إذا انقطع عنه صوت الإمام ولم تمكن متا بعته والاقتداء به لعدم الرؤية: ولتوضيح حكم ما حصل للأخوات في المسألة الأولى نقول: إن كان صوت الإمام انقطع بالكلية فعليهن نية المفارقة ويكملن صلاتهن كما سبقت الإشارة إليه في الفتوى المشار إليها أعلاه، وإن انقطع عنهن مرة وحصل اللبس المذكور ثم عاد لهن سماع الصوت ففي هذه الحالة إذا لم يمكن الإتيان بالركعة التي بقيت بسبب اللبس الذي حصل قبل فوات الركعة التي تليها وجب تركها ومتابعة الإمام في الركعة التي هو فيها فإذا سلم الإمام قام المأموم الذي حصل له ما ذكر ليأتي بالركعة التي فاتت عليه.
قال البهوتي في كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع: وَإِنْ تَخَلَّفَ الْمَأْمُومُ بِرُكْنَيْنِ لِغَيْرِ عُذْرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَرْكِهِ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ بِلَا عُذْرٍ. وَإنْ كَانَ تَخَلُّفُهُ بِالرُّكْنَيْنِ فَأَكْثَرَ لِعُذْرٍ كَنَوْمٍ وَسَهْوٍ وَزِحَامٍ إنْ أَمِنَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَتَى بِمَا تَرَكَهُ وَتَبِعَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ اسْتِدْرَاكِهِ بِلَا مَحْذُورٍ وَصَحَّتْ رَكْعَتُهُ فَيُتِمُّ عَلَيْهَا وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَأْمَنْ فَوْتَ الثَّانِيَةِ إنْ أَتَى بِمَا تَرَكَهُ تَبِعَهُ؛ لِأَنَّ اسْتِدْرَاكَهُ الْفَائِتَةَ إذَنْ يُؤَدِّي إلَى فَوْتِ رَكْعَةٍ غَيْرِهَا فَيَتْرُكُهُ مُحَافَظَةً عَلَى مُتَابَعَةِ إمَامِهِ وَلَغَتْ رَكْعَتُهُ وَاَلَّتِي تَلِيهَا عِوَضُهَا فَيَبْنِيَ عَلَيْهَا. انتهى
وفي المسألة الثانية فما فعله الأخوات كان صوابا إن شاء الله تعالى إذا كن قد قمن أي أتين بالقيام الواجب وهو الاعتدال فيه والاطمئنان ولو قليلا ثم الركوع بعد ذلك، وتسقط الفاتحة إذا أدركن الإمام راكعا، وإلا لم تسقط. ولا يطالبن بسجود سهو هنا لأنهن في حالة اقتداء، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 16498.
ومن صلى الظهر أو العصر ثلاث ركعات فصلاته باطلة، وعليه إعادتها، فإن كانت الأخوات قد فعلن ذلك فعليهن الإعادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1428(11/10235)
جلوس المسبوق بعد سلام الإمام لإتمام التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أدركت ركعة من الفجر مع الإمام فهل يجب علي إكمال التشهد إذا تأخرت في القراءة أم أقوم لإكمال الصلاة، كثيراً ما أتأخر في القراءة ويسلم الإمام قبل أن أكمل الصلاة على النبي فهل يجزئ قول (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) ، بدل من (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد.... إلخ) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسبوق في هذه الحالة أن يقوم لإكمال صلاته ولا يتأخر ولو لم يكمل التشهد، لأن التشهد إنما شرع هنا تبعاً للإمام، فإذا سلم الإمام وجب عليه القيام سواء أكمل التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أم لا، قال النووي في المجموع: ولو سلم الإمام فمكث المسبوق بعد سلامه جالساً وطال جلوسه، قال أصحابنا: إن كان موضع تشهده الأول جاز ولا تبطل صلاته؛ لأنه جلوس محسوب من صلاته وقد انقطعت القدوة، وقد قدمنا أن التشهد الأول يجوز تطويله لكنه يكره، وإن لم يكن موضع تشهده لم يجز أن يجلس بعد تسليمه، لأن جلوسه كان للمتابعة وقد زالت، فإن جلس متعمداً عالماً بطلت صلاته، وإن كان ساهياً لم تبطل ويسجد للسهو. انتهى. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 8403، والفتوى رقم: 81091.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1428(11/10236)
حكم اقتداء المأموم الشافعي بإمام مالكي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا كان الإمام مالكياً، والمأمومون شوافع، والإمام لا يجهر بالبسملة قبل الفاتحة في الصلوات الجهرية، فهل تبطل صلاة الشافعي المقتدي به، وهل يجوز للإمام المالكي أن يجهر بالبسملة مراعاة للمأمومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 5255، أن الجهر بالبسملة قبل الفاتحة في الفريضة الجهرية محل خلاف بين أهل العلم، وأن الجهر بها والإسرار ثبتا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الإسرار بها أكثر، والمشهور عند المالكية كراهة البسملة في الفريضة، ففي شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: وكرهت البسملة والتعوذ في الفرض للإمام وغيره سراً وجهراً في الفاتحة وغيرها ابن عبد البر وهو المشهور عند مالك وتحصيل مذهبه عند أصحابه وقيل بالإباحة والندب والوجوب، لكن من الورع الخروج من الخلاف بالبسملة أول الفاتحة ويسرها ويكره الجهر بها ولا يقال قولهم يكره الإتيان بها في الفريضة ينافي قولهم يستحب الإتيان بها للخروج من الخلاف، لأنا نقول متعلق الكراهة الإتيان بها على وجه أنها فرض أو على أن صحة الصلاة تتوقف عليها ومتعلق الاستحباب الإتيان بها دون نية الفريضة والنفل فلا تنافي بينهما. انتهى.
والمأموم الشافعي يجزئ اقتداؤه بالإمام المالكي على الراجح، ولو كان المأموم معتقداً ترك إمامه لواجب كقراءة البسملة مثلا قبل الفاتحة في الفريضة ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وتنازعوا فيما إذا ترك الإمام ما يعتقد المأموم وجوبه، مثل أن يترك قراءة البسملة والمأموم يعتقد وجوبها، أو يمس ذكره ولا يتوضأ، والمأموم يرى وجوب الوضوء من ذلك، أو يصلي في جلود الميتة المدبوغة، والمأموم يرى أن الدباغ لا يطهر، أو يحتجم ولا يتوضأ والمأموم يرى الوضوء من الحجامة، والصحيح المقطوع به أن صلاة المأموم صحيحة خلف إمامه، وإن كان إمامه مخطئاً في نفس الأمر: لما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم. انتهى.
وعليه فيجزئ المأموم الشافعي الاقتداء بإمام مالكي، وللإمام المالكي الجهر بالبسملة قبل الفاتحة في الفريضة لا سيما إن كان في ذلك طمأنة للمأمومين الذين يرون وجوب قراءتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1428(11/10237)
حكم خروج الإمام من المسجد إذا أقيمت الصلاة بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام بعد قيامه بالأذان تأخر في الدخول إلى المسجد وإقامة الصلاة، فقام أحد الحاضرين بإقامة الصلاة بدلا عنه، وأثناء إقامة صلاة دخل الإمام ثم خرج ولم يصل مع الجماعة، فما هو الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 40074، عدم جواز التقدم للإمامة مع وجود الإمام الراتب إلا بإذنه، وذكرنا أنه إن تأخر عن موعد الإقامة يُنتظر ولا يقدم غيره، إلا إذا تجاوز ما تعارف عليه أهل المسجد من حاله في الإقامة، وقام عندهم اليقين على تغيبه، فتشرع لهم إقامة الصلاة وتقديم الأولى في الإمامة، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: قال الشافعي والأصحاب: إذا حضرت الجماعة، ولم يحضر إمام فإن لم يكن للمسجد إمام راتب قدموا واحداً وصلى بهم، وإن كان له إمام راتب، فإن كان قريباً بعثوا إليه من يستعلم خبره ليحضر أو يأذن لمن يصلي بهم، وإن كان بعيداً أو لم يوجد في موضعه فإن عرفوا من حسن خلقه أن لا يتأذى بتقدم غيره، ولا يحصل بسببه فتنة استحب أن يتقدم أحدهم ويصلي بهم للحديث المذكور، ولحفظ أول الوقت، والأولى أن يتقدم أولاهم بالإمامة وأحبهم إلى الإمام، وإن خافوا أذاه أو فتنة انتظروه، فإن طال الانتظار وخافوا فوات الوقت كله صلوا جماعة، هكذا ذكر هذه الجملة الشافعي والأصحاب. انتهى.
أما خروج الإمام من المسجد في هذا الوقت أي بعد أن أقيمت الصلاة فالظاهر أنه غير صواب، لأنه لم يسبق إلا بالإقامة كما في السؤال أي أنه كان يستطيع بعد انتهاء الإقامة أن يصلي إماماً بل ولو سبق بالصلاة بغير وجه شرعي، لأن الصلاة في هذه الحالة صحيحة عند جمهور الفقهاء، والخروج من المسجد بعد الإقامة مكروه عند بعض أهل العلم وحرام عند آخرين إلا لعذر كما ذكرنا في الفتوى المشار إليها سابقاً، لأنه بذلك يكون متخلفاً عن الجماعة إذا لم يجد جماعة أخرى، إلا أن يكون له عذر كأن يكون غير متطهر ورجع ليتطهر ونحو ذلك، نعم هناك قول في المذهب الحنبلي مفاده بطلان الصلاة في حال ما إذا تقدم غير الإمام الراتب للإمامة بغير إذنه ولم يضق الوقت، فلعل هذا الإمام اعتبر أنه ظلم واعتدي عليه بإقامة الصلاة قبله بغير إذنه واعتمد على القول بالبطلان، واعتبر أنه ما دامت الصلاة باطلة فلا داعي للدخول فيها، لكن الشيخ محمد بن صالح العثيمين قد صرح في الشرح الممتع أن القول بصحة الصلاة مع الإثم أقوى من القول بالبطلان، فقال بعد أن ذكر أن في المسألة قولين أحدهما صحة الصلاة مع الإثم، والثاني عدم صحتها مع الإثم أيضاً، قال: والظاهر ما ذهب إليه أهل القول الأول لأن تحريم الصلاة بدون إذن الإمام أو عذره ظاهر من الحديث والتعليل، وأما صحة الصلاة فالأصل الصحة حتى يقوم دليل على الفساد، وتحريم الإمامة في مسجد له إمام راتب بلا إذنه أو عذره لا يستلزم عدم صحة الصلاة، لأن هذا التحريم يعود إلى أمر خارج عن الصلاة وهو الافتيات على الإمام والتقدم على حقه فلا ينبغي ان تبطل به الصلاة. انتهى.
ومهما يكن من أمر فإن دخول الإمام المذكور في الصلاة مع الجماعة على كل حال أولى من الخروج من المسجد في هذا الوقت فيما يظهر حفاظاً على الجماعة وتفادياً للفرقة. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 31899، والفتوى رقم: 60743.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1428(11/10238)
الصلاة خلف من صلى على ميت كان ينطق بالكفر ولا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة خلف إمام يصلي على مسلم ميت كان في حياته يتلفظ بأقوال الشرك والكفر والسب حتى أنه كان لا يصلي؟ هل تصح الصلاة خلف ذلك الإمام؟
أفيدوني مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 17254، أن صلاة الجنازة على تارك الصلاة محل خلاف بين العلماء، ومن تلفظ بألفاظ كفرية، وتحققت شروط تكفيره، وانتفت عنه الموانع من الجهل أو الإكراه ونحو ذلك- من توفر فيه ذلك ولم يرجع إلى الإسلام قبل موته - فإنه لا يصلى عليه لأنه كافر والعياذ بالله تعالى، ونعني بتارك الصلاة الذي مات على ذلك ولم يتب، والصلاة خلف الإمام المذكور صحيحة ولو كان يعتقد كفر من صلى عليه إذ صلاته عليه لا تخرجه عن الملة غاية أمره أنه قد عصى ربه؛ لأنه فعل حراما بالإجماع، كما قال النووي رحمه الله، وعليه التوبة إلى الله تعالى. والصلاة خلف غيره في هذه الحالة أولى، هذا على تقدير أن الشخص مات على غير ملة الإسلام وكان الإمام يعتقد أنه كفر، لكنا نقول ينبغي أن يحسن بالإمام الظن في هذا الأمر، فقد لا يثبت عنده أن الميت مات وهو لا يصلي، وقد لا يعتقد أن الألفاظ التي كان يقولها تؤدي إلى الكفر، وقد يعلم أنه تاب من ذلك كله، كل هذا محتمل، وعليه تحمل صلاته عليه. وانظر الفتوى رقم: 17654.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1428(11/10239)
حكم الصلاة إذا بان للإمام أنه محدث فأتم الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت إماما وفي أثناء الصلاة تذكرت أني لم أتوضأ وأكملت الصلاة وبعد الصلاة قلت لهم إني لم أكن متوضأ ويجب علينا إعادة الصلاة فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب عليك أن تقطع الصلاة ولا تستمر فيها بعد ما تذكرت أنك محدث. ولك أن تستخلف، وللمأمومين أن يقدموا واحدا منهم خلفا عنك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 18061، أما الآن فتجب عليك أنت إعادة الصلاة لأنك صليت وأنت محدث، ولا إعادة على المأمومين على الراجح كما أسلفنا في الفتوى رقم: 27368.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1428(11/10240)
هل يقدم في الإمامة من لبس القميص والعمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[نصلي وراء أخ كثير الخطأ والنسيان وهو يصر على الإمامة بحجة أنه هو الأحق بها لأنه مرتد للجلباب والعمامة. وأنا أقوم بالإصلاح له إذا أخطأ ولكني أتضرر من الصلاة خلفه لكثرة أخطائه.
فهل علي من إثم إذا صليت في أي مسجد أو مصلى آخر (رغم بعد المسافة) فإن أحداً لن يقوم بالإصلاح له إن أخطأ؟ وما حكم الصلاة والحالة هذه؟ وأرجو من سيادتكم تقديم النصح لهذا الأخ وإخباره عن مسؤولية الإمامة؟
هذا وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة أن يؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله تعالى إلى آخر الصفات الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم:
يؤم القومَ أقرؤُهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسُّنة، فإن كانوا في السُّنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما، ولا يؤمن الرجلُ الرجلَ في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلابإذنه. رواه مسلم.
وعليه فمجرد كون الشخص المذكور يلبس الجلباب والعمامة لا يجعله أحق الناس بالإمامة.
ثم إذا كان خطأ ذلك الإمام في غير الفاتحة أو كان في الفاتحة ولا يغيِّرُ المعنى فالصلاة خلفه صحيحة وراجع الفتوى رقم: 66393.
ويشرع إصلاح الخطأ في هذه الحالة ويجب إذا كان في الفاتحة، وراجع الفتوى رقم: 4195، والفتوى رقم: 62679. ولا تلزمك الصلاة في المسجد المذكور بل يجوز لك الانتقال لغيره.
وينبغي نصح الإمام المذكور بالتنحي عن الإمامة إذا وُجِد غيره ممن هو سالم من الخطأ في القراءة.
مع التنبيه على أنه إذا كان الخطأ في الفاتحة مع تغيير المعنى فلا تجزئ الصلاة خلفه إذا تعمَّد الخطأ أو قدر على التعلم ولم يقم به فينبغي تنبيه جماعة المسجد على ذلك لأنه من باب النصيحة، وراجع الفتوى رقم: 40159. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 13127.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1427(11/10241)
ثواب الإمامة والخطبة مع الإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[جعل الله عملكم خالصا لوجهه الكريم وتقبل منا ومنكم آمين.
ما هو أجر الإمام الذي يؤم المصلين؟ وما هو أجر الإمام الذي يؤم المصلين في الجمعة ويعد ويلقي الخطبة؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فثواب الإمامة في الصلاة تقدم بيانه في الفتوى رقم: 49364، ولا شك أن القيام بالخطبة مع إمامة الصلاة فيه مزيد أجر ومثوبة لاشتمال الخطبة عادة على وعظ وإرشاد ودعوة إلى خير وثواب. فالداعي إلى الخير له أجره إضافة إلى أجور من انتفع بسببه. وراجع المزيد في الفتوى رقم: 28202، والفتوى رقم: 2439، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 36264.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1427(11/10242)
الأحق بالإمامة.. لابس البنطال الأكثر حفظا أم لابس الجلباب الأقل حفظا
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما يتقدم للإمامة الأكثر حفظاً (غير أنه يرتدي القميص والبنطلون أم الأقل حفظاً كثير الأخطاء والنسيان (غير أنه يرتي الجلباب والعمامة) مع العلم أنه لا يوجد غيرهما يصلح للإمامة لأن المصلى في منطقة غير آهلة. وهل صلاة الإمام المرتدي للقميص والبنطلون فيها كراهة؟
أفيدونا وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعروف أن الأولى بالإمامة هو أقرأ القوم لكتاب الله تعالى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة، فإن كانوا في القراءة سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فليؤمهم أكبرهم سنا، ولا يؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه، قال شعبة: فقلت لإسماعيل: ما تكرمته؟ قال: فراشه. رواه مسلم وأصحاب السنن واللفظ لأبي داود.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود عند شرح هذا الحديث: الظاهر أن المراد أكثرهم له حفظا، ويدل على ذلك ما رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح عن عمرو بن سلمة قال: انطلقت مع أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام قومه فكان فيما أوصانا: ليؤمكم أكثركم قرآنا فكنت أكثرهم قرأنا فقدموني. وأخرجه أيضا البخاري وأبو داود والنسائي. وقيل أحسنهم قراءة وإن كان أقلهم حفظا، وقيل أعلمهم بأحكامه. انتهى.
وعليه؛ فإذا كان الأكثر حفظا يرتدي ملابس ليست محددة بأن كانت واسعة بحيث لا تصف الأعضاء فهو أولى بالإمامة لأنه أكثر قرآنا، وليس فيه ما يمنع أولويته بالإمامة، أما إذا كانت ملابسه ضيقة بحيث تصف الأعضاء فالظاهر أن الأولى هنا الأقل حفظا إذا كان خطؤه في القراءة لا يصل إلى ما تبطل به الصلاة، لأنه يحفظ بعض القرآن ويلتزم الملابس المناسبة للصلاة، لأن اللباس له اعتباره أيضا، ولأن الأكثر حفظا متلبس بكراهة بلباسه ما يحدد عورته، وقد ذكر فقهاء المذهب المالكي: أن الأولى بالإمامة إذا تلبس بما يمنع الاقتداء به أو يصيره مكروها سقط حقه في التقدم على غيره، ولذلك قال خليل في مختصره بعد أن عدد الصفات التي يقدم في الإمامة من توفرت فيه على من لم تتوفر فيه:..... إن عدم نقصا بمنع أو كره. انتهى.
وقد تقدم في الفتوى رقم: 32227، كراهة صلاة الرجل في البنطال الضيق، أضف إلى ذلك أن الكثير من الناس يكره الاقتداء بمن يلبس الملابس الضيقة، وبالتالي قد يصير من يتقدم وهو في هذا النوع من اللباس مكروها عند المأمومين أو عند بعضهم بسبب معتبر شرعا، وقد فصلنا في الفتوى رقم: 6359، كلام أهل العلم في إمامة من يكره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(11/10243)
من فاتته ركعة من الصبح فهل يجهر فيها أم يسر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم
هل يصح أن يأتي المسبوق في صلاة الصبح بالركعة الأولى سرا، وليس جهرا؟ مع المعلوم أن صلاة الصبح جهرية. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أدرك الركعة الثانية من صلاة الفجر مع إمام وفاتته الأولى، فبعد سلام الإمام يقوم المسبوق بقضاء تلك الركعة، لكن هل يجهر بالقراءة فيها أم لا؟ اختلف أهل العلم في ذلك، فعند المالكية يجهر بالقراءة بالقدر الذي لا يشوش على غيره من المصلين، قال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: وقال في المدخل في آخر الفصل الأول من فصول العالم في الكلام على القراءة بالجهر وفي المسجد ما نصه: ألا ترى أن علماءنا رحمة الله عليهم قد قالوا فيمن فاتته الركعة الأولى أو الأولى والثانية من صلاة الجهر إنه إذا قام لقضاء ما فاته أنه يخفض صوته فيما يجهر فيه فيجهر في ذلك بأقل مراتب الجهر وهو أن يسمع نفسه ومن يليه خيفة أن يشوش على غيره من المسبوقين. انتهى
وعند الحنابلة له الخيار في غير الجمعة بين الجهر والإسرار، ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع وهو حنبلي: (ويُخَيَّر) المسبوق إذا قضى ما فاته (في الجهر) بالقراءة (في صلاة الجهر) غير الجمعة (بعد مفارقة إمامه وتقدم في صفة الصلاة) . انتهى
وعند الشافعية لا يطالب بالجهر بل يسر بالقراءة، ففي حاشية سليمان البجيرمي على التجريد لنفع العبيد وهو شافعي متحدثا عن المسبوق: فإن قيل هَلاَّ قضى الجهر أيضا وما الفرق بينهما؟ قلتُ فُرقَ بينهما بأن السورة سنة مستقلة والجهر صفة تابعة أي فمن ثَمَّ أمر بالأول دون الثاني. انتهى
وعليه فإذا أراد المسبوق الجهر بالقراءة في ركعة القضاء في هذه الحالة فلا يجهر بالقدر الذي يشوش على المصلين، وراجع الفتوى رقم: 31389.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 33234.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1427(11/10244)
الزمن الذي يركع فيه المأموم بعد الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يصلي المأموم خلف الإمام ويبدأ الإمام في الانتقال مثلا من القيام إلى الركوع ويكون قد أتم تكبيرة الانتقال ومع ذلك فقد لا يقترن إتمامها بتمام ركوعه فهل على المأموم الانتظار حتي يركع إمامه-إذا كان يصلي خلفه مباشرة ويلاحظه-؟ أم يجب عيه الركوع حال انتهاء الإمام من لفظ تكبيرة الانتقال حتى ولو لم يكن قد ركع فعليا؟ علما بأن المأموم قد يكون أسرع في حركته من الإمام فيصل إلى الركوع قبله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوقت المشروع لتكبير الانتقال هو يكون مع بداية الشروع في الركن وينتهي بنهايته، لكن لو كان الإمام ينتهي من تكبير الانتقال قبل نهاية الركن كالركوع مثلا، فالمأموم ينتظر ركوع إمامه ولا يسبقه بالركوع نظرا للأمر بالمتابعة. وراجع الفتوى رقم: 26670، والفتوى رقم: 43047.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1427(11/10245)
ائتمام المفترض بمن يصلي الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد فوجدت شخصا منفردا يصلي نافلة وأنا أريد أن أصلي فرضا وكما هو معلوم تجوز صلاة المتنفل بالمفترض كما في حديث معاذ المعروف لكن إذا صليت مع شخص بنية الفرض وهذا الشخص يصلي نافلة وكانت هذه النافلة هي ركعة الوتر فأخذ هذا المتنفل يدعو دعاء الوتر فماذا أصنع هل أقطع الصلا ة أم أدعو معه لأنه إمامي وتجب علي متابعته أم ما هو الفعل الصحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصح صلاة المفترض خلف المتنفل على الراجح من أقوال أهل العلم رحمهم الله تعالى لما أخرجه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله: أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخر ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة. وسواء كانت صلاة النفل التي يصليها الإمام راتبة أو وترا أو غير ذلك، وفي حالة كونها وترا وقنت فيه فالأفضل للمأموم أن يتابعه وله أن ينوي مفارقته ويتم صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1427(11/10246)
إذا صلى شخصان وانتقض وضوء الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صلى اثنان جماعة ثم انتقض وضوء الإمام في الصلاة فماذا على المأموم أن يفعل هل يعيد الصلاة أم يستمر لوحده، هذا مع العلم أني أعرف أنه إذا كانت الجماعة أكثر من ثلاثة وانتقض وضوء الإمام تقدم أحدهم للإمامة؟
وجزاكم الله خيرا. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا صلى شخصان وانتقض وضوء الإمام منهما فإن على الإمام أن يذهب للطهارة وإعادة الصلاة لبطلانها بخروج الحدث، وأما المأموم فإن عليه أن يتم صلاته منفردا لعدم وجود من يأتم به ولا شيء عليه، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 66253.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(11/10247)
مسائل حول قراءة المأموم الفاتحة خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ, قراءتي للفاتحة بطيئة, فهل علي أن أسرع في قراءتها عندما أكون مأموما في الصلوات السرية كي أتمها قبل ركوع الإمام, أم أقرأ قراءة مسترسلة كما كان يفعل رسول الله
ثم إني شيخنا أصلي وراء إمام يسرع كثيرا في قراءته حتى أني وإن قرأت الفاتحة بسرعة وسردا دون التوقف على رؤوس الآيات, قلما أتمها معه, فما علي فعله سواء بقي منها شيء كثير أو قليل, أرجو منكم أن تثلجوا صدري إذ أخشى على صحة صلاتي لأني أعلم أن الفاتحة ركن لصحة الصلاة
وأخيرا شيخنا أعلم أنه هنالك خلافا حول قراءة المأموم للفاتحة في الجهرية لكني مقتنع بوجوب ذلك, سؤالي ما يقول القائلون بوجوبها في الذي يدرك الصلاة والإمام يقرأ سورة أخرى, هل يقرأ هنا أيضا الفاتحة أم لا
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في وجوب قراءة الفاتحة على المأموم والراجح وجوبها عليه في الصلاة الجهرية والسرية لما رواه أبو داود في سننه عن عبادة بن الصامت قال: كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فثقلت عليه القراءة فلما فرغ قال: لعلكم تقرءون خلف إمامكم قلنا: نعم هذا يا رسول الله قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها. وهذا فى الصلاة الجهرية كما هو واضح وبه أخذ الشافعية ورأوا أنه لا بد من قراءة الفاتحة للإمام والمأموم والمنفرد، والمأموم يقرؤها بعد انتهاء إمامه من قراءة الفاتحة أو بين سكتات الإمام عند قراءة الفاتحة، وإذا كنت تبطيء فحاول الإسراع بحيث لا تخل بها ولكن لا ترتلها ترتيلا بحيث لا تتمكن من متابعة الإمام دون أن يسبق بثلاثة أركان مقصودة وهي الركوع والسجدة الأولى والثانية فلو رفع الإمام رأسه من السجدة الثانية لزمك أن تدع قراءة الفاتحة وتلحقه فيما هو فيه ثم تقضي ركعة بعد سلامه، وإما أن تنوي المفارقة وتتم صلاتك لوحدك فإن لم تفعل أحد هذين فإن صلاتك تبطل قال النووي رحمه الله في المجموع: (والصحيح الذي قطع به البغوي والأكثرون لا يسقط باقيها، بل يلزمه أن يتمها ويسعى خلف الإمام على نظم صلاة نفسه ما لم يسبقه بأكثر من ثلاثة أركان مقصودة. فإن زاد على الثلاثة فوجهان ... أصحهما: له الدوام على متابعته ... يوافقه فيما هو فيه ثم يتدارك ما فاته بعد سلام الإمام) اهـ
وفي حالة ما إذا تأخر المأموم فأدرك الإمام يقرأ سورة بعد الفاتحة فإن عليه أن يشرع في قراءة الفاتحة ولا ينشغل بالاستفتاح والاستعاذة إلا إذا غلب على ظنه أنه إذا قالهما أدرك تمام الفاتحة قبل أن يركع الإمام، ففي هذه الحالة يستحب له أن يأتي بها.
قال النووي رحمه الله في المجموع (إذا حضر مسبوق فوجد الإمام في القراءة وخاف ركوعه قبل فراغه من الفاتحة فينبغي أن لا يقول دعاء الافتتاح والتعوذ , بل يبادر إلى الفاتحة ... وإن غلب على ظنه أنه إذا قال الدعاء والتعوذ أدرك تمام الفاتحة استحب الإتيان بهما فلو ركع الإمام وهو في أثناء الفاتحة فثلاثة أوجه: أحدها: يتم الفاتحة.
والثاني: يركع ويسقط عنه قراءتها ...
والثالث: وهو الأصح وهو قول الشيخ أبي زيد المروزي وصححه القفال والمعتبر أنه إن لم يقل شيئا من دعاء الافتتاح والتعوذ ركع وسقط عنه بقية الفاتحة. وإن قال شيئا من ذلك لزمه أن يقرأ من الفاتحة بقدره لتقصيره بالتشاغل) اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1427(11/10248)
الاقتداء بمن يلحن في الفاتحة لحنا لا يحيل المعنى
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المشايخ
هل تجوز الصلاة خلف إمام يلحن في الفاتحة في الفرض أو النفل (اللحن في الرحمن بدل أن يكسر النون يفتحها) هذا مع أننا نصحنا له ولكنه يسهو ويعود في اللحن الجلي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففتح النون من لفظة (الرحمن) في سورة الفاتحة في الصلاة لا يجوز تعمده، ولكنه لا يبطل الصلاة لأنه لا يغير المعنى، ويكره الاقتداء بمن يلحن هذا اللحن.
قال الإمام النووي رحمه الله: إذا لحن في القراءة كرهت إمامته مطلقا، فإن كان لحنا لا يغير المعنى كرفع الهاء من (الحمد لله) كانت كراهة تنزيه، وصحت صلاته وصلاة من اقتدى به، وإن كان لحنا يغير المعنى كضم التاء من (أنعمت) أو كسرها، أو يبطله- أي يبطل معنى اللفظ- بأن يقول (الصراط المستقين) فإن كان لسانه يطاوعه وأمكنه التعلم فهو مرتكب للحرام ويلزمه المبادرة بالتعلم، فإن قصر وضاق الوقت لزمه أن يصلي ويقضي، ولا يصح الاقتداء به. انتهى
ولا فرق بين فتح النون من الرحمن وضم الهاء من اسم الجلالة، فكلاهما لا يغير المعنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(11/10249)
اختلاف نية المأموم عن الإمام في صلاة الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت القيام فى مسجد فدعا الإمام لصلاة الوتر، ولكنه لم يبين هل سيصلي ركعتين ثم واحدة أم ثلاثة متصلة فاستحضرت النية 2 ثم 1، ولكنه صلى 3 متصلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتراجع في جواب هذا السؤال الفتوى رقم: 69099، والفتوى رقم: 55898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1427(11/10250)
إمامة من يلبس حلة رياضية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة بما يسمى بالتراكسود أم لا يوجد شيء نصي يدل على التحريم وبطلان الصلاة بهذه الملابس، وهل يمكن للذي يلبس التراكسود أن يؤم الناس بالصلاة؟ أفتونا يجزيكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا اللباس فضفاضا ساترا للعورة بحيث لا يصف عورة ولا يظهر بشرة فلا بأس بلبسه ولا بالصلاة فيه ولا بإمامة من يلبسه إن توفرت فيه شروط الإمامة الأخرى، وإن كانت تظهر معه بشرة العورة لم تصح الصلاة به، فإن ستر العورة ووصف حجمها لضيقه كره لباسه والصلاة به إلا أنها صحيحة، كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 32227، وتصح إمامة لابسه أيضا إلا أنه لا يبنغي أن يتقدم للإمامة إلا أكمل الجماعة حالا في القراءة والفقه، ومن ذلك أيضا حالة الملابس كما نص على ذلك أهل العلم، قال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره وهو يذكر الخصال التي يقدم من توفرت فيه للإمامة على غيره: وندب تقديم سلطان ثم رب منزل والمستأجر على المالك وإن عبدا كامرأة واستخلفت ثم زائد فقه ثم حديث ثم قراءة، ثم عبادة ثم بسن الإسلام، ثم بنسب ثم بخلق ثم بلباس إن عدم نقص منع أو كره انتهى.
ولا شك أن من يلبس الملابس الضيقة ليس من أحسن الناس لباسا، وعليه فإذا وجد غيره ممن يلبس لباسا واسعا ساترا وتوفرت فيه شروط الإمامة الأخرى كان أولى منه بالإمامة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10696، 66022، 9642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1427(11/10251)
اللحن الذي يحيل المعنى في غير الفاتحة هل يبطل الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تكون الصلاة صحيحة إن قرأ الإمام: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) هكذا: فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ لا يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ. أرجو أن تجيب هذا السؤال؟ جزاك الله أحسن الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أخطأ الإمام من غير قصد في قراءة السورة بعد الفاتحة ولحن فيها لحناً يحيل المعنى فالصلاة صحيحة ولا تبطل بذلك؛ لأن قراءة السورة ليست ركناً من أركان الصلاة، قال الإمام النووي في المجموع: وإن كان اللحن الذي يغير المعنى في غير الفاتحة صحت صلاته -أي الإمام- وصلاة كل أحدٍ خلفه لأن ترك السورة لا يبطل الصلاة فلا يمنع الاقتداء. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: فإن أحال المعنى في غير الفاتحة لم يمنع صحة الصلاة ولا الائتمام به إلا أن يتعمده فتبطل صلاتهما. انتهى.
فتبين بهذا أن قراءة الإمام لقول تعالى: يُرْزَقُونَ فِيهَا. بالنفي (لا يرزقون) ، وإن كان يحيل المعنى تماماً إلا أن الصلاة لا تبطل بذلك إلا إذا تعمده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1427(11/10252)
صلاة المأموم خلف من يكرهه وحكم قول أنت من كفار قريش
[السُّؤَالُ]
ـ[1 - أريد أن اسأل عن حكم الدين في الصلاة خلف إمام يكرهه الفرد أو في قلبه ضغينة؟
2 - ما الحكم في فرد قال لزميله في حوار أنت من كفار قريش فاستغرب الآخر فرددها له مرة أخرى أنت من كفار قريش؟ والحديث لم يكن مزاحا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتصح الصلاة خلف الإمام الذي يكرهه المأموم لسبب ما، وقد سبق تفصيل الكلام في ذلك في الفتوى رقم: 6359.
ومن الأفضل مجاهدة النفس على إزالة البغضاء والكراهية تجاه ذلك الإمام وغيره من المسلمين إن كانت تلك البغضاء لحظ النفس، فما أجمل بالمسلم أن يكون سليم الصدر من الحقد والغل تجاه إخوانه المسلمين، وراجع الفتوى رقم: 59861.
وإذا قال الشخص لغيره أنت من كفار قريش قاصدا بذلك تكفيره وإخراجه من ملة الإسلام فهذه معصية شنيعة وصاحبها على خطر عظيم إذا لم يبادر بالتوبة إلى الله تعالى، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 52765.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1427(11/10253)
متى يعتبر المأموم مدركا تكبيرة الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود باللحاق بتكبيرة الإحرام في حديث من صلى أربعين يوما في جماعة، فما هو الحكم في الحالات التالية:
• عندما أسمع التكبيرة من الإمام عن طريق الميكرفون وأنا عند باب المسجد من الخارج؟
• عندما أسمعها وأنا داخل المسجد ولكن قبل الوصول لصفوف الجماعة؟
• عندما أكون في صلاة النافلة القبلية ثم يبدأ الإمام في الصلاة وأنا داخل المسجد قبل انتهائي من النافلة؟
• عند تأخير الصلاة لوجود درس علم وحضور الجماعة؟
• ماذا لو كنت في منطقة غريبة عنى وكان المسجد هناك يقيم الصلاة بسرعة شديدة وغير معتادة؟
• ماذا عن السفر والقصر والجمع؟
جزآكم الله خيرا كثيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا معنى الحديث الذي أشار إليه الأخ السائل في الفتوى رقم: 37775.
فالرجاء مراجعتها للفائدة، والظاهر أن الحالات المذكورة لا يعتبر صاحبها مدركا لتكبيرة الإحرام؛ لأن الفقهاء ذكروا أنها لا تدرك إلا بشهود المأموم تحريم الإمام، قال في كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: (قَالَ جَمَاعَةٌ) مِنْهُمْ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ (وَفَضِيلَةُ تَكْبِيرَةِ الْأُولَى) أَيْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (لَا تَحْصُلُ إلَّا بِشُهُودِ تَحْرِيمِ الْإِمَامِ) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ (وَتَقَدَّمَ فِي) بَابِ (الْمَشْيِ إلَى الصَّلَاةِ) مَا يُؤْذِنُ بِذَلِكَ. انتهى
وقيل تدرك بإدراك بعض القيام وقيل تدرك بإدراك الركوع الأول كما نص على ذلك فقهاء الشافعية بعد أن ذكروا القول الأول وهو أنها لا تدرك إلا بالاشتغال بالتحريم عقب تحريم الإمام قال في تحفة المحتاج ممزوجا بنص المنهاج في الفقه الشافعي، (وَإِدْرَاكُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) مَعَ الْإِمَامِ (فَضِيلَةٌ) مَأْمُورٌ بِهَا لِكَوْنِهَا صَفْوَةَ الصَّلَاةِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَزَّارِ وَلِأَنَّ مُلَازِمَهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُكْتَبُ لَهُ بِهَا بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ كَمَا فِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ (وَإِنَّمَا تَحْصُلُ) بِحُضُورِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ وَ (بِالِاشْتِغَالِ بِالتَّحَرُّمِ عَقِبَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ) , فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا أَوْ تَرَاخَى فَاتَتْهُ (وَقِيلَ) تَحْصُلُ (بِإِدْرَاكِ بَعْضِ الْقِيَامِ) ; لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّحَرُّمِ (وَقِيلَ) تَحْصُلُ بِإِدْرَاكِ (أَوَّلِ رُكُوعٍ) أَيْ بِالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ قِيَامِهَا وَمَحَلُّهُمَا إنْ لَمْ يَحْضُرْ إحْرَامَ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَاتَتْهُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا. انتهى.
وعلى القول الأخير فإنها تدرك في الحالات التي ذكر الأخ السائل وإذا كان أهل المسجد المذكور يصلون في الوقت ويأتون بالصلاة بأركانها وواجباتها كما هو الظن فلا ينبغي لأحد أن يتخلف عنهم إلا إذا كان يجد جماعة آخرين يصلي معهم في الوقت فلا حرج عليه في اختيار الصلاة مع أي جماعة من المسلمين، لكن ينبغي الحرص على الصلاة في المسجد الأكثر جماعة؛ لأنه كلما كانت الجماعة أكثر كان الأجر أعظم كما قدمنا في الفتوى رقم: 5547، ولم يتضح لنا المطلوب من الفقرة الأخيرة المشتملة على السفر والقصر والجمع، وإذا كان المراد تحديد السفر الذي تقصر فيه الصلاة فليراجع الفتوى رقم: 1887، وانظر الفتوى رقم: 62349، والفتاوى المحال عليها فيها، لبيان الكثير مما يتعلق بأحكام القصر والجمع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(11/10254)
علة اختلاف قدر قراءته صلى الله عليه وسلم حال إمامته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من رد على من قال إن الإطالة في الصلاة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، واستدل بحديثه لسيدنا معاذ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور يستشكل ما جاء في الأحاديث الصحاح من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ طوال السور وهو إمام، مع ما قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من أمر الأئمة بتخفيف الصلاة وتحذيرهم من تنفير الناس بالتطويل، فالجواب: أنه صح عنه أيضاً أنه كان يصلي بقصار السور، وقد بين الفقهاء أن ذلك كان بحسب الأحوال، فكان يطول حين يعلم من حال المأمومين أنهم يؤثرون التطويل، ويخفف حين يعلم أنهم لا يؤثرون التطويل، ولعل من هذا أمره صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه بالتخفيف لما علم من حال بعض المأمومين.
قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع في الفقه الشافعي بعد أن سرد الأحاديث الواردة في تطويله صلى الله عليه وسلم، والأحاديث الواردة في قراءته قصار السور حال الإمامة: قال العلماء: واختلاف قدر القراءة في الأحاديث كان بحسب الأحوال، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم من حال المأمومين في وقت أنهم يؤثرون التطويل فيطول، وفي وقت لا يؤثرونه لعذر ونحوه فيخفف، وفي وقت يريد إطالتها فيسمع بكاء الصبي كما ثبت في الصحيحين. انتهى.
وهذا ليس خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال الفقهاء أن الإمام إذا علم أن المأمومين يرغبون في التطويل فله أن يطيل بهم، وأما إذا لم يعلم ذلك فليخفف، قال الشيخ أحمد الدردير في الشرح الكبير على مختصر خليل عند قول المؤلف: وتطويل قراءة بصبح والظهر تليها: هذا في غير الإمام، وأما هو فينبغي له التقصير إلا أن يكون إماماً بجماعة معينة وطلبوا منه التطويل، وقال الدسوقي معلقا هنا: أي وعلم إطاقتهم له وعلم أو ظن أنه لا عذر لواحد منهم، فهذه قيود أربعة في استحباب التطويل للإمام. انتهى، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 62436، والفتوى رقم: 42513.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(11/10255)
نسيان الإمام الآيات عند القراءة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أؤم المصلين بدولة غير ناطقة بالعربية بفترة انتدابي بها، وهم يصرون أن أكون إمامهم، كوني أنا عربيا وأحفظ من القرآن ولكني أعاني من مشكلة النسيان عند قراءة القرآن في الصلاة مما يجعلني أخطأ عن غير قصد إلا أنني أبدأ القراءة بسهولة ويسر وفجأة يأتيني شرود ذهني ينسيني تكملة بعض الآيات مما جعلني أضطر إلى مراجعة الآيات التالية للركعة الثانية أثناء سجودي من الركعة الأولى خوفا من الخطأ، والعجيب أنه لا يصيبني ذلك النسيان أو الخطأ عند قراءة القرآن في غير الصلاة بدون مصحف وتساورني الشكوك بين الاستمرار في الإمامة لكوني أحفظهم لكتاب الله أو التخلي عنها لغيري ممن لا يجيدون القراءة والنطق باللغة العربية، وهل أكون آثما في هذه الحالة أفيدونا؟
جزاكم الله خيرا وادعوا لنا بالثبات والإعانة على ذكر الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي وفقك لحفظ ما تيسر من كتاب الله عزوجل، ونسأله سبحانه أن يتم عليك ذلك، ونوصيك بالمراجعة والإتقان لما ستصلي به قبل أن تدخل في الصلاة، وأن تستعين بالله وتدعوه أن يوفقك ويبعد عنك كيد الشيطان ووسوسته فإنه يريد أن يحرمك من هذا المنصب الكريم، وهو إمامة الناس في الصلاة، فإن الإمامة كرامة لصاحبها فاحرص عليها لا سيما عند عدم وجود من يحسن القيام بها كما هو الحال بالنسبة لك، وننصحك بتعود الخشوع واستحضار ما تقرأ في الصلاة والتفكير فيه، فإنك إن لم تتفكر وتتدبر فيما تقرأ فإن الشيطان يذكرك بأمور أخرى ويوقعك في النسيان والخلط، ومما يعينك على عدم الخطأ أن تقرأ في الصلاة بما تتقنه كما سبق، والحاصل أننا نوصيك بمواصلة الإمامة وعدم الاستجابة للشيطان، وعما قريب سيزول عنك ما تجده بإذن الله.
وأما قراءة القرآن في الركوع والسجود ونحو ذلك أو الانشغال بالتأمل في المحفوظ أثناء ذلك فمنهي عنه لأن فيه انشغالا بغير المطلوب في الركوع والسجود وهو الذكر الوارد فيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء. رواه مسلم وغيره. ثبتك الله وسدد خطاك على الخير والصلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1427(11/10256)
الصلاة خلف الإمام الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي بالجماعة وهو ليس محافظا على حدود الله كالنظر إلى الحرام وسماع الأغاني مع العلم أننا نعمل في الصحراء وليس هناك من يريد التقدم للإمامة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله جل وعلا لما كتب على المؤمنين الصلاة شرع أن تؤدى في جماعة، وأحق الناس بالإمامة أحفظهم لكتاب الله وأعلمهم بالسنة لقوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة.
وسماع الأغاني والنظر إلى الحرام معصيتان يفسق من أصر عليهما أو على إحداهما، وقد اتفق الفقهاء على كراهة الصلاة خلف الفاسق ولكنهم اختلفوا في صحتها على قولين:
أحدهما: البطلان مطلقا، سواء كان فسقه متعلقا بالصلاة أم لا.
الثاني: التفريق بين من كان فسقه متعلقا بالصلاة كترك ركن أو شرط من شروطها فتبطل، وبين من كان فسقه بغير ذلك فلا تبطل لأن كل من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره، وهذا هو الأرجح، لما روى البخاري أن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج، وروى مسلم أن أبا سعيد الخدري صلى خلف مروان بن الحكم صلاة العيد، وصلى ابن مسعود خلف الوليد وكان يشرب الخمر
والمطلوب منكم أن تنصحوا الإمام المذكور بالتوبة من سوء صنيعه، فإن استجاب فهو المطلوب، وإلا استبدلوه إن أمكن، فإن لم يمكن فصلوا خلفه ولا تفوتوا الجماعة بسبب معصية هذا الإمام لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يصلون بكم فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطؤوا فلكم وعليهم. رواه أحمد وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1427(11/10257)
إمامة من يتفرج على الأفلام ويستمع إلى الأغاني
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي بجماعة من المسلمين ولكني أتفرج على الأفلام والأغاني مع العلم أنه لا يوجد من يريد الإمامة ونحن نعمل في الصحراء فهل أصلي بهم أم لا؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن سماع الأغاني المشتملة على آلات اللهو والمعازف وكلام الفحش والنظر إلى الأفلام التي تحتوي على المحرمات أمر محرم، ويجب على من ينظر أو يسمع إلى ذلك أن يتوقف عنه وأن يتوب إلى الله تعالى ويندم على فعل تلك المحرمات فإن من تاب تاب الله عليه، وليحذر من الإصرار على المعصية ولو لم تكن من الكبائر فإن الإصرار على الصغائر يجعلها كبائر كما ذكر أهل العلم، ورغم حرمة هذه الأمور فإن الصلاة خلف مرتكبها صحيحة، وإذا كان ارتكاب المحرمات أمرا قبيحا ومحرما على كل أحد فإنه أشد قبحا إذا كان يصدر ممن يظن فيه الخير وترضاه جماعة المسلمين إماما لها، فلينتبه الأخ السائل لهذا الأمر وليراجع نفسه، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 53400، والفتوى رقم: 1749.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(11/10258)
استقبال القبلة عند الوضوء وحكم التبليغ خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المسمع خلف الإمام، عند الوضوء هل لا بد من استقبال القبلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسميع أو التبليغ خلف الإمام جائز إذا دعت إليه الحاجة، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 73778.
وبالنسبة للشق الثاني من السؤال فإن استقبال القبلة حال الوضوء مستحب وليس واجباً، وعلى استحبابه فقهاء المذاهب الأربعة، قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل عند ذكره فضائل الوضوء: منها: موضع طاهر فلا يوقع في موضع الخلاء أو غيره من المواضع النجسة خوف الوسوسة، ومنها: استقبال القبلة. ومنها: استشعار النية في جميعه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(11/10259)
اختلاف نية المأموم عن الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت مسجدا لأصلي العشاء وصليت مع جماعة في غير وقت الصلاة وتفاجئت أنهم يصلون المغرب (سفر) هل أسلم معهم بعد الركعة الثالثة؟ مع العلم أني أكملت صلاتي وهم قد دخلوا بصلاة العشاء (صلاة سفر) فهل يجوز أن أكون مثلاُ ساجدا وهم وقوف أو العكس مع أنني واقف بوسط الصف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت مسافرا وقد صليت المغرب عن قرب ودخلت معهم لصلاة العشاء بنية جمعها مع المغرب فصلاتك صحيحة، ولو كانوا هم يصلون المغرب على القول الراجح عند أهل العلم الذين لا يشترطون توافق نية الإمام والمأموم. وأما إذا كنت قد صليت المغرب منذ وقت طويل أو دخلت معهم ولم تنو جمع العشاء مع المغرب فصلاتك غير صحيحة والواجب عليك إعادتها لأن نية الجمع شرط لصحته، وأنت بالخيار في الحالة الأولى وهي صحة الجمع بين أمرين:
الأول: أن تواصل مع الإمام إلى التشهد فإذا سلم فإنك تقوم وتتم صلاتك وهذا الذي فعلته فيما يظهر.
الثاني: أنه إذا جلس للتشهد فإنك تنوي المفارقة وتقوم تكمل ما عليك ولا يضر كونك ساجدا في وسط الصف وهم وقوف؛ لأن الواجب عليك أن تأتي بركعة لتتم صلاة العشاء أربع ركعات، ولا يصح أن تسلم معهم عن ثلاث ركعات.
وأما إذا كنت غير مسافر فصلاتك غير صحيحة لأنك صليتها في غير وقتها إن كان المراد من قولك في غير وقت الصلاة أنهم يصلون قبل دخول وقت العشاء، وعليك إعادتها لقول الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103} أي فرضا مؤقتا.
أما إن كان ذلك في وقت العشاء ولكن بعد أن فرغ الناس من صلاة الجماعة الأولى في المسجد فإن صلاتك صحيحة، إن كنت قد نويت العشاء وصليتها أربعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1427(11/10260)
إمامة من يتساقط منه البول زمنا ثم ينقطع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنعم الله علي بحفظ الكثير من القرآن الكريم ولا زلت أحفظ حتى أتم حفظه إن شاء الله، ووهبني الله صوتاً جميلاً في قراءة القرآن الكريم، وقد ألح علي الإخوة القائمين على مسجدنا بالإمامة في الأوقات التي يتغيب فيها الإمام وهي بشكل شبه دائم صلاة الفجر، إلا أنني أعاني من سلس بالبول بعد قضاء حاجتي ولفترة حوالي الساعة ثم تنجلي، مع أخذ احتياطي لذلك بوضع بعض المناديل الورقية، فما حكم إمامتي للصلاة في حال كنت أفضل الموجودين من ناحية الحفظ والأحكام والصوت ... أرجو سرعة الرد، حيث إني أعاني من ضغوطات من الإخوة المصلين في هذا الاتجاه ولم أبح لهم عن السبب الحقيقي لتمنعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الحدث ينقطع عن السائل وقتاً يتسع للطهارة والصلاة قبل خروج الوقت، فإنه لا يعتبر من أهل السلس، وعليه فالواجب عليه أن ينتظر حتى ينقطع عنه البول فيتطهر ويصلي وليس له أن يصلي قبل انقطاع حدثه، فإذا صلى بالناس إماماً بعد انقطاع حدثه وتطهره فلا بأس بذلك، بل يكون ذلك هو الأولى إذا كان أقرأ الحاضرين.
أما إن كان البول لا ينقطع وقتاً يتسع للطهارة والصلاة فهذا هو سلس البول، وقد سبق أن بينا حكم الاقتداء بصاحبه في الفتوى رقم: 7507 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1427(11/10261)
فتح النسوة على إمامتهن إذا أخطأت في القراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند صلاة الجماعة وكانت تؤم المصليات سيدة تلعثمت فى قراءة السورة التى بعد الفاتحة وقد تفضلت كل من كانت حافظة للسورة بردها فتخالطت أصوات المصليات وفعلاً صححت القارئة ما أخطأت فيه وأكملت الصلاة.. فما حكم هذه الصلاة هل تعاد لهذه البلبلة التى حدثت أم أنها صحيحة ولا تعاد.. وهل تقرأ سراً إذا كانت تؤم الصلاة حتى وإن كانت فى الصلاة الجهرية كصلاة المغرب؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب الفتح على الإمام وإصلاح خطئه إذا توقف أو أخطأ في الفاتحة لتوقف صحة الصلاة عليها، سواء كان الإمام رجلا أو امرأة تؤم النساء، أما في غير الفاتحة فيشرع الفتح عليه وليس واجبا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 62679، وإذا فتح أحد المأمومين على الإمام أو أصلح له كفى، فلا ينبغي للآخرين أن يتسابقوا إلى إصلاح خطأ الإمام بحيث يفتح هذا ويصلح هذا مما يؤدي إلى ارتباك الإمام وعدم حصول الفائدة في مثل هذه الحالة غالبا، ولكن لو حصل مثل هذا فلا تبطل به الصلاة؛ لأن غرض الجميع هو الإصلاح. ولبيان حكم جهر المرأة في حالة الصلاة الجهرية والتفصيل في ذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 42442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1427(11/10262)
الصلاة خلف إمام متلبس ببدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة خلف إمام صوفي يستهزئ بالشباب ويسخر من لحاهم ويذهب إلى قبر أحد الأولياء قبل كل امتحان لأنه يدرس ويقرأ في كتب محمد علوي المالكي على المنبر ويدعو إلى الاحتفال بالمولد ويروي فيه أحاديث موضوعة، مع أننا أثبتنا له عدم صحتها وأطلعناه على أقوال العلماء فيها، لكنه مازال يرددها، وخائن للأمانة أيضاً، فما حكم الصلاة خلفه، علماً بأن أقرب مسجد يبعد 5 كيلو متر والمواصلات غير متوفرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في حكم الصلاة خلف الإمام المتلبس ببدعة سواء كانت مكفرة أو غير مكفرة، فنحيل الأخ السائل إلى تلك الفتاوى وهي تحت الأرقام التالية: 6742، 4783، 24012، 29453، 48361، 53394.
وعلى كل فإننا ننصح الشباب بتوخي الحكمة في دعوتهم وتوجيههم وعدم التسرع أو التهور حتى لا يقع بسببهم ضرر أكبر ومفسدة أعظم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1427(11/10263)
لا تصح الصلاة خلف من يسب الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو من فضيلتكم التكرم بإفادتنا: هل يجوز الصلاه خلف إمام دائم السب للدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسب الدين كفر أكبر مخرج من الملة، وساب الدين كافر لا تصح الصلاة خلفه كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 34576، وانظر الفتوى رقم: 47738، والفتوى رقم: 1327، والفتوى رقم: 48551، إلا إذا تاب من كفره فإنه تصح الصلاة خلفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1427(11/10264)
الائتمام بمن يقول في الفاتحة اهدني الصراط المستقيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم لنا إمام يصلي بنا منذ مدة طويلة وهو يقرأ سورة الفاتحة بالخطأ، عوض أن يقول (اهدنا الصراط المستقيم) يقول (اهدني الصراط المستقيم) وقد تفطنا لذلك ونبهناه، لكنه للأسف تعود بها لسانه. فما حكم ذلك بالنسبة لنا كمصلين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخطأ المذكور يعتبر من اللحن الجلي لأنه غير معنى الآية الكريمة، ولا يصح الاقتداء بصاحبه ما لم يصلحه، لذا فإن على الإخوة الذين كانوا يقتدون بهذا الإمام أن يعيدوا الصلوات التي اقتدوا به فيها، كما يجب عليه هو أن يصحح خطأه إن كان يستطيع، فإن صلى بهذا الخطأ مع استطاعته الإصلاح لم تصح صلاته، وقد سبق أن أوضحنا هذا الموضوع في الفتوى رقم: 73812، والفتوى رقم: 23898، ولبيان كيفية قضاء الفوائت يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 31107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1427(11/10265)
حكم إمامة من يلحن في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[في مسجدنا عامل المسجد إذا غاب الإمام فإنه ينتهز الفرصة ليؤم الناس وهناك أعلم منه خصوصا وهو يلحن في الفاتحة فيقرأ أنعمت عليهم محذوف النون يعني أعمت عليهم نصحته بعدم استخلاف الإمام في إمامة الناس نظرا لوجود من يجيد الفاتحة أفضل منه فلم يستمع إلي وهو يريد أن يفرض نفسه فرضا علينا حتى أنه قام بخطبة الجمعة في إحدى المرات لا يفهم منها ولا كلمة والبعض من الإخوة يكره الصلاة وراءه وإذا قام ليصلي بنا عند غياب الإمام خرجوا وهو من المصابين بالصرع شفاه الله وعافانا وبقي مصرا على رأيه واضطررت أن أقول للمصلين أن لا يصلوا وراءه ردعا له. فهل تجوز الصلاة وراءه ولعلمكم حتى وإن رفعت القضية للجهات المسؤولة فإنه لا يتغير شيء وهل فعلي جائز فإني أخاف أن أكون ارتكبت جرما في حقه فكيف لي من توبة فإنا نعيش في عصر تقهقر فيه العلم وتقدم للإمامة من ليس لها بأهل فبم تنصحون.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المذكور لا يحسن قراءة الفاتحة -كما ذكرت في سؤالك- فلا تجوز الصلاة خلفه, والواجب هو نصحه أن يتعلم قبل أن يؤم الناس في هذه الفريضة العظيمة. فإن أصر على رأيه الخاطئ فلا بد من تحذير المصلين من الصلاة خلفه، ويُنصح الإمام بأن يستخلف شخصا مؤهلا ويمنع الشخص المذكور من الصلاة بالناس؛ لأن في صنيعه هذا اعتداء على الشرع وعلى المصلين، فقد جاء في الصحيحين عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة, فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما.
كما أنه لا يجوز للرجل أن يؤم قوما وهم له كارهون بسبب أمر شرعي, كما هو الحال هنا؛ لحديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون. رواه الترمذي.
والحاصل أنه لا تجوز الصلاة خلف هذا الرجل إلا إذا تعلم القراءة الصحيحة للفاتحة، وما لا تصح الصلاة إلا به, وكذا تعلم شروط خطبة الجمعة وأركانها إذا خطب, ولا إثم عليك فيما فعلت, بل ما فعلته هو المطلوب منك شرعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1427(11/10266)
هل يتراجع عن الصلاة خلف الإمام إذا بان فاسقا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التراجع عن الصلاة إذا تبين أن من تقدم ليؤم الصلاة فاسق أو معروف بسوء الخلق؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة خلف الرجل الفاسق مكروهة عند الفقهاء مع إجزائها، فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي خلف الحجاج، ومن كان من الصحابة في ولاية زياد وابنه كانوا يصلون خلفهما، قال ابن قدامة: فصار هذا إجماعاً.
وعليه فتجوز الصلاة خلف من وصف في السؤال وخاصة إذا لم يوجد من هو أحسن منه حالاً، وإن كان المقصود بالتراجع عن الصلاة هو قطعها بعد الدخول فيها لهذا السبب فنقول، إنه لا يجوز قطع الصلاة المفروضة إلا لعذر شرعي، فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: قطع العبادة الواجبة بعد الشروع فيها بلا مسوغ شرعي غير جائز باتفاق الفقهاء، لأن قطعها بلا مسوغ شرعي عبث يتنافى مع حرمة العبادة، وورد النهي عن إفساد العبادة، قال الله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ.
وبناء على ما ذكر، فلا نرى إباحة التراجع عن الصلاة إذا تبين أن من تقدم ليؤم الصلاة فاسق أو معروف بسوء الخلق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1427(11/10267)
ائتمام من يصلي صلاة سرية بمن يصلي صلاة جهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي الصلاة السرية مثل الظهر والعصر مع إمام يصلي الصلاة الجهرية مثل المغرب والعشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم اختلاف نية المأموم عن الإمام، كمن يصلي الظهر خلف من يصلي العصر أو من يصلي العصر خلف من يصلي الظهر وغير ذلك، والمفتى به عندنا الجواز كما في الفتوى رقم: 24408، والفتوى رقم: 41486، والفتوى رقم: 16215.
ويدخل في هذا الجواز من يصلي صلاة سرية خلف من يصلي صلاة جهرية، والإسرار والجهر في الصلاة من السنن وليس من الفرائض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1427(11/10268)
هل يجهر المأموم بقول بلى إذا سمع (أليس الله بأحكم الحاكمين)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول المصلين بعد قول الإمام (أليس الله بأحكم الحاكمين) ، قولهم (بلى) جهراً، فهل هذا جائز؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 8175، والفتوى رقم: 71335، الآيات التي يستحب الدعاء والتنزيه بعد قراءتها، قال العلامة ابن قاسم العبادي الشافعي في حاشيته على تحفة المحتاج: ويسن للقارئ مصلياً أم غيره أن يسأل الله الرحمة إذا مر بآية رحمة ويستعيذ من العذاب إذا مر بآية عذاب، فإن مر بآية تسبيح سبح وإذا قرأ (أليس الله بأحكم الحاكمين) سن له أن يقول: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.
وقد ذكر بعض أهل العلم ما يفيد بأن ذلك يكون سراً لا جهراً، ففي الفروع لابن مفلح في الفقه الحنبلي: وقد قيل لأحمد إذا قرأ (أليس ذلك بقادرعلى أن يحيي الموتى) هل يقول: سبحان ربي الأعلى؟ قال: إن شاء في نفسه، ولا يجهر به. انتهى.
وقال ابن العربي في أحكام القرآن عند تفسير قوله تعالى: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {الأعراف:55} : وأما الدعاء فلم يشرع منه شيء جهراً لا في حالة القيام ولا في حالة الركوع ولا في حالة السجود، لكن اختلف العلماء في قول قارئ الفاتحة (آمين) ، هل يسر بها أن يجهر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1427(11/10269)
تسجيل المأموم صوت الإمام أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى أحد المساجد وصليت فيها فأعجبني صوت الإمام، فأردت أن أسجل صوت الإمام في جوالي (الموبايل) وأنا أصلي، فهل هذا جائز؟ (علما أن ذلك من دون علم الإمام) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لمن دخل في الصلاة أن يحضر قلبه وفكره فيها، وفي تدبر ما يقرأ لقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون:1-2} وقوله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ {البقرة:238} أي خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه، قال صلى الله عليه وسلم: إن في الصلاة لشغلا. متفق عليه، وتسجيل الصوت بالجوال أو غيره في الصلاة ينافي ذلك، وربما أدى إلى عمل كثير وهو مبطل للصلاة بالاتفاق، وإنما اختلف العلماء في قدر الكثير المبطل، ومنهم من قال إذا عمل ثلاث حركات متواليات بطلت صلاته، وقال بعضهم مرجع الكثرة إلى العرف، قال النووي رحمه الله: إن الفعل الذي ليس من جنس الصلاة إن كان كثيرا أبطلها بلا خلاف وإن كان قليلا لم يبطلها بلا خلاف. هذا هو الضابط ثم اختلفوا في ضبط القليل والكثير على أربعة أوجه إلى أن قال: والرابع وهو الصحيح المشهور وبه قطع المصنف والجمهور: أن الرجوع فيه إلى العادة فلا يضر ما يعده الناس قليلا كالإشارة برد السلام وخلع النعل ورفع العمامة ووضعها ولبس خف ونزعه وحمل صغير ووضعه ودفع مار ودلك البصاق في ثوبه وأشباه هذا، وأما ما عده الناس كثيرا كخطوات كثيرة متوالية وفعلات متتابعة فتبطل الصلاة، انتهى.
وأما التسجيل بغير علم الإمام فله ثلاث حالات:
الأولى: أن يعلم أنه لا يمانع من ذلك بل قد أذن في تسجيل قراءته مطلقا فلا مانع من تسجيله في أي وقت. الثانية: أن يعلم نهيه عن ذلك فلا يجوز أن يسجل صوته بغير إذنه.
الحالة الثالثة: أن لا يعلم رضاه ولا منعه فالأحوط عدم الإقدام على ذلك إلا بعد إذنه وهذا في غير النشر، أما تسجيل صوته ونشره كغيره من القراء فلا يجوز إلا بإذنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1427(11/10270)
ارتفاع المأموم عن الإمام ارتفاعا يسيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي في مسجد يرتفع داخله عن الطارمة مقدار كاشية (2سم) حيث يقف الإمام في حالة انطفاء الكهرباء عند الباب الذي يرتفع (2سم) عن المأمومين الذين يصلون خلفة في الطارمة منخفضين مقدار كاشية، وهل يتعارض مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه لا يجوز أن يصلي الإمام مرتفعا عن المأمومين أفتونا؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون الإمام يصلي بمكان أرفع من مكان المأمومين مكروه عند بعض أهل العلم سواء كان الارتفاع بقصد التعليم أم لا، وبعضهم يقول بعدم الكراهة إذا كان لغرض تعليم المأمومين، قال ابن قدامة في المغني: المشهور في المذهب أنه يكره أن يكون الإمام أعلى من المأمومين سواء أراد تعليمهم الصلاة أو لم يرد، وهو قول مالك والأوزاعي وأصحاب الرأي، وروي عن أحمد ما يدل على أنه لا يكره فإن علي بن المديني قال: سألني أحمد عن حديث سهل بن سعد، وقال: إنما أردت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أعلى من الناس فلا بأس أن يكون الإمام أعلى من الناس بهذا الحديث، وقال الشافعي: أختار للإمام الذي يعلم من خلفه أن يصلي على الشيء المرتفع فيراه من خلفه، فيقتدون به لما روى سهل بن سعد، قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عليه ـ يعني المنبر ـ فكبر وكبر الناس وراءه ثم ركع وهو على المنبر ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: أيها الناس إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي. متفق عليه. ولنا ما روي أن عمار بن ياسر كان بالمدائن فأقيمت الصلاة فتقدم عمار فقام على دكان والناس أسفل منه فتقدم حذيفة فأخذ بيده فاتبعه عمار حتى أنزله حذيفة فلما فرغ من صلاته قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مقامهم. قال عمار: فلذلك اتبعتك حين أخذت على يدي. انتهى.
وقال النووي في المجموع: قال أصحابنا: يكره أن يكون موضع الإمام أو المأموم أعلى من موضع الآخر، فإن احتيج إليه لتعليمهم أفعال الصلاة أو ليبلغ المأموم القوم تكبيرات الإمام ونحو ذلك استحب الارتفاع لتحصيل هذا المقصود هذا مذهبنا وهو رواية عن أبي حنيفة وعنه رواية: أنه يكره الارتفاع مطلقا، وبه قال مالك والأوزاعي وحكى الشيخ أبو حامد عن الأوزاعي أنه قال: تبطل به الصلاة. انتهى.
وارتفاع الإمام الذي ذكرت هو من قبيل الارتفاع اليسير الذي لا حرج فيه ولا كراهة، قال ابن قدامة في المغني أيضا: ولا بأس بالعلو اليسير لحديث سهل، ولأن النهي معلل بما يفضي إليه من رفع البصر في الصلاة وهذا يخص الكثير فعلى هذا يكون اليسير مثل درجة المنبر ونحوها لما ذكرنا في حديث سهل. والله أعلم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1427(11/10271)
ما يفعله المأموم إذا أتى على اثنين يصليان جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أصح للمأموم أن يجذب المأموم للخلف ليصطف معه أم يدفع الإمام للأمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن من وجد إماما أو مأموما عن يمينه فإنه يحرم عن يسار الإمام، ثم إن الإمام إن كانت أمامه سعة تقدم عنهما ليصطفا خلفه، فإن لم توجد سعة أمامه تأخر المأمومان، والأمر في ذلك واسع، قال النووي في المجموع:
قال أصحابنا: فإن حضر إمام ومأموم وأحرم عن يمينه ثم جاء آخر أحرم عن يساره ثم إن كان قدام الإمام سعة، وليس وراء المأمومين سعة تقدم الإمام، وإن كان وراءهما سعة وليست قدامه تأخرا، وإن كان قدامه سعة ووراءهما سعة تقدم أو تأخرا، وأيهما أفضل؟ فيه وجهان: (الصحيح) الذي قطع به الشيخ أبو حامد والأكثرون تأخرهما ; لأن الإمام متبوع فلا ينتقل، (والثاني) : تقدمه، قال القفال والقاضي أبو الطيب: لأنه يبصر ما بين يديه، ولأنه فعل شخص فهو أخف من شخصين، هذا إذا جاء المأموم الثاني في القيام، فإن جاء في التشهد والسجود فلا تقدم ولا تأخر حتى يقوموا، ولا خلاف أن التقدم والتأخر لا يكون إلا بعد إحرام المأموم الثاني كما ذكرنا وقد نبه عليه المصنف بقوله، ثم يتقدم الإمام أو يتأخرا. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1427(11/10272)
صلاة المرأة الواحدة مع الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر إذا صلى الرجل والمرأة في مكان واحد منفردين جماعتين أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح، ولكن إذا كان المراد أنهما إذا صليا جماعة هل يحصل لهما فضل الجماعة أم لا؟ فالجواب: أنه لا يجوز ائتمام المرأة بالرجل في مكان منفردين فيه إلا إذا كان محرماً لها أو زوجاً, فإن كان كذلك حصل لهما فضل الجماعة وتقف وراءه، قال ابن قدامة في المغني: وتنعقد الجماعة باثنين فصاعداً، لا نعلم فيه خلافاً، وقد روى أبو موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الاثنان فما فوقهما جماعة. رواه ابن ماجه، أما إذا لم يكن زوجاً لها ولا محرماً فلا يجوز لها الائتمام به لما في ذلك من الخلوة المحرمة. انتهى.
وقال النووي رحمه الله تعالى عند قول صاحب المهذب: ويكره أن يصلي الرجل بامرأة أجنبية، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان. والمراد بالكراهة كراهة تحريم، هذا إذا خلا بها، قال أصحابنا: إذا أم الرجل بامرأته أو محرم له، وخلا بها جاز بلا كراهة، لأنه يباح له الخلوة بها في غير الصلاة، وإن أم بأجنبية وخلا بها حرم ذلك عليه وعليها للأحاديث الصحيحة التي سأذكرها إن شاء الله تعالى، وإن أم بأجنبيات وخلا بهن فطريقان: قطع الجمهور بالجواز، ونقله الرافعي في كتاب العدد عن أصحابنا، ودليله الحديث الذي سأذكره إن شاء الله تعالى، ولأن النساء المجتمعات لا يتمكن في الغالب الرجل من مفسدة ببعضهن في حضرتهن. انتهى.
أما إذا صلى الرجل وحده أو صلت المرأة وحدها دون أن تأتم به وهما في مكان واحد مثلاً فلا يعتبر أحدهما مصلياً في جماعة حتى يحصل على فضل الصلاة فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1427(11/10273)
متابعة المسبوق الإمام في التشهد
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة المسبوق عندما يكون الإمام في الركعة الثانية في التشهد والمسبوق يكون في الركعة الأولى هل المسبوق يقرأ التشهد أم ماذا، وكذلك عندما يكون الإمام في الركعة الرابعة في التشهد والمسبوق في الركعة الثانية أو الأولى هل يقرأ التشهد وإلى أين أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المأموم سواء كان مسبوقاً أو أدرك الصلاة من أولها أن يتابع الإمام في أفعال الصلاة، فيجلس إذا جلس الإمام للتشهد الأول والثاني، وأما هل يتابع الإمام في قول التشهد، فجوابه نعم، يوافقه استحباباً، وانظر لذلك الفتوى رقم: 49271، والفتوى رقم: 60619.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1427(11/10274)
من تصح صلاتهم في أنفسهم دون غيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذه القاعدة مطلقة (كل من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره أي إمامته) ، مع العلم بأن هناك أصنافا نص عليهم الفقهاء في صحة إمامتهم لمثلهم أو لمن دونهم فقط غير من هم أعلى منهم مثل الأمي وتارك الركن كالأخرس والمرأة.... إلخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقاعدة التي سألت عنها مذكورة في كتب أهل العلم ذكرها الزركشي في البحر المحيط والصنعاني في سبل السلام وغيرهما، كما في الفتوى رقم: 36500.
وهذه القاعدة ليست على إطلاقها بل هناك بعض الحالات التي لا تنطبق عليها، ومن تلك الحالات:
1- إمامة الأخرس فإنها تصح لمثله فقط عند المالكية والحنفية خلافاً للحنابلة والشافعية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 61381.
2- إمامة العاجز عن ركن كركوع أو سجود فتصح لمثله دون غيره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 33509.
3- إمامة اللاحن في الفاتحة مع عجزه عن إصلاح الخطأ فتصح لمثله دون غيره، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 47372.
4- إمامة المرأة للنساء فتصح على الراجح من أقوال أهل العلم، ولا تصح للرجال والصبيان كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5796. مع أن الجميع تصح صلاتهم لأنفسهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1427(11/10275)
ما على الإمام إذا أحدث فأتم صلاته وهو محدث
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم لا تحيلوني إلى فتاوى سابقة كنت قد سألتكم في سؤال رقم 2118736 عن حكم صلاة الإمام وليس المأموم إذا نزل منه بول في وقت الصلاة بالمأمومين.
فكيف يكفر عن ذنبه في حق المأموم إذا كان لا يعرفه ولا يستطيع أن يصل إليه فهل عليه أن يقضي الصلاة عن نفسه وعن المأموم حتى يكفر عن هذا الذنب؟ وهل أسأل يوم القيامة عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على الإمام إذا طرأ عليه الحدث من بول أو غيره أو تذكر أنه محدث أثناء الصلاة أن ينصرف ليتطهر من جديد, ويستحب له أن يستخلف إماما يكمل الصلاة بالمأمومين، فإذا رجع دخل مع الجماعة في الصلاة بصفته مأموما وإذا لم يستخلف صلى الناس أفذاذا أو قدموا أحدهم ليتم بهم جماعة. وقد نص أهل العلم على أن الإمام إذا طرأ عليه عذر كتذكر حدث أو غلبته، أو تذكر أن ببدنه أو ثوبه نجاسة، أو طرأ عليه رعاف أو خشي تلف مال أو نفس، أو طرأ عليه العجز عن أداء ركن أن يستخلف غيره من المصلين ليتم بهم الصلاة، فقد استخلف عمر رضي الله عنه لعذر عندما طعن في صلاة الفجر، فقدم عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم صلاة خفيفة، كما في البخاري، وفي سنن سعيد بن منصور أن عليا رضي الله عنه رعف وهو في الصلاة فأخذ بيد رجل فقدمه ليتم بالناس ثم انصرف، فالاستخلاف إذن سنة، وقال العلماء يجب الاستخلاف إذا كانت الصلاة جمعة لأنها لا تصح إلا جماعة ولا يجوز له الاستمرار في الصلاة وهو متلبس بنجاسة يستطيع إزالتها فإن فعل فقد عصى الله تعالى وخان أمانته لاستمراره على صلاة باطلة ويجب عليه بعد التوبة إلى الله تعالى أن يعيد هذه الصلاة عن نفسه فقط باتفاق العلماء, وليس عليه كفارة غير ذلك. أما المأموم فإذا لم يعلم بما طرأ على الإمام من حدث أثناء الصلاة فالراجح أن صلاته صحيحة، وقد قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} مع أن في المسألة خلافا بين أهل العلم، سبق أن ذكرنا تفصيله في الفتوى رقم: 46834.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1427(11/10276)
مذاهب الفقهاء في إمامة العاجز عن الركوع والسجود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاه خلف الإمام مع العلم أن الإمام يركع ويسجد وهو واقف في صلاة الفرض وليس النافلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل يعني أن الإمام عاجز عن الركوع والسجود أو عن أحدهما فإنه لا يجوز للصحيح الاقتداء به عند الأئمة الثلاثة مالك وأبي حنيفة والإمام أحمد, ويجوز ذلك عند الشافعي قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز لتارك ركن من الأفعال إمامة أحد كالمضطجع والعاجز عن الركوع والسجود وبهذا قال أبو حنيفة ومالك، وقال الشافعي يجوز لأنه فعل أجازه المرض فلم يغير حكم الائتمام كالقاعد بالقيام، ولنا أنه أخل بركن لا يسقط في النافلة فلم يجز للقادر عليه الائتمام به. انتهى. والظاهر أن القول الأول أولى وأحوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(11/10277)
حكم الصلاة خلف إمام يكتم الشهادة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تقول الشريعة في إمام يصلي بالجماعة وبعضهم له كارهون، وإذا أنا لم أصل مع إمام بمسجدنا
لأنه لم يقف في بعض الأشياء بالحق، يعني ينكر الشهادة إذا احتجتها منه، ينكرها وهو رآها رأي
العين، فما حكم الشريعة في ذلك؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق التفصيل في مسألة من أم القوم وهم له كارهون في الفتوى رقم: 6359، فالرجاء مراجعتها، أما كتمان الشهادة فإنه حرام يأثم صاحبه بنص القرآن الكريم كما سبق في الفتوى رقم: 52041، إلا إذا خاف الشاهد الضرر على نفسه أو بدنه أو ماله أو أهله فلا يلزمه أداء الشهادة حينئذ؛ لقول الله تعالى: وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ {البقرة:282} ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار، رواه مالك في الموطأ كما أوضحنا في الفتوى رقم: 69062، لذا فإننا ننصح الأخ السائل الكريم أن يصلي في الجماعة مع الإمام المذكور أو مع غيره، ولا يتخلف عن الجماعة، ثم إن الصلاة مع هذا الإمام ولو كان يكتم الشهادة لغيرمسوغ صحيحة لأن من صحت صلاته صحت إمامته؛ كما أوصحنا في الفتوى رقم: 18067، مع أن هذا الرجل قد يكون خائفا على نفسه أوماله أو بدنه، وقد مر بك أن الخوف من هذه المذكورات يبيح السكوت عن الشهادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1427(11/10278)
حكم تطويل الإمام للركوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإمام الذي يطول الركوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة في حق من يؤم الناس في الصلاة عدم التطويل لما قد يترتب على ذلك من حرج للمأمومين خلفه كما تقدم في الفتوى رقم: 44443، وإذا صلى المرء لنفسه فلا حرج عليه أن يطيل ما شاء، وراجع الفتوى رقم: 40589، وإن كان تطويل الإمام للركوع من أجل أن يلتحق به من يريد الاقتداء به فقد تقدم بيان حكم ذلك في الفتوى رقم: 50759.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(11/10279)
التبليغ خلف الإمام إذا كان صوته مسموعا
[السُّؤَالُ]
ـ[نصلي جماعة في مكان العمل وعددنا لا يتعدى الستة لذلك فصوت الإمام مسموع بوضوح للجميع ... والسؤال هو: ما الحكم فيمن يرفع صوته من المأمومين في تكبيرات الركوع والسجود وقول (ربنا ولك الحمد) ، في القيام من الركوع؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل في حق المأموم عدم الجهر خلف الإمام سواء تعلق الأمر بالتكبير للركوع أو السجود, أو قول ربنا ولك الحمد. فما دام صوت الإمام مسموعاً فلا يشرع التبيلغ حينئذ, وإن كانت الصلاة لا تبطل بمثل الجهر المذكور.
لكن ينبغي نصح من يقوم بذلك وبيان عدم مشروعيته وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 32529، 55922، 5748.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(11/10280)
حكم إمامة من يعمل بمهنة المحاماة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: من يخلف إمام الصلوات الخمس عند غيابه، وبالتحديد: إمامنا المكلف بالصلوات الخمس يتغيب في معظم أوقات صلاة الصبح، فيلجأ المؤذن بمحض إرادته إلى تقديم شخص من بين المصلين لإمامة المصلين، هذا الشخص حافظ لكتاب الله عز وجل، ولكن الإشكال يقع في أن مهنته "محامي" فيرى البعض بأن الصلاة وراءه باطلة بحكم أن مهنة المحاماة فيها الكثير من طمس الحق والكذب من أجل اكتساب القضية وتزوير بعض الأدلة إذا اقتضى الأمر إلى ذلك، وبالجملة فإنه من كانت هذه وظيفته يشك في استقامته ومن ثم لا يصلح ليؤم الناس، ومن صلى وراءه فصلاته باطلة، فما رأي الشرع في هذا الموضوع، الرجاء أن تفيدنا بجواب وافٍ كافٍ شافٍ؟ بارك الله في مسعاكم.. والله ولي التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة أن يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلما. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
وما دام الشخص المذكور حافظاً لكتاب الله تعالى فهو من أولى الناس بالإمامة، وكونه ممتهناً لمهنة المحاماة لا يمنع ذلك من إمامته، فالمحاماة إذا انضبطت بالضوابط الشرعية فهي مباحة، كما تقدم في الفتوى رقم: 1028.
ولعل الشخص المذكور يراعي الضوابط الشرعية في مهنته، مع التنبيه على أن القاعدة المعروفة عند أهل العلم وهي: أن كل من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته لغيره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 18067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1427(11/10281)
حكم التدخين والصلاة خلف من يلعب الخربقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم التدخين؟ المدخن هل هو مسرف أم سفيه؟
إمام يلعب الخربقة /لعبة في التراب تلعب بالحجارة بين 2 فأكثر؟
افيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم التدخين هو الحرمة لإجماع الناس جميعا على ضرره وخبثه. وقد بينا ذلك مع أدلته من الكتاب والسنة في الفتوى رقم: 1671، وصاحبه يعتبر عاصيا ويهدر ماله فيما يضر به ولا ينفعه.
وأما اللعبة المذكورة فإن كان فيها قمار وميسر أو كانت تضيع الوقت فيخرج وقت الصلاة فإنها تعتبر حراما, ولا يجوز لعبها للإمام ولا لغيره، وتكره الصلاة خلف الإمام الفاسق الذي يرتكب حراما خارج الصلاة إذا وجد غيره مع أنها صحيحة.
وانظر تفاصيل ذلك وأدلته وأقوال العلماء حوله في الفتوى رقم: 58587، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1427(11/10282)
القراءة خلف الإمام في الصلاة السرية عند المالكية
[السُّؤَالُ]
ـ[القراءة خلف الإمام في الصلاة السرية عند المالكية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما قراءة المأموم في السرية فالمشهور عند المالكية أن قراءة الفاتحة مستحبة، وذهب بعضهم إلى وجوبها وفي الجهرية إذا لم يسمع قراءة إمامه وهذا ما رجحه ابن العربي في الأحكام حيث قال عن القراءة خلف الإمام: ولعلمائنا في ذلك ثلاثة أقوال: الأول يقرؤها إذا أسر خاصة قاله ابن القاسم، الثاني: قال ابن وهب وأشهب لا يقرأ، الثالث: قول ابن الحكم يقرؤها خلف الإمام فإن لم يفعل أجزأه ... ثم قال (والمسألة عظيمة الخطر والصحيح عندي وجوب قراءتها فيما يسر فيه وتحريمها فيما يجهر إذا سمع قراءة الإمام لما عليه من فرض الإنصات له ولاستماع لقراءته فإنه إن كان عنه في مقام بعيد فهو بمنزلة صلاة السر لأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءتها عام في كل صلاة وحالة، وخص من ذلك حالة الجهر بفرض وجوب الإنصات وبقي العموم في غير ذلك على ظاهره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(11/10283)
مفارقة المأموم الإمام قبل السلام جهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أدرك الركعة الثانية من صلاة الرباعية مع الإمام ولما جلس الإمام للتشهد الأخير قام هذا الشخص لقضاء مافاته قبل أن يسلم الإمام قام جاهلا فهل صلاته صحيحة ام باطلة؟ أفتونا حياكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى فيمن نوى مفارقة إمامه قبل تسليمه وأتم صلاته بنية الانفراد، فمنهم من يرى أنها صحيحة مطلقا ومنهم من يرى أنها باطلة مطلقا، وفرق بعضهم بين المفارقة مع العذر وبدونه، فهي مع العذر صحيحة، وباطلة بدونه، والراجح أنها صحيحة لاسيما مع الجهل كما هو حال السائل. قال الخطيب الشربيني: وللمأموم قطعها بنية المفارقة وكره قطعها إلا لعذر كمرض وتطويل إمام وتركه سنة مقصودة كتشهد أول. اهـ.
وأما إذا قام لقضاء ما فاته وهو على نية الائتمام بإمامه فصلاته باطلة لأنه خالف من هو مقتد به مخالفة فاحشة ويلزمه إعادة الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1427(11/10284)
الترتيب النبوي لمن يتصدى للإمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي سؤال أعزكم الله. أعمل بصحراء مع مجموعة من الزملاء وهم يحبون أن أؤمهم فى الصلاة ولكني أتأخر عن الصلاة حتى لا يدفعوني للإمامة مع أنني من المذنبين وهي ذنوب لا يعلمها إلا الله، ومع العلم أنه يوجد في الصفوف من هم أفضل مني خلقا وعلما ولكنهم لايتقدمون للصلاة بحجة أنها أمانة ومسؤولية ويخافون ذلك وللعلم أنا أخشع في الصلاة أحيانا ومع ذلك أتمادى في الذنب ولا أشعر بالندم والبكاء إلا في اليوم الثاني علما بأني لم أتزوج بعد حيث عمرى 35 سنة، وقد فشلت في خطبتين بسبب قلة المال وذنبي هذا هو ممارسة العادة السرية أرجو الإفادة هل أؤم الناس أم أنتظر حتى يدخلوا في الصلاة، وما صحة الصلاة السابقة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أنه من الواجب عليك المبادرة الى التوبة إلى الله تعالى من تلك المعصية فهي محرمة شرعا ولها مخاطر كثيرة سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 7170، ومن صدق توبتك عدم العودة إلى تلك المعصية، وراجع شروط التوبة الصادقة في الفتوى رقم: 5450، ومن أهم ما يعين على الإقلاع عنها المبادرة إلى الزواج أو المواظبة على الصوم فإن ذلك من أنفع الحلول، وراجع الفتوى رقم: 1968، ومن السنة أن يقدم للإمامة من هو أكثر اتصافا بالصفات الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما، ولا يؤمن الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه رواه مسلم في صحيحه.
لكن تجوز إمامتك لهؤلاء الجماعة بعد اغتسالك من الجنابة إن كنت وقتها جنبا ولو كان فيهم من هو أفضل منك لأن إمامة المفضول مع وجود الأفضل جائزة؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 10176، إضافة إلى أن كل من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته لغيره، وراجع الفتوى رقم: 18067، ولا ينبغي التأخر حتى تقام الصلاة، فإن أصروا على تقديمك فيجوز لك أن تؤمهم، وراجع الفتوى رقم: 24727 وصلواتك السابقة التي صليتها إماما بالناس تعتبر صحيحة إذا كنت قد اغتسلت غسل الجنابة بعد العادة السرية، فإن صليت بهم جنبا ففي ذلك تفصيل سبق بيانه في الفتوى رقم: 9036.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1427(11/10285)
المسبوق الذي فاتته ركعة من المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فاتتني الركعة الثانية من صلاة المغرب ماذا أفعل بعدها، فهل أقوم بعد الركعة الأخيرة مرة أخرى للثانية أم ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك غير واضح، فإن كنت تقصد أنك قد فاتتك الركعة الأولى والثانية من صلاة المغرب فبعد سلام الإمام تقوم فتأتي بركعة بالفاتحة والسورة ثم تجلس للتشهد ثم تقوم فتأتي بركعة بالفاتحة فقط ثم تسلم.
وهذا بناء على الراجح من كون ما أدركه المسبوق من صلاته مع الإمام يعتبر أول صلاته، كما سبق في الفتوى رقم: 6182، والفتوى رقم: 6339.
وإن كنت تقصد أنك قد فاتتك الركعة الثانية فقط من صلاة المغرب بسبب زحام أو ترك ركن منها كسجدة مثلاً وصليت مع الإمام الركعة الأولى والثالثة فبعد سلام الإمام تقوم فتأتي بركعة بالفاتحة والسورة ثم تسلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 29444.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1427(11/10286)
الائتمام بمن يلحن في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة وراء إمام:
1- يقرأ القرآن بدون قواعد التجويد.
2- يشكل الحروف بشكل خاطىء.
3- حصل قد تكلم في الصلاة عندما أصلح له أحد المؤتمين.
4-أصلح نسيان سجدة بسهو.
أرجو أن تجييبوني على سؤالي, وبارك الله لكم في عملكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب العناية بقراءة القرآن، قال الله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا {المزمل: 4} ولا تصح الصلاة خلف من يبدل حرفا بحرف من سورة الفاتحة, أو يلحن لحنا يغير المعنى كأن يضم تاء (أنعمت) فهذا الشخص لا تصح صلاته إلا إن عجز عن التعلم, فإن عجز عن التعلم صحت صلاته ولا يصلي إلا بمثله، فإن صلى بمن يحسن القراءة لم تصح صلاة المأموم لاقتدائه بمن لا يجوز له الاقتداء به، وما ذكر محله إذا كان اللحن في الفاتحة، أما في غير الفاتحة فيقول الإمام النووي: وإن كان اللحن الذي يغير المعنى في غير الفاتحة صحت صلاته وصلاة كل أحد خلفه، لأن ترك السورة لا يبطل الصلاة فلا يمنع الاقتداء. انتهى من المجموع.
ويقول الإمام ابن قدامة رحمه الله: فإن أحال المعنى في غير الفاتحة لم يمنع صحة الصلاة، ولا الائتمام به إلا أن يتعمده، فتبطل صلاتهما. انتهى، وأما كلام هذا الإمام في الصلاة فإن كان عمدا فإن صلاته باطلة, وإن كان سهوا أو جهلا وكان الكلام قليلا فلا يضر ذلك فعن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم فقلت: واثكل أمياه، ماشأنكم تنظرون إلى؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي وأمي مارأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني. قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن. رواه مسلم. وأما جبره للسجدة بسجود السهو دون الإتيان بها فمبطل للصلاة لأن السجدة ركن والأركان لا تجبر بسجود السهو دون الإتيان بها, وعليه وعلى من صلى معه إعادة تلك الصلاة. والحاصل أنه إن وجد غير هذا الإمام ممن يحسن أحكام الصلاة وتلاوة القرآن فهو الأولى, وإن لم يوجد أو امتنع الإمام عن التنازل عن الإمامة فلا مانع من الصلاة خلفه إذا كان لا يخل بالحروف ولا يلحن لحنا يغير المعنى كما ذكرنا سابقا, وفي حالة خطئه في الصلاة خطأ يبطلها يجب نصحه وإرشاده إلى تعلم أحكام الصلاة بلطف وحكمة ويؤمر بإعادة الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1427(11/10287)
التبليغ خلف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[يلاحظ المصلون في المسجد الحرام وفي غيره من المساجد أن صوت الإمام يسمع من أي مكان في المسجد وأنهم ليسوا في حاجة للمسمع فما هو دور المسمع هنا خاصة وقد قال شيخ الإسلام: أما التبليغ خلف الإمام لغير حاجة فهو بدعة غير مستحبة باتفاق الأئمة. وإنما يجهر بالتكبير الإمام، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه يفعلون، ولم يكن أحد يبلغ خلف النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم ضعف صوته، فكان أبو بكر ـ رضي الله عنه يسمع بالتكبير، وقد اختلف العلماء: هل تبطل صلاة المبلغ؟ على قولين في مذهب مالك وأحمد وغيرهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فصل شيخ الإسلام ابن تيمية القول فى حكم التبليغ خلف الإمام قائلا: لم يكن التبليغ والتكبير ورفع الصوت بالتحميد والتسليم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا على عهد خلفائه، ولا بعد ذلك بزمان طويل إلا مرتين: مرة صرع النبي صلى الله عليه وسلم عن فرس ركبه فصلى في بيته قاعدا، فبلغ أبو بكر عنه التكبير. كذا رواه مسلم في صحيحه. ومرة أخرى في مرض موته بلغ عنه أبو بكر، وهذا مشهور. مع أن ظاهر مذهب الإمام أحمد أن هذه الصلاة كان أبو بكر مؤتما فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم وكان إماما للناس، فيكون تبليغ أبي بكر إماما للناس، وإن كان مؤتما بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا قالت عائشة رضي الله عنها: كان الناس يأتمون بأبي بكر، وأبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم. ولم يذكر أحد من العلماء تبليغا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هاتين المرتين: لمرضه. والعلماء المصنفون لما احتاجوا أن يستدلوا على جواز التبليغ لحاجة لم يكن عندهم سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا، وهذا يعلمه علما يقينا من له خبرة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا خلاف بين العلماء أن هذا التبليغ لغير حاجة ليس بمستحب، بل صرح كثير منهم أنه مكروه. ومنهم من قال: تبطل صلاة فاعله، وهذا موجود في مذهب مالك وأحمد وغيره. وأما الحاجة لبعد المأموم، أو لضعف الإمام، وغير ذلك، فقد اختلفوا فيه في هذه، والمعروف عند أصحاب أحمد أنه جائز في هذا الحال، وهو أصح قولي أصحاب مالك، وبلغني أن أحمد توقف في ذلك، وحيث جاز ولم يبطل فيشترط أن لا يخل بشيء من واجبات الصلاة.
وعليه فالتبليغ لغير حاجة غيرمشروع، لكن الظاهر أن التبليغ الحاصل في الحرم مما تدعو إليه الحاجة لاتساع مساحة المسجد ووجود المصلين في الساحات والشوارع، ولأنه قد يعرض للإمام عارض فجأة يمنع من رفع صوته بحيث يصل المكبر، والمصلون خلفه آلاف مؤلفة فلو لم يكن هنالك مبلغ تعرضت صلاة كثير منهم إلى الاختلال والاضطراب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1427(11/10288)
موقف المرأة من الإمام وحكم ائتمامها برجل أجنبي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الرجل بالمرأة في حالتي المرأة الأجنبية أو كانت من إحدى محارمه، وأين تقف كل منهما من الرجل الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقف المرأة خلف الرجل صفا لوحدها سواء كانت من محارمه أو أجنبية، إلا أنه ليس له أن يصلي بامرأة أجنبية ليس هناك غيرها، لما في ذلك من الخلوة المحرمة، أما مع غيرها فلا مانع من ذلك، ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه في صلاته صلى الله عليه وسلم في بيت مليكة قال: فصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا. قال الإمام النووي رحمه الله: وفيه أن المرأة تقف خلف الرجال وأنها إذا لم يكن معها امرأة أخرى تقف وحدها متأخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(11/10289)
كيفية صلاة المسبوق في العيدين والكسوف
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية صلاة المسبوق في الكسوف والعيدين، هل أكمل صلاتي بنفس طريقة الإمام مثال 5 تكبيرات إذا فاتتني ركعة في صلاة العيد، وكذلك في صلاة الكسوف لو فاتتني ركعة هل أقضيها بركوعين بينهما قراءة قران؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فاتته الركعة الأولى من صلاة العيد قام بعد سلام الإمام وأتى بالركعة الثانية مكبرا فيها خمس تكبيرات كما سبق في الفتوى رقم: 14883.
وصفة صلاة العيد تقدم بيانها في الفتوى رقم: 39009
ومن فاتته الركعة الأولى من صلاة الكسوف قام بعد سلام الإمام وأتى بركعة مشتملة على قيامين وركوعين، لكن اختلف أهل العلم هل يحصل إدراك الركعة بإدراك الركوع الأول أوالثانى منهما، فعند الحنابلة والشافعية المعتبر في ذلك هو إدراك الركوع الأول، ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع وهوحنبلي:
(والركوع الثاني وما بعده) إذا صلاها بثلاث ركوعات فأكثر إلى خمس (سنة لا تدرك به الركعة) للمسبوق ولا تبطل الصلاة بتركه لأنه قد روي في السنن عنه صلى الله عليه وسلم من غير وجه أنه صلاها بركوع واحد. انتهى
وفى المجموع للنووي وهوشافعي:
المسبوق إذا أدرك الإمام في الركوع الأول من الركعة الأولى فقد أدرك الركعة كلها ويسلم مع الإمام كسائر الصلوات وإن أدركه في الركوع الأول من الركعة الثانية فقد أدرك الركعة, فإذا سلم الإمام قام فصلى ركعة أخرى بركوعين وقيامين كما يأتي بها الإمام, وهذا لا خلاف فيه , ولو أدركه في الركوع الثاني من إحدى الركعتين فالمذهب الصحيح الذي نص عليه الشافعي في البويطي واتفق الأصحاب على تصحيحه, وقطع به كثيرون منهم أو أكثرهم أنه لا يكون مدركا لشيء من الركعة, كما لو أدرك الاعتدال في سائر الصلوات. انتهى.
وعند المالكية المعتبر إدراك الركوع الثاني من أي ركعة، ففي حاشية الدسوقي على شرح الدردير لمختصر خليل المالكي:
وحينئذ فمن أدرك مع الإمام الركوع الثاني من الأولى لم يقض شيئا , وإن أدرك الركوع الثاني من الركعة الثانية قضى الركعة الأولى بقيامها فقط ولا يقضي القيام الثالث. انتهى.
ويجوز أداء صلاة الكسوف بركوع واحد كهيئة النافلة ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع وهو حنبلي:
(وإن شاء فعلها) أي صلاة الكسوف (كنافلة بركوع واحد) لأن ما زاد عليه سنة. انتهى.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 138، والفتوى رقم: 35368.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1427(11/10290)
لا يجوز تخلف الإمام عن وظيفته إلا لعذر شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: مسجد لة ثلاثة موظفين يتقاضون مرتبات من الدولة قفلوا المسجد وذهبوا إلى مناسبة اجتماعية حار المصلون عندما وجدوا المسجد مقفلا فما حكم ذلك؟
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الأشخاص المذكورون موظفين ويتقاضون مرتبات من الدولة مقابل القيام بمصالح المسجد من إمامة أو أذان أو حراسة ونحوها فيجب على كل منهم القيام بما تحمله من أمانة حتى يكون ما يتقاضاه من راتب مباحا، ولا يجوز لأي منهم التفريط في وظيفته ولا التخلف عنها إلا لعذر شرعي من مرض ونحوه من الظروف القاهرة التي قد تطرأ على الإنسان، وينبغي نصحهم بحكمة وتحذيرهم من مثل ذلك مستقبلا، فإن لم يفد ذلك فلا مانع من رفع الأمر إلى جهة العمل التي تشرف عليه، وراجع الفتوى رقم: 35694، والفتوى رقم: 62128.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1427(11/10291)
الاقتداء برجل وهو لا يعلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت أن أصلي مقتدياً برجل وهو لا يعلم، فمتى أعلمه قبل أن أنوي الصلاة أم بعد النية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لمن أراد الائتمام بآخر أن يعلمه قبل دخوله معه في الصلاة ويجوز إعلامه بعدها، والأفضل أن يعلمه قبل الصلاة حتى يحصل الإمام على قدر أكبر من صلاته جماعة إذا نواها من حين الإعلام، أما إذا لم ينوها واقتديت به فصلاتكما صحيحة ويكتب لك أجر الجماعة دونه. قال الإمام النووي رحمه الله في روضه الطالبين: لا يشترط لصحة الاقتداء أن ينوي الإمام الإمامة سواء اقتدى به الرجال أو النساء وحكى أبو الحسن العبادي عن أبي حفص الباب شامي والقفال أنه تجب نية الإمامة على الإمام، وأشعر كلامه بأنهما يشترطانها في صحة الاقتداء وهذا شاذ منكر والصحيح المعروف الذي قطع به الجماهير أنها لا تجب لكن هل تكون صلاته صلاة جماعة ينال بها فضيلة الجماعة إذا لم ينوها وجهان أصحهما لا ينالها لأنه لم ينوها وقال القاضي حسين فيمن صلى منفردا فاقتدى به جمع ولم يعلم بهم ينال فضيلة الجماعة لأنهم نالوها بسببه وهذا كالتوسط بين الوجهين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1427(11/10292)
الصلاة خلف من يلحن في الفاتحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب فتوى رقم 69854 فعندما قلت للشيخ إنك نطقت الزي أنعمت عليهم قال لم أنتبه ممكن أنها خرجت سهوا فماذا افعل بصلاتي هل أعيدها وأخبر الآخرين بإعادتها؟ وهو كذلك مازال يقول الرحمنُ بضمة النون أو بسكنوها أو لا يكسرها جيدا الله أعلم كيف ينطقها المهم أنها خطأ على رغم من التنبيهات والملاحظات التي يلاقيها لكن دون نتيجة فهل علي أن أجد مسجدا آخر أم أصلي خلفه؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا للأخ السائل في الفتوى التي أشار إليها والفتاوى المحال عليها فيها أنه لا يصح الاقتداء بمن يلحن في الفاتحة لحنا يخل بالمعنى ومنه هذا النوع الأول من اللحن الذي ذكرت في السؤال، وعليه فإن عليه أن يعيد الصلاة التي صلاها مع الإمام المذكور وأن يتجنب الصلاة معه ما دام يلحن في الفاتحة لحنا يخل بالمعنى، فإذا أصلح الخطأ المذكور صح الاقتداء به فإن حصل منه الخطأ المذكور بعد ذلك في بعض الأحيان ولم يتداركه أعاد وأعاد المقتدي به، ويرى المالكية أن اللحن إذا كان غير متعمد لا تفسد به الصلاة ولو كان في الفاتحة سواء في ذلك الإمام والمأموم.
قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير في الفقه المالكي: وحاصل المسألة أن اللاحن إن كان عامداً بطلت صلاته وصلاة من خلفه باتفاق، وإن كان ساهيا صحت باتفاق، وإن كان عاجزاً طبعاً لا يقبل التعليم فكذلك لأنه ألكن، وإن كان جاهلاً يقبل التعليم فهو محل الخلاف سواء أمكنه التعليم أم لا؟ وسواء أمكنه الاقتداء بمن لا يلحن أم لا، وإن أرجح الأقوال في هـ صحة صلاة من خلفه وأحرى صلاته هو لاتفاق اللخمي وابن رشد عليها. انتهى. هذا إضافة إلى صحة الاقتداء أيضاً عند المتأخرين من الحنفي ة نظراً لعموم البلوى بذلك عند كثير من الناس حيث لا يقيمون الحروف إلا بمشقة، وراجع الفتوى رقم: 60642، وأما ضمه النون من لفظ (الرحمن) فقد ذكرنا في الفتوى المذكورة أنه لا يجوز تعمده لكن لا تبطل الصلاة به سواء في ذلك الإمام والمأموم، ولا سيما وأنك ذكرت أنه صار يكسرها كسرا غير خالص فإذا لم يبق معه غير هذا الخطإ ولم تجد غيره فصل معه حفاظا على الجماعة، وإن وجدت غيره فلك أن تذهب إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1427(11/10293)
أثر تغيير الإمام النية على صلاة المأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نوى الإمام نية خاطئة ثم أعادها فهل يعيدها المصلون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنية ركن من أركان الصلاة لاتصح بدونها فمن أراد مثلا أن يصلي الظهر فلا بد من أن ينوي نيتها تحديدا ولايجزئه نية صلاة أخرى.
ففي الإنصاف للمرداوي وهو حنبلي:
الصحيح من المذهب: أنه يجب تعيين النية لصلاة الفرض والنفل المعين, وهو المشهور والمعمول به عند الأصحاب , وقطع به كثير منهم قال الزركشي: هذا منصوص أحمد وعامة الأصحاب في صلاة الفرض. انتهى
وقال المواق في التاج والإكليل وهو مالكي:
ابن رشد: من الفرائض المتفق عليها للصلاة النية, ومن صفتها على الكمال أن يستشعر الناوي الإيمان بقلبه فيقرن بذلك اعتقاد القربة لله بأداء ما افترض عليه من تلك الصلاة بعينها, وذلك يحتوي على أربع نيات وهي: اعتقاد القربة, واعتقاد الوجوب, واعتقاد القصد إلى الأداء, وتعين الصلاة. فإذا أحرم - ونيته على هذه الصفة - فقد أتى بإحرامه على أكمل أحواله, وإلا فيجزئه إذا عين الصلاة; لأن التعيين لها يقتضي الوجوب والقربة والأداء. انتهى
ووقت النية هو أول الصلاة أوقبلها بيسير ففي كشاف القناع لابن مفلح وهو حنبلي متحدثا عن النية:
ومحلها القلب وجوبا واللسان استحبابا على ما تقدم، وزمنها مع أول واجب أو قبله بيسير, وكيفيتها الاعتقاد في القلب. انتهى.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل وهو مالكي:
يعني أن النية إذا سبقت أي تقدمت على تكبيرة الإحرام فإن الصلاة تبطل إن بعد السبق اتفاقا، وكذا إن تأخرت النية عن تكبيرة الإحرام مطلقا انتهى.
وعليه فصلاة الإمام المذكور باطلة إذا دخل الصلاة بنية خاطئة سواء أعاد تلك النية أم لا فالواجب عليه إعادة تلك الفريضة.
أما المأمومون فصلاتهم صحيحة إذا كان الإمام لم يخرج من صلاته، وإنما صحح النية فقط؛لأن سبب البطلان على الإمام هنا مما يخفى على المأمومين. وراجع الفتوى رقم: 45353.
أما إذا كان الإمام أخطأ في النية وأصلح الخطأ قبل دخول الصلاة فصلاة الجميع صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1426(11/10294)
هل يجزئ المسبوق قراءة السورة في الركعتين الأخريين
[السُّؤَالُ]
ـ[ملاحظة: هذا السؤال مكرر لأنكم لم تفيدوني بالإجابة اللازمة وهي ضرورة من ضرورات العبادة كالصلاة لذا أرجو قراءة السؤال مجددا أعطاكم الله العافية:
لحقت بالإمام بعد التشهد الأوسط في صلاة رباعية وهي صلاة الظهر وحينما قام من التشهد أطال في قراءة البسملة حيث يمكنني أن اقرأ معها سورة قصيرة هل يجوز ذلك لي بحيث أكون أديت الركعتين الأوليين (الثالثة والرابعة للإمام) بقراءة الفاتحة ومعها سورة والإمام يكون قرأ الفاتحة فقط ومن ثم أواصل الركعتين الأخيرتين بقراءة سورة الفاتحة فقط أم تعتبر صلاتي باطلة في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه تجوز قراءة السورة في هذه الحالة ولا تبطل الصلاة بذلك بل لا تبطل الصلاة ولو قرأ المصلي السورة في جميع الركعات كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 26636، والفتوى رقم: 59958، وقد ذكر النووي في المجموع في الفقه الشافعي أن من تمكن من قراءة السورة في هذه الحالة لا يعيدها في باقي الصلاة فقال: لو كان الإمام بطيء القراءة وأمكن المأموم المسبوق أن يقرأ السورة فيما أدرك فقرأها لم يعدها في الأخيرتين إذا قلنا تختص القراءة بالأوليين. انتهى.
وخلاصة القول أن المسبوق إذا لم يأت بالسورة فيما أدرك مع الإمام فإنه يأتي بها مع الفاتحة في باقي الصلاة باتفاق جمهور العلماء. قال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر خلاف أهل العلم فيما يدركه المسبوق مع الإمام هل هو أول صلاة المسبوق أو آخرها: ولا أعلم خلافا بين الأئمة الأربعة في قراءة الفاتحة وسورة، قال ابن عبد البر كل هؤلاء القائلين بالقولين جميعا يقولون يقضي ما فاته بالحمد لله وسورة على حسب ما قرأ إمامه إلا إسحاق والمزني وداود قالوا يقرأ بالحمد وحدها. انتهى.
وإذا تمكن من قراءة السورة في الركعتين اللتين أدرك مع الإمام فقد تقدم ما ذكر النووي من أنه لا يعيد قراءتها على القول باختصاص القراءة بالأوليين. وأما على القول باستحباب قراءة السورة في جميع الصلاة فإنه يقرأ السورة في الجميع. وعند المالكية يسن للمسبوق قراءة السورة في الأخريين ولو قرأهما مع الإمام في الأخيرتين بالنسبة للإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(11/10295)
قطع الإمام الفريضة للاعتراض على من فتح عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام قطع صلاة الفريضة والخروج منها للاعتراض على المأموم الذي فتح عليه حين توقف عن القراءة، وما حكم هذه القطع في المذاهب الأربعة، خاصة ماذا يقول السادة من الأحناف، إمام مسجدنا حنفي كان في الركعة الأولي من صلاة العشاء خلفه مئات من المأمومين فابتدأ سورة الشمس بعد الفاتحة وتوقف بعد آيتين قدر سكتة التنفس وفتح عليه واحد من المأمومين وتوقف الإمام مرة ثانية وثالثة في قراءة هذه السورة لكن سكت في المرتين الأخيرتين أكثر مما يأخذ للتنفس وفتح عليه هذا المأموم أيضا في هاتين المرتين وحينئذ غضب الإمام فسلم قائما تسليمتين وقطع الصلاة وخرج منها فالتفت إلي هذا المأموم قائلا لا تشوش قراءتي إني أسكت للتنفس لا للنسيان ثم افتتح الصلاة بتكبيرة التحريم وأتم الصلاة فلما انصرف اعترض على مأموم آخر الذي لم يتابع الإمام في القطع بل فارقه وأتم منفردا سبه الإمام وزجره من المسجد وزعم أنه يجوز قطع الصلاة والخروج منها ولو فريضة لأدنى غرض ما دام لم يسجد السجدة الأولى من الصلاة، هل هذا صحيح، ما الأسباب التي تجيز قطع الصلاة فريضة كان الصلاة أو نفلا إماما كان المصلى أو منفردا، هل يجب على المأموم في هذه الحالة المذكورة مفارقة الإمام وإتمام الصلاة منفردا أم يجوز له متابعة الإمام في قطع الصلاة واستئنافها، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 3280 والفتوى رقم: 41708 بيان حكم الفتح على الإمام إذا توقف في الفاتحة أو غيرها، ثم إنه لا ينبغي للمأموم أن يتسرع في الفتح على الإمام حتى يتوقف ويعلم المأموم أنه يريد أن يفتح عليه، كما ينبغي للإمام إذا فتح عليه ألا يكون في نفسه من ذلك شيء بل عليه أن يعترف بالجميل لمن فتح عليه، وأن يجزيه خيراً، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 62679.
أما ما فعل الإمام المذكور من السلام وقطع الصلاة لأجل أن يقول المأموم أنه شوش عليه فلا نعلم أحداً من أهل العلم قال به، وهو بذلك قد أفسد صلاته وصلاة من قطع معه، وأثم الجميع إن كانوا عالمين بحرمة قطع الصلاة لمثل هذا الأمر. ومحل بطلان الصلاة إن كانوا أتموا صلاتهم بناء على ما مضى منها قبل القطع، ففي هذه الحالة عليهم أن يعيدوا، فإن كانوا قد استأنفوا الصلاة وأتموها من غير بناء على ما قبل القطع فصلاتهم صحيحة، ولكن إثم قطع الصلاة من غير عذر يبيح قطعها يحتاج إلى توبة، وذلك لأنه لا يجوز قطع الصلاة المفروضة بعد الدخول فيها باتفاق الفقهاء إلا في حالات الضرورة مثل أن يخاف المصلي هلاكا على نفس أو تلفا على مال أو نحو ذلك، مما ذكرنا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11131، 13923، 1034 ففي هذه الفتاوى بيان معظم الحالات التي يجوز أو يجب فيها قطع الصلاة، ولم نطلع في كتب الأحناف على جواز قطع الصلاة لأدنى غرض، كما ذكر في السؤال، ولعل الإمام يريد بهذا الكلام ما ذكره الأحناف من جواز قطع الصلاة للمنفرد إذا أحرم في صلاة ثم أقيمت صلاة الجماعة عنده فإنه يقطع ويلتحق بصلاة الجماعة ما دام لم يسجد للركعة الأولى، فإن كان قد سجد ففي ذلك تفصيل ذكره صاحب مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر في الفقه الحنفي حيث يقول: (من شرع في فرض فأقيم) ذلك الفرض.... (إن لم يسجد) الشارع (للأولى يقطع) بالسلام أو غيره ولو راكعاً وهو الصحيح. (ويقتدي) بالإمام فلو افتتح في منزله ثم سمع الإقامة في المسجد لا يقطع وكذا الشارع في المنذورة وقضاء الفوائت ولا يقطع في النفل على المختار سجد أو لا، إلا إذا أتم فيه الشفع. (وإن سجد) للأولى (وهو في) الفرض (الرباعي يتم شفعاً) بأن يضم إليها ركعة أخرى ويسلم بعد التشهد حتى يصير الركعتان نافلة، (ولو سجد للثالثة يتم) لأنه قد أدى الأكثر وللأكثر حكم الكل وفيه إشارة إلى أنه لو قام إلى الثالثة بلا تقييدها بالسجدة قطع غير أنه يتخير إن شاء عاد وقعد وسلم وإن شاء كبر قائماً ينوي الدخول في صلاة الإمام.... (ولو) شرع (في الفجر أو المغرب) ثم أقيم (يقطع) الشارع (ويقتدي) بالإمام (ما لم يقيد) الركعة (الثانية بسجدة) لأنه لو أضاف أخرى لفاتته الجماعة لوجود الفراغ في الفجر حقيقة وفي المغرب حكما إذ للأكثر حكم الكل (فإن قيد) الثانية بها (يتم ولا يقتدي) لكراهة النفل بعد الفجر وكذا بعد المغرب في ظاهر الرواية لأن التنفل بالثلاث مكروه. انتهى بتصرف.
وقد ذكرنا في الفتاوى التي أشرنا إليها الخلاف في جواز قطع النافلة من غير عذر، ثم إن من يرى جواز قطع النافلة يستوي عنده قطعها لعذر ولغير عذر. أما على قول من يرى عدم جواز قطعها فهي مثل الفريضة لا يجوز قطعها إلا لعذر، وكان على المأمومين عند سلام الإمام هنا أن ينووا مفارقته ويكملوا صلاتهم بأنفسهم كما فعل الأخ الذي أتم صلاته منفرداً، ولهم أن يقدموا أحدهم يصلي بهم إماماً، ولهم إتمام صلاتهم فرادى، قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: فأما إذا بطلت صلاة الإمام بحدث ونحوه أو قام إلى خامسة أو أتى بمنافٍ غير ذلك فإنه يفارقه ولا يضر المأموم هذه المفارقة بلا خلاف. انتهى، ويعني بقوله بلا خلاف أي عند الشافعية، وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 46834، 13647، 45353.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1426(11/10296)
اقتداء المأموم بالإمام إذا كان بينهما طريق مسلوك
[السُّؤَالُ]
ـ[أخى فى الله لدينا مسجد بالقاهرة اسمه العزيز بالله نصلي به وهو مسجد كبير يصلى به عدد كبير جداً جداً ففى بعض الصلوات لا يوجد مكان نصلي فيه فقام أحد رجال الأعمال بفتح مكان كالساحة كبير جداً جداً يسع عدداً كبيراً من المصلين وبه كل شيء من ميكرفونات.. ولكن المسجد على الصف الشمال والساحة هذه على الصف الأيمن وفى النصف بينهم يقطع طريق تسير فيه السيارات والأتوبيسات فهل صلاتنا تكون صحيحة مع العلم أن الإمام داخل المسجد.أتمنى من الله أن أكون قد وفقت فى الشرح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمتم تسمعون تكبير الإمام أو من يسمع عنه فإن صلاتكم صحيحة على مذهب مالك والشافعي ورواية عن الإمام أحمد، وكنا قد أوضحنا التفصيل في كلام أهل العلم في حكم اقتداء المأموم بإمام بينه وبينه طريق أو نهر في الفتوى رقم: 38038. والفتوى رقم: 18169.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1426(11/10297)
طلب المال مقابل الإمامة في صلاة التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يأخذ الإمام في صلاة التراويح أجر ما يقوم به من صلاة وهل يجوز جمع ذلك المال في المسجد أثناء انتظار الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 6565، أنه لايجوز الاستئجار على الإمامة سواء كان ذلك في صلاة الفرض أو النفل ومنه التراويح إلا إذا كان الشخص موظفا من قبل الحاكم فيعطى رزقاً من الأموال العامة. لكن إذا كان الشخص يصلي بالناس التراويح أوغيرها ثم أعطاه أحد شيئاً من غير أن يسأله فلا حرج عليه في أخذه.
هذا وقد كره أهل العلم السؤال في المسجد وشدد بعضهم في ذلك فقال: لا يعطى السائل، واستثنى بعضهم المسكين ومن سأل له الخطيب أو الإمام، وانظر الفتوى رقم: 28802 , والفتوى رقم: 55454.
وإذا كان السؤال في المسجد مكروها فلا شك أنه من إمام المسجد أشد كراهة وقبحا إن كان يسأل لنفسه؛ لأنه غالباً يكون قدوة للآخرين لكونه مظنة للخير وهو الذي يفترض أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في المسجد ومنه التسول في المسجد لغير حاجة ملحة حسبما ذكرنا في الفتوى الأخيرة المشار إليها.
وخلاصة القول أن على الإمام المذكور أن يتحلى بأخلاق الأئمة من التقوى والعفاف والصبر، وأن يكون قدوة خير وينزه المسجد عن مثل هذه الأمور ولا يعود لسؤال الناس وجمع المال منهم مقابل صلاته التراويح بهم، فإن أهدى له أحد هدية عن طيب نفس فلا بأس بأخذها، والأحسن أن يكون ذلك خارج المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1426(11/10298)
ما يفعله إذا دخل فوجد رجلين يصليان
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما دخلت لصلاة الجماعة وجدت شخصا يؤم شخصا والذي فعلته والذي يفعله كثير من الناس بأن أسحبه من يده للخلف لكي أدخل معه في الجماعة إلا أن في مرة أخبرني شخص بأنني لا بد أن أكبر وأدخل في الصلاة أولاً ثم أسحبه وإن لم أفعل ذلك فهذا يعني أني أخرجته من الصلاة وأبطل صلاته وأنا من عادتي في الأمور الدينية لا أستمع لكلام أحد إلا بدليل من السنة لأني والحمد لله أقرأ كثيراً في الفقه والكتب الدينية، ولكني لم أتعرض لهذا الموضوع وعندما سألت الشخص عن دليله لم يجبني، أفيدوني أثابكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة لمن جاء والمأموم يصلي عن يمين الإمام أن يقف عن يسار الإمام ثم يكبر تكبيرة الإحرام ثم يتقدم الإمام أو يتأخرا خلفه لما في صحيح مسلم عن جابر قال: جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعاً فدفعنا حتى أقامنا خلفه.
ولو قدر أن المسبوق جر المأموم إلى الخلف ثم كبر فإن صلاة المجرور صحيحة، ولكن يكون الجار له قد فوت عليه فضيلة وهي جره من صف إلى غير صف ولو أنه كبر خلف الصف ثم جره إليه لما فوت عليه الفضيلة لأنه انتقل من صف إلى صف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1426(11/10299)
هل يفارق الإمام إذا نوى الشفع وأوتر الإمام بثلاث
[السُّؤَالُ]
ـ[قام الإمام بصلاة الشفع والوتر ثلاث ركعات متتاليات كصلاة المغرب وكنت قد نويت أن أصليهما منفردتين أي ركعتين شفع ثم ركعة وتر، فسلمت بعد الركعتين ثم قمت بصلاة الوتر في ركعة مستقلة فأنكر علي بعضهم ذلك فما العمل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا نوى المأموم ركعتي الشفع خلف إمام نوى الشفع والوتر معاً فإن له الخيار بين أمرين: أولهما: أن يحدث نية الزيادة بقلبه ويتابعه وهو ما صرح به العدوي في حاشيته على شرح الخرشي حيث قال: اعلم أنه إن علم حين دخوله معه أنه يوصل وصل معه، ولكن ينوي بالأوليين الشفع وبالأخيرة الوتر ... وإن لم يعلم حين دخوله أنه يوصل ونوى خلفه الشفع فقط أحدث نية الوتر من غير نطق به عند فعل الإمام له قاله الفاكهاني.
الثاني: أن يجلس عند قيام إمامه للثالثة وينوي المفارقة ويتشهد ويسلم، قال الصاوي: واعلم أن الاقتداء بالواصل مكروه، ولا تبطل إن خالفه وسلم من ركعتين مراعاة لقول أشهب بذلك. وعليه فما فعلته صحيح وهو رأي لبعض أهل العلم رحمهم الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1426(11/10300)
الانفصال عن الإمام والاقتداء بإمام غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد بعد انتهاء الجماعة الأولى لصلاة الظهر.. فائتم أحد المصلين بأخ كان قام من الجماعة الأولى ليكمل الركعات التي لم يلحقها فالتحقت أنا الآخر بهذه الجماعة الثانية وتبعني آخر ولكن يبدو أن الإمام لم ينتبه لذلك، فاستمر في صلاته دون أن يجهر بالتكبير فننتبه لاتباعه فما كان مني إلا أن قدمت أحد الاثنين ليكون الإمام.. وكان الإمام وبعد أن فرغنا من صلاتنا.. قال لنا إمام المسجد إن ذلك لا يجوز وعلينا إعادة الصلاة لأننا دخلنا الصلاة في الأساس بنية اتباع إمام بعينه، فلا يجوز لنا تغيير ذلك، هل الصلاة صحيحة أم علينا إعادتها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللمأموم أن ينوي الانفصال عن القدوة بإمام معين ويتم صلاته منفرداً أو ناويا القدوة بإمام آخر سواء كان الإمام الثاني قد اقتدى بغيره ثم انفصل عنه كأن يكون مسبوقاً قام ليتم صلاته أو كان انفصاله لعدم القدرة على متابعة الإمام، كما هو الحال في السؤال، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: إذا سلم الإمام وفي المأمومين مسبوقون فقاموا لإتمام صلاتهم فقدموا من يتممها بهم واقتدوا به ففي جوازه وجهان.... أصحهما الجواز. انتهى، وعليه فصلاتكم صحيحة ولله الحمد، وهذا هو مذهب الشافعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1426(11/10301)
الصلاة خلف المستهزئ باللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي في الله، أحد الإخوة من جماعة الدعوة والتبليغ الذي يستن بالسنة النبوية الشريفة تعرض للسخرية من لدن إمام المسجد حيث قال له هذا الإمام بأن لحيتك تشبه لحية ذكر الماعز (العتروس) فكانت القطيعة بينهما فلم يعد هذا الأخ يصلى وراء الإمام وهذا الإمام لم يعد يكلم هذا الأخ، إنني والله أريد الإصلاح بينهما، لكن أرى أن المس من سنة النبي الشريف صلى الله عليه وسلم شيء خطير وعظيم أيضا، فأفتونا وأفيدونا أعانكم الله، وثبت خطاكم إلى الجنة إن شاء الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إعفاء اللحية واجب وحلقها حرام، لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة، ولعموم النصوص الناهية عن التشبه بالكفار، فمن ذلك حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى. متفق عليه، وهناك أحاديث أخرى بهذا المعنى، وإعفاء اللحية تركها على حالها، وتوفيرها إبقاؤها وافرة لا يقص منها شيء.
والاستهزاء باللحية أو التنقص منها استهزاء بشعيرة من شعائر الإسلام، وواجب من واجباته، فيخشى على صاحبه الانسلاخ من الإسلام والخروج منه، والواجب على المسلم أن يمسك لسانه عن القدح في أي أمر من الدين، وأحرى إن كان المتنقص إمام المسجد.
فكان من واجب هذا الشخص أن يوفر لحيته، فإن عجز عن ذلك فليستغفر الله ولا يتبع تقصيره هذا بما هو أعظم منه كالاعتراض والسخرية بشعائر الإسلام، وعلى الأخ الذي قلت إنه من جماعة الدعوة والتبليغ أن لا يقاطع ذلك الإمام، إلا إذا كان يقصد من قطيعته إرجاعه إلى الصواب.
وإذا لم يتب الإمام من سخريته باللحية، فترك الصلاة خلفه حينئذ هو الصواب، لأن أدنى مراتبه أنه فاسق -إذا لم نقل بكفره- والصلاة خلف الفاسق منهي عنها نهي تحريم عند بعض العلماء، ونهي تنزيه عند بعضهم، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 11155.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1426(11/10302)
علو النساء وتقدمهن على الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[صفوف النساء فى مسجدنا فى الطابق الثاني من المسجد, ولكن من خطأ وقع فيه مصممو المسجد (زاوية تحت مبنى) , جعلوا هذا الطابق فوق صفوف الرجال, ونظرا إلى أن هذا الطابق يحتوى على الكثير من الأعمدة التي تعوق إقامة صفوف كبيرة, وحيث إن الحر لا يطاق تحت هذا الطابق, فأصبح الإمام يصلى خلف هذه الأعمده أي خلف صفوف النساء اللاتي يصلين في الطابق الثاني, فهل هذا جائز، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 25667 حكم صلاة المأمومين في الطابق العلوي، كما تقدم في الفتوى رقم: 33993 أيضاً حكم تقدم المأمومين على الإمام وبيان الراجح عندنا من كلام أهل العلم فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1426(11/10303)
تذكير الإمام المصلين بالدعاء عقب الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أبدا سؤالي وهو كالتالي:-
أنا إمام أوقات بمسجد وأتقاضى منحة من الأوقاف وبحاجة ماسة لها حيث أقضي منها حاجاتي وأعطي منها جزءا لأبي وحيث إن أبي رغبني فيها وشدّد عليّ في ذلك العمل، ولكن الآن أمرت الأوقاف الأئمة وأصروا علينا بالدعاء بعد الصلوات المفروضة ولو سراً مع القول للمصلين (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) هنا تبدأ المشكلة، وإذا لم أنفذ ما أمروني به سوف يفصلونني من العمل وبذلك سوف تترتب لدي مشاكل منها: علي ديون تحتاج للتسديد، ليس لدي عمل آخر وأني احتاج إلى مصاريف، كذلك أبي فهو صعب ولهذا السبب قد يطردني من البيت ويقاطعني بذلك، الرجاء أفيدوني ماذا علي أن أفعل أثابكم الله؟ والرجاء الرد علي سريعاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من سؤالك أنه يجزئ في المراد منك مجرد تذكير المصلين بالدعاء عقيب الفراغ من الصلاة والأذكار المسنونة بعدها بالآية التي ذكرتها دون أن تدعو بصوت جهري مع تأمين الحاضرين على دعائك، وهذا بمجرده لا شيء فيه إن شاء الله، أما الاجتماع بعد الصلاة للدعاء بصوت جهري مع تأمين المصلين فلا شك في أن ذلك لم يكن من هدي سلف الأمة بل هو من البدع المحدثات التي لا يجوز للمرء فعلها ولا الإعانة عليها، فإذا كان الأمر على ما ذكرنا في الصورة الأولى فلا مانع من الاستمرار في عملك ولا نرى عليك في ذلك إثماً، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 35674، والفتوى رقم: 10006.
وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 583، 11959، 13351.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1426(11/10304)
الصلاة خلف الأمرد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة خلف الأمرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة خلف الأمرد كغيره صحيحة ما دام تتوفر فيه شروط الإمامة. وقد ذكر بعض أهل العلم كراهة إمامة الأمرد قال ابن مفلح في الفروع في الفقه الحنبلي: فصل تكره إمامة من يصرع نص عليه قال جماعة ومن تضحك صورته أو رؤيته وقيل والأمرد. انتهى
وقال ابن عابدين في حاشية رد المحتار على الدرر المختار في الفقه الحنفي: قوله وكذا تكره خلف الأمرد الظاهر أنها تنزيهية أيضا والظاهر أيضا كما قال الرحمتي أن المراد به الصبيح الوجه لأنه محل الفتنة وهل يقال هنا أيضا إذا كان أعلم القوم تنتهي الكراهة فإن كانت علة الكراهة خشية الشهوة وهو الأظهر فلا، وإن كانت غلبة الجهل ونفرة الناس من الصلاة خلفه فنعم. انتهى
إذا علمت هذا فاعلم أن كراهة إمامة الأمرد تنزيهية أي أن غيره أولى والصلاة خلفه صحيحة كما تقدم. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 26446.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1426(11/10305)
الصلاة خلف من يكذب ولا يفي بوعوده ويفرق بين الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم التوضيح في هذه المسألة: يوجد في قريتنا إمام يكذب من على المنبر، ولا يوفي بوعوده مع الناس، ويجرح الناس من على المنبر، ويتبع سياسة فرق تسد، ويستغل المنبر في بعض الأحيان للدفاع عن نفسه شخصيا بل وللدفاع عن أناس سرقوا مبلغا من المال وتبرئة ساحتهم من على المنبر، ويصلي الصلوات الجهرية عن طريق سماعات المسجد الخارجية وهذا بدعة، فهل تجوز الصلاة وراء هذا الإمام؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإمام على الصفات التي ذكرتها فينبغي نصحه وإرشاده برفق وحكمة مع أن الصلاة خلفه صحيحة، لكن الصلاة خلف غيره ممن هو سالم من الأوصاف السابقة أولى وأكمل وراجع الفتوى رقم: 18067، والفتوى رقم: 11155.
واستعمال مكبرات الصوت الخارجة عن المسجد في الصلاة لغير حاجة أمر ليس بمطلوب شرعاً، كما سبق في الفتوى رقم: 53938. ونحن ننصح السائل بأن لا يترك الصلاة مع الجماعة فإن مفاسد ترك الجماعة أعظم من مفسدة الصلاة خلف هذا الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1426(11/10306)
استخلاف الإمام المسافر للمقيم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: ما حكم صلاة تضم مسافرين ومقيمين وكان الإمام من المسافرين ثم عرض للإمام عذر بعد ما صلى ركعة واحدة، ثم بدل الإمام أحدا من المقيمين، فكيف تتم صلاتهم خلف الإمام الثاني, وأرجو منكم إجابة واضحة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 68261.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(11/10307)
توسط الإمام المصلين في المسجد وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أؤم الناس في صلاتي العشاء والتراويح في أحد المساجد في أستراليا، وفي إحدى الليالي عندما قام الناس للصلاة لم يكونوا متوسطين للإمام، وكان عدد المصلين في الجهة اليمنى يزيد عن عدد المصلين في الجهة اليسرى بما يقرب ثمانية إلى عشرة مصلين، فطلبت منهم أن يتحركوا إلى اليسار قليلاً لكي يتوسطوا الإمام، فجاءني بعضهم بعد انقضاء الصلاة وأخبروني أنه لم يكن علي أن أفعل ذلك لأننا في مسجد ومكان الإمام معلوم وأن يمين الصف أفضل من يساره، وأنه إذا كنا في مكان آخر غير المسجد فإنه على الإمام أن يتوسط المصلين وليس له أن يطلب منهم توسيطه، فهل ما قمت به صحيح؟ وماذا على الإمام أن يفعل إذا لم يكن جانبي الصف خلفه متساويين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل توسيط الإمام سواء كان ذلك في المسجد أو في غيره، فإن جاء شخص والصف خلف الإمام متساوي الجهتين فإنه يستحب له أن يقف عن يمين الإمام، لما رواه مسلم عن البراء بن عازب رضي الله عنه: كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه. وللإمام أن يحث الناس على هذه السنة وهي توسيط الإمام، وعليه فما قمت به صحيح ولله الحمد والمنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1426(11/10308)
من أحكام الاستخلاف
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو كنا في صلاة العشاء والإمام أتى بركعة ثم سجد سجدة واحدة ثم تذكر شيئا فسلم وواحد من الجماعة تكلم وقال لأحد من المصلين باسمه أن يتقدم لإتمام الصلاة بالناس وتقدم شخص فأتى بصلاة العشاء كاملة ولما سلم أتى بسجدتين بعد السلام والسؤال هو هل هذه الصلاة صحيحة أم ماذا علينا أفتونا وجزا كم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن دخل في الصلاة المفروضة فلا يجوز له أن يقطعها إلا لعذر شرعي كأن تذكر أنه محدث فإنها تبطل صلاته وعليه الذهاب للطهارة ثم إعادة الصلاة، وفي حالة خروجه له أن يستخلف شخصا يتم للناس الصلاة من حيث فارقهم ويسلمون معه، هذا إذا لم يكن المستخلف مسبوقا، فإن كان مسبوقا فعليه مراعاة صلاة الإمام الذي استخلفه فيجلس إذا جاء وقت جلوس الإمام لا وقت جلوسه هو، فإذا كمل صلاة الإمام الذي استخلفه قام بعد ذلك لإكمال صلاته، وأما المأمومون في هذه الحالة بالخيار بين أن يسلموا أو ينتظروه حتى يتم صلاته ويسلم ثم يسلمون بعده.
وأما إذا لم يستخلف الإمام فللمأمومين أن يتموا صلاتهم فرادى، ولهم أن يستخلفوا قبل أن يأتوا بركن قولي أو فعلي أو يطول الفصل بمقدار الإتيان به وإن لم يأتوا به حقيقة، فإذا استخلفوا موافقا سلموا معه، وإن استخلفوا مسبوقا فراعى صلاة الإمام -حسبما سبق- صح اقتداؤهم به، وإن لم يراع صلاة الإمام فإنهم يحددون نية الاقتداء به ويتابعونه، فإذا ما تمت صلاتهم انتظروه حتى يتم ما عليه ثم يسلمون معه وهو الأفضل، وإن شاءوا نووا المفارقة ثم سلموا قبله.
وفي حالة ما إذا تخلفوا لا يجوز لهم أن يتكلموا وإنما يشيرون إلى من يؤمهم لأن من تكلم في صلاته متعمدا بطلت صلاته وعليه إعادتها.
والذي فهمناه أن الشخص المستخلف قطع صلاته الأولى واستأنف بالناس صلاة أخرى وما كان له أن يفعل ذلك، وما دام قد فعل فصلاته صحيحة، كما أنه ليس عليه سجود سهو، فإن سجد جاهلا فصلاته صحيحة.
والمأمومون ليس لهم أن يستأنفوا صلاة جديدة ولكن لو استأنفوها معه صحت، أما إذا تابعوه دون أن يستأنفوا صلاتهم بل بقوا على نية الصلاة الاولى فصلاتهم باطلة لأنهم زادوا في الصلاة ما ليس منها إلا إذا كانوا جاهلين حرمة هذه الزيادة فصلاتهم صحيحة، وكان المطلوب منهم البقاء على نية صلاتهم الأولى وتجديد نية الاقتداء بالإمام الجديد أو إتمام صلاتهم الأولى فرادى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(11/10309)