مذاهب العلماء في الحديث بأمور الدنيا في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المكوث في المسجد والتحدث بأمور الدنيا؟ وما حكم رفع الصوت فيه عند الحديث والضحك بصوت مرتفع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في هذا على أقوال:
القول الأول: أن التحدث في المسجد بما لا إثم فيه من أمور الدنيا مباح، وإن حصل في هذا ضحك ونحوه. وبهذا قالت الشافعية والظاهرية.
قال الإمام النووي رحمه الله من الشافعية: يجوز التحدث بالحديث المباح في المسجد وبأمور الدنيا وغيرها من المباحات وإن حصل فيه ضحك ونحوه ما دام مباحاً، لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، قال: وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم. رواه مسلم. المجموع شرح المهذب.
وقال ابن حزم: والتحدث في المسجد بما لا إثم فيه من أمور الدنيا مباح، وذكر الله تعالى أفضل، وإنشاد الشعر فيه مباح. المحلى.
القول الثاني: أن التحدث في المسجد بما لا إثم فيه من أمور الدنيا مكروه، وهو مذهب المالكية. جواهر الإكليل مختصر خليل.
والحنابلة قالوا: ويكره أن يخوض في حديث الدنيا، ويشتغل بالطاعة من الصلاة والقراءة والذكر. كشاف القناع.
وقال الإمام أحمد في رواية حنبل: لا أرى لرجل إذا دخل المسجد إلا أن يلزم نفسه الذكر والتسبيح، فإن المساجد إنما بنيت لذكر الله عز وجل. فتح الباري لابن رجب.
القول الثالث: أن التحدث في المسجد بأمور الدنيا مكروه كراهة تحريم وهو مذهب الحنفية كما في الموسوعة الفقهية.
وبهذا يتبين لك أن أكثر أهل العلم على كراهة الحديث بأمور الدنيا في المسجد، فينبغي أن يجتنب وإن تحدث متحدث فينبغي أن يكون ذلك، مع مراعاة خفض الصوت وعدم التشويش على المصلين أو من يقرأ القرآن أو يدرس علماً أو يدرسه.
أما إذا حصل تشويش على مصلٍ أو عابد أو قارئ فهذا لا يجوز، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن رفع الصوت بالقراءة في الصلاة حتى لا يؤذي بعضهم بعضاً، كما ورد في الحديث عند الإمام أحمد وغيره وصححه العراقي وابن حجر، وللفائدة في ذلك راجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 9877، 9967، 50606.
وأما حديث: الكلام في المسجد يأكل الحسنات.. فلا أصل له كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 20364.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1430(11/8299)
أدلة من يرى جواز دخول الحائض والجنب المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأدلة التي استدل بها من يرى جواز دخول الحائض والجنب المسجد؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مرادك السؤال عن حجة من جوز اللبث في المسجد مطلقا: وهم الظاهرية والمزني من الشافعية، فإنهم احتجوا بالأصل وهو جواز المكث ولم ينهض عندهم دليل على المنع، واحتجوا كذلك بمكث أهل الصفة في المسجد وببعض وقائع الأحوال كخبر المرأة التي كانت تقم المسجد وقصة ذات الوشاح ونحوها ممّا يدل على جواز مكث الرجال والنساء في المسجد من غير تفصيل، واحتجوا كذلك بما سنورده في كلام النووي ـ إن شاء الله ـ وإن كان المراد السؤال عن حجة من جوز العبور من غير مكث، فحجتهم ظاهرة وهي قوله تعالى: ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا {النساء 43} .
وتفصيل مذاهب العلماء وسياق أدلتهم قد أتقنه أبو زكريا النووي ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ فقال في شرح المهذب: مذهبنا أنه يحرم عليه المكث في المسجد جالسا أو قائما أو مترددا أو على أي حال كان متوضأ كان أو غيره، ويجوز له العبور من غير لبث سواء كان له حاجة أم لا؟ وحكي ابن المنذر مثل هذا عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد بن جبير وعمرو بن دينار ومالك، وحكي عن سفيان الثوري وأبي حنيفة وأصحابه واسحاق ابن راهويه أنه لا يجوز له العبور إلا أن لا يجد بدا منه فيتوضأ ثم يمر، وقال أحمد يحرم المكث ويباح العبور لحاجة ولا يباح لغير حاجة قال: ولو توضأ استباح المكث: وجمهور العلماء على أن الوضوء لا أثر له في هذا، وقال المزني وداود وابن المنذر يجوز للجنب المكث في المسجد مطلقا وحكاه الشيخ أبو حامد عن زيد بن أسلم، وأحتج من أباح المكث مطلقا بما ذكره ابن المنذر في الإشراف وذكره غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلم لا ينجس. رواه البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة.
وبما احتج به المزني في المختصر واحتج به غيره أن المشرك يمكث في المسجد فالمسلم الجنب أولى: وأحسن ما يوجه به هذا المذهب أن الأصل عدم التحريم وليس لمن حرم دليل صحيح صريح.
واحتج أصحابنا بقول الله تعالى: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابرى سبيل.
قال الشافعي ـ رحمه الله ـ في الأم: قال بعض العلماء بالقرآن: معناها لا تقربوا مواضع الصلاة، قال الشافعي وما أشبه ما قال بما قال، لانه ليس في الصلاة عبور سبيل إنما عبور السبيل في موضعها وهو المسجد، قال الخطابي وعلى ما تأولها الشافعي تأولها أبو عبيدة معمر بن المثني قال البيهقى في معرفة السنن والآثار وروينا هذا التفسير عن ابن عباس قال: وروينا عن جابر قال: كان أحدنا يمر في المسجد مجتازا وهو جنب وعن أفلت بن خليفة عن جسرة بنت دجاجة عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء النبي صلى الله عليه وسلم وبيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب. رواه أبو داود وغيره. انتهى.
وحديث: إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ـ حسنه ابن القطان وابن سيد الناس وسكت عنه أبو داود وقد نص في رسالته لأهل مكة على أن كل ما سكت عليه فهو صالح، ومن ثم فأعدل الأقوال في المسألة ـ إن شاء الله ـ هو القول بمنع الجنب والحائض من المكث في المسجد وجواز العبور لهما إذا أمنت الحائض تلويث المسجد.
ومما يستدل به على جواز مرور الحائض في المسجد من غير مكث أنها في معنى الجنب ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة: أن تناوله الخمرة من المسجد، فقالت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك.
أخرجه مسلم.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا يحل للمرأة أن تدخل المسجد وهي حائض أو نفساء، أما المرور فلا بأس إذا دعت إليه الحاجة وأمن تنجيسها المسجد، لقول الله تعالى: ولا جنبا إلا عابري سبيل.
والحائض في معنى الجنب، ولأنه صلى الله عليه وسلم أمر عائشة أن تناوله حاجة من المسجد وهي حائض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1430(11/8300)
حكم تعليق اللوحات المشتملة على اسم الله واسم محمد على جدران المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض المساجد يعلقون لوحات على الجدار، على الجانب الأيمن لوحة مكتوب فيها اسم الله، وعلى الجانب الأيسر لوحة مكتوب فيها محمد. هل يجوز تعليق هذه اللوحات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من تعليق أسماء الله الحسنى وآيته القرآنية، وأسماء الأنبياء عليهم السلام في مكان محترم يؤمن عليها السقوط منه والإهانة كالمساجد وغيرها، كما سبق بيانه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 3071، 69241، 23572. وما أحيل عليه فيها.
وبخصوص وضع اسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع اسم الله تبارك وتعالى في لوحة واحدة وتعليقها فإنه لا ينبغي، وخاصة إذا كان يقصد به أو يفهم منه أو يخشى على العوام من توهم مساواة النبي صلى الله عليه وسلم لله تعالى في المحبة والتعظيم. فإنه لا يجوز قطعا، وذلك لما رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الأرناؤوط عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يراجعه الكلام فقال: ما شاء الله وشئت. فقال: جعلتني لله عدلا، ما شاء الله وحده. وفي رواية: أجعلتني لله ندا. وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر وانظره في الفتوى: 116438.
ولا شك أن محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم فرض من فرائض الإسلام وشرط من شروط الإيمان؛ كما قال سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ. {البقرة:165} . وقال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين. متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون عنده أحب إليه من نفسه. الحديث رواه أحمد وغيره وصححه الأرناؤوط.
وأن الله تعالى قد رفع ذكر نبيه صلى الله عليه وسلم وقرن اسمه عز وجل باسمه في غير ما موضع مصداقا لقول الله تعالى: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ. {الشرح: 4} .
قال الطبري في تفسيره: فلا أذكر إلا ذكرت معي، وذلك قول: لا إله إلا الله محمد رسول الله.. فليس خطيب، ولا متشهد، ولا صاحب صلاة، إلا ينادي بها، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي شرح نونية ابن القيم: وقرن اسمه باسمه كما في الخطب والتشهد والتأذين كما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه ... ... ... إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق له من اسمه ليجله ... ... ... ... ... فذو العرش محمود وهذا محمد.
ومع هذا فلا يجوز أن تكون محبة المخلوق وتعظيمه كائنا من كان مساوية لمحبة الخالق سبحانه وتعالى وتعظيمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1430(11/8301)
هل يمنع النوم في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النوم في المساجد؟ فأنا أعمل قيما في أحد المساجد في بلدي وأنا مكلف بإغلاق المسجد بعد الفراغ من صلاة الفريضة وأداء المصلين لنوافلهم, لكنني أفاجأ أحيانا ببعض الإخوة الذين ينامون في المسجد وأجد حرجا كبيراً في إيقاظهم وشرح الموقف لهم، بم تنصحونني بارك الله فيكم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى مفصلة في حكم النوم في المسجد وأقوال الفقهاء في ذلك وهي تحت الرقم: 27718، فلا حاجة إلى إعادة ذلك، وذكرنا أيضاً آداب النوم في المسجد في الفتوى رقم: 119890، وحكم إغلاق المسجد في الفتوى رقم: 3895.
والذي ننصح به أخانا السائل هو أنه إن كان النائم غريباً عن البلد أو ليس له مأوى يأوي إليه فلا تمنعه من النوم في المسجد إلا إذا اضطررت إلى ذلك بحكم التعليمات الصادرة من الجهات الرسمية في البلد، وكذا الحال إذا كنت تخشى حصول ضرر للمسجد أو لبعض معداته مثلاً، فيمكنك حينئذ أن تخبر من أراد النوم في المسجد بحقيقة الأمر وبأنك مجبر على إغلاق المسجد، وليكن ذلك برفق ولين، عملاً بقول الله تعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً {البقرة:83} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(11/8302)
لا حرج في قضاء الدين في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى رجل من آخر سلعة، وأعطاه ثمنها بعد مدة في المسجد. هل يعد هذا من البيع المنهي عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يعد ذلك من البيع المنهي عنه؛ لأنه وقع خارج المسجد، وأما استيفاء الدين داخل المسجد فلا حرج فيه.
جاء في مختصر خليل: وجاز بمسجد سكنى لرجل تجرد للعبادة، وعقد نكاح، وقضاء دين، وقتل عقرب، ونوم بقائلة. انتهى.
وذلك لأن سداد الدين وقبضه بالمسجد ليس كالبيع فيما فيه من مساومة وأخذ ورد وعقد. سيما إن كان الدين خفيفا لا يحتاج إلى كثير عد وكبير وزن.
قال في مواهب الجليل: يعني أنه يجوز قضاء الدين في المسجد لأنه معروف بخلاف البيع والصرف.
قال الطرطوشي في كتاب البدع: أراد بالقضاء المعتاد الذي فيه يسير العمل وقليل العين، وأما لو كان قضاء بمال جسيم يحتاج المؤنة والوزن والانتقاد ويكثر فيه العمل فإنه مكروه. انتهى.
وقال ابن ناجي في شرح قول الرسالة: ويكره العمل في المساجد إلى آخره. ينبغي أن تنزه المساجد عن البيع والشراء، واستخف في البيان قضاء الدين وكتب الحق فيه ما لم يطل.
فدل ذلك على جواز الاستيفاء داخل المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1430(11/8303)
آداب النوم في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بالبحث في النوم في المساجد والتصريح به.
هل توجد آداب للنوم في المسجد؟ أم يصرح للنائم أن ينام أمام المصلين، أو في وسط المسجد، أو خلاف ذلك من إصدار أصوات لبعض النائمين مما يشوش على المصلين؟
الرجاء إفادتنا بالآداب وتلك الأوصاف خاصة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا مذاهب العلماء في النوم في المسجد في الفتوى رقم: 27718، ورجحنا الجواز، ولكن شرط الجواز ألا يكون في ذلك أذية للمصلين، كما بينا ذلك في الفتوى: 96355.
وينبغي لمن أراد النوم في المسجد أن يراعي أموراً منها: ألا يعتاد النوم فيه، وأن يجعل ذلك مقصوراً على قدر الحاجة خروجاً من الخلاف في المسألة، ومنها: ألا يكون في نومه أذية للمصلين بأي نوعٍ من أنواع الإيذاء، إذ المسجد جُعل للصلاة أصلاً، وحقُ المصلين في العبادة مقدم، ومنها: ألا ينام على هيئةٍ قد تنكشف فيها عورته أو على هيئة مستهجنةً عرفا، بل يجعل نومه في مؤخرة المسجد، ومراعاة الأعراف التي لا تُخالف الشرع من الأمور المعتبرة عند أهل العلم.
قال الشيخ العثيمين: المهم أننا نأخذ من كلام المؤلف -أي صاحب الزاد- هنا أن العرف مقدم على كل شيء ما لم يناقض الشرع، فإن ناقض الشرع فلا حكم له. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(11/8304)
ضوابط جواز قراءة القصائد التي ترغب في القرآن في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في الجزائر نقوم بعد صلاة المغرب بقراءة حزبين من القرآن الكريم يوميا جماعة، وبعد ذلك نقوم بقراءة قصيدة نمدح فيها القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القراءة جماعة قد بينا تفصيل القول فيها في الفتوى رقم: 27933. وقد أباحها كثير من أهل العلم وجرى العمل بها في كثير من بلاد المسلمين، وروي عن مالك كراهتها.
وأما قراءة القصائد التي ترغب في القرآن ويتحدث فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم والثناء عليه فالأصل جوازها إن لم يك فيها ما يخل بالعقيدة ولم يحصل لغط في المسجد ولا اختلاط الأجانب، مع أن قراءتها ليست مما يتعبد به فالأولى أن نشتغل بتعلم سنة وسيرة وشمائل الرسول صلى الله عليه وسلم ونحمل نفوسنها على التمسك بهديه ونحرض الآخرين على ذلك.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5211، 6890، 25738، 20136، 45070.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(11/8305)
حكم تعليق الأذكار التي تقال دبر الصلاة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الملصقات المعلقة في المساجد وفيها معقبات الصلاة ويقرأ منها المصلي بعد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصلُ في الأذكار التي تُقال دبر الصلاة والتي سميتها بمعقبات الصلاة أن يقولها كل مصلٍ من حفظه لأن ذلك أعون على التدبر وأدعى للخشوع وهو الموافق لعمل الصدر الأول، ولكن من لم يكن يحفظها أو بعضها فلا بأس من أن يقرأها من ورقةٍ أو نحوها، وهذه الملصقات التي توضع على جدران المسجد وتوجد فيها هذه الأذكار لتذكر المصلين بها وليقرأها منها من لم يحفظها لا نرى مانعاً منها البتة لما فيها من المصلحة الراجحة والحث على العبادة والذكر فوضعها مشروع إذا كان بهذا القصد، شريطةَ أن توضع في أماكن لا تُلهي المصلين في أثناء صلاتهم ولا تشوش عليهم، وانظر الفتوى رقم: 34043، والفتوى رقم: 98661.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(11/8306)
رفع الصوت بالعلم في المسجد.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في الحديث بعد الصلاة مباشرة حيث لا نكمل الاستغفار بعد الصلاة إلا والمحدث يقوم يحدث بعد الصلاة كما أنه يكون هناك بعض المصلين يصلون والذين لحقوا مؤخراً بالجماعة مما قد يسبب لهم إرباكا في الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الأولى بالإمام أو المدرس أن ينتظر قليلاً حتى يكمل المسبوقون صلاتهم قبل أن يبدأ في الدرس حتى لا يشوش، وحتى يتمكن المصلون من الإتيان بمعقبات الصلاة، وعليه أن يتوسط في رفع صوته، وقد اختلف الفقهاء في رفع الصوت في المسجد بالعلم، فكرهه بعضهم كالإمام مالك، وأجازه آخرون كالإمام أبي حنيفة، قال السيوطي في الحاوي للفتاوى: أجاز أبو حنيفة، ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم.. وجاء في مواهب الجليل للحطاب: أن مالك سئل عن رفع الصوت بالعلم في المسجد فأنكر ذلك، وقال: علم ورفع صوت؟! فأنكر أن يكون علم فيه رفع صوت، وفيه كانوا يجلسون في مجالس العلم كأخي السرار، فإذا كان مجلس العلم على سبيل الاتباع فليس فيه رفع صوت، فإن وجد فيه رفع صوت منع، وأخرج من فعل ذلك. انتهى.
واستثنى بعض المالكية رفع الصوت بالعلم لحاجة التبليغ؛ كما قال الخرشي المالكي: يكره رفع الصوت بالعلم في المسجد ... اللهم إلا أن يكون رفعه لأجل التبليغ.. انتهى.
ولعل الراجح جواز رفع الصوت بالعلم عند الحاجة إلى التبليغ، ويقتصر في ذلك على قدر الحاجة وينتظر المتحد ث حتى يتم المسبوقون الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(11/8307)
حكم تعليق لافتة تنبيه لمن يريد دخول المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أكرمنا الله ببناء مسجد بالدور الأرضى بالعمارة ملكنا والمسجد مكيف الهواء وعلقت لافتة: المسجد مكيف الهواء ادفع، فهل يجوز غلق الباب وتشغيل المكيفات أو إيقاف المكيفات وفتح الباب مع العلم بأن المترددين على المسجد تعودوا ذلك، فهل من حرمة في غلق الباب، نفعنا الله بعلمكم وجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلتموه من تعليقكم هذه اللافتة التي تتبه من يريد دخول المسجد على إمكان الدخول أمر حسن ولا حرج فيه عليكم ولا تبعة إن شاء الله لأنكم والحال هذه لم تمنعوا أحدا من دخول المسجد، ومراعاة مصلحة المصلين بتشغيل الميكفات أمر حسن إذا كان ذلك يساعد على تحصيل مقصود الصلاة والخشوع فيها.
ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للمزيد من الخير وأن يزيدنا وإياكم حرصا عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1429(11/8308)
حكم انكشاف العورة عند تبديل الملابس في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم الإجابة عن سؤالي، وسؤالي هو: هل يجوز لي أن أبدل ملابسي في المسجد بحيث أنزع سروالي وأبقى كاشف العورة، مع العلم بأنه ليس في المسجد أحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من تبديل الملابس بالمسجد الخالي من الناس ولو أدى ذلك إلى كشف العورة، لأن كشفها في الخلوة في غير الصلاة جائز للحاجة، ولم نجد من فرق بين المسجد وغيره في ذلك، لكن ينبغي ألا يفعل ذلك إلا في حال عدم وجود بديل عن المسجد؛ لأنه يختلف عن غيره في الكثير من المسائل، ويجوز في غيره ما لا يجوز فيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ستر العورة واجب في الصلاة وأمام الناس وكذلك في الخلوة عند جمهور الفقهاء، إلا لحاجة مثل من يغتسل ونحو ذلك، وعلى هذا فإذا أمكن اجتناب كشف العورة بالمسجد بمحاولة عدم التعري أو بالذهاب لمكان آخر لتبديل الملابس فما ينبغي للمسلم أن يفعل ما يؤدي إلى كشف العورة في بيت الله تعالى لغير حاجة لأنه يختلف عن غيره في الكثير من المسائل، ويجوز في غيره ما لا يجوز فيه.
وإن لم يوجد مكان غير المسجد فالظاهر أنه لا مانع من ذلك للحاجة، ومن الواضح أن تبديل الملابس من الحاجة، ففي الموسوعة الفقهية ما نصه: كما يجب ستر العورة عن أعين الناس يجب كذلك سترها ولو كان الإنسان في خلوة، أي في مكان خال من الناس. والقول بالوجوب هو مذهب الحنفية على الصحيح، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، وقال المالكية: يندب ستر العورة في الخلوة. والستر في الخلوة مطلوب حياء من الله تعالى وملائكته، والقائلون بالوجوب قالوا: إنما وجب لإطلاق الأمر بالستر، ولأن الله تعالى أحق أن يستحيا منه، وفي حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو مما ملكت يمينك، فقال: الرجل يكون مع الرجل؟ قال: إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل، قلت: والرجل يكون خالياً؟ قال: فالله أحق أن يستحيا منه. والستر في الخلوة مطلوب إلا لحاجة، كاغتسال وتبرد ونحوه. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 101615.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1428(11/8309)
وجوب تعاهد المساجد وتطهيرها من الدنس والأقذار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المسلمة أن تغير قماط ابنها في المسجد، مع العلم بأن الكثير من الأخوات يرمين تلك الأقمطة في صندوق القمامة التابع لمصلى النساء مما يتسبب في انتشار رائحة الغائط في المسجد؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان استبدال غيارات الطفل في المسجد سيترتب عليه انتشار الرائحة الكريهة في المسجد أو في فنائه لم يجز ذلك الفعل، لأنه خلاف ما أمر الله تعالى به من تطهير المساجد وصيانتها.
قال الله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ {النور:36} ، قال ابن كثير رحمه الله: أي أمر الله تعالى بتعاهدها وتطهيرها من الدنس واللغو والأقوال والأفعال التي لا تليق فيها ... انتهى.
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية: قال الحسن البصري وغيره: معنى ترفع: تعظم، ويرفع شأنها وتطهر من الأنجاس والأقذار، ففي الحديث: إن المسجد لينزوي من النجاسة كما ينزوي الجلد من النار. وروى ابن ماجه في سننه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أخرج أذىً من المسجد بنى الله له بيتاً في الجنة. وروي عن عائشة قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتخذ المساجد في الدور، وأن تطهر وتطيب ... انتهى كلام القرطبي.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن (البزاق في المسجد خطيئة) ، كما في البخاري، فكيف بالغائط الذي تنتشر رائحته وتؤذي المصلين والملائكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1428(11/8310)
موقف الإمام من الذين يسألون المعونة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث في بعض المرات أن أصلي بالناس إماماً في المسجد ... حتى إذا انتهيت من الصلاة وسلَّمتُ وسلَّم المصلون من خلفي, يقف أحدهم سائلاً المعونة بالمال لحاجة له أو لأولاده، فماذا يجب عليَّ أن أفعله في هذا الموقف اتباعاً للسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 28802 أنه يكره السؤال في المسجد كراهة شديدة، وكذا يكره إعطاء من سأل فيه، والذي نشير به على الأخ السائل هو أنه إذا رأى أحداً يسأل في المسجد أن ينصحه بعد الانفراد به بترك السؤال في المسجد، وليحذر من توبيخه أو نهره أمام المصلين، لا سيما إن علم من حال السائل الفقر والحاجة حقيقة، وقد قال الله تعالى: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَر ْ {الضحى:10} ، وأما إن علم ضد ذلك وأنه من الذين يحترفون السؤال من غير حاجة فامنعه ولو بالزجر أمام المصلين، وبإبلاغ السلطات المختصة إن لزم الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(11/8311)
حكم كتابة أسماء الله الحسنى واسم النبي وأسماء الصحابة على جدران المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[1) ما هو حكم تعليق صحنين في المسجد قرب المنبر مكتوب على أحدهما: الله ومكتوب على الآخر: محمد؟
2) ما هو حكم تعليق ستة صحون في المسجد قرب المنبر مكتوب على أحدهما: الله، والصحن الذي يقابله مكتوب عليه: محمد، وتحتهما صحنان متقابلان: مكتوب على أحدهما أبو بكر ومكتوب على الآخر عمر،
وتحتهما صحنان متقابلان: مكتوب على أحدهما عثمان ومكتوب على الآخر علي؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مانعا من كتابة وتعليق أسماء الله تعالى أو اسم رسوله صلى الله عليه وسلم في أي مكان لا إهانة فيه ولا اسهزاء، كما لا مانع من كتابة أسماء أصحابه رضوان الله عليهم.
ولكنا لا ننصح بكتابة أسماء الله ولا أسماء رسوله صلى الله عليه وسلم وتعليقهما في المسجد وخصوصا على جهة القبلة، ولا بكتابة أسماء أصحابه رضوان الله عليهم بالصورة المذكورة، وذلك لأمرين:
الأول: أن جعل أي شيء في قبلة المصلي يمكن أن يشوش عليه أو يشغله مكروه نص على ذلك أهل العلم. قال صاحب منح الجليل وهو أحد شراح مختصر خليل في الفقه المالكي عند ذكره للمكروهات في الصلاة: وكره تزويق قبلة بذهب أو غيره وكذا الكتابة فيها. انتهى.
الأمر الثاني: أن كتابة أسماء الله تعالى أو اسم رسوله صلى الله عليه وسلم أو أسماء الصحابة في المحاريب أو في غيرها لم يكن من عمل سلفنا الصالح، وقد يكون بعضها ذريعة إلى نوع من الشرك أو اعتقاد غير صحيح، مع أنه لا داعي له ولا حاجة تدعو إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1428(11/8312)
درجة حديث: لا تمنعوا القائلة في المسجد مقيما ولا ضيفا.
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء في كتاب المساجد لأبي نعيم من حديث بشر بن جبلة عن أبي الحسن عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه يرفعه: «لا تمنعوا القائلة في المسجد مقيما ولا ضيفا» .
فما صحة هذا الخبر؟
علماً، أن هذا الخبر أورده صاحب عمدة القاري ... ولا أراه إلا يقصد كتاب حرمة المساجد لأبي نعيم..
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث الذي أشار إليه السائل ذكره صاحب عمدة القاري على نحو ما في السؤال كما رواه الطبراني في الكبير، ضمن حديث ولفظه: عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسل السيوف ولا تنثر النبل في المساجد، ولا يحلف بالله في المسجد، ولا يمنع القائلة في المساجد مقيما ولا ضيفا، ولا تبنى بالتصاوير ولا تزين بالقوارير، فإنما بنيت بالأمانة وشرفت بالكرامة. ولم نجد من تكلم على درجة هذا الحديث بسياقه هذا من حيث الصحة من عدمها، لكن معنى الفقرة المسؤول عنها صحيح، وإليك الدليل على ذلك، فقد روى البخاري عن سهل بن سعد قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة عليها السلام فلم يجد عليا في البيت فقال أين ابن عمك؟ فقالت كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان انظر أين هو، فجاء فقال يا رسول الله هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه وهو يقول قم أبا تراب قم أبا تراب. وقد بوب البخاري لجواز القائلة في المسجد فقال: باب القائلة في المسجد، قال الحافظ ابن حجر عند شرح هذا الحديث: وفي حديث سهل هذا من الفوائد أيضا جواز القائلة في المسجد، وممازحة المغضب بما لا يغضب منه بل يحصل به تأنيسه، وفيه التكنية بغير الولد، وتكنية من له كنية، والتلقيب بالكنية لمن لا يغضب. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1428(11/8313)
كراهية الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المجادلة في المسجد بين الأذان وإقامة الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمساجد بنيت للعبادة من صلاة وتلاوة وقرآن وغيرها من أنواع الذكر، وينبغي أن تصان عن كل ما يشوش على القارئين والمصلين كرفع الصوت فيه والمجادلة فذلك مكروه، ففي المصنف لابن أبي شيبة عن ابن عمر: أن عمر نهى عن اللغط في المسجد وقال: إن مسجدنا هذا لا ترفع فيه الأصوات. انتهى
وقال النووي في المجموع: تكره الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه ونشد الضالة، وكذا البيع والشراء والإجارة ونحوه من العقود هذا هو الصحيح المشهور. انتهى
وفي المنتقى للباجي: ولما رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثرة جلوس الناس في المسجد وتحدثهم فيه، وربما أخرجهم ذلك إلى اللغط وهو المختلط من القول وارتفاع الأصوات، وربما جرى في أثناء ذلك إنشاد شعر بنى هذه البطحاء إلى جانب المسجد وجعلها لذلك ليتخلص المسجد لذكر الله تعالى وما يحسن من القول، وينزه من اللغط وإنشاد الشعر ورفع الصوت فيه، ولم يرد أن ذلك محرم فيه، وإنما ذلك على معنى الكراهية وتنزيه المساجد، لا سيما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فيجب له من التعظيم والتنزيه ما لا يجب لغيره. انتهى
وللفائدة راجع رقم: 8280، والفتوى رقم: 11503.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1428(11/8314)
كراهة الخصومة ورفع الصوت في المسجد ومحيطه
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشرت في السنوات الأخيرة عندنا ظاهرة انتصاب الباعة أمام أبواب المساجد فهؤلاء يأتون في أوقات الصلوات لاصطياد المصلين قبل وبعد الصلاة وأغلب هؤلاء لا يصلون أصلا وإنما مجيئهم فقط بغرض بيع بضائعهم والأدهى من هذا أنهم بمجرد ما يسلم الامام من الصلاة يتعالى عقيرهم بالصياح ترويجا لبضائعهم فيشوشون على المسبوقين في صلاتهم والذاكرين بمعقبات الصلاة والذين يصلون النوافل البعدية بل قد يصل الأمر أحيانا ببعضهم للتفوه بالكلام البذئ أثناء الصلاة المفروضة كل هذا وجماهير المصلين لا يحركون ساكنا بل ويتهافت أغلبهم عل هؤلاء الباعة للشراء منهم، وقد حاولت التصدي بكل جهدي لهذا المنكر منذ البداية لكني وجدت صعوبات عديدة من المصلين أنفسهم لحد أن بعضهم اتهمني بقطع الأرزاق وكأن الأرزاق عياذا بالله صارت بيدي أنا، وآخر ما فعلت أني خرجت بالأمس بعد صلاة الظهر فنهيت الباعة عن الصياح فلم يستتجيبوا لي فأقسمت بالله بأعلى صوتي أن كل من يشتري من هؤلاء هو شريك لهم في الإثم فما كان من أحد الباعة إلا أن تهجم علي ليعنفني وكالعادة اتهمني بعض المصلين بالتشدد، فما كان مني إلا أن ذرفت عيناي الدمع وانصرفت مفوضا أمري إلى الله هو حسبي ونعم الوكيل، فهل أنا محق في ما أقسمت عليه، أنا في حيرة من أمري ففي كل مرة أقول بيني وبين نفسي لن أتصدى لهذا المنكر مجددا لكني ولله الفضل والمنة لا أصبر على هذا، أرشدوني رحمكم الله لما يجب علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هؤلاء الباعة يشوشون على المصلين في المسجد بصياحهم ويؤذونهم بكلامهم القبيح ونحو ذلك، فهذا شيء قبيح ولا بد من إزالته لمن أمكنه ذلك سواء كانت السلطات أو جماعة المصلين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أذية المصلي للمصلي برفع صوته بالقرآن، فقال: إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر بم يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن. رواه أحمد وصححه ابن عبد البر وغيره.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض بالقراءة. رواه أبو داود والنسائي والبيهقي والحاكم. فإذا كان هذا النهي في رفع الصوت بالقراءة فما بالك برفع الصوت بغيره من الكلام؟! ومن علم بحال هؤلاء وشاهدهم وأدرك أذيتهم واشترى منهم فإنه قد شاركهم في سوء فعلهم، ولكن لا يرقى صنيعهم هذا إلى الحرمة؛ بل هو مكروه، قال النووي في المجموع: تكره الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه وكذا البيع والشراء والإجارة ونحوه من العقود هذا هو الصحيح المشهور. انتهى.
وننبه إلى أنهم لو افترشوا حريم المسجد وضيقوا على المصلين فإنه يحرم عليهم المكث في ذلك المكان، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى: ويمنع من ارتفاق بحريمه ضار بأهله، ولا يجوز للإمام الإذن فيه، فإن لم يضر بأهله جاز الارتفاق المذكور، والإذن فيه.
وعليه؛ فإننا نرى أن حلفك على أن من شاركهم آثم خطأ ولا تلزمك فيه كفارة لأن من حلف على شيء يظنه صحيحاً فتبين أنه خطأ فلا كفارة عليه، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: ومن حلف على شيء يظنه كما حلف، فلم يكن فلا كفارة عليه، لأن هذا من لغو اليمين. وأكثر أهل العلم على أن هذه اليمين لا كفارة فيها، قاله ابن المنذر ... وننصحك بمواصلة النصح برفق ولين والسعي في كسب عدد من المصلين الذين يمكن أن يناصروك في منع هؤلاء الباعة من رفع الصوت، أو طردهم من حريم المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1428(11/8315)
حكم النوم في المسجد إذا كان يترتب عليه أذية للمصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدونا أفادكم الله، نحن في منطقة عمل في مكان صحراوي ووسائل الترفيه غير موجودة حتى المروحة للتهوية، يقوم بعض الزملاء بالنوم في المسجد مما يترتب عليه دخول الحشرات والبعوض، وبعض الإخوة أنكر عليهم ذلك، وإمام المسجد قال له لا يوجد نص يمنع ذلك، فأرجو من فضيلتكم الإفادة، فماذا نفعل؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 27718 بيان مذهب أهل العلم حول النوم في المسجد، وقد ذكرنا أن بعض أهل العلم رخص فيه مطلقاً، والبعض رخص فيه بالنسبة للشخص الغريب الذي لا يملك مسكناً، لكن إن كان المبيت فيه سيترتب عليه تلويث لفراشه أو دخول الحشرات أو البعوض ويكون في ذلك أذية للمصلين فيتعين تركه، ففي الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: مسألة: فيمن يعلم الصبيان في المسجد: هل يجوز له البيات في المسجد؟ فأجاب: الحمد لله، يصان المسجد عما يؤذيه، ويؤذي المصلين فيه، حتى رفع الصبيان أصواتهم فيه، وكذلك توسيخهم لحصره ونحو ذلك، لا سيما إن كان وقت الصلاة فإن ذلك من عظيم المنكرات، وأما المبيت فيه فإن كان لحاجة كالغريب الذي لا أهل له، والغريب الفقير الذي لا بيت له ونحو ذلك، وإذا كان يبيت فيه بقدر الحاجة ثم ينتقل فلا بأس، وأما من اتخذه مبيتاً ومقيلا فلا يجوز ذلك. انتهى.
فكل ما يؤذي المصلين يجب إبعاده عن المسجد؛ بدليل النهي عن دخوله في حق من تفوح منه رائحة تؤذي المصلين كرائحة الثوم والبصل ونحوهما، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 29697.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(11/8316)
الترغيب في تنظيف المساجد وكنسها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صح عن الرسول عليه السلام قول" كنس المساجد مهر للحور العين " وإن لم يكن فهل من آثار تدل على ذلك. وجزاكم عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعن أبي قرصافة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إخراج القمامة من المسجد، مهور الحور العين. وهذا الحديث لا يصح، فقد رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة، والطبراني في الكبير، وقال الهيثمي: وفي إسناده مجاهيل. وَأَشَارَ الْمُنْذِرِيُّ إلَى ضَعْفِهِ.
ولكن في تطهير المسجد وتنظيفه فضل وشرف كبير، ففي الصحيحين: أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد، فسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ماتت، فقال: أفلا كنتم آذنتموني؟ قال: دلوني على قبرها، فدلوه فصلى عليها.
وزاد أبو الشيخ الأصبهاني عن عبد الله بن مرزوق قال: كانت امرأة بالمدينة تقم المسجد فماتت، فلم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم، فمر على قبرها، فقال: ما هذا القبر؟ فقالوا: أم محجن، قال: التي كانت تقم المسجد؟ قالوا: نعم، فصف الناس فصلى عليها. ثم قال: أي العمل وجدتِ أفضل؟ قالوا: يا رسول الله: أتسمع؟ قال: ما أنتم بأسمع منها، فذكر أنها أجابته: قم المسجد. وهذه الزيادة ذكرها السيوطي في شرح مسلم، والمنذري في الترغيب، وفي إسنادها ضعف لكنها في فضائل الأعمال. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 71607.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(11/8317)
مذاهب العلماء في تناول الطعام في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[وليمة الزواج، هل الأفضل أن تكون في المسجد أم لا يوجد فضل لذلك حيث إني كنت أرى معظم المشايخ والملتزمين (نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا) يقومون بعمل الولائم والعقائق بالمساجد ولكني مؤخرا مع استعدادي للزواج وجدت من يقول إن هذه ليست سنة ولا حتى ذات فضل إنما هي امتهان للمسجد بسبب ما يمكن أن يحدث من أوساخ وما إلى ذلك، وقالوا أيضا إن الصحابة رضي الله عنهم والرسول علية الصلاة والسلام إنما كانوا يقومون بها في المسجد لأنهم لم يكن عندهم بدائل أخرى فالمسجد هو مكان تجمعهم واحتفالهم وكل شيء.
فهل الأفضل إقامتها بالمسجد مع اتخاذ ما يلزم لمحاولة الحفاظ على نظافته أم إقامتها خارج المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نطلع على ما يدل على أفضلية إقامة وليمة النكاح في المسجد ولا على أن الصحابة كانوا يدعون إليها في المسجد.
وعليه؛ فالذي ينبغي هو عمل الوليمة ودعوة الناس إليها في غير المسجد، ولاسيما إذا لم يأمن على نظافته، لأن لأهل العلم خلافا وتفصيلا في جواز الأكل في المسجد، فيرى الحنابلة أنه لا بأس بالأكل فيه، قال في كشاف القتاع ممزوجا بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: (وَ) لَا بَأْسَ (بِالْأَكْلِ فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَسْجِدِ لِلْمُعْتَكِفِ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ {كُنَّا نَأْكُلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.انتهى. وقال في مطالب أولي النهى: لَا بَأْسَ بِالِاجْتِمَاعِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْأَكْلِ فِيهِ. انتهى
وكذلك الشافعية قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: لَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي الْمَسْجِدِ، وَوَضْعِ الْمَائِدَةِ فِيه. انتهى
ويفرق المالكية بين الأكل الخفيف الجاف وغيره، فيجوز عندهم في المسجد أكل ما خف وجف مثل التمر ونحوه، ولا يجوز غير ذلك إلا في حال الضرورة، قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ: وَأَمَّا الْأَكْلُ فِي الْمَسْجِدِ فَفِي الْمَبْسُوطِ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَكْلَ الْأَطْعِمَةِ اللَّحْمِ وَنَحْوِهِ فِي الْمَسْجِدِ، زَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: أَوْ رِحَابِهِ، وَأَمَّا الصَّائِمُ يَأْتِيهِ مِنْ دَارِهِ السَّوِيقُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَوْ الطَّعَامُ الْخَفِيفُ فَلَا بَأْسَ بِهِ. انتهى.
وفي التاج والإكليل لمختصر خليل: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ بَأْسًا بِأَكْلِ الرُّطَبِ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الْمَسَاجِدِ. ابْنُ رُشْدٍ: فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُرَبَاءَ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَأْوًى يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَأْوُوا إلَى الْمَسَاجِدِ وَيَبِيتُوا فِيهَا وَيَأْكُلُوا فِيهَا مَا أَشْبَهَ التَّمْرَ مِنْ الطَّعَامِ الْجَافِّ، وَقَدْ خَفَّفَ مَالِكٌ أَيْضًا لِلضِّيفَانِ الْمَبِيتَ وَالْأَكْلَ فِي مَسَاجِدِ الْقُرَى، بِمَعْنَى أَنَّ الْبَانِيَ لَهَا لِلصَّلَاةِ فِيهَا يَعْلَمُ أَنَّ الضِّيفَانَ يَبِيتُونَ فِيهَا لِضَرُورَتِهِمْ إلَى ذَلِكَ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَدْ بَنَاهَا لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ بِنَائِهِ لَهَا إنَّمَا هُوَ لِلصَّلَاةِ فِيهَا؛ لَا لِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ مَبِيتِ الضِّيفَانِ. انتهى
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(11/8318)
سماع الدروس من القنوات الفضائية في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدنا أدخل المسؤولون جهاز التلفاز وجهاز استقبال فضائيات في كل المساجد، ويشغلون دروساً بعد صلاة المغرب إلى قبيل إقامة الصلاة، وهناك من يرى أن هذا نوع من المساس بحرمة المساجد وربما يقول البعض أن التلفاز آلة تستخدم في الخير والشر فلا مانع من إدخاله للمسجد، ومعارضة للقول الأخير ضربت مثلاً بكؤوس لها شكل مميز معروف عنها أنها تستعمل لشرب الخمر، دقيق الساق لها قاعدة دائرية، أظنكم عرفتم الشكل، هل ينفع أن ندخلها للمسجد ليشرب الناس فيها الماء، وقد اشتهرت بينهم في استعمالها للخمور، طرحت عليكم هذا الأمر لأخذ رأيكم في مسألة التلفاز والدش في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جهاز التلفاز آلة ووسيلة تستخدم في الخير والشر مثل غيرها من وسائل الإعلام، وليس فيها محظور لذاتها, بل المحظور إن وجد فهو متعلق بما يبث فيها، وعلى كل فينبغي للقائمين على المساجد المذكورة أن يحرصوا على إقامة الدروس فيها بإحضار المشايخ والفقهاء والوعاظ لإلقاء دروسهم والأخذ منهم مشافهة على الحالة المعروفة، فإذا لم يمكن ذلك، فالظاهر أنه لا مانع شرعاً من إدخال الجهاز المذكور في المسجد بقصد سماع الدروس عبر القنوات إذا ضبطت عن المنكرات مثل الأغاني ولو قليلة, والصور المحرمة ورفع الصوت وغير ذلك مما يتنافى مع آداب المسجد، فإن لم تضبط عن المحرمات أو لم يمكن التحكم فيها حرم استخدامها في المسجد، مع التنبيه على أنه ينبغي التركيز على القنوات المختصة بالدروس والمواعظ مثل قناة المجد وقناة اقرأ وغيرهما من القنوات التي لا تشتمل على المنكرات.
وما ذكر الأخ السائل من مسالة كؤوس الخمر يختلف عن هذه المسألة، وذلك لأن هذه الكؤوس إذا كانت خاصة بالخمر تعرف بذلك عند الناس فإنه لا ينبغي للمسلم اتخاذها لا في المسجد ولا في غيره إلا لضرورة، لأن مشاهدتها عنده سبب لاتهامه بالشرب والفسوق، وهو مطالب شرعاً بالمحافظة على عِرضه واجتناب مواقف التهم والريبة وإن كان بريئا منها, ومن كلام علي رضي الله عنه: إياك وما يسبق إلى القلوب إنكاره, وإن كان عندك اعتذاره. انتهى.
مع أن الأصل جواز استعمالها إذا كانت طاهرة، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يشربون في أواني الكفار بعد غسلها ولم يمنعهم من ذلك ما قد كان يفرغ فيها من الخمر وغيره من النجس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1427(11/8319)
رفع الصوت بمسجد النبي أشد حرمة من غيره من المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما السلوكيات التي يسلكها بعض الناس حاليا وتعتبر مخالفة لما نهى الله عنه من رفع الصوت بحضرة النبي صلى الله علية وسلم؟ وأيضا التي تعتبر موافقة لثناء الله على الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رفع الصوت بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم محرم ومناف للآداب والأخلاق التي أدب الله تعالى بها عباده المؤمنين، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ {الحجرات: 2 ـ 3} وإذا كان رفع الصوت منهيا عنه في عموم المساجد، فإن رفع الصوت بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون أشد حرمة، وعلى من رأى شيئا من ذلك أن ينبه صاحبه وينهاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1427(11/8320)
فضل تنظيف وتطييب المساجد وملحقاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو أجر تنظيف المسجد وخاصة تنظيف المغاسل في كل وقت، وهل أني عندما أنظف المغاسل في كل وقت أحصل على الأجر، وهل هناك دليل من القرآن الكريم والسنة النبوية على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن نظافة المسجد من الأمور المرغب فيها بدليل الأحاديث الواردة في الترغيب في ذلك، قال النووي: يستحب استحباباً متأكداً كنس المسجد وتنظيفه؛ للأحاديث الصحيحة المشهورة فيه. انتهى.
ومن هذه الأحاديث ما رواه الترمذي وأبو داود، عن عائشة قالت: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب.
قال في تحفة الأحوذي: قال في المرقاة: قال ابن حجر: وبه يعلم أنه يستحب تجمير المسجد بالبخور خلافاً لمالك حيث كرهه. فقد كان عبد الله يجمر المسجد إذا قعد عمر رضي الله عنه على المنبر، واستحب بعض السلف التخليق بالزعفران والطيب، وروى عنه عليه السلام فعله، وقال الشعبي: هو سنة، وأخرج ابن أبي شيبة أن ابن الزبير لما بنى الكعبة طلى حيطانها بالمسك، وأنه يستحب أيضاً كنس المسجد وتنظيفه، وقد روى ابن أبي شيبة أنه عليه السلام كان يتبع غبار المسجد بجريدة. انتهى.
ومما ورد في تعيين فضل تنظيف المسجد ما أخرجه الطبراني وغيره من قوله صلى الله عليه وسلم: ابنوا المساجد، وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله بيتا بنى الله له بيتا في الجنة، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين. وقد ضعف الألباني هذا الحديث، وهذه النصوص إنما هي في تنظيف المسجد، وأما تنظيف المرافق التابعة للمسجد فإنه مما يؤجر عليه المسلم إذا فعل ذلك عند الحاجة إليه، لأن تنظيفها من خدمة رواد المسجد ومنفعتهم وهذا عمل صالح، ثم إن هذا العمل يدخل أيضاً في عموم قوله تعالى في سورة الزلزلة: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {الزلزلة:7} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1427(11/8321)
حكم إجراء تمارين رياضية في المسجد بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بإحدى الجامعات المصرية وعندما ينادي للصلاة نقوم ونصلي، ولكني رأيت أحد الدكاترة بالجامعة والذي نحسبه على خير ولا نزكي على الله أحدا يقوم بحث الإخوة المصلين الذي يعرفهم بعد تمام الصلاة بعمل رياضة بسيطة بعد الصلاة لرفع اللياقة البدنية بدون قصد أن تكون هذه عادة لهم بعد ذلك، ولكني خشيت أن يقوم كل واحد من هؤلاء بحث أصدقائه هو الآخر على فعل هذه الرياضة بعد كل صلاة فتصبح عادة عندهم، فما هو مدى مشروعية ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في تحديد وقت معين للرياضة المباحة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 32273.
ولا حرج في أن يكون ذلك عقب الصلوات ما لم يعتقد أن هذه الرياضة جزء من الصلاة التي سبقتها، وقد ذكرت في سؤالك أن هذا غير مقصود، فلا حرج فيما يفعله هؤلاء الإخوة إن شاء الله.
وأما ممارسة الرياضة في المسجد فجائزة أيضاً إذا كان في منفعة عامة للمسلمين؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم. رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والحبشة يلعبون في المسجد) فيه جواز ذلك في المسجد. وقال بعد أن رد على من ادعى نسخ اللعب بالحراب في المسجد وعلى من ادعى أن اللعب كان خارج المسجد: واللعب بالحراب ليس لعبا مجرداً، بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو، وقال المهلب: المسجد موضوع لأمر جماعة المسلمين، فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز فيه. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1426(11/8322)
كراهة البيع والشراء داخل المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع أشرطة دينية داخل المسجد لغرض أن تذهب هذه النقود لصالح صيانة المسجد نفسه؟
قام إمام المسجد بعمل مزاد علني على شيء معين مثل لوحة فيها صورة الأقصى من أجل أخذ النقود وجعلها لصالح مشاريع خيرية في فلسطين فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبيع والشراء داخل المسجد مكروه عند جماهير أهل العلم، ولا فرق بين أن يكون البيع لصالح المسجد أو لا، وقد سبق بيان ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 23300. أما قيام إمام المسجد بعمل مزاد علني لبيع لوحة بها صورة للأقصى وجعل هذا الثمن في مشاريع خيرية.. فإن كان هذا يتم خارج المسجد فهو عمل جائز ونسأل الله أن يكتب الأجر لمن نفذ هذا العمل وأعان عليه، وراجع في بيع المزايدة الفتوى رقم: 17455. أما إن كان يتم داخل المسجد فقد سبق القول بكراهة البيع والشراء داخل المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(11/8323)
أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[اثنان يذهبان للصلاة من نفس الشقة في إحدى العمارات إلى نفس المسجد، فإن نزل أحدهما بالمصعد ونزل الآخر على السلم مع قدرته أن ينزل بالمصعد بدعوى أن له أجرا أكبر من باب أن الأجر على قدر المشقة فكان رد الآخر أن المشقة المقصودة عندما يضطر الإنسان لها ويتحملها من أجل العبادة، أما أن يتكلف المشقة في حين أن الله قد يسر الأمر له فذلك يخالف اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم للأيسر ما لم يكن إثما ويقع تحت باب إن الله غني عن تعذيب هذا نفسه فما فصل الخطاب في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المسألة ليست من باب تعذيب المرء نفسه، ولا من باب الاضطرار إلى الأمر وتحمله، بل هي من باب اختيار كثرة الخطا إلى المساجد رجاء أن تكتب له خطوات أكثر إلى المسجد، ففي صحيح مسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه، وكان لا تخطئه صلاة، قال: فقيل له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله.
قال النووي رحمه الله تعالى: فيه إثبات الثواب في الخطا في الرجوع من الصلاة كما يثبت في الذهاب. انتهى
وعليه، فإن اختيار الشخص المذكور الذهاب إلى المسجد عن طريق السلم مفضلاً لها عن المصعد ليس داخلاً في تعذيب النفس، ولا في مسألة اختيار الأيسر، بل هو من باب اختيار كثرة الخطا إلى المساجد، وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في كثرة الخطا إلى المساجد، وذكر أن ذلك مما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، وجاء في حديث ابن مسعود الذي رواه النسائي وغيره: ولقد رأيتنا نقارب بين الخطا. قال في شرح سنن النسائي عند شرحه للحديث المذكور: نقارب بين الخطا: أي تحصيلاً لفضلها، وينبغي أن يكون اختيار أبعد الطرق مثله. اهـ
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه الإمام مالك في الموطأ: فإن أعظمكم أجراً أبعدكم داراً، قالوا: لم يا أبا هريرة؟ قال: من أجل كثرة الخطا. اهـ
وخلاصة الأمر أن كثرة الخطا إلى المسجد مندوب إليها، وأنه كلما كانت أكثر كان الأجر أعظم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 27584.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1426(11/8324)
لا إثم على من ألقى السلام لدى دخوله المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستحب لمن دخل المسجد رفع السلام؟ وهل يأثم إذا سلم المصلي ظانا أنه سلام الإمام وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسلام على المصلين داخل المسجد كرهه أكثر أهل العلم وأجازه بعضهم، وقد سبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 16214.
وإذا علمت أن الأمر مختلف فيه فإن من سلم عند دخوله المسجد لا يأثم بذلك، كما لا يأثم من سلم ظاناً أنه سلام الإمام، لكن الأولى لمن دخل المسجد أن يبدأ بالصلاة فيلتحق بالجماعة إن أدركها أو يصلي وحده أو مع جماعة آخرين، فإن كان دخوله قبل إقامة الصلاة سن له أن يصلي ركعتين تحية للمسجد، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 11807.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1426(11/8325)
كراهة إتيان المسجد للصلاة حال التلبس بالرائحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إمام جامع في الدوحة ويصلي معنا عمال يأتون من العمل وقد ابتلت ثيابهم بالعرق من أثر الشمس والعمل فهل يصلون منفردين حتى لا يؤذوا المسلمين بروائحهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 29061، أن المسلم يستحب له أن يتنظف إذا قصد الصلاة حتى لا تتأذى الملائكة والمصلون برائحته، لكنه لو صلى في حالة عرق فإن صلاته صحيحة.
والأصل في كراهة إتيان المسجد للصلاة حال التلبس بالرائحة ما في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أكل من هذه البقلة فلا يقربن مساجدنا حتى يذهب ريحها، يعني الثوم.
قال النووي عند شرح هذا الحديث: قال العلماء: ويلحق بالثوم والبصل والكراث كل ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها.
قال القاضي عياض: ويلحق به من أكل فجلا وكان يتجشأ. قال: وقال ابن المرابط: ويلحق به من به بخر في فيه، أو به جرح له رائحة. انتهى.
وقد عد العلماء هذه الروائح من أعذار التخلف عن الجماعة. وعلى هذا، فإذا كان العمال المذكورون بلغوا من العرق بحيث يتأذى بهم أهل المسجد فلا مانع من إرشادهم إلى الاصطفاف وراء الناس حتى لا يؤذوا الناس، ويكون الإمام هو الذي يبين لهم ذلك بأسلوب لا ينفرهم من الصلاة، فقد يكون منهم من هو جاهل لا يتفهم الأمر ويحمله على أنه استقذار لهم، أو يأمرهم بتغيير حالتهم عند الصلاة إن استطاعوا ذلك، فإن لم يستطيعوا فعلوا ما قدمنا من تأخرهم وراء الناس خوف الأذية.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 56226.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(11/8326)
لا يغلق المسجد إذا ارتكبت فيه معصية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل عن رجل مارس اللواط في المسجد هل صحيح المسجد يغلق أفيدوني أفادكم الله، مع العلم بأنه لم يره إلا شخص واحد لم يبلغ عنه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الرجل قد ارتكب إثما عظيما وفاحشة كبيرة حرمها الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله، وأجمعت الأمة على تحريمها، ولقد حكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على من قارفها بأن يقتل مطلقا، بكرا كان أو محصنا، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقلتوا الفاعل والمفعول به.
والذنوب والمعاصي يزيد إثمها وسخط الله على فاعليها إن كانت في زمان فاضل كرمضان، أو في مكان فاضل كمكة والمدينة والمساجد.
والواجب على هذا الفاعل هو أن يتوب إلى الله مما فعل، وأن يندم ندما شديدا، وأن يعقد العزم على عدم العودة إلى هذه الفاحشة أبدا. وليستتر بستر الله، ولا يخبر بها أحدا.
وأما المسجد فلا ضرر عليه فيما حصل، فلا يغلق، ولا يعطل، وإنما يبقى مفتوحا للعبادة كما كان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(11/8327)
حكم زيارة المساجد الأثرية
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد مسجد بقرية بجوارنا يقال إنه بناه عمرو بن العاص، وأريد أن أراه، فهل يجوز أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً من رؤية مسجد بناه الصحابة أو غيرهم أو أي أثر من الآثار التاريخية إذا كان للاعتبار والاطلاع ... ما لم يكن هناك مانع شرعي خارج، مثل أن يكون ذلك بقصد التعبد.
وللعلم فإن مساجد المسلمين في الفضل والشر ف سواء إلا المساجد الثلاثة: المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة، والمسجد الأقصى بالقدس الشريف، وهي التي جاء فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى. رواه البخاري ومسلم.
ولذلك فإذا كانت رؤية المسجد المذكور بقصد الصلاة فيه أو نذر المشي إليه والاعتكاف فيه وشد الرحال له.... فإن السفر وشد الرحال لا يشرع إلى المساجد للعبادة فيها إلا إلى المساجد الثلاثة المذكورة، وبإمكان من نذر أي نذر أن يؤدي نذره أو يصلي أو يعتكف في أقرب مسجد أو أي مسجد تيسر له، فلا يلزم السفر لشيء من ذلك لغير المساجد الثلاثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(11/8328)
حق على الله إكرام زوار المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة عن صحه ما يلى: سمعت بأحد الأشرطة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خير بقاع الأرض المساجد وأن الناس في مساجدهم والله في قضاء حوائجهم وأن خير الناس أولهم دخولا للمسجد وآخرهم خروجا.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه قد ثبت في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها، قال النووي: لأنها (يعني المساجد) بيوت الطاعات وأساسها على التقوى. إلى أن قال: والمساجد محل نزول الرحمة والأسواق ضدها.
وأما ما ذكر من أن الناس في مساجدهم ... إلى آخره، فلم نطلع على نص صريح في هذا المعنى، أي لم نطلع على حديث بهذا الخصوص، إلا أن المسلم ما دام في المسجد ينتظر الصلاة فهو كالمصلي، والمصلي له أن يدعو الله تعالى قضاء حوائجه في الدنيا والآخرة، وهذا مظنة إجابة الدعاء، ويستأنس بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه كما في صحيح الترغيب والترهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن للمساجد أوتادا والملائكة جلساؤهم إن غابوا يفتقدونهم وإن مرضوا عادوهم وإن كانوا في حاجة أعانوهم. وبما أخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: إن بيوت الله في الأرض المساجد، وإن حقا على الله أن يكرم الزائر. ذكره السيوطي في الدر المنثور.
وكذلك ما ذكر من أن خير الناس أولهم دخلولاً للمسجد وآخرهم خروجاً منه، فلم نطلع على خبر يفيد هذا المعنى، لكن الذي يستفاد من الحث على المسارعة إلى الخيرات وفضل المكث في المسجد للعبادة يدل على أن من يهتم بأن يكون من أول الناس ذهاباً إلى المسجد، وأن يكون من آخرهم خروجاً منه أنه من خير الناس، والشواهد على هذا كثيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1426(11/8329)
اللغو والسهر في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أحسن الله إليكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين، بعض الشباب الملتزمين أصحاب التدين نحسبهم كذلك والله حسيبهم ينامون في المساجد بحجة عدم فوات صلاة الفجر عليهم فيجتمع هؤلاء الشباب في المسجد ويأخذهم الحديث واللهو عن النوم أو العبادة وكذلك يتركون النوم في بيوتهم تاركين أهلهم وقد يحتاج أهلهم اليهم في أي وقت فهل هذا يجوز من الشباب الملتزم المتدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنوم في المسجد قد سبق كلام أهل العلم حوله مفصلا في الفتوى رقم: 27718. كما أن الكلام في الأمور الدنيوية والضحك في المسجد كل منهما مباح إذا لم يشتمل على محرم، كما بينا في الفتوى رقم: 9967، إلا أن الكلام باللغو بعد صلاة العشاء مكروه، قال الإمام النووي في المجموع: يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها للحديث الصحيح السابق، والمراد بالحديث الذي يكره بعدها ما كان مباحا في غير هذا الوقت، أما المكروه في غيره فهنا أشد كراهة، وسبب الكراهة أنه يتأخر نوعا فيخاف تفويته لصلاة الليل إن كانت له صلاة ليل أو تفويته للصبح عن وقتها أو عن أوله، وهذه الكراهة إذا لم تدع حاجة إلى الكلام ولم يكن فيه مصلحة،أما الحديث للحاجة فلا كراهة فيه وكذا الحديث بالخير كقراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومذاكرة الفقه وحكايات الصالحين والحديث مع الضيف ونحوها فلا كراهة في شيء من ذلك، وقد جاءت بهذا كله أحاديث صحيحة مشهورة. انتهى. ومن كانت له زوجة من هؤلاء الشباب فبعض أهل العلم يقول بوجوب المبيت معها خصوصا إذا تضررت بانفرادها. قال الحطاب في مواهب الجليل: وكذا قال ابن عرفة ابن شاس من له زوجة واحدة لا يجب مبيته عندها قلت الأظهر وجوبه أو تبييته معها امرأة ترضى لأن تركها ضرر بها وربما تعين عليه زمن خوف المحارب والسارق. انتهى. وعليه فإذا كان الشباب المذكورون إنما يشتغلون بأحاديث اللغو ويسهرون في المسجد فهذا مكروه عند أهل العلم لما يترتب عليه من تفويت قيام الليل أو تأخير صلاة الصبح عن وقتها ويكون الأمر أشد إذا كان غياب أحدهم يترتب عليه تضييع مصالح أهله، وبالإمكان في حقهم استعمال بعض الأسباب المعينة على الاستيقاظ لصلاة الفجر وبعض هذه الأسباب مبين في الفتوى رقم: 42111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(11/8330)
الرد على شبهة بناء أبي جندل مسجدا على قبر أبي بصير
[السُّؤَالُ]
ـ[سأل أحدهم مفتي مصر عن حكم بناء المساجد على القبور فأجازه وحجته أن أبا بصير لما مات في سيف البحر بنوا على قبره مسجدا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال إن الحديث رواه موسى بن عقبة عن المسو ... فلما قيل له ماذا عن حديث (قاتل الله اليهود....) قال: المقصود به أنهم سجدوا لهم لا أنهم بنوا عليهم مساجد وحجته بزعمه (وقالت اليهود عزير بن الله) الآية الكريمة.... أرجو منكم كتابة رد خاص لي لكي يتسنى لي أن أرسله إلى من فتن به، مع ذكر أقوال أهل العلم مع المخالف منهم بحجته والرد عليها ... وهل الحافظ ابن حجر لم يذكر شيئاً عن هذا في الفتح عن هذا الشأن كما زعم الرجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبناء المساجد على القبور من المحدثات المخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه، وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد ولعن فاعلها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 1530.
قال ابن حجر الهيتمي في كتاب الزواجر: الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتسعون، اتخاذ القبور مساجد، وإيقاد السرج عليها، واتخاذها أوثاناً والطواف بها واستلامها والصلاة إليها. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: اتفق الأئمة أنه لا يبنى مسجد على قبر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك. وأنه لا يجوز دفن ميت في مسجد، فإن كان المسجد قبل الدفن غُيِّر إما بتسوية القبر وإما بنبشه وإن كان جديداً، وإن كان المسجد بني بعد القبر فإما أن يزال المسجد أو تزال صورة القبر، فالمسجد الذي على القبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل فإنه منهي عنه. انتهى.
أما الاحتجاج ببناء أبي جندل مسجداً على قبر أبي بصير فشبهة لا تساوي حكايتها كما قال الشيخ الألباني، وقد أجاب عنها من وجهين: الأول: رد الثبوت من أصله، قال رحمه الله: ليس له إسناد تقوم به الحجة، ولم يروه أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد وغيرهم، وإنما أورده ابن عبد البر في ترجمة أبي بصير في الاستيعاب مرسلاً، فقال: وله قصة في المغازي عجيبة ذكرها ابن إسحاق وغيره وقد رواها معمر عن ابن شهاب.... وذكر موسى بن عقبة هذا الخبر عن أبي بصير بأتم ألفاظاً (.... فدفنه أبو جندل وصلى عليه وبنى على قبره مسجداً) فأنت ترى هذه القصة مدارها على الزهري فهي مرسلة على اعتبار أنه تابعي صغير سمع أنس، وإلا فهي معضلة، بل هي عندي منكرة، لأن القصة رواها البخاري وأحمد دون هذه الزيادة، ورواها ابن إسحاق في السيرة عن الزهري مرسلاً كما في مختصر السيره لابن هشام، ووصله أحمد في طريق ابن إسحاق عن الزهري عن عروة به مثل رواية معمر وأتم وليس فيها هذه الزيادة، وكذلك رواه ابن جرير في تاريخه من طريق معمر وابن إسحاق وغيرهما عن الزهري دون هذه الزيادة، فدل ذلك كله على أنها زيادة منكرة لإعضالها وعدم رواية الثقات لها.
الوجه الثاني: أن ذلك لو صح لم يجز أن ترد به الأحاديث الصريحة في تحريم بناء المساجد على القبور لأمرين:
الأول: أنه ليس في القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وأقره.
الثاني: لو فرضنا أن النبي صلى الله عليه وسلم علم بذلك وأقره فيجب أن يحمل ذلك على أنه قبل التحريم لأن الأحاديث صريحة في أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم ذلك في آخر حياته، فلا يجوز أن يترك النص المتأخر من أجل النص المتقدم على فرض صحته. انتهى باختصار بسيط من تحذير الساجد عن اتخاذ القبور مساجد.
وقال الحافظ ابن حجر: ولمسلم من حديث جندب أنه صلى الله عليه وسلم قال نحو ذلك قبل أن يتوفى بخمس.... وفائدة التنصيص على زمن النهي الإشارة إلى أنه من الأمر المحكم الذي لم ينسخ لكونه صدر في آخر حياته. انتهى.
أما حمله لأحاديث اللعن على السجود للقبر فهذا المعنى قد ورد في بعض الأحاديث كقوله صلى الله عليه وسلم: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا عليها. رواه ابن حبان، ولكن لا يمنع من تحريم بناء المساجد على القبور الثابت في الأحاديث المتواترة كحديث عائشة:.... إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، أو صوروا فيه تلك الصور. متفق عليه.
ولهذا قال البخاري (باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور) . قال الحافظ ابن حجر: قال الكرماني: مفاد الحديث منع اتخاذ القبر مسجدا، ومدلول الترجمة اتخاذ المسجد على القبر ومفهومها متغاير ويجاب بأنهما متلازمان وإن تغير المفهوم. انتهى. وهو ما أشارت إليه عائشة بقولها: فلولا ذاك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(11/8331)
هل يصلي المتلبس بالعرق في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من الشباب نمارس رياضة كرة القدم كل يوم جمعة، وعادة ما تنتهي المباراة لحظة أذان المغرب، وكنت أصلي مع أصدقائي جماعة في الملعب بعد انتهاء المباراة، وفي آخر مرة قررت أن أصلي في المسجد، فتركت الملعب وذهبت للمسجد، لكن كان جسمي مليئاً بالعرق، وكانت ملابسي متسخة، وشعري نافراً، فاحترت أيهما أفضل: أن أصلي مع أصدقائي في الملعب أم أذهب إلى المسجد؟
أفتوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل في حقك أن تؤدي صلاة الجماعة في المسجد لما يترتب على ذلك من الثواب الجزيل لأن المسافة التي تقطعها إلى المسجد تكون خطواتك فيها إحداهما ترفع درجة والأخرى تمحو خطيئة؛ كما في الحديث الذي رواه مسلم وغيره. ولأنه كلما كثرت جماعة المصلين كان الثواب أعظم، وراجع الفتوى رقم: 40877، وهذا ما لم تكن متلبسا بما يؤذي أهل المسجد من نحو رائحة كريهة. ولا بأس بصلاتك وأنت متلبس بالعرق أو كانت ثيابك غير نظيفة إذا كنت طاهر البدن والثياب، ولكن الأفضل في حقك أن تترك وقتا تستعد فيه للصلاة وتلبس ثوبا لائقا إن أمكن ذلك. وراجع الفتوى رقم: 29061.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1425(11/8332)
خذوا زينتكم عند كل مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1. هل يجوز الصلاة في ملابس العمل الملطخة والمتسخة -
. وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فإذا كانت الملابس ملطخة بالنجس مثل الدم المسفوح أو النجاسات الأخرى التي لا يعفى عنها فإن الصلاة باطلة كما بينا في الفتوى رقم 26802، وإن كانت ملطخة بأشياء أخرى طاهرة مثل الدم الطاهر أو الوسخ فإن الصلاة صحيحة، لكن لا ينبغي للمسلم أن يفعل ذلك وهو يجد غيرها لأن شأن الصلاة عظيم وهي أولى ما يتنظف له فعلى المسلم أن يتخذ ثوباً نظيفاً يلبسه وقت صلاته، فإن لم يستطع فله أن يصلي فيما عنده من الملابس ولا شيء عليه لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم 6115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(11/8333)
اللعب المباح في المسجد هو ما تتحقق به مصلحة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض النساء يضربن بالدف في المسجد للإنشاد ويستدلون على ذلك بأن الصحابة الكرام كانوا يتدربون في المسجد، وأيضا أهل الحبشة كانوا يلعبون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما الحكم وإن كان الحكم غير ذلك فما هو الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في المساجد أنها بنيت لتكون مكاناً لعبادة الله تعالى، قال الله سبحانه: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ {النور:36} ، فينبغي البقاء على هذا الأصل وتنزيه المساجد عن اللهو واللعب، والاقتصار على ما ورد به النص، أو ما في معناه مما تتحقق به بعض المصالح الشرعية، ومن ذلك اللعب بالحراب في المسجد الذي وقع من أهل الحبشة، لأن فيه معنى الأخذ بالأسباب المعينة على الجهاد كما نص على ذلك بعض العلماء، وأما ضرب النساء بالدف في المسجد فلا تتحقق به مصلحة شرعية فيما يظهر فينبغي أن ينزه عنه المسجد، وتراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 13776، والفتوى رقم: 10375.
وأما ما ذكر في السؤال من تدرب الصحابة في المسجد فلا نعلم عليه دليلاً، ولو ثبت لكان في معنى ما ذكرناه من لعب الحبشة بالمسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1425(11/8334)
حكم إدخال القطط إلى المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إدخال الحيوانات (القطط) إلى المسجد حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القطط طاهرة ولا يضر دخولها في المسجد من ناحية الطهارة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات. رواه مالك في الموطأ.
أما إذا كان دخولها في المسجد يسبب أذية أو يتساقط شعرها فيسبب عدم النظافة، فينبغي التحرر منها.
ويتأكد ذلك إذا كان يخشى من بولها وعذرتها لنجاستهما، وفي هذه الحالة يحرم إدخالها إلى المسجد.
ويمكن الاطلاع على المزيد من الفائدة في الجوابين التاليين: 10051، 52034.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(11/8335)
الحفاظ على نظافة المساجد تعظيم لحرمتها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كثيراً وكثيراً ما أجد في المساجد أظافر وكأنها لأطفال والقليل كأنه للكبار، أرى هذا في مساجد متباعدة عن بعضها وفي أوقات مختلفة، هل يفسر هذا في شيء، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا يفسر بعدم اهتمام بعض المسلمين -هداهم الله- وعدم انضباطهم بالآداب التي ينبغي مراعاتها في المساجد، وهي المذكورة في الفتوى رقم: 3741. ولا يفسر بشيء آخر، فالواجب على المسلمين جميعاً أن يعرفوا للمساجد مكانتها، وقد قال الله عز وجل: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32} ، وقال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ {النور:36-37} .
قال ابن كثير رحمه الله: أي أمر الله بتعاهدها وتطهيرها من الدنس واللغو والأقوال والأفعال التي لا تليق فيها.
وإلقاء الأظافر في المساجد مخالف للأمر بتعاهدها وتطهيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(11/8336)
هل يمنع ضعيف العقل من دخول المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي أخ منذ ولادته أصبح نمو عقله بطيئا جدا ونظره ضعيفا جدا، نحن مهتمون به قمنا بالذهاب لمعالجته وقالو لنا نمو عقله بطيء جدا متأخر أكثر من 10سنوات وهو الآن عمره عشرون سنة (20) وتصرفاته ولد عمره 6 سنوات ويفهم كل شيء يفرق بين العادات السيئة والحسنة وهو يفهم كل شيء إذا بعثناه لمحل أو أوصيته وصية خفيفة لأقاربه يوصلها، وهو يصلي في الأوقات الخمسة
والسؤال هو:
1- إذا ذهب إلى المسجد بعض الأحيان يلعب ويضحك بصوت عال حتى يتضايق منه المصلون ونحن نقوم بتوجيهه وعدم الضحك لكن يرجع إلى فعل ذلك هل يجوز منعه الذهاب إلى المسجد والصلاة في البيت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى عبد الرزاق والطبراني في الكبير وابن ماجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: جنبوا مساجدكم مجانينكم وصبيانكم، ورفع أصواتكم. والحديث ضعفه أهل العلم، ولكن الفقهاء يستدلون به على معنى صحيح وهو صيانة المسجد عن لعب الصبيان وعبث المجانين ونحو ذلك، والصبيان الذين يجنبون المسجد هم الذين يحدثون فيه أذى للمصلين، أو يحدثون فيه أمورا لا تليق به، ومثلهم ضعيف العقل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السؤال عن الأشياء الضائعة في المسجد وكذا البيع والشراء، فقد روى الترمذي وحسنه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا لا رد الله عليك. وما ذلك إلا صيانة للمسجد عن العبث وكل ما يؤذي المصلين، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم من أكل ثوما أو بصلا أن يقرب المسجد فقال: من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته.
وعليه؛ فما دام هذا الشخص يحدث في المسجد أذى للمصلين فينبغي منعه من المسجد، وأمره بالصلاة في البيت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1425(11/8337)
لا يمكن السكران من دخول المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رجل دخل المسجد وهو على سكر (شارب خمر) ، إليكم وقائع القصة: بعد أذان الفجر وقبل الصلاة دخلت إلى المسجد امرأة هاربة من جماعة من الشباب (كانوا كلهم ساهرين حسب قول أحدهم) ، واختبأت وراء باب المسجد، ودخل وراءها شاب وجسمه عار من فوق فذهبت إليه لأدعوه للخروج فإذا بي أجده في حالة سكر فنصحته بالخروج فخرج، فذهبت فجلست لأنتظر الصلاة، فعاد فدخل إلى المسجد وهو ساتر لعورته ليخرج المرأة الفارة منهم بالقوة أمام ومرأى المصلين، فأخرجته بالقوة فإذا به يخرج سكيناً من جيبه ليطعننني فتصارعت معه من أجل حرمة المسجد (خارج المسجد) ، بعدها قام أحد المصلين وغلق أبواب المسجد خوفا منه، فلم يعجبني هذا العمل وبعد الصلاة قلت لهم جميعاً أي للإمام ولأعضاء اللجنة وللمصلين أليس فينا من يحمي حرمة المسجد، وأعلمكم أيضاً أنه لا الإمام ولا أعضاء اللجنة ذهبوا إلى مركز الشرطة لإبلاغهم عن الواقعة، بارك الله فيكم ودمتم في خدمة الإسلام، ووفقكم الله لما يحبه ويرضاه وأدعو لشباب الأمة الإسلامية أن يهديهم الله ويرجعوا إلى دينه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشرب الخمر من الكبائر العظيمة والآثام الشنيعة، وقد ورد فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم وعيد شديد، حيث قال: كل مسكر حرام، وإن على الله عهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار. رواه الإمام مسلم.
وأخرج الترمذي من حديث حسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر لم يقبل له صلاة أربعين صباحاً.
وشارب الخمر ينبغي أن ينحى عن المسجد لئلا يلحق الضرر بالمصلين، وعليه فكان من واجب جماعة المسجد أن يبعدوا عنهم الشخص السكران الذي دخل مسجدهم، وأن يقدموا النصح لأولئك الشباب بترك السهر فيما لا يرضي الله، ويؤمِّنوا المرأة من المكر الذي يلاحقها، وهذا واجب المسلمين جميعاً، لأنه من تغيير المنكر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1425(11/8338)
ينبش الميت إذا دفن في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل آخذ أجرا إن قمت بالتبرع لعمل توسعة في أحد المساجد والذي بني منذ زمن علما بأن الذي بنى المسجد متوفى ومدفون تحت المنبر في المسجد المذكور؟
وكذلك ما حكم الصلاة في المسجد المدفون فيه رجل تحت المنبر؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح أن يتبرع لتوسعة هذا المسجد الذي بداخله قبر إلا إذاأخرج القبر منه، وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن اتخاذ القبور مساجد، ولعن من فعل ذلك، وهذا يقتضي النهي عن بنائها على القبور، ويدخل في ذلك توسعتها.
والواجب نبش هذا القبر وإخراجه من المسجد إن كان دفن فيه بعد بناء المسجد كما هو الظاهر، سواء كان تحت المنبر أو وسط المسجد أو في أي مكان في المسجد.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وعلى هذا فيهدم المسجد إذا بني على قبر، كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد، نص على ذلك الإمام أحمد وغيره، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه وكان الحكم للسابق، فلو وضعا معا لم يجز ولا يصح هذا الوقف، ولا يجوز ولا تصح الصلاة في هذا المسجد لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولعنه من اتخذ القبر مسجدا أو أوقد عيه سراجا، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه بين الناس كما ترى. اهـ.
وأما حكم الصلاة فيه فقد تقدم في كلام ابن القيم نفي صحة الصلاة فيه، وانظر أيضا الفتوى رقم: 1530، والفتوى رقم: 4527، والفتوى رقم: 13365، والفتوى رقم: 16049، والفتوى رقم: 26258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(11/8339)
ضوابط قراءة العلم في المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز مراجعة الدروس داخل المساجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمراجعة الدروس في المسجد الأصل فيها الجواز؛ إلا إذا عرض لها ما ينقلها عن ذلك بأن كانت بصوت مرتفع فوق الحاجة فلا يجوز ذلك، ويكون الأمر أشد في حال وجود بعض المصلين أو القارئين أو الذاكرين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن المصلي يناجي ربه عز وجل، فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة. رواه الإمام أحمد وصححه الشيخ شعيب الأرناؤوط، ورواه الإمام مالك في الموطأ.
قال الباجي في المنتقى: لأن في ذلك إيذاء بعضهم لبعض ومنعا من الإقبال على الصلاة وتفريغ السر لها وتأمل ما يناجي به ربه، وإذا كان رفع الصوت بقراءة القرآن ممنوعاً حينئذ لإذاية المصلين فبأن يمنع رفع الصوت بالحديث وغيره أولى. انتهى.
وذكر الحطاب في مواهب الجليل: أن مالكاً سئل عن رفع الصوت بالعلم في المسجد؟ فأنكر ذلك وقال: علم ورفع صوت، فأنكر أن يكون علم ورفع صوت، وفيه كانوا يجلسون كأخي السرار، فإذا كان مجلس العلم على سبيل الاتباع فليس فيه رفع صوت، فإن وجد فيه رفع صوت منع وأخرج من فعل ذلك. انتهى، والمقصود بقوله كأخي السرار أي كمثل من يكلم غيره سراً.
وقال الدسوقي في حاشيته: وأما قراءة العلم في المساجد فمن السنة القديمة، ولا يرفع المدرس في المسجد صوته فوق الحاجة. انتهى.
وعليه؛ فلا بأس بالمراجعة في المسجد بشرط عدم التشويش على مصل أو قارئ أو ذاكر وعدم رفع صوت فوق الحاجة، وبشرط كون ما يراجع فيه مما يباح الاشتغال به من كل مفيد نافع. هذا إضافة إلى مراعاة آداب المسجد والبعد عن كل ما يؤدي إلى تدنيسه وتقذيره.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(11/8340)
حكم إحضار وسائل الترفيه إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إحضار طاولة تنس وغيرها من وسائل الترفيه إلى المسجد في دار القرآن حيث يوجد متسع لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت دار القرآن داخل المسجد فهي من المسجد، وقد سبق أن بينا عدم مشروعية اللعب بالتنس أو غيرها من وسائل الترفيه في المسجد. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 13776.
وإذا كانت خارجة فلا نرى ما يمنع من ذلك، إذا انضبط اللعب بالضوابط الشرعية ولم يشوش على القراء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(11/8341)
ينصح من يشبك أصابعه والإمام يخطب
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان وأثناء خطبة الجمعة, أرى بعض الحاضرين يشبك أصابعه أو يمد ساقيه نحو القبلة, هل أنهاهم عن ذلك أم لا.
جازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتشبيك بين الأصابع حال الخطبة مكروه كما بينا في الفتوى رقم: 7080.
وأما نهي من يفعل ذلك فمطلوب ولكن قبل الشروع في الخطبة أو بعدها، أما أثناء الخطبة فلا، لأن ذلك يعتبر لغوا، لما في الصحيحين واللفظ لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت. ويستثنى من ذلك الإمام فله أن ينهى أو يأمر أثناء الخطبة.
وأما مد الرجلين نحو القبلة فمباح عند طائفة من أهل العلم ومكروه عند آخرين، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 49607.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(11/8342)
حكم مد الرجلين في المسجد وإلى الكعبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي فضيلتكم في الجلوس ممدود القدمين في المسجد مع ذكر جميع الاحتمالات؟
شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلم في مد الرجلين في المسجد ما لم يكن قد مدهما بين الناس، وبشرط أن يعد ذلك من خوارم المروءة وقلة الأدب مع الحاضرين ونحو ذلك، أو يكون مدهما إلى القبلة لأن جماعة من أهل العلم كرهوا مد الرجلين إلى القبلة ولو خارج المسجد تعظيماً لبيت الله تعالى ووجهة العبادة، وهو مذهب الحنابلة والحنفية.
قال البهوتي في كشاف القناع: ويكره أن يسند الإنسان ظهره إلى القبلة، نص عليه. واقتصر الأصحاب على استحباب استقبالها، وفي معنى ذلك مد الرجل إلى القبلة في النوم وغيره، ومد رجليه في المسجد. ذكره في الآداب قال: ولعل تركه أولى.
وفي تبيين الحقائق للزيلعي: ويكره مد الرجل إلى القبلة وإلى المصحف وإلى كتب الفقه في النوم وغيره.
وأما المالكية فلم نقف لهم على شيء في المسألة، وأما الشافعية فقد قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: صرح الزركشي بحرمة مد الرجل للمصحف، فقد يقال إن الكعبة مثله لكن الفرق أوجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(11/8343)
يسن تعاهد النعلين عند باب المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يدخل الإنسان المسجد هل يجب أن ينظر في حذائه ليعلم هل به نجاسة أم لا مع أنه لا يصلي فيه داخل المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أراد إدخال النعل إلى المسجد فإنه يستحب له أن يتعاهده قبل إدخاله. قال البهوتي في كشاف القناع: ويسن تعاهدهما عند أبواب المساجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد: فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما، فإن رأى أي خبث فليمسحه بالأرض ثم ليصل فيهما. رواه أبو داود. اهـ.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(11/8344)
حكم تسريح اللحية في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تسريح اللحية في المسجد وماهي الأدلة؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم تسريح اللحية، فراجع فيه الفتوى رقم: 26994.
وأما فعل ذلك في المسجد فالظاهر فيه الكراهة، لأنه لا يختلف عن السؤال فيه والأخذ من الشعر والأظفار، وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى كراهة ذلك فيه. قال الشيخ عليش في منح الجليل: وروى الشيخ يكره السواك بالمسجد فيها، ولا يأخذ المعتكف به من شعره وأظفاره وإن جمعه وألقاه خارجه.
والعلة هي تنزيه المساجد عما لا يجمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1425(11/8345)
حكم تعريف اللقطة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإمام أيضاً أن يقول للناس في المسجد إن هناك شيئاً ما ضاع لصاحبه فمن وجده فليأت به، أو قد وجدت لقطة ما، من ضاعت له فليتصل بفلان إنها عنده، وهل وردت هذه الأعمال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وجزاكم الله خيراً فضيلة الشيخ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الإمام إن شيئاً ما قد ضاع من صاحبه فمن وجده فليأت به هو من إنشاد الضالة في المسجد ولا يجوز، روى الإمام مسلم وغيره من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك.
ثم قوله: من ضاع له الشيء الفلاني فليتصل بفلان فإنه عنده، هو من تعريف اللقطة، ولا بأس أن يفعل بباب المسجد أو حلق به بصوت ضعيف، وأما رفع الصوت به داخل المسجد فلا،: سمع القرينان: يعرف اللقطة في المسجد قال: لا أحب رفع الصوت في المساجد، وإنما أمر عمر أن تعرف على باب المسجد، ولو مشى هذا الذي وجدها إلى الحلق في المسجد يخبرهم ولا يرفع صوته لم أر به بأساً. انظر التاج والإكليل، ومنح الجليل. وينبغي أن نلاحظ هنا أن المعرف للقطة لا يجوز له تعيين جنسها وأحرى نوعها أو صنعها، لأنه قد يؤدي إلى أن يدعيها من ليست له، وإنما يكتفي بقول من ضاع له مال، أو شيء، قال خليل: ولا يذكر جنسها على المختار.
قال الدردير: بل يذكرها بوصف عام كمال أو شيء، وأولى عدم ذكر النوع والصنف، لأن ذكر الجنس يؤدي أذهان بعض الحذاق إلى معرفة العفاص والوكاء باعتبار جري العادة. 4/121.
وعما إذا كانت هذه الأعمال وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أم لا، فبالنسبة إلى إنشاد الضالة في المسجد فقد وقع؛ لأن الحديث الذي ذكرناه في ذلك جاءت فيه رواية: أن رجلاً نشد في المسجد..... وأما غير الإنشاد فلم نقف على وقوعه في عهده صلى الله عليه وسلم، ولكن أمره بالدعاء في السجود ونهي عمر رضي الله عنه عن رفع الصوت في المسجد تعريفا للضالة، كافيان للإجابة عما إذا كانا وقعا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أم لا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(11/8346)
رائحة الفم الكريهة.. ودخول المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مشكله تتمثل في أن رائحة فمي كريهة، وعندما أذهب للصلاة في المسجد أشعر بالحرج الشديد لأني أحس أني أضايق الآخرين، أرجو أن تدلوني على الحل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت رائحة فمك كريهة تؤذي من يقترب منك، فلا يجوز لك دخول المسجد حتى تزول تلك الرائحة، علما بأنه إذا كان يمكنك إزالتها وجب ذلك، لأن صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجال، على الصحيح من أقوال أهل العلم.
وراجع للأهمية الفتوى رقم: 6600.
وننصحك بالكتابة إلى قسم الاستشارات بالشبكة الإسلامية، وستجد عندهم إن شاء الله ما تنتفع به.
والله أعلم. ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(11/8347)
حكم دخول المسجد بالعازل الذكري
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم دخول المسجد بالعازل الذكري الذي يستعمل عند الجماع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا العازل إن كان طاهراً في نفسه، ولم يلوث بنجس كالبول فلا حرج في دخول المسجد به، وأما إن كان نجساً أو متنجساً فقد نص أهل العلم على حرمة إدخال النجاسة إلى المسجد ولو مروراً، والمتنجس كالنجس، حيث بقيت عين النجاسة، قال الدسوقي في حاشيته عند قول خليل بن إسحاق: ومكث بنجس. أي منع مكث، وكذا مرور فيه بنجس، وكذا المتنجس بعين النجاسة، وأما لو أزيل عينها وبقي حكمها فلا يمنع المكث به فيه.
ومن أهل العلم من أجاز دخول المسجد بالنجس أو المتنجس إذا ستر بطاهر.
وعليه؛ فالأولى خروجاً من الخلاف عدم الولوج بهذا العازل في المسجد بأي وجه إن كان نجساً في ذاته أو متنجساً.
أما الصلاة به فباطلة قطعاً إن كان نجساً أو متنجساً سواء أكان ذلك داخل المسجد أو خارجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(11/8348)
السنة في دخول المسجد والبيت والخروج منهما
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل من السنة الخروج من المسجد أو البيت بالرجل اليسرى أم باليمنى?
جزاكم الله خيرا.
السلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سنة دخول المسجد والخروج منه هي تقديم اليمنى في الدخول واليسرى في الخروج، على النقيض من محل قضاء الحاجة، فإنه تقدم فيه اليسرى في الدخول واليمنى في الخروج، وأما المنزل، فتقدم اليمنى في الدخول وفي الخروج، قال خليل بن إسحاق المالكي: وتقديم يسراه دخولا ويمناه خروجا عكس مسجد والمنزل، يمناه بهما.
وأخرج البخاري في صحيحه: وكان ابن عمر يبدأ برجله اليمنى، فإذا خرج بدأ برجله اليسرى. وفي "فتح الباري: عن أنس أنه كان يقول: من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى، والصحيح أن قول الصحابي من السنة كذا، محمول على الرفع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1424(11/8349)
فضل المبادرة بالدخول إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للقادمين للصلاة المفروضة في المسجد أن يجلسوا أمام المسجد بعد الأذان والتحدث والمزاح مع بعضهم بدلا من الدخول إلى المسجد وأداء تحية المسجد والذكر وقراءة القرآن؟ وهل كان هذا العمل من سنة الرسول عليه السلام والسلف الصالح؟
أفيدونا بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمشروع للمسلم إذا أتى إلى المسجد للصلاة أن يدخل المسجد ويصلي ما تيسر له ويشغل بالذكر والدعاء والتهيؤ للصلاة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة. متفق عليه.
وقال أيضا: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه. متفق عليه.
قال الحافظ في "فتح الباري": (التهجير) أي التبكير إلى الصلاة.
وقال صلى الله عليه وسلم: الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة. رواه أحمد.
وقد كان السلف يحرصون على هذا الخير كما هو معلوم من سيرهم، أما الوقوف أمام المسجد للتحدث والمزاح، فأقل ما يقال فيه أنه يَحْرِم المسلم من هذه الأجور، وقد يحرم المسلم بسببه من الخشوع في الصلاة أو من إدراك التكبيرة الأولى، وقد قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] .
وقال صلى الله عليه وسلم: من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق. رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني، فكيف يليق بالمسلم أن يفوت على نفسه هذا الخير؟! ولذا، فينبغي ترك هذا الوقوف والمبادرة بالدخول إلى المسجد، ولكن لا يحرم عليهم ذلك الوقوف ما داموا يصلون الصلاة في الجماعة.
ومحل ما ذكرنا، ما لم يفض الوقوف إلى تضييع الصلاة أو التشويش على أهل المسجد، وإلا حرم وتعين تركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/8350)
حكم الخصام والمشاجرة والاقتتال في المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي إذا حدث ضرب بين شخصين في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المساجد إنما بنيت لإقامة الصلاة وقراءة القرآن وذكر الله عز وجل، وقد حث الشرع على تقديسها وتنزيهها وتكريمها، قال الله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ [النور:36] .
ولذا فقد نهى الشرع عن البيع والشراء في المساجد، وإنشاد الضالة ورفع الأصوات فيها، واتخاذها طرقاً ونحو ذلك، وأمر بإخراج الأذى منها ولو بحجم القذاة.
وعليه فإنه لا يجوز الخصام والمشاجرة والاقتتال ورفع الأصوات في المساجد، وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله مما فعل، وعلى المتنازعين أن يصلحوا ذات بينهم، وعلى من رأى هذا المنكر في المسجد أن ينهى عنه بقدر المستطاع، وراجع في الفتوى رقم: 13776.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(11/8351)
السلام بصوت مرتفع في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمان الرحيم.
- هل يجوز السلام بصوت مرتفع داخل المساجد؟
- هل من يؤدي الصلاة على يمين الإمام له ثواب أكثر؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:
23789 بيان أفضلية ميمنة الصف على ميسرته، كما سبق بيان كراهة أهل العلم لرفع الصوت في المساجد، ويتأكد ذلك إذا كان يشوش على المصلين، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30802 / 11503 / 13776
ويدخل في هذا رفع الصوت بالسلام والسؤال عن الأحوال إذا كان يشوش في المسجد، وأما رفع الصوت بقدر ما يسمع المسلَّم عليهم فهذا لا حرج فيه، ويدل له سلام المسيء صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، كما في حديث الصحيحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1424(11/8352)
في إحضار الصبيان إلى المسجد فوائد كثيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[وجود الأطفال في الصلوات المفروضة دون سن الرابعة أو الخامسة وإزعاجهم للمصلين أثناء الصلاة وموقف الشرع في ذلك وكيف كان رسول الله محمد عليه السلام يصلي وأحفاده الحسن والحسين يلعبون فوقه وبجانبه أثناء أدائه الصلاة؟ والسلا م عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقد كان وجود الأطفال في المسجد وإحضارهم معهودا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأدلة على ذلك كثيرة.
منها: ما رواه أحمد وغيره عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما يثب على ظهره إذا سجد، ففعل ذلك غير مرة ... الحديث، وهو حديث صحيح.
وروى الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين عليهما السلام، عليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر، فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: صدق الله "إنما أموالكم وأولادكم فتنة" ... الحديث.
وروى البيهقي من حديث شداد بن الهاد في حديث طويل أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد، فجاء الحسن وصعد على ظهره، فأطال رسول الله صلى الله عليه وسلم السجود حتى نزل الحسن، ثم قال: إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته.
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن الصبيان كان يؤتى بهم إلى المسجد زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي إحضارهم إلى المسجد فوائد كثيرة، منها: تعليمهم الصلاة، وتعليمهم كتاب الله عز وجل، وحضورهم حلقات العلم، وتأدبهم بالآداب الإسلامية وغير ذلك من الفوائد.
ولكن ينبغي للآباء أن يحُوطُوهم بالعناية والإرشاد، لكي لا يكونوا سببا في التشويش على المصلين.
وأما إذا كانوا سببا للتشويش على المصلين والعبث بالمسجد وممتلكاته وكانوا مع ذلك لا يأتمرون بأمر، ولا ينتهون عن نهي، فلا يجوز إحضارهم إلى المسجد حينئذ، لما يترتب على إحضارهم من هذه المفاسد، ولربما بال أحدهم في المسجد أو مزق المصاحف.
وقد سبق لنا أن فتوى في حكم إحضار الصبيان إلى المساجد، وهي برقم: 2750، فنحيل السائل إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(11/8353)
رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أقاربي يقول إن المشايخ والدعاة يعلون أصواتهم في المساجد أثناء إلقاء المحاضرات، مما في ذلك عدم احترامهم لله والمكان ... وأنا أبغضه لقوله هذا، فتطورت هذه الحالة إلى أنه امتنع من الاستماع إلى المحاضرات والدروس.. فما رأيكم في هذا القول؟ ... أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجب صيانة المساجد عن اللغط والخصومة ورفع الصوت بما يكره، أما إذا كان الأمر بمباح أو مستحب كالعلم ونحو ذلك، فيجوز رفع الصوت به في المسجد، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد
قال في كشاف القناع: وأن يصان (أي المسجد) عن لغط وخصومة وكثرة حديث لاغٍ، ورفع صوت بمكروه، وظاهر هذا أنه لا يكره إذا كان مباحا أو مستحبا، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي ومذهب مالك كراهة ذلك، فإنه سئل عن رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره؟ فقال: لا خير في ذلك. اهـ
وقال في فتح الجليل: وكره رفع صوت بعلم أو غيره بمسجد إلا للتبليغ الباجي عن مسلمة: رفع الصوت في المسجد ممنوع إلا ما لا بد منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(11/8354)
لا مانع من نسبة المسجد إلى من بناه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أبني مسجداً في بلدي ويكون اسم المسجد باسمي، مثلا باسم (مسجد الحاج بختيار) ؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من نسبة المسجد إلى من بناه، أو إلى رجل صالح من الصحابة أو غيرهم، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 3713.
وعلى الإنسان أن يخلص عمله لله تعالى حتى يضاعف الله له الأجر، ويكفي من بنى مسجداً لوجه الله ما ورد في الحديث من الأجر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتاً في الجنة. رواه أحمد وابن ماجه والبيهقي وغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1424(11/8355)
حكم دخول النساء المسجد من باب الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للسيدات الدخول من باب الرجال في المسجد بسبب عطل في باب السيدات لوقت قصير هل يجوز ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو تركنا هذا الباب للنساء. قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات.
والعلة في جعل باب خاص للنساء هي منع اختلاطهنَّ بالرجال، وما يترتب عليه من الفتنة. قال صاحب "عون المعبود" في شرح الحديث: باب اعتزال النساء في المساجد عن الرجال: (لو تركنا هذا الباب) : أي باب المسجد الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم (للنساء) : لكان خيراً وأحسن؛ لئلا تختلط النساء بالرجال في الدخول والخروج من المسجد. والحديث فيه دليل أن النساء لا يختلطن في المساجد مع الرجال بل يعتزلن في جانب المسجد ويصلين هناك بالاقتداء مع الإمام، فكان عبد الله بن عمر أشد اتباعاً للسنة، فلم يدخل من الباب الذي جعل للنساء حتى مات. اهـ
فالحاصل أنه لا يجوز الاختلاط بين الرجال والنساء في المسجد دخولاً وخروجًا، فإذا أمن ذلك فإنه يجوز للنساء الدخول من باب الرجال بأن تتحين المرأة فرصة لا يوجد فيها رجال بالباب، وكذلك ينتظر الرجال النساء حتى يخرجن.
هذا مع العلم بأن النساء لو تركن المجيء إلى المسجد بسبب تعطل الباب الخاص بهنَّ كان أولى وأبعد عن الفتنة، خاصة إذا علم أن الأفضل للمرأة الصلاة في بيتها مع جوازها في المسجد على مذهب جماهير العلماء. وراجع لذلك الفتوى رقم: 26957.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1424(11/8356)
نزع الأحذية عند الدخول للمسجد حفاظا على نظافته
[السُّؤَالُ]
ـ[سألني صديق غير مسلم: لماذا يخلع المسلمون أحذيتهم عندما يدخلون المساجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد شرع لنا النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في النعال وصلى بنعاله، ففي صحيحي البخاري ومسلم عن سعيد بن زيد قال: سألت أنساً أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم.
وروى أبو داود عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خالفوا اليهود، فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم.
ولا فرق في هذا بين أن تكون الصلاة في المسجد أو غير المسجد إذا كانت النعال طاهرة.
ولكن غالب المسلمين ينزعون نعالهم إذا دخلوا المساجد حفاظاً على الفرش من التلف، وهذا أمر مشروع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(11/8357)
المساجد ينبغي أن تصان عن الصور
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هو حكم الصلاة في مسجد فيه صور معلقة لذوات الأرواح؟ فمثلا في مسجد قريتنا معلقة على حائط المسجد صورة للكعبة، يطوف حولها الحجيج، حيث إن الصورة أخذت من الأعلى فتظهر رؤوسهم، أما أجسادهم فلا تظهر جيدا. وتوجد أيضا صورة لشيخ يقرأ القرآن. حيث إننا طلبنا من الإمام وكبار القرية أن ينزعوها قائلين لهم إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صور لذوات الأرواح، فأبوا وأبقوها هناك. فنزعناها خفية ووضعناها في خزانة المسجد فأخذوها مرة ثانية وعلقوها على الحائط وأنبونا وقالوا لا شأن لكم بهذا. أفيدونا جزاكم الله خيرا بالجواب في أقرب الآجال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق حكم الصور الفوتوغرافية في الفتوى رقم: 680. ووضحنا هنالك جوازها، لكن المساجد ينبغي أن تصان عن الصور بجميع أشكالها، وخصوصًا ما لا حاجة إليه منها. وأما أنتم فقد برئت ذممكم حين قلتم لجماعة المسجد حكم تعليق الصور وحاولتم إزالتها، حيث كنتم ترون حرمتها، ولكنا نوصيكم بالحكمة والرفق في الدعوة والحذر مما يسبب الفتنة بين المسلمين.
مع العلم بأن الصلاة في مكان فيه صور صحيحة، كما سبق في الفتوى رقم: 10243.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(11/8358)
عقد النكاح في المسجد دائر بين الاستحباب والجواز
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إقامة عقد القران في المساجد؟ علما بأنه يتم توزيع الحلويات أو التمر والحليب داخل المسجد أو في فنائه.
جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عقد النكاح في المسجد مستحب عند أكثر أهل العلم، قالوا: لأنه عبادة، ولورود الحديث بالأمر بجعله في المسجد، وهو عند المالكية مباح، أي يستوي تركه وفعله. قال الحطاب في مواهب الجليل: وأما العقد في المسجد فعده المصنف وغيره من الجائزات، فقال في باب موات الأرض: وجاز بمسجد سكنى رجل تجرد للعبادة وعقد نكاح. ولم أر الآن من صرح باستحباب العقد فيه من أهل المذهب. اهـ
وعلى هذا؛ فإن عقد النكاح في المسجد دائر بين الاستحباب والجواز، لكن ينبغي في هذه الحالة الحرص على صيانة المسجد عن كل ما من شأنه تلويثه.
وليعلم أن الأكل أو الشرب في المسجد جائز. قال النووي في المجموع: قال الشافعي والأصحاب: يجوز للمعتكف وغيره أن يأكل في المسجد ويشرب ويضع المائدة، ويغسل يده بحيث لا يتأذى بغسالته أحد، وإن غسلها في الطست فهو أفضل، ودليل الجميع في الكتاب. قال أصحابنا: ويستحب للآكل أن يضع سفرة ونحوها ليكون أنظف للمسجد وأصون. اهـ
ولا شك أنه لا ينبغي أن يتخذ الأكل أو الشرب فيه عادة.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7543.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(11/8359)
حكم وضع الحذاء أمام المصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وضع الحذاء أمام المصلي في صلاة العيدين وذلك مخافة وقوع تغيير في الأحذية؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من وضع الحذاء أمام المصلي إذا لم يكن في ذلك أذىً لغيره، ولكن السنة أن يصلي المرء في حذاءيه إذا كانا طاهرين، وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به. أخرج أبو داود عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خالفوا اليهود، فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم.
ومن أراد خلعهما في الصلاة فلا يؤذ بهما غيره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحدًا، ليجعلهما بين رجليه أو ليصل فيهما. وانظر الفتوى رقم: 5210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(11/8360)
حكم تعليق الملصقات في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تعليق الملصقات من صور وأخبار ودعوة إلى الحزبية وإعلانات، وغيرها من أنواع الملصقات في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج في أن يعمل في المسجد كل ما كان فيه مصلحة للإسلام والمسلمين، فقد كان المسجد -كما قال الشيخ البسام في شرح بلوغ المرام-: في العهد الأول مكان التدريس وتجهيز الجيوش، وكان الخلفاء يبشرون فيه بالفتوحات، وكان حسان ينشد فيه الشعر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري عن سعيد بن المسيب قال: مر عمر في المسجد وحسان ينشد فقال: كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك.
وبناء على هذا.. فإنه لا حرج في تعليق أخبار تهم المسلمين وتبشرهم أو تبين لهم مآسي إخوانهم المنكوبين في العالم، وأما الصور فيمنع وضعها وإلصاقها بجدار المسجد ما لم تدع إليها الحاجة، لأن وجود الصور يمنع دخول الملائكة، وهو من سنن النصارى.
ففي الصحيحين من حديث أبي طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة.
وفي الصحيحين أيضاً من حديث عائشة: أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله.
وراجع حكم التصوير في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29711، 10888، 1935، 9755.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(11/8361)
الضوابط المطلوبة لإقامة عرس بالمسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت في فتاوى سيادتكم في جديد الأسبوع الماضي، أنه لا يجوز إقامة حفلات الزفاف في المساجد لأن ذلك يؤدي إلى إشاعة الفوضى وعلو الصوت وهذا لا يليق بالمساجد،
والسؤال هو: أين لشاب مثلي أن يقيم حفل زفافه إذا أراده إسلاميا هل يقيمه في نوادي الرقص، وأين كان المسلمون يقيمون أفراحهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين نعتذر عن سوء الأدب في السؤال، ونرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ينبغي أن يعمل في المساجد قد بينه الله تعالى بقوله: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ [النور:36-37] .
ولكن لا مانع من اجتماع المسلمين في المسجد والاحتفال بالعرس إذا تم الالتزام بالأمور التالية:
1- عدم رفع الصوت.
2- اجتناب المحرمات من غناء ونحوه، وهي وإن كانت لا تجوز خارج المسجد إلا أن إثمها في المسجد أشد لانتهاك حرمته.
3- أن لا يشغل المصلين أو المتعبدين أو يشوش عليهم، وانظر الفتوى رقم: 13776.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(11/8362)
الحالات المبيحة للخروج من المسجد بعد الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الخروج من فناء المسجد بعد الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخروج من المسجد بعد الأذان بدون صلاة لا يجوز إلا لعذر وأما إذا كان لعذر فلا حرج.
جاء في الفروع لابن مفلح: ولا يجوز الخروج من مسجد بعد أذان بلا عذر أو نية الرجوع.... ولمن كان صلى الخروج. وعند الحنفية: لا بعد الأخذ في الإقامة لظهر وعشاء لأنه يتهم.
وجاء في الفواكه الدواني: ويحرم الخروج من المسجد بعد الإقامة للمتطهر إلا أن يكون قد صلى تلك الصلاة، وهي مما لا يعاد، وأما الخروج بعد الأذان فمكروه؛ إلا أن يريد الرجوع إليه فإن خرج راغباً عن الصلاة جملة فهو منافق ويخشى عليه من المصيبة كما وقع لبعض الناس. اهـ.
وجاء في نيل الأوطار بعد إيراد حديث أبي هريرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي رواه أحمد.
وحديث أبي هريرة أيضاً أن رجلاً خرج من المسجد بعدما أذن فيه، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم رواه الجماعة إلا البخاري.
قال: والحديثان يدلان على تحريم الخروج من المسجد -بعد سماع الأذان- لغير الوضوء وقضاء الحاجة، وماتدعوالضرورة إليه حتى يصلي فيه تلك الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8363)
حكم الفصد والحجامة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك سيدة تقوم بعمل الحجامة للسيدات في مصلى السيدات الموجود بالمسجد الذي أصلي فيه وثار جدل حول مشروعية عمل الحجامة في المسجد لأنه يتم فيها كشف العورة مثل الظهر أو البطن وقالت سيدة إن الحجامة لا يجوز عملها في المسجد بسبب كشف العورة أود الإيضاح في هذا الموضوع.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمساجد هي أحب البقاع إلى الله، وهي بيوته التي يعبد فيها ويوحد، فقد قال تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) [النور:36-37] .
قال ابن كثير في قوله تعالى: أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ أي: أمر الله تعالى بتعاهدها وتطهيرها من الدنس واللغو والأقوال والأفعال التي لا تليق فيها.
ومن المعلوم أنه قد يترتب على عمل الحجامة في المسجد تلويثه، ولهذا نص أهل العلم على منعها في المسجد، فقال صاحب كشاف القناع: ويحرم فيه فصد وحجامة.
ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر رواه مسلم.
كما أنه لا يجوز كشف العورة في المسجد، لقوله تعالى: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف:31] .
وقد نقل ابن حزم رحمه الله في المحلى اتفاق العلماء على أن المراد بالآية: ستر العورة.
ومن هذا يعلم أن علم هذه الحجامة في المسجد لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(11/8364)
حكم إقامة حفل الزفاف في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للعروس ليلة عرسها أن تلبس ملابس مكشوفة (تكشف مثلا عن ذراعيها ورأسها) وهي تجلس مع النساء؟ علما بأن حفل زفافها في المسجد.
أفيدونا جزاكم الله خيرا ونرجو سرعة الرد حتى يتسنى لنا الاستفادة الفعلية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على ما يجوز للعروس إبداؤه أمام مثيلاتها من النساء في الفتوى رقم: 17113.
أما بخصوص إقامة حفل الزفاف في المسجد، فهذا مما لا ينبغي فعله، لأن المساجد إنما بنيت للذكر والصلاة، ولم تبن لمثل هذه الأمور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما بنيت المساجد لما بنيت له رواه مسلم.
قال النووي: في هذا الحديث فوائد منها: النهي عن نشد الضالة في المسجد، ويلحق به ما في معناه من البيع والشراء والإجارة ونحوها من العقود، وكراهة رفع الصوت في المسجد، قال القاضي: يكره، قال مالك وجماعة من العلماء يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره. انتهى.
ولا شك أن هذا النوع من الحفلات لن يخلو من رفع الصوت، إضافة إلى أنه قد يكون من النسوة من هي حائض، وقد يصحبن معهن بعض الأطفال ممن هم دون سن التمييز إلى غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1424(11/8365)
النهي عن دخول المسجد لمن أكل ثوما مكروه تحريما أم تنزيها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حرمة الذهاب للصلاة في المسجد بعد أكل البصل أو الثوم مكروهة كراهية تحريم أم تنزيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري وغيره أنه قال: "من أكل هذه الشجرة - يعني الثوم - فلا يقربن مسجدنا".
قال الإمام النووي: هذا تصريح بنهي من أكل الثوم ونحوه عن دخول كل مسجد، وهذا مذهب العلماء كافة؛ إلا ما حكاه القاضي عياض عن بعضهم (أن النهي خاص بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم) انتهى، ويحمل هذا النهي على المنع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج من وجدت منه ريح الثوم، كما في صحيح مسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع". .
قال النووي: هذا فيه إخراج من وجدت منه ريح الثوم والبصل ونحوهما من المسجد، وإزالة المنكر باليد لمن أمكنه.
فكل هذا يدل على أن النهي للتحريم، وليس للتنزيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8366)
استئذان الطلبة إمام المسجد أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمجموعة من الطلبة التدارس في المسجد ويكون هذا بدون استشارة إمام المسجد؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من ذلك، على أن يلتزم الطلبة بأدب المسجد وحرمته، وإن استُئذن الإمام فهو أفضل، وليس له منعهم من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(11/8367)
إزالة الرائحة من الزينة المطلوبة لقاصد المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رائحة العرق تبطل الصلاة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فرائحة العرق لا تُبطل الصلاة؛ لأن العرق ليس بنجس إجماعاً، وإنما يُستحب للمسلم أن يتنظف ويتطهر قبل الصلاة ليقوم بين يدي الله في أكمل حال، لقوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31] ، وحتى لا تتأذى الملائكة والمصلون من رائحته، قال صلى الله عليه وسلم: "من أكَل من هذه البقلة - الثوم والبصل والكراث - فلا يقربنا في مساجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم". رواه مسلم.
وألحق العلماء بالبصل والكراث كل ما له رائحة كريهة وكل ما يؤذي، فيدخل في ذلك رائحة العرق، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "حق لله على كل مسلم أن يغتسل كل سبعة أيام يوماً يغسل فيه رأسه وجسده". متفق عليه.
ويتأكد هذا الغسل يوم الجمعة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم". رواه مالك في الموطأ.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كَانَ النّاسُ يَنْتَابُونَ الْجُمُعَةَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ ومِنَ الْعَوَالِي، فَيَأْتُونَ فِي الْعَبَاءِ. وَيُصِيبُهُمُ الْغُبَارُ، فَتَخْرُجُ مِنْهُمُ الرّيحُ. فَأَتَىَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنْسَانٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أَنّكُمْ تَطَهّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا".
وقد اختلف العلماء في غسل الجمعة فمذهب الجمهور أنه مستحب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل. رواه أحمد.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجوبه على من له رائحة يتأذى منها الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1423(11/8368)
سؤال الصدقة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم من يقوم بسؤال الناس المساعدة المادية داخل المسجد؟ هل يجب أن نساعده أم يجب أن نمنعه من ذلك؟
ولكم الأجر والثواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كره بعض الفقهاء السؤال في المسجد، ففي مواهب الجليل: قال: في أواخر كتاب الجامع من الذخيرة: قال مالك: وينهى السّؤَّال عن السؤال في المسجد. انتهى
وفي كتاب كشاف القناع: (ويكره السؤال) أي سؤال الصدقة في المسجد (والتصدق عليه) لأنه إعانة على مكروه. انتهى
وشدد في النهي عن ذلك آخرون، بل منهم من نص على تحريمه، ففي كتاب رد المحتار على الدر المختار في الفقه الحنفي: ويحرم فيه السؤال ويكره الإعطاء مطلقاً. انتهى
وفي كتاب مواهب الجليل عن ابن عبد الحكم أنه قال: من سأل فلا يعطى وأمر بحرمانهم وردهم خائبين.
ونقل عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن عمران أنه كان: يغلظ عليهم في النهي وربما أمر بإخراجهم إلى السجن.
وبناء على ذلك.. فإنه يكره السؤال في المسجد كراهة شديدة، وكذا يكره إعطاء من سأل فيه، لكن ننبه هنا إلى أنه لا تكره الصدقة عليه ابتداءً دون سؤال، وكذا إذا حثَّ الخطيب على الصدقة، ففي كشاف القناع: ولا يكره التصدق على غير السائل، ولا على من سأل له الخطيب.
وقد ثبت حث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة في المسجد في قصة المضريين التي رواها مسلم في صحيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(11/8369)
الصلاة في مسجد الحي أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يذهب المصلي إلى مسجد آخر حيث يوجد مسجد في الحي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج في الذهاب للصلاة في أي مسجد كان، ولكن الأفضل أن يصلي الإنسان في مسجده ليجتمع الناس حول إمامهم وفي مساجدهم، ولا تخلو بعض المساجد من الناس أو يكثر الزحام على بعضها مما يسبب إزعاجاً للآخرين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(11/8370)
حكم النقاش في المسجد بحضرة المصلين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أفيدونا أفادكم الله
يحدث في المسجد وبعد الصلاة مباشرة، وقبل الانتهاء من المعقبات، نقاش عن الصلاة، ولا زال بعض المصلين لم يكمل صلاته فما حكم ذلك؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا النقاش بصوت عالٍ وصيحات وهيشات، فإنه لا ينبغي ولو في غير المسجد، فكيف إذا كان في المسجد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " وأياكم وهيشات الأسواق" رواه مسلم والترمذي وغيرهما، قال النووي (أي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن التي فيها) فإذا انضاف إلى ذلك أنه في حضرة من يصلي بحيث يشغله عن صلاته، فإن الأمر يكون أشد،
ومما يجدر الإشارة إليه هنا أن الانشغال بالأذكار عقب الصلوات حتى تنتهي أفضل من النقاش ولو كان منضبطاً بالآداب الشرعية.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(11/8371)
مذاهب العلماء في النوم في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الخروج في سبيل الله وهو النوم في المساجد لمدة ثلاثة أيام وأربعين يوماً وأربعة أشهر وهل هذه سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أريد التوضيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الخروج في سبيل الله للدعوة إلى الله تعالى في الفتوى رقم:
17978 - والفتوى رقم: 9565.
وأما عن النوم في المسجد فهو جائز بدون كراهة على القول الراجح من أقوال العلماء وقد فصل الإمام النووي مذاهب العلماء في هذه المسألة فقال: يجوز النوم في المسجد ولا كراهة فيه عندنا، نص عليه الشافعي رحمه الله في الأم واتفق عليه الأصحاب، قال ابن المنذر في الإشراف: رخص في النوم في المسجد ابن المسيب وعطاء والحسن والشافعي، وقال ابن عباس: لا تتخذوه مرقداً، وروي عنه: إن كنت تنام للصلاة فلا بأس، وقال الأوزاعي: يكره النوم في المسجد، وقال مالك: لا بأس بذلك للغرباء، ولا أرى ذلك للحاضر، وقال أحمد وإسحاق: إن كان مسافراً أو شبهه فلا بأس، وإن اتخذه مقيلاً ومبيتاً فلا، قال البيهقي في السنن الكبير: روينا عن ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير ما يدل على كراهيتهم النوم في المسجد، قال: فكأنهم استحبوا لمن وجد مسكنا أن لا يقصد النوم في المسجد، واحتج الشافعي ثم أصحابنا لعدم الكراهة بما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنت أنام في المسجد وأنا شاب عزب. وثبت أن أصحاب الصفة كانوا ينامون في المسجد وأن العرنيين كانوا ينامون في المسجد، وثبت في الصحيحين: أن عليا رضي الله عنه نام فيه، وأن صفوان بن أمية نام فيه، وأن المرأة صاحبة الوشاح كانت تنام فيه، وجماعات آخرين من الصحابة، وأن ثمامة بن أثال كان يبيت فيه قبل إسلامه، وكل هذا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الشافعي في الأم: وإذا بات المشرك في المسجد فكالمسلم، واحتج بنوم ابن عمر وأصحاب الصفة، وروى البيهقي عن ابن المسيب عن النوم في المسجد فقال: أين كان أصحاب الصفة ينامون؟ يعني لا كراهة، فإنهم كانوا ينامون فيه. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1423(11/8372)
قصد كثرة الخطا إلى المسجد مندوب
[السُّؤَالُ]
ـ[التقصد بزيادة الخطا إلى المسجد لصلاة الجمعة والجماعات، هل هو أمر مشروع، أو مندوب، أو مبتدع؟ أفيدونا بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيندب قصد كثرة الخطا في المشي لأداء الصلاة في المسجد، لما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد.... "
ولما في الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: دخلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: "إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد. قالوا: نعم، يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال: يا بني سلمة؛ دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم". وروى البخاري عن مجاهد في قوله تعالى: (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) [يّس: 12] قال: خطاهم، أي إلى الصلاة. وروى الترمذي وغيره عن أبي سعيد الخدري قال: كانت بنو سلمة في ناحية المدينة، فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد، فنزلت هذه الآية: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ [يّس: 12] ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن آثاركم تكتب، فلا تنتقلوا. ولما في الصحيحين واللفظ لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا ثوب بالصلاة -أي أقيمت_فلا يسع أحدكم ولكن ليمش، وعليه السكينة والوقار، صلِّ ما أدركت، واقض ما سبقك. قال النووي رحمه الله: والظاهر أن بينهما فرقاً -أي السكينة الوقار- وأن السكينة التأني في الحركات -ومن ذلك المشي- واجتناب العبث ونحو ذلك، والوقار في الهيئة وغض البصر، وخفض الصوت، والإقبال على طريقه بغير التفات ونحو ذلك. والله أعلم) . ا. هـ
وقال ابن حجر: وعدم الإسراع أيضاً يستلزم كثرة الخطا، وهو معنى مقصود لذاته، وردت فيه أحاديث كحديث جابر عن مسلم: إن لكم بكل خطوة درجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1423(11/8373)
حكم الذهاب إلى المسجد بثوب النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الذهاب إلى المسجد بثوب النوم؟ وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذهاب إلى المسجد بثوب النوم مباح في الأصل، ما دام ساتراً للعورة المطلوب سترها شرعاً، لكن الأمر المباح قد يعرض له ما يجعله محرماً أو مكروها، والمسألة المذكورة في السؤال هي من هذا القبيل، فيكره اللباس المذكور إذا خالف ما تعارف عليه الناس في البلد الذي تعيش فيه، ويحرم إذا كان لباس شهرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامه ثوب مذلة". رواه ابن ماجه.
وليعلم أنه في جميع الأحوال تصح صلاة لابس الثوب المذكور، والأفضل أن يذهب المرء إلى المسجد في أكمل صورة يحبها، لقول الله تعالى: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1423(11/8374)
مذاهب الأئمة في بناء المساجد على القبور والصلاة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أسأل عن تفاصيل الحكم في الصلاة في مسجد فيه قبر وهل صحيح أن الأئمة الثلاثة قالوا بصحة الصلاة وعدم كراهتها، إلا إذا كان القبر أمام المصلي فتكون مكروهة مع الصحة. أما أحمد بن حنبل فهو الذي حرم الصلاة وحكم ببطلانها - ومحل هذا الخلاف إذا كان القبر في المسجد، أما إذا كان مفصولا عنه والناس يصلون في المسجد لا في الضريح أو الجزء الموجود فيه القبر فلا خلاف أبدا في الجواز وعدم الحرمة أو الكراهة؟
أفيدونا بالقول المفصل أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم اتخاذ القبور مساجد للنصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم الناهية عن ذلك، كما هو مبين في الفتوى رقم:
5752 والفتوى رقم: 4527 وقد اتفق الأئمة الأربعة على عدم مشروعية بناء المساجد على القبور، وعدم مشروعية الصلاة إلى القبر أو عليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: اتفق الأئمة أنه لا يبنى مسجد على قبر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك."
وأنه لا يجوز دفن ميت في مسجد، فإن كان المسجد قبل الدفن غُيِّرَ: إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديداً. وإن كان المسجد بني بعد القبر، فإما أن يزال المسجد وإما أن تزال صورة القبر، فالمسجد الذي على القبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل، فإنه منهي عنه. انتهى.
وقال أيضا: ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، فقال في مرض موته: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. يحذر ما فعلوا." قالت عائشة رضي الله عنها: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجداً، وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال قبل أن يموت بخمس: "إن من كان قبلكم كان يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا بيتي عيداً ولا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني."
ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء المسجد على القبور، ولا تشرع الصلاة عند القبور، بل كثير من العلماء يقول: الصلاة عندها باطلة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(11/8375)
جواز الصلاة في المساجد التي فيها قبور مشروط
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد:
فإنه من المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن اتخاذ القبور مساجد وفي حديث قال لعن الله اليهود والنصارى اتخذو قبور أوليائهم مساجد فإذا كان المسلم يعيش في بلاد تعج بالمساجد المقامة على قبور الأولياء
فهذا مسجد سيدى فلان وهذا مسجد سيدى علان فما حكم الصلاة في هذه المساجد من أجل تحصيل فضل صلاة الجماعة علما بأنه في أكثر الأحيان ليس له خيار إما أن يصلي في هذه المساجد أو يصلي في البيت وتفوته الجماعة
أليس هذا أي صلاته فيها اعترافا منه بهذه المساجد وإن كان غير جائز فما الحكم أن اضطر لذلك؟
أوضحوا لنا هذه المسألة أثابكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة في المساجد التي بنيت على القبور، أو أدخلت القبور فيها لا تجوز، والواجب على المسلم أن يبحث عن مسجد خال من القبور للصلاة فيه، ولو بعد عن منزله، فإن لم يجد في بلده مسجداً خالياً منها حاول جهده أن يُخرج تلك القبور من المسجد ليتمكن من أداء الصلاة مع جماعة المسلمين، والواجب عليه أن يسلك أيسر السبل في ذلك تجنباً لإحداث فرقة وشحناء بين المسلمين، قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل:125] .
فإن لم يتمكن المرء من إخلاء هذه المساجد جاز له أن يُصلي فيها لينال أجر الجماعة، ولا يتوقف عن السعي في إيجاد البديل الشرعي، وليُعلم أن جواز الصلاة في المساجد التي فيها قبور عند عدم وجود البديل مشروط بأن لا يكون هناك صورة من صور الشرك التي يمارسها الناس عادة عند القبر، كالطواف به أو النذر له أو دعاء الميت أو الاستغاثة به، وقد سبق بيان ذلك مستوفى في الجواب رقم: 4527.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(11/8376)
لا تجوز الصلاة في المساجد المبنية على القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة من مصر، يوجد عندنا هنا مسجد سيدنا الحسين، والسيدة زينب رضي الله عنهما، هذان المسجدان، تتواجد القبور بداخلهما، حيث إنك من الممكن أن تصلي والقبر خلفك أو أمامك أو عن يمينك أو يسارك, وأنا أستعجب من وجود أزهريين وشيوخ وعلماء دين يصلون في هذه المساجد بالرغم من كون الرسول_صلى الله عليه وسلم _أمر أن لا نتخذ من القبور مساجد, فما الحكم في حالات هؤلاء الناس، حيث إنهم مصرون على الصلاة في هذه المساجد، ويتباهون أنهم من مريدي السيدة زينب، أو السيد الحسين؟ ونسأل الله أن يهدينا وإياكم لأقرب من هذا رشدا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم بناء المساجد على القبور، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك، وأخبر أنهم شرار الناس، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1530.
ولا تجوز الصلاة في هذه المساجد المبنية على القبور، على الصحيح من أقوال العلماء.
ولا حجة في فعل من ذكرت من الشيوخ، والأمر كما قال علي رضي الله عنه: الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1423(11/8377)
حكم وضع صورة المسجد على السجاد
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وصلى الله على رسوله
هل هناك مانع في اتخاذ صورة مسجد وهلال على سجاد المسجد أو الموكيت. وهل في هذا إهانة.
لكم الشكر الجزيل على جهودكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30] . ويقول جل وعلا: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32] .
وأصول الشرع تقتضي صيانة كل ما له صلة بالدين، ومن هذا الباب منع العلماء دخول الحمام وأماكن القذر بشيء مكتوب فيه اسم الله.... وأوجبوا أخذ مكتوب مرمي في الطريق وصيانته خشية أن يكون فيه اسم الله أو آية من كتاب الله أو حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ما له تعلق بالدين.
ولا شك أن صورة المسجد أو المنارة أوالهلال شعار من شعارات الإسلام، ولها مكانة في نفس المسلم ... وإذا كان يقصد بوضعها على السجاد والموكيت والفراش.... الامتهان والتقليل من شأن الدين بوضع هذه الرموز والإشارات في الأماكن غير اللائقة، فلا شك أن هذا لا يجوز شرعاً، ولا يمكن لمسلم أن يرضى به، بل ربما جر فاعله إلى الكفر الأكبر المخرج من ملة الإسلام والعياذ بالله.
أما إذا لم يقصد به ذلك وكان لمجرد الزينة والتطريز فلا شك أن الأولى تركه، لأنه وإن لم يكن للامتهان فإنه مما يشوش على المصلي في صلاته وقد روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة فلما انصرف قال اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانية أبي جهم فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي" قال الحافظ ابن حجر (ويستنبط منه كراهية كل ما يشغل عن الصلاة من الأصباغ والنقوش ونحوها) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1423(11/8378)
لا تتخذوا المساجد طرقا إلا لذكر أو صلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يسمح المشي في الجامع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج أن يمشي الشخص في المسجد إذا كان ذلك لصلاة أو ذكر أو قراءة قرآن ونحو ذلك، وأما اتخاذ المسجد طريقاً للمارة فمنهي عنه، لما رواه الطبراني في الكبير وفي الأوسط، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذوا المساجد طرقاً إلا لذكر أو صلاة"، وهذا مقتضى الأدب مع بيت الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1423(11/8379)
الصحابة حاربوا مظاهر الشرك كلها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لدينا في قريتنا ضريح ولي صالح وفي مقام هذا الولي يوجد بيت حمام وبيت مطبخ ومصلى والولي مدفون في المصلى.
1 فهل يجوز الصلاة في المصلى رغم أن المصلى كبير ويسع أكثر من 100 شخص.
2- ما الحكم إذا مات رجل صالح يعرف بتقواه وصلاحه وله كثير من البركات ودفناه في مكان وأقمنا في ذلك المكان قبة وهل يوجد قبة لأصحاب رسول الله.
الرجاء مدي بالاجابات مع البراهين.
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا سلفاً أنه لا تجوز الصلاة في مسجد به قبر، ولا يجوز بناء الأضرحة على القبور، وراجع الفتاوى التالية 562 9943 1530 4527
والصحابة الذين هم أحرص الناس على الخير، وأشد الناس اتباعاً لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبعد الناس عن مظاهر الشرك، لم يفعلوا ذلك أبداً، بل نهوا عن ذلك أشد النهي، وحاربوا مظاهر الشرك كلها، وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى بيان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1423(11/8380)
ليس لأحد أن يتحجر من المسجد أي بقعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز حجز مكان في أول الصف في المسجد، والخروج لأكثر من ساعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الجزء الثاني والعشرين في الصفحة 193: عمن تحجّر موضعاً من المسجد بسجادة أو بساط أو غير ذلك هل هو حرام؟ وإذا صلى إنسان على شيء من ذلك بغير إذن مالكه هل يكره أم لا؟
فأجاب رحمه الله: ليس لأحد أن يتحجّر من المسجد شيئاً، لا سجادة يفرشها قبل حضوره ولا بساطاً ولا غير ذلك، وليس لغيره أن يصلي عليها بغير إذنه، لكن يرفعها ويصلي مكانها في أصح قولي العلماء. انتهى.
وقال رحمه الله في موطن آخر: فمن سبق إلى بقعة من المسجد لصلاة أو قراءة أو ذكر أو تعلم علم أو اعتكاف ونحو ذلك، فهو أحق به حتى يقضي ذلك العمل، ليس لأحد إقامته منه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى أن يقام الرجل من مجلسه، ولكن يوسع ويفسح، وإذا انتقض وضوءه ثم عاد، فهو أحق بمكانه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سن ذلك، قال: "إذا قام الرجل من مجلسه ثم عاد إليه، فهو أحق به".
وقال رحمه الله في موطن آخر: ليس لأحد أن يفرش شيئاً ويختص به مع غيبته، ويمنع به غيره، هذا غصب لتلك البعقة، ومنع للمسلمين مما أمر الله تعالى به من الصلاة، والسنة أن يتقدم الرجل بنفسه، وأما من يتقدم بسجادة فهو ظالم إن لم ينته عنه، ويجب رفع تلك السجاجيد، ويمكن الناس من مكانها، هذا مع أن أصل الفرش بدعة، لا سيما في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ولما قدم عبد الرحمن بن مهدي من العراق، وفرش في المسجد أمر مالك بن أنس بحبسه تعزيراً له حتى روجع في ذلك، فذكر أن فعل هذا في مثل هذا المسجد بدعة يؤدب صاحبها.
وعلى الناس الإنكار على من يفعل ذلك والمنع منه، لا سيما ولاة الأمر الذين لهم ولاية على المسجد، فإنه يتعين عليهم رفع هذه السجاجيد، ولو عوقب أصحابه بالصدقة بها لكان هذا مما يسوغ في الاجتهاد. انتهى.
وما قاله شيخ الإسلام ابن تيميه هو الحق والصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1423(11/8381)
حكم رفع الصوت في المسجد النبوي دون قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[عند ذهابي إلى زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعرضت لضغط من زحمة النساء لدرجة أني صرخت، وذلك من خوفي أن أسقط على امرأة كبيرة في العمر، كما أعلمكم أني معاقة، ولا أستطيع التحكم في توازني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.... أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الشفاء والعافية وجعل الله مرضك طهوراً وثواباً.
أما بالنسبة لما حصل منك في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه ليس عليك فيه شيء، لأنه حصل عن غير قصد منك، ورفع الصوت في المساجد وخاصة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم منهي عنه، فقد روى مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: " ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى وإياكم وهيشات الأسواق" وهيشات الأسواق اختلاط الأصوات وارتفاعها وذلك مما ينافي تعظيم شعائر الله، وينافي ما أمر الله به من خفض الصوت عنده صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) [الحجرات: 2] .
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1423(11/8382)
الأصل في المساجد تنزيهها عن اللعب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الألعاب الرياضية مثل كرة المضرب (التنس أو البنغ بونغ) وغيرها من الألعاب داخل المسجد وما يصاحب ذلك من صخب وضوضاء تؤثرعلى من يصلي أو يقرأ القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في المساجد أنها تبنى لذكر الله تعالى وإقامة الصلاة، كما قال عز وجل: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) [النور:36] .
وروى مسلم في صحيحه عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى قام رجل فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بُنيت له".
قال القرطبي في تفسيره بعد ذكر هذا الحديث: "وهذا يدل على أن الأصل ألا يعمل في المسجد غير الصلوات والأذكار وقراءة القرآن" ا. هـ.
وقال النووي في شرح مسلم: "في هذين الحديثين فوائد منها: النهي عن نشد الضالة في المسجد، ويُلحق به ما في معناه من البيع والشراء والإجارة ونحوها من العقود، وكراهة رفع الصوت في المسجد". ا. هـ.
وروى مسلم في صحيحه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي الذي بال في المسجد: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن".
قال النووي في شرح الحديث: فيه صيانة المساجد وتنزيهها عن الأقذار، والقذى، والبصاق، ورفع الصوت والخصومات، والبيع والشراء، وسائر العقود، وما في معنى ذلك. ا. هـ.
وبناءً على ذلك، فقد كره جمهور الفقهاء رفع الصوت في المسجد من حيث الجملة، وإن اختلفوا في بعض الأحكام الفرعية، فيُكره عند الحنفية والحنابلة رفع الصوت بالذكر إن شوش على المصلين، إلا للمتفقهة فإنه يجوز، كما يكره عندهم الكلام غير المباح، فإن كان مما يباح فلا يُكره إن لم يشوش على المصلين، وقال المالكية: يكره رفع الصوت مطلقاً، ولو بالذكر والعلم.
والراجح - والله أعلم - جواز رفع الصوت بالعلم والذكر، والتخاصم في رفع الدعوى أو ردها، وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس، لأن المسجد مجمعهم، ولابد لهم من هذه الأمور، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يختصم إليه الناس في المسجد، وكان يعلمهم فيه العلم، ويبعث منه السرايا.
أما رفع الصوت بالبيع والشراء، وإنشاد الضالة، واللعب، فلا يجوز لما فيه من التشويش على المصلين، ومنافاة الغرض الذي بنيت المساجد من أجله، هذا مع أن هنالك من نص على أن البيع والشراء محرمان داخل المسجد، ولو لم يصاحبهما رفع صوت، وهو قول وجيه.
وما ورد في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون، وأنا جارية" لا يصح أن يكون دليلاً على جواز اللعب في المسجد مطلقاً، لأن لعب الحبشة كان فيه مصلحة، وهي التدريب على السلاح والرمي بالحرب، وهذا مما يُعين على الجهاد في سبيل الله تعالى.
ولذلك قال النووي في شرح مسلم: فيه جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد، ويلتحق به ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد وأنواع البر.
وقال ابن حجر في فتح الباري: الأصل في المساجد تنزيهها عن اللعب، فيقتصر على ما ورد فيه النص.
وعليه، فلا يجوز لعب (البنغ بونع) في المسجد ولا (التنس) ولا غيرهما من الألعاب التي ليس من ورائها مصلحة للمسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8383)
حكم الصلاة في المسجد أو ساحته إذا كان فيها قبر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بجانب البيت مسجد ويقال لا صلاة لجار المسجد إلا بالمسجد والمسجد يوجد بساحتة قبر فما الفتوى في هذا الموضوع ويرجى من المسئولين الاهتمام بهذا الموضوع لأنه سبب لي مشكلة كبيرة وأيضاً بأني تحدثت مع أحد شيوخنا الذين يصلون بهذا المسجد فقالوا لي بأنه ليس هناك حرج لأن القبر ليس بجانب القبة وأنه بخارج المسجد ولكني قرأت قول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (لعن الله اليهود والنصارى يتخذون قبور أهليهم مساجد) وفي قول آخر يقول النبي عليه السلام: (إني أنهاكم عن ذلك) وكل ما ينهى عنه سيدنا محمد عليه السلام ينهى عنه الله سبحانه وتعالى
وشكراً لكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق عليه. وأخرج مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك"
ولا تجوز الصلاة في المساجد التي فيها القبور، أما إذا كان القبر خارج المسجد عن يمينه أو شماله أو أمامه، فلا يؤثر ذلك على الصلاة فيه.
وانظر الفتوى رقم:
4527
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(11/8384)
شروط جواز خروج المرأة إلى المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ذهاب المرأة إلى المسجد كي تصلي التراويح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للمرأة أن تخرج إلى المسجد لصلاة الفرض أو النفل بشرط إذن الزوج إن كانت متزوجة، وارتداء الحجاب الشرعي، والابتعاد عن الطيب ومخالطة الرجال، وغير ذلك من المحاذير الشرعية، فعن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً". رواه مسلم
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة" رواه مسلم. وصلاة المرأة في بيتها خير لها، لما رواه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن"
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(11/8385)
حكم إلقاء السلام في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن إفشاء السلام عند دخول المسجد لا يجوز، لما ينتج عنه من تشويش وفقدان تركيز المتواجدين هناك؟.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن دخل المسجد وفيه أناس مسلمون، فلا حرج أن يسلم عليهم بقدر ما يسمعهم، ولا يعد هذا تشويشاً منهياً عنه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رد السلام على من سلم عليه وهو في المسجد، كما ثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام وقال أرجع فصل فإنك لم تصل ... " الحديث.
فدل ذلك على جواز السلام على من في المسجد، ولكن السنة كما هو واضح في الحديث أن يبدأ بتحية المسجد فيصلي ركعتين ثم يسلم على من في المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1422(11/8386)
حكم الصلاة في الطابق الثاني من المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في مسجد مكون من طابقين منفصلين وخصوصا يوم الجمعه (يوجد مكبر صوت) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في الصلاة في المسجد المكون من طابقين، سواء في الجمعة أو في غيرها، إذ الطابق المتأخر بنياناً يعتبر توسعة طرأت على الطابق الأول، والكل أصبح مسجداً واحداً، لكن ينبغي أن تكون بينهما فتحة قرب الإمام يسمع الصوت منها إذا انقطع التيار الكهربائي.
كما ينبغي أيضاً ملاحظة تأخر المأمومين عن الإمام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1422(11/8387)
هل كان الصحابة يتحدثون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كان الصحابة يتحدثون فى المسجد فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم؟ وهل كان عقيل بن أبي طالب يفعل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المساجد إنما بنيت لذكر الله، وإقامة الصلاة، وقراءة القرآن، ونشر العلم، قال الله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) [النور:36-37] .
وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله ولصلاة، وقراءة القرآن".
وقد ورد عن الصحابة أنهم كانوا يجلسون في المسجد بعد الفجر فيتحدثون في أمور الجاهلية ويضحكون، ويبتسم النبي صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه.
ولكن حديثهم كان في ذكر الله، وما أنعم به عليهم من الإسلام، وما نجاهم به من الجاهلية، ولم يكن حديثهم في الدنيا واللهو واللغو، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع والشراء وإنشاد الضالة في المسجد لأنها من أمور الدنيا التي لا تليق بالمساجد.
وما ذكره السائل عن عقيل رضي الله عنه، لعله يقصد به ما رواه الزبير بن بكار أنه كانت تفرش له القطيفة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فيجتمع إليه الناس فيحدثهم في أنساب العرب. ذكره الصالحي في سبل الهدى والرشاد، ولم نجد من صححه، ولا من ضعفه، فالله أعلم بأمره، وعلى افتراض أنه ثابت فلا يخرج في مضمونه عما كان يتناوله الصحابة من هذه الأمور مما هو في حديث جابر بن سمرة المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1422(11/8388)
فناء المسجد لا يأخذ حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حدود المسجد؟ حيث إن بعض الناس يمنع من يبيع في فناء المسجد؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حدود المسجد هي ما أحاط به من بناء، أو أخشاب، أو قصب، أو نحو ذلك، فهذا هو الذي يعطى حكم المسجد من النهي عن البيع ونحوه فيه، ومنع الحائض والنفساء والجنب من المكث فيه، وأما (رحبته وفناؤه) ونحو ذلك فلا يدخل في حده، وبالتالي فلا يكون له حكم المسجد، فيجوز فيه ما يجوز في غير المسجد من بيع وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1422(11/8389)
حكم الحديث في أمر الدنيا والضحك في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذ عن الكلام في المسجد علما بأنه لايذهب إلي الأمور المحرمة ولكن عن أمور الدنيا والدين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن الأولى للداخل في المسجد أن يشتغل بالصلاة والذكر والدعاء، هذا هو الذي ينبغي، ولكن الحديث فيه مباح سواء كان في الأمور الدنيوية أو الأخروية، إذا لم يكن برفع الصوت، أو لم يرد نص بحرمته كالبيع والشراء ونشد الضالة ونحو ذلك.
قال النووي: " يجوز التحدث بالحديث المباح في المسجد وبأمور الدنيا وغيرها في المباحات، وإن حصل فيه ضحك ونحوه ما دام مباحا، لحديث جابر بن سمرة قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام" قال: وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم" أخرجه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1422(11/8390)
يجب توفير ما يعين المصلين على حضور الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك مشكلة اختلف المسلمين عليها في فلسطين:
الصلاه خارج المسجد أي في ساحة المسجد:
في هذه الأيام تصل درجه الحراره إلى 36 درجة مما يضطر معه المصلون إلى أن يصلوا صلاة المغرب والعشاء في ساحة المسجد بغية الهواء الرطب وترك المسجد فارغا وهذا الأمر جعل نسبة محدودة من المصلين تفضل عدم الصلاة في هذا المسجد والانتقال إلى مسجد آخر.
علما بأنه يوجد بداخل هذا المسجد 12 مروحه هوائيه ومساحته 200 م.
ارجوا من فضيلتكم الرد على سؤالي للضروره
وجزاكم الله كل خير وبارك فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت المراوح المذكورة صالحة للتشغيل، ولو شغلت لوفرت للمصلين الجو البارد الذي يجمعهم ويرتاحون له، فيلزم تشغيلها حرصاً على عدم تفكك الجماعة، ولأنها لم تجعل في المسجد إلا لصالح المصلين وتوفير الجو المناسب لهم، فلا يجوز غلقها عنهم. هذا بالنسبة لعدم تشغيل المراوح، أما بالنسبة للصلاة في ساحة المسجد فقد سبقت الإجابة عليها تحت رقم 9278
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1422(11/8391)
المساجد مبنية للعبادة بمعناها الواسع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
المسجد في أي مكان في المعمورة هو بيت الله فهل يجوز للمترددين عليه الخوض في أمور الدنيا بداخله، وما الواجب الذي يليق بحرمته علي المتددين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فلا مانع من الحديث المباح في المسجد ما لم يكن فيه تشويش على المصلين، قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: "فرع" يجوز التحدث بالحديث المباح في المسجد وبأمور الدنيا وغيرها من المباحات، وإن حصل فيه ضحك ونحوه مادام مباحاً لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، قال: وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويتبسم. رواه مسلم. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: وأما الكلام الذي يحبه الله ورسوله في المسجد فحسن، وأما المحرم فهو في المسجد أشد تحريماً، وكذلك المكروه، ويكره فيه فضول المباح. انتهى.
وقال ابن حزم في المحلى: والتحدث في المسجد بما لا إثم فيه من أمور الدنيا، مباح وذكر الله تعالى أفضل.
ونص الحنفية والحنابلة على كراهته، والراجح ما سبق لحديث جابر عند مسلم
ورواد المساجد عليهم أن يعمروها بما بنيت له من عبادة الله تعالى وصلاة، وتلاوة قرآن، ودراسة علم، ووعظ وتذكير بالله عز وجل، وغير ذلك من القربات.
قال الله تعالى: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال *رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة) [النور 36/37] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(11/8392)
لا يدخل المسجد إلا إذا أمن تلوثه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي شيخ كبير، وقد أصبح غير قادر على التحكم ببوله (وأحياناً من الخروج) ولا بتصرفاته، - فهو غير حاضر الإدراك في كثير من أحواله- وهو أيضاً يصر كثيراً على الذهاب إلى المسجد وقد قمنا باستئجار خادم لخدمته، والخادم لا حول له ولا قوة فيطيعه ويذهب به إلى المسجد بدون اتخاذ الوقاية من البول.
سؤالي هو: هل أكون قد ارتكبت ذنباً إذا أخرجت أبي من المسجد بطريقة الاقناع للعودة إلى البيت وعدم الإتيان للمسجد إلا لفرض واحد فقط، وقاية للمسجد من النجاسات، خصوصاً أن أبي قد تسبب فيها عدة مرات. أفتونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس عليك ذنب إذا أقنعت أباك بالصلاة في البيت وعدم الخروج إلى المسجد، بل إن ذلك واجب عليك إذا خشيت أن ينجس المسجد، فإن أبى إلا الخروج إلى المسجد فلا تتركه يدخله، ولكن أقنعه أن يصلي خارجه، فإن أبى إلا دخول المسجد وأمكن فألبسوه حفاظة واقية لا يتسرب منها شيء، فإن لم يمكن ذلك فلا تتركه يدخله، وحاول إقناعه بأية حالٍ، وبين له الحكم الشرعي في ذلك، وأنه يأثم بدخوله المسجد في تلك الحالة.
وننبهكم جميعاً إلى أن الوالدين حقهما عظيم عند الله تعالى، ويكفي أنه سبحانه وتعالى قرن حقهما بحقه في آيات كثيرة من كتابه، ووصى بهما وصاية خاصة عند كبرهما لأن الكثير من الناس يزهد فيهما في تلك المرحلة ويستخف بحقهما، قال الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) [الإسراء:23]
فعليكم بالرفق بأبيكم غاية الرفق، والإحسان إليه غاية الإحسان، طاعة لربكم، وأداءً لما أوجب عليكم، ومكافأة لأبيكم، فإنه كان يحسن إليكم ويرفق بكم وأنتم ضعفاء عجزة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1422(11/8393)
حراسة الحرمين أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو معرفة حكم الشرع قي الحراس أو الحراسة الموجودة أمام وحول (الحرم الشريف) أثناء أداء صلاة الجماعة - وكذلك وقوف بعض الحراس الآخرين بين الصفوف - وحكم الشرع قي المصلين الذين يسجدون أمام هؤلاء الحراس - وحكم إمام الحرمين قي قبوله ذلك أو في عدم دعوته هؤلاء الحراس للصلاة معه وخصوصا أثناء صلاة الجماعة.
وأنتم تعرقون أحاديث رسول الله (صلي الله عليه وسلم) عن أمانة من دخل الحرم، وكذلك آيات القرآن الكريم وكلها صحيحة - والحمد لله.
أرجو الاجابة والرد أفادكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المصلحة في المحافظة على أموال الناس وحاجياتهم وعدم ترويعهم تقتضي وجود الحراس في الحرم وحوله، والحراسة مشروعة في القرآن والسنة، ولها درجات في الحكم، فمنها الواجب، كالحراسة في صلاة الخوف، قال تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم ... ) [النساء: 102] .
ومنها الحراسة المباحة كمن يؤجر نفسه لحراسة الأسواق والأماكن العامة التي يزدحم فيها الناس، ومن ذلك حراسة الناس في الحرم ليتفرغ الناس للعبادة دون أن ينشغلوا بأمتعتهم وأموالهم عن أداء المناسك والشعائر، ولو لم يكن الحراس موجودين، وكثر السراق والفسقة لقل المصلون في الحرم.
لذا فإن تأخر عشرات - وهم الحراس - عن أداء صلاة الجماعة ييسر التحاق الآلاف الكثيرة من المسلمين لأدائها مع الإمام.
ووجود الحراس بين صفوف المصلين له فائدته، وهو مصلحة معتبرة شرعاً، وفيه حاجة ماسة للمسلمين، فلا يضر وقوفهم بين صفوف المصلين في الحرم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1422(11/8394)
الجدل في المسجد وغيره مذموم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن الجدل داخل المساجد عموما بغض النظر عن موضوعه والذى كثر هذه الأيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجدل يصاحبه عادةً ارتفاع الأصوات، وتنافر المتجادلين، وانقسامهم فريقين متناحرين، وقد ذم الشرع هذا الجدل ولو وقع خارج المسجد. قال تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) [الأنفال: 46] .
وروى أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل"، ثم تلا هذه الآية: (ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هو قوم خصمون) .
وارتفاع الأصوات في المساجد - ولو بقراءة القرآن - منهي عنه، واستثنى البعض من النهي دروس العلم، فقد أخرج أحمد والترمذي وأبو داود وغيرهم من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر، وقال: "ألا إن كلكم مناج، فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة".
وإذا امتنع رفع الصوت في المساجد بالقراءة، فما بالك برفع الصوت فيها بالجدل المذموم، ولو كان خارجها، فالواجب السعي في تغيير هذا المنكر، ولكن ينبغي أن يكون بحكمة وموعظة حسنة ولين جانب، حتى لا ينقلب هو الآخر منكراً جديداً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1422(11/8395)
أفضلية إجراء عقد النكاح في المسجد الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ما يقوم به كثير من الناس اليوم من عقد القران داخل الحرم المكي من أجل التبرك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد استحب جمهور الفقهاء أن يكون عقد النكاح في المسجد، ومنهم من اقتصر على القول بالإباحة.
وعلل المستحبون قولهم بأن النكاح عبادة، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف".
ومنهم من علل بالتبرك بالمسجد.
والحديث المذكور رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب حسن في هذا الباب وعيسى بن ميمون الأنصاري (أحد رواته) يضعف في الحديث.
وقال الألباني بعد ذكر قوله " واجعلوه في المساجد": (وهو بهذه الزيادة منكر كما بينته في الأحاديث الضعيفة 982) انتهى من إرواء الغليل 1993.
ولا شك أن المسجد الحرام موضع مبارك، وقد نص بعض العلماء على أن مضاعفة الثواب فيه لا تختص بالصلاة؛ بل تعم سائر الطاعات.
ولهذا نرى أنه لا مانع لمن كان في مكة أن يقصد المسجد الحرام لعقد النكاح فيه، بل إن ذلك ربما كان أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1422(11/8396)
حكم نقل أو بيع المسجد للمصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: حفظكم الله، في باكستان يوجد منازل على سفوح الجبال، وقد تبرع أحدهم بسطح بيته لبناء مسجد عليه، ثم وسع الله على أهل المنطقة، فحصلوا على مبلغ لبناء مسجد كبير، ومدرسة، وكان لصاحب هذا المنزل، أرض مجاورة كان يبتغي بناء دكاكين عليها، فسارع للتبرع بها لبناء مسجد إلا أنه اشترط عليهم تهديم المسجد الأول وبناء دكاكين مكانه فهل يجوز ذلك شرعاً أم لا أفتونا مأجورين جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن بنى مسجداً وأذن للناس بالصلاة فيه، خرج من ملكه وصار وقفاً لله تعالى، وليس له الرجوع في ذلك في قول جماهير أهل العلم.
وليس له هدمه ولا بيعه ولا نقله إلى مكان آخر، إلا إن وجدت مصلحة تعود على الوقف بذلك، كأن يهجر المسجد وتتعطل منافعه، أو يضيق عن أهله فينقل إلى موضع آخر، على ما ذهب إليه بعض أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما إبدال المسجد بغيره للمصلحة مع إمكان الانتفاع بالأول: ففيه قولان في مذهب أحمد. واختلف أصحابه في ذلك، لكن الجواز أظهر في نصوصه وأدلته، والقول الآخر ليس عنه به نص صريح ... ) مجموع الفتاوى جـ 31 ص 21.
ثم ذكر ما رواه الخلال عن القاسم قال: لما قدم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على بيت المال كان سعد بن مالك قد بنى القصر، واتخذ مسجداً عند أصحاب التمر. قال: فنقب بيت المال، فأخذ الرجل الذي نقبه، فكتب إلى عمر بن الخطاب، فكتب عمر: أن لا تقطع الرجل، وانقل المسجد، واجعل بيت المال في قبلته، فإنه لن يزال في المسجد مصل، فنقله عبد الله، فخط له هذه الخطة. قال صالح: قال أبي (أحمد بن حنبل) : يقال إن بيت المال نقب من مسجد الكوفة فحول عبد الله بن مسعود المسجد. فموضع التمارين اليوم في موضع المسجد العتيق.
قال: وسألت أبي عن رجل بنى مسجداً ثم أراد تحويله إلى موضع آخر؟ قال: إن كان الذي بنى المسجد يرى أن يحوله خوفاً من لصوص، أو يكون موضعه موضع قذر، فلا بأس أن يحوله ... سئل أبو عبد الله هل يحول المسجد؟ قال: إذا كان ضيقاً لا يسع أهله فلا بأس أن يجعل إلى موضع أوسع منه ... قال: سألت أبي عن مسجد خرب: نرى أن تباع أرضه وتنفق على مسجد آخر أحدثوه؟ قال: إذا لم يكن له جيران، ولم يكن أحد يعمره فلا أرى به بأسا أن يباع وينفق على الآخر.
قال شيخ الإسلام: (ولا ريب أن في كلامه ما يبين جواز إبدال المسجد للمصلحة وإن أمكن الانتفاع به، لكون الانتفاع بالثاني أكمل، ويعود الأول طلقاً) .
وقال (أحمد) في رواية أبي طالب: إذا كان المسجد يضيق بأهله، فلا بأس أن يحول إلى موضع أوسع منه) . مجموع الفتاوى جـ 31 ص 215ـ 229.
وعليه فإذا كان المسجد الأول يضيق بأهله، أو يشق عليهم الذهاب إليه لارتفاعه، فلا حرج في الانتقال إلى مكان آخر أوسع وأيسر.
فإن تبرع صاحب المسجد بالأرض المجاورة كان محسناً مأجوراً مشاركاً في ثواب من بنى لله مسجداً، لكن ليس له أن يشترط بناء دكاكين له. وإن شاء أن يبيع أرضه لأهل المنطقة فله ذلك.
وإن كان المسجد الأول متسعاً مناسباً لمن حوله، فلا يجوز إخراجه من الوقف بهدم أو بيع، كما لا يجوز إحداث بناء مسجد قريب منه لما في ذلك من تفريق جماعة المسلمين. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1421(11/8397)
توسعة بيت الإمام من مساحة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يحصل عندنا أن يقوم أناس من أهل الخير ببناء مساجد كبيرة، ولكنهم وعن غير قصد لا يقومون ببناء بيت واسع للإمام، مما يضطر المسؤولين -بعد ذلك- بقيامهم مشكورين، بتوسعة البيت، فأحياناً توجد أرض خالية بجانب المسجد، فيبنى عليها وأحياناً توجد ولكن يعتذر عن ذلك (التوسعة) بحجة أن هذا البناء قد يشوه صورة المسجد وعليه فيقوم المسؤولون -بعد ذلك- إما بالأخذ من بعض أجزاء المسجد من الناحية الخلفية له، وأحياناً يقومون بالبناء أو بالتوسعة بالأخذ من مصلى الفروض، خاصة في الجوامع الكبيرة والتي هي منفصلة عن مصلى الفروض فهل هذا داخل تحت تصرف الناظر على الوقف بما يعود بالمصلحة على المسجد والقائم عليه أم لا…؟ علماً بأن هذه المشكلة كبيرة وليست في مسجد واحد وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يقوم به المسؤولون من توسعة بيت الإمام، عمل صالح يؤجرون عليه، لما في ذلك من إعانة الإمام على تأدية واجبه، والتوسعة عليه وعلى أهله، مما يعود بالمصلحة على المسجد وأهله.
وحيث وجدت أرض خالية بجانب المسجد يتعين أن تكون بها التوسعة ببناء بيت مستقل، أو إضافة إلى البيت الأول، ولا عبرة بكون ذلك مشوهاً لصورة المسجد، فإن المساجد لم توضع للزينة، على أنا لا نسلم بكون الإضافة الخارجية مؤدية لتشويه الصورة.
ولا شك أن التوسعة خارج المسجد مقدمة على كل صورة يؤخذ فيها من بناء المسجد القديم، احتراماً للمسجد، وإبقاء على صورة الوقف.
وأما إن تعذر البناء من الخارج لعدم وجود أرض صالحة لذلك، وضاق بيت الإمام ضيقاً لا يتسع له ولا لغيره، بحيث يخل براحته واستقراره، ووجد فاضل من فناء المسجد أو مرافقه غير المكان المعين للصلاة، جاز حينئذ أن يضاف شيء من هذا الفاضل إلى بيت الإمام.
وكذا لو وجد مصلى ملحق بالمسجد، لا تصلى فيه الصلوات الخمس، ولا يحتاج إليه المصلون ـ رجالاً ونساءً ـ الآن ولا في المستقبل المنظور، ولم يكن سبيل إلى توسعة بيت الإمام إلا بالأخذ منه جاز ذلك.
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى جواز تغيير صورة الوقف للمصلحة، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وله في ذلك كلام كثير ننقل طرفاً منه. قال رحمه الله كما في مجموع الفتاوى ج31 ص 261
(وأما تغيير صورة البناء من غير عدوان، فينظر في ذلك إلى المصلحة، فإن كانت هذه الصورة أصلح للوقف وأهله أقرت، وإن كانت إعادتها إلى ما كانت عليه أصلح أعيدت.
وإن كان بناء ذلك على صورة ثالثة أصلح للوقف بنيت. فيتبع في صورة البناء مصلحة الوقف، ويدار مع المصلحة حيث كانت. وقد ثبت عن الخلفاء الراشدين ـ كعمر وعثمان ـ أنهما قد غيرا صورة الوقف للمصلحة، بل فعل عمر بن الخطاب ما هو أبلغ من ذلك، حيث حول مسجد الكوفة القديم فصار سوق التّمارين، وبنى لهم مسجداً في مكان آخر. والله أعلم) أهـ.
وسئل (عن حقوق زاوية وهو بظاهرها، وقد أقيم فيه محراب منذ سنين، فرأى من له النظر على المكان المذكور المصلحة في بناء طبقة على ذلك المحراب، إما لسكن الإمام، أو لمن يخدم المكان من غير ضرورة تعود على المكان المذكور، ولا على أهله فهل يجوز ذلك؟.
فأجاب: إذا لم يكن ذلك مسجداً معداً للصلوات الخمس، بل هو من حقوق المكان جاز أن يبنى فيه ما يكون من مصلحة المكان، ومجرد تصوير محراب لا يجعله مسجداً، لا سيما إذا كان المسجد المعد للصلوات، ففي البناء عليه نزاع بين العلماء) مجموع الفتاوى 31/7.
وفي مطالب أولي النهى ـ من كتب الحنابلة ـ 4/376.
(سئل الشيخ تقي الدين: فيمن بنى مسجداً لله، وأراد غيره أن يبني فوقه بيتاً وقفا له، إما لينتفع بأجرته في المسجد، أو ليسكنه لإمامه، ويرون ذلك مصلحة للإمام أو للمسجد، فهل يجوز ذلك أم لا؟ فأجاب: بأنه إذا كان مصلحة للمسجد، بحيث يكون ذلك أعون على ما شرعه الله ورسوله فيه من الإمامه والجماعة، وغير ذلك مما شرع في المساجد، فإنه ينبغي فعله، كما نص على ذلك ونحوه غير واحد من الأئمة. حتى سئل الإمام أحمد عن مسجد لاصق بالأرض فأرادوا أن يرفعوه، ويبنوا تحته سقاية، وهناك شيوخ فقالوا: نحن لا نستطيع الصعود إليه؟ فقال أحمد: ينظر ما أجمع عليه أكثرهم.
ولعل ذلك أن تغيير صورة المسجد وغيره من الوقف لمصلحة راجحة جائز، إذ ليس في المساجد ما هو معين بذاته، إلا البيت المعمور، وإلا المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، إذ هي من بناء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فكانت كالمنصوص عليه، بخلاف المساجد التي بناها غيرهم، فإن الأمر فيها يتبع المصلحة، ولكن المصلحة تختلف باختلاف الأعصار والأمصار) انتهى. فإذا جاز تغيير صورة الوقف ببناء بيت فوقه، فلأن يجوز استغلال ما زاد عن الحاجة، وعطلت فيه الصلاة من باب أولى.
وسئل شيخ الإسلام عن إعادة بناء مسجد قديم هدم، ورفعه عما كان عليه، وكان تحته خلوة، فعمل تحته بيتاً لمصلحة المسجد فأجاب:
(الحمد لله. نعم يجوز أن يعمل في ذلك ما كان مصلحة للمسجد وأهله من تجديد عمارة، وتغيير العمارة من صورة إلى صورة ونحو ذلك. والله أعلم) مجموع الفتاوى 31/209.
لكن حيث وجد سبيل للتوسعة من خارج المسجد فليترك المصلى على حاله. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1421(11/8398)
حكم من نذر مسجدا في موضع وأراد تحويله لموضع آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[1-اشتريت قطعة أرض أنا وزوجى لبناء محلات، ومباني لنا وللأولاد، ونذرنا قبل بداية البناء أن نبني زاوية (مسجد صغير) فى جزء من المساحة السفلية وبعدما انتهينا من بناء المساحة السفلية وبنينا منزلنا، لاحظنا وجود أكثر من مسجد للصلاة والمنطقة لا تحتاج أكثر من ذلك هل نتصدق ببناء زاوية أو مسجد في مكان آخر؟ وهل يصلح ذلك للوفاء بالنذر؟ أوماذا نفعل؟ إذ لاحظنا تقارباً كبيراً بين المساجد المجاورة لقطعة الأرض بشكل واضح أثابكم الله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد ثبت في صحيح البخاري رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه". ولا شك أن بناء المساجد من الطاعة المرغب فيها، والتي يجري على الإنسان ثوابها بعد موته لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علما نشره، وولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورثه أو مسجداً بناه.. إلخ" أخرجه ابن ماجه، وهو في صحيح ابن خزيمة ومشكاة المصابيح.
وعليه فإنا نقول للسائلة -الكريمة-: يجب عليك الوفاء بنذرك المتمثل في بناء المسجد، أو الزاوية في المكان الذي عينت لها، ما دام يرجى وجود مصلين حوله، ولو قلوا. وفي حالة ما إذا كانت المنطقة كما قلت: فيها من المساجد ما لا يحتاج معه إلى زيادة مسجد آخر، الأمر الذي قد يؤدي إلى أن يصبح المسجد مهجوراً ومعطلاً بعد بنائه وبذل التكلفة فيه، أو هجران مسجد آخر كان قائماً ـ أقول ـ: في هذه الحالة عليك أن تستشيري جهة مختصة في أمور العقار، فتقوِّم المكان الذي كان مخصصا (للزاوية) بقيمته الحالية. وتخرجين أنت وزوجك تلك القيمة ليشترى بها مكان آخر في موضع يحتاج فيه لمسجد، ثم تقومان ببناء المسجد فيه على الصفة التي نذرتما أصلاً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8399)
يمكن للحائض أن تمكث في ملحق المسجد، لا في المسجد.
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة كبيرة من المسلمين (مسلمات) المتواجدين في إحدى الولايات الأمريكية، لدينا مركزإسلامي، يتكون من مصلى للرجال، ومصلى للنساء، ومدرسة، وكافيتيريا، ومركز لبيع الكتب، ونحن كنساء لا مجال لدينا الا للذهاب إلى المسجد، وسماع بعض الدروس، ونقوم بعمل الحلقات الدينية، والحمد لله، ونجتمع في مصلى النساء، وهناك منطقة داخل المصلى تعتبر كممر للمصلين (معبر) مساحة صغيرة فسؤالنا، هو: إذا كانت المرأة حائضا هل يجوز لها أن تدخل المسجد لسماع الحلقة والاستفادة منها؟ لأني كما قلت نحن نجلس ليس في مكان الصلاة بل في الممر ونكون خلف المصلين آخر المصلى وكما تعلمون ليس لنا وسيلة في بلد كهذه إلا سماع الحلقات الدينية مع العلم بما روي عن الرسول عليه الصلاة والسلام بعدم دخول المرأة الحائض المسجد. أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كانت حائضاً أو نفساء، أو كان جنباً ولم يغتسل، فإنه يحرم عليهم المكث في المسجد ولو لسماع دروس العلم، لما رواه أبو داود في سننه عن جَسْرَةَ بِنْتِ دِجَاجَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: جَاءَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَوَجُوهُ بُيُوتِ أصْحَابِهِ شَارعَةٍ في المَسْجِدِ، فَقال: وَجّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عن المَسْجِدِ، ثُمّ دَخَلَ النّبيُ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَصْنَعِ الْقَوْمُ شَيْئاً رَجَاءَ أنْ يَنْزِلَ فِيهِمْ رُخْصَةٌ، فَخَرَجَ إلَيْهِمْ بَعْد فقال: وَجّهُوا الْبُيُوتَ عن المَسْجِدِ فإنّي لا أُحِلّ المَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلاَ جُنُبٍ".
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن المسجد لا يحل لحائض ولا جنب " رواه ابن ماجه.
إلا أنه يجوز لها أن تمر مروراً بالمسجد لحاجة عارضة ولا تمكث فيه، لما رواه أحمد والنسائي عن ميمونة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على إحدانا وهي حائض فيضع رأسه في حجرها فيقرأ القرآن وهي حائض، ثم تقوم إحدانا بخمرته فتضعها في المسجد.
وأما إن كان بالمسجد مكان ملحق به ولم يعد للصلاة، كممر موصل إلى مكان الصلاة، أو غرفة أعدت للمطالعة والانتظار، فلا حرج في الجلوس في هذا المكان، لأن المنع يختص بالمسجد وهو المكان المعد للصلاة.
قال ابن قدامة رحمه الله (في اعتكاف المرأة) : (وإن كانت له رحبة خارجة من المسجد يمكن أن تضرب -أي الحائض المعتكفة- فيها خباءها، فقال الخرقي: تضرب خباءها فيها -أي في رحبة المسجد - مدة حيضها، وهو قول أبي قلابة) انتهى كلامه رحمه الله، وعلى ذلك فلا حرج في جلوسكن مدة الحيض في هذا الممر لسماع دروس العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8400)
لا يجتمع شرعا مسجد وقبر
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله ألف خير عن هذا العمل المبارك بإذن الله. سؤالي هو: أنا أسكن في بلدة بها مسجد واحد فقط، ولكن في ساحة المسجد يوجد قبر حيث يقع القبر خارج المصلى، لكن داخل حدود المسجد، فهو يقع في اتجاه القبلة خلف المحراب، علما بأن المسجد قد بني قبل القبر، فما حكم الصلاة في هذا المسجد؟ وماذا نفعل تجاه هذا الأمر؟. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاً: يحرم بناء المساجد على القبور، كما يحرم دفن الميت في المسجد، لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
ولما في صحيح مسلم من حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: " إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك".
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله".
فبناء المساجد على القبور محرم، بل هو من الكبائر عند بعض أهل العلم.
قال ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر: (الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتسعون: اتخاذ القبور مساجد، وإيقاد السرج عليها واتخاذها أوثاناً، والطواف بها، واستلامها، والصلاة إليها) .
ثانياً: لا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، فأيهما طرأ على الآخر أزيل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (اتفق الأئمة أنه لا يبنى مسجد على قبر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك"، وأنه لا يجوز دفن ميت في مسجد، فإن كان المسجد قبل الدفن غيّر إما بتسوية القبر، وإما بنبشه إن كان جديداً، وإن كان المسجد بني بعد القبر، فإما أن يزال المسجد وإما تزال صورة القبر، فالمسجد الذي على القبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل، فإنه منهي عنه) .
ثالثاً: فإن لم يمكنكم فعل شيء مما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في الفقرة السابقة، أو أمكنكم واحتاج إلى وقت جاز لكم الصلاة في المسجد المذكور بشرط ألا يكون هناك صورة من صور الشرك يمارسها الناس عند القبر، كالطواف به أو النذر له أو دعاء الميت والاستغاثة به، فإن وجد شيء من ذلك لم تجز الصلاة في ذلك المكان، لقوله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) [النساء:140] فلا يجوز القعود في مكان المنكر، لأن القاعد باختياره دون إنكار حكمه حكم المقارف للذنب، وحينئذ تصلون في أي مكان من أرض الله الواسعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8401)
يجوز أن تغلق المساجد بعد الصلوات إذا دعت إلى ذلك مصلحة راجحة
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدنا "المغرب" تغلق المساجد دبر كل صلاة إلا بين المغرب والعشاء، والذي يغلقها رجل كبير وأنا أعينه في ذلك، فهل أنا ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المساجد لم تكن تقفل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنها كانت غير مفروشة والناس أتقى وأورع من أن يفسدوا فيها أو يقذروها، فلما فرشت المساجد ووجد فيها ما يخاف عليه، وكثر الجهل من الناس وحصل الفساد من بعضهم بالإتلاف أو السرقة، استحدث الناس إغلاقها دفعاً لتلك المفاسد وحماية للمسجد وآلا ته، وبناء على ذلك فلا حرج عليك في مساعدة ذلك الرجل إذا كان الأمر كما ذكرت. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8402)
استئجار مكان لجعله مسجدا جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: هل يجوز كراء محل ليكون مسجداً؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور أهل العلم على جواز استئجار دار لتكون مسجداً وهو مذهب الشافعية والمالكية والحنابلة وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يصح ذلك قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: (ويجوز استئجار دار يتخذها مسجداً يصلي فيه وبه قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة لا تصح لأن فعل الصلاة لا يجوز استحقاقه بعقد إجارة بحال فلا تجوز الإجارة لذلك، ولنا أن هذه منفعة مباحة يمكن استيفاؤها من العين مع بقائها فجاز استئجار العين لها) والراجح قول الجمهور وعليه فما استؤجر ليكون مسجداً أخذ أحكام المسجد مدة الإجارة لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8403)
من آداب وأحكام المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف أمورا تتعلق بآداب المسجد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالآداب التي تتعلق بالمسجد كثيرة منها:
دعاء الدخول: فيستحب أن يقول الداخل: "أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك" وقد تعددت الروايات بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبى داود، وابن ماجه وغيرهما.
ودعاء الخروج: "بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم إني أسألك من فضلك، اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم" تعددت الروايات بذلك أيضا في السنن.
قال الإمام النووي في كتابه الأذكار: بعد ذكر أدعية الدخول والخروج، ويقدم رجله اليمنى في الدخول، ويقدم اليسرى في الخروج. انتهى.
كما أن المساجد خير البقاع وأحبها إلى الله، فلا يجوز للجنب الدخول إليها إلا مروراً من غير مكث، لقوله تعالى: (ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) [النساء: 43] .
وكذلك الحائض والنفساء لا يحل لهما دخول المسجد والأصل في ذلك حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" رواه أبو داود.
والنفساء تقاس على الحائض. أما المرور فلا بأس به إذا دعت إليه الحاجة، وأمن تنجيسها المسجد.
وبالجملة فلابد من صيانة المساجد عن اللغو والباطل، قال تعالى: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) [النور: 36] . قال ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما ـ عند هذه الآية ـ قال: نهى الله سبحانه عن اللغو فيها، قال قتادة هي هذه المساجد، أمر الله سبحانه وتعالى ببنائها وعمارتها ورفعها وتطهيرها، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن المساجد: "إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن" رواه مسلم.
والواجب صيانة المساجد عن البيع والشراء فيها، أو إنشاد الضالة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك" رواه الترمذي والحاكم. ولقوله صلى الله عليه وسلم: "من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك" رواه مسلم. ولا بأس بالأكل في المسجد أو النوم إذا احتاج المرء لذلك مع المحافظة على نظافة المسجد. هذه بعض الآداب نسأل الله التوفيق في الالتزام بها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8404)
من أحكام المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم السؤال من أوروبا: ماهي شروط المسجد؟ هل يجب أن يكون وقفا لله أو ملكا لأحد المسلمين؟ بارك الله فيكم. والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
المسجد هو الأساس في الإسلام إذ هو مكان إقامة الصلاة، وفيه تلقى الدروس وتعقد الحلقات لطلاب العلم، ويتدارس المسلمون شؤونهم الدينية والدنيوية، وقد كان مكانا للقيادة في زمن الرسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين والعصور الذهبية للإسلام. ويشترط للمسجد ألا يقام على أرض مغصوبة، ولا على مقبرة ولا مكان نجس كالحش، لقوله صلى الله عليه وسلم: " الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" رواه أصحاب السنن. وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا" ويجب أن تصان عن القذر والأذى والروائح الكريهة وإنشاد الضالة والبيع والشراء ورفع الصوت واللجاج وأحاديث الدنيا لورود الأخبار بالأمر بصيانة المساجد عن ذلك كله. والمسجد بمجرد بنائه والإذن للناس بالصلاة فيه إذناً عاماً يصير وقفاً لله تعالى، قال عز من قائل: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً) [الجن:18]
ولا حرج في نسبتها لأحد من المسلمين -وإن كانت لله- ملكاً وتشريفاً فيقال مسجد فلان وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي ضمرت من الحيفاء أمدها وثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق.
وتكون هذه الإضافة بحكم المحلية كأنها في قبيلتهم، أو لأنهم هم القائمون ببنائها أو وقفها أو نحو ذلك.
وكذا لا حرج في نسبتها لأحد من المسلمين على الأوراق الرسمية، كأن تدخل في ملكه صورياً، لا سيما في دول أوربا ونحوها من البلدان التي لا تسمح بالإذن لأي بناء إلا إذا كان منسوباً لجهة معينة: أفراد أو مؤسسات معترف بها.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8405)
دخول الصبيان إلى المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اصطحاب الأطفال الصغار إلى المسجد؟ بالرغم مما يبدر منهم من إزعاج للمصلين ورفع الصوت أثناء الصلاة، والعبث بالمسجد، وخصوصا عند وقوفهم في الصف الخلفي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأطفال على قسمين:
1- قسم لا يعبث أو يعبث ولكنه إذا نهي كف، وهذا لا حرج في حضوره للمسجد، والأفضل أن يكون بجوار أبيه أو أحد أقاربه الكبار، ويتجنب به وسط الصف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم…." رواه مسلم من حديث أبي مسعود البدري الأنصاري رضي الله عنه.
2- وقسم يعبث وإذا نهي لا يكف، فهذا لا يجوز الإتيان به إلى المسجد، وإن أتى إليه أخرج منه، لما يترتب على وجوده من تشويش على المصلين، وهذا التفصيل هو الراجح عند أهل العلم، ومن منع الإتيان إلى المساجد بالصبيان مطلقاً فقد جانب الصواب، والحديث الذي استشهد به لا تقوم بمثله حجة لأنه حديث ضعيف وهو: "جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم…..إلخ رواه ابن ماجه من حديث واثلة بن الأسقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8406)
حكم الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد أو بناء المساجد عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المسجد الذي فيه قبر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد وبناء المساجد عليها، كل ذلك محدثات، مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأمره، وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك والتغليظ فيه، وأما بناء المساجد على القبور: فقد صرح العلماء بالنهي عنه، للأحاديث الواردة في ذلك منها، قوله صلى الله عليه وسلم قبل موته بخمس: " ألا وإن من كان قبلكم يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك" رواه مسلم وقال عليه الصلاة والسلام: "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد". [أخرجه عبد الرزاق في مصنفه] . وعن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم أنهما قالا: "لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصةً له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". [متفق عليه] يحذر ما صنعوا. ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله: "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" متفق عليه وفي رواية: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".متفق عليه فالمساجد المبنية على قبور أنبياء أو صالحين أو غيرهم من آحاد الناس ينبغي أن تزال بهدم أو غيره، ولا تصح الصلاة فيها.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله (وعلى هذا فيهدم المسجد إذا ابني على قبر، كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد، نص على ذلك الإمام أحمد وغيره، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه، وكان الحكم للسابق، فلو وضعا معاً لم يجز، ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز، ولا تصح الصلاة في هذا المسجد لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولعنه من اتخذ القبر مسجداً، أو أوقد عليه سراجاً، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه بين الناس كما ترى) انظر زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم (3/572) .
والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1422(11/8407)
حكم صلاة غير المسلمين في مساجد المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في كتاب اللغة العربية للصف التاسع عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سمح لوفد نصارى نجران بالصلاة (صلاة النصارى) في المسجد النبوي، فهل هذا الكلام صحيح؟ وهل يمكن العمل به في أيامنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقال ابن كثير في تفسيره: قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، قال: قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر، عليهم ثياب الحبرات: جبب وأردية في جمال رجال بني الحارث بن كعب، قال: يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ما رأينا بعدهم وفداً مثلهم، وقد حانت صلاتهم، فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوهم، فصلوا إلى المشرق. انتهى.
ولم نقف لهذه القصة على إسناد غير إسناد ابن إسحاق السابق، وهو معضل، فإن محمد بن جعفر بن الزبير يروي عن التابعين، وهو ممن عاصر صغارهم.. ومع ذلك فقد قال ابن القيم في (أحكام أهل الذمة) : قد صح (!!) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنزل وفد نصارى نجران في مسجده وحانت صلاتهم فصلوا فيه، وذلك عام الوفود. انتهى ... وذكر هذه القصة أيضاً في (زاد المعاد) فقال المحقق: رجاله ثقات، لكنه منقطع. انتهى. يعني أنه ضعيف.
وعلى أية حال، فإن صحت هذه الرواية فهي لا تدل على جواز دخول الكفار للمسجد وتمكينهم من الصلاة فيها مطلقاً، بل ذلك مقيد بوجود مصلحة ظاهرة من ذلك كدعوتهم للإسلام، قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: ليس لهم دخول المساجد سواء في المدينة أو غيرها، ما لم يكن هناك مصلحة راجحة، فإن كان هناك مصلحة راجحة جاز لهم ذلك، كما في قصة نصارى نجران ونزولهم في مسجده صلى الله عليه وسلم وحانت صلاتهم فصلوا في المسجد النبوي، وذلك عام الوفود. انتهى.
وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 72906 أن الإذن لهم بالصلاة في المسجد جائز إذا رجيت من ذلك مصلحة كترغيبهم في الدخول في الإسلام وتعريفهم بالعبادة، كما سبق أن ذكرنا مفصلاً أقوال العلماء في دخول الكافر المسجد إلا المسجد الحرام، وأن الراجح الجواز إذا دعت الحاجة لذلك، أو كان في دخوله مصلحة كدعوته إلى الإسلام، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 26104، والفتوى رقم: 4041.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1430(11/8408)
حكم الإذن للكافر بالصلاة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للكفار الصلاة مع المسلمين في المسجد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 4041 خلاف العلماء في دخول الكافر إلى المسجد، وأما الإذن له بالصلاة فيه فجائز إذا رجيت من ذلك مصلحة كترغيبهم في الدخول في الإسلام وتعريفهم بالعبادة، كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في أحكام أهل الذمة: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنزل وفد نصارى نجران في مسجده، وحانت صلاتهم فصلوا فيه، وذلك عام الوفود بعد نزول قوله تعالى: إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا. فلم تتناول الآية حرم المدينة ولا مسجدها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(11/8409)
يجوز دخول تارك الصلاة المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد فتوى في دخول تارك الصلاة المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز دخول تارك الصلاة المسجد، بل الأولى أن نرغبه ونشجعه على دخوله، ونرغبه في أداء الصلاة ونبين له أهميتها وفضائلها، وخطورة تركها وحكم تاركها.
ولا يمنع من ذلك القول بكفر تارك الصلاة، لأن الراجح جواز دخول الكفار لما سوى المسجد الحرام من المساجد.
ويدل لذلك ما في الصحيحين عن ربط ثمامة بن أثال الحنفي بسارية من سواري المسجد النبوي وهو مشرك، وراجع في ذلك وفي حكم تارك الصلاة، الفتوى رقم: 4041، والفتوى رقم: 1145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(11/8410)
حكم دخول الكافر المسجد بإذن المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز لمسؤول حكومي إسباني الدخول إلى المسجد استجابة لطلب الجماعة؟ على أمل أن يساعدهم في الحصول على مسجد كبير، لأن المسجد الحالي تحت الأرض وصغير جدا، هذا المسؤول الحكومي تريد منه الجماعة أن يطلع على أحوال المسلمين في هذه القرية التي يوجد فيها أكثر من ألف مسلم. يصلون الصلوات الخمس في مكان تحت الأرض80 متر مربع. والسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في دخول هذا المسؤول الحكومي المساجد بإذن المسلمين، وقد سبق بيان أقوال الفقهاء في حكم دخول الكافر المسجد في الفتوى رقم: 4041 وبينا فيها أن الراجح جواز الدخول للحاجة والمصلحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(11/8411)
ضوابط دخول الكفار المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[في المدارس النيوزيلندية مادة، تتلكم عن الأديان والقوميات، في كل عام تطلب بعض المدارس زيارة الكنائس، والمعابد البوذية والمساجد. هل يجوز لنا السماح لهم بدخول المسجد، علما أنهم يحضرون بنات وشبابا، والبنات طبعا بالميكروجيب ويقول البعض إنه علينا عدم السماح لمن هي حائض! مع العلم أننا نشرح لهم نبذة عن الإسلام والطهارة والصلاة والوحدانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في دخول الكفار المساجد -عدا المسجد الحرام- على عدة أقوال:
الأول: أنهم يمنعون من ذلك مطلقاً، فلا يجوز للكافر دخول شيء من المساجد، قال القرطبي: وبذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله، وهذا رواية عن أحمد. قال المرداوي: (وهو المذهب، ويؤيد ذلك قوله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) [النور:36] .
ودخول الكفار فيها مناقض لترفيعها.
الثاني: الجواز مطلقاً وهو مذهب الشافعي، فأباح لهم دخول كل المساجد، خلا المسجد الحرام.
الثالث: أن الكفار يمنعون من المسجد إلا لضرورة عمل فيه، وهو مذهب المالكية، قال الصاوي: (يمنع دخول الكافر المسجد أيضاً وإن أذن له مسلم؛ إلا لضرورة عمل) .
الرابع: يجوز للكفار دخول المساجد بإذن المسلمين، وهو رواية عن أحمد، قال ابن قدامة في المغني: فأما مساجد الحل فليس لهم دخولها إلا بإذن المسلمين، لأن علياً رضي الله عنه بصر بمجوسي وهو على المنبر وقد دخل المسجد فنزل وضربه، وأخرجه من أبواب كندة، فإن أذن لهم في دخولها جاز في الصحيح من المذهب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم عليه وفد أهل الطائف فأنزلهم المسجد قبل إسلامهم) .
والراجح: جواز دخول الكفار المساجد إذا تحقق بذلك مصلحة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ربط ثمامة بن أثال الحنفي في المسجد قبل أن يسلم، متفق عليه.
قال في مغني المحتاج: (وثبت أنه صلى الله عليه وسلم أدخل الكفار مسجده، وكان ذلك بعد نزول براءة فإنها نزلت سنة تسع وقدم الوفد عليه سنة عشر وفيهم وفد نصارى نجران وهم أول من ضرب عليهم الجزية فأنزلهم مسجده وناظرهم في أمر المسيح وغيره) .
وإذا تقرر الجواز: فلا بد أن يراعى في ذلك ضوابط معينة:
- أن يكون دخولهم لمصلحة شرعية أو لحاجة تدعو إلى ذلك كسماع ما قد يدعوهم للدخول في الإسلام، فلا يجوز أن يكون للنزهة أو السياحة.
- أن لا يكون على أبدانهم قذر أو وسخ يتقذر به المسجد أو حالة تنافي احترام المسجد وتكريمه، كتبرج النساء، أو كونهن حيضا أو كان بينهم من يباشر شرب الدخان في الحال ونحو ذلك، لأن ذلك يتنافى مع ترفيع المسجد المذكور في قول الله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُه [النور:36] .
وقد روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور -يعني الأحياء- وأن تنظف وتطيب. صححه الألباني في صحيح أبي دواد 437.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
8657.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1423(11/8412)
حكم زيارة بابا الفاتكان للمسجد الأموي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للبابا أن يصلي في المسجد الأموي أو حتى الدخول إليه؟ ولماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم بيان حكم دخول الكافر المسجد تحت الفتوى رقم: 4041
وبُيَّن فيها خلاف العلماء في ذلك، وأن الراجح من أقوالهم جواز دخول الكافر جميع المساجد -إلا المسجد الحرام- إذا دعت الحاجة إلى ذلك، أو كان في دخوله مصلحة كدعوته إلى الإسلام.
لكن هذا لا يعني أن يسمح لرأس الكفر الصليبي أن يدنس مساجد المسلمين، وهو القائم على حملات التنصير والتضليل التي تغري فقراء المسلمين بالردة، مستغلة حاجتهم إلى الطعام والشراب والدواء.
وكيف يسمح له أن يدخل مساجد المسلمين، وهو رأس النصرانية التي تحارب المسلمين في بقاع شتى من العالم، وليس في دخوله إلى المسجد مصلحة ولا حاجة، كما أن من استضافه لم يكن من أهدافه أن يدعوه إلى الإسلام، ولا سعى إلى ذلك.
فدخول الكافر المسجد ليسمع الإسلام، أو يعمل فيه بناء وصباغاً لون، ودخوله ليوهم الناس أنه متسامح، وأنه يحمل رسالة التقارب بين من يزعمون أن الله ثالث ثلاثة، وبين من يوحدون الله تعالى لون آخر، ولا يخفى ما يترتب على ذلك من تشويش على دهماء المسلمين، وقد باضت هذه الدعوة وأفرخت أفراخاً: منهم من زعم أن النصارى مؤمنون، ومنهم من زعم أن أتباع الديانات الثلاث يشتركون في أصول الإيمان، كالإيمان بالله واليوم الآخر والنبوة والكتاب، وأن هؤلاء جميعاً يمكن أن يقفوا صفاً واحداً في وجه الإلحاد واللادينية، ضاربين صفحاً عن حقيقة ما عليه النصارى واليهود من الكفر والشرك والتبديل الذي انسلخوا به عن شرف الاتباع، وثبت عليهم به معرة المنابذة والشقاق عن علم وسبق إصرار، فحظهم من الديانتين هو من جنس حظ أبي جهل وأبي لهب وعبد الله بن أبي بن سلول من الإسلام، ومن جنس حظ المشركين من التوحيد، مع أنهم يثبتون لله الربوبية: (ولن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) . [الزخرف:87]
وقد تقرر أنه لا يجوز إقرار الكافر على ممارسة شعائر كفره في بيوت الله التي إنما أقيمت لتوحيده وذكره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1422(11/8413)
إقامة شعائر غير المسلمين في المسجد لا تجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إقامة صلاة أو قداس مسيحي في مسجد إسلامي جامع؟ وما الدليل؟ أفتونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز تمكين النصارى، ولا غيرهم من الكفار من إقامة صلاتهم وطقوسهم داخل المسجد، لما تشتمل عليه صلاتهم من الشرك بالله تعالى، وعبادة غيره، وهذا من أعظم المنكرات التي لا يجوز إقرارها، ولا السكوت عليها.
فكيف بفعلها في بيوت الله، التي أمر الله أن يذكر فيها اسمه، وأن تكون خالصة له، قال تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً) [الجن: 18] .
وقال: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) [النور: 36] .
وقال تعالى: (أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) [البقرة: 125] .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتطهير الكعبة، وما حولها من الأصنام، ومنع المشركين من الطواف بها، فأمر أن ينادي: "لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان" متفق عليه.
وأما دخول الكافر المسجد ـ لغير إقامة طقوسه ووثنيته ـ فقد سبق الكلام عليه مفصلاً تحت الفتوى رقم 4041
. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1421(11/8414)
الأدلة على دخول الشيطان المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[1-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سووا صفوفكم
وحاذوا في مناكبكم وسدوا الخلل فإن الشيطان يدخل في مابينكم) فهل يدخل الشيطان المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "سووا صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم، ولينوا في أيدي إخوانكم، وسدوا الخلل، فإن الشيطان يدخل بينكم بمنزلة الحذف". يعني أولاد الضأن الصغار. وهذا الحديث صريح الدلالة على أن الشيطان يدخل المسجد.
ويدل على ذلك أيضاً أحاديث أخر، منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثُوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى" متفق عليه.
ففي هذا الحديث دلالة على أن الشيطان يوسوس للمصلين، سواء كانوا في المسجد أو في غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1421(11/8415)
مسألة مشاركة الكفار في عمارة المساجد وغيرها من شؤونها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو موقف الشريعة من الرعاية الأجنبية الملحدة، التي تريد المشاركة في بناء مسجد للمسلمين بفرنس؟
لا سيما وأن المسلمين قادرون على هذا الإنجاز بدون أي تدخل أجنبي، وشكرا على الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن رعاية الكفار ومشاركتهم للمسلمين في بناء المسجد -التي سأل عنها السائل- لا تخلو من واحد من احتمالات ثلاث:
1-الاحتمال الأول: أن تكون مشاركة في المسئولية بحيث يكون لهم (أي الكفار) كلمة وقرار في شؤون المسجد وإدارته، وهذا لايجوز، بل هو محرم، لأن فيه إقرارا وإشراكا لهم في دين المسلمين وعباداتهم وهم على كفرهم، وهو من تسليط الكافرين على المسلمين.
2-الاحتمال الثاني: أن تكون مشاركة فنية في البناء والتخطيط ونحو ذلك، وهذا لا ينبغي في حال الاختيار ووجود الكفاية والخبرة المطلوبة لهذا العمل عند المسلمين، لأن الكفار أعداء لهذا الدين ولأهله، والمساجد من أهم مميزات المسلمين وخصوصياتهم، والكفارغير مأمونين - لو أشرفوا على بناء المسجد - أن يدسوا فيه مايسيء له ولأهله، مع ما هو ملازم لهم من النجاسة والأقذار التي يجب أن تبعد عن بيوت الله تعالى، لكن لواشتركوا في أعمال البناء لعدم وجود البديل، أو كانوا بنوا بناء، سواء كان هذا البناء مما خصص لعباداتهم كالكنائس، أو كان بناء عاما تحت أي مسمى، فاشتراه المسلمون فصلاة المسلمين فيه صحيحة إذا كان طاهراً.
3-الاحتمال الثالث: المشاركة المادية المتمثلة في تقديم مال للمسلمين لبناء مسجد دون أي مشاركة أخرى، فهذه لا مانع منها، لأنه قد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هدايا الكفار كقيصر والمقوقس، وحيثما جاز للمسلم قبول هدية الكافر وتملكها فلا مانع من جعلها في المسجد، أو غيره من مصالح المسلمين.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما نفس بناء المساجد فيجوز أن يبنيها البر والفاجر والمسلم والكافر، وذلك يسمى بناء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة) ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8416)
حكم تولي الكافر بناء المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل يجوز أن يتولى بناء المسجد مهندس هندوسي، مع العلم بأنه يوجد إشراف شديد على التنفيذ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا ينبغي أن يتولى بناء المسجد مهندس هندوسي ولا غيره من الكفار ما دام يوجد من المسلمين من يقوم بذلك العمل، إذ الكفار أعداء لهذا الدين ولأهله ولخصوصياته، فلا يؤمَنون من الغش عند تصميم مخططات المساجد أو تنفيذها، فقد يصممونها على هيئة قريبة أو مشابهة لهيئة الكنيسة، لكن إذا لم يوجد مهندس مسلم أو كان بناء الكافر وعمله تحت إشراف ومراقبة مسلم، بحيث لا يستطيع الكافر أن يغش ولا أن يغير فلا حرج حينئذ. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8417)
حكم دخول الكافر إلى المسجد.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم دخول الكافر إلى المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم دخول الكافر المسجد والراجح الجواز إذا كان هناك مصلحة راجحة وإليك الأقوال مختومة بأدلة ترجيح ما ذهبنا إليه من الجواز:
القول الأول: أنه يجوز للكافر دخول جميع المساجد حتى المسجد الحرام، وإلى هذا ذهب الحنفية.
قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم أنزل وفد ثقيف في مسجده وهم كفار، ولأن الخبث في اعتقاهم فلا يؤدي إلى تلويث المسجد، وحملوا قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا....) [التوبة:28] على أن المراد: دخولهم استيلاء واستعلاء أو طائفين عراة كما كانت عادتهم في الجاهلية.
القول الثاني: أنه يجوز للكفار دخول المساجد بإذن المسلمين إلا المسجد الحرام وكل مسجد في الحرم.
وإلى هذا ذهب الشافعية، انظر روضة الطالبين للنووي (1/296) وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وصرح بعض الحنابلة بأنها المذهب.
قال المرداوي في الانصاف: ليس لهم دخوله مطلقاً وهو المذهب….. (والرواية الثانية: يجوز بإذن مسلم كاستئجار لبنائه، ذكره المصنف في المغني والمذهب، قال في الشرح: جاز في الصحيح من المذهب.
قال في الكافي وتبعه ابن منجا: هذا الصحيح من المذهب وجزم به في الوجيز ومنتخب الأدمي وصححه في التصحيح) . انتهى. وقال ابن قدامة في المغني: (فأما مساجد الحل فليس لهم دخولها إلا بإذن المسلمين000
فإن أذن لهم في دخولها جاز في الصحيح من المذهب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم عليه وفد أهل الطائف فأنزلهم المسجد قبل إسلامهم.
وقال سعيد بن المسيب: قد كان أبو سفيان يدخل مسجد المدينة وهو على شركه، وقدم عمير بن وهب فدخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم فيه ليفتك به فرزقه الله الإسلام) . أهـ.
القول الثالث: لا يجوز للكافر دخول شيء من المساجد. وإلى هذا ذهب أحمد في رواية 000ووجهها كما قال ابن قدامة: أن أبا موسى دخل على عمر ومعه كتاب قد كتب فيه حساب عمله، فقال له عمر ادع الذي كتبه ليقرأه. قال: إنه لا يدخل المسجد، قال: ولم؟ قال: إنه نصراني، وفيه دليل على شهرة ذلك بينهم وتقرره عندهم. ولأن حدث الجنابة والحيض والنفاس يمنع المقام في المسجد، فحدث الشرك أولى. أهـ.
ونسب القرطبي هذا القول إلى أهل المدينة وقال: (وبذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله ونزع في كتابه بهذه الآية (يعني قوله تعالى: فلا يقربوا المسجد الحرام) ويؤيد ذلك قوله تعالى: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) [النور: 36] ودخول الكفار فيها مناقض لترفيعها، وفي صحيح مسلم وغيره "إن هذا المساجد لا تصلح لشيء من البول والقذر ... " الحديث. والكافر لا يخلو عن ذلك، وقال صلى الله عليه وسلم:" لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب"، والكافر جنب، وقوله تعالى: (إنما المشركون نجس) فسماه الله تعالى نجساً فلا يخلو أن يكون نجس العين أو مبعداً من طريق الحكم، وأي ذلك كان فمنعه من المسجد واجب، لأن العلة وهي النجاسة موجودة فيهم، والحرمة موجودة في المسجد. انتهى كلام القرطبي.
القول الرابع: أن الكافر يمنع من دخول المسجد إلا لضرورة عمل وهذا مذهب المالكية.
قال الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير، (تنبيه: يمنع دخول الكافر المسجد أيضاً وإن أذن له مسلم إلا لضرورة عمل ومنها قلة أجرته عن المسلم وإتقانه، على الظاهر) انتهى. وقال الآبي في جواهر الإكليل 1/23: (كشخص كافر ذكر أو أنثى فيحرم عليه دخوله إن لم يأذن له فيه مسلم، بل وإن أذن له فيه شخص مسلم إلا لضرورة كعمارة لم تمكن من مسلم أو كانت من الكافر أتقن) .
انتهى. ونحوه في حاشية الدسوقي 1/138.
ومن الفقهاء من فرق بين الكافر الحربي، والذمي، وهو قول لبعض الحنابلة.
والراجح جواز دخول الكافر جميع المساجد إلا المسجد الحرام إذا دعت الحاجة لذلك، أو كان في دخوله مصلحة كدعوته إلى الإسلام، لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خيلاً قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد ... الحديث.
ولفظ مسلم: فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد فقال: "ما عندك يا ثمامة"؟ قال: ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ماشئت. فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان في الغد فقال: "ماذا عندك يا ثمامة"؟ فقال: عندي ما قلت لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أطلقوا ثمامة" فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ... الحديث 0والحاصل أن كل من رجي دخوله الإسلام أوتألف قلبه لدفع شره عن المسلمين أو أن يساعد دخوله المسجد في تبديد تصوره السلبي للإسلام فلا ينبغي أن يكون دخوله محل خلاف فقصة ثمامة نص في الموضوع وهي واردة في صحيحي البخار ومسلم وهما أصح الكتب بعد كتاب الله فلا قول لأحد بعد قول وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8418)
حكم اصطحاب الأولاد إلى المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: ما صحة حديث "جنبوا مساجدكم الصبية والمجانين"؟ وهل محدد اصطحاب الأطفال إلى المساجد بعمر معين ... أفيدونا أثابكم الله ... ؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما حديث: جنبوا مساجدكم الصبية والمجانين. فهو حديث ضعيف نص على ذلك ابن كثير والألباني وغيرهما. وأما اصطحاب الأولاد إلى المساجد فليس مطلوبا قبل أمرهم بالصلاة وذلك عند السنة السابعة، مع أنه لا مانع من اصطحابهم إلى المسجد قبل ذلك إذا أمن تلويثهم المسجد وتشويشهم على المصلين، ويدل على ذلك حديث الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب. وكذا حديث ركوب الحسن والحسين على ظهره في السجود، ففي السنن عن أبي هريرة قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما بيده من خلفه أخذاً رفيقاً ويضعهما على الأرض فإذا عاد وعادا حتى قضى صلاته أقعدهما على فخذيه ... قال: الأرناؤوط إسناده حسن. وعن أبي بكرة قال: كان رسول الله صلى ال له عليه وسلم يصلي بالناس، وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما يثب على ظهره إذا سجد. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط، وللزيادة في الموضوع راجع الفتاوى ذات الأرقام التا لية: 28789 2750 24060 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(11/8419)
اطلبوا تخصيص مصلى لأداء الصلاة في المدرسة
[السُّؤَالُ]
ـ[في ظل قانون جديد أقرته وزراة التعليم عندنا مؤخراً يقضي ببداية الفترة المسائية من الساعة: 1300 إلى غاية: 1700 وهذا البرنامج يمتد من الأحد إلى الخميس, وبهذا التوقيت قد تضيع صلاة الظهر، خاصة وأن أغلب الثانويات تفتقر إلى مصلى، وإن وُجد فالأخوات لا يستطعن الدخول إليه بحكم أنه قد يكون مكتظاً بالإخوة الذكور, فما العمل في هذه الحالة؟ وكيف نتفادى ضياع وقت الصلاة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة أعظم شعائر الدين بعد الشهادتين وتجب المحافظة عليها بأدائها في وقتها المحدد لها شرعا، لقوله تعالى: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ {البقرة: 238} . وقوله تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103} .
فيجب على طلاب المدارس الثانوية وغيرها أن يؤدوا الصلاة في وقتها, وبإمكانهم أن يصلوها في مدارسهم وإن لم يوجد مصلى في المدرسة مخصص للصلاة فليصلوها في الفصل أو في أي مكان منها فالأرض كلها مسجد، كما قال صلى الله عليه وسلم: وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ. متفق عليه.
ولتصل الطالبات في فصولهن, وإذا كانت المدرسة تمنع من إقامة الصلاة فارفعوا الأمر إلى الجهات المسئولة حتى يجبروهم على تمكين الطلبة من الصلاة، وأما الجمع بين الصلاتين بصفة مستمرة طيلة أشهر الدراسة فهذا لم يرد نظيره في الشرع ـ فيما نعلم ـ بالنسبة للمقيم, وإن كان قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع في المدينة من غير خوف ولا سفر وأراد بذلك أن لا يحرج أمته، ولكن لم يقع هذا بصفة متواصلة, ونحن نظن أن الأمر أيسر من هذا وستجدون طريقة تصلون بها ما دامت بلادكم بلاد إسلام, وانظرالفتوى رقم: 93048.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1430(11/8420)
موضوع حول حركات الصلاة.. تخرص وأوهام
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد على المنتديات الموضوع التالي: حركات الصلاة تكون اسم أحمد، يقول الله سبحانه وتعالى: وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين. الصف /6. كلنا نعلم أن الصلاة ركن من أركان الإسلام وهى أربع هيئات: القيام، والركوع، والسجود، والجلوس. لو دققت جيداً في صلاتك ستجد أنك تكتب عن طريق هذه الحركات المتتابعة كلمة أحمد، شاهدوا الصورة التى توضح الأمر هذه الصورة مصغرة, ما صحة هذا الموضوع علما بأن كاتبي الموضوع يدعون أن الحركات القصد بها ليس الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما الحمد لله. فأرجو الإجابة؟ وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علم لنا بما ذكره السائل، والصلاة شرعت لذكر الله تعالى، كما قال:.... وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي. {طه:14} . وتكلف مثل هذه الأمور ليس من فعل السلف فيما نعلم، ويجب الحذر من الكلام في هذا المجال بمجرد الظنون والأوهام أو التكلف، لئلا يقع المسلم تحت طائلة القول على الله تعالى بغير علم، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً. {الإسراء:36} . كما ينبغي للمسلم أن يشغل وقته بما يعود عليه بالنفع في دنياه أو أخره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(11/8421)
حكم فتح باب لدخول الإمام إلى المسجد والخروج منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي لفتح باب فى المسجد خاص بدخول الإمام وخروجه إلى بيته علما أن المسجد ملاصق للبيت ولا يفصل بينهما شيء، هل جائز هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى مانعا من فتح باب يدخل منه الإمام إلى المسجد ويخرج منه ولو كان بيته ملاصقا للمسجد، وقد كانت حجرة عائشة رضي الله عنها ملاصقة للمسجد، وكان لها باب إلى المسجد يدخل منه النبي صلى الله عليه وسلم ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا..
وفي لفظ للبخاري أيضا: أنها كانت ترجل النبي صلى الله عليه وسلم وهي حائض وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها يناولها رأسه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1429(11/8422)
كراهة جعل الإعلانات الخيرية في جهة القبلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إبراز شعارات أو أسماء النشاطات التجارية أو الخيرية أو حملات الحج أسفل بعض الملصقات الدعوية أو غيرها في المساجد في جهة القبلة أو غير جهة القبلة سواء كان في وقت الصلاة أو بعدها، الرجاء ذكر الفتاوى التي قد تعتمدون عليها في فتواكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم تعليق الإعلانات التجارية والخيرية ونحوهما في المساجد والجائز منها من عدمه في الفتوى رقم: 53178.
والإعلانات التي يجوز وضعها في المسجد لا ينبغي أن تجعل في جهة القبلة حتى لا تشغل المصلين، قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد: ولا يكتب في القبلة شيء، وذلك لأنه يشغل قلب المصلي، وربما اشتغل بقراءته عن صلاته ... انتهى.
ومثله أيضاً عن الإمام مالك، جاء في مواهب الجليل للحطاب: كان مالك يكره أن يكتب في القبلة في المسجد شيء من القرآن أو التزاويق ويقول: إن ذلك يشغل المصلي ... والعلة في ذلك ما يخشى على المصلين من أن يلهيهم ذلك في صلاتهم ... انتهى.
وقيل لابن القاسم: أكان مالك يكره التزويق في القبلة؟ قال: نعم؛ كان يكرهه ويقول: يشغل المصلين ... انتهى من المدونة.
وعليه؛ فلا ينبغي وضع كتابة أو إعلان يشغل المصلين سواء وقت الصلاة أو في غير وقت الصلاة، لأنه ربما جاء مصل ليصلي نافلة فانشغل بتلك الكتابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1428(11/8423)
حجز مكان في المسجد.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن للإنسان الذي يأتي إلى المسجد مبكراً أن يحجز في الصف الأول ثم ينشغل مثلا بتنظيف المسجد أو تعبئة مياه الشرب أو نحوها وهو ما زال في ساحة المسجد أو داخل البيت فقد احتج علينا بعض الشباب وأحدهم أحضر لنا رسالة للشيخ يحيى بن علي الحجوري، ولكن لم نفهمها تماما.
نرجو منكم التفصيل؟ وبارك الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فههنا مسألتان:
الأولى: حجز مكان في المسجد بسجادة ونحوها بنفسه أو بوكيله؟
الثانية: القيام من المكان الذي قعد فيه لقضاء حاجة ونحوها ثم العود إليه قبل إقامة الصلاة سواء وضع فيه سجادة ونحوها أم لا؟
أما المسألة الأولى: فقد اختلف فيها أهل العلم فأجازها الشافعية والحنابلة ومنعها آخرون كالمالكية وشيخ الإسلام ابن تيمية، وهذه طائفة من أقوالهم:
قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: قال الشافعي وأصحابنا: يجوز أن يبعث الرجل من يأخذ له موضعاً يجلس فيه، فإذا جاء الباعث تنحى المبعوث، ويجوز أن يفرش له ثوباً ونحوه، ثم يجيء ويصلي موضعه فإذا فرشه لم يجز لغيره أن يصلي عليه، ولكن له أن ينحيه ويجلس مكانه، وينبغي أن ينحيه بحيث لا يدفعه بيده، فإن دفعه دخل في ضمانه، ذكره صاحب البيان وغيره.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وإن وجد مصلى مفروشاً فليس له رفعه. لأنه كالنائب عنه، ولما فيه من الافتيات على صاحبه والتصرف في ملكه بغير إذنه والإفضاء إلى الخصومة، وقاسه في الشرح على رحبة المسجد، ومقاعد الأسواق (ما لم تحضر الصلاة) فله رفعه والصلاة مكانه لأنه لا حرمة له بنفسه، وإنما الحرمة لربه ولم يحضر، (ولا الجلوس ولا الصلاة عليه) وقدم في الرعاية يكره، وجزم جماعة بتحريمه، قال في شرح المنتهى: وليس له أن يدعه مفروشاً ويصلي عليه فإن فعل فقال في الفروع، في باب ستر العورة: لو صلى على أرضه أو مصلاه بلا غصب، صح النهي، وتقدم هناك: جاز وصحت ولعل ما هناك إذا كان حاضراً، أو صلى معه على مصلاه فلا يعارضه ما هنا لغيبته، وفيه شيء، قال في الفروع: ويتوجه إن حرم رفعه أي المصلى (فله فرشه) وإلا كره (ومنع منه) أي الفرش (الشيخ، لتحجره مكانا على المسجد) كحفره في التربة المسبلة قبل الحاجة إليه.
وأما المالكية وابن تيمية فقد منعوا من ذلك، قال الشيخ عليش رحمه الله تعالى في منح الجليل: ونص في المدخل على أنه لا يستحق السابق إلى المسجد بإرسال سجادته إليه وأنه غاصب لذلك المحل. قال ... فإن بعث سجادته إلى المسجد في أول الوقت أو قبله ففرشت فيه وتأخر إلى أن يمتلئ المسجد بالناس، ثم يأتي يتخطى رقابهم فيقع في محذورات جملة منها: غصبه ذلك الموضع الذي فرشت به السجادة لأنه ليس له حجره، وليس لأحد فيه إلا موضع صلاته، ومن سبق فهو أولى، ولم أعلم أحداً قال إن السبق للسجادات، وإنما هو لبني آدم، فوقع في الغصب لمنعه السابق إلى ذلك المكان، ومنها تخطي رقاب المسلمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسراً إلى جهنم. رواه الإمام أحمد، وقال عليه الصلاة والسلام: من تخطى رقبة أخيه جعله الله جسراً. رواه الإمام أحمد، وظاهر كلام القرطبي في تفسيره في سورة المجادلة أنه يستحق السبق بذلك، فإنه قال: إذا أمر إنسان أن يبكر إلى الجامع فيأخذ له مكاناً يقعد فيه، فإذا جاء الآمر يقوم له منه المأمور ويقعد الآمر فيه فلا يكره، لما روي أن ابن سيرين كان يرسل غلامه إلى مجلس له يوم الجمعة فيجلس فيه، فإذا جاء قام له منه. ثم قال: وعلى هذا من أرسل بساطاً أو سجادة لتبسط له في موضع من المسجد. انتهى. ونقله ابن فرحون في تاريخ المدينة محتجاً به.. وتخريجه إرسال سجادة على إرسال الغلام غير ظاهر، فالصواب ما تقدم عن صاحب المدخل من أن السبق بالفرش لا يعتبر.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة بالمنع من ذلك فقال: ليس لأحد أن يتحجر من المسجد شيئاً، لا سجادة يفرشها قبل حضوره ولا بساطا ولا غير ذلك، وليس لغيره أن يصلي عليها بغير إذنه، لكن يرفعها ويصلي مكانها في أصح قولي العلماء. انتهى.
وقال رحمه الله في موطن آخر: فمن سبق إلى بقعة من المسجد لصلاة أو قراءة أو ذكر أو تعلم علم أو اعتكاف ونحو ذلك، فهو أحق به حتى يقضي ذلك العمل، ليس لأحد إقامته منه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى أن يقام الرجل من مجلسه، ولكن يوسع ويفسح، وإذا انتقض وضوؤه ثم عاد، فهو أحق بمكانه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سن ذلك، قال: إذا قام الرجل من مجلسه ثم عاد إليه، فهو أحق به.
وقال رحمه الله في موطن آخر: ليس لأحد أن يفرش شيئاً ويختص به مع غيبته، ويمنع به غيره، هذا غصب لتلك البعقة، ومنع للمسلمين مما أمر الله تعالى به من الصلاة، والسنة أن يتقدم الرجل بنفسه، وأما من يتقدم بسجادة فهو ظالم إن لم ينته عنه، ويجب رفع تلك السجاجيد، ويمكن الناس من مكانها، هذا مع أن أصل الفرش بدعة، لا سيما في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ولما قدم عبد الرحمن بن مهدي من العراق وفرش في المسجد أمر مالك بن أنس بحبسه تعزيراً له حتى روجع في ذلك، فذكر أن فعل هذا في مثل هذا المسجد بدعة يؤدب صاحبها. وعلى الناس الإنكار على من يفعل ذلك والمنع منه، لا سيما ولاة الأمر الذين لهم ولاية على المسجد، فإنه يتعين عليهم رفع هذه السجاجيد، ولو عوقب أصحابه بالصدقة بها لكان هذا مما يسوغ في الاجتهاد. انتهى.
والحاصل أن هذه المسألة من مسائل الخلاف بين أهل العلم، والذي ننصح به الابتعاد عن ذلك حذراً من الوقوع في المحذور.
المسألة الثانية: وهي من قام من مجلسه لحاجة ثم عاد إليه قبل إقامة الصلاة فهو أحق به من غيره لورود النص بذلك.
قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: إذا جلس في مكان من المسجد فقام لحاجة كوضوء وغيره ثم عاد فهو أحق به للحديث. انتهى، ويعني بالحديث ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام أحدكم ... وفي حديث أبي عوانة: من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به. قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به. قال أصحابنا: هذا الحديث فيمن جلس في موضع من المسجد أو غيره لصلاة -مثلاً- ثم فارقه ليعود بأن فارقه ليتوضأ أو يقضي شغلاً يسيراً ثم يعود لم يبطل اختصاصه، بل إذا رجع فهو أحق به في تلك الصلاة، فإن كان قد قعد فيه غيره فله أن يقيمه، وعلى القاعد أن يفارقه لهذا الحديث، هذا هو الصحيح عند أصحابنا، وأنه يجب على من قعد فيه مفارقته إذا رجع الأول، قال بعض العلماء: هذا مستحب، ولا يجب، وهو مذهب مالك، والصواب الأول، قال أصحابنا، ولا فرق بين أن يقوم منه، ويترك فيه سجادة ونحوها أم لا فهذا أحق به في الحالين. قال أصحابنا: وإنما يكون أحق به في تلك الصلاة وحدها دون غيرها.
وقال النووي رحمه الله: قال أصحابنا: وسواء ترك الأول في موضعه ثوباً ونحوه أم لا فهو أحق به في الحالين، وسواء قام لحاجة بعد الدخول في الصلاة أو قبله، أما إذا فارق لغير عذر فيبطل حقه بلا خلاف.
وقال البهوتي في كشاف القناع: (ومن قام من موضعه) من المسجد (لعارض لحقه ثم عاد إليه قريباً فهو أحق به) . لما روى مسلم عن أبي أيوب مرفوعاً: من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به. وقيده في الوجيز بما إذا عاد ولم يتشاغل بغيره (ما لم يكن صبياً قام في صف فاضل أو في وسط الصف. ثم قام لعارض ثم عاد، فيؤخر كما لو لم يقم منه بالأولى (فإن لم يصل) العائد (إليه) أي إلى مكانه قريباً بعد قيامه منه لعارض (إلا بالتخطي، جاز) له التخطي (كالفرجة) أي كمن رأى فرجة لا يصل إليها إلا به. ذكره في الشرح وابن تميم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1428(11/8424)
حكم الدخول إلى معابد الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الذهاب الى معابد الكفار والوثنين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الدخول إلى معابد الكفار إذا كان بها شيء من المنكرات كالصور والتماثيل، فإذا خلت من مثل هذه الأمور جاز الدخول فيها. ولمزيد من التفصيل راجع الفتوى رقم: 37925.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1428(11/8425)
حكم تسمية المسجد بـ (مسجد الضريح)
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلادنا مسجد وبجانب المسجد ضريح فسمي هذا المسجد بمسجد الضريح فهل هذا الاسم جائز أم لا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجوز الصلاة في المسجد المذكور إذا كان القبر خارجه، كما تقدم الفتوى رقم: 29937 والفتوى رقم: 27410
ولا مانع من تسمية ذلك المسجد بمسجد الضريح إذا كان على وجه التمييز له عن غيره، لأن المسجد تجوز إضافته إلى شخص معين على سبيل التعريف كما سبق الفتوى رقم: 30759.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(11/8426)
الاستلقاء رافعا إحدى رجليه على الأخرى في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم بيان حكم الاستلقاء على الظهر في المسجد ووضع إحدى الرجلين على الأخرى (عند الأحناف فقط) مع ذكر مرجع لتوثيق ذلك للأهمية؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستلقاء في المسجد على الظهر مع وضع إحدى الرجلين على الأخرى أمر مباح إن كان على وجه لا تنكشف معه عورة، والدليل على ذلك ما رواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقياً في المسجد واضعاً إحدى رجليه على الأخرى.
قال النووي رحمه الله تعالى: قال العلماء: أحاديث النهي عن الاستلقاء رافعاً إحدى رجليه على الأخرى محمولة على حالة تظهر فيها العورة أو شيء منها، وأما فعله صلى الله عليه وسلم فكان على وجه لا يظهر منها شيء وهذا لا بأس به ولا كراهة فيه على هذه الصفة، وفي هذا الحديث جواز الاتكاء في المسجد والاستلقاء فيه.. إلى أن قال: ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم فعله لبيان الجواز وأنكم إذا أردتم الاستلقاء فليكن هكذا، وأن النهي الذي نهيتكم عن الاستلقاء ليس هو على الإطلاق بل المراد به من يتكشف شيء من عورته أو يقارب انكشافها. والله أعلم. انتهى.
ولم نطلع في كتب الاحناف على شيء في هذا الموضوع لكن في فعل النبي صلى الله عليه وسلم الكفاية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(11/8427)
الصلاة في المسجد النبوي أفضل أم في مسجد قباء
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل خير على جميع الإجابات السابقة
هل تكرار الذهاب إلى مسجد قباء والصلاة فيه أفضل أم الصلاة في المسجد النبوي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء كل سبت، كان يأتيه راكباً وماشياً فيصلي فيه.
وهذا يدل على مزية وفضل لمسجد قباء على غيره من المساجد باستثناء المساجد الثلاثة. قال ابن حجر رحمه الله: وفيه دلالة على فضل قباء، وفضل المسجد الذي بها، وفضل الصلاة فيه، لكن لم يثبت في ذلك تضعيف، بخلاف المساجد الثلاثة. انتهى
فالمسجد النبوي أفضل لما ورد في فضله ومضاعفة أجر الصلاة فيه من الأحاديث، ومنها ما في الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى.
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام. رواه البخاري ومسلم.
وروى البزار والطبراني عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1425(11/8428)
الصلاة في شرعنا وشرع من قبلنا
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله: أولى القبلتين يقصد بها المسجد الأقصى وعندما فرضت الصلاة على النبي أصبحت القبلة هي الكعبة، سؤالي هو: هل كان هناك صلاة قبل عهد الرسول، وكيف كانت، هل هي مثل صلاتنا الحالية أم لا أفيدوني؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم هل كانت قبلة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة أو إلى بيت المقدس أولاً؟ قال القرطبي رحمه الله في التفسير: واختلفوا أيضاً حين فرضت عليه الصلاة أولاً بمكة، هل كانت إلى بيت المقدس أو إلى مكة، على قولين، فقالت طائفة: إلى بيت المقدس وبالمدينة سبعة عشر شهراً، ثم صرفه الله تعالى إلى الكعبة، قاله ابن عباس. انتهى.
ثم يقول القرطبي أيضا مشيراً للقول الثاني: وقال آخرون: أول ما افترضت الصلاة عليه إلى الكعبة، ولم يزل يصلي إليها طول مقامه بمكة على ما كانت عليه صلاة إبراهيم وإسماعيل، فلما قدم المدينة صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، على الخلاف، ثم صرفه الله إلى الكعبة، قال أبو عمر: وهذا أصح القولين عندي. قال غيره: وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أراد أن يستأنف اليهود فتوجه إلى قبلتهم ليكون ذلك أدعى لهم، فلما تبين عنادهم وأيس منهم أحب أن يحول إلى الكعبة فكان ينظر إلى السماء، وكانت محبته إلى الكعبة لأنها قبلة إبراهيم، عن ابن عباس، وقيل: لأنها كانت أدعى للعرب إلى الإسلام، وقيل: مخالفة لليهود. انتهى.
فلعل المسجد الأقصى يوصف بأنه أولى القبلتين لأنه القبلة الأولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأمته قبل أن يؤمر بالتوجه إلى البيت الحرام باعتبار القول الأول، أما على القول الثاني فالقبلة الأولى والأخيرة هي بيت الله الحرام، ولا تسليم بوصف المسجد الأقصى بأنه القبلة الأولى.
هذا عن التسمية، وأما الصلاة قبل عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكانت مفروضة على الأمم السابقة وإن اختلفت من أمة إلى أمة في العدد والكيفية والشروط والهيئات، ويدل عليه قوله تعالى حكاية عن إسماعيل عليه الصلاة والسلام: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا {مريم:55} ، وقوله تعالى: يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ {آل عمران:43} ، ولما روى البخاري عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل.... الحديث.
قال في فيض القدير: قوله (مسجدا) أي محل سجود ولو بغير مسجد وقف للصلاة فلا يختص بمحل بخلاف الأمم السابقة فإن الصلاة لا تصح منهم إلا في مواضع مخصوصة من نحو بيعة أو كنيسة، فأبيحت الصلاة لنا بأي محل كان. انتهى.
وقال في الفواكه الدواني: بهذا علم الفرق بين الرخصة والعزيمة وهو من خصائص هذه الأمة لأن الأمم السابقة لا تصلي إلا بالوضوء، كما أنها كانت لا تصلي إلا في أماكن مخصوصة يعينونها للصلاة ويسمونها بيعا وكنائس وصوامع، ومن عدم منهم الماء أو غاب عن محل صلاته يدع الصلاة حتى يجد الماء أو يعود إلى مصلاه. انتهى.
وقال العدوي المالكي في حاشيته: قوله (جعلت صفوفنا.. إلخ) أي صفوفنا في المساجد في الصلوات كصفوف الملائكة في السماء في الصلاة، قال الحلبي: والأمم السابقة كانوا يصلون متفرقين كل واحد على حدته. انتهى.
فمن هذه النصوص تبين أمران: الأول: أن الصلاة كانت مفروضة على الأمم السابقة.
الثاني: أنها تختلف من أمة إلى أخرى.
ونختم هذا الجواب بفائدتين:
الأولى: أن الصلاة فرضت -على نبينا- ليلة الإسراء قبل الهجرة بنحو خمس سنين، وقيل: ست، وقيل: بعد البعثة بنحو سنة، قاله المرداوي في الإنصاف.
والفائدة الثانية: ذهب جماعة إلى أنه لم يكن قبل الإسراء صلاة مفروضة، إلا ما وقع الأمر به من صلاة الليل من غير تحديد، وذهب الحربي إلى أن الصلاة كانت مفروضة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، وذكر الشافعي عن بعض أهل العلم أن صلاة الليل كانت مفروضة ثم نسخت بقوله تعالى: فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ {المزمل:20} ، فصار الفرض قيام بعض الليل، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس. قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري 554/1.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/8429)
هل يأخذ المصلى المؤقت حكم المسجد في الاعتكاف وصلاة التحية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاعتكاف في المصلى حيث إنه كان مسجد بالقرب من المصلى وتم تكسيره لبنائه من جديد والمصلى حديث بعد المسجد تم بناؤه ويحتوي على جدران وسقف ومغلق بالأبواب كالمسجد، وهل له تحية المسجد أم لا، أفيدونا مثابين مشكورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البناء الذي أقيم بدلا عن المسجد المهدوم قد وقف مسجدا فإنه يأخذ أحكام المسجد فيصح الاعتكاف فيه وتندب له التحية، وأما إن كان لم يوقف للصلاة وإنما هيئ لها مؤقتا فهو مصلى فلا يأخذ حكم المسجد، فلا يصح الاعتكاف فيه ولا تندب له التحية لأن من شروط صحة الاعتكاف المسجد، لقول الله تعالى: وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ {البقرة:187} ، والذي يندب صلاة ركعتين فيه قبل الجلوس هو المسجد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(11/8430)
التقصير في الانتباه لصلاة الفجر لا علاقة له بصحة الأعمال التطوعية
[السُّؤَالُ]
ـ[تفوتني صلاة الفجروالصبح مع أني أنوي الاستيقاظ لهما. فهل أعمالي التطوعية ودعائي باطل. أي لا داعي لأن أدعو الله أو اتنفل ما دام الصبح والفجر يفوتني فدعائي لن يستجاب ونوافلي لامعنى لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت أخذت بالأسباب التي تساعدك على القيام والانتباه للصلاة في وقتها ثم غلبك النوم فإنه لا إثم عليك في ذلك، وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 28211.وإن كنت تتساهل في الأمر بحيث تعلم أنك لا تستيقظ ولم تأخذ الأسباب اللازمة للانتباه فإنك تعتبر اثما لأن وسيلة القيام بالواجب واجبة وإن كنت تستيقظ عادة بدون أي منبه ثم غلبك النوم يوما أو أكثر فإنه لا إثم عليك أيضا لعذر النوم، وفي حالة فوات وقت الصلاة فإن الواجب قضاؤها عندما تستيقظ، وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 19151. لأهمية الصلاة في الوقت وخصوصا صلاة الفجر. وأما صحة أعمالك التطوعية فلا علاقة لها بهذا الأمر فلا تبطل إلا إذا كان فيها موجب للبطلان من فقد شرط أو الإخلال بركن أو واجب، وكذلك دعاؤك لأن الله سبحانه يتقبل أعمال المسلم ولو كان يقصر في بعض الأحيان وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 30171. وبناء على هذا فلا تترك ما تفعله من أعمال صالحة ودعاء، فإن ذلك يجب بإذن الله تعالى ما قد يحصل منك من تقصير في الواجبات، ولا يغرنك الشيطان يزين لك ترك العمل الصالح بحجة تقصيرك في بعض الجوانب فإن ذلك من كيده فاحذره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(11/8431)
حكم قراءة الصحف وغيرها في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة كتاب آخر في المسجد غير القرآن مثل جريدة أو أو أي كتاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من قراءة أنواع الكتب في المسجد ما لم تشتمل على محرم كعلوم السحر، وكتب الشعوذة ونحوها رعاية لحرمة المسجد، وصيانة له عن الابتذال، ويدخل في ذلك قراءة الجرائد، لكن يحترز من الصحف والجرائد المشتملة على الصور المحرمة كصور النساء مكشوفة العورة، وكذلك الصحف والمجلات الداعية إلى الفساد، ولمعرفة المزيد عن آداب المساجد، راجع الفتويين رقم: 10375، ورقم: 3741.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1425(11/8432)
مسجد قباء في عوالي المدينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أين يقع مسجد قباء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسجد قباء معروف مشهور، وهو المقصود بقول الله جل وعلا: لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [التوبة:108] ، وهو في عوالي المدينة المنورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(11/8433)
حكم إنشاء حديقة داخل سياج المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الثاني:
(1ما هو الحكم الشرعي لإنشاء الجرادين داخل سياج المسجد؟
2) ما هو الحكم الشرعي في وجود شكل حرف (T) مقلوبة بالواجهة الامامية من المسجد وبهذا الشكل يوجد شبه صليب غير كامل وكانت غير مقصودة عند بنائه.
3) شخص يشتغل عمل حر ويريد ان يستفيد من خدمات الضمان الاجتماعي عند التقاعد وذلك بحصول علي مرتب تقاعدي ويتطلب منه دفع اقساط شهرية حتي سن التقاعد فما هو الحكم الشرعي لهذا الامر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يوجد شرعاً ما يمنع من إنشاء الحدائق داخل سور المسجد، بشرط ألا يؤثر ذلك على مكان الصلاة بالضيق، أو على المصلين بإذهاب الخشوع من صلاتهم، والغالب على ما يقام من الحدائق داخل سياج المسجد أنه لا يؤثر على أي شيء من ذلك، لأنه يدخل في تصميم المسجد قبل بنائه، تجميلاً لمنظره، وإدخالاً للراحة على نفوس المصلين.
وما دام الرسم المذكورلا يمثل الصليب المعهود فلا حرج في ذلك، وإن تمكنتم من تغييره أو إزالته فحسن، دفعاً لما يشغل البال ويشوش على الخواطر.
وقد سبق حكم الاشتراك في الضمان الاجتماعي وذلك في الفتوى رقم: 10664، والفتوى رقم: 15460.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(11/8434)
حكم دخول الكنائس ونحوها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في دخول المسلمين للكنائس والمعابد وغيرها من دور العبادة الخاصة بغير المسلمين؟ وهل يستدل على جواز ذلك بفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما دخل إحدى كنائس أهل مدينة القدس؟ نرجو الإفادة منكم في هذا الموضوع بشيء من التفصيل، مع بيان الأدلة الشرعية وكلام أهل العلم؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الدخول إلى الكنائس ونحوها حال وجود منكر من صور ونحوها فإنه لا يجوز الدخول إليها، أما إذا كان مع عدم وجود منكر فلا بأس بذلك، هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم.
قال عميرة في حاشيته: فرع: لا يجوز لنا دخولها -أي الكنيسة- إلا بإذنهم، وإن كان فيها تصوير حرم مطلقاً، وكذا كل بيت فيه صورة. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 10337، والفتوى رقم: 5744، والفتوى رقم: 1310، وذهب بعض أهل العلم إلى الكراهة.
قال ابن قدامة في المغني: فأما دخول منزل فيه صورة فليس بمحرم.. وهذا مذهب مالك فإنه كان يكرهها تنزيها ولا يراها محرمة، وقال أكثر أصحاب الشافعي: إذا كانت الصور على الستور أو ما ليس بموطوء لم يجز له الدخول ... ولنا ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فرأى فيها صور إبراهيم وإسماعيل.. رواه أبو داود، وما ذكرناه من خبر عبد الله أنه دخل بيتاً فيه تماثيل وفي شروط عمر على أهل الكتاب أن يوسعوا كنائسهم وبيعهم ليدخلها المسلمون للمبيت بها.... وروى ابن عائذ في فتوح الشام أن النصارى صنعوا لعمر حين قدم الشام طعاماً فدعوه فقال: أين هو؟ قالوا في الكنيسة فأبى أن يذهب، وقال لعلي امض بالناس فليتغدوا، فذهب علي بالناس فدخل الكنيسة وتغدى هو والمسلمون وجعل علي ينظر إلى الصور، وقال:" ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكل، وهذا اتفاق منهم على إباحة دخولها وفيها الصور، ولأن دخول الكنائس والبيع غير محرم.
وقال ابن مفلح في الآداب: وله دخول بيعة وكنيسة ونحوهما والصلاة في ذلك، وعنه يكره إن كان ثم صورة، وقيل مطلقاً، وقال في المستوعب وتصح صلاة الفرض في الكنائس والبيع مع الكراهة، وقال ابن تميم: لا بأس بدخول البيع والكنائس التي لا صور فيها، وقال ابن عقيل يكره كالتي فيها الصور، وحكى في الكراهة روايتين، وقال في الشرح: لا بأس بالصلاة في الكنيسة النظيفة، روي ذلك عن ابن عمر وأبي موسى، وحكاه عن جماعة وكره ابن عباس ومالك الكنائس لأجل الصور، وقال ابن عقيل تكره لأنه كالتعظيم والتبجيل لها وقيل لأنه يضُّر بهم. انتهى.
وفي الفتاوى الهندية: في اليتيمة يكره للمسلم الدخول في البيعة والكنيسة، وإنما يكره من حيث إنه مجمع الشياطين لا من حيث إنه ليس له حق الدخول، كذا في التتارخانة. انتهى.
وأما قول السائل إن عمر دخل كنيسة في بيت المقدس، فإن الثابت هو أن عمر رضي الله عنه لم يدخل الكنيسة لأجل ما فيها الصور كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1424(11/8435)
نشد الصبي الضائع في المسجد جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن ينشد الرجل الضالة في المسجد ولكن يحدث أحيانا بعض الأمور التي تجعل الإنسان مضطراً لأن ينشد الضالة في المسجد لأن المساجد اليوم لها مكبرات صوت بحيث يسمع القاصي والداني وذلك مثل فقدان صبي يئس أهله من البحث عنه ولم يبق سوى التوجه للمساجد بأن ينادي الإمام عن فقدان صبي اسمه كذا وعمره كذا وأيضا يحدث أن ينسى بعض المصلين عند وضوئهم ساعاتهم أو بعض الأمور ألشخصيه المهمة ولا يفقدونها ويجدها أحد المصلين فيضعها في يد إمام المسجد فيقول إمام المسجد بعد الأذان وقبيل الإقامه أو بعد أداء الفريضة (بدون مكبر فقط داخل المسجد) يا إخوان من فقد شيئا فليأت بوصفه ويستلمه من عندي!! فهل هذه الأمور تعد من المنهي عنها في الحديث الشريف؟
أفيدونا أفادكم الله وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 15235 جواز نشد الصبي الضائع في المسجد وأنه لا يدخل تحت النهي عن نشد الضالة في المسجد.
وأما نشد الساعة وغيرها من أمتعة الدنيا فلا يجوز، لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبنَ لهذا. وفي رواية عند الترمذي: إذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا لا رد الله عليك.
ويمكن الاستغناء عن ذلك بوضع إعلان خارج المسجد أو النشد المباشر عند خروج النساء، ويمكن أن يكون هناك إعلان عن مكان مخصص توضع فيه الضالة، ونحو ذلك مما يسهل على الجميع رد الحقوق لأصحابها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(11/8436)
1
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أنا مسؤول عن نظافة المسجد، ولدي غرفة أقطن فيها وهي متصلة بالمسجد في الطابق العلوي وأنا أستخدم التليفزيون والراديو في غرفتي بعد خروج المصلين من المسجد، فما حكم الشرع في ذلك؟ هل يجوز لي استعمالهما أم لا؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل أن نتكلم عن حكم استخدام التلفزيون في غرفة متصلة بالمسجد، ينبغي أن ن تعرض أولا لحكم اقتناء التلفزيون واستخدامه بعيدا عن المسجد.
فنقول: إن التلفزيون يجلب من الأضرار على الفرد والمجتمع ما لا يدخل تحت ال حصر، ذلك لأنه ينشر الخلاعة والمجون، ويروج للكفر وكافة أنواع الفساد، ويضيع الوقت، ويعود الكسل. ومع ذلك، فهو يعرض برامج طيبة وأخبارا مفيدة.
فمن كان يسكن وحيدا في غرفته، أو مع من هو تحت إمرته، بحيث يتحكم في تلفازه، فلا يستخدمه إلا في ما هو نافع، ولا يضيع عليه شيئا من وقته، ولم يكن في اقتنائه للجهاز واستخدامه له إسراف، كان مباحا له اقتناؤه واستخدامه، ومن كان بعكس ذلك، لم يبح له، انظر الفتوى رقم: 1886
وأما استخدام الأجهزة في غرفة متصلة بالمسجد، فإنه يجوز بالشروط المذكورة، مع زيادة أن لا يحصل تشويش على المصلين ولو خارج أو قات الصلوات، لأن المسجد إنما ب ني للصلاة. وأي تشويش على المصلين فيه لا يجوز. روى أحمد ومالك عن البياضي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقرآن فقال: إن المصلي يناجي ربه عز وجل، فلينظر ما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن. فإذا كان رفع الصوت بقراءة القرآن ممنوعا للتشويش على المصلين، فإن رفع الصوت على المصلي بغيره أولى وأحرى.
وما قيل في التلفزيون يقال مثله في الراديو، إلا أن الراديو أقل ضررا.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1424(11/8437)
غرفة الإمام في المسجد هل تأخذ حكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في غرفة الإمام في المسجد هل يجوز البيع والشراء فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن غرفة الإمام إذا كانت مستقلة فحكمها حكم البيت وليس حكم المسجد، فقد كانت غرف أمهات المؤمنين وبيوت الصحابة مجاورة ومتلاصفة مع المسجد.. وكانوا يمارسون فيها الأعمال العادية المباحة وتكون عليهم الجنابة والحيض.
وعلى هذا، فغرفة الإمام ليس حكمها حكم المسجد، فيجوز فيها البيع والشراء وممارسة الأعمال المباحة، وإن كان ينبغي أن تجتنب فيها بعض الأعمال التي لا تليق بحرمة المسجد، وألاّ تتخذ مكانا دائما للبيع وعقد الصفقات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(11/8438)
جواز نسبة المساجد إلى الأشخاص على وجه التعريف
[السُّؤَالُ]
ـ[تسمى المساجد بأسماء أشخاص فهل هذا يجوز؟ أعتقد لا فلماذا لا تقوم الجهات الإسلاميه بتصحيح هذا الموضوع وتسمية المساجد بأسماء الله عز وجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المساجد هي بيوت الله تعالى في الأرض، وقد أضافها سبحانه إلى نفسه إضافة تشريف، قال الله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً (الجن:18) .
ومع هذا فلا مانع من نسبتها وإضافتها إلى غير الله عز وجل على سبيل التعريف، قال القرطبي في تفسيره: المساجد وإن كانت ملكاً لله وتشريفاً فإنها قد تنسب إلى غيره تعريفاً، فيقال مسجد فلان، وفي صحيح الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي أضمرت من الحيفاء وأمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق. هـ
ومما يشهد لهذا أيضاً ما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة واللفظ للبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه؛ إلا المسجد الحرام.
ومن هذا يعلم جواز نسبة المساجد إلى الأشخاص والقبائل على وجه التعريف لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1424(11/8439)
فتاوى حول الصلاة في المقبرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد:
أتقدم لكم بهذا السؤال: أنا شاب من الجزائر أسألكم: هل تجوز صلاة الجنازة في المقبرة وصلاة الفرض؟
هل تجوز الصلاة في المسجد الذي يوجد فيه قبر؟
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الصلاة على الجنازة في المقبرة في الفتوى رقم: 11238.
وأما صلاة الفرض في المقبرة فلا تجوز، وانظر الفتوى رقم: 17764، والفتوى رقم: 13365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(11/8440)
قول العلماء في حكم الصلاة بثوب مسروق
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص سرق قميصاً وصلى فيه ما حكم صلاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن صلى في قميص مسروق أو مغصوب أثم ولم تصح صلاته في مذهب الإمام أحمد.
وذهب الجمهور إلى صحة صلاته مع الإثم، وذلك لانفكاك الجهة هنا، فالمصلي مأمور بستر عورته لأجل الصلاة، وهو منهي عن لبس الثوب المحرم في الصلاة وغيرها.
وهذا هو القول الراجح.
وعليه؛ فالصلاة صحيحة وصاحبها آثم على ما ذهب إليه الجمهور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1423(11/8441)
حكم الصلاة في الخمارة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أعيش في بلاد الغرب وأحيانا أكون في سفر لمدة لا تقلّ عن ثماني أو عشر ساعات، ونظرا لشدة البرد وخشية البرد أصلّي الفرض جالسا في السيارة، لأن الأماكن الدافئة ليست إلا الخمارات أو الحمامات فما الحكم؟
أفيدونا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجوز الصلاة في الحمام، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" رواه أحمد والترمذي بسند صحيح.
وينبغي أن تختار لسفرك وقتا لا تحتاج فيه إلى الصلاة في الطريق، كأن تسافر بين العشاء والفجر، فإن دخل عليك وقت الصلاة، وخشيت من خروج الوقت، ولم يمكنك فعل الصلاة إلا في الخمارة، فلا حرج عليك في ذلك إذا أمنت على نفسك فيها، وصليت في مكان طاهر منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(11/8442)
المساجد في الفضل سواء إلا ما ورد النص عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أسماء المساجد في العالم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المساجد في العالم -ولله الحمد - أكثر من أن تذكر بأسمائها، ولا داعي إلى ذلك، وهي بالنسبة للفضل والشرف في درجة واحدة، إلا المساجد الثلاثة: المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، والمسجد الأقصى بالقدس، فإن لها مزيد فضل وشرف على غيرها من المساجد، حيث أن الله تعالى شرع شد الرحال إليها دون غيرها، وجعل الصلاة فيها أفضل من الصلاة في غيرها بأضعاف كثيرة. ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والمسجد الأقصى" وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام" رواه البخاري ومسلم. وروى البزار والطبراني عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة" ولمسجد قباء أيضاً فضل غير أنه لا يصل إلى درجة المساجد الثلاثة، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء كل سبت كان يأتيه راكباً وماشياً فيصلي فيه قال ابن حجر: وفيه دلالة على فضل قباء، وفضل المسجد الذي بها، وفضل الصلاة فيه، لكن لم يثبت في ذلك تضعيف، بخلاف المساجد الثلاثة. انتهى ويعني بالتضعيف مضاعفة أجر الصلاة فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1422(11/8443)
تعليل مضاعفة عقوبة السيئات في الحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التوضيح:
1- ما هي الآية التي تدل على الإنسان يعاقب على ما ينويه من المعاصي في الحرم المكي وإن لم يعملها ولماذا تكون المعصية معصيتين؟
2- هل أشار القرآن إلى أن الإنسان عندما يرتفع إلى الأعلى يسرع بمعدل نفسه لتعويض نقص الأكسجين مما يجعله يشعر بالتعب والضيق؟ وهل أشار القران الكريم إلى ذلك؟ أرجو ذكر رقم الآية واسم السورة.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الجواب المباشر على هذا السؤال نود أن نمهد بمقدمة توضيحية عامة بما يجري في نفس المرء من إرادة الحرام دون أن ينطق به بلسانه، أو يعمله بجوارحه، هل يؤاخذ عليها أم لا؟ فنقول:
ما يجري في نفس المرء من إرادة فعل الحرام أقسام:
أولها: أن يهم بفعل المحرم ثم يتركه خوفاً من الله تعالى، فلا يؤاخذ بمجرد الهم، ويثاب على الترك، لأنه من أجل الله، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ... فإن عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها فاكتبوها حسنة، إنما تركها من جرَّاي" أي من أجلي.
ثانيها: أن يهم بفعل المحرم ثم يتركه خوفاً من المخلوقين أو مراءاة لهم، فالصحيح أنه يأثم، وكذا لو سعى في حصوله ما أمكنه، ثم حال بينه القدر أثم أيضاً، لأن من سعى في حصول المعصية جهده ثم عجز عنها فقد عمل.
ثالثها: أن تنفسخ نيته، وتفتر عزيمته من غير سبب منه، فهذا على قسمين:
القسم الأول: أن يكون الهم بالمعصية خاطراً لم يساكنه صاحبه، ولم يعقد قلبه عليه، بل كرهه ونفر منه، فهذا معفو عنه، وهو كالوساوس الرديئة التي سئل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "ذاك صريح الإيمان".
القسم الثاني: العزائم المصممة التي تقع في النفوس وتدوم ويساكنها صاحبها، فهذا نوعان:
النوع الأول: ما كان مستقلاً بنفسه من أعمال القلوب كالشك في الواحدانية والنبوة أو البعث، وكذا سائر المعاصي المتعلقة بالقلوب كالعجب والحسد وغيرهما، فهذا يؤاخذ به العبد.
النوع الثاني: ما لم يكن من أعمال القلوب، بل كان من أعمال الجوارح كالقتل والسرقة وشرب الخمر، وغير ذلك، فهذا إذا أصر العبد على إرادته والعزم عليه، ولم يظهر له أثر في الخارج أصلاً، ففي المؤاخذة به ثلاثة أقوال:
القول الأول: يؤاخذ به، وبه قال كثير من الفقهاء والمحدثين، وبعض هؤلاء كابن جرير الطبري قصر المؤاخذة على المحاسبة، فقال ما معناه: يوقفه الله يوم القيامة ويسائله، ثم يعفو عنه ولا يعاقبه.
وحملوا قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل" حملوه على الخطرات والوساوس العابرة.
القول الثاني: لا يؤاخذ بمجرد النية مطلقاً، ونسب هذا القول إلى الشافعي وهو قول ابن حامد، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم أو تعمل" متفق عليه.
القول الثالث: وهو محل تعلق سؤال السائل، أنه لا يؤاخذ بالهم بالمعصية إلا إن همَّ بارتكابها في الحرم، لما رواه أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ما من عبد يهم بخطيئة فلم يعملها، فتكتب عليه، ولو هم بقتل إنسان عند البيت، وهو بـ "عدَن أَيْين" أذاقه الله من عذاب أليم، وقرأ عبد الله (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) ، وروي هذا الأثر مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصح، قال ابن كثير: وقفه أشبه من رفعه، وكذا صححه ابن حجر موقوفاً.
وبمقتضاه أخذ الضحاك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، ورجحه ابن القيم حيث قال: ومن خواصه - الحرم - أنه يعاقب فيه على الهم بالسيئات، وإن لم يفعلها.
قال الله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) .
وقال أيضاً: فكان ذكر الباء في قوله - بإلحاد - إشارة إلى استحقاق العذاب عند الإرادة، وإن لم تكن جازمة.
وقول السائل: ولماذا تكون المعصية بمعصيتين إن كان مقصوده به هو إنه إذا كان الهم معصية، وفعل ما هم به معصية أخرى صار مرتكباً معصيتين؟ - إذا كان هذا هو محل إشكال السائل - أجاب عن هذا الإشكال ابن رجب فقال: ومتى اقترن العمل بالهم فإنه يعاقب عليه (العمل) سواء كان الفعل متأخراً أو متقدماً، فمن فعل محرماً مرة ثم عزم على فعله متى قدر عليه، فهو مصر على المعصية، ومعاقب على هذه النية؛ وإن لم يعد إلى عمله إلا بعد سنين عديدة، وبذلك فسر ابن المبارك وغيره الإصرار على المعصية. وبكل حال فالمعصية إنما تكتب بمثلها من غير مضاعفة، فتكون العقوبة على المعصية، ولا ينضم إليها الهم بها، إذ لو ضم إلى المعصية الهم بها لعوقب على عمل المعصية عقوبتين، ولا يقال: فهذا يلزم مثله في عمل الحسنة، إنه إذا عملها بعد الهم بها أثيب على الحسنة دون الهم بها، لأنا نقول: هذا ممنوع، فإن من عمل حسنة كتبت له عشر أمثالها، فيجوز أن يكون بعض هذه الأمثال جزاءً للهم بالحسنة. والله أعلم. ا. هـ.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: ومن هذا تضاعف مقادير السيئات فيه - الحرم - لا كميتها، فإن السيئة جزاؤها سيئة، لكن سيئة كبيرة وجزاؤها مثلها، وصغيره جزاؤها مثلها، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه. هذا فصل النزاع في تضعيف السيئات. والله أعلم. ا. هـ.
وقد قال الله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [الأنعام:160] .
ولمزيد الفائدة يمكن الأخ السائل مراجعة جامع العلوم والحكم لابن رجب، فقد أفاد وأجاد حول هذا الموضوع.
وأما الآية المسؤول عنها، فهي الآية (125) من سورة الأنعام (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1422(11/8444)
حكم دخول الكنائس للسياحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم دخول الكنائس،على سبيل السياحة؟ وما حكم من فعل ذلك إن كان بها حرمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فدخول الكنائس على سبيل السياحة لا يجوز، لما فيها من الصور والتماثيل، وما يجري فيها من مخالفات لدين الإسلام، وقد روى عبد الرزاق من طريق أسلم مولى عمر رضي الله عنه قال: لما قدم عمر الشام صنع له رجل من النصارى طعاماً، وكان من عظمائهم، وقال: أحب أن تجيئني وتكرمني، فقال له عمر: إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها.
وقال البخاري: كان ابن عباس رضي الله عنهما يصلي في البيعة، إلا بيعة فيها تماثيل.
وزاد البغوي في الجعديات: فإن كان بها تماثيل خرج فصلى في المطر.
وفي صحيح البخاري أن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما ذكرتا لرسول الله كنيسة بأرض الحبشة، وما فيها من الصور، فقال: "أولئك شرار الخلق عند الله".
وعلى كل، فلا يجوز الدخول على أصحاب الكنائس في كنائسهم على سبيل السياحة، لما في ذلك من إقرار لهم على ما هم عليه من باطل، وعلى من دخل التوبة والاستغفار مما مضى، والله غفور رحيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1422(11/8445)
حكم الصلاة في الأماكن المغتصبة ... وما هو الغصب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي المساجد المغتصبة؟
وما حكم الصلاة في المساجد المغتصبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسجد المغصوب: هو المسجد المقام على أرض مغصوبة، والأرض المغصوبة: هي التي أخذت من مالكها ظلماً وقهراً وتعدياً بغير حق، وغصب الأرض حرام، ولو كان لبناء مسجد عليها، فقد روى البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنه أنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: "من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين"، وفي رواية: "من أخذ شبراً من الأرض بغير حق طوقه الله في سبع أرضين يوم القيامة".
والصلاة في الأرض المغصوبة صحيحة، لثبوت صحة الصلاة في الأرض كلها، إلا ما جاءت السنة بالنهي عن الصلاة فيها، فقد روى الشيخان وغيرهما من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: " ... وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً".
ومن منع الصلاة في الأرض المغصوبة استدل بأحاديث ضعيفة، مثل حديث: "من اشترى ثوباً بعشرة دراهم في ثمنه درهم حرام، لم يقبل الله له صلاة ما دام عليه"، ضعفه أحمد، وابن حبان، وأبو حاتم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1422(11/8446)
الصلاة داخل المسجد أو في باحته في الأجر سواء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الجماعة التي تترك إقامة الصلاة داخل المسجد لتصلي خارجه - في بهوه- بدعوى شدة الحرارة داخل المسجد؟ وهل على داخل هذا البهو تحية المسجد؟ أم يدخل المسجد ليصلي التحية ثم يخرج ليصلي مع الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليعلم السائل أن كل بقعة من بقاع الأرض تصير مسجدا، وتجري عليها أحكامه بمجرد نية من خصصها لذلك، وليس البناء هو الذي يحدد أن هذه البقعة مسجد، وهذه ليست مسجداً، فقد كان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بعضه مبني وبعضه غير مبني، والكل مسجد تتضاعف الصلاة فيه، ويصلي فيه الداخل تحية المسجد.
ولذلك نص أهل العلم على أن رحبة المسجد منه إذا نوي إدخالها فيه.
وعلى ذلك، فلا حرج في صلاة الجماعة خارج المسجد إذا كان المكان الذي يصلى فيه من جملة المسجد.
وللداخل أن يصلي تحية المسجد في أي مكانٍ شاء، سواء كان ذلك في الجزء المبني، أو في غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1422(11/8447)
حكم الصلاة في الكنائس وغيرها من دور العبادة.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في الكنيسة في حالة تعذر وجود مسجد أو مصلى؟ وهل تجوز الصلاة في مايسمى بغرف الصلاة للديانات المتعددة، علما بأن هذه الغرف قد يوجد فيها صلبان، أصنام وتماثيل لآلهة تلك الديانات، وعلى القول بعدم الجواز فهل يتوجب إعادة الصلوات التي صليت في تلك الغرف؟ وهذه الوقائع كثيرة الحدوث في الكليات والجامعات الغربية حيث يضطر المسلم للصلاة في تلك الأمكنة. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل الصواب جواز الصلاة في الكنيسة إذا دعت الحاجة لذلك، قال ابن قدامة رحمه الله: ولا بأس بالصلاة في الكنيسة النظيفة، رخص في ذلك الحسن، وعمر بن عبد العزيز، والشعبي، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وروي أيضاً عن عمر، وأبي موسى، وكره ابن عباس ومالك الصلاة في الكنائس من أجل الصور.
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة وفيها صور، ثم هي داخلة في قوله عليه الصلاة والسلام": فأينما أدركتَ الصلاة فصل فإنه مسجد" المغنى (1/ 723) .
وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه بقوله: باب الصلاة في البيعة، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها الصور، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يصلي في البيعة، إلا بيعة فيها تماثيل) وهذا الخلاف في الصلاة في الكنيسة لا يجري على الصلاة في الغرفة المذكورة إن كانت غير مختصة بتلك الديانات، لكننا ننصح المسلمين في تلك البلاد أن يبذلوا أقصى الجهود في توفير المصليات، والمساجد، لأن الصلاة في الكنائس، وإن كانت تصح، إلا أن الجواز مختلف فيه، ويكون عند الحاجة، لا على سبيل التوسع، كما أن المصلي فيها يتعرض لمشاهدة الصلبان، والتصاوير، والنساء العاريات، وغير ذلك، فربما يتعلق قلبه بشيء من ذلك، فيفتن بالنساء أو غيرها، وربما ألف النصارى وافتتن في دينه، نعوذ بالله، كما أن تكرار المسلم التردد على هذه الأماكن قد يدفع الآخرين للظن بأنه غير مسلم، وقد يعود هذا بالتشويش على الإسلام، والظن بأنه دين غير واضح المعالم، يصلي أتباعه إلى الصليب، فلو صلى المسلم في حديقة أو نحوها لكان أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8448)
تسمية مسجد التوبة بتبوك بمسجد الرسول غير صحيح.
[السُّؤَالُ]
ـ[ينتشر بين العامه في مدينة تبوك، قولهم لأحد المساجد القديمة (مسجد الرسول) مع العلم أن اسمه المسجد الأثري -أو مسجد التوبة لدى إدارة الأوقاف بتبوك فما هو الاسم الصحيح لهذا المسجد؟ . وماحكم من يقول (مسجد الرسول) ؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاء في كتاب عمدة الأخبار في مدينة المختار ص 229 مسجد تبوك: قال ابن زبالة: يقال له مسجد التوبة. قال المطري: وهو من المساجد التي ابتناها عمر بن عبد العزيز، قال المجد: دخلته غير مرة، وهو عقود مبنية بالحجارة أ. هـ.
فنسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو تسميته بذلك غير صحيحة، فاسمه الصحيح مسجد التوبة أو مسجد تبوك.
... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8449)
الصلاة في مسجد قباء تعدل عمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد أن الصلاة في مسجد قباء تعادل 500 صلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يرد أن الصلاة في مسجد قباء تعدل خمسمائة صلاة، ولكن الذي جاء في فضل الصلاة فيه أنها تعدل عمرة حيث قال صلى الله عليه وسلم:"صلاة في مسجد قباء تعدل عمرة" رواه أحمد والترمذي، وصححه السيوطي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8450)
الصلاة في الكنائس جائزة والعمل فيها محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في الكنيسة؟ وهل يجوز للعامل الأجير العمل فيها؟ لتزيينها مثلاً أو غير ذلك، وهل يأثم من فعل ذلك؟ أفتوني مع الدلائل؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فلا بأس بالصلاة في الكنيسة رخص في ذلك الحسن وعمر بن عبد العزيز والشعبي وغيرهم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "فأينما أدركتك الصلاة فصل فإنه مسجد" متفق عليه. وكره بعض أهل العلم الصلاة فيها لأجل ما بها من تصاوير. وهو قول مالك وابن عباس رضي الله عنهما. وقيل تكره الصلاة فيها لأنه كالتعظيم والتبجيل لها، وقيل لأنه يضر بهم. والأول أولى إذا احتاج المرء إلى ذلك ولم يتخذه عادة.
وأما العمل فيها كالعمل في بنائها أو تزيينها، فإنه لا يجوز لأن في ذلك إعانة لهم على ما هم عليه من باطل قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [المائدة: 2] ولأنه لا يجوز عمارة ما خرب من كنائسهم.
وبما أن العمل فيها محرم فإن من يقوم بهذا يأثم لقيامه بمحرم وتكون الأجرة المتحصلة منه غير مباحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8451)
المسجد النبوي لم يبن على القبر، والقبر موجود في زاوية منه
[السُّؤَالُ]
ـ[المسجد النبوي بالمدينة المنورة يحتوي على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.. سؤالي..أو ليس القبر داخلاً ضمن المسجد، وإن كان الحال كذلك فكيف نوفق بينه وبين النهي عن بناء المساجد على القبور؟ ..إذ أن القبر هو السابق وتوسعة المسجد هي اللاحقة؟ ... أو لم يكن الأجدر عدم إدخال القبر ضمن التوسعة على مر العصور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أن تعلم أن المسجد النبوي لم يبن على القبر بل بني في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. وغاية ما في الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته الذي كان في ذلك الوقت مجاوراً للمسجد، وقد وُسع المسجد في خلافة عمر رضي الله عنه وفي خلافة عثمان رضي الله عنه ولم تشمل التوسعة الناحية التي فيها بيوت النبي صلى الله عليه وسلم المشتملة على قبره الشريف، وأول توسعة شملت البيوت كانت في سنة 94هـ. تقريباً وذلك في وقت كان قد توفي فيه أكثر الصحابة. وبعض الموجودين منهم أنكر شمول التوسعة للبيوت المشتملة على القبر كما أنكر ذلك سيد التابعين: سعيد بن المسيب رحمه الله أضف إلى هذا كله أن القبر ليس في المسجد حتى بعد إدخاله، بل هو في حجرة مستقلة عن المسجد ولهذا جعل المكان محفوظاً ومحوطاً بثلاثة جدران، وجعل الجدار في ناحية منحرفة عن القبلة أي أنه مثلث والركن في الزاوية الشمالية حيث لا يستقبله الإنسان إذا صلى لأنه منحرف.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8452)
لا تؤول الكنسية للمسلمين بمجرد صلاتهم فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هو صحيح أن الكنائس ودور العبادة الأخرى تصبح من حق المسلمين إذا أقاموا بها الصلاة؟ 2- في أي المصادر أجد حادثة امتناع الخليفة عمر بن الخطاب عن الصلاة في كنيسة في بيت المقدس لئلا يحولها المسلمون فيما بعد إلى مسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد:
1: لا تكون هذه مستحقة للمسلمين بمجرد أنهم صلوا فيها، والذي حمل عمر على عدم الصلاة فيها هو خشيته من أن يسلبهم المسلمون هذه الكنائس والدور كلها بحجة صلاة عمر فيها، والخلاف بين العلماء معلوم في حكم الصلاة في الكنائس وغيرها من دور عبادة أهل الكتاب. ...
2: القصة تجدها في كتب التاريخ عند الكلام على فتح بيت المقدس.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8453)
لا مانع من اتخاذ موضع في البيت مسجدا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يخصص الإنسان موضعا في بيته للصلاة - أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فلا ما نع من تخصيص موضع للصلاة في البيت، وقد كان ذلك موجودا في العصر الأول من الإسلام يتخذ الرجل في بيته موضعا يصلي فيه أحيانا، خاصة إذا كان في البيت عدد من الأفراد رجالا ونساء أو كان البيت بعيدا عن المسجد ويصعب عليه التردد في جميع الأوقات، أو كان يشعر بشيء من الخوف في بعض الأوقات في ذهابه إلى المسجد، وقد يساعد ذلك في إقامة الجماعة في البيت للنساء والأطفال، وورد أن بعض الصحابة كان يتخذ مصلى في بيته فيطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيه للبركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8454)
الصلاة في المسجد النبوي وساحاته تعادل ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصلاة خارج المسجد النبوي في الساحات الخارجية لا تعادل في الأجر داخله وهو أجر 1000صلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بألف صلاة في غيره من المساجد، كما أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وفي المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة، وقد وردت بذلك جملة من الأحاديث الصححية والحسنة. واسم المسجد عام شامل لما يشتمل عليه المسجد في داخله وأطرافه إذا كان متصلا بالمسجد، كالساحة والفناء والدهليز والسرداب والسطح فكله تابع للمسجد وله حكم المسجد. وكل ما يزاد فيه من التوسعة كما نشاهد الآن في المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وما يضاف إليه من الأطراف حكمه حكم المسجد، من حصول هذه الفضيلة والثواب إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8455)
المتأهب للسفر هل له أن يتطوع في وقت الكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم، جزاكم الله كل الخير، ولكن سؤالي مختلف وهو: هل يجوز أن تصلى هذه الصلوات في أوقات كراهية الصلاة؟ ولم يكن سؤالي عن صلاة السفر، والصلوات هي:
صلاة الاستغفار أو التوبة
صلاة الاستخارة
صلاة قضاء الحاجة
صلاة ركعتي الوضوء
صلاة ركعتين قبل مغادرة المنزل بقصد السفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 126372 أن الراجح جواز فعل الصلوات ذوات الأسباب في أوقات النهي. وأن هذا مذهب الشافعية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو القول الذي تجتمع به الأدلة.
قال شيخ الإسلام: ... هَذَا أَصَحُّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ.. اهـ.
والمقصود بذوات السبب الصلوات التي سببها متقدم عليها لا متأخر.
قال النووي رحمه الله تعالى: والمراد بذات السبب: التي لها سبب متقدم عليها ... اهـ.
وبناء عليه يجوز أداء صلاة ركعتي الوضوء في أوقات النهي لأن سببها متقدم عليها, فركعتا الوضوء سبقت بالوضوء, وكذا إذا أذنب المسلم ذنبا فله أن يصلي ركعتي التوبة والاستغفار في أوقات النهي لوجود السبب وتقدمه وهو الذنب, وأما صلاة الحاجة وصلاة الاستخارة فلا تصلى في أوقات النهي لأن سببهما متأخر عليهما. وانظر الفتوى رقم: 34089 بعنوان هل تصلى صلاة الحاجة في وقت الكراهة, والفتوى رقم: 7471 عن صلاة التوبة , والفتوى رقم: 21663 عن الاستخارة في أوقات النهي.
وراجع الفتوى رقم: 98863. عن صلاة السفر. ولم نقف على شيء من كلام أهل العلم فيه بيان هل هذه السنة من ذوات الأسباب المتقدمة أو لا، والذي يظهر أن سببها متأخر وهو السفر لا إرادة السفر وعليه فلا تصلي وقت النهي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1430(11/8456)
التطوع في غير أوقات النهي والإكثار من الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أدعو الله وأصلي ركعتين على كل وقت إلا الأوقات المنهي عنها طبعا
لكي أتقرب إلى الله وذلك مع الأدعية مع الإكثار من الاستغفار لكي يستجيب الله دعائي؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب للمسلم الإكثار من دعاء الله عز وجل دعاء العبادة ودعاء المسألة، وإذا كان الدعاء في الصلاة فهو أقرب إلى الاستجابة، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء ترجى استجابته في السجود، وأن السجود من المواطن التي يستحب فيها الإكثار من الدعاء فيها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ رواه مسلم.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله في شرح قوله" فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ ": وَمَعْنَاهُ حَقِيق وَجَدِير. وَفِيهِ الْحَثّ عَلَى الدُّعَاء فِي السُّجُود فَيُسْتَحَبّ أَنْ يَجْمَع فِي سُجُوده بَيْن الدُّعَاء وَالتَّسْبِيح.
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد": وَأَمَرَ بِالِاجْتِهَادِ فِي الدّعَاءِ فِي السّجُودِ وَقَالَ إنّهُ قَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُم وَهَلْ هَذَا أَمْرٌ بِأَنْ يُكْثِرَ الدّعَاءَ فِي السّجُودِ أَوْ أَمْرٌ بِأَنّ الدّاعِيَ إذَا دَعَا فِي مَحَلّ فَلْيَكُنْ فِي السّجُودِ؟ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَأَحْسَنُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ أَنّ الدّعَاءَ نَوْعَانِ دُعَاءُ ثَنَاءٍ وَدُعَاءُ مَسْأَلَةٍ وَالنّبِيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ يُكْثِرُ فِي سُجُودِهِ مِنْ النّوْعَيْنِ وَالدّعَاءُ الّذِي أَمَرَ بِهِ فِي السّجُودِ يَتَنَاوَلُ النّوْعَيْنِ. وَالِاسْتِجَابَةُ أَيْضًا نَوْعَانِ اسْتِجَابَةُ دُعَاءِ الطّالِبِ بِإِعْطَائِهِ سُؤَالَهُ وَاسْتِجَابَةُ دُعَاءِ الْمُثْنِي بِالثّوَابِ وَبِكُلّ وَاحِدٍ مِنْ النّوْعَيْنِ فُسّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذَا دَعَانِ} [الْبَقَرَة: 187] وَالصّحِيحُ أَنّهُ يَعُمّ النّوْعَيْنِ انتهى.
ثم إن الإكثار من الصلاة في غير أوقات النهي مستحب وإذا اشتملت على التضرع والدعاء والتذلل إلى الله كانت أشد استحبابا وأكثر ثوابا، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّلاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ فَلْيَسْتَكْثِرَ رواه الطبراني في الكبير والأوسط وحسنه الألباني.
ومعنى: خَيْرُ مَوْضُوعٍ" أي أنها خير حاضر فاستكثر منه، أو أنها أفضل ما وضع من الطاعات وشرع من العبادات، قاله الخطابي.
وقال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد: وليس في عدد الركعات من صلاة الليل حد محدود عند أحد من أهل العلم لا يتعدى وإنما الصلاة خير موضوع وفعل بر وقربة فمن شاء استكثر ومن شاء استقل والله يوفق ويعين من يشاء برحمته لا شريك له انتهى.
وأما استحباب أن تكون الصلاة ركعتين ركعتين، فلحَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار مثنى مثنى رَوَاهُ أصحاب السنن وَابْن حبَان، وقَالَ الْبَيْهَقِيّ: قَالَ البُخَارِيّ: صَحِيح وَصَححهُ الْخطابِيّ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته صَحِيح رُوَاته ثِقَات وَقَالَ الْحَاكِم: رُوَاته كلهم ثِقَات وَلَا أعرف لَهُ عِلّة، وصححه الألباني وَأَصله فِي الصَّحِيحَيْنِ بِدُونِ لفظ النَّهَار.
وبهذا تعلمين أيتها السائلة أن لك أن تتطوعي في غير أوقات النهي ركعتين ركعتين وتدعي بما أحببت من خيري الدنيا والآخرة، وأبشري فقد أمر الله عز وجل بالدعاء ووعد باستجابته، فقال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وقال سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة: 186} . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي رواه مسلم.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على هذه الفتاوى التالية أرقامها: 8581، 1390، 3749.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1430(11/8457)
كيفية صلاة سنة الظهر القبلية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي القاعدة العامة في صلاة السنة قبل فرض صلاة الظهر، هل هناك قاعدة عامة في صلاة النافلة، وقول: ألا تشبه صلاة السنة بصلاة الفريضة صحيح؟
في بلدي المسلمون يحافظون على صلاة السنة أربع ركعات قبل فرض صلاة الظهر، منهم من يصليها مثنى مثنى، ومنهم من يصلي أربع ركعات معا بسلام واحد، إلا أنهم يقرؤون السورة بعد قراءة الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة، هذا هو توضيح الحال لسؤالي السابق؟ وجزاكم الله خيراً!.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى لمن أراد أن يصلي الأربع التي هي راتبة الظهر القبلية أن يصليها ركعتين ركعتين لحديث ابن عمر عند الأربعة: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. صححه الألباني.
ويجوز له أن يصليها أربعاً موصولة بسلام واحد وقد أشبعنا القول في هذه المسألة في الفتوى رقم: 103787.
والمسلمون في بلدك على خير عظيم إذ يحافظون على هذه السنة بارك الله فيهم، ومن صلى منهم ركعتين ركعتين فهو محسن وهو الأولى، ومن صلى أربعاً موصولة فهو على خير كذلك، وقراءة السورة في الثالثة والرابعة لمن صلى أربعاً متصلة قد بينا حكمها في الفتوى رقم: 24084.
وأما ما ذكرته من قاعدة أن السنة لا تشبه الفريضة فكلام لا دليل عليه، فهذه سنة الفجر ركعتان بالإجماع وفريضتها كذلك ركعتان بالإجماع، فصورة الصلاتين واحدة ولا يميز بينهما إلا النية، وإنما ورد النهي عن تشبيه الوتر بالمغرب، أخرجه ابن حبان والدارقطني والحاكم ... فهذا نفل مخصوص نهي أن يشبه بفرض مخصوص وليس هذا قاعدة عامة، وقد اختار غير واحد من المحققين أن معنى النهي عن تشبيه الوتر بالمغرب هو أن يصلي الوتر ثلاثاً موصولة بتشهدين ويجوز أن يصليها ثلاثاً موصولة بتشهد واحد لانتفاء المشابهة بين الصلاتين في هذه الحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1430(11/8458)
فتاوى سابقة عن السنن الرواتب والأذكار ونواقض الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف سنن الصلوات المفروضة وما أجرها وفضلها، والأذكار التي يمكن ترديدها، وما هي مبطلات الوضوء، وهل مبطلات طهارة الوضوء سواء بعده أو قبله نفلعها بشكل غير مقصود بغير وعي فما هي وكيف يمكن تجنبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصد بالسنن الرواتب التي تصلى قبل الفرائض أو بعدها، فقد بينا النوافل المؤكدة وغير المؤكدة في الفتوى رقم: 2116 كما ذكرنا، وأجر من واظب عليها في الفتوى رقم: 10648.
وبينا ما ينبغي الحفاظ عليه من أذكار الصلاة في الفتوى رقم: 50998، وبينا نواقض الوضوء المتفق عليها والمختلف فيها في الفتوى رقم: 1795.
واعلم أن الوضوء لا ينقض إلا بعد فعله، وأما قولك (أو قبله) فكلام لا معنى له، وليس من شرط نقض الوضوء العمد، بل إذا حصل ما ينقض الوضوء عمداً أو خطأ أو نسياناً فقد انتقض الوضوء، ولا نعلم في هذا خلافاً إلا ما قال به بعض أهل العلم من أن مس الذكر لا ينقض الوضوء إلا مع العمد وهذا قول مرجوح يرد عليه قياس المس على غيره من الأحداث فإنه لا خلاف في أن نفس وجودها ينتقض به الوضوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(11/8459)
تحقيق المقال في سنة الزوال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم سنة الزوال والتي تكون قبيل الظهر مباشرة وما هو دليلها من السنة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسنةُ الزوال المسئولُ عنها قال بمشروعيتها بعض أهل العلم، وهي أربع ركعاتٍ تُصلى بعد زوال الشمس عن كبد السماء أي بعد دخول وقت الظهر سوى سنة الظهر القبلية، وممن ذهبَ إلى مشروعية هذه الصلاة الإمام المحقق ابن القيم رحمه الله فقد قال ضمن سياقه لوجوه الجمع بين الأحاديث الدالةِ على أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعاً قبل الظهر، والدالة على أنه كان يصلي ركعتين ما عبارته:
وقد يُقال: إن هذه الأربعَ لم تكن سنةَ الظهر، بل هي صلاةٌ مستقِلة كان يصليها بعد الزوال، كما ذكره الإِمام أحمد عن عبد الله بن السائب، أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يُصلي أربعاً بعد أن تزولَ الشمس، وقال: إنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، فَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالح.
وفي سنن الترمذي أيضاً عن عائشةَ رضي الله عنها: أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كان إذا لم يُصلِّ أربعاً قبل الظهر، صلاهُنَّ بعدها، وفي التِّرمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يصلي أربعاً قبل الظهر، وبعدها ركعتين. وذكر ابن ماجه أيضاً عن عائشة: كانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يصلي أربعاً قبل الظهر، يطيل فِيهِنَّ القِيام، ويحسن فيهن الركوعَ والسجود فهذه- والله أعلم - هي الأربع التي أرادت عائشة أنه كان لا يدعهن وأما سنةُ الظهر، فالركعتان اللتانِ قال عبدُ الله بن عمر، يُوضح ذلك أن سائرَ الصلواتِ سنتُها ركعتانِ ركعتانِ، والفجرِ جمع كونها ركعتين، والناس في وقتها أفرغُ ما يكونون، ومع هذا سنتُها ركعتانِ، وعلى هذا، فتكونُ هذه الأربعُ التي قبل الظهر وِرداً مُستقِلاً سببُه انتصافُ النهار وزوالُ الشمس وكان عبدُ اللَّهِ بنُ مسعود يُصلي بعد الزوال ثمانَ ركعات، ويقول: إنَّهنَّ يَعْدِلْنَ بمثلهن مِن قيامِ الليل، وسِرُّ هذا والله أعلم أن انتصافَ النهار مقابِل لانتصاف الليل، وأبوابُ السماء تُفتح بعد زوال الشمس، ويحصلُ النزول الإلهِي بعد انتصاف الليل، فهما وقتا قرب ورحمة، هذا تُفتح فيه أبوابُ السماء، وهذا ينزِل فيه الربُّ تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا. انتهى.
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي عند كلامه على حديث عبد الله بن السائب: قال العراقي: هي غير الأربع التي هي سنة الظهر قبلها وتسمى هذه سنة الزوال. انتهى
وقال المناوي في فيض القدير في شرح حديث أربعٌ قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء:
وتسمى هذه سنة الزوال، وهي غير سنة الظهر نص عليه في الإحياء. انتهى
ويرى كثيرٌ من العلماء أن هذه الأربع هي سنة الظهر القبلية كما نقله المناوي عن البيضاوي في شرح حديث عبد الله بن السائب المتقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(11/8460)
إطالة الركوع والسجود في صلاة النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إطالة السجود والركوع في النوافل في المسجد بحيث يستغرق في السجود أوالركوع أو الاعتدال أكثر من خمس دقائق في الواحدة؟ وما هي أطول مدة للركوع أو السجود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإطالة السجود أوالركوع أوالقيام بعد الركوع في صلاة النافلة كلها أمورفيها مزيد أجر ومثوبة، ولم نقف على قول لأهل العلم مشتمل على بيان الحد الأقصى للركوع أو السجود.
قال النووى في المجموع: القيام والركوع والسجود والتشهد أركان طويلة بلا خلاف فلا يضر تطويلها. انتهى.
وقال رحمه الله: تطويل القيام أفضل من تطويل الركوع والسجود لحديث جابر {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الصلاة أفضل؟ قال طول القنوت} رواه مسلم , والمراد من القنوت القيام , وتطويل السجود أفضل من تطويل باقي الأركان غير القيام لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد} رواه مسلم. وقال جماعة من العلماء: تطويل السجود وتكثير الركوع والسجود أفضل من تطويل القيام , حكاه الترمذي والبغوي في شرح السنة لقوله صلى الله عليه وسلم: {أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد} وقوله صلى الله عليه وسلم: {عليك بكثرة السجود} رواه مسلم. وقال بعض أصحابنا به , وتوقف أحمد بن حنبل في المسألة , ولم يقض فيها بشيء وقال إسحاق بن راهويه: أما في النهار فتكثير الركوع والسجود أفضل , وأما بالليل فتطويل القيام أفضل إلا أن يكون للرجل جزء بالليل يأتي عليه فتكثير الركوع والسجود أفضل لأنه يقرأ جزأه ويربح كثرة الركوع والسجود قال الترمذي إنما قال إسحاق هذا ; لأنهم وصفوا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل بطول القيام ولم يوصف من تطويله بالنهار ما وصف بالليل. دليلنا على تفضيل إطالة القيام حديث {أفضل الصلاة طول القنوت} ولأن المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه {كان يطول القيام أكثر من الركوع والسجود} ولأن ذكر القيام القراءة وهي أفضل من ذكر الركوع والسجود. انتهى.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: والحديث يدل على أن القيام أفضل من السجود والركوع وغيرهما , وإلى ذلك ذهب جماعة منهم الشافعي كما تقدم وهو الظاهر ولا يعارض حديث الباب وما في معناه الأحاديث المتقدمة في فضل السجود , لأن صيغة أفعل الدالة على التفضيل إنما وردت في فضل طول القيام , ولا يلزم من فضل الركوع والسجود أفضليتهما على طول القيام. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(11/8461)
هل هناك صلاة تعرف باسم صلاة الكرب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل توجد صلاة تسمى صلاة الكرب أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نطلع على ما يسمى بصلاة الكرب، ولكن وردت صلاة الحاجة ودعاء الكرب كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6898، والفتوى رقم: 9347.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(11/8462)
حكم من نوى حين يصلي النافلة أن تسبقه إلى قبره
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة عن نية صلاة النوافل إذا نوى الشخص بها لنفسه لتسبقه إلى قبره، وعلى هذا النحو: اللهم إني نويت بهذه الصلاة أن تسبقني إلى قبري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء إن الدعاء بالصيغة المذكورة لم يرد فيما نعلم في السنة، والتلفظ بنية الصلاة بدعة كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 93394.
واعلم أخي السائل أن الإنسان سيلقى عمله في قبره سواء دعا بالدعاء المذكور أو لم يدع، وسواء كان العمل خيراً أو كان شراً، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن العبد المؤمن إذا وضع في قبره وفرغت الملائكة من سؤاله:.... ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له من أنت، فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح ... رواه أحمد.
وقال عن العبد الفاجر: ... ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسوءك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر، فيقول أنا عملك الخبيث ...
ولذا فلا داعي لأن يتكلف الإنسان في الدعاء، وليجتهد في إتقان العمل الصالح وسؤال الله القبول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(11/8463)
وقت الراتبة القبلية والبعدية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن النوافل الراتبة: هل يجب صلاتها مباشرة قبل الصلاة المفروضة وبعدها، وهل يجوز صلاتها في المسجد؟
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
بداية وقت النافلة الراتبة القبلية تكون بدخول وقت الفريضة المتعلقة بها ولا يجب أداؤها مباشرة قبل تلك الفريضة، كما أن الراتبة البعدية ينتهي وقتها بنهاية وقت الفريضة المتعلقة بها ولا يجب أداؤها مباشرة بعد تلك الفريضة، وإن كان الأولى المبادرة بها مخافة حصول ما يؤدى لفواتها من عوارض ومشاغل، ومن الأفضل أداء الراتبة بنوعيها في البيت وتجوز في المسجد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت النافلة الراتبة قبل الفريضة يبدأ بدخول وقت الفريضة المتعلقة بها، وبالتالي فيجزئ فعلها بعد دخول وقت تلك الفريضة ولا يجب ذلك قبلها مباشرة، وراجع الفتوى رقم: 53646.
كما أن الراتبة البعدية يمتد وقتها حتى نهاية وقت الفريضة المتعلقة بها ولا يجب أداؤها بعد تلك الفريضة مباشرة وإن كان الأولى عدم تأخيرها لما قد يطرأ على الشخص من مشاغل وأمورقد تؤدي لفواتها.
وراجع الفتوى رقم: 76175.
ومن الأفضل أداء النافلة ـ الراتبة القبلية منها والبعدية ـ في البيت، ويجوز أداؤها في المسجد، وراجع الفتوى رقم: 71461.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(11/8464)
بيان النوافل المذكورة في حديث: من صلى ثنتي عشرة ركعة ... إلخ
[السُّؤَالُ]
ـ[تناقشت مع أخ لي عن الإثنتي عشرة ركعة وأخبرني أنها تصلى بين الأذان والإقامة فأجبته بلا واستشهدت بقوله صلى الله عليه وسلم: بين كل أذانين صلاة لمن شاء ثلاث مرات. فما رأيكم في ذلك، وكيف أجمع بين الحديثين الإثنتي عشر ركعة ومن صلى الضحى أربعا وقبل الأولى أربعا بني له بيت في الجنة. وكيفية أدائها فهل أجمع بين الصلاتين مثلاً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن صلى اثنتي عشرة ركعة تطوعاً بنى الله له بيتاً في الجنة وورد في بعض الأحاديث بيان هذه الركعات حيث يصلى قبل الظهر أربعاً، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر، كما ورد في حديث آخر أن من صلى تلك الركعات في اليوم والليلة حصل له الثواب المذكور، وبالتالي فلا مانع من صلاتها بين الأذان والإقامة وهذا لا ينافي الحديث الذي استشهدت به.
ويمكنك الجمع بين الحديثين وهذا أفضل بحيث تؤدي اثنتي عشرة ركعة في وقت تباح فيه النافلة ثم تصلى الضحى أربعاً وقبل الظهر أربعاً لأنها المقصودة بقوله: (وقبل الأولى) ، لأنها هي أول الصلوات المفروضة وأول صلاة تؤدى بعض صلاة الضحى، فلا تعارض بين الحديثين فكل منهما يترتب على امتثاله بناء بيت في الجنة، ففضل الله تعالى واسع، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 55785، والفتوى رقم: 77711.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1428(11/8465)
أحكام صلاة الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[في ركعتيْ ليلة الزفاف هل يؤم الزوج زوجته وهل الركعتان جهرا أم سرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للرجل أن يؤم زوجته في ركعتي الزفاف كما يجوز لكل منهما الانفراد بهما لأن الجماعة في صلاة النافلة جائزة، وراجع الفتوى رقم: 6712، وإذا كان وقت الدخول ليلا فتكون القراءة جهرا، وتكون سرا إذا كان وقت الدخول نهارا كما في الفتوى رقم: 41176، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 10267.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1428(11/8466)
سنة العصر وهل توجد صلاة قبل الغروب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد سنة لصلاة العصر، وكم عدد الركعات، والتسبيح المراد بالآية التالية هل هو التسبيح بالكلام أم بالصلاة، قال الله تعالى: (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب) ، وإذا كان بالصلاة فهل يوجد صلاة قبل الغروب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسنة العصر ثابتة وعددها ركعتان أو أربع كما سبق في الفتوى رقم: 11496.
والتسبيح في الآية التي سألت عنها قيل: المقصود به ما كان مفروضاً قبل الصلوات الخمس من ركعتين قبل طلوع الشمس وركعتين قبل الغروب مع قيام الليل مدة وجوبه، قال ابن كثير في تفسيره: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، وكانت الصلاة المفروضة قبل الإسراء ثنتين قبل طلوع الشمس في وقت الفجر وقبل الغروب في وقت العصر، وقيام الليل كان واجباً على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أمته حولاً، ثم نسخ في حق الأمة وجوبه، ثم بعد ذلك نسخ الله تعالى ذلك كله ليلة الإسراء بخمس صلوات، ولكن منهن صلاة الصبح والعصر فهما قبل طلوع الشمس وقبل الغروب. انتهى.
وقيل: المقصود به الصلوات الخمس. وقيل: معناه تنزيه الله تعالى بالقول، ويرى بعض أهل العلم أن المقصود به ركعتا الفجر وركعتان قبل المغرب حيث كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصلونهما بحضرته ولم ينه عنهما، قال القرطبي في تفسيره أيضاً: الثانية: قوله تعالى: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب.. قيل إنه أراد به الصلوات الخمس، قال أبو صالح قبل طلوع الشمس صلاة الصبح وقبل الغروب صلاة العصر. رواه جرير بن عبد الله مرفوعاً، قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال: أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها يعني العصر والفجر ثم قرأ جرير: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.. متفق عليه، واللفظ لـ مسلم، وقال ابن عباس: وقبل غروبها الظهر والعصر. ومن الليل فسبحه يعني صلاة العشاءين. وقيل المراد تسبيحه بالقول تنزيها قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، قال عطاء الخراساني وأبو الأحوص، وقال بعض العلماء في قبل طلوع الشمس، قال: ركعتي الفجر وقبل الغروب الركعتين قبل الغروب، وقال ثمامة بن عبد الله بن أنس: كان ذوو الألباب من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يصلون ركعتين قبل المغرب، وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: كنا بالمدينة فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري فركعوا ركعتين حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما. وقال قتادة: ما أدركت أحداً يصلي الركعتين إلا أنساً وأبا برزة الأسلمي. انتهى.
ومذاهب أهل العلم حول صلاة ركعتين بعد الغروب وقبل المغرب تقدم بيانها في الفتوى رقم: 9389.
أما صلاة النفل قبل غروب الشمس إن لم تكن قضاءً لسنة راتبة فغير مشروعة لثبوت النهي عنها. وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 44206، والفتوى رقم: 6910.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(11/8467)
التنفل بين أذان العصر وإقامته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة النوافل بعد أذان صلاة العصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النافلة في هذا الوقت ليست جائزة فحسب بل هي مستحبة أو سنة، فيستحب للمسلم أن يحافظ على أربع قبل صلاة العصر بين الأذان والإقامة، ولو زاد على ذلك زاد خيرا وأجرا، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11496، 11107، 2116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1427(11/8468)
تنفل القاعد والمطجع
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تكون صلاة السنة وأنا نائم أو جالس؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأخ السائل يريد بيان كيفية صلاة النفل وهو جالس فإن معنى ذلك أن يأتي بصلاة النافلة على هيئتها المعروفة إلا أنه يجلس بدل القيام فيها ويومئ للركوع من الجلوس ويأتي بالسجود العادي ولو كان صحيحاً لا عذر له، لكن الأجر هنا ينقص بالنصف في حق من ليس له عذر يشق معه القيام، كما أسلفنا في الفتوى رقم: 50899.
وأما تنفل المضطجع الذي يعبر عنه بالنائم، فعلى القول بجوازه للقادر فمعناه أن يتنفل وهو متكئ لكن يجلس للركوع والسجود، ففي الترمذي وغيره: عن عمران بن حصين قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال: من صلى قائماً فهو أفضل ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد. قال في تحفة الأحوذي: قال الخطابي في المعالم لا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه رخص في صلاة التطوع نائماً كما رخصوا فيها قاعداً، فإن صحت هذه اللفظة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم تكن من بعض الرواة مدرجة في الحديث قياساً على صلاة القاعدة أو اعتباراً بصلاة المريض نائماً إذا لم يقدر على القعود دلت على جواز تطوع القادر على القعود مضطجعاً، قال: ولا أعلم أني سمعت نائماً إلا في هذا الحديث، وقال ابن بطال، وأما قوله من صلى نائماً فله نصف أجر القاعد فلا يصح معناه عند العلماء لأنهم مجمعون على أن النافلة لا يصليها القادر على القيام إيماء، قال: وإنما دخل الوهم على ناقل الحديث وتعقب ذلك العراقي فقال: أما نفي الخطابي وابن بطال للخلاف في صحة التطوع مضطجعاً للقادر فمردود فإن في مذهب الشافعية وجهين الأصح منهما الصحة وعند المالكية ثلاثة أوجه حكاها القاضي عياض في الإكمال أحدها الجواز مطلقاً في الاضطرار والاختيار للصحيح والمريض وقد روى الترمذي بإسناده عن الحسن البصري جوازه فيكف يدعي مع هذا الخلاف القديم والحديث الاتفاق. انتهى.
وقال في تحفة المحتاج ممزوجاً بنص المنهاج في الفقه الشافعي: وللقادر التنفل) ولو نحو عيد (قاعداً) إجماعاً ولكثرة النوافل (وكذا مضطجعاً) والأفضل كونه على اليمين (في الأصح) .... إلى أن قال: ويلزم المضطجع القعود للركوع والسجود أما مستلقياً فلا يصح مع إمكان الاضطجاع وإن تم ركوعه وسجوده لعدم وروده أي والنائم إنما يتبادر منه المضطجع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1427(11/8469)
قضاء راتبة الفجر بعد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان عند استيقاظي من النوم متأخرا أتدارك صلاة الصبح جماعة في المسجد. فهل يجوز أن أصلي صلاة الفجر بعد صلاة الصبح أم لا؟
... وجزاكم الله عنا خيرا كثيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فاتته سنة الفجر جاز له قضاؤها بعد صلاة الفجر مباشرة على الراجح، ومن أهل العلم من يقول بعدم مشروعية قضائها في ذلك الوقت، فالأولى تأخير قضائها حتى يحين وقت صلاة الضحى بحيث ترتفع الشمس قدر رمح وذلك خروجا من خلاف أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 15228، والفتوى رقم: 25849، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 69467.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1427(11/8470)
التطوع بعد العصر لمن جمع تقديما
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على الرد على سؤالي رقم 2105300 وأرجو أن أكمله بالسؤال عن صلاة التطوع بعد جمع الظهر والعصر فقد علمت جواز صلاة سنة الظهر
وسؤالي بالتحديد عن الصلاة في المسجد الاقصى لأن من يشد إليه الرحال غالبا يصل موعد أذان الظهر ويغادر قبل أذان العصر، فهل يجوز أن يصلي تطوعا بعد الجمع وبعد أداء سنة الظهر وقبل أذان العصر؟
وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمع بين الصلاتين المشتركتين في الوقت له أسباب تقدم بيانها في الفتوى رقم: 6846، ومن جمع بين الظهر والعصر جمع تقديم لا يشرع له التطوع بالنافلة المطلقة التي ليست براتبة, ففي الإنصاف للمرداوي وهو حنبلي: لو جمع بين الظهر والعصر في وقت الأول منع من التطوع المطلق بعد الفراغ منهما قاله ابن تميم وابن حمدان وصاحب الفروع والفائق والزركشي. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء في الجملة على عدم جواز التنفل بعد صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس. وتشمل ذلك ما لو صليت العصر في وقت الظهر جمع تقديم كذلك، كما صرح به فقهاء المذاهب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1427(11/8471)
حكم صلاة الشكر والمواظبة عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في كل يوم قبل ما أذهب لعملي أصلي ركعتين شكرا لله فهل في صلاتي هذه شيء وإن كان نعم وإن كنت لا أعلم فماذا أفعل وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا توجد في الشريعة ركعتان خاصتان بالشكر فيما نعلم، وإنما يوجد فيها سجود الشكر كما في الفتوى رقم: 4786، والفتوى رقم: 70061.
وإننا ننصح الأخ السائل أن يحافظ على صلاة الركعتين بنية الضحى إن كان وقت ذهابه العمل يوافق وقت الضحى أو بنية ركعتي الوضوء، وانظر مشروعيتها في الفتوى رقم: 70539، أو بنية النفل المطلق، وكل هذه الصلوات مشروعة في السنة النبوية ويحصل بها شكر الله تعالى لأنها من طاعة الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1426(11/8472)
صلاة الضحى والإشراق وصلاة ست ركعات بعد المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل الخير على الموقع النافع، ونفع بكم المسلمين.. عندي بعض الأسئله وأتمنى أن أجد الجواب الشافي ... شاكرة لكم ذلك.
أولاً: بخصوص صلاتي الإشراق والضحى، السؤال الأول: كم عدد ركعات صلاة الإشراق، ومتى وقتها، وكم عدد ركعات صلاة الضحى، ومتى يبدأ وقتها؟
السؤال الثاني: هل يجوز أداء صلاة الإشراق وبعدها مباشرة صلاة الضحى، هل صلاة الإشراق تجزئ عن صلاة الضحى؟
ثانيا: بخصوص سنن المغرب والعشاء، بعد صلاة المغرب ركعتين سنة هذا معروف ولكن عندي استفسار بسيط ... هل تعتبر هاتان الركعتان من ضمن الركعات الست التي تصلى بعد صلاة المغرب، وبالنسبة للركعات السنن الست بعد صلاة المغرب هل ننويها سنة للمغرب أم ركعات لله سبحانه وتعالى، وهل يوجد قبل صلاة المغرب والعشاء سنة؟ جزاكم الله كل الخير.... وبارك فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الإشراق هي صلاة الضحى فلا فرق بينهما كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 22560.
كما تقدم في الفتوى رقم: 17199، والفتوى رقم: 40310 توضيح وقت صلاة الضحى بداية ونهاية إضافة إلى عدد ركعاتها، والسنة الراتبة بعد صلاة المغرب ركعتان فقط، والأفضل كونهما في البيت كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلهما، كما تقدم في الفتوى رقم: 5183.
أما صلاة ست ركعات بعد المغرب فقد ورد في شأنها حديث ضعيف، وبالتالي فلا تنبغي المواظبة عليها لعدم ثبوت ما يدل على مشروعيتها في هذا الوقت تحديداً، وراجعي الفتوى رقم: 27572.
ومن صلى ست ركعات بعد صلاة المغرب فلا ينبغي له أن ينوي كونها سنة للمغرب؛ لأن سنة المغرب ركعتان فقط، بل ينوي ما زاد على ركعتين كونه نافلة يتقرب بها إلى الله تعالى مع الإخلاص فيها كما هو شأن كل العبادات التي تصدر من المسلم، فعليه أن يؤديها بإتقان وإخلاص لوجه الله تعالى وحده، وليس قبل صلاة المغرب وصلاة العشاء سنة راتبة، بل من شاء صلاة نافلة قبلهما فله ذلك وله ثواب صلاته إن شاء الله تعالى، وراجعي الفتوى رقم: 9389، والفتوى رقم: 3981.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1426(11/8473)
هل تصلى النافلة في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[قال عليه الصلاة والسلام: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة. وقال عليه الصلاة والسلام: أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. السؤال: من خلال هذين الحديثين هل يفهم أن صلاة السنة فردية أو جماعة لها نفس الثواب ولا تدخل في السبع والعشرين درجة أم ماذا؟
أرجو التوضيح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الجواب على هذا السؤال في الفتوى رقم: 66752.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(11/8474)
حكم صلاة السنة في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة السنة في جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدمت الإجابة عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 3176 والفتوى رقم: 56700 فطالعهما.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(11/8475)
صلاة الآيات
[السُّؤَالُ]
ـ[في خطبة الجمعة ذكر الشيخ أن ابن عباس صلى صلاة تسمى (صلاة الآيات) عندما زلزلت البصرة فما هي هذه الصلاة وكيف تصلى؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة مشروعة لآيتي الكسوف والخسوف، أما لغيرهما من الآيات كالزلزلة والريح الشديدة فمحل خلاف بين العلماء.
قال في الموسوعة الفقهية: قال الحنفية: تستحب الصلاة في كل فزع كالريح الشديد والزلزلة والظلمة والمطر الدائم لكونها من الأفزاع والأهوال، وقد روي أن ابن عباس صلى لزلزلة البصرة.
وعند الحنابلة: لا يصلى لشيء من ذلك إلا الزلزلة الدائمة فيصلى لها كصلاة الكسوف لفعل ابن عباس، أما غيرها فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه الصلاة له، وفي رواية عن أحمد أنه يصلى لكل آية.
وقال الشافعية: لا يصلى لغير الكسوفين صلاة جماعة، بل يستحب أن يصلي في بيته وأن يتضرع إلى الله بالدعاء عند رؤية هذه الآيات، وقال الإمام الشافعي: لا آمر بصلاة جماعة في زلزلة ولا ظلمة ولا لصواعق ولا ريح ولا غير ذلك من الآيات، وآمر بالصلاة منفردين كما يصلون منفردين سائر الصلوات.
وقال مالك: لا يصلى لهذه الآيات مطلقاً. اهـ
والراجح أنه لا توجد صلاة خاصة بهذه الآيات كما قال مالك والشافعي، ولكن إن صلى المرء في بيته وتضرع إلى الله لكشف الضر فحسن كما قال الشافعي رحمه الله.
أما كيفية هذه الصلاة عند القائلين بها: فركعتان في كل ركعة ثلاث ركوعات وثلاث قراءات وثلاث قيامات وسجدتان واحتجوا بما رواه البيهقي: أن ابن عباس صلى في زلزلة البصرة فأطال فذكره إلى أن قال فصارت ست ركعات وأربع سجدات ثم قال هكذا صلاة الآيات. ورواه ابن أبي شيبة مختصراً وعبد الزراق في مصنفه، وروى مثله ابن حزم في المحلى عن عائشة وحذيفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(11/8476)
لا يحصل مقصود النوافل إذا لم تؤد الفرائض
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال (إن الله تبارك وتعالى لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة)
فهل هناك فرق بين النافلة والسنة؟ منذ قرأت ذلك وقد توقفت تماما عن أداء السنن لأنني أشتبه في أيام كنت لا أصلي فيها في بداية بلوغي , ونظرا لأنني لا أذكر بدقة هل عوضت ما فاتني من الصلوات حينها أم لا فإنني قمت بتصميم جدول لأؤدي ما فاتني من الصلاة إن شاء الله , فهل يحق لي أداء بعض السنن مثل التراويح وقيام الليل أم أن الله سبحانه وتعالى لا يتقبل مني؟
جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة في عرف علماء أصول الفقه يعنون بها ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، وجمهور الأصوليين يجعلون: المندوب والسنة والنفل والتطوع ألفاظا مترادفة، قال في الإبهاج شرح المنهاج: ويسمى سنة ونافلة، ومن أسمائه أيضا أنه مرغب فيه وتطوع ومستحب، والترادف في هذه الأسماء عند أكثر الشافعية وجمهور الأصوليين. اهـ. ومن الأصوليين من يفرق بين هذه الأسماء بحسب تأكيد الطلب من عدمه، أما قول الصديق رضي الله عنه: إن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدي الفريضة. فالمقصود أن الإنسان لا يثاب على النافلة حتى تؤدى الفريضة، بمعنى أنه إذا فعل النافلة مع نقص الفريضة كانت جبراً لها وإكمالا فلم يكن فيها ثواب النافلة، ويبين ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن وجدت تامة كتبت تامة، وإن كان انتقض منها شيئا قال انظروا هل تجدوا له من تطوع، فإن كان له تطوع أكملت الفريضة من تطوعه، ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك. رواه النسائي عن أبي هريرة وصححه الألباني. ولهذا قال بعض السلف النافلة لاتكون إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وغيره يحتاج للمغفرة. قال ابن تيمية: فإذا لم يكن العبد قد أدى الفرائض كما أمر لم يحصل له مقصود النوافل ولا يظلمه الله فإن الله لا يظلم مثقال ذرة بل يقيمها مقام نظيرها من الفرائض كمن عليه ديون لأناس ويريد أن يتطوع لهم بأشياء، فإن وفاهم وتطوع لهم كان عادلاً محسناً، وإن وفاهم ولم يتطوع كان عادلا، وإن أعطاهم ما يقوم مقام دينهم وجعل ذلك تطوعا كان غالطا في جعله، بل يكون من الواجب الذي يستحقونه. اهـ. ومما سبق يتبين أن المقصود من قول أبي بكر ليس ترك النوافل حتى إتمام الفرائض الفائتة، وإنما المقصود عدم تحصيل الثواب المرجو من النافلة إلا إذا أدى الفريضة كاملة كما شرعها الله وإلا جبرت النقص الواقع في الفريضة. ولمعرفة كيفية قضاء الفوائت من الصلاة راجع الفتوى رقم: 17940. وأما السنن كالتراويح وغيرها من السنن الرواتب فمستحب لك أداؤها لأنها شرعت لمزيد التقرب إلى الله لقوله عز وجل في الحديث القدسي: ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حت أحبه. الحديث رواه البخاري. ونسأل الله عز وجل أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1425(11/8477)
حكم صلاة التطوع في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد منكم رأي الشرع في الصلاة جماعة في قيام الليل بصفة عامة، وصلاة الزوج بزوجته بصفة خاصة وذلك فيما عدا صلاة التراويح.. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تسن صلاة الليل جماعة في غير رمضان ولكن تجوز، سواء صليت جماعة في البيت أو في المسجد، وذهب بعض أهل العلم إلى أن المداومة على صلاتها جماعة بدعة ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: صلاة التطوع في جماعة نوعان: أحدهما: ما تسن له الجماعة الراتبة كالكسوف والاستسقاء وقيام رمضان، فهذا يفضل في جماعة دائما، كما مضت به السنة. الثاني: ما لا تسن له الجماعة الراتبة، كقيام الليل والسنن الرواتب وصلاة الضحى وتحية المسجد ونحو ذلك، فهذا إذا فعل جماعة أحيانا جاز، وأما الجماعة الراتبة في ذلك فغير مشروعة، بل بدعة مكروهة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين لم يكونوا يعتادون الاجتماع للرواتب على ما دون هذا، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما تطوع في ذلك في جماعة قليلة أحيانا، فإنه كان يقوم الليل وحده، لكن لما بات ابن عباس عنده صلى معه، وليلة أخرى صلى معه حذيفة، وليلة أخرى صلى معه ابن مسعود، وكذلك صلى عند عتبان بن مالك الأنصاري في مكان يتخذه مصلى صلى معه، وكذلك صلى بأنس وأمه واليتيم. وعامة تطوعاته إنما كان يصليها منفردا. اهـ كلام شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى. وعليه؛ فلا ينبغي الاستمرار على صلاة الليل جماعة ولو بالزوجة وحدها، ولا بأس بذلك أحيانا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(11/8478)
يكتب للعبد مثل ما كان يعمل في حال الصحة
[السُّؤَالُ]
ـ[حرصت في شهر رمضان المبارك على قراءة القرآن الكريم حيث إنني أتممت قراءته مرتين ونصف. كذلك على صلاة التراويح, وقيام الليل. في العشر الأواخر من رمضان كنت أتمم 20 ركعة من التراويح, قراءة جزأين من القرآن والجزء الثالث أثناء صلاة قيام الليل. سؤالي كتالي: كنت أقوم الليل في البيت من الساعة 2.30 حتى 4.00 فجرا. هل هذا يعتبر عملا جيدا في العشر الأواخر؟ كذلك مرضت مرضا شديد في ليلة 25 ولم أستطع عمل أي شيء سوى الصلوات المفروضة, حزنت كثيرا لضياع تلك الليلة التي ربما كانت ليلة القدر.... ماذا أعمل لتعويض ذلك وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعشر الأواخر من رمضان فرصة عظيمة للمسلم ليجتهد في أنواع الطاعات من تلاوة قرآن وصلاة وذكر ونحوها، وما عملته من قيام وتلاوة كتاب الله تعالى وغير ذلك في تلك الليالي كلها طاعات تثاب عليها إن شاء الله، ولن يضيع سعيك عند الله تعالى، ولن يخيب ظنك فيه.
وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر أنه يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها، فكان يوقظ أهله ويحيي الليل ويعتكف، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 2282.
ويكتب لك ثواب الأعمال الصالحة التي كنت تفعلها ما دمت قد عجزت عنها بسبب المرض، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا. رواه البخاري وغيره.
وعليه، فمرضك تلك الليلة لا يمنعك من الحصول على ثواب قيامك السابق تفضلا من الله تعالى.
وننصحك بالإكثار من الأعمال الصالحة والمنافسة فيها، فإنها الزاد المعين للمسلم في دنياه وآخرته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(11/8479)
من صادف يوم فطره ما يسن صومه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد إن شاء الله أن أصوم صيام نبي الله داود عليه السلام وهو يوم بعد يوم، سؤالي هو إذا جاء يوم عرفة وجاء العشرة الأوائل من شهر ذي الحجة وصيام السنن وصوم رمضان وهذه الأيام متتابعة الصوم فكيف أصومها، وأنا أصوم يوما بعد يوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصيام داود عليه الصلاة والسلام هو أحب الصيام إلى الله تعالى، لقوله صلى الله عليه وسلم: أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
وإذا كنت تصوم يوما وتفطر يوما وصادفك ما يسن صومه من الأيام كيوم عرفة أو عاشوراء ونحوهما فصم ذلك اليوم أو الأيام المسنونة، ولا ينقص ذلك فضل صيامك المذكور، قال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي في الغرر البهية: ولو صادف يوم فطره (يعني من يصوم يوما ويفطر يوما) ما يسن صومه كعرفة وعاشوراء فالأفضل صومه، ولا يكون صومه مانعا من فضل صوم يوم وفطر يوم. انتهى.
أما إذا صادفك شهر رمضان فالواجب صيامه كله، ولا يجوز الفطر فيه إلا لعذر معتبر شرعاً، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 39088، والفتوى رقم: 23939.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(11/8480)
عدد ركعات سنة الجمعة وهل تصلى قبلها أم بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل هل سنة الجمعة قبل صلاة الجمعة أم بعد صلاة الجمعة، وإن كانت بعد صلاة الجمعة فما حكم من يصليها قبل صلاة الجمعة خصوصا أن الغالب الأعم في جمهورية مصر يصليها قبل الجمعة ويكون غريبا من ينتظر إلى بعد صلاة الجمعة، وهل هي ركعتان أم أربع ركعات، أفيدونا أفادكم الله؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لصلاة الجمعة سنة قبلية، وإنما سنتها بعدية، وانظر الفتوى رقم: 4301 ولعل الذين رأيتهم يصلون قبل الجمعة لا يريدون بها سنة قبلية وإنما يريدون النفل المطلق، فإنه يشرع يوم الجمعة أن يصلي المسلم قبل الجمعة من النوافل ما شاء، وانظر الفتوى المشار إليها آنفاً.
وأما عن عدد ركعات السنة البعدية فأقلها ركعتان وأكملها أربع، وانظر لذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17270، 16887، 49921.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(11/8481)
قضاء سنة المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فاتتني صلاة المغرب مثلا وصليتها مع العشاء، هل يجوز أن أصلي أيضا سنة المغرب، مع العلم بأنه ليس وقت المغرب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيستحب لك قضاء سنة المغرب بعد خروج وقت المغرب سواء تركتها سهوا أو عمدا، وقد بينا أدلة ذلك في الفتوى رقم: 2090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(11/8482)
إكمال ما ينتقص العبد من الفريضة بما له من التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أصلي بانتظام منذ 7 سنوات وحتى البلوغ، وبعد البلوغ للأسف لم أكن منتظماً في الصلاة، والحمد لله تبت الآن، فهل صلاتي قبل البلوغ تقضي ما تركته بعد البلوغ، وإن كان الجواب بلا ... فكيف أقضي ما فاتني من الصلاة، وهل أجازى على صلاتي قبل البلوغ أم لا، وهل يجازى أبي عنها هوالآخر؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ضياع هذه الفوائت بسبب نوم أو إغماء، فالواجب قضاؤها لقول الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي {طه:14} ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نام عن صلاة أو نسيها فليصل إذا ذكرها. متفق عليه.
أما إن كان ضياعها ناشئاً عن التكاسل والتهاون بها فإن من أهل العلم من يقول بكفر فاعل ذلك، فإن تاب لم يلزمه قضاء ما فات، وإنما عليه أن يجدد إيمانه ويكثر من فعل الطاعات، لكن لو قضاها احتياطا فذلك أولى خروجاً من خلاف من يقول بعدم كفره وبوجوب القضاء عليه، أما بالنسبة لكيفية القضاء فراجع فيه الفتوى رقم: 512.
وأما صلاتك قبل البلوغ فإنك تؤجر عليها ويؤجر عليها والدك بإذن الله تعالى، أما قولك (هل صلاتي قبل البلوغ تقضي ما تركته بعد البلوغ) ؟ فالجواب: أنها لا تكون قضاء لما تركته بعد البلوغ وذلك لعدة أمور:
منها: أن ما تركته بعد البلوغ قد استقر في ذمتك عند من يقول بوجوب قضائه من أهل العلم، وعلى ذلك فلا تسقط المطالبة به إلا بالإتيان به.
ومنها: أن ما فعلته قبل البلوغ يعتبر نافلة لك، وما تركته بعد البلوغ فرض عليك، والنفل لا يقوم مقام الفرض إلى غير ذلك.
وننبه إلى أن هذا فيما يتعلق بأحكام الدنيا أما في الآخرة فقد يغفر الله تعالى للعبد ويتجاوز عنه أو يكمل ما انتقص من فريضته بتطوعه، ففي سنن أبي داود والترمذي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة؟ ثم يكون سائر عمله على ذلك.
يقول العظيم آبادي في عون المعبود: قال العراقي في شرح الترمذي: هذا الذي ورد من إكمال ما ينتقص العبد من الفريضة بما له من التطوع يحتمل أن يراد به ما انتقص من السنن والهيئات المشروعة المرغب فيها من الخشوع والأذكار والأدعية، وأنه يحصل له ثواب ذلك في الفريضة وإن لم يفعله في الفريضة وإنما فعله في التطوع، ويحتمل أن يراد ما ترك من الفرائض رأسا فلم يصله فيعوض عنه من التطوع، والله تعالى يقبل من التطوعات الصحيحة عوضا عن الصلاة المفروضة، والله سبحانه له أن يفعل ما شاء فله الفضل والمنُّ؛ بل له أن يسامح وإن لم يصل شيئاً لا فريضة ولا نفلا.
ويقول المباركفوري في تحفة الأحوذي: وقال ابن العربي: يحتمل أن يكون يكمل له ما نقص من فرض الصلاة وأعدادها بفضل التطوع، ويحتمل ما نقصه من الخشوع، والأول عندي أظهر؛ لقوله: ثم الزكاة كذلك وسائر الأعمال، وليس في الزكاة إلا فرض أو فضل، فكما يكمل فرض الزكاة بفضلها كذلك الصلاة، وفضل الله أوسع ووعده أنفذ وعزمه أعم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1425(11/8483)
صلاة الراتبة تشرع بعد دخول وقت الفريضة المتعلقة بها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي استفسار بخصوص صلاة السنة، هل يجوز أن أصلي صلاة السنة بعد سماع الأذان مباشرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت السنن الرواتب يبدأ من وقت دخول الفريضة المتعلقة بها سواء أذن المؤذن أم لا، فوقت راتبة الظهر -مثلاً- يبدأ من وقت دخول وقت الظهر، ولا علاقة لها بالأذان، فلو صليت قبل الأذان وبعد دخول الوقت أجزأت، المهم أن يكون وقت الفريضة دخل بالفعل، وعليه فصلاتها بعد الأذان مجزئه من باب أولى، والأولى لمن سمع المؤذن أن يتابعه ثم بعد ذلك يصلي النافلة، كما سبق في الفتوى رقم: 15466.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1425(11/8484)
الوقت الذي تشرع فيه صلاة الراتبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أصلي الرواتب قبل اذان الظهر بعشر دقائق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت السنن الرواتب يبدأ من وقت دخول الفريضة المتعلقة بها، سواء أذن المؤذن أم لا، فوقت راتبة الظهر مثلا يبدأ من وقت دخول الظهر، ولا علاقة لها بالأذان، فلو صليت قبل الأذان وبعد دخول الوقت أجزأت، المهم أن يكون وقت الفريضة دخل بالفعل، وعليه، فصلاتها قبل الأذان بعشر دقائق أو أكثر بعد دخول الوقت مجزئ، وأما إذا كان قبل دخول الوقت فغير مجزئ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(11/8485)
صلاة التطوع جائزة بعد الفجر إذا كان لها سبب
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت الفجر منفرداً يوما من الأيام وبعد أن استيقظ زميلي في الشقة من النوم أراد أن يصلي الفجر وأردت أن أعطيه ثواب الجماعة فصليت خلفه صلاة الفجر فهل أكون مخطئاً نظراً لورود حديث: \"لا صلاة بعد الفجر\" أم هذه الصلاة صحيحة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إعادتك للصلاة مع زميلك لا تعتبر خطأ بل هي أمر مطلوب من أجل حصولكما على فضل الجماعة، كما بينا في الفتوى رقم: 8033.
ولا يتنافى ذلك مع نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، لأن العلماء حملوا ذلك على استئناف صلاة من غير سبب، أما إن كانت لسبب فلا كراهة حينئذ، قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود عند كلامه على حديث أبي دواد المذكور في الفتوى المشار إليها، قال: فيه تصريح بأن الثانية نافلة والفريضة هي الأولى سواء صليت جماعة أو فرادى لإطلاق الخبر، قال: وقال الخطابي في المعالم: وفي قوله صلى الله عليه وسلم: فإنها له نافلة دليل على أن صلاة التطوع جائزة بعد الفجر قبل طلوع الشمس إذا كان لها سبب. انتهى.
وللتأكيد على الذهاب إلى المسجد وأهمية فضل الجماعة، راجع الفتوى التي أشرنا إليها أعلاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(11/8486)
كيفية القراءة في سنة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ، أريد معرفة السنة في قراءة سنة الفجر، فقد قرأت أنها إما أن تكون قولوا آمنا بالله التي في البقرة ومن ثم تكون الركعة الثانية فلما أحس عيسى منهم الكفر أو تقرأ قل يا أيها الكتاب، لكن السؤال هنا هل أقرأ الصفحة كلها تبعا للآية أم فيه تحديد أرجو أن تضع لي الآية التي تقرأ كلها حتى لا أتلخبط وشيء آخر ورد في صحيح أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ قل آمنا بالله وليست هذه الآية بالبقرة بل في آل عمران فهل هذه سنة غيرها حتى إن الألباني لم يذكرها في كتابه فكيف، وشيء آخر أن هذا الحديث الذي عند أبي داود كمل الآية وبدأها بـ \\\" ربنا آمنا \\\" وأما في الأحاديث الأخرى فقط عند واشهد بأنا مسلمون فهل هنا توجد سنتان أم سنة واحدة وعلينا في القراءة أن نكمل الآية إلى فاكتبنا مع الشاهدين وهذا من باب حمل المطلق على المقيد
وكذلك في حديث أبي داود شك الراوي هل قرأ ربنا آمنا بما.. أو إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذير، فهل هذه سنه أخرى وإذا نعم أو لا سواء، بس نقرأ هذه الآية أم لها تكملة، أرجو من فضيلتكم أن تكتبوا لي الآيات حتى أفهم لأنني تلخبطت وأريد أن أصلي السنة وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الشيخ الألباني في كتابه عن صفة صلاته صلى الله عليه وسلم متحدثا عن هديه صلى الله عليه وسلم في القراءة في سنة الفجر: وأما قراءته في ركعتي سنة الفجر فكانت خفيفة جدا حتى إن عائشة رضي الله عنها كانت تقول: هل قرأ فيها بأم الكتاب.
وكان أحيانا يقرأ بعد الفاتحة في الأولى منهما آية: [قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ] (البقرة: 136) . إلى آخر الآية، وفي الأخرى: [قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ] (آل عمران: 64) . إلى آخرها، وربما قرأ بدلها: [فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ] (آل عمران: 52) . إلى آخر الآية. رواه مسلم وأبو داود.
وأحيانا يقرأ "قل يا أيها الكافرون" في الأولى، و"قل هو الله أحد" في الأخرى. رواه مسلم وأبو داود. انتهى.
فينبغي أن تقتصر على قراءة هذه الآيات المذكورة بأرقامها ولا تكمل الصفحة كلها، وستلاحظ عند الرجوع إلى المصحف أن كل آية لها رقم خاص بها.
وما رواه أبو داود هو من حديث أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر: [قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا] (آل عمران: 84) . في الركعة الأولى، وفي الركعة الأخرى بهذه الآية: [رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ] (آل عمران: 53) . أو: [إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ] (البقرة: 119) .
قال الشيخ الألباني: حسن.
فهذه أيضا سنة أخرى في القراءة في سنة الفجر، ولعل الشيخ الألباني رحمه الله تعالى لم يذكرها في كتابه "صفة الصلاة" مكتفيا بما في صحيح مسلم، ولا حرج عليك إذا بدأت بقوله تعالى: [رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ] الآية أو اقتصرت على الآية التي قبلها والتي تنتهي بقوله تعالى: [وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ] فالأمر في ذلك واسع لثبوت ذلك كله عنه صلى الله عليه وسلم، كما لا حرج عليك في القراءة بقوله: [رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ] أو بقوله تعالى: [إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا] ، فراوي الحديث شك بأيهما حصلت القراءة به، فمن قرأ بأي منهما فقد أصاب السنة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1425(11/8487)
صلاة النافلة جالسا مع القدرة جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا سيدي شاب في السابعة والثلاثين من العمر طولي 164 سنتيمتر ووزني 105 كيلو جرام أقوم بأداء جميع الفروض كاملة والحمد لله، ولكن نظراً لوزني الزائد أقوم بأداء النوافل وقيام الليل وأنا جالس حتى لا أتكاسل عنها وأحس أن صلاتي وأنا جالس غير كاملة وأحس بتأنيب الضمير لأنني لا أقوم ببذل الجهد الكافي وهو في الحقيقة يكون في بعض الأحيان فوق طاقتي الجسمانية، وبدلا من أن أصلي نوافل أكثر خلال الليل أكتفي بركعتين قيام الليل فقط فهل أنا آثم في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في صلاة السنن والنوافل كقيام الليل جالساً ولو مع القدرة على القيام ومن فعل ذلك فلا إثم عليه، إلا أن ثواب القائم ضعف ثواب القاعد إذا لم يكن به عذر، لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة. رواه مسلم وغيره، وعن عمران بن حصين قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعداً فقال إن صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد. رواه البخاري.
وقال ابن قدامة: لا نعلم خلافاً في إباحة التطوع جالساً وأنه في القيام أفضل. انتهى.
أما من كان به عذر كحال السائل فجلوسه لا ينقص من أجره على الراجح، وذلك لتغليب سعة فضل الله تعالى وعظيم لطفه بعباده المؤمنين ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً. أخرجه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(11/8488)
حكم تغيير عدد ركعات النافلة أثناء الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نويت صلاة ركعتين نافلة ثم أثناء الصلاة نسيت ولم أقعد للتشهد فهل يمكن أن أغير نيتى لأصلي أربع ركعات نافلة أم لابد من تأدية الركعة ثم ختم الصلاة وسجود السهو ثم السلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز تغيير النية في صلاة النافلة بالزيادة أو النقص بشرط أن يكون التغيير قبل الزيادة أو النقص، فإن حصلت الزيادة كما في السؤال ناسيا بدون نية فالصحيح من أقوال أهل العلم أن تجلس ثم أنت بالخيار في فعل أحد أمرين:
الأول: أن تأتي بالتشهد وتسجد سجدتين للسهو ثم تسلم.
الثاني: أن تنوي بعد الجلوس ما شئت من زيادة ثم تقوم للإتيان بما نويت زيادته.
ثم تسجد للسهو في آخر الصلاة، قال النووي رحمه الله: قال أصحابنا: ثم إذا نوى عدداً فله أن يزيد وله أن ينقص فمن أحرم بركعتين أو ركعة فله جعلها عشراً ومائة ومن أحرم بعشر أو مائة أو ركعتين فله جعلها ركعة ونحو ذلك، قال أصحابنا: وإنما يجوز الزيادة والنقص بشرط تغيير النية قبل الزيادة والنقص، فإن زاد أو نقص بلا تغيير النية عمداً بطلت صلاته بلا خلاف، مثاله: نوى ركعتين فقام إلى ثالثة بنية الزيادة جاز، وإن قام بلا نية عمدا بطلت صلاته، وإن قام ناسياً لم تبطل لكن يعود إلى القعود ويتشهد ويسجد للسهو، فلو بدا له في القيام وأراد أن يزيد فهل يشترط العود إلى القعود ثم يقوم منه أم له المضي؟ فيه وجهان مشهوران (أصحهما) الاشتراط، لأن القيام إلى الثالثة شرط ولم يقع معتدا به، ثم يسجد للسهو في آخر صلاته. انتهى.
وهذا كله في النفل المطلق كما هو ظاهر السؤال، فإن كان في الراتبة فإنه يتعين عدم تغيير النية وراجع الفتوى رقم: 49390، ثم لمعرفة مراد النووي من قوله بلا خلاف راجع الفتوى رقم: 16215، والفتوى رقم: 17764.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1425(11/8489)
حكم صلاة أربع ركعات بعد صلاة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[3) هل يجوز صلاة أربع ركعات فرض بعد إنهاء صلاة الجمعة وما حكمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما صلاة أربع ركعات بعد صلاة الجمعة فهي سنة مستحبة وليست بفرض، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: في هذه الأحاديث استحباب سنة الجمعة بعدها والحث عليها، وأن أقلها ركعتان وأكملها أربع. وذهب الإمام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما إلى أنه إن صلى في المسجد صلى أربعا، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، قال ابن القيم: وعلى هذا تدل الأحاديث، وإن كنت تقصد صلاة الظهر بعد الجمعة فلا يجوز وراجع لبيان ذلك الفتوى رقم: 14017.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(11/8490)
صلاة ركعتين بعد أذان المغرب مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت أحداً يصلي ركعتين سنة بعد أذان صلاة المغرب فما حكم هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه عن عبد الله المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلوا قبل صلاة المغرب، قال في الثالثة لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة. فصلاة ركعتين بعد أذان المغرب مشروعة وليست سنة راتبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(11/8491)
ليس هناك صلوات خاصة بكل ليلة بعينها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد في الأحاديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أن هناك صلوات تؤدى كسنة كل ليلة كصلاة ليلة السبت وصلاة ليلة الأحد وصلاة ليلة الإثنين وهكذا وإن كان صحيحا فما هو سندها من الحديث وكيف يمكن تأديتها أفيدونى جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يرد عن رسول الله أن هناك صلاة لكل ليلة خاصة بها كصلاة ليلة السبت وصلاة ليلة الأحد وهكذا، وإنما ورد أنه عليه الصلاة والسلام كان يقوم من الليل من أوله ومن آخره ومن أوسطه حتى انتهى وتره إلى السحر،
وتراجع الفتوى رقم: 42513 لمزيد من الفائدة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(11/8492)
روايات سنة الظهر القبلية والبعدية
[السُّؤَالُ]
ـ[الثاني=السنن في الصلاة كم هي وما هي السنن القبلية والبعدية ولماذا هناك اختلاف عند المصلين في سنة الظهر؟
... ... ... ... ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الفتوى رقم: 2116، تفصيل سنن الصلاة القبلية والبعدية، ثم إن اختلاف المصلين في سنة الظهر تابع للروايات التي وردت في ذلك، فقد روى ابن عمر ركعتين قبلها، وركعتين بعدها. متفق عليه.
وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر وركعتين قبل الغداة. رواه البخاري. وعن أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار. رواه الترمذي ورواه النسائي بلفظ: من صلى أربعا الخ. وعليه، فإن من صلى ركعتين قبلها وركعتين بعدها فقد وافق رواية ابن عمر، ومن صلى أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها فقد وافق رواية عائشة، وإن كانت لم تذكر ركعتين بعد، لكنها ثبتت في رواية ابن عمر، ومن حافظ على أربع قبلها وأربع بعدها فقد أتى بالكمال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(11/8493)
كيفية صلاة ركعتي النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. جزاكم الله خير الجزاء على ما تقومون به لخدمة المسلمين, ولدي سؤال بالنسبة لركعتي النكاح, هل يجب أن أؤم زوجتي في الصلاة أو يجب أن يصلي كل منا لوحده؟ وهل تكون الصلاة سرية أو جهريه؟ وهل يستحب قراءة سور معينه؟
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيسن للرجل إذا دخل على زوجته أن يصليا ركعتين جماعة إذا كانت المرأة في حال طهر يجهر فيهما إن كان الوقت ليلا، ويسر فيهما إن كان نهارا، كما هو الحال في جميع النوافل، وليختر في قراءته ما شاء من القرآن، فإن شاء قرأ بالفاتحة والكافرون في الأولى، وفي الثانية بالفاتحة والإخلاص، فلا حرج.
ولمزيد من الفائدة، يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 10267.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(11/8494)
القراءة في ركعتي الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصلى الفجر بالفاتحة فقط أم أنه يصلى بفاتحة وسورة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مرادك ركعتي الفجر، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد.
قال الإمام النووي:
وفي الرواية الأخرى قرأ الآيتين: [قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا] (البقرة: 136) و [قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا] (آل عمران: 64) .
هذا دليل مذهبنا، ومذهب الجمهور أنه يستحب أن يقرأ فيهما بعد الفاتحة سورة، ويستحب أن يكون هاتان السورتان أو الآيتان كلاهما سنة.
وقال مالك وجمهور أصحابه: لا يقرأ غير الفاتحة.
وقال بعض السلف: لا يقرأ شيئا كما سبق، وكلاهما خلاف هذه السنة الصحيحة التي لا معارض لها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/8495)
صلاة ركعتي الوضوء بعد أذان الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع أن أصلي ركعتي الوضوء بين أذان الفجر وركعتي الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس أن تصلي ركعتي الوضوء بين أذان الفجر وركعتي الفجر على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد ورد في سنة الوضوء أحاديث منها حديث أبي هريرة في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة. قال: ما عملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهوراً في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/8496)
لا علاقة لراتبة الظهر بالأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[ـ هل يجوز لي أن أصلي ركعات الرواتب الأربعة التي قبل صلاة الظهر قبل الآذان أو بعد الآذان وما هو الأفضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراتبة الظهر تصلى إذ دخل وقته، ولا علاقة لذلك بالأذان، وراجع فيه الفتوى رقم: 12940.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/8497)
وقت سنة العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كتبت لكم سؤالي ولم تجيبوا عليه فأنا أنتظر سؤالي وأرجو أن تلبي لي طلبي.
عندي سؤال آخر وأرجو أن تجيبوني عليه ولكم الشكر
هل أستطيع أن أصلي العشاء ومن ثم السنة ثم الشفع
وبعدها أصلي القيام وأنتهي بالوتر
وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن رواتب الصلاة المفروضة ركعتان بعد العشاء والأحسن صلاتهما بعدها مباشرة، وإن أخرتا إلى آخر وقت العشاء الاختياري وهو منتصف الليل فلا بأس، وانظر الفتويين التاليتين: 17250 / 29625.
أما بخصوص الشفع فالسنة فعله مع الوتر من غير فصل إلا بسلام، وإن فصل بينهما بزمن جاز، قال صاحب التاج والإكليل وهو مالكي: قيل لمالك من صلى بعد العشاء ركعتين ثم جلس ثم بدا له بعد ذلك أن يوتر، قال: أرجو أن يكون له سعة في أن يوتر بواحدة، ابن رشد قوله بواحدة وإن طال ما بين الشفع والواحدة. وهذا بناء على أن ركعتي الشفع لهما نية مخصوصة، أما من لم يشترط لهما نية فإنه يصلي ركعتين أخريين ليكون وتره عقب شفع، قال الدسوقي في حاشيته: اختلف في ركعتي الشفع هل يشترط أن يخصهما بالنية أو يكفي بأي ركعتين كانتا، وهو الظاهر، قاله اللخمي وغيره. ا. هـ
ومن هذا يتبين أن تقديم الشفع مع العشاء وتأخير الوتر إلى آخر الليل مشروع من حيث الأصل، خاصة إذا كان الإنسان لا يفعل وتره إلا بعد نافلة تهجده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(11/8498)
أفضل الصلاة في البيت إلا المكتوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ لما أقوم من صلاة نافلة أو فريضة هل لابد إذا أردت أن اصلي وراءها أن أبدل مكاني أو أتكلم وهل هذا خاص للجمعة أم لكل فريضة وإذا انتهت الصلاة وانتهيت الذكر وأردت النهوض فهل أقوم من على يميني أو على شمالي وكيف تكون حالت القيام إذا وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو أحد من الصحابة؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أديت صلاة مفروضة ثم أردت صلاة نافلة بعدها، فالأفضل أن تفعلها في بيتك، لأن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة.
فإن أردت فعل النافلة في المسجد، فالأفضل في حقك الانتقال إلى مكان آخر حتى تفصل صورة النافلة عن صورة الفريضة، وحتى تكثر مواضع سجودك، فتشهد الأرض بذلك يوم القيامة، وكذلك الشأن بالنسبة للنافلة، فالأحسن التنفل في أماكن متعددة للحكمة السابقة، وهي شهادة المواضع التي حصلت عليها الصلاة.
وتفصيل المسألتين المذكورتين يرجع فيه إلى الفتوى رقم: 22946.
وإذا انتهت صلاتك وأردت الانصراف من المسجد، فلا حرج في قيامك بأي هيئة أو انصرافك يمينا أو شمالا، فلم نقف على هيئة خاصة في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من صحابته الكرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(11/8499)
أنواع النوافل والفرق بينها
[السُّؤَالُ]
ـ[في موضوع الصلاة، ما هو الفرق بين الصلاة السنة والصلاة النافلة، متى يستحب أداؤها وهل يجوز ذلك جماعة، كصلاة الفجر مثلا أو الركعتين بعد صلاة الظهر؟ وزادكم الله من فضله وبركته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للفرق بين أنواع النوافل من سنن مؤكدة ورواتب ونوافل مطلقة إضافة إلى الوقت المناسب، يرجع في كل هذا إلى الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 19417، 17250، 26032.
أما صلاة النوافل جماعة فجائزة، وتفصيل المسألة أيضا في الجوابين التاليين: 6712، 12458.
ولعل مقصود السائل بقوله كصلاة الفجر مثلا: ركعتا الفجر، لأنهما من النوافل المرغب في فعلها، أما صلاة الفجر، فهي من الصلوات الخمس المفروضة وليست من النوافل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(11/8500)
لا تسن الجماعة في النوافل إلا في نوافل مخصوصة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن ثلاث:
أولاً: هل يجوز أن أسلم قبل إمامي كأن أصلي ركعتين سنة وهو أربع فرضا -فأسلم قبله وهذا النظام،
ثانيا: هل يفسد الوضوء ما يفسد الصلاة من الحركة أو الضحك أو الكلام، ثالثا: هل يجوز المسح على الخفين إذا كان مثقوبا ثقبا أصغر من حجم إصبع القدم (سمعتها وأريد المعرفة) ؟ أسأل هذا لأني أخاف على صلاتي فساعدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتعلم أنه لا تُسن الجماعة في السنن الرواتب وغير الرواتب، قال النووي في المجموع: وأما باقي النوافل كالسنن الراتبة مع الفرائض والضحى والنوافل المطلقة فلا تشرع فيها الجماعة، أي لا تستحب لكن لو صلاها جماعة جاز. انتهى.
وقال في طرح التثريب: -بعد أن ذكر جواز الجماعة في النافلة-: وإن كان الاختيار فيها الانفراد إلا في نوافل مخصوصة وهي العيد والكسوف والاستسقاء وكذا التراويح عند الجمهور. انتهى.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإنه إن جاز عند طائفة من العلماء اقتداء المتنفل بالمفترض فإنهم قد ذكروا في مثل هذه الصورة المذكورة أنها لا تجوز في وجه، جاء في نهاية المحتاج: وتجوز الصبح خلف الظهر وكذا كل صلاة هي أقصر من صلاة الإمام في الأظهر لاتفاق نظم الصلاتين وقطع به كعكسه، والثاني لا يجوز لأنه يحتاج إلى الخروج عن صلاة الإمام قبل فراغه وفي تغييره يجوز إيماءً إلا أن تركه أولى مع الانفراد. ثم ذكر أن له أن يفارق إمامه بسلام وإن شاء انتظره ليسلم معه وهو الأفضل فإن فارقه لم تبطل صلاته.
وأما الضحك في الصلاة فهو وإن كان مبطلاً للصلاة فإنه ينقض الوضوء، وقال أبو حنيفة: القهقهة في الصلاة تنقض الوضوء، والصواب أنها غير ناقضة لأنها ليست حدثاً، ثم إن ما لا ينقض الوضوء خارج الصلاة فإنه لا ينقضها داخلها، والأحناف يقرون أنها لا تنقض قياساً لكنهم يذكرون حديثاً في ذلك، وهو حديث لم يصح، وقد ذكر الإمام النووي أن ما نقل بهذا الخصوص ضعيف باتفاق أهل الحديث. انتهى.
ومثل القهقهة في عدم نقض الوضوء الحركة والكلام، وأما عن السؤال عن المسح على الخفين إذا كان بهما ثقب، فانظر الفتوى رقم: 28931.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(11/8501)
صوم عرفة وعاشوراء هل يكفر الكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صيام يوم عرفة أو عاشوراء يكفر الكبائر كالزنا مثلا؟ أرجو إفادتي..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: يكفر السنة الماضية والباقية، وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال يكفر السنة الماضية. قال النووي رحمه الله تعالى عند شرحه لهذا الحديث: معناه يكفر ذنوب صائمه في السنتين، قالوا: والمراد بها الصغائر، فإن لم تكن صغائر يرجى التخفيف من الكبائر، فإن لم يكن رفعت درجاته.
ومما يدل على كون هذا خاصاً بالصغائر دون الكبائر شيئان أحدهما ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مفكرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر.
والثاني أن الكبائر لا بد لها من توبة، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 34468.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(11/8502)
ما يفعله من قدم فريضة الفجر على السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[قد أستيقظ قبل الشروق بقليل وحتى ألحق صلاة الفجر أؤجل السنة إلى ما بعد الفرض، مع العلم بأن صلاة السنة نذر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا خشيت خروج وقت صلاة الفجر إذا صليت السنة، فإنك تصلي الفريضة مباشرة ولا تشتغلي بغيرها، ثم إذا بقي متسع لصلاة السنة فصليها وإلا صليها في وقت الضحى، وانظري الفتوى رقم: 15228،
وأما قولك "مع العلم بأن صلاة السنة نذر"، فإذا كنت قصدت أنك نذرت أن تصلي السنة، فإن هذا النذر ينعقد ويجب عليك الوفاء به، وتصير هذه السنة واجبة بالنذر، وقيل لا تجب، جاء في المجموع: "ولو نذر فعل السنن الراتبة كالوتر وسنة الصبح وسنة الظهر، فعلى الوجهين، الأصح اللزوم." وراجعي الفتوى رقم: 34135، في مسألة أداء النذر في وقت الكراهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/8503)
مسألة عن حديث من صلى الفجر ... كان له أجر حجة وعمرة....
[السُّؤَالُ]
ـ[الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح للذكر: {من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة} قال رسول الله {تامةّ، تامةّ، تامةّ} [رواه الترمذي وحسنه] .
هل يجوز هذا الذكر وصلاة الضحى في البيت لتحسب ثواب هذه العمرة أو الحجة، حيث إن المسجد دائما يغلق بعد صلاه الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المذكور رواه الترمذي عن أنس وحسنه، وله شواهد منها عن أبي أمامة عند الطبراني وجود إسناده المنذري في الترغيب والترهيب، ومنها عن عتبة بن عبد عند الطبراني أيضاً، وقال فيه المنذري: بعض رواته مختلف فيه، وكل هذه الروايات تنص على أن هذا الأجر مترتب على أمور:
الأول: صلاة الفجر في جماعة.
الثاني: البقاء إلى الإشراق في المصلى.
الثالث: صلاة ركعتين بعد الإشراق.
وليس في الروايات التي وقفنا عليها ما يشترط أن يكون ذلك في المسجد بل فيها في مصلاه، ولكن قد تقدم في الفتوى رقم: 35678، أن صلاة الجماعة في المسجد واجبة، فمن صلى الفجر في جماعة المسجد ثم أكمل الباقي في البيت بسبب إغلاق المسجد، فنرجو أن يحصل له نفس الأجر لأنه قد بذل الوسع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(11/8504)
من فوائد التقرب إلى الله بالنوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما فائدة صلاة الشفع والوتر؟ وهل هي واجبة؟ وما أجرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم -وهو الصحيح- إلى أن الوتر سنة مؤكدة وليس بواجب، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 24168.
أما عن فوائد صلاة النفل فهي كثيرة، نذكر منها:
1- أنها تورث محبة الله تعالى وأنعم بها من فائدة، ففي الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري أن الله تعالى يقول: وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه.
2- أنها جبر للفرائض، ففي الترمذي والطبراني وغيرهما واللفظ للطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فيقول الله تعالى لملائكته انظروا إلى صلاة عبدي أتمها أونقصها، فإن أتمها كتبت له تامة، وإن كان قد انتقصها قيل انظروا هل لعبدي من نافلة تكملون بها فريضته.
3- أنها سبب لدخول الجنة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة.، وقد ورد بيان هذه الركعات عند الترمذي وغيره بأنها ركعتان قبل الفجر، وأربع قبل الظهر وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، إلى غير ذلك من الفوائد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(11/8505)
الجهر والأسرار في الركعتين عند الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقبل على الزواج، وهناك كما تعرفون ركعتان يؤديهما الزوج مع زوجته، وأريد أن أعرف هل هي صلاة جهرية أم سرية، وأي موقع تعرفون أنه جيد لقراءته عن الزواج، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الدخول ليلاً فالمستحب المخافتة بين الجهر والإسرار لأنها نافلة وقعت بالليل، وإن كان الدخول نهاراً فالمستحب هو الإسرار لا غير، كما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية وغيرها، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 29694.
أما بخصوص موقع مختص بالزواج فلا نعلمه، وتوجد كتب مفيدة عن الزواج تمكنك مطالعتها، منها: كتاب (آداب الزفاف في السنة المطهرة للشيخ الألباني) ، وكتاب (الزواج الإسلامي السعيد) لمحمود مهدي الاستانبولي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(11/8506)
لا نافلة بعد صلاة العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم هل هناك سنة بعد صلاة العصر؟ نرجو الإجابة بذكر الدليل في الحالتين.
جزاكم الله خيرا.
والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا توجد نافلة بعد صلاة العصر، والدليل ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس. وانظر الفتوى رقم: 26831.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1424(11/8507)
تأليف القلوب وجمع الكلمة أولى
[السُّؤَالُ]
ـ[إن أغلب المصلين في مدينتنا، إذا دخل أحدهم المسجد لأداء صلاة المغرب لا يصلي ركعتي تحية المسجد، وإنما يجلس مباشرة، فإذا أدى بعض الشباب هاتين الركعتين كره ذلك باقي المصلين وقالوا "ما بال هؤلاء يخالفون مذهبنا؟ "، فهل نصليهما ونصبر على هذا البلاء أم أننا نتركهما عاملين بقول شيخ الإسلام إذا خاف الإنسان الفتنة "فمن المستحب ترك المستحب"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد الأمر بركعتي تحية المسجد في كثير من الأحاديث الصحيحة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد، فليركع ركعتين قبل أن يجلس. رواه البخاري في صحيحه، وروى مسلم في صحيحه عن أبي قتادة قال: دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين ظهراني الناس، قال: فجلست، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسل: ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس؟ قال: فقلت: يا رسول الله! رأيتك جالساً، والناس جلوس، قال: فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين.
واختلف العلماء في جواز أدائهما في الوقت المنهي عنه على قولين: أحدهما: أنه لا يصليهما وهو قول أبي حنيفة ومالك.
وثانيهما: أنه يصليهما وهو قول الشافعي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وهذا أظهر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين.، وهذا أمر يعم جميع الأوقات، ولم يعلم أنه خص منه صورة من الصور.
وذكر رحمه الله حديث الأمر بها وقت الخطبة، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: إذا دخل أحدكم المسجد والخطيب على المنبر فلا يجلس حتى يصلي ركعتين.، ثم قال: فإذا كان قد أمر بالتحية في هذا الوقت وهو وقت نهي، فكذلك الوقت الآخر بطريق الأولى، ولم يختلف قول أحمد في هذا المجيء.
وصلاة الركعتين بعد الغروب وقبل صلاة المغرب، ثابتة في السنة من قوله صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره، ولهذا ذهب الشافعية إلى استحبابهما، وإنما كرههما الحنفية والمالكية لأجل أنهما قد يؤديان إلى تأخير المغرب ولا شك أن الراجح هو سنية فعلهما، كما هو مبين في الفتوى رقم: 9389.
لكن إذا أدى فعل هذه السنة إلى حصول الاختلاف والتنافر بين المصلين، كان الأولى تركها، لأن المصلحة تأليف القلوب وجمع الكلمة أولى، مع الاجتهاد في تعليمهم السنة، وحضهم عليها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولهذا استحب الأئمة أحمد وغيره أن يدع الإمام ما هو عنده أفضل إذا كان فيه تأليف المأمومين، مثل أن يكون عنده فضل الوتر أفضل، بأن يسلم في الشفع، ثم يصلي ركعة الوتر وهو يؤم قوماً لا يرون إلا وصل الوتر، فإذا لم يمكنه أن يتقدم إلى الأفضل كانت المصلحة الحاصلة بموافقته لهم بوصل الوتر أرجح من مصلحة فصله مع كراهتهم للصلاة خلفه، وكذلك لو كان ممن يرى المخافتة بالبسملة أفضل أو الجهر بها، وكان المأمومون على خلاف رأيه، ففعل المفضول عنده لمصلحة الموافقة والتأليف، التي هي راجحة على مصلحة تلك الفضيلة، كان جائزاً حسناً. انتهى من مجموع الفتاوى 24/196.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1424(11/8508)
حكم صلاة ركعتين قبل المغرب لموافقة ساعة الإجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الأخوات يصلين ركعتين يوم الجمعة بعد الغروب، أي في الوقت الذي يفترض أن يكون ساعة الاستجابة،
وعذرها يكون أنها تجمع أمرين حسنين هما الدعاء في السجود وتضاعف فرص القبول في ساعة الاستجابة،
ما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتحديد ساعة الإجابة يوم الجمعة مختلف فيه بين أهل العلم، وراجعي لذلك الفتوى رقم: 4205.
وليس في أقوالهم أنها بعد غروب الشمس كما تفعل هذه الأخت، فإذن ما بعد الغروب ليس داخلاً في وقت الإجابة أصلاً، فلم يبق إلا جواز النافلة ما بين غروب الشمس وصلاة المغرب أي بعد الأذان، فهذا الوقت تباح فيه صلاة النافلة، وتسن فيه صلاة ركعتين، ولكن ليس بنية موافقة ساعة الإجابة؛ بل هذا مطلق في كل أيام الأسبوع، وقد دل على ذلك الحديث الذي رواه الإمام مسلم وغيره عن أنس رضي الله عنه قال: كنا بالمدينة فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري فيركعون ركعتين ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صُليت لكثرة من يصليهما.
وإن كنت تقصدين أنها تصلي ركعتين قبل المغرب لتوافق ساعة الإجابة، فلا يجوز التطوع بالنفل المطلق في هذا الوقت، إلا أن تتطوع بنافلة من ذوات الأسباب، كتحية المسجد أو سنة الوضوء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(11/8509)
الصلاة بعد الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة ما يسمى بـ "صلاة الأذان" أو "سنة الأذان" وهي ركعتان يصليهما الناس بعد الأذان مباشرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنن الرواتب اثنتا عشرة ركعة، منها قبلية أي قبل الصلاة المكتوبة، ومنها بعدية أي بعد المكتوبة، وهي:
- أربع ركعات قبل الظهر وركعتان بعدها.
- ركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء.
- ركعتان قبل الفجر.
وما عدا هذه السنن فهو نافلة وتطوع، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: بين كل أذانين صلاة ثلاث مرات، وقال في الثالثة لمن شاء.، ومعنى الأذانين: الأذان والإقامة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: كان بلال كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم يفصل بين أذانه وإقامته حتى يتسع لركعتين، فكان من الصحابة من يصلي بين الأذانين ركعتين والنبي صلى الله عليه وسلم يراهم ويقرهم، وقال: بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، ثم قال في الثالثة لمن شاء. مخافة أن تتخذ سنة.
فإذا كان المؤذن يفرق بين الأذانين مقدار ذلك، فهذه الصلاة حسنة. انتهى (مجموع الفتاوى 23/130) .
وفي الصحيح من حديث أنس وغيره كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن ابتدروا السواري وصلوا ركعتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1424(11/8510)
الأفضل الجهر في الشفع والوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز أن نقرأ الشفع والوتر جهراً؟ وما هي السور التي كان يقرأ بها صلى الله عليه وسلم؟ وهل يجوز أن نقرأ بغيرها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل في نوافل الليل، ومنها الشفع والوتر، الجهر فيها بالقراءة، وقد سبق أن بينا هذا في الفتوى رقم: 26311.
والسور التي تستحب قراءتها في الشفع والوتر سورتا الأعلى والكافرون في الشفع، وسور الإخلاص والمعوذتين في الوتر.
ذكرنا ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 36800، والفتوى رقم: 896، وأما قراءة غير هذه السور فيهما فجائزة لكنها خلاف الأولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(11/8511)
الوقت الذي تؤدى فيه نافلة المغرب والعشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هناك ركعتان نصليهما قبل المغرب وقبل العشاء، فهل نصليهما قبل الأذان أم بعده؟ وبكم دقيقة قبل الأذان أو بعده؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة ركعتين قبل صلاة المغرب سنة ثابتة، فعلها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرته، ولم ينكرها، بل أمر بصلاتها لمن شاء، كما في صحيح البخاري وغيره، وفي رواية ابن حبان أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين قبل المغرب، فتكون إذا سنة ثابتة بالقول والفعل والتقرير، والذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة أن وقت هاتين الركعتين هو بعد الأذان وقبل صلاة المغرب.
ففي صحيح مسلم: كنا بالمدينة، فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري فيركعون ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليها.
وفي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بين كل أذانين صلاة ثلاثا لمن شاء. وهذا لفظ البخاري
والمقصود بالأذانين: الأذان والإقامة، كما في فتح الباري، وتسن ركعتان بعد أذان العشاء، لما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بين كل أذانين صلاة.
وأما قبل أذان العشاء، فلم يثبت تحديد عدد معين من النوافل، بل الأمر في ذلك واسع، والوقت وقت إباحة للنافلة، فينبغي الإكثار من صلاة النافلة، لما في ذلك من الخير الكثير، ففي الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري: يقول الله تعالى فيه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(11/8512)
الجهر والإسرار في النوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وأصحابه وأله ومن اتبعهم.. وبعد:
هل تصلى نوافل الشفع والوتر والفجر جهراً إذا أداها المصلي في بيته؟
والسلام عليكم ورحمة الله، وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يسن الإسرار بالقراءة في صلاة النفل نهاراً، ومن النوافل النهارية صلاة ركعتي الفجر لأنها لا تجزئ إلا بعد طلوع الفجر، كما نص عليه خليل في مختصره وشروحه، وأما صلاة الليل فإنه يسن الجهر بها، كما تقدم في الفتوى رقم:
19845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1424(11/8513)
السنة والتطوع والنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين صلاة السنة والتطوع والنفل وما أمثلة كل منهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن السنة والنفل والتطوع أسماء مترادفة في اصطلاح قدامى الأصوليين، تطلق على ما شرع زيادة على الفرائض. وقد نص على ذلك السبكي في جمع الجوامع، والمحلي والبناني في الشرح، والسيوطي في نظم الكوكب الساطع وشرحه، والشيخ عبد الرحمن بن قاسم النجدي في شرح الروض المربع. وقد ذكروا قولا آخر لبعض المتأخرين يفصل بين الثلاثة، ومال إلى هذا التفصيل الدسوقي والخرشي في شرح خليل، وصاحب مراقي السعود وشراحه، فعرفوا السنة بأنها ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأظهره وواظب عليه ودل الدليل على عدم وجوبه مثل العيدين والوتر، فقد دل على عدم وجوبهما ما في صحيح مسلم أن أعرابيا سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإسلام: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل علي غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع. وعرفوا النفل بأنه ما زاد على السنة والفرض، وقد نص على هذا التعريف الخرشي والدسوقي ومثاله الضحى. وعرفوا التطوع بأنه ما يعمله العبد باختياره، مما لم يثبت فيه نص بخصوصه، وقد نص عليه عبد الرحمن بن قاسم في شرح الروض، ونص عليه الأزهري ونص عليه شراح مراقي السعود. ومثاله الصلوات التي يعملها الإنسان من غير الرواتب والسنن في غير وقت النهي. وقد ذكر السبكي وشراح الجمع والسيوطي أن الخلاف لفظي، فهذه كلها تطلق على ما شرع زيادة على الفرائض، وغاية ما في الأمر أنها متفاوتة، بعضها أفضل من بعض، فأعلاها في الرتبة المؤكدة، كالوتر والعيدين، ويليه ما شرع من النوافل والرواتب، كالضحى والرواتب، ويليه ما يفعله العبد باختياره في غير وقت من التطوعات. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(11/8514)
من فاتته أربع قبل الظهر فليس له أن يصليها بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار هل إذا فاتتني الأربع القبلية وقضيتها بعد العصر أو الظهر يشملني الحديث أم لابد من المحافظة عليها قبل الظهر كما هو وارد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحديث المتعلق بنافلتي الظهر صحيح، أخرجه الترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه وأحمد عن أم حبيبة، وفي رواية: من صلى. بدل من حافظ، وإذا فاتت الأربع القبلية، فالظاهر -والله أعلم- أن قضاءها لا يقوم مقام أدائها، وذلك لأن النافلة بعد العصر منهي عنها، روى الشيخان والنسائي وابن ماجه وأحمد من حديث أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس.
ولأن فعلها بعد الظهر، يجعل نافلة الظهر ثماني ركعات، ولم يرد ذلك في السنة، مع أن مالكاً وأبا حنيفة لا يريان قضاء النافلة.
ولكن فوات النافلة إن كان لعذر من نحو نوم أو نسيان أو غفلة أو عجز، لا يعد فواتاً، لما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل، فغلبته عيناه حتى أصبح كتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه عز وجل. رواه النسائي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها، وروى أبو ذر الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه ابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(11/8515)
حكم الجمع بين نيتين في النوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الجمع بين نيتين فى النوافل؟ .. مثل صلاة ركعتين بنيتي الضحى وسنة الفجر مثلا، أو صلاة ركعتين بنيتي تحية المسجد وسنة الظهر؟ وجزاكم الله خير.... مع رجاء أن توضع فى الموقع جنسية د. عبد الله الفقيه، وزيادة تسجيلات الشيخ ماهر المعيقلى وتقسيم الشيوخ حسب الدولة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجمع بين نيتين في النوافل يصح بالنسبة لتحية المسجد فقط، فهي تتأدى بالفرض وبالنفل، ولا كذلك الضحى ولا سنة الفجر أو غيرهما من النوافل، وانظر الفتوى رقم: 11048.
قال الخرشي عند قول خليل: وتأدت بفرض، يعني أن ركعتي التحية ليستا مرادتين لذاتهما، إذ القصد منهما تمييز المساجد عن سائر البيوت، فلذا إذا صلى صلاة أجزأته عن تحية المسجد ... ولا مفهوم لفرض، لأن السنة كذلك، وكذا الرغيبة، وإنما نص على الفرض لأنه المتوهم، لأنها إذا تأدت بغير جنسها فأولى بجنسها. (ج2-ص6،5) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1424(11/8516)
كيفية صلاة الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كيفية صلاة الحاجة؟ وهل لها دعاء معين مثل صلاة الاستخارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الحاجة قد ورد بها حديث اختلف أهل العلم في صحته، وممن ضعفه الألباني رحمه الله.
ومع ذلك، فإن له شواهد يتقوى بها، وراجع الجواب رقم: 3534.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(11/8517)
حكم صلاة تحية المسجد في أوقات الكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة السنة أو صلاة تحية المسجد بعد صلاة الفجر مباشرة وأريد أن أعرف من سوف يفتي في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم صلاة تحية المسجد في أوقات الكراهة، وسنة الفجر بعد صلاة الفجر وقبل طلوع الشمس، في الفتوى رقم:
3953، والفتوى رقم: 15228.
ولمعرفة كيفية سير الفتوى في موقعنا راجع الفتوى رقم:
1122.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/8518)
لا حرج في ذلك والأولى المواظبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
بالنسبة لصلاة السنة هل يجوز صلاة بعضها وترك الآخر مثلاً صلاة ركعتين فقط بعد الظهر أم تجب صلاتها كاملة 2 قبل الظهر و4 بعده؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنن الرواتب من نوافل الصلاة وليست من فرائضها، فعلى هذا فلا حرج في ترك بعضها، إلا أن الأولى المواظبة عليها، لأن هذا هو الثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
أما راتبة الظهر البعدية، فقد ورد ما يدل على أنها ركعتان، وهو ما راوه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح.
ولمزيد من الفائدة نحيل السائل على الفتوى رقم: 19417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(11/8519)
مسائل حول صلاة الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي العشاء فقط ثم أنهض حوالي الساعة 5 صباحاً لأصلي الشفع والوتر وذلك كل ليلة.
وأسئلتي هي:
1. هل هذا جائز لي وليس فيه شيء؟
2. هل يحسب لي هذا قيام ليل؟
3. أم هل علي أن أصلي العشاء والشفع معاً وأقوم للوتر فقط؟
4. ... ومتى يكون ثلث الليل الأخير (الساعة) ؟
علماً بأن الفجر يؤذن في الساعة 05:45 تقريباً, والمغرب يؤذن تقريباً في الساعة 06:45
ملاحظة:وأحياناً يؤذن الفجر قبل أن أكمل الوتر وأحيانا قبيل انتهائي من الوتر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوقت ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر جميعه وقت لقيام الليل، وكل صلاة تقع في هذا الوقت فهي من قيام الليل، وانظر الفتوى رقم: 11785. وفعل الوتر يجوز في أول الليل وآخره، وكونه في آخر الليل أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم من كل الليل أوتر ثم انتهى وتره إلى السحر كما أخبرت بذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولأن ثلث الليل الآخر هو وقت تنزل الرب عز وجل إلى سماء الدنيا، فمن كان يثق من نفسه بأنه يقوم من آخر الليل فتأخير الوتر في حقه أولى، وانظري الفتوى رقم: 19802. وإن أخر الشفع حتى يصليه مع الوتر في آخر الليل فحسن وإن صلى الشفع بعد العشاء فحسن، وكل ذلك جائز وانظر الفتوى رقم: 45249. وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة.
فصل من الليل ما شئت مثنى مثنى ثم اختمي صلاتك بالوتر تكوني فائزة بج زيل الأجر.
ولكن نحب أن ننبهك على ضرورة مراعاة سنة العشاء البعدية والاهتمام بها فإنها من الرواتب المؤكدة، ويجوز تأخيرها لكن أداءها بعد صلاة العشاء أفضل.
وأما حساب الثلث الأخير من الليل فإنه يكون بقسمة ساعات الليل الذي يبدأ بغروب الشمس ويمتد إلى طلوع الفجر على ثلاثة، وما قبل الفجر بمقدار الناتج يكون بداية ثلث الليل الأخير، واعلمي أن وقت الوتر يمتد إلى طلوع الفجر فلا ينبغي لك تأخير الوتر حتى يطلع الفجر الصادق، ولكن إذا طلع الفجر وأنت توترين فأكملي صلاتك وكذا إذا فاتك الوتر لنوم أو نحوه فإن لك أن تصليه بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح، وانظري الفتوى رقم: 36821.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1430(11/8520)
ما يستحب أن يقرأ في ركعات الوتر الثلاث
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم أود أن أعرف هل يحق لي أن أصلي صلاة الشفع والوتر بما أشاء أو يلزمني أن أتقيد بما صلى به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم؟ ولكم جزيل الشكر.. وزادكم الله علماً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا صفة صلاة الشفع والوتر وأنه يستحب القراءة فيها بعد الفاتحة بالأعلى في الأولى والكافرون في الثانية والإخلاص في الثالثة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 896. وقراءة هذه السور مستحبة لا واجبة فلو قرأ بغيرها صحت صلاته ولا نعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم، وقد نص الفقهاء على أن قراءة هذه السور مستحبة.
قال ابن قدامة رحمه الله: ويستحب أن يقرأ في ركعات الوتر الثلاث في الأولى بسبح وفي الثانية قل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة قل هو الله أحد وبه قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي، وقال الشافعي: يقرأ في الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين وهو قول مالك في الوتر، وقال في الشفع لم يبلغني فيه شيء معلوم وقد روي عن أحمد أنه سئل يقرأ بالمعوذتين في الوتر؟ قال: ولم لا يقرأ؟ وذلك لما روت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعة الأولى بـ (سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية (قل يا أيها الكافرون) وفي الثالثة (قل هو الله أحد) والمعوذتين. رواه ابن ماجه. انتهى.
وقال النووي رحمه الله: قال أصحابنا: يستحب لمن أوتر بثلاث أن يقرأ بعد الفاتحة في الأولى سبح اسم ربك وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين، واستدلوا له بالحديث الذي ذكره المصنف. انتهى.
ومما ذكر يتبين لك أنه لا حرج عليك في أن تصلي الشفع والوتر بما تشاء بعد الفاتحة، ولكن التزام ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصيلها به أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(11/8521)
مسائل في الدعاء في قنوت الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها الشيوخ الأفاضل: هل يؤمن الإمام أثناء دعاء القنوت أم التأمين للمأموم فقط؟ وهل يجهر الإمام بالتأمين أم الجهر فقط للمأموم؟ أم يسر بالتأمين الإمام والمأموم؟ وهل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واردة في دعاء القنوت؟ الرجاء الرد بأسرع وقت ممكن ولا سيما قبل حلول شهر رمضان المبارك؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشروع في قنوت الوتر هو أن يدعو الإمام ويؤمن المأمومون.
قال ابن قدامة في المغني:.. إذا أخذ الإمام في القنوت أمن من خلفه لا نعلم فيه خلافاً، وقاله إسحاق، وقال القاضي: وإن دعوا معه فلا بأس. انتهى.
وأما أن يؤمن الإمام على دعاء نفسه في قنوت الوتر فلم نجد من نص عليه من الفقهاء، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا نعلم ورودها في دعاء القنوت، ولكن نص الفقهاء على ختم دعاء القنوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لما ورد عن عمر موقوفاً: إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم. رواه الترمذي.
قال صاحب الزاد عند ذكره لصيغة دعاء القنوت:.. ويقنت فيها بعد الركوع، ويقول: اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت.. اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1430(11/8522)
المداومة على قراءة سور الأعلى والكافرون والإخلاص في الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على هذا الموقع المفيد، هل يعتبر ما يلي بدعة أم لا؟ المداومة على قراءة سورة: الأعلى والكافرون والإحلاص، في صلاة الوتر، وهل جمع الأدعية النبوية التي تقال للهم والكرب والمداومة عليها مع أذكار الصباح والمساء من باب: أن كن مع الله في اليسر يكن معك في العسر؟ والذكرالتالي: لا إله إلا الله عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون؟ وهل ورد فيه حديث شريف؟ وصلاة الفهم: اللهم صل علي سيدنا محمد صلاة تخرجني بها من ظلمات الوهم وتكرمني بها بنور الفهم وتوضح لي ما أشكل حتى أفهم إنك أنت تعلم ولا أعلم إنك أنت علام الغيوب، هل تجوز هذه الصيغة أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمداومة على قراءة سور الأعلى والكافرون والإخلاص في صلاة الوتر من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد في ركعة ركعة، كما ثبت ذلك في كتب السنن.
ولا شك أن طاعة الإنسان لربه ودعائه وذكره له في وقت اليسر ينفعه في حال العسر، وقد ورد في مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة. صححه الألباني.
ومعنى الحديث: أن الإنسان إذا عمل في حال رخائه أعمالاً خالصة لله عز وجل، فإن الله تعالى يفرج عنه في حال شدته، لكن المداومة على أذكار معينة في أوقات معينة لم يحددها الشارع واتخاذ ذلك سبيلاً للتقرب إلى الله، يدخل في البدع ولو كانت تلك الأذكار ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن التبعد لله بتخصيصها بوقت معين لم يحدده الشارع يجعلها بدعة، قال الشاطبي ـ رحمه الله ـ في كتاب الاعتصام: ومنها -أي البدعة- التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة.
ولم نعثر على حديث بهذا اللفظ المذكور، ومع ذلك فلا حرج في الدعاء به لكونه كلاماً طيباً لا محذور فيه، لكن لا يعتقد كون ذلك سنة، ولا حرج في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغة المذكورة إلا أن الصيغ المأثورة في السنة أفضل منها، وانظر لذلك الفتويين رقم: 5025، ورقم: 4863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1430(11/8523)
صلت العشاء ثم رأت دم الحيض قبل أن توتر
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد صلاة العشاء لا أوتر وأؤخره إلى قبل النوم أو منتصف الليل، سؤال هو أتتني الدورة الشهرية قبل أن أوتر ماذا أعمل، أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوترُ سنةٌ، وليس بواجب على الراجح من أقوال أهل العلم، فمن تركه، أو ترك قضاءه فلا إثم عليه، وانظري الفتوى رقم: 25269.
فإذا صليت العشاءَ ثم رأيت دم الحيض قبل أن توتري، فإنك لا تصلين لأن الحائض ممنوعة من الصلاة إجماعا، ثم إذا طهرت من حيضك فالمشروع لكِ أن تقضي هذا الوتر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّهِ إِذَا ذَكَرَهُ. أخرجه أبو داود.
والراجحُ عندنا أن من فاته الوتر فإنه يقضيه أبداً، وهو مذهب الشافعي وقد أشبعنا القول في هذه المسألة، وذكرنا كلام أهل العلم فيها في الفتوى رقم: 14568.
وهل يقضيه شفعاً أو وتراً، اختلف في ذلك أهل العلم، ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يقضيه شفعاً، فإن كان يوتر بركعة صلى ركعتين، وإن كان يوتر بثلاث صلى أربعاً وهكذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا نام عن حزبه بالليل صلى بالنهار ثنتي عشرة ركعة. أخرجه مسلم، وهو الراجح عندنا. وانظري الفتوى رقم: 74278.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1430(11/8524)
الوتر.. عدد الركعات والكيفية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل سجدة الوتر سجدة أم سجدتان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصودك السؤال عن عدد السجدات في ركعة الوتر فلا خلاف بين المسلمين في أن الوتر كغيرها من الصلوات لا تصح إلا أن يسجد فيها سجدتان، فإن السجدتين ركن في كل ركعة من أركان الصلاة التي لا تصح إلا بها بإجماع المسلمين، وفي حديث المسيء صلاته حين علَّمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة أنه أمره أن يسجد حتى يطمئن ساجدا ثم يرفع حتى يطمئن جالسا ثم يسجد حتى يطمئن ساجدا. متفق عليه.
وأما إن كان سؤالك عن عدد ركعات الوتر هل هو ركعة أو ركعتان؟ فإن الركعتين والأربع والست ونحو ذلك لا تسمى وترا لا لغة ولا شرعا، وإنما يكون الوتر بواحدة أو ثلاث أو خمس أو سبع أو نحو ذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: الوتر حق على كل مسلم فمن أحب أن يوتر بخمس، فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل. أخرجه أبو داود وغيره وصححه النووي.
وأفضل كيفيات الوتر أن يكون من آخر الليل فيصلي ما شاء من الليل ثم يجعل آخر صلاته وترا؛ لحديث ابن عمر المتفق عليه: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة.
ولمعرفة كيفية صلاة الوتر وصفتها راجع الفتوى رقم: 1313.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(11/8525)
ماذا يفعل إذا أذن للفجر وهو يصلي الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[أحياناً يؤذن الفجر وأنا مازلت أصلي 3 ركعات الشفع والوتر، فماذا يجب أن أفعل في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يشرع لك في هذه الحالة أن تتم وترك على هيئته وينبغي أن تحرص على أدائه قبل طلوع الفجر، وانظر لذلك الفتوى رقم: 3641، والفتوى رقم: 36821.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49288، 24168، 26108.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(11/8526)
الوتر بثلاث ركعات متصلة والقنوت فيه بأدعية مسجوعة
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة التراويح يقوم الإمام بصلاة الشفع والوتر ثلاث ركعات متصلة دون تشهد أوسط فهل يجوز؟ وهل يجوز أن يقرأ في الركعة الأولى من الشفع بداية من نصف سورة الأعلى؟ وما حكم الإطالة في دعاء القنوت واستعمال السجع مثل: يا من لا تخالطه الظنون ولا يصفه الواصفون. وهل فعلا يكره الدعاء بنفس الطريقة التي نرتل بها القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أداء الوتر بثلاث ركعات متصلات بسلام واحد, وانظر الفتوى رقم: 47029 , والفتوى رقم: 77741 , ولا حرج أيضا في أن يقرأ في الشفع التي قبل الوتر جزءا من سورة الأعلى والأمر في هذا واسع, وأما السجع في الدعاء فقد كرهه أهل العلم, قال العلامة بكر أبو زيد رحمه الله في كتابه عن دعاء القنوت: ... وَيُجْتَنَبُ قَصْدُ السَّجع في الدعاء, والبحث عن غرائب الأَدعية المسجوعة على حرف واحد وقد ثبت في صحيح البخاري رحمه الله تعالى عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال له: فانظر السجع في الدعاء فاجتنبه, فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأَصحابه, لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب.. . .انتهى. وانظر له الفتوى رقم: 110531.
والدعاء الذي ذكره السائل: لا تخالطه الظنون ... إلخ. ذكره الشيخ بكر رحمه الله في جملة الأدعية التي ينبغي اجتنابها، وقال: ومنها ما يُروى عن أنس مرفوعاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم مَرَّ بأعرابي وهو يدعو في صلاته وهو يقول: يا من لا تراه العيون ,ولا تخالطه الظنون ... الحديث. أخرجه الطبراني في -الأوسط - بسند فرد من لا يُعرف, وهو شيخ الطبراني , وتدليس أحد رواته مع ثقته. انتهى.
وكذا التغني بالدعاء كما يتغنى بالقرآن لا نعلم له مستندا من السنة, قال الشيخ بكر رحمه الله: إِنَّ التلحين, والتطريب, والتغني, والتقعر, والتمطيط في أَدَاءِ الدُّعاءِ, مُنْكَرٌ عَظِيم, يُنَافِيْ الضَّرَاعَة, والابْتِهَال, والعُبُوديَّةَ, وداعِيةٌ للرياء, والإِعجاب, وتكثير جمع المعجبين به وقد أَنكرَ أَهل العلم على من يفعل ذلك في القديم والحديث.
فعَلَى مَنْ وَفَّقهُ الله تعالى وصَارَ إِماماً للناسِ في الصلوات, وقنتَ في الوترِ أَن يجتهدَ في تصحيح النية, وأَن يُلْقِيَ الدُّعاء بصوته المعتاد, بضراعة وابتهال, مُتَخَلَّصاً مِمَّا ذُكِرَ, مجتنباً هذه التكلفات الصارفة لقلبه عن التعلُّق بربه. ... انتهى.
وانظر كتابه تصحيح الدعاء وكتابه القنوت ففيهما بحوث مفيدة حول كثير من البدع التي ألصقت بالدعاء والقنوت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(11/8527)
كيف يقضي الوتر مع سنة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أصلي الشفع والوتر مع رتيبة الفجر (ترتيبهم) في الحالات التالية:
إذا أقيمت صلاة الصبح، بعد صلاة الصبح،عند طلوع الشمس، عند الزوال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن لم يصل الشفع والوتر وسنة الفجر حتى أقيمت صلاة الفريضة فإنه لا يشتغل بغير الفريضة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. رواه الترمذي.
فيصلي الفريضة مع الجماعة ثم بعدها يصلي -إن شاء- الوتر أولاً ثم سنة الفجر، وإن شاء عكس فصلى سنة الفجر أولاً ثم الوتر، والأمر في هذا واسع، ولا نعلم دليلا يتحتم الرجوع إليه، ولأن من فاته الوتر فله قضاؤه في أي وقت شاء ولو بعد زوال الشمس؛ كما رجحناه في الفتوى رقم: 14568.
ومن فاتته سنة الفجر فله أن يقضيها قبل طلوع الشمس أو بعد طلوعها وخروج وقت النهي؛ كما رجحناه في الفتوى رقم: 15228، ويستوي في هذا قضاؤهما بعد صلاة الصبح أو بعد طلوع الشمس أو بعد الزوال، وانظر الفتوى رقم: 2897، حول كيفية قضاء الوتر.
والله أعلم. ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1429(11/8528)
قضاء الوتر وما يفعل من رأى في منامه رؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحلم وأي حلم أخمن الشيء الممكن حدوثه بعد هذا على ماذا يدل، فاتتني ليومين خاتمة العشاء ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من رأى في نومه خيراً فليحمد الله وليذكره إن شاء، ومن رأى غير ذلك فليستعذ بالله منه ولا يذكره فإنه لا يضره، ومن فاته الوتر ولم يستطع أن يصليه قبل صلاة الفجر يشرع له قضاؤه بعد طلوع الشمس شفعاً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكن أن تسألي أهل الاختصاص عن تفسير ما يدل عليه حلمك وما ترين أو تخمنين ... لأننا لا نفسر الأحلام، وعلى العموم فإن كان ما ترين خيراً فاحمدي الله على ذلك، وحدثي به إن شئت، وإن كان غير ذلك فاستعيذي بالله منه ولا تخبري به فإنه لن يضرك إن شاء الله تعالى، ففي صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره. وفي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا الصالحة من سبعين جزءاً من النبوة، فمن رأى خيراً فليحمد الله عليه وليذكره، ومن رأى غير ذلك فليستعذ بالله من شر رؤياه ولا يذكرها فإنها لا تضره. ويمكن أن تطلعي على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 77665 وما أحيل عليه فيها.
وأما قولك خاتمة العشاء ... فلم يتضح لنا المقصود به، فإن كان قصدك به فوات صلاة الوتر ... ولم تستطيعي أداءها قبل صلاة الفجر فإنه يشرع لك قضاؤها بعد طلوع الشمس شفعاً، وإن كان قصدك به فوات صلاة العشاء الأخيرة (الصلاة المكتوبة) فيجب عليك المبادرة إلى قضائها في أي وقت عندما تتذكرين إذا كنت ناسية ... أو تستيقظين إذا كنت نائمة، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نسي صلاة أو نام عنها فليصل إذا ذكرها. رواه مسلم. وللمزيد انظري الفتوى رقم: 7966.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(11/8529)
كيف ينوي من يوتر بأكثر من ركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي الوتر عادة في الثلث الثاني من الليل بواقع ثلاث ركعات أفصل بينهما بتسليمة، فأرجو منكم توضيح كيف تكون نية صلاة الوتر، فهل هي تنوى صلاة ركعتين ثم تنوى صلاة خاتمة الوتر بركعة واحدة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ذكر الفقهاء فيمن أوتر بأكثر من ثلاث وسلم من اثنتين أنه ينوي بكل ركعتين الوتر، وكذلك ينوي في الأخيرة، وقيل ينوي بما قبل الأخيرة صلاة الليل أو مقدمة الوتر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النية في هذه الحالة هي أن تنوي الوتر عند الركعتين الأوليين، وتنوي ذلك عند الركعة الأخيرة أيضاً، وقيل ينوي بما قبل الأخيرة صلاة الليل أو مقدمة الوتر، قال النووي في المجموع: فإن أوتر بأكثر من ركعة نوى بالجميع الوتر إن كان بتسليمة، وإن كان بتسليمات نوى بكل تسليمة ركعتين من الوتر، وقيل: ينوي بما قبل الأخير صلاة الليل، وقيل: ينوي به سنة الوتر، وقيل مقدمة الوتر، وهذه الأوجه في الأفضل والأولوية دون الاشتراط والصحيح الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(11/8530)
وقت الوتر بدءا وانتهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تأخير صلاه الوتر لصلاتها مع قيام الليل فمثلا أصلي ركعتين قيام الليل ثم أصلي الوتر قد تكون الساعة 4 صباحاً أو قبل أذان الفجر بنصف ساعة، فأفيدونا في هذا الموضوع بشكل عام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت الوتر يبدأ من بعد صلاة العشاء وينتهي بطلوع الفجر الصادق؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 8288.
ولا حرج على من علم من نفسه الاستيقاظ قبل الفجر أن يؤخر الوتر ويصليه في الثلث الأخير من الليل، وهذا أفضل، لما رواه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1428(11/8531)
الوتر.. وقيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي فضيلة الشيخ هو أني دائماً معتادة على صلاة قيام الليل ودائماً أؤجل صلاة الشفع والوتر حتى أضمن القيام لصلاة الليل لكن المشكلة هي في بعض الأحيان أنام رغما عني وتفوت الصلاة، لكن المشكلة لا أعرف كيف أقضي صلاة الشفع والوتر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على التعود على قيام الليل فهو عبادة عظيمة الثواب، وإذا وثقت من الانتباه آخر الليل فالأفضل تأخير الوتر، وإن لم تثقي بذلك فالأفضل تعجيله قبل النوم، وإذا استيقظت بعد ذلك فلك أن تصلي ما شئت من نافلة لكن مع عدم إعادة الوتر مرة أخرى إذ: لا وتران في ليلة واحدة.
وإذا نمت عن الشفع والوتر فيستحب قضاؤهما بعد ارتفاع الشمس قدر رمح لكن قضاؤهما يكون شفعا، فإذا كنت توترين بثلاث فاجعليها أربعا وهكذا.
وللمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 71383، 24168.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1428(11/8532)
قضاء الوتر بالنهار
[السُّؤَالُ]
ـ[تعودت أن أصلي القيام والوتر في العشر الأواخر في المسجد ثلاث عشرة ركعة، وفي أحد الأيام صلينا بعد صلاة العشاء أربع ركعات لكي نكمل الباقي في آخر الليل ولم استطع إكمال الباقي للتعب وفي الصباح قضيت من الذي فاتني أربع ركعات، ثم دخل وقت صلاة الظهر فذهبت إلى المسجد، وقد بقي لي ركعتان من القيام وثلاث ركعات للشفع والوتر فكيف أقضيها؟ مع العلم أن قضاءها من بعد الفجر حتى وقت الزوال ولكنه فاتني هذا الوقت.
افتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيسن لمن اعتاد صلاة الليل والوتر أن يقضيهما في أي وقت، ولا يختص قضاؤها بما ذكرته على الراجح من أقوال أهل العلم رحمهم الله تعالى؛ لما روى أبو داود عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره. وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 14568.
وروى النسائي وابن خزيمة وابن حبان عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان إذا شغله عن قيام الليل نوم أو وجع أو مرض صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1428(11/8533)
الوقت المفضل لصلاة الشفع
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يستحب أداء صلاة الشفع وحده، هل بعد العشاء أو قبل الفجر مثل الوتر. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد بالشفع ما يؤتى به قبل ركعة الوتر على أنه من الوتر كمن يوتر بثلاث يفصل بينهن بالتسليم فهاتان الركعتان الأفضل فيهما هو الأفضل في الوتر من حيث التقديم والتأخير، فإن كان ممن لا يخشى فوت الصلاة في آخر الليل فالأفضل أن يصليها في آخر الليل وإلا فالافضل أن يوتر قبل أن ينام.
ويجوز أن يصلي ركعتين من الوتر ويؤخر الركعة الثالثة سواء فصل بينهن بصلاة أو نوم أو لم يفعل، قال العلامة الرملي في نهاية المتحاج وهو يتكلم عن أثر الوتر وأنه إحدى عشرة ركعة قال: وشمل كلامه ما لو أتى ببعض الوتر ثم تنفل ثم أتى بباقيه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1427(11/8534)
حكم تخصيص سورة البقرة في قيام الليل وكيفية صلاة الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مرض نفسي معقد وقد قرأت عن فضل القيام بسورة البقرة بالليل فما مشروعية تخصيصها بالقيام وأرجو أن ترشدوني لطريقة صلاة الوتر ووقتها وهل تدخل ركعة القنوت ضمن العدد الوتري؟ وجزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في فضل سورة البقرة أحاديث كثيرة منها ما في صحيح مسلم وغيره عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرؤوا الزهراوين: البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما. اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة " والبطلة هم السحرة.
وفي صحيح ابن حبان عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم: " إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلا لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال، ومن قرأها نهارا لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام ".وفي المستدرك مثله عن أبى هريرة رضي الله عنه.
وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بها وبغيرها في الليل ففي صحيح مسلم عن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقرأها، ثم النساء فقرأها، ثم آل عمران فقرأها. يقرأ مسترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ. وروى أبو داود والنسائي وغيرهما عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ.
فهذان صحابيان يصليان مع النبي صلى الله عليه وسلم وينقلان أنه صلى بسورة البقرة ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يكن اقتصر عليها، وهكذا ينبغي للمسلم أن يفعل اقتداء به ولأن في عدم الاقتصار على سورة البقرة قراءة لبقية القرآن المليء بالهدى والنفع، فقد يتأثر المسلم ببعض الآيات وينتفع بها في غير سورة البقرة.
وأما الوتر فيدخل وقته من بعد صلاة العشاء ولو مجموعة مع المغرب لسفر أو مطر مثلا، ويستمر وقته إلى طلوع الفجر الصادق.
والركعة الأخيرة من الوتر تدخل ضمن عدد ركعات الوتر فيجوز أن توتر بثلاث أو خمس أو سبع.
وأما طريقة صلاة الوتر فهي أن تصلي ركعتين وتسلم منها ثم ركعتين وتسلم وتختم بركعة، ولك أن تصلي ثلاث ركعات متواليات بسلام واحد وكذا خمس أو سبع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(11/8535)
من صلى التراويح خلف إمام ويريد التهجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أفضل طريقة لصلاة الوتر لمن أراد أن يقوم الليل "مثلا أن يصلي الشفع مع التراويح ويترك الوتر بعد إقامته لليل أو أن يترك الشفع والوتر معا أو...... ".]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن صلى التراويح خلف إمام وكان يريد التهجد آخر الليل فالأفضل في حقه متابعة الإمام، فإذا قام الإمام ليصلي ركعة الوتر نوى هو ركعتين، ثم بعد سلام الإمام يأتي بركعة، ثم بعد تهجده يصلي الوتر، ففي هذه الحالة يكون قد فاز بفضيلة القيام مع الإمام حتى ينصرف، إضافة إلى فضيلة تأخير الوتر، ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع وهو حنبلي: (فإن كان له تهجد جعل الوتر بعده) استحبابا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا. متفق عليه. (وإلا) أي وإن لم يكن له تهجد (صلاها) أي الوتر مع الإمام لينال فضيلة الجماعة، (فإن أحب) من له تهجد (متابعة الإمام) في وتره (قام إذا سلم الإمام فشفعها) أي ركعة الوتر (بأخرى) ثم إذا تهجد أوتر، فينال فضيلة متابعة الإمام حتى ينصرف، وفضيلة جعل وتره آخر صلاته. انتهى.
وإن كان مصلي التراويح منفردا ويثق من نفسه بقيام الليل فالأفضل في حقه تأخير الوتر حتى يؤديه بعد التهجد،
وبالنسبة للشفع فهو ما يتقدم الوتر من صلاة الليل، وقد تقدم التفصيل في الفتوى رقم: 55648، والفتوى رقم: 19116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1427(11/8536)
من النصوص النبوية الواردة في الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن تعطوني جميع الأحاديث في صلاة الوتر وخصوصا حديث (من لم يوتر فليس منا ... ) ؟ وهل صلاة التسبيح غير صحيحة أرجوكم أن تساعدوني؟
وجزاكم الله خيرا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت عدة أحاديث في الوتر منها ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد.
وروى أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد، وابن حبان وصححه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوتر حق على كل مسلم، من أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل.
وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع وبخمس.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنما هي واحدة، أو خمس، أو سبع، أو أكثر من ذلك يوتر بما شاء.
وروى أبو داود والنسائي وغيرهما عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر.
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام.
وروى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل.
وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الوتر حق على كل مسلم فمن أحب أن يوتر بخمس. هو حديث صحيح كما سبق قريبا. وعن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر. رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم. قال الترمذي: حديث حسن.
وعن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا, الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا, الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا. رواه أبو داود. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله زادكم صلاة فحافظوا عليها, وهي الوتر. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا. رواه البخاري ومسلم. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أوتروا قبل أن تصبحوا. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل فإذا أوتر قال: قومي فأوتري يا عائشة. رواه مسلم.
وأما صلاة التسبيح فقد اختلف أهل العلم في مشروعيتها، والراجح مشروعيتها لصحة الحديث الوارد فيها، وقد بينا أقوال أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم: 2501.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1427(11/8537)
حكم الاستراحة بين ركعات الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أريد أن أصلي صلاة الوتر، هل آتي بالركعات تباعاً، يعني هل أستطيع أن أرتاح قليلاً بين الركعات أو أذهب لشرب الماء مثلاً، أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 46423 عدد ركعات الوتر وكيفية صلاته، وأما الموالاة بين ركعاته فليست بواجبة فيمكنك أن تصلي ركعتين وترتاح ثم تصلي ما بقي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1427(11/8538)
نقض الوتر وتكراره في الليلة الواحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مرة في سفر وعند وقت الصلاة (بين المغرب والعشاء) جمعت العشاء مع المغرب وصليت الشفع والوتر،،، وعند رجوعي إلى البيت بعد الساعه 12 ليلا،، أديت ركعتين لله وبعدها صليت الشفع والوتر (ولم أتذكر أني قد صليتها إلا بعد تكبيري وقراءة الفاتحة عند الركعة الأخيرة) فواصلت صلاتي. فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن صلى الوتر ثم أراد بعد ذلك أن يصلي نافلة فكثير من أهل العلم على أنه يصلي ما شاء من النوافل ولا يوتر بعد ذلك, إذ لا وتران في ليلة واحدة. ومن أهل العلم من يقول بأنه ينقض وتره الأول بصلاة ركعة واحدة ثم يصلي ما شاء ثم يختم نافلته بالوتر امتثالا للحديث المشتمل على الأمر بذلك قال ابن قدامة: ومن أوتر من الليل ثم قام للتهجد فالمستحب أن يصلي مثنى مثنى ولا ينقض وتره روي ذلك عن أبي بكر الصديق، وعمار، وسعد بن أبي وقاص، وعائذ بن عمرو، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة، وكان علقمة لا يرى نقض الوتر وبه قال طاووس وأبو مجلز وبه قال النخعي ومالك والأوزاعي وأبو ثور وقيل لأحمد ولا ترى نقض الوتر؟ فقال لا ثم قال وإن ذهب إليه رجل فأرجو، لأنه قد فعله جماعة ومروي عن علي وأسامة وأبي هريرة وعمر وعثمان وسعد وابن عمر وابن عباس وابن مسعود وهو قول إسحاق ومعناه أنه إذا قام للتهجد يصلي ركعة تشفع الوتر الأول ثم يصلي مثنى مثنى ثم يوتر في آخر التهجد ولعلهم ذهبوا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ولنا ما روى قيس بن طلق قال زارنا طلق بن علي في يوم من رمضان فأمسى عندنا وأفطر ثم قام بنا تلك الليلة ثم انحدر إلى المسجد فصلى بأصحابه حتى إذا بقي الوتر قدم رجلا فقال أوتر بأصحابك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا وتران في ليلة رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال أما أنا فإني أنام على فراشي فإن استيقظت صليت شفعا حتى الصباح رواه الأثرم وكان سعيد بن المسيب يفعله. انتهى
وراجع الفتوى رقم: 34565 وكان الأولى في حقك عندما تذكرت في ركعة الوتر أنك أوترت أن تضيف إليها ركعة ثانية تفاديا للوتر مرتين لكن بعد أن أوترت مرتين فقد وقعت في خطأ ووقعت في النهي, ولا إثم عليك ما دام الفعل المذكور جهلا منك وليس عن عمد, فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه في سننه وصححه الشيخ الألباني. وراجع الفتوى رقم: 68270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1427(11/8539)
قضاء الوتر بعد طلوع الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين.
أما بعد: من نسي صلاة الشفع والوتر, وتذكره بعد صلاة الضحى, فماذا يفعل؟
افيدونى أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فاته الوتر بالليل سن له قضاؤه بالنهار, واختلف العلماء هل يقضيه وترا أم شفعا؟ والراجح أنه يقضيه شفعا, فلو كان يصلي ثلاث ركعات فإنه يقضي أربعا، أو كان يصليه خمسا فيقضي ستا وهكذا، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 24168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(11/8540)
أفضلية الوتر قبل النوم أم بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعلم بأننا لابد وأن نوتر قبل النوم (يعنى بعد صلاة العشاء نصلى الشفع وركعة الوتر) ولكنى بإذن الله تعالى أستيقظ لأصلى قيام الليل ثم صلاة الفجر وأنام قليلاً قبل الذهاب لعملى فهل يجب أن أصلى ركعة الوتر قبل نومي؟
وشكراً،،،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الأفضل في أداء الوتر تفصيل وهو أن من وثق من نفسه أنه يستيقظ آخر الليل فالأفضل له تأخيره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا. رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وأما من لم يثق من نفسه أنه يستيقظ آخر الليل فالأفضل له أن يوتر قبل أن ينام؛ لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام. فإذا استيقظ آخر الليل فإنه يصلي ما بدا له ولا يوتر مرة ثانية؛ لما رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا وتران في ليلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1427(11/8541)
حكم تغيير النية في الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تغيير النية أثناء الصلاة؟ مثال: نويت أن أصلي الوتر ركعة واحده ثم سهوت وصليت ركعتين، فهل يجوز أن أنويها ثلاثا وأنا أصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت نويت أداء الوتر ركعة واحدة فلا يجزئك بعد ذلك أن تغير النية وتوتر بثلاث. قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج وهو شافعي: لو فعل واحدة من هذه المراتب كثلاث حصل الوتر وسقط وامتنعت الزيادة بعد ذلك، أفتى بذلك شيخنا الشهاب الرملي؛ وهو ظاهر. فإذا أتى بثلاث بنية الوتر ثم أراد أن يشفعها ويأتي بأكمل الوتر -مثلاً- كان ممتنعاً. انتهى
وقال الدردير في شرحه لمختصر خليل وهو مالكي: وبطل الوتر بزيادة ركعتين لا واحدة. انتهى
يعنى في السهو، أما في العمد فيبطل ولو تعمد ركعة واحدة.
وعليه؛ فلا يصح تغيير النية والإيتار بثلاث، وكان يكفيك أن تقتصر على ركعتين وتسجد سجود السهو، وراجع الفتوى رقم: 32687، ولا مانع من الوتر بركعة واحدة مع كراهة ذلك عند بعض أهل العلم؛ كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 63688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1426(11/8542)
الصلاة بعد الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عندما أصلي الوتر مع صلاة التراويح وأصلي في الليل تعتبر صلاة نافلة وليس قيام ليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تستيقظ في آخر الليل لصلاة التهجد فلا ينبغي لك أن توتر بعد صلاة التراويح، بل تصلي مع الإمام فإذا سلم من ركعة الوتر الأخيرة فإنك تقوم وتأتي بركعة ثم تسلم، وبذلك تحرز فضيلة الصلاة مع الإمام حتى ينصرف ويكتب لك أجر قيام ليلة تامة لما رواه أحمد والترمذي وغيرهما عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. وتحرز فضيلة جعل آخر صلاتك من الليل وتراً امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً. رواه البخاري ومسلم.
ولو قدر أنك أوترت ثم قمت تصلي آخر الليل فإنه يكتب لك تهجد لأن قيام الليل نافلة لا حد لها وينتهي وقته بطلوع الفجر الصادق، إلا أنه ليس لك أن توتر مرة ثانية لحديث: لا وتران في ليلة. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وحسنه ابن حجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1426(11/8543)
النهي عن وترين في ليلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يصلي العشاء ثم يصلي ركعتين ثم يختم بركعة ثم ينام وينهض عند الثانية صباحا فيصلي ركعتين ويوتر بواحدة أو يصلي 4 ركعات ويوتر بواحدة فهل هذا جائز وإن كان هنالك خطأ فماهو؟
وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يفعله والدك خطأ لأنه يوتر في الليلة الواحدة مرتين وهذا منهي عنه؛ لما رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا وتران في ليلة. والسنة أنه إن كان يثق من نفسه في القيام آخر الليل فإنه يؤخر وتره إلى ذلك الوقت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا. رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
وأما إن لم يثق من القيام آخر الليل فإنه يصلي ما كتب له ثم يوتر أوله؛ لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام. فإذا أوتر أول الليل ثم قام آخره فإنه يصلي ما شاء ولا يوتر مرة أخرى للحديث السابق أنه لا وتران في ليلة؛ بل يصلي ركعتين ركعتين وهكذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(11/8544)
نقض الوتر وصلاة وترين في الليلة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أحد رجال الدين في مصر يقول إنه يصلي الوتر ركعتين كل ركعة على حدة وكل واحدة بتشهد وتسليمة فكيف يحدث هذا؟ وهل هو جائز؟ وما تفسيره؟ وهل صحيح ماسمعته حول هذا الموضوع أنه يكمل به السنة بأربع عشر ركعة وبنفس الوقت أداء للوتر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوتر ركعة واحدة ويسن أن يكون قبلها ركعتان أو أكثر مثنى مثنى، ويطلق الوتر على صلاة ثلاث ركعات أو خمس أو أكثر من ذلك إذا كان آخر شيء ركعة واحدة.
أما صلاة ركعتين كل واحدة منهما على حدة بقصد الوتر، فهذا غير وارد، فإن من أوتر وأراد أن يتنفل بعد ذلك قله أن يصلي ما يشاء مثنى مثنى، ولا يوتر مرة أخرى، كما سبق في الفتوى رقم: 12236، هذا هو الراجح، ولعل الشخص الذي سمعه السائل يذكر الوتر مرتين، كان يريد مسألة نقض الوتر، وهي مرجوحة كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 25036.
وهي أن من أوتر وأراد أن يصلي مرة أخرى له أن يصلي ركعة واحدة بقصد شفع وتره المتقدم، ثم يصلي ما شاء مثنى مثنى ثم يوتر، والراجح أن له أن يصلي ما يشاء بعد الوتر ولا يشفع وتره ولا يصلي الوتر بعد النوافل المتأخرة، ولكن نقض الوتر جائز لوجود الخلاف كما في الفتوى المشار إليها مؤخراً.
وقول السائل إنه يكمل به السنة إلى آخره غير واضح، ولكن الحاصل في هذا الموضوع أمران، أن موضوع من أوتر وأراد أن يصلي فالراجح ما سبق أن ذكرنا وأشرنا إليه في الفتوى الأولى المشار إليها، والأمر الثاني في أن يشفع وتره ويصلي ما يشاء ثم يوتر ولا نعلم احتمالاً ثالثا لهذين الأمرين في نفس المسألة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1426(11/8545)
من أوتر بركعة واحدة من غير نافلة قبلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي ركعة الوتر بعد صلاة العشاء وأترك ركعتي الشفع إلى وقت الفجر بعد أن أصلي بعض الركعات، هل الدعاء له تأثير على مسار القدر؟ وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الوتر بركعة واحدة من غير نافلة قبلها مع كراهة ذلك عند بعض أهل العلم كالحنفية والمالكية، ففي الإنصاف للمرداوي وهو حنبلي متحدثاً عن الوتر: وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ويحتمل أنه أراد أقل الوتر ركعة، فإن أحمد قال: إنا نذهب في الوتر إلى ركعة، وإن أوتر بثلاث أو أكثر فلا بأس. انتهى.
وقال النووي في المجموع وهو شافعي: قد سبق أن مذهبنا أن أقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة وفي وجه ثلاث عشرة وما بين ذلك جائز، وكلما قرب من أكثره كان أفضل وبهذا قال جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم. انتهى.
وقال أحمد الطحاوي في شرح معاني الآثار وهو حنفي: فهذا عندنا على أنه كره أن يوتر وتراً لم يتقدمه تطوع، وأحب أن يكون قبله تطوع، إما ركعتان وإما أربع. انتهى.
وفي شرح الدردير ممزوجاً بمختصر خليل وهو مالكي: وكره وتر بواحدة من غير تقدم شفع ولو لمريض أو مسافر. انتهى.
ومن قدم الوتر قبل النوم ثم استيقظ بعد ذلك فله أن يصلي ما شاء من نوافل لكن لا يعيد الوتر مرة أخرى لأنه لا وتران في ليلة واحدة، وراجعي الفتوى رقم: 55938، والفتوى رقم: 22376.
ومسألة الدعاء والقدر سبقت الإجابة عليها في الفتوى رقم: 9890، والفتوى رقم: 12638.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(11/8546)
كيفية قضاء صلاة الوتر نهارا
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قضاء صلاة الوتر أربع ركعات هل تكون متصلة أم ركعتان ركعتان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فاته الوتر بالليل سن له قضاؤه بالنهار كل ركعتين بسلام، ويصح كل أربع بسلام، ويقضى شفعاً كما في الفتوى رقم: 24168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(11/8547)
تأخير العشاء والشفع والوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي تأخير الشفع والوتر لكي أوتر وأنام وأنا على طهارة علما أني أصلي العشاء في المسجد في وقته ولله الحمد وإذا كنت غير مرتبط بجماعة فهل يمكن تأخير العشاء مع الشفع والوتر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من تأخير صلاة الشفع والوتر إلى وقت النوم أو تأخيرهما إلى ما قبل الفجر، بل إذا علمت من نفسك الاستيقاظ في ذلك الوقت فتأخيرها أفضل، وفعلهما في البيت أفضل من المسجد.
وراجع الفتوى رقم: 39672، والفتوى رقم: 50968.
وعليك الحرص على أداء الصلوات كلها جماعة، فإذا تعذر عليك وجودها فالأفضل حينئذ تأخير صلاة العشاء إلى ثلث الليل الأول أو نصفه مع عدم حصول مشقة في ذلك، وراجع الفتوى رقم: 1883، والفتوى رقم: 58305.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1425(11/8548)
كيفية النية عند وصل الوتر بالشفع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عند صلاتي الوتر ثلاث ركعات هل يجب أن تكون نيتي شفعا ووترا أم أصلي بنية وتر للثلاث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة في صلاة الليل السلام من كل ركعتين، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقال: كيف صلاة الليل؟ قال: مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة توتر لك ما قد صليت.
ويكره عند المالكية وصل الشفع بالوتر. قال خليل: وعقب شفع منفصل عنه بسلام إلا لاقتداء بواصل وكره وصله.
وفصل الوتر عن الشفع هو الأولى عند الشافعية والحنابلة، وأما الحنفية، فالمتعين لهم الوصل، وراجع في ذلك الموسوعة الفقهية (27/296) والمغني وغيرهما.
وعليه، فالأفضل في المسألة أن يصلي المرء ركعتين للشفع ويسلم، ثم يصلي ركعة للوتر، كما هو مذهب الجمهور، وإذا وصل الركعات الثلاث بنية الشفع والوتر فذلك صحيح، لكنه مكروه عند المالكية كما تقدم.
وإذا أراد بها جميعاً الوتر دون نية الشفع فلا حرج فيه أيضاً، ففي حديث أم سلمة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع أو بخمس لا يفصل بينهن بتسليم. رواه النسائي وابن ماجه وأحمد.
وقال ابن قدامة في المغني: الذي يختاره أبوعبد الله أن يفصل ركعة الوتر بما قبلها، وقال: إن أوتر بثلاث لم يسلم فيهن لم يضيق عليه عندي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1425(11/8549)
الفصل بين الشفع والوتر بكلام أو استغفار
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عندما أصلي الوتر ثلاثا ركعتين ثم أسلم وأصلي الثالثة منفصلة هل يجوز الكلام أو الاستغفار أو الفصل لوقت معين بين الركعتين الأوليين والركعة الثالثة أم يجب أن تكون متتابعات دون كلام أو فصل وقتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيصح الفصل بين الشفع والوتر لحاجة ككلام مثلا، لكن الفصل المذكور غير محدد بوقت معين، بل بحسب الحاجة.
ففي صحيح البخاري أن عبد الله بن عمر كان يسلم بين الركعة والركعتين في الوتر حتى يأمر ببعض حاجته.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ظاهره أنه كان يصلي الوتر موصولا، فإن عرضت له حاجة فصل ثم بنى على ما مضى، وفي هذا دفع لقول من قال: لا يصح الوتر إلا موصولا، وأصرح من ذلك ما رواه سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن بكر بن عبد الله المزني قال: صلى ابن عمر ركعتين ثم قال: يا غلام ارحل لنا، ثم قام فأوتر بركعة. انتهى.
وعليه، فلا مانع من الفصل بين الشفع والوتر بكلام واستغفار من غير تحديد بوقت معين، بل بحسب الحاجة. وراجع الفتوى رقم: 40004.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1425(11/8550)
من صلى الوتر ثم نشط بعد ذلك لقيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب تأخير سنة الوتر حتى آخر الليل إذا أردت صلاة القيام وكم أقصى حد لصلاة التراويح والقيام نرجو الإفادة بتفصيل جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتأخير الوتر إلى آخر الليل فيه تفصيل، وهو أن الشخص إذا أراد أن يقوم الليل فالسنة أن يؤخر الوتر إلى ما بعد قيام الليل ولا يجب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا. متفق عليه.
وإذا كان الشخص لا يريد قيام الليل فصلى الوتر ثم نشط بعد ذلك لقيام الليل فلا حرج عليه أن يصلي ما شاء، لكنه لا يوتر مرة ثانية، لما رواه أبو داود وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا وتران في ليلة واحدة، وأما صلاة التراويح، فقد بينا عددها في الفتوى رقم: 11872 وأما قيام الليل فلا حد له، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 54790.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1425(11/8551)
اعتاد الفصل بين الشفع والوتر فوصلهما
[السُّؤَالُ]
ـ[عادةُ إمامنا أنه يفصل الشفع والوتر، أراد يوما أن يصلهما ولم يخبر المأمومين، فلما قام للثالثة منهم من سلم، ومنهم من سبّح، ومنهم من اتّبع، فأيهم أصاب؟ وهل كان عليه أن يخبر المأمومين؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوصل الشفع بالوتر والفصل بينهما بالسلام كل ذلك جائز، والأمر فيه واسع، وراجع الفتوى رقم: 47029.
ومن أراد وصل الشفع بالوتر فلا يقعد للتشهد الأوسط بين الركعات الثلاث حتى لا تشبه صلاة المغرب، وراجع الفتوى رقم: 896.
وبما أن المأمومين قد اعتادوا من الإمام الفصل بين الشفع والوتر فكان من الأفضل في حق الإمام حين أراد الوصل بينهما تنبيههم على ذلك تفاديا لوقوعهم في الحيرة كما حصل لهم.
وأحق المأمومين بالصواب من اتبع الإمام في وصله المذكور نظرا لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به. متفق عليه.
أما من سلم منهم فصلاته صحيحة عند أشهب من المالكية. ففي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: فإن اقتدى بالواصل ولم يوصله معه بل خالفه وسلم لم تبطل مراعاة لقول أشهب بذلك. انتهى.
ومن سبح للإمام معتقدا الخطأ منه فهو على حق، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله. متفق عليه، واللفظ للبخاري، فإن اتبعوا الإمام بعد ذلك فصلاتهم صحيحة، وإن سلموا لأنفسهم فتصح عند أشهب من المالكية كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(11/8552)
كيف يصلي الشفع والوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل آخر 3 ركعات لصلاة التراويح هي الشفع والوتر،
ومتى تكون النية لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الشفع والوتر هي الثلاث ركعات التي يوتر بها الإنسان صلاته بالليل، ونية الوتر تكون قبيل تكبيرة الإحرام، ويستصحب النية إلى نهاية التكبيرة، ويندب أن يقرأ الفاتحة وسورة الأعلى في الركعة الأولى، وفي الثانية الفاتحة وسورة الكافرون ثم يسلم، وهذه هي التي تسمى الشفع، والوتر ركعة واحدة يقرأ فيها بسورة الفاتحة والإخلاص ثم يركع، والدليل على ذلك ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد.
وإذا أراد المصلي أن يصلي هذه الركعات الثلاث متصلة فله ذلك، لكن لا يقعد فيها للتشهد الأوسط حتى لا تشبه صلاة المغرب، وإنما يقعد فيها قعودا واحدا وهو للتشهد الأخير.
وله أن يوتر بخمس أو سبع أو تسع أو إحدى عشرة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوتر حق على كل مسلم، من أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان وصححه.
وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع وبخمس. رواه مسلم.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنما هي واحدة أو خمس أو سبع أو أكثر من ذلك يوتر بما شاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1425(11/8553)
حكم القنوت في صلاتي الفجر والوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء في ركعة الوتر بعد صلاة التراويح في رمضان حيث يقال إن الدعاء يجب أن يكون بعد اليوم 15 من رمضان؟ وما الحكم في الدعاء في صلاة الفجر بعد الركوع في الركعة الثانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في مشروعية القنوت في صلاة الفجر، فذهب بعضهم إلى مشروعيته، وذهب بعضهم إلى عدم مشروعيته، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 18064.
وأما القنوت في الوتر، فذهب أبو حنيفة إلى وجوبه فيه قبل الركوع في كل السنة، وذهب صاحباه والحنابلة وبعض الشافعية إلى سنيته كل السنة، وذهب الشافعية في المعتمد عندهم إلى تخصيصه بالنصف الأخير من رمضان، وهي رواية ابن حبيب عن مالك والمعتمد عند المالكية عدم مشروعية القنوت في الوتر مطلقاً، فهذه هي مذاهب أهل العلم في المسألة والأمر فيه سعة، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وحقيقة الأمر أن قنوت الوتر من جنس الدعاء السائغ في الصلاة من شاء فعله ومن شاء تركه. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1425(11/8554)
ما حكم التطويل في دعاء القنوت في الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التطويل في دعاء القنوت في الوتر وباقي الصلوات]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 2768، أن دعاء القنوت بعد القيام من الركوع من ركعة الوتر لا يشترط له دعاء معين، والأحسن أن يقول ما جاءت به السنة وهو الدعاء المشهور الذي يرويه الحسن رضي الله عنه، وأما من جهة التطويل فإذا كان المرء يصلي وحده فلا حرج عليه في تطويل الدعاء، وإن كان إماما فلا يجوز له أن يضر بالناس، وليدع بالدعاء المذكور في الفتوى التي أشرنا إليها ويدعو للمسلمين ولا يطول، وهكذا الحكم في الدعاء في الصلاة، فإن كان المصلي منفردا فله أن يطول في الدعاء في المواقع التي يشرع فيها الدعاء في الصلاة مثل السجود وقبل السلام من الصلاة، وإن كان إماما فليخفف بالناس، وكنا قد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى 45972.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(11/8555)
لا دليل على مذهب الأحناف في التكبير قبل دعاء القنوت في الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أدرس في بلد غربي وفي السنة الماضية كنت أصلي التراويح عند إمام مسجد يخشع في صلاته ولا يستعجل العجلة التي تذهب حلاوة الصلاة إلا أنه في الوتر يتبع مذهب الإمام أبي حنيفة فيقرأ الفاتحة ثم سورة الإخلاص ثم يكبر ولا يركع ثم يدعو ثم يكبر ثانية ويركع فقرأت مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله ووجدته مطابقا لذلك ولو أنه مخالف للسنة لكنني لم أجد ذكرا للتكبيرة الأولى التي قبل الدعاء فهل تعتبر هذه التكبيرة زائدة تبطل الصلاة أم أنه يجوز متابعته في ذلك على قاعدة من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره أم أتابعه ولكن لا أكبر هذه التكبيرة أفتوني مأجورين لأن رمضان مقبل والأئمة الذين يطبقون السنة يستعجلون عجلة تذهب الخشوع]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتكبيرة التي قبل دعاء القنوت في الوتر على مذهب الحنفية ليس لها دليل من السنة ولا قياس.
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى فهذه التكبيرة زائدة في الصلاة لم تثبت بأصل ولا قياس
ا. هـ.
إلا أنه لا يمكن القول ببطلان الصلاة بهذه التكبيرة لأن التكبير شرع في الصلاة وقد قال صاحب الزاد: وإن أتى بقول مشروع في غير موضعه ... لم تبطل ولم يجب له سجود بل يشرع ا. هـ.
فمن أتى بقول هو مشروع في الصلاة ولكنه أتى به في غير موضعه فإن الصلاة لا تبطل بذلك. وهل يتابع الإمام على هذه التكبيرة؟ قياس قول الإمام أحمد لا يتابع عليها فقد قال حرب في روايته عند أحمد إذا كبر الإمام في صلاة الجنازة خمساً لا يكبر المأموم معه ولا يسلم إلا مع الإمام لأنها زيادة غير مسنونة للإمام فلا يتابعه المأموم فيها.
فتخريجاً على هذا القول لا يتابع المأموم الإمام في هذه التكبيرة لأنها زائدة وغير مشروعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(11/8556)
السنة في قراءة الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يكتفى بقراءة سورة الاخلاص في ركعة الوتر أم لابد من قراءة المعوذتين أيضا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة أن يقرأ في الركعة الأخيرة من الوتر بسورة الإخلاص عند طائفة من أهل العلم، وذهب آخرون إلى أن السنة قراءة سورة الإخلاص مع المعوذتين، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 49852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(11/8557)
وتر المسافر
[السُّؤَالُ]
ـ[في السفر بعد صلاة العشاء هل يتم قصر الوتر إلى ركعة واحدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوتر للمسافر مسنون، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر سفرا وحضرا وهو في السفر كما كان في الحضر، فللمسافر أن يوتر بركعة واحدة كالمقيم، وهو مذهب جماهير العلماء، ولا يسمى ذلك قصرا ولكنه تخفيف، لا سيما للمسافر وأصحاب الأعذار كالمريض ونحوه. فقد جاء في المنتقى شرح الموطأ: وقد روى علي بن زياد عن مالك: يوتر المسافر بركعة واحدة، وقد أوتر سحنون في مرضه بركعة واحدة، وذلك يدل على تخفيف ذلك على أصحاب الأعذار.ا. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(11/8558)
هل يصلي الشقع والوتر في البيت أم في المسجد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي العشاء في جماعة في المسجد هل الأفضل أن أصلي الشفع والوتر في المسجد أو في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل أداء الشفع والوتر في البيت بدليل الأحاديث الدالة على أفضلية أداء النوافل في البيوت، فقد قال صلى الله عليه وسلم: اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا ً. متفق عليه.
قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: وقال الجمهور بل هو في النافلة لإخفائها وللحديث الآخر: أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. قلت: الصواب أن المراد النافلة وجميع أحاديث الباب تقتضيه ولا يجوز حمله على الفريضة، وإنما حث على النافلة في البيت لكونه أخفى وأبعد من الرياء وأصون من المحبطات وليتبرك البيت بذلك وتنزل فيه الرحمة والملائكة وينفر منه الشيطان، كما جاء في الحديث الآخر وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً. انتهى، وعليه فصلاة النوافل ومن بينها الشفع والوتر أفضل في البيت منها في المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(11/8559)
السنة في قراءة صلاة الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[أود سؤال حضرتكم عن قراءة سورة الأعلى والكافرون في سنة العشاء ما حكمها، هل هي من السنة أن نقرأها ونلتزم بهاتين السورتين، وكذلك بالسنة لسورتي السجدة والإنسان في فجر الجمعة ما حكمهما؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسورة الأعلى وسورة الكافرون تستحب القراءة بهما في الركعتين الأوليين من ركعات الوتر الثلاث. قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن يقرأ في ركعات الوتر الثلاث في الأولى بسبح وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد، وبه قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي: يقرأ في الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين، وهو قول مالك في الوتر، وقال في الشفع: لم يبلغني فيه شيء معلوم.
وقد روي عن أحمد أنه سئل يقرأ بالمعوذتين في الوتر؟ قال: ولم لا يقرأ، وذلك لما روت عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين. رواه ابن ماجه.
ولنا ما روى أبي بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد. رواه أبو داوود وابن ماجه.
وعن ابن عباس مثله رواه ابن ماجه، وحديث عائشة في هذا لا يثبت، فإنه يرويه يحيى بن أيوب وهو ضعيف، وقد أنكر أحمد ويحيى بن معين المعوذتين. انتهى
أما سنة العشاء التي ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم كان يواظب عليها في بيته فلم يثبت أنه كان يقرأ في تلك الركعتين بالسورتين المذكورتين، بل الظاهر أنه كان يقرأ فيهما بما تيسر من القرآن إذ لم نقف على ما يدل على تحديد سورتين معنيتين للقراءة فيهما.
وقراءة سورتي السجدة والإنسان في صلاة الفجر يوم الجمعة سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح يوم الجمعة بـ ألم تنزيل في الركعة الأولى، وفي الثانية هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.
لكن لا ينبغي للإمام المواظبة على القراءة بهما مخافة اعتقاد العوام وجوب ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 37992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1425(11/8560)
الأدلة على صحة الفصل والوصل في الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي الوتر ثلاث ركعات ركعتان وسلام ثم ركعة بسلام، ومرات أصليه بسلام واحد في الركعة الثالثة، عندما أكون مستعجلة لأني أصليها خفية من زوجي، فهل صلاتي صحيحة أو لا، إذا صليت وقرأت سورة وتبين لي بعد الصلاة أني ختمت بآيات من سورة ثانية فهل أعيد الصلاة أم ماذا علي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلاً من الصورتين المذكورتين لصلاة الوتر واردة، فالأولى منهما وهي صلاة ركعتين وسلام وصلاة ركعة واحدة بعدهما دليلها ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما صليت.
قال القاسم الليل يعني القاسم بن محمد: ورأينا أناساً منذ أدركنا يوترون بثلاث، وإن كلاً لواسع أرجو ألا يكون بشيء منه بأس.
أما الصورة الثانية: وهي الوصل بين الركعات الثلاث وتسليمة بعد الثالثة فقد قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد وهو يعدد صور وتره صلى الله عليه وسلم قال: السابع: أنه كان يصلي مثنى مثنى ثم يوتر بثلاث لا فصل فيهن، فهذا رواه الإمام أحمد عن عائشة أنه كان يوتر بثلاث لا فصل فيهن. انتهى.
فالمهم أن كلا من الفصل والوصل في الوتر صحيح، أما الخروج من سورة لأخرى في الصلاة فهذا لا شيء فيه ولا سيما إذا كان عن غير عمد، قال في المغني: ومهما قرأ به بعد أم الكتاب في ذلك أجزأه، قال: وذلك لأن قراءة السورة غير واجبة فالتقدير أولى ألا يجب، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم قرؤوا بأقل من ذلك وأكثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(11/8561)
صلاة الوتر.. ركعاتها.. وكيفيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الوتر كيف تصلى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أكثر الوتر إحدى عشرة ركعة، وأقله ركعة واحدة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات، ويمكنك أن تصلي ركعتين ركعتين ثم توتر بواحدة، ويمكنك أن تصلي ثلاث ركعات متصلات أو خمسًا أو سبعًا أو تسعًا أو إحدى عشرة ركعة متصلة لا تتشهد إلاَّ في آخرها تشهدًا واحدًا، ويمكنك أن تصليها كذلك لكن بتشهدين في الركعة الأخيرة والتي قبلها، ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 1313، والفتوى رقم: 17951.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/8562)
الصلاة بعد الوتر جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الله عندي بعض الأسئلة
س1: بعد الفراغ من صلاة العشاء صليت الشفع والوتر في المسجد بعد الصلاة مباشرة وقد صحوت في منتصف الليل. هل يجوز أن أصلي قيام الليل؟ وهل يجوز أن أصلي الشفع والوتر مرة أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1- فلا مانع لمن صلى الوتر ثم استيقظ ونشط لقيام الليل أن يصلي ما شاء، ولكنه لا يعيد الوتر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 15338.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(11/8563)
لا حرج في قراءة سورة غير الإخلاص في الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.... أما بعد:
ما هو حكم قراءة سورة أخرى بدلا من الإخلاص في صلاة الوتر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السنة أن يقرأ المصلي في الوتر سورة الإخلاص أو الإخلاص والمعوذتين، كما صرحت بذلك الأحاديث الصحيحة، روى ابن ماجه والترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى سبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين.
فإذا كان لا يحفظ هذه السور أو كان له حزب يقرؤه بنفله ليلاً، فله أن يوتر به، قال خليل: وقراءة شفع بسبح والكافرون ووتر بإخلاص ومعوذتين إلا لمن له حزب فمنه فيهما.
وإن كان يقرأ في وتره ما يقرأ لا لأنه لا يحفظ سورة الإخلاص ولا لأن له حزباً، فوتره أيضاً صحيح، ولكنه ترك ما هو أفضل له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/8564)
أقل الوتر ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الوتر ركعة واحدة أم ثلاث ركعات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 22091، أن الوتر سنة مستقلة لا بد أن يفردها بنية عند فعلها، فلا يكفي أن ينوي مطلق النفل، وأقلها ركعة وأكثرها إحدى عشرة ركعة، فله أن يوتر بركعة، وذلك خلاف الأولى، وله أن يوتر بثلاث وبخمس وبسبع وبتسع وبإحدى عشرة، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن من زاد في الوتر بنية الوتر لم يصح وتره كله في حالة الفصل، ولم يصح الإحرام بالزائد في حالة الفصل، وممن ذهب إلى ذلك الشافعية، قال الإمام ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: فلو زاد على الإحدى عشرة بنية الوتر لم يصح الكل في الوصل، ولا الإحرام الأخير في الفصل، إن علم وتعمد، وإلا صحت نفلاً مطلقاً، ولو أحرم بالوتر ولم ينو عدداً صح، واقتصر على ما شاء منه على الأوجه. انتهى.
وننبه إلى أن الوتر غير قيام الليل، فيمكن أن يقوم الإنسان بأي عدد شاء من الركعات بنية النفل المطلق، ثم يوتر بإحدى عشرة ركعة أو أقل كما سبق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(11/8565)
حكم الكلام والأكل والشرب بين الشفع والوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الكلام والأكل والشرب بين ركعتي الشفع والوتر؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كره بعض أهل العلم تعمد الكلام لغير حاجة بين الشفع والوتر، ولكنهم نصوا على أنه لا يلزم من ذلك سجود جبر للصلاة، لأن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا سلم بين الركعة والركعتين من صلاة الوتر ربما أمر ببعض حاجته، والأثر رواه البخاري وغيره عن نافع مولى ابن عمر.
وأما الأكل والشرب بين ركعتي الشفع والوتر فلا ينبغي، فإذا كان أهل العلم قد كرهوا مجرد الكلام بينهما، فإن الأكل والشرب أحرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1424(11/8566)
القراءة في صلاة الوتر جهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الوتر جهرا أم سرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الليل جهرية كلها، والوتر من صلاة الليل، فالقراءة فيه تكون إذا جهراً، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 19845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1424(11/8567)
صل شفعا ولا تنقض وترك
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف لي أن أجمع بين حديث: (إجعلو آخر صلاتكم وترا) وبين حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى) فإذا أردت أن أقوم من الليل وقد سبق أن أوترت كيف أفعل؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي لمن كان عازماً على قيام الليل أن يؤخر الوتر ليجعلها آخر صلاته من الليل، لحديث: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا. متفق عليه.
فيصلي ما شاء من الركعات مثنى مثنى، كما في الحديث الصحيح: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة. رواه البخاري.
أما من صلى الوتر بعد العشاء ثم بدا له أن يقوم من الليل فإنه يصلي ما شاء ولا يوتر، لحديث: لا وتران في ليلة. رواه أحمد.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن من تنفل بعد أن صلى الوتر عليه أن يشفع وتره بأن يضيف إليه ركعة.
وأكثر أهل العلم كما يقول صاحب شرح أبي داود: ذهبوا إلى أنه يصلي شفعًا ما أراد ولا ينقض وتره الأول.
وبهذا تعلم أن لا تناقض بين الحديثين الواردين في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(11/8568)
تارك الوتر هل يحكم بتفسيقه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال لي بعض الزملاء إنه من لم يقم الليل (أي يوتر) فهو فاسق بقول الإمام أحمد وغيره من العلماء؟ هل هذا صحيح وما هو القول الراجح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوتر سنة مؤكدة وليس بواجب عند جماهير أهل العلم ولا يفسق تاركه أحياناً، وأما من تركه بالكلية فقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى تفسيقه ورد شهادته لأنه بالمداومة على ترك السنة يكون راغباً عنها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن رغب عن سنتي فليس مني. متفق عليه.
وهكذا المداوم على ترك السنن والرواتب كسنة الفجر ترد شهادته، قال الخطيب الشربيني رحمه الله في مغني المحتاج: المداومة على ترك السنن الراتبة ومستحبات الصلاة تقدح في الشهادة لتهاون مرتكبها بالدين وإشعاره بقلة مبالاته بالمهمات، ومحل هذا كما قال الأذرعي في الحاضر، أما من يديم السفر كالملاح والمكاري وبعض التجار فلا.
وعلى هذا يحمل كلام الإمام أحمد رحمه الله، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 26108.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1424(11/8569)
حول الوتر مع التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل في صلاة التراويح أن تصلي الوتر مع الإمام أم تكمل الركعة وتصلي الوتر آخر الليل وإذا صليت الوتر مع الإمام ماهي صفة الصلاة إن أردت أداءها آخر الليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل لمن صلى التراويح مع الإمام أن يصلي الوتر معه، وذلك للحديث الذي رواه الترمذي وغيره من حديث أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصلِّ بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في السادسة، وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا له: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. قال الألباني: صحيح.
ومن أراد القيام آخر الليل فليصل شفعاً من غير وتر لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما في حديث قيس بن طلق قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا وتران في ليلة. رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.
وروي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: أما أنا فإني أنام على فراشي، فإن استيقظت صليت شفعاً حتى الصباح. وكان سعيد بن المسيب يفعله.
ومن صلى مع الإمام التراويح والوتر وأحب أن يوتر آخر الليل فإنه إذا سلم الإمام لم يسلم معه ويقوم ليأتي بركعة أخرى يشفع بها صلاته مع الإمام. روي ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
1316.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(11/8570)
وتر المسافر
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة القصر والجمع للمسافر هل يصلي الوتر ولو ركعة واحدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمسافر يسن له الوتر كما يسن للمقيم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر سفراً وحضراً، وله أن يوتر بركعة واحدة كما للمقيم وهو مذهب جماهير العلماء.
بل الإيتار بركعة أخف عليه وعلى أصحاب الأعذار كالمريض ونحوه، فقد جاء في المنتقى شرح الموطأ: (وقد روى علي بن زياد عن مالك: يوتر المسافر بركعة واحدة. وقد أوتر سحنون في مرضه بركعة واحدة، وذلك يدل على تخفيف ذلك على أصحاب الأعذار) .... انتهى
وللمزيد انظر الفتوى رقم:
6006 - والفتوى رقم: 916.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1423(11/8571)
قول العلماء قي تارك الوتر جملة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم ترك صلاة الوتر بالكلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للمسلم أن يترك النوافل لاسيما المؤكد منها كالوتر وغيره، ومن ترك الوتر جملة وداوم على ذلك لم تقبل شهادته عند كثير من العلماء.
قال الإمام أحمد: (من ترك الوتر عمداً فهو رجل سوء ولا ينبغي أن تقبل له شهادة) . انتهى
وقال الباجي المالكي في شرح الموطأ: (وأما ترك المندوب إليه بما كان منه يتكرر ويتأكد كالوتر وركعتي الفجر وتحية المسجد وما قد واظب عليه الناس فإن أخل أحد بفعله مرة أو مراراً لعذر أو غير عذر فلا تسقط بذلك عدالة، وأما من أقسم أن لا يفعل أو تركه جملة فإن ذلك يسقط شهادته) . انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: (الوتر سنة مؤكدة باتفاق المسلمين، ومن أصر على تركه فإنه ترد شهادته.
وتنازع العلماء في وجوبه، فأوجبه أبو حنيفة وطائفة من أصحاب أحمد، والجمهور لا يوجبونه كمالك والشافعي وأحمد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر على راحلته، والواجب لا يفعل على الراحلة. لكن هو باتفاق المسلمين سنة مؤكدة لا ينبغي لأحد تركه.
والوتر أوكد من سنة الظهر والمغرب والعشاء، والوتر أفضل من جميع تطوعات النهار كصلاة الضحى؛ بل أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل، وأوكد ذلك الوتر وركعتا الفجر) . انتهى.
ومما استدل به الجمهور على عدم وجوب الوتر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر الأعرابي أن الله تعالى افترض عليه خمس صلوات فقط قال له الأعرابي هل علي غير ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "لا إلا أن تطوع " والحديث متفق عليه.
... ... ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(11/8572)
الوتر خاتمة التهجد وقيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الوتر هي نفسها صلاة القيام أو التهجد.. وهل أجرها بعد صلاة العشاء أو قبل النوم كأجرها في ثلث الليل الأخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الوتر تكون خاتمة صلاة الليل أو التهجد، وهي منهما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي سأله كيف صلاة الليل: فقال مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة، توتر لك ما قد صليت.
وكان يقول: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً. متفق عليه.
ويصح أن يوتر بثلاث، أو بخمس، لما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس ولا يجلس في شيء إلا في آخرها.
والأفضل في صلاة الليل أن تكون في الثلث الأخير من الليل؛ لأنه وقت تنزل الرب سبحانه، وهو الذي استقر عليه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهى وتره إلى السحر. رواه مسلم.
وقد قال الله تعالى: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً [المزمل:6] .
أي أن صلاة الليل بعد الانتهاء من النوم هي أشد مواطأة بين القلب واللسان، وأجمع للتلاوة.
وقد فسرت عائشة وابن عباس ومجاهد ناشئة الليل بالقيام للصلاة بعد النوم، وهو معنى التهجد، وأما قيام الليل فلا يشترط أن يكون بعد نوم، وبهذا تبين الفارق بين قيام الليل والتهجد والوتر، وأن الوتر هو خاتمة كل واحد منهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1423(11/8573)
حكم صلاة الوتر.. ومدى مشروعية قنوت الوتر في رمضان وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال عن الصلاة: في صلاة الوتر من غير شهر رمضان هل يجب فيه الدعاء أم لا يجب فيه وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقنت في الوتر؟ وما هو حكمها؟ وجزاكم الله الف خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم صلاة الوتر، فذهب جمهورهم وهم: المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنها سنة مؤكدة وليست واجبة، للأحاديث الكثيرة التي دلت على أن الصلوات المفروضة خمس، كحديث معاذ لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فكان مما قاله له:....فإن هم أطاعو لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة.... الحديث، رواه البخاري وغيره.
وذهب أبو حنيفة إلى وجوب الوتر واحتج بأحاديث ورد فيها الأمر بالوتر، كقوله صلى الله عليه وسلم: فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة. رواه البخاري وغيره.
والجمهور يحملون هذه الأحاديث على تأكيد استحبابها وبيان فضيلتها، ومذهبهم هو الراجح.
وأما القنوت في الوتر: فقد ذهب بعض أهل العلم إلى استحبابه في النصف الثاني من شهر رمضان، وهذا مذهب الشافعي ورواية عن مالك وأحمد رحمهم الله تعالى، وذهب الحنابلة والحنفية إلى أن القنوت في الوتر مسنون في السنة كلها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما القنوات في الوتر فجائز وليس بلازم فمن أصحابه - أي النبي صلى الله عليه وسلم- من لم يقنت، ومنهم من قنت في النصف الأخير من رمضان، ومنهم من قنت السنة كلها، والعلماء منهم من يستحب الأول كمالك، ومنهم من يستحب الثاني كالشافعي وأحمد في رواية، ومنهم من يستحب الثالث كأبي حنيفة والإمام أحمد في رواية. والجميع جائز فمن فعل شيئاً من ذلك فلا لوم عليه) . انتهى من الفتوى الكبى.
وقد ثبت في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يوتر فيقنت قبل الركوع. وصححه الألباني.
وثبت عند الترمذي أنه علَّم الحسن رضي الله عنه الدعاء في القنوت، فقد روى هو وأحمد وغيرهما عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت...... الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(11/8574)
من فقه الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[المشايخ الكرام ـ حفظكم الله ـ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بعد الوتر) ، لم أجد سند الحديث ـ والله أعلم بصحة الحديث ـ. فإن كان صحيحاً فهل المقصود هنا أي لا صلاة فريضة بعد الوتر، وكيف السبيل لقيام الليل بعد الوتر إذا كانت لا صلاة بعد الوتر، وإن لم يصل المسلم الوتر على أمل النوم والاستيقاظ آخر الليل ولم يستقيظ إلاً عند أذان الفجر. أرجو الإجابة مع الشكر والدعاء بالتوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نقف على حديث بلفظ: " لا صلاة بعد الوتر".
وأما حكم الصلاة بعد الوتر فهي على قسمين:
القسم الأول: ما كان قضاء لفائتة أو صلاة لها سبب كتحية المسجد أو صلاة الخسوف ونحو ذلك فلا حرج في ذلك.
القسم الثاني: ما كان تنفلاً مطلقًا في الليل، وهذا يأتي على نوعين:
أولهما: أن يوتر الشخص وفي نيته الصلاة بعده، وهذا مكروه عند طائفة من أهل العلم منهم المالكية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً". متفق عليه، وأجازه غيرهم.
الثاني: أن يوتر الشخص وليس في نيته الصلاة بعده ثم يبدو له أن يصلي فجائز بلا كراهة، إلا أن العلماء اختلفوا هل يصلي ما شاء شفعًا ولا يوتر؟ أم أنه ينقض وتره الأول بصلاة ركعة ثم يصلي ما شاء ثم يوتر، على قولين:
الأول: أنه يصلي ما شاء دون أن ينقض وتره ولا يوتر مرة ثانية. وعلى هذا أكثر أهل العلم، قالوا: لأن الرجل إذا أوتر أول الليل فقد قضى وتره، فإذا هو نام بعد ذلك ثم قام وتوضأ وصلى ركعة أخرى فهذه صلاة غير تلك الصلاة، وغير جائز في النظر أن تتصل هذه الركعة بالركعة الأولى التي صلاها في أول الليل، فلا يصيران صلاة واحدة وبينهما نوم وحدث ووضوء وكلام في الغالب، وإنما هما صلاتان متباينتان كل واحدة غير الأولى، ومن فعل ذلك فقد أوتر مرتين، ثم إذا هو أوتر أيضًا في آخر صلاته صار موترًا ثلاث مرات، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً.
وهذا قد جعل الوتر في مواضع من صلاة الليل، وأيضًا قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا وتران في ليلة.
وهذا قد أوتر ثلاث مرات. انتهى من نيل الأوطار للشوكاني.
وهذا منقول عن أبي بكر الصديق وعمار بن ياسر وعائشة رضي الله عنهم، وكانت تقول: الذين ينقضون وترهم هم الذين يلعبون بصلاتهم.
الثاني: أنه ينقض وتره بصلاة ركعة ثم يصلي ما شاء ثم يوتر، قال الترمذي رحمه الله في سننه: (واختلف أهل العلم في الذي يوتر من أول الليل ثم يقوم من آخره.. فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم نقض الوتر وقالوا: يضيف إليها ركعة ويصلي ما بدا له ثم يوتر في آخر صلاته؛ لأنه لا وتران في ليلة، وهو الذي ذهب إليه إسحاق ...
وفي تحفة الأحوذي: (روى محمد بن نصر في قيام الليل عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: إني إذا أردت أن أقوم من الليل أوترت بركعة، فإذا قمت ضممت إليها ركعة فما شبهتها إلا بالغريبة من الإبل تضم إلى الإبل. وقاله سعد بن مالك.
أما أنا فإذا أردت أن أصلي من الليل أوترت بركعة، فإذا استيقظت صليت إليها ركعة ثم صليت ركعتين ركعتين ثم أوترت. وعن سالم كان ابن عمر رضي الله عنهما: إذا أوتر أول الليل ثم قام يصلي يشفع وتره الأول بركعة ثم يصلي بوتر.
وعن ابن عباس أنه قال: إذا أوتر الرجل في أول الليل ثم أراد أن يصلي شفع وتره بركعة ثم صلى ما بدا له ثم أوتر من آخر صلاته. وعن أسامة معناه.
وعن هشام بن عروة: كان أبي يوتر أول الليل فإذا قام شفع) . ا. هـ
وبهذا تبين أن المسألة خلافية والأخذ بالقول الأول أرجح لما سبق.
وأما إذا نام الشخص ولم يوتر على أمل أن يستيقظ آخر الليل ولم يستيقظ أو سها عن وتره حتى طلع الفجر فإنه يقضيه قبل صلاة الصبح عند جماهير أهل العلم.
وذهب بعض أهل العلم وهي رواية عن أحمد أنه لا يقضي، والصحيح الأول لورود الدليل بذلك كما سيأتي.
واختلف القائلون بالقضاء إلى متى يقضي؟ على ثمانية أقوال حكاها الشوكاني في نيل الأوطار أرجحها قولان:
الأول: أنه يقضيه ما لم يصلِّ الصبح، وهو قول ابن عباس وعطاء بن أبي رباح ومسروق والحسن البصري وإبراهيم النخعي ومكحول وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي أيوب وأبي خيثمة حكاه محمد بن نصر عنهم، إلا أن ما حكاه عن الشافعي هو قوله القديم، وأما الجديد فإنه يستحب عنده قضاؤه أبداً وهو القول الثاني قال العراقي في طرح التثريب، وعليه الفتوى عند الشافعية كما قال الشوكاني في النيل، وهو أرجح القولين لما رواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره.
وهكذا سائر النوافل المؤقتة كالعيد والضحى والرواتب في الأظهر، وأما ذوات السبب كالكسوف والاستسقاء والتحية فلا مدخل للقضاء فيها إلا إذا قطع نفلاً مطلقًا سن له قضاؤه، وكذا لو فاته ورده أي من النفل المطلق ندب له قضاؤه؛ لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى راتبة الظهر بعد العصر، وكذا كان إذا فاتته صلاته بالليل قضاها في النهار.
وننبه -الأخ السائل- إلى أن الأفضل في حق من يخشى على نفسه عدم القيام آخر الليل لصلاة الوتر أن يصليه أول الليل، كما أوصى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة رضي الله عنه، وإن غلب على ظنه القيام آخر الليل، فالأفضل له تأخيره، وهي الحالة التي استقر عليها النبي صلى الله عليه وسلم كما قالت عائشة رضي الله عنها: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله فانتهى وتره إلى السحر. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(11/8575)
الوترآكد السنن ... وكيفية قضائها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت لا أصلي صلاة الشفع والوتر ومن فترة واظبت على صلاتها ولكني رجعت وتركتها فأريد أن اسأل عن حكم صلاة الشفع والوتر وهل هي فرض؟ وماذا عليّ أن أفعل عن الأيام التي لم أصل فيها؟
أرجوكم أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الوتر سنة وليس واجباً، وخالفهم أبو حنيفة فقال: إنه واجب، وروي عنه أنه فرض، والراجح ما ذهب إليه الجمهور، ومن أقوى الأدلة وأصرحها على عدم وجوب الوتر حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خمس صلوات في اليوم والليلة.." فقال: هل علي غيرها؟ قال: " لا إلا أن تطوع.. " الحديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
قال الباجي في المنتقى شرح موطأ مالك: (وهذا نص في أنه لا يجب من الصلوات غير الصلوات الخمس لا وتر ولا غيره) . انتهى.
ومن هنا تعلم أخي السائل أنه لا يجب عليك قضاء الوتر الذي فاتك في الأيام التي أشرت إليهاولكن يندب. واعلم أنه إذا فاتك الوتر في ليلة ما فإنه يشرع لك قضاؤه شفعاً إذا أصبحت، ونصيحتنا أن تحافظ على الوتر في كل ليلة فهو من آكد السنن، التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها، ويوصي بها أصحابه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1423(11/8576)
ليس الوتر بحتم كهيئة المكتوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[من نام وهو لم يوتر ليس من أمتي ما مدى صحة الحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نعثر على هذا الحديث بهذا اللفظ، والمعروف أنه بلفظ: "الوتر حق فمن لم يوتر فليس منَّا، قالها ثلاثًا" رواه أحمد واللفظ له، وأبو داود والحاكم، وصححه وحسنه لغيره الشيخ المحقق شعيب الأرناؤوط.
وهذا الحديث من أدلة أبي حنيفة على وجوب صلاة الوتر، قال ابن المنذر: (ولا أعلم أحدًا وافق أبا حنيفة في هذا) .
وأما جمهور أهل العلم فقد ذهبوا إلى استحباب صلاة الوتر جمعًا بين هذا الحديث وأمثاله وبين الأحاديث الأخرى القاضية بعدم وجوب صلاة الوتر، كحديث طلحة بن عبيد الله قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أهل نجد وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات في اليوم والليلة، قال: هل عليَّ غيرها؟ قال: لا إلاَّ أن تطوع". متفق عليه.
وحديث ابن عباس أنه بعث معاذاً إلى اليمن وفيه: "فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة". متفق عليه
قال الشوكاني: (وهذا من أحسن يستدل به؛ لأن بعث معاذ كان قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بيسير) ٍ اهـ.
وحديث عليٍّ بن أبي طالب قال: "ليس الوتر بحتم كهيئة المكتوبة، ولكن سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم". رواه مسلم والنسائي وحسنه، والحاكم وصححه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1423(11/8577)
حكم من أوتر ثم بدا له أن يصلي القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة قيام الليل بعد صلاة الوتر أي قبل النوم وذلك لعدم قدرتي للقيام في الليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن يختم المرء صلاته في الليل بالوتر، لقوله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً. رواه البخاري وغيره، فإذا صلى المرء الوتر ثم بدا له بعد ذلك، أن يصلي ما كتب الله له فلا مانع من ذلك، لكن لا يعيد الوتر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا وتران في ليلة. رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني.
قال النووي في المجموع: (إذا أوتر ثم أراد أن يصلي نافلة، أم غيرها في الليل، جاز بلا كراهة، ولا يعيد الوتر) . انتهى
فإذا تعمد تقديم الوتر مع وثوقه بأنه سيصلي بالليل، جاز مع الكراهة، كما صرح بذلك المالكية، وقيدو الكراهة بأن يكون التعمد قبل الدخول في صلاة الوتر.
قال في الشرح الكبير: (وجاز التنفل بعد الوتر، ولو لم يتقدم له نوم، إذا طرأ له نية التنفل بعد الوتر أو فيه، ولم يوصله بوتره، بأن فصل بينهما بفاصل عادي وإلا كره) . انتهى، وراجع الفتوى رقم: 2165.
2-
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1423(11/8578)
الوقت المشروع لصحة ابتداء صلاة الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي صلاة الشفع والوتر وهل لي أن أصليها عقب صلاة العشاء مباشرة دون أن أصلي سنة العشاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد مضى بيان معنى الشفع والوتر في الفتوى رقم:
896، كما بينا صفتها في الفتوى رقم: 1313.
وصلاة الوتر عقب صلاة العشاء مباشرة صحيحة لأن ذلك أول وقته.
قال النووي في المجموع: الصحيح المشهور الذي قطع به المصنف والجمهور أنه يدخل بفراغه من فريضة العشاء، سواء صلى بينه وبين العشاء نافلة أم لا. انتهى
وقال ابن قدامة في المغني: ووقته ما بين العشاء وطلوع الفجر الثاني. انتهى
ولكن الأفضل أن يصلي سنة العشاء أولاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً. رواه البخاري وغيره، وراجع الفتوى رقم:
8288.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1423(11/8579)
أجوبة حول صلاة الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الكيفية الصحيحة لأداء صلاة الوتر وماهو وقتها الأفضل علماً بأنني أصليها دائما بعد سنة صلاة العشاء أو قبل النوم وأصليها ثلاث ركعات بتشهد واحد وأقرأ في الركعه الأولى سورة الأعلى وفي الثانية سورة الكافرون وفي الثالثة سورة الإخلاص فهل هذا صحيح أفيدوني وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم صلاة الوتر وعدد ركعاتها ووقتها وما يقرأ فيها وكيفية قضائها وصلاتها جماعة وذلك في الفتاوى التالية أرقامها:
896
2165
1313
687
8288
18117.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1423(11/8580)
أقل الوتر وأكثره
[السُّؤَالُ]
ـ[أدخل إلى المسجد في صلاة العشاء وأصلي ركعتي السنة وبعد صلاة العشاء أوتر بركعة واحدة هل هذا صحيح أم يلزمني ركعتا السنة. وفي بعض الأحيان آتي إلى صلاة العشاء متأخراً وأصلي ركعتي السنة ولا أوتر هل هذا صحيح؟ وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للأخ السائل أن يعلم أن الصلوات المسنونة قبل الفرائض أو بعدها قسمان:
الأول: سنن راتبة أي مؤكدة داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي: ركعتان قبل الفجر، وركعتان قبل الظهر، وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء.
والثاني: من أنواع الصلوات المسنونة: سنن غير راتبة وهي ما عدا ما ذكر.
وبهذا يتبين أن السنة الراتبة بالنسبة للعشاء هي ركعتان بعدها، وأما قبلها فيستحب أن يصلي المسلم ركعتين لقوله صلى الله عليه وسلم: "بين كل أذانين صلاة لمن شاء". رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وقوله "أذانين" المراد بهما الأذان والإقامة.
وأما الوتر فسنة مستقلة يبدأ وقتها بالانتهاء من صلاة العشاء، وينتهي بطلوع الفجر، وأقلها ركعة على الصحيح من أقوال العلماء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى". رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وأكثرها: إحدى عشرة ركعة: وقيل: ثلاث عشرة ركعة، فمن أوتر بركعة فصلاته صحيحة.. والأولى له أن يوتر بثلاث خروجاً من خلاف من خالف من أهل العلم فقال: أقل الوتر ثلاث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1423(11/8581)
الوقت المفضل لصلاة الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[متى تكون صلاة الوتر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وقت صلاة الوتر يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، لما رواه مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الوتر، فقال: " أوتروا قبل الصبح".
ولكن الأفضل أن يكون في الثلث الأخير من الليل لمن ينتبه فيه، لما ورد في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ "
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1423(11/8582)
أثر ابن عباس عن قنوت الفجر لا يصح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قول بن عباس عن قنوت الفجر أنه بدعة صحيح أم لا؟ وشكرا.........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن القنوت في الفجر في الفتوى رقم:
3394.
أما أثر ابن عباس فقد رواه الدارقطني، وقال البيهقي:لا يصح. وجاء مثله عن ابن عمر رواه الطبراني وفيه ضعف أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(11/8583)
من أوتر بركعة يلزمه سجودان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الوتر (ركعة واحدة) بسجود واحد أم سجودين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أحب أن يوتر بركعة واحدة فله ذلك وعليه أن يسجد سجودين ثم يقرأ التشهد ثم يسلم.
والأولى أن يوتر بثلاث خروجاً من خلاف من خالف من أهل العلم في أقل الوتر فقال أقله ثلاث ركعات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1423(11/8584)
تأخير الوتر لآخر الليل مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم بالنسبة لقيام الليل هل يصح أن يصلي المصلي عشر ركعات بعد صلاة العشاء ثم ينام وينهض في الثلث الأخير من الليل ويصلي ركعة الوتر أم يجب أن يتصل قيام الليل ببعضه البعض أي يصلي إحدى عشرة ركعة في الثلث الأخير. وضحوا لنا هذه المسائل وأفيدونا جزاكم الله كل خيرٍ وأرجوا الإهتمام.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلك أن تصلي ما قدر الله لك من صلاة بعد صلاة العشاء، ثم تؤخر الوتر إلى ما قبل طلوع الفجر، بل يستحب لك ذلك، ففي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوتر ركعة من آخر الليل.
ولا يجب أن يتصل قيام الليل بعضه ببعض، وإن كان اتصاله أفضل لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1423(11/8585)
حكم صلاة الوتر والنوافل جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الوتر جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الوتر وصلاة النافلة عموماً جماعة مشروعة، لما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم ليلة صلاة الليل، فأطال رسول الله صلى الله عليه وسلم القيام حتى همَّ ابن مسعود بالجلوس.
وكذلك صح عن ابن عباس وحذيفة؛ بل ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم جماعة بالمسجد في رمضان ليلتين أو ثلاثة. كما في الموطأ.
وتدل هذه الآثار على جواز صلاة النافلة جماعة، ولكن كثيراً من أهل العلم كرهوا المداومة على ذلك وإظهاره خاصة في المسجد في غير رمضان، لأن ذلك لم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم، ولا من هدي أصحابه والتابعين لهم بإحسان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1423(11/8586)
صلاة الوتر حسب مذهب الإمام أحمد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن تصلى صلاة الوتر خمس ركعات بتشهد واحد في آخر ركعة؟ ولو كانت ثلاث ركعات هل نتشهد فقط في آخر ركعة؟ أرجو الرد على المذهب الحنبلي مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الوتر في المذهب الحنبلي أقلها ركعة وأكثرها إحدى عشرة ركعة، قال الإمام المرداوي في الإنصاف: هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. وجزم به في الوجيز، وغيره، وقدمه في الفروع وغيره. وقال: الصحيح من المذهب أنه لا يكره أن يوتر بركعة ويسلم من كل ركعتين. قال المرداوي هذا المذهب وعليه الجمهور. وهذا إذا صلى إحدى عشرة ركعة، فإن أوتر بتسع سرد ثمانياً، وجلس وتشهد ولم يسلم، ثم صلى التاسعة وتشهد وسلم. وهذا هو المذهب وعليه جمهور الحنابلة.
وإن أوتر بسبع أو خمس سردهن فلا يجلس ندبا إلا في آخرهن، لما روى مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها.
وجعل الثلاث بسلامين أفضل من جعلها بسلام واحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1423(11/8587)
المواظبة على صلاة الجماعة للنوافل بدعة مكروهة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة الوتر جماعة مع الزوجة قبل النوم يوميا والجهر فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في صلاة الوتر وغيرها من النوافل أن تصلى على انفراد، لكن لو صليت جماعة جاز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين كليهما، وكان أكثر تطوعه منفرداً، وصلى بأنس وأمه واليتيم كما جاء في البخاري، وقال الحافظ في شرحه: وفيه جواز صلاة الجماعة للنافلة. ا. هـ
وكذلك أمَّ الرسول صلى الله عليه وسلم ابن عباس في صلاته بالليل، فإذا كنت تصلي الوتر جماعة أحياناً فلا بأس، وإن كان على سبيل المواظبة فلا ينبغي لك ذلك، فقد ذهب طائفة من أهل العلم كما جاء في رد المحتار لابن عابدين كتاب الصلاة باب الوتر والنوافل: إلى أن المواظبة على صلاة الجماعة للنوافل بدعة مكروهة.
وإذا صليت الوتر جماعة أو منفرداً جهرت بالقراءة، إذ الجهر في صلاة الليل مستحب ما لم يشوش على مصل آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8588)
لا حرج على من صلى الوتر على قول الجمهور أو الأحناف
[السُّؤَالُ]
ـ[في فتوى من فتاويكم (عنوانها كيفية صلاة الشفع والوتر) قلتم: إنه يمكن أن يصلى الشفع والوتر متصلين لكن بدون أن يقعد للتشهد بعد أول ركعتين كي لا تشبه صلاة المغرب.
ثم في فتوى أخرى (عن عدد ركعات سنة العشاء وعدد ركعات الوتر عند الأحناف) كان هناك عن العيني: أن صلاة الوتر 3 ركعات بتشهد بعد أول ركعتين ولكن لا يوجد تسليم (أي يوجد تشهد) مثل صلاة المغرب.
ثم كان هناك في فتوى (كيفية صلاة الوتر) كتبتم: أنها يمكن أن تصلى ركعة أو 3 أو 5 أو..إلى 11 ركعة متصلة لكن يوجد تشهدان في الأخيرة والتي قبل الأخيرة (وهذا ينطبق على 3 ركعات أيضا) أي ستكون مثل المغرب فهل يمكنكم التوضيح؟ كيف نصلي 3 ركعات الوتر هل مثل المغرب (أي بقعود مرتين للتشهد) أم لا؟ حيث أن هناك رأيين متناقضين فيما كتبتم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام على ما ذكره السائل في الفتوى رقم: 9762، والفتوى رقم: 896، والفتوى رقم: 1313.
وهي الفتاوى المشار إليها في السؤال، وليس فيها تناقض فراجعها بتمعن.
والخلاصة: أن الأمر فيه سعة، فالجمهور لهم أدلتهم، والحنفية لهم أدلتهم، ومن أراد أن يأخذ بأحد القولين، فلا شي عليه، ولكن المفتى به عندنا في هذه المسألة هو مذهب الجمهور، وهو الذي رجحناه في كل الفتاوى المذكورة، ونؤكد عليك مرة أخرى أن تراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1423(11/8589)
من فاته الوتر حتى أصبح متى يقضيه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- فضيلة الشيخ سؤالي هوعن صلاة الوتر إذا لم أصل صلاة الوتر في الليل يقول البعض أن نقضيها مع الضحى ويقول البعض الآخر أن نقضيها مع الظهر فأيهما أصح؟
أفيدونا وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في من فاته الوتر حتى أصبح متى يقضيه؟
فذهب جمهور العلماء إلى أنه يقضيه قبل صلاة الفجر.
وذهب آخرون إلى أن له أن يقضيه أبدا، ليلا ونهارا، وهو معتمد مذهب الشافعية، وهو الراجح لما روى أبوداود عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره".
وفي المسألة أقوال أخرى أوصلها الشوكاني إلى ثمانية، منها: أن له القضاء ما لم تزل الشمس، يعني: إلى وقت الظهر. وهو مذهب الشعبي وعطاء والحسن وطاووس ومجاهد وروي عن ابن عمر.
ومنها: أن له القضاء حيث ذكره نهارا.
ومنها: أنه لا يقضيه بعد الصبح حتى تطلع الشمس، فيقضيه نهارا حتى يصلي العصر، ولا يقضيه بعده، ويقضيه بين المغرب والعشاء، ولا يقضيه بعد العشاء لئلا يجمع بين وترين في ليلة، وهذان القولان محكيان عن الأوزاعي رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1423(11/8590)
ما يشرع للمأموم قوله أثناء القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[-أثناء قنوت الإمام في الوتر أو في صلاة الفجر يردد المصلون (آمين) بعد كل دعاء ومن المعروف أنه يتخلل الأدعية شيء من التسبيح والتمجيد لله فبعض المصلين يرددون (سبحانك) والبعض يصمت وقتها. فما هو الصحيح]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن يؤمن المأموم على دعاء الإمام، لأن المؤمن بمنزلة الداعي، كما ذكر المفسرون في قوله تعالى عن موسى وهارون: (قد أجيبت دعوتكما) [يونس:89] مع أن الداعي هو موسى، وليس لهارون مقالة إلا أنه كان يؤمن، ومع هذا سماه الله في كتابه داعياً. هكذا قالوا. وكلمة (آمين) تعني عند أكثر أهل العلم: (اللهم استجب لنا) وليعلم أن دعاء القنوت في صلاة الفجر خاصة، هو مذهب الشافعية والمالكية، فالمالكية يستحبونه سراً للإمام والمأموم والمنفرد وقبل الركوع، لما فيه من الرفق بالمسبوق، لتتاح له الفرضة في إدارك الركعة، ولأنه دعاء طلب يستحب إخفاؤه، أما الشافعية، فمذهبهم أن الإمام يجهر به بعد الرفع من الركوع، ويؤمن المأموم على كلمات الدعاء الخمس وهي: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت. ويوافق الإمام في الثناء سراً، يعني يقول مثل ما يقول، وهو من أول قوله: (إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت وتعاليت) ويجوز للمأموم عندهم أن يسكت أيضاً عند قول الثناء. قال النووي في المجموع: والمشاركة أولى لأنه ثناء وذكر لا يليق فيه التأمين. ا. هـ
ونقل بعض علماء الشافعية ومنهم الشربيني الخطيب في مغني المحتاج عن المتولي أن المأموم يقول: أشهد. وعن الغزالي أنه يقول: صدقت وبررت، إلا أن ذلك خلاف المعتمد في المذهب، ولذلك ذهب الخطيب إلى بطلان صلاة المأموم إن قال ذلك حيث قال: "والأوجه البطلان فيهما"ا. هـ
والخلاصة أن الآخذ بمذهب الشافعية في القنوت عليه أن يؤمن في الدعاء، وأن يوافق الإمام في الثناء، أو يؤمن في الدعاء ويسكت في الثناء.
هذا هو التحرير في مذهبهم، وما قيل هنا في قنوت الفجر يقال أيضاً في قنوت الوتر عند من يراه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1422(11/8591)
أوتر أول الليل وأراد القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[1-صليت التراويح في المسجد وأوترت مع الإمام، وقبل النوم رغبت بأن أصلي،،،
فما الواجب فعله؟ ... هل أصلي ركعة ومن ثم أوتر مرة أخرى بعد الانتهاء من الصلاة أم أصلي بدون وتر؟؟؟؟
جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أردت أن تصلي بعدما صليت التراويح والوتر، فصل ما شئت من النوافل مثنى مثنى أي ركعتين ركعتين، ولا توتر مرة أخرى لأنه لا وتران في ليلة، أما قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى" رواه البخاري ومسلم. فهو في حق من لم يوتر في أول الليل.
وراجع الفتوى رقم:
25036
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1422(11/8592)
صلاة الوتر في المذهب الحنفي
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية صلاة الوتر على المذهب الحنفي بالتفصيل (آسف كتب السؤال سابقا بالخطأ) وأرجو المعذرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كيفية صلاة الوتر عند الحنفية هي: أن يصلي المصلي ثلاث ركعات يجلس بعد الثانية منهن، ويتشهد ولا يسلم إلا في آخرهن، يقرأ في الأولى الفاتحة والأعلى، وفي الثانية الفاتحة والكافرون، وفي الثالثة الفاتحة والإخلاص، ثم عندما ينتهي من القراءة في الثالثة يكبر وهو قائم، ويدعو بدعاء القنوت: "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله ولا نكفرنك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك بالكفار ملحق" ثم يركع ويتم صلاته، وهذه الصورة متعينة عندهم في صلاة الوتر.
واستدلوا لذلك بما أخرجه الحاكم في المستدرك عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاثٍ، لا يسلم إلا في آخرهن.
واستدلوا أيضاً بما أخرجه الطحاوي عن أبي العالية قال: علمنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الوتر مثل صلاة المغرب، غير أن نقرأ في الثالثة، فهذا وتر الليل، وهذا وتر النهار.
ولا يجوز عندهم الإيتار بركعة واحدة ويسمونها البتراء، ويروون في النهي عنها حديثاً لم يثبت عند أهل العلم.
والوتر عندهم واجب، وهو عند الجمهور سنة مؤكدة، ولكونه واجباً عند الأحناف ألزم المرء أن يصليه قائماً، وأن يقضيه إذا فاته، سواء كان سبب الفوات النسيان أم العمد، وسواء طالت المدة أم قصرت.
فهذا مجمل كيفية صلاة الوتر في المذهب الحنفي، ولكن عليك أن تعلم أن الواجب على المسلم هو العمل بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعدم التعصب لمذهب معين، أو قول مهما كانت جلالة قائله إذا كان الراجح من حيث الدليل خلافه.
لذلك، فالذي تقتضي الأدلة رجحانه هو أن الوتر سنة مؤكدة، وليس بواجب وجوب الصلوات الخمس، وأنه يجوز الإيتار بواحدة، وإن كان الأكمل أن يوتر المرء بثلاثٍ أو خمس أو سبع، وفي حالة الإيتار بثلاث ينبغي أن لا تكون مثل المغرب، وإنما يفصل بين الركعتين والركعة بتسليم، أو يوصل الجميع من غير جلوس بعد الثانية، وأن الوتر مثل غيره من النوافل يجوز أن يصليه المرء جالساً، وأن يصليه على الراحلة.
أما أدلة عدم الوجوب، فهي كثيرة منها: حديث الأعرابي الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام، فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلوات الخمس إلا أن تطوع" إلى آخر الحديث، وفيه أن الأعرابي قال: والله لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق".
وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "خمس صلوات في اليوم والليلة"، فقال الأعرابي: هل علي غيرها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا، إلا أن تطوع" والحديث في الصحيحين وغيرهما.
فالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث نفى فرضية أي صلاة ما سوى الصلوات الخمس، وأخبر بفلاح من التزم بهن، ولم يزد عليهن شيئاً.
ومنها بعض الآثار عن الصحابة، منها ما ثبت عن علي رضي الله عنه أنه قال: الوتر ليس بحتم، كصلاتكم المكتوبة، ولكن سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: "إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن".
أخرجه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، والترمذي والنسائي، وابن ماجه في سننهم، والإمام أحمد في المسند.
ومنها ما ثبت أن عبادة بن الصامت سئل عن الوتر؟ فقال: أمر حسن عمل به النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمون من بعده، وليس بواجب.
وأما دليل جواز الإيتار بواحدة فمنه ما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح، فأوتروا بواحدة".
وزاد مسلم في روايته: فقيل لابن عمر ما مثنى مثنى؟ قال: أن تسلم في كل ركعتين.
وورد تفسير ابن عمر هذا مرفوعاً في بعض روايات المسند لهذا الحديث.
ومنه ما في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الوتر ركعة من آخر الليل.
ومنه ما في السنن وصحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الوتر حق، فمن أحب أن يوتر بخمس فليوتر، ومن أحب أن يوتر بثلاثٍ فليوتر، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليوتر بها، ومن شق عليه ذلك، فليومئ إيماءً".
فهذه الأحاديث وأمثالها تدل على جواز الإيتار بركعة واحدة.
وظاهرها يدل على أنه سواء تقدم على تلك الركعة شفع قبلها أو لا، وما استدل به القائلون على عدم جواز ذلك مما هو ثابت صالح الاحتجاج ليس دليلاً في محل النزاع، وغاية ما فيه إثبات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، أو أنه الأولى، وهذا محل اتفاق.
وأما الدليل على أن من أوتر بثلاث عليه أن لا يصليها على هيئة صلاة المغرب، فهو ما أخرجه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقال الذهبي في التلخيص على شرطهما وأخرجه ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا توتروا بثلاثٍ تشبهوا بصلاة المغرب، ولكن أوتروا بخمس أو سبع، أو بإحدى عشرة ركعة، أو أكثر من ذلك". وهذا لفظ الحاكم.
وحديث عائشة المتقدم الذي استدل به المخالفون ليس فيه تصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الثلاث بتشهدين مثل صلاة المغرب، وغاية ما فيه أنه كان لا يسلم إلا في آخرها، فيحمل فعله ذلك على أنه كان يصليها متصلة يجلس في آخرها فقط، ويسلم، جمعاً بين الأحاديث، كما قال الحافظ ابن حجر وغيره.
وأما دليل عدم اشتراط القيام في صلاة الوتر، فهو ما أخرجه الشيخان وغيرهما من أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يوتر على بعيره".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1422(11/8593)
صلاة الوتر بهذه الكيفية مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تكون صلاة الوتر ثلاثة عشر ركعة بتشهد واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من أن يصلي المرء الوتر ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو تسعاً أو أحد عشر أو ثلاث عشرة ركعة بتشهد واحد، دليل ذلك ما ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم من أنه كان يوتر بخمس ركعات لا يجلس بينهن حتى يجلس في الخامسة ثم يسلم.
كما ثبت أيضاً أنه كان يصلي تسعاً بتشهدين وسلام واحد، فيصلي ثمانياً سرداً لا يجلس في شيء منهن إلا في الثامنة يجلس يذكر الله تعالى ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة ثم يقعد ويتشهد ويسلم.
والحديثان أخرجهما مسلم.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم بعد أن ساق جملة من الأحاديث في هذا الباب قال: هذا كله دليل على أن الوتر ليس مختصاً بركعة، ولا بإحدى عشرة، ولا بثلاث عشرة، بل يجوز ذلك وما بينه، وأنه يجوز جمع ركعات بتسليمة واحدة.
وهذا لبيان الجواز وإلا فالأفضل التسليم من كل ركعتين، وهو المشهور من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره بصلاة الليل مثنى مثنى. انتهى كلامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1422(11/8594)
تحديد وقت صلاة الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأخير ركعات الوتر إلى قبيل صلاه الفجر؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلابد من بيان اتفاق العلماء - كما قال ابن رشد رحمه الله - على أن وقت الوتر يبدأ من بعد صلاة العشاء، وينتهي عند طلوع الفجر، لورود ذلك من طرق شتى عنه عليه الصلاة والسلام، ومن أثبت ما في ذلك: ما خرجه مسلم عن أبي نضرة العوفي أن أبا سعيد أخبرهم أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الوتر؟ فقال: "الوتر قبل الصبح" بداية المجتهد (1/301) .
وعند ابن حبان: "من أدرك الصبح ولم يوتر فلا وتر له" صحيح ابن حبان (4/64) ، والسنن الكبرى للبيهقي (2/478) ، والمستدرك للحاكم (1/301) ، وصحيح ابن خزيمة برقم: 1092
وقد استدل جماعة من العلماء بهذين الحديثين على أنه لا يشرع الوتر بعد خروج الوقت، فإذا دخل وقت الفجر لم يشرع الوتر، لكن حكى ابن المنذر عن جماعة من السلف أن الذي يخرج بالفجر وقت الوتر الاختياري، وأما وقته الاضطراري فيبقى إلى قيام صلاة الصبح (سبل السلام للصنعاني 2/33) .
أما من نسي الوتر، أو نام عنه، فله حكم آخر قد بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "من نام عن الوتر أو نسيه، فليصل إذا أصبح أو ذكر" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد.
وعلى هذا، فالوقت المختار للوتر هو ما بعد صلاة العشاء إلى أذان الفجر لما تقدم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى" رواه البخاري ومسلم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الحاكم.
وينبغي أن يحرص المسلم على صلاة الوتر في هذا الوقت، ومن فاته الوتر في الليل، فليقضه شفعاً بالنهار من بعد طلوع الشمس إلى قبيل الزوال. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1422(11/8595)
صلاة الوتر حسب المذهب الحنفي
[السُّؤَالُ]
ـ[كم ركعة سنة صلاة العشاء وكم ركعة الوترعلى المذهب الحنفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوتر عند الأحناف: ثلاث ركعات متصلات، لا يفصل بينهن بسلام.
قال في البناية في شرح الهداية: (الوتر ثلاث ركعات لا يفصل بينهن بسلام، لما روت عائشة -رضي الله عنها- أنه عليه الصلاة والسلام كان يوتر بثلاث) .
قال العيني: (قال -أي القدوري-: الوتر ثلاث ركعات لا يفصل بينهن بسلام، بل يتشهد عند الثانية، ولا يسلم، ويتشهد عند الثالثة ويسلم، وهو قول عمر، وعلي، وابن مسعود وأبّي، وأنس، وابن عباس، وأبي أمامة، وعمر بن عبد العزيز، واختاره الأكثرون وابن المبارك.. لما روت عائشة -رضي الله عنها- أنه عليه الصلاة والسلام كان يوتر بثلاث.
أي: بثلاث ركعات لا يفصل بينهن بسلام، لما روى النسائي في سننه عن عائشة -رضي الله عنها-: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسلم في الركعتين الوتر" رواه الحاكم في المستدرك، وقال: إنه صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه، ولفظه قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن") البناية في شرح الهداية للعيني 2/575.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1422(11/8596)
القول الراجح في رفع اليدين أثناء القنوت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من السنة رفع اليدين والأكف إلى السماء أثناء دعاء القنوت؟ أريد دليلا واضحاً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في رفع اليدين في دعاء القنوت، فذهب إلى استحبابه الشافعية في المشهورعندهم، وبه قال أحمد، وإسحاق، والحنفية، وكان مالك والأوزاعي لا يريان ذلك. ودليل من استحبه أنه دعاء فيندرج تحت الدليل المقتضي لاستحباب رفع اليدين في الدعاء، ومن قال يكره علل ذلك بأن الغالب على هيئة العبادة التعبد والتوقيف، والصلاة تصان عن زيادة عمل غير مشروع فيها، فإذا لم يثبت دليل على رفع اليدين في القنوت كان الدليل على صيانة الصلاة عن العمل الذي لم يشرع أخص من الدليل الدال على رفع اليدين في الدعاء.
والراجح - والله أعلم - أن رفع اليدين في دعاء القنوت مستحب سواء كان قنوت نازلة أم كان قنوت وتر، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه في دعائه على المشركين الذين قتلوا السبعين قارئاً، وكان ذلك في صلاة الصبح. فقد قال أنس رضي الله عنه: (فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الغداة رفع يديه فدعا عليهم) رواه أحمد والطبراني في الصغير. وأما في القنوت بالوتر فلأنه ثابت عن عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم: ولم يكونوا ليفعلوه من تلقاء أنفسهم مع ما استقر عندهم من أن العبادة يجب أن تصان عما لم يقم الدليل على مشروعيتة فيها وقد كانوا يصلون خلف النبي صلى الله عليه وسلم وهو القائل "صلوا كما رأيتموني أصلي" وذلك من حديث مالك بن الحويرث الطويل الذي رواه البخاري.
قال ابن حجر في التلخيص (حديث رفع اليدين في القنوت روي عن ابن مسعود وعمر وعثمان، أما ابن مسعود فرواه ابن المنذر والبيهقي، وأما عمر فرواه البيهقي وغيره وهو في رفع اليدين للبخاري، وأما عثمان فلم أره، وقال البيهقي: وروي أيضاً عن أبي هريرة) اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1421(11/8597)
إمام تذكر في صلاة الصبح أنه لم يوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام نسي أن يصلي الوتر ثم تذكر أثناء صلاة الصبح وهو يؤم بالجماعة أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإمام إذا تذكر أثناء صلاته الفجر بالناس أنه لم يصل الوتر فعليه أن يتمادى، ولايجوز له أن يقطع صلاته، ويستحب له أن يقضيه شفعاً نهاراً قبل الظهر، لما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها في حديث طويل وفيه: "…..وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رمضان 1421(11/8598)
أقوال العلماء في صلاة الوتر حين جمع الصلاة.
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في البوسنة نتعرض لثلوج وأحوال مناخية صعبة مما يحملنا على جمع الصلوات, والسؤال عندجمعنا للمغرب والعشاء تماما في وقت المغرب
فهل نصلي سنة المغرب والعشاء والوتر بعدانتهائنا من الجمع أم نؤجل الوتر وسنة العشاء إلى وقت العشاء
... أفتونا مأجورين أن شاء الله تعالى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سنة المغرب والعشاء في حالة جمعهما تصلى بعدهما ولا يصح تقديم سنة المغرب على صلاة العشاء جمع تقديم لأن ذلك مخل بأحد شروط ذلك الجمع وهو المولاة بين الصلاتين المجموعتين، وصلاة النوافل في البيوت أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة" متفق عليه. كما يسن الفصل بين الفرض والسنة بانتقال أو كلام أو غير ذلك: لقول معاوية رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك: أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج. رواه مسلم. أما بالنسبة للوتر فقد اختلف الفقهاء متى يبدأ وقته؟ فيبدأ عند الحنفية والمالكية من نهاية صلاة العشاء ومغيب الشفق، فلو صلي قبل غروب الشفق فإنه لا يجزئ ولو صليت العشاء، وعند الشافعية والحنابلة يبدأ من بعد صلاة العشاء ولو لم يغب الشفق، كأن جمعت مع المغرب جمع تقديم، والأحوط -والله تعالى أعلم- تأخير الوتر إلى مغيب الشفق خروجاً من خلاف من يقول بعدم إجزاء قبل الشفق.
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8599)
يقنت المقتدي إذا قنت إمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة الفجر الإمام يرفع يده ويقول الدعاء فماذا أفعل أنا هل أرفع وهل أقول آمين أم ماذا وإذا أسر الإمام بدعاء القنوت قبل الركوع هل أدعو أم أقرأ القرآن؟ أرجو توضيح المسألة.؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الأئمة رحمهم الله في مشروعية القنوت في صلاة الفجر، فذهب أحمد وأبو حنيفة رحمهما الله إلى أنه لا يسن القنوت في صلاة الصبح ولا في غيرها من الصلوات سوى الوتر. لما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعو على حي من أحياء العرب ثم تركه. وعن أبي مالك قال: قلت لأبي إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ههنا بالكوفة نحواً من خمس سنين أكانوا يقنتون في الصبح؟ قال: أي بني محدث. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم. وذهب مالك والشافعي إلى أن القنوت في صلاة الصبح سنة في جميع الزمان، لأن أنساً قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا. رواه أحمد، وكان عمر رضي الله عنه يقنت في الصبح بمحضر من الصحابة وغيرهم. والخلاف في ذلك يسع الجميع، لأنه من الخلاف المعتبر، ولا ينكر فيه على المخالف، وحيث صلى الإنسان خلف من يقنت، رفع يديه وأمن على دعائه لعموم الأدلة الدالة على مشروعية رفع اليدين في الدعاء واستحبابه.
هذا إذا جهر الإمام بالقنوت أما إذا أسر به فإن المأموم يقنت سراً وكذلك إذا جهر به الإمام ولم يسمعه المأموم لبعده أو نحو ذلك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1421(11/8600)
معنى الشفع والوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المقصود بالشفع والوتر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالشفع معناه لغة الزوج من العدد، ومنه الشافع وهو الذي يكون ثانياً يعزز المشفوع له ويزيل تفرده ويقوي ضعفه، والوتر: الفرد، والشفع والوتر اللذان أقسم الله تعالى بهما في قوله عز من قائل: (والشفع والوتر) [الفجر: 3] اختلف العلماء في المراد بهما، ولعل ما أخرجه الإمام أحمد والنسائي والبزار والحاكم وصححه عن جابر مرفوعاً من أن الوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر هو أثبت شيء في تفسيرهما. والوتر في المصطلح الفقهي هو الصلاة التي تختم بها صلاة الليل سميت بذلك لأنها تصلى وتراً أي ركعة واحدة أو ثلاثاً أو نحو ذلك لما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها. " هذا إذا لم يفصل بين الركعة الأخيرة وبين ما قبلها بسلام، للحديث المتقدم، فإن فصل بينها وبين ما قبلها بسلام كان الوتر اسماً للركعة المفصولة وحدها، وكان ما قبلها شفعاً سواء كان ركعتين أو أربعاً أو ستاً أو أكثر، لقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن صلاة الليل: "مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى". الحديث متفق عليه.
وقد يراد بالشفع الركعتان اللتان تسبقان الوتر فقط وهما اللتان يقرأ فيهما بالأعلى والكافرون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8601)
حكم صلاة الوتر مع أذان الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة الوتر والفجر يؤذن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجوز صلاة الوتر والمؤذن يؤذن لصلاة الفجر إذا لم يتمكن المسلم من صلاتها قبل ذلك، والأولى أن يردد ألفاظ الأذان ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويسأل له الوسيلة ثم يصلي الوتر بعد ذلك. ووقت الوتر هو ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، فإن لم يصل في هذا الوقت صلي ما بين طلوع الفجر وصلاة الفجر قضاءً.
وينبغي للمسلم أن يحرص على أن يصليه في وقته، فإن وثق من نفسه أنه سيقوم آخر الليل فليؤخره إلى ذلك الوقت فإنه أفضل.
وإن لم يثق من نفسه صلاه قبل أن ينام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1421(11/8602)
متى تصلى الوتر في جمع التقديم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عند جمع المغرب مع العشاء في الصلاة في المسجد هل أصلي الوتر أم انتظر لبعد أذان العشاء؟. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في صلاة الوتر مباشرة بعد صلاة العشاء المجموعة جمع تقديم مع المغرب وذلك ناشئ عن اختلافهم في وقت الوتر متى يبدأ؟ فمن رأى أن وقت الوتر يبدأ من مغيب الشفق لم يجز عنده تقديم الوتر قبل ذلك. ومن رأى أن وقتها يبدأ من بعد الفراغ من صلاة العشاء حيث صليت مقدمة أو في وقتها أجاز تقديم الوتر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8603)
قنوت النوازل.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو قنوت النوازل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا نزل بالمسلمين نازلة، كوباء أو مطر يضر بالعمران والزرع أو خوف عدو أو أسر عالم، أو عدوان أو ضطهاد للمسلمين شرع لهم القنوت في الركعة الأخيرة من جميع الصلوات المكتوبات قبل الركوع أو بعده. والأصل في ذلك:
1- ما رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعو على أحياء من العرب ثم تركه. وفي لفظ للبخاري: قنت شهراً حين قتل القراء فما رأيته حزن حزناً قط أشد منه.
2- وما رواه أحمد ومسلم والترمذي عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة المغرب والفجر.
3- وما رواه أحمد وأبو داود عن ابن عباس أنه قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة، يدعو عليهم، يدعو على حي من بني سليم، على رعل وذكوان وعصية، ويؤمن من خلفه.
4- وما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: لأقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة في صلاة الظهر والعشاء الأخيرة وصلاة الصبح بعدما يقول: سمع الله لمن حمده، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار. وفي رواية لأحمد: صلاة العصر، مكان: صلاة العشاء الآخرة.
وقد اختلف الفقهاء في هذا القنوت على أربعة أقوال:
الأول: وهو مذهب الحنفية، أن الإمام يقنت في الصلاة الجهرية عند وقوع النازلة كفتنة وبلية، والثاني ما ذهب إليه المالكية في المشهور: ألا يقنت في غير الصبح مطلقاً، لكن لو قنت لم تبطل الصلاة.
والثالث: ما ذهب إليه الشافعية وهو مشروعية القنوت للنازلة في جميع الصلوات المكتوبة، وصرح النووي بأن الأصح استحبابه، وإذا قنت في غير الصبح لنازلة، فهل يجهر بالقنوت أم يسر به؟ قال النووي: الراجح أنها كلها كالصبح، سرية كانت أم جهرية.
والرابع: وهو ما ذهب إليه الحنابلة وهو أن قنوت النازلة مختص بالإمام الأعظم. وفي رواية عن أحمد: يقنت إمام الجماعة وكل مصل، اختاره الشيخ تقي الدين.
والصحيح من مذهبهم أن القنوت يكون في جميع الصلوات المكتوبة إلا الجمعة.
واختلف الفقهاء في القنوت لأجل الطاعون.
فذهب الحنابلة أنه لا يقنت لرفع الطاعون لأنه لم يثبت القنوت في طاعون عمواس ولا في غيره، ولأنه شهادة للأخيار فلا يسأل رفعه.
وذهب الحنفية والشافعية إلى استحباب القنوت لصرف الطاعون باعتباره من أشد النوازل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8604)
من فاته الوتر بالليل فإنه يقضيه في النهار شفعا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نمت عن صلاة الوتر وأردت أن أصليها في الصباح فهل أصليها ركعة أم ركعتين؟
حيث أنني قد سمعت حديثا لا أعلم مدى صحته، الحديث: " لا وتران في ليلة".]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن فاته الوتر بسبب نوم أو نسيان قضاه في النهار شفعا، فإن كان يصلي ثلاثا صلى أربعا، وإن كان يصلي خمسا صلى ستا وهكذا. ودليل ذلك ما رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان في حديث طويل عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان إذا شغله عن قيام الليل نوم أو وجع أو مرض صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة".
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، فدل حديث عائشة رضي الله عنها أنه كان إذا فاتته صلاة الليل يقضيها في النهار شفعا.
وأما حديث "لا وتران في ليلة" فقد رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وحسنه ابن حجر وصححه الألباني ومعناه: أنه لا يجوز للمسلم أن يصلي وترين في ليلة واحدة، وأن من أوتر أول الليل مثلا ثم بدا له القيام آخر الليل فله أن يصلي ما شاء الله له، ولا يوتر مرة أخرى. هذا هو الراجح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8605)
تصلي الوتر إذا فاتك ثم تصلي الفجر مالم تخش طلوع الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
كيف يمكن قضاء الشفع والوتر عند دخول وقت صلاة الصبح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:
فمن طلع عليه الفجر ولم يصل الوتر، صلاه قبل أن يصلي الصبح، كما في سنن ابن ماجه من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا أصبح أو ذكره" صححه الألباني. وعند الترمذي " ... إذا ذكر أواستيقظ" وعند أبي يعلى وفي المسند "فليوتر إذا ذكر أو استيقظ".
وهذا ما لم يخف فوات وقت الصبح، فإذا خشي طلوع الشمس فليبدأ بصلاة الصبح لقوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [البقرة: 103] ثم إن له أن يقضي الوتر بعد طلوع الشمس على الصحيح من أقوال أهل العلم وهو مذهب الشافعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8606)
يجوزلك أن تصلي الوتر في أول اليل وتأخيره أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[اذا اراد المسلم ان يصلي الوتر في وقت متاخر ولكن من باب الاحتياط وحتى لا يدركه النوم قام بصلاته بعد العشاء. فهل يكون بذلك ختم الصلاةام انه يجوز له ان يصليه ثانية عند قيام الليل في ساعة متاخرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد،،، فمن كانت عادته أن يوتر مع صلاة العشاء، فلا بأس عليه، ومن أخر إلى آخر الليل فلا بأس، حسب عادته. روي مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل". فإذا أوتر أول الليل ثم قام، فله أن يصلي التهجد، ولا يصلي الوتر مرة أخرى، هذا هو المشهور الصحيح، وهو قول الجمهور، وفي قول: يصلي أول قيامه ركعة واحدة ينقض بها الوتر، ثم يصلى التهجد ويوتر في آخر صلاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1422(11/8607)
صيغة دعاء القنوت وفي أي الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هي صيغة دعاء القنوت وفي أي الصلوات يقال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن صيغة دعاء القنوت عند الشافعي رحمه الله: (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولايعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت) . روى الشافعي ذلك عن الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم.
1. روى الحاكم في المستدرك ـ وقال صحيح ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع من صلاة الصبح في الركعة الثانية، يرفع يديه فيدعو بهذا الدعاء " اللهم اهدني ………… الخ ". والإمام يقولها بصيغة الجمع ـ اللهم اهدنا……… ـ لأن البيهقي رواه بصيغة الجمع.
2. وفي الوتر كذلك، وفي النوازل أيضاً في جميع الصلوات حين يصيب المسلمين بلاء فيقنتون في الصلوات الخمس كما فعله الرسول حين قتل القراء في بئر معونة فقنت شهراً ثم تركه.
3. وعند أبي حنيفة رحمه الله صيغته: " اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك،إن عذابك الجد بالكفار ملحق ". ويكون في الوتر فقط وعند النوازل والمصائب في الصلوات الخمس، ويكون قبل الركوع من الركعة الأخيرة. ووافق مالك رحمه الله أبا حنيفة في المحل أنه قبل الركوع، ولكن في الصبح وسراً.
4. وعند الإمام أحمد رضي الله لا يقنت إلاّ في الوتر ولكن بعد الركوع ويرفع يديه. وكذلك عند النوازل. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8608)
الفصل بين الشفع والوتر أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الأنام تحية طيبة مباركة وبعد: كيف تصلى الوتر ثلاثا أم خمسا أم سبعا ... الخ وكيف تكون: متصلة أم منفصلة وهل يمكن إدخال ركعتي الشفع في الوتر. جزاكم الله أحسن الجزاء والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فإنه يجوز لمن أراد أن يصلي الوتر من الليل مع القيام: 1. أن يصلي صلاة الليل ركعتين ركعتين، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة ثم يختم بركعة توتر له صلاته.2: وله أن يصلي جميع الركعات بسلام واحدٍ وتشهد واحدٍ، أو بتشهدين في الأخيرتين. والصورة الأولى أفضل.
... ... ... والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8609)
كيفية صلاة الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تصلى صلاة الوتر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الوتر وردت بعدة صور، منها:
ـ أن تصلي ركعة واحدة في نهاية صلاة الليل، التي هي مثنى مثنى، فتكون صليت مثلا ثنتين وواحدة، أو أربعا وواحدة.. وهكذا حتى تبلغ عشرا وواحدة.
ـ أن تقتصرعلى ركعة واحدة بتكبير وركوع وسجود، وتشهدٍ وتسليم. بعد أن تصلي العشاء الآخرة ولا تصلي قبلها شيئا من صلاة الليل، وهذه أقل صورة مجزئة.
ـ أن تصلي ثلاثا كصلاة المغرب. وهي طريقة الأحناف، وبقية المذاهب يصلونها على الطريقة الأولى.
ـ أن تصلي ثلاث ركعات متصلات، أو خمسا، أو سبعا أو تسعا أو إحدى عشرة ركعة متصلة، لا تتشهد إلا في آخرها تشهدا واحدا، ولك أن تصليها كذلك، لكن بتشهدين في الركعة الأخيرة والتي قبلها. وأكثر الوتر إحدى عشرة ركعة وأقله ركعة واحدة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات.
... والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1423(11/8610)
لا وتران في ليلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الشفع والوتر في الليلة مرتين؟ أعني بعد صلاة التراويح مع الإمام وبعد صلاة القيام؟ علما بأن لدينا إماماً قام بذلك لكنه لم يصل الوتر بعد العشاء ونحن قد صلينا وعند صلاتنا القيام صلى الوتر ونحن صلينا معه جماعة دون علم.
أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
صلاة الوتر لا تصلى إلا مرة واحدة وتكون آخر الصلاة، ودليل المسألة الأولى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا وتران في ليلة" رواه أحمد.
دليل المسألة الثانية قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا" متفق عليه. ومن صلى مع جماعة أول الليل وأوتر معهم ثم قام آخر الليل مع جماعة أخرى فإنه يصلي معهم فإذا سلم الإمام من ركعة الوتر قام وأتى بركعة تشفع له ركعة الوتر ثم يسلم، ولا ينبغي لمن كان عازما على الصلاة آخر الليل أن يوتر أوله.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8611)
حكم الوتر بركعة واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه صلى الوتر ركعة واحدة فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان القصد: أن يصلي المرء العشاء ويأتي بعد ذلك بركعة واحدة لم تسبق بأي نافلة مثلا، فقد ورد هذا عن بعض الصحابة، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله فيما اطلعنا عليه. وإن كان قد ورد عنه من قوله ما يفيد جواز ذلك، فمن ذلك ما أخرجه أهل السنن إلا الترمذي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الوتر حق على كل مسلم من أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل " والحديث تكلم فيه بعض أهل العلم ورجحوا وقفه على الصحابي، ولكن له حكم الرفع. وقد أوتر بعض الصحابة بركعة واحدة، كما فعل عمر رضي الله عنه ومعاوية، وقال ابن عباس رضي الله عنهما - حينما سئل عن فعل معاوية رضي الله عنه وأنه أوتر بركعة: "إنه فقيه" وفي رواية: إنه صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى كل فقد صوب فعله رضي الله عنهم أجمعين. وإن كان القصد هو: هل أوتر بركعة، يفصل بينها وبين بقية النافلة بسلام، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي من الليل مثنى مثنى ويوتر بركعة، متفق عليه.
... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8612)
كيفية صلاة الشفع والوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. ما هي كيفية صلاة الشفع والوتر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الشفع والوتر ثلاث ركعات يقرأ في الركعتين الأوليين، الفاتحة وسورة الأعلى في الركعة الأولى وفي الثانية الفاتحة وسورة الكافرون ثم يسلم، وهذه هي التي تسمى الشفع، والوتر ركعة واحدة يقرأ فيها بسورة الفاتحة والإخلاص ثم يركع، والدليل على ذلك ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل ياأيها الكافرون وقل هو الله أحد" وإذا أراد المصلي أن يصلي هذه الركعات الثلاثة متصلة فله ذلك، لكن لا يقعد فيها للتشهد الأوسط حتى لا تشبه صلاة المغرب، وإنما يقعد فيها قعوداً واحداً وهو للتشهد الأخير. وله أن يوتر بخمس، أو سبع، أو تسع، أو إحدى عشرة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الوتر حق على كل مسلم، من أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل" رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد، وابن حبان وصححه.
وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع وبخمس رواه مسلم. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (إنما هي واحدة، أو خمس، أو سبع، أو أكثر من ذلك يوتر بما شاء)
انظر (المغني لابن قدامة 2/ 579) .
وأما ما ورد في فضل الوتر فقد روى أبو داود والنسائي وغيرهما عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر" وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1422(11/8613)
كيفية صلاة الوتر بعد أذان الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فاتني الوتر واستيقظت بعد أذان الفجر ماذا أفعل؟ وإن استيقظت بعد الصلاة وقبل الشروق ماذا أفعل؟ وماذا أفعل إن استيقظت بعد الشروق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان محافظاً على وتره من الليل وفاته في إحدى لياليه فليقضه شفعاً من بعد طلوع الشمس إلى قبيل الزوال، فإن كان وتره من الليل ثلاثاً فليصل أربعاً وهكذا… لما رواه أحمد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شغله من قيام الليل نوم أو وجع أو مرض صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة". ومن استيقظ بعد صلاة الفجر وقبل شروق الشمس أي قبل خروج وقت الفجر فينظر إن كان الوقت كافياً لأداء السنة والفرض صلاهما. وإن كان الوقت ضيقاً بدأ بالفرض ثم ثنى بالوتر وسنة الفجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8614)
مذاهب العلماء في فعل ذوات الأسباب في وقت النهي
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن صلاة النافلة بعد العصر مكروهة، ومن دخل المسجد قبل المغرب بدقائق أو قرأ آية فيها سجدة بعد العصر أو بعد الفجر قبل الشروق يقول الباقيات الصالحات سبحان الله بدلا من السجود للتلاوة، وبدلا من صلاة تحية المسجد. هل هذا الكلام صحيح؟ لو صلى العصر فى أول الوقت هل ليس له سجود شكر أو تلاوة أو صلاة نافلة حتى الغروب أم فقط قبل المغرب بدقائق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة بعد العصر منهي عنها لقوله صلى الله عليه وسلم: ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس. متفق عليه. وسواء فرغ من العصر في أول وقتها أو لا، فمتى فرغ من صلاة العصر دخل وقت النهي في حقه، عند الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الصلاة لا ينهى عنها بعد العصر ما دامت الشمس مرتفعة، وقول الجمهور أحوط وإن كان لهذا القول حظ من النظر.
قال النووي رحمه الله: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة. وفي رواية نقية. رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن. وظاهره يخالف الأحاديث الصحيحة في تعميم النهي من حين صلاة العصر إلى غروب الشمس، ويخالف أيضا ما عليه مذاهب جماهير العلماء وجوابه مر. انتهى.
إذا علمت هذا فاعلم أن العلماء اختلفوا في فعل ذوات الأسباب في وقت النهي، والراجح جواز فعلها فيه وهو الذي تجتمع به الأدلة وهو مذهب الشافعي واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين: وحديث النهي عن الصلاة في أوقات النهي عام مجمل قد خص منه عصر يومه بالإجماع، وخص منه قضاء الفائتة والمنسية بالنص، وخص منه ذوات الأسباب بالسنة كما قضى النبي صلى الله عليه وسلم سنة الظهر بعد العصر، وأقر من قضى سنة الفجر بعد صلاة الفجر وقد أعلمه أنها سنة الفجر، وأقر من صلى في رحله ثم جاء مسجد جماعة أن يصلي معهم وتكون له نافلة، وقاله في صلاة الفجر وهي سبب الحديث، وأمر الداخل والإمام يخطب أن يصلي تحية المسجد قبل أن يجلس. انتهى.
وبه تعلم أن من دخل المسجد بعد العصر فإنه يصلي تحية المسجد ولو قبل المغرب بيسير على الراجح لكون تحية المسجد صلاة ذات سبب، وأما الاكتفاء بالذكر عن تحية المسجد فغير مشروع ولا نعلم دليلا على مشروعيته، وإن ذكر الغزالي ذلك في الإحياء وتعقبه الفقيه ابن حجر في الفتاوى الفقهية بما تحسن مراجعته منه. وانظر الفتوى رقم: 103532.
وأما سجود التلاوة في وقت النهي فالراجح جوازه كذلك، فإننا إن قلنا إن سجود التلاوة ليس بصلاة ولا تشترط له شروطها كما هو قول بعض العلماء فالأمر واضح، وإن قلنا إنه صلاة فإن له حكم ذوات الأسباب.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: نعم، يجوز سجود التلاوة في أوقات النهي عن الصلاة، على الصحيح من قولي العلماء؛ لأنه ليس له حكم الصلاة، ولو فرضنا أن له حكم الصلاة جاز فعله في وقت النهي؛ لأنه من ذوات الأسباب، كصلاة الكسوف وركعتي الطواف لمن طاف في وقت النهي.
وأما التعوض عن سجود التلاوة بذكر معين سواء كان الباقيات الصالحات أو غيرها فلا نعلم له أصلا، بل من عجز عن سجود التلاوة أو كان لا يرى مشروعيته في وقت النهي فإنه لا يستعيض عنه بشيء لعدم ثبوت شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: إذا مر القارئ بآية سجدة، فإن كان في محل يمكنه فيه السجود فليسجد استحباباً، ولا يجب السجود على القول الراجح؛ لأنه ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ وهو يخطب يوم الجمعة آية السجدة فنزل وسجد, ثم قرأها في الجمعة الثانية فلم يسجد وقال: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء. وإذا لم يسجد فإنه لا يقول شيئاً بدل السجود، لأن ذلك بدعة، ودليله أن زيد بن ثابت قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم فلم يسجد فيها، ولم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً يقوله بدلاً عن السجود. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(11/8615)
هل تصلى سنة المغرب البعدية بعد أذان العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل إذا دخلت صلاة العشاء وأنا لم أصل سنة المغرب البعدية ـ وهي سنة مؤكدةـ أن أصلي سنة المغرب أم سنة العشاء القبلية؟ وهي غير مؤكدة.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا دخل وقت صلاة العشاء ولم تصل سنة المغرب البعدية شُرع لك قضاؤها في أي وقت، وهو الصحيح من مذهب الشافعية ومن وافقهم، وانظر الفتوى رقم: 23559.
وعلى هذا فإن كان الوقت قبل إقامة صلاة العشاء يتسع لقضاء سنة المغرب البعدية وأداء سنة العشاء القبلية فلا إشكال، وإن كان يتسع لإحداهما فقط وكنت حريصًا على صلاة كلا السُّنتين فاجعل الوقت للمؤداة وهي سنة العشاء القبلية واقض سنة المغرب البعدية بعد صلاة العشاء، لأنها مقضية على كل حال ـ سواء صليتها قبل فريضة العشاء أم بعدها؟.
أما إن كنت غير عازم على قضاء سنة المغرب في وقت آخر، فلتصلها قبل فريضة العشاء وإن فاتت سنة العشاء القبلية، لأن الأولى أكثر تأكدًا من الآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1430(11/8616)
المحافظة على السنن الرواتب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الشخص أن يحافظ على السنن الرواتب كلها، وإذا نسيها فعليه قضاؤها؟ وإن كان يصليها مرة ويتركها أخرى، فهل الأفضل تركها كلياً؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على المسلم في اليوم والليلة سوى الصلوات الخمس، لحديث طلحة بن عبيد الله المتفق على صحته قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل علي غيرها، قال: لا، إلا أن تطوع.
فالسنن الرواتب غير واجبة إجماعاً، ولا يأثم المسلم بتركها، ولكن الحفاظ عليها من أهم الأمور، لما فيها من جبر نقص الفرائض، ولما لها من عظيم الأجر، فلا ينبغي لمسلم تمكن من فعلها أن يفرط في أدائها، وإذا فاتت السنة من السنن الرواتب لم يجب قضاؤها وإنما يستحب ذلك، كما بيناه موضحاً وذلك في الفتوى رقم: 55961.
ولا شك في أن فعل الرواتب أحياناً وتركها أحياناً خير من تركها بالكلية، فالصلاة خير موضوع فمن استكثر منها كان أعظم لأجره، ولا يقال إن ترك الصلاة خير من فعلها البتة، ولكن الأفضل من الأمرين جميعاً الحفاظ عليها وعدم تفويتها لما تقدم، فإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1430(11/8617)
صلاة التطوع غير الصلوات المفروضة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي السنن المؤكدة التي أمرنا بها الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان مرادك السؤال عن صلاة التطوع غير الصلوات المفروضة، فإنه يستحب الحفاظ على عشر ركعات من الرواتب وهي الثابتة في حديث ابن عمر المتفق عليه قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب في بيته، وركعتان بعد العشاء في بيته، وركعتان قبل الفجر.
ولو صلى أربعا قبل الظهر كان أولى؛ لحديث أم حبيبة عند مسلم: ما من عبد مسلم يصلي لله في يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا من غير الفريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة. وقد ورد تفسيرها في رواية الترمذي، وفيه: أربع قبل الظهر.
ومن غير الرواتب يستحب الحفاظ على الوتر فإنه من آكد السنن، وقد اختلف في وجوبه، وثبتت في فضله ومحافظة النبي صلى الله عليه وسلم عليه وترغبيه فيه أحاديث كثيرة، ومنها كذلك تحية المسجد، وصلاة الكسوف، وصلاة العيدين، والضحى، وصلاة الاستخارة. وتفصيل أدلة ذلك مما يطول المقام بذكره ولو راجعت باب صلاة التطوع في مركز الفتوى وجدت كما كبيرا من الفتاوى التي تتناول هذا الموضوع بالتفصيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(11/8618)
النهي عن النافلة إذا أقيمت الصلاة لا يشمل من يصلي في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك حديث عن رسول الله يقول فيه صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة.
فهل هذا الحديث يعني دخول وقت الصلاة؟ أم يعني أن من حضرالمسجد ترك السنة وصلى مع الإمام؟ أي أنني كامرأة أصلي بالمنزل عندما أسمع الإقامة لا أصلي السنن القبلية؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاتك النافلة حين تقام الصلاة في المسجد لا حرج عليك في ذلك، فإن النهي عن الصلاة الوارد في الحديث لا يشمل من كان يصلي في بيته، وإنما هو في حق من يصلي مع الجماعة، وانظري الفتوى رقم: 23874.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1430(11/8619)
وقت صلاة النافلة وفوائدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة صلاة النافلة متى تقام؟ وما هو وقتها؟ وما هي منافعها إذا قام بها العبد؟ قرأت مرة بأن المرء إذا صلى ركعتين بعد صلاة المغرب تغفر له ذنوب ذلك النهار. هل هذا صحيح؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الحديث المذكور فلم نجد له أصلا في كتب السنة، ولا نظنه يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما عن صلاة النوافل وهي ما سوى الفرائض، فإن منها ما هو تابع للفرائض وهي الرواتب، ومنها ما يكون قبل الفريضة كركعتي الفجر، ومنها ما يكون بعدها كركعتين المغرب، ومن الصلاة ما هو نفل مطلق لا سبب له، ومنها ما هو ذو سبب كتحية االمسجد وسنة الوضوء ونحوها، وانظري للمزيد الفتوى رقم: 49817. وما له سبب من النوافل يصلى عند وجود سببه، وما كان من النوافل الراتبة فإنه متعلق بالفريضة قبلها أو بعدها على التفصيل المذكور في الفتوى المحال عليها، وأما النوافل المطلقة فإنها تفعل في كل وقت سوى أوقات النهي المبينة بأدلتها في الفتوى رقم: 120381. واختلف العلماء في ذوات الأسباب هل يجوز فعلها في وقت النهي أو لا على قولين، ومذهب الشافعي واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية الجواز، هذا عن وقت فعل النوافل ومتى تقام.
أما عن منافع النوافل فهي كثيرة جدا، وحسبك أنها تقرب العبد من ربه تعالى حتى تنيله درجة المحبة والتي هي أقصى غاية المؤمن ومنتهى أمنياته، ففي االبخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. ومن منافع النوافل كذلك أنها سبب لمرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة وأعظم بها من منزلة، ففي صحيح مسلم من حديث ربيعة الأسلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا ربيعة سل، قال: أسألك مرافقتك في الجنة، قال أو غير ذلك، قال: هو ذاك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود.
وبالجملة فإن كل ما للصلاة من نفع وأثر حسن في تفريج الهم وتوسيع الرزق وتكفير الذنب فإن للنوافل منه نصيب، والصلاة خير موضوع كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر، ولمزيد الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 59692، 31381، 112936.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1430(11/8620)
من النوافل ما تشرع فيها الجماعة ومنها ما لا تشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بإمكان الزوج أن يؤم زوجته أي يصلي بها في السنن الرواتب مثل سنة الفجر- الرغيبة- وسنة الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، الشفع والوتر؟
سمعت أن صلاة السنن الرواتب في البيت أفضل من المسجد. فهل إن صليتها في المسجد يكون هذا الفعل مكروها؟ وهل الأفضلية من ناحية الأجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في السنن الرواتب أن تصلى فرادى، ولا تشرع المدوامة على صلاتها في الجماعة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه كان يعتاد ذلك لا بأزواجه ولا بغيرهن، وانظر الفتويين: 3176، 66799.
ولو فعل ذلك أحيانا لم يمتنع، ولشيخ الإسلام كلام حسن في هذه المسألة، فقد قال رحمه الله مبينا متى تشرع الجماعة في النوافل ومتى لا تشرع: صلاة التطوع في جماعة نوعان: أحدهما: ما تسن له الجماعة الراتبة كالكسوف، والاستسقاء، وقيام رمضان، فهذا يفعل في الجماعة دائما كما مضت به السنة.
الثاني: ما لا تسن له الجماعة الراتبة كقيام الليل، والسنن الرواتب، وصلاة الضحى، وتحية المسجد ونحو ذلك. فهذا إذا فعل جماعة أحيانا جاز. وأما الجماعة الراتبة في ذلك فغير مشروعة بل بدعة مكروهة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين لم يكونوا يعتادون الاجتماع للرواتب على ما دون هذا. والنبي صلى الله عليه وسلم إنما تطوع في ذلك في جماعة قليلة أحيانا فإنه كان يقوم الليل وحده، لكن لما بات ابن عباس عنده صلى معه، وليلة أخرى صلى معه حذيفة، وليلة أخرى صلى معه ابن مسعود، وكذلك صلى عند عتبان بن مالك الأنصاري في مكان يتخذه مصلى صلى معه، وكذلك صلى بأنس وأمه واليتيم. وعامة تطوعاته إنما كان يصليها منفردا. انتهى. وبهذا يتبين لك جواب الشق الأول من سؤالك.
وأما الشق الثاني من السؤال، فلا شك في أن فعل النوافل في البيت أولى من فعلها في المسجد سوى ما تشرع له الجماعة كالكسوف والتراويح، وأما الرواتب وغيرها ففعلها في البيت أفضل، وليس فعلها في المسجد مكروها بل هو جائز، وإن كان خلاف الأفضل، وإذا كان فعل النوافل في البيوت أولى فيلزم من ذلك أنه أكثر أجرا وأعظم مثوبة، ومن أدلة استحباب النوافل في البيوت ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تجعلوها قبورا.
قال النووي رحمه الله: معناه: صلُّوا فيها، ولا تجعلوها كالقبور مهجورة من الصلاة، والمراد به: صلاة النافلة، أي: صلوا النوافل في بيوتكم. وعن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة - قال: حسبت أنه قال: من حصير - في رمضان فصلى فيها ليالي، فصلَّى بصلاته ناسٌ من أصحابه فلما علم بهم جعل يقعد فخرج إليهم، فقال: قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم فصلُّوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. متفقٌ عليه.
وعن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن تطوعه فقالت: كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر، وكان يصلي ليلا طويلا قائما، وليلا طويلا قاعدا، وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ قاعدا ركع وسجد وهو قاعد، وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين. رواه مسلم، ونحوه من حديث ابن عمر في الصحيحين.
قال النووي في شرحه: فيه استحباب النوافل الراتبة في البيت كما يستحب فيه غيرها، ولا خلاف في هذا عندنا، وبه قال الجمهور، وسواء عندنا وعندهم راتبة فرائض النهار والليل.
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده، فليجعل لبيته نصيباً من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً. رواه مسلم.
قال المناوي: إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده.: يعني: أدى الفرض في محل الجماعة، وخص المسجد لأن الغالب إقامتها فيه، فليجعل لبيته.: أي: محل سكنه، نصيبا.: أي: قِسما، من صلاته: أي: فليجعل الفرض في المسجد والنفل في بيته لتعود بركته على البيت وأهله كما قال: فإن الله تعالى جاعل في بيته من صلاته: أي: من أجلها وبسببها، خيراً: أي كثيراً عظيماً، لعمارة البيت بذكر الله وطاعته، وحضور الملائكة، واستبشارهم، وما يحصل لأهله من ثواب وبركة. وفيه: أن النفل في البيت أفضل منه في المسجد ولو بالمسجد الحرام. انتهى.
وهذا كله يدل على ما ذكرناه من أن النوافل في البيت أفضل منها في المسجد وأعظم أجرا، وإن كان فعلها في المسجد جائزا. ومن حكمة ذلك أن الصلاة في البيت أخفى وأدعى للإخلاص وأبعد عن الرياء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1430(11/8621)
الجهر في سنة الصبح أو الإسرار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رغيبة الفجر تكون سرا أم جهرا؟ وإذا فاتتني وصليتها بعد الفجر هل تكون سرا أم جهرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة في الرواتب كلها الإسرار بالقراءة سواء في ذلك رغيبة الفجر وغيرها.
قال النووي: وأما السنن الراتبة مع الفرائض فيسر بها كلها باتفاق أصحابنا، ونقل القاضي عياض في شرح مسلم عن بعض السلف الجهر في سنة الصبح، وعن الجمهور الإسرار كمذهبنا.
ومن أهل العلم من ذهب إلى أن النوافل الليلية تكون جهرا والنوافل النهارية تكون سرا، وعلى هذا القول فإنها تكون سرا أيضا لأنها نافلة نهارية.
ثم إذا فاتت الرغيبة فإنها تقضى على هيئتها من الإسرار وغيره، ففي حديث أبي قتادة في صحيح مسلم في قصة نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الفجر في السفر حتى طلعت الشمس. قال أبو قتادة: ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم.
قال النووي: قوله: كما كان يصنع كل يوم. فيه إشارة إلى أن صفة قضاء الفائتة كصفة أدائها. اهـ.
والقاعدة عند العلماء أن: القضاء يحكي الأداء. أي أن قضاء العبادة كأدائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1430(11/8622)
الصلاة بين الأذان والإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت في المسجد الحرام من صلاه المغرب إلي أذان العشاء، هل أقوم بعد الأذان وأصلي ركعتين وهل هما سنة أو تحية المسجد وأنا لم أخرج من المسجد ولا أعلم أن هناك سنة قبل العشاء؟ وما أحب الأعمال في مكة بعد العمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت في المسجد الحرام أو غيره من المغرب إلى العشاء وأُذن للعشاء وأنت في المسجد فالسنة لك أن تقوم فتصلي ركعتين لقوله صلى الله عليه وسلم: بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، قال في الثالثة لمن شاء. متفق عليه. فدل على أن السنة صلاة ركعتين بين كل أذانين أي بين الأذان والإقامة سواءٌ في ذلك صلاة العشاء وغيرها، وليست هذه الصلاة تحية المسجد فإن تحية المسجد تكون إذا دخل المسلم المسجد لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. أخرجه مسلم.
وأما ما يشرع فعله في المسجد الحرام سوى العمرة فإن كل الأعمال الصالحة يضاعف ثوابها في الحرم لشرفه.
قال العلامة ابن باز رحمه الله: الأدلة الشرعية على أن الحسنات تضاعف في الزمان الفاضل والمكان الفاضل مثل رمضان وعشر ذي الحجة, والمكان الفاضل كالحرمين، فإن الحسنات تضاعف في مكة والمدينة مضاعفة كبيرة، وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في ما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا. رواه أحمد وابن حبان بإسناد صحيح.
فدل ذلك على أن الصلاة بالمسجد الحرام تضاعف بمائة ألف صلاة في سوى المسجد النبوي, وتضاعف بمائة صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم, وبقية الأعمال الصالحة تضاعف, ولكن لم يرد فيها حد محدود إنما جاء الحد والبيان في الصلاة, أما بقية الأعمال كالصوم، والأذكار، وقراءة القرآن، والصدقات، فلا أعلم فيها نصا ثابتا يدل على تضعيف محدد, وإنما فيها في الجملة ما يدل على مضاعفة الأجر وليس فيها حد محدود. انتهى.
فعليكَ أن تشتغل بما تقدر عليه من أعمال الخير من صلاةٍ، فإن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وطواف، فإن الطواف بالبيت صلاة، وانظر الفتوى رقم 44470.
وكذا فاجتهد في سائر أعمال البر الأخرى من قراءة، وذكر، وصدقة، وصوم، وبالجملة فما أمكنك فعله من القرب وخصال البر، فاجتهد فيه فإن أجره أعظم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1430(11/8623)
هل هناك صلاة مخصوصة بإجابة الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الصلاة التي يستجاب فيها الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم صلاة بعينها مخصوصة بفضيلة استجابة الدعاء فيها، ولكن نصوص السنة قد دلت على أن الصلاة عموماً من أعظم المواطن التي يجدر بالمسلم أن يجتهد في الدعاء فيها، فدعاء المسلم في الصلاة وبالأخص في سجودها وقبل الانصراف منها من مظان الإجابة.
فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أقرب ما يكون أحدكم من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء. رواه مسلم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم. رواه مسلم.
وفي حديث ابن مسعود المتفق عليه بعد تعليمه صلى الله عليه وسلم لهم التشهد قال: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به.
والأحاديث الثابتة في دعائه صلى الله عليه وسلم في صلاته كثيرة جداً، ومن ذلك دعاء الاستفتاح قبل الشروع في القراءة، وقوله: رب اغفر لي بين السجدتين، وكان يقول صلى الله عليه وسلم في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي. متفق عليه.
وعلم الحسن دعاء يدعو به في قنوت الوتر، وهو قوله: اللهم اهدنا فيمن هديت ... إلى آخر الدعاء. أخرجه أهل السنن.
ولو تتبعنا الأدلة الدالة على ما ذكرناه، من مشروعية الدعاء في الصلاة وأنها من أعظم مظان الإجابة لطال ذلك جداً.
فعلى العبد أن يحرص على اغتنام فرصة الصلاة، والاجتهاد في الدعاء فيها مع الحرص على تحقيق شروط قبول الدعاء، من حضور القلب والإيقان بالإجابة وإطابة المطعم، والمشرب، والملبس، وعدم الاستعجال في الدعاء، وغيرها من شروط قبول الدعاء، والتي بيناها في الفتويين رقم: 2395، 2150.
فإن ذلك مما يرجى به أن يتفضل الله على عبده بإجابة الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(11/8624)
صلاة النافلة الرباعية بتشهد وسلام أو بتشهدين وسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي في العبادات وهو:
هل يشرع للمرء أن يصلي راتبة الظهر القبلية (الأربع القبلية) بتشهدين وسلام واحد في آخر الرابعة؟
وإن كان يشرع فهل يقرأ الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول؟
الأمر الآخر: هل يشرع صلاة الأربع ركعات (راتبة الظهر القبلية) بتشهد واحد وسلام واحد؟
أرجو عند الرد على سؤالي ذكر مذهب كل نقطة (مذهب من الأئمة)
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز أداء صلاة النافلة الرباعية، سواء كانت راتبة الظهر القبلية أو غيرها أربع ركعات متتالية بتشهدين وسلام كصلاة الظهر، وكذا بتشهد واحد. قال الحجاوي الحنبلي في الإقناع: وصلاة الليل والنهار مثنى مثنى، وإن تطوع في النهار بأربع كالظهر فلا بأس وإن سردهن ولم يجلس إلا في آخرهن جاز وقد ترك الأفضل.. انتهى.
وإن كان الأفضل أداؤها كل ركعتين بتشهد وسلام، وقد أشبعنا المسألة نقلا في الفتوى رقم: 13156،
وأما هل تقرأ الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول فالجواب أن التشهد الأول يقتصر فيه على لفظ التشهد من غير زيادة الصلاة الإبراهيمية في قول أكثر العلماء، كما فصلناه في الفتوى رقم: 32998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1430(11/8625)
سنة الفجر هي نفسها راتبة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا شيخ في صلاة الراتبة وبالذات في الفجر أصلي ركعتي سنة الفجر، ثم أصلي ركعتين وأنويهما راتبة الفجر ثم أدعو بالدعاء الذي بين سنة الفجر وصلاة الفجر، ثم أصلي صلاة الفجر، فهل تعتبر صلاتي صحيحة؛ لأني سمعت من قال لي إن ركعتي الراتبة هي سنة الفجر، وأنا سمعت أنه تصلى أربع ركعات قبل الظهر، واثنتان بعده، واثنتان بعد المغرب، واثنتان بعد العشاء، واثنتان قبل صلاة الفجر. فهل ما بين السنة والفريضة أم سنة الفجر هي الراتبة؟ بارك الله فيكم مسبقا ... وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسنة الفجر هي بعينها راتبة الفجر، فإذا دخل وقت الفجر فصلي ركعتين بنية راتبة الفجر أو بنية سنة الفجر ثم تصلين بعدها فريضة الفجر، وانظري الفتوى رقم: 32181، والصلوات الرواتب في اليوم والليلة سبق أن بيناها في الفتوى رقم: 13097، والفتوى رقم: 2116، والفتوى رقم: 116536.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1430(11/8626)
مسألة حول الوقت الذي تقضى فيه سنة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تم إحالة السؤال رقم: 2222842 لسؤال مشابه، لكن ليس القصد من سؤالى متى تؤدى سنة الصبح، القصد من سؤالى لماذا يجب تأخير السنة لارتفاع الشمس قيد رمح؟ حسب فتواكم لأنها نافلة ومنهى عن صلاتها فى هذا الوقت؟
لكن حسب الحديث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من نام عن صلاة فليصلها متى استيقظ. ففتواكم بتأجيل السنة لارتفاع الشمس قيد رمح هو من باب تضييع وقتها؟ أيهما الصحيح تصلى مباشرة حسب الحديث أم تصلى بعد طلوع الشمس قيد رمح لأنها نافلة؟
واقرأ من فضلك أصل السؤال:
تم إرسال رقم سؤالك وهو: 2222842: لماذا إذا استيقظ الشخص قرب طلوع الشمس فإنه يصلى الفريضة أولا قبل طلوع الشمس؟
إذا كان الوقت الباقى بعد صلاة الفريضة يسع جزءا من سنة الصبح قبل طلوع الشمس أو إذا الشمس طلعت قبل أدائها -سنة الصبح- لماذا فى هاتين الحالتين يجب تأخيرها -سنة الصبح- لحين ارتفاع الشمس قيد رمح؟
حديث الرسول صلى الله عليه وسلم معناه من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها عند تذكرها ولم يقل تؤخر السنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولا لم نفت بوجوب تأخير سنة الفجر لمن فاتته إلى ما بعد طلوع الشمس قيد رمح كما ذكر السائل، وإنما قلنا في الفتوى المحال إليها ذلك السؤال: وبإمكانك قضاء السنة بعد ارتفاع الشمس قدر رمح حينما يباح النفل- وهذا ظاهر في أنه لا يدل على الوجوب، ومن فاتته سنة الفجر فلم يصلها قبل الفريضة فالأفضل له أن يصليها بعدما تطلع الشمس لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس. رواه الترمذي والحاكم.
ولا حرج في صلاتها بعد الفريضة وقبل طلوع الشمس، فقد ثبت بتقرير النبي صلى الله عليه وسلم لقيس بن فهد رضي الله عنه حيث قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي ركعتي الفجر بعد صلاتي الفجر فقال: ما هاتان الركعتين يا قيس؟ قلت يارسول الله لم أكن صليت ركعتي الفجر فهما هاتان. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز، وأما قضاء النافلة في وقت النهي فقد اختلف أهل العلم في ذلك كما بيناه في الفتوى رقم: 50805.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1430(11/8627)
الأصل في السنن أن تصلى فرادى
[السُّؤَالُ]
ـ[الشرع يأمر بأن تؤدى صلاة الفجر في جماعة، لكني عندما ألج المسجد أجد المصلين يؤدونها فرادى فأستغرب ذلك.
فلماذا لا يؤدونها جماعة كصلاة التراويح يا ترى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصودك بصلاة الفجر التي يصليها الناس فرادى سنة الفجر القبلية -وهذا هو الظاهر لنا- فما وجدت المصلين يفعلونه هو المشروع، فإن السنن الأصل فيها أن تصلى فرادى إلا ما شرع الاجتماع له كالتراويح والكسوف، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنهم كانوا يصلون الرواتب في جماعة.
وأما إن كان مقصودك بصلاة الفجر فريضة الفجر، وكان الناس في هذا المسجد يصلونها فرادى ولا يصلون في جماعة، فهم مخطئون خطأ عظيما بتفريطهم في صلاة الجماعة التي هي فرض عين على الرجال القادرين في أصح أقوال أهل العلم، وبمخالفتهم هدي النبي - صلى الله عليه وسلم- الذي حث على الجماعة ونهى عن الفرقة، والواجب مناصحتهم وتعريفهم أن الواجب عليهم أن يجتمعوا على إمام منهم يصلي بهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(11/8628)
کيفية أداء الرکعتين قبل الجماع
[السُّؤَالُ]
ـ[کان عندي سؤال وهو عن کيفية أداء الرکعتين قبل الجماع أو قبل إتيان الزوجة هل أقرأ في الرکعتين سورا مخصصة أو لا حرج بأن أقرأ بأي سورة أردت.
وجزاکم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تعني بسؤالك صلاة ركعتين قبل كل جماع.. فلا نعلم دليلا من السنة يدل على ذلك، ولم تنقله أي من أمهات المؤمنين فيما نعلم، وهن أخص الناس بهذا الشأن.
وإن كنت تعني الركعتين اللتين تفعلان قبل الجماع ليلة البناء، فقد ورد استحباب ذلك عن بعض السلف، وانظر الفتوى رقم: 39793.
ولم ينقل ما يفيد استحباب قراءة شيء بعينه في هاتين الركعتين، بل المشروع أن يصلي الزوجان ركعتين كأي ركعتين، يقرآن فيهما ما تيسر من القرآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(11/8629)
كيفية صلاة سنة الظهر القبلية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي القاعدة العامة في صلاة السنة قبل فرض صلاة الظهر، هل هناك قاعدة عامة في صلاة النافلة، وقول: ألا تشبه صلاة السنة بصلاة الفريضة صحيح؟
في بلدي المسلمون يحافظون على صلاة السنة أربع ركعات قبل فرض صلاة الظهر، منهم من يصليها مثنى مثنى، ومنهم من يصلي أربع ركعات معا بسلام واحد، إلا أنهم يقرؤون السورة بعد قراءة الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة، هذا هو توضيح الحال لسؤالي السابق؟ وجزاكم الله خيراً!.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى لمن أراد أن يصلي الأربع التي هي راتبة الظهر القبلية أن يصليها ركعتين ركعتين لحديث ابن عمر عند الأربعة: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. صححه الألباني.
ويجوز له أن يصليها أربعاً موصولة بسلام واحد وقد أشبعنا القول في هذه المسألة في الفتوى رقم: 103787.
والمسلمون في بلدك على خير عظيم إذ يحافظون على هذه السنة بارك الله فيهم، ومن صلى منهم ركعتين ركعتين فهو محسن وهو الأولى، ومن صلى أربعاً موصولة فهو على خير كذلك، وقراءة السورة في الثالثة والرابعة لمن صلى أربعاً متصلة قد بينا حكمها في الفتوى رقم: 24084.
وأما ما ذكرته من قاعدة أن السنة لا تشبه الفريضة فكلام لا دليل عليه، فهذه سنة الفجر ركعتان بالإجماع وفريضتها كذلك ركعتان بالإجماع، فصورة الصلاتين واحدة ولا يميز بينهما إلا النية، وإنما ورد النهي عن تشبيه الوتر بالمغرب، أخرجه ابن حبان والدارقطني والحاكم ... فهذا نفل مخصوص نهي أن يشبه بفرض مخصوص وليس هذا قاعدة عامة، وقد اختار غير واحد من المحققين أن معنى النهي عن تشبيه الوتر بالمغرب هو أن يصلي الوتر ثلاثاً موصولة بتشهدين ويجوز أن يصليها ثلاثاً موصولة بتشهد واحد لانتفاء المشابهة بين الصلاتين في هذه الحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1430(11/8630)
هل هناك صلاة خاصة تفعل عند النوازل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك صلاة جماعة أو من الممكن أداؤها في جماعة عند النوازل بالمسلمين كما يحدث الآن لإخواننا في فلسطين. كنا نريد أن نقوم بقيام الليل والدعاء وقراءة القرآن جماعة، وذلك من أجل إخوتنا في فلسطين. فهل هذا بدعة؟ لم يقم الرسول في المعارك الطاحنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم أن الشريعة جاءت بصلاة خاصة للنوازل والذي ورد به الشرع هو دعاء القنوت كما بيناه في الفتوى رقم: 3038، والمشروع أيضا عند حدوث النوازل التضرع إلى الله تعالى والإنابة إليه، فقد عاتب الله تعالى أقواما لم يتضرعوا إليه عند البأساء فقال: فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {الأنعام:43}
وقيام الليل جماعة في غير رمضان مشروع إذا لم يتخذ عادة، ولكن لا نعلم أنه شرع لأجل رفع المصائب التي تصيب المسلمين، وقد يظن الناس إذا تلقاه بعضهم عن بعض وانتشر بينهم وصار عادة أنه سنة، وربما اعتاضوا به عن المشروع وهو دعاء القنوت؛ لذا لا نرى مشروعية ذلك الفعل بتلك النية، ومثله يقال في قراءة القرآن، وأما الدعاء فهو مشروع في كل حال، ويتأكد عند الشدائد. ونسأل الله تعالى أن يفرج عن إخواننا في فلسطين وينصرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(11/8631)
حكم صلاة أربع ركعات بعد طلوع الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي بارك الله فيكم عن سنة الفجر أرى كثيرا يصلونها أربع ركعات فهل أنكر عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراتبة الفجر ركعتان ولكن اختلفَ أهل العلم في حكم الصلاة بعد طلوع الفجر لغير هاتينَ الركعتين, فذهبَ جمهور العلماء إلى منع الصلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، واستدلوا على ذلك بالسنة القولية والفعلية، فأما السنة القولية فعن يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أُصَلِّي بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَقَالَ: يَا يَسَارُ؛ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُصَلِّي فَقَالَ: لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ، لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا سَجْدَتَيْنِ أخرجه أبو داود، والترمذي، وأحمد.
وقد ضعف هذا الحديثَ جماعةٌ من الأئمة والحفاظ، وجزم ابن حزمٍ بأنه مكذوب، وناقشه العلامة أحمد شاكر في تعليقه على المحلى وجزمَ بصحة الحديث، والذي يظهر أن الحديث له طرق هو بمجموعها صحيحٌ أو حسن، ويؤيده السنة الفعلية للنبي صلى الله عليه وسلم.
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. أخرجه البخاري، ومسلم.
وقد ذهبَ إلى هذا جمعٌ من السلف، فعَنْ إ بْرَاهِيمَ: قَ الَ كَانُوا يَكْرَهُونَ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ أَنْ يُصَلُّوا إلَّا رَكْعَتَيْنِ. أخرجه ابن أبي شيبة.
وقد بالغَ الترمذي فحكى الإجماع على أنه لا نافلة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر الراتبة، فقال: وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ كَرِهُوا أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. اهـ.
ورد الحافظ ابن حجر على هذا الإجماع في التلخيص الحبير فقال: دَعْوَى التِّرْمِذِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِذَلِكَ عَجِيبٌ فَإِنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مَشْهُورٌ حَكَاهُ اِبْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ.
وممن فصل في المسألة الإمام النووي في شرحه لمسلم، فقال عند شرحه لحديث حفصة رضي الله عنها: قَوْله: كَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْر لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْن. قَدْ يَسْتَدِلّ بِهِ مَنْ يَقُول: تُكْرَه الصَّلَاة مِنْ طُلُوع الْفَجْر إِلَّا سُنَّة الصُّبْح, وَمَا لَهُ سَبَبٌ, وَلِأَصْحَابِنَا فِي الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة أَوْجُه:
أَحَدهَا: هَذَا, وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ مَالِك وَالْجُمْهُور.
وَالثَّانِي: لَا تَدْخُل الْكَرَاهَة حَتَّى يُصَلِّي سُنَّة الصُّبْح.
وَالثَّالِث: لَا تَدْخُل الْكَرَاهَة حَتَّى يُصَلِّي فَرِيضَة الصُّبْح, وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا, وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل ظَاهِر عَلَى الْكَرَاهَة إِنَّمَا فِيهِ الْإِخْبَار بِأَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي غَيْر رَكْعَتَيْ السُّنَّة وَلَمْ يَنْهَ عَنْ غَيْرهَا. اهـ.
فظهرَ منه أن النووي ينتصر للقول بعدم الكراهة، وأعدلُ ما قيل في المسألة فيما نرى هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو جواز الصلاة بعد طلوع الفجرِ ولو أكثر من ركعتين بشرط ألا يُتخذ ذلك عادة وسنة راتبة.
قال رحمه الله في مجموع الفتاوى: فَهَذَا فِيهِ إبَاحَةُ الصَّلَاةِ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ أَذَانَيْ الْمَغْرِبِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَاهُمْ وَيُقِرُّهُمْ عَلَى ذَلِك، فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ بَيْنَ أَذَانَيْ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ كَذَلِكَ بَيْنَ أَذَانَيْ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ، لَكِنْ بَيْنَ أَذَانَيْ الْفَجْرِ الرَّكْعَتَانِ سُنَّةٌ بِلَا رَيْبٍ، وَمَا سِوَاهَا يُفْعَلُ، وَلَا يُتَّخَذُ سُنَّةً؛ فَلَا يُدَاوِمُ عَلَيْهِ، وَيُؤْمَرُ بِهِ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ كَمَا هُوَ حَالُ السُّنَّةِ فَإِنَّ السُّنَّةَ تَعُمُّ الْمُسْلِمِينَ، وَيُدَاوِمُ عَلَيْهَا كَمَا أَنَّهُمْ كُلُّهُمْ مَسْنُونٌ لَهُمْ رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا.
فَإِذَا قِيلَ: لَا سُنَّةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَانِ فَهَذَا صَحِيحٌ وَأَمَّا النَّهْيُ الْعَامُّ فَلَا.
وَالْإِنْسَانُ قَدْ لَا يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ فَيُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ السَّلَفُ لَهُ قَضَاءَ وِتْرِهِ بَلْ وَقِيَامَهُ مِنْ اللَّيْلِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَذَلِكَ عِنْدَهُمْ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إلَى الضُّحَى. اهـ.
وعلى هذا فالأحوط أن يقتصر المصلي على ركعتين بعد طلوع الفجر وقوفاً مع ظاهر النهي واتباعاً للسنة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يُمنع من الزيادة لأن في صحة الحديث اختلافاً، ولعمل كثير من السلف بخلافه، ولكن شرطُ ذلك ألا يُتخذ عادة كما يختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
فعليكَ أن تبين للناس هذه الأحكام برفقٍ ولين، مراعياً ضوابط الإنكار في المسائل الخلافية، وأنه لا يتجاوز حدود تبيين وجهة النظر، مع إقرار وجود الخلاف، والحرص على أن تظل المودة باقيةً بينك وبين من تخالفه، نسأل الله أن يهدينا وإياك للرشد وأن يوفقنا لاتباع السنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1430(11/8632)
الأفضل أداء السنن الراتبة والنوافل مثنى مثنى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل السنن التي تقام بعد الصلاة فيها تشهد واحد، وماهو نص التشهد، ونفس السؤال لصلاة الاستخارة وأي تشهد أقرأ، لأنها ركعتان.. وهل صلاتي التراويح والتهجد تعتبر من الصلوات التي لها تشهد واحد، أتمنى ذكر وشرح الصلوات التي فيها تشهد واحد أرجوكم بالتفصيل لأني بحاجة للعلم بأمور الصلاة أكثر وبالتفصيل؟ جزاكم الله خيراً كثيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة -سواء كانت فريضة أو نافلة- إذا كانت ثنائية فإنها تصلى بتشهد واحد قبل كل تسليمة، وإذا كانت رباعية أو ثلاثية فإنها تصلى بتشهدين، والسنن الرواتب التي تصلى عقب الصلوات المفروضة والنوافل عموماً والاستخارة والتراويح والتهجد تصلى ركعتين ركعتين، كل ركعتين بتشهد واحد وسلام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ... رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه.
وما كان من النوافل أربع ركعات وصليت بسلام واحد جاز ولكن تصلى بتشهدين.
والتشهد له صيغ كثيرة وردت في السنة فتصح الصلاة بأي منها، وانظري لذلك الفتوى رقم: 61785، في صيغ التشهد، والفتوى رقم: 26032 عن أنواع ومراتب السنن والنوافل، والفتوى رقم: 24084، والفتوى رقم: 26414.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1429(11/8633)
هل يشرع للمسافر التنفل المطلق والرواتب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يؤدي المسافر نوافل الصلاة وخاصة في رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرمضانُ فرصةٌ عظيمة للتزودِ من الخيرات، لا فرقَ في ذلك بين المسافر وغيره، والصلاة خيرُ موضوع؛ كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فينبغي للمسلمين أن يستكثروا من الصلاة وخاصةً في رمضان مقيمين كانوا أو مسافرين.
وفي الصحيح من حديثِ حذيفة رضي الله عنه: أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى ليالي رمضان من عام الفتح فطول الصلاة جدا حتى قرأ بالبقرةِ والنساء وآل عمران لا يمرُ بآية تسبيحٍ إلا سبح، ولا بآية تعوذٍ إلا تعوذ، ولا بآية دعاءٍ إلا دعا، وكان ركوعه وقيامه وسجوده بعدُ نحواً من قيامه ذاك صلى الله عليه وسلم.
وأما عن صلاةِ النوافل في السفر فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتنفل التنفل المطلق في السفر، فعند البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل في بيت أم هانئ يوم فتح مكة وصلى ثماني ركعات.
وعن ابن عمر: أنه صلى الله عليه وسلم كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه.
وأما الرواتب فاختلفت فيها كلمة العلماء فذهبَ الجمهور إلى أن صلاتها في السفر مشروعة وانظر الفتوى رقم: 100782، واستدلوا بالعمومات الدالةِ على فضيلتها، وبقول الحسن رحمه الله: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون فيتطوعون قبل المكتوبة وبعدها إلا من جوف الليل، وأنكر بعض السلف صلاة النوافل الراتبة في السفر، منهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقد رأى قوما يسبحون أي يتنفلون بعد الصلاة فقال: لو كنت مسبحا لأتممت صلاتي، يا ابن أخي صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله تعالى، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين، وذكر عمر وعثمان وقال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) رواه البخاري.
واستثنى بعض العلماء من الرواتب رغيبة الفجر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن أشد تعاهداً على شيءٍ من النوافل منه على ركعتي الفجر. متفق عليه، وجمع ابن قدامة بين ما ذكره الحسن وبين ما ذكره ابن عمر بأن حديث الحسن يدل على أنه لا بأس بفعلها، وحديث ابن عمر يدل على أنه لا بأس بتركها. وهو جمعٌ حسن.
والخلاصة أن المسافرَ يشرع له التنفل المطلق وأما الرواتب فمحل خلاف، ومذهب جمهور العلماء استحباب فعلها كما بيناه في الفتوى المحال عليها آنفا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1429(11/8634)
وقت أداء السنن الرواتب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نصلي الرواتب بعد الأذان، وهل نصلي ركعتي الفجر بعد الأذان الثاني، وهل نصلي ركعتي الرواتب التي قبل الفجر بعد الأذان الثاني، وهل هذا من السؤال عن ما وسع الله لنا فيه، ومتى لا يجب علينا السؤال وفي أي الأمور.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراتبةُ القبلية يدخلُ وقتها بدخولِ وقت الصلاة لأنها تابعةٌ لها، فإذا كان الأذان مصاحباً لأولِ وقت الصلاة فالأولى لكَ أن تشتغل بترديد الأذان ثم تصلي الراتبة لتحصّل الفضيلتين، وأما إذا كان الأذان يتأخرُ عن أول وقت الصلاة فلا مانع من صلاةِ الراتبة ولو قبل الأذان، ففعلُ الراتبة القبلية لكل صلاة مرتبطٌ بدخول وقتها، ومن ذلك صلاة الفجر، والأذان الثاني هو الذي يكون عادة بعد دخول وقتها.
وليس هذا من السؤال المذموم.
وأما بالنسبةِ للسؤال عن العلم فالواجبُ على كل مسلمٍ أن يهتمّ بتعلم أحكام الدين فإن العبادة لا تصح إلا بالعلم، وقد قال النبي صلى الله علبه وسلم: وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهما ولكن ورثوا العلم فمن أخذه أخذَ بحظٍ وافر. صححه الألباني.
وقد أمر الله تعالى الجاهل بسؤال العالم عما أشكل عليه فقال: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل 43} فاحرص يا أخي على سؤال أهل العلم في كل ما أشكل عليك من أمر دينك ولا تستح من السؤال فقد قال مجاهدٌ رحمه الله: لن ينال العلم مستحيٍ ولا مستكبر، ولا تحتقر مسألةً أن تسأل عنها فربما تكونُ عظيمةً في نفس الأمر وأنت لا تشعر، واحرص على أن يكون سؤالك للعلماء مصحوباً بالأدبِ معهم والتوقير لهم، ونسأل اللهَ أن يفقهنا وإياك في الدين ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1429(11/8635)
من لم يصل الشفع والوتر وسنة الفجر وأقيمت فريضة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم أصل الشفع والوتر كيف أرتبهما مع رتيبة الفجر في الحالات التالية:أقيمت صلاة الصبح وبعد صلاة الصبح، عند طلوع الشمس، عند الزوال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن لم يصل الشفع والوتر وراتبة الفجر وأقيمت فريضة الصبح فليقدم الفريضة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. رواه الإمام مسلم وغيره.
ومن فاته الوتر قضاه في أي ساعة من ليل أو نهار بناء على القول الراجح، ولا يلزم ترتيبه مع قضاء راتبة الفجر، ولمعرفة أقوال العلماء في قضاء الوتر انظر الفتوى رقم: 14568.
وبالنسبة لسنة الفجر فيشرع عند بعض أهل العلم كالشافعية قضاؤها في كل وقت بما في ذلك بعد صلاة الفجر، وقال المالكية تقضى بعد ارتفاع الشمس قدر رمح إلى الزوال، وقال بعض الحنفية لا يشرع قضاؤها، وقال بعضهم تقضى بعد طلوع الشمس، وراجع التفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 25849، 55961، 57861.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(11/8636)
ثمار صلاة النوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم أن تفيدوني في صلاة النوافل.
أنا أصلي النوافل تفريبا كلها رغيبة الفجر وأربع بعد الظهر وأربع قبل الظهر وركعتان قبل العصر وركعتان بعد المغرب والشفع والوتر والحمد لله، ولكن مؤخرا بسبب شغل البيت ومسؤولية الزوج وأشياء دنيوية صرت أهمل نافلة الظهر والعصر ولكني مواظبة على بقية النوافل والحمد لله فهل في هذا معصية وتقصير في حق الله الرجاء أفيدوني في هذا السؤال لأني أحس بأن تركي لهذه النوافل بعد من الله.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة النوافل مما لا يأثم الإنسان بتركه ولا يعاقب على ذلك في الآخرة، لقوله صلى الله عليه وسلم لمن جاء يسأله عن الإسلام: خمس صلوات في اليوم والليلة. قال: هل علي غيرهن؟ قال: لا إلا أن تطوع. متفق عليه.
لكن فعل النوافل من أعظم القربات وأجل الطاعات وهو يجبر النقص والخلل الواقع في الفرائض وله أثر عظيم في صلاح القلب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: الصلاة خير موضوع، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر، رواه الطبراني وحسنه الألباني.
فالنصيحة لك أن تجتهدي في الحفاظ على النوافل المذكورة ما أمكن خاصة نافلة الظهر التي ذكرت أنك تقصرين فيها، وأقل ما ورد في سنة الظهر ركعتان قبلها وركعتان بعدها فاحرصي ما أمكن على أدائها ولو على الركعتين قبلها والركعتين بعدها، وأفضل من ذلك أربع قبلها واثنتان بعدها، وأما العصر فليس لها سنة مؤكدة عند كثير من أهل العلم، لكن إن صليت قبلها ركعتين أو أربعة فهو حسن، لما في الحديث: رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا. رواه أبو داود وحسنه الألباني، وانظري الفتوى رقم: 4545، نسأل الله أن يوفقنا وإياك لما فيه رضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1429(11/8637)
هل تصلى السنة في البيت أم المسجد عند وجود الضيف
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا جاءني ضيف وذهبنا معاً لصلاة الجماعة فعند انتهاء الصلاة هل أصلي السنة (ربما أتاخر عليه) ، أم أنتظره خارج المسجد (فيخرج خلفي ولا يصلي السنة) ؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان بإمكانك الصلاة في بيتك فلك أن تذهب قبل الإتيان بالراتبة ثم تأتي بها في البيت، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل الصلاة بعد المكتوبة صلاة المرء في بيته، وإن لم تكن تتمكن من الصلاة في البيت بحكم الانشغال فلا ينبغي لك أن تخرج من المسجد قبل أن تصلي راتبة الصلاة إلا إذا كانت عندك حاجة تستدعي استعجالك، فإن الراتبة ليست واجبة، مع أن الغالب أنه لا يحصل بصلاة الراتبة تأخر كثير عن الضيف، بل ينبغي للضيف أن يأتي بالسنة أيضاً.
وللفائدة انظر في ذلك الفتوى رقم: 15945، والفتوى رقم: 4545.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1429(11/8638)
السنن الرواتب في المذهب الشافعي
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف صلاة السنة على مذهب الإمام الشافعي التي تأتي بعد صلاة الفرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكيفية صلاة السنة الراتبة المشروعة مع الفريضة انطلاقا من المذهب الشافعي قد فصلها الشيرازي في المهذب حيث قال: فأما الراتبة فمنها السنن الراتبة مع الفرائض وأدنى الكمال فيها عشر ركعات غير الوتر , وهي ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها , وركعتان بعد المغرب , وركعتان بعد العشاء وركعتان بعد الصبح , والأصل فيه ما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال {صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين , وبعدها سجدتين , وبعد المغرب سجدتين وبعد العشاء سجدتين} وحدثتني حفصة بنت عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم {كان يصلي سجدتين خفيفتين إذا طلع الفجر} والأكمل أن يصلي ثماني عشرة ركعة غير الوتر: ركعتين قبل الفجر , وركعتين بعد المغرب , وركعتين بعد العشاء , لما ذكرناه من حديث عمر , وأربعا قبل الظهر , وأربعا بعدها [لما] روت أم حبيبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرم على النار} وأربعا قبل العصر لما روى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم {كان يصلي قبل العصر أربعا يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن معهم من المؤمنين} والسنة فيها وفي الأربع قبل الظهر وبعدها أن يسلم من كل ركعتين لما روياه من حديث علي رضي الله عنه [أنه كان يفصل بين كل ركعتين بالتسليم] . انتهى.
وقد علق الإمام النووى فى المجموع على هذا الكلام قائلا: (أما حكم المسألة) فالأكمل في الرواتب مع الفرائض غير الوتر ثمان عشرة ركعة كما ذكر المصنف , وأدنى الكمال عشر كما ذكره , منهم من قال: ثمان فأسقط سنة العشاء، قال الخضري ونص عليه وقيل: اثنتي عشرة فزاد قبل الظهر ركعتين أخريين, وقيل بزيادة ركعتين قبل العصر, وكل هذا سنة, وإنما الخلاف في المؤكد منه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1429(11/8639)
السنن الرواتب في المذهب الشافعي
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف صلاة السنة على مذهب الإمام الشافعي التي تأتي بعد صلاة الفرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكيفية صلاة السنة الراتبة المشروعة مع الفريضة انطلاقا من المذهب الشافعي قد فصلها الشيرازي في المهذب حيث قال: فأما الراتبة فمنها السنن الراتبة مع الفرائض وأدنى الكمال فيها عشر ركعات غير الوتر , وهي ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها , وركعتان بعد المغرب , وركعتان بعد العشاء وركعتان بعد الصبح , والأصل فيه ما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال {صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين , وبعدها سجدتين , وبعد المغرب سجدتين وبعد العشاء سجدتين} وحدثتني حفصة بنت عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم {كان يصلي سجدتين خفيفتين إذا طلع الفجر} والأكمل أن يصلي ثماني عشرة ركعة غير الوتر: ركعتين قبل الفجر , وركعتين بعد المغرب , وركعتين بعد العشاء , لما ذكرناه من حديث عمر , وأربعا قبل الظهر , وأربعا بعدها [لما] روت أم حبيبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرم على النار} وأربعا قبل العصر لما روى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم {كان يصلي قبل العصر أربعا يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن معهم من المؤمنين} والسنة فيها وفي الأربع قبل الظهر وبعدها أن يسلم من كل ركعتين لما روياه من حديث علي رضي الله عنه [أنه كان يفصل بين كل ركعتين بالتسليم] . انتهى.
وقد علق الإمام النووى فى المجموع على هذا الكلام قائلا: (أما حكم المسألة) فالأكمل في الرواتب مع الفرائض غير الوتر ثمان عشرة ركعة كما ذكر المصنف , وأدنى الكمال عشر كما ذكره , منهم من قال: ثمان فأسقط سنة العشاء، قال الخضري ونص عليه وقيل: اثنتي عشرة فزاد قبل الظهر ركعتين أخريين, وقيل بزيادة ركعتين قبل العصر, وكل هذا سنة, وإنما الخلاف في المؤكد منه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1429(11/8640)
ليصل أحدكم نشاطه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ضعيفة البنية وعلى الرغم من ذلك فأنا كنت دائماًَ أقوم لصلاة الليل ولا تفوتني صلاة الفجر أبداً، وأحرص على أداء النوافل، أما مؤخراً وبسبب التعب في العمل لم أعد أقدر على أداء العبادة كما كنت من قبل، فبماذا تنصحونني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان التعب البدني هو سبب الفتور عن العبادة فينبغي للأخت السائلة أن لا تتعب نفسها تعباً يمنعها من أداء عبادتها، ولتأخذ ما تطيق من النوافل، أما الفرائض فلا يجوز التفريط فيها ولا التكاسل عنها بحال من الأحوال، ومن المعلوم أن إيمان العبد يزيد وينقص، فيشعر بنشاط للعبادة وقت زيادة إيمانه، ويشعر بالكسل عند ضعف إيمانه، وهذا الفتور الذي يعتري المؤمن قد يكون بسبب المعاصي، وقد يكون بسبب تعب بدني فلتنتبه لهذه الأمور.
والذي ننصحها به هو أن تجاهد نفسها على أداء الفرائض في أوقاتها على أكمل وجه وتأتي بالرواتب، فإن عجزت عن شيء بسبب التعب فليكن المتروك من النوافل وليس من الفرائض، ولتراجع في ذلك الفتوى رقم: 64058.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(11/8641)
حكم من وصل صلاة بأخرى قبل أن يقوم من مقامه أو قبل أن يتكلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد حديث عن معاوية رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ألا نصل صلاة بصلاة حتى نخرج أو نتكلم؟
ما معنى هذا الحديث؟ التسليمتين بعد التشهد الأخير نهاية الصلاة فلا يوجد وصل إذا؟
في حالة جمع الصلاة بعد تسليم الصلاة الأولى يكبر للثانية مباشرة هل تكون الثانية باطلة حسب ما ورد في الحديث؟
ولماذا في التراويح في رمضان بعد التسليم من ركعتين يكبر الإمام مباشرة للإثنتين التاليتين، هل تبطل الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي أشار إليه السائل حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه في حديث طويل وفيه.. أمرنا بذلك أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج.. ورواه أيضا أحمد وأبو داود وغيرهم.
والوصل المنهي عنه هو وصل الصلاة بأخرى بعد التسليم وقبل الكلام أو التحرك من مكان الفريضة، وليس معناه الدخول في الصلاة قبل التسليم من سابقتها، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أن السلام نهاية الصلاة، ومع ذلك نهانا أن نصل صلاة بأخرى فتأمل.
وهذا الأمر الوارد في الحديث للاستحباب وليس للوجوب، فلو وصل المصلي صلاة بأخرى قبل أن يقوم من مقامه أو قبل أن يتكلم فصلاته الثانية صحيحة وليست باطلة، والوصل بين ركعات صلاة التراويح لا يدخل في هذه الأمر لأن المقصود به الفصل بين الفريضة وبين النافلة، وانظر كلام الفقهاء في ذلك في الفتوى رقم: 22946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(11/8642)
التفضيل بين السنن الرواتب وبين قيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الليل أفضل من السنن الرواتب كما جاء بالحديث النبوي "أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في التفضيل بين السنن الرواتب وبين قيام الليل على قولين:
الأول: أن السنن الرواتب أفضل، وهذا قول أكثر العلماء، كما قال الملا قارئ في مرقاة المفاتيح، وحملوا قوله صلى الله عليه وسلم:.. أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل ... رواه مسلم. على النفل المطلق، أي بعد المكتوبة وتوابعها من السنن الرواتب؛ كما قال المناوي في فيض القدير: أفضل الصلوات بعد المكتوبة أي ولواحقها من الرواتب ... إلخ.
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: ... ولا شك أن الرواتب أفضل.
الثاني: أن قيام الليل أفضل لظاهر الحديث، أي الحديث: أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل.. وهذا قول أبي إسحاق المروزي من الشافعية كما نسبه له في مرقاة المفاتيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1429(11/8643)
السنة الراتبة قبل الظهر وبعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والحمد لله محافظ علي النوافل الاثنتي عشر مع الصلوات المفروضة وأريد أن أطبق حديث النبي في فضل صلاة أربع ركعات قبل وبعد صلاة الظهر والفوز بالثواب، فهل أصلي أربع ركعات قبل الظهر بنيتين نية الأربع ركعات من الاثنتي عشر ومن الأربع التي وردت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم, والتي بعدها أصلي اثنين بنية النافله بعد الظهر ونية الاثنتين التي وردت في الحديث وأصلي الاثنتين الباقيات, أو أصلي ثمانية قبل الظهر وستة بعدها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الترغيب في صلاة أربع ركعات قبل الظهر عدة أحاديث، فمنهما ما رواه النسائي وغيره مرفوعا: من ركع أربع ركعات قبل الظهر وأربعا بعدها حرم الله عز وجل لحمه على النار، وفي لفظ عند النسائي وأبي داوود: من حافظ ومنها حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر ... رواه البخاري.
والذي يظهر من أقوال أهل العلم هو أن هذه الأربع هي راتبة الظهر القبلية بعينها وأن اثنتين منها راتبة مؤكدة واثنتين راتبة غير مؤكدة، جاء في فتوحات الوهاب لزكريا الأنصاري في عد السنن الراتبة المؤكدة وغير المؤكدة:..... والمؤكد منها ركعتان قبل الصبح وركعتان قبل الظهر وركعتان بعده وركعتان.... (وغيره) أي غير المؤكدة منها زيادة ركعتين قبل الظهر وركعتين بعده لخبر من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار رواه الترمذي وصححه. انتهى.
وبناء عليه فيكفي الأخ السائل أن يصلي أربع ركعات قبل الظهر بنية الراتبة ليتحصل على الفضل الوارد في الحديث: حرمه الله على النار. لأن هذا الحديث في فضل راتبة الظهر بعينها، ولا يصلي ثمان ركعات. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 59842، والفتاوى المرتبطة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(11/8644)
قضاء السنة الراتبة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تعدى موعد الصلاة هل ينفع أن الفرد يصلي سنة، مثال: إذا جاءت الساعة الثانية فات ميعاد الظهر هل ينفع أن أصلي سنة قبلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من الواجب على المسلم المحافظة على أداء الصلوات في وقتها وفي جماعة إن أمكن ذلك، ولا يجوز تأخيرها حتى يخرج وقتها بدون عذر شرعي، ومن أخر صلاة الظهر وأداها قبل خروج وقتها فليصل السنة الراتبة قبلها، وإذا خرج وقتها فيشرع له قضاء تلك الراتبة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم المحافظة على الصلوات بأدائها في وقتها وفي جماعة إن أمكن ذلك، ولا يجوز له تأخيرها عن وقتها لغير عذر.
وعليه؛ فإذا كانت الساعة الثانية قد حانت قبل دخول وقت العصر فوقت الظهر مستمر، وبالتالي فأداء السنة الراتبة قبلها مشروع لا إشكال فيه، وإن كانت الساعة الثانية يحين عندها وقت العصر فقد خرج وقت الظهر عند بعض أهل العلم، وبناء على هذا القول فيكون فعل السنة الراتبة قبله قضاء، وهذا مشروع.
وراجع الفتوى رقم: 55899، والفتوى رقم: 19174.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1428(11/8645)
استحباب صلاة ركعتين عند الخروج من المنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد في الشرع صلاة سنة السفر؟ أي إذا أراد المسلم أن يسافر فهل يشرع له أن يركع ركعتين تسمى (سنة السفر) قبل أن يغادر من محله؟ مع الدليل إن أمكن.
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
من المستحب صلاة ركعتين عند الخروج من المنزل تكونان سببا للمنع من مدخل السوء ومخرج السوء، وهذا شامل للخروج للسفر وغيره، وورد الترغيب في ركعتين عند السفر في حديث ضعيف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت استحباب صلاة ركعتين عند الخروج من المنزل، وهذا شامل للسفر وغيره فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين يمنعانك من مخرج السوء، وإذا دخلت إلى منزلك فصل ركعتين يمنعانك من مدخل السوء. رواه البزار وغيره. وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.
قال المناوي في فيض القدير: إذا خرجت من منزلك أي أردت الخروج، وفي رواية: من بيتك فصل ندبا ركعتين خفيفتين وتحصل بفرض أو نفل، ثم ذكر حكمة ذلك وأظهرها في قالب العلة فقال: تمنعانك مخرج بفتح الميم والراء السوء بالضم أي ما عساه خارج البيت من السوء، وإذا دخلت إلى منزلك فصل ركعتين تمنعانك مدخل السوء، وعبر بالفاء في الموضعين ليفيد أن السنة الفورية بذلك أي بحيث ينسب الصلاة إلى الدخول عرفا فتفوت بطول الفصل بلا عذر، واستدل به الغزالي على ندب ركعتين عند الخروج من المنزل وركعتين عند دخوله. قال: وفي معنى هذا كل أمر يبتدئ به مما له وقع، ويحصل فضلهما بصلاة فرض أو نفل نويا أو لا كالتحية. انتهى
وقد جاء الترغيب في ركعتين عند السفر في حديث رواه ابن أبي شيبة في المصنف: عن المطعم بن مقدام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما خلف عبد على أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد السفر. لكن ضعفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة.
ومن السنة الدعاء بالمأثور عند إرادة السفر، ففي صحيح مسلم وغيره أن ابن عمر علمهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبر ثلاثا ثم قال {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون} اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل. وإذا رجع قالهن وزاد فيهن: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1428(11/8646)
تأخير سنة الصبح إلى قرب إقامة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة وبعد ...
نلاحظ في العديد من مساجدنا وخلال صلاة الصبح يقوم العديد من المصلين بتأخير قيامهم لأداء ركعتي رغيبة الفجر حتى وقت قريب من القيام لصلاة الصبح بحوالي خمس دقائق حيث إن الفترة التي ينتظرونها في صلاة الصبح بين الأذان والإقامة حوالي 30 دقيقة
فهل يستحب تقريب صلاة ركعتي الفجر من ركعتي الصبح التي تصلى جماعة.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما بين تحقق طلوع الفجر الصادق وإقامة الصلاة وقت لركعتي الفجر، ولم نجد من ذكر استحباب تأخيرهما إلى ما قبيل إقامة الصلاة مع أنه لا حرج في ذلك.
ولعل الذين يؤخرونهما يتحرون التأكد من طلوع الفجر الصادق، وقد ذكر النووي في شرح صحيح مسلم عند كلامه على ما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما، أن هذا الحديث يدل على استحباب المبادرة إليهما بعد طلوع الفجر، ونص كلامه رحمه الله تعالى مشيرا إلى الحديث المذكور: فيه (يعني يؤخذ من الحديث) أن سنة الصبح لا يدخل وقتها إلا بطلوع الفجر واستحباب تقديمها في أول طلوع الفجر وتخفيفها وهو مذهب مالك والشافعي والجمهور. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 35761.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1428(11/8647)
متى يصلي سنة الفجر من نام عن الفريضة حتى طلعت الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي الشفع والوتر جماعة في البيت مع أبي مثلا، وبالنسبة لنافلة الفجر أجبتموني أنه بعد شروق الشمس تصلى قبل الفريضة, فاذا كان هذا ما ثبت عن النبي كيف نفسر أن الإمام مالكا يبدأ بالفريضة ثم يصلي نافلة الفجر والناس في بلادي يفعلون ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجوز صلاة الجماعة في نافلة الشفع والوتر.
ومن نام عن صلاة الفجر ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر فليبدأ بقضاء سنة الفجر ثم يصلى الفريضة هذا مذهب الحنابلة والشافعية والحنفية وبعض المالكية كأشهب وعلي بن زياد، والمشهور عند المالكية تقديم فريضة الصبح، وقد استدل الإمام مالك رحمه الله تعالى بالحديث الصحيح الآمر بقضاء الفريضة وقت تذكرها، فقضاء السنة هنا تشاغل عن الفريضة بغيرها إضافة إلى تصريحه بأنه لم يبلغه قضاء النبي صلى الله عليه وسلم لسنة الفجر قبل الفريضة، وإليك التفصيل:
قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل: تنبيه، وقال في الذخيرة: ولو نام عن الصبح، قال مالك: لا يصليهما مع الصبح بعد الشمس، وما بلغني أنه عليه الصلاة والسلام قضاهما يوم الوادي، وقال أشهب بلغني ويقضيهما، وهو في مسلم ويعضد الأول قوله عليه الصلاة والسلام من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها وذلك يمنع من الاشتغال بغيرها. انتهى. وقال عياض في الإكمال في حديث الوادي: وقد اختلف العلماء في من فاتته صلاة الصبح هل يصلي قبلها ركعتي الفجر، فذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد وداود إلى الأخذ بزيادة من زاد صلاة ركعتي الفجر في هذه الأحاديث، وهو قول أشهب وعلي بن زياد من أصحابنا، ومشهور مذهب مالك: أنه لا يصليهما قبل الصبح الفائتة، وهو قول الثوري والليث أخذا بحديث ابن شهاب ومن وافقه ولأنها تزداد بصلاة ما ليس بفرض فوتا. انتهى. وقال الأقفهسي في شرح الرسالة: وإذا نام عن الصبح حتى طلعت الشمس فقال ابن القاسم يصلي الصبح خاصة ثم يصلي الفجر بعد ذلك إن شاء ; لأنه إن صلى الفجر قبل الصبح يكون ذلك تأخيرا للصبح عن وقته لقوله عليه الصلاة والسلام من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها حين يذكرها فذلك وقتها، وقال أشهب يصلي الفجر ثم يصلي الصبح. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 17694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1428(11/8648)
ثواب صلاة بعض النوافل هل يناله من صلاها مرة أم لا بد من المحافظة عليها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة وبعد:
أحب الاستفسار عن كيفية الثواب في العديد من الأحاديث النبوية مثل الحديث الذي يحث على المحافظة على 12 ركعة في اليوم ومن حافظ عليها بني له قصر في الجنة. ومثل من صلى قبل الظهر أربعا وبعده أربعا حرم لحمه من النار وغيرها ولله الحمد.
سؤالي هو: هل يثاب الإنسان عن ذلك كل يوم لوحده أي إذا صلى في يوم هذه الركعات بنى له قصر في الجنة كل يوم، وكذلك إن حافظ على الركعات الأربع قبل الظهر، وفي عدم إدراكه هذه الركعات في يوم ما هل لا يحصل العبد على هذا الثواب.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ظواهر الأحاديث الواردة في هذا المعنى مختلفة، فمنها ما يدل على أن الأجر المترتب على ما ذكر من بناء البيت في الجنة منوط بالمحافظة على صلاة اثنتي عشرة ركعة، ومنها ما يدل على أن من فعل ذلك مرة واحدة بنى الله له بيتا في الجنة، فمما يدل على المعنى الأول ما روى مسلم في صحيحه عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة.
وقد جاء تفسير هذا الحديث في حديث عائشة رضي الله عنها الذي أخرجه النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ثابر على اثنتي عشرة ركعة بنى الله عز وجل له بيتا في الجنة: أربعا قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر. وجاء في بعض الأحاديث أن من صلى هذا العدد دفعة واحدة بالليل أو النهار حصل على نفس الأجر، فقد روى النسائي عن أم حبيبة أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى ثنتي عشرة ركعة بالنهار أو بالليل بنى الله عز وجل له بيتا في الجنة. قال الألباني: صحيح الإسناد. وفي تحفة الأحوذي: قال الحافظ في الفتح وعند الطبراني من حديث أبي الدرداء مرفوعا من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين، ومن صلى أربعا كتب من التائبين، ومن صلى ستا كفي ذلك اليوم، ومن صلى ثمانيا كتب من العابدين، ومن صلى عشرة بنى الله له بيتا في الجنة. قال وفي إسناده ضعف أيضا وله شاهد من حديث أبي ذر رواه البزار في إسناده ضعف أيضا، قال: لكن إذا ضم إليه أي إلى حديث أنس حديث أبي ذر وأبي الدرداء قوى وتصلح للاحتجاج به. انتهى.
أما عن أجر صلاة أربع قبل الظهر وأربع بعده فإن الأمر فيها شبيه بالمسألة السابقة، فهناك حديث يدل على أن التحريم على النار المترتب على ذلك يحصل بالمرة الواحدة، وهناك حديث آخر يدل على أن ذلك مشروط بالمحافظة على الأربع قبل الظهر وبعده، ونص الحديث الدال على المعنى الأول كما روى الترمذي عن أم حبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى قبل الظهر أربعا وبعدها أربعا حرمه الله على النار. ونص الحديث الدال على المعنى الثاني ما في الترمذي أيضا: من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار. وكلاهما صحيح كما ذكر الألباني، قال في تحفة الأحوذي عند كلامه على الرواية الأولى التي أولها من صلى: وظاهر قوله من صلى أن التحريم يحصل بمرة واحدة لكن الرواية الآتية بلفظ من حافظ تدل على أن التحريم لا يحصل إلا للمحافظ. انتهى. وبناء على ما تقدم فإن من ثابر على هذا العدد من النافلة بنى الله له بيتا في الجنة، ومن صلى اثنتي عشرة ركعة تطوعاً دفعة واحدة سواء كان ذلك بالنهار أو الليل بنى الله له بيتا في الجنة. وهذا من فضل الله تعالى وكرمه بعباده، وعلى هذا فنرجو أنه كلما صلى المسلم هذا العدد يحصل على الثواب الوارد في الحديث وهو بناء البيت في الجنة، وما ذلك على الله بعزيز وكذلك الأمر بالنسبة للركعات الأربع قبل الظهر وبعده
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1428(11/8649)
حكم قطع النافلة للرد على الهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء تواجدي في العمل نويت القيام بصلاة ركعتين لله غير صلاة الضحى أو صلاة الصبح لله سبحانه وتعالى وفي أثناء التكبير رن هاتفي فقمت بالتسليم والرد على الهاتف وندمت على أنني سلمت من الصلاة، فما هو الجزاء وكيفية التوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت نويت أداء ركعتين تطوعاً لله تعالى فهما نافلة، وقد اختلف أهل العلم في مشروعية قطع النافلة بعد الشروع فيها، فعند الشافعي لا بأس بذلك خلافاً لمالك وأبي حنيفة، قال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن: اختلف العلماء فيمن افتتح نافلة من صوم أو صلاة، ثم أراد تركها، قال الشافعي: له ذلك، وقال مالك وأبو حنيفة: ليس له ذلك، لأنه إبطال لعمله الذي انعقد له. وقال الشافعي: هو تطوع فإلزامه إياه يخرجه عن الطواعية. قلنا: إنما يكون ذلك قبل الشروع في العمل، فإذا شرع لزمه كالشروع في المعاملات.
الثاني: أنه لا تكون عبادة ببعض ركعة ولا بعض يوم في صوم، فإذا قطع في بعض الركعة أو في بعض اليوم إن قال: إنه يعتد به ناقض الإجماع، وإن قال: إنه ليس بشيء فقد نقض الإلزام، وذلك مستقصى في مسائل الخلاف. انتهى.
وفي نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للزيعلي الحنفي: (ومن شرع في نافلة ثم أفسدها قضاها) وقال الشافعي رحمه الله: لا قضاء عليه لأنه متبرع فيه، ولا لزوم على المتبرع، ولنا أن المؤدى وقع قربة فيلزم الإتمام ضرورة صيانته عن البطلان. انتهى.
وعليه فحكم قطع النافلة أمر مختلف فيه بين الجواز والمنع، والأحوط بلا شك هو الأخذ بقول المانع، كما أن الأحوط له أيضاً قضاء الركعتين المذكورتين خروجاً من خلاف أهل العلم، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 11131.
وإن كانت الركعتان قد نذرتهما فالواجب قضاؤهما مع التوبة إلى الله تعالى من قطعهما لغير مسوغ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 41168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(11/8650)
مسائل في سنة الراتبة وتحية المسجد وسنة الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا توضأت بعد الأذان هل أصلي سنة الوضوء ثم تحية المسجد ثم سنة الفرض القبلية، أم يمكن أن أصلي سنة الوضوء وتحية المسجد وسنة الفرض القبلية بنية واحدة، وهل أكون أدركت تكبيرة الإحرام إذا كنت في المسجد ولكنني كنت أصلي سنة الوضوء أو تحية المسجد أو سنة الفرض القبلية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا توضأت استحب لك أن تصلي ركعتين للوضوء كما وردت بذلك السنة، ولكن إذا دخلت المسجد قبل أن تصليها وقد دخل وقت الصلاة فإنك تصلي ركعتين بنية الراتبة وتحية المسجد وسنة الوضوء وتجزئك عن الجميع لأن تحية المسجد وسنة الوضوء صلاتان غير مقصودتين لذاتهما؛ بل المقصود حصول صلاة بعد الوضوء وحصول صلاة عند دخول المسجد، وقد حصلت الصلاة بالراتبة، ولو أردت أن تصلي لكل من المذكورات ركعتين بسلام وهو الأفضل فالظاهر أنك تبدأ بتحية المسجد ثم سنة الوضوء ثم الراتبة.
وقد أشار إلى هذا بعض أهل العلم، قال الشيخ الشرواني رحمه الله في حاشيته على التحفة نقلاً عن الشيخ المحقق علي الشبراملسي وأقره: لو توضأ فدخل المسجد فالأقرب أنه إن اقتصر على ركعتين نوى بهما أحد السببين أو هما اكتفي به في أصل السنة، والأفضل أن يصلي أربعاً، وينبغي أن يقدم تحية المسجد ولا تفوت بها سنة الوضوء.
وإذا أقيمت الصلاة وقد دخلت في راتبة أو تحية مسجد ونحو ذلك فالأفضل أن تتمها فهو خير من قطعها لإدراك تكبيرة الإحرام، وأما إذا كنت لم تدخل فيها وقرب وقت إقامة الصلاة بحيث لو دخلت فيها فاتتك تكبيرة الإحرام فالأفضل أن تنتظر ثم تصلي الراتبة القبلية بعد الصلاة كما نص على ذلك جماعة من أهل العلم، وتكبيرة الإحرام تدرك بأن يأتي بها المأموم بعد إمامه مباشرة ولا يتأخر إلا بالانشغال بالتحرم ولو طال لنحو وسوسة خفيفة؛ وإلا فاتت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1428(11/8651)
مسائل في الصلاة بعد الوتر وقبل الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي كان يصلي صلاة المسافر ثم ينطلق في سفره، لكنهم أعلموه بأن الصلاة بعد الوتر وقبل الفجر لا تجوز، فأصبح ينطلق في سفره وعندما يحين وقت الفجر يصلي الفجر ثم صلاة المسافر، أسئلتي هي: هل ما أصبح يقوم به خالي صحيح، أي هل تجوز صلاة المسافر بعد الانطلاق في السفر، وما هي الأدعية والسور المستحب قراءتها قبل السفر، هل صحيح أنه لا تجوز الصلاة بعد الوتر وبين الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا المقصود حقيقة من قول السائل إن خاله كان يصلي صلاة المسافر ثم ينطلق في سفره، فإن كان مقصوده أنه يصلي صلاة المسافر أي يقصر الصلاة ثم يسافر بعد ذلك فهذا لا يجوز لأن قصر الصلاة لا يجوز قبل الشروع في السفر، كما بيناه في الفتوى رقم: 49201، وانظر الفتوى رقم: 1359 في بيان كيفية القصر والجمع في السفر.
وإن كان مقصود السائل أن خاله يصلي ركعتين خاصتين بالسفر قبل البدء بالسفر فلا نعلم دليلاً على مشروعية ركعتين خاصتين بالسفر، اللهم إلا ركعتي الاستخارة، وأما ما هي الأدعية والسور المستحب قراءتها في السفر فانظر لذلك الفتوى رقم: 22685، في بيان دعاء السفر المسنون، وليس هناك سورة خاصة بالسفر فيما نعلم.
وأما عن الصلاة بعد الوتر وقبل الفجر فلا حرج في التنفل بعد الوتر لمن طرأت له نية التنفل بعد أن أوتر على الصحيح من أقوال أهل العلم، ولكن لا يعيد الوتر ثانية، قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: إذا أوتر ثم أراد أن يصلي نافلة أو غيرها في الليل جاز بلا كراهة، ولا يعيد الوتر. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 15338، ولكن لا ينبغي أن يتخذ ذلك عادة بحيث يوتر المصلي ثم يتنفل بعد ذلك لأنه خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الوتر، جاء في تحفة المحتاج: ويستحب أن لا يتعمد صلاة بعده، وأما حديث مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد الوتر جالساً ففعله لبيان الجواز، والذي واظب عليه وأمر به جعل آخر صلاة الليل وتراً. انتهى.
واستثنى بعض الفقهاء من استحباب ترك التنفل بعد الوتر المسافر، لما رواه ابن حبان في صحيحه مرفوعاً: إن هذا السفر جهد وثقل، فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين، فإن استيقظ وإلا كانتا له. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1428(11/8652)
ما يفعله من فاتته رغيبة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل فى ترك ركعتين قبل الفجر سهوا واليوم التالي أدركت ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الأخت السائلة تعني أنها تركت ركعتي الفجر في بعض الأيام فالجواب أن الفقهاء قد اختلفوا فيمن فاتته الرغيبة وهي ركعتا الفجر حتى صلى الفرض هل يصليهما بعده أي بعد صلاة الصبح، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، وقد رجح الشوكاني هذا القول، أو لا تشرع صلاتهما حتى تطلع الشمس ويحل النفل فعند ذلك يستحب قضاؤهما إلى الزوال، وهذا ما ذهب إليه المالكية وبعض فقهاء الأحناف كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 25849، وعند الشافعية يشرع قضاؤهما من غير تحديد كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 76653.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1428(11/8653)
تنفل الأسير المسافر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الأسير المسافر في صلوات الرواتب والضحى وقيام الليل، مع العلم بأنه يتعرض للمضايقات عند تلك الصلوات؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الرواتب والنوافل عموماً في السفر قد اختلف فيها أهل العلم، والراجح من أقوالهم أنه يندب للمسافر أن يصلي الرواتب وما شاء من النوافل، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم فيه في الفتوى رقم: 25818 نرجو أن تطلع عليها.
وأما الأسير فإنه يصليها بناء على الأصل -ولم نطلع على خلاف في ذلك- ما لم يكن في ذلك حرج أو مشقة أو مضايقة بالنسبة له فإن الحرج مرفوع في هذا الدين، والمشقة تجلب التيسير، والله تعالى يقول: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، ونسأل الله جل وعلا أن يفرج كربك ويزيل همك وغمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1428(11/8654)
مسائل في السنن الرواتب والنوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني أريد منكم أن تخبروني عن ما إذا كانت صلاتي صحيحة، فصلاتي أؤديها على الشكل التالي: عند أذان الفجر أصلي ركعتين قبل صلاة الفجر وبعدها أصلي الفجر وبعده أصلي ركعتين.. وفي الظهر أصلي ركعتين قبل صلاة الظهر وبعده نفس الشيء أي ركعتين ... أما صلاة العصر أصليها فقط لوحدها أي أربع ركعات ... وفي المغرب أصلي ركعتين قبله وركعتين بعده.. وكذلك صلاة العشاء أصلي ركعتين قبله وركعتين بعده وأضيف ركعتين قبل الشفع والوتر، وقد قرأت أن الركعتين مع الشفع والوتر تسمى قياما فهل هذا صحيح، وهل صلاتي لهذه النوافل صحيحة وقد قيل لي إنه بعد الأذان لا نوافل، فهل هذا يعني أنه علي صلاة ركعتي النافلة قبل الأذان، سامحوني على الإطالة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يزيد الأخت السائلة حرصاً على طاعته ويتقبل منا ومنها صالح الأعمال، ثم إن ما تقوم به من صلاة ركعتين بعد أذان الفجر يعتبر صحيحاً، لأن هذه هي الرغيبة وتسمى ركعتا الفجر، أما النافلة بعد صلاة الصبح فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عنها، وبالتالي فعليها أن تترك التنفل في هذا الوقت حتى تطلع الشمس وترتفع قيد رمح، وما تقوم به من النافلة غير ذلك كان صواباً وفي محله، إلا أن سنة الظهر القبلية أربع ركعات، وقبل العصر يستحب أن تصلي أربع ركعات وعد بعض العلماء أن منهن من النفل المؤكد، وسنن الصلاة القبلية والبعدية منها ما هو مؤكد ومنه أربع قبل الظهر واثنتان قبل العصر، ومنها ما هو غير مؤكد لكنه سنة، وجميع ذلك مبين في الفتوى رقم: 53260.
وننبه هنا إلى أن التنفل قبل المغرب بعد دخول وقتها محل خلاف بين الفقهاء، والصحيح أنها سنة، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 9389.
ثم إن صلاة الشفع والوتر يحصل بها قيام الليل ولو زادت على ذلك كان أكمل وأفضل، أما ما قيل من أنه لا نافلة بعد الأذان فإن كان المراد به أذان الفجر الأخير أي الذي تعقبه صلاة الصبح فذلك صحيح باستثناء ركعتي الفجر، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 22995، وما عدا أذان الفجر الثاني فإن النافلة بعده مستحبة بلا حد كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 20804، وعلى كل حال فإن للمسلم أن يصلي متى شاء ما شاء من النوافل ما عدا أوقات النهي التي بيناها في الفتوى رقم: 44206.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(11/8655)
أقل قدر من النوافل وأكمله
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة في مركز الفتوى الكرام لقد سألتكم عدة أسئلة وكانت مقنعة لي والحمد لله، وأود أن تتفهموني فأنا أعيش في قرية بل ومحافظة أهلها ليسوا مسلمين بل هم على المذهب الدرزي وقد كنت منهم والله هداني إلى الإسلام الحنيف وأعتمد على نفسي في التعمق وأخذ ما هو صحيح والأقرب إلى الإسلام الذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم لذا أود الاعتماد عليكم فيما أحتاج إليه ولكم جزيل الشكر والأجر إن شاء الله.
سؤالي اليوم: عن توقيت الصلاة فنحن نعيش إلى الجنوب من دمشق بخمسين كيلو متر وأعتمد على توقيت الصلاة على روزنامة شهرية لتوقيت دمشق حيث لم أجد لمنطقتنا مثل هذا التوقيت فأرجو إعلامي ما إذا كانت صلاتي صحيحة وإن لم تكن كذلك فأرجو المساعدة.
ثانياً: أصلي الفجر وقبلها ركعتان والظهر وقبلها ركعتان وبعدها ركعتان والعصر ثم المغرب وبعدها ركعتان فالعشاء وبعدها ركعتان وبعدها ثلاث ركعات (الشفع والوتر) فهل هذا صحيح ويكفي أم علي أن أزيد
أرجو المساعدة فليس لدي إلا الانترنيت مرجعاً وأخشى أن لا آخذ المعلومة من المصدر الصحيح
ثم إنه عندي أمنية بأن أسعى لبناء جامع في بلدتي فهل يجوز مع العلم أن من يصلون الآن في قريتي لا يتجاوز عددهم العشرة أشخاص وفي كثير من الأحيان أجد عندهم أخطاء في عباداتهم كونهم يعتمدون على مصادر متنوعة. أرجو إفادتي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي هداك للتمسك بالدين الحق ونسأله تعالى أن يثبتك على ذلك، وشكر الله لك سعيك في بناء مسجد وتعليم الناس الصلاة الصحيحة بعد معرفة الحكم من أهل العلم المعتبرين.
وأما مواقيت الصلاة دخولا وخروجا فالأصل في معرفة ذلك هو العلامات الشرعية كطلوع الفجر وغروب الشمس وزوال الشمس عن وسط السماء وهكذا، أو التقاويم المعتمدة المبنية على تلك العلامات، ولمزيد الفائدة في هذا تراجع الفتوى رقم: 32380، وعليه.. فقد يكون التقويم لمدينة دمشق متفقا مع بلدتكم وقد يكون مختلفا ونحن لا نستطيع معرفة ذلك، ويمكنك أن تسأل أهل الخبرة في ذلك في بلدكم أو في دمشق، فإن ذكروا فرقا فلا يصح لكم الاعتماد على تقويم دمشق؛ بل لا بد من تحري العلامات الشرعية وتحديد فوارق التوقيت بين البلدين.
وأما النوافل التي تفعلها فهي أقل قدر للرواتب المؤكدة، وأما أكملها فثمانية عشرة ركعة، قال الإمام الشيرازي رحمه الله في المهذب: فأما الراتبة فمنها السنن الراتبة مع الفرائض وأدنى الكمال فيها عشر ركعات غير الوتر، وهي ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر، والأصل فيه ما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين وبعدها سجدتين وبعد المغرب سجدتين وبعد العشاء سجدتين. وحدثتني حفصة بنت عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي سجدتين خفيفتين إذا طلع الفجر. والأكمل أن يصلي ثماني عشرة ركعة غير الوتر: ركعتين قبل الفجر، وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء؛ لما ذكرناه من حديث عمر، وأربعا قبل الظهر وأربعا بعدها؛ لما روت أم حبيبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرم على النار. وأربعا قبل العصر؛ لما روى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يصلي قبل العصر أربعا يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن معهم من المؤمنين. والسنة فيها وفي الأربع قبل الظهر وبعدها أن يسلم من كل ركعتين؛ لما روياه من حديث علي رضي الله عنه: أنه كان يفصل بين كل ركعتين بالتسليم. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1427(11/8656)
حكم السير على جدول محدد للرواتب والنوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة عماد الدين وعندي جدول يا شيخ أرجو أن تبين لي حكمه هل يصح تطبيق بعضه أو كله في الإجازات وهل يعتبر من الغلو، نوزع ركعتين على كل ساعة من ص6-11ص-
12م صلاة سنة الظهر+ صلاة الظهر- 1م صلاة السنة البعديه للظهر- 2م ركعتي وضوء- 3م صلاة العصر4-5م سنة الوضوء- 6م صلاة المغرب- 7 صلاة سنة المغرب- 8 صلاة العشاء- 9م سنة العشاء- 10م-2ص قيام الليل أحد عشر ركعة-3ص الوتر-4 سنة الفجر+ صلاة الفجر ص، للتوضيح مثلا الساعه6ص ركعتين7ص ركعتين 8ص ركعتين ... وهكذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حدد الشرع الحنيف للصلاة المفروضة أوقاتاً معينة وشرع لها رواتب قبلها أو بعدها أو قبلها وبعدها معاً، ووقت رواتب الفريضة القبلية يدخل بدخول وقت الفريضة، ويدخل وقت البعدية بعد فعل المفروضة، ويستمر وقت الراتبة القبلية والبعدية إلى خروج وقت الفريضة، قال الإمام النووي رحمه الله في المنهاج: ويدخل وقت الرواتب قبل الفرض بدخول وقت الفرض وبعده بفعله، ويخرج النوعان بخروج وقت الفرض.
وهناك نوافل لها أوقات محددة وليست تابعة للفرائض كالعيدين فتفعل في وقتها المحدد، وهناك نوافل لها أسباب لا تفعل إلا عند سببها كركعتي الطواف والإحرام والوضوء، وهناك نوافل مطلقة لا وقت لها ولا سبب وتفعل في كل وقت ما عدا وقت الكراهة، وهو بعد الفجر وبعد العصر، وحين تكون الشمس في وسط السماء، وهذه النوافل المطلقة يمكن أن يجعل الإنسان لنفسه برنامجاً يصلي في كل ساعة قدراً معيناً يتناسب مع وقته وقدرته، والحاصل أن الفريضة تصلى في وقتها، وأفضل أوقاتها أول الوقت، وأداؤها في الجماعة واجب، والرواتب المشروعة مع الفريضة لا ينبغي تأخيرها، وأما ذوات الأسباب فعند وجود أسبابها ولو كان الوقت وقت كراهة، لكن لا يتحرى إحداث السبب من أجل الصلاة، فقد نص أهل العلم على أنه لا يصلي تحية المسجد إن كان قد دخله وقت الكراهة ليصلي التحية، وأما النوافل المطلقة فتصلى في كل وقت ما عدا أوقات الكراهة، ولا بأس بأن يصلي الإنسان عدداً في كل ساعة بقصد أنه يتناسب مع وقته وقدرته لا بقصد أنه مشروع بتلك الصفة والعدد أو أن له فضيلة زائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1427(11/8657)
الصلاة في الطائرة بغرض إحياء البقعة بالعبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة في الطائرة وهي محلقة ركعتين أو أكثر لله من باب عبادة الله في مكان جديد لم يسبقني إليه أحد، لقد سمعت من قبل أن ما من مكان تتعبد فيه أو تصلي فيه إلا ويأتي يوم القيامة فيشهد لك، فأردت أن تشهد لي السماء أيضاً فكنت أحاول صلاة ركعتين لله والطائرة محلقة في السماء، فهل هذه النية جائزة أم أنها من الابتداع في العبادة، علماً بأني قد أفعلها في مرات ولا أفعلها في مرات أخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة النفل لا نعلم خلافاً في مشروعيتها على السيارة والطائرة في السفر الطويل، وأما صلاة الفرض، فقد اختلف الفقهاء المعاصرون في الصلاة على الطائرة والراجح جوازها، وهو ما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية وهذا نص فتواهم: إذا حان وقت الصلاة والطائرة مستمرة في طيرانها ويخشى فوات وقت الصلاة قبل هبوطها في أحد المطارات، فقد أجمع أهل العلم على وجوب أدائها بقدر الاستطاعة، ركوعاً وسجوداً واستقبالاً للقبلة، لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. ولقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. أما إذا علم أنها ستهبط قبل خروج وقت الصلاة بقدر يكفي لأدائها، أو أن الصلاة مما يجمع مع غيره كصلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب مع العشاء، وعلم أنها ستهبط قبل خروج وقت الثانية بقدر يكفي لأدائهما، فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز أدائها في الطائرة، لوجوب الأمر بأدائها بدخول وقتها حسب الاستطاعة، كما تقدم. وهو الصواب. وبالله التوفيق وصلى الله عليه ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
وهذا في الفرض لأنه يشترط له القيام واستقبال القبلة، أما النافلة فلا مانع من فعلها مطلقاً، وأما الصلاة في بقعة لم يصل فيها بقصد إحيائها بالعبادة، فقد صرح طائفة من أهل العلم بمشروعية ذلك ومنهم الشافعية كما قرره جماعة عنهم ومنهم شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله في أسنى المطالب فقال وهو يعدد النوافل: ومنها: إذا دخل أرضاً لا يعبد الله فيها كدار الشرك سن أن لا يخرج منها حتى يصلي ركعتين، ومنها: إذا مر بأرض لم يمر بها قط يسن له أن يصلي فيها ركعتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1427(11/8658)
الوقت الذي تقضى فيه رغيبة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة ركعتي الرغيبة قبل صلاة العصر في حالة النسيان؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن وقت صلاة الرغيبة هو ما بين طلوع الفجر الصادق وصلاة الصبح، فإذا فاتت صلاتها في هذا الوقت فقد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في مشروعية قضائها، فمنهم من لا يرى قضاءها أصلا وهم الأحناف، ومنهم من يرى أنها تقضى، لكن هؤلاء اختلفوا في تعيين الوقت الذي تقضى فيه، فعلى مذهب مالك: من فاتته صلاة الرغيبة قضاها فيما بين طلوع الشمس إلى الزوال، وعلى هذا القول لا يشرع قضاؤها بعد العصر، والصحيح عند الشافعية استحباب قضاء الرواتب ومنها ركعتا الفجر وتقضى في أي وقت، وعلى هذا القول يشرع قضاء الرغيبة بعد العصر، ولمزيد التفصيل في هذه المسألة انظر الفتوى رقم: 30816، والفتوى رقم: 25849.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1427(11/8659)
التنفل في مذهب الإمام مالك
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في أحد الكتب أن رواتب الصلاة على هذا الشكل ركعتان قبل وبعد الظهر وركعتان قبل العصر وركعتان بعد المغرب ثم ركعتان أو أربع بعد العشاء حسب المذهب المالكي. أرجو التأكيد على صحة هذه المعلومة وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 2116، رواتب الصلاة المؤكدة وغير المؤكدة.
أما بخصوص المالكية فيستحب عندهم التنفل في كل وقت يحل فيه النفل، ويتأكد بعد المغرب فيصلي ركعتين أو أربعا أو ستا، وركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها، والأكمل أن يصلي أربعا قبلها وأربعا بعدها، وركعتين قبل العصر والأكمل أن يصلي أربعا قبلها، ولم يذكروا راتبة قبل العشاء ولا بعدها ما عدا الشفع والوتر. قال خليل في مختصره في الفقه المالكي: ندب نفل وتأكد بعد مغرب كظهر وقبلها كعصر بلا حد. قال الشيخ أحمد الدردير: بلا حد يتوقف عليه الندب بحيث لو نقص عنه أو زاد فات أصل الندب، بل يأتي بركعتين وبأربع وبست، وإن كان الأكمل ما ورد من أربع قبل الظهر وأربع بعدها وأربع قبل العصر وست بعد المغرب. انتهى. وفي حاشية العدوي على الخرشي: تنبيه: سكت المؤلف عن النفل بعد العشاء للاستغناء عنه بالشفع والوتر، وأما النفل قبلها فلم يرد عن مالك وأصحابه فيه شيء، وقال سيدي زروق: ولم يرد شيء معين في النفل قبل العشاء إلا عموم قوله صلى الله عليه وسلم: بين كل أذانين صلاة، والمراد: الأذان والإقامة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1427(11/8660)
الوقت الذي تصلى فيه النافلة الراتبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله عنا خيراً:
هل يجوز أن تؤخر السنة الراتبة عن الصلاة المفروضة بمعنى إذا صليت الظهر في المسجد وأنا حريص على أداء النوافل في البيت فخرجت من المسجد وذهبت لشراء بعض احتياجات البيت ثم عدت للبيت بعد نصف ساعة أو ساعة ثم قمت بأداء السنة الراتبة فهل في ذلك بأس وهل الأفضل أن أصلي النافلة بعد صلاة الفريضة مباشرة ولكن في البيت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز تأخير الراتبة عن الإتيان بها مباشرة بعد الفريضة لأن وقتها يمتد لغاية وقت الصلاة، قال ابن قدامة في المغني: كُلُّ سُنَّةٍ قَبْلَ الصَّلَاةِ , فَوَقْتُهَا مِنْ دُخُولِ وَقْتِهَا إلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ , وَكُلُّ سُنَّةٍ بَعْدَهَا , فَوَقْتُهَا مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ وَقْتِهَا, انتهى. كما أن صلاتها في البيت أفضل من صلاتها في المسجد كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 16945، وإذا علم وقت الراتبة، وأن للمسلم أن يصلي الراتبة البعدية فيما بين انتهائه من الفريضة إلى نهاية وقتها فلم نجد من أهل العلم من ذكر التفضيل بين صلاتها مباشرة بعد الفرض وبين الإتيان بها بعد ذلك مؤخرا قبل نهاية الوقت، لكن الظاهر والله أعلم أن عدم تأخيرها أفضل لما في ذلك من المسارعة إلى فعل الخيرات، ولأنه قد يعرض للمرء ما يمنعه من فعلها فيفوته أجرها مع أن الرواتب ليست واجبة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 71461.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1427(11/8661)
النافلة قبيل الفجر الصادق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. هل صحيح أن فترة ما بين 5 و10 دقائق قبل دخول وقت الفجر المحدد وجب علي أن لا أصلي بعض النوافل لأن هذه الفترة كان الرسول ص يستريح فيها نظرا لتهجده ليلا قبل أن يصلي الفجر؟ أرجو الاستفسار, وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في صلاة النافلة الليل كله حتى يطلع الفجر الصادق, فإذا تحققت من طلوع الفجر الصادق فاقتصر على ركعتي الفجر فقط. وراجع الفتوى رقم: 74261 والفتوى رقم: 22995 وما ذكرته من وجوب ترك النافلة في تلك المدة الزمنية لا دليل عليه. والثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضطجع بعد ركعتي الفجر وقبل الفريضة, وربما نام في هذه الضجعة, كما تقدم في الفتوى رقم: 37394.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1427(11/8662)
يستحب بعد الوضوء صلاة ركعتين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب بعد كل وضوء أن نصلي ركعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يستحب بعد الوضوء صلاة ركعتين كما سبق دليل ذلك في الفتوى رقم: 12884 وليس ذلك واجباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1427(11/8663)
الركعات الاثنتا عشرة والشفع والوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الركعتان اللتان نصليهما قبل صلاة الصبح -الفجر- وركعتي الوتر يمكننا أن نحسبها ضمن النوافل 12 ركعة؟ أم نصلي هذه الأخيرة بعددها الكامل بالإضافة إلى ركعتي الفجر والشفع؟
وهل تجوز النافلة ما بين الأذان الأول لصلاة الفجر والأذان الثاني؟
جازاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالركعات الاثنتا عشرة الواردة في بعض الأحاديث المقصود بها السنن الراتبة كما بينا في الفتوى رقم: 18174
ومنها ركعتا الفجر، وأما الشفع والوتر فليسا منها لما في سنن الترمذي من حديث أم حبيبة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة: أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر. وصححه الألباني رحمه الله،
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 10648.
وأما حكم صلاة النافلة عدا ركعتي الفجر بعد أذان الفجر وقبل الإقامة فانظره في الفتوى رقم: 33330.
وأما الصلاة بين الأذانين فإن كانا يؤذنان بعد طلوع الفجر فالحكم هو ما أسلفناه الآن، وإن كان الأول منهما يفعل قبل طلوع الفجر فلا مانع من النافلة بعده لمن لم يكن قد أوتر، وأما من كان أوتر فإن كان يغلب على ظنه أنه يستيقظ ويصلي فما كان يبغي له أن يوتر أول الليل، وإن لم يغلب ذلك على ظنه فلا حرج عليه في أن يصلي ما تيسر له والراجح أنه ليس مطالبا بوتر جديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1427(11/8664)
أقوال العلماء في قضاء النوافل المؤقتة بزمن معين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النوافل تقضى في غير أوقات النهي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 55961 تفصيل مذاهب أهل العلم حول قضاء النوافل, وقد ذكرنا أن النوافل المطلقة لا تقضى عند الجميع.
أما النوافل المؤقتة بزمن معين كالعيدين والرواتب التابعة للفرائض ونحو ذلك، فيشرع قضاؤها على أظهر الأقوال عند الشافعية والمشهور عند الحنابلة, خلافاً للحنفية والمالكية باستثناء سنة الفجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1427(11/8665)
الصلاة بعد أذان الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيوخ الأفاضل..
كثيراً ما أدخل المسجد بعد الأذان، ولا أعلم إن كانت الإقامة قد أوشكت أم لا، وبالتالي لاأدري إن كان الوقت يتسع لركعتين أم لأربع ركعات، ففي هذه الحالة هل الأولى أن أصلي تحية المسجد أم السنة الراتبة القبلية؟؟؟ وهل هناك فرق في هذه الحالة إن كان الحديث يدور حول صلاة الفجر (حيث إن ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها) ..
وجزاكم الله عن المسلمين خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج أبوداود في سننه عن يسار مولى ابن عمر قال رآني ابن عمر وأنا أصلي بعد طلوع الفجر فقال يا يسار إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علينا ونحن نصلي هذه الصلاة فقال ليبلغ شاهدكم غائبكم لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين والحديث صححه الألباني وفي سنن الترمذي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين والحديث صححه الألباني وقال الترمذي حديث غريب ثم قال وهو ما اجتمع عليه أهل العلم كرهوا أن يصلي الرجل بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر. وعلى هذا فإذا طلع الفجر فلا تصل إلا ركعتين وانو بهما سنة الفجر وتحية المسجد فإنها تجزئك عنهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(11/8666)
لا حرج في التنفل آناء الليل وأطراف النهار سوى وقت الكراهة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف الصلوات التي أقدر أصليها في وقت الفراغ، وأريد أن أعرف ما مدى صحة صلاة 4 ركعات قبل العشاء والمغرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكن أن تتنفل في أي وقت إلا في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها, وهي بعد صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح في نظر الناظر أي بعد شروقها بخمسة عشر دقيقة تقريباً، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس, وحين استواء الشمس في وسط السماء أي قبل دخول وقت صلاة الظهر بقليل. وأفضل طريقة للتنفل المطلق أن تصلي ركعتين وتسلم وهكذا، ويجوز أن تصلي أربع ركعات بسلام واحد.
ومن صلاة النفل صلاة التسابيح ولها فضل كبير، فقد روى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس: يا عماه ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته، عشر خصال أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإن فرغت من القرآن قلت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشراً، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً، ثم تهوي ساجداً فتقولها وأنت ساجد عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك فتقولها عشراً، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في الأربع ركعات، إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة.
ومن النوافل صلاة الضحى ووقتها من بعد ارتفاع الشمس قدر رمح إلى قبل وقت الظهر بقليل، ومنها قيام الليل وهو من أفضل النوافل ووقته من بعد العشاء إلى الفجر، ومن الأوقات التي ينبغي للمسلم أن يستغلها في الصلاة ما بين المغرب والعشاء، كما بيناه في الفتوى رقم: 27572، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 2116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(11/8667)
هل يحصل الفضل بصلاة سنة الظهر القبلية بعده لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في حديث فيما معناه من صلى اثنتي عشرة ركعة من غير الفريضة بني له بيت في الجنة، وذكر منها أربع قبل الظهر، وسؤالي هل إذا تركت الأربع التي قبل الظهر بسبب العمل في هذا الوقت وضيق الوقت وصليتها قبل العصر هل تكتب لي من الاثنتي عشر ركعة، وهل أصلي السنة قبل الاذان أم بعده.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي صحيح مسلم عن أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة، قالت أم حبيبة: فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى، ووقت هذه الركعات جاء مفسرا في سنن الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة، أربع ركعات قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر. قال الترمذي: حديث غريب، قال الشيخ الألباني: صحيح، وقال الشوكاني فى نيل الأوطار بعد ذكره لبعض روايات الحديث: وأحاديث الباب تدل على تأكيد صلاة هذه الاثنتي عشرة ركعة وهي من السنن التابعة للفرائض. وقد اختلف في حديث أم حبيبة كما ذكر المصنف، فالترمذي أثبت ركعتين بعد العشاء. ولم يثبت ركعتين قبل العصر. والنسائي عكس ذلك، وحديث عائشة فيه إثبات الركعتين بعد العشاء دون الركعتين قبل العصر. وحديث أبي هريرة فيه إثبات ركعتين قبل العصر وركعتين بعد العشاء ولكنه لم يثبت قبل الظهر إلا ركعتين، والمتعين المصير إلى مشروعية جميع ما اشتملت عليه هذه الأحاديث، وهو وإن كان أربع عشرة ركعة والأحاديث مصرحة بأن الثواب يحصل باثنتي عشرة ركعة لكنه لا يعلم الإتيان بالعدد الذي نص عليه صلى الله عليه وسلم في الأوقات التي جاء التفسير بها إلا بفعل أربع عشرة ركعة لما ذكرنا من الاختلاف. انتهى. وعليه فالثواب الوارد في هذه الأحاديث يحصل بأداء هذه النوافل في الأوقات التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن إذا حرصت على أداء تلك الركعات قبل الظهر ثم طرأ عليك ما يمنع ذلك وأديتها قبل العصر فيرجى لك إن شاء الله تعالى الحصول على الثواب الوارد في الحديث، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا. رواه البخاري في صحيحه.
والسنة الراتبة يبدأ وقتها بدخول وقت الفريضة المتعلقة بها، فإذا تحققت من دخول وقت الفريضة جاز لك حينئذ أداء السنة الراتبة ولو لم تسمعي الأذان، وراجعي الفتوى رقم: 12940.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(11/8668)
مسائل في سنن ونوافل الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[لله الحمد فقد بدأت بالالتزام حديثا وقد وجدت خير مكان أطرح فيه سؤالي هذا الذي أحرجت من سؤال غيركم عنه هو الشبكة الإسلامية فأرجو الرد عليه ونصحي حول ما أفعل لمسألة الخجل من سؤال الأصدقاء أو غيرهم بخصوص أمور الدين.
سؤالي عن السنة القبلية والبعدية للصلاة فأنا أصلي في المسجد فهل أصلي القبلية في المنزل وقبل كم؟ مثلا أذان الظهر الساعة 12 يؤذن فهل أؤديها الحادية عشرة ونصف ثم أنهيها وأذهب للمسجد؟ وما هو الوقت الذي يجب تأدية السنة البعدية للصلاة؟
- لو بدأت صلاة بمسجد مثل تحية المسجد ثم صعد الإمام وبدأ النداء للصلاة وكنت مثلا بأول ركعة ما أزال ولم أنتبه قبلا أن الوقت لا يكفي لصلاتها فماذا أفعل؟ هل أقصر الصلاة وكيف أقوم بذلك؟
- لو وصلت للمسجد والصلاة قد بدأت كيف أعرف كم ركعة قد فاتتني؟ وبعد انتهاء الشيخ والتسليم هل أسلم أو لا؟ وبعد تسليم الشيخ كم ركعة أعمل وكيف أعرف كم ركعة أعمل. وهل أقوم بدل التسليم؟ هل أقوم بعد انتهاء الشيخ من التسليم أو كيف؟ كذلك وقت أكمل الصلاة هل أقول دعاء الثناء والتحيات وتكبيرة الإحرام وكل هذه الأمور. هل من الممكن وصف خطوة بخطوة لكيف أكمل الصلاة لو دخلت والشيخ قد بدأ لأن هذا والله يؤرقني وللآن لو تأخرت عن الصلاة ولو قليلا أصليها بالمنزل ولا أذهب للمسجد.
- في حال أردت قراءة القرآن قبل دخول الصلاة بوقت وجاء وقت الصلاة فهل يجوز تجاوز الناس لإرجاع المصحف أو ماذا أفعل؟
- لتطمئن نفسي هل من الممكن ذكر أي الأفعال والأقول أقولها مع الشيخ وأيها لا أقولها معه وأكتفي بما سيقوله بصلاة الجماعة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن الخجل والحياء من سؤال المسلم عن أمور دينه يعتبر من الحياء المذموم وراجع الفتوى رقم: 66212.
ومن خلال الإجابة على أسئلتك ننبه على ما يلي:
1ـ السنن الراتبة من الأفضل أداؤها فى البيت وليس فى المسجد. وراجع الفتوى رقم: 16945، وهذه السنن لايجزئ تأديتها قبل التحقق من دخول وقت الصلاة المتعلقة بها, وبالتالي فلا تصل سنة الظهر إلا بعد التحقق من دخول وقتها, وراجع الفتوى رقم: 12940. والراتبة البعدية يستمر وقتها حتى خروج وقت الفريضة المتعلقة بها, وراجع الفتوى رقم: 29625، مع التنبيه على أن الراتبة سنة وليست واجبة.
2ـ وإذا بدأت بتحية المسجد ثم صعد الخطيب على المنبر لخطبة الجمعة فكمل التحية وأوجز فيها ولا تقطعها. ففي التاج والإكليل للمواق: إن خطب الخطيب وقد شرع في نافلة أتمها. انتهى
بل إذا دخلت المسجد والإمام يخطب فيسن لك أداء تحية المسجد. وراجع الفتوى رقم: 7546.
3ـ إذا فاتك الإمام ببعض الصلاة فاضبط عدد الركعات التي أدركتها معه ثم بعد سلام الإمام تقوم وتقضي عدد الركعات التي فاتتك قبل الدخول مع الإمام
4ـ صلاة الجماعة واجبة في المسجد على الراجح في حق الرجل المستطيع الذي يسمع النداء؛ كما سبق في الفتوى رقم: 5153.
5ـ إذا أردت إرجاع المصحف إلى مكانه بعد التلاوة فيه فبإمكانك مناولته لبعض الأشخاص لوضعه في محله تفاديا لتخطي الرقاب، ويجوز لك تخطي الرقاب لهذا الغرض، ففي الفروع لابن مفلح الحنبلي: يتخطى إمام ومؤذن، وجزم صاحب المحرر لايكره لإمام وغيره لحاجة. انتهى
ويستثنى من ذلك تخطي الرقاب بعد صعود الخطيب لخطبة الجمعة فيحرم في هذا الوقت لأنه من اللغو المنهي عنه, وراجع الفتوى رقم: 27990.
وبما أن المقام لايتسع لتفصيل صفة الصلاة وأركانها وما فيها من أذكار مأثورة وغير ذلك من أحكام نرجو الرجوع إلى كتاب صفة الصلاة للشيخ الألباني إضافة إلى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 6188، 3788، 30083، 8249،
كما ننصحك بالارتباط ببعض زملائك من طلبة العلم المتصفين بالاستقامة والتعاون معهم من أجل التفقه في الدين فقد قال صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين. متفق عليه
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 11280، والفتوى رقم: 59220.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1427(11/8669)
فتاوى حول السنن الراتبة والنوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الرواتب? وما هو وقت الإتيان بها? وكم عددها؟ وما هو فضلها? وهل تعتبر من النوافل؟ وهل تلاوة القرآن تعوض عنها؟ وجزاكم الله عني خيراً، وأحسن إليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم السائل الكريم أن نوافل الصلاة هي ما عدا الصلوات الخمس، والرواتب من جملة النافلة، وقد سبق بيان حقيقة الرواتب وأوقاتها وعددها في الفتوى رقم: 2116.
كما ذكرنا ما ورد في فضلها في الفتوى رقم: 55785، ولا نعلم دليلاً على أن قراءة القرآن تقوم مقام الرواتب. وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13097، 10648، 50249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1427(11/8670)
التوفيق بين أفضلية أداء الراتبة في البيت والتبكير إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكننا الجمع بين فضل التبكير بالذهاب للمسجد وأن الإنسان يكون في صلاة ما انتظر الصلاة وكذلك فضل الذكر حتى تقام الصلاة، فإن الإنسان يكون في حالة سكينة وطمأنينة وانشراح للصدر لا يعلمها إلا الله، وبين فضل أداء النوافل بالبيت فمثلاً السنن القبلية مثل سنة الظهر والفجر هل أذهب للمسجد مبكرا وأصليها في المسجد أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 15945، بعض الأدلة على فضل المبادرة إلى دخول المسجد وانتظار الصلاة فيه، كما ثبت أيضا في الحديث الصحيح أن أداء النافلة في البيوت أفضل من أدائها في المسجد، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم قال صلى الله عليه وسلم: فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم:
فيه استحباب النوافل الراتبة في البيت كما يستحب فيه غيرها، ولا خلاف في هذا عندنا وبه قال الجمهور، وسواء عندنا وعندهم راتبة فرائض النهار والليل، قال جماعة من السلف: الاختيار فعلها في المسجد كلها، وقال مالك والثوري: الأفضل فعل نوافل النهار الراتبة في المسجد وراتبة الليل في البيت. ودليلنا هذه الأحاديث الصحيحة وفيها التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم يصلي سنة الصبح والجمعة في بيته وهما صلاتا نهار مع قوله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. وهذا عام صحيح صريح لا معارض له، فليس لأحد العدول عنه والله أعلم. قال العلماء: والحكمة في شرعية النوافل تكميل الفرائض بها إن عرض فيها نقص؛ كما ثبت في الحديث في سنن أبي داود وغيره، ولترتاض نفسه بتقديم النافلة ويتنشط بها ويتفرغ قلبه أكمل فراغ للفريضة، ولهذا يستحب أن تفتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين؛ كما ذكره مسلم بعد هذا قريبا. انتهى
ولا تعارض بين أفضلية أداء الراتبة في البيت والتبكير إلى المسجد، فبإمكان المسلم أداؤها في بيته بعد دخول وقت الصلاة ثم يبادر إلى المسجد والمرابطة فيه منتظرا للفريضة مع تعمير وقته بالنافلة أو تلاوة القرآن أو ذكر الله تعالى. ومن المعروف عند علماء الأصول ضرورة الجمع بين الدليلين إذا أمكن ذلك لأن إعمالهما معا أولى من إلغاء أحدهما، ففي التقرير والتحرير لابن أمير الحاج:
ومنع التخصيص يفضي إلى إلغاء أحدهما وهو الخاص، وإعمال الدليلين ولو من وجه أولى من إلغاء أحدهما. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1427(11/8671)
لا حرج في الفصل بين أداء الراتبة والفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن نصلي سنن الصلوات المفروضة في أوقات متباعدة عن وقت الصلاة المفروضة؛ أي هل أستطيع مثلاً أن أصلي ركعتي سنة صلاة الظهر القبلية ثم ألتفت إلى عمل ما ثم أعود فأصلي أربع ركعات فريضة الظهر؟ (طبعاً أصلي السنة بعد دخول وقت الظهر) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في الفصل بين أداء الراتبة القبلية أو البعدية وبين أداء الفريضة؛ بل هذا هو السنة، فقد روى مسلم في صحيحه وأبو داود في سننه عن معاوية رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن توصل صلاة بصلاة حتى يتكلم أو يخرج. قال النووي رحمه الله تعالى: فيه دليل لما قاله أصحابنا أن النافلة الراتبة وغيرها يستحب أن يتحول لها عن موضع الفريضة إلى موضع آخر.
وعليه، فلا حرج على السائلة أن تصلي راتبة الظهر ثم تنشغل بعمل شيء قبل أن تصلي فريضة الظهر.
وانظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 2116، والفتوى رقم: 19417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1426(11/8672)
الصلوات ذوات السبب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الصلوات ذوات الأسباب؟ وكم سبب شرعي لها؟ وهل صحيح أن لها (8) ثمانية أسباب؟ آمل توضيح ذلك.
جزاكم الله عنا خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المراد عند الفقهاء بالصلاة ذات السبب، النافلة التي لها سبب إذا وجد استحبت له، وقد ذكر أهل العلم لها أمثلة أكثر من ثمانية. قال الشيخ أحمد الدردير في الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قوله " ندب نفل وتأكد بعد مغرب ... إلخ": قال عياضٌ: ذواتُ السَّبب الصلاةُ عند الخروج للسفر، وعند القدوم منه، وعند دخول المسجد، وعند الخروج منه، والاستخارة، والحاجة، وبين الأذان والإقامة، وعند التوبة من الذنب؛ ركعتان. انتهى.. ويزداد ركعتان عند الطهارة، وعند توقع العقوبة كالزلزلة، والريح والظلمة الشديدين، والوباء، والخسوف، والصواعق. انتهى
وللفائدة راجع الفتوى رقم 44206 والفتوى رقم 16226.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1426(11/8673)
حكم صلاة ركعتين بعد الاغتسال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دعاء معين يقال عند الاغتسال من الحيض أو النفاس أم الاغتسال فقط، وهل يتبعه ركعتا شكر على التطهر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يوجد دعاء معين خاص بالاغتسال سواء من الحيض أو النفاس أو الجنابة، إلا ما هو مستحب من قول (بسم الله) في أول الغسل.
وأما صلاة ركعتين فنرجو أنه لا حرج في صلاة ركعتين بعد الاغتسال؛ لما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: يا بلال: حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دفّ نعليك بين يدي في الجنة. قال: ما عملت عملاً أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورًا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي. قال العيني في عمدة القاري: لم أتطهر طهوراً. أي لم أتوضأ وضوءاً، وهو يتناول الغسل أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(11/8674)
هل تقضى النافلة الرباعية أربعا أم مثنى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن صلاة التطوع أن تقضى رباعية أم مثنى مثنى، أفتونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيندب قضاء النوافل المؤقتة كالعيدين والضحى والرواتب التابعة للفرائض على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو مذهب الشافعية والمشهور عند الحنابلة، أما غير المؤقتة كصلاة الكسوف والاستسقاء وتحية المسجد فلا مدخل للقضاء فيها.
قال الإمام النووي: ذكرنا أن الصحيح عندنا استحباب قضاء النوافل الراتبة، وبه قال محمد والمزني وأحمد في رواية، وقال أبو حنيفة ومالك وأبو يوسف في أشهر الروايتين عنهم: لا يقضي. انتهى.
والأفضل أن تقضى كما تؤدى مثنى مثنى. ويجوز أن تقضى راتبة الظهر القبلية أربع ركعات بسلام واحد، وكذا البعدية، وكذا الوتر يصح أن يقضى ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك بسلام واحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1426(11/8675)
حكم تقديم ركعتي الشفع على راتبة العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي ثلاث ركعات وتر بعد العشاء هل يجوز صلاة قيام الليل أو سنة العشاء بعد ركعتين من الوتر من ناحية الترتيب وأبقي الركعة الواحدة في النهاية من حيث الأفضلية؟
أي أربعة فرض، اثنتان سنة العشاء، اثنتان وتر، اثنتان أو أكثر سنة قيام الليل، ركعة وتر.
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى والأفضل وهو الموافق للسنة أن تصلي راتبة العشاء بعدها مباشرة وإن أخرتها إلى منتصف الليل فلا بأس بذلك لامتداد وقتها إلى آخر وقت العشاء كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 29625، ثم تصلي بعد راتبة العشاء ما تشاء من النوافل سواء كان قيام ليل أو غيره، وإذا أردت أن تختم صلاة الليل فأوتر، والوتر له حالات سبق ذكرها في الفتوى رقم: 18778.
أما تقديم ركعتي الشفع أو قيام الليل على راتبة العشاء فلا مانع منه مادام وقتها باقيا، وإن كان الترتيب الذي ذكرنا هو الموافق للسنة. هذا باعتبار أن ركعتي الشفع لهما نية تخصهما، أما على القول بأنه لا نية لهما تخصهما فإذا انفصلتا عن الوتر فلا تسميان شفعا لانفصالهما عن الوتر كما سبق في الفتوى رقم: 45249، ولا مانع أن تصلي ركعتين أو أكثر قبل راتبة العشاء، وإذا أردت أن توتر فالسنة أن تصلي قبل ركعة الوتر ركعتين أو أربعا أو ستا أو ثمانيا أو عشرا، وما قبل ركعة الوتر يسمى شفعا، والجميع قد يسمى وترا أيضا كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 4016.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 933، 17424، 19802.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(11/8676)
عمل يؤدي إلى امتلاك بيت في الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال عبارة عن شقين الأول: ما حكم من كان يصلي السنة عند إقامة الصلاة، هل يقطع صلاته للالتحاق بالصلاة المفروضة، أم يستعجل بصلاته أم أنه يتم صلاته بشكل عادي. الثاني: ذكر في الحديث الصحيح بما معناه أنه من صلى باليوم 12 ركعة غير المفروضة بنى الله له بيتاً بالجنة. فهل كل 12 ركعة يقابلهم بيت، أم من حافظ على هذه السنة له بيت؟ علماً أنه إذا فاتتني سنة صلاة الظهر فلا أكمل باقي سنن اليوم على اعتبار أنه لن أستطيع اكمال 12 ركعة ولكم جزيل الشكر وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على الشق الأول من سؤالك في الفتوى رقم: 41914. وأما جواب الشق الثاني فهو أن الحصول على بيت في الجنة مترتب على الاتيان باثنتي عشرة ركعة في اليوم أو الليلة أو فيهما، ويحصل المتطوع بهذه الركعات على بيت كلما صلى هذا العدد وهذا من فضل الله الواسع، وهذه الركعات قيل هي الرواتب وقيل هي أو غيرها من التطوع، وعليه فلو فات الشخص سنة الظهر فإن له أن يقضيها أو يتطوع بمثلها وبذلك يدرك الثواب المذكور، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 55785، والفتوى رقم: 32489.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1426(11/8677)
مذهب المالكية في الركعتين قبل المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو ما هي أدلة المالكية في كراهة الركعتين قبل المغرب لأنني قرأت الأحاديث الصحيحة فيها ولا أدري لم تكره؟ وهل الكراهة قول مالك أم أصحابه؟.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكراهية الركعتين قبل المغرب ليس محل إجماع عند المالكية، ففي المنتقي للباجي: وأما قبل المغرب فقد روي عن أنس: كنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب فقلت له أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما قال: كان يرانا نصليهما فلا يأمرنا ولا ينهانا، وهذا يدل على جواز ذلك غير أنه لما كان المستحب من صلاة المغرب تقديمها في أول وقتها قدم ذلك على التنفل قبلها، ولو تنفل متنفل ذلك الوقت لم يكن به بأس. انتهى
وفي مواهب الجليل للحطاب: قال ابن رشد في كتاب الجامع من البيان: لا خلاف بين أهل العلم في أن الصلاة قد حلت بغروب الشمس إلا أن صلاة المغرب قد وجبت بغروب الشمس، فلا ينبغي لأحد أن يصلي نافلة قبل صلاة المغرب، لأن تعجيل صلاة المغرب في أول وقتها أفضل عند من رأى وقت الاختيار لها يتسع إلى مغيب الشفق وهو ظاهر قول مالك في موطئه، وقد قيل إنه ليس لها إلا وقت واحد فلا يجوز أن تؤخر عنه إلا لعذر، واختلف فيمن كان في المسجد منتظراً للصلاة هل له أن يتنفل فيما بين الأذان والإقامة فقيل له ذلك على ما حكاه مالك في هذه الرواية عن بعض من أدرك، وقيل ليس له ذلك وهو مذهب مالك على ما رواه ابن القاسم عنه في هذه الرواية، وما ذهب إليه مالك من كراهة ذلك أظهر. انتهى
وعليه، فكراهة الركعتين قبل المغرب هي رواية ابن القاسم عن مالك، في حين توجد رواية أخرى عنه تفيد عدم الكراهة.
فالمسألة إذا ليست محل إجماع عند المالكية، وعمدة من قال بالكراهة هو أن وقت المغرب ضيق، والأفضل المحافظة على أداء صلاة المغرب في أول وقتها من النافلة حينئذ كما تقدم.
وبيان مذاهب الأئمة الأربعة في هذه المسألة سبق في الفتوى رقم: 9389.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1426(11/8678)
أحكام الجهر والإسرار في النوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[متى نصلي صلاة السنة جهرا (إذا دخل أحد المصلين معي في الصلاة فأصبحت صلاة جماعة) هل في صلاة السنة لكل من الفجر والمغرب والعشاء؟؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجهر في صلاة النوافل المقيدة لا ليلا ولا نهارا سواء كان إماما أو منفردا؛ وإنما يجهر في نوافل الليل المطلقة إذا كان إماما، ويتوسط في الجهر إذا كان منفردا، وأما المأموم فلا يجهر مطلقا، قال علي الشبراملسي رحمه الله في حاشيته على نهاية المحتاج: وخرج بالنفل المطلق رواتب الفرائض فيسر فيها، ولعل الفرق بينها وبين النفل المطلق أنها لما شرعت محصورة في عدد معين أشبهت الفرائض فلم تغير عما ورد فيها عن الشارع، والنوافل المطلقة لا حصر لها فهي من حيث عدم العقاب عليها أشبهت الرواتب، ومن حيث إن المكلف ينشئها باختياره وأنها لا حصر لها كانت واسطة بين الرواتب والفرائض ولم يرد فيها شيء بخصوصها فطلب فيها التوسط لتكون آخذة طرفا من كل منهما، وخص التوسط بنفل الليل لأن الليل محل الجهر والتوسط قريب منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1426(11/8679)
الركعتان بعد العصر وبعد الوتر جالسا
[السُّؤَالُ]
ـ[وزع علينا في المسجد ورقتان من شيخ مجتهد موثوق به نحسبه كذلك عنوان الورقتين (سنة متروكة....لله در من أحياها) إن الرسول كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس واستشهد بكتاب فقه السنة وزاد المعاد وبحديث إن رسول الله كان يركع ركعتين بعد الوتر وهو جالس
وكذلك حديث آخر بأن الرسول كان لا يدع ركعتين بعد العصر (عن السيدة عائشة أن الرسول كان لا يدع ركعتين بعد العصر. وذكر أن الحديث متفق عليه
أرجو إفادتنا بالتفصيل بحكم الشرع في هاتين السنتين والتحقق من الحديثين المستدل بهما وهل من الأفضل العمل بهما أم تركهما؟
وذلك لإعلان هذه الفتوى بالمسجد ... وجزاك الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يسن صلاة ركعتين بعد العصر إلا إذا كان لذلك سبب كقضاء سنة الظهر مثلا، وأما ما ورد من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر فإنه كان قضاء لسنة الظهر، كما في نص الحديث، وأما مداومته عليها بعد ذلك فمن خصوصياته عليه الصلاة والسلام، كمابينا ذلك في الفتوى رقم: 45822 والفتوى رقم: 26831.
وأما صلاة ركعتين بعد الوتر جالسا فلبيان جواز ذلك لا لأنه مندوب، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 7259.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(11/8680)
الزيادة على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مداوم على 12 ركعة من سنة في اليوم كما يلي:
2 قبل الصبح و4 قبل الظهر و 2 بعده و2 بعد المغرب و 2 بعد العشاء،،، وهناك حديث يقول \\\"من صلى قبل الظهر 4 وبعد الظهر 4 حرمه الله على النار،،، فكيف أجمع بين هذا الحديث وبين ما أفعله؟
هل أصلي 4 قبل الظهر و4 بعده وبالتالي يكون إجمالي ما أصليه في اليوم 14 ركعة وهكذا أكون خالفت الحديث الذي يقول من صلى لله 12 ركعة.... إلخ الحديث \\\"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض بين الحديث المشتمل على الترغيب في صلاة اثنتي عشرة ركعة وبين الحديث الآخر الذي اشتمل على الترغيب في صلاة أربع قبل الظهر وأربع بعدهما.
فالحديثان كل منهما صحيح، والحديث الأول لا يشتمل على نهي عن الزيادة على اثنتي عشرة ركعة، وبالتالي، فإذا صليت أربعا قبل الظهر وأربعا بعدها لم تكن خالفت الحديث الأول، بل فعلت ما فيه وزيادة، وبذلك تكون قد حصلت على ثواب عظيم، بل ينبغي لك الإكثار من النوافل ما استطعت، لأنها سبب لمحبة الله تعالى للعبد إضافة إلى رفع الدرجات وتكفير الخطايا.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 55785، 59476، 19417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(11/8681)
الوقت الذي تصلى فيه الرواتب القبلية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عنا ألف خير.. أرجو إفتائي، هل صحيح أن صلوات النوافل محدد لها وقت معين قبل صلاة الفريضة أو يمكنني أداؤها حتى قبل الفريضة بـ 5 دقائق؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنوافل التابعة للفرائض وتسمى الرواتب وقتها يبدأ من دخول وقت الفريضة التابعة لها، فإذا دخل وقت تلك الفريضة كالظهر مثلاً يصح حينئذ أداء النافلة الراتبة قبلها من غير تحديد وقت معين تؤدى فيه قبل الفريضة، وراجع الفتوى رقم: 53527، والفتوى رقم: 12940.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(11/8682)
قول الألباني في الركعتين بعد العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه
أما بعد:
أرجوا منكم أن ترسلوا لي تمام كلام الشيخ العلامة المحدث ناصر الدين -رحمه الله - في السلسلة الصحيحة تحت الحديث 2920 ((كان لا يدع ركعتين قبل الفجر وركعتين بعد العصر))
وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صحح العلامة الألباني الحديث وذكر له شواهد وموقوفات على الصحابة تؤيده، وأجاب عن ضرب عمر رضي الله عنه من يصليهما بأنه اجتهاد قائم على باب سد الذريعة، ثم قال: ويتلخص مما سبق أن الركعتين بعد العصر سنة إذا صليت العصر معها قبل اصفرار الشمس، وأن ضرب عمر عليها إنما هو اجتهاد منه وافقه عليه بعض الصحابة وخالفه آخرون، وعلى رأسهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولكل من الفريقين موافقون، فوجب الرجوع إلى السنة وهي ثابتة صحيحة برواية أم المؤمنين دون دليل يعارضها، إلا العموم المخصص بحديث علي وأنس المشار إلى أرقامهما (200، 314) ويبدو أن هذا هو مذهب ابن عمر أيضا فقد روى البخاري عنه قال: أصلي كما رأيت أصحابي يصلون لا أنهى أحدا يصلي بليل ولا نهار ما شاء، غير أن لا تحروا طلوع الشمس وغروبها، وهذا مذهب أبي أيوب الأنصاري أيضا، فقد روى عبد الرزاق (2/433) بسند صحيح عن ابن طاووس عن أبيه أن أبا أيوب كان يصلي قبل خلافة عمر ركعتين بعد العصر فلما استخلف عمر تركهما فلما توفي ركعهما فقيل له: ما هذا؟ فقال: إن عمر كان يضرب الناس عليهما، قال ابن طاووس وكأن أبي لا يدعها وهنا ينبغي أن نذكر أهل السنة الحريصين على إحياء السنن وإماتة البدع أن يصلوا هاتين الركعتين كلما صلوا العصر في وقتها المشروع لقوله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1426(11/8683)
فضل الصلوات النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تركت صلاة النوافل لأن وقتي محدود في عملي
هل صلاتي للنوافل الماضية تقبل أم علي ذنب
أرجو الافادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ذنب عليك في ترك النوافل ما دمت قد صليت الصلوات الخمس المفروضة، لأن المسلم لا يجب عليه من الصلوات غير الصلوات الخمس عند جمهور العلماء. كما أن تركك للنوافل الآن لا يمنع قبول النوافل التي صليتها في الماضي، لكن المسلم لا ينبغي له أن يفرط في النوافل وخصوصا النوافل المؤكدة مثل صلاة الوتر والرواتب، فإن الفريضة يكمل نقصها يوم القيامة من النوافل. أضف إلى ذلك الأجور العظيمة التي رتبها الله عز وجل على الصلوات النافلة، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 1821.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(11/8684)
حكم قضاء سنة الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا توضأت ونسيت أن أصلي سنة الوضوء وصلّيت الفريضة وبعد ذلك تذكرّت سنة الوضوء فهل يجوز أن أصليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسنة الوضوء لا يطلب قضاؤها لأنها ليست من النوافل التي يقول أهل العلم بقضائها.
وعليه؛ فلا يشرع لك قضاؤها. وراجع كلام أهل العلم في قضاء النوافل مفصلا في الفتوى رقم: 55961.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1425(11/8685)
صلاة النوافل بين أفضلية التطويل وأفضلية التخفيف
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة النوافل هل من الأفضل الإكثار من عدد الركعات أم الإطالة في الصلاة بمعنى إذا أردت أن أصلي الضحى ومعي ساعة من الوقت فهل أصلي مثلاً أربع ركعات أطيل أم أصلي 12 ركعة، وأيهما أفضل، أم يحسب الأجر بالوقت بمعنى إن صليت ساعة فهذا أجري بغض النظر إذا صليت بهذا الوقت ركعتين أو 12 ركعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة النافلة إذا كان قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في كيفيتها صفة معينة من تخفيف أو تطويل فمن السنة اتباعه صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه من تلك الصفة، وما لم يثبت عنه فيه صفة معينة فقد اختلف أهل العلم هل الأفضل فيه كثرة السجود أم طول القيام؟ قال البهوتي في كشاف القناع: وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم تخفيفه كركعتي الفجر وركعتي افتتاح قيام الليل وتحية المسجد إذا دخل والإمام يخطب يوم الجمعة أو ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم تطويله كصلاة الكسوف فالأفضل اتباعه لقوله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. انتهى.
أما ما عدا ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم تخفيفه وتطويله ففيه تفصيل سبق بيانه في الفتوى رقم: 32105 فلتراجع.
وبالنسبة لصلاة الضحى فمن السنة فيها التخفيف، كما في الفتوى رقم: 18425، وللتعرف على عدد الركعات في صلاة الضحى وحكمها راجع الفتوى رقم: 17376.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(11/8686)
الركعتان قبل الغداة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بركعتين قبل الغداة، ومتى وقتها بالتحديد؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغداة هي صلاة الفجر أو الصبح، والركعتان قبلها هما ركعتا الفجر، وقد ورد ذكر ركعتي الفجر في أحاديث منها ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعاً قبل الظهر وركعتين قبل الغداة. رواه البخاري.
قال في فيض القدير شرح الجامع الصغير: وركعتين قبل الغداة أي الصبح وكان يقول: إنهما خير من الدنيا وما فيها. انتهى.
وأما وقتها فهو من دخول وقت الفجر إلى صلاة الفجر أي بين أذان الفجر الثاني والإقامة، قال في التمهيد: عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب في بيته وركعتين بعد العشاء في بيته وركعتين قبل الغداة في بيته وحدثتني حفصة وكانت ساعة لا تدخل عليه فيها أنه كان إذا طلع الفجر وأذن المؤذن صلى في بيته ركعتين. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(11/8687)
مذاهب أهل العلم في سنة الجمعة القبلية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال عن سنة الجمعة القبلية فقد ورد فتوى برقم 11006 تفيد بوجود سنة قبلية بين الأذانين وفتوى أخرى برقم55016 تفيد بعدم وجود سنة قبلية برجاء الرد وفقكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتاوى التي أشرت إليها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومذاهب أهل العلم في سنة الجمعة القبلية، وذكرنا أقوال المحققين من أهل العلم في هذا الموضوع كشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، في الفتوى رقم: 4301 فنرجو أن تطالعها، فالباحث في الفتوى الأولى ذكر أقوال أهل العلم في المسألة، وفي الثانية اقتصر على القول الراجح عنده.
وأعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(11/8688)
حكم قضاء السنة لمن فاتته الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فاتتني صلاة الظهر هل يجوز عند صلاتها قضاءً بعد العصر أن أصلي ركعتي السنة التي تسبقها والركعتان التي تليها؟ أم لا يجوز صلاة السنة إلا عند الصلاة في وقتها....وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لمن فاتته صلاة الظهر أو غيرها أن يصلي معها سنتها القبلية، لحديث أم سلمة في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى الركعتين اللتين بعد الظهر بعد صلاة العصر لما شغله وفد عبد القيس. وحديث أبي قتادة عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى سنة الفجر قبل صلاة الصبح لما نام هو وأصحابه عن صلاة الفجر. وحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر صلاهن بعدها. رواه الترمذي وحسنه، وهذا هو المشهور عند الحنابلة والصحيح عند الشافعية. قال النووي في المجموع: ذكرنا أن الصحيح عندنا قضاء النوافل الراتبة، وبه قال محمد والمزني وأحمد في رواية. وقال أبو حنيفة ومالك وأبو يوسف في أشهر الروايتين عنهم: لا يقضي. اهـ.
وقال في منتهى الإرادات: سن قضاء الرواتب إلا ما فات مع فرضه وكثر، فالأولى تركه، إلا سنة الفجر فيقضيها مطلقا لتأكدها. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(11/8689)
لا إثم في ترك السنن الراتبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يصلي الشخص النوافل ويترك بعضها مثال صلاه الظهر قبلها 4 وبعدها 4 فهل يجوز أن أصلي 4 قبل الصلاة وإذا لم أستطع لا أصلي الأربع الباقية غير الفرض طبعا ... هل يجوز تركها أم يجب إكمال النوافل كلها..... ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل في حق المسلم والمسلمة المواظبة على الإكثار من النوافل، لأنها تجبر النقص الحاصل في الفرائض إضافة إلى كونها سببا لمحبة الله تعالى للعبد، وهذه مزية جليلة. فقد قال تعالى في الحديث القدسي الذي رواه البخاري: وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه.
ومن ترك صلاة النافلة سواء كانت سنة راتبة أو غير ها لا يأثم، وإن كان قد فاته خير كثير، وراجعي الفتوى رقم: 4545.
وسنة الظهر الراتبة ركعتان قبلها، وركعتان بعدها، أو أربعا قبلها وركعتين بعدها، وراجعي الفتوى رقم: 110.
وراجعي للفائدة أيضا الفتوى رقم: 6910.
وعليه، فلا يجب عليك الإتيان بالنافلة قبل الصلاة أو بعدها ولو مع القدرة عليها، لكن الأفضل المواظبة على الإكثار منها ما أمكن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(11/8690)
المستحب أداء السنن الراتبة في أوقاتها المحددة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز جمع صلاة السنة البعدية لكل الصلوات بعد العشاء
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمستحب المواظبة على أداء السنن الراتبة في أوقاتها المحددة اقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن يؤخرها عن وقتها، كما في الفتوى رقم: 10648.
وقضاء النوافل مسألة خلاف بين أهل العلم، وراجعي التفصيل فيها في الفتوى رقم: 55961.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1425(11/8691)
حكم الجهر والإسرار في السنن والنوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف جزاكم الله خيراً هل النوافل تصلى جهراً أم سراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة الجهر والسر في النوافل فصل حكمها الإمام النووي في المجموع بقوله: أما صلاة العيد والاستسقاء والتراويح وخسوف القمر فيسن فيها الجهر بلا خلاف. وأما نوافل النهار فيسن فيها الإسرار بلا خلاف، وأما نوافل الليل غير التراويح فقال صاحب التتمة: يجهر فيها. وقال القاضي حسين وصاحب التهذيب: يتوسط بين الجهر والإسرار. وأما السنن الراتبة مع الفرائض فيسر بها كلها باتفاق أصحابنا. ونقل القاضي عياض في شرح مسلم عن بعض السلف الجهر في سنة الصبح، وعن الجمهور الإسرار كمذهبنا. انتهى.
وفي رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي: وكذلك يستحب في نوافل الليل الإجهار وفي نوافل النهار الإسرار، وإن جهر في النهار في تنفله فواسع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(11/8692)
لا تؤدى سنة الفجر إلا بعد دخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلك أريد أن أعرف هل عندما أسمع أذان الصبح مثلا هو في الساعة 06.50أصلي الفجر والصبح معا لأن هناك من قال لي تصلي الفجر قبل أن يؤذن للصبح وبعد الأذان أصلي الصبح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الفجر هي صلاة الصبح كما بيناه في الفتوى رقم: 32181.
إلا أن بعض الناس يعبر عن ركعتي السنة التي تكون قبل الفريضة بصلاة الفجر، وهما سنة مؤكدة ولا تصح صلاتهما إلا بعد دخول وقت الفريضة، وأخطأ من قال بأنهما تصليان قبل دخول الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1425(11/8693)
سنة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيناً محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: ما حكم صلاتي الصبح والفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الصبح هي صلاة الفجر فهما اسمان للصلاة المتفق على فرضيتها، وهذا مفصل في الفتوى رقم: 29471.
أما سنة الفجر فهي ركعتان ووقتهما بعد أذان الفجر، وهما سنة مؤكدة واظب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تطلب صلاتها جماعة، بل يصليها الشخص منفرداً في المسجد أو في بيته، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما. رواه مسلم.
وقالت أيضاً: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الركعتين اللتين قبل الفجر فيخففهما حتى أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن. رواه أحمد وغيره، وللمزيد من الفائدة يرجع إلى الفتوى رقم: 11258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(11/8694)
لا حرج في الفصل بين السنة الراتبة وبين الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة وهي تصلي في بيتها أن تفرق بين السنن والفريضة في الصلاة الواحدة ببعض الوقت للقيام ببعض شئونها بمعنى أنها عند صلاة الظهر مثلا تصلي السنه ثم تذهب لبعض شئونها ثم تعود فتصلي الفريضة وهكذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في الفصل بين السنة الراتبة وبين الفريضة، بل استحب بعض أهل العلم الفصل بينهما، وتفصيل المسألة في الفتوى رقم: 22946.
فالسنة الراتبة وقتها ممتد من بداية وقت الصلاة المفروضة المتعلقة بها إلى نهايته، وراجعي أيضا الفتوى رقم: 53646.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(11/8695)
النوافل تكمل ما كان في العبادات من نقص
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالى هو: منذ مايجاوز الثلاث سنوات جلست مع نفسي أحاول تذكر صلاتي في سنيني الأولى للتكليف وقت بلوغي فكانت النتيجة أني أنسيتها وكانت أول صلاة تذكرتها تقريبا في السنة الخامسة من التكليف فبذلت جهدي في التذكر فما استطعت فأصبت بالضيق لذلك سألت قريبى وهو خريج شريعة فقال لي صل مع كل وقت وقتا أو أكثر فإما أن يكون لك قضاء أو يحتسب لك نافلة إن لم يكن قضاء..ولا أخفيكم أنني أعاني من الوسواس القهرى والشك المستمر.. فأنا لا أستطيع الجزم فى أمر صلاتي في تلك الفترة..فتارة أقول لنفسي لعلي كنت أصلي وأواظب غير أنني نسيت مع السنين وتارة أقول لعلي لم أكن أصلي أو أن صلاتي كان يعتريها عدم الانضباط..منذ أن أفتاني قريبي منذ أكثر من ثلاث سنوات وأنا أحاول أن أبذل جهدي في أن أصلي مع كل وقت قضاء ذلك الوقت..إلا أنني ومع صلاتي للسنن الراتبة وما تيسر من النوافل الأخرى تحدثني نفسي أحيانا بالاكتفاء بهذا القدر من القضاء وأن الأمر كله لايتعدى كونه وسواسا نتيجة الخوف أن تكون صلاتي ناقصة وهي أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة..وحينما أتذكر هذا ينتابنى الخوف فأنصرف عن فكرة الانقطاع عن قضاء الصلوات وأستمر في قضاء الصلوات على الوجه الذي ذكرته..هذا الوسواس سلبني الراحة النفسية فهو لايقف عند حد:الصلاة،الوضوء،العقيدة،النية في الأعمال، حتى أنني أحس بآلام نفسية بالغة في بعض الأحيان كوني أبذل الجهد في التقرب إلى الله عز وجل بالفرض والنافلة فتأتي هذه الوساوس لتفسد علي لذائذ طاعتي..أسال الله القدير العفو والعافية في الدنيا والآخرة وأعزي نفسي بأن المؤمن مصاب وأن الفرج مع الصبر وأن مع العسر يسرا وأن الله مجيب عبده سبحانه هو الحكيم العليم.. أفتوني في أمر قضاء الصلاة وهذه الوساوس؟ العذر الشديد لأطالتي عليكم ولعلي كنت أدافع دموعي وأنا أكتب رسالتي جزاكم الله خيرا. .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي ـ أصلحك الله ـ أن الوسواس مرض خطير، ويمكن أن يفسد على المرء دينه وحياته وأموره كلها، والواجب على المصاب به أن يتحصن منه بالأذكار المأثورة ويخلص في الالتجاء إلى الله، ويعرض عما يأتيه من الشكوك، وراجعي فيه الفتويين رقم: 2082، ورقم: 10355. واعملي بما فيهما. والذي ننصحك به في موضوعك هذا هو زيادة على ما في الفتويين ـ هو أن تتوقفي عن القضاء وتبدليه بالنوافل، فإن الذي أنت فيه من الوسواس سيزداد ويستحكم كلما ازددت في الاحتياط في قضاء الفوائت. وقد ورد في الأخبار الصحيحة أن النوافل تكمل ما كان في العبادات من نقص، روى أبو داود والترمذي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء، قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(11/8696)
ليس من السنة صلاة ركعتين بعد العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى ركعتين بعد صلاة العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر على ما يفيد صحة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد صلاة العيد، وإنما ثبت من هديه أنه كان إذا خطب بعد الركعتين يمشي إلى النساء فيذكرهن ويحثهن على الصدقات. وأحيانا يشتغل بتجهيز بعث يريد أن يبعثه، ولم يثبت فيما اطلعنا عليه أنه صلى في المصلى غير ركعتي العيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1425(11/8697)
قضاء السنن الرواتب
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستفسر من سيادتكم علي سؤالي التالي:
إنني منذ يوم وأنا كنت علي شبكتكم الإسلامية العظيمة قرأت في حديث شريف أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: من صلي اثنتي عشرة ركعة غير الفريضة بني الله له بيتا في الجنة
وأنا أود أن أصلي الاثنتي عشرة ركعة ولكن أحيانا لا أستطيع أصليها في بعض الفروض بسبب أنني أكون منشغلة في بعض الأشياء هل إذا فاتتني ركعات السنة المؤكدة الراتبة للفرائض لأي فرض من الممكن أن أصليها بعد أداء الفرائض ليلا وهل يثيبني الله تعالي بنفس الثواب. أرجو من سيادتكم الرد علي بإجابة واضحة، وجزاكم الله علي خدمتكم العظيمة هذه كل الخير وجعلها زيادة لحسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المشار إليه رواه مسلم وأصحاب السنن عن أم حبيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة. قالت أم حبيبة: فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية الترمذي: أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر. صححه الألباني.
أما عن قضاء تلك النوافل بعد وقتها المحدد لها فمحل خلاف بين الفقهاء، فيرى الحنفية والمالكية على المشهور والحنابلة في قول عدم القضاء ما عدا سنة الفجر فإنها تقضى بعد الوقت عندهم، ويرى الشافعية أن النوافل غير المؤقتة كصلاة الكسوف والاستسقاء وتحية المسجد لا مدخل للقضاء قيها، وأما النوافل المؤقتة كالعيدين والضحى والرواتب التابعة للفرائض ففي قضائها أقوال أظهرها أنها تقضى، وهو المشهور عند الحنابلة.
قال الإمام النووي: ذكرنا أن الصحيح عندنا استحباب قضاء النوافل الراتبة وبه قال محمد والمزني وأحمد في رواية، وقال أبو حنيفة ومالك وأبو يوسف في أشهر الروايتين عنهم: لا يقضى. اهـ. والقول بالقضاء هو الراجح، لأدلة منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس. رواه الترمذي وصححه الألباني، ومنها حديث أم سلمة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى الركعتين اللتين بعد الظهر بعد صلاة العصر لما شغله ناس من بني عبد القيس. ومنها حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر صلاهن بعدها. رواه الترمذي وحسنه. ومنها حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا ذكره وإذا استيقظ. رواه أبو داود والترمذي.
وعليه، فيستحب لك الحرص على صلاة الرواتب في أوقاتها المحدودة، لأن هدي النبي صلى الله عليه وسلم هو المواظبة على السنن الرواتب في أوقاتها، وراجعي الفتوى رقم: 10648، فإن شغلت عنها جاز لك قضاؤها في أي وقت من الليل أو النهار، وهذا القول المشهور عند الشافعية، حيث قالوا إنها تقضى أبدا. وإذا كنت انشغلت عن صلاتها في وقتها بعذر معتبر شرعا أو منعك مانع من عجز أو نحوه مع مواظبتك عليها في أوقات استطاعتك فنرجو من الله تعالى أن يكتب لك الأجر كاملا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1425(11/8698)
سنة الجمعة القبلية في العهد النبوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كان هناك سنة قبلية لصلاة الجمعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كانت تصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا لم تكن موجودة فهل هي الآن تعتبر سنة من سنن الخلفاء الراشدين المهديين أو أنها تعتبر بدعة كما يسميها البعض ومن صلاها أول مرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة القبلية لصلاة الجمعة لم تكن معروفة في العهد النبوي ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل عليها ولم ينقل عن الصحابة أنهم كانوا يصلونها، قال الحافظ العراقي: لم ينقل عن النبي أنه كان يصلي قبل الجمعة لأنه كان يخرج إليها فيؤذن بين يديه ثم يخطب. انتهى.
قال ابن تيمية: المأثور عن الصحابة أنهم كانوا إذا أتوا المسجد يوم الجمعة يصلون من حين يدخلون ما تيسر فمنهم من يصلي عشر ركعات ومنهم من يصلي اثنتي عشرة ركعة ومنهم من يصلي ثمان ركعات ومنهم من يصلي أقل من ذلك، ولهذا كان جماهير الأئمة متفقين على أنه ليس قبل الجمعة سنة مؤقتة بوقت، مقدرة بعدد، لأن ذلك إنما يثبت بقول النبي أو فعله وهو لم يسن في ذلك شيئاً لا بقوله ولا فعله وهذا مذهب مالك والشافعي وأكثر أصحابه وهو المشهور من مذهب أحمد. انتهى.
وذهب الحنفية إلى أنه تسن الصلاة قبل الجمعة وبعدها فأوجبوا السعي وترك البيع يوم الجمعة بالأذان الأول للتمكن من أدائها، وفي وجه للشافعية رجحه النووي في المجموع أنه تسن ركعتان قبلها وركعتان بعدها والأكمل أربع قبلها وأربع بعدها. والراجح عدم مشروعيتها.
ومما تقدم يتبين أن السنة القبلية لصلاة الجمعة لم تكن موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا على عهد الخلفاء الراشدين، وإنما سن عثمان رضي الله عنه الأذان الأول لتنبيه الناس إلى السعي لصلاة الجمعة، ولم يسن لهم السنة القبلية على الصورة الموجودة الآن، وقد حكى الحافظ العراقي في طرح التثريب عن أبي شامة أنها بدعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(11/8699)
ثواب من ثابر على اثنتي عشرة ركعة سوى الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل صحيح الذي يصلي في اليوم 12 ركعة تطوعا لله بنى الله له بيتا في الجنة، وسؤالي هو: هل يصح أن نصلي 12 ركعة دفعة واحدة، وهل يبني الله لي كل يوم بيتا في الجنة إذا صليت 12 ركعة كل يوم؟ وشكراً جزيلاً وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة.
وقد جاء تفسير هذا الحديث في حديث عائشة رضي الله عنها الذي أخرجه النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ثابر على اثنتي عشرة ركعة بنى الله عز وجل له بيتا في الجنة: أربعا قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر.
وجاء في بعض الأحاديث أن من صلى هذا العدد دفعة واحدة بالليل أو النهار حصل على نفس الأجر، روى النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى ثنتي عشرة ركعة بالنهار أو بالليل بنى الله عز وجل له بيتا في الجنة. قال الألباني: صحيح الإسناد.
وبناء على هذا الحديث.. فإن من صلى اثنتي عشرة ركعة تطوعاً دفعة واحدة سواء كان ذلك بالنهار أو الليل بنى الله له بيتا في الجنة. وهذا من فضل الله تعالى وكرمه بعباده، وعلى هذا فنرجو أنه كلما صلى المسلم هذا العدد يحصل على الثواب الوارد في الحديث وهو بناء البيت في الجنة، وما ذلك على الله بعزيز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1425(11/8700)
من فاتته راتبة الظهر القبلية صلاها بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نصلي فرض الظهر، ثم نصلي السنة، لأن المدرسة لا تتيح لنا فرصة غير لصلاة الفرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في السنة القبلية أن تصلى قبل الصلاة، ولكن من فاتته لشغل ونحوه، فله فعلها بعد الفريضة، أو بعد الراتبة البعدية، وذلك لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا لم يصل أربعاً قبل الظهر صلاهن بعده رواه الترمذي، وكذلك ما رواه ابن ماجه عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الأربع قبل الظهر صلاهن بعد الركعتين بعد الظهر، وعليه فلا حرج عليك في صلاة الراتبة القبلية بعد الفريضة ما دمت لا تقدر على فعلها قبل الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(11/8701)
لا يصح التداخل بين عبادتين كل منهما مقصودة لذاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أكملت صلاة العشاء في المسجد في شهر رمضان هل أقوم لأصلي ركعتين لإتمام الإثنتا عشرة ركعة السنن الراتبة أم أنويها مع الركعتين الأوليين من صلاة التراويح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالركعتان بعد العشاء هما من السنن المأثورة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليها، فالأفضل صلاتهما بعد صلاة العشاء قبل الشروع في التراويح. وراجع الفتويين التاليتين: 6324، 6712. وتجوز لك صلاتهما مقتديا بالإمام في صلاة التراويح لجواز اقتداء المتنفل بغيره، وراجع الفتوى رقم: 15581. ولا يصح اشتراكهما مع التراويح في نية واحدة لأن كلا منهما عبادة مقصودة لذاتها، فلا يصح التداخل بينهما كما في الفتوى رقم: 40770.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(11/8702)
عدد ركعات سنة الجمعة وهل تصلى قبلها أم بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل هل سنة الجمعة قبل صلاة الجمعة أم بعد صلاة الجمعة، وإن كانت بعد صلاة الجمعة فما حكم من يصليها قبل صلاة الجمعة خصوصا أن الغالب الأعم في جمهورية مصر يصليها قبل الجمعة ويكون غريبا من ينتظر إلى بعد صلاة الجمعة، وهل هي ركعتان أم أربع ركعات، أفيدونا أفادكم الله؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لصلاة الجمعة سنة قبلية، وإنما سنتها بعدية، وانظر الفتوى رقم: 4301 ولعل الذين رأيتهم يصلون قبل الجمعة لا يريدون بها سنة قبلية وإنما يريدون النفل المطلق، فإنه يشرع يوم الجمعة أن يصلي المسلم قبل الجمعة من النوافل ما شاء، وانظر الفتوى المشار إليها آنفاً.
وأما عن عدد ركعات السنة البعدية فأقلها ركعتان وأكملها أربع، وانظر لذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17270، 16887، 49921.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1425(11/8703)
أداء سنة الظهر القبلية ركعتين ركعتين أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[عن صلاة السنة قبل صلاة الظهر أربع ركعات هل تصلى منفردة ركعتان ركعتان أو أربع ركعات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل أن تصلي سنة الظهر القبلية ركعتين ركعتين، ويجوز صلاتها أربعاً بسلام واحد، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 13156.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(11/8704)
يجوز أداء سنة الوضوء في أوقات النهي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة سنة الوضوء في أوقات الكراهه أي بعد الصبح والعصر والوتر وهل لها سور معينه في القراءه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز أداء سنة الوضوء في أوقات النهي كغيرها من ذوات الأسباب على الراجح من أقوال العلماء كالقضاء والنذر وتحية المسجد ونحوها مما له سبب، فيجوز تأديتها في أوقات الكراهة وبعد الوتر بلا كراهة.
وسنة الوضوء غير محددة بقراءة سورة معينة، بل يقرأ المصلي فيها ما شاء، وراجع الفتوى رقم: 13512.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1425(11/8705)
السنن الراتبة وغير الراتبة والنوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة الرواتب وبالأخص التي تصلى قبل صلاة الظهر والعصر بعد الأذان وقبل إقامة الصلاة وفي الأخير أرجو من فضيلتكم إفادتي بمعلومات مفيدة حول هذا الموضوع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرواتب الصلاة القبلية تصلى بعد دخول وقت الصلاة، وقبل أداء الصلاة المفروضة، ويصح أداؤها بعد الصلاة عند عدم التمكن من أدائها قبلها، وأما الرواتب البعدية فلا تصح إلا بعد أداء المفروضة، وللإفادة في هذا الموضوع نقول: النوافل -وهي ما سوى الفرائض- قسمان:
1- نوافل تابعة للفرائض وتسمى الرواتب: وهي على قسمين: مؤكدات وهي ثنتا عشرة ركعة، أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.
وأما الرواتب غير المؤكدات فهي: أربع ركعات قبل العصر، وركعتان قبل المغرب، وركعتان قبل العشاء.
2- أما النوافل ما عدا الرواتب، فهي كثيرة، منها: الوتر وهي آكد النوافل مطلقاً، وأقلها ركعة وأكثرها إحدى عشرة ركعة، يوتر بواحدة في آخرها، ووقتها بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وصلاة الضحى وأقلها ركعتان وأكثرها اثنتا عشرة ركعة، ووقتها يبدأ بعد طلوع الشمس بخمس عشرة دقيقة تقريباً، ويمتد إلى ما قبل الزوال.
3- وهناك نوافل أخرى في أوقات معينة مثل سنة الوضوء وهي ركعتان، وسنة الاستخارة وهي ركعتان أيضاً، وزاد بعض أهل العلم سنة النكاح، وهي ركعتان عند الدخول على الزوجة، وسنة الحاجة وهي ركعتان، عندما تكون لك حاجة إلى الله أو إلى أحد من الناس، وفي ثبوت هاتين السنتين خلاف.
4- وهناك قسم آخر يصلى جماعة وهو صلاة العيدين ركعتان، وصلاة الاستسقاء ركعتان، وصلاة الكسوف والخسوف وهي أيضاً ركعتان.
5- وهناك نوع آخر يسمى النوافل المطلقة غير المقيدة بعدد، وهي تصلى في غير أوقات المنع أو الكراهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1425(11/8706)
صلاة النوافل وأقسامها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي صلاة السنة وصلاة التوابع والنوافل، وهل يوجد فرق وضحوه لي؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النوافل هي ما سوى الفرائض، وتنقسم إلى قسمين:
نوافل تابعة للفرائض، وتسمى بالرواتب أو سنن الفرائض وهي نوعان:
- مؤكدات، وهي اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.
- وغير المؤكدات: أربع قبل العصر، وركعتان قبل المغرب، وركعتان قبل العشاء.
أما النوافل غير الرواتب، فهي كثيرة منها: الوتر، وصلاة الضحى، وهناك نوع من النوافل يسميه بعض العلماء سنناً مؤكدة: كالعيدين، وصلاة الاستسقاء، وصلاة الكسوف.
وهناك نوافل مطلقة غير مقيدة بعدد، وهي تصلى في أي وقت باستثناء أوقات النهي.
وبهذا يعلم السائل الفرق بين النوافل وسنن الصلاة الرواتب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1425(11/8707)
الفرق بين صلاة السنة، وصلاة الفرض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين صلاة السنة، وصلاة الفرض، وهل هناك آيات تفرق بينهما؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلوات المفروضة هي الصلوات الخمس المعروفة التي دلت النصوص الشرعية على وجوبها، وقد نبه ابن عباس رضي الله عنهما على ورودها في القرآن الكريم مستدلاً بالآية 17 من سورة الروم،
ففي تفسير الإمام القرطبي: قال ابن عباس: الصلوات الخمس في القرآن، قيل له: أين؟ فقال: قال الله تعالى: [فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُون] صلاة المغرب والعشاء [َ وَحِينَ تُصْبِحُونَ] (الروم:17) صلاة الفجر، وعشيا العصر، وحين تظهرون الظهر، وقاله الضحاك وسعيد بن جبير. انتهى
وفي الصحيحين في قصة الرجل الذي جاء يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل علي غيرهن؟ قال: لا إلا أن تطوع.
أما الصلوات المسنونة فهي التي دلت السنة على ثبوتها من غير وجوب، ومنها: سنة الوتر وركعتي الفجر وركعتين بعد الظهر وأربعا قبل العصر وركعتين بعد المغرب وغير ذلك من الصلوات المسنونة.
وراجعي التفصيل في هذه المسألة في الفتوى رقم: 26921
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1425(11/8708)
صلاة ركعتين بعد العصر.. سببهما.. وهل هما من خصوصيات الرسول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي ركعتين بعد صلاة العصر ـ وهل كانتا خاصتين بالرسول صلى الله عليه وسلم، أم له ولأمته؟ وإذا كان كذلك فمتى تُصليان؟ هل بعد صلاة العصر ِ مباشرة ً؟ أم قبل الغروب؟ أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين عن كريب أن ابن عباس والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن أزهر رضي الله عنهم أرسلوه إلى عائشة رضي الله عنها، فقالوا: اقرأ عليها السلام منا جميعاً وسلها عن الركعتين بعد صلاة العصر، وقل لها: إنا أخبرنا عنك أنك تصلينهما، وقد بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها، وقال ابن عباس: وكنت أضرب الناس مع عمر بن الخطاب عنها، فقال: كريب فدخلت على عائشة رضي الله عنها فبلغتها ما أرسلوني فقالت: سل أم سلمة، فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة، فقالت أم سلمة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عنها ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر، ثم دخل علي وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار، فأرسلت إليه الجارية فقلت: قومي بجنبه فقولي له: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله سمعتك تنهى عن هاتين وأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري عنه، ففعلت الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال: يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان.
وفي صحيح مسلم عن أبي سلمة أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد العصر فقالت: كان يصليهما قبل العصر ثم إنه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر، ثم أثبتهما، وكان إذا صلى صلاة أثبتها، قال يحيى بن أيوب: قال إسماعيل: تعني داوم عليها، فمداومته عليها خصوصية، قال الإمام النووي رحمه الله (قوله: فهما هاتان) فيه فوائد منها ... : أن السنن الراتبة إذا فاتت يستحب قضاؤها، وهو الصحيح عندنا، ومنها: أن الصلاة التي لها سبب لا تكره في وقت النهي، وإنما يكره ما لا سبب لها، وهذا الحديث هو عمدة أصحابنا في المسألة وليس لنا أصح دلالة منه، ودلالته ظاهرة، فإن قيل: فقد داوم النبي صلى الله عليه وسلم عليها، ولا يقولون بهذا، قلنا: لأصحابنا في هذا وجهان حكاهما المتولي وغيره، أحدهما: القول به، فمن دأبه سنة راتبة فقضاها في وقت النهي كان له أن يداوم على صلاة مثلها في ذلك الوقت.
والثاني: وهو الأصح الأشهر ليس له ذلك، وهذا من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحصل الدلالة بفعله صلى الله عليه وسلم في اليوم الأول، فإن قيل: هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم قلنا: الأصل الاقتداء به صلى الله عليه وسلم وعدم التخصيص حتى يقوم دليل به، بل هنا دلالة ظاهرة على عدم التخصيص في أنه صلى الله عليه وسلم بين أنها سنة الظهر، ولم يقل هذا الفعل مختص بي، وسكوته ظاهر في جواز الاقتداء. وبهذا تبين مشروعية قضاء الفائتة، ولو كانت نافلة في وقت الكراهة مطلقاً، وأما المداومة على ذلك فمن خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(11/8709)
رواتب الصلوات الخمس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعرف أن الفرائض هي 12 ركعة في اليوم وهم 6 في الظهر واثنين في المغرب واثنين في العشاء واثنين في الفجر هل هذا صحيح أو يوجد فرائض أخرى الرجاء إفادتنا بها بالتفصيل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن السائل يقصد رواتب الصلوات الخمس، فإن كان كذلك، فقد سبقت الإجابة على هذا في الفتوى رقم: 2116، والفتوى رقم: 18174.
وعليه، فإن الصلوات المفروضة هي الصلوات الخمس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1425(11/8710)
مذاهب العلماء في أوقات النهي عن الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[وقت طلوع الشمس ووقت غروبها وقبل أذان الظهر بـ10 دقائق أوقات تكره فيها الصلاة أم تحرم، وكم يدوم الطلوع والغروب الدقائق، وهل تصلى التحية قبل أذان الجمعة الذي هو أذان الظهر بـ10دقائق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت طلوع الشمس ووقت غروبها وعند استواء الشمس في كبد السماء من الأوقات التي ورد النهي عن الصلاة فيها، ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع، فإنها تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصل، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب، فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار.
فهذه الأوقات الثلاثة أوقات نهي محمول على الحرمة عند الحنابلة والشافعية، واستثنى الشافعية وقت الاستواء يوم الجمعة والصلوات ذوات الأسباب، ووافقهم المالكية في الحرمة بالنسبة لوقت الطلوع والغروب، أما وقت استواء الشمس في وسط السماء فهو وقت كراهة عندهم، والنهي عن الصلاة قبل الزوال مستمر حتى يبدأ الزوال، وبالتالي فالدقائق العشر قبله داخلة في النهي.
وبالنسبة للمدة الزمنية التي تستغرقها الشمس أثناء طلوعها وغروبها، فتبدأ من بداية ظهور قرصها حتى تبرز كلها، وعند الغروب من بداية غياب قرصها حتى تغيب كلها، وبالتالي فهذا الأمر خاضع لمشاهدة الإنسان لهذا الأمر حتى يغلب على ظنه اكتمال الطلوع أو الغروب.
ولا فرق في وقت النهي بين يوم الجمعة وغيره عند الحنابلة، قال ابن قدامة في المغني: ولا فرق في الزوال بين يوم الجمعة وغيره ولا بين الشتاء والصيف، كان عمر بن الخطاب ينهى عنه، وقال ابن مسعود: كنا ننهى عن ذلك يوم الجمعة. انتهى.
وعليه؛ فإن تحية المسجد في أوقات النهي محل خلاف بين أهل العلم هل الأمر فيها مخصص لعموم النهي أم لا؟ قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وقال الطحاوي أيضاً: الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها ليس هذا الأمر بداخل فيها، قلت: هما عمومان تعارضا الأمر بالصلاة لكل داخل من غير تفصيل والنهي عن الصلاة في أوقات مخصوصة، فلا بد من تخصيص أحد العمومين، فذهب جمع إلى تخصيص النهي وتعميم الأمر وهو الأصح عند الشافعية، وذهب جمع إلى عكسه وهو قول الحنفية والمالكية. انتهى.
فالتحية قبل دخول وقت الظهر بعشر دقائق داخلة في وقت النهي عن الصلاة، لكن هل تصلى في هذا الوقت أم لا؟ هو محل اختلاف بين أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(11/8711)
فضيلة صلاة أربع ركعات قبل العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة أربع ركعات قبل العصر يبني لصاحبها بيت في الجنه أم ماذا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر فيما صح من السنة على أن من صلى أربع ركعات قبل العصر يبنى له بيت في الجنة، وكل ما وقفنا عليه في هذا الموضوع هو ما ورد من دعائه صلى الله عليه وسلم بالرحمة لمن صلى أربعا قبل العصر، أو أنها كانت من النوافل التي يفعلها صلى الله عليه وسلم ففي صحيح ابن خزيمة من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله امرأ صلى أربعا قبل العصر. وروى أحمد في المسند وابن ماجه والبيهقي من حديث عاصم بن ضمرة قال: سألنا عليا رضي الله عنه عن تطوع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهار، فقال لنا: ومن يطيقه؟! قلنا: حدثناه نطيق منه ما أطقنا، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يمهل إذا صلى الفجر حتى إذا ارتفعت الشمس، فكان مقدارها من العصر، قام فصلى ركعتين، يفصل فيهما بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين، ومن تبعهم من المؤمنين، ثم يمهل حتى إذا ارتفع الضحى، فكان مقدارها من الظهر، قام فصلى أربعا يفصل فيهن بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين، ثم يصلي ركعتين بعد الظهر، يفعل فيهما مثل ذلك، ثم يصلي أربعا قبل العصر، يفعل فيه مثل ذلك ... الحديث صححه الأرناؤوط.
والله أعلم. ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(11/8712)
الشروع في ركعتي الفجر قبل دخول الوقت لا يجزئ
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: إني قبل صلاة الفجر صليت ركعتين ونيتي أنها سنة قبل الفجر، ولكن دخل أذان الفجر علي وأنا في الركعة الأولى، فهل تحسب لي أنها نافلة أو تلغى بمجرد سماع الأذان؟ وجزاكم الله خير على مجهوداتكم الطيبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ركعتي الفجر من السنن التي تكون قبل الصلاة، وهذه لا يشرع فعلها قبل دخول وقت الصلاة التي هي سنة قبلية بالنسبة لها، وبالتالي فلا تصلى هاتان الركعتان إلا بعد طلوع الفجر الصادق، فمن أداهما أو إحداهما قبل ذلك لم يعد ذلك مجزياً، قال ابن قدامة في المغني: كل سنة قبل الصلاة فوقتها من دخول وقتها إلى فعل الصلاة، وكل سنة بعدها فوقتها من فعل الصلاة إلى خروج وقتها. انتهى.
وعلى هذا فإن كان شروعك في ركعتي الفجر قبل طلوع الفجر الصادق فإنه تنبغي لك إعادتهما بعده، وإن كان شروعك بعد طلوع الفجر حقيقة وكان أذان المؤذن جاء متأخر فلا تعدهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(11/8713)
أوقات النهي عن الصلاة، وما يستثنى منها
[السُّؤَالُ]
ـ[متى الوقت الذي لا تجوز فيه الصلاة نهائيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأوقات التي لا تجوز الصلاة فيها خمسة، وقد تقدم الكلام عنها في الفتوى رقم: 13512، والفتوى رقم: 7392.
ولكن يستثنى من ذلك ما كان له سبب، وذلك على الراجح من أقوال العلماء، كما هو مبين في الفتويين المشار إليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1424(11/8714)
حكم صلاة سنة العشاء بعد التهجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل توجد سنه بعد صلاة العشاء غير الشفع؟ وهل نصلي الشفع بعد أو قبل صلاة التراويح أو القيام أو التهجد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة الراتبة بعد العشاء ركعتان، وهي غير الشفع كما بيناه في الفتوى رقم: 18778، ووقتها يمتد إلى طلوع الفجر الثاني.
فإن شاء المرء صلاها بعد العشاء، وإن شاء صلاها بعد القيام أو التهجد أو التراويح، أما الشفع فالأفضل جعلها مع ركعة الوتر آخر صلاتك في الليل، سواء كان تراويح أو قياماً أو تهجداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1424(11/8715)
وقت صلاة التوبة ودعاؤها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صفات صلاة التوبة؟ وما وقتها؟ وما الدعاء الذي يذكر فيها؟ أريد معرفة كل شيء يخص صلاة التوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في بيان صلاة التوبة وصفتها فنحيل السائلة إليها، وهي برقم: 7471 على الموقع.
وأما وقتها، فهي من النوافل المطلقة التي تُصلَّى في أي وقت؛ إلا في أوقات النهي.
وأوقات النهي خمسة:
الأول: من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس.
الثاني: من طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح.
الثالث: عند قيام الشمس منتصف السماء حتى تزول.
الرابع: من صلاة العصر إلى غروب الشمس.
الخامس: إذا شرعت الشمس في الغروب حتى يتم.
فهذه خمسة أوقات لا تصلى فيها النوافل.
وأما الدعاء الذي يُذكر فيها، فلا نعلم دعاء بلفظ معين يقال فيها، والمشروع فيها الاستغفار للحديث الذي رواه الترمذي وحسنه، وهو في الفتوى المشار إليها آنفا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1424(11/8716)
من شرع في صلاة منفردا ثم أقيمت الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء صلاة معينة بدأ المقيم بإقامة الصلاة. متى يجب على المصلي أن يقطع صلاته؟ هل بمجرد قول أول كلمة من الإقامة؟ أم عند تكبير الإمام للإحرام؟ أم له أن يبقى حتى يكمل صلاته ولو بدأ الإمام فعلياً في الصلاة. وإن كان يصلي الظهر مثلا وقد أكمل 3ركعات وبدأ في الرابعة في قراءة الفاتحة، هل يقطع أم يكمل؟ وكيف لو كانت الصلاة نافلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن شرع في صلاة منفردا ثم أقيمت الصلاة، فله حالتان:
الأولى: أن تكون صلاته التي يصليها نافلة، وقد ذهب الحنفية إلى أنه يلزمه أن يصليها ركعتين ثم يدخل مع الجماعة، لأن النافلة عندهم تلزم بالشروع فيها، وانظر "بدائع الصنائع" (1/286) .
وذهب المالكية إلى أنه يصليها ركعتين ويتجوز ثم يدخل في الجماعة، وذلك ما لم يخش فوات الركعة الأولى، وانظر "شرح الخرشي" (2/21) ومثله في "شرح الدردير" (1/ 324) .
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يتمها ركعتين ما لم يخش فوات الجماعة، والجماعة عندهم تدرك بإدراك الإمام قبل السلام، راجع "المجموع" (4/ 103) و"المغني" (1/272) .
وذهب الظاهرية إلى أن النافلة تبطل بمجرد إقامة الصلاة، أخذا بظاهر حديث: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. متفق عليه، وراجع "المحلى" (2/146) .
الثانية: أن تكون صلاته فرضا.
وقد ذهب الحنفية إلى أنه إن كانت صلاة الفجر فلم يصل إلى السجدة من الركعة الثانية، فإنه يقطعها ليدرك فضل الجماعة، وإن كانت رباعية، فإن كان في الركعة الأولى، ضم إليها أخرى وسلم، وإن كان قد قام إلى الثالثة فيجلس ويسلم ما لم يصل إلى السجود من الثالثة، فإن وصل إلى السجود أتمها، وإن كانت المغرب فإن صلى ركعة قطعها لأنه إن ضم إليها أخرى فلا يمكنه القطع، لأنه أتى بالأكثر، وإن أراد القطع بعد الركعتين، كان متنفلا قبل المغرب، وهو منهي عنه عندهم، وإن صلى ركعتين فليتمها وكذا إن صلى الثالثة، ولكن لا يدخل بعد المغرب مع الإمام، لأن التنفل بالثلاث غير مشروع عندهم، وانظر "بدائع الصنائع" (1/ 287) .
وأما المالكية، فقالوا: إنه يقطع إن خشي فوات الركعة الأولى مع الإمام، وانظر "شرح الخرشي" (2/21) .
وأما الشافعية، فقالوا: إنه يقلبها إلى نافلة، ما لم يصل إلى الثالثة، فإن قام، فيتمها ثم يدخل مع الجماعة.
هذا إذا كان يصلي حاضرة، أما إذا كان يصلي فائتة، فإنه لا يقطعها ولا يقلبها نفلا إلا إذا كانت الجماعة بنفس الفائتة وكان قضاؤها على التراخي، وراجع "نهاية المحتاج" (2/ 206) .
وأما الحنابلة، فإنهم لم يذكروا القطع إلا في النافلة، فالظاهر أنهم لا يرون قطع الفريضة بل عليه أن يتمها، وانظر "الإنصاف" مثلا (2/220) .
وأما الظاهرية، فظاهر كلام ابن حزم أن الفريضة لا تقطع، وراجع "المحلى" (2/ 146) .
وبعد هذا العرض الموجز لأقوال أهل العلم في المسألة، فإننا نرى أنه إذا كان المصلي متنفلا، فإن أرجح المذاهب في المسألة هو مذهب أهل الظاهر، لأنه أشدها التصاقا بنص الحديث المتقدم "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" فإن قوله "لا صلاة" نكرة مبنية في سياق نفي، وهي من أشد الألفاظ توغلا في العموم، فتعم من دخل في النافلة ومن لم يدخل فيها.
قال صاحب "المراقي" في الأصول:
وفي سياق النفي منها يذكر ... إذا ُبِني أو زيد "من" منكر
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/8717)
صلاة مائة ركعة ليلة القدر كل سنة بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تعودت منذ 5 سنوات أن أصلي 100 ركعة ليلة القدر، فهل هذا خروج عن السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فخير للمرء، بل المنجي له بين يدي الله تعالى أن يتبع ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان، فالخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع.
وصلاة مائة ركعة ليلة القدر كل سنة بدعة وخروج عن نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. وفي رواية: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. وهو في صحيح مسلم.
والذي يحسن للمسلم أن يفعله ليلة القدر هو إحياؤها بالصلاة والذكر والدعاء وتلاوة القرآن، دون أن يكون هناك عدد محدد لا يتجاوزه المرء ولا ينقص عنه كما في السؤال، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. كما في الصحيحين عن أبي هريرة، ولم يرد في ذلك تحديد لهذا العدد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1424(11/8718)
يجوز أداء السنة الراتبة قبل صلاة العصر في أي وقت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل شرط أساسي أن تصلى سنة العصر ما بين سماع الأذان والإقامة ... بمعنى لو صليت العصر بعد سماع الأذان بساعة لا أصلي له سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لك أداء السنة الراتبة قبل صلاة العصر في أي وقت أديت فيه هذه الصلاة، ولا يشترط كون ذلك بين الأذان والإقامة، لكن إذا خشيت خروج وقت الصلاة لم يجز لك الانشغال بأداء هذه السنة فيؤدي ذلك إلى ضياع الفريضة.
ثم إننا ننبهك إلى أن الأفضل الصلاة لأول وقتها، كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وراجعي لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 19417، والفتوى رقم: 26831.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(11/8719)
هل تقضى السنة الراتبة لدى وجود عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا أعمل ولا أستطيع صلاة سنة صلاة الظهر بعملي، وذلك لكثرة عملي، وأقوم بصلاة الفرض فقط، فهل أقضي سنة الظهر بعد صلاتي للعصر بالمنزل؟ أم إنها لا بد وأن تكون مع صلاة الظهر فقط؟
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة الراتبة إن كانت قبلية، فإنها يدخل وقتها بدخول وقت الفريضة، ويخرج بخروجه، وإن كانت بعدية، فيبدأ وقتها بالفراغ من الفريضة وينتهي بخروج الوقت، وينبغي للمسلم المواظبة على الرواتب في وقتها، لكن إن كان هناك عذر فوت الراتبة حتى خرج الوقت، فيسن قضاء الراتبة، حتى ولو خرج وقتها، وللمزيد راجعي فتوى رقم: 19174.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(11/8720)
سبب صلاة الرسول ركعتين جالسا بعد الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[في الفتوى رقم 886 (من صلى الوتر ثم بدا له أن يقوم الليل جاز له ذلك) أرجو توضيح كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يركع بعد الوتر وهو جالس هل معنى ذلك أن صلاة الليل يمكن أن تؤدى جلوسا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المشار إليه رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها تصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل ... إلى أن قالت: ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة.
قال النووي في شرحه: قلت: الصواب أن هاتين الركعتين فعلهما صلى الله عليه وسلم بعد الوتر جالساً لبيان جواز الصلاة بعد الوتر، وبيان جواز النفل جالساً، ولم يواظب على ذلك بل فعله مرة أو مرتين أو مرات قليلة.... وإنما تأولنا حديث الركعتين جالساً لأن الروايات المشهورة في الصحيحين وغيرهما عن عائشة مع روايات خلائق من الصحابة في الصحيحين مصرحة بأن آخر صلاته صلى الله عليه وسلم في الليل كان وتراً، وفي الصحيحين أحاديث كثيرة مشهورة بالأمر بجعل آخر صلاة الليل وتراً منها: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً..
فكيف يظن به صلى الله عليه وسلم مع هذه الأحاديث وأشباهها أنه يداوم على ركعتين بعد الوتر ويجعلهما آخر صلاة الليل، وإنما معناه ما قدمنا من بيان الجواز، وهذا الجواب هو الصواب ... انتهى.
وفي ما نقلناه عن الإمام النووي كفاية في إيضاح ما استشكله السائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1424(11/8721)
يبنى بيت في الجنة لمن واظب علىالرواتب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أريد تفسير الحديث الذي يقول إن من صلى اثنتي عشرة ركعة من دون الفريضة بني له بيتا في الجنة هل معنى الحديث أن يداوم عليها الإنسان كل يوم لكي يبنى له بيت في الجنة، أم أنه بمجرد صلاة الاثنتى عشرة ركعة في اليوم بني له في هذا اليوم بيت في الجنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الثواب المذكور لا يناله إلا من واظب على صلاة اثنتي عشرة ركعة كل يوم، لحديث عائشة رضي الله عنها كما في الترمذي، وانظر الفتوى رقم: 32489.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1424(11/8722)
صلاة النوافل قبل وقتها غير مجزئ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عدم احترام أوقات الرواتب للضرورة؟ لأنه ليس لدي وقت بعد الظهر فأصلي 6 ركعات قبله وحين ينقضي الظهر أنصرف إلى العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرواتب المحددة بوقت لا بد من الإتيان بها في وقتها المحدد، وعليه فإن تقديم الركعتين على الظهر لا يغني عن الإتيان بهما بعده، ولكن تمكنك صلاة الركعتين بعد الظهر في محل العمل أو البيت إن تيسر لك قبل دخول وقت العصر.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم حض على صلاة النفل في البيوت فقال: صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته؛ إلا المكتوبة. رواه البخاري.
وقال: فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس كفضل المكتوبة على النافلة. رواه الطبراني في الكبير، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
وراجع في حكم قضائها بعد فوات وقتها الفتوى رقم: 33559، والفتوى رقم: 6910.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1424(11/8723)
هل هناك سور تستحب قراءتها في صلاة النافلة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
هل هناك سورمحددة من القرآن الكريم تستحب قراءتها في صلاة النافلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لم يرد شيء محدد يقرأ في النافلة إلا في سنتي الفجر والمغرب، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في كل منهما بالكافرون والإخلاص، وإلا في الشفع والوتر فكان يقرأ بالأعلى والكافرون في الشفع، وبالإخلاص والمعوذتين في ركعة الوتر، روى الإمام أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد.
وعن ابن عباس أنه قال: ما أحصي ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل صلاة الفجر، بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد. أخرجه ابن ماجه والنسائي والترمذي وحسنه.
وفي سنن الترمذي وابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين. قال الشيخ الألباني صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(11/8724)
حكم قضاء السنة القبلية بعد البعدية أو بعد خروج الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حديث من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعده حرمه الله على النار حديث صحيح؟ وهل إذا فاتتني الأربع القبلية وقضيتها قبل العصر أو بعده يشملني هذا الحديث أم يجب أن أحافظ عليها قبل الظهر كما ورد في الحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقضاء عند الفقهاء كما عرفه الدردير: استدراك ما خرج وقته. ا. هـ
وقال ابن عابدين: القضاء فعل الواجب بعد وقته. ا. هـ
وهذا يعني أن القضاء يكون جبراً للتقصير الذي حصل في ترك العبادة حتى يخرج وقتها، فقضاء الفريضة تدارك لها، وبالقضاء يخرج المكلف من العهدة، مع الإثم إن كان مقصراً، وبدون إثم إن كان غير مقصر.
أما النوافل والسنن، ومنها السنن الراتبة، فلا إثم في تركها أصلاً، لكن من السنة فعلها مع الصلوات الملازمة لها حسبما بينتها السنة، فإن فات المرء منها شيء فلا إثم عليه، ويمكنه تداركه بعد ذلك ولو فات الوقت، فقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم سنة الظهر بعد صلاة العصر، كما قضى سنة الظهر القبلية بعد سنته البعدية، على ما بيناه في الفتوى رقم: 23559، والفتوى رقم: 33307.
والمرجو لمن قضى الفوائت من السنن الراتبة أن يشمله عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة. رواه مسلم.
لأنه أتى بها في اليوم والليلة، وإن كان منها ما هو أداء ومنها ما هو قضاء، كما نرجو أن يشمل السائل الوعد الوارد في فضيلة سنة الظهر القبلية والبعدية ولو كان فعلها قضاء، لأن القضاء تدارك، ويُرجى لمن قضى ما يُرجى لمن أدَّى؛ على ما ذكرنا من التفصيل، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 12349، 19417، 23374.
والحديث الذي سأل عنه السائل صحيح، رواه النسائي وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1424(11/8725)
لا يلزم قضاء السنن تعويضا لما فات منها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله.
أبلغ من العمر 18 عاما، وبدأت أنتظم في الصلاة منذ أن كان عمري 12 عاما ... وإلى الآن وأنا منتظمة في الصلاة والحمد لله، وبدأت أصلي السنن والنوافل منذ فترة قصيرة، وسمعت عن الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه حديثا بما معناه أن السنن التي يصليها الإنسان تعوض ما فاته من صلوات.. فهل هذا صحيح؟؟ أم يفضل صلاة ما فاتني بجانب السنن؟؟ مع العلم بأن ذلك سيتطلب مني الكثير من الوقت، حيث إني أطيل في الصلاة ...
ولكم جزيل الشكر.
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ أوّلَ مَا يُحَاسَبُ النّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أعْمَالِهِمْ الصّلاَةُ، قال: يقولُ رَبّنَا عَزّوَجَلّ لِمَلاَئِكَتِهِ - وَهُوَ أعْلَمُ -: انْظُرُوا في صَلاَةِ عَبْدِي أتَمَّهَا أمْ نَقَصَهَا. فإنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامّةً، وَإنْ كَانَ انتَقَصَ مِنْها شَيْئاً قال: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِيَ مِنْ تَطَوّعٍ. فإنْ كَانَ لَهُ تَطَوّعٌ قال: أتِمّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوّعِهِ، ثُمّ تُؤْخَذُ الأعْمَالُ عَلَى ذَاكَم.
قال المناوي في شرحه الكبير على الجامع: واعلم أن الحق سبحانه وتعالى لم يوجب شيئاً من الفرائض - غالباً - إلا وجعل له من جنسه نافلة حتى إذا قام العبد بذلك الواجب وفيه خلل ما يجبر بالنافلة التي هي من جنسه. نقله الرملي في نهاية المحتاج.
إذا ثبت هذا فنقول للأخت السائلة: إن إكمال النافلة لنقص الفريضة ثابت بهذا المعنى الذي ذكرناه. وأما قضاؤها لما فات من النوافل فلا يلزم؛ لأن هذه النوافل ليست واجبة في أصلها. ثم إننا نبهنا إلى أنها إن بلغت سن التكليف قبل سن الثانية عشرة، فيلزمها قضاء ما فاتها من الصلوات بعد البلوغ، وهذا هو قول جمهور أهل العلم. كما هو مبين في الفتوى رقم: 512.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(11/8726)
الرغيبة..وقتها..ركعاتها..وهل تنوب تحية المسجد عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد
أريد أن أسأل عن عدد وكيفية صلاة الرغيبة (قبل صلاة الصبح) وهل تحية المسجد تكفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ركعتي الفجر من النوافل المؤكدة، وتسمى بالرغيبة، لكثرة ما رغب فيها؛ لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح. وروى مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها.
ومن هذين الحديثين تعلم وقت الرغيبة، وأنه قبل صلاة الصبح وبعد الفجر، وعدد ركعاتها. وانظر الفتوى رقم: 11258.
وبخصوص نيابة تحية المسجد عنها، فالجواب أن الصحيح العكس، أي أنه تصح نيابة ركعتي الفجر عن تحية المسجد، ولا تنوب تحية المسجد عن الرغيبة؛ لأن هذه الأخيرة لابد لها من نية. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 24108.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(11/8727)
وقت الفجر وماذا نصلي بعد أذانه من نوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل صلاة الفجر هي صلاة الفجر ومتى تبدأ أي في أي ساعة بالضبط؟ فأنا أقطن في دولة الإمارات العربية وسمعت أن الشيخ نبيل العوضي يقول إنه عندما يؤذن المؤذن الأول يستحب أن لا نصلي ونستغفر الله وإذا أردت أن تصوم تسحر وأنا عندي مسجل في البيت ولا أسمع الأذان الثاني في أي وقت بالضبط يؤذن المؤذن الثاني؟
أفيدوني وجزاكم الله الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الفجر المقصود بها في الشرع هي صلاة الصبح، ووقتها يبدأ من طلوع الفجر الصادق، وهو البياض المنتشر عرضًا في السماء، ويمتد وقتها إلى طلوع الشمس، وانظر الفتوى رقم: 5163.
وإذا أُذِّنَ للصبح لا يصلي من النافلة إلا ركعتين الفجر حتى تطلع الشمس قيد رمح، وقد استثنى الشافعية النوافل التي لها سبب كركعتي الطواف وتحية المسجد، واستثنى المالكية كذلك ورد النافلة للنائم عنه.
قال الصاوي في حاشيته: ولا يصلى نفل بعد طلوع الفجر إلا الورد لنائم عنه والشفع والوتر وركعتا الفجر. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(11/8728)
هل يأثم من ترك النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم بصلاتي من صلاة الفجر وحتى صلاة العشاء، وأصلي السنن كلها في المسجد
ولكن من السنة أن أتنفل في البيت حتى لانجعل بيوتنا قبورا.
هل يحاسبني الله بأنني لم ألتزم بصلاة السنن في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن صلاة النافلة في البيت أفضل من صلاتها في المسجد، وقد مضى التدليل على ذلك في الفتوى رقم:
15945.
لكن لو ترك الإنسان ذلك فلا إثم عليه وإن كان قد فوت على نفسه خيرًا عظيمًا، كان ينبغي الحرص عليه وعدم التهاون فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(11/8729)
النوافل التي يصح أداؤها بنية واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أنوي أكثر من نية عن صلاة النافلة؟ فمثلا أنوي ركعتين قيام الليل وأيضا ركعتين وتر وركعتين صلاة الحاجة أرجو الإجابة مع الدليل لأني حصلت على آراء متباينة من عدة شيوخ فمنهم من أكده ومنهم من حرمه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع أن ينوي المصلي نية تحية المسجد أو الاستخارة في صلاة أخرى.
قال الشيخ عليش في منح الجليل: وتأدت، أي حصلت التحية بصلاة فرض بالمسجد عقب دخوله، ويحصل له ثوابها إن نوى بها الفرض والتحية أو نيابة عنها، وتتأدى بسنة ورغيبة أيضًا. (1/341) .
وقال ابن حجر في فتح الباري: ... قال النووي في الأذكار: لو دعا بدعاء الاستخارة عقب راتبة صلاة الظهر - مثلاً - أو غيرها من النوافل المطلقة سواء اقتصر على ركعتين أو أكثر أجزأ.. ويظهر أن يقال: إن نوى تلك الصلاة بعينها وصلاة الاستخارة معًا أجزأ، بخلاف ما إذا لم ينو ... (11/185) .
وأما غيرهما من النوافل فلا يجزئ بعضه بنية البعض، وانظر الفتوى رقم: 29631.
ثم اعلم أن الوتر لا يكون باثنين، لأنهما عدد زوجي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(11/8730)
أوقات النهي عن الصلاة تختلف باختلاف البلد والفصول
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم مأجورين أن تقدموا لي توضيحا للأوقات المستحب فيها التنفل بحسب الساعات فمثلا أنا لا أعرف بالضبط بالتوقيت الزمني متى وقت السحر وارتفاع الشمس قيد رمح والزوال
فالرجاء التوضيح مقارنة بأوقات الصلوات المفروضة أي متى وقت السحر بالضبط هل بعد 20 دقيقة أو30 دقيقة فالرجاء التوضيح وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأوقات المستحب فيها التنفل هي الزمن كله، إلا ثلاثة أوقات هي: ما بعد الصبح حتى تطلع الشمس قيد رمح، وبعد العصر حتى تغرب، والصلاة وقت الاعتدال.
والأصل في ذلك ما رواه مسلم والنسائي وابن ماجه من حديث عمرو بن عبسة قال: قلت: يا نبي الله أخبرني عن الصلاة. قال: صلَّ صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صلَّ فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصلَّ فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار.
وأما الأوقات التي طلبت تحديدها بالساعة، وهي: وقت السحر وارتفاع الشمس قيد رمح ووقت الزوال، فإنها تختلف باختلاف البلد والفصول، وبالتالي لا يمكن ضبطها بالساعة والدقيقة.
فأما السَّحَرُ فهو قبيل الصبح، ففي الموسوعة الفقهية: السحر آخر الليل قبيل الصبح، وقيل: هو من ثلث الليل الآخر إلى طلوع الفجر. (24/269) .
وأما ارتفاع الشمس قيد رمح فهو ارتفاعها قدر الرمح، ويحصل ذلك بعد بزوغها بخمس عشرة دقيقة تقريبًا.
ويعرف الزوال بابتداء طول الظل بعد تناهي قصره، لأن الظل يكون طويلاً عند ابتداء طلوع الشمس، وكلما صعدت قصر إلى أن ينتهي، فإذا أخذت في النزول مغربة طال فهذا هو الزوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(11/8731)
من أنواع الصلوات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أنواع الصلوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأنواع الصلوات كثيرة وأهمها بعد الصلوات المكتوبة (الصلوات الخمس) صلاة الوتر، والسنن الراتبة، وصلاة الضحى، وقيام الليل، وصلاة العيدين، والاستسقاء، وصلاة الكسوف والخسوف، والنوافل المطلقة.
ولتفصيل ذلك وأدلته نحيلك إلى الفتوى رقم:
2116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8732)
أداء النافلة في البيت أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أستطيع أن أصلي نوافل وسنن النهار جهراً في بيتي أو في مسجد فارغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النافلة في البيت أفضل منها في المسجد. روى زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. متفق عليه.
وأما سنة نوافل النهار فهي الإسرار وليس الجهر، إلا ما ورد استثناؤه.
وانظر في ذلك الفتوى رقم: 19845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1424(11/8733)
أقوال أهل العلم في التنفل بعد طلوع الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
ما حكم صلاة ركعتين نافلة بعد أذان الفجر قبل أداء الفريضة غير سنة الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الترمذي وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين. قال الترمذي: ومعناه.... لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر.
قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وحفصة..... إلى أن قال: وهو ما أجمع عليه أهل العلم، كرهوا أن يصلي الرجل بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر. انتهى.
قال الحافظ في التلخيص: دعواه الإجماع عجيب، فإن الخلاف فيه مشهور حكاه ابن المنذر وغيره. وقال الحسن: لا بأس به، وكان مالك يرى أن يفعله من فاتته صلاة الليل، وقد أطنب في ذلك محمد بن نصر في قيام الليل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(11/8734)
لا يجب قضاء السنة الراتبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد السؤال عن صلاة السنة، لقد سمعت أن سنة الصبح والمغرب إذا صلينا الصبح أوالمغرب قضاء يجب علينا أن نصلي السنة قضاء، فهل هذا صحيح؟ هل يجب أن أصلي السنة قضاء هل أقضيها أرجو إجابتي وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيندب قضاء راتبة الفجر والمغرب وغيرهما من الرواتب، سواء مع قضاء الصلاة التي هي راتبتها أو لا، ولا نعلم قائلا بوجوب قضاء الرواتب عند قضاء الفرائض، سواء كانت الفائتة صلاة الفجر أو صلاة المغرب أو غيرهما، ولا ينبغي أن يكون هذا محل خلاف أصلا، لأن الراتبة لا تجب أداء، فكيف تجب قضاء، ولمزيد من الفائدة ننصحك بمراجعة الفتوى رقم:
23559،. وما فيها من الإحالات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(11/8735)
النوافل التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[كم العدد الأقصى للركعات التي كان يصليها النبي عليه السلام ما هي بالتفصيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان صلى الله عليه وسلم يواظب على ما يلي من السنن والرواتب:
- النوافل التي تتبع صلاة الفريضة أو تسبقها، وهي المعروفة بالرواتب، وقد اشتمل على أكثرها الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر حيث يقول: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح. متفق عليه.
وفي رواية لهما: وركعتين بعد الجمعة في بيته.
وفي رواية لمسلم: كان إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين.
وأخرج الخمسة: من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالى على النار.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً.
- صلاة الضحى، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما يشاء الله. رواه مسلم.
- قيام الليل، والتفصيل فيه تمكن مراجعته في الفتوى رقم: 12055، والفتوى رقم: 2497.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(11/8736)
هل تجوز الزيادة على أربعين ركعة في اليوم
[السُّؤَالُ]
ـ[من صلى 12 ركعة نافلة في اليوم 2 قبل الفجر 4 قبل الظهر و2 بعده
و2 بعد المغرب و 2 بعد العشاء يبنى لك قصراً في الجنة (أو كما في الحديث) أظنني قرأت هذا الحديث في الصحيحين إلا أن أخطئ؟ وكم هي صلاة النافلة في اليوم أصلا؟
وهل كان الرسول عليه السلام لا يزيد في اليوم والليلة عن 40 ركعة، هل هذا صحيح وما هي تلك الأربعون ركعة وإلا كم كان يصلي عليه السلام؟ أسأل الله تعالى أن يحفظكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبد يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة. وثبت تفصيلها في حديث أم حبيبة: من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة، أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر. رواه النسائي والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
وأما كونه لا يزيد في اليوم والليلة على أربعين ركعة فقد ذكر ابن القيم أنه كان يحافظ في اليوم والليلة على أربعين ركعة سبع عشرة الفرائض واثنتي عشرة في حديث أم حبيبة وإحدى عشرة صلاة الليل.
فهذه الأربعون ركعة كان يحافظ عليها كما قال ابن القيم ولكن لا يمنع ذلك من الزيد عليها أحياناً، فقد ذكرت عائشة: أنه كان يصلي الضحى أربع ركعات، ويزيد ما شاء الله. رواه أحمد ومسلم.
وفي حديث أم هانئ: أنه صلى الله عليه وسلم صلى سبحة الضحى ثماني ركعات. رواه البخاري ومسلم.
وفي حديث علي أنه صلى ركعتين أولاً ثم صلى أربعاً بعد ارتفاع النهار وأربعا قبل العصر، فقد أخرج أحمد وابن ماجه وأبو يعلى بسند صحيح عن علي رضي الله عنه أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر أمهل، حتى إذا كانت الشمس من ههنا يعني من قبل المشرق مقدارها من صلاة العصر من ههنا من قبل المغرب قام فصلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا كانت الشمس من ههنا يعني من قبل المشرق مقدارها من صلاة الظهر من ههنا يعني من قبل المغرب قام فصلى أربعاً، وأربعا قبل الظهر إذا زالت الشمس وركعتين بعدها وأربعا قبل العصر.....
وذكر حذيفة أنه صلى معه في المغرب إلى العشاء، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب فصلى إلى العشاء. رواه النسائي وجود إسناده المنذري وصححه الألباني.
وقد ثبت من قوله الترغيب في ركعتين قبل المغرب قال: صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب، قال في الثالثة لمن شاء. رواه البخاري.
وقد ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم الترغيب في صلاة أربع بعد الظهر كما في الحديث: من يحافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار. رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وللزيادة في موضوع النوافل اليومية راجع الفتوى رقم: 2116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8737)
بالمثابرة على اثنتي عشرة ركعة يحصل الموعود
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك حديث يقول بأن من صلى 12 ركعة في اليوم والليلة بنى الله له بيتا في الجنة فهل يجوز أن أصلى جزءاً من هذه الصلوات مثلا الركعتين بعد العشاء فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من فضل الله تعالى على عباده أنه يجازي كل من صلى له اثنتي عشرة ركعة تطوعاً بأن يبني له بيتاً بالجنة، ففي صحيح مسلم عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير الفريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة.
أو: إلا بنى له بيتاً في الجنة.
ولاشك أنه تدخل في جملة هذه الركعات راتبة العشاء، وهي صلاة ركعتين بعدها، وقد جاء التصريح بذلك في ما رواه الترمذي وصححه الألباني عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتاً في الجنة: أربع قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر.
هذا إن كان قصد السائل ما ذكرناه.
أما إن كان يريد أن من اقتصر على بعض تلك الرواتب هل يحصل على الموعود الذي هو بيت في الجنة أم لا؟ فالجواب: أنه وإن كان يرجى له الحصول على خير لفعله تلك الراتبة، إلا أنه لا ينال الأجر المذكور في الحديث إلا بعد الإتيان باثنتي عشرة ركعة مع مثابرته عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(11/8738)
حول سنة الفجر وصلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[متى وقت صلاة الصبح؟ هل يجوز أن أصليها بعد الفجر مباشرة أي ما زالت السماء مظلمة؟ وهل سنة الصبح ضمن الاثنتي عشرة ركعة التي وصى بها رسول الله هي الفجر أم ركعتان قبلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع العلماء على أن أول وقت صلاة الصبح يكون بعد طلوع الفجر الصادق مباشرة وهو الفجر الثاني الذي يبدو في الأفق ولا تعقبه ظلمة، وهو الوقت الذي صلى فيه جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم في أولى المرتين؛ كما في حديث المواقيت الذي رواه الإمام أحمد والإمام مسلم وأصحاب السنن، وفيه: ثم أمره -يعني بلالاً- فأقام الفجر حين طلع الفجر.
فإذا سمعت أذان الفجر أو تبين لك أن الفجر قد طلع جاز لك أن تصلي في أول الوقت؛ بل يستحب لك ذلك إذا كنت لست من الذين تجب عليهم صلاة الجماعة، أما إذا كنت ممن تجب عليهم الجماعة فالواجب هنا الصلاة مع جماعة المسجد ولو تأخرت عن أول الوقت.
أما سنة الفجر فهي الركعتان قبل صلاة الصبح وليست هي صلاة الصبح، إذ صلاة الصبح ليست بسنة، بل هي فريضة، والدليل على ذلك قول ابن عمر رضي الله عنهما الذي رواه البخاري ومسلم في بيان السنن الرواتب التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها، وفيه: وركعتين قبل صلاة الصبح، كانت ساعة لا يُدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها، حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1424(11/8739)
مدى تعلق النوافل بمحبة الرب للعبد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقليل النوافل يدل على عدم حب الرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التقرب إلى الله بالنوافل بعد أداء ما افترض سبب في محبة العبد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته أخرجه البخاري وغيره.
ولكن ليس معنى الحديث أن المقلل من النوافل لا يحبه الله، فقد يكون المقلل من النوافل المداوم عليها أحب إلى الله من المكثر الذي لا يداوم عليها، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله، قال: أدومها وإن قلَّ، وقال: اكلفوا من الأعمال ما تطيقون متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8740)
لا تحرم نفسك من ثواب صلاة النوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أدرس وبحكم محاضراتي أتاخر وعند رجوعي للمنزل أجمع ما بين العصر وصلاة الظهر فهل أسبح لصلاة الظهر ثم أسبح مرة أخرى لصلاة العصر؟
وجزاكم الله الف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الصلاة من أعظم أركان الدين بعد الشهادتين، لذا فإنها تجب المحافظة عليها، ومن المحافظة عليها أداؤها في وقتها، فعلى السائل أن يجتهد في أداء كل صلاة في وقتها جماعة في مقر عمله، فإن تعذرت الجماعة يصلي كلاً من الظهر والعصر في وقتها ولو داخل قاعة التدريس، فإن لم يمكن ذلك وتعذر قطع التدريس، وكان الشخص بحاجة ماسة إلى هذه الدراسة، ولم يجد مكاناً يدرس فيه يسمح له القائمون عليه بأداء كل صلاة في وقتها، فإنه يجوز له جمع الظهر والعصر جمع تقديم بحيث يصليهما قبل الدخول إلى الدرس إذا كان وقت الظهر قد حان، وذلك رفعاً للحرج، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر جميعاً بالمدينة من غير خوف ولا سفر، قال أبو الزبير: فسألت سعيداً لِمَ فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني، فقال: أراد أن لا يحرج أمته.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: ذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر لحاجة لا لمن يتخذه عادة، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي وعن أبي إسحاق المروزي وعن جماعة من أصحاب الحديث واختاره ابن المنذر، ويؤيده ظاهر قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته.. فلم يعلله بمرض ولا بغيره.
فإن كانت بداية التدريس قبل دخول وقت الظهر، ولا يمكن قطع التدريس فاجمع الظهر والعصر بعد نهاية التدريس نظراً لحاجتك لذلك.
وأما الجمع الصوري إذا أمكن فالتأويل به ضعفه النووي حيث قال: ومنهم من تأوله على تأخير الأولى إلى آخر وقتها فصلاها فيه، فلما فرغ منها دخلت الثانية فصلاها فصارت صلاته صورة جمع، وهذا أيضاً ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل. انتهى.
أما النافلة الراتبة، فإنك مطالب بها على وجه الندب ما دام هنالك وقت يسع الفريضة بعدها، فينبغي أن لا تحرم نفسك من ثواب فعل هذه النوافل، لما ثبت من الترغيب في ذلك مثل حديث: من صلى أربع ركعات قبل الظهر وأربعا بعدها حرمه الله على النار. رواه الخمسة، وصححه الترمذي.
وحديث: رحم الله امرءاً صلى قبل العصر اربعاً رواه أحمد وأبو داود.
ويمكن الرجوع إلى الفتويين التاليتين: 2160، 13041.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1424(11/8741)
تطوع النهار مثنى مثنى أم أربعا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي سنة الظهر القبلية والبعدية أربع ركعات متصلات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأفضل في هذه السنة أن تصلى مثنى مثنى، فقد أخرج أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وحسنه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يصلي قبل العصر أربعاً يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة..... ولم ير العلماء فرقا بين سنة الظهر والعصر في هذا التسليم.
ومع هذا.. فإذا كنت تريد أن لا تفصل بين الركعات في سنة الظهر فلا نرى عليك حرجاً في ذلك، وإن فاتك ما هو أولى فيما نعتقد، وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يتطوع بالنهار أربعاً لا يفصل بينهن.
قال ابن حجر في فتح الباري:...... في السنن وصححه ابن خريمة وغيره من طريق علي الأزدي عن ابن عمر مرفوعاً: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، وقد تعقب هذا الأخير بأن أكثر أئمة الحديث أعلوا هذه الزيادة، وهي قوله: والنهار بأن الحفاظ من أصحاب ابن عمر لم يذكروها عنه.... وادعى يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع أن ابن عمر كان يتطوع بالنهار أربعاً لا يفصل بينهن، ولو كان حديث الأزدي صحيحاً لما خالفه ابن عمر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(11/8742)
راتبة العشاء سنة مستقلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ركعتا العشاء هما ركعتا الشفع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل الكريم يسأل عن سنة العشاء الراتبة هل هي ركعتا الشفع؟ وإن كان الأمر كذلك:
فإن راتبة العشاء سنة مستقلة، وركعتا الشفع هما اللتان تكونان قبل ركعة الوتر الواحدة التي تختم بها صلاة الليل، وبهذا تعلم أن راتبة العشاء غير ركعتي الشفع، ولمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة نحيلك إلى الفتوى رقم: 18778.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(11/8743)
صلاة الخروج من البيت ودخوله، وفضل التطوع في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت خطيباً في أحد المساجد يقول إنه ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى ركعتين قبل خروجه من المنزل وبعد دخوله كفاه الله السوء) فهل يسن صلاة هاتين الركعتين قبل الذهاب إلى العمل أو السوق أو غيرها وعند العودة إلى المنزل؟ أرجو إفادتي في أسرع وقت ممكن لكي أستفيد من تلك السنة الكريمة وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خرجت من منزلك فصلِّ ركعتين تمنعانك مخرج السوء، وإذا دخلت إلى منزلك فصل ركعتين تمنعانك مدخل السوء. رواه البزار والبيهقي في شعب الإيمان، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
وبناء على ثبوت الحديث فلا تتردد في الاستفادة منه؛ إلا إذا كنت في وقت النهي عن النفل فلتصلِهما عند خروجك للعمل، وعند دخولك البيت، علما بأن صلاة النافلة عموماً في البيت لها مزية عظيمة، فقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم -كما قال ابن القيم في زاد المعاد- فعل السنن والتطوع في البيت إلا لعارض.
وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة النفل في البيوت فقال: صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وقال: إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً. رواه مسلم.
وقال: صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. رواه البخاري ومسلم.
وقال: تطوع الرجل في بيته يزيد على تطوعه عند الناس كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده. رواه ابن أبي شيبة وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(11/8744)
مذاهب العلماء في قضاء سنة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أصلي صلاة الفجر بانتظام ولكني أصلي الصبح بانتظام فهل يعوض ذلك عن صلاة الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن سنة الفجر لا تعوض عنها صلاة الصبح، ومع ذلك فهي ليست من الصلوات المفروضة التي في تركها معصية الخالق، فهي نافلة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.
وإذا لم تصل حتى خرج وقتها، فإنها تقضى ندبا، وذلك لما روى الترمذي وابن حبان والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعدما تطلع الشمس.
وقد اختلف في هذا القضاء: هل هو مطلق أو إلى الزوال؟ فذهب إلى القول الأول من الصحابة عبد الله بن عمر ومن التابعين عطاء وطاووس والقاسم بن محمد، ومن الأئمة ابن جريج والأوزاعي والشافعي في الجديد، وأحمد وإسحاق ومحمد بن الحسن والمزني.
وإلى القول الثاني ذهب مالك وأبو حنيفة وغيرهما. انتهى ملخصا من نيل الأوطار جـ3، صـ30.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1424(11/8745)
لا تصح السنة الراتبة قبل دخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
تناقشت مع صديق لي حول الرواتب في الصلاة، مثلا قبل الظهر وبعده؛ فكان الإشكال حول ما إذا كانت تؤدى وجوبا بعد دخول وقت صلاة الظهر مثلا، أو بالإمكان قبله، خصوصا إذا علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤديهما في البيت ثم يخرج للصلاة مع أنه يرغب في المكوث في المسجد لانتظار الصلاة؟
أريد جوابا كافيا؟ جزاكم الله عنا كل خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرواتب القبلية لا تكون إلا بعد دخول الوقت لا قبله، وانظر الفتوى رقم: 12940، وأما استدلالك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤدي الركعتين في البيت ثم يخرج للصلاة ... إلى آخر الكلام، فهو استدلال في غير محله، لأنه صلى الله عليه وسلم ما كان يؤديهما إلا بعد دخول الوقت ثم يمكث حتى تقام الصلاة فيدخل حينئذ المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(11/8746)
السنن الراتبة عند تأخير صلاة الفرض عن أول وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستفسر عن ماهية صلاة الرواتب وأوقاتها وإذا تأخرت عن صلاة الظهر مثلا بساعة هل أستطيع صلاة الرواتب عند التأخر في صلاة الفرض بعض الساعات؟
أثابكم الله على ما تقومون به من خدمة المسلمين وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنن الرواتب هي التي تكون قبل الصلوات المفروضات أو بعدها، وقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 2116، والفتوى رقم: 19417.
والأفضل أن يصلي الشخص الصلاة المفروضة في أول وقتها ويصلي الرواتب القبلية قبلها والبعدية بعدها، وإذا أخر الشخص صلاة الفرض عن أول وقتها فلا حرج عليه، إلا أنه فاتته فضيلة أول الوقت. والأفضل أن يصلي الرواتب القبلية قبل الفريضة إلا إذا بقي من الوقت ما لا يسع إلا الفرض فيجب عليه أن يصلي الفرض أولاً ويندب له قضاء الرواتب بعد ذلك، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 23559.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(11/8747)
إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كيف يفعل المصلي عندما يصل إلى المسجد لصلاة الصبح، ولم يصل الفجر، ووجد أن الإمام قد قام إلى الصلاة أو هو في إحدى الركعات فماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن وصل إلى المسجد وقد أقيمت الصلاة، فليدخل مع الإمام في الصلاة، ولا يشتغل بغيرها من النوافل لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. أخرجه مسلم وغيره.
فإن لم يكن صلى سنة الفجر فليصلها بعد الصلاة قضاءً، وذلك لحديث قيس رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقيمت الصلاة فصليت الصبح، ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم فوجدني أصلي، فقال: مهلاً يا قيس أصلاتان معا؟ قلت: يا رسول الله، إني لم أكن ركعت ركعتي الفجر، قال: فلا إذن. أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
ويمكنه أن يؤخر قضاء ركعتي الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس وذهاب حمرتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8748)
من فوائد صلوات النوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهوالفرق بين السنة القبلية والسنة البعدية وأي الصلوات يوجد لها سنة قبلية وأيها له سنة بعدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد شرع الله عز وجل تطوع النوافل لتكون جبراً لما عسى أن يكون قد وقع في الفرائض من نقص، كما ورد ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه: ... فانظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها، فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئًا قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه. رواه أبو داود.
وذكر العلماء أن التطوع في النوافل على قسمين: تطوع مطلق، وتطوع مقيد. وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 2116.
وبناء عليه يتبين للسائل أن المراد بالسنن القبلية والبعدية - الرواتب - التي تصلَّى قبل الفريضة وبعدها.
والفرق بيهما واضح، فالقبلية تشرع قبل الصلاة، والبعدية بعدها، وأما الصلوات التي لها سنن قبلية والتي لها سنن بعدية فهي مبنية في الفتوى المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(11/8749)
من فاتته سنة الفجر متى يؤديها
[السُّؤَالُ]
ـ[صليت بعض النوافل قبل دخول صلاة الفجر، وعندما دخل وقت الصلاة أقيمت صلاة الصبح، وبعد التسليم والدعاء تذكرت أني نسيت صلاة الفجر، فقمت فصليت صلاة الفجر، فهل هذه الصلاة جائزة أم لا؟
جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل الكريم نسي أن يصلي ركعتي الفجر قبل الصلاة (الفريضة) ، ولم يتذكرهما حتى سلم من صلاته، ودخل في الأذكار بعدها، فقام وصلاهما.
فإن كان الأمر كذلك، فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى، لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قيس بن فهد يصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح، فقال له: ما هاتان الركعتان ياقيس؟ قال: قلت: يا رسول الله، لم أكن صليت ركعتي الفجر فهما هاتان، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك بسكوته.
ولكن الأولى أن تتركهما حتى تطلع الشمس، فتصليهما بعد الشروق، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يصل ركعتي الفجر، فليصلهما بعد ما تطلع الشمس" رواه الترمذي، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1423(11/8750)
لا تجزئ صلاة الراتبة عن الاستخارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصلاة بنية أداء سنة الظهر وجمع النية بتحية المسجد والوضوء حيث أنني سمعت أنه يجوز جمع النية لصلاة النافلة أو السنة مع الاستخارة أو الحاجة؟
أرجو منكم التوضيح في هذا الموضوع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحية المسجد تتأدى بالفرض أو النفل، أما غيرها كالرواتب والاستخارة فلا يجزئ بعضها عن بعض، وانظر الفتوى رقم: 11048، ففيها تفصيل لكل جوانب الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1423(11/8751)
الفرق بين الصلاة الرغيبة والرتيبة والنافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة والسلام على المصطفى خير مخلوقات الله أما بعد أرجو أن تتفضلوا بالرد على الاستفسارات التالية وجزاكم الله خيرا:
ما هو الفرق بين الصلاة الرغيبة والرتيبة والنافلة؟
دمتم في حفظ الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنفل لغة الزيادة، والمراد به هنا: ما زاد على الفرض، وهو قسمان:
-قسم فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يداوم عليه، أي كان يتركه في بعض الأحيان، ويفعله في بعض الأحيان، كصلاة الضحى،
وقسم فعله وداوم عليه كالوتر.
وأما الرغيبة فهي لغة: ما حض عليه من فعل الخير، واصطلاحاً: ما رغب فيه الشارع وحده ولم يفعله في جماعة، وإذا أطلق لفظ الرغبة ولم يقيد انصرف إلى الركعتين اللتين تصليان قبل صلاة الصبح، قال عليش: صارت الرغيبة كالعَلَم بالغلبة على ركعتي الفجر.
وهناك صلاة تسمى الرغائب -عند بعض الناس- وهي صلاة بصفة خاصة تفعل أول رجب أو في منتصف شعبان، وهي بدعة منكرة.
قال النووي: (وهاتان الصلاتان بدعتان مذمومتان منكرتان قبيحتان، لا تغتر بذكرهما في كتاب قوت القلوب والإحياء) ا. هـ.
أما الرتيبة: فيقصد بها عند الإطلاق السنن الرواتب من الصلوات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها ويصليها مع الفرائض، وهي عشر ركعات: ركعتان قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر. والأصل في هذا ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح كانت ساعة لا يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها، حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين. متفق عليه.
وأما معناها في اصطلاح الفقهاء فهي السنة التابعة لغيرها أو التي تتوقف على غيرها كالسنن القبلية والبعدية للصلوات المكتوبة ويطلقها بعض الفقهاء على الصلوات المؤقتة بوقت معين غير الفريضة فتدخل فيها صلاة العيدين والضحى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1423(11/8752)
سنة العشاء البعدية سنة مؤكدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل سنة صلاة العشاء مؤكدة؟ وهل تصلى قبل الفرض أم بعده (ليس ما أقصده صلاة الشفع والوتر) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سنة العشاء سنة مؤكدة، كان يواظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي ركعتان بعد صلاة العشاء، لقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح" رواه البخاري.
فيستحب استحباباً مؤكداً المواظبة على هؤلاء الركعات، اقتداء برسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتحصيلاً للأجر العظيم من الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1423(11/8753)
من فاتته الراتبة القبلية فله فعلها بعد الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز في بعض الأحيان أن نؤخر السنة القبلية في الصلاة إلى ما بعد الفرض أو بعد السنة البعدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في السنة القبلية أن تصلى قبل الصلاة، لكن من فاتته لشغل ونحوه، فله فعلها بعد الفريضة، أو بعد الراتبة البعدية، وذلك لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا لم يصل أربعاً قبل الظهر صلاهن بعده. رواه الترمذي.
وكذلك لما رواه ابن ماجه عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الأربع قبل الظهر صلاهن بعد الركعتين بعد الظهر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1423(11/8754)
الأفضل في نوافل الليل والنهارأن تكون مثنى مثنى
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاه قيام الليل هل تؤدى ركعتين ركعتين أربع مرات أو أكثر يليها سنة الوتر أو هل تصلي بالأربع ركعات يليها سنة الوتر، وإن كان كذلك فهل تقرأ الفاتحه في الركعه الثانية والرابعة؟ جزاكم الله ألف خير.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل في صلاة الليل أن تكون مثنى مثنى، ويجوز أربعاً أو أكثر بسلام واحد، وتقرأ الفاتحة في كل ركعة لأنها ركن في كل ركعة، ومن ذلك الركعة الثانية أو الثالثة والرابعة، وسواء كان المصلي إماماً أو مأموماً أو منفرداً على الصحيح من أقوال العلماء، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
26414.
والأفضل أيضاً التسليم من كل ركعتين في نوافل النهار وهو مذهب أكثر العلماء، كما سبق في الفتوى رقم:
13156.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1423(11/8755)
التنفل بين المغرب والعشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل توجد فعلا صلاة تطوع تدعى صلاة الأوابين وهي 6ركعات بعد صلاة المغرب وهي تصلى مثنى مثنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت جملة من الأحاديث ترغب في الصلاة بين المغرب والعشاء، منها ما رواه النسائي بإسناد جيد كما قال المنذري في الترغيب والترهيب من حديث حذيفة رضي الله عنه قال " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب فصلى إلى العشاء ".
قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار: (والآيات والأحاديث المذكورة في الباب تدل على مشروعية الاستكثار من الصلاة ما بين المغرب والعشاء، والأحاديث وإن كان أكثرها ضعيفاً فهي متفقة بمجموعها لا سيما في فضائل الأعمال، قال العراقي: وممن كان يصلي ما بين المغرب والعشاء من الصحابة عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وسلمان الفارسي وابن عمر وابن مالك في ناس من الأنصار، ومن التابعين الأسود بن يزيد وعثمان النهدي وابن أبي مليكة وسعيد بن جبير ومحمد بن المنكدر وأبو حاتم وعبد الله بن سخبرة وعلي بن الحسين وأبو عبد الرحمن الأهبلي وشريح القاضي وعبد الله بن مغفل وغيرهم، ومن الأئمة سفيان الثوري.)
وقد نص الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على استحباب الصلاة بين المغرب والعشاء للآثار والأحاديث المشار إليها، وعدها الحنابلة من قيام الليل، لأن الليل من المغرب إلى طلوع الفجر الثاني، وأطلق جماعة من الفقهاء عليها وعلى صلاة الضحى صلاة الأوابين، ففي مغني المحتاج 1/459.
(ومنها: صلاة الأوابين، وتسمى صلاة الغفلة لغفلة الناس عنها بسبب عشاء أو نوم أو نحو ذلك، وهي عشرون ركعة بين المغرب والعشاء لحديث الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال: " من صلى ست ركعات بين المغرب والعشاء كتبت له عبادة اثنتي عشرة سنة. وقال المارودي: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها ويقول: هذه صلاة الأوابين " ويؤخذ منه ومن خبر الحاكم السابق أن صلاة الأوابين مشتركة بين هذه وصلاة الضحى)
وقال في مجمع الأنهر -حنفي- 1/132 (: والست بعد المغرب تسمى صلاة الأوابين: قال عليه الصلاة والسلام: " من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم بينهن بشيء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة) ". ا. هـ والحديث رواه ابن ماجة وهو ضعيف جداً كما قال الألباني رحمه الله.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1423(11/8756)
هل يحق للمدير منع الموظف من أداء النوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة أعمل بشركة خاصة، وملتزمة والحمدلله، وظروف عملي جيدة، ولكن في الفترة الأخيرة تضايق صاحب الشركة من طول الوقت الذي أقضيه في صلاة الظهر، حيث إنني أصلي النوافل، وكما تعلمون يكون المجموع عشر ركعات
فقال إنه لا يسمح لي سوى بصلاة الفرض فقط، ولن يسامحني إذا صليت النوافل
لا أكتمكم الحق فقد صليت بعد أن حذرني المدير لمدة يومين الظهر مع النوافل بالتحايل، وأنا حاليا في فترة حيض
أرجو منكم أن تسرعوا في الرد علي،
وأقبل أي حل منكم مهما كان، ولكن لا تطلبوا مني أن أنقطع عن النوافل، لأنه أصبح من الصعب أن أترك سنة حبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
وهل أعتبر خائنة لأمانة الشركة وعلي إثم إذا صليت بدون إذن.هذا مايشغلني
أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاً يجب عليك أن تتحري أن يكون عملك منضبطاً بضوابط الشرع، خالياً من المحاذير والمخالفات الشرعية.
وحيث إن مدير العمل لا يسمح لك إلا بصلاة الفرض، فلا يجوز لك التأخر عن العمل لصلاة النوافل لأن وفاءك بعقد العمل واجب، وصلاة السنن نافلة، وإذا تعارض الواجب مع النافلة قدم الواجب.
لكن ينبغي لك أن توضحي له أمرك، وتطلبي منه السماح بالتأخر بعض الوقت الذي لا يستغرق سوى دقائق لأداء الصلاة مع نوافلها. وحاولي أن لا تطيلي الصلاة بحيث تتأخرين وقتاً طويلاً،.
وإن لم يرض فأنت بالخيار بين الالتزام بهذا الأمر وترك العمل، أو تأخير النوافل إلى البيت إن أمكن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1423(11/8757)
مواضع السنن المؤكدة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كم عدد سنن الصلاة المؤكدة الواردة في الأحاديث الصحيحة لكل فرض من فروض الصلاة عن الرسول عليه الصلاة والسلام.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنن المؤكدة يمكن إجمالها في ستة مواضع:
1- الوتر: لقوله صلى الله عليه وسلم " أو تروا يأهل القرآن، فإن الله وتر يحب الوتر " رواه أحمد وأصحاب السنن. والوتر هو آكدها.
2- ركعتا الفجر: لقوله صلى الله عليه وسلم " لا تدعوهما ولو طاردتكم الخيل " رواه أبو داود.
3- ركعتان قبل الظهر: قال ابن عمر رضي الله عنهما " حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: قبل الظهر ركعتين وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب في بيته وركعتين بعد العشاء في بيته وركعتين قبل الصبح، كانت ساعة لا يُدْخَل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها، حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين " رواه البخاري ومسلم.
4- ركعتان بعد الظهر لحديث ابن عمر المذكور.
5- ركعتان بعد المغرب: لحديث ابن عمر المذكور.
6- ركعتان بعد العشاء للحديث المذكور.
وفي صحيح مسلم عن أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم واحد وليلة بني له بيت في الجنة " وقد وردت هذه الركعات مفصلة في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتاً في الجنة أربع ركعات قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر " رواه الترمذي وقال حديث غريب صحيح وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1423(11/8758)
راتبة العصر قبل الصلاة لا بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل توجد سنة بعد صلاة العصر، لأنني قد سمعت أنه توجد سنة بعد صلاة العصر، والرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يصليها ركعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من السنة أن تكون النوافل قبل صلاة العصر لا بعدها، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس. رواه البخاري ومسلم.
وراتبة العصر تكون قبلها وتكون بركعتين، كما في حديث أم حبيبة من رواية النسائي.
وقيل: أربعاً كما في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً. رواه أحمد والترمذي.
أما بعد العصر فلا تشرع النافلة.
وأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعدها، فهو قضاء لسنة الظهر، كما في الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: فإنه أتاني ناس من بني عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1423(11/8759)
الأحرى بالمسلم المحافظة على السنة الراتبة والنافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[مالفرق بين الصلوات المسنونة وبالأخص صلاة الضحى وصلاة العشاء ما الفرق بينهما؟ ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة العشاء فرض يأثم من تركها بغير عذر إثماً كبيراً باتفاق المسلمين، أما سنة العشاء القبلية والبعدية فهي من السنن الرواتب التابعة للصلوات، وكذلك سنة الضحى من السنن النوافل، ومن ترك صلاة راتبة أو نافلة فلا يأثم بذلك، وإن كان الأحرى بالمسلم أن لا يدعها.
ولمعرفة ما هي السنن الرواتب والنوافل فانظر الفتوى رقم:
2116 - والفتوى رقم: 26032.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(11/8760)
من فاتته سنة الفجر يؤديها بعد الصلاة أو بعد طلوع الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من دخل المسجد لصلاة الفجر ولا يدري هل دخل وقت الفجر أم لا وصلى ركعتين بنية تحية المسجد ثم دخل الإمام وأقيمت صلاة الصبح، ولم ينو سنة الفجر أم لا، هل تكفيه تحية المسجد عن السنة الراتبة؟ أم يقضي السنة بعد صلاة الفجر أم بعد طلوع الشمس وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن دخل المسجد، وصلى تحية المسجد، ثم قامت الجماعة دون أن يصلي راتبة الفجر، فليصلها بعد الفريضة، وهذا وقتها إن شاء الله تعالى، لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قيس بن فهد وهو يصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح، فقال له: (ما هاتان الركعتان يا قيس؟ قال: قلت: يا رسول الله، لم أكن صليت ركعتي الفجر، فهما هاتان، فأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم) لكن الأولى أن تترك حتى تطلع الشمس فتصلى بعد الشروق حتى ترتفع الشمس قيد رمح لقوله صلى الله عليه وسلم (من لم يصل ركعتي الفجر، فليصلهما بعد ما تطلع الشمس رواه الترمذي وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1423(11/8761)
صلاة الليل مثنى مثنى
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي في الثلث الأخير من الليل عددا من الركعات أكثر من أربعة متصلة، وأقرأ فيها الفاتحة وسوراً من القرآن بتشهد واحد في نهاية الصلاة، فهل هذه الصلاة صحيحة؟ وهل صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مثل هذه الصلاة؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء رحمهم الله في كيفية التطوع بالليل:
فذهب قوم إلى أن التطوع بالليل مثنى، مثنى. وهذا قول جمهور العلماء، واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: إن شئت ركعتين وإن شئت أربعا وإن شئت ستا وإن شئت ثمانيا، واستدل بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً.
والذي يظهر أن السنة في صلاة الليل إنما هي مثنى مثنى، وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها: صلاة الليل مثنى مثنى. وعنها رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ما بين أن يفرغ من العشاء إلى الفجر إحدى عشر ركعة يسلم من كل ركعتين. رواه أبو داود وإسناده على شرط الشيخين كما قال الحافظ.
وأما حديث عائشة الآخر: يصلي أربعاً لا تسأل عن حسنهن وطولهن...... فهو مبين بحديثها الآخر "صلاة الليل مثنى مثنى" إذ إنها ذكرت أربعاً ولم تذكر السلام، وقد ذكرته في الأحاديث الأخرى. وتراجع الفتوى رقم:
ومع أن هذا هو الأكمل والأفضل فلا شك في مشروعية ما كان يفعله السائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1423(11/8762)
ركعتا دخول الزوج على زوجته سرا أم جهرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة حلق شعر الرحم؟
عند دخول الزوج على زوجته يصلي الزوج ومعه زوجته ركعتين هل الركعتان سريتان أم جهريتان وما هو الدعاء؟
وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيندب للمرأة والرجل حلق شعر العانة، ولا يترك أكثر من أربعين يوماً كما في الفتوى رقم: 3609
ويسن للرجل إذا دخل على زوجته أن يصليا ركعتين وليأخذ بناصيتها بعد ذلك ويسأل الله خيرها، ويستعيذ به من شرها، كما في الفتوى رقم:
10267 والركعتان تصليان جهراً إذا صليتا ليلاً وسراً إذا صليتا نهاراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1423(11/8763)
أنواع ومراتب السنن والنوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما الفرق بين الرواتب والنوافل والسنن؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النوافل هي ما سوى الفرائض، وتنقسم إلى قسمين:
- نوافل تابعة للفرائض، وتسمى بالرواتب، وهي نوعان:
-مؤكدات، وهي اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.
-وغير المؤكدات: أربع قبل العصر، وركعتان قبل المغرب، وركعتان قبل العشاء.
أما النوافل غير الرواتب، فهي كثيرة منها: الوتر، وصلاة الضحى، وهناك نوع من النوافل يسميه بعض العلماء سنناً مؤكدة: كالعيدين، وصلاة الاستسقاء، وصلاة الكسوف.
وهناك نوافل مطلقة غير مقيدة بعدد، وهي تصلى في أي وقت باستثناء أوقات الكراهة.
وبهذا يعلم السائل أن الرواتب، والسنن تشملها اسم النافلة، وأن الرواتب أخص من السنن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(11/8764)
لا تصح صلاة سنة العشاء والوتر بنية واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن إمكانية صلاة النافلة بنيتين، مثل صلاة ركعتين بنية سنة العشاء وسنة الوتر
ملاحظة:أرجو الإجابة على المذهب الشافعي، ولكم جزيل الشكر، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تصح صلاة سنة العشاء وسنة الوتر بنية واحدة، لأن كلاً منهما عبادة مستقلة مقصودة لذاتها، قال الشهاب الرملي وهو شافعي في نهاية المحتاج وهو يتحدث عن حكم الجمع بين خطبتي الجمعة والكسوف لو اجتمعا: لو قصدهما معاً بالخطبتين جاز لأنهما سنتان والقصد منهما واحد. لا يقال السنة حيث لم تتداخل لا يصح نيتها مع سنة مثلها، ولهذا لو نوى بركعتين: الضحى وقضاء سنة الصبح لم تنعقد صلاته لأننا نقول الخطبتان تابعتان للمقصود فلا تضر نيتهما بخلاف الصلاة.
ومن تأمل كلام الرملي تبين له أنه لا يصح صلاة نفل مستقل مقصود لذاته مع نفل مثله بنية واحدة، ولكنه بين أن نية الخطبتين معاً ليس من هذا القبيل، وهكذا سقوط تحية المسجد عمن صلى فريضة أو راتبة قبل أن يجلس لأن المقصود هو عدم الجلوس إلا بعد الصلاة، وقد حصلت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(11/8765)
أقوال الفقهاء فيمن فاتته ركعتا الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة ركعتي الفجر من ذوات الأسباب أي إذا لم يصلها قبل الفجر- لعذر- جاز له أن يصليها قبل طلوع الشمس مع ما في هذا الوقت من المنع وأدلة القائلين بالرأيين - دام فضلكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة الفائتة من ذوات الأسباب عند من يقول بجواز فعل ذوات الأسباب وقت النهي وهم الشافعية.
ومن فاتته ركعتا الفجر جاز له أن يصليها بعد صلاة الصبح، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، وإن كان الحنابلة لا يقولون بجواز ذوات الأسباب كقول الشافعية، ولكن الحجة على جواز قضاء ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح عندهم ما رواه البيهقي وغيره عن قيس بن سعد قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح، فقال: ما هاتان الركعتان يا قيس؟ فقلت: يا رسول الله لم أكن صليت ركعتي الفجر، فهما هاتان الركعتان، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر، وهذه في معناها.
وذهب الحنفية إلى أنه لا يقضيها قبل طلوع الشمس؛ لأنه يبقى نفلاً مطلقًا، إذ السنة ما أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت أنه أداها في غير الوقت على الانفراد، وإنما قضاهما تبعًا للفرض، والنفل المطلق مكروه بعد الصبح، ولا يقضيهما بعد طلوع الشمس أيضًا عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وخالفهما محمد بن الحسن فقال: يقضيهما بعد طلوع الشمس، وهذا - أي قضاؤها بعد طلوع الشمس - هو مذهب المالكية، وحجتهم على المنع من قضائها قبل طلوع الشمس عموم النهي، ويدل على مشروعية القضاء بعد طلوع الشمس قوله صلى الله عليه وسلم (من لم يصل ركعتي الفجر، فليصلهما بعد ما تطلع الشمس) رواه الترمذي وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1423(11/8766)
فعل السنن الرواتب في السفر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصلي المسافر جميع السنن والرواتب التي كان يصليها في بلد إقامته. أرجو الإفادة لأني سأسافر قريباً إن شاء الله؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه يستحب للمسافر أن يصلي النوافل في سفره، من دون فرق بين الرواتب وغيرها.
قال النووي رحمه الله في المجموع: (قال أصحابنا: يستحب صلاة النوافل في السفر، سواء الرواتب مع الفرائض وغيرها. هذا مذهبنا ومذهب القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن ومالك وجماهير العلماء. قال الترمذي: وبه قالت طائفة من الصحابة وأحمد وإسحاق وأكثر أهل العلم. قال: وقالت طائفة: لا يصلي الرواتب في السفر، وهو مذهب ابن عمر ثبت عنه في الصحيحين، فروى حفص بن عاصم: صحبت ابن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلس وجلسنا معه فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى فرأى ناسا قياما فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلنا: يسبحون فقال: لو كنت مسبحا أتممت صلاتي. يا ابن أخي إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر رضي الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر رضي الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عثمان رضي الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} رواه البخاري ومسلم، وهذا اللفظ إحدى روايات مسلم وفي رواية لهما: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد على ركعتين في السفر. فهذا حجة ابن عمر ومن وافقه.
وأما حجة أصحابنا والجمهور فأحاديث كثيرة، منها الأحاديث الصحيحة الشائعة في باب استقبال القبلة وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي النوافل على راحلته في السفر حيث توجهت به. وعن أبي قتادة حديثه السابق في باب صلاة التطوع أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فناموا عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فساروا حتى ارتفعت الشمس، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم. رواه مسلم، فهاتان الركعتان سنة الصبح وهما مراد البخاري بقوله في صحيحه: ركع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتي الفجر في السفر.
وعن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم " صلى يوم فتح مكة في بيتها ثماني ركعات، وذلك ضحى" رواه البخاري ومسلم، وفي رواية صحيحة: سبحة الضحى، وسبق بيانها في باب التطوع.
واحتج بها البخاري والبيهقي وغيرهما في المسألة.
وعن البراء بن عازب قال: " صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة سفرة فما رأيته ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر" رواه أبو داود والترمذي وقال: رأى البخاري هذا الحديث حسنا.
وعن الحجاج بن أرطاة عن عطية العوفي عن ابن عمر قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر في السفر ركعتين وبعدها ركعتين " رواه الترمذي وقال: حديث حسن. ثم رواه من رواية محمد بن أبي ليلى عن عطية ونافع وقال: هو أيضا حسن. قال: وقال البخاري: ما روى ابن أبي ليلى حديثا أعجب إلي من هذا الحديث. هذا كلام الترمذي، وعطية والحجاج وابن أبي ليلى كلهم ضعيف، وقد حكم بأنه حسن، فلعله اعتضد عنده بشيء. وأما رواية ابن عمر الأولى في نفي الزيادة فالإثبات مقدم عليها، ولعله كان في بعض الأوقات والله أعلم) انتهى كلام النووي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(11/8767)
الأفضل في صلاة السنة أربعا. أن تكون بتسليمتين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
سؤالي هو هل يجوز صلاة أربع ركعات سنة الظهر القبلية مع بعضها على المذهب الشافعي وجزاكم الله كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز صلاة راتبة الظهر القبلية أربع ركعات بسلام واحد في مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، والمستحب في المذهب صلاة كل ركعتين بسلام، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: (إذا صلى أربعاً قبل الظهر أو بعدها أو قبل العصر يستحب أن يكون بتسليمتين، وتجوز بتسليمة بتشهد وبتشهدين) .
ودليل الأفضلية ما رواه الدارمي وابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما وأبو داود وصححه الألباني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1423(11/8768)
ركعتا الفجر تشرعان بعد أذان الفجر الصادق
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو وقت صلاة نافلة الفجر؟ هل هو قبل أم بعد أذان الفجر؟ جزاكم الله خيراً.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ركعتي الفجر هما من السنن المؤكدة التي ينبغي للمسلم المحافظة عليها، وعدم تركها؛ لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هما أحب إليَّ من الدنيا وما فيها. رواه مسلم.
وفي البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد معاهدة من الركعتين قبل الصبح) .
ويستحب تخفيفهما والقراءة في الأولى بالفاتحة والكافرون، وفي الثانية بالفاتحة والإخلاص.
أما فيما يتعلق بوقت صلاتهما، فإنه يكون بعد أذان الفجر الصادق، وهو الوقت الذي يشرع أن تؤدى فيه صلاة الصبح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(11/8769)
صلاة سنة الفجر في البيت أفضل أم في المسجد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[المشايخ الكرام ـ حفظكم الله ـ
أيها أقرب إلى السنة أو عهد الصحابة والتابعين، أداء سنة الفجر في المسجد أم في البيت، وإن كان ورد صحة الاثنين فأيهما الأفضل أو أقرب للسنة مع الدليل الثابت من سنته صلى الله عليه وسلم. وجزاكم الله خير الجزاء في الدنيا والآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة هي صلاة ركعتي سنة الفجر في البيت، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة". متفق عليه
وهذا هو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين وغيرهما، ومع هذا فإنها تجوز صلاتها في المسجد، لكن الأفضل ما ذكرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(11/8770)
سنة الفجر ... وقتها ... ركعاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[متى تصلى سنة الفجر هل قبل الأذان أم بعد الأذان وقبل أن أصلي الفجر وإذا فاتني الفجر متى أصليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسنة الفجر ركعتان تصليان قبل صلاة الفرض، ويبدأ وقتهما بدخول وقت الفجر.
ومن صلاهما قبل دخول وقت الفجر لم تجزئاه، ومعرفة دخول وقت الفجر تكون برؤية الفجر الصادق، فإن لم يكن عندك معرفة بذلك أو سماع الأذان الثاني، لأن المؤذن مؤتمن على أوقات الصلاة، وأذانه معتبر في دخول وقت الصلاة، ومن فاتته صلاة الفجر فليصلها حين يذكرها مباشرة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 5251.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1423(11/8771)
الصلاة عند الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد النهي عن صلاة التطوع في ثلاثة أوقات كما روى مسلم من حديث عقبة بن عامر قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة، وحين ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضَيّف الشمس للغروب حتى تغرب".
وكذلك ورد النهي عن صلاة التطوع وقت الإقامة للمكتوبة، كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه.
هذا بالنسبة لصلاة التطوع، أما الفريضة فتصلى في كل وقت من ليل أو نهار إذا فات وقتها الأصلي.
وأما وقت الأذان فلم يرد فيه نهي -حسب اطلاعنا- وإن كان الأفضل أن يأتي المسلم بأذكار الأذان في وقتها، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن " وقال صلى الله عليه وسلم: " من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة" رواه البخاري.
ولهذا فقد نص بعض الفقهاء من المالكية والحنابلة على كراهة استئناف النافلة وقت الأذان، قال في مختصر خليل المالكي: (وكره تنفل إمام قبلها، أو جالس عند الأذان) ا. هـ.
وقال ابن قدامة -وهو حنبلي -:قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن الرجل يقوم حين يسمع المؤذن مبادراً يركع؟ فقال: يستحب له أن يكون ركوعه بعدما يفرغ المؤذن أو يقرب من الفراغ، لأنه يقال إن الشيطان ينفر حين يسمع الأذان، فلا ينبغي أن يبادر بالقيام، وإن دخل المسجد فسمع المؤذن استحب له انتظاره ليفرغ، ويقول مثل ما يقول جمعاً بين الفضيلتين، وإن لم يقل كقوله وافتتح الصلاة فلا بأس، نص عليه أحمد. انتهى كلام ابن قدامة في المغني.
فيتحصل من مجموع كلام الفقهاء هنا أن الأولى عدم ابنداء النافلة وقت الأذان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1423(11/8772)
التطوع بأربع ركعات متصلة بتشهد واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم هل يجوز صلاة أربع ركعات متواصلة بدون تشهد في أثناء النهار، وبالتحديد قبل وبعد صلاة الظهر، والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور العلماء على أن الأفضل هو أن تصلى نوافل الليل والنهار ركعتين ركعتين، وإن تطوع في النهار بأربع بسلام واحد فلا بأس،
وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
13156
ومن صلى أربعاً متصلة جاز له الاقتصار على التشهد الأخير، وإن أتى بتشهدين كان أولى.
وإن صلى بتشهد واحد قرأ السورة مع الفاتحة في جميع الركعات، وإن أتى بتشهدين قرأ السورة في الأوليين فقط.
والقول بالاقتصار على تشهد واحد صرح به الشافعية والحنابلة، وهو مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف خلافاً لمحمد وزفر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(11/8773)
صلاة النافلة في البيت عند إقامة الصلاة في المسجد..
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز للمصلي في البيت صلاة النوافل عند إقامة الصلوات المفروضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة".
قال النووي في شرح مسلم: فيه النهي الصريح عن افتتاح نافلة بعد إقامة الصلاة سواء كانت راتبة كسنة الصبح والظهر والعصر أو غيرها. وهذا مذهب الشافعي والجمهور. انتهى
وعليه فلا يصلح أن تفتتح نافلة بعد إقامة الصلاة سواء كان ذلك في البيت أو غيره، إلا من كان معذوراً عن حضور صلاة الجماعة، فإنه لا بأس في أن يصلي ما شاء من النوافل عند إقامة الصلاة وبعد ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1423(11/8774)
ما يشرع فعله لمن فاتته سنة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[- إذا فاتتني السنة القبلية للظهر فهل يجوز لي أن أصليها بعد الفريضة؟ وأيضا بالنسبة لصلاة العشاء أو الفجر؟
2- وما هي السنن المؤكدة قبل وبعد كل صلاة؟
3- وكيف أصلي صلاة الوتر؟ أريد الموضوع بالتفصيل وبالأدله؟
4- إذا فاتتني صلاة العصر وأذن لصلاة المغرب، فهل أصلي العصر أولاً أم أصلي المغرب؟
5- شاركت في شراء دش ديجتل مع مجموعة من الشباب لمشاهدة القنوات الخليعة، ولكنني والحمد لله تبت إلى الله ولم أعد أشاهد معهم الدش ولكني أحس اني أتحمل الإثم معهم؟ فما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
1- فمن فانته سنة الظهر القبلية فإنه يشرع له أن يصليها بعد ركعتي السنة البعدية، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الأربع قبل الظهر صلاها بعد الركعتين بعد الظهر. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
وكذلك من فاتته سنة الفجر يشرع له أن يصليها بعد الصلاة، فإن شاء صلاها بعدها مباشرة لحديث قيس بن عمرو رضي الله عنه قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصلاة الصبح مرتين؟ فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما فصليتهما الآن، قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط.
وإن شاء انتظر حتى تشرق الشمس وتذهب حمرتها ثم صلاها، وكذلك سائر السنن الرواتب يجوز قضاؤها، قال الشيرازي في المهذب -وهو شافعي-: ومن فاته من هذه السنن الراتبة شيء في وقته ففيه قولان: أحدهما: لا تقضى لأنها صلاة نفل فلم تقض كصلاة الكسوف والاستسقاء، والثاني: تقضى لقوله صلى الله عليه وسلم: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها. ولأنها صلاة راتبة في وقت فلم تسقط بفوات الوقت إلى غير بدل كالفرائض بخلاف الكسوف والاستسقاء، لأنها غير راتبة، وإنما تفعل لعارض فقد زال العارض.
وقال النووي في شرحه -المجموع-: "فرع" ذكرنا أن الصحيح عندنا استحباب قضاء النوافل الراتبة، وبه قال محمد والمزني وأحمد في رواية عنه، وقال أبو حنيفة ومالك وأبو يوسف في أشهر الرواية عنهم لا يقضي. انتهى
2- فلمعرفة السنن المؤكدة، وغير المؤكدة راجع الفتوى رقم:
2116.
3- فلمعرفة كيفية صلاة الوتر راجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية:
1313
2165
896.
4- فعليك أن تصلي العصر قبل المغرب لأن الترتيب واجب على الصحيح وراجع الفتويين التاليتين:
7065.
5- فهنيئاً لك أخي السائل أن تبت إلى الله فإن الله يحب التوابين، ونصيحتنا لك أن تجتهد في نصيحة هؤلاء الشباب حتى يتوبوا إلى الله تعالى ويقلعوا عن مشاهدة تلك القنوات الخليعة، ولكن حذار من أن يجروك إليهم مرة أخرى، لذا عليك أن تتسلح بسلاح العلم الشرعي حتى تخرج من هذا المعترك منتصراً بإذن الله على إبليس وحزبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1423(11/8775)
أقسام النوافل ... وأوقات النهي عن صلاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الأوقات التي تشرع فيها النوافل؟ وماهي الرواتب؟
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النوافل فإنها تشرع في جميع الأوقات باستثناء أوقات النهي وهي: من بعد طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، وعند استوائها في السماء حتى تزول، وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس.
والأصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس". وأخرجه مسلم من حديث عقبة بن عامر قال: "ثلاث ساعات كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أوان نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب".
هذا.. وقد قسم العلماء النوافل إلى أقسام وذكروا منها الرواتب، وهي النوافل المصاحبة للفرائض، وهي على قسمين:
-مؤكدات وهي: اثنتا عشرة ركعة ذكرت في حديث أم حبيبة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة: أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد صلاة العشاء وركعتين قبل صلاة الفجر". رواه الترمذي ورواه مسلم مختصراً.
-وأما الرواتب غير المؤكدة فهي: أربع قبل العصر وركعتان قبل المغرب وركعتان قبل العشاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(11/8776)
صلاة النافلة في البيت أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة النافلة في البيت؟ وهل هناك أستطيع أن أصلي جميع النوافل في البيت؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة النافلة في البيت أفضل منها في المسجد، وللمرء أن يصلي جميع النوافل في البيت بل هو الأحسن، وللتفاصيل راجع الفتوى رقم:
15945.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(11/8777)
النوافل ... معناها ... وثمرتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالنوافل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النافلة في اللغة: مطلق الزيادة، وفي الشرع: كل ما زاد على الفرض فهو نافلة، ويسمى تطوعاً وسنة.... سواء كان ذلك في الصلاة أو الزكاة أو الصوم..... قال تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً [الإسراء:79] .
وقد شرع الله تعالى النوافل لتكون جبرا لما وقع من نقص وخلل في الفرائض، وقربة ينال بها صاحبها محبة الله تعالى....
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْه، ِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِه، ِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّه"ُ....... رواه البخاري عن أبي هريرة.
قال صلى الله عليه وسلم: "إنّ أوّلَ مَا يُحَاسَبُ النّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أعْمَالِهِمْ الصّلاَةُ، قال يقولُ رَبّنَا عَزّوَجَلّ لِمَلاَئِكَتِهِ وَهُوَ أعْلَمُ: انْظُرُا في صَلاَةِ عَبْدِي أتَمّهَا أمْ نَقَصَهَا؟ فإنْ كَانَتْ تَامّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامّةً، وَإنْ كَانَ انتَقَصَ مِنْها شَيْئاً. قال: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِيَ مِنْ تَطَوّعٍ؟ فإنْ كَانَ لَهُ تَطَوّعٌ قال: أتِمّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوّعِهِ، ثُمّ تُؤْخَذُ الأعْمَالُ عَلَى ذَاكَ". رواه أبو داود.
والحاصل: أن المقصود بالنوافل هو ما زاد على الفرائض، وأن الله تعالى شرعها لصالح عباده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1423(11/8778)
لا تطوع بعد الصبح إلا بركعتين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله:
حينما أستيقظ باكراً لأداء فريضة صلاة الصبح،
هل يجوز لي أن أتنفل قبل أدائها بأكثر من ركعتين؟
بارك الله فيكم، وجزاكم عنا بكل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة عدم التنفل بعد أذان الفجر الثاني، لما رواه أحمد وأبو داود عن يسار مولى ابن عمر قال: رآني ابن عمر وأنا أصلي بعد ما طلع الفجر، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علينا ونحن نصلي هذه الساعة فقال: " ليبلغ شاهدكم غائبكم أن لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتين " وروى البيهقي عن سعيد بن المسيب رحمه الله أنه رأى رجلاً يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يكثر فيهما الركوع والسجود فنهاه، فقال: يا أبا محمد يعذبني الله على الصلاة؟ قال: لا، ولكن يعذبك الله على خلاف السنة.
وعليه فينبغي لك الاقتصار على ركعتي سنة الفجر.
واعلم أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1423(11/8779)
أدلة الفصل بين الفريضة والنافلة، وصلاتها في موضع آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أود الاستفسار عن صلاة النوافل، وهل نفصل بينها وبين الفريضة بوقت طويل، يعني هل يجوز صلاتها قبل أو بعد الفريضة مباشرة؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب للمصلي أن يفصل بين الفريضة والنافلة بكلام أو انتقال إلى مكان آخر، وأفضله الانتقال لصلاتها في البيت إذا كانت بعدية، أو صلاتها في البيت ثم الإتيان للمسجد لصلاة الفريضة إن كانت قبلية، لأن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة، كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ودليل الفصل المذكور ما رواه مسلم في صحيحه عن عمر بن عطاء بن أبي الخوار أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن أخت نمر يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة؟ "فَقَالَ: نَعَمْ. صَلّيْتُ مَعَهُ الْجُمُعَةَ فِي الْمَقْصُورَةِ. فَلمّا سَلّمَ الاْمَامُ قُمْتُ فِي مَقَامِي. فَصَلّيْتُ. فَلَمّا دَخَلَ أَرْسَلَ إِلَيّ فَقَالَ: لاَ تَعُدْ لِمَا فَعَلْتَ. إِذَا صَلّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلاَ تَصِلْهَا بِصَلاَةٍ حَتّىَ تَكَلّمَ أَوْ تَخْرُجَ. فَإِنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا بِذَلِكَ. أَنْ لاَ تُوصَلَ صَلاَةٌ بِصَلاَةٍ حَتّىَ نَتَكَلّمَ أَوْ نَخْرُجَ".
قال الإمام النووي رحمه الله: (فيه دليل لما قاله أصحابنا أن النافلة الراتبة وغيرها يستحب أن يتحول لها عن موضع الفريضة إلى موضع آخر، وأفضله التحول إلى البيت، وإلا فموضع آخر من المسجد أو غيره ليكثر مواضع سجوده، ولتنفصل صورة النافلة عن صورة الفريضة. وقوله "حتى نتكلم" دليل على أن الفصل بينهما يحصل بالكلام أيضاً ولكن بالانتقال أفضل لما ذكرناه. والله أعلم) . انتهى ...
وروى أبو داود وابن ماجه واللفظ له عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله. يعني: السبحة.
أي صلاة النافلة بعد الفريضة) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: رحمه الله (والسنة أن يفصل بين الفرض والنفل في الجمعة وغيرها، كما ثبت عنه في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن توصل صلاة بصلاة حتى يفصل بينهما بقيام أو كلام، فلا يفعل ما يفعله كثير من الناس يصل السلام بركعتي السنة، فإن هذا ركوب لنهي النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا من الحكمة التمييز بين الفرض وغير الفرض، كما يميز بين العبادة وغير العبادة، ولهذا استحب تعجيل الفطور، وتأخير السحور، والأكل يوم الفطر قبل الصلاة، ونهي عن استقبال رمضان بيوم أو يومين، فهذا كله للفصل بين المأمور به من الصيام وغير المأمور به، والفصل بين العبادة وغيرها، وهكذا تتمييز الجمعة التي أوجبها الله من غيرها.) انتهى
فعلَّة الفصل بين الفريضة والنافلة تمييز إحداهما عن الأخرى، وعلة أخرى تشترك فيها صلاة النافلة مع الفريضة وصلاة الفريضة مع الفريضة والنافلة، مع النافلة وهي: تكثير مواضع السجود لأجل أن تشهد له يوم القيامة، كما سبق في كلام الإمام النووي.
وقال الرملي في نهاية المحتاج: (ويسن أن ينتقل للنفل أو الفرض من موضع فرضه أو نفله إلى غيره تكثيراً لمواضع السجود فإنها تشهد له، ولما فيه من إحياء البقاع بالعبادة، فإن لم ينتقل إلى موضع آخر فصل بكلام إنسان) .
وقال مجد الدين أبو البركات بن تيمية في منتقى الأخبار: (باب استحباب التطوع في غير موضع المكتوبة) .
عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يصلي الإمام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه. رواه ابن ماجه وأبو داود.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله. رواه أحمد وأبو داود ورواه ابن ماجه وقالا: يعني في السبحة.
قال الشوكاني في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار: (والحديثان يدلان على مشروعية انتقال المصلي عن مصلاه الذي صلى فيه لكل صلاة يفتتحها من أفراد النوافل. أما الإمام فبنص الحديث الأول وبعموم الثاني، وأما المؤتم والمنفرد فبعموم الحديث الثاني وبالقياس على الإمام. والعلة في ذلك تكثير مواضع العبادة كما قال البخاري والبغوي لأن مواضع السجود تشهد له، كما في قوله تعالى: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا [الزلزلة:4] .
أي تخبر بما عمل عليها، وورد في تفسير قوله تعالى: فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْض [لدخان:29] .
أن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء، وهذه العلة تقتضي أيضاً أن ينتقل إلى الفرض من موضع نفله، وأن ينتقل لكل صلاة يفتتحها من أفراد النوافل، فإن لم ينتقل فينبغي أن يفصل بالكلام، لحديث النهي عن أن توصل صلاة بصلاة حتى يتكلم المصلي أو يخرج، أخرجه مسلم وأبو داود) . . انتهى
وذهبت طائفة من العلماء إلى أنه لا ينتقل لضعف الأحاديث الواردة في ذلك، قال الإمام البخاري في صحيحه: باب مكث الإمام في مصلاة بعد السلام: وقال لنا آدم: حدثنا شعبة عن أيوب عن نافع قال: كان ابن عمر يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفريضة وفعله القاسم ويذكر عن أبي هريرة رفعه: لا يتطوع الإمام في مكانه، ولم يصح. انتهى
وروى ابن أبي شيبة عن عبيد الله بن عمر قال: رأيت القاسم وسالماً -تابعيان- يصلينان الفريضة ثم يتطوعان في مكانهما.
والقول الأول هو الراجح لقوة أدلته كما رأيت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1423(11/8780)
محل قضاء صلاة ركعتي الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصح صلاة الصبح بعدصلاة الفجر مباشرة؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على مشروعية قضاء صلاة ركعتي الفجر ولكنهم اختلفوا في تعيين الوقت، حيث ذهبت طائفة إلى أنه يجوز قضاؤهما بعد صلاة الصبح مباشرة، وروي هذا عن عطاء وابن جريح والشافعي ورواية عند أحمد. والحجة عندهم في هذا ما روي عن عن قَيْسِ بنِ عَمْرٍو قال: "رَأَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يُصَلّي بَعْدَ صَلاَةِ الصّبْحِ ركْعَتَيْنِ، فَقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: صلاةُ الصّبْحِ رَكْعَتَانِ. فَقالَ الرّجُلُ: إِنّي لَمْ أَكُنْ صَلّيْتُ الرّكْعَتَيْنِ اللّتَيْنِ قَبْلَهُمَا فَصَلّيْتُهُمَا الاَنَ، فَسَكَتَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم". رواه الإمام أحمد وأبو داود. وذهب المالكية وأصحاب الرأي وهو اختيار الإمام أحمد إلى أن وقت قضائهما بعد طلوع الشمس، ودليل هؤلاء ما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس " صحح هذا الحديث الألباني.
وبناء على هذا فلا حرج على السائل أن يصلي ركعتي الفجر في أي من الوقتين؛ إلا أن الأولى هو أن يصليهما بعد ما تطلع الشمس، كما كان ابن عمر يقضيهما من الضحى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1423(11/8781)
الوضوء شرط للفرائض والنوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب الوضوء للنوافل والسنن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى يقول في محكم كتابه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6] .
وقال صلى الله عليه وسلم: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء..... رواه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: مفتاح الصلاة الوضوء ... رواه أبو داود والترمذي.
فكل صلاة لا بد فيها من الوضوء سواء كانت فرضاً أونفلاً، إلا إذا كان الشخص مريضاً يضره استعمال الماء أو فاقداً له، ففي هذه الحالة يستعمل التراب بدلاً من الماء فيتيمم.
وهذا كله ثابت باتفاق العلماء وبنصوص الكتاب والسنة.
وقد اختلفوا في سجود التلاوة هل يشترط فيه ما يشترط للصلاة؟ فذهب الجمهور إلى اشتراطه.
واختلفوا كذلك في سجود الشكر هل تجب له الطهارة؟ والصحيح أنها لا تجب له.
والحاصل أن نوافل الصلاة وسننها تجب لها الطهارة، وسائر ما يجب لفرائض الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1423(11/8782)
سنة الوضوء..فضلها..ركعاتها..وأوقات أدائها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية صلاة السنة التي سمع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قرع نعلي بلال رضي الله عنه في الجنه, وكيف إن أراد أحد أن يؤديها في المسجد هل تنوب عن سنة المسجد, وهل تؤدى في أوقالت النهي أم تؤخر؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت بذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين،: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دَفَّ نعليك بين يدي في الجنة.؟ قال: ما عملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهوراً في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي.
وهذه الصلاة تسمى سنة الوضوء، وهي غير محددة بعدد أو قراءة معينة، بل يصلي المسلم منها ما شاء.
وتجزئ هذه الصلاة عن تحية المسجد لمن دخل المسجد، لأنها يتحقق بها المقصود، وكذا يجوز أداؤها في أوقات النهي كغيرها من ذوات الأسباب، ولمزيد من التفصيل راجع الفتوى رقم:
11048 والفتوى رقم: 13512.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(11/8783)
مشروعية الاضطجاع للفصل بين السنة والفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أود الاستفسار عن كيفية صلاة الصبح
هل تؤدى بعد ركعتي الفجر مباشرة؟
... وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن ركع ركعتي الفجر استُحب له أن يفصل بينهما وبين صلاة الصبح بفاصل كالكلام والاضطجاع إن كان في البيت، -ونحو ذلك- مما يُعد فصلاً بين النافلة والفريضة، وفي الحديث عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن. وفي رواية: "كان إذا صلى سنة الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة" رواه البخاري.
فدل الحديث على مشروعية الاضطجاع ونحوه للفصل بين السنة والفريضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(11/8784)
صلاة سنة الفجر في البيت جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أصلي رغيبة الفجر في البيت؟ وجزاكم خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوزلك أن تصلي الرغبية (سنة الفجر) في البيت ثم تخرج إلى المسجد لتشهد صلاة الصبح مع الجماعة، وانظر الفتوى رقم: 47.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(11/8785)
السنة في قيام الليل والوتر: الجهر أم الإسرار؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصلى قيام الليل والشفع والوتر سراً أم جهراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قيام الليل شرف المؤمن وعزه، وهو دأب الصالحين من قبلنا، وقد فرضه الله تعالى على المسلمين في بداية الأمر بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) [المزمل:1-2] . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً كاملاً حتى نزل آخر السورة الذي تضمن التخفيف والنسخ لوجوب قيام الليل، فكان تطوعا وقربة، فقال تعالى: (فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) [المزمل:20] أخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها.
والسنة أن تكون القراءة في صلاة الليل كلها بما في ذلك الشفع والوتر أحيانا جهراً وأحيانا سرا لحديث عائشة عند أبي داود وأحمد (كل ذلك كان يفعل ربما أسر بالقراءة وربما جهر) .أما النافلة في النهار فتكون سرية، وقد قال مجاهد: صلاة النهار عجماء (أي لا يجهر فيها بالقراءة) .. هذا هو الأصل، ويستثنى من ذلك ما وردت السنة باستثنائه، مثل صلاة الجمعة والفجر والعيدين.
والحاصل: أن القراءة في صلاة الليل عموماً السنة فيها أن تكون جهراً، أما صلاة النهار، فالقراءة فيها تكون سراً إلا ما استثني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(11/8786)
الكيفية المثلى لأداء الفرائض مع رواتبها، وأداء السنن المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل, لدي سؤال يتعلق بفروض الصلوات الخمس المفروضة ونوافلها, فهنالك الكثير من الناس من يزيدون في عدد النوافل ويقدمونها على الفريضة، وهنالك أناس يقولون: إنه يجب علينا أن نصلي الفريضة أولاً ثم النوافل. لذلك نود أن نسأل عن الطريقة المثلى لأداء الصلوات الخمس المفروضة ونوافلها وجزاك الله عنا خيراً ورعاك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبر العلماء صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتتبعوها فوجدوا أنها تنقسم إلى: فرائض وسنن راتبة، وسنن مؤكدة، وسنن غير مؤكدة، ونوافل مطلقة.
أما الفرائض: فهي الصلوات الخمسة التي افترضها الله على عباده في كل يوم وليلة، روى البخاري في صحيحه، عن طلحة بن عبيد الله يقول: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا هو يسأله عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع....
وأما السنن الراتبة: فهي السنن التي تتبع غيرها أو تتوقف على غيرها، كالسنن القبلية والبعدية للصلوات، وهي اثنتا عشرة ركعة كما وردت في حديث أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة: أربعاً قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر. رواه الترمذي.
فتؤدى هذه السنن كما ورد في الحديث إلا إذا ضاق وقت الفريضة فإنه يبدأ بها أولاً.
وأما السنن المؤكدة: فهي ما داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتركها، كصلاة الوتر.
وأما السنن غير المؤكدة: فهي التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يواظب عليها، قال ابن عابدين في رد المحتار: (وإن كانت مع الترك أحياناً فهي دليل غير المؤكدة) . انتهى
وأما النوافل المطلقة: فهي التي جاءت النصوص بالحث على فعلها دون تقييد بعدد أو وقت، إلا أنها لا تصلى في أوقات الكراهة.
وليعلم أن السنن الراتبة مقدمة على غيرها من النوافل، وهي أعظم أجراً كذلك.
وأما عن الكيفية المثلى لأداء الفرائض مع رواتبها، فهي كما ذكرناها سابقاً في حديث أم حبيبة، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم لكن إن صلى العبد السنة الراتبة وأراد أن يتنفل بنافلة مطلقة حتى تقام الصلاة، فلا مانع من ذلك لعموم فضل الصلاة، كقوله صلى الله عليه وسلم: عليك بكثرة السجود، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة، وحط بها عنك خطيئة. رواه مسلم.
فهذا عام في كل صلاة، ولم يختص بوقت معين، إلا الأوقات التي جاء النهي عن الصلاة فيها، وهي أوقات الكراهة، لكن لو انشغل بالدعاء لكان أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدعاء لا يرد بين الأذن والإقامة. رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
وإذا فاتت العبد صلاة الجماعة لعذر، فإنه يشرع له الإتيان بالسنة الراتبة مع الفريضة، وكذلك الحكم إذا خرج وقت الصلاة، فصلاها قضاءً لما ورد من فعل النبي صلى الله عليه وسلم. وراجع الفتوى رقم:
5060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(11/8787)
ما يتقدم الوتر من القيام كله شفع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقوم الليل وأصلي ماشاء الله، وبعدها أصلي الوتر ركعة واحدة، السؤال هل أصلي الشفع والوتر عند قيامي في الليل أم أصلي الشفع الذي هو ركعتان بعد صلاة العشاء مباشرة، لأنني دائماً أصلي صلاة الشفع بعد صلاة العشاء وأؤخر صلاة الوتر في الليل بعد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالركعتان اللتان تصليهما بعد صلاة العشاء هما: السنة الراتبة، أما الوتر فيكون بركعة واحدة أو أكثر بسلام واحد أو بسلامين، وما تصليه قبل ذلك كله يعتبر شفعاً، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة ... متفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وقد عقد المجد ابن تيمية في كتابه المنتقى بابا بعنوان: الوتر بركعة وبثلاث وخمس وسبع وتسع بسلام واحد، وما يتقدمها من الشفع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1423(11/8788)
ما ورد في -الإحياء- من صلوات أيام الأسبوع ولياليه لا يصح
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأفاضل أود أن أسألكم عن صحة ما ورد في كتاب من كتاب لحجة الإسلام الإمام الصادر عن {دار الكتب العلميه بيروت _لبنان} في الباب السابع _القسم الثاني , في ما يتكرر بتكرر الأسابيع وهي صلوات أيام الأسبوع ولياليه لكل يوم ولكل ليلة. تستند إلى أحاديث سندها ضعيف. أفيدونا جزاكم الله عن خير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الأحاديث التي وردت في الصلوات التي تكون في أيام الأسبوع وفضلها، أحاديث إما ضعيفة أو ضعيفة جداً أو منكرة أو لا أصل لها.
وقد بين ذلك كله الحافظ العراقي في كتاب "المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار" وقال بعد تخريجها: (وكلها أحاديث ضعيفة منكرة، وليس يصح في أيام الأسبوع ولياليه شيء) .
وهذا الكتاب مطبوع مع كتاب إحياء علوم الدين، فلينظر (197/1-200)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(11/8789)
السنة المطلقة ... والسنة المؤكدة والراتبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين السنة كمفهوم عام والسنةالمؤكدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة المطلقة هي التي لم يواظب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تكن تابعة لغيرها، لأن ما واظب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من السن تسمى السنن المؤكدة، وما كانت تابعة لغيرها كالسنن التي قبل الفرائض وبعدها تسمى راتبة، وهذا جار على اصطلاح بعض المذاهب دون بعض، وقد سبقت لنا فتوى برقم: 13097 فيها بعض بيان لما سألت عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(11/8790)
سنة العشاء الراتبة غير ركعتي الشفع
[السُّؤَالُ]
ـ[كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يصلي 12ركعة نوافل من السنن الثابتة وهم 2قبل الفجر_4قبل الظهر_2بعد الظهر_2بعد المغرب_2بعد العشاء
سؤالي هو هل الركعتان التي تلي العشاء هما ركعتا الشفع أو لا وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سنة العشاء الراتبة هي شيء آخر غير ركعتي الشفع وهي سنة مؤكدة.
أما الشفع فهو عبارة عن الركعات التي يصليها الشخص قبل الوتر سواء كن اثنتين أو أربعا أو ستا، لأن صلاة الوتر لها صور منها: أن يكون ثلاث ركعات. ومنها: أن يكون خمساً أو سبعاً. ومنها: أن يكون ركعة واحدة. لكن إذا أوتر الشخص بأكثر من واحدة فإنه يشرع له أن يقرأ في الركعتين اللتين قبل ركعة الوتر، إذ أن الشفع ركعتان مرتبطتان بالوتر تصلى قبله بسورتين معينتين هما: سورة الأعلى في الركعة الأولى، وسورة الكافرون في الركعة الثانية، ففي سنن النسائي عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الركعة الثانية بقل يا أيها الكافرون، وفي الركعة الثالثة بقل هو الله أحد، ولا يسلم إلا في آخرهن.
أما سنة العشاء فلم يرد تحديد قراءة سورة بعينها فيها، ولا علاقة لها بالوتر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(11/8791)
نقص الفرائض يكمل من النوافل يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أن ليلة القدر خير من ألف شهر (أي كأجر 84 سنة) هل إذا نقص من صلاة المؤمن شيء عند الحساب يتمم النقص من صلاة القدر (أي من أجر 84 سنة) ؟
وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فروى أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، يقول ربنا عز وجل لملائكته - وهو أعلم -: انظروا في صلاة عبدي هل أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئاً، قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم".
فدلّ هذا الحديث على أن نقص الفرائض يكمل من النوافل، ولا شك أن قيام ليلة القدر من هذه النوافل التي تكمل بها الفرائض حال نقصانها، وليس المقصود هنا تارك الصلاة، لأن الصلاة المفروضة لا يسد مكانها شيء، ولو كانت نوافل الدنيا، ولكن المقصود بالنقص هنا ما كان في خشوعها وركوعها وسجودها، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1423(11/8792)
حديث من صلى اثنتي عشرة ركعة لا يدخل فيه تحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[الحديث الذي ذكره رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أنه من صلى اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة بني له قصر في الجنة سؤالي هو: هل ركعتا تحية المسجد تدخل ضمن هذه الركعات أم لا؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المشار إليه في السؤال هو قوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعاً بنى الله له بيتاً في الجنة" رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن إلا الترمذي عن أم حبيبة.
ولا يدخل فيها تحية المسجد، لأن المقصود بها السنن الراتبة، وقد جاءت مفسرة في رواية أخرى للحديث: عن أم حبيبة رضي الله عنها في سنن الترمذي: "من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة: أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1423(11/8793)
لا يصح أداء سنن الفرائض قبل دخول الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة السنة قبل أذان الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تسأل عن ركعتي الفجر فالجواب أنه لا تجزئ صلاتهما قبل أذان الفجر. وراجع الفتوى رقم:
11258.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1423(11/8794)
لا تعارض لكون الركعتين تصليان بعد الإشراق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المعلوم أن بعد صلاة الصبح لا يجوز للمصلي أن يصلي بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولكن ماصحة الحديث أنه من صلى الصبح في جماعة ثم قعد يذكر الله ثم صلى ركعتين كان ذلك كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة، أعتقد هناك تناقضا، أفيدونا أفادكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تعارض بين الحديث الصحيح الذي أشرت إليه وبين كون صلاة النافلة مكروهة فيما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس لأن الركعتين المذكورتين في الحديث إنما تصليان بعد الإشراق كما هو منصوص. وراجع الفتوى رقم:
17018.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1423(11/8795)
شرط جواز صلاة الجماعة للنافلة والوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة الوتر جماعة مع الزوجة قبل النوم يوميا والجهر فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل في صلاة الوتر وغيرها من النوافل أن تصلى على انفراد، لكن لو صليت جماعة جاز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين كليهما، وكان أكثر تطوعه منفرداً، وصلى بأنس وأمه واليتيم كما جاء في البخاري، وقال الحافظ في شرحه: (وفيه جواز صلاة الجماعة للنافلة) . ا. هـ
وكذلك أمَّ الرسول صلى الله عليه وسلم ابن عباس في صلاته بالليل، فإذا كنت تصلي الوتر جماعة أحياناً فلا بأس، وإن كان على سبيل المواظبة فلا ينبغي لك ذلك، فقد ذهب طائفة من أهل العلم كما جاء في رد المحتار لابن عابدين كتاب الصلاة باب الوتر والنوافل: إلى أن المواظبة على صلاة الجماعة للنوافل بدعة مكروهة.
وإذا صليت الوتر جماعة أو منفرداً جهرت بالقراءة، إذ الجهر في صلاة الليل مستحب ما لم يشوش على مصل آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1423(11/8796)
تأخير السنة الراتبة عن وقتها خلاف الهدي النبوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز جمع السنن آخر اليوم؟ إذا صليت الفجر مع السنة ثم أتى موعد صلاة الظهر وصليت الفرض ولكن تركت السنة إلى الليل وهكذا هل يجوز؟
الاختصار: هل يجوز ترك صلاة السنة إلى وقت آخر من دون صلاته بعد كل صلاة فرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هدي النبي صلى الله عليه وسلم هو المواظبة على السنن الراتبة في أوقاتها، وراجع الفتوى رقم: 10648، ففيه تحديد السنن الراتبة وأوقاتها.
ومن ترك سنة الظهر القبلية أو البعدية حتى دخل وقت العصر، فالسنة أن يقضيها بعد فرض العصر، وراجع الفتوى رقم: 7353، والفتوى رقم: 6910.
أما تأخير السنة الراتبة عن وقتها لتصلى في وقت آخر، فلم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1423(11/8797)
اختيار ابن تيمية في عدد ركعات سنة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي سنة الجمعة البعدية وما كيفيتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سنة الجمعة البعدية جاء فيها ما يفيد أنها ركعتان كما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي يوم الجمعة ركعتين في بيته، كما ورد ما يفيد أنها أربع ركعات، فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصلها أربعاً.
وعلى هذا فمن صلى بعد الجمعة ركعتين فهو حسن، ومن زاد فصلى أربعاً فهو أفضل، هذا وقد جمع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين الحديثين السابقين فقال: (إن صلى في المسجد صلى أربعاً، وإن صلى في بيته صلى ركعتين) .ا. هـ وهو جمع حسن ووجيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1423(11/8798)
هل تؤدى نافلة المغرب القبلية في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أقوم بتأدية الراتبة القبلية لصلاة المغرب في البيت؟ هل بعد الأذان مباشرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت ممن تجب عليهم صلاة الجماعة في المسجد وتتمكن من إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام إذا صليت السنة في البيت بعد الأذان مباشرة فلا حرج عليك في أن تصليها في البيت، وإلا فأخر صلاتها إلى أن تصل إلى المسجد، لأنك قد لا يتسع لك الوقت لصلاتها خشية أن تفوتك صلاة الجماعة.
وهذا كله فيما إذا كان السائل ذكراً، أما إذا كانت أنثى وكانت ستصلي الصلاة المفروضة في المسجد فحكمها فيما تقدم حكم الذكر، أما إذا كانت ستصلي الفرض في البيت فلا شك أنها تصلي سنة المغرب بعد الأذان وقبل أداء الفرض. ويراجع الجواب رقم:
10306 واعلم أن الركعتين قبل المغرب ليستا من الرواتب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1423(11/8799)
الصلاة مباشرة بعد الفريضة منهي عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ركعتي النفل بعد صلاة الجمعة مباشرةً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيستحب للمسلم أن يصلي سنة الجمعة البعدية بعد الانتهاء من الأذكار الواردة بعد الصلاة، إذ الصلاة مباشرة بعد الفريضة منهي عنها، كما رواه مسلم عن السائب بن يزيد قال: صليت مع معاوية الجمعة في المقصورة، فلما سلم الإمام قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إلي فقال: لاتعد لما فعلت. إذا صليت الجمعة فلا تَصِلْها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن لانوصل صلاة حتى نتكلم أونخرج. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1423(11/8800)
صلوهما ولو طردتكم الخيل!
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ترك صلاة الفجرعلما بأن هذه الصلاة سنة مؤكدة وليست فرضا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من سنن النوافل المؤكدة -كما ذكرت- ركعتي الفجر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على صلاتهما، فقد ورد في حديث عائشة المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من النوافل أشد تعاهدا من ركعتي الفجر. وفي حديث أبي داود صلوهما ولو طردتكم الخيل.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يرغب فيهما كثيراً، أخرج مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها.
ونص الفقهاء على أنه يستحب تخفيفهما، وذلك لما روت عائشة رضي الله عنها أَنّهَا كَانَتْ تَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ. فَيُخَفّفُ حَتّىَ إني أقول: هَلْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمّ الْقُرْآنِ أَمْ لاَ؟
وبناء عليه، فإنه ينبغي للمسلم المحافظة على هاتين الركعتين للأحاديث التي ذكرنا، وليس على من تركهما إثم، ولكنه فعل مكروها، وفاته خير كثير إن كان قد تركهما عمداً..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1423(11/8801)
أداء النوافل في المنزل أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصلي صلاة الظهر ومن ثم يجلس لحلقة ذكر وبعد حلقة الذكر يرجع إلى البيت لصلاة السنة القبلية والسنة البعدية لصلاة الظهر؟ وهو يصلي هكذا مرة في الأسبوع عندما يكون هناك حلقة ذكر
أفيدونا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أفضل صلاة المرء في بيته؛ إلاَّ المكتوبة.
فصلاة النوافل في البيت أفضل من صلاتها في المسجد، ومن أخر الصلاة النافلة حتى يرجع إلى البيت فقد فعل الأفضل، لكن شريطة أن لا يخرج وقت الفريضة، لأن وقت السنن الرواتب تابع لأوقات الفرائض.
وأما مجلس الذكر الذي ورد ذكره في السؤال فإن كان المقصود به مجلس علم أو وعظ وإرشاد أوما شابه ذلك فشيء حسن، وأما إن كان المقصود أداء بعض الأذكار بهيئة جماعية فإنه بدعة. وقد سبق بيان ذلك في فتوى سابقة برقم:
8381،فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1423(11/8802)
فضيلة صلاة أربع ركعات قبل العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما فضل صلاة أربع ركات قبل صلاة العصر؟ وهل يجوز أداؤها بعد إقامة الإمام للصلاة لأني سمعت أنه يجب أن تؤدى بين الأذان والإقامة؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي سنن الترمذي وسنن ابن ماجه بإسناد حسن عن علي رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين.
وفي سنن أبي داود وسنن الترمذي بإسناد حسن عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً. والحديث مختلف في صحته، ولكنه حسن الإسناد بمجموع طرقه.
فالحاصل هو أن صلاة أربع ركعات قبل العصر سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي نافلة وليست واجبة، بل ليست من السنن الرواتب التي حافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم، إذ ليس للعصر سنة راتبة.
أما وقت أدائها فيمتد من دخول وقت العصر وينتهي بإقامة صلاة العصر، أما إذا أقيمت الصلاة فلا يشرع المسلم في أداء نافلة، للحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1423(11/8803)
لا تجزئ سنة الفجر عن صلاة الصبح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الفجر سنة أم فرض وهل أداؤها يغني عن صلاة الصبح , وهل أداء صلاة الصبح الساعة الثامنة صباحا يعد قضاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلي آله وصحبه أما بعد:
فإن ركعتي الفجر سنة وليستا واجبتين. ولا تجزئان عن صلاة الصبح التي هي أحد الفروض الخمسة التي أوجبها الله تعالى على المسلم في اليوم والليلة. ومن صلى صلاة الصبح بعد طلوع الشمس فقد صلاها قضاء لا أداءً، والواجب على المسلم أن يتخذ كل الوسائل الممكنة لأداء الصلاة في الجماعة..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1423(11/8804)
صلاة النافلة في البيت أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو ثواب صلاة النافلة في المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة النافلة في البيت أفضل منها في المسجد، وفي ذلك أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها:
ما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة".
وما في صحيح البخاري أنه عليه الصلاة والسلام قال: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبوراً".
ومنها ما رواه ابن السكن عن ضمرة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فضل صلاة الجماعة على صلاة الرجل وحده خمس وعشرون درجة، وفضل صلاة التطوع في البيت على فعلها في المسجد كفضل صلاة الجماعة على المنفرد" وصححه الألباني إلى غير ذلك ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1423(11/8805)
ثواب من حبسه الشغل عن أداء السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت ان من يحافظ على سنن (الصلاة أي 12 ركعة) بنى الله سبحانه له بيتا بالجنة؟ وسؤالي إذا تخلف عن سنة صلاة الظهر لظروف العمل وأنه لايأتي إلى البيت إلا قبل صلاة العصر بنصف ساعة (هل معنى هذا أنه لا ينطبق عليه الحديث) وخاصة أنه لا يوجد مكان لصلاة النساء في العمل
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بنى الله له بهن بيتاً في الجنة " وفي رواية " تطوعاً من غير الفريضة "
ومن فاته شيء من هذه الركعات لعذر فنرجو -إن شاء الله- أن لا يفوته الموعود، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً " رواه البخاري.
أما قول السائلة: إنه لا يوجد مكان لصلاة النساء في العمل، فنقول لها: إنه لا يشترط للصلاة -وخصوصاً للنساء- أن يوجد مكان خاص، بل تصلي حيث تيسر لها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً " متفق عليه. والمهم أن تكون الصلاة في الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1423(11/8806)
تارك السنة المؤكدة غير آثم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت في كتاب فقه السنة الجزء الأول أن صلاة الجماعة سنة مؤكدة فما حكم السنة المؤكدة هل يأثم تاركها أم لا؟
أرجو إفادتي بالموضوع وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يأثم تارك السنة المؤكدة، لكن المداومة على تركها عند بعض أهل العلم من خوارم المروءة، ولمعرفة الفارق بين السنة المؤكدة وغيرها من السنن والمستحبات انظر الجواب رقم: 10648، 13097، ولكن الراجح أن أداء الصلاة في الجماعة واجب من الواجبات التي يأثم تاركها لغير عذر شرعي، كما بيناه في الفتوى رقم: 5153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1423(11/8807)
وقت صلاة الشروق وماهيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[1ما هي صلاة الشروق -وقتها - كيفيتها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الشروق هي صلاة النافلة عند ارتفاع الشمس قدر رمح، أي بعد خروج وقت النهي عن الصلاة. وصلاة الشروق هي المشار إليها بقوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة" رواه الترمذي.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1422(11/8808)
مدى أهمية صلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا أحد صلى صلاة الضحى فإنه يلزمه أن يصليها دائماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم صلاة الضحى على ستة أقوال: أرجحها أنها مستحبة، لما ورد من الترغيب فيها كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى" أخرجه مسلم وغيره.
فهذا الحديث يدل على مدى أهمية صلاة الضحى، وكثرة الثواب المرتب عليها، فهي تجزئ عن ستين وثلاثمائة صدقة، وما كان كذلك فهو جدير بالمواظبة، فمن أحب هذا الخير الكثير والأجر الجزيل واظب عليها وداوم، ومن لم يفعل فلا تثريب عليه، لأنها كغيرها من السنن والمستحبات لا إثم على من تركها، وما اشتهر بين العوام من أن من صلى الضحى، ثم قطعها يعمى ليس له أصل، بل الظاهر أنه مما ألقاه الشيطان على ألسنة العوام ليحرمهم الخير الكثير.
ذكر هذا الحافظ ابن حجر في الفتح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8809)
الصلاة في أوقات النهي ... بين المانعين والمجيزين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد
نشكر لكم خدمتكم في توعية كل من أراد الاستفسار عن دينه، ولكم كل الشكر وجعله الله في ميزان حسناتكم
أما بعد
قبل أيام ذهبت للصلاة في المسجد لصلاة المغرب، وكان دخولي للمسجد قبل الغروب بقليل أي قبل الأذان بدقيقتين) وكما أنا معتاد عند دخولي المسجد وقبل جلوسي أقوم بصلاة تحية المسجد، وكان هناك رجل آخر يصلي، فصليت تحية المسجد، وما إن انتهيت حتى أذن المغرب، وفي هذا الوقت دخل بعض المصلين وقالوا لي: إن الصلاة في هذا الوقت مكروهة لدرجة التحريم مهما أريد من تلك الصلاة (أي ولو كانت هذه الصلاة لرجل فاتته صلاة العصر) فأرجو منكم الفتوى في ذلك، وماهي الأوقات التي تحظر بها صلاة النافلة، وما هي الصلوات التي لو فعلها صاحبها في هذا الوقت لم يكن عليه حرج؟
جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس".
وروى مسلم والنسائي وأبو داود وغيرهم عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب".
والأحاديث في هذا الباب كثيرة، ومحصلها نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد طلوعها حتى ترتفع. ومقدار ما بين طلوعها وارتفاعها المطلوب هنا هو: ربع ساعة تقريباً.
وعند استواء الشمس في كبد السماء أي قبل دخول وقت الظهر بدقائق، وعند اصفرار الشمس حتى تغرب، وقد أجمعت الأمة - كما قال الإمام النووي -رحمه الله - على كراهة صلاة لا سبب لها في هذه الأوقات، واتفقوا على جواز أداء فريضة ذلك الوقت، واختلفوا في النوافل التي لها سبب كصلاة تحية المسجد، وسجود التلاوة، وسجدة الشكر، وصلاة العيد، والكسوف، والجنازة، وقضاء الفوائت، ومذهب الشافعي وطائفة من أهل العلم جواز ذلك كله بلا كراهة، وحمل أصحاب هذا القول الأحاديث السابقة على أن المقصود بها الصلاة التي لا سبب لها، واستدلوا على ذلك بجملة أحاديث، منها الأحاديث التي ورد فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر، فإذا جاز قضاء السنة، فالسنة الحاضرة أولى، والفريضة المقضية أولى، وكذا صلاة الجنازة وغيرها من السنن التي لها سبب كما سبق.
وهذا القول في غاية القوة وبه تجتمع الأحاديث المختلفة، وذهب الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- وآخرون إلى المنع من جميع الصلوات في هذه الأوقات إلا صلاة ذلك الوقت، واستدلوا بعموم الأحاديث المذكورة في أول الجواب، والمذهب الأول أرجح دليلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8810)
الأفضل في صلاة الضحى أن تصلي ركعتين ركعتين
[السُّؤَالُ]
ـ[-كيف تتم صلاة الضحى إذا كانت أربع ركعات، هل أسلم بعد الركعتين أم أواصل الصلاة بدون تسليم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس في أن تصلي الضحى أربعاً بسلام واحد أو بسلامين، والأفضل أن تكون بسلامين، بأن تسلمي من كل ركعتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1422(11/8811)
راتبة الظهر القبلية هل تصلى أربعا متصلة أم ركعتين ركعتين
[السُّؤَالُ]
ـ[نعرف أن هناك سنة 4 ركعات قبل الظهر فهل تصلى متصلة أم ركعتين ركعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
1- فالأفضل أن تصلى راتبة الظهر القبلية كل ركعتين بسلام، ويجوز صلاتها أربعاً بسلام واحد، وهذا مذهب جماهير أهل العلم، وللحافظ العراقي بحث جيد لهذا الموضوع في طرح التثريب عند شرحه للحديث المتفق عليه: "صلاة الليل مثنى مثنى" نرى إلحاقه بالفتوى للفائدة.
قال رحمه الله:
(السَّادِسَةُ - من فوائد الحديث -: اُسْتُدِلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ نَوَافِلَ النَّهَارِ لَا يُسَلِّمُ فِيهَا مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، بَلْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَهَا أَرْبَعًا أَرْبَعًا، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَرَجَّحَ ذَلِكَ بِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا أَرْبَعًا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْهُ وَعَنْ نَافِعٍ مَوْلَاهُ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَيَحْيَى وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي نَوَافِلِ النَّهَارِ التَّسْلِيمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ اللَّيْثِ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُد وَالْمَعْرُوفُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي نَوَافِلِ النَّهَارِ تَرْجِيحُ أَرْبَعٍ عَلَى رَكْعَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّم.
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِمَا رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِقِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى" سَكَتَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُ شُعْبَةَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَرَفَعَهُ بَعْضُهُمْ وَوَقَفَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدِي خَطَأٌ، وَسُئِلَ الْبُخَارِيُّ عَنْ حَدِيثِ يَعْلَى هَذَا أَصَحِيحٌ هُوَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهُ خَبَرٌ يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِثْلَهُ، حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، فَقَدْ احْتَجَّ مُسْلِمٌ بِعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِقِيِّ الْأَزْدِيِّ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ.
وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مُضَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَأَلَتْ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَقَالَ صَلَاةُ النَّهَارِ أَرْبَعٌ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ وَصَلَاةُ اللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ فَقُلْت لَهُ إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى فَقَالَ بِأَيِّ حَدِيثٍ؟ فَقُلْت بِحَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى" فَقَالَ وَمَنْ عَلِيٌّ الْأَزْدِيِّ حَتَّى أَقْبَلَ مِنْهُ هَذَا، أَدَعُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَطَوَّعُ بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ وَآخُذُ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ، لَوْ كَانَ حَدِيثُ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ صَحِيحًا لَمْ يُخَالِفْهُ ابْنُ عُمَرَ قَالَ وَكَانَ شُعْبَةُ يَنْفِي هَذَا الْحَدِيثَ وَرُبَّمَا لَمْ يَرْفَعْهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ لَا نَكَارَةَ فِيهِ وَلَا مَدْفَعَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأُصُولِ لِأَنَّ مَالِكًا قَدْ ذَكَرَ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْر بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ".
وَقَدْ رُوِيَ: "قَبْلَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ". وَقَالَ: "إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ".
"وَكَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ نَهَارًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ". وَصَلَاةُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَالِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَانِ وَهَذِهِ كُلُّهَا صَلَاةُ النَّهَارِ وَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا وَجَبَ رَدُّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ إلَيْهِ قِيَاسًا وَنَظَرًا انْتَهَى. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ رَوَى هَذَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَافِعٌ وَطَاوُسٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا أَحَدٌ صَلَاةَ النَّهَارِ إلَّا أَنَّ سَبِيلَ الزِّيَادَاتِ أَنْ تُقْبَلَ وَقَدْ: "صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الضُّحَى يَوْمَ الْفَتْحِ ثَمَانِي رَكَعَاتٍ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْن". وَصَلَاةُ الْعِيدِ رَكْعَتَانِ وَالِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَانِ وَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ انْتَهَى.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ الْمَحْفُوظُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى"، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا، وَإِنَّمَا تُعْرَفُ صَلَاةُ النَّهَارِ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَخَالَفَهُ نَافِعٌ وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ انْتَهَى.
وَأَجَابُوا عَنْ مَفْهُومِ الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ بِجَوَابَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ.
وَثَانِيهِمَا: أَنَّهُ خَرَجَ جَوَابًا لِسُؤَالِ مَنْ سَأَلَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَكَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ لَيُطَابِقَ الْجَوَابُ السُّؤَالَ لَا لِتَقْيِيدِ الْحُكْمِ بِهَا كَيْفَ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِرِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ حُكْمَ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ وَهُوَ صَلَاةُ النَّهَارِ مِثْلُ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ بِهِ وَهُوَ صَلَاةُ اللَّيْلِ. وَأَمَّا فِعْلُ رَاوِي الْحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ صَلَاتُهُ بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا فَقَدْ عَارَضَهُ قَوْلُهُ: "إنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى".
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ ثُمَّ إنَّ الْعِبْرَةَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ بِمَا رَوَاهُ الصَّحَابَي لَا بِمَا رَآهُ وَفَعَلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّابِعَةُ: وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ صَلَاةَ النَّهَارِ أَيْضًا مَثْنَى فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهَا مَثْنَى بَلْ الْأَفْضَلُ فِيهَا ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ الْأَثْرَمُ: سَأَلْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي النَّافِلَةِ، فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي أَخْتَارُ فَمَثْنَى مَثْنَى، وَإِنْ صَلَّى بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا، فَلَا بَأْسَ، وَأَرْجُو أَنْ لَا يُضَيَّقَ عَلَيْهِ، فَذَكَرْت لَهُ حَدِيثَ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ فَقَالَ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ يَثْبُتُ وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي فِي تَطَوُّعِهِ بِالنَّهَارِ قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ، وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِالنَّهَارِ.
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي الصَّحِيحُ: أَنَّهُ إنْ تَطَوَّعَ فِي النَّهَارِ بِأَرْبَعٍ، فَلَا بَأْسَ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَمَفْهُومُ الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْأَرْبَعِ لَا عَلَى تَفْضِيلِهَا، وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَارِقِيِّ فَإِنَّهُ تَفَرَّدَ بِزِيَادَةِ لَفَظَّةِ النَّهَارِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الرُّوَاةِ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ نَفْسًا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ سِوَاهُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى ضَعْفِ رِوَايَتِهِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْفَضِيلَةُ مَعَ جَوَازِ غَيْرِهِ انْتَهَى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1422(11/8812)
من شرع في تطوع ولم ينو عددا صح تطوعه
[السُّؤَالُ]
ـ[1-هل بإمكاني أن أصلي صلاة الضحى بعدد من الركعات المتصلة ما شئت (كما فعل أبو ذر رضي الله عنه عندما شاهده أحدهم وهو يصلي فقال له: أراك لا تدري هل تنصرف على شفع أم على وتر، فقال له أبو ذر: ولكن الله يدري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البيهقي عن أبي ذر أنه صلى كثيراً، فلما سلم قال له الأحنف بن قيس: هل تدري أنصرفت على شفع أم وتر؟ قال: إلا أكن أدري فإن الله يدري، إني سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة" ورواه الدارمي، قال النووي في المجموع: "بإسناد صحيح، إلا رجلا اختلفوا في عدالته". ا. هـ
قال النووي في المجموع (3/42) : فإذا شرع في تطوع ولم ينو عدداً، فله أن يسلم من ركعة، وله أن يزيد فيجعلها ركعتين أوثلاثاً أو عشراً أو مائة أو ألفاً، أو غير ذلك، ولو صلى عدداً لا يعلمه ثم سلم صح". انتهى
ثم ذكر أثر أبي ذر السابق.
وكلام النووي إنما هو في التطوع المطلق، أما التطوع المعين الشفعي أو الوتري، فلا يُصلى إلا على حاله المعين عليه، ومن سها فيه فليتدارك وليسجد للسهو.
وبهذا تعلم أن الضحى لا تصلى إلا شفعاً، لأنها صلاة شفعية. لا وتربة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1422(11/8813)
الفرق بين السنن الرواتب والسنن المؤكدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين السنن الرواتب والسنن المؤكدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة الراتبة هي: السنة التابعة لغيرها، أو التي تتوقف على غيرها، كالسنن القبلية والبعدية للصلوات المفروضة.
ويطلقها بعضهم على الصلوات المؤقتة بوقت معين غير الفريضة، فتدخل فيها صلاة العيدين والضحى.
قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: (فمنه الرواتب، وهي على المشهور التي مع الفرائض، وقيل: ما له وقت") ا. هـ.
وهي مستحبة عند جمهور الفقهاء، وقال الحنابلة: يكره تركها دون عذرٍ.
وأما السنة المؤكدة، فهي كما قال عنها ابن عابدين نقلاً عن البحر: (ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم. لكن إن كانت لا مع الترك، فهي دليل السنة المؤكدة، وإن كانت مع الترك أحياناً، فهي دليل غير المؤكدة) . انظر رد المحتار 1/221.
وهذه السنة المؤكدة يسميها الحنفية: سنن الهدى.
قال ابن عابدين: (سنة الهدى، وهي من السنن المؤكدة القريبة من الواجب) . ا. هـ.
وحكمها أنه يثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها، ولكن يلام ويعاتب، وذهب بعض العلماء إلى سقوط عدالة المواظب على تركها، والحاصل أن ضابط السنن المؤكدة هو: ما واظب النبي صلى الله عليه وسلم على فعله، ولم يتركه.
والراتبة ضابطها هو: أنها هي التابعة لغيرها بتوقيت معين.
بهذا يعلم أن السنة قد تكون راتبة ومؤكدة في نفس الوقت، كالسنن القبلية والبعدية للصلوات، فهي راتبة، لأنها تابعة لغيرها، وهي مؤكدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليها، ولم يتركها، وهي عشر ركعات، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح، كانت ساعة لا يُدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها، حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين" متفق عليه.
وممن قال بهذا العدد: الشافعية والحنابلة، وتكون السنة أحياناً راتبة لكنها غير مؤكدة، كأربع ركعات قبل صلاة العصر، فهي راتبة لأنها تابعة، وغير مؤكدة لعدم مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1422(11/8814)
لا حرج على من لم يصل الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[1- حلمت أن أمي (المتوفاة) أعطتني مالاً وذهباً ما هو تفسيرها؟
2- صلاة الضحى أحيانا أصليها وبعض المرات أنساها وأحياناً يؤذن لصلاة الظهر ولم أصلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الضحى ليست واجبة، وإنما رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الندب والاستحباب، فمن صلاها فقد أصاب السنة، واستجاب لندب النبي صلى الله عليه وسلم وترغيبه، ومن لم يصلها في وقتها، فليس عليه قضاؤها في وقت آخر، وراجع الفتوى رقم: 7776.
والله أعلم.
وبالنسبة للسؤال الأول:
فنعتذر عن عدم تفسير هذه الرؤيا، لأن هذا الموقع خاص بالإجابة على الأسئلة، وعليك أن تسأل عنها من له علم بتأويل الأحلام من أهل الخير والصلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1422(11/8815)
الوقت الذي تؤدى فيه السنن
[السُّؤَالُ]
ـ[- النوافل التي قبل صلاة الظهر هل الأولى أن تصلى قبل الأذان أو بعد الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وقت السنن الرواتب يبدأ من وقت دخول الفريضة المتعلقة بها، فوقت راتبة الظهر -مثلاً- يبدأ من وقت دخول وقت الظهر، ولا علاقة لها بالأذان فلو صليت قبل الأذان وبعد دخول الوقت أجزأت، المهم أن يكون وقت الفريضة دخل بالفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1422(11/8816)
هل تصح سنة الوضوء لمن توضأ قبل الأذان وصلاها بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأخير سنة الوضوء إلى بعد أذان المغرب إذا تم الوضوء قبل الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسنة الوضوء مشروعة، لحديث بلال وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يوماً فدعا بلالاً، فقال: "يا بلال بم سبقتني إلى الجنة؟! إني دخلت البارحة فسمعت خشخشتك أمامي، فقال: يا رسول الله ما أذنبت قط إلا صليت ركعتين، وما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها، وصليت ركعتين" رواه ابن خزيمة في صحيحه بهذا اللفظ.
ولمن توضأ قبل المغرب أن يؤخر سنة الوضوء إلى ما بعد أذان المغرب ليجمعها مع النافلة المشروعة بين أذان المغرب وصلاتها، أو معها، ومع تحية المسجد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1422(11/8817)
تارك السنن يستحق اللوم،
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم من يصلي صلوات الفرض باستمرار ولكنه لا يقيم صلاة السنة؟؟
وهل هناك فرق بين سنن الصلوات الخمس، أم أن كل السنن متساوية؟؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله عز وجل فرض على عباده خمس صلوات كل يوم وليلة، ثبت هذا في أكثر من حديث في الصحيحين وغيرهما، كقوله صلى الله عليه وسلم: لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن: "إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة.." وجعل صلى الله عليه وسلم هذه الصلوات حداً بين المسلمين والكافرين فقال: "العهد -أي الحد- الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" ولا يجب على المسلم غيرها من الصلوات، إلا الجمعة والجنازة بشروط مذكورة في كتب الفقه، ولكن قد أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم"إن أول ما يحاسب به العبد من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح، وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن نقص من فريضته شيء قال الرب تبارك وتعالى: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة" رواه الترمذي.
فتكمل الفرائض بالتطوع، وهذا من رحمة الله عز وجل بعباده، فإنه لما أوجب على عباده عبادات شرع لهم من جنس تلك العبادات نوافل ليكملوا بها تلك الفرائض، وذلك ملاحظ في نوافل الصلاة والصوم والصدقة والحج، فلا ينبغي لمسلم التهاون أو التفريط في نوافل الصلاة،
لأنها تعوض له ما في فرائضها من نقص لا تسلم منه الفرائض في بعض الأحيان، وذلك في وقت هو في أمس الحاجة إلى هذه النوافل، وهو وقت وزن الأعمال، وعرضها على الكبير المتعال.
ومن تهاون بالنوافل المؤكدة وتركها مع يسرها وسهولتها فإنه يستحق اللوم والتوبيخ عند أهل العلم، يدل على ذلك أن الإمام أحمد -رحمه الله- سئل عمن ترك الوتر؟ فقال: رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة.
هذا مع أنه لا يقول بوجوب الوتر.
أما عن سنن الصلوات الخمس هل هي متساوية أم متفاوتة؟
فالجواب أنها متفاوتة في التأكيد، فآكدها الرواتب التي داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي عشر كما ثبت في حديث ابن عمر في الصحيحين وهي: ركعتان قبل الفجر، وركعتان قبل الظهر، وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وآكدها: الركعتان قبل الفجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1422(11/8818)
صلاة النفل منفردا أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل يجوز صلاة السنة جماعة لأخذ ثواب الجماعة؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجوز صلاة النافلة جماعة، وتجوز انفراداً، غير أن الانفراد بها أفضل، لحديث الصحيحين وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة".
ولا يعارض هذا ما في صحيح البخاري عن أنس بن مالك من أن جدته دعت النبي صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته له فأكل منه، ثم قال: قوموا فلأصّلِ لكم. قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لبس، فنضحته بماء، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم انصرف.
فقد حمله العلماء على أنه صلى الله عليه وسلم أراد تعليمهم، لا أن صلاة النافلة جماعة أفضل.
قال ابن حجر: وفيه (أي هذا الحديث) أن محل الفضل الوارد في صلاة النافلة منفرداً حيث لا يكون هناك مصلحة كالتعليم، بل يمكن أن يقال: هو إذ ذاك أفضل، ولا سيما في حقه صلى الله عليه وسلم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1422(11/8819)
سنة الظهر القبلية والبعدية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد حديث ينص على وجوب أداء سنة الظهر أربع ركعات. جزاكم الله خيرآ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن سنة الظهر قد وردت على عدة حالات على أيها أداها المرء أصاب السنة -إن شاء الله- فورد تارة أنها ركعتان قبلها وركعتان بعدها، كما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها.."
وورد تارة أنها أربع قبل الظهر وركعتان بعدها، كما رواه الترمذي عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة: أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر"
وورد تارة أنها أربع قبل الظهر، وأربع بعدها كما رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أم حبيبة - رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حافظ على أربع كعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار" ولعل الأفضل للمرء أن يفعل هذه تارة وهذه تارة، حتى يصيب السنة في الكل، هذا، وننبه السائل إلى أنه لا يجب من الصلوات إلا الصلوات الخمس والجمعة التي هي بدل عن إحدى هذه الصلوات وهي الظهر، فلا يجب شيء آخر من جنس الصلاة، لا سنة الظهر ولا غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1422(11/8820)
يستحب صلاة ركعتين قبل صلاة العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك سنة قبل صلاة العصر لحديث النبي صلى الله عليه وسلم " رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعا"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يستحب أن يصلي المرء ركعتين أو أربع ركعات قبل صلاة العصر للأدلة التالية:
1- عن أم حبيبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بنى الله له بهن بيتاً في الجنة" رواه مسلم، وجاء تحديدها عند الترمذي: "أربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، وثنتان بعد المغرب وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل الفجر". وفي رواية النسائي: ثنتان قبل العصر. بدل: ثنتان بعد العشاء. فعلى رواية النسائي، فإن الركعتين قبل العصر من الرواتب.
2- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً" رواه أحمد والترمذي وحسنه وابن خزيمة وابن حبان.
3- عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين كل أذانين صلاة" رواه البخاري ومسلم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1422(11/8821)
ركعتا الفجر سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الفجر سنة أم فرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت تقصد بصلاة الفجر السنة القبلية لصلاة الفجر، فهي سنة مؤكدة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواظب عليها، ولا يتركها سفراً ولا حضراً.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر.
ومع حرص النبي صلى الله عليه وسلم عليها سمتها عائشة: نافلة.
وهذا مذهب جماهير أهل العلم، وشذ الحسن البصري، فقال بوجوبها، كما في المصنف لابن أبي شيبة، ووافقه الشوكاني كما في نيل الأوطار، واستدل للوجوب بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تدعوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل" رواه أحمد وأبو داود، وقال العراقي: إن هذا الحديث صالح.
ولكن هذا الحديث يحمل على الحث والتأكيد لا على الوجوب، لأنه قد ورد في الصحيحين عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات في اليوم والليلة". قال: هل علي غيرها؟. قال: "لا إلا أن تطوع..".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1422(11/8822)
سنة الفجر وما يستحب بعد أداء صلاة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تصلى صلاة الفجر "فرضها، سنتها، نافلتها".
هل تصلى ركعتين بين الأذان والإقامة ثم يصلى الفرض"ركعتين" ثم قراءة القرآن والتسبيح حتى شروق الشمس وبعد ذلك تختم بركعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسنة الفجر ركعتان قبلها -بعد أذان الفجر- وهي من آكد السنن، لم يتركها رسول الله صلى الله عليه وسلم حضراً ولا سفراً، والسنة تخفيفهما، والأفضل أن تقرئي بعد الفاتحة في الأولى بـ (قل يا أيها الكافرون) وفي الثانية بـ (قل هو الله أحد) ويشرع بعدهما الاضطجاع على الشق الأيمن إلا إذا كان عندك من يحادثك أو خشيت النوم فتجلسين حتى تصلي الفرض، ولا ينبغي الزيادة عليهما، فقد روى أحمد وأبو داود عن يسار مولى ابن عمر قال: رآني ابن عمر وأنا أصلي بعد ما طلع الفجر فقال: " إن رسول الله صلى الله وعليه وسلم خرج علينا ونحن نصلي هذه الساعة فقال: " ليبلغ شاهدكم غائبكم أن لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتين" وروى البيهقي عن سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى: أنه رأى رجلاً يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يكثر فيهما الركوع والسجود فنهاه، فقال: (يا أبا محمد يعذبني الله على الصلاة؟ قال: لا، ولكن يعذبك الله على خلاف السنة) ومن صلى الفرض إن شاء انصرف، وإن شاء جلس في مصلاه وهو الأفضل، يذكر الله ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتلو القرآن، أو يتذاكر مع المصلين معه حتى تطلع الشمس قدر رمح وهو: مقدار ربع ساعة تقريباً بعد وقت الشروق، ثم يصلي ركعتين يكتب الله له بذلك أجر حجة وعمرة تامة، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة" رواه الترمذي وله شواهد يرقى بها إلى درجة الحسن. والتنفل بين هذين الوقتين منهي عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وترتفع…".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1422(11/8823)
التنفل المنهي عنه بعد أداء صلاة العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عدم جواز النافلة بعد أذان العصر أم بعد صلاة العصر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنهي عن التنفل بعد العصر المراد به بعد صلاة العصر، وليس بعد أذان العصر، فمن صلى العصر لم يشرع له التنفل بعده إلى المغرب، إلا ما كان من النوافل ذوات الأسباب فإنه يجوز له ذلك على الراجح من أقوال أهل العلم، وانظر في ذلك جواب رقم: 7392
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1422(11/8824)
تأخير سنة الفجر إلى ما بعد صلاة الفرض
[السُّؤَالُ]
ـ[إمام مسجد تأخر عن أداء صلاة سنة الفجر بسبب الظروف فحضر في الوقت المحدد الذي تقام فيه صلاة الفريضة فتقدم ليصلي بالجماعة الفريضة، لأن الجماعة يرفضون أن يتقدم أحد منهم عندما يكون الإمام متواجداً. فهل يجوز تقديم الفرض قبل النفل في الفجر بالنسبة للإمام، وهل عليه حرج من فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف بين العلماء في جواز أن تصلى الفريضة دون أن تصلى الراتبة قبلها، ولو كانت صلاة الفجر.
لكن ما دام هذا الشخص هو الإمام، ولن يتقدم غيره للصلاة بالناس، فقد كان الأولى به أن يبدأ أولاً بسنة الفجر في وقت أدائها، ثم يصلي الفرض، إلا إذا كان تأخره سيؤدي إلى تذمر المصلين، وتسبب الحرج له أو لهم، فلا بأس أن يصلي الفرض، ثم يقضي بعده السنة القبلية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1422(11/8825)
ترك صلاة السنة لأجل ضغط العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا آنسة أعمل في شركة، وأحظى باحترام الجميع ومشكلتي هي أنني في بعض الأحيان يحدث أن يزيد ضغط العمل علي لدرجة أنه لا يسعني أن أتكلم حتى ولو لبضع ثوان وعندما تأتي أوقات الصلاة فإنني أصلي الفروض فقط مع العلم بأنه في الأوقات العادية أصلي السنن أيضا وما أريد أن أعرفه هو هل يجوز ألا أصلي السنن لضيق الوقت نظرا لضغط العمل مع العلم أن بعضاً من زملائي مسيحيون والآخرون لا يصلون الصلوات في أوقاتها مما يجعلني أنا المتغيبة الوحيدة عن العمل أمام صاحب العمل. وصلاة الظهر عبارة عن أربع ركعات وقبلها وبعدها ركعتان سنة، فهل لو صليت الفرض فقط في تلك الأيام يكون ذلك مكروها وهل يجب أن أصلي السنن مهما كانت العواقب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتارك السنن لا يأثم، ولكنه فرط في خير عظيم، ويوشك من فرط فيها أن يفرط في الواجبات، والسنن هي المكملة لما انتقص من الفرائض.
قال صلى الله عليه وسلم: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت، فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيءٌ قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع، فيكمل بها ما انتقص من الفريضة؟، ثم يكون سائر عمله على ذلك" رواه الترمذي عن أبي هريرة.
قال الإمام العراقي في شرح الترمذي: (يحتمل أن يراد به ما انتقصه من السنن والهيئات المشروعة فيها من الخشوع والأذكار والأدعية، وأنه يحصل له ثواب ذلك في الفريضة، وإن لم يفعله فيها، وإنما فعله في التطوع، ويحتمل أن يراد به ما انتقص أيضاً من فروضها وشروطها، ويحتمل أن يراد ما ترك من الفرائض رأساً، فلم يصله، فيعوض عنه من التطوع) . انتهى.
فعليك أن تحرصي على السنن، والعبادة باب رزق، وسبيل إلى رضى الرحمن، ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه، وأرضى عنه الناس.
ثم نذكرك بأن علاقاتك في عملك يجب أن تكون وفق الشرع، فلا يجوز الخضوع بالقول، لأنه باب فتنة قال تعالى: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) [الأحزاب:32] .
وكذلك الخلوة بالأجنبي محرمة تحت أي مبرر كانت من عمل أو زمالة، أو غير ذلك.
وفي الحديث: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم، فقال رجل: يا رسول الله، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحج. فقال: اخرج معها" رواه البخاري عن ابن عباس.
وانظري عن حكم العمل المختلط الأجوبة التالية أرقامها: 1734، 522، 7550.
ونسأل الله لك التسديد والتوفيق إلى ما يرضيه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1422(11/8826)
أدلة تفضيل السنن المؤكدة على النوافل المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للسنن المؤكدة أجر زائد عن السنن الأخرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر- والله أعلم- هو أن السنن المؤكدة أعظم أجراً من غيرها من النوافل، يدل على ذلك أمور:
الأول: مواظبته صلى الله عليه وسلم على فعلها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عيه وسلم يصلي في بيته قبل الظهر أربعاً، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء ويدخل بيتي فيصلي ركعتين" رواه أحمد وأبو داود.
ولفظ "كان" يدل على المداومة والاستمرار، وما كان صلى الله عليه وسلم يداوم إلا على أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله، والظاهر أن العبادة كلما كانت أفضل كانت أكثر أجراً.
الثاني: ترغيبه فيها، فعن أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة" رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رحم الله امرأ صلى أربعاً قبل العصر" رواه أحمد وأبو داود.
الثالث: أمره بها، كأمره بالوتر، وبركعتي الفجر، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر" رواه أحمد، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه.
وقال في سنة الفجر:" لا تدعوهما ولو طردتكم الخيل" رواه أبو داود. فكل من أمره بها، ومواظبته عليها، وترغيبه فيها، يدل بمفرده على عظم أجرها، وجزيل ثوابها، وأنها أفضل من سائر النوافل، وفي كلٍِ خير.
الأمر الرابع: أن السنن المذكورة تشترك مع النوافل المطلقة فيما أعد لأهلها من الأجر والثواب، كقوله صلى الله عليه وسلم: "عليك بكثرة السجود، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة، وحط بها عنك خطيئة" رواه مسلم، فهذا عام في كل صلاة، وتختص المذكورة عن غيرها بما ورد فيها هي خاصة. مثل ما جاء في حديث أم حبيبة المتقدم، وحديث أبي داود في شأن الوتر، الأمر الذي يدل على أن السنة المؤكدة أكثر أجراً وثواباً من غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(11/8827)
أداء السنن على التخيير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب صلاة السنة للفروض: الفجر والمغرب والشفع والوتر، مع العلم أنها سنن مؤكدة وهل هناك ذنب إن لم تصلي السنن المؤكدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب من جنس الصلاة إلا الصلوات الخمس، فلا يجب وتر ولا غيره، لما في الصحيحين من حديث طلحة بن عبيد الله قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد، ثائر الرأس، يُسمع دوي صوته، ولا يفقه ما يقول، حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عيه وسلم:"خمس صلوات في اليوم والليلة" قال: هل علي غيرها؟ قال:"لا إلا أن تطوع".
فقوله صلى الله عليه وسلم " إلا أن تطوع " تصريح بأن الزيادة على الخمس إنما تكون تطوعاً، وعليه فلا إثم على من ترك شيئاً من النوافل، لكن ينبغي للمرء أن لا يتركها لما في تركها من فوات الخير الكثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(11/8828)
صلاة الليل والنهار مثنى مثنى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل الفصل بين كل ركعتين في السنن والنوافل الليلية والنهارية أم الأفضل الوصل في النهارية والفصل في الليلية؟ وما هو الثابت في السنة مما ذكرت؟ أفيدونا آجركم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الليل مثنى مثنى" متفق عليه.
وقد ثبت أيضاً عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي ما بين أن يفرغ من العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ركعتين". رواه أبو داود وغيره. وقال صاحب فتح الباري: إسناده على شرط الشيخين. فهذان الحديثان وما جاء في معناهما، يدلان على أن الأفضل في نافلة الليل أن تكون مثنى مثنى، وهذا هو مذهب جمهور العلماء.
وأما ما رواه الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت -لما سئلت كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ -: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً ... إلى آخر الحديث. فإن مرادها أنه يصلي أربعاً يسلم من كل اثنتين، بدليل حديثيها السابقين اللذين هما نص في أن السنة في صلاة الليل أن تكون ركعتين ركعتين. فالأحاديث يفسر بعضها بعضاً، وما ثبت أيضا عنه صلى الله عليه وسلم من صلاته بالليل ثلاثاً، وخمساً، وسبعاً، فمحمول على الوتر. وبهذا تأتلف الأدلة، وأما بالنسبة لصلاة النهار فمذهب الجمهور فيها أيضاً كمذهبهم في صلاة الليل. والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى." رواه أبو داوود ابن خزيمة وابن حبان، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1422(11/8829)
التنفل قبل الجمعة بين الأذان الأول والثاني
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ,
وبعد:
1- هل تجوز الصلاة بين الآذان الأول والثاني في صلاة الجمعة؟ علما بأنه يقال لا صلاة بين الأذانين؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجوز صلاة النوافل قبل الجمعة، سواء كانت من ذوات الأسباب كتحية المسجد، أو كانت من التنفل المطلق. أما أن يصلي الشخص قبل الجمعة صلاة يعتبرها سنة قبلية للجمعة مقيدة بها ومحددة بعدد، فلم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء، ومع ذلك فقد ذهب إلى القول به الحنفية وطائفة من أصحاب الشافعي وأحمد مستدلين على ذلك بما في سنن ابن ماجه من حديث ابن عباس أنه ذكر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الجمعة أربعاً لا يفصل في شيء منهن، ولكن هذا حديث ضعيف جداً. قال النووي في المجموع: (فلا يصح الاحتجاج به، لأنه ضعيف جداً ليس بشيء) . انتهى.
وقد أطنب شيخ الإسلام ابن تيمية في بسط هذه المسألة في الفتاوى، وذلك حيث يقول: (أما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يكن يصلي قبل الجمعة بعد الأذان شيئاً، ولا نقل هذا عنه أحد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يؤذن على عهده إلا إذا قعد على المنبر… ولا نقل عن أحد أنه صلى في بيته قبل الخروج يوم الجمعة، ولا وقّت بقوله صلاة مقدرة قبل الجمعة، بل ألفاظه صلى الله عليه وسلم فيها الترغيب في الصلاة إذا قدم الرجل المسجد يوم الجمعة من غير توقيت، كقوله: "من بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، وصلى ما كتب له" وهذا هو المأثور عن الصحابة، كانوا إذا أتوا المسجد يوم الجمعة يصلون من حين يدخلون ما تيسر… ولهذا كان جماهير الأئمة متفقين على أنه ليس قبل الجمعة سنة مؤقتة مقدرة بعدد، لأن ذلك إنما يثبت بقوله صلى الله عليه وسلم أو فعله… وهذا مذهب مالك ومذهب الشافعي وأكثر أصحابه، وهو المشهور في مذهب أحمد، وذهب طائفة من العلماء إلى أن قبلها سنة، فمنهم من جعلها ركعتين كما قاله طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد، ومنهم من جعلها أربعاً كما نقل عن أصحاب أبي حنيفة وطائفة من أصحاب أحمد… وقد احتج بعض الناس على الصلاة قبل الجمعة بقوله صلى الله عليه وسلم: "بين كل أذانين صلاة" وعارضه غيره، فقال: الأذان الذي على المنائر لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن عثمان أمر به لما كثر الناس على عهده، ولم يكن يبلغهم الأذان حين خروجه وقعوده على المنبر، ويتوجه أن يقال هذا الأذان لما سنه عثمان واتفق المسلمون عليه صار أذاناً شرعياً، وحينئذ فتكون الصلاة بينه وبين الأذان الثاني جائزة حسنة، وليست سنة راتبة كالصلاة قبل المغرب، وحينئذ فمن فعل ذلك لم ينكر عليه، ومن ترك ذلك لم ينكر عليه، وهذا أعدل الأقوال، وكلام الإمام أحمد يدل عليه، وحينئذ فقد يكون تركها أفضل إذا كان الجهال يظنون أن هذه سنة راتبة، أو أنها واجبة، فتترك حتى يعرف الناس أنها ليست سنة راتبة ولا واجبة، لاسيما إذا داوم الناس عليها… انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1422(11/8830)
أقوال الأئمة الأربعة في سنة المغرب القبلية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة ركعتين قبل فرض المغرب على رأي المذاهب الأربعة؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الركعتين بعد الغروب وقبل صلاة المغرب تكره عند الأحناف. انظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر ج/1، ص/110 كتاب الصلاة.
وعند المالكية: قال في مختصر خليل: "وكره - يعني: النفل - بعد فجر، وفرض عصر إلى أن ترتفع قيد رمح وتصلى المغرب".. انتهى.
وإنما كرهت الصلاة عندهما في هذا الوقت من أجل أنها قد تجر إلى تأخير المغرب عن أول وقتها.
وصلاة هاتين الركعتين عند الشافعية سنة غير مؤكدة على القول الصحيح في المذهب. انظر المجموع ص/ 502. ج/3.
وهما عند الحنابلة جائزتان لا تكرهان ولا تستحبان، وقيل بسنيتهما. انظر: حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع ج/2. ص/218.
والحق أنهما قد ثبتتا بأقسام السنة الثلاثة: فعله صلى الله عليه وسلم، وتقريره، وأمره، فعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء ... " وفي رواية ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل المغرب ركعتين".
وفي مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: "كنا نصلي ركعتين بعد غروب الشمس، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرانا، فلم يأمرنا ولم ينهنا، وعنه أيضاً قال: " كنا بالمدينة فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري فركعوا ركعتين حتى أن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليها) رواه مسلم وعلى هذا فسنية هاتين الركعتين لا مرية فيها، فالراجح هو مذهب الشافعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1422(11/8831)
متى تقضى سنة الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة السنة بعد صلاة الفجر لمن فاتته صلاة السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز قضاء سنة الفجر بعد صلاة الفجر وقبل طلوع الشمس، وإن قضيت بعد طلوع الشمس كان ذلك أولى وراجع الجواب رقم href="ShowFatwa.php?lang=A&Option=FatwaId&Id=3746 ">3746
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1422(11/8832)
صلاة ركعتين قبل المغرب مستحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
هل يجوز أن نصلي ركعتين بعد انتهاء أذان صلاة المغرب مباشرة أي قبل البدء بصلاة المغرب.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة ركعتين قبل صلاة المغرب وبعد الأذان جائزة، فهي من السنن غير الراتبة، وغير المؤكدة، إذ أن من السنة الصلاة بين كل أذان وإقامة، فقد روى البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " بين كل أذانين [الأذان والإقامة] صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة"، قال في الثالثة: " لمن شاء" جاء في الجامع لأحكام القرآن ج17 في تفسير سورة ق [قال ثمامة بن عبد الله بن أنس: (كان ذوو الألباب من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يصلون الركعتين قبل المغرب.)
وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا بالمدينة فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري فركعوا ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليها) . وقال قتادة: (ما أدركت أحداً يصلي الركعتين إلا أنساً وأبا برزة الأسلمي) .
وقد ورد في تحفة الأحوذي في شرح الحديث رقم (185) باب الصلاة قبل المغرب: فلم ير بعضهم الصلاة قبل المغرب.
لذا فالركعتان قبل المغرب جائزة، وهي ليست مؤكدة ولا راتبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1422(11/8833)
صلاة الأوابين.. تعريفها.. مشروعيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تعريف صلاة الأوابين وما مشروعيتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل قباء وهم يصلون فقال: "صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال" رواه مسلم.
زاد ابن أبي شيبة في المصنف: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل قباء وهم يصلون الضحى، فقال: "صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال من الضحى" وفي رواية لابن مردويه في تفسيره، وهم يصلون بعدما ارتفعت الشمس. ومعنى رمضت: احترقت أخفافها من شدة الحر.
والرمضاء: هي التراب الساخن من شدة وهج الشمس. وهي شدة الحرِّ.
قال الإمام ابن الأثير (المراد بصلاة الأوابين: صلاة الضحى عند الارتفاع واشتداد الحر، واستدل به على فضل تأخير الضحى إلى شدة الحر. والفصيل هو الصغير من الإبل) .
ا. هـ
قال الإمام المناوي في فيض القدير: وفي رواية لمسلم "إذا رمضت الفصال" أي حين تصيبها الرمضاء فتحرق أخفافها لشدة الحر، فإن الضحى إذا ارتفع في الصيف يشتد حر الرمضاء، فتحرق أخفاف الفصال لمماستها، وإنما أضاف الصلاة في هذا الوقت إلى الأوابين لأن النفس تركن فيه إلى الدعة والاستراحة، فصرفها إلى الطاعة والاشتغال فيه بالصلاة رجوع من مراد النفس إلى مرضاة الرب، ذكره القاضي. انتهى.
والحاصل أن صلاة الأوابين هي (صلاة الضحى) لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب، وهي صلاة الأوابين" رواه ابن خزيمة والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الجامع من حديث أبي هريرة (2/1263) .
أما مشروعية صلاة الضحى، فقد جمع الإمام ابن القيم رحمه الله الأقوال في حكمها فبلغت ستة أقوال، وأرجح الأقوال أنها سنة مستحبة، كما قرره ابن دقيق العيد، والصنعاني في سبل السلام، والشوكاني في نيل الأوطار، قال الشوكاني: ولا يخفاك أن الأحاديث الواردة بإثباتها قد بلغ مبلغاً لا يقصر البعض منه عن اقتضاء الاستحباب. انتهى (3/60) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1422(11/8834)
صلاة التوبة مستحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد في الصلاة ما يسمى بصلاة التوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة التوبة مستحبة باتفاق الأئمة الأربعة: مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد، فقد أخرج الترمذي في حديث حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من رجل يذنب ذنباً، ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له، ثم قرأ: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) . [آل عمرآن:135]
أي إنه يستحب إذا أذنب المسلم ذنباً وأراد أن يتوب من ذنبه، أن يصلي لله ركعتين، يقدم فيهما التوبة عن ذنبه لله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1422(11/8835)
تارك السنن لا يستحق العقاب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعاقب تارك السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر أن المراد من السؤال السنة المشروعة من غير افتراض ولا وجوب،
فالسنة يستحق صاحبها الثواب بفعلها، ولا يعاقب على تركها، والأدلة على ذلك متواترة، ولا ريب في ذلك عند أهل العلم.
ففي الصحيحين في قصة الرجل الذي جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شرائع الإسلام، فبين له النبي عليه الصلاة والسلام أركان الإسلام وفرائضه، فقال الرجل: والله لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق".
وإن كان لا يليق بالمسلم الاستمرار على ترك السنن والمندوبات، لأن المرء لا يسلم من التفريط في القيام بالفرائض على الوجه الأكمل، فتكون السنن والنوافل جبراً لما فرط فيه من شأن الفرائض، وإن كان اقتصاره على الفرائض على الوجه الأكمل سبيلاً لنجاته، لكن الأولى به الحرص على الخير.
قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: "ويحتمل أنه أراد لا يصلي النافلة مع أنه لا يخل بشيء من الفرائض، وهذا مفلح بلا شك، وإن كانت مواظبته على ترك السنن مذمومة، وترد بها الشهادة، إلا أنه ليس بعاص، بل هو مفلح ناج والله أعلم. انتهى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1422(11/8836)
قضاء سنة الظهر القبلية بعد صلاة الظهر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من لم يصل النافلة قبل الظهر تعمداً يمكن أن يصليها بعده؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن فاتته سنة الظهر القبلية -بعذر أو بغير عذر- فيستحب له أن يصليها بعد الفرض، لما رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يصل أربعاً قبل الظهر صلاهن بعدها" فدل هذا على مشروعية المحافظة على السنن التي قبل الفرائض، وأن وقتها ممتد إلى آخر وقت الفريضة، ولا يخرج وقتها بأداء الفريضة. وإلى هذا ذهب الحنفية، وقال العراقي: "وهو الصحيح عند الشافعية."
والله أعلم.
ا. هـ
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1421(11/8837)
صلاة الزحافة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صلاة الزحافة، وهل يجوز لي أن أصلي ركعتين بعد الوتر وقبل الفجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمراد بالصلاة الزحافة هو صلاة ركعتين بعد الوتر جالساً، واختلف أهل العلم في مشروعيتهما.
فذهب كثير من أهل العلم إلى عدم مشروعيتهما بحال، لقوله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً"
ومنهم من قال: إن هاتين الركعتين هما ركعتا الفجر.
ومن أهل العلم من ذكر أنهما ركعتان صلاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الوتر وقبل أذان الفجر، أخذاً بظاهر الحديث الذي رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، يصلى ثماني ركعات، ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح.
قال ابن تيمية رحمه الله: (وأكثر الفقهاء ما سمعوا بهذا الحديث ولهذا ينكرون هذه، وأحمد وغيره سمعوا هذا وعرفوا صحته، ورخص أحمد أن تصلى هاتان الركعتان وهو جالس، كما فعل صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك لم ينكر عليه، لكن ليست واجبة بالاتفاق، ولا يذم من تركها"ا. هـ.
وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (3/277) : (هذا الحديث أخذ بظاهره الأوزاعي وأحمد فيما حكاه القاضي عنهما، فأباحا ركعتين بعد الوتر جالساً. وقال أحمد لا أفعله ولا أمنع من فعله. قال: وأنكره مالك: قلت: الصواب: أن هاتين الركعتين فعلهما النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوتر جالساً لبيان جواز الصلاة بعد الوتر، وبيان جواز النفل جالساً، ولم يواظب على ذلك، بل فعله مرة أو مرتين أو مرات قليلة ... وإنما تأولنا حديث الركعتين جالساً لأن الروايات المشهورة في الصحيحين وغيرهما عن عائشة مع روايات خلائق من الصحابة في الصحيحين مصرحة بأن آخر صلاته صلى الله عليه وسلم في الليل كان وتراً، وفي الصحيحين أحاديث كثيرة مشهورة بالأمر بجعل آخر صلاة الليل وترا، منها "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً،" "وصلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت فأوتر بواحدة" وغير ذلك، فكيف يظن به صلى الله عليه وسلم مع هذه الأحاديث وأشباهها أنه يداوم على الركعتين بعد الوتر ويجعلهما آخر صلاة الليل؟ وإنما معناه ما قدمنا من بيان الجواز، وهذا الجواب هو الصواب، وأما ما أشار إليه القاضي عياض من ترجيح الأحاديث المشهورة ورد رواية الركعتين جالساً فليس بصواب، لأن الأحاديث إذا صحت وأمكن الجمع بينها تعين.) انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1421(11/8838)
يستحب قضاء سنة الظهر البعدية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن تأجيل أو تأخير سنة الظهرالبعدية إلى وقت العصرثم نصليها قبل صلاة العصر في وقت العصرنظرا لعدم كفاية الوقت الذي بين المحاضرة الجامعية الأولى والثانية من وقت صلاة الظهرإلى العصر، ولأن وقت الراحة هوعشر دقائق بين المحاضرتين، وأيضا هذا الوقت نمشي فيه للوصول الى قاعة المحاضرة الثانية. أرجو الفتوى مع مثال ودليل واضح إن شاءالله، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن فاتته سنة الظهر البعدية حتى دخل وقت العصر فله أن يقضيها، سواء فاتته لعذر أو لغير عذر، وبه قال ابن عمر وعطاء وطاوس والقاسم بن محمد والشافعي في الجديد وأحمد.
وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أنها لا تقضى إذا فات وقتها - وفوات قتها بخروج وقت فريضتها- والمشهور عن مالك القول بقضاء راتبة الفجر- خاصة- بعد طلوع الشمس. ومن أهل العلم من فرق بين من تركها لعذر، ومن تركها لغير عذر. قال ابن قدامة: فصل: (وأما قضاء السنة الراتبة بعد العصر فالصحيح جوازه لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، فإنه قضى الركعتين اللتين بعد الظهر) ، وترجم البخاري باباً بقوله: باب ما يصلي بعد العصر من الفوائت ونحوها. وقال ابن حجر في الفتح: (قال الزين بن المنير: ظاهر الترجمة إخراج النافلة المحضة التي لا سبب لها. وقال أيضا (إن السر في قوله " ونحوها" ليدخل فيه رواتب النوافل وغيرها) .
وأما حديث أم سلمة الذي رواه أحمد وفيه فقلت يارسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا؟ " قال: " لا" فهذه الزيادة ضعفها البيهقي وابن حجر والثابت ما رواه البخاري ومسلم عن أم سلمة، وفيه " فإنه أتاني ناس من بني عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان".
وبناء على ماتقدم فإنه يجوز لمن في حالكم أن يصلي سنة الظهر بعد دخول وقت العصر. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1421(11/8839)
صلاة التطوع جماعة ومنفردا من فعله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن صلاة النوافل في جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا خلاف بين الفقهاء في مشروعية الجماعة في صلاة التراويح، أو الوتر في رمضان، وفي صلاة العيدين، والكسوف، والاستسقاء.
وتجوز الجماعة في صلاة التطوع عند جمهور الفقهاء.
ففي المدونة: عن مالك رحمه الله: (لا بأس أن يصلي القوم جماعة النافلة في نهار أو ليل , قال: وكذلك الرجل يجمع الصلاة النافلة بأهل بيته وغيرهم لا بأس بذلك) انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: (يجوز التطوع جماعة وفرادى، لأن النبي فعل الأمرين كليهما، وكان أكثر تطوعه منفرداً، وصلى بحذيفة مرة، وبابن عباس مرة، وبأنس وأمه واليتيم مرة، وأمَّ أصحابه في بيت عتبان مرة، وأمهم في ليالي رمضان ثلاثاً، وكلها ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى.
وقال النووي في المجموع:
قد سبق أن النوافل لا تشرع الجماعة فيها إلا في العيدين والكسوفين والاستسقاء , وكذا التراويح والوتر بعدها إذا قلنا بالأصح: إن الجماعة فيها أفضل ,
وأما باقي النوافل كالسنن الراتبة مع الفرائض والضحى والنوافل المطلقة فلا تشرع فيها الجماعة , أي لا تستحب , لكن لو صلاها جماعة جاز , ولا يقال: إنه مكروه وقد نص الشافعي رحمه الله في مختصري البويطي والربيع على أنه لا بأس بالجماعة في النافلة ودليل جوازها جماعة أحاديث كثيرة في الصحيح منها حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه في بيته بعدما اشتد النهار ومعه أبو بكر رضي الله عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين تحب أن أصلي من بيتك؟ فأشرت إلى المكان الذي أحب أن يصلي فيه فقام وصفنا خلفه ثم سلم وسلمنا حين سلم " رواه البخاري ومسلم. وثبتت الجماعة في النافلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية ابن عباس وأنس بن مالك وابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهم، وأحاديثهم كلها في الصحيحين إلا حديث حذيفة ففي مسلم فقط، والله أعلم) .
وذهب ابن حزم إلى استحباب الجماعة في مطلق النوافل. نقله عنه في طرح التثريب.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوي 23 / 111
(وهذا النزاع الذى وقع فى القنوت له نظائر كثيرة فى الشريعة فكثيرا ما يفعل النبى صلى الله عليه وسلم لسبب فيجعله بعض الناس سنة، ولا يميز بين السنة الدائمة والعارضة، وبعض الناس يرى أنه لم يكن يفعله فى أغلب الأوقات فيراه بدعة ويجعل فعله فى بعض الأوقات مخصوصا أو منسوخا إن كان قد بلغه ذلك، مثل صلاة التطوع فى جماعة، فانه قد ثبت عنه فى الصحيح أنه صلى بالليل وخلفه ابن عباس مرة وحذيفة بن اليمان مرة وكذلك غيرهما، وكذلك صلى بعتبان بن مالك فى بيته التطوع جماعة، وصلى بأنس بن مالك وأمه واليتيم فى داره.
فمن الناس من يجعل هذا فيما يحدث من صلاة الألفية ليلة نصف شعبان والرغائب ونحوهما مما يداومون فيه على الجماعات، ومن الناس من يكره التطوع لأنه رأى أن الجماعة انما سنت فى الخمس كما أن الأذان إنما سن فى الخمس،
ومعلوم أن الصواب هو ما جاءت به السنة فلا يكره أن يتطوع فى جماعة كما فعل النبى ولا يجعل ذلك سنة راتبة كمن يقيم للمسجد إماما راتبا يصلي بالناس بين العشائين أو فى جوف الليل كما يصلي بهم الصلوات الخمس،كما ليس له أن يجعل للعيدين وغيرهما أذانا كأذان الخمس ولهذا أنكر الصحابة على من فعل هذا من ولاة الأمور إذ ذاك) . انتهى.
فإذا صلى الإنسان أحيانا قيام الليل، أو النفل المطلق جماعة، ولم يداوم على ذلك فحسن. أما بالنسبة للنوافل التابعة للصلوات، وما كانت مقيدة بسبب، كاستخارة وصلاة الوضوء وتحية المسجد ونحو ذلك، فالأولى أن تصلى فرادى. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1421(11/8840)
سنة العشاء تصلى قبل التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإنسان أن يصلي ركعتين منفرداً ما بين صلاة العشاء والتراويح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هاتين الركعتين هما سنة العشاء، وهما من السنن المؤكدة، والأولى بالمسلم المحافظة عليهما، وليصلهما قبل البدء بالتراويح. فعن أم حبيبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة. أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر" رواه الترمذي، ورواه مسلم مختصراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1421(11/8841)
إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يصلي تحية المسجد أثناء إقامة الصلاة؟ وما كيفية قطع النافلة إذا أقيمت المفروضة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة، وقد استدل كثير من العلماء بهذا الحديث على كراهة الإتيان بنافلة حال إقامة الصلاة، قال النووي رحمه الله في المجموع: (قال الشافعي والأصحاب: إذا أقيمت الصلاة كره لكل من أراد الفريضة افتتاح نافلة، سواء كانت سنة راتبة لتلك الصلاة، أو تحية مسجد، أو غيرهما لعموم هذا الحديث، وسواء فرغ المؤذن من إقامة الصلاة أم كان في أثنائها، وسواء علم أنه يفرغ من النافلة ويدرك إحرام الإمام أم لا، لعموم الحديث، هذا مذهبنا، وبه قال عمر بن الخطاب، وابنه، وأبوهريرة، وسعيد بن جبير وابن سرين، وعروة بن الزبير، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وحكى ابن المنذر عن ابن مسعود أنه صلى ركعتي الفجر والإمام في المكتوبة. وقالت طائفة: إذا وجده في الفجر ولم يكن صلى سنتها يخرج إلى خارج المسجد فيصليها، ثم يدخل فيصلي معه الفريضة، وقال مالك مثله إن لم يخف فوات الركعة، فإن خافه صلى مع الإمام. وقال سعيد بن عبد العزيز وأبو حنيفة: إن طمع أن يدرك صلاة الإمام صلاهما في جانب المسجد، وإلا فليحرم معه) المجموع.
والحاصل أن النهي قد ثبت عن ابتداء نافلة من حين إقامة الصلاة، ومن العلماء من حمل النهي على الكراهة، ومنهم من حمله على التحريم، ومنهم من قيد النهي بما إذا خيف فوات ركعة والراجح- والله أعلم- هو التحريم مطلقاً وذلك لسببين: الأول: أن الأصل في النهي أن يكون للتحريم فلا يصرف عنه إلا بدليل صارف، ولا صارف هنا.
الثاني: أن "لا صلاة" نكرة مبنية واقعة في سياق نفي، فهي نص في العموم الشامل لمن خاف فوات الركعة، ومن لم يخف فواتها، بل إنها تعم من أقيمت عليه الصلاة وهو في أثناء النافلة فعليه أن يقطع النافلة هو الآخر حصل ركعة أم لا.
أما كيفية قطع النافلة إذا أقيمت الفريضة فتكون بالسلام أو أي مناف آخر، أو بمجرد الانصراف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8842)
عند الجمع بين الصلوات كيف تؤدى النافلة وصلاة الوتر.
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في البوسنة نتعرض لثلوج وأحوال مناخية صعبة مما يحملنا على جمع الصلوات، والسؤال: عند جمعنا للمغرب والعشاء تماما في وقت المغرب، فهل نصلي سنة المغرب والعشاء والوتر بعد انتهائنا من الجمع، أم نؤجل الوتر وسنة العشاء إلى وقت العشاء
... أفتونا مأجورين إن شاء الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وقت الراتبة البعدية يبدأ من نهاية الصلاة التابعة هي لها، كما نص على ذلك الأئمة. وعليه فمن جمع العشاء مع المغرب جاز له أن يصلي الراتبة التابعة لها حينئذ، والتابعة للمغرب بالأولى، مع أن صلاة النوافل في البيوت أفضل. هذا إذا كنتم تجمعون في المسجد لقوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة" متفق عليه. كما يسن الفصل بين الفرض والسنة بانتقال أو كلام أو غير ذلك: لقول معاوية رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك: أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج. رواه مسلم. أما بالنسبة للوتر فقد اختلف الفقهاء متى يبدأ وقته؟ فيبدأ عند الحنفية والمالكية من نهاية صلاة العشاء ومغيب الشفق، فلو صلى قبل غروب الشفق فإنه لا يجزئ ولو صليت العشاء، وعند الشافعية والحنابلة يبدأ من بعد صلاة العشاء فقط حتى ولو لم يغب الشفق، كأن جمعت مع المغرب جمع تقديم، وعلى هذا فالأحوط - والله تعالى أعلم - تأخير الوتر إلى مغيب الشفق خروجاً من خلاف من يقول بعدم الإجزاء قبل الشفق.
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1421(11/8843)
حكم صلاة السنة بعد كل فريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة ركعتين بعد كل صلاة فرض دون الالتزام بالسنن الرواتب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة النافلة بعد كل فريضة يختلف حكمها، فصلاة النافلة بعد صلاتي الفجر والعصر منهي عنها:
ففي الحديث المتفق عليه، "لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس"، أما صلاة ركعتين بعد باقي الصلوات المفروضة فهي سنة مؤكدة، لحديث ابن عمر المتفق عليه وهو: "حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح".
فعلى المسلم أن يلتزم بهذه الركعات العشر، فإنها سنن مؤكدة، والالتزام بها مطلوب، إذ هي من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فلا ينبغي التفريط فيها ولا التكاسل عنها ولا الاقتصار على بعضها دون بعض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8844)
لاصلاة بين صلاة الضحى وصلاة الظهر والتنفل المطلق جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك صلاة واردة بين صلاة الضحى إلى وقت صلاة الظهر؟ وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس هناك صلاة واردة فيما بين صلاة الضحى وصلاة الظهر، لكن يجوز للشخص أن يتنفل بما شاء تنفلا مطلقاً، دون تحديد بعدد إلى أن يقوم قائم الظهيرة، فتمنع حينئذ النافلة. وما ورد من أن صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، أي يشتد الحر، فمعناه أنهم كانوا يؤخرون صلاة الضحى، وليست صلاة أخرى، وهذا أولى في حق من انصرف بعد صلاة الفجر لشأنه، لكن من جلس في مصلاه بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، فإذا ارتفعت قيد رمح صلى ركعتين كان ذلك أولى في حقه، ليحصل على الفضل الوارد في ذلك.
وقائم الظهيرة يكون قبل زوال الشمس بزمن قليل (قبل دخول وقت الظهر) ، وقدره بعض العلماء بعشر دقائق تقريباً.
وذلك لأن هذا الوقت قد ورد النهي عن الصلاة فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عقبة بن عامر أنه قال: " ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيها موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب". أخرجه مسلم وأصحاب السنن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8845)
حافظ على السنن وإن كنت لا تأثم بتركها فإن لذلك ثمرات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ترك السنن المؤكدة، وهل يأثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وآله وصحبه أما بعد:
فالسنن المؤكدة لا يأثم تاركها،إلا أنه قد ترك أمرا قد واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم. ويوشك من تهاون في السنن بتركها أن يتهاون بالواجبات، واعلم أيها الأخ السائل الكريم أن هذه السنن تحمي الفرائض والواجبات من أن يقع فيها التقصير، كما تحمي القشور اللباب من الفساد، لأنه يبعد عادة أن يحافظ الشخص على السنن ثم يفرط في الواجبات، كما أنها تجبر ما نقص من الفرائض، كما جاء في الحديث: "أول مايحاسب عليه العبد الصلاة.. وفيه: فيقول الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع.." فلا ينبغي للمسلم أن يفرط فيها. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8846)
ليس للجمعة سنة راتبة قبلها.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السنة القبلية التي تصلى قبل صلاة الجمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ليس للجمعة سنة قبلية، لأن هذا لم ترد به السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
وإنما الداخل للمسجد عليه أن يصلي تحية المسجد، ثم لينظر الأصلح له - وذلك قبل صعود الإمام على المنبر ـ فإذا أحب أن يتنفل فليصل ما شاء، دون قصد عدد، وإذا أحب أن يجلس بعد تحية المسجد، ويذكر الله أو يصلي على نبيه، أو يقرأ ما تيسر من كتاب الله فليفعل ذلك.
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن ترك الصلاة قبل الجمعة أفضل، حتى لا يعتقد الجهال أنها سنة راتبة أو أنها واجبة، فتترك حتى يعرف عوام الناس أنها ليست سنة ولا واجبة، لا سيما إذا داوم الناس عليها، فينبغي تركها أحياناً لذلك.
وقد أنكر مشروعية سنة الجمعة القبلية ابن القيم في زاد المعاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8847)
ليس قبل المغرب والعشاء سنة راتبة، لكن نافلة لمن شاء
[السُّؤَالُ]
ـ[سنة الظهر أربع ركعات أم اثنتان؟ وهل قبل صلاة العشاء والمغرب سنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففيما يتعلق بسنة الظهر القبلية فقد وردت السنة باثنتين قبل الظهر واثنتين بعدها، وأربع قبل الظهر واثنتين بعدها، ولا توجد قبل صلاة المغرب والعشاء سنة راتبة يجوز في هذين الموضعين فعل لكن نافلة لمن شاء، لما روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن المغفل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" قال في الثالثة "لمن شاء".والأذانان هما الأذان والإقامة. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8848)
من خاف فوات الجماعة بصلاة النافلة قطعها ودخل مع الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إذا شرعت في صلاة السنة وأقام المؤذن الصلاة هل لي أن أقطع الصلاة أم أكمل صلاتي أم ماذا أفعل؟ أفيدونا أفادكم الله وحفظكم الله للإسلام والمسلمين وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
من شرع في النافلة ثم اقيمت عليه الصلاة تمادى في نافلته وخففها ولا يقطعها لقوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) [محمد: 33] فإن خاف بتماديه فوات فضل الجماعة قطع النافلة ودخل مع الإمام لأن الصلاة مع الجماعة واجبة، والواجب أهم من التطوع هذا هو الصحيح. وقيل يقطع النافلة مطلقاً خشي الفوات أو لم يخشه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" رواه مسلم، ولكن الصحيح أن النهي الوارد في الحديث خاص بإنشاء النافلة بعد إقامة الصلاة.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8849)
ركعتا الفجر إذا ضاق وقتها تصلى بعد صلاة الفجر أو بعد شروق الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[متى أصلي سنة الفجر إذا دخلت المسجد، وكانت الجماعة قائمة، هل أصليها بعد الجماعة وقبل الشروق؟ أم بعد الشروق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أدركتك صلاة الجماعة قبل أداء راتبة الفجر فصل معهم، ثم بعد ذلك صل سنة الفجر، ولا حرج في ذلك. فقد ثبت بتقرير النبي صلى الله عليه وسلم لقيس بن فهد رضي الله عنه حيث قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الفجر فقال: "ما هاتان الركعتان ياقيس؟ قلت: يا رسول الله لم أكن صليت ركعتي الفجر فهما هاتان" رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز، والأولى لك أن تصليهما بعد الشروق، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس" رواه الترمذي. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8850)
المداومة على فعل الرواتب في جميع الأيام
[السُّؤَالُ]
ـ[الحديث الذي ورد فيه من صلى اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة هل هن الرواتب، وهل المداومة عليها في جميع الايام بما فيها الجمعة، أم فعلها في يوم من الأيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فلفظ هذا الحديث في صحيح مسلم وغيره عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة " قالت أم حبيبة فما تركتهن منذ سمعت هن من ر سول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عتبة (الراوي عنها) : فما تركتهن منذ سمعتهن من أم حبيبة، وقال عمرو بن اوس: فما تركتهن منذ سمعتهن من عنبة. وقال النعمان بن سالم: ما تركتهن منذ سمعتهن من عمرو ابن أوس " وفي وراية له " ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير الفريضة…" وقد ترجم الإمام النووي لهذا الحديث بقوله: باب السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن.
فينبغي للمسلم أن يداوم على هذه الرواتب ويحافظ عليها في سائر الأيام بعد سماعه هذا الترغيب الوارد فيها عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، كما فعلت أم حبيبة رضي الله عنها، وكما نقل عمن رووا عنها من أجلاء التابعين وغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(11/8851)
يجوز المشي في صلاة التطوع للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز فتح الباب للطارق أثناء الصلاة، علماً بأني أعيش وحيداً في البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي في البيت والباب عليه مغلق، فجئت فمشى حتى فتح لي ثم رجع إلى مقامه. ووصفت أن الباب في القبلة" رواه الترمذي وحسنه، وأبو داود وأحمد.
والحديث يدل على إباحة المشي في صلاة التطوع للحاجة، فله أن يمشي إلى جنبه، وله أن يمشي القهقرى، أي إلى الخلف، لكن لا يستدبر القبلة، لأن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة. وإنما خص بصلاة التطوع لزيادة ذكرها النسائي -رحمه الله- في سننه وهي: أنه كان يصلي تطوعاً.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8852)
للمأموم أن يتطوع في المكان الذي صلى فيه الفريضة ويستحب للإمام التحول من مكانه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستحب تغيير المكان لمن صلى الفريضة، وأراد أن يصلي السنن بعدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس للمأموم إذا صلى فريضة أن يتطوع في مكانه الذي صلى فيه، قال الإمام أحمد: من صلى وراء الإمام فلا بأس أن يتطوع مكانه، فعل ذلك عمر رضي الله عنه. وأما الإمام فإنه يستحب له أن يتحول عن مكانه، نص عليه الإمام أحمد، وقاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لما رواه المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتطوع الإمام في مقامه الذي يصلي فيه" رواه ابن خزيمة.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8853)
تختص صلاة السنة في جماعة بالعيدين والتراويح والكسوف والاستسقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مشروعية صلاة السنة في جماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة السنة (النافلة) نوعان: نوع تسن له الجماعة، ونوع لا تسن له الجماعة: فأما ما تسن له الجماعة، فصلاة الكسوف والاستسقاء والتراويح وصلاة العيدين. وأما الذي لا تسن له الجماعة، ويفعل على الانفراد فهو ماسوى ذلك، مثل: السنن الرواتب مع الفرائض، والنوافل المطلقة، وهي الصلوات التي يتطوع بها الإنسان في الليل والنهار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8854)
صلاة الليل والنهار مثنى مثنى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... يرجى التكرم بإجابتي على السؤال التالي:- هل يمكنني أن أصلي قبل صلاة الظهر أربع ركعات، ركعتين ركعتين بشكل منفصل كسنة.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد في سنن الدارمي وصحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى " فعلى هذا لو أردت أن تصلي أربع ركعات قبل صلاة الظهر فصلها بتسليمتين.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1422(11/8855)
لا صلاة بين الجمعة والعصر إلا سنة الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك صلاة مخصوصة بين الظهر والعصر في يوم الجمعة المبارك؟ وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس هناك صلاة مخصوصة بين الظهر والعصر من يوم الجمعة سوى راتبة الجمعة البعدية، فقد ثبت في الحديث الصحيح المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته ".
وكذلك للشخص أن يصلي أربعاً بعد الجمعة، لأمره عليه الصلاة والسلام بذلك، لحديث" إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً " أخرجه الجماعة إلا البخاري، وورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يصلي بعد الجمعة ست ركعات، ويخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله. أخرجه أبو داود. والحديث صحح إسناده الإمام العراقي، كما قال الشوكاني في نيل الأوطار.
والأولى بالمرء المسلم أن يفعل هذا مرة وهذا مرة، لأن كل الوجوه السابقة قد وردت بها السنة، والأكمل في الاتباع هو الإتيان بها وتنويعها.
ويرى بعض العلماء أنه إذا صلى في المسجد صلى أربعاً، وإذا صلى في بيته صلى ركعتين، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ومال إليه ابن القيم في زاد المعاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8856)
لا توجد سنة بعد صلاة العصر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: هل توجد بعد صلاة العصر سنة؟ وما الدليل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا توجد بعد صلاة العصر سنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الصلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، والحديث في الصحيحين. وما ورد من فعله صلى الله عليه وسلم لذلك جاء معللا بأنه كان قضاء منه صلى الله عليه وسلم لراتبة الظهر، لانشغاله ببعض الوفود. فيبقى النهي على بابه، لأن قوله صلى الله عليه وسلم مقدم على فعله عند التعارض.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8857)
الصلوات المسنونة، أنواعها ومراتبها
[السُّؤَالُ]
ـ[يرجى التكرم بتعداد وتفصيل صلوات السنة وذكر مراتبها (سنة مؤكدة أو لا) ومتى تصلى قبل أو بعد أو يجوز كل الأحوال إلخ ... بما فيها الشفع والوتر، أي باختصار الصلوات غير المفروضة وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنوافل - وهي ما سوى الفرائض - قسمان:
1- نوافل تابعة للفرائض وتسمى الرواتب: وهي على قسمين مؤكدات وهي ثنتا عشرة ركعة، أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر.
وأما الرواتب غير المؤكدات فهي: أربع ركعات قبل العصر، وركعتان قبل المغرب وركعتان قبل العشاء.
2- أما النوافل ما عدا الرواتب، فهي كثيرة: منها الوتر وهي آكد النوافل مطلقا، وأقلها ركعة وأكثرها إحدى عشرة ركعة، يوتر بواحدة في آخرها، ووقتها بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وصلاة الضحى وأقلها ركعتان وأكثرها اثنتا عشرة ركعة، ووقتها يبدأ بعد طلوع الشمس بخمس عشرة دقيقة تقريباً، ويمتد إلى ما قبل الزوال.
3- وهناك نوافل أخرى مؤكدات في أوقات معينة مثل سنة الوضوء وهي ركعتان، وسنة الاستخارة، وهي ركعتان أيضاً، وزاد بعض أهل العلم سنة النكاح، وهي ركعتان عند الدخول على الزوجة، وسنة الحاجة، وهي ركعتان، عند ما تكون لك حاجة إلى الله أو إلى أحد من الناس، وفي ثبوت هاتين السنتين خلاف.
4- وهناك قسم آخر يصلى جماعة وهو صلاة العيدين، ركعتان، وصلاة الاستسقاء ركعتان، وصلاة الكسوف والخسوف وهي أيضاً ركعتان. 5- وهناك نوع آخر يسمى النوافل المطلقة غير المقيدة بعدد وهي تصلى في غير أوقات المنع أو الكراهة. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1422(11/8858)
صلاة النافلة تجبر نقص الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ترك النوافل بعد الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المسلم في اليوم والليلة هو الصلوات الخمس، كما في البخاري ومسلم وغيرهما من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة. فقال هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطَّوع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وصيام رمضان. قال هل علي غيره؟ قال لا إلا أن تطَّوع. قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال هل علي غيرها؟ قال لا إلا أن تطَّوع، قال فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق". لكن لا ينبغي للمسلم أن يعرض عن النوافل وخاصة الرواتب التي داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم وحث عليها. والنوافل لها أهمية كبيرة، وذلك لأنها تجبر النقص الذي قد يحصل في الفرائض ففي سنن ابن ماجه والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح ونجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك".
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8859)
التطوع بعد الوتر مكروه إلا إن كان له سبب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة بعد صلاة الوتر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد:
فإن كان للصلاة سبب كالقضاء والنذر وتحية المسجد وسنة الوضوء، ونحوها مما له سبب فيجوز بلا كراهة، وإن كانت الصلاة من باب النفل المطلق، كالتطوع في الليل، فيجوز إذا لم يتعمد إيقاع الصلاة بعد الفراغ من الوتر، كأن يقوم أول الليل ثم يوتر، ثم يقوم من آخر الليل وبه نشاط، فإن تعمد ذلك كره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا". متفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما، وعلى كل حال فإنه لايعيد الوتر ثانية، لقوله عليه الصلاة والسلام: "لاوتران في ليلة".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8860)
أول من سن ركعتي القتل هو الصحابي خبيب بن عدي
[السُّؤَالُ]
ـ[من أول من سن ركعتين عند القتل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أول من سن هذه السنة هو الصحابي الجليل خبيب بن عدي رضي الله عنه، لما في الصحيحين أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: "إن خبيب بن عدي الصحابي رضي الله عنه، حين أخرجه الكفار ليقتلوه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوني أصلي ركعتين، فكان أول من صلى الركعتين عند القتل".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8861)
سنة الظهر القبلية والبعدية
[السُّؤَالُ]
ـ[كم عدد ركعات السنة لصلاة الظهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عدد ركعات سنة الظهر ركعتان قبلها وركعتان بعدها، وورد كذلك أنه يصلي أربعا قبلها وركعتين بعدها. فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:" حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها …". [متفق عليه] . وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: " كان لا يدع أربعا قبل الظهر وركعتين قبل الغداة". [رواه البخاري] . ولا ينافي هذا الحديث حديث ابن عمر في قوله: ركعتين قبل الظهر، لأن هذه زيادة علمتها عائشة رضي الله عنها، ولم يعلمها ابن عمر رضي الله عنه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8862)
استحباب الإسرار في نوافل النهار.
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا: ما حكم الجهر بالقراءة في صلاة النافلة في النهار مثل الضحى إذا كنت أرى أنها تزيدني خشوعا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى في نوافل النهار هو الإسرار لا الجهر، وهذا اتفاق من الفقهاء سوى ما استثني كالكسوف والاستسقاء، ولم نر أحدا من الفقهاء استحب الجهر في الضحى ونحوها من نوافل النهار إذا كان أعون على تحصيل الخشوع، بل نصوصهم في استحباب الإسرار مطلقة، جاء في الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في سنّيّة الإسرار في نوافل النّهار المطلقة.
وحكى النووي في شرح المهذب: الاتفاق على استحباب الإسرار في نوافل النهار.
بل ذهب بعض العلماء إلى أن الجهر في نوافل النهار مكروه، قال الدردير في الشرح الكبير: وندب سر به أي بالنفل نهارا، وفي كراهة الجهر به قولان ما عدا الورد إذا صلاه نهارا، فإنه يجهر به نظرا لأصله.
وقال الرحيباني في مطالب أولي النهى: وإسراره أي: التطوع أفضل، ويكره الجهر به نهارا، والمراد: غير الكسوف والاستسقاء. انتهى بتصرف.
ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جهر في صلاة الضحى ولا في غيرها من نوافل النهار، ولو كان جهر فيها لنقل ذلك الصحابة كما نقلوا جهره في الكسوف.
وبما تقدم تعلم أنه لا إثم عليك إذا جهرت في نفل النهار، وإنما فاتك الأولى والأفضل، فالأولى والأفضل لك اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهديه صلى الله عليه وسلم أحسن الهدي، ووطن نفسك على تحصيل الخشوع فيما كان يفعله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1430(11/8863)
أول وقت الضحى وآخره بحساب الدقائق
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للفتوى رقم الفتوى:125423.
عنوان الفتوى: متى تبطل طهارة المعذور؟ بخروج وقت الصلاة الأولى أم بدخول وقت الثانية؟.
تاريخ الفتوى:19 شعبان 1430 / 11-08-2009
لم تذكر فضيلتك بعد كم دقيقة تقريبا من الشروق يبدأ الوضوء للضحى ـ قيد رمح فى ـ مصرـ كم تقدر بالدقائق ـ
وعندما تكون الشمس في كبد السماء، كيف نعرفها؟ أوكيف يقدر عوام المسلمين نهاية وقت الضحى؟ وكم دقيقة فى مصر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت الوضوء لصلاة الضحى في حق المعذور يبدأ بدخول وقتها، كما بيناه في الفتوى المشار إليها، ووقتها يبدأ بارتفاع الشمس قيد رمح، وهذا يقدر من الدقائق بنحو ربع ساعة أو أكثر قليلا أو أقل قليلا، ولو انتهى به المصلي إلى عشرين دقيقة مثلا كان أحوط، وممن تكلم على تقدير ارتفاع الشمس قيد رمح بالدقائق، العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ فقال في الشرح الممتع: قيد رمح: يعني قدر رمح برأي العين.
فإذا طلعت الشمس فانظر إليها، فاذا ارتفعت قدر رمح، يعني قدر متر تقريبا في رأي العين فحينئذ خرج وقت النهي، ويقدر بالنسبة للساعات باثنتي عشرة دقيقة إلى عشر دقائق، أي ليس بطويل، ولكن الاحتياط أن يزيد إلى ربع ساعة، فنقول بعد طلوع الشمس بربع ساعة ينتهي وقت النهي. انتهى.
وقال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله: صلاة الضحى مشروعة كل يوم وأقلها ركعتان والأحاديث فيها كثيرة، ووقتها يبتدئ من ارتفاع الشمس قيد رمح في عين الناظر وذلك يقارب ربع ساعة بعد طلوعها. انتهى.
فإذا انقضى نحو من هذا الوقت المذكور دخل وقت صلاة الضحى وجاز الوضوء للمعذور، وأما وقت استواء الشمس في كبد السماء والذي يكون قبل الزوال وهو وقت النهي عن الصلاة وبه يخرج وقت الضحى فهو وقت لطيف لا يسع مقدار صلاة ركعتين كما بين ذلك الفقهاء، قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: ووقت الاستواء وقت لطيف لا يكاد يتسع لصلاة ولا يكاد يشعر به حتى تزول الشمس إلا أن التحريم يمكن إيقاعه فيه انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1430(11/8864)
لا يشترط تتابع ما زاد على الركعتين في الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الضحى هل تصلى متتابعة أم يجوز أن تصلى ركعتان ثم أصرف لفترة محدودة ثم أعود لأداء ركعتين وهكذا، فأفيدونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الضحى سنة وأقلها ركعتان وأكثرها ثمان ركعات عند أهل العلم، وقيل اثنتا عشر ركعة ولا يشترط تتابع ما زاد على ركعتين؛ لكن الظاهر أن الأولى لمن أراد الزيادة على ركعتين أن يأتي بذلك متتابعاً لفعله صلى الله عليه وسلم لذلك ولئلا يشغله شاغل مع أنه لا مانع من تفريقها.
قال الباجي في المنتقى: ليست صلاة الضحى من الصلوات المحصورة بالعدد فلا يزاد عليها ولا ينقص منها ولكنها من الرغائب التي يفعل الإنسان منها ما أمكنه، وإن قصد بذلك التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم فليصلها ثماني ركعات من غير أن يجعل ذلك حداً ولا بأس به وليس ما صلاه النبي صلى الله عليه وسلم منها يوم رأته أم هانئ حداً لذلك وإنما هو إيماء إلى أنه مقدار ما صلاه النبي ذلك اليوم وإن كان في غيره من الأيام التي كان يصلي فيها ذلك الوقت ربما نقص من ذلك وربما زاد. انتهى.
وفي دقائق أولي النهى ممزوجاً بمتن المنتهى في الفقه الحنبلي: وتسن صلاة الضحى وأقلها ركعتان، لأنه لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها دونهما، وفي حديث أبي هريرة: وركعتي الضحى. وصلاها النبي صلى الله عليه وسلم أربعاً كما في حديث عائشة، رواه أحمد ومسلم، وستا كما في حديث جابر بن عبد الله رواه البخاري في تاريخه (وأكثرها ثمان) لحديث أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح صلى ثمان ركعات سبحة الضحى. رواه الجماعة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1429(11/8865)
صلاة الضحى اثنتي عشرة ركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
صليت بعد الشروق بنصف ساعة ركعتي الإشراق ثم أصلي قبل الظهر بساعتين 10 ركعات كي يكون في الجملة 12 ركعة صلاة الضحى، فهل يعتبر هذا الفعل بدعة إذ لا أعلم دليلا على أنه قد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الكيفية أم لا ولا الصحابة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التنفل باثنتي عشرة ركعة في أول النهار لا حرج فيه، وقد روى الترمذي حديثاً يرغب في صلاة اثنتي عشرة ركعة في الضحى ولكنه ضعيف عند أهل العلم، وقد اختلف أهل العلم في أكثر الضحى فذهب المالكية والحنابلة إلى أن أكثرها ثمان ركعات، وذهب الشافعية والأحناف إلى أن أكثرها اثنتا عشرة ركعة ... وعليه فما يفعله الأخ السائل موافق لهذا على قول من يقول من أهل العلم أن صلاة الشروق هي من الضحى أيضاً ولا مانع من أن يفرق مصلي الضحى ركعاتها خلال وقتها.
وهذا الخلاف في عدد ركعات الضحى إنما هو في القدر الذي ينوى على أنه صلاة الضحى، وأما من ناحية الجواز فإن جميع الأوقات التي لم يرد فيها النهي يجوز للعبد أن يصلي فيها ما شاء، ولكن الأولى ألا يلتزم العبد التحديد إلا بما ثبت، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17376، 28916، 31326، 7776.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1429(11/8866)
وقت صلاة الضحى وهل تجب المواظبة عليها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لكم هل تجوز لي صلاة الضحى الساعة الثامنة صباحا، وهل فعلا من يبدأ صلاتها لا يجوز له تركها أي يوميا يجب أن يصليها.
ولكم الأجر والثواب بإذن الله تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت صلاة الضحى يبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى أن يقوم قائم الظهيرة وقت الزوال، وذلك قبل دخول وقت الظهر، وعليه فما بين هذين الوقتين كله وقت لصلاة الضحى، ولا يمكن تحديد بدء وقت صلاة الضحى ولا نهايته بساعة محددة لأن ذلك يختلف من زمن إلى زمن ومن بلد إلى بلد، ثم إن صلاة الضحى نافلة وليست واجبة، ولا حرج في فعلها مرة وتركها مرة أخرى، إلا أن الاستمرار على فعل الطاعة أفضل من فعلها مرة وتركها مرة بدليل ما في الصحيحين واللفظ للبخاري من أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أدومها وإن قل، وقال: اكلفوا من الأعمال ما تطيقون. وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا أثبته.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 97718.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1428(11/8867)
المواظبة الدائمة على ركعتى الضحى فضيلة مستحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المواظبة الدائمة على ركعتي الضحى تعتبر بدعة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المواظبة على ركعتي الضحى ليست بدعة بل هي فضيلة مستحبة، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الترغيب فيهما والحث على المداومة عليهما كما في وصيته لأبي هريرة رضي الله عنه، وليس ذلك خاصاً به رضي الله عنه بل هو حكم عام، وإليك نص هذه الوصية مع بيان كلام أهل العلم في هذا المعنى، ففي البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر. قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند شرح هذا الحديث: قوله وصلاة الضحى زاد أحمد في روايته كل يوم.. قال ابن دقيق العيد: لعله ذكر الأقل الذي يوجد التأكيد بفعله، وفي هذا دلالة على استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، وعدم مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها لا ينافي استحبابها لأنه حاصل بدلالة القول، وليس من شرط الحكم أن تتضافر عليه أدلة القول والفعل، لكن ما واظب النبي صلى الله عليه وسلم على فعله مرجح على ما لم يواظب عليه. انتهى بحذف قليل.
ولبيان المزيد مما ورد في فضل صلاة الضحى والحث عليها تراجع الفتوى رقم: 22355.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1428(11/8868)
وقت بدء صلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[وقت الشروق المسجل بالنتائج (الرزنامة) هل يمكن صلاة الضحى في نفس التوقيت، وهل تم أخذ ارتفاع الشمس بمقدار الرمح في الاعتبار عند تسجيله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت صلاة الضحى يبدأ من ارتفاع الشمس قدر رمح، والغالب كون الوقت المسجل في التقويم هو وقت شروق الشمس بدون أخذ ارتفاعها في الاعتبار، فلا بد إذاً من التأخر عن هذا التوقيت بربع ساعة أو عشرين دقيقة، كما تقدم في الفتوى رقم: 69395، والفتوى رقم: 12127.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(11/8869)
حكم صلاة الضحى في جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صلاة الضحى جماعة في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المداومة على صلاة الضحى جماعة غير مشروع، وأما فعل ذلك في بعض الأحيان فلا بأس به كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 9841.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1427(11/8870)
مؤلفات في التفسير وأسباب النزول وفضل صلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تزودوني بأسباب نزول سورة يس والتتبع الزمني لنزول آياتها، كما وأرجو أن تذكروا لي فضل صلاة الضحى، وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذكر أسباب نزول آيات سورة يس والتتبع الزمني لنزول آياتها لا يتسع المقام لتفصيله، فلذا ننصحك بمطالعة كتب التفسير التي تعتني بأسباب النزول مثل الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي، وكذلك بعض الكتب المؤلفة في أسباب النزول مثل لباب النقول في أسباب النزول للسيوطي أيضا، وأسباب النزول للواحدي، وصلاة الضحى سبق بيان حكمها وفضلها في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 7776 / 22355 / 17199.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1427(11/8871)
وقت صلاة الإشراق
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أذكر الله بعد الفجر حتى تشرق الشمس هل أصلي الركعتين حسب وقت الشروق في التقويم أم أنني أضيف على وقت التقويم زمن معين للتأكيد يا شيخ، صلاة الضحى بعد الشروق بكم دقيقة، أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت صلاة الإشراق، يبدأ من بعد ارتفاع الشمس قدر رمح وهو مقدر بعشرين دقيقة تقريبا. وعليه فلا بد أن تنتظر بعد الوقت المدون في التقويم عشرين دقيقة ثم تصلي صلاة الإشراق، وهي جزء من صلاة الضحى، كما بيناه في الفتوى رقم: 22560.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1426(11/8872)
صلاة الضحى بالحذاء
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني في كل يوم والحمد لله عندما أستيقظ للدوام في الساعة الثامنة والنصف صباحا أصلي ركعتين بنية صلاة الضحى ولا أزيد لضيق الوقت وأصليهما دائما وأنا مرتَدٍ حذائي, فهل هذا العمل صحيح بالنسبه للتوقيت وارتداء الحذاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لنا وللأخ السائل السداد والتوفيق والإخلاص في القول والعمل والمداومة على أفعال الخير، أما بالنسبة للسؤال عن ركعتي الضحى في هذا الوقت والصلاة بالحذاء، فالجواب: أن ذلك صحيح ويطالع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17199، 40196، 5210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1426(11/8873)
حكم صلاة الضحى قبل الظهر بخمس دقائق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة الضحى قبل أذان الظهر بخمس دقائق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى تقديم صلاة الضحى عن الوقت الذي ذكرت، لأن وقت الصلاة ينتهي بقيام قائم الظهيرة، ويمكن تحديد ذلك تقريباً بربع ساعة، كما بينا في الفتوى رقم: 9030، وأما خمس دقائق فهي يسيرة، والأحوط كما ذكرنا أن تكون قبل ذلك حتى لا تقع في وقت النهي، لما في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1426(11/8874)
حكم صلاة السنة لمن فاته الصبح حتى طلوع الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فاتني وقت صلاة الصبح حتى طلوع الشمس، هل يجوز أن أصلي صلاة السنة؟
ـ هل يجوز أن أصلي صلاة الضحى؟
أريدكم أن تدعو لي الله في سجودكم بالتوفيق والتيسير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك التوفيق لما يحبه ويرضاه، فقد تقدم في الفتوى رقم: 5060 أن من فاتته صلاة الصبح حتى خرج وقتها لنوم ونحوه أنه إذا انتبه يصلي ركعتي الفجر النافلة أولا ثم يصلي الفريضة، أما صلاة الضحى فلا يقدمها على الفريضة، وبعد أن يصلي الفريضة إن شاء صلى الضحى إذا كانت الشمس قد ارتفعت في ذلك الوقت ارتفاعا تحل به النافلة.
واعلم أنه لا يجوز لك أن تتهاون بالصلاة حتى يخرج وقتها فإن كنت لا تنتبه عند الفجر فعليك أن تتخذ وسيلة للتنبيه لأن وسيلة الواجب واجبة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1426(11/8875)
لا يوجد دعاء خاص بصلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد دعاء يقال بعد صلاة الضحى؟ وإذا كان يوجد هل هو: اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله وإن كان رزقي في الأرض فأخرجه وإن كان رزقى بعيدا فقربه وإن كان رزقي قريبا فيسره وإن كان رزقي يسيرا فبارك لنا فيه اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عن من سواك وإن كان لا يوجد دعاء بعد صلاه الضحى هل يجوز أن أردد هذا الدعاء في أي وقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 40310 صفة صلاة الضحى ووقتها وعدد ركعاتها، ويكفيها فضلاً أنها تجزئ عن ثلاثمائة وستين صدقة تصبح على كل مفصل من مفاصل المسلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 40196.
لكننا لم نطلع على دعاء خاص بصلاة الضحى، فللمسلم أن يدعو الله تعالى بما شاء مما ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم، سواء دعاه بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم أو دعاه بما يتيسر له هو من دعائه الخاص، إلا أن الدعاء بالمأثور أفضل إذا كان الداعي يحفظه، ولبيان بعض الأدعية المأثورة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 16946 والفتوى رقم: 18766، والفتوى رقم: 51531.
ولبيان بعض شروط إجابة الدعاء يرجى مراجعة الفتوى رقم: 2395.
أما الدعاء المذكور فلا حرج في الدعاء به مع أن آخره مأثور وهو: اللهم أكفني بحلالك عن حرامك ... الخ.
فقد أخرج الترمذي عن علي بن أبي طالب، وقد جاءه رجل يشتكي الدين فقال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير دينا أداه الله عنه، قال: قل: اللهم أكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك. والحديث حسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1426(11/8876)
لا تجب قراءة سورة الضحى في صلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب أن أقرأ سورة الضحى في صلاة الضحى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجب قراءة سورة الضحى في صلاة الضحى، بل يكفيك أن تقرأ فيها بما تيسر من القرآن.
وراجع حكمها وصفتها في الفتوى رقم: 26389 والفتوى رقم: 17376.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1426(11/8877)
وقت النافلة بدءا وانتهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التنفل ما بين الشروق والضحى؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت صلاة النافلة يبدأ بعد شروق الشمس وارتفاعها في السماء مسافة رمح، وتستمر إباحة النافلة إلى استواء الشمس في كبد السماء أي قبل الظهر بلحظة.
ففي نهاية المحتاج ممزوجاً بالمنهاج على الفقه الشافعي أثناء حديثه عن الأوقات التي تكره فيها النافلة: وتكره أيضاً بعد أداء الصبح حتى ترتفع الشمس كرمح في رأي العين، وإلا فالمسافة بعيدة جداً وهو تقريب. انتهى، وعليه فلا بأس في التنفل في الوقت المذكور في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(11/8878)
قضاء صلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أداء صلاة الضحى في وقت الظهر إذا لم أستطع أداءها في وقتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 9030 بيان وقت صلاة الضحى من أوله إلى آخره، أما قضاؤها إذا لم تصل في وقتها فهو محل خلاف بين العلماء. قال النووي: رحمه الله تعالى في كتابه المجموع شرح المهذب بعد أن قرر أن صلاة الضحى من الرواتب قال: ذكرنا أن الصحيح عندنا استحباب قضاء النوافل الراتبة وبه قال محمد والمزني وأحمد في رواية عنه، وقال أبو حنيفة ومالك وأبو يوسف في أشهر الرواية عنهم: لا يقضى. انتهى.
وعليه، فإنه يستحب قضاء صلاة الضحى أي صلاتها بعد الزوال عند الشافعية ومن وافقهم، ولا تقضى عند المالكية وأبي حنيفة ومن وافقه من أصحابه، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 7776 والفتوى رقم: 4631.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(11/8879)
العمرة التامة هل ينالها الجالس في بيته بعد الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ (من مكث في مصلاه حتى تطلع الشمس يؤجر بعمرة تامة بمعنى الحديث) ماذا صلى الفجر في المسجد ثم خرج إلى البيت وجلس في مصلاه لحضور دروس قناة المجد العلمية ومن ثم صلى ركعتين عند الشروق هل ينطبق عليه الحديث ويحصل على الأجر؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث لا يتناول من خرج من المسجد كما هو ظاهر، وقد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 57839.
لكنه مأجور على الاستماع إلى الدرس والصلاة في ذلك الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(11/8880)
فضل صلاة الضحى وحكم الدعاء بعدها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما فضل صلاة الضحى وما الدعاء الذي يقال بعدها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في فضل صلاة الضحى وأهميتها ومشروعيتها ووقتها فنحيل السائل إلى هذه الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22355، 7776، 17199، 28916، 17376.
وأما الدعاء الذي يقال بعدها فلا نعلم دعاءً ورد بسند صحيح خاصاً بصلاة الضحى، إلا أنه ذكر بعض الفقهاء من الأحناف أنه يستحب أن يدعى في صلاة الضحى، وقال بعضهم إذا فرغ من صلاتها دعا بهذاالدعاء: اللهم إن الضحى ضحاؤك والبهاء بهاؤك والجمال جمالك.... إلى آخره في دعاءٍ ليس له أصل من السنة فيما نعلم، وفيه ما فيه من الركاكة في الألفاظ والتكلف والتوسل غير المشروع فلا يدعى به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(11/8881)
هل يلزم التتابع لمن صلى الضحى أكثر من ركعتين
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي صلاة الإشراق في المسجد ركعتين فهل يجوز لي أن أصلي صلاة الضحى أربع ركعات بعد ساعتين في البيت بعد أن تشتد الشمس أم يجب في صلاة الضحى أن تكون متتابعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى الترمذي في سننه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة. قال في تحفة الأحوذي: قال الطيبي: أي ثم صلى بعد أن ترتفع الشمس قدر رمح حتى يخرج وقت الكراهة، وهذه الصلاة تسمى صلاة الإشراق، وهي أول صلاة الضحى. انتهى. وقال الرملي الشافعي في فتاويه: المعتمد أن صلاة الإشراق هي صلاة الضحى. انتهى. فمن هذين النصين يتبين أن صلاة الإشراق من صلاة الضحى، وأنه لا فرق بينهما.. إلا أن صلاة الإشراق تكون في أول الضحى بعد الوقت المذكور في الحديث السابق كما نقل في تحفة الأحوذي عن الطيبي وقد سبق، وممن صرح بهذا ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى فقال: مغايرتها للضحى لم يصح فيه شيء، ومبنى الصلوات على التوقيف ما أمكن. انتهى. وقال أيضا: هذا هو اللائق بالقواعد. انتهى. وعليه فلا حرج عليك أن تصلي الإشراق ثم تصلي بعد ذلك إلى وقت الكراهة وهي كون الشمس في كبد السماء، ولا يلزم التتابع. وراجع في فضل صلاة الضحى وركعاتها ووقتها الفتوى رقم: 17199.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(11/8882)
صلاة الضحى لا تقضى إذا فات وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا فاتتني صلاة الضحى بعد الساعة الثانية عشرة ظهراً أقضيها حتى ولو بعد صلاة الظهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 28916 تحديد وقت صلاة الضحى من أوله إلى آخره، فللمسلم أن يصليها في أي ساعة من هذه الفترة، وإذا فات وقتها فلا يطالب بقضائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1425(11/8883)
صلاة الضحى لا تصلى إلا بعد ارتفاع الشمس قدر رمح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإنسان أن يصلي الضحى والشيخُ يلقي الدرس بالجامع أم عليه أن ينتظر حتى ينتهي الدرس، وهل على الإنسان أن ينتظر ثلث ساعة من طلوع الشمس حتى يصلي فتحسب له كحجة وعمرة بعد أن يصلي الفجر ويجلس يذكرالله جماعة ويصلي الضحى بعد طلوع الشمس، وهل يكفي فقط طلوع الشمس فقط حتى نصلي الضحى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للإنسان أن يصلي الضحى والشيخ يلقي الدرس ولا يجب عليه الانتظار حتى فراغه، وإن كان الأولى الاستماع للدرس ثم الصلاة بعده، لأن وقته قليل ووقت الضحى موسع.
ووقت صلاة الضحى يبدأ بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح ويحصل ذلك بعد خمس عشرة دقيقة بعد طلوع الشمس تقريباً، وينتهي عند قيام الشمس في كبد السماء قبيل الزوال بزمن يسير، وقدره بعض العلماء بعشر دقائق تقريباً، وانظري الفتوى رقم: 28916.
ولا تصلي الضحى بعد طلوع الشمس فوراُ وإنما حتى ترتفع الشمس قيد رمح، روى الترمذي من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة.
ونلفت نظر السائلة إلى أنه ليس في الحديث "يذكر الله جماعة" فالذكر الجماعي لم يرد في الحديث، ولمعرفة حكم الذكر الجماعي نحيل السائلة إلى الفتوى رقم: 1000، والفتوى رقم: 8381.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(11/8884)
لا تسمى صلاة الفجر صلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الفجر متى تسمى الفجر ومتى تسمى الضحى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تسمى صلاة الفجر أبدًا صلاة الضحى بحال من الأحوال، وإنما صلاة الضحى هي صلاة تطوع، ووقتها يبدأ من بعد طلوع الشمس ثم ارتفاعها بمقدار رمح أو رمحين، أي بعد ربع ساعة تقريبًا من طلوع الشمس، ويستمر وقتها إلى أن يقوم قائم الظهيرة، وهو قبيل زوال الشمس، ويكون ذلك قبل دخول وقت الظهر بربع ساعة تقريبًا أو أكثر قليلاً، ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 28916، والفتوى رقم: 9030، والفتوى رقم: 4015.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(11/8885)
وقت صلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[4 ـ صلاة الضحى متى تصلى وهل لها وقت معين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
6- وراجع وقت صلاة الضحى في الفتوى رقم: 9030.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(11/8886)
وقت الضحى يختلف من بلد لآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: ماهو وقت صلاة الضحى بتوقيت مكة تقريبا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت صلاة الضحى يبدأ من طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح -بعد خمس عشرة دقيقة تقريباً من بزوغها- ويستمر إلى أن يقوم قائم الظهيرة وهو قبيل زوال الشمس بزمن قليل، قدره بعض العلماء بعشر دقائق تقريباً قبل دخول وقت الظهر.
وبهذا تعلم أن الضحى يختلف وقته من بلد إلى آخر، وتمكنك معرفة مواقيت الصلاة وطلوع الشمس في بلدك من خلال خدمات الشبكة على موقعنا أو غيره من المواقع المعتمدة على جهات موثوقة في الحساب، وراجع الفتوى رقم: 9030.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(11/8887)
وقت صلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لصلاة الضحى يوم الجمعة متى وقتها؟ وهل يجوز صلاتها بعدالاذان الاول لصلاة الجمعة؟
ووفقكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوقت صلاة الضحى يبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى أن يقوم قائم الظهرة -قبيل الزوال بعشر دقائق تقريباً- وسواء في ذلك يوم الجمعة وغيره، وراجع الفتوى رقم: 28916 لمزيد من الفائدة.
وإذا تقرر هذا فإن كان الأذان الأول يؤذن به عند الزوال، فلا يشرع أداء صلاة الضحى بعده لأن وقتها يكون حينئذ قد فات، وهل يشرع قضاؤها؟ فيه خلاف أشرنا إلى طرفٍ منه في الفتوى رقم:
9500
وإذا كان الأذان الأول يؤذن به قبل الزوال بأكثر من عشر دقائق، فلا بأس بصلاة الضحى بعده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1424(11/8888)
صلاة الضحى كيفيتها وقتها وعدد ركعاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أصلي صلاة الضحى والنوافل وأرجو أن تعطيني إيميل أو موقعا أتمكن به من محادثتك مباشرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الضحى أقلها ركعتان وأكثرها ثماني ركعات، وإذا صلاها المرء أكثر من ركعتين استحب له أن يسلم من كل ركعتين، ويبدأ وقتها بارتفاع الشمس قدر رمح، ويمتد وقتها إلى قبيل الزوال، وكذا تصلى النوافل ركعتين ركعتين على سبيل الاستحباب، ولا تصلى النوافل التي لا سبب لها -وهي النوافل المطلقة- في أوقات النهي، بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس، وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وعند وقت زوال.
ولمزيد من الفائدة، نرجو مراجعة الفتاوى التالية: 7776، 17199، 19417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(11/8889)
صلاة الضحى صدقة عن سائر المفاصل
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل كان شعر الرسول صلى الله عليه وسلم طويلاً وذا ضفائر؟
2- هل صحيح أن صلاة الضحى كفارة عن فقرات الظهر، والتسبيح على الأصابع كفارة عنهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: على كل سلامى من أحدكم صدقة: هو بضم السين وتخفيف اللام، وأصله عظام الأصابع وسائر الكف، ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله، وسيأتي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلق الإنسان على ستين وثلثمائة مفصل، على كل مفصل صدقة. انتهى.
وعليه فإن صلاة الضحى تكفي عن الصدقات المطلوبة عن جميع مفاصل البدن، ويشمل ذلك فقرات الظهر والأصابع.
أما التسبيح بالأصابع فلم نعثر على ما يدل على أنه كفارة عنها، وإنما ثبت الأمر باستعمالها لمعرفة عدد الأذكار التي يقوم بها الإنسان، ففي سنن الترمذي عن يُسيرة وكانت من المهاجرات قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات، ولا تغفلن فتنسين الرحمة. وفي سنن أبي داود معناه، وراجع الفتوى رقم: 22355.
ولمعرفة صفة شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، راجع الفتوى رقم: 5068.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(11/8890)
صلاة الضحى أقلها ركعتان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكل عام وأنتم والأمة الإسلامية جميعها بخير..
قال النبي صلى الله عليه وسلم (من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة) .. فهل إذا صليت أكثر من ركعتين (أربع مثلا) أكون قد أتيت بدعة أما ماذا؟ وهل الأفضل أن أصلي ركعتين كما فى الحديث فقط، أما من الممكن الزيادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة مرغب فيها عموماً، فإذا زال وقت الكراهة فلا حرج عليك أن تصلي ما تشاء من النوافل بعد ركعتي الإشراق وليس ذلك ببدعة، على أن تكون الصلاة الزائدة عن الركعتين بنية النفل المطلق، وهذا على القول بأن صلاة الإشراق ليست هي صلاة الأوابين (الضحى) ، كما أفتى بذلك الرملي.
وأما على القول بأنها الضحى، فأقلها ركعتان وأكثرها ثمان وقيل اثنتا عشرة وبهذا أفتى ابن حجر الهيتمي، وقال عن القول الأول بأنه متجه أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1424(11/8891)
لا يسقط طلب الفريضة بصلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلاة الضحى سنة واجبة أم فرض؟ وما هو وقتها المناسب؟ وجميع شروطها. وإذا لم أصل الفجر هل صلاة الضحى تحل مكانها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الضحى سنة وليست فرضًا ولا واجبًا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7776. ويدل لذلك جواب النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي سأل عن الإسلام، فقال: خمس صلوات في اليوم والليلة. قال: هل عليَّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع. رواه البخاري ومسلم.
إلا أنها أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم وحض عليها. وراجع في ذلك وفي بيان وقتها الفتويين التاليتين: 17199، 7776.
وأما شروطها فهي شروط الصلاة المعروفة. وقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 1742.
ولا تعوض صلاة الضحى صلاة الفجر؛ لأن الفرض كالأس والأصل، والنفل كالفرع والبناء، كما قال ابن حجر عند شرح حديث البخاري: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه. ومحل هذا في الدنيا بمعنى أنه لا يسقط طلب الفريضة بصلاة الضحى، ولا بعمل آخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(11/8892)
أول وقت صلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي صلاة الشروق أو الضحى ابتداءً من أول دقيقة من شروق الشمس، فهل ذلك هو وقتها الصحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكره السائل من أنه يصلي الضحى ابتداء من أول دقيقة من شروق الشمس، خطأ، لأن هذا الوقت منهي عن الصلاة فيه.
فقد روى مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب..
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة حتى ترتفع الشمس، وجاءت الروايات الأخرى تبين مقدار هذا الارتفاع، وأنه قدر رمح، أي في نظر الناظر، وقدره بعض العلماء المعاصرين بأنه حوالي خمس عشرة دقيقة من طلوعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(11/8893)
أقل ركعات صلاة الضحى وأكثرها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أقل ركعات صلاة الضحى وما أكثرها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق العلماء على أن أقل صلاة الضحى ركعتان، وأما أكثرها فقد اختلفوا فيه، ولعل الراجح من أقوالهم -إن شاء الله تعالى- أنه اثنتا عشرة ركعة.
ولتفاصيل ذلك وأدلته وأقوال العلماء فيه نحيلك إلى الفتوى رقم: 17376.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1424(11/8894)
وقت صلاة الضحى بدءا وانتهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ...
سؤالي يتعلق بوقت صلاة الضحى، هل تبدأ من شروق الشمس بعد صلاة الفجر؟ أم وقتها مقيد بساعة معينة كالتاسعة أو الثامنة أو العاشرة؟ وهل يجوز أن نصليها قبل صلاة الظهر بنصف ساعة، أو بعشر دقائق، أو بخمس دقائق؟ مع العلم بأنه هناك صلاة تصلى قبل الظهر، هل هناك تعارض؟ أفيدوني أفادكم الله تحديداً بالساعات وجزاكم الله خيراً، وشكر لكم سعيكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وقت الضحى يبدأ من طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح، -ويحصل ذلك بعد خمس عشرة دقيقة تقريباً بعد بزوغها- إلى أن يقوم قائم الظهيرة، وهو قُبيل زوال الشمس بزمن قليل، وقدَّره بعض العلماء بعشر دقائق تقريباً قبل دخول وقت الظهر،.
فيمكن أن تؤدى في أي ساعة من هذا الوقت.
أما الصلاة التي تكون قبل الظهر فإن كنت تقصد قبل وقته وبعد انتهاء وقت الضحى فهذا وقت قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيه؛ كما ثبت في الحديث الذي أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهنَّ أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب".
أما إن كنت تقصد قبل الصلاة بعد دخول الوقت فهذه من السنن الرواتب التي حث عليها الشرع ودام عليها النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(11/8895)
صلاة الشروق.. تعريفها.. وقتها وعدد ركعاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صلاة الشروق وما وقتها وكم عدد ركعاتها وما يقرأ فيها من السور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الشروق هي صلاة النافلة عند ارتفاع الشمس قدر رمح، وهو وقت انتهاء وقت النهي عن الصلاة، وتسمى صلاة الضحى أيضاً لكنها إن صليت بعد الشروق سميت صلاة الشروق وإن صليت بعد ذلك سميت ضحى وصلاة الشروق هي المشار إليها بقوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة". رواه الترمذي.
أما أقلها فركعتان، وأكثرها ثمان وقيل اثنتا عشرة ويقرأ فيها الفاتحة وما تيسر من القرآن، ولم يرد قراءة شيء مخصوص فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1423(11/8896)
صلاة الهجير ... تعريفها؟ وهل هي من الرواتب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي صلاة الهجير، فحسب علمي أنها ركعتان من صلاة الرواتب، فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل يقصد بصلاة الهجير صلاة الضحى، وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة منها: قوله صلى الله عليه وسلم: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى. رواه مسلم وأحمد.
وحكمها أنها مستحبة لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها، ويدعها حتى نقول لا يصليها. رواه أحمد.
ووقتها يبدأ من ارتفاع الشمس قدر رمح، وينتهي حين الزوال، والأفضل أن تؤخر إلى أن ترتفع الشمس ويشتد الحرُّ، لما أخرجه مسلم عن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال من الضحى.
أما بخصوص هل صلاة الضحى من الرواتب أم لا؟ فالجواب: أنها ليست منها؛ لأن الرواتب هي النوافل التي شرعت تبعاً للفرائض كالظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(11/8897)
صلاة الإشراق هي صلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك فرق بين ركعتي الإشراق وصلاة الضحى؟؟؟؟؟؟؟؟ وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الترمذي في سننه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرةٍ تامة تامة تامة".
قال في تحفة الأحوذي: قال الطيبي: أي ثم صلى بعد أن ترتفع الشمس قدر رمح حتى يخرج وقت الكراهة، وهذه الصلاة تسمى صلاة الإشراق، وهي أول صلاة الضحى. انتهى
وقال الرملي الشافعي في فتاويه: المعتمد أن صلاة الإشراق هي صلاة الضحى. انتهى
فمن هذين النصين يتبين أن صلاة الإشراق من صلاة الضحى، وأنه لا فرق بينهما.. إلا أن صلاة الإشراق تكون في أول الضحى بعد الوقت المذكور في الحديث السابق كما نقل في تحفة الأحوذي عن الطيبي وقد سبق، وممن صرح بهذا ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى فقال: مغايرتها للضحى لم يصح فيه شيء، ومبنى الصلوات على التوقيف ما أمكن. انتهى
وقال أيضاً: هذا هو اللائق بالقواعد. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(11/8898)
يكفي صلاة الضحى فضيلة أنها من وصايا رسول الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما فضل صلاة الضحى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلاة الضحى من النوافل المستحبة ولها فضل عظيم، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يُصْبِحُ عَلَىَ كُلّ سُلاَمَىَ مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ. فَكُلّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ. وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ. وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ. وَيُجَزِئُ، مِنْ ذَلِكَ، رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضّحَىَ". رواه مسلم وأحمد عن أبي ذر.
وقال صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره. رواه الترمذي عن نعيم الغطفاني، وصححه الألباني في صحيح الجامع 4339
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فغنموا وأسرعوا الرجعة، فتحدث الناس بقرب مغزاهم وكثرة غنيمتهم وسرعة رجعتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على ما هو أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة؟ من توضأ ثم غدا إلى المسجد لسبحة الضحى فهو أقرب مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة". رواه الطبراني وغيره.
وهي صلاة الأوابين التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال". رواه مسلم، وفي رواية: "صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال من الضحى". ومعنى رمضت: احترقت من حر الشمس.
وقد ورد في فضلها كثير من الأحاديث النبوية وأقوال السلف نكتفي بما ذكرنا منها، فينبغي للمسلم أن يواظب عليها، وقد قال أبو هريرة رضي الله عنه: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام". رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(11/8899)
يسن في صلاة الضحى التخفيف
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة الضحى هل الواجب فيها التطويل كقيام الليل أم تكون ركعات خفيفات؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة في صلاة الليل التطويل، وفي صلاة الضحى التخفيف، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت في صحيح البخاري عن أم هانئ رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل وصلى ثماني ركعات، فلم أر صلاة قط أخف منها، غير أنه يتم الركوع والسجود".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(11/8900)
مشروعية صلاة الضحى وكيف تؤدى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما عدد ركعات صلاة الضحى؟ وكيف تصلى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الضحى سنة، قال الإمام النووي يرحمه الله: هو مذهبنا، ومذهب جمهور السلف، وبه قال الفقهاء المتأخرون كافة. ا. هـ
وقد أجمع العلماء على أن أقلها ركعتان، واختلفوا في أكثرها، فذهبت طائفة منهم إلى أنه لا حد لأكثرها وهو اختيار ابن جرير الطبري رحمه الله، لما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله.
وسأل رجل الأسود بن يزيد: كم أصلي الضحى؟. قال: كم شئت.
وذهب أكثر العلماء إلى أن لها عدداً محدداً واختلفوا فيه اختلافاً كثيراً، والراجح أنه ثنتا عشرة ركعة، لأدلة منها: حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصراً في الجنة". رواه الترمذي.
وله شواهد أخرى ذكرها الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) .
وعليه، فمن صلى ركعتين أجزأته، ومن زاد فقد أحسن، والأولى ألا يزيد عن ثنتي عشرة ركعة، لأنها أكثر ما صح فيه الدليل، والأفضل أن تصلى فرادى كل ركعتين بسلام، ويجوز أن تصلى جماعة أحيانا.
وقد روى ابن وهب عن مالك أنه قال: لا بأس بأن يؤم النفر في النافلة، فأما أن يكون مشتهراً ويجمع له الناس فلا.
كما يجوز أن تصلى شفعاً بأكثر من ركعتين بسلام واحد كأربع أو ست.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1423(11/8901)
صلاة الضحى ... فضلها..ركعاتها..ووقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نصلي صلاة الضحى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الضحى مستحبة، لما رواه مسلم عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى".
فأقلها ركعتان لهذا الحديث، وأكثرها ثمان، لما في الصحيحين عن أم هانئ رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة وصلى ثماني ركعات، فلم أر صلاة قط أخف منها؛ غير أنه يتم الركوع والسجود) .
وإذا صلاها أكثر من ركعتين، فالأفضل له أن يسلم من كل ركعتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى". رواه أحمد وأصحاب السنن.
ووقت أدائها يبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى أن يقوم قائم الظهيرة وقت الزوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1423(11/8902)
وقت بدء صلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أصلي بعد مكوثي في المسجد حتى تطلع الشمس امتثالا للحديث حسب وقت الشروق في النتيجة فهل هذا جائز؟ أم أنتظر ثلث الساعة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزادك الله حرصاً على هذا الخير، وعليك أن تنتظر بعد وقت الشروق المدون في النتيجة (التقويم) حتى ترتفع الشمس قدر رمح، ثم تصلي بعد ذلك، أي ما يقدر بثلث ساعة تقريباً. ولمزيد من الفائدة راجع: 7392، 11966..
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1422(11/8903)
وقت صلاة الضحى
[السُّؤَالُ]
ـ[متى وقت صلاة سنة الضحى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وقت صلاة الضحى يبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى أن يقوم قائم الظهيرة وقت الزوال، وذلك قبل دخول وقت الظهر بنحو ربع ساعة أو أكثر قليلاً، ولمزيد من الفائدة راجع الجواب رقم 7776 والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1422(11/8904)
المقصود بقوله: من قام بعشر آيات ... الحديث.
[السُّؤَالُ]
ـ[قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين.
هل المقصود بقراءة القرآن في القيام هنا في الركعة الواحدة؟ أم إجمالي القراءة في عدد الركعات طوال الليل؟.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المقصود يحصل بقراءة الآيات في الصلاة ـ سواء قرأها في ركعة واحدة أو أكثر ـ ويحتمل حصوله بمجرد التلاوة ـ ولو لم يكن في صلاة ـ لما في الحديث: من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين. رواه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم، وقال فيه الألباني: صحيح لغيره.
ولكن الأولى أن يكون ذلك في الصلاة، لما في الحديث: من صلى في ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين. رواه ابن خزيمة والحاكم وصححاه.
وفسر بعض أهل العلم القيام بها: بالعمل بها وحفظها والتدبر لمعناها، قال المباركفوري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: من قام بعشر آيات: قام به: أي أتى به يعني: من قرأ عشر آيات في صلاته على التدبر والتأني كذا قيل. وفي الأزهار يحتمل من قام وقرأ وإن لم يصل. وقال الطيبي: أي أخذها بقوة عزم. وقال ابن حجر: أي يقرؤها في ركعتين أو أكثر، وظاهر السياق أن المراد غير الفاتحة. انتهى.
والأظهر أن المراد به أقل مراتب الصلاة وهي تحصل بقراءة الفاتحة وهي سبع آيات وثلاثة آيات بعدها فتلك عشرة كاملة.
قال الطيبي: ولا شك أن قراءة القرآن في كل وقت لها مزايا وفضائل، وأعلاها أن تكون في الصلاة، لا سيما في الليل، قال تعالى: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا. ومن ثم أورد محيي السنة الحديث في باب صلاة الليل.
وحاصل كلام الطيبي: أن الحديث مطلق غير مقيد ـ لا بصلاة ولا بليل ـ فينبغي أن يحمل على أدنى مراتبه، ويدل عليه جزاء الشرطية الأولى وهي قوله: لم يكتب من الغافلين. وإنما ذكره البغوي في محل الأكمل..
وقال المباركفوري أيضاً: من قام بعشر آيات: أي أخذها بقوة وعزم من غير فتور ولا توانٍ من قولهم قام بالأمر، فهو كناية عن حفظها والدوام على قراءتها والتفكر في معانيها والعمل بمقتضاها، وإليه الإشارة بقوله: لم يكتب من الغافلين. ولا شك أن قراءة القرآن في كل وقت لها مزايا وفضائل، وأعلاها أن يكون في الصلاة لا سيما في الليل، قال الله تعالى: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا.
ومن ثم أورد محي السنة الحديث في باب الصلاة، قاله الطيبي: وحاصله أن الحديث مطلق غير مقيد لا بصلاة ولا بليل، فينبغي أن يحمل على أدنى مراتبه، ويدل عليه قوله لم يكتب من الغافلين، وإنما ذكره البغوي في محل الأكمل.
وقال ابن حجر: أي يقرأها في ركعتين أو أكثر، وظاهر السياق أن المراد غير الفاتحة. انتهى.
قلت: تفسير قام يصلي أي بالقراءة في الصلاة بالليل في هذا المقام هو الظاهر، بل هو المتعين، لما روى ابن خزيمة في صحيحه والحاكم عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: من صلى في ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين، ومن صلى في ليلة بمائتي آية فإنه يكتب من القانتين المخلصين.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1430(11/8905)
التفريط في صلاة التراويح مضيعة للثواب
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك من لا يصلي صلاة التراويح في اليوم الأول والأخير من رمضان، فلماذا؟.
من فضلكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة التراويح سنة ثبت الترغيب فيها، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه.
وإذا كان المقصود أن هناك من يرى استحباب ترك التراويح في الليلة الأولى والأخيرة من رمضان فلا نعلم دليلا على مشروعية ذلك، لأن الظاهر من الحديث السابق الترغيب في قيام رمضان كله وبالتالي، فينبغي نصح من يعتقد مشروعية هذا الأمر بالعدول عن ذلك، وراجع الفتوى رقم: 631.
وإذا كان المقصود ترك القيام في رمضان كله فمن فرط في قيامه فقد فاته ثواب عظيم ولا إثم عليه، لأن الإثم إنما يكون في فعل محرم أو ترك واجب، وترك التراويح ليس فيه شيء من ذلك، وراجع الفتوى رقم: 40136 والفتوى رقم: 940
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1430(11/8906)
ما يفعل الإمام إذا قام للثالثة في صلاة التراويح سهوا
[السُّؤَالُ]
ـ[قام في التراويح للركعة الثالثة خطئا، فهل يأتي برابعة؟ علما أنه لم ينو إلا ركعتين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن قام لركعة ثالثة خطئا من صلاة التراويح، أو أية نافلة أخري، فإنه يرجع إذا لم يعقد ركوعها ويسجد بعد السلام إذا كان قد فارق الأرض بيديه وركبتيه وإلا فلا سجود عليه، فإن عقد ركوع الثالثة كمل أربعا في غير ركعتي الفجر وسجد قبل السلام، هذا مذهب المالكية، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: والمعنى أن من صلى ركعتين نافلة ثم قام ساهيا إلى ثالثة، فإنه يرجع ويسجد بعد السلام إن فارق الأرض بيديه وركبتيه وإلا فلا سجود عليه لرجوعه، لأنه إنما حصل منه التزحزح وهو لا يسجد له كما مر، هذا إن لم يعقد الثالثة فإن عقدها برفع رأسه من ركوعها فإنه يكمل ما هو فيه أربعا في غير الفجر. انتهى.
وقال بعض أهل العلم: يرجع متى ما تذكر ويسجد بعد السلام، فإن لم يرجع عالما بطلت صلاته، ففي مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى: سئل فضيلة الشيخ - رعاه الله تعالى - عن رجل يصلي التراويح فقام إلى ثالثة فذكرأو ذكر، فماذا يفعل؟ وما صحة قول من قال إنه إذا رجع بطلت صلاته قياساً على من قام من التشهد الأول في صلاة الفريضة؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا قام من يصلي التراويح إلى ثالثة فذكر أو ذكر وجب عليه الرجوع وسجود السهو، ويكون سجود السهو بعد السلام، لأنه عن زيادة، فإن لم يرجع بطلت صلاته إن كان عالماً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الليل مثنى مثنى.
فإذا زاد المصلي على ذلك فقد أتى بما ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ونص الإمام أحمد على أنه إذا قام المصلي في الليل إلى الثالثة فكما لو قام إلى ثالثة في الفجر، أي كما لو قام من يصلي الفجر إلى ثالثة ومن المعلوم أن من قام إلى ثالثة في صلاة الفجر وجب عليه الرجوع، لئلا يزيد على المفروض، وقد بين الفقهاء- رحمهم الله - هذا في باب صلاة التطوع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1430(11/8907)
حكم صلاة قيام الليل قبل الفجر بعدة دقائق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو وقت صلاة قيام الليل؟ ومتى تبدأ؟ وهل يجوز لي أن أصليها قبل صلاة الفجر بثلث ساعة أوعشر دقائق؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقت صلاة قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء وينتهي بطلوع الفجر الصادق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وقيام الليل في رمضان وغيره إنما يكون بعد العشاء، وقد جاء مصرحا به في السنن: إنه لما صلى بهم قيام رمضان صلى بعد العشاء. انتهى.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 31638، وعليه فيجوز لك أن تصلي قيام الليل قبل طلوع الفجر بثلث ساعة أو عشر دقائق، وكلما كان وقت صلاة القيام أطول كان ثوابك أعظم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1430(11/8908)
إذا لم تستطع المرأة الخشوع في صلاتها في البيت فهل يكون المسجد في حقها أفضل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت أن صلاة المرأة في بيتها أفضل، وأن امرأة أخبرت الرسول عليه الصلاة والسلام بأنها تحب الصلاة خلفه فقال صلاتك في بيتك أفضل، والأفضلية لا تعني الحتمية، حيث يقول سيدنا الرسول عليه الصلاة والسلام: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله.
ولكن وتطبيقا لسنة نبينا عليه الصلاة والسلام فإني أحرص ـ بإذن الله ـ على اتباع ما هو أفضل، ولكن المشكلة تكمن في أن صلاة التراويح في رمضان تطول، وبيتي لا توجد فيه أجواء إيمانية، حيث إن معظم أفراد عائلتي لا يصلون ولا يصومون إلا أجدادي، وطبعا الأغاني والمعازف تكون شغّالة ولا أجد مكانا في البيت أصلي فيه صلاة طويلة بخشوع وبدون إزعاج من المحرمات وشتائم وكفر وموسيقى، لذلك أذهب إلى المسجد وهو قريب من بيتنا، والحق أن الطريق إلى المسجد آمنة، ولكن جزءا منها مظلم، وإيابي تشاركني فيه بعض النسوة، ولكن ذهابا اضطر إلى سلوكه بمفردي، فهل في حالتي التي وصفت تنتفي أفضلية صلاتي في البيت؟ أم أنها ما تزال قائمة؟.
أفيدوني، جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة المرأة في بيتها أفضل، ولكن يجوز لها الخروج للمسجد لصلاة التراويح وغيرها، وإذا كنت لا تستطيعين تحصيل الخشوع في الصلاة في بيتك لما ذكرته من المحرمات والفساد، فإن الصلاة في المسجد تكون أفضل في حقك، إذا لم تكن ثمة فتنة أو ريبة أو أي محظور شرعي، وبشروط تجدينها في الفتويين رقم: 11990، 26957.
هذا، وعليك أن تشكري الله تعالى على منته عليك بنعمة الاستقامة على أمر الله، فإنها نعمة لا تعادلها نعمة بعد نعمة الإسلام، وعليك أيضاً أن تجتهدي في دعوة أهلك وذويك للعودة إلى الله، والتوبة مما هم عليه من الذنوب الكبيرة مثل ترك الصلاة والصيام، وابدئي بدعوة المقبل منهم، وترفقي في دعوتهم، واختاري الأوقات المناسبة للحديث معهم، وألحي عليهم وتوسلي إليهم بكل وسيلة، مع إظهار الشفقة عليهم والرحمة بهم، وسلي الله سبحانه وتعالى لهم الهداية، ولن يخيب رجاءك ـ إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(11/8909)
القيام في ثلث الليل الآخر أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن تصلي المرأة صلاة التراويح بالقراءة في المصحف؟ وهل يجب أن تصلي 20 ركعة كلها في الثلث الأول من الليل؟ أي بعد صلاة العشاء مباشرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من لم يكن حافظا لما يريد القراءة به في الصلاة من كتاب الله تعالى، فإن له أن يصلي وهو يقرأ من المصحف، وانظري الفتوى رقم: 200.
ولا يجب أن تكون صلاة التراويح متوالية، وهي ليست واجبة أصلاً، وإنما هي سنة مؤكدة، وعلى هذا فإن أديتِها كلها متوالية، أوأديتِ ركعاتٍ منها في أول الليل وأخرتِ بعضها لوسطه أو آخره، أو أخرتها كلها، فلا حرج ـ إن شاء الله ـ علما بأن القيام في ثلث الليل الآخر هو الأفضل، وانظري الفتويين رقم: 39672، ورقم: 21761.
وإذا أردتِ مزيد فائدة حول عدد ركعات التراويح، فانظري الفتوى رقم: 28172.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1430(11/8910)
وقت انتهاء ثلث الليل الآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أفهم، هل الثلث الأخير من الليل ينتهي بسماع أذان الفجر؟ وهل صلاة الصبح غير صلاة الفجر؟ فأنا أصلي السنة أولاً ثم صلاة الفجر، وأنا قرأت في أحد الكتب قولا بوجود تكبير للسنة وعدم وجود تكبير للفرض. فأرجو التوضيح جداً جداً وبطريقة بسيطة، لكي أفهم، جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فثلث الليل الآخر ينتهي بطلوع الفجر، وإذا طلع الفجر فقد حان وقت صلاة الصبح ـ الفريضة ـ وتمسى صلاة الفجر أيضاً، فصلاة الصبح وصلاة الفجر اسمان لصلاة واحدة، إلا أن هناك ركعتي سنة تصليان بعد الأذان وقبل الفريضة، وتلك السنة تسمى: سنة الفجر.
ولم يتبين لنا المقصود بالتكبير في السؤال، فإن كانت السائلة تعني تكبيرة الإحرام فكلا الصلاتين -السنة والفريضة - يدخل المصلي فيهما بالتكبير، وهكذا كل صلاة، لأن التكبير فرض من فروض الصلاة، وانظري لذلك الفتوى رقم: 5718، عن تحديد ثلث الليل الآخر، والفتوى رقم: 32181 عن صلاة الفجر وصلاة الصبح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1430(11/8911)
هل يتحرى الصلاة خلف من يطيل القيام في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أسأل عن صلاة القيام في رمضان:
يوجد مسجد يصلي التراويح بجزء كامل أو أكثر، وهذا يستغرق وقتا ومجهودا أكثر، وآخر يصليها في وقت أقل وبكم قليل من القرآن، ف أيهما أفضل؟ وهل يوجد فرق في الثواب؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن قيام رمضان من أفضل الأعمال، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه.
وكلما زاد وقت الصلاة وكان ما يقطعه العبد من ليله فيها أكثر كان الثواب أتم وأعظم، فإن الصلاة خير موضوع فمن استكثر منها فلا شك في كونه أكثر ثوابا من غيره، وفي هذا أيضا موافقة للسنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في رمضان وغيره إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن. كما أخبرت أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها.
وكان السلف كذلك يتحرون طول القيام في رمضان، واستحب بعض أهل العلم أن لا ينقص عن ختمة في رمضان ليسمع الناس جميع القرآن في الشهر، وعلى كل، فليس هناك شيء موقت لما يقرأ به في رمضان فمن استطاع الزيادة والإكثار فحسن، ومن كان ذلك يشق عليه فأتى بما يستطيعه من ذلك فهوعلى خير ـ إن شاء الله ـ ولن يعدم الأجر، قال ابن قدامة ـ رحمه الله: قال أحمد ـ رحمه الله ـ يقرأ بالقوم في شهر رمضان ما يخف على الناس ولا يشق عليهم ولا سيما في الليالي القصار، والأمر على ما يحتمله الناس، وقال القاضي: لا يستحب النقصان عن ختمة في الشهر ليسمع الناس جميع القرآن ولا يزيد على ختمة كراهية المشقة على من خلفه والتقدير بحال الناس أولى، فإنه لو اتفق جماعة يرضون بالتطويل ويختارونه كان أفضل، كما روى أبو ذر قال: قمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح: يعني السحور، وقد كان السلف يطيلون الصلاة حتى قال بعضهم: كانوا إذا انصرفوا يستعجلون خدمهم بالطعام مخافة طلوع الفجر وكان القارئ يقرأ بالمئين. انتهى.
وننبه ههنا إلى أن من نعمة الله على عباده أن وعد من قام مع الإمام حتى ينصرف بأن يكتب له ثواب قيام ليلة كاملة، كما في الحديث: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة كاملة. رواه أبو داود وغيره.
فعلى المسلمين أن يحرصوا على هذه السنة وأن يقوم المصلي مع الإمام حتى ينصرف من صلاته وهو موعود ـ إن شاء الله ـ بالأجر الجزيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(11/8912)
إذا ضحك الله إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن من الأفعال التي تصدر من المسلم وتضحك رب العالمين أن يقوم الرجل من الليل فيصلي قيام الليل ثم يوقظ زوجته ليصليا قيام الليل. وأن الله جل وعلا إذا ضحك من عبد لا يحاسبه. فهل ما ذكرته هذا صحيح؟
وهل يجوز أن يؤم الرجل زوجته في قيام الليل يوميا؟ أم يصلي بها أياما ويترك إمامتها أياما أخري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت أحاديث تدل على أن قيام الليل من الأفعال التي يضحك منها الرب عز وجل وهذه فضيلة عظيمة لمن يقوم من الليل، فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يضحك الله إليهم: الرجل يقوم من الليل، والقوم إذا صفوا للصلاة، والقوم إذا صفوا للقتال. رواه أحمد في مسنده.
وروى الطبراني وغيره من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم: الذي إذا انكشفت فئة قاتل وراءها بنفسه، فإما أن يقتل وإما أن ينصره الله ويكفيه فيقول الله: انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه، والذي له امرأة حسناء وفراش لين حسن فيقوم من الليل، فيقول: يذر شهوته ويذكرني ولو شاء لرقد، والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا فقام في السحر في ضراء وسراء.
وأما ما ذكرته من ضحك الرب عز وجل ممّن أيقظ أهله وصلى بها في جماعة فلا نعلم من نصوص السنة ما يدل عليه.
وأما ما ذكرته من كون الله تعالى إذا ضحك لعبد فلا حساب عليه، فقد روى أحمد في مسنده هذا الحديث وصححه الألباني رحمه الله ولفظه: وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه.
وأما قيام الرجل جماعة مع زوجته فقد ورد في نصوص السنة ما يدل على مشروعيته، فروى أبو داود في سننه أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعاً كُتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.
وهذا وإن دل على مشروعية قيام الرجل مع زوجته في جماعة، ولكن لا ينبغي المداومة على هذا، فإنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم بأهله في جماعة، والأصل أن فعل النوافل في جماعة في غير رمضان ممّا لا تشرع المواظبة عليه. وانظر الفتوى رقم: 56928.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1430(11/8913)
صلاة القيام في الدول التي يقصر فيها الليل جدا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد طرح السؤال عن قيام الليل في بلجيكا: في فصل الصيف تكون صلاة العشاء حوالي الساعة 1 و27 د وصلاة الفجر حوالي الساعة 1 و 41 د. كيف يمكن قيام الليل مع أن المدة قصيرة؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيام الليل يحصل ولو بصلاة الوتر، كما جاء في حاشية البجيرمي من كتب الشافعية: ... يحصل بفرض ولو قضاء أو نذراً ونفل مؤقت كذلك ولو سنة العشاء أو الوتر. انتهى.
ونحث الأخت السائلة على أن تتأكد من الوقت الذي ذكرته فلربما يوجد خطأ في التقويم، وانظري للأهمية في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 97824، 13950، 121949، 50117، 18869.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1430(11/8914)
صلاة النبي صلى الله عليه وسلم التراويح وجمع عمر الناس عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة التراويح المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أحياها ثلاثة أيام أما سيدنا عمر فأحياها شهرا. الرجاء تفسير المسالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث الناس على صلاة التراويح أو قيام مضان ويرغبهم فيه من غيرعزيمة، فيقول: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه
وكان الناس يصلون قيام رمضان في بيوتهم وفي المساجد أوزاعا، ويصلي مع الرجل الاثنان أو الثلاثة. فصلى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ليلة وصلى معه ناس، وكذلك في الليلة الثانية والثالثة والرابعة فكثر الناس عليه، فلم يخرج إليهم بعد ذلك خشية أن تفرض عليهم، وبقي الناس يصلونها كما كانوا أفرادا وجماعات وفي بيوتهم، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، ومضت خلافة الصديق وصدرا من خلافة عمر، فخرج عمر ذات ليلة من رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلى الرجل لنفسه، ويصلى الرجل فيصلي بصلاته الرهط. فقال عمر: والله إني لأراني لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرج ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة إمام واحد فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون. يعني آخر الليل. وكان الناس يقومون أوله، واستمر الأمر على هذه السنة -صلاة التراويح جماعة- إلى يوم الناس هذا.
هذا خلاصة ما ثبت في صلاة التراويح كما في الصحيحين والموطإ وغير ذلك من كتب السنة.
وأما قول السائل: المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم ... إلخ؛ فغير صحيح؛لأن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل معروف، وكان يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه أكثر من غيرها.
وكذلك ما ذكر عن عمر غير صحيح كما سبقت الإشارة إليه.
ومن المعلوم أن قيام الليل على العموم فرض على المسلمين في بداية الإسلام لتربية النفوس وتزكيتها. ولما نسخ فرضه طاف صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون حرصاً على كثرة طاعتهم فوجدها كبيوت النحل لما سمع لها من دندنتهم بتلاوة القرآن في صلاتهم، ولذلك بقي قيام الليل من السنة ودأب عليه الصالحون من هذه الأمة، ولكنه في رمضان آكد.
وللمزيد عن صلاة التراويح نرجو الاطلاع على الفتاوى ذوات الأرقام الآتية: 2218، 29016، 11872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1430(11/8915)
حكم إحياء الليل بالاستغفار فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قيام الليل بالإستغفار فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إحياء الليل وقيامه يحصل بما تكون به عمارة الليل بالطاعة من الأذكار، والدعوات، وقراءة القرآن والصلاة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 78196.
والاستغفار من جملة الذكر والدعاء فإنه طلب المغفرة من الله عز وجل، وقد أثنى الله على عباده المتقين الذين يستغفرون بالسحر وهو آخر الليل، فقال عز وجل: وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. {الذاريات:18} .
فلا شك أن الاستغفار بالليل وبخاصة في آخره حين ينزل الرب عز وجل إلى سماء الدنيا فيغفر للمستغفرين ويجيب الداعين، ويعطي السائلين من أفضل القربات، وأجل الطاعات، وفيه خير عظيم.
وإن كانت الصلاة بالليل هي أفضل ما يشتغل به العبد لاشتمالها على الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن، وقراءة القرآن أفضل من التسبيح والدعاء والاستغفار لشرفه وكونه كلام الله عز وجل، فحصل أن أفضل ما يحصل به قيام الليل هو الصلاة، ثم قراءة القرآن، ثم الذكر والدعاء ومنه الاستغفار، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية ما ذكرناه:
فقد سئُل رحمه الله عن من يحفظ القرآن أيهما أفضل له: تلاوة القرآن أو التسبيح والأذكار، فأجاب: إذا قام من الليل فالقراءة له أفضل إن أطاقها، وإلا فليعمل ما يطيق، والصلاة أفضل منهما، ولهذا نقلهم عند نسخ وجوب قيام الليل إلى القراءة فقال: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(11/8916)
قيام الليل بنية تزكية النفس والشكر على النعم وطلب الثواب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قيام الليل بنية تزكية النفس، وشكر الله علي النعم، وطلبا للثواب معا، خاصة الأولي فهي هدفي وأيضا الكل، فهل أنوي نية واحدة أوالكل؟ فمثلا ساعات أعصي في النهار وعندي عيوب، فأنوي قيام الليل للتزكية والنهي عن الإثم، وأحيانا يكرمني ربني فأنوي أن يراني اليوم واقفا بين يديه أناجيه وأشكره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن قيام الليل من أفضل القربات وأعظم الطاعات، ومن أهم الوسائل لتزكية النفس وشكر الله تعالى على نعمه وحصول ثوابه. فقد فرض في بداية الإسلام لتربية النفوس وتزكيتها، ولما نسخ فرضه طاف صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون حرصاً على كثرة طاعتهم فوجدها كبيوت النحل لما سمع لها من دندنتهم بذكر الله تعالى والتلاوة، ولذلك بقي قيام الليل دأب الصالحين وطريقة الموفقين الطائعين، وسنة متبعة عن خاتم الأنبياء والمرسلين من أحياها أحيا الله قلبه ونور بصيرته وبيض وجهه وثبت قدمه، فقد كان صلى الله عليه وسلم يق وم حتى تتورم قدماه أو ساقاه فيقال له، فيقول: أفلا أكون عبدا شكورا.
ولا مانع أن ينوي المسلم القيام بإحدى هذه النيات: تربية نفسه وتزكيتها، أو شكر الله على نعمه، أو طلب ثوابه ومغفرة ذنوبه. أو يقوم بها جميعا؛ فلا تعارض.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 112522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1430(11/8917)
إذا أوتر في أول الليل ثم قام في آخره فكيف يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[بينما كنت أتصفح الفتاوى على الشبكة الإسلامية. اطلعت على فتوى رقمها 1316 والتي تحمل عنوان - التطوع بعد الوتر مكروه إلا إن كان له سبب - لكني لم أفهم معنى جوابكم، إذ أني كنت أصلي ما تيسر لي من ركعات بعد صلاة العشاء ثم أختم بالوتر، وعندما أستيقظ قبيل الصبح أصلي ركعات أعتبرهم قيام ليل، وذلك لأنه سبق لي أن قرأت حديثا للرسول صلى الله عليه وسلم رواه عنه أبو هريرة حين قال: أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر. أرجو إفادتي بارك الله فيكم،بتفصيل حتى أفهم مقصود الحديث، وأيضا حتى أفهم ما جاء في الفتوى التي اطلعت عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان عازما على قيام الليل فينبغي له أن يؤخر الوتر ليجعله آخر صلاته من الليل، لحديث: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا. متفق عليه
وأما من صلى الوتر بعد العشاء ثم بدا له أن يقوم من الليل، فإنه يصلي ما شاء ولا يوتر. وبخصوص حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- الذي أوردته السائلة، فهو في حق من لم يثق بالاستيقاظ، وراجعي ما ذكره الحافظ في شرح حديث أبي هريرة في الفتوى رقم: 39672.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(11/8918)
حكم قيام الليل في جماعة في ليلة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم بقيام الليل الجماعي كمن يكون في رحلة مع الطلاب لمدة أسبوع فيقومون بعمل قيام جماعي في يوم واحد من هذه الايام، السؤال ما الحكم في ذلك، ونرجو التكرم للايضاح والإقناع بذكر الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيامُ الليل جماعة في غير رمضان جائز بشرط عدم المواظبة عليه كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 56928، فإذا كنتم ستفعلونه مرةً واحدةً أو أكثر مع عدم المواظبة فلا بأس، ودليلُ ذلك ما ثبت في الصحيح من حديثِ ابن عباس في قصة مبيته عند خالته ميمونة وأنه لما قام النبي صلى الله عليه وسلم يُصلي من الليل قامَ عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بصلاته فأداره النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فأطال القيام حتى هممت بأمر سوء، قيل: وما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه.
وفي صحيح مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً.. إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، ثم قام قياماً طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريباً من قيامه.
وكذلك صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أنس وخلفه أنسٌ وغلام وخلفهما أم سليم وهذا ثابتٌ في الصحيح أيضاً، فكل هذه الوقائع تدلُ على ما قررناه من جواز القيام في جماعة أحياناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(11/8919)
هل الأفضل في التراويح طول القيام أم كثرة الركعات
[السُّؤَالُ]
ـ[يشرفني أن أكاتبكم بخصوص مسألة يتردد إشكالها كل سنة مع حلول هذا الشهر الفضيل، وهي في حقيقتها شقان:
الأول: ما الأفضل في قيام ليالي رمضان، فهل الإكثار من الركوع والسجود، أم الإكثار من تلاوة القرآن؟
الثاني: فهل إذا دعت ضرورة طارئة لا تسمح بالحضور في المسجد لقيام تراويح ليلة السابع والعشرين، أن يكثر الإنسان من تلاوة القرآن ويكون له أجر القيام فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.. وتقبل منكم صالح الأعمال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيام رمضان مشروع باتفاق العلماء، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه..
ولا شك في أن الأفضل اتباع طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في القيام، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً.
والزيادة على ذلك القدر جائزة بلا شك ففي موطأ مالك أنهم صلوا التراويح زمن عمر ثلاثاً وعشرين ركعة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 113226.
وقد نص الشافعي رحمه الله على أن تطويل القراءة وتقليل الركعات أحب إليه، لما فيه من موافقة السنة، ولكن إذا شق على الناس طول القيام فاستعاضوا عنه بكثرة الركعات فلا بأس، فالمقصود استيعاب عامة الليل بالصلاة.
أما الشق الثاني من السؤال فليلة السابع والعشرين من أرجى الليالي التي تلتمس فيها ليلة القدر كما ثبت ذلك في الصحيح من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه، وإذا عجز الإنسان عن حضور المسجد فإنه يجتهد في الصلاة بمفرده، وإحياء الليل بالقيام، وهو في هذه الحال على رجاء مثوبة الله عز وجل، لأن الجماعة ليست شرطاً في قيام رمضان بالاتفاق، وإذا عجز عن الصلاة قائماً أمكنه أن يصلي قاعداً بل له أن يصلي النفل قاعداً مع القدرة على القيام، وله نصف أجر القائم إن صلى قاعداً مع القدرة على القيام، وقراءة القرآن عمل حسن وطاعة يرجى ثوابها، لكن قارئ القرآن في غير صلاة لا يصدق عليه وصف قيام الليل، ولا يحصل له ثوابه، لأن المقصود بالقيام هو الصلاة، فقارئ القرآن مأجور ولا شك لكن أجره دون أجر المصلي، والأفضل والأولى إحياء ليل رمضان بالقيام.. وانظر لذلك الفتوى رقم: 12054.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(11/8920)
عدد التسليمات في صلاة التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[كم نصف صلاة التراويح يعني كم تسليمة، أنا كنت أصلي طول هذه الأيام تسليمتين فقط اعتقادا مني أنها هكذا وقيل لي لا، فهل صلاتي صحيحة؟ وجزاكم ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يزيد في رمضان ولا غيره علي إحدى عشرة ركعة كما أخبرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كان يستغرقُ بها عامة الليل، قالت عائشةُ رضي الله عنها: يُصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهنّ وطولهن، ثم يُصلي ثلاثاً. متفقٌ عليه.
وعلى مثنى لحديث ابن عمرَ الثابت في الصحيحين: صلاةُ الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة. وتجوزُ الزيادة على هذا العدد فإن الناس لما شقَّ عليهم طول القراءة استعاضوا عنها بكثرةِ الركعات كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد فُعل ذلك في الصدر الأول بلا نكير، وفي الموطأ عن يزيد بن رومان: كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة، وقد ورد في السنة ما يدلُ بوضوح على أن صلاة الليل لا تتقيد بعدد، فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي لا يحفظ كثيراً من القرآن ولم يطلع على السنة العملية له صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة. دليلٌ واضح على ما ذكرنا.
والخلاصة أن السنة أن تصلي خمس تسليمات ثم توتري بواحدة، أو ست تسليمات ثم توتري بواحدة، تسلمين من كل ركعتين، وتجعلين الصلاة طويلةً حسنة، ويجوزُ الزيادة علي هذا القدر بلا حدٍ معين، وعليه فصلاتك السابقة صحيحةٌ تؤجرين عليها، ويرجى لكِ حصول ثواب القيام بها، وأما إذا كان قصدك من التسليمتين أنك تسلمين بعد أربع ركعات فيكونُ مجموع ما تصلينه ثماني ركعات سوى الوتر فقد نص أهل العلم على مشروعية هذا، وفهموه من ظاهرِ قول عائشة رضي الله عنها: يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ومذهبُ الجمهور جوازُ صلاة أربع ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدة، ومذهب مالكٍ وجوب التسليم من كل ركعتين لظاهرِ حديث: صلاة الليل مثنى مثنى.
وعلى كلٍ فصلاتك السابقة صحيحة إن كانت بهذه الصفة كما هو قول الجمهور، وعليكِ فيما بعد أن تخرجي من الخلاف وتسلمي من كل ركعتين. واحرصي على اتباع السنة فإنها نجاة لمن تمسك بها. وفقنا الله وإياكِ لكل خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(11/8921)
صلاة التراويح بثماني تسليمات وحكم السهو فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نصلي القيام ثمانية تسليمات وليس أربعا وفى نفس الوقت حدث سهو فى الصلاة مع الإمام ولم يأت بسجود السهو فما حكم الشرع في صلاة الثمانية وسجود السهو؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنةُ في القيام في رمضانَ وغيره إحدى عشرة، يسلم فيها من كل ركعتين، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم: كان لا يزيدُ في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة.
ولكن الزيادة على هذا القدر جائزة والمنعُ منها قول شاذ لا يُلتفتُ إليه، ففي الصحيحين أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة. ولم يقصره على خمس تسليمات وهو أعرابيٌ قليلِ المحفوظ عنده من القرآن، ولا اطلاع له على فعله صلى الله عليه وسلم، فدلَ على جوازِ الزيادة يقيناً.
قال الشافعي: رأيتُ الناس يقومون بالمدينة بتسع وثلاثين، وبمكة بثلاث وعشرين، وليس في ذلك من ضيق.
وقال ابن تيمية: ومن ظنَّ أن قيام رمضان فيه عدد موقت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ.
وقال الشوكاني: فقصر الصلاة المسمَّاة بالتراويح على عددٍ معين، وتخصيصها بقراءةٍ مخصوصة لم يرد به سنة.
وقال ابن باز في الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح: فقد ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- ما يدلُ على التوسعة في صلاة الليل، وعدم تحديد ركعات معينة.
وثبت عن عمر: أنَّه أمرهم أن يصلوا ثلاثاً وعشرين.
وعليه فلا حرج في صلاتكم ثمانية تسليمات وأما السهو في النفل فحكمه حكم السهو في الفرض.
قال ابن قدامة في المغني: وحكم النافلة حكم الفرض في سجود السهو في قول عامة أهل العلم, لا نعلم فيه مخالفا, إلا أن ابن سيرين قال: لا يشرع في النافلة. وهذا يخالف عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وقال: إذا نسي أحدكم فزاد أو نقص فليسجد سجدتين ولم يفرق, ولأنها صلاة ذات ركوع وسجود فيسجد لسهوها كالفريضة. انتهى.
وللمزيد راجع الفتاوى ذات الأرقام الآتية: 54790، 40046، 28891.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1429(11/8922)
النية في صلاة الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت أن أصلي صلاة الليل ولكني صليت ست ركعات ثنائية بنية التهجد وست ركعات أخرى بنية القيام فهل صلاتي صحيحة أو ما هو الأصح الذي يجب أن أسير عليه كما في السنة رعاكم الله أي أجعلها نية واحدة أم ماذا تكون النية وهل أعيد ذكر دعاء الاستفتاح في كل ركعتين أم أكتفي بتكبيرة الإحرام بعد الركعتين الأوليين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتهجدُ من قيام الليل فلا يحتاجُ إلى نيةٍ خاصة، وإنما سمي التهجد بذلك الاسم لأنه القيامُ بعد نوم، فالتهجد هو ترك الهجودِ أو الرقاد، كالتحنث وهو ترك الحنث أي الإثم، وعلى هذا فالمشروع أن تنوي بصلاتك قيام الليل، سواء قمت في أول الليل أو آخره، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم صفة قيام الليل للأعرابي الذي سأله عنها بياناً تاماً مغنياً عن كل بيان، كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة، وسنته العملية صلى الله عليه وسلم كما أخبرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة لا يزيدُ عليها في رمضان ولا غيره، يُصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً، فالسنة أن تصلي إحدى عشرة ركعة حسنةً طويلة، فإذا شقّ عليكِ طول القيام، وأردتِ الاستعاضة عنه بكثرة الركعات فلا بأس، والسنة أن تختم صلاتك بالوتر في آخر الليل.
وأما عن دعاء الاستفتاح فإنه مندوبٌ في أول كل صلاة، وكلُ ركعتين مستقلتان عن غيرهما، لا تعلقَ لهما بما قبلهما ولا بما بعدهما، ولذا فالمشروع أن تأتي بدعاء الاستفتاح في أول كل ركعتين. ولواقتصرت على دعاء الاستفتاح في أول ركعة من التراويح لكان لذلك وجه قال به بعض أهل العلم كما في مطالب أولي النهى وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1429(11/8923)
صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف من صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم خروج الفرد بعد صلاة التراويح كاملة ولكن قبل خروج الإمام هل يفوته ثواب قيام الليل كله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس في خروج المصلي من المسجد قبل خروج الإمام، وقد حصّل الثواب الموعود كاملاً إذا كان قد صلى جميع الصلاة مع الإمام، وقول النبي صلي الله عليه وسلم: من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة. رواه أبو داود والترمذي والنسائي. ليس المقصود منه أن ينصرف الإمام من المسجد، بل المقصود بقوله حتى ينصرف أي من صلاته، فإنه لا معنى للمكث في المسجد دون مصلحةٍ شرعية من أجل انتظار الإمام حتى يخرج، ولا تعلق للثواب بهذا البتة، وأيضاً فإن من الأئمة من يقيمون في المساجد، أو يطيلون المكث فيها جداً بعد الصلاة للنظر في مصالح الناس وإفتائهم، فهل يُقال إنه يتعين على المصلين حتى يحصّلوا ثواب القيام أن ينتظروه حتى يخرج من المسجد؟ ، لا نظن أحداً يقول بهذا، وأيضاً فإن عمل المسلمين عبر العصور مستمرٌ على هذا وهو أن المصلين ينصرفون من المساجد فور انقضاء الصلاة دون أن ينتظروا خروج الإمام، فلو كان معنى الحديث أنه لا يحصلُ لهم ثواب قيام الليلة كاملةً إلا إذا انصرفوا بعد انصراف الإمام من المسجد للزم منه أن المسلمين عبر العصور قد حُرموا هذا الثواب وأن علماءهم عبر العصور قد خفيت عليهم هذه السنة فلم ينبهوهم عليها، وأيضاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا القول للصحابة حين طلبوا منه الزيادة في الصلاة، فدل على أن الانصراف المذكور في الحديث هو الانصرافُ من الصلاة، وأيضاً فإن العلماء عبر العصور لم يزالوا يستدلون بهذا الحديث على استحباب القيام مع الإمام حتى تنقضي الصلاة.
ففي مسائل الإمام أحمد لأبي داود قال: سمعت أحمد قيل له: يعجبك أن يصلي الرجل مع الناس في رمضان أو وحده؟ قال يصلي مع الناس، وسمعته أيضاً يقول: يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له بقية ليلته. انتهى.
وقال العلامة العثيمين في أثناء رده على من لا يصلون مع الإمام إذا كان يزيدُ على إحدى عشرة ركعة مستدلاً بمخالفتهم لهذا الحديث: الوجه الأول:- قول النبي صلى الله عليه وسلم في قيام رمضان. إن من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة. ومن جلس ينتظر حتى يصلي الإمام إلى الوتر ثم أوتر معه. فإنه لم يصل مع الإمام حتى ينصرف لأنه ترك جزءاً من صلاته. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(11/8924)
ختم القرآن في صلاة التراويح مع الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ختم القرآن في صلاة التراويح مع الجماعة أفضل من الختمة مع نفسك بكون أن قراءة القرآن في الصلاة بتلاوة وتدبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلوات التي تشرع لها الجماعة الأفضل أداؤها في جماعة، ومن ذلك صلاة التراويح فننصحك بالصلاة جماعة مع الناس، وحاول أن تحضر قلبك فيها، ولك أن تقوم بعد ذلك في البيت بما شئت من قراءة القرآن، وقد قال بعض أهل العلم بأفضلية الانفراد بصلاة التراويح على أدائها جماعة في المسجد مطلقا. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 100169، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9186، 25371، 65923.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1429(11/8925)
هل يشفع المأموم الوتر بركعة ويصلي منفردا بعد ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا شيخ أصلي الترويح مع الإمام ثمان ركعات وعندما يصلي الإمام الوتر أصلي أنا التراويح لأني أصلي التراويح عشرين ركعة وعندما يسلم الإمام أنا ما أسلم معه أقوم وأصلي ركعة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفعلينه صواب ويترتب عليه حصول فضيلة القيام مع الإمام حتى ينصرف إضافة إلى فضيلة تأخير الوتر، وراجعي في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 78304. وعدد ركعات التراويح سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 11872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(11/8926)
كيفية صلاة التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن كيفية صلاة التراويح للمرأة بالمنزل....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة التراويح نافلة مرغب فيها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمان واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه.
ووقتها يبدأ من بعد صلاة العشاء وينتهي بطلوع الفجر وتكون ركعتين ركعتين، ومن الأفضل كونها إحدى عشرة ركعة، ولا حرج في الزيادة عليها، وتحصل بما تيسر من القرآن، والأفضل ختمه كله فيها، هذه هي كيفية صلاة التراويح للرجال والنساء على السواء، وللتفصيل راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11872، 54790، 39038، 56413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(11/8927)
حكم الذكر وقراءة سور معينة والموعظة بين ركعات التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[ينكر الكثير من أهل السنة على الناس ذكرهم وتلاوتهم بعض السور القصيرة كالإخلاص مثلا أو الصلاة على النبي بعد كل ركعتين من صلاة التراويح، وفي نفس الأثناء يحرصون على إعطاء الدروس الدينية بعد الأربع ركعات الأولى فما مدى مشروعية هذه الدروس، , وما هو دليل بدعية ما أنكروا عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أحسنَ الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وخيرُ الأمر ما كان عليه السلف الكرام رضي الله عنهم، وقد صلى الصحابة التراويح زمنَ عمر رضي الله عنه وبعده، ولم ينقل عنهم قراءة الإخلاص ولا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا التسبيح والتهليل بين ركعاتها.
قال ابن الحاج المالكي في المدخل: وينبغي له أن يتجنب ما أحدثوه من الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح، ومن رفع أصواتهم بذلك والمشي على صوت واحد، فإن ذلك كله من البدع، وكذلك ينهى عن قول المؤذن بعد ذكرهم بعد التسليمتين من صلاة التروايح: الصلاة يرحمكم الله، فإنه محدث أيضاً، والحدث في الدين ممنوع، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الخلفاء بعده، ثم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يذكر عن أحد من السلف فعل ذلك فيسعنا ما وسعهم. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 69133.
والمشروعُ الاستراحة بين الركعات في التراويح، فهي إنما سميت بهذا الاسم للتّروح بين ركعاتها، والمشروع للمصلين أن يشتغل كل واحدٍ منهم في خاصة نفسه بالذكر أو القراءة، أو يسكت ليستريح من طول القيام، ولما بَعُد الناس عن هذا الهدي، وأحدثوا هذه الأذكار المبتدعة، وكانوا إذا نُهوا عنها يحدثُ منهم الصخب واللغط، استحسن كثيرٌ من أهل العلم وطلبته أن يُجمعوا على موعظةٍ يكونُ فيها ترقيقٌ لقلوبهم، وأمرٌ لهم بالمعروف ونهيٌ عن المنكر، وبخاصة مع كثرةِ الجمع وتهيؤ الناس للفهم والقبول لما يغشاهم من بركات رمضان، ونحنُ لا نرى حرجاً في فعل هذه الموعظة لما فيها من المصالح الراجحة، كتعليم الجموع الكثيرة التي قد لا يتأتى اجتماعها في غيرِ هذا الوقت، وتقليلِ صخبهم وتشويشهم أثناء الترويحة، لكن ينبغي أن تترك أحياناً خشيةَ أن يعتقد الناسُ أنها من السنة.
وفي فتاوي الشيخ العثيمين لقاء الباب المفتوح: لا مانع، إذا قام إلى التسليمة الثانية ورأى أن الصف قد اعوج، أو أن المصلين قد تمايزوا وتفرقوا وصار فيهم فرجة، فليقل: استووا أو تراصوا، ولا حرج. أما الموعظة فلا، لأن هذا ليس من هدي السلف, لكن يعظهم إذا دعت الحاجة أو شاء بعد التراويح، وإذا قصد بهذا التعبد فهو بدعة, وعلامة قصد التعبد أن يداوم عليها كل ليلة. انتهى.
وفي قوله رحمه الله (إذا دعت الحاجة) شاهدٌ لما ذكرناه خاصة مع فشوّ الجهل وكثرة المنكرات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1429(11/8928)
قيام رمضان بنية تحقيق أمر ما يريده القائم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قام الإنسان ليالي رمضان ليدعو بدعاء معين لكي يحققه له الله فهل بذلك يكون قد خرج من الذين قال فيهم الله من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له، وإذا أخرج صدقة لكي يحقق له الله طلبه لا يأخذ ثوابا عليها لأنها تعتبر لغير وجه الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيام رمضان عبادة عظيمة الثواب فقد قال صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه.
وصيغة [مَن] من صيغ العموم تشمل كل من أتى بقيام رمضان إيمانا واحتسابا، وبناء على ذلك فقيام القائم طلبا لمرضاة الله وطمعا في أن يستجيب الله له دعاء معينا لا يمنع من الحصول على ثواب القيام، فالدعاء لحصول أمر دنيوى مشروع في الصلاة وراجع فى ذلك الفتوى رقم: 108527.
كما أن ثواب الصدقة لايبطل بنية الحصول على حاجة خاصة فهذا لا ينافي الإخلاص، فقد ثبت أن الصدقة من أسباب شفاء المرضى حيث قال صلى الله عليه وسلم: داووا مرضاكم بالصدقة. حسنه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب وصحيح الجامع الصغير.
ولم نقف على دليل يفيد أن تلك الصدقة لا ثواب لها، ولا يظن في مؤمن بالله واليوم الآخر أن يريد بعمله الصالح الدنيا وحدها بل لا يصدر ذلك من مؤمن كما قال ابن القيم، وراجع الفتوى رقم: 95127.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1429(11/8929)
قيام الليل بركعتين فقط وصلاة المرأة الضحى في العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلك أنا أصلي قيام الليل منذ فترة طويلة نسبياً في البداية أصلي أربع ركعات وأكثر، ولكن في الفترة الأخيرة أصبحت أصلي ركعتين ثم أصلي بعدها الوتر، وما هي إلا دقائق ويؤذن للفجر لأنني أصبحت أستيقظ قبل الأذان بحوالي نصف ساعة وذلك بحكم عملي أصبحت أحاول أن آخذ قسطا وافرا من النوم حتى أستطيع العمل صباحا، ولا أحرم من الصلاة ليلاً علما أنني لا أنام في فترة الظهر، فهل صلاتي صحيحة من ناحية عددها ركعتين فقط؟ وكذلك كنت في فترة سابقة أصلي الضحى باستمرار كذلك أصلي أربع ركعات فقط لأنني أصليها في العمل فلا أستطيع أن أزيد حتى أتمكن من العمل ولكني غيرت مكان عملي والعمل الجديد لم أستطع حتى الآن الصلاة فيه وأود كثيرا أن أصليها لما لها من فضل وعدم قدرتي على صلاتها أن باب المكتب مكشوف على الممر الخارجي فهل يجوز أن أصلي وإن مر احد ورآني من الرجال فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيام الليل عبادة عظيمة الثواب ومن الأفضل كونها إحدى عشرة ركعة لكن إذا صليت ركعتين وبعدهما الوتر فصلاتك صحيحة ويعتبر هذا من قيام الليل، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 100007.
وصلاة الضحى مستحبة ومرغب فيها وليست بواجبة وبالتالي فلا إثم عليك في تركها وإن كان من الأفضل المواظبة عليها، وبالإمكان غلق الباب حتى تؤديها ولا يستغرق ذلك إلا وقتا قصيرا فأقلها ركعتان فقط. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 17376.
ومن الواجب على المرأة ستر جميع بدنها أمام الرجال الأجانب فإذا صليت وأنت كذلك فلا حرج عليك لو رآك الرجال، وننبهك إلى أن وقت العمل لا يجوز شغله بغيره إن كان يؤدي إلى الإخلال فيه ولو كان ذلك بنوافل الصلاة المطلقة، أما الصلاة المفروضة والرواتب فلا حرج في فعلها أثناء العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(11/8930)
في أي الليل صليت كان قياما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صفة صلاة الليل وأوقاتها،، والله وصية عالم أهم لي من كنوز الدنيا، فأوصوني جزاكم الله كل خير وادعو لاخيكم بالصلاح والهداية، وأن تدعو لي معكم في قيامكم بالنجاح والفلاح والصلاح والشفاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة الليل ذات فضلٍ عظيم، وانظر الفتوى رقم: 2115.
وأما وقتها فهو ما بين العشاء إلى الفجر، وكثيرٌ من السلف عدوا الصلاة بين المغرب والعشاء من قيام الليل، وانظر الفتوى رقم: 11785.
وأما عن صفتها فقد بينها النبي صلي الله عليه وسلم بياناً شافياً فقال لمن سأله عن مثل ما سألت عنه: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة. متفق عليه.
والأفضل أن تصلي إحدى عشرة ركعة طويلةً حسنة تحسن قيامها وركوعها وسجودها؛ لحديثِ عائشة رضي الله عنها: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربع، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا. قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ . فقال: يا عائشة، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي. متفق عليه.
وفي أي الليل صليت كان قياماً، لكن الأفضل أن تجعل صلاتك في آخر الليل للأحاديث الكثيرة في فضل ثلث الليل الأخير، وقد تواتر أن الرب عز وجل ينزل فيه إلى السماء الدنيا فيجيب دعوة الداعين ويغفر للمستغفرين ويعطي السائلين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(11/8931)
من فاتته الصلاة من الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بالليل من الساعة الواحدة إلى الساعة الثامنة فلا أستطيع قيام الليل كيف أعوض هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت قيام الليل يبدأ بعد صلاة العشاء مباشرة، وكثير من السلف يرون أن الصلاة بين المغرب والعشاء من قيام الليل، فيمكنك أن تصلي من الليل ما يسره الله لك قبل ذهابك إلى عملك، ولا يشترط أن يكون ذلك في آخر الليل، نعم القيام في آخر الليل أفضل، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: من كل الليل قد أوتر رسول صلى الله عليه وسلم من أول الليل وأوسطه وآخره. رواه مسلم.
ثم إذا فاتك وردك من الليل ولم تستطع القيام فأكثر من التطوع بالنهار، وحافظ على رواتب الصلوات وعلى صلاة الضحى، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(11/8932)
تقوم الليل فهل تستحث زوجها ليقوم معها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وبفضل الله أقوم الليل للصلاة قبل ساعة تقريبا من الفجر وزوجي أسأل الله أن يهديه لا يقوم الليل فهل يجب علي أن أستثيره للقيام كل ليلة وهل علي وزر إن هو طلبني في الفراش ولم يجدني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك استثارته لقيام الليل إن كان ذلك لا يضيع حقه، وأن استثرته تطيباً لخاطره وتنبيهاً له على ذلك الخير العظيم فهو أولى، وفي الحديث: رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء ... رواه أحمد.
لكن إن طلبك لفراشه فعليك تلبية طلبه وإجابته ما لم يكن في ذلك ضرر عليك، وإن كان قيامك لليل يؤدي إلى تفويت حق الفراش فلا يجوز لك دون إذنه، وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34460، 57728، 9572، 12392.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1429(11/8933)
قيام الليل والاكتشافات العلمية
[السُّؤَالُ]
ـ[أتتني رسالة تحتوي على أحاديت فى فضل صلاة الليل معجزة علمية في قيام الليل كل يوم يظهر لنا ديننا الحنيف أنه دين حياة ودين معاملة.. وأنه الدين الحق أن الفروض والنوافل بالفعل لم تأت من فراغ بل إنها جاءت من قبل الله عظيم حكيم واليوم إليكم الإثبات التالي معجزة علمية بشأن قيام الليل ... معجزة علمية في قيام الليل جاء في كتاب "الوصفات المنزلية المجربة وأسرار الشفاء الطبيعية" وهو كتاب بالإنجليزيه لمجموعة من المؤلفين الأمريكيين طبعة 1993، أن القيام من الفراش أثناء الليل والحركة البسيطة داخل المنزل والقيام ببعض التمرينات الرياضيه الخفيفة، وتدليك الأطراف بالماء، والتنفس بعمق له فوائد صحية عديدة والمتأمل لهذه النصائح يجد أنها تماثل تماما حركات الوضوء والصلاة عند قيام الليل، وقد سبق النبي كل هذه الأبحاث في الإشارة المعجزة إلى قيام الليل فقال:"عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله عز وجل، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء من الجسد" ... أخرجه الإمام أحمد في مسنده والترمذي والبيهقي والحاكم في المستدرك عن بلال وابن عساكر عن أبي الدرداء، وأورده الألباني في صحيح الجامع برقم 4079 وعن كيفية قيام الليل بطرد الداء من الجسد فقد ثبت الآتي: "يؤدي قيام الليل إلى تقليل إفراز هرمون الكورتيزول (وهو الكورتيزون الطبيعي للجسد) خصوصا قبل الاستيقاظ بعدة ساعات، وهو ما يتوافق زمنيا مع وقت السحر (الثلث الأخير من الليل) ، مما يقي من الزيادة المفاجئة في مستوي سكر الدم، والذي يشكل خطورة علي مرضي السكر، ويقلل كذلك من الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم، ويقي من السكتة المخية والأزمات القلبية في المرضي المعرضين لذلك كذلك يقلل قيام الليل من مخاطر تخثر الدم في وريد العين الشبكي، الذي يحدث نتيجة لبطء سريان الدم في أثناء النوم، وزيادة لزوجة الدم بسبب قلة تناول السوائل، أو زيادة فقدانها، أو بسبب السمنة المفرطة وصعوبة التنفس مما يعوق ارتجاع الدم الوريدي من الرأس يؤدي قيام الليل إلى تحسن وليونة في مرضي التهاب المفاصل المختلفة، سواء كانت روماتيزمية أو غيرها نتيجة الحركة الخفيفة والتدليك بالماء عند الوضوء قيام الليل علاج ناجح لما يعرف باسم "مرض الإجهاد الزمني" لما يوفره قيام الليل من انتظام في الحركة ما بين الجهد البسيط والمتوسط، الذي ثبتت فاعليته في علاج هذا المرض يؤدي قيام الليل إلى تخلص الجسد من ما يسمي بالجليسيرات الثلاثية (نوع من الدهون) التي تتراكم في الدم خصوصا بعد تناول العشاء المحتوي علي نسبه عالية من الدهون، التي تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية بنسبة 32% في هؤلاء المرضي مقارنة بغيرهم يقلل قيام الليل من خطر الوفيات بجميع الأسباب، خصوصا الناتج عن السكتة القلبية والدماغية وبعض أنواع السرطان كذلك يقلل قيام الليل من مخاطر الموت المفاجئ بسبب اضطراب ضربات القلب لما يصاحبه من تنفس هواء نقي خال من ملوثات النهار وأهمها عوادم السيارات ومسببات الحساسية قيام الليل ينشط الذاكرة وينبه وظائف المخ الذهنية المختلفة لما فيه من قراءة وتدبر للقرآن وذكر للأدعية واسترجاع لأذكار الصباح والمساء، فيقي من أمراض الزهايمر وخرف الشيخوخة والاكتئاب وغيرها، وكذلك يقلل قيام الليل من شدة حدوث والتخفيف من مرض طنين الأذن لأسباب غير معروفه ... فسبحان (الله) العظيم ... وصلى (الله) على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر الأخ السائل على مراسلتنا ولا شك أن الاكتشافات العلمية تدل على أن هذا الدين العظيم من عند الله تعالى، وقد قال الله عز وجل: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {فصلت:53} ، أي سنريهم دلالات صدق القرآن وعلامات كونه من عند الله في الآفاق يعني أقطار السموات والأرض من الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والرياح والأمطار والرعد والبرق والصواعق والنبات والأشجار والجبال والبحار وغير ذلك، وفي أنفسهم من لطيف الصنعة وبديع الحكمة.
وقيام الليل أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه مطردة للداء كما في الحديث الذي ذكره السائل، والاكتشافات التي ذكرها السائل إن ثبتت فهي تصب في تلك الدلالات التي يقيمها الله لعباده على صدق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1429(11/8934)
حكم صلاة قيام الليل جماعة بهدف التعليم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة النفل كقيام الليل جماعة بهدف تجميع الناس وتعليمهم أمور دينهم وتعريفهم بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجوز الجماعة في صلاة النافلة كقيام الليل خصوصاً إذا ترتب عليها ما ذكرت من فوائد كتفقيه المسلمين في بعض أمور دينهم، لكن مع عدم المواظبة عليها مخافة الوقوع في ضابط البدعة الإضافية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 56928.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(11/8935)
لا مانع من أن يكون قيام الليل مفرقا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي التهجد أربع ركعات في أول الليل وبعد صلاة العشاء وركعتي السنة ثم أنام وأستيقظ قبل الفجر بنصف ساعة وأصلي أربع ركعات أخرى ثم أوتر بثلاث ركعات وأكون بذلك قد صليت11 ركعة، كما فعل الرسول فهل يجوز لي هذا التقسيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من أن يكون قيام الليل مفرقاً، فمن صلى أربعاً بعد العشاء ثم نام واستيقظ قبل الفجر وصلى أربعاً ثم أوتر بثلاث فقد وافق السنة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من هذا التقسيم، وبه يحصل قيام الليل بإحدى عشرة ركعة، إذ لا يشترط أن يكون قيام الليل في وقت واحد، بل يصح أن يكون مفرقاً فيما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، ففي البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بت في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندها في ليلتها، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم جاء إلى منزله فصلى أربع ركعات ثم نام ثم قام ثم قال: نام الغليم أو كلمة تشبهها ثم قام فقمت عن يساره فجعلني عن يمينه فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين ثم نام حتى سمعت غطيطه أو خطيطه ثم خرج إلى الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(11/8936)
النية في صلاتي القيام والتهجد
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاتي للقيام والتهجد هل تكفي النية في بدايتهما والاكتفاء بتكبيرة الإحرام في بداية كل ركعتين أم يجب تجديد النية في بداية كل ركعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب تجديد النية في كل ركعتين يتعين فيهما تحديد نية صلاة معينة، والمفتى به عندنا أن صلاة الليل من النفل تكفي فيها مطلق نية الصلاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النية هي القصد ومحلها القلب، وقد اختلف أهل العلم في تجديد النية كل ركعتين من صلاة التراويح.
قال ابن عابدين الحنفي في حاشيته على رد المختار: ... وهل يشترط أن يجدد في التراويح لكل شفع نية، ففي الخلاصة الصحيح نعم لأنه صلاة على حدة، وفي الخانية الأصح لا فإن الكل بمنزلة صلاة واحدة كذا في التاترخانية، وظاهره أن الخلاف في أصل النية ويظهر لي التصحيح الأول لأنه بالسلام خرج من الصلاة حقيقة فلا بد في دخوله فيها من النية ولا شك أنه الأحوط خروجاً من الخلاف ... انتهى.
وقال النووي في المجموع:.. فينوي في كل ركعتين ركعتين من صلاة التراويح..
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: ... لا بد من النية في أول كل تسليمة على الصحيح من المذهب.. انتهى.
وعليه فتلزم النية عند ابتداء كل ركعتين من صلاة التراويح والتهجد، لأن كل ركعتين صلاة مستقلة يجب أن تتوافر فيها أركان الصلاة وشروطها والتي منها النية، فكما أنه لا يغني استقبال القبلة في أول ركعتين عن استقبال القبلة في بقية الركعات فكذا لا تغني النية في أول ركعتين عن النية في باقيها، إلا أن المفتى به عندنا أن صلاة الليل من النفل المطلق الذي لا يلزم فيه تحديد نية صلاة معينة ويكفي فيه مطلق نية الصلاة كما ذكرنا في الفتوى رقم: 32622.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1428(11/8937)
صلاة الوتر مع الإمام في التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخنا الفاضل سؤالي اليوم هو في صلاة التراويح بعد نهايتها يقوم الإمام يصل الوتر جماعة فأما أنا أصلي في منزلي فقال لي صاحبي يجب أن تصلي جماعة فلها أجر قيام الليل فأريد شيخنا الفاضل الصلاة الوتر مع الجماعة أفضل أم تركه إلى الثلث الأخير من اليل؟ وشكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الأفضل لمن صلى التراويح مع جماعة أن يصلي مع الإمام حتى ينصرف ليكتب له ثواب قيام ليلة، فإذا كان سيصلي في آخر الليل مثلا فالأفضل تأخير الوتر؛ لأن الصلاة في آخر الليل تشهدها ملائكة الرحمة، كما ورد بذلك الحديث في صحيح مسلم، ومن أحب تأخير الوتر فله أن يصلي مع الإمام لا بنية الوتر بل بنية مطلق النفل أو قيام الليل، ولا يسلم مع الإمام وليأت بركعة بعده لثبوت النهي عن وترين في ليلة واحدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(11/8938)
قيام الليل وصلاة التهجد بعد رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد نهاية شهر رمضان المبارك، هل يجوز أن أصلي صلاة التراويح مباشرة بعد صلاة العشاء ثم أصلي صلاة التهجد في الثلث الأخير من الليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلم أن يتطوع بالصلاة بعد العشاء بما يسره الله له ثم يصلي التهجد في الثلث الأخير بعد انتهاء شهر رمضان، لأن هذا التطوع قيام لليل، وقيام الليل لا يختص بشهر رمضان بل هو سنة مستحبة مطلقاً وإن كان في رمضان آكد، وسميت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح، لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين.
إلا أن قيام الليل بعد رمضان لا ينبغي المداومة على فعله في المسجد جماعة على هيئة صلاة التراويح، لأن التراويح مشروعة في رمضان ولم يكن الصحابة يؤدونها جماعة بعد رمضان في المسجد.
وانظر الفتوى رقم: 2763، والفتوى رقم: 40678.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(11/8939)
هل الأفضل أن تصلى التراويح في المسجد أم البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[الموطأ - رواية يحيى الليثي [جزء 1 - صفحة 114]
250 - حدثني مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارئ أنه قال:خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلى الرجل لنفسه ويصلى الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر والله إني لأراني لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل فجمعهم على أبي بن كعب قال ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر نعمت البدعة هذه والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون يعني آخر الليل وكان الناس يقومون أوله
تنوير الحوالك [جزء 1 - صفحة 105]
250 - أوزاع بسكون الواو بعدها زاي أي جماعة متفرقون فقوله في الرواية متفرقون تأكيد لفظي وقوله يصلي الرجل إلى آخره بيان لما أجمله أولا فقال عمر إلى آخره قال بن التين وغيره استنبط عمر ذلك من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي وإن كان كره ذلك لهم فإنما كره خشية أن يفرض عليهم فلما مات صلى الله عليه وسلم حصل الأمن من ذلك ورأى عمر ذلك لما في الاختلاف من افتراق الكلمة ولآن الاجتماع على واحد أنشط لكثير من المصلين فجمعهم على أبي بن كعب أي جعله لهم إماما قال الحافظ بن حجر وكأنه اختاره عملا بقوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وقد قال عمر أقرؤنا أبي وروى سعيد بن منصور من طريق عروة أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء ورواه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل له مه هذا الوجه فقال سليمان بن أبي حثمة بدل تميم قال بن حجر ولعل ذلك كان في وقتين ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم أي إمامهم المذكور وهو صريح في أن عمر كان لا يصلي معهم لأنه كان يرى أن الصلاة في بيته ولا سيما في آخر الليل أفضل وقد روى محمد بن نصر في قيام الليل من طريق طاوس عن بن عباس قال جئت عمر في السحر فسمع هيعة الناس فقال ما هذا قيل خرجوا من المسجد وذلك في رمضان فقال ما بقي من الليل أحب مما مضى فقال عمر نعمت البدعة هذه أصل البدعة ما على غير مثال سابق وتطلق في الشرع على ما يقابل السنة أي ما لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم ثم تنقسم إلى الأحكام الخمسة والتي تنامون عنها أفضل قال بن حجر هذا تصريح منه بأن الصلاة في آخر الليل أفضل من أوله.
صحيح البخاري [جزء 2 - صفحة 707]
1906 - وعن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال
: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله
فتح الباري - ابن حجر [جزء 4 - صفحة 252]
1906 - قوله اوزاع بسكون الواو بعدها زاي أي جماعة متفرقون وقوله في الرواية متفرقون تأكيد لفظي وقوله يصلي الرجل لنفسه بيان لما أجمل أولا وحاصله أن بعضهم كان يصلي منفردا وبعضهم يصلي جماعة قيل يؤخذ منه جواز الائتمام بالمصلى وأن لم ينو الإمامة قوله أمثل قال بن التين وغيره استنبط عمر ذلك من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي وأن كان كره ذلك لهم فإنما كرهه خشية أن يفرض عليهم وكأن هذا هو السر في إيراد البخاري لحديث عائشة عقب حديث عمر فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم حصل الأمن من ذلك ورجح عند عمر ذلك لما في الاختلاف من افتراق الكلمة ولان الاجتماع على واحد انشط لكثير من المصلين وإلى قول عمر جنح الجمهور وعن مالك في إحدى الروايتين وأبي يوسف وبعض الشافعية الصلاة في البيوت أفضل عملا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة وهو حديث صحيح أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وبالغ الطحاوي فقال أن صلاة التراويح في الجماعة واجبة على الكفاية وقال بن بطال قيام رمضان سنة لأن عمر إنما أخذه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وإنما تركه النبي صلى الله عليه وسلم خشية الافتراض وعند الشافعية في أصل المسألة ثلاثة أوجه ثالثها من كان يحفظ القرآن ولا يخاف من الكسل ولا تختل الجماعة في المسجد بتخلفه فصلاته في الجماعة والبيت سواء فمن فقد بعض ذلك فصلاته في الجماعة أفضل قوله فجمعهم على أبي بن كعب أي جعله لهم إماما وكأنه اختاره عملا بقوله صلى الله عليه وسلم يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله وسيأتي في تفسير البقرة قول عمر اقرؤنا أبي وروى سعيد بن منصور من طريق عروة أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء ورواه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل له من هذا الوجه فقال سليمان بن أبي حثمة بدل تميم الداري ولعل ذلك كان في وقتين قوله فخرج ليلة والناس يصلون بصلاة قارئهم أي إمامهم المذكور وفيه إشعار بان عمر كان لا يواظب على الصلاة معهم وكأنه كان يرى أن الصلاة في بيته ولاسيما في آخر الليل أفضل وقد روى محمد بن نصر في قيام الليل من طريق طاوس عن بن عباس قال كنت عند عمر في المسجد فسمع هيعة الناس فقال ما هذا قيل خرجوا من المسجد وذلك في رمضان فقال ما بقي من الليل أحب إلى مما مضى ومن طريق عكرمة عن بن عباس نحوه من قوله قوله قال عمر نعم البدعة في بعض الروايات نعمت البدعة بزياة تاء والبدعة أصلها ما أحدث على غير مثال سابق وتطلق في الشرع في مقابل السنة فتكون مذمومة والتحقيق أنها أن كانت مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة وأن كانت مما تندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة وإلا فهي من قسم المباح وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة قوله والتي ينامون عنها أفضل هذا تصريح منه بان الصلاة في آخر الليل أفضل من أوله لكن ليس فيه أن الصلاة في قيام الليل فرادى أفضل من التجميع.
فما تعليقكم على فعل عمر وهل نقول بأفضلية الصلاة في البيت كما ذهب إلى ذلك عمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قام به عمر رضي الله عنه من جمع الناس في صلاة التراويح على إمام واحد سنة لأنه أخذه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري نقلا عن ابن بطال. وصلاة عمر للتراويح في بيته اجتهاد منه بأفضلية ذلك فكان يقوى عليه، وقد ثبت هذا عن بعض السلف ففي كتاب الأم للإمام الشافعي:
في قيام رمضان قال: وسألت مالكا عن قيام الرجل في رمضان أمع الناس أحب إليك أم في بيته؟ فقال: إن كان يقوى في بيته فهو أحب إلي، وليس كل الناس يقوى على ذلك، وقد كان ابن هرمز ينصرف فيقوم بأهله، وكان ربيعة وعدد غير واحد من علمائهم ينصرف ولا يقوم مع الناس، قال مالك: وأنا أفعل مثل ذلك. انتهى
كما قد جاء عن عمر أيضا أنه كان يصلى مع الجماعة، والجمهور على أفضلية ذلك.
قال ابن قدامة في المغنى وهو حنبلى:
والمختار عند أبي عبد الله، فعلها في الجماعة، قال، في رواية يوسف بن موسى: الجماعة في التراويح أفضل، وإن كان رجل يقتدى به، فصلاها في بيته، خفت أن يقتدي الناس به. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: اقتدوا بالخلفاء. وقد جاء عن عمر أنه كان يصلي في الجماعة. وبهذا قال المزني، وابن عبد الحكم، وجماعة من أصحاب أبي حنيفة، قال أحمد: كان جابر، وعلي وعبد الله يصلونها في جماعة. قال الطحاوي: كل من اختار التفرد ينبغي أن يكون ذلك على أن لا يقطع معه القيام في المساجد، فأما التفرد الذي يقطع معه القيام في المساجد فلا. وروي نحو هذا عن الليث بن سعد. وقال مالك، والشافعي: قيام رمضان لمن قوي في البيت أحب إلينا. انتهى
وقال النووي في المجموع وهو شافعي:
فصلاة التراويح سنة بإجماع العلماء، ومذهبنا أنها عشرون ركعة بعشر تسليمات وتجوز منفردا وجماعة، وأيهما أفضل؟ فيه وجهان مشهوران كما ذكر المصنف، وحكاهما جماعة قولين (الصحيح) باتفاق الأصحاب أن الجماعة أفضل، وهو المنصوص في البويطي، وبه قال أكثر أصحابنا المتقدمين. انتهى
وفي مجمع الأنهر الحنفي:
(بجماعة) أي إقامتها بالجماعة سنة، فمن ترك التراويح بالجماعة وصلاها في البيت فقد أساء عند بعضهم، فالصحيح أن إقامتها بالجماعة سنة على وجه الكفاية حتى لو ترك أهل المسجد كلهم الجماعة أساءوا وأثموا، ولو أقامها البعض فالمتخلف عنها تارك الفضيلة، وإن صلاها بالجماعة في البيت فقد حاز إحدى الفضيلتين وهي فضيلة الجماعة دون فضيلة الجماعة في المسجد. انتهى
وفي شرح الخرشي على مختصر خليل المالكي:
والجماعة فيها مستحبة لاستمرار العمل على الجمع من زمن عمر، والانفراد فيها طلبا للسلامة من الرياء أفضل، والمراد بالانفراد فيها فعلها في البيوت ولو جماعة هذا إن لم تعطل المساجد فإن خيف من الانفراد في التراويح التعطيل فالمساجد أفضل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1428(11/8940)
هل قام من الليل من صلى ثلاثا بعد العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بالأمس صليت العشاء ثم صليت بعدها ثلاث ركعات متصلة وترا على أساس أنني سأقوم بالليل قبل الفجر لأصلي القيام ولكنني لم أصح إلا بعد أذان الفجر فهل هذه الليلة لن يحتسب لى فيها قيامأ أسألكم لأنني قد سمعت أن أي صلاة بعد العشاء تحتسبا قياما، وأنا أهتم جدا لأننا في رمضان وليلة واحدة تخرجني من حديث من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
من فضلكم أجيبوني لأرتاح وأطمئن! ! ! !
ثم إنني تعودت بعد الصلاة فرضا أو نفلا أن أضع يدي على جبهتي وأستغفر الله وأدعوه وذلك قبل تسبيحات ما بعد الصلاة فهل هذه بدعة أم لا؟
أفيدوني أفادكم الله وشكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
قيام الليل يحصل بثلاث ركعات بعد العشاء، ومن نوى قيام الليل ثم غلبه النوم كتب له ما نوى كما ثبت في الحديث الصحيح، ووضع اليد على الجبهة عند الاستغفار أو الدعاء في غير الرقية غير وارد والمداومة على ذلك مع اعتقاد سنيته بدعة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الأفضل في قيام الليل ألا يقل عن إحدى عشرة ركعة لكنه يحصل بأقل من ذلك، وعلى هذا فإن السائلة تعتبر قد قامت الليل بصلاتها الركعات الثلاث بعد العشاء هذا إضافة إلى نيتها القيام في آخر الليل لأن ذلك يكتب لها أيضا بسبب النية بفضل الله وكرمه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك بقوله: من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه. رواه ابن ماجه والنسائي عن سويد بن غفلة عن أبي الدرداء يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم وصححه الألباني رحمه الله تعالى.
وللفائدة فيما يتعلق بالموضوع يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 97397، 24809، 68270، 75477.
ووضع اليد على الجبهة عند الاستغفار والدعاء في غير الاسترقاء غير وارد حسب اطلاعنا مع أنه أمر جائز إذا لم يتخذ على أنه سنة وإلا كان من البدع، أما وضع اليد على موضع الألم مع الدعاء فهذا ثابت في السنة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 75476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1428(11/8941)
حكم صلاة التراويح ست عشر ركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أداء صلاة التراويح 16 ركعة والوتر بثلاث؟ حيث إنه قد احتج بعض الإخوة على العدد المذكور...........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من صلاة التراويح مع الوتر تسع عشرة ركعة ما لم يعتقد سنيتها، والتروايح لا يلزم فيها التقيد بعدد معين، وانظر لهذا الفتوى رقم: 28172، والفتوى رقم: 30660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1428(11/8942)
وقت قيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[فى رمضان أصلي صلاة التراويح فى المسجد, ثم أصلي بمنزلي إحدى عشرة ركعة بمفردي, والمسجد الذي أصلي فيه يمكثون بين أذان العشاء وإقامتها 40 دقيقة تقريبا، فهل يمكنني أن أصلى فى هذا الوقت (بين الأذان والإقامة) ما تيسر لي من الإحدى عشرة ركعة التي أصليهم بمنزلي, وفي هذه الحالة سأكون قد شرعت في القيام قبل صلاة العشاء، فهل يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت قيام الليل يبدأ بعد صلاة العشاء، والسائل يصليها مع الإمام والحمد لله بل يزيد عليها بصلاته وحده، أما الصلاة قبل العشاء فلا تعتبر من قيام الليل لكن الصلاة بين الأذان والإقامة مرغب فيها، وكذلك التنفل بين المغرب والعشاء فقد قيل إنها هي ناشئة الليل المذكورة في سورة المزمل، وهو قول ابن عمر وأنس بن مالك، وكان علي بن الحسين يصلي بين المغرب والعشاء ويقول: هذا ناشئة الليل؛ كما ذكر القرطبي.
وعليه، فإن النافلة في هذا الوقت مرغب فيها، والمصلي في هذا الوقت مأجور على صلاته واغتنامه هذا الوقت الذي يغفل عنه الكثير من الناس وهذا هو المطلوب، أما كون المصلي في هذا الوقت يعتبر قد شرع في قيام الليل فإن وقت قيام الليل يبدأ بعد العشاء، وننبه الأخ السائل هنا إلى أنه إن كان يوتر مع الإمام فلا حرج عليه في التنفل بعد ذلك إذا أراد، لكن لا يعيد الوتر، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 60612، والفتوى رقم: 75477.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1428(11/8943)
صلاة التراويح أم متابعة الدروس الخصوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدرس الانجليزية بواسطة الدروس الخصوصية وشهر رمضان الكريم مقبل علينا وقد اعتدت الذهاب إلى صلاة التراويح كل يوم وأنا أدرس مرتين في الأسبوع الانجليزية، فهل امتناعي عن الذهاب إلى دروسي خلال رمضان أفضل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يمكن الجمع بين صلاة التراويح ومتابعة الدروس فإن حضور التراويح أفضل، بل إن بعض السلف الصالح كان إذا دخل رمضان ترك تعليم العلم وتفرغ لقراءة القرآن وعبادة الله تعالى، علما بأن جواز حضور النساء التراويح في المساجد مشروط بأمن الفتنة، وأن تكون من تحضر منهن إلى المسجد متسترة متحجبة غير متبرجة ولا متطيبة ولا مبدية لزينة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. متفق عليه، ولأنه من عمل السلف رضوان الله عليهم. وصلاة المرأة في بيتها أفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وبيوتهن خير لهن. رواه أبو داود. والسنة للنساء أن يتأخرن عن الرجال ويبعدن عنهم ويبدأن بالصف المؤخر، لما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها. وينصرفن عن المسجد فور تسليم الإمام ولا يتأخرن إلا لعذر، لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم حين يقوم من تسليمه يمكث في مقامه يسيراً قبل أن يقوم، قالت: نرى -والله أعلم- أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1428(11/8944)
التفاضل بين إحياء الليل والجلوس بعد الفجر حتى الشروق
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل قيام الليل أم البقاء في المسجد بعد الفجر حتى شروق الشمس,, وخاصة في رمضان حيث يحدث لي ولغيري بعض الحيرة في ليالي رمضان فنحن نريد أن نقوم الليل بكامله وأيضا نريد أن نظل في المسجد بعد أداء صلاة الصبح حتى ما بعد شروق الشمس، ولكن الجمع بينهما يتعذر علينا، فإذا كان الجمع بينهما متعذر فأيهما أفضل عند الله وأعلى أجرا وثوابا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى والأفضل هو الجمع بين قيام الليل والمكث في المسجد بعد صلاة الفجر إلى ارتفاع الشمس ثم صلاة ركعتين على الأقل لمن يستطيع ذلك ليحصل على الحسنيين، لكن ينبغي للمسلم أن ينام من الليل ليأخذ قسطا من الراحة ليقدر على القيام لصلاة الصبح والمكث في المسجد للشروق إذا أراد ذلك، وهذا هو الوسط وهو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في غالب أحواله، ولم يكن يحيي جميع الليل إلا في العشر الأواخر من رمضان على قول لبعض أهل العلم، ولم يمض الليل كله في صلاة.
وإذا ما التزم هذا الهدي فإنه يمكن الجمع بين قيام الليل والمكث في المسجد بعد صلاة الصبح للشروق فإذا أراد شخص أن يحيي كل الليل في بعض الليالي وتعارض ذلك مع البقاء في المسجد حتى الشروق فالذي يظهر لنا أن الأولوية لإحياء الليل ولاسيما العشر الأواخر من رمضان فإنه سنة وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أضف إلى ذلك أن قراءة القرآن بالليل أفضل منها بالنهار ولاسيما إذا كانت في الصلاة، قال النووي في كتابه التبيان: وإنما رجحت صلاة الليل وقراءته لكونها أجمع للقلب وأبعد عن الشواغل والملهيات والتصرف في الحاجات وأصونه عن الرياء وغيره من المحبطات مع ما جاء الشرع به من إيجاد الخيرات في الليل. اهـ ولمزيد من الفائدة في فضل قيام الليل والترغيب فيه تراجع الفتوى رقم: 311، والفتوى رقم: 2115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1428(11/8945)
قيام الليل يحصل بركعتين
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم الليل وأصلي ركعتين ثم أقرأ القرآن حتى الفجر، فهل صلاة القيام تكفي بركعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيام الليل يحصل بركعتين وإن كان الأفضل هو الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقوم بإحدى عشرة ركعة مع الوتر، كما أخبرت عنه عائشة رضي الله عنها وثبت ذلك في الحديث الصحيح، وللمزيد من التفصيل تراجع الفتوى رقم: 12918، والفتوى رقم: 34845.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1428(11/8946)
مسائل حول صلاة التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا: بالنسبة لصلاة التراويح بشهر رمضان المبارك هل هناك نص قرآني أو حديث شريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهل كان نبينا العظيم يصليها وأريد معرفة كل ما يخصها
ثانيا: بالنسبة لنا المسلمون وربنا يجعلنا من المؤمنين عندما نقف للصلاة ووقوفنا بين يدي الله عزوجل مايعني هذا الوقوف ومن ثم الركوع ثم السجود أي ما مثالهم وأتمنى أن تكون الأجوبة مدعمة بآيات قرانية أو أحاديث نبوية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة التراويح سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان الأحكام المتعلقه بها: فانظر الفتوى رقم: 11872، والفتوى رقم: 2218، والفتوى رقم: 39038، كلها حول بيان أدلتها وفضلها، والفتوى رقم: 2497 حول بيان عددها وكيفيتها، والفتوى رقم: 28365، حول الاستراحة بين ركعاتها. والفتوى رقم: 56413 حول الختم فيها، والفتوى رقم: 68607 حول قضائها، والفتوى رقم: 77501، حول جواز أدائها في البيت وكون المسجد أفضل، والفتوى رقم: 25765 حول إطالة القيام فيها، والفتوى رقم: 25991 حول أفضلية الجماعة فيها.
وأما قول السائل عن القيام في الصلاة والركوع والسجود (ما يعني هذا الوقوف ... الخ، فهو غير واضح تماما، ولكنا نقول إن هذا الوقوف والركوع والسجود عبادة لله تعالى وهو امتثال لأمر الله تعالى لنا بإقامة الصلاة، ثم إن إقامة الصلاة تدل على الخضوع والذل لله سبحانه وتعالى، فالمصلي يقف بين يدي ربه يتلو كلامه ثم يركع ويسجد فيحني ظهره ويضع جبهته وأنفه في الأرض متذللا خاضعا لله، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(11/8947)
الأفضل الجمع بين فضيلتي الصلاة مع الإمام حتى ينصرف وتأخير الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة التراويح عندنا 11 ركعة نصليها وراء الإمام حتى ينصرف الإمام ليكتب لنا قيام ليلة كاملة
ومع بداية العشرة الأواخر أصبح يصلي الإمام 8 ركعات وينصرف ويصلي الوتر بنا إمام آخر
وأريد أن أتهجد بعد أن أنام قليلا من الليل فأيهما أفضل أنصرف مع الإمام الأول وأوتر في البيت أم أتم مع الإمام الثاني الشفع والوتر وبعدها أتهجد من الليل دون أن أوتر ثانية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت تنوي الصلاة بعد أن تأخذ قسطا من النوم فالأفضل في حقك هو أن تؤخر الوتر حتى يكون آخر ما تصلي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا. متفق عليه. عن ابن عمر رضي الله عنهما.
ويمكن الجمع بين الفضيلتين أي فضيلة الصلاة مع الإمام حتى ينصرف وفضيلة تأخير الوتر بأن يشفع المأموم الركعة التي أوتر بها إمامه فيصلي ركعة بعد سلام الإمام ثم يوتر بعد تهجده، قال البهوتي في كشاف القناع: ويوتر بعدها أي التراويح في الجماعة بثلاث ركعات، فإن كان له تهجد جعل الوتر بعده وإن كان صلاها مع الإمام لينال فضيلة الجماعة، فإن أحب من له تهجد متابعة الإمام في وتره قام إذا سلم الإمام فشفعها أي ركعة الوتر بأخرى، ثم إذا تهجد أوتر فينال فضيلة متابعة الإمام حتى ينصرف وفضيلة جعل وتره آخر صلاته. انتهى بتصرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(11/8948)
حكم صلاة التراويح في البيت جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز صلاة التراويح في البيت بشكل جماعه في رمضان، مع العلم أن المسجد بعيد عن بيتنا بشكل تصعب الصلاة فيه بشكل يومي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أداء صلاة التراويح في البيت جماعة خصوصا إذا كان أداؤها في المسجد تترتب عليه مشقة؛ كما ذكرت، وراجع الفتوى رقم: 13031، والفتوى رقم: 55148.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1427(11/8949)
عدد ركعات التراويح في الحرمين الشريفين
[السُّؤَالُ]
ـ[أين من يصلون التراويح أربعا بسلام واحد؟ وكم نسبتهم تقريبا؟ ومن من المذاهب الأربعة من يقر أو يسمح أو يشرع صلاة التراويح أربعا بسلام واحد , وما هو الدليل؟ وهل تؤدى التراويح أو التهجد في الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى أربعا بسلام واحد؟
أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 40136، حكم صلاة التراويح، وفي الفتوى رقم: 11872، عدد ركعاتها وما ورد عن السلف في ذلك، وإذا كان المراد الاكتفاء بأربع ركعات في صلاة التراويح فإنا لا نعلم أحدا يقول بذلك، لكن لو أن أحدا لم يزد على أربع سواء كن بسلام واحد أو بتسليمتين فإنه يؤجر على قدر ما صلى إن شاء الله تعالى، وإن كان المراد صلاتها أربعا أربعا يسلم بعد كل أربع، فقد سبق أن أوضحنا خلاف العلماء في ذلك في الفتوى رقم: 55933، ولا نعلم الآن من يصلي التراويح إلا مثنى مثنى يسلم بين كل ركعتين، ولا مانع من وجود من يصليها أربعا أربعا بسلام واحد في بعض الأقطار الإسلامية، أما المسجد الحرام والمسجد النبوي فإن صلاة التراويح فيهما في هذا الزمن تصلى مثنى مثنى عشرين ركعة دون الشفع والوتر، ولا نعلم العدد ولا الكيفية التي تصلى بها في المسجد الأقصى أعاده الله إلى المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1427(11/8950)
قيام الليل يحصل بتلاوة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يوفقني الله في ليل رمضان بأن أصحو للعبادة، وأقرأ القرآن وأدعو، ولكن لا أصلي لأني أحس بالخشوع أكثر عند قراءة القرآن، فهل هذا خطأ وأجره قليل، أرجوكم أفيدوني قبل انقضاء رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تلاوة القرآن وتدبر معانيه ... من أفضل أنواع الذكر والعبادة وخاصة في شهر رمضان الذي هو شهر القرآن، وقد كان جبريل عليه السلام يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم في كل ليلة من ليالي رمضان؛ كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأهله. وقال صلى الله عليه وسلم: أفضل الكلام بعد القرآن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. رواه أحمد.
فالقرآن الكريم هو أفضل الأذكار ... وبه تنشرح الصدور وتخشع القلوب وتحصل لذة العبادة ... وقيام الليل وإحياؤه يكون بجميع أنواع العبادة من الأذكار والأدعية وتلاوة القرآن والصلاة ... فإذا جمع المسلم بين الصلاة والتلاوة بحيث يصلي بما يقرأ من القرآن فإنه يجمع بين الخيرين، وإذا اقتصر على القراءة بخشوع وتدبر ... فلا شك أن في ذلك خيراً كثيراً وثواباً عظيماً، ولذلك فقد أحسنت وأصبت الصواب عندما أحييت الليل بتلاوة القرآن الكريم، فأبواب الخير الكثيرة قد يفتحها الله تعالى لبعض عباده وييسر لبعضهم بعضها ويجعل راحته فيها، ومن أعظمها تلاوة القرآن.. كما مر في الأحاديث الصحيحة، فلتحمدي الله على ذلك وتسأليه المزيد من إنعامه والعون على شكره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1427(11/8951)
لا حرج في بدء الختم من صلاة العشاء والمتابعة في التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[في مدينتنا نقيم صلاة التراويح جماعة حيث يقرأ الإمام حزبين ابتداء من صلاة العشاء (يقرأ الحزبين في صلاة العشاء ثم يواصل القراءة) حتى أصبحت سنة عامة في معظم المساجد وذلك للتخفيف على الناس فما حكم هذه الطريقة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن الإمام المذكور يقرأ بحزبين في كل ليلة ليختم القرآن في التراويح، لكنه يقرأ من بعض الحزبين في فريضة العشاء فالأصل جواز هذا الأمر ولا حرج فيه، فالختم في صلاة التراويح مستحب عند أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 56413، وإن أصبحت هذه الطريقة معمولا بها في معظم المساجد مع اعتقاد كونها سنة مطلوبة شرعا لها فضيلة خاصة يتعبد لله تعالى بها فهذا قد يُدخلها في ضابط البدعة الإضافية التي سبق بيانها في الفتوى رقم: 631، وبالتالي فينبغي نصح كل من يعتقد كون تلك الطريقة سنة مطلوبة، وبيان كونها بدعة لا دليل عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1427(11/8952)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تأخير صلاة التراويح إلى ما بعد منتصف الليل أو بشكل آخر هل هناك مواعيد لصلاة التراويح في رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة التراويح يبدأ وقتها شرعا من نهاية فريضة صلاة العشاء وينتهي بطلوع الفجر الصادق كما تقدم في الفتوى رقم: 56087، وعليه فلا مانع من تأخيرها إلى ما بعد منتصف الليل مثلا بل إن صلاة في ذلك أفضل بالنسبة للمنفرد وكذلك الجماعة التي لا يشق عليها ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1427(11/8953)
الأطفال الذين يشوشون على المصلين في صلاة التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ضرب الأطفال الذين يأتون إلى المسجد بصحبة أمهاتهم وقت صلاة التراويح ويقومون باللعب والصراخ في المسجد بلا مراعاة من أهاليهم لحرمة المسجد علهم يرتدعون عن هذا الفعل، وذلك بعد تقديم النصح يوميا للأمهات بعدم اصطحاب الأطفال ولكن دون جدوى، فأنا أشعر بالغيرة القاتلة على حرمة المسجد من صراخ ولعب الأطفال حتى أني لا أستطيع الخشوع وجميع الموجودين يتذمرون من عدم التركيز بسبب الأطفال؟ وماهي عاقبة هذه الأمهات لكي أطبعها على ورقة وألصقها على باب المسجد؟
وشكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حضور الطفل مع أحد والديه للمسجد مشروع إن كان مأمون التشويش على أهل المسجد، وذلك أن يكون مؤدبا أصلا أويقبل الزجر إن نهي عن التشويش، وبناء عليه فينبغي التزام الأمهات برعاية الأبناء ومنعهم من الصراخ واللعب في المسجد وتخويفهم من ذلك، ويشرع للأم ضرب ابنها للتأديب ضربا لا يكسر عظما ولا يشين جارحة، وأما ضرب غير الأم لمن يشوش فيتعين التحفظ منه لما قد يسببه من مشاكل بين الكبار، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 38481، 37091، 2750، 13776، 40107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1427(11/8954)
التراويح مشروعة في حق من يصوم وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص مريض بمرض لا يجوز له الصيام هل يصلي صلاة التراويح كما يصلي الصائمون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة التراويح سنة مستحبة، ومن تركها فقد فاته خير عظيم في هذا الشهر المبارك، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الأربعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. ولا فرق في هذا بين من يقدر على الصيام وغيره، فليست التراويح مشروعة في حق من يصوم دون غيره كما يتصور بعض الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1427(11/8955)
الانصراف من صلاة التراويح مع الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ
أولا كل عام وأنتم بخير وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال:
سؤالي يتعلق بصلاة التراويح.
هناك مجموعة من الشباب الذين يجلسون في الصف بعد صلاة التراويح وأثناء صلاة الشفع والوتر فهم لا يريدون صلاة الشفع والوتر جماعة في المسجد بل ربما يودون تأديتها فيما بعد في البيت وهذا مفهوم ولكن غير المفهوم والذي أود أن أتأكد منه هو أنهم بجلسوهم في الصف غير مصلين يخلقون فجوة ويجعلون الصف غير موصول، تحدثت مع أحدهم وحاولت إقناعه بمغادرة الصف والجلوس في الخلف وترك مكانه لمصل آخر إلا أنه جادلني في أن ما يقوم به هو الصحيح.
أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل هؤلاء الشباب سمعوا بحديث أبي ذر رضي الله عنه عند الترمذي وغيره، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، وسمعوا بحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا. متفق عليه، وهم يرغبون في الجمع بين الفضيلتين فيجلسون حتى يصلي الإمام الشفع والوتر ثم ينصرفون، فإن كان الأمر كذلك فهذا فهم خاطئ منهم لأن الحديث الأول يعني من صلى مع الإمام وليس من جلس بلا صلاة وزاد على ذلك أنه وقع في منهي عنه وهو قطع الصف الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: من وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله، رواه النسائي وأبو داود.
والحل الصحيح لهؤلاء أن يصلوا مع الإمام أثناء صلاته الشفع والوتر ولا ينوون الوتر، فإذا سلم الإمام قاموا فأتوا بركعة وبهذا يكونون قد جمعوا بين الأمرين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1427(11/8956)
وقت قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان ومن غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يكون القيام في العشر الأواخر من هذا الشهر المبارك، أنا بحاجة إلى كتب إفتاء منكم إن تيسر ذلك.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان ومن غيره، هو من بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر.
والأفضل أن يكون ذلك من آخر الليل حين يبقى الثلث الأخير، لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 11785.
وبخصوص كتب الفتوى نرشدك إلى مطالعة مركز الفتوى على الشبكة فإنه موسوعة تحتوي على فتاوى في القرآن والسنة والعقيدة والدعوة والفكر والسياسة والطب والإعلام والعبادات والأخلاق.. والمعاملات والحدود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(11/8957)
الأفضل لمن صلى التراويح مع الإمام أن يوتر معه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد إن أعرف ماهو الصحيح والأقرب للسنة في الصلاة مع الإمام في التراويح،هل الأفضل أن أكمل معه الوتر وأكون حصلت على أجر قيام الليل كما نص على ذلك الحديث المعروف؟ أم لا أصلي الوتر معه؟ قد طالعت كتبا كثيرة ولم أزدد إلا تشتتا في هذه المسألة. أريد القول الفصل لديكم لأني أرغب في الحرص على الأفضل بإذن لله..وسؤالي الآخر إمامنا يصلي الترويح 13 ركعة ولا يوجد فاصل طويل بين العشاء والتراويح لكي أتمكن من صلاة الراتبة بعد العشاء، وعادتي أن أصلي الوتر 11 ركعة في سائر الأيام هل أنوي السنة البعدية مع الإمام في الركعتين الأوليين؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل لمن صلى التراويح مع الإمام أن يصلي الوتر معه، وذلك للحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصل بنا حتى بقي سبع من الشهر فقام حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في السادسة، وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا له يا رسول الله: لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة.
ومن صلى مع الإمام التراويح والوتر وأحب أن يوتر آخر الليل فإنه إذا سلم الإمام لم يسلم معه ويقوم ليأتي بركعة أخرى يشفع بها صلاته مع الإمام لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن وترين في ليلة؛ كما في حديث قيس بن طلق قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا وتران في ليلة. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1316، وأما إذا لم تستطع أن تصلي راتبة العشاء البعدية قبل التراويح فلا مانع من أن تصليها بعد التراويح، كما أنه لا مانع أن تنويها خلف الإمام وهو يصلي التراويح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1427(11/8958)
لا حرج في صلاة التراويح في البيت جماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي الكرام ما حكم من يصلي صلاة التراويح في بيته جماعة مع أهله؟ وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في صلاة التراويح في البيت جماعة إن شاء الله، وقد سبق أن بينا أقوال العلماء في أفضلية التراويح في المسجد أو البيت، وأن أداءها في المسجد أفضل. وانظر لذلك الفتوى رقم: 40359، والفتوى رقم: 55148، والفتوى رقم: 55885.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1427(11/8959)
أثر صلاة عائشة التراويح وراء عبدها ذكوان وهو يقرأ من المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قلت إن السيدة عائشة كانت تصلي التراويح وراء عبدها ذكوان وهو يقرأ من المصحف وأن هذا في صحيح البخاري.... هل تتفضل بذكر رقم الجزء ورقم الحديث في البخاري....وجزاكم الله خيرا....
هذا السؤال مهم لكثرة الجدل حوله......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأثر الذي أشار إليه الأخ السائل يوجد في كتاب الأذان باب إمامة العبد، ومعلوم أن كتاب الأذان يوجد غالبا في الجزء الأول من نسخ صحيح البخاري المتعددة الأجزاء، أما النسخة التي يوجد فيها صحيح البخاري في كتاب واحد فينظر في أول الكتاب منها في كتاب الأذان. والأثر رواه البخاري رحمه الله معلقا أي بلا إسناد، فليس هو من البخاري إذاً كما هو معروف عند أهل العلم. وقد بين الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه للبخاري من وصل هذا الأثر منهم أبو داود رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(11/8960)
العمل في نغمات الموبايل وحكم ترك صلاة التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل اى تى في شركة في نغمات الموبايل أنا الحمد الله أحافظ على جميع أوقات الصلاة وأنا ملتح مواعيد شغل شفتات يعنى أسبوع أشتغل الصبح وأسبوع بعد الظهر وأسبوع من الليل إلى الصبح ودخل علينا أعظم شهر رمضان وأنا أول سنة أشتغل في هذا المجال وكل سنة أقيم شهر رمضان إيمانا واحتسابا الحمد الله أحرص طول الشهر على صلاتي في جماعة وأحافظ على صلاة التراويح في جماعة السنة هذه مواعيد وظروف شغلي مختلف هل لي عذر في الأيام التي سأشتغل فيها بعد الظهر فلن أستطيع أن أصلى التراويح؟ أرجو منكم هل الشغل حلال أم حرام؟ وهل راتبي الذي أقبضه من هذه الشركة حلال أم حرام؟ أحيط سيادتكم أني أبحث عن عمل آخر. أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنغمات الموبايل إذا كانت على صوت الموسيقى وألحان الأغاني فإنها تكون محرمة، وكنا قد بينا هذا الحكم من قبل، فراجع فيه فتوانا رقم: 32003.
وفيما يتعلق بموضوع صلاة التراويح فإنها سنة مؤكدة، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه حيث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، فيقول: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه أصحاب الكتب الستة.
وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان الأفضل في صلاة التراويح أن تكون في جماعة أم أن الأفضل أداؤها على انفراد، ولك أن تراجع في تفصيل ذلك فتوانا رقم: 25991.
والحاصل أن حلية شغلك هذا أو عدم حليته يتوقف الحكم فيه على نوع النغمات التي تعمل فيها، فإذا كانت من النوع المحرم أو بعضها من النوع المحرم فالعمل فيها غير مباح. وإن كانت من النوع المباح فالعمل فيها مباح.
وأما التراويح فإن أمكنك أن تؤديها في الجماعة فذلك أولى وأكثر في الأجر، وإن لم تكن متمكنا من ذلك بسبب عملك فصلها منفردا، واقرأ فيها ما تيسر لك من القرآن.
وإن كنت لا تستطيع أداءها، لا منفردا ولا في الجماعة، فلا حرج عليك أيضا في تركها لأنها ليست واجبة، وإنما هي سنة مؤكدة وفيها أجر كثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1427(11/8961)
لا بأس في قيام الليل على مرحلتين
[السُّؤَالُ]
ـ[كان هذا سؤالي بالتحديد (أنا أصلي قيام الليل إحدى عشرة ركعة في مرحلتين بعد صلاة العشاء أربع وقبل دخول وقت صلاة الفجر بساعة أربع أو أكثر سبع ركعات في أغلب الأحيان لا أقدر غير ذلك وأحيانا أصليهن كلهن قبل الفجر هل يجوز ذلك، وتم إحالتي إلى إجابة برقم 11785، ودائما نصيبي معكم بأن تحيلوني إلى إجابات سابقة، علما بأني دائم الاطلاع على إجاباتكم، فهل يمكن إجابتي على سؤالي بالتحديد وبدون إحالتي لأنني كنت انتظر الإجابة بفارغ الصبر؟ وبارك الله فيكم، وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفعله جائز فما بعد صلاة العشاء إلى صلاة الفجر كله وقت مباح للتطوع بالنافلة؛ إلا أن الأفضل تأخير النافلة إلى آخر الليل لمن علم من نفسه الاستيقاظ آخره، قال ابن قدامة في المغني: وأفضل التهجد جوف الليل الآخر، لما روى عمرو بن عبسة، قال: قلت: يا رسول الله، أي الليل أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر، فصل ما شئت. رواه أبو داود، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل الصلاة صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه. وفي حديث ابن عباس في صفة تهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه نام حتى انتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل، ثم استيقظ - فوصف تهجده حتى قال: ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاء المؤذن. انتهى.
ومن المأثور عن بعض السلف تعجيل صلاة الوتر قبل النوم في حين أن البعض الآخر يرى تأخيره إلى آخر الليل، قال النووي في المجموع: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقت للوتر، ثم حكى عن جماعة من السلف أنهم قالوا: يمتد وقته إلى أن يصلي الصبح، وعن جماعة أنهم قالوا: يفوت لطلوع الفجر، وممن استحب الإيتار أول الليل أبو بكر الصديق وعثمان بن عفان وأبو الدرداء وأبو هريرة ورافع بن خديج وعبد الله بن عمرو بن العاص لما أسن رضي الله عنهم. وممن استحب تأخيره إلى آخر الليل عمر بن الخطاب وعلي وابن مسعود ومالك والثوري وأصحاب الرأي رضي الله عنهم، وهو الصحيح في مذهبنا كما سبق وذكرنا دليله. انتهى.
ومن صلى الوتر أول الليل ثم استيقظ من الليل فله التنفل لكنه لا يعيد الوتر إذ لا وتران في ليلة واحدة، قال النووي في المجموع أيضاً: إذا أوتر قبل أن ينام ثم قام وتهجد لم ينقض الوتر على الصحيح المشهور، وبه قطع الجمهور، بل يتهجد بما تيسر له شفعاً، وفيه وجه حكاه إمام الحرمين وغيره من الخراسانيين أنه يصلي من أول قيامه ركعة يشفعه ثم يتهجد ما شاء ثم يوتر ثانياً، ويسمى هذا نقض الوتر. والمذهبُ الأولُ لحديث طلق بن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا وتران في ليلة. رواه أبو داود والترمذي والنسائي، قال الترمذي: حديث حسن. انتهى.
وعليه.. فما تفعله صحيح ولا حرج عليك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(11/8962)
حكم الاكتفاء بأربع ركعات في صلاة التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صلاة أربع ركعات فقط في صلاة التراويح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في عدد ركعات التراويح، كما فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 11872.
ومن صلى جزءاً منها أثيب على قدر ما صلى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1426(11/8963)
الانصراف من التراويح قبل انصراف الإمام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي مع إمام يصلي صلاة التراويح 23ركعة.. هل يجوز لي أن أصلي 8 ركعات معه ثم انصرف وأصلي الوتر في غرفتي، وهل يكتب لي قيام ليلة مع الإمام مع ذكر الأدلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة التراويح عشرون ركعة عند أكثر أهل العلم وهو الذي جمع عليه عمر بن الخطاب الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وأما الوتر فأكثره أحد عشر ركعة، وأقله ركعة، والذي نرشدك إليه أن تصلي مع الإمام حتى ينصرف ليكتب لك أجر قيام ليلة، ولا حرج عليك في الانصراف قبل إكمال الإمام الصلاة، ولكن من أراد أن يكتب له أجر قيام تلك الليلة، فعليه أن يصبر حتى يكمل الإمام كما سبق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. رواه الترمذي، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 54790.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1426(11/8964)
قيام الليل وصلاة التراويح والتهجد
[السُّؤَالُ]
ـ[صلاة التراويح في رمضان ما هو حكمها وهل نص عليها حديث للرسول صلى الله عليه وسلم، وهل تختلف عن صلاة القيام، وما هو حكم تذكرها في رمضان وتركها مع القيام والتهجد بعد رمضان، وهل يعتبر هذا عبادة لرمضان وليس لله تعالى، حيث إن الكثير لا يصلون إلا في رمضان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة التراويح سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى الناس خلفه في بعض الليالي من رمضان ثم تركها خشية أن تفرض عليهم، ثم جمعهم عليها خليفته الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وانظر الفتوى رقم: 2218.
ولا تختلف صلاة التراويح عن قيام الليل من حيث المعنى لأن كل نافلة تصلى بعد العشاء إلى طلوع الفجر تسمى قيام الليل، إلا أن العرف جرى أن قيام الليل بعد العشاء في رمضان يسمى التراويح وتشرع فيها الجماعة في المسجد.
وإن كان السائل يعني الفرق بين صلاة التراويح وبين ما اعتاده الناس من الصلاة في العشر الأواخر من رمضان آخر الليل، فليراجع الفتوى رقم: 6431، والفتوى رقم: 12273.
وأما فعل صلاة التراويح والقيام في رمضان وترك ذلك بعده فلا يعتبر عبادة لغير الله لأن قيام الليل مرغب فيه عموماً وخصوصاً في رمضان، فمن فعل ذلك في رمضان فقد فعل خيراً كثيراً، فإن داوم على فعل هذه العبادة فبها ونعمت، وإن انقطع فقد فاته خير كثير، ولكنه قد أحسن في قيامه في رمضان، ولبيان فضل قيام الليل راجع الفتوى رقم: 2115، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 8763.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(11/8965)
هل تقضى صلاة التراويح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد قضاء في صلاة التراويح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة التراويح مستحبة وليست بواجبة ومن تركها متعمداً فلا إثم عليه لكنه قد فاته خير كثير، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه.
لكن لا يطلب قضاؤها إذا فات وقتها عند كثير من أهل العلم، وذهب بعضهم إلى استحباب قضائها. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 940، والفتوى رقم: 65723.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1426(11/8966)
ترك المرأة التراويح في المسجد لرعاية أمها المسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي أرغب في صلاه التراويح في الجامع ولكن والدتي كبيرة السن تبقى وحدها في البيت عمرها 75 سنة هل يجوز أن أتركها وأذهب إلى الجامع أم أصلي صلاه التراويح في البيت إذا أصليها في البيت هل يصيبني نفس الأجر ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة أداء صلاة التراويح جماعة في المسجد بشروط مفصلة في الفتوى رقم: 26957.
لكنها إذا أدت الصلاة المفروضة أو التراويح في بيتها فذاك أفضل لها وأعظم ثوابا كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك مع حرصه على حصول الخير لأمته وراجعي الفتوى رقم: 56807.
وإذا كان ذهابك للمسجد قد يترتب عليه ضرر لوالدتك بسبب بقائها وحيدة في البيت فالواجب عليك البقاء معها دفعا للضرر الذي قد يحصل بذهابك عنها، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير، بل إن البقاء مع من تخشى عليه الضيعة هو من مبيحات التخلف عن الجمعة والجماعة لمن يطلب منه حضورهما.
قال الخرشي المالكي متحدثا عن مبيحات التخلف عن الجمعة والجماعة: ومنها التمريض لمن يخاف عليه الموت ويخشى عليه الضيعة. انتهى.
وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لمن يجب عليه حضور الجماعة أو الجمعة فكيف بمن لا يجب عليه ذلك وهو المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1426(11/8967)
القيام والتهجد والدعاء المستحب فيهما
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ماهو الفرق بين القيام والتهجد، وما الدعاء المستحب لكل منهما وهل يوجد دعاء قبل البدء بهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 39843، ذكر الفرق بين قيام الليل والتهجد. ولبيان الدعاء عند افتتاح قيام الليل يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 55248، ولا فرق بين أن يكون ذلك في الصلاة قبل النوم أو بعده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(11/8968)
فضل الصلاة مع الإمام آخر الليل بعد النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[في مسجدنا خلال شهر رمضان نصلي بعد العشاء مباشرة إحدى عشرة ركعة وفي الثلث الأخير تقام جماعة أخرى ونصلي إحدى عشرة ركعة وهذه تحضرها أقلية مع العلم أن إمام المسجد ليس هو في الغالب من يكون إمام الجماعتين سؤالي عن أي الجماعتين أحق بالاتباع لإدراك الأجر الذي جاء في حديث من صلى مع الإمام حتى ينصرف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كان يستطيع أن يجمع بين الصلاة أول الليل والصلاة آخره فلا شك أن ذلك أفضل وأكثر أجرا، ومن أراد الاقتصار على إحداهما فإذا صلى مع الجماعة الأولى حتى ينصرف الإمام كتب له قيام ليلة كما في الحديث، ومن اقتصر على الصلاة مع الجماعة آخر الليل حتى ينصرف الإمام أيضا فقد حصل على ما في الحديث وزاد على ذلك فضل الصلاة آخر الليل بعد النوم، لقول عمر رضي الله عنه: والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون -يريد آخر الليل- وكان الناس يقومون أوله. رواه البخاري. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 6431
وننبه هنا إلى أنه ينبغي أن يكون الوتر آخر ما يصلى من النافلة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 25398.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 15338، والفتوى رقم: 2497
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(11/8969)
الصلاة قبل طلوع الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو، أني أصلي قبل صلاة الفجر بثلث ساعة تقريبا ركعتين، فهل يكتب لي أجر قيام نصف الليل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة في هذا الوقت تعتبر من أعظم العبادات لفضل هذا الوقت فهو الوقت الذي يأمر الله فيه عباده أن يدعوه ويستغفروه فيستجيب لهم ويغفر لهم، ولذلك راجع الفتوى رقم: 49121.
فينبغي للأخ السائل إن من الله عليه بالتنبه في هذا الوقت أن ينتهز الفرصة ويكثر من الصلاة والدعاء، لكن لو اقتصر على ركعتين فلن يضيع أجره، إلا أننا لم نطلع على أن من صلى ركعتين من النافلة يكتب له أجر نصف قيام الليل، لكن لو صلى ركعتين وأوتر بواحدة فإنه يعتبر قد قام الليل، ولا مانع من أن يكتب له ذلك فالله سبحانه وتعالى يضاعف لمن يشاء.
وقد ثبت في صحيح مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1426(11/8970)
لا خلاف في جواز قيام الليل للمسافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي قيام الليل وأنا في بلد آخر غير بلدي أي (مسافر) لأني أقصر باقي الصلوات ولا أصلي الرواتب وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك قيام الليل في السفر، بل إن ذلك يستحب لك في السفر كما يستحب لك في الحضر، أعني صلاة الليل الزائدة على الوتر، وأما الوتر فإنه سنة مؤكدة في السفر والحضر، والخلاف الجاري بين أهل العلم في التنفل في السفر إنما هو رواتب الصلوات المكتوبة.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند كلامه على ما روى البخاري عن ابن عمر من قوله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض ويوتر على راحلته، قال الحافظ: وأما قول ابن عمر لو كنت مسبحا في السفر لأتممت كما أخرجه مسلم وأبو داود، فإنما أراد راتبة المكتوبة لا النافلة المقصودة كالوتر. انتهى.
وقال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم في معرض كلامه على حديث ابن عمر وقوله لو كنت مسبحا لأتممت قال: ومراده النافلة الراتبة مع الفرائض كسنة الظهر والعصر وغيرها من المكتوبات، وأما النوافل المطلقة فكان ابن عمر يفعلها كما ثبت في مواضع من الصحيح عنه، وقد اتفق العلماء على استحباب النوافل المطلقة في السفر واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة فكرهها ابن عمر وآخرون واستحبها الشافعي وأصحابه والجمهور، ودليله الأحاديث المطلقة في ندب الرواتب وحديث صلاته صلى الله عليه وسلم الضحى يوم الفتح بمكة وركعتى الصبح حيث ناموا حتى طلعت الشمس وأحاديث أخرى صحيحة ذكرها أصحاب السنن والقياس على النوافل المطلقة ولعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله ولا يراه ابن عمر، فإن النافلة في البيت أفضل أو لعله تركها في بعض الأوقات تنبيها على جواز تركها، وأما ما يحتج به القائلون بتركها من أنها لو شرعت لكان إتمام الفريضة أولى فجوابه أن الفريضة متحتمة، فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها، وأما النافلة فهي إلى خيرة المكلف فالرفق أن تكون مشروعة ويتخير إن شاء فعلها وحصل ثوابها وإن شاء تركها ولا شيء عليه. انتهى.
ومن هذا يعلم الأخ السائل أن قيامه الليل غير داخل في الخلاف الجاري في الرواتب، ويعلم أيضا أن أكثر العلماء يرون استحباب الرواتب في السفر. قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: يستحب النوافل في السفر سواء الرواتب مع الفرائض وغيرها، هذا مذهبنا ومذهب القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن ومالك وجماهير العلماء.
قال الترمذي وبه قالت طائفة من الصحابة وإسحاق وأكثر أهل العلم وقالت طائفة: لا يصلي الرواتب في السفر وهو مذهب ابن عمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1426(11/8971)
الجلوس في صلاة قيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[أصلي في الليل ركعتين، في الركعة الأولى أقرأ نصف وردي وفي الركعة الثانية اقرأ الباقي وأكثر الوقت وأنا جالسة لأن الوقوف يتعبني وباقي الوقت في استغفار وذكر إلى الفجر، فهل يعتبرهذا قيام ليل؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة النافلة جائزة في حالة الجلوس ولو من غير عذر، إلا أن من صلاها جالساً وهو يستطيع القيام كان له نصف أجر القائم، ومن لا يستطيع القيام له أجر صلاة القائم كاملة، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 50899.
ثم إن قيام الليل يطلق على النافلة بعد العشاء إلى طلوع الفجر، أي أن من صلى في هذا الوقت ركعتين أو أكثر فقد أتى بقيام الليل ولو كان مستطيعاً أن يزيد، وغير المستطيع أولى في تحصيل قيام الليل إن عمل ما يستطيع.
وخلاصة القول: أنا نقول للأخت السائلة- تقبل الله منا ومنها- إن ما تفعله يعتبر قيام ليل، وعليها أن تختم بركعة توتر بها، وتراجع الفتوى رقم: 12918، والفتوى رقم: 311.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(11/8972)
صلاة التراويح أربعا أربعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ذكر لي بعض الإخوان الإندونسيين عن كيفية صلاة التراويح عندهم في بلدهم، وهو يقول أنهم يصلون كل أربع ركعات يعني أربعا أربعا، فما حكم هذا العمل وهل يصح ذلك أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن صلاة التراويح التي يؤدونها تكون بأداء أربع ركعات متواصلة بدون سلام ثم أربع أخرى، مثلاً إلى آخرها، فلا مانع من هذه الصفة، كما سبق في الفتوى رقم: 55933، والفتوى رقم: 26414.
وإذا كان المقصود وجود استراحة بين كل أربع ركعات فهذا أيضاً جائز لثبوته عن بعض السلف، كما في الفتوى رقم: 28365.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(11/8973)
صلاة التهجد وتحية المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[بالإشارة إلى الفتوى رقم 2116 بخصوص الصلوات المسنونة وأنواعها ومراتبها لا يوجد هناك ذكر عن صلاة التهجد التي هي أفضل الصلوات المسنونة بعد الفرائض، وقد ورد ذكرها في القرآن في أماكن عديدة. فسؤالي ما السبب لاستثناء التهجد من السنن؟ وكذلك لا يوجد الذكر عن تحية المسجد. وأرجو الجواب بشيء من الإيضاح عن كيفية أداء التهجد وعدد ركعاتها ووقتها، وهل من شرطها النوم بعد العشاء وقبل أدائها؟ هل من الضروري المواظبة عليها بدون انقطاع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى المذكورة بعضا من نوافل العبادات ولم نستقصها جميعا، ومن النوافل المطلقة التهجد وهو صلاة التطوع في الليل بعد النوم، وقيل: هو الصلاة بعد العشاء ولو قبل النوم.
ودليل الأول قول الله جل وعلا: إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا {المزمل: 6} والنشأة تكون بعد النوم وهو الأفضل، لقول عمر رضي الله عنه وقد رأى اجتماع الصحابة في صلاة التراويح: والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون ـ يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله. رواه البخاري.
وهو بالمعنى الثاني مرادف لقيام الليل، أما بالمعنى الأول فهو أخص منه.
وأما وقته فمن بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الصادق.
أما كيفيته: فالأفضل فيه أن يصلي كل ركعتين بسلام، ويجوز أكثر من ركعتين بسلام واحد، ولا حد لصلاة التهجد والقيام، كما سبق في الفتوى رقم: 12055.
وأما المواظبة على صلاة التهجد فمستحبة، وينبغي للإنسان أن يتهجد بما يمكنه المداومة عليه. فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: أدومه وإن قل.
وأما تحية المسجد فهي من السنن ذوات الأسباب، فتشرع لمن دخل المسجد أن يصليها ويجزئ عنها غيرها، لأنها ليست مقصودة لذاتها، بل المقصود أن المسلم إذا دخل المسجد لا يخرج منه قبل أن يصلي فيه، لما روى أب وقتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. متفق عليه.
ولكن لا يحصل له أجرها بفعل غيرها حتى ينويها معه، فإذا لم ينوها سقطت مطالبته بها، ولكن لا يؤجر عليها، كما نبه على ذلك جماعة ومنهم ابن حجر الهيتمي في المنهاج القويم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1426(11/8974)
مطلق النية في النافلة مجزئ
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم في الليل للصلاة في بعض الأحيان بعد منتصف الليل بقليل وفي بعض الأحيان قبل صلاة الفجر بساعة أو نصف ساعة وأنوي صلاة نافلة، فهل هذه النية صحيحة أم يجب أن أقول \"اللهمّ إني نويت التهجد\" أو \"اللهم إني نويت قيام الليل\" وما الفرق بينهما، أم أن كلمة \"صلاة نافلة\" كافية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت النوافل التي تقوم لها من الليل فيها الوتر فلا بد من تخصيصه بنية، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 32622. ولا يجزئ فيه نية مطلق النافلة، ولا يجب التلفظ بالنية في الصلاة بل إنه مكروه، كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 58210، وإن لم يكن فيها الوتر بأن كنت قد أوترت أو كنت تصلي قبل الوتر بعض النوافل فيكفيك في هذه النافلة نية مطلق النفل من غير تلفظ بها.
والتهجد هو صلاة النافلة في الليل بعد النوم، وقيام الليل يشمل ما قبل النوم وبعده، ولبيان الفرق بين التهجد وقيام الليل طالع الفتوى رقم: 12273.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1426(11/8975)
تخلل قيام الليل بعض الأعمال والتصرفات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الحديث بعد أي ركعتين من ركعات القيام أي بعد إلقاء السلام؟ وهل يجوز مثلا التحرك وإدخال طفل إلى الحمام مثلا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من تخلل قيام الليل بعض الأعمال والتصرفات من أمثال ما ذكرت.
ففي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بت في بيت خالتي ميمونة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم جاء فصلى أربع ركعات، ثم نام، ثم قام، فجئت فقمت عن يساره فجعلني عن يمينه فصلى خمس ركعات، ثم صلى ركعتين، ثم نام ... الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1426(11/8976)
أذان الفجر والناس يصلون القيام
[السُّؤَالُ]
ـ[قد يحدث أحيانا ونحن نصلي صلاة القيام أن نسمع أذان الفجر هل نقطع الصلاة أم نستمر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أذن المؤذن لصلاة الفجر وبعض الناس يصلون الليل فإنهم يتمون صلاتهم ولا يقطعونها لأنها عبادة، وقد قال الله: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد: 33} . وليس هناك ما يمنع من إتمامها ولا حرج عليهم في ذلك لكن ينبغي لهم أن يتحروا إتمام صلاتهم ووترهم قبل طلوع الفجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1426(11/8977)
تعاون الزوجين على قيام الليل فضله عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية صلاة الليل مع الزوجة بتوضيح دقيق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا اقتدت المرأة بزوجها في الصلاة وقفت خلفه، لما رواه الشيخان عن أنس بن مالك قال: صففت أنا واليتيم وراءه صلى الله عليه وسلم والعجوز من ورائنا، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم انصرف.
قال الإمام النووي: فيه أن المرأة تقف خلف الرجال، وأنها إذا لم يكن معها امرأة أخرى تقف وحدها متأخرة. اهـ
واعلم أن صلاة الليل في غير رمضان لا يكره أن تصلى جماعة، إلا أن يجعل ذلك سنة راتبة، وراجع الفتويين: 9841، 17739.
قال ابن قدامة في المغني: يجوز التطوع جماعة وفرادى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين كليهما، وكان أكثر تطوعه منفرداً. اهـ
ويستحب في صلاة الليل ما يلي:
1- الافتتاح بركعتين خفيفتين، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين. رواه مسلم.
2- الجهر بالقراءة، كما سبق في الفتوى رقم: 19845.
وتعاون الزوجين على قيام الليل فضله عظيم، وفيه خير كثير، وراجع الفتوى رقم: 34460.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1425(11/8978)
لا تعارض بين نوم النبي وقت السحر وفضيلة الاستغفار في هذا الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اطلعت على الفتوى رقم 56593 التي تبين كيفية قيام داود عليه السلام، وبأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل بذات الكيفية ومما جاء في الفتوى قولكم (وهكذا كان فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان ينام إلى نصف الليل تقريبا أو بعده، ثم يقوم من الليل، فإذا كان وقت السحر نام حتى يطلع الفجر) وذكرتم أيضا (وفي حديث عائشة: ما ألفاه السحر عندي إلا نائما.)
هذا والله تعالى مدح عباده المستغفرين بالأسحار بقوله تعالى: (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِِ) وقوله تعالى: (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَِ)
ولهذا فقد أشكل علي في وقت السحر المذكور في حديث عائشة وفي قولكم والسحر المذكور في الآيات.
فأرجو من سماحتكم التوضيح وجزاكم الله عني كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حديث عائشة رضي الله تعالى عنها المذكور لا يلزم منه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام السحر كله، أو أنه لم يكن يستغفر بالأسحار، ولكن المقصود منه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ غفوة أو نومة للاسترخاء والراحة بعدما يتعب من طول القيام ليسترد نشاطه وقوته، وللحكم التي ذكرها ابن حجر وأشرنا إلى بعضها في الجواب السابق.
وعلى ذلك، فلا تعارض بين الآيتين وفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فغاية ما في الأمر أنه كان يأتيه السحر وهو نائم، فقد يكون نام قبل السحر بقليل واستيقظ في أثناء السحر فاستغفر مع المستغفرين بالأسحار، فهو صلى الله عليه وسلم كان أشد الناس امتثالاً للأوامر، وأحرصهم على فعل الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(11/8979)
النوم في قيام الليل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كالأتي: أنا والحمد لله أقوم الليل منذ سنوات وقد واجهت في البداية صعوبة في النهوض أعانني الله في التغلب عليها، وبعد فترة أصبحت أجد صعوبة في الخشوع حيث أنهض من النوم ولكني عندما أدخل في الصلاة تكون حالتي بين النوم واليقظة ولا أفقه من صلاتي شيئا وجاهدت نفسي للتغلب وأحيانا كنت أفلح وأحيانا لا، هذه الأيام تسلط علي النوم أي ما إن أدخل في الصلاة حتى يغلبني النعاس وأحيانا النوم أي يمر الوقت وأنا في الصلاة ولكني نائمة إما في وضع السجود أو القيام وهذا يعني أنني أبقى على حالتي التي فيها يغلبني النوم فهل يدخل ذلك في آية (والذين جاهدوا فينا) أم أنها ذنوب ومعاص؟ أم كما سمعت من البعض القرينة؟ إضافةإلى هذا هل يتوجب علي الوضوء ثانية نتيجة نومي في صلاتي؟ وهل يعتبر رجوعي للنوم إصرارا على الذنب؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الذي غلب عليك نعاساً معتاداً، فمن السنة ترك الصلاة، والخلود إلى النوم حتى يذهب النعاس، وتؤدي الصلاة بخشوع وحضور قلب، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا نعس أحدكم وهو يصلي، فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يستغفر فيسب نفسه. متفق عليه.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وفيه الحث على الإقبال على الصلاة بخشوع وفراغ قلب ونشاط، وفيه أمر الناعس بالنوم أو نحوه مما يذهب عنه النعاس، وهذا عام في صلاة الفرض والنفل في الليل والنهار، وهذا مذهبنا والجمهور. اهـ
والنوم إن كان في حال الجلوس بدون استناد لا ينقض الوضوء، كما في الفتوى رقم: 17134.
وأما النوم في حال الركوع أو القيام أو السجود، فقد فصل ابن قدامة القول فيه حيث يقول بعد ذكره حكم النوم حال الاضطجاع أو الجلوس: الثالث ما عدا هاتين الحالتين وهو نوم القائم والراكع والساجد، فروي عن أحمد في جميع ذلك روايتان إحداهما ينقض وهو قول الشافعي لأنه لم يرد في تخصيصه من عموم أحاديث النقض نص، ولا هو في معنى المنصوص، لكون القاعد متحفظاً لاعتماده بمحل الحدث على الأرض والراكع والساجد ينفرج محل الحدث منهما، والثانية لا ينقض إلا إذا كثر، وذهب أبو حنيفة إلى أن النوم في حال من أحوال الصلاة لا ينقض ولو كثر إلى أن قال: والظاهر عند أحمد التسوية بين القيام والجلوس لأنهما يشتبهان في الانخفاض واجتماع المخرج، وربما كان القائم أبعد من الحدث لعدم التمكن من الاشتغال في النوم، فإنه لو اشتغل لسقط. انتهى
وعليه، فمن السنة الكف عن الصلاة في هذه الحالة، والرجوع إلى النوم حتى يذهب النعاس، وليس في هذا ذنب، بل هو مطلوب، وليس هذا من المجاهدة المشروعة، لأنه خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وأما النوم إن كان في حال الجلوس فغير ناقض للوضوء على الراجح، وإن كان في حال القيام أو الركوع أو السجود، ففيه خلاف بين أهل العلم، والاحتياط الوضوء من جديد بسبب النوم المذكور.
وإذا كان النعاس المذكور خارجاً عن المألوف، فينبغي السعي في علاجه بالأمور المفيدة في هذا المجال، والتي هي مفصلة في الفتوى رقم: 51414.
وللتعرف على فضل قيام الليل وأهميته راجعي الفتوى رقم: 2115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1425(11/8980)
استحباب قضاء قيام الليل لمن منعه منه نوم أو وجع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إذا فات رجل متعود على قيام الليل ليله بسبب نوم فإذا قرأ ورده ما بين الإشراق وصلاة الظهر كتب الله به قيامه (لا أذكر نص الحديث) سؤالي هو: هل المعنى بالقراءة تلاوة من القران أم قراءته بالصلاة أي يصلي بورده]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المشار إليه أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه بالليل. ففي الحديث دليل على استحباب المحافظة على الأوراد، وأنها إذا فاتت تقضى، وقراءة الحزب في الحديث يحتمل أن تكون داخل الصلاة وخارجها. قال في تحفة الأحوذي: قال الحافظ العراقي: وهل المراد به صلاة أو غير صلاة يحتمل كلا من الأمرين. اهـ.
وقد حمل كثير من أهل العلم الحديث على قضاء قيام الليل، واستدلوا بما أخرجه مسلم وغيره عن عائشة قالت: كان إذا منعه من قيام الليل نوم أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة. قال ابن عبد البر في التمهيد: هذا الوقت فيه من السعة ما ينوب عن صلاة الليل، فتفضل الله برحمته على من استدرك من ذلك ما فاته. اهـ. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: استحب الأئمة أن يكون للرجل عدد من الركعات يقوم بها من الليل لا يتركها، فإن نشط أطالها، وإن كسل خففها، وإن نام عنها صلى بدلها بالنهار. اهـ.
قال السيوطي: الحزب الجزء من القرآن يصلى به. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1425(11/8981)
بيان كيفية قيام داود عليه السلام وفوائدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من الإخوة الأعزاء أن يشرحوا لي كيف كان قيام سيدنا داود عليه السلام بطريقة عملية مبسطة فقد قرأت عنه في حديث لكن لم أفهم شيئا.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث الذي أشار إليه السائل الكريم حديث صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. ولفظه كما في البخاري: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوما، ويفطر يوما. ومن الحديث يتبين أن داود عليه السلام كان ينام النصف الأول من الليل، ثم يقوم من النصف الثاني قدر الثلث، ثم ينام بقية الليل إلى طلوع الفجر، وهو السدس الأخير. قال أهل العلم: كان ينام نصف الليل، أي من الوقت الذي يُعتاد النوم فيه، وهو عادة بعد صلاة العشاء الأخيرة لأنه يستبعد أن يكون النوم بعد الغروب مباشرة. وهكذا كان فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان ينام إلى نصف الليل تقريبا أو بعده، ثم يقوم من الليل، فإذا كان وقت السحر نام حتى يطلع الفجر، كما في صحيح مسلم: أنه كان يقوم ثلث الليل بعد شطره، وكما جاء ذلك في أحاديث في الصحيحين وغيرهما عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما، قال ابن عباس في حديث مبيته عند خالته أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها: فلما كان منتصف الليل أو قبله أو بعده بقليل قام النبي صلى الله عليه وسلم. وفي حديث عائشة: ما ألفاه السحر عندي إلا نائما.
وعلى هذا.. فإذا قدر أن الليل اثنتي عشرة ساعة، ونام الشخص بعد أداء صلاة العشاء، وقد بقي من الليل عشر ساعات، فإنه ينام إلى منتصف الليل وهو ست ساعات، أو إلى منتصف ما بقي منه وهو خمس ساعات، ثم يقوم الثلث، ثم ينام السدس الأخير إلى طلوع الفجر حسب ذلك.
ولهذا التقسيم فوائد عظيمة أشار إلى بعضها الحافظ ابن حجر في الفتح فقال: قال المهلب: كان داود عليه السلام يجم نفسه بنوم أول الليل، ثم يقوم في الوقت الذي ينادي الله تعالى فيه: هل من سائل فأعطيه سؤله ... ثم يستدرك بالنوم ما يستريح به من نصب القيام في بقية الليل، وهذا هو النوم عند السحر.. وإنما صارت هذه الطريقة أحب من أجل الأخذ بالرفق للنفس التي يخشى منها السآمة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يمل حتى تملوا. والله أحب أن يديم فضله ويوالي إحسانه، وإنما كان ذلك أرفق لأن النوم بعد القيام يريح البدن ويذهب ضرر السهر وذبول الجسم، بخلاف السهر إلى الصباح. وفيه من المصلحة أيضا استقبال صلاة الصبح وأذكار النهار وأعماله بنشاط وإقبال، وأنه أقرب إلى عدم الرياء، لأن من نام السدس الأخير أصبح ظاهر اللون سليم القوى.. فهو أقرب إلى أن يخفي عمله الماضي على من يراه.. . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(11/8982)
حلوا عقد الشيطان ولو بركعتين.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو عدد ركعات صلاة قيام الليل وهل هناك حديث للرسول صلى الله عليه وسلم أقم الليل ولو بركعتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في عدد ركعات قيام الليل فتوانا رقم: 12918.
ولم نقف على الحديث الذي سألت عنه إلا إذا كنت تعني ما رواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا نام عقد الشيطان عليه ثلاث عقد، فإن تعار من الليل فذكر الله حلت عقدة، فإن توضأ حلت عقدتان، فإن صلى ركعتين حلت العقد كلها، فحلوا عقد الشيطان ولو بركعتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(11/8983)
أقوال العلماء في الختم في صلاة التراويح، وقدر ما يقرأ في الركعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الكثير من المساجد تصلي التراويح 8 ركعات ثم الشفع والوتر، تقرأ في كل ركعة من الثمانية ربعا فيكون جزءاً في الليلة فيختمون القرآن في نهاية شهر رمضان، ولكن البعض تحدث أن تحديد ربع في كل ركعة بدعة وإحداث في الدين ... وأن ختم القرآن في صلاة التراويح بدعة أخرى فما صحة ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون الإمام يقرأ جزءاً من القرآن في صلاة التراويح كل ليلة بحيث يقرأ ربعاً في كل ركعة بغرض الختم في التراويح لا يعتبر بدعة، لأن الختم المذكور مستحب عند أصحاب المذاهب الأربعة، ولا حرج في تحديد ما يقرأ في كل ركعة، وقد حدد الحنفية بعشرين أو ثلاثين آية، قال السرخسي في المبسوط متحدثاً عند قدر القراءة في كل ركعة: واختلف فيه مشايخنا رحمهم الله تعالى قال بعضهم: يقرأ مقدار ما يقرأ في المغرب تحقيقاً لمعنى التخفيف، لأن النوافل يحسن أن تكون أخف من الفرائض، وهذا شيء مستحسن لما فيه من درك الختم، والختم سنة في التراويح، وقال بعضهم: في كل ركعة من عشرين آية إلى ثلاثين آية، أصله ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه دعا ثلاثة من الأئمة واستقرأهم، فأمر أحدهم أن يقرأ في كل ركعة ثلاثين آية، وأمر الآخر أن يقرأ في كل ركعة خمسة وعشرين آية، وأمر الثالث أن يقرأ في كل ركعة عشرين آية. وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أن الإمام يقرأ في كل ركعة عشر آيات ونحوها وهو الأحسن لأن السنة في التراويح الختم. انتهى.
وفي المرداوي في الإنصاف: يستحب أن لا يزيد الإمام على ختمة إلا أن يؤثر المأموم، ولا ينقص عنها. نص عليه وهذا هو الصحيح من المذهب. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية: وقال الكاساني: ما أمر به عمر رضي الله تعالى عنه هو من باب الفضيلة وهو أن يختم القرآن أكثر من مرة، وهذا في زمانهم، وأما في زماننا فالأفضل أن يقرأ الإمام حسب حال القوم، فيقرأ قدر ما لا ينفرهم عن الجماعة، لأن تكثير الجماعة أفضل من تطويل القراءة. انتهى.
وفي حاشيتي قليوبي وعميرة وهو شافعي: قال الأسنوي: التراويح سنة بالإجماع، وأفتى ابن الصلاح وابن عبد السلام بأن ختم القرآن في مجموعها أفضل من قراءة سورة الإخلاص ثلاثاً في كل ركعة.
وقال خليل المالكي في مختصره عاطفاً على بعض المستحبات: والختم فيها، وسورة تجزئ. انتهى.
وعليه، فالختم في صلاة التراويح مستحب في المذاهب الأربعة، ولا حرج في تحديد ما يقرأ في كل ركعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1425(11/8984)
لا تصح صلاة التراويح قبل صلاة العشاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت لأداء صلاة العشاء في المسجد فلم أدركها، وأدركت صلاة التراويح، فصليتها وعندما رجعت إلى المنزل صليت العشاء، فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أن وقت التراويح يبدأ بعد صلاة العشاء، فما كان قبل العشاء، فلا يسمى تراويح، قال المرداوي في الإنصاف: أول وقتها بعد صلاة العشاء وسنتها على الصحيح من المذاهب، وعليه الجمهور وعليه العمل وعنه، بل قبل السنة وبعد الفرض ... إلى أن قال: وأفتى بعض المتأخرين من الأصحاب بجوازها قبل العشاء، وقال الشيخ تقي الدين: من صلاها قبل العشاء، فقد سلك سبيل المبتدعة المخالفين للسنة. انتهى.
وقال النووي في المجموع: يدخل وقت التراويح بالفراغ من صلاة العشاء ذكره البغوي وغيره، ويبقى إلى طلوع الفجر. انتهى.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: وأما وقتها، فقد اختلف مشايخنا فيه قال بعضهم: وقتها ما بين العشاء والوتر فلا تجوز قبل العشاء، ولا بعد الوتر، وقال عامتهم: وقتها ما بعد العشاء إلى طلوع الفجر فلا تجوز قبل العشاء، لأنها تبع للعشاء فلا تجوز قبلها كسنة العشاء. انتهى، وعليه، فصلاة التراويح لا تصح قبل صلاة العشاء عند جمهور أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(11/8985)
لا يشترط في التراويح أداؤها بوضوء واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[مسبقاً جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه وأتمنى لكم التوفيق وأود منكم مساعدتي.
هل يجب أداء صلاة التراويح بوضوء واحد أو قطعها والخروج من المنزل ثم أكملها عند عودتي؟ فرضاً كنت أصلي وتذكرت شيئا أود أن أخبره أمي وأخذني الوقت بالحديث معها وحصل لي ما يجبرني على إعادة الوضوء فما الحكم؟
شيء آخر فأنا لم أفهم بالتحديد ما القصد من إدخال كل سؤال هلى حدى, هل يعني أني لا أستطيع طرح سؤالين في وقت واحد؟ فأنا أود أن اختصر وقتي. وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالثابت عند السلف الصالح هو مواصلة صلاة التراويح وعدم الفصل بينها إلا بجلسة الاستراحة بين كل أربع ركعات، كما في الفتوى رقم: 28365.
وعليه، فقطعك للتراويح من أجل الحديث مع أمك خلاف ما هو مأثور عن السلف الصالح في التراويح، وإن كنا لم نقف على دليل يمنع ذلك.
ولا يشترط في التراويح أداؤها بوضوء واحد، فما دمت قد طرأ عليك ما يبطل الوضوء قبل إتمامها فعليك الوضوء لاستكمال ما تبقى منها، لأن طهارة الحدث شرط في صحة الصلاة مطلقا، سواء كانت فرضا أو نفلا. لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1425(11/8986)