صلاة التراويح أربع ركعات بتسليمة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نصلي صلاة التراويح أربع ركعات متواصلة وبتسليمة واحدة وأن يكون بين الركعتين تشهد. في حال أنه يجوز هل إذا حضر شخص وكانت نيته أن يصلي صلاة العشاء مع العلم أنهم سوف يصلون صلاة التراويح فهل الذي سوف يصلي صلاة العشاء يفارق الجماعة بعد الركعة الثانية لأنه هو سوف يصلي سرا وهم سوف يصلون جهرا أم يكمل معهم حتى لو صلوا جهرا.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة أربع ركعات في التراويح بتسليمة واحدة يصح عند جمهور أهل العلم على تفصيل عندهم في ذلك، وقد ذكر أصحاب الموسوعة الفقهية خلافهم في هذه المسألة فقالوا: واختلفوا فيمن صلى التراويح ولم يسلم من كل ركعتين: فقال الحنفية: لو صلى التراويح كلها بتسليمة وقعد في كل ركعتين فالصحيح أنه تصح صلاته عن الكل، لأنه قد أتى بجيمع أركان الصلاة وشرائطها، لأن تجديد التحريمة لكل ركعتين ليس بشرط عندهم، لكنه يكره إن تعمد على الصحيح عندهم، لمخالفته المتوارث، وتصريحهم بكراهة الزيادة على ثمان في صلاة مطلق التطوع فهنا أولى، وقالوا: إذا لم يقعد في كل ركعتين وسلم تسليمة واحدة فإن صلاته تفسد عند محمد، ولا تفسد عند أبي حنيفة وأبي يوسف، والأصح أنها تجوز عن تسليمة واحدة، لأن السنة أن يكون الشفع الأول كاملا، وكماله بالقعدة ولم توجد، والكامل لا يتأدى بالناقص، وقال المالكية: يندب لمن صلى التراويح التسليم من كل ركعتين، ويكره تأخير التسليم بعد كل أربع، حتى لو دخل على أربع ركعات بتسليمة واحدة فالأفضل له السلام بعد كل ركعتين. وقال الشافعية: لو صلى في التراويح أربعا بتسليمة واحدة لم يصح فتبطل إن كان عامدا عالما، وإلا صارت نفلا مطلقا، وذلك لأن التراويح أشبهت الفرائض في طلب الجماعة فلا تغير عما ورد، ولم نجد للحنابلة كلاما في هذه المسألة. أهـ. وقد وجدنا نحن نصا للحنابلة وهو ما قاله المرداوي في الإنصاف: اعلم أن الأفضل في صلاة التطوع في الليل والنهار: أن يكون مثنى.. وإن زاد على ذلك صح، ولو جاز ثمانيا ليلا، أو أربعا نهارا، وهذا المذهب.... وقيل: لا يصح إلا مثنى فيهما، ذكره في المنتخب، وقيل: لا يصح إلا مثنى في الليل فقط، وهو ظاهر كلام المصنف، ـ ابن قدامة ـ هنا واختاره هو وابن شهاب، والشارح وقدمه في الرعاية الكبرى، قال الإمام أحمد فيمن قام في التراويح إلى ثالثة يرجع، وإن قرأ، لأن عليه تسليما ولا بد فعلى القول بصحة التطوع بزيادة على مثنى ليلا: لو فعله كره، على الصحيح من المذهب جزم به في المحرر، والفائق، والزركشي وقدمه في الفروع، وعنه لا يكره، جزم به في التبصرة، وأما صلاة العشاء خلف من يصلي التراويح فصحيحه عند الشافعية رحمهم الله تعالى، إلا أنهم لا يجوزون صلاة التروايح أربع ركعات بسلام واحد، بل يرون أن القيام إلى الثالثة عمدا مبطل للصلاة كما سبق به بيانه عنهم، وعليه فيصح أن يصلي الشخص العشاء خلف من يصلي التروايح، ولكن إذا صلى معه فصلى أربع ركعات بسلام واحد فإنه لا يتابعه تقليدا لمن يجوز ذلك لأنه يكون قد لفق تلفيقا ممنوعا ـ لا للجهر في الركعتين الأخيرتين ـ بل إذا قام الإمام إلى الثالثة فإنه يفارقه ويتم صلاته وحده ولمزيد الفائدة عن التلفيق تراجع الفتوى رقم: 37716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(11/8987)
أفضلية الجماعة في التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل صلاة القيام (التراويح) في المسجد أم صلاتها كما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة التراويح جماعة في المسجد أفضل من صلاتها في البيت، والرسول صلى الله عليه وسلم هو أول من سن الجماعة فيها في مسجده ثم تركها خشية أن تفرض علينا، ففي الصحيحين عن عائشة: أن النبي صلى في المسجد فصلى بصلاته ناس، ثم صلى الثانية فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفترض عليكم، وذلك في رمضان.
وأخرج أحمد وأصحاب السنن عن أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصل بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في الثالثة، وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه؟ فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، ثم لم يقم بنا حتى بقي ثلاث من الشهر فصلى بنا في الثالثة، ودعا أهله ونساءه، فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قلت له: وما الفلاح؟ قال: السحور. صححه الألباني.
قال ابن شهاب: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدر في خلافة عمر. رواه البخاري ومسلم.
وكان عمر بن الخطاب هو أول من أحيا هذه السنة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فجمع الصحابة على أبي بن كعب وتميم الدراي وأقره على ذلك جميع الصحابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1425(11/8988)
كيفية صلاة التهجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة كيفية صلاة التهجد بالتفصيل والأذكار التي تقال فيها كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة التهجد تكون ركعتين ركعتين، ويحسن أن تختم بواحدة توترها، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى.
ولا بأس بأن يكتفي بإحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة، كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يزيد على ذلك في رمضان ولا غيره، والأدعية والأذكار التي تقال في صلاة التهجد منها دعاء الاستفتاح وله صيغ عديدة يمكنك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 32439.
ومنها ما أخرجه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال: اللهم لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت أو لا إله غيرك ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(11/8989)
حكم إحياء ليلة عيد الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إمام من أئمة التراويح في بلدي وعليه أطلب منكم تحقيقا علميا في مسألة إحياء ليلة العيد مبينين الضعيف من الصحيح لأن الأمر قد ألتبس علينا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذهب أكثر أهل العلم إلى استحباب إحياء ليلتي العيدين (الفطر والأضحى) ، قال الإمام النووي في المجموع: اتفق أصحابنا على إحياء ليلتي العيدين. انتهى، وقال في مواهب الجليل: استحب إحياء ليلة العيد بذكر الله تعالى، والصلاة وغيرها. انتهى.
وذهب الحنفية: إلى أن إحياءها يكون بصلاة العشاء في جماعة والعزم على صلاة الفجر جماعة، فإحياء ليلة العيد عند القائلين بها يكون بجمع الطاعات من ذكر وقراءة قرآن وصلاة ودعاء، قال في مغني المحتاج: ويسن إحياء ليلتي العيد بالعيادة من صلاة وغيرها من العبادات. انتهى.
واعلم أنه لا يستحب لإحيائها الصلاة بالمسجد، ولا المواضع المشهورة كما يفعل في رمضان، بل كل إنسان في بيته لنفسه، ولا بأس أن يأتم به أهله وولده. ذكره ابن الحاج.
وننبه السائل بأن الجمهور احتجوا على الاستحباب بحديث: من قام ليلتي العيد محتسباً لله تعالى لم يمت قلبه حين تموت القلوب. رواه ابن ماجة عن أبي أمامة، وروي عن أبي الدرداء موقوفاً ومرفوعاً وإسناده ضعيف جداً، ضعفه الحافظ ابن حجر وابن شاهين وضعفه في مصباح الزجاجة، قال النووي: أسانيد الجميع ضعيفة. وقال الألباني: ضعيف جداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(11/8990)
هل للأخت أن تمنع أختها- التي تقيم عندها- من صلاة التراويح في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة تسأل: هي تعيش مع أختها الأكبر منها وتساعدها في عملها خارج البيت وبحلول شهر رمضان منعتها من الذهاب لصلاة التراويح في أيام الأسبوع!! ماذا تفعل؟ هل تساعد أختها؟ أم تذهب للصلاة؟
أرشدوها وجزاكم الله كل خير..
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في الأفضل في صلاة التراويح: هل هو أداؤها في الجماعة أو الانفراد بها.
فذهب المالكية إلى أن الانفراد أفضل إن لم يؤد إلى تعطل المساجد. قال الشيخ خليل بن إسحاق: وانفراد بها إن لم تعطل المساجد.
ومذهب جمهور العلماء أن أداء التراويح في الجماعة أفضل من الانفراد بها، وراجع في هذا فتوانا رقم: 25991.
وعليه، فالصواب أن لا تمنع الأخت أختها من الذهاب إلى صلاة التراويح، وليس ذلك من حقها فلعلها أن تستفيد من الدروس والمواعظ التي قد تلقى في المساجد.
وإذا انتهت التراويح عادت إلى مساعدة أختها فيما كانت تساعدها فيه، إن شاءت، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن منع النساء من الصلاة في المساجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1425(11/8991)
هل يجب تعيين النية لصلاة التراويح؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة بوضوح دون تحويلي على سؤال آخر لا علاقة له بالموضوع، صلاة التروايح هل لها نية أم كنية القيام أي مطلق نية الصلاة فقط، ونية صلاة سنة الجمعة في البيت بعد الصلاة هل ننوي الظهر أم الجمعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة التراويح من النفل المعين الذي يفتقر إلى التعيين، وعليه فينبغي عند البدء بها تعيينها، قال ابن قدامة في المغني: فأما النافلة فتنقسم إلى معينة كصلاة الكسوف والاستسقاء والتراويح والوتر والسنن الرواتب فتفتقر إلى التعيين أيضا وإلى مطلقة كصلاة الليل فيجزئه نية الصلاة لا غير لعدم التعيين فيها. انتهى. وذكر صاحب البحر الرائق وهو حنفي المذهب: أنه يجزئ في صلاة التراويح نية مطلق النفل، قال:ويكفيه مطلق النية للنفل والسنة والتراويح، أما في النفل فمتفق عليه لأن مطلق اسم الصلاة ينصرف إلى النفل وأما في السنة والتراويح فظاهر الرواية، قال وجعله في الهداية هو الصحيح. انتهى. وكذلك عند المالكية فلا يشترط نية تعيين الصلاة إلا إذا كانت فرضا أو سنة ـ وصلاة التراويح عندهم مستحبة ولا يعدونها من السنن، قال الشيخ أحمد الدردير وهو مالكي: وإنما يجب التعيين في الفرائض والسنن كالوتر والعيد وكذا الفجر دون غيرها من النوافل. انتهى. فإذا علمت هذا فاعلم أن الأحوط تعيين نية صلاة التراويح بناء على ما ذكر صاحب المغني. وأما راتبة الجمعة التي تصلى في المنزل بعد الجمعة فهي راتبة الجمعة ولا تصلى على أنها راتبة الظهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/8992)
كيف ينوي لصلاة الليل وما هو دعاء استفتاحها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
سؤالي هو: صلاة الليل بماذا ننوي وهل هناك دعاء في الركعة الاولى وماهو الدعاء
أرجوكم أريد إرسال الجواب على الإيميل
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 32622، أن صلاة الليل غير الوتر يكفي فيها نية مطلق النفل فلترجع إليها وإلى الفتوى رقم: 27051، وأما صلاة التراويح فإن من العلماء من يقول يشترط تعيينها على أنها صلاة التراويح، ومنهم من يقول يكفي فيها نية مطلق النفل، والأول وهو اشتراط التعيين قول الحنابلة، والثاني قول المالكية وقول مشهور عند الأحناف.
وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها لما سألها أبو سلمة بن عبد الرحمن بأي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته فقال: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. رواه النسائي، وهو في صحيح مسلم وسنن الترمذي وأبي داود وغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/8993)
ماذا يقرأ من لا يحفظ القرآن في صلاة التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أرادت سيدة أن تصلي تراويح الفجر في بيتها وهي لا تحفظ القرآن كله فبأي سورة تصلي؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أراد أن يصلي التراويح، فله أن يقرأ بعد الفاتحة ما شاء من السور التي يحفظها أو يقرأ جزءاً من سورة، لقول الله تعالى: فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ {المزمل: 20} .
ولمعرفة ما تحصل به السنة في القراءة بعد الفاتحة وأقل ما يكفي في ذلك نحيلك للفتوى رقم: 31950، والفتوى رقم: 32636.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/8994)
صلاة التراويح في المسجد أفضل أم في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الأفضل قيام رمضان جماعة في البيت أم كل على انفراد، ما هوالأفضل قيام رمضان في البيت أم في المسجد، هل إذا صليت الصبح جماعة في البيت أكون في ذمة ? أم ذلك يكون فقط في المسجد.
جزاكم ? خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 13031، أن صلاة التراويح في البيت أفضل إذا كان القصد حث الأهل عليها، وعليه فالأفضل له أن يصليها في البيت جماعة مع أهله خصوصا إذا كان المسجد القريب منه تقام فيه صلاة التراويح أي لم يعطل، فقد ذكر بعض أهل العلم أن الانفراد بصلاة التروايح أفضل إذا لم يعطل المسجد بأن كان في المسجد جماعة يصلون صلاة التراويح غير الشخص الذي يصلي في بيته، فإن توقفت صلاة التراويح عليه فالأفضل له صلاتها في المسجد، وكنا قد ذكرنا اتفاق العلماء على جواز الجماعة في النفل ولو كان ذلك في البيت مع أهله في الفتوى رقم: 6712، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 40359. وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 1415، أنه لا يجوز للقادر التخلف عن المسجد بقصد الصلاة مع أهله جماعة في الفرض، لكن لو فاتته الصلاة في المسجد يوما أو كان له عذر من مرض أو غيره فهنا يصلي جماعة مع أهل البيت.
ومن صلى الصبح فهو في ذمة الله سواء كان في المسجد أو في جماعة أخرى بدليل أن أغلب روايات الحديث الوارد في هذا المعنى لم تذكر الجماعة أصلا في المسجد ولا في غيره، ونص رواية مسلم: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله في ذمته بشيء فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم. وهكذا رواية الترمذي وابن ماجه وبعض شراح الحديث يذكرون في جماعة أي من صلى الصبح في جماعة إلخ. وهذا لا يعني التقليل من شأن الصلاة في المسجد ولذلك راجع الفتوى رقم: 5153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(11/8995)
صورة لبعض المخالفات في صلاة التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[في قريتنا تقام صلاة التراويح على الشكل التالي: بعد الفرض وركعتين من سنة العشاء يصلى عشر ركعات من سنة التراويح ثم يصلى ثلاث ركعات من سنة الوتر ثم نعود ونصلي عشر ركعات من سنة التراويح هل في هذه الصلاة مخالفة للسنة؟ ثم نحن بذلك خالفنا العرف في صلاة التراويح حيث تصلى في معظم مساجد العالم الإسلامي عشرون ركعة متتالية ثم يصلى بعدها الوتر هل في ذلك شيء؟ مع العلم أن الصلاة بهذه الطريقة بناءً على رغبة بعض المصلين الذين يرغبون في صلاة الوتر بعد الثماني ركعات ... ؟
... ... ... ... وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستمرار على صلاة التراويح بالطريقة التي ذكرت مخالف لأمره صلى الله عليه وسلم وفعله. ففي الصحيحين وغيرهما قوله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا. وفي الصحيحين أيضا واللفظ للبخاري عن عائشة رضي الله عنها متحدثة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلى أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا. فعلى الإمام المذكور أن لا يلبي رغبة أولئك الذين لايرغبون في تأخير الوتر بل يجعل الوتر في آخر صلاته. وحول عدد صلاة التراويح وكيفيتها راجع الفتويين التاليتين: 2497، 11872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(11/8996)
هل الزيادة على إحدى عشرة ركعة في التراويح بدعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الشيخ الألباني إن صلاة التراويح لا يجوز أن تتجاوز 10 ركعات لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي 10 ركعات في رمضان وفي غيره، كما أنه ينفي أن عمر أمر أبي بالصلاة بالناس 20 ركعة، فما هو قولكم وما هي بقية أدلته، وما هي أدلة القائلين بالعشرين ركعة، وهل تدخل اعتمادا على قوله السنة البعدية للعشاء في الركعات العشر، أرجو إجابة علمية دقيقة مفصلة تتضمن كل الأدلة للفريقين والإجابة عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في عدد ركعات صلاة التراويح على أقوال:
قال ابن قدامة: والمختار عند أبي عبد الله عشرون ركعة، وبهذا قال الثوري وأبو حنيفة والشافعي، وقال مالك ستة وثلاثون. انتهى من المغني.
وقال النووي في المجموع: ونقله عياض عن الجمهور أنها عشرون ركعة، قال العيني: وقيل إحدى عشرة ركعة وهو اختيار مالك لنفسه واختيار أبي بكر بن العربي.
وقال الترمذي: أكثر ما قيل أنه يصلى إحدى وأربعين ركعة بركعة الوتر. انتهى.
واحتج الجمهور بأدلة منها حديث ابن عمر في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة. رواه الجماعة، وزاد أحمد في رواية: صلاة الليل مثنى مثنى تسلم في كل ركعتين ... ولمسلم: قيل لابن عمر ما (مثنى مثنى) قال: يسلم في كل ركعتين.
ومنها حديث السائب بن يزيد قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب في شهر رمضان بعشرين ركعة وكانوا يقرأون بالمئين وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان من شدة القيام. وإسناده صحيح كما قال النووي في المجموع ورواه مالك في الموطأ.
ومنها حديث ربيعة بن كعب أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة فقال صلى الله عليه وسلم: فأعني على نفسك بكثرة السجود فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة. رواه مسلم.
وذهب الألباني إلى وجوب الاقتصار على إحدى عشرة ركعة وأن الزيادة عليها بدعة واحتج أولاً: بحديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة. متفق عليه.
وثانياً: حديث زيد بن خالد الجهني قال: قلت لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين خفيفتين ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ثم صلى ركعتين هما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين هما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين هما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين هما دون اللتين قبلهما ثم أوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة. رواه مالك وعنه مسلم.
ثالثاً: حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في شهر رمضان ثمان ركعات وأوتر. رواه ابن نصر والطبراني وحسنه الألباني.
رابعاً: حديث السائب بن زيد: أن عمر أمر أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة. رواه مالك في الموطأ وصححه الألباني، واحتج بقياس صلاة التراويح على السنن الرواتب وغيرها كصلاة الاستسقاء.
خامساً: أن حديث عائشة مخصص أو مقيد لحديث ابن عمر وربيعة بن كعب والجواب على هذه الأدلة:
أولاً: قول الألباني بوجوب الإحدى عشرة ركعة وتبديع المخالف لم يسبقه إليه أحد وليس له فيه سلف كما تبين من مذاهب العلماء التي سبق ذكرها.
ثانياً: حديث عائشة حكاية فعل وغايتها استحباب هذا العدد وهو لا ينافي مشروعية غيره، وأيضاً ثبت عند البخاري من حديث ابن عباس: أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة يعني بالليل. وهو زيادة على الإحدى عشرة ركعة.
ثالثاً: حديث زيد بن خالد ليس فيه حجة للألباني بل هو حجة عليه لأن فيه الزيادة على الإحدى عشرة ركعة، وهو ما دفع الألباني إلى تأويل الزيادة بأنها سنة العشاء البعدية، وكذلك قال في حديث ابن عباس وهو تكلف شديد.
رابعاً: قياسه صلاة التراويح على السنن الرواتب وصلاة الكسوف فهو قياس مع الفارق لأن هذه السنن وردت مقيدة بعدد معين وهو ما يمنع الزيادة عليها بخلاف صلاة التراويح فهي من قيام الليل الذي قال عنه الشارع "مثنى مثنى"، وما ورد من عدد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يعارض ولا يمنع من الزيادة.
قال ابن تيمية: قيام رمضان لم يؤقت النبي فيه عدداً معيناً بل كان هو لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يطيل الركعات فلما جمعهم عمر على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة ثم يوتر بثلاث وكان يخفف القراءة بقدر ما زاد على الركعات لأن ذلك أخف على المأمومين من تطويل الركعة الواحدة، ثم كان طائفة من السلف يقومون بأربعين ركعة ويوترون بثلاث وآخرون قاموا بست وثلاثين وأوتروا بثلاث وهذا كله سائغ فكيفما قام في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن، والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين..... ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد مؤقت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ ... انتهى مجموع الفتاوى.
خامساً: تضعيف الألباني لرواية ابن خصيفة بالشذوذ لمخالفتها لرواية الإحدى عشرة ركعة غير جيد فهي لا تعارضها والجمع بينهما ممكن باختلاف الأحوال، قال الحافظ في الفتح: والجمع بين هذه الروايات ممكن باختلاف الأحوال ويحتمل أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها فحيث تطول القراءة تقلل الركعات وبالعكس وبه جزم الداوودي وغيره قال: والاختلاف فيما زاد على العشرين راجع إلى الاختلاف في الوتر، فكأنه تارة يوتر بواحدة وتارة بثلاث. انتهى.
سادساً: جعل حديث عائشة مخصصاً لحديث ابن عمر وحديث ربيعة بن كعب غير صحيح، لأن العمل بالعام والخاص يكون عند التعارض بين الأدلة وليس هناك تعارض بين أحاديث الباب فالجمع يسير بمثل ما جمع به الحافظ، وحديث عائشة فرد من أفراد حديث ابن عمر، وموافق العام لا يخصص كما هو مقرر في الأصول.
وأرجح الأقوال في عدد ركعاتها هو إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة لحديث عائشة وحديث ابن عباس السابقين وهو ما اختاره مالك لنفسه كما سبق، وأما الزيادة عليها فجائزة للأدلة التي احتج بها الجمهور.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1425(11/8997)
حكم قيام الليل بعد صلاة العشاء مباشرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أقوم الليل مباشرة بعد صلاة العشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك أن تبدأ قيام الليل بعد صلاة العشاء مباشرة لأن وقت القيام يبدأ من بعد صلاة العشاء أو من بعد صلاة المغرب وينتهي بطلوع الفجر الصادق، كما في الفتوى رقم: 31638.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(11/8998)
الجهر والإسرار في صلاة التهجد والتراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة التهجد بالمملكة العربية السعودية في شهر رمضان يقرأ الإمام في الصلاة بصورة غير جهرية فهل للمأموم وراءه أن يقرأ شيئاً أم أن يبقى صامتا في داخله لأنه مأموم والإمام هو الذي يقرأ لأن الركعة الواحدة تأخذ وقتا طويلا والإمام يقرأ قراءة غير جهرية فاذا كانت على المأموم القراءة فماذا يقرأ؟ وكيف تكون صلاة التهجد للإمام والمأموم أنا أود أداء العمرة برمضان إن شاءالله تعالي وأريد أن أعرف كيف تتم الصلاة وماذا علي أن اقرأ وتفصيل صلاة التهجد؟
وجزاكم الله عن المسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة التروايح والتهجد في رمضان جماعة تكون جهرية، وهو المعروف في مساجد المملكة العربية السعودية، ولكن لو قدر أن إماما صلى بالناس سراً جاز في هذه الحالة أن يقرأ المأموم ويرفع صوته بما يسمع نفسه ولا يشوش على من بجواره ويقرأ ما تيسر من القرآن، ويكرره إن أتمه قبل ركوع الإمام أو في الركعة الثانية إن كان ما يحفظه يسيراً، ولا ينبغي له السكوت لأن السكوت مطلوب في حالة سماع قراءة الإمام.
وصلاة التراويح تكون في رمضان، وتسن فيها الجماعة.
وأما قيام الليل - التهجد - ففي رمضان وغيره، ولا تسن فيه الجماعة، ولكن تجوز ويجهر الإمام بالقراءة، ويسر بها المأموم، ولا حد له، بل يصلي المرء ما شاء، والأفضل أن يقتصر على ثنتي عشر ركعة ويطيل فيها، وأن تكون صلاته مثنى مثنى، وإذا كان سيقوم من الليل بعد التراويح فلا يوتر بعدها بل يجعل وتره آخر صلاته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً. متفق عليه. وصلاة التهجد في الحرم لا تختلف عن غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(11/8999)
مسألة حول صفة الصلاة بالليل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القيام هي إحدى عشرة ركعة أيضاً سنتها بالقيام إطالة كل ركعة لكن إذا أردت أن أقوم من الليل ساعة مثلا فكيف أجمع بين السنتين بحيث أصلي أحد عشر ركعة بساعة وتكون كل ركعة طويلة، ما أقوم به هو أني أصلي ركعتين فقط بساعة أطيل القراءة والركوع والسجود بهما، فهل عملي فيه شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر والله أعلم أن إطالة قيامه صلى الله عليه وسلم الثابتة لا يمكن أن تجمع بينها وبين صلاة إحدى عشرة ركعة الثابتة أيضاً في ساعة واحدة، بدليل قول عائشة رضي الله عنها كما في صحيح مسلم: وهن نصف ركعاته فلا تسأل عن حسنهن وطولهن. وبدليل قيامه صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه وغير ذلك مما يدل على طول قيامه.
وعليه فمن أراد أن يجمع بين فضيلة طول القيام وصلاة العدد المذكور من الركعات فليزد على ساعة واحدة، لكنا نقول للسائل الكريم أنه كما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة، فقد ثبت أيضاً أنه كان يقوم الليل بأقل منها، ففي البخاري عن عائشة رضي الله عنها: أنه كان يقوم الليل بسبع وتسع.
وعليه فلو قمت الليل بأقل من العدد المذكور فقد أتيت السنة كذلك، أما ما تفعله من صلاة ركعتين تطيل فيهما فإن أوترت بعدهما بركعة فقد جئت بأقل الكمال من الوتر ثم إن العلماء اختلفوا هل الأفضل كثرة السجود مع تخفيف القيام أو طول القيام وتقليل عدد السجود.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم عند حديث عائشة رضي الله عنها: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً قال في هذا الحديث: دليل لمذهب الشافعي وغيره ممن قال تطويل القيام أفضل من تكثير السجود، وقالت طائفة: تكثير الركوع والسجود أفضل، وقالت طائفة: تطويل القيام في الليل أفضل، وتكثير الركوع والسجود في النهار أفضل. انتهى، ولكل واحد من هذه الأقول دليله الخاص، لكن المهم أن لا يترك المرء صلاة الليل ولو قليلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(11/9000)
التزام البعض بدروس وإحياء ليال معينة تتكرر دوريا بانتظام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد السؤال عن قيام بعض الإخوة بالأعمال الدعوية في المسجد وأريد أن أسأل عن حكم الدين في هذه الأعمال خوفاً أن يوجد عمل منها مخالف للسنة وخوفاً أن يكون فيها بدعة من البدع وهذه الأعمال هي:
يوم السبت: حلقة سيرة من كتاب الرحيق المختوم
يوم الأحد: صلاة ركعتين بنية قيام الليل بعد صلاة العشاء مباشرة
يوم الاثنين: حلقة تلاوة وأحكام وتفسير
يوم الثلاثاء: درس عام للناس بعد صلاة المغرب مباشرة
يوم الأربعاء: حلقة فقه من كتاب فقه السنة للسيد سابق
يوم الخميس: صلاة ركعتين بنية القيام بعد سنة العشاء مباشرة
ملحوظة: علماً بأن هذه الأعمال مخصصة في هذه الأيام فقط وأن هذه الأعمال اجتهادية من أفراد يقومون بهذة الأعمال الدعوية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في تحديد أوقات معينة في الأسبوع لدراسة العلوم الشرعية، بحيث تتكرر هذه الأوقات المعينة دورياً بانتظام، بل إن ذلك أدعى للنظام والانضابط في الطلب، وهو عين ما تفعله الهيئات التي تعنى بالدراسات الأكاديمية النظامية كالجامعات، والأصل في ذلك المصالح المرسلة، وانظر الفتوى رقم: 27680.
أما التزام بعض جماعة المسجد بإحياء ليالٍ معينة بصورة تتكرر دورياً بانتظام، ففيه تفصيل: فإن اعتقد المصلون فضل الصلاة في هذه الليالي بخصوصها دون غيرها من الليالي بدون أن يدل على ذلك دليل صحيح صريح، فهذا العمل بدعة، وعليه فينبغي ترك هذا العمل، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد. وفي رواية: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه البخاري ومسلم.
وأما إن لم يعتقد المصلون فضل قيام الليالي المخصوصة، بل لم يدر بخلدهم ولم يخطر ببالهم أصلاً، وإنما هذه الليالي ناسبت فراغهم من الدراسة أو ناسبت اجتماعهم في ليلة إجازتهم الأسبوعية من أعمالهم أو نحو ذلك فلا حرج إن شاء الله، فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن تخصيص ليلة الجمعة بالقيام ونهارها بالصيام، فقال: لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيا م. رواه مسلم.
وقد ثبت فضل الذكر والدعاء وقراءة القرآن يوم الجمعة، فتخصيص ليلتها بالقيام أو نهارها بالصيام يوهم اعتقاد فضل ذلك، فنهى عنه صلى الله عليه وسلم، وهذا الذي لحظه شيخ الإسلام من النهي، فقال: فإذا كان يوم الجمعة يوماً فاضلاً يستحب فيه من الصلاة والدعاء والذكر والقراءة والطهارة والطيب والزينة ما لا يستحب في غيره، كان ذلك في مظنة أن يتوهم أن صومه أفضل من غيره، ويعتقد أن قيام ليلته كالصيام في نهاره لها فضيلة على قيام غيرها من الليالي، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التخصيص دفعاً لهذه المفسدة التي لا تنشأ إلا من التخصيص. انتهى. من اقتضاء الصلاة المستقيم.
فالعبرة بما يقوم في القلب من اعتقاد ثبوت ما لم يثبت بالشرع، وهذه هي المفسدة التي أشار إليها شيخ الإسلام، والله تعالى أعلم.
ولكننا ننصحكم أن تزيدوا في برنامجكم العلمي مادة العقيدة، ولتكن من كتاب (الإيمان) للدكتور محمد نعيم ياسين، وكذلك مادة الحديث ولتكن من كتاب (شرح الأربعين النووية) للإمام النووي، فإنه نافع جداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1425(11/9001)
هل خص النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة بقيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قيام الليل في ليلة الجمعة (الخميس بعد أذان المغرب) ، أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة ركعتين بعد أذان المغرب وقبل الصلاة سنة ثابتة أقر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على فعلها، بل روى ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاهما. وعليه؛ فتكون ثابتة بالقول والفعل والتقرير. وراجع الفتويين التاليتين: 37960 و 9389.
وقيام الليل يبدأ وقته من بعد صلاة العشاء، وعند بعض أهل العلم كالحنابلة يبدأ وقته من بعد صلاة المغرب، كما في الفتوى رقم: 31638.
وقد ثبت الترغيب في التنفل بين المغرب والعشاء في جميع الليالي من غير تخصيص ليلة الجمعة، كما في الفتوى رقم: 27572.
بل قد ثبت النهي عنه صلى الله عليه وسلم عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم. وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 24406.
وعليه؛ فلم يثبت تخصيصه صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة بقيام، بل نهى عن ذلك كما في الحديث الصحيح الذي تقدم ذكره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1425(11/9002)
قيام الثلث الأخير من الليل للحائض وغير الحائض
[السُّؤَالُ]
ـ[يجوز أن أقوم الثلث الأخير من اليل في أيام الدورة الشهرية أو بدون أيام الدورة الشهرية وبعد التسبيح أدعو الله سبحانه وتعالى وقالوا لي الناس لا يجوز لأن الثلث الأخير من الليل للصلاة فقط (أنا أقوم قيام الليل الساعة 12 بتوقيت الإمارات وأدعو الله في الثلث الأخير من اليل) .
وشكرا وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالثلث الأخير من الليل هو وقت النزول الإلهي إلى السماء الدنيا، فيشرع في هذا الوقت الصلاة، وليس الأمر مقتصرا على الصلاة فحسب، بل يشرع الدعاء والاستغفار، والذكر، كما قال صلى الله عليه وسلم: ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له. رواه البخاري ومسلم.
فلا حرج أن تقوم المرأة الثلث الأخير من الليل لتدعو الله عز وجل وتذكره وتسبحه، ولها أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب ولو كانت حائضا، على الراجح من أقوال أهل العلم، وإنما تمنع الحائض من الصلاة ومس المصحف والطواف بالبيت ودخول المسجد.
ومما يدل على جواز الذكر والدعاء للحائض قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت وهي محرمة بالحج في حجة الوداع: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري. رواه البخاري ومسلم. ومن المعلوم أن الحاج يقوم بكثير من الأذكار مثل التلبية ومثل الذكر والدعاء في عرفة، والذكر في أيام منى، والدعاء بعد رمي الجمار، والذكر والدعاء في المشعر الحرام، قال الله تعالى: [فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ] (البقرة: 198) إلى قوله: [وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ] (البقرة: 203) .
وأما قراءة القرآن للحائض فسبق حكمها في الفتاوى التالية: 6592، 2845، 2982.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1425(11/9003)
وسائل معينة على قيام الليل وقلة النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك من أدعية معينة أو أي شيء يستطيع المسلم أن يفعله حتى يقلل من حاجة الجسم إلى النوم ليستطيع أن يقوم الليل كل ليلة؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم دعاء معيناً يساعد على قلة النوم؛ إلا أن الله تعالى شرع الدعاء وسؤال جميع الحاجات ولو لم يرد في الدعاء بها نص خاص ما دام المدعو به والمطلوب مشروعاً طلبه، ويدل لذلك ما في الحديث: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل. رواه مسلم.
وفي الحديث: ليسأل أحدكم ربه حاجاته كلها حتى يسأله شسع نعليه. رواه أبو يعلى. وقال الشيخ حسين أسد في تحقيقه: إسناده صحيح على شرط مسلم.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء بالهدى والعون على العبادة، وأمره الصحابة بسؤال ذلك، ففي الحديث أنه قال: أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء قولوا: اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. رواه أحمد والحاكم، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير موسى بن طارق وهو ثقة، وقد صححه الألباني في السلسلة.
وأما الوسائل المعينة على قيام الليل وقلة النوم فأهمها تخفيف الأكل ليلاً، والقيلولة نهاراً، والنوم بعد صلاة العشاء مباشرة، والاستعانة بالمنبه ليستيقظ في الوقت المناسب، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 49867، 17666، 19808.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1425(11/9004)
الحكمة في النهي عن تخصيص يوم الجمعة بقيام من بين الأيام
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد البرامج الدينية وفي سياق حديث فضيلة الشيخ المتحدث قال: إن تخصيص ليلة الجمعة لقيام الليل نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم وأنه ممكن تخصيص أي ليلة غيرها. السؤال: ما الحكمة في ذلك مع العلم أنني أنا شخصيا أخصص هذه الليلة لقيام الليل (ليلة الخميس على الجمعة) لأنني موظفة ويوم الجمعة هو إجازة كما تعلمون وليس عندي فيه أي التزامات في معظم الأحيان. من يوم ما سمعت ذلك وأنا أبتعد عن قيام الليل ليلة الجمعة وأحاول في يوم آخر ولكني أتعب كثيرا وربما أفشل في أدائه،
الرجاء أن توضحوا لي هذه المسأله، وجزاكم الله عني كل الخير ...
أرجو الرد بأسرع وقت ممكن عندكم وعلى عنواني الإلكتروني المذكور لو تكرمتم ولكم ألف شكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أح د كم.
قال النووي رحمه الله: وفي هذا الحديث النهي الصريح عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة من بين الليالي، ويومها بصوم كما تقدم، وهذا متفق على كراهيته. ا. هـ.
وقد التمس بعض العلماء الحكمة من ذلك فقال بعضهم: الحكمة في النهي عن تخصيص يوم الجمعة بصيام وليلته بقيام مخافة المبالغة في تعظيمه بحيث يفتتن به كما افتتن قوم بالسبت، وقال آخرون: الحكمة من ذلك لئلا يعتقد وجوبه، وقال آخرون: الحكمة من ذلك أن يوم الجمعة يوم دعاء وذكر وعبادة، وصيامه وقيام ليلته قد يؤدي إلى أن يقوم المسلم بهذه العبادات بشيء من الملل والسآمة، فالفطر في هذا اليوم أقوى له على القيام بها من غير ملل ولا سآمة. وقيل غير ذلك.
وعلى كل حال فإن على المسلم أن يجتنب ما نهى عنه الله ورسوله علم الحكمة من ذلك أو لم يعلم، وقد قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [سورة الحشر: 7] .
وقد سبق لنا أن أصدرنا فتويين في ذلك وبإمكان السائلة الاطلاع عليهما وهما برقم: 24406 و 34084.
ونلفت نظر السائلة إلى أنه لا يكره إحياء ليلة الجمعة مضمومة إلى ما قبلها أو إلى ما بعدها أو إليهما.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(11/9005)
يدرك الفضيلة من قام في أي ساعة من الثلث الأخير من الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي الثلث الأخير من الليل قبل صلاة الفجر بنصف ساعة أو ساعة ونصف، السؤال الثاني: هل يستجاب الدعاء أكثر بعد قراءة القرآن أو لا، وأرجو أن تجيبوا على أسئلتي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فثلث الليل الآخر وقت فاضل من الأوقات التي تظن فيها استجابة الدعاء، فهو وقت التنزل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل، وقال أبو معاوية محضورة. رواه مسلم وغيره.
وفي عون المعبود شرح سنن أبي داود: مشهودة أي تشهدها الملائكة وتكتب أجر المصلين. انتهى.
وطريقة معرفة الثلث الأخير من الليل سهلة، وهي أن تقسم ساعات الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر على ثلاثة، فآخر قسم هو ثلث الليل الأخير، وأي ساعة من هذا الوقت قام المرء فإنه يدرك هذه الفضيلة بفضل الله تعالى، وقراءة القرآن عبادة عظيمة وثوابها جزيل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه. رواه مسلم وغيره.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف. رواه الترمذي وغيره.
ويستحب الدعاء بعد تلاوة القرآن خصوصاً عند الختم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اقرءوا القرآن وسلوا الله به، قبل أن يأتي قوم يقرؤون القرآن فيسألون به الناس. صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير.
وكان بعض السلف الصالح من هذه الأمة يجتهدون في الدعاء عند ختم القرآن لما يرون من مظنة استجابة الدعاء هناك، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 18685.
وعليه فمن المستحب الدعاء بعد قراءة القرآن وأن ذلك من مظنة استجابة الدعاء لأمره صلى الله عليه وسلم بالدعاء بعده، والله تعالى أمر عباده بالدعاء ووعدهم بالاستجابة، قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(11/9006)
تحديد ثلث الليل الآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يبدأ ثلث الليل الأخير؟ (بالساعة) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
2- يمكنك أن ترجعي في تحديد وقت ثلث الليل الأخير إلى الفتوى رقم: 5718.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(11/9007)
الأفضل للقائم بليل النعسان أن يرقد حتى يذهب النوم عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أصلي خلف زوجي لقيام الليل وهو كثير التثاؤب أثناء الصلاة والآيات لا تكون واضحة لأن النعاس يغلبه كثيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى ابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين كتبا من الذاكرين لله كثيراً والذاكرات.
وإذا صليا في جماعة فائتمت المرأة بزوجها في صلاة الليل فلا بأس، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 6712 فتراجع.
والشخص إذا قام من الليل فنعس فالأفضل في حقه ترك الصلاة حتى يذهب عنه ذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم.
قال النووي رحمه الله: وفي الحث على الإقبال على الصلاة بخشوع وفراغ قلب ونشاط، وفيه أمر الناعس بالنوم أو نحو مما يذهب عنه النعاس.... انتهى.
وعليه فالمطلوب منك أن تقبلي على صلاتك بخشوع وفراغ قلب وهذا غير متحقق خلف زوجك وهو يدافع النوم ويتثائب ولا يكاد يبين من قراءته، فصلاتك وحدك والحال هذا أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(11/9008)
أمور تعين المرء على قيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أعمل لأقوم الليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيام الليل عمل الأنبياء ودأب الصالحين، وفضله عظيم وقد تقدم الحديث عنه في الفتوى رقم: 33763، أما الأسباب التي تعين الإنسان على قيام الليل فتجدها مذكورة في الفتوى رقم: 19808، وما ورد هناك هو من أهمها، يضاف إليه الإخلاص لله وقصد مرضاته، طمعاً في ثوابه وخوفاً من عقابه، مع الاستعانة بمن يعينه على القيام كالزوجة إذا أمن الرياء، أو ضبط منبه يعينه على معرفة الوقت وإيقاظه من النوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/9009)
حكم صلاة التراويح ليلة الثلاثين من شعبان،
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة القيام ليلة ثلاثين من شعبان باعتبارها ليلة من ليالي رمضان. إن كان جائزا نريد ذكر الدليل على ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قيام ليلة الثلاثين من شعبان يرجع الحكم فيه إلى حكم صيام يومها إذا لم ير الهلال، وهو محل خلاف بين أهل العلم، حيث ذهب كثير منهم إلى أن صيامه غير مشروع، لما رواه البخاري تعليقا، ووصله الخمسة عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. قال صاحب "سبل السلام" عند هذا الحديث: واعلم أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال في ليلة غيم ساتر ونحوه، فيجوز كونه من رمضان، وكونه من شعبان، والحديث وما في معناه يدل على تحريم صومه، وإليه ذهب الشافعي.
وذهب الحنابلة إلى الوجوب، ففي "الإنصاف": وإن حال دون منظره غيم، أو قتر ليلة الثلاثين، وجب صيامه بنية رمضان، في ظاهر المذهب.
والحاصل أن صلاة التراويح ليلة الثلاثين من شعبان، غير مستحبة عند من يرى حرمة صوم يوم الشك، وأما من يرى الوجوب، فهي مطلوبة احتياطا، قال في "الإنصاف" نقلا عن المجد في رواية الفضل: القيام قبل الصيام احتياط لسنة قيامه ولا يتضمن محذورا، والصوم نهي عن تقديمه، قال في تجريد العناية: وتصلى التراويح ليلتئذ في الأظهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(11/9010)
نموذج من صفة قيامه صلى الله عليه وسلم بالليل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صفة صلاة قيام الليل عند الرسول صلى الله عليه وسلم وماذا كان يقرأ فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد استقرت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الليل كما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الليل وأوسطه وآخره، فانتهى وتره إلى السحر.
قال الإمام النووي رحمه الله: معناه كان آخر أمره الإيتار في السحر، والمراد به آخر الليل كما قالت في الروايات الأخرى، ففيه استحباب الإيتار آخر الليل، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة عليه.
وكان هديه عليه الصلاة والسلام أنه لا يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشر ركعة، وكان يطيل القراءة والركوع والسجود، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء! قلنا: وما هممت به؟ قال: أن أقعد وأذر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي صحيح مسلم عن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة ثم مضى فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ: ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم فكان ركوعه نحواً من قيامه ثم قال: سمع الله لمن حمده ثم قام طويلاً قريباً مما ركع ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى فكان سجوده قريباً من قيامه.
فهذا أنموذج من صفة قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(11/9011)
مدى مشروعية هذا الذكر بين ركعات القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[الذكر أو التسبيح بين ركعات القيام (سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لنا) ، هل هو بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، يتأول القرآن. متفق عليه.
وعليه؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الذكر الذي سألت عنه، ولا مانع من استعماله بين ركعات صلاة القيام، لكن لا ينبغي اعتقاد أن ذلك سنة مطلوبة يداوم عليها، إذ لم يثبت نص يدل على ذلك، وراجع الفتوى رقم: 30660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(11/9012)
خروج المرأة منفردة لصلاة التهجد في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أريد التفصيل في سؤالي هذا، وهو ما حكم أن تخرج فتاة في مقتبل العمر إلى مسجد لصلاة التهجد وحيدة والعودة كذلك بعد أدائها أي الساعه الثالثه والنصف صباحا مع أنها صلاة التراويح فهل تجزئها صلاة الترويح مع العلم بأن خروجها وحيدة يسبب قلقا من قبل والدتها عليها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأفضل في حق المرأة الصلاة في بيتها، وكلما كان مكان صلاتها أكثر ستراً لها وبعداً عن مخالطة الرجال كان ذلك أفضل.
وتستوي في هذا صلاة الفرض والنفل، وانظر الفتوى رقم: 10306 والفتوى رقم: 11990
وعليه؛ فإن الفتاة المذكورة إذا كان خروجها لصلاة التهجد مرتدية الحجاب الشرعي، وكان الطريق مأموناً إضافة إلى إذن والديها، فيجوز لها ذلك وتحصل على الأجر والثواب إن شاء الله.
وإن كان الأولى في حقها أن تصلي في بيتها خصوصاً مع حصول القلق وعدم الارتياح من طرف أبويها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(11/9013)
لا اختلاف في أذكار قيام رمضان عن غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله:
هل هناك أذكار مخصصة في صلاة التهجد في رمضان؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قيام الليل في رمضان لا يختلف عن القيام في غيره، لا في العدد ولا في الأذكار والأدعية، ومما ورد من أدعية وأذكار النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يقوم من الليل ما رواه البخاري من حديث ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال: اللهم لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن ... الحديث.
وفي مسلم من حديث عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته: اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9014)
كيف يتصرف المأموم إذا أراد ألا يوتر مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في صلاة التراويح يصلي الإمام بنا 8 ركعات (مثنى مثنى) ثم يصلى ثلاث ركعات بتشهد أوسط، فسؤالي هو: هل هذه الصلاة الثلاثية هى وتر فقط أم شفع ووتر؟ وإذا كنت لا أريد أن أوتر فهل يجوز أن أدخل فى هذه الصلاة ثم أسلم عند الركعة الثانية؟ وهل يجوز أن أزيد بعد الإمام ركعة لاتمها أربعة؟ أم لا أدخل فى الصلاة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الصلاة هي صلاة الوتر، وصلاتها بالكيفية المذكورة هي مذهب الأحناف، كما هو مبين في الفتوى رقم: 7506.
ولا يجوز لك أن تصليها مع الإمام ثم تسلم بعد اثنتين قبله، ولو كان الحامل لك على ذلك عدم الرغبة في الإيتار، لأن في السلام بعد اثنتين قبل الإمام مخالفة للإمام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه. رواه البخاري.
والمشروع لك إذا أردت عدم الإيتار مع الإمام أن تصلي معه فإذا سلم جئت بركعة رابعة، وهذا أفضل من عدم دخولك في صلاة الوتر معه، لأن في صلاتك معه أجر ينبغي أن تحرص عليه وألا تفوته على نفسك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. رواه الترمذي وغيره، وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9762، 28986، 5015، 17301.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(11/9015)
من الفروق بين التراويح والتهجد والقيام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين صلاة التراويح، القيام، والتهجد، وهل لصلاة التهجد عدد أو شروط محددة لأدائها؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلمعرفة الفرق بين التراويح والتهجد والقيام راجع الفتوى رقم: 6431 والفتوى رقم:
12273 وليس لصلاة التهجد شروط خاصة ولا عدد معين، بل هي نافلة مطلقة لقوله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى. [متفق عليه] ، ولو اقتصر على ثماني ركعات ثم أوتر بثلاث كان أولى لاقتصار النبي صلى الله عليه وسلم على هذا العدد، لقول عائشة -وقد سئلت عن صلاته بالليل في رمضان-: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1424(11/9016)
صلاة التهجد جماعة في المسجد في العشر الأواخر مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ لي استفسار حول صلاة التهجد جماعة في المسجد في العشر الأواخر فما الحكم في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة التهجد في العشر الأواخر من رمضان جماعة في المساجد مشروعة بالاتفاق، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم لها، كما روى الشيخان وأحمد وغيرهما، وإنما الخلاف في الاستحباب هل المستحب صلاتها فرادى في البيوت أم جماعة في المسجد، ونرى أن الأمر تابع لنشاط الإنسان ومدى خشوعه وإخلاصه، فإن كان مع الجماعة أنشط وأخشع وهو محافظ على الإخلاص، فالصلاة مع الجماعة مستحبة في حقه وأولى من صلاته منفردا.
هذا، وقد دل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قام بالناس في العشر الأواخر ما رواه أبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه وغيرهم بإسناد صحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صمنا فلم يصلِّ صلى الله عليه وسلم بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل فقلنا يا رسول الله: لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة، ثم لم يصلِّ بنا حتى بقي ثلاث من الشهر، فصلى بنا الثالثة ودعا أهله ونساءه فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1424(11/9017)
كيفية صلاة التهجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بيان كيفية صلاة التهجد، ولماذا في الحرم المكي يطيلون في الركوع والسجود، فماذا يقولون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة التهجد كغيرها من نوافل الليل هي ركعتان ركعتان لما في الصحيحين واللفظ لمسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قام رجل فقال يا رسول الله كيف صلاة الليل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى.، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 12273.
أما لماذا يطال الركوع والسجود فيها، فالجواب: أن فعل ذلك هو السنة في التهجد، لما في مسلم عن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت يركع عند المائة، ثم مضى فقلت يصلي بها ركعة فمضى، فقلت يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريباً من قيامه.
ويستفاد من الحديث كذلك ماذا يقال أثناء الركوع والسجود، ولو جمع المتهجد في سجوده بين التسبيح وسؤال الله تعالى من أمور الدنيا والآخرة لكان ذلك أحسن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1424(11/9018)
الأفضل إحياء الليالي العشر الأخيرة كاملة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على محمد وآله ... أما بعد:
ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال ألتمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر وفي الوتر منها، ما الذي ينبغي فعله في هذه الليالي؟ وهل تجوز بعد صلاة القيام لأنه ورد في الحديث أنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، وهل يكفي أن يحيي الإنسان من العشر الأواخر الوتر منها فقط؟ جزاكم الله خيراً، وسدد خطاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا ما ينبغي للمؤمن فعله في ليلة القدر وتجد ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 12054.
هذا وللمسلم أن يصلي في الليل ما شاء بعد أن يصلي التراويح والوتر مع الإمام ولكن لا يصلي الوتر مرة ثانية لحديث: لا وتران في ليلة. رواه أبو داود.
قال النووي: إذا أوتر ثم أراد أن يصلي نافلة أم غيرها في الليل جاز بلا كراهة ولا يعيد الوتر. انتهى.
كما أن من كان واثقاً من أنه سيصلي التهجد آخر الليل فله إذا سلم إمامه في التراويح من ركعة الوتر أن يقوم يأتي بركعة ليشفع صلاته ويصلي بعد ذلك الوتر في آخر صلاته إذا قام للتهجد.
وأما السؤال عما إذا كان يكفى المرء في إحياء العشر الأواخر أن يقتصر على الليالي الوتر فقط، فالجواب أن ذلك جائز ولكن العشر الأواخر فرصة عظيمة للاجتهاد في القيام والتلاوة والتماس ليلة القدر فالكسل فيها تفريط لا ينبغي للمؤمن فعله، والأفضل أن تحيا كلها لا أن يقتصر على الليالي الوتر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1424(11/9019)
لا حرج في صلاة التراويح خلف إمام والفريضة خلف إمام آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع فى رجل دخل المسجد فى ليل رمضان بنية صلاة العشاء والتراويح، ولما لم يجد الإمام الراتب ووجد إماماً آخر صلى العشاء وخرج وصلى التراويح بمسجد آخر خلف إمام آخر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في ترك صلاة التراويح خلف هذا الإمام وصلاتها خلف غيره لكونه أندى صوتاً أو يقدم درساً أثناء التراويح.
ولا أثر في هذا لكونه نوى عند دخول المسجد أن يصلي في هذا المسجد العشاء والتراويح، ولكن إن كان يخشى من أن يترتب على تركه صلاة التراويح خلف هذا الإمام مفسدة، كأن يساء به الظن أو يساء بالإمام الظن، أو يكون ذلك سبباً لإدخال الحزن على إمام المسجد أو تنفير الناس عنه، فلا ريب أن الأولى أن يصلي خلفه في هذه المرة، ولا يعدل عنه إلى غيره، لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(11/9020)
انصراف المصلين قبل صلاة الوتر خلاف الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لاحظت أنه بعد انتهاء صلاة التراويح، ينصرف بعض المصلين دون استكمال صلاة الوتر، هل يجوز ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على المأموم في الانصراف قبل إكمال الإمام صلاة التراويح، لكن من أراد أن يكتب له أجر قيام تلك الليلة، فعليه أن يصبر حتى يكمل الإمام صلاته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. رواه الترمذي، وصححه الألباني، وانظري الفتوى رقم: 28986.
ومن هذا يتضح لك جواز انصراف بعض المصلين قبل صلاة الإمام الوتر، وإن كان ذلك خلاف الأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(11/9021)
صلاة التراويح في المسجد أفضل من البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود منكم إجابتي عن سؤالي التالي:
كيف يمكنني أداء صلاة التراويح في البيت وخاصة الآن نحن على مشارف استقبال شهر رمضان الكريم
أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات
أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة التراويح سنة مؤكدة، وأول من سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو هريرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، فيقول: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه أصحاب الكتب الستة.
وأما كيفية أدائها في البيت، فلك أن تصليها إحدى عشرة ركعة، لما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة. تسلمين من كل ركعتين وتجهرين فيها بالقراءة، وتطويل القراءة أفضل، إلا إذا كانت في ذلك مشقة.
وهل صلاتها في البيت أفضل أم في المسجد؟ قولان:
قال بعض أهل العلم: صلاتها في البيت أفضل، وهو قول مالك والشافعي.
وقال آخرون: صلاتها في المسجد أفضل، لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يفعلونها في المسجد أوزاعا في جماعات متفرقة حتى جمعهم عمر رضي الله عنه على إمام واحد، وتابعه الصحابة على ذلك ومن بعدهم.
وبناء عليه، فنقول: صلّيها في المسجد، إلا إذا كانت صلاتك في البيت سببا في نشاط أهل بيتك وتأديتهم الصلاة معك.
وإذا صليتها في المسجد، فلا تنصرفي حتى ينصرف الإمام، لما رواه أحمد والترمذي عن أبي ذر مرفوعا: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/9022)
من أوتر أول الليل فلا يعيده آخره
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم، ورمضان مبارك،
سؤالي هو: أؤم الناس في شهر رمضان أثناء صلاة التراويح، نصلي إحدى عشرة ركعة ثماني ركعات زائد الشفع والوتر، لكن عند العشر الأواخر لا أعرف ماذا أفعل لأنني أريد قيام الليل، وإذا لم أصل بهم التراويح فلا يوجد من يصلي بهم إذن فهل نصلي فقط ثماني ركعات، ونترك الشفع والوتر، أم يمكن أن نصليه مرتين، مرة بعد التراويح وأخرى بعد قيام الليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن من أراد أن يقوم من الليل أن لا يوتر في أوله، إماماً كان أو مأموماً أو منفرداً، فالأولى بالنسبة لكم الاقتصار على ثماني ركعات أو عشر، وأن تصلوا الوتر بعد صلاة التهجد في آخر الليل، وقد تقدمت فتاوى كثيرة في هذا المعنى، نحيلك على الأرقام التالية: 933، 1316، 28986، 12236.
ولو أوترتم أول الليل ثم أردتم القيام آخر الليل، فلا مانع من ذلك ولكن فاعله لا يعيد الوتر. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/9023)
الفصل بين ركعات التراويح بذكر مخصوص بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
سؤالي هو: ختمة شهر رمضان المبارك في المسجد والشيخ يوضع أمامه كتاب كبير ويقرأ منه ما حكم الشرع في القراءة من الكتاب،
والثاني: ما حكم التسبيح بعد كل ركعتين بتسبيح وهو: سبوح قدوس رب الملائكة والروح؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم قراءة المصلي من المصحف أثناء الصلاة، في الفتوى رقم: 1781، والفتوى رقم: 1722، والفتوى رقم: 200.
وأما الفصل بين كل ركعتين من ركعات التراويح بذكر مخصوص فهو من البدع، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 30660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1424(11/9024)
صلاة التراويح سنة مستحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التراويح واجبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة التراويح ليست واجبة وإنما هي سنة، سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي من الشعائر الظاهرة في ليالي رمضان، والدليل على ذلك ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة، فيقول: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
وثبت في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد فصلى بصلاته ناس، ثم صلى الثانية فكثر الناس، ثم اجتمعوا في الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله، فلما أصبح قال: رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم، وذلك في رمضان.
وما رواه عبد الرحمن بن عبد القاري قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب رضي الله عنه، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يعني آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1424(11/9025)
صلاة التراويح في الصدر الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل تجب قراءة الفاتحة وراء الإمام، أفتونا مأجورين؟
2- أريد معلومات عن صلاة التراويح كما كان يصليها الرسول الكريم لكثرة ما رأيته من البدع فيها، وهل كان يسبح جماعة بعد انتهائها أو يقول شيئاً من أذكار مخصصة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب جمهور أهل العلم أن المأموم لا يقرأ خلف الإمام في الصلاة الجهرية إذا كان يسمع قراءته، لقول الله تبارك وتعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204] .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا.... الحديث رواه أحمد وأصحاب السنن.
وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب القراءة خلف الإمام على كل حال، ولتفاصيل ذلك نحيلك إلى الفتوى رقم: 1740.
وأما عن صلاة التراويح فأصلها فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيحين وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال: أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم، لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها.
فكان الناس بعد ذلك يصلون أفراداً وجماعات صغيرة، حتى جاء زمن عمر رضي الله عنه فجمع الناس على إمام واحد.
روى الإمام مالك رحمه الله تعالى، عن عبد الرحمن بن عبد القاريّ أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: والله إني لأراني لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، فجمعهم على أبي بن كعب، قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون، يعني آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله.
وأما كيف كان يصليها -صلى الله عليه وسلم- فإنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة، ورد ذلك في الصحيحين وغيرهما، وكان يطيل فيها القيام كما يطيل الركوع والسجود ...
فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته، يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ القارئ خمسين آية قبل أن يرفع رأسه ... وفي رواية له: لا تسأل عن حسنهن وطولهن ...
واستمر أمر الصحابة على ذلك فقد روى مالك في الموطأ عن السائب بن يزيد أنه قال: أمر عمر رضي الله عنه أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، قال: وكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر.
ولا حرج في الزيادة على ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما صليت. رواه البخاري.
وأما التسبيح الجماعي بعدها أو الأذكار المخصوصة، فلم نقف عليها وهي من المحدثات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(11/9026)
صلاة التهجد أخص من صلاة القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين صلاة التراويح وصلاة التهجد؟ وما عدد ركعات كل منهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا فرق بين صلاة التراويح والقيام، وصلاة التهجد، لأن هذه الأسماء تطلق على التطوع بعد صلاة العشاء إلى الفجر، ولكنه بعد النوم في الثلث الأخير من الليل يقال له تهجد، وعلى هذا، فصلاة التهجد أخص من صلاة القيام، وإن كان يصدق عليها أنها قيام، وصلاة التهجد أفضل، كما سبق في الفتوى رقم: 12273.
وأما عدد الركعات في صلاة التراويح، فهو نفسه في التهجد، وتنظر بشأن ذلك الفتوى رقم: 11872، 28172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1424(11/9027)
يجوز للمرأة أن تصلي التراويح في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود منكم إجابتي عن سؤالي التالي: كيف يمكنني أداء صلاة التراويح في البيت، خاصة الآن ونحن على مشارف استقبال شهر رمضان الكريم، أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا كيفية صلاة التراويح في الفتويين التاليتين: 2497، 11872.
علماً بأنه يجوز للمرأة أن تصلي في المساجد، كما بيناه في الفتويين التاليتين: 26957، 11990.
وصلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1424(11/9028)
لا مانع من الصلاة بعد التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صلى شخص صلاة التراويح مع الإمام وأراد أن يصلي قيام الليل ثماني ركعات أخرى، هل يسن له ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي لمن أراد قيام الليل أن يؤخر صلاة الوتر حتى تكون هي آخر صلاته من الليل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً. متفق عليه.
وأما من صلى التراويح مع الإمام وأوتر، ثم أراد مزيداً من قيام الليل، فلا مانع من ذلك، ولكنه لا يعيد الوتر، لما روى الإمام أحمد والنسائي وأبو داود والترمذي من حديث طلق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا وتران في ليلة.، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 22376.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1424(11/9029)
قيام ثلث الليل الآخر أفضل من الأوليين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل هو من الصحيح أن أبا هريرة -رضي الله عنه- كان يقوم ثلثا من الليل وتقوم زوجته ثلثا وخادمه كذلك؟ وإن كان الأمر كذلك، أليس الأفضل أن يقوم الجميع في وقت نزول الله عز وجل؟
أرجو الإفادة، مع ضرب الأمثلة بقيام بعض السلف الصالح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقيام ثلث الليل الآخر أفضل من الأولين، ولكن من علم من نفسه عدم القيام فيه، فالأفضل له أن يقدم قيامه ولا يفوته، وعليه يحمل ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر.
قال الحافظ ابن حجر في شرح قوله "ونوم على وتر" في رواية أبي التياح: وأن أوتر قبل أن أنام. وفيه استحباب تقديم الوتر على النوم، وذلك في حق من لم يثق بالاستيقاظ، ولذا، فأبو هريرة وزوجته وخادمه قسموا الليل أثلاثا، ليوقظ كل واحد من بعده، ففي صحيح البخاري عن أبي عثمان قال: تضيفت أبا هريرة سبعا، فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثا، يصلي هذا، ثم يوقظ هذا. ولعلهم لو أخروا قيام الليل إلى الثلث الأخير، لفاتهم جميعا بسبب النوم، وقد ورد مثل هذا عن جماعة من السلف، ففي "سير أعلام النبلاء" أن الحسن بن صالح بن حي كان هو وأخوه وأمهما يقسمون الليل أثلاثا.
وفي "حلية الأولياء" و"صفوة الصفوة" أن زبيد بن الحارث اليامي كان يقسم الليل أثلاثا بينه وبين ابنيه، وفي هذا نوع من التعاون على البر والتقوى كما لا يخفى، والأفضل لمن وثق بالقيام أن يقوم الثلث الآخر حين ينزل الرب تبارك وتعالى، وهذا لمن قسم الليل أثلاثا، وإلا، فأفضل القيام ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه. متفق عليه.
وقد وصف الله عباده المؤمنين بقوله: كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذريات:17-18] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1424(11/9030)
ما يقرأ في صلاة التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
كم يقرأ الإمام في اليمن كل ليلة في صلاة التراويح، أرجو الإجابة بسرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم مقدار ما يقرأ به الإمام في البلد المذكور، ولمعرفة مقدار القراءة في صلاة التراويح مع بيان عدد ركعاتها، راجع الفتوى رقم: 28172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(11/9031)
كيفية صلاة التراويح للمرأة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تقوم المرأة بأ داء صلاة التراويح في المسجد وماذا تفعل أثناء العادة الشهرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيمكن للمرأة أداء التراويح في المسجد مع الإمام حسب الصفة التي يؤديها الإمام، وذلك في المكان المخصص لصلاة النساء، أما في أثناء الدورة الشهرية، فيحرم على المرأة الصيام والصلاة، ويجب عليها بعد ذلك قضاء الصيام دون الصلاة، وراجعي الفتويين رقم:
11872 / 26957
ولمعرفة ما يجوز للحائض فعله راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2224 / 259 / 13137 / 14187 / 25881
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(11/9032)
الليلة الأولى من رمضان..تحديدها وسنية قيامها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متى يبدأ في قيام ليالي رمضان، هل بعد صيام أول يوم أم قبل صيام اليوم الأول؟ بارك الله فيكم، والسلام ختام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيسن قيام ليالي شهر رمضان، ويبدأ وقت القيام منذ أول ليلة من رمضان وذلك بعد رؤية هلال رمضان أو بعد انتهاء شهر شعبان وإتمامه في حال عدم رؤية الهلال وأول ليلة من رمضان هي الليلة التي تسبق أول نهار في رمضان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(11/9033)
هل يطاع الأب في أمره التخلف عن التراويح جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي الذهاب إلى التراويح خفية عن أبي الذي يمنعني من ذلك بسبب الدراسة؟.
كنت قد راسلتكم من قبل لهذا السؤال، لكن الإجابة وصلت إلي بخط لا أعرفه ورقمها: 593997]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في أي الأمرين أفضل؟ الانفراد بصلاة التراويح أم صلاتها في الجماعة؟ وقد سبق تفصيل القول في ذلك في الفتوى رقم: 25991، فراجعها.
وعليه، فما دام الأب يمنعك من الذهاب إليها، فلا حرج عليك في أن تصليها في المنزل لتجمع بين طاعته والتقرب إلى الله بتلك العبادة.
وأما لو استحال الجمع وكنت إما أن تعصي والدك، أو تترك التراويح، فإن طاعة الأب واجبة، وصلاة التراويح سنة، وما هو واجب مقدم على غيره.
وللفائدة، تمكنك مراجعة الفتوى رقم: 15085 واعلم أن طاعته إذا ترتب عليها ترك واجب أو فعل محرم، فإنها لا تجوز حينئذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(11/9034)
يحصل أجر قيام الليلةإذا لم ينصرف قبل إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن التوفيق بين أفضلية الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في جعل صلاة الليل إحدى عشرة ركعة وإتمام الصلاة مع الإمام إن كان الإمام يصلي عشرين ركعة في المسجد في رمضان؟ أنصلي إحدى عشرة ثم نقوم ونحصل على ثواب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم؟ أم نكمل مع الإمام ليحسب لنا قيام ليلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أراد الحصول على ثواب قيام ليلة كاملة عليه أن يتم مع إمامه صلاته ولا ينصرف قبل ذلك، وذلك لحديث أبي ذر رضي الله عنه عند الترمذي وغيره وفيه: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة.
وليس في هذا تعارض مع كون الغالب في قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها.
وذلك لما في رواية لمسلم عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، وهذا يدل على جواز الزيادة على إحدى عشرة ركعة، وهذا ما فهمه السلف الصالح رضوان الله عليهم، حيث إنهم اختلفوا اختلافاً كبيراً في تحديد عدد ركعات التراويح، وكنا بينا طرفاً من اختلافهم في الفتوى رقم: 11872
وبالجملة فإنه لا حرج على الإنسان في أن يصلي مع إمامه ما شاء من صلاة التراويح ثم ينصرف، لكن من أراد أجر القيام في تلك الليلة فليظل مع إمامه حتى ينصرف، سواء تقيد الإمام بإحدى عشرة ركعة أو زاد عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(11/9035)
صلاة التهجد وأفضل أوقاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تتم صلاة التهجد في شهر رمضان وما وقتها وما ثوابها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة التهجد هي صلاة التطوع في الليل بعد النوم، وأفضل أوقاتها في الثلث الأخير من الليل، وقد سبق شيء من فضلها في الفتوى رقم: 25398 والفتوى رقم: 28201
وأما كيفيتها فتنظر في ذلك الفتوى رقم: 12055
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(11/9036)
صلاة التراويح.. وقتها.. وثوابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أصلي صلاة التراويح في شهر رمضان في المنزل فكيف تتم صلاة التراويح وما وقتها وما ثوابها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ... ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. فينبغي للمسلمة الحرص على هذه الصلاة لما فيها من الفضل العظيم المذكور في الحديث المتقدم، وأما وقتها فيبدأ من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأما كيفيتها فأفضل ما جاء فيها هو ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً ... متفق عليه.
ولا شك أن من اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم في كيفية قيامه وصلاته بالليل، فقد أصاب وأحسن وأتى بالأفضل والأكمل؛ وإن كانت الزيادة على ذلك مشروعة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 2497
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(11/9037)
تواعد هو وخطيبته أن يقوما الليل كل اثنين وخميس
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفقت أنا وخطيبتي على صلاة القيام كل اثنين وخميس، ونظراً لمتاعب الحياة ومشاغلها تكون نفسي غير مقبلة على القيام في بعض الأيام، فأصلي القيام وفاءاً للوعد، فأرجوا منكم جزاكم الله خيراً أن تفتوني هل أن عملي هذا جائز، خاصه أن النية في صلاتي تدخلت فيها نية الإيفاء بالوعد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت نيتك في هذه الصلاة هي التعبد لله، وإنما حضك وحثك على ذلك رغبتك في الوفاء بالوعد، فلا بأس بذلك، ولكن ننبهك إلى عدة أمور:
الأول: أن تخصيص ليال بالقيام دون غيرها غير مشروع، لأن تخصيص يوم من الأيام بعبادة -دون دليل- يدخل تحت البدع المحدثة، فلا يشرع تخصيص ليلة الإثنين وليلة الخميس بقيام دون غيرهما من الليالي، إلا إذا كان ذلك بسبب تهيؤ الفرصة في هاتين الليلتين دون غيرهما، وليس لاعتقاد أفضلية، وراجع الفتوى رقم: 31541.
الثاني: أن هذه الخطيبة إذا لم تكن قد تم العقد عليها فهي أجنبية عنك، لا تجوز لك الخلوة بها أو النظر إليها نظراً زائداً على ما رخص فيه الشرع من النظر للمرأة التي يراد خطبتها، وراجع الفتوى رقم: 21243.
الثالث: إذا كنت تؤم هذه الخطيبة في الصلاة ولم تكن قد عقدت عليها، فلا بد من وجود محرم أو امرأة أخرى أو نحو ذلك مما تزول به الخلوة، وراجع الفتوى رقم: 19583.
الرابع: إذا كان هذا الاتفاق بينك وبين خطيبتك يقصد منه الحث على الخير والمسارعة فيه، دون إلزام كل منكما لنفسه على وجه النذر، فهو مستحب، أما إن كان على وجه النذر فإنه يعطى أحكام النذر فيجب الوفاء به، ولمعرفة أحكام النذر راجع الفتوى رقم: 5526، والفتوى رقم: 28055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(11/9038)
الترويح والترويحة بين ركعاته
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي كيفية صلاة التراويح، وهل يوجد حديث بعد الركعات الأربع الأولى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد مضى بيان كيفية صلاة التراويح مع ذكر الخلاف الوارد في عددها، وبيان الراجح منه في الفتوى رقم: 11872.
كما بينا خلاف العلماء في الترويحة التي تكون بين ركعات التراويح وموضعها من ركعات الصلاة، وذلك في الفتوى رقم: 28365.
وخلاصة الأمر أن الجلوس للراحة بين ركعات صلاة التراويح أمر مشروع في الجملة، متوارث عن السلف الكرام، وشغل هذا الوقت بالذكر وتعلم العلم وتعليمه لا بأس به، بشرط ألا يُتخذ ذلك عادة دائمة فيحسبه الناس سنة من السنن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(11/9039)
الموفق هو الذي يرتب وقته ويجمع بين عباداته
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم الليل ثم أكون مجهدا عند الفجر وأكسل عن النزول للصلاة وقراءة القرآن في الفجر وهو له أجر كبير ما الحل؟ ماذا كان يفعل الصحابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن قيام الليل من أفضل الأعمال وأعظم القربات، ويمتد وقته من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، والأفضل أن يكون بعد نوم؛ لقوله تعالى: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً [المزمل:6] ، ولكن إذا كان الشخص لا يتمكن من القيام بعد النوم، فالأفضل له أن يقوم الليل ويوتر قبل النوم. وأما من كان يتمكن من القيام، فأفضل الهدي له في القيام ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: أحب الصلاة إلى اللَّه صلاة داود، وأحب الصيام إلى اللَّه صيام داود: كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً.
وهكذا كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ونقل عن بعضهم أنه كان يزيد على ذلك، ولكن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
والمؤمن اللبيب الموفق هو الذي يرتب وقته ويجمع بين عباداته، فيقوم الليل ويؤدي صلاة الفجر في وقتها مع الجماعة في المسجد، لما في ذلك من الأجر العظيم والنفع العميم، ولذلك نقول للأخ السائل: لا ينبغي لك أن تجعل عملاً يطغى على عمل، لاسيما إذا كان المتروك أفضل من المأتي به وأكثر نفعًا.
واعلم أن الراجح هو وجوب صلاة الجماعة في المسجد، وقيام الليل ليس واجبًا إجماعًا، والله جل وعلا يقول في الحديث القدسي: وما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إليَّ مما افترضته عليه. رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وراجع الفتاوى التالية: 1415، 11306، 13864، 28664.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(11/9040)
الوتر والقيام جائز بعد طلوع الفجر، وقبل صلاة الصبح لمن نام عنهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة قيام الليل مع الوتر بعد الأذان الأول لصلاة الفجر؟ علما بأن هناك متسعا من الوقت لسنة الفجر.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز قيام الليل وصلاة الوتر في آخر الليل، بل يستحب أن تكون في الثلث الأخير، لما في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟.
فإن كان قصد السائل الكريم (بالأذان الأول لصلاة الفجر) أذان السدس، فهذا وقت من أفضل أوقات العبادة، فلك أن تصلي فيه ما شئت حتى يؤذن لصلاة الصبح عند طلوع الفجر الصادق، وعندها لا تصلي من النوافل إلا ركعتي الفجر.
وإذا نام المسلم عن ورده المعتاد من الليل، فله أن يصليه بعد طلوع الفجر، وقبل ركعتي الفجر وصلاة الصبح ما لم يخف خروج الوقت أو فوات الجماعة.
قال ابن أبي زيد القيرواني المالكي في رسالته: ومن غلبته عيناه عن حزبه فله أن يصليه ما بينه وبين طلوع الفجر وأول الاسفار ثم يوتر ويصلي ركعتي الفجر ويصلي الصبح.
والحاصل أن صلاة قيام الليل والوتر جائزة بعد الأذان الأول للفجر وهو أذان السدس، بل إن ذلك الوقت من أفضل أوقاتها، وأن صلاة الوتر والورد الليلي جائزة بعد طلوع الفجر، وقبل صلاة الصبح لمن نام عنهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(11/9041)
وقت صلاة والليل وعدد ركعاتها وهل يشترط ختمها بالوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[باسم الله الرحمن الرحيم
في ما يتعلق بقيام الليل:
1- ما هو الوقت المناسب لإقامة هذه الصلاة؟
2- هل عدد الركعات 11 أم 13 أو هو غير محدد أي حسب الاستطاعة؟
3- هل تختتم هذه الصلاة بالوتر وجوبا؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوقت صلاة الليل يبدأ من الفراغ من صلاة العشاء، ويستمر حتى طلوع الفجر، ولا شك أن الأفضل مطلقًا أن تكون صلاة الليل في الثلث الأخير منه؛ لأن الرب تبارك وتعالى ينزل فيه إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل يُعطى؟ هل من داعٍ يُستجاب له؟ هل من مستغفر يُغفر له؟ حتى يطلع الفجر. رواه مسلم وأحمد.
وفي أي وقت صلى العبد فقد أصاب السنة ونال الأجر إن شاء الله.
وأما عدد ركعات صلاة الليل، فهو مطلق يصلي المرء ما أقدره الله عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى. متفق عليه.
ولو اقتصر على إحدى عشرة ركعة مع الوتر فهو أفضل؛ لأنها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قالت عائشة رضي الله عنها، وقد سئلت عن صلاته بالليل في رمضان فقالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تَسلْ عن حسنهنَّ وطُولِهِنَّ، ثم يصلي أربعًا فلا تسلْ عن حسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثم يصلي ثلاثًا. قالت عائشة رضي الله عنها: فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: يا عائشة، إن عيني تنامان، ولا ينام قلبي. رواه البخاري.
وكذلك صلاة ثلاث عشرة ركعة سنة، كما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين. متفق عليه.
أما ختم صلاة الليل بالوتر فلا يجب، بل هو مستحب على قول جماهير العلماء، لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك بقوله المتفق عليه: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان أحيانًا يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس، كما روت عنه ذلك عائشة رضي الله عنها في ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1424(11/9042)
حكم تخصيص ليلة معينة بقيام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
نحن نقوم بالعديد من النشاطات في المسجد، فعندنا درسان في الأسبوع لتعليم أحكام التلاوة والتجويد، ودرسان آخران يقرأ فيهما الإمام من كتاب لابن القيم اسمه (الداء والدواء) ، ونجتمع في يوم من الأسبوع على قيام الليل بعد صلاة العشاء حتى يشجع بعضنا البعض على قيام الليل، فأنت ترى ما نحن فيه خاصة الشباب، هناك من يتهموننا بأن هذا القيام بدعة، وأن تحديده بيوم بدعة، مع العلم بأننا لم نحدد هذا اليوم لاعتقادنا بفضل له، ولكن من باب التنظيم والترتيب، فمنا من له عمله ووظيفته، ودراسته، فهل في ذلك بدعة؟
وجزاك الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
جزاكم الله خيرا على حرصكم على تعلم القرآن وتجويده والمواظبة على الدروس المهمة.
وبخصوص ما سألتم عنه من تخصيص ليلة من الأسبوع لقيام الليل، فهذا أمر لا حرج فيه إن شاء الله تعالى، لأن أكثر أهل العلم أباحوا التطوع جماعة وفرادى، قال ابن قدامة في المغني: فصل يجوز التطوع جماعة وفرادى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين كليهما.
لكن ينبغي التنبه إلى مسألة مهمة وهي: أن تحرصوا على عدم تخصيص ذلك بليلة بعينها تفاديا للوقوع في النهي الوارد في ذلك.
ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي. وهذا النهي الوارد في تخصيص ليلة الجمعة يدخل فيه غيرها من الليالي إذا خصصت.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 21699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(11/9043)
كيف تجد الخشوع ولذة المناجاة في قيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[في الليل أنوي أن أصلي قيام الليل وقبل نومي فافتح التلفاز قليلا ثم لا أتذكر وقت الصلاة إلا الساعة الثانية والنصف فأهب إلى الصلاة فأحاول أن أصلي فلا أستطيع التغلب على الشيطان فلا أصلي إلا ركعتين فقط ولكن كثيراً ما أسرح فيهن فعند الانتهاء من الفاتحة أسأل نفسي هل قرأت الفاتحة أم لا هل ركعت أم لا وهكذا أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقيام الليل من سنن الأنبياء ودأب الصالحين من قبلنا، فينبغي أن تحافظي على ما استطعت منه، ولكن عليك أن تتهيئي لذلك نفسياً، فقبل القيام ينبغي أن تتسوكي وتسبغي الوضوء وتلبسي من أحسن الملابس الساترة، وتستحضري النية استعداداً للوقوف بين يدي الله تعالى ومناجاته.. ولا تمهلي حتى إذا مللت من مشاهدة التلفزيون قمت إلى القيام، ففي هذا الوقت لن تجدي الخشوع ولا لذة المناجاة، لأن دوام مشاهدة التلفزيون يميت القلب ويعمي البصيرة وينسي كتاب الله تعالى.
والذي نوصيك به بعد تقوى الله تعالى أن تقللي من مشاهدة التلفزيون، أو لا تشاهدينها إلا في الأشياء المهمة والبرامج الدينية.
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة والتفصيل عن فضل قيام الليل في الفتوى رقم:
2115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9044)
وسيلة مقترحة لدعوة الناس إلى قيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا موضوع في منتدى وهو للأهمية اتصل على 222 وهو مفصل بما فيه أن 2 الأولى الساعة الثانية من منتصف الليل 2 ركعتين و2 يعني بما فيه بأن حدد رقم للتقرب لله سبحانه وتعالى هل يجوز ذلك أم لا ولكم؟ جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل الكريم خصص الرقم المذكور للاتصال، وجعل عليه إعلاناً صوتياً مسجلاً ينبه المتصلين به على أهمية القيام بالأعمال المشار إليها ...
فإن كان الأمر كذلك فهذه وسيلة من وسائل دعوة الناس إلى قيام الليل والتهجد في هذه الأوقات المرغب فيها شرعاً.
فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً رضي الله عنه على القيام في جوف الليل، فقال وهو يبين له أبواب الخير: وصلاة الرجل في جوف الليل -يعني أنها من أبواب الخير- ثم تلا قول الله تبارك وتعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:16] . رواه الترمذي.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له.
فإن كانت هذه الأرقام وضعت لتنبيه الناس على الخير وتذكيرهم بقيام الليل، فهذه وسيلة مشروعة لا مانع من استخدامها، نسأل الله تعالى أن يؤجرك عليها، وإن كان الأمر غير ذلك فنرجو أن تبينه لنا.
وننبه إلى أنه ما كان ينبغي لك أن تحدد وقت القيام بالساعة الثانية، ولا عدد الركعات بأنه اثنتان، فما لم يرد من الشارع مقيداً لا ينبغي تقييده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(11/9045)
صل ما تيسر لك
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن من سكان النرويج ومواقيت الصلاة تتغير بشكل كبير وسريع ففي أحد شهور السنة يكون الفرق ما بين صلاة العشاء والفجر نصف ساعة فكيف أقوم الليل وإني قد عاهدت الله أن أقوم ساعة كل يوم ما عدا يوم الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يزيدك حرصاً على الطاعة، وأن يتقبل م نك، فإن قيام الليل من صفات الصالحين الذين مدحهم الله بقوله: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً [ال فرقان:64] .
وقوله: تَتَجَا فَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:16] .
وإذا كان الواقع كما ذكرت فصل ما يتيسر لك في ما بي ن العشاء والفجر على أن تجعل آخر ذلك وتراً، وليس عليك أكثر من ذلك، لقوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .
وأنت لا تجد من الليل ما تقومه إلا هذا القدر، وقصر الليل من فعل الله لا من فعلك، هذا إذا كنت عاهدت الله على أن تصلي قيام ليلٍ.
أما إن كنت عاهدت الله أن تصلي ساعة مطلقاً، سواء ف ي ليلٍ أو نهار، فالأمر واسع، فلك أن تصليها نهاراً من غير وقت نهي، أو أن تصليها م ابين المغرب والعشاء، وراجع الفتوى رقم: 29746
والفتوى رقم:
5526
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(11/9046)
يكفي في النوافل مطلق النية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمته وبركاته
أريد أن أسأل عن صلاة الليل عندما نبدأ ماهي النية كيف نستحضرها وهل أصلي ركعتين ركعتين، وهل جاءت أحاديث تحدد عددها أم أنها مفتوحة؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النية هي القصد، ومحلها القلب، وتلزم عند ابتداء كل عبادة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرئ ما نوى ... متفق عليه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ولا يشترط تعيين الصلاة إن كانت نافلة، وإنما ذلك خاص بالفرائض والسنن، قال الدردير: وإنما يجب التعيين في الفرائض والسنن كالوتر والعيد وكذا الفجر، دون غيرها من النوافل كالضحى والرواتب والتهجد فيكفي فيه نية مطلق النفل، وينصرف للضحى إن كان قبل الزوال وهكذا ... (أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك ج1 ص303-304) .
وتؤدى نافلة الليل ركعتين ركعتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: نافلة الليل مثنى مثنى. متفق عليه عن ابن عمر.
وأما سؤالك عما إذا كانت وردت أحاديث تحدد عدد الركعات، فإن جوابه هو في الفتوى رقم: 12918 فانظره هناك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(11/9047)
الأفضلية لطول القيام أم لتكثير الركعات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل والأكثر أجراً عند الله صلاة ركعتي قيام ليل بجزئين من القرآّن أم زيادة عدد الركعات بنفس الجزئين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تساوى القيام في صلاة ركعتين وأربع ركعات، فالأربع أفضل من الركعتين، لما في ذلك من زيادة الركوع والسجود.
وإذا كان القيام في الركعتين أطول من القيام في أربع ركعات، فالركعتان أفضل عند بعض أهل العلم، بدليل ما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصلاة طول القنوت.
وإذا كان القيام في أربع أطول منه في ركعتين، فهو أفضل من باب أولى.
قال الإمام النووي رحمه الله: تطويل القيام عندنا أفضل من تطويل السجود والركوع وغيرهما، وأفضل من تكثير الركعات. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(11/9048)
يبدأ وقت قيام الليل من بعد صلاة العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الساعة من الليل التي أن صليت بعدها ولو ركعة كتبت من قيام الليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن قيام الليل يبدأ وقته من بعد صلاة العشاء -ولو مجموعة مع المغرب لسفر أو مطر أو غير ذلك- ويستمر وقته إلى طلوع الفجر الثاني، وذهب بعض أهل العلم كالحنابلة إلى أن وقته يبدأ من بعد صلاة المغرب وينتهي بطلوع الفجر الثاني، قال البهوتي في كشاف القناع: ويستحب التنفل بين العشاءين وهو أي التنفل بين العشاءين من قيام الليل لأنه أي الليل من المغرب إلى طلوع الفجر الثاني لقول أنس رضي الله عنه في قوله تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:16] . قال: كانوا يتنفلون بين المغرب والعشاء يصلون. رواه أبو داود. انتهى. ويصح النفل بركعة واحدة في الليل أو في النهار، والأفضل أن يكون مثنى مثنى، وهذا هو معتمد مذهب الشافعية والحنابلة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/9049)
حكم الاجتماع شهريا في المسجد لقيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين ... وبعد
هل تجميع الأشخاص في يوم واحد على الأقل في المسجد شهرياً وعمل قيام ليل وعشاء ودرس ديني يعتبر بدعة، هل يجب أن يقنت الشخص في الصلوات الخمس أم يستطيع أن يقنت في صلاة واحدة أو اثنتين أو ما شابه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن البدعة عرفها العلماء بأنها كل عبادة لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي لها وعدم المانع من فعلها، وعليه فإن ما تقوم به الجماعة المذكورة من التجمع في يوم واحد على الأقل شهرياً وقيام الليل ودرس ديني، لا يعتبر بدعة إذا كانت لا تجد من وقتها متسعاً يسمح بغير ذلك، ولا تمنع أفرادها من قيام الليل والدروس الدينية وغيرها من العبادات متى تيسر شيء من ذلك، وإنما تخصص هذا الاجتماع لتدارس أحوال المسلمين وما تقتضيه ظروف الدعوة.
وأما لو كان هذا التحديد سنة لا ينبغي المحيد عنها ومنهجا لا يجوز الغياب عنه، ولا التعديل فيه عن الطريقة التي رسمتها الجماعة، فحينئذ يكون ذلك بدعة مردودة على أصحابها، وانظر الفتوى رقم: 17196.
أما القنوت فإنه لا يجب في الصلوات الخمس ولا في واحدة منها، إلا أن القنوت في صلاة الصبح يرى الإمامان مالك والشافعي ومن وافقهما استحبابه، كما سبق في الفتوى رقم: 1599.
أما في غير الصبح فلا يشرع إلا في النوازل التي تنزل بالأمة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 3038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1424(11/9050)
الذكر المحدث بين ركعات التراويح بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[في المركز الثقافي الإسلامي هنا في أوروبا نقوم بأداء التراويح وهنا يوجد بعض الشبهات أو البدع فالإمام يصلي عشرين ركعة تراويح ومن ثم الشفع والوتر ثلاث ركعات فهل يجوز ذلك؟ أم يجب أن تكون فقط ثمان للتراويح وبعدها ثلاثا؟ ويتلو في كل ركعة آية قصيرة جداً مثل: (إن الله على كل شيء قدير) فقط أي كنقر الديك فهل يجوز ذلك؟ أما مساعد الإمام فبين كل أربع ركعات ينادي ويقول سيدنا أبو بكر رضي الله عنه اللهم صل على سيدنا محمد كما صليت...........الخ ويردد المصلون ذلك بشكل جماعي وهكذا عند كل أربع ركعات حتى ينادي بالخلفاء الأربعة فهل يجوز ذلك؟ مع العلم أن الإمام دارس في الشريعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة التروايح لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحديد عددها أثر، وإن ثبت من فعله أنه لم يكن يزيد على ثلاث عشر ركعة، ولذلك فالأمر فيه سعة ولا يحكم على من صلى ثلاثاً وعشرين بالبدعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كما أن نفس قيام رمضان لم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم فيه عدداً معيناً، بل كان هو صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يطيل الركعات، فلما جمعهم عمر على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة، ثم يوتر بثلاث، وكان يخف القراءة بقدر ما زاد من الركعات، لأن ذلك أخف على المأمومين من تطويل الركعة الواحدة، ثم كان طائفة من السلف يقومون بأربعين ركعة ويوترون بثلاث، وآخرون قاموا بست وثلاثين وأوتروا بثلاث، وهذا كله سائغ، فكيفما قام في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن. والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين، فإن كان فيهم احتمال لطول القيام، فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه، فالقيام بعشرين هو الأفضل وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين، فإنه وسط بين العشر وبين الأربعين، وإن قام بأربعين وغيرها جاز ذلك، ولا يكره شيء من ذلك. وقد نص على ذلك غير واحد من الأئمة كأحمد وغيره. ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد موقت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزاد فيه ولا ينقص منه، فقد أخطأ ... وقد ينشط الرجل فيكون الأفضل في حقه تطويل العبادة، وقد لا ينشط فيكون الأفضل في حقه تخفيفها، وكانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم معتدلة إذا أطال القيام أطال الركوع والسجود، وإذا خفف القيام خفف الركوع والسجود.. هكذا كان يفعل في المكتوبات، وقيام الليل، وصلاة الكسوف، وغير ذلك. انتهى
وقراءة آية واحدة أو بعضها بعد الفاتحة في الركعة الواحدة تجزئهم في صحة الصلاة، وإن كانت خلاف المشروع في تطويل القراءة في صلاة التروايح.
قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى: وأما من قرأ ببعض آية إن لم تفِ، فلا تحصل بها سنة القراءة بعد الفاتحة.
وأما ما يفعله بعض الأئمة من الفصل بين ركعات التراويح بالذكر المذكور ونحوه فليس مشروعاً، بل هو بدعة محدثة، وتركه هو السنة.
قال ابن الحاج المالكي في المدخل: وينبغي له أن يتجنب ما أحدثوه من الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح، ومن رفع أصواتهم بذلك والمشي على صوت واحد، فإن ذلك كله من البدع، وكذلك ينهى عن قول المؤذن بعد ذكرهم بعد التسليمتين من صلاة التروايح: الصلاة يرحمكم الله، فإنه محدث أيضاً، والحدث في الدين ممنوع، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الخلفاء بعده، ثم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يذكر عن أحد من السلف فعل ذلك فيسعنا ما وسعهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9051)
الاقتداء بالنبي في كيفية قيامه وصلاته بالليل هو الأفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل في رمضان، هل الإطالة في صلاة التراويح أم الإكثار من عدد الركعات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل في كل وقت وعمل هو التزام سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه، وقد كان صلى الله عليه وسلم مواظباً على قيام الليل في رمضان وفي غيره، ويطيل القراءة، وكان يقول: أفضل الصلاة طول القنوت. رواه مسلم والإمام أحمد.
قال النووي رحمه الله: المراد بطول القنوت طول القيام باتفاق العلماء. انتهى.
وقد نقل الصحابة عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في ركعة واحدة البقرة والنساء وآل عمران، كما ثبت ذلك من حديث حذيفة رضي الله عنه رواه مسلم والنسائي، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي ثلاثاً، قالت عائشة: قلت: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي. متفق عليه.
فلا شك أن من اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم في كيفية قيامه وصلاته بالليل فقد أصاب وأحسن وأتى بالأفضل والأكمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(11/9052)
أقوال أهل العلم في الاستراحة بين ركعات التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب في صلاة التراويح الاستراحة والجلوس كل أربع ركعات أم تجوز الصلاة بشكل متتابع؟ مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يرد فيما اطلعنا عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الاستراحة بين كل ترويحتين شيء؛ إلا ما أخرجه الإمام البيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربع ركعات في الليل، ثم يتروح، فأطال حتى رحمته، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: أفلا أكون عبداً شكوراً.
قال البيهقي: (تفرد به المغيرة بن زياد وليس بالقوي. وقوله: ثم يتروح، إن ثبت فهو أصل في تروح الإمام في صلاة التراويح. والله أعلم) انتهى
لكن المنقول عن السلف من الصحابة وغيرهم أنهم كانوا يجلسون بين كل ترويحتين دون نكير من أحد، وهو أعون على النشاط، أما وجوب ذلك فلا دليل عليه ولا قائل به فيما نعلم.
وللعلماء في هذا الجلوس مذاهب: فمنهم من ينص على استحبابها وهم الحنفية، قال الإمام السرخسي في المبسوط 2/146 (الفصل الرابع في الانتظار بعد كل ترويحتين: وهو مستحب هكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، لأنها إنما سميت بهذا الاسم لمعنى الاستراحة، وأنها مأخوذة عن السلف وأهل الحرمين فإن أهل مكة يطوفون سبعاً بين كل ترويحتين كما حكينا عن مالك رحمه الله تعالى، وقال: والصحيح هو الانتظار والاستراحة بين كل ترويحتين على ما حكينا) .
وقال الكاساني في البدائع 1/291: (ومنها: أن الإمام كلما صلى ترويحة قعد بين الترويحتين قدر ترويحة يسبح ويهلل ويكبر، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو. وينتظر أيضاً بعد الخامسة قدر ترويحة، لأنه متوارث من السلف. وأما الاستراحة بعد خمس تسليمات فهل تستحب؟ قال بعضهم: نعم، وقال بعضهم: لا تستحب وهو الصحيح، لأنه خلاف عمل السلف والله الموفق) .
ومنهم من يجعل فعلها أولى من تركها وهم الحنابلة، قال المرداوي في الإنصاف 2/182: (ومنها: يستريح بعد كل أربع ركعات بجلسة يسيرة.. فعله السلف، ولا بأس بتركه) .
وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى 1/564: (ويستراح بين كل أربع ركعات بجلسة يسيرة، ولا بأس بترك استراحة بينها) .
ومنهم من يذكرها في صفة التراويح دون تنصيص على استحبابها وهم المالكية والشافعية.
قال الزرقاني في شرح الموطأ 1/339: (وتسمى التراويح جمع ترويحة وهي المرة الواحدة من الراحة كتسليمة من السلام، سميت الصلاة جماعة في ليالي رمضان تراويح لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين، قال الليث: قدر ما يصلي الرجل كذا وكذا ركعة) .
وقال الإمام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب1/200: (وسميت كل أربع منها ترويحة، لأنهم كانوا يتروحون عقبها، أي يستريحون) .
وجاء في الموسوعة الكويتية 27/144: (اتفق الفقهاء على مشروعية الاستراحة بعد كل أربع ركعات، لأنه المتوارث عن السلف، فقد كانوا يطيلون القيام في التراويح، ويجلس الإمام والمأمومون بعد كل أربع ركعات للاستراحة) .
وقال الحافظ في الفتح 4/250: (والتراويح جمع ترويحة وهي المرة الواحدة من الراحة كتسليمة من السلام، وسميت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1423(11/9053)
يستحب كون القيام بعد نوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أم زوجي مريضة صلت العشاء ونامت فهل يجوز أن تصلي التروايح بعد نومها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة التراويح من قيام الليل، ووقته يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ولا يشترط أن يكون بعد العشاء مباشرة، بل يستحب أن يكون بعد نوم، وأن يكون في الثلث الأخير من الليل، كما هو هديه صلى الله عليه وسلم، وقد فسر جماعة من المفسرين قوله تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) [المزمل:6] . بالقيام بعد نوم، لأن مواطأة القلب للسان تكون بالليل أكثر مما تكون بالنهار، وقد مدح الله الصالحين بقوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) [السجدة:16] .
أي: ترتفع وتنبو عن مواضع الاضطجاع، وهي مواضع النوم، ومنه قول عبد الله بن رواحة:
وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذا انشق معروف من الصبح ساطع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
وقيام الليل مستحب استحباباً مؤكداً، ولا يختص استحبابه برمضان، وورد في فضل قيام الليل أحاديث كثيرة، منها: حديث معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل -قال ثم تلا: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ... حتى بلغ: يَعْمَلُونَ) " أخرجه أبو داود الطيالسي والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1423(11/9054)
كيفما قام في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن
[السُّؤَالُ]
ـ[في المركز الثقافي الإسلامي هنا في أوروبا نقوم بأداء التراويح وهنا يوجد بعض الشبهات أو البدع فالإمام يصلي عشرين ركعة تراويح ومن ثم الشفع والوتر ثلاث ركعات فهل يجوز ذلك؟ أم يجب أن تكون فقط ثمان للتراويح وبعدها ثلاثا؟ ويتلو في كل ركعة آية قصيرة جداً مثل: (إن الله على كل شيء قدير) فقط أي كنقر الديك فهل يجوز ذلك؟ أما مساعد الإمام فبين كل أربع ركعات ينادي ويقول سيدنا أبو بكر رضي الله عنه اللهم صل على سيدنا محمد كما صليت...........الخ ويردد المصلون ذلك بشكل جماعي وهكذا عند كل أربع ركعات حتى ينادي بالخلفاء الأربعة فهل يجوز ذلك؟ مع العلم أن الإمام دارس في الشريعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة التروايح لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحديد عددها أثر، وإن ثبت من فعله أنه لم يكن يزيد على ثلاث عشر ركعة، ولذلك فالأمر فيه سعة ولا يحكم على من صلى ثلاثاً وعشرين بالبدعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كما أن نفس قيام رمضان لم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم فيه عدداً معيناً، بل كان هو صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يطيل الركعات، فلما جمعهم عمر على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة، ثم يوتر بثلاث، وكان يخف القراءة بقدر ما زاد من الركعات، لأن ذلك أخف على المأمومين من تطويل الركعة الواحدة، ثم كان طائفة من السلف يقومون بأربعين ركعة ويوترون بثلاث، وآخرون قاموا بست وثلاثين وأوتروا بثلاث، وهذا كله سائغ، فكيفما قام في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن. والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين، فإن كان فيهم احتمال لطول القيام، فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه، فالقيام بعشرين هو الأفضل وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين، فإنه وسط بين العشر وبين الأربعين، وإن قام بأربعين وغيرها جاز ذلك، ولا يكره شيء من ذلك. وقد نص على ذلك غير واحد من الأئمة كأحمد وغيره. ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد موقت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزاد فيه ولا ينقص منه، فقد أخطأ ... وقد ينشط الرجل فيكون الأفضل في حقه تطويل العبادة، وقد لا ينشط فيكون الأفضل في حقه تخفيفها، وكانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم معتدلة إذا أطال القيام أطال الركوع والسجود، وإذا خفف القيام خفف الركوع والسجود.. هكذا كان يفعل في المكتوبات، وقيام الليل، وصلاة الكسوف، وغير ذلك. انتهى
وقراءة آية واحدة أو بعضها بعد الفاتحة في الركعة الواحدة تجزئهم في صحة الصلاة، وإن كانت خلاف المشروع في تطويل القراءة في صلاة التروايح.
قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى: وأما من قرأ ببعض آية إن لم تفِ، فلا تحصل بها سنة القراءة بعد الفاتحة.
وأما ما يفعله بعض الأئمة من الفصل بين ركعات التراويح بالذكر المذكور ونحوه فليس مشروعاً، بل هو بدعة محدثة، وتركه هو السنة.
قال ابن الحاج المالكي في المدخل: وينبغي له أن يتجنب ما أحدثوه من الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح، ومن رفع أصواتهم بذلك والمشي على صوت واحد، فإن ذلك كله من البدع، وكذلك ينهى عن قول المؤذن بعد ذكرهم بعد التسليمتين من صلاة التروايح: الصلاة يرحمكم الله، فإنه محدث أيضاً، والحدث في الدين ممنوع، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الخلفاء بعده، ثم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يذكر عن أحد من السلف فعل ذلك فيسعنا ما وسعهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(11/9055)
الدليل على أفضلية الجماعة في التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أجر صلاة التراويح منفردا كأجر صلاة التراويح مع الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم هل الأفضل صلاة التراويح جماعة أو الانفراد بها إذا لم يكن في الانفراد بها تعطيل للمسجد؟ فبعض أهل العلم كالمالكية يرى أن الانفراد بصلاة التراويح أفضل من صلاتها جماعة، والبعض الآخر يرى أن صلاة التراويح في الجماعة أفضل.
قال ابن قدامة في المغني مستدلاً على أفضلية الجماعة في التراويح: (ولنا إجماع الصحابة على ذلك، وجمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأهله في حديث أبي ذر وقوله له " إن القوم إذا صلوا مع الإمام حتى ينصرف كتب لهم قيام تلك الليلة." انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(11/9056)
إطالة القيام في صلاة التراويح من هدي سيد المرسلين والصحابة أجمعين
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي لا تعرف القراءة وتحفظ من القران ما يقارب ثلاثه أرباع جزء عم وترغب بأداء صلاة التراويح في بيتها وتسأل فضيلتكم هل تقوم بتلاوة كل ما تحفظه بعد سورة الفاتحه في الركعة الأولى وتكرر ذلك في الركعة الثانية وفي جميع ركعات التراويح أم تكتفي بتلاوة سورة واحدة في كل ركعة وشكراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب لهذه المرأة أن تطيل القيام في صلاة التراويح؛ لأن هذا هو المعروف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وحيث إنها لا تحفظ غير هذا المقدار من القرآن فيمكنها قراءته في كل ركعة؛ لأن المصلي يؤجر على صلاة القيام بقدر ما يقرؤه فيها من آيات كما هو مبين في الفتوى رقم: 6019.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(11/9057)
لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد مانع من قيام ليلة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من قيام أي ليلة من ليالي السنة، ولو كانت ليلة الجمعة، لكن يُكره تخصيص ليلة الجمعة بالقيام من بين الليالي، لورود النهي عن ذلك.
فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم".
فهذا نص صريح في النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بالقيام.
قال النووي في شرح مسلم: وفي هذا الحديث النهي الصريح عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة من بين الليالي، ويومها بصوم كما تقدم، وهذا متفق على كراهيته. ا. هـ
وقال ابن نجيم الحنفي: وإفراد ليلته بقيام.. أي يكره. ا. هـ
وتزول الكراهة بعدم إفرادها في الراجح.
قال الحموي في غمز عيون البصائر: وإذا نهى عن هذه الليلة فغيرها بالمنع أولى، لأن التخصيص بدعة، فلو صلى ليلة قبل ليلة الجمعة، أو ليلة بعدها، هل تزول الكراهة كالصوم؟ محتمل. ا. هـ
وقال عميرة في حاشيته على كنز الراغبين: ولا كراهة في ضم غيرها إليها لحصول الأمان غالباً، سواء كان قبلها أو بعدها، متصلاً بها قبل أو منفصلاً عنها. ا. هـ
وراجع الفتوى رقم:
6724
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1423(11/9058)
حكم قيام الليل جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد:
هناك جماعة إسلامية في المغرب (العدل والإحسان) من بين برامجها الدينية والمفيدة في مجملها كون أعضاء الجماعة يخصصون ليلة في الأسبوع لقيام الليل جماعة في بيت (غير المساجد) ولحرصي على الاستفادة من هذا العمل أخشى الوقوع في البدعة. فهل حقا القيام بهده الطريقة يعتبر بدعة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على المسلم أن يحذر من البدع والمحدثات في الدين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. وفي رواية: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه البخاري ومسلم.
وقد عرف العلماء البدعة: بأنها كل عبادة لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي لها وعدم المانع منها فهي بدعة.
ومن هذا تعلم أن قيام الليل جماعة ليس ببدعة لأنه فعله النبي صلى الله عليه وسلم وتركه، فعله في رمضان ليلتين أو ثلاثة، ثم تركه خشية أن يفرض عليهم.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فأطال القيام حتى هممت بأمر سوء، قيل: وما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه.
ومثله في صحيح مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً.. إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، ثم قام قياماً طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريباً من قيامه.
فإذا كانت هذه الجماعة تربي الشباب على السنة، وتعلمهم كيفية قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا عمل مشكور نسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتهم، لكن عليهم ألا يخصوا بالقيام ليلة بعينها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ... " رواه مسلم من حديث أبي هريرة، والحديث فيه النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بالقيام ومثلها غيرها كما قال الحموي في غمز عيون البصائر وإذا نهي عن هذه الليلة فغيرها بالمنع أولى ... br>انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1423(11/9059)
الوسائل الظاهرة والباطنة الميسرة لقيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماهي الأسباب والوسائل الميسرة حتى يستطيع المسلم أن يقوم الليل بكل سهولة ويسر ومن ثم حتى لا يستحوذ الشيطان على المصلي ويبول فى إذنه. أوضحوا لنا هذه المسائل وأفيدونا جزاكم الله كل خير وأرجو الاهتمام؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوسائل الميسرة لقيام الليل قد ذكرها الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين) وقسمها إلى قسمين: ظاهرة وباطنة:
أما الوسائل الظاهرة فحصرها في أربعة أمور:
الأمر الأول: أن لا يكثر الأكل، فيكثر الشرب، فيغلبه النوم ويثقل عليه القيام.
الأمر الثاني: أن لا يتعب نفسه بالنهار في الأعمال التي تعيا بها الجوارح وتضعف الأعصاب.
الأمر الثالث: أن لا يرتكب الأوزار بالنهار، فإن ذلك مما يقسي القلب.
الأمر الرابع: أن لا يترك القيلولة بالنهار، ليستعين بها على قيام الليل.
ويمكن أن نضيف إليها:
الأمر الخامس: عدم السهر والسمر بعد العشاء، إلا لحاجة.
وأما الميسرات الباطنة فتتمثل فيما يلي:
أولاً: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع، وعن فضول هموم الدنيا.
ثانياً: خوف يلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل، بسماع الآيات والأخبار والآثار.
الرابع: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه بقيامه يناجي ربه، وهو مطلع عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(11/9060)
ليس من الغلو الاقتداء بفعل داود عليه السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين. وبعد السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ... ... ... ...
هل من يصوم يوما ويفطر يوما ويتهجد الثلث الأخير من الليل هل هذا غلو في الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوما ويفطر يوما.
ففي هذا الحديث أن صيام يوم وإفطار يومٍ هو أفضل الصيام، وأن صلاة ثلث الليل هي أفضل الصلاة.
وعليه، فإن ذلك ليس من الغلو، بل هو من المسارعة في الخيرات، ولكن ينبغي أن يعلم السائل أن النفس تؤخذ بالتدريج، فإن أخذ الشيء جملة قد يؤدي إلى الملل ثم الترك، وقليل دائم خير من كثير منقطع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1423(11/9061)
معرفة الثلث الأخير من الليل حسابيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن وقت الزوال والثلث الأخير من الليل تقريبا بالساعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الليل والنهار يختلفان من بلد إلى آخر، وبالتالي لا يمكن ضبطهما بساعة بعينها، ويعرف الزوال بابتداء طول الظل بعد تناهي قصره لأن الظل يكون طويلاً عند ابتداء طلوع الشمس وكلما صعدت قصر إلى أن ينتهي، فإذا أخذت في النزول مغربة طال فهذا هو وقت الزوال فعنده فاحسبه، وبذلك تعرف ساعة الزوال، وأما الليل فيبدأ بغروب الشمس وينتهي بطلوع الفجر الصادق ويمكنك حساب عدد الساعات بين هذين الوقتين -أي أول الليل وآخره- ثم قسم الناتج أثلاثاً فيكون الثلث الثالث هو ثلث الليل الآخر، مع التنبيه على أن الليل والنهار يطولان ويقصران على اختلاف فصول السنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(11/9062)
وقت قيام الليل: بدءا وانتهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استمرار قيام الليل بعد دخول وقت صلاة الصبح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوقت قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء، وينتهي بطلوع الفجر الصادق، ولا تحتسب الصلاة بعد دخول وقت الفجر من قيام الليل، ولا يصلى بعد طلوع الفجر.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(11/9063)
وقت: جوف الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يكون وقت (جوف الليل) على وجه التقريب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجوف الليل هو ثلثه الآخر. وهو الجزء الخامس من أسداس الليل، هكذا ذكره ابن الأثير في غريب الحديث، وابن منظور في لسان العرب، ويحسب ذلك بعدِّ ساعات الليل من أذان المغرب إلى أذان الفجر، وتقسم ثلاثة أثلاث، أو ستة أسداس، فيكون جوف الليل الثلث الثالث أو من الجزء الخامس من الأسداس الستة إلى آخر الليل، وهذا يختلف باختلاف البلدان بل وباختلاف فصول السنة، لأن الليل فيها يطول ويقصر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1423(11/9064)
هدي النبي في صلاة الليل مع الوتر من حيث العدد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي باليلة إحدى عشرة ركعة بالوتر أم من غيره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل إحدى عشرة ركعة، الوتر منها، كما في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، وليس هذا تحديداً لا تجوز الزيادة عليه؛ بل هو مجرد فعل من الرسول صلى الله عليه وسلم فمن اقتصر عليه فهو أفضل، ومن زاد فلا حرج عليه، لورود ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم.
وما ورد عن عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري، قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر، وركعتا الفجر". صريح في حمل رواياتها المطلقة، بأنه كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، على أن سنة الفجر منها فتعود إلى العدد الأول وهو إحدى عشرة ركعة، الوتر منها.
ولمعرفة المزيد عن ذلك راجع الفتوى رقم: 6398، والفتوى رقم: 12918، والفتوى رقم: 12055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1423(11/9065)
قيام الليل أفضل ... أم الانشغال بالعلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أقوم الليل ولكني أنشغل عنه وأكون نشيطا للقراءة في الكتب الدينية من تفاسير وفقه فهل الأفضل لي أن أصلي قيام الليل أم أعكف على طلب العلم الشرعي..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل هو الجمع بين قيام الليل وطلب العلم، كما هو دأب السلف الصالح رضي الله عنهم، لأن قيام الليل من أسباب الإعانة على العلم وترسيخه، وبه يفتح الله على العبد من الفهم ما لم يخطر بالبال، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الحديد:28) ولبيان فضل قيام الليل والترغيب فيه تراجع الفتوى رقم 311 والفتوى رقم 2115
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1423(11/9066)
لابأس لمن أوتر أن يقوم من الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة قيام اليل بعد صلاة الوتر مباشرة؟؟
وما هو الوقت الفاصل بين الصلاتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أراد الشخص أن يقوم الليل فالسنة أن يؤخر الوتر إلى ما بعد قيام الليل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وتراً " متفق عليه.
وإذا كان الشخص لا يريد قيام الليل فصلى الوتر ثم نشط بعد ذلك لقيام الليل فلا حرج عليه أن يصلي ما شاء، لكنه لا يوتر مرة ثانية، لما رواه أبو داود وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا وتران في ليلة واحدة "
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(11/9067)
شروط صلاة الليل وأفضل وقت لها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي شروط صلاة قيام الليل؟ وهل يجب أن يكون الشخص نائماً ثم يصحو للصلاة من النوم؟ وهل يجوز لي إذا كنت مستيقظاً لوقت السحر وقبل ثلث الليل الأخير أن أصلي القيام؟ أم أنام ثم أقوم للصلاة؟ وهل إذا صليت قبل النوم يُعتبر لي في ذلك نفس الأجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيشترط في صلاة الليل ما يشترط في سائر الصلوات من الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، وطهارة الثوب، والبدن، والمكان من النجاسة، وستر العورة، واستقبال القبلة، وأدائها في وقتها، ووقت قيام الليل يبدأ من صلاة العشاء ويمتد إلى طلوع الفجر، ولا يشترط لصحتها النوم قبلها ولا بعدها.
فمن صلى قبل أن ينام فلا حرج، ومن نام واستيقظ وصلى فلا حرج، وإن كان بعض العلماء يسمون صلاة الليل التي تكون بعد نوم تهجداً، وأفضل وقتها هو الثلث الأخير من الليل لمن ظن أنه سيقوم فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9068)
تحقيق القول في عدد ركعات قيام الليل، وأفضل وقت لأدائها
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبه لقيام الليل ما هو أقل عدد للركعات وما هو أكثرها وماهو الوقت الأفضل لأدائها؟ وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الليل نافلة مؤكدة ندب إليها القرآن ومدح أصحابها، وحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وأقلها ركعة الوتر على الصحيح من أقوال أهل العلم، لما ورد في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة" وفي السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الوتر حق، فمن شاء أوتر بسبع، ومن شاء أوتر بخمس، ومن شاء أوتر بثلاث، ومن شاء أوتر بواحدة.
وفي صحيح البخاري أنه قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة؟ قال: أصاب إنه فقيه.
وأما أكثر ركعاتها: فالسنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يزد على إحدى عشرة ركعة، كما في الصحيح عن عائشة، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى بعد الوتر ركعتين، فالأولى المحافظة على هذا العدد، فمن أراد الزيادة فلا بأس، ويدل على ذلك دليلان:
الأول: عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى" ولم يحصرها بعدد.
الثاني: عمل الصحابة، فقد صلى الصحابة عشرين ركعة خلف أبي بن كعب في خلافة عمر رضي الله عنهم جميعاً، روي ذلك في الموطأ وغيره.
وأما عن أفضل الأوقات لصلاة الليل فهو الثلث الأخير من الليل ليوافق النزول الإلهي، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ ومن يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له؟ " رواه البخاري ومسلم.
ذلك هو أفضل الأوقات لمن علم من نفسه أنه سيقوم من آخر الليل، وأما من خاف أن لا يستيقظ فالأفضل أن يصلي ويوتر قبل أن ينام، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن الترمذي وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1422(11/9069)
التهجد أفضل من القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية قيام الليل وصلاة التهجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التهجد هو صلاة التطوع في الليل بعد النوم، وقيل هو الصلاة بعد العشاء، ولو قبل النوم.
فهو إذاً بهذا المعنى الأخير مرادف لقيام الليل. أما بالمعنى الأول فهو أخص من القيام، لأن القيام هو الصلاة بعد العشاء إلى طلوع الفجر، ولا شك أن التهجد بمعناه الأول أفضل من القيام، لقول عمر رضي الله عنه: - وقد رأى اجتماع الصحابة في صلاة التراويح - "والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون" يريد آخر الليل.
وكان الناس يقومون أوله. رواه البخاري.
وكثير من الفقهاء يطلقون التهجد على صلاة الليل مطلقاً.
أما بيان كيفية قيام الليل، فقد سبق برقم: 12055، والتهجد مثله في الكيفية على كل حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1422(11/9070)
أوتر أول الليل وأراد القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت التراويح في المسجد وأوترت مع الإمام، وقبل النوم رغبت بأن أصلي،،،
فما الواجب فعله؟ ... هل أصلي ركعة ومن ثم أوتر مرة أخرى بعد الانتهاء من الصلاة أم أصلي بدون وتر؟
جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أردت أن تصلي بعدما صليت التراويح والوتر، فصل ما شئت من النوافل مثنى مثنى أي ركعتين ركعتين، ولا توتر مرة أخرى لأنه لا وتران في ليلة، أما قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى" رواه البخاري ومسلم. فهو في حق من لم يوتر في أول الليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1422(11/9071)
عدد ركعات قيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تؤدي صلاة الليل وكم عدد ركعاتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة ركعة، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، وليس هذا تحديداً لا تجوز الزيادة عليه، بل هو مجرد فعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن اقتصر عليه فهو أفضل، ومن زاد فلا حرج عليه، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يصلون عشرين ركعة على عهد عمر وعثمان وعلي، قال الترمذي: وأكثر أهل العلم على ما روي عن عمر وعلي وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ركعة، فهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي، وقال: هكذا أدركت الناس بمكة يصلون عشرين ركعة"
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/9072)
الصلاة في الثلث الأخير من الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[1- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ثم بعد: -
ماهي الأوقات التي تكره فيها الصلاة وهل تجوز الصلاة في الثلث الاخير من الليل مع العلم أنني صليت ركعتين بعد الشفع والوتر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأوقات التي ورد النهي عن صلاة النافلة فيها قد بيناها في الفتوى رقم:
7392 فراجعها.
ومن خلال قراءتك لتلك الفتوى ستعلم أن ثلث الليل الأخير ليس من الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها؛ بل إن الصلاة في ذلك لها فضل عظيم عند الله تعالى. وينبغي للمسلم أن يحرص على أن يقوم جزءاً -ولو قليلا- من ذلك الوقت الفاضل، يستغفر فيه ربه ويدعوه ويسأله حاجته.
وإن وثق من نفسه أنه سيقوم في ذلك الوقت فليؤخر صلاة الوتر إليه فإن ذلك أفضل، ليجعل الوتر آخر صلاة الليل، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه.
وإن لم يثق من نفسه فليصله قبل النوم، ثم إن قام بعد ذلك أو أحب أن يصلي فليصل من غير أن يعيد الوتر، ولا ينبغي له أن يتخذ ذلك عادة مستمرة.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
1316 311 7259
فإن فيها مزيد فائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/9073)
لا يقوم الليل إلا في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ما حكم أن يقوم المسلم الليل في رمضان دون غيره، أي أن يميز رمضان بقيام الليل؟
أرجو إفادتي، وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قيام الليل سنة مؤكدة في رمضان وفي غيره، وقد امتدح الله تعالى فاعليه المواظبين عليه في محكم كتابه، وعلى لسان رسول صلى الله عليه وسلم. وراجع الفتوى رقم:
311
لذلك ينبغي للمسلم المحافظة عليه في رمضان وفي غير رمضان لحاجته إليه في عمره كله،
ومن اقتصر على المحافظة عليه في رمضان مع محافظته على الفرائض في كل الأحوال والأوقات فلا شك أنه قد فاته خير كثير، وهو المداومة على قيام الليل، ولكنه قد حصل أيضاً خيراً كثيراً لم يحصله من لم يقم ليل رمضان، لأن لقيام ليل رمضان وفضلاً خاصاً بينه قوله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري ومسلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/9074)
صلاة التراويح ... مشروعيتها ... وعدد ركعاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[التراويح في رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة التراويح هي النافلة المعروفة في رمضان بعد العشاء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من سن الجماعة فيها في المسجد، ثم تركها خشية أن تفرض على أمته، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس، فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، فتشهد ثم قال: أما بعد، فإنه لم يخف علي مكانكم، ولكني خشيت أن تفرض عليكم، فتعجزوا عنها، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك.
وفي صحيح البخاري عن ابن شهاب قال: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر، وصدراً من خلافة عمر رضي الله عنه، ثم إن عمر رضي الله عنه رأى أن يجمع الناس على إمام، فجمعهم على أبي بن كعب، واستمر عمل الأمة على ذلك، فعن عبد البرحمن بن عبد القارئ أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد كان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب. رواه البخاري.
واختلف السلف الصالح في عدد الركعات في التروايح والوتر معها، فقيل: إحدى وأربعون ركعة، وقيل: تسع وثلاثون، وقيل: ثلاث وعشرون، وقيل تسع عشرة، وقيل إحدى عشرة، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: غير ذلك.
وأرجح هذه الأقوال أنها إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت: كيف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة، يعني بالليل. رواه البخاري.
وإنما سميت التراويح بهذا الاسم لأن الناس كانوا يطيلونها جداً، فكلما صلوا أربع ركعات استراحوا قليلاً.
وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في قيام رمضان بقوله: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه". متفق عليه.
فينبغي للمسلم الاعتناء بصلاة التراويح، والحرص الشديد على أدائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1422(11/9075)
الوقت الذي يتحقق فيه قيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
كل عام وأنتم بخير بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك. بالنسبة إلى آخر عشرة أيام من هذا الشهر المبارك هل يجوز صلاة قيام الليل في أي فترة مابين العشاء إلى صلاة الفجر مع العلم أني أعمل صباحا ولا أستطيع قيام الليل كله حتى صلاة الفجر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقيام الليل يتحقق بأي صلاة ما بين العشاء والفجر فكل ذلك من قيام الليل، وإن كان القيام في الثلث الأخير من الليل أفضل.
لأن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى الثلث الأخير من الليل، كما ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة.
هذا وننبه الأخ السائل إلى أمرين:
الأول: أن من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام الليلة كاملة، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم
الثاني: أنه ليس من السنة أن يصلي المسلم الليل كله، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يزد على إحدى عشرة ركعة في رمضان وغيره،
فإن استطاع أن يحيي ليل العشر الأواخر بالصلاة والذكر فعل، وإلا كفاه أن يصلي مع الإمام حتى ينصرف، أو يصلي ما تيسر له إن كان منفرداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1422(11/9076)
حكم قيام الليل بين الأذان الأول والثاني
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أريد أن أعرف هل قيام الليل بين الأذان الأول والثاني جائز أم لا أفيدونا جزاكم الله خيرا وهل الاستمرار فيه بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قيام الليل في هذا الوقت آكد من القيام في غيره لأنه جزء من ثلث الليل الأخير، وهو أفضل وقت لصلاة الليل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: " من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ " رواه مسلم.
وعن عمرو بن عبسة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن" رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، والترمذي وقال: حسن صحيح.
وقال أبو مسلم لأبي ذر: أي قيام الليل أفضل؟ قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال " جوف الليل الغابر، وقليل فاعله" رواه أحمد بإسناد جيد، ولا بأس لمن كان قد صلى وِرْدَه من الليل أن يخصص وقت السحر للدعاء والاستغفار، لقوله تعالى: (وبالأسحار هم يستغفرون) [الذاريات:18] ولعموم الأحاديث المرغبة في الاستغفار في ثلث الليل الأخير ووقت السحر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1422(11/9077)
الفرق بين الوتر وقيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[ماالفرق بين الوتر وقيام الليل؟ فهل الوتر يكون بعد العشاء مباشرة؟ والقيام يكون ركعتين ركعتين بعد الوتر؟ أم الوتر فقط في الأيام العادية والقيام في رمضان فقط؟ وماهي صلاة التهجد؟ وقد قرأت رداً سابقا عن الوتر والقيام لكن لم أفهمه!! وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا فرق بين التهجد، وقيام الليل، وإحيائه، لأن هذه الأسماء كلها تطلق على التطوع بعد صلاة العشاء وراتبتها، وكذلك لا فرق بين رمضان وغيره، من حيث المطالبة بقيام الليل، فصلاة الليل سنة مؤكدة مطلقاً، إلا أنها في رمضان آكد، لقوله صلى الله عليه وسلم:" من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
أما الوتر فهو عبارة عن ختم قيام الليل بركعة واحدة، سواء كان القيام قليلاً أو كثيراً، فإذا قام بستة مثلا، استحب له أن يوتر بركعة، وإذا قام بعشرة فكذلك، وهكذا لقوله صلى الله عليه وسلم " اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وتراً" رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وأما لو صلى الوتر ركعة واحدة فلا إشكال حينئذ، ويكون قد فاته قيام الليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1422(11/9078)
صلوات الليل سوى الفرائض سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الصلوات الواجب تأديتها في آخر الليل؟ مع ذكر كيفيتها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب على المسلم في الليل صلاة سوى المغرب، والعشاء.
وصلاة قيام الليل، وصلاة الوتر، كل منهما سنة مؤكدة ينبغي للمسلم الحفاظ عليها، وانظر فتوى رقم 311، 4016، 1313
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1422(11/9079)
لا تعارض بين قيام الليل والتراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة القيام في حالة عدم صلاة التراويح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب قيام الليل في رمضان وغيره، وفي رمضان آكد، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه.
والقيام يتحقق بالصلاة في أي وقت من أوقات الليل مما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، وكونه آخر الليل أفضل، لقول عمر رضي الله عنه وقد رأى اجتماع الصحابة في صلاة التروايح: "والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون" يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله. رواه البخاري.
فما اعتاده الناس في العشر الأواخر من الجمع بين الصلاة أول الليل (التراويح) وآخره (القيام أو التهجد) أمر محمود، والقيام آخر الليل ليس مشروطاً بصلاة التراويح أوله، بل للإنسان أن يقتصر على أحدهما والجمع بينهما أفضل. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1421(11/9080)
عدد ركعات قيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[مسافر لأداء العمرة وأنا أحب التمسك بالسنة ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد في صلاة الليل عن ثمان ركعات فما هو حكم الزيادة في المسجد الحرام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فروى البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن عبدٍ القارئ قال: خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط. فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء مع قارئ واحدٍ لكان أمثل. ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون -يعني آخر الليل- وكان الناس يقومون أوله. وروى مالك في الموطأ عن يزيد بن رومان قال: كان الناس في زمن عمر يقومون في رمضان بثلاثٍ وعشرين ركعة. وقال مالك رحمه الله: الأمر عندنا بتسع وثلاثين، وبمكة بثلاث وعشرين، وليس في شيء من ذلك ضيق. وأما حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ما زاد في رمضان ولا غيره عن إحدى عشر ركعة. فليس فيه ما يدل على المنع من زيادة عدد الركعات؛ وإنما هو مجرد إخبار. وقد أطلق النبي صلى الله عليه وسلم عدد الركعات في صلاة الليل فقال عليه الصلاة والسلام " صلاة الليل مثنى مثنى ". رواه البخاري ومسلم، فالأمر فيه سعة كما قال مالك رحمه الله. وننبه السائل الكريم على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه عدد محدد فيما نعلم بالنسبة لصلاة التراويح، رغم أنه صلاها بالناس مرتين، فلما رآهم في الليلة الثالثة وقد كثروا تأخر عنهم وقال: (خشيت أن تفرض عليكم) . والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1421(11/9081)
القراءة من المصحف في قيام الليل.
[السُّؤَالُ]
ـ[في قيام الليل ماذا يجب أن نقرأ من سور القرآن؟ هل نقرأ من قصار السور أو من السور الطويلة، وإذا كان من السور الطويلة هل يصح فتح المصحف والقراءة منه أثناء الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أنه لا يجب على الإنسان أن يقرأ في الصلاة بعد الفاتحة سوراً معينة من الطول أو القصر، سواء في صلاة الفريضة أم في صلاة التطوع. ويجوز للإنسان في قيام الليل القراءة من قصار السور ومن طوالها.
لكن المعروف من هدية صلى الله عليه وسلم ومن هدي صحابته الكرام القراءة بالطوال في قيام الليل، ولذلك يسن للإنسان أن يقرأ من السور الطوال إن تيسر ذلك وإلا فما تيسر له. وللمصلي أن يقرأ عدة سور من القصار إن لم يحفظ من السور الطوال حتى يحصل له الأجر الكثير، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف أية كتب من المقنطرين" رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع. والمراد بالمقنطرين هنا أي أصحاب الأجر الكثير.
وأما بالنسبة للقراءة من المصحف أثناء الصلاة فلا بأس به، سواء أكان من الإمام أم كان من المنفرد لعموم الأدلة الدالة على مشروعية القراءة في الصلاة، وهي تعم القراءة من المصحف، والقراءة عن ظهر قلب. ومن أصرح ذلك ما رواه البخاري تعليقاً من أن ذكوان مولى عائشة رضي الله عنها كان يصلي بها في الليل من المصحف. لكن إذا تيسرالإمام الحافظ استغني به، وهو الأفضل لأنه أجمع للقلب، وأجلب للخشوع. والمنفرد الذي لايحفظ يجوز له، بل يندب في حقه أن يقوم بالقرآن بالليل في بيته من المصحف، لأن ذلك أولى من هجر القرآن أو الاقتصار على بعضه. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9082)
تحديد وقت الثلث الأخير من الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يكون الثلث الأخير من الليل تحديداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأمَّا ثلث الليل الأخير فطريقة تحديده أن تعرف بداية الليل ونهايته وتقسمه على ثلاثة أجزاء فالجزء الثالث الذي يلي الفجر هو الثلث الأخير، وأول الليل يبدأ بغروب الشمس ونهايته بطلوع الفجر، وهو يختلف باختلاف الأزمنة. بطول الليل وقصره ونحو ذلك. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9083)
الصلاة جائزة في أي بقعة طاهرة من الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قيام الليل على شاطىء البحر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز أن تقوم الليل على شاطىء البحر أو غيره من البقاع الطاهرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وجعلت لي الأرض مسجدًا طهورًا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل" رواه البخاري وغيره.إلا أن تكون الصلاة في هذا المكان تفضي إلى رؤية أو سماع محرم أو مكروه، فإن الصلاة حينئذ تحرم أو تكره بحسب الحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9084)
لا تصلى التراويح في ليلة العيد لأنها من ليالي شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أن صلاة التراويح في رمضان صلاة مستحبة في كل السنة، ولكن ليلة العيد بالذات تسقط هذه الصلاة لماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فإن صلاة التراويح من السنن المؤكدة التي تفعل في ليالي شهر رمضان المبارك، وهي مختصة بشهر رمضان، ولاتشرع في غيره من ليالي السنة، لحديث "فرض الله عليكم صيامه وسننت لكم قيامه" والسنة أن تقام جماعة لفعل الصحابة والسلف رضي الله عنهم. وليلة العيد ليست من ليالي رمضان وإنما من ليالي شوال، وعليه فلا تشرع فيها صلاة التراويح جماعة، لكن من أراد أن يصلي في الليل منفرداً فله ذلك ولا يخص ليلة بعينها. والآثار الواردة في إحياء ليلتي العيد ضعيفة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9085)
لا حرج في صلاة التراويح بأي كيفية أو عدد ورد عن السلف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أصلي صلاة التراويح 8 ركعات أم عشرين، وكم صلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء مع قارئ واحدٍ لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر نعمت البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يعني آخر الليل وكان الناس يقومون أوله.
وروى مالك في الموطأ عن يزيد بن رومان قال: كان الناس في زمن عمر يقومون في رمضان بثلاثٍ وعشرين ركعة.
وقال مالك رحمه الله: الأمر عندنا بتسع وثلاثين وبمكة بثلاث وعشرين وليس في شيء من ذلك ضيق.
وفي الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ما زاد في رمضان ولا غيره عن إحدى عشرة ركعة، وهذا الحديث ليس فيه ما يدل على المنع من زيادة عدد الركعات وإنما هو مجرد إخبارعما كان يفعله صلى الله عليه وسلم ومعلوم أنه كان يطيل القيام والركوع والسجود، كما ثبت ذلك في أحاديث آخرى، هذا فعله صلى الله عليه وسلم، أما قوله فقد أطلق صلى الله عليه وسلم لأمته عدد الركعات في صلاة الليل فقال عليه الصلاة والسلام " صلاة الليل مثنى مثنى ". متفق عليه، فالأمر فيه سعة كما قال مالك رحمه الله قال الإمام الترمذي رحمه الله: (واختلف أهل العلم في قيام رمضان فرأى بعضهم أن يصلي إحدى وأربعين ركعة مع الوتر، وهو قول أهل المدينة، والعمل على هذا عندهم بالمدينة، وأكثر أهل العلم على ما روي عن عمر وعلي وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ركعة، وهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي، وقال الشافعي: وهكذا أدركت ببلدنا بمكة يصلون عشرين ركعة، وقال أحمد روى في هذا ألوان، ولم يقضى فيه بشيء، وقال إسحاق: بل نختار إحدى وأربعين ركعة على ما روي عن أبي ابن كعب) انتهى كلام الترمذي رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1421(11/9086)
صلى النبي عليه الصلاة والسلام التراويح بأصحابه وجمع عمر الناس عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت من بعض الإخوة بأن صلاة التراويح لم تكن مسنونة من قبل النبي صلى الله عليه وسلم وأن الذي سنها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهل هذا صحيح؟ وإذا كان كذلك هل يجوز له ذلك؟ ... ونسأل الله لكم التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا القول المذكور غير صحيح، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في المسجد فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من الليلة الثانية فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال: "رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم" وذلك في رمضان، والحديث في البخاري وغيره. فدل هذا الحديث على ثبوت صلاة التراويح من فعله صلى الله عليه وسلم، ويشهد لهذا أيضا قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر، في شأن رمضان: ".. فرض الله عليكم صيامه وسننت لكم قيامه"، وقد يكون التبس على هذا القائل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما رأى الناس في عهده أوزاعاً (جماعات) متفرقين جمعهم على قاريء واحد، وقال: نعمت البدعة هذه. فغاية ما فعله عمر رضي الله عنه هو جمع الناس بعدما استقر حكم هذه الشعيرة، وزال الخوف الذي علل به النبي صلى الله عليه وسلم ترك جمع الناس عليها من أجله، وهو: خشية أن تفرض عليهم، وقد زال ذلك بموته صلى الله عليه وسلم. ثم إن جمع عمر الناس على إمام واحد، كان بمشهد من الصحابة رضي الله عنهم وبإقرار منهم، يضاف إلى هذا أن عمر خليفة راشد مهدي، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ". رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن وقال الترمذي حديث حسن صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9087)
صلاة التروايح سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجمع الناس عليها عمر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. ما حكم صلاة التراويح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة التراويح سنة، سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي من الشعائر الظاهرة في ليالي رمضان. والدليل على ذلك ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة فيقول: "من قام رمضان إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه". وثبت في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد فصلى بصلاته ناس، ثم صلى الثانية فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله فلما أصبح قال: "رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم، وذلك في رمضان". وما رواه عبد الرحمن بن عبد القاري قال خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب رضي الله عنه. ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يعني آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله" رواه البخاري.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9088)
فضل قيام الليل في الكتاب والسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله عن فضل القيام وما ورد فيه من السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ... قيام الليل دأب الصالحين وطريقة الموفقين الطائعين وسنة متبعة عن خاتم الأنبياء والمرسلين من أحياها أحيا الله قلبه ونور بصيرته وبيض وجهه وثبت قدمه. ومن حرمه فقد حرم خيراً كثيراً نسأل الله السلامة والعفو والعافية. وقد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة على ذلك، فمن الكتاب قوله تعالى: "أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب". ... وقال سبحانه واصفاً المتهجدين بالليل: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون". وقال سبحانه: (والمستغفرين الأسحار) وغيرها. ومن السنة حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام) . رواه الترمذي. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) وغيرها من الأحاديث. ولمزيد من التفصيل يرجى مراجعة الفتوى رقم 311
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9089)
الأولى في قيام رمضان الجماعة، وفي صلاة الليل في غيره أن تصلى فرادى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته بخصوص صلاه القيام أريد أن اسأل هل لابد أن تكون في جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة القيام إما أن تكون في رمضان أو في غير رمضان. فإن كانت في غير رمضان فالمشروع فيها أن تصلى فرادى، لأنه لم ينقل عن الصحابة ومن بعدهم من السلف إحياء الليالي جماعة، بل كانوا أشد حرصاً على إخفاء أعمالهم، اللهم إلا أن يقوم الرجل مع أهل بيته من زوج أو لد، من باب التشجيع والتعويد، لثبوت ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد صلى ليلة وصلى معه ابن عباس. أما في رمضان فالمشروع فيها الجماعة والأصل في ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم لها ليلتين أو ثلاثاً فلما رأى اجتماع الصحابة وازدحام المسجد بهم خشي أن تفرض عليهم فلم يخرج للصلاة. فدل هذا على مشروعية هذا الفعل. وهذا هو الذي فهمه عمر رضي الله عنه حيث إنه لما رآهم متفرقين جماعات في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم جمعهم على إمامٍ واحد وهو أبي بن كعب رضي الله عنه فصار العمل على هذا.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9090)
يجوز لك القراءة من المصحف في صلاة النافلة وقيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز حمل المصحف والنظر إليه أثناء صلاة النافله وخاصة صلاة قيام الليل، حيث أنسى أحيانا بعض الكلمات أثناء تلاوة السور الطويلة، ولايوجد من يذكرني بها مما قد يحرمني من لذة تلاوتها من حفظي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد: ...
أخي السائل المبارك وفقك الله لكل خير وكثر من أمثالك وسؤالك الذي تسأل عنه نرجو أن يكون فيه موعظة للإخوة الذين يتابعون هذه الصفحة المباركة. ولعلنا نحيي جميعاً هذه السنة المهملة اليوم عند المسلمين إلا من رحم الله منهم ألا وهي سنة القيام في الليل. وأما ما سألت عنه فإنه يجوز لك أن تقرأ من المصحف نظراً في صلاة النافلة، ومنها قيام الليل. وقد ثبت هذا عن بعض السلف رحمهم الله. فقد بوب البخاري بابا قال في ترجمته: "باب إمامة العبد والمولى، وكانت عائشة يؤمها عبدها ذكوان من المصحف" وهو قول جمهور أهل العلم، والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9091)
التراويح سنة ومن تركها فقد فرط في أجر عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
ما حكم من ترك صلاة التراويح متعمداً بغير عذر هل يأثم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة التراويح سنة مستحبة وليست بواجبة، ولا يأثم تاركها ولو كان متعمدا، إلا أنه قد فاته بتركها خير عظيم في هذا الشهر المبارك، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الأربعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ".. ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه".
... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9092)
من صلى الوتر ثم بدأ له أن يقوم من الليل جاز له ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد صلاة الشفع والوتر هل يمكن صلاة ركعتين مثل صلاة النوافل وقيام الليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن صلى الوتر ثم بدا له أن يصلي جاز له ذلك ولا يعيد الوتر، لما رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه عن علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله عليه وسلم يقول: "لا وتران في ليلة" وعن عائشة رضي الله عنها قالت ـ من حديث طويل ـ:أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد. رواه مسلم. وروى أحمد وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتين بعد الوتر وهو جالس.
... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9093)
حكم قيام الليل وفضله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قيام الليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قيام الليل سنة مؤكدة، ووقته يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر. وقد مدح الله أهله القائمين القانتين وأثنى عليهم ووعدهم على ذلك أعظم موعدة، فقال سبحانه: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون* فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) . [السجدة: 16-17] . وأخبر عن صفوة عباده أنهم استحقوا الجنة، لأن من صفاتهم أنهم: (كانوا قليلا من الليل مايهجعون*وبالأسحار هم يستغفرون) [الذاريات 17، 18] . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام الليل ولو بقدر حلب الناقة رواه أبو يعلى. أي في وقت يساوي الوقت الذي تحلب فيه الناقة وأقله ركعة يصليها المسلم وتراً. وقيام الليل هو دأب الصالحين وهديهم. والأفضل أن يختم الإنسان قيامه بالوتر، امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا" رواه البخاري ومسلم.
نسأل الله أن يحيي قلوبنا بطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1422(11/9094)
وقت بدء قيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يكون قيام الليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وسلم أما بعد:
فقيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وأفضله لمن يستطيع القيام:الثلث الأخير من الليل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9095)
تحية المسجد مشروعة في جميع الأوقات والأحوال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة تحية المسجد بجانب من يقرأ القرآن؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة تحية المسجد مشروعة لكل من دخل المسجد، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين. أخرجه مسلم.
وسواء كان في المسجد من يقرأ القرآن أو لا، فإن تحية المسجد مشروعة في جميع الأوقات والأحوال، قال النووي ـ رحمه الله: ولم يترك أي النبي صلى الله عليه وسلم التحية في حال من الأحوال، بل أمر الذي دخل المسجد يوم الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين، مع أن الصلاة في حال الخطبة ممنوع منها إلا التحية، فلو كانت التحية تترك في حال من الأحوال لتركت الآن، لأنه قعد وهي مشروعة قبل القعود، ولأنه كان يجهل حكمها، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قطع خطبته وكلمه وأمره أن يصلي التحية، فلولا شدة الاهتمام بالتحية في جميع الأوقات لما اهتم عليه السلام هذا الاهتمام. انتهى.
ولكن إذا كان في المسجد من يقرأ القرآن بصوت مرتفع فإنه ينهى عن ذلك، ويبين له أن النبي صلى الله وسلم نهى عن هذا، لما فيه من التشويش.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1430(11/9096)
هل تجزئ صلاة الشكر عن صلاة تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي صلاة الشكر لله بدلا من صلاة تحية المسجد عند الدخول للمسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا توجد في الشريعة -فيما نعلم- صلاة خاصة بالشكر تسمى صلاة الشكر، كما بيناه في الفتوى رقم: 71303، والمقصود من تحية المسجد هو أن يصلي الداخل ركعتين قبل أن يجلس، فإذا صلى ركعتين بنية الراتبة أو صلاة الاستخارة أو سنة الوضوء أو غيرها من الصلوات المشروعة فقد حصل المقصود، وانظر الفتوى رقم: 24108، والفتوى رقم: 27889، والفتوى رقم: 46147.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1430(11/9097)
هل تنوب الصلاة الفائتة عن تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[عند دخول الإنسان إلى المسجد لقضاء صلاة فاتته، فهل يشرع فيها مباشرة أم يصلي تحية المسجد ثم بعدها يقضي صلاته فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تحصل تحية المسجد بكل صلاة ولو كانت فرضاً، وعلى هذا فالظاهر أن الأولى في هذه الحالة البدء بالفائتة، لأنها واجبة على الفور عند بعض أهل العلم، ولأنها تنوب عن التحية أيضاً، إذ المقصود من تحية المسجد هو شغل البقعة بالصلاة، وعدم جلوس الداخل للمسجد قبل أن يصلي ركعتين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تحية المسجد تحصل بكل صلاة، سواء كانت فرضاً أو نفلاً، لأن المقصود من تحية المسجد هو شغل البقعة بالصلاة، وعدم جلوس الداخل للمسجد قبل أن يصلي ركعتين امتثالاً لأمره صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه، قال النووي في المجموع: لو أحرم بصلاة ينوي بها الفرض وتحية المسجد صحت صلاته وحصل له الفرض والتحية جميعاً، لأن التحية يحصل بها الفرض فلا يضر ذكرها تصريحاً بمقتضى الحال، واتفق أصحابنا على التصريح بحصول الفرض والتحية، وصرحوا بأنه لا خلاف في حصولهما جميعاً. انتهى.
وعلى هذا فالظاهر أن الأولى في هذه الحالة البدء بالفائتة لأنها تنوب عنه التحية، وللفائد يراجع في ذلك الفتوى رقم: 40088.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1429(11/9098)
حكم الجلوس قبل صلاة تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حضرت للمسجد وقت الأذان وكان الوقوف انتظار الانتهاء من الأذان يشق علي قليلا فهل يحق لي الجلوس حتى ينتهي المؤذن ثم أركع بعدها تحية المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا دخلت المسجد أثناء الأذان جاز لك القيام بتحية المسجد وإن كان الأولى حكاية الأذان وانتظار المؤذن حتى يفرغ من أذانه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 24137.
وإن جلست قبل أداء تحية المسجد فلا حرمة في ذلك فالنهي عن الجلوس قبل أدائها محمول على الكراهة التنزيهية فقط كما قال الإمام النووي وغيره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 20088.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1429(11/9099)
صلاة المرأة تحية المسجد في مسجد السوق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة ركعتي تحية المسجد بالنسبه للمرأة؟ فإذا كان الجواب يجب فهل تصليها حتى في مساجد الأسواق؟.وإذا دخلت صلاة العشاء وهي لم تصل تحية المسجد فماذا تفعل؟ ولكم مني كل احترام وشكرا على هذا الموقع الرائع؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تحية المسجد مستحبة وليست بواجبة، ومن أهل العلم من قال إنها تستحب عند دخول كل مكان مخصص للصلاة، ولا يشرع قضاؤها إذ افات وقتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحية المسجد مستحبة في حق الرجل والمرأة وليست واجبة، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 20088.
ومن أهل العلم من صرح بأنها تستحب عند دخول كلمخصص للصلاة، سواء كان في الأسواق أم غيرها، وتحصل تحية المسجد بصلاة ركعتين فأكثر فرضا أو نفلا، إذ المطلوب أنه لا يجلس حتى يصلي، فمن دخل فصلى الفريضة حصلت له تحية المسجد، وتحية المسجد لا يشرع قضاؤها إذا فات وقتها. وراجعي الفتوى رقم: 55961.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(11/9100)
هل يغني الذكر عن تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك ذكر يقوم مقام تحية المسجد؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن السنة للداخل إلى المسجد أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس. رواه البخاري ومسلم. ولم يرد في الشرع -فيما نعلم- ذكر يقوم مقام هاتين الركعتين، وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك ... فهذا في بيان دعاء الدخول إلى المسجد، ولا يغني هذا الدعاء عن تحية المسجد.
وقد ذكر بعض الفقهاء أن من دخل المسجد في أوقات النهي عن صلاة النفل فإنه يقول أربع مرات!! (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) ، وأن هذا الذكر يغني عن تحية المسجد، قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل: فائدة قال الشيخ زروق في شرح الإرشاد وذكر الشيخ أبو طالب والغزالي وغيرهما أن من قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أربع مرات كان له ذلك مقام التحية، فقال النووي: ينبغي أن يستعمل ذلك في أوقات النهي لمكان الخلاف ... انتهى.
ولم نقف على دليل من السنة على أن هذا الذكر يقوم مقام تحية المسجد، ومن المعلوم أن القول بهذا يتوقف على دليل من الشرع لأنه من باب التشريع الذي أوصده الله تعالى على غير رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن وجد دليل فذاك وإلا كان التوقف أولى، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 22040، والفتوى رقم: 16781، والفتوى رقم: 27889.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(11/9101)
حكم صلاة تحية المسجد لمن دخل لصلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تحية المسجد في صلاة الصبح، نرى بعض المصلين يلقون بالتحية القولية ولا يصلون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يسن لمن دخل المسجد ألا يجلس حتى يصلي ركعتين قبل جلوسه، سواء كان قد صلى راتبة هذه الصلاة في البيت قبل مجيئه إلى المسجد أم لا، لما روى أبو قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. متفق عليه.
ومن دخل المسجد بعد أذان الفجر قبل أن يأتي بالرغيبة أتى بها وأجزأته عن تحية المسجد، لأن المقصود أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس، أما أن يأتي قبل الإقامة وفي الوقت متسع ثم يجلس ولا يحيي المسجد فقد فعل ما لا ينبغي ولا يأثم بذلك، لأن الأمر بتحية المسجد محمول على الاستحباب لا على الوجوب على الراجح، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 20088.
علماً بأن في المذهب المالكي خلافاً في هذه المسألة وقد ذكرناه في الفتوى رقم: 45093 فينبغي الرجوع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1428(11/9102)
السنة الراتبة هل تغني عن تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال بخصوص ركعتي تحية المسجد، إذا دخلت المسجد في صلاة الصبح مثلا وصليت ركعتين تحية المسجد ثم دخلت نفس المسجد في صلاة الظهر في نفس اليوم، هل أصليها مرة أخرى أم أصلي السنة القبلية مباشرة، وبخصوص إذا تأخرت عن الإمام ركعة أو أكثر وسلم الإمام هل يلزمني السلام اتباعا له ثم أكبر وأقوم لأصلي ما فاتني أم هل أنتظر الإمام حتى يسلم ثم أكبر وأقوم لأتم صلاتي دون أن أسلم مع الإمام؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن دخل المسجد لصلاة الفجر مثلاً وصلى تحية المسجد ثم رجع إلى نفس المسجد لصلاة الظهر فإنه يسن له صلاة تحية المسجد ثانية لبعد الوقت بين الصلاتين، ولو أراد أن يصلي راتبة الظهر القبلية فله ذلك وتغني عن تحية المسجد لأن المقصود أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس، وانظر الفتوى رقم: 24108، والفتوى رقم: 29502.
ومن فاتته ركعة أو أكثر من الصلاة مع الإمام فإنه يصلي ما فاته بعد سلام الإمام، فإذا سلم الإمام قام مكبراً لقضاء ما عليه، ولا يجوز له أن يسلم مع الإمام، بل يقوم لقضاء مع عليه من غير أن يسلم مع الإمام لأن السلام لا يكون إلا بعد تمام الصلاة، والمسبوق لا تتم صلاته حتى يقضي ما فاته ثم يسلم بعد ذلك، وانظر الفتوى رقم: 43967 في كيفية إتمام المسبوق صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(11/9103)
حكم تحية المسجد لمن خرج منه لمتجر مجاور
[السُّؤَالُ]
ـ[يتكون المركز الإسلامي من طابقين اثنين: غرفة الوضوء والمراحيض في الطابق السفلي، المسجد في الطابق الأول والمتجر في الطابق الثاني. هل يجب على كل من خرج من المسجد وبقي في البناية نفسها –سواء كان في الطابق السفلي أو في الطابق الثاني- ثم عاد إليه صلاة تحية المسجد أم لا؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحية المسجد ليست بواجبة بل هي سنة مؤكدة لمن كان متوضئا ودخل المسجد يريد الجلوس فيه، ومن خرج من المسجد ثم عاد إليه بعد وقت طويل عرفا استحب له التحية، وإن رجع بالقرب عرفا فلا تستحب له عند المالكية والحنفية خلافا للحنابلة والشافعية، واستحبابها هنا هو اختيار شيخ الإسلام، وراجع الفتوى رقم: 27889.
وبالتالي، إذا صعد الشخص إلى الطابق الثاني الذي فيه المتجر أو نزل إلى الأسفل الذي فيه الحمام فيكون قد خرج من المسجد لأن الطابقين المذكورين لا يعتبران من المسجد بل كل منهما مخصص لأمور أخرى فيندب له إذا دخل المسجد أن يصلي تحية المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1428(11/9104)
أداء تحية المسجد في حجرة ضمنه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: بتوفيق من الله وله الحمد يوفقني في بعض الأحيان أني أذهب للمسجد قبل الأذان ببعض الوقت، ولكن عند حضوري أجد المسجد (البيت) الذي تقام فيه الجماعة مقفلا لأن المؤذن لم يحضر بعد، وتوجد حجرة صغيرة ضمن المسجد بها فرش للصلاة، فهل يجوز لي صلاة تحية المسجد بهذه الحجرة، وهل تجزئ عن صلاتها داخل المسجد الذي تقام فيه الصلاة بعد فتح المسجد، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك بما وفقك الله له من الذهاب إلى المسجد مبكراً فهذه نعمة من الله تعالى وتوفيق منه، ثم إذا كانت تلك الحجرة تعتبر جزءاً من المسجد بحيث كانت مخصصة للصلاة فأداء ركعتي التحية فيها يكفيك عن أدائهما في المسجد بعد فتحه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 17822.
وإن كانت غير مخصصة للصلاة بل لبعض مصالح المسجد بحيث تجعل فيها قناديل المسجد ونحوها مثلاً ففي هذه الحالة لا تأخذ حكم المسجد ول، اتجزئ فيها تحيته، ففي شرح الدردير ممزوجاً بمختصر خليل المالكي متحدثاً عن بعض الأماكن التي لا تجزئ فيها الجمعة لأنها لا تعتبر جزءاً من المسجد: وشبَّه في عدم الصحة قوله (كبيت القناديل) لأنه محجور (وسطحه) ولو ضاق (ودار وحانوت) متصلين إن كانا محجورين؛ وإلا صحت. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1428(11/9105)
هل هناك ذكر يعدل ركعتي تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد في الأثر أن من فاتته ركعتا تحية المسجد يقول بعد الصلاة المكتوبة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر 4مرات لها نفس الأجر؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على أثر يدل على ماذكر الأخ السائل لكن ذكر بعض علماء المذهب المالكي أن هذه الكلمات تنوب عن تحية المسجد ففي شرح الخرشي على مختصر خليل ما نصه:
وذكرَ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٌ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَامَتْ مَقَامَ التَّحِيَّةِ النَّوَوِيُّ يَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ لِمَكَانِ الْخِلَافِ. انتهى
وذكر فقهاء المذهب الشافعي أيضا أنه يستحب لمن لم يتمكن من تحية المسجد بسبب حدث أوشغل أن يقول هذه الكلمات وأنها تعدل ركعتين، ففي مغني المحتاج للخطيب الشربيني: ويكره أن يدخل المسجد بغير وضوء، فإن دخل فليقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنها تعدل ركعتين في الفضل.
وفي أذكار المصنف قال بعض أصحابنا من دخل المسجد فلم يتمكن من صلاة التحية لحدث أو شغل أو نحوه فيستحب له أن يقول أربع مرات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال ولا بأس به زاد ابن الرفعة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فائدة إنما استحب الإتيان بهذه الكلمات الأربع لأنها صلاة سائر الخليقة من غير الآدمي من الحيوانات والجمادات في قوله تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ {الإسراء: 44} أي بهذه الأربع وهي الكلمات الطيبات والباقيات الصالحات والقرض الحسن والذكر الكثير في قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وفي قوله تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. {الجمعة: 10} اهـ
وفي المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية للهيتمي في الفقه الشافعي عند كلامه على تحية المسجد: ويسن لمن لم يتمكن منها لحدث أو شغل أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أربعا. انتهى
ولا يخفى أن تحديد العبادة بقدر معين وبزمن معين وترتيب جزء معين يحتاج إلى دليل إذ الأصل في العبادات التوقيف، لكن هذا لا يعني أننا ننهاه عن هذا الذكر أو غيره من الأذكار بل ذلك مستحب مطلقا ولكن القول بأنه ينوب عن تحية المسجد ويقوم مقامها هذا الذي يحتاج إلى دليل. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين التاليتين: 27889، 24108.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1426(11/9106)
أداء السنة يجزئ عن تحية المسجد وسنة الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث أن أستيقظ فجرا عند الأذان فأتوضأ، ولا أعلم أيهما الأول ركعتي الوضوء أم رغيبة الفجر أم تحية المسجد أنا حيران، قال لي شخص صل ركعتين فقط بنية الجميع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 63930 أنه يجزئ عن تحية المسجد وسنة الوضوء أي صلاة أخرى لأنهما غير مقصودتين لذاتهما، وإنما المطلوب من المتوضئ أن يصلي بعد وضوئه، وكذلك من دخل المسجد يسن له أن يصلي ركعتين، فإذا نوى من يريد صلاة الرغيبة معها سنة الوضوء وتحية المسجد أجزأه ذلك عن الجميع. وانظر الفتوى رقم: 38421.
هذا؛ وننبه إلى أن بعد طلوع الفجر وقت كراهة بالنسبة للنافلة غير ركعتي الفجر (الرغيبة) وراجع فيه فتوانا رقم: 44206.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(11/9107)
يجزئ عن سنة الوضوء وتحية المسجد أي صلاة مقصودة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأدلة من الكتاب والسنة على شرعية صلاة نافلة بأكثر من نية.. مثال ركعتين بنية سنة الوضوء وتحية المسجد وسنة الظهر القبلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلماء قد نصوا على أن تحية المسجد وسنة الوضوء غير مقصودتين لذاتهما، وإنما المطلوب من المتوضئ أن يصلي بعد وضوئه، وكذلك داخل المسجد يسن له أن لا يجلس حتى يصلي ركعتين، وهاتان السنتان تجزئ عنهما أي صلاة مقصودة فرضا كانت أو نفلاً، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 29631، والفتوى رقم: 38421، والفتوى رقم: 11048.
قال النووي: لو أحرم ينوي بها الفرض وتحية المسجد صحت صلاته وحصل له الفرض والتحية جميعاً، قال: واتفق أصحابنا على التصريح بحصول الفرض والتحية، وصرحوا بأنه لا خلاف في حصولهما جميعاً.. إلى أن قال: ولا يشترط أن ينوي بالركعتين التحية بل إذا صلى ركعتين بنية الصلاة مطلقاً أو نوى ركعتين نافلة راتبة أو غير راتبة أو صلاة فريضة مؤداة أو مقضية أو منذورة أجزأه ذلك وحصل له ما نوى وحصلت تحية المسجد ضمنا ولا خلاف في ذلك. انتهى.
هذا ما قرره العلماء، والأصل في السنتين قوله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. رواه البخاري وغيره، وقد فهم العلماء من هذ الحديث أن المراد صلاة ركعتين قبل الجلوس في المسجد بغض النظر عما إذا كانتا فرضا أو نفلاً، والأصل في سنة الوضوء قوله صلى الله عليه وسلم: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة، قال بلال: ما عملت عملاً في الإسلام أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهوراً تاماً في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي. رواه مسلم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1426(11/9108)
تحية المسجد بعد آذان المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح تحية المسجد بعد أذان المغرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تحية المسجد مأمور بها على وجه الاستحباب عند جمهور الفقهاء، ويطالب بها كل من دخل المسجد وقت جواز النافلة، وهذا محل اتفاق بين العلماء، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. متفق عليه.
وقد عد المالكية الوقت الذي يكون بين أذان المغرب وصلاة المغرب من أوقات النهي عن النافلة وعللوا ذلك بضيق الوقت مع أن النهي عن الصلاة في هذا الوقت ليس محل اتفاق بينهم.
قال الحطاب في مواهب الجليل وهو من كبار فقهاء المالكية: واختلف فيما بين الغروب وصلاة المغرب على ثلاثة أقوال، المشهور وقت نهي، وقيل لا، واختاره ابن رشد لمن دخل المسجد لا لمن كان فيه وإذا فرعنا على المشهور فكان شيخنا رحمه الله يفتي بجواز الجلوس ولا يرجح الوقوف وكان شيخنا أبو محمد الشبيبي يرجح وقوفه حتى تقام الصلاة للخروج من الخلاف إلى أن قال: وقال ابن رشد لا خلاف بين أهل العلم أن الصلاة قد حلت بغروب الشمس إلا أن صلاة المغرب قد وجبت بغروب الشمس فلا ينبغي لأحد أن يصلي نافلة قبل صلاة المغرب. انتهى.
إلا أن ما ذهب إليه المالكية هنا من كراهة النفل قبل صلاة المغرب وبعد الغروب وإن كان لداخل المسجد يقدم عليه صريح الأحاديث الصحيحة مثل الحديث المتقدم فيمن دخل المسجد، ومثل حديث عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، قال في الثالثة: لمن شاء. رواه البخاري. وفي الصحيحين عن ابن مغفل أيضا: بين كل أذانين صلاة.
قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم في باب استحباب ركعتين قبل المغرب قال: فيه حديث صلاتهم ركعتين بعد الغروب وقبل صلاة المغرب إلى أن قال: وفي هذه الروايات استحباب ركعتين بين الغروب وصلاة المغرب. انتهى.
ومن خلال هذا يتبين للسائل الكريم أن تحية المسجد تصح بعد أذان المغرب وقبل صلاته، وأن ذلك موافق لأمره صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه كما ثبت في الأحاديث الصحيحة.
قال النووي رحمه الله ردا على من زعم أن الركعتين بعد الأذان تؤديان إلى تأخير المغرب: وأما قولهم يؤدي إلى تأخير المغرب فهذا خيال منابذ للسنة فلا يلتفت إليه، ومع هذا فهو زمن يسير لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها، وأما من زعم النسخ فهو مجازف لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا عجزنا عن التأويل والجمع بين الأحاديث وعلمنا التاريخ وليس هنا شيء من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/9109)
مذاهب العلماء في النافلة عند صلاة العيد وأثناء الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي النافلة والإمام يخطب يوم الجمعة وفي صلاة العيدين هل هي حرام أم مكروهة؟ هل الصلاة تكره أم تحرم عند الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن دخل المسجد والإمام يخطب الجمعة فيستحب له أداء تحية المسجد على الراجح من كلام أهل العلم كما سبق في الفتوى رقم: 52424.
والنافلة عند صلاة العيد محل خلاف بين أهل العلم؛ فعند الشافعية لا بأس بالتنفل قبل صلاة العيد وبعدها في المسجد أو غيره بالنسبة لغير الإمام، ففي الأم للإمام الشافعي: ولا أرى بأسا أن يتنفل المأموم قبل صلاة العيد وبعدها في بيته وفي المسجد وطريقه والمصلى وحيث أمكنه التنفل إذا حلت صلاة النافلة بأن تبرز الشمس. انتهى.
وعند الحنابلة تكره النافلة قبل الصلاة وبعدها في المسجد وغيره. ففي المغني لابن قدامة: وجملته أنه يكره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها للإمام والمأموم في موضع الصلاة، سواء كان في المصلى أو في المسجد. انتهى.
والأصح عند الحنفية كراهة التنفل قبلها في المصلى وغيره. ففي درر الحكام لابن فرموزا: وقال في شرح المجمع: ويكره التنفل قبلها، قيد بقوله قبلها لأن التنفل بعدها غير مكروه اتفاقا، قيل: يكره في المصلى خاصة، والأصح أنه مكروه فيه وفي غيره، كذا في الخانية. انتهى.
وعند المالكية تكره النافلة في المصلى قبل الصلاة وبعدها بخلاف المسجد. ففي التاج والاكليل للمواق: من المدونة قال مالك: إذا صلوا جماعة صلاة العيد في مسجد لعلة أو صلوها جماعة في مسجد ساحل من السواحل فلا بأس بالتنفل فيه قبلها وبعدها، قال: وإنما كره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها في المصلى. انتهى.
وإذا دخل شخص والإمام يخطب خطبة العيد فإذا كان في مسجد فعند الشافعية الأفضل له أن يصلي صلاة العيد فتجزئه عن تحية المسجد، ويجوز له أن يبدأ بالتحية. قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المنهاج: ومن دخل والإمام يخطب فإن كان في مسجد بدأ بالتحية، ثم بعد فراغ الخطبة يصلي فيه صلاة العيد، فلو صلى فيه بدل التحية العيد وهو أولى حصلا. انتهى.
وعند المالكية والحنفية يجلس من غير صلاة. قال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: قال سند: وإن جاء والإمام يخطب فإنه يجلس ولا يصلي، وسواء كان في المصلى أو في المسجد، وهو ظاهر، وأيضا فإن الكلام وإن لم يحرم في خطبة غير الجمعة فالإنصات مستحب. انتهى. وقال الزيلعي في تبيين الحقائق وهو حنفي: نهي عن التنفل وقت الخطبة، أطلق الخطبة ليدخل فيها جميع الخطب كخطبة العيدين والجمعة والخطب التي في الحج وغيرها. انتهى.
والأفضل لمن سمع الأذان في غير الأذان الثاني للجمعة وأراد التنفل أن ينتظر حتى يفرغ المؤذن من الأذان حتى يتمكن من حكاية الأذان والدعاء بعده، ولا يحرم عليه أن يصلي النافلة أثناء الأذان، وراجع الفتوى رقم: 15466، والفتوى رقم: 45216.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1426(11/9110)
من يصلي خارج المسجد لأجل الزحام هل يصلي التحية
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الجمعة يغص المسجد بالمصلين، فيضطر من لا يسعهم المسجد إلى الجلوس للاستماع للخطبة والصلاة خارج المسجد (على الرصيف وفي الشارع) السؤال هو: هل يسن لهؤلاء تحية المسجد قبل الجلوس وهم خارج المسجد؟ أم أن ذلك المكان يعتبر من المسجد (علما بان هناك اتصالا بين المصلين داخل المسجد وخارجه، كما أن هناك أفرشة تمتد من داخل المسجد إلى خارجه) أجيبونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الجمعة تصح في الأماكن المذكورة إذا ضاق المسجد عن المصلين، كما سبق في الفتوى رقم: 60598 لكن لا يطالب شرعا بتحية المسجد فيها، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 36300. نعم تجوز الصلاة فيها على أنها من مطلق النفل وليست تحية مسجد، هذا إن كانت النافلة قبل ابتداء الخطبة، فإن كانت أثناءها فالواجب حينئذ الجلوس والإنصات عند جمهور الفقهاء، بل إن المالكية نصوا على أنه لا يجوز لمن دخل المسجد أثناء الخطبة أن يبتدئ صلاة ولو تحية المسجد، فما بالك بمن هو خارج المسجد ولا يطالب أصلا بتحية المسجد، وعللوا ذلك بوجوب الإنصات. قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير للدردير.. بل إن الراجح حرمة الكلام حال الخطبة مطلقا كان في المسجد أو في رحابه أو كان خارجا عنهما بأن كان في الطرق المتصلة بالمسجد، سواء سمع الخطبة أو لم يسمعها، لقول ابن عرفة: الأكثر على أن الصمت واجب على غير السامع ولو بغير المسجد. انتهى
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين التاليتين: 34204، 8278.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1426(11/9111)
من دخل المسجد ولم يبق سوى وقت قصير لا يتسع لتحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الدخول للمسجد والحال أنه لم يبق إلا وقت قصير لإقامة الصلاة لا يكفيني لصلاة تحية المسجد فهل أجلس أم أبقى واقفا حتى إقامة الصلاة.
جازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد دخلت المسجد قبل إقامة الصلاة المفروضة فأدِّ تحية المسجد ولا تجلس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. متفق عليه
لأن النهي عن ابتداء صلاة النافلة إنما هو بعد الشروع في الإقامة للصلاة المفروضة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. رواه مسلم وغيره.
فإذا شرعت في تحية المسجد وأقيمت الفريضة فالراحج أنك تقطع التحية وتدخل مع الإمام.
وراجع الفتوى رقم: 6184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(11/9112)
النوافل الراتبة تجزئ عن تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سلام عليكم يا شيخ الآن إذا أخذنا بأن الراجح هو وجوب تحية المسجد طيب.. وأن هناك سننا رواتب قبل الفريضة.. فإن أتيت المسجد فهل أصلي التحية ثم أصلي الراتبة أم أن نيتي هي التي تحدد هل هذه راتبة أو تحية وهل لي أن أصلي الراتبة ولا أصلي التحية وأيضا هل يوجد دليل على جواز مزج التحية مع الراتبة لأني سمعت بأن هذا بدعة والحق أن تصلي التحية ثم تصلي الراتبة وهكذا وما معنى الأسطوانة التي كان يصلي إليها الرسول هل يعني العمود أو الجدار وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أن الذي عليه جمهور أهل العلم هو أن تحية المسجد مستحبة وليست بواجبة، فقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند شرح حديث: إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس: واتفق أئمة الفتوى على أن الأمر في ذلك للندب. انتهى.
وإذا دخلت المسجد فيصح أن تبدأ بتحية المسجد ثم تتبعها ما شئت من نوافل.
كما يجوز فعل النوافل الراتبة نيابة عن تحية المسجد، لأن المقصود من تحية المسجد هو شغل البقعة بالصلاة، وعدم جلوس الداخل للمسجد حتى يصلي ركعتين امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه، وقال الشيخ الخرشي المالكي في شرحه لمختصر خليل عند قول خليل: " وتأدت بفرض " يعني أن ركعتي التحية ليستا مرادتين لذاتهما، إذ المقصود منهما تمييز المساجد عن سائر البيوت، فلذا إذا صلى صلاة أجزأته عن تحية المسجد في القيام مقامها في إشغال البقعة.. إلى أن قال: ولا مفهوم لفرض لأن السنة كذلك، وكذا الرغيبة، وإنما نص على الفرض لأنه المتوهم لأنها إذا تأدت بغير جنسها فأولى بجنسها. انتهى.
وعليه، فإن النوافل الراتبة تكفيك عن تحية المسجد، وراجع الفتوى رقم: 27889.
أما الأسطوانة فتعني العمود وتجمع على أساطين وهي الأعمد التي يقوم عليها المسجد، وراجع الفتوى رقم: 3796.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(11/9113)
تحية المسجد تصلى في أي وقت
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الجمعة
عندما أذهب إلى المسجد مبكرا وأدخل المسجد ولم يكن الظهر قد حان وأريد أن أصلي ما هي النية التي أتلفظ بها وأنوي يها؟
مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعند دخول المسجد تشرع لك صلاة ركعتين قبل أن تجلس، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
وهاتان الركعتان تعرفان بتحية المسجد، ويطلب فعلهما في كل وقت، ولو كان من أوقات النهي عن الصلاة، وراجع الفتوى رقم: 3953 ويكفيك استحضار النية في قلبك فقط، ولا داعي للتلفظ بها، لأن التلفظ بالنية ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم. وراجع في هذا الفتوى رقم: 6445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(11/9114)
كل مكان أعد للصلاة تشرع فيه تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[المسجد داخل المدرسة ولا تقام الصلاة فيه إلا مرة أو مرتين في اليوم، هل تصلى تحية المسجد عند الدخول إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس. متفق عليه.
فكلمة المسجد معرفة بأل التي هي من صيغ العموم فتشمل كل ما عُين مسجداً للصلاة، والأصل في ألفاظ العموم تناولها لكل ما يصلح أن يدخل تحتها حتى يرد ما يدل على التخصيص، وعليه فإن المسجد المذكور يُطالب داخله بأداء تحية المسجد امتثالاً لأمره صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(11/9115)
مذهب المالكية في تحية المسجد بعد جلوس الإمام على المنبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرى أن المالكية يخالفون في إعفاء اللحية وتحية المسجد عند جلوس الإمام في المنبر وجواز الصلاة في المقابر مع الكراهية بماذا استدلوا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
- فالمذهب المالكي لا يخالف ما عليه جمهور أهل العلم من تحريم حلق اللحية، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 14178.
- ... ثم إن جمهور العلماء –ومنهم المالكية- على أن الصلاة في المقابر صحيحة ما لم تكن المقابر نجسة، وأرجح أقوال الحنابلة فيها عدم الصحة، وراجع أقوال العلماء فيها وأدلتهم في الفتوى رقم: 17764.
- ... وأما تحية المسجد بعد جلوس الإمام على المنبر، فهي التي خالف فيها المالكية غيرهم، ففي الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس فقال له: يا سليك: قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما، ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب، فليركع ركعتين وليتجوز فيهما. فهذا الحديث المتفق عليه صريح في الأمر بصلاة تحية المسجد أثناء الخطبة، وهو عمدة الجمهور، وخالف المالكية فحرموا أي نافلة وقت الخطبة، ودليلهم ذكره النفراوي في "الفواكه الدواني" إذ يقول: " ودليلنا ما في أبي داود والنسائي أن رجلا تخطى رقاب الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له: اجلس فقد آذيت، فأمره بالجلوس دون الركوع، والأمر بالشيء نهي عن ضده، وخبر: إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت، نهى عن النهي عن المنكر مع وجوبه، فالمندوب أولى، وأما خبر سليك، فيحتمل نسخه ... وعلى تقدير معارضته وعدم نسخه فحديثنا أولى، كما قال ابن العربي لاتصاله بعمل أهل المدينة، ولجريه على القياس ... (1/266) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(11/9116)
من دخل في تحية المسجد وأقيمت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا ً أصلي تحية المسجد قبل قيام الصلاة بدقيقة أو بدقيقتين وحينها يُقام للصلاة وأنا في الركعة الأخيرة فهل أقطع صلاتي أو أتجاوز فيها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إذا أمكنك تكميل تحية المسجد قبل أن تفوتك الركعة الأولى من الصلاة المفروضة فكمل التحية ثم ادخل مع الإمام، وإن خشيت فوات الركعة الأولى قطعت تحية المسجد، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: وإن لم يخش بإتمام ما هو فيه فوات ركعة من المقامة، فإن كانت التي هو فيها نافلة أو فريضة غير المقامة أتمها سواء عقد ركعة أم لا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/9117)
صلى سنة الفجر في بيته ثم أتي المسجد قبل الإقامة فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
صليت الفجر في البيت ثم توجهت إلى المسجد فدخلت المسجد لصلاة الصبح فهل علي أن أصلي تحية المسجد
أو أنتظر قيام صلاة الصبح دون أن أصلي تحية المسجد؟
... ثانيا
خرجت للصلاة أي صلاة الفجر والصبح في المسجد وعندما
وصلت إلى المسجد أصبح الوقت ضيقا فإذا صليت تحية المسجد فلن ألحق صلاة الفجر فماذا أفعل؟
جعلكم الله نورا في الأرض للمسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا دخلت المسجد بعد صلاتك ركعتي الفجر في بيتك، فينبغي لك أداء تحية المسجد نظرا لعموم الأمر الوارد في ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين قبل أن يجلس. متفق عليه.
وقد اختلف علماء المالكية في هذه المسألة، فقد قال المواق في "التاج والإكليل": قال مالك: من ركعها في بيته أحب إلي أن لا يركع إذا أتى المسجد، وقال: قبل ذلك يركع.
ابن يونس: وبالركوع أقول، لفعله صلى الله عليه وسلم وهو قول سحنون وابن وهب وأصبغ.
قال أبو عمر: الأولى أن يركع لأنه فعل خير لا يمنع من أراده إلا أن يصح أن السنة نهت عنه من وجه لا معارض له، قال تعالى: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ (الحج: 77) . انتهى.
وإذا دخلت المسجد قبل إقامة الصلاة المكتوبة، فاركع تحية المسجد، فإن شرعت في الإتيان بتحية المسجد فأقيمت الصلاة المفروضة وخشيت أنك إذا كملت التحية فاتتك الركعة الأولى، فاقطع تحية المسجد وادخل مع الإمام.
وإن كنت تستطيع إكمال التحية من غير فوات ركعة، فكملها ثم تدخل الفريضة، قال الشيخ الدردير في حاشيته: وإن أقيمت الصلاة للراتب وهو أي المصلي في صلاة نافلة أو فريضة بالمسجد أو رحبته قطع صلاته ودخل مع الإمام عقد ركعة أم لا، إن خشي بإتمامها فوات ركعة قبل الدخول معه، وإن لم يخش فوات ركعة معه أتم النافلة، عقد منها ركعة أم لا، انتهى.
وننبه أننا هنا قد اقتصرنا على ذكر المذهب المالكي في هذه المسألة لسببين:
الأول: أنه هو الراجح من جهة الدليل في هذه المسألة.
الثاني: أنه هو المعمول به في بلد السائل. (ليبيا)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(11/9118)
تحية المسجد تصلى في أي وقت من ليل أو نهار
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم.
الرجاء مدي بالإجابة عن الأسئلة الماضية تحت أرقام 594089-595173و594444. شكرا.
سؤال اليوم
صلاة تحية المسجد متى يمكن القيام بها (أوقاتها) شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة تحية المسجد ركعتان سببهما دخول المسلم المسجد، ويجوز أداؤهما في أي وقت من ليل أو نهار، ولو في أوقات النهي، لأن الراجح من أقوال أهل العلم أن ذوات الأسباب يجوز أداؤها في أوقات النهي، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتوى:
15315
وبخصوص الأسئلة المذكورة فقد سبقت الإجابة عليها.
فابحث عنها بأرقامها وستجدها إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1424(11/9119)
الأمر بتحية المسجد للاستحباب لا للوجوب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استنتجت من مجموعة من فتاويكم أنكم لا ترون وجوب تحية المسجد قبل صلاة المغرب بل تستحبونها، فكيف يكون هذا والرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بها؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتحية المسجد مستحبة قبل المغرب وفي كل وقت، وإنما قلنا إنها مستحبة وغير واجبة -مع ورود الأمر بها- لوجود الصوارف التي صرفت هذا الأمر إلى الاستحباب كما هو مبين في الفتوى رقم: 20088 والركعتان قبل المغرب مستحبتان على الصحيح من أقوال أهل العلم، وقد ورد الأمر بهما، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم عقب على الأمر بقوله: لمن شاء كما هو مبين في الفتوى رقم:
9389
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1424(11/9120)
أرجح القولين استحباب تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استنتجت من مجموعة من فتاويكم أنكم لا ترون وجوب تحية المسجد قبل صلاة المغرب بل تستحبونها، فكيف يكون هذا والرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بها؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم تحية المسجد.. هل هي واجبة يأثم تاركها، أم مستحبة، ومن تركها لا حرج عليه؟ قولان لأهل العلم، والجمهور على أنها مستحبة، واستدلوا على ذلك بأدلة منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي تخطى رقاب الناس يوم الجمعة: "اجلس فقد آذيت" فلم يأمره بصلاة ركعتين، وهذا صارف للأحاديث التي فيها الأمر بتحية المسجد، وقال آخرون: بل هي واجبة.
وقد اخترنا في الشبكة القول الأول، وانظر الفتوى رقم: 523 على الموقع.
والأمر في هذا واضح، فمن رأى أنها واجبة فله ذلك، ومن رأى أنها مستحبة فلا حرج عليه، إذ أن الأدلة محتملة لكلا القولين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/9121)
المسنون للمكي تحية المسجد الحرام بركعتين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
سؤالي هو أنا من أهل مكة فإذا أردت الذهاب للحرم المكي لأداء الصلاة هل يجب علي أن أطوف أولا أم أنني أصلي ركعتين تحية المسجد وأنتظر إقامة الصلاة، أرجو التوضيح؟ وجزاكم الله خيراً، أرجو الإجابه في أسرع وقت وشكراً لكم، وأتمنى لكم التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسنون في حقك هو أداء ركعتي تحية المسجد، وانتظار الصلاة حتى تُقام، ولا شيء عليك في عدم الطواف، وقد فصلنا الأحوال التي يستحب فيها الطواف لداخل المسجد الحرام، مع غيره من الأحكام في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16425، 17258، 9609، 26296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1424(11/9122)
تحية المسجد وصلاة بين الأذانين مشروعتان
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت يوماً إلى المسجد لأداء صلاة العصر وذلك قبل الأذان، فصليت ركعتين، وعندما أذن المؤذن قام الناس فصلوا ركعتين، فما حكم الركعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن دخل المسجد قبل الأذان فيستحب له أن يصلي ركعتين تحية للمسجد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. متفق عليه.
فإذا أذن المؤذن قال مثله ودعا بالمأثور، ثم قام وصلى ركعتين أو ما تيسر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: بين كل آذانين صلاة. رواه البخاري.
فالركعتان الأوليان "تحية المسجد" مشروعتان، والركعتان الأخريان "ما بين الأذان والإقامة" مشروعتان أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1424(11/9123)
هل تصح تحية المسجد في الطرق المؤدية للحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[في موسم الحج يصلي بعض الحجاج في الطرقات المؤدية إلى الحرم فهل يجب على هؤلاء صلاة تحية المسجد في هذه الطرقات؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالطرق المؤدية إلى الحرم أو غيره من المساجد لا تدخل في مسمى المسجد لغة ولا شرعًا، ولذا فإن سنة تحية المسجد لا تشملها، إذ تحية المسجد صلاة مسبَّبة وسببها دخول المسجد، ومؤدي الصلاة في الطريق لم يتلبس بسبب هذه الصلاة، فتكون في حقه معدومة، فالسبب هو ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته. وراجع الفتوى رقم: 31464.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(11/9124)
من دخل المسجد وقت الأذان هل يصلي التحية أم ينتظر
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى.
(جازاكم الله خيرا على هذه المجهودات وعلى هذا النظام الجديد)
السؤال: الرجل الذي يدخل المسجد فيجد المؤذن قد بدأ الأذان، هل يصلي ركعتي تحية المسجد أم ينتظر حتى ينتهي المؤذن؟ وإذا كان عليه الانتظار، فهل يجلس أم يبقى واقفا مدة الأذان؟ وهل يأثم إذا صلى الركعتين ولم ينتظر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا إثم على من صلى تحية المسجد وقت الأذان، لأنه ليس من أوقات النهي، ولكن استحب بعض أهل العلم للداخل أن ينتظر بالتحية انتهاء الأذان.
وقد سبق إيضاح ذلك مدعوما بكلام العلماء في الفتوى رقم: 24137.
وعليه، إذا انتظر، أن لا يجلس قبل التحية.
لما في حديث الصحيحين: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. وعليه أن يعتني بالإتيان بألفاظ الأذان مع المؤذن، لما في حديث الصحيحين: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول.
ولو كان ذلك في صلاة نفل.
قال خليل المالكي في مختصره: وحكايته لسامعه ... ولو متنفلا لا مفترضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(11/9125)
حقيقة الخلاف بين العلماء في تحية المسجد وقت الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما حكم تحية المسجد والإمام على المنبر وهل هي حرام في مذهب الإمام مالك وكذلك حكم التنفل بركعتين بعد صلاة الجمعة وما هو سبب الخلاف إلى درجة العداء بين الناس والكثير من العلماء في هذه المسائل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحية المسجد وقت خطبة الجمعة من السنة التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الشيخان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال له: يا سليك، قم فاركع ركعتين وتجوَّز فيهما. ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما. واللفظ لـ مسلم.
وهي حرام عند المالكية، قال خليل: ومنع نفل وقت طلوع شمس وغروبها وخطبة جمعة.، فهذا ما يتعلق بتحية المسجد. وأما التنفل بركعتين بعد صلاة الجمعة فقد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الخبر الصحيح، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 17270.
وعن الخلاف بين العلماء في تحية المسجد وقت الخطبة، حيث أنها محرمة عند المالكية ومأمور بفعلها عند غيرهم، فسبب ذلك أن غير المالكية أخذوا بالحديث الذي مر عن جابر بن عبد الله. ورأى المالكية أدلة أقوى عندهم من ذلك تُحرِّم تحية المسجد وقت الخطبة.
قال في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: ودليلنا ما في أبي داود والنسائي: أن رجلاً تخطى رقاب الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له: اجلس فقد آذيت، فأمره بالجلوس دون الركوع، والأمر بالشيء نهي عن ضده، وخبر (إذا قلت لصاحبك أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت) . نهى عن النهي عن المنكر مع وجوبه، فالمندوب أولى، وأما خبر سليك الغطفاني وأمره صلى الله عليه وسلم بالركوع لما دخل المسجد وهو يخطب فيحتمل نسخه بنهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة حينئذ، كما في الخبر السابق، وعلى تقدير معارضته وعدم نسخه فحديثنا أولى -كما قال ابن العربي- لاتصاله بعمل أهل المدينة ولجريه على القياس من وجوب الاشتغال بالاستماع الواجب، وترك التحية المندوبة ... اهـ (1/266) .
ثم إنه لا يجوز أن يفضي الخلاف بين العلماء إلى عداء وخصومات، روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخواناً. فأئمة المذاهب لم يختلفوا لسبب عداوة بينهم، ولاتباع أهوائهم، وإنما اختلافهم ناتج عن اختلاف الأدلة التي استندوا إليها، وعن اختلاف طرقهم في الاستدلال، وكل واحد منهم مأجور -إن شاء الله- لبذله الوسع، والمصيب منهم له أجران، والمخطئ له أجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(11/9126)
حكم تحية المسجد قبل الغروب بدقائق
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة تحية المسجد واجبة قبل الجلوس في المسجد، ولكنا ندخل المسجد قبل الغروب ببضع دقائق، فيقول البعض إن الصلاة في هذا الوقت مكروهة، والبعض يقول إن صلاة النفل المطلق هي المكروهة وأن صلاة تحية المسجد واجبة، حيث قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) لا يجلسن أحدكم حتى يصلي ركعتين" أفتونا هل يجوز لنا أن نصلي تحية المسجد قبل أذان المغرب بدقيقة أو أكثر قليلا؟ وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحية المسجد سنة مؤكدة في حق من دخل المسجد متوضئاً مريدا للجلوس، لما روى أبو قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس. متفق عليه.
وفي رواية: فلا يجلس حتى يركع ركعتين.
فإذا دخلتم المسجد قبل الغروب بدقائق قليلة، فالأولى بكم الانتظار حتى تغرب الشمس لتخرجوا من الخلاف الوارد في ذلك.
وإن دخلتم قبله بكثير فصلوا تحية المسجد، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 5276.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1424(11/9127)
يقطع المصلي تحية المسجد ليدرك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أقيمت الصلاة وشخص يصلي تحية المسجد وهو في الركعة الأولى، هل يخرج من الصلاة بتسليم أو بدون تسليم؟ النظر في الركوع أين يكون؟ ما هي الأسباب التي تدفع الغفلة عن التفكر في الآخرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. ورواه أيضاً أحمد والنسائي وأبو داود والترمذي.
قال العراقي رحمه الله، في ما نقله الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار: إن قوله: فلا صلاة يحتمل أن يراد فلا يشرع حينئذ في صلاة عند إقامة الصلاة، ويحتمل أن يراد فلا يشتغل بصلاة وإن كان شرع قبل الإقامة، بل يقطعها المصلي لإدراك فضيلة التحرم، أو أنها تبطل بنفسها وإن لم يقطعها المصلي، يحتمل كلاً من الأمرين....
ويؤيد شمول الحديث لكلا المعنيين الذين أشار إليهما الإمام العراقي ما رواه أبو الطيالسي في مسنده عن ابن عباس: قال كنت أصلي وأخذ المؤذن في الإقامة فجذبني النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أتصلي الصبح أربعاً. فهذا يدل على أن المصلي للنافلة يقطعها ليدرك الجماعة حين يسمع الإقامة إذا أدى إتمام النافلة إلى فوات فضيلة التحريم، وقد ذهب إلى هذا أبو حامد وغيره من الشافعية كما في فتح الباري، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 6184.
وإن قطع المصلي النافلة ليدرك الجماعة فله أن يخرج بسلام وله أن يخرج بفعل منافٍ للصلاة، ولا يتعين شيء من ذلك لعدم ورود ما يدل عليه، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى المحال عليها، وأما النظر حال الركوع فقد سبق تفصيل الكلام فيه وفي غيره من مواضع النظر في الصلاة في الفتوى رقم: 20001.
وأما الأسباب التي تدفع الغفلة وتعين على التفكر في الآخرة فقد ذكرنا شيئاً منها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8372، 10800، 11759، 15219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1424(11/9128)
ما يفعل من دخل المسجد أثناء الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الدخول إلى المسجد في وقت الأذان هل يجب علي الجلوس أم الوقوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن دخل المسجد والمؤذن يؤذن فإنه يجيبه أولاً، ثم يدعو بالمأثور بعد الأذان، ثم يصلي التحية ليجمع بين فضيلة التحية وإجابة المؤذن، لكن إذا كان ذلك أثناء أذان الجمعة الثاني فمن العلماء من قال يصلي التحية ولا يجيب المؤذن ليستمع إلى الخطبة، وهو مذهب الحنابلة، وقال آخرون يجيب المؤذن ثم يصلي التحية ليجمع الفضيلتين، وهو مذهب الشافعية، وراجع الفتوى رقم: 1503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1424(11/9129)
نحية المسجد لا تشرع إلا عند وجود سببها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أرجو الإفادة عن ركعتي تحية المسجد سمعت من إمام المسجد لدينا أنه لا تجوز صلاة تحية المسجد بالمصلى خارج المسجد وإنما داخل المسجد فقط، وهل هى واجبة عند دخول المسجد أثناء خطبة الجمعة؟ أفيدونا أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتحية المسجد لا تشرع إلا عند وجود سببها وهو دخول المسجد، أما غيره من المصليات فلا يأخذ حكم المسجد في التحية.
أما بخصوص تحية المسجد وقت الخطبة فقد سبق لنا بيان حكمها في الفتوى رقم: 7546.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1424(11/9130)
حكم تحية المسجد في مكان مخصص للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ما حكم صلاة تحية المسجد في مكان ليس بالمسجد المعروف ولكنه مخصص للصلاة؟
2- هل معنى حديث الرسول {يمنوا قدر مااستطعتم} أي كل شيء يكون باليمين حتى لبس ساعة اليد يجب أن تكون باليمين؟
3- كيف يكون سجود السهو إذا سها أحد في الصلاة، سواء بالزيادة أو بالنقصان، وهل التشهد يقال كله أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله صحبه أما بعد:
فأما حكم صلاة تحية المسجد في المكان المخصص للصلاة وليس مسجدا، فينظر جوابه في الفتوى رقم: 31464
وأما لبس الساعة باليمين، وحكم التيا من في كل شيء، فقد سبق أيضا في الفتوى رقم: 11321
مع التنبيه إلى أنه لم يرو حديث في التيامن بلفظ" يمنوا قدر ما استطعتم"، ولكن ورد بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله، في طهور هـ وترجله وتنعله. رواه البخاري من حد يث عائشة.
وأما كيفية سجود السهو وأسبابه، فانظ ره في الفتوى رقم: 36
وليس للسهو تشهد على القول الراجح من أقوال أهل العلم لعدم صحة الحديث الوارد في ذلك، سواء كان سجود السهو قبل السلام أوبعده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(11/9131)
تحية المسجد تخص المسجد دون غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة المسجد في المسجد فقط أم تكون في أي مكان مثلاً أنا عندي مكتب عقار خارج المدينة ونؤذن وقت دخول الصلاة فهل يجب أن نصلي ركعتين قبل الفريضة مثل تحية المسجد؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتحية هي ما يُحيّا به الشيء أو يعظم به، ومن هذا جاءت تحية المسجد، وهي ركعتان يركعهما الداخل له تعبيراً عن إجلاله لرب المسجد، لأن الإنسان إذا دخل بيت الملك إنما يحيي الملك لا بيته، والأصل في مشروعية تحية المسجد قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين متفق عليه.
وتحصل تحية المسجد بصلاة فرض أو نفل، وهذه التحية تخص المسجد دون غيره من المصليات الأخرى أو البيوت، وقد ذكر أهل العلم أماكن أخرى لكل منها تحيته الخاصة به، فذكروا أن تحية البيت العتيق الطواف لغير المكي، وتحية الحرم بالإحرام، وتحية منى بالرمي، وتحية عرفة بالوقوف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(11/9132)
الحالات التي تسقط فيها تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تسقط تحية المسجد في وقت من الأوقات؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحية المسجد سنة مؤكدة في حق من دخل المسجد متوضئاً مريداً للجلوس، لما روى مسلم في صحيحه عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دخل أحدكم المسجد، فليركع ركعتين قبل أن يجلس. وفي رواية أخرى: فلا يجلس حتى يركع ركعتين. وتسن صلاتهما حتى في أوقات الكراهة، لأنها صلاة ذات سبب، لا يتناولها النهي على أصح قولي العلماء، وتسقط تحية المسجد في الحالات التالية:
-إذا كان الداخل خطيباً، فالسنة في حقه أن يرقى المنبر يوم الجمعة مباشرة بمجرد دخوله دون أن يصلي تحية المسجد، وهذا الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله.
-وتسقط بصلاة فرض أو نفل، لأن المقصود هو شغل البقعة بالصلاة، وقد حصل، لكنها لا تسقط بصلاة الجنازة؛ للحديث المتقدم " فليركع ركعتين قبل أن يسلم".
-وتسقط إذا دخل المصلي المسجد، ووجد الصلاة قد أقيمت أو وجد المؤذن قد شرع في الإقامة، فإن المشروع في حقه أن يلتحق بالجماعة، ولا يشرع له أن يصلي تحية المسجد في هذه الحالة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. رواه مسلم.
-وتسقط تحية المسجد بالطواف للقادم من خارج مكة، لاندراجها في ركعتي الطواف، أما غير القادم من خارج مكة فتحية البيت في حقه صلاة ركعتين، إن لم ينو الطواف عند دخوله.
-وتسقط تحية المسجد بتكرر الدخول إليه اكتفاء بتحية واحدة في أول دخوله عند الحنفية والمالكية إن قرب رجوعه عرفاً، ومذهب الشافعية والظاهر من كلام الحنابلة أنها لا تسقط بل تستحب، واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية كما حكاه في الفروع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1423(11/9133)
لا تشرع تحية المسجد بعد الانتهاء من الصلاة المفروضة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن تأخير تحية المسجدإلى ما بعد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا دخل المصلي المسجد، ووجد الصلاة قد أقيمت فإن المشروع في حقه أن يلتحق بالجماعة، ولا يشرع له أن يصلي تحية المسجد في هذه الحالة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة." رواه مسلم.
وأما صلاة التحية بعد الانتهاء من صلاة الفريضة فذلك غير مشروع أيضاً، لأن تحية المسجد قد حصلت بصلاة الفريضة، وذلك أن النهي إنما ورد عن الجلوس في المسجد قبل صلاة ركعتين، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين." رواه البخاري ومسلم.
والذي صلى الفريضة لم يجلس حتى صلى ركعتين أو أكثر.
ولهذا فإن تحية المسجد تحصل بصلاة الفرض أو الراتبة، قال ابن حجر في فتح الباري: (من دخل المسجد فصلى الفرض أو الراتبة قبل أن يقعد فإنه يحصل له تحية المسجد نواها أو لم ينوها، لأن القصد بالتحية شغل البقعة وقد حصل) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(11/9134)
صلاة الفريضة تجزئ عن تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
هل يجوز أن نصلي صلاة تحية المسجد بعد الفرض مع العلم أني أذهب أحيانا إلى المسجد مع إقامة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإمام النووي رحمه الله ذكر في كتابه المجموع أن الذي يدخل المسجد وقت الإقامة يكره له الاشتغال بتحية المسجد، وتجزئه عنها صلاة الفريضة المقامة ويحصل له الأجر.
وأنه إذا كان المسجد هو المسجد الحرام فلا يشتغل بها عن الطواف، أما إذا دخل يوم الجمعة والإمام يخطب فلا يجلس حتى يصلي ركعتين.
لكن ينبغي للمصلي -الذي وفقه الله للتوجه إلى بيت الله، وعلق قلبه به ورغبه في صلاة الجماعة بمنه وكرمه ينبغي له- أن لا يتأخر حتى يضيق الوقت عن تحية المسجد لأن المصلي يكتب له أجر الصلاة ما دام ينتظر الصلاة، وفقنا الله لطاعته والرغبة فيما عنده، ورزقنا الإخلاص في عبادته. آمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(11/9135)
تفاصيل حول تحية المسجد والراتبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الأذان هل تصلى تحية المسجد أم تصلى السنة القبلية بنيتي السنة والتحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا بأس على من دخل المسجد بعد الأذان في أن يصلي التحية، ثم الراتبة، أو أن يصلي ركعتين وينوي بها التحية والراتبة، وللتفاصيل راجع الفتاوى التالية: 11048 1229 16226 21889 19946 6579
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(11/9136)
صفة الصلاة التي تنوب عن تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن أصلي تحية المسجد لصلاة (العصر , الظهر) في حالة أني دخلت المسجد بعد نهاية صلاة الجماعة - أي أني سأصلي بمفردي -؟ علما أني سأصلي النوافل في المسجد ثم الفرض.
ولكم جزيل الشكر....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل صلاة يؤديها الداخل إلى المسجد سواء كانت فرضاً أو راتبة أو تطوعاً مؤادة كانت مقضية أو منذورة،
تنوب عن تحية المسجد، شريطة أن تكون هذه الصلاة ركعتين فأكثر، فلو صلى على جنازة أو سجد لتلاوة أو صلى ركعة لم تحصل التحية لصريح الحديث " إذا دخل أحدكم المسجد فليصل ركعتين قبل أن يجلس "
ويحصل له أجر التحية والفريضة أو التحية والمندوب إذا نوى الصلاتين معاً.
يقول السيوطي في الأشباه والنظائر: لو أحرم بصلاة ونوى بها الفرض والتحية صحت وحصلا معاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(11/9137)
حكم تحية المسجد حال وجود حلقة قرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يكون هناك حلقة في مسجد {حلقة تعليم القرآن الكريم} فهل يجوز صلاة ركعتي تحية المسجد أم الاستماع للحلقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن دخل المسجد فوجد حلقة علم أو قرآن، فإنه يصلي تحية المسجد ثم يجلس في الحلقة إذا شاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. رواه البخاري ومسلم.
وحديث: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين وليتجوز فيهما. رواه مسلم.
فإذا كان هذا والإمام يخطب الجمعة، فأولى أن تفعل حال وجود حلقة القرآن أو العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(11/9138)
لمقصود من تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا دخلت المسجد ووجدت صلاة جماعه قائمة وصليت معهم هل أصلي بعد ذلك تحية المسجد أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعلته من دخولك مع الإمام وتركك لتحية المسجد هو الصحيح، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. رواه مسلم وغيره.
وتجزئك صلاة الفريضة تلك عن تحية المسجد فلا تطالب بها، لأن المقصود من تحية المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(11/9139)
تحية المسجد مقدمة على مجلس العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل إذا تلي القرآن يكون الاستماع له فرضا. وهل تسقط سنة تحية المسجد في وقت تلاوته إذا كان كذلك؟
وهل تكون الأسبقية لتحية المسجد أم لدرس العلم إذا كان يلقى؟ ولكم خير الجزاء إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم الاستماع والإنصات لقراءة القرآن على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه مستحب وهو مذهب الجمهور وحكاه ابن المنذر إجماعاً.
القول الثاني:- وهو المعتمد لدى الحنفية أنه فرض كفاية.
القول الثالث: ما ذهب إليه بعض الحنفية- وهو أنه فرض عين، وانظر في ذلك: الآداب الشرعية لابن مفلح 317/2، تبين الحقائق شرح كنز الدقائق 332/1، الموسوعة الفقهية الكويتية، مادة استماع.
واستدل الحنفية بقوله تعالى: وَإِذَا قرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204] .
وأجاب الجمهور بأنها في الصلاة كما ورد ذلك عن أبي هريرة ومعاوية بن قرة ومجاهد والحسن والنخعي والضحاك، روى ذلك عنهم عبد الرزاق في مصنفه 2/ 363، أما تحية المسجد فإنها مستحبة في قول جماهير أهل العلم، ومن دخل المسجد وفيه حلقة ذكر أو تلاوة فإنه يصلي ركعتين ثم يجلس، لقوله صلى الله عليه وسلم، لسليك الغطفاني حيث دخل حال الخطبة فجلس: يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما. رواه مسلم وأصله في البخاري.
وتحية المسجد مقدمة على الجلوس في مجلس العلم، ويدل على ذلك حديث المسيء صلاته الذي رواه البخاري ومسلم حيث إن الرجل كان يصلي ركعتين ثم يأتي على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1423(11/9140)
كيف تحصل على أجر سنتين بصلاة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا دخلت المسجد أصلي أولاً تحية المسجد ثم الوضوء ثم الراتبة أم أجمعهم بنية الثلاث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنك إذا دخلت المسجد جاز لك صلاة سنة الوضوء أو الراتبة، وتجزئ كل واحدة منهما عن تحية المسجد إذا كانت النية الأساسية لغير تحية المسجد. وتؤجر أجرين: أجر الراتبة أو سنة الوضوء وأجر تحية المسجد.
ولا تجزئ تحية المسجد عن سنة الوضوء أو الراتبة، كما أنه لا تجزئ واحدة منهما عن الأخرى، وراجع في ذلك الفتوى رقم:
11048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(11/9141)
تحية المسجد ... أم الجلوس في مجلس العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل إذا تلي القرآن يكون الاستماع له فرضا. وهل تسقط سنة تحية المسجد في وقت تلاوته إذا كان كذلك؟
ثم هل تكون الأسبقية لتحية المسجد أم لدرس العلم إذا كان يلقى؟ ولكم خير الجزاء إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مذهب جماهير العلماء أن الإصات إلى قراءة القرآن مستحب لا واجب إلا في الصلاة. فيجب على المأموم الاستماع والانصات لقراءة الإمام، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الإنصات مطلقاً، وقد سبق في ذلك فتوى مفصلة برقم:
14575 فليرجع إليها.
ولا تسقط تحية المسجد للاستماع إلى قراءة القرآن ولا للجلوس في مجلس العلم، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم: سليكاً الغطفاني بأن يقوم فيصلي ركعتين، وكان قد دخل وقت الخطبة فجلس. والحديث في الصحيحين وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1423(11/9142)
تحية المسجد مستحبة غير واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله: (إذا دخل أحدكم المسجد فليصلِ ركعتين ثم يجلس) هل هذا الحديث يفيد الوجوب أم الاستحباب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث يفيد الندب، قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: (واتفق أئمة الفتوى على أن الأمر في ذلك للندب، ونقل ابن بطال عن أهل الظاهر الوجوب، والذي صرح به ابن حزم عدمه. ومن أدلة عدم الوجوب قوله صلى الله عليه وسلم للذي رآه يتخطى: "اجلس، فقد آذيت".
ولم يأمره بصلاة، كذا استدل به الطحاوي وغيره) . ا. هـ الفتح 1/138.
وقال النووي في شرح الحديث السابق: (فيه استحباب تحية المسجد بركعتين، وهي سنة بإجماع المسلمين، وحكى القاضي عياض عن داود وأصحابه وجوبهما، وفيه التصريح بكراهة الجلوس بلا صلاة، وهي كراهة تنزيه) . ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1423(11/9143)
هل تجزئ تحية المسجد عن السنة الراتبة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل إذا صلى المصلي صلاة تحية المسجد يمكن له أن لا يصلي الصلاة الراتبة؟
جازاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتحية المسجد لا تجزيء عن السنة الراتبة، ولا غير الراتبة، بينما تجزيء السنة والفرض عن تحية المسجد، لأن المقصود من تحية المسجد أن يبدأ الداخل إلى المسجد بالصلاة، وقد وجدت بالسنة أو الفرض.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(11/9144)
تحية المسجد سنة تصلى في أي مكان منه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل هناك نص يحدد فعل تحية المسجد في الصفوف الثلاثة الأولى من المسجد؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحية المسجد من السنة التي أمرنا بها نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه قال: دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين ظهراني الناس قال: فجلست، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس؟ قلت: يا رسول الله، رأيتك جالساً والناس جلوس. قال: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين".
وقد فصل الفقهاء في أحكام تحية المسجد تفصيلات كثيرة، ولم يذكروا في هذه التفصيلات أنها لا تصلى إلا في الصفوف الأولى، بل إن كل مكان من المسجد تصلى فيه، لأن الحديث يقول: " إذا دخل أحدكم المسجد ... " فبمجرد دخول المسجد وإرادة الجلوس فيه يسن للداخل الصلاة، بل إن بعض فقهاء المالكية نصوا على أنه يسن لداخل المسجد أن يصلي تحية المسجد عند أول نقطة دخلها، محتجين بأنها قائمة مقام التسليم، والداخل يسلم عند بداية الدخول وليس بعدما ينتهي من الدخول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1423(11/9145)
تحية المسجد الحرام تختلف باختلاف النية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما قمت بتأدية العمرة وحين انتهيت من الطواف لم أقدر في نفس اليوم أن أسعى بين الصفا والمروة..فقمت بالسعي بعد يومين وكنت أدخل المسجد الحرام في اليومين قبل السعي فأصلي ركعتين بنية تحية المسجد الحرام. فهل هذا صحيح؟ أم أنني كان لا بد أن أطوف في كل مرة دخلت فيها المسجد في هذين اليومين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تأخير السعي عن الطواف بلا عذر مكروه، وإذا طال الفصل يُسن إعادة الطواف مع السعي، فإذا لم يُعد فلا شيء على من فعل ذلك. وإذا قدم الشخص إلى مكة لأول مرة سواء كان حاجاً أو معتمراً أو غيرهما فإن تحية المسجد الحرام في حقه الطواف، إلا أن يخشى فوات صلاة مكتوبة أوجماعتها أو سنة مؤكدة، فيقدم ذلك عليه، أما من دخل المسجد الحرام للصلاة أو لقراءة القرآن أو للعلم أو لأي غرض آخر سوى الطواف، فتحية المسجد الحرام في حقه هي ركعتان كغيره من المساجد، فعمل السائل صحيح في صلاته تحية المسجد ركعتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1423(11/9146)
هل يقوم الطواف مقام تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي تحية المسجد الحرام للمعتمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحية المسجد الحرام للقادم من خارج مكة هي الطواف، سواء كان معتمراً أو غير معتمر، إلا أنه بالنسبة للمعتمر يقوم طواف العمرة مقام طواف التحية، وطواف العمرة ركن من أركانها.
وراجع الفتوى رقم: 16425، والفتوى رقم: 742.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1423(11/9147)
من لم ينو الطواف فليصل ركعتي تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الذهاب لأداء العمرة. وبعد تأدية الطواف ولكن قبل السعي بين الصفا والمروة. هل عند دخول الحرم لتأدية صلاة ما لا بد من الطواف بالبيت حيث إنه قيل لي إنه لا بد من الطواف بالبيت عند دخول الحرم حيث إن تحية المسجد الحرام الطواف وليس تأدية ركعتين؟ فهل هذا صحيح ويجوز في العمرة قبل السعي والانتهاء من المناسك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب ولا يجب في حق القادم إلى مكة أن يبدأ بالطواف إذا دخل المسجد الحرام، لأنها تحية البيت في حقه، أما غير القادم من خارج مكة، فتحية البيت في حقه صلاة ركعتين؛ إن لم ينو الطواف عند دخوله، قال النووي في المجموع (قال أصحابنا: والابتداء بالطواف مستحب لكل داخل، سواء كان محرماً أو غيره) انتهى.
وقال الحطاب في مواهب الجليل " (وأما غير القادم إذا دخل المسجد الحرام ونيته الصلاة في المسجد، أو مشاهدة البيت الشريف ولم يكن نيته الطواف، فإنه يصلي ركعتين إن كان في وقت تحل فيه النافلة) " انتهى.
والحاصل أن من جاء معتمراً فإنه ينبغي له أن يبدأ بالطواف، ثم بعد إكماله يصلي ركعتين خلف المقام، ثم يشرب من ماء زمزم، ثم يبدأ بالسعي بين الصفا والمروة.
وإذا أخر السعي وخرج من المسجد ثم عاد إليه ولم ينو الطواف فإنه يصلي تحية المسجد ركعتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1423(11/9148)
تحية المسجد من السنن ذوات الأسباب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تحية المسجد تعتبر من السنه الراتبة مثل سنة الظهر هل أصليها أربعاً أم أصلي ستاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتحية المسجد ليست من السنن الرواتب وإنما هي من السنن ذوات الأسباب، وهي ركعتان، ومن نوى تحية المسجد مع السنة نال أجر الصلاتين، وانظر الفتوى رقم:
1229 والفتوى رقم: 5276
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1423(11/9149)
عدد ركعات تحية المسجد ومتى تصلى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى صلاة تحية المسجد وهل تصلى بعد أذان العصر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتحية المسجد هي صلاة ركعتين فيه قبل الجلوس، وتسن صلاتهما للداخل حتى في أوقات الكراهة، لأنها صلاة ذات سبب لا يتناولها النهي، كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
3953
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1423(11/9150)
لم يجد مكانا يصلي فيه تحية المسجد أثناء خطبته
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل دخل المسجد في صلاة الجمعة ووجده قد امتلأ بالمصلين فلم يتمكن من أداء تحية المسجد فهل يشرع له الجلوس مباشرة أم يبقى واقفا حتى إقامة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحية المسجد سنة مؤكدة في حق من دخل المسجد متوضئاً مريداً للجلوس، لما روى مسلم في صحيحه عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم المسجد، فليركع ركعتين قبل أن يجلس" وفي رواية أخرى: "فلا يجلس حتى يركع ركعتين" وهذا ما لم يكن الوقت وقت نهي، فإذا وافق دخوله المسجد وقت نهي وهي ثلاثة أوقات: من بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وترتفع قدر رمح، وحين يقوم قائم الظهيرة إلى أن تزول الشمس، ومن بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس- فقيل: لا يجوز أن تصلي، وبه قال الحنفية والمالكية والحنابلة تقديما لعموم الحاظر على عموم المبيح، وذهب الشافعية إلى أنه يصليها لأنها صلاة ذات سبب، وهذا القول الأخير هو الذي نرى رجحانه.
وتشرع صلاتها والإمام يخطب يوم الجمعة، لحديث جابر رضي الله عنه قال: (دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله وسلم يخطب، فقال: "أصليت ركعتين؟ " قال: لا، قال: "قم فصل ركعتين" رواه البخاري.
وتتأدى تحية المسجد بصلاة فرض أو نفل آخر، لأن المقصود هو شغل البقعة بالصلاة، وقد حصل، ولا تسقط التحية بالجلوس، بل يجوز له القيام لصلاتها، وإن طال الوقت عند الجمهور لحديث جابر السابق، سواء كان جلوسه بعذر أو بدون عذر كأن يكون المكان مزدحماً ثم يخف الزحام، أو دخل في وقت كراهة فيجلس حتى يزول، إذا قلنا بكراهة التحية في أوقات النهي.
وبناء على ما سبق، فإنه يجوز لك الجلوس إذا تعذر عليك أن تصلي التحية، فإن تمكنت من صلاتها قبل إقامة الجمعة فصلها، وإن لم تتمكن فلا شيء عليك.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1422(11/9151)
حكم تحية المسجد للمسافر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة تحية المسجد للمسافر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة تحية المسجد سنة لمن دخل المسجد وأراد الجلوس، سواء أكان حاضراً مقيماً، أو كان مسافراً، إلا إذا دخل في الصلاة المكتوبة قبل جلوسه، فإن ذلك يسقط عنه تحية المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1422(11/9152)
حكم صلاة ركعتين بنية تحية المسجد وسنة الوضوء وركعتي الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من أحد الإخوة في إحدى المحاضرات أنه يجوز أن ننوي للصلاة نيات متعددة أي مثلا: ننوي أن نصلي تحية المسجد وأن ننويها أيضا استخارة أو صلاة حاجة فما صحة ذلك وهل يجوز أن أنوي صلاة الشفع بنيات متعددة أيضاً، مثلاً أن أنويها صلاة شفع وصلاة حاجة أو استخارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحية المسجد كما تؤدى بركعتين مستقلتين، فإنها تتأدى بالفرض، أو بالنفل، أي لا يشترط فيها أن تصلى ركعتين مستقلتين، بل إذا صلى ركعتين بنية الراتبة، أو غير الراتبة، أو صلى صلاة الفرض أجزأه ذلك، وحصل له ما نوى، وحصلت تحية المسجد، ولا خلاف في هذا بين فقهاء المذاهب الأربعة.
أما غير تحية المسجد كالاستخارة، وسنة الوضوء، والرواتب، ونحو ذلك، فإن تحية المسجد لا تجزئ عنها هي ولا الفرض، ولا يجزئ بعضها عن بعض، بل لا تتم إلا بأداء كل صلاة فيها أداءً مستقلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1422(11/9153)
ما حكم تحية المسجد للخطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
هل تحية المسجد على الخطيب واجبة أم أنه فور دخوله المسجد يعتلي المنبر؟ وهل تصلي تحية المسجد حتى وإن كان الإمام يخطب وهل هي خاصة بصلاة الجمعة أم كل الأوقات؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة أن يرقى الخطيب على المنبر مباشرة، ولا يبدأ بتحية المسجد. وهذا هو الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله.
أما غير الإمام فعليه أن يصلي تحية المسجد قبل أن يجلس، سواء كان ذلك في وقت خطبة الجمعة، أو في غيرها، إلا إذا أقيمت الصلاة، وليست تحية المسجد خاصة بصلاة الجمعة بل تصلى إذا دخل العبد إلى المسجد لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس " رواه الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1422(11/9154)
تحية المسجد مقدمة على تحية الحاضرين
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت إلى المسجد من أجل الصلاة فوجدت فيه بعض المصلين الجالسين انتظارا لإقامة الصلاة فقلت لهم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد علي بعضهم، واعترض أحد الجالسين بأن هذا العمل لا يجوز إنما الواجب الدخول في الصلاة " تحية المسجد " لأنها تحية رب العالمين، والسلام حق للمخلوق، وحق الله مقدم على حق المخلوق 0 فنرجو الإفادة مع ذكر الدليل ومن القائل به من المذاهب الأربعة؟ وجزاكم الله خيرا كثيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليعلم الأخ الكريم أن الأمر في البدء بتحية المسجد قبل السلام على من في المسجد، أو العكس لا يصل إلى درجة ما ذكره المعترض، لعدم وجود نص صريح من الشارع في ذلك.
والأولى أن يبدأ الداخل بتحية المسجد، ثم السلام على الحاضرين، وللإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - كلام في ذلك جميل، وإليك نصه من كتابه (زاد المعاد) قال:
(ومن هديه صلى الله عليه وسلم أن الداخل إلى المجسد يبتدئ بركعتين تحية المسجد، ثم يجيء فيسلم على القوم، فتكون تحية المسجد قبل تحية أهله، فإن تلك حق الله تعالى، والسلام على الخلق هو حق لهم، وحق الله في مثل هذا أحق بالتقديم، بخلاف الحقوق المالية، فإن فيها نزاعاً معروفاً، والفرق بينهما حاجة الآدمي، وعدم اتساع الحق المالي لأداء الحقين، بخلاف السلام.
وكانت عادة القوم معه هكذا، يدخل أحدهم المسجد، فيصلي ركعتين، ثم يجيء، فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاء في حديث رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد يوماً قال رفاعة: ونحن معه، إذ جاء رجل كالبدوي فصلى، فأخف صلاته، ثم انصرف، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وعليك فارجع، فصل، فإنك لم تصل ... ". وذكر الحديث فأنكر عليه صلاته، ولم ينكر عليه تأخير السلام عليه إلى ما بعد الصلاة، وعلى هذا: فيسن لداخل المسجد إذا كان فيه جماعة ثلاث تحيات مترتبة: أن يقول عند دخوله: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم يصلي ركعتين تحية المسجد، ثم يسلم على القوم) . زاد المعاد ج2 ص 376.
وليعلم أن تحية المسجد سنة مستحبة غير واجبة عند جمهور أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1422(11/9155)
سلم على من لقيته قبل صلاة تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[عند دخول المسجدهل أبدأ بتحية المسجد أم أسلم على المصلين ومن ثم تحية المسجد؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من دخل المسجد ولقي في طريقه إلى موضع صلاته أحداً من المسلمين سلم عليه، لأن السلام من حقوق المسلم على المسلم، قال صلى الله عليه وسلم: "حق المسلم على المسلم ست" قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: "إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه" رواه البخاري ومسلم، وأحمد، والترمذي وغيرهم.
وإن لم يلق أحداً، وتوجه إلى سارية أو إلى الصف الأول ليصلي فيه، فإنه يقدم صلاة تحية المسجد، لما رواه الجماعة عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1422(11/9156)
قطع التحية إذا أقيمت المكتوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يصلي تحية المسجد أثناء إقامة الصلاة؟ وما كيفية قطع النافلة إذا أقيمت المفروضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة، وقد استدل كثير من العلماء بهذا الحديث على كراهة الإتيان بنافلة حال إقامة الصلاة، قال النووي: (قال الشافعي والأصحاب: إذا أقيمت الصلاة كره لكل من أراد الفريضة افتتاح نافلة، سواء كانت سنة راتبة لتلك الصلاة، أو تحية مسجد، أو غيرهما لعموم هذا الحديث، وسواء فرغ المؤذن من إقامة الصلاة أم كان في أثنائها، وسواء علم أنه يفرغ من النافلة ويدرك إحرام الإمام أم لا، لعموم الحديث، هذا مذهبنا، وبه قال عمر بن الخطاب، وابنه، وأبوهريرة، وسعيد بن جبير وابن سيرين، وعروة بن الزبير، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وحكى ابن المنذر عن ابن مسعود أنه صلى ركعتي الفجر والإمام في المكتوبة. وقالت طائفة: إذا وجده في الفجر ولم يكن صلى سنتها يخرج إلى خارج المسجد فيصليها، ثم يدخل فيصلي معه الفريضة… وقال مالك مثله إن لم يخف فوات الركعة، فإن خافه صلى مع الإمام. وقال سعيد بن عبد العزيز وأبو حنيفة: إن طمع أن يدرك صلاة الإمام صلاهما في جانب المسجد، وإلا فليحرم معه) المجموع (4/ 109) وانظر المغني (1/498) والتمهيد لابن عبد البر (22/70) ومواهب الجليل (2/ 89) ، وشرح فتح القدير لابن عبد الواحد (1/477) .
والحاصل أن النهي قد ثبت عن ابتداء نافلة من حين إقامة الصلاة، ومن العلماء من حمل النهي على الكراهة، ومنهم من حمله على التحريم، ومنهم من قيد النهي بما إذا خيف فوات ركعة والراجح- والله أعلم- هو التحريم مطلقاً وذلك لسببين: الأول: أن الأصل في النهي أن يكون للتحريم فلا يصرف عنه إلا بدليل صارف، ولا صارف هنا.
الثاني: أن قوله "لا صلاة" نكرة مبنية واقعة في سياق نفي، فهي نص في العموم الشامل لمن خاف فوات الركعة، ومن لم يخف فواتها، بل إنها تعم من أقيمت عليه الصلاة وهو في أثناء النافلة فعليه أن يقطع النافلة هو الآخر حصل ركعة أم لا.
أما كيفية قطع النافلة إذا أقيمت الفريضة فتكون بالسلام أو أي مناف آخر، أو بمجرد الانصراف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9157)
من نوى تحية المسجد مع السنة نال أجر الصلاتين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أصلي تحية المسجد عندما أدخل المسجد لصلاة المغرب.. (قبل الغروب) وصلاة الصبح بعد طلوع الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت دخلت قبل الغروب بيسير فالأولى أن تنتظر حتى تغيب الشمس فتصلي، خروجاً من الخلاف وجمعاً بين الأحاديث التي فيها النهي عن الصلاة بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس والتي فيها الأمر بتحية المسجد. وإن كنت دخلت قبل الغروب بكثير فصل تحية المسجد، لأن الراجح أن النوافل ذوات السبب كتحية المسجد لا يتناولها النهي. فإن الأمر بها مخصص للنهي العام.
وإذا دخلت بعد الغروب وقبل الصلاة، فإنك تصلي ركعتين، فعن عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا قبل المغرب قال في الثالثة لمن شاء" رواه البخاري. وهاتان تجزئان عن تحية المسجد.
وأما ما يتعلق بصلاة الصبح فإن كان دخولك المسجد بعد طلوع الفجر فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى كراهية التنفل قبلها بغير سنتها، ودليلهم على ذلك ما رواه أبو داود في سننه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليبلغ شاهدكم غائبكم لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين" وذهب بعضهم إلى جواز صلاة تحية المسجد وغيرها من ذوات الأسباب.
وهو الراجح ولكن من دخل المسجد فصلى ركعتي سنة الفجر أجزأتاه عن تحية المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1422(11/9158)
حكم صلاة تحية المسجد في وقت النهي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أصلي تحية المسجد عندما أدخل المسجد لصلاة المغرب وصلاة الصبح بعد طلوع الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت دخلت المسجد قبل الغروب بيسير فالأولى أن تنتظر حتى تغيب الشمس فتصلي ركعتين خروجاً من الخلاف وجمعاً بين الأحاديث التي فيها النهي عن الصلاة بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس والتي فيها الأمر بتحية المسجد، وإن كنت دخلت قبل المغرب بكثير فصل تحية المسجد.
وأما تحية المسجد بعد طلوع الفجر فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى كراهية التنفل قبلها بغير سنتها، ودليلهم في ذلك ما رواه أبو داود من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال "ليبلغ شاهدكم غائبكم لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين" والحديث حسن.
وذهب الشافعية وبعض الحنابلة وجماعة من المحققين من أهل العلم مثل ابن تيمية وابن القيم والشوكاني وغيرهم كثير، إلى جواز صلاة التحية وغيرها من ذوات الأسباب. والراجح إن شاء الله أن النوافل ذوات الأسباب كتحية المسجد لا يتناولها النهي فإن الأمر بها مخصص للنهي العام.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1422(11/9159)
تحية المسجد في المسجد الصغير والمصلى كحكمها في الجامع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن تؤدى تحية المسجد في المصلى علما بأن عدد المصلين به لا يزيد عن عشرة أشخاص ولا تقام به صلاة جمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: تحية المسجد مندوبة وهذا الحكم عام في كل المساجد قلت جماعتها أو كثرت لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، ولفظ المسجد معرف بـ (أل) فهو يعم جميع المساجد، وإنما حمل العلماء النهي هنا على الكراهة ولم يحملوه على التحريم لأنه قد ثبت في أحاديث كثيرة أن الصلوات التي افترضها الله على عباده إنما هي الصلوات الخمس المعروفة ومن ذلك حديث الأعرابي الذي في صحيح مسلم وهو أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما افترضه الله عليه من الصلاة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة فقال له الأعرابي: هي علي غيرها فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: لا إلا أن تطوع. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9160)
لا بأس بصلاة تحية المسجد وقت الأذان لمتابعة خطبة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند الدخول للمسجد في يوم الجمعة والمؤذن ينادي للصلاة النداء الثاني أيهما أولى متابعة المؤذن، أم أداء تحية المسجد حيث أستطيع متابعة الخطبة من بدايتها ... والله الموفق والهادي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصبحه أما بعد: فإذا دخلت إلى المسجد يوم الجمعة والمؤذن في النداء الثاني فصل ركعتين خفيفتين تحية المسجد، واجلس حتى ولو كان المؤذن يؤذن، لأن المقصود الأهم هو خطبة الجمعة، ومتابعة المؤذن سنة.
ثم اعلم بارك الله فيك أن التقصير في المبادرة إلى الجمعة يفوت خيرا عظيما اختص به هذا اليوم المبارك في هذا الوقت المبارك، فقد ورد في الأحاديث الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم الحث على التبكير لأداء صلاة الجمعة، وأنه من راح في الساعة الأولى فكأنما قرّب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة – ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرّب بيضة. فإذا صعد الإمام المنبر طوت الملائكة الصحف – ولم ترفع أسماء الذين يحضرون إلى الجمعة بعد هذا الوقت، فاحرص على الخير وسارع إليه. بارك الله فيك. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9161)
تجزئ السنة الراتبة عن تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[عند دخول المسجد للصلاة يستحب أن نصلي أولاً ركعتين تحية المسجد، ولكن اذا أتيت إلى المسجد ولم يبق لإقامة الصلاة سوى القليل من الوقت، بحيث يتسنى لى صلاة ركعتين فقط، فهل أصلي السنة مثل سنة الظهر مثلاً، أم أصلي تحية المسجد أولاً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يسن لمن دخل المسجد ألا يجلس حتى يصلي ركعتين قبل جلوسه، لما روى أبو قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" متفق عليه.
فإذا جلس قبل الصلاة سن له أن يقوم فيصلي ركعتين، لما روى جابر قال: جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال: "يا سليك، قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما" رواه مسلم. فإذا دخل المسجد وصلى السنة الراتبة أجزأته عن تحية المسجد، لأن المقصود أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9162)
المسجد الحرام تحيته الطواف
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية المسجد الحرام الطواف والمساجد الأخرى صلاة ركعتين، فكم شوطاً نطوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فكما قلت أيها الأخ السائل فإن تحية المسجد الحرام الطواف، وتحية بقية المساجد صلاة ركعتين، وبقي الإشكال عندك في عدد الأشواط، فنقول: الطواف سبعة أشواط دائماً، سواء كان فرضاً أو نفلاً، لا يقل عن ذلك. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9163)
حكم تحية المسجد ومايقرأ فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقرأ في صلاة تحية المسجد الفاتحة وسورة أخرى أم الفاتحة فقط؟ وفقكم الله والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإنه يسن لمن دخل المسجد أن يصلي ركعتين، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين". وهي سنة وليست بواجبة على الصحيح من أقوال أهل العلم. ومن صلى هاتين الركعتين، فإن شاء قرأ الفاتحة وسورة بعدها، وهو الأفضل، وإن اقتصر على الفاتحة فقط فصلاته صحيحة. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9164)
هل تجزئ ركعتا الفجر عن تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخي الفاضل: بعد تأدية صلاة سنة الفجر في البيت ثم الذهاب إلى المسجد قصد صلاة الفجر فيه هل يجوز لي أن أصلي ركعتي تحية المسجد أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يسن لمن دخل المسجد ألا يجلس حتى يصلي ركعتين قبل جلوسه، سواء كان قد صلى راتبة هذه الصلاة في البيت قبل مجيئه إلى المسجد أم لا. لما روى أبو قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" متفق عليه. فإذا جلس قبل الصلاة سن له أن يقوم فيصلي ركعتين، لما روى جابر قال: جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال: "يا سليك، قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما. رواه مسلم. فإذا دخل المسجد وصلى السنة الراتبة أجزأته عن تحية المسجد، وإن كان قد صلاها، كانت هاتان الركعتان تحية المسجد، لأن المقصود أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9165)
هل للرؤيا التي يراها المستخير تعلق بالاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بصلاة الاستخارة من أجل عقد الزواج على فتاة فرأيت في المنام الماء الصافي يخرج من خدي الأيمن وخدي الأيسر على شكل ينابيع، علما بأنني استخرت لنفس الموضوع في مرات سابقة فرأيت كأنني في مرجل موقود في أسفله، فهل تتغير الرؤية في الاستخارة من مرة لأخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس من اختصاص الموقع تعبير الرؤيا فنرجو مراجعة بعض المتخصصين في تعبير الرؤيا لعلهم يفيدونك في تفسير ما رأيت، واعلم أن الرؤيا ليست مصدرا يجزم به في التقدم أو التأخر لما استخير فيه، فقد تكون لها علاقة بالموضوع وقد لا تكون لها علاقة به، والضابط عند أهل العلم في التقدم أو التأخر فيما استخير فيه هو انشراح الصدر أو عدمه وتيسر الأمر، قال النووي: إذا استخار مضى لما شرح له صدره. انتهى.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 51040، 45330، 113682، 34394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1430(11/9166)
هل تشرع الاستخارة للشفاء أو لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الممكن صلاة الاستخارة للشفاء من داء بسيط أو لرؤية نبي؟ وأرجو منكم إخواني شرح كيفية صلاة الاستخارة بالتفصيل فأنا وجدتها على موقعكم لكن بارك الله فيكم عند ما أأتي للتطبيق العملي لا أستطيع فعل شيء. بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الاستخارة إنما تشرع إذا هم العبد بالأمر من أموره كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فيستخير العبد ربه مفوضا إليه متوكلا عليه عالما أنه تعالى يختار لعبده ما هو الخير والمصلحة، وأما صلاة الاستخارة بقصد الشفاء من مرض أو حصول رؤيا صالحة فلا نعلم ما يدل على مشروعيتها، وعلى من أراد الشفاء من مرض أن يستعمل الرقى الشرعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يجتهد في الدعاء مع الحرص على التداوي المأمور به شرعا، ومن أراد حصول رؤيا صالحة فينبغي أن يأخذ بأسباب ذلك من صدق الحديث والنوم على طهارة وغير ذلك مما نبه عليه العلماء، وإن كنت أردت السؤال عن صلاة الحاجة، فإنها مشروعة فيندب للإنسان أن يصلي ركعتين ثم يدعو بعدهما بقضاء حاجته.
قال في مطالب أولي النهى: وتسن صلاة الحاجة إلى الله تعالى أو لآدمي وهما أي: صلاة الحاجة: ركعتان يركعهما ثم يثني على الله بعدها ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضى إلا قضيتها يا أرحم الراحمين. لحديث عبد الله بن أبي أوفى رواه ابن ماجه والترمذي وقال غريب. انتهى. وأما صفة صلاة الاستخارة فهي سهلة ميسورة، فما على العبد إلا أن يتوضأ ثم يصلي ركعتين فإذا فرغ منهما دعا بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ويسمي حاجته مكان قوله "هذا الأمر" من الزواج بفلانة أو التجارة الفلانية أو السفر إلى بلد كذا ثم يفوض أمره إلى الله مع استشارة الناصحين وما اختاره له الله فهو الخير، وقد بينا صفة صلاة الاستخارة في فتاوى كثيرة وفصلنا أحكامها بما تحسن بك مراجعته بالدخول إلى العرض الموضوعي في موقعنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(11/9167)
اختيار الله أفضل من اختيار العبد لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[استخرت الله في ترك عملي والانتقال لعمل آخر، تعسر الأمر بداية لكني سعيت حتى تم بعد تمامه بأشهر زاد الراتب في العمل القديم 50% وهو شيء كثير. فهل أخطأت بأن لم أتوقف عن السعي عند تعسر الأمر أم الأمر الصحيح أن أدعو في ركعتين من دون الفريضة ثم أسعى لتحقيق أمر ما بإذن الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في استخارتك لخالقك، وما ندم من استخار الخالق. وإذا كنت قد استخرت الله تعالى بصدق، وفوضت أمرك إليه، ثم أقدمت على أحد الأمرين، فلست بمخطئة؛ وإنما قد فعلت ما اختاره الله وقدره لك.
وليس بالضرورة أن يكون تعسر الأمر في أوله دليلا على عدم إرادة الله له؛ بدليل تحققه بعد ذلك بإرادة الله. فالحاصل أن الإنسان إذا أدى صلاة الاستخارة، فما عليه بعد ذلك إلا أن يفعل ما اتفق له، بدون التزام بأحد الأمرين.
قال ابن حجر في فتح الباري: واختلف فيما ذا يفعل المستخير بعد الاستخارة، فقال ابن عبد السلام: يفعل ما اتفق، ويستدل له بقوله في بعض طرق حديث بن مسعود في آخره (ثم يعزم) وأول الحديث: إذا أراد أحدكم أمرا فليقل ...
وقال النووي في الأذكار: يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح به صدره، ويستدل له بحديث أنس عند ابن السني (إذا هممت بأمر فاستخر ربك سبعا ثم انظر إلى الذي يسبق في قلبك فإن الخير فيه. وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد، لكن سنده واه جدا، والمعتمد أنه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان له فيه هوى قوي قبل الاستخارة. وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر حديث أبي سعيد (ولا حول ولا قوة إلا بالله)
وعلى ذلك، فلست مخطئة فيما اخترته بعد الاستخارة من فعل أو ترك، طالما أنك استخرت الله بصدق، ولم يكن اختيارك صادرا عن هوى مسبق.
واعلمي أن اختيار الله لك خيرٌ من اختيارك لنفسك، كما أن الخير ليس محصورا في زيادة الراتب، ثم ما يدريك لعل في بقائك في عملك شرا لا تدركينه.
وراجعي لمزيد الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 116923، 32377، 4823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1430(11/9168)
ماذا يفعل المرء بعد الاستخارة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أرغب في الزواج، صليت صلاة الاستخارة العديد من المرات، ولكنني لم أشعرـ لا بانشراح في صدري ولا بانقباضٍ فيه ـ وبقيت في حيرةٍ من أمري، وفي ليلة من الليالي ـ وبعد صلاة الاستخارة ـ رأيت في منامي أنني كنت راكباً أنا وهذه الفتاة في عربةٍ تجرها بعض الدواب، وبينما كنا نتجول في جبلٍ، إذ رأيت رجلين، أعتقد أن أحدهما من أهلي، ولكنني لم أتعرف على أحدٍ منهما، وهما يقتتلان وسال دم كثير على الأرض، فهل تعني هذه الرؤية أنني يجب أن أبتعد عن هذه الفتاة؟ أم أن هذا ليس هو المقصود بهذه الرؤية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس من اختصاصنا تعبير الأحلام، ونفيدك أن الاستخارة إذا عملها المسلم ينبغي أن يرضى بما قدره الله له من التقدم في الأمر أو تركه، فإذا رأيت أن الفتاة تصلح لما تريد من ناحية دينها وأخلاقها فتزوج بها، وإن لم تكن كذلك فاتركها، وأما الأحلام فلا يترتب عليها شيء، ولا يثبت بها شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(11/9169)
حكم الاستخارة للزواج من شخص لم يتقدم للخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي صلاة الاستخارة في موضوع زواجي من شخص أعجبني دون أن يخطبني أو يكلمني في موضوع الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مندوب إليها في الأمور المباحة، وهي تشرع عندما يتردد الإنسان بين أمرين ولا يدري أي الأمرين أصلح له، ففي حديث الاستخارة الذي رواه البخاري يقول صلى الله عليه وسلم: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل ...
فإذا تقدم هذا الشخص لخطبتك ندب لك الاستخارة في قبوله للزواج، أما إذا لم يتقدم لخطبتك فلا وجه للاستخارة في الزواج منه، إلا أن تستخيري في عرض نفسك عليه للزواج، إن كان ذا دين وخلق فهذا جائز، لأنه يجوز للمرأة أن تعرض نفسها على الرجل الصالح ليتزوجها، بضوابط مبينه في الفتوى رقم: 108281.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1430(11/9170)
لا يترتب على الرؤيا حكم شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الاستفسار عن موضوعين:
1- تقدم شاب لخطبتي فقمت بالاستخارة فحلمت مرّتين في الأولى أن والدي يسلّم على الشاب ويعانقه وفي المرّة الثانية حلمت أنني والشاب نوزّع دعوى الزفاف. ما معنى هذا؟
2-وأريد أن أعرف هل أهل الشاب يحبّونني. فهل تجوز الاستخارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه تشرع الاستخارة في الاستجابة لمن خطبك مهما كان حال أهله، وأما الرؤيا فلا يترتب عليها شيء وليس من اختصاصنا تعبيرها، وإذا كان الشاب مرضياً من ناحية الدين والأخلاق فينبغي الاستجابة له، لما في الحديث: إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه. رواه الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(11/9171)
الأحوال التي تشرع فيها الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أستخير؟ مع العلم بأنني مكتوب كتابي بالرغم أنني استخرت قبل الزواج، ولكن زوجي يريد مني أن أستخير أنا وهو بسبب كثرة المشاكل الآن بيننا، ولكني أخشى أن يتركني، فماذا أفعل أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مندوب إليها في الأمور المباحة، وهي تشرع عندما يتردد الإنسان بين أمرين ولا يدري أي الأمرين أصلح له، أما الأمور التي يتبين فيها وجه الصواب كالمأمورات والمنهيات الشرعية فلا استخارة فيها لتبين الصواب إما فعلاً وإما تركاً.
فإذا كنت تقصدين بالاستخارة طلب الطلاق من زوجك، فاعلمي أن طلب المرأة الطلاق دون مسوغ غير جائز، وعلى ذلك فلا تجوز لك الاستخارة إلا إذا كانت هناك أسباب تبيح لك الطلاق، وانظري هذه الأسباب في الفتوى رقم: 37112.
والذي ننصحك به أن تتفاهمي مع زوجك وتبحثا عن أسباب هذه المشاكل ويجتهد كل منكم في اجتناب هذه الأسباب، مع تجديد التوبة إلى الله والبعد عن المعاصي الظاهرة والباطنة والسعي في الإقبال على الله والمحافظة على الأذكار المشروعة وكثرة الدعاء والاستغفار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(11/9172)
هل تيسير الأمر علامة على قبوله
[السُّؤَالُ]
ـ[يصادفني في بعض أموري شيء من التعقيد، وفي نهاية الأمر لا يتم، أو يتم ويكون سيئ العاقبة. فهل هذا التعقيد من البداية إشارة إلى عدم القبول، فكان يجب علي ترك الأمر أم ماذا في الأمر؟ وهل فعلا التيسير علامة القبول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا ندري عن طبيعة الأمر الذي تقصده، وهل هو تعبدي أو عادي، ولكنا ننصحك في جميع أمورك بالاستخارة فيما يباح فعله، وأن تستعين بالدعاء، وتسأل الله تيسير أمورك، فتدعو بالدعاء المأثور الذي رواه ابن حبان: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا.
وادع بدعوة يونس، وبالاسم الأعظم بحضور قلب، وأنت موقن بقدرة الله وكرمه وصدقه وعده بالاستجابة لمن دعاه.
وثق أن الله أرحم بك من نفسك وأعلم بمصالحك، فهو إما أن يحقق لك ما أردت، أو يصرف عنك من السوء، أو يدخر لك في الجنة.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 63823، 103161، 116103، 120307، 119608.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1430(11/9173)
ليس من لوازم الاستخارة أن يرى المستخير رؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم شخص للزواج من ابنتي وقد صليت الاستخارة حوالي أسبوع متصل لم أرى شيئا إلا في أثناء نومي في ظهراليوم الثاني حيث رأيت أنني وجدت خاتما من الذهب صغير الحجم يهدى كهدية للأطفال حديثي الولادة، وكان على شكل قلب مكان الفص، وكان هذا الخاتم ملقى على الأرض والأرض متناثر عليها دبابيس خاصة بالدباسة، وعندما رآني أحد العاملين معي وهو باكستاني، سألني ما هذا؟ خبأت الخاتم وناولته بعض هذه الدبابيس.
فما معنى هذه الرؤيا مع الاستخارة؟ بارك الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرككم على الاتصال بنا، ونفيدكم أنه ليس من اختصاص مركز الفتوى تعبير الرؤيا، ثم إن الاستخارة المسنونة إذا عملها المسلم ليس من الضروري أن يرى رؤيا توضح له شيئا، بل ينبغي لمن عمل الاستخارة أن يتقدم لما يريد عمله كما قال النووي، فإن وفق لتنفيذه فليرض بما قدر له، وإن صرف عنه فلعل الخير في غيره.
فالمسلم في استخارته يقول: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خيرا فيسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به.
فعلى من دعا بهذا الدعاء أن يطمئن قلبه لما يحصل بعد الاستخارة، وراجع الفتويين رقم: 51040، 80674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1430(11/9174)
المستخير هل يمضي في أمره أم يعول على انشراح صدره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم من استخارت ربها في إتمام الزواج على أحد الأشخاص، ثم تيسر الأمر بصورة كبيرة، وتمت الخطبة، ولكن بعدها تغير قلبها لذلك الشخص، وقالت إنها قد صلت استخارة ثانية، ولا تحس برغبتها في إتمام الزواج؟
فهل معرفة الخير بعد الاستخارة يكون بالهوى النفسي أم بالتيسير طبقا لما في دعاء الاستخارة؟
وهل الشر يكون بصرف النفس عن الآخر أم بصرف الأخر عنه أم بكليهما؟
وأخيرا ما قولكم في الحديث الحسن بعدم ترك من ترضون دينه وخلقه؟ وهل تعاقب من تركت حسن الخلق وتيسير الله بعد استخارتها نظير إحساس لها بأن إتمام هذا الأمر لن يسعدها؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مندوب إليها في الزواج وغيره من الأمور المباحة، وقد تكلّم العلماء فيما يعتمده العبد بعد الاستخارة، هل هو انشراح الصدر وتيسّر الأمر؟ أم أنه يمضي في الأمر ولا يتركه إلا أن يصرفه الله عنه؟ والراجح عندنا أنّه يمضي في الأمر ولا يتركه إلا أن يصرفه الله عنه.
قال في مرعاة المفاتيح: واختلف في ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة. فقيل: يفعل ما بدا له ويختار أي جانب شاء من الفعل والترك، وإن لم ينشرح صدره لشيء منهما، فإن فيما يفعله يكون خيره ونفعه، فلا يوفق إلا لجانب الخير، وهذا لأنه ليس في الحديث أن الله ينشئ في قلب المستخير بعد الاستخارة انشراحاً لجانب أو ميلاً إليه. كما أنه ليس فيه ذكر أن يرى المستخير رؤيا أو يسمع صوتاً من هاتف أو يلقى في روعه شيء، بل ربما لا يجد المستخير في نفسه انشراحاً بعد تكرار الاستخارة، وهذا يقوي أن الأمر ليس موقوفاً على الانشراح. وفي الجملة المذكورة في الحديث إنما هو أمر للعبد بالدعاء بأن يصرف الله عنه الشر، ويقدر له الخير أينما كان، وهذا اختاره ابن عبد السلام حيث قال: يفعل المستخير ما اتفق، واستدل له بقوله في بعض طرق حديث ابن مسعود في آخره: ثم يعزم، وأول الحديث: إذا أراد أحدكم أمراً فليقل. وقال الشيخ كمال الدين الزملكاني: إذا صلى الإنسان ركعتي الاستخارة لأمر فليفعل بعدها ما بدا له سواء انشرحت نفسه له أم لا، فإن فيه الخير وإن لم تنشرح له نفسه. وليس في الحديث اشتراط انشراح النفس.
وأمّا عن قوله صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ. فهو يدلّ على أنّ المعيار الصحيح في اختيار الزوج هو الدين والخلق.
وأمّا عن رفض الفتاة لمن تقدّم إليها من ذوي الدين والخلق لشعورها بعد الاستخارة بأنّ هذا الزواج لن يسعدها، فإنّه وإن كان هذا ليس هو المسلك الصحيح، إلّا أنّه لا إثم عليها في ذلك، لكنّ المبالغة في هذا الأمر قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه من تقدّم العمر وتقليل فرص زواجها.
فالذي ننصح به هذه الفتاة أنه إذا تقدم إليها ذو دين وخلق ووجدت قبولا له، فعليها بالاستخارة، ثم لا تلتفت بعد ذلك لما يعرض لها من الشعور بالضيق، ما لم يستند إلى سبب واضح، ولتعلم أنها ما دامت صدقت في الاستخارة، فإن الله سيختار لها الخير، وسيصرف عنها الشر سواء بصرفها هي عن الشر أو بصرف الشر عنها.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 6253.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1430(11/9175)
يمضي العبد في ما استخار لأجله ولا يتركه إلا إن صرفه الله عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تقدم لي عريس: أخلاق، واحترام، ودين. شخص إلى الآن واضح أن به كثيرا من المواصفات التي تتمناها أي فتاة، المستوى الاجتماعى لا بأس به، المشكلة تكمن أنني منذ أن رأيته أول مرة قلت فى داخلي إنني لن أوافق عليه، وعندما سئُلت عن رأيي وافقت، لا أعلم ما سبب رفضي له؟ إنني لم أحس بقبول شكله من البداية، ولكن ما يحيرني أنني كلما جلست معه أحسست بقبول الشكل، ولكن نسبة قبولي لشكله ضئيله جداً، كل من حولي يمدحونه عداي لا أعرف ماذا أفعل؟ أخاف أن أرفضه لشكله فأحاسب من الله لأن الخلق بيد الله، ولكن أرجع أقول لنفسي إن أهم شيء فى قبول شخص أو رفضه هو الارتياح الشكلي فأرجوكم أريد المساعدة؟ وبالنسبة لصلاة الاستخارة لقد صليتها أكثر من مرة ولا زلت لا أعرف ماذا أفعل؟ فأرجو المساعدة سريعاً لأنني أريد أن أحصل على قرار، هناك مشكلة خطيرة لا أعلم كيف أقولها، وأنا فى الجامعة كنت أميل تجاه شاب وأحببته حبا جما، ولكن فى نفسي فقط لم أعبر عن هذا الحب له أبداً، بمعنى أنني لم أكلمه يوماً لا هو ولا غيره، وعندما تقدم لي هذا العريس صليت صلاة الاستخارة وكانت النتيجة أنني رأيت هذا الشاب من الجامعة فى منامي حزينا، وينظر إلي ويبتعد عني وأنا خفت أن يضيع من بين يدي فأسرعت وراءه وأنا أبكي بشدة، ووقفت بجانبه لا أفعل شيئا ولا حتى أكلمه، غير أنني ظللت أبكي فى الحلم. فهل هذا معناه أن أرفض هذا العريس أم أقبل أم ماذا أفعل؟ فبالرغم من أن هذا الشاب من الماضي، يعني حتى رؤيتي له صارت معدومة منذ سنتين. فأرجوكم ساعدوني هل أقبل أم أرفض؟ وأرجو بيان الشروط التي على أساسها يقبل أو يرفض عريس تبعا للأهمية؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في معيار اختيار الزوج هو الدين والخلق، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه الألباني.
وذلك لأن في صلاح الدين والخلق سعادة الآخرة والدنيا، ولكن ذلك لا يعني أنه لا يجوز لك اشتراط أمر غير الدين والخلق في الزوج، فمن حقك أن تشترطي مع الدين والخلق أموراً أخرى مباحة، وإذا رفضت من تقدم إليك لعدم قبولك لشكله فلا إثم ولا حرج عليك في ذلك، والذي ننصحك به إذا كان هذا الشاب ذا دين وخلق ووجدت في نفسك قبولاً له فلا تترددي في قبوله بعد استخارة الله عز وجل.
وبخصوص الاستخارة، فقد تكلم العلماء فيما يعتمده العبد بعد الاستخارة، هل هو انشراح الصدر وتيسر الأمر أم أنه يمضي في الأمر ولا يتركه إلا أن يصرفه الله عنه؟ وهذا الأخير هو الراجح عندنا وهو قول العز بن عبد السلام.
قال ابن حجر في فتح الباري: قال ابن عبد السلام: يفعل ما اتفق، ويستدل له بقوله في بعض طرق حديث ابن مسعود في آخره: ثم يعزم. فتح الباري.
وأما بخصوص الرؤيا التي رأيتها فلا علاقة لذلك بنتيجة الاستخارة، وانظري الفتوى رقم: 95059.
وعليك أن تجتهدي في إزالة تعلق قلبك بهذا الشاب، وذلك بالاستعانة بالله وعدم الاسترسال مع الأفكار والخواطر، مع كثرة الدعاء فإن الله قريب مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(11/9176)
انشراح الصدر وتفويض الأمر إلى الله بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام علي سيد البشرية ومعلمها.
جزاكم الله خيراً وجعل ما تتقدمون به من نصح للمسلمين في ميزان حسناتكم أما بعد:
لقد استخرت الله في أمر قبيل صلاة الفجر، وبعد أن فرغت من الصلاة هممت بالخروج من المنزل لسماع الأذان، وعند ما فتحت الباب رأيت مطراً، مع العلم بأنه ليس ذلك بمألوف في بلادنا في هذه الأشهر من السنة، فصليت على النبي صلوات ربي عليه وبدأت أدعو الله. سؤالي: هل رؤيتي للمطر دليل خير وإيجاب، علما بأن المطر خير وبركة من الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلاً يدل على أن نزول المطر من العلامات التي يستبشر بها العبد، ويعرف بها رجحان فعل ما استخار في فعله، ولكن ينبغي للعبد إذا استخار الله عز وجل أن يتوكل عليه ويفوض أمره إليه، ويرضى بما يختاره له ربه عز وجل، فيمضي فيما استخار من أجله، فإن تيسر كان تيسيره علامة على أنه خير، وإن لم يتيسر كان ذلك علامة على أنه لا خير له فيه، وكذا إذا انشرح صدره لفعل ما استخار من أجله، فإن انشراح الصدر علامة على كون هذا الأمر مما يرجى فيه الخير بإ ذن الله، قال ابن تيمية رحمه الله:
فإذا استخار الله كان ما شرح له صدره وتيسر له من الأمور هو الذي اختاره. انتهى.
قال علي القاري رحمه الله:
ويمضي بعد الاستخارة لما ينشرح له صدره انشراحاً خالياً عن هوى النفس. انتهى.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 118831، 120237، 64112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1430(11/9177)
الاستخارة ليست محلا للأحكام الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا نشكركم على ردكم في الفتوى رقم 119422 سيدي لقد تمت إجابتكم على فتواي يوم 23/03/209 أي بعد يوم القسم ب 12 يوم.. سيدي الفاضل لقد قامت أختي بصلاة استخارة قبل القسم فرأت أنها تمشي في أرض ملغومة أي كلها ألغام من دون أن تنفجر الألغام التي تدوس فوقها وعند انتهاء السير على هاته الأرض الملغومة وجدت إناء به ماء فتوضأت وذهبت يوم القسم الى المسجد وأقسمت دون لمس المصحف الكريم وقد جاء عدول الإشهاد وقالوا لها أقسمي بالله العظيم أنك لا تعرفين المسمى فلان أنه أخوك من الرضاعة. فأقسمت وقد أحست بسكينة وطمأنينة غريبة في نفسها سيدي هي تعلم مسألة الرضاعة لكن لا تعلم أنه أخوها في الرضاعة وهل من الممكن ان تعلم بكونه أخاها في الرضاعة وتوافق على الزواج به وقد علمت بعد الزواج ورجعت إلينا بعد علمها وقد حاولت مرضعتها أن تبقى معه إلى التأكد من فتوى الرضاعة. سيدي هل أختي آثمة أم لا وإذا هي آثمة هل من كفارة مع العلم أن قاضي الأسرة قال لطليقها تقسم أو لا تقسم ستعطيها حقوقها. ونأسف على الإزعاج..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنعلمك أيها السائل أن الأحكام الشرعية لا تجري فيها الاستخارة ولا يستفاد العلم بها منها, بل طريق العلم بالحكم الشرعي بالنسبة للعوام إنما يكون بسؤال أهل العلم المتخصصين تصديقا لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل: 43} .
قال القرطبي رحمه الله: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه ويحتاج إليه أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده فيسأله عن نازلته فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ، وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. انتهى. وراجع ما تتعلق الاستخارة به في الفتوى رقم: 93254.
وأيضا فإن الأحكام الشرعية لا تستفاد من الرؤى أو الأحلام المنامية كما بيناه في الفتوى رقم: 69803.
أما بالنسبة للقسم الذي أقسمته فإنه يرجع فيه إلى نية المستحلف (المحكمة) فإن كان قصد المحكمة الحلف على أنه لم يكن لها علم بكون هذا الرجل أخاها, فحلفت على ذلك فلا إثم عليها لأنها صادقة في قولها كما ذكرت.
أما إن كان القصد باليمين أنها لم تكن تعلم بأمر الرضاعة أصلا فإن أختك حينئذ تكون آثمة لأنها على علم بأمر الرضاعة وقد حلفت على الكذب.
مع التنبيه على أنه لا فرق في الحلف بالمصحف بين لمسه أو الحلف به دون لمسه فكلاهما يمين معتبرة شرعا ومغلظة بإحضار المصحف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(11/9178)
وقت صلاة الاستخارة وهل يمنع الكلام بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أفضل وقت لصلاة الاستخارة، وهل صحيح أنه بعد أن نصلي لا يجوز أن نكلم أحداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أن صلاة الاستخارة مشتملة على الدعاء، فلعل أفضل وقت لها هو حين يبقى ثلث الليل الأخير، لأن ذلك الوقت من أفضل أوقات الإجابة، ففي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟. وتجوز صلاتها في كل وقت إلا أوقات النهي، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 508.
وأما عدم الكلام بعدها فلم نقف له على أصل، فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه كيفية صلاة الاستخارة ودعاءها، ولم يرد في ذلك أنه أمرهم بعدم الكلام مع أحد بعد صلاتها، وانظري لذلك الفتوى رقم: 971.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1430(11/9179)
حكم الاستخارة في لبس النقاب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي استخارة في أمر أعتقده واجباً، كارتداء النقاب مثلاً مع كوني مقتنعة بفرضيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز الاستخارة في هذا الأمر، وذلك أن الاستخارة لا تكون في الواجب الذي لا خيرة للعبد فيه، وليس هو من الواجب الموسع الذي قد يستخير العبد في زمن فعله، ولا تكون في فعل الحرام كذلك، وارتداء النقاب واجب، وتركه حرام على الراجح من أقوال العلماء، وقد سبقت أدلة ذلك في الفتويين: 4470، 42، فلا تصح الاستخارة في ذلك.
وأما ما جاء في حديث الاستخارة عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا ... إلى آخر الحديث الذي رواه البخاري.
فقَوْله (فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا) قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة: (هُوَ عَامّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوص، فَإِنَّ الْوَاجِب وَالْمُسْتَحَبّ لَا يُسْتَخَار فِي فِعْلهمَا وَالْحَرَام وَالْمَكْرُوه لَا يُسْتَخَار فِي تَرْكهمَا، فَانْحَصَرَ الْأَمْر فِي الْمُبَاح وَفِي الْمُسْتَحَبّ إِذَا تَعَارَضَ مِنْهُ أَمْرَانِ أَيّهمَا يَبْدَأ بِهِ وَيَقْتَصِر عَلَيْهِ.
قال ابن حجر: قُلْت: وَتَدْخُل الِاسْتِخَارَة فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فِي الْوَاجِب وَالْمُسْتَحَبّ الْمُخَيَّر، وَفِيمَا كَانَ زَمَنه مُوَسَّعًا. انتهى من فتح الباري.
وقال ابن الحاج المالكي في المدخل: الاستخارة في فعل الواجب لا محل لها، وكذلك الاستخارة في ترك المحرم والمكروه.
وقال ابن عابدين الحنفي في حاشيته: الاستخارة في الواجب والمكروه لا محل لها.
وقال الشيخ ابن عثيمين: وأما الواجب فلا يستخير فيه؛ لأن الله قد حكم به وأوجبه.
وقد سبق وبينا ذلك في الفتويين: 61406، 67732.
وذكرنا كذلك الأمور التي تشرع فيها الاستخارة وكيفيتها في الفتويين: 72651، 79239.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(11/9180)
استخار الله تعالى فلم يتيسر له العمل في الشركة التي يريدها
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت الاستخارة لتغيير عملي لشركة أفضل بكثير من الشركة التي أعمل بها من حيث الراتب الأفضل وجو عمل جيد، وراتبي الحالي لا يكاد يكفي مستلزماتي أنا وزوجتي، وهي الآن حامل وأنا بأشد الحاجة لراتب يكفي. لكن بعد صلاة الاستخارة تعسر ذلك العمل، وبقيت في هذه الشركة وهذه الظروف. والصراحة بدأ إيماني يتزعزع وندمت ضمنيا على الاستخارة، وتمنيت لو أني انتقلت لتلك الشركة. فحالتي المادية غير جيدة وبحاجة للمال. أنا أعرف أن الاستخارة لا تأتي إلا بخير، ولكن كيف يكون هذا الخير؟ كيف وأنا بحاجة للمال وأبقى بنفس العمل؟ أم أن الخير هو في الآخرة لكسب حسنات بسبب ضيقي وهمي؟ لكن أنا اعلم أن الاستخارة لايمكن أن تبقي الإنسان في الشيء الذي يضره دنيويا. والفقر يضر بل إن النبي عليه الصلاة والسلام كان يتعوذ من الكفر والفقر، وأنا أدعو الله أن ييسر لي عملا بشركة أفضل. أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة دعاء بلفظ وحال مخصوص، ومن المعروف أن هناك موانع من الإجابة تكون من جهة الداعي نفسه، منها الشك في الإجابة والدعاء على سبيل التجربة، ومنها استيلاء الغفلة واللهو على القلب والجوارح؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ. رواه الترمذي وأحمد، وحسنه الألباني.
قال المناوي في (التيسير) : أي لا يعبأ بسؤال سائل مشغوف القلب بما أهمه من دنياه، قال الإمام الرازي: أجمعوا على أنّ الدعاء مع غفلة القلب لا أثر له. انتهى.
ومن الموانع التي ينبغي أن ينتبه إليها السائل: الاستعجال وترك الدعاء، كما قال صلى الله عليه وسلم: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي. متفق عليه.
قال ابن عبد البر في (التمهيد) : في هذا الحديث دليل على خصوص قول الله عز وجل: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وأن الآية ليست على عمومها، ألا ترى أن هذه السنة الثابتة خصت منها الداعي إذا عجل اهـ.
وقد سبق بيان شروط إجابة الدعاء وموانعه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11571، 8331، 2395.
فلو استخار العبد محصلا شروط الإجابة، فلن يفعل إلا ما فيه خيره وصلاحه وعافيته، ولو لم يكن ذلك على وفق مراد نفسه، كما سبق بيانه في الفتويين: 1775، 64690. فمما ينبغي الانتباه له أن محبة الإنسان للشيء لا تدل بالضرورة على صلاحيته له، فلربما كانت مصلحة الإنسان في ما يكره ولكنه لا يدري؛ لأنه لم يطلع على الغيب، كما قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216} وقال سبحانه: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِير اً {النساء: 19}
فمن يدري فلعل السائل الكريم إذا انتقل إلى العمل الثاني وترك الأول أن يستغني عنه أصحاب العمل الثاني فيكون قد ضيع العملين جميعا، ثم من يدري إلى أي حال يصير إذا وسع الله عليه رزقه، فالأمر لله تعالى يدبره بعلمه وحكمته، وقد قال تعالى: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ {الشورى:27}
قال ابن كثير: أي: ولكن يرزقهم من الرزق ما يختاره مما فيه صلاحهم، وهو أعلم بذلك فيغني من يستحق الغنى، ويفقر من يستحق الفقر. كما جاء في الحديث المروي: "إن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه، وإن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه " اهـ.
وأما مسألة بسط الرزق وتضييقه وزيادته ونقصانه، فقد سبق بيانها والكلام عن أسبابها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 66358، 6121، 7768. وانظر الفتوى رقم: 27048. ففيها بيان أسباب البلاء وأدعية كشفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(11/9181)
حكم الاستخارة للأمور المتعددة بصلاة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب سعودي في كندا، أود إكمال دراستي للماجستير في الهندسة، وأنا محتار في خمسة تخصصات للماجستير ألا وهي 1- التخطيط العمراني 2- التصميم العمراني 3-الإسكان 4-التطوير العقاري 5-إدارة العمران. سؤالي هل أصلي صلاة استخارة واحدة وأذكر جميع التخصصات، أو خمس صلوات متتالية لكل تخصص؟ أرجو الإجابة مع التوضيح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مشروعة في الأمور كلها، كما علمها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، ولا مانع من أن تستخير للأمور المتعددة بصلاة واحدة، كما بيّنا ذلك في الفتوى رقم: 34882، ويشعر بجواز الاستخارة في أكثر من أمر كلام الحافظ في الفتح حيث قال: قال ابن أبي جمرة: هو أي قوله في الأمور كلها عام أريد به الخصوص، فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما، والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما، فانحصر الأمر في المباح والمستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه. انتهى.
كما أنه لا مانع من الاستخارة لكل أمر منها على حدة، ولعله أولى لما فيه من كثرة الصلاة والمبالغة في الدعاء ممّا يرجى معه حصول المطلوب والتوفيق للخير.
لكن نحب أن ننبهك إلى أن الاستخارة إنما تكون فيما عزم عليه المرء لا في مجرد الخواطر، قال الحافظ رحمه الله نقلا عن ابن أبي جمرة: ويحتمل أن يكون المراد بالهم العزيمة؛ لأن الخاطر لا يثبت فلا يستخير إلا على ما يقصد التصميم على فعله، وإلا لو استخار في كل خاطر لاستخار فيما لا يعبأ به فتضيع عليه أوقاته، ووقع في حديث ابن مسعود: إذا أراد أحدكم أمرا فليقل ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(11/9182)
قول المستخير (اللهم إن كنت تعلم) هل فيه سوء أدب مع الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في دعاء الاستخارة حين يقول الداعي: "إن كنت تعلم " سوء أدب مع الله، علماً يقيناً أن الله وحده علام الغيوب، فإن قال الداعي ذلك فهو كأنه يشكك في علم الله وقدرته والعياذ بالله.
أرجو تفسير هذه الجملة وتصحيح معناها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في هذا الدعاء سوء أدب مع الله تعالى، وكيف يكون كذلك، وهو من مرويات الإمام البخاري عن إمام الأنبياء القائل صلى الله عليه وسلم: كما في حديث البخاري: إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا.
فهذا الدعاء قد صرح الرسول صلى الله عليه وسلم فيه أن الله تعالى علام الغيوب، وليس فيه شك في علم الله، وإنما المراد منه الطلب من الله ودعاؤه إن كان يعلم الخيرية في الأمر أن يقدره للعبد وييسره له ويبارك له فيه.
وإن كان يعلم وجود الشر فيه أن يصرفه عن العبد ويصرف العبد عنه.
فنحن نوقن أن الله تعالى يعلم ما في الأشياء من الخير والشر، ولذا نسأله أن ييسر لنا ما فيه الخير ويصرف عنا ما فيه الشر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(11/9183)
الاستخارة كل يوم قبل الخروج للعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا منذ أكثر من 3 سنوات يومياً قبل صلاة الضحى أصلي صلاة الاستخارة قبل خروجي من المنزل إلى العمل، أستخير الله في جميع الأمور التي نويت عملها لذلك اليوم، فهل هذا جائز؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة فعل حسن مشروع عند كل أمر يهم به المكلف، وليس لها وقت تخص بالصلاة فيه، بل تصلى في كل وقت، عند وجود سببها وهو إرادة الاستخارة في أمر ما، فلا ينبغي لك تخصيصها بوقت معين لا تفعلينها إلا فيه، لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة فيما نعلم، ولكن عليك كلما هممت بأمر أن تركعي ركعتين وتستخيري بعدهما، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 508.
وأما الاستخارة لغير حاجة فلا تشرع، وانظري لذلك الفتوى رقم: 24952.
وأما الاستخارة لأكثر من أمر في صلاة واحدة كاستخارتك في أشياء ستفعلينها أثناء اليوم، فهو جائز لا حرج فيه إن شاء الله، قال الشيخ عبد الله بن جبرين: يجوز ذلك وتجعل الصلاة وسيلة للدعاء بعدها، فلا مانع من كون الاستخارة بعد الصلاة في حاجتين أو أكثر فيقول في الدعاء بعد المقدمة "اللهم إن كانت الحاجة الفلانية والحاجة والفلانية خيراً لي.." ويقول "فيسرهما ... " إلخ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1430(11/9184)
من صدق في الاستخارة اختار الله تعالى له ما فيه خيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب الفتوي رقم (119017) لقد حاولت جاهدا وبعد الاستخارة من أن أجد حلا للمشكلة، وتوصلت إلى أن أتحدث مع والدها بصورة مباشرة، وكان حديثنا ذا قبول وانشراح صدر، وقمت بالاستخارة أيضا قبل أخذ هذه الخطوة، ووجدت ترحيبا من أبيها، واتفقنا علي أن الذي حصل بيننا ما هو إلا نزغ من الشيطان، وقال لي أمهلني مدة أتشاور فيها مع أهل بيتي، وأعلمك الرد وقبل انقضاء المدة كان الرد ب:
فضلت إرسال رسالة إليك يا ولدي بدلا من التحدث منعا للحرج، وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، أتمني لك زوجة خيرا من ابنتي. لم أرد على الرسالة وحمدت الله وصليت شكرا له.
وأفأجا بعدها بفترة أن أهلي يطلبون مني العودة إليها مرة أخرى، وذلك لأنها صدفة تقابلت هي وأختي وحدث بينهما نقاش وعادوا إلي صداقتهم من جديد. فهل هذه إشارة من الله أنه ما زال بها الخير؟ أم أن كل ما حصل من قبل كانت إشارات من الله أن الموضوع ليس به خير لي؟
مع العلم أن فتواكم وصلتني اليوم هي الأخرى، أي بعد معرفة ما جد في الموضوع، أنا في حيرة. أسال الله الثبات والوصول للصواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الاستخارة مندوب إليها في الزواج وغيره من الأمور المباحة، وقد تكلم العلماء فيما يعتمده العبد بعد الاستخارة، هل هو انشراح الصدر وتيسر الأمر؟ أم أنه يمضي في الأمر ولا يتركه إلا أن يصرفه الله عنه؟ وهذا الأخير هو الراجح عندنا، وهو قول العز بن عبد السلام، قال ابن حجر في فتح الباري: قال ابن عبد السلام يفعل ما اتفق، ويستدل له بقوله في بعض طرق حديث بن مسعود في آخره: ثم يعزم. اهـ من فتح الباري.
فالذي نوصيك به أن تستمر في محاولة الزواج منها، واستبشر خيراً، واعلم أنك ما دمت صدقت في الاستخارة، فإن الله سيختار لك الخير، مع التنبيه على أن من الصدق في الاستخارة ترك الاختيار وتفويض الأمر إلى الله، قال القرطبي رحمه الله: قال العلماء: وينبغي له أن يفرغ قلبه من جميع الخواطر حتى لا يكون مائلاً إلى أمر من الأمور. اهـ من الجامع لأحكام القرآن.
فإن رفض أبوها ولم يتيسر لك زواجها، فعليك بالبحث عن غيرها من ذوات الدين، كما أوصيناك به في الفتوى السابقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(11/9185)
معوقات ما بعد الاستخارة.. هل من دلالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو قراءة سؤالي لنهايته لفهم قصدي. صليت صلاة الاستخارة بنية طلب العون من الله في إعانتي هل أغير مجال عملي أم أظل كما أنا، وبعدها حدثت لي أشياء منعتي عن المذاكرة تمهيدا لهذا التغير، منها طوارئ حياتية في العمل وآخرها وفاة والدي فهل هذا مؤشر لشيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تعلم أولا أن الاستخارة لا يراد منها التطلع إلى الغيب، وإنما المراد منها هو طلب الخير من الله تعالى، واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعليه؛ فالذي ننصحك به هو أن تتوكل على ربك عز وجل، وأن تكثر من دعائه واللجوء إليه في أن ييسر لك الخير.
وعليك باستشارة الناصحين من أهل الخير، فإنه ما خاب من استخارالخالق، واستشار المخلوق، فإذا كنت قد استخرت الله وانشرح صدرك لأحد الأمرين، أو تيسرت لك أسبابه فامض فيه على بركة الله، محسنا للظن به، عالما أن الله لا يقدر لعبده المؤمن إلا الخير، فهو أرحم بعبده من الأم بولدها، فالمستخير لن يعدم خيرا، وما يكون بعد الاستخارة المستجمعة لشروطها مما قدره الله تعالى هو الخير بإذن الله.
وانظر لمزيد من الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 49224، 51040، 64666، 99146.
وانظر ما ذكرته من المعوقات فليس بالضرورة دليلا على أحد الخيارين، وانظر الفتوى رقم: 59091. ولكن يحتمل أن يكون كذلك، ويكون تعسير هذا الأمر عليك دليلا وأمارة على أن مقابله هو الخير.
وبالجملة فعليك أن تستشير ذوي الرأي، وإن شئت كررت الاستخارة، واجتهد في الدعاء وما انشرح له صدرك بعد هذا ويسره الله لك فهو الخير فارض به، نسأل الله أن ييسر لنا ولك الخير حيث كان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/9186)
استخار للزواج من امرأة ففضل أهله غيرها عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صليت صلاة الاستخارة من أجل الزواج، حيث جعلت الأمر الذي صليت من أجله هو الزواج بفلانة، ونيتي في الحقيقة هي الاستخارة من أجل الزواج، ثم الاستخارة من أجل الزواج بفلانة.
وبعد صلاة الاستخارة قمت بإبلاغ أهلي بالفتاة التي اخترتها زوجة لي، لكن أهلي يفضلون فتاة أخرى. هل هذه علامة من الله بعدم الزواج من الفتاة التي أريدها، والزواج من أصله، مع العلم أن أهلي قد خيروني في الزواج بين الفتاة التي اخترتها وبين التي يفضلونها، وهذا قبل أن أصلي صلاة الاستخارة،مع تأكيد أن الفتاة التي اخترتها لا يرفضونها، بل يفضلون عليها الأخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتفضيل أهلك لفتاة أخرى غير التي اخترتها لا يدل على ما ذكرت من ترك الزواج عموما، أو ترك الزواج بهذه الفتاة خاصة.
واعلم أن المرء إذا استخار الله تعالى فعليه بعد الاستخارة أن يقدم على الأمر الذي استخار فيه، فإن وجد انشراحا في صدره وتيسيرا في أمره فهو علامة التوفيق والإذن, وإن وجد خلاف ذلك من ضيق في الصدر، أو تعسير في الأمر فلينصرف عنه.
وإن كنت في حيرة في أمرك، ولم يتضح لك فيه شيء، فلتكرر الاستخارة مرة بعد مرة حتى ينشرح صدرك إلى ما قدره لك ربك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(11/9187)
مسائل في صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل حاليا بشهادة تخرجي في مجال الحاسب الآلي وكنت اعمل أولا في البرمجة لمدة قصيرة ثم سافرت إلى الخليج وظروف الحياة أجبرتني على العمل في مجال الصيانة ولكني بعد مرور خمس سنوات على عملي هناك شعرت أن هذا المجال ليس له مستقبل لأن الجميع يعمل فيه من له دراسة وغير الدارس فقررت العودة لمجال البرمجة مرة أخرى لكني احتاج للمذاكرة واسترجاع لمعلوماتي القديمة وأخذت أكثر من كورس ومع ذلك لم استطع التركيز لا اعلم السبب في عدم تركيزي في المذاكرة فقد كان الوقت يضيع بدون مبرر مع العلم أن هذه الدورات اتضح لي فيما بعد انها كانت ناقصة من أمور ودروس هامة وذلك منذ سنة ونصف ومازلت أحاول العودة والمذاكرة من جديد والتحضير لدورة جديدة لكن من خلال مذاكرتي قبلها بفترة حتى لا أفوت شيء وأكون ملما أكثر بالموضوع لكن خلال مذاكرتي أيضا لا استطيع التركيز أيضا والوقت يضيع بدون سبب وكأن البركة نزعت منه علما بأني والحمد لله مصلي وذاكر لله وأصوم متطوعا كثيرا وقد حججت والحمد لله أيضا وأحاول أيضا المواظبة على صلاة الفجر ولكن ليس بانتظام فلا ادري ما السبب في ذلك فقد صليت صلاة الاستخارة هل أكمل في مجال البرمجة أم أظل كما أنا في أول مرة بعدما استيقظت من النوم ما بين الوعي واللا وعي خطرت ببالي فكرة إنشاء موقع جديد فشعرت أنها بشرى خير وبعدها صليت استخارة مرة أخرى أكثر من مرة ومع ذلك كنت لا أجد نفسي مهيئا للمذاكرة إما بضياع الوقت أو لسبب آخر يصرفني عنها كوفاة والدي مؤخرا أثناء نيتي على المذاكرة.
وسؤالي هنا له أكثر من وجهة: هل الاستخارة هنا معناها أني لا يجب أن أكمل في هذا الأمر وان كان لا فما هي أوجه صلاة الاستخارة وما دلائلها على وجوب الفعل أو عدمه أم أنها تعتبر صلاة لطلب العون من الله على انجاز شيء معين؟ هل لصلاة الاستخارة أذكار تقال بها وأوقات تصلى فيها لأني كنت أصليها في أوقات مختلفة وليس في وقت معين؟ أرجو منكم الإفادة وإجابتي بوضوح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود من صلاة الاستخارة أن يطلب العبد من ربه أن يختار له الخير فيما يريد فعله فإن كان خيرا وفقه له وإن كان شرا صرفه عنه، ولا تعني صلاة الاستخارة أنه يجب على المستخير أن يفعل ما استخار فيه ربه ولا أن يتركه وإنا يستخير ثم يفعل ويطرق الأسباب فإن كان الأمر خيرا فسييسره الله له وإن كان شرا سيصرفه عنه وأما أوجه صلاة الاستخارة فكيفيتها أن تصلي ركعتين من غير الفريضة وبعد السلام يدعو بالدعاء المأثور: وهو: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أوقال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به. قال: ويسمي حاجته. أي يذكر حاجته عند قوله اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر فيقول مثلا: اللهم إن كنت تعلم أن سفري أو زواجي من فلان أو من فلانة إلخ خير لي في ديني، وإن كنت تعلم أن سفري إلخ.
قال النووي: والظاهر أنها تحصل بركعتين من السنن الرواتب وبتحية المسجد وغيرها من النوافل انتهى.
وهي مشروعة في أي أمر سواء كان عظيما مهما أم حقيرا.
وقال الحافظ ابن حجر: ويتناول العموم العظيم من الأمور والحقير فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم. انتهى.
واتفقت المذاهب الأربعة على أن الإستخارة تكون في الأمور التي لا يدري العبد وجه الصواب فيها. أما ما هو معروف خيره أو شره كالعبادات وصنائع المعروف والمعاصي والمنكرات فلا حاجة إلى الإستخارة فيها إلا إذا أراد بيان خصوص الوقت كالحج مثلا في هذه السنة لاحتمال عدو أو فتنة والرفقة فيه أيرافق فلانا أم لا.
وعلى هذا فالاستخارة لا محل لها في الواجب والحرام والمكروه وإنما تكون في المندوبات والمباحات، والاستخارة في المندوب لا تكون في أصله لأنه مطلوب وإنما تكون عند التعارض أي إذا تعارض عنده أمران أيهما يبدأ به أو يقتصر عليه. والمسلم إذا صلى صلاة الاستخارة مضى لما عزم عليه سواء انشرح صدره أم لا.
قال ابن الزملكاني: إذا صلى الإنسان ركعتي الاستخارة لأمر فليفعل بعدها ما بدا له سواء انشرحت نفسه له أم لا، فإن فيه الخير وإن لم تنشرح له نفسه. قال: وليس في الحديث اشتراط انشراح النفس. وصلاة الاستخارة تصلى في أي وقت إلا أوقات النهي عن أداء النافلة فلا تصلى الاستخارة في وقت النهي
قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح رياض الصالحين: في غير وقت النهي إلا في أمر يخشى فواته قبل خروج وقت النهي فلا بأس أن يستخير ولو في وقت النهي، أما ما كان فيه الأمر واسعا فلا يجوز أن يستخير وقت النهي فلا يستخير بعد صلاة العصر وكذلك بعد الفجر حتى ترتفع الشمس مقدار رمح وكذلك عند زوالها حتى تزول لا يستخير إلا في أمر قد يفوت عليه. انتهى
وليس لها أذكار معينة فهي ركعتان كسائر الصلاة إلا أنه يدعو بدعاء الاستخارة بعد السلام منها.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(11/9188)
الاستخارة ودعاء الله تعالى برؤية فلان إن كان خيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الممكن أن أدعو وأقول يا رب إذا كان هذا الأمر خيراً لي فاجعلني أرى هذا الشخص اليوم وإن لم يكن خيرا لي فلا تجعلني أراه، فهذا مثال، فهل هذه الطريقة صحيحة أو خاطئة أرجو الرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة لمن همَّ بأمر أو خفي عليه وجه الخير فيه أن يستخير الله تعالى بالدعاء الوارد في السنة، فعن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، إذا هم بالأمر فليركع ركعتين ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فأقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به، ويسمي حاجته. رواه البخاري.
قال ابن حجر في فتح الباري: وفي الحديث شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته وتعليمهم جميع ما ينفعهم في دينهم ودنياهم. انتهى..
فهذه هي الطريقة الصحيحة المأخوذة من الهدي النبوي في الاستخارة ودعائها، وأما الدعاء المذكور في السؤال فإنه وإن كان جارياً على أصل جواز أن يتخير الإنسان من الدعاء أعجبه إليه، إلا أنه يخالف السنة الثابتة في الاستخارة.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: المشروع للإنسان أن يدعو بالأدعية المأثورة فإن الدعاء من أفضل العبادات، وقد نهانا الله عن الاعتداء فيه، فينبغي لنا أن نتبع فيه ما شرع وسن. انتهى.
ولذلك نوصي الأخت السائلة بدعاء الاستخارة الشرعية والابتعاد عن مثل هذه الطريقة المذكورة في السؤال، وإن كانت كما سبق على الأصل الذي هو الجواز.
علماً بأنها لو دعت بالدعاء الذي ذكرت ورأت الشخص أو لم تره فإن أيا من ذلك لا يدل على خيرية الأمر أو عدم خيريته..
وسبق تفصيل الكلام عن صلاة الاستخارة في الفتوى رقم: 75167.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1430(11/9189)
استخار الله ليعمل في شركة فعمل بها فتبين أن عمله حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أديت صلاة الاستخارة قبل السفر إلى السعودية للعمل في إحدى شركات أجهزة المساحة.... ولقد وفقت في السفر بالفعل وأنا ما زلت أعمل بها ... ولكنني اكتشفت بعض الأمور المحرمة في الشركة وقمت بتقديم سؤال وهذا هو رقمه 2214846 وكان الرد أن أترك العمل في هذه الشركة لما تقوم به من غش للعملاء ... الأمر الذي يحيرني هو أنني أعلم أن الله لن يختار لي رزقا حراما ... فلماذا أنا هنا الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يجده مصلي الاستخارة من انشراح صدره أو انقباضه إنما هو أمارات ودلائل ظنية، وقد يكون المصلي يجد من نفسه ميلاً إلى العمل قبل الاستخارة فيقبل على العمل بعدها ظاناً أن هذا الميل إنما هو أثر من أثاره صلاة الاستخارة، وإنما ذلك ميله السابق ورغبته في العمل.
وعلى كل، فإذا كان العمل الذي تعمله محرماً شرعاً، فلا وجه للقول أن الله تعالى قد اختاره لك شرعاً، لأن الله تعالى لم يكن ليختار لك ما هو محرم، والخلل عائد إلى نفسك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1430(11/9190)
المستخير يختار الله له الخير ويصرف عنه الشر.
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم شخص لخطبتي أعرف شكله، قيل إنه يؤدى الصلوات في المسجد حتى الفجر، وكل الناس يشكرون أهله وصليت استخارة وكنت فرحة بالموضوع وحدد أبي مع أبيه موعدا للقاء، وبدأ يسأل أصحابه عنه فقال اثنان لو لنا أخت فإننا لن نزوجها إياه أبدا لأنه ليس مرضيا، لم أشعر بالقلق، ولكن في آخر لحظة ألغى أبي الميعاد ولم أعترض، فهل علي ذنب أم أن هذا اختيار الله لي ويجب الرضا به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغالب أن ولي الفتاة لا سيما إذا كان الأب، يكون حريصاً على اختيار الزوج الصالح لها، لما له من الخبرة والدراية، مع ما فطره الله عليه من الشفقة عليها، فما فعله والدك من السؤال عن هذا الشاب صواب، وإذا كان الذين أخبروه بحال الشاب من كونه غير مرضي، أناس ثقات، فقد أحسن في قراره برفضه.
وعلى كل حال فلا إثم عليك في ذلك، وما دمت قد استخرت وصدقت في ذلك مع الله، فثقي أن الله سيختار لك الخير ويصرف عنك الشر.
نسأل الله أن يرزقك بالزوج الصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(11/9191)
هل للولي أن ينيب غيره ليستخير له في أمر تزويج ابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وفتاة زميلة لي نحب بعضا وحدثت بيننا مداعبات ونحن غير مرتبطين وأنا جاد في الزواج منها، ولكن والدها يقوم بعمل صلاة الاستخارة ويجعل أيضا أشخاصا آخرين يقومون بها، فهل تجوز صلاة الاستخاره في هذا الوضع من ناحية أن يقوم بها أشخاص آخرون، وعلاقتنا بدون زواج تجعل الصلاه تجوز أم لا؟ وعذراً على الإطالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه يجب عليك أولاً أيها السائل أن تتوب إلى الله تعالى من علاقتك بتلك المرأة وذلك بالندم على ما فعلت معها وقطع العلاقة فوراً والعزم على أن لا تعود، وكونك جاداً في الزواج منها أو تحبها كل ذلك لا يبيح لك فعل ما ذكرته في السؤال، فاتق الله تعالى واعلم أنك ستقف بين يديه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة وعندها ستندم وتتمنى أنك لم تر لها وجهاً.
وأما صلاة الاستخارة فيشرع لولي المرأة أن يستخير الله تعالى في تزويج موليته لمن خطبها، ولكن لا يصح أن ينيب غيره ليستخير له أو لموليته.. ولا علاقة لصلاة الاستخارة بما صدر منكما من مخالفات شرعية غير أن العبد عموماً قد يحرم التوفيق في أموره بسبب ذنوبه إن لم يتب منها توبة نصوحاً فتوبا إلى الله تعالى يوفقكما، وانظر الفتوى رقم: 6405 حول الإنابة في صلاة الاستخارة، والفتوى رقم: 42729 حول العلاقة بين الجنسين قبل الزواج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1430(11/9192)
ما دمت قد استخرت فما اختاره الله لك هو الخير
[السُّؤَالُ]
ـ[استخرت الله أكثر من مرة في السفر خارج وطني للعمل، ولم ينشرح صدري كثيرا، وكنت في حيرة بالغة وسعيت في الإجراءات، وقلت في نفسي إن تمت الإجراءات على خير أعتبر ذلك نتيجة الاستخارة وأسافر. وفعلا انتهت الإجراءات وسافرت، وبعدها وجدت اختلافا كثيرا عما توقعته من حيث صعوبة طبيعة العمل وغلاء المعيشة بالنسبة للراتب. هل قصرت في حق نفسي حين عولت نتيجة الاستخارة على تمام الأمر وتيسير السفر فقط دون اعتبار لضيق صدري، ونصائح بعض المقربين بعدم السفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد استخرت الله، فقد فعلتَ ما شرعه الله لك وندبكَ إليه النبي صلى الله عليه وسلم، والاستخارة سببٌ من أسباب التيسير، وما دام سفرك قد تيسر فنرجو أن يكون ذلك هو ما اختاره الله عز وجل لك، وليس فيما فعلته تقصير، والواجبُ عليكَ الآن الصبر على ما قدره لك، وترك العتب على الأقدار ولومها، بل ارض بما قسمه الله لك.
واعلم أن اختياره لك خيرٌ من اختيارك لنفسك، وأنه تعالى أرحمُ بعبده من الأم بولدها، فهو لا يقضي لعبده المؤمن قضاءً إلا وكان خيراً له، فالرضا بقضاء الله وقدره، وترك التسخطِ على الأقدار والعتب عليها والتندمِ على ما فات، وترك الإكثارِ من قول لو هو الحصن الحصين، فعليكَ أن تلوذ به، والخيرةُ فيما اختاره الله، فلا مدعاةَ للوم النفس، وقد تم ما قضاه الله. وربُنا تعالى لا مُعقبَ لحكمه، ولا راد لقضائه، ولا مُبدلَ لكلماته.
ثم إن عقل الإنسان عاجزٌ قاصر فهو لا يكاد يحيط بالأمر من جميع جوانبه، وليس مناط الخيرية محصورا فى رخص المعيشة ووفرة النفقات، بل قد تكون هناك وجوه من وجوه الخير مما تدركه في سفرك وأنت لا تشعر، كاكتساب الخبرات النافعة، وتحصيل العلوم المفيدة؛ ولذا فنحن ننصحك بأن تترك التفكير فيما فات، وأن تقبل على شأنك، داعيا ربك أن ييسر لك الخير، متوكلا عليه في جميع أمورك، طالبا منه المعونة والتثبيت، ملتمسا الخير فيما قضاه وقدره لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(11/9193)
هل البكاء أثناء الصلاة يعد من علامات الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت الاستخارة على أمر نويته سبع مرات مع سبعة فروض، والغريب في الأمر أنني في كل صلاة استخارة تنهار من عيني الدموع ولا تنهار في صلاة الفرض، وأنا صدري منشرح ونفسي مرتاحة للأمر الذي نويته، فما حكم الدموع أثناء الصلاة هل هي من علامات الاستخارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا علامات الاستخارة في الفتوى رقم: 28675، وما دمت قد استخرت الله وحصل لك انشراح الصدر فأقبل على إنفاذ ما استخرت لأجله، سائلا ربك التيسير والمعونة، وأما البكاء الكثير الذي يحصل لك عند صلاة الاستخارة فلعل منشأه تعلق قلبك بهذا الأمر الذي تستخير لأجله، ورغبتك في حصوله. وليس لهذا البكاء علاقة بصحة الاستخارة، ولا هو من علاماتها، كما لا أثر له في صحة الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(11/9194)
فروق بين الاستخارة والرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل دلالات الاستخارة تختلف عن دلالات الرؤيا. وهل شروطهما مختلفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستخارة هي طلبُ خير الأمرين يفوضُ العبدُ فيها أمره إلى ربه عز وجل ويكلُ أمره إليه، فإنه أعلم بمصلحته منه وهو القادرُ على إنجاح حاجته وتحصيلِ الخير له، وعلامةُ الاستخارة تيسير أمره إذا مضى فيه، وقد ذكر بعض العلماء أنه إذا استخار مضى لما شرح له صدره، ولا يلزمُ أن يرى الإنسان بعد استخارته رؤيا تدله على ما ينبغي حصوله أو ينشرحُ بها صدره أو يضيق، بل قد يحصلُ هذا وقد لا يحصل، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 64112، 18807، 34394، 28675، 114888.
والاستخارةُ الصادقة يصحبها التوفيقُ للخير لأنها دعاء، وقد تكفل الله تعالى بإجابة دعاء الداعين، وأما الرؤيا فهي على أقسام فمنها تهاويلُ يحزنُ بها الشيطان ابن آدم، ومنها حديثُ نفس، ومنها الرؤيا الصادقة وهي جزءٌ من ستٍ وأربعين جزءاً من النبوة. أخرجه ابن ماجه.
فركونُ العبدِ إلى ما دلت عليه الاستخارة مشروع؛ بخلاف الرؤيا فإن الركونَ إليها بمجردها ليسَ مما ينبغي فإن احتمال الخطأ فيها كبير، واحتمالُ عدم معرفة تأويلها إن فرض كونها رؤيا صادقة واردٌ أيضا.
وإذا كان أبو بكرٍ رضي الله عنه قد عبر الرؤيا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: أصبت بعضا وأخطأت بعضا.أخرجه البخاري، فغيرُ أبي بكرٍ أولى بأن يقعَ منه الخطأ في تعبيرها.
وبالجملة فعلى العاقل أن يحرص على الاستخارة ويلزمها فإنها من أسباب التوفيق، وأن يستبشرَ بالرؤيا الصالحة فيحمدَ الله عليها، ولا يخبرُ بها إلا من يحب، ويتعوذُ من رؤيا الشر، ولا يحدث بها أحدا، فإنها لا تضره كما دلت على ذلك نصوص السنة المطهرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(11/9195)
فوض الأمر لاختيار الله بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا خاطب منذ سنة وكان اتفاقي مع أهل خطيبتي أن تكون فترة الخطوبة سنة وكان المفروض أن أستلم شقتي خلال هذه الفترة لكن لظروف حدثت غصبا عني، لم أستلم الشقة حتى الآن وأنا أشعر بالحرج والإحباط لعدم وفائي بالاتفاق وجاء لي عمل جيد في إحدى الدول العربية أستعين به على أمور الدنيا خصوصاً أني طموح لمستقبل أفضل وراض بقضاء الله أيا كان، والمشكلة أني لا أقدر على أخد زوجتي معي بعد الزواج في السنة الأولى.
وسؤالي: أفادكم الله خطيبتي وأهلها يرفضون سفري لدرجة اختياري بين السفر واستمراري معهم، وأنا لا أشعر بمستقبل أفضل إلا عن طريق هذا السفر، أفيدوني أفادكم الله ماذا أختار، أنا صليت صلاة الاستخارة كثيرا جداً ومحتار ما بين أمرين، إما أن تكون زوجة صالحة والشيطان يحاول تفريقي بها بحجة تحقيق مستقبل أفضل وإما أن تكون زوجة غير مناسبة لي، وهذه السفرة أرسلها الله لي لكي أنجو منها.. أدعو لي بالثبات والتوفيق بالاختيار الصحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أيها السائل الكريم بالاستخارة فإنها نعمة عظيمة من نعم الله سبحانه على عباده, وهي تقتضي ترك الإنسان اختياره لاختيار الله، وتفويض الأمر إليه، ثم بعد الاستخارة تمضي فيما استخرت فيه كأمر السفر مثلا فإن قدره الله عليك فاعلم أنه هو الخير إن شاء الله فالزمه, وإن لم يقدره الله لك فانصرف عنه, وعليك قبل هذا وبعده أن تكثر من الدعاء والتضرع أن يوفقك الله لكل خير، وأن يصرف عنك كل شر.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 113682.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1430(11/9196)
شروط صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 31 سنة ارتبطت بشاب مند 04 أشهر اجتمعت بيننا علاقة محبة واحترام وتفاهم وكنت أرى فيه كل الصفات التي كنت أدعو بها الله سبحانه وتعالى في صلاتي لكن كنت أخاف أن لا يكون نصيبي فصليت صلاة الاستخارة في وقت الفجر فحلمت أني ماشية في حي به تجار يبيعون الفواكه بالضبط الموز والعنب الأخضر التمور فمددت يدي إلى عنقود عنب وأنا ماشية دخلت إلى منزل لا أعرفه فغسلت ذلك العنقود فأكلته استيقظت في الصباح وأحسست بالراحة والاطمئنان مرت أيام ولأتفه الأسباب يتخلى عني ذلك الشاب فيقول لي إنه يريد العيش لوحده.
أرجوكم أفتوني في هذا المنام وماهي شروط صلاة الاستخارة وماهي نتائجها من فضلكم أجيبوني في أسرع وقت ممكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن ننبهك إلى أنه لا يجوز للمرأة أن ترتبط برجل أجنبي إلا في إطار علاقة زوجية، فعليك أن تتوبي إلى الله مما وقعت فيه من علاقة بذلك الشاب.
وفي خصوص سؤالك فإن صلاة الاستخارة ليس لها شروط إلا شروط الصلاة المعروفة، وإذا استجاب الله تعالى لصاحبها فإن نتيجتها أنه يقدر الله للعبد ما فيه الخير ويشرح صدره له، فإما أن ييسر له ما أراد وإما أن يصرفه عنه.
وقد ذكر أهل العلم أنه ينبغي للعبد أن يرضى بما قدر الله تعالى له بعد صلاة الاستخارة، وأما المنامات فلا علاقة لها بالاستخارة، وليس عندنا متخصص في تعبيرها.
ولكنا ننصحك بالرضى بما قدر لك، وأن تعلمي أن الرجال متوفرون في الأمة بفضل الله وفيهم أهل الخير والفضل والصلاح.
فاسألي الله تعالى أن يرزقك زوجا صالحا مرضي الدين والأخلاق.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 12655، 29705، 52448، 56043، 70888، 75802، 105449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1430(11/9197)
المستخير يفوض أمره إلى الله ويمضي فيما استخار عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أبغى أتزوج إنسانا مع أنه مستحيل من ناحية الناس وحتى من نفس الإنسان الذي أريده لكن أملي وثقتي بالله كبيرة ألهمني الله الدعاء وأنا على ثقة بالإجابة القريبة من الله تعالى لأنه ألهمني الدعاء فعلمت أنه يريد بي خيرا.
وقد استخرت الله مرارا في أمر (إن كان دعائي بزواجي من هذا الشخص وذكرت اسمه خيرا لي ... إلى آخر الدعاء. وأحسست بعدها أني توجهت إلى الله بالدعاء أكثر من أول وتوفقت للعمل الصالح والتزمت وأشعر أني أستمتع بدعائي وأنني كلما أدعوا الله أحس بأمل ويقين ... يا شيخ إلا أن الشيطان يوسوس لي في الدعاء ويشعرني بخوف لا أعلم مصدره ويريدني أيأس وأنا والشيطان في حرب..والله لا أيأس مادمت مع الله فهل هذا من الاستخارة أم من الشيطان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة تقتضي ترك الإنسان اختياره لاختيار الله، وتفويض الأمر إليه، فيمضي في الأمر، بعد الاستخارة فإن كان خيراً يسره الله له، وإن كان شراً صرفه الله عنه، وطالما أن الله سبحانه قد فتح لك باب الدعاء والتضرع فتمسكي بذلك، واستعيذي بالله من الشيطان الذي يريد أن يصرفك عن التعلق بمولاك، ولا بأس بتكرار الاستخارة إذا لم يتبين لك وجه الأمر.
وللفائدة تراجع الفتويين رقم: 23921، 110739.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1430(11/9198)
شبهة وجوابها حول دعاء الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[دعاء الاستخارة: عن جابِرٍ رضيَ اللَّه عنه قال: كانَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ في الأُمُور كُلِّهَا كالسُّورَةِ منَ القُرْآنِ، يَقُولُ إِذا هَمَّ أَحَدُكُمْ بالأمر، فَليَركعْ رَكعتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفرِيضَةِ ثم ليقُلْ: اللَّهُم إِني أَسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأستقدِرُكَ بقُدْرِتك، وأَسْأَلُكَ مِنْ فضْلِكَ العَظِيم، فإِنَّكَ تَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ، وتعْلَمُ ولا أَعْلَمُ، وَأَنتَ علاَّمُ الغُيُوبِ. اللَّهُمَّ إِنْ كنْتَ تعْلَمُ أَنَّ هذا الأمرَ خَيْرٌ لي في دِيني وَمَعَاشي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي. أَوْ قالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِله، فاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي، ثمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وَإِن كُنْتَ تعْلمُ أَنَّ هذَا الأَمْرَ شرٌّ لي في دِيني وَمَعاشي وَعَاقبةِ أَمَرِي» أَو قال: «عَاجِل أَمري وآجِلهِ، فاصْرِفهُ عَني، وَاصْرفني عَنهُ، وَاقدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كانَ، ثُمَّ رَضِّني بِهِ» قال: ويسمِّي حاجته. رواه البخاري.
مامعنى (وإن كنت تعلم) علم أن الله على كل شيء قدير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدعاء الاستخارة من أجّل الأدعية وأجمعها للتوكل على الله والتفويض إليه، وفيه اعترافٌ بكمال علم الله وكمال قدرته، ألا ترى أن المستخير يقول في أوله: فإِنَّكَ تَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ، وتعْلَمُ ولا أَعْلَمُ.
وأما قول الداعي: اللهم إن كنت تعلم فليسَ هو شكاً في علم الله، كيفَ وقد اعترف له العبد بالعلم التام والقدرة المطلقة، وإنما معناه إن كان الذي سبقَ في علمك مما قد خفيَ عني هو الخير لي فاقدره لي بقدرتك ويسره لي بتيسيرك، فهذا توسلٌ بعلم الله وقدرته فبعلمه يختار لعبده الخير، وبقدرته ييسره له، وليس في الحديثِ أي إشكالٍ البتة، بل إن من أعطاه حقه من التأمل رآه جامعاً لمعانيَ جمة من الافتقار إلى الله والاعتراف بجهل العبد وعجزه وعلم الرب وقدرته، والتفويض التام له، والثقة بحسن اختياره وتدبيره، فما أجمله من دعاء لمن تدبرَ وعقل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1429(11/9199)
لا اعتبار للرؤيا بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا شاب بالـ 19 من عمري، للأسف قبل فترة ما كنت على قدر عال من التقوى ولم أكن متواصلا مع عباداتي وطاعاتي، قبل سنتين تعرفت على بنت، ارتحت لها كثيرا، بدأنا نكلم بعضا بشكل خفيف..بعد فترة صرنا بشكل يومي نتكلم، ارتحت لها كثيرا وأحببتها، طبعا أنا من بيئة والبنت من بيئة ثانية مغايرة لبيئتي، استمررت أكلمها لمدة سنتين، وفي رمضان هذا هداني الله ولله الحمد وصرت أصلي بالمسجد وتركت الأغاني والمعاصي.. وأحسست أن الذي أفعله مع هذه البنت خطأ ولا بد أن أنهيه.
عزمت أني لا بد أن أترك البنت وأرجع لها بعد سنوات وأخطبها لأن الظروف لا تسمح لي أن أتقدم الحين، قررت أن أستخير وهي قررت أن تستخير، دعيت ربي وصليت له بالليل وبالأخير رفعت يدي للسماء وقلت يا رب أرشدني للصواب بمنامي..وبعدها نمت وأنا ببالي أني بحلم، وفعلا يا شيخ حلمت أن قدامي ورقتين.. ورقة باسم البنت وورقة لبنت ثانية.. أنا اخترت ورقة البنت الثانية، والبنت نفس حالتي استخارت وظهر لها أنها مرتاحة مع شخص آخر بالحلم. يا شيخ بكل اختصار أتمنى أن ترشدني بفضل الله للحل الصائب للمسألة، هل هذه الأحلام دلالة من ربي أو مجرد أضغاث أحلام، ويا شيخ المسالة ليست من السهل أن أترك البنت وأن لا أرجع لها مستقبلا..وبنفس الوقت الله أعلم بالخير والصلاح لي أكثر من نفسي..
اختصار المسالة: أنا محتار هل أتركها الآن ولا أرجع لها أو أتركها الآن ونتفق على خطبة مستقبلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئاً لك بالتوبة والهداية والتوفيق للطاعة والبعد عن المعاصي، فذلك من فضل الله عليك، فاحمد الله، واثبت على طريق الهداية.
أما عن علاقتك بتلك الفتاة، فقد أحسنت حين قطعت علاقتك بها، فتلك العلاقات من الأمور المحرمة في الشرع، وأما عن الاستخارة، فهي مستحبة في الأمور المباحة قبل أن يقدم عليها الإنسان، والصحيح أن الإنسان يمضي في الأمر بعد الاستخارة بما تيسر له، ولا يلتفت إلى الرؤيا، لكن ما دمت الآن غير قادر على الزواج، فلا وجه للاستخارة، وإنما عليك بقطع العلاقة بها تماماً، ومجاهدة نفسك لقطع التعلق بها، والانشغال بأمور دينك ودنياك، حتى يتيسر لك الزواج، وعند ذلك، إن كانت تلك الفتاة ذات دين، فيمكنك أن تخطبها من وليها، بعد الاستخارة ومشاورة الأهل، وإلا فلتتخير ذات دين وتتزوجها، واعلم أن ما فيه الخير لك يعلمه الله وحده، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. {البقرة:216} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1429(11/9200)
هل يستخار للحج
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أصلي استخارة للحج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الاستخارة تشرع عند التردد في بين أمرين لا يدري في أيهما الخير، ومن ثم لا تشرع الاستخارة لفعل الطاعات لأنه من المعلوم أن الخير في فعلها، ومن ذلك الحج، ولكن ذكر العلماء أنه له يستخير هل يحج هذا العام أم لا.
وعليه؛ نقول: إذا كان الشخص لم يحج حجة الإسلام وتوفرت لديه الاستطاعة للحج فلا تشرع في حقه الاستخارة؛ لأن الحج واجب على الفور عند الجمهور والاستخارة في أدائه غير مشروعة.
وأما من حج حجة الإسلام فالحج في حقه مستحب، وله أن يستخير الله تعالى هل يحج في هذا العام أم في غيره، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 79239.
والاستطاعة التي يترتب عليها وجوب الحج تقدم بيانها في الفتوى رقم: 12664.
وصفة الاستخارة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 25038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1429(11/9201)
يعتمد في الاستخارة على انشراح الصدر وتيسر الأسباب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت في 30 تقدّم لي شاب للزّواج صلّيت صلاة استخارة فألححت في الدّعاء لأرى رؤيا وفي الليل رأيت أنّي أمشي في طريق وقبالتي هذا الشّاب وكنت ألبس خاتما في يدي فنزعته حالما رأيته وواصلت طريقي دون أن أنظر إليه فماذا أفعل هل أواصل مع هذا الشّاب أم لا علما، أنّني لا أزال أجهل صفات هذا الشّاب ومزاياه فنحن مازلنا في أوّل الطريق؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستخارة هي طلب الخيرة من الله عز وجل، وينبغي أن يضاف إلى الاستخارة الاستشارة لمن يعلم حال هذا الشاب فإذا تبين صلاحه وحسن خلقه فلا بأس بالإقدام على الزواج به.
وأما عن الرؤيا بعد الاستخارة على سبيل العموم، فقد ذكر في الفتوى رقم: 18807، أنها قد تكون علامة تدل على المراد، لكنها ليست قطعية، والاعتماد في شأن الاستخارة إنما هو على انشراح الصدر وتيسر الأسباب، فيمكن للأخت أن تكرر الاستخارة حتى يشرح صدرها وييسر أمرها.. ونعتذر للأخت عن تأويل هذه الرؤيا لعدم علمنا بذلك وبعده عن تخصصنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(11/9202)
قد تكون الاستخارة هي السبب في حصول هذا الخير
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت في الله تريد فتوى في موضوعها هذا.. وهذا نص ما كتبته: أنا مشكلتي كثير من البنات وقعوا فيها.. أنا بعد تخرجي من الثانوية العامة مثلي مثل أي طالبة لها أمنياتها.. فعندما حان وقت التسجيل بالكليات بالتأكيد سأختار الكلية التي تناسب رغباتي.. وكان أقرب شيء لي الكلية الصحية لكنني..! كنت مترددة بين هذه الكلية وقسم التغذيه في كلية أخرى.. وكان أفضل حل أني أدعو بدعاء الإستخارة.. صليت ودعوت واخترت الصحية.. أحسست بطمأنينه وراحة بال.. فسجلت ودرست سنة كاملة لكن قبل نهاية السنة بدأت أشعر بأني في المكان الخطأ والسبب أني أتألم وأخاف من رؤية المرضى.. فمنهم من بترت ساقه ومنهم من أكل السرطان جسده.. وفي يوم من الأيام كنا في القاعة.. جاءتني إحدى صديقاتي وقد جاءت من المستشفى كان عندها تطبيق وقالت: ساندي شفت منظرا يروع فقلت لها: ماذا رأيت؟ فقالت:رأيت امرأة تحتضر ماتت.. أنا أصابتني رعشة في ذلك الوقت لم أتمالك نفسي بكيت.. وبعد عودتي من المنزل بدأت أفكر هل أكمل أم أبقى..!؟ في هذه الكلية وبعد أيام من التفكير وجدت الصائب لي تركها.. ولي أسباب أخرى تقف وراء اتخاذ هذا القرار..! نفذت قراري وتم فصلي.. أخذت شهادتي وسجلت في كلية الاقتصاد التي أدرس فيها الآن.. لكن السؤال هنا والشيء الذي يخيفني.. ما حكم تركي للكلية الصحية بعد أن صليت الاستخارة، ف هل علي ذنب؟! أم ماذا..؟!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي ينبغي للمسلم هو أن يستخير الله ثم يمضي في أمره متوكلاً على الله ويرضى بعد ذلك بما يقدره الله ويقضيه، فإذا كنت قد استخرت الله فقد فعلت سنة كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن كما ثبت في الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه، وإذا كنت عجزت عن إكمال الدراسة في الكلية الأولى ثم التحقت بالكلية الثانية فالخيرُ كل الخير فيما اختاره الله عز وجل، وليس عليك إثم لترك الكلية الأولى والالتحاق بالثانية، ولعل هذا هو ما اختاره الله لك، ولا يبعد أن تكون الاستخارة هي السبب في حصول هذا الخير لك، فإن الله تعالى لا يقضي قضاء للمسلم إلا كان خيراً له، ونصيحتنا لك أن تلزمي الاستخارة وتواظبي عليها في أمورك كلها، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1429(11/9203)
الاستخارة واستشارة العقلاء الناصحين
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أقدم على السفر بين بلدين في السعودية ولا أعلم أيهما أفضل لي وقد صليت الاستخارة ولم يحدث شيء وأنا أخشى من اختيار أحد البلدين من عقلي فيدخل الشيطان ويقول لي لو ... أرجو الرد بسرعة لأني أريد أن أتخذ القرار اليوم مع العلم أن السفر إلى البلدين جار ولم يتعطل أحدهم. وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أصبت السنة باستخارتك في هذا الأمر الذي تريد أن تقدم عليه، ولا بأس بأن تستشير بعض العقلاء ومن يحب لك الخير في هذا الأمر، فإذا استقر أمرك على السفر إلى واحد من هذين البلدين فاقدم على السفر إليه، فإن كان في ذلك خير لك وفقك إليه، وإن كان فيه شر لك صرفك عنه، وبهذا تتحقق نتيجة الاستخارة أي التوفيق إلى الشيء، أو صرف المرء عنه.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 35920.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1429(11/9204)
الأحلام والرؤى بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال بالنسبة للاستخارة، منذ فترة أسبوعين تقريبا: استخرت بشأن موضوع زواج، بعدها بنفس اليوم حلمت حلما كثيرا غريبا لكنه لا صلة له بالموضوع، حلمت أنه كان فيه شيخ دين مجروح وكله دم، مسك قطعة زجاج مكسورة وجرح فيها أصابعه، ومن ثم الدم الذي خرج مسحه بثيابي، وصار يقول: (أنا أعمل هيك عشان أتهمك أنت اللي سببت لي كل هذه الجروح ولكن فسر على أنو شخص بلباس الدين حوليك ولكنهم بأذوكي..)
بعدها صرت أحلم أحلاما أنوالشاب الذي تقدم لي يريدني لكن أهله يعارضون, الأحلام تكررت مرتين أو ثلاثة،
فهل أرضى بموضوع الزواج وأكمل؟ أم أنهيه؟
محتارة بين الأمرين، لأني لم أعرف معنى أحلام الاستخارة، هل ربي يرشدني أني أوافق أو أرفض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت استخرت الله تعالى في أمر زواجك
فامضي لما استخرت فيه إن كان الخاطب ذا خلق ودين واستشيري ذوي الرأي والنصح من أهلك، فإن كان لك فيه خير فسيرزقك الله إياه، وإلا فسيصرفه عنك ويصرفك عنه ويرزقك ما فيه خيرك وصلاح أمرك.
وأما الأحلام فلا ينبني عليها شيء لأنها في الغالب من حديث النفس ووساوس الشيطان، وقد يستأنس بها فحسب إن كانت رؤيا حقيقية.
وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 64112، 2733، 104237.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1429(11/9205)
مسائل تتعلق بالاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا استخرت الله وصليت صلاة استخارة في شيئين منهم دخولي شهادة بعد تخرجي والاستخارة كانت عن الشهادة ومكان الدراسة, وتوكلت على الله ودخلتها واشتركت في المكان لأنني لا أنتظر أحلاما لأني علمت أنه ليس شرط الرؤيا في المنام, ولكن الآن بدأت أريد الانسحاب قبل البدء في الدراسة ولا أعلم كيف أحدد هل هذا الخوف نابع من الاستخارة أم من شخصي أنا؟ علماً بأني خائف من هذه الدراسة لأنني أخشي الفشل فالآن أنا في حيرة هل هذا الخوف والرغبة في الانسحاب علامة من الاستخارة أم من نفسي والشيطان لا أعلم، علماً بأني أستخير الله في بعض الأشياء وأحيانا لا أشعر بأي شيء وأحيانا يحدث مثل ما حدث في موضوع الدراسة فأرجو الرد علي ضروري قبل خوض التجربة وضياع الوقت مني ورجاء أن تشرح لي الاستخارة أنا أعلمها وقرأت جيداً عنها ولكن كيف لي أن أحدد قلقي من شيء ممكن أن يكون من نفسي والشيطان أم هذا هو علامة الاستخارة.. أتمني أن أكون أستطعت أن أوضح كلامي، وللعلم أني تابعت موضوع الاستخارة من موقعكم الكريم هذا وشكراً لكم وجزاكم الله خيراً على إرشادكم لنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مستحبة عند الإقدام على أمر مباح لا يعلم الشخص وجه الصواب فيه، وحقيقتها طلب الخيرة في الأمور من الله تعالى، وتفويض الأمر إليه في حصول الخير من فعل أو ترك، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 51040.
وإذا أقدم المسلم على الاستخارة الشرعية وتجرد من حوله وقوته وفوض أمره إلى الله تعالى، فالخير فيما سيكون بعد ذلك من الإقدام على الأمر المطلوب أو تركه، وبناء على ذلك فإن انسحابك من الدراسة المذكور والخوف من دخولها قد يكون من آثار الاستخارة، وقد يكون خيراً لك، فالخير فيما اختاره الله تعالى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 64666.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1429(11/9206)
هل تصح الاستخارة في تحديد وقت الولادة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز في صلاة الاستخارة تحديد وقت للولادة؟ وشكراً.. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة إنما شرعت وندب إليها عند إرادة قصد الأمر المباح، لا أنها وسيلة للاطلاع على ما سيقع، ولعلك تهدفين هنا إلى استشراف المستقبل، فالحذر من التمادي في مثل هذه الوجهة، فهي تصب في مستنقع الكهنة والعرافين، وتهوي بصاحبها مهاوي الزيغ والارتداد، لأن الغيب استأثر الله بعلمه، والتعلق بمعرفته مفض إلى الخروج عن الملة، لأن علم الغيب من خصوصيات علام الغيوب.
ودعواه تستلزم تكذيب القرآن الكريم، قال تعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُون َ {النمل:65} ، وقال جل وعلا: فلما خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ {سبأ:14} ، ومن هذا يتبين لك أنه ليس من المشروع صلاة الاستخارة لتحديد وقت الولادة، ويمكنك مراجعة الأمور التي تشرع لها الاستخارة في الفتوى رقم: 79239.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1429(11/9207)
أمور نافعة متعلقة بصلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لصلاة الاستخارة أجد نفسي بين خيارين أو أكثر ولا أعرف الصواب, فأصلي صلاة الاستخارة وبعده أختار خيارا من الخيارات, ولكن لا أعلم إن كان هو الصواب أم لا؟ بل مؤخرا كنت أريد أن أضع أموالا مع شخص ولا أعلم هل أضعها أم لا، فصليت الاستخارة ووضعت الأموال والنتيجة خسرت مبلغا ليس بالبسيط.
في واحد نحسبه ملتزما يريد الزواج ويبحث عن فتاة, فصليت الاستخارة بأن أدله على أختي وبعد ما صليت الاستخارة كلمته عن أختي ولكن رفض، وكثير من الأحيان أصلي الاستخارة وإلى الآن لم أعلم هل الخير فيما فعلت أم فيما لم أفعله، وبصراحة لم أعلم إذا كان في صلاة الاستخارة نتيجة ملموسة أم لا، أفتوني جزاكم الله خيرا، وخصوصا أني سمعت من شيخ أنه قال: ما يفعله المرء بعد صلاة الاستخارة هو الخير أو كما قال ... أرجوكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة طلب الاختيار، فالعبد يطلب من ربه أن يختار له خير الأمور، فإذا فعل فليمض فيما يراه أنفع له، فإن كان خيرا قدره الله له وإن كان غير ذلك صرفه عنه، والمصلحة فيما سألت عنه قد تكون في خسارتك هذا المال وأنت لا تشعر، وربما تكون في رفض صاحبك الزواج بأختك وأنت لا تدري، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216} .
فعليك يا أخي أن تستخير الله في كل أمورك، فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يعلم أصحابه الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمهم السورة من القرآن. متفق عليه، ثم امضِ بعد ذلك فيما أردت فعله فإن يسره الله فهو الخير وإن لم يتيسر علمت أن المصلحة لم تكن فيه، وعليكَ أن تفوض أمرك إلى ربك وتتوكل عليه، وإن شرح الله صدرك لأحد الأمرين بعد تجردك من الهوى فامض متوكلاً على الله عالماً أن الخير فيما يقدره تبارك وتعالى، وعليك إذا استخرت أن تحضر قلبك عند الدعاء وأن تصدق في اللجوء إلي رب الأرض والسماء, ولا يكونن دعاؤك واستخارتك مجرد تحريكٍ للسان فحسب، فإن هذا قد يكون سبباً من أسباب الرد وعدم القبول فلا تحصل النتيجة المرجوة من الاستخارة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض فإذا سألتم الله عز وجل أيها الناس فسلوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل. رواه أحمد، وقال الهيثمي في المجمع والمنذري في الترغيب إسناده حسن وحسنه الألباني.
نسأل الله أن يقدر لنا ولك الخير حيث كان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1429(11/9208)
الاستخارة لا تسبب ألما ولا اضطرابات نفسية
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت علاقتي مع خطيبتي جيدة جدا وبعد فترة سنة بدأت تشعر أنها غير مرتاحة لهذا الزواج وصلت الاستخارة أكثر من مرة وتجد نفسها يوما مرتاحة ويومين لا. وتستيقظ من النوم وتشعر أن قلبها يؤلمها وهى في حالة نفسية سيئة وتجلس كثيرا بمفردها تبكي لا تعرف ماذا تفعل؟
وبعض الأقارب يقولون إنه سحر أرجو الإفادة هل هو السحر أم صلاة الاستخارة التي تجعلها لا تستريح لهذا الزواج بعد أن كانت متمسكة به جدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه إلى أن الخطبة مجرد وعد بالزواج، وحكم المخطوبة بالنسبة للخاطب ما دام لم يعقد عليها لا يختلف عن حكم أي فتاة أجنبية عنه، فلا يحل له الخلوة بها، ولا الحديث معها لمجرد الاستمتاع والتشهي، وإنما ينبغي أن يتقيد ذلك بقيود الكلام مع الأجنبية فلا يكون إلا للحاجة والمصلحة المعتبرة شرعاً في حدود الاحتشام والجدية والبعد عن كل ما يثير الفتنة من الخلاعة والليونة وإزالة الكلفة.
ثم إن الاستخارة تقتضي ترك الإنسان اختياره لله، وتفويض الأمر إليه، فيمضي في الأمر، بعد الاستخارة فإن كان خيراً يسره الله له، وإن كان شراً صرفه الله عنه، وإن كان بعض العلماء قد ذكر أن الإنسان يفعل ما ينشرح صدره له بشرط أن يكون الانشراح ليس نابعاً من هوى، ولكن الراجح عندنا أن الإنسان يمضي في الأمر ولو لم ينشرح له.
أما ما تشعر به الفتاة من ضيق وألم، فنحن لا نعرف الأسباب التي جعلت خطيبتك تشعر بعدم الارتياح، فربما كان هناك أسباب لذلك، إن صلاة الاستخارة لا تسبب ألما ولا اضطرابات نفسية.
وأما إذا لم يكن هناك أسباب لهذا فربما كان ذلك بسبب سحر، وعلاجه يسير بإذن الله، وأساس ذلك التوكل على الله والثقة به، والمحافظة على الأذكار اليومية، ولا بأس بعرضها على من عرف بالرقية الشرعية.
علما بأن الذنوب سبب المصائب والبلاء، ورفع ذلك يكون بالتوبة الصادقة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(11/9209)
لا تشرع الاستخارة لطلب الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ سنتين متحجبة والحمد لله حسنة الخلق مع كل من حولي، سؤالي هو هل يحق للزوج حرمان الزوجة من الولادة مدة طويلة مع أن لي رغبة كبيرة في الإنجاب والحمد لله لا ينقصنا المال, المنزل.....وفي أحد الأيام استخار زوجي مرة واحدة ولم نرزق، وفي استخارته حدد موعد إنجاب أي بعد عام مثلا هل يجوز مثل هذه الاستخارة، أرجوكم أنا أنتظر الجواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من الحكم التي من أجلها شرع الله تعالى الزواج هي إعمار الأرض بالذرية الصالحة من الأبناء والبنات, فمن منع ذلك فهو يمنع أحد مقاصد النكاح التي لكلا الزوجين الحق في تحصيلها، فلا يجوز لزوجك الامتناع من الإنجاب وحرمانك من أن تكوني أماً, قال تعالى: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا {الكهف: 46} .
أما عن الاستخارة فلا محل لها في هذا المقام, والإنجاب أحد المقاصد الرئيسية للزواج, بل المحافظة على النسل أحد مقاصد الشريعة الخمس, ففي تفسير قوله تعالى في آيات الصيام: وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ {البقرة:187} ، قال ابن كثير: يعني الولد.
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: ... أو اطلبوا ما قدر الله لكم من الولد تحريضا للناس على مباشرة النساء عسى أن يتكون النسل من ذلك، وذلك لتكثير الأمة وبقاء النوع في الأرض. انتهى.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث مرسل أنه قال: تناكحوا تكثروا, فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة.
فتلطفي لزوجك في إقناعه بما قلناه وبما يرجى من منافع الولد في الدنيا والآخرة، نسأل الله أن يصلح حالكم ويرزقكم ذرية صالحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1429(11/9210)
الاستخارة سبب في تيسير الخير
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت الاستخارة من أجل عريس تقدم لي، فحلمت أن الثلج ينزل بشكل جميل وفرحنا به لكن استغربناه لأننا بفصل الصيف. وطلبت من ابنة الجيران أن تصلي لي استخارة من أجل نفس الموضوع، فحلمت أن أختها مخطوبة لشخص ما وهي غير مرتاحة معه.
فما التفسير؟ وهل للحلم أي اعتبار في صلاة لاستخارة علما أني استيقظت ثاني يوم بعد الاستخارة بشكل طبيعي وكنت مرتاحة، وبنت الجيران أيضا كانت مرتاحة بعد الاستخارة..
فهل في هذا الأمر خير لي أم لا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من الضروري أن يرى الإنسان بعد صلاة لاستخارة رؤيا تكشف له حقيقة الحال، لكن عليه أن يستخير الله بتجرد عن الهوى وتوكلٍ تامٍ على الله ثم يفعل بعد ذلك ما ينشرح له صدره وتطمئن إليه نفسه مع الاستعانة بمشاورة الثقات من أولي الرأي، فقد قيل: ما خاب من استخار الخالق واستشار المخلوق، بل الذي يظهر أن الاستخارة سببٌ في تيسير الخير، فعلى الإنسان أن يستخير ثم لا ينتظر رؤيا ولا غيرها بل يمضي فيما أراد، فإذا تيسر علم أن الخير فيه وإذا تعسر علم أنه لا خير فيه.
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: فإذا استخار الله كان ما شرح له صدره وتيسّر له من الأمور هو الذي اختاره الله له. اهـ من مجموع الفتاوى 10/539.
وأما ما يعتقده بعض الناس من أنه لا بد أن يرى في نومه ما يدله على المطلوب فوهمٌ لا حقيقة له وليس له مستندٌ شرعي، وينبغي أن يُعْلم أنه لا يشرع أن يستخيرَ أحد عن أحد بل يستخيرُ كل أحدٍ لنفسه كما يدل له نص حديث جابر الثابت في الصحيح وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: إذا همَّ أحدكم بالأمر.... الحديث، فقوله أحدكم يدل على أن كل أحدٍ يستخير لنفسه ...
وهذا هو المرجح عندنا مع أن بعضا من أهل العلم رأى غيره؛ كما في الفتوى رقم: 56694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1429(11/9211)
علامة خيرية ما استخار فيه المرء
[السُّؤَالُ]
ـ[اشكركم على هذا الموقع الرائع، أريد التقدم لخطبة فتاة، فصليت صلاة الاستخارة أكثر من مرة، وفي إحدى الليالي حلمت أني زرتهم في بيتهم، بينما نحن جالسين على طاولة الإفطار دخل أخ البنت فسأل عن وجودي بين عائلته فأجابت أمه بأني أتيت لأخطب ابنتهم فلانة، فقال الأخ إذاً فلنستعد من الآن للصيف، سؤالي هو: هل تعتبر هذه الرؤيا بشارة خير على ما سأقدم عليه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلامة خيرية ما استخار فيه المرء هو تيسره وتحققه لك، والرؤى والأحلام إنما يستأنس بها لكن لا يعتمد عليها في الإحجام عن الأمر أو الإقدام عليه، بل ينبغي للمرء أن يمضي فيما استخار الله عز وجل فيه، فإن تحقق له فهو ما فيه خيره، وإن لم يتحقق له فلا خير له فيه، وسيصرفه الله عز وجل إلى ما فيه خيره وصلاح أمره، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2733، 1775، 23921.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1429(11/9212)
الاستخارة في الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الاستخارة في الزواج إذا كان الشاب والفتاة ذا خلق ودين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مستحبة عند الإقدام على أمر مباح. وعليه؛ فإذا كان الشاب والفتاة على خلق ودين ويريد الزواج فتسحب في حقهما الاستخارة حينئذ، لأن زواجهما هذا من الأمور المباحة، وكونهما متصفين بالدين والخلق ليس بمانع من مشروعية الاستخارة.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 38016.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1429(11/9213)
كتابة دعاء الاستخارة وقراءته في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يكتب الإنسان دعاء صلاة الاستخارة في ورقة إن كان لا يعرفه ويقرؤه في الصلاة، وهل يجوز للإنسان أن يصلي صلاة الاستخارة عندما يريد أن يبحث عن العمل يصليها لكي يختار له الله عملاً جيداً، وهل يمكن أن يصلي الإنسان صلاة الاستخارة بعد صلاة العشاء أو في منتصف الليل؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء الاستخارة يكون بعد السلام من الصلاة على الصحيح من أقوال أهل العلم لقوله صلى الله عليه وسلم وهو يعلم صلاة الاستخارة ودعاءها لأصحابه: فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم....
وعليه فلا حاجة لأن تفعل ما ذكرت من كتابة الدعاء في ورقة وقراءة ذلك في الصلاة، خاصة وأن من الفقهاء من أبطل الصلاة بمثل ذلك كأبي حنيفة رحمه الله تعالى، كما أن فيه إخلالا بالخشوع في الصلاة وربما بالتضرع في الدعاء، فاكتف بقراءة ذلك بعد الصلاة، وإن حفظته فهو أولى وأحسن، وأما الاستخارة عند اختيار العمل أو الوظيفة ونحو ذلك، فهي مستحبة لقول جابر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن. رواه البخاري.
فالاستخارة تشرع عندما يهم المسلم بأي أمر من الأمور المباحة، وأما فعلها بعد صلاة العشاء أو في منتصف الليل فهو جائز أيضاً ولك أن تصليها في أي وقت عدا أوقات النهي.
وللفائدة في ذلك راجع الفتوى رقم: 3534، والفتوى رقم: 21663.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(11/9214)
هل يستخير للزواج ولو كان عاجزا عن تكاليفه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت لا أملك من الأموال ما يكفي للزواج فهل تجوز لي صلاة الاستخارة -على هذا الحال-بشأن اختيار الزوجة أم أنه ينبغي علي أن يكون معي أموالي وأكون جاهزاً ثم أستخير الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت غير قادر على الزواج لعدم المال ولم تكن مقدما عليه، فلا داعي للاستخارة؛ لأنها إنما تشرع عند إرادة فعل أمر أو تركه.
ففي عمدة القاري للعيني كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة ويقول: إذا هم أحدكم بالأمر أي إذا قصد الإتيان بفعل أو ترك. انتهى.
وفي فتح الباري للحافظ ابن حجر: ووقع في حديث ابن مسعود: إذا أراد أحدكم أمر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1429(11/9215)
الاستشارة إذا حدث اضطراب وحيرة بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سوف أقوم بإجراء عملية جراحية في العين اليسرى وكنت مترددة لأن نسبة نجاحها فقط 50% ولقد صليت صلاة الاستخارة عدة مرات، السؤال: هل هذا يعتبر ابتلاء من الله عز وجل، ثم كيف أعرف الخير بعد صلاة الاستخارة فهل في التيسير أم استشارة أهل الاختصاص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتم شفاءك وأن ييسر لك الخير حيث كان، وقد أحسنت بفعلك صلاة الاستخارة، واعلمي أن كل ما يصيب المؤمن في بدنه أو ولده أو ماله أو غير ذلك هو مما يبتلي الله به عباده، وإنما يبتلي الله من عباده من يحبه، كما ورد بذلك الحديث، فاصبري واشكري حتى تحققي محبة الله وتنالي الثواب العظيم.
وأما كيف تعرفين فيم يكون الخير بعد الاستخارة فهو فيما يقدر الله لك فعله ولا بد.. وهذه هي فائدة الاستخارة مع كونها طاعة وعبادة وامتثالاً لأمر الله ورسوله، وأما علامة ذلك قبل الإقدام على الفعل فهو مما اختلف فيه أهل العلم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 17513، 1775، 64666، 2733.
فإن حدث لك اضطراب وحيرة ولم تدري أي أمر تختارين فينبغي أن تستشيري أهل الخبرة والاختصاص، وتأخذي برأيهم وتمضي في الأمر متوكلة على الله، فمهما يقدر الله لك فعله فهو الخير الذي دعوت الله به، وما يصرفه الله عنك فهو الشر الذي دعوت الله تعالى أن يصرفه عنك كما أسلفنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1429(11/9216)
ما يفعل بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى استفسار بخصوص الاستخارة، صليت صلاة الاستخارة لغرض (وهو أخذ عطلة رسمية من العمل والسفر إلى بلدي فى إجازة حيث إني مصرى وأعمل فى الكويت) , وفى اليوم التالي لم يتم الموافقه على المواعيد التي اخترتها للإجازة وكان على تأجيل المواعيد إلى ما يقارب 20 يوما نظراً لظروف العمل, فأرجو الإفادة هل معنى هذا أن السفر فى الوقت الحالي وبعد أن استخرت الله سبحانه وتعالى فيه شر لي، أو أن هذا أمر طبيعي نظراًُ لكونها ظروف العمل، إني متحير وخائف أن يتغلب الهوى علي حيث إني أريد السفر؟ شكراً جزيلاً لكم، وأعانكم الله على مساعدة المسلمين.. والله الموفق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مستحبة عند الإقدام على أمر لا يدري الشخص وجه الصواب فيه، كما تقدم في الفتوى رقم: 51040، وينبغي للشخص أن يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له صدره من فعل أو ترك، لكن إذا خالف وفعل ما لم ينشرح له صدره فلا إثم عليه، لأنه إذا قام بالاستخارة الشرعية فما فعل بعد ذلك فهو خير، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 45330.
والاستخارة لا يراد منها التوصل إلى جواب معين أو معرفة ما إذا كان الأمر فيه رشاد أو ضده، وإنما غايتها أن الله ييسر بها للعبد التوجه إلى ما فيه الخير له، ويبعده بها عما هو شر له، فينبغي -إذاً- أن يطمئن قلبك إلى أن ما سيقدر لك من السفر في المواعيد التي حددتها أو في غيرها هو الخير إن شاء الله تعالى، ولا تتعب نفسك في مثل هذا التفكير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1429(11/9217)
تذكر المرأة المراد خطبتها في صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أحد الأصدقاء يريد فتاة وفوض أمره إلى الله بشأن تسخيرها إليه وقد أدى صلاة الاستخارة وفي كل صلاة يتذكرها ويأتي طيفها أمامه في كل صلاة وهي لا تزال تتشاور في الموضوع ولم تصرح له بحبها ولكن تتصل به وتحدثه وتسأله عن العديد من المسائل الخاصة به، السؤال
1) ما هو حكم صلاة صديقنا هذا عندما يرى طيف من أرادها زوجة له؟
2) صديقنا دائم الدعاء بأن يجعل هذه الفتاة من نصيبه سواء في السجود أو الركوع أو الدعاء بعد الصلاة، ما حكم ذلك وبما تنصح صديقنا هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الاستخارة مستحبة عند الشروع في أمر لا يدري الشخص وجه الصواب فيه، وللرجل الاستخارة ولو كان يتذكر الفتاة التي يريد الزواج منها في صلاته، وله تكرار الاستخارة، وأن يسأل الله تعالى أثناء السجود أو بعد الفريضة أن تكون تلك الفتاة من نصيبه، والأولى أن يسأل الله تعالى ما فيه الخير وليحاول صرف قلبه عن التفكير في هذه الفتاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الاستخارة مستحبة عند الإقدام على أمر لا يعلم الشخص فيه وجه الصواب فيها من غيره، وبالتالي فإذا كانت صلاة الاستخارة مشروعة في حق صديقك فليؤدها ولو كان يتذكر هذه الفتاة التي يريد الزواج منها خلال صلاته، فليس ذلك بمانع من الاستخارة، كما يجوز تكرار صلاة الاستخارة وليفعل بعدها ما ينشرح له صدره، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 51040، والفتوى رقم: 75167.
ويجب عليه قطع الصلة بتلك الفتاة وعدم الحوار معها أو الإجابة على أسئلتها، ولا مانع من أن يسأل الله تعالى التوفيق وتيسير الزواج من تلك الفتاة أثناء السجود أو بعد الصلاة، أما الركوع فالأولى أن يقتصر فيه على ما فيه تعظيم الله تعالى من الأدعية. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 18143، والفتوى رقم: 41380.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(11/9218)
استحباب الاستخارة قي ما لم يتبين فيه وجه الصواب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب محاماة 24 سنة، وأعمل في جريدة يومية، مصل، ابن عائلة، محترم ولله الحمد.عرض علي مغترب من عائلتنا الكبيرة الزواج بابنته تعرفت عليها أحببتها. بعد مجيئها إلى بلدي الجزائر خطبتها وتكلمت معها وصارحتني أنها تدخن وتريد الإقلاع بل أقلعت منذ أسبوعين منذ مجيئها.
أنا في حيرة بين إكمال الطريق ومساعدتها كي تكون امرأة صالحة متدينة وأرى في هذا مهمة صعبة تتعبني كثيرا. وبين التوقف وأرتاح على مستقبلي. ماذا أنا فاعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تحير المرء في الإقدام أو الإحجام ولم يتبين له وجه الصواب فيما يريد فعله أو تركه فالسنة أن يستخير الله عز وجل ويكل أمر الخيرة إليه، فإن كان خيرا له وفقه إلى المضي فيه ويسر له ذلك، وإلا صرفه عنه ويسر له ما فيه خيره وصلاح أمره. ولمعرفة كيفية الاستخارة انظر الفتويين رقم: 971، 2733.
هذا، وننصحك بالتواصل مع قسم الاسشارات بهذا الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(11/9219)
كيفية أداء صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم مدي بكيفية أداء صلاة الاستخارة، كذلك تفسير هذا الحلم: طلبت من صديقتي (وربما قد تكون زوجتي) أن تقول لي عن اتجاه القبلة الشريفة فقامت بذلك وفي الاتجاه الصحيح، مع العلم أننا نعيش بعض المشاكل بيننا التي من شأنها أن تفسد علاقتنا، فماذا أفعل؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستخارة هي طلب الخيرة، ومعناها: أن يطلب المسلم من ربه سبحانه وتعالى أن يختار له ما فيه الخير له في دينه ودنياه، وهي سنة لمن أراد الإقدام على أي أمر ذي بال، فيصلي ركعتين من غير الفريضة يقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر من القرآن، وبعد الصلاة يدعو بهذا الدعاء الذي رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه ولفظه: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته فيقول مثلاً هذا السفر..) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (السفر أو الزواج) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به.
ويمضي المسلم في حاجته فإن كانت خيراً له فسييسرها الله تعالى له، وإن كانت غير ذلك فسيصرفها الله تعالى عنه ويصرفه عنها.
ثم إننا نعتذر عن تعبير الرؤيا أو تفسير الحلم لأن ذلك ليس من تخصص الموقع، وننبه السائل إلى أنه لا يوجد في الإسلام ما يعرف بعلاقات الصداقة بين الأجنبيين ونحو ذلك كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 10522، والفتوى رقم: 30991.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1429(11/9220)
هل يعتمد على الرؤيا بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة يريد أن يتقدم لها شخص للزواج فقامت بصلاة الاستخارة فرأت في المنام أنها حبلى من هذا الشخص بتوأمين وهي مترددة في القبول به، فهل هذه الرؤيا بشرى؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان من تقدم لها ذا خلق ودين فلتمض في أمر الزواج منه ما دامت قد استخارت الله عز وجل، والخير فيما يقدره الله عز وجل ويسره من تمام الأمر أو عدمه، وأما الرؤيا فإنه يستأنس بها وهي بشارة خير، لكن لا يعتمد عليها. وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 95059، والفتوى رقم: 18807.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(11/9221)
هل هناك علاقة بين الأحلام والاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم لخطبتي أحد الشباب الذي رشحه لنا بعض الأصدقاء المقربين وقالوا عنه إنه إنسان ملتزم ومحترم وعندما حضر الى منزلنا أحسست بهذا أيضا ولكني عندما قمت بأداء صلاة الاستخارة، حلمت أني أقف على لسان خشبي وأنظر إلى الماء والماء هادئ وكان أبي يقف وسط الماء بهدوء أيضا، وبعد هذا قمت برمي نفسي في الماء _مع العلم أني أخاف كثيرا من البحر والسباحة_ ثم بدأت أسبح بهدوء حتى اقتربت من أبي وقلت له وأنا سعيدة أنا قدرت أعوم يا بابا فابتسم لي ولكني شعرت فجأة أن الماء بدأ يأخذني بعيدا عن أبي بالرغم من هدوء الماء وحاولت أن أصرخ طلبا للنجدة لكن كان صوتي محبوسا بداخلي فلم أستطع أن أنطق بكلمة وكنت أتنفس بصعوبة ثم بدأت بمحاولة السباحة مرة أخرى بتحريك ذراعي فسبحت ووصلت إلى أبي مرة ثانية ولكني كنت اتنفس بصعوبة وصحوت على هذا.
أفيدوني جزاكم الله خيرا، ما معنى هذا لأني لم أعد قادرة على التفكير فأحس بالارتياح مرة وبالخوف مرة أخرى ولا أدري ما أفعل....
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت فيما قمت به من الاستخارة، فإنه ينبغي للمسلم أن يحرص دائما على الاستخارة والاستشارة في أموره كلها، فلا يقدم على أمر حتى يستخير الله عز وجل، ويستشير أولي الأحلام والنهى، فإنه كما قيل: ما خاب من استخار ولا ندم من استشار.
وأما ما ذكرته من الحلم فإنه لا علاقة بينه وبين الاستخارة، فالأحلام لا ينبني عليها شيء. وغاية ما فيها أنها إذا كانت صالحة فهي من الله، وإن كانت غير ذلك فهي من الشيطان، وعلى صاحبها أن يفعل ما أرشد إليه فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما روى البخاري في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم حلما يخافه فليبصق عن يساره وليتعوذ بالله من شرها فإنها لا تضره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1428(11/9222)
استخارت قبل طلب الطلاق فلما طلقت ندمت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة وأعاني من بعض المشاكل في زواجي, وقد صليت الاستخارة عدة مرات قبل أن أقرر الطلاق, والآن تم الطلاق وبعد فترة قصيرة بدأت أحس بالندم على قراري هذا, مع أني سألت الله المساعدة واستخرته ودعوت كثيراً وفكرت لفترة طويلة قبل أن اتخذ قراري.
والآن أنا في حيرة من أمري هل أكلَم زوجي السابق وأحاول أن أرجع له ولكني بهذا أكون قد ناقضت صلاة الاستخارة والنتيجة التي توصلت لها بعدها, أم أرضى بالقرار الذي اتخذته مع أنني أرى أنه كان قراراً خاطئاً وأنني تسرعت به, وأذكر نفسي بأنه ما خاب من استخار ولا يجب أن أفكر في عواقب الأمر بعد أن سألت الله وصليت الاستخارة لأنني بهذا أشك في مساعدته لي أم ماذا؟
وأنا الآن لا أعرف هل يجوز لنا بعد صلاة الاستخارة واتخاذ قرار ما وتنفيذه, أن نرجع في قرارنا ونحاول إصلاح الأمر أم هذا حرام وما الفائدة من الاستخارة في هذه الحالة اذا كنت سأغير رأيي وأعمل العكس بعدها.
أرجو المساعدة ونصحي لأني لا أعرف كيف أتصرف.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة ليست هي التي تقرر الطلاق وإنما يقرره الزوج، وللمرأة إذا تضررت من الزواج أن تطلب الطلاق من الزوج أو ترفع أمرها إلى المحكمة الشرعية لتنال الطلاق منه.
وقولك: إنك قررت الطلاق إما أن تكوني تقصدين به أن الطلاق بيدك وقد أخذته، وهذا خطأ واضح. وإما أن تقصدي أنك طلبته من الزوج، وهذا أيضا خطأ إذا لم يكن له سبب مشروع، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه الترمذي وغيره.
وإما أن تكوني تقصدين أنك تضررت من الزوج وطلبت منه الطلاق فطلقك، وهذا ليس فيه من حرج.
فإن كان ما تقصدينه هو إحدى الحالتين الأوليين فإنك مخطئة أيضا في الاستخارة؛ لأن الاستخارة لا تجوز في الأمور المحرمة.
وإن كانت الحالة الثالثة فعسى أن يجعل الله لك الخير فيما حصل.
ثم اعلمي أنك إذا تراجعت وطلبت من الزوج إصلاح الأمر فإنك لا تكونين بذلك قد خالفت ما أدت إليه الاستخارة؛ لأن التراجع هو أيضا من نتائج الاستخارة.
وعلى أية حال، فإن الاستخارة قد أمر بها الشرع الحنيف، وعلى المسلم أن يثق بأن عاقبة الأمر فيها ستكون خيرا، ولا شك أن السعي في إعادة العصمة الزوجية وبناء الأسرة المهددة بالتفكك والانهيار سعي حميد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(11/9223)
الرؤيا الصالحة بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بصلاة الاستخارة بخصوص شخص يريد أن يتقدم للزواج وكنت أحلم دائما أنني أقرأ الآيات الأولى من سورة البقرة والآية من سورة القصص 'ربي إني لما انزلت إلي من خير فقير' فهل أقبل الزواج منه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤيا الصالحة بعد الاستخارة بشارة خير كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 28675.
وإن كان المعتبر بعد الاستخارة هو ما ييسره الله تعالى من الإقدام أو الإحجام، فذلك هو ما اختاره الله وأرشد إليه، ولذا فإن كان الرجل ذا خلق ودين فننصحك بإجابته وقبوله، فإن كان لك فيه خير وصلاح أمر فسييسر الله الأمر، وإلا فسيصرفه عنك وسيصرفك عنه.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 64448، والفتوى رقم: 7235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(11/9224)
هل هناك رسائل ربانية تأتي إلى المستخير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أؤمن بأن هناك رسائل ربانية توجه إلى البشر.. فمثلا أناس ممن يستخيرون ربهم يرى من الرسائل الربانية التي توجهه إلى أن يختار الطريق السليم.. أو رؤيا معينة أو قلبه ينشرح نحو الاختيار الصحيح، ما يحدث معي في الاستخارة أني لا أعرف أن أجرد الاختيار إلى الله عز وجل.. أخاف أن اختياري يكون مبنيا على الهوى.. فهذا كل ما أخشاه.. أخاف أن أوظف أي حدث يمر معي على أنها رسالة ربانية لكي اختار أمراً معينا.. فبذلك أصبحت لا أثق في نفسي في الاستخارة ... فلذلك أدعو الله كثيراً بأن أرى رؤيا في الاستخارة لكي أعتمدها.. فهل من دعاء معين يحقق لي ذلك، أو عمل معين أعمله لكي أرى الرؤيا، أو عموما ما هي نصائحكم وإرشاداتكم من أجل أن أضمن نفسي في الاختيار الصحيح في الاستخارة؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم يتعين عليه أن يدعو الله باليقين بالإجابة عملاً بما في الحديث: ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة.... رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني.
وبناء عليه فإن المستخير يسأل الله أن ييسر له الأمر إن كان خيراً أو يصرفه عنه إن كان شراً، فإذا صلى الاستخارة فعليه أن يفعل ما اتفق له وانشرح له صدره، إن لم يكن عن سابق هوى شخصي في نفسه قبل الاستخارة، كما قال شراح الحديث، وليس للرؤيا علاقة بالأمر، ولا نعلم أن هناك رسائل ربانية تأتي للمستخير، ولا نعلم دعاء يحقق حصول الرؤيا، وما عليه إلا أن يفعل ما تيسر له ويرضى بما قدر الله له، وقد ذكر زروق أن من أمراض القلوب عدم الرضى بما يقدر الله للعبد بعد الاستخارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(11/9225)
استفسارات ومسائل هامة في الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي سؤال قمت بطرحه أكثر من مرة على الشيوخ وأهل الفتوى لكن لم يجب أحد عليه بالطريقة التي تشفي ظمئي للفهم بشكل دقيق مفصل، الموضوع عن صلاة الاستخارة.
1) أريد أن أعرف مثلاً الآن الشخص أمام وظيفة معينة لا يعرف يقبلها أم لا, فهل يسأل جيداً عن هذه الوظيفة ويستشير العقلاء وعندما يتخذ قراراً يصلي عليه استخارة, أم يصلي قبل أن يستشير ويسأل أو يقوم بأي خطوة، (هل هناك خلاف فقهي في ذلك) ؟
2) ثم عندما يصلي الاستخارة ولم يحدث له لا انشراح ولا انقباض ولا رؤيا, هل يتوقف عن اتخاذ أي خطوة إلى أن يحدث أحد هذه الثلاثة، أن يتوقف فقط لمدة 7 استخارات.
3) إذا رأى المستخير رؤيا فسرها له شخص ثقة يجيد تأويل الرؤيا جيداً بأن لا تكمل في هذا الموضوع, ثم وجد في صدره انشراحا على عكس تفسير الرؤيا أو شعر أن هذا الطريق هو أسهل الطرق وأكثرها تيسيراً, فهل إذا تجاهل الرؤيا واتبع انشراح صدره وإلحاح الموضوع عليه وأكمل في نفس الموضوع يكون بذلك مخالفةً لرد الاستخارة، وهل فعلاً هناك حديث يقول معناه أن الرؤيا معلق برجل أو جناح طائر فكما تفسر تقع، يعني حتى لو فسرت خطأ مثلاً.
4) لو أكمل هذا الشخص في هذا الموضوع فهل يغلق هذا الطريق في وجهه على اعتبار أن الرؤيا فسرت بألا تكمل، وهل يأثم على ذلك.
5) إذا لم يستطع الإنسان أن يكون محايداً ومجنباً الهوى فترة الاستخارة, فهل يمكن أن يضل في اختياره، وهل يمكن أن يتأكد أنه فعلاً جنب الهوى، لأني ظننت أني كنت محايدة حينها والأن أشك في ذلك بعد ما حصل، وهل العبرة فقط أن يكون راضياً بقضاء الله عز وجل له، لو سمحتم أريد رداً تفصيلياً, والله أنا آسفة جداً على الإطالة ولكن السؤال ملح علي جداً في هذه الفترة وأسأل الله العلي القدير أن يجزيكم كل خير وأن ينفع بكم المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الاستخارة مستحبة، وعلى المستخير أن يمضي بعدها لما تيسر له متوكلا على الله تعالى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستخارة مستحبة لمن أراد الإقدام على أمر تحير فيه ولم يتبين له وجه الصواب منه، وإذا لم يتبن له شيء بعد ذلك أو ينشرح صدره للفعل أو الترك استشار أهل الخبرة والصلاح والنصح، وإذا لم يفعل ذلك وفوض أمره إلى الله تعالى فما فعل بعد ذلك فهو الخير له -إن شاء الله تعالى- إن عاجلاً أو آجلاً ولو لم يكن يحبه لأن الاستخارة دعاء، والدعاء خير للمؤمن، فإما تعجل له الاستجابة أو يرفع عنه به بلاء أو يدخر له ثوابه.. وقد قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216} .
والاستخارة تكون عندما يهم المسلم بالأمر وقبل اتخاذ أي قرار، فإذا اتخذ القرار فعلى صاحبه أن يتوكل على الله ويمضي لما أراد، ولا داعي بعد ذلك للاستخارة أو الاستشارة.. وإذا لم يتبين له شيء بعد الاستخارة فبإمكانه أن يكرر الاستخارة سبع مرات أو أكثر أو أقل أو يستشير أو يمضي في فعل ما يريد أو تركه متوكلا على الله تعالى، وإذا رأى الشخص رؤيا تخالف ما انشرح له صدره بعد الاستخارة فإن الشرع لا يلزمه ولا يفرض عليه اتباع أحدهما، وإذا تردد في اتباع أحدهما فليطرح هواه ويستخير الله تعالى في أيهما يتبع، وأما الحديث الذي أشرت إليه فقد رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني ولفظه: الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، فإذا عبرت وقعت. ثم إنه لا إثم على الشخص إذا اتبع أحد الأمرين المتعارضين بعد الاستخارة أو الرؤيا.
ثم إننا ننصح السائلة الكريمة بتقوى الله وعدم التردد في أمر قد عزمت عليه أو استخارت فيه، فقد قال الله تعالى: فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ {آل عمران:159} ، هذا وبإمكانك أن تطلعي على المزيد عن الاستخارة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51040، 7234، 2733، 18807، 54700، 80674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1428(11/9226)
حكم طلب الاستخارة من شخص ما
[السُّؤَالُ]
ـ[الاستخارة من قبل رجل صالح للمقبلين على الزواج.
تقدمت لخطبة فتاة بعد استخارة مفادها ارتياح وانشراح الصدر من الطرفين، إلى أن جاءت صديقة لأم الخطيبة وقالت لهما إن لها خالا وهو رجل صالح مقيم في السعودية ومن الدعاة يستخير للمقبلين على الزواج وطلبت اسم الخطيب واسم والدته، فكانت إجابته أنه لا ينصح بإتمام الزواج وقال إن الخطيبة لن تكون سعيدة والخطيب العكس، فكرة غريبة وطريقة غير واضحة ولم أسمع أو أقرأ من سيرة الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه استخار لأحد من الصحابة، بعدئذ قررنا إعادة الاستخارة ولم يكن هناك أمر مريب أو عدم ارتياح وكلانا موافق على إتمام الزواج، ف هل أستمر بترتيبات الزواج أم ماذا، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الاستخارة أن يصلي المرء ويدعو بنفسه لنفسه؛ لا أن يصلي له غيره أو يدعو له غيره دعاء الاستخارة، وإذا انشرح الصدر بغير هوى سابق فليمض المرء، فإن كان خيراً يسره الله تعالى وإلا صرفه عنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث الاستخارة: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل ... الحديث. رواه البخاري وغيره من حديث جابر بن عبد الله، والحديث بين وواضح في أن المرء إذا أراد أن يستخير في أمر فإنه يصلي بنفسه ويدعو لنفسه لا أن يستخير غيره له، وراجع الفتوى رقم: 56694.
وحيث إنك قد انشرح صدرك في المرتين لذات الأمر فتوكل على الله ما لم يكن هنالك هوى سابق في نفسك، فعليك أن تتجرد منه والحالة هذه ثم تستخير وتمضي لما انشرح له صدرك، فإن كان خيرا فسييسره الله، وإن كان غير ذلك فسيصرفه عنك وسيصرفك عنه، ولا تلتفت إلى ما قاله ذلك الرجل، وراجع الفتوى رقم: 1775.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1428(11/9227)
الاستخارة في الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[إني امرأة متزوجة ولما كثرت بيني وبين زوجي الخلافات قمت باستخارة الرحمن من أجل الطلاق لمدة ستة أيام ورأيتني في البداية بين أهلي أما في باقي الأيام وهي الأغلبية فكانت كلها غامضة فما استطعت تبين شيء وحتى فهم نفسي. فما العمل؟ وما حكم الشرع في الاستخارة في الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة لا يجوز لها أن تطلب الطلاق إلا إذا كانت متضررة من البقاء مع زوجها، ثم إن المنامات والأحلام لا يعتمد عليها في شيء ولا يترتب عليها حكم، ومن استخار عليه أن يكل أمر الخيرة إلى ربه، وما فيه خيره سييسره الله له ويوفقه إليه، علما بأن الاستخارة لا تكون في الإقدام على أمر محرم ولا في ترك أمر واجب، ولمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12655، 30093، 2019، 72651.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1428(11/9228)
استخارة المرأة للزواج تشرع إذا تقدم أحد لخطبتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم (استخارة) الفتاة للزواج من شاب ملتزم دون أن يتقدم لها بالزواج؟
وإذا أخبرت صديقتها بأنها تتمنى أن يكون زوجا لها فطلبت الصديقة من زوجها أن يكلم الشاب فما حكم الشرع في هذا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في عرض المرأة نفسها لمن يتزوجها، فقد كان السلف يعرضون بناتهم على من يتوسمون فيه الصلاح والخير، ولمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 21489، أما الاستخارة فتكون بعد ما تقع الموافقة من طرف المطلوب على الزواج، ولكن لها أن تدعو الله عز وجل بأن يرزقها به ويجعل لها فيه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1428(11/9229)
حكم استخارة المرأة في تكليم أجنبي عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل سؤالا شخصيا لصديقة لي حيث إنها أحبت شخصا وأرادت أن تكلمه ولكنها لم تعرف ماذا تفعل أتكلمه أم لا، فاختارت أن تصلي صلاة الاستخارة وبعد الصلاة ارتاحت ورأت منام خير، ولكن من المعروف أن تكليم الفتاة لشاب محرم، فالآن ما هو حكم صلاة الاستخارة هل هي غير جائزة والمنام الذي رأته على ماذا يدل وما هو التصرف الواجب تصرفه في مثل هذا الموقف، وبالنسبة للزواج فصديقتي تبلغ من العمر 17 سنة وتحتاج إلى سنتين على الأقل حتى تكمل دراستها وأهلها لن يوافقوا على الزواج من أجل أن تكمل تعليمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الاستخارة إنما تشرع في الأمور المباحة، أما ما كان محرماً أو واجباً فلا تشرع له؛ لأن المحرم يجب تركه ولا خيرة فيه، وكذا الواجب يجب فعله ولا خيرة في تركه، وكذا المندوب والمكروه شرعاً، كما هو مبين في الفتوى رقم: 4823.
وبناء عليه، فلتمسك عن التكلم مع ذلك الفتى الأجنبي عنها، وعليها أن تصرف النظر عنه، وتقطع التفكير به إذ لا يؤمن عليها الافتتان به والوقوع في الخطيئة معه، ولتعلم أن العلاقات والحب في الإسلام خارج نطاق الزوجية لا يجوز، كما بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5707، 9360، 1753.
وأما ما وجدته في المنام فلا عبرة به وهو من أضغاث الأحلام والهوى ووساوس الشيطان. ولتراجع في ذلك الفتوى رقم: 25703، والفتوى رقم: 26141.
وأما كونها لا زالت تدرس فإن ذلك لا يمنعها أن تتزوج إن وجدت كفؤاً، ولا يجوز منعها لذلك، وينبغي أن تعلم أهلها برغبتها في الزواج وجموحها إليه لإعفاف نفسها عن الحرام، وإن عضلها وليها عن الكفؤ وكانت نفسها تتوق النكاح فلترفع أمرها للقاضي ليزوجها أو يلزم ولي أمرها بتزويجها، وإن استطاعت الصبر حتى تكمل دراستها فترضي أهلها فهو خير. وللفائدة في الموضوع نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2014، 18626، 25011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1428(11/9230)
عدول الخاطب لسبب ما هل هو من نتيجة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم لخطبتي شاب يبدو عليه الالتزام ولم يكن الأول، وأنا سني 24 سنة وبعد الاستخارة تملكني نوع من الاطمئنان وحتى والداي اللذان كانا يخافان علينا ورفضوا الكثير لأسباب واهية وغير شرعية، لكن رغم ذلك أطال أبي في الرد خوفا علي وترددا، أعذرت أبي لكن للأسف تمسكت بالشخص، وبعثت رقم هاتفي له لأشرح له ما كان يحدث في بيتنا لأن ابن خالتي تقدم لي بعد أن رأى الشاب يتحدث مع أبي، وكلمني وهو يظن أن الرقم يخص أبي لكن تفاجأ بفتاة تتحدث معه وأنبني لأني تحدثت معه دون علم أبي، وأعرض بعد ذلك عن الأمر وتخلى عن طلبه، السؤال: هل تراجعه ذلك على نتيجة الاستخارة، أو خطأ أنا أعاقب عليه وأتعلم منه لأنني لم أترك الأمر لله رغم أنني ادعيت أنني فوضت أمري لله، لكن حاولت أن أجعل سببا لتقاربنا حتى لو كان غير شرعي، فهل تجاوزت حدود الله بإعطائه رقم هاتفي؟
بارك الله فيكم أفتوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا استخار العبد ربه في أمر ثم اطمأن له قلبه وانشرح له صدره، فإنه يقوم بفعل الأسباب الموصلة إلى هذا الأمر، شريطة أن تكون مشروعة، فليس هناك تعارض بين الاستخارة وبين فعل هذه الأسباب، كما أن التوكل لا يعارض فعل الأسباب، (اعقلها وتوكل) ، وما قامت به الأخت من إرسال رقم هاتفها إلى الخاطب بغرض التكلم معه لحاجة سبب مشروع، فإن كلام المرأة مع الرجل لحاجة بالضوابط الشرعية مشروع، وعليه فانصراف الشاب عنك والله أعلم هو نتيجة الاستخارة، فارضي بما اختار الله عز وجل لك، وإذا تقدم إليك شاب ذو خلق ودين فلا داعي للتردد في قبوله، من قبلك ومن قبل والديك، فإنه ليس من السنة تأخير نكاح الفتاة إذا وجدت كفؤا، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 77030، والفتوى رقم: 19296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1428(11/9231)
مدى علاقة الرؤيا بالاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت صلاة استخارة على شخص كان من المفترض أننا سنتزوج، ولكن حدثت مشاكل بين العائلتين، مع العلم بأنني صليت هذه الصلاة بعد حدوث المشاكل, وفي اليوم الثالث للاستخارة رأيت رؤيا أنني وهذا الشخص نأكل فى بيتي وأهلي حولنا، وأيضا من يوم صلاة الاستخاره أرى اسمه يتكرر أمامي في كل مكان، لا أعرف ما دلالة هذا, ولا أريد أن أوهم نفسي، فأفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مستحبة عند الإقدام على أمر لا يعلم الشخص وجه الصواب فيه، كما تقدم في الفتوى رقم: 51040.
وإذا صليت صلاة الاستخارة فالخير إن شاء الله تعالى فيما حصل بعد ذلك من زواج أو عدمه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 80674.
والعمل بالاستخارة لا يتوقف على رؤيا في المنام ولا علاقة بين الأمرين، وراجعي الفتوى رقم: 26141، والفتوى رقم: 64112.
ولا علم لنا بدلالة الرؤيا المذكورة، ونرجو أن يكون كل ذلك خيراً إن شاء الله تعالى، وأما ما ترينه من تكرار اسمه أمامك -كما تزعمين- فالغالب أنه وهم لا حقيقة له، وربما يكون سبب ذلك قوة حضوره في قلبك وكثرة تفكيرك في أمره، فعليك أن تشغلي نفسك ووقتك وتفكيرك بما يعود عليك بالنفع والفائدة في دنياك وأخراك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/9232)
الاستخارة بعد عقد النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مغربي مقيم بفرنسا وعقدت القران منذ سنتين مع ابنة عمي (أي تمت الزوجية والمهر) ونحن مؤمنون وعلى خلق والحمد لله. ومن المقرر في أواخر شهر يوليوز2007 سيتم زواجنا بحول الله (العرس أو الدخول بالزوجة ولكن المشكلة أنه منذ بضعة أشهر واجهت خطيبتي بعض المشاكل العائلية وأيضا رفض طلب لها من أجل العمل ولهذا تريد أن تقيم دعاء الاستخارة من أجل معرفة النتيجة وتقول لي إنها سترى نتيجة هذا الدعاء إن كان خيرا فإننا سنتزوج كما كان مقررا وإن كان شرا فعلينا أن نلجأ إلى الطلاق والعياد بالله. علما باني لم أكن أعلم بوجود هذا الدعاء وأني غير موافق تماما على فعل هذا لأني بصراحة أحبها حبا شديدا (وهي كذلك) ولا أتمنى خسارتها ولا أفهم لماذا تريد فعل هذا.
سؤالي هو كالآتي:
هل من حقها فعل هذا? وإن كان نعم هل في حالة ما إذا كان نتيجة هذا الدعاء شرا والعياذ بالله معناه أنه من الواجب علينا الطلاق رغم أن العرس مقرر لصيف هذه السنة إن شاء الله?
أرجو منكم الإجابة في أقرب وقت ولا تحيلوني إلى فتوى أخرى جزاكم الله ألف خيرا لأني جد محتاج لإجابتكم خصوصا في بلاد الغربة.
جزاكم الله ألف خير، وأكثر الله من أمثالكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد عقدت عليها عقد نكاح شرعي صحيح فقد أصبحت زوجة لك وصرت مالك عصمتها، إن شئت أبقيتها وإن شئت طلقتها، ولا عبرة بالترتيبات الباقية كالزفاف أو حفل الدخلة، ولو كرهتك أو غيرت رأيها في إتمام الزواج فليس لها مفارقتك دون رضاك، لكن إن كرهت البقاء معك لعذر معتبر فلها أن تسألك الطلاق أو تخالعك بأن ترد عليك المهر أو نحوه مما تتفقان عليه.
وأما فعل الاستخارة فمشروع ومندوب إليه لمن أراد عمل أمر لا يعلم خيريته، فيكل أمر الخيرة فيه إلى الله تعالى العليم الخبير، فقد جاءت كيفية صلاة الاستخارة مبينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البخاري، والترمذي وغيرهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهمَّ إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علاّم الغيوب، اللَّهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، (أو قال: عاجل أمري وآجله) ، فاقدره لي ويسّره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أنّ هذا الأمر شرَّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، (أو قال: عاجل أمري وآجله) فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به. قال: ويسمى حاجته. أي يذكر حاجته عند قوله: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر، فيقول مثلا: اللهم إن كنت تعلم أن سفري أو زواجي من فلانة ... إلخ خير لي في ديني ... وإن كنت تعلم أن سفري.... إلخ شر لي في ديني ...
ومحلها قبل الإقدام على الفعل لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا هم أحدكم. وفي رواية: إذا أراد أحدكم، وأما بعد عزم المرء على الفعل ومباشرته له فعليه ان يتوكل على الله فحسب كما في قوله تعالى: فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ {آل عمران:159} وينبغي أن يسأل الله أن يوفقه فيه ويرزقه خيره ويعيذه من شره، فكان الأولى لزوجتك إذن عمل الاستخارة ودعائها قبل عقد القران، فإن كان خيرا لها فسييسره الله لها، وإن كان غير ذلك فسيصرفها عنه، وأما بعد أن قبلت وتم عقد القران فقد فات وقتها، وليس لها ذلك لأن الاستخارة في المحرم محرمة، وسؤال المرأة زوجها الطلاق محرم شرعا إلا لعذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. حديث صحيح أخرجه أحمد وابن ماجه والدارمي.
وعلى فرض أن العقد لم يتم بعد وإنما حدث عهد بذلك فلها أن تستخير ولها الممانعة في عمل العقد إن بدا لها ذلك.
ولا ينبغي أن يكون السبب تشاؤمها وتطيرها بما حدث لها من مشاكل لأن التشاؤم والتطير من الشرك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك. رواه أحمد. وقال صلى الله عليه وسلم: إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك رواه أحمد.
وننبهك إلى أن الاستخارة كالدعاء يسأل فيه العبد ربه ويكل أمر الخيرة إليه ليختار له ما فيه خيره ويبعده عما فيه شره، وإذا استجاب الله تعالى دعاءه فإن كان الأمر خيرا له فسييسر له أسبابه ويسهله عليه، وإن كان غير ذلك فسيصرفه عنه بقدرته، وأما ما يراه الناس في الأحلام بعد الاستخارة ويزعمون أنه نتيجتها فلا حقيقة له ولا يلتفت إليه، إلا أن من أهل العلم من يذكر أن انشراح الصدر بعد فعلها للأمر دليل على المضي فيه فهو أمارة يستأنس بها في ذلك.
فهذه هي حقيقة الاستخارة المشروعة ووقتها وثمرتها. وأما غير ما ذكرناه مما يفعله الكهان والعرافون ويدعون أنه استخارة ويعلمون نتيجته فلا يجوز، وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57601، 14326، 4823.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/9233)
الاستخارة بعد عقد النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مغربي مقيم بفرنسا وعقدت القران منذ سنتين على ابنة عمي (أي تم الزواج والمهر) ونحن مؤمنون وذوو خلق والحمد لله، ومن المقرر في أواخر شهر يوليو2007 سيتم زواجنا بحول الله (العرس أو الدخول بالزوجة، ولكن المشكلة أنه منذ بضعة أشهر واجهت خطيبتي بعض المشاكل العائلية وأيضا رفض طلب لها من أجل العمل ولهذا تريد أن تقوم بدعاء الاستخارة من أجل معرفة النتيجة وتقول لي إنها سترى نتيجة هذا الدعاء إن كان خيراً فإننا سنتزوج كما كان مقرراً وإن كان شراً فعلينا أن نلجأ إلى الطلاق والعياذ بالله، علما بأني لم أكن أعلم بوجود هذا الدعاء وأني غير موافق تماما بفعل هذا لأني بصراحة أحبها حبا شديداً (وهي كذلك) ولا أتمنى خسارتها ولا أفهم لماذا تريد فعل هذا، سؤالي هو كالآتي: هل من حقها فعل هذا، وإن كان نعم فهل في حالة ما إذا كان نتيجة هذا الدعاء شراً والعياذ بالله معناه أنه من الواجب علينا الطلاق رغم أن العرس مقرر لصيف هذه السنة إن شاء الله، فأرجو منكم الإجابة في أقرب وقت ولا تحيلوني إلى فتوى أخرى جزاكم الله ألف خير لأني جداً محتاج لإجابتكم خصوصا في بلاد الغربة لأثبت أو عدمه لمشكلتي؟ جزاكم الله ألف خير وكثر الله من أمثالكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قد تم عقد النكاح الشرعي المكتمل الشروط والأركان، والذي فيه الإيجاب من الولي بأن يقول للزوج زوجتك ابنتي فلانة، ويقول الزوج قبلت نكاحها ويشهد على ذلك شاهدي عدل، فهذا نكاح شرعي مكتمل، تصبح بعده بنت عمك زوجة لك، ولا يلزمك أن تطلقها بحجة أنها قد استخارت الله تعالى، بل لا تشرع لها الاستخارة في هذا الأمر إذ لا يجوز لها طلب الطلاق إلا في حال الضرورة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 13182، والفتوى رقم: 52707.
فنسأل الله أن ييسر لكما أموركما، وأن يجمع بينكما على خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(11/9234)
عاقبته الاستخارة محمودة وإن بدت بغير ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل سؤالا عن الاستخارة كيف يعلم الشخص بعد أن يصلي الاستخارة أن الذي سيحصل معه سيكون أكيد فيه الخير ,
حيث إنني سافرت من بلدي إلى دولة من دول الخليج باحثاً عن عمل وستنتهي زيارتي ولم أجد عملاً حيث إ نني قبل أن أسافر من بلدي صليت صلاة الاستخارة وأعلم أن الرزق بيد الله لكن ما أريد أن أعلم يا ترى هل إذا جرى هذا الأمر ممكن أن تكون له علاقة بذنوبي الكثيرة أم أن الله سيختار لي الخير على كل الأحوال لأني صليت صلاة الاستخارة علماً أني مداوم على الدعاء لله سبحانه بإيجاد عمل لكن لاتخلو زيارتي هنا من الذنوب وإن هذا السؤال حيرني كثيراً كثيراً فأرجو منكم إمدادي بالجواب الشافي وجزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أقدمت على صلاة الاستخارة بالطريقة الصحيحة، وفعلت بعدها ما انشرح له صدرك فما فعلته بعد ذلك ففيه الخير إن شاء الله تعالى؛ ولو كنت كارها لما حصل فقد تكون عاقبته محمودة وينتهي إلى خير، قال الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216} وراجع الفتوى رقم: 32377، والفتوى رقم: 49224.
مع التنبيه على خطورة الذنوب والمعاصي، وأنها سبب للحرمان من الرزق وتجلب المصائب. قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ {الشورى: 30} وراجع الفتوى رقم: 44305. إضافة إلى أن المعاصي قد تكون أيضا مانعة من استجابة الدعاء، وراجع الفتوى رقم: 56637.
فبادر بالتوبة إلى الله تعالى من جميع المعاصي والذنوب، وأكثر من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى خصوصا بالأدعية التي تقال عند الكرب والحزن، والتي سبق بيان بعضها في الفتوى رقم: 70670.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(11/9235)
العبرة في الاستخارة بما سينتهي عليه الحال
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت عن منحة للغة الكورية فقدمت أوراقي كي أقبل مثل آخرين وكان القبول بعد أسبوعين من التقديم وفي تلك الفترة دعوت الله إن كان هذا الأمر فيه خير لي أن يأتيني منه وإن لم يكن فيه خير فليبعدني عنه وألا يحزنني ولم أقبل في بادئ الأمر وصراحة حزنت كثيراً وشعرت باليأس ثم ذهبت مع صديق لي قد قبل وتحدثت مع مدرس اللغة ووافق...... أنا الآن أسأل نفسي هل رأى الله لي الأمر شرا وأنا أصررت عليه أم أنه فيه خير بقبولي في آخر الأمر بسعيي فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى الكيفية الصحيحة للاستخارة مبينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البخاري والترمذي وغيرهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال: عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال: عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به. قال: ويسمى حاجته. أي يذكر حاجته عند قوله: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر، فيقول مثلاً: اللهم إن كنت تعلم أن قبولي من بين الممنوحين.. إلخ خير لي في ديني ... وإن كنت تعلم أن قبولي ... إلخ شر لي في ديني....
وإذا استخار الإنسان الله، فليرض بما قُدر له، ثم قولك: هل رأى الله لي الأمر شراً وأنا أصررت عليه ... لا يليق، لأن الله تعالى لا يتغير قدره بإصرار أي أحد.
وعلى أية حال فإنك إذا استخرت الله في أي أمر، فإن ما سيحصل من قبول أو رفض سيكون هو الأفضل لك. ولا يغير من ذلك أن يحصل رفض في أول الأمر، ثم يجيء القبول بعد ذلك أو العكس، لأن العبرة بما سينتهي عليه الحال، ثم إن عليك أن تعلم الاستخارة لا تكون فيما هو مشتمل على محرم، فهذا يجب تركه، وعليه فإذا كانت الدراسة المذكورة مشتملة على محرم من اختلاط أو غيرها فإنها حرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(11/9236)
حكم الاستخارة في فعل الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب جزائري، آتيكم بسؤال خاص بالقرض البنكي الذي يتعامل عن طريق الفوائد، أما بعد:
- مدخول عملي بسيط تماما وغير قادر على قضاء ديون مترتبة علي فاضطررت لللجوء إلى البنك، استخرت مرات عديدة فسهل علي الحصول على الموافقة من مدير هذا البنك لكني متردد إلى حد كبير لأني سمعت أقوالا كثيرة تعارض مثل هاته المعاملات مع البنوك التي سموها ربوية، فهل لديكم جواب مفصل على سؤالي هذا؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القرض الربوي حرام بلا شك لقوله صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. رواه مسلم. والحرام لا يكون مباحا إلا عند الضرورة، وراجع في حد الضرورة وهل قضاء الدين منها الفتوى رقم: 77539.
وأما مسألة الاستخارة فاعلم أن الاستخارة شرعت للمباح لا للواجب أو المندوب في أصله ولا للمحرم أو المكروه.
جاء في الموسوعة الفقهية: فالاستخارة لا محل لها في الواجب والحرام والمكروه وإنما تكون في المندوبات والمباحات، والاستخارة في المندوب لا تكون في أصله لأنه مطلوب وإنما تكون عند التعارض أي إذا تعارض عنده أمران أيهما يبدأ به أو يقتصر عليه، أما المباح فيستخار في أصله.
بهذا تعلم أنه لا يصح أن يستخير المسلم ربه هل يفعل الحرام أم لا؟ وبالتالي، فالتيسير الذي حصل في هذا القرض لا تعلق به بالاستخارة لعدم صحتها أصلا في المحرم. وعليك الانصراف عن هذا الامر ما لم يبلغ بك الحال حد الضرورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1428(11/9237)
مدى مشروعية الاستخارة من شخص لغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي موضوع استخرت فيه وأشعر أنه يسير جدا، لكن عندي شيخ قريبي رأى في الخيرة أنه ليس خيرا لي، مع العلم بأنه صوفي وعندهم كتب للخيرة حسب كلامهم، فهل هذا الكلام صحيح، أنا أتبع كلامه ولا أستخير الله برأي وأريد أن أعرف رأي الدين ما هو في خيرة الشيوخ هذه، فأرجو الرد عاجلا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة أن يستخير المسلم لنفسه إذا هم بأمر مباح وذلك على الطريقة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك واسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، -أو قال عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به، قال: ويسمي حاجته. رواه البخاري وغيره.
هذه هي استخارة السنة. أما غيرها مما يفعله بعض الناس بفتح الكتب أو غيرها فغير مشروع ولو كان بفتح القرآن الكريم على الراجح من أقوال أهل العلم، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 29558.
ولا تصح الاستخارة ولا تنفع من شخص لغيره لأن الاستخارة كما قال أهل العلم: صلاة وتوكل على الله وتفويض الأمر إلى الله سبحانه وتعالى ... وهذا لا يصح إلا من الشخص لنفسه. وانظري الفتوى رقم: 54415.
ولذلك فلا اعتبار لما قاله الشيخ المذكور، وعليك أن تسلكي طريق السنة كما بينا، وتفعلي بعد ذلك ما بدا لك، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 69446، وما أحيل عليه فيها، والفتوى رقم: 322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1428(11/9238)
حكم من فعل ما لم ينشرح له صدره بعد الاستخارة الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مخالفة الاستخارة، عودني الوالد بارك الله في صحته وعمره على صلاة الاستخارة قبل الإقدام على أغلب الأعمال ولو كانت بسيطة، عادة ما كنت أتبع شعوري سواء كان بانشراح الصدر أو ضيقه، في المرات القليلة التي لم أستجب لعلامات الاستخارة كانت العواقب على غير المرجو لكني رضيت بها، فهل أنا آثم، وهل يتم الأمر برغم أن الدعاء يقول: اللهم اصرفني عنه. فأ رجو الإفادة؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مستحبة عند الإقدام على أمر لا يدري الشخص وجه الصواب فيه، كما تقدم في الفتوى رقم: 51040.
وينبغي للشخص أن يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له صدره من فعل أو ترك، لكن إذا خالف وفعل ما لم ينشرح له صدره فلا إثم عليه؛ لأنه إذا قام بالاستخارة الشرعية فما فعل بعد ذلك فهو خير، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 45330.
وكونك إذا فعلت ما لم ينشرح له صدرك تكون عواقب ذلك الأمر غير محمودة، فقد لا يكون ذلك شراً في حقيقة الأمر، بل قد يكون خيراً، وبالتالي فقد صرف الله الشر عنك وصرفك عنه، وراجع الفتوى رقم: 64448.
إضافة إلى أن الاستخارة دعاء، وهذا الدعاء قد لا يرى الداعي إجابته في الدنيا، بل قد يُدخر له الثواب في الآخرة، أو يصرف عنه بعض البلاء، وراجع الفتوى رقم: 57914.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1428(11/9239)
لا يلتفت بعد الاستخارة للوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا خاطب لفتاة لا أرى فيها أي عيب نهائيا وأهلها أناس طيبون، وقبل خطبتي لها صليت الاستخارة والحمد لله الأمور إلى الآن متيسرة ولكني عندما سافرت للغربة بدأت نفسي تحدثني بأنني سوف أظلمها ولا أحبها ولن أسعدها ووصلت الأمور إلى حد أنني كنت أحدث نفسي سأطلقها بعد الزواج وهذا طبعا غير الأحلام التي أراها وساعات أخرى أقول لنفسي يا ليتني كنت خطبت فلانة كنت سأستريح معها أكثر.
سؤالي هو هل هذه الأمور من أثر الاستخارة أم أنها من وساوس الشيطان؟؟ وماذا أفعل كي أتجنبها علما بأن خطيبتي إ نسانة متدينة وفعلا رائعة قلما يجود الزمان بها.
أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة طلب الخيرة في الشيء، والحكمة منها هي التسليم لأمر الله, والخروج من الحول والطول, والالتجاء إليه سبحانه للجمع بين خيري الدنيا والآخرة.
فإذا استخار العبد ربه في أمر وانشرح له صدره، فينبغي له المضي فيه، قال في أسنى المطالب: قال النووي: وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرح له صدره.
فامض فيما استخرت الله عز وجل فيه من الزواج بهذه الفتاة المتدينة، فإنها غنيمة ينبغي لك الظفر بها وعدم إضاعتها. قال عليه الصلاة والسلام: فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
وأما ما ذكرت من حديث نفس وأحلام فلا نراه إلا من وسوسة الشيطان، فاستعذ بالله منه ولا تعبأ به.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(11/9240)
إرشادات حول الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال عن الاستخاره: لقد قمت بعمل صلاة استخارة منذ ثلاثة أيام وذلك بسب حصولي على فرصة عمل جديدة وقد قمت بها منذ المقابلة الأولى وتيسر الموضوع إلى أن قدموا لي العرض الذي فيه الراتب ومتطلبات العمل ووافقت عليه وقدمت استقالتي من العمل القديم ولكن وأنا في داخلي أحس أن العمل القديم فيه ميزات ليست مادية ولكن مريحة لي وخاصة أنني في هذا العمل منذ خمس سنوات وصليت مرة أخرى حتى يطمئن قلبي ولكن نفس الشيء حتى قابلني المدير العام وطلب مني سحب استقالتي وأن أبقى لأنه بحاجة إلي ووجدت نفسي قد أحسست أنني تسرعت في تقديم استقالتي ووافقت على سحبها واعتذرت للطرف الآخر. مع العلم بأن الموضوع كان ميسرا جدا ولم أحس أنني سوف أواجه مشاكل ولكن كنت متردد جدا خاصة أن العمل الجديد سوف يأخذ من وقتي كثيرا وفيه جهد أكثر وأيام عمل أكثر ولم يكن الفرق في الراتب كبيرا.
السؤال هو: صحيح أن الله عندما أصلي الاستخارة حتى لو كنت مترددا سوف يثبت قلبي ويعطيني هذه الفرصة بأي حال؟ وأنني أريد أن أعرف هل أصلي الاستخاره وأتوكل على الله وأسير بأي موضوع والله في حال كانت خير لي سوف يتمها وإن كانت شرا لي سوف يصرفها أم أن هناك علامات تظهر منذ البداية كالحلم مثلا أو عدم الاطمئنان مع أنني لا أحلم في أي صلاة أستخارة؟
هل ما فعلته لا يجوز لأنني رفضت زيادة في رزق لي وقبلت البقاء مع أنني أبحث عن عمل جديد منذ فترة ولكن عمل يكون في نفس مزايا عملي هذا؟ هل صلاة الاستخاره تكون قبل النوم ولا يجوز لي التكلم مع أحد بعد صلاة الاستخاره والتوجه إلى النوم مباشرة؟
آسف بسب طول السؤال ولكن حتى يطمئن قلبي ويذهب إحساسي أنني تسرعت في رفضي للعمل الجديد.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فانقباض الصدر وانشراحه بعد الاستخارة له تعلق بالاستخارة ويُعمل به؛ إلا إذا كان الانشراح أو عدمه متعلق بهوى القلب فإنه لا يلتفت إليه، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ينبغي أن يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له. اهـ.
وقال السيوطي في تحفة الأبرار نقلا عن غيره: ولا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان له فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسا؛ وإلا فلا يكون مستخيرا لله بل يكون مستخيرا لهواه، وقد يكون غير صادق في طلب الخير وفي التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى، فإن صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختيار نفسه. اهـ.
وبهذا يعلم الأخ السائل أنه لا حرج عليه في فعل ما انشرح إليه صدره؛ إلا إذا كان قلبه يهوى أصلا ما فعله بعد الاستخارة فإنه يكون حينئذ قد فعل خلاف ما ينبغي ولم يكن حينئذ صادقا في استخارته، وقول السائل:...... سوف يثبت قلبي ويعطيني هذه الفرصة على أي حال؟ فجوابه أن الاستخارة دعاء، والدعاء- كما هو معلوم- إجابته إلى الله، فقد يعطي الله العبد عين ما سأله، وقد لا يستجيب له ويصرف عنه من السوء مثله، وقد لا يستجيب له ويدخر له أجره إلى يوم القيامة؛ كما دلت على ذلك السنة، فلا يلزم أن يعطى المستخير بأي حال ما سأله.
وأما سؤاله عن صلاة الاستخارة هل تكون قبل النوم ... إلخ. فجوابه أن تخصيص وقت صلاة الاستخارة بما قبل النوم لا يدل عليه دليل؛ بل إن الدليل على أنها تفعل عند الهم بفعل أمر في أي وقت، فلا ينبغي أن تخصص الاستخارة بوقت معين، وكذلك القول بأنه لا يكلم أحدا بعد الاستخارة؛ بل يجوز أن يتكلم مع الآخرين في غير معصية، وانظر الفتوى رقم: 508، حول وقت صلاة الاستخارة، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 1775، والفتوى رقم: 2733، والفتوى رقم: 19343.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1427(11/9241)
الأمور التي تشرع لها الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد أن الصحابة كانوا يستخيرون الله تعالى في كل شيء حتى في ملح الطعام؟ ولدي فهم في حديث الاستخارة أرجو تصويبه وهو أن المقصود من قول جابر رضي الله تعالى عنهما يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، المقصود بالأمور هنا: الأمور التي لها شأن لا كل أمر إذ إن هناك أمورا كثيرة لا يعبأ بها كشراء العصير مثلا وغير ذلك بدليل أنه لم ينقل إلينا أن النبي صلى الله عليه وسلم استخار عند مثل تلك الأمور ولو وقع لنقل إلينا؟
والله أعلم، وجزاكم الله تعالى خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتشرع الاستخارة عند التردد بين أمرين لا يدرك المرء في أيهما المصلحة، ولو كان هذان الأمران في ظاهرهما حقيرين بشرط أن لا يبين لصاحبه وجه المصلحة فيه كما تقدم، وأما إذا بانت المصلحة في أحدهما فكما قال ابن حجر في الفتح: قوله: في الأمور كلها، قال ابن أبي جمرة: هو عام أريد به الخصوص، فإن الواجب والمستحب لايستخار في فعلهما، والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما. فانحصر الأمر في المباح وفي المستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه، قلت: وتدخل الاستخارة فيما عدا ذلك في الواجب والمستحب المخير، وفيما كان زمنه موسعا، ويتناول العموم العظيم من الأمور والحقير، فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم. انتهى.
وما دام قد ثبت التصريح بمشروعية الاستخارة في الأمور كلها فلا يلزم نقل وقائع فعل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1427(11/9242)
الاستخارة متى تكون وكيف تكون
[السُّؤَالُ]
ـ[حسب ما أعلم أن الاستخارة هي لسؤال الله تعالى تيسير فعل أمر ما أو تعسيره، لكن ماذا أفعل إذا أردت الاختيار بين أمرين هل أستعين بالاستخارة الكلاسيكية أم لا وكيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة تكون في التردد بين فعل أمر أو تركه، كأن يتردد في الزواج من امرأة أو عدم ذلك، وتكون أيضا في التردد بين أمرين كأن يتردد في الزواج بإحدى امرأتين بأيهما يتزوج، فإنه يستخير أيضا استخارة واحدة ويقول فيها مثلا: اللهم من كان زواجي منها خيرا لي فيسره لي.... ومن كان زواجي منها شرا لي فاصرفه عني واصرفني عنه، ولا تعرف ما أسميته بالاستخارة الكلاسيكية، ولكن الاستخارة النبوية فيها الكفاية، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 25038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1427(11/9243)
استعمال الوساطة هل ينافي الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لكم كالآتي: أرغب في خطبة فتاة ذات دين وخلق جميل، ولكن في بلدنا هناك بعض التعصب للنسب والقبائل والعرق، وقد استخرت الله، ففي حالة رفض أبيها بسبب التعصب لعرفه، فهل يجوز لي إدخال واسطة من الناس للتأثير على والدها للموافقة على زواجي من ابنته أم هذا مناف للاستخارة التي استخرتها، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أصبت في اختيارك للزواج بفتاة ذات دين وخلق جميل، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك.
وفي حالة رفض أبي هذه الفتاة بسبب التعصب لعرقه، فلا حرج عليك في إدخال واسطة من الناس للتأثير عليه للموافقة على زواجك من ابنته، وليس هذا منافياً للاستخارة، فإن الغرض من الاستخارة هو اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً، ثم التوصل إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة، وليس في شيء من ذلك ما يتعارض مع اتخاذ الشخص الأسباب التي يمكن أن يتوصل بها إلى هدفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1427(11/9244)
التفصيل في صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أفضل وقت للاستخارة؟ وما هو الدعاء؟ وكيف طريقة الأداء؟ وكيف يكون الجواب, يعني هل هو إحساس أم حلم................؟
وإن كنت أشاهد التلفاز من دون أي استثناء فهل يترتب علي أن أبتعد عن المعاصي في هذه الفترة؟
أرجو أن تكون الفتوى على أكمل وجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مشروعة في كل الأوقات ما عدا أوقات الكراهة الثلاثة وهي: بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة العصر، وعند استواء الشمس في وسط السماء، وهذا فيما إذا كان سيصلي قبلها ركعتين، أما إذا كان سيستخير بعد صلاة سبقت كصلاة الفجر أوصلاة العصر فلا مانع من أن يدعو بعدها بالدعاء المأثور، ويكون بذلك قد استخار، ونص الشافعية على أن له أن يصلي ركعتين للاستخارة في أوقات الكراهة في حرم مكة لأن له خصوصية في هذا الأمر؛ لما رواه الترمذي وغيره عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار. قالوا: وغير ركعتي الطواف مثلها.
ولا نعلم وقتا محددا تفضل فيه صلاة الاستخارة على غيره، وعليه.. فتحري الأوقات الفاضلة وعند فراغ ذهنك من الاشغال وتوجهي بالصلاة والدعاء.
وأما طريقتها فأن تصلي ركعتين وبعد السلام تدعين بالدعاء المأثور وهو: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسالك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به. قال: ويسمى حاجته، أي يذكر حاجته عند قوله: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر، فيقول مثلا: اللهم إن كنت تعلم أن سفري أو زواجي من فلان أو من فلانة.... إلخ خير لي في ديني ... وإن كنت تعلم أن سفري.... إلخ.
وهي مستحبة في الأمور المباحة، أما الأمور المعلوم وجوبها أو استحبابها أو حرمتها أو كراهتها فلا تشرع فيها.
وتفعلين ما انشرح له صدرك بعد الاستخارة؛ وإلا فكرريها سبع مرات، ففي الموسوعة الفقهية الكويتية: قال الحنفية والمالكية والشافعية: ينبغي أن يكرر المستخير الاستخارة بالصلاة والدعاء سبع مرات، لما روى ابن السني عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس؛ إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه. ويؤخذ من أقوال الفقهاء أن تكرار الاستخارة يكون عند عدم ظهور شيء للمستخير، فإذا ظهر له ما ينشرح به صدره لم يكن هناك ما يدعو إلى التكرار، وصرح الشافعية بأنه إذا لم يظهر له شيء بعد السابعة استخار أكثر من ذلك، أما الحنابلة فلم نجد لهم رأيا في تكرار الاستخارة في كتبهم التي تحت أيدينا رغم كثرتها.انتهى.
وإذا كررت الاستخارة ولم يظهر لك شيء فإنك تفعلين أحد الأمرين، ويكون الخير فيما فعلته ان شاء الله لأنك قد بذلت جهدك ووسعك.
ولا شك أن البعد عن المعاصي سبب لتجلي الحقائق وانشراح الصدر لما فيه الخير والصلاح، فابتعدي عن مشاهدة الحرام في التلفاز وغيره مطلقا وليس عند وقت الاستخارة فقط، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1427(11/9245)
الاستخارة في الأمر المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين أود أساتذتي الكرام أن أبعث إليكم بسؤالي هذا وأرجو منكم أن تجيبوني في أقرب الآجال وجزاكم الله ألف خير أما بعد فسؤالي هو:
حدث في أحد الأيام أن وجدت أمي بعض الملابس الداخلية لامرأة مع ملابس أبي الذي كان مسافرا ولقد صارحته أمي بذلك فقال لها أقسم بالله أنه ليس لي بل لصديق أعرفه ولكن أمي منذ ذلك اليوم لم تعد تصدق أبي وأصبحت تشك فيه بكل سفر جديد ولا تصدقه مطلقا رغم أنها تعرف بأن الشك يقتل بيت كل أسرة مسلمة ومع هذا فإنها أرادت أن تصلي صلاة الاستخارة ولكن قلت لها باعتبار أن الشك مكروه فلا يجوز الاستخارة فيه. ماردكم عن سؤالي وجزاكم الله خيرا وكان الله في عونكم وأكثر من حسناتكم وجعلكم من أصحاب الفردوس إن شاء الله. ولكن أرجو أن تجيبوا على سؤالي بالغة الفرنسية أو الإنجليزية. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الاستخارة تشرع في الأمور المباحة ولا تشرع في أمر مكروه أو محرم, لأن تركه مطلوب.
والأصل في المسلم السلامة فلا يجوز اتهامه بسوء من غير بينة. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12} فوجود هذه الملابس لا تدل على أن الزوج قد أتى بمنكر كيف وهو قد أقسم بالله أنها لصديق له روى ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض فليس من الله.
فما حصل من أمك مجرد ظنون ليست مبنية على أساس, يجب عليها الانتهاء عنها وعدم الاسترسال فيها, فذلك أسلم للعاقبة, ولا تجوز الاستخارة في مثل هذه الأعمال.
وننبه إلى أنه ينبغي للمسلم اجتناب مواطن الشبهات, والتي قد تؤدي به إلى الطعن في دينه أو عرضه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1427(11/9246)
حكم العمل بالرؤيا بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العمل بالرؤيا والاستخارة؟
هل على الوجوب أم الاستحباب أم أن الأمر غير ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرؤيا لا يحكم بها في أمر من أمور الشرع، لكنها إن كانت صالحة يستأنس بها ولا تدل على وجوب أو تحريم، فالأحكام لا تؤخذ إلا من كتاب الله تعالى، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما تفرع عنهما، والرؤيا على ثلاثة أقسام كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: الرؤيا ثلاثة: منها أهاويل الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهتم به في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة. رواه ابن ماجه وابن أبي شيبة وغيرهما.
أما الاستخارة فإن من السنة إذا هم المسلم بأمر أن يصلي ركعتين من غير الفريضة, ويقرأ الدعاء المأثور, ثم بعد ذلك يستحب له أن يفعل ما تيسر له, فقد صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك فعمل الاستخارة سنة.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل عن الرؤيا والاستخارة نرجو أن تطلع على الفتاوى التالية أرقامها: 38057 / 66805 / 67482 / 1775 / 19343 / 48941.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1427(11/9247)
الطريقة المشروعة في الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك في الإسلام ما يعرف بالاستخارة عن طريق الغير، أي قد أرغب في استئجار منزل، فأقوم برؤية ثلاث خيارات من المنازل أو الشقق ومن ثم أتصل هاتفيا مع إحدى السيدات المتدينات التي تعرف بقدرتها على الاستخارة عبر القرآن، وأخبرها عن مواصفات عامة جداً عن الشقق التي رأيتها (الموقع، قيمة الإيجار، صاحب البيت) ، ومن ثم بعد وقت (ساعة أو أكثر) تعود هذه السيدة بالاتصال وإخبارنا أنها قرأت بعض القرآن ومن ثم فتحت القرآن من النصف ووجدت آيات معينة دلت أن أحد الخيارات من الشقق غير مناسب، أما الخيارات الأخرى فأحدها أفضل وهكذا، علما بأن هذه السيدة لا تتقاضى مالا عن ذلك ولديها معرفة بالعائلة، السؤال هل هذه الاستخارة موجودة في الإسلام أم هي بدعة أو خدعة؟ مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 56694 أن الإنسان هو الذي يستخير لنفسه، وأما الطريقة المشروعة في الاستخارة فهي أن يصلي ركعتين ثم يأتي بالدعاء الذي رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري (أو قال: عاجل أمري وآجله) فاقدره ليس ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري (أو قال: عاجل أمري وآجله) فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به. قال: ويسمي حاجته.. أي يذكر حاجته عند قوله: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر.
وأما أخذ الفأل من المصحف فالراجح عدم جوازه كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 60278.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1427(11/9248)
الأمور التي تشرع فيها الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن صلاة الاستخارة وهل يكررها المرء ولنفس السبب؟ وأيهما أولى (أي من له الأولوية) صلاة الاستخارة أم صلاة الوتر وأيهما أفضل وأكثر نفعا وأجرا؟ وأنا أستخير لكل شيء ولكل أمر فهل هذا جائز (أقصد متى أستخير) ؟ أيضا أيهما أولى السنن (الرواتب) أم الاستخارة؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 7234، مشروعية تكرار صلاة الاستخارة لسبب.
والاستخارة هي أن يصلي المرء ركعتين من غير الفريضة في غير وقت الكراهة ويدعو بدعاء الاستخارة، ويجزئ أن يدعو بعد أي صلاة صلاها، وتكون الاستخارة في الأمور المباحة لا في الواجبات والمندوبات لأنها مطلوبة شرعا لا يصلح أن يستخار في فعلها، وكذا المحرمات والمكروهات لأنها مطلوبة الترك فكيف يستخار في فعلها أو تركها؟!.
ولا تشرع صلاتها إلا عند وجود السبب وهو التردد في فعل شيء مباح هل يفعله أو لا؟ أو التردد بين مباحين أيهما يفعله؟ .
وصلاة الوتر أفضل من الرواتب القبلية والبعدية، وهي أفضل من غيرها من النوافل؛ كما في المجموع للإمام النووي رحمه الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1427(11/9249)
الاستخارة في الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الاستخارة قبل الإقدام على الطلاق؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى أبو داود وصححه السيوطي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أبغض الحلال إلى الله الطلاق. والطلاق تجري عليه الأحكام الخمسة، فقد يكون واجباً وقد يكون مستحباً وقد يكون مباحاً وقد يكون مكروهاً وقد يكون محرما، والاستخارة لا تكون إلا في المباحات، وصورة الطلاق المباحة قد نص عليها بعض العلماء ومنهم الإمام الجويني: بمن لا تسمح نفسه بمؤنتها لعدم ميله إليها ميلا كاملاً. فمن أحس من نفسه ذلك أبيح له طلاق زوجته، وينبغي له قبل أن يقدم عليه أن يستخير الله سبحانه وتعالى بأن يصلي ركعتين، ثم يدعو الله بالدعاء المعروف، ويستشير من يثق به من أهله أو أصحابه أو غيرهم ممن هم أدرى بحاله ووضعه، فما ندم من استخار واستشار ثم يطلق أو يترك حسب ما ظهر له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1427(11/9250)
الاستخارة في أحد أمرين ثم تركهما وفعل أمر ثالث
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن صلاة الاستخارة إذا كنت محتارة بين شيئين وبعد أن صليت الاستخارة يسر الله لي في الشيئين شيئا واحدا ولم آخذ بالشيء الواحد هذا الذي يسره الله لي ولكن أخذت بشيء ثالث لم يكن من ضمن الشيئين الذين كنت محتارة بينهما فهل يجوز هذا أم لا أو أنه استهزاء بالله فأنا خائفة جدا؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مستحبة للعبد إذا طرأ له أمر من أمور الدنيا مما يباح فعله، وتردد هل يفعله أو لا، أو تردد بين أمرين هذا شأنهما، فلا استخارة في أمر واجب فعله، أو مندوب، لأنه مأمور بفعلهما بلا استخارة، ولا استخارة في المحرم والمكروه، لأنه مأمور بتركهما بلا استخارة.
وإذا استخار شخص متردد بين أمرين، ثم فعل ثالثا فلا حرج عليه كأن يتردد في شراء منزلين ويستخير ثم يشتري ثالثا، فلعل الله تعالى يكون قد اختار له ما هو الخير له مما لم يكن خاطرا بباله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1427(11/9251)
حكم الاستخارة في غير الواجب والمستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي استخارة وأطلب الطلاق مع العلم أن الزواج تم بعد استخارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلب الطلاق لغير عذر شرعي محرم وسبق بيانه في الفتوى رقم: 35085، والاستخارة مستحبة إذا طرأ للعبد أمر من أمور الدنيا مما يباح فعله، والاستخارة تكون في غير الواجب والمستحب فلا يستخار في فعلهما، وتحرم في المكروه والمحرم، وتقدم جوابه في الفتوى رقم: 61406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1427(11/9252)
يكفي في الاستخارة الإشارة إلى الأمر المستخار فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الاستخارة المشروعة بالنسبة للزواج وكيفية معرفة نتيجتها وهل يشترط ذكر اسم الفتاة المنوي الزواج بها أو حتى تحديد فتاة بعينها؟ وهل يجوز أن أتزوج حتى لو لم أساعد أهلي في مصاريف المنزل خصوصاً أني عملت حديثاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلمعرفة كيفية الاستخارة في أمر النكاح راجع الفتوى رقم: 19333، وتيسر الأمر بعد الاستخارة هو دليل الخير، وأما الرؤيا أو انشراح الصدر فمما يستأنس به، وراجع الفتوى رقم: 19343.
ولا يشترط في الاستخارة ذكر اسم الفتاة ونحو ذلك، بل تكفي الإشارة إلى الأمر المستخار فيه بنحو ما ورد في الحديث مثلا وهو: اللهم إن كان في هذا الأمر، وتعني ما نويت الاستخارة فيه.
ويجوز لك الزواج ولو لم تساعد أهلك، ولكن ينبغي أن تعين أهلك قدر استطاعتك، وخاصة إن كانوا في حاجة إلى عونك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(11/9253)
انشراح الصدر بعد الاستخارة دليل على الخيرة ما لم يكن عن هوى
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب بالزواج لكي أمنع نفسي من المحرمات لكن لم يأت نصيبي بعد جاءني شخص في رمضان وكنت داعية قبلها بيوم أن يبعث لي الله ابن الحلال وعندما أتى أحسست أنه هو نصيبي وعندما رأيته لا أريد أن أرتبط إلا به أحسست بأنه نصيبي وأحسست أن دعائي استجيب لي وأديت صلاة الاستخارة أربع مرات وكنت أستيقظ مرتاحة فما رأيك هل دعائي أستجيب أم كانت صدفة وكنت أقرب إلى الله من أي شهر آخر وهو سافر ولم يتزوج حتى الآن وأنا أخاف أن أضع آمالي فيه دون أية جدوى والذي أعاني منه الآن أني لا أريد أن أرتبط إلا به وكل ما يأتي أحد أتضايق لأني لا أريد إلا غيره مع العلم أنه شخص غريب ولا توجد بيني وبينه أية علاقة غريبة بل بطريقة شرعية دون أية خلوة وأحسست بانجذابه نحوي هل كانت دعوتي مستجابة أم كانت صدفة فأرشدني أرشدك الله أعيد وأكرر أنه أتى من طرف شيخ من الجامع شخص غريب ذو خلق ودين ويعيش في ألمانيا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام خطيبك ذا خلق ودين فلا حرج عليك في الحرص عليه وتمني أن يكون من نصيبك، ولعل الله يكون قد استجاب دعاءك ويسر لك ما سألته فإنه سبحانه قريب مجيب؛ كما قال: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة: 186} ومن جوده وكرمه أنه يستحي إذا مد عبده يديه يسأله أن يردهما صِفرا؛ كما في الحديث: إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفراً. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وقد أحسنت عندما صليت صلاة الاستخارة في أمرك المذكور، وإذا كان لك فيه نصيب فسيكون من نصيبك إن شاء الله، فإن كل شيء بقضاء وقدر، فإذا صرف عنك بعد استخارتك الله فاعلمي أنه ليس فيه خير لك فارضي بذلك. وانشراح الصدر بعد الاستخارة دليل على الخيرة إذا لم يكن ذلك الانشراح عن هوى سابق. قال الإمام النووي: ينبغي بعد الاستخارة أن يفعل ما ينشرح له صدره، فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان فيه هوى قبل الاستخارة؛ بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسا وإلا فليس مستخيراً لله تعالى، بل يكون غير صادق في طلب الخيرة في التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه.
فكِلي أمرك إلى العليم الخبير بعد ما فعلت الأسباب الشرعية واجتهدت في ذلك، وقري عينا أنه لن يحصل إلا ما فيه صلاح أمرك وفلاحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1426(11/9254)
الرسوب في سنة التخرج هل له علاقة بالاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحبة السؤال الوارد رقم297834 فقد صليت استخارة في هل أستمر في الدراسة في كلية الطب أم لا وتعسرت أموري عند محاولتي التحويل من الكلية لتخصص آخر فأخذت ذلك على أن الأفضل الاستمرار هذا عدا عن رفض والدي للتحويل، إلا أنه بعد الاستخارة بعامين واجهتني بعض الصعوبات لدرجة أني في سنة التخرج رسبت وتوجب علي إعادة مادتين أساسيتين من أصل أربع مواد، فهل هذا يعني أني أخطأت في تقدير الاستخارة أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستخارة الشرعية إذا قام بها العبد مع حضور القلب أثناء الصلاة والدعاء فإنه يرجى له حصول الخير بعد الاستخارة، ومما يدل لتوفيقك بعد الاستخارة أن استمرارك في الكلية وافق رضى الوالدين مع العلم بأن العمل في ميدان الطب أكثر مناسبة للنساء من كثير من الأعمال.
وأما الرسوب في بعض المواد سنة التخرج فقد لا تكون له علاقة بالاستخارة، بل ربما يكون له سبب آخر، فاجتهدي في الدراسة وذاكري مذاكرة جيدة وابتعدي عن المعاصي، فإنها قد يحرم مقترفها من بعض الأشياء عقوبة له، كما في الحديث: أن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد وحسنه الألباني والأرناؤوط، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27048، 44779، 56863، 51040، 32377.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1426(11/9255)
يستخير المرء ثم يباشر ما استخار فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابن أخت ملتزم بالتّعاليم الإسلاميّة وكلّما همّ بالقيام بأمر ما التجأ إلى الله سبحانه وتعالى وقام بصلاة الاستخارة. وفي أغلب الأحيان يرى في منامه ما يساعده على حسن الاختيار أو الابتعاد عن ذلك الأمر ويأتي الواقع ويتأكّد في اليقظة من صحّة ما يراه في المنام. إلاّ أنّه في المدّة الفارطة عزم على الزّواج وكان عليه أن يختار بين ثلاث فتيات متساويات في التّديّن تقريبا ولكن لا يعرف شيئا عن طباعهنّ الّتي ربّما لا تتماشى مع طبعه. ولجأ إلى الاستخارة كعادته إلاّ أنّه لم ير شيئا في منامه رغم قيامه بالصّلاة عدّة مرّات وحار في أمره وتعسّر عليه الاختيار.
الأسئلة:
1- هل لا بدّ أن يرى الإنسان إثر صلاة الاستخارة رؤيا تساعده على حسن الاختيار؟
2- إذا كان ليس من الضّرورة أن يرى الإنسان في منامه شيئا يساعده على حسن الاختيار فكيف يتمّ الاختيار وما الفائدة من الاستخارة إذا؟
3- إذا قام الإنسان بالاستخارة ثمّ لم ير في منامه شيئا يساعده على إنجاز أمر ما ويفعل ما ترتاح له نفسه بعد ذلك. أليس من المحتمل أن تختار نفسه الأسوأ على غير علم؟
ولكم منّي جزيل الشّكر. ... ... ... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا أنه لا يلزم أن يجد المستخير بعد استخارته رؤيا تبين له وجه الصواب لما يريد فعله إقداماً أو إحجاماً، وإنما ينبغي للمستخير أن يكون صادقاً مخلصاً في تفويض أمره إلى الله تعالى وطلب الخيرة منه، ثم يباشر ما استخار فيه، فإن كان له فيه خير فسيتمه الله له؛ وإلا فسيصرفه عنه، وقد بينا فائدة الاستخارة وثمرتها وكيفيتها وغير ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 64112، 971، 12655، 19343.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1426(11/9256)
انقباض الصدر بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت لخطبة أخت وبعد الرؤية الشرعية وافقت ثم طلبت مرة رابعة وبعدها طلبت منها أن تغير طبعا من طباعها وألححت عليها فقالت لي إنها قد ملت من إلحاحي وقالت إنها قد استخارت الله مرة أخرى وشعرت بضيق في صدرها وأنها لا ترغب في الزواج، هل هذا سبب للرفض وسبب مقنع ويجوز أن تكون نتيجة الاستخارة ضيق في الصدر لكي ترفض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تقدير الأمر في القبول والرفض يختلف من شخص إلى آخر، وقد تظهر لها أمور ترغبها عن الزواج مطلقاً لمدة من الزمن أو الزواج منك على وجه الخصوص، وأما نتيجة الاستخارة فقد تكون انشراح صدر للإقدام أو انقباض صدر للإحجام أو غير ذلك من الأمارات، وعموماً فلا نرى أن تهتم بذلك، فالنساء غيرها كثير فابحث عن ذات الدين، واعلم أن الله تعالى ما قضى من قضاء إلا كان خيراً للمؤمن، وفقك الله لمرضاته واختار لك الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1426(11/9257)
لا استخارة في واجب أو حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة كتبت كتابي على شخص تعرض لمشاكل وظلم من الآخرين أدت إلى حبسه تحت ذمة التحقيق وأنا أعلم أنه بريء وأريده، فهل يجوز صلاة الاستخارة - أسأل الله فيها أنه إذا كان الاستمرار في هذا الزواج خيرا لي أو شرا - وفي الوقت نفسه أصلي الحاجة اسأل الله أن يتم هذا الزواج؟؟؟؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكنك أن تصلي صلاة الحاجة أن يفك الله أسر زوجك، ويكتب لك الاستمرار معه، وتقدم حكم صلاة الحاجة في الفتوى رقم: 1390، أما الاستخارة فلا تجوز في هذا الأمر، وذلك أن الاستخارة لا تكون في الواجب أو الحرام، وبقاء الزوجة مع الزوج واجب، وطلبها الطلاق لغير عذر حرام، فلا استخارة في واجب ولا في حرام كما في الفتوى رقم: 61406،
وطلب الطلاق محرم على الزوجة لغير عذر، أما لعذر فيجوز، فإذا كان حبس الزوج سيضر بها فهو إذاً عذر يبيح لها طلب الطلاق كما في الفتوى رقم: 64596، لا سيما إذا لم يترك لها نفقة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(11/9258)
استخارة الفتاة في شخص قد يفكر في الزواج بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا فضيلة الشيخ منذ فترة تقريبا شهرين جلست مع شاب يريد خطبتي عن طريق إحدى صديقاتي وزوجها وكان اللقاء في منزلها من أجل الزواج، فيجب طبعا في البداية أن أراه ويراني لكي يبدي كل واحد منا رأيه في الآخر والحمد لله تقابلنا وكان الإعجاب من الطرفين والحمد لله، الشاب على خلق وصلته بربه قوية وهذا الشيء الذي شجعني على التفكير به كزوج، ولكن بعد أن تقابلنا رأى أنه من الافضل أن يصلي الاستخارة لكي يقدر أن يتخذ قراره مع العلم بأنه أعجب بي وبأخلاقي والحمد لله، فصلى الاستخارة فعلا لمدة ثلاثة أيام وبعد ذلك أخبر زوج صديقتي وهو ابن خالته بأنه لا يشعر بارتياح ليس من ناحيتي ولكن لموضوع الزواج خاصة في الوقت الحالي، وأخبر ابن خالته بأنه عندما سيفكر بالزواج سوف لا يكون لي بديل عنده إذا لم يرزقني الله بابن الحلال مع أن هذه الفكرة كانت في باله وهو الذي طلب من ابن خاله أن يفتش له على زوجة صالحة، فسؤالي يا فضيلة الشيخ: هل يمكن أن أستخير في هذه الفترة لنفس الشخص وهل يمكن أن تتحقق الاستخارة بعد فترة سواء قصيرة أم طويلة مع العلم بأن الشاب يأتي مرات في بالي وأحيانا أحس بأنه سوف يكون بينه وبيني ربما نصيب ولكن ليس الآن؟.
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرؤية الخاطب للمخطوبة أمر مندوب وليس واجباً، وينبغي أن يتم ذلك مع اجتناب الخلوة، وأما غير الخاطب كزوج زميلتك فيحرم عليه أن ينظر إليك، ويحرم عليك أن تمكنيه من النظر إليك.
وأما بشأن استخارتك الله تعالى في هذا الشخص فأمر مندوب، وفقك الله لمرضاته واختار لك الخير، وانظري الفتوى رقم: 19333، والفتوى رقم: 20266.
ولكننا ننصح الأخت بصرف نظرها عن هذا الشاب ما دام الآن لا يريد الزواج بها، وبتفويض أمرها لله تعالى، فإذا كان من نصيبها فلا بد أن تأخذه، وإن لم يكن كذلك فلن تناله، والاستخارة إنما هي دعاء الله تعالى وسؤاله التوفيق، سواء كان التوفيق في الحصول على المطلوب أو عدم حصوله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(11/9259)
فعل ما انشرح الصدر له بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أنقل إلى مدرسة أخرى وصليت الاستخارة فمتى أعرف إن كان في المدرسة خير أو شر
وكيف تظهر الصورة لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت صليت الاستخارة على النحو الذي جاء في السنة النبوية المطهرة، كما بينا في الفتوى رقم: 971 فإن عليك أن تمضى لما ينشرح صدرك لفعله، وتوكل على الله تعالى، فإن ما تتوجه إليه هو الذي فيه لك الخير ما دمت قد استخرت الله تعالى، ولا تعلق ذلك بزمان ولا تنتظر جوابا، فما تفعل بعد الاستخارة هو الذي فيه الخير لك إن شاء الله تعالى.
ونرجو أن تطلع على الفتاوى التالية: 52026، 32377، 51040.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1426(11/9260)
لا تعارض بين الحديثين
[السُّؤَالُ]
ـ[في الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) . فهمت معنى هذا الحديث أنه يجب الابتعاد عن الشبهات لأنه من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيها، وفي حديث آخرـ بما معناه ــ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بأن نستخير الله في الأمور التي تدخل الحيرة والشك فيها. وأنا بهذا لا أشكك في أي من الحديثين. فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى عنه (وَمَاْ يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوَىْ إِنْ هُوَ إِلَّاْ وَحْيٌ يُوْحَىْ) .
ولكن كل ما هنالك أن الأمر التبس علي. وأحتاج لمن يشرح ويوضح لي هذا الالتباس. وجزاكم الله عني كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لاتعارض بين الحديثين، فالحديث الأول دال على الحض على التورع عند حصول الشبهة والشك في أمر ما هل هو محرم أم لا، فالاحتياط والورع تركه لضمان السلامة. قال حسان بن أبي سفيان: ما شيء أهون من الورع إذا رابك شيء فدعه. وأما الاستخارة فإنما تكون فيما يريد العبد عمله مما هو مباح أو مستحب، ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: إذا أهم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة.. قال ابن حجر في الفتح: قوله: في الأمور كلها قال ابن أبي جمرة هو عام أريد به الخصوص، فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما، والمحرم والمكروه لا يستخار في تركهما، فانحصر الأمر في المباح وفي المستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 4823، 38212، 47544، 51040، 17290.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(11/9261)
الأولى تقديم الاسخارة على الأمر الذي يراد الإقدام عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بنت تقدمت لخطبتها فصارحت أختها عن الموضوع ثم صليت صلاة الاستخارة، هل كان علي أن أستخير الله تعالى ثم أتحدث للبنت أم يجوز في هذه الحالة؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 64929 أن وقت الاستخارة هو عند إرادة الفعل أو قصد تركه، فكان الأولى أن تستخير قبل ذكر الخطبة، ولكن لا حرج عليك في ذلك، فإن كان لك فيه خير فسيتمه الله بلطفه وقدرته، وإن لم يكن لك فيه خير فسيصرفك عنه بحكمته وعدله.
ولتعلم أن الاستخارة ينبغي للمؤمن فعلها عند جميع الأمور المشروعة، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 971، وأما ثمرة الاستخارة فقد بيناها في الفتوى رقم: 30093، وكيفيتها في الفتوى رقم: 4823 ونرجو مراجعة ذلك والاطلاع عليه، نسأل الله تعالى لك التوفيق والهداية إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1426(11/9262)
وقت الاستخارة عند إرادة الفعل أو الترك
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بصلاة الاستخارة..مجموعة من الفتيات أردن الاستفسار هل يجوز للفتاة غير المتزوجة أن تصلي الاستخارة (أن تتخير إن كانت ستتزوج أو لا أو هل الزواج خير لها) وذلك قبل أن يتقدم لها أي شخص..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن الاستخارة المذكورة بقصد معرفة هل الزواج خير لهذه الفتاة أم لا؟ فالاستخارة في هذه الحالة مشروعة لكن ينبغي أن لا تفعل الاستخارة إلا بعد أن يتقدم رجل طالبا الزواج من تلك الفتاة لأن وقت الاستخارة إنما هو وقت إرادة الفعل أو الترك. ففي عمدة القاري للعيني: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة ويقول: إذا هم أحدكم بالأمر أي إذا قصد الإتيان بفعل أو ترك. انتهى. وفي فتح الباري للحافظ ابن حجر: ووقع في حديث ابن مسعود إذا أراد أحدكم أمراً. انتهى.
وإذا كان المقصود فعل الاستخارة لمعرفة وقت زواجها فلا تشرع الاستخارة لهذا القصد لأن وقت الزواج أمر غيبي لا يعلمه إلا الله تعالى إذا قدر أنه سيحصل مستقبلا، وراجعي الفتوى رقم: 57177. وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 51040. والفتوى رقم: 45330.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(11/9263)
هل للضيق بعد الاستخارة من دلالة
[السُّؤَالُ]
ـ[كلما تقدم لخطبتي رجل أكون في حيرة من أمري فأصلي الاستخارة وفي كل مرة أصليها أحس بضيق شديد وهذا الضيق يكون مثل الجبل علي قلبي ويعكر على مزاجي طول اليوم فأحس أن ذلك يكون ردا على
الاستخارة ولكن هناك من يقولون لي بأن رد الاستخارة لا يكون بالحلم أو الإحساس وإنما بتسير الأمور إذا أردها الله وحصول النصيب، أو تتعرقل وتسد ولا يحدث النصيب إن لم يرد الله فكيف يكون رد
الاستخارة؟ وإن لم يكن هذا الضيق هو الرد على الاستخارة فلماذا دائما وفي كل الأمور التي أستخير
فيها وخاصة الزواج أحس بهذا الضيق؟ هناك أيضا من يقول لي إن هذا الضيق سببه أن هناك مس شيطاني أو معمول لي عمل كي لا أتزوج وهذا هو الذي يسبب لي الضيق ولكن كيف يعقل هذا الكلام وأنا في هذه الحالة أوكل أمري لله فلا دخل للجان ولا الشيطان نفسه بأمر الله هذا رأيي واتمني سيدي الفاضل أن أعرف رأيك في هذا الموضوع والرد علي اسئلتي بوضوح إن أمكن؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت من الضيق بعد الاستخارة ليس هو الرد على الاستخارة، نعم انشراح الصدر علامة وبشارة يستأنس بها على ذلك، لكن عدم الانشراح أو الضيق، ليس معناه أن هذا الأمر ليس فيه خير، بل العلامة هي الانصراف عن الأمر بحيث لا يبقى القلب معلقاً بذلك الأمر.
إذا أن علامة قبول الاستخارة هي الانصراف عن الأمر المستخار الله فيه لنص الحديث: فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به.
قال في الموسوعة الفقهية: وأما علامات عدم القبول فهو: أن يصرف الإنسان عن الشيء لنص الحديث ولم يخالف في هذا أحد من العلماء، وعلامات الصرف: ألا يبقى قلبه بعد صرف الأمر عنه معلقاً به، وهذا هو الذي نص عليه الحديث: فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به. اهـ
فما لم يقع الانصراف عن الأمر فامض في ما عزمت عليه، ولا بأس بتكرار الاستخارة وتراجع الفتوى رقم: 7234.
أما احتمال أن يكون سبب ذلك مس شيطاني أو سحر، وكيف يمكن ذلك في حين أنك تفوضين أمرك إلى الله، فالثقة بالله والتوكل عليه من أهم الأسباب للوقاية من الشيطان وأعوانه من السحرة وأمثالهم، فمن كان على الله متوكلاً وبه سبحانه مستعيذاً فليس للشيطان وأعوانه عليه سلطان ولا سبيل، قال الله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ {النحل: 98-100} .
فما دمت في كل أوقاتك وأحوالك صادقة في التوكل على الله تعالى فاحتمال كون ما تجدينه من الضيق سببه الشيطان أو السحر احتمال ضعيف لا يلتفت إليه، وأما إن لم تكوني على ما وصفنا، ويوجد عندك من أسباب تسلط الشيطان وأهمها الذنوب والمعاصي، فالاحتمال المذكور وارد، وهو لا يعدو عن كونه احتمال وظن، وله علاج سبق بيانه في الفتوى رقم: 5689.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1426(11/9264)
الخير فيما يفعله الشخص بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم صلاة الاستخارة وكيف أعرف بعدها أي الأمرين أختار؟ وما علاقتها بالقضاء والقدر هل يغير الله القدر بعد صلاة الاستخارة؟ موضوع أرقني، الرجاء الإجابة.
وجزاكم الله عني وعن شباب المسلمين كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مستحبة ويفعل المستخير بعدها ما ينشرح له صدره مما لم يكن يهواه قبلها، وكذلك لا حرج عليه إذا فعل ما لم ينشرح له صدره لأنه ما دام قد استخار الله تعالى فما فعله تكون فيه الخيرية إن شاء الله تعالى. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 45330، والفتوى رقم: 1775. والاستخارة هي من قبيل الدعاء، وعلاقة الدعاء بالقضاء والقدر، وهل القدر يتغير بالدعاء، كل ذلك سبق بيانه مفصلا في الأجوبة التالية أرقامها: 9890، 18306، 35295، 54532.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1426(11/9265)
علامة قبول الاستخارة وعلامة الصرف عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت لفتاة للزواج، ولكن بعد أن صلت هي صلاة الاستخارة استيقظت من النوم شديدة التعب والإرهاق والبكاء، فهل ذلك يعني أنه يجب الانصراف عن هذه الخطوة ورفضي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت من شدة التعب والإرهاق والبكاء الذي أصاب الفتاة بعد الاستيقاظ من النوم بعد الاستخارة، ليس علامة على اختيار الله لها ترك هذه الخطبة ما لم تنصرف عن هذا الموضوع الذي استخارت الله فيه.
إذ أن علامة قبول الاستخارة هي الانصراف عن الأمر المستخار الله فيه لنص الحديث: فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به. قال في الموسوعة الفقهية: (علامات عدم القبول) وأما علامات عدم القبول فهو: أن يصرف الإنسان عن الشيء، لنص الحديث، ولم يخالف في هذا أحد من العلماء، وعلامات الصرف: ألا يبقى قلبه بعد صرف الأمر عنه معلقاً به، وهذا هو الذي نص عليه الحديث: فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به.
وعليه؛ فلا يجب عليك ولا عليها الانصراف عن هذا الأمر لمجرد ما ذكرت، ولكما المضي في ما بدأتها به، ولا بأس بتكرار الاستخارة، وتراجع الفتوى رقم: 7235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1426(11/9266)
حكم الرؤيا بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في وجوب أو عدم وجوب تنفيذ رؤيا بعد صلاه الاستخارة متعلقة بموضوع صلاه الاستخارة نفسها؟
هل يجب تنفيذ هذه الرؤيا سواء كانت رؤيا خير أو رؤية شر؟
ما يتعلق بي أني رأيت أني في مبنى عملي وان المبنى ينهار وان المياه تضرب المبنى بقوة والسيارات تمر بسرعة من حول المبنى على غير المعتاد في هذه المنطقة المزدحمة جدا وأن السماء مغيمة باللون الأحمر فوق المبنى وأنا بداخله أرى هذا.
وقد رأيت هذه الرؤيا قبل التحاقي بالعمل ولكن للأسف ظننت أن المبنى نفسه ليس جيدا فطلبت نقلي إلى إدارة أخرى خارج المبنى ولكن تابعه لنفس جهة العمل.
وبعد نقلي بقليل صليت صلاه استخارة أخرى لعملي أيضا ورأيت نفس الرؤيا تماما بالإضافة إلى أني أرويها للناس في منزلي ولا يصدقوني وهذا فعلا حالهم لم يصدقوني؟ فما تفسير هذه الرؤيا هل هي فعلا رؤيا شر في كل هذا العمل سواء بأي إدارة فيه؟
مع العلم أني ظللت طوال فترة العمل غير مستريح نفسيا وبعد مرور أشهر كثيرة قررت ترك العمل ولكن طبعا أعاني من مشاكل كثيرة مع عائلتي وذلك لرفضهم تركي العمل مما اضطرني لعدم إخبارهم باستقالتي منه؟
فهل تصرفي هذا تصرف صحيح وهل جاء متأخرا أم مبكرا وهل هو نتيجة رؤيا الاستخارة أم لا؟
وما الحكم إذا كنت مستمرا في العمل مع علمي برؤيا هذه الاستخارة؟
مع ملاحظه أني من الناس الذين يمكن ترى كثيرا من رؤياها تتحقق بوضوح تام وبسرعة؟ فهل هذه نعمة جيدة من الله وهل إذا رأيت رؤيا مثل السابقة بدون استخارة فمن الأفضل أن آخذها في اعتباري وعدم تجاهلها؟
أفيدوني أفادكم الله وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم أن تكون الرؤيا المذكورة لها علاقة بالاستخارة، ولا يشترط لصحة الاستخارة أن يرى المستخير رؤيا بعدها، والراجح من أقوال العلماء أن المستخير لن يفعل بعد استخارته الصادقة المستوفية لشروطها إلا ما فيه خير له بغض النظر عما سيراه من رؤيا بعد الاستخارة، ولو رأى شيئا فإنه لا يبني عليه حكما عمليا دينيا أو دنيويا، وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 11052، 26141، 18807، 47247، 34394، 1775.
فإن كان العمل الذي التحقت به خاليا من المخالفات الشرعية، فإننا ننصحك بطاعة عائلتك بعدم تركه وسحب استقالتك إن كان ذلك بإمكانك، وأن لا تلتفت لهذه الرؤيا، ويتأكد ذلك إن كنت تقصد بعائلتك والديك، لأن طاعة الوالدين واجبة ما لم تكن في معصية.
وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى كيفية التعامل مع الرؤيا السوء. فعن أبي سلمة قال: لقد كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت أبا قتادة يقول: وأنا كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا الحسنة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان، وليتفل ثلاثا ولا يحدث بها أحدا، فإنها لن تضره. متفق عليه.
ونعتذر للأخ السائل عن تأويل رؤياه لأن الموقع غير متخصص في ذلك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1426(11/9267)
انفضاض الأمر بعد الاستخارة دليل على أنه لا خير فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستفسر بما يتعلق بصلاة الاستخارة، تقدم لي شاب للخطبة وهو محترم وخلوق وسألنا عنه كثيراً وأنا صليت الاستخارة عدة مرات وكذلك أمي وكنا مرتاحين وحلمت أمي برؤيا خير فوافقنا وتيسرت الأمور وتمت الخطبة -بدون عقد- ولكن بعد فترة قصيرة حدثت مشاكل ولم يتم الموضوع وتفرقنا رغم أنا كنا مرتاحين وصلينا كثيراً والحمد لله على كل شيء فما رأي الشرع في ذلك؟ كيف يمكن أن أستدل من صلاة الاستخارة بالأمر الخير؟
وجزاكم الله الخير والثواب لنا ولجميع المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت الأخت السائلة من انشراح صدرها ورؤية أمها لرؤيا خير، وتيسر الأمور بعد صلاة الاستخارة، هي علامات يستأنس بها ولا يجزم بسبب حصولها أن الله قد اختار هذا الأمر، فحصول المشاكل والتفرق بعد هذه العلامات دليل على أن الله لم يختر هذا الأمر ولم يقدره، والخير فيما اختاره الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(11/9268)
هل يستخير لمعرفة هل نجح في الامتحان أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب علم في الثانوية امتحنت أريد أن أعلم إن كنت نجحت أم لا، أريد أن أصلي صلاة الاستخارة ولا أعرف كيف أؤديها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الاستخارة مستحبة لكل مسلم يريد أن يعمل عملا مباحا، وقد أوضحنا كيفيتها والدعاء الذي يقال بعد صلاة ركعتيها في الفتوى رقم: 4823 فراجعها، ومع أن الاستخارة مطلوبة عند الإقدام على كل أمر مباح فإن حب الاطلاع على ما إذا كان الشخص سينجح أم لا ليس محلا لها إلا إذا كان يريد أن يدعو إن كان النجاح خيرا له.
والوسيلة الوحيدة للنجاح بعد توفيق الله هي الاهتمام بفرائض الله عز وجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه ثم المواظبة على الدروس والمذاكرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1426(11/9269)
السنة أن يستخير الشخص بنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من رواد شبكتكم منذ زمن وأتابعها أولا بأول وشاكرا لجهودكم الجبارة.
هو سؤال خاص أرجو منكم الإجابة عليه لأنه سوف يحدد مصير حياتي كلياً أنا طالب فلسطيني أعيش في فلسطين لم أتوفق في جامعتي بسبب الأوضاع الراهنه, قمت بجمع معلومات كافية عن جامعات مصرية واخترت واحدة لكي أدرس بها, صليت صلاه الاستخارة أول مرة وثاني مرة وثالث مرة وفي كل مرة أرى نفس الرؤيا (أني في مصر وأدرس بها وأعيش حياة كريمة) لكن أمي طلبت من إحدى الشيخات النساء أن تصلي لي صلاة استخارة فرأت ما لا يطمئن في صلاتها ثم ذهبت أمي لشيخ وسألته (هل يسافر ليتعلم) علما أن الناس تقول (إن ربنا فاتح عليه وبيشوف الغيب) قال لها لا من دون أن يسألها سؤالا واحدا وهي حاليا لا تريدني أن أسافر لكي أدرس (علما أني وحيد أهلي من الذكور) فأريد منكم حكم من يذهب لشيخ ويسأله هكذا؟ وحكم الشيخ الذي يجيب منه لنفسه بدلا أن يقول لي صل صلاة الاستخارة؟ وحكم من يذهب لشيخة ويطلب منها أن تصلي لابنه صلاة استخارة؟ وأيضا هل أسافر بما أني رأيت 3 رؤى بعد صلاة الاستخارة تطمئن؟ علما أن سفري سوف يكلف عائلتي مالا أكثر من بقائي هنا بقليل (فهل الرؤيا التي أراها خاطئة أم أن الله يريدني أن أذهب إلى مصر وأدرس لحكمة معينة)
ملاحظة: علما أن الجامعه التي كنت أدرس بها هنا لا أستطيع الالتحاق بها مرة أخرى وأنه لا يوجد مكان آخر بديل أدرس به إلا في مصر والدول العربية.. بمعنى (إن لم أستطع السفر للدراسة سوف لا أحصل على شهادة جامعية)
وشكرا على الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة أن يقوم المسلم بصلاة الاستخارة بنفسه ولا ينيب أحداً أو يوكله بذلك. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ... الحديث. رواه البخاري ومسلم.
ولمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 6405.
وأما ذهاب أمك إلى الشيخ المذكور فخطأ لا يجوز لها لأن هذا الشيخ حسبما يفهم من السؤال أنه عراف يدعي معرفة علم الغيب أو يدعي له، فإن كان الأمر كذلك فلا يجوز لكم إتيان هذا النوع من الناس أو استشارته، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. رواه أصحاب السنن.
أما إذا كان صاحب علم وعقل وخبرة وتجربة فلا مانع من استشارته والأخذ برأيه، وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية: 34147، 38256، 41084.
والذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى وعدم السفر إلا بإذن أبويك، ففي الصحيحين وغيرهما أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد مبتغياً الأجر في ذلك عند الله تعالى، فقال له: هل لك من والديك أحد حي؟ قال: نعم، بل كلاهما، قال: وتبتغي الأجر من الله؟ قال: نعم، فارجع إلى والديك وأحسن صحبتهما.
ويتأكد الأمر بالنسبة للوالدة.
وبإمكانك أن تحاول إقناعها بالسماح لك بالسفر وتستعين على ذلك بإخوانك وأقاربك، كما ننصحك بصلاة الاستخارة مرة أخرى، نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ويرشدك للخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(11/9270)
عدم انشراح الصدر بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الكرام أرجو منكم مساعدتي، جزاكم الله خيراً، أنا حائرة في أمرين قد صليت صلاة الاستخارة ودعوت ربي كثيرا، لكن ما زلت حائرة هل لديك دعاء خاص أدعو به ربي ويستجاب لي، أرجوكم ساعدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم إذا هم بأمر مباح فإنه مأمور على وجه السنة والاستحباب بصلاة ركعتي الاستخارة، والدعاء بعدهما بدعاء الاستخارة المعروف ولا يستخير في أمر مطلوب ولا أمر منهي عنه شرعاً.
ويعمل ما انشرح له صدره وإن لم ينشرح صدره لشيء فيمكن أن يكرر إلى أن ينشرح صدره لما يريد فعله، ولذلك طالعي الفتوى رقم: 7234.
وإذا لم ينشرح الصدر لشيء فيمكن أن يفعل ما يريد فما دام قد استخار الله تعالى، وسمى الأمر الذي يستخير فيه فإنه سيوفق إلى ما فيه له الخير، وكنا قد ذكرنا في الفتوى رقم: 32655 أدعية قد ورد أن الدعاء يستجاب بعدها، وكذلك بعض الحالات والأوقات التي يستجاب الدعاء فيها فلتراجعها الأخت السائلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1426(11/9271)
أقوال أهل العلم في تكرار الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان نويت خطبة فتاة أحببتها في الجامعه وعرفتها على أهلي وتعرفت على أخواتها وسافرت لأكمل دراستي في الخارج، وأنا هنا قالت لي إن أباها رآنا وأنه لن يقبلني كشخص لابنته وبعدها كلمت والدي وقال لي عندما نتقدم إن شاء الله تنحل هذه المشكلة، ونويت الخطبة وصليت صلاة الاستخارة وحلمت برائحة دخان في غرفتي ولكن لم أكترث للأمر ورجعت إلى بلدي لأتم ذلك ولكن حدثت مشاكل حيث إن صديقاتها أثرن عليها وأصبحت لا تريدني لأننا وقعنا في مشاكل كبيرة قبل سفري وظناً منها أنني لن أرجع إليها وأنني سوف أهتم بمستقبلي ولن أكترث بها، علماً بأن والدتها توفيت منذ 7 سنوات، وأنها تريد إنسانا مثل إخوتها يعوضها حنان أمها التي فقدته، وعلمت أنها كذبت علي حتى لا أرجع وأخطبها ولكن عندما رجعت اكتشفت كذبها قبل أن أتقدم وشعرت أنها لجأت للناس الخطأ وأنها بكت وقالت لي إنها خسرت أهلي وخسرتني ولم تتوقع أن أعود من أجل خطبتها ووعدتها أن أرجع وأخطبها في شهر 9 حتى تأخذ وقتها في التفكير وأنا أيضاً، علماً بأنني أحترمها وأعزها، سؤالي: هل صلاة الاستخارة الأولى كافية بأن لا أتقدم مرة أخرى أو أعيد الصلاة، وهل الزواج قسمة ونصيب، وأيضاً هل يجوز أن أطمئن عليها من خلال الهاتف حتى لا تفكر أني نسيتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من تكرار صلاة الاستخارة إذا لم يظهر لك الإقدام على خطبة هذه الفتاة أو عكسه ولم ينشرح به صدرك، قال في الموسوعة الفقهية الكويتية تحت عنوان (تكرار الاستخارة) : قال الحنفية والمالكية والشافعية: ينبغي أن يكرر المستخير الاستخارة بالصلاة والدعاء سبع مرات، لما روى ابن السني عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس؛ إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه. ويؤخذ من أقوال الفقهاء أن تكرار الاستخارة يكون عند عدم ظهور شيء للمستخير، فإذا ظهر له ما ينشرح به صدره لم يكن هناك ما يدعو إلى التكرار، وصرح الشافعية بأنه إذا لم يظهر له شيء بعد السابعة استخار أكثر من ذلك، أما الحنابلة فلم نجد لهم رأيا في تكرار الاستخارة في كتبهم التي تحت أيدينا رغم كثرتها. انتهى.
والزواج لا شك أنه قسمة ونصيب، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 12638.
وأما الاطمئنان على الفتاة بالهاتف فلا يجوز لأنها لا تزال أجنبية عنك، فحكمها حكم أي امرأة أجنبية أخرى حتى يتم عقد النكاح، وراجع الفتوى رقم: 10570، والفتوى رقم: 9629.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1426(11/9272)
الاستخارة هي الفيصل
[السُّؤَالُ]
ـ[بكل صراحة كنت في علاقة غير شرعية مع فتاة محتجبة وذلك قصد الزواج بها وكنا دائما نتحدث في أمور الدين والشرع واتباع السنة لكن لم تطل المدة حتى قررنا التوبة وإنهاء العلاقة بالزواج هنا بيت القصيد وافقت كل من الأسرتين على هذا الأمر والتجأت إلى الله بركعتي استخارة. إلا أن المعنية بالأمر بدأت تشترط علي شروطا لا علاقة لها بالسنة على سبيل المثال المغالاة في المهر.... قررت أن أقنعها بما يجب اتباعه لكن بدون جدوى النتيجة هي فسخ هذه العلاقة التي أصلا لا أساس لها. كنت أعتقد بأني اخترت الزوجة الصالحة التي تضع الدين في أولوياتها لا أدري هل أنا المخطئ أم أن هذا الأمر غير ميسر أصلا من طرف الله عز وجل مع العلم بإمكاني تلبية رغباتها المادية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت وأصبت حين أنهيت العلاقة غير الشرعية مع هذه الفتاة وتبت منها وعزمت على الزواج بالفتاة.
وأحسنت ثانيا حين صليت الاستخارة وفوضت الأمر إلى الله سبحانه في أن يختار لك ما فيه خير، ويصرف عنك ما فيه شر.
وما دمت قد استخرت الله عز وجل ولم يتيسر هذا الأمر فلعل في صرفه عنك خير لك، فالله يعلم وأنت لا تعلم، فارض بما قسم الله لك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(11/9273)
حكم الجمع بين عدة حاجات في الاستخارة الواحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن صلاة الاستخارة: هل يجوز أن أدعو بعد صلاة الاستخارة على النحو التالي: أن أقول بعد دعاء الاستخارة، هل أبقى فى هذه البلاد وأبقى في نفس العمل أم أبحث عن عمل آخر في نفس البلد أم أرجع إلى بلدي أم أذهب إلى بلد آخر أي أن هناك خيارات عديدة مثلا هل أتزوج أم لا أتزوج أم أعود إلى بلدي، هل يجوز هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الاستخارة سنة عندما يريد الشخص الإقدام على أمر مباح، والحديث الدال على مشروعيتها رواه البخاري وغيره، ولم نقف في كلام أهل العلم على ما يدل صراحة على عدم جواز الجمع بين أمور متعددة في الاستخارة الواحدة، فقد قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: وفيه استحباب صلاة الاستخارة لمن همَّ بأمر سواء كان ذلك الأمر ظاهر الخير أم لا. انتهى.
وقال العيني في عمدة القارئ: ويسمي أي يعين حاجته، مثل أن يقول: إن كنت تعلم أن هذا الأمر من السفر أو التزوج أو نحو ذلك. انتهى، وقال المباركفوري في شرح سنن الترمذي: إذا هم أي قصد بالأمر من نكاح أو سفر أو غيرهما مما يريد فعله أو تركه. انتهى.
وعليه، فينبغي أن تسمي الأمر الذي هممت بفعله كالبقاء في بلد ما، فتقول: اللهم إن كنت تعلم أن بقائي في هذا البلد خير لي في ديني ومعاشي.. إلى آخر ما ورد من الحديث وهكذا تسمي من الحاجات غير ذلك، والأولى في حقك أن تستخير الله تعالى في كل أمر من أمورك على حدة لما في ذلك من السهولة، إضافة إلى تعدد الصلاة والدعاء، وفي ذلك من البركة والخير ما لا يخفى، وإن جمعت في الاستخارة بين حاجات متعددة فلم نقف على ما يدل على المنع من ذلك، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 34882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(11/9274)
الاستخارة بعد الإقدام على الأمر المستخار عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستفسر بخصوص صلاة الاستخارة، تقدم لخطبتي شاب واستخرت الله ووافقت على الخطبة....وأنا مخطوبة الآن منذ حوالي 4 أشهر، هل يجب علي أن أستمر في صلاة الاستخارة طوال فترة الخطبة إلى أن يحين موعد الزواج ... أم أنها تصلى عند الشروع في الأمر فقط وعند البدء فيه نتوقف عن صلاتها، وهل حدوث المشاكل بيني وبين خطيبي لها معنى بالنسبة للاستخارة مع العلم أنني أحبه كثيرا ولا أتخيل نفسي زوجة لغيره؟ شكرا جزيلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مستحبة إذا طرأ للعبد أمر من أمور الدنيا مما يباح فعله، وفي الترمذي خبر: من سعادة ابن آدم كثرة استخارة الله تعالى ورضاه بما رضي الله له، ومن شقاوته ترك استخارة الله تعالى وسخطه بما قضى الله. والاستخارة تكون في غير الواجب والمستحب فلا يستخار في فعلهما، أو المستحب إذا تعارض فيه أمران أيهما يبدأ به أو يقصر عليه؟ وألحق به الواجب المخير وفيما كان موسعا كالحج في هذا العام، وتكون في العظيم والحقير. وتحرم في المكروه والمحرم، لأن الأصل في العبادة إذا لم تطلب بطلانها كما قاله الشوبري. اهـ. ولا بأس بتكريرها قبل الإقدام على الأمر المستخار فيه، أما بعد الإقدام فلا تكرر كما في الفتوى رقم: 7234. ومن الاستخارة المشروعة الاستخارة في قبول الخاطب أولا، فإذا تم القبول ثم حصلت بعض المشاكل فهذا لا يعني أن الإنسان لا يستخير، ولكن حدوث مثل هذه المشاكل قد تكون له أسباب طرأت ولحكمة يعلمها الله، وينبغي أن تعالج المشكلة بحكمة، ونسأل الله أن ييسر لك الزواج منه، وننبه الأخت السائلة إلى أن الخطيب أجنبي على مخطوبة حتى يتم العقد الصحيح، فلذلك يجب عليها أن تعامله معامل الأجانب فلا ينظر إليها، ولا يختلى بها، ولا يكلمها إلا بقدر ما تدعو إليه الحاجة في حدود الضوابط الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(11/9275)
صفة صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة الحديث الصحيح لدعاء الاستخارة قرأت حديثين لدعاء الاستخارة بحيث أن الصيغة تختلف فالأول تذكر فيه الحاجة في وسط الدعاء والثاني في آخر الدعاء فما هو الصحيح. أريد معرفة الطريقة الصحيحة والمصيبة لهذا الدعاء بالتفصيل من فضلكم. -ما هي السور التي تقرأ في الركعتين. -ما هو أفضل وقت لأداء دعاء الاستخارة. -هل يجوز ذكر دعاء الاستفتاح وذكر الركوع والسجود حين صلاة دعاء الاستخارة. -هل يجوز الثناء على الله تعالى والصلاة على رسوله قبل وبعد الدعاء أو مباشرة ذكر الدعاء. -هل يكون الدعاء عند السجود أو بعد السلام.
أرجو منكم التفصيل من فضلكم وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مستحبة إذا طرأ للشخص أمر من أمور الدنيا مما يباح فعله قال البجيرمي في تحفة الحبيب (ومحل استحبابها في غير وقت الكراهة، لأن سببها متأخر. وفي الترمذي خبر: من سعادة ابن آدم كثرة استخارة الله تعالى ورضاه بما رضي الله له، ومن شقاوته ترك استخارة الله تعالى وسخطه بما قضى الله. والاستخارة تكون في غير الواجب والمستحب فلا يستخار في فعلهما، والحرام والمكروه فلا يستخار في تركهما، فانحصرت في المباح أو المستحب إذا تعارض فيه أمران أيهما يبدأ به أو يقصر عليه؟ وألحق به الواجب المخير وفيما كان موسعا كالحج في هذا العام وتكون في العظيم والحقير. وتحرم في المكروه والمحرم، لأن الأصل في العبادة إذا لم تطلب بطلانها كما قاله الشوبري. اهـ. ولا بأس بتكريرها قبل الإقدام على الأمر المستخار فيه، أما بعد الإقدام فلا تكرر كما في الفتوى رقم: 7234. والصيغة التي ورد بها الحديث الذي رواه البخاري فيها أن تسمية الحاجة يكون في آخر الدعاء إذ ورد في الحديث ذكر الدعاء وفي آخره ويسمي حاجته، وجرى الحافظ ابن حجر في شرح الحديث على هذا الظاهر. وذهب علماء آخرون أنه يسمي الحاجة وسط الدعاء عند قوله: إن كنت تعلم أن هذا الأمر. قال صاحب كشاف القناع من الحنابلة في هذا الموضع من الدعاء " ويسميه بعينه". ويستحب أن يفتتح الدعاء بحمد الله والصلاة على رسوله ويختمه بذلك عند جمهور أهل العلم، واستحبوا أيضا قراءة سورة الكافرون في الأولى والإخلاص في الثانية. وذكر النووي رحمه الله تعليلا لذلك فقال: ناسب الإتيان يهما في صلاة يراد منها إخلاص الرغبة وصدق التفويض وإظهار العجز. وأما أذكار الركوع والسجود فهي كغيرها من الصلاة. واستحسن كثير من الفقهاء أن يزيد في صلاة الاستخارة على القراءة بعد الفاتحة بقوله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ*وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {القصص: 68ـ70} . في الركعة الأولى، وفي الركعة الثانية قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً {الأحزاب:36} . أما فقهاء الحنابلة ومن وافقهم فلم يقولوا بقراءة معينة في صلاة الاستخارة لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولمعرفة موضع الدعاء يرجى مراجعة الفتوى رقم 5877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1426(11/9276)
الاقتراع في الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[قال لي رجل إنه إذا استخرت الله ولم تحس بشيء فخذ ورقتين واكتب في واحده نعم والثانية لا واختر واحدة فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مستحبة، وقد سبق بيان كيفيتها وحكمها في الفتويين رقم: 971، 1775. أما ما يفعل بعد الاستخارة فقد سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام: 41605، 45330، 51040. فليرجع إليها.
أما الاقتراع في الاستخارة فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه، وللمستخير أن يفعل ما ينشرح له صدره ولن يترتب على ذلك إلا الخير إن شاء الله، فإن لم يشعر بهذا الانشراح فليمض في الأمر الذي استخار عليه ما دام قلبه لم يصرف عنه، فإن صرف عنه تركه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستخارة: ... فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ـ أو قال: عاجل أمري وآجله ـ فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ... الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(11/9277)
الاستخارة لا تنفي الأخذ بالأسباب المشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الاستخارة تلغي دور العقل في التفكير، أم علينا أن نأخذ بالأسباب ونتوكل على الله، ونستخيره فإن كان خيراً يسره الله لنا وإن كان شرا يسر الله لنا سبيلا غيره بغض النظر عن انشراح الصدر أو انقباضه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستخارة هي طلب الخيرة، ومعناها: أن يسأل المسلم ربه سبحانه وتعالى أن يختار له ما فيه الخير له في دينه ودنياه، وهي سنة لمن أراد القدوم على أي أمر ذي بال، فيصلي ركعتين من غير الفريضة يقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر من القرآن.
وبعد الصلاة يدعو بهذا الدعاء الذي رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه، ولفظه: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته فيقول مثلاً هذا السفر ... ) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (السفر، أو الزواج) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به. ثم يعمل بالأسباب ولا يلغيها، ويمضي إلى ما انشرح له صدره ويسره الله له، فإنه هو ما اختاره الله تعالى له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(11/9278)
لا دلالة لوجود العائق بعد الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شابة عمري 29سنة تقدم لخطبتي قريب زوج أختي وهو يعيش في الخارج وهو شاب على خلق ومن أسرة طيبة وأهلي وجميعنا موافقون عليه ولكن يجب علي أن أسافر لكي نتمم موضوع الزواج لأنه لا يستطيع القدوم إلى فلسطين لأنه لا يملك هوية فلسطيني ولقد قمت عندما تقدم لخطبتي بالاستخارة مرات كثيرة ولكن أمور السفر أصبحت عائقا كبيرا أمامي مع أن هناك الكثيرين يسافرن من هنا بسهولة إلى تلك البلد، فهل تعقيد السفر هو خير لي بالبقاء هنا مع أن فرصي في الزواج هنا قليلة ولا زلت متمسكة بالشاب وبالسفر مع أنني أوقن تمام اليقين بأن الخير فيما اختاره لي الله، فهل أترك هذا الأمر مع أنه يشغل بالي كثيرا.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك باستخارة الله تعالى، وطلب التوفيق منه، وليس وجود العوائق عن السفر دليل ولا أمارة على شيء، إذ وجود العوائق أمر معتاد. ولذا؛ فإن كان هذا الشاب صاحب دين وخلق فلا تترددي في قبوله. وفقك الله لمرضاته واختار لك الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(11/9279)
هل تشرع الاستخارة للعلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أعاني من قصر النظر فأشارت والدتي حفظها الله علي أن أجري عملية الليزك فوافقت في البداية ثم استخرت لذلك فلم أرتح، فلما جاء يوم العملية المقرر رفضت ذلك لأني لم أكن مرتاحة لذلك فأدى ذلك إلى غضب أمي، ولكن يعلم الله أني لم أرد إغضابها، ولكن لم أرتح لعملية الليزك بعد صلاة الاستخارة وصليتها سبع مرات، مع العلم بأني كنت موافقة في البداية ولكن يوم الاستخارة رفضت، هل كانت صلاتي في محلها أم كان المفروض أن أفعلها من غير أن أصلي، أفيدوني أفادكم الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان في قصر النظر المذكور ضرر حاصل بالفعل أو يمكن أن يسبب ضرراً، فهذا مرض ينبغي للمسلم السعي في علاجه، وضرر ينبغي أن يزيله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تداووا عباد الله فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء. رواه أصحاب السنن، وقال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ، ومن القواعد الفقهية: الضرر يزال.
وعلى ذلك فالاستخارة هنا غير مطلوبة فقد قال أهل العلم: إن الاستخارة لا تكون إلا فيما لا يعرف وجه الصواب فيه، وأما ما يعرف نفعه أو ضرره أو خيره أو شره.... فلا استخارة فيه.
أما إذا كان شيئاً بسيطاً لا يترتب عليه ضرر فما فعلت من الاستخارة هو السنة، وما فيه الخير هو ما تفعلين بعد ذلك من القدوم على العملية أو الإحجام عنها؛ لأن الله تعالى يسره لك. وهنا ينبغي أن تقنعي أمك بطريقة ودية حتى تحصلي على رضاها فإن ذلك من برها والإحسان إليها وهي لا تريد لك إلا الخير، ولا مانع من إعادة الاستخارة مرة أخرى ما لم يتضح وجه الصواب، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 4823، والفتوى رقم: 17290.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1426(11/9280)
القرعة بعد الاستخارة منافية لمعنى الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عمل اقتراع بعد صلاة الاستخارة؟
اعتدت على صلاة الاستخارة في كل صغيرة وكبيرة في حياتي لكني وللأسف لا يميل قلبي إلى أي الخيارات التي كانت قبل الاستخارة، فأقدم على إحداها ويحدوني الرجاء برحمة الله أن تدركني.
جزاكم الله خيراُ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة مستحبة، وحقيقتها: تفويض الاختيار إلى الله تعالى، لأنه الأعلم بما فيه الخير والنفع لعبده المسلم، كما سبق التعريف بها في الفتوى رقم: 51040.
وينبغي للمسلم أن يفعل بعدها ما ينشرح له صدره، ولا مانع من أن يفعل ما لم ينشرح له صدره، لأنه مادام استخار الله تعالى فما سيفعله بعد ذلك سيكون مشتملا على الخيرية إن شاء الله تعالى، وبالتالي، فإذا أديت الاستخارة الشرعية فما فعلته بعد ذلك فسيكون خيرا إن شاء الله تعالى، ولا داعي للتردد والحيرة.
وراجع الفتوى رقم: 45330 والفتوى رقم: 32377.
أما القرعة فلا تنبغي لعدم ورود ما يدل على مشروعيتها في هذا المجال، ولمنافاتها لمعنى الاستخارة. بل المشروع هنا هو الاستخارة الشرعية، بدليل أمره صلى الله عليه وسلم بها لأصحابه وإرشادهم إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1425(11/9281)
كيف يكون العبد صادقا في طلب الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[إني خيرت بين شيئين وأميل لواحد منهما , صليت صلاة استخارة ومازلت أميل أيضا، دعوت الله أن يذهب عني هذا الميل وأصلي استخارة ولكني أيضا مازلت أميل.. فلا أعرف ما أفعل خاصة وأني سمعت وقرأت بأن صلاة الاستخارة تكون باطلة إذا كان في القلب ميل لأحد الأمرين اللذين أصلي من أجل الاختيار بينهما..
أفيدوني بارك الله فيكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة طلب العبد من ربه أن يلهمه ويوفقه ويختار له مافيه الخير له. وقد نص العلماء على أن ذلك الطلب لا يكون صاحبه صادقاً إلا إذا تبرأ من هوى نفسه وفوض أمره إلى الله تعالى، وأسند العلم والقدرة والاختيار إليه سبحانه. وألفاظ الحديث ورواياته تدل على ذلك، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32377، 45330، 51040. ففيها كلام أهل العلم فيما يتعلق بهذا الموضوع، كما أنها تضمنت ماذا ينبغي للمستخير أن يفعل بعد الاستخارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1425(11/9282)
معرفة وقت الزواج لا تحصل بالاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت استخارة بدعاء الاستخارة بدون الصلاة قبل النوم وقلت يارب إذا أردت هذا الموضوع في هذه السنة أرني شيئا فضة وإذا كان السنة القادمة أرني شيئا ذهبا وكنت أحيانا أرى فضة وأحيانا ذهبا فهل تكون هذه استخارة صحيحة وذات يوم كنت أريد أن أعرف تاريخا معينا وهو متى سأتزوج ورأيت شيخا ماسكا سبحة وتناقصها حبتان فهل هاتان الحبتان ترمز بمدة مثلا شهرين أوسنتين؟ أفيدوني بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدمت عليه لا يعتبر استخارة شرعية وإنما هو محاولة للتعرف على وقت حصول الزواج، وهذا أمر غيبي لا يعلمه إلا الله تعالى، فينبغي الإعراض عن مثل هذه الأمور والاجتهاد في الدعاء خصوصا في الأوقات التي يظن فيها استجابة الدعاء. هذا إضافة إلى الاتصاف بتقوى الله تعالى لأنه سبب لتفريج الهموم وكشف الكروب لقوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 3} . وراجعي الفتوى رقم: 12767. وفيما يتعلق بالرؤيا فإن الموقع غير معني بتفسيرها إضافة إلى أن الرؤيا لا ينبغي للعاقل أن يتعلق بها تعلقا شديداً ويبني عليها أمور مستقبله بل يتوكل على الله ويفوض أمره إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(11/9283)
حكم النيابة في الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسلت سؤالاً عما إذا كان يجوز أن يستخير شخص متق مثلا لشخص آخر وأجبتموني جزاكم الله خيراً، بأنه لا يجوز الإنابة في الاستخارة ولكن -ولا أقصد أن أقلل من شأنكم ولكن اختلط علي الأمر- قرأت في أحد الفتاوى وليس في شبكتكم سؤالا لأحد السائلين عن نفس الموضوع وكان سؤاله: هل يجوز أن يؤدي الاستخارة شخص غير صاحب الشأن، أقصد كأخ أو أخت للمستخير مثلا وكان الجواب كالتالي: وقد أجاز بعض أهل العلم أن يستخير الإنسان عن غيره؛ استناداً إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه) (أخرجه مسلم) . فما رأي الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الإنسان هو الذي يستخير لنفسه كما ورد في حديث الاستخارة ولما ذكرناه سابقاً عن العلامة ابن القيم، وهذا هو الذي رجحناه في الفتوى المشار إليها، وقد رأى بعض العلماء صحة النيابة في الاستخارة، ففي حاشية العدوي المالكي على شرح الخرشي لخليل: تنبيه: كان بعض المشايخ يستخير للغير، وقال بعض الفضلاء: يؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه. أن الإنسان يستخير لغيره، والحديث في الجامع الصغير، وفي الاستدلال بما ذكر شيء كما في بعض الشراح. انتهى.
وقال سليمان الجمل الشافعي في فتوحات الوهاب: تنبيه: ظاهر الحديث -أي الوارد في تعليم الاستخارة- أن الإنسان لا يستخير لغيره، وجعله الشيخ محمد الحطاب المالكي محل نظر، فقال: هل ورد أن الإنسان يستخير لغيره؟ لم أقف في ذلك على شيء، ورأيت بعض المشايخ يفعله. انتهى، قلت: قال بعض الفضلاء: ربما يؤخذ من قوله عليه السلام: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه أن الإنسان يستخير لغيره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1425(11/9284)
هل يصلي الاستخارة بعد قبوله وارتياحه لرؤية صورة المخطوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عنا كل خير، أما بعد:
هل رؤية صورة الخطيبة التي تريد الزواج بي فقط الرأس ليس كل الجسد وهي بنت خالتي وأحترمها كثيراً
أنا أحب خطيبتي وهي تريد الزواج بي وهي بنت صالحة هل مهما كان ذلك أصلي صلاة الاستخارة؟
وهل يجب أن أشكر الله الذي منحني خطبة بنت خالتي الصالحة أم أنتظر حتى الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلك النظر إلى المخطوبة نفسها، وليس إلى صورتها فحسب، فقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد نكاح امرأة أن ينظر إليها، كما في المسند وسنن أبي داود عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة، فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إليها، فليفعل. زاد أبو داود قال جابر: فخطبت جارية، فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها.
وفي المسند وسنن الترمذي عن المغيرة بن شعبة قال: خطبت امرأة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها؟ قلت: لا. فقال: انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما.
وأما ما يجوز النظر إليه من المخطوبة فالوجه والكفان فقط على قول جمهور الفقهاء، وذهب بعضهم إلى أن للخاطب النظر إلى ما يظهر غالباً في الخدمة كالرقبة، واليدين، والقدمين.
وللخاطب أن يكرر النظر حتى يحصل المقصود، فإن حصل وجب عليه أن يكف عن النظر إليها، لأنها ما زالت أجنبية عنه حتى يعقد عليها عقداً صحيحاً، وإنما أبيح له النظر إليها للحاجة فيتقيد بها.
ولا يمنع كونك تحب خطيبتك وهي كذلك بنت صالحة من الاستخارة، فصلاة الاستخارة مستحبة للعبد في كل أمر يطرأ له من أمور الدنيا مما يباح فعله، أخرج البخاري والترمذي وغيرهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن ... الحديث
ومن نعم الله سبحانه وتعالى على العبد أن يرزق زوجة صالحة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيراً له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته أو حفظته في نفسها وماله. رواه مسلم.
بل إن ذلك من السعادة، فعن سعد بن أبي وقاص عن أبيه رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سعادة لابن آدم ثلاث، وشقاوة لابن آدم ثلاث: فمن سعادة ابن آدم: الزوجة الصالحة، والمركب الصالح، والمسكن الواسع، وشقاوة لابن آدم ثلاث: المسكن السوء، والمركب السوء، والزوجة السوء. مسند الطيالسي حسنه الألباني.
فعلى العبد أن يشكر الله على هذه النعمة، ويلهج لسانه بالحمد والثناء على المنعم، ويكون ذلك في كل حين قبل وبعد الزواج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(11/9285)
لا تغني الاستخارة من شخص لآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ممكن أن يصلي شخص صلاة استخارة عن شخص آخر معروف عنه بالدين والتقوى بما يخص بموضوع الزواج، وإن صلى هذا الشخص التقي صلاة استخارة لي بخصوص الزواج حيث تقدم لخطبتي شاب وعندما استيقظ لم يكن مرتاحاً وتفسير الحلم كان غير جيد بخصوص الزواج منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تغني الاستخارة من شخص لآخر، لأن الاستخارة كما قال ابن القيم في زاد المعاد: توكل على الله، وتفويض إليه، واستقسام بقدرته وعلمه، وحسن اختياره لعبده، وهذا لا يحصل إلا من الشخص نفسه.
وعليه، فنوصيك بالاستخارة بنفسك لنفسك، ولا حرج في تكريرها، فقد ذهب الجمهور من الحنفية والمالكية إلى استحباب تكرار صلاة الاستخارة، لكون ذلك نوعاً من الإلحاح في الدعاء الذي يحبه الله سبحانه وتعالى، وكان النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دعا دعا ثلاثاًً، وإذا سأل سأل ثلاثاً. رواه مسلم.
ولأن صلاة الاستخارة وما يتبعها من دعاء إنما شرعت طلباً للخيرة منه سبحانه، فإذا لم يحصل للمستخير انشراح وطمأنينة فيما استخار الله فيه كرر ذلك حتى يحصل له الانشراح والطمأنينة، وقد صرح الشافعية بذلك ولم يحصروها بعدد.
أما تحديدها بسبع، فقد ورد في حديث أنس عند ابن السني ونصه: يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك، فإن الخير فيه. وقد حكم الحفاظ بضعفه، منهم الإمام النووي والحافظ العراقي.
أما ما يسبق صلاة الاستخارة من هوى يجده المستخير اتجاه الأمر الذي يستخير الله فيه، فيقول الإمام النووي في ذلك: وينبغي أن يفعل ما ينشرح له صدره، فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان له فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأساً، وإلا فلا يكون مستخيراً لله، بل مستخيراً لهواه، وقد يكون غير صادق في طلب الخيرة، وفي التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة، ومن اختياره لنفسه.
وأما ما يراه النائم فلا عبرة به، لأن الحلم بعد الاستخارة يحتمل أن يكون بسبب الاستخارة، ويحتمل أن يكون بسبب الحالة النفسية التي يعيشها المستخير من التوتر والهم بأمر الاستخارة، لأن من أصناف الرؤيا أن يرى الشخص ما يهم به، ومن أصنافها الرؤيا الصالحة، والاعتماد في شأن الاستخارة إنما هو على انشراح الصدر وتيسر الأسباب.
وعلى كل حال، فالصحيح أن من استخار الله حق الاستخارة، فلن يفعل إلا ما فيه خير له بإذن الله، ولو لم ينشرح له صدره هذا هو الصواب، فإن لم ينشرح صدره لشيء، فإن الخير فيما أقدم عليه.
قال كمال الدين الزملكاني - كما في حاشية الجمل -: إذا استخار الإنسان ربه في شيء فليفعل ما بدا له، سواء انشرحت له نفسه أم لا، فإن فيه الخير، وليس في الحديث اشتراط انشراح الصدر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1425(11/9286)
رؤية اللون الأخضر لا أثر له قبول الخطبة وعدمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أحببت فتاة ورغبت في الزواج بها علي سنة الله ورسوله وأعلمت أهلي بالأمر ولكنهم غيروا رأيهم عندما قامت صديقة لها بإخبارهم أمورا غير صحيحة عنها تبين لهم بعدها أنها كذب وافتراء
من ناحيتي توجهت إلى الله عز وجل بالدعاء وصليت صلاة الاستخارة كثيرا والحقبقة لم يتبين لي شيئا ولكني مؤخرا وبعد صلاة الفجر دعوت الله أن يريني ماهية الأمر لأمضي فيه إن كان لي فبه الخير أو أتركه ودعوت الله إن كان لي فيه الخير أن أرى اللون الأخضر في المنام والحمد لله فقد رأيت اللون الأخضر في منامي الذي بعد الفجر أود رأيكم ونصحكم هل علي الاستمرار في هذا الأمر وإبلاغ أهلي به وأن أصر عليه أكثر وللحقيقة فإن الفتاة ذات خلق ودين والله اعلم الرجاء الإجابة للأهمية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الرؤى لا تنبني عليها أحكام، فما رأيته من لون أخضر بعد أن كنت سألت الله أن يريك إياه في المنام إن كان في الموضوع خير لا يمكن أن يتخذ دليلا على مطلوبية الاستمرار في إتمام الخطبة، ويكفيك في المسألة أنك استخرت الله فيها، فإن كان فيها الخير فسيتمها الله، وإلا، فسوف تنصرف عنها ولا تتم لك.
وإذا كانت الفتاة ذات دين وخلق كما ذكرت فهذا وحده يكفي لاستمرارك في إقناع أهلك بالزواج منها ولا حاجة إلى ذكر مسألة اللون، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الصفات التي تنكح لها المرأة، قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك. متفق عليه.
ويمكنك أن توسط لأهلك من تجد فيه أهلية لذلك، مع الدعاء بأن يرزقك الله الزواج من تلك الفتاة إن كان فيه خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(11/9287)
من آثار الاستخارة التي ينبني عليها المضي في الأمر
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد أن تقدم لي شاب ملتزم صليت صلاة الاستخارة فارتحت لهذا الشخص وأنا التي كانت ترفض فكرة الارتباط وهي مازالت طالبة جامعية إلا أن هذا الشخص إلى الآن لم يحدد موقفه بحجة المهر وأنا كل ما صليت صلاة الاستخارة أحس نفسي أني أميل له أكثر فما تفسير ذلك هل هو خير أم ماذا فهو ذهب ولم يرد علينا إلى الآن بالرفض أو القبول؟ ... وجزاكم الله ألف خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في قيامك بصلاة الاستخارة، فقد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم عند أي أمر أراد المرء أن يقوم به، كما ورد في صحيح البخاري.
وإذا صلى الإنسان صلاة الاستخارة ودعا بدعائها فسييسر له الخير فيما يأتيه من فعل ما استخار فيه أو تركه.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن من آثار الاستخارة التي ينبني عليها المضي في الأمر انشراح الصدر إذا لم يكن للمستخير هوى في الموضوع قبل الاستخارة.
وبعض العلماء يقول غير ذلك، ولكن الذي ينبغي أن تطمئن إليه نفس المسلم هو أنه إذا استخار على الكيفية التي حددها النبي صلى الله عليه وسلم فلن يكون في الموضوع المستخار عنه إلا خير، سواء فُعل أو ترك، وسواء انشرح إليه الصدر أو لم ينشرح، وراجعي في هذا فتوانا رقم: 1775.
وعليه، فإذا كنت قد استخرت بالكيفية المطلوبة فاطمأني أن الخير إذا كان في الزواج من الشاب المذكور فسيقع إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(11/9288)
الغاية التي من أجلها شرعت صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على هذه الأسئلة:
1- الاستخارة في القرآن هل هي مشروعة أم حرام، وإذا كانت صحيحة فكيف تتم، وإذا كانت خاطئة فكيف أعرف الجواب في أمر ما، أنا أعلم أنه توجد صلاة الاستخارة وقد أديتها ولكن لم أتوصل إلى شيء أرجو معرفة كيف أتوصل إلى الجواب وكيف أعلم أن الله أجابني على أي أمر بالسلب أم بالإيجاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائلة الكريمة تعني بالاستخارة استشراف المستقبل والاطلاع على الغيب، فالحذر من ذلك، فإنه يصب في مستنقع الكهنة والعرافين، ويؤدي إلى الزيغ والضلال، وهو محرم بالاتفاق، لأن علم الغيب هو من خصوصيات علام الغيوب، قال الله تعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ {النمل:65} .
وصلاة الاستخارة - ويمكن أن تراجعي في كيفيتها فتوانا رقم: 971 - لا يراد منها التوصل إلى جواب معين أو معرفة ما إذا كان الأمر فيه رشاد أو ضده، وإنما غايتها أن الله ييسر بها للعبد التوجه إلى ما فيه الخير له، ويبعده بها عما هو شر له.
فاعلمي أنك إذا لن تجدي جواباً، ولكن إذا صليت صلاة الاستخارة فتوكلي على الله وامضي لما ينشرح له صدرك، وسيكون خيراً وبركة إن شاء الله.
الله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(11/9289)
حكم الاستخارة لاختيار حكم شرعي دائر بين أمرين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي الاستخارة لاختيار حكم شرعي واجب في خلاف بين أمرين أي لأن الحكم في قولين فهل يجوز لي أن أستخير ربي بأي القولين أعمل به]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الخلاف في المسألة المذكورة قد ترجح فيه جانب على جانب آخر عن طريق سؤال الراسخين في العلم أو بالوقوف عل أدلة المسألة في حق من هو مؤهل لذلك، فالواجب حينئذ اتباع الراجح من الأمرين المذكورين لأن العمل بالراجح واجب. وراجع الفتوى رقم: 5583.
وإذا لم يظهر رجحان في المسألة المذكورة وكان أحد جانبي الخلاف أقرب إلى الاحتياط في الدين فالأولى اتباعه والأخذ به؛ امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة. رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما وصححه الشيخ الألباني.
فإن تساوى الأمر ولم يترجح أحدهما على الآخر ولم يكن أي منهما أقرب إلى الورع والاحتياط فتشرع لك صلاة الاستخارة، ثم تأخذ بما ينشرح له صدرك مما لم يكن فيه هوى سابق.
لأن الاستخارة مشروعة في الأمور التي لم يتبين الصواب فيها من غيره.
وراجع الفتوى رقم: 4823
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(11/9290)
حكم الاستخارة لترجيح أحد القولين عند استوائهما
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد والصلاة والسلام على رسول الله
سألت علماء دين عن أمر بالدين فيه رأيات قويان يعتد بهما كما قال العلماء فقالوا لي استفت قلب واختر واحدا واعمل به لأن الاثنين قويان فكيف أستفتي قلبي وأنا محتار بهما هل يوجد دعاء مثلا لذلك وهل يجوز أن أقول اللهم أنر لي بصيرتي وهل يجوز أن أصلي استخارة لاختيار حكم منهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أشار إليه السائل الكريم من أن للمستفتي أن يختار من الأقوال المستوية أحدها ليس محل اتفاق بين أهل العلم، فقد ذهب بعضهم إلى أن عليه أن يأخذ بالأشد والأحوط.
قال الشاطبي: لا يتخير لأن في التخيير إسقاط التكليف، ومتى خيرنا المقلدين في اتباع مذاهب العلماء لم يبق لهم مرجع إلا اتباع الشهوات والهوى في الاختيار، ولأن مبنى الشريعة على قول واحد وهو حكم الله في ذلك الأمر، وذلك قياسا على المفتي، فإنه لا يحل له أن يأخذ بأي رأيين مختلفين دون النظر في الترجيح إجماعا.
وقال الولاتي في شرح المراقي عند قوله:
وثانيا ذا النقل صِرفًاً أهمل وخيّرن عند استواء السبل
قال: يعني أن للعالم أن يخير العامي إذا استفتاه في مسألة فيها أقوال مستوية في العمل بأيها شاء إذا لم يكن بين قائليها تفاوت، وقيل يأخذ العامي بأغلظ الأقوال للاحتياط.
وعلى هذا، فإن عليك أن تستعمل نوعا من الترجيح مثل زيادة العلم أو الورع في أحد القائلين.
وإن أخذت بالأحوط فهذا كذلك نوع من الترجيح.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 1122.
وأما الترجيح بالاستخارة فلا مانع منه، ولعله الأقرب للصواب إن شاء الله تعالى ما دمنا نقول بجواز التخيير، وكيفية الاستخارة ودعاؤها نحيلك إليها في الفتوى رقم: 4823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(11/9291)
الاستخارة.. تعريفها.. العمل الذي تطلب فيه.. وما يفعل بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي حول الاستخارة
هل تكون الاستخارة في كل الأمور أم في الأمور التي أحتار فيها فقط، فاذا كنت أريد أمرا ما بقوة وشدة هل أصلي الاستخارة أم اكتفي بالدعاء وطلب التوفيق من الله، علما بأنني قد أتعرض لتعقيدات في هذا الأمر الذي أريده إذا صليت الاستخارة مما يؤدي إلى فشله وعدم حدوثه من الأساس أليس كذلك؟
السؤال الثاني: إذا كنت محتارة بين أمرين وصليت الاستخارة وشعرت بانشراح لأحدهما وفعلته فعلا ثم حدث أن فشل الموضوع بأكمله وسبب لي الكثير من الحزن والأسى بالرغم من صلاتي للاستخارة فماذا يعني هذا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة عرفها المناوي في فيض القدير بقوله: والاستخارة طلب الخيرة في الأمور منه تعالى، وحقيقتها تفويض الاختيار إليه سبحانه، فإنه الأعلم بخيرها للعبد والقادر على ما هو خير لمستخيره إذا دعاه أن يخير له، فلا يخيب أمله والخائب من لم يظفر بمطلوبه، وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يقول: خِرْ لي واختر لي. انتهى.
وقد اختلف أهل العلم هل تسن الاستخارة عند الإقدام على أي أمر حتى ولو ظهرت مصلحته كطاعة لله تعالى، أم تسن في الأمر الذي لم يتبين للشخص وجه الصواب فيه فقط؟ ففي دقائق أولى النهى للبهوتي: وتسن صلاة الاستخارة ولو في خير كحج وعمرة ويبادر به (أي الخير) بعدها (أي الاستخارة) . انتهى.
وفي تحفة الأحوذي في شرح سنن الترمذي: وفي الحديث استحباب الاستخارة والدعاء المأثور بعدها في الأمور التي لا يدري العبد وجه الصواب فيها. أما ما هو معروف خيره كالعبادات وصنائع المعروف فلا حاجة للاستخارة فيها. انتهى.
فهذا الاختلاف هو في نوع العمل الذي تطلب الاستخارة فيه، أما مجرد الرغبة في فعل الأمر وجنوح النفس إليه فلا يكفي عن الاستخارة، وقد اختلف فيما يفعل المستخير بعد الاستخارة، فقال ابن عبد السلام: يفعل ما اتفق، ويستدل له بقوله في بعض طرق حديث ابن مسعود وفي آخره: ثم يعزم.
وقال النووي في الأذكار: يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح به صدره، ويستدل له بحديث أنس عند ابن السني: إذا هممت فاستخر ربك سبعاً ثم انظر إلى الذي يسبق في قلبك فإن الخير فيه. وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد لكن سنده واهٍ جداً، والمعتمد أنه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان فيه هوى قبل الاستخارة، وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر حديث أبي سعيد: ولا حول ولا قوة إلا بالله. انتهى من فتح الباري.
والاستخارة ليست سببا في فشل الأمور أو تعسرها ولو كانت كذلك لما أرشد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، بل وأمته؛ لحرصه على إرادة الخير لهم، بل هي بإذن الله تعالى لتسديد المسلم وإرشاده إلى ما هو الخير والصلاح في دنياه وآخرته.
ولتعلمي أيتها السائلة أن هذا الكون كله خاضع لأمر الله تعالى، فلا يكون شيء إلا بإذنه وأمره، قال تعالى: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82] ، ثم عليك بالإكثار من الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى دائماً، فقد قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] ، وقال صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة. رواه الترمذي وأبو داوود وغيرهما، وصححه الشيخ الألباني.
وما دمت قد استخرت الله تعالى وفعلت ما انشرح له صدرك، فلن يترتب على ذلك إلا الخير، فالمتسخير عليه أن يفوض أمره إلى الله تعالى فيما سيختاره ويقدره له، والفشل في الأمر المطلوب بعد الاستخارة الشرعية قد تكون عاقبته محمودة بإذن الله تعالى، فمجيء الأمر على خلاف ما يتمنى الشخص والهوى لا يدل على أن ذلك الأمر لم يكن هو الخير، قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة:216] ، وإذا كان المستخير قد تجرد من إرادته وحظه النفسي وفوض الأمر لله تعالى فلا معنى إذاً لحزنه أو غمه إذا لم يأت الأمر الذي استخار فيه على وفق ما يريده، وللمزيد عن هذا الموضوع راجعي الفتوى رقم: 32377
وعليه، فالاستخارة مطلوبة في الأمور كلها عند بعض أهل العلم، وليست سبباً لتعقيد الأمور أو تعسرها، بل سبب لتيسيرها بإذن الله تعالى، وما فعله المسلم بعد الاستخارة تحمد عاقبته بإذن الله تعالى، وما يصحب ذلك من هموم وأكدار سبب لالتجاء المسلم إلى الله تعالى ودعائه إضافة إلى تكفير ذنوبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1425(11/9292)
أرجأه أبو مخطوبته حتى يستخير ثم يرى رؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
من بلال بن صالح العدواني إلى فضيلة الشيخ العلامة حسين بن عبد العزيز آل الشيخ إمام وخطيب المسجدالنبوي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد
لقد قمت يا شيخنا بالتقدم لخطبة فتاة، فأرجأ أبوها نظري إليها أسبوعاً يستخير فيه الله سبحانه وتعالى،! وأخبرني أن الاستخارة معلقة بما يراه هو أو زوجته أو ابنته في منامهم!!، فإن كانت الرؤية سارة دلّ ذلك على مشيئة الله قبولَها!، وإلاّ دلت على عدم القبول.!
فهل مشيئة الله في الاستخارة معلقة بالرؤيا التي يراها المستخير.؟
أفيدونا، سائلين المولى أن يجعلكم ذخراً وحصناً منيعاً يدرأ عن السنة وأهلها.
بلال بن صالح العدواني
عمان
4/جمادى الاولى/1425هـ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نلفت نظر السائل إلى أن هذا الموقع ليس هو موقع الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ إمام وخطيب المسجد النبوي.
وإن أردت الفائدة حول سؤالك فيمكنك مراجعة الفتوى رقم: 26141، والفتوى رقم: 34394 على الموقع.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(11/9293)
ما يقع بعد الاستخارة هو الخير
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن صلاة الاستخارة حيث إني صليتها في أمور كثيرة في حياتي وفي كل مرة تكون سير الأمور في اتجاه عدم تمام الأمر وفي بعض المرات أجد الأمر بعد أن انتهى يعرض ثانية وأصلي مرة أخرى فتكون نفس النتيجة أي أن بعض الأمور لا تنتهي ولا تتم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستخارة إنما شرعت وندب إليها عند إرادة فعل جائز لا يدري الإنسان هل الخير له في فعله أو في تركه، وعليه عند الاستخارة أن ينزع عن الميل إلى أحد الأمرين، ويقدم على الاستخارة مفوضاً الأمر إلى الله جل وعلا، وما حصل بعد ذلك أو انشرح له صدره فهو ما اختاره الله له، فإن بقي الأمر كما كان قبل فلا حرج عليه في معاودة الاستخارة مرات حتى ينشرح صدره لأحدهما أو يقع أحدهما فيكون هو ما اختاره الله جل وعلا، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1775.
الله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(11/9294)
ماذا يفعل الشخص بعد صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال عن صلاة الاستخارة: بعد الفراغ من الصلاة ماذا علينا أن نفعل هل نفكر بالأمر أم نترك الأمر بيد الله فقط (ونعم بالله) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا هم المرء بأمر من الأمور فإنه تشرع له الاستخارة قبل فعل ذلك الأمر، ثم إذا انتهى منها يمضي فيما أراد أو يترك إن ترجح عنده الترك، والأمر مع ذلك بيد الله، لا يقضى منه إلا ما كان الله قد أراده وقدره، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 1775.
وما دام العبد قد استخار الله وفوض الأمر إليه فلن يجني إلا خيراً، فَعَلَ ما استخار من أجله أو تركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(11/9295)
آداب دعاء الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يبدأ دعاء الاستخاره بالثناء على الله وذكر أسماء الله الحسنى أم يقال دعاء الاستخارة مباشرة
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء الاستخارة كغيره من الأدعية ينبغي أن يبدأ قبله بحمد الله تعالى والثناء عليه بصفات الكمال والجلال.. ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة الإبراهيمية أوغيرها,
فقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم ـ رجلا يدعو ولم يمجد الله تعالى ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ـ فقال:" عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز والثناء عليه, ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ـ ثم يدعو بما شاء " رواه أبو داود وغيره.
لمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 08399
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(11/9296)
من آداب الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم والحمد لله منذ ثلاث سنوات وكنت قد أقبلت على الزواج وطلبت من أخ لي ألتمس فيه الصلاح أن يبحث لي عن أخت ملتزمة تكون لي زوجة وكان ذلك عن طريق زوجته التي اتصلت بوالدة إحدى صديقاتها من الأخوات وأخبرتها أني أريد التقدم للزواج من ابنتها وذكرت لها من مواصفاتي عملي (وهو مدرب في احد مراكز التدريب على الكمبيوتر) وذكرت لها أيضا أني ملتزم والحمد لله وأحفظ الكثير من القرآن وأطلب العلم. والأم قالت لها سأسأل والدها وأقوم بالرد عليك وتأخر الرد لعدة أيام فعاودت زوجة صديقي الاتصال بوالدتها مرة أخرى فأخبرتها الوالدة أنها استخارت ولم يحدث لها ارتياح نفسي للأمر. وسؤالي هو هل يجوز رفض أمر معين بالاستخارة فقط قبل أن يراه الإنسان أو يعرف عنه الشيء الكافي. فهم حتى لم يجلسوا معي ولم مرة واحدة ولم أر الأخت أرجو توضيح الأمر لي وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الاستخارة في الأمور مطلوبة شرعاً لورود السنة الصحيحة بذلك، لكن من آداب الاستخارة أن يتبرأ العبد من حوله وقوته وعلمه واختياره ويفوض أمره إلى العليم الخبير، ويوطن نفسه على الرضا بما يختاره له ربه جل وعلا، وعلامة ذلك انشراح الصدر للأمر، قال النووي: وينبغي أن يفعل ما ينشرح له صدره فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان له فيه هوى من قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأساً، وإلا فلا يكون مستخيراً لله، بل لهواه، وقد يكون غير صادق في طلب الخيرة وفي التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه. هـ
وعلى هذا فإن كان أهل الفتاة قاموا بالاستخارة على الوجه الصحيح وكان مؤداها عندهم عدم انشراح صدورهم لزواج ابنتهم منك فلهم ذلك، لكن ينبغي تكرار الاستخارة ومشاورة أهل الخير في هذا الأمر، خاصة أن الرجل المتقدم إلى بنتهم على خلق ودين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(11/9297)
من شروط جواز الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[عمي ينوي أن يسافر في رحلة إلى مصر وشرم الشيخ. نصحناه أن شرم الشيخ مكان غير صالح فقال إنه استخار وإنه مرتاح للسفر. فهل تجوز الاستخارة في معصية؟ وهل يجوز السفر من أجل المتعة إلى شرم الشيخ؟ وهل هو وزوجته آثمان لسفرهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعروف عن شرم الشيخ أنه مكان مملوء بالسائحين والسائحات من مختلف الأجناس والبلدان والأديان، وفيه الحرية التامة للفسق والمجون وشرب الخمور وغير ذلك من المنكرات، فالذاهب إليه لا يسلم من الوقوع فيما يغضب الله عز وجل، وأقل ما في ذلك النظر المحرم ومعاينة كثير المنكرات وتعددها فهو مأوى الفسقة والمنحلين. ولذا لا نرى أن يذهب إليه مسلم حذرا من المعاصي وأهلها وبعدا عن مواطن الريبة والتهمة.
وليعلم أن من شروط جواز الاستخارة أن تكون في المندوب والمباح، ففي الموسوعة الفقهية: (اتفقت المذاهب الأربعة على أن الاستخارة تكون في الأمور التي لا يدري العبد وجه الصواب فيها، أما ما هو معروف خيره أو شره كالعبادات وصنائع المعروف والمعاصي والمنكرات، فلا حاجة إلى الاستخارة فيها، إلا إذا أراد بيان خصوص الوقت كالحج -مثلا- في هذه السنة لاحتمال عدو أو فتنة، والرفقة فيه، أيرافق فلانا أم لا؟ وعلى هذا، فالاستخارة لا محل لها في الواجب والحرام والمكروه، وإنما تكون في المندوبات والمباحات، والاستخارة في المندوب لا تكون في أصله لأنه مطلوب، وإنما تكون عند التعارض، أي إذا تعارض عنده أمران أيهما يبدأ به أو يقتصر عليه؟ أما المباح فيستخار في أصله.) اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(11/9298)
هل يجوز للمستخير فعل ما لم ينشرح له صدره
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ كنت أود أن أسأل عن صلاة الاستخارة ... أنا فتاة قام بخطبتي ابن عمي لكنه صلى صلاة الاستخارة فكان الرد أنه استيقظ من النوم وهو متضايق ولقد صلاها 4 مرات لكي يتأكد من الشعور وكلها بنفس الحالة
لكني يا فضيلة الشيخ حقا أريد أن يوفقنا الله ويجمعنا بالحلال والسؤال يا فضيلة الشيخ
لو أننا صبرنا لمدة خمس سنوات على الأقل وفي هذه السنوات ندعو الله أن يجمعنا بالحلال فهل ... يجوز لنا فعل ذلك ... أنا دائما أقول إن الله على كل شي قدير فالله يستطيع أن يجمعنا بالحلال مع بعض لكن بعض الشيوخ يقولون بما أنكم استخرتم الله وطلبتم رأيه في هذا الطلب فيجب عليكم التقيد ... نحن نتقيد ولم نتزوج ولكن ندعو الله في الغداة والعشي أن يجمعنا بالحلال فهل هذا يجوز وهل الله يرضى عن هذا أم لا , وهل هناك احتمال بأن الله سوف يرضى عن زواجه أم صلاة الاستخارة يكون الرد فيها نهائي والله لا يغير الرد
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحسن التنبيه هنا على عدة أمور:
الأول: أن الاستخارة ليست بواجبة، ولكنها مستحبة، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": ويؤخذ من قوله: "من غير الفريضة" أن الأمر بصلاة ركعتي الاستخارة ليس على الوجوب. قال شيخنا في شرح الترمذي: ولم أر من قال بوجوب الاستخارة لورود الأمر بها.... إلى أن قال الحافظ أيضا: واختلف فيما يفعل المستخير بعد الاستخارة، فقال ابن عبد السلام: يفعل ما اتفق، ويستدل له بقوله في بعض طرق حديث ابن مسعود وفي آخره: ثم يعزم، وقال النووي في الأذكار: يفعل بعد الاستخارة ما يشرح به صدره، ويستدل له بحديث أنس عند ابن السني: إذا هممت فاستخر ربك سبعا، ثم انظر إلى الذي يسبق في قلبك، فإن الخير فيه، وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد، لكن سنده واه جدا، والمعتمد أنه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان فيه هوى قبل الاستخارة، وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر حديث أبي سعيد: ولا حول ولا قوة إلا بالله. انتهى.
وعليه، فإن المستخير يجوز له أن يفعل ما لم يشرح له صدره، لأن ما فعله يمكن أن يكون مشتملا على الخير.
الثاني: أن تأجيل الزواج لا داعي له وغير مطلوب، إلا إذا ظهرت فيه مصلحة تتعلق بكما.
الثالث: الدعاء لحصول الزواج بينكما لا مانع منه، بل هو مطلوب شرعا إذا كان الرجل المذكور صاحب خلق ودين، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم باختيار الزوج على هذه الصفات، حيث قال صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي وابن ماجه..
الرابع: هو أن عبارة: إنكم استخرتم الله وطلبتم رأيه في هذا الطلب، عبارة غير سليمة، فإن الله تعالى لا يشابه المخلوقين، وإنما يسأل التوفيق لما فيه الخير والصلاح للإنسان في الدنيا والآخرة.
الخامس: اعلموا أن رضا الله تعالى في امتثال أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الزواج المذكور تُراعى فيه الأوصاف الشرعية من كون الزوج والزوجة متصفين بالدين والخلق، وسلم من المنكرات والمحرمات، فإنه من الطاعات التي يثاب عليها من فعلها.
وحاصل الأمر أنه لا مانع من الإقدام على الزواج المذكور ولو لم يكن الرجل منشرح الصدر له، لأن فعله بعد الاستخارة سيكون مشتملا على الخير، ولا دليل على التقييد بانشراح صدر الرجل المذكور للإقدام على الزواج، كما أن تأجيل الزواج تلك المدة الطويلة لا داعي له، هذا إضافة إلى أن الدعاء من أجل إتمام الزواج المذكور لا مانع منه، بل قد يكون مطلوبا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1425(11/9299)
الاستخارة ركعتان يعقبهما الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حاليا عاطل عن العمل وأنا مقدم على عمل الآن ولدى زيارتي لأحد الأصدقاء أشار علي أنه سوف يستخير لي بواسطة القرآن الكريم وما علي سوى أن أنوي ما أريد وهو سوف يعلم إن كان هذا العمل سوف يصير أو لايصير وبالفعل نويت على ذلك وعلى أمور أخرى غيرها فأعطاني الاجابة بخصوصها ونحن نعلم لدينا في المذهب السني أن الاستخارة هي صلاة ركعتين ومن ثم دعاء الاستخارة فهل مافعلته مع صديقي حلال أم حرام؟ صحيح أم خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصواب ما ذكرته من أن السنة إذا أراد الإنسان أن يقدم على عمل لا يدري أخير هو أو لا، السنة أن يصلي ركعتي الاستخارة ويدعو بدعاء الاستخارة وانظره في الفتوى رقم: 4823
ونلفت نظر السائل إلى أن على المؤمن أن يكون حذراً في اختيار الأصدقاء، وقد قال صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أحمد وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ولا يخفى على كل من له بصيرة في الدين مدى خطورة مصاحبة أهل البدع، وفي مخالطتهم وصداقتهم خطر على المسلم إذا لم يكن على قدر من العلم فيمكنه من بيان باطلهم وجهلهم بالسنة فالواجب الحذر من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1424(11/9300)
دعاء الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الأحباب لقد طلب مني أحد الإخوة وهو عندي ببلجيكا دعاء الاستخارة باللغة الإنجليزية وقد بحثت عنه ولم أجده ... هل تفضلتم وأنا شاكر لكم أن ترسلوا لي الدعاء بارك الله فيكم. رضا الرحمن جزيتم وبالجنة وفيتم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاستخارة هي طلب الخير، ومعناه أن يسأل ربه سبحانه وتعالى أن يختار له ما فيه الخير له في دينه ودنياه، وهي سنة لمن أراد القدوم على أمر ذي بال، فيصلي ركعتين من غير الفريضة يقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر من القرآن، فإذا سلم من الصلاة دعا بهذا الدعاء: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير ثم رضني به. رواه البخاري عن جابر مرفوعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(11/9301)
من أحكام الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صلاة الاستخارة؟ وفي أي وقت يجب أداؤها؟ وكيف يعلم من أداها بأن الله قد اختار له أحد الأمرين اللذين استخار الله فيهما؟ وإذا لم يختر الأمر الذي بدا له أن الله قد اختاره له واختار الأمر الآخر هل يكون بذلك قد عصى الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الاستخارة قد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم صفتها لأصحابه، كما جاء في صحيح البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، إذا هم أحدكم فليركع ركعتين ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به، ويسمى حاجته.
والاستخارة ليست بواجبة، بل هي مستحبة، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": ويؤخذ من قوله: "من غير الفريضة" أن الأمر بصلاة ركعتي الاستخارة ليس على الوجوب، قال شيخنا في شرح الترمذي: ولم أر من قال بوجوب الاستخارة لورود الأمر بها. انتهى.
والوقت الذي تؤدى فيه صلاة الاستخارة هو كل وقت تباح فيه الصلاة، فلا تؤدى في أوقات النهي، وتفصيل هذا في الفتوى رقم: 21663.
وتُعلم خيرية الأمر الذي هو سبب الاستخارة إما بانشراح صدر الشخص المستخير من غير هوى سابق.
وإما بما يصدر عن المستخير من فعل أو ترك عقب الاستخارة، قال ابن حجر في "الفتح": واختلف فيما ذا يفعل المستخير بعد الاستخارة، فقال ابن عبد السلام، يفعل ما اتفق، ويستدل له بقوله في بعض طرق حديث ابن مسعود وفي آخره: ثم يعزم.
وقال النووي في "الأذكار": يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح به صدره، ويستدل له بحديث أنس عند بن السني إذا هممت فاستخر ربك سبعا، ثم انظر إلى الذي يسبق في قلبك، فإن الخير فيه، وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد، ولكن سنده واه جدا، والمعتمد أنه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان فيه هوى قوي قبل الاستخارة، وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر حديث أبي سعيد: ولا حول ولا قوة إلا بالله. انتهى.
وعليه، فلا إثم على الشخص فيما يصدر منه بعد الاستخارة من فعل أو ترك، لأن ما يفعله قد يكون هو المشتمل على الخيرية، كما قال الإمام ابن عبد السلام كما سبق، وللمزيد من التفصيل، يمكن الرجوع إلى الفتوى رقم: 7235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(11/9302)
حكم الاستخارة بعد الموافقة على الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم لخطبتي شاب وبعد فترة بسيطة أعلنت الموافقة والآن شعرت بأني تسرعت، فهل يجوز لي أن أصلي صلاة الاستخارة بعدما أعلنت موافقتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان التردد الذي حدث لك لمبررات مقبولة، فلا بأس، بل يستحب لك صلاة الاستخارة، وانظري الفتوى رقم: 26834 والإحالة التي فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1424(11/9303)
صلاة الاستخارة كيفيتها ووقتها ومحل الدعاء منها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نصلي صلاة الاستخارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاءت كيفية صلاة الاستخارة مبينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البخاري، والترمذي وغيرهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني استخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسالك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وأجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، (أو قال: عاجل أمري وآجله) فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به.، قال: ويسمى حاجته، أي يذكر حاجته عند قوله: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر، فيقول مثلا: اللهم إن كنت تعلم أن سفري أو زواجي من فلانة.... إلخ خير لي في ديني ... وإن كنت تعلم أن سفري.... إلخ شر لي في ديني....
والاستخارة مستحبة للعبد إذا طرأ له أمر من أمور الدنيا مما يباح فعله، فلا استخارة في أمر واجب فعله، أو مندوب، لأنه مأمور بفعلهما بلا استخارة، ولا استخارة في المحرم والمكروه، لأنه مأمور بتركهما بلا استخارة، وصلاة الاستخارة ركعتان مستقلتان يصليهما المرء بنية الاستخارة، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة. وتجزئ عنهما ركعتان يصليهما من النافلة، كالسنن والرواتب أو ركعتين من قيام الليل، أو غيرهما، لكن لا تصلى هذه الصلاة في الأوقات المكروهة التي هي: بعد صلاة العصر إلى المغرب، وبعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، وقبيل الظهر مقدار ربع ساعة تقريبا هو وقت زوال الشمس إلا أن يطرأ على المرء طارئ لا يمكنه معه تأجيل صلاة الاستخارة، فيصليها ثم بعد صلاة الركعتين يدعو بالدعاء المتقدم في الحديث، وله أن يدعو به قبل السلام من الركعتين، وله أن يدعو به بعد السلام، أما عن الدعاء عموماً فقد قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] ، وقال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55] ، وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186] ، وقال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل:62] .
وروى الترمذي وأبو دواد بسند صحيح عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الدعاء هو العبادة وباب الدعاء واسع.، وتمكنك مراجعة كتاب رياض الصالحين (باب الدعاء) ، أو غيره من الكتب التي اشتملت على الأدعية والأذكار الصحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(11/9304)
الرؤيا بعد الاستخارة دلالة على المراد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أنهيت الثانوية العامة، وأمامي فرصتان للدارسة: إما في مصر، وإما في قبرص التركية، وأنا احترت جدا، قمت بصلاة الاستخارة ومن ثم الذهاب إلى النوم، فرأيت في منامي رجلا يسألني أين سأدرس؟ فذكرت له اسم جامعة فقال لي لا، ادرس في تركيا، ثم ذكرت أمامه أسماء عدة جامعات، وفي كل مرة كان يقول لي: ادرس في تركيا، فهل يا ترى إن هذا الذي اختاره الله لي وهو أن أدرس في قبرص التركية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر في الفتوى رقم: 28675 أن الرؤيا بعد الاستخارة علامة تدل على المراد فتراجع الفتوى، وينبغي أن تضيف إلى الاستخارة الاستشارة لمن يعلم حال البلدين وأيهما أفضل؟
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(11/9305)
مشروعية الاستخارة في أمور دون أمور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل تجوز الاستخارة على الإنترنت؟....إذا كان نعم، فهل لكم أن ترشدونا إلى مواقع صحيحة؟ أو أن تفتحوا موقعا لهذا الخصوص؟ وشكرا جزيلا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الاستخارة مستحبة في جميع الأمور، لحديث جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها.. رواه البخاري
والاستخارة مشروعة في الأمور المباحة، فلا استخارة في أمر واجب أو مندوب، لأنه مأمور بفعلهما بلا استخارة، كما لا استخارة في حرام أو مكروه، لأنه مأمور بتركهما بلا استخارة.
وبخصوص سؤال الأخ، فالذي فهمناه من سؤاله أنه هل يستخير للدخول على الإنترنت أم لا؟ فنقول: الدخول على المواقع النافعة الخالية من المحرمات كالمواقع الإسلامية والعلمية، من الأمور المندوب إليها، لأنها من طلب العلم، وهو مأمور به في الجملة، وإذا كان كذلك، فلا يحتاج الأمر إلى استخارة.
وإن كانت مواقع محرمة، فهذه يحرم الدخول عليها ومشاهدتها، وأيضا لا يحتاج الأمر إلى استخارة كما سبق.
وأما طلب السائل إرشاده إلى المواقع الجيدة، فهي كثيرة، منها: موقع الإسلام اليوم، وإسلام أون لاين، وغيرهما، وبإمكانك الدخول على دليل المواقع العربية والبحث في المواقع الإسلامية، وستجد هناك الكثير الطيب من المواقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1424(11/9306)
الاستخارة ليست وسيلة للاطلاع على الغيب
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت لخطبة فتاة بعد أن صليت الاستخارة، وكنت أجد التيسير في الأمر، ولكن بعد فترة ونظرا للتفاوت الطبقي تم رفضي، وسؤالي هل أتقدم لها مرة أخرى، وخصوصا أن أوضاعي تحسنت بعض الشيء، أم أن هذا يعد اعتراضاً على اختيار الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أننا إذا صلينا صلاة الاستخارة، وتيسر لنا الأمر المستخار فيه أو صعب علينا، لا يمكن القطع بأن هذا اختيار الله لنا، لأن الاستخارة ليست وسيلة للاطلاع على الغيب، أو القطع أن مراد الله كذا أو كذا.
وعليه، فلا مانع من التقدم مرة أخرى لخطبة هذه الفتاة إذا كانت من ذوات الدين والخلق، فإن تيسر الأمر فلله الحمد، وإلا فالنساء الصالحات غيرها كثير، ولعل الخير لك في عدم الزواج بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1424(11/9307)
تيسير الأمر بعد الاستخارة دلالة خير
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أستخير في شخص تقدم لخطبتي، وآخر يريد أن يتقدم لي ولكن لم يظهر لي شيء سوى أن شخصا آخر ثالثا كان يريدني، وقد تزوج بالفعل من أخرى، ولكنه يأتي ليراني بعد صلاة الاستخارة، أي في اليوم التالي أراه أمامي في العمل. ولا أعلم ما الذي أفعله؟ وهل هذه نتيجة الاستخارة أم أنها صدف..علما بأني استخرت أكثر من مرة، وفي كل مرة يحدث نفس الشيء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن استخار الله تعالى في أمرٍ فليعزم وليمض فيه، فإن تيسر له مع انشراح صدره لفعله، فهذا دليل على أنه خير له، وإن تعسر فلينصرف عنه، ولا يلزم أن يرى رؤيا يستفيد منها ذلك.
وعليه فإذا استخرت في شأن من تقدم لخطبتك، وانشرح صدرك لذلك فاقبلي به، فإن مضى الأمر ميسرًا سهلاً كان هذا من علامة الخير، وإن انقبضت نفسك لهذا الزوج أو تعسر الأمر، أو انصرف هو عنك، دلَّ هذا على أنه لا خير لك في الزواج منه. ولا علاقة لاستخارتك برؤية الشخص الثالث المتزوج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(11/9308)
هل تغني استخارة آخر عن استخارتك
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت الزواج من امرأة واستخرت الله عز وجل في ذلك فلم ينشرح صدري للأمر كما لم ينصرف قلبي عنه وفي نفس الوقت استخارت هذه المرأة في زواجها مني وتقول إنها وجدت خيرا كثيراً فهل يجوز الاكتفاء باستخارتها وإتمام الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام الزواج الذي استخرت الله عليه قد تيسرت أسبابه، ولم ينصرف قلبك عنه، فلا تتردد، واعزم الأمر، وتوكل على الله.
قال كمال الدين الزملكاني - كما في حاشية الجمل -: إذا استخار الإنسان ربه في شيء فليفعل ما بدا له، سواء انشرحت له نفسه أم لا، فإن فيه الخير، وليس في الحديث اشتراط انشراح الصدر.
وراجع الفتوى رقم: 19343، والفتوى رقم: 23504.
واعلم أن استخارتك عنوان سعادتك وأمارة فلاحك، فلا تغني استخارة غيرك عنها؛ لأنها - كما قال ابن القيم في زاد المعاد -: توكل على الله، وتفويض إليه، واستقسام بقدرته وعلمه، وحسن اختياره لعبده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1424(11/9309)
حكم الاستخارة في عدة أمور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الاستخارة على الاختيار من بين ثلاثة أشياء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاستخارة قد سنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمها أصحابه، وأمرهم بفعلها عندما يَهمّ أحدهم بفعلٍ.
روى البخاري والنسائي وأبو داود من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن؛ يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل ... الحديث.
وعليه، فلا مانع من الاستخارة استلهامًا من الله تعالى للمصلحة بين ثلاثة أشياء أو أكثر، ولكن ينبغي للشخص أن لا يستخير إلا في ما يصمم على فعله، لا مجرد الخواطر.
قال في عون المعبود: ... ويحتمل أن يكون المراد بالهمة العزيمة؛ لأن الخواطر لا تثبت، فلا يستخير إلا على ما يقصد التصميم إلى فعله، وإلا لو استخار في كل خاطر، لاستخار في ما لا يعبأ به فتضيع عليه أوقاته. (4/278) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1424(11/9310)
هل الرؤيا بعد الاستخارة تدل على شيء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[الحلم عقب صلاة الاستخارة سواء إيجابي أو سلبي بالنسبة لموضوع الزواج بشخص معين هل هو راجع إلى الحالة النفسية أم راجع لصلاة الاستخارة؟ خاصة أنني في إحدى المرات شعرت أثناء النوم بمرارة شديدة في الفم أو بصورة قطة لمدة ثلاثة أيام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحلم بعد الاستخارة يحتمل أن يكون بسبب الاستخارة، ويحتمل أن يكون بسبب الحالة النفسية التي يعيشها المستخير من التوتر والهم بأمر الاستخارة، لأن من أصناف الرؤيا أن يرى الشخص ما يهم به، ومن أصنافها الرؤيا الصالحة، والاعتماد في شأن الاستخارة إنما هو على انشراح الصدر وتيسر الأسباب.
وراجع الفتوى رقم: 18807.
أما عن رؤية القطة في المنام والشعور بمرارة الفم، فيمكنك عرض هذا الأمر على من تثقين به من أهل التأويل، أو تدخلين المواقع المتخصصة في تأويل الرؤيا حتى تعرفي تفسيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(11/9311)
من استخار الله فلن يلقى إلا خيرا بإذن الله
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت استخارة في أمور شتى على أن أفعل أو لا ولكن فوجئت بأني دخلت ولما دخلت فوجئت بأن كانت مشكلة لي (دخولي من فعل الاستخارة والحمد لله) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنك إذا كنت قد فعلت صلاة الاستخارة على الطريقة الشرعية وأقدمت على ما وجدت إليه انشراحا لصدرك فإنك لن تلقى إلا خيراً إن شاء الله تعالى.
قال الإمام النووي: ينبغي بعد الاستخارة أن يفعل ما ينشرح له صدره، فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان فيه هوى قبل الاستخارة بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسا وإلا فليس مستخيراً لله تعالى بل يكون غير صادق في طلب الخيرة في التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه.
ويحسن هنا التنبيه إلى عدة أمور: - عليك أن تعلم أن ما وقعت فيه من مشكلة قد قدره الله تعالى لا محيد عنه، قال الله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد:22] .
- إن الله تعالى يمكن أن يكون قد صرف عنك مصيبة أعظم مما وقعت فيها.
- قد يكون هذا سببا للشعور بحاجتك إلى الله تعالى فتستغيث به وتلجأ إليه وتتبرأ من حولك وقوتك.
- أن ما أصابك من حزن وغيره سبب لتكفير ذنوبك، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.
فعليك إذن بتقوى الله تعالى، فمن اتقى الله تعالى جعل له من كل ضيق فرجا ومن كل هم مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب.
ثم عليك أن تكثر من الدعاء والاستغفار مع اتخاذ الأسباب المادية المشروعة، نرجو من الله تعالى أن يسهل لك ما عسر عليك من أمر إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1424(11/9312)
ثمرة صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله.
ما هي الاستخارة؟ وكيف أداؤها؟ وهل يتبعها فى نفس الوقت رؤيا أو حلم؟ وهل الرؤيا بعدها دليل على شيء يعني إذا رأيت خيرا فالإستخارة خير وإن شرا فهي شر أم الحلم بعدها ما هو إلا بدعة وليس لها أصل ديني وسنة متبعة؟
جزاكم الله عني وعن المسلمين خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فثمرة الاستخارة انشراح الصدر لفعل الأمر الذي تمت الصلاة لأجله، أو الانقباض منه وعدم الإقبال عليه، ولا علاقة للرؤى والأحلام بالاستخارة، وقد مضى بيان هذا الأمر في الفتوى رقم: 1775، والفتوى رقم: 25703، وأما كيفية الاستخارة فقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 4823.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/9313)
ثلاث علامات للاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في السنة الأخيرة في كلية الصيدلة وكنت أريد أن أرتبط بزميلة لي في نفس الكليه فأنا عندما أتكلم معها أحس بالراحة النفسية ولكن في بعض الأحيان تقول لي نفسي إنها ليست الزوجة التي أحلم بها ولكن عند الكلام معها يتغير هذا الإحساس ومن الناس من يقول لي إنها لا تصلح والبعض الآخر يقول تصلح فقررت أن أصلي صلاة الاستخارة وكررتها لمدة أسبوعين أصليها كل ليله ولكن بدون فائدة فأنا لا أرى شيئا في المنام ولا أستطيع تحديد إذا كان قلبي منشرح أو لا فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للاستخارة علامات ثلاث: الرؤيا الصالحة، انشراح الصدر، تيسر الأمر الذي يستخير المرء فيه، فإذا وُجدت واحدة من هذه العلامات فهي نتيجة الاستخارة.
ولتراجع في هذا الفتوى رقم:
1775 - والفتوى رقم: 971.
وإننا لنحذر الأخ السائل من الانبساط في الحديث مع النساء لما فيه من مخالفة صريحة لأوامر الإسلام بحفظ الفرج وغض البصر، والبعد عن مخاطبة النساء إلا لحاجة أو ضرورة.
ونقول لك أيها السائل: يجب عليك عدم العودة إلى ذلك أبداً، وإن كنت مريداً للزواج من هذه الفتاة حقّاً فاسلك في سبيل ذلك الطرق المشروعة، وهي التقدم لخطبتها، ومن ثمَّ العقد عليها والدخول بها، هذا إذا كانت مرضية الخلق والدين، أما إذا لم تكن كذلك فالبعد عنها هو الغنم كله، قال صلى الله عليه وسلم: فاظفر بذات الدين تربت يداك. رواه البخاري ومسلم في صحيحهما.
ولمعرفة خطورة ما فعلت راجع فتاوانا تحت الأرقام التالية: 1753 -
4220 -
5707 -
21253 -
20459 -
13147.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/9314)
الاستخارة لا تشرع في أمر غير مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا على علاقة بإحدى الأخوات المسلمات وأريد الارتباط بها ولكن بعد نهاية دراستي ولكن أريد أن أعرف هل الاستخارة تفيدني على أن أواصل العلاقه حتى نهاية الدراسة أم لا؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى المسلم أن يحذر من العلاقة المحرمة بأي امرأة أجنبية عنه، ومن ذلك علاقات الحب واللقاء والتي تفضي غالباً إلى ما هو أشد حرمة كاللمس والتقبيل، ولربما أدت إلى الفاحشة -والعياذ بالله- وكل ذلك محرم في دين الإسلام. فاقطع علاقتك بهذه الفتاة وتب إلى الله مما سلف، وحبك لها إن كان مضبوطاً بأصول الشرع وحدود الأدب، وكان غرضك الزواج منها، وكانت ذات دين وخلق فلا حرج عليك فيه ما لم يتجاوز هذا الحب حد الاعتدال أو يؤدي إلى الوقوع في محرم أو ترك واجب.
وعليك أن تسعى مع أهلك وأهلها إلى تيسير زواجكما، ولو بعقد الزواج وتأخير الدخول إلى وقت إنهاء الدراسة، فإن تعذر ذلك فلا ينبغي لك حبس نفسك على هذه المرأة واصرف نظرك عنها واقطع فكرك بها، ولعل الله ييسر لك الزواج بخير منها، وييسر لها خيراً منك والخير فيما اختاره الله.
والاستخارة لا تشرع إلا في أمر مشروع، أما المعصية كبقاء العلاقة بين شاب وفتاة أجنبيين فلا تشرع لها؛ بل إن ذلك من العبث بأحكام الشريعة، لأن المسلم يلزمه اجتناب المعصية والإقلاع عنها فوراً، فكيف تستخير الله في ذلك؟!.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(11/9315)
حكم الإنابة في الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرعاً أن أجعل شخصاً صديقاً يصلي لي صلاة الاستخارة؟ وإذا كان جائزاً فاستخار لي وأنا استخرت فأحسست براحة لأمر وهو لأمر أخر فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خير الجزاء ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا تصح الإنابة في الاستخارة كما هو مبين في الفتوى رقم:
6405.
بل على المسلم أن يستخير لنفسه ويسأل الله أن يوفقه لما فيه خير دنياه وآخرته، ويفعل ما انشرح له صدره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(11/9316)
انشراح الصدر يكفي
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل الآن في أبو ظبي، وأريد أن أترك عملي وأرجع إلى أهلي في الأردن، صليت صلاة الاستخارة عدة مرات، على نية الذهاب إلى الأردن وترك عملي في أبو ظبي، كنت أستيقظ مرتاحاً وسعيداً، ولكن كل ما كنت أراه في أحلامي صوراً ومواقف لأناس وأصدقاء موجودين في أبو ظبي، لذلك فأنا في حيرة كبيرة من أمري، يرجى توضيح المسألة وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبما أن الله قد شرح صدرك لذلك فاعمل به وتوكل على الله ولا تبال بما تراه في منامك، وراجع الفتاوى التالية: 26141 1775 2733 7234
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1423(11/9317)
الرؤيا بعد الاستخارة هل يعمل بمقتضاها
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت صلاة الاستخارة لكي أعرف إذا كنت أكمل خطوبتي أم لا فحلمت أن دبلة الخطوبة انكسرت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أحسنت عندما صليت صلاة الاستخارة في أمرك المذكور، وما انشرح له صدرك وتيسر لك فافعليه بعد الاستخارة، ولا تلتفتي إلى الرؤيا فلا يبنى عليها أمر ديني أو دنيوي بحيث يعمل بمقتضاها كفاً أو امتثالاً، فإذا كان خطيبك صاحب دين وخلق، فامضي في الأمر بعد الاستخارة والاستشارة، وما قدره الله لك بعد ذلك فهو خير.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ما ندم من استخار الخالق وشاور المخلوقين وثبت في أمره) . نقله عنه ابن القيم في الوابل الصيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1423(11/9318)
لا علاقة للأحلام بالاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم لي عريس واستخرت الله وشعرت براحة، وحلمت بشكله، وكذلك هو استخار وحلم بشكلي، ومع ذلك لم يوافق أهلي وأوصافنا صحيحة لكلانا، ما تفسير ذلك بالرغم من أن ربنا أراد ذلك والأهل لم يريدوا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا علاقة للأحلام بالاستخارة، وكونك قد حلمت بمن تقدم إليك خاطبًا وهو قد حلم بك ليس معناه أن الله يريد ذلك، بل إن رفض أهلك له قد يكون مؤشرًا على أن الخير لكما ألا يتم الزواج؛ لأن الزواج إن كان خيرًا فسييسره الله تعالى، ويهيئ له الأسباب حتى يتم، وإن كان غير ذلك فسيصرفكما عنه.
ولمزيد من الفائدة نوصي بمراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية:
971 -
1775 -
6253 -
7235 -
12655.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1423(11/9319)
الاستخارة معناها، وكيفيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[الاستخارة وكيفية العمل بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاستخارة هي طلب الخيرة، ومعناها: أن يسأل المسلم ربه سبحانه وتعالى أن يختار له ما فيه الخير له في دينه ودنياه، وهي سنة لمن أراد القدوم على أي أمر ذي بال، فيصلي ركعتين من غير الفريضة يقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر من القرآن.
وبعد الصلاة يدعو بهذا الدعاء الذي رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه، ولفظه: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمى حاجته فيقول مثلاً هذا السفر ... ) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (السفر، أوالزواج) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به) .
ويمضي المسلم في حاجته فإن كانت خيراً له سييسرها الله تعالى له، وإن كانت غير ذلك سيصرفها الله تعالى عنه، ويصرفه عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(11/9320)
وقت صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح للإنسان أن يصلي صلاة الاستخارة بعد كل صلاة أو قبلها وماهي الشروط الواجب توفرها عند الإنسان حتى تقبل منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاستخارة، هي دعاء المرء بالدعاء الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاة النافلة، وهي مشروعة عند الحاجة، وذلك إذا تردد الشخص في فعل أمر مباح هل يعمله أو لا يعمله؟ ولا بأس في تكريرها كما سبق في الفتوى رقم: 7234
أما الاستخارة لغير حاجة، فليست بمشروعة لاسيما إذا التزمها الشخص بعد صلاة الفريضة، لأنها تكون بعد النافلة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فليركع ركعتين من غير الفريضة" فدل على أن السنة لا تحصل بفعلها بعد الفريضة، ولمزيد الفائدة عن كيفية الاستخارة ودعائها راجع الفتوى رقم: 4823
وأما الشروط الواجب توفرها في الاستخارة، فهي نفس الشروط التي يجب أن تتوفر في الدعاء، لأن الاستخارة دعاء، وقد سبق بيان شروط إجابة الدعاء في الفتوى رقم:
11571
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9321)
الاستخارة ... آثارها وحكم تكرارها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال: أني حاولت أكثر من مرة أن أصلي صلاة الاستخارة والمتمثلة بركعتين من غير الفريضة ثم أدعو الله بالدعاء المأثور أن يوفقني للخير فيما أرنو لفعله، والمسألة أني أحياناً لا أرتاح لكلا الأمرين، لا أدري لماذا، وأيضاً قد أكون مرتاحة قبل الاستخارة لموضوع بعينه، وبعد الاستخارة، أرتاح لنفس الموضوع، لايوجد تغيير، يعني أني أرتاح بعد الاستخارة للموضوع الذي أريد عمله أياً كان، فهو لايأتيني على شكل حلم يأمرني بفعل كذا من الأمور مثلاُ مع علمي أنه ليس من الضروري أن تكون الراحة على شكل رؤيا،،، أريد أن أستريح، أطلب من الله المعونة، حتى إني في كثير من الأحوال أريد أن أستخير وأمنع نفسي،،، أرجو الأخذ بيدي وإرشادي،،،
جزاكم الله خيراً عنا وعن جميع المسلمين (آمين) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي الاستخارة يسمي المستخير أمرًا فيقول: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسميه) خير لي في ديني ومعاشي ... إلى آخر الدعاء، فإذا كان هذا الأمر الذي سماه في استخارته خيراً فسيوفقه الله تعالى له، وإن لم يكن كذلك فسيصرفه الله تعالى عنه، فما دام قد استخار الله فلن يفعل إلا ما فيه خير، فلا عبرة بانشراح الصدر أو الرؤيا في النوم.
وراجعي الفتوى رقم:
1775، ولا بأس بتكرار الاستخارة عدة مرات حتى يطمئن قلب المستخير، وراجعي الفتوى رقم:
7234.
ونصيحتنا لك -أيتها الأخت السائلة- أن تحافظي على صلاة الاستخارة كلما هممت بأمر، وكيف تتركينها وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه الكرام رضوان الله عليهم كما كان يعلمهم السورة من القرآن، كما عليك أن تستشيري من تثقين برأيه من محارمك أو قريباتك أو صديقاتك. ثم بعد الاستخارة والاستشارة امضي فيما يسره الله لك، وستشعرين براحة في غير ندم بإذن الله تعالى.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ما ندم من استخار الخالق وشاور المخلوقين، وثبت في أمره. نقله عنه ابن القيم في الوابل الصيب.
وراجعي لمزيد من الفائدة الفتوى رقم:
18554، والفتوى رقم:
12655.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1423(11/9322)
استخارت للزواج من شاب فخافت وترددت؟
[السُّؤَالُ]
ـ[متقدم لي شاب فيه جميع المواصفات وأحس أني أريده ولكن عندما صليت صلاة الاستخارة أحسست بضيق قليلأ وأنا جدا خائفة من فكرة الزواج؟ وأرجو الإجابة بسرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت قد استخرت الله تعالى كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فتأكدي تماماً أنك لن تفعلي إلا ما فيه الخير لك في دينك، وفي دنياك، ولا تضر المخاوف والهواجس، فبطبيعة كل شخص إذا أراد القدوم على أمر مهم أن يتوجس خيفة، كما يقولون: (لكل داخل دهشة، ولكل خارج وحشة) .
فاستخيري الله تعالى كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وتوكلي على الله، وسلمي أمرك إليه سبحانه وتعالى، فإنه لن يخذلك.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:
1775، والفتوى رقم:
971.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(11/9323)
تسديد الله للمستخير أرجى للمداوم على الصلة به
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي صلاة الاستخارة، وماهي شروطها، وهل يمكن لشخص غير ملتزم بالصلاة أن يؤديها؟ وجزاكم الله خيراً........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الاستخارة سبق بيانها وما يتعلق بها في الفتوى رقم:
4823.
وأما الشق الثاني من السؤال وهو قولك "وهل يمكن لشخص غير ملتزم بالصلاة أن يؤديها" فالجواب: نعم، إلا أن هداية الله وتوفيقه وتسديده لمن حافظ على أوامر الله والتزم بشرع الله أرجى.
وعلى المسلم أن يحافظ على صلاته فإنها أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي صلة بين العبد وربه، ومن صلحت صلاته صلح سائر عمله، وهي أفضل الأعمال، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(11/9324)
الاستخارة غير جائزة في أوقات النهي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الاستخارة بعد صلاة الصبح أو العصر؟؟ وإذا لم تكن جائزة فما السبب؟؟ وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمذاهب الأربعة على المنع من صلاة الاستخارة في أوقات الكراهة، سواء منهم من جوَّز الصلوات ذوات الأسباب، ومن منع مطلقاً.
والسبب في المنع منها عند من يجوز الصلوات ذوات الأسباب في أوقات الكراهة، وهم: الشافعية..أن سببها متأخر عنها، وهم يشترطون أن يكون السبب المبيح للصلاة في أوقات الكراهة متقدماً عليها، ولذلك منعوا من ركعتي الإحرام والاستخارة لأن السبب الباعث عليهما متأخر عنهما.
وأما الحنابلة والحنفية والمالكية فإنهم يمنعون من صلاة الاستخارة في هذه الأوقات لعموم النهي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1423(11/9325)
دليل التوفيق في الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[متي يعلم الإنسان بعد صلاة الاستخارة أن الله يرضى بذلك (أي الشيء الذي استخار فيه) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرء إذا استخار الله في أمر وصدق في استخارته، فإن الله سييسر له ما فيه الخير، ويهديه إليه، وما على الإنسان إلا أن يمضي فيما انشرح له صدره، كما هو مبين في الفتوى رقم: 1775.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(11/9326)
هل يشترط فيمن يستخار للزواج به أن يكون متقدما للخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اما بعد
أريد أن أعرف ما مدى صحة صلاة الا ستخارة عن شخص ليس بينه وبينك أي علاقة أي أنه لم يتقدم للخطبة ولكن إذا ما لمست فيه الصلاح وأردته زوجا وحتى دون أن يعلم هو بذلك أي أني لم أتحدث معه أبدا ولكن أخلاقه تخبر عنه وقد قمت بصلاة الاستخارة عنه لكي يطمئن قلبي ولا أتسرع في الحكم فأنا أريد أن أعرف هل هذه الصلاة صحيحة وأنتظر النتيجة أو أنه يجب أن يخطب حتى تصح الصلاة. أفيدوني من فضلكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حديث الاستخارة في الفتوى رقم: 971 ولا يشترط فيمن تريد أن تستخير في شأن رجل ليكون لها زوجاً أن يتقدم لخطبتها بل تدعو بدعاء الاستخارة، فإن كان خيراً فسييسره الله لها، وإن كان غير ذلك فسيصرفه عنها بإذنه تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(11/9327)
تيسر الأمر بعد الاستخارة هو الخير
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
الموضوع باختصار أني خطبت فتاة حسب الأصول والعادات وصليت صلاة الاستخارة لكن لم أحس بشيء إيجابي أو سلبي والمشكلة أني غير مقتنع بشكلها كزوجة لي أقصد جمالها لم يعجبني رغم أنها جميلة ماذا أفعل أكمل أم لا؟
أرجو الإجابة بسرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فانشراح الصدر أو انقباضه بعد صلاة الاستخارة لا يعول عليه كثيراً، وإنما يستأنس به في الإقدام على الفعل أو الترك، فإذا تيسر لك الفعل بعد الاستخارة، فلن يكون إلا خيراً لك -إن شاء الله تعالى- ولو لم ينشرح له صدرك.
والذي ننصح به السائل أن لا يقدم على الزواج من هذه الفتاة إلا عن رضا كامل وتحرٍ دقيق وليكن الأساس الدين والخلق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1423(11/9328)
الاستخارة في النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الاستخارة في الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي حديث الاستخارة الذي رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليقل....
فقول جابر الأمور كلها.. وقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا هم أحدكم بالأمر، يتناول الزواج وغيره، بل قد روي حديث في النكاح بخصوصه، وهو ما رواه الإمام أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: اكتم الخطبة ثم توضأ وأحسن وضوءك ثم صل ما كتب الله لك ثم احمد ربك ومجده ثم قل: اللهم إنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، فإن رأيت أن في فلانة -ويسميها باسمها- خيراً لي في ديني ودنياي وآخرتي فاقدرها لي، وإن كان غيرها خيراً لي منها في ديني ودنياي وآخرتي فاقدرها لي) والحديث ضعفه الألباني، وعلى أي حال فالزواج داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم (بالأمر) كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(11/9329)
دلالة الرؤيا بعد دعاء الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[رؤيا دعاء الاستخارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرؤيا بعد دعاء الاستخارة قد تكون علامة للمضي في الأمر أو الإحجام عنه، وقد لا تكون كذلك.
والذي ذكره بعض شراح الحديث أن انشراح الصدر أو عدمه هو الدليل على ذلك.
قال النووي رحمه الله تعالى: (إذا استخار مضى لما شرح له صدره) . انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(11/9330)
التردد بعد الاستخارة لا ينبغي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صليت صلاة استخارة أكثر من مرة ولكنني عانيت من التردد واخترت طريقي ولكن تأتيني شكوك بأنني أخطأت الاختيار سؤالي: كيف أعرف أن صلاتي صحيحة وإذا أخطأت هل ألام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت قد استخرت الله تعالى، فإنه سيختار لك الأصلح والأنفع، فلا ينبغي لك أن تتردد بعد ذلك، ولا بأس أن تشاور الأمين الناصح، فإنه ما ندم من استخار واستشار. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1775، والفتوى رقم: 7234.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1423(11/9331)
الاستخارة تكون في ما لا يدري العبد وجه الصواب فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مريضة بالقلب ولدي صمامان في القلب يجب تغييرهما في الوقت الحالي حتى لا تسوء حالتي وقمت بصلاة الاستخارة ولم ينشرح صدري للعملية المطلوبة لحالتي فماذا أفعل؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقول للأخت السائلة: إن العلماء نصوا على أن الاستخارة تكون في الأمور التي لا يدري العبد وجه الصواب فيها، أما ما هو معروف خيره من شره فلا حاجة إلى الاستخارة فيه.
والذي يظهر أن حالة الأخت تُوجب عليها إجراء العملية، فهي تذكر أن حالتها ستسوء إذا لم تجر هذه العملية ويصيبها ضرر، وإزالة الضرر واجبة في الشرع، لحديث "لا ضرر ولا ضرار". رواه أحمد وهو صحيح. ورسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتداوي خاصة في مثل حالة الأخت المتضررة، ففي الحديث: " تداووا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع دواء". رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
فلا مجال للقول هنا بالتردد عن إجراء العملية إذا حكم الأطباء الثقات بضرورتها وحاجة المريضة إليها ورجحان نجاحها، ثم بعد هذا كله على الأخت السائلة أن تعلم أن العبد مادام قد استخار الله جل وعلا، فإن عدم انشراح صدره للأمر لا ينبغي أن يكون حائلا بينه وبين الإقدام عليه، لأنه إذا أقدم عليه بعد الاستخارة فلن يكون في الإقدام عليه إلا خير، لأن الله قد يسره له بعد أن استخاره، ولم ييسره له إلا وهو يعلم أن فيه خيراً له، ومع ذلك فلا بأس بتكرار الاستخارة مع الاستشارة ونسأل الله تعالى أن يمنن عليك بالصحة والعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1423(11/9332)
كيف يفعل من تعذرت عليه الاستخارة بالصلاة والدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تكون الاستخارة وأنا حائض علماً بأنني أحتاجها في وقت قصير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن تعذرت عليه الاستخارة بالصلاة والدعاء معاً - كالمرأة الحائض أو النفساء - أجزأته الاستخارة بالدعاء فقط، وهذا مذهب الحنفية والمالكية والشافعية.
ولفظ دعاء الاستخارة هو ما رواه جابر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسميه) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله - فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، وأقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به" رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1423(11/9333)
الاستخارة الشرعية وعلاقة الأحلام بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف معلومات عن الاستخارة. هل هي مرتبطة بالأحلام وهل صحيح أنه يجب أن يقوم بها أحد من أهل الدين حتى تكون واضحة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 971 ذكر الاستخارة وكيفيتها، والدعاء الذي يقال فيها، كما جاء في الفتوى المذكورة حديث جابر الذي هو الأصل في مشروعية صلاة الاستخارة، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا هم أحدكم بالأمر ... إلخ" مما يدل على أن صلاة الاستخارة مرتبطة بالهم والقصد إلى الأمر المباح، فأي شخص هم بأمر مباح، فإنه يطلب منه أن يستخير الله تعالى على النحو المذكور في الفتوى.
وأما الأحلام فلا علاقة لها بها، ولا يصح أن يتولى صلاة الاستخارة أحد عن أحد.
وقد سبقت الإجابة على حكم النيابة في الاستخارة برقم: 6405.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(11/9334)
الاستخارة في أمر الحب
[السُّؤَالُ]
ـ[1-أنا فتاة أحب أحد الأقرباء وبما أنه بعيد عني حيث إنني في بلد آخر ولا أعلم عنه شيئاً وسؤالي هو هل يمكن الاستخارة في أمور الحب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم حكم ما يسمى -الآن- بالحب وما يتعلق به وذلك في الفتاوى
4220 1464 1753 ولا بأس في الاستخارة في هذا الشأن إن كانت نيتك هي الزواج به، بل هي -حينئذ- مستحبة وراجعي لذلك الفتوى رقم: 4823
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1422(11/9335)
عدم الرغبة في الأمر لا ينفي صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أسأل عن صلاة الاستخارة
متى يجب أن نصليها أعني إذا خطبني شخص قريب لي، ووافق أهلي عليه لكنني شعرت بأنني لا أريده فهل علي أن أصلي الاستخارة؟
وشكرا جزيلا لكم وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى لك أن تصلي الاستخارة ولو كنت تشعرين بعدم رغبة منك في إتمام هذا الأمر، فلعل الله جل وعلا يشرح صدرك للموافقة على من تقدم لك، وإن كان الأمر هو من عدم رغبتك في إتمام هذا الأمر فهذه نتيجة الاستخارة، وأما عن كيفية صلاة الاستخارة، ومتى تصلي فقد تقدم برقم 7733، 971، 4823
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1422(11/9336)
هل يشرع تكرار الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا هم الإنسان بعمل صلاة استخارة يقال إنه يجب ألا يكون بداخله أي اختيار ولكن أحيانا يرغب الإنسان في أن يستخير ربه ويترك له الأمر وأنه سوف يرضى بما سيكتبه الله له ويرشده إليه ولكن قد تكون بداخل الإنسان رغبة في أن يتحقق الشيء الذي يستخير ربه فيه فهل هذه الأمنيه تعتبر أن الإنسان مقرر هذا الأمر وتفسد صلاة الاستخارة وإذا كان الأمر كذلك فماذا يجب أن أفعل حتى لا يكون بداخلي أي شيء عند عمل صلاة الاستخارة حتى يتقبلها مني الله وهل يشترط أن تظهر صلاة الاستخارة للإنسان في صورة حلم أم في أي صورة تظهر صلاة الاستخارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من آداب صلاة الاستخارة أن يتبرأ المرء من حوله وقوته وعلمه واختياره لنفسه، ويعتمد على الله سبحانه وتعالى في ذلك كله ويفوض إليه أمره ويوطن نفسه على الرضا التامِّ والتسليم بما سيختاره له ربه ويقدره فهو سبحانه العليم بعواقب الأمور كلها، الحكيم في أفعاله ومقاديره، والرحيم بعباده، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، فإذا صدق العبد في ذلك التبرؤ والاعتماد والتفويض ووطن نفسه على تلك المعاني واستخار الله تعالى على الصفة التي علمه النبي صلى الله عليه وسلم إياها فسيختار الله له ما فيه الخير وسيشرح صدره لما قدر له ويُرضِّيه به ويصرف عنه ما سوى ذلك، فعندئذ عليه أن يتوكل على الله وأن يمضي فيما انشرح له صدره، يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى: وينبغي أن يفعل ما ينشرح له صدره فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان له فيه هوى قبل الاستخارة بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأساً وإلا فلا يكون مستخيراً لله بل مستخيراً لهواه، وقد يكون غير صادق في طلب الخيرة وفي التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه. انتهى.
وننبه إلى المطالب به شرعاً من ترك الميل لما كان يهواه المرء قبل الاستخارة إنما هو ما كان من ذلك في طوق المرء صرف النفس عنه وتخليصها منه، أما ما كان خارجاً عن ذلك فلا يطالب المرء به لأنه غير مقدور له، والله سبحانه وتعالى يقول: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا (البقرة: من الآية286) .
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يعدل بين نسائه ثم يقول: اللهم هذا فعلي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. يعني زيادة المحبة وميل القلب والحديث أخرجه الإمام أحمد والحاكم وابن حبان وأصحاب السنن، وأما سؤالك هل يظهر أثر صلاة الاستخارة في حلم يراه الشخص أو في أي صورة فالجواب أن الذي على المستخير هو أن يستخير على الصفة المتقدمة ثم ما سيقدره الله تعالى هو الذي فيه الخير وهو أثر الاستخارة.
وقد نص العلماء على أن انشراح الصدر دليل على قبول الاستخارة، أما الرؤى فلا يبنى عليها حكم، ولا يتوقف عليها عمل بل إن العلماء عدوا انتظار حصول الرؤى في الاستخارة من الجهل، يقول ابن الحاج المالكي في المدخل: وبعضهم يستخير الاستخارة الشرعية ويتوقف بعدها حتى يرى مناماً يفهم منه فعل ما استخار فيه أو تركه أو يراه غيره له، وهذا ليس بشيء، لأن صاحب العصمة صلى الله عليه وسلم قد أمر بالاستخارة والاستشارة لا بما يرى في المنام. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1423(11/9337)
تكرار الاستخارة ليس له حد معين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أردت عمل صلاة استخارة فكم عدد المرات التي يجب أن أقوم بها هل يشترط أن يكونوا سبع مرات أم أكثر أم أقل وهل يشترط أنه بعد أن أقوم بهذا العدد من صلاة الاستخارة أن يظهر لي الله الإجابة على ما استخرت الله فيه بعدها مباشرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب الجمهور من الحنفية والمالكية إلى استحباب تكرار صلاة الاستخارة لكون ذلك نوعاً من الإلحاح الذي يحبه الله سبحانه وتعالى، وكان النبي صلى الله عليه وسلم "إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثاً" رواه مسلم، ولأن صلاة الاستخارة وما يتبعها من دعاء، إنما شرعت طلباً للخيرة منه سبحانه، فإذا لم يحصل للمستخير انشراح وطمأنينة فيما استخار الله فيه، كرر ذلك حتى يحصل له الانشراح والطمأنينة، وقد صرح الشافعية بذلك ولم يحصروها بعدد.
أما تحديدها بسبع فقد ورد في حديث أنس عند ابن السني ونصه: "يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه"وقد حكم الحفاظ بضعفه، منهم الإمام النووي والحافظ العراقي.
أما ما يسبق صلاة الاستخارة من هوى يجده المستخير تجاه الأمر الذي يستخير الله فيه فيقول الإمام النووي في ذلك: (وينبغي أن يفعل ما ينشرح له صدره، فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان له فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأساً، وإلا فلا يكون مستخيراً لله، بل مستخيراً لهواه، وقد يكون غير صادق في طلب الخيرة، وفي التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة، ومن اختياره لنفسه".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1421(11/9338)
حكم إعادة الاستخارة لنفس الأمر الذي استخير من أجله
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت للارتباط بفتاة، فى البداية قمت بعمل صلاة استخارة فوجدت أني مرتاح جدا للارتباط بها وتسير الأمور بيننا بسلام وبناء على ذلك ارتبطت بها ثم بعد فترة من ارتباطنا قمت مرة أخرى بعمل صلاة استخارة فوجدت أنه نشأت بيننا خلافات وأنه تحدث لي مشاكل فى عملي. فما معنى ذلك؟ هل معناه أن الله لم يقدر لي الارتباط بها وإذا كان الأمر كذلك فأنا أحبها حبا شديد ولا أقدر على العيش بدونها. فهل اذا دعوت الله يمكن أن يستجيب لي ويقدر لنا أن نرتبط ببعضنا البعض وأن نكون زوجين سعيدين فى المستقبل. وإذا كان الأمر كذلك فما هو الدعاء الذى يجب أن أدعو الله به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أولاً أن ما سيقدره الله في المستقبل هو من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله، ثم إن الاستخارة إنما شرعت وندب إليها عند إرادة قصد الأمر المباح، لا أنها وسيلة للاطلاع على ما سيقع، وعليه فما قمت به أولاً من صلاة الاستخارة عند تقدمك للخطبة هو أمر في محله، وهو السنة، والأمر الذي ارتحت إليه بعد الاستخارة، وانشرح له صدرك هو الذي فيه الخير إن شاء الله، فعليك أن تستمر عليه.
أما إعادة الاستخارة مرة أخرى مع حصول الارتياح والانشراح للأمر أولاً، فلا داعي لها، وإنما تشرع إذا استجد أمر تحتاج فيه إلى استبانة، وما خيل إليك وراءها من حدوث مشاكل، وخلافات زوجية، فلا تعبأ به فإنه من الشيطان، ثم إن من أفضل الوسائل لاستمرار الأسرة، وضمان أن تحيا الحياة السعيدة هو: التزام كل طرف بالحقوق الواجبة عليه للطرف الآخر، والإغضاء عما بدر منه، والتجاوز عنه، وتعاونهما على البر والتقوى، وسؤال الله تعالى العافية في الدين والدنيا، أما بخصوص الدعاء لهذا الغرض خاصة فلا نعلم شيئاً مأثوراً في ذلك، ولكن يكفي أن تدعو بأي دعاء يناسب المقام، مثل: اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها ـ إلى غير ذلك ـ ولا يشترط في الدعاء أن يكون مأثوراً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1421(11/9339)
لا تصح الإنابة في صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي صلاة الاستخارة عن شخص آخر مع العلم أنه يستطيع أن يصلي ولكن مازال في حيرة من الأمر..وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الاستخارة عبادة، والأصل في العبادة أن لا ينوب فيها أحد عن أحدٍ مالم يدل دليل على ذلك. مثل ما ورد في الحج بل قد أجمع العلماء على أنه لا يصلي أحد عن أحد سنة ولا فرضاً حياً كان ذلك الشخص أو ميتاً وقد حكى الإجماع ابن عبد البر في الاستذكار، وعليه فإن من هم بأمر وأراد أن يستخير الله تعالى فليتول ذلك بنفسه، ولا ينب فيه غيره. لكن لهذا الغير أن يدعو له أن يهديه الله لأرشد أمره، وأن يختار له الخير فيما نابه من أمر، وهذا ينفعه بإذن الله إذا كان المحل قابلا، وهو من دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب، وقد صح أنه من مواطن إجابة الدعاء. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1421(11/9340)
الصحيح أن صلاة الاستخارة ركعتان.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن نصلي في الاستخارة اثنتي عشرة ركعة غير الركعتين المعروفتين لكي يستجاب الدعاء، وما حكم الشرع في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
وبعد فإن الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الاستخارة هو ركعتان فقط من غير الفريضة.
ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إنى أستخيرك.." الحديث.
وأما صلاة اثنتي عشرة ركعة قبلها فلم نقف عليه، في شيء من كتب الحديث. وقد قال ابن حجر في فتح الباري: إن المستخير لو صلى أكثر من ركعتين أجزأه.
لكن ينبغي الاقتصار على ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ففيه الخير وهو أدعى لاستجابة الدعاء إن شاء الله وقد تقدم حكم تكرار الاستخارة في الفتوى رقم 7234.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9341)
الصحيح أن صلاة الاستخارة ركعتان.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن نصلي في الاستخارة اثنتي عشرة ركعة غير الركعتين المعروفتين لكي يستجاب الدعاء، وما حكم الشرع في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
وبعد فإن الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الاستخارة هو ركعتان فقط من غير الفريضة.
ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إنى أستخيرك.." الحديث.
وأما صلاة اثنتي عشرة ركعة قبلها فلم نقف عليه، في شيء من كتب الحديث. وقد قال ابن حجر في فتح الباري: إن المستخير لو صلى أكثر من ركعتين أجزأه.
لكن ينبغي الاقتصار على ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ففيه الخير وهو أدعى لاستجابة الدعاء إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9342)
الصحيح أن صلاة الاستخارة ركعتان.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن نصلي في الاستخارة اثنتي عشرة ركعة غير الركعتين المعروفتين لكي يستجاب الدعاء، وما حكم الشرع في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما بعد فإن الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الاستخارة هو ركعتان فقط من غير الفريضة.
ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إنى أستخيرك.." الحديث.
وأما صلاة اثنتي عشرة ركعة قبلها فلم نقف عليه، في شيء من كتب الحديث. وقد قال ابن حجر في فتح الباري: إن المستخير لو صلى أكثر من ركعتين أجزأه.
لكن ينبغي الاقتصار على ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ففيه الخير وهو أدعى لاستجابة الدعاء إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9343)
الصحيح أن صلاة الاستخارة ركعتان.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن نصلي في الاستخارة اثنتي عشرة ركعة غير الركعتين المعروفتين لكي يستجاب الدعاء، وما حكم الشرع في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
وبعد فإن الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الاستخارة هو ركعتان فقط من غير الفريضة.
ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إنى أستخيرك.." الحديث.
وأما صلاة اثنتي عشرة ركعة قبلها فلم نعثر عليه، في شيء من كتب الحديث. وقد قال ابن حجر في فتح الباري: إن المستخير لو صلى أكثر من ركعتين أجزأه.
لكن ينبغي الاقتصار على ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ففيه الخير وهو أدعى لاستجابة الدعاء إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9344)
الاستخارة مطلوبة شرعا في الأمور المباحة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وبعد:
ما هي كيفية صلاة الاستخارة؟
وما هو نص دعاء الاستخارة؟ ومتى يمكن أن يقال؟ وفي أي الأوقات هو مستحب؟ وأحب معرفة أي شيء متعلق بالدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد جاءت كيفية صلاة الاستخارة مبينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أخرج البخاري، والترمذي وغيرهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهمَّ إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسالك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علاّم الغيوب، اللَّهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، (أو قال: عاجل أمري وآجله) ، فاقدره لي ويسّره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أنّ هذا الأمر شرَّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، (أو قال: عاجل أمري وآجله) فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به". قال ويسمى حاجته. أي يذكر حاجته عند قوله: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر، فيقول مثلا: اللهم إن كنت تعلم أن سفري أو زواجي من فلانة ... الخ خير لي في ديني ... وإن كنت تعلم ان سفري.... الخ شر لي في ديني ... والاستخارة مستحبة للعبد إذا طرأ له أمر من أمور الدنيا مما يباح فعله، فلا استخارة في أمر واجب فعله، أو مندوب، لأنه مأمور بفعلهما بلا استخارة، ولا استخارة في المحرم والمكروه، لأنه مأمور بتركهما بلا استخارة، وصلاة الاستخارة ركعتان مستقلتان يصليهما المرأ بنية الاستخارة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ويجزئ عنهما ركعتين يصليهما من النافلة، كالسنن الرواتب أو ركعتين من قيام الليل، أو غيرهما، لكن لا تصلى هذه الصلاة في الأوقات المكروهة التي هي: بعد صلاة العصر إلى المغرب، وبعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، وقبيل الظهر (مقدار ربع ساعة تقريباً هو وقت زوال الشمس) إلا أن يطرأ على المرء طارئ لا يمكنه معه تأجيل صلاة الاستخارة، فيصليها، ثم بعد صلاة الركعتين يدعو بالدعاء المتقدم في الحديث وله أن يدعو به قبل السلام من الركعتين، وله أن يدعو به بعد السلام، أما عن الدعاء عموماً فقد قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) [غافر:60] . وقال: (ادعواْ ربكم تضرّعا وخفية إنه لا يحب المعتدين) [الأعراف:55] . وقال: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) [البقرة: 186] . وقال: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) [النمل:62] . وروى الترمذي وأبو داود بسند صحيح عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الدعاء هو العبادة". وباب الدعاء واسع ويمكنك مراجعة كتاب رياض الصالحين. باب الدعاء. أو غيره من الكتب التي اشتملت على الأدعية والأذكار الصحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9345)
موضع الدعاء في صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
متى يكون الدعاء في صلاة الاستخارة أو الحاجة، هل بعد التسليم من الصلاة أم عند السجود أم قبل التسليم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دعاء الاستخارة والحاجة يكون بعد السلام من الصلاة على الصحيح من أقوال أهل العلم لقوله صلى الله عليه وسلم وهو يعلم صلاة الاستخارة ودعاءها لأصحابه: "فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم…" إلى آخر الحديث الذي أخرجه البخاري عن جابر رضي الله عنه، ولقوله أيضاً في صلاة الحاجة: "فيتوضأ ويحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين، ثم ليثن على الله…" إلى آخر الحديث الذي أخرجه الترمذي وابن ماجه.
والدليل في هذين الحديثين على أن الدعاء يكون بعد السلام هو قوله صلى الله عليه وسلم في الحديثين المتقدمين: "ثم ليقل " و" ثم ليثن على الله" بعد أمره بصلاة ركعتين، ومن المعلوم أن حرف (ثم) يقتضي الترتيب المتراخي بين المتعاطفين، فدل هذا على أن الدعاء بعد السلام. هذا هو الراجح -كما تقدم- وذهب ابن حجر إلى جواز الدعاء بعد السلام وقبله، وهو قول ابن تيمية، إلا أنه فضَّل أن يكون الدعاء قبله، قال في الفتاوى الكبرى 215:2) (يجوز الدعاء في صلاة الاستخارة وغيرها قبل السلام وبعده، والدعاء قبل السلام أفضل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر دعائه قبل السلام، والمصلي قبل السلام لم ينصرف، فهذا أحسن) انتهى، وقد قدمنا لك أن الدعاء بعد السلام هو الأصح..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1422(11/9346)
ما يفعله المستخير بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا وقع الإنسان في حيرة حتى ولو صلى صلاة استخارة فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من هم بأمر من الأمور فإنه تشرع له الاستخارة فإن حدث له اضطراب وحيرة ولم يدر أي أمر يختار فينبغي أن يستشير أهل الخبرة والاختصاص، ويأخذ برأيهم بعد الاستخارة ويمضي في الأمر، فإن تم فهو الخير الذي دعا الله تعالى بالتوفيق إليه في استخارته، وإن صده الله عنه فهو الشر الذي دعا الله تعالى أن يصرفه عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9347)
انشراح الصدر بعد الاستخارة دليل خير
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... كثير من العلماء يقولون إن انشراح الصدر بعد صلاة الاستخارة دليل على أن الأمر الذي عزمت عليه خير والعكس إذا انقبض الصدر. هل هذا صحيح، وهل من دليل؟ جزاكم الله عن المسلمين كل خير. السلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فقد ذكر بعض أهل العلم أن من آثار الاستخارة التي ينبني عليها المضي في الأمر انشراح الصدر بشرط وهو: أن لا يفعل ما ينشرح له صدره مما كان له فيه هوى قوي قبل الاستخارة. وهو قول ابن حجر رحمه الله. ... وقال ابن عبد السلام رحمه الله: يفعل ما اتفق أي يفعل الأمر الذي تيسر له من الأمرين، واستدل أن في بعض طرق الحديث: (ثم يعزم) وأول الحديث: "إذا أراد أحدكم أمراً فليقل…… " أي دعاء الاستخارة. وبعضهم يقول إنه يفعل الذي يسبق إلى قلبه، ولكن الحديث الوارد فيه سنده واهٍ جداً. وقال النووي رحمه الله: يفعل ما ينشرح به صدره؛ لكن بالشرط السابق الذي ذكره ابن حجر. وعلى كل حال فالصحيح أنك ما دمت استخرت الله فلن تفعل إلا ما فيه خير لك، ولو لم يشرح له صدرك. وهذا هو الصواب، ثم إن عليك أن تعلم أن الاستخارة لا تكون فيما أمر الله به فرضاً أو نفلاً، ولا فيما نهى عنه تحريماً أو كراهةً بل تكون فيما أذن فيه فعلاً وتركاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9348)
صلاة الاستخارة في جميع الأمور مستحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صلاة الاستخارة؟ وما شروطها ووقتها؟ وما الأدعية المستحبة في ذلك؟ جزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فقد أخرج البخاري من حديث جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (وتسمي حاجتك) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فأقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (وتسميه) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به. فتصلي ركعتين من غير الفريضة (تطوعا) إذا أردت أن تقوم بأمر من الأمور، وتقول هذا الدعاء المذكور في الحديث، وتمضي في حاجتك، فإن كانت خيرا سييسرها الله لك وإن كانت غير ذلك سيصرفها عنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1422(11/9349)
تصلى الاستخارة في كل وقت إلا وقت نهي عن الصلاة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ماهي أفضل أوقات صلاة الاستخارة وهل تجوز بعد صلاة الوتر وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... أما بعد: ...
فإنه ليس لصلاة الاستخارة وقت، وينبغي للمستخيرأن يجتنب الصلاة في الأوقات المنهي عنها. ويختار الأوقات الفاضلة كالثلث الأخير من الليل ـ ولا ينبغي أن تصليها بعد صلاة الوتر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً". متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1422(11/9350)
صلاة التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت عمري 14 سنة أريد التوبة والغفران، أنا كنت أسمع الأغاني وأترك الصلاة وكنت جداً مهملة في عبادة الله وأضيع الوقت دائماً، والآن أريد أن أتوب والإجابة على هذه الأسئلة..
ـ كيفية صلاة التوبة بركعاتها وسجدتها.
ـ الأدعية اليومية وما إلى ذلك.
ـ أريد نصائح أنا كثيرا ما يوسوس لي الشيطان فما هي النصيحة هنا ... وأتمنى الرد على أسئلتي بوضوح، لكي أستفيد ويستفيد غيري؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي وفقك للتوبة ونسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق.. وأما صلاة التوبة فقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم أتم بيان، فعن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني أحد من الصحابة استحلفته فإذا حلف لي صدقته، قال: وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد يذنب ذنباً فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له، ثم قرأ هذه الآية: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ. رواه أبو داود وغيره، وحسنه الحافظ في الفتح وصححه الألباني.
وشرط التوبة الذي لا تصح دونه هو الإقلاع فوراً والندم والعزم أن لا يعود المرء إلى الذنب، ونوصيك بمعرفة الأذكار والأدعية اليومية باقتناء كتاب مختصر في ذلك يعينك على حفظها وإدامة تردادها، ككتاب الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، أو كتاب تحفة الأخيار مما ورد من الأدعية والأذكار للشيخ ابن باز رحمه الله ... وإن أردت التوسع فعليك بكتاب الأذكار للنووي رحمه الله.
والذي ننصحك به لكي تثبتي على الحق أن تصحبي الفتيات المستقيمات اللائي يكن عوناً لك على طاعة الله، وأن تجتهدي في الدعاء بثبات القلب، وأن تحرصي على تعلم العلم النافع، وسماع الأشرطة والمحاضرات وقراءة الكتب ذات الأسلوب السهل الذي يتناسب وسنك، بشرط أن تكون للعلماء الموثوقين المعتبرين.
وأما بخصوص الوسوسة التي يلقيها الشيطان في قلبك.. فاعلمي أن الحرب بين الإنسان وبين الشيطان لا تنتهي إلا بخروج آخر نفس، قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6} ، فعليك أن تجتهدي في مدافعة تلك الوساوس، ورد كيد الشيطان واستعيني على ذلك بالله واجتهدي في الدعاء، وأكثري من الصلاة وقراءة القرآن والذكر، فإن الشيطان لا يزالُ يوسوس للعبد، فإذا ذكر العبد الله خنس، واحرصي على ملء أوقات فراغك بالأعمال النافعة التي تعود عليك فائدتها في الدنيا والآخرة مثل حفظ القرآن وتعلم العلم الشرعي والدعوة إلى الله عز وجل ...
ونسأل الله أن يهدينا وإياك سواء السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1429(11/9351)
حكم صلاة التوبة بسبب فوات الصبح في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لقد قال النبي صلي الله عليه وسلم إن من أذنب ذنبا وصلى ركعتين واستغفر الله غفر له ذنبه، سؤالي هو: لقد فاتتني صلاة الصبح في الجماعة لأنني استيقظت وقت الإقامة في هذه الحالة، فهل يمكنني أن أصلي ركعتين كما ورد أعلاه للاستغفار من هذا الذنب؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من فاتته الصلاة في الجماعة قد فاته خير كثير وأجر جزيل، لكن من سعى إلى تحصيل هذا الأجر ولم يقصر في ذلك فإنه يدركه إن شاء الله تعالى سواء أدرك الجماعة أم لا، لقوله صلى الله عليه وسلم: من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج عامداً إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا كتب الله له مثل أجر من حضرها ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً. رواه النسائي وصححه الألباني ...
ومن لم يتعمد النوم عن الجماعة فإنه معذور لا إثم عليه، فإذا استيقظ فإنه يبدأ بأداء الفرض مع راتبته.
أما من فرط في الصلاة مع الجماعة في الصبح أو غيرها فقد عصى الله تعالى لأن الصلاة في الجماعة واجبة على الرجل المستطيع على الراجح، وعليه التوبة إلى الله تعالى مع العزم على ألا يعود، لكنه يبدأ بصلاة الفريضة مع راتبتها إن اتسع الوقت للراتبة مع الفريضة، ولا بأس بأن يتنفل قبلها بغير ذلك، إن اتسع الوقت والأولى ترك التنفل قبل الفجر بغير الراتبة خروجاً من خلاف من حرمه من العلماء، لكن صلاة التوبة التي أشار إليها الأخ السائل تحصل بأي صلاة من ركعتين فأكثر كما نص على ذلك أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1429(11/9352)
تشرع صلاة التوبة والاستغفار لمن وقع في معصية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي التسبيحات والاستغفارات اليومية لقبول التوبة والمغفرة والرحمة والرقي في درجات العبادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم أن هناك تسبيحا أو استغفاراً معينا يقال بقصد قبول التوبة من الذنب، وإنما المشروع هو صلاة ركعتين تسمى صلاة التوبة والاستغفار بأي لفظ كأن يقول أستغفر الله وأتوب إليه ونحو ذلك، فقد روى أحمد وأصحاب السنن عن علي رضي الله عنه قال: وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر رضي الله عنه. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له. ثم قرأ هذه الآية: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ {آل عمران:135} .
وأما الحصول على رحمة الله والقرب منه والترقي في درجات العبادة فيكون بقيام العبد بما أوجب الله عليه وبعده عما حرم الله عليه، والإكثار من الذكر والتطوعات من صلاة وصيام وصدقة والإحسان إلى الخلق ورحمة الضعفاء والمساكين ونحو ذلك، وتأمل معي هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ما يرويه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدى يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1426(11/9353)
فوات صلاة الجماعة بسبب الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أخرج من المدرسة مع السادسة مساء يعني لا أدرك صلاة العصر مع الجماعة فهل أصلي ركعتي توبة.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في وجوب صلاة الجماعة والراجح أنها واجبة وهو مذهب السادة الحنابلة، فمن تعمد تركها وهو يعتقد وجوبها فهو آثم ويستحب له أن يصلي صلاة التوبة عن هذا الذنب الذي ارتكبه.
وأما إن فاتته الجماعة لعذر كنوم أو سهو أو دراسة يحتاجها ولا يستطيع معها أداء الصلاة في جماعة ولكن أداها في الوقت فلا إثم عليه ولا تشرع له صلاة التوبة بخصوص هذا العمل لأنه لم يرتكب ذنبا
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(11/9354)
صلاة التوبة لمن نام عن صلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم تستيقظ في مرة من الأيام إلى صلاة الفجر ولم تستيقظ حتى تطلع الشمس، فهل تصلي بعد الصبح ركعتي توبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أو يضيعها. قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم: 59} وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4-5}
ومن السهو عنها: تأخيرها عن وقتها، كما ثبت عن بعض السلف كابن عباس وغيره، فالواجب على المسلم المحافظة على الصلوات في أوقاتها المحددة شرعا. قال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103} ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها عمدا كأن ينام عنها مع قدرته على استعمال وسائل التنبيه لها.
أما إذا كان مغلوبا بالنوم مع عجزه عن وسيلة للاستيقاظ فهو معذور ولا إثم عليه.
وعليه، فإذا كان تأخير صلاة الصبح أو غيرها عمدا مع القدرة على الاستيقاظ فهذه معصية عظيمة تجب التوبة منها مع العزم على عدم العودة إليها.
وفي هذه الحالة تستحب صلاة التوبة فإنها مستحبة بعد صدور ذنب من المسلم، وراجع حكمها وصفتها في الفتوى رقم: 7471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(11/9355)
صلاة الاستغفار على ما فات من صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد ما يسمى بصلاة الاستغفار عن ما فاتنا من صلاة، وهي تصلى في آخر جمعة من شهر رمضان، أم هذا من الإسرائيليات، أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الاستغفار بالطريقة التي ذكرت لم نقف على ما يدل على مشروعيتها، ولم يذكرها أحد من أهل العلم حسب علمنا؛ وبالتالي فهي غير مشروعة. والأصل في العبادة التوقف.
وهذه الصلاة لا تكفي عن قضاء ما فات من الصلوات المفروضة في حالة وجوب القضاء، بل الواجب على المسلم قضاء ما بذمته من الصلوات، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 31107.
وللتعرف على صفة صلاة التوبة المشروعة، راجع الفتوى رقم: 34728.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1425(11/9356)
ماذا تقرأ في صلاة التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل أهل العلم وأرجو من سعادتكم الإجابة على سؤالي هذا وهوبسيط جدا وهو / كيف أصلي صلاة الاستغفار وصلاة التوبة وكم ركعة هي علما بأن السورة التي تقرأ هي آل عمران ص 135 هل نقرؤها في كلتي الركعتين أم ركعة واحدة // أرجو من سعادتكم الإجابة على هذا السؤال ولكم جزيل الشكر والامتنان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المسلم إذا صدر منه ذنب أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى والإكثار من الاستغفار لعل الله تعالى يمحو عنه ما ارتكبه من معصية، ومن ضمن ما يكون سببا في تكفير الذنوب صلاة التوبة، ويمكن تسميتها بصلاة الاستغفار لاشتمالها عليه. وهي صلاة ركعتين بعد الطهارة.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له، ثم قرأ هذه الآية: [وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ] (آل عمران: 135) . صححه الشيخ الألباني.
ولم يدل دليل على تحديد قراءة سورة آل عمران أو غيرها في هاتين الركعتين، بل يقرأ فيهما بما تيسر من القرآن، وراجع الفتوى رقم: 42052.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/9357)
صلاة التوبة بيانها وكيفيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي صلاة التوابين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد صلاة التوبة التي تؤدى بعد صدور ذنب من مسلم وتكون سببا في غفرانه، فقد ورد فيها حديث صحيح رواه الترمذي وأبو داود وأحمد في "المسند" وغيرهم.
فعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له، ثم قرأ هذه الآية: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135] .
وإن كان المقصود صلاة الأوّابين، فالتفصيل فيها ورد في الفتوى رقم: 7776.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/9358)
صلاة الاستغفار
[السُّؤَالُ]
ـ[وكيف تصلى صلاة الاستغفار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل الكريم يقصد ما رواه أحمد وأصحاب السنن عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني أحد من أصحابه استحلفته، فإذا حلف لي صدقته. قال: وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر رضي الله عنه. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبدٍ يُذنب ذنبًا فيحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له. ثم قرأ هذه الآية: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135] . فهذه الصلاة كيفيتها كبقية النوافل.
وأما إذا كان قصد السائل الكريم السؤال عن كيفية صلاة التسابيح فقد سبقت الإجابة عنها في الفتوى رقم:
2501.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9359)
حكم صلاة الحاجة من أجل رؤية نبي الله يوسف في المنام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد رؤية سيدنا يوسف لجماله وحسنه وأدعو الله. لكن هل يجوز أن أصلي مثلا صلاة استخارة أو صلاة الحاجة مع أني أعلم أن صلاة الحاجة قد تكون بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الحاجة مختلف في حكمها بناء على الاختلاف في ثبوت حديثها، وقد سبق أن أصدرنا فتوى فيها وهي برقم: 69736. وعلى القول بمشروعيتها كما هو المفتى به في موقعنا، لا نرى مانعا من أن تصليها وتدعو بما ذكرت في السؤال. ونحن ننصح السائل أن يجتهد في طاعة الله تعالى ويشتغل بما ينفعه في آخرته حتى يدخل الجنة ويرى يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
وأما صلاة الاستخارة فلا معنى لصلاتها من أجل رؤية شخص معين، لأن الغاية منها هي طلب الهداية من الله إلى الخير في أمر يتردد بين الإقدام عليه والإحجام عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1430(11/9360)
صلاة التسابيح لا تجزئ عن قضاء الفوائت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة التسبيح تعوض ما قد فاتني من صلوات في حياتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة التسبيح سبق حكمها في الفتوى رقم: 2501، وقد بين الحديث الوارد فيها الأجر والثواب المترتب عليها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس: يا عماه ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته،.. الحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
وليس فيه أنها تعوض ما فات من صلوات مكتوبة، فالصلوات الفائتة يلزم قضاؤها عند الجمهور كما سبق في الفتوى رقم: 12700.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(11/9361)
الكيفية المسنونة لصلاة الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت فى كتاب خزينة الأسرار أنه يقرأ فى صلاة الحاجة بفاتحة الكتاب ثمان مرات والاخلاص سبع مرات؟ ما مدى صحه ذلك وما رأيكم في كتاب خزينة الأسرار؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
صلاة الحاجة مشروعة، وما ورد في السؤال لم نقف عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الحاجة مشروعة على مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى الله حَاجَةٌ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَليَتَوَضَّأُ وَليُحْسِنْ الوُضُوءَ ثُمَّ لِيصَلِّ ركعَتينِ ثُمَّ ليُثْنِ عَلَى الله وَليُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لِيَقُلْ: لا إِلَهَ إِلاَّ الله الحَلِيمُ الكَريمُ، سُبحَانَ رَبِّ العَرشِ العَظيمِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينِ، أَسأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحمَتِكَ وَعَزَائمَ مَغفِرَتِكَ وَالغَنيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، لا تَدَعْ لي ذَنباً إِلاَّ غَفَرْتَهْ وَلا هَمَّاً إِلاَّ فَرَّجْتَهْ، وَلا حَاجةً هِيَ لَكَ رِضاً إِلاَّ قَضَيتَهَا يَا أَرحَمَ الرَّاحمينَ الحديث عن عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى الله حَاجَةٌ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَليَتَوَضَّأُ وَليُحْسِنْ الوُضُوءَ ثُمَّ لِيصَلِّ ركعَتينِ ثُمَّ ليُثْنِ عَلَى الله وَليُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لِيَقُلْ: لا إِلَهَ إِلاَّ الله الحَلِيمُ الكَريمُ، سُبحَانَ رَبِّ العَرشِ العَظيمِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينِ، أَسأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحمَتِكَ وَعَزَائمَ مَغفِرَتِكَ وَالغَنيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، لا تَدَعْ لي ذَنباً إِلاَّ غَفَرْتَهْ وَلا هَمَّاً إِلاَّ فَرَّجْتَهْ، وَلا حَاجةً هِيَ لَكَ رِضاً إِلاَّ قَضَيتَهَا يَا أَرحَمَ الرَّاحمينَ.
وفي رواية: ثم يسأل الله من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يقدر. رواه الترمذي وابن ماجه والنسائي وغيرهم.
وقد سبق بيان ذلك ودرجة الحديث وعمل بعض أهل العلم بها بإمكانك أن تطلع عليه في الفتويين: 1390، 3749.
وأما الكيفية المذكورة عنها في السؤال فغير مشروعة لعدم ورودها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتاب خزينة الأسرار ليس من الكتب المعتمدة عند أهل العلم بل هو مليئ بالغث الذي لا دليل عليه فلا يعول عليه.
وعلى المسلم أن يأخذ دينه من كتاب الله تعالى، والصحيح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما قرره أهل العلم استنباطا من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(11/9362)
تكرير صلاة الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أنوي أن أتزوج بعد وفاة زوجتي رحمة الله عليها، لذلك أنا أصلي كل يوم ركعتي سنة قبل النوم بنية صلاة الحاجة، وأسأل الله حاجتي فيها أن يهب الله لي زوجة صالحة ولوداً ودوداً، وسأستمر إن شاء الله على هذا العمل حتى أتزوج بما أدعو، فهل هذا العمل صحيح أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الحاجة مستحبة عند جماهير أهل العلم -رحمهم الله تعالى- لما في سنن الترمذي وابن ماجه وغيرهما عن عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين، ثم ليثن على الله، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين. زاد ابن ماجه في روايته: ثم يسأل الله من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يقدر. فهذه صلاة الحاجة، ولا بأس بتكريرها عند وجود الحاجة، ولكن لا تلتزم كل ليلة بحيث تصبح كأنها راتبة ولم يعرف ذلك عن السلف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(11/9363)
صلاة الحاجة لطلب الذرية من الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صلاة الحاجة؟
وهل يجوز أن أصلي لحاجتي أن يرزقني الله بطفل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرزقك الذرية الصالحة, وأن يقر عينك بها في الدنيا والآخرة, وننصحك بالأدعية التالية: دعاء سيدنا زكريا عليه وعلى نبينا صلوات الله وسلامه وهو قوله كما حكاه الله عنه: قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ {آل عمران:38} وقوله: رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ {الأنبياء:89} وأيضا عليك بدعاء سيدنا إبراهم الخليل صلى الله عليه وسلم: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ {الصافات:100} وأما صلاة الحاجة بقصد أن يرزقك الله الذرية الصالحة الطيبة فقد ورد في سنن الترمذي وابن ماجة وغيرهما من حديث عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ, فليحسن الوضوء, ثم ليصل ركعتين, ثم ليثن على الله, وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم, ثم ليقل لا إله إلأ الله الحليم الكريم, سبحان الله رب العرش العظيم, الحمدلله رب العالمين, أسألك موجبات رحمتك, وعزائم مغفرتك, والغنيمة من كل بر, والسلامة من كل إثم, لا تدع لي ذنبا إلا غفرته, ولا هما إلا فرجته, ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الرحمين. زاد ابن ماجه في روايته: ثم يسأل الله من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يقدر. فهذه الصلاة بهذه الصورة سماها أهل العلم صلاة الحاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(11/9364)
مسائل في صلاة قضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي قضاء حاجة دائماً بعد كل صلاة، وأنا أفعل هذا من أكثر من عامين فهل يجوز، وقد علمت حديثاً أن الصلاة بعد الفجر والعصر مكروهة، والآن لا أصلي قضاء الحاجة بعد هاتين الصلاتين، أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 3749، بيان صفة صلاة الحاجة ومشروعيتها. ولا ينبغي التزامها دائماً بعد كل فريضة، لأن تحديد وقت للعبادة لم يحدده الشرع داخل في تعريف البدعة والتي تقدم تعريفها في الفتوى رقم: 631.
وعليه.. فلا ينبغي لك أداء صلاة الحاجة بعد كل فريضة؛ لأن ذلك لا يستند إلى دليل شرعي والأوقات التي ينهى عن النافلة فيها سبق بيانها في الفتوى رقم: 44206.
كما تقدم في الفتوى رقم: 34089 عدم مشروعية أداء صلاة الحاجة في أوقات النهي عن النافلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1426(11/9365)
صلاة التسابيح في المذاهب الأربعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل توجد صلاة ذكر لدينا؟ وماهي قواعدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نعرفه أن هناك صلاة تسمى صلاة التسابيح، ولا نعلم صلاة تسمى صلاة الذكر، فإن كنت تقصد صلاة التسابيح؟ فنقول: قد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في صلاة التسابيح، فذهب الجمهور إلى استحبابها، قال ابن عابدين: وحديثها حسن لكثرة طرقه ووهم من زعم وضعه، وفيها ثواب لا يتناهى، ومن ثم قال بعض المحققين: لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين، والطعن في ندبها بأن فيها تغييرا لنظم الصلاة إنما يأتي على ضعف حديثها فإذا ارتقى إلى درجة الحسن أثبتها وإن كان فيها ذلك انتهى
وقال الصاوي في حاشيته: وصفة صلاة التسابيح التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس وجعلها الصالحون من أوراد طريقهم، وورد في فضلها أن من فعلها ولو مرة في عمره يدخل الجنة بغير حساب..
وقال الخطيب الشربيني: وما تقرر من أنها سنة هو المعتمد كما صرح به ابن الصلاح وغيره.
وذهب الحنابلة إلى عدم سنيتها وجواز فعلها لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، وذهب بعضهم إلى القول باستحبابها قال البهوتي في كشاف القناع: يفعلها أي صلاة التسبيح على القول باستحبابها كل يوم مرة.. وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى: ولا تسن صلاة التسبيح. قال الإمام أحمد: ما يعجبني، قيل لم قال ليس فيها شيء يصح ونفض يده كالمنكر ولم يرها مستحبة؟ قال الموفق: وإن فعلها إنسان فلا بأس لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال. اـ هـ.
هذا عن حكم صلاة التسابيح عند أهل العلم من أهل المذاهب الأربعة.
وأما الحديث الوارد في صفتها فهو ما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس: يا عماه ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه وخطأه وعمده وصغيره وكبيره وسره وعلانيته، عشر خصال، أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإن فرغت من القرآن قلت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا، ثم تهوي ساجدا فتقولها وأنت ساجد عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا، ثم تسجد فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا. فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في الأربع ركعات. إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة.
وقد اختلف الحفاظ في الحكم على هذا الحديث فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه، والذين صححوه هم جمهور المحققين، ومن هؤلاء: الدارقطني، الخطيب البغدادي، وأبو موسى المديني. وكلٌ ألف فيه جزءا، وأبو بكر بن أبي داود، والحاكم، والسيوطي، والحافظ ابن حجر، والألباني، وغيرهم. وممن ضعفوا الحديث ابن الجوزي، وسراج الدين القزويني، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام أحمد، وغيرهم. إلا أن الحافظ ابن حجر قال: قلت: وقد جاء عن أحمد أنه رجع عن ذلك أي عن تضعيف الحديث، فقال علي بن سعيد النسائي: سألت أحمد عن صلاة التسبيح؟ فقال: لا يصح فيها عندي شيء. قلت: المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو، فقال: من حدثك؟ قلت: مسلم بن إبراهيم، قال: المستمر ثقة، وكأنه أعجبه.
والحق -إن شاء الله تعالى- أن الحديث لا ينزل عن درجة الحسن لكثرة طرقه التي يتقوى بها كما يقول الحافظ ابن حجر في أجوبته المشهورة على أسئلة عن أحاديث رميت بالوضع اشتمل عليها كتاب المصابيح للإمام البغوي، وهذه الأجوبة ملحقة بالجزء الثالث من كتاب مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي لمن أراد الاطلاع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(11/9366)
حكم صلاة التسابيح وصفتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك صلاة التسابيح؟
أفيدونا جزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلبيان ماهية صلاة التسابيح راجع الفتوى رقم: 2501.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(11/9367)
صلاة الحاجة وتأخر الإجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن صلاة الحاجة هل يمكن أن يصلي إنسان صلاة الحاجة عند طلب شيء من الله مثل الزواج وهل تتحقق في خلال أسبوع مثل ما أخبرتني إحدى الصديقات وهل فعلا أنه إذا تم تكرار الصلاة أكثر من مرة ولم تتحقق الأمنية تكون صلة الإنسان غير قوية بربه مثل ما سمعت مع العلم بأنني والحمد لله صلتي دائما بالله عز وجل من صلاة واستغفار وتلاوة قرآن وأجعل الله أمامي في كل شيء وكل أمر، وكم عدد ركعات صلاة الحاجة وكيفية الأداء، أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشرع للمسلم أو المسلمة إن كانت لهما حاجة أن يصليا ركعتين ويسألان الله تعالى حاجتهما، وهذه الصلاة يسميها العلماء صلاة الحاجة، وقد مضى بيان كيفيتها في الفتوى رقم: 1390، فلتراجع، ولا مانع من أن تصلى هذه الصلاة لكل حاجة ولو كانت هذه الحاجة زواجا من معين أو غير معين لأن الحلال من أهم الأمور بالنسبة للمسلم، ولا بأس بتكرير صلاة الحاجة، ولكن على المسلم إذا دعا الله أن لا يتعجل أو يستبطئ الإجابة فقد يتحقق الأمر في أسبوع وقد لا يتحقق في أسبوع، وقد يتأخر عن ذلك، وعلى كل فما عليك إلا أن تتقي الله وتتوكلى عليه، فقد يستجيب لك عاجلا وقد يؤخر إجابتك لتكثري من دعائه أو لحكم يعلمها، ثم إن تأخر الإجابة لا يعني بالضرورة كون صلة العبد بربه غير قوية، فقد ذكر المفسرون عند قول الله تعالى مخاطباً موسى وهارون عليهما السلام: قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا {يونس: 89} . يذكر المفسرون أن هذه حصلت بعد أربعين سنة. وقد يكون التأخر لذلك السبب أيضا، علما بأن الدعاء نفسه عبادة، ففي الحديث الدعاء هو العبادة. رواه الترمذي وغيره، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطعية رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذا نكثر. قال: الله أكثر. رواه الإمام أحمد ـ وقال: لا يزال يستجاب للعبد مالم يدع بإثم أو قطيعة رحم مالم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال يقول: د ع وت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي فيتحسر عند ذلك ويدع الدعاء. رواه مسلم. فاتقي الله تعالى وثقي به ولا تملي من دعائه، ولبيان بعض أسباب إجابة الدعاء طالعي الفتوى رقم: 11571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(11/9368)
خير ما تقاوم به الأمراض الدعاء والصدقة والصبر مع التماس العلاج إن وجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مشكله تساقط الشعر (الصلع) وراثي. عمري 26. أصلي وأدعو الله بأن يشفي لي شعري. وأتصدق بما تجود به نفسي. كما جاء بالحديث عن الرسول عليه السلام (داووا مرضاكم بالصدقة) .هل من أدعية خاصة مأثورة عن النبي الأكرم بهذا الشأن؟ ماذا أفعل؟ كيف يكون العلاج بالقرآن؟ أم أوكل أمري لله تعالى؟ أفيدوني
هل إذا كان قدري أن أكون أصلع فإن الدعاء يغير القدر؟
شكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تقوم به من الدعاء والصدقة ... للشفاء مما ألم بك من مرض هو الطريق الصحيح، وهو أساس العبادة كا أمر الله تعالى في محكم كتابه فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم" الدعاء هو العبادة. وقال صلى الله عليه وسلم: داووا مرضاكم بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة، وأعدوا للبلاء الدعاء. رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبيهقي في السنن. وينبغي أن تضيف إلى ذلك الدواء الطبي كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: تداووا فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه، وجهله من جهله. رواه أحمد وأصحاب السنن. ومع ذلك يجب أن تكل الأمر كله لله سبحانه وتعالى وتعلم أن ذلك كله بقضاء الله تعالى وقدره.. وأن أمر المؤمن كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، كما جاء في الحديث الصحيح. وبخصوص الأدعية الخاصة بهذا المرض فلم نقف عليها لكن القرآن كله شفاء وعلاج لمن آمن به، ومن أدعية قضاء الحاجة ما رواه الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له حاجة إلى الله تعالى أو إلى أحد من بني آدم فليتوضا، وليحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين، ثم ليثن على الله تعالى وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد الله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يأ أرحم الراحمين. ولتعلم أخي الكريم أن أمر الصلع هين فكثير من الرجال يصاب به ولا يؤثر ذلك في حياتهم ولا يغير شيئا من أمرهم، وعلى العبد أن يحمد الله تعالى أنه لم يصبه ما هو أعظم. وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتاوى: 9890، 49867، 22104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1426(11/9369)
الصيغ والألفاظ الثابتة في صلاة الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم يا شيخ في هذه الأحاديث والعمل بها؟
صلوات ودعوات مخصوصة لقضاء الحاجات
من أعظم أبواب الفرج التوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالصلاة والدعاء بكيفيات مخصوصة وسنذكر شيئا من ذلك:
1- عن عبد الله رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (من كانت له إلى الله حاجة أو أحد من بنى آدم فليتوضأ وليحسن وضوءه وليصل ركعتين ثم يثني على الله تعالى ويصلي على النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم يقول \" لا إله إلا الله الحليم الكريم , سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك, والغنيمة من كل بر والسلامة من كل ذنب , لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين\\\")
2- وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنه: من كان له حاجة عند الله تعالى فليقم في موضع لا يراه أحد, ويتوضأ وضوءا سابغا ثم يصلي أربع ركعات يقرأ في كل ركعة منها الفاتحة مرة وقل هو الله أحد في الركعة الأولى 10 وفي الركعة
الثانية 20 وفي الركعة الثالثه30 وفي الركعة الرابعه40, 20 فإذا فرغ من صلاته يقرأ قل هو الله أحد خمسين, ويصلي على النبي (صلى الله عليه وسلم) سبعين, (ويقول لا حول ولا قوة إلا بالله سبعين فإن كان عليه دين قضى الله دينه, وإن كان غريبا رده الله, وإن كان عليه ذنوب مثل عنان السماء يعنى السحاب ثم استغفر ربه يغفر له وإن لمن يكن له ولد رزقه الله ولدا, فإن دعاه أجاب وإن لم يدع يغضب عليه والعياذ بالله)
3-ومن المجربات والمعمول بها أيضا إن شاء الله أن يصلي صاحب الحاجة ركعتين يقرأ في كل ركعة الفاتحة ويقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر عشر مرات. ثم يتشهد ويسجد قبل السلام ويقول وهو ساجد: يالله أنت الله لا إله غيرك, يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام صل على محمد وعلى آله الطيبين الأخيار واقض حاجتي هذه يا رحمن واجعل الخيرة في ذلك إنك على كل شي قدير.
4-عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: أنه قال: من كانت له حاجة إلى الله فليصم يوم الأربعاء والخميس والجمعة ,فإذا كان يوم الجمعة تطهر وراح إلى المسجد فتصدق بصدقه قلت أو كثرت فإذا صلى الجمعة قال: اللهم إني أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم, أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم
الذي لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم الذي ملأت عظمته السموات والأرض ,وأسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو الذي عنت له الوجوه وخشعت له الأبصار ووجلت القلوب من خشية أن تصلي على محمد وعلى آل سيدنا محمد وأن تعطيني مسألتي وتقضي حاجتي وهى كذا وكذا.فإنه يستجاب له إن شاء الله تعالى.
هذه االصلوات والدعوات مجربة عليكم بالاستمرار والصبر والكثرة منها
((لا تنسوني بالدعاء أختكم في لله)) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت في سؤالك أربع صيغ لصلاة الحاجة، وهذه الصيغ لا يثبت منها شرعا إلا الصيغة الأولى، حيث سبق أن فصلنا القول فيها، وذلك الفتوى رقم: 3749.
وبالتالي، فالصيغ الثلاثة الأخيرة لم تثبت بدليل شرعي، وقد قال الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة: ولصلاة الحاجة ألفاظ وصيغ كلها ضعيفة إلا حديث أبي الدرداء وحديث ابن أبي أوفى المذكورين. انتهى. وابن أبي أوفى هو رواي الحديث الذي اشتمل على الصيغة الصحيحة التي هي الأولى في سؤالك.
أما حديث أبي الدرداء فقد رواه الإمام أحمد في مسنده بلفظ: من توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأل معجلا أو مؤخرا. قال الشيخ شيعب الأرناؤوط: إسناده ضعيف.
وعليه، فينبغي الاقتصار على الصيغة الأولى من صيغ صلاة الحاجة وترك ما سواها، والخير كل الخير في اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والشر كل الشر في الابتداع في الدين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1426(11/9370)
صلاة الحاجة بين الابتداع والاتباع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاة الحاجة باثني عشرة ركعة مع التشهد بين كل ركعتين وفي التشهد الأخير نثني على الله عز وجل ونصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نسجد ونقرأ فاتحة الكتاب سبع مرات وآية الكرسي سبع مرات ونقول عشر مرات \\\"لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير\\\" ثم نقول \\\"اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة\\\" ثم نسأل حاجتنا ونرفع رأسنا من السجود ونسلم يمينا ويسارا
سؤالي هو:
قيل لي إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قراءة القرآن في السجود وقد جربتها في أيام الدراسة والله سبحانه وتعالى استجاب دعائي
وأنا لي حاجة إلى الله سبحانه وتعالى وأريد أن أصليها فماهي نصيحتكم لي وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة اثنتي عشرة ركعة لقضاء الحاجة قد وردت في حديث صرح الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب بأنه موضوع، وبالتالي، فلا ينبغي لك العمل به، بل الأولى الاقتصار على صلاة الحاجة الواردة في السنة، وقد سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 3749 والفتوى رقم: 1390.
والخير كل الخير في اتباع السنة والابتعاد عن البدعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه.
وقراءة القرآن في الركوع أو السجود قد ثبت النهي عنها، لقوله صلى الله عليه وسلم: ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1425(11/9371)
التوقيت والتحديد في العبادات أمر توقيفي
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت دعاء من زميلتي وهو دعاء الحاجة وهو: صلاة ركعتين في الثلث الأخير من الليل في كل ركعة فاتحة وسورة وبعد السلام تدعو بهدا الدعاء: لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والعصمة من كل ذنب لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة لي لك فيها رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين.
ثم تقرا سورة الشرح 314 مرة وكل عشر مرات تدعو وتقول اللهم اشرح صدور أولاد أدم وبنات حواء. ثم تدعو بحاجتك...... سؤالي هو: هل هذا الدعاء صحيح مع أنني لم أسمع به من شيخ من قبل؟
جزاكم الله خيراً وحفظكم وسدد خطاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 3749 حكم صلاة الحاجة وكيفيتها، واختلاف أهل العلم في صحتها.
وعلى كل حال لم يرد تقييدها بوقت معين ولا قراءة سورة الشرح بعدها على هذه الكيفية المذكورة، ومعلوم عند أهل العلم أن التوقيت والتحديد في العبادات أمر توقيفي لا يعلم إلا من طريق الوحي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1425(11/9372)
حكم صلاة التسابيح جماعة ليلة التاسع والعشرين من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن صلاة التسابيح هل هي مشروعة أم لا؟ وما صحة حديثها؟ كما أن الكثير من المساجد تصليها في ليلة 29 رمضان جماعة بعد التراويح فهل هذا جائز أم أن به مخالفة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم صلاة التسابيح، فمنهم من استحبها، ومنهم من كرهها، وسبب اختلافهم في حكمها هو اختلافهم في صحة الحديث الوارد فيها، فبعضهم صححه، وبعضهم ضعفه، وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى مفصلة، ونقلنا أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وهي برقم: 2501.
ولعل الراجح من أقوالهم هو أنها مشروعة، لأن الحديث -كما قال ابن حجر - لا ينزل عن درجة الحسن لكثرة طرقه التي يتقوى بها.
ولا بأس من صلاتها جماعة أحياناً، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة أنه صلى النافلة جماعة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 50888.
أما تخصيص ليلة تسع وعشرين بصلاتها جماعة، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من الصحابة والتابعين، قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه عن عائشة.
وقال صلى الله عليه وسلم: وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. رواه أبو داود عن العرباض بن سارية.
قال الشاطبي: ومنها -أي البدعة الإضافية- التزام الكيفيات والهيئات المعينة ... ومنها: التزام العبادة المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(11/9373)
صلاة الحاجة للزواج من ابن العم
[السُّؤَالُ]
ـ[بما أنه لا حرج في الدين فسوف أتكلم بصراحة لي ابن عم وأنا أحبه وهو لا يعلم وأنا أدعو الله دائماً أن يكتبه لي زوجاً في الحلال، فهل يصح أن أعمل صلاة الحاجة في هذا الموضوع وما هي الأوقات التي تستحب فيها هذه الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بسؤالك عن ما أشكل عليك في أمر دينك، وقدوتك في ذلك الصحابيات الجليلات اللاتي كن يسألن عن أمور دينهن وعبادتهن، ولا يمنعهن الحياء من ذلك، ومنهم أم سليم التي قالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة الغسل إذا احتلمت؟ فينبغي للعبد السؤال عما أشكل عليه في أمور دينه، ولا يمنعه الحياء من ذلك.
أما صلاة الحاجة، فإنها مشروعة في الجملة، وانظري الفتوى رقم: 22561. لمعرفة مدى مشروعيتها ووقتها، ولا بأس أن تصلي صلاة الحاجة، وتسألي الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك هذا الأمر، ويجعل هذا الشاب الذي تحبينه من نصيبك، وإن كان الأولى أن تسألي الله عز وجل أن يختار لك الخير، فإنه أعلم بمنافع الإنسان ومصالحه، وربما كان الخير لك في زواج غير هذا الرجل.
ونقول لك إن تعسر أمر زواجك بهذا الشخص، فلعل في ذلك خيراً لك، ويريد الله سبحانه لك من هو خير منه، قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/9374)
صلاة ركعتين لقضاء حاجة مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في أحد المواقع الخاصة بأحد الدعاة لتيسير الزواج تقرأ سورة المعارج صباحاً والذاريات مساء وآيات خاصة بالزواج محدده 100 مرة صباحاً ومساء وصلاة قضاء الحاجة كل يوم بنية الزواج، أيصح هذا أم أنه من البدع؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة العبد ركعتين أو أكثر لقضاء حاجة معينة لا حرج فيه، ويدل لمشروعيته عموم قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {البقرة:153} ، وقد روي حديث بخصوصها، وقد سبق الكلام عليه في الفتوى رقم: 3749، كما سبق الكلام على ما في هذا الموقع في الفتوى رقم: 38295.
وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية لمعرفة ضابط البدع وأدعية قضاء الحاجات: 631، 3570، 32981، 43863.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(11/9375)
حكم صلاة ركعتين جماعة بنية التوفيق في العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي محل تجاري وأريد قبل افتتاح المحل أن أجمع العاملين وأصلي بهم جماعة بنية أن يوفقنا الله تعالى في هذا المحل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في سنن الترمذي وابن ماجه وغيرهما من حديث عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد الله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ". زاد ابن ماجه في روايته" ثم يسأل الله من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يقدر ". فهذه الصلاة بهذه الصورة سماها أهل العلم صلاة الحاجة. وتقدم في الفتوى رقم: 3749، كلام العلماء حول مشروعية صلاة الحاجة فارجع اليها.
وعليه؛ فلا حرج في الصلاة بهذه النية وهي أن توفقوا في العمل في هذا المحل، والأولى أن يصلي كل بمفرده خروجا من الخلاف في مشروعية الجماعة في صلاة التطوع وسبق في الفتوى رقم: 6712، تفصيل حول مشروعية الجماعة في صلاة النفل.
علماً بأن تخصيص هذه الحالة بصلاة معينة لم يرد به سُنة، وإنما أخذنا جواز هذه الصلاة مما ذكرنا، فحيث اعتقد الناس أن فعل ذلك سنة لم يجز فعله وعُدّ من المحدثات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1425(11/9376)
حكم صلاة التسابيح جماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هام ومستعجل، الرجاء الجواب في أقرب وقت، أما بعد:
وبكل اختصار صلينا في المسجد صلاة التسابيح جماعة ما مشروعية ذلك، وهل تعتبر بدعة أم لا، مع العلم بأن الإمام صلاها بنية تعليمها للناس وحثهم على صلاتها وقد تكرر ذلك أكثر من مرة، سؤالي هو: عن صلاة التسابيح في جماعة في المسجد وليس عن صلاة التسابيح؟ شكراً على الاهتمام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة التسابيح من النوافل، وتجوز إقامة النافلة جماعة، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة أنه صلى النافلة جماعة، فقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل بابن عباس ومرة بحذيفة بن اليمان ومرة بابن مسعود ومرة صلى بأنس ابن مالك وأمه رضي الله عنهم جميعاً، وصلى مرة بعتبان بن مالك في بيته التطوع وهذه الأحاديث ثابتة في الصحيحين والسنن، فدل هذا على جواز صلاة التطوع جماعة، وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى مفصلة ونقلنا أقوال أهل العلم في ذلك وهي برقم: 6712.
وعليه، فلا حرج فيما فعله إمامكم من إمامة الناس بصلاة التسابيح وخصوصاً إذا كان لغرض التعليم، ولا يعد ذلك بدعة، إلا أنه ينبغي عدم المداومة على ذلك حتى لا يظن الناس أن ذلك سنة أو مستحباً كصلاة التراويح مثلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1425(11/9377)
فضل صلاة التسابيح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أجر صلاة التسبيح، ما حكم رفع اليد للدعاء، حكم الدعاء بعد الصلوات المكتوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 2501 حكم صلاة التسابيح، وذكرنا الحديث الوارد فيها، وفيه بيان فضلها، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته.
وأما رفع اليدين في الدعاء فمشروع، كما بيناه في الفتوى رقم: 32283، والفتوى رقم: 4557.
وأما حكم الدعاء بعد الصلاة، فقد بيناه أيضاً في الفتوى رقم: 13351.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(11/9378)
الصفة المشروعة لصلاة الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الحاجة التي بها اثنتا عشرة ركعة وبها قراءة الفاتحة سبع مرات وآية الكرسي سبع مرات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الصفة المذكورة في السؤال لصلاة الحاجة لا تثبت، كما هو مبين في الفتوى رقم: 3749، وراجع الصفة المشروعة لصلاة الحاجة في الفتاوى التالية: 1390، 6898، 5877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(11/9379)
صفة صلاة التسابيح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صلاة التسبيح وكيف تصلى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة التسابيح صلاة لها كيفية تختلف في بعض أجزائها عن كيفية الصلاة المعتادة، وقد استحبها جمهور الفقهاء ومنعها الحنابلة لعدم ثبوت حديثها عندهم، وكيفيتها هي:
أربع ركعات يقرأ المصلي الفاتحة وسورة في كل ركعة، ثم يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم يقول هذا الذكر عشر مرات في الركوع وعشراً بعد الرفع منه، وعشراً في السجود، وعشراً بعد الرفع منه، والمجموع خمس وسبعون في كل ركعة، ويكفي في فضلها أن يصليها الإنسان ولو مرة واحدة في العمر، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 2501.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(11/9380)
صلاة التسابيح شرعيتها وكيفية أدائها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صلاة التسابيح وكيف تصلى وهل هي بدعة؟ البعض يدعي أنه بسبب وجود العد فيها يقل تركيز المصلي وينتبه إلى العد ... ما هو الصحيح جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتاوى في حكم صلاة التسابيح وكيفية أدائها، فنحيل السائلة إليها، وهي برقم 34476 ورقم: 2501 ورقم:
11245.
وقول السائل ... البعض يدعي أنه بسبب وجود العدد ... إلخ
فإن كان يقصد أنها شُرعت بهذه الصفة لأجل أن ينتبه المصلي، فلا نعلم أحداً قال بذلك، وعلى المصلي أن ينتبه ويستحضر قلبه في كل الصلوات، لأن الخشوع روح الصلاة، وليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1424(11/9381)
الكيفية الصحيحة لصلاة التسابيح
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نصلي صلاة التسابيح؟ وهل هي أربع ركعات؟ وهل يوجد تشهد بين كل ركعتين؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب صلاة التسابيح، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 2501.
أما عن كيفيتها فهي كما ذكرت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه: ... أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرًا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرًا، ثم تهوي ساجدًا فتقولها وأنت ساجد عشرًا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرًا، ثم تسجد فتقولها عشرًا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرًا، فذلك خمس وسبعون، في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات ... رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.
والذي يظهر من هذا الحديث وصل الركعات من غير سلام، كما يظهر أيضًا في رواية الطبراني أنه لا تشهد إلا في الركعة الأخيرة فقط، وذلك حيث قال: فإذا فرغت قلت بعد التشهد وقبل التسليم اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى وأعمال أهل اليقين ... إلخ
ومن أهل العلم من قال إنها إن صُليت ليلاً فالأولى التسليم في ركعتين، وعلى هذا فيكون هناك تشهدان، وإن صُليت نهارًا فمن شاء وصل من غير تسليم ومن شاء سلم. قال صاحب عون "المعبود": وذكر الترمذي عن ابن المبارك أنه قال: إن صلاها ليلاً فأحب إلي أن يسلم من كل ركعتين، وإن صلاها نهارًا فإن شاء سلم وإن شاء لم يسلم. اهـ
وذهب المالكية إلى عدم التفريق بين أن يصليها ليلاً أو نهارًا، وذلك بالقول بالفصل بالسلام في كلا الوقتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(11/9382)
هل تصلى صلاة الحاجة في وقت الكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الحاجة وهي ركعتان يطلب خلالها المصلي من الله شيئا معينا، هل هي موجودة؟ وهل يجوز أن تصلى في وقت الكراهة؟ وماهي أوقات الكراهة وأوقات التحريم بالدقائق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 3749. بيان صلاة الحاجة وكيفيتها.
وأما هل تصلى في وقت الكراهة أم لا، فالجواب أنها لا تصلى في وقت الكراهة، لأن سببها متأخر، قال الإمام النووي في المجموع: فمذهبنا أن النهي عن الصلاة في هذه الأوقات إنما هو عن صلاة لا سبب لها، فأما ما لها سبب فلا كراهة فيها، والمراد بذات السبب: التي لها سبب متقدم عليها.
والصلاة في هذه الأوقات محرمة، قال النووي رحمه الله أيضا: اختلف أصحابنا في أن النهي حيث ثبت في هذه الأوقات هل هو كراهة تنزيه أم تحريم؟ على وجهين أحدهما: كراهة تنزيه، وبه قطع جماعة تصريحا، منهم البندنيجي في آخر باب الصلاة بالنجاسة، والثاني وهو الأصح: كراهة تحريم، لثبوت الأحاديث في النهي، وأصل النهي للتحريم، وقد صرح بالتحريم الماوردي في كتابه الإقناع، وصاحب الذخائر وغيرهما. اهـ.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7392.
وأما تحديد أو قات النهي بالدقائق، فقد سبق بيانه في الفتوى رقم
21159.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1424(11/9383)
ما ورد في صلاة الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحكم في ركعتي قضاء الحاجة هل صلاتهما واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وهل صلاة بعض الصحابة حينما كانو يرجعون من الغزو ولا يجدون طعاما لهم فيصلون ركعتين فتعمل الطاحونة هل هي دليل على ركعتي قضاء الحاجة أم لا؟ شكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن صلاة الحاجة وما ورد فيها من الأحاديث، وذلك في الفتاوى التالية:
1390 6898 11015 22561
وما ذكرته عن الصحابة إن ثبت يمكن أن يُستأنس به لمشروعية صلاة الحاجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1424(11/9384)
حكم الصوم قبل صلاة الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أريد أن أعرف طريقة صلاة طلب الحاجة عند السنة بالتفصيل والأدعية التي نقولها، وهل يجب أن نصوم قبل صلاة طلب الحاجة أم، لا؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام على صلاة الحاجة في الفتوى رقم: 3749،.
وأما استحباب الصوم قبلها، فلا نعلم له دليلا معتبرا، ولكن لو أحب شخص أن يصوم ويصلي صلاة الحاجة وهو صائم، فلا نرى مانعا من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(11/9385)
لا حرج في صلاة التسابيح مرة كل شهر
[السُّؤَالُ]
ـ[لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو: أني أصلي صلاة التسابيح مرة في الشهر والرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف أرشد إلى أن نصليها مرة في اليوم أو مرة كل أسبوع أو مرة في السنة كيفما استطاع الشخص فهل فيها معصية إذا صليت مرة في الشهر لأنه لم يرد ذكر مرة في الشهر؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك أن تصلي صلاة التسابيح مرة كل أسبوع أو مرة كل شهر أو مرة كل سنة، والأمر في ذلك راجع إلى قدرتك واستطاعتك، وانظر الفتوى رقم: 11166، والفتوى رقم: 2501، والفتوى رقم: 11041.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1424(11/9386)
لا مانع من أداء صلاة التسابيح في كل جمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة التسابيح بدعة مع العلم أني أصليها كل جمعة وإذا كانت بدعة ماهوالدليل؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم صلاة التسابيح، والراجح من أقوالهم مشروعيتها، ولا مانع من أدائها كل جمعة كما جاء في نص الحديث " فإن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة."
ولتفصيل كلام أهل العلم حول صلاة التسابيح يمكن الاطلاع على الفتوى رقم 2501
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(11/9387)
مدى مشروعية صلاة الحاجة ووقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ (صلاة الحاجة) هل يوجد ما يسمى بصلاة الحاجة؟ وكيفية أدائها؟
وهل يجوز طلب أكثر من حاجة بصلاة واحدة؟ والوقت المناسب لها؟ والدعاء الخاص بها؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الحاجة من الصلوات المشروعة في الجملة، والأحاديث الواردة فيها ضعيفة لكن يعضد بعضها بعضاً، وقد مضى بيان حكم هذه الصلاة مع ما يتصل بها من أحكام كالدعاء وغيره، في الفتاوى التالية أرقامها:
1390
3749
5877.
وأما عن وقت هذه الصلاة، فلم يرد في الشرع ما يدل على تحديد وقت تؤدى فيه دون غيره، وعلى هذا يكون لها حكم نوافل العبادات، ولمزيد من الفائدة في ذلك راجع الفتوى رقم:
21663 والفتوى رقم:
17200.
وليعلم أنه يجوز لفاعلها أن يدعو بما شاء من حاجته ولو تنوعت، لما ورد في بعض روايات الأحاديث الواردة فيها: ثم يسأل الله من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يقدر. رواه ابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(11/9388)
حكم صلاة التسابيح والإكثار من صلاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة التسابيح هل هي سنة؟ وهل يستحب الإكثار منها بعد قضاء الفرائض والسنن أم يعتبر بدعة؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلماء قد اختلفوا في صلاة التسابيح فمنهم من استحبها ومنهم من كرهها، وسبب اختلافهم في حكمها هو اختلافهم في صحة الحديث الوارد فيها، فبعضهم صححه وبعضهم ضعفه.
ولعل الراجح من أقوالهم هو أنها سنة لأن الحديث -كما قال ابن حجر- لا يقل درجة عن الحسن.
ولأن أكثر الفقهاء والمحدثين جوزوا العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال بضوابط، وهي منطبقة على الحديث المذكور على افتراض أنه ضعيف.
وعلى هذا فلا مانع من أن تصليها أحياناً، وأما الإكثار منها وفعلها بعد الفرائض والسنن فلم يكن من هدي السلف، ولو كان الأمر كذلك لما اختلف فيها هذا الاختلاف البين.
وراجع الفتوى 2501، والفتوى 13202
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(11/9389)
صلاة الحاجة تحقيق لمقتضى العبودية والفقر لله
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل صلاة الحاجة لا تجوز؟؟
وهل فيها ما يسيء إلى ديننا الإسلامي؟؟؟ علماً بأنني أصلي بأكثر من طريقة وكلها الهدف منها الحاجة لأمر من أمور الحياة يعينني الله عليه؟؟
ولكم منا كل تحيه واعزاز]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما حكم صلاة الحاجة فقد تقدم في الفتوى رقم:
1390.
وأما سؤالك هل فيها ما يسيء إلى الإسلام؟ فنقول: ليس في صلاة الحاجة على الطريقة المشروعة ما يسيء إلى الإسلام ألبتة، فإن معناها: استعانة المخلوق الفقير بالله الغني الحميد والتضرع بين يديه حتى يسهل عليه ما عسر من أمور دينه ودنياه، ويصرف عنه الشرور والآفات.
وهذا مقتضى العبودية لله تعالى، قال تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] .
وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر:15] .
وقال: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ [الحجر:21] .
فمن كان كل شيء عنده فلمَ لا يطلب منه؟!.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1423(11/9390)
صلاة التسابيح لا تصلى وقت النهي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة التسابيح بعد صلاة العصر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي عليه جمهور العلماء كراهية الصلاة بعد العصر لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا بعد صلاة العصر حتى تغيب الشمس".
وصلاة التسابيح ليست من ذوات الأسباب فلا تصلى في وقت النهي، على خلاف الصلوات ذات السبب فيجوز أن تصلى بعد العصر، لما روى البخاري ومسلم عن أم سلمة قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد العصر، فسألته عن ذلك فقال: يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتاني ناس من عبد قيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان) .
وراجع الفتوى رقم:
2501
ولله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(11/9391)
الوقت المفضل لأداء صلاة التسابيح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو وقت صلاة التسابيح؟ وما هو أنسب وقت لقيام الليل وذلك حتى لا ننام عن هذا الوقت المفضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة التسابيح لا بأس بفعلها على الراجح من أقوال أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 2501، ولم يأت في الحديث وقت معين لأدائها من الليل أو النهار.
وعليه، فيجوز أداؤها ليلاً أو نهاراً في أي وقت، سوى أوقات النهي أو الكراهة.
قال ابن حجر الهيتمي في فتاويه رداً على من خصصها بليلة الجمعة أو يومها: وما حكاه الدميري عن صاحب المستوعب من أن وقتها ليلة الجمعة ويومها غريب، ففي فتاوى ابن الصلاح أنها لا تختص بليلتها، كما جاء في الحديث، ومثل ليلتها يومها في أنها لا تختص به، لا في أنها تكره فيه. انتهى.
وأما أفضل وقت لأداء قيام الليل فهو الثلث الأخير منه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 12918.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1423(11/9392)
صلاة التسابيح: سنة أم بدعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الدليل الواضح الذي أستطيع أقنع به غيري أن صلاة التسابيح بدعة وحديثها ضعيف.
أرجو الرد بسرعة لحاجتي له.
جزيتم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم صلاة التسبيح على قولين:
الأول: القول بالاستحباب، والثاني: القول بالمنع. وسبب اختلافهم هو اختلافهم في صحة الحديث الوارد فيها، فمن صححه -وهم جمهور المحققين- قالوا باستحبابها، ومن هؤلاء: الدارقطني، والخطيب البغدادي، وأبو موسى المدني. وكل ألف فيه جزءاً، وأبو بكر بن أبي داود، والحاكم، والسيوطي، والحافظ ابن حجر، والألباني، وغيرهم. ومن ضعفوا الحديث أو حكموا بوضعه قالوا بمنعها، ومنهم: ابن الجوزي، وسراج الدين القزويني، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام أحمد، وغيرهم. إلا أن الحافظ ابن حجر قال: (قلت: وقد جاء عن أحمد أنه رجع عن ذلك (أي عن تضعيف الحديث) فقال علي بن سعيد النسائي: سألت أحمد عن صلاة التسبيح، فقال: لا يصح فيها عندي شيء. قلت: المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو، فقال: من حدثك؟ قلت: مسلم بن إبراهيم، قال: المستمر ثقة، وكأنه أعجبه. فهذا النقل عن أحمد يقتضي أنه رجع إلى استحبابها) فالراجح أن الحديث بطرقه وشواهده يرقى للحجية، فتكون صلاة التسبيح سنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1422(11/9393)
حديث صلاة التسابيح حديث (حسن)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدى صحة حديث صلاة التسبيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حديث صلاة التسابيح لا ينزل عن درجة الحسن، لكثرة طرقه، وتنوع مصادر تخريجه. وقد أفرد جمع من الأئمة هذا الحديث بتأليف جمع فيه طرقه، كما نقل ذلك الحافظ ابن حجر في أجوبته المشهورة على أسئلة عن أحاديث رميت بالوضع، اشتمل عليها كتاب المصابيح للإمام البغوي. قال الحافظ في تلك الأجوبة: "وقد أخرج حديثها (يعني صلاة التسابيح) أئمة الإسلام، وحفاظه: أبو داود في السنن، والترمذي في الجامع، وابن خزيمة في صحيحه، لكن قال: إن ثبت الخبر، والحاكم في المستدرك، وقال صحيح الإسناد، والدارقطني أفردها بجميع طرقها في جزء. ثم فعل ذلك الخطيب، ثم جمع طرقها الحافظ أبو موسى المديني في جزء سماه تصحيح صلاة التسابيح ... " وختم ابن حجر جوابه بقوله: "والحق أنه في درجة الحسن لكثرة طرقه التي تقوى بها الطريق الأولى".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1422(11/9394)
دعاء الكرب، وصلاة الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو دعاء صلاة الحاجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد بوب الإمام النووي رحمه الله في كتابه الأذكار باباً أسماه: "باب أذكار صلاة الحاجة" ولعله استنبط هذه التسمية من الحديث الوارد فيها، ثم ساق الحديث وهو: عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له حاجة إلى الله تعالى، أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ، وليحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله عز وجل، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا همّاً إلا فرّجته، ولا حاجة هي لك رضاً إلا قضيتها يا أرحم الراحمين"، رواه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي: في إسناده مقال، لكن له شواهد قد يتقوى بها، ثم إنه في فضائل الأعمال، وقد نص بعض أهل العلم على جواز العمل بالضعيف فيها، ما لم يكن شديد الضعف، وما لم يكن معارضاً بما هو أصح منه. هذا وقد قال النووي رحمه الله: ويستحب أن يدعو بدعاء الكرب: "اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1421(11/9395)
موضع الدعاء في صلاة الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
متى يكون الدعاء عند صلاة الاستخارة أو الحاجة، هل بعد التسليم من الصلاة أم عند السجود أم قبل التسليم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دعاء الاستخارة والحاجة يكون بعد السلام من الصلاة على الصحيح من أقوال أهل العلم لقوله صلى الله عليه وسلم وهو يعلم صلاة الاستخارة ودعاءها لأصحابه: "ثم ليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم…" إلى آخر الحديث الذي أخرجه البخاري عن جابر رضي الله عنه، ولقوله أيضاً في صلاة الحاجة: "فيتوضأ ويحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين، ثم ليثن على الله…" إلى آخر الحديث الذي أخرجه الترمذي وابن ماجه.
والدليل في هذين الحديثين على أن الدعاء يكون بعد السلام قوله صلى الله عليه وسلم في الحديثين المتقدمين: "ثم ليقل " و" ثم ليثن على الله" بعد أمره بصلاة ركعتين، ومن المعلوم أن حرف (ثم) يقتضي الترتيب المتراخي بين المتعاطفين، فدل هذا على أن الدعاء بعد السلام.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9396)
خلاف العلماء في ثبوت صلاة الحاجة والصحيح ثبوتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف عن صلاة الحاجة معلومات كافية عنها، وهل صلاة الحاجة اثنا عشر ركعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد في سنن الترمذي وابن ماجه والنسائي وغيرهما من حديث عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت له حاجة إلى الله تعالى أو إلى أحد من بنى آدم فليتوضأ وليحسن وضوءه ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله تعالى ويصل على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: (لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين. أسالك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والعصمة من كل ذنب والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنباً إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين) زاد ابن ماجه في روايته من خرجه " ثم يسأل الله من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يقدر". فهذه الصلاة بهذه الصورة سماها أهل العلم صلاة الحاجة. وقد اختلف أهل العلم في العمل بهذا الحديث بسبب اختلافهم في ثبوته فمنهم من يرى عدم جواز العمل به لعدم ثبوته عنده لأن في سنده فائد بن عبد الرحمن الكوفي الراوي عن عبد الله بن أبي أوفى وهو متروك عندهم. ومنهم من يرى جواز العمل به لأمرين. 1. أن له طرقا وشواهد يتقوى بها. وفائد عندهم يكتب حديثه. 2. أنه في فضائل الأعمال وفضائل الأعمال يعمل فيها بالحديث الضعيف إذا اندرج تحت أصل ثابت ولم يعارض بما هو أصح. وهذا الحاصل هنا. وهذا الرأي أصوب إن شاء الله تعالى وعليه جماعة من العلماء وأما الصلاة اثنتي عشرة ركعة للحاجة فحديثها غير ثابت عند أهل العلم وقد بينوا ذلك لأمور مفصلة في محلها. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9397)
تخصيص أداء صلاة التسابيح في الحج بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت كثيرا عن صلاة التسابيح فهل ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أداها بالكيفية المذكورة. وقد أخبرني صديق بأدائها أثناء الحج وأنا ذاهب للحج هذا الأسبوع فهل فعلا أداؤها في الحج سنة أم ماذا؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما عن حكم صلاة التسابيح فقد سبق الجواب عنه مفصلا برقم: 2501 وأداؤها في الحج معتقدا أن ذلك سنة. لم يرد به نص شرعي. بل هو من المحدثات المذمومة: قال صلى الله عليه وسلم: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. " متفق عليه. وله أن يؤديها- عند من قال بجواز ذلك- في أي مكان من غير أن يعتقد أن السنة أداءها في موضع كذا أو في زمن كذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1422(11/9398)
صلاة التسابيح ... ماهيتها ... وحكم أدائها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة التسابيح؟
هل ورد فيها حديث صحيح وما هو؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في صلاة التسابيح فذهب الجمهور إلى استحبابها قال ابن عابدين " وحديثها حسن لكثرة طرقه ووهم من زعم وضعه وفيها ثواب لا يتناهى ومن ثم قال بعض المحققين: لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين والطعن في ندبها بأن فيها تغييراً لنظم الصلاة إنما يأتي على ضعف حديثها فإذا ارتقى إلى درجة الحسن أثبتها وإن كان فيها ذلك " اهـ
وقال الصاوي في حاشيته " وصفة صلاة التسابيح التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس وجعلها الصالحون من أوراد طريقهم وورد في فضلها أن من فعلها ولو مرة في عمره يدخل الجنة بغير حساب ... "
وقال الخطيب الشربيني " وما تقرر من أنها سنة هو المعتمد كما صرح به ابن الصلاح وغيره.
وذهب الحنابلة إلى عدم سنيتها وجواز فعلها لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وذهب بعضهم إلى القول باستحبابها قال البهوتي في كشاف القناع " يفعلها أي صلاة التسبيح على القول باستحبابها كل يوم مرة ... " وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى " ولا تسن صلاة التسبيح قال الإمام أحمد: ما يعجبني قيل لم قال يسن فيها شيء يصح ونفض يده كالمنكر ولم يرها مستحبة قال الموفق وإن فعلها إنسان فلا بأس لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال " اهـ.
هذا عن حكم صلاة التسابيح عند أهل العلم من أهل المذاهب الأربعة وأما الحديث الوارد فيها فقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس: "يا عماه ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته، عشر خصال، أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإن فرغت من القرآن قلت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً، ثم تهوي ساجداً فتقولها وأنت ساجد عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك فتقولها عشراً. فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في الأربع ركعات. إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة".
وقد اختلف الحفاظ في الحكم على هذا الحديث فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه والذين صححوه هم جمهور المحققين، ومن هؤلاء: الدارقطني، والخطيب البغدادي، وأبو موسى المدني. وكل ألف فيه جزءاً، وأبو بكر بن أبي داود، والحاكم، والسيوطي، والحافظ ابن حجر، والألباني، وغيرهم. وممن ضعفوا الحديث ابن الجوزي، وسراج الدين القزويني، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام أحمد، وغيرهم. إلا أن الحافظ ابن حجر قال: (قلت: وقد جاء عن أحمد أنه رجع عن ذلك (أي عن تضعيف الحديث) فقال علي بن سعيد النسائي: سألت أحمد عن صلاة التسبيح، فقال: لا يصح فيها عندي شيء. قلت: المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو، فقال: من حدثك؟ قلت: مسلم بن إبراهيم، قال: المستمر ثقة، وكأنه أعجبه.
والحق ـ إن شاء الله تعالى ـ أن الحديث لا ينزل عن درجة الحسن لكثرة طرقه التي يتقوى بها كما يقول الحافظ ابن حجر في أجوبته المشهورة على أسئلة عن أحاديث رميت بالوضع اشتمل عليها كتاب المصابيح للإمام البغوي، وهذه الأجوبة ملحقة بالجزء الثالث من كتاب مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي لمن أراد الاطلاع عليها.
. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1421(11/9399)
صلاة الحاجة ركعتان غير الفريضة مع الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة تسمى بصلاة الحاجة؟ وإن صحت فكيف يتم أداؤها؟
أجيبونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد في سنن الترمذي وابن ماجه وغيرهما من حديث عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين " زاد ابن ماجه في روايته " ثم يسأل الله من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يقدر". فهذه الصلاة بهذه الصورة سماها أهل العلم صلاة الحاجة. وقد اختلف أهل العلم في العمل بهذا الحديث بسبب اختلافهم في ثبوته فمنهم من يرى عدم جواز العمل به لعدم ثبوته عنده لأن في سنده فائد بن عبد الرحمن الكوفي الراوي عن عبد الله بن أبي أوفى وهو متروك عندهم. ومنهم من يرى جواز العمل به لأمرين. 1. أن له طرقا وشواهد يتقوى بها. وفائد عندهم يكتب حديثه. 2. أنه في فضائل الأعمال وفضائل الأعمال يعمل فيها بالحديث الضعيف إذا اندرج تحت أصل ثابت ولم يعارض بما هو أصح. وهذا الحاصل هنا. وهذا الرأي أصوب إن شاء الله تعالى وعليه جماعة من العلماء.
وأما كيفية أدائها فهي هذه الكيفية المذكورة في الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1422(11/9400)
سجود التلاوة سنة متبعة لا يستبدل بركوع ولا غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[في الجمعة الماضية ختمت القرآن ولله الحمد والمنة، ولاحظت أن الآيات التي توجد بها سجدة ليست كلها تأمر بسجود، ولكن البعض منها يأمر بركوع. سؤالي: هل أسجد عند قراءتي لآية يكون الأمر فيها بالركوع أو أركع؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك ختم القرآن الكريم ولتبدأ بختمة أخرى فقد روى الحاكم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: الحال المرتحل، قال يا رسول الله وما الحال المرتحل؟ قال: صاحب القرآن يضرب من أوله حتى يبلغ آخره، ومن آخره حتى يبلغ أوله، كلما حل ارتحل. قال العلماء: الحال المرتحل: هو الذي يختم القرآن بتلاوته ثم يفتتح التلاوة من أوله.
والحديث تكلم أهل العلم في سنده.
وبخصوص سجود التلاوة فقد بينا أنه يكون في خمسة عشر موضعا مبينة في المصحف الشريف وفي كتب الفقة على اختلاف في بعضها بين العلماء كما هو مبين في الفتوى: 24835. كما بينا حكمه وأنه سنة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 93523، 53317، 17932.
وسجود التلاوة في المواضيع المذكورة سنة متبعة كما أشرنا، لا يجوز أن يستبدل بغيره من الركوع أو الجلوس أو غير ذلك من هيئات الصلاة.. ولو ورد بذكر الركوع فيه كما في قوله تعالى حكاية عن داود عليه السلام: وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ. {ص: 24} . في سورة ص، فقد رواه الإمام في المسند وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في ص. قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط البخاري. وفي رواية لغيره وقال: سجدها داود توبة ونسجدها شكرا، ثم قال: أمرني الله أن أقتدي بالأنبياء، ثم قرأ: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ {الأنعام: 90} .
ونحن أمرنا الله تعالى أن نقتدي بنبينا صلى الله عليه وسلم فنسجد كما سجد ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1430(11/9401)
الجلوس على كرسي ولبس الحذاء ليسا مانعين من سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لا بأس في عدم السجود أثناء التلاوة في وجود سجدة التلاوة لسبب عدم توفر شروط ذلك، حيت تكون جالسا فوق كرسي وقد تكون لابسا الحذاء؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سجود التلاوة ليس فرضاً لما روى البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا إن نشاء ولكنه مرغب فيه. وإذا كانت الأحذية طاهرة فلا حرج في السجود بها ولا في الصلاة حال لبسها لما قدمنا في الفتوى رقم: 51184.
وإذا كان الإنسان جالساً على كرسي فلا يعتبر ذلك مبرراً لترك السجود، بل ينبغي أن ينزل من الكرسي حتى يسجد، ولكنه لو كان التالي لا يستطيع السجود بسبب عدم الطهارة فقد ذكر بعض أهل العلم أنه يتعدى محل السجود كما نص خليل المالكي في المختصر وشراحه، وقد ذكر الدسوقي قولاً آخر لبعض المالكية وهو أنه لا يتعداها لأنه إذا حرم أجر سجدة التلاوة بسبب عدم الطهر فلا ينبغي أن يحرم أجر تلاوة محلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1430(11/9402)
لا يصح السجود بالإيماء لمن قدر على السجود الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما نقرأ القرآن أثناء العمل من الكومبيوتر، ونصل إلى سجدة التلاوة. هل يجوز أن نسجد من مكاننا على الكرسي ونحني رؤوسنا ونقرأ سجدة التلاوة أم يشترط سجودنا على الأرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كان يستطيع السجود الطبيعي لا يصح سجوده بالإيماء، وأما إذا كان عاجزاً فيصح أن يومئ لما في الحديث: إذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض. رواه ابن حبان. وفي الحديث: صل على الأرض إن استطعت وإلا فأوم إيماء. رواه البزار وصححه الألباني.
وروى مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: إذا لم يستطع المريض السجود أومى برأسه. والسجود الكامل هو وضع العبد أعضاءه السبعة على الأرض لما في الحديث: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- واليدين والركبتين وأطراف القدمين. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(11/9403)
إذا نسي المصلي التكبير لسجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الإمام الذي سها عن التكبير عند الرفع من سجود التلاوة في صلاة الفرض سجود السهو؟ وهل هو قبل التسليم أم بعده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتكبير لسجود التلاوة وللرفع منه في الصلاة مشروع، لعموم ما ثبت من تكبير النبي صلى الله عليه وسلم في كل خفض ورفع، والسجود للتلاوة خفض والرفع منه رفع.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: سجدة التلاوة مثل سجود الصلاة، فإذا سجد في الصلاة عند السجود يكبر وإذا رفع يكبر إذا كان في الصلاة، والدليل على هذا ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه في الصلاة يكبر في كل خفض ورفع، إذا سجد كبر، وإذا نهض كبر. هكذا أخبر الصحابة عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وغيره. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 23720.
ولكن إذا نسي المصلي إماماً كان أو منفرداً التكبير لسجود التلاوة، فإنه لا يسجدُ للسهو عند الجمهور من المالكية والشافعية وغيرهم، بل ذهب الشافعيةُ إلى أن تعمد سجود السهو لغير الأبعاض تبطل به الصلاة.
قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: (ولا تجبر سائر السنن) أي باقيها كأذكار الركوع والسجود، وقنوت النازلة، إذا تركت بالسجود لعدم وروده فيها، لأن سجود السهو زيادة في الصلاة فلا يجوز إلا بتوقيف فلو فعله لشيء من ذلك ظانا جوازه بطلت صلاته، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو بعيدا عن العلماء. قاله البغوي في فتاويه بخلاف الأبعاض لوروده في بعضها وهو السجود لترك التشهد الأول كما مر وقيس عليه الباقي. انتهى.
وأبعاض الصلاة التي يُسجد للسهو بتركها ستة عندهم ليس منها تكبيرة الانتقال.
ومن ثم فسجود السهو في هذه الصورة غيرُ مشروع عند الجمهور كما عرفت، وأما الحنابلة فإنهم قد صرحوا بوجوب التكبير لسجود التلاوة كالتكبير لسجود صلب الصلاة.
قال في شرح منتهى الإرادات: يكبر في سجود التلاوة تكبيرتين سواء كان في الصلاة أو خارجها، تكبيرة إذا سجد وتكبيرة إذا رفع كسجود صلب الصلاة والسهو. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله مبيناً وجوب التكبير لسجود التلاوة في الصلاة كوجوب تكبيرات الانتقال كما هو مذهب الحنابلة: ولكن السُّنَّة تدلُّ على أنه -أي سجود التلاوة- ليس فيه تكبير عند الرَّفع ولا سلام إلا إذا كان في صلاة، فإنه يجب أن يُكبِّرَ إذا سَجَدَ ويُكبِّرَ إذا رَفَعَ؛ لأنه إذا كان في الصَّلاة ثَبَتَ له حُكم الصَّلاة، حتى الذين قالوا بجواز السُّجود إلى غير القِبْلَة إذا كان في الصَّلاة لا يقولون بذلك.
ودليل ذلك: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ الرَّسولَ صلّى الله عليه وسلّم سَجَدَ في إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ. في صلاة العشاء. وثَبَتَ عنه أنَّه كان يُكبِّر في كُلِّ رَفْعٍ وخَفْضٍ فيدخل في هذا العموم سُجودُ التِّلاوة. انتهى.
ولم نجد لهم نصاً صريحا فيمن نسي التكبير لسجود التلاوة، هل يسجد للسهو أو لا، فالأولى العمل بقول الجمهور، وهو عدم سجود السهو في هذه الصورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1430(11/9404)
سجود التلاوة بين اشتراط الطهارة وستر العورة وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في السجدة التي تمر عليّ حين قراءة القرآن؟ هل يجوز أن أسجد وأنا غير متحجبة؟ وهل السجدة واجبة؟ وفي حالة ما إذا كنت غير متوضئة فهل يجب علي الوضوء لأسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السجود للتلاوة سنة عند الجمهور، ويدل لعدم فرضيته ما في صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء.
وذهب الجمهور إلى أنه يشترط في سجود التلاوة ما يشترط في صلاة النفل فيجب ستر العورة، والطهارة، وقد نص على اشتراط ذلك خليل في المختصر، وابن قدامه في المغني، والنووي في المجموع، وروي عن ابن عمر وبعض السلف عدم اشتراط ذلك واختاره شيخ الإسلام.
وبناء عليه، فيتعين ستر العورة عند سجود التلاوة، وكذا الطهارة، وإن لم يكن الإنسان متطهرا ترك سجودها لأن السجود يشرع تركه كما تركه عمر، ولا يلزم أن يتطهر لكي يسجدها.
وذهب بعض أهل العلم من المالكية إلى أن من كان غير طاهر يستحب له مجاوزة محلها.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 30711، 19032، 17139، 15054، 33515.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(11/9405)
قراءة السور المشتملة على آية فيها سجدة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة سورة بها سجدة في صلاة الفريضة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءةُ السور المشتملة على آيةٍ فيها سجدة مشروعةٌ في الجملة بلا شك في الصلاة للإمام والمأموم والمنفرد، أما المنفرد فيقرأ آية السجدة متى شاء في الصلاة سرية أو جهرية في الركعات التي يشرعُ فيها القراءة، وأما المأموم فلا يقرأُ إلا في السرية لأنه مأمورٌ بالإنصات في الجهرية، ولا يجوزُ للمأموم السجود إذا قرأ آية سجدةٍ في الصلاة لأنه مأمورٌ بمتابعة الإمام، ويسجدُ الإمام والمنفرد عند قراءة آية السجدة، ويتابعُ المأموم الإمام في السجود، ويكبر من سجد للتلاوة في الصلاة إذا هوى للسجود وإذا رفع منه؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه كان يكبر في كل خفضٍ ورفع.
ودليلُ مشروعية قراءة آية السجدة للإمام وفي معناه المنفرد، ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في فجر الجمعة (آلم تنزيل..) السجدة و (هل أتى على الإنسان) ، وفي الصحيحين أيضاً عن أبي رافع قال: صليت مع أبي هريرة صلاة العتمة أو قال صلاة العشاء فقرأ: (إذا السماء انشقت) فسجد فيها، فقلت: يا أبا هريرة ما هذه السجدة؟ فقال: سجدت فيها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، فلا أزال أسجدها حتى ألقاه.
ولكن وقع الخلافُ بين أهل العلم في مشروعية قراءة الإمام لآية سجدة في الصلاة السرية، قال النووي: لا يكره قراءة السجدة عندنا للإمام كما لا يكره للمنفرد، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، ويسجد متى قرأها. وقال مالك: يكره مطلقا. وقال أبو حنيفة: يكره في السرية دون الجهرية. انتهى.
ويقوي قول الشافعية ما روى الحاكم وصححه على شرط الشيخين عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في الركعة الأولى من صلاة الظهر، فرأى أصحابه أنه قرأ (الم تنزيل) السجدة.
لكنهم استحبوا تأخير سجود التلاوة إلى الفراغ من الصلاة إن لم يطل الفصل لئلا يشوش على المصلين.
ولذا فإننا نميلُ إلى قول أبي حنيفة، ونرى أن الإمام لا ينبغي له أن يسجد إذا قرأ آية السجدة في الصلاة السرية لما ينتجُ عن ذلك من التشويش على المؤتمين، وقد يترتب على ذلك خلاف ونزاع بين المصلين، وقد ثبت عن ابن مسعودٍ أنه قال (الخلافُ شر) فينبغي لنا أن نسد كل بابٍ يمكن أن ينجمَ منه الخلاف.
وأما مذهبُ مالك في كراهة آية السجدة في الفريضة مطلقا فضعيفٌ مخالفٌ للنصوص الثابتة في الصحيحين وغيرهما، وقد بينا حجة المالكية في قولهم هذا ومخالفة بعضهم للمذهب واتباعهم الدليل في الفتوى رقم 45028.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(11/9406)
هل يوجد في سجود التلاوة وسجود الشكر سلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد في سجود التلاوة والشكر سلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين، الصحيح منهما أن التسليم لا يُشرع لسجود التلاوة لأنه لم ينقل عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه فعله، وقد صح عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق عليه. وفي رواية مسلم " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. وقد قال بعدم مشروعية التسليم في سجود التلاوة جمهور أهل العلم خلافا للشافعية حيث أوجبوا السلام، قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: قال أحمد، أما التسليم فلا أدري ما هو. قال النخعي، والحسن، وسعيد بن جبير، ويحيى بن وثاب: ليس فيه تسليم وروي ذلك عن أبي حنيفة. واختلف قول الشافعي فيه. اهـ
وسجود الشكر حكمه حكم سجود التلاوة خارج الصلاة من حيث الكيفية, قال الإمام النووي في المجموع:
قال أصحابنا: ويفتقر سجود الشكر إلى شروط الصلاة وحكمه في الصفات وغيرها حكم سجود التلاوة خارج الصلاة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1429(11/9407)
سجود المأمومين إذا قرأ الخطيب آية سجدة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في صلاة الجمعة والإمام على المنبر قرأ آية السجدة فلم يسجد الجالسون أمامه، فطلب من الجالسين أمامه السجود. فما حكم من سجد منهم، وما حكم من لم يسجد؟ وما حكم طلب الإمام من الناس السجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا قرأ الخطيب على المنبر آية سجدة فإن شاء نزل وسجد، وإن أمكن السجود على المنبر سجد، ولو ترك السجود فلا حرج عليه لأنه سنة على الراجح وليس واجبا، فإن سجد وأمر المستمعين بالسجود جاز لأن له أن يأمرهم بالمعروف لكن لم نجد من ذكر أنه يطالب بأمرهم بذلك، ولا ينبغي للمستمع أن يمتنع عن السجود معه لأنه سنة في حقه، فإن لم يسجد الإمام فلا ينبغي له أن يأمر المستمعين بالسجود، لأن سجودهم في هذ الحالة محل خلاف بين الفقهاء، فمنهم من يرى أنه لا سجود على المستمع، ومنهم من يرى أنه يسجد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سجود التلاوة سنة وليس واجبا على الراجح، ويسن لمن قرأ آية السجدة أن يسجد ولو كان على المنبر، ولو ترك السجود فلا حرج في ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: وإن قرأ السجدة في أثناء الخطبة، فإن شاء نزل فسجد، وإن أمكن السجود على المنبر، سجد عليه. وإن ترك السجود، فلا حرج، فعله عمر وترك، وبهذا قال الشافعي.... وقال مالك: لا ينزل ; لأنه صلاة تطوع، فلا يشتغل بها في أثناء الخطبة، كصلاة ركعتين. انتهى بحذف يسير.
وقال النووي في المحموع: ولو قرأ سجدة نزل وسجد إن لم يمكنه السجود على المنبر، فإن أمكنه لم ينزل بل يسجد عليه، فإن لم يمكن السجود عليه وكان عاليا وهو بطيء الحركة بحيث لو نزل لطال الفصل ترك السجود ولم ينزل. انتهى.
ولو قرأ الخطيب آية سجدة وسجد هو وأمر غيره بالسجود فلا مانع من ذلك لأن له أن يأمرهم بالمعروف مع أننا لم نجد من ذكر أنه يطالب بذلك، ولا ينبغي للمستمع أن يمتنع لأن السجود سنة في حقه فهو مخاطب به كما يخاطب به القارئ أي فيسن له أن يسجد، أما إذا لم يسجد الإمام فالظاهر أنه لا ينبغي أن يطلب من المستمعين أن يسجدوا لأن سجودهم في هذه الحالة محل خلاف بين الفقهاء، فيرى الحنابلة أنه لا سجود على المستمع إذا لم يسجد القارئ، ففي متن الإقناع في الفقه الحنبلي: وإن لم يسجد القارئ لم يسجد المستمع. انتهى
وفي المذهب الشافعي يسجد المستمع ولو لم يسجد القارئ قال النووي في المجموع: سجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع بلا خلاف، وسواء كان القارئ في صلاة أم لا، وسواء سجد القارئ أم لم يسجد يسن للمستمع أن يسجد. هذا هو الصحيح وبه قطع الجمهور. انتهى.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 53317.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1429(11/9408)
هل يقضى سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قضاء سجدة التلاوة في وقت آخر إذا لم أسجدها في وقتها، إذا كنت بدأت الورد من أول المصحف فعند الانتهاء من قراءة الفاتحة أقوم بالتأمين -مثل الصلاة- أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
سجودة التلاوة مستحب، ووقته بعد قراءة آية السجدة أو الاستماع إليها، فإن لم تفعل في وقتها، فهل تقضى أم لا؟ في ذلك خلاف.. والظاهر أنها لا تقضى إذا طال الفصل، وأما التأمين فإنه يشرع بعد قراءة الفاتحة في الصلاة وخارجها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسجود التلاوة مستحب عند جمهور أهل العلم، وينبغي أن يكون السجود عقب قراءة آية السجدة أو استماعها، فإن لم يفعل فهل يقضيها؟ رجح جماعة منهم عدم القضاء وقالوا بأنها تفوت بطول الفصل عن سببها، قال النووي في المجموع: ينبغي أن يسجد عقب قراءة السجدة أو استماعها، فإن أخر وقصر الفصل سجد، وإن طال فاتت، وهل تقضى؟ فيه قولان: أظهرهما لا تقضى لأنها تفعل لعارض فأشبهت صلاة الكسوف. انتهى بتصرف.
ومن أهل العلم من ذهب إلى وجوب سجود التلاوة كما هو مذهب الحنفية، وقد قالوا بأن هذا الوجوب ليس على الفور، ففي الفتاوى الهندية: وأداؤها ليس على الفور حتى لو أداها في أي وقت كان يكون مؤدياً لا قاضياً هذا في غير الصلاتية -أي التي قرأها في الصلاة- أما الصلاتية إذا أخرها حتى طالت القراءة تصير قضاءً ويأثم. انتهى بتصرف يسير.
وأما التأمين بعد قراءة الفاتحة فإنه سنة في الصلاة وخارجها، قال النووي في المجموع: ويسن التأمين لكل من فرغ من الفاتحة سواء كان في صلاة أو خارجها. انتهى. وعلى هذا المذاهب الأربعة كما في الموسوعة الفقهية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(11/9409)
سجود التلاوة بمكان فيه صور وما يفعل من نسيه
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة تعمل في محل للنساء ويوجد في المحل أغراض وصور وألعاب، وعادة تقرأ الفتاة القرآن في المحل وتصادف موضع سجود وهي لا تسجد لوجود الصور والألعاب وعندما تعود للبيت تنسى أن تسجد وتكرر ذلك أكثر من مرة، فما الواجب عليها في هذه الحالة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يكره سجود التلاوة في المكان الذي توجد فيه الصور، لكن وجودها ليس مانعاً من السجود، ومن فاته سجود التلاوة لا يطالب بإعادته لفوات وقته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر الفقهاء كراهة الصلاة في المكان الذي توجد فيه الصور، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 14486، وسجود التلاوة يأخذ أحكام الصلاة في كثير منها، والذي يظهر لنا أن هذا منها، لكن وجود الصور ليس مانعاً من سجود التلاوة، والأحسن تنحية الصور عن جهة القبلة لتجنب المزيد من الكراهة، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 10243.
ومن لم يسجد سجدة التلاوة عند المرور بها أو الاستماع إليها لا يطالب بقضائها، ولبيان حكم سجدة التلاوة راجع الفتوى رقم: 97816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1428(11/9410)
حكم سجود التلاوة والقيام له
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لسجود التلاوة هل يجب السجود عند كلمة السجود التي فوقها خط أم يجب إتمام قراءة الآية ثم السجود وهل يجوز السجود عن قعود أم يجب الوقوف فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سجود التلاوة سنة عن جمهور الفقهاء من بينهم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي والإمام أحمد وليس واجباً، ويرى أبو حنيفة رحمه الله تعالى أنه واجب، والصحيح قول الجمهور، ومحل السجود عند نهاية الآية التي فيها السجدة، ولا يطالب بالقيام لأجله، فإذا كان القارئ واقفاً خر ساجداً وكذلك إذا كان جالساً، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: قد ذكرنا أن مذهبنا أنه سنة وليس واجباً، وبهذا قال جمهور العلماء، وممن قال به عمر بن الخطاب وسلمان الفارسي وابن عباس وعمران بن حصين ومالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وغيرهم رضي الله عنهم، وقال أبو حنيفة رحمه الله: سجود التلاوة واجب على القارئ والمستمع. انتهى.
إلى أن قال: وهل يستحب لمن أراد السجود أن يقوم فيستوي قائماً، ثم يكبر للإحرام، ثم يهوي للسجود بالتكبيرة الثانية؟ فيه وجهان (أحدهما) يستحب قاله الشيخ أبو محمد الجويني والقاضي حسين والبغوي والمتولي وتابعهم الرافعي (والثاني) وهو الأصح: لا يستحب، وهذا اختيار إمام الحرمين والمحققين. قال الإمام ولم أر لهذا القيام ذكراً ولا أصلاً (قلت) ولم يذكر الشافعي وجمهور الأصحاب هذا القيام ولا ثبت فيه شيء يعتمد مما يحتج به، فالاختيار تركه، لأنه من جملة المحدثات، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على النهي عن المحدثات، وأما ما رواه البيهقي بإسناده عن أم سلمة الأزدية قالت: رأيت عائشة تقرأ في المصحف فإذا مرت بسجدة قامت فسجدت. فهو ضعيف، أم سلمة هذه مجهولة. والله أعلم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1428(11/9411)
هل يقرأ بعد القيام من سجدة التلاوة أم يركع بغير قراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ختم المصلي قراءته بآية فيها سجدة مثلاً في سورة العلق آخر آية واسجد واقترب, في هذه الحالة هل يسجد ثم يقوم ويركع ... ؟ أم لا يسجد ويركع مباشرة ويعتدل ويسجد ... ؟ أريد تفصيل هذه المسألة. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما قراءة آية سجدة في الصلاة فمن قرأ آية سجدة في الصلاة فله أن يسجد فيهوي مباشرة من القيام إلى السجود مكبرا ثم يرفع من السجود إلى القيام ثم إن شاء قرأ وإن شاء ركع فور قيامه.
وإذا لم يرد أن يسجد سجدة التلاوة فله ذلك وله أن يركع بعد آية السجدة أو بعد أن يقرأ غيرها، وانظر الفتوى رقم: 1709.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(11/9412)
الاكتفاء بالانحناء في سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث أن أقرأ القرآن قاعدا في عملي فأصادف السجدة فهل لي أن أنحني عوضا عن السجود وأقرأ الدعاء الوارد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 2769، صفة سجود التلاوة، وأنها سجدة واحدة مع تكبير، وعليه فانحناؤك فقط مع الدعاء لا يقوم مقام سجود التلاوة إذا كنت قادرا على السجود.
مع التنيبه على أن هذه السجدة سنة عند جمهور أهل العلم ولا إثم على تاركها، وإن كان الأفضل له فعلها، وراجع الفتوى رقم: 53317.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1428(11/9413)
سجود التلاوة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أسجد سجود التلاوة إن كنت في الصلاة المفروضة. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سجود التلاوة مستحب ولو كان ذلك أثناء صلاة الفرض كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 17777، هذا إذا كان المصلي غير مأموم، فإن كان مأموما فإن سجد إمامه سجد وإلا فلا، وانظري الفتوى رقم: 43583، والفتاوى المحال عليها فيها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1427(11/9414)
تغطية المرأة رأسها شرط لسجود التلاوة والشكر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يشترط الوضوء وتغطية الرأس من أجل سجود التلاوة وسجود الشكر؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسجود التلاوة يشترط في صحته ما يشترط في صحة صلاة النافلة من طهارة حدث وخبث وستر عورة واستقبال قبلة كما تقدم في الفتوى رقم: 15054، كما أن سجود الشكر يشترط في صحته ما يشترط في سجود التلاوة كما سبق في الفتوى رقم: 39996.
وعليه.. فلا يجزئ سجود التلاوة ولا سجود الشكر بدون وضوء في حق القادر على استعمال الماء، كما أن المرأة لا يجزئها القيام بسجود التلاوة وسجود الشكر وهي مكشوفة الرأس لأن ستر الرأس من شروط صحة صلاة المرأة الحرة المسلمة. وراجعي الفتوى رقم: 19032، والفتوى رقم: 10696.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1427(11/9415)
سجود التلاوة فيما لا يسجد فيه عند مالك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا علي المذهب المالكي وعندما أفتح المصحف أجد في سورة النجم وسورة العلق وسور أخرى في حزب عم سجدة، مكتوب عندها سجدة عند غير مالك، هل يجوز لي السجود عندها أم لا؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سجود التلاوة كله ليس واجبا عند الجمهور كما قدمنا في الفتوى رقم: 17932، كما أن تقليد مالك في المسألة غير لازم لأن لغيره دليلا على مشروعية السجود في هذه المواضع، وعليه فينبغي للأخ السائل إذا مر بها أن يسجد، كما يجوز له أن يترك السجود أيضا لأن السجود غير واجب كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1427(11/9416)
هل يسجد من سمع سجدة تلاوة من الشريط
[السُّؤَالُ]
ـ[س: في حال سماع تلاوة القرآن ومرت آية السجدة ماذا افعل؟ بالسيارة أو ماشياً.... إلخ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن سجود التلاوة مستحب فقط؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 17777.
ويشترط لهذا السجود ما يشترط لصلاة النافلة من طهارة حدث وخبث وستر عورة واستقبال قبلة, وراجع الفتوى رقم: 30711.
ويستحب للمستمع للتلاوة السجود إذا وصل القارئ موضع سجود بشروط سبق بيانها في الفتوى رقم: 48347. ومن بين هذه الشروط أن يكون القارئ جلس للتعلم, فإذا كنت جالسا تستمع إلى شريط بقصد التعلم ووصل القارئ إلى موضع سجود تلاوة فاسجد، كما يشرع لك السجود إذا كنت في السيارة أثناء السفر, لأن هذا السجود نافلة وهي تصح على الدابة في السفر. وإذا كنت تستمع ماشيا وكان هناك مكان يصلح للسجود فاسجد, وإذا سمعت القراءة ولم تكن قاصدا للتعلم فلست مطالبا بالسجود وإن سجدت فذلك جائز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1427(11/9417)
ما يقوله المصلي في سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[في سورة السجدة فيه سجود في أي آية وماذا يقال أثناء السجود؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسجدة التي في سورة السجدة هي في الآية رقم (15) فيسجد بعد أن يقرأ قول الله تعالى: إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ {السجدة:15} ، ويقول الساجد في سجود التلاوة ما يقوله في غيره من السجود، ويستحب أن يقول ما رواه الترمذي وصححه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل: سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته.
أو ما رواه الترمذي وحسنه عن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد قال: قال لي ابن جريج يا حسن أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رأيتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فسجدت، فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها وهي تقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجراً, وضع عني بها وزراً, واجعلها لي عندك ذخراً, وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود. قال الحسن: قال لي ابن جريج: قال لي جدك: قال ابن عباس: فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سجدة ثم سجد، قال: فقال ابن عباس: فسمعته وهو يقول: مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(11/9418)
سجود التلاوة في السور المكية والمدنية
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا تكثر السجدة في السور المكية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسجدات التلاوة إنما أخذت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولم نجد من أهل العلم من علل كون غالبيتها جاءت في السور المكية.
إلا أنه من الملاحظ أن محل السجدة في أي سورة يكون مسبوقاً بلفظ السجود، ففي سورة الأعراف يقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ {الأعراف: 206} .
وفي سورة الرعد يقول الله تعالى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ {الرعد: 15} .
وفي سورة النحل يقول الله تعالى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {النحل: 49-50} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1426(11/9419)
سجود التلاوة في القرآن وما يقال فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركات
أود أن أعرف دعاء السجدة في القرآن بالألفاظ الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وما هو حكم سجود التلاوة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة أن يقول في سجود التلاوة: سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته. رواه الترمذي والحاكم وزاد: فتبارك الله أحسن الخالقين.
وأجاز بعض العلماء أن يقول: سبحان ربي الأعلى، أو يفعل مثلما يفعل في سائر السجود. قال الإمام النووي: ويستحب أن يقول في سجوده: سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته. وأن يقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا واجعلها لي عندك ذخرا، وضع عني بها وزرا، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود عليه السلام. ولو قال ما يقول في سجود صلاته جاز، ثم يرفع رأسه مكبرا كما يرفع من سجود الصلاة. روضة الطالبين: 1/322.
ومن العلماء من فصل بين من كان في الصلاة فاستحب له التسبيح بالإضافة إلى الدعاء المعروف، وبين من كان خارج الصلاة فاستحب له الاقتصار على الدعاء دون التسبيح.
وأما حكم سجود التلاوة فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 2769.
وأما عدد السجدات ومنها سجدة سورة ص فخمس عشرة كما فصلناه في الفتوى رقم: 24835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1425(11/9420)
لا يوجد دعاء يغني عن سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دعاء مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم يغني عن سجود التلاوة إذا تعذر سجودها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد فيما نعلم دعاء مأثور يقوم مقام سجود التلاوة إذا تعذر سجوده وقد ذهب بعض الفقهاء من الشافعية إلى أنه يقوم مقام سجود التلاوة قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وقال بعض فقهاء الحنفية يستحب للتالي أو السامع إذا لم يمكنه السجود أن يقول سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.
وقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله، إن ذلك لا أصل له فلا يقوم مقام السجدة بل يكره له ذلك إن قصد القراءة، وللفائدة نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 17777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1425(11/9421)
من كان في صلاة وسمع قراءة سجدة تلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب علي أن أسجد سجود التلاوة مع الجماعة وأنا في صلاتي لتحية المسجد أم لا؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في حكم سجود التلاوة وأنه مستحب لا واجب، وهي برقم: 17777 فنحيل السائل إليها.
ونقول أيضاً: من كان في صلاة وسمع من قرأ سجدة تلاوة فإنه لا يسجد معه فإن سجد بطلت صلاته، وذهب بعض الفقهاء إلى أنه يسجد بعد فراغه من صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1425(11/9422)
لا يأثم تارك سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند موضع السجدة في قراءة القرآن هل يأثم من لا يسجد وهل السجدة واجبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سجود التلاوة سنة يؤجر فاعلها ولا يأثم تاركها. قال عمر رضي الله عنه: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء. رواه البخاري
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(11/9423)
لا إثم على من ترك سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس عندما يقروؤن القرآن لا يسجدون في مواضع السجدة هل السجود واجب وهل يأثم من تركه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن سجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع وليس بواجب، لما رواه البخاري عن عمر رضي الله عنه: أنه قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال: يا أيها الناس إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه.
ولم يسجد عمر رضي الله عنه، وزاد نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء.
وروى الجماعة إلا ابن ماجه عن زيد بن ثابت قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم "والنجم" فلم يسجد فيها. وفي رواية: فلم يسجد منا أحد. ورجح الحافظ ابن حجر أن الترك كان لبيان الجواز، وعليه فلا إثم على من تركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(11/9424)
حكم الركوع قبل قراءة آية السجدة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما اقرأ في الصلاة السور التي تنتهي بسجدة على سبيل المثال الإسراء وأكون بصلاة الليل وآاتي على نهايتها وأريد أن أنهي الركعة فهل أقف قبل النهاية بآية ولا أقرأ الآية الأخيرة التي بها سجدة وأسجد كنهاية الركعة أم أقرأ الآية التي بها سجدة وأسجد سجدة الآية ومن ثم أقوم وأركع، وهل فيها كراهة لو توقفت قبل آية السجدة وركعت لنهاية الركعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا كراهة في توقفك قبل آية السجدة وركوعك، لأن عدم إكمال السورة في الركعة لا كراهة فيه ولو في الفرض، كما قال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر الخلاف في كراهة القراءة من وسط السورة وآخرها قال: وأما قراءة بعض السورة من أولها فلا خلاف في أنه غير مكروه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ من سورة المؤمنون إلى ذكر موسى، ثم أخذته سعلة فركع، وقرأ سورة الأعراف في صلاة المغرب فرقها مرتين. رواه النسائي.
وإذا لم يكره ذلك في الفرض، ففي النفل أولى، وإذا لم تقرأ آية السجدة فلست مطالباً بالسجود أصلاً، وفي حال ما إذا قرأت الآية قبل الركوع وسجدت استحب لك أن تقرأ شيئاً من القرآن بعد قيامك من سجود التلاوة وقبل الركوع، قال النووي في المجموع عند كلامه على سجدة التلاوة أثناء الصلاة: فإذا قام استحب له أن يقرأ شيئاً ثم يركع، فإن انتصب قائماً ثم ركع بلا قراءة جاز. انتهى
والمعروف عند المالكية أيضاً استحباب قراءة شيء من القرآن بعد القيام من سجدة التلاوة، وقبل الركوع قالوا: يستحب ذلك ليكون الركوع بعد قراءة.
وعند الحنابلة: إن شاء قرأ ثم ركع، وإن شاء ركع من غير قراءة. كما يسقط عندهم سجود التلاوة بالركوع، فمثلاً لو قرأت آية سجدة ثم ركعت سقط عنك سجود التلاوة، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 1709.
وننبه السائل الكريم إلى أن سورة الإسراء لا تنتهي عند آية سجدة، وإنما توجد آية السجدة في آخرها قبل نهايتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(11/9425)
سجود التلاوة بعد الوتر وفي أوقات النهي جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز القيام بسجود التلاوة في الفترة: *ما بين صلاة العصر والمغرب*ما بين صلاة الصبح والشروق*بعد صلاة الوتر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق وأن وضحنا حكم سجدة التلاوة في أوقات النهي في الفتويين التاليين رقم: 9606، 17139.
أما بعد الوتر فليس ذلك وقت نهي عن سجدة التلاوة لأن الصحيح أن من أوتر وبدا له بعد ذلك أن يتنفل جازله ذلك ولا ينتقض وتره ولا يعيده، وإذا جازله التنفل بعد الوتر فمن باب أولى سجود التلاوة لأن سجود التلاوة يجوز حتى في أوقات النهي عن النافلة كما في الفتويين المشار إليهما. قال في التاج والإكليل شرح مختصر خليل بن إسحاق المالكي عند قوله: ولم يعده مقدم ثم صلى وجاز ـ قال عياض: ذهب بعض أئمة الصحابة وكافة أئمة الفتوى إلى منع نقض الوتر وأنه إذا بدا له في التنفل بعد الوتر لم ينقضه ولم يشفعه وصلى ما بدا له ولم يعده، وقد اختلف عن مالك في هذا والمشهور عنه أنه لا يعيده. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1425(11/9426)
من شروط استحباب سجود التلاوة للمستمع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين إلى يوم الدين، وبعد:
ما حكم الشرع في من حضر المسجد وكانوا يقرؤون القرآن جماعة ووصلوا إلى السجدة فسجدوا وأنا لم أسجد بدعوى أنهم في بدعة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءة القرآن جماعة لها عدة حالات مفصلة في الفتوى رقم: 27933.
وسجود التلاوة سنة في حق القارئ إذ مر بموضع سجود، وكذلك المستمع للقراءة يستحب له السجود بشروط اختلف العلماء في اشتراط جميعها أو بعضها، أو في عدم اشتراطها جملة، وهي:
1- جلوسه لقصد تعلم القرآن حفظاً أو غيره.
2- كون القارئ صالحاً للإمامة وقت تلاوته للقرآن.
3- أن لا يكون القارئ قصد إسماع الناس حسن تلاوته.
فإذا لم تتوافر في حقك هذه الشروط فلست مطالباً بسجود التلاوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(11/9427)
يشترط لسجود التلاوة ما يشترط لصلاة النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التوجه إلى القبلة والوضوء يُشرع لسجود التلاوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشترط لسجود التلاوة ما يشترط لصلاة النافلة من الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة والنية، وهذا مذهب جمهور الفقهاء وهو الراجح كما هو مبين في الفتوى رقم: 15054، والفتوى رقم: 23515، والفتوى رقم: 30711.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(11/9428)
حكم سجود المأموم للتلاوة دون إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[لو كنت مع الإمام أصلي، فهل لي أن أقرأ سورة وفيها سجود وأسجد والإمام يقرأ مثلا في الركعة الأولى من العصر ولو كانت السجدة مستحبة ولكن أرغب بالسجود..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمأموم لا يسجد سجود التلاوة إلا تبعاً لإمامه، فإذا خالف وسجد وحده بطلت صلاته لمخالفته لإمامه، وراجع الفتوى رقم: 23557.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(11/9429)
أدلة المالكية على كراهة تعمد قراءة السجدة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أريد الإطالة عليكم، ما هي حجة المالكية في كراهة الإتيان بالآيات التي بها مواضع السجود في الصلاة المفروضة واعتبار السجدة زائدة عن الصلاة والرجاء التوضيح بخصوص موضوع قراءة السجدة في صلاة فجر يوم الجمعة
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما احتج به المالكية لكراهة تعمد قراءة آية تشتمل على موضع سجود تلاوة في الصلاة الفريضة التخليط على المصلين والتلبيس عليهم.
قال الشيخ المواق في "التاج والإكليل": من المدونة قال ابن القاسم: أكره للإمام أن يتعمد في الفريضة قراءة سورة فيها سجدة، لأنه يخلط على الناس صلاتهم، وأكره أن يتعمدها الفذ في الفريضة، وهو الذي رأيت مالكا يذهب إليه.
ابن بشير الجواز لمداومته صلى الله عليه وسلم على "الم" في الصبح، وعلى ذلك كان يواظب الخيار من أشياخي وأشياخهم. انتهى.
وقال الشيخ الدسوقي في حاشيته:
وإنما كره تعمدها بالفريضة لأنه إن لم يسجدها دخل في الوعيد، أي اللوم المشار إليه بقوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (الانشقاق:21) .
وإن سجد زاد في عدد سجودها، كذا قيل، وفيه أن تلك العلة موجودة في النافلة، ويمكن أن يقال إن السجود لما كان نافلة والصلاة نافلة صار كأنه ليس زائدا بخلاف الفرض إن قلت مقتضى الزيادة في الفرض البطلان قلت: إن الشارع لما طلبها من كل قارئ صارت كأنها ليست زائدة محضة. انتهى.
وعليه، فإن كراهة تعمد سجود التلاوة في الفريضة معلل بعلتين: تخليطه على المصلين، والزيادة على ماهية الصلاة بسجود ليس من أصلها، مع التنبيه إلى أن كون الإمام ابن بشير نفى تلك الكراهة محتجا بفعله صلى الله عليه وسلم الثابت في الحديث الصحيح، وهذا كان في الاستدلال، ولذا كان أشياخه يداومون عليه.
وبالنسبة لقراءة السجدة في صلاة الفجر من يوم الجمعة، راجع الفتوى رقم: 9929.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(11/9430)
لا سجود لقراءة نائم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قرأ النائم في حالة النوم آية السجدة؛ هل يلزم السجدة علي الرجل الذي هو في حالة اليقظة وهکذا أنا أستمع القرآن علي الإنترنت، هل يجب من هذا الطريق السجدة التلاوة؟ انتظر للجواب، وجزاکم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 38310 أنه لا يسجد المستمع لآية السجدة من آله تسجيل ومثله الإنترنت ونحو ذلك.
وكذلك لا يسجد إذا استمعها من نائم لعدم قصد قراءتها منه. جاء في نهاية المحتاج قال الزركشي: ولا سجود لقراءة جنب وسكران وساه ونائم وما عُلم من الطيور كدرة ونحوها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/9431)
ركع الإمام بعد سجدة التلاوة وسجد بعض المأمومين
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في صلاة الفجر وكان الإمام يقرأ سورة العلق وفي آخر السورة يوجد سجدة ولكن الإمام لم يسجد بل ركع وكنت في طرف الصف الأول من اليمين حيث يستحيل علي رؤية الإمام فقمت بالركوع ولكن المصلين عن يميني وعن يساري قاموا بالسجود فسجدت معهم وإذا بالإمام يقول سمع الله لمن حمده فأدركنا أنه كان راكعا ولم يكن ساجداً، فهل علي الإتيان بركعة بعد تسليم الإمام أم أسجد سجود السهو، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ليس عليك سجود السهو لأن ما حصل منك من الخطأ يحمله عنك الإمام، ويلزمك الإتيان بركعة بدل تلك الركعة التي قرأ فيها الإمام سورة العلق، إذا كنت لم تأت فيها بالرفع من الركوع كما هو ظاهر سؤالك.
وأما إن كنت أصلحت الخطأ فرجعت إلى ما فاتك فإنه لا يلزمك شيء، وراجع في هذا وفي حكم سجود التلاوة عموماً وسجود الإمام في الصلاة له خصوصاً الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17932، 12914، 10435.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/9432)
الاختلاف في سجدة سورة فصلت
[السُّؤَالُ]
ـ[اختلف العلماء في سجدات التلاوة في القرآن: في سورة فصلت هل هي في الآية " ... إن كنتم إياه تعبدون" أم في الآية " ... وهم لا يسأمون" وكذلك هل هناك سجدة في آخر سورة النجم وسورة الإنشقاق وآخر سورة العلق.
فماهو منشأ هذا الخلاف وماهو الراجح من الأقوال؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن سجدة التلاوة في سورة فصلت عند قوله تعالى: وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ [فصلت: 38] .
وذهب المالكية في المشهور عندهم وهو وجه عند الشافعية، إلى أنها عند قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت: 37] .
ورجح ابن حزم هذا القول لأمرين:
الأول: أن الآية التي يسجد عندها قبل الأخرى والمسارعة إلى الطاعة أفضل، والثاني: أنه أمر بالسجود، واتباع الأمر أولى، وقال بعض من لم يوفق للصواب: وجدنا السجود في القرآن إنما هو في موضع الخبر لا في موضع الأمر، قال أبو محمد –أي ابن حزم- وهذا هو أول من خالفه، لأنه وسائر المسلمين يسجدون في الفرقان في قوله تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً [الفرقان:60] .
فهذا أمر لا خبر.. اهـ. ورجح ابن قدامة في "المغني" القول الأول قائلا: ولنا أن تمام الكلام في الثانية، فكان السجود بعدها كما في سورة النحل عند قوله: وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [النحل: 50] . وذكر السجود في التي قبلها، كذا هنا. اهـ.
وعلى كل حال، فالأمر فيه سعة، فمن ترجح عنده أحد القولين، فلا حرج عليه في الأخذ به دون تعنيف على الآخر بالقول الآخر، لأن النص الثابت معدوم عن النبي صلى الله عليه وسلم، والعلتان اللتان ذكرهما ابن حزم وابن قدامة تكادان تكونان متساويتين.
أما السجدة في سورة النجم والانشقاق والعلق، فمشروعة عند جمهور أهل العلم، وذهب المالكية في المشهور إلى أنه لا سجود في شيء من المفصل، وسبب الاختلاف هو اختلاف الأدلة الواردة في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/9433)
صفة سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[السجدة في القرآن معناها سجدة أم سجدتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسجدة التلاوة سجدة واحدة بتكبيرين، واحد للهوي للسجود، والثاني للرفع منه، وانظر في حكم سجود التلاوة وصفته الفتوى رقم: 2769.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1424(11/9434)
سجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أقرأ القرآن أكون مرتدية الإشارب وإذا مررت على سجدة التلاوة هل يكفي التسبيح فإذا كان يكفي فهناك آيات تتوعد الذين لا يسجدون لسجود التلاوة "وإذا قريء عليهم القرآن لا يسجدون" وإذا كان التسبيح لا يكفي فهل يجوز تأجيل السجود؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سجود التلاوة سنة وليس بواجب على الراجح من كلام أهل العلم وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 17777.
وأما قول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ [الانشقاق:21] .
فالمقصود به عدم الطاعة والإنقياد لأوامره، كذا ذكر القرطبي في تفسيره نقلاً عن بعض أهل العلم، والسنة عند قراءة الآية التي بها سجدة التلاوة أن يسجد القارئ والمستمع سجدة واحدة، ولا نعلم دليلاً على جواز التسبيح بدلاً عنه، وأما ستر العورة عند سجود التلاوة فإنه شرط عند أكثر أهل العلم، وتراجع في هذا الفتوى رقم: 8551.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1424(11/9435)
حكم قراءة الإمام الإمام آية سجدة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز للإمام أن يصلي بالمصلين بسورة بها آية سجدة أم لا؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقراءة سورة فيها آية سجدة في الصلاة له صورتان:
الصورة الأولى: أن يقرأ آية السجدة بقصد السجود فيكره له ذلك عند جماهير الفقهاء وذهب الشافعية إلى بطلان صلاته، وقيد الحنابلة الكراهة بالصلاة السرية، وٍأوجب الحنفية السجود مع القول بكراهيته في هذه الصورة ولو في الصلاة السرية.
الصورة الثانية: أن يقرأ لا بقصد السجود وإنما بقصد آخر وكان السجود تبعا، ففي هذه الحالة لا يكره له السجود عند الجماهير أيضا.
وهاك بعض كلام أهل العلم في المسألة
قال ابن الهمام الحنفي في فتح القدير: وفيه أيضا لو قرأ آية السجدة من بين السورة لم يضره ذلك , والمستحب أن يقرأ معها آيات ; ليكون أدل على مراد الآية ; وليحصل بحق القراءة لا بحق إيجاب السجدة , إذ القراءة للسجود ليست بمستحبة فيقرأ معها آيات ; ليكون قصده إلى التلاوة لا إلى إيجاب السجود. اهـ
وفي البحر الرائق لابن نجيم الحنفي: وأما المتلوة في الصلاة فإنها تجب على سبيل التضييق لقيام دليل التضييق , وهو أنها وجبت بما هو من أفعال الصلاة وهو القراءة فالتحقت بأقوالها وصارت جزءا من أجزائها ; ولهذا قلنا إذا تلا آية السجدة , ولم يسجد , ولم يركع حتى طالت القراءة ثم ركع ونوى السجدة لم تجز , وكذا إذا نواها في السجدة الصلبية ; لأنها صارت دينا , والدين يقضى بما له لا بما عليه.
وقال: (قوله على من تلا , ولو إماما أو سمع , ولو غير قاصد أو مؤتما لا بتلاوته) بيان لسببها , وهو أحد ثلاثة: التلاوة , ولو لم يوجد السماع كتلاوة الأصم والسماع بتلاوة غيره والاقتداء بإمام تلاها , وإن لم يسمع المأموم تبعا لإمامه بأن قرأ الإمام سرا أو لم يكن حاضرا عند القراءة واقتدى به قبل أن يسجد لها.
قال الدردير المالكي في أقرب المسالك: و) كره لمصل (تعمدها) : أي السجدة , بأن يقرأ ما فيه آيتها (بفريضة ولو صبح جمعة) على المشهور (لا) في (نفل) فلا يكره , (فإن قرأها بفرض) عمدا أو سهوا (سجد) لها (ولو بوقت نهي لا) إن قرأها في (خطبة) فلا يسجد لها لاختلال نظامها. (وجهر بها) ندبا (إمام) الصلاة (السرية) كالظهر ليسمع المأمومين فيتبعوه في سجوده , (وإلا) يجهر بها بل قرأها سرا وسجد (اتبع) لأن الأصل عدم السهو. فإن لم يتبع صحت لهم.
وقال الشهاب الرملي الشافعي في نهاية المحتاج: ولو قرأ في الصلاة آية سجدة أو سورتها بقصد السجود في غير {الم تنزيل} في صبح يوم الجمعة بطلت صلاته على المعتمد إن كان عالما بالتحريم فقد قال المصنف: لو أراد أن يقرأ آية أو آيتين فيهما سجدة ليسجد فلم أر فيه كلاما لأصحابنا , وحكى ابن المنذر عن جماعة من السلف أنهم كرهوه , وعن أبي حنيفة وآخرين أنه لا بأس به. ومقتضى مذهبنا أنه إن كان في غير الوقت المنهي عن الصلاة فيه وفي غير الصلاة لم يكره , وإن كان في الصلاة أو في وقت كراهتها ففيه الوجهان فيمن دخل المسجد في هذه الأوقات لا لغرض صلاة سوى التحية , والأصح أنه تكره له الصلاة. اهـ. فأفاد كلامه أن الكراهة للتحريم وأن الصلاة تبطل بها , وبه أفتى الوالد رحمه الله تعالى تبعا للشيخ عز الدين بن عبد السلام ; لأن الصلاة منهي عن زيادة سجدة فيها إلا السجود لسبب , كما أن الأوقات المكروهة منهي عن الصلاة فيها إلا لسبب , فالقراءة بقصد السجود كتعاطي السبب باختياره في أوقات الكراهة ليفعل الصلاة.
وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى: (وكره قراءة إمام) آية (سجدة بصلاة سر) كظهر وعصر , لأنه إن سجد لها خلط على المأمومين , وإلا ترك السنة. (و) كره (سجوده) , أي: الإمام (لها) , أي: التلاوة لصلاة سر , لما فيه من التخليط على من معه. (ويخير مأموم) سجد إمامه في صلاة سرية بين المتابعة وتركها , (و) كون المأموم (يتابع) إمامه (أولى) , لعموم {وإذا سجد فاسجدوا} .
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(11/9436)
مذاهب العلماء في سجود التلاوة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قرأ المصلي في الصلاة سورة فيها سجود تلاوة، فهل يغني سجود الصلاة عن سجدة التلاوة، أم يجب أن يسجد سجود التلاوة بعد الانتهاء من الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسجود التلاوة سنة عند جمهور الفقهاء سواء كان في داخل الصلاة أم في خارجها، فمن سجد فبها ونعمت، ومن ترك السجود فلا شيء عليه.
فمن كان في الصلاة فقرأ آية سجدة سن له السجود من فوره، ثم يعود إلى القيام مرة أخرى ويتم صلاته، ولا يغني عنه سجود الصلاة على مذهب الجمهور، وذهب الأحناف إلى أنه يجزئه الركوع عن ذلك بشرط أن يركع على الفور وينويه، والفور عندهم ألا يتأخر عن الركوع بأكثر من ثلاث آيات، وكذا يجزئ عن سجود التلاوة عندهم سجود الصلاة، بشرط أن يكون على الفور كما اشترطوه في الركوع، ولا يشترط هنا أن ينويه كما يشترط في الركوع، قال الحصكفي في الدر المختار: وتؤدى بركوع وسجود، غير ركوع الصلاة وسجودها في الصلاة، وكذا في خارجها ينوب عنها الركوع، في ظاهر المروي بزازية لها أي للتلاوة، وتؤدى بركوع صلاة إذا كان الركوع على الفور من قراءة آية أو آيتين، وكذا أي كون الركوع لسجود التلاوة الثلاث على الظاهر كما في البحر إن نواه على الراجح، وتؤدى بسجودها كذلك أي على الفور وإن لم ينو بالإجماع. انتهى. هذا هو مذهب الأحناف، والراجح ما قدمناه من مذهب الجمهور، لدلالة الأحاديث الصحيحة الصريحة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(11/9437)
التكبير في سجود التلاوة مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[في سجود التلاوة يسجد إمامنا بدون تكبير ويرفع من السجود بدون تكبير، فهل هذا جائز أم لا بد من التكبير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما يفعله هذا الإمام صحيح ومجزىء، لأن التكبير في سجود التلاوة مستحب، راجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23720، 2769، 36952.
ومن تركه فقد ترك مستحباً ولكن صلاته صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(11/9438)
سماع سجدة التلاوة.. والسجود
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
إذا سمعت أحدا يقرأ القرآن ووصل إلى سجود التلاوة سواء في الإذاعة أو بجانبي، هل أسجد معه أم لا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب لمن استمع لقراءة شخص للقرآن استماعاً مباشراً أن يسجد إذا قرأ القارئ آية فيها سجدة تلاوة، وتشترط لذلك شروط تراها ضمن الفتوى رقم: 17932، والفتوى رقم: 36952.
أما إذا كان قد استمع لقراءته عبر المذياع أو الشريط ونحو ذلك، فلا يشرع له السجود، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 15054.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/9439)
من أحكام سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سجد أحد لسجود التلاوة هل أسجد معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الإمام النووي في المجموع: فسجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع، بلا خلاف، وسواء كان القارئ في صلاة أم لا، وفي وجه شاذ ضعيف، لا يسجد المستمع لقراءة مصل غير إمامه حكاه الرافعي، وسواء سجد القارئ أم لم يسجد يسن للمستمع أن يسجد.
هذا هو الصحيح، وبه قطع الجمهور، وقال الصيدلاني: لا يسن له السجود إذا لم يسجد القارئ، واختاره إمام الحرمين، ولو استمع إلى قراءة محدث أو كافر أو صبي فوجهان: الصحيح استحباب السجود، لأنه استمع سجدة.
والثاني: لا، لأنه كالتابع للقارئ، وأما الذي لا يستمع، لكن يسمع بلا إصغاء ولا قصد، ففيه ثلاثة أوجه، الصحيح المنصوص في البويطي وغيره أنه يستحب له ولا يتأكد في حقه تأكده في حق المستمع، والثاني: أنه كالمستمع، والثالث: لا يسن له السجود، وبه قطع الشيخ أبو حامد في تعليقه، والبندنيجي. انتهى.
وراجع أيضا الفتوى رقم: 17932.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1424(11/9440)
يكبر القارئ لسجود التلاوة وللرفع منه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد تكبير قبل وبعد سجود التلاوة إذا كانت السجدة في الصلاة أو غيرها؟ ,وهل إذا كانت حلقة تلاوة يكون القارئ الذي تأتي عنده السجدة إماما، أم يسجد كل من المستمعين على حدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قارئ القرآن إذا أراد أن يسجد سجدة التلاوة، فإنه يكبر للسجود وللرفع منه، سواء كان في صلاة أم لا، قال خليل: وكبر لخفض ورفع ولو بغير صلاة.
وأما المستمع فإنه مطالب بالسجود بشروط هي: أن يكون جلوسه ليتعلم القرآن من القارئ حفظاً أو أحكاماً، وأن يكون القارئ صالحاً للإمامة وقت تلاوته للقرآن، وأن لا يكون أراد بالتلاوة أن يسمع الناس حسن قراءته.
فإذا توافر كل ذلك، كان مطالباً بالسجود هو والقارئ ويسجد كل مستمع على حدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1424(11/9441)
جواز قراءة الإمام لسورة فيها سجدة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز للإمام أن يصلي بالمصلين بسورة بها آية سجدة.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم جواز قراءة الإمام لسورة فيها سجدة بلا كراهة، لما رواه مسلم وغيره عن أبي رافع قال: صَلّيْتُ مع أَبي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ إِذَا السّماءُ انْشَقّتْ فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ السّجْدَةُ؟ قال: سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبي الْقَاسِمِ، فَلاَ أَزَالُ أَسْجُدُ بهَا حَتّى أَلْقَاهُ.
وهذا مذهب الشافعية والحنابلة. وقد بيَّنَّا أقوال أهل العلم في هذه المسألة في الفتوى رقم: 10435، فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1424(11/9442)
السجود عند قراءة الانشقاق ثابت بالسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم لاحظت أن الإمام لم يسجد أثناء تلاوته لسورة الانشقاق، مع العلم بوجود آية توجب السجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 17932 بيان مذهب الجمهور ودليلهم في عدم وجوب سجود التلاوة. وليعلم أن السجود عند قراءة الانشقاق ثابت بالسنة؛ فقد روى الإمام مالك في الموطأ عن عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه، قرأ بهم: (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) فسجد فيها، فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها.
وفي رواية للبخاري ومسلم أن أبا هريرة رضي الله عنه، قال له أبو رافع: ما هذا؟ فقال: سجدت خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه.
ولعل هذا الإمام يقلد من لا يرى السجود في شيء من المفصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(11/9443)
لا يوجد دعاء يستعاض به عن سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحياناًً وأنا أتلو القرآن تستوقفني آية بها سجدة، ولكن لست متهيئًا للسجود، فهل من دعاء أقوله عندما أتعرض للموقف مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنَّا لا نعلم دعاء ولا ذكرًا يعوض به سجود التلاوة. واعلم بأن سجود التلاوة غير واجب. يدل لذلك ما رواه البخاري عن عمر رضي الله عنه، أنه قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل، حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد، وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة، قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة، قال: يا أيها الناس، إنا نمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه. ولم يسجد عمر رضي الله عنه.
وراجع في حكم من قرأ آية السجدة وهو غير متطهر، أو في وقت نهيٍ أو في مكانٍ لا يمكن فيه السجود، الفتاوى التالية أرقامها: 8474، 30711، 33515.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(11/9444)
حكم الجهر بالتكبير في سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[سجود التلاوة سواء في الصلاة أم خارجها لايكبر المرء، وإن كبر لا يجهر عند القيام من السجود أو الهبوط له، هل هذا صحيح؟ وإن كان إماما فكيف يعرف المصلون أنه قام من سجدة التلاوة أو الهبوط إليها وذلك إذا صلى صلاة جهرية؟
وجزاكم الله عنا خيرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ساجد سجدة التلاوة يكبر عند الخفض والرفع على ما ذهب إليه الأئمة الأربعة كما في المغني لابن قدامة.
واحتج لهم بما روى أبو داود والبيهقي عن ابن عمر أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه.
وهذا يدل على الجهر، إذ لو لم يجهر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتكبير لما سمع ابن عمر ولا غيره تكبيره.
ومما يدل له أيضا عموم حديث الصحيحين عن أبي هريرة أنه كان يصلي بهم فيكبر كلما خفض ورفع، فإذا انصرف قال: إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويدل له كذلك حديث ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يكبرون في كل خفض ورفع. رواه أحمد وصححه الأرنؤوط.
وبناء على هذا، فعلى الإمام أن يجهر بالتكبير حتى يسمعه المأمومون فيتابعوه.
وراجع الفتوى رقم:
3056، والفتوى رقم: 33024.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(11/9445)
حكم سجود التلاوة بغير طهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من سجد لله دون وضوء عند سماعه آية وجوب السجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في سجود التلاوة هل تشترط له شروط الصلاة من الطهارة واستقبال القبلة وغيرها أولاً، فذهب جمهور الفقهاء إلى أن سجود التلاوة حكمه حكم صلاة النافلة، فيشترط فيه ما يشترط فيها من طهارة وستر عورة واستقبال قبلة، وذهب آخرون إلى أن ذلك لا يشترط فيه، وهو منقول عن ابن عمر رضي الله عنهما واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، والراجح ما ذهب إليه الجمهور كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 30711، فعلى هذا من سجد للتلاوة بغير طهارة لا يصح سجوده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1424(11/9446)
التسبيح والتكبير في سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
سجود الشكر وسجود التلاوة هل فيهما تسبيح عند السجود وتكبير عند الرفع؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت أدعية في سجود التلاوة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها ما رواه الترمذي عن
عائشةرضي الله عنها قالت: كان رسول ال له صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل: سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته.
وقد ورد هذا الدعاء، وما يشبهه في أدعيته صلى الله عليه وسلم في سجود الصلاة، كما في صحيح مسلم وغيره مما يفيد أن في الأمر سعة، ومنها: اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخراً، وتقبله امني كما تقبلتها من عبدك داود. رواه الترمذي عن ابن عباس رضي ال له عنهما، وهذه الأدعية طبعاً مع التسبيح الوارد في عموم السجود مثل: سبحان ربي الأ على.
وسجود الشكر مثل سجود التلاوة يمكن أن يدعو فيه بال أدعية المذكورة أو بحمد الله تعالى، ويثني عليه بما يناسب المقام. فالسجود خضوع وعب ادة لله تعالى، وهو جزء من الصلاة التي شرعت من أجل التسبيح والتكبير وقراءة القرآن كما جاء في صحيح مسلم وغيره، كما يسن التكبير في الرفع والخفض من السجود، فقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 2769
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(11/9447)
شروط سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
1- هل يجوز سجود التلاوة في الأوقات التي فيها نهي عن الصلاة النافلة؟
2- رأيت بعض الناس يسجد سجودالتلاوة غير مستقبل القبلة، هل هذا من الدين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح عند جمهور العلماء أن سجود التلاوة حكمه حكم صلاة النافلة، فيشترط فيه ما يشترط فيها من طهارة حدث وخبث وستر عورة واستقبال قبلة، وإليك الأدلة على ذلك من كلام أهل العلم، قال الإمام النووي في المجموع: وحكم سجود التلاوة حكم صلاة النافلة يفتقر إلى الطهارة والستارة واستقبال القبلة لأنها صلاة في الحقيقة.
وقال ابن قدامة في المغني: شرطها الطهارة واستقبال القبلة إلى آخر شروط الصلاة، وكذلك الحكم عند المالكية كما صرح به خليل في مختصره وبينه شروحه.
أما فعلها في وقت النهي عن النافلة فيرجع فيه إلى الفتوى رقم: 9649، والفتوى رقم: 23443.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(11/9448)
هل يسجد للتلاوة من قرأ على فراش النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[-هل تجوز تلاوة القرآن على فراش النوم؟
- عند الوصول إلى سجدة, هل أسجد على الفراش؟ أم كيف؟
... ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج من قراءة القرآن على فراش النوم؛ بل يشرع له ذلك ولو كان مضطجعاً على جنبه: كما هو مبين في الفتوى رقم:
19472
وإذا وافق سجدة تلاوة فيشرع له السجود ولو على فراشه بشرط الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، وطهارة البدن والثوب والمكان من النجس، وستر العورة، واستقبال القبلة، والنية.
لأن سجود التلاوة يشترط له على الصحيح ما يشترط لصلاة النافلة.
وانظر للمزيد الفتوى رقم 2769
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/9449)
كيف يفعل من قرأ سورة مختتمة بسجدة تلاوة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أما بعد فسؤالي هو: إذا قرأت سورة العلق في الصلاة ثم سجدت هل علي أن أقرأ سورة أخرى بعدها أم أستطيع أن أركع بعد الاعتدال مباشرة؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا قرأت سورة العلق أو ما شابهها من السور المختتمة بسجدة تلاوة ثم سجدت فإذا اعتدلت قائماً فإنك مخير بين أن تركع مباشرة أو تقرأ ما تيسر من القرآن، وينبغي إذا كنت إماماً بالناس فسجدت ثم اعتدلت قائماً أن تقرأ ولو شيئاً يسيراً من القرآن لئلا يحصل تشويش على المصلين، ويلتبس عليهم الأمر، ولعل فيهم من هو كبير السن يحتاج أن يستريح قليلاً بعد قيامه من السجود، فبقراءتك يحصل له ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(11/9450)
هل يكرر السجود إذا كرر تلاوة آية السجدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أحفظ سورة الانشقاق ولكن فيها سجدة أود أن أستفسر هل كل ما أريد أن أسمعها أو أقرأها في الصلاة يجب أن أسجد وشكراً....؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة لمن مر بآية سجدة في صلاة أو قراءة أن يسجد، فإن لم يفعل فاته الأجر ولا إثم عليه، وهذا مذهب الجمهور وهو الراجح، وذهب الحنفية إلى وجوب سجود التلاوة، وانظر الفتوى رقم:
17777.
وهل يشرع لمن تلا آية سجدة وكررها مرارًا في مجلس واحد أن يسجد لكل مرة أم يكفيه سجدة واحدة؟
فمذهب الحنفية الذين أوجبوا السجود كما في بدائع الصنائع: أن السجدة لا يتكرر وجوبها إلا بأحد أمور ثلاثة: إما اختلاف المجلس، أو التلاوة، أو السماع، حتى إن من تلا آية واحدة مراراً في مجلس واحدٍ تكفيه سجدة واحدة.
وعند الشافعية ثلاثة أوجه أصحها: يسجد مرة أخرى لتجدد السبب.
قال الإمام النووي رحمه الله 3/568: (إذا قرأ آيات السجدات في مكان واحد سجد لكل سجدة، فلو كرر الآية الواحدة في المجلس نُظِر: إن لم يسجد للمرة الأولى كفاه للجميع سجدة واحدة، وإن سجد للمرة الأولى فثلاثة أوجه أصحها يسجد مرة أخرى لتجدد السبب، وبهذا قال مالك وأحمد، وعن أبي حنيفة روايتان) . انتهى
واستثنى المالكية من الحكم المعلم والمتعلم فيسجدان مرة واحدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1423(11/9451)
مواضع السجدات في القرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[كم عدد السجدات في القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمواضع السجود في القرآن خمسة عشر موضعاً، فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمسة عشر سجدة، منها: ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان. رواه أبو داود والحاكم وابن ماجه والدراقطني وحسنه المنذري.
وأسقط الشافعي سجدة (ص) واعتبرها سجدة شكر.
ولم ير مالك السجود في النجم والانشقاق والعلق، واعتبره منسوخاً بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة، وكذلك لما أخرجه مسلم أن عطاء بن يسار سأل زيد بن ثابت عن القراءة مع الإمام فقال: لا قراءة مع الإمام في شيء من الصلاة، وزعم أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى) فلم يسجد.
قال النووي: في شرح صحيح مسلم (وهذا المذهب ضعيف، لما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) و (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) . وقد أجمع العلماء على أن إسلام أبي هريرة كان سنة سبع من الهجرة فدل على السجود في المفصل بعد الهجرة، وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فضعيف الإسناد لا يصح الاحتجاج به ... ) انتهى بتصرف يسير.
ولم ير أبو حنيفة ومالك ثانية الحج من العزائم وقالا إن المراد بالآية الصلاة المفروضة بدليل ذكر الركوع مع السجود، ويرد عليهما بنص الحديث الأول، وبما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي عن عقبة بن عامر قال: قلت: يا رسول الله فضلت سورة الحج بأن فيها سجدتين قال نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما.
ومن خلال ما مر يتضح أن الراجح كون السجدات في القرآن خمس عشرة سجدة للحديث المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1423(11/9452)
التكبير لسجود التلاوة في الصلاة مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لسجود التلاوة في الصلاة ... تكبير؟ عند السجود وعند الرفع من السجود؟ جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب لمن سجد للتلاوة في الصلاة أن يكبر للهوي وللرفع، قال النووي -رحمه الله- في المنهاج: (ومن سجد فيها كبر للهوي وللرفع، ولا يرفع يديه) .
وقال الإمام مالك -رحمه الله- كما في المدونة: (من قرأ سجدة في الصلاة فليكبر إذا سجدها وإذا رفع رأسه منها) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(11/9453)
الراجح أنه لا سلام من سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أما بعد,
سؤالي هو: في سجود التلاوة عندما أقوم من السجدة هل أسلم على اليمين أوعلى اليمين واليسار أو لا أسلم أبداً
شكرا وجزاكم الله خيراً.........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن سجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع، لما رواه البخاري عن عمر أنه: قرأ يوم الجمعة سورة النحل حتى جاء السجدة فنزل وسجد وسجد الناس. الحديث.
وقد اشترط كثير من أهل العلم فيها ما يشترط في الصلاة من طهارة، وستر عورة، واستقبال قبلة إلا أنه لا إحرام فيها، ولا سلام، ففي المدونة قال مالك: من قرأ سجدة في الصلاة يكبر إذا سجدها، ويكبر إذا رفع رأسه منها إلى أن قال، وكان لا يرى السلام.
ومن هذا يتبين للسائل أنه غير مطالب بالسلام في حال سجود للتلاوة، وانظر الفتوى رقم:
3056.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(11/9454)
حكم سجود التلاوة من غير تغطية المرأة رأسها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الممكن أداء سجدة التلاوه بدون غطاء على الرأس بالنسبة للسيدات؟
شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز أداء سجود التلاوة بدون غطاء على الرأس بالنسبة للسيدات، وهذا مذهب أكثر أهل العلم، لأن سجود التلاوة عندهم صلاة يشترط له ما يشترط للصلاة من ستر العورة وغيره، وهذا أحوط وأبرأ للذمة.
وذهب بعض الفقهاء إلى أن ذلك جائز، لأنه لا يشترط له شروط الصلاة، والأول أولى.. كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(11/9455)
متى يسن سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة لفظ سجدة أثناء قراءة القرآن الكريم وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن سجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع، لما رواه البخاري عن عمر رضي الله عنه: أنه قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ. وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -وَزَادَ نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ السُّجُودَ إِلَّا أَنْ نَشَاءَ.
فإذا قرأ القارئ آية السجدة واستمع إليها من قارئ صالح لأن يكون أماماً، سُنَّ له أن يسجد سجدة يكبر فيها عند الخفض والرفع، ويقول في سجوده: سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين.
والأكمل للأجر أن يكون الساجد متطهراً مستقبلاً للقبلة، وبهذا يتضح للسائل حكم سجود التلاوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1423(11/9456)
حكم سجود التلاوة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة قمت بختم القرآن مرات كثيرة في صلاة قيام الليل ولكني لم أكن أعرف أنه يجوز أن نسجد سجود التلاوة أثناء الصلاة , فلم أكن أسجد سجود التلاوة , فهل تعتبر صلاتي صحيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاتك صحيحة ولا علاقة لصحتها بسجود التلاوة، وذلك لأن سجود التلاوة مستحب لمن قرأ آية فيها سجدة تلاوة، سواء كان يصلي أم لا، فإذا كان الشخص يصلي وأتى في تلاوته على موضع سجود تلاوة استحب له أن يسجد، فإن لم يسجد فصلاته صحيحة، وكذلك إذا كان يقرأ في غير صلاة وقرأ بآية سجدة استحب له أن يسجد، فإن لم يسجد فلا إثم عليه، وذلك لأن سجود التلاوة مستحب عند جمهور العلماء للقارئ والمستمع وليس بواجب، لما رواه البخاري عن عمر: أنه قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْه. ِ وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -وَزَادَ نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ السُّجُودَ إِلَّا أَنْ نَشَاءَ. وقصد عمر بقوله: لم نؤمر بالسجود، هو أنهم لم يؤمروا به أمراً جازما ملزماً للإتيان به، وإن كانوا قد أمروا به أمر استحباب، وكذلك روى الجماعة إلا ابن ماجه عن زيد بن ثابت قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم "والنجم" فلم يسجد فيها - وفي رواية فلم يسجد منا أحد. ورجح الحافظ ابن حجر أن الترك كان لبيان الجواز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(11/9457)
سجود التلاوة في المذهب المالكي بعد العصر والفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم على هذا المجهود الطيب لخدمة الإسلام والمسلمين
عند تلاوة القرآن الكريم والمرور بآية سجود بعد صلاة الفجر والعصر وركعة الوتر هل يجوز السجود؟ يرجى أن تكون الفتوى على المذهب المالكي؟
جزاكم الله كل خير وتوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سجود التلاوة سنة كما هو مذهب الجمهور، لما جاء في البخاري عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء) . وورد مثله مرفوعاً عن زيد بن ثابت وغيره.
وله فضل عظيم لا ينبغي للمسلم أن يتركه إذا توفرت شروطه وانتفت موانعه، فقد أخرج مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله، أمِر بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار".
والمالكية يرون كراهة النافلة عموماً ومنها سجود التلاوة في أوقات النهي التي أشار إليها السائل الكريم، وذلك لورود النهي في أحاديث صحيحة معروفة، ولكنهم استثنوا سجود التلاوة بعد الفجر حتى الإسفار، وبعد العصر ما لم تصفر الشمس وتدنوا للغروب.
والكراهة عندهم ليست للتحريم إلا عند طلوع الشمس أو غروبها، ولهذا ذكر القرطبي عند تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) [المرسلات:48] أن الإمام مالك -رحمه الله- دخل المسجد النبوي بعد صلاة العصر فجلس ولم يركع، فقال له صبي: يا شيخ، قم فصل تحية المسجد! فقام وصلى ولم يحاجه، فقيل له في ذلك: فقال خشيت أن أكون من الذين إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون.
والحاصل: أنه لا مانع من سجود التلاوة عند المالكية في الأوقات المذكورة ما لم يكن ذلك قريباً من طلوع الشمس أو غروبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1423(11/9458)
أقوال العلماء فيمن لم يتابع الإمام في سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أسجد مع الإمام وكثير من المصلين في سجدة آية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم صلاة المأموم إذا ترك متابعة إمامه في سجود التلاوة، فمنهم من قال: بعدم بطلانها، لأن سجود التلاوة ليس من الأفعال المقتدى به فيها أصالة، وإنما وجب الاقتداء فيه تبعاً، قالوا: وترك الواجب الذي ليس بشرط لا يوجب البطلان، وذهب البعض الآخر إلى بطلان صلاة المأموم إذا لم يسجد بسجود إمامه للتلاوة، لقوله صلى الله عليه وسلم: " وإذا سجد فاسجدوا.. " الحديث، وهو متفق عليه.
وعليه؛ فهذه الصلاة المسؤول عنها في صحتها خلاف، والأحوط إعادتها.
ويقيد بطلان صلاة المأموم بترك سجود التلاوة مع إمامه بما إذا لم يكن لعذر، فإن كان لعذر فلا تبطل صلاته. قال النووي في المجموع: (ولو سجد الإمام ولم يعلم المأموم حتى رفع الإمام رأسه من السجود لم تبطل صلاة المأموم لأنه تخلف بعذر) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(11/9459)
شروط سجود التلاوة، وحكم السجود عند سماع الشريط
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أستمع لشريط القرآن لكريم فسجدالقارئ سجدة التلاوة. هل أسجد معه؟ ماذا لو كنت على غير وضوء؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيشترط لسجود التلاوة ما يشترط لصلاة النافلة من الطهارتين من الحدث والنجس وستر العورة واستقبال القبلة والنية، وهذا مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، قال الإمام: ابن قدامة الحنبلي رحمه الله: ولا نعلم فيه خلافاً. إلا ما روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه في الحائض تسمع السجدة تومئ برأسها، وبه قال سعيد بن المسيب قال: ويقول: اللهم لك سجدت. وعن الشعبي في من سمع السجدة على غير وضوء يسجد حيث كان وجهه.
ولا شك أن مذهب جماهير العلماء هو الراجح، وإذا سمع السجدة وهو غير متطهر، لم يلزمه الوضوء ولا التيمم.
وهذا كله فيما إذا كان السامع يستمع لقرآة شخص استماعاً مباشراً وليس شريطاً، وذلك لأن السامع يسجد مأموماً ولا يصح الائتمام عبر التلفاز أو المذياع المباشر، فأحرى أن لا يصح عبر الشريط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1423(11/9460)
سجود الحائض للتلاوة ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على المرأه الحائض سجود تلاوة إذا قرأت القرآن في سرها؟
أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في سجود التلاوة، هل يدخل في مسمى الصلاة التي تجب لها الطهارة أم لا؟ فمن لم يدخله فيها أجاز سجود التلاوة للحائض، ومن هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: (ولما كان المحدث له أن يقرأ فله أن يسجد بطريق الأولى فإن القراءة أعظم من مجرد سجود التلاوة) .
وقال أيضاً: (وسجود القرآن لا يشرع فيه تحريم ولا تحليل هذا هو السنة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه عامة السلف، وهو المنصوص عن الأئمة المشهورين. وعلى هذا فليست صلاة، فلا تشرط لها شروط الصلاة، بل تجوز على غير طهارة، كما كان ابن عمر يسجد على غير طهارة، لكن هي بشروط الصلاة أفضل، ولا ينبغي أن يخل بذلك إلا لعذر، فالسجود بلا طهارة خير من الإخلال به، لكن قد يقال: إنه لا يجب في هذه الحال، كما لا يجب على السامع ولا على من لم يسجد قارئه، وإن كان ذلك السجود جائز عند جمهور العلماء) وبناء على القول فلا حرج على الحائض إن سمعت القرآن أو قرأته أن تسجد للتلاوة، وإن كان ذلك لا يجب عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(11/9461)
حكم المأموم إذا سجد حيث قرأ الإمام آية سجد ولم يسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[1- صلى مجموعة ناس خلف الإمام وقرأ الإمام آية السجود ثم ركع مباشرة وهنا سجد مجموعة من المصلين ومنهم من أدرك خطأه فلحق بالإمام في الركوع، ومنهم من ظل ساجداً حتى أكمل الإمام الركوع، ثم أكملوا الصلاة. السؤال هنا ما حكم المجموعة الأولى وكذلك المجموعة الثانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أدرك خطأه من هؤلاء ولحق بالإمام في الركوع فلا إشكال في أن صلاته صحيحة لأن فعلهم كان لعذر.
ومن ظل منهم ساجداً حتى أكمل الإمام الركوع ثم أكمل الصلاة مع الإمام، فإن كانوا قد ركعوا بعد ذلك ثم واصلوا متابعة الإمام فصلاتهم صحيحة ولا شيء عليهم، وإن كانوا لم يركعوا فإنه يلزمهم قضاء تلك الركعة ما داموا في الصلاة أو بعدها، بوقت يسير، أما إذا طال الفصل فإنه يلزمهم إعادة الصلاة كلها؛ ولو خرج الوقت، لأن الركوع ركن من أركان الصلاة لا يسقط سهواً ولا جهلاً، ولا يحمله الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(11/9462)
أقوال العلماء في حكم قراءة الإمام آية سجدة في صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ما حكم الشرع في من يصلي بالناس صباح كل يوم جمعة بآية من آيات السجدة ويسجد معه الجماعة في مكان السجدة؟.
أريد حكم الشرع في حميع المذاهب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على الفقرة الأولى من السؤال برقم 9929، وبالنسبة لقراءة الإمام لسورة فيها سجدة فقد اختلف فيها أهل العلم: فالمالكية يكره عندهم ذلك، سواء في السرية والجهرية، بخلاف الشافعية فلا يكره عندهم للإمام قراءة سورة بها سجدة، لا في السرية ولا في الجهرية، وعند الحنفية وطائفة من الحنابلة يكره للإمام قراءة السجدة في القراءة السرية دون الجهرية. قال صاحب المغني: قال بعض أصحابنا يكره للإمام قراءة السجدة في صلاة لا يجهر فيها، وإن قرأ لم يسجد، وهو قول أبي حنيفة، ولم يكرهه الشافعي… إلى آخر كلامه. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1422(11/9463)
حكم سجود التلاوة بعد صلاة العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم سجود التلاوة بعد صلاة العصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في سجود التلاوة في الأوقات المنهي عن صلاة التطوع فيها، ومنها بعد العصر، فظاهر مذهب الحنفية والصحيح من مذهب الحنابلة هو أنه لا سجود للتلاوة في الأوقات المنهي فيها عن صلاة التطوع لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس) رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ومذهب المالكية جواز السجود بلاكراهة بعد صلاة الفجر حتى الإسفرار وبعد العصر حتى تصفر الشمس، وعن مالك رويتان.
ومذهب الشافعية وهو رواية لأحمد وقول لمالك: أنه يسجد في أوقات النهي لأنه من جملة الصلوات ذوات الأسباب وهذا القول الأخير هو الراجح، قال ابن القيم في إعلام الموقعين (وحديث النهي عن الصلاة في أوقات النهي عام مجمل قد خص منه عصر يومه بالإجماع وخص منه قضاء الفائتة والمنسية بالنص وخص منه ذوات الأسباب بالسنة كما قضى النبي صلى الله عليه وسلم سنة الظهر بعد العصر وأقر من قضى سنة الفجر بعد صلاة الفجر وقد أعلمه أنها سنة الفجر وأقر من صلى في رحله ثم جاء مسجد جماعة أن يصلي معهم وتكون له نافلة وقاله في صلاة الفجر وهي سبب الحديث، وأمر الداخل والإمام يخطب أن يصلي تحية المسجد قبل أن يجلس" انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(11/9464)
هل يشترط الحجاب لسجود التلاوة والشكر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة أن ترتدي الحجاب عند سجود التلاوة أو عند سجود الشكر في البيت وهل يشترط الوضوء فيهما وهل سجود التلاوة والشكر يعتبر من الصلاة حتى يشترط فيهما الحجاب؟ أفيدونا مأجورين وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عورة المرأة في الصلاة هي جميع البدن، إلا الوجه والكفين فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه ابن خزيمة والحاكم، وقال الترمذي حديث حسن، والمراد بالحائض: التي بلغت سن الحيض. وإنما يشترط ستر العورة في سجود التلاوة حيث قلنا بأنه صلاة، وتسقط جميع الشروط التي من جملتها ستر العورة على القول بأنه غير صلاة،. وراجعي الفتوى رقم 2769
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1422(11/9465)
حكم من كان في موضع لا يتمكن فيه من سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقرأ القرآن في المكتب ووجد السجدة فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان يقرأ القرآن ووصل إلى محل سجود التلاوة فعليه أن يقرأ آية السجدة على كل حال، ثم إن أمكنه أن يسجد سجد ولو كان في مكتبه، فإن لم يمكنه السجود لضيق المكان -مثلاً- أو لكونه غير متطهر إن كان يرى أن الطهارة شرط لصحة سجود التلاوة سقط عنه السجود فقط، ولا يغير نظم القرآن بتجاوز آية السجدة.
فقد ذهب أكثر الفقهاء إلى أنه يكره للقارئ أن يقرأ السورة أو الآيات في الصلاة أو غيرها، ويدع قراءة آية السجدة فراراً من سجودها، لأن ذلك لم ينقل عن السلف الصالح، بل نقل عنهم كراهته، ولأنه قطع لنظم القرآن وتغيير لتأليفه، واتباع النظم والتأليف مأمور به قال تعالى (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) [القيامة:18] ، ولأنه في صورة الفرار من العبادة والإعراض عن تحصيلها بالفعل، وذلك مكروه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1422(11/9466)
الدعاء المأثور في سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند سجود التلاوة هل يقول الشخص:سبحان ربى الأعلى 3 مرات أم يكتفي بالدعاء المعروف في السجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة أن يقول في سجود التلاوة: " سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته" رواه الترمذي والحاكم وزاد: " فتبارك الله أحسن الخالقين".
وأجاز بعض العلماء أن يقول سبحان ربي الأعلى، أو يفعل مثلما يفعل في سائر السجود. قال الإمام النووي: (ويستحب أن يقول في سجوده: " سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته". وأن يقول: " اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وضع عني بها وزراً، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود عليه السلام" ولو قال ما يقول في سجود صلاته جاز. ثم يرفع رأسه مكبراً كما يرفع من سجود الصلاة) روضة الطالبين (1/322) .
ومن العلماء من فصل بين من كان في الصلاة فاستحب له التسبيح بالإضافة إلى الدعاء المعروف، وبين من كان خارج الصلاة فاستحب له الاقتصار على الدعاء دون التسبيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1422(11/9467)
كيفية سجود التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو سجود التلاوة، وما هي كيفية أدائه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسجود التلاوة سجدة واحدة، يسن أداؤه عند تلاوة إحدى الآيات التي تحتوي على سجدة وانظر لمعرفة مواضع السجود في القرآن الفتوى رقم 24835، فمن وصل إلى موضعها سجدها، سواء كان في صلاة، أم لم يكن فيها. ومن أهل العلم من اشترط في ساجدها أن يكون على طهارة، ومنهم من لم يشترط ذلك ومنشأ الخلاف بينهم هو: هل هي صلاة أم لا؟ فمن رآها صلاة اشترط فيها الطهارة ومن لم يرها صلاة لم يشترطها فيها.
وكيفيتها: أن يسجد القارئ سجدة يدعو فيها بالدعاء المأثور: "سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين" ويكبر عند خفضه ورفعه ولو كان في الصلاة ولا يسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9468)
صفة سجدة التلاوة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تكون صفة سجدة التلاوة؟ وما هو الدعاء الذي يقال فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسجود التلاوة: اختلف العلماء في حكمه، فذهب الجمهور إلى أنه سنة، وذهب الأحناف إلى الوجوب، وإنما ذهب الجمهور إلى سنيته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله وتركه، فدل ذلك على عدم الوجوب، ثم إنه قد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: يا أيها الناس إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن ترك فلا إثم عليه. رواه البخاري. ومن أهل العلم من اشترط الطهارة لهذا السجود، ومنهم من أجازه ولو كان المرء على غير طهارة، ومنشأ الخلاف بينهم هو: هل هي صلاة أم لا؟ فمن رآها صلاة اشترط فيها الطهارة، ومن لم يرها صلاة لم يشترطها فيها.
وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يسجده وهو على غير وضوء. رواه البخاري. ولاشك أن فعله على طهارة أولى وأحوط.
وأما صفته فإنه إذا مر القارئ بآية فيها سجدة، كبر ثم سجد، وقال في سجوده كما في الترمذي "سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته" وزاد الحاكم "فتبارك الله أحسن الخالقين". ثم كبر لرفعه من السجود، ودليل هذا التكبير أنه قد ورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يكبر في كل خفض ورفع، ولا يشترط تسليم على الصحيح، كما يجوز للقارئ أن يسجد في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها عند المحققين من أهل العلم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9469)
وقت سجدة التلاوة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إذا قرأنا في الصلاة سورة فيها سجود تلاوة، هل نسجد بعد القراءة مباشرة ثم نعود للركوع، أم نؤجل السجود إلى ما بعد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فاعلم أخي السائل أن سجود التلاوة في الصلاة يكون عقب قراءة آية السجدة مباشرة، فعن بن عمر رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن فيقرأ سورة فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعا لمكان جبهته، رواه مسلم، فقول الراوي فيقرأ سورة فيها سجدة فيسجد دليل على أن السجود عقب تلاوة آية السجدة مباشرة، لما أفادته الفاء من الترتيب مع التعقيب، ومن ركع قبل سجود التلاوة سقط عنه سجود التلاوة نص على ذلك الإمام أحمد قال ابن مسعود إن شئت ركعت وإن شئت سجدت، وبه قال الربيع بن خثيم وإسحاق وأصحاب الرأي، قال مسروق: قال عبد الله إذا قرأ أحدكم سورة آخرها سجدة فليركع إن شاء وإن شاء فليسجد.
وأما ما يقال في السجود فهو: سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته زاد أبو عبد الله في روايته "فتبارك الله أحسن الخالقين" رواه البيهقي في السنن الكبرى من حديث عائشة رضى الله عنها.
وبعد أن تسجد للتلاوة فلك أن تكمل القراءة ولك أن تركع.
قال في الإنصاف: إذا قام المصلي من سجود التلاوة، فإن شاء قرأ ثم ركع، وإن شاء ركع من غير قراءة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1422(11/9470)
هل يوجد في سجود التلاوة وسجود الشكر سلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد في سجود التلاوة والشكر سلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين، الصحيح منهما أن التسليم لا يُشرع لسجود التلاوة لأنه لم ينقل عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه فعله، وقد صح عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق عليه. وفي رواية مسلم " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. وقد قال بعدم مشروعية التسليم في سجود التلاوة جمهور أهل العلم خلافا للشافعية حيث أوجبوا السلام، قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: قال أحمد، أما التسليم فلا أدري ما هو. قال النخعي، والحسن، وسعيد بن جبير، ويحيى بن وثاب: ليس فيه تسليم وروي ذلك عن أبي حنيفة. واختلف قول الشافعي فيه. اهـ
وسجود الشكر حكمه حكم سجود التلاوة خارج الصلاة من حيث الكيفية, قال الإمام النووي في المجموع:
قال أصحابنا: ويفتقر سجود الشكر إلى شروط الصلاة وحكمه في الصفات وغيرها حكم سجود التلاوة خارج الصلاة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1429(11/9471)
حالات مشروعية سجدة الشكر
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي أنا جعلت سجدة الشكر بعد كل صلاة لأشكر ربي على نعمه التي أنعم بها علي (البصر والسميع.. وغيرها، ثم تركتها مخافة أن أكون قد وقعت في البدعة لأن رسولنا صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعلها، فبماذا تنصحونني جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تشرع سجدة الشكر بعد كل صلاة، ولكن تشرع عند تجدد نعمة أو اندفاع نقمة، أما في غير ذلك فلا تشرع لأن نعم الله سبحانه وتعالى دائمة على عبده لا تحصى ولا تنقطع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترك سجدة الشكر بعد كل صلاة كان صواباً لأنها إنما تشرع عند تجدد نعمة أو اندفاع نقمة، أما في غير ذلك فلا تشرع لأن نعم الله سبحانه وتعالى دائمة على عبده لا تحصى ولا تنقطع.
قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: قال الشافعي والأصحاب: سجود الشكر سنة عند تجدد نعمة ظاهرة واندفاع نقمة ظاهرة، سواء خصته النعمة والنقمة أو عمت المسلمين ... ولا يشرع السجود لاستمرار النعم، لأنها لا تنقطع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1429(11/9472)
حكم من نذر أن يسجد سجدة شكر كل يوم
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت أني كل يوم أسجد لله سجدة شكر لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعمل هذا السجود كل يوم فماذا علي أن أفعل، وهل علي إثم في هذا.. مع العلم بأني لم أكن أعرف أن النذر مكروه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فإن سجود الشكر مختلف في مشروعيته بين الفقهاء؛ فمنهم من يرى أنه مستحب عند تجدد النعم واندفاع النقم، ولكن لا يشرع إلا عند موجبه، ومنهم من يرى أنه مكروه، والذي يتبين من مجمل كلامهم في هذا الأمر أنه ليس على الأخت السائلة أن تسجد كل يوم سجدة، لكن إذا تجددت لها نعمة أو اندفعت عنها نقمة لزمها سجود الشكر بناء على القول باستحبابه عند حدوث موجبه، أما على قول المالكية فلا يجب عليها شيء على كل حال.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سجود الشكر مختلف في مشروعيته بين الفقهاء؛ فمنهم من يرى أنه مستحب عند تجدد النعم أو اندفاع النقم وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، وعلى هذا القول فهو طاعة يجب الوفاء بنذرها، ويرى المالكية أنه غير مشروع وعلى قولهم لا يجب الوفاء بنذره، بل ذكروا أن الوفاء بالنذر المكروه مكروه، ثم إن القائلين باستحباب سجود الشكر نصوا على أنه لا يشرع إلا عند وجود سببه وهو تجدد نعمة أو اندفاع نقمة ولا يشرع لاستمرار النعم، لأنها لا تنقطع.
قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: قال الشافعي والأصحاب: سجود الشكر سنة عند تجدد نعمة ظاهرة واندفاع نقمة ظاهرة، سواء خصته النعمة والنقمة أوعمت المسلمين ... ولا يشرع السجود لاستمرار النعم، لأنها لا تنقطع. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: ويستحب سجود الشكر عند تجدد النعم، واندفاع النقم، وبه قال الشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر، وقال النخعي، ومالك، وأبو حنيفة: يكره لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في أيامه الفتوح، واستسقى فسقي، ولم ينقل أنه سجد، ولو كان مستحباً لم يخل به، ولنا ما روى ابن المنذر، بإسناده عن أبي بكرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسر به خر ساجداً. رواه أبو داود. انتهى.
وفي مختصر خليل في الفقه المالكي: وكره سجود شكر أو زلزلة. انتهى.
وفي مواهب الجليل على مختصر خليل في الفقه المالكي: النذر ينقسم على أربعة أقسام نذر في طاعة الله يلزم الوفاء به، ونذر في معصية يحرم الوفاء به، ونذر في مكروه يكره الوفاء به، ونذر في مباح يباح الوفاء به. انتهى.
ومن خلال ما تقدم يتبين أن سجود الشكر مكروه في المذهب المالكي ويكره نذره والوفاء به، وعند الشافعية والحنابلة مستحب عند وجود موجبه من تجدد النعم أو اندفاع النقم، ويجب الوفاء به إذا نذر لأنه طاعة، فإن لم يوجد له موجب فلا يشرع أصلاً، وبالتالي فلا يشرع نذره، وعلى هذا فلا يلزم الأخت السائلة أن تسجد كل يوم سجدة للشكر، لكن إذا تجددت لها نعمة أو اندفعت عنها نقمة لزمها سجود الشكر بسبب النذر بناء على القول باستحبابه عند حدوث موجبه، أما على قول المالكية فلا يلزمها شيء على كل حال.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39996، 22037، 98197.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1428(11/9473)
حكم سجود الشكر عند تسجيل هدف في المباراة
[السُّؤَالُ]
ـ[نجد أن بعض لاعبي كرة القدم إذا أحرز هدفا في المباراة سجد لله تعالى شكراً على ذلك، فهل ينبغي فعل ذلك أم أن الذي ينبغي فعله هو السجود عند النعم العظيمة فقط إذ أن كل ما نحن به هو من نعم الله تعالى علينا ولو كان كذلك لسجدنا كلما استجدت لنا نعمة صغيرة أو كبيرة ثم إن الواضح من الأحاديث التي ورد فيها سجود الشكر أن ذلك كان لأشياء عظيمة كما تعلمون وأيضا أظن والله تعالى أعلم أن هذا انتقاص من أمر هذه العبادة إذ جعلها في موضع لهو ولعب؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسجود الشكر مشروع عند جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى وكرهه مالك، والقائلون بالمشروعية يخصونه بالنعم الظاهرة، وزاد بعضهم تخصيصه بالنعم الظاهرة العامة، ولا يسجد لكل نعمة لتعسر ذلك، قال الإمام النووي في المجموع: قال الشافعي والأصحاب: سجود الشكر سنة عند تجدد نعمة ظاهرة واندفاع نقمة ظاهرة، سواء خصته النعمة والنقمة أو عمت المسلمين. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: قوله: ويستحب سجود الشكر هذا المذهب مطلقاً، وعليه الأصحاب ... عند تجدد النعم، واندفاع النقم يعني العامتين للناس. هكذا قال كثير من الأصحاب، وأطلقوا، وقال القاضي وجماعة: يستحب عند تجدد نعمة أو دفع نقمة ظاهرة، لأن العقلاء يهنون بالسلامة من العارض، ولا يفعلونه في كل ساعة، وإن كان الله يصرف عنهم البلاء والآفات، ويمتعهم بالسمع والبصر والعقل والدين، ويفرقون في التهنئة بين النعمة الظاهرة والباطنة، كذلك السجود للشكر. انتهى.
وعليه فلا يشرع سجود الشكر عند حصول هدف في المباراة لعدم ظهور النعمة وعدم مناسبة المكان، وقد لا يراعى شرط سجود الشكر من طهارة واستقبال قبلة ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1427(11/9474)
المواظبة على سجود الشكر عقب الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني لقد مررت بأزمة صحية وخرجت منها والحمد لله بخير ولكن شعرت أننا لا نشكر الله كما ينبغي لجلال وجه الله وعظيم قدره على النعم التي منحنا إياها وقررت من يومها أن أسجد سجدة شكر عقب كل صلاة شكرا لله على النعم التي أنعم علي بها وعلى جميع خلقه وإن داومت فلا أكفيه أعلم ذلك ولكن السؤال إن هناك من كان يراني أسجد بعد الصلاة فيسألني فأجيبه وأدعوه هو كذلك للسجود لله عقب الصلاة لشكره ولكن هناك أخت تقول لي إن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام لم يكن يفعل ذلك فليس لك أن تطلبي ذلك من الناس أو أن تدعي الناس للسجود عقب الصلاة كفرض وإن استندت للحديث: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من يعمل بها) فأخاف أن أكون أفتيت بشيء قصدي به خير وهو باطل لا أريد أن أضل الناس ولكن أريد نفعهم وتأسيا بالحبيب بلال بن رباح عندما كان كلما توضأ كان يصلي ركعتين للوضوء فأخذها عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام وكان يقول هاتان الركعتان علمني إياها أخي بلال وأصبحت سنة الوضوء فهل يجوز لي فقط أن أسجد سجود الشكر لأنني مررت بتلك الأزمة أو لي أن أنصح الناس كذلك للعمل بها؟
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المواظبة على عبادة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي لها تعد من البدع الإضافية التي يلزم البعد عنها وعن الدعوة إليها، ومن ذلك الالتزام أو المواظبة على سجود الشكر عقب الصلاة، كما أن سجدة الشكر إنما تشرع لتجدد نعمة أو اندفاع نقمة فهي سجدة لها سبب.
وأما حديث من سن في الإسلام سنة حسنة فالمراد ما كان داخلاً فيما ثبتت مشروعتيه كالصدقة التي ذكر الحديث بسببها، فعلى هذه الأخت أن تقرأ في الكتب التي تتحدث عن الفضائل وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في حياته اليومية، وتحرص على العمل بما رغب فيه صلى الله عليه وسلم وما عمل ففيه غنية عن إحداث ما سواه، ومن أهم الكتب التي تتكلم في هذا المجال عمل اليوم والليلة لابن السني وللنسائي، والترغيب والترهيب للمنذري، والمتجر الرابح للدمياطي، ورياض الصالحين للنووي.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 631، 62653، 29016، 21732.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(11/9475)
سجود الشكر بعد صلاة بعينها يوميا من البدع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل لي الحق أن أسجد لله شكراَ قبل أن أنصرف من صلاة الفجر جماعة في المسجد (بشكل يومي) لنعمة ربي علي أن أيقظني وذهابي إلى بيته؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشرع لك أن تقوم بسجود الشكر بعد صلاة الصبح دائماً لعدم ثبوت مشروعية هذا السجود، فمن المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين كان يحضرون صلاة الصبح معه جماعة لم يفعلوا هذا الأمر ولو فعلوه لنقل في كتب أهل العلم وعمل به التابعون فمن بعدهم وانتشر العمل به بين المسلمين، فمثل هذا الأمر مما تتوفر الدواعي إلى نقله على وجه التواتر ولا يمكن أن يخفى، وقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 22037 أن سجود الشكر بعد كل صلاة من البدع التي يتعين تركها، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 4786، والفتوى رقم: 62653.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(11/9476)
ضوابط مشروعية سجدة الشكر
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني جزاكم الله خيراً ... قد قرأت منذ قليل أن سجود الشكر لا يصح إلا في نعمة حلت على العبد أو زوال نقمة، وأنا أسجد أحيانا شكراً لله على نفسه أي على أنه واحد لا شريك له، خاصة لما أكون في ضيق وأهرب إلى الله وذلك بذكره، فأجد نفسي بعدها مرتاحة لذلك أسجد وأشكره على نفسه، لأنه لولاه لما ارتحت فكثيراً ما أقول إن ربي أولى النعم على هذا الكون، فهل هذه بدعة، اعذروني على هذا السؤال ولكن ليطمئن قلبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسجود الشكر لا يكون إلا لله، وسببه حصول نعمة أو اندفاع نقمة، ومن نعم الله جل جلاله عليك ذهاب ما ألم بك من هم وضيق عند لجوئك إلى ذكر الله وانشراح صدرك بذلك، فهو نعمة تستحق الشكر لله سبحانه وتعالى.
وأما السجود لله تعالى شكراً له دون حصول نعمة أو اندفاع نقمة فليس بمشروع، بل نص جماعة من أهل العلم ومنهم ابن حجر الهيتمي رحمه الله على أن التعبد لله بسجدة مفردة حرام لأن العبادة لم تشرع بهذه الصورة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 4786.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(11/9477)
حكم سجود الشكر في الصلاة، ومذاهب الفقهاء في سجدة (ص)
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: عندما أريد أن أسجد سجود شكر في إحدى صلواتي الخمس فمتى يجوز أن أسجد سجود الشكر، هل بعد التسليم من الصلاة أم قبل كسجود السهو؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للشخص أن يسجد سجود الشكر في الصلاة، بل تبطل صلاته إن كان عالما بحرمة ذلك، لأنه زاد في الصلاة ما ليس منها، وقد صرح بذلك الشافعية والحنابلة رحمهم الله تعالى، قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: اتفق أصحابنا على تحريم سجود الشكر في الصلاة، فإن سجدها فيها بطلت صلاته بلا خلاف. انتهى.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: ولا يسجد للشكر وهو في الصلاة، لأن سبب السجدة ليس منها، فإن فعل بطلت صلاته، إلا أن يكون ناسياً أو جاهلا بتحريم ذلك. انتهى.
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا حكم السجود في الصلاة في سجدة سورة (ص) وقد اختلف العلماء في ذلك، فقيل: هي للشكر، وهو ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة لما روى البخاري عن ابن عباس أنه قال: (ص) ليست من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها. وروى النسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سجدها داود توبة، ونسجدها شكراً.
وقيل: هي للتلاوة، وإليه ذهب الحنفية والمالكية، من أجل ذلك فلو سجد عند سجدة سورة (ص) في الصلاة بطلت صلاته عند الحنابلة، وهو الأصح عند الشافعية ما لم يكن جاهلاً أو ناسياً.
أما عند الحنفية والمالكية فلا تبطل، وقد وافقهم على ذلك بعض الشافعية من حيث إنها وإن كانت للشكر إلا أن لها تعلقا بالصلاة، فهي ليست لمحض الشكر، وهو وجه عند الحنابلة كما في المغني، حيث قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: فأما سجدة (ص) إذا سجدها في الصلاة وقلنا: ليست من العزائم، فيحتمل أن تبطل، لأنها سجدة شكر، ويحتمل أن لا تبطل، لأن سببها من الصلاة، وتتعلق بالتلاوة، فهي كسجود التلاوة. والله أعلم.
وقال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: ففي جواز السجود وجهان في الشامل والبيان وغيرهما أصحهما تحرم وتبطل صلاته. انتهى.
وقال الرملي رحمه الله تعالى: إن كان ناسياً أو جاهلا لا تبطل صلاته ويسجد للسهو، والعالم بحكمها لو سجد إمامه لم يجز له متابعته؛ بل يتخير بين انتظاره ومفارقته، وانتظاره أفضل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(11/9478)
لم يرد التعبد لله بسجدة مفردة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أستطيع الدعاء في السجود؟ أقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا، ثم أدعو في صلاة النافلة؟ هل هناك سجود آخر غير الشكر وسجود التلاوة؟ كتطوع -مثلا- ماذا نقول في سجود الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسجود الشكر يقال فيه ما يقال في سجود صلب الصلاة، أي سبحان ربي الأعلى، وجوباً على ما صرح به فقهاء الحنابلة.
ولا يشرع التعبد بسجدة مفردة غير سجدة التلاوة وسجدة الشكر، لأن الأصل في العبادات التوقيف، ولم يرد التعبد لله بسجدة مفردة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(11/9479)
سجود الشكر لا صلاة الشكر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي ركعتين شكرا لله بعدد أولادي الأربعة ومنذ ولادة كل واحد منهم، وذلك لتخوفي من أن أرزق بأولاد فيهم تشوه لكون زوجتي من أقربائي وتكثر في زواج الأهل حالات تشوهات الأجنة، ولكن الحمد لله كلهم بخير، فهل ما أنا عليه من صلاة ركعتين شكرا لله على الخلقة التامة لأولادي بدعة؟ وهل أستمر أو أتوقف؟ أرجو النصح والتوضيح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيسن لك أن تسجد سجود الشكر عند تجدد نعمة كمجيء ولد، لا أن تصلي ركعتين، فإن ذلك لم يرد، قال في مطالب أولي النهى: (1/589) (ويسن سجود شكر عند تجدد نعم) عامة أو خاصة، (وعند اندفاع نقم عامة) له وللناس، (أو خاصة به، ظاهرة) كتجدد ولد أو مال أو جاه أو نصرة على عدو، لحديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يُسَرُّ به خر ساجدا. رواه أحمد والترمذي، وقال: حسن غريب، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، وكذلك رواه الحاكم وصححه.
وسجد النبي صلى الله عليه وسلم حين قال له جبريل: يقول الله: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم سلمت عليه. رواه أحمد. وروى البراء أنه صلى الله عليه وسلم خر ساجدا حين جاءه كتاب علي من اليمن بإسلام همدان، رواه البيهقي في المعرفة وفي السنن، وقال: هذا إسناد صحيح.
وسجد حين شفع في أمته فأجيب. رواه أبو داود.
وسجد الصديق حين جاءه قتل مسيلمة، رواه سعيد.
وسجد علي حين رأى ذا الثُّدَية من الخوارج، رواه أحمد. وسجد كعب حين بشر بتوبة الله عليه، وقصته متفق عليها.
(وإلا) ، أي وإن لم نشترط في النعمة الظهور (فنعم الله في كل وقت لا تحصى) والعقلاء يهنئون بالسلامة من العارض ولا يفعلونه في كل ساعة. انتهى
أي لا يسجد إلا عند حدوث النعمة الظاهرة.
وانظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 4786.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1424(11/9480)
بين سجود الشكر وصلاة الشكر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك ركعتا شكر لله أم أنها سجدة شكر؟ وماذا لو أراد الإنسان أن يصلي لله ركعتين بنية الشكر؟ هل يكون في ذلك مبتدعا؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يشرع للإنسان إذا تجددت له نعمة أو اندفعت عنه نقمة كأن حصل له فرج من شدة أو رُزق مولودًا، فإنه يشرع له أن يسجد سجود الشكر، وصفته: أن يكبر ويسجد، ثم يقول: سبحان ربي الأعلى، ويدعو بما تيسر.
وسجود الشكر مستحب لما رواه أحمد والحاكم وصححه، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال: سجد النبي صلى الله عليه وسلم فأطال السجود ثم رفع رأسه وقال: إن جبريل أتاني فبشرني فسجدت لله شكرًا.
ولما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم أهل اليمن خر ساجدًا شكرًا لله على ذلك. رواه الترمذي، وإسناده صحيح.
وكذلك عمر رضي الله عنه، لما جاءه خبر فتح من قِبَل اليمامة سجد، وسجد أبو بكر رضي الله عنه، لما أتاه خبر مقتل مسيلمة الكذاب، وسجد علي رضي الله عنه، لما وجد ذا الثدية بين قتلى الخوارج.
وأما صلاة ركعتين بمناسبة حدوث نعمة أو دفع نقمة شكرًا، فلا أعلم له أصلاً من السنة، ولو نواها ركعتين سنة الوضوء لكان أفضل. وأما إذا صلى ركعتين فهل يُعدُّ مُبتَدِعًا؟ فلا؛ لأنه ليس كل من وقع في البدعةِ يكون مبتدعًا، بل لا بد من استيفاء الشروط وانتفاء الموانع. فمن استيفاء الشروط أن يكون العملُ بدعةً وأن يكون عالمًا بذلك، قد قامت عليه الحجة. وانتفاء الموانع: من الجهل، والتأويل، والإكراه، ونحو ذلك.
وعلى كُلٍّ، فإن أمر التبديع أو التفسيق أو التكفير خطير، ولا ينبغي الدخول فيه إلاَّ لأهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1424(11/9481)
سجود الشكر بدون سبب بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله
هل يجوز سجود سجدة شكر بعد كل صلاة فرض أم ذلك يعتبر بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سجود الشكر الوارد في السنة لا بد له من سبب من اندفاع نقمة أو حصول نعمة.
أما أن يسجده الشخص بعد كل صلاة وبدون سبب متجدد، فهذه بدعة لا يجوز فعلها.
ولمزيد من المعلومات والأدلة عن سجود الشكر يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 4786.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1423(11/9482)
تشرع سجدة الشكر عند حصول نعمة أو اندفاع نقمة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هل توجد في الشريعة الإسلامية صلاة الشكر، وما كيفيتها، وهل تؤدى في جماعة، وكم عدد ركعاتها، وتأصيلها من الكتاب والسنة والآثار، وما الفرق بينها وبين سجود الشكر، ودعاء الشكر، ودعاء الحاجة، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا حدثت لك نعمة كشفاء مريض، أو قدوم غائب، أو رزقت بمولود، أو اندفعت عنك نقمة، فقد استحب جمهور أهل العلم أن تسجد سجدة شكر لله تعالى، على حدوث النعمة أو اندفاع النقمة، لما رواه أحمد والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سجد النبي صلى الله عليه وسلم فأطال السجود ثم رفع رأسه، فقال: "إن جبريل أتاني فبشرني فسجدت لله شكراً". ولما رواه البيهقي -وأصله في البخاري- عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليًا إلى اليمن فذكر الحديث قال: فكتب علي بإسلامهم فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خرَّ ساجداً شكرًا لله تعالى على ذلك. وقال الترمذي إسناده صحيح. وروى عبد الرزاق في مصنفه أن عمر أتاه فتح من قبل اليمامة فسجد، وسجد أبو بكر حينما جاءه خبر قتل مسيلمة الكذاب، وسجد علي حين وجد ذا الثدية بين قتلى الخوارج. وذهب مالك في المشهور عنه إلى أنه يكره ذلك لأن الإنسان لا يخلو من نعمة. ولكن قال بمشروعيتها ابن حبيب واللخمي من المالكية، وعزاها ابن القصار إلى مالك. وأحكام سجود الشكر كأحكام سجود التلاوة من حيث إنَّه تشترط له الطهارة، واستقبال القبلة، وستر العورة، وغير ذلك مما يشترط في صلاة النافلة، وذلك لمن اعتبرها صلاة، ومن لم يرها مثل الصلاة، كشيخ الإسلام ابن تيمية لم يشترط لها تلك الشروط. ولعل هذا الأخير هو الصواب، لأن الله تعالى سماه سجوداً ولم يسمه صلاة، ولأنه لا تشترط الطهارة لقارئ القرآن عن ظهر قلب، وفي منعه من السجود في مواضعه تفويت لأجر عظيم بلا دليل، وسجود الشكر من باب أولى، لأنه ثناء على الله مع تذلل بين يديه، ومن تأمل الأدلة السابقة ومناسباتها تبين أن السجود أعم من الصلاة في حقيقتها الشرعية.
وأما صلاة الشكر فلم يثبت شيء فيها، والثابت بالآثار سجود الشكر، وأما دعاء الحاجة فلا يعرف دعاء بهذا الاسم، ولكن هناك بعض الأحاديث التي وردت في صلاة تسمى صلاة الحاجة، منها ما رواه الترمذي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له إلى الله حاجة، أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ ويحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين وليثنِ على الله تعالى وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبًا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين". والحديث فيه ضعف، وقد عد بعض أهل العلم تلك الصلاة بدعة، لعدم ثبوت الحديث عنده، وذهب إلى مشروعيتها آخرون، وهذا الأصوب إن شاء الله تعالى وراجع الفتوى رقم 1390 وأما دعاء الشكر فلا نعرف دعاء بهذا الاسم. والله تعالى اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9483)
الحكمة من تفضيل صلاة الجماعة بسبع وعشرين درجة
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا ذكرالرسول صلى الله عليه وسلم صلاة الجماعة أفضل من الفرد بسبع وعشرين درجة، لماذا سبعة وعشرون بالأخص ولم يذكر عددا آخر.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين حديثُ تفضيل الجماعة على صلاة الفذ بخمسٍ وعشرين درجة، وفي بعضِ رواياته بسبعٍ وعشرين درجة.
قال الشوكاني رحمه الله: وقد اختلف هل الراجح رواية السبع والعشرين أو الخمس والعشرين، فقيل رواية الخمس لكثرة رواتها، وقيل رواية السبع لأن فيها زيادة من عدل حافظ، وقد جمع بينهما بوجوه: منها أن ذكر القليل لا ينفي الكثير وقيل إنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم أخبر بالخمس ثم أخبره اللَّه بزيادة الفضل فأخبر بالسبع، وتعقب بأنه محتاج إلى التاريخ وبأن دخول النسخ في الفضائل مختلف فيه. وقيل الفرق باعتبار قرب المسجد وبعده. وقيل الفرق بحال المصلي كأن يكون أعلم وأخشع. وقيل الفرق بإيقاعها في المسجد أو غيره. وقيل الفرق بالمنتظر للصلاة وغيره. وقيل الفرق بإدراكها كلها أو بعضها. وقيل الفرق بكثرة الجماعة وقلتهم. وقيل السبع مختصة بالفجر والعشاء. وقيل بالفجر والعصر، والخمس بما عدا ذلك، وقيل السبع مختصة بالجهرية والخمس بالسرية، ورجحه الحافظ في الفتح. والراجح عندي أولها لدخول مفهوم الخمس تحت مفهوم السبع. انتهى.
إذا علمت هذا فاعلم أن من أول صفات المؤمنين التي مُدحوا بها أنهم يؤمنون بالغيب، فالواجبُ علينا أن نصدق بالأخبار الواردة عن الله دون تَمحُّلٍ أو تكلف ٍ لمعرفة حكمة ما لم تظهر حكمته، ومضاعفة أجور العاملين من هذا الباب فالله يضاعف الأجر لمن يشاء على الوجه الذي يشاء. لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء: 23} .
وعلي العباد أن يذعنوا ويستسلموا ويتلقوا خبره بالتصديق وفضله بالشكر، ولا يُعملوا عقولهم فيما لا مجال لمعرفته أو إدراكه، وما أحسن ما قاله العلامة الشوكاني رحمه الله عند كلامه عن سر تضعيف صلاة الجماعة بهذا العدد الوارد في الحديث، وهذه عبارته فعض عليها بالنواجذ: ـ واعلم ـ أن التخصيص بهذا العدد من أسرار النبوة التي تقصر العقول عن إدراكها، وقد تعرض جماعة للكلام على وجه الحكمة وذكروا مناسبات وقد طول الكلام في ذلك صاحب الفتح فمن أحب الوقوف على ذلك رجع إليه. "اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1429(11/9484)
حول اقتداء المفترض بالمتنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بارك الله فيكم حول إمامة المتنفل بالمفترض، شرعت في صلاة سنة المغرب وأنا في بداية الصلاة جاء شخص أو أكثر لم يصلوا الفريضة فاقتدوا بصلاتي، فهل يجوز لي أن أجهر بالقراءة أم أسر، ولو جاز لي الجهر، فهل لو أدركوني في الركعة الثانية من راتبة المغرب وصلوا معي أجهر بالقراءة أم لا، وهل نفس الحكم لو أني أصلي راتبة العشاء أو ركعتي الشفع أو ركعة الوتر وصلوا بصلاتي أجهر أم أسر، ومعذرة مشايخنا الكرام أرجوا التفصيل بالأدلة مع ذكر إن كان هناك خلاف بين أهل العلم في ذلك، مع ذكر أحكام صلاة المفترض بالمتنفل مما نحتاج إليه مع ذكر بعض كتب لأهل العلم المتقدمين نجد فيها أكثر هذه الأحكام، لأن بعض الناس إذا رأوأ أحدا يصلي راتبة الصلاة الجهرية وإذا أتم به مفترض, جهر هذا الإمام بالقراءة بعد الفراغ من صلاته ينكر عليه بعض الإخوة، وأيضا إذا أسر بالقراءة ينكر عليه بعض الإخوة، فما الصحيح في ذلك؟ ... وهل لو شرع في القراءة ثم أتم بالمتنفل مفترض فهل يأتي بالفاتحة من أولها أم يكمل قراءته حتى لو شرع في قراءة السورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل على الراجح بدليل ما ثبت عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم في صلاة العشاء، ومع ذلك فلو أحس الذي يصلي الراتبة باقتداء شخص به فإنه لا يطالب بالجهر؛ لأن الفقهاء نصوا على أن السنة في الرواتب الإسرار مطلقاً.
ولا يطالب بإعادة القراءة إذا ائتم به شخص، بل يكمل قراءته وصلاته على ما سبق منها، وللاطلاع على المزيد فيما يتعلق باقتداء المفترض بالمتنفل يمكن مطالعة كتاب المجموع في الفقه الشافعي للنووي، وكتاب المغني لابن قدامة الحنبلي وغيرهما من الكتب التي تتطرق للمسائل المختلف فيها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اقتداء المفترض بالمتنفل من المسائل المختلف فيها بين الفقهاء، والراجح جوازه بدليل ما ثبت عن معاذ بن جبل رضي الله عنه من أنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم في صلاة العشاء.
ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله: أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة. وهو مذهب الشافعية وقول عند الحنابلة.
قال في المهذب في الفقه الشافعي: ويجوز أن يأتم المفترض بالمتنفل، والمفترض بمفترض في صلاة أخرى، لما روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن معاذاً رضي الله عنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ثم يأتي قومه في بني سلمة فيصلي بهم هي له تطوع ولهم فريضة العشاء. انتهى.
وقال النووي في المجموع: م ذهبنا: أنه تصح صلاة النفل خلف الفرض، والفرض خلف النفل، وتصح صلاة فريضة خلف فريضة أخرى توافقها في العدد كظهر خلف عصر، وتصح فريضة خلف فريضة أقصر منها، وكل هذا جائز بلا خلاف عندنا.. إلى أن قال: قد ذكرنا أن مذهبنا جواز صلاة المتنفل والمفترض خلف متنفل ومفترض في فرض آخر، وحكاه ابن المنذر عن طاوس وعطاء والأوزاعي وأحمد وأبي ثور وسليمان بن حرب، قال: وبه أقول، وهو مذهب داود، وقالت طائفة: لا يجوز نفل خلف فرض، ولا فرض خلف نفل، ولا خلف فرض آخر، قاله الحسن البصري والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة وأبو قلابة، وهو رواية عن مالك، وقال الثوري وأبو حنيفة: لا يجوز الفرض خلف نفل آخر ولا فرض آخر، ويجوز النفل خلف فرض وروي عن مالك مثله. انتهى.
ومع ذلك فلو أحس الذي يصلي الراتبة كسنة المغرب أو العشاء أو غيرهما باقتداء شخص ما به فإنه لا يطالب بالجهر لأن الفقهاء الذين ذهبوا إلى جواز اقتداء المفترض بالمتنفل نصوا على أن السنة في الرواتب الإسرار مطلقاً ولم نجد منهم من استثنى من ذلك هذه الحالة.
قال النووي في المجموع: وأما نوافل الليل غير التراويح فقال صاحب التتمة: يجهر فيها، وقال القاضي حسين وصاحب التهذيب: يتوسط بين الجهر والإسرار، وأما السنن الراتبة مع الفرائض فيسر بها كلها باتفاق أصحابنا ونقل القاضي عياض في شرح مسلم عن بعض السلف الجهر في سنة الصبح، وعن الجمهور الإسرار كمذهبنا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(11/9485)
التخلف عن صلاة الجماعة والنوم وقت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لوجوب صلاة الجماعة للرجال.. هل الوجوب هنا على الرجل الصلاة في المسجد أم تجزئ الصلاة جماعة ولو مع رجل واحد أو حتى صلاة الرجل مع أهله في بيته.. زوجي لا ينزل إلى المسجد عندما يؤذن للمغرب في رمضان وهو يصليها بي جماعة في المنزل مع العلم بأنه لا يمكنه الصبر عن الطعام عند شعوره بالجوع ولا يأخذ بوجوب الصلاة في المسجد.. وأحيانا بعد الإفطار يشعر بتعب شديد فينام قبل أن يؤذن للعشاء ونومه ثقيل ولا أستطيع إيقاظه للصلاة في المسجد فهل علينا في هذا إثم، وهل لو كنا نفطر في مطعم بوفيه ليس فيه مصلى هل يجوز له أن يصلي فيه بحجة أنه لو ذهب إلى المسجد سينتهي الطعام.. أريد النصح منكم لأني لا أريد أن يراني زوجي متنطعة ولكني أريده سباقا في الخير ... فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فصلاة الجماعة للرجل في المسجد محل خلاف بين العلماء والجمهور على عدم الوجوب، وحضور الطعام عذر مبيح للتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد، والنوم قبل صلاة العشاء مكروه عند أكثر أهل العلم ولا إثم في النوم قبل دخول وقت الصلاة ولو علم استغراق النوم للوقت، ويجب إيقاظ النائم إذا ضاق وقت الصلاة إلا إذا حصل يقين أو غلبة ظن بعدم استيقاظه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله تعالى خيراً على حرصك على الخير ورغبتك في السبق فيه، ولا شك أن سعي الرجل إلى المساجد وحضوره للصلاة في جماعات المسلمين من أفضل القرب وأعظمها وهو أرجى ما يرفع الله به درجات العبد ويحط به خطيئاته، فلذلك كان الحرص على ذلك هو هدي سلف هذه الأمة من الصحابة فمن بعدهم.
فهذا من حيث العموم، ولكن من حيث التدقيق في الحكم الشرعي فصلاة الجماعة واجبة على الرجل لكن جمهور أهل العلم على أنها لا تجب في المسجد، وقد سبق في الفتوى رقم: 38639 ذكر كلام أهل العلم في حكم صلاة الجماعة.
وصلاة الجماعة يحصل ثوابها للرجل إذا صلى إماماً بواحد أو زوجته، فأقلها اثنان فأكثر، وراجعي الفتوى رقم: 94218.
وحضور الطعام عذر مبيح للتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد وبالتالي فزوجك معذور في تخلفه عن صلاة المغرب بسبب اشتغاله بالطعام، وراجعي الفتوى رقم: 56446.
ونوم زوجك قبل صلاة العشاء مكروه عند أكثر أهل العلم ولا إثم عليه إذا كان نومه قبل دخول وقتها ولو علم استغراق النوم للوقت، وراجعي الفتوى رقم: 66741، لكن يجب عليك إيقاظه إذا ضاق وقت الصلاة ولو نام قبل دخول وقتها، وراجعي للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 40249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1428(11/9486)
حكم تعريض النفس للخطر للمحافظة على صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند ذهابي إلى المسجد يتخلل مسلكي المعتاد المرور على طريق سيارة تمر فيه السيارات بسرعة 90-110 كلم بالساعة وهو ما يجعله خطرا، يوجد بجانبه ممر للمشاة حيث يصعد المارون ويقطعون الطريق فوقه بواسطة ممر علوي آمن بإذن الله، سؤالي هو: هل عندما أترك الممر العلوي وأقطع الطريق بين السيارات أكون آثما بأن ألقيت بنفسي إلى التهلكة وعرضت سائقي السيارات إلى فقدان التركيز مما قد ينجر عنه حوادث أليمة، وهل يجوز لكبار السن وكل من لا يستطيع صعود الدرج أو يخشى أن تفوته تكبيرة الإحرام أن يمر بين السيارات السريعة، وهل عندما أمر من الأسفل أي بين السيارات وتصدمني سيارة وأموت هل أكون قد قتلت نفسي أي منتحراً؟ أسأل الله لكم التوفيق في الإجابة.. بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يعرض نفسه أو غيره للخطر أو الضرر، ولا شك أن ترك الطريق أو الجسر المخصص للمشاة واستبداله بقطع الطريق السريع المخصص للسيارات فيه خطر على النفس والمال، ومن الكليات الأساسية في الإسلام حفظ النفس والمال بعد حفظ الدين، ولذلك لا يجوز لك ترك الممر العلوي إذا كان في قطع الطريق خطر ... لما ذكرنا، وأما كبار السن ومن يشق عليهم صعود الدرج ومن لا يستطيعون الصعود فإنه لا يجوز لهم قطع الطريق السريع، وعليهم أن يذهبوا إلى مسجد آخر أو يسلكوا طريقاً أخرى ولا يعرضوا حياتهم وحياة غيرهم للخطر، وإذا لم يتيسر فهم معذورون في ترك الجماعة، وعلى العموم فإذا كان في المرور على الجسر مشقة فإن حضور الجماعة يسقط بالمشقة والحرج.
ولا شك أن حضور الصلاة في المسجد مع الجماعة له فضل عظيم وفيه خير كثير، وقد رجح المحققون من أهل العلم وجوب الجماعة على من لم يكن له عذر من الرجال، وقد سبق بيان ذلك وأدلته والأعذار التي تبيح التخلف عنها في عدة فتاوى فانظر منها الفتوى رقم: 1798، والفتوى رقم: 28559، والفتوى رقم: 5153 نرجو أن تطلع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1428(11/9487)
هل ينال ثواب الصف الأول من بكر إليه ولم يجد فيه موضعا
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نحب الصلاة في الصف الأول لما فيها من فضل كبير ويكون الحرص عليها في رمضان أشد وأعلى ,وبفضل الله نتمكن من الحرص على الصف الأول طوال أيام الشهر الكريم إلى أن تبدأ العشر الأواخر ويبدأ الاعتكاف , حيث مهما ذهبنا مبكرا _ (وربما حتى قبل أذان المغرب) _ نجد الإخوة المعتكفين قد حجزوا الصف الأول بكامله إما بوجودهم فيه أو بوضع متعلقاتهم , وهذا مما يسبب الحزن خاصة وأننا لا نصلى في أفضل أيام العام في الصف الأول ,, فهل يجزينا الله مثل إخواننا المعتكفين خاصة وأنهم لم يسعوا مبكرا لأنهم بالأساس مقيمون بالمسجد بسبب اعتكافهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شدة الحرص على الصلاة في الصف الأول دليل على رغبة الشخص في الخير والأجر، كما هو دليل أيضا على قوة إيمانه وتصديقه بما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من الحث الذي يتضمن كثرة أجر المصلين في أوائل الصفوف حيث يقول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لا ستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العمتة والصبح لأتوهما ولو حبوا، ولا سيما في الأيام والليالي الفاضلة من شهر رمضان حيث يكثر الأجر حسب الزمان، مع أنه ينبغي للمسلم أن يحرص على ذلك في سائر الأيام والليالي؛ لأن أجر ذلك لا يختص برمضان دون غيره، وإن كان الأجر يزيد حسب الزمان والمكان، فهنيئا للإخوة الذين يتسابقون إلى هذه المواضع لأداء فريضة الله. نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنهم صالح الأعمال، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه سبحانه وتعالى.
أما بالنسبة لحصول من لم يتمكن من الصلاة في الصف الأول رغم اجتهاده وسعيه لذلك على أجر من صلى في الصف الأول، فإن من صلى فيه حصل بإذن الله تعالى تلك الفضيلة المترتبة على ذلك، ومن جاء إلى المسجد مبكراً فله أجر تبكيره ولو صلى في آخر الصفوف، كما أن له أجر نيته واجتهاده.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1428(11/9488)
العمل في الإمامة والدعوة خير من العمل في مدرسة مختلطة تمنع من الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
يا شيخ بارك الله فيك أفتونا بالحل مأجورين: أنا أعمل في قطاع التعليم في بلد، والعمل فيه يتزامن دائما مع أوقات الصلاة، وتبعا لذلك أود أن أوجه إلى جنابكم هذه الأسئلة فأجيبوني عنها بالله عليكم:
1. ما العمل والصلاة تفوتني دائما بسبب العمل، وأرباب العمل لا يسمحون لنا بالصلاة، أوالتغيب من أجل الصلاة، هل أواصل هذا العمل أم أنقطع عنه؟ مع العلم أني مغرم بالتعليم، وأفيد التلاميذ، وليس لدي مورد رزق آخر إذا انقطعت عن هذا العمل.
2. كيف يفعل التلاميذ الذين يمنعون حتى من الصلاة داخل المعهد؟
3. اذا أمكن لي أو للتلميذ الصلاة منفردا خفية داخل إحدى قاعات الدرس فهل يعتبر ذلك عذرا للتخلف عن الصلاة في المسجد؟ خاصة وأن المسألة تتكرر في كامل العام الدراسي والنبي صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاة لمن صلى في بيته ما لم يمنعه عذر من اتباع المؤذن.
4. إذا قدرت أن أجمع بعض التلاميذ خفية للصلاة جماعة؛ فهل هذه الجماعة تغني عن الصلاة في المسجد؟
5. هل مقدار الوقت الذي تستغرقه مني الصلاة داخل قاعة الدرس يعتبر سرقة من وقت التلاميذ؟
6. هل تدريسي في هذه الأقسام المختلطة حرام؟ خاصة وأني أدرس بنات بالغات، ويتبرجن تبرجا فظيعا، ويمنع على الأستاذ منعهم من ذلك.
أخيرا يا شيخ لدي بعض العلم في أمور الدين وقد اقترح علي والدي تولي منصب إمام وخطيب في أحد المساجد خاصة وأن لدي قدرات هائلة في الخطابة مع التخلي عن مهنة التدريس وما تحويه من شبهات، ولكن المشكل أن الراتب الذي يقدمونه للإمام ضعيف جدا، ولا يكفي حتى لإعالة شخص واحد، ومع ذلك فأنا أجد نفسي مندفعا لذلك، وأريد أن أقتنع برزق الله ولو كان قليلا، فهل نيتي إفادة الناس بالإمامة وأخذ الراتب للاستعانة به في الحياة غير جائز؟ خاصة وأني على أبواب الزواج.
يا شيخ أقسمت عليكم بالله أن تجيبوني على أسئلتي كلها في أقرب وقت؛ لأني في حزن ولا أعلم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها عمداً كبيرة من كبائر الذنوب لقول الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4 ـ 5} قال ابن عباس وغيره في معنى ساهون: أي يؤخرونها عن وقتها
ولقول الله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم: 59} قال ابن مسعود وغيره: إضاعتها تأخيرها عن وقتها، وليس العمل أو الدراسة عذراً شرعياً في تأخير الصلاة وإخراجها عن وقتها، وعليه فإنه يجب عليكم أن تؤدوا الصلاة لوقتها، ويحرم عليكم طاعة أرباب العمل في إخراج الصلاة عن وقتها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد
فإن لم يسمحوا لكم بأداء الصلاة جماعة في المسجد فأقيموا الجماعة في مكان عملكم أو مدرستكم، فإن منعتم من إقامتها جماعة فلا حرج عليكم من أن يصلي كل واحد منكم على انفراد، فإن منعتم من الصلاة فرادى فلا يجوز لك ولا للتلاميذ البقاء في تلك المدرسة وعليكم بالبحث عن مكان آخر، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2 ـ 3} وهذا وعد من الله الذي لا يخلف الميعاد، فهو وعد متحقق لمن اتقى الله تعالى، وفي حالة تمكنكم من الصلاة جماعة أو فرادى، فإن وقت الصلاة لا يعتبر سرقة من وقت العمل بل هو وقت لله تعالى يجب عليكم أداء الصلاة فيه.
وأما تدريس النساء المتبرجات فإن هذه طامة أخرى، وذلك أن الله تعالى أمر بغض البصر عن الحرام فقال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور: 30} ولا شك أن تدريس المتبرجات يشق معه هذا الغض الواجب، وإننا ننصح الأخ السائل بالبحث عن عمل آخر لا معصية لله فيه، فإن هذا خير له من العمل في مكان تضيع فيه الواجبات، وتنتهك فيه المحرمات.
ولا شك أن إمامة الناس بالصلوات في المسجد والخطابة والقيام بتعليمهم دينهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر لا شك أن هذا من أعظم القربات؛ بل هي وظيفة الأنبياء والمرسلين، فنحثك على تولي ذلك مع الإخلاص لله تعالى، وسيفتح الله لك من أبواب الرزق ما لم تكن تحتسب، والراتب الذي ستأخذه على الإمامة حلال مباح ما دمت مخلصاً لله تعالى في إمامتك لا تريد بها غير وجه الله، وانظر الفتوى رقم: 10767، والفتوى رقم: 9495، وكذلك الفتوى رقم: 9812، وكلها حول تأخير الصلاة لأجل العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1426(11/9489)
ثواب من صلى العشاء في جماعة وحكم التكبير بعد السلام وقبل الاستغفار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هنالك حديث يقول إن صلاة العشاء في جماعة في المسجد تعتبر قيام نصف الليل للمصلين ولكن بشرط خروج المصلين بعد الإمام؟
وكذلك هل هنالك حديث يؤكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول بعد السلام من الصلاة الله أكبر يعني قبل الاستغفار ثلاثاً؟
أفيدونا وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي صحيح مسلم من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله.
والحديث أيضا في سنن الترمذي وأبي داود ومسند الإمام أحمد، وكون هذا الثواب المذكور في الحديث لا يحصل إلا لمن خرج بعد خروج الإمام لم نقف على من ذكره من أهل العلم، كما روى الإمام مسلم في صحيحه أيضا من حديث ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. قال الوليد: فقلت للأوزاعي كيف الاستغفار قال: تقول أستغفر الله أستغفر الله، فهذا الحديث دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يستغفر الله ثلاثا بعد تسليمه من الصلاة وليس فيه ذكر للتكبير بعد السلام وقبل الاستغفار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1426(11/9490)
قبول الصلاة ـ جماعة أو منفردا ـ أمر غيبي لا يعلمه إلا الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن صلاة الجماعة مقبولة؟ وهل هنالك حديث قدسي في هذا الموضوع؟
أافيدونا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشترط لصحة الصلاة طهارة البدن والثوب والمكان ورفع الحدثين الأكبر والأصغر ودخول الوقت وستر العورة واستقبال القبلة واستحضار النية عند الإحرام وكذلك الإتيان بالأركان وعدم الإتيان بما يبطلها وهذا تستوي فيه الصلاة في الجماعة والصلاة على انفراد، إلا أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة كما في الحديث الصحيح. وقد سبق بيان حكم الصلاة في الجماعة في الفتوى رقم: 28664، والفتوى رقم: 38639. فإذا أتى المصلي بشروط الصلاة وأركانها وواجباتها وتجنب ما يبطلها فإنها صحيحة ويرجى القبول إن شاء الله عند الله، فإن كان ذلك في الجماعة كان الأجر أعظم وأكثر. والقبول أمر غيبي لا يعلمه إلا الله، وعلى المصلي أن يجتهد في تحقيق شروط الصحة وفي تحقيق الخشوع وحضور القلب، فإن المصلي إنما يكتب له من صلاته بقدر ما عقل منها.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في المنار المنيف: والقبول أنواع قبول رضا ومحبة واعتداد ومباهاة وثناء على العامل به بين الملإ الأعلى، وقبول جزاء وثواب وإن لم يقع موقع الأول، وقبول إسقاط للعقاب فقط وإن لم يترتب عليه ثواب وجزاء كقبول صلاة من لم يحضر قلبه في شيء منها فإنه ليس من صلاته إلا ما عقل منها، فإنها تسقط الفرض ولا يثاب عليها. وقال في بدائع الفوائد: وهذا بإجماع السلف أنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها وحضره بقلبه. انتهى. ولم نطلع على حديث قدسي بخصوص قبول صلاة الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1426(11/9491)
فتاوى عن حكم الجماعة في المسجد وأعذار التخلف عنها ومعنى (قاموا كسالى) و (ويل للمصلين)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة في المسجد فرض على المسلم أم يكفيه أن يصلي في بيته؟ وإن كانت فرضا وأنا لم أصله في المسجد مع جماعة هل علي كفارة؟ وما تفسير ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون؟ من الذن يقومون للصلاة كسالى؟ وما عقابهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من كلام أهل العلم أن صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجل المستطيع الذي يسمع النداء، وقد سبق التفصيل في الفتوى رقم: 1798. ومن تخلف بدون عذر شرعي فهو آثم، وإن أصر على ذلك فهو على خطر عظيم فعليه أن يتوب إلى الله تعالى من اتصافه ببعض صفات المنافقين، وراجع الفتوى رقم: 5153. والأعذار التي تبيح التخلف عن صلاة الجماعة سبق بيانها في الفتوى رقم: 49024. وقوله تعالى: فَوَيْل لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4ـ5} . سبق بيان تفسيرها في الفتوى رقم: 25784، والفتوى رقم: 55835. والاتصاف بالكسل عند القيام إلى الصلاة وصف الله تعالى به المنافقين في قوله: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلا {النساء:142} . قال الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: هذه صفة المنافقين في أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها وهي الصلاة إذا قاموا إليها قاموا وهم كسالى عنها لأنهم لا نية لهم فيها ولا إيمان لهم بها ولا خشية ولا يعقلون معناها كما روى ابن مردويه من طريق عبيد الله بن زحر عن خالد بن أبي عمران عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: يكره أن يقدم الرجل إلى الصلاة وهو كسلان ولكن يقوم إليها طلق الوجه عظيم الرغبة شديد الفرح فإنه يناجي الله وإن الله اتجاهه يغفر له ويجيبه إذا دعاه ثم يتلو هذه الآية: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى. انتهى. والنفاق عند أهل العلم نوعان أكبر وأصغر، فالنفاق الأكبر هو الذي يظهر صاحبه الإيمان ويبطن الكفر وجزاء من اتصف بهذا ومات عليه الخلود في الدرك الأسفل من النار كما قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا {النساء:145} . والنفاق الأصغر ويسمى نفاقا عمليا لا يخرج صاحبه عن ملة الإسلام، وسبق بيان النوعين وعقوبة كل منهما في الفتوى رقم: 19692، والفتوى رقم: 1854. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 30749.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(11/9492)
أبيات في فضل صلاة الجماعة والترهيب من تركها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك أية قصائد أو أبيات شعرية تتحدث عن صلاة الجماعة وفضل المساجد والتعلق بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه السائل الكريم إلى أهمية الاكتفاء بما ورد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ففيهما غناء عن غيرهما، والواجب على المسلم التسليم والخضوع لما فيهما، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ {الأحزاب:36} ، وقال الله تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {النور:51} ، وقال تعالى: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {العنكبوت:51} .
وبخصوص ما سألت عنه فإن المسجد له مكانة عظيمة في الإسلام، وتفصيل هذا الموضوع مع بعض الأدلة من الكتاب والسنة مذكور في الفتوى رقم: 57626، والفتوى رقم: 34074.
وقد ذكر الشيخ محمد لود بن أحمد فال في نظمه لآداب المسجد بعض فوائد عمارة بيوت الله تعالى حيث قال:
فاقعد به ملتمسا سكينته * بركة وقاصدا عمارته
بالذكر والقرآن والصلاة * وغير ذلك من الطاعات
ولتفيد عامريه وتزيد * سوادهم والعلم منهم تستفيد
وتترهب بكفك جوا * رحك عن مطلوب نفس وهوى
وقال الناظم أيضاً:
عليك بالمسجد واحذر من شهود * كنيسة النصرى وبيعة اليهود
ثم وللمجوس بيت النار * فإنه ملازم الشنار
والشنار أقبح العيب والعار كما في لسان العرب لابن منظور، والترغيب في حضور صلاة الجماعة والوعيد في التخلف عنها وردت في شأنه أحاديث صحيحة كثيرة، ونحيلك للتعرف عليها إلى الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5153، 1798، 28664.
ويقول الشيخ محمد مولود أيضاً في التحذير من التخلف عنها:
هم بتحريق بيوت الخالفين * عنها وحسبك إمام المتقين
ويقول الناظم منبها على أقوال أهل العلم في أهميتها:
إن الجماعة لكل رجل * واجبة ذي قدرة للحنبلي
ولابن ثور ولداود وعطا * الفذ لا تجزئه إن فرطا
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(11/9493)
نية الصلاة المعادة تطوعا وتعدد الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت المسجد بعد انتهاء صلاة المغرب بالجماعة فتطوع أحد المصلين الذين فرغوا من أداء الصلاة للصلاة معي لأكسب أجر صلاة الجماعة بإذن الله تعالى، ما هي النية التي يجب أن يصلي بها الذي تطوع للصلاة معي هل صلاته سنة أم مغرب جديد، في الركعة الأخيرة في هذه الصلاة دخل اثنان للصلاة معا فصليا جماعة أخرى فأصبح في المسجد جماعتان ما حكم صلاتهم وصلاتنا، هل هما باطلتان، مع العلم نحن كنا الجماعة الأولى، وإذا لم يلحظا وجود جماعتنا إلا بعد أن كبرا تكبيرة الإحرام، فهل يجوز لهما قطع صلاتهم للصلاة معنا، وإذا لم يقطع الإمام الآخر الصلاة، هل يجوز للمأموم الذي يصلي معه قطع صلاته ليصلي معنا ويترك إمامه يصلي وحده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنية التي ينبغي استصحابها في إعادة الصلاة عند من يقول بالإعادة فصل كيفيتها ابن مفلح في الفروع حيث قال: ولهذا ينوي الإعادة نفلا. وفي مذهب مالك أقوال: هل ينوي فرضاً، أو نفلا، ً أو إكمال الفريضة، أو يفوض الأمر إلى الله سبحانه. ومذهب الشافعي ينوي الفرض ولو كانت الأولى فريضة، وقال بعض أصحابه ينوي ظهراً أو عصراً ولا يتعرض للفرض، وعند بعض الشافعية كلاهما فرض كفرض الكفاية. انتهى.
وإعادة المغرب محل خلاف بين أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: وأما المغرب فهل تعاد على صفتها، أم تشفع بركعة، أم لا تعاد -على ثلاثة أقوال مشهورة. انتهى.
والأفضل في حق الشخصين اللذين حضرا أخيراً الالتحاق بكما في الصلاة لما يترتب على تكوين جماعة أخرى من تفريق المسلمين، إضافة إلى حصول التشويش، وراجع الفتوى رقم: 56786.
وبعد إحرامهما في الصلاة لا يجوز لهما معا ولا للمأموم وحده قطع الصلاة، لما يترتب عليه من قطع للعبادة من غير سبب مشروع، وقد نهى الله تعالى عن إبطال العمل بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33} ، وراجع الفتوى رقم: 44347.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1425(11/9494)
صلاة التراويح في المسجد أفضل أم في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الأفضل قيام رمضان جماعة في البيت أم كل على انفراد، ما هوالأفضل قيام رمضان في البيت أم في المسجد، هل إذا صليت الصبح جماعة في البيت أكون في ذمة ? أم ذلك يكون فقط في المسجد.
جزاكم ? خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 13031، أن صلاة التراويح في البيت أفضل إذا كان القصد حث الأهل عليها، وعليه فالأفضل له أن يصليها في البيت جماعة مع أهله خصوصا إذا كان المسجد القريب منه تقام فيه صلاة التراويح أي لم يعطل، فقد ذكر بعض أهل العلم أن الانفراد بصلاة التروايح أفضل إذا لم يعطل المسجد بأن كان في المسجد جماعة يصلون صلاة التراويح غير الشخص الذي يصلي في بيته، فإن توقفت صلاة التراويح عليه فالأفضل له صلاتها في المسجد، وكنا قد ذكرنا اتفاق العلماء على جواز الجماعة في النفل ولو كان ذلك في البيت مع أهله في الفتوى رقم: 6712، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 40359. وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 1415، أنه لا يجوز للقادر التخلف عن المسجد بقصد الصلاة مع أهله جماعة في الفرض، لكن لو فاتته الصلاة في المسجد يوما أو كان له عذر من مرض أو غيره فهنا يصلي جماعة مع أهل البيت.
ومن صلى الصبح فهو في ذمة الله سواء كان في المسجد أو في جماعة أخرى بدليل أن أغلب روايات الحديث الوارد في هذا المعنى لم تذكر الجماعة أصلا في المسجد ولا في غيره، ونص رواية مسلم: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله في ذمته بشيء فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم. وهكذا رواية الترمذي وابن ماجه وبعض شراح الحديث يذكرون في جماعة أي من صلى الصبح في جماعة إلخ. وهذا لا يعني التقليل من شأن الصلاة في المسجد ولذلك راجع الفتوى رقم: 5153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(11/9495)
ما العمل عندما يؤخر المسؤولون الصلاة عن وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد سألتكم عن حكم تأخير صلاة الجماعة في الظهر في بلادنا إلى أن يقترب وقت العصر وجعل ذلك عادة حتى أنه لدينا مساجد متخصّصة بعضها بالظهر الأوّل وأخرى بهذا الذي أتحدث عنه، وذلك بحجة إعطاء فرصة لمن لا يستطيع الحضور في الجماعة الاُولى لنظام العمل أو الدراسة الذي هو حسب النظام الغربي فقلتم بجواز ذلك أي التأخير ولو بدون عذر، ولكن عرض لي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنّ أَناسًا يأتون من بعده يأخّرون الصلاة حتى يخنقونها فسأله أحد الصحابة ماذا يفعل لو أدركهم فقال له تٌصلّي أوّل الوقت ثم تعيد معهم. فهل ينطبق هذا الحديث على حالتنا هذه، وما هو قولكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي سألت عنه رواه الإمام مسلم موقوفا على ابن مسعود، ولفظه: إنه سيكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها ويخنقونها إلى شرق الموتى، فإذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك فصلوا الصلاة لميقاتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة. كما رواه مسلم أيضاً موصولاً من حديث أبي ذر في رواية أخرى، قال النووي في شرح صحيح مسلم: معناه يؤخرونها عن وقتها المختار وهو أول وقتها لا عن جميعها، وقوله يخنقونها بضم النون معناه يضيقون وقتها ويؤخرون أداءها يقال هم في خناق من كذا أي في ضيق والمختنق المضيق، وشرق الموتى بفتح الشين والراء قال ابن الأعرابي: فيه معنيان: أحدهما: أن الشمس في ذلك الوقت وهو آخر النهار إنما تبقى ساعة ثم تغيب، والثاني: أنه من قولهم شرق الميت بريقه إذا لم يبق بعده إلا يسير ثم يموت.
قوله: فصلوا الصلاة لميقاتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة، السبحة بضم السين وإسكان الباء هي النافلة، ومعناه صلوا في أول الوقت يسقط عنكم الفرض ثم صلوا معهم متى صلوا لتحرزوا فضيلة أول الوقت وفضيلة الجماعة ولئلا تقع فتنة بسبب التخلف عن الصلاة مع الإمام وتختلف كلمة المسلمين، وفيه دليل على أن من صلى فريضة مرتين تكون الثانية سنة والفرض سقط بالأولى، وهذا هو الصحيح عند أصحابنا. انتهى.
وورد هذا الحديث موصولاً في سنن أبي داود وابن ماجه والنسائي من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها، قلت: فما تأمرني يا رسول الله، قال: صل الصلاة لميقاتها واجعل صلاتك معهم سبحة. وهذا لفظ أبي داود.
وفي عون المعبود شرح سنن أبي داود: وفي الحديث من الفقه أن تعجيل الصلوات في أوائل أوقاتها أفضل، وأن تأخيرها بسبب الجماعة غير جائز.... إلى أن قال: وفيه أنه قد أمر بالصلاة مع أئمة الجور حذرا من وقوع الفرقة وشق عصى الأمة. انتهى.
ويتضح من الحديث السابق أنه وارد في بعض ولاة الجور الذين يؤخرون الصلاة عن أول وقتها ولا تقوم جماعة في أول الوقت فطولب الناس بتعجيل الصلاة في أول وقتها، حفاظاً على فضيلة أول الوقت ثم يعيدون الصلاة مع أولئك الأمراء لتحصيل فضيلة الجماعة ومراعاة للمصلحة العامة وهي تجنب وقوع الفرقة بين المسلمين والحفاظ على وحدتهم.
وعليه فهذه الحالة لا تنطبق على الحالة التي ذكرت لأنه بإمكان أحدكم أداء الصلاة في أحد المساجد التي تؤدى فيها الصلاة أول وقتها ولا يترتب على ذلك أي ضرر، ولأن تأخير الصلاة في بعض المساجد فيه مصلحة كما ذكرت، وننبه على أن أداء الصلاة في أول وقتها من أفضل الأعمال، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه، فعلى المسلم المواظبة على ذلك حتى يفوز بالثواب الجزيل المترتب على ذلك، وراجع الفتوى رقم: 53395.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1425(11/9496)
الصلاة في المسجد الأبعد الأكثر جماعة أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد عندنا مسجدان، المسجد القريب - على بعد دقيقتين من المنزل - يصلى به عدد قليل جداً من المصلين {4 - 7} ، ولكن الإمام الذى يصلى بنا لا يجيد أحكام التلاوة، فماذا نفعل؟ ـ علماً بأن المسجد البعيد - على بعد 7 دقائق من المنزل - يصلى به عدد كبير والإمام يجيد أحكام التلاوة ـ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان إمام المسجد القريب يلحن لحناً جلياً يخل بالمعنى ولا يقدر على إصلاحه لم تصح إمامته للمصلين إلا لمن كان مثله، أما من يحسن القراءة فلا تصح صلاته خلفه. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 21577.
وأما إذا كان لا يلحن لحناً جلياً وإنما يلحن أحياناً لحناً خفياً لا يترتب عليه تغيير المعنى فلا بأس بالصلاة وراءه وإن كان الأفضل أن تصلي في المسجد الأبعد الأكثر جماعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه أحمد وأبو داود واللفظ له وغيرهما.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم. رواه الشيخان واللفظ لمسلم.
قال في الزاد: ثم ما كان أكثر جماعة ثم المسجد العتيق وأبعد أولى من أقرب. اهـ
وعليه فصلاتك في المسجد الذي يبعد عنك سبع دقائق أولى من المسجد القريب الذي يبعد عنك دقيقتين.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(11/9497)
ترك الجماعة لعدم الخشوع لا ينبغي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
شاب يشتكي من أنه يصلي خلف إمام دون خشوع ولكن لتحصيل أجر الجماعة وذلك لأنه تخاصم معه ذات مرة، فهذا الإمام عنيد يظن أن رأيه دائما الصواب، ومنذ ذلك اليوم لا يكلمه الإمام، فما حكم الصلاة خلفه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن الخشوع في الصلاة أمر مهم ينبغي للمسلم الحرص عليه، لكنه ليس بواجب بخلاف صلاة الجماعة في المسجد للرجل فهي واجبة إذا لم يكن له عذر يبيح التخلف، وانظر هذا في الفتوى رقم: 4215، والفتوى رقم: 1798.
وبهذا يعلم أن ما ذكر ليس عذراً يبيح التخلف عن صلاة الجماعة مع هذا الإمام إذا لم يوجد مسجد آخر، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 31229.
ونذكر كلاً من هذا الإمام والشاب بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/9498)
حول صلاة الجماعة والأعذار الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أنا عامل بإحدى الشركات، وعند صلاة العصر أصلي وحدي، لأنني لا أستطيع أن أذهب إلى المسجد؟ فهل أنا مذنب لتركي صلاة الجماعة؟
ثم إن مدير الشركة يهودي، فهل يجوز لي أن أعمل عنده؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان الأعذار التي تبيح التخلف عن صلاة الجماعة في الفتوى رقم: 9495 والفتوى رقم: 19552. فإذا كان تركك لصلاة الجماعة لأحد هذه الأعذار الشرعية، فلا حرج في صلاتك بمفردك. وإلا فلا يجوز لك التخلف عن صلاة الجماعة.
وراجع للأهمية الفتوى رقم: 1798 والفتوى رقم: 7822.
أما عن حكم العمل عند مدير يهودي، فقد سبق تفصيل الكلام في ذلك ضمن الفتوى رقم:
29138.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(11/9499)
لا حرج على المنفرد أن يعيد الصلاة مع الجماعة تحصيلا لفضلها
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد مسجد في مقر العمل وقت الصلاة نصلي جماعة وفي بوم من الأيام أتيت متأخراً وأقمت الصلاة وعندما صليت ركعتين دخل اثنان وقالا هل يصلي أم يتسنن فدنوت إلي اليسارعلى أني أصلي وما انتبه احد وأتممت الصلاة وسلمت وصليت معهم جماعة أتصح صلاتي أم لا علما بأنه في وقت صلاة الظهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاتك صحيحة، والحركة إلى اليسار التي فعلتها فيها لا تضر ما دامت لم تكثر، وإعادتك لها مع الجماعة لتحصيل فضلها لا حرج فيها بل هي الأولى، وراجع الفتوى رقم: 16396.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(11/9500)
وجه افتراق صلاة الجماعة عن المنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أصلي الجماعة وصلاة الجمعة والصلاة بشكل عام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على صفة الصلاة وأركانها وواجباتها وسننها في الجواب رقم: 12455، والجواب رقم: 8249.
أما صلاة الجماعة أو الجمعة فلا تختلف كثيراً عن صلاة المنفرد إلا في الارتباط بالإمام ووجوب متابعته.
وعلى المسلم أن يحرص على أداء صلاته في الجماعة لأن الراجح من أقوال العلماء وجوب الجماعة، ويزداد حضور الجمعة تأكيدا وأهمية فقد ورد في التخلف عنها من الوعيد ما لم يرد في غيرها ففي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود والنسائي أنه صلى الله عليه وسلم قال "من ترك ثلاث جمع تهاونا من غير عذر طبع الله تبارك وتعالى على قلبه" وراجع الجواب رقم: 1195، والجواب رقم: 1798.
نسأل الله العافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1423(11/9501)
وسائل الترغيب في حضور جماعة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يصلي فروضه بكاملها وفي أوقاتها والحمد لله، ولكن المشكلة أنه يصليها في المنزل ما حكم هذا؟ وكذلك أريد طريقة للنصح تحببه ولا تجعله يظن أني أفرض عليه أوامر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزادك الله حرصاً على الخيرِ ورغبةً فيه، ولا شك في أن صلاة الجماعة ذات فضلٍ عظيم، ويكفي أن الله أمر بها في أحلك الظروف وأصعب المواقف عندما يلتحم الصفان، فقد قال تعالى: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ. {النساء: 102} .
وأرجح الأقوال أنها فرضٌ على الأعيان، ولا شك أن لإتيان المساجد من الفضل والمنزلة ما لا يفرطُ فيه إلا مبخوس الحظ، وقد شهد الله لعمارها، فقال: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ. {التوبة: 18} .
وقد ذهب جماعةٌ من أهل العلم إلى وجوب الجماعة في المسجد، وإن كان أكثر الموجبين لها يرون صحتها في البيت، فإن كان زوجك يصلي في البيت جماعة فقد حرم نفسه فضيلة إتيان المساجد، وإن كان يصلي منفرداً فهو آثمٌ على الراجح من أقوال العلماء، وقد بينا في فتاوى كثيرة حكم الجماعة وفضلها والنصوص المرغبة في إتيان المساجد، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5153، 74115، 104705، 34466.
وشكر الله لكِ حرصك ِعلى سلامة قلب زوجك، ويمكنكِ أن تحثيه على حضور الجماعات في المساجد بالموعظة اللطيفة التي لا تتضمن أمراً وليس فيها سوء أدب، كأن تذكري له شيئاً من فضائله وما يتمتع به من خصال الخير ثم تردفين ذلك بقولك لكنك ستتوجُ هذه الفضائل وتجعلها أفضل وأكمل إذا حرصت على الجماعات في المساجد، واختاري لذلك الوقت المناسب الذي يكون قلبه فيه رقيقاً مستعداً لقبول الخير، ويمكنكِ كذلك نصيحته بطريقٍ غير مباشر بأن تسمعيه شريطاً لأحد الدعاة الذين يحبهم يكون متناولاً لهذا الموضوع، أو تضعي بين يديه مطويةً، أو كتيباً لطيفاً أو تطلعيه على بعض فتاوى العلماء المعتبرين في هذا الموضوع، والظاهر أن في زوجك خيراً وأنه سيستجيبُ بإذن الله، واجتهدي في الدعاء له فإن الدعاء أمضى سلاح، وأعون شيءٍ على الفلاح، وفقنا الله وإياكِ لكل خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1429(11/9502)
أداء الجماعة في البيت هل تكفي عن أدائها في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي الصلاة جماعة في المنزل جماعة مع أولاده في حين أن المسجد يبعد عن المنزل حوالي 400 م. هل هذه الصلاة تعوض صلاة الجماعة؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 31443، بيان أن الذي عليه جمهور العلماء كون صلاة الجماعة في المسجد سنة وليست بواجبة، وعليه.. فمن صلى جماعة في بيته مع أولاده أو غيرهم قد حصل له ولمن صلى معه ثواب صلاة الجماعة، وإن كانوا قد تركوا سنة، وفاتهم فضل الصلاة في المسجد وأجر الخطوات إليه وغير ذلك مما يترتب على حضور الجماعة في المسجد، والتي لا ينبغي للعاقل أن يفرط فيها، فالأفضل في حق الرجل المذكور السعي لأداء صلاة الجماعة في المسجد وحث أولاده على ذلك وترغيبهم فيه نظرا للثواب المترتب على الذهاب إلى المسجد مع ما قد يترتب على ذلك من سماع ما قد يحصل في المسجد من دروس ومواعظ مفيدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(11/9503)
الجمع بين العمل للدين والمحافظة على الصلاة جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[العمل للدين واجب الجميع وكثيراً ما يتأخر العاملون للإسلام حتى ساعات متأخرة من الليل مما يضيع على كثير منهم صلاة الفجر في الجماعة ويقع المرء في حيرة الموازنة بين وجوب العمل وسد الثغرة التي نحن عليها وبين وجوب الصلاة في جماعة خاصة الفجر، فبماذا تنصحوننا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن آكد الواجبات على المسلم المحافظة على أداء الصلاة المفروضة في أوقاتها المحددة، كما قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} ، وأن يصليها في الجماعة ما لم يتعذر عليه ذلك، ولا يجوز له أن يتسبب في تضييعها بطول السهر أو غير ذلك ولو كان ذلك لعبادة، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. رواه البخاري.
وصحيح أن العمل للدين واجب على الجميع، ولكنه واجب ليس مؤقتاً بالساعات المتأخرة من الليل، وإنما يصح أن يكون في النهار، وفي الساعات الأولى من الليل، وفي الساعات المتأخرة منه أيضاً، لكن بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى الإخلال بواجب الصلاة في الجماعة، ولو افترضنا أن الوقت المتاح لهذا العمل هو الساعات المتأخرة من الليل فقط، ولا يمكن الجمع بينه وبين أداء الصلاة في الجماعة، فالواجب تقديم أداء الصلاة في الجماعة عليه، لأن ذلك واجب عيني، والواجب العيني مقدم على الواجب الكفائي، إذا لم يمكن الجمع بينهما، ثم إن عليك أن تعلم أنه لا أحد أشد عملاً للدين من النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه رضوان الله عليهم، وقد جمعوا بين العمل للدين والمحافظة على الصلاة جماعة. ونسأل الله أن ييسر لنا ولكم القيام بأمر دينه دون التفريط في الواجبات العينية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1428(11/9504)
أقوال العلماء في حكم صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد أمرت أن تقام الصلاة فأشير إلى أحدكم ثم أعود إلى أناس تخلفوا في بيوتهم فأحرقها عليهم" هل يستشهد به في الحث على صلاة الجمعة فقط أم هو في الحث على صلاة الجماعة بشكل عام، أريد إجابة شاملة مدعمة بآراء العلماء القدماء والمحدثين؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجماعة شرط في صحة صلاة الجمعة، وأما في الصلوات المكتوبة فليست شرط صحة، ولكن وقع خلاف كبير حتى في المذهب الواحد هل هي واجبة أو سنة؟ وحاصل مذاهب أهل العلم فيها ثلاثة:
القول الأول: ذهب الشافعية في المعتمد إلى أنها فرض كفاية، وهو قول عند المالكية اختاره ابن عبد البر، واستدلوا بما رواه أبو داود والنسائي عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية. والشاهد قوله (تقام فيهم) .
القول الثاني: ذهب المالكية في المعتمد إلى أنها سنة مؤكدة، وهو قول للشافعية، ورواية عند الحنابلة.
القول الثالث: ذهب الحنابلة في المعتمد وهو قول عند الحنفية ووجه عند الشافعية إلى وجوبها على الأعيان وهو الراجح عندنا، ومن أدلة رجحانه الحديث الذي ذكرته، فهو وارد في التخلف عن الجماعة عموماً؛ بل يدل سياقه على صلاة الجماعة، وإليك لفظه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار. انتهى.
وحمله الجمهور على أناس منافقين كانوا يتخلفون عنها، فالحرق للنفاق وليس لمجرد التخلف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1428(11/9505)
من المحافظة على الصلاة أداؤها جماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتى في الثانية عشر أصلي بعض الصلوات مثل العصر والعشاء في جماعة، وبعض الصلاة في البيت، وعندما أحاول أن أقوم للصلاة أتعاجز عن ذلك،أريد حلاً فأنا أحب الصلاة والصلاة في جماعة
وأحفظ جزأين من القرآن في الحلقة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما يسأل عنه العبد من أعماله، فإن حافظ عليها فاز وربح، وإن ضيعها خاب وخسر.
وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يضيعها أو يتهاون بها. قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم: 59} وقال: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4-5}
ومن المحافظة على الصلاة أداؤها جماعة في المسجد بخشوع وإتقان، والصحيح من أقوال أهل العلم وجوب صلاة الجماعة في حق الرجل البالغ المستطيع إلا لعذر، وراجع التفصيل في الأجوبة التالية أرقامها: 5153، 1415، 26165.
فينبغي لك المحافظة على أداء الصلاة جماعة في المسجد، ويعينك على ذلك تذكر الثواب الذي أعده الله لرواد المساجد، وينبغي أن تتخذ من الأصحاب من يعينك على الاهتمام بالعبادات خصوصا الصلاة التي هي عمود الدين، وما تشعر به من تكاسل وعجز عن القيام للصلاة جماعة في المسجد إنما هو من وسوسة الشيطان لحرمانك من الثواب الجزيل المترتب على حضور الصلاة جماعة في المسجد، فإن الشيطان لا يألوا جهدا في تثبيط المسلم عن الخير، فاستعذ بالله تعالى من كيد الشيطان الرجيم، ومن العجز والكسل، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ منهما؛ كما في الحديث الصحيح المتفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(11/9506)
من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلادنا وعند صلاة المغرب في رمضان تقام الصلاة بعد الأذان مباشرة، فما هو الأفضل الصلاة بالمنزل جماعة مع أهلي وزوجتي بعد الإفطار أم أحضر الصلاة مع الجماعة، في صلاة الصبح تقام الصلاة بعد الأذان بـ 5 دقائق بدون انتظار التمكين هل أحضر الصلاة مع الجماعة، علما بأنني أحافظ على الصلاة مع الجماعة.
والله أعلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك بالمبادرة بالحضور إلى صلاة الجماعة في جميع الصلوات المفروضة في المسجد نظراً لأن من سمع النداء لا يسعه التخلف عنها إلا لعذر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الشيخ الألباني.
هذا إضافة إلى الخطوات التي تقطعها في طريقك إلى المسجد فإن إحداها ترفع درجة والأخرى تحط خطيئة، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة. وراجع الفتوى رقم: 1415، والفتوى رقم: 5153.
وبإمكانك أن تنصح جماعة المسجد وتبين لهم أن السنة أن يجعلوا بين الأذان والإقامة قدراً من الوقت يتهيأ فيه الناس للصلاة لما في ذلك من مصلحة تكثير الجماعة والرفق بالمصلين، وفي المسند وسنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا بلال اجعل بين أذانك وإقامتك نفساً يفرغ الآكل من طعامه في مهل ويقضي المتوضئ حاجته في مهل. وهذا لفظ المسند.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(11/9507)
ترك صلاة الجماعة من أجل الناس رياء
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: أرجو من الله العزيز القدير أن تكونوا في صحة وعافية. وأرجو أن تفتوني فإنني من العراق ومن أهل السنة إن شاء الله والآن أنا مقيم في تركيا فعندما أذهب إلى المسجد للصلاة فعند صلاتي وبعد التسليم أرى أن الذين في المسجد ينظرون أو يحدقون بي لأنني أصلي مثل أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم من التكبيرات وتحريك الأصبع عند الشهادة.... وإلى آخره فعندما أحس أنهم ينظرون لي أنزعج فأقول لن أذهب إلى المسجد مرة أخرى أو أحس مرات بالرياء أفتوني ماذا أفعل هل لا أذهب إلى المسجد أم أصلي صلاتي ولا أبالي أم أصلي مثل ما يصلون؟
وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم جعلنا الله وإياك من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أن الصلاة في المسجد ليست مسألة اختيارية، من شاء فعلها ومن شاء تركها، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم.
والصلاة في المسجد مع الجماعة من أسباب حسن الخاتمة. روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود أنه قال: من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلاة حيث ينادى بها ... الحديث.
ومما تقدم تعلم أن صلاة الجماعة في المساجد واجبة على الرجال القادرين الذين ليس لهم أعذار تمنعهم من حضورها، وما ذكرته من تحديق الناس إليك لأنك تصلي كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ليس عذراً يسقط حضور الجماعة، فواصل سعيك إلى المسجد والصلاة فيه أو اذهب إلى مسجد آخر.
وادفع عنك الإحساس بالرياء، فإن ترك العمل من أجل الناس هو الرياء، قال الفضيل بن عياض: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما....
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1425(11/9508)
حكم العمل في محل يمنع صاحبه من حضور الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقول لك لا تغلق المحل أثناء الصلاة وهل أعمل معه أو أتركه ويقول صلوا في المحل ولا تذهبوا إلى الجامع حتى لا يتم قفل المحل ماذا أفعل؟ علما بأني أشتغل معه تقريبا فوق أربع سنوات ولم يكن يحدث هذا من قبل
ومشكورين على هذا الموقع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز العمل في محل يمنع صاحبه من حضور الجماعة، لأن صلاة الجماعة في المسجد، واجبة ولا يجوز التخلف عنها لغير مبرر شرعي، فعليك إذاً أن تترك هذا العمل وتبحث عن غيره، وراجع فيه الفتوى رقم: 12706.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1425(11/9509)
حكم صلاة الفرض منفردا ومدى قبولها عند الله
[السُّؤَالُ]
ـ[الحقيقه أنني أأسف على نفسي كثيرا عندما أفوت الكثير من الصلوات مع الجماعه وغالباً ما أصلي منفرداً في المنزل هدانا الله لما يحبه ويرضى (آمين)
السؤال (هل تكفي الصلاة المنفردة للرجل بأن تكون عماد للدين) وهل تقبل منه وما مدى قبولها؟. شكرا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك منفردا في بيتك صحيحة ولا تجب عليك إعادتها وإن كنت قد فاتك خير كثير بسبب ترك أدائها جماعة، وتركت واجباً، فالجماعة واجبة عند كثير من أهل العلم، قال: ابن قدامة في المغني:
وليست الجماعة شرطاً لصحة الصلاه نص عليه أحمد، وخرج ابن عقيل وجهاً في اشتراطها قياسا على سائر واجبات الصلاة وهذا ليس بصحيح بدليل الحديثين اللذين احتجوا بهما والإجماع، فإننا لا نعلم قائلا بوجوب الإعادة على من صلى وحده، إلا أنه روي عن جماعة من الصحابة منهم ابن مسعود وأبو موسى أنهم قالوا: من سمع النداء من غير عذر فلا صلاة له. انتهى
أما قبولها عند الله تعالى فهذا أمر غيبي لا يمكن الاطلاع عليه، فعلى المسلم بذل جهده في سبيل أن يكون عمله مقبولا عند الله تعالى عن طريق فعله على الهيئة المشروعة مع الإتقان والإخلاص لله عز وجل فيه.
ومن صفات السلف الصالح كونهم يخافون عدم قبول أعمالهم، ففي سنن الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: [َالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ] (لمؤمنون:60) قالت عائشة: هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق، ولكنهم يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات. صححه الشيخ الإلباني.
ونحيلك للتعرف على حكم صلاة الجماعة إلى الأجوبة التالية:
5367، 36549، 38978، 9495
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1425(11/9510)
حكم العمل المؤدي إلى ترك الصلاة في الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت على فرصة للعمل المؤقت لمدة ثلاثة أشهر تقريبا أقوم خلالها بالتدريس في أحد المراكز
لكن مواعيد المحاضرات تتعارض في بعض الأوقات مع أوقات الصلاة بحيث تفوتني صلاة الجماعة، مع وجود فسحة لإدراك الصلاة قبل فوات وقتها. وصاحب العمل رجل مسلم يؤدي الصلاة داخل المركز وليس في المسجد في أوقات العمل، ومتفق معي على أهمية الصلاة ولكن بين المحاضرات وداخل المركز، كما أنه قد أخبرني أنه في حالة التعارض الشديد بين وقت الصلاة والمحاضرة (أي أن يذهب الوقت أثناء المحاضرة، كصلاة المغرب مثلا) يقوم بتعطيل المحاضرة عدة دقائق ليدرك الصلاة من يرغب في الصلاة ثم تستأنف المحاضرة بعد ذلك.
مع العلم بأن لي عملا آخر أشتغل به حاليا فيكون عملي بهذا المركز عملا إضافيا، فهل أقبل هذا العمل، أم أعتذر عنه لخوفي من التقصير في واجب الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم –جعلنا الله وإياك من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه- أن المسلم لا يجوز له أن يشتغل بوظيفة يؤدي العمل فيها إلى ترك الصلاة في الجماعة أو تأخيرها عن وقتها المختار، فصلاة الجماعة واجبة إلا لعذر معتبر شرعا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1798 وراجع في تأخير الصلاة الفتاوى رقم: 4034 ورقم: 408 ورقم: 1490.
وعليه، فإذا لم يجد لك صاحب العمل حلاً يمكنك من أداء جميع الصلوات في أوقاتها دون أن تتخلف عن الجماعة، فإنه لا يجوز لك أن تعمل معه، وخاصة أن لك عملا آخر يغنيك عن العمل معه.
وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 9812.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/9511)
البعيد عن المسجد.. وصلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بخصوص الصلاة: أنا أعيش في بلد أوربي ويتعذر علي أن أصلي بالمسجد لبعده عني وأيضا لا أستطيع أن أصل إليه فجراً لصلاة الجماعة، وذلك لعدم توافر المواصلات ولضعف وضعي المادي حيث المواصلات مكلفة جدا.... ونفقة المواصلات تؤثر على وضعي المعيشي ... هل صلاتي بالبيت مقبولة؟ وصلاتي مع زوجتي تأخذ درجة الجماعة عند الله، أفيدوني؟ جزاكم الله عني وعن الإسلام خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان بمكان بعيد عن المسجد بحيث لا يسمع نداء المؤذن لو نادى بلا مكبر صوت لم يلزمه السعي إلى المسجد، وأما صلاتك بزوجتك فتحوز بها أجر الجماعة إن شاء الله تعالى، وهذا ما ذكرناه في خاتمة الفتوى رقم: 22809.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(11/9512)
صلاة الجماعة بين الوجوب وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[حضرتك ذكرت أنه يقع إثم على من لم يصل في الجامع لكنها سنة مؤكدة وليست فرضاً وبذلك نساوي السنة بالفرض، حيث إنها لو فرض فقد تكون أيضاً آثماً إلا بعذر، أنا أعلم أن من ترك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ضل، ولكن أنا أسأل لكونها فيها إثم وقد لا تقبل، على سبيل المثال وليس الحصر قد لا أصليها في جامع لأني أتابع برنامجاً دينياً أو اجتماعياً مفيداً قد يكون الجو ممطراً أو فيه برد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أن صلاة الرجل جماعة في المسجد واجب يأثم بتركه إذا لم يكن له عذر شرعي، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 1798 ورقم: 1415
وذهبت طائفة من العلماء إلى عدم وجوبها واعتبارها سنة مؤكدة، قال ابن قدامة في المغني: الإمامة وصلاة الجماعة واجبة للصلوات الخمس، روي ذلك عن ابن مسعود وأبي موسى، وبه قال عطاء والأوزاعي وأبو ثور، ولم يوجبها مالك والثوري وأبو حنيفة والشافعي.
ومما تقدم يتبين للسائل حكم المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1424(11/9513)
يأثم الرجل إذا ترك الجماعة لغير عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يصلي ويصوم لكنه لا يدخل المسجد ونادرا مايقرأالقران حيث إنه بدأ يصلي بعد سن ال 30
لما كان من جهل هنا في جنوب اليمن سابقا فما حكم صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فترك الرجل لصلاة الجماعة في المسجد من غير عذر يأثم به على الراجح من أقوال أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 1798
وعليه فينبغي نصح هذا الرجل حتى يلتزم بالصلاة مع المسلمين أما بخصوص الفترة التي كان قضاها تاركاً للصلاة بالكلية فمذهب المحققين من أهل العلم أنه كان خارجاً عن الإسلام فيها، ولا يلزمه قضاء ما فات منها، وانظري الفتوى رقم: 3905
أما في ما يتعلق بشأن تركه لقراءة القرآن فهذا ما لا ينبغي لمسلم فعله وقد عده بعض أهل العلم من الهجر الوارد في قوله سبحانه: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً [الفرقان:30] .
ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم:
19600
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1424(11/9514)
أنت مطالب بحضور الجماعة ما لم يكن أبوك بحاجة إليك
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي رجل عجوز ولم يعد يستطيع الذهاب إلى المسجد، فهل أبقى معه في البيت لأصلي معه بدلاً من أن أذهب إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه إذا كان هذا الأب الكبير لا يستطيع الخروج لأداء الصلاة جماعة فهو معذور، وله أجر حاضر الجماعة إذا كان ممن كانوا يحضرونها قبل التلبس بالعذر، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً. رواه البخاري من حديث أبي بردة.
أما أنت فمطالب بحضور الصلاة في الجماعة، إذا لم يكن هذا الأب بحاجة إليك لأنك غير معذور، وخاصة إذا كنتم تسمعون النداء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه والبيهقي في السنن، والترمذي.
وقد أخرج مسلم والبيهقي والنسائي أن رجلاً أعمى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ فقال: نعم، قال: فأجب.،
وأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/9515)
صلاة الجمعة والجماعة لا تجبان على العبد المملوك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العبد المملوك في الصلاة المفروضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة المفروضة لا تسقط عن مكلف، سواء كان عبداً أو امرأة أو غيرهما، وأما صلاة الجمعة والجماعة فلا تجبان على العبد المملوك.
وقد نص على ذلك الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع، وهو الصحيح من مذهب الحنابلة، قال المرداوي في الإنصاف: والصحيح من المذهب أنها لا تجب عليهم.... أي العبد.
ونص على ذلك الشافعية في باب الجمعة والمالكية كذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(11/9516)
يسمع النداء ولا يذهب للمسجد بسبب الإرهاق والتعب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم،،،
ما حكم من يسمع النداء للصلاة ولا يذهب للمسجد لمجرد الإرهاق والتعب الشديد؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن فعل ذلك فقد حرم نفسه خيراً عظيماً، وأثم لتركه الجماعة، وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال له: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ فقال: نعم، قال: فأجب.
وفي رواية لأحمد وابن ماجه قال: فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: أتسمع النداء؟ قال: نعم: قال: ما أجد لك رخصة.
وروى ابن ماجه بسند صحيح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر.
لكن إذا كان الإنسان متعباً تعباً شديداً، بحيث يلحقه مشقة بذهابه إلى الجماعة، فهذا عذر في تخلفه عنها، لقول الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] ، وحضوره وتحمله المشقة أولى، لقول ابن مسعود رضي الله عنه: ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله: معنى "يهادى" أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما، وهو مراده بقوله في الرواية الأولى: إن كان المريض يمشي بين رجلين، وفي هذا كله تأكيد أمر الجماعة وتحمل المشقة في حضورها، وأنه إذا أمكن المريض ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1424(11/9517)
لا يترك صلاة الجماعة تعللا بتحصيل الرزق
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يعمل حلاقاً وهو في الأغلب يترك صلاة الجماعة، وكما نعرف فإن تارك صلاة الجماعة يعتبر من المنافقين، علما بأن صديقي هو صاحب المحل ويعمل وحيدا في المحل ولا يوجد معه أحد.
وأرجو منكم إفادتي بإفتاء لكي أنقل له ذلك والله الموفق.
اخوكم في الله العبد الفقير الخاطر.
تحياتي واحترامي وتقديري]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أداء الصلاة مع الجماعة واجب من الواجبات التي يأثم تاركها، وهذا الذي تدل عليه نصوص الكتاب والسنة، والتخلف عنها علامة من علامات النفاق.
فالواجب على صديقك أن يؤدي الصلاة مع الجماعة في المسجد، وليعلم أن ما عنده يفنى وما عند الله باق، كما قال تعالى: ما عندكم ينفد وما عند الله باق [النحل:69] .
وقد قال الله تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً *ويزقه من حيث لا يحتسب [الطلاق: 2-3] وقال أيضاً ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً [الطلاق: 4] .
فالواجب عليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى، ويحافظ على أداء الصلاة جماعة في المسجد، وانظر الفتوى رقم: 5153
ونحب أن ننبهه أيضاً على أن حلق اللحية حرام مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها.
وقد انتشر بين الحلاقين فعل ذلك وكأنه أمر مباح.
فيحرم عليه أن يحلق لحيته أو لحى الزبائن، وقد قال صلى الله عليه وسلم: احفوا الشوارب وأرخوا اللحى رواه أحمد ومسلم،
ولمزيد من الفائدة حول موضوع حلق اللحية نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 263 والفتوى رقم: 1414 والفتوى رقم:
2711
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1424(11/9518)
مذاهب العلماء في حكم صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
الرجاء ذكر العلماء الذين قالوا إن صلاة الجماعة فرض كفاية، والعلماء الذين قالوا إنها سنة مؤكدة, مع ذكر أدلتهم لرأيهم هذا، وهل هناك من علماء هذا العصر من قال بذلك؟
وجزاكم الله خيرا
ا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلماء رحمهم الله اختلفوا في صلاة الجماعة، فالبعض يراها سنة مؤكدة، والبعض الآخر يراها فرض كفاية، وهناك من قال بوجوبها عينا.
فعند الشافعية أنها فرض كفاية، وهو الصحيح من مذهبهم، ومنهم من قال إنها سنة.
قال الشيرازي في المهذب: اختلف أصحابنا في الجماعة فقال أبو العباس وأبو إسحاق: هي فرض كفاية يجب إظهارها في الناس، فإن امتنعوا من إظهارها قوتلوا عليها، وهو المنصوص في الإمامة، والدليل عليه ما روى أبو الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، عليك بالجماعة، فإنما يأخذ الذئب من الغنم القاصية.
وقال النووي في المجموع شرح المهذب: والصحيح أنها فرض كفاية، وهو الذي نص عليه الشافعي في كتابه "الإمامة" كما ذكره المصنف، وهو قول شيخي المذهب: ابن سُريج وأبي إسحاق وجمهور أصحابنا المتقدمين، وصححه أكثر المصنفين، وهو الذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة. انتهى
وعند أكثر المالكية أنها سنة مؤكدة، وقال بعضهم: فرض كفاية، قال أبو الوليد الباجي في شرحه على موطأ الإمام مالك عند شرحه لحديث: صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.
وهذا الذي ذكره يدل على أن الجماعة ليست بشرط في صحة الصلاة ولا بفرض، واختلف العلماء في ذلك، فذهب بعض أصحابنا وأصحاب الشافعي إلى أن الجماعة فرض على الكفاية، وذهب بعضهم إلى أنها سنة مؤكدة، وقال داود: إن صلاة الجماعة فرض، ولا تجوز صلاة الفذ مع القدرة عليها، والدليل على صحة ذلك الخبر الذي ذكرناه، ووجه الدليل معنيان:
أحدهما، أنه جعل صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ، ولو لم تكن صلاة الفذ مجزئة لما وصفت بأن صلاة الجماعة تفضلها، لأنه لا يصح أن يفاضل بين صلاة الجماعة وبين ما ليس بصلاة.
والثاني، أنه حد ذلك بسبع وعشرين درجة، فلو لم تكن لصلاة الفذ درجة من الفضيلة لما جاز أن يقال إن صلاة الجماعة تزيد عليها سبعا وعشرين درجة ولا أكثر ولا أقل، لأنه إذا لم يكن لصلاة الفذ مقدار من الفضيلة، فلا يصح أن تتقدر الزيادة عليها بدرجات معدودة مضافة إليها. انتهى.
أما وجوب صلاة الجماعة، فهو الراجح عند الحنفية.
ففي البحر الرائق لابن نجيم: الجماعة سنة مؤكدة، أي قوية تشبه الواجب في القوة، والراجح عند أهل المذهب الوجوب، ونقله في البدائع عن عامة مشايخنا. انتهى.
وكذلك على الوجوب الحنابلة، وللتعرف على المزيد في هذا الموضوع، راجع الأجوبة التالية: 36549، 15661، 26165، 34242.
والذي يدعمه الدليل في هذه المسألة هو أن صلاة الجماعة واجبة وجوبا عينيا على الرجال البالغين، مع الخلو من الأعذار المعتبرة التي تسقط الوجوب كما هو واضح من محتوى الفتاوى المحال إليها سابقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(11/9519)
ليس من سبيل أهل السنة والجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتهر عن جماعة أهل السنة والجماعة أنهم يعتزلون المساجد وأموراً أخرى، فهل هنالك أصل شرعي لهذا الأمر أم لا مع بيان الأدلة أن أمكن؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاهل السنة والجماعة يرون أن حضور الصلوات في جماعة في المساجد من إظهار شعائر الإسلام الواجب إظهارها بالأذان لها وإقامتها في المساجد، وقد مضى بيان حكم صلاة الجماعة في الفتوى رقم: 31443.
فعلى هذا يحرم أن يتواطأ أهل بلد على تركها وهو معدود في الكبائر، كما ذكره ابن حجر الهيثمي في الزواجر (الكبيرة الخامسة والثمانون) ، فإذا تركوها فقد اختلف العلماء هل يقاتلون أم لا؟
قال النووي في المجموع: فعلى هذا لو اتفق أهل بلد أو قرية على تركها فهل يقاتلون؟ فيه وجهان، أصحهما: لا يقاتلون، كسنة الصبح والظهر وغيرهما، وبهذا قطع البندنيجي، والثاني: يقاتلون لأنه شعار ظاهر. انتهى.
وهذان القولان روايتان في المذهب الحنبلي، والمعتمد منهما عدم قتالهم، هذا على القول بأن إقامة الجماعة سنة، أما على القول بأنها فرض كفاية، فإنهم يقاتلون على تركها إذا اتفقوا على عدم إقامتها، قال العراقي في طرح التثريب: وقد اختلف أصحاب الشافعي رحمه الله، في قتال أهل بلد اتفقوا على ترك الجماعة بناء على القول بأنها سنة، والصحيح عندهم أنهم لا يقاتلون على ذلك، إنما يقاتلون على القول بأنها فرض كفاية. انتهى.
وهذا كله يبين أهمية إقامة الجماعة والحرص عليها، ولذلك كان الصحابة ومن بعدهم يصلون خلف الأئمة وإن جاروا وظلموا كما مضى في بيانه، في الفتوى رقم: 1714.
وبهذا تعلم أن التخلف عن صلاة الجماعة ليس من أمر أهل السنة والجماعة في شيء، بل من يعتبر التخلف عن صلاة الجماعة ديناً، مبتدع ضال، ولا بد أن يبين له الأمر على وجهه، فإن ترك ما هو عليه، وإلا رفع أمره للحاكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(11/9520)
مناقشة أدلة القائلين بعدم وجوب الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اطلعت في فتاواكم ووجدت أن صلاة الجماعة واجبة والنبي يقول صلاة الجماعة تفضل عن صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة
إذن صلاة الجماعة من المندوب فعلها ولكن تاركها لا يأثم.
أرجو من فضلكم إجابة واضحة دقيقة لأن هذا الأمر هام جدا وأنا أسكن على حوالي 1.5 كيلومتر من المسجد.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت الأدلة الصحيحة على وجوب صلاة الجماعة على من سمع النداء، ومنها ما في الصحيحين - وهذا لفظ البخاري - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقًا سمينًا أو مَرماتين حسنتين لشهد العشاء.
وفي رواية للبخاري أيضا: ثم آخذ شعلا من نار فأحرق على من لا يخرج إلى الصلاة بعد. ولأحمد: ثم آمر بأناس لا يصلون معنا فتحرق عليهم بيوتهم. وله أيضًا: ثم أخرج بفتياني معهم حزم الحطب فأحرق على قوم في بيوتهم يسمعون النداء ثم لا يأتون الصلاة.
قال ابن المنذر رحمه الله: وفي اهتمامه بأن يحرق على قوم تخلفوا عن الصلاة بيوتهم أبين البيان على وجوب فرض الجماعة؛ إذ غير جائز أن يحرق الرسول الله صلى الله عليه وسلم من تخلف عن ندب وعما ليس بفرض. (الأوسط 4/134)
ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلمَّا ولَّى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال نعم. قال: فأجب.
ومنها: ما رواه أبو داود وابن ماجه واللفظ له، وأبو حاتم ابن حبان في صحيحه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر.
والحديث رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين. ولم يتعقبه الذهبي، وقال الألباني في الإرواء (551) : وهو كما قالا. وصحح الحافظ في التلخيص إسناد ابن ماجه والحاكم.
وأما الحديث الذي أشرت إليه فهو من حجة من لم يوجب صلاة الجماعة، ولفظه كما في الصحيحين عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. وله ألفاظ أخر.
وأجاب عنه القائلون بالوجوب، بأن هذا في حق المعذور. فمن صلى منفردًا لعذر، فله أجر واحد. وأورد عليهم أن المعذور ينال أجر الجماعة كاملا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا. رواه البخاري.
والجواب: أن المعذور لا يستحق بفعله الصلاة إلا جزءا واحدا كما في الحديث، وأما تكميل الأجر فراجع إلى النية، لمن كان عادته أن يصلي مع الجماعة.
قال ابن القيم: فأجابوا على ذلك بأنه لا يستحق بالفعل إلا جزءًا واحدًا، وأما التكميل فليس من جهة الفعل، بل بالنية إذا كان من عادته أن يصلي جماعة فمرض أو حبس أو سافر، وتعذرت عليه الجماعة، والله يعلم أن من نيته أن لو قدر على الجماعة لما تركها، فهذا يكمل له أجره مع أن صلاة الجماعة أفضل من صلاته من حيث العملين. قالوا: ويتعين هذا ولا بد، فإن النصوص قد صرحت بأنه لا صلاة لمن سمع النداء ثم صلى وحده، فدل على أن من له جزء من سبعة وعشرين جزءًا هو المعذور الذي له صلاة. قالوا: والله تعالى يفضل القادر على العاجز، وإن لم يؤاخذه فذلك فضله يؤتيه من يشاء. اهـ
ونظير هذا قوله صلى الله عليه وسلم: من صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد. رواه البخاري.
وهذا في حق المعذور، لأن غير المعذور لو صلى قاعدًا أو على جنب فليس له من الأجر شيء إن كانت الصلاة فرضًا. وإن كانت نفلاً لم يجز له التطوع على جنب.
ومع وجود العذر فقد تفاوت الأجر بينهم، فدل على أن المعذور لا يلزم أن ينال الأجر كاملاً، في كل حال. قال شيخ الإسلام مبينًا عدم مشروعية التطوع على جنب: ولكن أكثر العلماء أنكروا ذلك - أي التطوع على جنب - وعدوه بدعة وحدثًا في الإسلام. وقالوا: لا يعرف أن أحدًا قط صلى في الإسلام على جنبه وهو صحيح، ولو كان هذا مشروعًا لفعله المسلمون على عهد نبيهم صلى الله عليه وسلم أو بعده، ولفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولو مرة، لتبيين الجواز، فقد كان يتطوع قاعدًا، ويصلي على راحلته قِبَلَ أي وِجْه تَوَجَّهت، وَيُوتِرُ عليها، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة، فلو كان هذا سائغًا لفعلهُ ولو مرة، أو لفعله أصحابه. انتهى من مجموع الفتاوى (23/235) .
ويمكن أن يجاب عن الحديث بجواب آخر: وهو حمله على من صلى منفردًا، لبعد داره وعدم سماعه النداء، مع إمكان انتقاله إلى دار قريبة من المسجد، وهكذا من كان منشغلا بزراعة ونحوها، في محلٍّ لا يبلغهُ النداء، فهؤلاء معذورون، لكن باستطاعتهم المجيء، فلم يحبسهم العذر فينالوا كامل الأجر، ومن صلى منهم منفردا لم يأثم، ولم ينل إلا أجرًا واحدًا، ومن أتى منهم الجماعة نال سبعًا وعشرين درجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1424(11/9521)
حكم صلاة الجماعة للنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 30 عاما، وأعاني من طباع زوجي السيئة للغاية، التي منها الكذب والنفاق وعدم مراعاة شئون الأسرة، وغيرها من الصفات التي تتنافى مع واجب القوامة وغيرها، ولكنه يصلي ويصوم فقط، وأنا أكره الصلاة خلفه، لأني لا أقتنع به كإمام وهو به كل هذه الصفات السيئة، فهل أنا بذلك على وزر باعتبار أن صلاة الجماعة خير من صلاة الفرد بـ 27 درجة.
في بعض الأحيان عندما يفيض بي أدعو عليه، فهل أنا بذلك آثمة؟ مع العلم بأنني طلبت منه الطلاق بإلحاح عشرات المرات لصفاته التي تغضب الله، فما هو رأيكم
وما هي نصيحتكم لي في التعامل مع مثل هذا الزوج]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر - والله أعلم - أن لا وزر عليك فيما فعلت، فصلاة الجماعة وإن كانت أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة - كما ذكرت - فإنها مع ذلك ليست واجبة في حق النساء، ولكنها أفضل من صلاتهنَّ منفردات.
وعليه، إذا كنت تجدين من تأتمين به غير زوجك الذي ذكرت من فسقه ما ذكرت، فائتمي بذلك الغير ولا تأتمي بزوجك، فإن إمامة الفاسق وإن كانت صحيحة في مذهب الجمهور، إلا أن أهل العلم مجمعون على كراهتها.
وإن لم تجدي غير زوجك فائتمي به، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 11155.
ثم إن دعاءك عليه إن كان لسبب ظلم منه لك، فلا حرج عليك فيه مع أن الأفضل لك تركه، وإن كان بغير حق كنت أنت الظالمة. وراجعي الفتوى رقم: 20322 >
ولا حرج في طلبك منه الطلاق؛ لأن المنهي عنه من طلب الطلاق ما كان لغير سبب معتبر. أخرج الترمذي وأبو داود وابن ماجه من حديث ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة.
ولا شك أن ما ذكرت من صفاته التي تغضب الله سبب يحمل على طلب الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9522)
أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 14 سنة، ولكنني في بعض الأيام لا أصلي الظهر خاصة والعصر في المسجد، وأتعذر بأنني لا أملك سيارة والمسجد بعيد والحر على أشده، فما حكم هذا؟ مشكورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا نحضك على مجاهدتك نفسك في الانضباط في حضور الجماعة، ولا سيما إن كنت تسمع النداء، ولتعلم أن الأجر على قدر المشقة؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الجميع تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمسًا وعشرين درجة، فإن أحدكم إذا توضأ فأحسن وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لم يخطُ خطوة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه خطيئة حتى يدخل المسجد، وإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت تحبسه، وتصلي عليه الملائكة مادام في مجلسه الذي يصلي فيه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه. ما لم يحدث فيه. وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم. رواه مسلم.
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رجل من الأنصار لا أعلم أحداً أبعد من المسجد منه، وكان لا تخطئه صلاة. فقيل له: لو اشتريت حمارًا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء. قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله. رواه مسلم.
وعن جابر رضي الله عنه قال: أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا بني سلمة: دياركم تكتب آثاركم رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات. قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط. رواه مسلم
وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم. رواه أبو داود.
ولحكم الصلاة في الجماعة تراجع الفتوى رقم: 34242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(11/9523)
التفريط في أداء الجماعة فوات للأجر ونيل للإثم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصلاة في المسجد أحياناً وفي البيت أحياناً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أداء الصلاة مع الجماعة واجب عيني على الرجال البالغين، ومن فرط في هذا الواجب وصلى في بيته بدون عذر شرعي يمنعه من أداء الصلاة مع جماعة المسلمين، حيث يسمع النداء، فقد أثم وفاته الخير والأجر الجزيل.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 5153 والفتوى رقم: 1415.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(11/9524)
من يتصدق على هذا فيصلي معه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أفيدوني جزاكم الله خيرا. سؤالي هو:
إذا دخل المصلي المسجد وقد فاتته إحدى الصلوات الخمس وصلى منفردا، وقبل الانتهاء من الصلاة دخل عليه اثنان وصليا معه. هل تكون صلاته التي صلاها جماعة أم صلاة منفرد؟ مع العلم بأنه كان يصلي منفردا وقبل أن يسلم دخل عليه اثنان وصليا معه..
جزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من ابتدأ الصلاة منفردًا ثم دخل شخص أو أشخاص وأحرموا بالصلاة اقتداء به يعتبر قد صلى في جماعة، ويحصل للجميع ثواب صلاة الجماعة إن شاء الله تعالى، بدليل ما أخرجه أبو داود وأحمد في المسند من حديث أبي سعيد الخدري أن رجلاً دخل المسجد وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يتصدق على هذا فيصلي معه، فقام رجل من القوم فصلى معه.
لكن ينبغي الحرص على أداء صلاة جماعة وعدم الانشغال عنها والتهاون فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1424(11/9525)
ليست المذاكرة عذرا للتخلف عن صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدى أنا طالب فى كلية الطب البيطري بالفرقه الرابعة عمرى 24سنة، السؤال هو: هل فترة الامتحانات عذر للتخلف عن صلاة الجماعة فى المسجد لما فيه من تقصير فترة المذاكرة والذى يؤثر على المستوى الدراسي؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجماعة واجبة، وليست المذاكرة عذرا في التخلف عنها، ف قد جاءابن أم مكتوم رضي الله عنه وهو رجل أعمى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله أن يرخص له أن يصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب. رواهمسلم.
فإذا كان العمى ليس عذرا في التخلف عن صلاة الجماعة، فكيف يكون ما دونه كالمذاكرة أو نحوها سببا في التخلف عن صلاة الجماعة، قال صاحب عون المعبود: وفي هذا دليل على أن حضور الجماعة وا جب، ولو كان ذلك ندبا لكان أول من يسعه التخلف عنها أهل الضرر والضعف ومن كان من مث ل حال ابن أم مكتوم، ثم اعلم أخي ب أن طاعة الله تعالى بالمحافظة على الفرائض كالصلاة ونحوها من أكبر أسباب حصول البرك ة في الوقت والجهد والمذاكرة والمال وغير ذلك.
قال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّم َاءِ وَالْأَرْضِ. [الأع راف: من الآية96] .
وقد مدح الله تعالى عباده الصالحين بالمحافظة على صلاة الجماعة فقال: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ*رِجَالٌ لا تُ لْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ* لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِ لُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب ٍ. [النور:38] .
الله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(11/9526)
عد إلى صلاة الجماعة ولا تتخلف عنها إلا من عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم في أوروبا لقد داومت على صلاة الجماعة في مسجد خاص بالأسويين لمدة 11 عاما، بدون أن يكون هناك اختلاط أو زيارات وبالكاد كلام بيني وبينهم، ولكني الآن توقفت عن الذهاب إلى صلاة الجماعة، فهل آثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا ننصحك بالمحافظة على الصلاة في المسجد مع جماعة المسلمين، وعدم التخلف عنها إلا من عذر، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه وصححه الألباني. وقال أيضا: من سمع النداء فارغا صحيحا فلم يجب فلا صلاة له. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وقد هم النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت المتخلفين عن الصلاة فقال: لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم. رواه البخاري ومسلم.
واعلم أن التخلف عن صلاة الجماعة من شيم المنافقين، وفي الصحيحين عن ابن مسعود أنه قال: من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف.
وراجع في خطورة التخلف عن الجماعة الفتوى رقم: 5153، والفتوى رقم: 1798، والفتوى رقم: 28664.
وإليك يا أخي بعض الأحاديث التي ترغب في الصلاة في الجماعة:
صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. رواه البخاري ومسلم.
: من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح. رواه البخاري ومسلم.
: من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة. رواه مسلم.
: إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصلي ثم ينام. رواه البخاري ومسلم.
: من شهد العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله. رواه مسلم.
هذا، ونوصيك أخي بالتعرف على إخوانك في الله، وإفشاء السلام عليهم، ومحبتهم، ففي الحديث: والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم. رواه مسلم.
واعلم يا أخي أن اتصال المسلم بإخوانه واجتماعه بهم وخاصة في بلاد الكفر من أعظم ما يساعد على الحفظ من غوائل الشيطان، ففي الحديث: عليكم بالجماعة فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(11/9527)
عند عدم وجود مسجد هل تلزم الجماعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا موجود في بلد أجنبية ولا يوجد لدينا مسجد في المنطقة التي أعيش فيها ونحن نصلي مجموعات وكل مجموعة تصلي كل يوم في منزل شخص فهل يجب علي الحضور؟ مع العلم أنه ليس مسجداً وإنما منزل فهل تجب الجماعة؟ وهل علي إثم إذا تغيبت عنهم؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم صلاة الجماعة على أقوال:
- فقال الحنفية والمالكية سنة مؤكدة.
- وقال الشافعية هي فرض كفاية.
- وقال الحنابلة هي فرض عين على من تجب عليهم الجمعة، ولكنهم لم يشترطوا لها المسجد.
- وقالت الظاهرية هي شرط لصحة الصلاة، ولا بد أن تكون في المسجد.
فعلى مذهب الجمهور لا يشترط أن تقام في المسجد، بل يمكن أن تقام في البيوت، ومن يوجبها منهم على الأعيان وهم الحنابلة يلزمون الشخص بها ولو لم تكن في المسجد.
وإذا قلنا بقول الظاهرية -وهو الأحوط- فإنكم معذورون بعدم وجود مسجد في البلد، لكن حاولوا أن تجتهدوا في إنشاء مسجد للجُمَع والجماعات في هذا البلد.
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1424(11/9528)
تنعقد الجماعة باثنين باتفاق العلماء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر الصلاة مع الزوجة صلاة جماعة، وما هو عدد درجاتها؟ وما هو الفرق بينها وبين الصلاة في المسجد؟ وما هي الصلوات التي تؤدى في المسجد دون ذلك؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة مع الزوجة تعتبر صلاة جماعة، لأن الجماعة تنعقد باثنين باتفاق أهل العلم، وللتفصيل انظر فتوى رقم: 21306.
وأما عدد درجاتها، فالظاهر أن الفضل الوارد فيما تفضل به صلاةُ الجماعة صلاةَ الفرد بخمس وعشرين درجة أو سبعٍ وعشرين درجة على اختلاف الروايات، إنما هو مختص بجماعة المسجد، وإلى هذا أشار البخاري رحمه الله عندما ترجم في صحيحه فقال: باب: وجوب صلاة الجماعة ثم أورد فيه حديث أبي هريرة بهمه صلى الله عليه وسلم بتحريق المتخلفين عن صلاة الجماعة، ثم قال في الباب الذي يليه: باب فضل صلاة الجماعة، أورد بعض الآثار.
قال الحافظ ابن حجر في شرحه: والذي يظهر لي أن البخاري قصد الإشارة بأثر الأسود وأنس إلى أن الفضل الوارد في أحاديث الباب مقصود على من جمع في المسجد دون من جمع في بيته، ثم رجح الحافظ في ثنايا شرحه ما ذهب إليه البخاري، ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رتب تضعيف الأجر في صلاة الجماعة على جماعة المسجد فقال: " ... وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخُط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صلى عليه الله ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة".
وإذا عرفت هذا فاعلم وفقك الله أن الراجح من أقوال أهل العلم وجوب الصلاة جماعة في المسجد، وانظر للتفصيل فتوى رقم: 5153.
ومن هذا يتبين لك ان الفرق بين جماعة البيت والمسجد في أمرين:
الأول: أن صلاة الجماعة في المسجد واجبة -على الراجح- فمن صلى بأهله في بيته دون عذر فقد ترك الواجب.
الثاني: أن الفضل الوارد في صلاة الجماعة خاص بجماعة المسجد دون جماعة البيت، ولا يعني هذا أن صلاة الجماعة بالبيت لا فضل لها، بل فيها فضل وإن كنا لا نعلم قدره على التحديد.
وأما الصلوات التي تؤدى في المسجد عدا صلاة الجماعة فهي:
- تحية المسجد، فيسن للداخل إلى المسجد ألا يجلس حتى يركع ركعتين.
- صلاة النوافل مثل السنن الراتبة والتطوع المطلق، والأفضل أن تصلى في البيت.
- صلاة التروايح في رمضان.
- صلاة الكسوف ولمعرفة كيفيتها انظر فتوى رقم: 138.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/9529)
وجوب صلاة الجماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا شاب في 20 من عمري هل يجوز لي أن أصلي جماعة في المنزل مع أهلي أو أذهب إلى المسجد رغم أنه بعيد، لكن أستطيع اللحاق به؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقد أكد الشارع أمر صلاة الجماعة ولم يرخص في تركها في أشد الحالات والظروف كحالة الخوف، والحرب فقال تعالى: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ [النساء:102] .
وكحالة الأعمى الذي لا يجد من يقوده إلى المسجد كما روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولَّى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال نعم: قال: فأجب.
ولقد همَّ النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت أناس لا يشهدون الصلاة جماعة.. فأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده: لقد هممتُ أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرِّق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده: لو يعلم أحدهم أن يجد عرقا سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء. وفي رواية: ثم أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة. أخرجه الترمذي.
فالواجب عليك أن تذهب إلى المسجد مادمت تسمع النداء؛ لأن صلاة الجماعة واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم، لما سبق من أدلة تدل على الوجوب مع فيها من الفضل العظيم، فالصلاة في الجماعة تفضل على صلاة الفرد بسبعٍ وعشرين درجة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري. وأخرج مسلم من حديث أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه قال: كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه، وكان لا تخطئه صلاة، قال: فقيل له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء؟ قال: ما يسرَّني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/9530)
جملة من الطرق تحض على صلاة الصبح جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الصبح في جماعة؟ وماهي الطرق والوسائل لحث الناس على صلاتها جماعة؟ والناس الذين يواجهون مشكلة في قيام الصبح بسبب غلبة النوم عليهم كيف يمكن مساعدتهم؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم وجوب أداء الصلاة في المسجد مع الجماعة في الفتوى رقم: 1798 - والفتوى رقم: 5153.
وما دام قد ثبت بالدليل وجوب أداء الصلاة جماعة لغير المعذور، فإنه بإمكان السائل أن يتخذ جملة من الطرق لاقناع الناس بذلك وحثهم عليه، منها:
1- التنبيه على منزلة الصلاة وأهميتها في الإسلام وأنها الركن الثاني بعد الشهادتين وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة....
2- التذكير بالأحاديث المرغبة في حضور الجماعة عموماً وصلاة الصبح خاصة، والتي منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الجميع تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمسا وعشرين درجة ... رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم: من صلى البردين دخل الجنة. متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم: ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله. رواه مسلم. وفي مقابل هذا الترغيب التخويف والترهيب من التخلف عنها لأنه من صفات المنافقين، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " (ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ... )
3- ومن الوسائل المساعدة على صلاة الصبح في المسجد النوم المبكر أو اتخاذ المنبه وتوقيته مع الأذان أو قبله بقدر ما يتجهز الإنسان للصلاة، وكذا الطلب من الأهل كالأب أوالأم أوالزوجة أن يوقظوه للصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(11/9531)
لا تمنعوا إماء الله مساجد الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المانع من ذهاب النساء إلى المسجد، وفي كثير من الأحيان نخرج أنا وأمي للترويح عن النفس من متاعب الحياة اليومية، ويدركنا وقت الصلاة، ولا سيما صلاة المغرب، فأذهب أنا إلى المسجد، وتبقى أمي تنتظرني وتروح عليها الصلاة لضيق الوقت فما المانع؟ ولماذا لا تفتح المساجد أبوابها للنساء إلا في رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تصلي في المسجد، بشرط أمن الفتنة على نفسها أو على غيرها ودليل جواز الصلاة في المسجد قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. متفق عليه
وإذا خشيت خروج الوقت في مثل الحالة المذكورة في السؤال فإنه يجب عليها الصلاة في المسجد أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1423(11/9532)
ثواب جماعة النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صلت النساء جماعة في البيت هل يشملهن حديث الرسول-عليه السلام- (صلاة الجماعه أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) وحديث (من صلى العشاء في جماعه فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما صلى الليل كله) أم أنهن يأخذن أجر الألفة والمحبة وجزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم صلاة النساء جماعة، فذهب الشافعية إلى أنها تستحب، وتقف من تؤمهن وسطهن، وممن روي عنه أن المرأة تؤم النساء: عائشة وأم سلمة ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة، وروي عن أحمد روايتان: رواية أن ذلك مستحب، وأخرى أن ذلك غير مستحب؛ وإن فعلن أجزأهن. وقال الحنفية: يكره تحريماً جماعة النساء وحدهن بغير رجال ولو في التروايح.
وحجة المجوزين ما رواه أبو داود وصححه من حديث أم ورقة بنت نوفل الأنصارية، - رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يزورها ويسميها الشهيدة -وكانت قد جمعت القرآن- وكانت تؤم أهل دارها، وجعل لها مؤذناً يؤذن لها.
وأما بالنسبة للثواب فيرجى أن يحصل لهن ثواب الجماعة، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. رواه الشيخان.
وفي رواية للبخاري عن أبي سعيد: بخمس وعشرين درجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1423(11/9533)
الجماعة في البيت هل تغني عن جماعة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الجماعة في البيت تسقط صلاة الجماعة في المسجد كأن أصلي أنا وأخي في البيت ولا نذهب إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الجماعة شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، والتي إذا تركت في بلد ما قوتلوا على تركها حتى يقيموها، وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في حكمها، فقيل: إنها سنة مؤكدة، وقيل: إنها واجبة، وقيل: إنها سنة غير مؤكدة، وقيل: إنها واجبة على الكفاية، والقول الراجح أنها فرض عيني على الرجال البالغين للأدلة الصحيحة الدالة على ذلك، فمن ذلك ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ناساً في بعض الصلوات، فقال: لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عنها فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم، ولو علم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً لشهدها.. يعني: صلاة العشاء.
وأخرج مسلم أيضاً عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله: لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه، أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه" وقد جاء الرجل الأعمى إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في أن يصلي في بيته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء؟ قال: نعم، قال: لا أجد لك رخصة. رواه مسلم.
وعلى هذا؛ فإنه لا يجوز الصلاة في البيت وترك الجماعة في المسجد إلا من عذر مثل المرض أو الخوف أو ما شابه ذلك، وإلا اتصف المتخلف بصفة من صفات المنافقين النفاق والعياذ بالله، وللاستزادة راجع الفتوى رقم: 5153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1423(11/9534)
سبب ذهاب بعض الصحابيات للصلاة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت قد أرسلت لكم سؤالاً من قبل أسبوع مضى ولكنني لم أتلق الرد عليه، ولم أحسب هذا إلا من كثرة أشغالكم ساعدكم الله، كنت أتسأل عن حكم صلاة المرأة في بيتها، أهو أفضل من صلاة المرأة في المسجد، وأن كان الحال كذلك فلم كان بعض النساء يصلين في عهد الصحابة في المسجد، أم أن صلاة المرأة في المسجد أفضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم:
22245 - والفتوى رقم:
10306.
أن صلاة المرأة في بيتها خير لها من صلاتها في المسجد.
أما عن سبب ذهاب بعض الصحابيات للصلاة في المسجد فهو ما قد يسمعنه من العلم والموعظة والخير ونحو ذلك.
أما بالنسبة لتأخير الأجوبة فهو راجع إلى كثرة الأسئلة الواردة على المركز فنرجو المعذرة.
والله الموفق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(11/9535)
انتظار الجماعة واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[في العمل نصلي جماعة ولكننا نتأخر بسبب تأخر البعض في الوضوء , فأيهما أصح أن أصلي وحدي أم أنتظرهم مع العلم أني قد أنتظر ساعة أو أكثر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح أنه يجب عليك انتظار الجماعة، لاسيما وأن الوقت الذي يتأخرونه قليل وهو ساعة أو أكثر قليلاً منذ دخول وقت الصلاة، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 23055
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1423(11/9536)
قدر المسافة التي توجب صلاة الجماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. ما هي أقصى مسافة بين البيت والمسجد التي توجب على صاحبها أداء الصلاة المكتوبة في المسجد.؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصحيح من أقوال أهل العلم وجوب صلاة الجماعة على البالغ العاقل الذكر إلا لعذر، ولكن فعل الجماعة في المسجد سنة، وليس بواجب على الصحيح، بل لو فعلت في غير المسجد أجزأ، والأفضل أداؤها في المسجد، وإنما يلزمه إجابة النداء للجماعة إذا لم يتمكن من فعلها في غيره، والمسجد الذي يلزمه إتيانه لصلاتها هو المسجد القريب، ويقدر ذلك بسماعه لصوت المؤذن الذي يرفع صوته بدون مكبر ويؤذن على مكان عال، وإمكان إدراك الجماعة بعد الوضوء وصلاة النافلة في البيت، ثم المشي مشياً معتدلاً، فإن كان المسجد منه بحيث لو سمع الأذان قام فتوضأ ثم صلى الراتبة في البيت ثم مشى إلى المسجد فأدرك الجماعة، فهذا تلزمه الجماعة فيه، وإن كان لو فعل ذلك فاتته الجماعة لم تلزمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(11/9537)
فضل صلاة الفجر في جماعة.
[السُّؤَالُ]
ـ[بماذا تنصح أناسا يصلون جميع الصلوات جماعة في المسجد ما عدا صلاة الفجر, يصلونها في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبة على الرجل المستطيع الذي يسمع النداء، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
5153.
ولا فرق في ذلك بين صلاة الفجر وغيرها من الصلوات. بل صلاة الفجر أولى أن يحافظ عليها في الجماعة لأمور:
الأول: ما جاء في فضل أدائها جماعة، كقوله صلى الله عليه وسلم: من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله. رواه مسلم
وقوله صلى الله عليه وسلم: بشِّر المشَّائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة. رواه الترمذي وابن ماجه بسند صحيح
الثاني: مخالفة المنافقين الذين تثقل عليهم هذه الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبْوا. متفق عليه
الثالث: أن يبدأ المسلم يومه بهذه الحسنات المباركات، التي ينالها بوضوئه ثم ذهابه إلى بيت من بيوت الله، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سُوقه خمسة وعشرين ضعفًا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلَّى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، تقول: اللهم صلِّ عليه، اللهم ارحمه.. ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة.
وما أجمل أن يقول في خروجه إلى المسجد: اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورًا، واجعل من خلفي نورًا، ومن أمامي نورًا، واجعل من فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، اللهم أعطني نورًا. بهذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم في خروجه إلى صلاة الفجر، والحديث في الصحيحين، وهذا لفظ مسلم.
فنحن ننصح إخواننا هؤلاء ألا يفوتوا هذا الأجر العظيم، وأن يحذروا من الوقوع في إثم التخلف عن الجماعة ومشابهة المنافقين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1423(11/9538)
جماعة الفجر والعشاء لهما فضل على غيرهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الجماعة وهل لصلاة الفجر جماعة فضل على غيرها؟ جزاكم الله خيراً.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبة إلا لعذر. وقد تقدم بيان هذا بأدلته في فتوى سابقة برقم:
1798 فلتراجع.
ولصلاة الفجر والعشاء جماعة فضل على غيرهما من الصلوات. ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(11/9539)
الصلاة ... بين إدراك فضيلة أول الوقت وبين أدائها جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل انتظار صلاة الجماعة أم إقامة الصلاة في أول وقتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت صلاة الجماعة تؤخر عن أول وقت الصلاة بحيث لا يخرج وقت الصلاة المحدد لها شرعاً فالواجب انتظار صلاة الجماعة، وهذا على قول من يقول بفريضة صلاة الجماعة على الأعيان وهو القول الراجح.
وأما من يقولون بسنية صلاة الجماعة أو بفرضيتها على الكفاية فقد اختلفوا هل تأخير الصلاة عن أول الوقت إلى أثنائه لانتظار الجماعة أفضل أم صلاة الشخص منفرداً في أول الوقت أفضل أم الأفضل الجمع بينهما؟ وهو الذي أختاره الإمام النووي رحمه الله في المجموع فقال: فالذي نختاره أنه يفعل ما أمره به النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي مرتين: مرة في أول الوقت منفرداً لتحصيل فضيلة أول الوقت، ومرة في آخره مع الجماعة لتحصيل فضيلتها. وقد صرح أصحابنا باستحباب الصلاة مرتين.... فإن أراد الاقتصار على صلاة واحدة فإن تيقن حصول الجماعة آخر الوقت فالتأخير أفضل لتحصيل شعارها الظاهر، ولأنها فرض كفاية على الصحيح في مذهبنا، وفرض عين على وجه لنا، وهو قول ابن خزيمة من أصحابنا، وهو مذهب أحمد بن حنبل وطائفة، ففي تحصيلها خروج من الخلاف، ولم يقل أحد يأثم بتأخيرها، ويحتمل أن يقال: إن فحش التأخير فالتقديم أفضل وإن خف فالانتظار أفضل "والله أعلم". انتهى.
والحديث الذي أشار إليه الإمام النووي هو ما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر رضي الله عنه " كيف أنت إذا كانت عليك امراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها قال قلت فما تأمرني قال صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة"
وأما إذا كانت صلاة الجماعة تؤخر بحيث يخرج وقت الصلاة المحدد لها شرعاً فلا يجوز انتظارها، بل الواجب صلاتها في وقتها لأن الله تبارك وتعالى قد توعد -بالعذاب- من يؤخرون الصلاة حتى يخرج وقتها المحدد لها شرعاً كما سبق في الفتوى رقم:
18839.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1423(11/9540)
حكم خروج المرأة للصلاة جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم خروج المرأة المتزوجة إلى الصلاة في المسجد؟ وهل هو فريضة أم سنة مع الاستشهاد بالقرآن والسنة؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب على النساء صلاة الجماعة لا في المسجد ولا في بيوتهن، ولو صلين جماعة فلا حرج عليهن، بل ذلك مستحب عند بعض العلماء.
وأما خروجهن للمساجد، فمشروط بأمن الفتنة، ولهذا كره الشافعية خروج الشابة والمرأة الكبيرة التي تشتهى، وكرهوا لزوجها أو وليها تمكينها من ذلك، لقول عائشة رضي الله عنها: لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء، لمنعهن المساجد كما مٌنعت نساء بني إسرائيل. متفق عليه.
وأما أصل الإذن للنساء في حضور الجماعة، فقد دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها" متفق عليه.
وصلاة المرأة في بيتها أفضل لها من صلاتها مع الجماعة في المسجد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن" رواه أبو داود.
وقوله: "صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها" رواه أبو داود.
وإذا خرجت المرأة للمسجد لزمها اجتناب الطيب مع التستر، والبعد عن مزاحمة الرجال، وانظر الفتوى رقم: 2892.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1423(11/9541)
لا يشرع التيمم لإدراك فضيلة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إذا استيقظ الشخص قبيل صلاة الفجر وهو محتلم هل يتيمم ويصلي (إذا خاف ضياع الجماعة) أم ينتظر حتى يغتسل؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى الشخص المذكور إن وجد الماء أن يغتسل وإن فاتته الجماعة لأن الطهارة شرط وصلاة الجماعة مختلف في حكمها بين الوجوب والسنية، وعلى كل حال فهي ليست شرطاً في صحة الصلاة على قول الجمهور، وانظر الفتوى رقم:
8548.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1423(11/9542)
المساجد والصلاة جماعة محل لغرس السكينة
[السُّؤَالُ]
ـ[الأصل في الصلاة هو العبادة لله وحده، وأن تؤدى مع جماعة المسلمين في المسجد، ولكن ونتيجة ضغوط نفسية رهيبة لم أعد خاشعا في صلاتي كما سبق، وأصبحت إذا صليت منفردا في بيتي أكون في صلاتي هذه أقرب إلى ربي من صلاتي مع جماعة المسلمين في المسجد فما حكم ذلك؟ مع العلم أن سبب هذه الضغوط النفسية مشكلة مرت علي جعلتني أكره الاختلاط حتى بوالديَّ.
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأداء الصلاة مع المسلمين في جماعة واجب، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم ... الحديث" متفق عليه واللفظ للبخاري.
والحالة التي أنت عليها لا تعتبر عذراً يمنع من حضورك صلاة الجماعة، ونقصان خشوعك ليست بمانع أيضاً، وعليك بمجاهدة نفسك لأن هذه مجرد وساوس وأوهام، والضغوط النفسية التي تمر بها أعظم علاج لها هو زيادة الإيمان والالتجاء بصدق إلى الرب الرحمن.
ومن أعظم ما يعينك على دفع هذه الحالة حرصك على المسجد وأداء الصلاة في جماعة، لأن الله تعالى جعل هذه المساجد محلاً لطمأنينة النفوس وسبباً من أقوى أسباب التعلق بالله، وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ("وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده) ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1423(11/9543)
انصح والدك ولا تسئ إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي لا يحب الصلاة في جماعة، وقد حاولت معه مراراً، أنا لا أعرف كيف أتصرف معه، ونفسي أصبحت تكره التلاطف معه؟
أنقذوني جازاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الجماعة مختلف في وجوبها بين أهل العلم، والراجح وجوبها، ولذا ينبغي عليك مواصلة النصح برفق وحكمة لوالدك حتى يقوم بما أوجب الله تعالى عليه.
ولا تيأس منه، أو تمل من دعوته، أو تعقه وتقاطعه، أو تسيء التصرف معه، ونحو ذلك، لأن الله تعالى أمر بالإحسان إلى الوالدين وطاعتهما في المعروف، ولو كانا كافرين فكيف إذا كانا مخطئين أو مقصرين في شيء في دينهما، فالإحسان إليهما في هذه الحالة من باب أولى.
ولذا ننصحك -أخي الكريم- أن توسع صدرك في معاملة الناس عموماً، ومن له حق عليك خصوصاً كوالديك وإياك أن تسيء إلى والديك أو أحدهما.
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.
وأطلع والدك على الفتوى رقم: 1195، والجواب رقم: 1798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9544)
حكم صلاة الجماعة عند الأئمة الأربعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن مدى قبول الصلاة عند الخالق ومدى الإلزام بصلاة الجماعة ومفهوم الصلاة الصحيحة الكاملة. أرجو إجابة مطولة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ...
أما بعد:
فسبق بيان شروط الصلاة المقبولة عند الله في الفتوى رقم:
8331 وأما الحكم لصلاة بعينها بالقبول وعدمه فلا يعلم ذلك إلا الله سبحانه.
وأما حكم صلاة الجماعة فهي واجبة عند الحنفية والحنابلة ووجه عند الشافعية وفي قول لبعض المالكية، وسنة عند أكثر المالكية ووجه عند الشافعية.
وذهب الشافعية في المعتمد عندهم إلى أن صلاة الجماعة فرض كفاية، وانظر الفتوى رقم: 1798 والفتوى رقم: 10533 والله أعلم.
والصلاة الكاملة هي التي استوفت شروطها وأركانها وواجباتها وسننها ومستحباتها، وإن كنت تعني بالصلاة الكاملة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر في الفتوى رقم: 2751
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1423(11/9545)
تحديد درجة ثواب صلاة المرأة في بيتها أمر توقيفي
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل تتحصل المرأة 27 درجة إذا صلت في بيتها؟ كما هو الحال بالنسبة للرجل إذا صلى في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد، لكن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في جماعة المسجد، كما في الفتوى رقم:
10306 لأن العمل المفضول في زمانه ومكانه يقدم على الفاضل، مثال ذلك: أن جنس قراءة القرآن أفضل من الذكر، لكن المجيء بالأذكار الواردة بعد الصلاة أفضل من قراءة القرآن، لأنها أديت في وقتها ومكانها، لكن لا يعني هذا -أعني أفضلية الصلاة في البيت للمرأة- أن تكون على نفس درجات صلاة الرجل في الجماعة، وذلك لأن مسألة تحديد الدرجات والثواب مسألة توقيفية لا بد فيها من نص ثابت من الشارع، والشارع ذكر أن صلاة المرأة في بيتها أفضل لها، ولكن من دون تحديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1423(11/9546)
الزواج ليس عذرا لترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمتزوج في أول أسبوع من زواجه أن يصلي في المنزل مع زوجته وأن يجمع الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء نظرا للظروف المعروفة سلفا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس الزواج عذراً مبيحاً للمتزوج أن يتخلف عن صلاة الجمعة والجماعة، ولا أن يجمع بين الصلاتين.
وراجع الجواب رقم: 9798.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9547)
الخوف المبيح لترك صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي الصلوات الخمس وأصليها كلها في المسجد ما عدا صلاة الفجر فأنا أخاف الخروج في الليل وهذه هي مشكلتي وأنا الوحيد من أفراد عائلتي الذي يصلي فلا يوجد شخص معي يخرج للصلاة لذا فأنا أصليها عندما أستيقظ من النوم وذلك في حوالي الساعة 8 أو 6 أي بعد انتهاء الصلاة بساعة أو ساعتين فأفيدوني هل صلاتي مقبولة أم لا.
مع فائق الشكر والاحترام....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز تأخير صلاة الفجر ولا غيرها من الصلوات عن وقتها الذي حدده لها الشارع، وراجع الفتاوى رقم: 12448، 5940، 1840.
ويجب أن تصلى الصلوات الخمس في جماعة إلا لعذر، وراجع الفتاوى رقم: 10673، 12124..
وأما خوفك من الخروج في الليل، فإن كان لعذر صحيح كالخوف من ظالم، أو قاطع طريق، أو سباع، ونحو ذلك فلا حرج عليك في ترك الجماعة، لكن يلزمك الاستيقاظ، وأداء الصلاة في وقتها قبل طلوع الشمس.
أما إذا كان مجرد توهم أو خوف من الظلام، فإنه لا يبيح لك ترك الجماعة، وسيزول ذلك -بإذن الله- مع الاستمرار والمداومة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9548)
صلاة الرجل جماعة بأهل بيته ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم صلاة الرجل بأهل بيته في منزله، مع العلم أن المسجد قريب منه، سواء كان ذلك في الفرض، أو السنة، وخاصة صلاة التراويح والقيام، ويفعل الزوج ذلك لحث أهل بيته على الصلاة وعدم تركها وتأخيرها عن وقتها؟
جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للرجل التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد إلا لعذر معتبر شرعاً، كالمرض، أو المطر ونحوهما، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 677، 1415، 5153.... هذا في الفريضة.
أما في السنة ومنها التراويح، فالمطلوب هو أداؤها في أي مكان كان، فالأمر فيها واسع، والأصل أن أداء السنن في البيت أفضل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبوراً" متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
وصلاة الرجل التراويح في البيت أفضل إذا كانت بنية حث أهل البيت عليها، ورغبة في عدم تركهم لها، لما في ذلك من إعانتهم على إحياء السنة، وتحصيل الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1424(11/9549)
هل تلزم صلاة الجماعة والجمعة لمن كان بعيدا عن المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في بنك، وبحمد الله لم أقطع الصلاة ولا أي فريضة علي (باستثاء فريضة الحج) منذ كان عمري سبع سنوات وكذلك صلاة الجمعة التي ثابرت عليها إلى أن تم نقلي منذ أكثر من سنتين إلى أحد فروع المؤسسة حيث لا يوجد مسجد قريب في تلك المنطقة، كما أن علي مسؤوليات جديدة تمنعني بأن أغيب عن عملي فترة الصلاة التي تستغرق وقتا كي أصل إلى أقرب مسجد وأعود إلى عملي، علما بأن قانون المؤسسة يسمح للموظف المسلم بأن يغادر إلى الصلاة يوم الجمعة. ولكن نظرا لمسؤوليات عملي قد استأذنت مديري فرفض وكذلك عرضت عليه بأن آخذ إجازتي السنوية كل يوم جمعة كي يتسنى لي أداء صلاة الجمعة ولكن كذلك رفض لأن قانون المؤسسة لا يسمح بتجزئة الإجازة السنوية.
فأفتوني في أمري علما بأنني أصلي صلاة الظهر حاضرا في العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان البنك الذي يعمل فيه الأخ السائل بنكاً ربوياً، فقد تقدم حكم العمل في البنوك التي لا تتقيد بأحكام الشريعة الإسلامية في جواب رقم: 1820.
وأما عن الصلاة فما فهمناه من السؤال هو أن الأخ يعمل في مكان بعيد عن المساجد، فإنه ذكر في السؤال أنه يحتاج إلى وقت طويل لكي يصل إلى المسجد.
وعليه، فنقول الكلام في مقامين:
المقام الأول: حكم صلاة الجماعة في هذه الحال.
فإن كان يسمع النداء - أي لو أذن المؤذن بدون مكبر في أقرب مسجد إليه إن كان يسمع ذلك النداء - وجبت عليه الجماعة إلا من عذر، وإلاّ لم تجب لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من سمع النداء، فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر".
المقام الثاني: حكم صلاة الجمعة.
وهنا يفرق العلماء بين ما إذا كان ذلك الموضع خارج البلد الذي تقام فيه الجمعة، فلا تجب إلا على من سمع النداء عند جماهير العلماء، وما إذا كان داخل البلد فتجب الجمعة، سمع النداء أو لم يسمع.
وعليه، فنقول للأخ السائل إن توفر فيه شرط الوجوب، فعليه أن يتقي الله عز وجل، فيؤدي فرائضه، وسيجعل له مخرجاً، وأبواب الرزق كثيرة، ولا ينال رزق الله بمثل طاعته.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1422(11/9550)
حكم ترك جماعة المسجد للصلاة جماعة بالأم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح لي أن أترك صلاة الجماعة في المسجد لأصلي بأمي في البيت حتى تفوز بأجر الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك ترك الجماعة في المسجد لأجل الصلاة بأمك جماعة في البيت، لأن هذا ليس عذراً من الأعذار المبيحة للتخلف عن الصلاة في المسجد،
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
5153
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1422(11/9551)
حكم صلاة المنفرد
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم ورحمة الله ماالعمل إذا كانت الجماعة في المسجد تصلي الصبح قبل الوقت الشرعي؟ وكيف نتعرف على هذا الوقت بدقة؟ وما الحكم إذا صليت الصبح منفردًا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب رقم 5163 في بيان دخول وقت صلاة الصبح وأن دخول وقت الصلاة شرط من شروط صحتها فليرجع إليه، وأما حكم صلاة من صلى منفرداً فإن الجمهور على صحتها مع إثم صاحبها حيث أمكنه أن يصليها جماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1422(11/9552)
لا ينبغي للعمل أن يشغل عن حضور الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم مكان العمل الذي يلهيك عن الصلاة في المسجد علماً بأن المسجد قريب من المحل الذي أعمل فيه (محلي الشخصيي) ومكان العمل فيه مفاتن كثيرة وتبرج من قبل النساء؟ والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد بدون عذر شرعي من مرض ومطر، ونحوهما من الأعذار المعتبرة، وبناء على ذلك فالواجب على صاحب هذا المحل هو الذهاب إلى المسجد وترك المحل في أوقات الصلوات المكتوبة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص للأعمى في التخلف عن صلاة الجماعة رغم أنه كان بعيد الدار عن المسجد، ولم يكن له قائد يقوده إليه، بل قال له صلى الله عليه وسلم: "أتسمع النداء؟ " قال نعم. قال: "فأجب، لا أجد لك رخصة" رواه مسلم.
فكيف إذا كان المسجد قريباً من صاحب المحل، فالجماعة في حقه آكد، كما ننبهه إلى ضرورة الاهتمام بأمر الصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها جماعة في المسجد، لما في ذلك من الأجر الكبير والثواب العظيم. قال الله تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) [البقرة:238] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" إلخ.
وننبه السائل إلى أنه إن كان محل عمله على الحالة المذكورة في السؤال من وجود المنكرات التي لا يقدر المرء على تغييرها، بل يخشى أن لا يسلم من الوقوع فيها مع دوام مجاورتها طول الوقت -أقول:- ننبه إلى أن عليه أن يسعى جاهداً في الابتعاد عن هذا المكان، فلا يجوز له البقاء فيه إلا عند الضرورة الملجئة، والضرورة تقدر بقدرها.
وراجع الفتاوى رقم:
1798 5367 5153
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1422(11/9553)
هل صلاة الرجل في بيته مقبولة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الرجل في بيته مقبولة أم لا مع العلم بأنه يصلي كل الأوقات فى جماعة ماعدا صلاة الفجر يقوم بصلاتها فى بيته أول الوقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصحيح من أقوال أهل العلم أن أداء الصلاة في الجماعة واجب، لكثرة الأحاديث الصريحة والصحيحة الدالة على ذلك.
وعليه، فمن صلى منفرداً مع وجود الجماعة، فقد عصى الله تعالى وأثم، والصلاة صحيحة على قول الجمهور. أما قبولها من عدمه فهو من الأمور الغيبية التي لا يطلع عليها إلا الله سبحانه.
وفي الأخير ننبه السائل إلى أهمية صلاة الفجر خاصة في الجماعة، فقد ورد الحث عليها، والترغيب فيها، ففي صحيح مسلم: "من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله، فانظر يابن آدم لا يطلبنك الله في ذمته بشيء".
وفي الصحيحين: "من صلى البردين دخل الجنة" فلا ينبغي للمسلم أن يفوت على نفسه هذا الخير الكثير والوعد الصادق.
والله أسأل أن يوفقنا جميعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(11/9554)
حالات يرخص فيها ترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة في البيت خوفا من الرقابة الجائرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من أقوال العلماء أن صلاة الجماعة واجبة إلا لعذر، وراجع لذلك الفتوى رقم: 5153، والفتوى رقم: 1798.
ومن الأعذار المبيحة لترك الجماعة الخوف على النفس من ظالم، وعدو، ونحو ذلك، كما سبق في الفتوى رقم: 9788.
ولكن لابد أن يكون الخوف مستنداً إلى سبب حقيقي، وليس مجرد وهم، ثم إن على الملتزمين بدين الله أن يعلموا أن للالتزام بالدين ضريبة لابد من دفعها، وراجع الجواب رقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1422(11/9555)
حكم من يسمع أذان الفجر ولا يقوم للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الذي سمع أذان الفجر ولم يقم للصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من سمع أذان صلاة الفجر أو غيرها من الصلوات تجب عليه المبادرة بالاستعداد لأداء الصلاة مع الجماعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الأعمى بإجابة المؤذن إذا كان يسمع النداء، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له، فيصلي قي بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال له: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب".
فهذا الحديث وما جاء في معناه يدل على وجوب الصلاة مع الجماعة، والحاصل أن من سمع الأذان ولم يتهيأ لأداء الصلاة مع الجماعة في أول وقتها، فإنه يعتبر مقصراً في واجبه، مفرطاً في الخير الكثير، والثواب الجزيل المرتب على أداء الصلاة في الجماعة، مع العلم أن صلاة الفجر في جماعة مرغب فيها أكثر من غيرها.
كما أن التثاقل عنها (صلاة الفجر) من صفات المنافقين، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أثقل الصلاة على المنافقين العشاء والفجر".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1422(11/9556)
هل تسقط الجماعة في بلاد الكفر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الرجل بالبيت، بحجة أن بلاد الغرب غير مفروض بها الصلاة بالمساجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم هو وجوب أداء الصلاة المكتوبة في الجماعة، والذي يصلي في بيته من غير عذر فإنه قد فاته الأجر العظيم، وارتكب بتركه الجماعة الإثم والذنب، ولا فرق بين من ترك صلاة الجماعة في بلاد المسلمين، وبين من تركها في البلاد الأخرى، لأن النصوص الواردة في الأمر بالصلاة في الجماعة والترغيب فيها لم تفرق بين مكان ومكان، فتخصيص بلد بوجوب الصلاة في الجماعة فيه دون بلد آخر غير صحيح. بل إن أداء الصلوات في الجماعات في البلاد الكفرية وكثرة المصلين في المساجد هناك والمواظبة عليها آكد، لما فيها من إظهار هذا الدين وإعزازه بين أعدائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1422(11/9557)
يكثر من تلاوة القرآن والتسبيح.. ولكنه يتهاون في صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته أما بعد:
أنا رجل ولله الحمد، أقرأ كل يوم القرآن وبعض الأحيان أقرؤه بسرعة بدون تدبر للمعاني التى فيه، وقد ختمت القرآن أكثر من خمس مرات أنا وزوجتي، ولا ننام إلا بعد القراءة، ولكنني لا أصلي مع الجماعة كثيراً، مع أني أصلي بالبيت، وأكثر من التسبيح والدعاء على أن يعينني الله على نفسي، هل لي أجر على هذه القراءة وكثرة التسبيح، أم أنه لابد لي أن أصلي مع الجماعة لكي تحسب لي؟.
أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة القرآن مع التدبر في معانيه، أولى وأفضل من مجرد القراءة، ولكنها بدون تدبر أيضاً لا تخلو من الأجر، لأن القرآن متعبد بلفظه، لحديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن أقول: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح غريب.
ولا تلازم بين أداء الصلاة مع الجماعة، وما عمله المسلم من أعمال الطاعات كقراءة القرآن، والذكر، والتسبيح، وغير ذلك الأخرى.
فمن لم يؤد الصلاة في الجماعة، فقد فاته أجر كثير، وفضل عظيم، بل قيل بأنه آثم، وهو الراجح لعموم الأحاديث الدالة على ذلك، إلا أن فوات الأجر عليه، وارتكابه الإثم بالتخلف عن صلاة الجماعة لا يحبط ما علمه من أعمال البر والطاعات.
وللاطلاع على حكم صلاة الجماعة والأمر بتدبر القرآن يراجع الجوابان: 1798، 9186.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1422(11/9558)
فضل صلاة النساء في بيوتهن
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت المرأة ذاهبة لقضاء مناسك الحج أو العمرة ومحل إقامتها قريب من المسجد الحرام هل الأفضل لها قضاء الصلوات العادية في السكن أوالمسجد. مع ذكرالدليل ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى للمرأة والأفضل لها أن تصلي في بيتها، أو محل إقامتها، حيث لا يراها أحد، لقوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها" رواه أبو داود وغيره.
وفي مسند الإمام أحمد أن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي.
فدل هذان الحديثان على أنه كلما كان المكان أستر للمرأة وأبعد عن اختلاطها بالرجال كانت الصلاة فيه أفضل بالنسبة لها.
وهذا لا يعني أنها لا يجوز لها أن تصلي في المساجد، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى الرجال أن يمنعوا النساء من الخروج إلى المساجد فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" متفق عليه، زاد أبو داود: "وبيوتهن خير لهن".
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مع علمه صلى الله عليه وسلم بفضل الصلاة في المساجد عامة، والصلاة في مسجده وخلفه خاصة، فدل ذلك على أن صلاة المرأة في سكنها خير لها من صلاتها في أي مسجد، سواء كان المسجد الحرام، أو المسجد النبوي، أو غيرهما بالأولى.
وهذه الأحاديث - أعني الأحاديث الواردة في أفضلية صلاة المرأة في بيتها - مخصصة لعموم الأحاديث الواردة في فضيلة الصلاة في المساجد الثلاثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1422(11/9559)
الصلاة خلف المبتدع أم في البيت؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في منطقة ينتشر في مساجدها البدع فهل أصلي بها أم في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة في الجماعة أمرها عظيم، وأجرها عند الله كبير، وكثرة الخطا إلى المساجد ترفع الدرجات، وتمحو الخطيئات، وهي علامة صدق الإيمان، والتخلف عنها فيه خطر عظيم، وتفويت لخير كثير، ولا يجوز إلا لعذر شرعي، وراجع الفتوى رقم: 1798.
ولا شك أن من كان باستطاعته أن يجد مسجداً خالياً من البدع، والقائمون عليه أناس صالحون ملتزمون بالسنة، فإن الصلاة فيه أولى، بل إن ذلك متعين إذا كان غيره من المساجد حوله يدار من طرف أناس مبتدعين يمارسون فيه بدعهم.
أما إن لم يجد المسلم غير المساجد التي تنتشر فيها البدع، فينظر حينئذ إلى حال الإمام: فإن كان صاحب بدعة مكفرة كالاستغاثة بغير الله تعالى، والذبح لغير الله تعالى، فإن الصلاة خلفه لا تصح.
وفي هذه الحالة على المرء أن يصلي في بيته.
وأما إن كان الإمام صاحب بدعة غير مكفرة، فإن الصلاة خلفه صحيحة، وعلى ذلك فعلى المرء أن يذهب إلى مسجده إن لم يجد غيره، ويصلي معه، ويبذل جهده في نصحه ودعوته إلى الله تعالى، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بحكمة وموعظة حسنة، ويحثه على التخلي عن بدعته، ويبين له خطر الابتداع في الدين عسى الله أن يهديه على يديه، وأن يهدي من معه ممن هم على شاكلته في الابتداع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1422(11/9560)
هل يصح التخلف عن صلاة الجماعة لشدة الحر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في البيت؟ وخاصة لما تكثر الحرارة في فصل الصيف، الصدر غير مستور، أو عار للرجل وحده، أو جماعة مع الزوجة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن أداء الرجل للصلاة في المساجد مع جماعة المسلمين، ليس حالة اختيارية إن وافقت هوى الشخص فعلها، وإن لم توافقه تركها، وإنما هو أمر واجب عيني على الرجال البالغين القادرين، على الراجح من أقوال أهل العلم فلا يجوز التكاسل عنه، ولا التهاون في شأنه.
ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل أعمى، فقال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال له: "تسمع النداء بالصلاة؟ " قال نعم. قال "فأجب "، فإذا لم تكن لهذا الأعمى الذي لم يكن له قائد رخصة وعذر يتخلف به عن الجماعة، فلا شك أن غيره ممن هو قادر غير معذور لا رخصة له، وعلى هذا فالصلاة في البيت للرجال القادرين لا تجوز على الراجح من أقوال العلماء.
ووجود الحر ليس عذرا من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة مادام في حدود المعقول.
أما صلاة الرجل عاريا صدره، فهي صحيحة على قول الجمهور، لقوله صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه: "إذا كان الثوب واسعا فخالف بين طرفيه، وإن كان ضيقا فاتزر به." رواه مسلم
يعني أن المصلي إذا كان ثوبه واسعاً فليخالف بين طرفيه، بأن يجعل منه شيئا على عاتقه، وأما إن كان ضيقا لا يصح فيه ذلك فليجعله إزارًا، ومعلوم أن من صلى بإزار فقط أنه صلى عاري الصدر، مع أن الأولى والأفضل للإنسان أن يصلي في أجمل أثوابه، وعلى أحسن هيئاته، لقوله تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) [الأعراف: 31] بل إن من العلماء من يقول بوجوب جعل شيء من الثوب على أحد العاتقين، وقال: إن صلاة من صلى بثوب ليس على عاتقه منه شيء لا تصح إذا كان قادرا على ذلك، بأن كان ثوبه واسعا، أو كان له ثوب آخر. بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء " متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1422(11/9561)
الخوف من الظالم يسقط وجوب الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
أسكن فى منطقة شعبية، وأصلى الصلوات جماعة، ما عدا الفجر والعشاء، والسبب أني في هذه الأوقات لا أستطيع أن أذهب للمسجد، لوجود أناس أشرار في الطريق، وإني أخشي على نفسي منهم، فهل تصح صلاتي بالبيت؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فقد نص العلماء على أن هناك حالات يرخص فيها في التخلف عن شهود الجماعة، ومن بينها الخوف من الظالم على النفس أو المال، وذلك حتى لا يتعرض لما فيه مشقة عليه أو إضرار به، وحتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ، من الشواغل التي تخل بخشوعه وحضور قلبه ولتأكيد حضور الصلاة في الجماعة، ووجوبه لغير المعذور تراجع الفتوى رقم:
5153
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(11/9562)
الخوف من الظالم يسقط وجوب الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
أسكن فى منطقة شعبية وأصلى الصلوات جماعة ما عدا الفجر والعشاء والسبب أني في هذه الأوقات لا أستطيع أن أذهب للمسجد لوجود أناس أشرار في الطريق وإني أخشي على نفسي منهم فهل تصح صلاتي بالبيت وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فقد نص العلماء على أن هناك حالات يرخص فيها في التخلف عن شهود الجماعة، ومن بينها الخوف من الظالم على النفس أو المال، وذلك حتى لا يتعرض لما فيه مشقة عليه أو إضرار به، وحتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ، ولتأكيد حضور الصلاة في الجماعة، ووجوبه لغير المعذور ينظر الجواب رقم:
5153
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(11/9563)
الجماعة واجبة ولو في المسجد الصغير
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن شباب مستأجرون حوشاً، وقريب من الحوش مسجد أوغرفة6*12متراً، بها منبر، ومصاحف، وله منارة.
المهم: أنه مسجد أو مصلى، ولكن هل يجوز أن نصلي جماعة في الحوش؟ حيث أن بعضنا يصلي في المسجد والبعض يصلي في الحوش.
أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فالذي يظهر لنا هو أنه لا يجوز لكم أن تتركوا الصلاة في المسجد ولو كان صغيراً، لأنه أعد للصلاة، فله حكم المسجد وأجر الجماعة فيه مضاعف كغيره من المساجد
وقد قال الله تعالى: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيه بالغدو والآصال *رجال..) [النور:36،37]
وقال ابن مسعود: -في حديثه الطويل الذي رواه مسلم-: (من سره أن يلقى الله غداً مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن)
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1422(11/9564)
هذه الأعذار لا تجيز التخلف عن صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- أحب أن أصلي الصلاة الجهرية في البيت!!! ولو أن المعروف بأن صلاة الجماعة هي التي فيها الثواب، كوني أني أحس براحة لم أعهدها من قبل نتيجة ترتيلي أثناء الصلاة،
فما رأي الشرع في ذلك.؟
2- وإذا كان هناك سوء تفاهم بين المصلين والإمام (فتنة نتيجة غياب الإمام المتكرر في صلاة الفجر ينوبه المؤذن كل مرة وهذا الأخير لا يحسن القراءة من جانب الصوت) فهل لي أن أصلي في البيت اتقاء للفتنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي يصلي في بيته دون عذر يبيح له التخلف عن الصلاة مع الجماعة في المسجد، قد فاته أجر عظيم، وارتكب إثماً كبيراً، لأن الصلاة مع الجماعة واجبة في أرجح أقوال أهل العلم، فيأثم تاركها، وما ذكره السائل من أن ترتيله وحده في الصلاة الجهرية يرتاح له أكثر مما لو صلى مع الجماعة ليس من الأعذار المبيحة للتخلف عن الصلاة في الجماعة، بل قد يكون ذلك من مكايد الشيطان ليخيل للإنسان أن تخلفه عن الجماعة أفضل وأكثر أجراً.
وكذلك ما ذكره أيضاً مما ينشأ من سوء التفاهم بين المصلين نتيجة لغياب إمامهم، وصلاة المؤذن بهم، فليس أيضاً من مبيحات التخلف عن الجماعة وترك الواجب، مع أن المشكلة الأخيرة يمكن حلها بإبلاغ الجهة المسؤولة عن المساجد لتضغط على الإمام حتى لا يتكرر غيابه، أو ترتب معه مؤذنا مرضيا لدى الجماعة، مع التنبيه على أن حلاوة الصوت ليست شرطاً في صحة الإمامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(11/9565)
حكم الصلاة جماعة في مكان العمل مع وجود مسجد في المكان تقام فيه الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعمل في شركة، والشركة موفر بها جامع كبير، تقام فيه أغلب الفرائض، ونحن نعمل في الإدارة ونؤدي صلاتي الظهر والعصر كل يوم، وتبعد الإدارة عن المسجد مسافة تبعد من ثلاث إلى خمس دقائق مشياً على الأقدام، ولكن الإخوة في الإدارة يتكاسلون عن أداء الفريضة في المسجد ويقومون بأداء الفريضة جماعة من الموظفين فهل عملهم صحيح؟ أفيدونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الشركة يتوفر بها جامع كبير، وكان بعدكم عنه على نحو ما ذكرت فالواجب الصلاة فيه، قال ابن مسعود - رضي الله عنه - (من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن) رواه مسلم.
ومعنى (قوله: حيث ينادى بهن) أي في المساجد، فلا يجوز التخلف عن الجماعة إلا بعذر شرعي معتبر، ومما يدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص للأعمى أن يتخلف عن الجماعة، وأن يصلي في بيته. ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال يا رسول: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " أتسمع النداء؟ قال: نعم. قال: فأجب" وعند ابن ماجه (إني كبير شاسع الدار) ولو فعل بقية الموظفين كما يفعل هؤلاء لأفضى ذلك إلى تعطيل المسجد عن وظيفته التي بني من أجلها وهي الصلاة،. ومن هنا فإننا ننصح السائل الكريم بالترفق في دعوة هؤلاء الموظفين، وترغيبهم في الصلاة مع الجماعة في المسجد. فإن أبوا وصلوا وحدهم لغير عذر صحيح أثموا، وصلاتهم صحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1421(11/9566)
سماع الأذان بمكبرات الصوت هل يوجب شهود الجماعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للأعمى الذي أراد أن يرخص له بالصلاة في بيته هل تسمع النداء فأجابه نعم. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب. ويقول بعض العلماء بأن النداء على العهد القديم. ونتيجة لاختراع مكبر الصوت الأمر الذي زاد مسافة سماع النداء والسؤال ينقسم الى شقين الأول: في حال بعد المسافة بحيث تزيد عن مدة إقامة الصلاة هل يأثم من سمع النداء ولم يستطع الإجابة بسبب بعد المسافة؟. والشق الثاني: في حالة وجود المسجد بين منازل، والشخص داخل منزل مقفل، وحان وقت الصلاة ولم يسمع النداء، هل يقع عليه الإثم بسبب عدم ذهابه الى المسجد؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان من المسجد على مسافة لا يسمع معها النداء بالصوت المعتاد بدون مكبر صوت فلا حرج عليه أن يصلي مع جيرانه ـ إن كان له جيران ـ أو مع أهل بيته. لا سيما إذا علم أنه لا يصل إلى مكان النداء ـ المسجد ـ إلا بعد فوات الجماعة، ومن المعروف أن النداء عبر المكبر يسمع من مسافة بعيدة تشق معها إجابة المؤذن مشقة لا تقل عن الأعذار المسوغة للتخلف عن الجماعة، دفعاً للحرج عن المسلمين فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذن أن ينادي " صلوا في رحالكم ـ في الليلة الباردة أو المطيرة" رواه الشيخان.
أما من كان على مسافة من المسجد يسمع معها النداء بالصوت المعتاد عادة عند هدوء الأصوات وعدم وجود ما يمنع السمع من نحو غلق باب أو ارتفاع أصوات، فالواجب عليه أن يصلي مع جماعة المسلمين في المسجد وإن لم يسمع النداء لمانع غير البعد ككثرة الأصوات واللغط حوله أو لغلق الأبواب أو النوم ولغفلة، وذلك للحديث الذي أشرت إليه في السؤال ولقول ابن مسعود رضي الله عنه: "من سره أن يلقى الله غدا مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن" الحديث رواه مسلم.
ولما رواه الشيخان من حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن أمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار".
لكن يجب التنبه إلى أن توفر وسائل النقل وسهولة الطرق جعل شهود الصلاة أمراً ميسوراً، وفي حضور الجماعة من المنافع الدينية والدنيوية ما يجعل شهودها فضيلة، وإن لم يكن واجباً، لبعد المسافة ونحوها. كما أن استخدام منبه الصوت لكل الصلوات مما يعين على شهودها في أوقاتها. واتخاذ الأسباب المعينة على أداء الواجب واجب. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9567)
صلاة الجماعة في المسجد واجبة والتخلف من غير عذر صفة المنافقين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الفرائض في البيت صحيحة وجائزة، وهل هناك أحاديث، أو آيات قرآنية تدل على بطلان، أو صحة صلاة البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الفريضة يجب أداؤها جماعة في المسجد على الرجل المستطيع الذي يسمع النداء، ولا يجوز له فعلها في البيت إلا من عذر على الصحيح من أقوال أهل العلم. وقد دلت السنة الصحيحة على ذلك.
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب، فيحطب، ثم آمر بالصلاة، فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم. والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء".
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له فلما ولَّى دعاه فقال: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب". ولا عبرة بكون الشخص لا يسمع النداء بسبب أصوات المكيفات أو غيرها من موانع وصول الصوت، لأن هذا أمر لا ينضبط. والمعول عليه القرب والبعد في عرف العقلاء.
وقد أمر الله المؤمنين بأداء الصلاة جماعة في حالة الخوف والسفر، وألزمهم بذلك، فكيف بحال الأمن والإقامة، بل قد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن الصلاة في المسجد مع الجماعة شرط لصحة الصلاة، للآثار الواردة، ومن تأمل النصوص السابقة، واستقرأ حكمة الشارع في بناء المساجد، واتخاذ الأئمة والمؤذنين، وكون التخلف عنها من صفات المنافقين، وما رتب من المصالح الدينية والدنيوية على الصلاة جماعة، لم يذهب إلى أدنى من الإيجاب. ولكن من صلى في بيته بلا عذر صحت صلاته مع الإثم على الصحيح، ومن أصر على التخلف فهو على خطر عظيم. فإن كان ثم عذر جاز له الصلاة في البيت - كما تقدم - ويشرع له أن يؤذن للصلاة -فان صلى دون أذان صحت الصلاة -فاذا أذن لم يرفع صوته بالأذان إلا بالقدر الذي يسمع به من يصلي معه، إلا إن كان في فضاء فإنه يستحب الجهر، لقول أبي سعيد: إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1421(11/9568)
لا يجوز منع الأب ابنه من الخروج لصلاة الجماعة إلا لعذر شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم منع الأب ابنه من الخروج إلى صلاة الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للأب أن يمنع ابنه من الخروج إلى صلاة الجماعة حيث إن صلاة الجماعة واجبة ولا يلزم الابن طاعة أبيه في ترك الصلاة مع الجماعة، ما لم يكن هناك سبب شرعي وجيه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الطاعة في المعروف". ولقوله صلى الله عليه وسلم "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة" متفق عليهما، ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". رواه أحمد وصححه السيوطي والألباني. وعليك أن تبر أباك في غير ما يأمرك به من معصية وكُن به رفيقاً مطيعاً له في غير هذا الأمر.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9569)
صلاة الجماعة واجبة إلا لعذر.
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم صلاة الرجل (الصلوات المكتوبة) في بيته بدون عذر؟ وما حكم الأكل والشرب والجلوس معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرجل الذي يصلي في بيته من غير عذر قد فاته أجر عظيم، بل وارتكب إثما مبينا، لأن صلاة الجماعة في أرجح أقوال أهل العلم واجبة فيأثم تاركها، والله جل وعلا يقول في كتابه: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك) [النساء: 102] . فأمر الله تعالى بالجماعة حال الخوف (الحرب) ففي غيره أولى، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم". متفق عليه. وما دام الرجل يسمع النداء فعليه أن يجيب، حيث لم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الأعمى أن يصلي في بيته حيث قال: "هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب" [رواه مسلم] . والذي يصلي في بيته من غير عذر على خطر عظيم لأنه بذلك ترك هدي النبي صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) [النور: 63] ، وفي صحيح مسلم أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن (أي في المسجد جماعة) فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى ولو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف"
ومن كانت هذه حاله في ترك الصلاة مع الجماعة في المسجد، فلا ينبغي الجلوس معه ولا الأكل ولا الشرب معه، لأن فعل ذلك مع عدم الإنكار إقرار له على فعله، ومن رضي فهو كمن فعل، إلا إذا كان الجالس معه يريد أن ينصحه ويرشده عما هو فيه فلا بأس بالجلوس معه، بل إن ذلك مطلوب شرعاً لمن يقدر على ذلك. وإذا كان الأكل والشرب معه ترجى منه نتائج إيجابية كتألفه على الخير، ولعله أن يجامل جليسه فيصلي معه، أو يسمع منه كلاماً طيباً أو نحو ذلك فلا بأس به، لأنه داخل في عموم دعوته.
والداعية يطلب منه أن يكون مؤالفاً للناس ليتمكن خلال ذلك من التأثير عليهم.
هذا والله نسأل أن يوفق المسلمين للعمل بأمره واجتناب نهيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1421(11/9570)
صل في المسجد وأمر أهلك بالصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ...
أنا محافظ على صلواتي والحمد لله، ولكني مع الأسف ثقيل النوم مع عدم تعودي على صلاة المسجد طوال عمري، فلذلك أصلي بعض صلواتي اليومية في البيت، ولا أسمع الأذان من بيتي لوجود مسافة لابأس بها، بالإضافة لصوت المكيفات، وعندما أصلي في البيت أحث أهلي وأولادي وبناتي على الصلاة معي جماعة، بينما بعضهم قد يتكاسل عن الصلاة أو ينساها. فهل صلاتي مقبولة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ...
فاعلم -أخي الكريم- أن الصلاة في المسجد ليست مسألة اختيارية من شاء فعلها ومن شاء تركها. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف الى رجال فأحرق عليهم بيوتهم … الخ". [الحديث رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه] . وروى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم … إلى أن قال: ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف". وروى مسلم أيضاً " أن رجلاً أعمى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال هل تسمع النداء بالصلاة فقال نعم قال فأجب" فهذه الأحاديث وما شابهها فيها دلالة واضحة على وجوب صلاة الجماعة على الرجال القادرين غير المعذورين وبناء عليه فلا يجوز لك التخلف عن صلاة الجماعة بحجة أنك سوف تصلي بأهل بيتك، ولكن من كان من أهلك يجب عليه الذهاب إلى المسجد فاذهب به معك إليه، ومن كان لا يجب عليه الذهاب فاتركه، وإذا رجعت من المسجد فأمره بالصلاة وتابعه حتى تتأكد من صلاته. والله يوفقنا وإياكم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9571)
صلاة الجماعة في المسجد واجبة مالم تكن هناك مشقة معتبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك مبنى سكنياً أنا وإخوتي، وأنشأنا مكاناً مخصصاً للصلاة، حتى تتمكن السيدات من الصلاة معنا فى الجماعة، ولتيسير الأمر عليهن، فهل تحسب لنا صلاة الجماعة أم من الضروري الذهاب إلى المسجد؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فهذا المكان الذي خصص للصلاة لا يأخذ حكم المسجد إلا إذا كان يؤذن فيه ويخلى بين المسلمين وبين الصلاة فيه، لقوله تعالى (وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً) [سورة الجن] فقوله - جل وعلا- (وأن المساجد لله) يقتضي أن تكون لجميع المسلمين الذين يعظمون الله، وقد حكى الإمام ابن العربي في كتابه أحكام القرآن: الإجماع على ذلك ثم قال - رحمه الله - (فلو بنى الرجل في داره مسجداً وحجره عن الناس واختص به لنفسه لبقي على ملكه ولم يخرج إلى حد المسجدية، ولو أباحه للناس كلهم لكان حكمه حكم سائر المساجد العامة وخرج عن اختصاص الأملاك) .
وبهذا النقل تعلم حكم هذا المكان الذي خصصتموه للصلاة، فإذا كنتم قد خليتم بين المسلمين وبين الصلاة فيه ورفعتم فيه الأذان، فقد صار مسجداً، لكم أن تصلوا فيه الصلوات الخمس جماعة.
وإن كان هذا المكان لم يخل بين المسلمين وبين الصلاة فيه، ولا يؤذن فيه، فلا يأخذ حكم المسجد ويجب على الرجال منكم أن يصلوا في مسجد الجماعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص للرجل الأعمى أن يصلي في بيته وقال له "هل تسمع الأذان قال نعم قال فأجب" رواه مسلم
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/9572)
صلى ثم أدرك جماعة يصلون
[السُّؤَالُ]
ـ[دخل ناس إلى صلاة العصر ولم يصلوا العصر في المسجد وأنا صليتها، فهل أصلي معهم جماعة بقصد التنفل بعد العصر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد صليت العصر في جماعة ثم دخلت جماعة أخرى إلى المسجد يريدون الصلاة، فقد اختلف أهل العلم هل يشرع لك إعادة الصلاة معهم أو لا؟ قال النووي ـ رحمه الله: أما إذا صلى جماعة ثم أدرك جماعة أخرى ففيه أربعة أوجه: الصحيح منها عند جماهير الأصحاب يستحب إعادتها، للحديث المذكور، والحديث السابق في المسألة قبلها: من يتصدق على هذا، وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة، والثاني: لا يستحب لحصول الجماعة قالوا: فعلى هذا تكره إعادة الصبح والعصر، لما ذكرناه ولا يكره غيرهما، والثالث: يستحب إعادة ما سوى الصبح والعصر، والرابع: إن كان في الجماعة الثانية زيادة فضيلة لكون الإمام أعلم، أو أورع، أو الجمع أكثر أو المكان أشرف، استحب الإعادة وإلا فلا، والمذهب استحباب الإعادة مطلقاً.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 41889. وفيها ذكرنا الخلاف ورجحنا القول بالمشروعية، وأما إذا كنت قد صليت منفرداً فالمستحب أن تعيد الصلاة مع الجماعة، لتحصل لك فضيلة الصلاة في جماعة، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: إذا صلى الإنسان فريضته منفرداً ثم حضر جماعة بعد تمام صلاته فقد أدى الفريضة بصلاته الأولى، ولكنه يستحب أن يعيد الصلاة مع هؤلاء الجماعة الذين حضروا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجداً جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة.
فعلى هذا نقول: تعيد الصلاة مع هؤلاء الحاضرين وتكون الصلاة الثانية نفلاً، وأما الصلاة الأولى فإنها فرض. انتهى.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 98167.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(11/9573)
يستحب لمن لم يجد جماعة أن يصلي إماما بأهل بيته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وأختي في أمريكا للدراسة، وسؤلي عن كيفية الصلاة: هل يصلي كل واحد منا وحده، أم نصلي جماعة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة واجبة على الرجال البالغين في أصح أقوال العلماء وفعلها في المسجد أولى، فإن وجدت مسجدا تقام فيه الجماعة وأمكنك الصلاة فيه فالأولى والأفضل لك أن تحرص على الصلاة فيه، وإن صليت مع أختك جماعة جاز ذلك وحصل امتثال الواجب، وإن لم تجد مسجدا تصلي فيه ولم تقدر على فعل الجماعة إلا مع أختك فاحرص على الصلاة معها في جماعة لتنال أنت وهي فضل الجماعة، جاء في الروض المربع ممزوجا بحاشيته لابن قاسم: وتنعقد باثنين ولو بأنثى وعبد في غير جمعة وعيد، فإن أم عبده أو زوجته كانوا جماعة لأن الجماعة مأخوذة من الاجتماع، والانثان أقل ما يتحقق به الجمع، ولما روى ابن ماجه والبغوي من حديث أبي موسى مرفوعا: الاثنان فما فوقهما جماعة. وضعفه السيوطي.
ولحديث: من يتصدق على هذا؟ فقام رجل فصلى معه، فقال: هذان جماعة. رواه أحمد وغيره.
ولقوله لمالك بن الحويرث: وليؤمكما أكبركما.
ولصلاته بابن عباس عن يمينه وغيرها.
قال الوزير وغيره: أجمعوا على أن أقل الجمع الذي تنعقد به صلاة الجماعة في الفرض غير الجمعة اثنان، إمام ومأموم قائم عن يمينه، وحكاه البغوي إجماع المسلمين.
وله فعلها أي الجماعة في بيته لعموم حديث: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا. متفق عليه.
وفي لفظ: فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره، فمن أقامها في بيته خرج من العهدة وفاتته الفضيلة، وكذا في صحراء على الصحيح من المذهب، وعنه: ليس له فعلها في بيته، قدمه في الحاوي وغيره، وأن حضور المسجد واجب على القريب. انتهى.
وأما أختك فهي وإن كانت الجماعة غير واجبة عليها لكن صلاتها معك في جماعة أولى وأفضل لعمومات الأدلة الدالة على أن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1430(11/9574)
حكم إقامة جماعتين في مسجد واحد ووقت واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الجماعة للمصلين داخل مسجد الشركة الذي هو صغير الحجم؟ وبالتالي كان هنالك جماعتان لنفس الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة في مسجد الشركة جائزة وإن كان الأولى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه للصلوات الخمس إن لم يكن في ذلك إضرار بالعمل، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 55413، وأما إقامة جماعتين في مسجد واحد في وقت واحد كما يظهر أنه موضوع السؤال، فذلك مكروه إذا قصد إليه، لما فيه من التشويش وتفريق الكلمة وخلاف مقصود الشارع من الائتلاف ووحدة الصف، وتزداد الكراهة إذا كان المسجد صغيرا لما في ذلك من زيادة التشويش، وانظر الفتويين رقم: 80173، ورقم 20394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1430(11/9575)
الجماعة في المسجد أعظم أجرا من الجماعة في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت في بيت أهلي وأرادوا أن يصلوا جماعة في المنزل والمسجد قريب جداً وتخلفت عنهم وذهبت إلى المسجد وصليت، ولكن عند رجوعي قالوا إنني بهذا العمل طعنت في الإمام، والصلاة في جماعة في المنزل صحيحة ولو كان المسجد قريبا، الرجاء إفتائي بالدليل لكي أحجهم به؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم إقامة الجماعة في البيوت، والجمهور على جوازها وهذا هو المعتمد عند الحنابلة الذين ذهبوا إلى أن الجماعة فرض عين على الرجال الأحرار البالغين غير المعذورين، قال الحجاوي في زاد المستقنع: تلزم الرجال في الصلوات الخمس لا شرط وله فعلها في البيت، ومما يدل على جواز فعل الجماعة في البيت خبر الرجلين اللذين أتي النبي صلى الله عليه وسلم بهما فقال لهما: ما منعكما أن تصليا معنا ألستما مسلمين؟ قالا: صلينا في رحالنا، قال: لا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة. رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.
فلم ينكر عليهما صلاتهما في رحالهما، وذكر البيهقي في السنن الكبرى جملة من الآثار عن الصحابة تدل على اجتزائهم بالجماعة في البيت.
ولكن هذا القول وإن كان هو مذهب الجمهور وإن كان قوياً من جهة الدليل، فإن كثيراً من أهل العلم ذهبوا إلى وجوب الجماعة في المسجد لمن قدر على إتيان المسجد، وهذا هو ما رجحه ابن القيم في كتاب الصلاة واختاره العلامتان ابن باز وابن عثيمين ـ رحمهما الله ـ قال الشيخ العثيمين رحمه الله: فإن الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة أن صلاة الجماعة واجبة في المساجد وأنه لا يجوز للرجل أن يتخلف عن صلاة الجماعة في المساجد إلا إذا كان لعذر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الجماعة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار.
هؤلاء القوم قد يكونون يصلون لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يصلوا مع الجماعة الذين نصبهم الشرع، والجماعة الذين نصبهم الشرع هم الجماعة الذين يصلون في المساجد، المساجد التي يدعى إلى الحضور إليها عند الصلاة، ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فقال: حيث ينادى بهن، وـ حيث ـ ظرف مكان أي: فليحافظ عليها في المكان الذي ينادى لها فيه، هذا في الصلوات الخمس. انتهى.
وبما تقدم تعلم أن الأولى والأفضل لكل مسلم أن يحرص على أداء الجماعة في المساجد خروجاً من خلاف من أوجب الجماعة في المسجد وطلباً لكمال الأجر، فإن الجماعة في المسجد أعظم أجراً ولا شك، وحسب من يحرص على إقامة الجماعة في المسجد قوله تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ {التوبة:18} .
والأحاديث في فضل إتيان المساجد كثيرة مشهورة، وبهذا تعلم أن إنكارهم عليك الذهاب إلى المسجد ليس بصواب، بل ما فعلته هو الأولى والأفضل، وإن كانت صلاتهم جماعة في البيت جائزة لا إثم فيها في قول الجمهور كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(11/9576)
هل يحصل على ثواب الجماعة من صلى جماعة في غير المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في حينا مسجد صغير-كرفان- وقد أزالته وزارة الأوقاف، وأقرب مسجد يقع على مسافة حوالي 10 دقائق مشيا، تصعب في هذا الحر الشديد، وقد قمنا في الحي بوضع حصائر نظيفة بنفس مكان المسجد القديم لنجتمع فيه على صلاة الجماعة- الفجر والمغرب والعشاء- فهل يعتبر بحكم المسجد، ولنا ثواب الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن صلاتكم في مسجد الجماعة أفضل وأكثر أجرا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه النسائي وغيره وصححه الألباني، ومع ذلك فإن صلاتكم جماعة في مكان المسجد القديم يحصل لكم بها فضل الجماعة كما سبق بيانه في الفتوى: 55413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1430(11/9577)
تأخير الصلاة لفعلها جماعة أولى من فعلها منفردا في أول وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلى مع زوجتي الفروض في جماعة، أنا وهي بالمنزل، وذلك لظروف مرضية، ولا أستطيع الذهاب للمسجد دائما، وذلك طبقا لتعليمات الأطباء. والسؤال الآن أن زوجتي قد تكون خارج المنزل بالعمل، ويحين وقت الصلاة فهل أصلى منفردا بالمنزل؟ أم يجوز انتظارها قليلا بعد موعد الصلاة في حدود ساعة مثلا؛ لأصلي في جماعة معها؟ أم الأفضل أن أصلى منفردا في أول وقت الصلاة دون انتظار عودتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحكَ أولاً بالاجتهاد في حضور الجماعة في المسجد ما أمكنك ذلك، فإن لحضور الجماعة في المسجد فضلاً ليس لغيره، قال الله تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ {التوبة:18}
فإذا كان لك عُذرٌ يمنعك من إتيان المسجد فما تفعله من صلاتك جماعة بزوجتك في البيت فعلٌ حسن، وانظر لجواز بيان إقامة الجماعة في البيوت الفتوى رقم: 101908.
وإذا كنت من الحريصين على إتيان المسجد، ثم منعك عن إتيانه عذر فنرجو أن تنال الأجر، وأنت في بيتك لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر، كتب الله له ما كان يعمل صحيحاً مقيما. رواه البخاري.
وأما عن مسألتك، فإن الأفضل لك أن تنتظر زوجتك حتى ترجع فتصلي معها في جماعةٍ ما دامت ترجع قبل خروج الوقت، فإن تحصيل ثواب الجماعة أولى من إدراك فضيلة أول الوقت، قال شيخ الإسلام: وأما إذا أخرها لسبب يقتضي التأخير مثل المنفرد يؤخرها حتى يصلي آخر الوقت في جماعة أو أن يقدر على الصلاة آخر الوقت قائما وفي أول الوقت لا يقدر إلا قاعدا ونحو ذلك مما يكون فيه فضيلة تزيد على الصلاة في أول الوقت فالتأخير لذلك أفضل. انتهى بحذف يسير.
وقال الشيخ ابن عثيمين: ومن الأسباب أيضاً أن يكون في آخر الوقت جماعة لا تحصل في أول الوقت، فهنا التأخير أفضل، كرجل أدركه الوقت وهو في البر وهو يعلم أنه سيصل إلى البلد ويدرك الجماعة في آخر الوقت، فهل الأفضل أن يصلي من حين أن يدركه الوقت، أو أن يؤخر حتى يدرك الجماعة نقول: إن الأفضل أن تؤخر حتى تدرك الجماعة، بل قد نقول بوجوب التأخير هنا تحصيلاً للجماعة. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 23055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1430(11/9578)
لا حرج على من خرج من المسجد فور انتهاء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك أثر صحيح في الذم أو الوعيد لأول خارج من المسجد بعد الصلاة؟
أفتونا يرحمكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نطلع على نص من نصوص الوحي الثابتة في الذم أو الوعيد لمن خرج من المسجد أولا.
وقد كان أصحاب الأشغال والاستعجال يخرجون من المسجد بسرعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا نعلم أنه ذمهم بذلك، ففي حديث الصحيحين في قصة سهو النبي صلى الله عليه وسلم قال الراوي: فخرج سرعان الناس.
ولكن الانتظار بعد الصلاة في المسجد وفي نفس المكان الذي صلى فيه، مع الاشتغال بالطاعات مرغب فيه شرعا، فمن استعجل الخروج من المسجد سيفوته هذا الخير الكثير.
ففي حديث الصحيحين: والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(11/9579)
وجوب شهود الجماعة عند زوال العذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص معي سلس الريح، وتخرج مني غازات بكثرة طيلة اليوم، وأنا لا أشعر، فذهبت عند الطبيب، وقال إن أمرك طبيعي ولا يحتاج علاجا، فلم أعالج منه، ففكرت في علاج وتوصلت إلى حل منصف وهو وضع لصقه شديدة الأحكام على فتحة الشرج فهي تعمل على منع خروج الغازات وهي رخيصة الشراء ويتم وضعها طيلة اليوم إلا وقت قضاء الحاجة يتم نزعها، فهل في هذه الحالة يجوز لي الذهاب إلى المسجد والصلاة في جماعة ومعاشرة الناس، وليس علي حرج، وهل عندئذ صلاتي مقبولة في جماعة؟ أرجو الجواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا ما يجبُ على المبتلى بانفلات الريح في الفتوى رقم: 113561، وبينا حكم شهوده للجماعة في الفتوى رقم: 112689.
ثم اعلم أن صلاة المبتلى بانفلات الريح في جماعة صحيحة مقبولة، وإنما يُكره له شهود المسجد لئلا يؤذي المصلين، وأما إذا كان انفلات الريح قد توقف عندك باستعمال هذه الوسيلة، فقد زال عذرك، وجرت عليك أحكام غير المعذورين في الطهارة والصلاة، ووجب عليك شهود الجماعة في المسجد، لأن المعنى الذي كُره لك شهود الجماعة لأجله قد زال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(11/9580)
هل تنال ثواب الجماعة من دخلت المسجد فلم تجد أحدا فصلت بمفردها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المرأة التي دخلت لتصلي جماعة بالمسجد، ووجدت المسجد لا يوجد به أحد غيرها، فصلت بمفردها، فهل تحسب صلاتها صلاة جماعة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خروج المرأة للصلاة في المسجد جائز، والأولى بها والأكمل في ثوابها أن تُصلي في بيتها. وانظر الفتوى رقم: 22245.
ثم إن كان مُرادك أنها لم تجد أحداً من النساء فصلت بمفردها مع جماعة الرجال، فصلاتها صحيحة، ويحسبُ لها بذلك أجر الجماعة. وانظر دليل ذلك في الفتوى رقم: 23731.
وأما إن كان مُرادك أنها لم تجد أحداً في المسجد مُطلقا، فصلت بمفردها ثم انصرفت، فإنه يُكتب لها أجر الجماعة بنيتها، وإن كانت صلاتها في بيتها أفضل وأكمل أجرا، كما قال صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن. رواه أبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(11/9581)
مسائل في صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الجماعة الأولى فى المسجد واجبة، إن لم تكن واجبة فهل صلاة الجماعة في المسجد واجبة، إن لم تكن واجبة فهل صلاة الجماعة واجبة، إن كانت واجبة وكنت في البيت وحدي هل يجب علي أن أذهب لأبحث عن جماعة؟ أم متى يسقط الوجوب فيها، فنرجو التفصيل يرحمك الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة في المسجد واجبة على الصحيح من أقوال الفقهاء، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 1798، والفتوى رقم: 80800، والفتوى رقم: 5153.
فلا يجوز التخلف عنها من غير عذر، فإذا كنت في البيت تسمع النداء فيجب عليك أن تذهب إلى المسجد، وأما إذا كنت في مكان لا تسمع فيه النداء فلا يجب عليك البحث عن جماعة لتصلي معهم، وانظر للأهمية في ذلك الفتوى رقم: 114238.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1430(11/9582)
ما يفعله المسبوق إذا فاته شيء من صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية الصلاة الفائتة لمن فاتته ركعة أو ركعتين، أو ثلاثة أو أربعة في كل الصلوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ما يفعله المسبوق إذا فاته شيءٌ من صلاته، فأمر صلى الله عليه وسلم بأن يتابع الإمام على حالته التي هو عليها، ولا يعتد بالركعة التي لم يدرك ركوعها، ثم يتم ما فاته من الصلاة بعد سلام إمامه، فعن أبي قتادة قال: بينما نحن نصلي مع النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم إذ سمع جلبة رجال فلما صلى قال: ما شأنكم؟ قالوا: استعجلنا إلى الصلاة. قال: فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة فعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا. متفق عليه.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا. رواه الجماعة إلا الترمذي. ولفظ النسائي وأحمد في رواية: فاقضوا. وفي رواية لمسلم: إذا ثوب بالصلاة فلا يسعى إليها أحدكم ولكن ليمش وعليه السكينة والوقار فصل ما أدركت واقض ما سبقك.
وبناءً على اختلاف الألفاظ ففي بعضها فأتموا وفي بعضها فاقضوا، اختلف أهل العلم، هل ما يدركه المسبوق أول صلاته أو آخرها، والراجحُ أنه أولها، وانظر الفتويين: 6182، 19967.
وعليه، فإن من فاتته ركعة مع الإمام، فإنه يقضيها بعد تسليم إمامه، ولا يجهر بالقراءة إذا كانت الصلاة جهرية، لأنها آخر صلاته، وهل يقرأ السورة بعد الفاتحة أو لا؟
الجمهور على أنه يقضي القراءة بعد الفاتحة، والقياس أن القراءة بعد الفاتحة لا تقضى، قال الشوكاني في نيل الأوطار نقلاً عن الحافظ: وقد عمل بمقتضى اللفظين أي: فاقضوا، وأتموا، الجمهور، فإنهم قالوا: إن ما أدرك مع الإمام هو أول صلاته إلا أنه يقضي مثل الذي فاته من قراءة السورة مع أم القرآن في الرباعية، لكن لم يستحبوا له إعادة الجهر في الركعتين الباقيتين، وكان الحجة فيه قول علي عليه السلام: ما أدركت مع الإمام فهو أول صلاتك واقض ما سبقك به من القرآن. أخرجه البيهقي. وعن إسحاق والمزني: أنه لا يقرأ إلا أم القرآن فقط، قال الحافظ: وهو القياس. انتهى.
ومن فاته مع الإمام ركعتان فإنه يقضيهما بعد سلامه، وإن كانت الصلاة رباعية صلاهما على صفة الثالثة والرابعة دون جهر، وفي قراءة السورة الخلاف المتقدم، وإن كانت ثلاثية استحبَ له الجهر في أولى المقضيات لأنها الثانية في حقه، وكذا قراءة السورة بعد الفاتحة، ويجلس فيها للتشهد الأوسط، ثم يصلي الثالثة على الصفة المتقدمة، ومن فاته مع الإمام ثلاث ركعات في صلاةٍ رباعية فإنه يأتي بأولى المقضيات على الصفة المذكورة سابقاً لأنها الثانية في حقه، ويجلس فيها للتشهد ثم يقوم فيأتي بالركعتين اللتين بقيتا، وإن فاتته الركعات الثلاث في صلاة المغرب فإنه يأتي بها بعد سلام الإمام على هيئتها المعروفة، ومن فاته مع الإمام الركعات الأربع، فإنه يأتي بالصلاة بعد سلام الإمام على هيئتها المعروفة، فيصلي الركعتين الأوليين على صفتهما من الجهر في العشاء، والإتيان بالسورة بعد الفاتحة، ثم يجلس للتشهد الأوسط ثم يتم بقية صلاته. وهل يكون مدركاً للجماعة بذلك أو لا؟، الراجح أنه لا يكون مدركاً للجماعة بذلك وإن أدرك فضلها بنيته وهو مذهب مالك رحمه الله، وانظر الفتوى رقم: 24228.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1430(11/9583)
مسائل في صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي إخواني الكرام حول الفرق بين المسجد الجامع والمسجد الذي لا تقام فيه الجمعة، هل الأفضل الصلاة في المسجد الجامع؟ وهل الصلاة في المساجد التي لا تقام فيها الجمعة لها نفس أحكام المسجد الجامع من الذكر عند الدخول، وتحية المسجد وغيره، وهل كل مكان معد للصلاة وليس له إمام راتب وتصلى فيه أكثر من جماعة، ولا تصلى فيه كل الصلوات -كالفجر والجمعة-كالغرف التي في العمل هلهو مسجد؟ وهل الجماعة الأولى لها الأفضلية -بضع وعشرين درجة- وهل هنالك فرق إذا صلينا في مكاتبنا جماعة؟
وهل الجماعة الثانية في المسجد الجامع أفضل من صلاة الفرد؟
أرجو التوضيح للأهمية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسجد هو المكان الموقوف المُعد لإقامة الصلاة، وقد بينا الفرق بين المسجد والمسجد الجامع في الفتوى رقم: 31325.
ولا شكَ في أن الصلاة في الجوامع الكبار التي يكثر فيها المصلون أكثرُ ثواباً منها في المساجد الصغار التي يرتادها عدد أقل طلباً لكثرة العدد، فالمسألة إذاً مرتبطة بعدد المصلين في المسجد. فإن من المرجحات التي تتفاضل بها المساجد كثرة عدد المصلين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه النسائي وأبو داود.
وإذا ثبت لمكان ما أنه مسجد، بحيثُ كان معداً لفعل الصلاة، فقد ثبتت له جميع أحكام المسجد، فيُشرعُ أن تُقال الأذكار عند دخوله وعند الخروج منه، وأن يصلي داخله تحية المسجد، وانظر الفتوى رقم: 45959.
وليس من شرط المسجد أن يكونَ له إمامٌ راتب، ولا أن تُصلى فيه الصلوات الخمس، وأما الغرف التي في العمل ومكاتب الموظفين فلا تُسمى مساجد، لأن وصف المسجد لا ينطبقُ عليها، ولكن صلاة الجماعة تجوز فيها ويحصل بها ثواب الجماعة، وإن كان فعلها في المسجد أولى، وانظر الفتوى رقم: 47981.
واعلم أن المضاعفة المذكورة في الحديث ببضعٍ وعشرين درجة، إنما هي في فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، وليست في فضل الجماعة الأولى على ما بعدها من الجماعات كما يوهمه سؤالك، وإن كانت الجماعة الأولى أولى أن يُحرص عليها لما لها من مزيد الفضل بلا شك، والصحيح من قولي العلماء أن الجماعة الثانية في مسجد قد صلي فيه لا كراهة فيها، وأنها أولى من صلاة الفذ لعموم الأدلة الواردة في فضل الجماعة.
قال العلامة العثيمين مبيناً أدلة هذا القول: وأما الصورة الثانية، أن يكون عارضا، أي أن الإمام الراتب هو الذي يصلي بجماعة المسجد، لكن أحيانا يتخلف رجلان أو ثلاثة أو أكثر لعذر، فهذا هو محل الخلاف. فمن العلماء من قال: لا تعاد الجماعة، بل يصلون فرادى، ومنهم من قال: بل تعاد، وهذا القول هو الصحيح، وهو مذهب الحنابلة، ودليل ذلك:
أولا: حديث أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله. رواه أبو داود والنسائي. وهذا نص صريح بأن صلاة الرجل مع الرجل أفضل من صلاته وحده، ولو قلنا: لا تقام الجماعة لزم أن نجعل المفضول فاضلا، وهذا خلاف النص.
ثانيا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان جالسا ذات يوم مع أصحابه، فدخل رجل بعد أن انتهت الصلاة، فقال: من يتصدق على هذا فيصلي معه؟ فقام أحد القوم فصلى مع الرجل. رواه الترمذي.
وهذا نص صريح في إعادة الجماعة بعد الجماعة الراتبة، حيث ندب النبي عليه الصلاة والسلام من يصلي مع هذا الرجل، وقول من قال: إن هذه صدقة، وإذا صلى اثنان في المسجد وقد فاتتهما الصلاة فصلاة كل واحد منهما واجبة. فيقال: إذا كان يؤمر بالصدقة، ويؤمر من كان صلى أن يصلي مع هذا الرجل، فكيف لا يؤمر من لم يصل أن يصلي مع هذا الرجل؟ انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(11/9584)
تقام الصلاة بما يتناسب مع أحوال أكثر المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أنصح إمام الحي عندنا يصلي صلاة الفجر بعد الأذان بخمس دقائق وصلاة العصر بسبع دقائق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن السنة فعل جميع الصلوات في أول وقتها بعد تحقق دخول الوقت إلا الظهر في اشتداد الحر، والعشاء إذا لم يشق على الناس، والصبح يستحب تعجيلها فتصلى بغلس بعد تبين الفجر الصادق، وانظر لذلك الفتوى رقم: 63988.
وكذلك العصر تصلى في أول وقتها، ففي الصحيح عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس حية.
فالذي يفعله هذا الإمام موافق للسنة -فيما يظهر- إذا كان إنما يُصلي بعد تحقق دخول الوقت، ولكن إذا أضر هذا بالمأمومين وشق عليهم، فالذي ينبغي له أن يرفق بهم، وأن يحرص على تكثير جماعتهم، وعلى عدم تنفيرهم، فيجعل بين الأذان والإقامة من الوقت ما يتناسب مع أحوال أكثر المصلين، وهذا معروف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يؤخر العشاء أحياناً، ويعجلها أحياناً. إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخر. متفق عليه من جديث جابر، فدل بوضوح على أنه ينبغي مراعاة حال المأمومين. والنظر في مصلحتهم ... وقدر الوقت بين الأذان والإقامة ليس فيه تحديد معين من جهة الشارع. وانظر الفتوى رقم: 67024.
فإذا كان ما يفعله هذا الإمام يشق على المصلين فيمكنك أن تبين له ما ذكرنا برفق مع مراعاة التأدب معه والتوقير له، وهو سيستجيب إن شاء الله لما يظن بأئمة المسلمين من الحرص على الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1430(11/9585)
لا بأس من اتفاق المصلين على تحديد الصلاة في ساعة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جماعة في العمل لدينا مصلى وقد تعودنا على أن نصلي نصف ساعة متأخرة عن الوقت الفعلي للإقامة الموجود في البلد، ولأن قد تم تركيب الجهاز الذي يربطنا في الآذان الموحد كما هو معمول به في بلادنا فهل لنا التأخير أم نصلي بعد الأذان ونقيم ونصلي مع علمي هو الأفضل لكن أغلب الموظفين يكونون بالخارج فيحتجون بهذا الشيء.. وهل لي أن أصلي مفرداً بعد الأذان أم أنتظرهم ساعة بعد الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس من اتفاق المصلين على تأخير الإقامة أو تحديدها عند ساعة معينة، ما دام لا يخرج الصلاة عن وقتها، لا سيما إذا كان هذا الوقت أرفق بالمصلين وأكثر لعددهم، مع أن الصلاة في أول الوقت أفضل، وهذا الحكم عام في المصلى والمسجد وغيره.
ولا تأثير لما ذكر السائل من كون المصلى قد ربط بنظام الأذان الموحد ونحوه، على هذا الحكم.. وأما هل الأفضل أن يصلي أول الوقت منفرداً أو آخره جماعة، فقد بينا حكم هذه المسألة بالتفصيل في الفتوى رقم: 23055، والفتوى رقم: 53395 فارجع إليهما، وانظر حكم الأذان عبر جهاز في الفتوى رقم: 31985.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1429(11/9586)
هل يحتسب أجر الصلاة مع الإمام حتى ينصرف إذا تبدل الإمام قبل الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت مع الإمام التراويح ولما بلغ الوتر قدم أحد المصلين من الصف الأول ليصلي بنا الوتر وهو دخل في الصف الأول فهل يحتسب لي أجر الصلاة مع الإمام حتى ينصرف أم أن تبديل الإمام قبل الوتر قد غير حكم هذه المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد صليت الوتر مع هذا الإمام الثاني فقد نلت فضيلة الصلاة مع الإمام حتى ينصرف، وذلك لأنك إنما انصرفت بعد انقضاء الصلاة وانصراف إماميها فبأيهما كان الاعتبار فقد حصل المقصود.. وأما إذا كنت انصرفت قبل صلاة الوتر مع الإمام الثاني، فالظاهر أنك لم تنل فضيلة القيام مع الإمام حتى ينصرف، وذلك لأن كلا الإمامين لم ينصرف من صلاته، فبأيهما كان الاعتبار لم يحصل المقصود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1429(11/9587)
من دخل مسجدا قد صلي فيه وأراد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إقامة الصلاة مرتين لصلاة واحدة في المسجد، مثلاً لصلاة الظهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمقصودك من السؤال غير واضح تماماً، فأما إذا كان مقصودك هو أداء ألفاظ الإقامة للصلاة الواحدة إذا أقيمت مرتين بحيث يفرغ من الإقامة ثم يعيدها فلا نعلم دليلاً على مشروعية هذا، بل المشروع الذي ثبتت به السنة وتواتر هو إقامة الصلاة مرة واحدة، فالزيادة على ذلك مما لم يأذن به الله، وهي داخلة في عموم قوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيحين: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
وأما إذا كان المقصود من السؤال هو إقامة الصلاة للجماعة الثانية، بمعنى أن الجماعة الثانية هل تكتفي بإقامة الجماعة الأولى أو يقيمون الصلاة لأنفسهم؟ فقد بينا حكم الجماعة الثانية في الفتوى رقم: 59217.
وأما إقامتهم الصلاة فمشروعة وكذا يشرع لهم الأذان أيضاً لثبوت ذلك عن أنس رضي الله عنه، وعليه فإنهم يؤذنون ويقيمون ولا يكتفون بإقامة الجماعة التي قبلهم، وقال بعض أهل العلم بخلاف ذلك.
وقد حرر ابن قدامة المسألة فقال في المغني: ومن دخل مسجداً قد صلي فيه فإن شاء أذن وأقام نص عليه أحمد؛ لما روى الاثرم وسعيد بن منصور عن أنس: أنه دخل مسجداً قد صلوا فيه فأمر رجلا فأذن بهم وأقام. فصلى بهم في جماعة. وإن شاء صلى من غير أذان ولا إقامة، فإن عروة قال: إذا انتهيت إلى مسجد قد صلى فيه ناس أذنوا وأقاموا، فإن أذانهم وإقامهتم تجزئ عمن جاء بعدهم، وهذا قول الحسن والشعبي والنخعي، إلا أن الحسن قال: كان أحب إليهم أن يقيم، وإذا أذن فالمستحب أن يخفي ذلك ولا يجهر به، لئلا يغر الناس بالأذان في غير محله. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1429(11/9588)
لا بأس بأداء الصلاة جماعة في مكان العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أحصل على عمل ولكن المسؤولين في المعمل يمنعون العمال من أداء الصلاة جماعة في المسجد فهل يمكنني أن أعمل في مكان يكون بعيدا عن المسجد لكي لا يصيبني إثم ترك الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجحُ من أقوال العلماء وجوب الجماعة على الأعيان، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص للأعمى في تركها، وهمَّ بتحريقِ بيوت المتخلفين عنها، وكل ذلك روي في الصحيح، واختلف الموجبون للجماعة هل تجب في المسجد أو لا؟، والذي لا شك فيه أن الصلاةَ في المسجد لها فضلٌ عظيم، وقد تكاثرت الأحاديث الدالة على فضيلة المشي إلى المساجد وعمارتها وانتظار الصلاة فيها، وحسبك قول النبي صلى الله عليه وسلم في السبعةِ الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ورجلٌ قلبه معلقٌ بالمساجد. متفقٌ عليه. ومع هذا فأكثرُ العلماء الموجبين للجماعة لا يوجبونها في المسجد، لعمومِ قوله صلى الله عليه وسلم: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهورا. متفق عليه.
قال ابن قدامةَ في المغني: ويجوز فعلها في البيت والصحراء، وقيل: فيه رواية أخرى: أن حضور المسجد واجب إذا كان قريبا منه؛ لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد. ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: جعلت لي الأرض طيبة وطهورا ومسجدا، فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان. متفق عليه. وقالت عائشة: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسا، وصلى وراءه قوم قياما، فأشار إليهم أن اجلسوا. رواه البخاري. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجلين: إذا صليتما في رحالكما، ثم أدركتما الجماعة فصليا معهم، تكن لكما نافلة. وقوله: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد لا نعرفه إلا من قول علي نفسه، كذلك رواه سعيد في سننه، والظاهر أنه إنما أراد الجماعة، وعبر بالمسجد عن الجماعة لأنه محلها، ومعناه: لا صلاة لجار المسجد إلا مع الجماعة. وقيل: أراد به الكمال والفضيلة، فإن الأخبار الصحيحة دالة على أن الصلاة في غير المسجد صحيحة جائزة. انتهى.
فالذي ننصحك به أن تحرصَ على الجماعة في المسجد ما أمكنك، فإن تعذر ذلك لأجل العمل، وكنت تُمنع من إتيان المسجد، فاحرص على صلاةِ الجماعة مع بعض زملائك في العمل، وتكون قد أديت الواجب، ولا يلزمك أن تحتال للابتعاد عن المسجد كي لا تلزمك الجماعة فيه، فإن كنت لا تستطيعُ الصلاة في جماعةٍ أصلاً فلا يجوزُ لك البقاء في هذا العمل إلا إن كنت تتضرر بتركه، وانظر الفتوى رقم: 105465، واحرص مع هذا على البحثِ عن عملٍ أنسب لا تمتنعُ بسببه من إتيان المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(11/9589)
تقديم انتظار الجماعة على أول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيله الشيخ أود أن أسأل ما هو الأفضل للمرأة الصلاة على وقتها أم الصلاة في جماعة؟
أي إذا كانت صلاة الجماعة القائمة (ليس في المسجد) تتم لوقت متأخر أي بعد انتهاء وقت الفضيلة.. بعد أكثر من نصف ساعة من الأذان فما هو الأفضل هل أصلي لوحدي بدون جماعة أم أنتظر الجماعة التي أعرف أنها ستتأخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من قولي العلماء أن صلاة الجماعة مشروعة في حق النساء لعمومات الأدلة، وثبوتها من فعل أمهات المؤمنين، فإذا كانت هذه الجماعة تصلى في أثناء الوقت ولا تخرج الصلاة عن وقتها فصلاتك فيها أفضل.
قال العلامة المرداوي: في الإنصاف: تقديم انتظار الجماعة ولو قلت على أول الوقت إذا صلى منفردا هو المذهب. انتهى.
وينبغي مناصحة هؤلاء الأخوات لأداء الصلاة في أول الوقت، لتحصل لكن الفضيلتان فعل الصلاة في أول الوقت وفعلها في جماعة، وفقنا الله وإياك لكل خير.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14727، 22245، 36081.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1429(11/9590)
الذي يصلي جماعة جالسا على الكرسي له حالان
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشرت في المساجد ظاهرة الصلاة على الكراسي البلاستيكية، وأغلب من يصلي على الكراسي هم كبار السن أو من لا يستطيع أن يقوم بأداء الصلاة على وجهها بسبب علة أو مرض ما..
السؤال هو.. أين يجب وضع الكرسي يعني هل يتم وضع الكرسي بحيث يكون المصلي في الصف أم أن الكرسي يكون على الصف..
وسبب سؤالي هو حدوث مشكلة في مسجدنا حيث إن أحد المصلين حين يصلي على الكرسي فإنه يرجع الكرسي إلى الوراء بحيث يدخل الكرسي في الصف الذي خلفه مما يجعله يقع في عدة أمور
1- أنه يدخل في منطقة سجود المصلي الذي يصلي خلفه.
2- مضايقة المصلي الذي يقع خلفه حيث لا يستطيع المصلي أن يسجد براحة.
3- عندما يجلس المصلي على الكرسي فان أغلب جسمه يقع خلف الصف في حين يكون قدمه على الخط.
أفيدونا جزاكم الله خير حيث إن هذا الأمر سبب مشاكل بين المصلين..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: من كان معذورا في ترك القيام في الصلاة وصلى جالسا على الكرسي فلا يبيح له عذره هذا الجلوس على الكرسي والإيماء منه لركوعه وسجوده إذا كان قادرا عليهما، وإذا كان معذورا في ترك الركوع والسجود على هيئتهما فلا يبيح له عذره هذا عدم القيام والجلوس على الكرسي إذا كان قادرا على القيام. فالقاعدة في أركان الصلاة وواجباتها أن ما استطاع المصلي فعله وجب عليه فعله، وما عجز عن فعله سقط عنه، فمن كان عاجزا عن القيام جاز له الجلوس على الكرسي أثناء القيام ويأتي بالركوع والسجود على هيئتهما، فإن استطاع القيام وشق عليه الركوع والسجود فيصلي قائما ثم يجلس على الكرسي عند الركوع والسجود، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه.
وأما موضوع الكرسي من الصف لمن صلى جالسا على الكرسي فإن الذي يصلي جالسا على الكرسي له حالان:
الاولى: أن يصلي جالسا على الكرسي من أول الصلاة إلى آخرها فهذا يحاذي الصف بموضع جلوسه بمقعدته سواء تقدمت أرجل الكرسي قليلا أو تأخرت، وقد نص العلماء رحمهم الله أن العبرة بمكان المأموم الجالس موضع جلوسه. جاء في الموسوعة الفقهية: والاعتبار في التقدم وعدمه للقائم بالعقب وهو مؤخر القدم لا الكعب، فلو تساويا في العقب وتقدمت أصابع المأموم لطول قدمه لم يضر.. والعبرة في التقدم بالألية للقاعدين وبالجنب للمضطجعين.. انتهى. مختصرا.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن الذي يصلي على الكرسي في المسجد هل يجعل أرجل الكرسي الخلفية بمحاذاة أرجل المصلين أم يجعل أرجله الأمامية بمحاذاة أرجل المصلين؟ فأجاب بقوله: يجعل أرجل الكرسي الخلفية بمحاذاة أرجل المصلين فقيل للشيخ: لكن هذا لو قام سيكون متقدما على الصف فقال: هو ليس بقائم فيجعل عجيزته موازية لأرجل المصلين.. . انتهى. ويحمل كلام الشيخ على من صلى جالسا طوال الصلاة.
الحالة الثانية: أن يصلي قائما ويجلس عند الركوع والسجود، ولم نر للفقهاء المتقدمين كلاما حول موضوع المصلي في مثل هذه الحال، ولكن سئل فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك عن هذا فأفاد بأن العبرة بالقيام فيحاذي الصف عند قيامه، وعلى هذا سيكون الكرسي خلف الصف، فينبغي أن يكون في موضع بحيث لا يتأذى به من خلفه من المصلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(11/9591)
حكم إقامة أكثر من جماعة في نفس الوقت وفي نفس المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نصلي صلاتي جماعة في نفس الوقت في نفس المسجد وإذا كان مجموعة من الشباب قد أقام صلاة جماعة قبل الإمام وبدؤوا بالصلاة فهل ينتظر الإمام أن ينتهوا من صلاتهم أم يقيم صلاة الجماعة ويصلي مع العلم بأن الشباب كانوا مستعجلين جداً (طلاب جامعة وعليهم محاضرة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المسجد المذكور له إمام راتب فعند الحنابلة تحرم إقامة جماعة في هذا المسجد قبل إمامه، وقال الشافعية بالكراهة إذا لم يكن المسجد ممن يطرقه الناس كثيراً لوجوده في طريقهم مثلاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 37903، والفتوى رقم: 56243.
وبعد شروع الجماعة المذكورة في صلاتهم فينبغي للإمام انتظار تسليمهم منها مخافة حصول جماعتين في مسجد واحد في وقت واحد؛ لأن الأولى ترك ذلك مع صحة صلاة كلتا الجماعتين، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 57407.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(11/9592)
الأفضل لمن لم يدرك الجماعة أن يصلي مع زميله في العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة جماعة مع زميل لي في العمل صحيحة أم من شروط الصلاة الذهاب إلى المسجد، وما هو الأفضل الصلاة جماعة على وقتها مع زميل لي في العمل أم الذهاب إلى المسجد بعد انتهاء العمل، علما بأن العمل ينتهي بعد وقت ليس بقصير لا أستطيع أن أدرك فيه الجماعة الأولى وكذلك قد لا أتمكن من أن أترك العمل للذهاب إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أداء الصلاة في الجماعة واجب على الراجح من أقوال أهل العلم في حق الرجل المستطيع إلا لعذر، كما تقدم في الفتوى رقم: 5153.
ولكنها ليست شرطاً في صحة الصلاة، وعلى هذا فإذا لم يستطع الأخ السائل الذهاب إلى المسجد والصلاة فيه مع الإمام فإن الأفضل في حقه أن يصلي مع زميله في أول الوقت، وبذلك يحصل على فضل الجماعة وفضل الصلاة في الوقت معاً، ويتجنب تأخير الصلاة عن وقتها وهو أمر لا يجوز ولا يسوغه الرغبة في الصلاة في المسجد، ومن أهل العلم من يرى كراهة إقامة الجماعة بعد صلاة الإمام الراتب، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 58208، ولينظر للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 93738، 677، 101670، 96617.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(11/9593)
جواز إقامة الجماعة في البيوت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة كلام من ادعى أن صلاة الجماعة لا تصح إلا في المسجد دون غيره من الأماكن مثل البيت أو أماكن العمل؟
رجل أثناء التشهد الأخير سلم قبل الإمام.ما حكم صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الجماعة في المسجد مطلوبة من الرجال إن لم يكن لهم عذر شرعي؛ لما في الحديث: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه وصححه الألباني. فلا يسوغ لهم التخلف عنها إن أمكنهم إدراكها.
وأما إذا فاتتهم الصلاة في المسجد فلا يوجد دليل يفيد عدم صحة إقامتهم الصلاة جماعة في البيوت، بل إن الأدلة تفيد مشروعية إقامتهم الصلاة جماعة في البيوت.
ومن هذه الأدلة ما في صحيح مسلم عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينضح ثم يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقوم خلفه فيصلي بنا. وفي الحديث: لا يؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه. رواه أبو داود وصححه الألباني. قال الخطابي: معناه أن صاحب المنزل أولى بالإمامة في بيته.
وفي صحيح مسلم أن جابرا صلى جماعة في بيته. وفيه أيضا أن ابن مسعود فعله. وقال النووي في شرحه: فيه جواز إقامة الجماعة في البيوت.
وراجع للمزيد في الموضوع وفي السلام قبل الإمام الفتاوى التالية أرقامها: 34242، 73966، 25326 61405، 36549، 41612
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(11/9594)
مسائل وتصويبات حول صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[فبفضل الله ورحمته قد منّ الله علي بالتوبة والالتزام من زمن قريب, ومن هنا بدأت أدعو إلى الله وصحيح الدين فى منطقتي وأردت أن أتخير من الدين ما أدعو إليه فلم أجد أفضل من عماد الدين الصلاة التي ضيعها الكثير فى بلدي وقد اطلعت على فتاوى موقعكم عن حكم صلاة الجماعة واستخلصت منها عدة أمور كي أدعو إليها على بصيرة سأكتبها كي تقوموا أعزكم الله بتصحيح ما أخطأت فى فهمه وهي: (أن صلاة الجماعة واجبة -فرض عين- على من سمع النداء إلا لعذر من الأعذار المعتبرة، وإن كانت فى أول الوقت كان أفضل، وأن المسجد شرط لها إلا لعذر، وأن من يصلي منفردا بدون عذر فإن صلاته صحيحة، ولكن مع إثم وأيضا من صلى جماعة فى بيته أو عمله بدون عذر فإن صلاته صحيحة، ولكن مع إثم وإن كان أقل من المنفرد، أما بالنسبة لمن منعه الخوف من ضياع المال لعدم قدرته على غلق دكانه فلا شيء عليه إذا صلى منفرداً ولكن إذا ظل على ذلك فهو آثم، أما بالنسبه لمن منعه صاحب العمل من الصلاة جماعة فى المسجد أول الوقت فله أن يصليها فى جماعات مع من يعمل معهم فى المسجد بشرط عدم خروج وقت الصلاة، فإن رفض صاحب العمل أن يصلي فى جماعة سواء فى المسجد أو فى مكان العمل فهناك أمران: الأول: هو ترك العمل والبحث عن عمل آخر يمكنه من الجماعة وذلك فى حالة إن كان فى غنى عن العمل بحيث لا يجوع من يعول. وأما الثاني: وهو من إذا ترك العمل أصابه ومن يعول ضرر لعدم وجود عمل آخر له فى ذلك الوقت فلا حجة عليه إن صلى منفرداً، ولكن بشرط أن يكون دائم الطلب من صاحب العمل أن يحضر الجماعة وأن يبحث عن عمل آخر فى تلك الأثناء) وسامحوني على الإطالة لأن الموضوع جد خطير فما أكثر من يضيع الصلاة وإن صلى يصلي فى بيته فى بلدي وأرجو إيضاح الخطأ من الصواب لكي أدعو على بينة ولا أضل الناس، نحمد الله أن جعل لنا منكم نبراسا نهتدى به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله تعالى أن منّ بالهداية على الأخ السائل، وجعله ممن يحمل هم الصلاة التي هي عماد الدين، كما نسأله تعالى أن يوفقنا وإياه ويرزقنا الثبات على الحق، ثم إن اختياره الاهتمام بالصلاة والحث عليها وعلى أدائها جماعة والدعوة إلى ذلك اختيار صحيح موفق لأن الصلاة هي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، ومع ذلك فينبغي أن يكون المسلم مهتماً بالدين كله حسب استطاعته تعلما وتعليماً ودعوة ونصيحة للمسلمين مع مراعاة الإخلاص لله تعالى في جميع ذلك فإن الطاعة لا تستقيم إلا به.
ثم إن ما ذكر في السؤال مما يتعلق بأحكام الصلاة في الجماعة منه ما هو صحيح ومنه ما ليس بصحيح، فمما يلاحظ عليه القول بأن الصلاة في المسجد شرط إلا لعذر، والصواب أن الصلاة في جماعة واجبة، وصلاة الجماعة في المسجد أفضل من صلاة الجماعة في غيره، والجماعة في غيره أفضل من الانفراد.
ومن صلى في جماعة في غير المسجد صحت صلاته ولا إثم عليه على مذهب أكثر أهل العلم، لأنه حصل فضل الجماعة المطلوب، وكذلك القول بأن من تخلف عن الجماعة لعذر معتبر شرعاً كالخوف على المال ونحوه يعتبر آثماً إن ظل على ذلك، والصواب أنه لا يأثم ما دام العذر باقياً، وإذا زال العذر أثم بتخلفه عنها ولو صلاة واحدة بناء على القول بوجوب الصلاة في الجماعة وهو الراجح.
ثم إن أغلب هذه المسائل المشار إليها في السؤال محل خلاف بين أهل العلم، ولبيان حكم صلاة الجماعة في المسجد يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31578، 6276، 677.
هذا ونؤكد الوصية للأخ الكريم أن يجتهد في طلب العلم الشرعي، ويسلك في ذلك الطريق الصحيح المؤدي إليه، وقد بيناها في فتاوى سابقة منها: 4131، والفتوى رقم: 4378. أما الطريقة التي ذكر أنه يسلكها الآن فليست هي الطريقة المثلى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1428(11/9595)
ذهاب المرأة وحدها إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: بحلول شهر رمضان المبارك أرغب في الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة التراويح، ولكني أقطن عند خالتي والمسجد يبعد تقريبا 10 دقائق عن المنزل وليس معي أحد أذهب معه إلى المسجد، فهل أستطيع الذهاب مع زوج خالتي أو وحدي، فأفيدوني؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز للمرأة أن تخرج إلى المسجد وحدها أو مع غيرها لحضور التراويح بشرط أن تكون بملابس ساترة لائقة بحشمة المرأة المسلمة، وبشرط أن تتجنب الطيب ومخالطة الرجال والخلوة بالأجنبي مع أمن الفتنة وأمن الطريق أيضاً، فإذا تحققت هذه الضوابط فاذهبي إلى المسجد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خروج النساء إلى المساجد لحضور صلاة الفرض أو النفل ومنه التراويح جائز بشرط إذن الزوج لمن كانت متزوجة، وارتداء الحجاب الشرعي، والابتعاد عن الطيب ومخالطة الرجال، والخلوة بهم وغير ذلك، مما ذكرنا في الفتوى رقم: 26957.
وعلى هذا فنقول للأخت السائلة: إذا كان زوج خالتك محرماً لك فلا مانع من ذهابك معه إلى المسجد مع الالتزام بالشروط الموضحة في الفتوى المشار إليها سابقاً، أما إذا لم يكن غير محرم فلا يجوز لك الذهاب معه إن ترتب على ذلك حصول الخلوة بينكما في السيارة أو في الطريق، ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. وقد بوب البخاري لهذا الحديث قال: (باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس) .
قال الحافظ ابن حجر: أي لا يخلو بها بحيث تحتجب أشخاصهما عنهم بل بحيث لا يسمعون كلامهما إذا كان بما يخافت به كالشيء الذي تستحي المرأة من ذكره بين الناس. انتهى.
وفي حال عدم وجود محرم أو رفقة نساء مثلاً فإنه لا مانع من ذهابك وحدك إذا كان الطريق آمنا، وإلا فلا يجوز الخروج إلى المسجد حينئذ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1428(11/9596)
حكم ترك الجماعة في المسجد طاعة للأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في محل لوالدي لبيع قطع غيار السيارات، وعند كل أذان أقفل المحل وأذهب للصلاة في المسجد، لكن والدي يتضايق من غلق المحل ويريدني أن أصلي في المحل (بالرغم من أنني سمعت بعض الفتاوى تقول إن صلاة الرجل في المسجد فرض وليست سنة) ، فأيهما أفضل أصلي في المسجد ويغضب والدي أم أصلي في المحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل يجد جماعة يصلي معها في الوقت، فالظاهر أن طاعة الوالد مقدمة هنا لأن وجوب حضور الجماعة في المسجد محل خلاف بين أهل العلم، إذ يرى الجمهور أن فضل الجماعة يحصل بالجماعة في غير المسجد، وبالتالي يكون ذهابه إلى المسجد هنا غير واجب كما سبق أن أوضحنا في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 31443.
وإذا لم يجد جماعة يصلي معها في الوقت فعليه أن يقنع والده بضرورة إغلاق المحل والذهاب لأداء الصلاة جماعة في المسجد، فإن اقتنع فذلك هو المطلوب، وإلا فلا تجوز طاعته في ذلك، لأن صلاة الجماعة واجبة على الرجل المستطيع، على الراجح من أقوال أهل العلم، وطاعة الله مقدمة على طاعة غيره كائناً من كان، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. وقال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي والألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1428(11/9597)
التبكير إلى الصلاة يتأكد في حق المأموم دون الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن الجمع بين الأحاديث الواردة عن صلاة النبي لسنة الفجر فى بيته ونومه على شقة الأيمن حتى يأتيه بلال ليستأذنه لإقامة الصلاة وبين فضل الإبكار إلى المسجد والمكث فيه لانتظار الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
التبكير في الإتيان إلى المسجد والمكث فيه لانتظار الصلاة يتأكد في حق المأموم دون الإمام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التبكير في الإتيان إلى المسجد مستحب؛ لما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً. وانتظار الصلاة أيضاً فضله عظيم؛ لما في صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط.
ومن الثابت -كما جاء في السؤال- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضطجع على شقه الأيمن بعد طلوع الفجر، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة.
وقد وجه بعض العلماء هذا الحديث مع ما قبله بأن الانتظار في البيت كالانتظار في المسجد، ففي عمدة القاري للعيني قال: وفيه دلالة على أن الانتظار للصلاة في البيت كالانتظار في المسجد؛ إذ لو لم يكن كذلك لخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد ليأخذ لنفسه بحظها من فضيلة الانتظار. انتهى.
وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن حجر؛ بل ألمح إلى أمر آخر وهو اختصاص الاضطجاع على الشق الأيمن بعد طلوع الفجر بالإمام دون المأموم، فقال رحمه الله تعالى: قوله: ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن، وأوردها مورد الاحتمال تنبيهاً على اختصاص ذلك بالإمام؛ لأن المأموم مندوب إلى إحراز الصف الأول. ويحتمل أن يشارك الإمام في ذلك من كان منزله قريباً من المسجد، وقيل: يستفاد من حديث الباب أن الذي ورد في الحض على الاستباق إلى المسجد هو لمن كان على مسافة في المسجد، وأما من كان يسمع الإقامة في داره فانتظاره للصلاة إذا كان متهيئاً لها كانتظاره إياها في المسجد.
وعلى أي حال.. فالذي يظهر -والله أعلم- أن التبكير إلى الصلاة يتأكد في حق المأموم دون الإمام، فإن الثابت من حاله صلى الله عليه وسلم أنه كان يخرج إلى الصلاة في معظم الأحوال عند الإقامة، ففي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال: كان بلال يؤذن إذا دحضت، فلا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه. ورواه أبو داود عن جابر بن سمرة كذلك بلفظ: كان بلال يؤذن ثم يمهل، فإذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج أقام الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1428(11/9598)
هل يعيد الصلاة مع الجماعة بعد أن صلاها منفردا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من فاتته الجماعة فصلى منفردا، وبعد أن أنهى صلاته أقيمت جماعة ثانية في المسجد فصلى معهم فأيهما تحسب له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يستحب لمن صلى منفرداً ثم وجد جماعة في نفس الوقت تريد الصلاة أن يصلي معها لينال فضل الجماعة، وعن أيهما تحسب له فإنه بصلاته منفرداً قد أدى الفرض الذي عليه ولا يطالب وجوباً بصلاة أخرى، وإنما استحب له أن يعيد لأجل فضل الجماعة، وقد اختلف العلماء في تعيين ما ينوي في هذه الصلاة وذكروا في ذلك عدة أقوال ذكرناها في الفتوى رقم: 38912.
وننبه هنا إلى أن استحباب الإعادة لأجل فضل الجماعة ليس محل اتفاق بين العلماء في سائر الصلوات، بل إن منهم من يستثني من ذلك صلاة المغرب وكذلك صلاة العشاء إذا كان من صلاها منفرداً قد صلى الشفع والوتر، كما هو معلوم في المذهب المالكي، وللمزيد من التفصيل والفائدة تراجع الفتوى رقم: 57296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1428(11/9599)
هل يدرك ثواب الجماعة إذا فاتته لانشغاله بالوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[من انتقض وضوؤه ثم لما عاد من الوضوء وجد أنه قد فاتته الصلاة، فهل هذا يفوته أجر صلاة الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من توضأ ثم خرج إلى الصلاة يريد أداءها في الجماعة ثم طرأ عليه ما يشغله عن الجماعة من غير تقصير، فالظاهر أن فضل الجماعة لا يفوته، ففي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجرهم شيئاً. والحديث صححه الألباني.
قال في عون المعبود في شرح الحديث: (لا ينقص ذلك) أي أجر المصلي وحده (من أجرهم) أي المصلين بالجماعة (شيئاً) بل لكل واحد من المصلين بالجماعة والمصلي وحده أجر كامل على حدة، وذلك لكمال فضل الله وسعة رحمته، وهذا إذا لم يكن التأخير ناشئاً عن التقصير، ولعله يعطى له بالنية أصل الثواب وبالتحسر ما فاته من المضاعفة. انتهى.
وقال السندي في شرح سنن النسائي عند هذا الحديث: ظاهره أن إدراك فضل الجماعة يتوقف على أن يسعى لها بوجهه ولا يقصر في ذلك سواء أدركها أم لا، فمن أدرك جزءا منها ولو في التشهد فهو مدرك بالأولى وليس الفضل والأجر مما يعرف بالاجتهاد فلا عبرة بقول من يخالف قوله الحديث في هذا الباب أصلاً. انتهى.
والمؤمن يثاب على مجرد النية إذا حبسه عن العمل عذر قاهر، لكن ينبغي لمن حصل معه هذا الأمر أن يبحث عن جماعة أخرى يصلي معها، فإن لم يجدها صلى وحده وهو مأجور إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1428(11/9600)
من أدرك الإمام ولو قبل التسليم فقد أدرك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا أشكركم على مجهوداتكم للإجابة على الأسئلة وجزاكم الله خيراً.. السؤال: حصل أن انتقض وضوئي في الركعة الثانية من صلاة المغرب وعندها قطعت الصلاة وذهبت للوضوء، ولكن عندما عدت وجدت الإمام قد رفع رأسه من ركوع الثالثة وبالتالي فاتتني صلاة الجماعة بعد ذلك صليت يؤمني رجل كان جاء متأخراً، فهل ما قمت به صحيح أم أنه كان يكفيني التيمم، وماذا عن أجر صلاة الجماعة حينها، وهل صلاتي مع ذلك الرجل صلاة جماعة، فماذا لو كنت صليت منفردا، فأرجو منكم الإجابة على كل الأسئلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التيمم لا يجوز ولا يشرع إلا في حالات معينة وليس منها تحصيل فضل الجماعة، أما ما قمت به من قطع الصلاة عند انتقاض الوضوء وذهابك للوضوء ورجوعك إلى الجماعة فإنه صواب، لكن كان عليك أن تحرم وتدخل مع الإمام في الصلاة ولو لم تدرك معه ركعة وبذلك تدرك فضل الجماعة، لأنه يحصل بإدراك ما دون الركعة عند الكثير من الفقهاء، وحيث إنك لم تفعل ذلك وأديت الصلاة مع شخص جاء متأخراً فإن فضل الجماعة يحصل بذلك أيضاً، ولو لم تجد أحداً وصليت منفرداً فلا شيء عليك وصلاتك صحيحة، وإليك كلام أهل العلم في هذه المسألة، قال في كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: من كبر قبل سلام الإمام التسليمة الأولى أدرك الجماعة ولو لم يجلس. لأنه أدرك جزءاً من صلاة الإمام أشبه ما لو أدرك ركعة. انتهى. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 521، والفتوى رقم: 24228.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1428(11/9601)
صلاة الجماعة في مكان العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد بينتم لي والحمد الله من خلال فتواكم أهمية الصلاة في وقتها وعدم تأخيرها بعلة العمل، سؤالي هو: هل الشرع يبيح للعامل أن يصلي في مكتبه وحده أم مع جماعة من الموظفين، وما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في مثل هذا الحال لصحة الصلاة؟ جزاكم الله خيراً وسدد خطاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأداء الصلاة جماعة في المسجد واجب على الراجح من أقوال أهل العلم في حق الرجل المستطيع الذي يسمع النداء إلا لعذر، كما تقدم في الفتوى رقم: 5153.
ومثل سماع النداء قرب المسجد منه بحيث يمكنه سماع الأذان لكن حصل مانع من ذلك لعارض ككثرة الأصوات ونحوها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5367.
فإذا كان الرجل يجب عليه السعي إلى المسجد -بناء على الراجح- وكان ذهابه إليه سيترتب عليه ضرر في معيشته -مثلاً- ففي هذه الحالة يجوز له أن يصلي في مكان عمله، كما في الفتوى رقم: 9495، والفتوى رقم: 26945.
فإن وجد جماعة هناك صلى معهم وحصل للجميع ثواب الصلاة في جماعة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 34242.
وتصح صلاة الشخص منفرداً ولو تعمد ترك صلاة الجماعة لأن الجماعة ليست شرطاً في صحة الصلاة وإن كان تاركها قد فاته ثواب عظيم، قال ابن قدامة في المغني: وليست الجماعة شرطاً لصحة الصلاة نص عليه أحمد. وخرج ابن عقيل وجها في اشتراطها، قياسا على سائر واجبات الصلاة، وهذا ليس بصحيح، بدليل الحديثين اللذين احتجوا بهما والإجماع، فإننا لا نعلم قائلاً بوجوب الإعادة على من صلى وحده، إلا أنه روي عن جماعة من الصحابة، منهم ابن مسعود، وأبو موسى، أنهم قالوا: من سمع النداء وتخلف من غير عذر، فلا صلاة له. انتهى، وللفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 47981.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1428(11/9602)
وقت إقامة الصلاة يختلف باختلاف أحوال الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم وأحسن إليكم وجعل مجهودكم هذا في ميزان حسناتكم ... سؤالي حول وقت إقامة الصلاة - الوقت بين الأذان والإقامة - كيف يتم حسابه؟ هل هو 5 أو 10 أو 15.... دقيقة؟ لماذا المساجد حولنا تقيم بعد 20 أو 25 دقيقة؟ هل يجوز لنا أن نقيم الجماعة بعد 5 دقائق من الأذان ودون الالتزام بما تفعله المساجد حولنا؟ جزاكم الله خيرا في كل الأحوال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قسم الفقهاء الناس في تقديم الصلاة وتأخيرها إلى نوعين:
الأول: منفرد.
الثاني: جماعة.
وجعلوا الأفضل في حق المنفرد التقديم أول الوقت دون انتظار، بناء على الأدلة الشرعية، ومنها حديث أم فروة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها. أخرجه أبو داود وابن خزيمة وصححه الألباني.
أما الجماعة فإنها تؤخر ليجتمع الناس، ولا حد للمدة التي تجعل بين الأذان والإقامة، فقد تكون ثلث ساعة، وقد تكون أقل أو أكثر، والضابط أن تكون كافية لتهيؤ الناس للصلاة واجتماعهم لأدائها، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحدر في إقامتك، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته، ولا تقوموا حتى تروني. أخرجه الترمذي والحاكم. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: لكن إسناده ضعيف.
ويقدر ذلك شؤون المساجد أو إمام المسجد الراتب أو من ارتضاه الناس إماما بالتشاور معهم أو على الأقل أهل الرأي منهم، ويكون ذلك حسب اجتماع المصلين كما سبق، فإن كانوا يجتمعون خلال عشرين دقيقة فلا حاجة إلى التأخير فوق ذلك بعد التحقق من دخول الوقت، لما في ذلك من المشقة على الناس وتأخيرهم عن حوائجهم، ولأن تقديم الصلاة في أول وقتها أفضل كما هو معلوم، وفي الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر، أي في صلاة العشاء.
ولا ينبغي للإمام أن يؤخر إقامة الصلاة بحيث يشق على الناس، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به. خرجه الإمام مسلم في الصحيح.
وننبه الأخ إلى أن صلاة الجماعة واجبة في المسجد على الرجال إلا لعذر كما رجحه بعض أهل العلم، فليحرص المسلم على تحصيل فضيلة الجماعة وأجور الخطا إلى المساجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(11/9603)
لا ينبغي تفويت الصلاة جماعة للقادر
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث أكثر من مرة في أحد المساجد التركية في ألمانيا بأن إمامه الراتب تأخر عن الوقت المحدد لإقامة صلاة الفجر (مع العلم بأنهم يصلونها قبل الشروق بنصف ساعة) فأقمنا الصلاة حتى لا تفوتنا وقتها واختاروني أن أؤمهم وأنا أحفظ بفضل الله كتاب الله، فكذا مرة دخل بعد شروعنا في الصلاة ولكن لم يأتم بنا وإنما صلى منفردا في غرفته الخاصة، فهل لفعله هذا أصل في أحد المذاهب أم هو خطأ مخالف للشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تأخر الإمام الراتب عن المجيء إلى المسجد، وظن المصلون عدم مجيئه أو ضاق وقت الصلاة فإنهم يقدمون واحداً منهم يصلي بهم وصلاتهم صحيحة، ولا ينبغي للإمام أن يفوت الصلاة معهم إذا حضر وهم يصلون لكونهم سبقوه بالإقامة، وقد فصلنا هذه المسألة في الفتوى رقم: 93018 فراجعها ففيها ذكرنا ما يحتمل أن يكون عذراً للإمام في ترك الصلاة مع الجماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(11/9604)
الجماعة في غير المسجد مجزئة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مبتعثون من قبل الشركة ولدي بعض الأسئلة المتعلقة بالمراكز الإسلامية:
1- ما هي حدود المسجد في المركز الإسلامي، وهل الغرف والمكاتب والساحة الخارجية من المسجد
2- مصلى النساء وضع في مؤخرة المركز الإسلامي بحيث يفصله عن مصلى الرجال الساحة الخارجية والمكاتب ودورة المياه، السؤال: هل تقتدي النساء بالإمام والحال كما أشير من عدم اتصال صفوف الرجال والنساء ولو بحائل كما هو معمول به في بلادنا السعودية (الفتوى المعروفة أنه يجوز صلاة جماعة النساء مع الرجال والاقتداء بالإمام إذا صلين في مؤخرة المسجد مع وجود الحاجز وإن لم يرين الإمام أو المأمومين) .
3- هل تجب صلاة الجماعة في مثل حالنا المبتعثين لفترة شهور، مع العلم بأن المسجد يبعد بضعة كيلو مترات.
4- ما حكم صلاة النساء جماعة في المسجد وبإمامة امرأة منهن في نفس الوقت الذي يصلي فيه الرجال، مع العلم بأن مصلى الرجال والنساء يبعد عن بعضها كما هو موصوف في السؤال الثاني.
5- من نقاط التعليل لإقامة الصلاة جماعة للرجال والنساء هو التعليم لحديثي عهد بالإسلام حتى مع موقع مصلى النساء المشار إليه في السؤال الثاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسجد عند أهل العلم هو ما وقف للصلاة، سواء كان مبنياً كله أو بعضه، أو لم يكن فيه بناء، وعلى هذا فالمكاتب والساحة الخارجية للمسجد إذا كانت كلها موقوفه في الأصل للصلاة فهي من المسجد، وإلا فلا.
وفيما يتعلق بسؤالك الثاني فإنا قد بينا من قبل اختلاف أهل العلم فيما إذا كان يصح الاقتداء بالإمام إذا كان بينه وبين المأموم حائل يمنع رؤية الإمام (كما هو الحال في مصليات النساء) ، وقلنا: إنه إذا كانت الغرفة الخاصة المعدة لصلاة النساء في المسجد صح اقتداؤهن بالإمام، إذا كن يسمعن التكبير، ولا فرق في ذلك بين أن يكن جماعة من النساء أو امرأة بمفردها تقتدي بالإمام.
وإن كانت الغرفة خارج المسجد وهي من جملة بنايته، ولكن لا يتمكن من فيها من رؤية الإمام أو المأمومين، فلا يصح الاقتداء حينئذ على مذهب الشافعية والحنابلة، ويصح على مذهب المالكية ومن وافقهم، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 9605. والأحوط اجتناب ذلك ما لم يُضطر إليه.
وعن سؤالك الثالث فالصحيح من أقوال أهل العلم هو وجوب صلاة الجماعة على البالغ العاقل الذكر إلا لعذر، وأما فعلها في المسجد فإنه سنة وليس بواجب على الصحيح، بل لو فعلت في غير المسجد أجزأ، والأفضل أداؤها في المسجد، ومن هذا تعلم أن الذهاب إلى المسجد ليس واجباً عليكم، وإنما الواجب هو أن تصلوا جماعة حيث أمكنكم ذلك، مع أن في ذهابكم إلى المسجد ما فيه من الأجر الكثير.
وأما عن حكم صلاة النساء جماعة في المسجد وبإمامة امرأة منهن في نفس الوقت الذي يصلي فيه الرجال، والحال أن مصلى النساء بعيد عن مصلى الرجال، فجوابه أنا قد بينا من قبل رجحان جواز إمامة المرأة لمثيلاتها، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 5796.
وإذا تقرر ذلك مع ما قدمناه من أن الأحوط تجنب الاقتداء في الحال التي يكون فيها المقتدون في غرفة خارج المسجد، ولا يتمكنون من رؤية الإمام أو المأمومين، فإن إمامة المرأة للنساء حينئذ تكون أولى من اقتدائهن بإمام المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(11/9605)
تنال المرأة من الأجر أعظم مما تحصله في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت عن البراءتين اللتين يحصل عليهما من حافظ على صلاة الجماعة أربعين يوما لا تفوته تكبيرة الإحرام وأردت أن يمن الله علي بهاتين البراءتين، ولكن لا أعلم كيف الوصول إليها وأنا أصلي في البيت وليس لدي أحد لأصلي معه، فأنا مغتربة ولا أعرف أحدا هنا وزوجي محافظ على صلاة المسجد، فماذا أفعل وكذلك أيام العادة الشهرية التي تتخلل الأربعين يوما هل تعتبر مانعا في الوصول إلى هاتين البراءتين، فأرجو الإفادة لأنني أتمنى أن يمن الله علي بها؟ وبارك الله لكم.. وجزاكم عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها الأخت السائلة أن المرأة تدرك بصلاتها في بيتها وتنال من الأجر ما هو خير لها من الأجر الذي تدركه بصلاتها في المسجد، ولوكان المسجد الحرام أو المسجد النبوي، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 10306.
ولو حافظت المرأة على صلاتها في بيتها فأدتها في وقتها المحدد لها شرعاً، وأقامتها ظاهراً وباطناً، فإنها تنال بإذن الله تعالى من الأجر ما يفوق الأجر الذي تحصله في المسجد بنص الحديث الذي ذكرناه في الفتوى المشار إليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن. رواه أبو داود.. وقال أيضاً: إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(11/9606)
حكم الصلاة خلف الصفوف للحراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرعى شؤون مسجد وأؤذن به حسبة، وأقف خلف صفوف الجماعة في الصلاة بمكان أتمكن فيه من حراسة أشياء المسجد والمصلين فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة خلف الصف مكروهة، والبعد عن الصف بأكثر من ثلاثة أذرع مكروه أيضاً، وهذا المكروه غير مبطل للصلاة ولا للجماعة، ولكنه مفوت لفضيلة الجماعة.
وعليه؛ فالذي ننصحك به في المستقبل أن تقوم بحفظ أشياء المسجد، وتنبيه المصلين على رعاية ممتلكاتهم وحفظها في مكان مناسب قبل الدخول في الصلاة، ولا تفوت على نفسك أجر الجماعة والخشوع الذي هو لب الصلاة وروحها بسبب انشغالك بمراقبة الناس الذين قد يعتدون على حقوق غيرهم.
وإذا قدر أنك لن تتمكن من الجمع بين الصلاة مع الجماعة ورعاية حقوق المسجد.. فالذي يظهر أنه لا مانع مما فعلت لأن الحاجة تزيل الكراهة، وقد حرس الصحابة وهم في صلاة الخوف، ولكن ينبغي أن تسعى لإيجاد حل يمكنك من الصلاة مع الجماعة بخشوعها وعدم الانشغال بغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1428(11/9607)
إحكم قامة جماعتين في مسجد واحد ووقت واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صلى وعمل جماعة بعد انتهاء الصلاة وبعد الدخول في الصلاة وجد أن هناك جماعه أخرى ماذا أفعل عندما أكون المأموم؟ وماذا أفعل لو كنت أنا الإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيكره إقامة جماعتين في مسجد واحد في وقت واحد عمدا، أما لو أقام بعض المصلين جماعة ثانية دون أن يعلموا بالجماعة الأولى، بل لم يشعروا بهم إلا بعد الشروع في الصلاة فلا شيء عليهم، وعليهم أن يتموا صلاتهم، ومن دخل المسجد فالأفضل له أن يلتحق بخير الجماعتين؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 20394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1427(11/9608)
مسائل في صلاة الجماعة والعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بإعطاء دروس خصوصية، وأحيانا أكون مخيرا بين أمرين: الصلاة وقت الأذان في المنزل.
- أو الصلاة بعد ساعة مثلا في المسجد، ربما في جماعة، وربما منفردا.
أيهما _ لن أقول الأفضل _ أقل سوءا؟ فأنا أعلم أني مقصر. مع العلم أني حاولت تحاشي الدروس أوقات الصلاة، ولكني فشلت، لعدم ثبات الوقت، والتوقيت الصيفي، والشتوي، إلخ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تسمع النداء للصلاة وكان خروجك أثناء الدرس لا يترتب عليه ضرر معتبر شرعا فيجب عليك الخروج لأداء الصلاة جماعة في المسجد عند أهل العلم، كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 1798.
وإن كان الخروج أثناء الدرس يترتب عليه ضرر معتبر شرعا كفقدان تلك الوظيفة مع عدم قدرتك على الاستغناء عنها فبإمكانك الصلاة مع التلاميذ داخل قاعة الدرس، أو في أي مكان طاهر، وراجع الفتوى رقم: 58397.
فإن لم يمكن ذلك وتحققت من وجود جماعة في آخر الوقت فأخر الصلاة حتى تؤديها في جماعة، فإن لم تتحقق من وجود جماعة قبل خروج الوقت فصل منفردا أول الوقت محافظة على فضيلة أداء الصلاة أول وقتها، وراجع الفتوى رقم: 23055، والفتوى رقم: 53395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1427(11/9609)
تحديد وقت إقامة الصلاة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة تقع في مبنى كبير وبه مصلى, ووجدت الناس يوحدون موعد صلاة الظهر طوال العام ما عدا شهر رمضان فيجعلونه الساعة 12:15 ظهرا, وفي رمضان يعلنون عن جماعتين الأولى الساعة 12:00 والثانية الساعة 12:15 ظهرا, مع العلم بأن صلاة الظهر عندنا (في مدينة الكويت) تتراوح طوال العام ما بين 11:32 و12:10 فيتراوح بذلك وقت الإقامة ما بين 43 دقيقة إلى 5 دقائق ما بين الأذان والإقامة.. فوقع في نفسي أمور: أولاً أن توحيد وقت الصلاة أمر لم أسمع به في أي من المساجد, ولا في أي من الأثر, ووقع في نفسي أن الله شاء تغيير مواقيت الصلاة ليكون في كل وقت صلاة له على بقعة من الأرض وإلا فإن الله قادر على توحيد صلاة الأمة كلها في وقت واحد.. ولكان رسول الله والصحابة فعلوها.. ثانيا: أن إعلان وجود جماعتين يخالف نهج الإسلام في جمع الصلاة على صلاة واحدة وإن في ذلك تيسيرا للمقصر والمؤخر صلاته على تأخيرها.. فصار البعض يتقاعس عن الجماعة الأولى لعلمه بوجود جماعة أخرى وجهلا منه بأقوال العلماء في الجماعة الثانية، فما كان مني إلا أن سألت إمام مسجدنا واستخرت الله وقمت بعرض هذه المسألة على الإخوة الذين يصلون في هذا المصلى وعزمت أن نصلي الصلاة بعد 20 دقيقة من الأذان كما هو المعمول به في معظم المساجد.. وحثثت وعرضت أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في خيرية الصلاة على وقتها وحديث أبي ذر الذي أخبره فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأن يصلي الصلاة لوقتها إذا أدرك قوما يؤخرونها ثم يصلي معهم نافلة.. واستجاب بفضل الله من هم في الأصل حريصون على أداء الصلوات في وقتها.. ولكن آخرين يصرون أنهم لا يريدون هذا وأنهم يريدون موعداً ثابتا بحجة أنهم موظفون وأن هذا أسهل لهم.. وأنهم اعتادوا ذلك، والحقيقة أن حجتي نفدت وهم قد لا يسمعون لي لأني لست من أهل العلم، وسؤالي: أولا أرجو توضيح ما أصبت فيه وما أخطأت وأسأل الله المغفرة، ثانيا: أرجو من فضيلتكم إفتاءنا في الأمر لأعلقها في المصلى ولا نترك ثغرة للفرقة أو للاجتهاد الفردي الذي كثر منذ هذه الواقعة؟ وجزاكم الله خيراً، وأعتذر على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك حرصك على السنة واهتمامك بأمر الصلاة، ونسأل الله جل جلاله أن يجزيك خير الجزاء، وأما الأمر الأول الذي ورد في سؤالك وهو تحديد وقت إقامة صلاة الظهر بالساعة الثانية عشرة دائماً مما يترتب عليه طول الوقت ما بين الأذان والإقامة أحياناً وقصره أحياناً واعتداله حينا ثالثة فله حالتان:
الأولى: أن يكون لهذا التحديد مصلحة ومقصد معتبر يتناسب مع الموظفين ويسهل لهم الاجتماع للصلاة بأكثر عدد في الأعم الغالب فلا حرج في ذلك، ولا يعتبر ذلك منافياً للسنة لأن التأخير لمصلحة الصلاة لا يعد تأخيراً مفوتاً لفضيلة أول الوقت ما دام أنه غير فاحش، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 67024.
الثانية: أن لا يكون في ذلك مصلحة للصلاة، فالسنة هي تحديد وقت منضبط بعد الأذان يتسنى للمصلين فيه التهيؤ للصلاة كثلث ساعة أو أقل أو أكثر حسب المكان الذي تقام فيه الصلاة.
وأما الأمر الثاني وهو إقامة جماعتين متعاقبتين في مسجد واحد وتحديد وقت لكل جماعة فمخالف للسنة ومفرق للجماعة، وإنما يجوز ذلك عند العذر كتأخر أناس عن الصلاة.
والذي ننصحكم به هو إقامة جماعة واحدة لما يترتب على ذلك من الإجماع والألفة ونبذ مظاهر التفرقة، ولكن لو حصل ذلك فالصلاة صحيحة، قال الإمام الحطاب المالكي رحمه الله تعالى في مواهب الجليل: لو صلى جماعتان بإمامين في مسجد واحد أساؤوا وصحت صلاتهم، قاله في التوضيح. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(11/9610)
إقامة جماعة ثانية بعد جماعة المسجد بسبب اللعب
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم أنا وبعض الإخوة كل يوم اثنين بلعب الكرة الساعة الثامنة مساء حتى العاشرة، وبعدها نقوم بصلاة العشاء جماعة وفي المسجد..السؤال أننا لا نصلي العشاء عند الأذان بل نؤخرها إلى أن ننتهي من لعب الكرة وبعدها نصليها كما ذكرت..فهل علينا من حرج اذا أخرنا صلاة العشاء وصليناها جماعه في المسجد بعد الجماعة الأولى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأفضل بالنسبة لهؤلاء الإخوة هو المبادرة إلى الصلاة في أول الوقت ليصلوا مع الإمام الراتب وليكثروا جماعة المسجد، فكلما كثر عدد المصلين كان الثواب المترتب على صلاة الجماعة أعظم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه أبو داود والنسائي.
ومن جهة أخرى فإن الأصل أن المسجد لا تقام فيه إلا جماعة واحدة حرصا على وحدة المسلمين ولأنه الثابت عن السلف الصالح، ومع هذا فلو أخروا وصلوا جماعة جاز لهم ذلك ما لم يؤخروا حتى يخرج الوقت، ولتنظر الفتوى رقم: 16055، والفتوى رقم: 16939.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1427(11/9611)
هل يشتغل بالطعام أم يذهب لصلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو كنت أنا وأصحاب لي نتناول طعام العشاء فإذا بالإمام يقيم صلاة العشاء فترك قسم منا الطعام وذهب ليصلي بالمسجد واستدل لعمله بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا رأيت الرجل تفوته تكبيرة الإحرام فاغسل يديك منه، والقسم الآخر تابع طعامه واستدل لعمله بأنا سنصلي جماعة بعد الفراغ من الطعام وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير الصلاة ... مع العلم بأن المسجد يقع بجوارنا ولا يبعد إلا أمتاراً عنا، فما هو الصواب وأي العملين أفضل وأكثر حسنات؟ أخوكم في الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينبغي للمسلم أن يكون مستعداً لصلاته معتنياً بوقتها بحيث يوفق بينه وبين وقت الطعام، فلا يشتغل بالطعام في الوقت الذي يعلم أن الصلاة تقام فيه، لكن لو حضر الطعام وأقيمت الصلاة استحب له تقديم الطعام لا سيما إذا كانت نفسه تتوق إليه، أو كان الطعام يفسده التأخير، ثم يصلي بعد انتهائه منه، هذا إذا حضرت الصلاة قبل أن يبدأ بالطعام، فما بالك بمن أقيمت الصلاة عليه وهو يتعشى، ففي الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام قال: إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء. متفق عليه، وفي لفظ البخاري: إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء، ولا يعجل حتى يفرغ منه. وكان ابن عمر يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ، وإنه ليسمع قراءة الإمام. وللبخاري أيضاً: إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه وإن أقيمت الصلاة.
قال ابن حجر في فتح الباري: قوله: فابدؤوا بالعشاء حمل الجمهور هذا الأمر على الندب، ثم اختلفوا فمنهم من قيده بمن كان محتاجاً إلى الأكل وهو المشهور عند الشافعية، وزاد الغزالي: ما إذا خشي فساد المأكول، ومنهم من لم يقيده وهو قول الثوري وأحمد وإسحاق، وعليه يدل فعل ابن عمر. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: إذا حضر العشاء في وقت الصلاة فالمستحب أن يبدأ بالعشاء قبل الصلاة، ليكون أفرغ لقلبه وأحضر لباله، ولا يستحب أن يعجل عن عشائه أو غدائه، فإن أنساً روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا قرب العشاء وحضرت الصلاة فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم. انتهى.
ومن هذا يعلم أن الصواب كان مع من أكملوا عشاءهم ثم صلوا بعد ذلك قبل أن يفوت الوقت، والدليل على ذلك هو ما ذكرنا، وأن التأخير عن حضور الصلاة هنا مشروع بسبب الاشتغال بالطعام في حق الفرد فكيف بالجماعة، ثم إن ما استدل به من قطع العشاء وذهب إلى الصلاة ليس حديثاً، ولكنه من كلام وكيع بن الجراح رحمه الله تعالى كما في حلية الأولياء ففيها: وقال وكيع: من تهاون بالتكبيرة الأولى فاغسل يديك منه. انتهى
مع التنبيه على أن صلاة هؤلاء صحيحة وهم مأجورون إن شاء الله تعالى على حرصهم على إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام؛ وإنما تركوا مستحباً فقط وهو تقديم الطعام على الصلاة عند حضورهما معا، والحديث الذي أشار إليه السائل هو قوله صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها هكذا. رواه البخاري، والمراد هنا صلاة العشاء. انتهى، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 1925.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1427(11/9612)
الصلاة جماعة في المسجد أم في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل أن أصلي الفجر في المسجد جماعة أم أوقظ أهلي وأصلي بهم جماعة، وهل يمكن أن أصلي في المسجد ثم أعود وأوقظ أهلي وأصلي بهم جماعة، فما هي النية هنا تكون نية صلاة الفجر أم نية النافلة، والمأموم ينوي نية صلاة الفجر؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الرجل أن يؤدي الصلاة جماعة في المسجد، بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الجماعة في المسجد إلا لعذر، مستدلين بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه.
وعليه؛ فلا ينبغي للرجل أن يفوت الجماعة في المسجد بسبب صلاته جماعة بأهله في البيت، لأنه يمكنه أن يصلي بهم جماعة بعد عودته من المسجد وبذلك يكون قد جمع بين الخيرين.
فإن لم يستطع أن يصلي بهم جماعة إذا عاد من المسجد لكونه يجدهم قد صلوا فرادى أو كان لا يعود إلى بيته بعد الصلاة ونحو ذلك، فالأفضل في حقه أن يصلي في جماعة المسجد؛ إلا إن كان في أهله من تلزمه الجماعة، فإذا لم يصل معه صلى منفرداً، فالظاهر من كلام الحنابلة أن الأفضل أن يصلي معه تحصيلاً للواجب. وذهب الشافعية إلى أن الأفضل أن يصلي بهم في البيت ولا يذهب إلى المسجد، وإن كانت الجماعة غير واجبة عليهم، إلا إذا كان في عدم ذهابه إلى المسجد تعطيل لجماعة المسجد فإنه في هذه الحالة يقدم الذهاب إلى المسجد.
قال الخطيب الشربيني من الشافعية: وما كثر جمعه من المساجد -كما قاله الماوردي- أفضل مما قل جمعه منها، وكذا ما كثر جمعه من البيوت أفضل مما قل جمعه منها -أي فالصلاة في الجماعة الكثيرة أفضل من الصلاة في الجماعة القليلة فيما ذكر- قال النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده, وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل, وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه أبو داود وغيره، وصححه ابن حبان وغيره. وقضية كلام الماوردي أن قليل الجمع في المسجد أفضل من كثيره في البيت وهو كذلك، وإن نازع في ذلك الأذرعي بالقاعدة المشهورة وهي أن المحافظة على الفضيلة المتعلقة بالعبادة أولى من المحافظة على الفضيلة المتعلقة بمكانها، لأن أصل الجماعة وجد في الموضعين وامتازت هذه بالمسجد فمحل القاعدة المذكورة ما لم تشاركها الأخرى كأن يصلي في البيت جماعة وفي المسجد منفرداً، نعم لو كان إذا ذهب إلى المسجد وترك أهل بيته لصلوا فرادى أو لتهاونوا أو بعضهم في الصلاة، أو لو صلى في بيته لصلى جماعة, وإذا صلى في المسجد صلى وحده فصلاته في بيته أفضل.
وقال الرحيباني من الحنابلة: وإن أدى ذهابه إلى المسجد إلى انفراد أهله فالمتجه إقامتها في بيته تحصيلاً للواجب. انتهى.
وفي حالة صلاتك بأهلك جماعة بعد أدائها في المسجد فإنك تنوي الفريضة إلا أنها تقع نافلة, وهم ينوون الفريضة وتقع لهم فريضة، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: وتكون إعادتها بنية فرض وإن وقعت نفلا؛ لأن المراد أنه ينوي إعادة الصلاة المفروضة حتى لا تكون نفلا مبتدأ لا إعادتها فرضا, أو أنه ينوي ما هو فرض على المكلف لا الفرض عليه كما في صلاة الصبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1427(11/9613)
جماعة تريد صلاة المغرب وأخرى تريد صلاة العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من العمال المسلمين في إحدى الشركات الأمريكية في أمريكا ولا نستطيع أن نؤدي الصلاة في وقتها فمنا من يتمكن من أدائها في وقتها ومنا من لا يتمكن وفي أثناء الاستراحة في المسجد الموجود داخل المصنع مثلا وقت صلاة العشاء منا من يريد أن يصلي صلاة المغرب ومنا من يريد صلاة العشاء والكل يريد ان يصلي جماعة السؤال هو.
هل تقام صلاة واحدة أم تقام صلاتين في وقت واحد كل على حدة.
أفتونا جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين
وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أويضيعها. قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4-5} وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً {مريم:59}
فالواجب على المسلم المحافظة على الصلاة والعناية بها ومن ذلك أداؤها في وقتها المحدد شرعا، فالصلاة لها وقتان:
1ـ وقت مختار: وهو الذي ينبغي أن تؤدى فيه.
2ـ وقت ضروري: ولا يجوز تأخيرها إليه إلا في حق من له عذر من مرض ونحوه, فإذا كان أداؤكم للصلاة في وقتها المختار تترتب عليه مشقة فيرخص لكم أداؤها في وقتها الضروري بحيث تؤدونها قبل خروج وقتها نهائيا. وللتعرف على أوقات الصلوات الخمس والفرق بين الوقت الضروري والوقت المختار راجع الفتوى رقم: 40996، مع الفتاوى المربوطة بها، ولايجوز لكم إهمال الصلاة بتأخيرها حتى خروج وقتها الضروري، كما لا يجوز لكم البقاء في عمل يترتب عليه مثل هذا الأمر.
ولتعلموا أن من اتقى الله تعالى جعل له من كل ضيق فرجا, ومن كل هم مخرجا, ورزقه من حيث لايحتسب, وما عند الله تعالى لا ينال إلا بطاعته, فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها, فاتقوا الله وأجملوا في الطلب, ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله, فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته. صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير.
وإذا حضرت جماعة تريد صلاة المغرب, وأخرى تريد صلاة العشاء فالأولى أن تتقدم الجماعة التي تريد أداء صلاة المغرب, فتصلي وتنتظرها الأخرى, وبعد فراغها يصلي الجميع صلاة العشاء جماعة, مع أن هناك من أهل العلم من يقول بجواز اقتداء من يصلي المغرب بمن يصلي العشاء أو العكس؛ كما سبق في الفتاوى التالية أرقامها: 10038، 376، 7065.
والأفضل في حقكم أن تصلوا العشاء جماعة بإمام واحد محافظة على ألفة القلوب وجمعها, وإذا صليتم جماعتين فصلاة الجميع صحيحة مع فعلكم خلاف الأفضل, كما تقدم في الفتوى رقم: 57407، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 2007
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(11/9614)
حكم الاستجابة لشخص خارج الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت إلى صلاة الظهر فكان الناس قد أنهوا صلاة الجماعة.. فقام رجل متأخر أيضا بإقامة الصلاة فصليت معه حيث وقفت على يمينه على بعد خطوة منه وبعد أن نويت الصلاة جاء رجل من خلفي ونقر على كتفي عدة نقرات ففهمت فرجعت خطوتان إلى الخلف، وبعد أن وقفت بجانبه كبر تكبيرة الإحرام أي أنه عندما نقر على كتفي لم يكن قد كبر تكبيرة الإحرام.. وأنا أعرف أنه لا يجوز لشخص داخل الصلاة أن يستجيب لشخص خارج الصلاة فسؤالي هو التالي: هل تصرفي صحيح، وإن لم يكن صحيحا هل تعتبر صلاتي باطلة وفي مثل هذه الحالة ماذا كان يجب علي أن أفعل.... وهل تعتبر صلاة هذا الشخص الثالث صحيحة، أرجو إعطائي تفصيلات عن هذه المسألة؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدمت عليه من تصرف صحيح وصلاتك صحيحة وكذلك صلاة الشخص الآخر الذي صلى إلى جانبك، وكان الأفضل في حق الشخص المذكور أن يدخل في الصلاة أولاً ثم ينبهك إلى التأخر لتصف جانبه، وراجع الفتوى رقم: 4976.
وما ذكرته من كون الشخص إذا كان في صلاة لا يجوز أن يستجيب لشخص خارجها غير صحيح لأن أهل العلم ذكروا أن من كان خارج الصلاة لا بأس أن يصحح خطأ من يقرأ أثناء الصلاة، ففي المنتقى للباجي المالكي: ولا بأس أن يفتح من ليس في صلاة على من هو في صلاة. قاله مالك في المختصر. انتهى.
وفي الفروع لابن مفلح الحنبلي: ويجوز لغير مصل الفتح ولا تبطل. انتهى، وقال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي أيضاً: ولا بأس أن يفتح على المصلي من ليس معه في الصلاة، وقد روى النجاد بإسناده قال: كنت قاعدا بمكة فإذا رجل عند المقام يصلي وإذا رجل قاعد خلفه يلقنه فإذا هو عثمان رضي الله عنه. انتهى.
ولكن ذكر فقهاء الشافعية أنه يكره أن يجر واحداً من الصف قبل أن يحرم الجارُّ وذلك حتى لا يصير المجرور منفرداً خلف الصف، بل ينبغي أن يحرم ثم يجر ولكن لو فعل ذلك المكروه لم تبطل صلاة أحد منهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(11/9615)
من صلى المغرب وحده ثم أدرك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى بعض الشباب في منزل صلاة المغرب, وكان معهم شاب آخر كان قد صلى المغرب في المسجد, وصلى معهم بنية النافلة, السؤال هو: هل يكتفي بصلاة ثلاث ركعات كما هي صلاة المغرب, أم عليه أن يضيف ركعة أخرى إلى ثلاث ركعات بعد أن يسلم الإمام, باعتبار أن النافلة لا تكون وتراً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء فيمن صلى في جماعة هل تشرع له إعادتها في جماعة أخرى أم لا؟ فذهب المالكية إلى عدم مشروعية الإعادة، ففي المدونة قال مالك: من صلى في جماعة مع واحد فأكثر فلا يعيد في جماعة كان إماماً أو مأموماً. انتهى.
ويرى الحنابلة والشافعية استحباب إعادة الصلاة مرة أخرى في الجماعة الثانية، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 41889.
وعلى هذا.. فإذا أعاد أحد صلاة المغرب في جماعة بعد أن أداها فإنه يشفع صلاته بركعة، قال الترمذي بعد أن ذكر الحديث الذي ذكرنا في الفتوى المشار إليها والذي بعضه: إذا صليتما في رحالكما..... إلى آخر الحديث.
قال: وإذا صلى الرجل المغرب وحده ثم أدرك الجماعة قالوا: فإنه يصليها معهم ويشفع بركعة، والتي صلى وحده هي المكتوبة عندهم. انتهى، ومحل الشاهد أنه يشفع صلاة المغرب إذا أعادها بعد أن أداها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(11/9616)
لا تشرع إعادة الجماعة إلا لغرض شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يتم إقامة الصلاة للفرض الواحد أكثر من مرة مع كل جماعة في مكان واحد وفي أوقات مختلفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد إعادة الصلاة مع الجماعة لمن صلاها في جماعة أخرى فإنه لا يشرع ذلك إلا لمسوغ شرعي مثل حضور من فاتته الصلاة فتتصدق عليه وتصلي معه، كما في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: من يتصدق على هذا فيصلي معه؟ فقام رجل من القوم فصلى معه. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، وانظر الفتوى رقم: 8033.
وقد بينا الحالات التي تعاد فيها الصلاة وذلك في الفتوى رقم: 16396، والفتوى رقم: 29318.
وإن كنت تقصد إنشاء جماعة بعد جماعة الإمام الراتب في المسجد فقد بينا خلاف أهل العلم في ذلك، فانظره في الفتوى رقم: 3567، والفتوى رقم: 16055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(11/9617)
تكرار الجماعة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا قاعة للصلاة داخل الجامعة نجتمع فيها في صلاة الظهر خاصة، كلما حضرت مجموعة صلت، إلى أي وقت بعد الآذان يمكننا أن نصلي جماعة؟ نفع الله بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل أن تجتمعوا وتؤدوا صلاة الظهر جماعة واحدة إن أمكن لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه أبو داود، وصححه ابن حبان وغيره.
فإذا لم يمكن ذلك لضيق المكان أو لظروف العمل فلا حرج أن تصلي طائفة ثم تخلفها أخرى ويبقى ذلك ببقاء وقت الصلاة، ولا يجوز تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها لأن الله تعالى يقول: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1426(11/9618)
لا حرج في الصلاة مع جماعة لا يتقيدون ببعض السنن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم صلاة الجماعة مع أناس لا يتقيدون بالسنة, مثلا يقيمون صلاة المغرب بعد الأذان مباشرة مع العلم أنه لا توجد هناك ولو ربع دقيقة للدعاء بين الأذان والإقامة , وكذلك بعد تكبيرة الإحرام يبدأ الإمام بسورة الفاتحة بدون أن تكون هناك ولو حتى ثوان معدودة للدعاء كما في سنة أفضل الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام, فما العمل لكي يحافظ الإنسان على الجماعة مع العلم أن أقرب مسجد لي غير المسجد السالف الذكر المحافظة على الصلاة فيه تتطلب مشقة، وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الاقتداء بالإمام المذكور والصلاة في المسجد الذي ذكرت، فالدعاء بين الأذان والإقامة مستحب ولا تبطل الصلاة بتركه.
ففي أسنى المطالب ممزوجا بروض الطالب على الفقه الشافعي: وندب الدعاء بين الأذان والإقامة لخبر الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة فادعوا. رواه الترمذي وحسنه. انتهى.
كما أن دعاء الاستفتاح في الصلاة سنة لا تبطل الصلاة بتركه كما تقدم الفتوى رقم: 11227 والفتوى رقم: 378، ولعل إمام المسجد المذكور يصلي حسبما هو مقرر من مشهور المذهب المالكي في أنه تنبغي المبادرة بصلاة المغرب بعد أذانها مباشرة من غير فصل نظرا لضيق وقتها، وأن دعاء الاستفتاح لا يشرع في صلاة الفرض، وعلى كل حال، فصلاة هذا الإمام صحيحة، والقاعدة المشهورة عند أهل العلم هي أن كل من صحت صلاته لنفسه صح الاقتداء به، وإن أحببت أداء الصلاة في المسجد البعيد مع وجود مشقة ففي ذلك مزيد أجر ومثوبة لأن الخطوات التي تقطعها إلى المسجد تكون إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة، لكن لا يجب عليك مجاوزة المسجد القريب إلى ذلك البعيد.
وراجع الفتوى رقم: 25905 والفتوى رقم: 55347.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1426(11/9619)
هل تتحقق الجماعة في غير المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن الصلاة في المسجد: نحن نعمل في شركة يشرف عليها أحد أجهزة الدولة، وعندما يحين وقت الصلاة نريد الذهاب إلى المسجد للصلاة، حيث إنه قريب من مكان عملنا، وعند حضور طاقم الإشراف للتفتيش علينا يقوم بتغييب من يجده خارج العمل، سواء كان للصلاة أو غير ذلك، فهل يجوز لنا أن نصلي في مكان عملنا أم لا بد من الذهاب إلى المسجد؟ ولسيادتكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنكم تصلون مع الجماعة في المسجد وتخبرون المسؤول أنكم تصلون في المسجد بحيث يعلم المراقبون بذلك فلا يأتون في هذا الوقت أو إخبار المسؤول عن التفتيش بذلك، فإن حصلتم على الموافقة فهو المطلوب وإلا فلكم أن تقيموا الجماعة في مكان عملكم لأن الجماعة تتحقق خارج المسجد عند جماهير أهل العلم، وإن كان الأفضل فعلها في المسجد، ولكن ما دامت هناك حاجة تمنعكم من ذلك فأنتم معذورون، ونسأل الله جل وعلا أن يكتب لكم الأجر تاما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(11/9620)
أقوال أهل العلم في إعادة الصلاة مرة أخرى في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يبلغ من العمر 75 عاماً يتعذر عليه الذهاب إلى المسجد إلا في حال توفر سيارة لأحمله معي إلى المسجد، يريدني أن أصلي معه في المنزل فهل يجوز لي ذلك، وهل يجوز لي أن أصلي معه في المنزل بعد أن أصلي في المسجد، وحسب أي مذهب لأنني سألت أحدا فقال لي لا تعاد الصلاة؟ مع جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوالد المذكور إذا كان لا يستطيع السعي إلى المسجد إلا بواسطة ركوب سيارة ونحوها فلا يجب عليه ذلك عند من يقول بوجوب الصلاة جماعة في المسجد، وراجع الفتوى رقم: 20452.
وبالتالي فإنه يعتبر معذوراً في التخلف عنها، وبالنسبة لك أنت فلست بمعذور في ذلك خصوصاً إذا كنت تسمع النداء، كما سبق في الفتوى رقم: 31784.
وإعادة الصلاة مع الوالد في المنزل هي من باب إعادة الصلاة مرة أخرى في جماعة، وهي مستحبة عند بعض أهل العلم كالشافعية والحنابلة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: لكن من العلماء من يستحب الإعادة مطلقاً كالشافعي وأحمد، ومنهم من يستحبها إذا كان أكمل كمالك.
فإذا أعادها فالأولى هي الفريضة عند أحمد وأبي حنيفة والشافعي في أحد القولين، ومما جاء في الإعادة لسبب الحديث الذي في سنن أبي داود، لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا رجل يتصدق على هذا يصلي معه، فهنا هذا المتصدق قد أعاد الصلاة ليحصل ذلك المصلي فضيلة الجماعة. انتهى.
وقال النووي في المجموع معلقاً على هذا الحديث: وفيه استحباب إعادة الصلاة في جماعة لمن صلاها في جماعة وإن كانت الثانية أقل من الأولى، وأنه تستحب الشفاعة إلى من يصلي مع الحاضر، وأن الجماعة تحصل بإمام ومأموم. انتهى.
فإذا أعدت معه إماما له فهذا من باب صلاة المفترض خلف المتنفل، وهي جائزة على الراجح من أقوال أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 9763، والفتوى رقم: 32434.
وعليه، فإعادتك للصلاة مع الوالد المذكور ليحصل أجر صلاة الجماعة مستحبة عند بعض أهل العلم كالشافعية والحنابلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1426(11/9621)
ترك الصلاة في جماعة وأعذار التخلف عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل هذا يوم أمس بعد صلاة المغرب حين تقدم أخ لإلقاء موعظة للمصلين والتي كان محورها أهمية الصلاة مع الجماعة فجاء في قوله \"إن الصلاة في المسجد فرض على كل مسلم ومن لم يؤد صلاته مع الجماعة في المسجد فهو كافر\". الشيء الذي أقلق بعض الإخوة الحاضرين لينصرف قبل أن يختم الملقي كلمته وقبل أن يضيف \"....إن لم يكن هناك عذر شرعي\" والتي جاءت متأخرة شيئا ما.
فسؤالي لكم إخوتي الكرام كالتالي:
ما صحة ما جاء به أخونا جزاه الله خيرا من الكتاب والسنة وماذا نقصد بالأعذار الشرعية (مع ذكر بعض الأمثلة جزاكم الله خيرا) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في حكم صلاة الجماعة والراجح أنها واجبة وهو مذهب الحنابلة، ولا يتعين لها المسجد إلا عند طائفة، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وهي رواية عن الإمام أحمد، فلو صلوا جماعة خارج المسجد فقد أتوا بالواجب، والأفضل أن يصلوها في المسجد كما فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 31443.
وعليه، فالقول بوجوب الصلاة في المسجد وأنها لا تصح إلا فيه دون غيره محل خلاف بين أهل العلم.
وأما القول بأن من لم يؤد الصلاة مع الجماعة في المسجد فهو كافر فغير صحيح، لأنه لا يلزم من كون صلاتها في الجماعة شرطا لصحتها تكفير من لم يصلها فيه، فشيخ الإسلام وهو ممن يرى كفر تارك الصلاة لم يحكم بكفر من أدى الصلاة وأخل بشرط من شروطها وهو الوقت حيث قال: وأما الأمراء الذين كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتالهم فإن قيل: إنهم كانوا يؤخرون الصلاة إلى آخر الوقت فلا كلام، وإن قيل ـ وهو الصحيح ـ أنهم كانوا يفوتونها فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأمة بالصلاة في الوقت. وقال: اجعلوا صلاتكم معهم نافلة. ونهى عن قتالهم كما نهى عن قتال الأئمة إذا استأثروا وظلموا الناس حقوقهم واعتدوا عليهم وإن كان يقع من الكبائر في أثناء ذلك ما يقع. ومؤخرها عن وقتها فاسق والأئمة لا يقاتلون بمجرد الفسق، وإن كان الواحد المقدور قد يقتل لبعض أنواع الفسق كالزنا وغيره. والله سبحانه أعلم. اهـ
واما أعذار ترك الصلاة في جماعة فكثيرة منها:
1- الخوف.
2- المطر.
3- المرض.
4- مدافعة الأخبثين (البول والغائط) .
5- حضور طعام تشتاقه نفسه وتنازعه إليه.
6- أكل ذي رائحة كريهة.
7- حارس يخشى فساد ما استؤجر لحراسته، إلى غير ذلك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1426(11/9622)
ضوابط صلاة النساء في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في ألمانيا في بلد صغير تقريبا على قدر الحال ولله الحمد لقد أخذنا مصلى لكي نصلي فيه ونحن ليس لدينا من العلم ما يكفي في تدبير الأمور الشرعية، والافتتاح سوف يتم في 16-04-2005 وكان من الصعب علينا ترخيص المسجد، لله الحمد مر كل شيء على ما يرام، السؤال هو: منهم من قال يجب أن تكون النساء والرجال في المسجد يعني مختلط لكي نعزم الألمان ويرون أننا منفتحون على عالم جديد، أفيدونا؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز أن يتخذ في مؤخرة المسجد مصلى خاص للنساء يفصل بينهن وبين الرجال ساتر، أو يكنَّ في مؤخرة المسجد بلا ساتر كما كان الحال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بشرط عدم حصول الفتنة، وبشرط التزام النساء بالآداب الإسلامية في اللباس وعدم التطيب ونحو ذلك، ويكون لهن باب خاص بهن للدخول والخروج لئلا يختلطن بالرجال، ولئلا يفتن بعضهم بعضا، فينشغلوا بذلك عن صلاتهم وعبادتهم، خاصة أننا في أزمنة استطارت فيها الفتن وقل فيها الخوف والورع.
أما أن يصف بعضهم بجانب بعض فلا يجوز، وقد كانت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تذكر ما أحدثه النساء في زمانها حيث قالت، كما في الصحيحين: لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل.
وذلك أن بعض النساء كن يتطيبن عند خروجهن إلى المسجد، فإذا كان هذا في الصدر الأول، فما بالك بزماننا، فاتخاذ مصلى خاص بهن أولى وآكد، ولكن لو صلين خلف الرجال بالآداب الشرعية في ذلك، فلا حرج في ذلك لا سيما إذا ترتب على ذلك مصلحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(11/9623)
الصلاة مع الأولاد في البيت جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الدين في رجل يصلي في بيته مع أولاده في جماعة وهو يصلي بهم إماما خوفاً عليهم من عذاب الله ولم يصل في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في فتاوى عديدة أن ذكرنا أن من أهل العلم من يرجح أن أداء الصلاة جماعة في المسجد فرض عين في حق الرجل القادر عليها.
وبالتالي، فعلى هذا الرجل أن ينصح أولاده الذكور بضرورة المحافظة على الصلاة جماعة في المسجد، وعدم الاقتصار على أدائها في المنزل، إذا كانوا يسمعون النداء للصلاة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الشيخ الألباني.
لكن إن كان ذهابه إلى المسجد وعدم الصلاة مع الأولاد سيؤدي إلى تركهم للصلاة بالكلية فلا بأس إن شاء من الصلاة معهم في البيت جماعة والتدرج بهم حتى يصلوها في المسجد، وذلك لارتكاب أخف الضررين، وخاصة أن بعض أهل العلم يرون أن الواجب إنما هو الصلاة في جماعة وليس الصلاة مع جماعة المسجد خاصة، مع أن الراجح عندنا وجوبها في المسجد، وراجع الأدلة على وجوب الجماعة في المسجد في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 28664، 1798، 34242.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1426(11/9624)
هل يصلي إماما بأبيه ويترك جماعة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي في الستين من عمره وتثقل عليه صلاة الفجر في المسجد فيصليها في البيت وأنا أعرف أنه يحب كثيرا أن نصلي في البيت جماعة لأنه يحب أن يسمع قراءتي لدرجة أنه يبكي ويقبلني ويدعو لي بعد الصلاة. فهل أخصص أياما للصلاة في البيت (لأفوز ببر أبي) أم أداوم الذهاب إلى المسجد؟ رغم أنني في أكثر الأيام (للأسف) أصلي قبل الشروق بقليل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأداء الصلوات الخمس جماعة فضله عظيم؛ إضافة إلى وجوبه عند بعض أهل العلم للقادر عليه. فإذا كان أبوك عاجزا عن أداء صلاة الصبح في المسجد بسبب مرض أو كبر سن فهو معذور في ذلك، وإن كان مستطيعا للسعي إلى المسجد فعليك نصحه وبيان فضل الخطوات إلى المسجد، فإن أصر على الصلاة في البيت أو كان عاجزاً عن الذهاب إلى المسجد فقد بينا في الفتوى رقم: 23225، جواز إقامة الجماعة في غير المسجد.
وعليه؛ فلا حرج من أن تصلي مع أبيك في البيت، فإن استطعت أن تجمع بين رضى الوالد والصلاة في المسجد بأن تصلي أحياناً في البيت وأحيانا في المسجد فذاك أفضل، وأعلم أن الصلاة في أول وقتها من أفضل الأعمال كما ورد بذلك الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1426(11/9625)
صلاة الجماعة في مقر العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو: أني أعمل بشركة ويوجد بجانب هذه الشركة مسجد، ولكن يوجد فيه قبر وأنني أصلي أنا وزملائي في مقر الشركة ولا نصلي في هذا المسجد، ونحن ولله الحمد نحافظ حتى على السنن الرواتب، فما الحكم في صلاتنا في مكان العمل، مع العلم بأنه لا يوجد بجانبنا سوى هذا المسجد الذي به القبر، أفتونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الصلاة في المسجد الذي بداخله قبر في الفتوى رقم: 40826، والفتوى رقم: 57195.
ثم اعلم أن الأصل في صلاة الجماعة أن تصلى في المساجد لأنها أفضل وأتم، وراجع الفتوى رقم: 36825، والفتوى رقم: 34242.
ولكن ما دام لا يوجد سوى هذا المسجد الذي يضم القبر فلا تصلوا فيه، وصلوا جماعة في العمل لأن فضل صلاة الجماعة يدرك بصلاة اثنين فصاعدا، وراجع الفتوى رقم: 22809.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1426(11/9626)
هل ينال ثواب الجماعة من صلى مع غيره قبل جماعة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يؤذن للعصر عندنا في الساعة الرابعة وتكون الإقامه بعد 20 دقيقة وعندنا محاضرات في الرابعة والربع، فهل يجوز لي أن أصلي العصر قبلهم، مع العلم بأنني وشخص آخر نصليها قبل الجماعة ولكن بعد الأذان،
فهل نحصل على الأجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك مع الشخص المذكور جماعة سبب لحصول ثواب صلاة الجماعة لأنها تنعقد باثنين فأكثر، كما سبق في الفتوى رقم: 57230.
ولكن صلاة الجماعة يعظم ثوابها كل ما كان عدد الجماعة أكثر، وراجع الفتوى رقم: 39164.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1426(11/9627)
حكم قيام أكثر من جماعة في مسجد واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قيام أكثر من جماعة في مسجد واحد وفي وقت واحد، ومع أي جماعة يصلي المصلي هل مع الأغلبية أم مع الجماعة التي أقامت الصلاة أولا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان للمسجد إمام راتب فيكره أن تقام جماعة أخرى بغير إذنه، جاء في " تحفة المحتاج": تكره إقامة جماعة بمسجد غير مطروق له إمام راتب بغير إذنه قبله أو معه أو بعده. اهـ. لما في ذلك من تفريق المسلمين، وتشويش بعضهم على بعض، ولما يفضي إليه من العداوة واختلاف القلوب.
وأما إن لم يكن للمسجد إمام راتب فينبغي للمصلين أن يجتمعوا على أحدهم فيصلوا جماعة واحدة. وسؤالك مع أي جماعة يصلي المصلي نقول: أما في المسجد الذي له إمام راتب فالصلاة مع جماعة الإمام الراتب، وأما المسجد الذي ليس له إمام راتب فقد تقدم الجواب عن ذلك في الفتوى رقم: 20394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1425(11/9628)
الصلاة داخل قاعة الامتحان جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحياناً أكون داخل لجنة الامتحان، ويؤذن العصر أو الظهر مثلاً، وبالطبع فإنه من الممنوع أن نخرج لأداء الصلاة في الجماعة، فهل الأفضل أن أصليها مع صديق لي داخل اللجنة في أول الوقت، أم أنتظر حتى ينتهي الامتحان ثم أصليها في المسجد وذلك قبل خروج وقتها أيضاً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تسمع النداء وقد يترتب على خروجك ضرر معتبر شرعاً كالفصل من الوظيفة مع الاحتياج لها، فلا مانع من الصلاة داخل القاعة جماعة صحبة زميلك والطلاب الموجودين هناك مع المحافظة على أدائها في أول الوقت حفاظاً على الأجر المترتب على ذلك، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود: قلت: يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على ميقاتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. وهذا لفظ البخاري. وراجع للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21009، 33509، 25877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(11/9629)
متى يستحب تأخير العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الأفضل تأخير صلاة العشاء في جماعة أم تأديتها مع جماعة أولى بالمسجد؟ حيث إني أعلم أن من المستحب تأخيرها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل تأخير العشاء إذا لم توجد مشقة، وأمكنت الصلاة في الجماعة، لما في الحديث: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
وروى أحمد والنسائي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأمرت بهذه الصلاة -العشاء- أن تؤخر إلى شطر الليل. صححه الألباني، قال ابن بطال: ولا يصح ذلك الآن للأئمة لأنه أمر بالتخفيف وقال: إن فيهم الضعيف وذا الحاجة، فترك التطويل عليهم في الانتظار أولى.
وقال الحافظ ابن حجر: فعلى هذا من وجد به قوة على تأخيرها ولم يغلبه النوم ولم يشق على أحد من المأمومين فالتأخير في حقه أفضل. اهـ
وعلى هذا، فيستحب لك تأخير العشاء إلى ثلث الليل أو نصف الليل إذا لم يشق عليك ولم يغلبك النوم وضمنت أن تجد جماعة تصلي في هذا الوقت، لأن الجماعة في الصلاة واجبة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 1798. فإن لم تجد جماعة، فالواجب عليك الصلاة في جماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1425(11/9630)
حكم إقامة جماعة ثانية في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الدليل على منع إقامة جماعتين في المسجد؟ وإذا كانت هناك جماعة تصلي العشاء متأخرة فهل يجوز للإمام أن يبدأ بصلاة التراويح في رمضان حفاظا على وقت المصلين ومصالحهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن للمسجد إمام راتب فلا حرج في إقامة جماعة ثانية لنفس الصلاة التي كانت قد صليت فيه من قبل.
وأما لو كان له إمام راتب، فإن أهل العلم قد اختلفوا في إعادة الصلاة فيه جماعة بعد الإمام الراتب، ومذهب الجمهور كراهة ذلك لما قد ينجم عنه من الأحقاد والفرقة، وقال بعض العلماء إن ذلك جائز، وهذا القول الأخير هو الذي نراه راجحاً، وراجع فيه فتوانا رقم: 3567.
والأولى للإمام أن لا يبدأ بصلاة التراويح قبل إكمال جميع المصلين صلاتهم، ومع ذلك فإذا دعت الحاجة إلى تعجيل إحرامه في التراويح قبل أن ينهي المصلون صلاتهم، فلا حرج في ذلك.
وعليهم حينئذ أن يخفضوا قراءتهم لئلا يخلط بعضهم على بعض، وإذا أحرم الإمام بالتراويح قبل أن يحرموا هم بصلاة العشاء فلهم أن يقتدوا به، فإن من أهل العلم من يرى صحة الفريضة خلف النافلة، وهو الذي كنا قد أفتينا برجحانه، وراجع فيه فتوانا رقم: 55565.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1425(11/9631)
المعتبر في سماع النداء
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن هنا في بلاد الغرب يكون الأذان في داخل المسجد فقط أي لا يسمح بوضع مكبرات للصوت في خارج مبنى المسجد، فهل ينطبق علينا حديث (قال (أي عليه الصلاة والسلام) : أوتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: إذن فأجب) ؟؟؟ حيث إننا نسكن بخلف المسجد لكننا لا نسمع صوت الأذان؟؟؟؟
جزاكم الله الجنة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعتبر في السماع هو أن يكون المؤذن يؤذن وهو على الأرض في طرف المسجد الذي يليهم والأصوات هادئة والرياح راكدة، وأن يكون المصغي للنداء معتدل السمع، سواء سمع نداء صلاة بعينها أو لا.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1425(11/9632)
حكم صلاة العاملين في مكان جماعتين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة عمال نعمل في مخزن ونصلي في جماعتين في مكانين متفرقين في المخزن، فما حكم ذلك، مع العلم بأننا نفعل ذلك تكاسلاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى نصح الجماعة المذكورة بإقامة الصلاة جماعة واحدة لما يترتب على ذلك من الاجتماع والألفة ونبذ مظاهر التفرقة، ولكن صلاة الجماعتين صحيحة مع إقدامهم على ما لا ينبغي، قال الحطاب في مواهب الجليل: لو صلى جماعتان بإمامين في مسجد واحد أساؤوا وصحت صلاتهم، قاله في التوضيح. انتهى، وراجع للمزيد عن هذا الموضوع الفتوى رقم: 20394، والفتوى رقم: 16939.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(11/9633)
كيفية إتمام المسبوق لصلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت في صلاة الجماعة وكنت مسبوقا بركعة في صلاة المغرب أو بركعتين متى أقرأ التشهد الأوسط والتشهد الأخير وإذا جلس الإمام للتشهد في الحالتين، هل أقرأ معه التشهد أم ماذا أفعل ونفس الشيء إذا كنت في صلاة العشاء أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أدركه المسبوق مع إمامه فهل يعتبر أول صلاته أم آخرها.. في المسألة خلاف، ذكرناه مفصلا في الفتوى رقم: 6182، ورجحنا فيها القول الأول، وعليه؛ فإذا كنت مسبوقا بركعة واحدة من المغرب فبعد سلام الإمام تأتي بركعة واحدة بالفاتحة فقط سرا، وتجلس للتشهد الأخير ثم تسلم.
وإذا سُبقت بركعتين من المغرب قمت بعد سلام الإمام فتأتي بركعة بالفاتحة والسورة جهراً ثم تجلس للتشهد الأول ثم تأتي بركعة واحدة بالفاتحة فقط سراً ثم تجلس للتشهد الأخير وتسلم.
وإذا سبقت بركعة واحدة فقط من صلاة العشاء بعد سلام الإمام تأتي بها بالفاتحة فقط وتجلس للتشهد الأخير وتسلم، وإذا أدركت ركعتين فقط من صلاة العشاء تأتي بهما بالفاتحة فقط بعد سلام الإمام ثم تجلس للتشهد الأخير ثم تسلم، وهكذا الأمر في بقية الصلوات، وراجع الفتوى رقم: 6339، والفتوى رقم: 46403.
وتجب عليك متابعة الإمام في جلوسه في التشهدين، ويستحب لك الإتيان بالأذكار المشروعة في التشهد، وراجع الفتوى رقم: 49271.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(11/9634)
من صلى في بيته بزوجته أو ولده حاز فضيلة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الرجل وزوجته في الفرض تعتبر جماعة تامة أم ناقصة، أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الرجل مع الزوجة تحصل بها فضيلة الجماعة لأن الجماعة تنعقد باثنين، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 21306.
قال الإمام النووي: إذا صلى الرجل في بيته برفيقه أو زوجته أو ولده حاز فضيلة الجماعة. انتهى، ولمعرفة موقف المرأة من الرجل في الصلاة راجع الفتوى رقم: 37444.
واعلم أن جماعة المسجد أفضل وأتم من جماعة المنزل، وهي الأصل في جماعة الرجال كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36825.
ولمعرفة الفارق بين جماعة المسجد والمنزل راجع الفتوى رقم: 30245.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(11/9635)
الجمع بين الفضيلتين أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل ترك الجماعة الأولى بالمسجد لتأخير صلاة العشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصد بسؤالك أن هناك مسجداً تصلى فيه جماعتان إحداهما تقدم صلاة العشاء في أول وقتها، والثانية تؤخرها إلى ما قبل نصف الليل، فالأفضل أداؤها مع الجماعة الثانية حتى تجمع بين الأمرين المفضلين أداء الصلاة جماعة وتأخير صلاة العشاء، وراجع الفتوى رقم: 1442.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(11/9636)
حكم إقامة جماعتين للصلاة في وقت واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في إقامة جماعتين للصلاة في مكان العمل في وقت واحد بحجة أن إمام يخفف والآخر يطيل مع رجاء الإجابة باستفاضة وما هي كيفية صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإقامة جماعتين في مسجد واحد يترتب عليه تفريق المسلمين، وهذا خلاف مقصد أساسي من مقاصد الإسلام ألا وهو جمع كلمة المسلمين والدعوة إلى كل ما يجلب الألفة والمحبة بينهم وسد الباب أمام كل ما يدعو إلى الفرقة والشقاق.
هذا إضافة إلى ما يقع من تشويش بعضهم على بعض وإيقاع المصلين في حيرة حول أي الجماعتين يلتحق بها، إلى غير ذلك من الأمور السلبية المترتبة على هذا الأمر الذي لا ينبغي الإقدام عليه، فمن الأولى نصح الجميع بالاقتداء بإمام واحد جمعا لكلمة المسلمين مع التوضيح للإمام أنه من السنة لمن يصلي بالناس عدم التطويل بهم رفقا بأصحاب الأعذار والحاجات.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 44443 والفتوى رقم: 20394.
وللتعرف على كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم باختصار راجع الفتوى رقم: 6188 والفتوى رقم: 8249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/9637)
الصلاة في المسجد الأكثر جماعة والأحسن تلاوة أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ومجموعة من الشبان نصلي التراويح والحمد الله في مسجد قريتنا. ومنذ 4 أيام سمعنا عن مسجد آخر يرتل فيه الإمام بطريقة جيدة ويدعو في آخر الصلاة ويقوم أيضا بدرس قبل الصلاة فأصبحنا نذهب إليه. فهل في هذا شيء, وهل نثاب عليه وهل يثاب الذي يُقلنا في سيارته.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المسجد الذي تذهبون إليه أكثر جماعة، وإمامه أحسن قراءة وصوتا وتستفيدون من درسه ودعائه فالذهاب إليه أفضل من غيره من المساجد التي لا يوجد فيها هذا أو أمثاله، لما يترتب على ذلك من زيادة الأجر، ولا شك أن الذي يعينكم على الذهاب له أجر في ذلك ويعد عمله هذا تعاونا على البر والتقوى الذي أمر الله به بقوله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.. {المائدة: 2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(11/9638)
الأفضل الصلاة مسجد الحي ولو كان غيره أكثر جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة أهل العلم بالشبكة الإسلامية (قسم الفتوى) حياكم الله، قد سبق وأن سألتكم بعض الأسئلة وها أنا أسألكم حول الآتي: يوجد بالحي مسجد ليس بجامع وبالقرب منه (مسجد جامع ولكن تم تهديمه) ، قبل رمضان بأيام قليلة وتم بناء مصلى بالقرب من المسجد المهدم من أجل صلاة الجمعة الآن وفي هذا الشهر الكريم نصلي الصلوات الخمس وكذا الجمعة فيه كل الصلوات وكذا التراويح والقيام ولكن أغلقنا المسجد الذي بالقرب منه لصلاة العشاء والتراويح والقيام فقط مع أنه لو صلينا العشاء والقيام والتراويح لوسع المصلين إلا صلاة الجمعة فهل نأثم على ذلك، أفيدونا مثابين؟ مشكروين، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إثم عليكم في الذهاب إلى غير مسجد الحي الذي تسكنون فيه للصلاة فيه وترك مسجد الحي، ولكن الأفضل عدم تعطيل مسجد الحي لأجل الصلاة في غيره ولو كان أكثر جماعة؛ بل الصلاة في مسجد الحي أفضل ما دام يتعطل بذهابكم إلى المسجد الذي تكثر جماعته، وقد نص على ذلك جماعة من أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في فتح الوهاب حيث قال رحمه الله تعالى: وكذا ما كثر جمعه من مساجد أو غيرها -أي فالجماعة فيه- أفضل للمصلي وإن بعد مما قل جمعه، قال صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله. رواه ابن حبان وغيره، وصححوه. نعم الجماعة في المساجد الثلاثة أفضل منها في غيرها وإن قلَّت؛ بل قال المتولي: إن الانفراد فيها أفضل من الجماعة في غيرها ... أو تعطل مسجد قريب أو بعيد عن الجماعة فيه لغيبته عنه لكونه إمامه أو يحضر الناس بحضوره فقليل الجمع أفضل من كثيره في ذلك ليؤمن النقص في الأولى، وتكثر الجماعة في المساجد في الثانية؛ بل الانفراد في الأولى أفضل كما قاله الروياني.
وقال البجيرمي: وهو المعتمد أي عند الشافعية، ومعناه أن صلاة الإمام الراتب في مسجده منفردا أفضل من ذهابه إلى غيره لأن وجوده مدعاة لمجيء غيره ولو بعد حين لعمارة هذا المسجد بالصلاة فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1425(11/9639)
عدم الالتحاق بالإمام إلا في الركعة الأخيرة لمصلحة ظاهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة إلى صلاة الجماعة في المسجد هل يجوز ترك أحد المصلين ينتظر حتى الركعة الرابعة ثم يدخل في الصلاة والعذر أنه ينتظر حتى يفتح الباب للمصلين المتأخرين والسبب أنه إذا بقي الباب مفتوحا نطرد من المكان ويقفل المسجد وهذه خسارة لكل المصلين وليس عندنا أي خيار آخر لأننا نسكن في مبنى والباب الرئيسي للجميع وعندنا آخر فرصة 30 يوم وفي حال وجدوا الباب مفتوحا يجب علينا إخلاء المكان، أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بتأخر أحد الأشخاص لمراقبة الباب المذكور ما دامت تترتب على ذلك مصلحة ظاهرة وهي الحيلولة دون وقوعكم في ورطة شديدة وحرمانكم من أداء الصلاة في المسجد، وإذا التحق الشخص المذكور بالإمام قبل فوات ركوع الركعة الأخيرة فقد أدرك صلاة الجماعة بلا خلاف.
وإذا أدركه بعد الركوع وقبل أن يسلم فقد أدركها عند بعض أهل العلم كالحنابلة والشافعية، وراجع الفتوى رقم: 21306.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/9640)
من فاتتهم الصلاة مع الإمام الراتب هل يشرعون في جماعة ثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة القيام أثناء صلاة بعض المصلين للعشاء جماعة ثانية بعد انتهاء الإمام من الجماعة الأصلية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل لمن فاتتهم صلاة العشاء مع الإمام الراتب أن يصلوا فرادى، وتكره لهم الجماعة في المسجد عند جمهور أهل العلم، ولهم أن يصلوا العشاء مع الإمام وهو يصلي التراويح، فإذا سلم من ركعتي التراويح أتموا صلاتهم. فقد جاء في "تحفة المحتاج": تكره إقامة جماعة بمسجد غير مطروق له إمام راتب بغير إذنه قبله، أو معه، أو بعده. انتهى. وأما إن كان المسجد من المساجد الجامعة والمطروقة كمساجد الأسواق ونحوها فلا يكره تكرار الجماعة، ومثله المسجد الذي ليس له إمام.
وذهب الحنابلة إلى عدم كراهة إعادة الجماعة في المسجد ولو كان مسجد الحي وله إمام راتب، وقالوا: إذا صلى إمام الحي وحضرت جماعة أخرى استحب لهم أن يصلوا جماعة، وهو قول ابن مسعود وعطاء والحسن والنخعي.. لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة.
وفي هذه الحالة ينبغي للإمام والمصلين انتظارهم حتى يتموا صلاتهم، ولو شرعوا في صلاة التراويح قبل إتمامهم لصلاتهم فلا حرج عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/9641)
شروط جواز خروج المرأة من بيتها للصلاة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[لي طفلان 8و5 سنوات وزوجتي ترغب في ارتياد مسجد بعيد عن مسكننا لصلاة التهجد به وذلك لما يتميز به الإمام من جودة في قراءة القرآن وختم ما يوازي ثلاثة أجزاء ونصف في اليوم الواحد مما قد يجعلها تعود إلى البيت عند اقتراب صلاة الفجر وقد تنتظر حتى تؤدي الصلاة وتعقبها بقراءة القرآن حتى الشروق وتصلي صلاة الضحى لتحصل على ما يوازي عمرة
اختلفنا فأرجو توضيح الأمر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها للصلاة في المسجد إلا بشروط، ومن أهمها: إذن زوجها لها في ذلك، فإن كنت لا ترغب في ذهاب زوجتك إلى هذا المسجد فالواجب على زوجتك طاعتك في ذلك، ولتعلم زوجتك أن طاعتها إياك من أعظم ما تتقرب به إلى الله سبحانه.
ثم إن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، وتراجع الفتوى رقم: 10306، وقد كان من هدي بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم الجلوس في مصلاهن بعد صلاة الفجر. روى مسلم عن جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: مازلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم ... الحديث، فيرجى أن يكون أجرها أعظم إذا جلست هذه الجلسة في بيتها، ثم صلت ركعتين بعد شروق الشمس، وتراجع الفتوى رقم: 17018.
ويغلب في المرأة إذا كانت على الحال الذي ذكرت أن يؤدي بها ذلك إلى التفريط فيما هو واجب عليها في حق زوجها وعيالها، ولكن نوصيك بها خيرا، وكن عونا لها على الطاعات ما استطعت إلى ذلك سبيلا، فقلما يوجد مثلها من النساء الحريصات على الطاعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(11/9642)
صلاة المنفرد وخروجه من المسجد قبل قيام الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل دخل الجامع وصلى قبل الجماعة وخرج قبل قيام الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة في الجماعة واجبة على الرجل المستطيع على الراجح من أقوال أهل العلم، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 9495. وعليه فإن من دخل المسجد بعد الأذان فلا يجوز له الخروج منه، قبل أن يصلي مع الجماعة إلا لعذر كما بينا في الفتوى رقم: 31856. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 11306.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(11/9643)
كيف يصلي العشاء من فاتته الجماعة وسيبدأ الإمام صلاة التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد ما انتهى الإمام من صلاة العشاء دخلت إلى المسجد ونويت صلاة العشاء مع بعض من كانوا متأخرين وللعلم فأن الإمام سوف يصلي بعد خمس دقائق صلاة التراويح. 1/ هل أنتظر الإمام إلى أن يصلي صلاة التراويح وأدخل معهم بنية صلاة العشاء أم أني أصلي صلاة العشاء مع الذين تأخرو.
شاكرين لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 803، أنه يجوز لمن فاتته صلاة العشاء مع الإمام ووجده قد شرع في صلاة التراويح أن يقتدي به بنية صلاة العشاء فيصلي معه ركعتين فإذا سلم الإمام من الركعتين قام الشخص المذكور وأتم صلاته ثم يسلم ويلحق بالإمام في بقية صلاة التراويح. لكن ما دمت قد وجدت جماعة قد فاتتهم صلاة العشاء مع الإمام والحال أن الإمام لم يشرع في صلاة التراويح بل إنه سيبدأ بعد خمس دقائق طبقا للسؤال فإن الأولى في هذه الحالة أن تصلي هذه الجماعة صلاة الفرض ثم تلحق بالإمام لأن بإمكانهم تحصيل فضل الجماعة بأنفسهم وفي نفس الوقت فهم مدركون لصلاة التراويح وللخروج من الخلاف أيضا حيث إن بعض أهل العلم لا يجوز عندهم أن يقتدي المفترض بالمتنفل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1425(11/9644)
هل يجب إخراج الزبائن من المحل وقت صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أملك مقهى إنترنت في أحد أحياء جدة هل يجوز لي أن أغلق الباب على العملاء الذين لا يرغبون للذهاب للصلاة وأذهب أنا لأصلي أم واجب علي أن أخرجهم في أوقات الصلاة وللعلم أن معظم المقاهي تغلق الباب من الخارج دون إخراج عملائهم. أفيدونا فهذا السؤال حيرني كثيراً. قال تعالى (\"اسألوأهل الذكر إن كنتم لاتعلمون\") صدق الله العظيم
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجال، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 1798. وعليه فيجب عليك أن تخرجهم من المحل وقت الصلاة، ولايجوز لك أن تغلق الباب عليهم لما في ذلك من إقرار المنكر والمعاونة عليه، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} . وراجع للأهمية الفتوى رقم: 6075.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(11/9645)
الصلاة في أحد المسجدين دون الآخر.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد مسجدان قريبان من بعضهما، قررت إدارة المسجدين أداء صلاة التراويح في مسجد واحد من هذين المسجدين كنوع من إظهار ترابط المسلمين وتعاونهم في مثل هذه البلاد الأوروبية، المسجد الآخر يبقى فارغا فقررنا إقامة صلاة التراويح للنساء في هذا المسجد بحيث يكون المسجد وقت التراويح للنساء فقط وتقوم أخت أو أكثر من الحافظات بإمامتهن فهل هذا جائز؟ تقبل الله طاعتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا نعلم ما يمنع من إقامة التراويح في أحد المسجدين دون الآخر، إلا أن الصلاة في كلا المسجدين أفضل لأمور:
الأول: أن الصلاة في أحدهما دون الآخر تفضي إلى تعطيل المسجد الذي لا تقام فيه الصلاة، ومصلحة إقامة الصلاة فيه أعظم من مصلحة الاجتماع في مسجد واحدٍ.
الثاني: لربما كان بعض المصلين لا يمكنه الذهاب إلى المسجد الآخر، فتعطليكم للصلاة في المسجد الذي بجوارهم حرمان لهم من شهود التراويح جماعة.
الثالث: أن صلاة النساء في بيوتهن خير لهن من إقامة التراويح جماعة في مسجد خاص بهن، ولو كان هذا خيراً لفعله نساء الصحابة، فقد كان فيهن مثل عائشة رضي الله عنها ومع ذلك لم يجعل لهن مسجد خاص يصلين فيه التراويح، فلا بأس أن يجعل لهن إمام يصلي بهن إذا أمنت الفتنة؛ كما أمر عمر رضي الله عنه سليمان بن أبي حثمة أن يصلي بالنساء صلاة التراويح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(11/9646)
صلاة الجماعة في أول الوقت أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل كل شيء أشكركم على تعاونكم المستمر، وبارك الله لكم وفيكم، بالنسبة لصلاة الجماعة فنحن نعمل في شركة وبعض الزملاء يؤدون صلاة الجماعة معا، ولكن قبل دخول الوقت للصلاة المقبلة بوقت قليل جدا، فهل تجوز صلاة الجماعة في هذه الحالة؟ أم أنه يوجد وقت لصلاة الفرض في جماعة وبعد هذا الوقت تصبح الصلاة صلاة فردية وليست جماعة؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هناك وقت لصلاة الجماعة تصبح بعده الصلاة فردية، بل كل وقت الصلاة أوله وأوسطه وآخره وقت للجماعة، إلا أن الصلاة في أول وقتها أفضل، لما ورد في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
قال الحافظ في الفتح: قال ابن بطال: فيه أن البدار إلى الصلاة في أول وقتها أفضل من التراخي فيه. انتهى، ولمعرفة حكم تأخير الصلاة إلى آخر الوقت لإدراك الجماعة فنحيلك على الفتوى رقم: 23055، ولمعرفة مواقيت الصلاة التي حددها الشارع يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 4538.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(11/9647)
إذا صلى الرجل وحده ثم أدرك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في سفر ثم قصرت صلاة العشاء ركعتين بعد المغرب ثم طال بي الوقت إلى العشاء جماعة في حضور درس لأحد المشايخ فصليت العشاء مرة أخرى جماعة أربع ركعات فهل تصح الصلاة أفيدونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته وهو إعادة الصلاة مع الجماعة صحيح، بل هو سنة، فإن من صلى ثم وجد جماعة تصلي فإنه يندب له أن يصلي معهم.
فعن يزيد بن الأسود العامري قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته وانحرف إذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه، فقال علي بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: يا رسول الله؛ إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة. رواه الترمذي. وقال: حسن صحيح، وهو قول غير واحد من أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق. قالوا: إذا صلى الرجل وحده ثم أدرك الجماعة فإنه يعيد الصلوات كلها في الجماعة.
وروى مالك في الموطأ عن نافع أن رجلا قال لابن عمر: إني أصلي في بيتي، ثم أدرك مع الإمام أفأصلي معه؟ قال: نعم، فقال: أيتهما أجعل صلاتي؟ فقال ابن عمر: أو ذلك إليك؟! إنما ذلك إلى الله تعالى، يجعل أيتهما شاء.
وأما ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن سليمان بن يسار قال: أتيت ابن عمر وهو بالبلاط والقوم يصلون في المسجد، قلت: ما يمنعك أن تصلي مع الناس؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين. فمعناه لا تجب الصلاة في اليوم مرتين، فلا يكون مخالفا لما سبق من استحباب إعادتها، وأما كون ابن عمر لم يعدها فإنه كان قد صلاها جماعة، ومذهبه أن من أدى الصلاة جماعة فلا يعيدها، فتبين أن ابن عمر لم يكن يرى ترك إعادة الصلاة مطلقا، والراجح أنه يعيد في الصورتين ليدرك فضيلة الجماعة توفيقا بين الأخبار ورفعا للاختلاف بينها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(11/9648)
هل تترك الجماعة بسبب تطهير الثوب من بول الصبي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أطرح سؤالاً حول الحكم في بول الأطفال إذا علق في الثياب على أثر اللعب معهم أو المداعبة، فهل يجب تغيير الثياب حتى تقبل الصلاة، فقد حدث لي وأن تخلفت عن صلاة الجماعة لهذا السبب، ونظراً لضيق الوقت عندها للتطهر من هذا البول؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب تغيير الثياب التي أصابها البول أو تطهيرها لأن طهارة الثوب شرط من شروط صحة الصلاة، ولمعرفة كيفية تطهير ما أصابه بول الصبي نحيلك للفتاوى ذات الأرقام التالية: 2068، 35948، 24814، 8040.
ومن تنجس ثوبه ولم يجد بديلاً عنه أو وقتا يسع لتطهيره حتى فاتته صلاة الجماعة بغير تفريط منه فلا إثم عليه بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1425(11/9649)
تأخير الصلاة لأدائها جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يؤخر الصلاة غير متعمد وذلك ليكسبها جماعة كالظهر والعصر بشكل خاص.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل يقصد بتأخير الصلاة تأخيرها لآخر وقتها. فقد اختلف أهل العلم في أيهما أفضل، الصلاة أول الوقت منفرداً أو في آخره جماعة؟ فقال بعضهم الصلاة أول الوقت منفرداً أفضل، وهذا منقول عن مالك في صلاة الصبح. وقال آخرون الصلاة آخر الوقت جماعة أفضل. والذي نختاره أنه إن أمكن صلاتها أول الوقت منفرداً وإعادتها آخر الوقت جماعة فهو أفضل، لما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها، قال: ما تأمر؟ قال: صَلِ الصلاة لوقتها ثم اذهب لحاجتك، فإن أقيمت الصلاة وأنت في المسجد فصل. قال النووي رحمه الله: فالذي نختاره أنه يفعل ما أمره به النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي مرتين، مرة في أول الوقت منفرداً لتحصيل فضيلة أول الوقت، ومرة في آخره جماعة لتحصيل فضيلتها. ا. هـ. وأما إذا أراد أن يقتصر على صلاة واحدة فتأخيرها جماعة أفضل إن تيقن حصول الجماعة، قال النووي رحمه الله: فإن أراد الاقتصار على صلاة واحدة، فإن تيقن حصول الجماعة آخر الوقت فالتأخير أفضل لتحصيل شعارها الظاهر. ولأنها فرض كفاية على الصحيح في مذهبنا، وفرض عين على وجه لنا وهو قول ابن خزيمة من أصحابنا، وهو مذهب الإمام أحمد بن حنبل وطائفة، ففي تحصيلها خروج من الخلاف، ولم يقل أحد يأثم بتأخيرها، ويحتمل أن يقال إن فحش التأخير فالتقديم أفضل، وإن خاف فالانتظار أفضل. والله أعلم. اهـ.
ونلفت نظر السائل إلى أنه لا يجوز تأخير صلاة العصر عن وقت الاختيار ـ وهو إلى اصفرار الشمس. وانظر الفتوى رقم: 28448. وأما إن كان مقصود السائل بتأخير الصلاة أي بعد وقتها فلا يجوز تأخيرها عن وقتها لأجل الجماعة، وانظر الفتوى رقم: 25877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(11/9650)
الأدلة على أفضلية الإتيان إلى صلاة الجمعة والجماعة مشيا
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أصبح هنا جدال قوي من الناس من يقول إن المشي أفضل من الركوب لبعض النصوص في ذلك ومنهم من يقول إن الركوب أفضل من المشي لبعض النصوص، ومنهم من يقول الأمر واسع إما أن تمشي أو تركب إلا أن المشي أفضل يوم الجمعة وفي بقية الأيام لاسيما لو فيه مسافه وطول ونريد كلامك النهائي. أيهما أفضل للذهاب الى المسجد للجمعة وللصلوات الخمسة وأيهما يثبت الأجر فهناك نصوص تبين ان المشي مطلوب لا الركوب وهل لو ركب في السيارة كيف يرفع خطوة وتحط عنه سيئة كما لو مشى برجله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل الإتيان إلى صلاة الجماعة مشياً فرضاً كانت كالصلوات الخمس والجمعة، أو سنة كالعيدين، وبعضهم عممه في الإتيان إلى كل عبادة للقادر، لما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، عن أوس بن أوس الثقفي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها.
قال ابن حجر الهيتمي في التحفة قوله: ومشى ولم يركب أي في جميع الطريق، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة، أي من محل خروجه إلى مصلاه، فلا ينقطع الثواب كما قاله بعضهم بوصوله للمسجد بل يستمر فيه أيضا إلى مصلاه، وكذا في المشي لكل صلاة عمل سنة، أجر صيامها وقيامها. قيل ليس في السنة في خبر صحيح أكثر من هذا الثواب فليتنبه له، ومحله في غير نحو الصلاة بمسجد مكة لما يأتي في الاعتكاف من مضاعفة الصلاة الواحدة فيه إلى ما يفوق هذا بمراتب، لا سيما إن انضم إليها نحو جماعة وسواك وغيرهما من مكملاتها، وأن يكون طريق ذهابه أطول، لأنه أفضل ويتخير في عوده بين الركوب والمشي كما يأتي في العيد، وأن يكون مشيه (بسكينة) للأمر به مع النهي عن السعي أي العدو. رواه الشيخان. ومن ثم كره وكذا في كل عبادة.
وأما غير القادر فلا حرج عليه أن يركب، ويرجى أن يكتب الله له بقدر كل خطوة حسنة وهو على مركوبه.
وفي صحيح مسلم عن أبي بن كعب قال: كان رجل لا أعلم رجلا أبعد من المسجد منه وكان لاتخطئه صلاة، قال: فقيل له: لو اشتريت حمارا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله.
فهذا الصحابي كان مستقرا عنده أن مشيه إلى المسجد أعظم لأجره من ركوبه إليه وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1425(11/9651)
لا تطع أباك في ترك الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا منعني أبي من الصلاة في المسجد، هل أطيعه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للمرء أن يطيع أباه ولا غيره في معصية الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه من حديث علي، وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: السمع والطاعة على المرء فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
وصلاة الجماعة واجبة في أرجح الأقوال. فلا تطع أباك في تركها وبره في غيرها. وراجع في هذا الفتوى رقم: 3880 والفتوى رقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1425(11/9652)
حكم من يخرج من المسجد بعد الإقامة لأجل تطويل الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو إفادتنا بمن يترك صلاة الجماعة خلف إمام بعينه، بدعوى أنه يطيل في الصلاة. فالمعني يحضر إلى المسجد وينتظر لإقامة الصلاة، فإذا تقدم هذا الإمام، خرج هو، وقد يتبعه بعض النفر.
نرجو إفادتنا في حكم مثل هذه الصلاة، أفادكم الله، وشكرا لكم، وجزاكم خيرا عنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على كل من صلى بالناس أن يخفف في صلاته مراعاة لأحوال المصلين، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض. رواه مسلم. قال النووي: والمعنى ظاهر، وهو الأمر للإمام بتخفيف الصلاة، بحيث لا يخل بسننها ومقاصدها، وأنه إذا صلى لنفسه طول كيف شاء. انتهى. فإذا كان الإمام المذكور كما يدعي الشخص المتضرر يطيل في صلاته طولا يتضرر الناس بمثله فيمكن أن يطلب منه أولاً برفق وحكمة أن يخفف ويبين له ما ورد في التخفيف، فإن استجاب فلا يجوز لأحد أن يخرج بعد الإقامة إلا بعذر.
قال في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني: ويحرم الخروج من المسجد بعد الإقامة للمتطهر، إلا أن يكون قد صلى تلك الصلاة. انتهى، فإن لم يستجب الإمام لطلب التخفيف فعند ذلك جاز للشخص المذكور أن يخرج من المسجد ويصلي في جماعة أخرى إن وجدت، وإلا صلى وحده وصلاته صحيحة، والدليل على ذلك قصة معاذ بن جبل عند ما سلم رجل من خلفه لما أطال معاذ، وقال صلى الله عليه وسلم: أفتان أنت يا معاذ؟ والقصة في الصحيح، ولم ينكر صلى الله عليه وسلم إلا على معاذ، وإذا جاز الخروج من الاقتداء أثناء الصلاة من أجل تطويل الإمام فمن باب أولى جواز الخروج قبلها لنفس العذر.
لكن من الأفضل لهذا الرجل أن يصبر ويصلي مع جماعة مسجده ولو صلى الإمام الذي يطول، حفاظا على الجماعة وائتلافها، وتفاديا للتفرقة والخلاف، وقد قال صلى الله عليه وسلم: يد الله مع الجماعة. رواه الترمذي عن ابن عباس، ومراعاة أيضا لمشاعر الإمام، لأنه يتضرر بخروج الناس عنه في ذلك الوقت، ولذلك منع بعض أهل العلم من الصلاة جماعة في مسجد الإمام الراتب بعد أن صلى هو بجماعته فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(11/9653)
المقصود بالنهي عن صلاة المنفرد خلف الصف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بعدم جواز صلاة الفرد خلف الجماعة؟
لأن الصف الأول يكون ممتلئا فأضطر أن أصلي مع الجماعة ولكن في الصف الثاني لوحدي.
أم المقصود أنه إذا حضر فرد إلى الجماعة فيجب أن ينضم إليهم ولا يصلي لوحده والجماعة يصلون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بالنهي عن صلاة المنفرد خلف الصف صلاة الشخص منفردا مع وجود الصف من المصلين، سواء وجد فرجة في الصف الذي أمامه أم لم يجدها. وتفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 14806.
ومن حضر جماعة يصلون فريضة فعليه الدخول معهم إذا كان لم يصلها أو صلاها وحده وكانت مما يعاد. قال صاحب التاج والإكليل: إذا أقيمت بموضع صلاة منع فيه ابتداء غيرها والجلوس فيه ولزمت من لم يصلها أو صلاها فذا وهي مما تعاد.انتهى.
وننبه إلى أن صلاة الجماعة واجبة على الراجح من أقوال العلماء كما في الفتوى رقم: 1415.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1425(11/9654)
يشعر بقشعريرة كلما لامس جسده المصلين في صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وصلتني إجابتكم التي تبين لي من خلالها سوء فهمكم لسؤالي، فالمقصود من تخلفي عن الصلاة في المسجد هو تخوفي من مضايقة من يصلي بجانبي والتأثير على خشوعه وكذلك على خشوعي, لا مجرد قشعريرة أشعر بها أو أي ألم أحس به, فسؤالي هو من الناحية الطبية إن كانت هذه حالة عادية, أو سابقة الوقوع. أرجو موافاتي بالرد في أقرب وقت ممكن شاكرا لكم حسن تفهمكم للأمر،.
رقم سؤالي السابق هو:131359]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أجبنا به على السؤال المذكور هو فيما يتعلق بكون ما يحسه المصلي من القشعريرة من تلامس قدمه بقدم من بجانبه مبيح للتخلف عن صلاة الجماعة أم لا؟ وهذا ما يفهم من السؤال.
أما سؤالك عن التخلف عن الجماعة بسبب تخوفك من مضايقة من يصلي بجانبك والتأثير على خشوعه وعلى خشوعك فهذا التخوف نخشى أن يكون مجرد وهم وتلبيس من الشيطان ليفوت عليك فضيلة وأجر صلاة الجماعة، فينبغي لك عدم الالتفات لذلك والحرص على صلاة الجماعة في المسجد، فإن الشيطان حريص على إيجاد الذرائع والأعذار التي يظنها صاحبها أعذارا ليصرفه عن الخير ويوقعه في الشر كما قال العلماء: الشيطان قد يفتح للإنسان سبعين بابا من أبواب الخير ليفتح له بابا من أبواب الشر، أوليضيع عنه بابا من أبواب الخير أعظم من تلك السبعين.
أما إذا كان فيه إيذاء للمصلين وإشغال لك عن الصلاة ولم يمكن تجنب ذلك فلا حرج أن لا تصلي في المسجد، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم من أكل بصلا أو ثوما أن يقرب المسجد، والعلة هي الإيذاء، وقد بينها صلى الله عليه وسلم في قوله كما في رواية مسلم: من أكل البصل والثوم فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
قال ابن قدامة في "المغني": وليس أكلها محرما. ثم قال: وإنما منع أكلها لئلا يؤذي الناس برائحته، ولذلك نهي عن قربان المساجد. انتهى. فإذا كان في هذا الأمر إيذاء محققا لمن يصلي حولك فلا حرج أن تترك الصلاة في المسجد، لأن العلة هي إيذاء المصلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1425(11/9655)
حكم محاذاة الرجال للنساء في الصلاة في الحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[نشاهد في الحرم حول الكعبة يصلي الرجال بجنب النساء أليس في ذلك حرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب الحنفية إلى أنه إذا اشترك رجل وامرأة مشتهاة في الصلاة في وقت واحد على إمام واحد ونوى الإمام إمامتها وكانت محاذية للرجل أو مقدمة عليه بلا حائل فإنها تفسد صلاة الرجل كما في المبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني (ج1 ص452) إدارة القرآن والعلوم الإسلامية ـ كراتشي. والمبسوط أيضا للسرخسي (ج2 ص78) ط. دار المعرفة بيروت. والراجح في هذه المسألة هو ما عليه الجمهور من عدم بطلان الصلاة، وأن تعمد ذلك مكروه. وعلى ذلك فما يحصل في الحرم المكي أو غيره لا يبطل الصلاة اعتبارا بقول الجمهور، وهو الحق الذي لا ينبغي العدول عنه لأن إبطال الصلاة به فيه حرج كبير، وتكليف بغير المستطاع. والله تعالى يقول: [وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ] (الحج: 78)
ويقول: [لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا] (البقرة: 286)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1425(11/9656)
هل يصلي في مسجد آخر إذا وجدهم قد صلوا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أغير المسجد الذي أصلي فيه بحجة أنهم قد انتهوا من أداء فريضة الصلاة وأذهب إلى مسجدٍ مجاور لم تقم الصلاة فيه بعد، علما أنني لم أدخل المسجد بعد.
أفيدوني بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في وجوب وفضل صلاة الجماعة في المسجد أحاديث كثيرة منها، ماروى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يارسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال نعم: قال: فأجب.
وما أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده: لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده: لو يعلم أحدهم أن يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء. وفي رواية ثم أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة. أخرجه الترمذي
وما أخرج مسلم من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه، وكان لا تخطئه صلاة، قال: فقيل له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء؟ قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله.
وعليه فإن فاتتك الجماعة في المسجد الذي تصلي فيه وكان هناك مسجد مجاور لم تقم الصلاة فيه فاذهب إليه لإدراك الصلاة في جماعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(11/9657)
من قضى حاجة ما أثناء توجهه إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا خرج الرجل للصلاة وفي طريقه إلى المسجد قضى بعض المنافع الدنيوية من المرور على المتجر أو السؤال عن سلعة مثلا فهل هذا ينقص من أجره]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مقصود الخارج إلى المسجد الصلاة ثم عرض له شيء في طريقه فقضاه، أو بدا له أن يعدل إلى دكان ونحوه لشراء حاجة فهذا لا ينقص من أجره شيئا، لأن الذي أخرجه من بيته هو إرادة الصلاة وهذا عارض، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة.. فما دام الباعث لخروجه من بيته هو الصلاة فنرجو الله أن يكتب له هذا الأجر ولو عرض له قصد آخر فقضاه بعد هذا الخروج في طريقه إلى المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1425(11/9658)
تائب إلى الله ويريد تعلم كيفية صلاة الجمعة والجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي الذي أرجو أن تجيبوني عليه هو ممكن توضحوk لي متى في صلاة الجمعة والجماعة أقول مثل الشيخ ومتى أسكت وهل أقول مثله قبله أم بعده أم معه وفي مثلا قول سبحان ربي الأعلى لو طول كثيرا وأنا انتهيت ماذا أفعل؟ ممكن شرح خطوة خطوة في صلاة الجمعة ما الذي أقوله مع الشيخ ومتى أسكت وهل أبدأ معه أم بعده أم كيف؟ أرجو التوسع في هذا قليلا كذلك لو في مجال أن تشرحوها لي وتوصفوها لي خطوة خطوة بالحركات والكلام كمن يصف وصفا تصويريا أكون لكم من الشاكرين الأن تعلمت الصلاة وبقي التشجع لصلاة الجمعة والجماعة فلو كان شرحكم مفصلا ممكن يساعد ولا تنسوا أخوكم التائب من الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولاً نحمد لله سبحانه وتعالى ونشكره على توبتك ونسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلها توبة نصوحاً.
وأما عن كيفية صلاة الجماعة والجمعة فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى تفصيلية في كيفية الصلاة وكيفية اقتداء المأموم بالإمام فنحيلك إليها وهي برقم: 6188، 20899، 23051.
ونزيد هنا فنقول في مثل قول الإمام "سبحان ربي الأعلى" فإن المأموم يقول مثله، وللمأموم أن يدعوا في السجود بعد أن يقول "سبحان ربي الأعلى" لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء. رواه مسلم.
وأخيراً فإننا نبشرك بقول الله عز وجل: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الحجر:49] ، وبقول تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] ، ونوصيك بتقوى الله وبالمحافظة على الصلوات في أوقاتها مع جماعات المسلمين، واحذر كل الحذر من الشيطان وحزبه أن يردوك عن الهدى للضلالة، ونسأل الله أن يثبتك على الاستقامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(11/9659)
المصلي جماعة في مصلى العمل أربعين يوما هل ينال أجر البراءتين
[السُّؤَالُ]
ـ[من صلى أربعين يوماً في جماعة.....................
هل الصلاة في مصلى مكان العمل ينطبق عليه الحديث؟
مع العلم بأنها تكون في جماعة أيضاً ...
أم يجب أن تكون في المسجد الجامع؟
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المصلى في العمل قد عُيِّن للصلاة ويرفع فيه الأذان فحكمه حكم سائر المساجد العامة، وراجع الفتوى رقم: 677.
وما دام المصلى المذكور له حكم المسجد فصلاة الجماعة فيه تعتبر في الفضل كغيرها، وبالتالي فإن المصلي فيه جماعة تلك المدة الزمنية المحددة في الحديث يحصل على الثواب المترتب على تلك الصلاة.
هذا إضافة إلى أن (جماعة) في قوله صلى الله عليه وسلم: من صلى أربعين يوماً في جماعة لفظ مطلق، والأصل في اللفظ المطلق بقاؤه على إطلاقه ما لم يدل دليل على تقييده.
وراجع أيضاً الفتوى رقم: 37775.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1425(11/9660)
تأخير الإقامة لأجل زيادة الجماعة يختلف باختلاف الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في منطقتنا إمام لمسجد دائما ما يؤخر الإقامة وذلك بدعوى ضمان حضور أكبر عدد من المصلين لصلاة الجماعة. ماحكم ذلك خصوصا أن هذا الشيء أصبح يضايق الكثير من المصلين الذين اعتادوا الحضور للمسجد مبكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تأخير الإقامة لأجل زيادة الجماعة أمر يختلف باختلاف الصلوات، فمنها ما يمكن تأخير إقامتها لأجل حضور الناس مثل العشاء، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحياناً يؤخرها، وأحيانا يعجلها، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطأوا أخر، والحديث في الصحيحين من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس بيضاء نقية، والمغرب إذا وجبت، والعشاء أحياناً يؤخرها وأحيانا يعجلها، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطأوا أخر، أما الصلوات الأخرى فالراجح أنها تصلى في أول وقتها، لأن التأخير لأجل الجماعة لم يذكر إلا في صلاة العشاء، فذكر صلاة المغرب حين وجبت، وذكر صلاة العصر والشمس بيضاء نقية، وثبت في الفجر أنه كان يصليه في الغلس، ففي البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر، فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس. والتعبير بـ (كان) في الحديثين يدل على أن هذا هو الغالب من صلاته صلى الله عليه وسلم، نعم هناك الإبراد بالظهر وهو صحيح أيضاً، ففي مسلم إذا كان الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم، والتأخير في الظهر لأجل الإبراد، والذي ينبغي للإمام أن يصلي في الأوقات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيها، ولا يؤخر إلا في الأوقات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤخر فيها مثل العشاء لأجل الجماعة، والظهر في الحر، فإذا حضر بعض الجماعة وحضر وقت الصلاة فليصل، لاسيما والتأخير يؤدي إلى الخلاف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1425(11/9661)
الركعة يحصل بها فضل الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت بالعمل أو البيت، وحان موعد الصلاة وحان موعد الإقامة، وأنا لا أزال بالبيت أو العمل لسبب خارج عن إرادتي فهل الأفضل أن أصلي بالبيت منفرداً، أم ألحق ولو أخر ركعة، بمعنى هل الصلاة جماعة لو كانت بآخر ركعة أفضل أم صلاة المنفرد لوحده مع علمي المسبق أن الصلاة جماعة أفضل بـ 27 مرة، لكن سؤالي: إذا أدركت أني لن ألحق إلا ركعة في بعض الظروف؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل حكم صلاة الجماعة وقلنا إنها واجبة في المسجد ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5153، ورقم: 37147.
وما ذكرته من أنها تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة هو مما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبناء على جميع ما تقدم، فإذا لم تكن معذورًا في التخلف عن الجماعة، فإن عليك أن تذهب إلى المسجد ولو كنت تعلم أنك لا تدرك إلاَّ ركعة، لأن الركعة يحصل بها فضل الجماعة.
واختلف أهل العلم فيما إذا كان مدرك أقل من ركعة يحصل له فضل الجماعة أم لا، كما هو مبين في الفتوى رقم: 1221.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/9662)
حكم التخلف عن الجمعة والجماعات بسبب الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم، يا شيخ أنا أتزوج قريبا إن شاء الله امرأة بكرا، فأتذكر أني قرأت أني أكون معها سبعة أيام والثيب ثلاثة أيام بدون خروج للصلاة ولكن أصلي معها في البيت فهل ثبت شيء عن هذا؟ وهل تسقط الجمعة كذلك؟ أرجو التفصيل بكل فروع المسألة وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين عن أنس قال: من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا ثم قسم، قال أبو قلابة: ولو شئت لقلت إن أنسا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمكث عند المرأة في هذه المدة حق لها بسبب الزفاف عند أكثر أهل العلم، قال الحافظ في الفتح: وقال ابن عبد البر: جمهور العلماء على أن ذلك حق للمرأة بسبب الزفاف، وسواء كان عنده زوجة أم لا، وقد بالغ بعض الحنابلة فذهبوا إلى جواز التخلف عن صلاة الجمعة والجماعة في المدة المذكورة، قال البهوتي في "كشاف القناع": (قال ابن عقيل: ومن له عروس تجلى عليه. أي على وجه مباح فهو عذر وقال المرداوي في "الإنصاف": قال ابن عقيل في المفردات: تسقط الجمعة بأيسر عذر، كمن له عروس تجلى عليه) . وذهب الشافعية إلى مشروعية التخلف عن الجماعة في الصلوات الليلية فقط، وأما الصلوات النهارية ومنها الجمعة فلا، قال الخطيب الشربيني: (لا يتخلف بسبب الزفاف عن الخروج للجماعات وسائر أعمال البر كعيادة المرضى وتشييع الجنائز مدة الزفاف إلا ليلا فيتخلف وجوبا تقديما للواجب، وهذا ما جرى عليه الشيخان، وإن خالف فيه بعض المتأخرين، وأما ليالي القسم، فتجب التسوية بينهن في الخروج لذلك وعدمه، فإما أن يخرج في ليلة الجمع أو لا يخرج أصلا، فإن خص ليلة بعضهن بالخروج أثم) وأما المالكية فلم يعتبروا ذلك عذرا على المشهور، وخفف مالك للزوج في ترك بعض الصلاة في الجماعة للاشتغال بزوجه والسعي إلى تأنيسها واستمالتها. قال عليش في "منح الجليل": (لا يبيح التخلف عن الجمعة والجماعة ابتناؤه بعرس –أي عروس- هذا هو المشهور، وقيل يبيحه، لأن لها حقا في إقامته عندها سبعا إن كانت بكرا، وثلاثا إن كانت ثيبا) وأما الحنفية، فلم يعدوه عذرا، لا في الجمعة ولا في الجماعة، فيما وقفنا عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(11/9663)
صلاة المرأة في المكان الأستر أفضل لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد، فإني فتاة (23 سنة) تعمل بشركة خاصة بعيدة عن مكان إقامتي فأضطر لإتيان صلاتي الظهر والعصر أن أذهب إلى مسجد قريب نوعا ما من مقر الشركة.
السؤال الأول: ما هو حكم صلاة المرأة في المسجد خاصة من هي في ظروفي؟
السؤال الثاني: قد اقترح علي بعض زملائي في الشركة الذهاب لتأدية صلاة الجمعة في مسجد بعيد نذهب إليه بالسيارة حيث إن الخطبة هناك ممتازة (ويندر أن يوجد مثل ذلك في مساجدنا) وذلك كآلاتي: نكون في السيارة 4 أشخاص بحيث يقودها زميلي الذي يمتلكها ونكون البقية معه 3 بنات. فهل تنصحونني بقبول عرضهم أم لا؟
أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله عنا كل خير وهدانا وإياكم إلى ما فيه صالح الأمة جمعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد دلت السنة المطهرة على أن المكان كلما كان أستر للمرأة وأبعد عن اختلاطها بالرجال كانت الصلاة فيه بالنسبة لها أفضل، أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث امرأة أبي حميد الساعدي، أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي. فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل، والحديث حسن.
وهو صريح في أن الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها، ولا تذهب إلى المسجد لأداء الصلوات الخمس، وأحرى الجمعة، مع أن كل ذلك يجوز لها، وراجعي فيه الفتوى رقم: 10306، والفتوى رقم: 22245.
وأما أن يترتب على صلاتها للجمعة سفرها إلى مسجد بعيد دون محرم، فذلك أبعد ما يكون عن الصواب، لأن الجمعة لا تجب عليها، والسفر دون محرم محرَّم عليها، اللهم إلا إذا كان المسجد المذكور على مسافة لا يعد الذهاب إليها سفراً، فيكون حينئذ ذهابها إليه خلاف الأولى.
وهذا ما لم تكن تستفيد في أحكام دينها عند ذهابها إلى المسجد ما لا يمكن أن تستفيده لو لم تذهب إليه، فإن كان الأمر كذلك وكان ما تستفيده من قبيل فرض العين كأحكام الصلاة والزكاة والصوم الحج.. ولم تجد وسيلة لتعلمها إلا بالذهاب إليه وكان دون مسافة ما يسمى سفراً عرفاً، فالظاهر أن الأولى لها الذهاب إليه إن لم يكن الذهاب إليه واجباً، وراجع الجواب رقم: 1079.
وراجعي ضوابط عمل المرأة في الفتوى رقم: 522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(11/9664)
تعدد الجماعة في مسجد واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[ـ سائل يقول فاتتني صلاة العصر يوما ً فدخلت المسجد فلم أجد فيه إلا بعض الشباب جالسين فطلبت من أحدهم أن يصلي معي العصر جماعة وعند انتهائنا من الصلاة نكّر علينا بعض الشباب وقالوا لنا قد خالفتم الحديث (لا جماعتان في مسجد) وكان لكم أن تصلوا فرادى فهل ما فعلناه مخالف للحديث، وما هو الصحيح في هذه المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
12- جوابه في الذي قبله.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/9665)
حكم إقامة أكثر من جماعة في مسجد واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[ـ سائل يقول كنا أربعة أشخاص في نزهة خارج المدينة ثم عدنا ودخلنا المدينة بعد انتهاء صلاة العصر بنصف ساعة ودخلنا المسجد وكان المسجد يومها خاليا ً من المصلين عدا قليل ممن يقرؤون القرآن فهل لنا أن نصلي جماعة أو نصلي فرادى علما ً بأن اثنين منا قد صلوا جماعة والاثنان الآخران صليا فرادى بحجة قول النبي صلّى الله عليه وسلم (لا جماعتان في مسجد) فما هو الصواب في ذلك أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
11- اختلف العلماء في جواز إعادة الجماعة بعد الإمام الراتب، وراجع أقوالهم والمرجح منها في الفتوى رقم: 3567. ولم نعثر على الحديث الذي ذكرت أن فيه: لا جماعتان في مسجد.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/9666)